والكبائر وهي من جملة أعمال العبد فكما جاز أن يجعل الله سبحانه هذا العمل سبباً لكتفير الجميع يجوز أن يجعل غيره من الأعمال كذلك وقوله ولو كان كما زعم إلخ مردود لأنه لا يلزم من تكفير الذنوب الحاصلة عدم الأمر بالتوبة وكونها فرضا إذ تركها من الذنوب المتجددة التي لا يشملها التكفير السابق بفعل الوضوع مثلاً ألا ترى أن التوبة من الصغائر واجبة على ما نقل عن الأشعري وحكى إمام الحرمين وتلميذه الأنصاري الإجماع عليه، ومع ذلك فجميع الصغائر مكفرة بنص الشارع وإن لم يتب على ما سمعت من الخلاف وتحقيق ذلك أن التوبة واجبة في نفسها على الفور ومن أخرها تكرر عصيانه بتكرر الأزمنة كما صرح به الشيخ عز الدين بن عبد السلام ولا يلزم من تكفير الله تعالى ذنوب عبده سقوط التكليف بالتوبة التي كلف بها تكليفا مستمرا وقريب من هذا ارتفاع الإثم عن النائم إذا أخرج الصلاة عن وقتها مع الأمر بقضائها وما روي من حديث أبي هريرة إنما ورد في أمر خاص فلا يتعداه إذ الأصل بقاء ما عداه على عمومه وهذا مما لا مجال للقياس فيه حتى يخص بالقياس على ذلك فلا يليق نسبة ذلك القائل إلى الجهل والرجاء بالله تعالى شأنه قوي كذا قيل وفي المقام بعد أبحاث تركنا ذكرها خوف الإملال فإن أردتها فعليك بالنظر في الكتب المفصلة في علم الحديث ذلك ذكرى للذاكرين أي عظة للمتعظين وخصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها والإشارة إلى ما تقدم من الوصية بالاستقامة والنهي عن الطغيان والركون إلى الذين ظلموا وإقامة الصلوات في تلك الأوقات بتأويل المذكور وإلى هذا ذهب الزمخشري واستظهر أبو حيان كون ذلك إشارة إلى إقامة الصلاة وأمر التذكير سهل وقيل هي إشارة إلى الإخبار بأن الحسنات يذهبن السيآت وقال الطبري إشارة إلى الأوامر والنواهي في هذه السورة وقيل إلى القرآن وبعض من جعل الإشارة إلى الإقامة فسر الذكرى بالتوبة ".
روح المعاني للألوسي 12/ 156 - 160.
وقال الألوسي أيضاً عند قوله تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل " أمر بإقامة الصلاة المفروضة على ما علمت وقد ذكروا أن الصلاة معراج المؤمن وفي الأخبار ما يدل على علو شأنها والأمر غني عن البيان إن الحسنات يذهبن السيئات قال الواسطي أنوار الطاعات تذهب بظلم المعاصي وقال يحيى بن معاذ: إن الله سبحانه لم يرض للمؤمن بالذنب حتى ستر ولم يرض بالستر حتى غفر ولم يرض بالغفران حتى بدل فقال سبحانه إن الحسنات يذهبن السيآت وقال تعالى فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ذلك الذي ذكر من إقامة الصلاة في الأوقات المشار إليها وإذهاب الحسنات السيآت ذكرى للذاكرين تذكير لمن يذكر حاله عند الحضور مع الله تعالى في الصفاء والجمعية والأنس والذوق واصبر بالله سبحانه في الاستقامة ومع الله تعالى بالحضور في الصلاة وعدم الركون إلى الغير إن الله لا يضيع أجر المحسنين الذين يشاهدونه في حال القيام بالحقوق.
روح المعاني للألوسي 12/ 168 – 169.
قال ابن تيمية: إن الله قد بين بنصوص معروفة إن الحسنات يذهبن السيئات وأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره وأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه وأن مصائب الدنيا تكفر الذنوب وأنه يقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر وأنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء كما بين أن الصدقة يبطلها المن والأذى وأن الربا يبطل العمل وأنه إنما يتقبل الله من المتقين أي: في ذلك العمل ونحو ذلك فجعل السيئات ما يوجب رفع عقابها كما جعل للحسنات ما قد يبطل ثوابها لكن ليس شيء يبطل جميع السيئات إلا التوبة كما أنه ليس شيء يبطل جميع الحسنات الا الردة.
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 12/ 483.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن جزي عند قوله تعالى: " وأقم الصلاة " الآية يراد بها الصلوات المفروضة فالطرف الأول الصبح والطرف الثاني الظهر والعصر والزلف من الليل المغرب والعشاء إن الحسنات يذهبن السيئات لفظه عام وخصصه أهل التأويل بأن الحسنات الصلوات الخمس ويمكن أن يكون ذلك على وجه التمثيل روى أن رجلاً قبل امرأة ثم ندم فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه الصلاة فنزلت الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين السائل فقال ها أنذا فقال قد غفر لك فقال الرجل ألي خاصة أو للمسلمين عامة فقال بل للمسلمين عامة والآية على هذا مدنية وقيل إن الآية كانت قبل ذلك ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم للرجل مستدلا بها فالآية على هذا مكية كسائر السورة وإنما تذهب الحسنات عند الجمهور الصغائر إذا اجتنبت الكبائر ذلك إشارة إلى الصلوات أو إلى كل ما تقدم من وعظ ووعد ووعيد ".
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي 2/ 113.
قال ابن تيمية: " لفظ الحسنات والسيئات فى كتاب الله يتناول هذا وهذا قال الله تعالى عن المنافقين إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً وقال تعالى إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون وقال تعالى وبلوناهم بالحسنات و السيئات لعلهم يرجعون وقال تعالى: " وإذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وان تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور " و قال تعالى في حق الكفار المتطيرين بموسى ومن معه فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه و إن تصبهم سيئة يطيروا بموسى و من معه ذكر هذا بعد قوله و لقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون، وأما الأعمال المأمور بها والمنهي عنها ففي مثل قوله تعالى من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها و قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين وقوله تعالى فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً وهنا قال ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و لم يقل وما فعلت و ما كسبت كما قال وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و قال تعالى فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم و قال تعالى قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين و نحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا و قال تعالى و لا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قربياً من دارهم و قال تعالى فأصابتكم مصيبة الموت وقال تعالى وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون فلهذا كان قول ما أصابك من حسنة و من سيئة متناول لما يصيب الإنسان و يأتيه من النعم التى تسره و من المصائب التى تسوءه فالآية متناولة لهذا قطعا وكذلك قال عامة المفسرين
قال أبو العالية إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله قال هذه في السراء وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قال وهذه فى الضراء، وقال السدي إن تصبهم حسنة قالوا و الحسنة الخصب ينتج خيولهم وأنعامهم و مواشيهم ويحسن حالهم وتلد نساؤهم الغلمان قالوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة قالوا والسيئة الضرر فى أموالهم تشاؤماً بمحمد صلى الله عليه وسلم قالوا هذه من عندك يقولون بتركنا ديننا واتباعنا محمداً صلى الله عليه وسلم أصابنا هذا البلاء فأنزل الله قل كل من عند الله الحسنة والسيئة فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً قال القرآن وقال الوالبي عن ابن عباس ما أصابك من حسنة فمن الله قال ما فتح الله عليك يوم بدر وكذلك قال الضحاك وقال الوالبي أيضاً عن ابن عباس من حسنة قال ما أصاب من الغنيمة والفتح فمن الله قال والسيئة ما أصابه يوم أحد إذ شج في وجهه وكسرت رباعيته وقال أما الحسنة فأنعم الله بها عليك وأما السيئة فابتلاك الله بها وروى أيضاً عن حجاج عن عطية عن ابن عباس ما أصابك من حسنة فمن الله قال هذا يوم بدر وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال هذا يوم أحد يقول ما كان من نكبة فمن ذنبك و أنا قدرت ذلك عليك وكذلك روى ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبى صالح فمن نفسك قال فبذنبك وأنا قدرتها عليك روى هذه الآثار ابن أبي حاتم و غيره، وروى أيضا عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال ما تريدون من القدر أما تكفيكم هذه
(يُتْبَعُ)
(/)
الآية التى فى سورة النساء إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله و إن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك أي من نفسك والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا به وإليه يصيرون وكذلك فى تفسير أبى صالح عن ابن عباس ان تصبهم حسنة الخصب والمطر وإن تصبهم سيئة الجدب والبلاء، وقال ابن قتيبة ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال الحسنة النعمة و السيئة البلية، وقد ذكر أبو الفرج فى قوله ما أصابك من حسنة ومن سيئة ثلاثة أقوال: أحدهما أن الحسنة ما فتح الله عليهم يوم بدر والسيئة ما أصابهم يوم أحد قال رواه بن أبى طلحة و هو الوالبى عن ابن عباس قال والثاني: الحسنة الطاعة، والسيئة المعصية قاله أبو العالية، والثالث الحسنة النعمة والسيئة البلية قاله ابن منبه قال و عن أبى العالية نحوه و هو أصح، قلت هذا هو القول المعروف بالاسناد عن أبي العالية كما تقدم من تفسيره المعروف الذي يروى عنه هو وغيره ومن طريق أبى جعفر الداري عن الربيع بن أنس عنه و أمثاله، وأما الثاني فهو لم يذكر إسناده ولكن ينقل من كتب المفسرين الذين يذكرون أقوال السلف بلا إسناد وكثير منها ضعيف بل كذب لا يثبت عمن نقل عنه وعامة المفسرين المتأخرين أيضا يفسرونه على مثل أقوال السلف وطائفة منهم تحملها على الطاعة والمعصية، فأما الصنف الأول فهي تتناوله قطعاً كما يدل عليه لفظها وسياقها ومعناها وأقوال السلف، وأما المعنى الثاني فليس مراداً دون الأول قطعاً ولكن قد يقال إنه مراد مع الأول باعتبار أن ما يهديه الله إليه من الطاعة هو نعمة في حقه من الله أصابته وما يقع منه من المعصية هو سيئة أصابته ونفسه التى عملت السيئة وإذا كان الجزاء من نفسه فالعمل الذي أوجب الجزاء أولى أن يكون من نفسه فلا منافاة أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه مع أن الجميع مقدر كما تقدم وقد روى عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقرأ فمن نفسك وأنا قدرتها عليك ".
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 14/ 234 – 239.
قال الفخر الرازي: كثرت المذاهب في تفسير طرفي النهار والأقرب أن الصلاة التي تقام في طرفي النهار وهي الفجر والعصر وذلك لأن أحد طرفي النهار طلوع الشمس والطرف الثاني منه غروب الشمس فالطرف الأول هو صلاة الفجر والطرف الثاني لا يجوز أن يكون صلاة المغرب لأنها داخلة تحت قوله وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ فوجب حمل الطرف الثاني على صلاة العصر إذا عرفت هذا كانت الآية دليلاً على قول أبي حنيفة رحمه الله في أن التنوير بالفجر أفضل وفي أن تأخير العصر أفضل وذلك لأن ظاهر هذه الآية يدل على وجوب إقامة الصلاة في طرفي النهار وبينا أن طرفي النهار هما الزمان الأول لطلوع الشمس والزمان الثاني لغروبها وأجمعت الأمة على أن إقامة الصلاة في ذلك الوقت من غير ضرورة غير مشروعة فقد تعذر العمل بظاهر هذه الآية فوجب حمله على المجاز وهو أن يكون المراد أقم الصلاة في الوقت الذي يقرب من طرفي النهار لأن ما يقرب من الشيء يجوز أن يطلق عليه اسمه وإذا كان كذلك فكل وقت كان أقرب إلى طلوع الشمس وإلى غروبها كان أقرب إلى ظاهر اللفظ وإقامة صلاة الفجر عند التنوير أقرب إلى وقت الطلوع من إقامتها عند التغليس وكذلك إقامة صلاة العصر عندما يصير ظل كل شيء مثليه أقرب إلى وقت الغروب من إقامتها عندما يصير ظل كل شيء مثله والمجاز كلما كان أقرب إلى الحقيقة كان حمل اللفظ عليه أولى فثبت أن ظاهر هذه الآية يقوي قول أبي حنيفة في هاتين المسألتين، وأما قوله وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ فهو يقتضي الأمر بإقامة الصلاة في ثلاث زلف من الليل لأن أقل الجمع ثلاثة وللمغرب والعشاء وقتان فيجب الحكم بوجوب الوتر حتى يحصل زلف ثلاثة يجب إيقاع الصلاة فيها وإذا ثبت وجوب الوتر في حق النبي صلى الله عليه وسلم وجب في حق غيره لقوله تعالى وَاتَّبِعُوهُ. ونظير هذه الآية بعينها قوله سبحانه وتعالى وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا طه 30 فالذي هو قبل طلوع الشمس هو صلاة الفجر والذي هو قبل غروبها هو صلاة العصر ثم قال تعالى وَمِنْ ءانَاء الَّيْلِ فَسَبّحْ وهو نطير قوله وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ، المسألة الثالثة قال المفسرون نزلت هذه الآية في رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تقولون في
(يُتْبَعُ)
(/)
رجل أصاب من امرأة محرمة كلما يصيبه الرجل من امرأته غير الجماع فقال عليه الصلاة والسلام ليتوضأ وضوءاً حسناً ثم ليقم وليصل فأنزل الله تعالى هذه الآية فقيل للنبي عليه الصلاة والسلام هذا له خاصة فقال بل هو للناس عامة وقوله وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ قال الليث زلفة من أول الليل طائفة والجمع الزلف قال الواحدي وأصل الكلمة من الزلفى والزلفى هي القربى يقال أزلفته فازدلف أي قربته فاقترب، المسألة الرابعة قال صاحب الكشاف قرىء زلفاً بضمتين و زلفاً بإسكان اللام وزلفى بوزن قربى فالزلف جمع زلفة كظلم جمع ظلمة والزلف بالسكون نحو بسرة وبسر والزلف بضمتين نحو يسر في يسر والزلفى بمعنى الزلفة كما أن القربى بمعنى القربة وهو ما يقرب من آخر النهار من نحو يسر في يسر والزلفى بمعنى الزلفة كما أن القربى بمعنى القربة وهو ما يقرب من آخر النهار من الليل وقيل في تفسير قوله النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ وقرباً من الليل. التفسير الكبير للرازي 18/ 58 – 59.
قال الفخر الرازي عند قوله تعالى: " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ " يدل على أن الحسنة إنما كانت مذهبة للسيئة لكونها حسنة على ما ثبت في أصول الفقه فوجب بحكم هذا الإيماء أن تكون كل حسنة مذهبة لكل سيئة ترك العمل به في حق الحسنات الصادرة من الكفار فإنها لا تذهب سيئاتهم فيبقى معمولاً به في الباقي وثالثها قوله تعالى مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا. ثم إنه تعالى زاد على العشرة فقال كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ ثم زاد عليه فقال وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء. وأما في جانب السيئة فقال وَمَن جَاء بِالسَّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وهذا في غاية الدلالة على أن جانب الحسنة راجع عند الله تعالى على جانب السيئة ورابعها أنه تعالى قال في آية الوعد في سورة النساء وَالَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ فقوله وَعْدَ اللَّهِ حَقّا إنما ذكره للتأكيد ولم يقل في شيء من المواضع وعيد الله حقاً، أما قوله تعالى مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ الآية يتناول الوعد والوعيد و خامسها قوله تعالى وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً. والاستغفار طلب المغفرة وهو غير التوبة فصرح ههنا بأنه سواء تاب أو لم يتب فإذا استغفر غفر الله له ولم يقل ومن يكسب إثماً فإنه يجد الله معذباً معاقباً بل قال فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ فدل هذا على أن جانب الحسنة راجح ونظيره قوله تعالى إِنْ أَحْسَنتُمْ، أَحْسَنتُمْ لأنفسكم وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا. ولم يقل وإن أسأتم، أسأتم لها فكأنها تعالى أظهر إحسانه بأن أعاده مرتين وستر عليه إساءته بأن لم يذكرها إلا مرة واحدة وكل ذلك يدل على أن جانب الحسنة راجح و سادسها أنا قد دللنا على أن قوله تعالى وَيَغْفِرُ مَا دُونَ لِمَن يَشَاء. لا يتناول إلا العفو عن صاحب الكبيرة ثم إنه تعالى أعاد هذه الآية في السورة الواحدة مرتين والإعادة لا تحسن إلا للتأكيد ولم يذكر شيئاً من آيات الوعيد على وجه الإعادة بلفظ واحد لا في سورة واحدة ولا في سورتين فدل على أن عناية الله بجانب الوعد على الحسنات والعفو عن السيئات أتم وسابعها أن عمومات الوعد والوعيد لما تعارضت فلا بد من صرف التأويل إلى أحد الجانبين وصرف التأويل إلى الوعيد أحسن من صرفه إلى الوعد لأن العفو عن الوعيد مستحسن في العرف وإهمال الوعد مستقبح في العرف فكان صرف التأويل إلى الوعيد أولى من صرفه إلى الوعد و ثامنها أن القرآن مملوء من كونه تعالى غافراً غفوراً غفاراً وأن له الغفران والمغفرة وأنه تعالى رحيم كريم وأن له العفو والإحسان والفضل والإفضال والأخبار الدالة على هذه الأشياء قد بلغت مبلغ التواتر وكل ذلك مما يؤكد جانب الوعد وليس في القرآن ما يدل
(يُتْبَعُ)
(/)
على أنه تعالى بعيد عن الرحمة والكرم والعفو وكل ذلك يوجب رجحان جانب الوعد على جانب الوعيد وتاسعها أن هذا الإنسان أتى بما هو أفضل الخيرات وهو الإيمان ولم يأت بما هو أقبح القبائح وهو الكفر بل أتى بالشر الذي هو في طبقة القبائح ليس في الغاية والسيد الذي له عبد ثم أتى عبده بأعظم الطاعات وأتى بمعصية متوسطة فلو رجع المولى تلك المعصية المتوسطة على الطاعة العظيمة لعد ذلك السيد لئيماً مؤذياً فكذا ههنا فلما لم يجز ذلك على الله ثبت أن الرجحان لجانب الوعد وعاشرها قال يحيى بن معاذ الرازي: إلهي إذا كان توحيد ساعة يهدم كفر خمسين سنة فتوحيد خمسين سنة كيف لا يهدم معصية ساعة ا إلهي لما كان الكفر لا ينفع معه شيء من الطاعات كان مقتضى العدل أن الإيمان لا يضر معه شيء من المعاصي وإلا فالكفر أعظم من الإيمانا فإن يكن كذلك فلا أقل من رجاء العفو وهو كلام حسن الحادي عشر أنا قد بينا بالدليل أن قوله وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء لا يمكن حمله على الصغيرة ولا على الكبيرة بعد التوبة فلو لم تحمله على الكبيرة قبل التوبة لزم تعطيل الآية أما لو خصصنا عمومات الوعيد بمن يستحلها لم يلزم منه إلا تخصيص العموم ومعلوم أن التخصيص أهون من التعطيل قالت المعتزلة: ترجيح جانب الوعيد أولى من وجوه أولها هو أن الأمة اتفقت على أن الفاسق يلعن ويحد على سبيل التنكيل والعذاب وأنه أهل الخزي وذلك يدل على أنه مستحق للعقاب وإذا كان مستحقاً للعقاب استحال أن يبقى في تلك الحالة مستحقاً للثواب وإذا ثبت هذا كان جانب الوعيد راجحاً على جانب الوعد ".
التفسير الكبير للفخر الرازي 3/ 145.
قال الفخر الرازي: المسألة الأولى ذكروا في الحسنة والسيئة وجوهاً الأول قال المفسرون كانت المدينة مملوءة من النعم وقت مقدم الرسول صلى الله عليه وسلم فلما ظهر عناد اليهود ونفاق المنافقين أمسك الله عنهم بعض الإمساك كما جرت عادته في جميع الأمم قال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء فعند هذا قال اليهود والمنافقون ما رأينا أعظم شؤما من هذا الرجل نقصت ثمارنا وغلت أسعارنا منذ قدم فقوله تعالى وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يعني الخصب ورخص السعر وتتابع الأمطار قالوا هذا من عند الله وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ جدب وغلاء سعر قالوا هذا من شؤم محمد وهذا كقوله تعالى فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ " وعن قوم صالح " قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ "
القول الثاني المراد من الحسنة النصر على الأعداء والغنيمة ومن السيئة القتل والهزيمة قال القاضي والقول الأول هو المعتبر لأن إضافة الخصب والغلاء إلى الله وكثرة النعم وقلتها إلى الله جائزة أما إضافة النصر والهزيمة إلى الله فغير جائزة لأن السيئة إذا كانت بمعنى الهزيمة والقتل لم يجز إضافتها إلى الله وأقول القول كما قال على مذهبه أما على مذهبنا فالكل داخل في قضاء الله وقدره.
المسألة الثانية: اعلم أن السيئة تقع على البلية والمعصية والحسنة على النعمة والطاعة قال تعالى وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " وقال إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ " إذا عرفت هذا فنقول قوله وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يفيد العموم في كل الحسنات وكذلك قوله وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يفيد العموم في كل السيئات ثم قال بعد ذلك قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ اللَّهِ فهذا تصريح بأن جميع الحسنات والسيئات من الله ولما ثبت بما ذكرنا أن الطاعات والمعاصي داخلتان تحت اسم الحسنة والسيئة كانت الآية دالة على أن جميع الطاعات والمعاصي من الله وهو المطلوب، فان قيل المراد ههنا بالحسنة والسيئة ليس هو الطاعة والمعصية ويدل عليه وجوه الأول اتفاق الكل على أن هذه الآية نازلة في معنى الخصب والجدب فكانت مختصة بهما الثاني أن الحسنة التي يراد بها الخير والطاعة لا يقال فيها أصابتني إنما يقال أصبتها وليس في كلام العرب أصابت فلانا حسنة بمعنى عمل خيرا أو أصابته سيئة بمعنى عمل معصية فعلى هذا لو كان المراد ما ذكرتم لقال ان أصبتم حسنة الثالث لفظ الحسنة واقع
(يُتْبَعُ)
(/)
بالاشتراك على الطاعة وعلى المنفعة وههنا أجمع المفسرون على أن المنفعة مرادة فيمتنع كون الطاعة مرادة ضرورة أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معاً، فالجواب عن الأول أنكم تسلمون أن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ والجواب عن الثاني أنه يصح أن يقال أصابني توفيق من الله وعون من الله وأصابه خذلان من الله ويكون مراده من ذلك التوفيق والعون تلك الطاعة ومن الخذلان تلك المعصية، والجواب عن الثالث أن كل ما كان منتفعا به فهو حسنة فان كان منتفعا به في الآخرة فهو الطاعة وإن كان منتفعا به في الدنيا فهو السعادة الحاضرة فاسم الحسنة بالنسبة إلى هذين القسمين متواطئ الاشتراك فزال السؤال فثبت أن ظاهر الآية يدل على ما ذكرناه ومما يدل على أن المراد ليس إلا ذاك ما ثبت في بدائه العقول أن كل موجود فهو إما واجب لذاته وإما ممكن لذاته والواجب لذاته واحد وهو الله سبحانه وتعالى والممكن لذاته كل ما سواه فالممكن لذاته إن استغنى عن المؤثر فسد الاستدلال بجواز العالم وحدوثه على وجود الصانع وحينئذ يلزم نفي الصانع وإن كان الممكن لذاته محتاجا إلى المؤثر فإذا كان كل ما سوى الله ممكنا كان كل ما سوى الله مستنداً إلى الله وهذا الحكم لا يختلف بأن يكون ذلك الممكن ملكاً أو جماداً أو فعلاً للحيوان أو صفة للنبات فان الحكم لاستناد الممكن لذاته إلى الواجب لذاته لما بينا من كونه ممكنا كان الكل فيه على السوية وهذا برهان أوضح وأبين من قرص الشمس على أن الحق ما ذكره تعالى وهو قوله قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ اللَّهِ.
التفسير الكبير للرازي 10/ 150 - 151.
قال ابن تيمية رحمه الله: " قال بعض السلف: كان داود بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة فمن قضي له بالتوبة كان كما قال سعيد بن جبير أن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار وإن العبد ليعمل السيئة فيدخل بها الجنة وذلك أنه يعمل الحسنة فتكون نصب عينه ويعجب بها ويعمل السيئة فتكون نصب عينه فيستغفر الله ويتوب إليه منها وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الاعمال بالخواتيم والمؤمن إذا فعل سيئة فان عقوبتها تندفع عنه بعشرة أسباب، أن يتوب فيتوب الله عليه فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، أو يستغفر فيغفر له، أو يعمل حسنات تمحوها فان الحسنات يذهبن السيئات، أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفرون له حياً وميتاً أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به، أو يشفع فيه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو يبتليه الله تعالى في الدنيا بمصائب تكفر عنه، أو يبتليه في البرزخ بالصعقة فيكفر بها عنه، أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه، أو يرحمه ارحم الراحمين، فمن أخطأته هذه العشرة فلا يلومن الا نفسه كما قال تعالى فيما يروي عنه رسوله صلى الله عليه وسلم يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه ".
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 10/ 45.
قال الحافظ ابن حجر: " قوله: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الرزاق أنه أتى أبا بكر وعمر أيضاً وقال فيها فكل من سأله عن كفارة ذلك قال أمعزبة هي؟ قال نعم قال لا أدري حتى أنزل فذكر بقية الحديث وهذه الزيادة وقعت في حديث يوسف بن مهران عن بن عباس عند أحمد بمعناه دون قوله لا أدري قوله قال الرجل إلى هذه أي الآية يعني خاصة بي بأن صلاتي مذهبة لمعصيتي وظاهر هذا أن صاحب القصة هو السائل عن ذلك ولأحمد والطبراني من حديث بن عباس قال يا رسول الله إلى خاصة أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال لا ولا نعمة عين بل للناس عامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق عمر وفي حديث أبي اليسر فقال إنسان يا رسول الله له خاصة وفي رواية إبراهيم النخعي عند مسلم فقال معاذ يا رسول الله أله وحده أم للناس كافة وللدارقطنى مثله من حديث معاذ نفسه ويحمل على تعدد السائلين عن ذلك وقوله إلى بفتح الهمزة استفهاما وقوله هذا مبتدأ تقدم خبره عليه وفائدته التخصيص قوله قال لمن عمل بها من أمتي تقدم في الصلاة من هذا الوجه بلفظ قال لجميع أمتي كلهم وتمسك بظاهر قوله تعالى أن الحسنات يذهبن السيئات المرجئة وقالوا أن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة وحمل
(يُتْبَعُ)
(/)
الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فقال طائفة إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وأن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا وقال آخرون إن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا منها وتحط الصغائر وقيل المراد أن الحسنات تكون سبباً في ترك السيئات كقوله تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " لا أنها تكفر شيئاً حقيقة وهذا قول بعض المعتزلة وقال بن عبد البر ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث الظاهرة في ذلك قال ويرد الحث على التوبة في أي كبيرة فلو كانت الحسنات تكفر جميع السيئات لما أحتاج إلى التوبة ". فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر 8/ 357.
قال القرطبي عند قوله تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار " لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان وإليها يفزع في النوائب وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وقال شيوخ الصوفية إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا قال بن العربي وهذا ضعيف فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا فإن الأوراد معلومة وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم وليس ذلك في قوة بشر الثانية قوله تعالى طرفي النهار قال مجاهد الطرف الأول صلاة الصبح والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر واختاره بن عطية وقيل الطرفان الصبح والمغرب قاله بن عباس والحسن وعن الحسن أيضا الطرف الثاني العصر وحده وقاله قتادة والضحاك وقيل الطرفان الظهر والعصر والزلف المغرب والعشاء والصبح كأن هذا القائل راعى جهر القراءة وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق قلت وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب وأنه ظاهر قال بن عطية ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل قال بن العربي والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب وهما طرفا الليل فقلب القوس ركوة وحاد عن البرجاس غلوة قال الطبري والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح فدل على أن الطرف الآخر المغرب ولم يجمع معه على ذلك أحد قلت هذا تحامل من بن العربي في الرد وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح وقد وقع الاتفاق إلا من شذ بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر وعليه القضاء والكفارة وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم والله أعلم، الثالثة قوله تعالى: وزلفاً من الليل أي في زلف من الليل والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض ومنه سميت المزدلفة لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة وقرأ بن القعقاع وبن أبي إسحاق وغيرهما وزلفاً بضم اللام جمع زليف لأنه قد نطق بزليف ويجوز أن يكون واحده زلفة لغة كبسرة وبسر في لغة من ضم السين وقرأ بن محيصن وزلفاً من الليل بإسكان اللام والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر وقرأ مجاهد وبن محيصن أيضا زلفى مثل قربى وقرأ الباقون وزلفاً بفتح اللام كغرفة وغرف قال بن الأعرابي الزلف الساعات واحدها زلفة وقال قوم الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة قاله بن عباس وقال الحسن المغرب والعشاء وقيل المغرب والعشاء والصبح وقد تقدم وقال الأخفش: يعني صلاة الليل ولم يعين الرابعة قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات ها هنا هي الصلوات الخمس وقال مجاهد الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال بن عطية وهذا على جهة المثال في الحسنات والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات لقوله صلى الله عليه وسلم ما اجتنبت الكبائر قلت سبب النزول يعضد قول الجمهور نزلت في رجل من الأنصار قيل هو أبو اليسر بن عمرو وقيل اسمه عباد
(يُتْبَعُ)
(/)
خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج روى الترمذي عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت على نفسك فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه فتلا عليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين إلى آخر الآية فقال رجل من القوم هذا له خاصة قال لا بل للناس كافة قال الترمذي حديث حسن صحيح وخرج أيضا عن بن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن كفارتها فنزلت أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل ألي هذه يا رسول الله فقال لك ولمن عمل بها من أمتي قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروي عن أبي اليسر قال أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت إن في البيت تمرا أطيب من هذا فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال أخلفت غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار قال وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين قال أبو اليسر فأتيته فقرأها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحابه يا رسول الله ألهذا خاصة أم للناس عامة فقال بل للناس عامة قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره وقد روي أن النبي صلى ألله عليه وسلم أعرض عنه وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل جبريل عليه السلام عليه بالآية فدعاه فقال له أشهدت معنا الصلاة قال نعم قال اذهب فإنها كفارة لما فعلت وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا عليه هذه الآية قال له قم فصل أربع ركعات والله أعلم وخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين الخامسة دلت الآية مع هذه الأحاديث على أن القبلة الحرام واللمس الحرام لا يجب فيهما الحد وقد يستدل به على أن لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد وهو اختيار بن المنذر لأنه لما ذكر اختلاف العلماء في هذه المسالة ذكر هذا الحديث مشيرا إلى أنه لا يجب عليهما شيء وسياتي ما للعلماء في هذا في النور إن شاء الله تعالى السادسة ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها فقال أقم الصلاة الآية وقال أقم الصلاة لدلوك الشمس الآية وقال فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون الروم وقال وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها طه وقال اركعوا واسجدوا وقال وقوموا لله قانتين وقال وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا على ما تقدم وقال ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها أي بقراءتك وهذا كله مجمل أجمله في كتابه وأحال على نبيه في بيانه فقال جل ذكره وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم فبين صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة وعدد الركعات والسجدات وصفة جميع الصلوات فرضها وسننها وما لا تصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل فقال في صحيح البخاري صلوا كما رأيتموني أصلي ونقل ذلك عنه الكافة عن الكافة على ما هو معلوم ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه فكمل الدين وأوضح السبيل قال الله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا قوله تعالى ذلك ذكرى للذاكرين أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث ".
تفسير القرطبي 9/ 109 - 113.(/)
رسالة الماجستير:للدكتور:عبد السلام المجيدي
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[16 Jun 2006, 09:11 م]ـ
وكما وعدت الأخوة الكرام بتنزيل رسالة الماجستير للدكتور:عبد السلام المجيدي ـ حفظه الله ـ الأستاذ المساعد بكلية التربية ـ جامعة ذمار ـ اليمن. وهي بعنوان:
((تلقي النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ القرآن الكريم عن جبريل عليه السلام))
وهي رسالة ماجستير حاصل عليها الدكتور: عبد السلام من جامعة القرآن الكريم في أمدرمان بالسودان عام1999م، وحصل على تقدير ممتاز. والكتاب مطبوع بتقديم:
الشيخ:عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الايمان،ورئيس هيئة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة برابطة العالم الاسلامي سابقاً.
والدكتور:أحمد علي الامام، مستشارالرئيس السوداني لشؤون التأصيل والتخطيط الاستراتيجي،ومدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية في أمدرمان سابقاً.وهو المشرف على الرسالة.
ـ[الراية]ــــــــ[16 Jun 2006, 10:58 م]ـ
هل يواجه أحد بطئ في التحميل مثلي؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jun 2006, 03:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الكريم سلطان الفقيه على هذه الهدية الثمينة، والشكر موصول للمؤلف وفقه الله ورعاه.
قمت بوضع هذا الكتاب بعد ترقيم صفحاته، ووضع الصفحة الأولى فيه أيضاً، وبطء التحميل طبيعي لكبر حجم الكتاب كمرفق في الملتقى.
الآن يمكنك تحميل الكتاب من المكتبة من هنا ..
تلقي النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ القرآن الكريم
دراسة تأصيلية ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=966)
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[20 Jun 2006, 08:14 م]ـ
وجزاكم الله ـ أنتم ـ خيراً على إنشاء هذا الملتقى المبارك الذي ـ والله ـ لقد استفدنا منه كثيراً. فما يسعنا إلا أن نقول بارك الله فيكم وفي علمكم،وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتكم.(/)
العدول في التعبير القرآني
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[16 Jun 2006, 09:57 م]ـ
العدول في التعبير القرآني ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=93&book=968)
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:35 ص]ـ
بورك فيكم
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[22 Jun 2006, 02:23 م]ـ
جزى الله الذين يبذلون العلم لطالبيه ويقربونه إليهم خيراً، فبعض الكتب والبحوث لاتكاد تصل إلينا إلا بمثل هذا.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 Jun 2006, 08:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي
ـ[الكشاف]ــــــــ[29 Jun 2006, 01:44 م]ـ
بحث قيم. جزيت خيراً على هذا البيان.(/)
ماذا عن كتاب انشراح الصدور في تفسير سورة النور؟
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[17 Jun 2006, 02:47 ص]ـ
الأخوة في الملتقى
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أرجوا مساعدتي في الحصول على هذا الكتاب، ولو أمكن وضعه في ملف هنا لكان أفضل.
وفقكم الله
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[17 Jun 2006, 05:37 م]ـ
إن كنت تريد كتاب الشيخ ابراهيم الجبالي رحمه الله تعالى وهو من علماء الأزهر البارزين (شفاء الصدور بتفسير سورة النور) فعندي طبعته الأولى سنة 1355 الموافق 1936 م ولا أدري هل أعيد طبعه أم لا
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[18 Jun 2006, 03:43 ص]ـ
لعله يكون هو!!
شاكر مرورك يادكتور فهد،
وانتظر المزيد من الأخوة.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[18 Jun 2006, 05:59 ص]ـ
وكذلك هناك كتاب للأستاذ الدكتور سليمان اللاحم ـ جامعة القصيم ـ القران وعلومه ـ بعنوان:
انشراح الصدور في تدبر سورة النور
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[19 Jun 2006, 03:06 م]ـ
هو ما أعني،
هل من الممكن أن أجده على الإنترنت؟
شاكر مرورك أخي ابن الجزيرة .....
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[19 Jun 2006, 05:28 م]ـ
الكتاب يقع في مجلد واحد ويحوي 413 صفحة وقد طبعته دار العاصمة وهو موجود في المكتبات لكن المؤلف لم يدخله في الشبكة بعد ولعله بعد حين.(/)
التماس من طلاب جامعات العراق الصامد
ـ[حنان]ــــــــ[17 Jun 2006, 01:38 م]ـ
كيف لي أن احصل على الرسائل التالية، والتي تم مناقشتها في جامعات العراق:
1 - أسلوب التعليل في العربية، أحمد خضير عباس، رسالة ماجستير، كلية الآداب، الجامعة المستنصرية، سنة 1999.
2 - علل التعبير القرآني عند الرازي في التفسير الكبير، أحمد جمعة الهيتي، رسالة دكتوراة، كلية الآداب، جامعة بغداد،1999.
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[17 Jun 2006, 03:32 م]ـ
عندي نسخة من علل التعبير القرآني عند الرازي في التفسير الكبير، أحمد جمعة الهيتي، وبإمكاني الحصول على الرسالة الأخرى، ويبدو أن الاهتمام هنا بدراسة العلل والتعليل فأحب الإشارة إلى وجود رسائل أخرى في الجامعات العراقية، وهي:
1 - علل التعبير القرآني في تفسبر البر المحيط - اطروحة دكتوراه - نوقشت في الجامعة الاسلامية.
2 - علل التعبير القرآني في تفسير الكشاف- رسالة ماجستير - نوقشت في كلية الشريعة - جامعة بغداد
3 - علل التعبير القرآني في كتب معاني القرآن -اطروحة دكتوراه - نوقشت في كلية التربية -جامعة الانبار.
4 - علل التعبير القرآني في تفاسير سورة اليقرة - اطروحة دكتوراه - نوقشت في كلية التربية ابن رشد - جامعة بغداد.
5 - علل التعبير القرآني عند السيوطي - اطروة دكتوراه - في مرحلة الكتابة
وأنا على استعداد للمساعدة في الحصول عليها إن شاء الله، وفق الله الجميع.
ـ[حنان]ــــــــ[24 Jun 2006, 02:56 م]ـ
شكرا جزيلا على اهتمامكم الكريم
أود التعرف على مضمون الرسائل التي تفضلتم بسردها، وما المراد بعلل التعبير القرآني؟؟ لاطابق المفهوم مع ما يجول في خاطري ...
ولنا لقاء آخر ان شاء الله
ـ[حنان]ــــــــ[28 Jun 2006, 06:19 م]ـ
انتظر ردكم استاذي الفاضل عامر للاهمية القصوى
ودمتم(/)
التساؤل الابراهيمي ..
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[18 Jun 2006, 05:22 ص]ـ
.. طرح الخطاب القرآني تساؤله الأول بصيغة شديدة الخصوبة. وشديدة الإيحاء. وبالتالي التأثير ..
لقد اعتمد الخطاب القرآني على نموذج تاريخي عريق ليدخل من خلاله التساؤل إلى عقيدة أولئك الذين أخذوه بقوة من شباب مكة في الجيل الأول ..
وكان هذا النموذج الذي يمثله القرآن لتحرير العنصر الأول من عناصر التفكير الإسلامي هو نبي الله ابراهيم الخليل عليه السلام ..
هناك 3: هوامش ينبغي تسجيلها على اختيار ابراهيم دون غيره ..
الهامش الأول. ان العرب تنسب نفسها جميعا إلى ابراهيم عبر ابنه إسماعيل، الذي شارك أباه في بناء الكعبة – محج العرب عبر التاريخ - والنسب عند العرب بالغ الاهمية حتى انهم كانوا يعدون من لا نسب له ليس عربيا .. ، لذلك اعتمد الخطاب القرآني جدَهم الاكبر لتوصيل مفهوم العقيدة الجديدة – القديمة – (العقيدة الحنيفية الأصيلة).
الهامش الثاني. ان ابراهيم بالذات يحتل نفس المكانة المميزة عند اهل الكتاب سواء كانوا نصارى أو يهود .. والذين كان لهم وجود وتأثير في الجزيرة باشكال متعددة ومختلفة. سواء عبر وجودهم وإمكانياتهم المادية – التجارية المختلفة، - مثل اليهود – أو عبر وجود كيانات ودول كبرى تدين بالنصرانية وتجاور الجزيرة (الروم – الحبشة). فاختيار ابراهيم كان يمنح صلة وصل عميقة الجذور لا بالنسب العربي فحسب، بل بالعلاقات بين الأمم، وبالذات بأمم أهل الكتاب التي كانت تعتبر نفسها – عن حق – ارقى من بقية الشعوب الامية – والتي كان العرب من ضمنها ..
الهامش الثالث: ان الصورة التي يطرح من خلالها ابراهيم هي صورة أصيلة، ولا وجود لها في التوراة أو في الكتابات الإنجيلية. وذلك بالتأكيد يزيدها رسوخا وعمقا ضمن نسيج الخطاب القرآني المتميز عن التوراة والانجيل. فبينما تبدأ القصة التوراتية وابراهيم يغادر ارض بابل، يعود بنا الخطاب القرآني إلى صبا ابراهيم وبواكير وعيه ليعرفنا على جذور القصة الغير محكية في التوراة ..
وقبل ان نسترسل علينا ان نؤكد ان هذه القصة لا تأخذ اهميتها الحقيقية الا عبر فهم المكانة المميزة التي احتلها ابراهيم في الخطاب القرآني فهو الذي قال فيه الخطاب المنزل (ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين) النحل 120 (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) الأنبياء 150 (قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه) الممتحنة 4 (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس إماما .. ) البقرة 124 (ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه حنيفا وما كان من المشركين) آل عمران 95 ..
من هذه الحقيقة المميزة للوضع الابراهيمي في السياق القرآني يمكن ان نفهم كيف بنى الخطاب القرآني عنصر التفكير الأول عليه ..
* * *
كيف صار ابراهيم – أبو الأنبياء وأبو العرب وصاحب الملة الحنفية – نبياً؟.
ما هي التربة التي رأى الله عز وجل انها صارت خصبة معدة لاستقبال حكمة النبوة ومسؤولية الرسالة؟.
ما هي العوامل النفسية – السلوكية التي جعلته مهيئاً ليكون الأب الروحي للأديان السماوية الثلاثة؟.
يجيبنا الخطاب القرآني عن هذه التساؤلات بطريقة موجزة وموحية .. كالعادة.
(واذ قال ابراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة أنى أريك وقومك في ضلال مبين. وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا احب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربى فلما افل قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما انا من المشركين) الإنعام (74 - 79).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا الحوار الذي دار بين ابراهيم وأبيه أولاً، وبين إبراهيم والكون ثانياً، وبين إبراهيم ونفسه ثالثاً – لم يكن مجرد حوار عادى دار ذات ليلة بين اب وابنه، بل كان اعمق من ذلك وخارجا عن المقاييس الزمنية والتاريخية. انه حوار في عمق الوعي الانساني والتجربة البشرية بأسرها، حوار شكل منعطفا مهماً في تاريخ الفكر الانساني واكتملت انعطافته بظهور الاديان السماوية المرتبطة بشكل أو بآخر إلى إبراهيم .. ينطلق ابراهيم في هذا الحوار التاريخي من الشك بالمسلمات التقليدية في مجتمعه*1، ثم عندما يجن الليل عليه، يبدأ بالبحث المباشر عن اله هذا الكون ..
والثالوث الذي تقلب ابراهيم بينه تلك الليلة حتى الصباح لم يكن ثالوثا اعتباطيا، فالقمر والزهرة والشمس هي من العبادات شديدة الانتشار عند الاقوام السامية عموما (ان لم يكن عند غيرها ايضاً). على اختلاف في تقديم القمر على الشمس عند الساميين الغربيين والعرب الجنوبيين، والعكس عند العرب الشماليين .. وقد ظلت هذه العبادة قائمة حتى ظهور الإسلام: ومن أسماء العرب المعروفة: عبد شمس، ومن القبائل المعروفة التي تعبدت للشمس بنى تميم. وكذلك بنو اد: ضبة، تميم، وعدي، وعطل، وثور. ويقال ان اللات – الصنم المعروف الذي تعبد له المشركون والوارد ذكره في القرآن – كان رمزا للشمس، والمعروف ان قريش كانت تصلي صلاة للشمس وعند الضحى .. والقمر ايضا كان معبودا معروفا عند الجاهليين خاصة عند السبأيين*2 اذ هو إلههم الأكبر – واتخذوا الثور رمزا مقدسا له كما تدل على ذلك النصوص الثمودية وغيرها .. ورغم ان الزهرة – وتسمى عثتر – كانت اكثر كوكب تعبد له العرب، الا انهم تعبدوا لكواكب أخرى مثل: الدبران، العيوق، والشعرى (التي ورد ذكرها في القرآن) والثريا، والمرزم .. الخ*3.
ان الكواكب والنجوم والأصنام لم تنفرد بعبادتها الأقوام السامية فحسب، بل شاعت عبادتها في كل أنحاء الارض عبر التاريخ. مع اختلافات متنوعة في التفاصيل لكن الحيرة الإبراهيمية والحوار الإبراهيمي يخرج بهذا عن اطاره الفردي – ليكتسب أبعاداً حضارية – إنسانية عميقة موغلة في القدم: انه بحواره مع ابيه يمثل تمرد جيل جديد على الافكار التقليدية والمسلمات الاجتماعية البالية. والاب هنا هو رمز لكل السلطات والمؤسسات الاجتماعية التي تكرس بقاء التقاليد والمسلمات والأعراف وتوفر لها الحماية والاستمرارية ..
وحوار ابراهيم مع الكون يمثل نضوج العقل الانساني ومحاولته فك اسرار الخليقة بالاعتماد على العقل.
انه يمثل الحيرة والشك الوجوديتين أمام الحياة والموت والوجود ككل، وهو يمثل بالوقت نفسه – محاولة الاعتماد على العقل للخروج من هذه الحيرة وهذا الشك، وذلك برفض كل المسلمات والبديهيات التقليدية .. والبدء من جديد، من نقطة جديدة .. نحو هدف جديد وبأساليب مختلفة وغير تقليدية ..
تلك الليلة التي قضاها ابراهيم متقلبا حائرا على فراش الشك والتساؤلات المزدحمة كانت ليلة طويلة جدا، ولم تنته عندما أشرقت الشمس. اذ انه ظل حائرا يبحث فيها عن ربه .. لكنها انتهت عندما اشرق العقل في داخله. عندما وجد الاجابة عن تساؤلاته فيه. عندما وجد ان الجسر نحو الخلاص موجود في أعماقه، فقط عليه ان يخطو نحوه الخطوة الأولى، متحررا من كل الأحكام التقليدية والنظرة المسبقة والتقاليد البالية- المسيطرة فقط لأنها تنتمي للأولين ..
تلك الخطوة بدأت بالشك بهذه المسلمات في عقل ابراهيم. بدأت بالتساؤلات المزلزلة التي اقتلعت فكرة الأصنام والأوثان من عقل ابراهيم ..
انه الشك. التساؤل الذي سرى مثل التيار الكهربائي ليمنح الحياة والروح إلى العقل الأول: عقل الإنسان الذي سيصير ابا روحيا – بل وجسديا إلى حد كبير – لثلاث أمم وثلاثة أديان سماوية .. انه العقل الذي كون تلك التربة الخصبة المهيئة لاستقبال الوحى الالهي ..
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كانت الشرارة الاولى التي مهدت لنزول الكلمة الالهية هي شرارة احتكاك العقل بالواقع ومعطياته بعيدا عن الأحكام المسبقة والنظرة التقليدية .. انه العقل الذي سبق الوحى بل ومهد له وعبد له الطريق، انه العقل الذي مثل البوتقة التي انصهر فيها الوحى الالهي وتفاعل وتكامل معها .. هل كان يمكن للوحى ان يتنزل على عقل خامل لا شك فيه ولا تساؤلات، هل كان يمكن ان ينمو الايمان في عقل لم يعرف الشك ولم يتقلب بحثا عن يقين، ولم يشك بالمسلمات ولم يلحد بالشرك الغبي المتوارث ..
لا طبعا. الايمان يبدأ من الشك. واليقين يبدأ من السؤال. والوحي الإلهي لم ينزل الا على عقل شكاك، اذ لا يكتمل الايمان الا هناك.
هذا المحور شديد الاهمية هو الذي ركز عليه الخطاب القرآني، فإبراهيم – بنص الخطاب – هو أول المسلمين. والإسلام – هو ملة ابراهيم الحنيف الذي لم يكن من المشركين، والرسالة الجديدة هي تتمة لرسالة ابراهيم الاولى والاصلية ..
وعندما تكون رسالة ابراهيم قد بدأت من تخوم الشك والتساؤلات، ولم ينزل الوحى الا بعد خوضه لتلك التجربة المثمرة: تجربة الشك والتساؤلات، فإن هذه البداية، تدمغ – بطريقة ما – الرسالة الإسلامية ككل، باعتبارها الوريث الشرعي للرسالة الإبراهيمية ..
الإسلام اذن بدأ من الشك، من التساؤل المطلق أمام الحقائق الكونية. من رفض القبول المسبق الغبي الخالي من التمحيص والبحث ..
ولذلك يعلق الخطاب القرآني على رحلة الشك التي خاضها ابراهيم لتكون التربة الصالحة لنزول الوحي (وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم) .. الانعام 83 – الحجة هي العقل، عقل ابراهيم المنفرد السابق على نزول الوحي، هو الحجة الاولى، وتأمل ارتباط هذه الحجة بالحكمة والعلم في اختيار هذين الصفتين دون غيرهما لوصفه عز وجل، فالحكمة والعلم مرتبطتان بل وناتجتان عن العقل – الحجة التي اقامها الله على البشرية، وابراهيم على نفسه اولا وعلى قومه ثانيا ..
* * *
لكن علاقة الشك والتساؤل بالايمان في منهجية الخطاب القرآني ليست علاقة أولية تبدأ حتى تنتهي. فالسؤال هنا ليس إضاءة برق خاطفة تضئ الدرب لوهلة ثم تنتهي إلى الأبد ..
علاقة التساؤل بالايمان – في الخطاب القرآني – علاقة صميمية ومترابطة ولا تنتهي بالوصول إلى يقين نهائي يتحول مع تقدم الوقت الي يقين غبي ومتوارث حاله حال البديهيات والمسلمات التقليدية ..
وعلى العكس مما هو متوقع من عقيدة دينية، فان الخطاب القرآني يقدم ابا الأنبياء – ابراهيم – وبعد ان يكتمل عقله مع الوحى الالهي ويصبح الرسول الذي أصبحه، يقدمه القران في لحظة عميقة، لحظة يحاول من خلالها إعادة النظر واعادة التقييم، ويصل من خلالها، إلى ذروة الايمان التي لا يمكن الوصول اليها الا عبر الشك ..
(واذ قال ابراهيم ربى أرنى كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءً ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم ان الله عزيز حكيم) البقرة 260. فابراهيم لم تمنعه مكانة الوحى الالهي التي يتلقاها، والمكانة الرسولية التي تبوأها من ان يعلن صراحة عن حاجته إلى إعادة النظر، عن عدم طمأنية تشوب افكاره وقلبه وعقله، عن تساؤل يقترب من الحدود الخطرة، وعن شك لا يزال يحتاج معه إلى بحث ..
وبالشك وحده وصل إلى اليقين النهائي، وصل إلى طمأنية القلب، الذروة العالية من الايمان التي كان يصبو اليها. هل وصلها بالمزيد من التعبد؟ الاستغفار؟ بالتحنث والانقطاع للعبادة؟ ابداً. ولعله ما كان يصلها ابدا لو استخدم هذه الوسائل. لكنه وصل بالشك. بالتساؤل الذي لا يمثل مجرد محطة عابرة في ايمان ابى الرسل والأنبياء، بل يمثل العلامة الاهم – قرآنياً – في مسيرته الرسولية ..
.. ومن الواضح عبر السياق الوارد في الخطاب القرآني ان هذا التساؤل الإبراهيمي كان بعد نزول الوحى عليه لا كما كان في السياق الأول الذي مهد لنزول الوحى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل هذه النقطة تتوضح اكثر إذا ما استرجعنا ان هذا السياق نزل في الفترة المدنية على العكس من السياق الاول المكي النزول .. ، فهنا ايضا يذكر الخطاب في أوج الفترة المدنية – فترة نزول آيات الأحكام وتقوية أسس نشوء الدولة الإسلامية – بأهمية إعادة النظر وتجديد التقييم وربط ذروة الايمان بحالة التساؤل والشك الإيجابيتين والتي تسهم في تأصيل الايمان وتعميق جذوره، لا الإطاحة به كما قد يتصور البعض ..
ويستخدم الخطاب القرآني – نموذجا آخر – لتعميق فكرة التساؤل في ذهنية المتلقي قيد التكوين، وهو نموذج لا يقل مكانة عن ابراهيم –ولعل ذكره قد ورد اكثر مما ورد ابراهيم.
انه موسى عليه السلام – رسول آخر من أولى العزم وكليم الله – كما يلقبه الموروث الإسلامي- وصاحب شريعة وحفيد آخر من أحفاد الرسول الأول ابراهيم ..
فموسى سأل الله ما لا يسال عادة – وهو ان يراه (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب ارني انظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فتجل ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك ربى تبت اليك وانا أول المؤمنين) .. الأعراف 143. وهذا السؤال كانت له معطيات واقعية منسجمة مع الرؤية التجسيمية التي كان العبرانيون يؤمنون بها – أي ان سؤال موسى لم يكن ترفاً جدلياً بل محض انسجام مع الواقع ومتطلباته .. وفي كلتا الحالتين، -ابراهيم وموسى- ياتي الجواب الالهي بصورة عملية بليغة – الطير الذي يعود إلى الحياة والجبل الذي يندك – وهما مثالان على أجوبة إلهية لتساؤلات وشكوك انسانية على السنة الرسل .. والمثالان يعطياننا معا صورة رائعة لرؤية قرآنية مغايرة تماما. فالأسئلة والشكوك هنا لا تساور الكفار واعداء الرسل. بل تأتي على السنة الرسل وتجوب في أفكارهم وعقولهم، وهم لا يترددون في الإفصاح عنها لذاك الذي يعلم ما في الصدور – والعقول ..
.. والأجوبة الالهية لا تأتي بشكل صواعق تحرق حناجر الرسل الذين تجرءوا ونطقوا بالشك، أو بزلازل تبيد القرى وتفني عقب الرسل، كما عودتنا الرؤية التوراتية، كما انها لا تأتي باجوبة نظرية: حكم بليغة أو أمثال مأثورة لتسكت الأجوبة وتقمعها وتقيد العقل الذي صدرت عنه بأسوار التأويلات والمجازاة والتهويلات ..
بل تأتي الأجوبة لتوجه السؤال نحو الطبيعة: مظاهرها وظواهرها. اشكالها وقوانينها. الطير والجبل شكلان من اشكال الطبيعة جاء الوحي الالهي ليوجه السؤال الرسولى نحوهما، ففيهما الجواب .. وهنا – مرة أخرى- يكون للعقل الذي سأل دورٌ في الجواب عن هذا السؤال. ان السؤال الذي عذب ابراهيم وآرق موسى لن يجد جوابا مباشرا من قبل الوحى الالهي بطريقة تجعله مجرد شاهد سلبي بل سيأتي الجواب بطريقة تستدرج العقل نفسه في إبداع الجواب وتكوينه. تدربه على عمليات عقلية مؤسسة على المشاهدة والتجربة والاستنتاج، ليصل بنفسه إلى الجواب الذي طرحه ..
وهنا بالذات تتوضح أهمية (طمأنينة القلب) التي حازها ابراهيم و (ألاولوية على المؤمنين) التي حازها موسى .. ان هذه المرتبة لم تأتِ اعتباطا: لم تكن هبة إلهية دونما جهد بذله العقل الانساني، لقد كانت نتيجة لبحث وجهد وتأملات، ولم تكن – بالتأكيد – نتيجة لتسبيح أو استغفار لفظي أو تكرار لصلوات معينة طوال الوقت.
الشك، إذن، التساؤل، قد يفتح باب اليقين النهائي، لا الضياع والإلحاد كما يحاول البعض ان يوهمنا ..
وبالنسبة للخطاب القرآني، الذي عمل على تشكيل عقل الفرد المسلم وتكوين شخصيته، فان هذه المسالة كانت بالغة الاهمية والتأثير. لقد كرست هذه الرؤية مسالة التساؤل في عقل الفرد المسلم عبر المثل القرآني وبدون مبالغات في الخطابة.
انه التساؤل الذي منه بدأ الايمان الأول: إيمان الجد – ابراهيم.
* * *
.. ونحن أحق بالشك من ابراهيم!!
عبارة عادية، قد لا تلفت الكثير من الانتباه، إذا قالها أي واحد منا، من آلاف – بل ملايين الناس العاديين المتأرجحين في إيمانهم بين شك ويقين أو ايمان تقليدي متوارث .. لكن قائل العبارة ليس شخصا عاديا. انه الرسول (ص) نفسه. بل وخاتم الرسل والوريث النهائي لشريعة أبي الأنبياء، ابراهيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
انه الرسول (ص): لا يبرر، لا يبحث عن تأويل يبرئ إبراهيم من تهمة الشك، لا يبحث في ألفاظ العربية عن معنى يخبأ خلفه شك ابراهيم. لا يخرج شك ابراهيم عن معناه الحقيقي ليحوله إلى مجاز آخر من المجازات العقيمة خالية المعاني. لا يستغفر له عن شكه. لا يعده خطيئة. ولا يصدر أحكاماً بناءً عليه ..
على العكس من ذلك: انه يعلن ببساطة، أحقية المسلمين بهذا الشك. أي ان هذا الشك، صار موضعا للتنافس والمسابقة بدلا من ان يكون تهمة مدفوعة، والمسلمون، ورثة ابراهيم الذي بدء إيمانه من التساؤل والشك في المكرسات التقليدية، احق بهذا الميراث من غيرهم. كنز الايمان ومفتاحه الأول: التساؤل. والشك الذي يجدد هذا الإيمان ويفتح له أفاقا أوسع ومديات ارحب: قد يكون اليقين من بينها، لكنه يظل ابدا يقينا متجددا بالشك الذي يتفاعل معه ويفاعله، يظل يقينا متصاعدا حيويا فاعلا .. ولولا الشك لتحول اليقين إلى مجرد موروث مكرس غبي وملئ بالضجر والرتابة .. لولا الشك الذي نحن أحق به من ابراهيم!!
ونستنتج من راوي الحديث: ابى هريرة، الذي اسلم قبل ثلاث سنوات فقط من وفاة الرسول (ص)، ان هذا الحديث لم يرد في فترة مبكرة من الفترة المدنية، ناهيك عن كون الآية التي تروى قصة الشك مدنية أصلا ..
أي ان الرسول – الذي أعلن احقيته واتباعه بالشك، لم يكن، عندما أعلن هذا الإعلان، في مرحلة مبكرة من عمره الرسولي وبدء نزول الوحي عليه. بل كان الوحي ينزل عليه منذ عشرين سنة – على اقل تقدير ..
انه الشك الإيجابي والتساؤل الفعال. ذاك الذي يصير جزء من طبيعة تفكير ومنهجية حياة. ذاك الذي يقتلع جذورا هشة ليزرع مكانها جذورا اعمق واقوى .. انه الشك الناضج: ذاك الذي يعني بالملاحظة والتجربة واعادة النظر والاستنتاج ..
انه شك الانبياء، الممتزج بيقين – لا شك فيه – في ان هذا الشك هو المحرك الأول للإيمان. للشريعة. للحياة كلها ..
بينما يتشدق آخرون – من اتباع خاتم الانبياء – بإيمان يتخيلونه نهائيا، ويتمسكون بنظرة واحدة لمعنى الايمان مرت عليها القرون دون ان يطرأ عليها شك يعيد لها الحياة، ويكفرون ويفسقون ويبدعون أشخاصا فضلوا بكل بساطة ان يعلنوا – مثل نبيهم – انهم احق بالشك من ابراهيم ..
والحديث، لهواة التشكيك، صحيح. بل ومتفق عليه (3192،4263 البخاري،151 مسلم، 4026 ابن ماجة، 8311 مسند أحمد،11050،11253 السنن الكبرى،6208 ابن حبان).
* * *
.. ولعله اعمق من مجرد الصدفة ان يرد (السؤال) في حادثة أخرى مهمة في سيرة ابراهيم كما اوردها الخطاب القراني: والتي ينفرد فيها مرة أخرى عن الرؤية التوراتية – فعندما يضع ابراهيم قومه في مواجهة مع خرافاتهم وتناقضاتهم وواقعهم – ويحطم الأوثان الا كبيرها .. يستغل السؤال كإستراتيجية لتأزيم الموقف المتأزم اصلا - (اذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون. قالوا وجدنا اباءنا لها عابدين. قال لقد كنتم انتم وآباؤكم في ضلال مبين. قالوا اجئتنا بالحق ام انت من اللاعبين. قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وانا على ذلكم من الشاهدين. وتالله لاكيدن أصنامكم بعد ان تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون. قالوا من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الطامعين. قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم. قالوا فآتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون. قالوا انت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم. قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئسلوهم ان كانوا ينطقون. فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون. ثم نكسوا رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) .. الانبياء 51 - 65.
فإبراهيم هنا يستخدم السؤال كوسيلة لهدم الأوثان الحقيقية، اوثان الفكر التي تعشش داخل العقول – اكثر مما يفعل المعول الذي استخدمه لهدم التماثيل .. وبينما أبقي ابراهيم كبيرهم – (لعلهم إليه يرجعون) – في الخطة المرسومة، فإن (الرجوع) صار (إلى أنفسهم) – وبينما طلب منهم ابراهيم ان يسألوا الأوثان – فانهم سألوا أنفسهم – بالضبط كما كانت الخطة التي وضعها ابراهيم: ان يصير السؤال على ألسنتهم. على عقولهم. في أفكارهمورغم ان الخطة الإبراهيمية نجحت في زرع الشك في نفوس قومه، فإن أسس المجتمع وأركانه لا تتقوض بمجرد طرح السؤال .. فالدرب، أطول واصعب .. عله ينفجر ليطيح بأوهامهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
بأركان عقيدتهم .. بأسس مجتمعهم .. ، انه الرشد الذي آتاه الله، من قبلُ (الأنبياء 51).
********
ان يبدأ ديكارت منهجه العلمي منطلقا من الشك ليكون مرتكزه الأساسي، وليغير منطلقات البحث العلمي بعدها، مكونا المنهجية العقلانية في النظر العلمي البحت للأمور، وان يكون منهجه هذا من أهم الفتوحات العقلانية في الفكر الإنساني، امر ليس بمستغرب من صاحب منطق رياضي – فلسفي شغل المكانة التي شغلها ديكارت ..
لكن ان تبدأ عقيدة ايمانية طريقها بالشك، وتركز عليه عبر مسيرتها باعتباره المفاعل والمجدد والوسط الذي تحقَّقَ فيه مشروعها الانساني والتاريخي، امر يبدو مستغربا جدا ..
لكن هذا الاستغراب يظل منطلقا من نظرة تقليدية تعامل الاديان كوحدة واحدة على انها جميعا تتمحور حول ايمان غيبي اعمى يرتكز على الراحة النفسية بهذا الايمان الخالي من التساؤلات والشكوك. ايمان لا دخل للعقل فيه: نفس الايمان الذي تكون مع المعجزات الحسية التي اعتمد عليها انبياء الاديان الاخرى: اعجاز للحس وابهار للمشاعر ..
أما الايمان بالاسلام – الذي اعتمد اصلا على التفاعل العقلاني مع الخطاب القراني، فلا بد ان يكون تقييمه بمقاييس مختلفة: فلا يعود اعتماد السؤال والتركيز على الشك وأحقية المسلمين به مسألة تثير الاستغراب، بل تنسجم أصلا مع نسيج الدين المختلف وطبيعته المتميزة التي تخرجه عن دائرة النظرة التقليدية للدين ودوره: الراحة والطمأنينة عبر الصلاة والتعبد والتنسك، وتجعله اقرب لمنهاج الحياة المتكامل منه إلى طريقة للصلاة والوعظ والزهد.
وعندما يكون الدين منهاجا وطريقا للحياة والنظرة إليها وطريقة لتفكير أفراده، فان ابتداءه بالتساؤل وتتويجه بالشك هو تأسيس لطريقة تفكير تكون بعمق العقيدة وتمتزج لتكون عقول وأفكار أفرادها: انها عقيدة لا تذبل لان التساؤل ينعشها ولا تموت لان الشك يبعثها من جديد – فتظل متجددة وقوية أمام التبدلات والتغيرات المستمرة ..
وللأسف فان ذلك التساؤل الإبراهيمي الذي ابتدأ به الاسلام، وذلك الشك الذي نحن أحق به من ابراهيم – والذي أوصل إلى ذروة طمأنينة القلب – ظلا مجرد آيات قرآنية (أخرى) دون ان تتاح لهما فرصة التأصيل والتأسيس في الفكر الإسلامي ودون ان تتجذر لهما داخل العقل المسلم المتكون جذور عميقة وروابط متينة – فقد سارت رياح التاريخ بعكس ما تشاء سفن العقيدة، وانتجت ظروف وملابسات تاريخية أرضية فكرية غريبة عن منهج التساؤل والشك الذي بدأ به دين الاسلام الحنيفي. لقد انتجت هذه الظروف فكر يمجد اليقين المتوارث ويحقر التساؤل ويعده بدعة مآلها إلى النار .. والاسوء انه يتخفي بالآيات والأحاديث ويتخذهما كغطاء ووسيلة ..
ولنا عودة لاحقة لهذه الظروف والملابسات التي لم تؤثر على الفكر الإسلامي فحسب، بل على الشخصية والعقل المسلمين .. وعلى الفرد المسلم الذي تكون عبر العصور وورث عبء التاريخ الثقيل
مقتبس من كتاب البوصلة القرآنية للدكنور أحمد خيري العمري دار الفكر دمشق
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jun 2006, 11:28 م]ـ
جاء في كلام الأستاذ عزام عز الدين، في السطر التاسع عشر قوله: (ما هي التربة التي رأى الله عز وجل أنها صارت خصبة مُعدة لاستقبال حكمة النبوة ومسؤولية الرسالة) قلت: ما تحته خط يفيد أن رؤية الله لهذه التربة تحققت بعد أن صارت خصبة، وهذا يُشعر نفي رؤيته سبحانه لها قبل أن تصير خصبة، تعالى الله علوا كبيرا، كان الأوْلى أن تكون العبارة هكذا: (ما هي التربة التي أعدها الله وجعلها خصبة لاستقبال النبوة ومسئولية الرسالة) وبالله التوفيق.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[19 Jun 2006, 04:00 ص]ـ
السلام عليكم
عبارة" رأى انها صارت مهيئة" لا تدل ابدا على نفي الرؤية كما تفضلت اخي الكريم، و لا ادري كيف يخطر ذلك في بال اي احد،تستطيع ان تقول ان ذلك يعني انه الوقت المناسب و كان الله يعرفه مسبقا و قد رأى انه ازف ... مع جزيل الشكر و الاحترام(/)
"سَحَابٌ مَرْكُومٌ"
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[18 Jun 2006, 08:33 م]ـ
استشكل علي في تفسير الآية:
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)}
قال ابن جرير:"القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)}
يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء المشركون قطعا من السماء ساقطا، والكِسْف: جمع كِسفة، مثل التمر جمع تمرة، والسِّدر جمع سِدْرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (كِسَفًا) يقول: قِطعا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا) يقول: وإن يروا قطعا (مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) يقول جلّ ثناؤه: يقولوا لذلك الكِسْف من السماء الساقط: هذا سحاب مركوم، يعني بقوله مركوم: بعضه على بعض.
وإنما عنى بذلك جلّ ثناؤه المشركين من قريش الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات، فقالوا له: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا) ... إلى قوله (عَلَيْنَا كِسَفًا) فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن ير هؤلاء المشركون ما سألوا من الآيات، فعاينوا كِسَفا من السماء ساقطا، لم ينتقلوا عما هم عليه من التكذيب، ولقالوا. إنما هذا سحاب بعضه فوق بعض، لأن الله قد حتم عليهم أنهم لا يؤمنون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة يقولوا (سَحَابٌ مَرْكُومٌ) يقول: لا يصدّقوا بحديث، ولا يؤمنوا بآية.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) قال: حين سألوا الكِسْف قالوا: أسقط علينا كِسْفا من السماء إن كنت من الصادقين; قال: يقول: لو أنا فعلنا لقالوا: سحاب مركوم"
الذي استشكل علي كيف يقولوا سحاب مركوم بعدما يروا العذاب؟ راجعت العديد من التفاسير وجدت الاتفاق على ان الكسف متعلقة بالعذاب.
اذ هم قالوا:"أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا "
فتذكرت هذه الآية:"فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ "
فهل مركوم تدل على شدة السواد؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jun 2006, 10:52 م]ـ
أصل الرَّكْم - لغة -: جمع شيء فوق آخرمن جنسه أو من جنس آخر؛ حتى يصير رُكاما، ولا يعني ذلك أن التراكم يفضي إلى السواد بالضرورة بل قصارى ما يحدثه أن يحجب ما وراءه عن الرؤية مهما كان لون الأشياء المتراكمة، فالعبرة بلون الأشياء المتراكمة فما كان من السواد فيصيربالتراكم أشد سوادا، وما كان من الصفرة فيصير بالتراكم شديد الصفرة وهكذا. وما نراه بالمشاهدة أن السحاب المركوم هو مظنة الإمطار، فهكذا يبلغ عناد الكفار وثقتهم بالأمان أن الكِسْفَ - في رؤيتهم القاصرة - ما هو إلا تهديد ثم يبلغ بهم الأمل أن يفسروا الكسف بالسحاب المتراكم الآتي بخير، ويغفلون عن أن التهديد قد يكون عقوبة على وجه اليقين، فتصرفهم الغفلة عن إدراك الحقيقة إلى حياة الهزل أينما ساروا حتى يأخذهم العذاب بغتة وهم لاعبون، وعندئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، كالذي ألمَّ بفرعون فقيل له لما أعلن إيمانه وقد حاق به الموت: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، هذا ما بدا من تتبع أقوال المفسرين، وبالله التوفيق.(/)
تسمية تفسير الفخر الرازي بين: (مفاتيح الغيب) و (التفسير الكبير)
ـ[صالح صواب]ــــــــ[19 Jun 2006, 08:37 ص]ـ
الإمام محمد بن عمر الرازي، الملقب بالفخر الرازي، المتوفى سنة 606هـ، علم من أعلام التفسير، له كتابه المتميز في تفسير القرآن الكريم، ذلك الكتاب الذي هو غني عن التعريف، ولا يستغني عنه طالب العلم.
إلا أننا نجد اختلافا في تسمية هذا الكتاب، فمن العلماء من يسميه: (مفاتيح الغيب)، ومنهم من يسميه: (التفسير الكبير).
وقد تساءلت كثيرا، هل سمى كتابه بهذين الاسمين، أم أنه سماه بأحدهما، وما الاسم الصحيح لهذا الكتاب؟
أولا: حاولت البحث في كتاب المؤلف؛ فلم أجد إشارة إلى تسمية الكتاب، فلم يذكر في مقدمته أنه سماه باسم معين، ولو ذكر لنا ذلك لكان فاصلا في تسمية الكتاب.
ثانيا: عدت إلى عدد من كتب التراجم فوجدت في بعضها ما يلي:
قال الداوودي في طبقات المفسرين: "صنف التفسير الكبير في اثني عشر مجلدا سماه فتوح الغيب أو مفاتيح الغيب".
وقال حاجي خليفة في كشف الظنون: "مفاتيح الغيب هو المعروف بالتفسير الكبير للامام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى سنه 606 ست وستمائة".
وفي "أبجد العلوم" للقنوجي: "والفخر الرازي أكثر كلاما من هؤلاء في علوم التفسير، ولكن قال أهل التحقيق في حق كتابه مفاتيح الغيب: فيه كل شيء إلا التفسير وقد بحث في تفسيره هذا عن كل شيء لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها".
وقال السيوطي في طبقات المفسرين: "وله التفسير الكبير، والمحصول في أصول الفقه ..... ".
وخلاصة الأقوال السابقة:
1 - نص الداودي على أن الفخر الرازي سمى كتابه: (فتوح الغيب أو مفاتيح الغيب).
2 - ذكر حاجي خليفة أن (مفاتيح الغيب) هو المعروف بالتفسير الكبير.
3 - ذكر القنوجي أن اسم الكتاب (مفاتيح الغيب).
4 – أما السيوطي فقد قال: (له التفسير الكبير).
ويمكن القول بناء على ما سبق ..
إن اسم كتاب الفخر الرازي هو (مفاتيح الغيب).
أما (التفسير الكبير) فهو – في رأيي – وصف للكتاب بكونه تفسيرا كبيرا، وهو شبيه بما يقال في حق كثير من المفسرين: (له: تفسير القرآن)، أو (تفسير القرآن العظيم)، أو (تفسير القرآن الكريم)، وكل هذه لا تعتبر أسماء للكتاب المشار إليه.
وبخاصة أن كتاب الفخر الرازي تفسير كبير حقا، ولا أعلم من كتب قبله تفسيرا بالرأي بمثل هذا الحجم الكبير، فلعل من أشار إليه بهذا الاسم أراد الوصف، دون الاسم.
وأمر آخر جال في خاطري، ولا أدري إن كان هناك ما يثبته أو ينفيه .. وهو:
هل يمكن القول إن بعض العلماء والباحثين قد تحرجوا من اسم (مفاتيح الغيب)، لأن مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا الله تعالى فاختاروا (التفسير الكبير) – وإن كان وصفا – لكون أسلم وأبعد عن هذا الإشكال؟ هذا احتمال أراه قويا، ولكن لم أقف عليه.
وخلاصة الأمر – فيما أراه – أن اسم كتاب الفخر الرازي: (مفاتيح الغيب)، وإنما سمي (التفسير الكبير) باعتباره وصفا له، أو تحرجا من تسميته بمفاتيح الغيب.
وآمل من إخواني ومشايخي الكرام أن يطرحوا ما يفيدني ويفيد غيري في هذا، لإثراء الموضوع وكمال الفائدة ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Oct 2006, 04:30 ص]ـ
جزاكم الله خيراً يا دكتور صالح على هذه اللفتة العلمية حول تفسير الرازي. وما تفضلتم به وجيه، وتعدد عناوين الكتاب الواحد ظاهرة معروفة في التراث الإسلامي كما تعلم. وتعليلكم تحرج بعض العلماء من تسميته بمفاتيح الغيب فيه طرافة فجزاكم الله خيراً.
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Oct 2006, 06:52 ص]ـ
جزاكم الله خيراً د/صالح على هذا البحث الممتع،لكن أتطفل وأطلب منكم بحثاً مثله في الدقة والاختصار حول:
1 - هل الكتاب كله للرازي؟
2 - إن صح القول -وأراه صحيحاً- بأنه لم يكمله؛فأين المقدار الذي وقف عنده الإمام رحمه الله.
وكل عام وأنتم بخير.
ـ[السائح]ــــــــ[23 Oct 2006, 10:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وكل العام وأنتم بخير وهناء.
أخي الجكني، هل اطلعت على بحث الشيخ عبد الرحمان المعلمي - رحمه الله تعالى - حول تفسير الرازي، فقد وفّى المقام حقه، وهو مطبوع ضمن مجموع تولّت نشره المكتبة المكية سنة 1417، وجاء بحثه النفيس في 34 صحيفة.
ـ[الكشاف]ــــــــ[23 Oct 2006, 11:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عيدكم مبارك جميعاً.
هذا هو البحث الذي يعنيه الأخ السائح للمعلمي رحمه الله أرفقته لكم إن لم تطلعوا عليه من قبل.
ـ[الكشاف]ــــــــ[23 Oct 2006, 11:22 ص]ـ
وهذا موضوع فيه فوائد حول الموضوع أيضاً وجدته في الملتقى
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1584
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[23 Oct 2006, 12:27 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.
قالوا عن تفسير الإمام الرازي -رحمه الله -
من الرازي كتاب الله فافهم **** ومنه النور خذ فالليل أظلم
ولكن لي كلام فيه فانظر **** أنحيا بالفؤاد و ما تضرم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[23 Oct 2006, 09:41 م]ـ
بحث الشيخ المعلمي بحث رائع انتهى منه الى أن شيخين قد أكملا تفسير الرازي هما الخويي معاصره ورجل آخر متأخر عنه هو القمولي، وقد حقق الكثير من الفوائد مما يجعل بحثه لا يستغنى عنه، وخلاصته:
أن القسم الأول وهو من أول التفسير إلى أخر سورة القصص جرت فيه الطريقة الأولى، وأن القسم الثاني وهو من أول تفسير العنكبوت إلى آخر تفسير يس جرت فيه الطريقة الثانية، ثم عادت الطريقة الأولى من أول تفسير الصفات إلى آخر تفسير الأحقاف، فهذا قسم ثالث، ثم رجعت الطريقة الثانية من أول سورة القتال إلى آخر تفسير الواقعة فهذا قسم رابع، ثم عادت الطريقة الأولى في تفسير الحديد والمجادلة والحشر فقط، فهذا قسم خامس، ثم رجعت الطريقة الثانية من أول تفسير سورة الممتحنة إلى آخر تفسير سورة التحريم، إلا أنه يتبين فيه الاستعجال وترك التدقيق، ويكاد يقتصر فيه على الأخذ من تفسير الواحدي والكشاف، فهذا قسم سادس، ثم عادت الطريقة الأولى من أول تفسير الملك إلى آخر القرآن، فهذا قسم سابع.
ولا ريب أن القسم الأول من تصنيف الفخر والطريقة الأولى طريقته إذن فالقسم الثالث والخامس والسابع من تصنيفه، وهذا مطابق للنصوص المتقدمة تحت قولي: "ثانياً .. " فإن تلك النصوص كلها في هذه الأقسام.
أي أن الأصل من هذا الكتاب وهو القدر الذي هو من تصنيف الفخر الرازي وهو من أول الكتاب إلى آخر تفسير سورة القصص، ثم من أول تفسير الصافات إلى آخر تفسير سورة الأحقاف، ثم تفسير سورة الحديد والمجادلة والحشر، ثم من أول تفسير سورة الملك إلى آخر الكتاب، وما عدا ذلك فهو من تصنيف أحمد بن خليل الخويي، وهو من التكملة المنسوبة إليه، فإن تكملته تشمل زيادة على ما ذكر تعليقاً على الاصل، هذا ما ظهر لي. والله أعلم.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[23 Oct 2006, 11:10 م]ـ
بارك الله في الجميع على الفوائد الجمة وهو لا شك يعد من الكتب المهمة
لكن ينبغي التنبيه على مسألة ليست هي ما تتكلمون عنه لكن من الظروري برأيي الحديث عنها وهي منهج مؤلفه في الصفات فهو على طريقة المتكلمين المخالفة لأصول اعتقاد السلف الصالح
ولمعرفة منهج المؤلف انظر بيان تلبيس الجهمية لشيخ الإسلام بن تيمية
والله يرعاكم
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[24 Oct 2006, 02:37 م]ـ
بارك الله في الجميع على الفوائد الجمة وهو لا شك يعد من الكتب المهمة
لكن ينبغي التنبيه على مسألة ليست هي ما تتكلمون عنه لكن من الظروري برأيي الحديث عنها وهي منهج مؤلفه في الصفات فهو على طريقة المتكلمين المخالفة لأصول اعتقاد السلف الصالح
ولمعرفة منهج المؤلف انظر بيان تلبيس الجهمية لشيخ الإسلام بن تيمية
والله يرعاكم
أخي الكريم
عيدك مبارك وكل علم وأنت بخير
أخي الطيب أنا أحب الغوامد كثيرا
ولكن ثمة شيء أحب أن أخاطب إخواني في المنتدى من خلالك
نريد أن لا نتدخل في قضية العقيدة ومسألة الصفات
وبعبارة أخرى أكثر وضوحاً
توجد منتديات متخصصة للرد على الناس فيما يخص مسألة الصفات والسلف والطحاوي وابن تيمية وابن عبدالوهاب
ونحن هنا في المنتدى لمناقشة علوم التفسير وليس لتصنيف الناس من حيث موافقة أحد هؤلاء أو مخالفته
ستقول لي لماذا؟
فأجيبك بأننا إذا لم نقيد أنفسنا بما أدعو إليه هنا فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة
وسنختلف فيما بيننا بناء على إساءات فهوم
وسنحجب الثقة عن خير كثير لدى علماء أعلام خدموا القرآن وتفسيره بأعمارهم
إن علم التفسير أخي الكريم هو جزء من علم الدلالة العام لأنه محاولة لفهم معاني كتاب الله تعالى
ومراتب المعنى تدخل فيها علوم لغوية وهي أمس العلوم بها وتاريخية تتناول إطار السياق اللغوي وما جاوره وهو علم أسباب النزول
لكن إذا أخضعنا منتدانا المبارك لوجهة نظر معينة في فهم آيات الصفات ولم نعد مخالفيها مجتهدين فإننا نحكم على منتدانا بالموت ونطرد من هم أولى منا بخدمة الدين من حظيرة المقبولين
لذلك أيها الإخوة الكرام
أرجوكم بمحبة أن ننأى بأنفسنا عن إقحام قضية الصفات والخلاف فيها في المنتدى لأن لها منتدياتها الخاصة
ودمتم سالمين
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[24 Oct 2006, 05:12 م]ـ
الأخ الكريم صالح صواب
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع، وإن كنت لا أسلم لك قولك ((ولا أعلم من كتب قبله تفسيرا بالرأي بمثل هذا الحجم الكبير))
فقد قيل إن الرازي في تفسيره قد استفاد كثيراً من تفسير أبي الحسن الأشعري الذي سمي بالمختزن وقيل إنه في ثمانين مجلداً، وهناك غيره الكثير ممن سبق الرازي ولكن تفاسيرهم لم تصل إلينا أو في حكم المفقودة
والله أعلم
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[24 Oct 2006, 07:00 م]ـ
بداية تقبل الله منا ومنك
ثم قولك نريد أن لا نتدخل في قضية العقيدة ومسألة الصفات
فهذا غير مقبول برأيي وذلك لكون مسألة العقيدة والصفات لها ارتباط وثيق بعلم التفسير وعلوم القران
يمكن أن نقول: أن التفصيل الطويل والردود والمخالفات هي التي ليس هذا القسم من المنتدى موضعها نعم
أما التنبيه باختصار بالشكل الذي ذكرته أنا فهو من الواجبات، والتي لا يحق للمسلم السكوت عنها.
لماذا التنبيهات في العقيدة لا ينبغي الكلام فيها والتنبيهات الأخرى لابأس، أليس الخطأ العقدي أعظم خطراً
أذكر ونحن في الجامعة كان الدكتور الذي يعلمنا التفسير وعلوم القران ينبهنا دائماً لعقيدة السلف في الصفات وينبهنا إلى بعض الأخطاء الواقعة في بعض الكتب، ككتاب السيوطي الإتقان ولم يحجب عن ذلك الكتاب القيم أو غيرها
فالتنبيه الخارج عن المراد الخاص ولو كان خارجاً عن المراد الخاص فلا بأس بذكره، كيف وهو جزء لا يتجزأ منه
والذين يتعلمون الأدب والبلاغة من كتب الجاحظ، لا بد أن يتنبهوا إلى طريقة المذكور في العقيدة حتى لا تزل أقدامهم والله المستعان
مع أن علومهم أدب وبلاغة وليست صفات وعقيدة
ووالله إني أذكر أحد الأساتذة الذين كانوا يدرسوننا علم البلاغة في دروس المحسنات البديعية وفي درس المشاكلة أنه حذرنا من خلل عقدي دخل من ذلك الباب البلاغي
فهذا من الواجبات والتي لا تبرأ ذمة أهل العلم بالسكوت عنها
وقد روي عن البربهاري أنه قال: " أهل البدع كالعقارب التي تدفن نفسها في الرمال وتخرج شوكتها " أو نحوه
" ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة "
فالسني لا يغفل عن أعظم أسلحته وهي عقيدة السلف الصالح
ثم النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء فيجيب عنه وعن غيره كما في ماء البحر لما سئل عن طهارته فقال: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته "
فلا ضير من التنبيه عن أمر له علاقة من قريب أو بعيد
وقولك:
وسنحجب الثقة عن خير كثير لدى علماء أعلام خدموا القرآن وتفسيره بأعمارهم
ليس لازماً حجب الثقة عن الخير الذي عند العلماء فهذا الشيخ بن باز رحمه الله تعالى ينبه على الأخطاء في العقيدة والصفات في فتح الباري ولم يكن ذلك حجب لما في الفتح ففيه من العلوم التي لا يمكن لطالب العلم أن يغفل عنها وبقية جلالة وفضل المصنف وصاحبه. وما نحن ببعيدين عن تنبيهات الشيخ البراك وهي منقولة في هذا المنتدى
لكن التنبيه مهماً، فالعقيدة وسلامتها أولى من أي شيء، ولو افترضنا افتراض غير وارد حجب ثقة عن كتاباً مهماً ككتاب الفخر الرازي فهو أقل ضرر من خطأ البعض في العقيدة السليمة
وأما قولك:
إن علم التفسير أخي الكريم هو جزء من علم الدلالة العام لأنه محاولة لفهم معاني كتاب الله تعالى
ومراتب المعنى تدخل فيها علوم لغوية وهي أمس العلوم بها وتاريخية تتناول إطار السياق اللغوي وما جاوره وهو علم أسباب النزول
لكن إذا أخضعنا منتدانا المبارك لوجهة نظر معينة في فهم آيات الصفات ولم نعد مخالفيها مجتهدين فإننا نحكم على منتدانا بالموت ونطرد من هم أولى منا بخدمة الدين من حظيرة المقبولين
فهذا الكلام جيد، وربما يفهمه جيداً مشايخنا في هذا المنتدى أكثر منّي، لكن يجب أن تفهم أن الصفات ومعانيها جزء من علوم التفسير فكتاب الله مليء بصفاته وأسماءه
ولا شك أن علوم اللغة من أمس العلوم بالتفسير، لكن قد تقدم الحقيقة الشرعية على الدلالة اللغوية
(وإخضاع منتدانا المبارك لوجهة معينة في فهم الصفات، وعدم الاعتداد بالمخالفين وجعلهم مجتهدين)
لم أقل هذا، ولم أريده أصلحك الله
ولو أراده أحد فلن يحكم إن شاء الله بالموت على منتدانا المبارك
كل هذه الحمله عليّ لأجل التنبيه الذي ذكرته، يا أخي آسف إذا زعلتك في شيء
وأما موضوع تصنيف الناس فأنا أعتقد أن التصنيف أحياناً مهم، وانظر كتب:
الذين يردون على الناس الطحاوي وابن عبدالوهاب وابن تيمية ففيها تصنيف في موضعه
ونصيحتي لإخواني لا تنأوا بأنفسكم عن بيان عقيدة السلف فلربما كانت نجاتكم بين يدي ربكم بالذب عنها
وتقبل الله منا ومنكم
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Oct 2006, 02:55 م]ـ
التفسير بيان معنى كلام الباري سبحانه وتعالى، ومعظم آيات القرآن متعلقة بالأسماء والصفات؛ فإن أهمل هذا أو هون من شأنه، أو ترك أهل الكلام وما هم فيه من غير بيان لغلطهم = فهذا قبل كونه دمارا وجناية على عقيدة السلف الصالح = يعتبرا قتلا لعلم التفسير أيضا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Oct 2006, 05:08 م]ـ
أرى إعادة النظر في عبارة "ومعظم آيات القرآن متعلقة بالأسماء والصفات"؟؟
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Oct 2006, 05:20 م]ـ
أرى إعادة النظر في عبارة "ومعظم آيات القرآن متعلقة بالأسماء والصفات"؟؟
قد يكون في العبارة مبالغة، لكن يبقى موضوع الأسماء والصفات في القرآن هو الأكثر، وعليه فلا تأثير على أصل الاعتراض على كلام الدكتور الفاضل الصالح.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[27 Oct 2006, 07:41 م]ـ
بارك الله في الجميع
ولعل كلمة " متعلقة " من الشيخ عبدالرحمن السديس تجعل المراد صحيح
الاسم الرحمن والصفة الرحمه والمقتضى رحمة الخلق في تشريع الأحكام وغفران الذنوب
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Oct 2006, 07:58 م]ـ
أحكام الشريعةوخاصة مسائل "الإيمان" لا يقال فيها "لعل"
ـ[صالح صواب]ــــــــ[01 Nov 2006, 06:53 ص]ـ
شكر الله للجميع ...
وجزاكم الله خير الجزاء
ونفع بعلمكم ...
وأرى الموضوع قد خرج عن العنوان، وإنما أردت الاستفادة من إخواني ومشايخي في تحقيق اسم الكتاب، بما يفيد الباحث والمحقق والمدرس عند ذكر اسمه ... وأحسن الله إليكم جميعا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Nov 2006, 08:30 ص]ـ
ليته يتنبه إلى عدم إخراج النقاش عن الموضوع المطروح كما تفضل أخي ناصر الغامدي وفقه الله، فقد ذكر أمراً معروفاً للجميع، ولا علاقة له بالموضوع المطروح، وهذا أدب ينبغي التنبه له في الموضوعات الحوارية دوماً. لا تذكر نقطة لا علاقة لها بالموضوع المطروح ولو كانت مهمة في ذاتها كما هنا.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[02 Nov 2006, 01:35 ص]ـ
الشيخ الفاضل عبدالرحمن الشهري حفظه الله تعالى
أنا هنا اختلف معكم في كون الخروج من أصل الموضوع المطروح من أدبيات الحوار
ولكن جزاكم الله خيراً، وسوف إن شاء الله تعالى نجتنب إخراجكم في المرات القادمة عن الموضوع المطروح ونضع روابط صفحات أخرى إن شاء الله تعالى
والله يحفظ الجميع(/)
استخلاص الأحكام للقانع برواية قالون من الدرر للشيخ أحمد بن عثمان الشنقيطي
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 Jun 2006, 01:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
استخلاص الأحكام للقانع برواية قالون من الدرر للشيخ أحمد بن عثمان الشنقيطي
أقول بعد الحمد للرحمن ... منزلِ القرآن للتبيان
مع صلاته على الأمين ****من كان للقرآن ذا تبيين
وآله وصحبه الأبرار ... وكل تال بعدهم وقار
وبعد ذا فهاك لابن مينا ... قالون ما أرجوه أن يعينا
من وقتُه لمَّا يكنْ بواسع تحصيل ما في الدرر اللوامع
لكنه عند زوال الضرر لا بد من تجمل بالدرر
إذ قل من يكون ذا إحكام لما روى ورش من الأحكام
وربما مِلْتُ إلى ابن بري مكتفيا بنظمه في النزر
ولم أبيِّنْ آمن التباس لأنه مشتهر في الناس
وقد أزيد قاصد الإفادهْ في موضع يحتاج للزيادهْ
باب البسملة
عيسى بلا خلْف مع استثناء براءة بسمَل في الأثناء
واتفقت في الابتدا بالبسملهْ لغير توبة وجوه النقلهْ
باب ميم الجمع
وهو الذي من بعد همز القطع لم يك واصلا لميم الجمع
باب قصر هاء الضمير
وقَصَرَ الهاء لرعْي أصلهِ من نؤته، نولِّه ونُصله
يؤده وأرجه، يتقه ويأته بالخلف مع فألقه
باب المد
واقْصرْ له منفصلا بخلْف كقوله سبحانه ما أخفي
ولم يوسط غيرَ نحوِ سوفا ورَيْبَ وقفا معَ خلف يُلفى
باب الهمزتين من كلمة أو كلمتين وألف الإدخال عنه أخذا
في نحو ءاانتم ونحو أايذا
ونحو أالقي ولن يؤمه لدى ثلاثة وفي أئمه
وما إلى المفتوحتين قد أوى له "سنعْقِرُ شِمِلَّةً" حوى
وفي ها أنتم قد أتى بالمد وهمزه مسهل من بعد
وهاؤه من همز الاستفهام مبدلة على المقال السامي
وأسْقَط الأول من همزين منفتحين بين كِلمتين
وسهَّل الأولى من اثنتين بكسرتين أو بضمتين
كجاء أمرنا وهؤلاء إن وأولياء مع أولئك قُرِنْ
وأدْغَمَ النبي بالاحزاب وفي بالسوء إلا خلفهم بيوسف
باب تخفيف الهمز المبدل لورش
وخفف الفاء الذي قد أبدلا ورش كفأت وكذا مؤجلا
ونحو يوفون ويوقنونا موصدة بالهمز لن يكونا
وعين بئر بيس والذيب وما يبدلها إلا لدى بيس ما
وفي النسيء جا بأصل اللام وريًّا أبدل مع الإدغام
وهو في التخفيف لأهبا والئ أيضا ولئلا ذهبا
وأريت عنه ذو تسهيل مكان ما كان من التبديل
وما كإيت حال الابتداء يبدله كسائر القراء
لأنهم قد يبدلون الفاء إن سكنت من بعد همز جاء
باب النقل
ونقله لساكن لن يردا إلا بآلان معا أو في ردا
وهَمَزَ الواو بعادا الأولى من بعد ما نقله والأوْلى
لديه إن يبدأه بالأصل أي ترك نقله الذي في الوصل
والاسم لم يهمز له وأهمله لأن همز الوصل ليس في الصله
واحذر إذا ما جمعت حكمين كلمة جمع روايتين
كتوثرون وكما في الأعلى وما في الآخرة أيضا يتلى
باب الإظهار والإدغام
قد تتجلى للضاد أو للظاء والتاء للأخير ذو انجلاء
ونون ياسين ونون نونا مظهرتان للفتى قالونا
وبا يعذب دون خلف أَدْغَمَا واركب ويلهث في الذي قد اعتمى
باب الإمالة
أما الإمالة فقد يراها في جرف هار وذي كبراها
وقد حكى قوم من الرواة تقليل ها يا عنه والتوراة
باب الراء
والراءَ فخم فتحه وضمه وغير هذين فسو حكمه
والوقف بالترقيق فيه يجري من بعد ياء وممال كسر
وذو انكسار منه باتفاق في الوصل معدود من الرفاق
باب اللام
ورقق اللام سوى اللهمه واللهِ بعد فتحه أوضمه
باب ياء الإضافة
ياء الإضافة له مسكنه في تسعة وهاكها مبينه
وليؤمنوا بي، تؤمنوا لي، إخوتي ولي فيها من معي في الظلة
محياي، أوزعني معا وفي إلى ربي بفصلت خلاف فصلا
والأخذ بالفتح وبالإسكان قد أخذوا محياي عن عثمان
باب زوائد الياءات
والمحتوى الجامع للزوائد مفصل فلا تكن بحائد
فذا لقالون وذا مشترك وذا لورش وهنا قد يترك
وقف بحذفها سوى آتاني فعنده فيها روايتان
باب الفرش
وهْو وهْي مسكنين قد روى لعاطف واللام نحو لهوا
وقرية سكن راءه وفي باء البيوت الكسر عنه قد يفي
ثم لِيقطع ولِيقضوا سكَّنا ولْيتمتعوا وأوْ آباؤنا
والاختلاس وهو أن لا تُشبَعَا حركة الحرف لدى من قد وعى
في أربع وهي نعما وتعد وا ويهدي ويخصمون قد
وهاهنا وفيت بالمرام بحمد ذي الجلال والإكرام
عونا على تحصيل ذي الروايه مسهل الأخذ لذي البدايه
وأرتجي النفع به لناظر بعيني الرضا سليم الخاطر
إذا استفاد كان ذا دعاء وهو عن العيوب ذو إغضاء
وأن يكون خالصا لوجه من كان علي ذا تفضل ومن
صلى إلهنا على من تمما مكارم الأخلاق ثم سلما
وآله وصحبه ذو النهى ما أكمل العبد امتثال وانتها
تم بحمد الله
ـ[الجكني]ــــــــ[19 Jun 2006, 05:26 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبو عبد الله، وإن كان لي طلب فهو تعريف موجز بالمؤلف، حيث لي اهتمام ببحث أسميه (بحث العمر) أحاول فيه بيان (تراث الشناقطة) في علوم (القراءات)
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 Jun 2006, 06:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إليك هذا الرابط http://www.chadarat.com/OlomQoran.htm
ففيه الكتاب المذكور وغيره من تراث الشناقطة لأنه موقع مختص بهم إسمه (شذرا ت شنقيطية)
ورابطه: http://www.chadarat.com/ وفيه مجموعة أيضاً من أنواع العلوم كل فن منه تحت عنوان وتحته مجموعة عناوين من نفس الفن جزاهم الله خيراً على تلك الفهرسة الممتازة.(/)
من هو هذا الأزهري (رحمه الله)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jun 2006, 06:15 م]ـ
الشيخ (محمد محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز الأزهري) له مخطوطان في التفسيرأحدهما بعنوان (مسلسل عاشوراء) يقع في 7 لوحات والثاني (تفسير سورة القدر) ويقع في 8 لوحات ... وهما موجودان بنسخ أصلية بمكتبة الحرم النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام ..
فهل من مخبر بما يعرفه من خبر هذا الشيخ رحمه الله؟؟؟
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jul 2006, 04:14 م]ـ
هل من مجيب؟؟؟
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Jul 2006, 05:19 م]ـ
هو من مشايخ الأزهر المالكيين،توفي سنة (1232) له عدة رسائل تجدها في "ملتقى أهل الحديث " وكلها منقولة من مخطوطات الأزهرية 0
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jul 2006, 06:20 م]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا الكريم وبارك في علمكم ,ولكن هل له ترجمة في أي كتاب من كتب التراجم؟؟
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Jul 2006, 12:40 ص]ـ
له ترجمة في "هدية العارفين " هذا نصها:محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز الأزهري المالكي المغربي السنباوي ثم المصري المشهور بالأمير الكبير،ولد سنة 1154وتوفي بمصر سنة 1232من تصانيفه: إتحاف الأنس في الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس،والإكليل على مختصر الشيخ خليل،تفسير سورة القدر، ثمر التمام في شرح آداب الفهم والإفهام،حاشية على الأزهرية في النحو، حاشية على شرح الشذور لابن هشام، حسن الذكرى في شأن الإسرا، وهو حاشية على الإبتهاج للغيطي،رفع التلبيس مما يسأل به ابن خميس، ضوء الشموع، المجموع، كفاية المريد وغنية الطالب للتوحيد، المجموع في فقه المالكية، مطلع النيرين فيما يتعلق بالقدرتين 0 (1/ 638)
وله ترجمة أخرى في "معجم المطبوعات " أذكر ما لم يذكر سابقاٌ:"ارتحل مع والديه إلى القاهرة وهو ابن تسع سنين،وكان قد ختم القرآن على الشيخ المنير على طريقة الشاطبية والدرة وحبب إليه العلم،تصدر لإلقاء الدروس في حياة شيوخه، اشتهر فضله وشاع ذكره في الآفاق خصوصاً بلاد المغرب تأتيه الصلات من سلطان المغرب كل عام 0 (1/ 473) هذا ما وجدت عنه 0
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Jul 2006, 10:28 ص]ـ
عظم الله لكم الأجروالمثوبة على ما تفضلتم به وتكرمتم ,ونفعنا بعلمكم وجزاكم عنا بتحقيق رجاء الدارين والحماية من مكارههما ومخاوفهما إن ربي قريب مجيب الدعاء .... آمين(/)
(ان شانئك هو الابتر) تأمل فيها من خلال الواقع-كلام نفيس لشيخ الاسلام -
ـ[أريام]ــــــــ[20 Jun 2006, 07:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى (إن شانئك هو الأبتر)
من تأمل هذه الآية وطابق بينها وبين الواقع يرى أن هذه قاعدة ثابتة وهي: (من شنأ أبتر)
هذه الآية في شأن من أبغض رسول - الله صلى الله عليه وسلم - أو شيأ مما جاء به، فكل من أبغض رسول الله – صلى الله عليه وسلم –،أو بعض ما جاء به من الأوامر والنواهي فهو أبتر أي: مقطوع لايتولد عنه خير البتة
وعلى قدر بغضه لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - على قدر انقطاع الخير عنه
وذلك كمن يبغض تطبيق شرع الله أو يرده بسبب هواه أو مذهبه
وإذا قلبت النظر في أحوال الناس تجد ذلك واضحا إما بانقطاع الذكر الحسن أو انقطاع بر الأولاد أو قطع قلبه من أن يعي الخير أو قطع جوارحه عن الأعمال الصالحة أو عن تذوق حلاوتها إذا عملها، وذلك بسبب كرهه لتعاليم الإسلام،كمن يكره الصلاة، أو يكره الصيام،أو غيرها من الأركان،أو يكره حجاب المرأة الذي أمر الله به،أو يكره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وغيرها مما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – في العقائد، والعبادات.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " فانه سبحانه وتعالى بتر شانئ رسوله من كل خير فبتر ذكره وأهله وماله فيخسر ذلك في الآخرة وبتر حياته فلا ينتفع بها، ولا يتزود فيها صالحا لمعاده، ويبتر قلبه فلا يعي الخير ولايؤهله لمعرفته ومحبته والإيمان برسله، ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعة، ويبتره من الأنصار فلا يجد ناصرا ولاعونا، ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة فلا يذوق لها طعما ولا يجد لها حلاوة وان باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها
وهذا جزاء من شنا بعض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورده لأجل هواه، أو متبوعه، أو شيخه، أو أميره،أو كبيره "
وقال في موضع آخر:
" فالحذر الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو ترده لأجل هواك، أو انتصارا لمذهبك، أو لشيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات، أو بالدنيا، فان الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله، والأخذ بما جاء به، بحيث لو خالف العبد جميع الخلق واتبع الرسول ماسأله الله عن مخالفة أحد فان من يطيع أو يطاع إنما يطاع تبعا للرسول وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول ما أطيع فاعلم ذلك واسمع، وأطع واتبع، ولا تبتدع، تكن ابتر مردودا عليك عملك، بل لا خير في عمل ابتر من الإتباع ولا خير في عامله والله اعلم"
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[21 Jun 2006, 12:14 م]ـ
ومن دلالات إن شانئك هوالأبتر إنقطاع ذكر من وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لإعتقاده شماتة أن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم سينقطع لعدم وجود ابناء ذكور يخلدون ذكره فكان الوعد أن بقي ذكر الرسول صلى الله عليو وسلم لم ينقطع منذ وفاته ثانية واحدة بل يردده في آن واحد ملايين البشر فلاينقطع ذكره من المنابر والمنارات والساجد والبيوت والطرقات وكل مكان أما شانئة فانقطع ذكره حتى القران أبهمه
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 Jun 2006, 02:53 م]ـ
جزيت خيراً ...(/)
تفسير قوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع وفضل المساجد وحكم زخرفتها
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[20 Jun 2006, 11:54 ص]ـ
تفسير قوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع وفضل المساجد وحكم زخرفتها(/)
نَظَرَاتٌ فِي تَحْقِيقِ د. الخراط لكتاب (الدُّر المَصون في عُلومِ الكِتابِ المَكنونِ)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jun 2006, 01:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بحث علمي أعطانيه أخي الكريم الدكتور أبو مجاهد العبيدي أيام الاختبارات الماضية قبل أكثر من أسبوعين، ولا أدري كيف حصل عليه، ولعله أخذه من الدكتور الباحث الذي يعمل في كلية اللغة العربية بجامعة الملك خالد وفقه الله. فإلى البحث وشكر الله لأخي أبي مجاهد هذا البحث القيم.
[ line]
نَظَرَاتٌ فِي تَحْقِيقِ
(الدُّر المَصون في عُلومِ الكِتابِ المَكنونِ)
للسَّمينِ الحَلَبيِّ
للدكتور / أحمد مُحمَّد الخرَّاط
للدكتور
مُحَمَّد حُسَيْن عَبْد العَزِيزِ المَحْرَصَاوِي
مستل من مجلة
كلية اللغة العربية بالقاهرة
العدد الثالث والعشرون
1426هـ 2005م
رقم الإيداع (2836) لسنة (2005م)
مطبعة عباد الرحمن
المقدمة
الحمدُ لله الذي فضَّلنا باللسانِ العربيِّ والنبيِّ الأُمِّيِّ الذي آتاه اللهُ جوامعَ الكَلِمِ، وأرسله إلى جميعِ الأُمَمِ، بشيرًا ونذيرًا وسِراجًا مُنيرًا، فدمغ به سلطانَ الجهالةِ، وأخمد به نيرانَ الضلالةِ حتى آض الباطلُ مقموعًا، والجهلُ والعَمَى مردوعًا، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه والتابعينَ ومَنْ سلَكَ طريقَه إلى يومِ الدينِ.
وبعدُ ...
فإنَّ النقدَ فنٌّ صعبٌ وطويلٌ سُلَّمُه، إذا ارتقى فيه مَنْ لا يعلمُه زلَّتْ به إلى الحضيضِ قدمُه.
قال أحدُ النقادِ: «للنقدِ على العلمِ فضلٌ يُذكرُ، ومِنَّةٌ لا تُنكرُ، فهو الذي يجلو حقائقَه، ويُميطُ عنه شوائبَه، بل هو روحُه التي تنميه، وتدني قطوفَه مِنْ يَدِ مجتنيه، وإذا أُبيح النقدُ في أمة واستحبَّه أبناؤها، وعُرضت عليه آثارُ كُتَّابِها، كان ذلك قائدًا لها إلى بحابح المدنية , وآيةً على حياة العلم فيها، الحياة الطيبة التي تتبعها حياة الاجتماع وسائر مقومات الحضارة والعمران.
وقد بدأ مؤلفو العربية وكتابُها يشعرون بفوائدِ النقد وما يعود عليهم من ثمراته الشهية، فأخذوا يعرضون آثارهم على النقّاد، ويطلبون منهم تمحيصَها وبيانَ صحيحِها مِنْ فاسدها» ([1]).
والأمرُ ـ كما قال الأستاذ / إبراهيم القطان ـ أنَّ: «النقدَ موضوعٌ شائكٌ، ومرتقًى صعبٌ، ولكنه مهمٌّ جدًّا وضروريٌّ؛ لأنَّه بحثٌ عن الحقيقةِ، وردّ الأمورِ إلى نصابِها، ولكنَّ قولَ الحقِّ في غالبِ الأحيان لا يُرضي، ومتى أرضتِ الحقيقةُ جميعَ الناسِ؟ والنقدُ الهادفُ البنَّاءُ الذي يُثيرُ الحقَّ والخيرَ شيءٌ عظيمٌ، وخدمةٌ جلى للمجتمعِ ... » ([2]).
يقولُ الدكتور / عبد المجيد دياب: «ومِن الغريب حقًّا أنْ يدَّعيَ (سنيوبوس) أنَّ نقدَ التحقيقِ أسلوبٌ حديثٌ في البحث، وأنَّ الشرقيين وأهلَ العصورِ الوسطى لم يفطنوا إليه، ولم يستخدموه.
ولا ريبَ أنَّه كان يجهلُ ما قدَّمه دارسو الحديثِ مِنْ خِدماتٍ في النقدِ الخارجي (التحقيق)، وما وضحه ابنُ خلدون مِن ضرورةِ هذا النقدِ» ([3]).
إنَّ النقدَ فنٌّ عربيٌّ أصيلٌ موجودٌ عند علمائنا القدامى، فكان منهم مَنْ ينقدُ، ومنهم مَنْ يردُّ النقدَ وينتصِرُ للمنقودِ، ومنهم مَنْ يستدركُ، ومنهم مَنْ يُخَطِّئ:
فها هو ذا المبردُ ينقدُ سيبويه في كتابِه: (مسائل الغلط).
وابن ولاد يردُّ على المبرد في كتابِه: (الانتصار لسيبويه على المبرد).
والزبيدي يؤلفُ كتابَه: (الاستدراك على سيبويه في كتاب الأبنية).
والسيرافي يؤلفُ كتابَه: (فوائت كتاب سيبويه مِنْ أبنية كلام العرب).
والفارسي يؤلفُ كتابَه: (الأغفال فيما أغفله الزجاج في المعاني).
وعلي بن حمزة البصري يؤلفُ كتابَه: (التنبيهات على أغاليط الرواة).
والأسود الغندجاني يؤلفُ عدةَ كتبٍ في مجالِ النقدِ، منها:
(إصلاح ما غلط فيه أبو عبد الله النمري في معاني أبيات الحماسة).
(ضالة الأديب في الرد على ابن الأعرابي في النوادر التي رواها عن ثعلب).
(فرحة الأديب في الرد على ابن السيرافي في شرح أبيات سيبويه).
(قيد الأوابد في الرد على ابن السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق).
(نزهة الأديب في الرد على أبي علي الفارسي في التذكرة).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأبو عبيد البكري يؤلفُ كتابَه: (التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه).
وابن السِّيد يؤلفُ كتابَه: (الحُلَل في إصلاح الخَلَل مِنْ كتاب الجُمَل).
وابن الطراوة يؤلفُ كتابَه: (الإفصاح ببعض ما جاء مِن الخطأ في الإيضاح).
وابن هشام اللخمي يؤلفُ كتابَه: (الردّ على الزبيدي في لحن العوام).
وابن بري يؤلفُ عدةَ كتبٍ في مجالِ النقدِ، منها:
(التنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح).
(اللباب للردِّ على ابن الخشاب في ردِّه على الحريري).
(غلط الضعفاء مِن الفقهاء).
وابن مضاء القرطبي يؤلفُ كتابَه: (الردّ على النحاة).
وغير ذلك كثير.
ومِن هؤلاءِ النقادِ القُدامى مَنْ كان مُتحلِّيًا بما يجبُ أنْ يتحلَّى به الناقدُ مِن الإنصاف، ودعمِ رأيه بالدليل.
يقولُ أبو عُبيد البكري: «هذا كتابٌ نبَّهتُ فيه على أوهام أبي عليّ ـ رحمه الله ـ في أماليه، تنبيهَ المُنصفِ لا المتعسفِ ولا المعاند، محتجًّا على جميعِ ذلك بالشاهدِ والدليلِ؛ فإنِّي رأيتُ مَنْ تولَّى مثلَ هذا مِن الردِّ على العلماء، والإصلاحِ لأغلاطِهم، والتنبيهِ على أوهامِهم، لم يعدِلْ في كثيرٍ مما ردَّه عليهم، ولا أنصف في جُمَلٍ مما نسبه إليهم ... » ([4]).
فيجبُ أنْ يتحلَّى الناقدُ «بروح الإنصاف التي تتجلَّى في النقدِ البنَّاء بعيدًا عما نقرؤه مِنْ غثاءِ النقدِ، الذي لا يكادُ يخرجُ عن أحدِ موقفين:
موقف التحيز؛ حيث يُكالُ المديحُ جزافًا دون حسابٍ على مبدأ:
وعينُ الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ........................... ([5])
أو موقف التحيف؛ حيث يُصَبُّ الهجاءُ اعتباطًا دون أنْ يقتصرَ على الأثرِ الأدبي، بل يتجاوزه إلى تجريحِ المؤلِّفِ والنيلِ منه ... ، في أسلوبٍ أبعد ما يكون عن الموضوعية واللباقة الاجتماعية» ([6]).
وصدق الله العظيم إذ قال:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {[المائدة/8]، وقال أيضًا:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا {[الأحزاب/70].
ويجبُ أنْ يتصفَ الناقدُ بالتواضعِ، وألا يغترَّ بنفسِه ونقدِه، وأنْ يعتقدَ أنَّ قولَه صوابٌ يحتملُ الخطأ، وقول غيرِه خطأ يحتملُ الصوابَ ([7])، وأنْ يكونَ الحقُّ بغيتَه أينما كان.
حُكِي عن الإمام الشافعي قولُه: « ... ما ناظرتُ أحدًا قطُّ إلا أحببتُ أنْ يُوفَّقَ ويُسدَّدَ ويُعانَ ويكونَ عليه رعايةٌ مِن الله وحفظٌ، وما ناظرتُ أحدًا إلا ولم أبالِ بيَّنَ اللهُ الحقَّ على لساني أو لسانه» ([8]).
فالناقدُ يجبُ أنْ يتصفَ بالتواضع والنزاهة في نقده، وهذا ما تحلَّى به كثيرٌ مِن النقاد المحدثين.
والنقدُ يجبُ أنْ يتحلَّى بما يتحلَّى به الحوارُ مِنْ أدبٍ، فلا يكون فيه تسفيهٌ لعقلِ المؤلفِ وجورٌ عليه أو ازدراءٌ لآرائه واستهزاءٌ بأحكامِه أو وصفٌ بالغفلة، أو هجاؤه وتجريحُه أو غضٌّ مِنْ قدرِه ... إلخ.
فكما يوجدُ أدبٌ في الحوارِ يجبُ أيضًا أنْ يوجدَ أدبٌ في النقد.
ومِن الجهود التي ظهرتْ في ميدان النقد في العصر الحديث ([9]):
ـ الاستدراك على المعاجم العربية، للدكتور / محمد حسن جبل.
ـ بحوث وتحقيقات، للعلامة / عبد العزيز الميمني، أعدها للنشر / محمد عُزير شمس، تقديم/شاكر الفحام، مراجعة/محمد اليعملاوي.
ـ بحوث وتنبيهات، للأستاذ العلامة / أبو محفوظ الكريم المعصومي، نشر باعتناء الدكتور / محمد أجمل أيوب الإصلاحي.
ـ تحقيقات وتنبيهات في معجم لسان العرب، للأستاذ / عبد السلام محمد هارون.
ـ تعقيبات واستدراكات لطائفة من كتب التراث، للشيخ/ حمد الجاسر.
ـ التنبيهات والاستدراكات، للدكتور / علي بن سلطان الحكمي.
ـ رُؤًى نقدية في تحقيقاتِ كُتبٍ تراثيةٍ، للدكتور / محمد حُسين عبد العزيز المحرصاوي.
ـ شفاء الغليل فيما فات محققِّي (العين) للخليل، للدكتور / علي إبراهيم محمد.
ـ عثرات المنجد في الأدب والعلوم والأعلام، للأستاذ / إبراهيم القطان.
ـ على مرافئ التراث، للدكتور / أحمد محمد الضبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ فوات المحققين، للدكتور / علي جواد الطاهر.
ـ قراءات نقدية، للدكتور / يوسف حسين بكار.
ـ قطوف أدبية، دراسات نقدية في التراث العربي حول تحقيق التراث للأستاذ / عبد السلام محمد هارون.
ـ (القول الشافِ في تتميم ما فات محققَ الارتشافِ، الدكتور / رجب عثمان محمد)، للدكتور / محمد حُسين عبد العزيز المحرصاوي.
ـ كتب وآراء، للدكتور / محمد بن سعد بن حسين.
ـ مع المصادر في اللغة والأدب، للدكتور / إبراهيم السامرائي.
ـ معجم الفصيح في ميزان النقد المعجمي، للدكتور / علي إبراهيم محمد.
ـ ملاحظات واستدراكات على كتاب (ديوان الردة)، للدكتور / محمود عبد الله أبو الخير.
ـ نظرات في (المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية، للدكتور / إميل بديع يعقوب) للدكتور/ محمد حُسين عبد العزيز المحرصاوي.
هذا بالإضافة إلى أنَّ بعضَ المجلاتِ ذاتِ الطابعِ الثقافي ([10]) كمجلة الثقافة، والرسالة، والكتاب، والعصور، وعالم الكتب، والمقتطف، والمنار، والأستاذ والمورد العراقيتين، ومجلتي مجمعي اللغة العربية بالقاهرة، ودمشق، ومجلة معهد المخطوطات العربية، وكذلك بعض الصحف كصحيفة البلاغ اليومية، والأسبوعية، والمصري، والدستور، والسياسة الأسبوعية قد أفسحت المجالَ لبعضِ النقاد ليكتبوا على صفحاتها نقدًا للكتب المنشورة، ومنهم: أحمد راتب النفاخ، والشيخ / أحمد محمد شاكر، والأب / أنستاس ماري الكرملي والأستاذ / السيد أحمد صقر، والأستاذ / عبد السلام محمد هارون، والأستاذ / محمد بن تاويت التطواني، والدكتور / محمد رفعت فتح الله والدكتور / محمد مصطفى هدارة، والشيخ / محمود محمد شاكر، والأستاذ / مصطفى جواد.
هذا بالإضافة إلى النقد الأدبي الذي تولى زمامَه: الدكتور / طه حسين، والأستاذ / عباس محمود العقاد , والدكتور / محمد غنيمي هلال، والدكتور / محمد مندور، والدكتور / ناصر الدين الأسد، وغيرُهم.
وقد كان للنقدِ الأمينِ البنَّاءِ الذي لا يُثيرُ حقدًا أو يستثيرُ حفيظةً أو يُوغرُ صدرًا أو ينطوي على أشياءَ شخصيةٍ، أثرٌ كبيرٌ في ازدهارِ النهضةِ العلميةِ التي ظهرتْ في ميدان التحقيقِ والتأليفِ والنشرِ والترجمة.
وقد كان لهذا النقدِ الذي يُقصَدُ به خدمةُ العلمِ أثرٌ واضحٌ في المساعدةِ على الإجادةِ، وعلى مَحْوِ العبثِ الذي تقومُ به بعضُ دورِ النشرِ التِّجارية.
أما عدمُ النقدِ العلميِّ ففيه إخلالٌ بالأمانةِ العلميةِ.
ومِنْ بابِ الأمانةِ العلمية تناولتُ في هذا البحثِ هذا الكتابَ: (الدُّر المَصون في عُلوم الكتاب المكنون) لأحمدَ بنِ يُوسُفَ المعروف بالسَّمين الحلبي، المُتَوَفَّى سنة ستٍّ وخمسين وسبعمائة، وهو مِنْ كُتبِ التفسير التي عُنيت بالجانبِ اللغوي.
والحقُّ أنِّي لا أجدُ في تقديم هذا الكتابِ أفضلَ مما قاله مؤلفُه عنه: «وهذا التصنيفُ في الحقيقةِ نتيجةُ عمري وذخيرةُ دهري؛ فإنَّه لُبُّ كلامِ أهلِ هذه العلومِ» ([11]).
فقد بذل فيه صاحبُه مِن الجهد ما يُحمَدُ عليه، فجمع فيه أكثرَ ما في عيون كتب التفسير كـ (معاني القرآن) للأخفش، والفراء، و (معاني القرآن وإعرابه) للزجاج، و (إعراب القرآن) للنحاس، و (المحرر الوجيز) لابن عطية، و (الكشاف) للزمخشري، و (البحر المحيط) لأبي حيان، وغير ذلك من كتب التفسير ذات الطابع اللغوي، وكذلك كتب القراءات كـ (الحجة) للفارسي، و (الكشف عن وجوه القراءات السبع) لمكي، بالإضافة إلى الكتب النحوية، كل ذلك مع التنظيم والتنسيق، والأمانة العلمية في عزو الأقوال إلى أصحابها، وظهور الشخصية في الترجيح، والردِّ، والتضعيف لما يذكره مِنْ آراء.
وقد حظي هذا الكتابُ باهتمامِ الباحثين والمحققين.
فمِن الدراسات التي تناولت هذا الكتاب:
ـ اعتراضات السمين الحلبي النحوية والتصريفية في كتابه (الدر المصون) على أبي البقاء العكبري في كتابه (التبيان في إعراب القرآن) للباحث / التلبدي محمد ـ رسالة ماجستير، كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1409هـ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ اختيارات السمين الحلبي في كتاب (الدر المصون) دراسةً وتقويمًا للباحث / محمد عبد الصمد خبير الدين، ونال بها درجة الماجستير كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1417هـ).
ـ اعتراضات السمين الحلبي النحوية للزمخشري في (الدر المصون) جمعًا ودراسةً وتقويمًا، للباحث/ عبد الله بن عيسى الجعفري، ونال بها درجة الماجستير ـ كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1417هـ).
ـ مسائل علم المعاني في كتاب (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) للسمين الحلبي، دراسةً وتقويمًا، للباحث/صالح أحمد عليوي، ونال بها درجة الماجستير ـ كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1418هـ).
ـ مسائل البيان في كتاب (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) للسمين الحلبي، للباحث / هارون المهدي ميغا، ونال بها درجة الماجستير ـ كلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1419هـ).
ـ اعتراضات السمين الحلبي في (الدر المصون) على أبي حيان دراسة نحوية صرفية، للباحث/عبد الله بن عبد العزيز الطريقي ونال بها درجة الدكتوراه ـ كلية اللغة العربية، الجامعة الإسلامية (1420هـ).
ـ مسائل التصريف عند السمين الحلبي من خلال كتابيه: (الدر المصون، وعمدة الحفاظ) دراسة وتقويم، للباحث/ عبد الواحد بن محمد بن عيد الحربي ـ كلية اللغة العربية، الجامعة الإسلامية، سجلت للماجستير في (1419هـ).
ـ بين الصناعة النحوية والمعنى عند السمين الحلبي في كتابه (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) للباحث / محمد عبد الفتاح أبو طالب حسن، ونال بها درجة الماجستير، كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة.
ـ التوجيهات النحوية للقراءات الشاذَّة في (الدر المصون) للسمين الحلبي، جمعًا ودراسةً، للباحث / إبراهيم سالم الصاعدي، سُجِّلت للدكتوراه في (1422هـ).
ومِن الدراسات التي تناولتْ صاحبَ الكتاب:
ـ السمين الحلبي وجهوده في النحو العربي، للباحث/محمد موسى عبد النبي موسى، ونال بها درجة الماجستير ـ كلية دار العلوم، جامعة القاهرة (1993م).
أما بالنسبة إلى تحقيق الكتاب ففيما يأتي بيان بأسماء محققيه:
ـ حققه مِنْ أول القرآن إلى نهاية سورة المائدة الباحث/أحمد محمد الخراط، ونال بهذا التحقيق درجة الدكتوراه ـ كلية الآداب، جامعة القاهرة (1977م).
ثم حقق الكتاب كاملاً وأصدره في أحدَ عشرَ جزءًا، وطبعه في دار القلم بدمشق: ج 1، 2 (1406هـ 1986م)، ج 3، 4 (1407هـ 1987م)، ج 5، 6 (1408هـ 1987م)، ج 7 (1411هـ 1991م)، ج 8، 9 (1414هـ 1993م)، ج 10 (1414هـ 1994م)، ج 11 (1415هـ 1994م).
ـ حققه مِنْ أول سورة الأنعام إلى آخر سورة التوبة الباحث / محمد عاشور محمد حسن، ونال به درجة الدكتوراه ـ كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة.
ـ حقق الجزء الرابع الباحث / مصطفى خليل مصطفى خاطر، ونال به درجة الدكتوراه ـ كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر.
ـ حققه مِن أول سورة طه إلى آخر سورة المؤمنون الباحث / جاد مخلوف جاد، ونال بها درجة الماجستير، كلية الدراسات الإسلامية.
ـ وحققه من أول سورة يونس إلى آخر سورة مريم، الباحث / ماهر عبد الغني كريم، ونال بها درجة الدكتوراه ـ كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر بالقاهرة (1987م).
ـ حققه الشيخ / علي محمد معوض، والشيخ / عادل أحمد عبد الموجود، والدكتور / جاد مخلوف جاد، والدكتور / زكريا عبد المجيد النوتي، وقدم لهذا التحقيق الدكتور / أحمد محمد صيرة.
وقد صدر هذا الكتاب في ستة أجزاء عن دار الكتب العلمية، بيروت (1414هـ 1994م).
وقد قام الدكتور/ جمال طلبة، بإعداد فهارسه في الجزء السابع (1416 هـ 1995 م)، وصدرت الفهارس عن الدار نفسها.
وهذه الطبعة عليها غبار، وقد دار حولها كلام، وأثيرت حولها منازعات، ويكفي أنْ تُراجِعَ ما كتبه الدكتور / أحمد محمد الخراط في خاتمة طبعته 11/ 493 بعنوان (سلام على التراث ـ قراءة في أوراق فضيحة علمية) ([12]).
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد كاد الرجلُ يبكي دمًا مما حدث له مِنْ بعض الذين اتفقت معهم دار الكتب العلمية ببيروت على إخراج هذا الكتاب، وكان مما قاله: « ... سلامٌ على التراث، حين يصبحُ العملُ فيه بضاعةً تِجاريةً وادعاءً وزورًا وكسبًا حرامًا. أُصِبتُ بالذهول والوجوم لِما آل إليه عصرُنا مِن السرقة الفاضحة الفاقعة في النهار الواضح، السرقة التي لا يسترُها سترٌ ويستهينُ معها أصحابُها بالمؤسسات العلمية والجامعات ومراكز البحث. كتاب مطبوع منتشر، أجزاؤه الأولى رسالة دكتوراه في جامعة القاهرة، يُغارُ عليه بالسلب والنهب بمثل هذه الوقاحة، وذلك الاستلاب الجريء ... » ([13]).
لذلك نغضُّ الطرفَ عنها لما فيها مِنْ ... .
ونتوجهُ بالنظرات والاستدراكات إلى طبعة الدكتور/ أحمد محمد الخراط، التي التزم فيها صاحبُها المنهجَ العلميَّ في التحقيق، ولكنَّ الكمالَ لله وحدَه، والعصمةَ لنبيِّه بعدَه، وهذه النظراتُ والاستدراكاتُ لا تُعَدُّ شيئًا مذكورًا بجانبِ هذا العملِ العلميِّ الضخمِ الجادِّ المتميزِ الذي استطاع فضيلتُه أنْ يقومَ به وحدَه.
والنظرات في هذا الكتاب تنقسم قسمين:
1 ـ نظرات خاصة.
2 ـ نظرات عامة.
أولاً ـ النظرات الخاصة، وتشتملُ على ما يأتي:
تصحيف وتحريف وزيادة في النص المُحَقَّقِ.
عدم مناقشة السمين الحلبي ـ أحيانًا ـ فيما يذكره.
مناقشة المحقق في بعض الأمور.
نظرات تخص توثيق الآراء.
نظرات تخص الأحاديث.
نظرات تخص التراجم.
نظرات تخص الأبيات الشعرية، وتشتمل على:
أبيات ذكر أنه لم يهتدِ إلى قائلها.
أبيات ذكر أنه لم يهتدِ إلى تتمتها.
أبيات لم يشر في التعليق عليها إلى تعدد قائليها.
أبيات ذكر أنه لم يقف عليها.
الخطأ في توثيق بعض الشواهد.
الخطأ في كتابة بعض الأبيات وضبطها.
متفرقات.
تكرار بعض تعليقات المحقق.
الخطأ في بعض الإحالات.
بعض الأخطاء الطباعية.
ثانيًا ـ النظرات العامة.
ثم بعد ذلك الخاتمة.
ثم فهرس أهم المصادر والمراجع.
وأخيرًا فهرس محتويات البحث.
وبعدُ ...
فأسألُ الله العليَّ القديرَ أنْ أكونَ قد وُفِّقتُ في عرضِ هذه النظرات، وأنْ ينورَ بصائرَنا بأنوارِ الهداية، ويجنبَنا مسالكَ الغواية، ويرشدَنا إلى طريقِ الصواب، ويرزقَنا اتباعَ السنةِ والكتاب، وأنْ يَكْفيَنا شرَّ الحُسَّادِ، وألا يفضحَنا يومَ التَّنادِ، بِمَنِّه وكَرَمِه؛ إنَّه أكرمُ مسئولٍ وأعظمُ مأمولٍ؛ لا ربَّ غيره، ولا مأمول إلا خيره؛ إنَّه نعم المولى ونعم النصيرُ وبالإجابة جديرٌ.
وآخرُ دَعْوَانا أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين.
وصلَّى اللهُ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وصَحبِه وسلَّمَ،،،
الدكتور
مُحَمَّد حُسَيْن عَبْد العَزِيزِ المَحْرَصَاوِي
---الحواشي ---------
([1]) من مقال لأديب متنكر نشر في مجلة المنار، المجلد التاسع 1/ 66 ـ غرة المحرم 1424هـ = 24 فبراير 1906م.
([2]) عثرات المنجد ص 9.
([3]) تحقيق التراث العربي ص 96.
([4]) التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه ص 15، طبع مع ذيل الأمالي والنوادر للقالي، وانظر أيضًا سمط اللآلي في شرح أمالي القالي 1/ 4.
([5]) صدر بيت من الطويل، وعجزه:
............................... ولكنَّ عينَ السُّخط تُبدى المساويا
وهو للشافعي في ديوانه ص 111، تح. د / خفاجي، وورد منسوبًا إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله الجعفري في الأغاني 12/ 250، وثمار القلوب ص 327.
([6]) من كلام الدكتور/ عبد القدوس أبو صالح، محقق ديوان (يزيد بن مفرغ الحميري) ص 247، في رده على الدكتور / أحمد محمد الضبيب، الذي نقد الأول في نشرته لديوان (يزيد بن مفرغ الحميري)، ونشر نقده لهذا الديوان في كتابه (على مرافئ التراث) ط دار العلوم بالرياض (1401هـ 1981م).
([7]) انظر التعريفات للجرجاني ص 147، وحاشية ابن عابدين 3/ 508، وإرشاد النقاد لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ص 17، وأبجد العلوم 2/ 402.
([8]) انظر صفة الصفوة لأبي الفرج 2/ 251، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 53، وفيض القدير 3/ 90.
([9]) رتبت هذه المؤلفات ترتيبًا هجائيًّا.
([10]) انظر قطوف أدبية ص 3.
([11]) الدر المصون 1/ 6.
(يُتْبَعُ)
(/)
([12]) هذا المقال قد نشرتْه ـ كما ذكر في 11/ 508 ـ صحيفة المدينة، في ملحق التراث يوم الخميس 12 من شوال 1414هـ = 24 من مارس 1994م، العدد 11315.
([13]) الدر المصون 11/ 494.
[ line]
للاطلاع على البحث كاملاً بحواشيه ومصادره ..
نَظَرَاتٌ فِي تَحْقِيقِ (الدُّر المَصون في عُلومِ الكِتابِ المَكنونِ) للسمين الحلبي / تحقيق الخراط ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=967)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jun 2006, 02:01 م]ـ
جاء في البحث السابق:
[ـ حققه الشيخ / علي محمد معوض، والشيخ / عادل أحمد عبد الموجود، والدكتور / جاد مخلوف جاد، والدكتور / زكريا عبد المجيد النوتي، وقدم لهذا التحقيق الدكتور / أحمد محمد صيرة.
وقد صدر هذا الكتاب في ستة أجزاء عن دار الكتب العلمية، بيروت (1414هـ 1994م).
وقد قام الدكتور/ جمال طلبة، بإعداد فهارسه في الجزء السابع (1416 هـ 1995 م)، وصدرت الفهارس عن الدار نفسها.
وهذه الطبعة عليها غبار، وقد دار حولها كلام، وأثيرت حولها منازعات، ويكفي أنْ تُراجِعَ ما كتبه الدكتور / أحمد محمد الخراط في خاتمة طبعته 11/ 493 بعنوان (سلام على التراث ـ قراءة في أوراق فضيحة علمية) ([12]).
فقد كاد الرجلُ يبكي دمًا مما حدث له مِنْ بعض الذين اتفقت معهم دار الكتب العلمية ببيروت على إخراج هذا الكتاب، وكان مما قاله: « ... سلامٌ على التراث، حين يصبحُ العملُ فيه بضاعةً تِجاريةً وادعاءً وزورًا وكسبًا حرامًا. أُصِبتُ بالذهول والوجوم لِما آل إليه عصرُنا مِن السرقة الفاضحة الفاقعة في النهار الواضح، السرقة التي لا يسترُها سترٌ ويستهينُ معها أصحابُها بالمؤسسات العلمية والجامعات ومراكز البحث. كتاب مطبوع منتشر، أجزاؤه الأولى رسالة دكتوراه في جامعة القاهرة، يُغارُ عليه بالسلب والنهب بمثل هذه الوقاحة، وذلك الاستلاب الجريء ... » ([13]).
لذلك نغضُّ الطرفَ عنها لما فيها مِنْ ... .]
وهذا رد المحققين على مقال الدكتور الخراط:
(اقتضت حكمة الله تعالى التفاوتَ والاختلاف بين الناس {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين} [هود: 118].
والاختلاف والتفاوت قد يكون فى القدرات العقلية أو في طريقة التفكير؛ وهذا من شأنه أن يجعل الحكم على الأشياء يختلف من إنسان إلى آخر، وبخاصة فى مجالات العلوم والثقافة، التى تقتضى من الباحثين والدارسين والمحققين الاجتهاد؛ حتى يتطور العلم وينضج، وإلا لظل راكدًا لا يتقدم.
وتراثنا العلمى يحتاج منا إلى جهود وجهود، ومهما اجتهد المجتهدون، وثابر المحققون فى إخراج هذا التراث ودراسته وتحقيقه، فسوف يظل محتاجًا إلى دراسة وتحقيق، ولأن السابق لا يمكن أن يستوفى كلَّ جوانب هذا التراث الرائع، نجد للكتاب الواحد من كتب التراث أكثرَ من تحقيق.
ونحن، وإن كنا نؤمن بأهمية قراءة التراث القراءة العميقة الواعية، حتى ولو أدت بنا إلى الاختلاف مع الآخرين، إلا أننا نكره التنازع والتناحر والفرقة؛ لأن هذا يؤدى – كما قال الحكيم العليم سبحانه – إلى الفشل {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} [الأنفال: 46].
أليس من الأولى – بدل كيل الاتهامات والتجريح – إسداء النصح بالمعروف، فإن وجدتم تقصيرًا كان التنبيه عليه من باب: المؤمن مرآة أخيه، ومن باب: الدين النصيحة؟!
أليس من الأجدر بنا التكامل فيما بيننا من باب {وتعاونوا على البر والتقوى}!
إن ما قام به الإخوة الأفاضل لا يعدو أن يكون إلا اتباعًا للهوى، ورغبة فى التظاهر بالفهم وسعة العلم، وهو ضرب من التخرص والكذب والكبر، والنصوص الشرعية مانعة من هذا، وهو مما لا يخفى على أى مسلم من عوام الأمة، فضلاً عن طلاب العلم.
وواضح من كلام الإخوة أن سلطان العصبية البغيضة - وهو واحد من معاول الهدم لهذه الأمة - قد تملكهم وغطى على أبصارهم وقلوبهم، فلم ينظروا بعين الأخوة والترابط العلمى، الذى يجب أن يسود جو الأمة، بدل الطعن والتجريح.
وإنّا لنشتَمُّ من كلام هؤلاء الإخوة رائحةَ الحسد والحقد المستحكميْنِ، وما نود أن يكون ذلك بين المسلمين؛ لأنه مما ينهى عنه الإسلام الحنيف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد، فإن كنتم – أيها الإخوة – تريدون الحق، ولا أظنكم تريدونه بعدما قدمتم من طعن وتجريح واتهام- إن كنتم تريدون الحق فاسمعوا إلى ما نقول:
إن ما قلتموه عن كتاب ((الدر المصون)) هو نقل بدون تريث أو علم بأساس الموضوع؛ وذلك أن الدكتور الخراط الذى أساء وتعدى وتجاوز بما لا يحق له – كان قد نشر من تحقيق الكتاب من أوله إلى سورة الأنعام، وتم نشر هذا الجزء فى الوقت الذى كنا نقوم فيه بتحقيق الكتاب، وقمنا – بحمد الله وفضله – بتحقيق الكتاب ونشره كاملاً من أوله حتى آخر سورة الناس، فكيف - إذن – نكون قد اعتمدنا على تحقيق الدكتور الخراط؟! وإذا كنا قد اعتمدنا عليه فى الجزء الذى قام بتحقيقه ... فهل اعتمدنا عليه فيما لم يكن حققه بعد؟! أليس هذا ضربًا من الوهم والتخرص؟
نحن لا ننكر رجوعنا إلى الدكتور الخراط فى الجزء الذى حققه حتى سورة الأنعام، وهذا ليس عيبًا؛ فإنه مما يقتضيه المنهج العلمى الصحيح؛ إذ من الواجب على اللاحق أن يفيد من السابق، وأن يبنى عليه، وإلا لتوقفت حركة العلم عن التطور.
ومع رجوعنا إلى الدكتور الخراط فى الجزء الذى حققه، فإنه لا يمكنه الزعم أن تحقيقنا منقول عنه، أو حتى معتمد عليه؛ إذ يظهر الفارق الكبير بين تحقيقنا وتحقيقه لمن يطالع التحقيقين بعين الإنصاف، فضلاً عن أن الجزء الأكبر من الكتاب لم يكن حققه الدكتور الخراط، ولم نسبق إلى تحقيقه، وإن ادعى الدكتور الخراط أنه ما رجع إلى تحقيقنا فيما لم يكن حققه من الكتاب فقد جانبه الصواب.
وتوجُّهنا إلى تحقيق كتابٍ نُشِرَ منه جزء أو أجزاء لا يعيبنا فى شىء؛ وذلك لأمور، منها:
أولاً: من الناحية القانونية، ليس هناك حظر على تحقيق الكتب التراثية ونشرها؛ فقد قررت المحاكم فى أحكامها ذلك، إلا ما كان من حقٍّ فى هوامش التحقيق التى تتضمن تعليقات وحواشىَ يضيفها المحقق إلى الكتاب، وتحقيق الدكتور الخراط لكتاب ((الدر المصون)) يكاد يكون خاليًا من هذه الهوامش.
ثانيًا: ومن الناحية الشرعية: لو كان اعتماد اللاحق على السابق والإفادة منه والنقل عنه محرمًا، لما فعل سلفنا الصالح ذلك، وهم أسوتنا وقدوتنا؛ فكثير من كتب أهل العلم ينقل بعضها عن بعض، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك بنقل فصول كاملة دون عزو، ونضرب على ذلك مثالاً واحدًا:
ابن القيم ذلكم العالم الجليل، الذى اتفقت الأمة على إمامته، نقل فصولاً كاملة فى كتابه ((بدائع الفوائد)) عن كتاب ((نتائج الفكر)) للسهيلى، ودون عزو ... فهل يجيز لنا ذلك أن نطعن ونجرح فى ابن القيم؟ وهل فعلنا نحن ما فعل ابن القيم، فأخذنا نص كتاب ((الدر المصون)) ونسبناه إلى أنفسنا؟ وهل كتاب ((الدر المصون)) للسمين الحلبى أم للدكتور الخراط، حتى يكون مقصورًا تحقيقه ونشره على الدكتور الخراط وحده؟!
إن كتب التراث مباحة لكل أحد، وليست مقصورة على شخص دون شخص، وإن كل ما فعلناه فيما يخص تحقيقه أننا رجعنا إلى الدكتور الخراط وأفدنا منه فى الجزء الذى حققه، وليس هذا مما يعيب المحقق كما أشرنا.
ثالثًا: كتاب ((الدر المصون)) – فى حقيقته – ما هو إلا اختصار لكتاب ((البحر المحيط))، ومعنى هذا أن نصه لا يشكل عبئًا كبيرًا على المحقق الممارس فى ضبطه؛ ذلك لتيسر الرجوع إلى كتاب ((البحر المحيط)) الذى هو أصله، والاعتماد عليه فى الضبط والتدقيق.
يضاف إلى هذا أن ((الدر المصون)) يعد أحد الكتب التى اعتمد عليها ابن عادل فى تفسيره الكبير المسمى بـ ((اللباب فى علوم الكتاب)) وهو عشرون مجلداً بتحقيقنا ومشاركة الأستاذين:
الدكتور / محمد سعد رمضان حسن.
والدكتور / محمد متولى الدسوقى.
كلّ برسالته الجامعية فى الجزء الذى حققه من الكتاب. ونشر بهذا التحقيق لأول مرة.
ومعنى هذا أن نص ((الدر المصون)) ليس غريبًا علينا، ويتيسر لنا تحقيقه وضبطه فى سهولة ويسر.
رابعًا: قامت بعض الهيئات العلمية بتحقيق كتب شرعت هيئات أخرى فى تحقيقها، ونضرب لذلك مثالين:
1 - قام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بتحقيق الجزء الأول من ((تأويلات أهل السنة)) للماتريدى، ثم قامت بتحقيقه بعد ذلك وزارة الأوقاف العراقية، وذلك قبل حرب الخليج.
2 - قامت كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بتحقيق كتاب ((الذخيرة)) للقرافى ونشره، ثم قامت دار الغرب الإسلامى بطبعه ونشره بعد ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا أردنا أن نحصر من قام بتحقيق كتاب ثم أعاد التحقيقَ شخصٌ أو هيئة علمية لطال بنا المقام.
إن ما نحله الدكتور الخراط من قصائد فينا وفى ذمنا، ما أسهل علينا أن ننسج مثلها وأشد، لكن نبرئ ألسنتنا وأقلامنا ونبرئ أنفسنا عن فعل مثل هذا.
أما سؤال الشيوخ الأثبات فهؤلاء الشيوخ الأثبات فى نظر النقاد صاحب الكلمة: إما شيخ بيننا وبينه خلاف فى الطرح، وإما حاقد حاسد، وإما جاهل لا هَمَّ له إلا التظاهر بالعلم، وإما شيخ صاحب زعامة لا يقبل إلا من كان تحت قيادته.
وأما العضو سماحة فلا أجد من تعليق على ما قاله فى أول كلامه؛ لأنه أدنى من أكلف نفسى عناء التعليق عليه.
أما الكتب التى استشهد بها فى توثيق التراجم، فلا شك أن كتابًا كـ ((تهذيب الكمال)) لا بد أن يكون تحت أيدينا، وهو وغيره من كتب تراجم الصحابة، وكونك تجد بعض التوثيقات متفقة مع تهذيب الكمال؛ فهذا أمر طبيعى؛ لأن كتابًا كتهذيب الكمال يسرد فى توثيق الترجمة غالبَ ما وجد منها حول الاسم المترجم .. وليس بلازم علينا أن نأتى بكتب فى توثيق الترجمات لم يأت بها صاحب تحقيق ((تهذيب الكمال)).
ثم نود أن نطلع على عمل لك قمت فيه بتوثيق تراجم؛ حتى نتعلم كيف يكون توثيق الترجمة؛ فنحذو حذوك، وإذا لم يكن لك عمل فترجم لنا حتى نستفيد، ويستفيد أصحاب ((الملتقى)). أم هى السفسطة وإلقاء الكلام على عواهنه وحسب؟
وأما عن نسخ المخطوط، فليس بلازم أن نأتى بنسخ المخطوط كلها، ونحن لسنا ببدع، فقد سبقت هيئات إلى هذا الصنيع عند تحقيقها بعضَ الكتب التراثية، فاقتصرت فى أثناء تحقيقها على بعض نسخ المخطوط، كالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وأما عن الأخطاء، ففى بداية اشتغالنا بالتحقيق، لم يكن لدينا قسم يقوم على التصحيح والمراجعة اللغوية والكتابة على الحاسوب، فكنا نقوم بعملية التحقيق، ثم نسلم الكتاب للناشر؛ يقوم بكتابته على الحاسوب، وتصحيحه ومراجعته لغويًّا، فلسنا بمسئولين عما وقع فى كثير من الكتب التى قمنا بتحقيقها فى السنوات الأولى من عملنا من أخطاء.
أما السنوات الأخيرة فقد توفر لدينا قسم خاص بكتابة الأعمال على الحاسوب، وقسم لتصحيح الأعمال ومراجعتها، فمطالع الأعمال المتأخرة يجدها نادرة الأخطاء إلى حد الانعدام؛ وذلك أن الكتاب لا يخرج من تحت أيدينا إلا وقد روجع وصحح عدة مرات- من ثلاث إلى ست مرات -، ويقوم بعملية المراجعة والتصحيح متخصصون، لهم خبرة كافية فى هذا المجال؛ إذ لا نقبل للعمل لدينا إلا المتخصصين، وذلك بعد اختبار صارم، وفترة إعداد طويلة.
وتجدر الإشارة إلى أن عملنا فى التحقيق بدأ قبل عشرين عامًا، أى أننا لسنا بالمحدثين في هذا المجال، وقد زاول العملَ معنا أناسٌ كثيرون، بعضهم أثبت جدارته فاستمر، وبعضهم أبان عجزه فلم يستمر، وعمل معنا أناس حصلوا على شهادات علمية (ماجستير، ودكتوراه) وبعض هؤلاء لم يكونوا على المستوى المرجوِّ؛ مما اضطرنا إلى الاستغناء عنهم، وبعض هؤلاء يعلم الله بنياتهم، فأخذوا يتكلمون عنا وعن المكتب بما ليس فينا، لا يدفعهم فى ذلك إلا الحقد الأعمى الذى يضر أولَ ما يضر صاحبَه؛ لأنه فى النهاية لا يصح إلا الصحيح ((فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض)).
وفى النهاية نقول: من أراد ثناء علينا وعلى أعمالنا فليطالع قصيدة شعرية قالها فينا الأستاذ الدكتور إبراهيم على أبو الخشب، وقد كان أستاذا جليلا رحمه الله، وهى مسجلة فى رسالة علمية فى جامعة الأزهر، وكذا هناك أكثر من إجازة وثناء لو سردناه لطال بنا المقام.
ختامًا نعرض بعضًا من أعمالنا التى قمنا بتحقيقها، فلنا ما يقرب من ثلاثمائة كتاب، الكثير منها طبع لأول مرة، فلم يسبق أن طبع فى الأسواق حتى نأخذه ونسطو عليه من أحد، وإليكم بعضا من هذه الكتب:
أ * الكتب المؤلفة:
تاريخ التشريع الإسلامي. تأليف. ويقع في مجلدين. دار الكتب العلمية.
الزواج السعيد، أصول وآداب الحياة الزوجية. تأليف. مكتبة رجب. القاهرة.
أحكام النساء ـ تأليف. مكتبة رجب. القاهرة.
ب * الكتب المحققة:
العزيز شرح الوجيز للإمام الرافعي ـ دار الكتب العلمية. بيروت ويقع في اثني عشر مجلداً «نشر لأول مرة كاملاً».
اللباب في علوم الكتاب لابن عادل الحنبلي ـ ويقع في عشرين مجلداً. دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
(يُتْبَعُ)
(/)
أدب القضاء للغزى. المكتبة التجارية، مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
الجوهر النفيس فى سياسة الرئيس. المكتبة التجارية، مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
التحقيق للإمام النووي ـ مكتبة السنة. القاهرة «نشر لأول مرة».
المعالم فى أصول الفقه. مكتبة الكليات الأزهرية. «نشر لأول مرة».
التلخيص لابن القاص. المكتبة التجارية، مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة. عالم الكتب. بيروت. «نشر لأول مرة».
فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام ـ دار الكتب العلمية. «نشر لأول مرة».
التهذيب للإمام البغوي ـ دار الكتب العلمية. بيروت، «ينشر لأول مرة».
رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب ـ عالم الكتب بيروت «نشر لأول مرة».
شرح المعالم الأصولية لابن التلمساني ـ عالم الكتب. بيروت «نشر لأول مرة».
العقد المنظوم في الخصوص والعموم للقرافي- طبع دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم للعلائي. دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
الإفصاح فى عقد النكاح. دار القلم. حلب. «نشر لأول مرة».
الأشباه والنظائر لابن السبكي ـ دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
الكاشف فى شرح المحصول. دار الكتب العلمية «نشر لأول مرة».
الإشارة فى أصول الفقه. المكتبة التجارية. مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
البر والصلة لابن الجوزي ـ مكتبة السنة. القاهرة «نشر لأول مرة».
الاعتناء في الفرق والاستثناء ـ دار الكتب العلمية. بيروت «نشر لأول مرة».
زبدة الأسرار فى شرح مختصر المنار. المكتبة التجارية. «نشر لأول مرة».
شرح الحدود «لمصنفك» ـ دار الكتب العلمية. بيروت «نشر لأول مرة».
شرح نظم البديع فى مدح خير شفيع. دار القلم. حلب. «نشر لأول مرة».
نفائس الأصول شرح المحصول ـ المكتبة التجارية. مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
شرح مثل المقرب لابن عصفور ـ دار الكتب العلمية. بيروت «نشر لأول مرة».
الدرة الغراء فى نصيحة السلاطين والقضاة. المكتبة التجارية. مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
الإرشاد إلى ما وقع فى الفقه وغيره من الأعداد. دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
بحر العلوم للسمرقندي. دار الكتب العلمية. «نشر لأول مرة».
التعليقة للقاضي الحسين. المكتبة التجارية. مكة المكرمة. «نشر لأول مرة».
شرح التيسير في القراءات. دار الكتب العلمية. بيروت. «نشر لأول مرة».
الأم للإمام الشافعي ـ دار إحياء التراث. بيروت.
الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع. دار الكتب العلمية.
بداية المجتهد لابن رشد ـ دار الكتب العلمية.
الوجيز للغزالي ـ دار القلم بيروت.
المهذب للشيرازي دار المعرفة بيروت.
روضة الطالبين للإمام النووي ـ دار الكتب العلمية. بيروت.
الكافي في الفقه ـ دار الكتاب العربي. بيروت.
نيل الأوطار ـ دار الكتاب العربي. بيروت.
بدائع الصنائع ـ دار الكتب العلمية.
العدة على أحكام الإحكام للصنعاني ـ دار الكتب العلمية.
الجواهر الحسان فى تفسير القرآن. دار إحياء التراث. بيروت.
تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي ـ دار إحياء التراث. بيروت.
نهاية السول فى شرح منهاج الوصول. عالم الكتب. بيروت.
شرح روضة العقلاء ونزهة الفضلاء. المكتبة التجارية. مكة المكرمة.
المحصول فى علم الأصول. المكتبة التجارية. مكة المكرمة.
تهذيب الأسماء واللغات. دار النفائس. بيروت.
جامع العلوم والحكم. دار العبيكان. الرياض.
شرح الكافية الشافية لابن مالك. دار الكتب العلمية.
الحجة في القراءات السبعة لأبي علي الفارسي. دار الكتب العلمية.
سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي. دار الكتب العلمية.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب. دار الكتب العلمية.
السيرة النبوية لابن هشام. مكتبة العبيكان. الرياض.
الكشاف للزمخشري. مكتبة العبيكان. الرياض.
السيرة النبوية لابن كثير. عالم الكتب. بيروت.
نيل الوطر من تراجم رجال اليمن فى القرن الثالث عشر. دار الكتب العلمية.
كلمة شكر:
ونشكر الملتقى على أن أتاح لنا فرصة الرد على هؤلاء.
ولا نقول فى النهاية إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل.)
المصدر: موقع الشيخان للدراسات يرحب بكم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=145755&postcount=8)
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Dec 2006, 02:01 م]ـ
الحمد لله تعالى على نعمة "العقل " 0
يا ترى كم هي المدة الزمنية التي استغرقها تأليف هذه الكتب كلها؟؟؟؟؟(/)
تَحِيَّتُهُم يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[20 Jun 2006, 06:54 م]ـ
السلام عليكم
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:" تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا " (44) /الاحزاب.
في هذه الآية بيّن الله سبحانه وتعالى لنا اننا لا بد ان نلقاه وسوف يسلم علينا بتحية الاسلام, وفي هذا قال المفسرون:
النسفي:"قال أبو بكر: ما خصك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فنزلت {تَحِيَّتُهُمْ} من إضافة المصدر إلى المفعول أي تحية الله لهم {يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} يرونه {سَلَـ?مٌ} يقول الله تبارك وتعالى السلام عليكم {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} يعني الجنة.
وقال إبن عادل:" المعنى تحيةُ المؤمنين يَوْمَ يلقونه أي يرون الله سلام أي يسلم اللَّهُ عليهم ويسلمهم من جميع الآفات".
وقال القشيري في "لطائف الاشارات": التحيةُ إذا قُرِنَتْ بالرؤية، واللقاءُ إذا قُرِنَ بالتحية فلا يكون ذلك إلا بمعنى رؤية البَصَر.
والسلام خطاب يفاتح به الملوك إِخباراً عن عُلُوِّ شأنهم ورتبتهم، فإلقاؤه حاصِلٌ وخطابُه مسموعٌ، ولا يكون ذلك إلا برؤية البصر.
وقال إبن عجيبة:" (تحيتُهم) أي: تحية الله لهم، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله، {يوم يَلْقونه} عند الموت. قال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن، قال: ربك يُقرئك السلام. أو: يوم الخروج من القبور، تُسلِّم عليهم الملائكة وتُبشرهم. أو: يوم يرونه في الجنة، {سلامٌ} يقول الله تبارك وتعالى: " السلام عليكم يا عبادي، هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيت ما لم تُعط أحداً من العالمين. فيقول لهم: أعطيكم أفضل من ذلك، أُحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم أبداً " كما في البخاري. وفي رواية غيره: يقول تعالى: " السلام عليكم، مرحباً بعبادي الذين أرضوني باتباع أمري " هو إشارة إلى قوله: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} [الزمر: 73].
وقال إبن عاشور:" والتحية: الكلام الذي يخاطب به عندَ ابتداء الملاقاة إعراباً عن السرور باللقاء من دعاء ونحوه. وهذا الاسم في الأصل مصدر حيّاه، إذا قال له: أحْياك الله، أي أطال حياتك. فسمى به الكلام المعرب عن ابتغاء الخير للملاقَى أو الثناء عليه لأنه غلب أن يقولوا: أحياك الله عند ابتداء الملاقاة فأطلق اسمها على كل دعاء وثناء يقال عند الملاقاة وتحية الإِسلام: سَلامٌ عليك أو السلامُ عليكم، دعاء بالسلامة والأمن، أي من المكروه لأن السلامة أحسن ما يُبتغى في الحياة. فإذا أحياه الله ولم يُسلِّمه كانت الحياة أَلَما وشراً، ولذلك كانت تحيةُ المؤمنين يوم القيامة السلامَ بشارة بالسلامة مما يشاهده الناس من الأهوال المنتظرة. وكذلك تحية أهل الجنة فيما بينهم تلذّذاً باسم ما هم فيه من السلامة من أهوال أهل الناركما في قوله: {وتحيتهم فيها سلام} في سورة يونس (10).اهـ
ومن ألطف هذه اللطائف التفسيرية هو قول القشيري ,وذلك انه لا معنى للتحية بدون رؤية ,ولا عبرة ولا شأن للرؤية بدون تحية, فالتحية من الله عز وجل هنا لعظيم شأن وامر المؤمنين وتقديرًا لهم على حسن ايمانهم وإسلامهم وتبجيلاً للموقف بين يدي الواحد القهار.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[20 Jun 2006, 08:18 م]ـ
قال الراغب عن السلام إنه: (من الناس بالقول، ومن الله بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون في الجنة من السلامة) - انظر المفردات مادة (سلم) وفيها ص 422 الطبعة الثالثة بتحقيق عدنان صفوان داوودي - وعلى هذا يمكن تفسير المعنى على أن التحية التي يتلقاهم بها ربهم أنه سبحانه يمنحهم ما وعدهم به في الحياة الدنيا وزيادة. فلا يُراد لفظ السلام على هذا المعنى بل يُراد ما يفعله الله بهم من كل خير فيشمل السلامة والأمان وسائر النعم. والله أعلم وهو الهادي إلى الخير وحسن البيان.(/)
برنامج التأصيل العلمي بعد التعديل وجزاكم الله خيرا
ـ[البلقيني]ــــــــ[20 Jun 2006, 11:11 م]ـ
هذا هو البرنامج بعد التعديل وأسأل الله أن ينفع به وأن يجعله في موازين الحسنات يوم القيامة وقد أضفت فيه وحذفت وهذا حال البشر وقد أردفته ببرنامج مرتب على طلب بعض الأخوة وهو ليس حصرا على أحد وكل من أراد الإضافة فيه أو الحذف فله ذلك وجزى الله الجميع خيرا(/)
أبو السعود مفسراً
ـ[رحمة]ــــــــ[21 Jun 2006, 11:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظمة شأنه، وأصلي وأسلم على من لارسول ولا نبي بعده، سيدنا وحبيبنا المصطفى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين
وبعد
أخوتي في الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أكرمكم الله أرجو إرشادي لما كُتب عن تفسير أبي السعود فيما يتعلق بمنهجه في التفسير وما إذا كان قد حُقق أوأي دراسة أخرى كرسالة ماجستير أو دكتوراة وغير ذلك.
نفعنا الله بكم ونفع بكم الأمة جمعاء
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jun 2006, 01:21 م]ـ
من إفادات المشرف العام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة في الملتقى أنقل قوله:
من البحوث عن تفسير أبي السعود:
- منهجية أبي السعود في تفسيره (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) للأستاذ العربي شاوش. رسالة علمية.
- تفسير أبي السعود: طريقته في العمل بالرواية، ومنهجه في توظيف القراءات القرآنية. للأستاذ العربي شاوش. بحث نشر بمجلة دار الحديث الحسنية بالمغرب. العدد 15 تقريبا، عام 1419هـ.
__________________
أبو السعود ومنهجه في تفسيره (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) رسالة ماجستير للباحث بابكر البلولة محمد. قدمها عام 1409هـ لكلية أصول الدين بجامعة أم درمان بالسودان. وأشرف عليه الدكتور جمعة سهل. وتقع في 186 صفحة.اهـ
وأضيف إليه
عنوان الرسالة: الدخيل غب تفسير أبى السعود
الباحث: الأستاذ حسين محمد أبراهيم محمد
جنسية الباحث: مصر
الجامعة/الكلية/القسم: جامعة الأزهر / أصول الدين / التفسير
التخصص: التفسير وعلوم القرآن
عدد الأجزاء: 1
نبذة موجزة: عرض موجز للرسالة
– يتضمن:
أ- الباعث على إعدادها:
لما كان الخطأ المتناثر في كتب التفسير والمنسوب الى الموثوق بهم من علماء الاسلام يشكل أفدح العقبات أمام الباحثين والدارسين على حد سواء , تعين علينا التنبيه الى هذا الخطر الكامن في ثنايا الكتب , ومما يؤكد هذا الاتجاه , أن الدخيل أصبح من المنافذ التى ينفذ منها أعداء الاسلام لوضع سمومهم وبث أغراضهم ضد الاسلام , فلا غرو أن نكشف الغطاء عن تلك المشكلة حتى لا تصبح فخا يتصيد به أعداء الاسلام تلك العثرات التى صادفت بعض المسلمين عن حسن نية
ب- موجز لمحتوياتها:
الرسالة تشتمل على مقدمة , وبابين , وخاتمة
1 - المقدمة فيها تصوير لمشكلة الدخيل وأهمية التصدي لها
2 - الباب الاول: وفيه خمسة فصول
3 - الفصل الآول: عصر أبي السعود
4 - الفصل الثاني: حياة أبى السعود
5 - الفصل الثالث: تعريف الدخيل , ونشأته وتطوره
6 - الفصل الرابع: أسباب الدخيل , أشهر من عرف برواية الدخيل
7 - الفصل الخامس: عناصر الدخيل – أ- دخيل منقول ب- دخيل بالرأى الفاسد
8 - الباب الثاني: الدخيل وأقسامه في تفسير أبى السعود وفيه أربعة فصول
9 - الفصل الاول: الدخيل في قصص الرسل عليهم السلام ويتكون من عدة مباحث.
المبحث الاول: الدخيل في قصة آدم وحواء عليهما السلام
المبحث الثاني: الدخيل قصة نوح عليه السلام
المبحث الثالث: الدخيل في قصة هود عليه السلام
المبحث الرابع: الدخيل في قصة صالح عليه السلام
المبحث الخامس: الدخيل في قصة ابراهيم عليه السلام
المبحث السادس: الدخيل في قصة لوط عليه السلام
المبحث السابع: الدخيل في قصة شعيب عليه السلام
المبحث الثامن: الدخيل في قصة موسى عليه السلام
المبحث التاسع: الدخيل في قصة زكريا عليه السلام
المبحث العاشر: الدخيل في قصة عيسى عليه السلام
المبحث الحادى عشر: ما جاء في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم
المبحث الثاني عشر: ما روى من دخيل في عدد الانبياء
10 - الفصل الثاني: الدخيل في الغيبيات
11 - الفصل الثالث: الدخيل في الامور الواردة في أحوال الأمم , والافراد
12 - الفصل الرابع: الدخيل في الامور المشتملة على الوعد والوعيد وغيرهما
جـ- الإسهامات العلمية التي أضافتها في مجال التخصص:
إن تفسير أبى السعود المسمى "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم "
تفسير له وزنه في دقة تعبيره ودقة ملاحظاته في اللغة والبلاغة ومختلف العلوم , وهو مرجع هام للباحثين وطلاب المعرفة وقد عرف منه الناس اهتمامه بالبلاغة وظنوا خلوه من الدخيل ولكن الراوي لهذا التفسير يرى أن عدوى هذا الدخيل قد انتقلت إليه فالرسالة قد استخرجت الدخيل من تفسير أبى السعود ونقدته نقدا علميا مستخدمة في ذلك الادلة النقلية والعقلية
هل توجد مؤلفات أخرى , وما هي .. مع بيان نوع المؤلف كتاب , أو بحث , أو مقال .. ؟
1 - تأملات في سورة فصلت (كتاب)
2 - مباحث في علوم القرآن (كتاب)
3 - دراسات في علوم القرآن (كتاب)
الدرجة العلمية: دكتوراة
التقدير: مرتبة الشرف الأولى
المشرفون: الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم القيعي [البلد: مصر]
أستاذ بالكلية
المناقشون: الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم القيعي [البلد: مصر]
أستاذ بالكلية
الأستاذ الدكتور محمود بن الشريف [البلد: مصر]
الأستاذ الدكتور السيد دسوقي [البلد: مصر]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2006, 06:00 ص]ـ
وهناك إضافة لما تفضل بذكره أخي الكريم الشيخ عبدالله:
بحث بعنوان: منهج أبي السعود في تفسيره من خلال ما كتب عنه: عرض ومقارنة (مجلة الحكمة 1427هـ). للأخ فريد بن عبدالعزيز الزامل وفقه الله.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[31 Mar 2007, 01:57 ص]ـ
ولتفسير أبي السعود حاشية وحيدة تقع في أكثر من عشرين مجلدا ...
وهي عندي مخطوطة لا زلت أنهل من بحور علومها ...
صنفها نادرة زمانه: الشيخ عبد الله زيتونة.
اسمها: "مطالع السعود وفتح الودود على إرشاد أبي السعود"
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[31 Mar 2007, 07:32 ص]ـ
زيتونة (*)
(1081ـ 1138هـ)
وهو محمد بن عبد اللّه زيتونة، الفقيه المفسّر، أبو عبد اللّه المُنَستيري ثمّ التونسي، أحد كبار المالكية.
ولد بمُنَسْتير (1)، وتلقّى بها مبادئ العلوم، وأصيب بفقد بصره في صغره.
وارتحل إلى القيروان، فمكث بها نحو ثلاثة أعوام، وأخذ عن: محمد عظّوم، وعلي الغرياني، وأحمد البرجيني.
ثمّ رحل إلى تونس، وأخذ بها عن: محمد الحجيّج الأندلسي، ومحمد فتاتة، وسعيد الشريف،
وعبد القادر الجبالي، و محمد الغماري، ومحمد الغماد، وسعيد المحجوز، وغيرهم.
ومهر في عدة فنون.
ودرّس بجامع الزيتونة وبغيره.
وولي في سنة (1115هـ) مشيخة المدرسة المرادية.
وكان قد حجّ في سنة (1114هـ)، ومرّ بمصر، واجتمع بعلماء مكة والأزهر، ثمّ حجّ في سنة (1124هـ)،
وجاور بالمدينة، وأقرأ التفسير.
وعاد إلى تونس، ودرّس بها، وولي الخطابة بجامع باب البحر.
وقد أخذ عن المترجم وتخرّج به الكثير، منهم: محمد بن عمر سعادة المنستيري، ومحمد حمودة الريكلي الأندلسي التونسي، ومحمد بن عبد العزيز التونسي، ومحمد بن محمد عزوز، وأحمد رزوق بن طراد، وقاسم المحجوب المساكني التونسي، وأبو عبد اللّه محمد الشحمي.
وألف كتباً، منها: حاشية على تفسير أبي السعود العمادي تسمى مطالع السعود
وفتح الودود على تفسير أبي السعود، حاشية على «العقيدة الوسطى» للسنوسي، شرح «السلّم»
في المنطق، شرح خطبة الشرح المختصر للتفتازاني على «تلخيص المفتاح» في البلاغة،
شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث.
وله منظومة في المنطق سماها الجامعة، وكتابة على «الألفية» لابن مالك لم تكمل، وغير ذلك.
توفّي بتونس سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف.
-------------------------------------------
*: هدية العارفين2/ 312، شجرة النور الزكية 324 برقم 1267، الأعلام6/ 132، معجم المؤلفين10/ 215،
تراجم المؤلفين التونسيين2/ 437.
1 - موضع بين المهدية وسوسة بإفريقية. معجم البلدان5/ 209.
------------------------------------------
والكتاب مازال مخطوطا (بحسب علمي)
وهذا توصيف له من مركز الفيصل:
العنوان:
مطالع السعود وفتح الودود على إرشاد شيخ الإسلام أبي السعود.
اسم المؤلف:
زيتونة: محمد بن عبد الله، أبو عبد الله المالكي المُنَسْتِيْري الشريف (1081 - 1138ه).
بيانات الكتاب مخطوط،، وهو حاشية على تفسير أبي السعود جاوز بها نصفه.
المصادر هدية العارفين 2/ 312، فهرس الفهارس 457، كتاب العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين 186، الأعلام 6/ 132، معجم المؤلفين 3/ 439، معجم المفسرين 2/ 563، الفهرس الشامل (التفسير وعلومه) 753.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[31 Mar 2007, 09:17 ص]ـ
جزاكم الله تعالى كل خير على هذه البيانات المفيدة ...
نقلكم في بيان المخطوط: وهو حاشية على تفسير أبي السعود جاوز بها نصفه ... إن كان المراد أنه حشى على ما يزيد على نصف التفسير، فالواقع أنه قد أتمه. إلى سورة الناس. وقد صرح الشيخ زيتونة أن تأليف تلك الحاشية المتفردة دام 17 سنة. صنفها - أو أملاها! - بين تونس والمدينة المشرفة ومكة المكرمة. والله أعلم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[31 Mar 2007, 09:33 ص]ـ
أثابك الله خيرا ياأخي الفاضل أباعبيدة الهاني
ويعود الفضل لك في إثارتنا للتعريف بهذا العالم الجليل
ففتحت لنا آفاقا كانت مغلقة
وما قلته:
(وهو حاشية على تفسير أبي السعود جاوز بها نصفه)
هو نقل مما جاء في وصف المخطوطة
وأنا لم أطلع على المخطوطة
وسعادتكم ـ بما تفضلتم به ـ ولأنكم تملكون مخطوطة الكتاب
ليتك تلقي الضوء على هذا الكتاب، وتعرفنا به، وبمحتواه
وقيمته بين كتب التفسير
وجزاك الله خيرا
وجعله في صحائف أعمالكم
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[31 Mar 2007, 03:33 م]ـ
شكرا لك أخي الكريم مروان ...
في الواقع .. سبيلي الوحيد للتعريف بتلك الحاشية العجيبة، التي يعتبر صاحبها معجزة ربانية وآية نورانية، ويتحقق لك إدراك ذلك بمعرفة أنه كان فاقدا للبصر في سن مبكر، ثم الوقوف على تلك الحاشية التي تروي - في نظري - قصة التراث الإسلامي في علوم التفسير!! فقد نهل من جميع التفاسير المعتبرة وناقش ما لها وما عليها ... أضف إلى ذلك مباحث أصول الدين وأصول الفقة والفروع الفقهية والمباحث اللغوية و و و ... مما لا يحصيه إلا الله تعالى من العلوم ... أقول: سبيلي الوحيد للتعريف بتلك الحاشة تحقيق شرح خطبة أبي السعود التي تخرج لوحدها في مجلد في نحو 400 صفحة!!
فدعواتكم بالتوفيق ...
أما تحقيق كل الحاشية ... فيلزمها ثلة من العلماء الصالحين ممن يحملون هم إحياء التراث السني الإسلامي ... سيما القرإني ... مع كثير من الإخلاص والدقة والأمانة والصبر وغيز ذلك من لوازم التحقيق التي لا تخفى على حضراتكم ... فنسأل الله تعالى أن يسخر لحاشية عبده زيتونة من يعتني بها ويعيد نفعها للأمة الإسلامية ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[31 Mar 2007, 03:59 م]ـ
(أقول:
سبيلي الوحيد للتعريف بتلك الحاشة تحقيق شرح خطبة أبي السعود
التي تخرج لوحدها في مجلد في نحو 400 صفحة!! ... )
ليتك تفعل ذلك؛ لكنت شجعت غيرك على متابعة العمل فيه
ويمكنك أن تستعين خلال عملك، بأهل الخبرة
في هذا المنتدى الكريم .. يسهلون عليك الصعب
ويخففون عنك مشاق البحث والتنقيب
كان الله في عونك
وأثابك الله خيرا
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[01 Apr 2007, 10:24 م]ـ
بل هناك حاشية أخرى لشيخ المالكية في زمنه الشيخ محمد عليش وأذكر أنها في تسع مجلدات.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2007, 05:52 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً.
ليتك تنشط يا أبا عبيدة للتعريف بأهم مميزات هذه الحاشية التي شوقتنا إليها، وهل لها نسخ أخرى مخطوطة في المكتبات، وهل النسخة التي لديك مصورة أم أصلية. وعمل المُحشِّي الشيخ زيتونة الذي لا يعرف عنه كثير من الباحثين كثيراً من المعلومات.
بارك الله فيك ونفع بعلمك.
وأما تحقيق بقية الكتاب فيمكن ذلك لو تكرمت علينا بنسخ للكتاب تعين على ذلك، فالباحثون كثيرون، ويمكن تبني تحقيقه رعاك الله لدينا في الدراسات العليا في الجامعات السعودية بعد أن نتحقق من قيمة الحاشية العلمية ويكون لك الفضل بعد الله في فتح الباب المقفل.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[03 Apr 2007, 08:42 ص]ـ
السيد ابو عبيدة جزاك الله خيرا وما السبيل الى تلك الحاشية اكرمكم الله
واحب ان اضيف ان هناك حاشية ضخمة في عشرة مجلدات في المكتبة الازهرية لعلم من عائلة السقاف نسيت الان اسمه وقد ذكرها الزركلي في الاعلام
ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Apr 2007, 10:02 ص]ـ
درر تحدرت من أفكار الأحبة العلماء تثير كوامن الشوق نحو إخراج هذه الأعمال المخطوطة إلى
دنيا المطابع التي احتواها كل بيت من بيوتنا، وانتهز هذه الفرصة لدعوة الموقع المرموق {ملتقى
أهل التفسير} لتنفيذ خطة علمية طموحة تبرز هذه الكنوز العلمية، ويكون لي عظيم الشرف ـ رغم بضاعتي
المزجاة ـ أن أقوم بما يحتّمه الواجب علىَّ من تحقيق وتدقيق وتنميق للجزء المراد من المخطوطة المقسمة
على العلماء في هذا الموقع، وهذه مبادرة أرجو أن يشمر لها الأحبة عن سواعد الجد لعلنا نقدم شيئاً
ينفعنا في آخرتنا. فهل من منسق ومشمِّر؟؟؟
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[03 Apr 2007, 12:05 م]ـ
جزا الله خيرا جميع السادة الأفاضل الذين أبدوا عنايتهم واهتمامهم بتراث الأمة الإسلامية السنية .. سيما في علم التفسير الذي هو رئيس العلماء .. كما أحيي حرصهم الشديد على إخراج مثل تلك التفاسير الموسوعية .. فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لذلك إن على كل شيء قدير ..
أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري .. بارك الله بك وباعتنائك بتفسير كتاب الله تعالى .. بالنسبة لتفسير أبي السعود - أي المتن - فلا يخفى عليكم بإذن الله قيمته العلمية .. أما عن حاشية الشيخ زيتونة .. فهي تستمد قيمتها أولا من قيمة التفسير نفسه بكونها مقررة لصحيح معانيه مبسطة لمفاهيمه ومبينة لوجوه استدلالاته ومستشهدة بشواهد صحته .. إضافة إلى استطرادات حوت جلب فوائد أو إبراز نكت في شتى العلوم ..
وبالجملة .. فالحاشية لوحدها يمكن استخراج كتب متعددة منها في أكثر من موضوع ...
بالنسبة للنسخة التي عندي ... هي أفضل نسخه ومصورة بأحدث التقنيات الرقمية ... لكن ليست أصلا بمعنى أن الشيخ زيتونة كتبها بخطه .. فقد علمنا أنه كان فاقدا للبصر ... فالنسخة هي من إملائه قيدها بعض طلبة المجلس ممن كانوا يلازمونه ...
وأنا بفضل الله تعالى بصدد جمع باقي أجزاء النسخة الثانية ... التي منها مجلدين بالجزائر ... فدعواتكم بالتوفيق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2007, 01:18 م]ـ
بارك الله فيك، وأعانك وسدد خُطاك أخي الكريم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Apr 2007, 01:18 م]ـ
كواحد من أهل الملتقى من المحبين لأبي السعود وما نتج عنه علمياً أضرع إلى أن يوفقك في مبتغاك،
وفي انتظار الجديد الذي نسعد به في هذا الشأن.(/)
من روائع الاستنباط: الاستنباط بالمطرد من أسلوب القرآن ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 Jun 2006, 03:28 م]ـ
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ..
فإن هذا النوع من طرق الاستنباط من القرآن ليس ضمن دلالات الألفاظ التي يذكرها أهل الأصول، بل هو طريق مأخوذ من عادة الله تعالى في إنزاله (1)، وخطابِ الخلْق به (2).
قال الشاطبي (ت: 790) في هذا الطريق: "والحاصل أن القرآن احتوى من هذا النوع من الفوائد والمحاسن التي تقتضيها القواعدُ الشرعية، على كثيرٍ يشهد بها شاهدُ الاعتبار، ويصححها نصوصُ الآيات والأخبار" (3).
معنى أسلوب القرآن:
تواضع المتأدبون وعلماء العربية على أن الأسلوب هو: الطريقة الكلامية التي يسلكها المتكلم في تأليف كلامه، واختيار ألفاظه، أو هو المذهب الكلامي الذي انفرد به المتكلم في تأدية معانيه، ومقاصده من كلامه، أو هو طابع الكلام، أو فنه الذي انفرد به المتكلم كذلك.
وعلى هذا فأسلوب القرآن الكريم: هو طريقته التي انفرد بها في تأليف كلامه واختيار ألفاظه (4).
والمُطَّرِدُ مأخوذ من اطَّرد الشيء: إذا تابع بعضه بعضاً، ويقال: اطَّرد الأمر أي: استقام (5).
والمراد بالمطرد من أسلوب القرآن: تتابعُ الأَفْعَالِ، واختيارِ الألفاظ، تجاه أمرٍ ما في القرآن الكريم.
كتتابع إخباره تعالى عن نفسه تعذيب الأقوام لنفس العلة من الكفر والفسوق، وكتتابع اختياره تعالى للكناية فيما يستحيى من ذكره في الغالب، فيكون ذلك مطرداً من أسلوب القرآن الكريم.
ومن طريقة القرآن وعادته والمطرد من أسلوبه؛ استنبط العلماء عدداً من الأحكام والفوائد والآداب، إذ القرآن كلام الله، وفعله تعالى محل للاقتداء والاستنباط.
وجهةُ الدّلالة في هذا الطريق: هو الاقتداء بأفعال الله تعالى، قال الشاطبي (ت: 790) بعد سوق عددٍ من الأمثلة: "هذه الأمثلة وما جرى مجراها لم يُستفد الحكم فيها من جهة وضع الألفاظ للمعاني، وإنما استفيد من جهةٍ أخرى، وهي جهة الاقتداء بالأفعال" (6).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728 هـ): " وأصل هذا (7) أن الأصل قول الله تعالى، وفعله، وتركه القول، وتركه الفعل (8) ... وإن كانتْ قد جرتْ عادةُ عامَّة الأصوليين أنهم لا يذكرون من جهة الله إلا قوله الذي هو كتابه" ومَثَّلَ لذلك بقوله: "وأما فِعْلُ الله ـ كعذابه للمنذَرين ـ فإنه دليلٌ على تحريم ما فعلوه ووجوب ما أمروا به، وكما استدلَّ أصحابنا وغيرهم من السلف بفعل الله تعالى ورجم قوم لوط على رجمهم، وأما ترك القول فكما يستدل بعدم أمره على عدم الإيجاب وبعدم نهيه على عدم التحريم ... وأما ترك الفعل فكإنجائه للمؤمنين دون المنذَرين" (9) (10).
وإذا ثبت أنَّ آحاد فعل الله تعالى محلٌّ للقدوة والاستنباط فأولى أن يكون كذلك ما كان مطرداً من فعله جلَّ وعلا.
أمثلة للاستنباط بهذا الطريق:
المثال الأول:
ومن الاستنباطات الكلية ما ذكره الشاطبي (ت: 790 هـ) عن أسلوب القرآن بقوله: "كلُّ حكايةٍ وقعتْ في القرآن، فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها ـ وهو الأكثر ـ رَدٌّ لها أو لا. فإنْ وَقَعَ رَدٌّ فلا إشكال في بطلان ذلك المحكي وكذبه؛ وإنْ لم يَقَعْ معها رَدٌّ فذلك دليلُ صحةِ المحكي وصِدْقِه" (11).
وأما في وجه صحتها فقال: "ولكن الدليل على صحته من نفس الحكاية وإقرارها؛ فإن القرآن سُمِّيَ فرقاناً، وهدى، وبياناً، وتبياناً، لكل شيءٍ؛ وهو حجةُ الله على الخلق على الجملة والتفصيل، والإطلاق والعموم؛ وهذا المعنى يأبى أن يُحكى فيه ما ليس بحقٍّ ثم لا ينبّه عليه" (12).
فأنت ترى أنّ الشاطبي (ت: 790 هـ) قد استنبط من عادة القرآن في عدم الرد، صحةَ المحكي. وقد مثل لذلك بأمثلة متعددة ومنها (13):
استنباط جماعة من الأصوليين أن الكفار مخاطبون بالفروع من قوله تعالى: (قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين) [المدثر: 43، 44] (14).
ووجهه: أنه لو كان قولهم باطلاً لَرُدَّ عند حكايته (15).
ومنه: استنباط بعضُ العلماء أن أصحابَ الكهف سبعةٌ وثامنهم كلبهم، من قوله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب .. ) الآية [الكهف: 22].
(يُتْبَعُ)
(/)
ووجهه: أن الله تعالى لما حكى قولهم بأنهم (ثلاثة رابعهم كلبهم)، وأنهم (خمسة سادسهم كلبهم) أعقب ذلك بقوله: (رجماً بالغيب) أي: ليس لهم دليل ولا علم غير اتّباع الظنّ، ورجم الظنون لا يغني من الحق شيئاً، ولما حكى قولهم: (سبعة وثامنهم كلبهم) لم يتبعه بإبطال، بل قال: (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) فدلَّ المساقُ على صحته دون القولين الأولين (16).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728 هـ): "فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضَعَّفَ القولين الأولين وسكت عن الثالث فدَلَّ على صِحَّتِه، إذ لو كان باطلاً لردَّه كما ردَّهما" (17).
وقال السّعدي (ت: 1376 هـ): "منهم من يقول: (ثلاثة رابعهم كلبهم) ومنهم من يقول: (خمسة سادسهم كلبهم) وهذان القولان ذَكَرَ الله بعدهما أنّ هذا رَجْمٌ منهم بالغيب فدلَّ على بطلانهما، ومنهم من يقول: (سبعة وثامنهم كلبهم) وهذا ـ والله أعلم ـ هو الصواب لأن الله أبطل الأولين ولم يبطله فدلَّ على صحته" (18).
المثال الثاني:
استنباط عدم المؤاخذة قبل الإنذار، حيث أخبر جل وعلا عن نفسه بقوله: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) [الإسراء: 15].
قال الشَّاطبيُّ (ت: 790 هـ): "فجَرَتْ عادتُه في خَلْقه أنه لا يؤاخذ بالمخالفة إلا بعد إرسال الرُّسُل" (19).
وقال ابنُ عطية (ت: 542 هـ): "وتلخيص هذا المعنى أن مقصد الآية في هذا الموضع الإعلامُ بعادة الله مع الأمم في الدنيا ... ومع هذا فالظاهر من كتاب الله في غير هذا الموضع ومن النظر أن الله تعالى لا يعذب في الآخرة إلا بعد بعثة الرسل" (20).
وقد بين الله هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً) [النساء: 165] وقوله: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [فاطر: 24] وقوله: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36] إلى غير ذلك من الآيات (21).
المثال الثالث:
استنباط أنه من الأدبِ تحسين العبارة بالكناية ونحوها في المواطن التي يُحتاج فيها إلى ذِكْر ما يستحيى من ذِكْرِه في عادتنا.
وذلك من عادة القرآن كقوله تعالى: (أو لامستم النساء) [النساء: 43]، وقوله: (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه) [التحريم: 12]، وقوله: (كانا يأكلان الطعام) [المائدة: 75] (22).
قال الشاطبي (ت: 790 هـ): " أتى فيه الكناية في الأمور التي يستحيا من التصريح بها؛ كما كنّى عن الجماع باللباس والمباشرة، وعن قضاء الحاجة بالمجيء من الغائط ... فاستقر ذلك أَدَبَاً لنا استنبطناه من هذه المواضع" (23).
المثال الرابع:
استنباط أن من الأدب في المناظرة أن لا يفاجئ بالرد كفاحاً، دون التقاضي بالمجاملة والمسامحة لأن ذلك أدعى إلى القبول وترك العناد وإطفاء نار العصبية (24).
وذلك من أسلوب القرآن كما في قوله: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) [سبأ: 24]، وقوله: (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) [الزخرف: 81]، وقوله: (قل إن افتريته فعلي إجرامي) [هود: 35]، وقوله: (قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون) [الزمر: 43]، وقوله: (أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون) [المائدة: 104] (25).
ووجه الاستنباط من هذه الآيات:
استعمال القرآن لهذا الأسلوب في المحاورة والمناظرة.
وختاماً فإن هذا النوع من الاستنباطات حري بالتأمل والنظر لغزارة ما احتواه القرآن من المعاني العظيمة عن طريقه ولقوة مأخذه ..
والله أعلم،،،
ــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي:
(1) أثبت الله تعالى أن له عادات مع خلقه في غير ما آية كما قال جل وعلا: (سنة الله في الذين خلوا من قبل) وقوله: (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا) [الإسراء: 77] قال الكلبي: " ومعناه: العادة. أي: هذه عادة الله مع رسله". التسهيل لعلوم التنزيل: (381). وقوله: (سنة الله في الذين خلوا من قبل) [الأحزاب: 38] قال الكلبي: " (سنة الله): أي عادته ". التسهيل: (569)، وقوله: (لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين) [الحجر: 13] قال السعدي: " أي عادة الله فيهم بإهلاك من لم يؤمن بآيات الله ". تيسير الكريم الرحمن: (383
(يُتْبَعُ)
(/)
).
(2) انظر: الموافقات: (3/ 284).
(3) الموافقات: (3/ 284).
(4) انظر: مناهل العرفان للزرقاني: (2/ 277)، والأسلوب لأحمد الشايب: (41)، والأسلوب الإعلامي في القرآن لمحمد محمود: (5)، والتعبير الفني في القرآن لبكر شيخ أمين: (179).
(5) انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس: (612 ـ 613)، والخصائص لابن جني: (1/ 96).
(6) الموافقات: (2/ 82).
(7) كان كلامه في حجية قول الصحابي: (كنا نفعل).
(8) كون إقرار الله تعالى حجة كقوله محل بحث. انظر: الجدل لابن عقيل: (256)، المسودة: (1/ 587)، والبرهان للزركشي: (2/ 9)، وسبل السلام للصنعاني: (2/ 59)، وإقرار الله في زمن الحجة لأبي زنيد: (9)، وأفعال الرسول للأشقر: (2/ 167).
(9) المسودة: (1/ 587 ـ 588).
(10) أنكر بعض الباحثين الاقتداء بأفعال الله تعالى وجعله من المسالك الفاسدة وعلل ذلك بقوله: " وهذا مسلك فاسد، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ولم يكن له كفواً أحد، ولذلك فإن الناس مأمورون بعبادة الله تعالى وبطاعته وليس بالاقتداء به ومحاكاته عز وجل فإنه محال. وهذا أصل واضح ولكن ربما غفل بعضهم فحكم بالفقه بقياس أفعال الناس على أفعال الله تبارك وتعالى!! ".
انظر: تمكين الباحث من الحكم بالنص بالحوادث للدكتور وميض العمري: (399).
والمتأمل يلاحظ على تعليل هذا الإنكار ما يلي:
أولاً: أنه لا تلازم بين كونه تعالى ليس كمثله شيء وبين استنباط الحكم من أفعاله تعالى، فالمستنبِط لا يفعل عين فِعْله تعالى ومثله.
ثانياً: أنه ليس المقصود بالاستنباط من أفعاله تعالى مشابهته في صفاته الذاتية والفعلية بل المقصود هو التعبد بما يمكن للعبد اقتداء بالله تعالى كرحمة العباد، والعفو عنهم، والتوبة على من تاب وأصلح، وعدم المؤاخذة قبل العلم، وغير ذلك.
(11) الموافقات: (3/ 263).
(12) الموافقات: (3/ 264).
(13) انظر هذه الأمثلة في: الموافقات: (3/ 264 ـ 267).
(14) انظر: تفسير البيضاوي: (19/ 437)، والتفسير الكبير للرازي: (30/ 211)، وتفسير الثعالبي: (5/ 517)، وتفسير أبي السعود: (9/ 62)، وروح المعاني للآلوسي: (15/ 147)، وفتح القدير للشوكاني: (1855)، وأضواء البيان للشنقيطي: (7/ 114).
(15) انظر: الموافقات للشاطبي: (3/ 264).
(16) انظر: الموافقات للشاطبي: (3/ 264)، وتفسير البيضاوي: (12/ 52)، والتفسير الكبير للرازي: (21/ 107)، والكشاف للزمخشري: (3/ 577)، وأضواء البيان للشنقيطي: (4/ 75)، وتفسير السمرقندي: (2/ 295)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (10/ 392)، وروح المعاني للآلوسي: (8/ 229)، وفتح القدير للشوكاني: (1036 ـ 1037)، مجموع الفتاوى: (13/ 367).
(17) مجموع الفتاوى: (13/ 367). وهذا الاستنباط وإن كان الأصل عدم الخوض فيه إلا أن المقصود من إيراده هو معرفة واستنتاج طريق الاستنباط.
(18) انظر: تيسير الكريم الرحمن: (424).
(19) الموافقات: (3/ 282). وانظر: التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي: (373)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (10/ 236)، مجموع الفتاوى: (12/ 493).
(20) المحرر الوجيز: (1133). وذكر اختلاف العلماء في الآية فقال الجمهور: هذا في حكم الدنيا. أي: أن الله لا يهلك أمة بعذاب إلا بعد الرسالة والإنذار. وقالت فرقة: هذا عام في الدنيا والآخرة.
(21) انظر: أضواء البيان: (2/ 211) و (3/ 471 ـ 472).
(22) انظر: الموافقات: (3/ 282)، والبرهان للزركشي: (2/ 303)، فصول في البلاغة لمحمد بركات: (152 ـ 153).
(23) الموافقات: (2/ 80). وانظر: البرهان للزركشي: (2/ 303)، والإتقان للسيوطي: (2/ 59 ـ 60)، ومعترك الأقران له: (1/ 287)، وأسلوب القرآن الكريم بين الهداية والإعجاز البياني لباحاذق: (262)، وجماليات المفردة القرآنية لأحمد ياسوف: (255).
(24) انظر: الموافقات للشاطبي: (2/ 81).
(25) انظر: الموافقات للشاطبي: (2/ 81).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jun 2006, 04:20 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذه الفوائد الثمينة التي أرجو أن تتخوننا (1) بها بين الحين والآخر من ثمار بحثك الضافي في منهج الاستنباط من القرآن. فما أجمل تدبر وتأمل القرآن الكريم على علم وبينة، ولستُ أشك أن كل من اشتغل بتفسير القرآن على نحوٍ جادٍ أمين تمنى بعد التطواف الطويل أن لو استقبل من أمره ما استدبر ليبدأ الطريق ثانيةً من أوله، وقد حدد لنفسه مدى يسعى لبلوغه من بين آماد تستوعب طاقات البشر، ولا تستوعبها طاقات البشر جميعاً، وما قصة تمني ابن تيمية أنه قضى عمره في تدبر القرآن بغائبة هنا، وقد كنت تأملت معنى كلامه وأمثاله من العلماء، وكتبت حول ذلك رأياً أرجو أن يتيسر لي طرحه بين أيديكم إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.
ــ حاشية ــــــــ
(1) روي عن الأصمعي عن سفيان الثوري قال: حضَرتُ أبا عمرو بن العلاء عند الأعمش، فحدّث بحديثِ ابن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخَوَّلُنا بالموعظة. ثم قال الأعمش: يتعاهدنا. فقال له أبو عمرو بن العلاء: إن كان يتعاهدنا فهو يتخَوَّنُنا، بالنون، فأما يتخولنا فيستصلحنا. فقال له الأعمش: ومايدريك؟ فغضب أبو عمرو وقال له: واللهِ لَئنْ شئت يا أبا محمد أن أعلمكَ الساعةَ أنّ الله ما علِّمك من جميع ما تدعيه شيئاً فعلتُ!
وانظر بقية ذيول القصة في: مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي 36 - 37، وتصحيح التصحيف للصفدي 549
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[21 Jun 2006, 11:37 م]ـ
فضيلة الأستاذ فهد الوهبي: بارك الله فيك على ما خطت أناملك، ولقد كان لي شغف كبير بهذا الموضوع ولا يزال، وكنت أود من الإخوة والمشايخ الأفاضل أن يتعرضوا لأهميته وها قد أجيبت دعوتي أنظر غير مأمور هذا الرابط http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5313
بارك الله فيك مرة ثانية، وبارك الله في شيخنا د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري على ما يتخولنا به من الفوائد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jun 2006, 01:20 م]ـ
أحسنت أخي فهد في طرح هذا الموضوع، ولعلك تسمر في هذه الفوائد المستنبطة.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 03:24 م]ـ
أشكر الأخ الفاضل على هذه الفوائد وجعلها في موازين أعماله
وأشير إلى أن الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته - له استنباطات رائعة ولكنها في ثنايا الفوائد التي يذكرها الشيخ بعد تفسيره الآيات. وحبذا لو جمعت في كتاب مستقل بحيث يكتب اسم السورة والفوائد المستنبطة من آياتها.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jun 2006, 02:19 م]ـ
أشكر الجميع على المرور ..
وبالنسبة لما ذكرته فضيلة الدكتور عبد الرحمن فلا شك في ذلك وليتك تتحفنا بما كتبت وتتخوننا به .. الدكتور مساعد الطيار أشكركم على التعليق ولعل الله ييسر المزيد ..
الأخ علال زادك الله من فضله ..
الأخت ميادة أوافقك الرأي فالشيخ ابن عثيمين من أجل من قرأت له من المعاصرين في هذا الباب ولعل الله ييسر حديثاً خاصاً عن استنباطاته رحمه الله ..
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[18 Jul 2006, 09:15 م]ـ
موضوع رائع ومفيد، بارك الله فيك يا شيخ فهد.
ولعلك تستمر في هذه الفوائد المستنبطة.
أضم صوتي لصوت شيخنا مساعد جزاه الله كل خير.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Aug 2006, 02:10 ص]ـ
وبارك فيك أخي فهد ولعل الله ييسر الإكمال(/)
المحب يعرف من فحوى كلام محبوبه مراده.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jun 2006, 10:33 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين أما بعد
فقد وقعت على نفيسة تصلح ترياقا للمشتغلين بالنظر في كتاب الله وتدبره وتفسير معانيه وترجيع الفكر في اختلاف العلماء في تأويل آياته وإني أتترس عن سوء الفهم بالإقرار بأن الحجة والبرهان في السنة والقرآن وأعلم أن للترجيح أصولا ظاهرة وقواعد مقررة وأبرأ إلى الله من زيغ الباطنية وتأويل الملاحدة ودعاوى حدثني قلبي عن ربي.
َقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ: الْقَلْبُ الْمَعْمُورُ بِالتَّقْوَى إذَا رَجَّحَ بِمُجَرَّدِ رَأْيِهِ فَهُوَ تَرْجِيحٌ شَرْعِيٌّ، قَالَ: فَمَتَى مَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَحَصَلَ فِي قَلْبِهِ مَا بَطَنَ مَعَهُ إنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَوْ هَذَا الْكَلَامَ أَرْضَى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ هَذَا تَرْجِيحًا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ، وَاَلَّذِينَ أَنْكَرُوا كَوْنَ الإِلْهَامِ لَيْسَ طَرِيقًا إلَى الْحَقَائِقِ مُطْلَقًا أَخْطَئُوا فَإِذَا اجْتَهَدَ الْعَبْدُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَتَقْوَاهُ كَانَ تَرْجِيحُهُ لِمَا رَجَّحَ أَقْوَى مِنْ أَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ ضَعِيفَةٍ فَإِلْهَامُ مِثْلِ هَذَا دَلِيلٌ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الأَقْيِسَةِ الضَّعِيفَةِ وَالْمَوْهُومَةِ وَالظَّوَاهِرِ والاستصحابات الْكَثِيرَةِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ الْخَائِضِينَ فِي الْمَذَاهِبِ وَالْخِلافِ؛ وَأُصُولِ الْفِقْهِ.
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اقْرَبُوا مِنْ أَفْوَاهِ الْمُطِيعِينَ وَاسْمَعُوا مِنْهُمْ مَا يَقُولُونَ؛ فَإِنَّهُمْ تَتَجَلَّى لَهُمْ أُمُورٌ صَادِقَةٌ.
وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ الْمَرْفُوعُ {مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا إلا أَجْرَى اللَّهُ الْحِكْمَةَ عَلَى قَلْبِهِ؛ وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَفِي رِوَايَةٍ إلا ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ}.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الداراني: إنَّ الْقُلُوبَ إذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى التَّقْوَى جَالَتْ فِي الْمَلَكُوتِ؛ وَرَجَعَتْ إلَى أَصْحَابِهَا بِطَرَفِ الْفَوَائِدِ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهَا عَالِمٌ عِلْمًا. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {: الصَّلاةُ نُورٌ؛ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ؛ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ} وَمَنْ مَعَهُ نُورٌ وَبُرْهَانٌ وَضِيَاءٌ كَيْفَ لا يَعْرِفُ حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ أَصْحَابِهَا؟ وَلا سِيَّمَا الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مَعْرِفَةً تَامَّةً؛ لأَنَّهُ قَاصِدٌ الْعَمَلَ بِهَا؛ فتتساعد فِي حَقِّهِ هَذِهِ الأَشْيَاءُ مَعَ الامْتِثَالِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى أَنَّ الْمُحِبَّ يَعْرِفُ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ مَحْبُوبِهِ مُرَادَهُ مِنْهُ تَلْوِيحًا لَا تَصْرِيحًا.
وَالْعَيْنُ تَعْرِفُ مِنْ عَيْنَيْ مُحَدِّثِهَا * إنْ كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مِنْ أَعَادِيهَا
إنَارَةُ الْعَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطَوْعِ هَوًى * وَعَقْلُ عَاصِي الْهَوَى يَزْدَادُ تَنْوِيرًا
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {لا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا} " وَمَنْ كَانَ تَوْفِيقُ اللَّهِ لَهُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ لا يَكُونُ ذَا بَصِيرَةٍ نَافِذَةٍ وَنَفْسٍ فَعَّالَةٍ؟
وَإِذَا كَانَ الْإِثْمُ وَالْبِرُّ فِي صُدُورِ الْخَلْقِ لَهُ تَرَدُّدٌ وَجَوَلانٌ؛ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ اللَّهُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَهُوَ فِي قَلْبِهِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الإِثْمُ حواز الْقُلُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَالصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ فَالْحَدِيثُ الصِّدْقُ تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ النَّفْسُ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ الْقَلْبُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الْحَقِّ؛ فَإِذَا لَمْ تَسْتَحِلَّ الْفِطْرَةُ: شَاهَدَتْ الأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ؛ فَأَنْكَرَتْ مُنْكِرَهَا وَعَرَّفَتْ مَعْرُوفَهَا. قَالَ عُمَرُ: الْحَقُّ أَبْلَجُ لَا يَخْفَى عَلَى فَطِنٍ. فَإِذَا كَانَتْ الْفِطْرَةُ مُسْتَقِيمَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ مُنَوَّرَةً بِنُورِ الْقُرْآنِ. تَجَلَّتْ لَهَا الأَشْيَاءُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَزَايَا وَانْتَفَتْ عَنْهَا ظُلُمَاتُ الْجَهَالاتِ فَرَأَتْ الأُمُورَ عِيَانًا مَعَ غَيْبِهَا عَنْ غَيْرِهَا.
وَفِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا؛ وَعَلَى جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ؛ وَفِي السُّورَيْنِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ؛ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ؛ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ. وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ؛ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الإِسْلَامُ؛ وَالسُّتُورُ الْمُرْخَاةُ حُدُودُ اللَّهِ؛ وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ نَادَاهُ الْمُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّك إنْ فَتَحْته تَلِجْهُ. وَالدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ؛ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ}
فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ - الَّذِي مَنْ عَرَفَهُ انْتَفَعَ بِهِ انْتِفَاعًا بَالِغًا إنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ؛ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَاعِظًا وَالْوَعْظُ هُوَ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ؛ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ. وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَعْمُورًا بِالتَّقْوَى انْجَلَتْ لَهُ الأُمُورُ وَانْكَشَفَتْ؛ بِخِلافِ الْقَلْبِ الْخَرَابِ الْمُظْلِمِ.
قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: إنَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِرَاجًا يُزْهِرُ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {إنَّ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرِ قَارِئٍ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ لِغَيْرِهِ؛ وَلا سِيَّمَا فِي الْفِتَنِ وَيَنْكَشِفُ لَهُ حَالُ الْكَذَّابِ الْوَضَّاعِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يُجْرِي عَلَى يَدَيْهِ أُمُورًا هَائِلَةً ومخاريق مُزَلْزِلَةً حَتَّى إنَّ مَنْ رَآهُ افْتَتَنَ بِهِ فَيَكْشِفُهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ حَتَّى يَعْتَقِدَ كَذِبَهَا وَبُطْلانَهَا. وَكُلَّمَا قَوِيَ الإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ قَوِيَ انْكِشَافُ الأُمُورِ لَهُ؛ وَعَرَفَ حَقَائِقَهَا مِنْ بَوَاطِلِهَا وَكُلَّمَا ضَعُفَ الإِيمَانُ ضَعُفَ الْكَشْفُ وَذَلِكَ مَثَلُ السِّرَاجِ الْقَوِيِّ وَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} قَالَ: هُوَ الْمُؤْمِنُ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ الْمُطَابِقَةِ لِلْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فِيهَا بِالأَثَرِ فَإِذَا سَمِعَ فِيهَا بِالأَثَرِ كَانَ نُورًا عَلَى نُورٍ. فَالإِيمَانُ الَّذِي فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ يُطَابِقُ نُورَ الْقُرْآنِ؛ فَالإِلْهَامُ الْقَلْبِيُّ تَارَةً يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْقَوْلِ وَالْعِلْمِ؛ وَالظَّنُّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَذِبٌ. وَأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ بَاطِلٌ؛ وَهَذَا أَرْجَحُ مِنْ هَذَا؛ أَوْ هَذَا أَصْوَبُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَفِي الصَّحِيح عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {قَدْ كَانَ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ}. وَالْمُحَدِّثُ: هُوَ الْمُلْهَمُ الْمُخَاطَبُ فِي سِرِّهِ. وَمَا قَالَ عُمَرُ لِشَيْءِ: إنِّي لأَظُنّهُ كَذَا وَكَذَا إلَّا كَانَ كَمَا ظَنَّ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ.
وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَتْ الأُمُورُ الْكَوْنِيَّةُ قَدْ تَنْكَشِفُ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ لِقُوَّةِ إيمَانِهِ يَقِينًا وَظَنًّا؛ فَالأُمُورُ الدِّينِيَّةُ كَشْفُهَا لَهُ أَيْسَرُ بِطَرِيقِ الأَوْلَى؛ فَإِنَّهُ إلَى كَشْفِهَا أَحْوَجُ فَالْمُؤْمِنُ تَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَدِلَّةٌ عَلَى الأَشْيَاءِ لا يُمْكِنُهُ التَّعْبِيرُ عَنْهَا فِي الْغَالِبِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لا يُمْكِنُهُ إبَانَةُ الْمَعَانِي الْقَائِمَةِ بِقَلْبِهِ فَإِذَا تَكَلَّمَ الْكَاذِبُ بَيْنَ يَدَيْ الصَّادِقِ عَرَفَ كَذِبَهُ مِنْ فَحْوَى كَلامِهِ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ نَخْوَةُ الْحَيَاءِ الإِيمَانِيِّ فَتَمْنَعُهُ الْبَيَانَ وَلَكِنْ هُوَ فِي نَفْسِهِ قَدْ أَخَذَ حِذْرَهُ مِنْهُ وَرُبَّمَا لَوَّحَ أَوْ صَرَّحَ بِهِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ وَشَفَقَةً عَلَى خَلْقِ اللَّهِ لِيَحْذَرُوا مِنْ رِوَايَتِهِ أَوْ الْعَمَلِ بِهِ.
وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْكَشْفِ يُلْقِي اللَّهُ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ حَرَامٌ؛ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَافِرٌ؛ أَوْ فَاسِقٌ؛ أَوْ دَيُّوثٌ؛ أَوْ لُوطِيٌّ؛ أَوْ خَمَّارٌ؛ أَوْ مُغَنٍّ؛ أَوْ كَاذِبٌ؛ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ بَلْ بِمَا يُلْقِي اللَّهُ فِي قَلْبِهِ.
وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ يُلْقِي فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةً لِشَخْصِ وَأَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ صَالِحٌ؛ وَهَذَا الطَّعَامَ حَلالٌ وَهَذَا الْقَوْلَ صِدْقٌ؛ فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَبْعَدَ فِي حَقِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ. وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى هِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنَّ الْخَضِرَ عَلِمَ هَذِهِ الأَحْوَالَ الْمُعَيَّنَةَ بِمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ يَطُولُ بَسْطُهُ قَدْ نَبَّهْنَا فِيهِ عَلَى نُكَتٍ شَرِيفَةٍ تُطْلِعُك عَلَى مَا وَرَاءَهَا.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[22 Jun 2006, 12:56 ص]ـ
أخي عبد الله بن القاسم بارك الله فيك:
هذا الذي حضرني وأنا أشارك على هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5865 ولكن نسيت مصدرهذا الكلام الذي علق بذهني فاختصرته اختصارا: " أقول يا أخي إن أفضل تفسير لكتاب الله بعد قراءة مختصر من مختصرات التفسير هو قلب المؤمن " ليتك تذكر مصدر هذه النفيسة من كلام شيخ الإسلام
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[22 Jun 2006, 01:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا النقل الطيب.
تنبيه: إذا كُتب عنوان الموضوع مشكلا (بالحركات) فإنه لا يخرج إذا بحث عنه في محرك البحث إلا إذا كتب مثله تماما، ولو اختلفت حركة لم تخرج نتيجة؛ وعليه يحسن ترك التشكيل في العنوانين؛ لأنه بعد مدة قد يُحتاج إليه فيعسر أو يتعذر الوصول إليه. أزلتُ الشكل من العنوان لهذا التنبيه فجزاك الله خيراً. المشرف.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[22 Jun 2006, 01:13 ص]ـ
جزاكما الله خيرا على طيب دعائكما
المصدر
مجموع الفتاوى التمذهب (20/ 42)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2006, 01:28 م]ـ
هذا كلام دقيق يحتاج القارئ للتحقق من صحته وتذوقه إلى مجاهدة طويلة للنفس في باب العمل والعبادة وباب العلم والتدبر، وقد كان للعلماء من السلف والخلف نصيبٌ كبيرٌ من هذا جعلهم يقولون هذا، ويشيرون إليه في كتبهم وحكاية أحوال بعضهم نسأل الله العظيم أن يبلغنا منازل أولئك العلماء في العمل والعلم، وأن لا يجعل حظنا من هذا التمني والرجاء.
شكر الله لكم يا أبا محمد هذا التنبيه على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجزاه خير الجزاء، فكلما ازداد الطالب اطلاعاً على كتب ابن تيمية وتدبراً لكلامه ازداد يقيناً بإمامته وفضله وسعة علمه.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[24 Jun 2006, 01:53 م]ـ
وإياك يا أبا عبدالله(/)
سؤل يحتاج إلى جواب؟!
ـ[المتدبر]ــــــــ[22 Jun 2006, 12:50 ص]ـ
س: ماثبت من نصوص التوراة او غيرها من الكتب المنزلة هل يعمل بها، إذا وردت في
القرآن او ثبتت في السنة الصحيحة بشرط إذا لم تكن منسوخة في شرعنا بنص لا يحتمل
التأويل؟!
أرجو الجواب السديد المفيد ..... من غير إطالة فخير الكلام ماقل ودل ولم يطل فيمل ...
والله يحفظكم0000000000
ـ[المتدبر]ــــــــ[22 Jun 2006, 01:38 م]ـ
الله المستعان .... ذهب العلماء!! ....
ولكننا لن نيأس!!! .... وسوف ننتظر .... !!!
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[22 Jun 2006, 02:50 م]ـ
الأخ:مزيد العتيبي ـ وفقك الله ـ
لا تستعجل في طلب الإجابة فقد يكون هذا مشغولاً، وذاك مشغولاً، فانتظر حتى تأتي الإجابة السديدة
وأنت طلبت الإجابة من دون تطويل! بل إن ذلك يحتاج الى بسط.
بارك الله فيك.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Jun 2006, 03:01 ص]ـ
الأخ المتدبر وفقه الله ..
بالنسبة للجواب:
فإن نصوص الكتب المنزلة السابقة قسمان:
الأول: ما هو متداول الآن بين أهلها: وهذه الكتب نعتقد أنها إما محرفة أو منسوخة والأدلة في هذا كثيرة وما بقي منها لم يعلم أين هو من هذه الكتب لكثرة التحريف، ولو كان منها نص قد وافق ما عندنا فإنه مع الإيمان بصدقه فإنه لا يمكن إثبات صدق نسبته كنص مقدس.
الثاني: ما جاء في شرعنا من هذه النصوص السابقة وحكمها باختصار ـ كما طلبت ـ كما يلي:
أنه إن ثبت أنه شرع لهم ثم ثبت بشرعنا أنه شرع لنا كالقصاص فإنه شرع لنا إجماعاً.
وإن ثبت أنه شرع لهم ثم صرح في شرعنا بنسخه كالإصر والأغلال التي كانت عليهم فهذا ليس بشرع لنا إجماعاً.
وإن لم يثبت أنه شرع لهم فليس بشرع لنا إجماعاً كالمأخوذ من الإسرائيليات.
وأما ما ثبت بشرعنا أنه شرع لهم ولم يصرح بنسخه في شرعنا فالجمهور على أنه شرع لنا.
انظر: روضة الناظر لابن قدامة: (2/ 517 ـ 524)، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي: (161 ـ 162).
والله أعلم ..
ـــــــــــــــــــ
ملحوظة:
أخي الكريم .. لا يحسن قولك: (ذهب العلماء) لأن الجميع هنا طلبة علم ولسنا علماء .. فتنبه!! ..
ـ[أريام]ــــــــ[27 Jun 2006, 05:56 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الرد المفيد
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 Jun 2006, 08:15 ص]ـ
يا أخي طريقة ثبوتها الوحيدة ان تأتي في الكتاب أو السنة وإذا جاءت فيهما فيكون العمل في هذه الحالة بالكتاب والسنة و ليس بالتوراة أو الانجيل وقد تأتي بعض القصص في السنة والأخبار ليست مما يعمل بها بل يستخرج منها العظة والعبرة والله أعلم(/)
يا أهل العلم
ـ[الياسمين]ــــــــ[22 Jun 2006, 01:48 ص]ـ
محتارة انا في اختيار موضوع لرسالة الدكتوراة في التفسير وعلوم القرآن فاطلب المشورة منكم وأسال الله ان يهديني لموضوع مفيد للناس في الغرب بالذات نصرة لدين الله تعالى.وجزى الله خيرا لمن شارك ولو بدعوة صالحة.
ـ[الجكني]ــــــــ[22 Jun 2006, 03:36 ص]ـ
بما أنك تستحسنين أن يكون الموضوع مفيداً في الغرب - وهذا مهم بل ضروري جداً - أقترح دراسة بعض ما ألفه الغربيون أنفسهم في علوم القرآن وبيان ما أصابوا فيه مما لم يصيبوا فيه -إن عمداً وإن خطأ -وأستحضر الآن بعض أبحاث رجع إليها د/ مراد هوفمان لأساتذة ألمانيين في كتابه "الإسلام كبديل"0
تمنياتي لك بالتوفيق(/)
كلام لشيخ الاسلام في الاختلاف من كتاب الاقتضاء
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Jun 2006, 03:17 م]ـ
أما أنواعه: فهو في الأصل قسمان:
اختلاف تنوع، وإختلاف تضاد.
اختلاف التنوع على وجوه:
- منه: ما يكون كل واحد من القولين، أو الفعلين حقاً مشروعاً، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة، حتى زجرهم عن الإختلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ك " كلاكما محسن ". ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان، والإقامة، والاستفتاح، والتشهدات، وصلاة الخوف، وتكبيرات العيد، وتكبيرات الجنازة، إلى غير ذلك مما قد شرع جميعه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعه أفضل.
ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الإختلاف، ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيتارها، ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ، فتجد كثيراً منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع، والاعراض عن الآخر، أو النهي عنه - ما دخل به فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومنه: ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر، لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود، وصيغ الأدلة، والتعبير عن المسميات، وتقسيم الأحكام، وغير ذلك، ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى المقالين وذم الأخرى.
- ومنه: ما يكون المعنيان غيرين، لكن لا يتنافيان، فهذا قول صحيح، وهذا قول صحيح، وإن لم يكن معنى أحدهما معنى الآخر، وهذا كثير في المنازعات جداً.
- ومنه: ما يكون طريقتان مشروعتان، ورجل أو قوم سلكوا هذه الطريق، وآخرون قد سلكوا الأخرى، وكلاهما حسن في الدين.
ثم الجهل أو الظلم: يحمل على ذم إحداهما، أو تفضيلها بلا قصد صالح، أو بلا علم، أو بلا نية وبلا علم.
إختلاف التضاد هو القولان المتنافيان
وأما إختلاف التضاد فهو: القولان المتنافيان: إما في الأصول وإما في الفروع - عند الجمهور الذين يقولون: ((المصيب واحد)) وإلا فمن قال: ((كل مجتهد مصيب)) فعنده: هو من باب إختلاف التنوع، لا إختلاف التضاد، فهذا الخطب فيه أشد، لأن القولين يتنافيان، لكن نجد كثيراً من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما، أو معه دليل يقتضي حقاً ما، فيرد الحق في الأصل هذا هذا كله، حتى يبقى هذا مبطلاً في البعض، كما كان الأول مبطلاً في الأصل، كما رأيته لكثير من أهل السنة، في مسائل القدر والصفات والصحابة، وغيرهم،
وأما أهل البدعة: فالأمر فيهم ظاهر - وكا رأيته لكثير من الفقهاء، أو لأكثر المتأخرين في مسائل الفقه، وكذلك رأيت الاختلاف كثيراً بين بعض المتفقهة، وبعض المتصوفة، وبين فرق المتصوفة، ونظائره كثيرة.
ومن جعل الله له هداية ونوراً، رأى من هذا ما يتبين له به منفعة ما جاء في الكتاب والسنة: من النهي عن هذا وأشباهه، وإن كانت القلوب الصحيحة تنكر هذا ابتداء، لكن نور على نور.
إختلاف التنوع كل واحد من المختلفين فيه مصيب
وهذا القسم - الذي سميناه إختلاف التنوع - كل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد، لكن الذم واقع على من بغى على الآخر فيه، وقد دل القرآن على حمد كل واحدة من الطائفتين في مثل ذلك - إذا لم يحصل بغي، - كما في قوله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله}.
وقد كانوا اختلفوا في قطع الأشجار، فقطع قوم وترك آخرون، وكما في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما}. فخص سليمان بالفهم، وأثنى عليهما بالعلم والحكم.
وكما في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم - يوم بني قريظة - لمن صلى العصر في وقتها، ولمن أخرها إلى أن وصل إلى بني قريظة.
وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر " ونظائره كثيرة.
ص: 149 - 154
ملاحظة: يرجع للكتاب لقراءة بسط كلام في ذلك(/)
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 05:12 م]ـ
من لطائف وفوائد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى- في كتابه المسمى:
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب
بسم الله .. والحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
هذه لطائف ووقفات من كتاب الشيخ الجليل رحمه الله /محمد الأمين الشنقيطي، رأيت أن أمتع بها أخواني وأخواتي في هذا الملتقى الطيب، تذكرة للبعض، وإفادة لآخرين. والله من وراء القصد.
قال الشيخ رحمه الله في مقدمة كتابه:
أما بعد: إن مقيد هذه الحروف – عفا الله عنه- أراد أن يبين في هذه الرسالة ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يظن بها التعارض في القرآن العظيم، مرتباً لها بحسب ترتيب السورة، يذكر الجمع بين الآيتين غالباً في محل الأولى منهما، وربما يذكر الجمع عند محل الأخيرة، ولا سيما إذا كانت السورة ليس فيها مما يظن تعارضه إلا تلك الآية؛ فإنه لا يترك ذكرها والإحالة على الجمع المتقدم، وسميته: [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب].
فنقول وبالله نستعين، وهو حسبنا ونعم الوكيل: راجين من الله الكريم أن يجعل نيتنا صالحة، وعملنا كله خالصاً لوجهه الكريم، إنه قريب مجيب رحيم.
سورة البقرة
قوله تعالى: {ألم * ذلك الكتاب}
أشار الله تعالى إلى القرآن في هذه الآية إشارة البعيد. وقد أشار له في آيات أخر إشارة القريب كقوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}، وكقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} الآية، وكقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، وكقوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن}، إلى غير ذلك من الآيات.
وللجمع بين هذه الآيات أوجه:
الوجه الأول: ما حرره بعض علماء البلاغة من أن وجه الإشارة إليه بإشارة الحاضر القريب، أن هذا القرآن قريب حاضر في الأسماع والألسنة والقلوب. ووجه الإشارة إليه بإشارة البعيد، هو بُعد مكانته ومنزلته من مشابهة كلام الخلق، وعما يزعمه الكفار من أنه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأولين.
الوجه الثاني: هو ما اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره، من أن ذلك إشارة إلى ما تضمنه قوله تعالى: {ألم}، وأنه أشار إليه إشارة البعيد؛ لأن الكلام المشار إليه مُنقضٍ، ومعناه في الحقيقة القريب لقرب انقضائه، وضرب له مثلا بالرجل يحدث الرجل فيقول له مرة: والله إن ذلك لكما قلت، ومرة يقول: والله إن هذا لكما قلت. فإشارة البعيد نظراً إلى أن الكلام مضى وانقضى، وإشارة القريب نظراً إلى قرب انقضائه.
الوجه الثالث: أن العرب ربما أشارت إلى القريب إشارة البعيد، فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية. ونظيره قول خفاف بن ندبة السلمي، لما قتل مالك بن حرملة الفزاري:
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها
فعمداً على عيني تيممت مالكا
أقول له والرمح يأطر متنه
تأمَّل خفافاَ إنني أنا ذالكا
يعني أنا هذا. وهذا القول الأخير حكاه البخاري عن معمر بن المثنى أبي عبيدة. قاله ابن كثير. وعلى كل حال فعامَّة المفسرين على أن {ذلك الكتاب} بمعنى: هذا الكتاب.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 05:57 م]ـ
قوله تعالى: {لا ريب فيه}
هذه نكرة في سياق النفي ركبت مع "لا"، فبنيت على الفتح. والنكرة إذا كانت كذلك فهي من صيغ العموم، كما تقرر في علم الأصول.
و "لا" هذه التي هي نص في العموم هي المعروفة عند النحويين: "لا" التي لنفي الجنس، أما "لا" العاملة عمل "ليس"، فهي ظاهرة في العموم لا نصَّ فيه.
وعليه، فالآية نصٌّ في نفي كل فرد من أفراد الريب عن هذا القرآن العظيم، وقد جاء في آيات أخر ما يدل على وجود الريب فيه لبعض من الناس، كالكفار الشاكين، كقوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا}، وكقوله تعالى: {وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون}، وكقوله: {بل هم في شك يلعبون}.
ووجه الجمع في ذلك:
أن القرآن بالغ من وضوح الأدلة وظهور المعجزة، ما ينفي تطرق أي ريب إليه. وريب الكفار فيه إنما هو لعمى بصائرهم، كما بينه بقوله تعالى: {أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى}، فصرح بأن من لا يعلم أنه الحق، أن ذلك إنما جاءه من قبل عماه. ومعلوم ن عدم رؤية الأعمى للشمس لا ينافي كونها لا ريب فيها لظهورها:
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفروأجاب بعض العلماء بأن قوله: {لا ريب فيه} خبر أريد به الإنشاء. أي لا ترتابوا فيه. وعليه، فلا إشكال.
سورة البقرة
قوله تعالى: {ألم * ذلك الكتاب}
أشار الله تعالى إلى القرآن في هذه الآية إشارة البعيد. وقد أشار له في آيات أخر إشارة القريب كقوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}، وكقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} الآية، وكقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، وكقوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن}، إلى غير ذلك من الآيات.
وللجمع بين هذه الآيات أوجه:
الوجه الأول: ما حرره بعض علماء البلاغة من أن وجه الإشارة إليه بإشارة الحاضر القريب، أن هذا القرآن قريب حاضر في الأسماع والألسنة والقلوب. ووجه الإشارة إليه بإشارة البعيد، هو بُعد مكانته ومنزلته من مشابهة كلام الخلق، وعما يزعمه الكفار من أنه سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأولين.
الوجه الثاني: هو ما اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره، من أن ذلك إشارة إلى ما تضمنه قوله تعالى: {ألم}، وأنه أشار إليه إشارة البعيد؛ لأن الكلا المشار إليه مُنقضٍ، ومعناه في الحقيقة القريب لقرب انقضائه، وضرب له مثلا بالرجل يحدث الرجل فيقول له مرة: والله إن ذلك لكما قلت، ومرة يقول: والله إن هذا لكما قلت. فإشارة البعيد نظراً إلى أن الكلام مضى وانقضى، وإشارة القريب نظراً إلى قرب انقضائه.
الوجه الثالث: أن العرب ربما أشارت إلى القريب إشارة البعيد، فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية. ونظيره قول خفاف بن ندبة السلمي، لما قتل مالك بن حرملة الفزاري:
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا
أقول له والرمح يأطر متنه تأمَّل خفافاَ إنني أنا ذالكا
يعني أنا هذا. وهذا القول الأخير حكاه البخاري عن معمر بن المثنى أبي عبيدة. قاله ابن كثير. وعلى كل حال فعامَّة المفسرين على أن {ذلك الكتاب} بمعنى: هذا الكتاب.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 06:30 م]ـ
قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم .. } الآية.
هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون؛ لأن من خُتم على قلبه وجُعلت الغشاوة على بصره، سُلبت منه القدرة على الإيمان. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع بمشيئتهم وإرادتهم، كقوله تعالى: {فاستحبوا العمى على الهدى}، وكقوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة}، وكقوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} الآية، وكقوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم} الآية، وكقوله تعالى: {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} الآية.
والجواب: أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم، كل ذلك عقاب من الله لهم على مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم، فعاقبهم الله بعدم التوفيق جزاء وفاقاً، كما بينه تعالى بقوله: {بل طبع الله عليها بكفرهم}، وقوله: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة}، وبقوله: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}، وقوله: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} الآية، وقوله: {بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}، إلى غير ذلك من الآيات.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 08:37 م]ـ
تأملوا وتدبروا بارك الله فيكم قبل أن تقرؤوا
قبل البدء بإتمام ما بدأت من نقل لطائف وفوائد الشيخ الشنقيطي - رحمه الله تعالى- في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب أود أن أقول لإخوتي وأخواتي الكرام: أرجوكم اقرؤوا بلسان قلبكم، وتأملوا، وتدبروا، ففي هذه الفوائد عبر عظيمة، ووقفات جليلة لا يمكن الاستفادة منها إلا إذا تأملناها مليّا، وأنزلناها على واقعنا وأحوالنا، فيتضح لنا سرّ إعجاز هذا الكتاب المجيد، وسر خلوده، ونستشعر عظمته وبيانه وفصاحته وبلاغته، وإذا بآياته تتنزل على قلوبنا كما أنزلت أول مرة، غضّة، رطبة، ثم إذا بها وقد اهتزَّت ورَبَت وأنبتت خشوعاً وإجلالاً وهيبة لمنزِِّلِ هذا القرآن العظيم جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه. نفعنا ورفعنا الله تعالى بهذا القرآن أجمعين.
قوله تعالى: {صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ} الآية.
هذه الآية يدل ظاهرها على المنافقين لا يسمعون، ولا يتكلمون، ولا يبصرون. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك، كقوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم}، وقوله: {وإن يقولوا تسمع لقولهم} الآية، أي لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم، وقوله: {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد}، إلى غير ذلك من الآيات.
ووجه الجمع ظاهر، وهو أنهم بكم عن النطق بالحق وإن تكلموا بغيره، صمٌّ عن سماع الحق وإن سمعوا غيره، عُميٌ عن رؤية الحق وإن رأوا غيره.
وقد بين تعالى هذا الجمع بقوله: {وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فلم تغن عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء .. } الآية؛ لأن ما لا يغني شيئاً فهو كالمعدوم، والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي لا أثر له، ومنه قول قعنب بن أم صاحب:
صمٌّ إذا سمعوا خيرا ذُكرتَ به
وإن ذُكرتَ بسوء عندهم أذنواوقول الشاعر:
أصمُّ عن الأمر الذي لا أريده
وأسْمعُ خلق الله حين أريدوقول الآخر:
فأصْممتُ عمْراً وأعميتُهُ
عن الجود والفخر يوم الفخاروكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم. قال هبيرة بن أبي وهب المخزومي:
وإن كلام المرء في غير كنهه
لَكَالنُّبل تهوي ليس فيها نصالُها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Jun 2006, 09:45 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:31 ص]ـ
قوله تعالى: {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة} الآيةهذه الآية تدل بظاهرها على أن الله لا يكلم الكفار يوم القيامة؛ لأن قوله تعالى: {ولا يكلمهم}، فعل في سياق النفي، وقد تقرر في علم الأصول أن الفعل في سياق النفي، من صيغ العموم، وسواء كان الفعل متعديا، لا زماً، على التحقيق، خلافاً للغزالي القائل بعمومه في المتعدي، دون اللازم. وخلاف الإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالى – في ذلك، خلاف في حال، لا في حقيقة؛ لأنه يقول: إن الفعل في سياق النفي ليس صيغة للعموم، ولكنه دل عليه بالالتزام. أي لأنه يدل على نفي الحقيقة، ونفيها يلزمه نفي جميع الأفراد، فقوله: لا أَكَلتُ – مثلاً – ينفي حقيقة الأكل، فيلزمه نفي جميع أفراده.
وإيضاح عموم الفعل في سياق النفي؛ أن الفعل ينحلُّ عن مصدر وزَمَن عند النحويين، وعن مصدر وزمن ونسبة عند البلاغيين، فالمصدر داخل في معناه إجماعاً، فالنفي داخل على الفعل، ينفي المصدر الكامن في الفعل، فيؤول إلى معنى النكرة في سياق النفي.
ومن العجيب أن أبا حنيفة –رحمه الله تعالى – يوافق الجمهور على أن الفعل في سياق النفي إن اُكَّد بمصدر نحو: شربت الماء شربا – مثلاً – أفاد العموم، مع أنه لا يوافق على إفادة النكرة في سياق النفي للعموم.
وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الله تعالى يكلم الكفار يوم القيامة، كقوله تعالى: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون* قال اخسئوا فيها ولا تكلمون .. } الآية.
والجواب عن هذا بأمرين: الأول، وهو الحق: أن الكلام الذي نفى الله أنه يكلمهم به، وهو الكلام الذي فيه خير، وأما التوبيخ والتقريع والإهانة، فكلام الله به من جنس عذابه لهم، ولم يقصد بالنفي في قوله: {ولا يكلمهم}.
الثاني: أنه لا يكلمهم أصلاً، وإنما تكلمهم الملائكة بإذنه وأمره.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:39 ص]ـ
قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا} الآية. هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم لم يُؤمروا بقتال الكفار إلا إذا قاتلوهم، وقد جاءت آيات أخر تدل على وجوب قتال الكفار مطلقاً، قاتلوا أم لا، كقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، وقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مقعد}، كقوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون}.
والجواب عن هذا بأمور:
الأول، وهو أحسنها وأقربها: أن المراد بقوله: {الذين يقاتلونكم}، تهييج المسلمين وتحريضهم على قتال الكفار، فكأنه يقول لهم: هؤلاء الذين أمرتكم بقتالهم، هم خصومكم وأعداؤكم الذين يقاتلونكم. ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}، وخير ما يفسر به القرآن: القرآن.
الوجه الثاني: أنها منسوخة بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وهذا من جهة النظر ظاهر حسن جدا. وإيضاح ذلك: أن من حكمة الله البالغة في التشريع، أنه إذا أراد تشريع أمر عظيم على النفوس، ربما يشرعه تدريجاً لتخف صعوبته بالتدريج، فالخمر – مثلاً – لما كان تركها شاقاً على النفوس التي اعتادتها، ذكر أولاً بعض معائبها بقوله: {قل فيهما إثم كبير}. ثم بعد ذلك حرمها في وقت دون وقت، كما دل عليه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} الآية.
ثم لما استأنست النفوس بتحريمها في الجملة، حرمها تحريماً باتاً بقوله: {رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}.
وكذلك الصوم لما كان شاقا على النفوس، شرعه أولاً على سبيل التخيير بينه وبين الإطعام، ثم رغب في الصوم مع التخيير بقوله: {وأن تصوموا خير لكم}، ثم لما استأنست به النفوس، أوجبه إيجاباً حتماً بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وكذلك القتال على هذا القول، لما كان شاقا على النفوس، أذن فيه أولاً من غير إيجاب، بقوله: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. ثم أوجب عليهم قتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم، بقوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}. ثم لما استأنست نفوسهم بالقتال أوجبه عليهم إيجاباً عاماً، بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مقعد} الآية.
الوجه الثالث: - وهو اختيار ابن جرير، ويظهر لي أنه الصواب -: أن الآية محكمة، وأن معناها: (قاتلوا الذين يقاتلونكم) أي مَن شأنُهم أن يقاتلوكم.
أما الكافر الذي ليس من شأنه القتال، كالنساء والذراري والشيوخ الفانية والرهبان وأصحاب الصوامع ومن ألقى إليكم السَّلَم، فلا تعتدوا بقتالهم؛ لأنهم لا يقاتلونكم، ويدل لهذا الأحاديث المصرِّحة بالنهي عن قتل الصبي، وأصحاب الصوامع، والمرأة، والشيخ الهرم إذا لم يستعن برأيه.
أما صاحب الرأي فيقتل، كدريد بن الصمة، وقد فسر هذه الآية بهذا المعنى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وابن عباس، والحسن البصري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[26 Jun 2006, 03:25 م]ـ
قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ... } الآية.
هذه الآية تدل على طلب الانتقام، وقد أذن الله في الانتقام في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)} (الشورى)، وكقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (النساء: 184)، وكقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} (الحج:60)، وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} (الشورى)، وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (الشورى).
وقد جاءت آيات أخر تدل على العفو وترك الانتقام، كقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}، وقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} (آل عمران)، وكقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)} (فصلت)، وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} (الشورى)
وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} (الأعراف)، وقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} (الفرقان).
والجواب عن هذا بأمرين:
أحدهما: أن بين مشروعة الانتقام، ثم أرشد إلى فضيلة العفو، ويدل لهذا قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)} (النحل)، وقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (النساء: 184)، فأذن في الانتقام بقوله: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}، ثم أرشد إلى العفو بقوله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} (النساء).
الوجه الثاني: أن الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع يحسن فيه كذلك، وإيضاحه: أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله، ألا ترى أن من غصبت جاريته - مثلاً - إذا كان الغاصب يزني بها، فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور تنتهك به حرمات الله، فالانتقام في مثل هذا واجب، وعليه يحمل الأمر في قوله: {فاعتدوا} الآية. أي: كما إذا بدأ الكفار بالقتال، فقتالهم واجب. بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح ونحو ذلك، فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي:
إذا قيل حلمٌ قال للحلم موضع************ وحلم الفتى في غير موضعه جهل
رحم الله تعالى الإمام الشنقيطي وأسكنه فسيح جناته، وعلماء المسلمين، ونحن معهم يارب العالمين.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[26 Jun 2006, 03:26 م]ـ
قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ... } الآية.
هذه الآية تدل على طلب الانتقام، وقد أذن الله في الانتقام في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)} (الشورى)، وكقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (النساء: 184)، وكقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} (الحج:60)، وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} (الشورى)، وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (الشورى).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جاءت آيات أخر تدل على العفو وترك الانتقام، كقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}، وقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} (آل عمران)، وكقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)} (فصلت)، وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} (الشورى)
وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} (الأعراف)، وقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} (الفرقان).
والجواب عن هذا بأمرين:
أحدهما: أن بين مشروعة الانتقام، ثم أرشد إلى فضيلة العفو، ويدل لهذا قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)} (النحل)، وقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (النساء: 184)، فأذن في الانتقام بقوله: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}، ثم أرشد إلى العفو بقوله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} (النساء).
الوجه الثاني: أن الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع يحسن فيه كذلك، وإيضاحه: أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله، ألا ترى أن من غصبت جاريته - مثلاً - إذا كان الغاصب يزني بها، فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور تنتهك به حرمات الله، فالانتقام في مثل هذا واجب، وعليه يحمل الأمر في قوله: {فاعتدوا} الآية. أي: كما إذا بدأ الكفار بالقتال، فقتالهم واجب. بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح ونحو ذلك، فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي:
إذا قيل حلمٌ قال للحلم موضع************ وحلم الفتى في غير موضعه جهل
رحم الله تعالى الإمام الشنقيطي وأسكنه فسيح جناته، وعلماء المسلمين، ونحن معهم يارب العالمين.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[29 Jul 2006, 03:42 م]ـ
قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}.
يقول الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى: هذه الآية تدل بظاهرها على أنه لا يكره أحد على الدخول في الدين، ونظيرها قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (سورة يونس:99)، وقوله تعالى: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} (سورة الشورى:48).
وقد جاء في آيات كثيرة ما يدل على إكراه الكفار على الدخول في الإسلام بالسيف، كقوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (سورة الفتح: 16)، وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (سورة الأنفال:39)؛ أي شرك.
ويدل لهذا التفسير الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله] الحديث.
والجواب عن هذا بأمرين:
الأول، وهو الأصح: أن هذه الآية في خصوص أهل الكتاب. والمعنى: أنهم قبل نزول قتالهم لا يُكرهون على الدِّين مطلقاً، وبعد نزول قتالهم لا يُكرهون عليه إذا أعْطَوُا الجزية عن يد وهم صاغرون.
والدليل على خصوصها بِهِم، ما رواه أبو داود وابن أبي حاتم والنسائي وابن حبان وابن جرير، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كانت المرأة تكون مقلاتاً، فتجعل على نفسها إن عاش لها وَلَد أن تهوده، فلما أُجليتْ بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، المقلات: التي لا يعيش لها ولد. وفي المَثل: أحرُّ من دمع المقلات.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: نزلت: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف، يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلماً، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أسْتَكْرَِههما؛ فإنهما قد أبَيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله الآية.
وروى ابن جرير، أن سعيد ابن جبير سأله أبو بشر عن هذه الآية، فقال: نزلت في الأنصار، فقال: خاصَّةً؟ قال: خاصَّة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة بإسنادين في قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، قال: أُكره عليه هذا الحيُّ من العرب؛ لأنهم كانوا أمة أميّة ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يُقبل منهم غير الإسلام، ولا يُكره عليه أهل الكتاب إذا أقرُّوا بالجزية أو بالخراج، ولم يُفتنوا عن دينهم؛ فيُخلَّى سبيلهم.
وأخرج ابن جرير أيضاً عن الضحاك، في قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، قال: أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان، فلم يَقبل منهم إلا: لا إله إلا الله، أو السيف، ثم أُمر في من سواهم أن يقبل منهم الجزية، فقال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أيضاً، في قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: وذلك لما دخل الناس في الإسلام، وإعطى أهل الكتاب الجزية.
فهذه النقول تدل على خصوصها بأهل الكتاب المُعطين الجزية، ومن في حُكْمهم. ولا يرد على هذا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ لأن التخصيص فيها عُرِف بالنقل عن علماء التفسير، لا بمطلق خصوص السبب.
ومما يدل للخصوص؛ أنه ثبت في الصحيح: [عَجِب ربُّك من قوم يُقادون إلى الجنة بالسلاسل].
الأمر الثاني: أنها منسوخة بآيات القتال؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية. ومعلوم أن سورة البقرة من أول ما نزل بالمدينة، وسورة براءة من آخر ما نزل بها، والقول بالنسخ مرويٌّ عن ابن مسعود وزيد بن أسلم.
وعلى كل حال، فآيات السيف نزلت بعد نزول السورة التي فيها: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} الآية. والمتأخر أولى من المتقدِّم. والعلم عند الله.(/)
لقاء مع طالبة في دورة لحفظ القرآن تجاوز عمرها 80 سنة!!
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[22 Jun 2006, 09:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد ورد إلي على البريد هدا اللقاء، وأحببت نقله إليكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
احبتنا في الله ومهاجرينا الكرام في مشروع الهجرة إلى القرآن فيما يلي لقاء مع مهاجرتنا الفاضلة والقدوة الطيبة صاحبة الهمة العالية الاخت/ محبة المسجد .. من اسرة أختنا الحبيبة أمة الله
في مشروع الهجرة الى القرآن الذي تشرف عليه أكاديمية حفاظ الوحيين العالمية www.alwhyyn.net/vb كنا اخبرنا عنها (هنا) جزاها الله خيراً على اجراء هذا اللقاء الطيب مع الاخت الكريمة محبة المسجد ونقلها لنا وكي لا نطيل عليكم نترككم مع اللقاء المشرف والممتع مع أكبر طالبة في حفاظ الوحيين (81 سنة):
س: نود ان نتعرف على الاسم الكريم .. ؟
ج اسمي عبوش اخوان من مواليد 1925م جنسيتي مغربية ولدي 11 ولدا وكلهم متزوجون
س: ما السبب الذي جعلك تقبلين على حفظ القراًن بعد هذا العمر؟
ج السبب هو انه كانت لدي ندامة كبرى لانني لم تتح لي الفرصة لولوج عالم الدراسة وتزوجت وانا ابنة 14 سنة وانجبت ابنائي وانشغلت في تربيتهم حتى بلغوا المراد والحمد كلهم متفوقون واريد ان ازيدكم علما انني لم اكن اخرج خارج البيت حتى كبر ابنائي وتزوجوا وبدات ازورهم لقد كان زوجي متشددا جدا معي رحمة الله عليه
س: كم تحفظين من القرآن؟
ج احفظ ولله الحمد سورة الدخان - الكهف - الملك- ياسين- الواقعة-وجزء عم وانا على وشك انهاء سورة البقرة ان شاء الله
س: متى التحقت في حلقة تحفيظ القرآن الكريم؟
ج بدات بالحفظ مند وفاة زوجي رحمه الله وكنت استعمل الاشرطة اما عن التحاقي بحلقة التحفيظ مع الاخت امة الله فكان بعد رجوعي من العمرة وكانت دائما تشجعني على حفظ سورة البقرة.
س: ما الطريقة التي قمت باتباعها في عملية الحفظ؟
ج احفظ في كل صلاة ايتين واررددهما طيلة الوقت حتى دخول الصلاة الموالية وازيد آيتين وفي صلاة العشاء اصلي بعشر آيات هدا ادا كانت آيات قصار اما ادا كن طوال فاقسمهن حسب مقدورتي
س: ما هي أمنياتك التي تتمنين تحقيقها في حياتك؟
ج مما لا شك فيه ان امنية كل مؤمن هي حفظ كتاب الله والموت على كلمة التوحيد والشهادة.
س: ما هي نظرتك لمحفظتك وكيف ستردين لها هذا الفضل؟
ج انها تعمل كل ما في وسعها معي ومع الاخوات جميعا صراحة كل ما املك هو الدعاء لها ولابنائها واتمنى من العلي القدير ان يؤتيها سؤلها وان يرزقها حسن الخاتمة وان يجازيها على عملها
س *كيف كانت طريقتك في الحفظ؟
ج - قبل ان التقي بالاخت كنت احفظ سطرا سطرا بواسطة الشريط
س *ما الصعوبات التي واجهتك أثناء الحفظ؟
ج - في الحقيقة واجهت صعوبات كثيرة لانني لم اكن اتقن القراءة ابدا ولكن تجاوزت قليلا منها بفضل دروس محو الامية
س *ما أفضل أوقات الحفظ في رأيك؟
ج - اوقات الحفظ المفضلة لدي هي ما بين العشائين وبعد صلاة الفجر ولا انسى ما بعد كل صلاة
س *توصيات للمبتدئة في الحفظ؟
ج - اوصي الجميع بتحدي كل الصعوبات والمعيقات التي قد تواجهه عند رغبته في الحفظ وخاصة الشيطان اللعين
س - نصيحة توجهينها لمن يريد الحفظ؟
ج - اوصي كل من اراد الحفظ بشرح الآيات قبل حفظها لان دلك يسهله
س - ومادا تقولين لمن هي في سن الشباب؟
ج - اوصي الشباب بالتقرب الى الله وحفظ كتابه لان في دلك منفعة لهم في الدنيا والآخرة.
البقية
http://www.alwhyyn.net/vb/showthread.php?p=67518#post67518
نتمنى وجودكم معنا في منتديات حفاظ الوحيين
والله الموفق
ـ[أريام]ــــــــ[27 Jun 2006, 06:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الذي نشعر من خلاله اهمية نشر المصاحف والاشرطه القرانية في كل الامصار
فكم من هو حريص وذو همة عالية لحفظ القران لكن لا يجد وسائله
ولقد كان من بين الفائزات في مسابقة الامير سلمان في احدى السنوات فتاة امية من جنوب المملكة حفظت القران كاملا من سماعها للاشرطة وهي ترعى الغنم
فسبحان من وفقها لهذا الخير(/)
دفع الإشكال الوارد حول سجود الشمس!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[23 Jun 2006, 12:58 ص]ـ
الحمد لله،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والااه،وبعد:
فهذا جواب عن شبهة أوردها أحد الإخوة من دول المغرب العربي،وبعث بسؤاله إلى موقع الإسلام اليوم،وقد أحببت نشره في هذا الموقع لسببين:
السبب الأول:
أن لهذا علاقة بالقرآن الكريم بصورة لا أحتاج معها إلى الإيضاح.
السبب الثاني:
أنه هالني ما وقفت عليه في بعض المواقع على الشبكة من طعن في هذا الحديث،بل بلغ الأمر ببعضهم ـ من ملاحدة العرب ومنافقيهم ـ إلى السخرية بهذا الحديث،والطعن فيه،ومن ثم الطعن في علمائنا المعاصرين وفتاواهم في هذا الباب ولهذا أطلت فيه،والله المستعان.
السؤال:
في الصحيحين عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتدري أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟ قلت: لا. قال: إنها تنتهي فتسجد تحت العرش، ثم تستأذن، فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً".
أثار هذا الحديث في قلبي شبهة! إذ يفهم منه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يتكلم من منطلق أن الأرض مسطحة وثابتة، والشمس هي التي تدور حولها، تخرج من المشرق، وتغرب من المغرب، أرجو توضيح ذلك؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأشكرك –أخي- على طرح مثل هذه الأسئلة، والبحث عن مخرج لما يقع في القلب من الشبه، فإن العبد إذا أهمل السؤال عن مثل هذه الأمور، ربما أدت به إلى نهايات خطيرة يدخل منها الشيطان على قلب العبد؛ فَيفسِدُ عليه دينه.
أما بالنسبة لما سألت عنه، فجوابه فيما يلي:
1 - اعلم –وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه- أنه إذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أبدا أن يكون معارضاً لما هو كائن في الواقع، بل إما أن فهمنا للواقع غير صحيح، أو فهمنا للنص غير صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر إلا بالحق، وأخبار الوحي –كتاباً وسنة- لا يمكن أن يدخلها الخطأ.
فيبقى الأمر –في حقنا- هو: وجوب النظر فيما يزيل هذا الإشكال الذي وقع في نفوسنا.
2 - اعلم -وفقك الله- أن ظواهر الكتاب والسنة تكاد تصل إلى حد الصراحة -وأؤكد على كلمة ظواهر– في أن الحركة إنما تصدر من الشمس لا من الأرض، ومن ذلك هذا الحديث، ومنه –أيضاً- آيات كثيرة في كتاب الله تعالى، أذكرها الآن؛ ليتضح لك هذا المعنى بشكل جلي:
أ- قوله تعالى: "فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً" [الأنعام:78].
فنسب البزوغ لها.
ب- قوله تعالى -في قصة أصحاب الكهف-: "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَال" [الكهف:17].
فهذه أربعة أفعال نسبت إلى الشمس: الطلوع، والغروب، والتزاور والقرض.
ج- وفي قصة ذي القرنين يقول تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ". إلى قوله "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ". [الكهف:86 - 90].
فنسب الغروب والطلوع إليها.
د- ومن أصرح الأدلة قوله تعالى: "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" إلى قوله سبحانه: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [يس:38 - 40].
فنسب الجري والإدراك للشمس.
هـ- وفي قصة سليمان عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى عنها: "حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ" [ص:32].
أي أن الشمس غربت، فنسب التواري إليها.
فأنت ترى –وفقك الله- أن نسبة هذه الأفعال كلها للشمس ظاهر في أنها تتحرك.
إذا علم ذلك، فاعلم أن القرآن لم ينف أن الأرض تتحرك ولم يثبت ذلك –أيضاً-، وعليه فلا تعارض بين القرآن والواقع العلمي الذي يثبت حركة الأرض، ويكون ما ذكر –من نسبة الأفعال إلى الشمس- هو باعتبار نظر العين لها.
3 - فيما يخص سجود الشمس، وذهابها وسجودها تحت العرش. وكيفية تصوره مع أنها إنما تغرب عنا لتشرق على آخرين، فالجواب عنه سهل –بحمد الله- وذلك من وجهين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: إنه لا مانع أن تكون الشمس في حالة سجود دائم لربها –عز وجل-، وهذا ليس بغريب إذا تصورت أن كل ما في السماوات والأرض يسجد لله، وأن سجود كل شيء بحسبه، كما قال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" [الحج:18].
ومن المعلوم أن سجود الآدميين ليس كسجود السماوات والأرض وبقية هذه المخلوقات العظيمة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، والفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار.
ولا عجب فالملائكة –وهم مخلوقون يتكلمون ويبصرون ويقومون بوظائف جليلة- يقول الله عنهم: "يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ" [الأنبياء:20]. فإذا كان هذا في حق هذه المخلوقات التي كلفت ببعض الوظائف فما ظنك بالجمادات؟! هي من باب أولى في ديمومة سجودها لله تعالى، ومنها الشمس، فهي في حالة سجود واستئذان دائمين في شروقها وغروبها.
فإن قلت: إن قوله في الحديث: "ثم تذهب تسجد" مشعر بأن هناك سجود غير السجود العام الذي دلّت عليه الآية؟!
فالجواب: هذا الذي ذُكر في الإيراد محتمل، والمخرج منه أن يقال:
إن مجرد غروب الشمس عن أعيننا في قطر من الأقطار هو في الوقت ذاته سجود لها، وإن كانت تظهر على آخرين، وهذا تصوره غير عسير –بحمد الله-، ونظيره ما يقال عن كسوف الشمس، فإنك تعلم –وفقك الله- أن الشمس قد تنكسف عن بلدٍ، بينما بلدان أخرى لا يحصل فيها كسوف، مع أن الأرض واحدة والشمس واحدة، فإذا كان هذا متصوراً في الأمور المحسوسة، فتصوره في الأمور الغيبية المعنوية من باب أولى.
الثاني: أن الشمس إنما هي –في هذا الكون العظيم- جرم صغير، فأينما سجدت فهي ساجدة تحت عرش الرب –عز وجل-.
هذا مبلغ علمي في هذه المسألة، وأرجو أن نتخلص بهذا الجواب –مع ما سأذكره لك لاحقاً- من هذا الإشكال، فإن انشرح صدرك لهذا الجواب فالحمد لله، وهذا هو المطلوب، وإلا فعلينا -جميعاً- أن نؤمن ونصدق وإن لم تدرك عقولنا الحقيقة، ونقول: صدق الله ورسوله، مبتعدين بذلك عن مسالك بعض الناس الذين جعلوا عقولهم حاكمة على النصوص، من أمثال المعتزلة أو من تأثر بمسلكهم، يطعنون في هذا الحديث بحجة أنه خبر آحاد!!
وما أعظم جناية هؤلاء على الشريعة! وإنني لأتعجب منهم هل أحاطت عقولهم بالغيب؟!
أليسوا يجهلون كنه وحقيقة الروح التي بين جنوبهم؟! فكيف يتصورون أنهم لابد أن يفهموا وجهة كل نص من النصوص التي تتحدث عن الأمور الغيبية سواء في الدنيا، أو في الآخرة؟!
وكم من الأحاديث التي تتحدث عن أمور غيبية لو حكمنا فيها عقولنا القاصرة لعجزنا عن إدراكها، ولكن معاذ الله أن نجعل عقولنا حاكمة على خبر الله ورسوله، بل نقول في باب الأخبار: آمنا وصدقنا. وفي باب الأحكام: سمعنا وأطعنا. وسيأتي في الفقرة التالية مزيد إيضاح لهذه المسألة العظيمة.
4 - ثمة قاعدة تذكر في هذا الباب –أعني باب الإشكالات التي ترد في النصوص مع الواقع وغيره –وهي قاعدة تريح قلب المؤمن إذا أخذ بها، وهي: أنه إذا لم تزل عنك الشبهة -مع صحة النص الشرعي- فعليك بالتسليم والتصديق ولو لم تفهم، فإن هذه هي حقيقة العبودية، وقل –كما قال خيار هذه الأمة–: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" [البقرة:285].
بل هذه طريقة الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم بقوله: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" [آل عمران:7 - 8].
ولقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في الانقياد والتسليم، وإن كان الأمر في أول وهلة على غير ما تهواه نفوسهم، أولم يفهموا الغرض منه، وإليك مثالاً واحداً يجلي هذه المعاني، ففي الصحيحين أن ظهير بن رافع، وهو عم رافع بن خديج –رضي الله عنهما- لما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صورة معينة من صور المزارعة، قال: لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا رافقاً –يعني فيه رفق بنا- قال رضي الله عنه: وطواعية الله ورسوله أنفع لنا. صحيح البخاري (2339)، وصحيح مسلم (1548).
ولما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الدجال، قال الصحابة –رضي الله عنهم-: وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قلنا: يا رسول الله: فذلك اليوم الذي كسنةٍ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره". صحيح مسلم (2937).
فانظر إلى عمق علم الصحابة –رضي الله عنهم-، كيف لم يقولوا: كيف يكون اليوم كسنة، أو كشهر، أو كجمعة؟ لأنهم يعلمون أن من جعل اليوم (24ساعة)، قادر على جعله أسبوعاً (168ساعة)، وقادر على جعله شهراً (720 ساعة)، وهكذا، بل سألوا عما يخصهم، وهو أمر دينهم، سألوا عن صلاتهم! فرضي الله عنهم وأرضاهم، ما أعمق علمهم، وأقوى تصديقهم! نسأل الله تعالى أن يرزقنا السير على طريقتهم في العلم والعمل، وأن يجمعنا بهم في الجنة بحبنا إياهم، والله تعالى أعلم.
الرابط:
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=105133
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[23 Jun 2006, 09:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله دكتورنا الفاضل فقد أجاد وأفاد وأحكم
وأحب أن أؤكد على أن المسلم لا بد له من الوقوف على التسليم المطلق لما قاله النبي ص إذ أنه ابتداء شهد شهادة الحق بصدق النبي ص وأنه رسول الله ص الذي أرسله ليكون مبلغًا عنه الناس. وأن شهادة المسلم بأنه لا إله إلا الله لم تكن لمجرد أنه سمع الناس يقولون قولاً فقاله، بل أن شهادته حادثة بعلم أعجز أنه لا يكون إلا ذلك. من حقيقة الوجود وترابط الكائنات والهيمنة و ....... إلى آخر ذلك.
وأن رب الكون له رسل بينه وبين الناس هذه الرسل معها المعجزات والدلائل التي بها يثبت لدي الناس أن المرسل رسول لله تعالى.
هذه المعجزات كثيرة مبينة في كتب الشمائل ولو تصورنا أننا عدنا إلى الوراء وكنا حضوراً لمبعث النبي ص ما الذي يثبت به لدينا صدقه إنها الآيات والإعجازات التي كانت معه ص يومئذ من كتاب محكم لا يأتيه الباطل متحدى به أن يأتوا بمثله فعجزوا و ..... مما ثبت به رسالة النبي ص
فبعد ذلك جاء هذا المسلم الذي ثبت بالدليل القطع لديه أن الرسول ص المبلغ له عن الله تعالى الذي يأمره بكذا وكذا من أوامر الشرع ولا بد من الطاعة؟
أقول لما يأتي لهذا المسلم أمر يستغربه (ولم يأت العلم الحديث بعد) لابد له من التصديق المطلق وعدم الشك فقد قام الدليل السابق لديه بصدق النبي ص وجاءه ما لم يستوعبه فالدليل السابق جزم وما يتصوره هو بعقله لن يكون أبداً ناقضاً ولكن لا يستوعبه فما سبق من دليل لا بد له أن يؤمن بهذا الذي أخبر عنه النبي ص من غير شك (وانظر إلى رواية تصديق أبي بكر لأمر الإسراء والمعراج والقول - بالمعنى الآن -: إن كان قاله فقد صدق فإني أصدقه في غير ذلك أصدقه في خبر السماء.
فالذي لا أتصوره ولن يكون ناقضاً أبداً مع ما أعجز البشر جمعاء من أدلة إعجاز كالقرآن والمعجزات التي أتى بها النبي ص تجعل المسلم يحمل ما يستغربه على اليقين بصدق النبي ص وأنه كما قال. ثم يجيء العلم الحديث لنعرف منه حقائق حول الشمس والأرض فهل العلم يكذب ما قاله النبي ص أم أنه زاد المؤمن بأن ما قاله النبي ص لم يخرج إلا من مشكاة النبوة، جاء العلم الحديث بإثبات وتصديق وعدم تكذيب أعجز من هم خارج دائرة العرب فأسلموا (انظر الإعجاز العلمي للقرآن والحديث).
فبعد ذلك وأنا الذي لم أحط علماً جاء ما استغربه ولم أحط به فهماً، فهل كل هذه المعجزات يضرب بها عرض الحائط لأنني أستغرب حديثاً. لا يمكن ذلك فالمعجزات دليل قطع وما أتصوره أنا أو ذلك الرجل دليل ظن بل ليس بدليل إذ هذا المستغرب لن يقطع بكذب المخبر بل لم يقف على معناه. فليس ثم إلا أن المعجز قطع لا يشك فيه فالآخر لا بد من الجزم والإيمان به. والشك فيه مع صحة الخبر شك فيما يبلغه النبي ص عن رب العزة، فيكون بالتالي شك في الله لا يصح إسلام أو إيمان به.
فالمستغرب مثل الإسراء والمعراج لا بد من الإيمان به كما يعلمه الله الذي صحت نبوة من أرسله، وصدق الله وكذبت بطن أخيك. ثم يسأل هل أحاط أحد بذلك علماً؟ فمن رحمة الله الذي يرينا آياته في الآفاق وفي أنفسنا أننا نجد من الآخرين البراهين.
وهنا ما المستغرب حقاً في الحديث؟ وهل الحديث يدل دلالة جازمة على أن الأرض مسطحة وأنها لا تتحرك وأن الشمس هي التي تتحرك فقط دون الأرض.
ليس في الحديث إلا حقيقة أن الشمس تغرب فتسجد تحت العرش.
ليس أكثر ونحن الذي نؤمن بالمشاهد بقضية الفلك والصور الملتقطة للحركات الكائنة لما في الأفق.
أقول: إن السموات والأرض في العرش كحلقة في فلاة (معنى حديث آخر) - والله أعلى وأجل _
والشمس تغرب قطعاً بالنسبة لنا في المكان الذي نعيش قيه، وهي إذ تغرب بالنسبة لنا تسجد تحت العرش.
وهذه الحقيقة المخبر عنها ستتحقق مع آخرين تغرب بالنسبة لهم الشمس عن بلدهم الكائنة من الأرض التي هي والشمس أساساً والسموات التي تعلوها ليسوا من العرش إلا كحلقة في فلاة.
أقول الشمس التي غربت من عند الآخرين (لو تصورنا ما بين كل بلد والأخرى ثانية واحدة) فهي أيضاً تسجد وهي إذ تسجد لن تسجد إلا تحت العرش. فهذا الحديث لا بد أن يقلب من حديث مستغرب عند البعض إلى حديث يدل على الإعجاز. وعند هذا أقف ليتكلم من لهم علم في الفلك.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[23 Jun 2006, 03:23 م]ـ
للمزيد من الإضاءات والتفاصيل
شبهة سجود الشمس تحت العرش. ( http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&id=48&select_page=rodod)
زعم وجود أخطاء جغرافية في القرآن الكريم ( http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&select_page=rodod&id=43)
علماء الإسلام يجمعون على كروية الأرض ( http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=572)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[28 Jun 2006, 10:46 م]ـ
.
2 - اعلم -وفقك الله- أن ظواهر الكتاب والسنة تكاد تصل إلى حد الصراحة -وأؤكد على كلمة ظواهر– في أن الحركة إنما تصدر من الشمس لا من الأرض، ومن ذلك هذا الحديث، ومنه –
شيخنا الفاضل قال الله عز وجل (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 258]
أليس هذا نصا قطعيا في أن الحركة من الشمس، وإلا لم يكن هناك معنى للتحدي وبهتان الملك الكافر؟
وقد رأيتُ شيخكم العلامة ابن عثيمين تكلم على حديث أبي ذر في شرح التوحيد من البخاري بكلام جيد
لأن قولكم سلمكم الله في (سجود دائم) يرده ظاهر الحديث، في أن السجود لا يقع إلا عند الغروب، وفي بعض الألفاظ أنها تخر ساجدة، والقول بإن السجود وهي في موضعها لأنها أصلا تحت العرش فيه ضعف لأنه خلاف الظاهر، لأن في الحديث (تذهب) وتسجد تحته، وتسأذن في الطلوع، ثم يقال لها ارجعي من حيث جئتِ
شيخنا الموقر الشمس في السماء بعيدة عننا، وقد عجز العلم الحديث عن كشف حقيقة يأجوج ومأجوج على كثرتهم في الأرض، فإنهم أكثر أهل الأرض عددا، ويلزم من ذلك أن تكون لهم دوابا وأقواتا كثيرة يرتفقون منها، ومع كثرتهم لم تستطع الأقمار الصناعية تصويرهم!!!(/)
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) أي: في الآخرة لا في الدنيا.
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 Jun 2006, 02:36 م]ـ
كنتُ أقرأ في تفسير سورة الغاشية من جزء (عم) للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى، فوقعت على هذه الفائدة - وكنت أجهلُها -، حيث كنت إذا نظرت إلى بعض أهل الكفر من اليهود والنصارى وأهل البدع المكفرة تذكرتُ هذه الآية، فعندما قرأت تفسيرها أحببت نقلها لكم:
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في تفسير جزء (عم) ص176 ما نصه:
(ثم قسم الله سبحانه وتعالى الناس في هذا اليوم إلى قسمين فقال:
{وجوه يومئذ خاشعة} {خاشعة} أي ذليلة كما قال الله تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} [الشورى: 45]. فمعنى خاشعة يعني ذليلة.
{عاملة ناصبة} عاملة عملاً يكون به النصب وهو التعب.
قال العلماء: وذلك أنهم يكلفون يوم القيامة بجر السلاسل والأغلال، والخوض في نار جهنم، كما يخوض الرجل في الوحل، فهي عاملة تعبة من العمل الذي تكلف به يوم القيامة؛ لأنه عمل عذاب وعقاب، وليس المعنى كما قال بعضهم أن المراد بها: الكفار الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وذلك لأن الله قيد هذا بقوله: {وجوه يومئذ} أي يومئذ تأتي الغاشية، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة. إذن فهي عاملة ناصبة بما تكلف به من جر السلاسل والأغلال، والخوض في نار جهنم أعاذنا الله منها.
ثم اطلعتُ على ما ذكره الإمام الطبري رحمه الله تعالى فوجدته يقول بهذا القول:
وقوله: {وجوه يومئذ خاشعة} يقول تعالى ذكره: وجوه يومئذ , وهي وجوه أهل الكفر به. خاشعة: يقول: ذليلة.
ذكر من قال ذلك:
28668 - حدثنا بشر , قال: ثنا يزيد , قال: ثنا سعيد , عن قتادة {وجوه يومئذ خاشعة}: أي ذليلة.
28669 - حدثنا ابن عبد الأعلى , قال: ثنا ابن ثور , عن معمر , عن قتادة , في قوله: {خاشعة} قال: خاشعة في النار.
(عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ)
وقوله: {عاملة} يعني: عاملة في النار.
وقوله: {ناصبة} يقول: ناصبة فيها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
28670 - حدثني محمد بن سعد , قال: ثني أبي , قال: ثني عمي , قال: ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس {عاملة ناصبة} فإنها تعمل وتنصب في النار.
28671 - حدثني يعقوب , قال: ثنا ابن علية , عن أبي رجاء , قال: سمعت الحسن , قرأ: {عاملة ناصبة} قال: لم تعمل لله في الدنيا , فأعملها في النار.
28672 - حدثنا بشر , قال: ثنا يزيد , قال: ثنا سعيد , عن قتادة {عاملة ناصبة} تكبرت في الدنيا عن طاعة الله , فأعملها وأنصبها في النار.
*- حدثنا ابن عبد الأعلى , قال: ثنا ابن ثور , عن معمر , عن قتادة , في قوله: {عاملة ناصبة} قال: عاملة ناصبة في النار.28673 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: {عاملة ناصبة} قال: لا أحد أنصب ولا أشد من أهل النار) أ. هـ.
وقد يكون هناك من المفسرين من يرى خلاف ذلك، لكن أحببتُ نقل رأي الإمام الطبري والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله للفائدة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:35 م]ـ
أحسن الله إليك يا أخي فالأمر كما توقعت فهناك من المفسرين من يرى خلاف نقلك عن الشيخين رحمهما الله كابن كثير والقرطبي والبغوي وغيرهم من المفسرين رحم الله الجميع
قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند هذه الآية:
(قوله تعالى {عاملةٌ ناصبةٌ} أي: قد عملت عملاً كثيراً ونصبت فيه ,وصليت يوم القيامة ناراً حاميةً.
قال الحافظ أبو بكر البرقاني: حدثنا إبراهيم بن محمد المزكي حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا هارون بن عبدالله حدثنا سيار حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عمران الجوني يقول: مرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدير راهب, قال: فناداه ياراهب فأشرفَ قال: فجعل عمر ينظر إليه ويبكي ,فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيكمن هذا؟ قال: ذكرت قول الله عزوجل في كتابه (عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية) فذاك الذي أبكاني.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول القرطبي رحمه الله عند قوله تعالى {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون}:فبعض الآية في الآخرة وبعضها في الدنيا , ونظيرها {وجوه يومئذ خاشعة} فهذا في الآخرة , {عاملة ناصبة} في الدنيا).
ويقول -رحمه الله -في الغاشية: ثم قال: {عاملة ناصبة} فهذا في الدنيا لأن الآخرة ليست دارَ عمل , فالمعنى: عاملة ناصبة في الدنيا , خاشعة في الآخرة.)
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 Jun 2006, 10:14 م]ـ
جزاك الله خيرا.
نقل الشيخ إحسان العتيبي وفقه الله تعالى في مللتقى أهل الحديث هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من مجموع الفتاوى (16/ 217 - 220):
قال شيخ الإسلام:
قوله (هل أتاك حديث الغاشية. و جوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى نارا حامية. تسقى من عين آنية) فيها قولان:
أحدهما:
أن المعنى: و جوه في الدنيا خاشعة، عاملة ناصبة، تصلى يوم القيامة نارا حامية، و يعنى بها:
عبَّاد الكفار كالرهبان و عباد البدود، و ربما تؤولت في أهل البدع كالخوارج.
القول الثاني:
أن المعنى: أنها يوم القيامة تخشع أي: تذل و تعمل و تنصب.
قلت: هذا هو الحق، لوجوه:
أحدها:
أنه على هذا التقدير يتعلق الظرف بما يليه أي و جوه يوم الغاشية خاشعة عاملة ناصبة صالية و على الأول لا يتعلق إلا بقوله (تصلى) و يكون قوله (خاشعة) صفة للوجوه قد فصل بين الصفة و الموصوف بأجنبى متعلق بصفة أخرى متأخرة، و التقدير: و جوه خاشعة، عاملة ناصبة، يومئذ تصلى نارا حامية، و التقديم و التأخير على خلاف الأصل، فالأصل: إقرار الكلام على نظمه و ترتيبه لا تغيير ترتيبه.
ثم إنما يجوز فيه التقديم و التأخير مع القرينة أما مع اللبس فلا يجوز لأنه يلتبس على المخاطب و معلوم أنه ليس هنا قرينة تدل على التقديم و التأخير بل القرينة تدل على خلاف ذلك فإرادة التقديم و التأخير بمثل هذا الخطاب خلاف البيان و أمر المخاطب بفهمه تكليف لما لا يطاق.
الوجه الثاني:
أن الله قد ذكر و جوه الأشقياء و وجوه السعداء فى السورة فقال بعد ذلك و جوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية و معلوم أنه إنما و صفها بالنعمة يوم القيامة لا فى الدنيا إذ هذا ليس بمدح فالواجب تشابه الكلام و تناظر القسمين لا إختلافهما و حينئذ فيكون الأشقياء و صفت و جوههم بحالها فى الآخرة.
الثالث:
أن نظير هذا التقسيم قوله (و جوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة. و وجوه يومئذ باسرة. تظن أن يفعل بها فاقرة) و قوله (و جوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة. و وجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة. أولئك هم الكفرة الفجرة)
و هذا كله و صف للوجوه لحالها فى الآخرة لا فى الدنيا.
الرابع:
أن و صف الوجوه بالأعمال ليس فى القرآن و إنما فى القرآن ذكر العلامة كقوله (سيماهم فى وجوههم) و قوله (و لو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم) و قوله (تعرف في و جوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)
و ذلك لأن العمل و النصب ليس قائما بالوجوه فقط بخلاف السيما و العلامة.
الخامس:
أن قوله (خاشعة. عاملة ناصبة) لو جعل صفة لهم فىالدنيا لم يكن فى هذا اللفظ ذم فإن هذا إلى المدح أقرب و غايته أنه و صف مشترك بين عباد المؤمنين و عباد الكفار و الذم لا يكون بالوصف المشترك و لو أريد المختص لقيل خاشعة للأوثان مثلا عاملة لغير الله ناصبة فى طاعة الشيطان و ليس فى الكلام ما يقتضي كون هذا الوصف مختصا بالكفار و لا كونه مذموما و ليس فى القرآن ذم لهذا الوصف مطلقا و لا و عيد عليه فحمله على هذا المعنى خروج عن الخطاب المعروف فى القرآن.
السادس:
أن هذا الوصف مختص ببعض الكفار و لا موجب للتخصيص فإن الذين لا يتعبدون من الكفار أكثر وعقوبة فساقهم فى دينهم أشد فىالدنيا و الآخرة فإن من كف منهم عن المحرمات المتفق عليها و أدى الواجبات المتفق عليها لم تكن عقوبته كعقوبة الذين يدعون مع الله إلها آخر و يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق و يزنون فإذا كان الكفر و العذاب على هذا التقدير فىالقسم المتروك أكثر و أكبر كان هذا التخصيص عكس الواجب.
السابع:
أن هذا الخطاب فيه تنفير عن العبادة و النسك إبتداء ثم إذا قيد ذلك بعبادة الكفار و المبتدعة و ليس فى الخطاب تقييد كان هذا سعيا فى إصلاح الخطاب بما لم يذكر فيه) أ. هـ.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2006, 06:12 ص]ـ
ورجح السعدي أن ذلك في الآخرة فقال: ({عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} أي: تاعبة في العذاب، تجر على وجوهها، وتغشى وجوههم النار.
ويحتمل أن المراد [بقوله:] {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} في الدنيا لكونهم في الدنيا أهل عبادات وعمل، ولكنه لما عدم شرطه وهو الإيمان، صار يوم القيامة هباء منثورا، وهذا الاحتمال وإن كان صحيحًا من حيث المعنى، فلا يدل عليه سياق الكلام، بل الصواب المقطوع به هو الاحتمال الأول، لأنه قيده بالظرف، وهو يوم القيامة، ولأن المقصود هنا بيان وصف أهل النار عمومًا، وذلك الاحتمال جزء قليل من أهل النار بالنسبة إلى أهلها؛ ولأن الكلام في بيان حال الناس عند غشيان الغاشية، فليس فيه تعرض لأحوالهم في الدنيا.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 Oct 2006, 01:35 ص]ـ
المشايخ الفضلاء /
جزاكم الله خير الجزاء.(/)
"أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً "!
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[24 Jun 2006, 11:48 ص]ـ
السلام عليكم
يقول الله تعالى في سورة الحجرات:"أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ".قال القرطبي في تفسيره:"مَثّل الله الغِيبة بأكل الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه كما أن الحي لا يعلم بغِيبة من ?غتابه. وقال ابن عباس: إنما ضرب الله هذا المثل للغِيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذا الغِيبة حرام في الدّين وقبيح في النفوس. وقال قتادة: كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً كذلك يجب أن يمتنع من غِيبته حيًّا. واستعمِل أكل اللحم مكان الغِيبة لأن عادة العرب بذلك جارية. قال الشاعر:
< B> فإن أكلوا لحمي وفَرت لحومهم ... وإن هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لهم مَجْدا </ B>
وقال صلى الله عليه وسلم: " ما صام من ظل يأكل لحوم الناس " فشبّه الوقيعة في الناس بأكل لحومهم. فمن تنقّص مسلماً أو ثَلَم عرضه فهو كالآكل لحمه حيًّا، ومن ?غتابه فهو كالآكل لحمه ميتاً.
وقال الشوكاني:"مثل سبحانه الغيبة بأكل الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحيّ لا يعلم بغيبة من اغتابه، ذكر معناه الزجاج. وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه، وأنه كما يحرم أكل لحمه يحرم الاستطالة في عرضه، وفي هذا من التنفير عن الغيبة، والتوبيخ لها، والتوبيخ لفاعلها، والتشنيع عليه ما لا يخفى، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية، وتستكرهه الجبلة البشرية، فضلاً عن كونه محرّماً شرعاً " فَكَرِهْتُمُوهُ ".
وقال إبن عطية في تفسيره:"ثم مثل تعالى الغيبة بأكل لحم ابن آدم الميت، والعرب تشبه الغيبة بأكل اللحم. فمنه قول الشاعر سويد بن أبي كاهل اليشكري: (الرمل)
< B> فإذا لاقيته عظّمني ... وإذا يخلو له لحمي رتع </ B>
واما إبن عاشور فقد قال:"وإنما قال: " ولا يغتب بعضكم بعضاً " دون أن يقول: اجتنبوا الغيبة. لقصد التوطئة للتمثيل الوارد في قوله: " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا " لأنه لما كان ذلك التمثيل مشتملاً على جانب فاعل الاغتياب ومفعولِه مُهّد له بما يدلّ على ذاتين لأن ذلك يزيد التمثيل وضوحاً.
فالملاحظ ان كل المفسرين حملوا المعنى على المجاز ولم يحملوه على الحقيقة, لأن أكل لحم الانسان حقيقة لا يقع فكانت الاستعارة والتمثيل أبلغ في التعبير وأقصد ... وهذا هو المرام من المجاز.
وانتشار التشبيه والاستعارة وأنواع المجاز المختلفة يقدم التعبير الدقيق والتصوير الواضح للمعاني الكثيرة في عبارات مختصرة قليلة الألفاظ توصل المعاني المرادة من المتكلم إلى السامع في أقل وقت وفي سياق هذه العبارات من القرائن ما يلفت نظره إلى المعنى المقصود بل يكتفي المتكلم في أحيان كثيرة بالقرائن (الحالية) المفهومة من موضوع الحديث أو حال المتكلم أو السامع. فالحقيقة تدل على معناها بنفسها وتتبادر إلى فهم السامع عند عدم وجود قرينة صارفة بمجرد سماع الألفاظ، والمجاز لا يدل على معناه إلا بوجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي وتتفاوت الأفهام في ملاحظة هذه القرينة والتنبه لها، لذا كان المجاز بأنواعه من معايير تذوق اللغات ورقيها(/)
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[25 Jun 2006, 12:54 ص]ـ
يقول الله تعالى:" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" (الاسراء) ,وقد اجمع المفسرون على انه لا عذاب لمن لم يصله من الله خبراً، ويأتيه من الله بيِّنة، ويبعث فيهم رسولاً.
وهذه مقتطفات من اقوال بعضهم:
قال الطبرسي:"معناه وما كنا معذبين قوماً بعذاب الاستئصال إلا بعد الإعذار إليهم والإنذار لهم بأبلغ الوجوه وهو إرسال الرسل إليهم مظاهرة في العدل وإن كان يجوز مؤاخذتهم على ما يتعلق بالعقل ومعجلاً فعلى هذا التأويل تكون الآية عامة في العقليات والشرعيات, وقال الأكثرون من المفسرين وهو الأصح أن المراد بالآية أنه لا يعذب سبحانه في الدنيا ولا في الآخرة إلا بعد البعثة فتكون الآية خاصة فيما يتعلق بالسمع من الشرعيات فأما ما كانت الحجة فيه من جهة العقل وهو الإيمان بالله تعالى فإنه يجوز العقاب بتركه وإن لم يبعث الرسول عند من قال إن التكليف العقلي ينفك من التكليف السمعي على أن المحققين منهم يقولون إنه وإن جاز التعذيب عليه قبل بعثة الرسول فإنه سبحانه لا يفعل ذلك مبالغة في الكرم والفضل والإحسان والطول فقد حصل من هذا أنه سبحانه لا يعاقب أحداً حتى ينفذ إليهم الرسل المنبّهين إلى الحق الهادين إلى الرشد استظهاراً في الحجة لأنه إذا اجتمع داعي العقل وداعي السمع تأكد الأمر وزال الريب فيما يلزم العبد. وقد أخبر سبحانه في هذه الآية عن ذلك وهذا لا يدل على أنه لو لم يبعث رسولاً لم يحسن منه أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقلية إلا أن يفرض في بعثة الرسول لطفاً فإن عند ذلك لا يحسن منه سبحانه أن يعاقب أحداً إلا بعد أن يوجه إليه مما هو لطف له فيزاح بذلك علته.
وقال الزمخشري: وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ} وما صحّ منا صحة تدعو إليها الحكمة أن نعذب قوماً إلا بعد أن {نَبْعَثَ} إليهم {رَسُولاً} فتلزمهم الحجة. فإن قلت: الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسل، لأنّ معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله، وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه، واستيجابهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم، وكفرهم لذلك، لا لإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف، والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان. قلت: بعثة الرسل من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة، لئلا يقولوا: كنا غافلين فلو لا بعث إلينا رسولاً ينبهنا على النظر في أدلة العقل.
وقال إبن عاشور: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى? نَبْعَثَ رَسُولاً} عطف على آية {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه} الآية.
وهذا استقصاء في الإعذار لأهل الضلال زيادة على نفي مؤاخذتهم بأجرام غيرهم، ولهذا اقتصر على قوله: {وما كنا معذبين} دون أن يقال ولا مثيبين. لأن المقام مقام إعذار وقطع حجة وليس مقام امتنان بالإرشاد. والعذاب هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} [الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين} [الشعراء: 209] وقال: {فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها.
على أننا إذا اعتبرنا التوسع في الغاية صح حمل التعذيب على ما يعم عذاب الدنيا والآخرة.
ووقوع فعل {معذبين} في سياق النفي يفيد العموم، فبعثة الرسل لتفصيل ما يريده الله من الأمة من الأعمال.
ودلت الآية على أن الله لا يؤاخذ الناس إلا بعد أن يرشدهم رحمة منه لهم. وهي دليل بين على انتفاء مؤاخذة أحد ما لم تبلغه دعوة رسول من الله إلى قوم، فهي حجة للأشعري ناهضة على الماتريدي والمعتزلة الذين اتفقوا على إيصال العقل إلى معرفة وجود الله، وهو ما صرح به صدر الشريعة في التوضيح في المقدمات الأربع. فوجود الله وتوحيده عندهم واجبان بالعقل فلا عذر لمن أشرك بالله وعطل ولا عذر له بعد بعثة رسول.
وتأويل المعتزلة أن يراد بالرسول العقل تطوُّحٌ عن استعمال اللغة وإغماض عن كونه مفعولاً لفعل {نبعث} إذ لا يقال بعث عقلاً بمعنى جعل.
هذه اقوال بعض المفسرين, والسؤال الذي يطرح نفسه الان: هل كفارهذا الزمان ممن تنطبق عليهم هذه الآية ,أي أن الله ليس بمعذبهم لعدم إيصال الاسلام اليهم على نمط يلفت النظر, خاصة بعد ان هدمت الخلافة وتغيّب تطبيق الاحكام الشرعية من قِبل الدولة.
لقد حسم هذا الامر إبن عاشور حيث قال:"والعذاب هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} [الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين} [الشعراء: 209] وقال: {فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها. على أننا إذا اعتبرنا التوسع في الغاية صح حمل التعذيب على ما يعم عذاب الدنيا والآخرة".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 Jun 2006, 02:58 م]ـ
(لا عذاب لمن لم يصله من الله خبرا .. ) صواب القول: خبرٌ. وبالله التوفيق.
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[25 Jun 2006, 03:28 م]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل منصور مهران, شكرًا على التصحيح وبارك الله فيك, وجّل من لا يسهو.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[13 Aug 2010, 07:38 م]ـ
الأخ الكريم أبوإسحاق .. بارك الله فيك
ما نقلته عن الطبرسي (الشيعي) والزمخشري (المعتزلي) في تفسير هذه الآيات لا يخلو من مخالفات عقدية، مبنية على مسألة التحسين والتقبيح العقليين.
وكلام أئمة التفسير الذين هم على الجادة في المعتقد يغني عن النقل عن تفاسير تشتمل على مثيل ما تقدم.
وكان الأولى على الأقل عدم تصدير النقل عنهما، والإشارة إلى الخطأ المشتمل عليه كلامهما.
ودم مفيدًا.
هذه أول مشاركة لي.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Aug 2010, 08:03 م]ـ
والسؤال الذي يطرح نفسه الان: هل كفارهذا الزمان ممن تنطبق عليهم هذه الآية ,أي أن الله ليس بمعذبهم لعدم إيصال الاسلام اليهم على نمط يلفت النظر, خاصة بعد ان هدمت الخلافة وتغيّب تطبيق الاحكام الشرعية من قِبل الدولة.".
هذا السؤال جوابه عند ربي وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو:
هل قام المسلمون بواجبهم في دعوة البشرية إلى الإسلام؟
هذا السؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابته عند المسلمين على جميع المستويات وفي مقدمتهم الحكام والعلماء
والله إن الله تعالى سيسألنا جميعا
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) الزخرف (44)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Aug 2010, 10:27 م]ـ
في الحديث عن النبي عليه الصلاة ةوالسلام أنه قال: (أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما))(/)
سؤال إلى د مساعد طيار (حفظه الله)
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[28 Jun 2006, 03:54 ص]ـ
السلام عليكم
أمتعني حديثكم في قناة المجد الفضائية , ومن قبله لقاء الشيخ عبد الرحمن الشهري حفظه الله
حيث أثار شجوني بما عرضة من كتب التجويد القديمة وكلها عندي ولله الحمد والمنة.
والسؤال هو: تحدثكم في مكالمة تليفونية قبل لقائكم المبارك في قناة المجد وقلتم أن المقادير المنصوص عليها في كتب التجويد اجتهادية , فهل يجوز الخلط بين مراتب المدود وغيرها من القواعد التقديرية؟
مثلا لو قرأت لحفص عن عاصم من طريق الشاطبية المد المتصل بقدر ألف ونصف هل في ذلك حرج مدام المسألة أجتهادية.
ولو كانت المقادير اجتهادية باجتهاد من نأخذ؟ أرجو توضيح المسألة بارك الله فيكم.
واعلم أني أحبك في الله والشيخ الشهري.
والسلام عليكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Jul 2006, 08:33 م]ـ
أحبك الله يا شيخ فرغلي، أسأل الله أن يجمعنا في مستقر رحمته.
أما سؤالك عن المقادير، فهذا جوابه:
ليعلم القارئ أن ما ضيطه العلماء وسارت عليه كلمتهم هي المعتبرة في كل علم من العلوم.
وعلم القراءات وتجويد القراء للقرآن قد عُرِف بطرق منضبطة ومضوبطة عنهم فلا يحسن التخليط في ذلك، وإلا لذهبت قواعدُ من هذين العلمين، ولاختلت طرق القراءة، ولدخلها الخطأ الكثير، وذلك مما جعل بعض العلماء يحرم خلط الطرق في القراءات.
والذي أردت التنبيه عليه في كلامي الذي نقلته يا شيخ فرغلي هو أن بداية ضبط العلماء لهذه المقادير كان اجتهادًا، فهم سمعوا من أشياخهم إلى أن يصل السند إلى الصحابة هذه المدود، لكن لم يرد عن الصحابة ولا عن من هم دونهم من التابعين وأتباعهم تقييدات لهذه المقادير، وإنما ورد التقييد بالمقادير عن أعلام القرن الثالث، وذلك واضح من نقل ابن الجزري لمراتب المد المتصل عن علماء هذه الفترة، ويمكنك مراجعة النشر في القراءات العشر في كلامه عن المد المتصل.(/)
(مناهج المفسرين) مع الدكتور حازم سعيد حيدر في برنامج (مبادئ العلوم)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jun 2006, 03:10 م]ـ
عُرضت مساء الثلاثاء 1/ 6/1427هـ حلقةٌ من برنامج (مبادئ العلوم) - الذي يعده ويقدمه الأخ الكريم معمر بن عبدالرحمن العمري على قناة المجد العلمية - حول علم (مناهج المفسرين) في حوار ممتع مع الدكتور حازم بن سعيد حيدر الباحث بمركز الدراسات القرآنية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة النبوية.
وقد تحدث الدكتورحازم حيدر في بداية اللقاء عن المقصود بمناهج المفسرين، وعرج على تعريف (طبقات المفسرين)، وذكر طبقات المفسرين وأهمية كل طبقة.
وأشار إلى حداثة نشأة علم مناهج المفسرين في القرن الرابع عشر الهجري، وأشار إلى أهمية عناية طالب العلم بمعرفة مناهج المفسرين في كتبهم، ليكون تعامله مع هذه الكتب على علم.
وتعرض في اللقاء لأهم مسائل الموضوع:
- أهم المؤلفات فيه.
- اتجاهات التفسير.
- شروط المفسر.
شكر الله للدكتور حازم ما تفضل به، وبارك فيه وفي جهوده العلمية التي نتابعها مكتوبة من خلال مؤلفاته وتحقيقاته. وشكر الله للأخ الكريم معمر العمري جهده في هذه القناة العلمية وفي هذا البرنامج المتميز.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[03 Jul 2006, 03:45 ص]ـ
شكر الله لكم شيخنا الفاضل دعمكم المستمر , ومشاعركم الطيبة , ولا أستغني عن ملاحظاتكم القيمة , وتوجيهاتكم السديدة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Jul 2006, 04:42 ص]ـ
شكر الله سعيك يا أخي معمر على جهودك التي تبذلها في برنامج المتميز، وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء.
اختيار موفق يا أخ معمر، وأسأل الله أن يوفقك ويوفق الشيخ حازم لكل خير، وكم أتمنى لو يتحفنا الشيخ حازم في هذا الملتقى، ويعجِّل بإعادة طباعة كتابه النفيس (علوم القرآن بين البرهان والاتقان).
ـ[أبو حسن]ــــــــ[03 Jul 2006, 12:59 م]ـ
الكتاب موجود في بعض المكتبات بالرياض
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jul 2006, 01:00 م]ـ
بارك الله في جهود هذه القناة العلمية، وشكر الله للشيخ حازم على ما قدم .. ومزيد من العطاء للأخ معمر العمري ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jul 2006, 04:27 م]ـ
د. حازم بن سعيد حيدر.
ولد عام 1384هـ في طولكرم بفلسطين. حفظ القرآن الكريم وجوده صغيراً، ثم رحل إلى المدينة المنورة ودرس في مدارسها، ثم في الجامعة الإسلامية وأكمل فيها دراساته العليا في كلية القرآن الكريم. قرأ القراءات العشر الصغرى على الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الزيات، وقرأ عليه رواية حفص عن عاصم من طريق الطيبة، وقرأ بعض القراءات على الشيوخ: محمد تميم الزعبي، وعبدالفتاح المرصفي، وعبدالرحمن البري، وأبي الحسن محيي الدين الكردي.
من مؤلفاته: علوم القرآن بين البرهان والإتقان وهو رسالته للدكتوراه وهو مطبوع بمكتبة دار الزمان في المدينة المنورة، ويطبع الآن الطبعة الثانية، ومن تحقيقاته: شرح الهداية في القراءات السبع لأبي العباس المهدوي، وله بحوث منشورة. وفقه الله وسدده.
انظر ترجمته في كتاب (منة الرحمن في تراجم أهل القرآن للدكتور إبراهيم محمد الجرمي) ص 59
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jul 2006, 11:39 ص]ـ
الأخ الكريم أبو حسن
في أي المكتبات؟
ـ[أبو حسن]ــــــــ[05 Jul 2006, 07:34 م]ـ
مرحبا بك شيخنا الفاضل
الكتاب موجود في مكتبة بلنسية بالسويدي ت: 4253883
وربما في مكتبة المؤيد(/)
نرجو رأيكم فيما يسمى (البيان بالحساب)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[29 Jun 2006, 10:12 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء الملتقى الكرام من مشائخ كرام واخوة واخوات أفاضل
نرجو رأيكم حول ما يسمى بالبيان بالحساب وإليكم هذا الموضوع الذي تم وضعه في احد المنتديات ونرجو الرد عليه للأهمية
البيان بالحساب
أولاً:
البيان بالحساب علم متعارف عليه لدى جميع الامم من لدن ءادم الى النبي الخاتم
ولقد كان حساب الاحرف الابجدية يدرس في المدارس الابتدائة تحت اسم القاعدة
البغدادية وكان تحت كل حرف رقم حسابه وكانت هذه القاعدة موجودة في الجزء
الاخير من القرءان و الذي يسمى بجزء عم وانا ممن تعلمتها في المدرسة
الابتدائية
ثانيا:
لقد كان ولا يزال يؤرخ لبناء المساجد والمدارس والاحداث الهامة بالحساب ولقد
بين الله بالحساب تاريخ نزول القرءان واول سوره نزولا وعدد ءاياته وسوره
وعدد العلامات على احزابه وبين تاريخ ما حدث اثناء وجود النبي الخاتم وما
سيحدث الى يوم القيامة بالحساب وبين العبادات وكيفيتها واوقاتها وسائر الاحكام
وفصل عدد السنين وكل شيء بالحساب لكي يعلم العباد بذالك. وبين بالحساب كيفية القبر واتجاهه وكيفية وضع الميت فيه
قال تعالى
(وجعلنا اليل والنهار ءايتين فمحونا ءاية اليل وجعلنا ءاية النهار مبصرة لتبتغو
فضلا من ربكم ولتعلمو عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا)
ثالثا:
البيان بالحساب هو الميزان الذي يزن كل شيء بحساب احرف الآية المنوطة به
ليبينها بيانا يشفي به صدور المؤمنين من الشك والريب ويزهق به تأويلات
المشركين الزائغة وتفاسيرهم المحرفة لايات الله وفتاواهم الضالة ويلحق بهم وبعباداتهم واحكامهم الفاسدة الخسران المبين
قال تعالى
(الرحمان علم القرءان خلق الانسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم
والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان ان لا تطغو في الميزان واقيمو
الوزن بالقسط ولاتخسرو الميزان)
وقال جل ذكره:
(لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)
وقال العليم الحكيم:
(وقل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقا وننزل من القرءان ما هو شفاء
ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا)
رابعاً:
علم البيان بالحساب غاب فهمه عن عقول الاكثرية من الناس كما غاب عنهم نص
الايات القرءانية التي بينت لهم شرع الله ودينه واحكامه من صلاة وزكاة وصوم
وحج …الخ وذلك بسبب تأويلات الزائغين عن الحق بالروايات الكاذبة والتفاسير
المحرفة لايات الله البينات ولقد صالوا وجالوا بالروايات الكاذبة المتناقضة لفظا
ومعنى حول الاحرف الابجدية كي يصرفو اذهان الناس عن فهمها وفي مقدمتها
الاحرف التي فتحت بها تسعة وعشرين سورة من سور القرءان حتى اصبح
الاكثرية كالأنعام لايعقلون كلام الله ولايسمعون لمن يذكرهم بالقرءان الكريم
قال تعالى
(ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا….)
خامساً:
الله يحيي بنور علمه من يشاء من أولائك الذين ماتت قلوبهم باقوال الزائغين ليبين
به للناس ماهم عليه من شرك وضلال ويدعوهم به الى عبادة الله وحده
قال تعالى (اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله
في الظلمات ليس بخارج منها كذالك زين للكافرين ما كانو يعملون)
سادساً:
الله يطلع من يشاء من عباده الذين احياهم واجتباهم اليه ليبين للناس ما غاب فهمه
عن عقولهم وامر العباد بالايمان بما علموه من كتابه العزيز ووعدهم على ذالك بالاجر العظيم لأن من يدعو الناس إلى كتاب الله يعد رسولا وليس نبيا يوحى إليه بل تابعا للنبي المرسل
قال تعالى:
(قل هذه سبيلي ادع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)
قال تعالى:
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان
الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنو بالله ورسله وان
تؤمنو وتتقو فلكم اجر عظيم)
سابعاً:
العبد الذي ألهمه الله فهم البيان بالحساب يجعل له حمايه من وسوسة شياطين
الانس والجن لكي يعلم ان الله احاط باقوال الناس واعمالهم الباطلة وبينها في
(يُتْبَعُ)
(/)
جميع الكتب المنزلة على انبيائه وجعل لكل منها ايات تبين للناس اقوالهم واعمالهم
وعبادتهم باللفظ والعدد كي يجتنبوها
قال تعالى:
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين
يديه ومن خلفه رصدا ((ليعلم)) ان قد ابلغو رسالات ربهم واحاظ بما لديهم
واحصى كل شيء عددا)
ثامناً:
البيان بالحساب هو الحكمة والحكمة فيها خير كثير وهي التي يلهم الله من يشاء
لفهمها من عباده ليدعو الناس بها
قال تعالى:
(يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولو الالباب)
وقال جل ذكره:
(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
وقال تعالى:
(ولقد ءاتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله)
تاسعاً:
الحكمة من البيان بالحساب
1 - انه يبين الآيات المتشابهات بالآيات المحكمة.
2 - انه يزيدها بيانا وتفصيلا الى بيانها اللفظي لأن العدد نابع من احرفها.
3 - انه يزيل عن آيات شرع الله ودينه وأحكامه ما نسب أليها من تأويلات زائغة
وتفاسير محرفة وروايات مكذوبة على الله ورسوله.
4 - انه يبين للعباد اقوال المنافقين وشرعهم ودينهم من صلاة وزكاة وصوم وحج
... الخ التي أضلو بها الكثير من الناس باسم الإسلام والاسلام منهم براء كي
يحذروهم ويتبرأو منهم ومن شرعهم ودينهم وفتاواهم الضالة
قال تعالى:
(ومن اظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى للاسلام والله لا يهدي القوم
الظالمين يريدون ليطفئو نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)
5 - انه يخرص ألسنة المؤولين والمحرفين لأنهم لن يستطيعو أن يأتو بمثله ليجادلو
به ولو اجتمع على ذلك شياطين الإنس و الجن.
قال تعالى
(قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتو بمثل هذا القرءان لا ياتون بمثله ولو
كان بعضهم لبعض ظهيرا)
عاشراً:
الله يختص لفهم علمه من يشاء من العباد ليقوم بتبليغه للناس , فقد اختص الله آدم
بتعليمه للأسماء وجعله معلما لمن هم اقدم منه في الخلق واخلص منه في العبودية
واقرب منه منزلة إليه جلت قدرته , وما ذلك إلا درسا وتعليما للناس لكي لا يساء
الضن بالعلم الذي يمنحه الله من يشاء من عباده , حتى لا يقال كيف فلان من
الناس فهم شيئا لم نفهمه ,لأن الاعتبار للعلم الرباني وليس للعبد ولو كان نبيًا
قال تعالى
(وعلم ءادم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان
كنتم صادقين قالو سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم قال يا ءادم
انبئهم باسمائهم فلما انبأهم بأسمائهم قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات
والارض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون).
الحق ما شهدت به الأعداء
أولا:-
روى ابن كثيرفي كتابه البداية والنهاية عند قوله تعالى (الم {1} غُلِبَتِ لرُّومُ {2}) ... 1 - 2 الروم
أن أبو شامة قال في الروضتين: وقد تكلم شيخنا أبو الحسن علي بن محمد
السخاوي في تفسيره الاول فقال:
وقع في تفسير أبي الحكم الأندلسي – يعني ابن برجان- في أول سورة الروم أخبار
عن فتح بيت المقدس وانه ينزع من أيدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة
قال: وقد ذكر في تفسير سورة القدر أنه لوعلم الوقت الذي نزل فيه القرءان لعلم
الوقت الذي يرفع فيه قلت: ابن برجان ذكر هذا في تفسيره في حدود سنة ثنتين
وعشرين وخمسمائة ويقال إن الملك نور الدين أوقف على ذلك فطمع أن يعيش إلى
سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة لان مولده في سنة إحدى عشر وخمسمائة فتهيأ
لأسباب ذلك حتى أنه اعد منبرا عظيما لبيت المقدس إذا فتحه وقد تحقق ذلك
ثانيا:-
جاء في تفسير البيضاوي بفاتحة سورة البقرة أنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه
اليهود تلا عليهم قوله تعالى (الم {1}) ... 1 البقرة
فحسبوها فقالوا كيف ندخل في دين مدته إحدى وسبعون سنه فتبسم رسول الله
ولم ينكرعليهم فقالوا فهل غيرها فقال (المص) (الر) (المر) فقالوا خلطت علينا
فلا ندري بأيها نأخذ يقول البيضاوي معقبا على ذلك فأن تلاوته إياها بهذا الترتيب
عليهم وتقريرهم على استنباطهم يعتبر أن رسول الله قد أقر اليهود في استنباطهم
هذا الحديث أخرجه البخاري في تاريخه وابن جرير عن طريق ابن إسحاق الكلبي
ثالثا:-
جاء في كتاب (إسلامنا) للدكتور مصطفى الرفاعي ما ذكره صاحب كتاب مشارق
(يُتْبَعُ)
(/)
أنوار اليقين الحافظ رجب البرسي انه روي عن ابن عباس في تفسير قوله
تعالى (وكل شيء فصلناه تفصيلا) اي شرحناه شرحا بينا بحساب الجمل (ألف) أي بحساب الاحرف الابجدية إن تلك الأدلة تشهد بصحة العدد والحساب في القرءان
الكريم والحق ما شهدت به الأعداء ولقد بين الله ذلك في الآيات التالية:-
1 - شهد الله وملائكته بان علم القرءان فيه ولذالك لم يعد بحاجة إلى من يفسره
بالتاويلات والروايات التي ما انزل الله بها من سلطان
قال تعالى
(لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ
شَهِيداً {166}) ... النساء
2 - الله أحاط بعلمه كل قول وفعل وكل مسألة وجعل لكل منها ءايات تبينها باللفظ والمعنى والحساب
قال تعالى
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُو أَنَّ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً {12}) ... الطلاق
3 - الإعجاز العددي الحرفي منها والرقمي هو أحسن التفاسير
قال تعالى
(وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً {33}) ... الفرقان
4 - العبد الذي الهمه الله فهم ما غاب عن عقول الاكثرية يستنبط اقوال المشركين
واعمالهم التي اكتتبوها بايديهم منذ عهد النبي وحتى يومنا هذا باللفظ والحساب
ولقد امر الله العباد بعرضها عليهم ليبينوها لهم
قال العزيز العليم:
(ويقولون طاعة فإذا برزو من عندك بيت طائفة منهم (غير الذي تقول) والله يكتب
ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أفلا يتدبرون القرءان
ولوكان من عند غير الله لوجدو فيه إختلافا كثيرا وإذا جاءهم امر من الامن او
الخوف اذاعو به ولو ردوه الى الرسول والى ألي الامر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم ... {83}) ... النساء
وقال جل ذكره:
(فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشترو به ثمنا قليلا
فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون)
وقال العليم الحكيم:
(وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسألو اهل الذكر أن كنتم لا تعلمون)
تنبيه:
1 - حساب الاحرف الابجدية تصاعدية من الواحد الى الالف
2 - علم حساب الاحرف الابجدية علم رباني به يفسر كل شيء ولقد فسر الله نبي الله يوسف رؤيا الفتيان ورؤيا الملكان بالحساب
قال تعالى:
(قال لا يأتيكما طعام ترزقانه الا تبأتكما بتاويله قبل أن ياتيكما ذالكما مما علمني ربي)
حساب احرف قوله تعالى (الا تبأتكما بتأويله) 1000رقم
وحساب احرف قوله تعالى (للرؤيا تعبرون) 1000 رقم
أ 1، ب 2، ج 3، د 4، هـ 5، و 6، ز7، ح 8، ط 9، ي 10، ك 20، ل 30، م 40، ن 50، س 60، ع 70، ف 80، ص 90، ق 100، ر 200، ش 300، ت 400، ث 500، خ 600، ذ 700، ض 800، ظ 900، غ 1000
رابط الموضوع
http://www.alhedayh.com/vb/showthread.php?t=8467
ـ[منصور مهران]ــــــــ[29 Jun 2006, 02:09 م]ـ
هذا اللون من الحساب الذي تحدد فيه قيمة كل حرف بالنسبة للأعداد فيكون لكل حرف من حروف الهجاء (بترتيب يختلف عن الترتيب المعجمي للحروف أ. ب. ت .... إلخ) قيمة رقمية محددة؛ هو ما يُسمى: حساب الجُمَّل، وطريقة تحديد القيمة تبدأ ببيان طريقة قسمة الأعداد وذلك أن الأرقام الآحاد من 1 إلى 9 تختص بالحروف التسعة أبجد هوز حط - كما بينها أو (بينتها) الأستاذ أو (الأستاذة) سلسبيل -، وأرقام العقود من 10 إلى 90 تختص بالحروف التسعة ي كلمن سعفص، وأرقام المئات من 100 إلى 900 تختص بالحروف التسعة قرشت ثخذ ضظ، ورقم 1000 يختص بالحرف غ، وأما مضاعفات الألف فتنشأ من وضع الحرف الدال على مضاعف الألف قبل حرف الألف هكذا جغ للدلالة على 3000 كأن العدد هو ناتج ضرب 3 1000 X ويختلف ترتيب هذه الحرف عند المشارقة عن ترتيبها عند المغاربة، فالمشرقي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ. والمغربي: أبجد هوز حطي كلمن صعفض قرست ثخذ ظغش. قلت: وقد كره بعض أهل العلم قراءة هذه الحروف بالصورة التي كتبتها عليها هنا، ولم أجد لهم دليلا فيما ذهبوا إليه والله أعلم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jun 2006, 04:57 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله رب العالمين .. المكرم سلسبيل ..
هذا الموضوع الذي طرحته .. من أعجب ما قرأت من المواضيع التي لا تتناسق فيها الأدلة مع المدلولات .. ولا المقدمات مع النتائج .. ويزداد العجب من فقد الترابط بين الفقرات الواردة، وبين ما في داخلها من المعاني وبين الآيات التي وردت للتأكيد والاستدلال عليها ..
والوقوف معه يحتاج إلى تطويل ولعل مما يدل على ما سبق ما يلي:
أولاً:
ما جاء في قوله: (البيان بالحساب علم متعارف عليه لدى جميع الامم من لدن ءادم الى النبي الخاتم)
ما الدليل على تعارف الأمم عليه ـ بالمعنى الذي سيمثل عليه الكاتب ـ وما الدليل على تواجده لدى الأمم من لدن آدم عليه السلام إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم .. وهل ما تعلمه آدم عليه السلام من ربه عندما علمه الأسماء كلها هو مضمون هذا العلم؟ وإذا كان الجواب: نعم فأين الدليل؟، بل هو يوجد من قال بهذا من العلماء المحققين؟.
ثانياً:
قوله: (بين الله بالحساب تاريخ نزول القرءان واول سوره نزولا وعدد ءاياته وسوره وعدد العلامات على احزابه وبين ... ) الخ ..
هل المقصود هنا بيانه بحساب الجمل! أو بيانه بالحساب الذي هو الأرقام ..
ولا شك أن الله تعالى لم بيبن كل ما ذكر بحساب الجمل وإلا فأين بينه تعالى؟!
ثالثاً:
أورد الكاتب وفقه الله لداه قوله تعالى: قال تعالى: (وجعلنا اليل والنهار ءايتين فمحونا ءاية اليل وجعلنا ءاية النهار مبصرة لتبتغو فضلا من ربكم ولتعلمو عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا)
على ما سبق في الفقرة الثانية وأين وجه الدلالة؟! .. وإذا كان المقصود قوله تعالى: (الحساب) فالآية لا تدل على ذلك وليس المراد بها حساب الجمل بل عموم الحساب أي أن الله تعالى جعل الشمس والقمر لعلل منها معرفة الحساب والعد وليس حساباً بعينه وهو حساب الجمل ..
ثالثاً:
قوله: (علم البيان بالحساب غاب فهمه عن عقول الاكثرية من الناس كما غاب عنهم نص الايات القرءانية التي بينت ... ) الخ ..
وأين هو هذا العلم وما هي حدوده وشروطه وكيف يمكن استخدامه لاستخراج مكنونات القرآن الكريم ومن من العلماء الموثوقين من قال به؟!
رابعاً:
قوله: (البيان بالحساب هو الحكمة والحكمة فيها خير كثير وهي التي يلهم الله من يشاء لفهمها من عباده ليدعو الناس بها .. ) الخ ..
من قال أن البيان بالحساب هو الحكمة؟!
خامساً:
قوله: (فقد اختص الله آدم بتعليمه للأسماء وجعله معلما لمن هم اقدم منه في الخلق واخلص منه في العبودية واقرب منه منزلة إليه جلت قدرته .. )
هل الملائكة أقرب منزلة من آدم عليه السلام وهل الأمر محل اتفاق ومقرر؟!
وللحديث بقية ...
ـ[سلسبيل]ــــــــ[30 Jun 2006, 07:01 م]ـ
جزاكما الله خيرا
وأنتظر بقية حديث الشيخ فهد الوهبي ولم أضع الموضوع إلا ليرد عليه أهل الإختصاص حيث أن صاحب الموضوع الأصلي قد وضع موضوعا آخر مشابه
بعنوان كيفية الصلاة التي صلى بها رسول الله
http://www.alhedayh.com/vb/showthread.php?p=64951#post64951
ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jul 2006, 02:14 م]ـ
تتمة الجواب:
سادساً:
قوله: (روى ابن كثيرفي كتابه البداية والنهاية عند قوله تعالى (الم {1} غُلِبَتِ لرُّومُ {2}) ... 1 - 2 الروم أن أبو شامة قال في الروضتين: وقد تكلم شيخنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي في تفسيره الاول فقال: وقع في تفسير أبي الحكم الأندلسي – يعني ابن برجان- في أول سورة الروم أخبار عن فتح بيت المقدس وانه ينزع من أيدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة قال: وقد ذكر في تفسير سورة القدر أنه لوعلم الوقت الذي نزل فيه القرءان لعلم الوقت الذي يرفع فيه قلت: ابن برجان ذكر هذا في تفسيره في حدود سنة ثنتين وعشرين وخمسمائة ويقال إن الملك نور الدين أوقف على ذلك فطمع أن يعيش إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة لان مولده في سنة إحدى عشر وخمسمائة فتهيأ لأسباب ذلك حتى أنه اعد منبرا عظيما لبيت المقدس إذا فتحه وقد تحقق ذلك)
وهذا النص من أعجب ما قرأت في هذا المقال فهو منقول بتصرف بقصد التدليس وأصله في البداية والنهاية ينص على إبطال ما ذهب إليه صاحب المقال والنص الصحيح كما يلي وتأمل ما ما تحته خط:
قال ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة 583:
(يُتْبَعُ)
(/)
(نكتة غريبة:
قال ابو شامة في (الروضتين): وقد تكلم شيخنا ابو الحسن علي بن محمد السخاوي في تفسيره الاول فقال: وقع في تفسير ابي الحكم الاندلسي - يعني ابن برجان - في اول سورة الروم اخبار عن فتح بيت المقدس، وأنه ينزع من ايدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
قال السخاوي: ولم أره اخذ ذلك من علم الحروف، وانما اخذه فيما زعم من قوله: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي اَدْنَى الْاَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ. . .} [الروم: 1 - 4] فبنى الامر على التاريخ كما يفعل المنجمون، فذكر انهم يَغلبون في سنة كذا وكذا، ويُغلبون في سنة كذا وكذا، على ما تقتضيه دوائر التقدير.
ثم قال: وهذه نجابة وافقت اصابة، ان صح، قال ذلك قبل وقوعه، وكان في كتابه قبل حدوثه.
قال: وليس هذا من قبيل علم الحروف، ولا من باب الكرامات والمكاشفات، ولا ينال في حساب.
قال: وقد ذكر في تفسير سورة القدر انه لو علم الوقت الذي نزل فيه القران لعلم الوقت الذي يرفع فيه.
قلت: ابن برجان ذكر هذا في تفسيره في حدود سنة ثنتين وعشرين وخمسمائة)
فتأمل كيف بتر النص ليوافق ما أراد وهذا الموضع يكفي في عدم الوثوق، ويكفي في معرفة قلة الخبرة في الكتابة، كما يكفي في إسقاط تكلف الردود العلمية ..
ولمزيد من البيان:
فإن العلماء رحمهم الله كما في هذا النص ينتقدون هذا المسلك ولا يقرونه، ومن أمثلة ذلك ما ذكره الذهبي في ترجمة علي بن أحمد بن الحسين أبو الحسن الحراني الأندلسي قال: (صنف تفسيراً وملأه بحقائقه ونتائج فكره وكان الرجل فلسفي التصوف، وزعم أنه يستخرج من علم الحروف وقت خروج الدجال ووقت طلوع الشمس من مغربها. وهذه علوم وتحديدات ما عَلِمَتْها رسلُ الله، بل كلٌّ منهم حتى نوح عليه الصلاة والسلام يتخوّف من الدجال وينذر أمته الدّجال ... وهؤلاء الجهلة إخوته يدعون معرفة متى يخرج نسأل الله السلامة).
انظر: [ميزان الاعتدال: 5/ 140، ولسان الميزان لابن حجر: 4/ 204، وطبقات المفسرين للسيوطي: 76].
سابعاً:
قوله: (جاء في تفسير البيضاوي بفاتحة سورة البقرة أنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه اليهود تلا عليهم قوله تعالى (الم {1}) ... 1 البقرةفحسبوها فقالوا كيف ندخل في دين مدته إحدى وسبعون سنه فتبسم رسول الله ولم ينكرعليهم فقالوا فهل غيرها فقال (المص) (الر) (المر) فقالوا خلطت علينا فلا ندري بأيها نأخذ يقول البيضاوي معقبا على ذلك فأن تلاوته إياها بهذا الترتيب عليهم وتقريرهم على استنباطهم يعتبر أن رسول الله قد أقر اليهود في استنباطهم) ..
فهذا النص كسابقه من حيث عدم الدقة في النقل ومن حيث إن في أصله ما يرد على ما أراده صاحب المقال وفقه الله لهداه وأصل النص كما يلي وهو في بيان الأقوال في الأحرف المقطعة والبيضاوي رحمه الله يسرد الأقوال ثم يعقب عليها:
(أو إلى مدد أقوام وآجال بحساب الجمل كما قال أبو العالية متمسكا بما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه اليهود تلا عليهم ألم البقرة فحسبوه وقالوا كيف ندخل في دين مدته إحدى وسبعون سنة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا فهل غيره فقال المص والر والمر فقالوا خلطت علينا فلا ندري بأيها نأخذ فإن تلاوته إياها بهذا الترتيب عليهم وتقريرهم على استنباطهم دليل على ذلك وهذه الدلالة وإن لم تكن عربية لكنها لاشتهارها فيما بين الناس حتى العرب تلحقها بالمعربات كالمشكاة والسجيل والقسطاس) ..
وبعد سرده لهذا القول بحجته قال:
(والحديث لا دليل فيه لجواز أنه عليه الصلاة والسلام تبسم تعجبا من جهلهم وجعلها مقسما بها وإن كان غير ممتنع لكنه يحوج إلى إضمار أشياء لا دليل عليها).
وبهذا يتضح أن الكلام الأول ليس للبيضاوي وإنما هو نقل لحجة صاحب القول ..
ثامناً:
قوله: (جاء في كتاب (إسلامنا) للدكتور مصطفى الرفاعي ما ذكره صاحب كتاب مشارق أنوار اليقين الحافظ رجب البرسي انه روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وكل شيء فصلناه تفصيلا) اي شرحناه شرحا بينا بحساب الجمل (ألف) أي بحساب الاحرف الابجدية)
فمن المعلوم أن النقول إنما تؤخذ من الكتب الأصلية، ومع ذلك فإن هذه الآيات وأمثالها الدالة على تفصيل كل شيء في القرآن الكريم المقصود منها هو: تفصيل كل ما بالناس إليه حاجة. وبهذا القول قال أكثر المفسرين ومنهم محمد بن علي القصاب وابن عطية وابن الجوزي وابن جزي الكلبي وأبو حيان وابن القيم والآلوسي وابن عاشور وغيرهم.
قال ابن عطية: " على القول بأنه قرآن: خاصٌّ في الأشياء التي فيها منافع للمخاطبين وطرائق هدايتهم " [المحرر الوجيز: 620].
تاسعاً:
ما الدليل على أن علم الحساب أحسن التفاسير ..
وبعد فلا شك أن الوقوف مع أمثال هذه المقالات أمر مهم .. كما أن التطويل لا حاجة له بعد اتضاح المقصود ..
اسأل الله تعالى أن يوفق الكاتب لهداه وأن يلهمه العلم النافع والعمل الصالح .. والله أعلم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[04 Jul 2006, 10:49 م]ـ
جزاكم الله شيخنا الفاضل ونفع بكم وحقا كما قلتم حفظكم الله
فتأمل كيف بتر النص ليوافق ما أراد وهذا الموضع يكفي في عدم الوثوق، ويكفي في معرفة قلة الخبرة في الكتابة، كما يكفي في إسقاط تكلف الردود العلمية ..
فقد افتضح أمره بمطالبته بعد ذلك بالطعن في روايات البخاري وردها جميعا وكذلك مرويات أمنا عائشه رضي الله عنها بل والطعن في السنة عموما وردها والمطالبه بالإكتفاء بالقرآن فقط من غير السنة!!!
فالمرء قد يعذر بالجهل ولكن لا يعذر بالترويج للبدع!!
---------
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل وزادكم الله علما وفهما في الدين
ـ[الكشاف]ــــــــ[10 Jul 2006, 11:30 ص]ـ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3773
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[22 Jul 2006, 03:35 م]ـ
جزيت خيراً(/)
ما رايكم في هذا الوقف
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[30 Jun 2006, 07:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني في الله
نلاحظ أن كثيرا من شيوخنا الافاضل يقرأون هذه الآية "إنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ "
بالوصل بين قوله تعالى " مولاه وجبريل وصالح المؤمنين" ويقفون على كلمة " المؤمنين " ويبدأون بعد ذلك بقوله " والملائكة بعد ذلك ظهير "
ولكن هناك من يرى خطأ هذا الوصل فيقول من الأولى أن يكون الوقف على قوله تعالى " هو مولاه "
ثم يبتدأ من قوله تعالى " وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير "
على أساس أن جملة " فإن الله هو مولاه " جملة تامة من إن واسمها وخبرها
واسم إن " الله " منصوب والخبر موجود وهو " مولاه " والجملة تامة
وكلمة " جبريل " مرفوعة وما بعدها مرفوع فتكون جملة جديدة
وبذلك نفرد الولاية من الله للنبي ص
وتكون المظاهرة من جبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك
والله أعلى وأعلم
ـ[لطفي الحسيني]ــــــــ[04 Oct 2010, 11:04 م]ـ
هل من مجيب؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[05 Oct 2010, 01:52 م]ـ
هذا الوقف من النوع القبيح الذي يغير المعنى. فلا ينبغي أن يوقف عليه
قال أبو حيان ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1002724&spid=337) : الوقف على (مولاه) فتكون الولاية خاصة بالله، والمظاهرة تكون لمن أتى بعده، ويكون جبريل مبتدأً وما بعده معطوف عليه. فيقف القارئ على قوله: ((فإن الله هو مولاه)) ثم يستأنف ((وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير)) فالمبتدأ (جبريل) والخبر (ظهير)، وعليه يكون جبريل قد ذكر مرتين؛ بالخصوص أولاً، وبالعموم ثانياً؛ لأن جبريل من الملائكة. وقيل: إن الوقف على قوله: (وجبريل) معطوفاً على لفظ الجلالة في الولاية، تقول: ((وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ))، ثم تبتدئ بقوله تعالى: ((وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ)) فيدخل جبريل مع الملائكة ضمناً. فعلى الوقف الأول: يكون قرن صالح المؤمنين بجبريل وبالملائكة؛ تنبيهاً على علو منزلة صالحي المؤمنين وبيان منزلتهم من عموم الملائكة بعد جبريل. وعلى الوقف الثاني: يكون قد عطف جبريل على لفظ الجلالة في الولاية بالواو ((فإن الله هو مولاه وجبريل))
وبارك الله بك أخي الفاضل وزادك حرصاً.
ـ[لطفي الحسيني]ــــــــ[06 Oct 2010, 11:07 ص]ـ
هذا الوقف من النوع القبيح الذي يغير المعنى. فلا ينبغي أن يوقف عليه
أي وقف تقصد بارك الله فيك؟ وما وجه قبحه؟
وما نقلت لنا من كلامه لا يدل على أنه يرده بل حكاه وجها:
قيل: إن الوقف على قوله: (وجبريل) معطوفاً على لفظ الجلالة في الولاية، تقول: ((وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ))، ثم تبتدئ بقوله تعالى: ((وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ)) فيدخل جبريل مع الملائكة ضمناً.
قال القرطبي:
- يَجُوز أَنْ يَكُون " وَجِبْرِيل " مُبْتَدَأ وَمَا بَعْده مَعْطُوفًا عَلَيْهِ. وَالْخَبَر " ظَهِير " وَهُوَ بِمَعْنَى الْجَمْع أَيْضًا. فَيُوقَف عَلَى هَذَا عَلَى " مَوْلَاهُ ".
- وَيَجُوز أَنْ يَكُون " جِبْرِيل وَصَالِح الْمُؤْمِنِينَ " مَعْطُوفًا عَلَى " مَوْلَاهُ " فَيُوقَف عَلَى " الْمُؤْمِنِينَ " وَيَكُون " وَالْمَلَائِكَة بَعْد ذَلِكَ ظَهِير " اِبْتِدَاء وَخَبَرًا. اهـ
وعليه، نفهم من النصين أن الأوجه الثلاثة واردة:
- الوقف على مولاه، ثم الاستئناف،
- الوقف على جبريل ثم الاستئناف،
- الوقف على " صالح المومنين ".
ويبقى الآن النظر إلى المعنى، وإلى مدى تناسب هذه الأوقاف مع المعاني التي تُفهم منها، فهي تتفاوت والله أعلم(/)
أقوال بعض علماء التفسير في قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[01 Jul 2006, 01:50 م]ـ
أقوال بعض علماء التفسير في قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
قال الله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)
قال ابن الجوزي: قوله تعالى لا إكراه في الدين في سبب نزولها أربعة أقوال أحدها أن المرأة من نساء الأنصار كانت في الجاهلية إذا لم يعش لها ولد تحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت يهود بني النضير كان فيهم ناس من أبناء الأنصار فقال الأنصار يا رسول الله أبناؤنا فنزلت هذه الآية هذا قول ابن عباس وقال الشعبي قالت الأنصار والله لنكرهن أولادنا على الإسلام فإنا إنما جعلناهم في دين اليهود إذ لم نعلم دينا أفضل منه فنزلت هذه الآية والثاني أن رجلا من الأنصار تنصر لهو ولدان قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية هذا قول مسروق والثالث أن ناساً كانوا مسترضعين في اليهود فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير قالوا والله ليذهبن معهم ولنذهبن بدينهم فمنعهم أهلوهم وأرادوا إكراهمم على الإسلام فنزلت هذه الآية والرابع أن رجلا من الأنصار كان له غلام اسمه صبيح كان يكرهه على الإسلام فنزلت هذه الآية والقولان عن مجاهد.
واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية فذهب قوم إلى أنه محكم وانه من العام المخصوص فانه خص منه أهل الكتاب بأنهم لا يكرهون على الإسلام بل يخيرون بينه وبين أداء الجزية وهذا معنى ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وقال ابن الأنباري معنى الآية ليس الدين ما تدين به في الظاهر على جهة الإكراه عليه ولم يشهد به القلب وتنطوي عليه الضمائر إنما الدين هو المنعقد بالقلب وذهب قوم إلى أنه منسوخ وقالوا هذه الآية نزلت قبل الأمر بالقتال فعلى قولهم يكون منسوخا بآية السيف وهذا مذهب الضحاك والسدي وابن زيد والدين هاهنا أريد به الإسلام والرشد الحق والغي الباطل وقيل هو الإيمان والكفر فاما الطاغوت فهو اسم مأخوذ من الطغيان وهو مجاوزة الحد قال ابن قتيبة الطاغوت واحد وجمع ومذكر ومؤنث قال الله تعالى أولياؤهم الطاغوت وقال والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها الزمر 17 والمراد بالطاغوت هاهنا خمسة أقوال أحدها أنه الشيطان قاله عمر و ابن عباس و مجاهد والشعبي والسدي و مقاتل في آخرين والثاني أنه الكاهن قاله سعيد بن جبير و أبوالعالية والثالث أنه الساحر قاله محمد بن سيرين والرابع أنه الأصنام قاله اليزيدي و الزجاج والخامس أنه مردة أهل الكتاب ذكره الزجاج أيضاً.
زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 1/ 304 – 306.
قال ابن جزي عند قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) المعنى أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه دون إكراه ويدل على ذلك قوله قد تبين الرشد من الغي أي قد تبين أن الإسلام رشد وأن الكفر غي فلا يفتقر بعد بيانه إلى إكراه وقيل معناها الموادعة وأن لا يكره أحد بالقتال على الدخول في الإسلام ثم نسخت بالقتال وهذا ضعيف لأنها مدنية وإنما آية المسالمة وترك القتال بمكة.
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي ص89 – 90.
قال النسفي عند قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) أي: لا إجبار على الدين الحق وهو دين الإسلام وقيل هو إخبار فى معنى النهى وروى أنه كان لأنصاري ابنان فتنصرا فلزمهما أبوهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأنصاري يا رسول الله أيدخل بعضي فى النار وأنا أنظر فنزلت فخلاهما قال ابن مسعود وجماعة كان هذا فى الابتداء ثم نسخ بالأمر بالقتال قد تبين الرشد من الغي قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة.
تفسير النسفي 1/ 125.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال علي الواحدي عند قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) بعد إسلام العرب لأنهم أكرهوا على الإسلام فلم يقبل منهم الجزية لأنهم كانوا مشركين فلما أسلموا أنزل الله تعالى هذه الآية قد تبين الرشد من الغي ظهر الإيمان من الكفر والهدى من الضلالة بكثرة الحجج.
تفسير الواحدي 1/ 183.
قال ابن جرير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار أو في رجل منهم كان لهم أولاد قد هودوهم أو نصروهم فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه فنهاهم الله عن ذلك حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام ذكر من قال ذلك حدثنا محمد بن بشار قال ثنا بن أبي عدي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كانت المرأة تكون مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى ذكره لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي حدثنا بن بشار قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا سعيد عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال كانت المرأة تكون مقلى ولا يعيش لها ولد قال شعبة وإنما هو مقلات فتجعل عليها إن بقي لها ولد لتهودنه قال فلما أجليت بنو النضير كان فيهم منهم فقالت الأنصار كيف نصنع بأبنائنا فنزلت هذه الآية لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال من شاء أن يقيم أقام ومن شاء أن يذهب ذهب حدثنا حميد بن مسعدة قال ثنا بشر بن المفضل قال ثنا داود وحدثني يعقوب قال ثنا بن علية عن داود عن عامر قال كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاتا لا يعيش لها ولد فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم فقالوا إنما جعلناهم على دينهم ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا وإذ جاء الله بالإسلام فلنكرهنهم فنزلت لا إكراه في الدين فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإسلام فمن لحق بهم اختار اليهودية ومن أقام اختار الإسلام
ولفظ الحديث لحميد حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت داود عن عامر بنحو معناه إلا أنه قال فكان فصل ما بينهم إجلاء رسول الله بني النضير فلحق بهم من كان يهوديا ولم يسلم منهم وبقي من أسلم حدثنا بن المثنى قال ثنا عبد الأعلى قال ثنا داود عن عامر بنحوه إلا أنه قال إجلاء النضير إلى خيبر فمن اختار الإسلام أقام ومن كره لحق بخيبر حدثنا بن حميد قال ثنا سلمة عن أبي إسحاق عن محمد بن أبي محمد الحرشي مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن بن عباس قوله لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو رجلا مسلما فقال للنبي ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية فأنزل الله فيه ذلك حدثني المثنى قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر قال سألت سعيد بن جبير عن قوله لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال نزلت هذه في الأنصار قال قلت خاصة قال خاصة قال كانت المرأة في الجاهلية تنذر إن ولدت ولدا أن تجعله في اليهود تلتمس بذلك طول بقائه قال فجاء الإسلام وفيهم منهم فلما أجليت النضير قالوا يا رسول الله أبناؤنا وإخواننا فيهم قال فسكت عنهم رسول الله فأنزل الله تعالى ذكره لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال فقال رسول الله قد خير أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فهم منهم قال فأجلوهم معهم حدثني موسى بن هارون قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي قوله لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي إلى لا انفصام لها قال نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين كان له ابنان فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا فرجعا إلى الشام معهم فأتى أبوهما إلى رسول الله فقال إن ابني تنصرا وخرجا فأطلبهما فقال لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب وقال أبعدهما الله هما أول من كفر
(يُتْبَعُ)
(/)
فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي حين لم يبعث في طلبهما فنزلت فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ثم إنه نسخ لا إكراه في الدين فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة حدثني محمد بن عمرو قال ثنا أبو عاصم عن عيسى عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله لا إكراه في الدين قال كانت في اليهود يهود أرضعوا رجالا من الأوس فلما أمر النبي بإجلائهم قال أبناؤهم من الأوس لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلوهم وأكرهوهم على الإسلام ففيهم نزلت هذه الآية حدثنا بن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان وحدثنا أحمد بن إسحاق قال ثنا أبو أحمد جميعا عن سفيان عن خصيف عن مجاهد لا إكراه في الدين قال كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني الحجاج عن بن جريج قال قال مجاهد: كانت النضير يهودا فأرضعوا ثم ذكر نحو حديث محمد بن عمرو عن أبي عاصم قال بن جريج وأخبرني عبد الكريم عن مجاهد أنهم كانوا قد دان بدينهم أبناء الأوس دانوا بدين النضير حدثني المثنى قال ثنا إسحاق قال ثنا بن أبي جعفر عن أبيه عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن المرأة من الأنصار كانت تنذر إن عاش ولدها لتجعلنه في أهل الكتاب فلما جاء الإسلام قالت الأنصار يا رسول الله ألا نكره أولادنا الذين هم في يهود على الإسلام فإنا إنما جعلناهم فيها ونحن نرى أن اليهودية أفضل الأديان فلما أن جاء الله بالإسلام أفلا نكرههم على الإسلام فأنزل الله تعالى ذكره لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي حدثت عن عمار قال ثنا بن أبي جعفر عن أبيه عن داود عن الشعبي مثله وزاد قال كان فصل ما بين من اختار اليهود منهم وبين من اختار الإسلام إجلاء بني النضير فمن خرج مع بني النضير كان منهم ومن تركهم اختار الإسلام
حدثني يونس قال أخبرنا بن وهب قال: قال بن زيد في قوله لا إكراه في الدين إلى قوله بالعروة الوثقى قال هذا منسوخ حدثني سعيد بن الربيع الرازي قال ثنا سفيان عن بن أبي نجيح عن مجاهد ووائل عن الحسن أن أناسا من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير فلما أجلوا أراد أهلوهم أن يلحقوهم بدينهم فنزلت لا إكراه في الدين وقال آخرون بل معنى ذلك لا يكره أهل الكتاب على الدين إذا بذلوا الجزية ولكنهم يقرون على دينهم وقالوا الآية في خاص من الكفار ولم ينسخ منها شيء ذكر من قال ذلك حدثنا بشر بن معاذ قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال أكره عليه هذا الحي من العرب لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه فلم يقبل منهم غير الإسلام ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج ولم يفتنوا عن دينهم فيخلى عنهم حدثنا محمد بن بشار قال ثنا سليمان قال ثنا أبو هلال قال ثنا قتادة في قوله لا إكراه في الدين قال هو هذا الحي من العرب أكرهوا على الدين لم يقبل منهم إلا القتل أو الإسلام وأهل الكتاب قبلت منهم الجزية ولم يقتلوا حدثنا بن حميد قال ثنا الحكم بن بشير قال ثنا عمرو بن قيس عن جويبر عن الضحاك في قوله لا إكراه في الدين قال أمر رسول الله أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان فلم يقبل منهم إلا لا إله إلا الله أو السيف ثم أمر فيمن سواهم بأن يقبل منهم الجزية فقال لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله لا إكراه في الدين قال كانت العرب ليس لها دين فأكرهوا على الدين بالسيف قال ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس إذا أعطوا الجزية حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح قال سمعت مجاهدا يقول لغلام له نصراني يا جرير أسلم ثم قال هكذا كان يقال لهم حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن بن عباس لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي قال وذلك لما دخل الناس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية وقال آخرون هذه الآية منسوخة وإنما نزلت قبل أن يفرض القتال ذكر من قال ذلك حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال سألت
(يُتْبَعُ)
(/)
زيد بن أسلم عن قول الله تعالى ذكره لا إكراه في الدين قال كان رسول الله بمكة عشر سنين لا يكره أحدا في الدين فأبى المشركون إلا أن يقاتلوهم فاستأذن الله في قتالهم فأذن له
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال نزلت هذه الآية في خاص من الناس وقال عنى بقوله تعالى ذكره لا إكراه في الدين أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخا وإنما قلنا هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب لما قد دللنا عليه في كتابنا كتاب اللطيف من البيان عن أصول الأحكام من أن الناسخ غير كائن ناسخا إلا ما نفى حكم المنسوخ فلم يجز اجتماعهما فأما ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي وباطنه الخصوص فهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل وإذ كان ذلك كذلك وكان غير مستحيل أن يقال لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين ولم يكن في الآية دليل على أن تأويلها بخلاف ذلك وكان المسلمون جميعا قد نقلوا عن نبيهم أنه أكره على الإسلام قوما فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر ومن أشبههم وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم كان بينا بذلك أن معنى قوله لا إكراه في الدين إنما هو لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية ورضاه بحكم الإسلام ولا معنى لقول من زعم أن الآية منسوخة الحكم بالإذن بالمحاربة فإن قال قائل فما أنت قائل فيما روي عن بن عباس وعمن روي عنه من أنها نزلت في قوم من الأنصار أرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإسلام قلنا ذلك غير مدفوعة صحته ولكن الآية قد تنزل في خاص من الأمر ثم يكون حكمها عاما في كل ما جانس المعنى الذي أنزلت فيه فالذين أنزلت فيهم هذه الآية على ما ذكر بن عباس وغيره إنما كانوا قوما دانوا بدين أهل التوراة قبل ثبوت عقد الإسلام لهم فنهى الله تعالى ذكره عن إكراههم على الإسلام وأنزل بالنهي عن ذلك آية يعم حكمها كل من كان في مثل معناهم ممن كان على دين من الأديان التي يجوز أخذ الجزية من أهلها وإقرارهم عليها على النحو الذي قلنا في ذلك ومعنى قوله لا إكراه في الدين لا يكره أحد في دين الإسلام عليه وإنما أدخلت الألف واللام في الدين تعريفا للدين الذي عنى الله بقوله: لا إكراه فيه وأنه هو الإسلام وقد يحتمل أن يكون أدخلتا عقيبا من الهاء المنوية في الدين فيكون معنى الكلام حينئذ وهو العلي العظيم لا إكراه في دينه قد تبين الرشد من الغي وكأن هذا القول أشبه بتأويل الآية عندي.
تفسير الطبري 3/ 13 – 18.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Jul 2006, 08:20 م]ـ
والخلاصة أخي الكريم ما هي؟
ما الراجح من وجهة نظرك؟
أقوال المفسرين قريبة؛ والمطلوب هو: ماذا بعد ذكر أقوالهم؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[02 Jul 2006, 06:52 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الترجيح بحر لا ساحل له وأنا نقلت لكم أقوال علماء التفسير وأما الترجيح لعلي أتركه لكم لأنكم أنتم أصحاب الاختصاص، وأن أستفيد منكم إن شاء الله تعالى، قال صاحب مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود:
وكثرة الدليل والرواية ** مرجحة لدى ذوي الدراية.
وإن أصررتم إلا أن أشارككم في الترجيح فالذي يترجح عندي أن معنى قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ِ أي: لا تكرهوا أحداً على الدخول في الإسلام، لكماله وقبول الفطرة له، ولأنه بيِّن واضح جليٌّ في دلائله وبراهينه، لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه فمن هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوَّر بصيرته دخل على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً، ولا منافاة بين هذه الآية والآيات الدالة على وجوب الجهاد، لأن الجهاد مشروع لقتال كل من وقف في وجه الإسلام، أما أنه يلزم ويكره على الدخول في الإسلام فلا (قد تبين الرشد من الغي) أي: ظهر وتميز الحق من الباطل، والإيمان من الكفر والهدى من الضلال بالآيات والبراهين الدالة على ذلك، فإذا تبين الرشد من الغي فإن كل نفس سليمة لابد أن تختار الرشد على الغي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jul 2006, 06:11 م]ـ
ذكر ابن القيم رحمه الله أن قول الله تعالى: ? لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ? على عمومه في حق كل كافر على الصحيح.
قال: (فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم استجاب له ولخلفائه بعده أكثر أهل الأديان طوعاً واختياراً، ولم يكره احداً قط على الدين، وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله، وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله، ولم يكرهه على الدخول في دينه امتثالاً لأمر ربه سبحانه حيث يقول: ? لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ? (البقرة: من الآية256) وهذا نفي في معنى النهي، أي: لا تكرهوا أحداً على الدين، نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الاسلام، فلما جاء الإسلام أسلم الآباء، وأرادوا إكراه الأولاد على الدين، فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام.
والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر، وهذا ظاهر على قول من يجوز أخذ الجزية من جميع الكفار، فلا يكرهون على الدخول في الدين، بل إما أن يدخلوا في الدين وإما أن يعطوا الجزية كما يقوله أهل العراق وأهل المدينة، وإن استثنى هؤلاء بعض عبدة الأوثان.
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تبين له انه لم يكره أحداً على دينه قط، وأنه إنما قاتل من قاتله، وأما من هادنه فلم يقاتله مادام مقيما على هدنته لم ينقض عهده، بل أمره الله تعالى أن يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له كما قال تعالى: ? فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ? (التوبة: من الآية7).
ولما قدم المدينة صالح اليهود وأقرهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدؤوه بالقتال قاتلهم، فمنّ على بعضهم، وأجلى بعضهم، وقتل بعضهم.
وكذلك لما هادن قريشاً عشر سنين لم يبدأهم بقتال حتى بدأوا هم بقتاله، ونقضوا عهده فعند ذلك غزاهم في ديارهم، وكانوا هم يغزونه قبل ذلك كما قصدوه يوم أحد ويوم الخندق، ويوم بدر ايضاً هم جاءوا لقتاله ولو انصرفوا عنه لم يقاتلهم.
والمقصود: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكره أحداً على الدخول في دينه البتة، وإنما دخل الناس في دينه اختياراً وطوعاً، فأكثر أهل الأرض دخلوا في دعوته لما تبين لهم الهدى وأنه رسول الله حقاً.) ([1])
الدراسة:
رجح ابن القيم أن هذه الآية على عمومها في حق كل كافر، وذكر أنّ هذا القول هو الصحيح.
وفي معنى الآية أقوال أخرى، ستتضح من خلال عرض ما ذكره أئمة التفسير في تفسيرهم لهذه الآية – إن شاء الله -.
ذكر ابن جرير الخلاف في سبب نزول هذه الآية، وجعل اختلاف معنى الآية مبنياً على اختلاف الروايات في ذلك، وحاصل ما ذكر من الأقوال ثلاثة:
القول الأول: نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار، أو في رجل منهم كان لهم أولاد قد هوّدوهم أو نصروهم؛ فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه، فنهاهم الله عن ذلك، حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام. وذكر في ذلك عدة روايات.
القول الثاني: معنى ذلك: لا يُكره أهلُ الكتاب على الدين إذا بذلوا الجزية، ولكنهم يُقرّون على دينهم. وعلى هذا تكون الآية في خاصّ من الكفار، ولم ينسخ منها شيء. وذكر عدة روايات تدل على هذا القول.
القول الثالث: هذه الآية منسوخة، وإنما نزلت قبل أن يفرض القتال.
ثم قال مرجحاً: (وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: ? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ? أهل الكتابين والمجوس، وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق، وأخذ الجزية منه. وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخاً.)
وعلَّلَ ترجيحه لهذا القول بأن الناسخ لا يكون ناسخاً إلا إذا نفى حكم المنسوخ، فلم يجز اجتماعهما. فأما ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي وباطنه الخصوص، فليس من الناسخ والمنسوخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: (وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير مستحيل أن يقال: لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين، ولم يكن في الآية دليل على أن تأويلها بخلاف ذلك، وكان المسلمون جميعا قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً، فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتدّ عن دينه دين الحقّ إلى الكفر ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه، وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين، ومن أشبههم؛ كان بيّناً بذلك أن معنى قوله: ? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ? إنما هو: لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية، ورضاه بحكم الإسلام. ولا معنى لقول من زعم أن الآية منسوخة الحكم بالإذن بالمحاربة.)
ثم ختم ببيان الموقف من الآثار التي دلّت على نزول الآية في قوم من الأنصار أرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإسلام، فقال: (ذلك غير مدفوعة صحته، ولكن الآية قد تنزل في خاصّ من الأمر، ثم يكون حكمها عاماً في كل ما جانس المعنى الذي أنزلت فيه. فالذين أنزلت فيهم هذه الآية على ما ذكر ابن عباس وغيره، إنما كانوا قوماً دانوا بدين أهل التوراة قبل ثبوت عقد الإسلام لهم، فنهى الله تعالى ذكره عن إكراههم على الإسلام، وأنزل بالنهي عن ذلك آية يعمّ حكمها كل من كان في مثل معناهم ممن كان على دين من الأديان التي يجوز أخذ الجزية من أهلها، وإقرارهم عليها على النحو الذي قلنا في ذلك.) ([2])
وذكر ابن عطية هذه الأقوال الثلاثة، مع تعليق يسير عليها، ولم يذكر ترجيحاً أو اختياراً. ([3])
وأما الرازي فذكر في معنى: ? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ? ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه تعالى ما بنى أمر الإيمان على الإجبار والقسر، وإنما بناه على التمكن والاختيار.
القول الثاني: أن الإكراه أن يقول المسلم للكافر: إن آمنت وإلا قتلتك، فقال تعالى: ? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ?.
القول الثالث: لا تقولوا لمن دخل في الدين بعد الحرب إنه دخل مكرهاً؛ لأنه إذا رضي بعد الحرب وصح إسلامه فليس بمكره، ومعناه: لا تنسبوهم إلى الإكراه. ونظيره قوله تعالى: ? وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ? (النساء: من الآية94)
ولم يذكر ترجيحاً أو اختياراً كذلك. ([4])
وتوسع القرطبي في ذكر الأقوال في معنى الآية، فجعلها ستة أقوال، وهي الأقوال التي ذكرها ابن جرير، وقد جعلها أربعة أقوال، وزاد عليها القول الثالث الذي ذكره الرازي، وأما القول السادس فهو: أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا على الإسلام إذا كانوا كباراً.
ولم يذكر ترجيحاً أو اختياراً كذلك ([5])، غير أنه نقل قول النحاس: (قول ابن عباس في هذه الآية أُولى الأقوال لصحة إسناده، وأن مثله لا يؤخذ بالرأي) ([6])، وقول ابن عباس هذا هو ما رواه أبو داود عنه قال: نزلت هذه في الأنصار، كانت تكون المرأة مِقلاتاً ([7])، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوِّده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا?، فأنزل الله تعالى: ? لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ?. ([8])
وذكر أبو حيان هذه الأقوال، ولم يرجح شيئاً منها. ([9])
وبدأ ابن كثير تفسيره للآية بقوله: (? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ? أي: لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام؛ فإنه بيّن واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونور بصيرته دخل فيه علي بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً.) ثم ذكر الأقوال الثلاثة التي ذكرها ابن جرير، ولم يذكر ما يدل على موقفه منها صراحة. ([10])
وخالف ابنُ عاشور من قبله من المفسرين، وقرر أن هذه الآية ناسخة للأمر بقتال المشركين، وإجبارهم على الدخول في الإسلام. فهي على هذا ناسخة لا منسوخة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ووافق ابنَ القيم في عموم الآية، فقال: (ونفي الإكراه خبر في معنى النهي، والمراد نفي أسباب الإكراه في حُكم الإسلام، أي لا تكرهوا أحداً على اتباع الإسلام قسراً، وجيء بنفي الجنس لقصد العموم نصاً.)
ثم قرر ما ذهب إليه من كون هذه الآية ناسخة لا منسوخة، وذكر أنه غير جائز أن تكون هذه الآية قد نزلت قبل الأمر بالقتال، بل الظاهر أنّ هذه الآية نزلت بعد فتح مكة واستخلاص بلاد العرب، فنسخت حكم القتال على قبول الكافرين الإسلام، ودلت على الاقتناع منهم بالدخول تحت سلطان الإسلام، وهو المعبّر عنه بالذمة، ويوضحُ هذا عمل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قاتل حتى تمكن الإسلام في جزيرة العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجاً وزالت العوائق التي تحول بين الناس وبين اتباع الدين الحق. قال: (لَمَّا تم ذلك كله أبطل الله القتال على الدين، وأبقى القتال على توسيع سلطانه، ولذلك قال: ? قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ? (التوبة:29). وعلى هذا تكون الآية ناسخة لما تقدّم من آيات القتال.)
ثم قال: (هذا ما يظهر لنا في معنى الآية، والله أعلم.)
ثم ذكر أن لأهل العلم قبله قولين في معنى الآية، وذكر القولين الثاني والثالث التي ذكرهما ابن جرير. وأضاف إليها بعض الأقوال الأخرى. ([11])
وممن حرّر معنى الآية تحريراً جيداً الجصاص، فقد قال ما مختصره – بعد أن ذكر الأقوال المأثورة في المراد بها -:
(قول الله تعالى: ? لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ ? أمر في صورة الخبر، وجائز أن يكون نزول ذلك قبل الأمر بقتال المشركين , فكان في سائر الكفار حيث كان القتال محظوراً في أول الإسلام إلى أن قامت عليهم الحجة بصحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما عاندوه بعد البيان أمر المسلمون بقتالهم , فنسخ ذلك عن مشركي العرب بقوله تعالى: ? فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ? (التوبة: من الآية5) وسائر الآي الموجبة لقتال أهل الشرك , وبقي حكمه على أهل الكتاب إذا أذعنوا بأداء الجزية ودخلوا في حكم أهل الإسلام وفي ذمتهم. ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف.
وجائز أن يكون حكم هذه الآية ثابتا في الحال على جميع أهل الكفر ; لأن فيها الأمر بأن لا نكره أحداً على الدين , وذلك عموم يمكن استعماله في جميع الكفار.
فإن قال قائل: فمشركو العرب الذين أمر النبي r بقتالهم، وأن لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف قد كانوا مكرهين على الدين , ومعلوم أن من دخل في الدين مكرهاً فليس بمسلم , فما وجه إكراههم عليه؟
قيل له: إنما أكرهوا على إظهار الإسلام لا على اعتقاده ; لأن الاعتقاد لا يصح منا الإكراه عليه ; ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:» أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله «([12])، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن القتال إنما كان على إظهار الإسلام , وأما الاعتقادات فكانت موكولة إلى الله تعالى.) ([13])
وأما ابن العربي، فوجّه الآية توجيهاً آخر، وقال: (قوله تعالى: ? لا إِكْرَاهَ ? عموم في نفي إكراه الباطل، فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين ; وهل يقتل الكافر إلا على الدين ; قال r : » أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله «، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ? (البقرة: من الآية193) وبهذا يستدل على ضعف قول من قال: إنها منسوخة.) ([14])
النتيجة:
ما قرره أبو بكر الجصاص هو الراجح فيما ظهر لي، كما أن قول ابن جرير وجيه، ويحمل على الإكراه على إظهار الإسلام؛ فهذا الإكراه خاص بالمشركين الوثنيين، ولا يجوز إكراه من تقبل منه الجزية على الدخول في الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى ذلك فقول ابن القيم: (والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر) صحيح إن كان يريد به الإكراه على الاعتقاد الباطن، وغير صحيح إن كان يريد به الإكراه على إظهار الإسلام والإذعان له ظاهراً.
والخلاصة أن أهل الكتاب - ومن في حكمهم كالمجوس - لا يكرهون على الإسلام إذا اختاروا البقاء على دينهم، وأدوا الجزية. وأما أهل الحرب من الكفار الوثنيين؛ فالآية وإن كانت تعمهم ([15])؛ لكن قد خص هذا العموم بما ورد من آيات وأحاديث في إكراههم على الدخول في الإسلام ظاهراً، وأما الاعتقاد القلبي فلا يمكن الإكراه عليه.
تنبيهات وفوائد:
التنبيه الأول: نوع الخلاف وثمرته:
الخلاف بين الأقوال السابقة منه ما هو من اختلاف التنوع، ومنه ما هو من اختلاف التضاد.
وثمرة الخلاف: إزالة الإشكال عن معنى الآية، والتوفيق بينها وبين ما يظهر أنه معارض لها من الآيات والأحاديث.
التنبيه الثاني: سبب الخلاف:
الخلاف هنا له أسباب:
منها: اختلاف المفسرين في حكمها من حيث النسخ وعدمه.
ومنها: واختلافهم في عمومها وخصوصها.
والسببان السابقان يرجعان إلى توهم تعارض ظاهرها وعمومها مع آيات أخرى وأحاديث نبوية صحيحة. ([16])
التنبيه الثالث: الذي ينبغي الجزم به في هذا المقام: أنه لا تعارض بين هذه الآية وآيات الجهاد، (فمن ظن من المفسرين أن هذه الآية تنافي آيات الجهاد، فجزم بأنها منسوخة فقوله ضعيف لفظاً ومعنى، كما هو واضح بين لمن تدبر الآية الكريمة.) ([17])
التنبيه الرابع: يظن بعض من لا علم عنده أن إكراه الكفار الوثنيين على الدخول في الإسلام ليس مناسباً، ولا يليق بسماحة هذا الدين. والحق أن هذا الإكراه يعدّ من محاسن هذا الدين العظيمة؛ فإنه جاء بإنقاذ الكفرة من أسباب هلاكهم وذلهم وهوانهم وعذابهم في الدنيا والآخرة، إلى أسباب النجاة والعزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة. وهذا هو مقتضى الحكمة والرحمة أن يقاد الناس إلى النجاة والسعادة، ولو بالقوة والإكراه. ([18])
الحواشي السفلية --------------------------------------------------------------------------------
([1]) هداية الحيارى
([2]) انظر جامع البيان 5/ 407 - 415.
([3]) انظر المحرر الوجيز 2/ 388 - 390.
([4]) انظر التفسير الكبير 7/
([5]) انظر الجامع لأحكام القرآن 3/ 280 - 281.
([6]) انظر قوله في كتاب الناسخ والمنسوخ في كتاب الله U 2/101 وتتمته: (…فلما خبّر أن الآية نزلت في هذا وجب أن يكون أولى الأقوال، وأن تكون الآية مخصوصة نزلت في هذا. وحكم أهل الكتاب حكمهم.)
([7]) قال أبو داود: والمِقلاتُ التي لا يعيش لها ولدٌ. انظر سنن أبي داود ص302.
([8]) أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الجهاد – باب في الأسير يكره على الإسلام – رقم 2682، وابن جرير في تفسيره 5/ 407 - 408. وهو صحيح كما في التفسير الصحيح للدكتور حكمت بن بشير 1/ 369.
([9]) انظر البحر المحيط 2/ 615 - 616.
([10]) انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 627 - 628.
([11]) انظر التحرير والتنوير 3/ 26 - 28.
([12]) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب دعاء النبي r الناس إلى الإسلام والنبوة – رقم 2946، ومسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – رقم 21، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([13]) أحكام القرآن للجصاص 1/ 548 - 549.
([14]) أحكام القرآن 1/ 310 - 311.
([15]) لأن النكرة في سياق النفي، وتعريف الدين يفيدان ذلك، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. انظر فتح القدير للشوكاني 1/ 410.
([16]) انظر كتاب: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي ص44 - 46.
([17]) تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ص112. وانظر تقريراً حسناً وتفصيلاً قيماً لهذا التنبيه في كتاب: قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله U لعبدالرحمن حبنكه الميداني ص144 - 147.
([18]) انظر مجموع فتاوي ومقالات الشيخ عبدالعزيز بن باز 8/ 288 - 289.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[03 Jul 2006, 08:31 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاك الله خيراً على هذه النقول الطيبة، ولكن لم يتبين لي الذي ترجح عندك من هذه الأقوال، والحقيقة أن القول بالنسخ متعذر لأنه يحتاج إلى معرفة التاريخ وكما قال ابن شهاب الزهري في كلامه على الوضوء مما مست النار وكان يرى الوضوء مما مست النار فقيل له إنه منسوخ فقال: الناسخ والمنسوخ أعيا الفقهاء، والجمع مقدم ما أمكن، وإضافة لما سبق إليك إعادة لكلام ابن جزي، وإضافة كلام الفخر الرازي إن شاء الله تعالى، قال ابن جزي عند قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) المعنى أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه دون إكراه ويدل على ذلك قوله قد تبين الرشد من الغي أي قد تبين أن الإسلام رشد وأن الكفر غي فلا يفتقر بعد بيانه إلى إكراه وقيل معناها الموادعة وأن لا يكره أحد بالقتال على الدخول في الإسلام ثم نسخت بالقتال وهذا ضعيف لأنها مدنية وإنما آية المسالمة وترك القتال بمكة.
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي ص89 – 90.
قال الفخر الرازي عند قوله تعالى:لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فيه مسألتان المسألة الأولى اللام في الدّينِ فيه قولان أحدهما أنه لام العهد والثاني أنه بدل من الإضافة كقوله فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى النازعات 41 أي مأواه والمراد في دين الله المسألة الثانية في تأويل الآية وجوه أحدها وهو قول أبي مسلم والقفال وهو الأليق بأصول المعتزلة معناه أنه تعالى ما بنى أمر الإيمان على الإجبار والقسر وإنما بناه على التمكن والاختيار ثم احتج القفال على أن هذا هو المراد بأنه تعالى لما بيّن دلائل التوحيد بياناً شافياً قاطعاً للعذر قال بعد ذلك إنه لم يبق بعد إيضاح هذه الدلائل للكافر عذر في الإقامة على الكفر إلا أن يقسر على الإيمان ويجبر عليه وذلك مما لا يجوز في دار الدنيا التي هي دار الابتلاء إذ في القهر والإكراه على الدين بطلان معنى الابتلاء والامتحان ونظير هذا قوله تعالى فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ الكهف 29وقال في سورة أخرى وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الاْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ الشعراء 3 4 وقال في سورة الشعراء لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ السَّمَاء ءايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ومما يؤكد هذا القول أنه تعالى قال بعد هذه الآية قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ يعني ظهرت الدلائل ووضحت البينات ولم يبق بعدها إلا طريق القسر والإلجاء والإكراه وذلك غير جائز لأنه ينافي التكليف فهذا تقرير هذا التأويل
القول الثاني في التأويل هو أن الإكراه أن يقول المسلم للكافر إن آمنت وإلا قتلتك فقال تعالى لا إِكْرَاهَ فِى الدّينِ أما في حق أهل الكتاب وفي حق المجوس فلأنهم إذا قبلوا الجزية سقط القتل عنهم وأما سائر الكفار فإذا تهودوا أو تنصروا فقد اختلف الفقهاء فيهم فقال بعضهم إنه يقر عليه وعلى هذا التقدير يسقط عنه القتل إذا قبل الجزية وعلى مذهب هؤلاء كان قوله لا إِكْرَاهَ فِى الدّينِ عاماً في كل الكفار أما من يقول من الفقهاء بأن سائر الكفار إذا تهودوا أو تنصروا فإنهم لا يقرون عليه فعلى قوله يصح الإكراه في حقهم وكان قوله لا إِكْرَاهَ مخصوصاً بأهل الكتاب، والقول الثالث لا تقولوا لمن دخل في الدين بعد الحرب إنه دخل مكرهاً لأنه إذا رضي بعد الحرب وصح إسلامه فليس بمكره ومعناه لا تنسبوهم إلى الإكراه ونظيره قوله تعالى وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً النساء 94
أما قوله تعالى قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ ففيه مسألتان:
المسألة الأولى يقال بان الشيء واستبان وتبين إذا ظهر ووضح ومنه المثل قد تبين الصبح لذي عينين وعندي أن الإيضاح والتعريف إنما سمي بياناً لأنه يوقع الفصل والبينونة بين المقصود وغيره والرشد في اللغة معناه إصابة الخير وفيه لغتان رشد ورشد والرشاد مصدر أيضاً كالرشد والغي نقيض الرشد يقال غوي يغوي غياً وغواية إذا سلك غير طريق الرشد المسألة الثانية تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ أي تميز الحق من الباطل والإيمان من الكفر والهدى من الضلالة بكثرة الحجج والآيات الدالة قال القاضي ومعنى قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ أي أنه قد اتضح وانجلى بالأدلة لا أن كل مكلف تنبه لأن المعلوم ذلك وأقول قد ذكرنا أن معنى تَّبَيَّنَ انفصل وامتاز فكان المراد أنه حصلت البينونة بين الرشد والغي بسبب قوة الدلائل وتأكيد البراهين وعلى هذا كان اللفظ مجري على ظاهره.
التفسير الكبير للفخر الرازي 7/ 13 - 14.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[06 Jul 2006, 12:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي الأعزاء بارك الله بكم
ما أكثر الذين يتسلقون بهذه الآية من دعاة حقوق الإنسان مدعين أنها تقف في وجه عقوبة الردة المقررة في السنة النبوية، فهناك مباحث كثيرة اطلعت عليه تجعل هذه الآية " لا إكراه في الدين على عمومها بحيث تشمل من أسلم ثم كفر، وها الفهم في غاية من الخطورة لأنه يفسح المجال للمتلاعبين بالدين، بحيث يكون هذا الفهم ذريعة للعبث بالدين والاستخفاف به وبأهله.
وعليه هذه الآية لها جانبان: جانب متصل بمن لم يسلم بعد فهي في تصوري عامة في كل أصناف الكفار، فلا نكرههم في الدخول في الدين لأن الإكراه يخلق النفاق هنا، وديننا غني عن ذلك.
الجانب الثاني من أسلم أو ولد مسلما ثم ارتد، فهذه الآية لا صله بهؤلاء وتطبق عليه أحكام الردة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[06 Jul 2006, 12:43 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التفصيل المهم ولا شك أن الآية لاعلاقة لها بأصحاب الردة لأن المرتد جاء فيه نص قاطع وهو قول النبي صلى الله عليه: " من بدل دينه فاقتلوه ". أخرجه أحمد من حديث ابن عباس 1/ 282، 217، 219، والبخاري في كتاب استتابة المرتدين، والمعاندين وقتالهم، باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة رقم (6922) 4/ 279، وفي كتاب الجهاد، باب لا يعذب بعذاب الله رقم (3017) 2/ 363، وأبو داوود في كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد رقم (4351) 4/ 339، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد رقم (1458) 4/ 48 – 49، والنسائي في السنن الصغرى في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في المرتد 7/ 104، وفي السنن الكبرى رقم (3523) 2/ 301، وابن حبان رقم (5606) 12/ 421، وابن أبي شيبة رقم (33143) 6/ 485، وعبد الرزاق 10/ 68، والدارقطني 3/ 113، والحاكم 3/ 620، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 202، وابن حزم في المحلى 11/ 190. وبقوله: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة " أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب إذا قتل بحجر أو بعصا رقم (6878) 4/ 268، ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين رقم (1676) 3/ 1303، وبقوله لا يحل دم امرئ مسلم إلا من ثلاثة إلا من زنى بعد ما أحصن أو كفر بعد ما أسلم أو قتل نفس فقتل بها.أخرجه أحمد 6 58، 181، 205، والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب الصلب رقم (4048) 7/ 101، وفي كتاب القسامة، باب سقوط القود من للكافر رقم (4743) 8/ 23، وفي السنن الكبرى رقم (3511) 2/ 299، ورقم (6945) 4/ 219، وابن أبي شيبة رقم (27902) 5/ 452، والدارقطني 3/ 81، والحاكم 4/ 408، 393 وصححه، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (3751 – 3752) 3/ 844. وبقوله: " لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال زان محصن فيرجم ورجل يقتل مسلماً متعمداً ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله عز وجل ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ". أخرجه أحمد 6 58، 181، 205، والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب الصلب رقم (4048) 7/ 101، وفي كتاب القسامة، باب سقوط القود من للكافر رقم (4743) 8/ 23، وفي السنن الكبرى رقم (3511) 2/ 299، ورقم (6945) 4/ 219، وابن أبي شيبة رقم (27902) 5/ 452، والدارقطني 3/ 81، والحاكم 4/ 408، 393 وصححه، ومسلم نحوه في كتاب القسامة والمحاربين، باب ما يباح به دم المسلم رقم (1676) 3/ 1303، وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له اذهب إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة وقال: انزل فإذا رجل عنده موثق قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم ثم تهود قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله ثلاث مرات، فأمر به فقتل ". أخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين، والمعاندين وقتالهم، باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة رقم (6923) 4/ 279، وفي كتاب الإجارة، باب استئجار الرجل الصالح رقم (2261) 2/ 130، وفي كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه رقم (3038) 2/ 368، وفي كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع رقم (4341 – 4345) 3/ 160 – 161، وفي كتاب الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا رقم (6124) 4/ 114، وفي كتاب الأحكام، باب ما يكره من الحرص على الإمارة رقم (7149) 4/ 330، وفي باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه رقم (7156) 4/ 332، ومسلم في كتاب الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها رقم (1733) 3/ 1456 – 1457. ولا يخفاك اختلاف العلماء في المراد بالآية كما سبق ذلك في حصر أقوالهم، وقد ذكرت سابقاً أن الذي يترجح عندي وهو اختيار جمع من العلماء: أن معنى قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ِ أي: لا تكرهوا أحداً على الدخول في الإسلام، لكماله وقبول الفطرة له، ولأنه بيِّن واضح جليٌّ في دلائله وبراهينه، لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه فمن هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوَّر بصيرته دخل على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً، ولا منافاة بين هذه الآية والآيات الدالة على وجوب الجهاد، لأن الجهاد مشروع لقتال كل من وقف في وجه الإسلام، أما أنه يلزم ويكره على الدخول في الإسلام فلا (قد تبين الرشد من الغي) أي: ظهر وتميز الحق من الباطل، والإيمان من الكفر والهدى من الضلال بالآيات والبراهين الدالة على ذلك، فإذا تبين الرشد من الغي فإن كل نفس سليمة لابد أن تختار الرشد على الغي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
اليوم احتفلت جامعة دمشق بمناقشة أول أطروحة دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jul 2006, 06:19 م]ـ
في تمام الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم تمت مناقشة أول أطروحة دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم في جامعة دمشق وكانت بعنوان: " سنة التدافع بين الحق والباطل في القرآن الكريم / دراسة موضوعية " للطالب الأردني: طالب الصرايرة المعيد في جامعة مؤتة الأردنية.
وقد أوصت لجنة المناقشة بمنح الطالب درجة الدكتوراه بدرجة جيد جداً.
لجنة المناقشة:
- د. نصار نصار مشرفاً.
- أ. د. نور الدين عتر.
- أ. د. نائل أبو عيد.
- د. عماد الدين الرشيد
- د. عبد العزيز الحاجي.
ومن المتوقع أن تليها ـ بعد حوالي شهرين بإذن الله ـ مناقشة أطروحة دكتوراه للطالب الأردني الآخر عبدالرحيم الشريف، وهي بعنوان: " القرآن الكريم في مواقع الإنترنت العربية / دراسة تحليلية نقدية " ولجنة مناقشتها مكونة من الأفاضل:
- د. نصار نصار مشرفاً.
- أ. د. محمد عجاج الخطيب.
- د. محمد الشربجي.
- د. بكار الحاج جاسم.
- د. أحمد الطعان.
وهذه لفتة كريمة من الإخوة أعضاء القسم الأفاضل بتشريف الطالبين بعلَمين من أعلام الأمة في علوم القرآن والسنة، الشيخان: نور الدين عتر ومحمد عجاج الخطيب.
هذا هو الوفاء الذي عودنا عليه علماء الشام ودعاتها ... شيباً وشباباً
وفقهم الله تعالى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jul 2006, 06:24 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله. مبارك للأخ الكريم طالب الصرايرة، ومبارك مقدماً لكم أخي الكريم عبدالرحيم وأسأل الله أن ينفع بكم.
استغربت قولكم: (أول أطروحة دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم في جامعة دمشق) فجامعة دمشق من الجامعات العريقة، فلماذا لم تبدأ الدكتوراه فيها في التفسير إلا الآن؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jul 2006, 06:29 م]ـ
خير من يجيب على ذلك هو الحبيب الدكتور الطعان ...
والأعجب منه: عدم فتح قسم للدراسات العليا في العقائد، رغم حصولها على جميع الموافقات ((العليا)) منذ خمس سنين!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Jul 2006, 08:24 م]ـ
مبارك للأخوين، ونسأل الله أن يوفقهما لكل خير، والسؤال الذي طرحه الأخ عبد الرحمن في محله، فهذه معلومة غريبة، كنا نتوقع أنها لا تخلو ذلك.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Jul 2006, 01:31 ص]ـ
مبارك للأخوين .. والاستغراب في محله ...
ـ[مرهف]ــــــــ[03 Jul 2006, 01:02 ص]ـ
السبب والله أعلم أن كلية الشريعة تتضمن اختصاص الفقه وأصوله وأما التفسير وعلوم القرآن هو من اخثصاصات كلية أصول الدين وليس في سوريا كلها إلا كلية الشريعة في جامعة دمشق فقط وسمعنا بإحداث كلية الشريعة في جامعة حلب لاحقاً ولما تفتح بعد، ولا يوجد في جامعة دمشق كلية أصول الدين أو العقائد أو غيرها ـ ولا أدري لماذا فهذا السؤال يوجه للمسؤولين عن إحداث هذه التخصصات ـ ولم يحدث فرع الحديث وعلومه ثم التفسير وعلومه في قسم الدراسات العليا إلا حديثاً منذ سنوات وكما قال الأخ عبد الرحيم إن الجواب الرسمي نجده عند د أحمد الطعان فأهل مكة أعلم بشعابها
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[03 Jul 2006, 03:11 م]ـ
سبق افتتاح برامج الدراسات العليا في الحديث ثم التفسير واستقبال طلبتها ما لا يعلمه إلا الله من جهد ووساطات كبار أهل العلم، وكان للشيخ نور الدين عتر أكبر الجهد .. لذا كان تكريمه ليشرِّف أول طلاب الدكتوراه بمناقَشة أطروحاته.
تلا الحصول على الموافقة، ابتعاث عدد من الطلاب إلى مصر لإكمال الدراسات العليا، وليكونوا نواة هذا البرنامج الطموح .. ومنهم فضيلة الدكتور أحمد الطعان.
أما ما يخص قسم العقائد والأديان، فأؤكد مرة أخرى أن جميع الموافقات موجودة منذ خمس سنين، والسبب المعلن في تأخير افتتاح القسم قلة المباني المخصصة لكلية الشريعة!!
وباللغة العامية يقولون: " وين نروح بالطلاب "؟(/)
سؤال حول قوله تعالى " ومن الناسِ من يقول آمنا " ...
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[02 Jul 2006, 11:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على حبيبنا
المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ إلى يومِ الدين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هناك سؤال لم أعرف إجابته .. عن قوله تعالى " ومن الناسِ من يقول آمنا بالله وباليومِ
الآخِر وما هم بمؤمنين " .. لماذا جاء الفعل " يقول " ولم يأتِ " يقولوا " ... ؟
فى انتظار الإجابة .. وجزكم الله جميعا خير الجزاء ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ـ[منصور مهران]ــــــــ[02 Jul 2006, 02:17 م]ـ
(ومِن الناس مَن يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين) مَن هنا نكرة موصوفة في محل رفع بالابتداء والخبر (مِن الناس) تقدم لكون المبتدأ نكرة إذ هو في التقدير والمعنى (فريق)، وجملة (يقول) جملة صفة بعد النكرة المدلول عليها بلفظ (مَن) ومعنى الآية: ومن الناس فريق يقول .... ، فجاء الفعل (يقول) بالإفراد لأن هؤلاء الفريق لا يعلنون الإيمان المزعوم وهم جميع وإنما يعلنه كل واحد منهم على انفراد، فناسب إفراد الفعل (يقول) مع (فريق) وإن كان دالا على الجمع، وجاء قولهم (آمنا) بضمير الجماعة لينفي القائل (آمنا) مِن هذا الصنف مِن الناس أي شك فيه وفي أمثاله وكأنه يتكلم عن نفسه وعن أشباهه في النفاق فتتكرر دعواهم بأنهم مؤمنون بتكرار القول من كل واحد واحد. وأجاز بعضهم أن يكون لفظ (الفريق) دالا على الجمع ولكن لما اتحدت كلمتهم بإعلان الإيمان صاروا كأنهم رجل واحد فناسب إفراد الفعل لذلك، أو باعتبار اللفظ. وجاء قولهم (آمنا) باعتبار إعلانهم الجماعي أولمناسبة معنى الجمع في لفظ (فريق)، والله أعلم وبه التوفيق.
ـ[ناصر]ــــــــ[03 Sep 2006, 12:28 ص]ـ
كنت أبحث عن سبب عدم تثنية الفعل حرم في قوله صلى الله عليه و سلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله يقول وهو بمكة عام الفتح: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ". فقيل: يا رسول الله ارأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بهاالسفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: " لا هو حرام ".
ثم قال رسول الله عند ذلك " قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ".
فوجدت هذا الرابط ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=1846) به كلام طيب للمبتدئين مثلي, و ربما به الإجابة عن سؤال الأخ.(/)
ما القول الراجح في قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}
ـ[سيف الدين]ــــــــ[02 Jul 2006, 11:23 م]ـ
يقول تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} (الأحزاب:37)
سؤالين لو تكرمتم:
1 - ما الذي كان الرسول يخفيه وابداه الله؟
2 - مم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخشى الناس؟
وبارك الله فيكم
ـ[سيف الدين]ــــــــ[02 Jul 2006, 11:51 م]ـ
وجدت هذا الرد الرائع في الملتقى للاخ احمد القصير ولا بأس من الاستزادة وبارك الله فيكم:
التحقيق فيما نسب للنبي صلى الله عليه وسلم من زواجه بزينب بنت جحش رضي الله عنها ( http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=6755&postcount=1)(/)
هل يوجد مثال آخر أن اللام تفيد البعديه؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[04 Jul 2006, 10:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الشيخ د. محمد السبيهين في شرحه للآجروميه أن اللام من حروف الجر قد يأتي بمعنى البعديه وقال حفظه الله
((في قول الله -سبحانه وتعالى-: ? أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ? [الإسراء: 78]، الدلوك هو الزوال، والمفسرون قالوا: إن المقصود بالصلاة هنا هي صلاة الظهر، وأنه معروف أن صلاة الظهر تؤدى بعد الزوال، فقالوا: إذن إن اللام هنا أفادت البعدية، أي بعد دلوك الشمس، لأنه ما دام المقصود بها صلاة الظهر،
وصلاة الظهر إنما يحين وقتها بعد زوال الشمس، إذا زالت الشمس حل وقتها فإذن اللام هنا تفيد معنى البعدية، طبعاً أخذ هذا من معرفة أن وقت الصلاة إنما يكون بعد الزوال وليس فيه، فلا نستطيع أن نقول: إنها بمعنى "عند"؛ لأنه عند الزوال إنما يكون الأمر بعد الزوال.))
فهل هناك مثال آخرأو أمثله من القرآن الكريم أفادت فيه اللام معنى البعديه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[منصور مهران]ــــــــ[04 Jul 2006, 10:57 م]ـ
في الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فالصوم لا يكون إلا بعد الرؤية، وكذلك الإفطار.
وقال الشاعر:
فلما تفرقنا كأني ومالكا = لطول اجتماعٍ لم نبت ليلة معا
أي: بعد طول اجتماع. وبالله التوفيق.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[06 Jul 2006, 12:46 ص]ـ
ماثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ثم انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة
لأربع خلون من ذي الحجة
يعني بعد أربع خلون
وقد أشار إلى المعنى أبو حيان رحمه الله في البحر
ـ[منصور مهران]ــــــــ[06 Jul 2006, 02:13 م]ـ
استوقفني من استشهاد النحاة إيراد آية واحدة من القرآن الكريم يستشهدون بها على اللام التي بمعنى (بعد)، وهي آية: (أقم الصلاة لدلوك الشمس)، وهذه اللام لها شواهد كثيرة من الحديث النبوي، ووردت كثيرا في الشعر.
وحاولت مرارا البحث عن شاهد آخر في القرآن مما ذكره العلماء في هذا الموضوع - مثل كتاب (دراسات لأسلوب القرآن الكريم) للشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، وغيره - فلم أجد بغيتي في المحفوظ والمقروء وخانتني الذاكرة فرأيت أنه من الصواب أن أقرأ القرآن الكريم من البداية وأجلت وِرد قراءتي لأحسن المتابعة والتدبر ولما أتممت القراءة وجدت موضعا جاءت فيه اللام بمعنى (بعد) تأكيدا؛ وذلك في قول ربنا تبارك وتعالى: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) ذلك أن الاستغفار قبل الذنب معدود من الشكر فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلا يكون الاستغفار تهيئة للذنب والعصيان بل اعتصاما بعصمة الله ليستحضر المستغفِر شناعة الذنب فلا يقع فيه، وإن وقع فعن غفلةٍ لا إصرار. وأما الاستغفار فيتأكد فعله بعد الذنب؛ لأن الاستغفار حسنة والحسنات يذهبن السيئات، وقد ورد في حديثٍ: (أحدث لكل ذنب توبة) وهو شاهد على المعنى ودلالة اللام، وفي بعض رواياته: (أحدث مع كل ذنب توبة) و لفظ (مع) هنا لا يمكن أن يدل على اقتران الذنب بالتوبة زمن الفعل بل المراد الإسراع بالتوبة فور التنبه والتذكر لخشية الله، فكأن التوبة لما خصصت لهذا الذنب كانت قرينته في التلازم والمعية، والله أعلم بالصواب.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد اليانعة.
أخي منصور: ألا يمكن أن يقال: إن اللام في قوله: {لذنبك} للتعليل، أي استغفر لأجل ما وقعت فيه من الذنب.
علما أني قلت هذا تفقها ولم أراجع كتب التفسير
ـ[منصور مهران]ــــــــ[07 Jul 2006, 03:08 م]ـ
عرض الأستاذ أبو عبد الرحمن وجها آخر لمعنى اللام في قوله تعالى: (واستغفر لذنبك) أن تكون للتعليل.
قلت: للنحاة طرائق في استنباط المعاني من الأوجه المحتملة، لذلك تتعدد الأقوال في المسألة الواحدة، ويكون أحيانا للرجل منهم أكثر من قول في الشاهد الواحد، ومع ذلك يظل الاختيار الأنسب للمعنى الأقرب، وقد وجدت في معنى الآية ذلك القرب فآثرته لما ترجح عندي، ولعل من هو أعلم مني يأتي ببيان وبرهان لا يسعني إلا قبوله، وباب المناقشة متاح لكل من أراد الحقيقة. هذه واحدة.
وأخرى وجدتها في آية: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ... ) آل عمران / 81؛ فقد قرأ الحسن وحمزة ويحيى بن وثاب وهبيرة عن حفص عن عاصم (لِما) - بكسر اللام الجارّة وتخفيف الميم - (انظر: معجم القراءات القرآنية - للخطيب 1/ 535) وحكى القرطبي ان بعضهم جعلها في هذه القراءة بمعنى (بعد)، كما في قول النابغة الذبياني:
توهمت آياتٍ لها، فعرفتها = لستة أعوامٍ، وذا العامُ سابعُ
أي: (بعد) ما آتيتكم، و (بعد) ستة أعوامٍ. (القرطبي 4/ 126 - دار الكتب)
فلا بأس إن شاء الله من تعدد الأقوال في معاني الحروف مادام المعنى العام لا يختل، وبالله التوفيق.(/)
ما هو سبب نزول سورة القلم؟
ـ[رضا التومي]ــــــــ[05 Jul 2006, 12:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشايخ الفضلاء:
ما هو سبب نزول سورة القلم؟ و أتمنى ذكر صحة وضعف ما يُذكر إن كان هناك سبب نزول.
نفع الله بعلمكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2006, 10:14 م]ـ
راجعتُ كتاب (المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة) للدكتور خالد المزيني فلم أجده ذكر في سبب نزول سورة القلم شيئاً، مما يعني عدم ورود شيء في سبب نزول هذه السورة في هذه الكتب الأمهات.
وراجعتُ كتاب (الاستيعاب في بيان الأسباب) لسليم بن عيد الهلالي ومحمد بن موسى نصر، 3/ 452 - 454 فوجدته قد أورد الآثار الآتية:
1 - عن ابن جريج قال: كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه لمجنون به شيطان، فنزلت: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}. وحكموا على الأثر بأنه [ضعيف].
وأوردوا عدة آثار كلها ضعيفة وضعيفة جداً، إلا أثرين:
- أثر أخرجه البخاري في صحيحه، وهو عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: {عتل بعد ذلك زنيم} قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة.
- وأثر واحد حكموا عليه بأنه [حسن] وهو عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بعد ذلك زنيم} قال: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم} قال: فلم نعرفه حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {بعد ذلك زنيم}، قال: فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة.
وكل هذه الآثار التي أوردوها لا تدل على سبب نزول سورة القلم كاملة، وإنما آيات مفردة في السورة والله أعلم.
ـ[رضا التومي]ــــــــ[16 Jul 2006, 11:57 م]ـ
جزاك الله خيرًا ياشيخ عبدالرحمن و زادك الله علما نافعا و عملا صالحا.
و جاء في أسباب النزول للواحدي في سورة القلم ما يلي (اعتمدت على ملفات وورد في جهازي):
سورة القلم
بسم الله الرحمن الرحيم. قوله عز وجل (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ). أخبرنا أبو بكر الحارثي أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر الحمال أخبرنا جرير بن يحيى أخبرنا حسين بن علوان الكوفي أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك ولذلك أنزل الله عز وجل (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ).
قوله عز وجل (وَإِن يَكادُ الَّذينَ كَفَروا) الآية: نزلت حين أراد الكفار أن يعينوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش فقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه وكانت العين في بني أسد حتى إن كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعينها ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر.
وقال الكلبي: كان رجل يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ثم يرفع جانب خبائه فتمر به النعم فيقول: ما رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه فما تذهب إلا قريباً حتى يسقط منها طائفة وعدة فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك فعصم الله تعالى نبيه وأنزل هذه الآية.
.
أتمنى ممن لديه علم أن يحكم لنا على ما أورده الواحدي.
نفع الله بالجميع.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[17 Jul 2006, 10:58 م]ـ
قبل الحكم على ما أورده الواحدي رحمه الله فقد أورد السيوطي رحمه الله الأثرذاته في الدر المنثور وفي لباب النقول أيضاً وذكر أن ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والواحدي رووه عن عائشة رضي الله عنها.
لكن الناظر في طريق الواحدي يجد فيه حسين بن علوان الكلبي يرويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وهو: ضعيف يضع الحديث.
قال في لسان الميزان: (1244 - قال يحي: كذاب , وقال علي: ضعيف جداً , وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث , وقال ابن حاتم: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعاً , لا يحل كَتْبُ حديثه إلا على سبيل التعجب) 2/ 299
قال الخطيب البغدادي رحمه الله بعد أن ساق سنده عن ابن أبي شيبة (قال: قلت ليحي بن معين: إن عندنا قوما يحدثون عن معلى بن هلال وحسين بن علوان فقال: ما ينبغي أن يحدث عن هذين كانا كذابين) 8/ 62
ـ[رضا التومي]ــــــــ[04 Aug 2006, 01:29 ص]ـ
جزاك الله خيرنا شيخنا محمود و زادك علما نافعا و عملا صالحا.
- هل للحديث طرق أخرى غير طريق الواحدي.
- وماذا عن سبب نزول قوله عز وجل (وَإِن يَكادُ الَّذينَ كَفَروا) الآية. والذي ذكره الواحدي.
أسأل الله للجميع الهدى والسداد.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[04 Aug 2006, 01:58 ص]ـ
قلت الحديث رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي وآدابه ص75
حدثنا أحمد بن جعفر بن نصر الجمال حدثنا جرير بن يحيى قال حدثنا حسين بن علوان الكوفي قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك فلذلك أنزل الله عز وجل وإنك لعلى خلق عظيم
وعن أبي الشيخ عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني (274 - 369هـ) بالإسناد أعلاه رواه أبو نعيم (336 - 430هـ) في الدلائل ص 181 برقم 119
وأبو الشيخ هو عبدالله بن جعفر بن حيان المذكور في إسناد الواحدي
فاتحد طريق الثلاثة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رضا التومي]ــــــــ[08 Aug 2006, 05:33 م]ـ
جزاكم الله خيرًا يا د. أنمار
و زادك علما نافعا و عملا صالحا.
ـ[ابو الزوم]ــــــــ[16 Mar 2009, 03:20 م]ـ
السلام عليكم ارى في سورة القلم قصة ثانيه غير قصة اصحاب الجنة وفيها رب العالمين يتحدى الكفره من الجن والانس عن طريق عباده الصالحين والصابرين على اذية الجن والانس له وقصة عجيبه لا يمكن ان يصدقها الناس الا اصحاب العلم لان فيها ضرب من اللا معقول للناس وفيها ضرب من الجنون والله اعلم 0
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 Mar 2009, 04:17 م]ـ
وهل يلزم أن يكون هناك سبب لنزول كل آية أو سورة؟
إذا كان لا بد من سبب فالسبب واضح جلي في السورة نفسها وهو ما اتهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقله، وما اتهم به القرآن من أنه أساطير الأولين.
فجاءت السورة دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له وتذكيرا بعظيم خُلقه، وفي نفس الوقت تبكيتا لأعدائه وإبطالا لما هم عليه من الانحراف العقدي والأخلاقي.
هذه السورة في آخرها جاء ذكر نبي الله يونس عليه السلام، وقد قال الله تعالى:
(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) سورة يونس (120)
هذا ليس اعتراضا على من يبحث عن سبب النزول وإنما هو إثراء للموضوع.
بل إن معرفة أسباب ومناسبة النزول وثبوتها بالأسانيد الصحيحة من أعظم الأسباب للدفاع عن الإسلام في وجه أعداءه الذين يريدون أن يفصلوا القرآن الكريم عن خلفيته التأريخية من خلال التشكيك في السنة النبوية الشريفة.(/)
هل طبعت هذه الرسائل العلمية؟
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[05 Jul 2006, 01:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة مباركة، وبعد:
أرجو من الإخوة الأفاضل بالملتقى إفادة، هل طبعت ونشرت المؤلفات التالية، والتي ذكرها الدكتور الفاضل فهد الرومي حفظه الله في ندوة: (الدراسات الحديثية في الغرب الإسلامي: من القرن الثاني إلى القرن السادس الهجري) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان/المغرب:
*الدراسات القرآنية في مؤلفات السهيلي جمعاً ودراسة للدكتور محمد بن فوزان العمر.
*المدرسة الأندلسية في التفسير للدكتور زيد عمر عبد الله.
*التفسير واتجاهاته بإفريقية من النشأة إلى القرن الثامن الهجري للدكتورة وسيلة بلعيد.
وللجميع جزيل الشكر، والسلام عيكم.
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[06 Jul 2006, 11:40 ص]ـ
الأول والثاني لم يطبعا بعد وأما رسالة بلعيد فطبعت في تونس عام 1414 _ 1994م بدون اسم الناشر وللعلم فمرادها بأفريقية: تونس الآن(/)
ماهو رأيكم في من يقول عن تفسير سيد قطب انه .............. ؟
ـ[العنزي]ــــــــ[06 Jul 2006, 08:01 ص]ـ
من باب الفائدة:
أنا لم أقرا تفسير سيد قطب وسمعت أحد المشايخ يقول:"تفسيرسيد لا يفهم منه مراد الله وان سيدا ليس مفسرا بل هو أديب" مما جعلني أصرف النظرعنه.
فما راي المشايخ الفضلاء عن هذه المقولة؟ أرجوا الإفادة.
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Jul 2006, 08:26 ص]ـ
يا أخي كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،هذا أولاً0
وثانياً: قراء الكتب اثنان:
أولهما: طالب علم ومعرفة يقرأ الكتب بعد أن تخرج على يد شيخ وتمرس على المصطلحات العلمية وعرف كثيراً من الأصول العامة لأغلب العلوم،فهذا في رأيي لايقال له إقرأ الكتاب الفلاني لأن مؤلفه كذا وكذا، ولا تقرأ الكتاب الفلاني لأن مؤلفه كذا وكذا،بل يقرأ ما وقع على يده وهو أدرى بنفسه لا يحتاج لطالب علم مثله (يجيِِر) عليه 0
ثانيهما: من يقرأ الكتب ولم يؤصل نفسه بالتأصيل السابق، فهذا في رأيي يترك عنه الكتب ويبحث عن شيء آخر أنفع له في الدنيا والآخرة،وإذا استشكل عليه شيء سأل عنه أهل العلم 0
وأنت يا أخي أدري بنفسك من أي القسمين،فضع نفسك فيه 0
هذا ما عندي في هذه العجالة 0
ورحم الله من قال:"ومن أعظم التوبيخ تشييخ من لا يصلح للتشييخ "
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[06 Jul 2006, 02:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيما يخص الكلام على سيد قطب وكتبه كثر وهو بين إفراط وتفريط فالواجب الإنصاف والاعتدال فالرجل يكفيه بأنه قدم نفسه دفاعاً عن الإسلام وقد أفضى لما قدم، والنقد يكون للقول لا للقائل، فانظر لذات القول لا للقائلي وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ألف فقد استهدف، والعلماء أمناء فيما نقلوا ومناقشون فيما قالوا أو كتبوا، ولعله إن شاء الله تعالى مأجور في علمه وقصده من مؤلفاته ودفاعه عن الإسلام ومعذور في خطئه وما جهله، فالذي يحاسب الناس على أقوالهم وأفعالهم هو الله سبحانه وتعالى المطلع على الأقوال والأفعال والنيات يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذين كتبوا عن الرجل وعن كتبه بينوا بعض الأخطاء وفي تلك الأخطاء إلزامات كثيرة فالواجب الإنصاف والاعتدال نبين الأخطاء بإقامة الحجة من الكتاب والسنة ولا نتكلف إلزامات لأقوال بل الواجب نلتمس المخارج الحسنة للمسلم وخاصة العلماء الذين أفضوا لما قدموا فقد سئل الشيخ صالح بن محمد اللحيدان: هل يوجد في مجلد "ظلال القرآن" لسيد قطب شكٌ أو ريب بالنسبة للعقيدة، وهل تنصح باقتنائه أم لا؟ فأجاب الشيخ: (بل هو مليء بما يخالف العقيدة، فالرجل - رحمه الله نسأل الله أن يرحم جميع أموات المسلمين - ليس من أهل العلم. هو من أهل الدراسات المدنية وأهل الأدب. وله كتبه السابقة قبل أن ينخرط في سلك الإخوان المسلمين، وكان من الأدباء، له كتاب: "حصاد أدبي"، و"الأطياف الأربعة"، وغيره .. و"طفل من القرية"، وأشياء كثيرة من هذا النوع. ثم شاء الله - جل وعلا - أن يتحول عما كان عليه. وكان في وقت نشط الناس في الكلام وإن قل العمل، وكان للكلام أثره فكان ما كان وكتب هذا الكتاب الذي اسمه "في ظلال القرآن". وإن شاء الله له حسنات، ولكن له أخطأ في العقيدة، وفي حق الصحابة؛ أخطاء خطيرة كبيرة. وقد أفضى إلى ما قدم فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه. وأما كتبه فإنها لا تُعِّلمُ العقيدة ولا تقرر الأحكام، ولا يعتمد عليها في مثل ذلك، ولا ينبغي للشادي والناشئ في طريق العلم أن يتخذها من كتب العلم التي يعتمد عليها، فللعلم كتبه، وللعلم رجاله. أنصح أن يعتني طالب العلم بالقراءة للمتقدمين: الأئمة الأربعة، وللتابعين، وأهل الحق، وعلماء الإسلام المعروفين بسلامة المعتقد وغزارة العلم والتحقيق وبيان مقاصد الشريعة. وهم - ولله الحمد - كثيرون، وكتبهم محفوظة - بحمد الله - والمرجع في ذلك كله - عرض أقوال الناس - إنما يكون على كتاب الله وعلى سنة نبيه - rـ وعلى أقوال السلف (الصحابة) فهم أدرى وأعرف بمفاهيم كلام الله وكلام نبيه، وذلك كله - ولله الحمد - مدون في كتب العلماء من الصحاح والسنن، وكتب الآثار؛ كالمصنفات ونحوها. فلا عذر لطالب العلم بالتقصير، ولا يصح أن يجعل
(يُتْبَعُ)
(/)
كتب المتأخرين حاكمة على كتب المتقدمين.
فتوى للعلامة الشيخ / عبد المحسن بن حمد العباد حفظه الله
سئل عالم المدينة الشيخ عبد المحسن العباد عن كتاب "ظلال القرآن"؟
فقال: (كتاب "ظلال القرآن" أو "في ظلال القرآن" للشيخ سيد قطب - رحمه الله - هو من التفاسير الحديثة التي هي مبنية على الرأي، وليست على النقل، وليست على الأثر. ومن المعلوم أن أصحاب الرأي والذين يتكلمون بآرائهم ويتحدثون بأساليبهم يحصل فيهم الخطأ والصواب، ويصيبون ويخطئون، والإنسان الذي غير فاهم وغير متمكن من الأصلح له أن لا يرجع إليه وإنما يرجع إلى كتب العلماء المعتبرين مثل: تفسير ابن كثير وتفسير ابن جرير، ومثل تفسير الشيخ عبدالرحمن السعدي في المتأخرين فإن هذه تفسيرات العلماء. وأما الشيخ سيد قطب - رحمه الله - فهو من الكتاب من الأدباء يعني يكتب بأسلوبه وبألفاظه ويتحدث. ليس كلامه مبنياً على] الأثر] ولهذا إذا قرأه الإنسان] لم يجده] يقول: قال فلان وقال فلان وقال رسول الله كذا وكذا…الخ يعني من جمع الآثار والعناية بالآثار؛ لأنه ما كان مبنيا على الأثر وإنما كان مبنياً على العقل والكلام بالرأي، ولهذا يأتي منه كلام ليس بصحيح وكلام غير صواب. ولهذا الاشتغال… العمر قصير وليس متسع لكون الإنسان يقرأ كل شيء ومادام أن الأمر كذلك فالقراءة فيما ينفع والفائدة فيه محققه وكلام أهل العلم .. أهل العلم الذين هم علماء ما هم كتّاب: الكتاب غير العلماء، الكاتب غير العالم. الكاتب هو الأديب الذي عنده يعني قدرة على الكتابة والإنشاء فيتحدث فيأتي بالكلمات منها ما يصيب ومنها ما يخطيء وأحيانا يعبر ويخطيء في التعبير ويأتي بعبارة هي ليست جيدة وليست مناسبة جاءت لكونه استرسل بكلامه وعبر بعباراته ولهذا يأتي في كلام سيد قطب - رحمه الله - كلمات غير لائقة يأتي في كلام سيد قطب في مؤلفاته في التفسير وفي غيره كلمات غير لائقة وغير مناسبة ولا يليق بالمسلم أن يتفوه بها، وأن يتكلم بها. وأما القول بأنه ما شرح التوحيد مثل سيد قطب فهذا كلام غير صواب أبداً؛ التوحيد لا يؤخذ من كلام سيد قطب وإنما يؤخذ من كلام العلماء المحققين مثل: البخاري وغير البخاري من الذين أتوا بالأسانيد والأحاديث عن رسول الله r وبينوا التوحيد وعرفوا التوحيد وعرفوا حقيقة التوحيد، وكذلك العلماء الذين علمهم في التوحيد ليس على الإنشاء وعلى الأساليب الإنشائية وعلى الكتابات الأدبية، وإنما بنوه على كلام العلماء وعلى الآثار وعلى كلام الله وكلام رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. هذا هو الحقيقة الذين هم كتبوا في التوحيد واشتغلوا في التوحيد). المرجع (سؤال له بعد درس سنن النسائي في المسجد النبوي بتاريخ 7/ 11/1414).
فتوى معالي الشيخ / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله
سئل فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: هل مما ينهى عنه قراءته من التفاسير تفسير سيد قطب - رحمه الله - "في ظلال القرآن"؟ فأجاب فضيلته: (أما تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب فهو من التفاسير التي اشتملت على مواضع كثيرة فيها بيان لبعض الآيات؛ بيان حسنٌ. يعني فيها أسلوب أدبي فيه شيء من التنميق مما يفهم المرء دلالة الآيات عموماً وصلتها بالواقع، هذا مما يدركه القارئ له من أول ما يقرأ. ولهذا اعتنى به كثيرون في هذا العصر من هذه الجهة، حيث إنه في بعض الآيات يعبر عن التفسير بتعبيرات صحيحة وبعبارات أدبية مناسبة. وأيضاً اشتمل كتابه على كثير من البدع والضلالات، فكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن" ما فيه من التحريفات أكثر مما في كتاب الصابوني. ومن أمثلة ذلك: أنه يؤول الاستواء. ومن أمثلته أنه يشعر في سورة الإخلاص بأن عنده ميل إلى بعض مذاهب المتصوفة من القائلين بوحدة الوجود أو نحو ذلك. يفهم منه ما نقول إنها ظاهرٌ بَيّن، لكن يفهم منه. ومن ضمن ذلك أنه يقول: إن بحث زيادة الإيمان ونقصانه أنه من البحوث الكلامية التي لا ندخل فيها، قالها في سورة الأنفال عند قوله تعالى:?وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً? في الحاشية. ومن أمثلة ذلك أنه يفسر الرب بالإله، والإله بالرب، يعني: توحيد الربوبية عنده هو توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية هو توحيد الربوبية، عنده عكس في فهمها، فالرب عنده هو المستحق للعبادة، والإله عنده هو الخالق الرازق،
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا لا شك أنه يتبعه أشياء من مسائل الاعتقاد ينحرف بها من يلتزمها عن جادة أقوال السلف. من ضمن ذلك أنه في مسائل طاعة المشركين لا يَفْهم تفصيل أهل العلم فيها، فيُفهم من ظاهر كلامه ما يكون موافقاً فيه لبعض الغلاة في مسائل الطاعة: طاعة المشركين، أو طاعة الأحبار والرهبان. ومن أمثلة ذلك ما ذكره في سورة الأنعام عند قوله تعالى: ?وإن أطعتموهم إنكم لمشركون? فذكر فيها أشياء منها مما أدخله فيها - كما أذكر - مسألة لبس المرأة الأزياء والموديلات التي يصدرها أو تصدرها شركات الأزياء في باريس- على حد تعبيره -، فيقول: أولئك الذين يُشرِّعون للنساء عامة ألبسة تلبس في الصباح كذا، وفي المساء كذا، وفي السهرة كذا، وفي العمل كذا … إلى آخره. يقول سيد قطب: إن هذه الفئة - يعني: مصمم الأزياء - إنهم آلهة لأنهم أحلوا الحرام فأُطيعوا، وحرموا الحلال فأُطيعوا. فيقول: المرأة المسلمة التي تطيعهم في ذلك قد اتخذتهم آلهة لأنها أطاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال. وهذا لا شك أنه كلام باطل؛ لأن المرأة إذا لبست الملابس المحرمة التي جاءت من عند أولئك المصممين لا يعني أنها اعتقدت أنها حلال. فمسألة التكفير في اعتقاد أن هذا الذي حرمه الله - جل وعلا - حلال. أما إذا أطاعوهم مع عدم اعتقاد أن هذا حلال…؛ فمثلاً امرأة لبست ملابس أبرزت صدرها ورجليها عند الرجال الأجانب متابعة للمصممين، هذا إن كانت تعتقد أن هذا الفعل حرام ونحو ذلك، وغُلبت عليه؛ ضعف إيمانها ليس هذا بكفر ولم تؤله أولئك. فهو في هذه المسألة جعل الطاعة مكفرة، وقد أخذ بقوله بعض الجماعات التي غلت في مسألة الحكم بما أنزل الله؛ في مسألة الطاعة؛ طاعة المشرعين، المصممين، المنظمين ... إلى آخره. أيضاً من المسائل التي اشتمل عليها كتاب "في ظلال القرآن" أنه لا يظهر فيه اعتناء بما أثبته أهل السنة، يعني: يشبه أن يكون فكرياً غير مركز على مسألة معينة، يعني: على توجه معين هو أراد منه أن يكون كتاباً دعوياً كما يزعم يناسب الوقت، لكنه اشتمل على أشياء مما ذكرت وغيرها. وأيضاً من الأشياء التي تفرد بها أنه ذكر في سورة يوسف ذكر أن أولئك الذين يسألون عن أحكام الإسلام وهم في مجتمع جاهلي هؤلاء يقدحون في الإسلام، والذين يجيبونهم من العلماء هؤلاء يشاركونهم في القدح. هذا معنى كلامه، لِمَ؟ قال: لأن أحكام الإسلام والفقه الإسلامي ما أتى إلا لينزل على واقع مسلم. أما هذه المجتمعات الجاهلية - على حدِّ تعبيره - فإنها لا تقبل أحكام الله حتى يجتهد لها العالم في بيان الأحكام! وهذا لا شك أنه صورة من صور المخالفة لمنهج الحق في هذا، لأن أحكام الإسلام تُبَيّن في الدار التي فيها مسلمون ولو لم يكن فيها إلا مسلم واحد. إذا سأل عن دينه بُيِّنَ له وتُكلم في بيان الإسلام وبيان أحكامه ولو كان في دار جاهلية. وتعميمه أن بلاد المسلمين دور جاهلية هذا لا شك أن فيه تعدٍ. يعني: جميعاً- على حد تعبيره -. وأيضاً من المسائل التي تفرد بها، أنه قسم الفقه إلى قسمين في سورة يوسف: (القسم الأول): فقه الأوراق. و (القسم الثاني): فقه الواقع، وفقه الحركة أيضاً. يقصد بفقه الأوراق: الفقه الموجود بين أيدينا من فقه علماء الإسلام، ويقصد بفقه الواقع: يعني الواقع الذي تعيشه الحركة وما حول الحركة ونحو ذلك؛ يعني: ما حول الجماعة العاملة والتنظيم العامل، يقول: إن مهمتنا الآن العناية بفقه الحركة فقه الواقع. أما فقه الأوراق فهذا لم ينشأ إلا في مجتمع المدينة، لأنه لا بد فيه من مجتمع يطبقه، فإذا لم نوجد هذا المجتمع الذي يطبقه فإننا لا نحتاج إلى العناية به، كما تتوجه - يعني الدراسات ونحو ذلك - يعني العناية الكبيرة به. فالعناية الكبرى تنصب على فقه الواقع لأنه هو الذي تحتاج إليه الأمة ونحو ذلك. له آراء كثيرة مخالفة إذا تأملت هذا الذي ذُكر، فطالب العلم الذي يحرص على العلم النافع إنما يطالع كتب السلف الصالح، يطالع الكتب التي تفيده العلم المنقى الصافي، أما الكتب المشتملة على الباطل، المشتملة على التحريفات، المشتملة على آراء شخصية ليس عليها أدلة ظاهرة من القرآن والسنة لا يوافق علماء أهل السنة والجماعة عليها، فإن قراءة طالب العلم - خاصة المبتدئ - فيها إنها قد تسبب وتوقع في قلبه شبهة، والحريص على دينه لا يوقع ولا يسعى في أن يوقع نفسه وقلبه في شبهة). المرجع ("شرح كتاب مسائل الجاهلية لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب"، الشريط السابع، الوجه الثاني).(/)
غريب سورة الكهف للمجاصي المغربي رحمه الله
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:55 ص]ـ
غريب سورة الكهف (1) للمجاصي المغربي
ثم انتهى إلي في الرقيم (2) سبعة أقوال على الترسيم
----------------------------------------------
(1) وهي مكية:قاله ابن عباس وبه قال الحسن ومجاهد وقتادة و وقال ابن الجوزي وهذا باجماع المفسرين من غير خلاف نعلمه , إلا أنه روى عن ابن عباس وقتادة أنها آية مدنية وهي قوله تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم) آية 28 وقال مقاتل من أولها الى (صعيداً جرزاً) من آية 1 - 8 مدني: وقوله (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا) الآيتان 107 – 108 مدنيتان وباقيها مكي وعدد آياتها 110. انظر زاد الميسر لابن الجوزي 5/ 102 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 5/ 133 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10/ 346، أما فضلها فقد ورد فيه عدة أحاديث:عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال. رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل سورة الكهف رقم (809) 1/ 555 وأبو داوود في كتاب الملاحم باب خروج الدجال رقم 4/ 323 والترمذي في كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة الكهف (2886) 5/ 149 بلفظ من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور مابين الجمعتين. رواه البيهقي في المسند الكبرى 3/ 249 وشعب الإيمان رقم (3039) 3/ 112 - 113، وصححه الألباني في إرواء الغليل رقم (626) 3/ 93 وصحيح الترغيب رقم (738) 1/ 310 ومشكاة المصابيح رقم (2175) 1/ 669 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكهف كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قرأ العشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله الا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة رواه الحاكم 1/ 564 وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والطبراني في الأوسط رقم (1455) 2/ 123 والبيهقي في شعب الإيمان رقم (3038) 3/ 112 والهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 239، 7/ 53 ومجمع البحرين رقم (428) 1/ 344 وقال رجاله رجال الصحيح. وعن أبي سعيد قال من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم خرج الدجال لم يسلط عليه أو لم يكن له عليه سبيل رواه الحاكم 4/ 511 وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(2) سورة الكهف آية 9: الرقيم فعيل بمعنى مفعول: أصله مرقوم قم صرف إلى فعيل للمجروح جريح وللمقتول قتيل يقال رقمت كذا وكذا أذا كتبته , والعرب تقول عليك بالرقمة ودع الضفة: بمعنى عليك برقمة الوادي حيث الماء ودع الضفة الحانية والضفتان جانباً الوادي. انظر تفسير الطبري 15/ 199، ولسان العرب لابن منظور 12/ 250 والنهاية في غريب الحديث 2/ 254.
أولها اللوح (1) مع الكتاب (2) واسلم لكلب لابث بالباب (3)
------------------------------------------
(1) قاله ابن عباس في رواية وبه قال سعيد بن جبير ووهب بن منبه ومجاهد والفراء.
انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2346، وتفسير الطبري 15/ 199، وزاد المسير لابن الجوزي 5/ 107، ومعاني القرآن للزجاج 3/ 269، والدر المنثور 4/ 383 - 384، ولسان العرب 12/ 250 ومختار الصحاح 253.
(2) قاله ابن عباس في رواية وبه قال ابن زيد وعكرمة ومقاتل.
انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2346 وتفسير الطبري 15/ 198 - 199 وزاد المسيرة /107 - 108 والمحرر الوجيز لابن عطية 10/ 367 والدر المنثور 4/ 383 ولسان العرب 12/ 250 ومختار الصحاح ص253.
(3) قاله أنس بن مالك وبه قال سعيد بن جبير في رواية انظر زاد المسير5/ 108 والدر المنثور 4/ 384.
وقرية (1) وصخرة (2) والوادي (3) ثم الدواة (4) داخل الأعداد.
---------------------------------------
(1) قاله كعب الأحبار. انظر تفسير ابن أبي 7/ 367 والمحرر الوجيز 10/ 367 وزاد المسير 5/ 107 وتفسير ابن كثير 5/ 138 - 139 وجامع الأحكام للقرطبي 10/ 346.
(2) قاله السدي. انظر تفسير ابن حاتم 7/ 2346 وزاد المسير 5/ 107 - 108.
(يُتْبَعُ)
(/)
(3) قاله ابن عباس في رواية وبه قال قتادة والضحاك وعطية العوفي في رواية انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2346 وتفسير الطبري 15/ 189 وزاد المسير 5/ 108 والمحرر الوجيز 10/ 367 وتفسير ابن كثير 5/ 138 ولسان العرب لابن منظور 12/ 250.
(4) الدواة بلغة الروم: قاله عكرمة ومجاهد كلاهما في رواية انظر زاد المسير5/ 107 - 108 ولسان العرب لابن منظور 12/ 250 وروي أن الرقيم: اسم للجبل الذي كان فيه الكهف: قاله ابن عباس في رواية وبه قال الحسن البصري وعطية العوفي وعن ابن عباس في رواية أنه بنيان. انظر تفسير الطبري 15/ 199 والمحرر الوجيز لابن عطية 10/ 367 وزاد المسير لابن الجوزي 5/ 107 - 108 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 269، ولسان العرب لابن منظور 12/ 250.
قلت ويمكن الجمع بين قوله من قال أ ن الرقيم: الجبل من قال أنه الصخرة: بأن الصخرة جزء من الجبل فمن قال أنه الحبل عبر بالكل ومن قال أنه الصخرة عبر بالجزء عن الكل.
قال أبو جعفر الطبري رحمه الله وأولى الأقوال عندي أنه لوح أو حجر أو شيء مكتوب فيه كتاب. انظر تفسير ابن جرير 15/ 199.
تقرضهم (1) ناحية للجوف وفجوة (2) متسع في الكهف
قد حاطهم في نومهم (3) ذو العرش واستقبلوا إلى بنات نعش (4)
-------------------------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 17: تقرضهم: أي تذرهم: قاله ابن عباس وقال سعيد بن جبير ومجاهد تتركهم وتعول عنهم: وقال قتادة تدعهم: وأصل القرض القطع يقال منه قرضت الثوب إذا قطعته ومنه قيل للمقراض مقراض لأنه يقطع ومنه قوله ذو الرحمة إلى ظعن يقرض أجواز مشرف شمالا وعن أيما نص الفوارس، قلت: وكل هذه الأقوال وهي تذرهم وتدعهم وتتركهم بمعنى واحد لاختلاف بينها انظر تفسير الطبري 15/ 211 - 212 وتفسير ابن أبي حاتم 7/ 2351 وزاد المسير 5/ 117 - 118 ولسان العرب 7/ 218 - 219 ومختار الصحاح ص 221.
(2) فجوة: الخلوة من الأرض: أي الناحية قاله سعيد بن جبير في رواية وروي عنه أنه المكان الداخل: وقال مجاهد المكان الذاهب وقال أبو عبيد المكان المتسع قلت وهذه الأقوال لاختلاف بينها لان الخلوة هي الناحية من الأرض المتسعة.
انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2352 وتفسير الطبري15/ 212 - 213 وزاد المسير 5/ 117 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 273 والفائق في الغريب 1/ 80 والغريب لابن قتيبة ص231 ولسان العرب 15/ 148 ومختار الصحاح ص206.
(3) يشير الى قوله تعالى (وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود) سورة الكهف آية 18. انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2352 وتفسير الطبري 15/ 213 وزاد المسير 5/ 116.
(4) قال المفسرون كان كهفهم بأزاءات بنات نعش في أرض الروم فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم.
انظر زاد المسير 5/ 117 - 118 وتفسير القرطبي 10/ 369 ومعاني القرآن الكريم للزجاج 3/ 273 - 274.
وعتبة الباب (1) هو الوصيد (2) ثم فناء (3) الكهف يا سعيد
وبعض أهل العلم قالوا الباب (4) وموضع الغلق هو الصواب (5)
---------------------------------------
(1) قاله عطاء: قال ابن قتيبة وهذا أعجب ألي. انظر زاد المسير 5/ 119 وغريب القرآن لابن قتيبة ص 265 والسيرة النبوية لابن هشام 1/ 326.
(2) سورة الكهف آية 18.
(3) قاله ابن عباس في رواية: وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وقتادة وعطية العوفي ابن جريح والفراء. قال الفراء أهل الحجاز يقولون الوصيد وأهل نجد يقولون الا صيد وهو الحظيرة والفناء. انظر زاد المسير 5/ 119 وتفسير الطبري 15/ 214 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 274 ومختار الصحاح ص18,724 ولسان العرب 3/ 460.
(4) قاله ابن عباس في رواية وبه قال السعدي: قال ابن قتيبة فيكون المعنى: فكلبهم باسط ذراعيه بالباب. قال الشاعر بأرض فضاء لا يسعد وصدها: علي ومعروفي بها غير منكري: البيت لعبيد بن وهب العبسي انظر غريب القرآن لابن قتيبة ص265 وتفسير الطبري 15/ 215 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 274 وزاد المسير 5/ 119 والقرطبي 10/ 351,373 والبحر المحيط 6/ 93 والدر المنثور 4/ 392.
(يُتْبَعُ)
(/)
(5) انظر تفسير الطبري 15/ 215 قال الوصيد: هو الباب أو فناء الباب حيث يغلق: روى أن الوصيد الصعيد وهو التراب قاله ابن عباس في رواية وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد في رواية عنهما: انظر الطبري 15/ 215 والقرطبي 10/ 351,373 والبحر المحيط 6/ 93 والدر المنثور 4/ 392 قال أبو جعفر ابن جرير الطبري وأولى الأقوال عندي بالصواب قوله من قال الوصيد الباب أو فناء الباب حيث يغلق الباب وذلك أ ن الباب يوصد وإيصاده إطباقة من قول الله عز وجل أنها عليهم مؤصدة سورة الهمزة آية 8. انظر تفسير الطبري 15/ 215 وغريب القرآن لابن قتيبة ص 265.
وفضة (1) تذاب المهل (2) وقيل عكر الزيت (3) ذاك المثل
وقيل فيح ودم للجاحد وهذه القولة (4) عن مجاهد (5)
---------------------------------------
(1) قاله ابن مسعود وبه قال الخضيف وأبو عبيدة ورواية عن مجاهد. انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2358 - 2359، وتفسير الطبري 15/ 239 وزاد المسير 5/ 135، ومعاني القرآن للزجاج 3/ 282، وغريب الحديث لأبي عبيدة القاسم بن سلام 4/ 270، والدر المنثور 4/ 400. (5) هو أبو الحجاج: مجاهد بن جبر المكي المخزومي: مولى أبي السائب , ويقال مولى عبد الله بن السائب: ولد سنة 24هـ وقيل سنة 28هـ أحد أعلام التابعين الإمام العلامة شيخ القراء والمفسرين في زمانه وثقه ابن معين وطائفة , روى عن ابن عباس وأبي هريرة وعائشة وجابر بن عبد الله , وروى عنه عكرمة وطاووس وعطاء وأيوب السختياني , توفى سنة 104 هـ وقيل سنة 108 هـ. انظر: التاريخ الكبير للبخاري رقم (1805) 7/ 411 - 412، وطبقات ابن سعد 5/ 466، وسير أعلام النبلاء رقم (175) 4/ 449 - 45
(1) سورة الكهف آية 29.
(2) قاله ابن عباس وأبو مالك الأشعري ورواية عبد الله ابن مسعود وبه قال سعيد بن جبير في رواية , انظر: تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2358 - 2359، وتفسير ابن الطبري 15/ 240 وزاد المسير 5/ 135، ومعاني القرآن للزجاج 3/ 282، والدر المنثور 4/ 400، ولسان العرب لابن منظور 11/ 633 ومختار الصحاح ص266.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير المهل: انه كعكر الزيت من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ماء كالمهل: كعكر الزيت فإذا قربته إليه سقطت فروة وجهه. رواه الترمذي في كتاب صفة جهنم باب ما جاء في صفة شراب أهل النار رقم (2581) 4/ 607 وأحمد 3/ 70 - 71 والحاكم 2/ 501 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وأبو يعلي رقم (1375) 2/ 520 وابن حيان رقم (7473) وابن جريد الطبري 15/ 240 - 241 وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم (2581) ص 260.
(3) انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2359 وتفسير الطبري 15/ 240 في رواية عن مجاهد وزاد المسير 5/ 135 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 282 وروي أن المهل هو الذي نتقى حره قاله سعيد بن جبير في رواية: انظر تفسير الطبري 15/ 240 وزاد المسير 5/ 135.
وروي أنه الرماد الذي ينفض عن الخبزة أذا أخرجت من التنور حكاه ابن الأنباري: انظر زاد المسير 5/ 135 , وروي انه ماء جهنم أسود وهي سوداء وشجرها أسود وأهلها سود: قاله الضحك: انظر الطبري 15/ 240. قال أبو جعفر ابن جرير الطبري هذه الأقوال وإن اختلفت بها ألفاظ قائليها فمتقاربة المعنى وذلك أن كل ما أذيب من رصاص أو ذهب أو فضة فقد انتهى حره وأن ما أوقد عليه من ذلك النار حتى صار كدردى الزيت فقد انتهى أيضا حره: فالمهل كل مائع أو قد عليه حتى بلغ غاية حره أولم يكن مائعاً فانماع بالوقود عليه وبلغ أقصى الغاية في شدة الحر
وعن معمر بن المثنى أنه قال سمعت المنتجع بن نبهان يقول والله لفلان أبغض إلي من الطلياء والمهل قال فقلنا له وما هما فقال الجرباء والملة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملت في النار من النار كأنها سهلة حمراء مدققة فهي أحمره فالمهل إذا هو كل مائع قد أوقد عليه حتى بلغ غاية حره أو لم يكن مائعاً فإنماع بالوقود عليه وبلغ أقصى الغاية في شدة الحر. انظر تفسير الطبري 15/ 240.
والباقيات (1) الصلوات الخمس (2) هذا مقال ليس فيه لبس
قيل تسبيح مع التحميد والكبرياء لله والتوحيد (3)
--------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 46.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) قاله عبد الله بن مسعود ورواية عن ابن عباس وبه قال مسروق وعمرو بن شرحبيل وإبراهيم النخعي وأبو ميسرة ورواية عن سعيد بن حبيب.
انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2365 وتفسير الطبري 15/ 254 - 255 وزاد المسير 5/ 149 والوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي 3/ 151 وجزء الباقيات الصالحات للعلائي ص19 - 21.
(3) قاله عثمان بن عفان وابن عمر ورواية عن ابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء ومجاهد ومحمد بن كعب وعكرمة والضحاك ورواية عن سعيد بن جبير. انظر تفسير الطبري 15/ 254 - 255 وزاد المسير 5/ 149 وجزء الباقيات الصالحات للعلائي ص19 - 21. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ خذوا جنتكم قلنا يارسول الله أمن عدو قد أحضر قال لا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فإنها يأتين يوم القيامة منجيات ومقدمات وهن الباقيات الصالحات، رواه الحاكم 1/ 541 وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والطبراني في الأوسط رقم (4027) 4/ 219 - 220 والصغير 1/ 145 والخطيب في تاريخ بغداد 9/ 336 والهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 89 ومجمع البحرين رقم (4538) 7/ 328 - 329 وقال رجاله رجال الصحيح غير داوود بن بلال وهو ثقة وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (3214) 1/ 612.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أستكثروا من الباقيات الصالحات قيل وما هن يارسول الله قال التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله رواه احمد 3/ 75 وابن حبان رقم (840) 3/ 121 والحاكم 1/ 512 وصححه ووافقه الذهبي والطبري 15/ 255 وأبو يعلى رقم (1384) 2/ 524 والبغوي في شرح السنة رقم (1282) 5/ 64 - 65 والهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 87 وقال إسناده حسن وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم (828) ص19.
وروي أن الباقيات الصالحات جميع أعمال الحسنات قاله ابن عباس في رواية وبه قال قتادة وابن زيد. وروي أيضاً أنها الكلام الطيب قاله ابن عباس في رواية، انظر تفسير الطبري 15/ 256 وزاد المسير 5/ 149 - 150. قال أبو جعفر الطبري وأولي الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال هن جميع أعمال الخير لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقي لصاحبها في الآخرة وعليها يجازى ويثاب: والحديث الذي ورد بأنها سبحان الله والحمد لله: المراد به أنها من الباقيات الصالحات. انظر الطبري 15/ 256: قلت الراجح عندي أن الباقيات الصالحات هي التسبيح والتحميد والتهليل كما صرح بذلك الحديث الصحيح المتقدم بلفظ من الباقيات ولم يقد من الباقيات الصالحات: وأما باقي أعمال البر من صلاة وصيام وحج وغيرهم لا تسمى الباقيات الصالحات أنما تسمى أعمال البر والطاعات ولاشك أنها باقية ومدخرة لصاحبها يوم القيامة عند الله عز وجل من حيث الثواب والعقاب ولكن لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تسمى الباقيات الصالحات إنما نقل عنه أن الباقيات الصالحات هي سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة ألا بالله. والله أعلم.
والموبق (1) الموعد (2) ثم المهلك (3) وسربا (4) يعني طريقا يسلك (5)
---------------------------------------------
(1) موبقا: سورة الكهف آية 52.
(2) قاله أبو عبيد. انظر زاد المسير 5/ 156.
(3) قاله ابن عباس وبه قال قتادة والضحاك وابن زيد وعرفجة. انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2367 وتفسير الطبري 15/ 264 وزاد المسير 5/ 155 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 295 والدر المنثور 4/ 414 وفتح القدير للشوكاني 3/ 417 وروي أنه واد عميق يفرق به بين أهل الضلال وأهل الهدى: قاله ابن عمر وعبد الله بن عمرو وبه قال البكالي انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2367 وتفسير الطبري 15/ 264 وزاد المسير 5/ 156 والدر المنثور 4/ 414 وفتح القدير 3/ 417 وروى أنه واد في جهنم من قيح دم قاله أنس بن مالك وبه قال مجاهد. انظر تفسير أبن أبي حاتم 7/ 2367 وزاد المسير 5/ 156 والدر المنثور 4/ 414 وفتح القدير 3/ 417.وروي انه موضع المحبس في النار: قاله الربيع بن أنس. أنظر زاد المسير 5/ 156. وروي أنه العداوة: قاله الحسن البصري. انظر زاد المسير 5/ 156 وتفسير الطبري 15/ 264 قال أبو جعفر ابن جرير الطبري وأولي الأقوال في ذلك بالصواب قول ابن عباس ومن وافقه
(يُتْبَعُ)
(/)
أنه المهلك وذلك أن العرب تقول في كلامها قد أو بعد فلانا إذا أهلكته ومنه قول الله عز وجل (أو يوبقهن بما كسبوا) بمعنى يهلكهن،
ويقال للمهلك نفسه قد وبق فلان فهو يوبق وبقا ولغة بني عامر يابق بغير همز وحكي عن تميم أنها تقول يبيق وقد حكي وبق يبق وبوقا حكاها الكسائي وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول الموبق الوعد ويستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر وحاد شروري فالستار فلم يدع تعارا له والواديين بموبق ويتأوله بموعد وجائز أن يكون ذلك المهلك الذي جعل الله جل ثناؤه بين هؤلاء المشركين هو الوادي الذي ذكر عن عبد الله بن عمرو وجائز أن يكون العداوة التي قالها الحسن وقوله ورأى المجرمون النار يقول وعاين المشركون النار يومئذ فظنوا أنهم مواقعوها يقول فعلموا أنهم داخلوها كما حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله فظنوا أنهم مواقعوها قال علموا حدثني يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الكافر يرى جهنم فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة. انظر تفسير الطبري 15/ 265 ولسان العرب 10/ 370 ومختار الصحاح ص294 والنهاية 5/ 146.
(4) سورة الكهف آية 61.
(5) قاله ابن عباس في رواية وبه قال قتادة وابن زيد ومجاهد. انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2377 وتفسير الطبري 15/ 273 وزاد المسير 5/ 166 والنهاية في غريب الحديث 2/ 356 وروي أنه أثره كأنه حجر قاله ابن عباس في رواية وروى أنه ماء جامد قاله قتادة. انظر الطبري 15/ 274 وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم عن بي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم حين ذكر حديث ذلك ما أنجاب ماء منذ كان الناس غيره ثبت مكان الحوت الذي فيه فانجاب كالقوة حتى رجع موسى فرأى مسلكه فقال ذلك ما كنا نبغي رواه ابن جرير الطبري 15/ 274 وابن كثير 5/ 174.
قال أبو جعفر ابن جرير الطبري والصواب من القول في ذلك أ ن يقال كما قال الله عز وجل واتخذ الحوت طريقة في البحر سربا وجائز أن يكون ذلك السرب كان بأنجباب من الأرض وجائز أن يكون مجمود الماء وجائز ان يكون بتحوله حجراً وأصح الأقوال فيه ما روي الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه عن أبي بن كعب رضي الله عنه. والله أعلم.
وحقبا (1) دهراً (2) أتى مبينا وهو ثمانون (3) من السنينا
مقدار يومها من الأيام فيما روى ألف من الأعوام (4)
وليس للأحقاب حد يعرف ولا له حد عليه يوقف (5)
-----------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 60.
(2) قاله ابن عباس وبه قال قتادة وابن زيد_ابن أبي حاتم 7/ 2376 والطبري 15/ 271 وزاد المسير 5/ 165 وتفسير ابن كثير 5/ 174 والمحرر الوجيز 10/ 422 والتسهيل لابن جزي 1/ 514 والتفسير الصحيح لحكمت ياسين 3/ 319 وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 269.
(3) قاله عبد الله بن عمرو وأبو هريرة. انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2376 وتفسير الطبري 15/ 272 والمحرر الوجيز 10/ 422 وزاد المسير 5/ 165 والتسهيل لابن جزي 1/ 514 والتفسير الصحيح لحكمت ياسين 3/ 319 وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص269.
(4) انظر زاد المسير 5/ 165.
(5) روي أنه سبعون خريفا: قاله مجاهد: وروي أنه سبعون ألف سنة: قاله الحسن: وروي أنه سبعة عشر ألف سنة: قاله مقاتل بن حيان: وروي أنه سنة بلغة قيس ذكره الفراء وروي أنه وقت غير محدود: قاله أبو عبيدة: وروي أنه زمانا قاله ابن عباس في رواية انظر تفسير ابن أبي حاتم 7/ 2376 وتفسير الطبري 15/ 271 - 272 وزاد المسير 5/ 165 والمحرر الوجيز 1/ 422 والتسهيل لابن جزي 1/ 514.
والذي يترجح عندي أنه الدهر وهو القول الأول الذي قاله ابن عباس ومن وافقه كما تقدم وهو قول يجمع كل الأقوال لأنه قول شامل وباقي الأقوال جزء منه لأن الدهر عام يدخل فيه سبعون سنة وثمانون سنة وسنة وسبعة عشر ألف سنة وغيرهم والله أعلم.
وموئلا (1) فاعلم بمعنى مهرباً (2) وبعده أمرا سمعنا عجبا
وراءهم (3) يعني به قدامهم (4) وهو من الأضداد حقا عندهم
----------------------------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 58.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) الموئل: الملجأ قاله ابن عباس وبه قال ابن زيد وأبو عبيدة وأنشد للأعشى وقد أخالس رب البيت غفلته: وقد يحاذر مني مايئل: والعرب تقول إنه ليوائل إلى موضعه أي: يذهب إلى موضعه: قال الشاعر لا واءالت نفسك خليتها للعامرين ولم تكلم. انظر تفسير الطبري 15/ 269 - 270 وزاد المسير 5/ 160 والتسهيل 1/ 513 وتفسير ابن أبي حاتم 7/ 2369 والدر المنثور 4/ 416 والتفسير الصحيح 3/ 316 وغريب القرآن لابن قتيبة ص 269 والنكت والعيون تفسير الماردي 35/ 320 والمحرر الوجيز 10/ 419. وروي بأن الموئل الولي قاله قتادة وروي بأن مؤلا محرزا: قاله مجاهد انظر النكت والعيون 3/ 320 وتفسير الطبري 269/ 15 والدر المنثور 4/ 416.
(3) سورة الكهف آية 79.
(4) قاله ابن عباس وبه قال قتادة وأبو عبيدة والزجاج وقيل وراءهم خلفهم واختلف أهل العربية في استعمال وراء موضع أمام على ثلاثة أقاويل أحدهما يجوز استعماله بكل حال وفي كل مكان وهو من الاضداء: قال الله تعالى (من ورائهم جهنم) سورة إبراهيم آية 16: أي من أمامهم وقدامهم جهنم قال الشاعر: أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والغلات ورائيا
(5) يعني أمامي: الثاني أن وراءك يجوز أن يستعمل في موضع أمام في المواقيت والأزمان لأن الانسان قد يجوزها فتصير وراءه ولا يجوز في غيرها الثالث أن يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرية متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيره، قال أبن عيسى: انظر النكت والعيون 3/ 332 - 333 وتفسير الطبري 16/ 2 وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص269 ومعاني القرآن للزجاج 3/ 305 وزاد المسير 5/ 178.
يريد ان ينقض (1) يعني ينهدم (2) والحمأة (3) الطين بهمز ملتزم
--------------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 77.
(2) قال الطبري اختلف أهل العلم بكلام العرب: فقال بعض أهل البصرة: ينقض: أي ينقلع من أصله ويتصدع وقال بعض أهل الكوفة الانقياد الشق في طول الحائط، وفي طي البئر وفي سن الرجل: يقال قد انقاضت سنه: إذا انشقت طولا وقال بعض أهل البصرة ليس للحائط ارادة ولا للموت ولكن هذا من باب المجاز، وقال بعض الكوفيين من كلام العرب أن يقولوا الجدار يريد ان يسقط: كقول الشاعر: يشكوا الى جملي طول السرى صبراً جميلا فكلانا مبتلى: قال والجمل لم يشك انما تكلم به على انه لو تكلم لقال ذلك ومنه قوله تعالى (ولما سكت عن موسى الغضب) سورة الاعتراف آية 154، والغضب لا يسكت وإنما صاحبه: ومعناه سكن، قال الطبري: والصواب من القول في ذلك ان يقال ان الله عز وجل اخبر ان صاحب موسى وجدا حوارا يريد ان ينقض فأقامه صاحب موسى بمعنى عدل ميله حتى عاد مستويا وجائز أن يكون كان يرفع منه له بده فاستوى بقدرة الله وزال عنه ميله بلطفه، قال الشيخ محمد الامين الشنقيطي في أضواء البيان لا مانع من إبقاء إرادة الجدار على حقيقتها لإمكان ان الله اعلم منه إرادة الانقضاض وان لم يعلم خلقه تلك الإرادة، وهذا واضح جدا مع انه من الأساليب العربية إطلاق الإرادة على المقاربة والميل الى الشئ. كما قال الشاعر يريد ارمح صدر أبي براء ويرغب عند ماء بني عقيل.
قلت: القول بأن هذا أسلوب من أساليب اللغة العربية يرفع الإشكال والخلاف القديم والحديث في الحقيقة والمجاز، ولاشك ان للجمادات إرادات يعلمها الله عز وجل كما قال تعالى (وإن من شيء ألا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) سورة الإسراء آية 44. انظر تفسير الطبري 15/ 288 - 291 وتفسير ابن أبي حاتم 7/ 2379 وزاد المسير 5/ 176 والنكت والعيون للمارودي 3/ 331 وأضواء البيان 4/ 179.
(3) طينة سوداء قاله كعب: وقيل ماء ذات حمأة: قاله مجاهد وقتادة: وقيل ماء يغلي كغليان القدور، قاله الحسن وقتادة , انظر النكت والعيون للمارودي 3/ 338 - 339 والوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي 3/ 164 - 165 وزاد المسير 5/ 186.
ومن قرأ حامية بالمد (1) بالشرح مفهوم فدبر عقد (2)
--------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) قال الشاطبي: فأتبع خفف في الثلاثة فأكثر ... وحامية بالمد صحبة كلا قرأ عامر وشعبة وحمزة والكسائي: في عين حامية بألف بعد الحاء وإبدال الهمزة ياء وقرأ غيرهم بحذف الألف مع بقاء الهمزة على حاله، قال الزجاج فمن قرأ حمئته أراد في عين ذات حماة: يقال حمأت البئر أذا أخرجت حماتها. وأحماتها إذا لفيت فيها الحمأة، ومن قرأ حامية بغير همز أراد حارة وقد تكون حارة ذات حماة. وروي عن ابن عباس أنها حماة سوداء تغرب فيها الشيء في رواية وبه قال قتادة والحسن وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الشمس حين غابت فقال في نار الله الحامية في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض وعن أبي بن كعب ان النبي صلى الله عليه وسلم اقرأه حمئة.
(2) قال الماوردي: وعلى قرائه حامية: يعني حارة وليس يمتنع أن يكون ذلك صفة للعبد أن تكون سوداء حامية: وقد نقد مأثوراً في شعر تبع: وقد وصف ذا القرنين بما يوافق هذا فقال: قد كان ذو القرنين قبلي مسلما: ملكا تدميه له الملوك وتسجد بلغ المشارق والمغارب يبتغي: أسباب أمر من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها: في عيده ذي خلب وشاط حرمد الخلب: الطين، الثأط: الحمأة، الحرمد: الأسود. قال الطبري والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار ولكل واحد منهما وجه صحيح ومعنى مفهوم وذلك انه جائز ان تكون الشمس تغرب في عين حارة وطين فيكون القارئ في عين حامية بصفتها التي هي لها: وهي الحرارة، ويكون القارئ في عين حماة واصفها بصفتها التي هي بها، وهي إنها ذات حماة وطين.انظر تفسير الطبري 16/ 11 والنكت والعيون للمارودي 3/ 338 - 339 والوسيط للواحدي 3/ 164 - 165 وزاد المسير 5/ 185 - 186 والوافي شرح الشاطبية للقاضي عبد الفتاح ص314 والتيسير للداني ص104 والنشر في القرآت للجزري 2/ 314 وتفسير القرطبي 11/ 49 وفتح القدير للشوكاني 3/ 440 - 441 وتفسير ابن أبي حاتم 7/ 2383 - 2385.
(2) رواه احمد 2/ 207 والطبري 16/ 11 وابن كثير 5/ 192 والهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 131.
والشمس (1) في عين لها قد تغرب (2) وقيل خلف العين ذاك المذهب (3)
--------------------------------------------
(1) سورة الكهف آية 86.
(2) قال ابن عباس وبه قال الحسن البصري وقتادة ومجاهد وكعب، انظر النكت والعيون للمارودي 3/ 338 - 339 والوسيط للواحدي 3/ 164 - 165 وزاد المسير 5/ 185 - 186 والطبري 16/ 11 - 12 وتفسير ابن أبي حاتم 7/ 2383 - 2385.
(3) قال ابن السائب: وربما توهم متوهم ان هذه الشمس على عظم قدرها نغوص بذاتها في عين ماء وليس كذلك فإنها أكبر من الدنيا مرارا فكيف تسعها عين، وقيل إن الشمس بقدر الدنيا مائة وخمسين مرة، وقيل بقدر الدنيا مائة وعشرين مرة، والقمر بقدر الدنيا ثمانين مرة وإنما وجدها تقرب في العين كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه ان الشمس تغرب في الماء، وذلك لأن القرنين انتهى الى آخر البنيان فوجد عينا حماة ليس بعدها أحد. قلت الراجح عندي أنها تغرب في عين حمئة، أو حامية على القراءتين السبعيتين الصحيحين المتقدمتين، كما قال الله عز و جل، وتقدمت الآثار في ذلك عن السلف كابن عباس وغيره ـــ ولا نرد ذلك يكونها كبيرة ولا يمكن غروبها في عين كما قال ابن السائب لأمرين: الأول لأننا لا نعلم مقدار العين التي تغرب فيها: وقد تكون أكبر من الشمس بأضعاف أضعاف، الثاني لأن الله عز وجل بأنها تغرب في عين، ووصفها أنها حامية، أو حميئة على القراءتين: ولا نعترض على الله بل نسلم ونؤمن بما جاء عن الله. انظر زاد المسير 5/ 186.
وجاء في اسكندري (1) نبي (2) وقيل عبد صالح تقي (3)
----------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) اختلفوا في اسم ذي القرنين على خمسة أقوال: أحدهما انه الملك الأسكندر اليوناني قاله معاذ بن جبل وبه قال وهب منبه في رواية، الثاني اسمه عبد الله بن الضحاك: قاله علي ابن أبي طالب وابن عباس، الثالث اسمه عياش قاله محمد بن علي الحسين، الرابع انه الصعب بن جابر بن القلمي: ذكره ابن أبي خيثمة، الخامس انه رجل من أهل مصر اسمه مرز بابن مردية اليوناني من ولد يونس بن يافث بن نوح. وقال وهب بن منبه في رواية كان ملكاً ولم يوح إليه، ورجح الطبري انه رجل من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس ولد غيره وكان اسمه الأسكندر قال ابن هشام هو الذي بنى الأسكندر. انظر تفسير الطبري 16/ 17 والنكت والعيون 3/ 337 وتفسير الثعالبي 3/ 540 وزاد المسير 5/ 183 - 184 وفتح القدير للشوكاني 3/ 438 والطبري 16/ 8 - 9.
قاله عبد الله بن عمرو بن العاص وبه قال الضحاك بن مزاحم: قال الثعالبي القول بأنه نبي ضعيف
كان عبداً صالحاً أحب الله وأحبه وناصح لله قاله علي بن أبي طالب.
انظر النكت والعيون 3/ 337 وتفسير الثعالبي 3/ 540 وزاد المسير 5/ 184 والطبري 16/ 8 - 9،17 وفتح القدير للشوكاني 3/ 438 - 439.
ولم يكن يوما له قرنان لكنها كانت ضفيرتان (1)
------------------------------------------
(1) غديرتان من شعر: قاله الحسن البصري ووهب بن منبه في رواية ويونس بن عبيد:"قال ابن الانباري والعرب تسمى الضفيرتين من الشعر غديرتين وجميرتين وقرنين" انظر زاد المسير5/ 184 والنكت والعيون3/ 337 والدر المنثور4/ 436.
وشج قالوا في قرون الرأسي (1) وقيل من أجل قرون الشمس (2)
-----------------------------------------------
(1) قاله علي بن أبي طالب: قال لأنه دعا قومه الى الله تعالى فضربوه على قرنه فهلك فغير زمانا ثم بعثه الله فدعاهم الى الله فضربوه على قرنه الآخر فهلك: فذلك قرناه وبه قال وهب بن منبه في رواية وإبراهيم بن علي بن جعفر. ذكر ابن الجوزي أنه كانت على صفتين رأسه قرنان من نحاس: (2) قاله علي بن أبي طالب في رواية وابن عباس وبه قال وهب بن منبه في رواية. (انظر تفسير الطبري16/ 8،والنكت والعيون3/ 337، وزاد المسير 5/ 184، والدر المنثور 4/ 436).
حين انتهى إليهما في السير (1) كذا رواه ابن شهاب الزهري (2)
-----------------------------------------------
(1) أي بلغ طرفي الأرض من الشرق والغرب: قاله ابن عباس وبه قال أبو العالية وابن زيد وابن شهاب الزهري. انظر النكت والعيون3/ 337، وزاد المسير 5/ 184، والدر المنثور 4/ 436 - 438. (2) هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري القرشي المدني , ولد سنة 51 هـ أحد أعلام التابعين الإمام العالم العلامة الحجة الثقة الثبت , روى عن أنس بن مالك وعروة بن الزبير والسائب بن يزيد , وروى عنه عطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس وعمر بن عبد العزيز. توفى سنة 123 هـ
(1) انظر التاريخ الكبير للبخاري رقم (693) 1/ 220 - 221
وسير ألام النبلاء رقم (160) 5/ 326 – 350 ووفيات الأعيان 4/ 177 - 179.
وقائل قرنان في فوديه كانت له تقرب من أذنيه (1)
-----------------------------------------------
(2) قال يونس بن عبيد. وقيل سمي بذي القرنين: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي: قاله أبو إسحاق الثعالبي. وقيل لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت وشرف، وقيل لأنه سلك الظلمة والنور، وقيل لأنه ملك فارس والروم، لأنهما عاليان على جانبين من الأرض يقال لهما قرنان ذكر هذه الأقوال أبو إسحاق الثعالبي، وقيل لأنه رأى في المنام كأنه امتد من السماء إلى الأرض وأخذ بقرني الشمس نقص ذلك على قومه، فسمي بذي القرنين، قاله وهب بن منبه. (انظر النكت والعيون3/ 337، وزاد المسير5/ 183 - 184، والدر المنثور4/ 436 - 439).
وقوله الجليل بين السدين (1) على قراءتين بين الجبلين (2)
----------------------------------------------
(1) سورة الكهف آية93.
(2) قال الشاطبي في الشاطبية في القراءات: على حق السدين أصحاب حقق * الضم مفتوح وسيد شد علا قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر شعبة عن عاصم وحمزة والكسائي بضم السين: قال الكسائي وابن الأعرابي والزجاج والطبري وثعلب: السد والسد لفتان بمعنى واحد: وكل ما قبلت فسد ما وراءه فهو سد وسد: نحو الضعف والضعف والسديد هما جبلان منيفان في السماء من ورائهما البحر ومن أمامهما البلدان وهما بمنقطع أرض الترك مما يلي أرمينية: قاله وهب بن منبه: وقيل هما جبلان من قيل أرمينية وإذ ربجان: قاله ابن عباس وبه قال عطاء الخراساني. (انظر تفسير الطبري16/ 15 - 16، والنكت والعيون 3/ 341، وزاد المسير5/ 189، والدر المنثور4/ 448، والوافي شرح الشاطبية للقاضي عبد الفتاح ص314).
والسُّد بالضمة صنع الرحمن وهو بفتحتين صنع الإنسان (1)
----------------------------------
(1) السد بالضم صنع الرحمن وبالفتح صنع الآدميين: قاله ابن عباس وبه قال قتادة والضحاك وعكرمة وأبو عبيدة: قال الفراء وعلى هذا رأيت المشيخة وأهل العلم من النحويين وروي أن السد بفتح السين: الحاجزين السيئين: والسد بضمها الغشاوة في العين: قاله أبو عمرو بن العلاء. (انظر تفسير الطبري16/ 15 - 16، والنكت والعيون3/ 341، وزاد المسير5/ 189 - 190، والدر المنثور4/ 448).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 Jun 2010, 04:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا
هل يمكن الحصول على المنظومة مفردة؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 Jun 2010, 12:18 ص]ـ
هل من جديد عن هذه المنظومة المفيدة؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 Jul 2010, 04:02 م]ـ
للرفع والإفادة من أهل العلم والإجادة.
وكذلك أسأل أهل الملتقى -وبخاصة أهل الجزائر- عن ألفية ابن العالم في غريب القرآن.(/)
أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم،
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[08 Jul 2006, 11:00 ص]ـ
أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم،
وقال الشافعي: وتحريم الله تبارك وتعالى إتيان النساء في المحيض لأذى المحيض كالدلالة على أن إتيان النساء في أدبارهن محرم أنا أبو عبد الله أنا أبو العباس أنا الربيع قال: قال الشافعي قال الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، قال وبين أن موضع الحرث موضع الولد وأن الله عز وجل أباح الإتيان فيه إلا في وقت الحيض وأنى شئتم من أين شئتم قال وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريم إتيان في غيره والإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب ثم السنة، قال الشافعي فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عنه في قوله عز وجل والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون فكان بينا في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان وبين أن الأزواج وملك اليمين من الآدميات دون البهائم ثم أكدها فقال فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون فلا يحل العمل بالذكر إلا في زوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم.
أحكام القرآن للشافعي 1/ 193 - 195.
قال ابن عطية عند قوله تعالى: (نساءكم حرث لكم) الآية قال جابر بن عبد الله والربيع: سببها أن اليهود قالت أن الرجل إذا أتى المرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول وعابت على العرب ذلك فنزلت الآية تتضمن الرد على قولهم وقالت أم سلمة وغيرها: سببها أن قريشاً كانوا يأتون النساء في الفرج على هيئات مختلفة فلما قدموا المدينة وتزوجوا أنصاريات أرادوا ذلك فلم ترده نساء المدينة إذ لم تكن عادة رجالهم إلا الإتيان على هيئة واحدة وهي الانبطاح فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وانشر كلام الناس في ذلك فنزلت الآية مبيحة الهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث وحرث تشبيه لأنهن مزدرع الذرية فلفظة الحرث تعطي أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصة إذ هو المزدرع وقوله أنى شئتم معناه عند جمهور العلماء من صحابة وتابعين وأئمة من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة وعلى جنب و إني إنما تجيء سؤالا أو إخبارا عن أمر له جهات فهي أعم في اللغة من كيف ومن أين ومن متى هذا هو الاستعمال العربي وقد فسر الناس إني في هذه الآية بهذه الألفاظ وفسرها سيبويه بكيف ومن أين باجتماعهما وذهبت فرقة ممن فسرها بأين إلى أن الوطء في الدبر جائز روي ذلك عن عبد الله بن عمر وروي عنه خلافه وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به ورويت الإباحة أيضاً عن ابن أبي مليكة ومحمد بن المنكدر ورواها مالك عن يزيد بن رومان عن سالم عن ابن عمر وروي عن مالك شيء في نحوه وهو الذي وقع في العتبية وقد كذب ذلك على مالك ووري بعضهم أن رجلاً فعل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم الناس فيه فنزلت هذه الآية قال القاضي أبو محمد وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصنف النسائي وفي غيره أنه قال إتيان النساء في أدبارهن حرام وورد عنه فيه أنه قال ملعون من أتى امرأة في دبرها وورد عنه أنه قال من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق المتبع ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه والله المرشد لا رب غيره.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية ج1/ص299 – 300.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الشيخ محمد الأمين عند قوله تعالى: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) لم يبين هنا هذا المكان المأمور بالإتيان منه المعبر عنه بلفظة حيث ولكنه بين أن المراد به الإتيان في القبل في آيتين إحداهما هي قوله هنا فأتوا حرثكم لأن قوله: فاتوا أمر بالإتيان بمعنى الجماع وقوله: حرثكم يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث يعني بذر الولد بالنطفة وذلك هو القبل دون الدبر كما لا يخفى لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد كما هو ضروري، الثانية قوله تعالى: فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم لأن المراد بما كتب الله لكم الولد على قول الجمهور وهو اختيار ابن جرير وقد نقله عن ابن عباس ومجاهد والحكم وعكرمة والحسن البصري والسدي والربيع والضحاك بن مزاحم ومعلوم أن ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل فالقبل إذن هو المأمور بالمباشرة فيه بمعنى الجماع فيكون معنى الآية فالآن باشروهن ولتكن تلك المباشرة في محل ابتغاء الولد الذي هو القبل دون غيره بدليل قوله: وابتغوا ما كتب الله لكم يعني الولد ويتضح لك من هذا أن معنى قوله تعالى أنى شئتم يعني أن يكون الإتيان في محل الحرث على أي حالة شاء الرجل سواء كانت المرأة مستلقية أو باركة أو على جنب أو غير ذلك ويؤيد هذا ما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر رضي الله عنه قال كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، فظهر من هذا أن جابراً رضي الله عنه يرى أن معنى الآية فأتوهن في القبل على أية حالة شئتم ولو كان من ورائها والمقرر في علوم الحديث أن تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول له حكم الرفع كما عقده صاحب طلعة الأنوار بقوله الرجز تفسير صاحب له تعلق بالسبب الرفع له محقق وقد قال القرطبي في تفسير قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم ما نصه وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل أنى شئتم شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها إذ هي مخصصة بما ذكرناه وبأحاديث صحيحة حسان شهيرة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون مختلفة كلها متواردة على تحريم إتيان النساء في الأدبار ذكرها أحمد بن حنبل في مسنده وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم، وقد جمعها أبو الفرج الجوزي بطرقها في جزء سماه تحريم المحل المكروه، ولشيخنا أبي العباس أيضا في ذلك جزء سماه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار قلت وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة، ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه وقد حذرنا من زلة العالم وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به رضي الله عنه وكذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك كما ذكر النسائي وقد تقدم وأنكر ذلك مالك واستعظمه وكذب من نسب ذلك إليه وروى الدارمي في مسنده عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري حين أحمض لهن قال وما التحميض فذكرت له الدبر فقال هل يفعل ذلك أحد من المسلمين وأسند عن خزيمة بن ثابت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيها الناس إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن ومثله عن علي بن طلق وأسند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة، وروي أبو داود الطيالسي في مسنده عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تلك اللوطية الصغرى يعني إتيان المرأة في دبرها وروي عن طاوس أنه قال كان بدأ عمل قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن قال ابن المنذر وإذا ثبت الشىء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغنى به عما سواه من القرطبي بلفظه وقال القرطبي أيضا ما نصه وقال مالك لابن وهب وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك فنفر من ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل فقال كذبوا علي كذبوا علي كذبوا علي ثم قال ألستم قوما عربا ألم يقل الله تعالى نساؤكم حرث لكم وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت منه بلفظه أيضاً
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يؤيد أنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن أن الله تعالى حرم الفرج في الحيض لأجل القذر العارض له مبينا أن ذلك القذر هو علة المنع بقوله قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض فمن باب أولى تحريم الدبر للقذر والنجاسة اللازمة ولا ينتقض ذلك بجواز وطء المستحاضة لأن دم الإستحاضة ليس في الاستقذار كدم الحيض ولا كنجاسة الدبر لأنه دم انفجار العرق فهو كدم الجرح ومما يؤيد منع الوطء في الدبر إطباق العلماء على أن الرتقاء التي لا يوصل إلى وطئها معيبة ترد بذلك العيب، قال ابن عبد البر لم يختلف العلماء في ذلك إلا شيئا جاء عن عمر بن عبد العزيز من وجه ليس بالقوي أن الرتقاء لا ترد بالرتق والفقهاء كلهم على خلاف ذلك، قال القرطبي وفي إجماعهم هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء ولو كان موضعا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج فإن قيل قد يكون رد الرتقاء لعلة عدم النسل فلا ينافي أنها توطأ في الدبر فالجواب أن العقم لا يرد به ولو كانت علة رد الرتقاء عدم النسل لكان العقم موجبا للرد، وقد حكى القرطبي الإجماع على أن العقم لا يرد به في تفسير قوله تعالى فأتوا حرثكم فإذا تحققت من هذه الأدلة أن وطء المرأة في دبرها حرام فاعلم أن من روى عنه جواز ذلك كابن عمر وأبي سعيد وجماعات من المتقدمين والمتأخرين يجب حمله على أن مرادهم بالإتيان في الدبر إتيانها في الفرج من جهة الدبر كما يبينه حديث جابر والجمع واجب إذا أمكن قال ابن كثير في تفسير قوله فأتوا حرثكم أنى شئتم ما نصه قال أبو محمد عبد الرحمان بن عبد الله الدارمي في مسنده حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري أيحمض لهن قال وما التحميض فذكر الدبر فقال وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين وكذا رواه ابن وهب وقتيبة عن الليث، وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم منه بلفظه وقد علمت أن قوله أنى شئتم لا دليل فيه للوطء في الدبر لأنه مرتب بالفاء التعقيبية على قوله: نسائكم حرث لكم ومعلوم أن الدبر ليس محل حرث ولا ينتقض هذا بجواز الجماع في عكن البطن وفي الفخذين والساقين ونحو ذلك مع أن الكل ليس محل حرث لأن ذلك يسمى استمناء لا جماعا والكلام في الجماع لأن المراد بالإتيان في قوله: فأتوا حرثكم الجماع والفارق موجود لأن عكن البطن ونحوها لا قذر فيها والدبر فيه القذر الدائم والنجس الملازم، وقد عرفنا من قوله قل هو أذى فاعتزلوا النساء أن الوطء في محل الأذى لا يجوز، وقال بعض العلماء معنى قوله من حيث أمركم الله أي من المكان الذي أمركم الله تعالى بتجنبه لعارض الأذى وهو الفرج ولا تعدوه إلى غيره ويروى هذا القول عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع وغيرهم وعليه فقوله من حيث أمركم الله يبينه قل هو أذى فاعتزلوا النساء الآية لأن من المعلوم أن محل الأذى الذي هو الحيض إنما هو القبل وهذا القول راجع في المعنى إلى ما ذكرنا وهذا القول مبني على أن النهي عن الشىء أمر بضده لأن ما نهى الله عنه فقد أمر بضده ولذا تصح الإحالة في قوله أمركم الله على النهي في قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن والخلاف في النهي عن الشيء هو أمر بضده معروف في الأصول وقد أشار له في مراقي السعود بقوله:
الرجز والنهي فيه غابر الخلاف ** أو أنه أمر بالائتلاف
وقيل لا قطعا كما في المختصر ** وهو لدى السبكي رأي ما انتصر
ومراده بغابر الخلاف هو ما ذكر قبل هذا من الخلاف في الأمر بالشيء هل هو عين النهي عن ضده أو مستلزم له أو ليس عينه ولا مستلزما له يعني أن ذلك الخلاف أيضا في النهي عن الشيء هل هو عين الأمر بضده أو ضد من أضداده إن تعددت أو مستلزم لذلك أو ليس عينه ولا مستلزما له وزاد في النهي قولين: أحدهما أنه أمر بالضد اتفاقا، والثاني أنه ليس أمراً به قطعاً وعزا الأخير لابن الحاجب في مختصره وأشار إلى أن السبكي في جمع الجوامع ذكر أنه لم ير ذلك القول لغير ابن الحاجب وقال الزجاج معنى من حيث أمركم الله أي من الجهات التي يحل فيها أن تقرب المرأة ولا تقربوهن من حيث لا يحل كما إذا كن صائمات أو محرمات أو معتكفات، وقال أبو رزين وعكرمة والضحاك وغير واحد من حيث أمركم الله يعني طاهرات غير
(يُتْبَعُ)
(/)
حيض والعلم عند الله تعالى.
أضواء البيان ج1/ص91 - 96.
وقال أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله هلكت قال ما الذي أهلكك قال حوّلت رحلي البارحة فلم يردّ عليّ شيئاً فأوحى الله تعالى نساؤُكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم يقول أقبل وأدبر واتق الدّبر والحيضة محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال كان اليهود يقولون من جامع امرأته وهي مجبيّة من دبرها في قبلها كان ولدها أحول فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كذبت اليهود فأنزل الله تعالى نساؤُكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم مجاهد عن ابن عباس قال كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من شأن أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلاّ على حرف وذلك أيسر ما يكون للمرأة فكان هذا الحي من الأنصار يأخذون بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرح عن النساء شرحاً منكراً ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلمّا قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فإن شئت فاصنع وإلاّ فاجتنبني حتى انتشر أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجلّ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم يعني موضع الولد قالوا حرثكم أنّى شئتم مدبرات ومقبلات ومستلقيات قال الحسن وقتادة والمقاتلان والكلبي تذاكر المهاجرون والأنصار واليهود إتيان النساء في مجلس لهم فقال المهاجرون إنّا نأتيهن باركات وقايمات ومستلقيات ومن بين أيديهن ومن خلفهن بعد أن يكون المأتي واحداً في الفرج فعابت اليهود وقالت ما أنتم إلاّ أمثال البهائم لكنّا نأتيها على هيئة واحدة فإنا لنجد في التوراة أن كل إتيان يؤتى للنساء غير الاستلقاء دنس عند الله ومنه يكون الحَوَل والخَبل فذكر المسلمون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله إنّا كنا في جاهليتنا وبعدما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا فإنّ اليهود عابت ذلك علينا وزعمت أنّا كذا وكذا فكذّب الله عزّوجل اليهود وأنزل رخصة لهم نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم أي كيف شئتم وحيث شئتم ومتى شئتم بعد أن يكون في فرج واحد أنّى حرف استفهام ويكون سؤالاً عن الحال والمحلّ وقال سعيد بن المسيب هذا في العزل يعني إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا، يحيى بن أبي كثير عن رجل قال قال عبد الله ستأمر الحرّة في العزل ولا تستأمر الأمة وفي هذه الآية دليل على تحريم أدبار النساء لأنها موضع الفرث لا موضع الحرث وإنما قال الله تعالى نساؤكم حرث لكم وهذا من لطف كنايات القرآن حيث عبّر بالحرث عن الفرج فقال نساؤكم حرث لكم أي مزرع ومنبت الولد وأراد به المحرث المزدرع ولكنّهن لما كنّ من أسباب الحرث جُعلن حرثاً وقال أهل المعاني تقدير الآية نساؤكم كحرث لكم كقوله تعالى حتى إذا جعله ناراً أي كنار قال الشاعر النشر مسك والوجوه دنانير وأطراف الأكف عنم والعرب تسمي النساء حرثاً قال المفضل بن سلمة أنشدني أبي إذا أكل الجراد حروث قوم فحرثي همّه أكل الجراد وقال الثعلبي وأنشدني أبو القاسم الحسن بن محمد السدوسي قال أنشدني أبو منصور مهلهل بن علي العزّي قال أنشدني أبي قال أنشدنا أحمد بن يحيى حبّذا من حبّة الله النبات الصالحات هن النسل والمزروع بهنّ الشجرات يجعل الله لنا فيما يشاء البركات إنما الأرضون لنا محرثات فعلينا الزرع فيها وعلى الله النبات وقد وهم بعض الفقهاء في تأويل هذه الآية وتعلق بظاهر خبر رواه وهو ما أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين من رواة الدينوري حدّثنا محمد بن عيسى الهيّاني أبو بكر الطرسوسي وإسحاق الغروي عن مالك بن أنس عن نافع قال كنت أمسك على ابن عمر المصحف فقرأ هذه الآية نساؤكم حرث لكم قال أتدري فيما نزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في رجل أتى امرأة في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشقّ ذلك عليه فنزلت نساؤكم حرث لكم الآية وأما تأويل حديث ابن عمر فهو ما روى عطاء عن موسى بن عبد الله بن الحسن
(يُتْبَعُ)
(/)
عن أبيه أنّه لقي سالم بن عبد الله فقال يا أبا عمر ما حدّث محدّث نافع عن عبد الله قال وما هو قال زعم أنه لم يكن يرى بأساً بإتيان النساء من أدبارهنّ قال كذب العبد وأخطأ إنّما قال عبد الله تؤتى في فروجهنّ من أدبارهنّ الدليل على تحريم الأدبار ما روى عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى نساؤكم حرث لكم قال لا يكون الحرث إلاّ حيث يكون النبات وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهنّ مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأته في دبرها.
تفسير الثعلبي ج2/ص161 - 163.
قال الفخر الرازي عند قوله تعالى: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأنفسكم وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ. في الآية مسائل: المسألة الأولى ذكروا في سبب النزول وجوهاً أحدها روي أن اليهود قالوا من جامع امرأته في قبلها من دبرها كان ولدها أحول مخبلاً وزعموا أن ذلك في التوراة فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كذبت اليهود ونزلت هذه الآية وثانيها روي عن ابن عباس أن عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت وحكى وقوع ذلك منه فأنزل الله تعالى هذه الآية وثالثها كانت الأنصار تنكر أن يأتي الرجل المرأة من دبرها في قبلها وكانوا أخذوا ذلك من اليهود وكانت قريش تفعل ذلك فأنكرت الأنصار ذلك عليهم فنزلت الآية، المسألة الثانية حَرْثٌ لَّكُمْ أي مزرع ومنبت للولد وهذا على سبيل التشبيه ففرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر والولد كالنبات الخارج والحرث مصدر ولهذا وحد الحرث فكان المعنى نساؤكم ذوات حرث لكم فيهن تحرثون للولد فحذف المضاف وأيضاً قد يسمى موضع الشيء باسم الشيء على سبيل المبالغة كقوله فإنما هي إقبالي وإدبار ويقال هذا أمر الله أي مأموره وهذا شهوة فلان أي مشتهاه فكذلك حرث الرجل محرثة، المسألة الثالثة ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد من الآية أن الرجل مخير بين أن يأتيها من قبلها في قبلها وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها فقوله أَنَّى شِئْتُمْ محمول على ذلك ونقل نافع عن ابن عمر أنه كان يقول المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن وسائر الناس كذبوا نافعاً في هذه الرواية وهذا قول مالك واختيار السيد المرتضى من الشيعة والمرتضى رواه عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه وحجة من قال إنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن من وجوه، الحجة الأولى أن الله تعالى قال في آية المحيض قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَاء فِي الْمَحِيضِ، جعل قيام الأذى علة لحرمة إتيان موضع الأذى ولا معنى للأذى إلا ما يتأذى الإنسان منه وههنا يتأذى الإنسان بنتن روائح ذلك الدم وحصول هذه العلة في محل النزاع أظهر فإذا كانت تلك العلة قائمة ههنا وجب حصول الحرمة، الحجة الثانية قوله تعالى فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، وظاهر الأمر للوجوب ولا يمكن أن يقال إنه يفيد وجوب إتيانهن لأن ذلك غير واجب فوجب حمله على أن المراد منه أن من أتى المرأة وجب أن الحكم الثامن نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لاًّنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، في الآية مسائل، المسألة الأولى ذكروا في سبب النزول وجوهاً أحدها روي أن اليهود قالوا من جامع امرأته في قبلها من دبرها كان ولدها أحول مخبلاً وزعموا أن ذلك في التوراة فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كذبت اليهود ونزلت هذه الآية وثانيها روي عن ابن عباس أن عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت وحكى وقوع ذلك منه فأنزل الله تعالى هذه الآية وثالثها كانت الأنصار تنكر أن يأتي الرجل المرأة من دبرها في قبلها وكانوا أخذوا ذلك من اليهود وكانت قريش تفعل ذلك فأنكرت الأنصار ذلك عليهم فنزلت الآية، المسألة الثانية حَرْثٌ لَّكُمْ أي مزرع ومنبت للولد وهذا على سبيل التشبيه ففرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر والولد
(يُتْبَعُ)
(/)
كالنبات الخارج والحرث مصدر ولهذا وحد الحرث فكان المعنى نساؤكم ذوات حرث لكم فيهن تحرثون للولد فحذف المضاف وأيضاً قد يسمى موضع الشيء باسم الشيء على سبيل المبالغة كقوله فإنما هي إقبالي وإدبار، ويقال هذا أمر الله أي مأموره وهذا شهوة فلان أي مشتهاه فكذلك حرث الرجل محرثة، المسألة الثالثة ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد من الآية أن الرجل مخير بين أن يأتيها من قبلها في قبلها وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها فقوله أَنَّى شِئْتُمْ محمول على ذلك ونقل نافع عن ابن عمر أنه كان يقول المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن وسائر الناس كذبوا نافعاً في هذه الرواية وهذا قول مالك واختيار السيد المرتضى من الشيعة والمرتضى رواه عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه وحجة من قال إنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن من وجوه، الحجة الأولى أن الله تعالى قال في آية المحيض قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَاء فِي الْمَحِيضِ، جعل قيام الأذى علة لحرمة إتيان موضع الأذى ولا معنى للأذى إلا ما يتأذى الإنسان منه وههنا يتأذى الإنسان بنتن روائح ذلك الدم وحصول هذه العلة في محل النزاع أظهر فإذا كانت تلك العلة قائمة ههنا وجب حصول الحرمة، الحجة الثانية قوله تعالى فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، وظاهر الأمر للوجوب ولا يمكن أن يقال إنه يفيد وجوب إتيانهن لأن ذلك غير واجب فوجب حمله على أن المراد منه أن من أتى المرأة وجب أن يأتيها في ذلك الموضع الذي أمر الله تعالى به ثم هذا غير محمول على الدبر لأن ذلك بالإجماع غير واجب فتعين أن يكون محمولاً على القبل وذلك هو المطلوب، الحجة الثالثة روى خزيمة بن ثابت أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم حلال فلما ولى الرجل دعاه فقال كيف قلت في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أو من قبلها في قبلها فنعم أمن دبرها في قبلها فنعم أمن دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحي من الحق لا تؤتوا النساء في أدبارهن وأراد بخربتها مسلكها وأصل الخربة عروة المزادة شبه الثقب بها والخرزة هي التي يثقبها الخراز كنى به عن المأتي وكذلك الخصفة من قولهم خصفت الجلد إذا خرزته حجة من قال بالجواز وجوه
الحجة الأولى التمسك بهذه الآية من وجهين الأول أنه تعالى جعل الحرث اسماً للمرأة فقال نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فهذا يدل على أن الحرث اسم للمرأة لا للموضع المعين فلما قال بعده فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ كان المراد فأتوا نساءكم أنى شئتم فيكون هذا إطلاقاً في إتيانهن على جميع الوجوه فيدخل فيه محل النزاع
الوجه الثاني أن كلمة أنى معناها أين قال الله تعالى أَنَّى لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ، والتقدير من أين لك هذا فصار تقدير الآية فأتوا حرثكم أين شئتم وكلمة أين شئتم تدل على تعدد الأمكنة اجلس أين شئت ويكون هذا تخييراً بين الأمكنة، إذا ثبت هذا فنقول ظهر أنه لا يمكن حمل الآية على الإتيان من قبلها في قبلها أو من دبرها في قبلها لأن على هذا التقدير المكان واحد والتعداد إنما وقع في طريق الإتيان واللفظ اللائق به أن يقال اذهبوا إليه كيف شئتم فلما لم يكن المذكور ههنا لفظة كيف بل لفظة أنى ويثبت أن لفظة أنى مشعرة بالتخيير بين الأمكنة ثبت أنه ليس المراد ما ذكرتم بل ما ذكرناه، الحجة الثانية لهم التمسك بعموم قوله تعالى إِلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ. ترك العمل به في حق الذكور لدلالة الإجماع فوجب أن يبقى معمولاً به في حق النسوان، الحجة الثالثة توافقنا على أنه لو قال للمرأة دبرك على حرام ونوى الطلاق أنه يكون طلاقاً وهذا يقتضي كون دبرها حلالاً له هذا مجموع كلام القوم في هذا الباب، أجاب الأولون فقالوا الذي يدل على أنه لا يجوز أن يكون المراد من هذه الآية إتيان النساء في غير المأتي وجوه الأول أن الحرث اسم لموضع الحراثة ومعلوم أن المراد بجميع أجزائها ليست موضعاً للحراثة فامتنع إطلاق اسم الحرث على ذات المرأة ويقتضي هذا الدليل أن لايطلق لفظ الحرث على ذات المرأة إلا أنا تركنا العمل بهذا الدليل في قوله نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ لأن الله تعالى صرح ههنا بإطلاق لفظ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحرث على ذات المرأة فحملنا ذلك على المجاز المشهور من تسمية كل الشيء باسم جزئه وهذه الصورة مفقودة في قوله فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ فوجب حمل الحرث ههنا على موضع الحراثة على التعيين فثبت أن الآية لا دلالة فيها إلا على إتيان النساء في المأتى، الوجه الثاني في بيان أن هذه الآية لا يمكن أن تكون دالة على ما ذكروه لما بينا أن ما قبل هذه الآية يدل على المنع مما ذكروه من وجهين أحدهما قوله قُلْ هُوَ أَذًى والثاني قوله فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ فلو دلت هذه الآية على التجويز لكان ذلك جمعاً بين ما يدل على التحريم وبين ما يدل على التحليل في موضع واحد والأصل أنه لا يجوز، الوجه الثالث الروايات المشهورة في أن سبب نزول هذه الآية اختلافهم في أنه هل يجوز إتيانها من دبرها في قبلها وسبب نزول الآية لا يكون خارجاً عن الآية فوجب كون الآية متناولة لهذه الصورة ومتى حملناها على هذه الصورة لم يكن بنا حاجة إلى حملها على الصورة الأخرى فثبت بهذه الوجوه أن المراد من الآية ليس ما ذكروه وعند هذا نبحث عن الوجوه التي تمسكوا بها على التفصيل، أما الوجه الأول فقد بينا أن قوله فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ معناه فأتوه موضع الحرث وأما الثاني فإنه لما كان المراد بالحرث في قوله فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ذلك الموضع المعين لم يكن حمل أَنَّى شِئْتُمْ على التخيير في مكان وعند هذا يضمر فيه زيادة وهي أن يكون المراد من أَنَّى شِئْتُمْ فيضمر لفظة من لا يقال ليس حمل لفظ الحرث على حقيقته والتزام هذا الإضمار أولى من حمل لفظ الحرث على المرأة على سبيل المجاز حتى لا يلزمنا هذا الإضمار لأن نقول بل هذا أولى لأن الأصل في الإبضاع الحرمة، وأما الثالث فجوابه أن قوله إِلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، عام ودلائلنا خاصة والخاص مقدم على العام، وأما الرابع فجوابه أن قوله دبرك على حرام إنما صلح أن يكون كناية عن الطلاق لأنه محل لحل الملابسة والمضاجعة فصار ذلك كقوله يدك طالق والله أعلم، المسألة الرابعة اختلف المفسرون في تفسير قوله أَنَّى شِئْتُمْ والمشهور ما ذكرناه أنه يجوز للزوج أن يأتيها من قبلها في قبلها ومن دبرها في قبلها والثاني أن المعنى أي وقت شئتم من أوقات الحل يعنى إذا لم تكن أجنبية أو محرمة أو صائمة أو حائضاً والثالث أنه يجوز للرجل أن ينكحها قائمة أو باركة أو مضطجعة بعد أن يكون في الفرج الرابع قال ابن عباس المعنى إن شاء وإن شاء لم يعزل وهو منقول عن سعيد بن المسيب الخامس متى شئتم من ليل أو نهار فإن قيل فما المختار من هذه الأقاويل قلنا قد ظهر عن المفسرين أن سبب نزول هذه الآية هو أن اليهود كانوا يقولون من أتى المرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله تعالى هذا لتكذيب قولهم فكان الأولى حمل اللفظ عليه وأما الأوقات فلا مدخل لها في هذا الباب لأن أنى يكون بمعنى مَتَى ويكون بمعنى كَيْفَ وأما العزل وخلافه فلا يدخل تحت أنى لأن حال الجماع لا يختلف بذلك فلا وجه لحمل الكلام إلا على ما قلنا، والذي عندي فيه أن قوله نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ جار مجرى التنبيه على سبب إباحة الوطء كأنه قيل هؤلاء النسوان إنما حكم الشرع بإباحة وطئهن لكم لأجل أنهن حرث لكم أي بسبب أنه يتولد الولد منها ثم قال بعده فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أي لما كان السبب في إباحة وطئها لكم حصول الحرث فأتوا حرثكم ولا تأتوا غير موضع الحرث فكان قوله فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ دليلاً على الإذن في ذلك الموضع والمنع من غير ذلك الموضع فلما اشتملت الآية عل الإذن في أحد الموضعين والمنع عن الموضع الآخر لا جرم قال وَقَدّمُواْ لأنفسكم أي لا تكونوا في قيد قضاء الشهوة بل كونوا في قيد تقديم الطاعة ثم إنه تعالى أكد ذلك بقوله وَاتَّقُواْ اللَّهَ ثم أكده ثالثاً بقوله وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وهذه التهديدات الثلاثة المتوالية لا يليق ذكرها إلا إذا كانت مسبوقة بالنهي عن شيء لذيذ مشتهى فثبت أن ما قبل هذه الآية دال على تحريم هذا العمل وما بعدها أيضاً دال على تحريمه فظهر أن المذهب الصحيح في تفسير هذه الآية ما ذهب إليه جمهور المجتهدين.
التفسير الكبير للفخر الرازي 6/ص61 – 64.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال القرطبي عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) روى الأئمة واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله قال كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم زاد في رواية عن الزهري إن شاء مجببة وإن شاء غير مجببة غير إن ذلك في صمام واحد ويروى في سمام واحد بالسين قاله الترمذي وروى البخاري عن نافع قال كان بن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال أتدرى فيم أنزلت قلت لا قال نزلت في كذا وكذا ثم مضى وعن عبد الصمد قال حدثني أبي قال حدثني أيوب عن نافع عن بن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال يأتيها في قال الحميدي يعنى الفرج وروى أبو داود عن بن عباس قال إن بن عمر والله يغفر له وهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب إلا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شرى أمرهما فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعنى بذلك موضع الولد وروى الترمذي عن بن عباس قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما أهلك قال حولت رحلي الليلة قال فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قال فأوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة قال هذا حديث حسن صحيح وروى النسائي عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى بن عمر قد أكثر عليك القول إنك تقول عن بن عمر أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن قال نافع لقد كذبوا علي ولكن سأخبرك كيف كان الأمر إن ابن عمر عرض علي المصحف يوماً وأنا عنده حتى بلغ نساؤكم حرث لكم قال نافع هل تدري ما أمر هذه الآية إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه وكان نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله سبحانه نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم الثانية هذه الأحاديث نص في إباحة الحال والهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث أي كيف شئتم من خلف ومن قدام وباركة ومستلقية ومضطجعة فأما الإتيان في غير المأتى فما كان مباحا ولا يباح وذكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتى محرم وحرث تشبيه لأنهن مزدرع الذرية فلفظ الحرث يعطى أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصة إذ هو المزدرع وأنشد ثعلب إنما الأرحام أر ضون لنا محترثات فعلينا الزرع فيها وعلى الله النبات ففرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر والولد كالنبات فالحرث بمعنى المحترث ووحد الحرث لأنه مصدر كما يقال رجل صوم وقوم صوم الثالثة قوله تعالى: أنى شئتم معناه عند الجمهور من الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة كما ذكرنا أنفا وأنى تجيء سؤالا وإخبارا عن أمر له جهات فهو أعم في اللغة من كيف ومن أين ومن متى هذا هو الاستعمال العربي في أنى وقد فسر الناس أنى في هذه الآية بهذه الألفاظ وفسرها سيبويه ب كيف ومن أين باجتماعهما وذهبت فرقة ممن فسرها ب أين إلى أن الوطء في الدبر مباح وممن نسب إليه هذا القول سعيد بن المسيب ونافع وبن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون وحكى ذلك عن مالك في كتاب له يسمى كتاب السر وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ومالك أجل من أن يكون له كتاب سر ووقع هذا القول في العتبية وذكر بن العربي أن بن شعبان أسند جواز هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب جماع النسوان وأحكام القران وقال الكيا الطبري: وروى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا ويتأول فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
قول الله عز وجل أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم وقال فتقديره تتركون مثل ذلك من أزواجكم ولو لم يبح مثل ذلك من الأزواج لما صح ذلك وليس المباح من الموضع الآخر مثلا له حتى يقال تفعلون ذلك وتتركون مثله من المباح قال الكيا وهذا فيه نظر إذ معناه وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما فيه تسكين شهوتكم ولذة الوقاع حاصلة بهما جميعا فيجوز التوبيخ على هذا المعنى وفي قوله تعالى: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) مع قوله فأتوا حرثكم ما يدل على أن في المأتي اختصاصا وأنه مقصور على موضع الولد قلت هذا هو الحق في المسألة وقد ذكر أبو عمر بن عبد البر أن العلماء لم يختلفوا في الرتقاء التى لا يوصل إلى وطئها أنه عيب ترد به إلا شيئا جاء عن عمر بن عبد العزيز من وجه ليس بالقوى أنه لا ترد الرتقاء ولا غيرها والفقهاء كلهم على خلاف ذلك لأن المسيس هو المبتغى بالنكاح وفي إجماعهم على هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء ولو كان موضعا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج وفي إجماعهم أيضا على أن العقيم التي لا تلد لا ترد والصحيح في هذه المسألة ما بيناه وما نسب إلى مالك وأصحابه من هذا باطل وهم مبرءون من ذلك لأن إباحة الإتيان مختصة بموضع الحرث لقوله تعالى فأتوا حرثكم ولأن الحكمة في خلق الأزواج بث النسل فغير موضع النسل لا يناله ملك النكاح وهذا هو الحق وقد قال أصحاب أبى حنيفة إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم ولأن القذر والأذى في موضع النجو أكثر من دم الحيض فكان أشنع وأما صمام البول فغير صمام الرحم وقال بن العربي في قبسه قال لنا الشيخ الإمام فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين فقيه الوقت وإمامه الفرج أشبه شيء بخمسة وثلاثين وأخرج يده عاقدا بها وقال مسلك البول ما تحت الثلاثين ومسلك الذكر والفرج ما اشتملت عليه الخمسة وقد حرم الله تعالى الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة فأولى أن يحرم الدبر لأجل النجاسة اللازمة وقال مالك لابن وهب وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك فنفر من ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل فقال كذبوا علي كذبوا علي كذبوا علي ثم قال ألستم قوما عربا ألم يقل الله تعالى نساؤكم حرث لكم وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل أنى شئتم شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها إذ هي مخصصة بما ذكرناه وبأحاديث صحيحة حسان وشهيرة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابياً بمتون مختلفة كلها متواردة على تحريم إتيان النساء في الإدبار ذكرها أحمد بن حنبل في مسنده وأبو داؤد والنسائي والترمذي وغيرهم وقد جمعها أبو الفرج بن الجوزي بطرقها في جزء سماه تحريم المحل المكروه ولشيخنا أبى العباس أيضاً في ذلك جزء سماه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار قلت وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الأخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه وقد حذرنا من زلة العالم وقد روي عن بن عمر خلاف هذا وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به رضى الله عنه وكذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك كما ذكر النسائي وقد تقدم وأنكر ذلك مالك واستعظمه وكذب من نسب ذلك إليه وروى الدارمي أبو محمد في مسنده عن سعيد بن يسار أبى الحباب قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري حين أحمض بهن قال وما التحميض فذكرت له الدبر فقال هل يفعل ذلك أحد من المسلمين وأسند عن خزيمة بن ثابت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيها الناس إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن ومثله عن على بن طلق وأسند عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة وروى أبو داؤد الطيالسي في مسنده عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم قال تلك اللوطية الصغرى يعني إتيان المرأة في دبرها وروى عن طاوس أنه قال كان بدء عمل قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن قال بن المنذر وإذا ثبت الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغنى به عما سواه.
تفسير القرطبي ج3/ص91 - 96.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عبد الرحمن بن محمد الثعالبي عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية مبيحة لهيآت الإتيان كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث ولفظه الحرث تعطى أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصة إذ هو المزدرع قال ابن العربي في أحكامه وفي سبب نزول هذه الآية روايات الأولى عن جابر قال كانت اليهود تقول من أتى امرأة في قبلها من دبرها جاء الولد أحول فنزلت الآية وهذا حديث صحيح خرجه الأئمة الثانية قالت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى نساؤكم حرث لكم قال يأتيها مقبلة ومدبرة إذا كان في صمام واحد خرجه مسلم وغيره الثالثة ما روى الترمذي أن عمر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له هلكت قال وما أهلكك قال حولت البارحة رحلي فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزلت نساؤكم حرث لكم أقبل وأدبر وأتق الدبر انتهى قال ع وأنى شئتم معناه عند جمهور العلماء من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة على جنب قال ع وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصنف النسائي وفي غيره أنه قال إتيان النساء في أدبارهن حرام وورد عنه فيه انه قال ملعون من أتى امرأة في دبرها وورد عنه أنه قال من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على قلب محمد وهذا هو الحق المتبع ولا ينبغي لمؤمن بالله أن يعرج بهذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه والله المرشد لا رب غيره.
تفسير الثعالبي ج1/ص172 - 173.
وقال البغوي عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أبو إسحق الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد الأصبهاني أخبرنا محمد بن يعقوب أنا ابن المنادي أنا يونس أنا يعقوب القمي عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه شيئا وأوحى الله إليه نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول أدبر وأقبل واتق الدبر والحيضة أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري أنا صاحب ابن أحمد الطوسي أنا عبد الرحيم بن منيب أنا ابن عيينة عن ابن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها أن الولد يكون أحول فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وروى مجاهد عن ابن عباس قال كان من شأن أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة وكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرت عليهه وقالت إنا كنا نؤتى على حرف فإن شئت فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى سرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله
تعالى نساؤكم حرث لكم الآية يعني موضع الولد فأتوا حرثكم أنى شئتم مقبلات ومدبرات ومستلقيات و أنى حرف استفهام يكون سؤالا عن الحال والمحل معناه كيف شئتم وحيث شئتم بعد أن يكون في صمام واحد وقال عكرمة أنى شئتم إنما هو الفرج ومثله لكم أي مزرع لكم ومنبت الولد بمنزلة الأرض التي تزرع وفيه دليل على تحريم الأدبار لأن محل الحرث والزرع هو القبل لا الدبر وقال سعيد بن المسيب هذا في العزل يعني إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا وسئل ابن عباس عن العزل فقال حرثك إن شئت فاعطش وإن شئت فأرو وروي عنه أنه قال تستأمر الجارية وبه قال أحمد وكره جماعة العزل وقال هو الوأد الخفي وروي عن مالك عن نافع قال كنت أمسك على ابن عمر المصحف فقرأ هذه الآية نساؤكم حرث لكم فقال أتدري فيكم نزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في رجل أتى امرأته في دبرها فشق ذلك عليه فنزلت هذه الآية ويحكى عن مالك إباحة ذلك وأنكر ذلك أصحابه وروى عن عبد الله بن الحسن أنه لقي سالم بن عبد الله فقال له يا أبا عمر ما حدثت بحديث نافع عن عبد الله أنه لم يكن يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن فقال كذب العبد وأخطأ إنما قال عبد الله يؤتون في فروجهن من أدبارهن والدليل على تحريم الأدبار ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أخبرنا الشافعي
(يُتْبَعُ)
(/)
أنا عمر محمد بن علي بن شافع أخبرنا عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الحلاج عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم في أي الخرمتين أو في أي الخرزتين أو في الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا فإن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أبو إسحق الثعلبي أنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الحافظ أنا عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي أنا عبد الله بن أبان أنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مسلم بن خالد عن العلاء عن أبي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأة في دبرها.
تفسير البغوي ج1/ص198 - 199.
وقال الجصاص عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) الحرث المزدرع وجعل في هذا الموضع كناية عن الجماع وسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد وقوله فأتوا حرثكم أنى شئتم يدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع في الفرج لأنه موضع الحرث واختلف في إتيان النساء في أدبارهن فكان أصحابنا يحرمون ذلك وينهون عنه أشد النهي وهو قول الثوري والشافعي فيما حكاه المزني قال الطحاوي وحكى لنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم أنه سمع الشافعي يقول ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا تحليله شيء والقياس أنه حلال وروى أصبغ بن الفرج عن ابن القاسم عن مالك قال ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك فيه أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال فأي شيء أبين من هذا وما أشك فيه قال ابن القاسم فقلت لمالك بن أنس عندنا بمصر الليث بن سعد يحدثنا عن الحارث بن يعقوب عن أبي الحباب سعيد بن يسار قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري أنحمض لهن فقال وما التحميض فذكرت الدبر قال ويفعل ذلك أحد من المسلمين فقال مالك فأشهد على ربيعة بن أبي عبد الرحمن يحدثني عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه فقال لا بأس به قال ابن القاسم فقال رجل في المجلس يا أبا عبد الله فإنك تذكر عن سالم أنه قال كذب العبد أو كذب العلج على أبي يعني نافعا كما كذب عكرمة على ابن عباس فقال مالك وأشهد على يزيد بن رومان يحدثني عن سالم عن أبيه انه كان يفعله قال أبو بكر قد روى سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم إلا أن زيد بن أسلم لا يعلم له سماع من ابن عمر وروى الفضل بن فضالة عن عبد الله بن عباس عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر أنه قد أكثر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى ان تؤتى النساء في أدبارهن قال نافع كذبوا علي أن ابن عمر عرض المصحف يوما حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية قلت لا قال إنا كنا معشر قريش نجبي النساء وكانت نساء الأنصار قد أخذن عن اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله هذه فهذا يدل على أن السبب غير ما ذكره زيد بن أسلم عن ابن عمر لأن نافعا قد حكى عنه غير ذلك السبب وقال ميمون بن مهران أيضا قال ذلك نافع يعني تحليل وطء النساء في أدبارهن بعدما كبر وذهب عقله قال أبو بكر المشهور عن مالك إباحة ذلك وأصحابه ينفون عنه هذه المقالة لقبحها وشناعتها وهي عنه أشهر من أن يندفع بنفيهم عنه وقد حكى محمد بن سعيد عن أبي سليمان الجوزجاني قال كنت عند مالك بن أنس فسئل عن النكاح في الدبر فضرب بيده إلى رأسه وقال الساعة اغتسلت منه وقد رواه عنه ابن القاسم على ما ذكرنا وهو مذكور في الكتب الشرعية ويروى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا ويتأول فيه قوله تعالى أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مثل ذلك إن كنتم تشتهون وروي عن ابن مسعود أنه قال محاش النساء حرام وقال عبد الله بن عمر وهي اللوطية الصغرى وقد اختلف عن ابن عمر فيه فكأنه لم يرو عنه فيه شيء لتعارض ما روي عنه فيه وظاهر الكتاب يدل على أن الإباحة مقصورة على الوطء في الفرج الذي هو موضع الحرث وهو الذي يكون منه الولد وقد رويت عن النبي
(يُتْبَعُ)
(/)
صلى الله عليه وسلم آثار كثيرة في تحريمه رواه خزيمة بن ثابت وأبو هريرة وعلي بن طلق كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تأتوا النساء في أدبارهن وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هي اللوطية الصغرى يعني إتيان النساء في أدبارهن وروى حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضا أوامرأته في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد وروى ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج وروت حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صمام واحد وروى مجاهد عن ابن عباس مثله في تأويل الآية قال يعني كيف شئت في موضع الولد وروى عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله إلى الرجل أتى امرأته في دبرها وذكر ابن طاوس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال هذا يسألني عن الكفر وقد روي عن ابن عمر في قوله نساؤكم حرث لكم قال كيف شئت إن شئت عزلا أو غير عزل رواه أبو حنيفة عن كثير الرياح الأصم عن ابن عمر وروي نحوه عن ابن عباس وهذا عندنا في ملك اليمين وفي الحرة إذا أذنت فيه وقد روي ذلك على ما ذكرنا من مذهب أصحابنا عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وآخرين غيرهم فإن قيل قوله عز وجل والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم يقتضي إباحة وطئهن في الدبر لورود الإباحة مطلقة غير مقيدة ولا مخصوصة قيل له لما قال الله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله ثم قال في نسق التلاوة فأتوا حرثكم أنى شئتم أبان بذلك موضع المأمور به وهو موضع الحرث ولم يرد إطلاق الوطء بعد حظره إلا في موضع الولد فهو مقصور عليه دون غيره وهو قاض مع ذلك على قوله تعالى إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم كما كان حظر وطء الحائض قاضيا على قوله إلا على أزواجهم فكانت هذه الآية مرتبة على ما ذكر من حكم الحائض ومن يحظر ذلك يحتج بقوله قل هو أذى فحظر وطء الحائض للأذى الموجود في الحيض وهو القذر والنجاسة وذلك موجود في غير موضع الولد في جميع الأحوال فاقتضى هذا التحليل حظر وطئهن إلا في موضع الولد ومن يبيحه يجيب عن ذلك بأن المستحاضة يجوز وطؤها باتفاق من الفقهاء مع وجود الأذى هناك وهو دم الإستحاضة وهو نجس كنجاسة دم الحيض وسائر الأنجاس ويجيبون أيضا على تخصيصه إباحة موضع الحرث باتفاق الجميع على إباحة الجماع فيما دون الفرج وإن لم يكن موضعا للولد فدل على أن الإباحة غير مقصورة على موضع الولد ويجابون عن ذلك بأن ظاهر الآية يقتضي كون الإباحة مقصورة على الوطء في الفرج وأنه هو الذي عناه الله تعالى بقوله من حيث أمركم الله إذ كان معطوفاً عليه ولولا قيام دلالة الإجماع لما جاز الجماع فيما دون الفرج ولكنا سلمناه للدلالة وبقي حكم الحظر فيما لم تقم الدلالة عليه.
أحكام القرآن للجصاص 2/ 39 – 42.
وقال ابن العربي عند قوله تعالى: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ".
فيها مسألتان: المسألة الأولى في سبب نزولها وفي ذلك روايات قال جابر كانت اليهود تقول من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول فنزلت الآية وهذا حديث صحيح خرجه الأئمة الثانية قالت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى نساؤكم حرث لكم قال يأتيها مقبلة ومدبرة إذا كانت في صمام واحد أخرجه مسلم وغيره، الثالثة روى الترمذي أن عمر رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له هلكت قال وما أهلكك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزلت نساؤكم حرث لكم فقال أقبل وأدبر واتق الدبر، المسألة الثانية اختلف العلماء في جواز نكاح المرأة في دبرها فجوزه طائفة كثيرة وقد جمع ذلك ابن شعبان في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن وأسند جوازه إلى زمرة كريمة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة وقد ذكر البخاري عن ابن عون عن نافع قال كان ابن
(يُتْبَعُ)
(/)
عمر رضي الله عنه إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال أتدري فيم نزلت قلت لا قال أنزلت في كذا وكذا ثم مضى ثم أتبعه بحديث أيوب عن نافع عن ابن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال يأتيها في ولم يذكر بعده شيئاً، ويروى عن الزهري أنه قال وهل العبد فيما روى عن ابن عمر في ذلك، وقال النسائي عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر قد أكثر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى بأن يأتوا النساء في أدبارهن قال نافع لقد كذبوا علي ولكن سأخبرك كيف كان الأمر إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، قال يا نافع هل تعلم ما أمر هذه الآية قلت لا قال لنا كنا معشر قريش نجيء النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا وإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، قال القاضي وسألت الإمام القاضي الطوسي عن المسألة فقال لا يجوز وطء المرأة في دبرها بحال لأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة فأولى أن يحرم الدبر بالنجاسة اللازمة.
أحكام القرآن لابن العربي 1/ 237 - 239
قال ابن الجوزي عند قوله تعالى:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين، قوله تعالى نساؤكم حرث لكم في سبب نزلها ثلاثة أقوال: أحدها أن اليهود أنكرت جواز إتيان المرأة إلا من بين يديها وعابت من يأتيها على غير تلك الصفة فنزلت هذه الآية روي عن جابر والحسن وقتادة والثاني أن حياً من قريش كانوا يتزوجون النساء بمكة ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار فذهبوا ليفعلوا ذلك فأنكرنه وانتهى الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية رواه مجاهد عن ابن عباس والثالث أن عمر بن الخطاب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت حولت رحلي الليلة فنزلت هذه الآية رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس والحرث المزدرع وكنى به هاهنا عن الجماع فسماهن حرثا لأنهن مزدرع الأولاد كالأرض للزرع فان قيل النساء جمع فلم لم يقل حروث فعنه ثلاثة أجوبة ذكرها ابن القاسم الأنباري النحوي أحدها أن يكون الحرث مصدرا في موضع الجمع فلزمه التوحيد كما تقول العرب إخوتك صوم وأولادك فطر يريدون صائمين ومفطرين فيؤدي المصدر بتوحيده عن اللفظ المجموع والثاني أن يكون أراد حروث لكم فاكتفى بالواحد من الجمع كما قال الشاعر كلوا في نصف بطونكم تعيشوا أي في أنصاف بطونكم والثالث أنه إنما وحد الحرث لأن النساء شبهن به ولسن من جنسه والمعنى نساؤكم مثل حروث لكم، قوله تعالى أنى شئتم فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه بمعنى كيف شئتم ثم فيه قولان أحدهما أن المعنى كيف شئتم مقبلة أو مدبرة وعلى كل حال إذا كان الإتيان في الفرج وهذا قول ابن عباس و مجاهد وعطية والسدي و ابن قتيبة في آخرين والثاني أنها نزلت في العزل قاله سعيد بن المسيب فيكون المعنى إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا، والقول الثاني أنه بمعنى إن شئتم ومتى شئتم وهو قول ابن الحنفية و الضحاك وروي عن ابن عباس أيضا والثالث أنه بمعنى حيث شئتم وهذا محكي عن ابن عمر ومالك بن أنس وهو فاسد من وجوه أحدها أن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعا تحدث بذلك عن ابن عمر قال كذب العبد إنما قال عبد الله يؤتون في فروجهن من أدبارهن و أما أصحاب مالك فإنهم ينكرون صحته عن مالك والثاني أن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ملعون من أتى النساء في أدبارهن فدل على أن الآية لا يراد بها هذا، والثالث أن الآية نبهت على أنه محل الولد بقوله فأتوا حرثكم وموضع الزرع هو مكان الولد قال ابن الأنباري لما نص الله على ذكر الحرث والحرث به يكون النبات والولد مشبه بالنبات لم يجز أن يقع الوطء في محل لا يكون منه ولد والرابع أن تحريم إتيان الحائض كان لعلة الأذى والأذى ملازم لهذا المحل لا يفارقه".
زاد المسير لابن الجوزي 1/ 250 – 253.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن كثير عند قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) قال ابن عباس الحرث موضع الولد فأتوا حرثكم أنى شئتم أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد كما ثبتت بذلك الأحاديث قال البخاري حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن بن المنكدر قال سمعت جابراً قال كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ورواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان الثوري به وقال بن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا بن وهب أخبرني مالك بن أنس وبن جريج وسفيان بن سعيد الثوري أن محمد بن المنكدر حدثهم أن جابر بن عبد الله أخبره أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال بن جريج في الحديث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منها وما نذر قال حرثك ائت حرثك أنى شئت غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت الحديث رواه أحمد وأهل السنن حديث آخر قال بن أبي حاتم حدثنا يونس أخبرنا بن وهب أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عامر بن يحيى عن حنش بن عبد الله عن عبد الله بن عباس قال أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشياء فقال له رجل إني أجب النساء فكيف ترى في فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ورواه الإمام أحمد حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا رشدين حدثني الحسن بن ثوبان عن عامر بن يحيى المغافري عن حنش عن بن عباس قال أنزلت هذه الآية نساؤكم حرث لكم في أناس من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إئتها على كل حال إذا كان في الفرج حديث آخر قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه مشكل الحديث حدثنا أحمد بن داود بن موسى حدثنا يعقوب بن كاسب حدثنا عبد الله بن نافع عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أصاب امرأة في دبرها فأنكر الناس عليه ذلك فأنزل الله نساءكم حرث لكم الآية ورواه بن جرير عن يونس عن يعقوب ورواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن الحارث بن شريح عن عبد الله بن نافع به حديث آخر قال الإمام أحمد 6305 حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عبيد الله بن عثمان بن خيثم عن عبد الله بن سابط قال دخلت على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت إني لسائلك عن أمر وأنا أستحي أن أسألك قالت فلا تستحي يا بن أخي قال عن إتيان النساء في أدبارهن قالت حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يحبون النساء وكانت اليهود تقول إنه من أجبى امرأته كان ولده أحول فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار فأحبوهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استحت الأنصارية أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت فسألته أم سلمة فقال ادعى الأنصارية فدعتها فتلا عليها هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا ورواه الترمذي عن بندار عن بن مهدي عن سفيان عن أبي خيثم به وقال حسن قلت وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة عن أبيه عن بن خيثم عن يوسف بن ماهك عن حفصة أم المؤمنين أن امرأة أتتها فقالت إن زوجي يأتيني مجبية ومستقبلة فكرهته فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لابأس إذا كان في صمام واحد حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول هلكت قال ما الذي أهلكك قال حولت رحلي البارحة قال فلم يرد عليه شيئا قال فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة ورواه الترمذي عن عبد بن حميد عن حسن بن موسى الأشيب به وقال حسن غريب وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا الحارث بن شريح حدثنا عبد الله بن نافع حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال
(يُتْبَعُ)
(/)
أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أثفر فلان امرأته فأنزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال أبو داود حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ قال حدثني محمد يعني بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس قال إن بن عمر قال والله يغفر له أوهم وإنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون كثيرا من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني فسري أمرهما فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد تفرد به أبو داود ويشهد له بالصحة ما تقدم له من الأحاديث ولا سيما رواية أم سلمة فانها مشابهة لهذا السياق وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على بن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها حتى انتهيت إلى هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال ابن عباس إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ويتلذذون بهن فذكر القصة بتمام سياقها وقول بن عباس إن بن عمر والله يغفر له أوهم كأنه يشير إلى ما رواه البخاري حدثنا إسحاق حدثنا النضر بن شميل أخبرنا بن عون عن نافع قال كان بن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عنه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال أتدري فيم أنزلت قلت لا قال أنزلت في كذا وكذا ثم مضى وعن عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا أيوب عن نافع عن بن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال أن يأتيها في هكذا رواه البخاري وقد تفرد به من هذا الوجه وقال بن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن علية حدثنا بن عون عن نافع قال قرأت ذات يوم نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال بن عمر أتدري فيم نزلت قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن وحدثني أبو قلابة حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي عن أيوب عن نافع عن بن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال في الدبر وروى من حديث مالك عن نافع عن بن عمر ولا يصح وروى النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن بن عمر أن رجلا أتى أمرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال أبو حاتم الرازي لو كان هذا عند زيد بن أسلم عن بن عمر لما أولع الناس بنافع وهذا تعليل منه لهذا الحديث وقد رواه عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عمر فذكره وهذا الحديث محمول على ما تقدم وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النفيلي عن سعيد بن عيسى عن الفضل بن فضالة عبد الله بن سليمان الطويل عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى بن عمر انه قد أكثر عليك القول انك تقول عن بن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال كذبوا علي ولكن سأحدثك كيف كان الأمر إن بن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية قلت لا قال إنا كنا معشر قريش نجبى النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وهذا إسناد صحيح وقد رواه بن مردويه عن الطبراني عن الحسين بن إسحاق عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري عن مفضل بن فضالة عن عبد الله بن عياش عن كعب بن علقمة فذكره وقد روينا عن بن عمر خلاف ذلك صريحا وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي وإن كان قد نسب
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه الله وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه فقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن عبد الله بن شداد عن خزيمة بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها طريق أخرى قال أحمد حدثنا يعقوب سمعت أبي يحدث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد أن عبيد الله بن الحصين الوالبي حدثه أن عبد الله الواقفي حدثه أن خزيمة بن ثابت الخطمي حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن ورواه النسائي وابن ماجه من طرق عن خزيمة بن ثابت وفي إسناده اختلاف كثير حديث آخر قال أبو عيسى الترمذي والنسائي حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وهكذا أخرجه بن حبان في صحيحه وصححه ابن حزم أيضا ولكن رواه النسائي أيضا عن هناد عن وكيع عن الضحاك به موقوفا وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه أن رجلا سأل بن عباس عن إتيان المرأة في دبرها قال تسألني عن الكفر إسناده صحيح وكذا رواه النسائي من طريق بن المبارك عن معمر به نحوه وقال عبد أيضا في تفسيره حدثنا إبراهيم بن الحاكم عن أبيه عن عكرمة قال جاء رجل إلى بن عباس وقال كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فظننت أن ذلك لي حلال فقال يالكع إنما قوله: فأتوا حرثكم أنى شئتم قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى وقال عبد الله بن أحمد حدثني هدبة حدثنا همام قال سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال قتادة أخبرنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هي اللوطية الصغرى قال قتادة وحدثني عقبة بن وساج عن أبي الدرداء قال وهل يفعل ذلك إلا كافرا وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله وهذا أصح والله أعلم وكذلك رواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون عن حميد الأعرج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو موقوفا من قوله طريق أخرى قال جعفر الفريابي حدثنا قتيبة حدثنا بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول ادخلوا النار مع الداخلين الفاعل والمفعول به والناكح يده وناكح البهيمة وناكح المرأة في دبرها وجامع بين المرأة وابنتها والزاني بحليلة جاره ومؤذي جاره حتى يلعنه بن لهيعة وشيخه ضعيفان حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن عاصم عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن فان الله لا يستحي من الحق وأخرجه أحمد أيضا عن أبي معاوية وأبي عيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضا عن عاصم الأحول به وفيه زيادة وقال هو حديث حسن ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل والصحيح أنه علي بن طلق حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة يرفعه
(يُتْبَعُ)
(/)
قال لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها وكذا رواه بن ماجه من طريق سهيل وقال أحمد أيضا حدثنا وكيع عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى أمرأته في دبرها وهكذا رواه أبو داود والنسائي من طريق وكيع به طريق أخرى قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي حدثنا هناد ومحمد بن إسماعيل واللفظ له قالا حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأة في دبرها ليس هذا الحديث هكذا في سنن النسائي وإنما الذي فيه عن سهيل عن الحارث بن مخلد كما تقدم قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند وهم منه وقد ضعفوه طريق أخرى رواها مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ملعون من أتى النساء في أدبارهن ومسلم بن خالد فيه كلام والله أعلم طريق أخرى رواها الإمام أحمد وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد وقال الترمذي ضعف البخاري هذا الحديث والذي قاله البخاري في حكيم الترمذي عن أبي تميمة لا يتابع على حديثه طريق أخرى قال النسائي: حدثنا عثمان بن عبد الله حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن أبي سلمة رضي الله عنه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال استحيوا من الله حق الحياء لا تأتوا النساء في أدبارهن تفرد به النسائي من هذا الوجه قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ هذا حديث منكر باطل من حديث الزهري ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد فانما سمعه بعد الاختلاط وقد رواه الترمذي عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك فأما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا انتهى كلامه وقد أجاد وأحسن الانتقاد إلا أن عبد الملك بن محمد الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة عن الكناني وهو ثقة ولكن تكلم فيه دحيم وأبو حاتم وبن حبان وقال لا يجوز الاحتجاج به والله أعلم وقد تابعه زيد بن يحيى بن عبيد عن سعيد بن عبد العزيز وروى من طريقين آخرين عن أبي سلمة ولا يصح منها شيء طريق أخرى قال النسائي حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة قال إتيان الرجال النساء في أدبارهن كفر ثم رواه عن بندار عن عبد الرحمن به قال من أتى امرأة في دبرها فتلك كفرة هكذا رواه النسائي من طريق الثوري عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة موقوفا وكذا رواه من طريق علي بن نديمة عن مجاهد عن أبي هريرة موقوفا ورواه بكر بن خنيس عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر والموقوف أصح وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة وتركه آخرون حديث آخر قال محمد بن أبان البلخي حدثنا وكيع حدثني زمعة بن صالح عن بن طاوس عن أبيه وعن عمرو بن دينار عن عبد الله بن يزيد بن الهاد قالا قال عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن وقد رواه النسائي حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني عن عثمان بن اليمان عن زمعة بن صالح عن بن طاوس عن أبيه عن بن الهاد عن عمر قال لا تأتوا النساء في أدبارهن وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي حكيم عن زمعة بن صالح عن عمرو بن دينار عن طاوس عن عبد الله بن الهاد الليثي قال قال عمر رضي الله عنه استحيوا من الله فان الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن والموقوف أصح حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ قالا حدثنا شعبة عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أستاههن وكذا رواه غير واحد
(يُتْبَعُ)
(/)
عن شعبة ورواه عبد الرزاق عن معمر عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن طلق بن علي والأشبه أنه علي بن طلق كما تقدم والله أعلم حديث آخر قال أبو بكر الأثرم في سننه حدثنا أبو مسلم الحرمي حدثنا أخو أنيس بن إبراهيم أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره عن أبيه أبي القعقاع عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال محاش النساء حرام وقد رواه إسماعيل بن علية وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم عن أبي عبد الله الشقري وإسمه سلمة بن تمام ثقة عن أبي القعقاع عن بن مسعود موقوفا وهو أصح طريق أخرى قال بن عدي حدثنا أبو عبد الله المحاملي حدثنا سعيد بن يحيى الثوري حدثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأتوا النساء في أعجازهن محمد بن حمزة هو الجزري وشيخه فيهما مقال وقد روى من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب وعقبة بن عامر وأبي ذر وغيرهم وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث والله أعلم وقال الثوري عن الصلت بن بهرام عن أبي المعتمر عن أبي جويرية قال سأل رجل علياً عن إتيان المرأة في دبرها فقال سفلت سفل الله بك ألم تسمع قول الله عز وجل أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين وقد تقدم قول بن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وبن عباس وعبد الله بن عمرو في تحريم ذلك وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه يحرمه قال أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الدارمي في مسنده حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري أيحمض لهن قال وما التحميض فذكر الدبر فقال وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين وكذا رواه بن وهب وقتيبة عن الليث به وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك فكل ماورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم قال بن جرير حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا أبو زيد أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي العمر حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس أنه قيل له يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال كذب العبد أو العلج على أبي عبد الله قال مالك أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن بن عمر مثل ما قال نافع فقيل له فان الحارث بن يعقوب يروى عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال له يا أبا عبد الرحمن إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن فقال وما التحميض فذكر له الدبر فقال بن عمر أف، أف وهل يفعل ذلك مؤمن أو قال مسلم فقال مالك أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن بن عمر مثل ما قال نافع وروى النسائي عن الربيع بن سليمان عن أصبغ بن الفرج الفقيه حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال قلت لمالك إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال قلت لابن عمر إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن قال وما التحميض قلت نأتيهن في أدبارهن فقال أف أف أو يعمل هذا مسلم فقال لي مالك فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل بن عمر فقال لابأس به وروى النسائي أيضا من طريق يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله أن بن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها وروى معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثني إسماعيل بن حسين حدثني إسرائيل بن روح سألت مالك بن أنس ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن قال ما أنتم إلا قوم عرب هل يكون الحرث إلا موضع الزرع لا تعدوا الفرج قلت يا أبا عبد الله إنهم يقولون إنك تقول ذلك قال يكذبون علي يكذبون علي فهذا هو الثابت عنه وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة وهو قول سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعكرمة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف أنهم أنكروا ذلك أشد الانكار ومنهم من يطلق على فعله الكفر وهو مذهب جمهور العلماء وقد حكى في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة حتى حكوه عن الإمام مالك وفي صحته نظر قال الطحاوي روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن بن القاسم قال ما أدركت أحدا أقتدى به في ديني يشك أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ نساؤكم حرث لكم ثم قال فأي شيءأبين من
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هذه حكاية الطحاوي وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك ولكن في الاسانيد ضعف شديد وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك والله أعلم وقال الطحاوي حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء والقياس أنه حلال وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب عن أبي سعيد الصيرفي عن أبي العباس الأصم سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول فذكره قال أبو نصر الصباغ كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد كذب يعني بن عبد الحكم على الشافعي في ذلك لأن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه والله أعلم.
تفسير ابن كثير ج1/ص261 - 266.
قال ابن قدامة: فصل ولا يحل وطء الزوجة في الدبر في قول أكثر أهل العلم منهم علي وعبد الله وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وبه قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومجاهد وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ورويت إباحته عن ابن عمر وزيد بن أسلم ونافع ومالك، وروي عن مالك أنه قال ما أدركت أحد أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك، واحتج من أجله بقول الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. وقوله سبحانه والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، ولنا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء من أعجازهن وعن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأة في دبرها رواهما ابن ماجة، وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: محاش النساء حرام عليكم، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد رواهن كلهن الأثرم فأما الآية فروى جابر قال كان اليهود يقولون إذا جامع الرجل امرأته في فرجها من ورائها جاء الولد أحول فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. من بين يديها ومن خلفها غير أن لا يأتيها إلا في المأتي متفق عليه وفي رواية ائتها مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج والآية الأخرى المراد بها ذلك، فصل فإن وطئ زوجته في دبرها فلا حد عليه لأن له في ذلك شبهة ويعذر لفعله المحرم وعليها الغسل لأنه إيلاج فرج في فرج وحكمه حكم الوطء في القبل في إفساد العبادات وتقرير المهر ووجوب العدة وإن كان الوطء لأجنبية وجب حد اللوطي ولا مهر عليه لأنه لم يفوت منفعة لها عوض في الشرع ولا يحصل بوطء زوجته في الدبر إحصان إنما يحصل بالوطء الكامل وليس هذا بوطء كامل والإحلال للزوج الأول لأن المرأة لا تذوق به عسيلة الرجل ولا تحصل به الفيئة ولا الخروج من العنة لأن الوطء فيهما لحق المرأة وحقها الوطء في القبل ولا يزول به الاكتفاء بصماتها في الإذن بالنكاح لأن بكارة الأصل باقية.
المغني لابن قدامة 7/ص225 – 226.
قال الشوكاني: باب النهي عن إتيان المرأة في دبرها عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأة في دبرها رواه أحمد وأبو داود، وفي لفظ لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها رواه أحمد وبن ماجه، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والترمذي وأبو داود وقال فقد بريء مما أنزل، وعن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها رواه أحمد وبن ماجه، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تأتوا النساء في أعجازهن أو قال في أدبارهن، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى رواهما أحمد، وعن علي بن طلق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تأتوا النساء في أستاههن فإن الله لا يستحي من الحق رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن، وعن بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
(يُتْبَعُ)
(/)
ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر رواه الترمذي وقال حديث غريب، حديث أبي هريرة الأول أخرجه أيضا بقية أهل السنن والبزار وفي إسناده الحرث بن مخلد، قال البزار ليس بمشهور، وقال بن القطان لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح فرواه عنه إسماعيل بن عياش عن محمد بن المنكدر عن جابر كما أخرجه الدارقطني وبن شاهين ورواه عمر مولى عفرة عن سهيل عن أبيه عن جابر كما أخرجه بن عدي بإسناد ضعيف قال الحافظ في بلوغ المرام إن رجال حديث أبي هريرة هذا ثقات لكن أعل بالإرسال، وحديث أبي هريرة الثاني هو من رواية أبي تميمة عن أبي هريرة قال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث أبي تميمة عن أبي هريرة، وقال البخاري لا يعرف لأبي تميمة سماع عن أبي هريرة، وقال البزار هذا حديث منكر، وفي الإسناد أيضا حكيم الأثرم، قال البزار لا يحتج به وما تفرد به فليس بشيء ولأبي هريرة حديث ثالث نحو حديثه الأول أخرجه النسائي من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وفي إسناده عبد الملك بن محمد الصنعاني وقد تكلم فيه دحيم وأبو حاتم وغيرهما ولأبي هريرة أيضا حديث رابع أخرجه النسائي من طريق بكر بن خنيس عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة بلفظ من أتى شيئا، من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر وفي إسناده بكر بن خنيس وليث بن أبي سليم وهما ضعيفان، ولأبي هريرة أيضا حديث خامس رواه عبد الله بن عمر بن أبان عن مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ ملعون من أتى النساء في أدبارهن وفي إسناده مسلم بن خالد وهو ضعيف، وحديث خزيمة بن ثابت أخرجه الشافعي أيضا بنحوه وفي إسناده عمر بن أحيحة وهو مجهول، واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، ورواه النسائي من طريق أخرى وفيها هرمي بن عبد الله ولا يعرف حاله، وأخرجه أيضا من طريق هرمي أحمد وبن حبان وحديث الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال في مجمع الزوائد ورجاله ثقات، وحديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضا النسائي وأعله قال الحافظ والمحفوظ عن عبد الله بن عمرو من قوله كذا أخرجه عبد الرزاق وغيره وحديث علي بن طلق قال الترمذي بعد أن حسنه سمعت محمدا يقول لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث الواحد ولا أعرف هذا الحديث الواحد من حديث طلق بن علي السحيمي وكأنه رأى أن هذا آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن عباس أخرجه أيضا النسائي وابن حبان والبزار وقال لا نعلمه يروي عن ابن عباس بإسناد حسن وكذا قال ابن عدي، ورواه النسائي عن هناد عن وكيع عن الضحاك موقوفا وهو أصح عندهم من المرفوع، ولابن عباس حديث آخر من طريق أخرى موقوفة رواها عبد الرزاق أن رجلا سأل بن عباس عن إتيان المرأة في دبرها فقال سألتني عن الكفر، وأخرجه النسائي بإسناد قوي، وفي الباب عن جماعة من الصحابة منها ما سيأتي ومنها عن أبي بن كعب عند الحسن بن عرفة بإسناد ضعيف، وعن بن مسعود عند بن عدي بإسناد واه وعن عقبة بن عامر عند أحمد بإسناد فيه ابن لهيعة، وعن عمر عند النسائي والبزار بإسناد فيه زمعة بن صالح وهو ضعيف، وقد استدل بأحاديث الباب من قال إنه يحرم إتيان النساء في أدبارهن، وقد ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم، وحكى بن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا في تحليله شيء والقياس أنه حلال، وقد أخرجه عنه بن أبي حاتم في مناقب الشافعي، وأخرجه الحاكم في مناقب الشافعي عن الأصم عنه، وكذلك رواه الطحاوي عن بن عبد الحكم عن الشافعي، وروى الحاكم عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال سألني محمد بن الحسن، فقلت له إن كنت تريد المكابرة وتصحيح الروايات وإن لم تصح فأنت أعلم وإن تكلمت بالمناصفة كلمتك قال علي المناصفة قلت فبأي شيء حرمته قال يقول الله عز وجل فأتوهن من حيث أمركم الله، وقال: فأتوا حرثكم أنى شئتم. والحرث لا يكون إلا في الفرج قلت أفيكون ذلك محرماً لما سواه قال: نعم قلت فما تكون لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها أو تحت أبطيها أو أخذت ذكره بيدها أو في ذلك حرث قال لا قلت فيحرم ذلك قال لا قلت فلم تحتج بما لا حجة فيه قال فإن الله قال: والذين هم لفروجهم حافظون. الآية قال فقلت له هذا مما يحجون به للجواز إن
(يُتْبَعُ)
(/)
الله أثنى على من حفظ فرجه من غير زوجته وما ملكت يمينه فقلت له أنت تتحفظ من زوجتك وما ملكت يمينك، وقد أجيب عن هذا بأن الأصل تحريم المباشرة إلا ما أحل الله بالعقد ولا يقاس عليه غيره لعدم المشابهة في كونه مثله محلا للزرع وأما تحليل الاستمتاع فيما عدا الفرج فهو مأخوذ من دليل آخر ولكنه لا يخفى ورود ما أورده الشافعي على من استدل بالآية وأما دعوى أن الأصل تحريم المباشرة فهذا محتاج إلى دليل ولو سلم فقوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم رافع للتحريم المستفاد من ذلك الأصل فيكون الظاهر بعد هذه الآية الحل ومن ادعى تحريم الإتيان في محل مخصوص طولب بدليل يخصص عموم هذه الآية ولا شك أن الأحاديث المذكورة في الباب القاضية بتحريم إتيان النساء في أدبارهن يقوي بعضها بعضا فتنتهض لتخصيص الدبر من ذلك العموم وأيضا الدبر في أصل اللغة اسم لخلاف الوجه ولا اختصاص له بالمخرج كما قال تعالى: ومن يولهم يومئذ دبره، فلا يبعد حمل ما ورد من الأدبار على الاستمتاع بين الإليتين، وأيضا قد حرم الله الوطء في الفرج لأجل الأذى فما الظن بالحش الذي هو موضع الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل الذي هو العلة الغاثية في مشروعية النكاح والذريعة القريبة جداً الحاملة على الانتقال من ذلك إلى إدبار المرد، وقد ذكر بن القيم لذلك مفاسد دينية ودنيوية فليراجع وكفى منادياً على خساسته أنه لا يرضى أحد أن ينسب إليه ولا إلى إمامه تجويز ذلك إلا ما كان من الرافضة مع أنه مكروه عندهم وأوجبوا للزوجة فيه عشرة دنانير عوض النطفة وهذه المسألة هي إحدى مسائلهم التي شذوا بها، وقد حكى الإمام المهدي في البحر عن العترة جميعاً وأكثر الفقهاء أنه حرام، قال الحاكم بعد أن حكى عن الشافعي ما سلف لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم فأما الجديد فالمشهور أنه حرمه، وقد روى الماوردي في الحاوي وأبو نصر بن الصباغ في الشامل وغيرهما عن الربيع أنه قال كذب والله يعني بن عبد الحكم فقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب وتعقبه الحافظ في التلخيص فقال لا معنى لهذا التكذيب فإن بن عبد الحكم لم يتفرد بذلك بل قد تابعه عليه عبد الرحمن بن عبد الله أخوه عن الشافعي ثم قال إنه لا خلاف في ثقة بن عبد الحكم وأمانته وقد روي الجواز أيضا عن مالك قال القاضي أبو الطيب في تعليقه أنه روى ذلك عنه أهل مصر وأهل المغرب ورواه عنه أيضا بن رشد في كتاب البيان والتحصيل وأصحاب مالك العراقيون لم يثبتوا هذه الرواية وقد رجع متأخرو أصحابه عن ذلك وأفتوا بتحريمه وقد استدل للمجوزين بما رواه الدارقطني عن بن عمر أنه لما قرأ قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم. فقال ما تدري يا نافع فيما أنزلت هذه الآية قال قلت لا قال لي في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم قال نافع فقلت لابن عمر من دبرها في قبلها قال لا إلا في دبرها، وروي نحو ذلك عنه الطبراني والحاكم وأبو نعيم، وروى النسائي والطبراني من طريق زيد بن أسلم عن بن عمر نحوه ولم يذكر قوله لا إلا في دبرها وأخرج أبو يعلى وابن مردويه في تفسيره والطبري والطحاوي من طرق عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أصاب امرأته في دبرها فأنكر الناس ذلك عليه فأنزل الله: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، وسيأتي بقية الأسباب في نزول الآية، وعن جابر أن يهود كانت تقول إذا أتيت المرأة من دبرها ثم حملت كان ولدها أحول قال فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. رواه الجماعة إلا النسائي وزاد مسلم إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد، وعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، يعني صماماً واحداً رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن
وعنها أيضا قالت لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار تزوجوا من نسائهم وكان المهاجرون يجبون وكانت الأنصار لا تجبي فأراد رجل امرأته من المهاجرين على ذلك فأبت عليه حتى تسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال فأته فاستحيت أن تسأله فسألته أم سلمة فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقال لا إلا في صمام واحد رواه أحمد ولأبي داود هذا المعنى من رواية بن عباس
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن بن عباس قال جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه بشيء قال فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استحيوا فإن الله لا يستحي من الحق لا يحل مأتاك النساء في حشوشهن رواه الدارقطني، حديث أم سلمة الثاني أورده في التلخيص وسكت عنه ويشهد له حديث بن عباس الذي أشار إليه المصنف وهو من رواية محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس وفيه إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم من العلم وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرخون النساء شرخا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني فسرى أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد، وحديث بن عباس الثاني في قصة عمر لعله الحديث الذي تقدمت الإشارة إليه من طريق عمر نفسه وقد سبق ما فيه، وحديث جابر الآخر قد قدمنا في أول الباب الإشارة إليه وإنه من الاختلاف على سهيل بن أبي صالح وقد أخرجه من تقدم ذكره، قوله مجبية بضم الميم وبعدها جيم مفتوحة ثم موحدة أي باركة والتجبية الانكباب على الوجه وأخرج الإسماعيلي من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري بلفظ باركة مدبرة في فرجها من ورائها وهذا يدل على أن المراد بقولهم إذا أتيت من دبرها يعني في قبلها ولا شك أن ذلك هو المراد ويزيد ذلك وضوحا قوله عقب ذلك ثم حملت فإن الحمل لا يكون إلا من الوطء في القبل، قوله غير أن ذلك في صمام واحد هذه الزيادة تشبه أن تكون من تفسير الزهري لخلوها من رواية غيره من أصحاب بن المنكدر مع كثرتهم كذا قيل وهو الظاهر ولو كانت مرفوعة لما صح قول البزار في الوطء في الدبر لا أعلم في هذا الباب حديثا صحيحا لا في الحصر ولا في الإطلاق، وكذا روى نحو ذلك الحاكم عن أبي علي النيسابوري ومثله عن النسائي وقاله قبلهما البخاري كذا قال الحافظ، والصمام بكسر الصاد المهملة وتخفيف الميم وهو في الأصل سداد القارورة ثم سمي به المنفذ كفرج المرأة وهذا أحد الأسباب في نزول الآية وقد ورد ما يدل على أن ذلك هو السبب من طرق عن جماعة من الصحابة في بعضها التصريح بأنه لا يحل إلا في القبل وفي أكثرها الرد على اعتراض اليهود وهذا أحد الأقوال والقول الثاني أن سبب النزول إتيان الزوجة في الدبر وقد تقدم ذلك عن بن عمر وأبي سعيد، والثالث أنها نزلت في الإذن بالعزل عن الزوجة روي ذلك عن بن عباس أخرجه عنه جماعة منهم بن أبي شيبة وعبد بن حميد وبن جرير وبن المنذر وبن أبي حاتم والطبراني والحاكم، وروي ذلك أيضا عن بن عمر أخرجه عنه بن أبي شيبة قال فأتوا حرثكم أنى شئتم إن شاء عزل وإن شاء لم يعزل، وروي عن سعيد بن المسيب أخرجه عنه بن أبي شيبة.
القول الرابع إن أنى شئتم بمعنى إذا شئتم روى ذلك عبد بن حميد عن محمد بن الحنفية عليه السلام.
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني 6/ص351 – 357.
قال الطحاوي: باب في وطء المرأة في الدبر قال أبو جعفر أصحابنا يكرهون ذلك وينهون عنه أشد النهي وهو قول الثوري والشافعي في المزني، قال أبو جعفر وحكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا تحليله شيء، والقياس أنه حلال،
وروى أصبغ بن الفرج عن ابن القاسم قال ما أدركت أحداً اقتدى به في ديني يشك فيه أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ: نساؤكم حرث لكم قال فأي شيء أبين من هذا وما أشك فيه، قال أبو جعفر حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبو بكر بن أبي أويس الأعشى قال حدثنا سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أن رجلا اتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه ذلك وجدا شديدا فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. قال أبو جعفر وزيد بن أسلم لا نعلم له سماعا من ابن عمر وروى ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج وروى حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد وروى مالك عن ربيعة عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال لا بأس به، وروى وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين.
مختصر اختلاف العلماء للطحاوي 2/ 343 – 345.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[05 Mar 2009, 01:57 ص]ـ
بارك الله فيك بحثٌ رائع ولا غبار عليه(/)
كيف نزلت سورة التوبة؟
ـ[سيف الدين]ــــــــ[11 Jul 2006, 12:21 ص]ـ
الاخوة في المنتدى حفظكم الله ..
كيف نزلت سورة التوبة: هل نزلت تامة ام مفرّقة؟ اي هل نزلت دفعة واحدة ام نزلت مفرقة؟
أرجو ذكر المرجع مع الاجابة وبارك الله فيكم
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[11 Jul 2006, 02:12 م]ـ
اعتقد أن هذا السؤال يمكن معرفة اجابته بالرجوع إلى الكتب بسهولة ولكن نود معرفة ما هو الغرض من هذا السؤال , وما الذي يترتب عليه من استنتاجات؟
ـ[سيف الدين]ــــــــ[11 Jul 2006, 03:57 م]ـ
الاخ عمرو
بارك الله فيك ..
اني اقوم بأبحاث فقهية, واني بحاجة الى جمع ما امكن من الاقوال في نزول هذه السورة .. واني اخاف ان يغيب شيء فلا آخذه بعين الاعتبار ..
لذا اني أرجو من عنده شيء بخصوص هذا الموضوع الاّ يبخل, قلّ أو كثر .. وجزاكم الله كل خير(/)
تفسير طاهر الجزائري
ـ[صافن]ــــــــ[11 Jul 2006, 10:51 ص]ـ
أرجو ممن يعرف شيئا عن تفسير طاهر الجزائري أن يفيدني به مشكورا مأجورا ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2006, 11:04 ص]ـ
سئلتُ عن تفسير الشيخ طاهر بن صالح بن أحمد الجزائري (1268 - 1338هـ) الذي يقع في أربعة مجلدات قبل سنتين تقريباً، وسئلتُ عن كتابه في التجويد أيضاً من قبل إحدى الباحثات، فسالتُ أحد الأصدقاء الخبراء بالمخطوطات في سوريا فأخبرني أن كتابه في التفسير حينها تحت الطباعة والنشر، وبعث لي بنسخة مصورة من كتابه في التجويد أعطيتها للباحثة التي سألتني عنه حينها. غير أني لم أسمع ولم أسال بعدها عن تطورات نشر هذا التفسير. فلعل سؤالكم يثير هذا الأمر مرة أخرى.
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[11 Jul 2006, 06:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طاهر بن محمد بن صالح بن أحمد السمعوني الوغليسي المشهور بالجزائري
ولد في دمشق سنة 1263هـ
كان أبوه فقيه المالكية بدمشق ومفتيها في الشام, هاجر مع الهجرة الأولى التي هاجرت من الجزائر إلى دمشق
ويعد الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله من أعيان النهضة العلمية في سوريا
قال عنه الأستاذ محمد كرد علي " سعى الشيخ طول حياته لنشل المسلمين من سقطتهم, ونشر العلوم القديمة والحديثة بين أبنائهم, ولولا ما قام به من التذرع بجميع الذرائع لتأخرت نهضة المسلمين في الشام أكثر من نصف قرن"
تفسير الشيخ طاهر الجزائري
يسر الله تعالى لي الإطلاع على هذا التفسير في مكتبة الأسد بدمشق
واسمه كما ورد في الفهرسة: التذكرة وفيها تفسير البيضاوي
يقع التفسير في أربع مجلدات كبار بخط المؤلف نفسه ومصور على بطاقات مكروفيلمية
التفسير عبارة عن حاشية على تفسير البيضاوي
يبدأ المؤلف رحمه الله تعالى بإدراج صفحات مطبوعة من تفسير البيضاوي يعلق على هوامشها بخط يده ثم يبدأ في تفسير الآيات التي تناولها البيضاوي ويطيل في تفسيرها ويكثر النقولات, وأحياناً يدرج صفحات من كتب كما هي, ينقل كلام شيخ الإسلام وكلام غيره
المجلد الأول: يقع في 583 ورقة
المجلد الثاني: يقع في 573 ورقة
المجلد الثالث: يقع في 1183 ورقة
المجلد الرابع: يقع في 457 ورقة
مع ملاحظة أن ترتيب المجلدات في الفهرس غير صحيحة حيث أن المجلد المفهرس الأول هو في الواقع الثاني
والمجلد الثاني هو في الواقع الثالث, والمجلد الثالث هو في الواقع الأول
والمجلد الأول ذكر فيه مقدمة طويلة عن علوم القرآن وأصول التفسير وعلوم نفيسة ثم شرح في تفسيره وللأسف يكثر في سورة البقرة سواد الكربون الذي على الميكروفيلم ولعل أصل المخطوط يكون أوضح
وللمؤلف مخطوطات عديدة أخرى في التفسير ولكنها تفاسير آيات أوسور متفرقة
هذا ما يحضرني من معلومات وأعتذر إن كانت غير كافية
ـ[الكشاف]ــــــــ[18 Jul 2006, 09:06 م]ـ
كتب الشيخ طاهر الجزائري متميزة بالتحرير، فليت هذا التفسير يطبع فلعل فيه ما ينفع ويفيد إن شاء الله وشكراً لكم على هذه الفوائد.
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[16 Aug 2006, 05:45 م]ـ
يقول الزركلي أن له كتابا هو أفضل آثاره إسمه التذكرة الطاهرية , هل من خبر عنه؟ هل هو كامل؟ و كيف لنا أن نعثر على حاشية الشيخ طاهر على البيضاوي؟
ـ[الكشاف]ــــــــ[13 Jul 2008, 07:32 م]ـ
هل من جديد عن تفسير طاهر الجزائري وطباعته؟
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[12 Oct 2010, 09:09 م]ـ
هل من جديد عن تفسير طاهر الجزائري وطباعته؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 Oct 2010, 01:59 م]ـ
اسم تفسير الشيخ طاهر الجزائري هو: (تفسير القرآن الحكيم) وهو تفسير من أربعة مجلدات بخط المؤلف محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق.
وقد ذكر الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أن كتاب (التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن) قد وضعه الشيخ طاهر كمقدمة لهذا التفسير، إذ كتب له مقدمتان: كبرى وصغرى، والصغرى هي كتاب التبيان.
ولم يشر إلى كون التفسير حاشيةً على البيضاوي، إلا أن كلام الأخ وائل يخالفه، فالله أعلم، والمثبت مقدم على النافي.
ولم يظهر لي مزيد تحرير في كتاب (التبيان) على خلاف ما وُصف به، وإن كان كثير الفوائد والنقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما كتاب (التذكرة الطاهرية) فكتاب مختلف، وقد وقع في الأعلام بلفظ (الظاهرية) بالظاء المعجمة، وهو تحريف كما ذكر الشيخ عبد الفتاح. وهو كتاب في عدة مجلدات، ضمَّنها ما اختاره من فرائد المخطوطات والكتب النادرة.
وقد ذكر الأستاذ محمد كرد علي كتابا للشيخ طاهر اسمه (كنانيش) فيها خلاصة ما طالعه من أسفار، ولعله كتاب (التذكرة الطاهرية) كما قال الشيخ عبد الفتاح.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[14 Oct 2010, 10:22 م]ـ
أصبت أيها الفاضل العبَّادي ـ حفظك الله ـ فالتذكرة غير التفسير، قال الباحث الفلسطيني، حازم زكريا محيي الدين عن حاشية/ تفسير الشيخ طاهر:" هو ـ كما قال الشيخ عبد القادر المغربي ـ عبارة عن حواش على (تفسير البيضاوي) في أربعة مجلدات، وقد عمد المرحوم إلى نسخة مطبوعة من البيضاوي فكتب على أطرافها هوامش وتعليقات، وأكثر ما كان يكتب هذه الهوامش والتعليقات في كراريس وقراطيس يدسُها بين الصفحات المطبوعة، وقد أثبتت في مكانها خيوط متينة، لكن الهوامش والتعاليق المذكورة ليست مربوطة بمواضعها من الآيات بواسطة أرقام وعلامات، ولذلك تقع صعوبة في تجريدها وجمعها، بشكل تفسير مستقل .. ومن تصفح تلك التعليقات والشروح التي كتبها على تفسير البيضاوي، أدرك لأول وهلة عظم فائدتها وحسن عائدتها" ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)).
____________________________________
[1] (http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref1) - الشيخ طاهر الجزائري، رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث، لحازم زكريا محيي الدين، ص70، دار القلم، دمشق، 2001م.
=========================================
وقال عن التذكرة الطاهرية:" تبلغ (كنانيش) الشيخ طاهر المعروفة بـ (التذكرة الطاهرية) بضعة عشر مجلداً، سأكتفي بذكر بعضها، لنتعرف على تنوع وغنى وأهمية هذه (التذكرة) التي مازالت حتى الآن تنتظر جهود الباحثين، ليقوموا بتحقيقها ونشرها نشراً علمياً، يساعد جمهور الدارسين والباحثين على الاستفادة من محتوياتها النفيسة.
1 - (فهرست كتب في تفسير القرآن) في 17 ورقة.
2 - فهرست رسالة (الحدود في الأصول) لأبي الوليد الباجي في 8 ورقات
3 - (رسالة في الإفتاء وشروط المفتي) في 24 ورقة.
4 - مسائل علمية وحكاية الانتصار لابن تيمية في 5 ورقات.
5 - دفتر فيه نقول عن عدة كتب مع ذكر سفر المؤلف إلى الحجاز في 16 ورقة.
6 - مسائل علمية وأبحاث من كتاب (الموافقات) لأبي إسحاق الشاطبي، في 29 ورقة.
7 - إثبات (تحريف التوارة والإنجيل) في 9 أوراق.
8 - اختيارات من كتاب (البدع التي يفعلها فقراء الصوفية) لزرّوق الفاسي، في 14 ورقة"
9 - أمثال علمية دفينة وبحث في التصوف، في 14 ورقة.
10 - منتخبات من (دمية القصر) للباخرزي، في 15 ورقة.
11 - الرحلة إلى طبرية، في 23 ورقة.
12 - الرحلة إلى الإسكندرية في 5 ورقات
13 - دفتر فيه ترجمة لابن تيمية، وتراجم أخرى، ورسالة في الاسطرلاب، وأسماء بعض الكتب الموجودة في مكتبة محمد باشا كوپريلي بالآستانة، في 69 ورقة
14 - دفتر فيه ذكر الحوادث التاريخية الجارية في البلاد الشامية وغيرها سنة 1286هـ، إلى سنة 1290هـ، ومسائل أخرى ... في 33 ورقة
15 - دفتر فيه تراجم لعلماء القرن الثامن الهجري من اليمن مأخوذة من كتاب (اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية) لبدر الدين محمد بن إسماعيل الكبسي (1308/ 1891) وفيه (مختصر في قواعد التصوف وأصوله على وجه يجمع بين الشريعة والحقيقة) لأبي العباس أحمد البرنسي الشهير بزروق، في 20 ورقة.
16 - دفتر فيه تراجم لعلماء من القرن الثامن مأخوذ من كتاب (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة) لابن حجر، وتراجم مأخوذة من تاريخ ابن قاضي شهبة لعلماء القرن الرابع الهجري، في 33 ورقة.
17 - دفتر فيه تراجم من القرن الرابع والخامس، مرتبة على السنين من سنة 301هـ، إلى 450هـ، منقولة من تاريه ابن قاضي شهبة، وتراجم أخرى بعد هذا التاريخ، في 20 ورقة.
18 - دفتر فيه أسماء كتب مختلفة ومتنوعة المواضيع، موجودة في مكتبات تركية وألمانية، في 21 ورقة.
19 - دفتر فيه تراجم لعدد من الشعراء والأدباء من عصور مختلفة، في 25 ورقة.
20 - دفتر في اللغة والصرف، في 24 ورقة.
21 - دفتر في الفتاوى، في 16 ورقة.
22 - دفتر في علوم الحديث، في 152 ورقة.
23 - حديقة الأذهان في حقيقة البيان، في 12 ورقة.
24 - قصائد وبعض المقالات المنشورة في الصحف، في 14 ورقة.
25 - مسائل دينية، وتكذيب السحر، في 36 ورقة.
26 - الرد على الزيدية، وبعض الفوائد والأشعار.
27 - قصائد علمية وتاريخية وأبيات فارسية في التصوف، في 23 ورقة.
28 – الرد على نونية ابن القيم، ورسائل أخرى، في 24 ورقة.
29 - (المنتقى من زهر الآداب للحصري)، في 26 ورقة.
30 - مسائل دينية ورسائل لابن تيمية، في 37 ورقة.
31 - (رسائل السيوطي)، في 18 ورقة.
32 - دفتر فيه منوعات فيه خطبة ابن تيمية بعد خروجه من السجن، ورسالة ابن الجزري في ألغاز القرآن، وأسماء كتب الحلاج، في 21 ورقة.
33 - تواريخ سياحية في بعض البلاد، في 28 ورقة.
34 - تاريخ هجرة صالح الجزائري، ومسائل أخرى، في 19 ورقة.
35 - فوائد علمية ودينية ورسائل لابن عربي، في 25 ورقة.
36 - مجموع رسائل ابن تيمية والكتب التي نقل عنها في بديع القرآن، في 20 ورقة.
37 - دفتر فيه مؤلفات ابن تيمية، وتعريف ببعض الكتب الموجودة في مكتبة أيا صوفية، في 20 ورقة.
38 - العلم الشامخ وتكفير ابن عربي، في 25 ورقة.
39 - دفتر فيه ترجمة معروف الكرخي، والسري السقطي، ومقتطفات من كتاب (سلوة العارفين وآنس المشتاقين) لأبي بن خلف محمد بن عبد الملك الطبري، وأخبار عن سفر المؤلف إلى الحجاز سنة 1305هـ، ومسائل أخرى في 25 ورقة ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)).
_________________________________________________
[1] (http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref1) - الشيخ طاهر الجزائري، رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث، لحازم زكريا محيي الدين، ص71ـ 74، دار القلم، دمشق، 2001م.(/)
قال تعالى (يانساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في
ـ[سامي العتيبي]ــــــــ[11 Jul 2006, 03:19 م]ـ
قال تعالى (يانساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا, وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) "الأحزاب 32,33"
أرجو افادتي فيما يختص بالآية الكريمة .. أليست تخص نساء النبي عليه الصلاة والسلام, وهل ما ينطبق على نساء الرسول ليس بالضرورة أن يكون واجبا على نساء المؤمنين؟
وجزاكم الله خبرا.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[16 Jul 2006, 05:21 م]ـ
قال الإمام القرطبي رحمه الله في الإجابة على سؤالك ما نصه:
(الثانية: معنى هذه الآية الأمرُ بلزوم البيت وإن كان الخطابُ لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل فيه غيرهن بالمعنى , هذا لو لم يرد دليلٌ يخص جميع النساء , كيف والشريعة طافحةٌ بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع .... ) 14/ 157(/)
تفسير القطان الموجود في المكتبة الإسلامية لمن؟
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[12 Jul 2006, 03:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
فيا أيها الأخوة الكرام هناك تفسير في المكتبة الإسلامية وضع تحت مسمى تفسير القطان ولم يوضع في المكتبة ما يدل على إسم المؤلف كاملاً ولا عن أي معلومات عنه وقد أثنى عليه أحد مشايخ التفسير لكنه كذلك لا يعرف المؤلف تحديداً وقال إنه سمع أنه إبراهيم القطان من الأردن ولكنه غير متأكد من ذلك فمن عنده علم عن الكتاب ومؤلفه فليتحفنا به فالحاجة ملحة لذلك سواء لمن يريد العزو للكتاب في بحوثه, وكتبه, أو لمن يريد معرفة المؤلف وهل له بحوث وكتب غير هذا التفسير. بارك الله في جهود الجميع.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[15 Jul 2006, 06:18 م]ـ
أرجو التكرم بالإجابة والإفادة بأي معلومة كانت ولكم مني الدعاء.
ـ[ابن رشد]ــــــــ[16 Jul 2006, 06:35 م]ـ
أظن أنه للشيخ مناع القطان - رحمه الله - و كان أستاذا للدراسات الإسلامية بالجامعات السعودية
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Jul 2006, 06:25 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي ابن رشد لكن لو وضعت ما يثبت ذلك بارك الله فيك لكي تعم الفائدة.
ـ[ابن رشد]ــــــــ[17 Jul 2006, 07:32 ص]ـ
وجدته - أخي الكريم - مصنَفا ضمن قسم: (تفاسير حديثة) في قسم التفاسير التابع لموقع " مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي "، و قسم التفاسير به يعد من أفضل المواقع من حيث عدد التفاسير و سهولة طريقة البحث، و هناك أقسام أخري قيّمة و طيبة.
- و قد وجدت ذلك التفسير: " تيسير التفسير " للقطان مدرجا تحت قسم: تفاسير حديثة، و معه تفسير " روح المعاني " للألوسي،و " في ظلال القرآن " لسيد قطب، و " التحرير و التنوير " لابن عاشور، و " أضواء البيان " للشنقيطي، و " الوسيط " لشيخ الأزهر المعاصر طنطاوي.
و الشيخ - الدكتور - مناع خليل القطان رحمه الله من المعروفين المشتغلين بالدراسات الإسلامية و القرآنية المعاصرة، لذا رجَحت أنه صاحب ذلك التفسير
- رابط موقع التفاسير التابع لمؤسسة آل البيت:
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=0&tSoraNo=1&tAyahNo=1&tDisplay=no
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jul 2006, 11:23 ص]ـ
لا أعرف للشيخ مناع القطان رحمه الله تفسيراً للقرآن، مع معرفتي بكتبه، وقد درسني رحمه الله في مرحلة الماجستير، وكتبه ومذكراته معروفة، وليس فيها في التفسير إلا تفسيره لبعض آيات الأحكام، وقد طبع قديماً ثم لم تعد طباعته بعد ذلك. وليس له تفسير كامل للقرآن الكريم، وقد قرأت في التفسير الذي أشار إليه أخي الكريم ابن رشد فلم أجد فيه أسلوب الشيخ مناع القطان الذي أعرفه في كتبه الأخرى، فلعلَّه لقطانٍ آخر غير الشيخ مناع رحمه الله.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Jul 2006, 11:44 ص]ـ
بارك الله فيكما على هذا الجهد وأنا حقيقة مع الشيخ عبد الرحمن في هذا فلو كان للشيخ مناع رحمه الله لعرف بين طلبة العلم لكن ألا يمكن مراسلة من وضعه في موقع مؤسسة آل البيت , أو سؤال أحد الأخوة الأعضاء من الأردن حيث سمعت أن المؤلف من الأردن ويقال له إبراهيم القطان.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jul 2006, 03:22 م]ـ
كتاب (تيسير التفسير) مؤلفه: إبراهيم القطان، وقام على مراجعته وضبطه: عمران أحمد أبو حجلة، وتاريخ طباعته سنة 1982، بمطابع الجمعية العلمية الملكية،؟؟؟
وإن لم أكن واهما فالبلد: الأردن.
وآمل ممن لديه المزيد أو التصحيح أن يتفضل به وأنا له من الشاكرين، وبالله التوفيق.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jul 2006, 08:01 م]ـ
إبراهيم القطان وُلِد ومات في عمان، وكان من أعضاء المجمع الأردني والقاهري أيضا، وقد وجدت له كتابا آخر في مكتبتي هو (عثرات المنجد).
قلت: كانت وفاته سنة 1404 هج = 1984 م وله ترجمة في ذيل الأعلام، وفي إتمام الأعلام.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jul 2006, 08:19 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أستاذ منصور على هذه الفائدة، مع إني لم أطلع على هذا التفسير من قبلُ، ولم أره في المكتبات مع حرصي ومتابعتي. فهذه من فوائد المدارسة في هذا الملتقى بارك الله فيكم.
ـ[ابن رشد]ــــــــ[18 Jul 2006, 08:48 م]ـ
الأستاذ منصور مهران: شكر الله لكم هذا التصحيح و التوضيح
أكرمكم الله
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[19 Jul 2006, 06:40 ص]ـ
بارك الله فيكم على أهتمامكم في الموضوع , لكن هذا التفسير أين يمكن الحصول على نسخة منه؟
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[26 Jul 2006, 10:27 ص]ـ
تفسير القطان المذكور هل يوجد في مكتباتنا في السعودية أو في غيرها من الدول العربية؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[16 Aug 2006, 07:02 م]ـ
يقع تفسير " تيسير التفسير " للقطان في أربع مجلدات، 803 صفحات ..
وطبع تفسيره هدية للأمير الحسن بن طلال ولي عهد الأردن سنة 1404هـ، 1983م. بمناسبة دخول القرن الخامس عشر الهجري.
والشيخ إبراهيم القطان أزهري أردني، ترقى في المناصب الحكومية حتى وصل مرتبة قاضي القضاة في الأردن.
أشهر كتبه (غير التفسير) كتاب: عثرات المنجد، تتبع فيه أخطاء المعجم المعروف لمجموعة من الموارنة.
تجد في خاتمة تفسيره تقريض ناصر الدين الأسد، حسني فريز، عزالدين الخطيب، بشير الصباغ، يوسف العظم، محمد محيلان، جميل بركات، عدنان جلجولي، وصفي عنبتاوي من الاردن.
وجعفر الخليلي من العراق
وعبدالعزيز الحسين من الكويت.
تفسيره هذا غير منتشر بين طلبة العلم الشرعي في الأردن، وهو مخصص لطلبة المدارس في المرحلة المتوسطة ..
لذا تجده في كل مكتبة مدرسية في الأردن، بطبعته الوحيدة ذات اللون الأخضر والقطع المتوسط.
معذرة: فهذا جل ما استطعت الحصول عليه من معلومات حول التفسير والمفسر.
ملاحظة:
دعوة لحضور مناقشة أطروحة دكتوراه أخيكم عبدالرحيم ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=6241)
مع الشكر والامتنان لفضيلة الأخ المكرم عبدالرحمن الشهري
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف مراد]ــــــــ[07 May 2009, 07:47 م]ـ
إبراهيم القطان (1334 - 1404 هـ = 1916 - 1984 م)
قاض أديب. مولده ووفاته في عمان الأردن، دخل الأزهر، وتخرج فيه، وعمل بالقضاء 1942 - 1947، ومنه انتقل إلى وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن) مفتشاً للغة العربية والتربية الإسلامية، وظل فيها إلى عام 1961.
وفي العام الذي يليه عين قاضياً للقضاة، ووزيراً للتربية والتعليم، فسفيراً لبلاده بالمغرب فالكويت، فباكستان، فقاضياً للقضاة مرة أخرى عام 1977 حتى وفاته، وكان من أعضاء مجمعي اللغة العربية بعمان والقاهرة. وكان دمث الخلق، طلق المحيا.
له (عثرات المنجد) و (تيسير التفسير). وشارك في تاليف أكثر من ثلاثين كتاباً مدرسياً في التربية الإسلامية واللغة العربية منها (النصوص الأدبية) و (القواعد الوافية).
-
نقلاً من ذيل الأعلام(/)
سؤال عن كيفية التعرف على منهج الترجيحات
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[12 Jul 2006, 11:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
لدي بحث بعنوان منهج الترجيحات
ولكن أشكل عليَّ أمر وهو أن بعض المفسرين يذكر مثلا
((قوله تعالى: (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) أي: لا يسأل سؤال استعلام، وإنما يسأل سؤال تقريع وتوبيخ، ولا يقال لهم: هل فعلتم؟ بل يقال لهم: لم فعلتم؟ وعن بعضهم: أن معناه: لا يسأل بعضهم بعضا. وعن بعضهم: أن الملائكة لا يسألون عن ذنوب بني آدم؛ لأنهم قد رفعوا الصحف، وأدوا الأمانة فيها. والقول الأول هو الصحيح.)) (تفسير السمعاني ج5ص331 - 332)
فيكيف يتم تصنيف هذا الترجيح بمعنى هل يكون من الترجيح بنظائر القرآن أم باللغة أم بغيرها.
مع أن المؤلف رحمه الله لم يذكر الدليل على الترجيح حتى يتم تصنيفه.
وفقكم الله لكل خير.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[23 Aug 2006, 01:39 م]ـ
طبعا الترجيح بالقرآن والسياق بدليل آية رقم 78من سورة القصص وما على شاكلتها في القرآن المجيد.
والله الموفق
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[31 Aug 2006, 11:41 ص]ـ
جزاك الله خير
ولكن بعض الآيات ليس لها دلالة في مواطن أخرى
فمثلا
قوله تعالى: (يوم تبلى السرائر) أي: تختبر وتمتحن، وقيل: تظهر، وهو الأولى.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[02 Sep 2006, 10:43 ص]ـ
إذا لم تكن دلالة قرآنية في مواطن أخرى فهذا يدل على أن الدلالة في مكمن آخر من مكامن الترجيح كاللغة مثلا ولتنظر مادة " بلي" يتضح لك الأمر. والله الموفق(/)
اين احصل على مصدر هذا الكلام لابن حزم - رحمه الله - في تفسير بقي بن مخلد
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[12 Jul 2006, 06:50 م]ـ
وهو قوله (لم يؤلف مثله في الإسلام لا تفسير ابن جرير ولا غيره)
أرجو ذكر المصدر والطبعة ...
والله الموفق ...
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jul 2006, 01:40 ص]ـ
كلمة ابن حزم عن تفسير بقي بن مخلد، وردت كثيرا في ترجمة (بقي) ولم أهتدِ إليها في مؤلفات ابن حزم، وجاءت في ترجمة الرجل عند الذهبي في (سير أعلام النبلاء) 13/ 288، ونصها: (أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسير بقي، لا تفسير محمد بن جرير ولا غيره) وأحال المحقق إلى معجم الأدباء لياقوت. ومثل ذلك في العبر للذهبي في وفيات سنة 276 هج، وجاءت في طبقات المفسرين للسيوطي وعنه نقلها الزرقاني في مناهل العرفان 1/ 499 ط 3 - مطبعة عيسى البابي الحلبي، وفي شذرات الذهب لابن العماد ج 3 ص 318، ولكن المحقق وهم فمزج كلام ابن العماد بكلام ابن حزم، وفي الوافي بالوفيات للصفدي ج 10 ص 182، وفي مرآة الجنان في وفيات 276.
وبالله التوفيق.
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jul 2006, 02:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
كلام ابن حزم ثابت في رسالته في فضل الأندلس وذكر رجالها، وقد سردها المقري في نفح الطيب، وأدرجها إحسان عباس في رسائل ابن حزم، ونثر كثيرا من نصوصها تلميذه الحميدي في تراجم كتابه الممتع جذوة المقتبس.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[13 Jul 2006, 06:00 ص]ـ
في نفح الطيب ج4 ص 162 وتذكرة الحفاظ ج2 ص 629
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jul 2006, 08:59 ص]ـ
أشكر أخي الأستاذ السائح، وأخي الجليل الأستاذ الدكتور فهد الرومي، وكنت أود أن أجد الكلمة في مؤلفات ابن حزم وليس في كتب التراجم، ولكن بدأت بكتب التراجم لعها تكون بداية خيط، وها أنا ذا رجعت إلى رسائل ابن حزم التي حققها إحسان عباس فوجدت النص كما قال أخي السائح في (رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها) ج 2 ص 178،نشرة المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 2 سنة 1987 م، وجاءت العبارة فيها هكذا:
(وفي تفسير القرآن: كتاب أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد؛ فهو الكتاب الذي أقطع قطعا لا أستثني فيه أنه لم يؤلف في الإسلام تفسير مثله، ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره.)
فلعل أحدَ مَن نقلوا كلمة ابن حزم نقلها بتصرف وتابعه الآخرون. وبالله التوفيق.(/)
من مصنف كتاب درة التنزيل وغرة التأويل؟
ـ[السائح]ــــــــ[12 Jul 2006, 11:29 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد، فقد وقع خلاف في تعيين مصنف كتاب " درة التنزيل وغرة التأويل "، فجزم غير واحد أنه منحول منسوب خطأ إلى الخطيب الإسكافي.
وقد رأيت من الباحثين من أحال على مقال كتبه الأستاذ عمر السريسي رجح فيه أنه من تأليف الراغب الأصبهاني، ونشر ذلك في المجلة العربية للعلوم الإسلامية: ع32، مج2 ص316 - 320، وتكلم على ذلك بتفصيل في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني: العدد المزدوج (3 - 4) صفر - جمادى الأولى، عام 1399 تحت عنوان: تحقيق نسبة كتاب درة التنزيل وغرة التأويل.
وقد وافقه الأستاذ أحمد حسن فرحات على عدم صحة نسبة الكتاب إلى الخطيب الإسكافي، لكنه رأى أنه من تأليف قوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني، وأسهب في بيان ذلك في بحث بعنوان: كتاب درة التنزيل وغرة التأويل لا تصح نسبته إلى الراغب الأصبهاني، نشره في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية التي تصدر عن مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت: س6، ع:5، جمادى الأولى 1410 ص23 - 80.
فمن يحتسب الأجر عند الله، فينقل إلى إخوانه ما حوته هذه المقالات، ويفيدنا بالبحوث التي دارت حول كتاب درة التنزيل وغرة التأويل وعقيدة الخطيب الإسكافي.
والله يجزيكم خير الجزاء ويبارك في سعيكم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jul 2006, 12:44 ص]ـ
كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل) طبع محققا في عمل علمي قام به الدكتور محمد مصطفى آيدين، سنة 1422 هج = 2001 م، في ثلاثة أجزاء، من إصدارات جامعة أم القرى.
http://www.tafsir.net/images/dorrah.jpg
وفي ص 94 وما بعدها من مقدمة المحقق جاء مبحث تحقيق النسبة في سبع حيثيات:
1 - ورود اسم الخطيب الإسكافي صريحا على ورقة العنوان في ثلاث نسخ مخطوطة.
2 - ما ذكره راوي الكتاب من النسبة إلى الإسكافي.
3 - عدم شك المتقدمين الذين نقلوا شيئا من مادة الكتاب في نسبته إلى الإسكافي؛ منهم: محمود بن حمزة الكرماني المتوفى سنة 505 هج، صاحب كتابي (غرائب التفسير وعجائب التأويل) و (البرهان في متشابه القرآن).
4 - إجماع كتب التراجم على إيراد هذا الكتاب في مؤلفات الإسكافي.
5 - اتفاق كتب التراجم على لقب (الخطيب) الإسكافي.
6 - تصريح ابن الزبير الغرناطي باسم كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل في مقدمة كتابه: (ملاك التأويل). ولكنه لم يذكر اسم مؤلفه.
7 - وجود التشابه بين هذا الكتاب والكتاب الآخر (المجالس) المقطوع بنسبته إلى الإسكافي.
ثم ناقش المحقق آراء الذين نفوا نسبة الكتاب عن الإسكافي، ليخرج بتأكيد نسبة الكتاب إلى الإسكافي.
ولكن يظل قول الآخرين في الحسبان حتى يأتينا اليقين بالنسبة التي لا جدال فيها، ولقد استخرجت المقالات التي أشار إليها أخي الأستاذ السائح، ولعلي أحسن تلخيصها وعرضها في وقت لاحق إن شاء الله.
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jul 2006, 01:55 ص]ـ
جزى الله الأستاذ الكريم منصورًا خيرًا وبارك في سعيه.
وأنا بالأشواق إلى ما تلخصه من هاتيك المقالات.
وقد اطلعت على موقع مجمع اللغة الأردني، ولم أجد فيه إلا فهارس وكشافات أعداد المجلة.
وقد بحثت فوجدت ملخصا لمقال الأستاذ أحمد حسن فرحات، وهاهو ذا بين أيديكم؛ للاطلاع عليه وإبداء ملحوظاتكم.
كتاب درة التنزيل وغرة التأويل لا تصح نسبته إلى الراغب الأصفهاني
وجود اسم الراغب الأصفهاني على بعض نسخ كتاب درة التنزيل وغرة التأويل كان من قبيل الالتباس الذي يحدث عادة عند النساخ، نتيجة التشابه والاشتراك في أسماء المؤلفين وأسماء مؤلفاتهم، ومن ثم فلا يصلح دليلاً على نسبة الكتاب إلى الراغب.
وما ذكره الأخ الساريسي من أن كتاب درة التنزيل وغرة التأويل هو نفس الكتاب الذي وعد به الراغب في مقدمة كتابه المفردات بعنوان تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وهم كبير وقع فيه الأخ الباحث، لم يصمد أمام النقد العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما ذكر من وجود كتاب للراغب باسم جامع التفسير أو الجامع في التفسير لا يستند إلى أدلة حقيقية، بل إن ما وجد من تفسير الراغب في معظم نسخه الخطية يحمل عنوان تفسير القرآن العظيم، ومعلوم أن بعض المصادر تشير إلى أن الراغب لم يتم تفسيره، ومن ثم فلا تصح تلك الإحالة عليه، والتي وردت في سورة الكافرون من كتاب درة التنزيل؛ لأنها مما لم يصل إليها الراغب في تفسيره.
وما ذكره الأخ الباحث من أن نفَس الراغب في كتاب درة التنزيل واضح فلا أساس له من الصحة، وإنما هو وهم آخر وقع فيه الباحث، نظراً لتغاير أسلوب الراغب مع أسلوب صاحب كتاب درة التنزيل.
وإن ما ذكره الأخ الباحث من أمور لافتة للانتباه تتعارض مع ما عرف من طريقة الراغب وأسلوبه، فقد كان جديراً أن يحمله على إعادة النظر في نسبة الكتاب إلى الراغب، وأن يهديه إلى المؤلف الحقيقي، ولكنه آثر أن يؤولها، ليحملها على ما اندفع إليه من حب نسبة الكتاب إلى الراغب، فأضاع على نفسه فرصة ثمينة.
كما بين أن هذه النسبة لا تصح إلى الخطيب الإسكافي، ولا إلى الفخر الرازي، ولا إلى ابن فورك.
وعنوان جامع التفسير أو الجامع في التفسير الوارد في سورة الكافرون من كتاب درة التنزيل هو النقطة الثابتة في البحث، والتي ينبغي الانطلاق منها، وهذا العنوان لا ينطبق إلا على كتاب واحد يعود إلى مؤلف واحد، هو أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصفهاني الملقب قوام السنة والمتوفى سنة 535 هـ، والمقابلة بين ما جاء في مقدمة درة التنزيل وما عرف من ترجمة أبي القاسم إسماعيل تشير إلى التوافق في ما ورد فيهما، كما أن التشابه بين مقدمة درة التنزيل ومقدمات ما وصلنا من كتب أبي القاسم إسماعيل يدل على تشابه في الأسلوب.
وهذا كله يرشح نسبة كتاب درة التنزيل إلى أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصفهاني!
وسبب نسبة الكتاب في بعض النسخ الخطبة إلى الراغب إنما يعود للاشتراك بينه وبين المؤلف الحقيقي في معظم الاسم والكنية: فالراغب هو: أبو القاسم الحسين بن المفضل الأصفهاني، والمؤلف الحقيقي! هو: أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن المفضل! الأصفهاني، فهما يختلفان بالاسم الأول، ويتفقان ببقية الاسم والكنية.
---------------------
من أنعم النظر في هذا التلخيص بدا له ضعف ما اعتمده الأستاذ، ولم أره عرّج على اعتقاد أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، ولا ريب أن بروز الاعتقاد من نقط الارتكاز التي كان يُرجى من الأستاذ أن يُوليها اهتمامًا، والله أعلم.
وفي تلخيص المقال بعض الهنات، ولست أدري هل أثبت الأستاذ في أصل مقاله اسم جدّ أبي القاسم الأصبهاني: (المفضل)؛ فإن كان قد فعل، فهو غلط بيّن ينبغي أن ينأى عنه الباحث الجادّ المدقق، خاصة أن ذلك كان عند المقابلة بين ابنَي (المفضل)، وصرح أن الرجلين يتفقان في بقية الاسم (يعني: النسية إلى الأب أو الجد).
والله أعلم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jul 2006, 10:13 ص]ـ
جاءت المقالة في العدد المزدوج 3 - 4 ص 97 من مجلة مجمع اللغة العربية الأردني.
وفيها نفى الدكتور الساريسي نسبة الكتاب إلى الإسكافي اعتمادا على:
1 - ورود نسبة صريحة إلى الراغب على نسخ مخطوطة، هي نسخة مكتبة أسعد أفندي بإستانبول رقم 176، ونسخة خسرو باشا باستانبول رقم 25، ونسخة راغب باشا باستانبول رقم 180، ونسخة السلطان أحمد الثالث / طوب قبوسراي، بإستانبول رقم 1748 / أ / 850، ونسخة أخرى رقم 1749 / أ / 1830، ونسخة المتحف البريطاني رقم 5784 ورقم 234: المصورة في معهد المخطوطات بالقاهرة رقم 7 تفسير.
2 - ما ورد في مقدمة المفردات من نية الراغب أن يتبع المفردات (بكتاب ينبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ... ) وأنه بذلك رسم خطة الكتاب التي تتفق وخطة الدرة مما يؤكد أنهما خرجا من معين واحد.
3 - أن في كتاب الدرة إشارة إلى كتاب آخر للمؤلف اسمه (جامع التفسير)، وليس في مؤلفات الإسكافي كتاب يحمل هذا الاسم. بل هو معدود من مؤلفات الراغب وهو مخطوط وموجود في مكتبة اياصوفيا.
4 - و جاء في إحدى المخطوطات وهي التي تحمل رقم 1749 / ر / 183 قول راوي الكتاب إبراهيم بن علي بن محمد المعروف بالأردستاني: (هذه المسائل .... أملاها أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب في القلعة الفخرية) وكلمة أملاها قد تعني أنه أملاها من إنشائه كما تعني أنه أجيز بإملائها من قِبَل مبدعها ومنشئها وتبقى تساؤلات عن صعوبة قبول خبر الإملاء هذا عن طريق الذاكرة والارتجال. ثم إن انفراد الأردستاني بالرواية يثير عجبا، وتقرب من خبر الآحاد في الحديث، ولعله كان أقرب إلى الروح العلمية لو أن غيره حضر الإملاء والرواية وشهد بذلك.
5 - مقدمتا المفردات والدرة تتلاقى فيهما بعض الكلمات وبعض التراكيب، ثم تفترقان ليأخذ كل كتاب ما يناسبه من القول والبيان.
6 - كل ما أورده الناقد قال إنه: (دلائل على الشك في نسبة كتاب درة التأويل .. الذي صنفه الراغب الأصفهاني لمصنف آخر هو ... الإسكافي. كل هذه الدلائل لا تتأيد إلا بحجة أخرى قد تزنها جميعا، وهي تلك التي تأتي من مادة الكتاب ونسيجه الأساسي).
وعقد الموازنة بين النسخ المخطوطة والنسخ المطبوعة قبل صدور الطبعة المحققة.
قلت: ولو أن الناقد شاهد الطبعة المحققة التي صدرت بعد المقالة بنحو عشرين عاما لتغيرت نظرته إلى الموضوع بمرة. هذا وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jul 2006, 12:01 م]ـ
جزاك الله خيرا على إفادتك ومبادرتك إلى نفع إخوانك وتلاميذك.
نشره في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية التي تصدر عن مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت: س6، ع:5
الصحيح أن المقال في العدد 15، كما في موقع كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، ومنه نقلتُ ملخَّص المقال.
النسية
الصواب: النسبة.
ـ[الجكني]ــــــــ[13 Jul 2006, 02:14 م]ـ
لي ملاحظة على ما كتبه أخي منصور مهران حول تاريخ وفاة الكرماني من أنها سنة (505) وهذا قول المترجمين له،وإن كان بعضهم يقول إنها بعد الخمسمائة بدون تحديد، لكن الذي رجحه محقق "غرائب التفسير وعجائب التأويل " د/شمران العجلي هو أنه توفي بعد سنة (531) وهي السنة التي فرغ فيها من تأليف كتابه كما هو موجود في خاتمة إحدى النسخ المعتمدة عنده 0والله أعلم 0
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jul 2006, 03:04 م]ـ
أشكر لأخي الدكتور السالم الجكني - سلمت يمينه - ما أفادنيه من علمه ونبل أخلاقه، ولقد راجعت نفسي وتثبت من صحة قوله و جمال توجيهه، والله يرعاكم.
ـ[الجكني]ــــــــ[13 Jul 2006, 03:54 م]ـ
والشكر لك موصول أخي منصور،ونحن في هذا الملتقي يكمل بعضناً بعضاً 0(/)
مخطوطات مكتبة الدكتورأحمد عروة
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[13 Jul 2006, 07:09 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله:
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتحقق المقاصد والغايات، وأما بعد:
فإن المكتبات في العالم الإسلامي تزخر بنفائس الكتب والمخطوطات، ومن بين هذه المكتبات مكتبة الدكتور أحمد عروة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، وإليكم يا أهل الملتقى هذه النفائس من المخطوطات المتعلقة بالقرآن وعلومه:
-211 رسم القرآن
رقم المخطوط العنوان المؤلف
211.3 - /1 متن مورد الضمآن شرح دليل الحيران للخراز
211.3 - /2 ابن حطا في شرح مورد الضمآن في رسم القرآن لابن حطا
211.3 - /3 شرح ابن حطا على مورد الضمآن لابن حطا
211.6 ألفاظ القرآن الكريم:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
211.6 - /1 نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (سورة هود ... ) فقط للإمام برهان الدين البقاعي
211.6 - /2 تحبير التسيير لمحمد الجزري
211.6 - /3 اعراب القرآن للحسن الجريد
211.6 - /4 الدر المصون غب علوم الكتاب المكنون (ج2) للسمين الحلبي
211.6 - /5 شرح الدرة لمحمد بن محمد الجزري للنويري
211.6 - /6 الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (ج1) للسمين الحلبي
211.6 - /7 الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (ج2) د. م
211.6 - /8 تحبير التسيير الجزري
211.7 فقه القرآن:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
211.7 - /1 فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن لزكريا الأنصاري
211.7 - /2 درة التنزيل وغرة التأويل في بيان الآيات لابراهيم بن محمد ابن الفرج الاشداني
211.7 - /3 الناسخ والمنسوخ بن نصر بن علي
211.7 - /4 فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن لابي يحي زكريا الانصاري
211.7 - /5 إرشاد الرحمن لأسباب النزول والنسخ والمتشابه وتجويد القرآن للأجهوري
211.8 التجويد والقراءات:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
211.8 - /1 التعريف بالطرق العشر (بعده عدة كتب) لابن سعيد الدالي
211.8 - /2 طيبة النشر في القراءات العشر (ج1) لأبي قاسم النويري
211.8 - /3 شرح الدرر للوامع في مقري الامام نافع (ج1) د. م
211.8 - /4 إيضاح الأسرار والبدائع وتهذيب الغرر والمنافع في شرح الدرر للوامع في أصل مقري للإمام نافع محمد بن محمد عمران الحمادي
211.8 - /5 التيسير وبهامشه شرح ابن الجرزي لأبي عمرو الداني
211.8 - /6 شرح جموع على تفصيل الدرر للإبن غازي مسعود المغربي
211.8 - /7 اللآلي الفريدة في شرح القصيدة لابي القاسم الشابي (ج1) لمحمد بن حسن بن يوسف بن رجوان الفاسي
211.8 - /8 المقصد النافع لبغية الناشئ والبارع في شرح الدرر اللوامع يليه غيت النافع في القرات السبع للخراز
211.8 - /9 المقصد النافع لبغية الناشئ والبارع في شرح الدرر اللوامع الخراز/ لعلي النوري السفاقسي
211.8 - /10 تحرير أوجه طيبة النشر في القراءات العشر علي المقصوري
211.8 - /11 معونة النكر في الطرق العشر لعلي جموع
211.8 - /12 تفصيل الدرر لأحمد بن غازي
211.8 - /13 وابل الندى المختصر من منار الهدى في بيان الوقف لمسعود المغربي
211.8 - /14 شرح الجعبري على الشاطبية (ج1+ ج2) للجعبري
211.8 - /15 التيسير للداني
211.8 - /16 شرح الدرر اللوامع للمحاصي البوطيني
211.8 - /17 الحواشي الازهرية لخالد الازهري
415 - /1 تحصيل المنافع من كتاب الدرر اللوامع لسعيد السملالي
211.9 مباحث قرآنية عامة:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
211.9 - /1 مجموع به بعض الفوائد: مناجاة موسى, قصة أهل الكهف لعمر بن سعيد الفدودي
212.0 التفسير:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
212.0 - /1 تفسير القرآن الكريم د. م
212.3التفاسير السنية:
رقم المخطوط العنوان المؤلف
212.3 - /1 حاشية الجمل على الجلالين (ج3) للجمل
212.3 - /2 تفسير سورة النور_سورة الناس د. م
212.3 - /3 حاشية الجمل على الجلالين: غافر_آخر القرآن للجمل
212.3 - /4 أنوار التنزيل واسرار التأويل للشيرازي البيضاوي
212.3 - /5 المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (ج2): (النساء_الأعراف) لمحمد بن عطية
212.3 - /6 أنوار القرآن واسرار الفرقان الجامع بين أقوال (ج1): (الفاتحة_الاسراء) , (ج2): مريم_آخر القرآن) لمحمد القادي
212.3 - /7 المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (ج1) لمحمد بن عطية
212.3 - /8 اللباب: تفسير الشاطبي (فاتحة_ الناس) للشاطبي
212.3 - /9 أنوار القرآن واسرار الفرقان (ج1) د. م
212.3 - /10 الفتوحات الاسلامية بتوضيح تفسير الجلالين (ج1) للجمل
212.3 - /11 تفسير القرآن الكريم (البقرة_الاسراء) وهو تكملة ومعه تفسير القرآن الكريم (الكهف_ الناس_ ثم الفاتحة) لجلال الدين المحلي
212.3 - /12 تفسير الكشاف (ج1): (البقرة_الكهف) , (ج2): (مريم_الناس) للزمخشري
212.3 - /13 المنتخب على تفسير ما حصلت له في القرآن المنزل لأبي الحسن علي بن محمد النيسابوري
212.3 - /14 لباب التأويل في معاني التنزيل: تفسير الخازن (ج1+ج2+ج3) للخازن
212.3 - /15 شرح الطيب في الكشف عن قناع الريب: لحواشي الكشاف للطيبي
212.3 - /16 فتوح الغيب: حواشي الكشاف (ج4): (الفاتحة_الناس) للطيبي
212.3 - /17 تعليق على تفسير الفاتحة للبيضاوي للكردي
212.3 - /18 الوسيط في تفسير القرآن الكريم (ج3) لأبي الحسن الواحدي
212.3 - /19 حاشية الجمل على ذو الجلالين (ج2) لأبي الحسن الواحدي
212.3 - /20 تفسير القرآن الكريم: (ج1): (سورة المائدة_هود) لأبي الحسن الواحدي
ملحوظة: - دم: أي دون ذكر اسم المؤلف.
ضجت نجوم الليل من حسراتي **** وشكى الفرات إلي من عبراتي
يا إخوة الإسلام يا أهل النهى **** في الأرض يا من تسمعون شكاتي
يا إخوة الإسلام دونكم اللظى **** مازال يحرق دجلتي وفراتي
مازال يعبث بالمقدس بكرة **** وأنا الجبان أعيش في غفلاتي
ما ذنب أرملة تكفكف دمعها **** ودموع أبناء لها وبناتي
أواه من جورالحصار ومن يد **** تغتالني وتنام فوق رفاتي
أواه من قصف المدافع فوقهم **** والناس سكرى بحفلة وكُرات
قسنطينة:17جمادى الثاني1427هـ
الموافق لـ13جويلية2006م
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[15 Jul 2006, 12:18 ص]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول،وأما بعد:
في هذه المكتبة الزاخرة العديد من المخطوطات في فنون شتى، غير أنني ذكرت ماله علاقة بالملتقى، هناك مكتبة أخرى زاخرة هي أيضا بنفائس المخطوطات تقع بمدينة " طولقة " وسننقل مافيها لاحقا إن شاء الله تعالى.
قال علمائنا قديما عن العلم وأدواته:
له تغرب وتواضع واترع **** وجع وهن واعص هواك واتبع
حتى ترى حالك حال المنجدي **** لو أن سلمى أبصرت تخددي
ودقة في ساق عظمي ويدي **** عضت من الوجدي أنامل اليد
ـ[حنان]ــــــــ[20 Jul 2006, 11:57 ص]ـ
أخي الكريم علال: بوركت بتنبيهنا على المخطوطات التي اوردت ... ولي استفسار كيف السبيل للحصول على بعضها؟؟؟
ونحن بانتظار بقية المخطوطات من "طولقة" ...(/)
كليات الألفاظ في التفسير
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Jul 2006, 03:42 م]ـ
هذا عنوان كتابٍ جديدٍ من تأليف الأستاذ بريك بن سعيد القرني، وقد ساعدت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه على طباعته، فصدر في جزءين سنة 1426 هج.
وموضوع الكليات في القرآن الكريم وثيق الصلة بتفسير معانيه بعامة وتفسير ألفاظه بخاصة، ولذلك نجده متشعبا جدا؛ فمسائله مبثوثة ومنثورة في عشرات الكتب: من التفسير، وعلوم القرآن، وكتب اللغة ومنها كليات أبي البقاء الكفوي، وكتب الأشباه والنظائر، ومباحث الترادف في اللغة وفي القرآن الكريم، وغيرها. فتوفر عليها المؤلف في دراسة جامعية جيدة أرجو أن تكون شاملة، نصحني ناصح أمين بقراءتها، فقرأت الكتاب مرة لاستكشاف فوائده، وشرعت في أخرى للإلمام بدقائقه.
ولنأخذ مثالا لتوضيح المراد من الكليات:
لفظتا (الريح و الرياح) قال عنهما أبَيّ بن كعب: كل شيء في القرآن من (الرياح) فهي رحمة، وكل شيء في القرآن من (الريح) فهو عذاب - انظر ص 341 وما بعدها - حيث يجمع المؤلف أطراف المسألة بدءا بأقوال العلماء في هذه الكلية والآيات التي حوت إحدى اللفظتين، ثم يحاول التوضيح والترجيح قبل أن ينتقل إلى كلية غيرها، وهكذا إلى آخر الكتاب في دراسة ماتعة، وللدراسة مقدمة نفيسة في 192 صفحة، والكتاب كله في 920 صفحة والدراسة موفقة بحمد الله وتوفيقه.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[14 Jul 2006, 07:59 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ ابن مهران ..
وكنت أتمنى لو أن المشاركة جاءت تحت موضوع: (التعريف برسائل جامعية في الدراسات القرآنية) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=489) لتكتمل فكرة هذا المشروع الذي اقترحه الأخ الفاضل أحمد القصير، والذي أوافقه عليه، حتى تتوارد المشاركات في مكان واحد، فيعم النفع، وتكبر الفائدة ...
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Jul 2006, 10:24 م]ـ
أشكر لأخي الأستاذ العبادي نصيحته، ولكني آثرت الملتقى العلمي للتفسير لإيراد الموضوع؛ فقد وجدت صلته بمادة التفسير أقرب، و أن مجاله مجال المعاني التي وددت لو انصرف إليها الاهتمام، ومن شاء التعليق عليه من حيث كونه رسالة جامعية في ملتقى التعريف فليفعل بلا تثريب، ومن صرف نظره إليه من حيث كونه ذا صلة بالتفسير ومعاني القرآن فليجعل تعليقه هنا، وكلاهما مشكور بما يقدمه من علم وبيان، وبالله التوفيق.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[15 Jul 2006, 01:32 م]ـ
أحسنت بما قصدت شيخنا الحبيب، مع العلم أن موضوع التعريف بالرسائل العلمية جاء في الملتقى العلمي لا سواه، وأتمنى أن تسمح لي نقل مشاركتك إليه ليجتمع المقصدان كما ذكرت .. بارك الله فيك ونفع بك.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Jul 2006, 01:41 م]ـ
إلى أخي الأستاذ العبادي، مع التحية،
لك هذا راغبا في النفع العام، وشاكرا لك صنيعك.
وتقديري لأهل الملتقى جميعا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2006, 02:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
صدر حديثاً كتاب (كليات الألفاظ في التفسير- دراسة نظرية تطبيقية) للشيخ بريك القرني ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5532)(/)
المفسرة الهندية (بيكم) .. هل هي اول من فسر القرآن من النساء
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[14 Jul 2006, 06:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.
فهذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى المبارك .. ملتقى أهل التفسير ..
و هو عبارة عن إثراء بحث عن من فسر القرآن من النساء كاملاً أو جزءا منه.
و لم أكن مهتما لهذا الأمر و لا شغل به بالي حتى رأيت شيئا عجيبا لم يؤذن لي في أن أبو ح به
و أثناء بحثي عن هذا الأمر و جدت مفسرة أمرها عجيب فأحببت أن أثري الموضوع بعد استشارة الشيخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري.
هي المفسرة (بيكم) بنت الشاه محي الدين أورنك زيب عالمكير سادس أباطرة المغول في الهند 1658ه-1707م، أديبة شاعرة من آثارها زيب التفاسير في القرآن .... هذه ترجمتها في معجم المفسرين من صدر الاسلام حتى العصر الحديث .. المجلد الأول ص197.عادل نويهض
و جاءت ترجمتها في كتاب الاعلام بمن في تاريخ الهند من الاعلام ما يلي:
الملكة الفاضلة زيب النساء بنت السلطان محي الدين أورنك زيب عالمكير أكبر ملوك الهند و أكرمهم و لدت في عاشر شوال سنة 1048 من بطن دلرس بانو شاهور خان الصفوي و نشأت في نعمة أبيها و حفظت القرآن على مريم أم عناية الله الكشميري فأعطاها عالمكير 30 ألف من النقود الذهبية ثم تعلمت الكتابة من نسخ و تعليق و شفيعة و غيرها .. و قرأت الكتب المدرسية على الشيخ أحمد ابن أبي سعيد الأمهوي و على غيره من العلماء و أخذت الشعر و الإنشاء و غيرهما عن الشيخ محمد سعيد المازنداني و أحرزت الكتب النفيسة في خزانتها و اجتمع عندها من العلماء و الشعراء ما لم يجتمع عند أحد.
و كانت شاعرة ساحرة تسحر الألباب ....... لا تضاهيها امرأة في الهند في جودة القريحة و سلامة الفكرة و لطافة الطبع .. لم تتزوج قط لغيرتها بأن تكون ضجيعة لأحد من الرجال و أما مصنفاتها فهي لا تكاد توجد في الدنيا غير (زيب المنشآت) وهو مجموع لرسائلها.
و أما ديوان الشعر المنسوب اليها فهو لواحد من الشعراء الفرس و ديوانها قد ضاع في حياتها.
و أما زيب التفاسير فهو ترجمة للتفسير الكبير للرازي بالفارسي نقله من العربية الفارسية او العكس (اختلط علي الأمر) الشيخ صفي الدين الأردبيلي ثن الكشميري بأمرها و لذلك سماه باسمها توفيت سنة 1113في حياة ابيها فدفنت بحديقة بناها في لا هور .. انتهى معني زيب أي أحسن.
من كتاب الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام و المسمى .. نزهة النواظر و بهجة المسامع و النواظر .. لؤرخ الهند الكبير العلامة الشريف عبد الحي بن فخر الدين الحسن أمين ندوة العلماء العام بلكهنو-الهند سابقا المتوفى 1341 المجلد 6 ص 724
هذا ما وجد لهذه المفسرة من تراجم و قد قال احد الفضلاء انه لا يوجد في معجم عادل نويهض الا هذه المفسرة من النساء
وننتظر من الفضلاء المشاركة و اثراء الموضوع .. و العلم عند الله تعالى.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Jul 2006, 12:33 ص]ـ
هل تعد ترجمة تفسير الرازي تفسيرا؟
فيكون المترجم مُفسّرًا؟
فكيف إذا انحصر الفضل في الأمر بالترجمة، بلا أدنى جهد أو عمل؟
قد يكون الإنفاق على أعمال الترجمة استوجب الاعترافُ به أن يُنسَبَ التفسيرُ المترجَمُ إلى المنفِق ماله في سبيل نشر العلم، ومن هنا حمل التفسير اسم هذه المرأة الأديبة الشاعرة سليلة الملوك (بيكم).
وتظل قضية (أول امرأة فسرت القرآن) معلقة إلى أن يأتي بذلك نبأ أكيد.
قلت: كانت بنت الشاطئ أصدرت تفسيرا لبعض سور جزء عمّ وسمته (التفسير البياني للقرآن الكريم) وقال النقاد عنها حين صدوره: إنها أول امرأة تفسر القرآن. فنفت هذا بشدة وذكرت أسماء بعض النسوة اللائي لهن تفسير قبلها، ولقد نسيت أمر هذا الموضوع فلم يبق في ذاكرتي منه إلا هذه اللمحة. وبالله التوفيق.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[14 Apr 2007, 06:58 ص]ـ
سبحان الله مهما بلغ الإنسان من العلم لا بد وأن يبقى فيه نقص يدل على بشريته التي لا ينفك عنها النقص:
( .. لم تتزوج قط لغيرتها بأن تكون ضجيعة لأحد من الرجال .. )
ـ[القندهاري]ــــــــ[15 Apr 2007, 01:13 ص]ـ
ليت الإخوان يثرون الموضوع حتى نستفيد
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[15 Apr 2007, 01:23 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أكد الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر
أن كل أصحاب تفاسير القرآن رجال
لكن الادعاء بانهم انتصروا لوجهة نظر الرجل على حساب المراة كذب بل مؤامرة
لإثارة المرأة المسلمة واختلاق المشاكل بين الرجال والنساء وهدم الأسرة المسلمة
مشيرا إلى أن ما عقد فى برشلونه، ويقصد بذلك:
(المؤتمر الذى عقد فى إسبانيا تحت عنوان:
"التأويل الذكورى للشريعة الإسلامية، والقرآن الكريم ")
ليس مؤتمرا وإنما مؤامرة على المجتمع الإسلامى
وقال: إنه لو أعدت امراه مسلمة تفسيرا للقرآن لتم نشره والاستفاده منه
لكن الغالب أن المرأه المسلمة كانت تهتم ببيتها وتربية أبنائها
ورغم أنها كانت تتعلم؛ لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة
إلا أن أعمال التفسير والفقه قام بها رجال مشيرا
إلى ان فكرة مؤتمر برشلونه تحمل فى طياتها مؤامرة على الإسلام
لأنها تشجع النساء المتمردات على هذا الدين وهن خدم للعلمانية ومأجورات من الشيطان
الذى يدس للمجتمع الإسلامى ويسعى لإفساده وإشعال الفتنة فيه.
وأرجع د/الشكعة السبب فى عدم وجود امرأة قامت بتفسير القرآن
إلى أن التفسير عملية شاقة وليست يسيرة على الإطلاق
كما أن المفسر يحتاج لمعرفة عشرةعلوم على الأقل.
بجانب عدم توافر شروط التفسير لدى الأكثرية الساحقة من النساء المسلمات
موضحا أنه على الرغم من وجود محدثات روى عنهن الحديث
إلا أنه لم تتواجد منهن مفسرات؛ لأن المرأة المسلمة تهاب المواقف الدينية
فتبتعد عنها كما أنه ليس كل عالم مؤهل لتفسير القرآن العظيم
وإنما لابد من توافر الشروط التى وضعها علماء علوم القرآن
مثل السخاوي , و أبي شامة، والسيوطى، وغيرهم كثير
وكذلك هناك شروط للمفسر لابد من توافرها فيه
وذلك لأن الإسلام دين سماوى والحرص على سماويته يجعل الكثير من الأتقياء
لايهجمون على العلوم الإسلامية، وينأون بأنفسهم عن ذلك ..
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[16 Apr 2007, 07:36 م]ـ
.. لم تتزوج قط لغيرتها بأن تكون ضجيعة لأحد من الرجال!
سبحانك ربي هذا شيئ عظيم؟؟؟؟
هاك ترجمتها:
جهان أرابيكم ابنة السلطان شاهجان في الهند تزوجها الشيخ العالم صديق حسن خان - وقد هنّاه على ذلك جمع جم من أهل العلم، وأرخ له المؤرخون وشعراء الرياسة، قال عنها في (أقوم المسالك، في أحوال الممالك) (3/ 280)
"سيدة المُخَدَّرَات، إكليلة المحصنات، شاهجان بيكم - التي هي من نواب الهند، رئيسة خطة بهوبال"، " والحاصل: أن مليكة بهوبال المحمية، زمانها هذا زمان السعادة، وأوان ترقي العلوم، وموسم المسرة والرفعة لكل خادم ومخدوم، كيف، وهي تاج الهند، ورأس الرؤوس؟!
وقد قيل في المثل السائر: لا عطر بعد عروس، وهي التي عمرت الديار بعد خرابها، وأحيت المدارس العلمية بعد دروسها وتبابها، وبنت المساجد العظيمة، وقررت الوظائف الفخيمة، وحفرت الآبار، وغرست الحدائق والأشجار، وأحدثت العمائر الكبار، وأكرمت الصغائر والصغار، وأحيت السنن، وأماتت البدع، وقلعت أسباب الفجور والفسوق، وأخمدت نار الصبوح والغبوق، وطهَّرت الديار عن أدناس الإشراك والمحدثات.
وبالجملة: فقد جاءت في هذا الزمان الأخير، والدهر الفقير، جامعة للفضائل، التي قلما تجتمع في رجل، فضلا عن النسوان، حاوية للفواضل، التي قصر دون تبيانها لسان الترجمان، وهذه ذرة من ميدان مناقبها العلية، وقطرة من بحار مكارمها الجلية. " أبجد العلوم 3/ 284 - 286.(/)
أبحث عن رسالة ...
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[14 Jul 2006, 06:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ... و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الإخوة الأفاضل .. رواد الملتقى المبارك .. ملتقى اهل التفسير
أبحث عن رسالة جامعية لا أدري ان كانت للدكتوراه أو للماجستير
تتحدث عن مباحث السنة بين الأصوليين و المحدثين للباحثة أميرة الصاعدي
و بارك الله فيكم و جزاكم الله عني كل خير
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Jul 2006, 11:20 م]ـ
كنت قرأت يوما في فهارس ملتقى أهل التفسير أن باحثة اسمها (أميرة علي الصاعدي) أعدت دراسة حديثية تفسيرية للدكتوراه وموضوعها: (مرويات ابن جريج وأقواله في التفسير) - أو نحو ذلك - من أول القرآن الكريم حتى آخر سورة الحج.
فهل هي التي تسأل عنها؟
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[15 Jul 2006, 11:49 ص]ـ
هناك رسالة ماجستير بعنوان (القواعد والمسائل الحديثيه المختلف فيها بين المحدثين والاصوليين واثر ذلك في قبول الاحاديث وردها) لأميرة عبد الله الصاعدي، وهي موجودة بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، تحت رقم (16519)
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[15 Jul 2006, 06:11 م]ـ
الرسالة هي
القواعد والمسائل الحديثية المختلف فيها بين المحدثين والأصوليين وبيان أثر ذلك في قبول الأحاديث أو ردها
الباحثة
أميرة علي الصاعدي
الدرجة العلمية
ماجستير
رقم الرسالة 2100117
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم الكتاب والسنة
جامعة أم القرى
المشرف
د. محمد سعيدبخاري، د. محمدإبراهيم أحمد
تاريخ المناقشة 1415هـ
وفقكم الله
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[15 Jul 2006, 09:19 م]ـ
الإخوة الأفاضفل بارك الله فيكم أود الخصول على هذه الرسالة و مستعد لتحمل كافة النفقات فهل من معين لي على ذلك جزيتم خيرا(/)
أريد مصادر عن دراسات المستشرقين حول القرآن من حيث اللغة
ـ[النحوي الصغير]ــــــــ[14 Jul 2006, 08:44 م]ـ
الأخوة والمشايخ الفضلاء
السلام عليكم ورحمة الله
أريد -إن تكرمتم- أن تدلوني على مصادر لدراسات المستشرقين (المترجمة) حول القرآن الكريم، المتعلقة منها بالجانب اللغوي عامة .. والنحوي والصرفي خاصة .. وجزاكم الله خيرًا.
ـ[الجكني]ــــــــ[14 Jul 2006, 10:10 م]ـ
عليك بمراجعة كتاب " المستشرقون " لنجيب العقيقي،وهو مطبوع في 3 أجزاء،حيث وقفت فيه على كثير من ما سألت عنه 0
تمنياتي لك بالتوفيق
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Jul 2006, 10:36 م]ـ
ولا تنسَ موسوعة المستشرقين لعبد الرحمن بدوي، وإن كان اهتمامه بالأعمال الفلسفية أكثر وضوحا، ولكنه لا يخلو من فوائد. وأيضا كتاب (تاريخ حركة الاستشراق) تأليف يوهان فك، نقله إلى العربية عمر لطفي العالم، ط 2 دار المدار الإسلامي - بيروت - 2000 م، وفيه فوائد كثيرة. وبالله التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jul 2006, 08:51 م]ـ
* منها:
- المستشرقون ونظرياتهم في نشأة الدراسات اللغوية. للدكتور إسماعيل خليل عمايرة. ط. دار حنين بالأردن.
- رسالة الدكتوراه للمستشرق الألماني فرانكلين (1855 - 1909م) (الكلمات الأجنبية في القرآن).
- القرآن بلهجة أهل مكة الشعبية، للمستشرق النمساوي كارل فولليرس (1857 - 1909م).
- قواعد لغة القرآن في دراسات نولدكه للمستشرق النمساوي كارل هنريخ بيكر (1876 - 1933م).
- بحث (نصوص القرآن) لمرجليوث.
- مقال (اشتقاق ألفاظ القرآن) للمستشرق يوزف هوروفيتش (1874 - 1931م).
- بحث (القرآن والعربية) للمستشرق الألماني كاله.
وهناك بحوث أخرى ذكر بعضها الدكتور محمد حسين علي الصغير في كتابه (المستشرقون والدراسات القرآنية) فلعلك تراجعه إن لم يكن بين يديك.
ـ[النحوي الصغير]ــــــــ[25 Jul 2006, 01:45 م]ـ
جزاكم الله خيرًا .. وعلمكم ما ينفعكم(/)
تفاسير من شرق وجنوب الخليج
ـ[علي الوشاحي]ــــــــ[14 Jul 2006, 09:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام: يتردد في خاطري كلما رأيت كتاباً جديداً من كتب التفسير سؤالٌ محيرٌ.
وهو: من هم المفسرون الذين عرفوا من شرق الخليج العربي وجنوبه؟ وبالتحديد من المناطق التي باتت تعرف اليوم بالإمارات (ساحل عمان) وعمان. وقطر. والبحرين. من أهل السنة؟ وهل هذه الأماكن شحيحة بأهل العلم والفضل على طول الأزمنة الماضية والقريبة؟
- فأرجو ممن مر على مخطوط أو مطبوع حول تفاسير من شرق الخليج وجنوبه أن يفيدنا بذلك للأهمية.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[علي الوشاحي]ــــــــ[16 Jul 2006, 05:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أر من إخواني الفضلاء رداً على هذا الموضوع؟
مع إنه موضوع مهم بالنسبة لي
فأرجو من الأساتذة الكرام
أ. د. مساعد الطيار
د. عبدالرحمن الشهري
المساعدة في الأمر، وكل من كان له دراية بالموضوع
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jul 2006, 08:57 م]ـ
أخي الكريم علي الوشاحي وفقه الله
ليس لدي علمٌ بكتب تفسير صنفها علماء أهل السنة في شرق الخليج، ومع تتبعي لكتب التفسير بحسب الوسع إلا أني لآ أذكر أنني صادفتُ كتاباً مطبوعاً في التفسير لعلماء تلك الجهة، سواء كان تفسيراً كاملاً أو جزئياً للقرآن الكريم. وفي تصوري أننها إن وجدت فهي قليلة وليس لها انتشار، ولعل تتبع الباحث المتأني من أمثالكم يطلعنا على كتب في التفسير لعلماء السنة في الإمارات وقطر وعمان والبحرين. ولو عثرتُ مستقبلاً على أي معلومة حول هذا الموضوعِ فسأكتبها هنا إن شاء الله.
ـ[عماد الدين]ــــــــ[30 Jul 2006, 04:53 م]ـ
أخي (علي الوشاحي)
أما عمان فلن تجد فيها مؤلفا لسني ... ولن تسمع فيها عن داعية ... إلا أن يشاء الله
وإن أردت معرفة أسباب ذلك ... فأخبرني
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[31 Jul 2006, 04:06 ص]ـ
في رأس الخيمة شيخ وأظنه من أهل السنة فقد قرأت في كتابه منذ فترة
كتاب اسمه
جامع لطائف التفسير
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=6&book=2356
وقد راسلت المشكاة فأعطوني هاتفه النقال وأرسلته للأخ عبد القادر المشارك بهذا الرابط وهو الذي دلني على الكتاب
وفي مقدمة كتابه
جامع لطائف التفسير
العاجز الفقير
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد القماش
إمام وخطيب مسجد المرحوم يوسف بورسلي ـــ رأس الخيمة ـــ
كتاب يجمع ألطف اللطائف وأدق الدقائق مما احتوت عليه كتب التفسير من روائع وفرائد من خلال ما يزيد عن أربعين تفسيرا وما يقرب من مائتى كتاب من مختلف الفنون ويفند الإسرائيليات والأقوال الشاذة الموجودة فى بعض كتب التفسير ويرد على شبهات خصوم القرآن وغير ذلك
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[31 Jul 2006, 09:11 ص]ـ
لعل السائل يقصد من غرب الخليج وليس شرقه لأن شرقه إيران
ـ[علي الوشاحي]ــــــــ[31 Jul 2006, 05:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتذر حقيقة عن الخطأ الوارد سهواً في العنوان والطرح للموضوع.
وكان المراد تفاسير من (شرق الخليج وشماله) وليس جنوبه.
فأرجو من المشرف تصحيح الخطأ.
وجزى الله خيراً كل من أولى الموضوع اهتمامه من مشايخنا وإخواننا.
ـ[علي الوشاحي]ــــــــ[31 Jul 2006, 06:00 م]ـ
الشيخ الكريم الدكتور: عبدالرحمن الشهري لك منى كل الشكر والتقدير على اهتمامكم كما عودتمونا في هذه الشبكة المباركة.
وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
أخي عماد الدين:
استغرب حقيقة ما رددتم به بالنسبة لانعدام كتب التفسير في عمان الحبيبة.
فالكل يعلم أن عمان عبر قرون متتالية كانت حاضرة لكثير من دعوات أهل السنة عبر التاريخ، ولازال قرابة نصف سكانها تقريباً على منهج أهل السنة، وشَهِدت دخول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في وسطها وأطرافها في سنوات ليست بالبعيدة.
فكيف يستغرب وجود أهل علم فيها فيما غبر وفيما بقي بإذن الله، وإن كنا في الفترات القريبة لا نسمع لعالم سنى فيها حركة ودعوة قوية.
إلا أن الأمل لا زال يحدوني في أن أجد تفاسيرلعلماء من عمان وا لإمارات وما جاورها.
والله الموفق.
شكراً لكم وجزاكم الله خيراً.(/)
سؤال حول تأريخ نزول الآي؟
ـ[محب شيخ الإسلام]ــــــــ[15 Jul 2006, 10:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مشايخنا الفضلاء:
ماالمراجع التي يوصى بها لمعرفة نزول الآي؟
وعلى سبيل المثال:
1. متى نزلت سورة المدثر والتي بها أرسل النبي صلى الله عليه وسلم؟
2. متى نزل تحريم الكبائركالقتل والعقوق؟
حيث أن هذان الإشكالان هما مادعاني لطرح السؤال قبلهما.
بارك الله فيكم.
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Jul 2006, 01:25 ص]ـ
للشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى اهتمام بهذا في مطلع كل سورة في تفسيره "التحرير والتنوير " وفي مقدمة "الناسخ والمنسوخ " لابن العربي رحمه الله شيء من ذلك إن لم تخني الذاكرة0(/)
مقدمة عن تفسير الجلالين وتفسير سورة الفاتحة للشيخ عبدالكريم الخضير
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 01:34 م]ـ
رابط الشريط الأول الوجه الأول
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=1XWsVRKI
وأرجو من الإخوة وضع روابط بديله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 01:48 م]ـ
الشريط الأول الوجه الثاني
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=UrqNrmgC
أرجو وضع روابط بديله
ـ[أبو حمد المطيري]ــــــــ[16 Jul 2006, 02:36 م]ـ
هذه الأشرطة حوت من العلم الكثير
ياحبذا لو انتدب لها من طلبة العلم من يفرغها وينشرها
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 02:38 م]ـ
جزاكم الله خير
أظن أنها مفرغة عند مكتب الشيخ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 02:48 م]ـ
الشريط الثاني الوجه الأول
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=vRQKmIb3
أرجو وضع روابط بديله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 04:43 م]ـ
الشريط الثاني الوجه الثاني
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=sONQro98
أرجو وضع روابط بديله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 05:28 م]ـ
رابط آخر لنفس للشريط الثاني الوجه الثاني
http://www.i1i2.com/upp/24cf7ed60b.zip
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Jul 2006, 09:01 م]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
الشريط الأول - الوجه الأول):
http://dl1.filehd.com/download.php?get=534776728
طريقة التحميل من هذا الرابط:
إذا فتحته ستجد في الوسط مربعًا أزرق مكتوبًا فيه كلمة ( DOWNLOAD ) ، اضغط على المربع، ثم يظهر لك جدول ترى في أسفل اليمين منه مستطيلاً أسود مكتوبًا فيه ( FREE DOWNLOAD ) ، فانتظر قليلاً، ثم سيبدأ العداد داخل المستطيل الأسود، إذا انتهى العد ستظهر كلمة ( FREE DOWNLOAD ) داخل المستطيل مرةً أخرى، اضغط عليها، ثم اختر (حفظ).
تنبيه: سيُحذف الملف بعد (30) يومًا من آخر تحميل.
بارك الله في الأخ محمد بن عبدالله الذي وضع الرابط
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 Jul 2006, 04:05 م]ـ
الشريط الثالث الوجه الأول
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=qoLKiHyu
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 Jul 2006, 05:03 م]ـ
الشريط الثالث الوجه الثاني
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=62zigEGD
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 Jul 2006, 05:19 م]ـ
الشريط الرابع الوجه الأول
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=FDbtsPMk
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 Jul 2006, 06:08 م]ـ
الشريط الرابع الوجه الثاني
http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=wuRRONEC
وبهذا انتهت الأشرطة بحمد الله تعالى
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[02 Jul 2007, 05:21 ص]ـ
ابو مهند جزاك الله خيرا.(/)
انا بحاجة لكتاب يتحدث عن خواتيم الايات
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[16 Jul 2006, 02:06 م]ـ
الرجاء ان كان هناك كتب على الشبكة تتحدث عن خواتيم الايات ومناسبتها للايات وضعها لنا للاستفادة منها ان شاء الله وله الاجر والثواب
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[17 Jul 2006, 01:38 ص]ـ
لا أعرف كتاباً ينفرد بالخواتيم على حد علمي المتواضع، ولكن الإمام البقاعي تعرض لهذا في كتابه نظم الدرر وأجاد وأظن أن فيه الكفاية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:30 م]ـ
الأخ العزيز نضال وفقه الله.
لا أعرف كتاباً مختصاً ببحث هذا الموضوع على الانترنت. غير أن هناك كتباً مطبوعة خصصت لبحث هذا الموضوع منها كتاب للأستاذ الدكتور علي بن سليمان العبيد، نشرته دار العاصمة بالرياض، بحث فيه علاقة خواتيم الآيات بما قبلها، وعنوانه:
ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها
ـ[روضة]ــــــــ[03 Aug 2006, 12:26 ص]ـ
بالإضافة إلى ما تفضل به الدكتور عبد الرحمن هناك كتاب مطبوع بعنوان: (الفاصلة في القرآن، لمحمد الحسناوي) يتحدث نظرياً عن هذا الموضوع، وكتاب (من أسرار المغايرة في نسق الفاصلة القرآنية، د. محمد الأمين للخضري)، و (من أسرار التعبير في القرآن، الفاصلة القرآنية، د. عبد الفتاح لاشين)، (أسلوب التعقيب في القرآن الكريم، محمد كريم الكواز).
ويمكن استنتاج وجه ارتباط خاتمة الآية (فاصلة الآية) بالآية الكريمة بعد البحث في المؤلفات على اختلاف مباحثها، فهذا الأمر يتطلب بحثاً في المعنى الدقيق للفظ الذي ورد في الفاصلة، ومعرفة معنى الآية، وقد يتعدى ذلك إلى معرفة سياقها، فلا بد من الاستعانة بالمعجمات اللغوية، ومن الضروري أن يقف الباحث على الفروق الدقيقة بين الألفاظ التي يُظن بينها الترادف، فقد يخطر في البال أن هناك لفظين بمعنى، وهناك كتب كثيرة مختصة ببيان الفروق اللغوية، كالفروق للعسكري.
ولا يُستغنى عما ذكره العلماء المفسرون في بيان بلاغة آي الذكر الحكيم من هذا الوجه، وهو وثوق الصلة بين الفاصلة والآية، فهذا مما يدلل على إعجاز القرآن الكريم البياني.
لذا فإن التفاسير ذات الطابع البياني اهتمت ببيان سر اختيار الكلمات لا سيما الفاصلة، ومنها تفسير الكشاف، وتفسير أبي السعود، والتبيان، والتحرير والتنوير، وتفسير المنار، والظلال، وغيرها.
ـ[العامر]ــــــــ[03 Aug 2006, 03:03 م]ـ
السيوطي ذكر انه لم يغفل مقاصد خوايتم الايات في كتابه (اسرار التنزيل)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[03 Aug 2006, 05:29 م]ـ
السيوطي ذكر انه لم يغفل مقاصد خوايتم الايات في كتابه (اسرار التنزيل)
قلت وهو العنوان المختصر لأحد مؤلفات السيوطي التي لم تحقق بعد، فقد قال في الإتقان في النوع الثاني والستون في مناسبة الايات والسور:
افرده بالتاليف العلامة ابوجعفر بن الزبير شيخ ابي حيان في كتاب سماه البرهان في مناسبة ترتيب سور القران ومن اهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب سماه نظم الدرر في تناسب الاي والسور وكتابي الذي صنفته في اسرار التنزيل كافل بذلك جامع لمناسبات السور والايات مع ما تضمنه من بيان وجوه الاعجاز واساليب البلاغة وقد لخصت منه مناسبة السور خاصة في جزء لطيف سميته تناسق الدرر في تناسب السور وعلم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته وممن اكثر منه الامام فخر الدين فقال في تفسيره: اكثر لطائف القران مودعة في الترتيبات والروابط.
اهـ
فهو يشير إلى كتاب صنفه، ولا أدري إن وقف أحد على كتابه هذا ونقل منه،
واسمه الكامل هو قطف الأزهار في كشف الأسرار
نص عليه عند الكلام على النوع الثالث والستون في الآيات المشتبهات قائلا:
افرده بالتصنيف خلق: اولهم فيما احسب الكسائي ونظمه السخاوي والف في توجيهه الكرماني كتابه البران في متشابه القران واحسن منه درة التنزيل وغرة التاويل لابي عبد الله الرازي واحسن من هذا ملاك التاويل لابي جعفر بن الزبير ولم اقف عليه.
وللقاضي بدر الدين بن جماعة في ذلك كتاب لطيف سماه كشف المعاني عن متشابه المثاني وفي كتابي اسرار التنزيل المسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار من ذلك الجم الغفير والقصد به ايراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة بل تاتي في موضع واحد مقدمًا وفي اخر مؤخرًا
كقوله في البقرة: وادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة
وفي الأعراف: وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدًا
وفي البقرة: وما اهل به لغير الله
وسائر القران: وما اهل لغير الله به
إلخ ...
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 10:11 ص]ـ
أختنا (روضة)!
ذكرتم كتاب (التبيان)، فأي كتاب تقصدون؟؟
ـ[روضة]ــــــــ[04 Aug 2006, 10:21 ص]ـ
أخي الكريم،
أقصد تفسير (التبيان في تفسير القرآن) للطوسي، وهو من تفاسير الشيعة، لكن فيه لفتات بيانية جميلة!!
ومثله تفسير الطبرسي: (مجمع البيان في تفسير القرآن).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 10:47 ص]ـ
التبيان لشيخ الطائفة الطوسي معروف، لكن الذي أشكل علي أنكم رتبتم الكتب ترتيبًا زمنيًّا جيدًا، إلا أنكم وضعتم التبيان بعد أبي السعود، والطوسي توفي سنة 460. فكان ينبغي البدء به.
وشكرًا جزيلاً، إذ إنكم نبهتم إلى ما فيه من الفوائد البلاغية، ولم أكن على علم بذلك.
ـ[روضة]ــــــــ[04 Aug 2006, 11:12 ص]ـ
هذا صحيح .. بارك الله فيكم.
وتفاسير الشيعة بشكل عام فيها فوائد بلاغية لم أجدها في تفاسير أهل السنة، فلا ضير أن يرجع إليها طالب العلم ـ في رأيي ـ إن كان في مأمن من الوقوع فيما يخالف مذهب أهل السنة، فالحكمة ضالة المؤمن.
والله أعلم.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[04 Aug 2006, 11:32 م]ـ
بارك الله فيكم على التفاعل وجزاكم الله كل خير(/)
هذا ما كتبه فأرونا رأيكم ..
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[17 Jul 2006, 12:35 ص]ـ
السلام عليكم ..
بعد إذن مشرفنا الغالي/
في أحد المنتديات الأخرى قام أحد الإخوة بطرح بموضوع عنوانه:
ومضات تربوية في آيات قرآنية
وأحببت أن أنقله هنا، لكي تعم الفائدة .. وحتى ننقل آراءكم لتصويب ما كتب إن أخطأ ..........
وللعلم فالموضوع منقول كما ذكرت ولا حاجة لتكرار ذلك في كل رد ..
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[17 Jul 2006, 12:37 ص]ـ
مقدمة لا بد منها ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كم يسعدني أن أكون بين إخوة نحبهم في الله، فلعمري أن هذا ما يبقى وغيره هباء ..
لا أدعي العلم حينما أخوض في بحر لا أحسن خوضه ...
ولا أرفع من قدر نفسي حين أخوض في أمر لست له بأهل ..
بيد أن أحد إخوتنا أحسن الظن بي، فدعاني ..
اعتذرت، واعتذرت بما لا يجهله عني ..
إلا أنه أصر ..
وساند طلبه بأن المنتدى يحتاج لتعاون حتى يثريه، وهو بعد ناشيء جديد، لم يشب عوده، ولم يصلب عموده، حتى يزوره العمالقة، فليس إلا نحن، ذوو البضاعة المزجاة ..
وأخبرني أن من الأعضاء من لديه القدرة والكفاية، ولكن العدد بحاجة إلى زيادة، وأنكم إن أخطأت قوتموتني ..
فشكر الله لكم سعيكم ..
أتكلم في كتاب الله عزوجل!!
وأنى لي أن أتكلم فيه ..
لا.
فكتاب الله عز وجل له معان سابغة، ومقاصد متعددة، يسره لمن رام فهمه، وحاول تدبره ..
فالعامي يفهم منه بقدره، ومن هم فوق ذلك كل بحسبه،، وأما الراسخون في العلم فيعون منه ما لا نعيه ..
حسبي أن أطرح لكم ما تبدّى لي أثناء قراءتي لبعض الآيات، علها تكون شرارة تقدح زنادكم، وتوري ناركم .... فتسبغون علينا من فيض آراءكم ما تتم به الفائدة ..
ربما يكون فهمي خاطئا فتقوموني، أو صائباً فتشاركوني ..
الله الله في ذلك،،
سهل الله دربكم ....
بعد أيام سأبدأ بإذن الله ... فانتظروني إن كتب الله في العمر فسحة
وبعد فأنا أكتب هذه الكليمات هنا ...
وحبذا لمن أراد نقلها لمكان آخر أن ينقل معها ما أضافه الإخوة مسندا لكل صاحب قول قوله مشيرا إلى هذا المنتدى لمن أراد أن يتثبت أو يتابع بنفسه ..
أخوكم / طويل الصمت
mqal@islamway.net
منتديات المداد
.
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[17 Jul 2006, 12:41 ص]ـ
الومضة الأولى
ماذا أختار؟؟ وبم أبدأ؟؟
وبين يدي آلاف الآيات؟
إنه لأمر محير غاية الحيرة!!
بعد تفكير وتأمل ..
قررت أن أبدأ بآية اخترتها،
رأيت أنها مناسبة للبدء بها
وهذا رأي شخصي ....
دعونا من التطويل والتفصيل .. ولنبدأ:
يقول الله جل وعلا:
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
تبدوا الآية واضحة، فلم أتكلم فيها؟؟
إننا نحتاج لربط هذه الآية بواقعنا في مجال التربية خاصة -والمجالات الاحتسابية
عامة- حيث نرى التوجيه الرباني في هذه الآية مربوطا بالعمل المجرد ...
اقرأ الآية وتأمل
وكما في الحديث "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، نجد
الشارع الحكيم يربطنا بالعمل .....
أحسن عملك قدر ما تستطيع فهو ما ستحاسب عليه ...
إن طريق التربية طريق طويل .. بطيء التأثير .. ربما لا ترى نتيجة عملك
لكن ..
ليس مطلوبا أن ترى النتيجة،،
بل المطلوب أن تعمل ..
أن تعمل فحسب ..
لا يعني هذا أن يكون العمل بمستوى متدنٍ، وإنما أننا لا نحاسب عن النتيجة ..
إنك حينما تبذر بذرة، أو تزرع حبا .. فإنه يحتاج لمدة حتى يستوي عوده
ويشب ..
لكن تذكر أن ما ينمو بسرعة يموت بسرعة ..
إبدأ بغرس القيم، والتوجيه، والتعليم، ولا تنتظر النتيجة بعد سنة أو سنتين ...
فربما لا ترى النتيجة إلا بعد خمس سنوات أو عشر أو عشرين ..
وربما لا ترى نتيجة أبداً.
"والنبي وليس معه أحد"
المهم هو عملك ..
ضع نصب عينيك ما تصبو إليه،
وابذل جهدك فيه،
وسواء رأيت ثمرة عملك، أم لم ترها ..
فـ {سيرى الله عملكم
ورسوله
والمؤمنون}
هل هذا فحسب؟؟
لا ..
إنه لا يكفي،
بل:
{وستردون إلى عالم الغيب والشهادة
فينبئكم بما كنتم تعملون}
وهذا لعمري هو ما نريده ..
ولاحظ هنا أيضا أنه ربطه هنا كذلك بالعمل ..
فحتى لو لم يكن لعملك نتيجة ..
ما دمت قد عملته وفق الضوابط الشرعية.
فستجده يوم القيامة ..
حينما تكون بأمس الحاجة ..
فلا تنتظر أن يكبر هذا،،
ثم يرد لك الجميل ..
احذر
ثم احذر
ثم احذر ..
بل اجعل هدفك الأسمى
أن تجد ذلك في صحيفتك يوم القيامة ..
.
أخوكم/ طويل الصمت
mqal@islamway.net
منتديات المداد
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[17 Jul 2006, 12:44 ص]ـ
الموضوعات الموجودة حتى الآن ثلاثة ...
سآتي بالمقالين المتبقيين إن شاء الله بعد أن أرى رأيكم في هذا .....
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[19 Jul 2006, 12:34 ص]ـ
مضى يومان ....
ولم أر أي رد لا بالتصويب ولا التخطئة ....
أنا لا أعجب حينما لا أردى التقويم في المنتدى الذي نقلت منه فهم ليسوا متخصصين ...
لكن أعجب
من عدم الرد هنا
في هذا المنتدى المتخصص ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jul 2006, 01:46 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الكريم على حرصكم.
قرأتُ ما تفضلتم بنقله مشكورين، وقد أجاد الكاتب في توضيحه لأهمية العمل في حياة المسلم، انطلاقاً من الآية الخامسة بعد المائة في سورة التوبة، والتي جاءت عطفاً على الآية كانت عن قبول التوبة من التائب، وهي قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
فكأن هذه الآية حث على العمل بعد التوبة؛ لأن التوبة ترفع المؤاخذة على ما مضى، فوجب على المؤمن بعد توبته أن يزيد من الأعمال الصالحة ليجبر ما فاته.
والمقصود بالعمل الذي حث الله على عليه هنا هو العمل الصالح، لأن الله لا يأمر إلا به، وقد حذف المفعول من أجل ذلك.
ولا شك أن استحضار هذه الآية وهذا المعنى يدفع المؤمن للعمل وابتغاء الثواب من الله وحده دون انتظار الجزاء من غيره سبحانه وتعالى، وهذا يفتح باباً للحديث عن الإخلاص في العمل، نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[20 Jul 2006, 12:23 ص]ـ
أشكرك جدا أخي د. عبد الرحمن الشهري على إضافتك القيمة ولعلي أن أقوم بنقلها إلى هناك قريبا ...
يليه الومضة الثانية:
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[20 Jul 2006, 12:25 ص]ـ
الومضة الثانية ...
يقول الله جل وعلا:
{يا حسرة على العباد، ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون)
إني سألمح إلى طرف من معاني الآية .. وله علاقة بالآية السابقة ..
لكنني حبذت فصلهما لأن كل منهما ترد على معنى مستقل ....
أيها الداعية ..
أيها المربي ..
أيها الموجه ..
لا تغضب .. ولا تحزن .. ولا يضق صدرك أبدا ..
إذا رأيت نفسك تبذل جهدا وترى الصدود والإعراض ..
إذا أرهقت نفسك، وبذلت وسعك، ثم قوبلت بالاستهزاء والتهكم ..
فهذه سنة الله في خلقه ..
{ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون}
وكما أشرنا سابقا: فإنما عليك العمل ..
... الأنبياء قبلنا: {وما آمن معه إلا قليل}، "والنبي ومعه الرجل، والرجلان، والنبي وليس معه أحد" ..
من هذا كله يظهر لنا أنك تبذل جهدك ..
ولا تستكين ..
حتى وإن أوذيت فعليك بالصبر -وهو موضوع آخر له أهميته- ..
ولا يزدك الإيذاء إلا ثباتا ..
أولم يؤذ خير خلق الله على الإطلاق أشد الأذى؟؟ ّ
أولم يوضع على ظهره سلا الجزور؟
أولم يقدح في عرضه ويسب بأشنع السب؟؟
{ألم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
فإذا كان هذا حال كل من ادعى الإيمان من صادق وكاذب ..
فللمؤمن حقا أحرى بالابتلاء ..
وللداعية إلى دينه أحرى وأحرى ....
إن عدم إجابة الدعوة نوع من الابتلاء ..
وإيذاء الداعية باللسان نوع آخر ..
والاعتداء باليد عليه كذلك ..
ولي هذا فحسب ..
بل حتى الأذى النفسي والمعنوي ...
لكن ما دامت هذه سنة الله في خلقه ...
في استهزائهم برسلهم وإيذائهم ..
فعلينا أن نقتفي أثرهم ونصبر ونحتسب ..
وأن نحرص على
الثبات
فالثبات
مطلب عزيز ....
لعله أن يتيسر عنه حديث في وقت لاحق ..
نسأل الله عز وجل أن يلهمنا الصبر والثبات ..
وأن يسددنا ويصوب أقوالنا وأعمالنا وأفعالنا ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
اللهم صل وسلم على عبدك وسولك نبينا محمد.
أخوكم/ طويل الصمت
mqal@islamway.net
منتديات المداد
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[20 Jul 2006, 12:33 ص]ـ
الومضة الثالثة ..
يقول جل وعلا:
{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا {18} أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ
اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {19} يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا}
آيات عظيمة ....
(يُتْبَعُ)
(/)
هي كالبحر، بل لا يقاس البحر بها ...
فهي أكثر منه معنى ..
وأحلى طعما ..
يكفيني أن نشرب منها غرفة واحدة ..
ولكم أن تنظروا فيما سوى ذلك ..
مما يشعرك بالأسى أن تجد من يعمل لهذا الدين بجد ودأب وإخلاص
وتجد
رغم ذلك
العاطل الكسول
الذي لا يعمل شيئا سوى أن يقول: لا تعمل فعملك غير مجدي ..
همته في التثبيط
كأنه عون للشيطان،، أو هو عون له ..
إن رأيت منكرا .. قال: لا تنكر.
وإن أنكرت .. أنكر عليك!!!
وإن أردت أن تقوم بعمل خيري
أو مشروع دعوي ....
كان من جملة (المعوِّقات)
لا يساعدك ..
بل يثبط من يعينك!!
{قد يعلم الله المعوقين منكم}
ثم إن عملت تنقص عملك ..
فيه .. وفيه!!!!
ولا تسلم من لسانه
إن في وجهك،، أو من وراء ظهرك!!
يقول سبحانه: {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد}
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم **** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
إن كان صادقاً، فلم لم يقم بهذا العمل هو؟؟
أو يساعد في قيامه؟!!!
أو على الأقل في تصحيح الخطأ بالأسلوب الأمثل؟؟
... لا يفعل شيئا سوى التثبيط قبل العمل ..
وبعد العمل التثبيط عن الاستمرار ..
والتنقص، وتوضيح الأخطاء ...........
ثم بعد ذلك كله ...
ماذا يعمل هو لهذا الدين؟؟؟
لا شيء البته!!
{ولا يأتون البأس إلا قليلا}
فهو كما يقال ...
لا في العير ولا في النفير
{يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا}
وإن اضطر بسبب أو آخر وعمل ..
فليس لله ..
وعمل غير متقن ..
ولا يمنعه ذلك مما اعتاد عليه من التثبيط .......
إخوتي/
هذه من صفات المنافقين
ونراها في بعضهم
من عصر النبي صلى الله عليه وسلم حتى هذا العصر!!
لكن للأسف
أن من إخواننا من تجد فيه هذه الصفات أو بعضها ....
إن الواجب
علينا
أن نعمل لهذا الدين
أن نجعله كل همنا
أن نعين من يعمل لأجله
بكل ما نستطيع
من رأي،، ونصح،، ومشورة،،
بل وتشجيع مادي ومعنوي ..
حتى لا نكون من هؤلاء ..................
أخوكم/ طويل الصمت
mqal@islamway.net
منتديات المداد
ـ[اسم المستخدم]ــــــــ[01 Aug 2006, 07:48 م]ـ
الومضة الرابعة .. الهلاك
--------------------------------------------------------------------------------
يقول سبحانه وتعالى:
{وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}
ويقول:
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا
فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}
ويقول:
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ما لي وللحديث ...
الآيات تتحدث عن نفسها ..
ماذا أكتب؟ وكيف أقول؟؟
يرسم الله عز وجل لنا قاعدة عامة ..
أن كل من خالف أمره
لا محالة
مصيره للهلاك
أو العذاب الشديد في الدنيا ..
ثم ماذا؟؟
هل يخصهم ذلك؟
كلا ..
فالعذاب إذا نزل عم أهل البلد كلهم ..
صالحهم وطالحهم ..
ولكن ..
"إذا كثر الخبث"
كما قال عليه الصلاة والسلام لعائشة ..
فإذا رأينا كثرة الخبث وانتشار المعاصي
{أمرنا مترفيها ففسقوا فيها}
هنا ..
{فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}
{أو معذبوها عذابا شديدا}
فما الحل إذن؟؟
هل يعض كل منا يده ..
ويندب حظه العاثر!!
ها يكون شخصا سلبيا ينتظر أن يساق لحتفه
كما يفعل ببهيمة الأنعام؟!!
لا ..
بل وألف لا ..
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
إن العاقل الحصيف
يعلم أنه ما من أمر سيء
إلا ويمكن الحد منه
وتلافي ما يمكن تلافيه ..
{وأهلها مصلحون}
يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..
يصلحون أنفسهم، ويسعون لإصلاح من حولهم ..
يبذلون ما في وسعم من أجل إصلاح المجتمع ..
بالكلمة ..
بالكتاب والشريط ..
بالخطاب والرسالة ..
يرى ما لا يسر المؤمن ..
"فيتمعر وجهه"
يحمل الهم ..
فيبدع حلولا
مثمر .. أينما كان ..
منتج .. حيثما حل ..
إذا دخل مكان، خرج منه وقد تحسن وعلا وأصلح بقدر ...
وقطرات الماء تكون البحر الزاخر ...
ألم يقل الله جل وعلا:
{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}؟؟
فلندفع بكل ما نستيع .....
ومن كان الإسلام همه:
لم يكن لثمراته حدود ......
أخوكم/
طويل الصمت
mqal@isalmway.net
منتديات المداد(/)
ما أفضل كتاب لضبط المتشابه في القرآن؟
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[17 Jul 2006, 03:01 ص]ـ
الأخوة في الملتقى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مارأيكم في أفضل كتاب يمكن أن نرشد حفظة كتاب الله لقراءته؛
كي يستفيدوا منه في ضبط المتشابه؟
لكم خالص الشكر
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[17 Jul 2006, 07:36 ص]ـ
أنصحك بكتاب: دليل الآيات متشابهة الألفاظ في كتاب الله العزيز للأستاذ الدكتور / سراج صالح ملائكة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jul 2006, 11:31 ص]ـ
أفضل كتاب في متشابه القرءان للحفاظ؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=10387#post10387)
تقويم كتاب (إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ). ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=327)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[17 Jul 2006, 05:08 م]ـ
يوجد كتاب نافع في هذا الباب لا يحضرني اسمه وهو من تأليف الوالد الإمام المقرئ المحدث العلامة: محمد طاهر الرحيمي حفظه الله وأطال عمره على الطاعة وقد تصفحته في مكتبة الحرم النبوي الشريف بباب عمر بن الخطاب ضمن كتب التجويد والقراءات ..
والجدير بالذكر أن هذا العلم الشامخ آية من آيات الله تعالى في قوة الحفظ وضبط القرآن لا يملك من يشاهد ذلك منه سوى تسبيح الله تعالى الذي آتى هذا العبد من عباده تلك الملكة الفريدة في الحفظ ..
ولولا علمي القاطع أن الحديث عنه بهذه الحقائق يؤذيه لأطلت في ذلك ولكن حسبي من ذلك ما يبرز جدارة اقتناء كتاب في المتشابه وضعه رجلٌ كهذا ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[18 Jul 2006, 05:19 م]ـ
الكتاب السابق الذي أشرتُ إليه يسمى (الجامع والتركيزلحفظة الكتاب العزيز , لأبي عبد القادر محمد طاهر الرحيمي , دار القرآن الكريم المدينة المنورة , 1422هـ) ..
ـ[الكشاف]ــــــــ[18 Jul 2006, 09:01 م]ـ
كيف نجد كتاب (الجامع والتركيزلحفظة الكتاب العزيز , لأبي عبد القادر محمد طاهر الرحيمي) في جدة وما حولها؟ وما هي دار النشر؟(/)
استفسار عن تفسير: (رموز الكنوز) للرسعني
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[19 Jul 2006, 12:52 ص]ـ
ترجم للأستاذ الدكتور / عبدالملك بن عبد الله بن دهيش بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة,
ضمن الهيئة الاستشارية ,وذكر من نشاطه العلمي:
تحقيقه كتاب: (رموز الكنوز) للرسعني في (10) مجلدات.
هل سبق نشره, وأين؟
شكر الله لكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jul 2006, 12:28 م]ـ
الأخ الكريم الدكتور عبدالرحمن وفقه الله.
هذه بشرى طيبة بنشر هذا التفسير كاملاً، للحافظ عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي (ت661هـ). وقد طبع جزء منهُ، وهو الذي حققه الدكتور محمد بن صالح بن محمد البراك في رسالته للدكتوراه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1411هـ.
قسم الباحث رسالته إلى قسمين: دراسي وتحقيقي.
- القسم الدراسي: اشتمل على مقدمة، وبابين:
المقدمة: اشتملت على أهمية علم التفسير، ونبذة عن التفسير عند الحنابلة.
الباب الأوّل: ترجمة المؤلف (حياته الشخصية، حياته العلمية).
الباب الثاني: التعريف بالكتاب المحقق، وذكر النسخ المعتمدة في التحقيق. اعتمد الباحث في تحقيقه على نسخة محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس رقم (622) ولها صورة في الجامعة الإسلامية رقم (115) فيلم عدد أوراقها (199) ورقة، عدد أسطرها (15) سطراً.
وأما القسم التحقيقي: فقد اشتمل على التفسير من الآية الرابعة عشر من سورة آل عمران إلى نهاية سورة النساء.
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[20 Jul 2006, 11:03 ص]ـ
نفع الله بكم, وزادكم علمًا, ووفقكم لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Apr 2007, 07:12 م]ـ
وقد كلمت المحقق الأستاذ الدكتور محمد البراك حفظه الله قبل أيام ربما في 20/ 3/1428هـ فأخبرني أنه يقوم بإكمال تحقيق الكتاب كاملاً، وأنه بلغ سورة يس، وسيطبعه فور الانتهاء منه بإذن الله.
في 25/ 3/1428هـ
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[07 Jul 2007, 10:50 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالرحمن على ما تقوم به من جهود أسأل الله أن يبارك في علمك وعملك والله لكم سررت بهذا الخبر أيما سرور
ـ[محب القراءات]ــــــــ[09 Jul 2007, 07:42 ص]ـ
من أكثر من استفدنا منه علما خلال دراستنا في كلية القرآن الكريم فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن صالح البراك حفظه الله وبارك في علمه وعمله , وقد كان يدرسنا مادتي: التفسير التحليلي والتفسير الموضوعي , وقد اسفدنا من سمته وعلمه فوائد جليلة , ومن ضمن هذه الفوائد أنه حفظه الله كان يدربنا على تحقيق المخطوطات ونحن في السنة الثانية في الكلية , فكان يعطينا صفحات معدودة من مخطوط (تفسير رموز الكنوز) لنحققها , وقد حققت جزءا من تفسير سورة القلم من هذه المخطوط فاستفدت فوائد جمة , وقد كان هذا أول جزء من مخطوط أحققه في حياتي , فله ذكريات جميلة في نفسي , فأسأل الله أن يبارك في شيخنا وأن ينفع به.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2007, 09:28 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالرحمن على ما تقوم به من جهود أسأل الله أن يبارك في علمك وعملك والله لكم سررت بهذا الخبر أيما سرور
حياكم الله يا أبا تميم وزادك غبطة وسروراً، ووفقنا جميعاً لكل خير.
من أكثر من استفدنا منه علما خلال دراستنا في كلية القرآن الكريم فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن صالح البراك حفظه الله وبارك في علمه وعمله
حفظكم الله يا أبا أسامة وبارك في الدكتور محمد البراك ونفع به، وقد طلبت منه المشاركة معنا فوعدني خيراً، حيث إنه حديث عهده بعودة للمدينة المنورة ولعله بعد أن يقر قراره هناك يشاركنا ببعض أبحاثه وكتاباته النافعة.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jul 2007, 08:15 ص]ـ
حفظكم الله يا أبا أسامة وبارك في الدكتور محمد البراك ونفع به، وقد طلبت منه المشاركة معنا فوعدني خيراً، حيث إنه حديث عهده بعودة للمدينة المنورة ولعله بعد أن يقر قراره هناك يشاركنا ببعض أبحاثه وكتاباته النافعة.
بشرك الله بالخير يادكتور عبد الرحمن على هذا الخبر السار , وهو عودة شيخنا الحبيب الدكتور محمد البراك إلى المدينة , ونتمنى أن نرى مشاركاته في الملتقى قريبا
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[25 Jun 2008, 12:34 ص]ـ
صدر التفسير حديثا بتحقيق الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
ينظر الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141014
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jun 2008, 05:00 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أبا صفوت.
وقد بلغني صدوره عن مكتبة الأسدي بمكة المكرمة قريباً ونرجو أن نحصل على نسخة منه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jul 2008, 08:22 م]ـ
مررت البارحة بمكتبة الأسدي بمكة فوجدته لم يصدر بعدُ، وذكروا أنه ما يزال في التجليد وربما يصل بعد شهر من اليوم أي تقريباً في أوائل شهر شعبان 1429هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2008, 05:01 م]ـ
يوجد قطعة من تفسير الرسعني تقارب 194 لوحة بخط جميل، وهي نسخة أصلية كما أخبرني أخي الدكتور عبدالله المنصور محفوظة في مركز البابطين بالرياض.
فليت المحقق الدكتور محمد البراك يتنبه للاستفادة من هذه القطعة من تفسير الرسعني حتى لا يخرج تحقيقه للكتاب دون الاستفادة منها. ولست أدري هل اطلع الدكتور عبدالملك بن دهيش على هذه القطعة أم لا.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[03 Sep 2008, 07:44 م]ـ
كنت البارحة في مكتبة الأسدي وسألتهم عن تفسيرالرسعني فافادوني بوصول نسختين منه واحدة للمحقق والأخرى للإعلام وأن الكتاب سيصل خلال أسبوعين علماً انه لم يتحرك بعد من بيروت.
الأربعاء 3 رمضان
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[18 Sep 2008, 06:04 م]ـ
الكتاب يباع حالياً بمكتبة الأسدي، وسعره 230 ريال.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Sep 2008, 03:32 م]ـ
ويباع كذلك في مكتبات الرياض أيضاً.
20/ 9/1429هـ
ـ[نعيمان]ــــــــ[20 Sep 2008, 06:46 م]ـ
هذه نبذة يسيرة عن الإمام الرسعني الحنبلي (589/ 661 هـ)
الإمام العلامة، المفسر، المحدّث، الفقيه، النحوي، اللغوي، الأديب، ذوالتصانيف المفيدة، عزالدين أبو محمد عبدالرازق بن رزق الله بن أبي بكر الرسعني* الجزري الحنبلي.
ولد سنة (589هـ) ببلدة رأس العين في الجزيرة الفراتية على رأس خابور سوريا. طلب العلم في عدة مدن وبلاد واستمع على علماء عدة في تلك المدن، منهم:
1 - أبي المجد القزويني في بلده حيث سمع منه الحديث.
2 - وببغداد من عبدالعزيز بن منينا والداموي وغيرهما.
3 - وبدمشق من ابن الحرستاني والشيخ موفق الدين المقدسي وأبي اليمن الكندي والشيخ مبارك بن إسماعيل الحراني وغيرهم.
تنوعت علوم الإمام الرسعني ولكنه عني كثيراً بالحديث النبوي الشريف، طلب وقرأ بنفسه وتفقه على الإمام الموفق بن قدامة المقدسي وحفظ كتابه (المقنع في الفقه) وأخذ الفقه على المذهب الحنبلي منه أيضاً.
وتفنن في العلوم العقلية والنقلية أيضاً، وقرأ العربية والأدب ونظم الشعر وعلوماً أخرى وعده الذهبي من الحفاظ.
مصنفاته:
كان الإمام الرسعني كثير التأليف والتصنيف فقد ترك مؤلفات عديدة وقيمة، ومن هذه المؤلفات:
1 - رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز في ثمان مجلدات وقيل في أربع مجلدات، وهو من أجل كتبه توجد منه ثلاث نسخ خطية، الأولى: في ألمانيا. والثانية: في دمشق المكتبة الظاهرية. والثالثة: في باريس المكتبة الوطنية.
2 - مطالع أنوار التنزيل ومفاتح أسرار التأويل في التفسير أيضاً.
3 - كتاب القمر المنير في علم التفسير.
4 - كتاب أسنى المواهب في أحاديث المذاهب في الحديث النبوي الشريف.
5 - كتاب المنتصر في شرح المختصر شرح به مختصر الخرقي وهو في الفقه.
6 - كتاب عقود العروض.
7 - كتاب المنتزع الصافي في مصرع الإمام الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنهما.
8 - وله قصيدة تائية تسمى " كشاف محاسن الغرة لطالب محاسن الدرة" وهي في الفرق بين الضاد والظاء.
ويقال بأن جميع هذه المصنفات ما زالت مخطوطة.
ثناء العلماء على مصنفاته:
1. قال ابن الشعار الموصلي صاحب " عقود الجمان" ومن أصدقائه: "وله كتاب في التفسير حافل بالمعلومات، جيد النقل والتحرير". وقال: قال عنه الشيخ عبدالقادر بن بدران بعد أن عدد بعض تفاسير الحنابلة: " وأجل هذه التفاسير كلها وأنفعها تفسير الإمام الحافظ عبدالرازق بن رزق الله ... فيه فوائد حسنة يروي فيه أحاديث بإسناده، ويذكر الفروع الفقهية مبيناً خلاف الأئمة، وفيها له مناقشات من العلامة الزمخشري".
2. وقال شمس الدين الداوودي صاحب" طبقات المفسرين": " وصنّف تفسيراً حسناً في أربع مجلدات ضخمه سماه" رموز الكنوز" وفيه فوائد حسنة يروي الأحاديث بأسانيدها".
3. وقال حاجي خليفة: " وله مطالع أنوار التنزيل ومفاتح أسرار التأويل" وهو تفسير كبير انتقاه السيوطي، وكتب أخرى أجيز سماعه في المجالس". وقال عن (درة القارئ) وهي أنفع ما صنف في الفرق بين الضاد والظاء.
علاقاته:
كانت له علاقات جيدة وحرمة وافرة ومنزلة كبيرة عند صاحب الموصل (بدر الدين) حيث وليه مشيخة دار الحديث بالموصل في زمنه، وكانت له علاقات حسنة مع ملوك الجزيرة وحاكم سنجار.
مكانته عند العلماء:
1 - قال ابن الشعار: " وهو فقيه، محدث، شاعر فاضل ذو قريحة في المنظوم والمنثور".
2 - وقال ابن كثير: " وكان من الفضلاء والأدباء".
3 - وقال الداوودي: "وكان إماماً فقيهاً، محدثاً، أديباً، شاعراً، ديّناً، صالحاً، فاضلاً في فنون العلم والأدب، ذا فصاحة وحسن عبادة".ً
4 - وقال ابن الجزري: " المفسر، المقرئ، شيخ ديار بكر والجزيرة".
5 - وقال ابن العماد الحنبلي:" وكان شيخ الجزيرة في زمانه علماً وفضلاً وجلالة ... وكان متمسكاً بالسنة والآثار".
توفي بسنجار سنة 661هـ.
المصادر:
1 - برهان الدين بن مفلح: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام احمد.
2 - شمس الدين الداوودي: طبقات المفسرين.
3 - ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
4 - محمد صفاء الشيخ إبراهيم: كتاب الإمام الرسعني، من اصدارات جمعية علماء كردستان، الرياض.
• نسبة إلى رأس العين: وهي مدينة كبيرة ومشهورة من مدن الجزيرة بين نصيبين وحران ودنيسر ... وفيها عيون كثيرة عجيبة صافية تجتمع كلها في موضع واحد فتصير نهر الخابور. ينظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان 2/ 380.
ويقول محمد صفاء: رأس العين (سه رى كانى وتسمى اليوم بعين ديوار) تقع حالياً في شمال شرقي سورية قريبة من مدينة القامشلي، وهي مدينة جميلة تشتهر بمياهها وينابيعها الكبريتية.
http://www.qudwa1.com/?page=articles/18/18-020
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[02 Oct 2008, 02:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا
لكن هل الشيخ محمد البراك وفقه الله سيخرج الكتاب أيضا أو توقف عن استكماله لما خرج هذا الكتاب؟
وما الفرق بين الطبعتين؟
وهل وجدت مخطوطة كاملة للكتاب؟ حيث ذكر في ملتقى أهل الحديث أنه ينقص من الكتاب تفسير سورة الفاتحة والبقرة وأول آل عمران والمائدة،فهل الجزء الموجود في مركز البابطين يشتمل على هذا النقص
وأود الاستفسار عن الكتاب هل فيه زيادة علمية على الكتب الأخرى أو هو مجرد ناقل عنها، وهل لديه استدراكات على المتقدمين أو مجرد جمع وترتيب
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Oct 2008, 11:59 م]ـ
جزاكم الله خيرا. آمل أن نجد في هذا التفسير عناية بآيات الأحكام، فالمؤلف حنبلي، ولا تكاد تجد للحنابلة تفاسير شاملة لأحكام القرآن كتلك التي في سائر المذاهب.(/)
تفسير الإمام ابن أبي العز جمعا ودراسة بحث للدكتور شايع بن عبده الأسمري
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:32 م]ـ
تفسير الإمام ابن أبي العز جمعا ودراسة
شايع بن عبده الأسمري
الأستاذ المشارك في كلية القرآن الكريم في الجامعة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [1] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [2] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [3].
أما بعد: فهذا (تفسير الإمام ابن أبي العز) قمت باستخراجه من خلال مؤلفاته، وضممت شتاته، وعلقت حواشيه على قدر الوسع والطاقة، والبضاعة المزجاة.
والله تعالى أسأل أن يغفر لناثره وجامعه، وأن ينفع به قارئه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
القسم الأول: مقدمة وتعريف (وفيه عنصران):
العنصر الأول: مقدمة، تشمل ما يلي:
1 - أسباب اختيار الموضوع.
2 - خطة البحث.
3 - المنهج المتبع في إخراج البحث.
العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز، ويشتمل على ما يلي:
1 - اسمه ونسبه وولادته.
2 - نشأته وشيوخه وتلاميذه.
3 - مذهبه في العقيدة والفقه.
4 - مؤلفاته والمناصب العلمية التي وليها.
5 - وفاته رحمه الله تعالى.
القسم الأول: مقدمة وتعريف، وفيه عنصران:
العنصر الأول: مقدمة تشمل
1 - أسباب اختيار الموضوع
1 - العقيدة الصحيحة، أهم شرط من شروط المفسر للقرآن الكريم وقد أُصيب هذا الشرط بشيء من الخلل منذ ظهور الفرق التي تأثرت بمنطق اليونان وحضارة الفرس ولرفع هذا الخلل، أو التقليل من آثاره أرى أن نتبع سببين:
الأول: التنقيب والبحث عن المخطوطات التفسيرية التي عُرف مؤلفوها بالعقيدة الصحيحة وإخراجها للناس.
الثاني: جمع المنثور من التفسير من كتب الأئمة الذين اتبعوا منهج السلف، وعُرفوا بحبه والتمسك به.
2 - رأيت من بعض المعاصرين الشغف بإخراج تراث بعض الفرق الضالة والدعوة إليها [4] وهذا تهديد لحصوننا من داخلها وزيادة لجراحنا النازفة، فلعل جمع تفسير من عرف بالتصدي لتلك الفرق مما يدفع الله به الفساد، والله تعالى يقول: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [5]
3 - هناك محاسن كثيرة تميز بها تفسير الإمام ابن أبي العز، دعتني إلى استخراجه والتعليق عليه، وقد ذكرتها تفصيلاً في خاتمة هذا البحث.
2 - خطة البحث:
تقع خطة هذا البحث في قسمين وخاتمة وفهارس
القسم الأول: مقدمة وتعريف (وفيه عنصران)
العنصر الأول: مقدمة، تشمل: أسباب اختيار الموضوع، والخطة التي يقوم عليها البحث، والمنهج المتبع في إخراجه.
العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز. يشتمل علي:
اسمه ونسبه وولادته، ونشأته وشيوخه وتلاميذه، ومذهبه في العقيدة والفقه، ومؤلفاته والمناصب العلمية التي وليها، ووفاته رحمه الله تعالى.
القسم الثاني: عرض تفسير الإمام ابن أبي العز، مرتباً على سور القرآن الكريم وآياته، موشى بالتعليقات اللازمة.
الخاتمة: في ذكر بعض محاسن تفسير الإمام ابن أبي العز
الفهارس: وتشمل (فهرس الآيات، والمراجع، ومواضع البحث).
3 - المنهج المتبع في إخراج البحث:
1 - جمعت كتب المؤلف واستخرجت التفسير منها، ورتبته على سور القرآن الكريم وآياته.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - إذا أورد المؤلف أكثر من آية في مكان واحد، ثم ذكر تفسيراً واحداً يناسب هذه الآيات، جعلت ذلك في السورة التي ذكر أول آية منها، وإذا ساق المؤلف عدداً من الآيات - في مكان واحد - لكل آية معنى يختلف عن معنى الآية الأخرى، جعلت كل آية في سورتها.
3 - عندما استخرجت هذا التفسير فإنني لم أنقل إلا ما قصد به المؤلف تفسير الآية؛ ولهذا لم أتعرض للآيات التي يذكر المؤلف شيئاً مما يوافق معانيها دون إيراد نصها.
4 - خرّجت الأحاديث والآثار من مصادرها المعتمدة، مع ذكر الحكم على الحديث أو الأثر إن لم يكن في الصحيحين، أو في أحدهما، وأنا مسبوق في الحديث من قبل الأساتذة الّذين حققوا شرح العقيدة الطحاوية.
5 - الآيات التي فسرها المؤلف أشرت إلى سورتها ورقمها في الحاشية، وإذا تكررت في أثناء تفسير الآية لم أُشر إليها مرة أخرى، وقد أُشير أحياناً.
6 - شرحت الغريب، وضبطت بالشكل ما رأيت أنه يحتاج إلى ضبط وعرّفت ببعض الفرق والأعلام ووثّقت جميع نقولات المؤلف في التفسير والقراءات وغير ذلك، وأشرت إلى المراجع التي وافقت المؤلف فيما قَال أو نقل.
7 - أشرت إلى الكلام المحذوف بوضع ثلاث نقاط، وإلى المدخل الّذي ليس للمؤلف بوضعه بين معكوفين.
8 - ناقشت ما يحتاج إلى مناقشة، وبينت ما يحتاج إلى بيان من الأقوال أو المعاني التي ذكرها المؤلف.
9 - عرفت بالمؤلف وصنعت خاتمة للبحث وفهارس للآيات والمراجع ومواضع البحث.
العنصر الثاني: تعريف موجز بالإمام ابن أبي العز
1 - اسمه ونسبه وولادته
أ-اسمه ونسبه: هو علي بن علي بن محمد بن محمد ابن أبي العز [6] بن صالح ابن أبي العز بن وهيب بن عطاء بن جُبير بن جابر بن وهيب، الأذرعي - الأصل - الدمشقي [7]، يلقب بصدر الدين [8].
ب- ولادته: ولد في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة [9]، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة [10]، في الصالحية من مدينة دمشق [11].
2 - نشأته وشيوخه وتلاميذه:
أ- نشأته: نشأ المؤلف في ظل أُسرة ذات نباهة في العلم، ومكانة في المجتمع، فأبوه كان قاضياً، وكذلك جده [12]. وأبو جده (محمد) كان أحد أساتذة المدرسة المرشدية [13]، وأولاد عمومته منهم القاضي [14]، ومنهم المفتي [15]، ومنهم المدرس [16].
ب- شيوخه: لا تجود علينا كتب التراجم، ولو بيسير في هذا الجانب، والذي أستطيع أن أقول في هذه الناحية وأنا مسبوق إليه [17]: إن الإمام صدر الدين ابن أبي العز قد تركت فيه كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه أعظم الأثر، فهما الشيخان الموجهان لحياة هذا الإمام، وقد صرح باسم الإمام ابن كثير في أكثر من موضع في شرح العقيدة الطحاوية، ووصفه بأنه شيخه [18]، ويترجح عند بعض الباحثين بأنه كان يتصل بالإمام ابن القيم ويستفيد منه مشافهة [19]، فأمّا نقله من كتبه فكثير جداً، خصوصاً في شرح العقيدة الطحاوية [20].
وهناك شيخ آخر لابن أبي العز ذكره في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية [21]، هو: إبراهيم بن علي بن أحمد الطرسوسي، أحد العلماء على مذهب الإمام أبي حنيفة، وتوفي بدمشق سنة 758 ه [22].
وأما دراسة ابن أبي العز الأولية فلم أظفر بشيء عنها ولكن يبدو أنها كانت على يدي والده، وفي المدراس التي تهتم بدراسة المذهب الحنفي.
ج- تلاميذه: لا نشك في أن لهذا الإمام تلاميذاً، ولكن لم تتفضل علينا كتب التراجم بشيء في ذلك؛ إلاّ ما ذكره الإمام السخاوي في بعض كتبه [23] أن ابن الديري واسمه سعد بن محمد بن عبد الله أحد قضاة الحنفية ت: 867 قد أجاز له ابن أبي العز.
3 - مذهبه في العقيدة والفقه
أ- في العقيدة: الإمام ابن أبي العز مشى على مذهب السلف في جميع المباحث العقدية، وحسبك في إثبات هذه الحقيقة - التي هي أوضح من الشمس في رابعة النهار - أمران.
الأول: ما سطره في شرحه للعقيدة الطحاوية، فقد تناول في هذا الكتاب جل المباحث العقدية بمنهج سلفي رصين، حتى غدا هذا الكتاب أحد الدعائم التي تعتمد عليها الجامعات الإسلامية في تدريس مادة التوحيد.
الثاني: اعتراضه على بعض شعراء أهل زمانه [24]، عندما مدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وقع فيها بعض الأخطاء العقدية فبيَّن الإمام ابن أبي العز تلك الأخطاء، ونبَّه عليها، فلم يعجب ذلك بعض أهل زمانه ممن ينتحل العلم، وشغَّبوا عليه بهذه المسألة فامتحن بسببها وأُدخل السجن، وأوذي [25].
(يُتْبَعُ)
(/)
ب- أما مذهبه في الفقه: فهو حنفي [26]، يزن أقوال الأئمة بالكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة. ولقد وضع لنفسه منهجاً قويماً قاده إلى باب الإمامة، وجعل أبحاثه في غاية الدقة والمتانة، بعد توفيق من الله ورعايته نص عليه في كتابه الإتباع فقال: "فالواجب على من طلب العلم النافع أن يحفظ كتاب الله ويتدبره، وكذلك من السنة ما تيسر له، ويتضلع منها ويتروّى، ويأخذ معه من اللغة والنحو ما يصلح به كلامه، ويستعين به على فهم الكتاب والسنة، وكلام السلف الصالح - في معانيها - ثم ينظر في كلام عامة العلماء: الصحابة، ثم مَنْ بعدهم، ما يتيسر له من ذلك من غير تخصيص، فما اجتمعوا عليه لا يتعداه، وما اختلفوا فيه نظر في أدلتهم من غير هوى ولا عصبية، ثم بعد ذلك من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً" [27].
4 - مؤلفاته والمناصب العلمية التي وليها:
أ- مؤلفاته: له عدة مؤلفات وقفت عليها جميعاً إلاّ واحداً، وكلها قوية - أعني ما وقفت عليه - في موضوعها ومضمونها، وإليك الحديث عنها بإيجاز.
1 - شرح العقيدة الطحاوية [28]: وهو شرح نفيس تضمن أبحاثاً دقيقة عميقة، وتحقيقات بديعة متقنة في العقيدة الإسلامية، على منهج السلف [29] بل إنه لم يترك مبحثاً مهماً من مباحث العقيدة، وإلا وطرقه بإطناب، وقد حُقّق الكتاب عدة تحقيقات، وطُبع عدة طبعات كان أول هذه التحقيقات والطبعات قبل سبعين سنة، وقد استوفى الكلام على هذه الطبعات التركي والأرنؤوط، في تحقيقهما لهذا الشرح [30]، الذي هو أفضل التحقيقات والطبعات فيما رأيت، وعليه اعتمدت في نقل النصوص التفسيرية، وإن كان لا يسلم من ملاحظات، والكمال لله وحده [31].
2 - الإتباع [32]: يقع هذا الكتاب في (110) صفحات من الحجم المتوسط، له أكثر من طبعة، والتي وقفت عليها هي الطبعة الثانية في عمان، سنة 1405ه بتحقيق محمد عطا الله، وعاصم بن عبد الله، والكتاب رد على رسالة ألفها معاصره محمد بن محمود بن أحمد الحنفي المعروف بالبابرتي (ت: 786ه) يرجح فيها تقليد مذهب أبي حنيفة على غيره من المذاهب، فكان لابن أبي العز معه وقفات موفقة أعاد فيها الحق إلى موضعه، فيما زل فيه البابرتي، والعصمة لله وحده، ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم.
3 - رسالة في الفقه: مضمونها جواب عن ثلاثة أسئلة وجهت إلى المؤلف. الأول: أن جماعة من الحنفية يتحرجون من الصلاة خلف من يرفع يديه في أثناء الصلاة. والثاني: أنهم إذا صلوا الجمعة خلف إمام الحي ينهضون عند سلامه ويقيمون الصلاة، ويصلون الظهر؛ لأن هذه الصلاة لا تصح عندهم إلا في مصر جامع، والثالث: أن بعضهم يتحرز من ماء الوضوء الذي يسقط من أعضاء الوضوء، لظنهم أنه نجس. وقد أجاب المؤلف عن هذه الأسئلة بما استغرق خمس لوحات، غير لوحة العنوان، وقد قام بتحقيقها الطالب مسعود عالم بن محمد. [33]
والمسلمون بحاجة إلى ما فيها من علم، خصوصاً في زماننا هذا الذي جعل فيه العوامُ - وأشباههم ممن ينتحل العلم - هذه الخلافات الفرعية سبيلاً إلى تفريق هذه الأمة، وزيادتها وهناً على وهن.
4 - كتاب التنبيه على مشكلات الهداية [34]: نسبه إليه الإمام السخاوي [35] وغيره [36]. والمؤلف يعني بالهداية، كتاب الهداية لمؤلفه على بن أبي بكر المرغيناني (ت: 593 ه).
وكتاب التنبيه يحتوي على علم غزير يشهد لمؤلفه بالإمامة والرسوخ في علم الفقه المقارن، وكذلك في علمي الأصول والحديث، إلا أنه تحامل على صاحب الهداية، فلم ينصفه في بعض المواطن.
والكتاب حُقق في رسالتي ماجستير، وذلك بقسم الفقه في كلية الشريعة، بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
5 - النور اللامع فيما يعمل به في الجامع: نسبه إليه إسماعيل باشا، والزركلي، وكحالة [37]، ويعني بالجامع، جامع بني أمية بدمشق [38]، ولم أقف على ذات الكتاب بعد البحث والمحاولة، وسؤال أهل الخبرة، ولازال الأمل موجوداً والبحث جارياً.
ب- المناصب العلمية التي وليها: ذكرت كتب التاريخ أنه تولى التدريس والخطابة والقضاء.
1 - التدريس: درَّس في عدد من المدارس الحنَفية، منها (القيمازية) في سنة 748ه [39]، والمدرسة الركنية سنة 777ه [40]، والمدرسة العزية البرانية في ربيع الآخر سنة 784ه، ودرس بالمدرسة الجوهرية [41].
2 - الخطابة: تولى الخطابة في جامع الأفرم بدمشق [42]، وتولى الخطابة أيضاً بحسبان [43]، وهي بلدة تقع جنوب عمَّان [44].
3 - القضاء: ولي قضاء الحنفية بدمشق في آخر سنة 777ه، نيابة عن ابن عمه نجم الدين، الذي نقل إلى قضاء مصر سنة 777ه [45]، ثم استعفى نجم الدين من القضاء فأعفي، وولي مكانه ابن أبي العز، فباشر القضاء شهرين وأياماً، ثم استعفى فأُعفي [46]، وعاد إلى دمشق، يدرس ويخطب [47].
5 - وفاته:
توفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة، سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون في بلدة دمشق [48].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:33 م]ـ
القسم الثاني: تفسير الإمام ابن أبي العز، ويشمل السور والآيات التالية:
القسم الثاني: تفسير الإمام ابن أبي العز، ويشمل السور والآيات التالية:
سورة الفاتحة
[قوله تعالى]: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [49] … {الدِّينِ} الجزاء [50]، يقال: كما تدين تدان. أي: تُجازي تُجازى… قال تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [51] {جَزَاءً وِفَاقاً} [52] {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [53] {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [54] {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [55] [56].
[قوله تعالى]: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [57] إذا هداه هذا الصراط، أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة. لكن الذنوب هي لوازم نفس الإنسان، وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الطعام والشراب، ليس كما يقوله بعض المفسرين: إنه قد هداه، فلماذا يسأل الهدى؟ وأن المراد التثبيت، أو مزيد الهداية [58].
بل العبد محتاج إلى أن يُعلِّمه الله ما يفعله من تفاصيل أحواله، وإلى ما يتركه من تفاصيل الأمور في كل يوم، وإلى أن يلهمه أن يعمل ذلك، فإنه لا يكفي مجرّد علمه، إن لم يجعله مريداً للعمل بما يعلمه، وإلاَّ كان العلم حجة عليه، ولم يكن مهتدياً، والعبد محتاج إلى أن يجعله الله قادراً على العمل بتلك الإرادة الصالحة [59]، فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم، وما لا نريد فعله تهاوناً وكسلاً مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه، وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله، فأمر يفوت الحصر، ونحن محتاجون إلى الهداية التامّة، فمن كملت له هذه الأمور، كان سؤاله سؤال تثبيت [60]، وهي آخر الرتب. وبعد ذلك كله هداية أخرى، وهي الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة [61]؛ ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة، لفرط حاجتهم إليه، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء [62]، فيجب أن يعلم أن الله بفضل رحمته جعل هذا الدعاء من أعظم الأسباب المقتضية للخير، المانعة من الشر، فقد بيَّن القرآن أن السيئات من النفس، وإن كانت بقدر الله، وأن الحسنات كلها من الله تعالى [63].
[وقال أيضاً قوله تعالى]: { ... صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} … ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضآلُّون" [64].
سورة البقرة
[قوله تعالى: {الم} [65]] ... وقعت الإشارة بالحروف المقطَّعة في أوائل السور، أي: أنه في أسلوب كلامهم، وبلغتهم التي يتخاطبون بها، ألا ترى أنه يأتي بعد الحروف المقطعة بذكر القرآن [66]؟، كما في قوله تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [67].
{الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ} [68] الآية {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [69] {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [70]. وكذلك الباقي يُنبِّههم أن هذا الرسول الكريم لم يأتكم بما لا تعرفونه، بل خاطبكم بلسانكم [71].
[قوله تعالى]: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [72] وقال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} [73] ... هذا مرض الشبهة وهو أردأ من مرض الشهوة؛ إذ مرض الشهوة يُرجى له الشفاء بقضاء الشهوة، ومرض الشبهة لا شفاء له، إن لم يتداركه الله برحمته [74].
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [75] ... المراد المقارنة بالفعل، وهي الصلاة جماعة؛ لأن الأمر بالصلاة قد تقدم، فلا بد من فائدة أُخرى. وتخصيص الركوع؛ لأن بإدراكه تدرك الصلاة، فمن أدرك الركعة أدرك السجدة [76].
[قوله تعالى]: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} [77] والأماني: التلاوة المجردة [78] أي: إلاَّ تلاوة من غير فهم معناه. وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القرآن فعمل به، واشتبه عليه بعضه، فوكل علمه إلى الله، كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" [79] فامتثل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم [80].
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [81] أي: صلاتكم إلى بيت المقدس [82]
سميت إيماناً مجازاً [83]؛ لتوقف صحتها على الإيمان، أو لدلالتها على الإيمان؛ إذ هي دالة على كون مؤديها مؤمناً؛ ولهذا يُحكم بإسلام الكافر إذا صلى كصلاتنا [84].
... عن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [85] فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت بئسما قلت ياابن أختي، إن هذه الآية لو كانت على ما أوّلتها كانت: لا جناح عليه ألا يطوّف بهما، ولكنها أُنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يُهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلل، وكان من أهلَّ لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقالوا يا رسول الله: إنا كنا نتحرج أنطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية [86] ...
[قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [87]] ... لمَّا قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} قال بعده: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} فإنه قد يخطر ببال أحد خاطر شيطاني: هب أن إلهنا واحد، فلغيرنا إله غيره، فقال تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} [88] وقد اعترض صاحب المنتخب [89] على النحويين في تقدير الخبر في {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} فقالوا: تقديره لا إله في الوجود إلا الله. فقال: يكون ذلك نفياً لوجود الإله، ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصِّرف من نفي الوجود، فكان إجراء الكلام على ظاهره، والإعراض عن هذا الإضمار أولى [90].
وأجاب أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي [91] في (ري الظمآن) فقال:
هذا كلام من لا يعرف لسان العرب، فإن (إله) في موضع المبتدأ على قول سيبويه، وعند غيره اسم (لا) وعلى التقديرين، فلابد من خبر للمبتدأ، وإلا فما قاله من الاستغناء عن الإضمار فاسد.
وأما قوله: إذا لم يضمر يكون نفياً للماهية، فليس بشيء؛ لأن نفي الماهية هو نفي الوجود لا تتصور الماهية إلا مع الوجود، فلا فرق بين لا ماهية، ولا وجود وهذا مذهب أهل السنة، خلافاً للمعتزلة [92] فإنهم يثبتون ماهية عارية من الوجود. و (إلا الله) مرفوع، بدلاً من (لا إله) لا يكون خبراً ل (لا)، ولا للمبتدأ، وذكر الدليل على ذلك [93].
وليس المراد هنا ذكر الإعراب، بل المراد دفع الإشكال الوارد على النحاة في ذلك، وبيان أنه من جهة المعتزلة، وهو فاسد؛ فإن قولهم: (في الوجود) ليس تقييداً؛ لأن العدم ليس بشيء؛ قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [94].
ولا يقال: ليس قوله: (غيره) كقوله: (إلا الله)؛ لأن (غيراً) تعرب بإعراب الاسم الواقع بعد (إلا) فيكون التقدير للخبر فيهما واحداً؛ فلهذا ذكرتُ هذا الإشكال وجوابه هنا [95].
ذُكر في أسباب النزول أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [96] الآيات [97].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [98] إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخاً لولي القصاص، والمراد أخوة الدين بلا ريب [99]، وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [100].
... قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [101] الآية ... معنى {{كُتِبَ عَلَيْكُمْ} فرض عليكم وألزمكم [102]
... قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [103] قيل: معناه لا يطيقونه [104] هذا التقدير على قول من قال من النحاة: بتقدير (لا) في مثل قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [105] والمبرد وغيره يأبون ذلك ويقدرون فيه كراهية أن تضلوا. وقولهم أولى؛ لأن تقدير العامل المناسب أولى من تقدير حرف النفي، مع أنه ليس قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} نظير قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [106] لأن هنا قرينة تدل على المقدر وهي قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ} وليس في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ما يدل عليه ولا يجوز في مثله تقدير ما لايدل عليه من اللفظ دليل. وإلا لم يثق أحد بنص مثبت لاحتمال أن تكون (لا) مقدرة فيه. وقيل: معناه كانوا يطيقونه أي في حال الشباب فعجزوا عنه بعد الكبر، والآخر ظاهر الضعف. وأقوى منه ما روى البخاري في صحيحه عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ (وعلى الذي يطوقونه فدية طعام مسكين) قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هي الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً [107]. مع أن هذه القراءة يمكن أن ترد إلى معنى القراءة الأخرى فإن معنى (يطوَّقونه) يكلفونه. وأكثر السلف على أن الآية منسوخة. عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت هذه الآية {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} متفق عليه [108]. وأخرجه البخاري أيضاً عن ابن عمر [109] وأخرج أيضاً عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحاب محمد أنهم قالو ذلك [110]. وحكى البغوي عن قتادة أنها خاصة في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم لكنه يشق عليه، رخص له أن يفطر ويفتدي ثم نسخ [111].
وحكي أيضا عن الحسن أن هذا في المريض الَّذِي به ما يقع اسم المرض وهو مستطيع للصوم، خُيّر بين أن يصوم وبين أن يفطر ويفدي ثم نسخ [112].
وإذا عرف هذا فالمسألة مسألة نزاع بين الصحابة رضي الله عنهم. ومن ادعى النسخ معه زيادة إثبات. كيف وهو قول جمهور الصحابة؟ ولعل قول ابن عباس رضي الله عنهما عن اجتهاد، وقول غيره عن نقل وهو الظاهر، فإن النسخ كان قبل ابن عباس رضي الله عنهما [113].
... قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [114] شاة. وعليه جمهور العلماء [115]، وجماعة الفقهاء [116].
... قوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [117] المخاطبون بالنهي هم المحرمون، والضمير في قوله:"رؤوسكم" عائد إليهم، أي: لا يحلق بعضكم رؤوس بعض، كما في قَوْله تَعَالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [118] الآية، وفي قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [119] وفي قوله: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [120] هذا هو الظاهر في الآيات كلها، وإن كانت تحتمل أن المحرم لا يحلق رأس نفسه، أو لا يُمكّنُ من يحلقه، أو أن أحداً منكم لا يقتل نفسه، وأن من تمام توبتكم يا بني إسرائيل إن كل إنسان منكم يقتل نفسه، لكنه خلاف الظاهر، والقول بشمول كل من الآيات للمعنيين أحسن [121].
... قوله: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} [122] … البغي مجاوزة الحد [123].
(يُتْبَعُ)
(/)
.. قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [124] قال مجاهد: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} حتى ينقطع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} اغتسلن بالماء [125].
قال أهل التفسير في قوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [126] أي مطيعين. قاله الشعبي وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وطاوس [127].ويشهد لذلك قوله تعالى: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [128] وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً} [129] وقوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ} [130] وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} [131] وقوله تعالى {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} [132].
وقال أيضاً القيام المذكور في الآية ليس المراد به انتصاب القامة، بل المراد به فعل المأمور به، وأن يكون على وجه الطاعة لله، والامتثال لأمره، فإن الرجل يقوم بأشياء ويكون هو قائم بأمر على وجه الطاعة تارة، وعلى وجه المعصية أخرى فأمروا أن يقوموا لله بما أمرهم به حال كونهم طائعين ... ويحتمل أن يكون المراد بالقيام لله في الآية الصلاة بخصوصها [133]، ويكون المعنى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} بالصلاة قانتين فيها {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} فإن قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} قد ذكرت الصلاة قبله وبعده، فكان الظاهر إرادة الصلاة هنا بخصوصها، وأما إرادة القيام في الصلاة بمجرده من هذه الآية فغير ظاهر [134].
[قوله تعالى]: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [135] {لا يَؤُودُهُ} أي: لا يكرثه [136] ولا يثقله ولا يعجزه [137].
فهذا النفي لثبوت كمال ضده، وكذلك كل نفي يأتي في صفات الله تعالى في الكتاب والسنة إنما هو لثبوت كمال ضده [138]، كقوله تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [139] لكمال عدله، {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [140] لكمال علمه، وقوله تعالى: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [141] لكمال قدرته. {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} لكمال حياته وقيُّوميته. {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [142] لكمال جلاله وعظمته وكبريائه، وإلاَّ فالنفي الصِّرف لا مدح فيه، ألا يُرى أن قول الشاعر [143]:
قُبَيِّلةٌ لا يَغْدِرُونَ بذمةٍ
ولا يَظْلِمُونَ النَّاس حَبَّةّ خَرْدَلِ
لمَّا اقترن بنفي الغدر والظلم عنهم ما ذكره قبل هذا البيت وبعده، وتصغيرهم بقوله (قُبيِّلة) عُلم أن المراد عجزهم وضعفهم، لا كمال قدرتهم. وقول الآخر [144]:
لَكِنَّ قّوْمِي وإنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ
لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ في شَيءٍ وإنْ هَانَا
لما اقترن بنفي الشر عنهم ما يدل على ذمهم، عُلم أن المرادعجزهم وضعفهم أيضاً [145].
واعلم أن هذين الاسمين أعني: الحي القيوم مذكوران في القرآن معاً في ثلاث سور [146] كما تقدم، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما الاسم الأعظم [147]، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه، ويدل القيوم على معنى الأزلية، والأبدية [148] ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضاً على كونه موجوداً بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود.
و (القيوم) أبلغ من (القيام)؛ لأن الواو أقوى من الألف، ويفيد قيامه بنفسه، باتفاق المفسرين وأهل اللغة [149]، وهو معلوم بالضرورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل تفيد إقامته لغيره وقيامه عليه؟ فيه قولان. أصحهما: أنه يفيد ذلك [150]، وهو يُفيد دوام قيامه وكمال قيامه؛ لما فيه من المبالغة، فهو سبحانه لا يزول، ولا يأفل [151]؛ فإن الآفل قد زال قطعاً، أي: لا يغيب، ولا ينقص، ولا يفنى، ولا يَعْدَمُ، بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال.
واقترانه بالحي يستلزم سائر صفات الكمال، ويدل على بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلاً وأبداً؛ ولهذا كان قوله: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أعظم آية في القرآن، كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم [152]. فعلى هذين الاسمين مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليهما يرجع معانيها، فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، فلا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة. وأما القيوم، فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه، فلا يحتاج إلى غيره بوجه من الوجوه، المقيم لغيره، فلا قيام لغيره إلا بإقامته، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال أتم انتظام [153].
وأما (الكرسي) … [ف] [154] قد قيل: هو العرش [155]، والصحيح أنه غيره، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش، والحاكم في مستدركه وقال: إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} أنه قال: "لكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قَدْرَه إلا الله تعالى".وقد رُوي مرفوعاً [156]، والصواب أنه موقوف على ابن عباس. وقال السدي: "لسماوات والأرض في جوف الكرسي، والكرسي بين يدي العرش" [157]. وقال ابن جرير: قال: أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض" [158]. وقيل كرسيه علمه. ويُنْسب إلى ابن عباس [159].
والمحفوظ عنه ما رواه ابن أبي شيبة، كما تقدم، ومن قال غير ذلك فليس له دليل إلا مجرد الظن، والظاهر أنه من جراب الكلام المذموم، كما قيل في العرش. وإنما هو كما قال غير واحد من السلف:بين يدي العرش [160]، كالمرقاة إليه [161].
... قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [162] .... الكسب هو الفعل الذي يعود على فاعله منه نفع أو ضرر [163].
[وقال أيضاً] …: قال: ابن الأنباري [164]: أي: لا تحملنا ما يثقل علينا أداؤه، وإن كنا مطيقين له على تجشم وتحمل مكروه، قال: فخاطب العرب على حسب ما تعقل، فإن الرجل منهم يقول للرجل يبغضه: ما أُطيق النظر إليك، وهو مطيق لذلك، لكنه يثقل عليه [165].
سورة آل عمران
... قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [166] فيها قراءتان [167]: قراءة من يقف على قوله: {إِلاَّ اللَّهُ}، وقراءة من لا يقف عندها [168]، وكلتا القراءتين حق، ويراد بالأولى المتشابه في نفسه الذي استأثر الله بعلم تأويله، ويراد بالثانية المتشابه الإضافي الذي يعرف الراسخون تفسيره، وهو تأويله. ولا يريد مَنْ وقف على قوله: {إِلاَّ اللَّهُ} أن يكون التأويل بمعنى التفسير للمعنى، فإن لازم هذا أن يكون الله أنزل على رسوله كلاماً لا يعلم معناه جميع الأمة ولا الرسول، ويكون الراسخون في العلم لا حظ لهم في معرفة معناها سوى قولهم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} وهذا القدر يقوله غير الراسخ في العلم من المؤمنين، والراسخون في العلم يجب امتيازهم عن عوام المؤمنين في ذلك [169]، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله" [170] ولقد صدق رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له وقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" رواه البخاري وغيره [171]. ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لا يرد. قال مجاهد: "عرضت المصحف
(يُتْبَعُ)
(/)
على ابن عباس، من أوله إلى آخره، أقفه عند كل آية وأسأله عنها" [172]. وقد تواترت النقول عنه أنه تكلم في جميع معاني القرآن، ولم يقل عن آية: إنها من المتشابه الذي لا يعلم أحد تأويله إلا الله. وقول الأصحاب - رحمهم الله - في الأصول: إن المتشابه الحروف المقطَّعة في أوائل السور [173]،ويُروى هذا عن ابن عباس [174].مع أن هذه الحروف قد تكلم في معناها أكثر الناس [175]، فإن كان معناها معروفاً، فقد عُرف معنى المتشابه، وإن لم يكن معروفاً، وهي المتشابه، كان ما سواها معلوم المعنى، وهذا المطلوب.
وأيضاً فإن الله قال: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} وهذه الحروف ليست آيات عند جمهور العادين [176].
قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [177] … عبارات السلف في (شهد) تدور على الحكم، والقضاء، والإعلام، والبيان، والإخبار [178]. وهذه الأقوال كلها حق، لا تنافي بينها، فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره، وتتضمن إعلامه وإخباره وبيانه. فلها أربع مراتب. فأول مراتبها: علم ومعرفة واعتقاد لصحة المشهود به وثبوته. وثانيها: تكلمه بذلك، وإن لم يُعلم به غيره، بل يتكلم بها مع نفسه، ويذكرها، وينطق بها، أو يكتبها. وثالثها: أن يُعلم غيره بها بما يشهد به، ويخبره به، ويبينه له. ورابعها: أن يلزمه بمضمونها ويأمُرَه به.
فشهادة الله سبحانه لنفسه بالوحدانية، والقيام بالقسط تضمنت هذه المراتب الأربع: علمه سبحانه بذلك، وتكلمه به، وإعلامه، وإخباره لخلقه به، وأمرهم وإلزامهم به. فأما مرتبة العلم، فإن الشهادة تضمنتها ضرورة، وإلا كان الشاهد شاهداً بما لا علم له به، قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [179] وقال صلى الله عليه وسلم: "على مثلها فاشهد" [180] وأشار إلى الشمس. وأما مرتبة التكلم والخبر، فقال الله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ} [181] فجعل ذلك منهم شهادة، وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة، ولم يؤدوها عند غيرهم. وأما مرتبة الإعلام والإخبار، فنوعان: إعلام بالقول، وإعلام بالفعل، وهذا شأن كل مُعْلم لغيره بأمرٍ، تارةً يعلمه به بقوله، وتارةً بفعله؛ ولهذا كان من جعل داره مسجداً، وفتح بابها، وأفرزها بطريقها، وأذن للناس بالدخول والصلاة فيها، معلماً أنها وقف، وإن لم يتلفظ به … وكذلك شهادة الرب عز وجل وبيانه وإعلامه، يكون بقوله تارةً، وبفعله أخرى، فالقول ما أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، وأما بيانه وإعلامه بفعله، فكما قال ابن كيسان [182]: شهد الله بتدبيره العجيب، وأموره المحكمة عند خلقه، أنه لا إله إلا هو [183]. وقال آخر [184]:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [185] فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه. والمقصود أنه سبحانه يشهد بما جعل آياته المخلوقة دالة عليه، ودَلالتها إنما هي بخلقه وجعله. وأما مرتبة الأمر بذلك والإلزام به …فإنه سبحانه شهد به شهادة من حكم به، وقضى وأمر، وألزم عباده به، كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [186] وقال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} [187] وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً} [188] وقال تعالى: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [189] وقال: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [190]. والقرآن كله شاهد بذلك [191] ...
... لما نزلت هذه الآية {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} ... [192] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال لهم: "اللهم هؤلاء أهلي" [193].
(يُتْبَعُ)
(/)
[قوله تعالى:] { ... آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [194] وذلك؛ لأن الجهال، يقولون: ما رجع هؤلاء عن دينهم الذي صاروا إليه إلاَّ بعد أن ظهر لهم بطلانه [195].
[قوله تعالى:] {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [196] فأهانهم بترك تكليمهم، والمراد: أنه لا يكلمهم تكليم تكريم، هو [197] الصحيح [198]؛ إذ قد أخبر في الآية الآخرى أنه يقول لهم في النار {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [199] فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلاً [200].
... وإنما تكون (من) للتبعيض إذا صلح في موضعها (بعض) كما في قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [201] فإنه يصح في موضعها بعض، وقد قُرئ شاذاً {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [202].
... قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [203] وقوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [204] وأما الحياة التي اختص بها الشهيد، وامتاز بها عن غيره ... فهي أن الله تعالى جعل أرواحهم في أجواف طير خضر، كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم - يعني يوم أحد - جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللة [205] في ظل العرش" الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود [206]، وبمعناه في حديث ابن مسعود، رواه مسلم [207]. فإنهم لما بذلوا أبدانهم لله عز وجل حتى أتلفها أعداؤه فيه، أعاضهم منها في البرزخ أبداناً خيراً منها، تكون فيها إلى يوم القيامة، ويكون تنعمها بواسطة تلك الأبدان، أكمل من تنعم الأرواح المجردة عنها. ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير، أو كطير، ونسمة الشهيد في جوف طير [208].
سورة النساء
في الصحيحين أن عروة سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} إلى قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [209] قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينقص من صداقها فنهوا عن نكاحها إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق وأمروا بنكاح من سواهن. قالت عائشة: فاستفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إلى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [210] فبين لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ولم يلحقوها بسنتها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قال وكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلاَّ أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق" [211].
... قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [212] ... المذكور في هذه الآية الكريمة حرف أو، وهو لأحد المذكورين، أي: لا ميراث إلاّ من بعد إخراج الوصية، إن كان ثم وصية، أو إخراج الدين إن كان ثم دين [213].
... قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [214] ... المراد به النكاح الذي هو ضد السفاح، ولم يأت في القرآن النكاح المراد به الزنا قط، ولا الوطء المجرد عن عقد [215].
(يُتْبَعُ)
(/)
.. قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [216] ... عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشاً إلى أوطاس [217] فلقي عدواً لهم فقاتلوهم، فظهروا عليهم وأصابوا سبايا، وكأن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل ذلك {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [218].
... قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [219] ... المراد استطاعة الآلات والأسباب. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمران ابن حصين: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" [220] وإنما نفى استطاعة الفعل معها [221].
... قوله تعالى: { ... لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [222] ... الاستثناء هنا منقطعاً [223].
... قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [224] نزلت في أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم حين قدَّموا رجلاً منهم في الصلاة، فصلى بهم وترك في قرآنه ما غير المعنى [225].
... قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [226] قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره: الجبت: السحر [227].
... قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [228] كيف قال: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ولم يقل (وأطيعوا أولي الأمر منكم)؟؛ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول؛ لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر، فقد يأمر بغير طاعة الله فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله [229].
قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} والمراد بالرد إلى الله الرد إلى كتابه، وبالرد إلى الرسول الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته [230].
... قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [231] أقسم سبحانه بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يُحكِّموا نبيه، ويرضوا بحكمه، ويسلموا تسليماً [232].
... قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [233] ... فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، وبين قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ}؟. قيل: قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} الخِصب والجدب، والنصر والهزيمة، كلها من عند الله، وقوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ}: أي ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك، كما قال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [234] يدل على ذلك ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قرأ: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك، و أنا كتبتها عليك" [235]. والمراد بالحسنة - هنا - النعمة، وبالسيئة البلية [236]، في أصح الأقوال.
وقد قيل: الحسنة الطاعة، والسيئة المعصية [237]. وقيل: الحسنة ما أصابه يوم بدر، والسيئة ما أصابه يوم أحد [238]. والقول الأول شامل لمعنى القول الثالث. والمعنى الثاني ليس مراداً دون الأول - قطعاً - ولكن لا منافاة بين أن تكون سيئة العمل وسيئة الجزاء من نفسه، مع أن الجميع مقدَّر، فإن المعصية الثانية قد تكون عقوبة الأولى، فتكون من سيئات الجزاء، مع أنها من سيئات العمل، والحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى، كما دل على ذلك الكتاب والسنة [239].
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} من الفوائد: أن العبد لا يطمئن إلى نفسه ولا يسكن إليها، فإن الشر كامن فيها، لا يجيء إلا منها، ولا يشتغل بملام الناس ولا ذمهم إذا أساؤوا إليه، فإن ذلك من السيئات التي أصابته، وهي إنما أصابته بذنوبه، فيرجع إلى الذنوب، ويستعيذ بالله من شر نفسه وسيئات عمله، ويسأل الله أن يعينه على طاعته. فبذلك يحصل له كل خير، ويندفع عنه كل شر؛ ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [240]. فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة [241].
... قوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [242] أي على القاعدين من أولي الضرر [243]، بدليل قول الله تعالى: {وَكُلاَّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [244].
... قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [245] ... المراد هو، أو من يقوم مقامه، كما في قوله تعالى [246]: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [247].
... في المسند أنه لما نزل قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [248] قال أبو بكر يا رسول الله نزلت قاصمة الظهر، وأيُّنا لم يعمل سوءاً؟. فقال "يا أبا بكر، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به" [249].
قال تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [250] ... الخلة كمال المحبة [251]، وأنكرت الجهمية [252] حقيقة المحبة من الجانبين، زعماً منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب، وأنه لا مناسبة بين القديم والمُحْدَث توجب المحبة [253].
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [254] ... شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء [255] ... ليس إلا، وليس المراد أن يقول: أشهد على نفسي بكذا، بل من أقر بشيء فقد شهد على نفسه به [256].
تابع بقية البحث ...
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:35 م]ـ
الهوامش والتعليقات على الجزء الأول من البحث
[1] سورة آل عمران، الآية: 102.
[2] سورة النساء، الآية: 1.
[3] سورة الأحزاب، الآية: 70، 71.
[4] من الأمثلة على هذا تحقيقات وكتابات الدكتور عدنان زرزور حول تراث المعتزلة التفسيري.
[5] سورة البقرة، الآية: 251.
[6] ورد في عدد من مخطوطات كتب المؤلف (ابن العز) وكذلك في كشف الظنون (2/ 1143)، وهدية العارفين (1/ 726) وورد في بعض المواضع من إنباء الغ مر (3/ 50)، أن اسم المؤلف محمد، وتابع ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (6/ 326) هذا الموضع من ِإنباء الغمر، والصحيح (علي) كما في جميع المراجع الأخرى، وكما هو مدون على مخطوطات كتبه.
[7] هكذا ذكر نسب أبيه ابن قاضي شهبة في تاريخه (2/ 469) وأشار أيضاً إلى اسم المؤلف ولقبه بقوله: "ولده صدر الدين علي" (2/ 470).
[8] انظر المرجع السابق (2/ 470)، والثغر البسام، ص (201).
[9] انظر الدليل الشافي (1/ 465).
[10] انظر الدرر الكامنة (3/ 159)، والدليل الشافي (1/ 465).
[11] انظر الدليل الشافي (1/ 465).
[12] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 415) فقد أشار إلى أن أباه وجده من القضاة.
[13] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (67، 68).
[14] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (3/ 481، 360).
[15] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (68).
[16] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 503، 504) و (3/ 148).
[17] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (7، 73) للأستاذين التركي والأرنؤوط.
[18] انظر المرجع السابق، ص (73) وانظر من هذا البحث آخر سورة التوبة، الآية (124).
[19] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (73).
[20] انظر من هذا البحث الحواشي، عند الآية (18) من سورة آل عمران، والآية (172) من سورة الأعراف.
[21] انظر منه، ص (355) تحقيق أنور.
[22] انظر تاج التراجم، ص (89)، والفوائد البهية، ص (10)، والطبقات السنية (1/ 213).
[23] انظر الضوء اللامع (3/ 249 - 253)، ووجيز الكلام (1/ 296).
(يُتْبَعُ)
(/)
[24] واسمه: علي بن أيبك بن عبد الله. قَال ابن حجر: اشتهر بالنظم قديما … وله مدائح نبوية (ت: 801 ه) انظر إنباء الغمر (4/ 67)، والدليل الشافي (1/ 452).
[25] تفاصيل الحادثة وامتحانه في إنباء الغمر بأبناء العمر (2/ 95 - 98) الطبعة العثمانية في حوادث 784 ه. وقد أحسن الشيخان التركي والأرنؤوط بشرح ملابسات تلك الحادثة، وبيان وجه الحق فيها. انظر: مقدمتهما لشرح العقيدة الطحاوية، ص (87 - 102).
[26] ذكره في قضاة الحنفية في مصر السيوطي في حسن المحاضرة (2/ 184، 185) ووصفه جماعة من المترجمين له بالحنفي منهم ابن حجر في الدرر الكامنة (3/ 159)، وابن تغري بردي في الدليل الشافي (1/ 465)، والسخاوي في وجيز الكلام (1/ 296).
[27] الاتباع، ص (88) والمؤلف في جميع كتبه (التنبيه على مشكلات الهداية، وشرح العقيدة الطحاوية، والاتباع، ورسالة في صحة الإقتداء بالمخالف) يحارب المتعصبين للأئمة، الذين يسوقون الأمة إلى الاختلاف والتنازع، ولكنه لا يمنع من تقليد الأئمة دون تعصب؛ فإنه القائل: "ومن ظن أنه يعرف الأحكام من الكتاب والسنة بدون معرفة ما قاله هؤلاء الأئمة وأمثالهم، فهو غالط مخطئ. ولكن ليس الحق وقفاً على واحد منهم، والخطأ وقفاً بين الباقين حتى يتعين اتباعه دون غيره". الاتباع، ص (43).
[28] نسبه إلى المؤلف الإمامُ السخاوي في وجيز الكلام (1/ 296)، والزبيدي في شرح إحياء علوم الدين (2/ 146)، وانظر مقدمة التركي والأرنؤوط للكتاب المذكور، ص (117).
[29] انظر مقدمة التركي والأرنؤوط لشرح العقيدة الطحاوية، ص (81).
[30] انظر مقدمتهما، ص (106، 109).
[31] منها قولهما: إنهما خرجا الآثار، وهما لم يخرجا إلا عدداً لا يكاد يُذكر. ومنها إطلاقهما القول بما يفيد أنهما أشارا إلى جميع مواضع النقول من المؤلفات التي نقل منها الشارح. ومنها تساهلهما في إطلاق كلمة (لم نقف عليه) أثناء حديثهما على مؤلفات الشارح التي لم تطبع وفي تعارف الباحثين أن هذه الكلمة لا تُقال إلا بعد البحث الجيد.
[32] انظر توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف في مقدمة الطبعة الثانية، من كتاب الاتباع، ص (12).
[33] يوجد منها نسخة في المكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية، برقم (4/ 217 ع زر) وفات الباحث الاطلاع على نسخة أخرى ذكرها فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية المجاميع (2/ 350) ولا أدري هل اطلع عليها الباحث عندما طبع الكتاب في دار الهجرة.
[34] هكذا ذكر المؤلف عنوان الكتاب. انْظر: التنبيه على مشكلات الهداية، ص1 تحقيق عبد الحكيم.
[35] انظر وجيز الكلام (1/ 296).
[36] انظر هدية العارفين (1/ 726)، والأعلام (4/ 313)، ومعجم المؤلفين (7/ 156).
[37] انظر هدية العارفين (1/ 726)، والأعلام (4/ 313)، ومعجم المؤلفين (7/ 156).
[38] انظر هدية العارفين (1/ 726) وعنوان الكتاب يوحي بأنه ليس كبيراً، والله أعلم.
[39] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 503).
[40] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (78).
[41] ذكر ابن حجر ما يفيد أنه درس في المدرستين ولم يذكر التاريخ انظر إنباء الغمر (2/ 98) وانظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (78).
[42] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 469، 470) ففيه ما يشير إلى ذلك.
[43] انظر الثغر البسام، ص (201)، وإنباء الغمر (3/ 50).
[44] انظر مقدمة شرح العقيدة الطحاوية، ص (81).
[45] انظر تاريخ ابن قاضي شهبة (3/ 478).
[46] انظر المرجع السابق (3/ 478، 483).
[47] يُؤخذ ذلك من كلام ابن حجر في إنباء الغمر (3/ 50).
[48] انظر إنباء الغمر (3/ 50)، ووجيز الكلام (1/ 295)، والثغر البسام، ص (201)، وأبعد عن الصواب حاجي خليفة في كشف الظنون (2/ 1143) عندما أرخ وفاته بسنة (742ه).
[49] سورة الفاتحة، الآية: 4.
[50] انظر تفسير القرآن، للسمعاني (1/ 37)، وجامع البيان (1/ 155)، وتفسير ابن أبي حاتم (1/ 19). وقد ذكر ابن عطية في المحرر الوجيز (1/ 72، 73) أن "الدين" يجيء في كلام العرب على أنحاء، منها ما ذُكر هنا. قال: وهذا الذي يصلح لتفسير قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
[51] سورة السجدة، الآية: 17.
[52] سورة النبأ، الآية: 26.
[53] سورة الأنعام، الآية: 160.
[54] سورة النمل، الآية: 89، 90.
[55] سورة القصص، الآية: 84.
[56] شرح العقيدة الطحاوية، ص (600).
(يُتْبَعُ)
(/)
[57] سورة الفاتحة، الآية: 6،7.
[58] أورد السؤال والجوابين السمعاني في تفسير القرآن (1/ 38)، ونحو هذا في كثير من كتب التفسير. انظر تفسير القرآن لأبي الليث (1/ 83)، ومعالم التنزيل (1/ 41)، والكشاف (1/ 66)، والتفسير الكبير (1/ 205). وقد فسر الطبري الآية في جامع البيان (1/ 66) بالقول الأول فقال: "وفقنا للثبات عليه".
[59] من أول كلام المؤلف إلى هنا موجود في مجموع فتاوى شيخ الإسلام (14/ 320، 321). وكذلك هو في الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام نفسه، ص (83، 84).
[60] انظر بدائع الفوائد (2/ 38) ففيه نحو ما ذكر المؤلف هنا.
[61] انظر المحرر الوجيز (1/ 78).
[62] من قوله: (ولهذا) إلى (الدعاء) مأخوذ بنصه من كتاب الحسنة والسيئة، ص (84).
[63] شرح العقيدة الطحاوية، ص (519، 520) ونحو هذا أعاده في ص (800).
[64] شرح العقيدة الطحاوية، ص (800). والحديث أخرجه الترمذي برقم (2954)، والإمام أحمد في المسند (4/ 378، 379)، وأبو داود الطيالسي برقم (1040)، وابن جرير في جامع البيان (1/ 185، 193)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 23)، وابن حبان في صحيحه مع الإحسان (16/ 183، 184) كلهم من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه. والحديث صحح أحمد شاكر إسناده. انظر جامع البيان الموضع المتقدم. وقال عبد الرحمن ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافاً. يعني تفسير الآية بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر تفسيره (1/ 23).
[65] سورة البقرة، الآية: 1.
[66] هذا أحد الأقوال على قول من قال: إنه يُعرف تفسيرها وهو منسوب إلى قطرب والمبرد. انظر معاني القرآن وإعرابه (1/ 55، 56)، والمحرر الوجيز (1/ 95)، والتفسير الكبير (2/ 7). وإلى هذا القول ذهب الزمخشري في الكشاف (1/ 95 - 97). قال الرازي: واختاره جمع عظيم من المحققين. انظر التفسير الكبير (2/ 7). وإن أردت الاطلاع على جميع الأقوال في الحروف المقطعة فانظر التفسير الكبير (2/ 3 - 8)، والبحر المحيط (1/ 156) وما بعدها، والبرهان في علوم القرآن (1/ 172 - 176)، والتحرير والتنوير (1/ 207)، وقد ذكر العلامة ابن كثير في تفسيره (1/ 39) ما يفيد ترجيح هذا القول أعني الذي ذكره المؤلف هنا ثم قال: "وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية".
[67] سورة البقرة، الآية: 1، 2.
[68] سورة آل عمران، الآية: 1 - 3.
[69] سورة الأعراف، الآية: 1، 2.
[70] سورة يونس، الآية: 1.
[71] شرح العقيدة الطحاوية، ص (205).
[72] سورة البقرة، الآية: 10.
[73] سورة التوبة، الآية: 125.
[74] شرح العقيدة الطحاوية، ص (258). وقد فسر المؤلف الآيتين في معرض بيانه أن النفي والتشبيه مرضان من أمراض القلوب، فالنفاة والمشبهة خرجوا عن حد الاعتدال الصحيح بسبب الشبهة التي ألقاها إبليس في قلوبهم، فكان لهما نصيب مما تضمنته هاتان الآيتان. وقد قال السمعاني عند آية البقرة: أراد بالمرض الشك والنفاق بإجماع المفسرين. ونحو هذا ذكر الواحدي. انظر تفسير القرآن للسمعاني (1/ 48)، والوسيط للواحدي (1/ 87).
وكأن من حكى الإجماع لم يعتد بقول من قال: إن المقصود الزنا. انظر تفسير ابن أبي حاتم (1/ 47). ولا شك أن سياق الآية التي في سورة البقرة يشهد لقول من حكى الإجماع. وكذلك الآية التي في سورة التوبة المقصود بالمرض فيها مرض النفاق الاعتقادي، المخرج من الملة؛ ولذلك قال في آخرها: {وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}. وانظر في تفسير آية التوبة جامع البيان (14/ 578)، وتفسير القرآن للسمعاني (2/ 361).
[75] سورة البقرة، الآية: 43.
[76] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (220) تحقيق عبد الحكيم. وانظر المحرر الوجيز (1/ 203)، والجامع لأحكام القرآن (1/ 348، 349) ففيهما ما ذكر المؤلف من الاحتجاج بالآية على الصلاة جماعة.
[77] سورة البقرة، الآية:78.
[78] شرح العقيدة الطحاوية، ص (504). وهذا أحد الأقوال، التي قيلت في معنى (أماني). انظر هذا القول وغيره في تفسير القرآن لأبي الليث (1/ 131)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 99)، ومعالم التنزيل (1/ 88)، والمحرر الوجيز (1/ 271).
(يُتْبَعُ)
(/)
[79] هذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 181)، والبخاري في خلق أفعال العباد، ص (43)، والبغوي في شرح السنة (1/ 260) كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وحكم محققا شرح السنة بأن إسناده حسن. انظر شرح السنة الموضع المتقدم.
[80] شرح العقيدة الطحاوية، ص (785، 786).
[81] سورة البقرة، الآية: 143.
[82] يشهد لهذا القول بالصحة ما أخرجه الإمام الترمذي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما وُجِّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي الحديث رقم (2964) وقد أخرجه غيره من الأئمة، وكلهم أخرجوه من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس. وإن كان في رواية سماك عن عكرمة شيء، فهناك شواهد للحديث، لا ينزل بمجموعها عن درجة الحسن. وقد قال الإمام ابن القيم: "وفيه قولان يعني في معنى {إِيمَانُكُمْ} أحدهما: ما كان ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس … والثاني: ما كان ليضيع إيمانكم بالقبلة الأولى، وتصديقكم بأن الله شرعها ورضيها. وأكثر السلف والخلف على القول الأول، وهو مستلزم للقول الآخر". بدائع التفسير (1/ 342).
[83] انظر التفسير الكبير (4/ 98)، وروح المعاني (2/ 7).
[84] شرح العقيدة الطحاوية، ص (445)، وأحسن من تعليل المؤلف هنا ما ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (2/ 157) بقوله: "فسمّى الصلاة إيماناً لاشتمالها على نية وقول وعمل".
[85] سورة البقرة، الآية: 158.
[86] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (486، 487) تحقيق عبد الحكيم. وسبب النزول هذا أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (1643) ومسلم في صحيحه تحت رقم (1277).
[87] سورة البقرة، الآية: 163.
[88] ذكر أبو حيان هذا منسوباً إلى صاحب المنتخب. انظر البحر (1/ 637).
[89] لعله: الحسن بن صافي بن عبد الله الملقب بملك النحاة (ت: 568 ه) ذكر القفطي في مؤلفاته (المنتخب). انظر معجم الأدباء (2/ 866)، وإنباه الراوة (1/ 340)، وبغية الوعاة (1/ 504).
[90] نحو هذا الاعتراض في التفسير الكبير (4/ 157) من غير نسبة. وهو بتمامه في البحر (1/ 637) منسوباً لصاحب المنتخب.
[91] محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي، العلامة شرف الدين، النحوي الأديب، الزاهد المفسِّر، المحدث الفقيه الأصولي، (ت: 655 ه). انظر بغية الوعاة (1/ 144).
[92] المعتزلة فرقة نشأت إثر قول واصل بن عطاء: إن فاعل الكبيرة لا مسلم ولا كافر، واعتزل مجلس شيخه الحسن البصري، فسُمي معتزلياً، وأتباعه معتزلة، ولهم أصول خمسة خالفوا فيها الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة. انظر الفرق بين الفرق، ص (14، 18، 19)، والملل والنحل، ص (48)، والمعتزلة وأصولهم الخمسة، ص (14).
[93] جواب أبي عبد الله المرسي منقول بتمامه في البحر (1/ 637) وعقب عليه أبو حيان بما يُفهم موافقته لأبي عبد الله المرسي. انظر البحر (1/ 637، 638). وتقدير خبر (لا) بكلمة (في الوجود) قد قاله أيضاً أبو البركات ابن الأنباري في كتابه، البيان في غريب إعراب القرآن (1/ 131). وقد قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى: إن التقدير بكلمة (في الوجود) لا يحصل به المقصود من بيان أحقية ألوهية الله سبحانه وبطلان ما سواها؛ لأن لقائل أن يقول: كيف تقولون: (لا إله في الوجود إلا الله)؟ وقد أخبر سبحانه عن وجود آلهة كثيرة للمشركين، كما في قوله سبحانه: {… فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} وقوله: {فلو لا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة} فلا سبيل إلى التخلص من هذا الاعتراض، وبيان عظمة هذه الكلمة … إلا بتقدير الخبر بغير ما ذكره النحاة، وهو كلمة (حق)؛ لأنها هي التي توضح بطلان جميع الآلهة، وتبين أن الإله الحق والمعبود الحق هو الله وحده … انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (74) حاشية (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت ذكر الشيخ ابن باز أن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم قد نبها على ما قاله هنا. وقد تنبه بعض المفسرين إلى هذا فقال العلامة الألوسي في روح المعاني (2/ 29): (وإضافة إله) إلى ضمير المخاطبين باعتبار الاستحقاق، لا باعتبار الوقوع؛ فإن الآلهة الغير مستحقة كثيرة". وقال الخفاجي في عناية القاضي وكفاية الراضي (2/ 434): " {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} خطاب عام أي المستحق منكم العبادة واحد لا شريك له". وانظر أيضاً: التحرير والتنوير (2/ 74).
[94] سورة مريم، الآية: 9.
[95] شرح العقيدة الطحاوية، ص (73 - 75).
[96] سورة البقرة، الآية: 177.
[97] شرح العقيدة الطحاوية، ص (485) وانظر أسباب النزول للواحدي، ص (49)، ولباب النقول في أسباب النزول، ص (49) ففيهما أن سبب نزول الآية أنهم سألوا عن البر.
[98] سورة البقرة، الآية: 178.
[99] انظر الوسيط (1/ 265)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 174)، وزاد المسير (1/ 180)، والتفسير الكبير (5/ 47) فقد ذكروا نحو ما قال المؤلف.
[100] سورة الحجرات، الآية: 9، 10. وانظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (442) ومقصود المؤلف من إيراد آية الحجرات أنها دلت على ما دلت عليه آية البقرة من بقاء أخوة الإسلام مع وجود الكبيرة وهي القتل، فدل ذلك على أن الكبيرة لا تخرج صاحبها من الإسلام.
[101] سورة البقرة، الآية: 180.
[102] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (485) (تحقيق عبد الحكيم) وانظر هذا المعنى في جامع البيان (3/ 384) وتفسير القرآن لأبي الليث (1/ 181)، والنكت والعيون (1/ 231)، والوسيط (1/ 268)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 174).
[103] سورة البقرة، الآية: 184.
[104] انظر الدر المصون (2/ 273) فقد ذكر السمين هذا القول وقال: إنه بعيد.
[105] سورة النساء، الآية: 176.
[106] سورة النساء، الآية: 176.
[107] صحيح البخاري مع الفتح برقم (4505) والقراءة المذكورة عن ابن عباس قراءة شاذة. انظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه، ص (11).
[108] صحيح البخاري مع الفتح برقم (4507)، وصحيح مسلم برقم (1145).
[109] صحيح البخاري مع الفتح برقم (1949).
[110] صحيح البخاري مع الفتح (4/ 187) والخبر ذكره الإمام البخاري معلقاً. وقال ابن حجر في الفتح (4/ 188) وصله أبو نعيم في المستخرج والبيهقي من طريقه ... واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وطريق ابن نمير هذه أرجحها.
[111] معالم التنزيل (1/ 150) وأخرجه عبد الرزاق الصنعاني عن قتادة بإسناد صحيح. انظر تفسير القرآن لعبد الرزاق (1/ 69، 70).
[112] معالم التنزيل (1/ 150) وقد ذكر البغوي في مقدمة تفسيره (1/ 28) أنه يروي تفسير الحسن من طريق عمروبن عبيد. ومعلوم أن عمرو بن عبيد أحد رؤوس المعتزلة الدعاة إلى بدعتهم.
[113] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (429،432) تحقيق عبد الحكيم. وما ذهب إليه المؤلف هو الراجح، لأن الآية صريحة في التخيير بين الصيام والإطعام لمن يطيق الصوم، وقد رُفع هذا التخيير باتفاق على وجوب الصوم بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وقد رجح القول بالنسخ جماعة من الأئمة، منهم أبو عبيد والطبري والنحاس ومكي وابن حزم وابن العربي وابن الجوزي وابن كثير. انظر جامع البيان (3/ 434)، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد، ص (47)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (1/ 501،502)، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه، ص (125)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 62)، وأحكام القرآن (1/ 79)، ونواسخ القرآن، ص (177)، وتفسير القرآن العظيم (1/ 216).
[114] سورة البقرة، الآية: 196.
[115] انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 378).
[116] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (588) تحقيق عبد الحكيم.
[117] سورة البقرة، الآية: 196.
[118] سورة النور، الآية: 61.
[119] سورة النساء، الآية: 29.
[120] سورة البقرة، الآية: 54.
(يُتْبَعُ)
(/)
[121] انظر التنبيه على مشكلات الهداية، ص (544، 545). تحقيق عبد الحكيم. وانظر جامع البيان (19/ 225، 226)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 418، 419)، والنكت والعيون (1/ 475)، والمحرر الوجيز (4/ 94)، وفتح القدير (1/ 544) تجد أن أصحاب هذه المؤلفات قد ذكروا المعنيين. عند بعض هذه الآيات. وطائفة من المفسرين اقتصروا على ذكر المعنى الذي قال المؤلف إنه الظاهر، وذلك عند بعض هذه الآيات أيضاً انظر تفسير القرآن لأبي الليث (1/ 119، 349)، وزاد المسير (1/ 82) وما رجحه المؤلف من القول بالعموم هو الصحيح.
[122] سورة البقرة، الآية: 213.
[123] شرح العقيدة الطحاوية، ص (782). وانظر هذا المعنى الذي ذكره المؤلف في جامع البيان (4/ 281)، والمفردات في غريب القرآن، ص (55)، وعمدة الحفاظ (1/ 243).
[124] سورة البقرة، الآية: 222.
[125] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (106) تحقيق عبد الحكيم، والأثر أخرج بعضه ابن جرير في تفسيره برقم (4266) وبعضه برقم (4270) بسند واحد رجاله ثقات.
[126] سورة البقرة، الآية: 238.
[127] أخرج ذلك الإمام الطبري عنهم في جامع البيان (5/ 230، 231). والأسانيد إلى الشعبي وعطاء وقتادة وطاوس رجالها ثقات. وهذا القول ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر جامع البيان (5/ 229).
[128] سورة البقرة، الآية: 116.
[129] سورة النحل، الآية: 120.
[130] سورة التحريم، الآية: 5.
[131] سورة الأحزاب، الآية: 35.
[132] سورة النساء، الآية: 34. وهذا التفسير في التنبيه على مشكلات الهداية، ص (259) تحقيق عبد الحكيم.
[133] ذكر هذا القول أبو حيان في البحر المحيط (2/ 251) والأقوال في معنى (قانتين) كثيرة جداً، انظرها في التفسير الكبير (6/ 130، 131)، والجامع لأحكام القرآن (3/ 213، 214)، والبحر المحيط (2/ 251) وأشهرها قولان: 1 - القنوت الطاعة.2 - القنوت السكوت. قال أبو جعفر النحاس بعد أن ذكر القولين: "هذان القولان يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن السكوت في الصلاة طاعة" عاني القرآن الكريم (1/ 240).
[134] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (166) تحقيق عبد الحكيم. وهذا التفسير ذكره عندما رد على صاحب الهداية في احتجاجه بالآية على فرضية القيام في الصلاة المفروضة.
[135] سورة البقرة، الآية: 255. والمؤلف لم يذكر الآية كاملة في مكان واحد، وإنما ذكرها مفرقة.
[136] أي: لا يشق عليه، و لا يغمه ولا يثقله. انظر تهذيب اللغة (10/ 175، 176) (كرث).
[137] انظر مجاز القرآن (1/ 78)، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة، ص (93)، ومعاني القرآن وإعرابه (1/ 338)، وجامع البيان (5/ 404، 405).
[138] انظر في هذه المسألة: الرسالة التدمرية، ص (40) وما بعدها، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (17/ 109) وما بعدها، وأيضاً (3/ 36) من مجموع الفتاوى.
[139] سورة الكهف، الآية: 49.
[140] سورة سبأ، الآية: 3.
[141] سورة ق، الآية: 38.
[142] سورة الأنعام، الآية: 103.
[143] هو النجاشي: قيس بن عمرو بن مالك، أصله من نجران، رُوي أنه كان ضعيفاً في دينه (ت: نحو40ه). انظر خزانة الأدب (4/ 76)، والأعلام (5/ 207). والبيت من قصيدة هجا بها قيسٌ ابن أُبي بن مقبل من بني العجلان. انظر خزانة الأدب (1/ 231، 232).
[144] قال في خزانة الأدب (7/ 441): إن البيت لقُرَيْط بن أُنيف العنبري. والبيت أيضاً في مغني اللبيب (1/ 257).
[145] شرح العقيدة الطحاوية، ص (68، 69)، وانظر أيضاً، ص (89).
[146] سورة البقرة في الآية (255) وفي سورة آل عمران، الآية (2) وفي سورة طه، الآية (111).
[147] انظر التفسير الكبير (7/ 4، 5)، والجامع لأحكام القرآن (3/ 271).
[148] انظر مجاز القرآن (1/ 78)، وتفسير ابن أبي حاتم (2/ 28).
(يُتْبَعُ)
(/)
[149] ذكر طائفة من المفسرين وأهل اللغة نحو ما قاله المؤلف هنا، من أن القيوم يفيد قيامه بنفسه، وبعضهم يقول: هو القائم على كل نفس بما كسبت، أو هو القائم بتدبير أمر الخلق، وهذا يستلزم الأول، ولم يذكروا في ذلك خلافاً، مما يفيد صحة الاتفاق الذي ذكره المؤلف. انظر على سبيل المثال: جامع البيان (5/ 388)، ومعاني القرآن وإعرابه (1/ 336، 337)، وتفسير ابن أبي حاتم (2/ 25،26)، وتهذيب اللغة (9/ 360)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 257)، والمفردات، ص (417)، وتفسير القرآن لأبي الليث (1/ 222)، ومعالم التنزيل (1/ 238)، والنكت والعيون (1/ 323).
[150] لم أر فيما اطلعت عليه مَنْ حكى خلافاً في أن (القيوم) يفيد إقامته لغيره.
[151] الأفول الغياب، وقد فسره المؤلف بذلك، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ}. انظر غريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (138).
[152] صحيح مسلم الحديث رقم (810).
[153] شرح العقيدة الطحاوية، ص (90 - 92).
[154] ما بين المعكوفين زيادة من عندي ليستقيم الكلام، وانظر نظام كلام المؤلف في شرح العقيدة الطحاوية ص (368).
[155] أخرجه الطبري في تفسيره (5/ 399) من طريق جويبر، عن الحسن. وهي طريق لا تقوم بها حجة؛ لضعف جويبر. انظر تقريب التهذيب رقم (987).
[156] قال الدارقطني في كتاب النزول، ص (49): رفعه شجاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعه الرمادي. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب، ص (264)، عندما ترجم لشجاع: "صدوق وهم في حديث واحد رفعه، وهو موقوف، فذكره بسببه العقيلي" قلت: يعني في كتابه (ضعفاء الرجال). وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره، ص (1/ 310): "أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر ابن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاسي، فذكره، وهو غلط". يعني - رحمه الله - رفعه غلط.
[157] أخرجه الطبري في جامع البيان (5/ 398) من طريق أسباط عن السدي. قال الحافظ ابن حجر: "أسباط بن نصر الهمداني … صدوق كثير الخطأ يُغرب" التقريب رقم (321). قلت: ولا يخفى عليك أنه من رجال صحيح مسلم.
[158] جامع البيان (5/ 399) من طريق ابن زيد، عن أبيه قال: قال أبو ذر. فذكره. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف. انظر التقريب رقم (3865).
[159] أخرجه الطبري في تفسيره (5/ 397)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 134، 135) وقال: وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد بالكرسي المشهور المذكور مع العرش. وقال أبو منصور الأزهري بعد أن ذكر هذه الرواية ليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار. تهذيب اللغة (10/ 54) (كرس). وطعن الحافظ القصاب في ثبوت هذه الرواية عن ابن عباس. انظر نكت القرآن الدالة على البيان (1/ 146)، وكذلك فعل الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 176).
[160] انظر جامع البيان (5/ 398)، ومعالم التنزيل (1/ 239)، وتفسير ابن كثير (1/ 310)، والدر المنثور (1/ 327، 328) تجد ما يفيد ذلك عن طائفة من السلف.
[161] شرح العقيدة الطحاوية، ص (368، 371).
[162] سورة البقرة، الآية: 286. والمؤلف ذكر ألفاظ الآية مفرقة.
[163] انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (652) وانظر عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ
(3/ 463،464). فقد ذكر السمين في معنى الكسب نحو ما قاله المؤلف هنا.
[164] محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، كان من أعلم الناس، بالنحو والأدب وأكثرهم حفظاً (ت: 328 ه) انظر العبر (2/ 31)، وبغية الوعاة (1/ 212).
[165] شرح العقيدة الطحاوية، ص (654). وما نقله عن ابن الأنباري موجود في زاد المسير (1/ 346)، والبحر المحيط (2/ 385) منسوب إلى ابن الأنباري ولم أقف عليه في شيء من كتبه المطبوعة. وانظر معاني القرآن وإعرابه (1/ 371) ففيه نحو هذا.
[166] سورة آل عمران، الآية: 7.
[167] قول المؤلف (فيها قراءتان) فيه تجوز في العبارة، والأولى أن يقول: فيها وقفان.
[168] قوله (عندها) يريد عند كلمة (العلم) انظر المكتفى في الوقف والابتدا، ص (194 - 197)، وعلل الوقوف (1/ 361 - 363) تجد أنهما قد ذكرا الوقفين.
(يُتْبَعُ)
(/)
[169] انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (5/ 35، 36، 234) (13/ 143، 144). وقول من صحح الوقفين هو جمع بين قول من قال: بالوقف على لفظ الجلالة (الله)، وقول من قال: ليس الوقف على لفظ الجلالة. انظر القولين في معاني القرآن للفراء (1/ 191)، وجامع البيان (6/ 201، 203)، والبحر المحيط (2/ 400)، والدر المصون (3/ 29).
[170] أخرجه الطبري في جامع البيان (6/ 203) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس.
[171] أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (143) بلفظ: "اللهم فقهه في الدين"، وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (2477) بلفظ "اللهم فقهه"، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 266) بلفظ المؤلف هنا، وأخرجه ابن ماجة (1/ 58) في المقدمة بلفظ "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب" واللفظ الذي يفيد أنه دعا له بمعرفة التأويل لم يرد في الصحيحين - حسب ما رأيت - لكن الشيخ الألباني صحح حديث ابن ماجة. انظر صحيح سنن ابن ماجة (1/ 33).
[172] أخرجه الطبري في جامع البيان (1/ 90) لكن بلفظ "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية منه وأسأله عنها" وهو من طريق محمد بن إسحاق، وقد عنعن، لكن له شاهد عند الطبري بمعناه. انظر جامع البيان (1/ 90).
[173] انظر أُصول السرخسي (1/ 169).
[174] ذكره عنه البغوي في معالم التنزيل (1/ 278)، وأسانيد البغوي إلى ابن عباس منها ما يحتج به ومنها ما لا يحتج به، وأورده أيضاً ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 350).
[175] انظر الأية رقم (1) من سورة البقرة في هذا البحث تجد المراجع في الحاشية عند تفسير تلك الآية.
[176] شرح العقيدة الطحاوية، ص (254، 255) وانظر المحرر الوجيز في عد آي الكتاب العزيز، ص (67) وما بعدها تجد فيه ما قال المؤلف في مسألة العدد.
[177] سورة آل عمران، الآية: 18.
[178] الإعلام والإخبار متقاربان. وانظر ما يؤيد كلام المؤلف في مجاز القرآن (1/ 89)، وتهذيب اللغة (6/ 72، 73)، ومعجم مقاييس اللغة (3/ 221) (شهد)، والبحر المحيط (2/ 419)، وعمدة الحفاظ (2/ 342)، والنكت والعيون (1/ 379)، والجواهر الحسان (1/ 302).
[179] سورة الزخرف، الآية: 86.
[180] أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 110) بنحوه من حديث ابن عباس، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بقوله: واه، فعمرو قال ابن عدي كان يسرق الحديث، وابن مسمول ضعفه غير واحد. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 156) وقال: محمد بن سليمان بن مسمول هذا تكلم فيه الحميدي، ولم يرو من وجه يعتمد عليه. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 18) بلفظ المؤلف وقال: غريب. وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء الكبير (4/ 70) وذكر أن هذا الحديث لا يعرف إلا من طريق المسمولي. وأورده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، ص (290) وقال: أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ.
[181] سورة الزخرف، الآية: 19.
[182] لعله: محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي النحوي، له تصانيف في القراءات والغريب والنحو (ت: 299 ه). انظر العبر (1/ 437).
[183] أورده ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 362) منسوباً إليه. وباختصار شديد ذكره أبو حيان في البحر (2/ 419) منسوباً إليه، وابن القيم في مدارج السالكين (3/ 473).
[184] هو أبو العتاهية. انظر أبا العتاهية أشعاره وأخباره، ص (104)، والأغاني (4/ 35)، والبحر المحيط (2/ 419).
[185] سورة التوبة، الآية: 17.
[186] سورة الإسراء، الآية: 23.
[187] سورة النحل، الآية 51.
[188] سورة التوبة، الآية: 31.
[189] سورة الإسراء، الآية: 39.
[190] سورة القصص، الآية: 88.
[191] شرح العقيدة الطحاوية، ص (44 - 47) وتركت بعض ما ذكره المؤلف في الآية؛ لأن مضمونه فيما نقلت. والمؤلف أخذه من كلام ابن القيم في مدارج السالكين (3/ 469).
[192] سورة آل عمران، الآية: 61.
[193] شرح العقيدة الطح اوية، ص (726) والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه تحت رقم (2404).
[194] سورة آل عمران، الآية: 72.
[195] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (221، 222) تحقيق أنور. وانظر تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1/ 123)، وجامع البيان (6/ 507)، وتفسير ابن أبي حاتم (2/ 339، 340) تحقيق د. حكمت. تجد في هذه المؤلفات ما ذكره المؤلف هنا.
[196] سورة آل عمران، الآية: 77.
(يُتْبَعُ)
(/)
[197] هكذا في النسخة المحققة التي بين يدي، ولعل الصواب: "وهو الصحيح" وقد أثبت الشيخ أحمد شاكر الواو بين قوسين. انظر تحقيقه لشرح العقيدة الطحاوية، ص (115).
[198] بهذا القول فسر الإمام الطبري الآية. انظر جامع البيان (6/ 528)، وكذلك الواحدي في الوسيط (1/ 453)، وابن كثير في تفسيره (1/ 376)، والبغوي في معالم التنزيل (1/ 319) قدمه في الذكر وحكى معه قولاً آخر بلفظ قيل. وهذا القول كما ترى من القوة بمكان. وهناك أقوال أُخر في معنى الآية: انظرها إن شئت في: بحر العلوم (1/ 279)، والتفسير الكبير (8/ 93)، ومحاسن التأويل (2/ 78).
[199] سورة المؤمنون، الآية: 108.
[200] شرح العقيدة الطحاوية، ص (178).
[201] سورة آل عمران، الآية: 92.
[202] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (705، 706) تحقيق عبد الحكيم. وانظر الكشاف (1/ 445)، والبحر (1/ 546)، والدر المصون (3/ 310) فقد ذكروا معنى (مِنْ) واحتجوا عليها بالقراءة بمثل ما فعل المؤلف هنا، إلا أن السمين قال: وهذه عندي ليست قراءة، بل تفسير معنى قلت: وإذا كانت قراءة فهي قراءة شاذة.
[203] سورة آل عمران، الآية: 169.
[204] سورة البقرة، الآية: 154.
[205] مذلَّلة يعني: مدلاه. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 166) (ذلل).
[206] المسند (1/ 265، 266)، وسنن أبي داود برقم (2520)، وتفسير الطبري برقم (8205)، ومستدرك الحاكم (2/ 97) كلهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[207] صحيح مسلم الحدث رقم (1887).
[208] انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (586، 587).
[209] سورة النساء، الآية: 3.
[210] سورة النساء، الآية: 127.
[211] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (618) تحقيق عبد الحكيم. والحديث في صحيح البخاري مع الفتح برقم (5092) وفي صحيح مسلم برقم (3018).
[212] سورة النساء، الآية: 11.
[213] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (25) تحقيق عبد الحكيم. وما ذكره المؤلف من أن (أو) لأحد المذكورين قاله الكرماني في غرائب التفسير (1/ 286)، والزمخشري في الكشاف (1/ 508)، والعكبري في التبيان في إعراب القرآن (1/ 335).
[214] سورة النساء، الآية: 22.
[215] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (598، 599) تحقيق عبد الحكيم. وانظر معاني القرآن وإعرابه (4/ 29) فقد ذكر الزجاج ما يفيد أن النكاح يطلق ويراد به الأمرين التزويج والوطء إلا أنه استبعد أن يراد به مطلق الوطء. وانظر أيضاً معاني القرآن الكريم (4/ 498). والمؤلف يريد أن يرد على الذين يقولون بتحريم من غشيها الأبُ على الابن زناً. وهي مسألة اختلف فيها العلماء على قولين. انظر: أحكام القرآن للجصاص (3/ 52 - 54)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (2/ 383 - 391)، وأحكام القرآن لابن العربي (1/ 369).
[216] سورة النساء، الآية: 24.
[217] أوطاس: واد بديار هوازن. انظر ترتيب القاموس (4/ 628) (وطس).
[218] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (648، 649) تحقيق عبد الحكيم، وأشار المؤلف إلى هذا أيضاً في ص (755) وهذا السبب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه برقم (1456).
[219] سورة النساء، الآية: 25.
[220] أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح الحديث رقم (117).
[221] شرح العقيدة الطحاوية، ص (634، 635) ويعني المؤلف بقوله "وإنما نفى استطاعة الفعل معها" أن الآلات والأسباب توجد ولا يستطيع الإنسان أن يقوم بالفعل، لمانع كالمرض ونحو ذلك.
[222] سورة النساء، الآية: 29.
[223] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (68) تحقيق أنور. وما ذكره المؤلف في الاستثناء هو أصح الوجهين. انظر التبيان في إعراب القرآن (1/ 351)، والدر المصون (3/ 663) ويكون المعنى: ولكن أقصدوا كون تجارة عن تراض منكم. انظر الكشاف (1/ 552)، أو يكون المعنى: لكن إن كانت تجارة فكلوها. انظر المحرر الوجيز (4/ 91).
[224] سورة النساء، الآية: 43.
[225] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (127) تحقيق أنور. وهذا السبب أخرجه أبو داود في سننه برقم (3671)، وابن جرير في التفسير برقم (9524)، والحاكم في المستدرك (2/ 336) كلهم أخرجوه من رواية علي بن أبي طالب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح.
[226] سورة النساء، الآية: 51.
(يُتْبَعُ)
(/)
[227] شرح العقيدة الطحاوية، ص (762)، والأثر أخرجه الطبري في جامع البيان برقم (9766)، قال حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن حسان بن فائد قال: قال عمر رحمه الله: الجبت السحر ... وذكره البخاري معلقاً فقال: وقال عمر: الجبت السحر. انظر صحيحه مع الفتح (8/ 251) كتاب التفسير، باب {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}. وقال الحافظ في الفتح (8/ 252): وصله عبد بن حميد في تفسيره، ومسدد في مسنده، وعبد الرحمن بن رستة في كتاب الإيمان كلهم من طريق أبي إسحاق عن حسان بن فائد عن عمر مثله، وإسناده قوي. وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان، وسماع حسان من عمر في رواية رستة. وهذا التفسير أيضاً أخرجه الطبري في جامع البيان (8/ 462) عن مجاهد والشعبي. وذكر ابن كثير في تفسيره (1/ 513) أنه رُوي عن ابن عباس، وأبي العالية ومجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن والضحاك والسدي. وانظر الدر المنثور (2/ 172)، فقد أورده وذكر من أخرجه عن عمر. وهناك أقوال كثيرة في معنى (الجبت والطاغوت) ساقها ابن جرير في تفسيره (8/ 461 - 465) ثم اختار أن الجبت والطاغوت اسمان لكل معظَّم من دون الله فيدخل في ذلك جميع الأقوال التي قيلت. ونقل هذا الاختيار الحافظ في الفتح (8/ 252) مقراً له. وقال الجوهري في الصحاح 1/ 245 (جبت): الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك. وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 513) كالراضي عنه المرجح به.
[228] سورة النساء، الآية: 59.
[229] شرح العقيدة الطحاوية، ص (542، 543) وهذه النكتة التي ذكرها في عدم إعادة العامل مع أولي الأمر ذكر نحوها الطيبي في فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (1/ 128) ونقلها عنه القاسمي في محاسن التأويل (2/ 361) ونحو هذا من النكتة في عدم إعادة العامل مع أولي الأمر قال أيضاً برهان الدين البقاعي في نظم الدرر (5/ 310).
[230] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (544، 545) (تحقيق أنور)، والاتباع، ص (31) وهذا التفسير قاله الطبري في جامع البيان (8/ 504، 505) وأسنده إلى بعض التابعين.
[231] سورة النساء، الآية: 65.
[232] شرح العقيدة الطحاوية، ص (242)، ومعنى ما قال المؤلف هنا في كثير من كتب التفسير، منها تفسير القرآن العظيم (1/ 521)، والجواهر الحسان (1/ 461)، وبدائع التفسير (2/ 32).
[233] سورة النساء، الآية: 78، 79.
[234] سورة الشورى، الآية 30.
[235] انظر معالم التنزيل (1/ 454، 455) فهو نقل البغوي بحروفه، إلا بعض الكلمات فالمؤلف أخذه منه، أو أخذه ممن أخذه منه. وأثر ابن عباس أخرجه البغوي في معالم التنزيل 1/ 455، من طريق مجاهد عن ابن عباس. وفي سنده مسلم بن خالد الزنجي فقيه صدوق كثير الأوهام. انظر التقريب الترجمة رقم (6625). وأورد الأثر السيوطي في الدر المنثور (1/ 185)، ونسب إخراجه لابن المنذر. وأورده أيضاً عن مجاهد، قال: هي في قراءة أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود، ونسب إخراجه لابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف. ولا تصح هذه الرواية؛ لأن مجاهداً لم يدرك أبياً ولا ابن مسعود.
[236] انظر النكت والعيون (1/ 508) فقد أورد هذا القول الماوردي، ونسبه لبعض البصريين.
[237] انظر جامع البيان (8/ 559) فقد أخرجه الطبري عن أبي العالية. وذكره الماوردي في النكت والعيون (1/ 509) منسوباً لأبي العالية.
[238] أخرجه الطبري في جامع البيان (8/ 558)، من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذلك أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/ 1010). وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها الماوردي كلها من غير ترجيح. انظر النكت والعيون (1/ 508، 509).
[239] شرح العقيدة الطحاوية، ص (515، 516). وانظر الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام، ص (22 - 25) ويبدو أن المؤلف أخذ أقوال المفسرين مع ما بعد ذلك من الجمع من هذا الكتاب.
[240] سورة الفاتحة، الآية: 6، 7.
[241] شرح العقيدة الطحاوية، ص (518، 519) ومن قوله: "وفي قوله: {فَمِنْ نَفْسِكَ} " إلى أخر الكلام منقول من كتاب الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام، ص (83).
[242] سورة النساء، الآية: 95.
(يُتْبَعُ)
(/)
[243] انظر جامع البيان (9/ 95)، والمحرر الوجيز (4/ 221) فقد فسّر ابن جرير الآية به ولم يذكر غيره، ونقله ابن عطية أيضاً. وذكر ابن الجوزي في زاد المسير (2/ 174) قولين في الآية. هذا الذي ذكره المؤلف. والثاني: أن التفضيل بالدرجة على القاعدين من غير ضرر. وأرجح القولين ما ذهب إليه المؤلف، لما ذكر، ولأن الله ذكر في أخر الآية التفضيل على القاعدين من غير عذر بقوله: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} انظر زاد المسير (2/ 175).
[244] التنبيه على مشكلات الهداية ص (220، 556) تحقيق أنور.
[245] سورة النساء، الآية: 102.
[246] سورة التوبة، الآية: 103.
[247] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (332) تحقيق عبد الحكيم. والمؤلف يريد أن يرد بهذا التفسير على قول من قال: إن صلاة الخوف لا تُصلى بعد النبي صلى الله عليه وسلمبإمام واحد وإنما تُصلى بإمامين. انظر أحكام القرآن للجصاص (3/ 237)، وأحكام القرآن لابن العربي (1/ 493).
[248] سورة النساء، الآية: 123.
[249] شرح العقيدة الطحاوية ص، (453، 454) والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 11)، وابن جرير في التفسير برقم (10523)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 97، 98)، وابن حبان في صحيحه مع الإحسان (7/ 170، 171)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1071)، والحاكم في المستدرك (3/ 78)، والبيهقي في السنن (3/ 373)، كلهم من طريق أبي بكر بن أبي زهير، عن أبي بكر الصديق. والحديث قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتابعه الذهبي فقال: صحيح. انظر الموضع المتقدم من المستدرك. ومع ذلك فقد أعله كل من حقق الكتب السابقة بالانقطاع. فإن أبا بكر بن أبي زهير لم يدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه. وهو كما قالوا فإن الحافظ ابن حجر قد نص على أنه أرسل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. انظر تهذيب التهذيب (12/ 24). وانظر أيضاً تقريب التهذيب برقم (7965). وللحديث شاهد في صحيح مسلم برقم (2574) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وكذلك له أكثر من شاهد عند ابن أبي حاتم في تفسيره انظر منه (9/ 244 - 246). قال شعيب الأرنؤوط: الحديث صحيح بطرقه وشواهده. انظر الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (7/ 171) حاشيته. وقد عد شيخ الإسلام هذا الحديث مما استفاض من وجوه متعددة. انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (14/ 427).
[250] سورة النساء، الآية: 125.
[251] انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص (199)، وانظر محاسن التأويل (2/ 501).
[252] الجهمية فرقة ضالة، تُنسب إلى جهم بن صفوان السمرقندي، الضال المبتدع، قتله سلم بن أحوز المازني سنة 128ه. انظر في شأن هذه الفرقة ومؤسسها مقالات الإسلاميين، ص (279، 280)، والفرق بين الفرق، ص (211)، والملل والنحل، ص (86).
[253] شرح العقيدة الطحاوية، ص (394). وانظر الكشاف (1/ 566) فقد أوَّل الزمخشري المحبة فقال: "مجاز عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله". وانظر نكت القرآن الدالة على البيان (1/ 241، 244) تجد فيه نسبة هذا القول إلى الجهمية والرد عليه.
[254] سورة النساء، الآية: 135.
[255] انظر جامع البيان (9/ 302) فقد فسَّره الطبري بما قاله المؤلف. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1087) عن سعيد بن جبير. وبهذا فسّره غير من ذكرت، انظر مثلاً النكت والعيون (1/ 535)، والوسيط (2/ 126)، ومعالم التنزيل (1/ 489)، والمحرر الوجيز (4/ 279)، وتفسير القرآن للسمعاني (1/ 488) وذكر الرازي قولاً ثانياً في معنى الآية، حاصله أن المراد وإن كانت الشهادة وبالاً على أنفسكم وأقاربكم وذلك أن يشهد على من يتوقع ضرره من سلطان ظالم وغيره. انظر التفسير الكبير (11/ 58). قلت: والمعتمد في معنى الآية ما ذكره المؤلف.
[256] انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (315) وأورد هذا التفسير أيضاً في التنبيه على مشكلات الهداية، ص (385) تحقيق أنور.
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:50 م]ـ
تابع تفسير الإمام بن أبي العز
سورة المائدة
(يُتْبَعُ)
(/)
[قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [1]] ... لفظ الآية لا يخالف ما تواتر من السنة، فإن المسح كما يُطلق ويراد به الإصابة، كذلك يطلق ويراد به الإسالة، كما تقول العرب: تمسحت للصلاة [2]. وفي الآية ما يدل على أنه لم يرد بمسح الرجلين المسح الذي هو قسيم الغسل، بل المسح الذي الغسل قسم منه، فإنه قال: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، ولم يقل: إلى الكعاب، كما قال: {إِلَى الْمَرَافِقِ} فدلّ على أنه ليس في كل رجل كعب واحد، كما في كل يد مرفق واحد، بل في كل رجل كعبان، فيكون تعالى قد أمر بالمسح إلى العظمين الناتئين، وهذا هو الغسل، فإن من يمسح المسح الخاص يجعل المسح لظهور القدمين، وجعل الكعبين - في الآية - غاية يرد قولهم [3]. فدعواهم [4] أن الفرض مسح الرجلين إلى الكعبين اللذين هما مجتمع الساق والقدم عند معقد الشراك مردود بالكتاب والسنة.
وفي الآية قراءتان مشهورتان النصب والخفض [5]، وتوجيه إعرابهما مبسوط في موضعه [6]، وقراءة النصب نص في وجوب الغسل؛ لأن العطف على المحل إنما يكون إذا كان المعنى واحداً، كقوله [7]:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا ... ... ... ...
وليس معنى مسحت برأسي ورجلي، هو معنى مسحت رأسي ورجلي، بل ذكر الباء يفيد معنى زائداً على مجرد المسح، وهو إلصاق شيء من الماء بالرأس [8]، فتعين العطف على قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ} [9] ... وفي ذكر المسح في الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجلين، فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً [10].
[وقال أيضاً]: قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [11] ... (من) هنا للتبعيض، لا للغاية [12]. أي: ألصقوا بوجوهكم وأيديكم بعضه. قال الزمخشري في الكشاف [13]: فإن قلت: قولهم إنها لابتداء الغاية قول متعسف، ولا يفهم أحد من العرب قول القائل: مسحت برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض. قلت: هو كما تقول [14]، والإذعان للحق خير من المراء. انتهى [15].
... قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [16] ... ذكر في سبب نزول الآية الكريمة عن ابن جريج، عن عكرمة أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالماً مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم في صحابة تبتلوا، فجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح [17]، وحرموا طيبات الطعام واللباس، إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل، وهموا بالاختصاء، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يقول: لا تسيروا بغير سنة المسلمين، يريد ما حرموا من النساء والطعام واللباس، وما أجمعوا له من قيام الليل وصيام النهار، وما هموا به من الاختصاء، فنزلت فيهم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: "إن لأنفسكم عليكم حقاً، وإن لأعينكم حقاً، صوموا وأفطرواً، وصلوا وناموا، فليس منا من ترك سنتنا". فقالوا: اللهم سلمنا واتبعنا ما أنزلت [18].
قال تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [19] {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [20] {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [21] لا خلاف أن كل واحد من الاسمين في هذه الآيات لما أُفرد شمل المقل والمعدم، ولما قرن أحدهما بالآخر في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [22] الآية، كان المراد بأحدهما المقل، والآخر المعدم [23]، على خلاف فيه [24].
وكذلك الإثم والعدوان، والبر والتقوى، والفسوق والعصيان. ويقرب من هذا المعنى الكفر والنفاق، فإن الكفر أعم، فإذا ذكر الكفر شمل النفاق، وإن ذكرا معاً كان لكل منهما معنى، وكذلك الإيمان والإسلام، على ما يأتي الكلام فيه، إن شاء الله تعالى [25].
(يُتْبَعُ)
(/)
.. قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [26] ... هذه الآية نزلت بسبب أن الله سبحانه لما حرَّم الخمر، وكان تحريمها بعد وقعة أُحد، قال بعض الصحابة: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية [27]، بيَّن فيها أن من طعم الشيء في الحال التي لم يُحَرَّمْ فيها فلا جناح عليه إذا كان من المؤمنين المتقين المصلحين، كما كان من أمر استقبال بيت المقدس [28].
... عن عمر رضي الله عنه في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [29] قال: صيده ما اصطيد، وطعامه ما رُمي به.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما طعامه ميتته، إلا ما قذرت منها [30].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدّاء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جاماً من فضة مخوصاً بذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا ابتعناه من تميم وعدي بن بدّاء فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [31] رواه البخاري وأبو داود [32].
سورة الأنعام
قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ} [33] قال غير واحد من السلف: لا يطيقون أن يروا الملك في صورته، فلو أنزلنا إليه ملكاً، لجعلناه في صورة بشر، وحينئذ يشتبه عليهم، هل هو بشر أو ملك [34]؟. ومن تمام نعمة الله علينا أن بعث فينا رسولاً منَّا [35].
... قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [36] أي وأنذر من بلغه [37].
... في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ ... } [38]: "أعوذ بوجهك" {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: "هاتان أهون" [39].
... ذكر ... الخلال في كتاب السنة بسنده إلى محمد بن سيرين، أنه قال: إن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى هذه الآية نزلت فيهم {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [40].
... قوله تعالى في سورة الأنعام: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ} [41] وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [42] الآيتان، وقوله تعالى في سورة الأنعام: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [43] الآية فقد أمر الله سبحانه بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، وعلق ذلك بالإيمان، وأنكر على من لم يأكل مما ذكر اسم الله عليه، ونهى عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه وقال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} وأن الأكل [44] مما لم يذكر اسم الله عليه لفسق [45].
قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [46] أي: كان ميتاً بالكفر فأحييناه بالإيمان [47].
.... قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [48] فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه، وامتثال أوامره، وإخباره بشيء من المغيبات، ونحو ذلك، واستمتاع الجن بالإنس تعظيمه إياه، واستعانته به، واستغاثته، وخضوعه له [49].
(يُتْبَعُ)
(/)
.. قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [50] ... الرسل من الإنس فقط، وليس من الجنِّ رسول، كذا قال مجاهد [51] وغيره من السلف والخلف. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "الرسل من بني آدم ومن الجن نذر" [52] و ظاهر قوله تعالى حكاية عن الجن: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [53] الآية، يدل على أن موسى مرسل إليهم أيضاً. والله أعلم.
وحكى ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم أنه زعم أن في الجن رسلاً، واحتج بهذه الآية الكريمة [54]، وفي الاستدلال بها على ذلك نظر؛ لأنها محتملة وليست بصريحة وهي والله أعلم كقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [55] والمراد من أحدهما [56].
... قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [57] ... يعود الضمير إلى المذكور كله، وهو الميتة والدم ولحم الخنزير؛ فإن الأصل: قل لا أجد فيما أوحي إليّ شيئاً محرماً، فحذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه، ثم قال: إلا كذا وكذا، فإن هذا المذكور كله رجس، وإعادة الضمير إلى بعض المذكور فيه نظر [58].
... قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [59] وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [60] فوحَّد لفظ "صراطه" و"سبيله" وجمع "السبل" المخالفة له [61]. وقال ابن مسعود رضي الله عنه خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وقال: "هذا سبيل الله" ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره، وقال: "هذه سبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} " [62]
... قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [63] ... روى البخاري عند تفسير الآية، عن أبي هريرة، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل" [64]. وروى مسلم، عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أوَّل الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحىً، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً" [65]. أي أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، كل ذلك أمور مألوفة؛ لأنهم بشر، مشاهدة مثلهم مألوفة، أما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف، ثم مخاطبتها الناس ووسمها إيَّاهم بالإيمان أو الكفر، فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها، على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية [66].
سورة الأعراف
... روى عكرمة عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [67] قال: ولم يستطع أن يقول: من فوقهم؛ لأنه قد علم أن الله سبحانه من فوقهم [68].
... قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [69] كيف استوى؟ فقال [70]: الاستواء معلوم والكيف مجهول [71]. ويُروى هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً [72] ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم [73].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [74] يخبر سبحانه أنه استخرج ذريّة بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو.
وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب آدم عليه السلام، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين، وإلى أصحاب الشمال، وفي بعضها الإشهاد عليهم بأن الله ربهم [75].
فمنها: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان [76] يعني عرفة أخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه، ثم كلمهم قُبُلاً [77] قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} .. إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ} ". ورواه النسائي أيضاً، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه [78].
وروى الإمام أحمد أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه سُئل عن هذه الآية، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها، فقال: "إن الله خلق آدم عليه السلام، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية، قال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية قال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون" فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخل به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار". ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن جرير، وابن حبان في صحيحه [79].
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً [80] من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك؟ فرأى رجلاً منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي ربِّ من هذا؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود، قال: ربِّ كم عمره؟ قال: ستون سنة، قال: أي ربِّ زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم، جاء ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم، فنسيت ذريته، وخطىء آدم، فخطئت ذريته". ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه [81].
وروى الإمام أحمد أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتدياً به؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي". وأخرجاه في الصحيحين أيضاً [82].
وفي ذلك أحاديث أُخر أيضاً كلها دالَّةٌ على أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل النار وأهل الجنة [83] ...
وأما الإشهاد عليهم هناك، فإنما هو في حديثين موقوفين على ابن عباس وابن عمرو رضي الله عنهم. ومن ثَمَّ قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد، كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه [84].
ومعنى قوله "شهدنا": أي قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا. وهذا قول ابن عباس [85] وأبي بن كعب [86]. وقال ابن عباس أيضاً: أشهد بعضهم على بعض [87]. وقيل: "شهدنا" من قول الملائكة، والوقف على قوله "بلى". وهذا قول مجاهد والضحاك والسدي [88]. وقال السدي أيضاً: هو خبر من الله تعالى عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم [89].والأول أظهر، وما عداه احتمال لا دليل عليه، وإنما يشهد ظاهر الآية للأول [90].
(يُتْبَعُ)
(/)
واعلم أن من المفسرين من لم يذكر سوى القول بأن الله استخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم، كالثعلبي والبغوي [91] وغيرهما. ومنهم من لم يذكره، بل ذكر أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها الله فيهم، كالزمخشري [92] وغيره.
ومنهم من ذكر القولين، كالواحدي والرازي والقرطبي [93] وغيرهم، لكن نسب الرازي القول الأول إلى أهل السنة، والثاني إلى المعتزلة [94]. ولا ريب أن الآية لا تدل على القول الأول أعني أن الأخذ كان من ظهر آدم وإنما فيها أن الأخذ من ظهور بني آدم [95]، وإنما ذكر الأخذ من ظهر آدم والإشهاد عليهم هناك في بعض الأحاديث، وفي بعضها الأخذ والقضاء بأن بعضهم إلى الجنة، وبعضهم إلى النار، كما في حديث عمر رضي الله عنه، وفي بعضها الأخذ وإراءة آدم إيّاهم من غير قضاء ولا إشهاد، كما في حديث أبي هريرة. والذي فيه الإشهاد على الصفة التي قالها أهل القول الأول موقوف على ابن عباس وابن عمرو [96]، وتكلم فيه أهل الحديث، ولم يخرجه أحد من أهل الصحيح غير الحاكم في المستدرك على الصحيحين، والحاكم معروف تساهله رحمه الله.
والذي فيه القضاء بأن بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار دليل على مسألة القدر، وذلك شواهده كثيرة، ولا نزاع فيه بين أهل السنة، وإنما يخالف فيه القدرية المبطلون المبتدعون.
وأما الأول [97]: فالنزاع فيه بين أهل السنة من السلف والخلف، ولولا ما التزمته من الاختصار لبسطت الأحاديث الواردة في ذلك، وما قيل من الكلام عليها، وما ذكر فيه من المعاني المعقولة، ودلالة ألفاظ الآية الكريمة.
قال القرطبي: وهذه الآية مشكلة، وقد تكلم العلماء في تأويلها، فنذكر ما ذكروه من ذلك، حسب ما وقفنا عليه، فقال قوم: معنى الآية أن الله أخرج من ظهر بني آدم بعضهم من بعض. قالوا: ومعنى {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} دلهم بخلقه على توحيده؛ لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له رباً واحداً. {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} أي: قال: فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم، والإقرار منهم، كما قال تعالى في السماوات والأرض: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [98] ذهب إلى هذا القفال وأطنب. وقيل: إنه سبحانه أخرج الأرواح قبل خلق الأجساد، وإنه جعل فيها من المعرفة ما عَلِمَتْ به ما خاطبها [99]. ثم ذكر القرطبي بعد ذلك الأحاديث الواردة في ذلك إلى آخر كلامه [100].
وأقوى ما يشهد لصحة القول الأول حديث أنس المخرج في الصحيحين، الذي فيه: "قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك بي" [101].
ولكن قد رُوي من طريق أُخرى: "قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل، فيرد إلى النار" [102]. وليس فيه (في ظهر آدم) وليس في الرواية الأولى إخراجهم من ظهر آدم على الصفة التي ذكرها أصحاب القول الأول. بل القول الأول متضمن لأمرين عجيبين:
أحدهما: كون الناس تكلموا حينئذ، وأقروا بالإيمان، وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يوم القيامة.
والثاني: أن الآية دلت على ذلك، والآية لا تدل عليه لوجوه:
أحدها: أنه قال: {مِنْ بَنِي آدَمَ}، ولم يقل: من آدم.
الثاني: أنه قال: {مِنْ ظُهُورِهِمْ} ولم يقل: من ظهره، وهذا بدل بعض، أو بدل اشتمال [103]، وهو أحسن.
الثالث: أنه قال: {ذُرِّيَّتَهُمْ} ولم يقل: ذريته.
الرابع: أنه قال: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي جعلهم شاهدين على أنفسهم، ولابد أن يكون الشاهد ذاكراً لما شهد به، وهو إنما يذكر شهادته بعد خروجه إلى هذه الدار، كما تأتي الإشارة إلى ذلك، لا يذكر شهادة قبله.
الخامس: أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا الإشهاد إقامة الحجة عليهم، لئلا يقولوا يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} والحجة إنما قامت عليهم بالرسل والفطرة التي فُطروا عليها، كما قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [104].
السادس: تذكيرهم بذلك، لئلا يقولوا يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، ومعلوم أنهم غافلون عن الإخراج لهم من صلب آدم كلهم، وإشهادهم جميعاً ذلك الوقت، فهذا لا يذكره أحد منهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع: قوله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [105] فذكر حكمتين في هذا الأخذ والإشهاد: ألا يدعوا الغفلة، أو يدعوا التقليد، فالغافل لا شعور له، والمقلد متبع في تقليده لغيره. ولا تترتب هاتان الحكمتان إلا على ما قامت به الحجة من الرسل والفطرة.
الثامن: قوله: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [106] أي: لو عذبهم بجحودهم وشركهم لقالوا ذلك، وهو سبحانه إنما يهلكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير إقامة الحجة عليهم بالرسل، لأهلكهم بما فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن معرفة بطلان ما كانوا عليه، وقد أخبر سبحانه [107] أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار بإرسال الرسل.
التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [108]، فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [109].
العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، بحيث لا يتخلف عنها المدلول، وهذا شأن آيات الرب تعالى، فإنها أدلة معينة على مطلوب معين، مستلزمة للعلم به فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [110]، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يُولد على الفطرة، لا يولد مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا يتبدل ولا يتغير. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا. والله أعلم.
وقد تفطن لهذا ابن عطية [111] وغيره، ولكن هابوا مخالفة ظاهر تلك الأحاديث التي فيها التصريح بأن الله أخرجهم وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم. وكذلك حكى القولين الشيخ أبو منصور الماتريدي في شرح التأويلات، ورجح القول الثاني، وتكلم عليه ومال إليه [112].
… قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [113] قال ليث عن مجاهد: "هو الرجل يهم بالذنب، فيذكر الله فيدعه" [114].
والشهوة والغضب [115] مبدأ السيئات، فإذا أبصر رجع، ثم قال تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [116] أي: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي، ثم لا يقصرون [117].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا الإنس تُقصر عن السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم" [118].
ـ[أسد الصمد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:54 م]ـ
الهوامش والتعليقات على الجزء الثاني من البحث
[1] سورة المائدة، الآية: 6.
[2] انظر المفردات ص، (467)، والوسيط (2/ 159)، ومعاني القرآن الكريم (2/ 272، 273)، والمحرر الوجيز (5/ 48).
[3] قوله: وجعل الكعبين ... الخ احتج به كثير ممن تقدم، منهم: الزجاج في معاني القرآن (2/ 154)، والأزهري في تهذيب اللغة (4/ 352) "مسح"، والنحاس في معاني القرآن (2/ 273).
[4] يعني بقوله: "فدعواهم" الشيعة فإنهم هم الذين يرون أن الفرض هو المسح، لا الغسل. انظر تفسير القرآن العظيم (2/ 23).
[5] يعني في لفظ "أرجلكم" وقراءة النصب، قرأ بها نافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص، والباقون بالخفض. انظر المبسوط في القراءات العشر، ص (184)، والنشر في القراءات العشر (2/ 254).
[6] انظر الحجة للقراء السبعة (3/ 214، 215)، والكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 406).
[7] هذا الشعر لعُقَيْبة بن هُبيرة الأسدي، شاعر جاهلي إسلامي (ت نحو: 50ه) قاله لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في أبيات وصدر البيت: (معاوي إننا بشر فأسجح). ووجه الاستشهاد بالبيت أن "الحديدا" منصوب عطفاً على محل الجبال المجرورة لفظاً. وقد تبع المؤلف سيبويه وغيره في الاحتجاج بالبيت. انظر الكتاب (1/ 67)، والإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 332)، ولسان العرب (10/ 120) "غمز" على أن قافية هذا الشعر قد جاءت مجرورة في خلاف يطول ذكره. انظر خزانة الأدب (2/ 260). وإن أردت الوقوف على غير المراجع المذكورة التي أوردت هذا الشعر فانظر
(يُتْبَعُ)
(/)
المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (1/ 209، 210).
[8] تابع المؤلف شيخ الإسلام في عدم صحة عطف قراءة {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب على محل {بِرُؤُوسِكُمْ} لوجود الاختلاف بينهما وبين ما جاء في البيت المذكور. انظر فتاوى شيخ الإسلام (21/ 349). وكون الباء للإلصاق هو رأي الزمخشري في الكشاف (1/ 597)، وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (21/ 349). وقد قيل في الباء غير ما ذكر. انظر الدر المصون (4/ 209).
[9] يعني عطف قراءة {وَأَرْجُلَكُمْ} بالنصب. وانظر الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 407)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (21/ 349)، والدر المصون (4/ 210) والأخير قد ذكر الخلاف بين العلماء في عطف الأيدي.
[10] شرح العقيدة الطحاوية، ص (553 - 555) وما ذكره بقوله: وفي ذكر المسح في الرجلين ... الخ. قاله الزمخشري في الكشاف (1/ 597).
[11] سورة المائدة، الآية: 6.
[12] انظر الدر المصون (4/ 216) فقد ذكر السمين القولين، ووصف ما ذهب إليه المؤلف بأنه الأظهر.
[13] انظر منه (1/ 529) فقد قاله الزمخشري عند الآية (43) من سورة النساء.
[14] في التنبيه على مشكلات الهداية "يقول" بالياء، والتصحيح من الكشاف.
[15] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (91) تحقيق عبد الحكيم.
[16] سورة المائدة، الآية: 87.
[17] المسوح جمع "مِسْح" بكسر الميم وإسكان السين كساء من شعر. انظر مختار الصحاح، ص (455)، والمعجم الوسيط (2/ 903) "مسح".
[18] شرح العقيدة الطحاوية، ص (788 - 790). والأثر بهذا اللفظ أخرجه ابن جرير في تفسيره برقم (12348) عن ابن جريج عن عكرمة. قال ابن كثير بعد أن أورد هذا الأثر في تفسيره (2/ 89): "وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين مرسلة، ولها شاهد في الصحيحين من رواية عائشة أم المؤمنين". قلت: وللوقوف على هذه الروايات المرسلة انظر جامع البيان (10/ 514 - 518)، وتفسير ابن أبي حاتم (4/ 1187). والمؤلف إما أنه نقل سبب النزول من جامع البيان، أو من تفسير شيخه ابن كثير.
[19] سورة المائدة، الآية: 89.
[20] سورة المجادلة، الآية: 4.
[21] سورة البقرة، الآية 271.
[22] سورة التوبة، الآية 60.
[23] قال أبو جعفر النحاس: وقال أهل اللغة لا نعلم بينهم اختلافاً الفقير الذي له بلغة، والمسكين الذي لا شيء له. انظر معاني القرآن (3/ 222) فقد ذكر هذا المذهب عند اقتران أحد اللفظين بالآخر.
[24] انظر الجامع لأحكام القرآن (8/ 168) فقد قال القرطبي: اختلف علماء اللغة وأهل الفقه في الفرق بين الفقير والمسكين على تسعة أقوال. وانظر أيضاً معاني القرآن لأبي جعفر النحاس (3/ 220 - 223) فقد ذكر أبو جعفر طائفة من أقوال العلماء في ذلك.
[25] شرح العقيدة الطحاوية، ص (452 - 453) وانظر أيضاً، ص (493) وقد تكلم المؤلف أيضاً على لفظ الفقير والمسكين في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية، ص (388) تحقيق عبد الحكيم، وسيأتي كلامه على الإيمان والإسلام في سورة الحجرات. وقضية أن المعنى يختلف بالاقتران والانفراد بحثها شيخ الإسلام في مواضع من مجموع الفتاوى، منها (7/ 162 - 169) ولعل المؤلف اطلع على شيء من هذا.
[26] سورة المائدة، الآية: 93.
[27] أخرجه الترمذي في جامعه، برقم (3050، 3051)، وأبو داوود الطيالسي في مسنده برقم (715)، وأبو يعلى في مسنده برقم (1719)، والطبري في جامع البيان برقم (12528)، وابن أبي حاتم في تفسيره برقم (6775)، وابن حبان في صحيحه مع الإحسان برقم (5350، 5351)، والواحدي في أسباب النزول، ص (209، 210) كلهم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه. والحديث قال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وانظر الصحيح المسند من أسباب النزول، ص (61، 62).
[28] شرح العقيدة الطحاوية، ص (446 - 448).
[29] سورة المائدة، الآية: 96.
[30] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (574) تحقيق أنور. وأثر عمر أخرجه ابن جرير في جامع البيان برقم (12687) بإسناد ضعيف. وأثر ابن عباس أخرجه ابن جرير أيضاً (12696) ورقم (12697) إلا قوله: "إلا ما قذرت منها" فلم أقف عليه. والسندان إلى ابن عباس رجالهما ثقات. وتفسير "طعامه" بأنه ما لفظه ميتاً. أخرجه ابن جرير في جامع البيان برقم (12729) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح كما قال محمود شاكر.
[31] سورة المائدة، الآية: 106.
(يُتْبَعُ)
(/)
[32] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (406) تحقيق أنور. والحديث أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (2780)، وأبو داود في السنن برقم (3606).
[33] سورة الأنعام، الآية: 8.
[34] أخرج نحوه الطبري في جامع البيان (11/ 268، 269) عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. وأخرج نحوه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1266) عن ابن عباس. وانظر تفسير القرآن العظيم (2/ 8125)، والدر المنثور (3/ 5).
والطبري وابن أبي حاتم ذكرا نحو هذا التفسير عند قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} وأما الآية التي ذكرها المؤلف فالمقصود منها لقضي الأمر بنزول العذاب إن لم يؤمنوا عند مجيء الآية، أو لقضي الأمر بقيام الساعة، أو لقضي الأمر بأن يموتوا؛ لأنهم لا يطيقون رؤية الملك في صورته الحقيقية. ثلاثة أقوال. ذكرها الطبري وغيره. انظر جامع البيان (11/ 267، 268)، والمحرر الوجيز (6/ 9، 10) والقول الثاني ضعيف، قال ذلك ابن عطية.
[35] شرح العقيدة الطحاوية، ص (220).
[36] سورة الأنعام، الآية: 19.
[37] شرح العقيدة الطحاوية، ص (169). وبهذا فسَّر الإمام الطبري الآية، وأسند نحوه عن بعض الصحابة والتابعين، وكذا أسنده ابن أبي حاتم، وعبد الرزاق الصنعاني. انظر جامع البيان (11/ 290 - 292)، وتفسير ابن أبي حاتم (4/ 1271، 1272)، وتفسير القرآن لعبد الرزاق (2/ 205).
[38] سورة الأنعام، الآية: 65.
[39] شرح الطحاوية ص (776) والحديث أخرجه البخاري برقم (4628)، ورقم (7313) ورقم (7406) من حديث جابر رضي الله عنه، واللفظ الذي اختاره المؤلف هو برقم (7313) ولم أجده في صحيح مسلم المطبوع. وقد أخرجه غير الإمام البخاري.
[40] سورة الأنعام، الآية: 68. وانظر شرح العقيدة الطحاوية، ص (433). والأثر لم أقف عليه في كتاب السنة المطبوع بعد البحث. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 7428) عن ابن سيرين بإسناد رجاله ثقات. وأورده السيوطي في الدر المنثور (3/ 20) ونسب إخراجه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. ولم يذكر أن الخلاَّل أخرجه.
[41] سورة الأنعام، الآية: 118.
[42] سورة الأنعام، الآية: 119.
[43] سورة الأنعام، الآية: 121.
[44] يريد المؤلف أن يُفسِّر الضمير الذي في قوله: {وَإِنَّهُ} والذي ذكره نحوه في زاد المسير (3/ 115).
[45] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (545) تحقيق أنور.
[46] سورة الأنعام، الآية: 122.
[47] شرح العقيدة الطحاوية، ص (360). وبهذا فسَّر الإمام الطبري الآية في جامع البيان (12/ 18)، وأسنده ابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1381) عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة. ثم قال: "ورُوي عن مجاهد، والسدي، وأبي سنان نحو ذلك" وبهذا فسر الآية المفسرون. انظر مثلاً: المحرر الوجيز (6/ 141)، ومدارك التنزيل (2/ 31)، والتسهيل (2/ 36)، ولباب التأويل (2/ 178)، وتفسير الجلالين بحاشية الفتوحات (2/ 85)، والفتوحات الإلهية (2/ 85).
[48] سورة الأنعام، الآية: 128.
[49] شرح العقيدة الطحاوية، ص (766). ونحو هذا التفسير أسنده ابن جرير في جامع البيان (12/ 116) عن ابن جريج. وبه فسر ابن جرير. وانظر معاني القرآن الكريم (2/ 489، 490)، وتفسير القرآن للسمعاني (2/ 144) ففيهما هذا القول وغيره.
[50] سورة الأنعام، الآية: 130.
[51] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1389) عن مجاهد بإسناد رجاله ثقات.
[52] أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (12/ 122) من طريق ابن جريج، قال: قال ابن عباس: هم الجن الذين لقُوا قومهم، وهم رسل إلى قومهم. ومعلوم أن ابن جريج لم يدرك ابن عباس. وقد نقل ابن حجر عن يحيى بن سعيد أنه قال: إذا قال ابن جريج قال، فهو شبه الريح. انظر تهذيب التهذيب (6/ 404). ولهذا أورد ابن الجوزي قول ابن عباس هذا بصيغة التمريض فقال: "ورُوي عن ابن عباس" انظر زاد المسير (3/ 125).
[53] سورة الأحقاف، الآية: 30.
[54] أخرجه ابن جرير في جامع البيان (12/ 121) من طريق شيخه ابن حميد، قال حدثنا يحيى ابن واضح، قال حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سئل الضحاك عن الجن هل كان فيهم نبي. ثم ساق ما يفيد معنى ما ذكره المؤلف. وابن حميد قد تكلم فيه العلماء؛ ولذلك قال الذهبي في الكاشف (3/ 32): وثقه جماعة والأولى تركه.
[55] سورة الرحمن، الآية: 22.
(يُتْبَعُ)
(/)
[56] شرح العقيدة الطحاوية، ص (168). وما ذكره المؤلف هنا مختصر من كلام شيخه ابن كثير في التفسير (2/ 178) فقد أطال في الرد على الضحاك وذكر أدلة من خالفه. والقول ما ذهب إليه ابن كثير والمؤلف فإنه قول الأكثر فيما اطلعت عليه، وقد وصفه القرطبي في الجامع (7/ 86) بأنه الصحيح، ويمكن تخريج الآية على ما ذكر ابن كثير. وهو قول الأئمة من قبله: ابن جريج، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. انظر معاني القرآن (1/ 354)، وتأويل مشكل القرآن، ص (287)، وجامع البيان (12/ 122) فيه كلام ابن جريج، ومعاني القرآن وإعرابه (2/ 292) وأحسن من هذا التخريج ما جاء عن ابن عباس فإنه جمع بين القولين، وهو من ناحية الإسناد كما رأيت، إلا أن مثله قد جاء عن مجاهد بإسناد رجاله ثقات، كما تقدم من رواية ابن أبي حاتم.
[57] سورة الأنعام، الآية: 145.
[58] التنبيه على مشكلات الهداية، ص (64) تحقيق عبد الحكيم. وفي تفسير الضمير في "فإنه" ثلاثة أقوال. 1 - يرجع إلى اللحم 2 - يرجع إلى الخنزير 3 - يرجع إلى الكل.
انظر بحر العلوم (1/ 521)، والبحر المحيط (4/ 242، 243) وفتح القدير (2/ 178)، وروح المعاني (8/ 44) وقد وصف الألوسي ما ذهب إليه المؤلف بأنه خلاف الظاهر. وقال ابن القيم: "فالضمير في قوله: (فإنه) وإن كان عوده إلى الثلاثة المذكورة باعتبار لفظ المحرم، فإنه يترجح اختصاص لحم الخنزير به؛ لثلاثة أوجه. أحدها: قربه. والثاني: تذكيره دون قوله: فإنها رجس. والثالث: أنه أتى بالفاء وإن، تنبيهاً على علة التحريم لتنزجر النفوس عنه، ويقابل هذه العلة ما في طباع بعض الناس من استلذاذه واستطابته فنفى عنه ذلك وأخبر أنه رجس، وهذا لا يحتاج إليه في الميتة والدم؛ لأن كونهما رجساً أمر مستقر معلوم عندهم". بدائع التفسير (2/ 185).
[59] سورة الأنعام، الآية: 153.
[60] سورة يوسف، الآية: 108.
[61] المؤلف يعني نحو ما قاله شيخه ابن كثير في تفسيره (2/ 192) فقد قال: "إنما وحد سبيله؛ لأن الحق واحد، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها".
ـ[الراية]ــــــــ[06 Aug 2007, 10:14 م]ـ
2 - رأيت من بعض المعاصرين الشغف بإخراج تراث بعض الفرق الضالة والدعوة إليها [4] وهذا تهديد لحصوننا من داخلها وزيادة لجراحنا النازفة، فلعل جمع تفسير من عرف بالتصدي لتلك الفرق مما يدفع الله به الفساد،
والله تعالى يقول: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ}
[4] من الأمثلة على هذا تحقيقات وكتابات الدكتور عدنان زرزور حول تراث المعتزلة التفسيري.
لا أظن أنه يسلم للباحث ذلك؟؟
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[10 Aug 2007, 03:47 ص]ـ
هذ ال بحث مجود أيضا على موقع الحامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
وبالمنا سبة فإن الموقع جعل مواضيع مجلة الجامعة الإسلامية على الموقع
وخاصة مواضيع علوم القرآن والتفسير التي كتبت في مجلة الجامعة والله ولي التوفيق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2007, 04:33 م]ـ
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/646d02f41d8c0f.jpg(/)
من هم المردود عليهم الكرَة في الآية: {ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ
ـ[ابن رشد]ــــــــ[19 Jul 2006, 04:55 م]ـ
من هم القوم الذين رد الله لبني إسرائيل الكرَة عليهم في الآيات من سورة الإسراء، فلم يذكر في الوقائع التاريخية المعروفة أي غلبة لبني إسرائيل على الفرس أو غيرهم ممن ذكر المفسرون القدامى أنهم هم الذين سلطهم الله عليهم جزاء إفسادهم؟
- و لم تقع الغلبة لليهود إلا على العرب المسلمين، كما هو الحال الآن،
فهل العرب أو المسلمون هم المعنيون في الآيات في السجال مع اليهود؟
- و تحية إكبار و تقدير للمجاهدين في فلسطين و لبنان.
أعزهم الله و نصرهم و ثبت أقدامهم. آمين
ـ[ابن رشد]ــــــــ[20 Jul 2006, 10:18 م]ـ
لم لا يوجد ذكر في الملتقى لما يقع الآن من جهاد مبارك في فلسطين و لبنان ضد اليهود؟!
أليست هذه أول مرة يضرب الفجرة الكفرة في عقر البلاد التي احتلوها منذ ما يزيد على نصف قرن؟
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ".
- و ما زال الاستفسار المذكور آنفا بغير جواب!
ـ[سيف الدين]ــــــــ[21 Jul 2006, 12:32 ص]ـ
تسجيل متابعة
ـ[ابن رشد]ــــــــ[21 Jul 2006, 10:25 ص]ـ
أشكرك أخي على هذه المتابعة، و لكن أرجو التفاعل منكم و من غيركم(/)
القول المحرر لترجمة أبي صالح باذام المفسر
ـ[د. حاتم الشريف]ــــــــ[21 Jul 2006, 03:22 م]ـ
القَوْلُ المُحَرِّرلترجمة أبي صالح باذام المُفَسِّر (دراسةٌ لمسألةِ سماعه من ابنِ عباسٍ، ولِمَنْزِلَتِه في الرّواية قَبولاً أو رَدًّا)
[ line]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العظيم الأفضال، والصلاة والسلام على النبيّ وأزواجه والآل.
أما بعد: فهذا مقالٌ كان يعتلج في قلبي من مُدّة، وتشغلني عن كتابته مشاغل عديدة. ثم عزمتُ على الصبر له، والثبات على كتابته؛ فقد خشيتُ -والله- أن أُحَاسَبَ إن تركتُه على عدم البيان، إذ إن الصواب الذي بدا لي فيه مهجورٌ غير مشهور، بل لو قلتُ: مجهولٌ غير معلوم عند الأكثرين = لكان قولاً قريبًا من الحقّ، إن لم يكن الحق عينه.
فاستعنتُ بالله وكتبتُه على عجل، ولم أنشط إلى تجويد ترتيبه. لكني أرجو أن أكون قد نصحتُ فيه لله ولكتابه ولرسوله، أن بيّنتُ القول الصواب في حكم رواية أحد الرواة، ممّن كان الإعراض عن قبول روايته هو القول المشتهر المستقر، فأظهرت الدراسةُ فيه خلافَ ذلك.
ولمّا كان هذا الراوي مفسّرًا، وله نسخةٌ تفسيريّة، كان لحكم روايته أثر على تفسير كتاب الله تعالى، مع ما له من الأثر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الراوي هو: أبو صالح باذام مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب.
فقد تُكلِّم في رواية هذا الراوي من جهتين:
-من جهة تضعيفه هو وجرحه.
-ومن جهة عدم سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما.
فدرستُ هاتين الجهتين، وتبيّن لي فيهما أنهما مخالفتان للصواب، كما ستراه في طيّات هذا المقال.
وسوف أبدأ بمسألة سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، ثم بمسألة منزلته من الجرح والتعديل.
فأقول (مستعينًا بالله تعالى):
هو أبو صالح باذام (وقيل: باذان) مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها.
تابعي كبير: سمع عليّ بن أبي طالب، وابن عباس، وأبا هريرة، وأمّ هانئ.
وروى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل بن سالم الأسدي (تاريخ ابن معين برواية الدوري رقم 2388)، وإسماعيل بن عبدالرحمن السُّدّي (ت فق)، وجعدةُ بن أمّ هانئ (س)، وأبو هند الحارث بن عبدالرحمن الهَمْداني، وسفيان الثوري [كذا ذكره المزّي، وهو لم يدرك أبا صالح، فقد وُلد سفيان سنة 97هـ، أي بعد وفاة أبي صالح، كما أنه إنما يروي عنه بواسطة الكلبي ومنصور بن المعتمر والسُّدِّي وغيرهم]، وسليمان الأعمش (ونفى أبو حاتم سماعه منه في المراسيل رقم 298)، وسماك بن حرب (ت س)، وسيّار بن الحكم (معرفة الرجال لابن محرز: 2/ رقم 269)، وعاصم بن بهدلة (سي)، وأبو قلابة عبدالله بن زيد الجرمي (قد)، وعثمان بن عاصم بن حَصين أبو حَصين (القدر للفريابي رقم 414، ومسند الشاميين للطبراني رقم 1385، والمحدث الفاصل للرامهرمزي 291)، وعمّار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري [ذكره المزّي، وهو لم يدرك أبا صالح، وطبقتُهُ طبقةُ من يروي عن رجلين عنه]، وعمران بن سليمان، ومالك بن مِغْوَل، ومحمد بن جُحادة (4)، ومحمد بن السائب الكلبي (ت فق)، ومنصور بن المعتمر (تفسير الطبري 3/ 313 - 314)، وموسى بن عُمير القرشي، وأبو مكين نوح بن ربيعة.
هؤلاء هم الرواة عنه الذين ذكرهم المزّي في تهذيب الكمال (4/ 6)، وأضفت إليهم آخرين قيّدتُهم وقيّدتُ مصادر رواياتهم عنه.
وهو مكيٌّ، ثم كوفيّ. كان يناصر آل عليّ رضي الله عنه.
توفي في خلافة الوليد بن عبدالملك، أي بين (86هـ - 96هـ)، في قول الدولابي. وأمّا الذهبي فأرّخه ظنًّا بين سنة (110هـ - 120هـ)، كما في تاريخ الإسلام (3/ 311)، والأوّل أقرب.
هذه أهمّ معالم سيرته، وسيأتي أثناء سياق ما يتعلّق بسماعه وبمنزلته في الرواية أشياء أخرى مهمّة مُتَمِّمةٌ لهذه السيرة.
وأبدأ أوّلاً بما يتعلّقُ بسماعه من ابن عباس رضي الله عنهما خاصّةً، وسيأتي في أثناء ذلك إثبات سماعه من بقيّة شيوخه المذكورين آنفًا:
فقد شُكِّك في سماعه من ابن عباس، وأكثر ما يستدل به أصحاب هذا التشكيك، بقول ابن حبان في المجروحين (1/ 185): «يحدث عن ابن عباس، ولم يسمع منه».
وهذه هي العبارة التي ذكرها العلائي في جامع التحصيل (رقم 55)، وابن الملقن في البدر المنير (2/ 485)، وأبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (رقم 80)، والحافظ ابن حجر في التهذيب (1/ 417).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يؤيد هذا القول: أن الإمام مسلمًا في كتابه التفصيل، تعقّب حديث أبي صالح عن ابن عباس في لعن زوارات القبور، بقوله: «هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتّقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماعٌ من ابن عباس». (فتح الباري لابن رجب 3/ 201).
ونقل مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (2/ 345)، عن ابن عدي أنه نفى سماعه من ابن عباس أيضًا، وهو أمرٌ لا وجود له في الكامل لابن عدي!
وقد كان هذا القول هو المستقرّ عند عامّة الباحثين، بل لا أعرف إلا من قال به. وكان هو المستقرّ عندي أيضًا، خاصةً مع عبارة الإمام مسلم التي وقفت عليها.
ثم أوّل ما حَرّكني للبحث هو أني وقفت على العبارة التالية في منتخب علل الخلال لابن قدامة (127 رقم 60)، وهي قول مُهَنّى: «قال أحمد بن حنبل: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير. (قال مهنى:) قلت: أي شيء؟ قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة:195]، قال: النفقة في سبيل الله».
والذي استوقفني منها هو قول الإمام أحمد بأنّه ليس عند أبي صالح من الأحاديث المسندة إلا الشيء اليسير، ثم ضرب مثالاً لهذا اليسير بأثر موقوفٍ على ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية.
وسبب هذا التوقف مني عند هذا الوصف: أن المسند عند المحدثين أكثر ما يُطْلَق على المرفوع المتّصل (حقيقةً أو ظاهرًا)، وقد يطلقونه (بقلة) على غير المرفوع إذا كان مُتّصلاً. وتفسير ابن عباس هنا غير مرفوع، ومعنى ذلك أن الإمام أحمد قصد بـ (المسند) في وصفه لحديث أبي صالح عن ابن عباس: الاتصال، أي: إنه متصل!
هذا أوّل ما استوقفني، ودعاني لبحث هذه المسألة.
فلمّا رجعتُ إلى تفسير الطبري عند تفسير هذه الآية، وجدته أخرجه من وجهين عن شعبة بن الحجاج، عن منصور بن المعتمر، عن أبي صالح [قال في أحد الوجهين في التعريف به: الذي كان يحدث عنه الكلبي]، عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية: «تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقصٌ أو سهم». (تفسير الطبري: 3/ 313 - 314).
فاستوقفني فيها أنها من رواية شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن المعلوم لدى المشتغلين بالسنّة: دلالةُ رواية شعبة بن الحجاج على سماع الرواة الذين روى عنهم بعضهم من بعض، لا في طبقة شيوخه وشيوخهم، بل في طبقة شيوخ شيوخه وشيوخهم أيضًا. إذْ لمّا روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، قال: سمعت عمارًا؛ قال ابن أبي حاتم لأبيه: «فأبو مالك سمع من عمار شيئًا؟ قال: ما أدري ما أقول لك! قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك: سمعت عمارًا. ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار، ما كان شعبةُ يرويه .. ». (العلل: رقم 34). ووجه الاحتجاج بقوله: «ما كان شعبة يرويه»، إذ الظاهر أنه لولا صحّة السماع لما رواه شعبة، والمعنى: أن شعبة لا يروي إلا ما كان مُتّصلاً.
ومن العبارات المهمّة أيضًا، لكن ظاهرها يخص شيوخ شعبة، قَوْلُ شعبة: «كل شيء حدثتكم به، فذلك الرجل حدثني به أنه سمعه من فلان؛ إلا شيئًا أبيّنه لكم». (تقدمة الجرح والتعديل: 173). ومن ذلك ما أخرجه السرّاج في مسنده (رقم 742) بإسناد صحيح إلى شعبة، قال: «ما سمعتُ من رجل حديثًا، إلا قال لي: حدثنا، أو: حدثني؛ إلا حديثًا واحدًا: قال قتادة: قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من حُسن الصلاة إقامة الصف. أو كما قال؛ فكرهتُ أن تَفْسُدَ عليَّ من جودة الحديث».
فلمّا وجدتُه من رواية شعبة عن منصور عن أبي صالح عن ابن عباس، ازددتُ ثقةً أن الإمام أحمد بكلامه السابق أراد وَصْفَ حديث أبي صالح عن ابن عباس بالاتصال، وهذا يعني إثباته للسماع.
فرجعتُ إلى الأثر السابق، وعزمتُ على تخريجه. فكان أوّل مصدر رجعت إليه بعد تفسير الطبري، هو تفسير ابن أبي حاتم، فما أشدّ فرحي عندما تحقّق ظنّي، عندما وجدتُ أبا صالح يصرّح بالسماع، بالإسناد الصحيح إليه، وفي هذا الخبر نفسه الذي ذكره الإمام أحمد!!!
قال ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742): «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
(يُتْبَعُ)
(/)
وبذلك جزمتُ بصحّة فهمي لكلام الإمام أحمد، وأنه كان يثبت سماع أبي صالح من ابن عباس. وأن شعبة أيضًا كان يثبت هذا السماع، ولذلك روى عن أبي صالح عن ابن عباس، وأنه اطّرد على قاعدته في التثبّت من السماع في هذا الإسناد تحديدًا. وأخيرًا قام الدليلُ الصحيح، والذي اعتمده الإمام أحمد من قبل = على أن أبا صالح قد سمع من ابن عباس!! ثم يأتي كلام الإمام أحمد لينفي عن صيغة التصريح بالسماع في ذلك الخبر احتمال التصحيف؛ لأنه أثبت بها الاتصال!
ولا شكّ أن هذا الإثبات للسماع، بإمامة وجلالة مُثْبِتَيْهِ، وبقيام الدليل على صحّته = أجل وأرجح من أقوال النُّفاة. كيف وقد وافقهم ثالثٌ باللفظ الصريح، كما يأتي؟؟!
ولكنّي أحببتُ مزيدًا من التأكد، فواصلتُ التنقيب، حتى وقفتُ على الخبر التالي:
قال الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (291 - 292): «حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل: حدثنا عبدالرحمن بن صالح: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصين، قال: كنّا عند أبي صالح، فقال: قال أبو هريرة: إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلّها سبعين عامًا. فقال شقيق الضبّي: ما سمعنا في الجنة بظعن ولا سير! قال: أفتكذّبُ أبا هريرة؟! قال: لا، ولكن أكذّبُك.
قال: وكان أبو صالح مولى أمّ هانئ وقع في السهم لجعدة بن هبيرة، فبعث به إلى أمّ هانئ، فأعتقته، وقالت لابن عباس: اكتُبْ له عِتْقَه، ففعل. وكانت تقول لأبي صالح: تعلّم، فإنّ الناس يسألونك. وتقول: خرج من بيت علم».
وهذا إسنادٌ صحيح.
محمد بن عبدوس بن كامل السلمي السراج البغدادي (ت293هـ)، وهو أحد الحفاظ الأثبات. (تاريخ بغداد: 2/ 381 - 382).
وعبدالرحمن بن صالح الأزدي (ت235هـ)، وهو ثقة، لم يُتكلّم فيه إلا ببدعة التشيّع. (التهذيب: 6/ 197 - 198).
أبو بكر بن عياش (ت194هـ)، وهو مشهور في الثقات المكثرين.
وأبو حَصين هو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي (ت127هـ)، وهو ثقة ثبت مشهور.
وأخرجه ابن جرير الطبري مختصرًا (22/ 316 - 317)، لكن فيه فوائد إسناديّة.
حيث قال الطبري: «حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حصين، قال: كنّا على بابٍ في موضع، ومعنا أبو صالح وشقيق (يعني الضبي). فحدّث أبو صالح، فقال: حدثني أبو هريرة، قال: إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب في ظلها سبعين عامًا. فقال أبو صالح: أتكذّب أبا هريرة؟! فقال: ما أكذب أبا هريرة، ولكنّي أكذبك أنت. قال: فشقّ على القرّاء يومئذٍ».
وبهذا الإسناد الصحيح يزداد السابق صحّة، وفيه فائدة، وهي أن أبا صالح قد سمع من أبي هريرة أيضًا، فقد صرّح بالسماع منه.
أمّا الخبر نفسه المتعلّق بأبي صالح، والذي يظهر أنه من كلام أبي حصين، فهو خبرٌ جليل الفوائد:
-ففيه أن عبدالله بن عباس هو الذي كتب عِتْقَ أبي صالح.
-وفيه أن أبا صالح سمع من أمّ هانئ بنت أبي طالب أخت أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. وقد صرّح بالسماع منها أيضًا في مسند أحمد (رقم 26891)، ومعجم الطبراني (24/ 412).
-وفيه أنه تلقَّى علمه من آل بيت النبوة، كابن عباس، وبنت عمّه أم هانئ رضي الله عنها.
-وفيه ثناءٌ من هذه الصحابيّة الجليلة على هذا التابعي الجليل!
وأمّا جعدة بن هبيرة الوارد في الخبر فهو ابن أمّ هانئ، حيث إن أمّ هانئ تزوجت بهبيرة بن أبي وهب المخزومي، فولدت منه جعدة وغيره.
وبذلك نعلم قِدَمَ طبقة أبي صالح، ولا نعجب حينها من ذكر ابن سعد له في طبقة التابعين الذين سمعوا من مثل ابن عمر وأسامة بن زيد وابن عباس وعائشة وأمثالهم. فانظر طبقات ابن سعد (7/ 297) (8/ 413).
بل لم يقف الأمر عند هذه الطبقة، فقد قال الدولابي في الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس، وهو أبو صالح صاحب التفسير، وكان علويًّا، هلك في إمارة الوليد بن عبدالملك».
فهاهو الدولابي لا يثبت سماعه من ابن عباس فقط، بل من علي رضي الله عنه! وليس في ذلك غرابة، وهو عَتيقُ أخته أمّ هانئ بنت أبي طالب.
وبذلك لا يبقى شكٌّ في سماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما.
لكن جاء في عبارة الإمام أحمد التي فتح الله بها عليّ بهذا التحرير: أن أبا صالح لم يرو عن ابن عباس إلا القليل، مع أنّ رواية أبي صالح عن ابن عباس نسخةٌ شهيرةٌ في التفسير!
الجواب: أن النسخة الشهيرة عن أبي صالح عن ابن عباس، هي من رواية محمد بن السائب الكلبي، وهو الذي وضع هذا الإسناد، وكذب على أبي صالح.
ومصداقُ ذلك أن ما رواه أبو صالح عن ابن عباس، من غير رواية الكلبي عنه، قليلٌ جدًّا، كما قال الإمام أحمد، وكما تراه في التفاسير.
فليس له في الكتب الستة عن ابن عباس؛ إلا حديث «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتّخذين عليها المساجد والسُّرُج».
أخرجه أبو داود (رقم 3227)، والترمذي وقال: «حديث حسن» (رقم 320)، والنسائي (رقم 2043)، وابن ماجه (رقم 1575).
وهو من حديث شعبة بن الحجاج أيضًا، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
وليس لأبي صالح عن ابن عباس حديثٌ سواه في إتحاف المهرة لابن حجر (7/ 18 - 19)، إلا ثلاثة أحاديث عند الدارقطني، كلّها من رواية الكلبي عن أبي صالح، وقد نبّه الدارقطني على كذب الكلبي فيها (سنن الدارقطني رقم 4227).
هذا ما يتعلّق بسماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حاتم الشريف]ــــــــ[21 Jul 2006, 03:33 م]ـ
أما منزلته من الجرح والتعديل:
فالحقّ يُقال: إن من أعظم ما أضرّ بأبي صالح روايةُ الكلبي عنه لذلك التفسير الموضوع على ابن عباس رضي الله عنهما.
ولم يكتفِ الكلبي بذلك، حتى ادّعى أن أبا صالح قال له: «كل شيء حدثتك فهو كذب». (التاريخ الكبير للبخاري: 1/ 101، والأوسط: 3/ 399 رقم 609، والضعفاء: رقم 337، ومنتخب علل الخلال لابن قدامة: 127 رقم 60، والكامل لابن عدي: 2/ 69، 7/ 114، 115، والأسماء والصفات للبيهقي: رقم 875، 876).
وقد رُوي عنه هذا التكذيب بلفظ آخر مجمل، غير صريح بتكذيب أبي صالح، وهو أنه قال للثوري: «ما حدثت عني، عن أبي صالح، عن ابن عباس، فهو كذب، فلا تروه». (الجرح والتعديل 7/ 271، والمجروحين 2/ 254).
وسواءً أقال العبارة الأولى التي زعم أن أبا صالح اعترف له فيها بالكذب، أو قال الثانية التي تحتمل تكذيبه نفسه، فالكلبي نفسه كذّاب، ولا يجوز أن يُجْرح أحدٌ بكلام كذّاب.
ولذلك فما أحسن تصرّف البخاري عندما أورد هذه العبارة في ترجمة الكلبي، لا في ترجمة أبي صالح. للذي ذكرناه من أن الكلبي نفسه كذاب، ومن جهة أن الكلبي قد ملأ الدنيا بتفسيره المطوَّل المكذوب هذا، فما باله يحدّث بما عَرّفه شيخُه -بزعمه- أنه كَذِبٌ؟! ولماذا لم يمتنع عن رواية هذا التفسير الموضوع؟!!
وقد بيّن يحيى بن معين من يستحق التكذيب في هذه النسخة، حيث قال (كما سيأتي): «الكلبي إذا روى عن أبي صالح فليس بشيء؛ لأن الكلبي يحدّث به مَرّةً من رأيه، ومَرَّةً عن أبي صالح، ومَرَّةً عن أبي صالح عن ابن عباس. فإذا حدّث غير الكلبي عن أبي صالح: فليس به بأس».
ووازن هذين الموقفين المنصفين من عبارة الكلبي تلك بقول الجوزجاني في أحوال الرجال (رقم 64): «أبو صالح مولى أمّ هانئ، كان يقال له دُرُوزَن: غير محمود (ثم أسند إلى سفيان الثوري:) عن الكلبي، قال: قال أبو صالح: كل ما حدثتُك كذب».
فـ (غير محمود) لا تساوي في الدلالة اتّهامه بالكذب، فإن قصد أنه غير محمود لكنه غير كذاب: فعبارته موهمةٌ، لا تؤدّي هذا المعنى؛ إذ كيف يَسْتدل لكونه غير كذاب بوصفه بالكذب؟! وإن استدلّ لوصفه بالكذب بعبارة الكلبي، فهذا ما لا يُقبل؛ إذ كيف يُجرح أحدٌ بقول كذاب؟!
وأحسب الجوزجاني وصفه بهذا الوصف لكونه من شيعة علي رضي الله عنه؛ لأنه ذكره في شيعة الكوفة، كما أنّ أبا صالح قد وصفه الدولابي بأنه علوي، ومراده بذلك أنه ممن له ميلٌ إلى عليّ رضي الله عنه. وهذا سببٌ من أسباب انحراف الجوزجاني عنه، فإنه (كما هو معروف عنه) فيه مَيْلٌ زائدٌ عن شيعة علي رضي الله عنه.
وقد ظهر لي سبب افتراء الكلبي لهذه الفرية، التي يدّعي فيها أن أبا صالح أقرّ على نفسه بالكذب، مع ما لا يخفى من بُعْد وقوع مثل هذا الإقرار في العادة، مما يشهد على كذب دعوى هذا الإقرار نفسها، وهذا السبب هو أن أبا جناب يحيى بن أبي حيّة، قال: «حلف أبو صالح: أني لم أقرأ على الكلبي من التفسير شيئًا». (الجرح والتعديل 7/ 271). فيبدو أن الكلبي لمّا بلغه أن أبا صالح كذّبه، واجه التكذيب بالتكذيب!!
وعلى عدم اعتماد تكذيب الكلبي لأبي صالح عامة النقّاد؛ لأنّ من ضعّف أبا صالح منهم، لم يصل الأمر بغالبهم درجة اتّهامه بالكذب، بل ظاهر عبارات غالبهم أنه خفيف الضعف؛ وهذا ردٌّ لقول الكلبي، وهو حريٌّ بكل ردّ.
ومع ذلك: فقد استصحب شؤمُ كَذِب الكلبي بتلك النسخة أبا صالح في غير سياقه الصحيح، في كثير من الأحيان.
وهذا ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (5/ 563 - 564)، يردّ على قول عبدالحق الإشبيلي عن أبي صالح: «ضعيف جدًّا»، بردٍّ يقول فيه: «وضعفُ الكلبي لا ينبغي أن يُعْدِي أبا صالح، وليس ينبغي أن يُمَسَّ أبو صالح بكذبة الكلبي عليه، حيث حكى عنه أنه قال له: كل ما حدثتك عن ابن عباس كذب، وفي رواية: فلا تحدث به. فهذا من كذب الكلبي، وهو عندهم كذاب».
ولكن يبدو أنّ كذب الكلبي قد أخرج عبارات في أبي صالح تُوهِمُ أنه في حالته من الكذب أو قريبًا منها!
(يُتْبَعُ)
(/)
فانظر قول الدارمي في ردّه على المريسي (54): «قد أجمع أهل العلم بالأثر أن لا يحتجوا بالكلبي، في أدنى حلال أو حرام، فكيف في تفسير توحيد الله وتفسير كلامه!! وكذلك أبو صالح». فلا أدري: هل جُرّ أبو صالح بالمجاورة (كما يقول أهل النحو)؟! أم قصد أنه لا يُعتمد على نسخة الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس؟! أم قصد استضعافَ تفسير أبي صالح الموقوف عليه لا روايته عن ابن عباس؟!!
فمن نظر في أقوال أئمة الجرح والتعديل، والتي سيأتي ذكرها، يعلم أن أبا صالح لا يصح اتّهامُه وتركُه، وأن أقصى ما يمكن أن يصل إليه من الضعف، هو الضعف الذي سببه قلّة الحفظ وضعف الضبط، وهو سببٌ لا يُنزله إلى مراتب الضعف الشديد أبدًا، ما دام معلومَ العدالة.
ومن ثَمَّ: يستحقُّ كل قول يدلّ على ترك أبي صالح التركَ المعني به ترك الرواية، والدالَّ على شدّة الضعف = أن يكون قولاً مردودًا، لا يؤثر في أبي صالح؛ لأنه يشهد على عدم صحّة تصوّر قائله لحقيقة حال أبي صالح. ومن لم يصحّ تصوّره لا يصح حُكْمُه، ولا يصحّ اعتماد حكمه من بعده.
فانظر قول البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 312): «وأبو صالح هذا، والكلبي، ومحمد بن مروان: كلّهم متروك عند أهل العلم بالحديث، لا يحتجّون بشيء من رواياتهم؛ لكثرة المناكير فيها، وظهور الكذب منهم في رواياتهم».
هذا القول مثالٌ صحيح لشؤم رواية الكلبي عن أبي صالح في التفسير، ومثال على عدم صحّة التصوّر لحال أبي صالح!
ونحوٌ منه قول ابن عدي: «وباذام عامّةُ ما يرويه تفاسير، وما أقلّ ما له من المسند. وهو يروي عن: علي، وابن عباس. وروى عنه: ابن أبي خالد تفسيرًا كثيرًا، قدرَ جزء. وفي ذلك التفسير ما لا يتابعه عليه أحد، ولا أعلم أحدًا من المتقدّمين رضيه». (الكامل 2/ 71، ووقع فيه تصحيفات، وتصويبها من مختصر الكامل للمقريزي 201 رقم 300).
قلت: إن قصد ابن عدي بما لا يتابع عليه من التفسير رواية الكلبي، فهذا ما لا يصح أن تُلْحَق نكارته بأبي صالح. وإن قصد ما سوى ذلك، فما أورد له ابن عدي شيئًا يقتضي تضعيف تفسيره.
فقد أخرج ابن عدي (2/ 70) في ترجمة أبي صالح خبرين عنه متعلّقين بالتفسير، والأصل أنه أخرجهما لبيان مثالٍ لما يُستنكر عليه من التفسير.
أمّا الأول: فهو أن أبا صالح قال في قوله تعالى: {ويأتوكم من فورهم} [آل عمران:125]: «من غضبهم».
وهذا تفسير لم ينفرد به أبو صالح، بل هو قول مجاهد، وقولٌ لعكرمة مولى ابن عباس، وللضحاك، وله وجه في اللغة صحيح. (تفسير الطبري 6/ 30 - 32).
وأمّا الثاني: فرواية أبي صالح عن أمّ هانئ، قالت: «فيّ نزلت هذه الآية {وبنات عملك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك} [الأحزاب:50]، فقالت: أراد النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوّجني، فنُهي عنّي؛ لأني لم أُهاجر».
وهذا السبب لنزول الآية الذي أورده ابن عدي، والذي يُفهم من إيراده إيّاه أنه مثالٌ لما يُستنكر من مرويات أبي صالح في التفسير = ليس فيه نكارة ظاهرة، بل قد خالفه غيره من أئمة الحديث، فقد أخرجه الترمذي (رقم 3214)، وقال: «هذا حديث حسن، لا أعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السُّدِّي». (ووازنه بتحفة الأشراف 12/ 450 رقم 17999)، والحاكم وصحّحه (2/ 420) (4/ 53). وذكره عددٌ من المفسّرين عند هذه الآية، دون نكير منهم لها.
وانفراد أبي صالح عن أمّ هانئ بهذا السبب، وهو مولاها، لا غرابة فيه. على أنّ أصل القصّة ثابتٌ في الصحيح، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أمّ هانئ. فقد أخرجه مسلم (4/ 1959 رقم 2527)، من حديث أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني قد كبرتُ، ولي عيال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)).
وله شاهدٌ من حديث أمّ هانئ نفسها عند الطبراني في الكبير (24/ 436 - 437) والأوسط (رقم 4254، 5615)، بإسناد جيّد إلى الشعبي، عن أمّ هانئ رضي الله عنها. وأخرجه ابن سعد (10/ 146 - 147)، عن الشعبي، بالقصّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جوّد أبو صالح مولاها الخبر عنها، كما في لفظه الآخر عند ابن سعد في الطبقات (10/ 147)، بإسناد صحيح إليه، حيث قال: «خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني مُؤْيمة، وبنيّ صغار. فلمّا أدرك بنوها، عرضت نفسها عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أمّا الآن فلا))؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أنزل عليه {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} إلى قوله {اللاتي هاجرن معك} [الأحزاب:50]، ولم تكن من المهاجرات».
ففي هذا الخبر بيانٌ للخبرين، وأن الآية لم تنزل في أمّ هانئ، ولكن كان فيها بيان حكمها، وهو أحد معاني السلف في قولهم: «نزلت في كذا»، أي في بيان حكم قصّة فلان أو تُخبر عن مثل ما وقع لفلان. (وانظر: المحرّر في أسباب النزول للدكتور خالد المزيني 2/ 816 - 818، فهذا التحرير يناقشُ ترجيحَه).
فهذا هو الخبر الثاني لابن عدي يتبيّن أنه لا نكارة فيه أيضًا، وأن ابن عدي إن قصد بإخراجه الاستدلال به على ما ذكره: من رواية أبي صالح لما لا يُتابع عليه في التفسير وما يُستنكر عليه فيه، كما هو الأصل من منهج ابن عدي = أنه استدلالٌ في غير محلّه؛ لأنه لا نكارة فيه.
وأمّا إن لم يقصد ابن عدي الاستدلال بالخبرين السابقين على مناكير أبي صالح في التفسير، وهذا خلاف الأصل، فلماذا لم يذكر ما يستدل به؟! فهذا أكثر دلالة على عدم صحّة ما ذهب إليه، لأنه فَقَدَ دليلاً واحدًا عليه، وأنه لم يجد حديثًا واحدًا يشهد لصحة قوله!
وممّا يؤكّد على نقص ما كان لدى ابن عدي في أبي صالح، قولُه عنه: «ولا أعلم أحدًا من المتقدّمين رضيه». فإن هذه العبارة المنقوضة بالواقع (كما يأتي)، تدل على النقص الذي سيؤدّي إلى خطأ التصوّر أيضًا عند ابن عدي رحمه الله.
على أن شيخ الإسلام ابن تيميّة قد تعقّب عبارة ابن عدي هذه، بقوله في مجموع الفتاوى (24/ 351): «وهذا كقول من قال: لا أعلم أنهم رضوه. وهذا يقتضي أنه ليس عندهم من الطبقة العليا، ولهذا لم يخرج البخاري ومسلم له ولأمثاله؛ لكن مجرّد عدم تخريجهما للشخص لا يوجب ردّ حديثه. وإذا كان كذلك، فيقال: إذا كان الجارح والمعدِّل من الأئمة، لم يُقبل الجرح إلا مفسَّرًا، فيكون التعديل مقدّمًا على الجرح المطلق».
لكن الذي يستوقف في شأن ابن عدي، أنه قد أورد عبارة قاسيةً في أبي صالح، ومع نقص تصوّره عنه، لم يعتمدها!
فقد أخرج ابن عدي (2/ 68)، والبخاري في الضفعاء (رقم 44)، والأوسط (3/ 60)، وغيرهما، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: «كنّا نسمّي أبا صالح دروغ زن، وتفسيره كذّاب».
وقد جاءت في بعض المصادر «دروزن»، فانظر السنن الكبرى للنسائي (3/ 368).
والذي في المعجم الذهبي (فارسي-عربي) للدكتور محمد التونجي (295):
«دُروغ زَن: كاذب».
وهذا الوصف هو أشدّ ما جاء في أبي صالح، ولكن يعارضه معارضة قويّة قول من قبله (وهم من أجلّ الأئمة وأشدّهم تحرّيًا)، وقولُ من ضعّفه تضعيفًا خفيفًا.
ومن دلائل عدم اعتماده أيضًا أن الإمام النسائي لم يعتمده، فقد قال في السنن الكبرى (3/ 368 رقم 3295): «هو ضعيف الحديث، وهو مولى أمّ هانئ، وهو الذي يروي عنه الكلبي. وقال ابن عيينة، عن محمد بن قيس، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كُنّا نُسمي أبا صالح دُرُوْزَنْ، وهو بالفارسيّة: كذّاب؛ إلا أن يحيى بن سعيد لم يتركه، وقد حدّث عن إسماعيل بن أبي خالد عنه، وقد رُوي أنه قال في مرضه: كل شيء حدّثتكم فهو كذب».
فانظر كيف اكتفى بوصفه بأنه «ضعيف الحديث»، وهو الوصف الذي ذكره أيضًا في كتابه الضعفاء (رقم 74)، مع علمه بعبارة حبيب بن أبي ثابت. ثم انظر إلى استثنائه «إلا أن يحيى بن سعيد لم يتركه»، وظاهرها بيان سبب عدم اعتداده بهذا التكذيب. أمّا ما نقله في آخر ترجمته، فلا يخفى على أبي عبدالرحمن النسائي أنه من رواية الكلبي، ولذلك قدّمه بصيغة التمريض، ولذلك لم يعتمده أيضًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأمّا ما نقله المزّي (تهذيب الكمال 4/ 7) من أن النسائي قال عنه: «ليس بثقة»، وهي عبارة جرح شديد من النسائي، ففوق كونه مخالفًا لما جاء في كتابي النسائي (السنن، والضعفاء)، فقد شكَّك الإمام الذهبي في صحّتها، حيث قال في السير (5/ 37 - 38): «وقال النسائي: ليس بثقة، كذا عندي، وصوابه: بقوي. فكأنها تصحّفت، فإن النسائيَّ لا يقول: ليس بثقة في رجل مُخَرَّج في كتابه».
وما أحسن كلام الذهبي هذا، خاصّةً مع إخراج النسائي له في المجتبى، مُبَوِّبًا على حديثه وحده (رقم 2043)، دون تعقُّبٍ منه بضعفه. وإنما تعقّب حديثًا آخر، كان يرى أنه لا يصح، في (السنن الكبرى)، كما نقلنا كلامه آنفًا.
وهذا التصرّف من النسائي يصلح أن يكون من نصيب من كان في آخر مراتب القبول؛ حيث إن الأصل فيمن أخرج له النسائي في المجتبى، دون إعلال لحديثه، أنه مقبول. وأمّا قوله عنه ضعيف، فلا يعارض تلك المنزلة، كما بيّنتُه في المرسل الخفي (1/ 309 - 311، 352)، من أن (ضعيف) وصفٌ قد يوصف به من كان في آخر مراتب القبول؛ لأن فيه ضعفًا موازنةً بالثقة. ويَكْثُر وصف المقبول بهذا الوصف إذا أخطأ، ويزدادُ عدد المقبولين الموصوفين بالضعف في أحكام من كان نَفَسُهُ حادّ، كالنسائي، على عَدَدِهم في أحكام الأئمة المعتدلين في ألفاظهم.
هذه هي أهم ألفاظ الجرح، وذكرنا أنّ من أسبابها رواية الكلبي التفسير عن أبي صالح، ثم دعواه أنه كذب في روايته.
كما أن من أسبابها أن أبا صالح لم يكن مبرّزًا في التفسير تبريز مفسّري عصره، من أمثال مجاهد وغيره من تلامذة ابن عباس. كما أنه لم يكن مبرّزًا في العلم كأئمة التابعين في زمنه، من أمثال الشعبي. كما أنه كانت له صنعة لم تكن من صنائع كبار العلماء، وهي تعليم الصبيان في الكُتّاب. فمِثْلُهُ إذا انتُقِصَ من علمه، أو استُخِفَّ بمعارفه، ومن أئمة التابعين = لا نستغرب ذلك. لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون له اعتباره في العلم، فإن البدر عند الشمس ينمحي نوره.
فإن «كان مجاهد ينهى عن تفسير أبي صالح» [كما في التاريخ الكبير للبخاري (2/ 144)، والكامل لابن عدي (2/ 70)، والجرح والتعديل (2/ 432)، لكنه جاء مطلقًا غير مقيد بالتفسير عند ابن أبي حاتم]؛ فإن لمجاهد (الذي فاق أئمة التابعين قاطبةً في التفسير) أن لا يراه أهلاً لذلك. خاصّةً أنه يُذكر عنه كثرة اعتماده على الصُّحُف، وأنه يأخذ عنها دون إكثار من الأخذ من العلماء، كما قال مغيرة بن مِقْسم: إنما أبو صالح صاحب الكلبي يُعَلّم الصبيان، (ويُضَعِّفُ تفسيره): قال: كُتُبٌ أصابها، (وتعجّب ممن يروي عنه). [أخرجه صالح بن الإمام أحمد كما في العلل رواية المروذي وغيره رقم 315، وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ 2/ 782 - 783، والعقيلي في الضعفاء 1/ 166]. فهذا الاستضعاف مقبول من إمام المفسّرين مجاهد، وهذا التعليل بالأخذ من الكتب له وجهه في زمنهم. أمّا اليوم وقبله بدهور، فلا يصح الاعتماد على هذه الأحكام لاستضعاف علم أبي صالح في التفسير. ولذلك نقل عنه تفسيره اثنان من جلّة التابعين، ورأياه أهلاً له، وهما إسماعيل بن عبدالرحمن السُّدِّي المفسِّر الكبير، وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي التابعيّ الثقة الحجّة الذي قال عنه العجلي: «كان لا يروي إلا عن ثقة». (التهذيب: 1/ 292). وأودع كثيرًا من أقواله في التفسير أئمة التفسير في كتبهم، كابن جرير وابن أبي حاتم، في حين أنهما تجنّبا تفسير الكلبي ومقاتل بن سليمان والواقدي وأمثالهم
وأمثالهم ([1])، بل لقد استعرضتُ كل ما رواه له ابن جرير في التفسير، فلم أجد فيه ما يُستنكر، بل عامة تفسيره متابعٌ عليه من أئمة التفسير في زمنه، كمجاهد وعكرمة وأمثالهما.
وفي هذا المعنى قِصّة الشعبي مع أبي صالح، فقد قال إسماعيل بن أبي خالد:
«رأيتُ الشعبي مرَّ بأبي صالح، فأخذ بأذنه فعركها، ثم قال: يا مَخْبَثَان، تفسر القرآن وأنت لا تقرأه». ومعنى قوله: «وأنت لا تقرأه»، أي: لا تحفظه؛ كما جاء في بعض ألفاظ الخبر. (العلل ومعرفة الرجال برواية المروذي وغيره: رقم 314، وتاريخ ابن معين برواية الدوري: رقم 3164، المعرفة والتاريخ للفسوي: 2/ 685، 785، وتاريخ ابن أبي خيثمة: رقم 2452، والضعفاء للعقيلي: 1/ 165، وتفسير الطبري: 1/ 86، والكامل لابن عدي: 2/ 70، وجاء عندهما بلفظ: وأنت لا تحسن تقرأ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أن لحفظ القرآن أو لجودة قراءته أهمّيته، لكنه ليس شرطًا من شروط المفسّر ([2]).
وهذا إسماعيل بن أبي خالد الذي روى هذه الحكاية عن الشعبي، وهو أخصّ تلامذة الشعبي وأوثقهم فيه، يكون هو نفسه أشهر وأكثر من روى تفسير أبي صالح، وكأنه لم ير في نقد الشعبي ما يقتضي ردّ تفسير أبي صالح، مع إجلاله وتعظيمه لشيخه الشعبي.
وكأني ألمح من عَرْك الشعبي لأُذُنِ أبي صالح، أن القصّة جاءت على وجه المزاح والدعابة! خاصةً أنهما قرينان في السنّ تقريبًا!!
وهذا كُلّه ليس له علاقةٌ بقبول رواية أبي صالح؛ لأن القبول لا علاقة له بعلمه في التفسير. لكن إيراد هذه الأقوال في ترجمة أبي صالح مع عبارات الجرح والتعديل، قد تعزّزُ في نفس الناظر بغير أناة قبول الجرح وتقدّمه عنده على التعديل. لكن بعد هذا البيان عن مكانة أبي صالح في التفسير، وبالتأكيد على أنه لا علاقة بين هذه العبارات ومنزلته في الجرح والتعديل = لا يبقى لهذه العبارات أثرٌ في تعزيز الجرح على التعديل ولا العكس.
فإذا عُدْنا إلى بقيّة عبارات الجرح، أجد أهمّها (بعدما سبق) ما جاء في التهذيب (1/ 416): «قال أحمد: كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح». فقد يُظنّ أن الترك هنا هو الترك الاصطلاحي، الذي يُقصد به شدّة الضعف. لكن الصحيح أن عبدالرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان لمّا كانا لا يرويان إلا عن ثقة أو مقبول الرواية عندهما ([3])، قيّد العلماءُ مَنْ رويا عنه، ومن تجنّبا الرواية عنه أو له. فيكون حينها من تجنّبا الرواية عنه غير مقبول الحديث عندهما، فقد يكون شديد الضعف، وقد يكون خفيفَ الضعف؛ لأن هذين الصنفين كليهما لا يُحتجّ بحديثهما. وقد يعبّر العلماء عن ذلك بأنهما رويا عن فلان وتركا حديثَ فلان، أو روى عنه أحدهما وتركه الآخر، والمقصود بالترك هنا ما هو أعمّ من الترك الاصطلاحي؛ لأن شرط هذين العالمين ترك الرواية عن خفيف الضعف وشديده.
ويبيّن هذا المعنى بوضوح النُّقول التامّة التالية:
قال الإمام أحمد في العلل (رقم 3289): «كان ابن مهدي لا يُحدّثُ عن إسماعيل عن أبي صالح شيئًا، من أجل أبي صالح، وكان يحيى بن سعيد يحدّث عنه، وكان في كتابي عنه عن سفيان عن السُّدِّي عن أبي صالح، فلم يحدثنا به [يعني: عبدالرحمن بن مهدي]».
وعَبّر عن هذا بلفظ آخر في موضع آخر، فقال (رقم 3309): «كان عبدالرحمن بن مهدي ترك حديث أبي صالح باذام، وكان في كتابي عن السدي عن أبي صالح، فتركه، فلم يحدثنا به عنه».
وقال في موضع آخر (رقم 4381): «كان عبدالرحمن بن مهدي لا يحدّث عن باذام أبي صالح».
فعبدالرحمن بن مهدي لم يقل عن أبي صالح «متروك الحديث»، وإنما ترك الحديث عنه؛ لأنه لا يحدث إلا عن مقبول الرواية مُحْتَجٍّ بحديثه، لا لأنه شديد الضعف عنده. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميّة عن راوٍ: «وأمّا قَوْلُ من قال: تركه شعبة، فمعناه أنه لم يرو عنه. وشعبة، ويحيى بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، ومالك، ونحوهم، قد كانوا يتركون الحديث عن أناس لنوع شبهة بلغتهم، لا توجب ردّ أخبارهم، فهم إذا رووا عن شخص كانت روايتهم تعديلاً له، وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح». (مجموع الفتاوى 24/ 349 - 350).
ومن العبارات التي قد يستدل بها على كذب أبي صالح، ما رواه سفيان بن عيينة، قال: «سمعت إسماعيل أو مالك بن مغول (الشك من الحميدي الراوي عن سفيان)، قال: سمعت أبا صالح يقول: ما بمكّة أحدٌ إلا وقد علمتُه القرآن، أو علمت أباه. (قال سفيان:) فسألت عَمرو بن دينار عن أبي صالح؟ فقال: لا أعرفه». (المعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 685، والضعفاء للعقيلي 1/ 166).
قلت: من نظر في الذين صحّ سماع عَمرو بن دينار منهم، ومن أدركهم أبو صالح، علم أن أبا صالح أكبر من عَمرو بن دينار. ولذلك ذكر الحافظ عَمرو بن دينار في الرابعة، بينما ذكر أبا صالح في الثالثة.
ثم إن أبا صالح ممن نزل الكوفة، فقد ذكره ابن سعد في الطبقات (8/ 413) في أهل الكوفة، وذكره الجوزجاني في أحوال الرجال (رقم 64)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم 3775) في الكوفيين أيضًا. ولما ذكره البرديجي في طبقات الأسماء المفردة (رقم 179)، قال عنه: «كوفي». ومعنى ذلك أنه استقرّ في الكوفة، وهو ما يشهد له الرواة عنه، فكلّهم أو عامّتهم كوفيون.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان قد استقرّ بالكوفة، ثم إنه يَكْبُرُ عَمرو بن دينار في السنّ، فمعنى ذلك أنه خرج من مكّة في صغر عَمرو بن دينار.
ثم إن أبا صالح كان معلّمَ كُتّاب، فهو لم يقصد من إخباره عن نفسه تعليمَه أهلَ مكّة: أنه كان إمامًا في القراءة أو علوم القرآن (كالتفسير) في زمنه بمكّة، ولَفْظُ أبي صالح يشهد لهذا المعنى.
فأن يَخْفَى ذِكْرُ أبي صالح (مُعَلّم الكُتّاب) على عَمرو بن دينار المكي ليس بالأمرالمستغرب، ولا في ذلك دليلٌ على كذب أبي صالح!!
[ line]
أمّا عبارات التضعيف الخفيف، سوى ما سبق:
فقال علي بن المديني: «ليس بذاك، ضعيف». (سؤالات محمد بن عثمان رقم 118)، وقال الإمام مسلم -كما سبق-: «قد اتّقى الناس حديثَه». (فتح الباري لابن رجب 3/ 201). وذكره أبو زرعة في الضعفاء (2/ 604 رقم 42). وقال الدارقطني: «ضعيف». (السنن 5/ 472 رقم 4692)، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم». (التهذيب 1/ 417).
وأمّا الأزدي فقال: «كذاب»، والجورقاني فقال: «متروك». (التهذيب 1/ 417)، وكلاهما لا يُقبل منهما ذلك، أمّا الأول فلأنه هو متكلَّم فيه، وأمّا الثاني، فلأنه معارضٌ بمن هم أجل منه وأعرف وأولى بعلم ذلك.
ومن هنا أبدأ بذكر من قَبِلَ حديث أبي صالح، وجعله في دائرة المحتجّ بهم، ولو كان في آخر مراتب القبول.
وأبدأ بقرين عبدالرحمن بن مهدي، والمشهور بالتشدّد أكثر من ابن مهدي، ألا وهو يحيى بن سعيد القطان، فهو أحد أشهر وأجل وأشدّ من لا يروي إلا عن ثقة، وقد روى لأبي صالح، كما في عبارات الإمام أحمد السابقة.
ولم يكتف القطان بذلك حتى كان يقول: «لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أمّ هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة، ولا زائدة، ولا عبدالله بن عثمان». (الجرح والتعديل 2/ 432، وضعفاء العقيلي 1/ 166).
قلت: فهؤلاء: شعبة، وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن أبي خالد، ومنصور بن المعتمر، ويحيى القطان يروون عن أبي صالح أو يروون له، وكلّهم ممن لا يروى إلا عن ثقة، كما سبق في حديثنا عن إسماعيل والقطان، وكما هو مشهور عن شعبة، ومعلومٌ في زائدة بن قدامة ومنصور بن المعتمر. (انظر: زوائد رجال صحيح ابن حبان ليحيى الشهري 1/ 174، 176 - 177، 184). أما عبدالله بن عثمان، فأحسبه عبدالله بن عثمان بن معاوية البصري، صاحب شعبة وشريكه، أحد أجلّ الثقات وأتقنهم (تهذيب التهذيب 5/ 317 - 318)، ويصحّ الاستشهاد بذكره في هذا السياق أنه أحد من لا يروي إلا عن ثقة، فإذا انضَمَّت إلى ذلك صلته القويّة بشعبة، قَوِيَ هذا الاستشهاد.
وبذلك يصحّ إدراج هؤلاء الستة ضمن الذين حكموا لأبي صالح بالقبول، وفيهم أعرف الناس به، كتلميذيه إسماعيل بن أبي خالد ومنصور بن المعتمر، وأعرف الناس بالرجال وأشدّهم في التعديل كشعبة والقطان.
وأمّا يحيى بن معين فاختلف قوله فيه، فمرّةً أطلق القول فيه بالضعف، فنقل
عنه ابن أبي خيثمة (رقم 2450، وهي رواية ابن حبان في المجروحين 1/ 185)، أنه قال: «ضعيف الحديث».
ومَرّةً فَصّل القول فيه، فقال: «الكلبي إذا روى عن أبي صالح فليس بشيء؛ لأن الكلبي يحدث به مَرّةً من رأيه، ومَرّةً عن أبي صالح، ومَرّةً عن أبي صالح عن ابن عباس. فإذا حدّث غير الكلبي عن أبي صالح فليس به بأس». (تاريخ ابن أبي خيثمة رقم 3765).
وأولى قولَيْ ابن معين بالترجيح قولُه المفصّل على قوله المجمل؛ لفضل البيان على الإجمال، ولاحتمال الإجمال تفسيره بالبيان، خاصّةً أنّ «ضعيف» تحتمل أن تكون بمعنى «لا بأس به»، كما سبق.
أضف إلى ذلك: أن ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 432) قد اقتصر من قولي ابن معين على قوله المفصّل، من رواية ابن أبي خيثمة عن ابن معين، ولفظه أوضح في المراد، حيث نقل عن كتاب ابن أبي خيثمة إليه أنه قال: «سمعت يحيى بن معين يقول: أبو صالح مولى أمّ هانئ ليس به بأس، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس». وأسنده بهذا اللفظ أيضًا ابن عبدالبرّ في الاستغنا في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى (2/ 766 - 767 رقم 892)، من غير طريق ابن أبي حاتم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نصّ ابن أبي حاتم في مقدّمة الجرح والتعديل (2/ 38): أنه عند تناقض قول الإمام فإنه سيكتفي بالأرجح، حيث قال: «ونظرنا في اختلاف أقوال الأئمة في المسؤولين عنهم، فحذفنا تناقُضَ قَوْلِ كل واحد منهم، وألحقنا بكل مسؤول عنه ما لاقَ به وأشبهه من جوابهم».
وقد أحسن ابن أبي حاتم في ترجيحه هنا، لظهور أدلة الترجيح!
وهذا ما مال إليه ابن شاهين أيضًا في تاريخ أسماء الثقات، فمع نقله عن ابن معين اختلاف قوله في أبي صالح، إلا أنه ذكر أبا صالح في الثقات (تاريخ أسماء الثقات رقم 125، ونصوص ساقطة من طبعات أسماء الثقات للدكتور سعدي الهاشمي: 54).
وقال أبو حاتم الرازي: «أبو صالح باذام صالح الحديث، يكتب حديثه، ولا يحتج به». (الجرح والتعديل 2/ 432).
فصالح الحديث من آخر مراتب القبول، وأمّا قوله «لا يحتج به» فقد بيّنتُ بالأدلّة في شرح كتاب ابن الصلاح أن المقصود بها في مثل هذا السياق: أنه ليس في درجة من يُقال عنه «حُجّة»، أي ليس ممن يُحتجّ به إذا انفرد بأصل لا يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبره، وأن ضبطه وإتقانَه لا يجبر الانفرادَ بما تتوافر الدواعي على نقله غالباً.
ولذلك لما ذكر شيخ الإسلام ابن تيميّة عبارة أبي حاتم في أبي صالح، قال (مجموع الفتاوى 24/ 350): «وأمّا قول أبي حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به، فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين؛ وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجّة في اصطلاحه ليس هو الحجّة في [اصطلاح] جمهور أهل العلم».
فهذا أبو حاتم (وهو من المتشدّدين) ومن أهل الاستقراء، يرى أبا صالح مقبولاً غير ضعيف.
وقال العجلي (رقم 138): «روى عنه إسماعيل بن أبي خالد في التفسير، ثقة، وهو مولى أمّ هانئ، روى عن علي بن أبي طالب».
وقول الحافظ في التهذيب (1/ 417): «وثّقه العجلي وحده»، يعني به أن العجلي هو وحده الذي بلغنا عنه أنه قال عنه لفظ: «ثقة»؛ وإلا فإن الحافظ نفسه نقل كلام القطان وابن معين في قبوله.
والعجليّ سَهْلٌ في إطلاق الثقة على المقبولين ولو في آخر مراتب القبول، ولا يلزم من ذلك ردّ توثيقه؛ لأن الراوي الذي يصفه العجلي بثقة لا ينزل عنده عن درجة الراوي المقبول. وأمّا دعوى توثيق العجلي للمجاهيل، فهي دعوى غير صحيحة، وقد رددت عليها في مقال مفرد منشور.
وبقي من دلالات القبول لأبي صالح: أن أصحاب السنن الأربعة أخرجوا له دون تعقّب، كما في حديث «زوارات القبور» الذي سبق تخريجه. فقد أخرجه أبو داود والنسائي في المجتبى ساكتَينِ عليه، بل بوّبَ النسائي لحديثه الذي انفرد به في الباب. وأمّا الترمذي فقد حسّن له ما لا يعرفه إلا من حديثه (رقم 3190، 3214).
في حين قد صحّح له الحاكم (1/ 439) (2/ 185) (4/ 283).
[ line]
وبعد هذا العرض نخرج بالمفاصل التالية:
أوّلاً: القول بتكذيب أبي صالح وتضعيفه الشديد لا وَجْهَ له ولا دليل عليه.
ثانيًا: أن من ضَعّفه لم يذكر دليلاً على تضعيفه، حتى المتوسعون في الكلام على الرواة: كالعقيلي، وابن حبان، وابن عدي. بل سبقت مناقشة الحديثين اللذين في التفسير اللذين ساقهما ابن عدي في ترجمة أبي صالح، وبيّنّا أنه لا دلالة فيهما على الضعف البتّة.
ثالثًا: أن عبارات التضعيف الخفيف من بعض الأئمة قابلها من بعضهم ما يدل على القبول أيضًا، كما هو مع ابن معين، والنسائي (على ما أرجّحُه فيه). ممّا لا يجعلنا نستبعد أن يكون غيرهما مثلهما، فيقول أحدهم عن أبي صالح: «ضعيف»، وهو يقصد بذلك أنه في آخر مراتب القبول. وقد يُقَوّي هذا القول أن عبارات التضعيف جاءت عند غير ما إمامٍ عقب حديث مُسْتَضْعف لأبي صالح، كما عند النسائي في (الكبرى)، والدارقطني في (السنن).
رابعًا: أن الذين حكموا بقبوله فيهم بعض أشدّ العلماء وأكثرهم علماً بالرواة، كشعبة، والقطان، وابن معين، وأبي حاتم. ثم إن أبا صالح مشهور، ورواياته متداولة، وتفسيره نسخةٌ معروفة. لذلك فإن خفاء حاله على هؤلاء الأئمة مستبعد، وهم أولى بالصواب ممن لم يظهر لنا من أدلتهم إلا عبارات لا يصح أن يعتمد عليها، كعبارة الكلبي، أو عبارة حبيب بن أبي ثابت، ونحوها، مما لا يصح أن يعارض الواقع في عدالته الذي عرفه ألصق الناس به، كإسماعيل بن أبي خالد، ومنصور بن المعتمر. كما لا يصح أن يعارض الواقع في ضبطه الذي عرفه أولئك
(يُتْبَعُ)
(/)
الأئمة فلم يجدوا في حديثه ما يدل على ضعفه، ولا أتى المعارضون لهم بما يدل على سوء ضبطه؛ مع تشدّد قابليه ومزيد احتياطهم!
خامسًا: أبو صالح رجلٌ جليل، من طبقةٍ جليلة، مولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. أفلا يكفيه قول أمّ هانئ الصحابيّة الجليلة بنت عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها لأبي صالح: «تعلّم، فإن الناس يسألونك، وتقول عنه: خرج من بيت علم»، كما سبق عنها؟!
ولذلك فما أحسن ترجيح الذهبي في شأن أبي صالح، مع أنه مطّلع على عامّة ما قيل فيه، وعلى أشدّه، كما تجده في الميزان (1/ 296). إلا أنه ذكر أبا صالح في كتابه: من تُكلِّم فيه وهو موثّق أو صالح الحديث (رقم 48)، وهو الكتاب الذي قال في مقدّمته: «هذا فصلٌ نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلّم فيهم بعضُ الأئمة بما لا يوجب ردّ أخبارهم، أو فيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم وأحفظ: فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن. اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تُكُلِّم فيه من أجلها، فينبغي التوقُّفُ في تلك الأحاديث».
فأبو صالح عند الإمام الذهبي لا ينزل عن رتبة من يُحَسّن حديثُه.
وهذا الترجيح خيرٌ وأَوْفَقُ من ترجيح الحافظ ابن حجر في (التقريب)، عندما قال عن أبي صالح: «ضعيف، يُرسل». وعنه زاد شُيُوع هذا الترجيح، وكِدْتَ أن لا ترى إلا قائلاً به، أو بأشدّ منه.
وقد دافع شيخ الإسلام ابن تيمية عن أبي صالح أيضًا، ونقلنا بعضًا من عباراته في مواطن متفرّقةٍ سابقًا. وختم دفاعه بقوله: «أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتجّ به جمهور العلماء، فإذا صحّحه من صحّحه كالترمذي وغيره، ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذُكر = كان أقل أحواله أن يكون من الحسن». (مجموع الفتاوى 24/ 349 - 351).
ونخلص من ذلك أن أبا صالح مقبول الحديث، وأنه قد سمع: علي بن أبي طالب، وعبدالله بن عباس، وأبا هريرة، وأمّ هانئ.
فانظر كم من حديث ردّه المتأخّرون بحجّة ضعف أبي صالح، أو بحجّة عدم سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، وكان الصواب أن يكون الأصل في حديثه القبول، وأنه سمع من ابن عباس؛ إلا إذا جاء ما يقتضي تخطيئه، كغيره من الرواة المقبولين.
وما دمنا نتحدّث عن أثر ذلك الترجيح الخاطئ على أحكام المتأخرين، وما دامت أكثر روايات أبي صالح في التفسير؛ فإني أُذكّر المفسّرين بأثر مهم جدًّا، في أنوا ع آيات القرآن من جهة فهمها وتفسيرها. وهو أثرٌ على أصالته وأهمّيته، فقد حال ترجيح المتأخرين المخالف للصواب في شأن أبي صالح دون استفادتهم منه، أو تحرّجوا من الاعتماد عليه، إذا كانوا من أهل النظر في الأسانيد!
ألا وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما: «نزل القرآن على أربعة أوجه: حلال وحرام: لا يسع أحدًا جهلهما، ووجه عربي: تعرفه العرب، ووجه تأويل: يعلمه العلماء، ووجه تأويل: لا يعلمه إلا الله U، ومن انتحل فيه علمًا فقد كذب».
أخرجه الفريابي في القدر (رقم 414)، والطبراني في مسند الشاميين (رقم 1385)، من طريق محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سُليم الكلبي، عن أبي حَصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ، عن ابن عباس .. به.
وهذا إسنادٌ حسنٌ، وهو موقوف على ابن عباس.
ويؤيده ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 70) ن طريق مؤمَّل بن إسماعيل، عن الثوري، عن أبي الزناد، قال: قال ابن عباس: «التفسير على أربعة أوجه: وَجْهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعْذَرُ أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله».
وهذا إسنادٌ حسنٌ إلى أبي الزناد، لكن في سماعه من ابن عباس نظر. غير أنها متابعة حسنةٌ لرواية أبي صالح، موافقةٌ لها في الإسناد (بوقف الخبر على ابن عباس) وفي المتن (بالمعنى الواحد).
ووازن هذا برواية الكلبي الكذّاب لهذا الخبر، فقد أخرجه ابن جرير (1/ 70) من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. فما كفاه أن سمعه موقوفًا، حتى أحبّ أن يجعله مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن هذا الخبر وما فيه من تفصيل هو بكلام ابن عباس أشبه منه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تمعّن في جُمَله علم ذلك، إذا كان له ذوق يسير بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وما يليق به.
فهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أحد الآثار الجليلة التي حال دون الاستفادة منها والاعتداد بها سوء التصوّر الذي كان ثابتًا في أذهان عامة المتأخرين والمعاصرين عن أبي صالح وعن روايته عن ابن عباس رضي الله عنهما! فها هو يظهر أنه أثرٌ ثابتٌ، نقدّمه تحفةً أثريّةً لأهل العلم وطلبته، رجاء ثوابها وأن نُذكر بدعوة صالحة من قلب صالح.
أسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبتُه صوابًا، وأن يكتب لي به ثوابين لا ثوابًا. والله أعلم.
والحمد لله ربّ البريّة، والصلاة والسلام على هادي البشريّة، وعلى أزواجه والذريّة.
---الحواشي -----
([1]) إلا الشيء اليسير جدًّا لهؤلاء، من غير اعتماد. فانظر: معجم الأدباء لياقوت (6/ 2454).
([2]) لم يذكر السيوطي في النوع الثامن والسبعين: (في معرفة شروط المفسّر وآدابه) أن يكون حافظًا للقرآن، في كتابه الإتقان (2/ 1197 - 1224).
بل المحققون أن حفظ القرآن ليس شرطًا في المجتهد المطلق، فانظر البحر المحيط للزركشي (6/ 199 - 200)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3869).
([3]) انظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (رقم 137، 503)، وزوائد رجال صحيح ابن حبان للشيخ الدكتور يحيى الشهري (1/ 178، 187).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حاتم الشريف]ــــــــ[21 Jul 2006, 03:52 م]ـ
لقراءة البحث منسقاً على ملف وورد.
القول المحرر لترجمة أبي صالح باذام المفسر ( http://www.tafsir.org/tafsir/index.php?a=books&action=view&id=212)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jul 2006, 07:03 م]ـ
الحمد لله رب العالمين.
أرحب بأخي العزيز الشيخ حاتم الشريف في ملتقى أهل التفسير، وأدعو له بالتوفيق والسداد فيما يكتبه ويحرره من مسائل علم الحديث الشريف، والتي يهمنا منها هنا المسائل ذات الصلة بالدراسات القرآنية وما أكثرها. كما أشكره على هذا البحث الذي ألقى فيه الضوء على مسألة علمية حول أحد رجال التفسير من التابعين الذين وقع اللبس والخطأ في الحكم عليهم من قبل أكثر أهل التراجم وهو أبو صالح باذام رحمه الله، وأرجو أن ينال هذا الموضوع حظه من العناية، وأن ينتفع الباحثون بهذه النتيجة التي توصلتم إليها في دراساتهم وبحوثهم مستقبلاً.
شكر الله لكم يا أبا محمد هذه اللفتة العلمية البديعة، والتي لا تستغرب من أمثالكم من أهل العلم الواسع، والتدقيق المتأني.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[21 Jul 2006, 09:59 م]ـ
نرحب بشيخنا الكريم الدكتور حاتم الشريف، ونشكر له انضمامه لأسرة الملتقى ونشكر له هذا البحث المهم والمفيد ونحن بحاجة إلى تعليقاتكم ومشاركاتكم نسأل الله للجميع التوفيق والسداد
ـ[السائح]ــــــــ[22 Jul 2006, 01:17 ص]ـ
حياكم الله وبياكم.
نورتم الملتقى بحضوركم ومشاركتكم القيمة.
شكر الله لكم يا أبا محمد هذه اللفتة العلمية البديعة، والتي لا تستغرب من أمثالكم من أهل العلم الواسع، والتدقيق المتأني.
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا ونفع بكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jul 2006, 03:25 م]ـ
حياك الله أبا محمد
وأول الغيث قطرة.
ولقد سرَّني اشتراكك في الملتقى، وطرحك لهذا الموضوع الدقيق المتعلق بمفسر من مفسري السلف، وأتمنى ـ أيها الشيخ الشريف ـ أن تواصل المشوار معنا في هذا الملتقى، وياليتكم تلقون الضوء على التفريق بين رأي المفسر وروايته، إذا كان المفسر متهمًا في روايته.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[22 Jul 2006, 04:22 م]ـ
أهلا بالشيخ الكريم
ونرجو دوام التواصل .. نفع الله بكم
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[22 Jul 2006, 05:32 م]ـ
أولا: أرحب بفضيلة الدكتور حاتم الشريف وفقه الله في هذا الملتقى، وكم سرني رؤية اسمه مشاركا فهو مكسب في هذا الملتقى المتميز بمضمونه ومشرفيه وأعضائه.
ثم أشكره ثانيا على هذه الدرة النفيسة التي أتحفنا بها، وهذا البحث المحرر الحبير في هذه المسألة الهامة في علمي التفسير والحديث.
وليسمح لي الإخوة بالتعليق على الجانب الأول من البحث، وهو إثبات سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، فالأمر كما ذكر الشيخ كان في اعتماد عدم سماعه، وكنت مؤمنا بذلك، وبعد المقال نقلني من الإيمان إلى الشك، وصرت في منزلة بين المنزلتين، منزلة إثبات السماع، ومنزلة نفيه.
ولعلي أذكر ما يجول في ذهني في المسألة، وسأجعل ذلك على شكل محاورة بين اثنين: المثبت –يعني للسماع- ويمثل ذلك بحث الشيخ أعلاه، والنافي للسماع، فإلى المحاورة:
قال المثبت: ثبت عندي صحة سماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما، بالأدلة القاطعة.
قال النافي: بل الذي نعتقده عدم السماع، فهات ما عندك لننظر فيه.
قال المثبت: جاء في منتخب علل الخلال لابن قدامة (127 رقم 60)، قال مُهَنّى: «قال أحمد بن حنبل: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير. (قال مهنى:) قلت: أي شيء؟ قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: النفقة في سبيل الله»
والمسند يحمل على المتصل بدليل التصريح بالسماع في رواية ابن أبي حاتم كما سيأتي، ولأن الحديث غير مرفوع.
قال النافي: المشهور عند المحدثين أن المسند هو: المتصل المرفوع.
ثم إن عبارة الإمام أحمد ليست نصا في ذلك.
ومع ذلك فهي مقابلة بعبارة الإمام مسلم وهي نص صريح على ما نقول، وهكذا تبعه الحافظ ابن حبان وغيرهما في نصوص صريحة، فليس قبول عبارة الإمام أحمد –لو كانت نصا- بأولى من قبول عبارة مسلم ومن تابعه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال المثبت: الأثر المذكور جاء من رواية شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن المعلوم لدى المشتغلين بالسنّة: دلالةُ رواية شعبة بن الحجاج على سماع الرواة الذين روى عنهم بعضهم من بعض، لا في طبقة شيوخه وشيوخهم، بل في طبقة شيوخ شيوخه وشيوخهم أيضًا.
قال النافي: ما ذكرته عن شعبة رحمه الله مشهور عنه، لكنه قرينة أغلبية ليس دليلا قطعيا، وهذه القرينة يستفاد منها ويفزع إليها في مواضع، وليس هذا منها لأن نصوص النقاد – مسلم ومن معه- صريحة قاضية بعدم سماعه.
ويؤيد ما نقول المثال الذي نقلته من العلل لابن أبي حاتم 1/ 448 –وليتك أكملته- ونصه:
"سألت أبي عن اختلاف حديث عمار بن ياسر في التيمم، وما الصحيح منها؟
فقال: رواه الثوري، عن سلمة، عن أبي مالك الغفاري، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم ... قلت: فأبو مالك سمع من عمار شيئا؟ قال: ما أدرى ما أقول لك! قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، سمعت عمارا، ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار ما كان شعبة يرويه، وسلمة أحفظ من حصين. قلت: ما تنكر أن يكون سمع من عمار، وقد سمع من ابن عباس؟ قال: بين موت ابن عباس وبين موت عمار قريب من عشرين سنة".
فترى أن أبا حاتم أشار إلى ما أشرت إليه من تميز شعبة في هذا، بل نقل روايته التي فيها التصريح بسماع أبي مالك من عمار، ومع هذا جعلها مرجوحة وقوى عدم السماع.
وقال ابن رجب في (شرح العلل) 2/ 594 –بعد أن ذكر بعض أوهام الرواة في التصريح بالسماع-:" وحينئذ ينبغي التفطن لهذه الأمور ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً".
ونخشى أن يكون ما ذكرته أيها المثبت من جملة تلك الأشياء.
قال المثبت: إليك أيها النافي الحجة الدامغة، والبرهان الساطع على ما نقول وهو التصريح بالسماع الذي جاء عند ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742) قال: «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
قال النافي: رواية أبي صالح عن ابن عباس من الروايات المشهورة، ولم يوقف في شئ منها على التصريح بالسماع سوى ما ذكرت، وقد توارد الأئمة الحفاظ: مسلم، فابن حبان، فالعلائي، فابن الملقن، فابن حجر، وغيرهم على نقل عدم السماع، ولو كان سماعه محفوظا لاشتهر لأن هذا مما تتوافر الهمم على نقله، فلعل هذا خطأ من بعض النساخ، أو وهم من بعض الرواة، فالأخطاء في التصريح بالسماع واردة وعليها أمثلة، وسبق النقل عن ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً.
قال المثبت: ثمة بعض القرائن التي تدل على قدم طبقة أبي صالح –ذكرها الشيخ في أصل المقال- مما يدل على سماعه ممن هو قبل ابن عباس فضلا عنه.
قال النافي: عدت بنا إلى مسألة شائكة تساقطت عليها عمائم الرجال وتكسرت فيها النصال على النصال، وهي: متى يحكم بسماع الراوي ممن روى عنه؟ وقد صنف فيها كتب، وجرت بسببها ردود ومناقشات، ولا مجال هنا للخوض فيها، لكن لايخفى أن الأئمة يفرقون بين تقريب إمكان السماع بذكر بعض القرائن، مثل: أدرك فلانا، أو: كان قديما يمكنه السماع منه، أو يذكرون سماع من هو أصغر من المسؤول عنه، أو يذكرون سماعه ممن مات قبل من وقع عليه السؤال، ونحو ذلك، فهذه قرائن وليست أدلة على إثبات السماع.
قال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) 2/ 599:"وسئل –يعني الإمام أحمد- عن أبي ريحانة سمع من سفينة؟ قال: ينبغي هو قديم، قد سمع من ابن عمر.
قيل –القائل ابن رجب-: لم يقل إن حديثه عن سفينة صحيح متصل، إنما قال: هو قديم ينبغي أن يكون سمع منه، وهذا تقريب لإمكان سماعه، وليس في كلامه أكثر من هذا".
قال المثبت: يدل على ما نقرره تصريح أحد الأئمة بذلك فقد قال الدولابي في ترجمته من الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس".
قال النافي: رحمك الله أيها المثبت، فأين هذا الواحد من الجماعة؛ مسلم ومن معه الذين نقلوا عدم السماع، فقبول الجماعة أولى بالقبول لأنه أبعد عن الغلط.
وبعد .. فهذه معاقد حجج الطائفتين، ومنزع أدلة الفريقين، ولست أجزم بأحد المذهبين، بل أستخير فيها حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين.
ـ[أبوكاظم]ــــــــ[27 Jul 2006, 01:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
وعندي سؤال لفضيلتكم عن هذه العبارة:
"وقد ظهر لي سبب افتراء الكلبي لهذه الفرية، التي يدّعي فيها أن أبا صالح أقرّ على نفسه بالكذب، مع ما لا يخفى من بُعْد وقوع مثل هذا الإقرار في العادة، مما يشهد على كذب دعوى هذا الإقرار نفسها، وهذا السبب هو أن أبا جناب يحيى بن أبي حيّة، قال: «حلف أبو صالح: أني لم أقرأ على الكلبي من التفسير شيئًا». (الجرح والتعديل 7/ 271). فيبدو أن الكلبي لمّا بلغه أن أبا صالح كذّبه، واجه التكذيب بالتكذيب!! "
لا يخفى على جنابكم ضعف أبي جناب فلا يحتج بما حكاه إلا أن يكون لهذه الحكاية راو آخر مع أن الكلبي لا يعتد به على كل حال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[28 Jul 2006, 10:39 م]ـ
بحث متميز، وتعقيبات مفيدة.
نرحب بالدكتور حاتم الشريف في الملتقى فهو مكسب علمي للملتقى.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[06 Aug 2006, 02:59 م]ـ
في البداية نرحب بالأخ الكريم الشيخ حاتم العوني
فائدة
ذكر الشيخ حاتم الشريف - وفقه الله-
((فقد قال الدولابي في الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس، وهو أبو صالح صاحب التفسير، وكان علويًّا، هلك في إمارة الوليد بن عبدالملك».)) انتهى
وقد أخطأ الشيخ في نسبة هذا الكلام إلى الدولابي
فهذا كلام الواقدي وقد ساق الدولابي سنده إلى الواقدي
ولكن أبامحمد العوني - وفقه الله -
ظن - فيما أحسب - أن كلام الواقدي ينتهي عند ترجمة ماهان
وفي الحقيقة كلام الواقدي متصل
فإن نازع شخص في هذا وقال من أين لك أن هذا كلام الواقدي
فيقال له أولا السند الذي ساقه الدولابي
ثانيا هذا الكلام يشبه كلام الواقدي فقوله
(وكان علويا) مثلا يشبه كلام الواقدي فهو يكثر من هذا فيقول عن فلان أنه (كان عثمانيا) وعن آخر أنه (كان علويا)
وقوله (هلك في خلافة) هذا أيضا يشبه كلام الواقدي
فثبت بهذا أن العبارة = عبارة الواقدي لا الدولابي
والموضوع يحتاج إلى مزيد
ولكن المقصود ان هذه عبارة الواقدي لا الدولابي
---
ثانيا
وهذا أذكره على سبيل الاحتمال وان كان فيه ضعف
أن عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) يحتمل = كلام ابن رجب لامن كلام الامام مسلم
فتكون العبارة هكذا
(هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتّقى الناس حديثه،)
انتهى كلام الامام مسلم
(ولايثبت له سماع من ابن عباس) ابتداء كلام من ابن رجب
ذكرت هذا الاحتمال وقد بينت أنه احتمال ضعيف
ولااستطيع الجزم إلا بمراجعة كتاب الناسخ والمنسوخ للامام مسلم وهذا الكتاب هو في حكم المفقود - والله أعلم
طبعا الاصل ان الكلام متصل ولكن ذكرت هذا الاحتمال للفائدة
ولكن الذي أكاد أجزم به ان عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) من تعبير ابن رجب حتى وان كان الكلام لمسلم فيكون ابن رجب قد نقل كلام الامام مسلم بالمعنى
قد يقال فكان ماذا؟
فالجواب
أن في هذا فوائد للمتأمل لمعرفة عبارات الأئمة وألفاظهم
فإن قيل المعنى واحد حتى ولم يكن الامام مسلم قد قال هذا بحروفه فقد ذكر المعنى
وهو المقصود
قلنا لانزاع وإنما ذكرنا هذا للفائدة
والله أعلم بالصواب
وللموضوع تتمة بإذن الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jan 2007, 02:52 م]ـ
لقيت في حج هذا العام 1427هـ أخانا الكريم فضيلة الشيخ الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني حفظه الله ورعاه، فتذاكرنا حول هذا البحث وما توصل إليه من نتائج، وما عقب به الإخوة الفضلاء من تعقيبات، وشكر الإخوة على تعقيباتهم ودعواتهم، واعتذر بكثرة الصوارف عن التعقيب مع متابعته لما كتب حول البحث في الملتقى، ووعد بذلك مستقبلاً إن شاء الله.
فأما ما عقب به أخي الكريم الشيخ خالد الباتلي وفقه الله فعلق عليه بقوله:
لو افترضنا جدلاً عدم وجود كلام للعلماء حول لقاء أبي صالح لابن عباس وسماعه منه، ونظرنا إلى القرائن التي احتفت بحال هذا الرجل لتبين لنا أنها تؤيد لقاءه لابن عباس، وسماعه منه، وقد مر ذكرها في البحث، ولو تأملها الناظر بتمعن لتبين له هذا، ومثلها قرينة رواية شعبة ودلالتها عند المحدثين.
وأما القول بأن المشهور عند المحدثين في المسند أنه هو المتصل المرفوع فحسبُ دون الموقوف، فهذه مسألةٌ طال فيها الكلام، وليس للمحدثين فيها قول فاصلٌ، والقدر المشترك المتفق عليه بين المحدثين في تعريف المسند أنه المتصل إلى من أسند إليه سواء كان مرفوعاً أم موقوفاً، بل إن تمثيل الإمام أحمد عندما سأله مهنى بالأثر الموقوف يدل على أنه يعده مسنداً بدليل قوله في أول الكلام: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما تعقيب الأخ الكريم الشيخ ابن وهب فقد ذكر الدكتور حاتم الشريف أن استداركه الأول صحيح، وأن الكلام للواقدي وليس للدولابي، وقد صحح هذا الوهم في بحثه وهو يعده الآن للطباعة مع بعض الأبحاث الأخرى، وسألني عن اسم الأخ الكريم ابن وهب حتى ينسب هذا الاستدراك إليه فلم أعرفه، وذكر أنه ذكر في البحث أنه قد نبهه بعض الفضلاء لهذا الوهم. وأما ملحوظته الثانية حول تمييز كلام الإمام مسلم عن كلام ابن رجب فلم يتبين له بعد البحث صوابها.
هذا ما بقي في الذاكرة مما دار من الحديث، علقته قبل فواته، والله الموفق سبحانه وتعالى.
الرياض 16/ 12/1427هـ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jul 2010, 12:21 م]ـ
أولا: أرحب بفضيلة الدكتور حاتم الشريف وفقه الله في هذا الملتقى، وكم سرني رؤية اسمه مشاركا فهو مكسب في هذا الملتقى المتميز بمضمونه ومشرفيه وأعضائه.
ثم أشكره ثانيا على هذه الدرة النفيسة التي أتحفنا بها، وهذا البحث المحرر الحبير في هذه المسألة الهامة في علمي التفسير والحديث.
وليسمح لي الإخوة بالتعليق على الجانب الأول من البحث، وهو إثبات سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، فالأمر كما ذكر الشيخ كان في اعتماد عدم سماعه، وكنت مؤمنا بذلك، وبعد المقال نقلني من الإيمان إلى الشك، وصرت في منزلة بين المنزلتين، منزلة إثبات السماع، ومنزلة نفيه.
ولعلي أذكر ما يجول في ذهني في المسألة، وسأجعل ذلك على شكل محاورة بين اثنين: المثبت –يعني للسماع- ويمثل ذلك بحث الشيخ أعلاه، والنافي للسماع، فإلى المحاورة:
قال المثبت: ثبت عندي صحة سماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما، بالأدلة القاطعة.
قال النافي: بل الذي نعتقده عدم السماع، فهات ما عندك لننظر فيه.
قال المثبت: جاء في منتخب علل الخلال لابن قدامة (127 رقم 60)، قال مُهَنّى: «قال أحمد بن حنبل: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير. (قال مهنى:) قلت: أي شيء؟ قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: النفقة في سبيل الله»
والمسند يحمل على المتصل بدليل التصريح بالسماع في رواية ابن أبي حاتم كما سيأتي، ولأن الحديث غير مرفوع.
قال النافي: المشهور عند المحدثين أن المسند هو: المتصل المرفوع.
ثم إن عبارة الإمام أحمد ليست نصا في ذلك.
ومع ذلك فهي مقابلة بعبارة الإمام مسلم وهي نص صريح على ما نقول، وهكذا تبعه الحافظ ابن حبان وغيرهما في نصوص صريحة، فليس قبول عبارة الإمام أحمد –لو كانت نصا- بأولى من قبول عبارة مسلم ومن تابعه.
قال المثبت: الأثر المذكور جاء من رواية شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن المعلوم لدى المشتغلين بالسنّة: دلالةُ رواية شعبة بن الحجاج على سماع الرواة الذين روى عنهم بعضهم من بعض، لا في طبقة شيوخه وشيوخهم، بل في طبقة شيوخ شيوخه وشيوخهم أيضًا.
قال النافي: ما ذكرته عن شعبة رحمه الله مشهور عنه، لكنه قرينة أغلبية ليس دليلا قطعيا، وهذه القرينة يستفاد منها ويفزع إليها في مواضع، وليس هذا منها لأن نصوص النقاد – مسلم ومن معه- صريحة قاضية بعدم سماعه.
ويؤيد ما نقول المثال الذي نقلته من العلل لابن أبي حاتم 1/ 448 –وليتك أكملته- ونصه:
"سألت أبي عن اختلاف حديث عمار بن ياسر في التيمم، وما الصحيح منها؟
فقال: رواه الثوري، عن سلمة، عن أبي مالك الغفاري، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم ... قلت: فأبو مالك سمع من عمار شيئا؟ قال: ما أدرى ما أقول لك! قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، سمعت عمارا، ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار ما كان شعبة يرويه، وسلمة أحفظ من حصين. قلت: ما تنكر أن يكون سمع من عمار، وقد سمع من ابن عباس؟ قال: بين موت ابن عباس وبين موت عمار قريب من عشرين سنة".
فترى أن أبا حاتم أشار إلى ما أشرت إليه من تميز شعبة في هذا، بل نقل روايته التي فيها التصريح بسماع أبي مالك من عمار، ومع هذا جعلها مرجوحة وقوى عدم السماع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن رجب في (شرح العلل) 2/ 594 –بعد أن ذكر بعض أوهام الرواة في التصريح بالسماع-:" وحينئذ ينبغي التفطن لهذه الأمور ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً".
ونخشى أن يكون ما ذكرته أيها المثبت من جملة تلك الأشياء.
قال المثبت: إليك أيها النافي الحجة الدامغة، والبرهان الساطع على ما نقول وهو التصريح بالسماع الذي جاء عند ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742) قال: «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
قال النافي: رواية أبي صالح عن ابن عباس من الروايات المشهورة، ولم يوقف في شئ منها على التصريح بالسماع سوى ما ذكرت، وقد توارد الأئمة الحفاظ: مسلم، فابن حبان، فالعلائي، فابن الملقن، فابن حجر، وغيرهم على نقل عدم السماع، ولو كان سماعه محفوظا لاشتهر لأن هذا مما تتوافر الهمم على نقله، فلعل هذا خطأ من بعض النساخ، أو وهم من بعض الرواة، فالأخطاء في التصريح بالسماع واردة وعليها أمثلة، وسبق النقل عن ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً.
قال المثبت: ثمة بعض القرائن التي تدل على قدم طبقة أبي صالح –ذكرها الشيخ في أصل المقال- مما يدل على سماعه ممن هو قبل ابن عباس فضلا عنه.
قال النافي: عدت بنا إلى مسألة شائكة تساقطت عليها عمائم الرجال وتكسرت فيها النصال على النصال، وهي: متى يحكم بسماع الراوي ممن روى عنه؟ وقد صنف فيها كتب، وجرت بسببها ردود ومناقشات، ولا مجال هنا للخوض فيها، لكن لايخفى أن الأئمة يفرقون بين تقريب إمكان السماع بذكر بعض القرائن، مثل: أدرك فلانا، أو: كان قديما يمكنه السماع منه، أو يذكرون سماع من هو أصغر من المسؤول عنه، أو يذكرون سماعه ممن مات قبل من وقع عليه السؤال، ونحو ذلك، فهذه قرائن وليست أدلة على إثبات السماع.
قال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) 2/ 599:"وسئل –يعني الإمام أحمد- عن أبي ريحانة سمع من سفينة؟ قال: ينبغي هو قديم، قد سمع من ابن عمر.
قيل –القائل ابن رجب-: لم يقل إن حديثه عن سفينة صحيح متصل، إنما قال: هو قديم ينبغي أن يكون سمع منه، وهذا تقريب لإمكان سماعه، وليس في كلامه أكثر من هذا".
قال المثبت: يدل على ما نقرره تصريح أحد الأئمة بذلك فقد قال الدولابي في ترجمته من الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس".
قال النافي: رحمك الله أيها المثبت، فأين هذا الواحد من الجماعة؛ مسلم ومن معه الذين نقلوا عدم السماع، فقبول الجماعة أولى بالقبول لأنه أبعد عن الغلط.
وبعد .. فهذه معاقد حجج الطائفتين، ومنزع أدلة الفريقين، ولست أجزم بأحد المذهبين، بل أستخير فيها حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين.
أرجو أن الله تعالى قد فتح عليك أخي في هذه المسألة.
وهل من جديد حولها؟(/)
المصاحف لابن أشته, هل هو موجود مخطوطا؟
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[21 Jul 2006, 04:43 م]ـ
والذي ينقل منه السيوطي في "الإتقان" كثيرا وكذا ابن عقيلة في "الزيادة والإحسان".
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[26 Apr 2007, 01:16 م]ـ
يبدو أنه من الكتب المفقودة، والله أعلم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[30 Apr 2007, 02:47 م]ـ
ذكر الشيخ خالد السبت في أحد دروسه أنه كتاب مفقود.(/)
ساعدوني في تأليفها
ـ[حمدي]ــــــــ[21 Jul 2006, 06:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي أعضاء منتدى ملتقى أهل التفسير -أهل الله وخاصته-
السلام عليكم ورحمة وبركاته
وبعد/ أني أود أن أعد مذكرة لطلبة دولتي في علم التجويد مذكرة يتصف بالدقة والتطبيق
وعليه أرجوا من أخواني وأساتذتي الكرام في المنتدى -وخاصة د/غانم القدور أن يساعدوني بالكتب الألكترونية في علم التجويد وأن لا يبخل علي أحد برأيه في وضع الخطة وكذلك في جمع المعلومات. حتى تخرج هذه المذكرة كافيا شافعا. إذ أن الطلبة في دولتي (جمهورية مالي) بحاجة ماسة إلى مثل هذه الأعمال.
والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه
في انتظر دودكم ومشاركاتكم تقبل مني فائق الشكر والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حمدي باه
خريج / الجامعة الإسلامية بالنيجر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jul 2006, 06:56 م]ـ
الأخ العزيز حمدي باه وفقه الله ورعاه
أولاً: عند طرحكم لموضوع في الملتقى فأرجوالاكتفاء بوضعه في المكان المناسب مرة واحد، ولا حاجة إلى طرحه في جميع أقسام الملتقى.
ثانياً: لا أرى الحاجة لتأليف مذكرة جديدة في التجويد من طرفكم إلا إذا كان هناك إضافة لجديد في الموضوع. فالمذكرات والكتب في التجويد من أكثر المؤلفات، بجميع أنواعها المطولة والمتوسطة والمختصرة والملونة والمؤلفة على هيئة جداول وغير ذلك. فيمكنك اختيار أي كتاب من تلك الكتب واتخاذه مقرراً دراسياً لطلابكم في مالي. ولعلك تذكر لنا مستوى الطلاب ويفيدكم المشايخ الفضلاء في الملتقى بالكتب المناسبة لهم بإذن الله.
ـ[حمدي]ــــــــ[23 Jul 2006, 03:49 ص]ـ
طرحكم لموضوع في الملتقى فأرجوالاكتفاء بوضعه في المكان المناسب مرة واحد، ولا حاجة إلى طرحه في جميع أقسام الملتقى
جزاكم الله خير الجزاء على هذا التقويم والإرشاد وسآخذه في الإعتبار من الآن بإذن الله بسم الله الرحمن الرحيم (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)
ثانياً: لا أرى الحاجة لتأليف مذكرة جديدة في التجويد من طرفكم إلا إذا كان هناك إضافة لجديد في الموضوع.]
رغبت في إعدادها لعدة أسباب سأذكرها
1 - أنها ستعودني البحث والإطلاع والاعداد والتأليف ليس بالضرورة أن يكون مقررا
2 - حاجة الطلبة عندنا إلى مذكرة يسهل عليهم الحصول عليها ويساعدهم
3 - إضافة بعض الأشياء، وترتيب بعضها حتى تتناسب مع إحتياجات القراء وطلبة العلم [/ font][/size][/color]
( فالمذكرات والكتب في التجويد من أكثر المؤلفات، بجميع أنواعها المطولة والمتوسطة والمختصرة والملونة والمؤلفة على هيئة جداول وغير ذلك)
هذه المذكرات والكتب مع كثرتها فإن دولتي (جمهورية مالي) خرج منها بكفي حنين إن صح التعبير، إذ هي غير متوفرة مطولة كانت أو متوسطة أو مختصرة كما ينبغي.
ولقد زرت احدى أكبر المكتبات الإسلامية عندنا فلم أجد فيها كتابا يتناول هذا الموضوع إلا كتابين فقط، كما أني طلبت من أحد إخواني الذين يدرسون في إحدى الجامعات الإسلامية في الخليج العربي، حيث تتوفرهذه الكتب والمذكرات أن يرسل إلي مرجعا معينا، فأجابني قائلا (تكاليف الإسال يمنعني) من أجل هذا وغيره رغبت في إعدادها حتى تتناسب مع احتياجات الطلبة والقراء، ومع مناهج والمستويات الدراسية في دولة يتحدث أبناءها بلغة مغايرة للغة العربية
والله وراء القصد وما توفيقي إلا به عليه توكلت وإليه أنيب
حمدي باه
خريج الجامعة الإسلامية بالنيجر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jul 2006, 09:43 ص]ـ
وفقكم الله أخي العزيز حمدي، وأقدر لك حرصك وحسن نيتك في نفع إخوانك. وليتك تراجع صندوق رسائلك الخاصة لو تكرمت.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[30 Jul 2006, 02:15 م]ـ
الأخ الكريم عليك بمنتدى البحوث القرآنية ففيه عدة كتب للتحميل في التجويد والقراءات كما تدخل على مكتبة المشكاة وتنزل الذي تريده من الكتب وكذا مكتبة صيد الفوائد
وأنا عندي بعض الكتب على الوورد ممكن احملها لك وإن هذه الفترة مشغولاً جدًا لكن لو أكرمك الله بمراسلتي للتذكيرفأرسلها لك عبر البريد الالكتروني
ويكون عندك نسخ كثيرة المطولة والمتوسطة والقصيرة المختصرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وابتداء أنصحك برأي أستاذنا الكبير الدكتور عبد الرحمن الشهري بأن تختار من تلك الكتب للتدريس إذ معدها سيكون سابقًا لك، وبعد التدريس تحاول أنت التصنيف والزيادة والنقصان بحسب ما تريد من بحث وتنقيب فتكون تلك المرحلة فيكون قد زاد علمك وقدرت على مسئولية التصنيف.
ولا تنس تذكيري.
والله من وراء القصد
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[31 Jul 2006, 01:09 ص]ـ
اخي حمدي اهدي لك هاتان الورقتان المختصرتان كتدريب عملي وقد استفاد منها الطلاب بشكل كبير جدا
ـ[حمدي]ــــــــ[31 Jul 2006, 02:39 ص]ـ
المشاركة الأصلية لأبي حنيفة
اخي حمدي اهدي لك هاتان الورقتان المختصرتان كتدريب عملي وقد استفاد منها الطلاب بشكل كبير جدا
بسم الله الرحمن الرحيم (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضائف لمن يشاء والله واسع عليم) أخي أبو حنيفة أسأل الله أن يجعل لكم ولأستاذ المادة /عبد الله العتيبي كل ورقة مثل حبة ويضائف لكم الأجر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.
وستشكرون لو تفضلتم بإرسال المرجع الذي أخذتم منه الورقتان كاملة.
المشاركة الأصلية للأخ مصطفى على
ولا تنس تذكيري
أذكركم بما نويتم من فعل الخير وأسأل الله أن يعينكم عليه وجعله في ميزان حسناتكم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى) أما البريد الالكتروني فأرى أن ترسل الكتب عن طريق رسالة خاصة في الملتقى وإن كان لا بد من البريد فهو التالي bahamadi@maktoob.com
المشاركة الأصلية للأخ مصطفى علي
وابتداء أنصحك برأي أستاذنا الكبير الدكتور عبد الرحمن الشهري بأن تختار من تلك الكتب للتدريس إذ معدها سيكون سابقًا لك، وبعد التدريس تحاول أنت التصنيف والزيادة والنقصان بحسب ما تريد من بحث وتنقيب فتكون تلك المرحلة فيكون قد زاد علمك وقدرت على مسئولية التصنيف.
هذا الكلام والنصح وجيه جدا للغاية وسأكتفي بالعمل به كما قلت، ولقد نصحني به كثير من أساتذتي الذين شاورتهم في دولتي وأشكركم جميعا وخاصة شيخي الكريم عبد الرحمن الشهري، وأرجوا من سماحته زيارة رسائله الخاصة، لقد أجبت رسالته التي أرسلها إلي بخصوص الكتب.
ـ[ناصر]ــــــــ[31 Jul 2006, 04:38 ص]ـ
بعض مما يوجد على الشبكة:
الواضح في أحكام التجويد للدكتور محمد عصام مفلح القضاة. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0117.pdf)]
البيان في أحكام تجويد القرآن لحسام الدين سليم الكيلاني. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0264.pdf)]
أحكام قراءة القرآن لمحمود خليل الحصري. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0267.pdf)]
الإتقان في تعليم أحكام قراءة القرآن الكريم للأستاذ: محمد نزار القطشة. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/1427.zip)]
البسيط في علم التجويد للشيخ بدر حنفي محمود. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/Al-Basee_t.zip)]
الروضة الندية شرح متن الجزرية في التجويد لابن الجزري. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/alrwdaalndya.zip)]
إحكام الأحكام في تجويد القرءان الشيخ سيد جمعة سلاّم. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/E7kam.rar)]
هداية القاري إلى تجويد كلام الباري عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/hedytalfari.zip)]
منظومةَ: "المفيد في التجويد" لِلْإِمامِ الْمُقْرِئِ الْفَقِيهِ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطِّيبِيِّ. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/nadm.zip)]
التحفةالعنبرية في شرح تحفة الاطفال ترتيب وتنسيق ابن عبد الوهاب السالمي. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/alambrih.zip)]
دليل الحيران لحفظ القرآن مزاحم طالب العانى. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0041.pdf)]
الملخص المفيد في علم التجويد محمد معبد. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0072.pdf)]
البرهان في تجويد القرآن ويليه رسالة في فضائل القرآن محمد قمحاوي. [من فضلكم أنقر هنا ( http://islam.moved.in/tajwid/0262.pdf)]
و هناك غيرها هنا ( http://tafsir.org/books/).
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[31 Jul 2006, 04:31 م]ـ
بالنسبة للورقتان فهي عبارة عن خلاصة وتسهيل لمعرفة اهم احكام التجويد فمرجعها اكثر كتب التجويد التي لها عناية بذلك ....(/)
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jul 2006, 03:19 م]ـ
يقول ربنا تبارك وتعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)
وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي، فقد روى مسلم بسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: (({وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)).
إن القوة في الآية القرآنية جاءة نكرة، وهي تشير إلى العموم، خصوصًا مع دخول (من) عليها، وكأن المعنى: أعدوا لهم أي قوة تستطيعون بها إرهاب عدو الله وعدوكم، فتشمل كل ما يطلق عليه قوة، ثم جاء تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم لينبه على أعلى القوة وأقواها وأجدرها في إرهاب أعداء الله، إلا وهي الرمي.
ولقد أثبتت الحروب ـ قديمها وحديثها ـ أن الرمي هو السلاح الفتاك الذي يحسم المعركة، فالمنجنيقات التي كانت تدك الحصون، وترمي بكرات النار على الناس في حصونهم، والطائرات التي نراها اليوم تدكُّ البنى التحتية لعراقنا وفلسطيننا ولبناننا،وغيرها من بلادنا الإسلامية تدل دلالة واضحة على صحة ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أعلى القوة وأقواها.
وإذا كنا نرى بأم أعيننا أن اليهود لم يمكنهم التغلب إلا بالرمي من فوق، أو بالتترس خلف متاريسهم من دبابات وغيرها، وأنهم لا يستطيعون أن يقاتلوا وجهًا لوجه كما قال الله عنهم: {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون}، فمتى نعد عدة الرمي لنكون أقوى منهم؟!
أنظروا كيف لم يستطيعوا التغلب على ذلك الشيخ المجاهد المقعد (أحمد ياسين) إلا بقوة الرمي، ويا للجبن!
لم يستطيعوا التغلب عليه فكريًا، ولا سياسيًا، ولا بأي نوع من أنواع التغلب، فما كان منهم إلا أن غدروا به بصاروخ غاشمة، وياله من موقف! نسأل الله أن يكون خاتمة خير للشيخ المجاهد رحمه الله تعالى.
وإذا كنا مأمورين بإعداد القوة، فلم لا نسعى إليها، ونبدأ بالخطوة الأولى،؟!
إن إرادة الاستعداد مطلب للوصول إلى كماله، فهل نحن نبذل في هذا جهدنا؟
وبعد ..
فإنك لتعجب أشدَّ العجب من جرأة الكفار على استباحة الأعراض والأموال، واستباحة القتل والتشريد والتخريب للديار، وتبريرهم لهذه الأعمال الوحشية الهمجية الظالمة، واستكثارهم على المسلمين أن يستنكروا هذه الأعمال، أو أن يردوا بالمثل، فذلك عندهم غير جائز إلا لهم، فحقوق الإنسان لا يدخل فيها غير الإنسان الغربي الأبيض فقط!
ومن الأعجب كذلك أن ترى من هو من بني جلدتنا ممن رضع من هذه الحضارة الغربية، ودافع عن قيمها مرة بعد مرة = لا يستنكر ـ وهو يرى ما يرى ـ أعمال اليهود والنصارى الظالمة التي يقومون بها من قتل وتدمير وتشريد، فهم بين مبرر أو ساكت عن ظلمهم؟!
إن قيم الحضارة الغربية تسقط واحدة تلو الأخرى، وإنه لن تقوم ـ بإذن الله ـ حضارة مادية تقود العالم بعد هذه الحضارة؛ لذا يجب علينا نحن المسلمين أن نُعِدَّ العدة لاستلام الزعامة والإمامة لهذا العالم لننتشل الناس من ظلم العباد إلى رحمة رب العباد، كما فعل أسلافنا رضي الله عنهم.
ولا شكَّ أن للنصر والاستعلاء مقوماته، وأن بشائره تلوح في الأفق، فلنسع إليه، لنحقق قول الله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هو الفاسقون (، وقوله تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
أسأل الله أن يلطف بنا، وأن يعذر تقصيرنا في نصرة إخواننا، وأن يرفع عنهم وعنا المحن والبلايا؛ إنه سميع مجيب.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Jul 2006, 05:19 م]ـ
أحسن الله إليكم فضيلة شيخنا الدكتور/مساعد الطيار ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد أنكأت ببعض عباراتك جرحاً غائراً في القلب وهي عبارة (ممن رضع من هذه الحضارة الغربية) فأولئك في حقيقة الأمر هم العدو, كفانا الله شرهم , وليتهم رضعوا من تلك الحضارة رضاعة طبيعيةً كسائر أبنائها بل لم تَجُد لهم إلا باللبن المغشوش , لتنبت منه تلك العقول السطحية والرؤى المهترئة الهشة, وصدق القائل حين قال:
أشكو إلى الرحمن من ... علق يقيم على جراحي
من جلدتي لكن عليَّ ... أشد من وقع الرماح
فهم الجسر الذي يعبر به أعدائنا إلى عقول شبابنا وفتياتنا , ليقين الأعداء أن محيط المُثل والأخلاق الإسلامية لا يمكن أن يُعْبَر ويُشقَّ إلا على ظهورهم , ويزخرفون ذلك باسم الحرية والانفتاح.
ولا أدل على أن أولئك هم أول وأولى عدو بالمواجهة من وقوفهم في وجه كل ما يرون فيه رقيا بأخلاق واهتمامات ناشئة الأمة , ووصفهم لذلك بالجمود والتخلف والرجعية -زعموا- ليرسخوا في أذهانهم أن التقدم هو في متابعة الغرب والسير على خطاهم ولو إلى جحر ضب أو غيره ..
وما أثار العدو بلبلة أإو كال تهمة للمسلمين إلا رددها القوم خلفه لكن بصوت أعلى ..
ولستُ أدري كيف ارتضى أولئك بقصر إعجابهم وطاعتهم للمغفلين فقط من الغربيين , فشهادات بنيه وعقلائه ومفكريه المنصفين , تنبئنا مع إشراقة كل نهار عن استيائهم المتزايد النامي تجاه تنكبهم لهدي الله وشريعته التي لم ولن تصلح أحوال البشر إلا بارتضائها منهجا ونبراسا وحكما في كل صغير وكبير ودقيق وجليل ..
وما دمتم يا شيخنا تدعون إلى الاستعداد لأخذ زمام الإمامة والزعامة فلابد من السعي الدؤوب لتحصين الأبناء والبنات من تأثير تلك السموم التي (يتقيؤها) القوم عبر إعلام العالم الذي يحارب في مجمله الفضيلة والحياء -إلا من رحم الله -.
ثم بتبيان عثرات الغرب التي جناها عليه ما يسمونه عبثاً (التقدم والرقي) لتكفر ناشئة الأمة بدعايات المغلَّفين الداعين له من أبناء المسلمين.
وحينها سنرى جيلاً عاقلا متبصراً بمتارك ومآخذ الحياة ويميز الخبيث من الطيب بحيث لا تنطلي عليه تلك الثقافات الفتاكة التي يرادُ لها أن تستقرَّ في عالمنا وبيوتنا وتعليمنا وجميع شؤون حياتنا لنصبح صورة مستنسخة للغرب , ولكن يقيننا بوعد الله (والله متم نوره ولو كره الكافرون) سيظل حاديا لكل داعية وعلم ومربٍّ ووالد ووالدة على طريق الرقي بالعقل الإسلامي وتحصينه.
أما أحوالهم مع فلسطين المحتلة ولبنان وغيرها فموقفهم المخزي تبعا للغرب - لأن الفرع له حكم الأصل - هو موقف لم يخف على ذي لبٍّ , فقد جمدت في تلك البقاع من الأرض نداءات حقوق الإنسان , وخرست أفواه المطبلين لعدالة الغرب , وليتهم توقفوا عند ذلك الحد وصمتوا, بل سارعوا إلى تبرير الاعتداء الصهيوني والاحتلال لبلاد المسلمين في فلسطين ولبنان ووصفهم لمن يدافع عن الأقصى بالإرهاب والدموية والوحشية , ومن يقتل بالجملة, ويأسر , ويغصب , ويفجر ويدمر , ويشتت ويهجر ,هو المظلوم الذي له حق الدفاع عن النفس, وهو المخلص من أنظمة الظلم والطغيان , وما علموا أنهم بعد مجازرهم في العراق سيسمعون من يقول يوما ما (رحم الله الحجاج ما أعدله).
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[23 Jul 2006, 07:28 ص]ـ
االلهم ارفع عن المسلمين ما نزل بهم من البلاء , وأجعل الدائرة لهم.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[23 Jul 2006, 11:36 ص]ـ
يقول ربنا تبارك وتعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)
وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي، فقد روى مسلم بسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: (({وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)).
جزاكم الله خيرا ...
وهذا دلالة على صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[24 Jul 2006, 02:24 ص]ـ
مات العز بن عبد السلام ولم يقف عز بعده
فهذا هو المكمن
وبدون العز فالمسلسل مستمر(/)
لطائف من تفسير التحرير والتنوير
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[22 Jul 2006, 08:18 م]ـ
الحمد لله، وبعد:
فقد يسَّر الله لي الشروع في استخراج لطائف من كتاب (التحرير والتنوير) للعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ولم أنتهِ بعدُ من هذا العمل، وإليكم معاشر الأحبة مقدمة هذا الكتاب المقترح، آمل منكم تزويدي بما ترونه من اقتراحات وملحوظات على التفسير المذكور، وعلى طريقة استخراج اللطائف، والله يحفظكم.
مقدمة الكتاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فإن القرآن الكريم كلام الله - عز وجل - أنزله على قلب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون من المنذرين.
وما زال العلماء - منذ نزوله - يتعاقبون على دراسته، ويعكفون على النهل من معينه، والتزود من هدايته.
هذا وإن لعلماء التفسير من ذلك أوفرَ الحظ والنصيب؛ حيث صرفوا همهم لتدبر كتاب الله، وفهم مراده - عز وجل - فكان من ذلك المؤلفاتُ العظيمة في التفسير على اختلاف مناهج أصحابها.
ومن أعظم ما أُلِّف في هذا الشأن في العصور المتأخرة ما رقمته يراعةُ العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور -رحمه الله- وذلك في تفسيره المعروف بـ: التحرير والتنوير.
فهو تفسير عظيم حافل بما لذ وطاب من العلوم، ولا غرو في ذلك؛ فصاحبه عالم كبير، وجهبذ نحرير، له يد طولى، وقِدْح مُعَلَّى في علوم شتى.
والذي يطَّلع على مؤلفاته الكثيرة المتنوعة يراها تحمل طابعاً مميزاً، وطرزاً فريداً لا تجده إلى عند الندرة من العلماء، وفي القليل من المؤلفات.
ومع ذلك فإن هذا العالم لم يأخذ حظَّه من الذيوع والشهرة.
ونظراً لعظم شأن تفسيره، ولأنه مليء بكنوز من العلم والمعارف، والثقافة، ولكونه مطولاً يقع في ثلاثين جزءاً، وفي صفحات يصل عددها إلى أحد عشر ألفاً ومائة وسبع وتسعين صفحة، وهذا مما يصرف عن قراءته - فقد رأيت أن أستخرج بعض اللطائف الرائعة، واللفتات البارعة التي احتوى عليها ذلك التفسير العظيم؛ رغبةً في عموم النفع، وإسهاماً في التعريف بذلك العمل الجليل الذي لا يخطر لكثير من طلبة العلم - فضلاً عن غيرهم - ما يشتمل عليه من نفائس العلم وغواليه.
وقد خطر لي في بداية الأمر أن أرتب تلك النقول المنتقاة، وذلك بتصنيف الفوائد، وترتيبها، على حسب الفنون؛ فيفرد فصل للمسائل الأصولية، وفصل للمسائل النحوية، وفصل للنكت البلاغية، وفصل للنظرات في الطب، وفصل لآرائه في النقد والأدب وهلم جرا.
فرأيت أن ذلك سيطول، وأنه يحتاج إلى عدد من الرسائل العلمية خصوصاً وأن المقطع الواحد من كلامه يشتمل على عدد كبير من العلوم.
فليس لي - إذاً - إلا مجرد الانتقاء، ولم أشأ إثقال الكتاب بالحواشي؛ فما وجد من ذلك فهو من صنيع المؤلف، وإذا كان مني فإني أرمز إليه بـ (م).
وقبل الشروع في إيراد تلك اللطائف المنتقاة هذا تعريف عام بالكتاب:
أولاً: اسم الكتاب: يقول مؤلفه ابن عاشور في مقدمة كتابه 1/ 8 - 9: "وسميته (تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) واختصرت هذا الاسم باسم: (التحرير والتنوير من التفسير) " فهذه تسمية مؤلفه له.
ثم اشتهر هذا التفسير باسم: (التحرير والتنوير) و (تفسير التحرير والتنوير) كما هو على ظهر غلاف الكتاب المطبوع.
ثانياً: قصة تأليفه للكتاب وبدايته ونهايته: لقد كان تفسير الكتاب المجيد أكبر أمنية كان يتمناها الشيخ ابن عاشور - كما يقول في مقدمته -.
ولكنه كان يتردد كثيراً، فتارة يقدم، وتارة يحجم؛ إذ كانت الصوارف تعوقه، والتهيب من الإقدام على هذا الأمر العظيم يقف دونه.
وبعد تردد، واستخارة، واستعانة بالله - عز وجل - عقد العزم على الشروع في التفسير، وأقدم عليه - كما يقول -: إقدام الشجاع على وادي السباع.
وكانت بداية تأليفه للتفسير عام 1341هـ، وفرغ منه عام 1380هـ.
وبعد فراغه منه ختمه بكلمة عظيمة مؤثرة قال فيها: "وإن كلام رب الناس حقيق بأن يُخدم سعياً على الرأس, وما أدّى هذا الحق إلا قلم مفسر يسعى على القرطاس, وإنَّ قلمي استنَّ بشوط فسيح, وكم زُجِرَ عند الكَلالِ والإعياء زجر المنيح, وإذ قد أتى على التمام فقد حقَّ له أنْ يستريح.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان تمام هذا التفسير عصر يوم الجمعة الثاني عشر من شهر رجب عام ثمانين وثلاثمائة وألف, فكانت مدة تأليفه تسعاً وثلاثين سنة وستة أشهر, وهي حقبة لم تَخْلُ من أشغال صارفة, ومؤلفات أخرى أفنانها وارفة, ومنازع بقريحةٍ شاربةٍ طوراً, وطوراً غارفة, وما خلال ذلك من تشتت بال, وتطور أحوال, مما لم تَخْلُ عن الشكاية منه الأجيال, ولا كُفران لله فإن نعمه أوفى, ومكاييل فضله عَلَيَّ لا تُطَفَّفُ ولا تُكْفا.
وأرجو منه - تعالى - لهذا التفسير أن يُنجد ويغور, وأن ينفع به الخاصة والجمهور, ويجعلني به من الذين يرجون تجارةً لن تبور.
وكان تمامه بمنزلي ببلد المرسى شرقيّ مدينة تونس, وكَتَبَ محمد الطاهر ابن عاشور".
وقد طبع هذا التفسير في دار سحنون للنشر والتوزيع بتونس.
وقد جاء في ثلاثين جزءاً، في خمسة عشر مجلداً، وعدد صفحات التفسير كلها أحد عشر ألف ومائة وسبع وتسعون صفحة (11197 صفحة).
ثالثاً: منهجه في كتابة التفسير: لقد بين الشيخ ابن عاشور في مقدمته الرائعة منهجه في كتابة هذا التفسير، وسيأتي بيان ذلك عند إيراد مقدمته كاملة، ويمكن إجمال ذلك فيما يلي:
1 - بدأ تفسير ه بمقدمات عشر؛ لتكون - كما يقول - عوناً للباحث في التفسير، وتغنيه عن مُعاد كثير.
2 - اهتم ببيان وجوه الإعجاز، ونكت البلاغة العربية، وأساليب الاستعمال.
3 - اهتم ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض.
4 - لم يغادر سورة إلا وبين أغراضها، وما تشتمل عليها بإجمال.
5 - اهتم بتحليل الألفاظ، وتبيين معاني المفردات بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميسُ اللغة.
6 - عُنِيَ باستنباط الفوائد، وربطها بحياة المسلمين.
7 - حَرِصَ على استلهام العبر من القرآن؛ لتكون سبباً في النهوض بالأمة.
هذا مجمل منهجه، وسيأتي مزيد بيان لذلك في الفقرة التالية عند الحديث عن مزايا هذا التفسير العظيم.
رابعاً: مجمل ما اشتمل عليه التفسير من المزايا: لقد اشتمل تفسير التحرير والتنوير على مزايا عظيمة، وحوى علوماً كثيرة، وتضمن فوائد غزيرة.
وقد مر في الترجمة الماضية شيء مما اتصف به ذلك العالم النحرير، ولعل ما مضى يغني عن الإطالة، والتفصيل.
وممل يمكن أن يقال في هذا الصدد أن الشيخ ابن عاشور قد استجمع في هذا الكتاب قواه الذهنية والعلمية، فتجلت فيه مواهبه، وتبين فيه علو كعبه، ومنهجه التربوي، ونظراته الإصلاحية.
ويمكن إجمال ما اشتمل عليه ذلك التفسير من مزايا فيما يلي:
1 - العدل، والإنصاف، والأمانة العلمية.
2 - الموازنة، والترجيح، وهدوء النبرة، وطول النفس.
3 - سعة الاطلاع، وتوظيف الثقافة والمعارف لخدمة الغرض الذي يرمي إليه.
4 - الإفادة مما شاده الأوائل، والزيادة على ذلك.
5 - اشتماله على الفوائد التربوية، والنظرات الإصلاحية التي تحتاجها الأمة خصوصاً وأنه قد كتب تفسيره في وقت اشتدت بها الوطأة على الأمة إبان وقت الاستعمار، وسقوط الخلافة.
6 - احتوى على نظرت في الطب، وحفظ الصحة.
7 - الكتاب مليء بالقواعد الأصولية والمسائل النحوية، والنكت البلاغية.
8 - الكتاب مشتمل على نظرات في الأدب والنقد.
9 - الكتاب مليء بالشواهد الشعرية، والتاريخية.
10 - أسلوب الكتاب جزل قوي، شديد الأسر، محكم النسج.
وسيرى القارئ لهذا التفسير شواهد ما ذكر، والمقام لا يسمح بالإطالة، وإيراد الأمثلة؛ فليس هذا مقام دراسة، وتقويم للكتاب.
ومع ذلك فإن الكمال لله - عز وجل -.
فقد وقع المؤلف -رحمه الله- فيما وقع فيه كثير من المفسرين، وذلك بتأويل آيات الصفات، والعدول بها عن منهج السلف الصالح من إمرارها كما جاءت.
ويعتذر للمؤلف ببيئته العلمية التي نشأ فيها؛ حيث ينتشر فيها مذهب الأشاعرة.
ومع ذلك فإنه يناقش الأشاعرة في هذا التفسير، ويقترب أحياناً من منهج السلف في باب الصفات.
وأخيراً أسأل الله - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى - أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يغفر للشيخ ابن عاشور، وأن يسكنه فسيح جناته؛ إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
محمد بن إبراهيم الحمد
الزلفي: ص. ب: 460
www.toislam.net
alhamad@toislam.net
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jul 2006, 06:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقك الله أيها الشيخ الكريم، وأعانك على هذا المشروع العظيم.
ثم إني أقترح أن يكون لك أثناء انتقائك للفوائد واستخراجك للكنوز والتقاطك للدرر من هذا البحر الكبير أن تقوم بمشروع آخر لا يقل أهمية من وجهة نظري عن مشروعك؛ وهو تقريب هذا التفسير لعموم المسلمين باختصاره وتهذيبه.
والمقصود من هذا الاختصار هو الاقتصار على التفسير، وترك الاستطرادات اللغوية وغيرها من المسائل التي يتوسع فيها ابن عاشور في مواضع كثيرة.
ولو أضفت إلى ذلك مشروعاً ثالثاً، وهو جمع استنباطات ابن عاشور للفوائد من الآيات؛ فله نظرات فريدة واستباطات لطيفة تستحق الجمع والدراسة.
وفقك الله، وبلغك ما تصبو إليه، وأعانك على تحقيق ما ترجو، ورزقني وإياك الإخلاص في القول والعمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Jul 2006, 04:42 ص]ـ
مشروع عظيم يا شيخ محمد، أسأل الله أن ييسر لك ما بدأت، وهنيئًا لك ما ستكسب من فوائد في جرد هذا التفسير العظيم الذي لا نظير له في كتب المعاصرين.
ـ[الجكني]ــــــــ[24 Jul 2006, 04:56 م]ـ
وفقك الله ويسر لك ما تصبو إليه،ولو سمحت لي التنبيه هنا إلى مسألة مهمة في هذا التفسير القيم وهي بيانه للتحريف الواقع في كتب اليهود والنصارى وبيان ما ذكرته تلك الكتب مما لم تذكره،ورجوعه إلى "مخطوطات " قديمة عنده من الكتب المذكورة المسماة كذباً وزوراً "الكتاب المقدس" 0(/)
أرجو الإفادة للضرورة .. ضوابط الاستشهاد بآيات كتاب الله تعالى ..
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[22 Jul 2006, 10:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على المبعوثِ رحمةً للعاملين ... حبيبنا المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ إلى يومِ الدين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأخوة الأفاضل - حفظكم الله جميعا -
هناك أمرٌ شديد الأهمية لاحظت مدى التباسه فى الأفهام .. خاصة مع ممن يٌطلِق الكثير من الناس عليهم فى زماننا هذا ((المُثقفون)) ممن ليس لديهم دراية كافية بالعلم الشرعىّ،، فضلا عن علوم القرآن العظيم .. وتفسيره ومعانيه .. ألا وهى: ضوابط الاستشهاد بأيات القرآن العظيم ..
فى كثيرٍ من القضايا عندما مثلا يستشهد شخص بقوله تعالى " ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلُكة " يستخدمونها مثلا فى الاستشهاد على التقاعس عن العمل لنصرة دين الله جل وعلا مخافة أن يصيبهم ضرر .. انما الطبع كما جاء فى التفسير أن التهلُكة المقصودة ليست تهلكة الدنيا .. ولكن تهلكة الآخرة .. بالإمساك عن النفقة فى الجِهاد كما ورد فى تفسير الآية ..
وهذا مثالٌ بسيط .. ربما ينتشر هذا الخطأ بين عامة الناس نتيجة لعدم معرفتهم تفسير الآية ..
انما ما يُحزِننى حقا أن ينتقل هذا الأمر إلى ما هو أكبر من ذلك ..
كما حدث حينما تحدث أحدهم على المنتديات الخاصة بالجامِعة - وهى عندنا جامعة مختلطة - عن ضوابط العلاقة بين الرجل والمرأة ..
فدخل بعض الأخوة والأخوات ممن نحسبهم على خير - والله حسيبهم - واستشهدوا بقوله تعالى: ولا مُتخذات أخدان .. مستدلين بذلك على عدم إمكانية وجود صداقة أو ماشبه ذلك بين الرجل والمرأة ..
وإذا بأحدِهم يدخل ويُدرِج تفسير تلك الآية الكريمة - بأكثر من تفسير معتمد - أن المقصود هنا ب " الخدن " هو صديق الزنا واليعاذ بالله .. أى يصادقها ويزنى بها .. ثم يدعون بعد ذلك أن ما يتحدثون عنه بالطبع علاقة بريئة ولا تنطبق عليها تلك الآية!!
أيضا فى قوله تعالى " من الذين فرقوا دينهم وكانوا شِيعًا كل حزبٍ بما لديهم فرِحون " ...
حيث كان هناك أحد الموضوعات التى حدث فيها نزاع بين أعضاء من جماعات اسلامية مختلفة - وليست فِرَق ضالة واليعاذ بالله - فدخل أيضا من يريد تهدئة الأمر واستشهد بالآية الكريمة السابقة ..
فرُدَّ عليه بأن الآية لا تنطبق عليهم ولا يصح الاستشهاد بها أيضا فى تلك الحالة ..
وغير ذلك الكثير ..
وحقيقة إخوتى الأفاضل - حفظكم الله جميعا ورفع قدركم فى كل خير - أننى ما زلت طالبة علم فى بداية الطريق .. وعلى منتدياتنا الجامعية للأسف يحدث العديد من الأمور التى حقا تُلبِّس على الناس أفهامهم ودينهم .. ولانها أيضا مشهورة فيدخل عليها الكثير .. ويتأثر بما يُنشر عليها الكثير أيضا .. هذا بالإضافة إلى عدم وجود طلبة علم تقريبا على المنتدى بأكمله إلا نادرا جدا ..
ولكن أغلبهم كما أسلفت .. من المُثقفين ..
وعملا بقوله سبحانه " فاسئلوا أهل الذِّّكر إن كنتم لا تعلمون " ..
فأسئلكم أساتذنا الأفاضل أن تفيدونى فى ذلك الأمر ..
ما هى ضوابط الاستشهاد بآيات كتاب الله تعالى على أحداثنا المُعاصِرة الآن؟؟
ماذا نفعل كى يكون الاستشهاد بالآيات صحيحا؟؟
وهل فى بعض الآيات التى نزلت بأسبابٍ خاصة .. هل يُمكِن الاستشهاد بها فى موضوعٍ عام؟؟ يخرج عن السبب الخاص الذى نزلت فيه الآيات؟؟
أفدونى أفادكم الله ..
وجزاكم الله خيرا ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jul 2006, 06:22 ص]ـ
الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه للدكتور مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=46)(/)
نظرة في كتاب: النبأ العظيم
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[23 Jul 2006, 08:55 ص]ـ
قال الدكتور محمد عبد الله دراز في كتاب: النبأ العظيم (ص/28،29) وهو يستدل على صدق الوحي:
نزل قوله تعالى: " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " سورة البقرة. فأزعجت الصحابة إزعاجاً شديداً وداخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء آخر لأنهم فهموا منها أنهم سيحاسبون على كل شيء حتى حركات القلوب وخطراتها فقالوا: يا رسول الله أنزلت علينا هذه الآية ولا نطيقها فقال لهم النبي أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فجعلوا يتضرعون بهذه الدعوات حتى أنزل الله بيانها بقوله: " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .. " إلى آخر السورة المذكورة.
وهنالك علموا أنهم إنما يحاسبون على ما يطيقون من شأن القلوب وهو ما كان من النيات المكسوبة والعزائم المستقرة لا من الخواطر والأماني الجارية على النفس بغير اختيار.
الحديث في مسلم وغيره وأشار إليه البخاري في التفسير مختصراً.
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم. ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها.ولأمر ما أخر الله عنهم هذا البيان ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى: " ثم إن علينا بيانه " سورة القيامة أهـ
ثم ذكر موقف الحديبية ومراجعة عمر للنبي صلى الله عليه وسلم وقال كلاماً نحو ذلك.
وقد نقل الصباغ هذا الكلام في لمحات من علوم القرآن ولم يتعقبه ولعمري لهو جدير بالتعقب إذ فيه نسبة الجهل إلى النبي وعدم فهم الخطاب انظر إلى قوله:
ولقد كان يجيئه الأمر أحياناً بالقول المجمل أو الأمر المشكل الذي لا يستبين هو ولا أصحابه تأويله حتى ينزل الله عليهم بيانه بعد. قلي ـ كذا ـ بربك أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه وتأمره أمراً لا يعقل هو حكمته؟ أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل وأنه مأمور لا آمر أهـ.
قل لي بربك أنت أيها القاريء: ما الذي يفيده هذا الكلام غير ما ذكرت؟
ولو أنه رجع إلى الأحاديث والتزم ما فيها لما وقع فيما وقع فيه: فالأحاديث تبين أن معنى الآية هو ما فهمه الصحابة وأن الآية الثانية إنما نزلت ناسخة للأولى وعليه فقد كان معناها مخالفاً للأولى وكما علم النبي النبي صلى الله عليه وسلم معنى الثانية فقد كان على علم بالأولى وفي ذلك رد على قوله:
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم. ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها.أهـ
وهاك ما قاله البخاري:
بَاب {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
4181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ
{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الْآيَةَ ....
4182 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا أهـ
وقال مسلم:
(يُتْبَعُ)
(/)
179 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ وَأُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ وَاللَّفْظُ لِأُمَيَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
قَالَ نَعَمْ
{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}
قَالَ نَعَمْ
{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}
قَالَ نَعَمْ
{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
قَالَ نَعَمْ.
180 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}
قَالَ دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا قَالَ فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ.
{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ
{وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا}
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ. أهـ
والعجب أنه ذكر مصدر الحديث في الكتابين.
ثم كيف يقول ذلك وقد ثبت أن الوحى ما كان ينتهي حتى يعي النبي صلى الله عليه وسلم ما قال وذلك ما رواه البخاري في صحيحه:
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا أهـ
ثم إن قوله: ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى: " ثم إن علينا بيانه " سورة القيامة أهـ يدل على إبعاده النجعة في فهم الآية فقد ورد في صحيح البخاري ما يبين معناها:
4 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}
قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ أهـ
فلابد من الرجوع إلى السنة في فهم كتاب الله عز وجل وتفسيره وإلا فلا يأمن المسلم من الخطأ في فهم خطاب الله تعالى وثم أخبار أخرى تدل على ذلك.
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jul 2006, 12:32 م]ـ
يا أخي أبو فاطمة الأزهري حفظك الله:
لا بد أولاً من تعلم اللغة العربية ومدلولات ألفاظها حتى نفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اللذين لا يمكن فهمهما بدونها، ويخطيء ألف مرة من ظن فهمهما بدونها،فالدعوة مباشرة بالرجوع إلى السنة لفهم كتاب الله عز وجل د ون التنبيه على ضرورة تعلم العربية وفهمها دعوة ناقصة 0
أخي: كلام د/ دراز يرحمه الله كلام واضح وصحيح لا غبار عليه - على الأقل عندي - وما ألزمته أنت به لا يلزمه، وما قولك في قول الله تعالى " قل ما كنت بدعاً من الرسل "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " "0
وأيضاً فإن القول بالنسخ هنا،المراد به - والله أعلم - البيان والتخصيص وليس النسخ المصطلح عليه،بدليل أنه في زمن الصحابة رضي الله عنهم لم تكن هذه المصطلحات قد وجدت 0
والله من وراء القصد0
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Jul 2006, 04:56 م]ـ
أوافق الدكتور السالم -حفظه الله-على ما ذكره
وأزيد أمورا:
1/ أن عبارة الشيخ عبدالله دراز قد لا يُحسن فهمها، أو يتوهم منها مراد غير صحيح، لكن الفائدة التي أرادها منها صحيحة لا غبار عليها، هذه الفائدة هي ما ذكره بقوله: (أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل وأنه مأمور لا آمر) فهو أراد تقرير هذا الأمر وإثباته، والمثال المذكور (من آيات سورة البقرة) ليس معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام لم يفهموا المراد، حاشا وكلا، بل الأحاديث واضحة أنهم فهموا المراد وعقلوه، وإلا لما أشكل عليهم وأصابهم منه شدة وحرج، لكن وجه صدق الوحي -الذي أراد الشيخ إثباته بهذا المثال- قد تحقق بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده من الوحي ما يرفع به الحرج والشدة عن أصحابه رضي الله عنهم، حتى نزل الوحي بعده فبين المراد ورفع الشدة.
2/ كان من المستحسن أن تكون المشاركة عبارة عن طرح لإشكال قد يفهم من أحد موضوعات الكتاب العديدة، وألا يكون طرحا وتقريرا لفهم معين قد يوافق عليه وقد لا يوافق، خصوصا أن أخانا أبا فاطمة -حفظه الله- قد صرح بما فهمه وألزمه المؤلف بقوله: (إذ فيه نسبة الجهل إلى النبي وعدم فهم الخطاب) وهذه الدعوى خطيرة كما هو معلوم، ولا يمكن أن يقول بها مثل الشيخ عبدالله دراز، فكتابه من أفضل ما كتب خصوصا في مجال الإعجاز، بشهادة الكثيرين، ولا يمنع أن تقع فيه بعض الهنات، وبعض الإشكالات .. وهنا يأتي دور العالم وطالب العلم ليتدارس ويستشكل ما وجد مع مشايخه وأقارنه وتلاميذه حتى تكمل الفائدة، ويتبين الفهم السديد، ويخرج من النقاش بالأقوى والأرجح، ولا يتسرع بتقرير فهم معين قد يكون بعيدا.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[23 Jul 2006, 11:01 م]ـ
الدكتور السالم بارك الله فيه
أود أن أنبه إلى أنني إنما أردت التنبيه على أهمية الرجوع إلى السنة فحسب ولا أظن أن كلامي يفهم منه أن ذلك يكون بمنأى من اللغة العربية أو بمنأى من أي علم آخر يحتاجه المفسر، بل إن معرفة اللغة العربية لا تحتاج إلى تنبيه في مثل هذا المقام إذ إنها من أهم
ما ينبغي على المفسر علمه عموماً وليس فقط عند الدعوة إلى التنبه لمكانة السنة في التفسير وهذا من أوضح الأمور.
أما قوله تعالى: " قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " فهي واضحة أن المقصود بها: أي في المستقبل فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من أمر المستقبل إلا ما علمه الله عز وجل قال ابن كثير رحمه الله:
وقال أبو بكر الهذلِيّ، عن الحسن البصري في قوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} قال: أما في الآخرة فمعاذ الله، قد علم أنه في الجنة، ولكن قال: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي؟ ولا أدري أيخسف بكم أو تُرمون بالحجارة؟
وهذا القول هو الذي عَوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به، صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يئُول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا: أيؤمنون أم يكفرون، فيعذبون فيستأصلون بكفرهم؟ أهـ
أما ما ذكره الدكتور دراز فقد كان مقصوده ما نزل عليه من الوحي والفرق بينهما واضح.
وأياً كان معنى النسخ فقد كان يعلم النبي صلى الله عليه وسلم معناها لكن الدكتور دراز قال:
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم. ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها أهـ
وأيضاً فقد قال:
قلي ـ كذا ـ بربك أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه وتأمره أمراً لا يعقل هو حكمته؟ أهـ
ولعل كلامه واضحاً.
ثم يؤكده قوله:
ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى: " ثم إن علينا بيانه " أهـ
وظاهر منه أنه يفسر البيان في الآية بالتفسير وهو ما يفيد أن تفسير الآية قد يتأخر علمه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأخ العبادي بارك الله فيه
أنا ما ناقشته في النتيجة ـ وهي صدق الوحي وأن النبي ناقل ـ إنما كان كلامي ـ وهو واضح تمام الوضوح ـ في المقدمة التي أراد أن يصل بها إلى هذه النتيجة. ومن المعلوم أنه قد يكون هناك مقدمات غير صحيحة يتوصل بها إلى نتائج صحيحة.
أما تفسيرك لمراد الشيخ فأرجو أن توقف بينه وبين ما نقلت ـ آنفاً ـ من النصين السابقين.
أما الأمر الثاني الذي ذكرته فهو تنبيه جيد، ولعله يكون مراعى فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وفقنا الله وإياكم للخير.(/)
كيف يكون ذلك؟
ـ[ابن ماجد]ــــــــ[23 Jul 2006, 07:15 م]ـ
(يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا)
يستدل بهذه الآية الكريمة لمذهب أهل السنة والجماعة ويرد بها على مذهب المعتزلة
فكيف يكون ذلك؟ جزاكم الله خيرًا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jul 2006, 06:40 م]ـ
هذه الآية الكريمة هي الثامنة والخمسون بعد المائة من سورة الأنعام، وتمام الآية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}.
ومحل الشاهد في الآية هو قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} وليس الجزء الذي أورده الأخ السائل كما يبدو لي، حيث إن الاختلاف في المقصود بـ {آيات ربك} بين المفسرين من باب اختلاف التنوع السائغ.
قال الشنقيطي في تفسيره لهذه الآية: (ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة إتيان الله جل وعلا وملائكته يوم القيامة، وذكر ذلك في موضع آخر، وزاد فيه أن الملائكة يجيؤون صفوفاً وهو قوله تعالى: {وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 22]، وذكره في موضع آخر، وزاد فيه أنه جل وعلا يأتي في ظلل من الغمام وهو قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة} [البقرة: 210] الآية، ومثل هذا من صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه يمر كما جاء ويؤمن بها، ويعتقد أنه حق، وأنه لا يشبه شيئاً من صفات المخلوقين. فسبحان من أحاط بكل شيء علماً {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110].)
وهذا هو تفسير السلف لهذه الآية، إثبات صفة الإتيان والمجيء لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، دون الدخول في التكييف والتأويل لهذه الصفة.
وقد سئل العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن مثل هذه المسألة فأجاب بقوله:
(أهل السنة والجماعة جعلنا الله منهم أشد الناس تعظيما لله عز وجل وأشد الناس احتراما لنصوص الكتاب والسنة فلا يتجاوزون ما جاء به القرآن والحديث من صفات الله عز وجل فيثبتون لله تعالى ما أثبته الله لنفسه وإن حارت العقول فيه وينفون ما نفى الله عن نفسه وإن توهمت العقول ثبوته مثال ذلك إن الله عز وجل فوق كل شيء فوق كل شيء أزلاً وأبدا وهو سبحانه وتعالى له العلو المطلق في كل وقت وحين فوق سماواته فوق مخلوقاته مستوي على عرشه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيأتي الشيطان لٌلإنسان ويقول كيف ينزل وعلوه لازم له كيف ينزل فنقول هذا يحار فيه العقل لكن يجب علينا أن نصدق ونقول الله أعلم بكيفية هذا نؤمن بأنه ينزل ولكن لا نعلم بالكيفية عقولنا تحار ولكن يجب أن نقبل لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ولهذا قال بعضهم إن القرآن والسنة أتى بما تحار فيه العقول لا بما تحيله العقول فالواجب علينا في أسماء الله وصفاته تصديقها والإيمان بها وأنها حق وإن حارت عقولنا في كيفيتها فالجادة لأهل السنة والجماعة أن كل ما سمى الله به نفسه أو وصف به نفسه سواء في القرآن أو في السنة فإنه يجب الإيمان به وتصديقه.
قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) يأتي الإنسانَ الشيطانُ فيقول كيف يجيء فنقول يجيء على الكيفية التي أراد الله الكيف مجهول يجب عليك أن تؤمن بهذا حتى لو حار عقلك به مأمور بأن تصدق على كل حال ولذلك ضل قوم حكموا عقولهم في أسماء الله وصفاته فأنكروا ما أثبته الله لنفسه وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة فقالوا إن معنى قوله تعالى استوى على العرش أي استولى على العرش فسبحان الله كيف يقول عز وجل خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش أفيمكن أن نقول إنه قبل ذلك ليس مستوياً عليه هذا أمر ينكره العامي فضلا عن طالب العلم لكن إذا حكم الإنسان عقله في الأمور التي تتوقع على الخبر المحض ضل وزل ولهذا ننصح إخواننا الذين يقولون استوي بمعنى استولي أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يؤمنوا بأنه استوى على العرش إي علا عليه علوا خاصا يليق بجلاله وعظمته وليعلموا أن الله سائلهم يوم القيامة عما اعتقدوا في ربهم عز وجل وهل اعتقدوا ذلك بناء على كتاب الله وسنة رسوله أو بناء على ما تقتضيه أهواءهم وعقولهم إن نصيحتي لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله وأسأل الله أن يتوب عليهم ويوفقهم للحق فليؤمنوا بما جاء في كتاب الله على مراد الله عز وجل وكذلك أيضا من قالوا أن الله ليس عاليا بذاته فوق المخلوقات وقالوا لا يجوز أن نقول إن الله فوق فنقول توبوا إلى ربكم أنتم الآن تدعون الله وتجدون قلوبكم مرتفعة إلى فوق وتمدون أيديكم أيضا إلى فوق دعوكم وفطرتكم فقط واتركوا عنكم الأوهام والأشياء التي تضلكم وإذا أنكرتم علو الله وقلتم إنه بذاته في كل مكان فكيف يليق هذا أيليق أن يكون الله تعالى في حجرة ضيقة ألا فليتق الله هؤلاء وليتوبوا إلى الله من هذه العقيدة الفاسدة الباطلة أخشى أن يموتوا فيلقوا ربهم على هذه العقيدة فيخسروا.)
في حين ذهب كثير من المفسرين الذين يذهبون إلى تأويل مثل هذه الصفات، من أجل لوازم زعموا أنها تلزم من إثبات مثل هذه الصفة لله سبحانه وتعالى إلى القول بأن معنى {أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ} أي: إتيان أمره بالعذاب. فيجعلون هذا من باب حذف المضاف وهذا ليس منهج السلف.
وهذا القول ليس قول المعتزلة فحسب، بل قولهم وقول الجهمية النفاة للصفات وكثير من الطوائف والفرق التي تنفي مثل هذه الصفات فراراً من التشبيه فيقولون: نحن نفر من التشبيه فلا نصفه بأي شيء، وهذا هو حقيقة التعطيل،لأن التعطيل هو نفي الصفات وجحودها، وتفصيل مثل هذه المسألة محله كتب العقيدة المطولة. بارك الله فيك، ونفعنا وإياك بالعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 08:03 م]ـ
في الآية كما أشار السائل رد على المعتزلة في مسألةٍ تسمى عندهم (الإيمان الضروري) , وهو الكائن بعد معاينة الآيات والمعجزات , فهم أخذوا بظاهر هذه الآية وهو حق ثم عمَّموا ذلك على جميع الآيات وهذا محل الخلاف ,فهم يعتقدون أن من آمن بعد معاينة الآيات لا يستحق الجزاء بالجنة على إيمانه ,وهذا غير صحيح لأن إطلاق منع قبول الإيمان بعد مشاهدة الآيات في كل زمان يتنافى وإسلام من أسلم بعد انشقاق البحر والقمر ونبع الماء وتكثير الطعام وإحياء الموتى.
وقيل للمعتزلة أنه لا يجوز لهم التساؤل كيف يقبل الله إيمان قوم بعد مشاهدة الايات مثل قوم يونس , ولا يقبله من آخرين كفرعون ومن تقوم عليهم الساعة , لأن الله تعالى لا يُسأل عما يفعل فيقبل الإيمان ممن شاء ويرده على من شاء سبحانه وتعالى وتقدس.
وقد قرأت كلاما قبل فترة لابن حزم رحمه الله يتعلق بهذه المسألة واستدلالهم بنفس الآية ولعله يتيسر لي نقله لتعم الفائدة والله تعالى أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jul 2006, 10:05 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ محمود على هذه الفائدة، فلم أطلع على هذه المسألة إلا الآن منك بارك الله فيك، ولا حرمنا فوائدكم، وليتك تزيدنا بياناً حول هذه المسألة. وجزى الله أخانا ابن ماجد خيراً على إثارته لهذه المسألة ابتداءً.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jul 2006, 06:38 م]ـ
وفيك بارك الله يا دكتور/ عبد الرحمن.
أما الكلام الذي أردت نقله فقد تأخرت عن إضافته بسبب عدم توفرالكتاب حيث بحثت عنه في عدة مكتبات في الرياض ولم أجده , وأنا مررت بهذا الكلام في مكتبة الحرم النبوي منذ زمن, ثم تيسر لي الحصول عليه وسأنقل ما يخص مسألتنا بنصه والله المعين.
قال الإمام ابن حزم رحمنا الله تعالى وإياه في كتابه (الفصل في الملل والنحل) في باب سماه (الكلام في هل شاء الله عز وجل كون الكفر والفسق , وأراده من الكافر والفاسق أم لم يشأه ذلك ولا أراد كونه)
{قال أبو محمد: تباً لمن عارض أمر ربه تعالى واحتج عليه بل لله الحجة البالغة ولوشاء لأطعم من ألزمَنَا إطعامه , ولو شاء لهدى الكافرين فآمنوا ولكنه تعالى لم يرد ذلك , بل أراد أن يعذب من لا يطعم المسكين ومن أضله من الكافرين , لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون وحسبنا الله ونعم الوكيل , وقالت المعتزلة: معنى قوله تعالى {ولوشاء الله لجمعهم على الهدى} و {لآمن من في الأرض} وسائر الآيات التي تلوتهم: إنما لو شاء الله لاضطرهم إلى الإيمان فآمنوا مضطرين فكانوا لا يستحقون الجزاء بالجنة.
قال أبو محمد: وهذا تأويل جمعوا فيه بلايا جمة, أولها: أنه قول بلا برهان ودعوى بلا دليل وما كان هكذا فهو ساقط , ويقال لهم: ما صفة الإيمان الضروري الذي لا يُستَحق عليه الثواب عندكم؟ وما صفة الإيمان غير الضروري الذي الذي يُستَحق به الثواب عندكم؟
فإنهم لا يقدرون على فرق أصلاً , إلا أن يقولوا هو مثل ما قال الله عزوجل إذ يقول تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها ..... } ومثل قوله {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم يُنظَرون} ومثل حالة المحتضر عند المعاينة التي لا يقبل فيها إيمانه وكما قيل لفرعون {آلآن وقد عصيت قبلُ}.
قال أبو محمد: فيقال لهم: كل هذه الآيات حق , وقد شاهدت الملائكة الآيات وتلك الأحوال ولم يبطل بذلك قبول إيمانهم.
فهلاَّ على أصولكم صار إيمانهم إيمان اضطرار لا يستحقون عليه جزاءاً في الجنة؟
أم صار جزاؤهم عليه أفضل من جزاء كل مؤمن دونهم؟ وهذا لا مخلص لهم منه أصلاً.
ثم نقول لهم: أخبرونا عن إيمان المؤمنين إذا صح عندهم صدق النبي بمشاهدة المعجزات من شق القمر وإطعام النفر الكثير من الطعام اليسير ونبعان الماء الغزير من بين الأصابع وشق البحر وإحياء الموتى , وأوضح كل ذلك بنقل التواترالذي به صح ما كان قبلنا من الوقائع والملوك وغير ذلك مما يصير فيه من بلغه كمن شاهده ولافرق في صحة اليقين لكونه هل إيمانهم إلا إيمان يقين قد صح عندهم وأنه حق لم يتخالجهم فيه شك فإن علمهم به كعلمهم أن ثلاثة أكثر من اثنين, وكعلمهم ما شاهدوه بحوسهم في أنه كله حق وعلموه ضرورة أم إيمانهم ذلك ليس يقينا مقطوعا بصحة ما آمنوا به عنده كقطعهم على صحة ما علموه بحواسهم؟ ولا سبيل
(يُتْبَعُ)
(/)
إلى قسم ثالث.
فإن قالوا: بل هو الآن يقين قد صح علمهم بأنه حق لامدخل للشك فيه عندهم كتيقنهم صحة ما علموه بمشاهدة حواسهم , قلنا لهم: نعم هذا هو الإيمان الاضطراري بعينه , وإلا ففرقوا هذا الذي موهتم بأنه لا يُستَحق عليه من الجزاء كالذي يستحق على غيره , وبكل تمويهكم بحمد الله تعالى إذ قلتم إن معنى قوله تعالى {لجمهم على الهدى} و {لآمن من في الأرض} انه كان يضطرهم إلى الإيمان فإن قالوا: بل ليس إيمان المؤمنين هكذا ولا علمهم بصحة التوحيد والنبوة على يقين وضرورة. قيل لهم: قد أوجبتم أن المؤمنين على شك في إيمانهم وعلى عدم يقين في اعتقادهم ,وليس هذا إيمانا بل كفر مجرد ممن كان دينه هكذا ,فإن كان هذا صفة إيمان المعتزلة فهم أعلم بأنفسهم , وأما نحن فإيماننا ولله الحمد إيمان ضروري لا مدخل للشك فيه كعلمن أن ثلاثة أكثر من اثنين ,وإن كان بناءاً فمبني , وكل من أتى بمعجزة فمُحِقٌّ في نبوته ولا نبالي إن كان ابتداء علمنا استدلالاً أم مدركا بالحواس إذا كانت نتيجة كل ذلك سواء في صحة الشيء المعتقد وبالله تعالى التوفيق.
ثم نسألهم عن الذين يرون بعض آيات ربنا يوم لا ينفع نفسا إيمانها , أكان الله تعالى قادراً على أن ينفعهم بذلك الإيمان ويجزيهم عليه جزائه لسائر المؤمنين أم هو تعاى غير قادرٍ على ذلك؟؟
فإن قالوا: بل هو قادرٌ على ذلك رجعوا إلى الحق والتسليم لله عز وجل ,وأنه تعالى منع من شاء وأعطى من شاء , وأنه تعالى أبطل إيمان من آمن به عند رؤية بعض آياته , ولم يبطل إيمان من آمن به عند رؤية آية أخرى ,وكلها سواءٌ في باب الإعجاز.
وهذا هو المحاباة المحضة والجور البين عند المعتزلة , فإن عجزوا ربهم تعالى عن ذلك أحالوا وكفروا وجعلوه تعالى مضطراً مطبوعاً محكوماً عليه تعالى الله عن ذلك.
قال أبو محمد: وقد قال عز وجل {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} فهؤلاء قوم يونس لما رأوا العذاب آمنوا فقبل الله عز وجل إيمانهم , وآمن فرعون وسائر الأمم المعذبة لما رأوا العذاب فلم يقبل الله عز وجل منهم , ففعلَ اللهُ تعالى ما شاء لا معقب لحكمه, فظهر فساد قولهم في أن الإيمان الاضطراري لا يستَحَق عليه جزاءٌ جملةً , وصحَّ أن الله تعالى يقبل إيمان من شاء ولا يقبل إيمان من شاء ,ولا مزيد .. } 3/ 88 - 89(/)
أستفتيكم, فأفتوني يا أهل العلم!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[سيف الدين]ــــــــ[23 Jul 2006, 11:39 م]ـ
قيل ان هذه الاية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} (65) سورة الأنفال نسخت, وقد نسختها الاية التالية التي قال عز وجل فيها: {الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (66) سورة الأنفال
والان لنقم بعملية حسابية بين المسلمين في العالم العربي واليهود في فلسطين, اخبروني عن النسبة: هل هي اكثر او اقل من النسبة التي ذكرتها الاية الناسخة؟ اي هل اكثر او اقل من نسبة: مئة صابرة امام مئتين من الكفار؟
هناك اكثر من مليار مسلم وهناك اقل من 6 ملايين يهودي ... هل يجوز السكوت عن نصرة المسلمين في فلسطين ايها العلماء؟ أليست هذه الايات حجّة علينا الى يوم القيامة؟
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[28 Jul 2006, 10:43 م]ـ
لا شك أن مثل هذه الآيات تثير الهمم، وتحفز العزائم. ولكنواقع المسلمين المزري حكومات وشعوب يحول دون تحقيق هذا الأمل. ولكن نسأل الله أن ينصر دينه وأن يهلك اليهود الظالمين والنصارى المعتدين.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[29 Jul 2006, 09:16 م]ـ
لا شك أن مثل هذه الآيات تثير الهمم، وتحفز العزائم. ولكنواقع المسلمين المزري حكومات وشعوب يحول دون تحقيق هذا الأمل. ولكن نسأل الله أن ينصر دينه وأن يهلك اليهود الظالمين والنصارى المعتدين.
الاخ فهد الناصر .. لا اوجّه هذا الكلام اليك, ولكنه من وحي المناسبة ..
اني اعجب لهذه الظروف والسياسية والدولية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والدينية وكثير غيرها التي تقف في وجه بعض الفتاوى .. ورغم وجود نفس الظروف, الاّ ان هذه الظروف لا تعيق ان تخرج فتاوى من شأنها ان تمزّق المسلمين اكثر واكثر .. ان تخرج فتاوى تتجاهل كل الحجج والعذر اعلاه لتصبّ في غير صالح المسلمين ..
اني لست ضد ان يخرج المفتون بأية فتوى, لكن أدعو الى الموازنة بين الفتاوى .. ففي نفس الوقت الذي قد تخرج فيه فتوى ضد طرف معين لا بأس بأن تخرج فتوى اخرى ضد اليهود والامريكيين حتى لا تصبح فتاوينا علكة في فم الاسرائيليين ..(/)
رسالة دكتوراه: أساليب وخصائص المنهج القرآني في عرض أدلة التوحيد النفسية والعقلية
ـ[صالح صواب]ــــــــ[24 Jul 2006, 05:01 م]ـ
نوقشت صباح اليوم الاثنين رسالة الدكتوراه المقدمة من الطالب/ رشيد منصور الصباحي، المدرس (المحاضر) بكلية الآداب، جامعة إب، وهي بعنوان:
أساليب وخصائص المنهج القرآني في عرض أدلة التوحيد النفسية والعقلية
والرسالة مقدمة إلى قسم الدراسات الإسلامية – كلية الآداب، جامعة صنعاء.
وقد تشكلت لجنة المناقشة من كل من:
الأستاذ الدكتور/ عبدالوهاب لطف الديلمي، المشرف على الرسالة، رئيسا
الدكتور/ صالح يحيى صواب (جامعة صنعاء) ممتحنا داخليا عضوا
الأستاذ الدكتور/ خليل رجب الكبيسي (جامعة إب) ممتحنا خارجيا عضوا
تقع هذه الرسالة في مجلدين في (1132 صفحة) ..
وقد أجاد الباحث في عرض أدلة التوحيد أولا، ثم في بيان المنهج القرآني في عرض هذه الأدلة من الناحية النفسية والعقلية ..
جاءت الرسالة في فصل تمهيدي، وبابين وخاتمة ..
اشتمل الفصل التمهيدي على ثلاثة مباحث ..
الأول: تحدث فيه الباحث عن الدراسات السابقة، وذكر المؤلفات التي لها علاقة بالموضوع قديما وحديثا.
الثاني: عرّف فيه مفردات البحث (أساليب) (خصائص) (المنهج) (القرآني) (العرْض) (الأدلة) (التوحيد) (النفس) (العقل).
الثالث: مقدمات وحقائق عن التوحيد وأدلته في القرآن الكريم.
الباب الأول: منهج القرآن الكريم في الاستدلال على التوحيد بالأدلة النفسية والعقلية) ..
وفيه فصلان:
الأول: منهج القرآن في الاستدلال على التوحيد بالأدلة الفطرية النفسية ..
الثاني: منهج القرآن في الاستدلال على التوحيد بالأدلة العقلية.
الباب الثاني: أساليب وخصائص المنهج القرآني في عرض أدلة التوحيد.
تحدث في الفصل الأول عن الأساليب .... في مبحثين، هما:
أساليب القرآن البلاغية، ثم أساليب القرآن النفسية ..
وفي الفصل الثاني عن (خصائص أدلة التوحيد القرآنية) ..
وقد تكلم الباحث عن أدلة التوحيد وأسهب في ذلك، ونقل عن العلماء المتقدمين والمعاصرين، وزوّد بحثه بالجداول والرسوم التوضيحية والصور التي تخدم البحث.
وبعد الخاتمة وضع فهارس فنية، وهي كالتالي:
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث
فهرس الآثار
فهرس الأبيات الشعرية
فهرس الأعلام
فهرس الأماكن والبلدان
فهرس القبائل والجماعات والمذاهب
فهرس الخرائط والجداول والأشكال التوضيحية
المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات ...
وقد نال الباحث درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، تخصص تفسير، وأوصت اللجنة بطباعة الرسالة ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jul 2006, 05:19 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا دكتور صالح على هذا الخبر والمتابعة، والحرص على الإفادة.
ونبارك لأخينا الكريم الأستاذ رشيد منصور الصباحي هذه الدرجة العلمية، ونسأل الله أن يجعلها عوناً له على طاعة الله، وسبيلاً إلى نفع المسلمين وطلاب العلم، ونرجو أن نراها مطبوعة قريباً حتى نقرأها ونفيد مما فيها. وليتكم يا دكتور صالح تدعون الأخ رشيد الصباحي للمشاركة معنا في الملتقى إن كان لكم به صلة.
وفقكم الله وسدد خطاكم.
ـ[هاني درغام]ــــــــ[11 May 2010, 12:33 ص]ـ
بارك الله لكم
وللعلم فللدكتور رشيد رسالة ماجستير بعنوان (عرض منهج القران في التربية الربانية للنبي عليه الصلاة والسلام) من مطبوعات مكتبة الإيمان الأسكندرية - مصر
وكنت قد التقيت بصاحب الدار في معرض القاهرة للكتاب الماضي فأخبرني أنهم يعدون (أساليب وخصائص المنهج القرآني في عرض أدلة التوحيد النفسية والعقلية) للطباعة
نرجو من الله أن ييسر ذلك قريبا(/)
جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Jul 2006, 06:41 م]ـ
جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات
من الإشكالات الواردة في موضوع الإسرائيليات ما عرف عن ابن عباس رضي الله عنهما من الأخذ عن بعض أهل الكتاب، مع ما جاء عنه أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله {ليشتروا به ثمنا قليلا} أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم. رواه البخاري.
واذكر أن الشيخ/أحمد البريدي طرح هذه المسألة في الملتقى من قديم، وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية)، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر.
فائدة في ضمنها سؤال:
ورد أن ابن عباس كان يسأل أبا الجلد جيلان بن فروة، وجاء في ترجمته: أنه صاحب كتب التوراة، وقد وثقه أحمد، كما في (الجرح والتعديل) 2/ 547 فهل كان هذا كتابيا؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:24 ص]ـ
حياكم الله يا شيخ خالد
في موقف ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه عنه البخاري؛ هل يُفهم منه أن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقًا؟
فإن كان ذاك كذلك، فإنه مخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه اللبخاري.
وليس الظن به هذا، وقد ثبت عنه الأخذ من بني إسرائيل، فحسُن معرفة السبب الموجب لقيل ابن عباس هذا.
والنوجيه الذي ذكرتموه عن الدكتور عبد الله الجديع ـ في قولكم: (وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية)، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر) ـ تخصيص لا دليل عليه لا من أثر ابن عباس رضي الله عنه، ولا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أجاز التحديث عن بني إسرائيل، ورفع الحرج عن أمته، وإن كنت ترى اليوم من يضع هذا الحرج عليها، وقد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم! فترى بعض المعاصرين يوجهون النقد لكبار المفسرين المتقدمين لكونهم يذكرون الإسرائيليات ولا يعلقون عليها.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:43 م]ـ
أشكر أخي فضيلة الدكتور مساعد على هذا التعليق المفيد في هذه المسألة، وطمعا في مزيد الفائدة أقول:
لعله يفرق بين مسألتين هنا:
1. حكم الرواية والتحديث عن بني إسرائيل، وهذه ورد فيها نص نبوي (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) كما ذكرتم، ولا كلام فيها.
2. موقف ابن عباس رضي الله عنهما من الرواية عن بني إسرائيل، وهذه محل البحث، فقد وجدناه أخذ عنهم، ووجدناه ينهى عن الأخذ عنهم، فلا بد من توجيه ذلك.
والجمع المذكور يعود إلى السبر والنظر في روايات ابن عباس في ذلك، فحيث وجد أنه لا يروي إلا عمن أسلم –وهذا بعد ثبوت عدم أخذه عن غير المسلمين، لأنني لم أتتبع ذلك- فهو دليل هذا الجمع.
ويؤيده أنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم جاءت الرخصة في الحديث عنهم، فلعله فهم أن النهي المتقدم لمن كان كافرا، ثم جاءت الرخصة في الحديث بعد أن دخل بعضهم في الإسلام.
بل وجدت في المرفوع نهي صريح عن سؤالهم، وهو ما رواه جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني".رواه أحمد بسند حسن
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وقوله (شيء) نكرة في سياق النهي فتفيد العموم.
ويؤيده أيضا –وأذكر أن البحث في المسألة الثانية دون الأولى-: أن الكافر ساقط العدالة وأهل الكتاب قوم حرفوا وبدلوا في كتب الله تعالى، كما قال رضي الله عنه: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا .. ".
وهم يقرؤون مثل قوله تعالى:" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ".
وهذا لا يوجد في المسلم العدل.
ويؤيده أيضا: ما يشمه القارئ في أثر ابن عباس الذي يجد المقابلة بين المسلمين والكفار، وانظر مثلا قوله: "أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم".
وبهذا يبدو أن هذا الجمع حسن –والله أعلم-، ولا يعني أن ما عداه من الوجوه الملتمسة باطل أو غير معتبر.
وأما هل يفهم مما ورد عن ابن عباس أنه كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقا؟
فأقول: لا، وإنما نهيه مقيد بغير المسلمين، وليس في هذا مخالفة للحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:46 م]ـ
ما أشرت إليه -حفظك الله- من صنيع بعض المتأخرين في التحجير في باب الإسرائيليات، فمع مافيه من الملاحظة عليهم، لكن قد يعتذر عنهم بأن هناك فرقا بين عصرنا وعصر من تقدم، وذلك بأن الكتب في السابق لا يحصلها إلا أهل العلم في الغالب لصعوبة ذلك، فلا مطابع ولا آلات تصوير – فضلا عن السكنر والأنترنت- فلذا كانوا يكتبون وهم مطمئنون أن القراء من العلماء أو من طلبة العلم، أضف إلى ذلك أن كتب السلف كتفسير الطبري مثلا عميقة من الناحية العلمية لا يقدم عليها إلا من كان له قدم في العلم، وهذا بخلاف الزمن المعاصر الذي انتشر وتيسر فيه الكتاب جدا، وكتبت التفاسير للمثقفين وللعوام، فمثل هؤلاء إذا قرأ في سياق تفسير الآية: الحديث النبوي، وقول الصحابي، والإسرائيليات؛ اعتقد الجميع حقا واعتمده تفسيرا للآية، وهنا يقع المحذور، لاسيما وشيخه كتابه.
فلذا ربما يوافق المعاصرون في التحذير من الإسرائيليات في التفاسير المعاصرة التي يقرأها غير المتخصصين، والله أعلم.
ثم إن توقي ذلك في التفسير قديم فقد جاء في (سير أعلام النبلاء) 4/ 451:" قال أبو بكر بن عياش: قلت للأعمش: ما بالهم يتقون تفسير مجاهد؟! قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب".
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jul 2006, 09:31 م]ـ
أخي خالد
على عادتك في إتحاف المناقشات بفوائد علمية، فحياك ربي، ثم حياك.
اخي الكريم
المعاصرون الذين ذكرتُ لك مذهبهم قوم كانوا قبل ظهور الأنترنت وما يتعلق به من تقنيات.
وأما جواز التحديث عن بني إسرائيل فجاء بعد النهي الذي ذكرتم.
وإذا كنا سنتحاشى القول الصحيح المبني على المنهج النبوي الذي لم يفرق بين عامي وعالم في جواز التحديث، فإننا سنترك بعض العلم من اجل هذه العلة.
ولست أدعو في قولي هذا أن ننشط في رواية الإسرائيليات، بل أنا أرى أن من اتقاها من المعاصلاين، فإنه يُحمد على منهجه هذا، لكني أكره ما يكون من نقد علمائنا السابقين لأنهم رووا الإسرائيليات في كتبهم.
وأما ما ذكرتم عن الأعمش في حق مجاهد، فهذا ـ عندي ـ يدلُّ على وجود مذهبين للسلف في التعامل مع مرويات بني إسرائيل، ولا غبار في ذلك، فمن حدَّث فله سلف، ومن ترك التحديث فله سلف، لكن يبقى أن المنهج النبوي هو الأولى بالاتباع.
وأظنه لا يخفى على مثلكم تصديق النبي صلى الله عليه وسلم للحبر، فقد جاءه حبر من اليهود فقال: إنه إذا كان يوم القيامة، جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه، تعجبا وتصديقا لقوله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره - إلى قوله - يشركون} رواه البخاري.
ولأجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام التشريع، ويأتيه الوحي بالتصديق لمثل هذا الأمر، فإننا نقبل قول هذا الحبر؛ لتصديق رسولنا صلى الله عليه وسلم له.
أما غيره من الأخبار، فقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد روى احمد وأبو داود وغيرهام عن أبي نملة الأنصاري أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل من اليهود مر بجنازة فقال: يا محمد، هل تتكلم الجنازة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم).
فقال اليهودي: إنها تتكلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم، وإن كان حقا لم تكذبوهم).
وهذا منهج تطبيقي من الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع مرويات بني إسرائيل.
والموضوع ذو شجون، وقد أشرت إلى طرف منه في شرحي لمقدمة في أصول التفسير (كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية)، وبينت بعض الأمور المتعلقة بالإسرائيليات.
ولا زلت أدعو إلى أن يُقرأ هذا الموضوع من جديد، وأن نزيل الخوف والرهبة العلمية المظنونة في مثل هذا الموضوع، سواء بالنظر إلى العامة أو بالنظر إلى الطاعنين من الملحدين والمستشرقين وغيرهم، فنحن أصحاب حق أبلج لا نخاف فيه من غيرنا، فالحق معنا ولله الحمد.
وما يتوهمه بعض الباحثين في الإسرائيليات من وجود أثر سيء لها، أو من وجود مطاعن للمستشرقين في تفاسير سلف الأمة، وأنهم اخذوا من أهل الكتاب = لا يلزم منه عدم بيان المنهج الحق في هذه المسألة.
والحديث فيها يطول، وهي بحاجة إلى حديث مفصل في غير هذا الموضع، خصوصًا ما يقع من الطعن من قبل اليهود والمستشرقين والتوراتيين وغيرهم من الملاحدة الطاعنين، فهؤلاء يطعنون في الواضح البين، فما بالك في غيره، ولعل الله ييسر الكتابة في هذا الموضوع مرة أخرى.
وأقول:
إن هذا الموضوع بحاجة إلى الانطلاق من الآثار، والنظر فيها على النحو الآتي:
1 ـ الأحاديث النبوية المتعلقة بأخبار بني إسرائيل، وكيفية تعامله صلى الله عليه وسلم معها.
2 ـ النظر في منهج الصحابة في التعامل مع مرويات بني إسرائيل قولاً أو فعلاً بذكر هذه المرويات، للخروج بالمنهج السليم في التعامل مع هذا الموضوع.
3 ـ النظر في عمل التابعين ومن بعدهم من علماء الأمة المقبولين الذين اتفق الناس على جلالتهم؛ كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وغيرهم.
أما الدخول إلى الموضوع بمقررات سابقة، وهي رفض ما هو من المرويات الإسرائيلية، فلن يجدي في البحث العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[27 Jul 2006, 12:47 ص]ـ
أشكرك أخي أبا عبد الملك على هذه التحف الطيبة، ولا أخفيك أنني مسرور بهذا النقاش رغم انشغالي لما أجده من فوائد، لا سيما إذا كان النقاش مع أمثالكم وفقكم الله.
ويبدو أننا خرجنا عن تخريج موقف ابن عباس إلى تخريج موقف المعاصرين لكن لابأس فالموضوعان يشتركان في رواية أخبار بني إسرائيل.
وموضوع الإسرائيليات يكتنفه جانبان: جانب تأصيلي، وجانب تطبيقي.
فأما التأصيلي فكما ذكرت في النقاط الأخيرة، ولعلي أراجع ما أحلت إليه في شرحكم لمقدمة شيخ الإسلام قريبا إن شاء الله، ولا أدري هل خلت أقسام التفسير في جامعاتنا من مثل هذه الدراسات؟!
وأما الجانب التطبيقي – وهو الذي أعنيه هنا- فلا بد من التفريق بين مسألتين:
1. نقد المتقدمين بذكرهم الإسرائيليات في كتبهم، وهذا ما لا يوافق عليه بل قد بلغني عن أحدهم أنه خرج في إحدى القنوات الفضائية وقدح في الطبري لأجل ذلك وقال فيه كلام قاسيا عفا الله عنه.
2. ذكر الإسرائيليات في التفاسير في هذا العصر سواء التفاسير الكتابية أو الشفهية للعموم، وهذا بيت القصيد، وما أشرت إليه من المنهج النبوي في التعامل معها غير داخل هنا لأنه صار سنة نبوية تقريرية في مثل حديث الحبر، ولاننظر إليه على أنه من أخبار بني إسرائيل.
ولعلي أزيد الأمر إيضاحا فأقول: هب أن جهة ما أرادت أن تعمل تفسيرا لعموم المسلمين وكان منهجها الذي رسمته: أن تذكر المقطع من الآيات ثم تذكر المعنى العام للآيات ثم تذكر ما يتعلق بها من الإسرائيليات اقتداء بأئمتنا السالفين كالطبري وغيره، ولما فيها من التشويق والجذب للقراءة، فما رأيكم في هذا؟
ومن هنا يأتي الاعتذار عن موقف بعض المعاصرين في هذه النقطة بالذات، لأن مكمن الرهبة والخوف في أن تساق الإسرائيليات مع الحديث النبوي وأقوال الصحابة والتابعين في مساق واحد لمن لا يميز، لاسيما وحالها كما قال ابن كثير في تفسيره 6/ 284:"ثم ليعلم أن أكثر ما يُحدّثون به غالبُه كذب وبهتان؛ لأنه قد دخله تحريف وتبديل وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحا"
أخي الحبيب .. أظن أننا متفقين إلى حد كبير في هذه المسألة، لكن أجدني متشجعا لطرقها لما لمسته من غبش في تصور المسألة أو في تطبيقها، ولا أزال أنتظر المزيد من المفيد.
وفقنا الله وإياكم للهدى والصواب
? حاشية:
ليتك تسمي بعض المعاصرين الذين يتبنون هذا الرأي لتعم الفائدة، ولم أفهم كيف عددتهم معاصرين وقد وجدوا قبل تقنيات الطباعة والتصوير؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Jul 2006, 04:59 م]ـ
أخي خالد:
لم أرد أنهم قبل الطباعة والتصوير،، وإنما نصصت على الأنترنت ويدخل معه البرامج المدمجة، وظهورهذه وانتشارها ـ كما تعلم ـ قريب.
وضابط المعاصرة فيه مطاطية كما تعلم، لكن أذكر لك كتابين سارا على منهج الرفض للإسرائيليات، ونقد المفسرين الذين ذكروها، وهما مشهوران في هذا الباب:
الأول: الإسرائيليات في التفسير والحديث للكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله.
الثاني: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة رحمه الله.
وهناك مشروعات طُرحت باسم (الدخيل في كتب التفسير)، وأغلبها قائم على نقد الإسرائيليات ونقد المفسرين الذين نقلوها.
وقد طالب بعضهم بإعادة طباعة تفسير ابن كثير وغيره بعد حذف هذه الإسرائيليات منه.
وللحديث بقية.
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Jul 2006, 05:29 م]ـ
أتمنى تسليط الضوء على هذه النقطة الأخيرة وهي مطالبة "بعضهم "حذف الإسرائيليات من تفسير ابن كثير وغيره،أهذا من الأمانة العلمية؟ ومن له الحق في ذلك أصلاً؟
كتب العلماء تبقى كما هي وكما كتبوها،وهم ما كتبوها إلا ابتغاء الأجر من الله تعالى،وباب النقد والتصحيح مفتوح لمن هو أهل 0
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:40 م]ـ
فائدة:
أفاد فضيلة الدكتور محمد الخضيري في دراسته المتميزة (تفسير التابعين) - 2/ 883 - أن روايات ابن عباس رضي الله عنهما عن بني إسرائيل قاربت 350 رواية.
أقول: وهذا رقم كبير.
تنبيه:
بمناسبة ذكر الكتاب فقد وقفت فيه على وهم لطيف للشيخ وقد قعت فيه أيضا في جمع التفسير المرفوع لكن وفق الله فتداركته، وذلك أن الدكتور الخضيري وفقه الله ذكر في تقرير منزلة السنة في كونها مصدرا للتفسير عند التابعين حديث ابن عباس قال: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} حَالًا بَعْدَ حَال، ٍ قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري (4940)
وقد قال الشيخ: "ولما وردت الرواية عنه صلى الله عليه وسلم عند تفسير قوله تعالى ... " فذكر الآية والحديث.
ففهم أن التفسير من مقول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس، وهكذا فهمت وحينما رجعت إلى الدر وجدته عزاه إلى البخاري فقط، فتعجبت من حديث مرفوع خرجه البخاري ولم يشاركه غيره، فرجعت إلى الشرح فوجدت ابن حجر قال في الفتح: "هو على قراءة فتح الموحدة وبها قرأ ابن كثير والأعمش والأخوان. وقد أخرج الطبري الحديث المذكور عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم بلفظ " إن ابن عباس كان يقرأ (لتركبن طبقا عن طبق) يعني نبيكم حالا بعد حال ".
فاتضح الأمر وتكون (نبيكم) في الرواية خبرا وليست فاعلا، والمبتدأ اسم الإشارة، والله أعلم.(/)
هل من باغ لدعوات في ظهر الغيب؟؟؟
ـ[أم غسان الكندية]ــــــــ[24 Jul 2006, 08:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اخواني واخواتي من أساتذتنا الأجلاء وزملائنا الأعزاء بارك الله فيكم جميعا وفيما تسعون فيه فالدال على الخير كفاعله
أنا في الحقيقة طالبة ماجستير تخصص قرآن وقد أضناني التعب منذ ثلاث سنوات وأنا أبحث عن موضوع يتماشى مع رغبتي ولو كان صعبا وحالي كحال بقية النساء اللاتي يسكن في مناطق خالية من المكتبات فما ان انزل الرياض الا واحاول الإستفادة من المكتبة فقد يتيسر الذهاب وقد يكون بخلاف ذلك لا حيلة لي الا النت في طلب المعلومات وها انا ذا لم يبق لي لال سنة واحدة ويطوى قيدي من الدراسة وانا اتمنى ان اقدم بحثا اضيفه الى مكتبات الأمة لعلي لا أحرم من افادت غيري من خلاصة بحثي وان يبقى لي عمل بعد موتي فلا اجمل من تقديم الرسائل العلمية التي يشرف عليها نخبة من المتخصصين فتكون موثوقة محققة يعم بها النفع وينال بها الأجر
فانا الآن اتمنى منكم ان تقترحوا علي ماذا افعل وهل اترك هذه الدراسة ام اواصل رغم عدم وجود السبل المتاحة مالحل وفقكم الله مع العلم اني حاولت محاولات بالإتصال بالمتخصصين الا انها غالبا تبوء بالفشل اما عدم تجاوب كامل واما تجاوب جزئي فاعذر امثال هؤلاء لأنهم ربما يطفشوا من كثرة اسألتي لأني في الواقع طالبه أصول دين قسم عام وكانت دراستنا لا تركز على الدراسات القرآنية فأنا غير متعمقة في هذا التخصص الجديد نسبيا بالنسبة لي فأسألتي نابعة من التأكد من كل خطوة أخطوها بارك الله في الجميع
أختكم ام غسان
ـ[الجكني]ــــــــ[24 Jul 2006, 10:26 م]ـ
أختي أم غسان أسعدك الله:
إذا كانت لديك رغبة في علم القراءات فقد أساعدك قدر المستطاع 0
والله الموفق0
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:11 ص]ـ
هل راجعت هذا الرابط http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=155
ففيه موضوعات كثيرة مقترحة.
ـ[أم غسان الكندية]ــــــــ[25 Jul 2006, 08:07 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي د/ السالم محمد الجكني وبارك فيك وفي علمك أتمنى ذلك المهم أني أقدم أطروحتي فأنا كالأرض العطشى تريد الماء من نبع أوعين أو نهر أو ماتأتي به السماء وأرجوا ياشيخ أن تطيل بالك معي كثيرا لأن هذا طبعي أكثر السؤال عن الشيء حتى أستوعبه خطوة خطوة لأني حقيقة من خريجي أصول الدين قسم عام والدراسات القرآنية فيه لم تعطى حقها كالسنة والعقيدة لكن كيف يكون التواصل معكم يافضيلة الشيخ.
كما أشكر فضيلة الشيخ الطيار على تفاعله مع الجميع وهذا ماعهدناه من فضيلته لا حرمه الله الأجر.
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Jul 2006, 08:30 م]ـ
الأخت أم غسان:حفظك الله:
كلنا هنا لخدمة العلم وطلابه،وأما عبارتك " أن تطيل بالك معي " فلا أستحسنها لدلالتها على التحرج والإحراج وهما خصلتان لا تنبغيان في طالب العلم،فمن رأى في نفسه التذمر من إفادة الآخرين فليغلق عليه بابه،فكلنا نفيد ونستفيد وليس هناك صغير وكبير في العلم 0
أما بخصوص الرد على طلبك فقد كتبت لك رسالة على "الخاص " 0
مع تمنياتي بالتوفيق لك و لكل الباحثين وطلاب العلم 0
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[31 Jul 2006, 01:26 ص]ـ
أنا لست مع موضوع النساء عمومًا في هذا الأمر من خروج واحنكاكات وإن كانت بزيها الشرعي فلا أتصور بنت الإمام أحمد أو غيرهن من الرعيل البعد الأول فما بال الرعيل الأول ...
وتخصصها في القراءات لعله بعيد نوعاً عن المتصور من تصوير الأخت لحالها.
ولكن فيه قضية لو استطاع أن يبحث فيها لعله يكون خيرًا.
ولكن مقدمة.
المتأمل لحال الأمة يجد أنه هناك تفاوت من الرعيل الأول إلى الثاني إلى ........... وأنه ذهب الذين يعاش في أكنافهم ........
وكذلك حال النساء .......
وهذا يرجع إلى عدم استيعاب الرجال والنساء إلى مفهوم الآيات ومقدار تعظميهم لشعائر الله.
وأظن ذلك راجع إلى التدرج في التفسير ...
من إحكام إلى تفاوت.
فلو استطاع أن يبحث عن الآيات التي في مجال الأخلاق والحياء واختلاف التفسير الذي نتج عنه التفاوت في الأخلاق. فيكون خيرًا
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[31 Jul 2006, 07:07 ص]ـ
كتاب للأستاذ محمد علي قطب
اسمه
بيعة النساء
فلو كانت هناك دراسة ولا بد كما بقال
فموضوع بيعة النساء المقتضى وأثره في حياة المسلمة
ويوجد رابط على هذا المنتدى
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6132
ـ[الجكني]ــــــــ[31 Jul 2006, 07:37 ص]ـ
يا أخي مصطفي علي:رفقاً بالقوارير(/)
حاشية الطيبي على الكشاف
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 02:59 م]ـ
إخواني ومشايخي الأماجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد فإني أسأل عن حاشية شرف الدين الطيبي التي وضعها على تفسير الزمخشري (الكشاف) هل هي مطبوعة ومتداولة أم لا؟
أرجو ممن يعلم عن تلك الحاشية شيئا ألا يبخل بطرحه ولكم جزيل الشكر والامتنان ..
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Jul 2006, 06:53 م]ـ
حسب علمي أنها لم تطبع بعد،مع أن هذه الحاشية حققت رسائل علمية في قسم التفسير في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قبل أكثر من (13) سنة 0
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jul 2006, 09:39 م]ـ
فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب دراسة وتحقيق [رسالة دكتوراة]
د. عبد العزيز بن صالح بن إسماعيل با طيور
الخطة: قسمين وخاتمة:
أهمية البحث وأسباب اختياره
القسم الأول: دراسة حياة المؤلف وكتابه، ويتكون من تمهيد وأربعة فصول.
التمهيد: ويتناول:
1 - الحالة السياسية.
2 - الحالة الاجتماعية.
3 - الحالة العلمية.
4 - معاصروه.
الفصل الأول: حياة المؤلف: وفيه مباحث.
1 - اسمه ونسبته.
2 - مولده ونشأته.
3 - صفاته وأخلاقه.
4 - عقيدته ومذهبه.
5 - شيوخه وتلاميذه.
6 - مكانته العلمية.
7 - مؤلفاته.
8 - وفاته.
الفصل الثاني: منهج الطيبي في كتابه وفيه تمهيد ومباحث التمهيد/ يتناول السمات العامة لشرحه والطريقة التي سار عليها.
المبحث الأول: اعتماده على نسخه للكشاف.
المبحث الثاني: اقتصاره على ما يحتاج إلى شرح أو تعليق.
المبحث الثالث: استخدامه أسلوب الحوار.
المبحث الرابع: عنايته بالنقل عن الآخرين ودقته في العذو إليهم.
المبحث الخامس: عنايته بالتعريف بالأعلام والمصطلحات.
المبحث السادس: عنايته بالقراءات المشهورة والشاذة.
المبحث السابع: عنايته بالتفسير بالمأثور.
المبحث الثامن: موقفه من آيات الأحكام.
المبحث التاسع: موقفه من الأسرائيات.
المبحث العاشر: استشهاده بالشعر.
المبحث الحادي عشر: استشهاده بأمثال العرب وأقوالهم.
المبحث الثاني عشر: عنايته بالمفردات اللغوية.
المبحث الثالث عشر: عنايته بتحصيل لطائف النحو والإعراب.
المبحث الرابع عشر: عنايته بالمسائل الصرفية.
المبحث الخامس عشر: عنايته بإبراز العلوم البلاغية وكشف النكات البيانية.
المبحث السادس عشر: عنايته بإبراز الإعجاز القرآني.
المبحث السابع عشر: مناقشته للزمخشري في آرائه الاعتزالية.
المبحث الثامن عشر: آراؤه واختياراته وترجيحاته.
الفصل الثالث:
شرح الطيبي بين التأثر والتأثير وفيه مباحث.
المبحث الأول: مصادره التي اعتمد عليها في شرحه.
المبحث الثاني: تأثر الطيبي بالزمخشري وفيه ثلاث مسائل.
المسألة الأولى: التعريف بالزمخشري.
المسألة الثانية: التعريف بالكشاف.
المسألة الثالثة: بيان تأثر الطيبي بالزمخشري وكشافيه.
المبحث الثالث: أبرز من أثر في الطيبي.
المبحث الرابع: أبرز من تأثر بالطيبي.
الفصل الرابع: الموازنة بين حاشية الطيبي وبعض الحواشي الأخرى وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بحواشي الموازنة وبيان أوجه الاتفاق والافتراق بينها. وفيه مسائل.
المبحث الثاني: الجوانب التطبيقية في حواشي الموازنة.
القسم الثاني: التحقيق، وقدمت بين يديه الأمور الآتية.
1 - توثيق نسبة الشرح إلى الطيبي.
2 - سبب تسمية الشرح بفتوح الغيب.
3 - زمان تأليف الشرح ومكانه.
4 - الباعث على تأليف الشرح، ويشمل الأسباب والأهداف.
5 - نسخ الكتاب الخطيه وأماكن وجودها.
6 - وصف النسخ المعتمدة في التحقيق.
7 - بيان المنهج الذي سرت عليه في التحقيق.
الخاتمة: واشتملت على أهم النتائج وهي:
1 - ولد الحسين بن عبد الله الطيبي في غرب إيران بين الطيب جنوباً وتبريز شمالاً.
2 - عاش الطيبي في عهد الدولة المقولية في إيران.
3 - أجمعت مصادر ترجمته على أنه توفي في 13/ شعبان 743هـ.
4 - عُرف بأنه كان قوي الرد على الفلاسفة والمبتدعة مظهراً فضائحهم مع استيلائهم لبلاد المسلمين حينئذ شديد الحب لله ولرسوله، ملازماً لإشغال الطلبة في العلوم الإنسانية.
5 - عرف الطيبي بأنه عالم مبدع مشارك في العلوم (موسوعي) فلم يكن مفسراً ولا محدثاً ولا بلاغياً ولا نحوياً ولا رياضياً فحسب، وإنما جمع كل هذه العلوم بتمكن وتفوق.
6 - اشتلمت كتب الطيبي على عدد من الفنون، في التفسير والحديث والبلاغة والرياضيات.
7 - عني العلماء بمؤلفات الطيبي وعرفوا قدرها فرجعوا إليها وأفادوا منها كثيراً ومن هؤلاء: الحافظ بن حجر وبدر الدين الزركشي والسيوطي والألوسي وغيرهم.
8 - أثار تفسيره نشاطاً علمياً كبيراً وحركة تأليف واسعة المدى فتعددت شروحه وحواشيه وملخصاته ومختصراته ومعارضاته والردود عليه، وممن عني بالبحث فيه الإمام الطيبي.
9 - أثنى العلماء قديماً وحديثاً على هذا الشرح وبينوا أهميته وقيمته العلمية بل عدوه أميز شرح كتب على تفسير الكشاف ولذا فقد كثرت نسخه الخطية على أنحاء العالم الإسلامي.
10 - اشتمل فتوح الغيب على علوم كثيرة، كالتفسير وعلومه والحديث وعلومه والنحو والصرف والبلاغة بعلومها وعلم الكلام والفقه والأصول فهو كتاب جامع.
المصدر
http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=275
..........
حاشية الطيبي على الكشاف للزمخشري، المسماة (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب) بتحقيق: د. أحمد غريب، رسالة دكتوراه مخطوطة بكلية البنات، جامعة عين شمس، ثلاثة مجلدات، 1994م ص 345 وما بعدها.
المصدر ( http://haras.naseej.com/detail.asp?InNewsItemID=114083&InTemplateKey=print )
وانظر أيضًا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=72535
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[29 Jun 2010, 06:04 م]ـ
الحمد لله، وبعد،
لم تطبع حسب علمي هذه الرسائل، ولكن عندي مصورات الرسائل من أول القرآن إلى سورة الشعراء
وأخبرني الأخ عمر القيام أن دار الفتح في الأردن قد طلبت هذه الرسائل مع مخطوطاتها وأنهم سيخرجون هذا الكتاب في قرابة 15 مجلداً!
ولا أدري هل هو إعادة تحقيق وهو بعيدٌ!
أم اخراج نص كامل فقط مع بعض التعليقات،
وهل سيذكون أسماء المحققين أو لا؟ فالله أعلم
وقد دفعوها كما أخبرني إلى دبي للنظر في طبعها؟
ولكن أين؟ الله أعلم كذلك.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[29 Jun 2010, 10:54 م]ـ
معلوماتك أبا العالية قريبة جداً من معلوماتي التي سمعتها قريباً من الشيخ الدكتور: حكمت بشير ياسين، والشيخ غني عن التعريف، وهو ممن أشرفوا وناقشوا عدداً من هذه الرسائل، وممن شارك في التحقيق الدكتور صالح الفايز، وهو من أعضاء الملتقى فلعل عنده تفاصيل طباعة الكتاب.
ورسائل الجامعة الإسلامية تمتد من بداية الكتاب إلى نهاية الأنعام ثم من بداية يونس حتى نهاية الشعراء، وثمة رسالتان في مصر وتشترك هاتان الرسالتان مع رسائل الجامعة الإسلامية في تحقيق بعض السور لكن الأعراف -وربما الأنفال - مما حقق في مصر ولم يحقق في الجامعة الإسلامية، ثم هناك رسالتان أو ثلاثة في جامعة دمشق لكن لم أتمكن حتى الآن من معرفة السور المحققة فيها.
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:31 م]ـ
تحقيق حاشية الطيبي على الكشاف (سورتي الأنعام والأعراف) أطروحة تقدم بها الدكتور جميل بني عطا -عضو هيئة التدريس في جامعة الزرقاء بالأردن- للحصول على درجة الدكتوراه في اللغة العربية بجامعة الأزهر، وهي مطبوعة على الآلة الكاتبة في مجلدين
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:45 م]ـ
حاشية الطيبي تحقيق ودراسة من أولها حتى آخر سورة المائدة ـ على ما أذكر ـ رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر إعداد الزميل على جابر.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[30 Jun 2010, 12:16 ص]ـ
السلام عليكم
حاشية الطيبي على الكشاف (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب) حققت منها من بداية الكتاب إلى الآية 117 من سورة البقرة، وسجل بعدي عدد من الزملاء ومنهم الدكتور صالح الناصر، والدكتور حسن العمري، والدكتور علي السناني، وغيرهم،وقد اتصل بي صاحب دار طباعة بالأردن واخبرني برغبته بطباعة الكتاب، وتقابلت معه بالجامعة واطلع على الرسائل العلمية، واخبرني انه سيعاود الإتصال بي، واشك في ذلك لأنه طلب شرطا لا يمكن الإتفاق عليه بحال.
وأنا الآن ارتب لطباعة الكتاب مع الزملاء وسوف يُكوَّن لذلك لجنة تراجع الرسائل، وتحذف المكرر، وتكمل الناقص ولعل هذا يتحقق قريبا.
والمخطوط كاملا عندي وقد احضرت نسخ الكتاب من مكتبات العالم كتركيا ومصر، وفرنسا والمانيا والمغرب والسعودية.ونسخه كثيرة جدا.
وقد درست الكتاب وعرفت بالطيبي ومنهجه ومصادره.
هذا باختصار أسال الله ان يوفق الجميع لمرضاته
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jun 2010, 01:49 ص]ـ
أعانكم الله يا دكتور صالح على إخراج تحقيقكم للكتاب مع بقية الزملاء، فالحاشية نفيسة جداً، وتستحق النشر لينتفع بها طلاب العلم.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[30 Jun 2010, 05:23 ص]ـ
فعلاً الحاشية نفيسة بل هذا أقل ما يمكن أن يقال عنها، وفيها تحريرات بلاغية دقيقة قد لا توجد في كتب الفن، كما أن له اختيارت دقيقة في الترجيح بين الأساليب البلاغية بالنظر إلى السياق، وأظن أن الكتب التي تتميز يتنوع العلوم التي تتعرض لها - وحاشية الطيبي منها- تحتاج إلى متخصصين في أكثرمن مجال لتحقيقها؛ لأن مجرد إخراج النص غير ممكنة لشخص يعرف البلاغة - مثلاً- ولا يعرف القراءات أو الحديث، والله أعلم.
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Jun 2010, 12:06 م]ـ
اطلعت على الرسائل المحققة من هذه الحاشية القيمة، وكذلك على نسخة خطية من المخطوط.
وبما أن العلم لا يجوز كتمانه، والنقد المبني على الدليل هو الطريق الصحيح للتقويم، فإني أذكر التالي:
1 - وقع الإخوة المحققون في " خطأ " علمي وساروا عليه من أولهم إلى آخرهم، وهو اعتبار كتاب " الإنصاف " الذي ينقل منه الطيبي أنه " انصاف " ابن الأثير!!!
وهذا خطأ لا شك فيه، بل هو " الإنصاف من الإنتصاف " لعلم الدين العراقي رحمه الله.
2 - كل المنقولات التي ينقلها الطيبي من " الانتصاف " لابن المنيرّ؛ جاء المحققون من أولهم إلى آخرهم وقالوا: " النقل بتصرف "!!
والصواب: أنه ليس بتصرف، لأن الطيبي لم ينقل عنه مباشرة، بل نقل عنه بواسطة " الانصاف" لعلم الدين العراقي، وقد قابلت كل المنقولات التي نسبها إلى " الانتصاف" فوجدتها بحروفها ونصها وفصها هي من " الانصاف " وليس " الانتصاف "!!
من هذين النقطتين يتضح جلياً:
مكانة علم الدين العراقي وكتابه " الانصاف من الانتصاف" وقوة وجوده في حاشية الطيبي، ثم من باب أولى وجوده في الحواشي الأخرى وأهمها حاشية الخفاجي على البيضاوي فقد نقل منه وعزا تارة ولم يعز تارات.
ملاحظة:
كتاب " الانصاف" لعلم الدين العراقي هو الآن مشروع " تحقيق " علمي، على أربع نسخ خطية، والخامسة في الطريق إن شاء الله.
والله من وراء القصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Jul 2010, 07:29 م]ـ
الحمد لله،وبعد ..
أسأل الله أن ييسر لكم يا شيخ صالح كل عسير في إخراج هذا السِّفر المبارك، وأن يكلل عملكم بالرعاية والعناية والتوفيق والرشاد والبصيرة والكمال والتمام، فأنتم أهل لذلك وأأمن على العلم من غيركم
زادكم الله توفيقاً، وننتظر هذا الكتاب الطيب من عملكم لاغير.
والله الموفق لكل خير
ـ[الطبري]ــــــــ[05 Jul 2010, 02:42 ص]ـ
السلام عليكم
وماقيمة حاشية القزويني مقارنة بحاشية الطيبي وهل حققت اعني حاشية القزوني
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[05 Jul 2010, 06:47 ص]ـ
ما ذكره الدكتور السالم الجكني يحتاج إلى إجابة ممن قام على تحقيق الكتاب.
وشكر الله للدكتور صالح الفايز إجابته، وأسأل الله أن يعين على إخراج الكتاب بأبهى صورة.(/)
فتوى للشيخ عبدالرحمن البراك في المصاحف الجديدة الملونة موضوعيا
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[25 Jul 2006, 07:45 م]ـ
س/ظهر في الأسواق مصاحف ملونة كتابة لونت فيها بعض الآيات تبعا للموضوعات، وبعضها لونت فيه أسماء الله الحسنى لتظهر فيها الأسماء بأشكال هندسية متميزة، وجعلوا ذلك لونا من الإعجاز، وسموه الإعجاز التوافقي.
فما تقولون في ذلك حفظكم الله؟
الجواب/
هذا عمل محرم، لأنه عبث بكتاب الله عزوجل، يجعل حروفه وكلماته للزخارف كما تزخرف الحيطان والثياب، وهذا ما ذكروه من التوافق إنما حصل بمعالجتهم ذلك في طريقة كتابة المصحف. ولو كان هذا التوافق أصيلا في رسم المصحف وهو لون من ألوان الإعجاز لراعاه الصحابة رضي الله عنهم، فهذا الرسم التوافقي ودعوى أنه نوع من الإعجاز= بدعة ودعوى لا دليل عليها، والمعتمد في رسم المصحف كتابة الصحابة رضي الله عنهم.
وأما ما جاء عن السلف من شكل حروف المصحف ونقطها فشيء تناقلته القرون بالرضا والقبول، والحاجة ماسة إليه.
لهذا أرى أنه يجب التحذير من تداول هذه المصاحف التي ورد في السؤال، وننصح كل من اقتنى منها نسخة أن يحرقها. والله أعلم
أملاه
عبدالرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
22/ 6/1427هـ(/)
استوقفتني هذه الآيات
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[26 Jul 2006, 11:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يمر العالم الإسلامي اليوم بأحداث متتالية, ومعارك دامية, قتل ودمار وتشريد للكبار والصغار, ومع تلاحق هذه الفتن والأحداث يتسابق الناس لمعرفة الأخبار والأحداث, والوصول إلى ما وراء الخبر , ومع هذا الزخم الإعلامي الكبير في وسائل الإعلام تجد الغث والسمين وتجد من يهرف بما لا يعرف, والناس في ذلك بين أخذ ورد
حينئذ ينبغي على المسلم الذي يريد التجرد والصواب الرجوع إلى الهدي النبوي في هذه الفتن فعنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عُبَادَةٌ فِي الْهَرْجِ، أَوِ الْفِتْنَةِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" رواه مسلم
ومن أعظم العبادات عبادة تدبر كتاب الله والتفكر في معانيه ففيه التوجيه الصحيح لما يجري وما يحصل , وفي هذه الأحداث يتذكر المؤمن آيات من كتاب الله حبذا أن يقف عليها ويتأمل معانيها ويقرأ تفسيرها
ومن ذلك قوله تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:179)
قال الشيخ السعدي رحمه الله: [ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التميز حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب. ولم يكن في حكمته أيضا أن يطلع عباده على الغيب الذي يعلمه من عباده، فاقتضت حكمته الباهرة أن يبتلي عباده، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب، من أنواع الابتلاء والامتحان، فأرسل [الله] رسله، وأمر بطاعتهم، والانقياد لهم، والإيمان بهم، ووعدهم على الإيمان والتقوى الأجر العظيم.
فانقسم الناس بحسب اتباعهم للرسل قسمين: مطيعين وعاصين، ومؤمنين ومنافقين، ومسلمين وكافرين، ليرتب على ذلك الثواب والعقاب، وليظهر عدله وفضله، وحكمته لخلقه].
ومن ذلك قوله تعالى: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران:188)
قال الشيخ السعدي رحمه الله: [{لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} أي: من القبائح والباطل القولي والفعلي.
{ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} أي: بالخير الذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، فجمعوا بين فعل الشر وقوله، والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.
{فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} أي: بمحل نجوة منه وسلامة، بل قد استحقوه، وسيصيرون إليه، ولهذا قال: {ولهم عذاب أليم}.
ويدخل في هذه الآية الكريمة أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم، ولم ينقادوا للرسول، وزعموا أنهم هم المحقون في حالهم ومقالهم، وكذلك كل من ابتدع بدعة قولية أو فعلية، وفرح بها، ودعا إليها، وزعم أنه محق وغيره مبطل، كما هو الواقع من أهل البدع].
ومن ذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (لأنفال 36 - 37)
قال الشيخ السعدي رحمه الله: [يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم، ومبارزتهم للّه ولرسوله، وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، وأن وبال مكرهم سيعود عليهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي: ليبطلوا الحق وينصروا الباطل، ويبطل توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان.
{فَسَيُنْفِقُونَهَا} أي: فسيصدرون هذه النفقة، وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل، وشدة بغضهم للحق، ولكنها ستكون عليهم حسرة، أي: ندامة وخزيا وذلا ويغلبون فتذهب أموالهم وما أملوا، ويعذبون في الآخرة أشد العذاب. ولهذا قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} أي: يجمعون إليها، ليذوقوا عذابها، وذلك لأنها دار الخبث والخبثاء، واللّه تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحدة على حدة، وفي دار تخصه، فيجعل الخبيث بعضه على بعض، من الأعمال والأموال والأشخاص. {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين].
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتدبر كتابه ويستمسك به
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[28 Jul 2006, 10:41 م]ـ
جزاك الله خيراً.(/)
{أَفَمَن يَّتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَة ... }
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jul 2006, 01:39 ص]ـ
الحمد لله القائل في كتابه {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّ بَّرُوا آياَتِه} والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من اجتباه الله واصطفاه على جميع خلائقه وبرياته ,وعلى الطاهرين المطهرين من آل بيته وازواجه وذرياته ,وصحابته المتبعين لأثره وخطواته , والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ..
اما بعد:
فإن ذا النظرة المنصفة إلى بعض أوساط الناس العلمية يلحظ في بعض الأحايين ندرة أو انعدام الوعظ والتذكير بالله جل وعلا والتخويف منه سبحانه وتقدس ,فأصبح الواعظ في أنظار بعض المسلمين متشدداً داعيا للتزمت والكدر والتضييق على الناس, وأصبح بعض الفضلاء يعظ ويذكر - إن وُفِّقَ لذلك - على استحياء من رميه بالشدة والتضييق.
ولولا المواعظ ما تعرف الناس على سعة رحمة الله وشدة عذابه , ولولا المواعظ لما جرت بالدموع الصادقة عيون المخبتين التائبين , ولولا المواعظ لما حاسب نفسه من فرط في جنب الله , ولا عاد ورجع إلى الله العاصي والغافل والساهي واللاهي.
فبها تحيا القلوب ,وتدمع من خوف الله ورجائه العيون ,وتعاد للمظلومين المظالم والحقوق ,وبها يبارك الله للعالم وطالب العلم في علمه ,حتى يجعل الله تعالى نصب عينيه فلا ينبس ببنت شفة إلا وقد علم أنه محاسب على قيله فلا يتكلم إلا بما يعلم ويحسن.
وكتاب الله تعالى كتاب موعظة وتذكير ففيه وعد ووعيد وبشارة ونذارة وترغيب وترهيب , ولايستغني عن كل ذلك أحد مهما بلغ من العلم والصلاح ما بلغ.
ومن بين تلك الايات التي تخلع قلب القراء والمتدبرين آيتنا التي جعلتها عنواناً للموضوع وهي وصف لحالة من الإعياء والعجز والإنهاك والعذاب يصل إليها أهل النار-اجارنا الله - لأن من المتعارف عليه أن الإنسان إذا تعرض لضرب أو اعتداء أو هجوم فإنه يستخدم يديه أول ما يتأهب للدفاع عن نفسه , أما هذا الضال فقد غلت يداه إلى عنقه ثم ألقي به في النار على وجهه -عياذا بالله- ولذا فإنه لا يجد ما يدفع به لفح النار ولهبها عن نفسه عدا وجهه والوجه هو المحتوي على أرق حواس الإنسان كالعينين والنف والفم والأذنين والتي لا تتحمل من حر النار ما يتحمله الجلد في سائر أعضاء الجسد, قال الإمام القرطبي رحمه الله (قال عطاء وابن زيد: يرمى به مكتوفا في النار فأول شيء تمس منه النار وجهه) 15/ 251
اللهم إنا نعوذ بك من أن تمسنا النار , اللهم حرمها على أجسادنا وحل بيننا وبينها بعفوك ومغفرتك ورضاك ,آمين آمين.(/)
معنى (سَيَصْلَى) في الآية (سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ)
ـ[أبو آسية]ــــــــ[28 Jul 2006, 10:45 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله ‘
قال الله تعالى:
سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ
سؤالي: ما معنى (سَيَصْلَى) في هذه الآية؟ نجد ثلاثة معان تحت تفسير هذه الكلمة: الدخول ‘ الشِّواءُ ‘ و الجمع بينهما. أرجو استفادة من الأخوة الكرام خاصة د. الشهري و د. مساعد الطيار.
يقول القرطبي:
وقراءة العامة: «سَيَصْلَى» بفتح الياء.
وقرأ أبو رجاء والأعمش: بضم الياء. ورواها محبوب عن إسماعيل عن ابن كثير، وحسين عن أبي بكر عن عاصم، ورويت عن الحسن.
وقرأ أشهب العُقيلي وأبو سَمَّال العَدَوي ومحمد بن السَّمَيْقع «سيصلَى» بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام؛ ومعناها سَيُصْليه الله؛ من قوله: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: 94].
والثانية من الإصلاء؛ أي يصليه الله؛ من قوله: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً} [النساء: 30].
والأُولَى هي الاختيار؛ لإجماع الناس عليها؛ وهي من قوله: {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ?لْجَحِيمِ} [الصافات: 163].
يقول الشوكاني:
ثم أوعده سبحانه بالنار فقال: {سَيَصْلَى? نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ}. قرأ الجمهور: {سيصلى} بفتح الياء، وإسكان الصاد، وتخفيف اللام، أي: سيصلى هو بنفسه، وقرأ أبو رجاء، وأبو حيوة، وابن مقسم، والأشهب العقيلي، وأبو السماك، والأعمش، ومحمد بن السميفع بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام، ورويت هذه القراءة عن ابن كثير، والمعنى سيصليه الله.
في تفسير روح المعاني:
سيدخلها لا محالة في الآخرة ويقاسي حرها والسين لتأكيد الوعيد والتنوين للتعظيم أي ناراً عظيمة
في تفسير التحرير والتنوير:
و «يصلى ناراً» يُشوَى بها ويحس بإحراقها. وأصل الفعل: صلاهُ بالنار، إذا شواه، ثم جاء منه صَلي كأفعال الإِحساس مثل فرِح ومرِض. ونُصب {ناراً} على نزع الخافض.
يقول طنطاوي في تفسير الوسيط:
وقوله - سبحانه -: {سَيَصْلَى? نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} بيان للعاقبة السيئة التى تنتظره، بعد هذا الذم والتأنيب والوعيد. أى: سيلقى بأبى لهب فى نار شديدة الحرارة، تشوى الوجوه والأبدان
يقول الجزائري تحت شرح الكلمات:
{سيصلى نارا}: أي يدخل نارا يصطلي بحرها ولفحها.
جاء الصابوني في صفوة التفاسير بهذا: أي سيدخل ناراً حامية ‘ ذات اشتغال و توقد عظيم.
من ناحية اللغوية نجد في لسان العرب:
وصَلَى اللَّحْمَ وغيرهُ يَصْليهِ صَلْياً: شَواهُ، وصَلَيْتهُ صَلْياً مثالُ رَمَيْتُه رَمْياً وأَنا أَصْليهِ صَلْياً إذا فَعَلْت ذلك وأَنْت تُريد أَنْ تَشْويَه، فإذا أَرَدْت أَنَّك تُلْقِيه فيها إلْقاءً كأَنَّكَ تُريدُ الإحْراقَ قلتَ أَصْلَيْته، بالأَلف، إصْلاءً، وكذلك صَلَّيْتُه أُصَلِّيه تَصْلِيةً. التهذيب: صَلَيْتُ اللَّحْمَ، بالتَّخفيفِ، على وَجْهِ الصَلاحِ معناه شَوَيْته، فأَمَّا أَصْلَيْتُه وصَلَّيْتُه فَعَلَى وجْهِ الفَسادِ والإحْراق؛ ومنه قوله: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً، وقوله: ويَصْلَى سَعِيراً. والصِّلاءُ، بالمدِّ والكَسْرِ: الشِّواءُ لأَنَّه يُصْلَى بالنَّارِ. وفي حديث عمر: لَوْ شِئْتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ؛ هو بالكَسْرِ والمَدِّ الشَّوَاءُ. وفي الحديث: أَنَّ النبيَّ، صلَّى الله عليه وسلم، أُتِيَ بشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ؛ قال الكسائي: المَصْلِيَّةُ المَشْوِيَّةُ، فأَمَّا إذا أَحْرَقْتَه وأَبْقَيْتَه في النارِ قُلْتَ صَلِّيْته، بالتشديد، وأَصْلَيْته. وصَلَى اللحْمَ في النار وأَصْلاه وصَلاَّهُ: أَلْقاهُ لِلإحْراقِ؛ قال:
أَلا يَا اسْلَمِي يَا هِنْدُ، هِنْدَ بَني بَدْرِ، تَحِيَّةَ مَنْ صَلَّى فُؤَادَكِ بالجَمْرِ
أَرادَ أَنَّه قَتَل قومَها فَأَحْرق فؤادها بالحُزْنِ عَلَيهم. وصَلِيَ بالنارِ وصَلِيهَا صَلْياً وصُلِيّاً وصِلِيّاً وصَلىً وصِلاءً واصْطَلَى بها وتَصَلاَّهَا: قَاسَى حَرَّها، وكذلك الأَمرُ الشَّديدُ؛ ...
ويقال: صَلَيْتُ الرَّجُلَ ناراً إذا أَدْخَلْتَه النارَ وجَعَلْتَه يَصْلاهَا، فإن أَلْقَيْتَه فيها إلْقاءً كأَنَّكَ تُرِيدُ الإحْراقَ قُلت أَصْلَيْته، بالأَلف، وصَلَّيْته تَصْلِيَةً.
شكراً لجهودكم.(/)
لطائف قرآنية تتعلق بعمل المرأة وخروجها من بيتها
ـ[عويض العطوي]ــــــــ[29 Jul 2006, 09:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا , وحدد لنا مهمتنا في هذه الحياة , وشرع لكل جنس ما يناسبه ويصلحه , فقال سبحانه: ? وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ?للَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى? بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا ?كْتَسَبُواْ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا ?كْتَسَبْنَ وَ?سْأَلُواْ ?للَّهَ مِن. فَضْلِهِ ? [النساء 32]، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، محمد بن عبدالله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فهذه وقفات مع آيات اشتملت على لطائف تخص عمل المرأة وخروجها من بيتها، أستهلها بهذا السؤال: هل لابد للمرأة من العمل خارج البيت، هل هو من الضروريات التي لاتقوم حياتها إلا بها؟
نقول إجابة على ذلك إن الذي يقتضيه العقل، وجاء به النقل أن الذي يجب عليه الكد والعناء والتعب والشقاء هو الرجل، لأن الله سبحانه قال عن أبينا آدم وحواء: ? فَقُلْنَا ي?ـئَادَمُ إِنَّ هَـ?ذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ?لْجَنَّةِ فَتَشْقَى? ? [طه 117] كانا يعيشان في نعيم في الجنة، فحذرهما ربهما من إخراج الشيطان لهما من دار النعيم إلى دار العمل والتعب (الدنيا)، فقال سبحانه: ? فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ?لْجَنَّةِ فَتَشْقَى? ?، تأملي يا مؤمنة هذه الآية بعين بصيرتك، تجدين التحديد الدقيق لمهمة كلٍ من الرجل والمرأة في هذه الدنيا، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في طريق الهجرتين: ((انظر كيف شرك بينهما في الخروج ? يُخْرِجَنَّكُمَا?، وخص الذكر بالشقاء ? فَتَشْقَى? ?، وما قال: (فتشقيا) لاشتغاله وحده بالكسب والمعاش، والمرأة في خدرها)).
وهذا مدلول جلي من مدلولات الآية، لأن الله تعالى قال بعد ذلك: ?إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى? وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى? ? [طه 118/ 119] كل ذلك في الجنة، أما في الدنيا فلك يا آدم الجوع والتعب والنصب والظمأ، إذن من الذي يتعب ويعمل ويشقى وينصب؟! إنه الرجل لا المرأة، لأن الله قال: ? فَتَشْقَى? ?، وخص آدم وحده بذلك، أما المرأة فقال عنها سبحانه: ? هُوَ ?لَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ و?حِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ? [الأعراف 189] وقال سبحانه: ?وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ? [الروم 21]
وإن من أعظم آثار خروج المرأة من بيتها وتركها لمسؤولياتها اختلال نظام الأسرة وزعزعة كيان البيت بأكمله, لأن الأم المكدودة بالعمل, المرهقة بالأشغال المقيدة بمواعيدها, المستغرقة لطاقتها خارج منزلها, لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره, لا يمكن أن تمنح للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها, لا يمكن أن ترعى للزوج مكانته ولا أن تهيئ له ما يريد من السكينة والراحة والطمأنينة والهدوء.
إن بيوت الموظفات و العاملات لا تزيد عن جو الفنادق والمطاعم, لا يشيع فيها الأرج الذي يشيع في بيت الأم القائمة بواجبها، لإن البيت ليس جدرانًا وأبوابًا, ليس أثاثًا فخمًا منظمًا, كل ذلك لا قيمة له إذا فقد روحه وعطره وأرجه, البيت دون المرأة هو اسم دون حقيقة, وأرج البيت وأنسه لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة, وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم.
والمرأة أو الأم أو الزوجة التي تقضي وقتها وطاقتها الروحية في العمل والوظيفة لن تنشر في البيت غالبًا إلا الإرهاق والهموم والكلال والملال, وأزواج الموظفات يعرفون ذلك ويشعرون به, إذ لا يكادون يحسون بالزوجة إلا في أوقات الإجازات, وقد يكون بعضهم مع طول الزمن قد تعود تلك الحياة، فأصبح لا يفرق ولا يشعر بشيء مما نذكر.
ومقتضى السكنى أن تبقى المرأة في البيت، تهيئ شؤونه، وترتب أموره انصياعًا لأمر الله تعالى: ? وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ ? [الأحزاب 33]، وهذا هو الأصل، وما سواه يعد خروجا عن الأصل له أحوال تقتضيه، وأسباب تستدعيه،: وهو خطاب موجه لأمهات المؤمنين أطهر النساء وأبعدهن عن الفتنة، فكيف بغيرهن؟!.
(يُتْبَعُ)
(/)
تأمل أيها المؤمن بربه فالله قد قال: ?قَرْنَ? ولم يقل (امكثن) ولا (ابقين)، لأن ?قَرْنَ? هذه تدل على جملة أشياء لابد لطالبة الحياء والحشمة منها، فهي إما من القرار وهو المكوث والاستقرار، وإما من الوقر وهو الثقل، وإما من الوقار وإما من قرة العين، فيكون المراد أي أقررن عيونًا في بيوتكن، أي في بيوتكن قرة عين فلا تتطلعن إلى ما جاوز ذلك، ولو تأملت كل هذا أختي الكريمة، لأدركت السر في إيثار هذا الفعل ?قَرْنَ?، وفي قراءة ?قِرْنَ? على ما سواه، لأن كل هذه المعاني: القرار – الاستقرار – المكوث – الوقار – قرة العين – الثقل، كلها مقصودة في حفظ المرأة ذات المنزلة الرفيعة في هذا الدين، ولم تحصل لها تلك الحماية إلا في بيتها، لذا قال سبحانه: ? فِى بُيُوتِكُنَّ ?، فنسب البيوت إليهن لا إلى الرجال، وإلا لقال: (في بيوتكم)، ولم يجعلها مطلقة، وإلا لقال: (في البيوت)، كل ذلك لندرك أن البيت بدون المرأة لا يستحق هذا الاسم, لأن البيت هو مستقر المرأة, ومثابة نفسها, ومبرز قدراتها, وحافظ حشمتها, هو مصنعها تجد فيه حقيقة ذاتها وتحقق فيه كيانها كما أرادها الله, غير مشوهة غير ملوثة غير مكدودة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة.
وحتى يتم ذلك وتقوم المرأة بواجبها, وتؤدي مسؤوليتها, جعل سبحانه القوامة للرجل وجعل السعي والشقاء عليه, وألزمه بالنفقة, فقال سبحانه: ? ?لرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ?لنّسَاء بِمَا فَضَّلَ ?للَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى? بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْو?لِهِمْ ?, [النساء 34].
وهذه الآية ذات مدلول عجيب, فالمذكور هنا هو (القوامة) , لا الأمر ولا التعالي, ولا الاستعباد, كما يردد هؤلاء الموتورون, والقوامة هي الإدارة, فالزوج مدير لشؤون البيت, جاء في اللغة: قام الرجل المرأة: (أي قام بشؤونها) , والقوَّام هو المبالغ في القيام بالأمر, فالرجل إذًا هو المأمور بالمحافظة الشديدة, والحياطة الأكيدة للمرأة وشؤون الأسرة.
وقد يقال: ولماذا الرجل دون المرأة؟.
الجواب: أن الإدارة لأي مؤسسة لا تعني الأفضلية من كل وجه, بل تعني القدرة, والمهارة في ذلك الأمر خصوصًا وهو الإدارة, والأسرة تحتاج إلى شيء مهم آخر وهو الكسب, والرجل في ذلك كله أبرز من المرأة, وأصبر على المشاق, وأقدر على تلقي الصدمات, وحل الأزمات, لذلك علل سبحانه قوامته بأمرين اقتضيا التفضيل في جانب الإدارة البيتية وهما: ? بِمَا فَضَّلَ ?للَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى? بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْو?لِهِمْ ?.
إن تفضيل الرجل على المرأة, فيما يخص تكوينه الجسمي بل وحتى العقلي أضحى أمرًا معروفًا مقررًا, وهو يتواءم تمامًا مع مقتضيات المسؤولية والإدارة, لذا نرى أن رؤساء الدول حتى المنادية بحرية المرأة منها هم من الرجال, وكذلك المؤسسات الكبرى, والمواقع القيادية في كل دول العالم من قديم الزمن إلى وقتنا هذا, ويقول علماء الإدارة: الرئيس رجل.
والمرأة لها موقعها الذي تتميز به على الرجل بل وتفضله فيه, ذلك هو تربيتها لأولادها, ورعايتها لما في داخل بيتها فهي زوجة, وأم, وقد فضلت الأم على الأب (الرجل) ثلاث مرات في أحقية البر, المرأة أقدر من الرجل على الإنفاق من رصيد المشاعر الضخم لديها, إنها أكثر حنانًا ورحمة وشفقة, لذا فهي أقدر من الرجل على الاستمالة واحتواء الخلافات العاطفية, وحل المشكلات العائلية, كما أثبتت ذلك الدراسات النفسية, وهذا لا يكون بالإشعار بالندية, بل بالطاعة والاحتواء, وتلك قدرة فائقة لا يستطيعها كثير من الرجال.
ومما أهل الرجل للقوامة أيضًا (الكسب) كما قال سبحانه: ? وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْو?لِهِمْ ?, والقانون العالمي يقول: من ينفق يشرف, والرجل في هذا المجال أقدر وأظهر على كل حال.
إن كل هذا يدل على أن مسؤولية القوامة تقييد وتكليف, ومن يريد نقلها إلى المرأة فهو لا يريد تحريرها كما يزعم, بل يريد تقييدها, بعدد من المسؤوليات التي لا تناسب طبيعتها.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Aug 2006, 08:30 ص]ـ
شكر الله لكم هذه الاتحافة الجميلة والتأملات القرآنية ..
ونرحب بكم سعادة الدكتور في ملتقى أهل التفسير ..
ويا حبذا لو اتحفتنا أبا عمر بالمزيد من لطائفك ووقفاتك التفسيرية والبلاغية والقرآنية التي نفع الله بها في منطقة تبوك ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Aug 2006, 12:44 م]ـ
حياك الله يا دكتور عويض، ومرحبًا بكم في ملتقى أهل التفسير، ولعلكم تواصلون في طرح هذه اللطائف الدقيقة، ولقد سررت بمشاركتكم هذه، وأول الغيث قطرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Aug 2006, 07:48 م]ـ
حياكم الله يا أبا عمر في هذا الملتقى العلمي المتخصص في القرآن وعلومه، وقد أسعدتنا بهذه المشاركة اللطيفة حول موضوع يمس كثيراً من الأسر المسلمة في هذا الزمان، وهو أفضلية بقاء المرأة في بيتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 08:50 ص]ـ
فوائد جليلة حقًّا!!
وهذه المسألة من أشد ما نفذ فيه سم أعدائنا إلينا، حتى أمسى كثيرممن يظهرون الالتزام والديانة رجالاً ونساءً يتبرمون من الدعوة إلى إبقاء المرأة في خدرها. ولي في الأمر تجربة وخبرة. فقد كانت لي امرأة طلقتها وقعت في شراك تلكم الثقافة التالفة، إذ إنها كانت تدعي أنها لا تصبر على المكوث في البيت وأن خير ما يعينها على ذلك أن تخرج للعمل، وكانت تغضب كثيرًا إذا ما بدر مني ممانعة لخروجها للعمل.
وأرى أن أدلي بدلوي ههنا!
قال تعالى: ((حور مقصورات في الخيام)) معلوم أن قصر الشيء حبسه، ومعلوم أن الجنة لا نقصان فيها لشيء ألبتة، وأنها دار الكمال والجمال، فإذا كان من صفات نساء الجنان أنهن محتبسات في بيوتهن لا يراهن أحد ولا يخرجن إلا مع أزواجهن أو وقت الحاجة علمنا أن نساء الدنيا مأمورات بذلك بالإشارة لا بالصراحة، إذ صفات أهل الجنة صفات كمال، والعبد مأمور بتتبع الكمالات وتحصيلها. فمن ذلك أن أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، وهو وإن كان في تلك الدار جبلة إلا أنه في هذه الدار كلفة تحتاج إلى تكلف. وكذا ما ورد في أن نساء الجنة مطهرات من الخبائث والمناتن، فإنه وإن كان ثم جبلة إلا أنه ههنا شرعة وفضيلة. وعلى ذلك فقس!
وقال تعالى: ((فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)) وذلك بعد قوله سبحانه: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)) فجعل الحياة الزوجية مقسمة أعباؤها بين الاثنين، كل له واجبه الذي يناسبه، فالرجل كما نصت الآية قائم على المرأة منفق عليها راع لها، والمرأة في بيتها تربي وتحنو وتطهو وتكنس فضلاً عن أنها تتحصن به من غوائل ذئاب الرجال التي لا يكاد يخلو منها مكان. ومحل الشاهد قوله تعالى: ((حافظات للغيب)) لما ذكر ما يقتضي خروج الرجل للاكتساب أردفه بذكر قرار المرأة في البيت، وتفسير حفظ الغيب بحفظ البيت وأمانته عليه كثير من المفسرين إن لم أقل أكثرهم، وهو أولى التفاسير في الآية لاتساق القسمة المنطقية بين الزوجين به.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((والمرأة راعية في بيت زوجها)) وهذا دليل لنا من السنة.
وأستصفح الأخ الدكتور صاحب الموضوع على جرأتي وإقدامي، ولكنه كتقديم الطالب بين يدي أستاذه ما يرجو منه القرب به عنده.
ـ[الجكني]ــــــــ[04 Aug 2006, 09:13 ص]ـ
مرحباً بالدكتور أبي عمر،وشكراً له على طرح هذا الموضوع الذي استوقفني فيه عبارة الأخ مهند وهي قوله:"ولا يخرجن إلا مع أزواجهن أو وقت الحاجة "؟؟؟
يا ترى ما هي هذه الحاجة التي يخرج لها الزوج مع زوجته في الآخرة؟ أرى أن القياس مضطرب عندي 0
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 09:37 ص]ـ
الحاجة هناك التنزه والتفرج مثلاً، أم نقول إن الملك العظيم الذي يفوز به المؤمنون يتمتع به الرجال دون النساء؟؟ وشجرة يسير الراكب تحتها مائة عام ما يقطعها، من في ملكه هناك شجرة منها، هل يسير تحتها ويتنعم بظلها الرجل دون المرأة؟؟
ومن الحاجة الخروج إلى السوق مثلاً، فإن حديث سوق الجنة صحيح معروف.
وبارك الله فيكم أستاذنا الجكني!
ـ[روضة]ــــــــ[04 Aug 2006, 12:37 م]ـ
اسمحوا لي أن أعرض رأيي في هذا الموضوع ..
أتساءل دائماً بعدما أقرأ مثل هذه المقالات التي تحارب عمل المرأة: لماذا تُحرم المرأة من العمل؟
قد تكون المرأة بحاجة إلى المال والتوسعة في الرزق، وإن لم تكن فالعمل بالنسبة لها حاجة نفسية وعقلية كما هي للرجل ..
فما المانع من العمل إن كان ضمن الضوابط الشرعية؟
ستقصّر في أعمال المنزل، أليس كذلك؟
لماذا لا يتعاون الرجل وأفراد الأسرة كلها حتى تتمكن المرأة من العمل وإشباع حاجاتها العقلية والنفسية؟!
الرجل يبحث عن زوجة متعلمة مثقفة، وفي الوقت نفسه يريدها متفرغة لأعمال المنزل! كيف تطالبون المرأة ـ التي قضت عمرها في التعلم والدراسة وتريد أن تنمي ثقافتها وتصقل شخصيتها من خلال العمل ـ أن تبقى حبيسة المنزل، تقضي وقتها كله في أعمالٍ لا تنمي القدرات العقلية بشكل من الأشكال؟
والعقل قابل للضمور إن لم يكن هناك ما يغذيه، والعمل ينمي العقل ويغذيه، وهذا له أثره في تربية الأولاد، فالأم إن لم تكن عاملة تُغيّب عما يدور في المجتمع، ونقلُ الأخبار لها لا يغني عن خوضها في المجتمع.
كيف يمكن للأم أن تربي أولادها تربية صحية سليمة وعقلها يضمر شيئاً فشيئاً، ولا تعلم من أمر المجتمع وما وصل إليه إلا الشيء القليل، إلى أن يصل بها الأمر بأن لا يبقى في عقلها إلا أعمال البيت، ونجد كثيراً من الأمهات حين يتكلمن مع أولادهن، لا يسألونهم إلا عن الأمور المادية المحسوسة، مثل:
هل تناولت طعامك؟ هل ترتدي ثياباً تقيك من البرد؟
فهي تعتني بطعامه وثيابه ولا تلتفت إلى التغير الذي قد يطرأ على طريقة تفكيره، أو سلوكه، ولا يخطر ببالها أن تناقشه في أمور تشغله، أو تؤثر في تكوين شخصيته. حتى لو كانت متعلمة ومثقفة. لأن عقلها ضمر مع الأيام، فليس هناك ما يدور فيه إلا هذه الأمور.
ولا يفهم من كلامي هذا أن تنافس المرأة الرجل في القوامة ولا في إدارة البيت، ولا أن تترك تربية أولادها والقيام على شؤون البيت لخادمة أو ما شابه، بل يمكن التوفيق بين الأمرين بشيء من التعاون، وأن يتفهّم الرجل حاجات زوجته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 03:11 م]ـ
ليس في نيتي أن أدير دفة الحوار إلى الناحية الفكرية، إنما هي نكات تفسيرية منها يستخلص الفكر والفقه كلاهما.
لكني أقول: إن عمل المرأة ليس ممنوعًا، ومن ذا الذي يجرؤ على أن يحرم ما لم يحرمه الله تعالى؟؟ إنما نقرر ههنا ما أفاده القرآن من أن الأصل في المرأة أن تتولى عمل البيت وشؤونه كلها وفي الرجل أن يتولى الاكتساب خارج البيت، هذا الأصل العام الذي ينبغي أن تسير عليه حياة المجتمع المسلم. فإن أعانت المرأة زوجها في الكسب بحيث لا يخل ذلك بمصالح البيت والأبناء ومصلحة الزوج، وأعان الرجل امرأته في عمل البيت ما لم يطغى على رجولته واكتسابه وإنفاقه فلا حرج، ولا أظن أن بيننا في ذلك خلافًا.
إنما نقرر ههنا ما قرره القرآن من حيث الواجب الوظيفي والقسمة الحياتية الاجتماعية لكل من المرأة والرجل.
ولا أظن الأخت (روضة) على المستوى العام تخالف في أن لخروج المرأة إلى العمل نصيبًا وافرً في أمرين اثنين:
الأول: فساد الأبناء.
الثاني: إفساد الرجال الأجانب بالخارج.
ويهمني أن أرى نقد المختصين لما كتبته من تعقيب على صاحب الموضوع!
ـ[روضة]ــــــــ[04 Aug 2006, 05:47 م]ـ
عذراً، لا أفهم كيف أنكم لا تمنعون المرأة من العمل وكلامكم يدل على هذا، فالعمل له ـ كما تفضل الدكتور عويض العطوي ـ آثار سلبية كبيرة،
وإن من أعظم آثار خروج المرأة من بيتها وتركها لمسؤولياتها اختلال نظام الأسرة وزعزعة كيان البيت بأكمله, لأن الأم المكدودة بالعمل, المرهقة بالأشغال المقيدة بمواعيدها, المستغرقة لطاقتها خارج منزلها, لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره, لا يمكن أن تمنح للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها, لا يمكن أن ترعى للزوج مكانته ولا أن تهيئ له ما يريد من السكينة والراحة والطمأنينة والهدوء.
إن بيوت الموظفات و العاملات لا تزيد عن جو الفنادق والمطاعم, لا يشيع فيها الأرج الذي يشيع في بيت الأم القائمة بواجبها، لإن البيت ليس جدرانًا وأبوابًا, ليس أثاثًا فخمًا منظمًا, كل ذلك لا قيمة له إذا فقد روحه وعطره وأرجه, البيت دون المرأة هو اسم دون حقيقة, وأرج البيت وأنسه لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة, وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم.
كما تفضل الأخ مهند أيضاً وقال:
وهذه المسألة من أشد ما نفذ فيه سم أعدائنا إلينا، حتى أمسى كثيرممن يظهرون الالتزام والديانة رجالاً ونساءً يتبرمون من الدعوة إلى إبقاء المرأة في خدرها. ولي في الأمر تجربة وخبرة. فقد كانت لي امرأة طلقتها وقعت في شراك تلكم الثقافة التالفة، إذ إنها كانت تدعي أنها لا تصبر على المكوث في البيت وأن خير ما يعينها على ذلك أن تخرج للعمل، وكانت تغضب كثيرًا إذا ما بدر مني ممانعة لخروجها للعمل.
ما يفهم من هذا الكلام هو أن العمل يُمنع في حق المرأة، كيف لا وعملها يخل نظام الأسرة؟
ولا أظن الأخت (روضة) على المستوى العام تخالف في أن لخروج المرأة إلى العمل نصيبًا وافرً في أمرين اثنين:
الأول: فساد الأبناء.
الثاني: إفساد الرجال الأجانب بالخارج.
أخي الفاضل مهند،
اسمح لي أن أخالفك في جعل العمل سبباً في إفساد الأبناء وإفساد الرجال الأجانب في الخارج أشد المخالفة وخاصة في الشق الثاني، وهو إفساد الرجال.
أولاً: هناك كثير من النساء اللواتي لا يعملن لا يصلحن لتربية الأولاد، وهناك كثير من النساء العاملات يقمن بذلك على أحسن وجه، فالأمر يعود إلى قدرة المرأة وتربيتها أصلاً، وأخلاقها وعلمها ودينها قبل كل شيء، ولا يعود حسن التربية إلى العمل أو عدمه.
ثانياً: كيف تكون المرأة المسلمة الملتزمة بحجابها وأخلاقها سبباً في إفساد الرجال؟؟؟؟؟!!!
أنا لا أقول بعمل المرأة على إطلاقه، بل بضوابطه التي أمر بها الدين.
ما أتفق به معك هو أن على المرأة الموازنة بين واجباتها في بيتها وعملها في الخارج، وأنه لا بد من التعاون بين أفراد الأسرة.
أرى أن الوسطية في هذه المسألة أفضل، فلا تشدد في منع المرأة من العمل، ولا انفلات في جعلها تعمل وقتاً كبيراً على حساب بيتها، أو تعمل أعمال الرجال، بحجة المساواة بينها وبينهم.
والله أعلم.
ـ[الجكني]ــــــــ[05 Aug 2006, 02:12 ص]ـ
ومرة أخرى يستوقفني كلام الأخ مهند،انظر معي بدقة وروية إلى هذا الكلام (إنما نقرر هنا ما "أفاده القرآن من أن الأصل في المرأة أن تتولى "عمل البيت وشؤونه كلها " 0
يا أخي مهند:أنت تتكلم عن القرآن الكريم أم تتكلم عن ما (فهمته) أنت من القرآن الكريم؟
إنى أسأل سؤال متعلم -يعلم الله - لا سؤال مجادل ومكابر:أين ما أفاده القرآن كما تقول؟
الحذر الحذر يا أخي من إلصاق القرآن بما ليس فيه؟؟ حسب علمي القاصر وفوق كل ذي علم عليم 0
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[05 Aug 2006, 03:54 م]ـ
أستاذنا (الجكني)!
أفهم ذلك من مجموع هذه الآيات: قوله تعالى (ولا يخرجنكما من الجنة فتشقى) وقوله (وقرن في بيوتكن) وقوله (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) وذلك بعد تقرير القوامة التي تعني التدبير والكسب للرجل بقوله (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)، وقد نبهت في كلامي السالف إلى القسمة الوظيفية الثنائية في الآية بين الرجل والمرأة، وذلك يستدعي أن نقول إن القرآن يقرر أن المرأة أصلاً للبيت وشؤونه، فيفهم من ذلك أن خروج المرأة للعمل والكسب عارض لا يجوز إلا بشروط.
والله أعلم!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[05 Aug 2006, 08:49 م]ـ
فهذه وقفات مع آيات اشتملت على لطائف تخص عمل المرأة وخروجها من بيتها، أستهلها بهذا السؤال: هل لابد للمرأة من العمل خارج البيت، هل هو من الضروريات التي لاتقوم حياتها إلا بها؟
بعض الاعمال لا تصلح الا للنساء كتطبيب النساء والتوليد.
وقد ورد الحديث عن عمل المرأة في القران في عدة مواطن:
" وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) "
وقال تعالى:"أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) "
ومن السنة ما ورد عن أسماء بنت أبي بكر قالت: " تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته وأسوسه وأدق النوى لناضحه وأعلفه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن. . . قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير - التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم - على رأسي وهي على ثلثي فرسخ قالت: فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فدعاني ثم قال: " إخ إخ ". ليحملني خلفه قالت: فاستحييت. . . " الحديث
وقد صح انهن كن يطببن الجرحى ويخدمن الضيف. الا ان الآثار يجب تتبعها بحذر لان العديد منها كان قبل فرض الحجاب.
الاشكال هو في التساهل في الضوابط الشرعية من ناحية وتقدير الحاجة للعمل من ناحية أخرى.
والله اعلم.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[06 Aug 2006, 10:56 ص]ـ
جزاك الله خيرًا على هذا التنبيه الجميل!
لا شك أن من الأعمال ما هو فرض كفائي على النساء! ويجب عى الأمة توجيه النساء إلى دراسة نحو الطب والتوليد والتأهل للتدريس في مدارس البنات وغيرها من الفروض الكفائية.
ويكون الواجب الكفائي من أسباب الخروج عن الأصل المقتضي عدم خروج المرأة للعمل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2009, 12:39 ص]ـ
وفي قصة المرأتين اللتين جاء ذكرهما في قصة موسى عليه السلام في مدين عبر ودروس وفوائد تحتاج إلى تأمل.
فلعل الدكتور عويض وفقه الله يتحفنا بشيئ من إبداعاته حول هذه الآيات.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[11 Nov 2009, 03:13 م]ـ
لم من كلام أحد من الإخوة المشايخ المشاركين في هذا الموضوع أنه يحرم العمل على المرأة؛ بل غاية ما يفهم من كلامهم:
1 - أن الأصل بقاء المرأة في البيت ..
2 - أنها لا تخرج إلا لحاجة ضرورية ومنها العمل الضروري ولكن بالضوابط الشرعية من التستر وعدم التطيب وقلة الخروج والولوج ..
ملاحظة:
يجب أن لا يتخذ جواز خروج المرأة للعمل الضروري ذريعة لعملها سكرتيرة.
وأستسمح المشايخ الفضلاء في نقل هذا الخبر ..
فقد حدثني أحد الإخوة أنه قرأ "كاريكاتيرا" في إحدى المجلات وفيه أن رجلا يقول: أريد سكرتيرة على كتاب الله وسنة رسوله!!
فانظر كيف بلغ بهؤلاء خروج المرأة وذريعة عملها.
أجارنا الله وجميع المسلمين.(/)
أرجو الفائدة والمشورة في موضوع دراسة الماجستير
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[30 Jul 2006, 07:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: جزى الله القائمين على هذا المنتدى خير الجزاء وجعل مايقدمون في موازين حسناتهم يوم لقاء ربهم.
ثانياً: فقد أكرمني الله بخطوة أسأل الله لي العون والتوفيق فيها وهي دراسة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن, وقد أخترت رسالة بعنوان (منهج الصحابة في التعامل مع القرآن الكريم) وعملت عليه الخطه فوجدت أنه طويل ومتشعب.
ولا أدري حقيقتاً ماذا أختار علماً أني مبتدأ في هذا الفن , ومن خلال تأملي في بعض الصور الإيجابية في القرآن مثل فعل الغراب وفي فعل النمل وحرصه على من معه وفي صور كثيرة إيجابية في القرآن الكريم سواء للمخلوقات أو لغيرها ولكن لا أدري كيف أصيغ موضوعه وكيف أبحث فيه.
المهم أنا حريص جدا على أن أتلقى الفائدة والنصح والتوجيه من أهل الخبرة والإختصاص في هذا المنتدى وأتمنى أن أجد موضوع مخدوم إلكترونياً من حيث الكتب الإلكترونية ومن حيث مصادر البحث في الأنترنت.
أنتظر بفارغ الصبر ردودكم وتوجيهكم دمتم بود وعافية وأسأل الله لي ولكم العون والتوفيق لمايحبه ويرضاه.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 09:48 ص]ـ
لا تتعجل في أمر الرسالة ما دمت مبتدئا، واستشر على مهل من حولك من الطلاب ممن هم أسبق منك، واستعن بأساتذة كليتك حينًا بعد حين، وسترى أن عنوان الرسالة وموضوعها وحدودها ستتبلور عندك رويدًا رويدًا!!(/)
من يساعدني في الوصول إلى ترجمة هذا العالم
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[31 Jul 2006, 01:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أبحث عن ترجمة لتلميذ الإمام السخاوي ((أبو عبدالله محمد القفال)) شارح الرائية للشاطبي فهل من معين؟ دمتم بود وعافية ولكم مني خالص الدعوات
ـ[الجكني]ــــــــ[31 Jul 2006, 09:49 م]ـ
الأخت محبة الكتاب والسنة أسعدك الله:
رجعت إلى ما لدي من مصادر لأعرف هذا العالم لكني لم أجد له ذكرأ إلا في "كشف الظنون"عند ذكره لشروح الرائية فوجدته قال: أبو عبد الله محمد بن القفال الشاطبي تلميذ السخاوي 0 (2/ 1159) وهذا فيه فائدة جديدة وهي أنه "شاطبي " وسأواصل البحث حسب ما يسمح به الوقت 0
ملاحظة مهمة:
رجعت إلى مقدمة تحقيق "مختصر التبيين لهجاء التنزيل لابن نجاح" للشيخ الدكتور:أحمد شرشال، وهومن علماء الرسم في هذا العصر فوجدته أثناء تعداده لشروح الرائية قال: وشرحها الحصاري تلميذ السخاوي"ولم يذكر القفال 0 (1/ 181)
ورجعت أيضاً لمقدمة تحقيق "الوسيلة للسخاوي "للدكتور مولاي الطاهري فوجدته قال:من الذين شرحوا العقيلة (هي الرائية):أبو عمرو محمد بن سليمان بن محمد المعافري (ت672) قال في مقدمته:"قرأتها على الفقيه محمد بن وضاح 00وقرأتها على الشيخ الإمام المقرىء علم الدين السخاوي بدمشق سنة (628) كلاهما حدثني عن المصنف0 (63 - 64) 0هذا ما وجدته الآن 0
تمنياتى بالتوفيق0
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[01 Aug 2006, 12:21 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخي الفاضل وأسال الله لك التوفيق لما يحب ويرضى وبعد:
فأنا ياشيخي أبحث في هذا الوقت عن ترجمة له لإني عازمة بإذن الله على تحقيق شرحه للعقيلة في رسالة علمية وقد وجدت لهذه المخطوطة عدة نسخ فلا تبخلوا علي حفظكم الله ورعاكم بعلمكم وهل هو موضوعا مناسبا أم أواصل البحث لمخطوطات أكثر فائدة بارك الله فيكم.
ـ[الجكني]ــــــــ[01 Aug 2006, 01:44 ص]ـ
وجزاك الله خيراً ويسر لك أمرك 0
أما من حيث هل هو مناسب أم لا؟
فإذا تأكد لديك أنه للإمام المذكور فلا شك في مناسبته،إذ يعتبر "جوهرة " في كتب الرسم نظراً لقدمه،وأنه من أوائل الشروح 0لكن تبقى مسألة هل الجامعة عندكم توافق على مخطوط "مجهول " المؤلف أم لا؟ هذه نقطة مهمة يجب التأكد منها حتى لا يضيع عليك الوقت 0
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[01 Aug 2006, 02:31 م]ـ
ويسرالله أمرك ياشيخ ولدي استفسارعن شرح الفقيه ((محمد بن محمد بن وضاح اللخمي الأندلسي)) هل هو موجود وأين مكانه وهل صحيح أن الشيخ عبدالعزيز قارئ توجد عنده نسخة منه؟ ويوجد ايضا للعقيلة شرح لأبي بكر بن أبي محمد عبدالغني اللبيب واسمه ((الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة)) هل سمعت به ولك مني خالص الدعاء.
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[01 Aug 2006, 02:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله أعلم أظنه لمحمد بن محمد بن عبدالعزيز الفصال الشاطبي وهو من طبقة من يروي عن السخاوي ويروي عن ابن وضاح اللخمي، وحسب النسخ التي في برنستون ومكتبة الحرم المكي فإن المؤلف لم يتوفى في سنة 628 هـ، وإنما هذا تاريخ رواية الكتاب والله أعلم.
والنسخ التي عند قريبي الدكتور عبدالعزيز فهي نفسها التي تنسب لمحمد بن القفال، أما شرح ابن اللبيب فحقق كرسالة جامعية في المغرب.
ـ[الجكني]ــــــــ[01 Aug 2006, 06:22 م]ـ
أختي محبة الكتاب والسنة:
"إذا حضر الماء بطل التيمم " فعليك بما ذكره الشيخ عاصم حفظه الله،فهو عندي عمدة في هذا الفن 0
وإذا كنت مضطرة لموضوع مستعجل فهناك مخطوط وهو " التبيان "لابن آجطا،وهو أول من شرح "مورد الظمآن"للخراز،سجل نصفه للماجستير ,وبقي نصفه لم يسجل إلى الآن،فلماذا لاتدرسين هذا الموضوع 0؟ وتجعلينه أحد الموضوعات المقترحة0
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[02 Aug 2006, 08:50 م]ـ
بارك الله فيكم والذي أعلمه ياشيخ بعد البحث والسؤال أن التبيان حقق نصفه الآخرفي رسالة علمية بجامعة أم القرى.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[02 Aug 2006, 11:31 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
كنت أريد أن أحيل الأخت محبة الكتاب والسنة على المخطوط الذي أحالك عليه الشيخ الفاضل الجكني فوجدته قد سبقني إليه،خصوصا وأني قد عاينت هذا المخطوط بالجامعة الإسلامية -قسنطينة-
ويوجد منه هناك نسختين برقم
- 211.3 - /2 ابن أجطا على مورد الظمآن في رسم القرآن
211.3 - /3 شرح ابن أ جطا على مورد الظمآن
كتاب " المورد" أشمل واوسع من العقيلة بكثيرفقد قال صاحبه:
وَوَضَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ كُتُبَا ... كُلًّ يُبِينُ عَنْهُ كَيْفَ كُتِبَا
أَجَلُّهَا فَاعْلَمْ كِتَابَ المُقْنِعِ ... فَقَدْ أَتَى فِيهِ بِنَصٍّ مُقْنِعِ
وَالشَّاطِبِيُّ جَاءَ فِي العَقِيلَهْ ... بِهِ وَزَادَ أَحْرُفاً قَلِيلَهْ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُودَاوودَا ... رَسْمًا بِتَنْزِيلٍ لَهُ مَزِيدَا
فَجِئْتُ فِي ذَاكَ بِهَذَا الرَّجَزِ ... لَخَّصْتُ مِنْهُنَّ بِلَفْظٍ مُوجَزِ
إلى أن قال:
وَأَذْكُرُ الَّتِي بِهِنَّ انْفَرَدَا ... لَدَى العَقِيلَةِ عَلَى مَا وَرَدَا
وهي ست كلمات انفرد بها عن " المقنع " لأبي عمرو الداني وهي:
1 - كلمة " لإِلَى " من الآية (158) من سورة آل عمران:" وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ?لله تُحْشَرُونَ "
فقد ذكر الشاطبي في عقيلته الخلاف في زيادة الألف، ولم يذكرها صاحب المقنع
2 - كلمة " يُضَعِفْهَا " من الآية (40) من سورة النساء: " إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً "
فعلماء الرسم على حذف ألفها وبه العمل، وجاء في العقيلة أن فيها الخلاف.
3 - كلمة " ?لْقُوَى? " من الآية (5) من سورة النجم: " عَلَّمَهُ شَدِيدُ ?لْقُوَى? " وهي لفظة لم يذكرها الداني في المقنع فيما يكتب بالياء، وذكرها الشاطبي في عقيلته
4 - كلمة " يُنَبَّؤا " من الآية (13) من سورة القيامة: " يُنَبَّؤاُ ?لإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ "
فقد ذكر صاحب المقنع أنها تكتب بالهمزة على واو والألف بعدها قولا واحدا، وذكر الشاطبي فيها قولا ثانيا، وهو كتابة الهمزة على الألف.
5 - كلمة "وَجِي?ءَ "من الآية (23) من سورة الفجر:" وَجِي?ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ?لإِنسَانُ وَأَنَّى? لَهُ ?لذكْرَى?"
فقد ذكر الشاطبي في عقيلته الخلاف في زيادة الألف، ولم يذكرها صاحب المقنع
6 - كلمة " َسُقْيَاهَا " من الآية (13) من سورة الشمس: " فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ?للَّهِ نَاقَةَ ?للَّهِ وَسُقْيَاهَا "
فقد جاء في العقيلة كتابتها بيائين
أطلب من الدكتور الفاضل الجكني أن ينظم هذه الكلمات الست بعد التحقق منها حتى يسهل لنا حفظها فإني أعلم أن الشناقطة قد ألين لهم النظم كما ألين لداوود الحديد.
أما الأخت فأقول لها عليكِ بـ " مختصرالتبيان " لابن غازي المغربي ففيه خير كثير
ـ[الجكني]ــــــــ[03 Aug 2006, 08:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي صادق الرافعي رفع الله مقداره في الدنيا والآخرة:
أشكر لك عباراتك اللطيفة،وإن كنت لا أستحقها،فأرجو أن أكون عند حسن الظن 0
أخي طلبت مني أن أنظم الكلمات الستة التي زادها الشاطبي في العقيلة على المقنع،وأقول لك بكل صراحة:لست من أهل النظم،وأهون علي أن أزيل جبلاً من مكانه من أن أقول شعراً،وهذا ليس تواضعاً وإنما هو حقيقة، وعهدي بقول الشعر- إن كان ما قد قلته يسمى شعراً – أيام الصبا،ويرحم الله أيام الصبا،ويرحم من قال:
مضى زمن الصبا فدع التصابي 000قبيح منك شبت وأنت صابى
وأيام الصبا كنت من أصحاب البيتين والثلاثة لا غير،ويكفي دلالة على صدق ما أقول أني قلت قبل أكثر من (10) سنوات بيتين كل منهما مطلع قصيدة،وحتى لحظتي هذه لم أستطع أن أجد أخاً لكل منهما 0وهذان البيتان هما:
1 - لما رأتني في الهوى أتنقلُ 000قالت حبيبي في الهوى لا يعقل
2 - عرِّج بنا صوب الحبيب المبهجِ 000وابعث إليه فقد يطيب له المجي
وأعاذني الله وإياك من أن نكون (رابع) الشعراء الذي حقه أن (0000)
وأخيراً:
هذه الزيادات يأ أخي تجدها منظومة عند الخراز في نظمه "مورد الظمآن"0
آسف للإطالة ولكنها فرصة ليخرج بها المرء قليلاً عن الجد إلى الهزل المباح إن شاء الله تعالى 0
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[03 Aug 2006, 01:26 م]ـ
بارك الله لك في علمك وعمرك شيخنا الجكني، واعذرني إن طلبت ما ليس في المقدور، واعذرني مرة أخرى لأني عدت بك إلى أيام خلت. حفظك الله ورعاك، وجعل الجنة مأواك.
دمتم في رعاية الله وحفظه.
ـ[الجكني]ــــــــ[04 Aug 2006, 02:01 ص]ـ
الأخت:محبة الكتاب والسنة حفظك الله:
رجعت إلى نسخة خطية في مكتبة الحرم النبوي الشريف من كتاب "شرح الرائية" وهي مفهرسة عندهم بتأليف:"أبو عبد الله محمد بن سليمان القفال (ت672) وذكر أن مصدر هذه المعلومة هو فهرس جامعة الملك سعود ونص العبارة "لعله للشاطبي المتوفي سنة672 انتهى 0
وهذه النسخة أصل منسوخ سنة (1063) والناسخ هو:محب الدين بن الشيخ شكر 0
لكن بعد معاينة المخطوط أقول لك:في النفس شيء من هذه النسبةللآتي:
1 - لا يوجد اسم المؤلف لا على الغلاف ولا في ديباجة الكتاب 0
2 - أن هذا الشخص المذكور على أنه القفال له ترجمة في غاية النهاية (2/ 149) وفي نفح الطيب (2/ 140) ولم يذكر فيهما أنه تتلمذ على السخاوي أو على ابن وضاح،وهذا ليس معهوداً في منهج ابن الجزري رحمه الله 0
بقيت نقطة مهمة وهي أن ابن الجزري سقط عنده سنة (72) وأيضاً وقع في وهم لا بد من التنبيه عليه وهو أنه ذكر أن هذا الشخص "سمع من السلفي " وهذا سبق قلم منه رحمه الله،حيث إن هذا الرجل ولد بعد وفاة السلفي ب (10) سنوات حيث إن مولده سنة (585) ووفاة السلفي (575)،والذي سمع السلفي هو ابن أبي الربيع؛قدم مصر سنة (515) وكان حياً سنة (556) 0
فالخلاصة: لا زال البحث عن (القفال) جارياً 0
والله الموفق 0
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[05 Aug 2006, 03:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الشيخين الكريمين ومتعكم بالصحة والعافية واشكرك ياشيخي الفاضل على عناء البحث وتفاعلكم معي واساله في هذه الساعة أن يعظم لكم المثوبة وأن لايحرمكم الأجر على ماقدمته وتقدمه لي وللمسلمبن أسأل الله بمنه وكرمه أن يرين الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه حفظكم الله ورعاكم(/)
" مقاصد السور وطرق الكشف عنها "
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[31 Jul 2006, 02:08 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
أما بعد: فالشكر موصول إلى أهل هذا الملتقى الطيب المبارك، وأخص منهم بالذكرالمشايخ الفضلاء: الدكتورعبد الرحمن الشهري، والدكتورمساعد الطيار، أبومجاهد العبيدي، وناصر الماجد .. وغيرهم
شغفي بهذا الموضوع وممارستي له من خلال مجموعة من الدروس التي ألقيها في مسجدي دعاني لأن أكتب هذه الكلمات اليسيرة رغم ضيق الأوقات، والله يشهد أني قد انتفعت كثيرا مما جادت به قرائح العلماء الأفاضل غير أنهم أغفلوا الثمرة التي تجنى من ورائه،والطريق التي ينبغي أن نسلكها من أجل الوصول إلى المقصود الحقيقي من السورة إلا جولة الدكتور مساعد أولمسات الشيخ عبد الرحمن التي ختم بها هذا الموضوع، وأرجو أن يكون أول المستدركين، والمصححين، والمضيفين لما سأذكره. ورحم الله من قال:
ومصلح الشكل لدى حكايه **** غير حديث المصطفى والآيه
من غير إذن منه أوقرينه **** قد فاته الأدب والسكينه
فالباب مفتوح له ولغيره،وبالله التوفيق. أبدأ فأقول:
لقد لخص الإمام البقاعي نظريته في التناسب، بعبارات سهلة وميسرة على النحو التالي:
معرفة مدلول اسم السورة يؤدي إلى ==> معرفة مقصود السورة وهذا بدوره ==>إلى معرفةالتناسب بين آياتها.
وإليكم العبارات الدالة على ذلك:
يقول رحمه الله: " إن من عرف المراد من اسم السورة عرف مقصودها، ومن حقق المقصود منها عرف تناسب آيها وقصصها وجميع أجزائها ... فإن كل سورة لها مقصد واحد يدار عليه أولها وآخرها ويستدل عليه فيها؛ فترتب المقدمات الدالة عليه على أكمل وجه وأبدع منهج، وإذا كان فيها شيء يحتاج دليلاً استدل عليه. وهكذا في دليل الدليل وهلم جراً (1) وقال:" وتتوقف الإجادة فيه- أي علم المناسبة- على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها " (2)
ويقول البقاعي أيضا:" ومقصود كل سورة هاد إلى تناسبها (3)
النتائج: إذا أردنا أن نكشف عن وجوه المناسبات بين آي سورة لابد أن نتبع –في نظري –الطريقة التالية.
1 - البحث عن أسماء السورة الواردة في القرآن الكريم أوفي السنة النبوية أوعلى لسان السلف الصالح.
يقول البقاعي:" وقد ظهر لي: أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تظهرالمناسبات بينه وبين مسماه عنوانه الدال إجمالاعلى تفصيل مافيه " (4)
ويقول في كتابه مصاعد النظر: " إن من عرف المراد من اسم السورة عرف مقصودها، ومن حقق المقصود منها عرف تناسب آيها وقصصها وجميع أجزائها " (5)
2 - محاولة تفسيرهذه الأسماء والربط بينها وبين الجو العام للسورة. يقول الطاهربن عاشورمتحدثا عن تسمية سورة البقرة: " وكذلك قول خالد بن معدان إنها فسطاط القرآن والفسطاط ما يحيط بالمكان لإحاطتها بأحكام كثيرة " (6)
3 - جمع الآثار الواردة في فضائل السورة.
4 - الاستعانة ببعض سورالقرآن في الكشف عن بعض مقاصد السورة،
يقول الإمام الشاطبي: " وأول شاهد على هذا أصل الشريعة نفسها؛ فإنها جاءت مصححة لما أُفسد من ملة إبراهيم عليه السلام، ثم نزلت فيها سورة الأنعام مبيّنة لقواعد العقائد وأصول الدين من أول إثبات الربوبية إلى إثبات الإمامة. ثم لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان أول ما نزل سورة البقرة التي قررت قواعد التقوى المبنية على سورة الأنعام؛ فبيّنت العبادات والعادات والمعاملات والجنايات وحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فكان غيرها من السور المدنية المتأخرة عنها مبنياً عليها، كما كان غير سورة الأنعام من السور المكية مبنياً عليها، وإذا نظرت إلى سائر السور بعضها مع بعض في الترتيب وجدتها كذلك حذو القُذة بالقذة، فلا يغيبن عنك هذا المعنى فإنه من أسرارعلوم التفسير" (7)
5 - تحديد مقصود السورة:
يقول البقاعي:" ... ومقصود كل سورة هاد إلى تناسبها " (8)
وقال رحمه الله:" فعلم مناسبات القرآن: علم تعرف منه علل ترتيب أجزائه، وهو سرالبلاغة لأدائه إلى تحقيق مطابقة المقال لمقتضى الحال. وتتوقف الإجادة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها (9).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال: " فإن كل سورة لها مقصد واحد يدار عليه أولها وآخرها ويستدل عليه فيها؛ فترتب المقدمات الدالة عليه على أكمل وجه وأبدع منهج، وإذا كان فيها شيء يحتاج دليلاً استدل عليه. وهكذا في دليل الدليل وهلم جراً " (10)
6 - التعرف على روح شخصية السورة.
يقول سيد قطب: " ومن ثم يلحظ من يعيش في ظلال القرآن أن لكل سورة من سوره شخصية مميزة! شخصية لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس " (11)
7 - تحديد موضوع السورة أو موضوعاتها:
يقول سيد قطب:" ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص-المعايشة للجو الذي يظلل موضوع أو موضوعات السورة:
يقول سيد قطب:" و-لكل سورة- جو خاص يظلل موضوعاتها كلها ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة , تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو " (13)
9 - الإيقاع الصوتي للسورة القرآنية:
وذلك بالنظر في جملها من حيث الطول والقصر، وفي ألفاظها من حيث القوة والمتانة أو السهولة واللطافة، وفي مدودها من حيث الطول والقصر يقول سيد قطب:" ولها-أي السورة- إيقاع موسيقي خاص إذا تغير في ثنايا السياق فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة " ثم خلص إلى أن:"هذا طابع عام في سور القرآن جميعا. ولا يشذ عن هذه القاعدة طوال السور" (14)
10 - تحديد المحور الخاص الذي تدور في فلكه السورة بكاملها أو ما يسميه عبد الحميد الفراهي " عمود السورة "، وتحديد هذا المحورهو من أصعب الخطوات التي يواجهها الباحث، وقد أفصح عن ذلك عبد الحميد الفراهي حين قال:" اعلم أن تعيين عمود السورة هو إقليدٌ لمعرفة نظامها .. ولكنه أصعب المعارف، ويحتاج إلى شدة التأمل والتمحيص، وترداد النظر في مطالب السورة المتماثلة والمتجاورة، حتى يلوح العمود كفلق الصبح، فتضيء به السورة كلُّها، ويتبين نظامُها، وتأخذ كل آية محلها الخاص، ويتعين من التأويلات المحتملة أرجحها " (15)
11 - إلقاء الضوء على الملابسات التي نزلت أثنائها السورة القرآنية، وهنا يأتي دورالسيرة النبوية فالمتطلع لمعرفة مقاصد سورة الفتح عليه أن يعرف دقائق ما حدث في صلح الحديبية، وما بعدها
12 - تتبع المراحل التي نزلت خلالها السورة القرآنية، وذلك بتتبع أسباب نزول آياتها
13 - محاولة تقسيم السورة إلى مقدمة أو مقدمات وهو ما يطلق عليه اسم الديباجة، وإلى موضوع أو موضوعات تتناولها السورة بنظام لايتداخل فيه جزء مع جزء آخر، وإلى خاتمة تقابل ديباجة السورة. وهذا الرأي لعبد الله دراز (16) وقد سبقه الإمام الشاطبي إلى فكرة تقسيم السورة ولكن بشكل أدق فهو يرى أن كلام الباري يساق فمنه ماهو كالمقدمات والتمهيدات، ومنه ماهو كالمؤكد والمتمم، ومنه ماهو المقصود في الإنزال، ومنه ماهو كالخواتم العائدة على ما قبلها بالتأكيد والتثبيت (17).
14 - النظرة الكلية للسورة بحيث لا يشغلك جزء من أجزائها أو مقطع من مقاطعها – وقد يكون هذا الجزء مقدمة أو تمهيد للمقصد المطلوب -عن المقصد العام، وقد نبه الشاطبي رحمه الله على هذا حين قال: " فلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرّق النظرفي أجزائه فلا يتوصل به إلى مراده، فلا يصح الاقتصار في النظرعلى بعض أجزاء الكلام دون بعض إلا في موطن واحد؛ وهو النظر في فهم الظاهر بحسب اللسان العربي وما يقتضيه " (18)
15 - رد مقاطع السورة إلى مطالعها يقول ابن القيم في كتابه القيم " بدائع الفوائد " متحدثا عن سورة "الكافرون":وهو أن مقصود السورة براءته من دينهم ومعبودهم هذا هو لبها ومغزاها وجاء ذكر براءتهم من دينه ومعبوده بالقصد الثاني مكملا لبراءته ومحققا لها فلما كان المقصود براءته من دينهم بدأ به في أول السورة ثم جاء قوله لكم دينكم مطابقا لهذا المعنى أي لا أشارككم في دينكم ولا أوافقكم عليه بل هو دين تختصون أنتم به لا أشرككم فيه أبدا فطابق آخر السورة أولها فتأمله " (19)
(يُتْبَعُ)
(/)
16 - مراعاة مقتضى الحال فمواطن الخوف من الهلاك وحلول العذاب ليست كمواطن الأمن والاستقرارفنداءات نوح عليه السلام لابنه في مشهد الطوفان المهول وإذا بـ" فحال بينهما الموج " تختلف عن الأب الذي يجلس مع ولده جلسة إيمانية مطمئنة - كما توضحه سورة لقمان- وقد أُتِيَ هذا الأب حكمة وعلما، وأُتِيَ هذا الولد حسن اصغاء واستماع
17 - مراعاة الألفاظ االتي تتكرر في السورة فكثيرا ما تكون هادية إلى موضوع السورة، والذي بدوره يعين على التعرف على مقصودها يقول البقاعي رحمه الله:" وسورة مريم مقصودها شمول الرحمة ففُتحت بذكر الرحمة وخُتمت بأن كل من كان على نهج الخضوع لله يجعل له وُدّا ثم كُرِّر الوصف بالرحمن فيها تكريراً يلائم مقصودها " (20) - تلاوة السورة مرة بعد مرة وفي أزمنة مختلفة وفي أماكن مختلفة. مع تخصيص كل تلاوة لضابط من هذه الضوابط.
20 - أن يهيء الباحث نفسه للتلاوة مراعيا جميع الآداب الشرعية، وفي مقدمتها فتح قلبه للتلقي؛ فإن هذا القرآن بقدر ما تُفتحُ له القلوب يَفتح لها من كنوزه
وتحديد مقصود السورة يختلف فيه العلماء بحسب استحضارهم لهذه الوسائل وبحسب ما يفتح الله لهم من كنوز هذا القرآن خذ مثلا سورة البقرة، فالإمام الشاطبي يرى أنها سيقت لتقرير الأحكام (21)، وفي موضع آخرقال: إنها: " قررت قواعد التقوى المبنية على سورة الأنعام؛ فبيّنت العبادات، والعادات، والمعاملات، والجنايات، وحفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال " (22)
غيرأن البقاعي يرى أن سورة البقرة هي سورة هذا الكتاب وقد صرح بذلك في مواطن عدة من تفسير السورة فهو يقول: " ذكر سبحانه كفرهم بهذا الكتاب الذي مقصود السورة وصفه بالهدى (23) وفي ذلك رجوع إلى وصف الكتاب الذي هو مقصود السورةلأن هذه سورة الكتاب المدعو به الخلق " (25)
" ولما كان مقصود هذه السورة الإحاطة الكتابية كان ذلك إفصاحها ومعظم آياتها (26)
يقول الامام الطاهر بن عاشور بعد أن أظهر عجزه في البحث عن أغراض سورة البقرة بقوله:" هذه السورة مترامية أطرافها، وأساليبها ذات أفنان. قد جمعت من وشائج أغراض السور ما كان مصداقا لتلقيبها فسطاط القرآن. فلا تستطيع إحصاء محتوياتها بحسبان، وعلى الناظر أن يترقب تفاصيل منها فيما يأتي لنا من تفسيرها " ثم حاول بعد ذلك بقوله:" ولكن هذا لا يحجم بنا عن التعرض إلى لائحات منها ... ومعظم أغراضها ينقسم إلى قسمين: قسم يثبت سمو هذا الدين على ما سبقه وعلو هديه وأصول تطهيره النفوس، وقسم يبين شرائع هذا الدين لأتباعه وإصلاح مجتمعهم." (27)
ويرى سيد قطب أن السورة: " تضم عدة موضوعات. ولكن المحور الذي يجمعها كلها محور واحد مزدوج يترابط الخطان الرئيسيان فيه ترابطا شديدا. . فهي من ناحية تدور حول موقف بني إسرائيل من الدعوة الإسلامية في المدينة , واستقبالهم لها , ومواجهتهم لرسولها صلى الله عليه وسلم وللجماعة المسلمة الناشئة على أساسها. . . وسائر ما يتعلق بهذا الموقف بما فيه تلك العلاقة القوية بين اليهود والمنافقين من جهة , وبين اليهود والمشركين من جهة أخرى. . وهي من الناحية الأخرى تدور حول موقف الجماعة المسلمة في أول نشأتها ; وإعدادها لحمل أمانة الدعوة والخلافة في الأرض (28).
ويرى الفراهي أن: " سورة البقرة هي سورة الإيمان المطلوب؛ ولذلك جمعت دلائله " (29)، في حين يرى الشيخ محمد الغزالي أن سورة البقرة يحق أن تسمى سورة التقوى (30)
من الرازي كتاب الله فافهم **** ومنه النور خذ فالليل أظلم
ولكن لي كلام فيه فانظر **** أنحيا بالفؤاد و ما تضرم
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السورللإمام البقاعي (1/ 149 - 150) تحقيق: الدكتور عبد السميع محمد أحمد حسنين، نشرته دارالمعارف بالرياض سنة 1408هـ/1987م
(2) المرجع نفسه (1/ 142).
(3) نظم الدرر في تناسب الآي والسور لبرهان الدين البقاعي (1/ 18 - 19)، ط: لبنان
(4) المرجع نفسه (1/ 142).
(5) مصاعد النظر (1/ 149 - 150)
(6) التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور (1/ 118)
(7) الموافقات للإمام الشاطبي ص: 713 دار الكتاب الحديث ط1 - لبنان
(8) نظم الدرر (1/ 18 - 19)
(9) مصاعد النظر (1/ 142).
(10) المرجع نفسه (1/ 149 - 150)
(11) (12) (13) (14) في ظلال القرآن لسيد قطب (1/ 18) دار الشروق – القاهرة-
(15) دلائل النظام للشيخ عبد الحميد الفراهي ص: 77، طبع الكتاب طبعته الأولى، بعناية السيد بدر الدين الإصلاحي مدير الدائرة الحميدية (1388هـ- 1968م)
(16) النبأ العظيم: نظرات جديدة في القرآن للدكتورعبدالله دراز، دارالقلم الكويت الطبعةالسابعة) 1993م (
(17) الموافقات ص:717 - 718
(18) المرجع نفسه ص:717
(19) بدائع الفوائد للإمام ابن القيم (1/ 146)
(20) مصاعد النظر (1/ 150).
(21) الموافقات ص:717 - 718
(22) المرجع نفسه ص:713
(23) (24) (25) (26) نظم الدرر في مواضع متعددة من تفسيرسورة البقرة ونلاحظ أن البقاعي لايلتزم بمنهج محدد في ذكر مقصود السورة؛ فيذكره أحيانا في مقدمة السورة كما فعل في آل عمران وأحيانا في وسطها كما في سورة الزخرف، وأحيانا أخرى في وسطها وآخرها كما في سورة البقرة
(27) التحرير والتنوير (1/ 118 - 119)
(28) في ظلال القرآن (1/ 16)
(29) دلائل النظام ص: 93
(30) نحو تفسير موضوعي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[22 Aug 2006, 02:40 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه،
أما بعد:
أولا: العلاقة بين الأسماء والمعاني:
قال ابن القيم: " فلما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالةً عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلّق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذ?لك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المسميات، وللمسميات تأثّر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه.
…ولما كان بين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة، ما بين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكاد يخطىء، وضدّ هذا العبور من الاسم إلى مسماه " (1)
ثانيا: اشتقاق الاسم ومدلوله عند الإمام البقاعي.
جرت عادة العلماء أن يتكلموا عن " الاسم "، ومن أين اشتقاقه، والمسألة خلافية وقديمة بين أهل البصرة و الكوفة، وملخص ذلك ماذكره القرطبي في تفسيره حيث قال: " اختلفوا في اشتقاق الاسم على وجهين؛ فقال البصريون: هو مشتق من السُّمُوّ وهو العلوّ والرفعة، فقيل: اسم لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به. وقيل: لأن الاسم يسمو بالمسمّى فيرفعه عن غيره. وقيل: إنما سُمِّيَ الاسم اسما لأنه علا بقوّته على قسمي الكلام: الحرف والفعل؛ والاسم أقوى منهما بالإجماع لأنه الأصل؛ فلِعلُوّه عليهما سمى اسماً؛ فهذه ثلاثة أقوال. وقال الكوفيون: إنه مشتق من السِّمَة وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وضع له؛ فأصل اسم على هذا «وسم».والأوّل أصح؛ لأنه يقال في التصغير سمي وفي الجمع أسماء؛ والجمع والتصغير يردّان الأشياء إلى أصولها؛ فلا يقال: وسيم ولا أوسام " (2)
ولكن الإمام البقاعي أدرك أن المذهبين ليس بينهماتعارض بل هما يخدمان المقصود الذي يهدف إليه-والذي هومقصود السور، فنقل عن الأستاذ الحرالي – كما كان يحل له ان يلقبه-رأيا ثالثا يجمع بينهما فقال في تفسير قوله تعالى: " وعلم آدم الاسمآء كلها " الأسماء: وهو جمع اسم وهو ما يجمع اشتقاقين من السمة والسمو؛ فهو بالنظر إلى اللفظ وسم وبالنظر إلى الحظ من ذات الشيء سمو، وذلك السمو هو مدلول الاسم الذي هو الوسم الذي ترادفه التسمية- قاله الحرالي" (3)، ويضيف ناقلا عن الإمام أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي في كتابه الزينة ليثبت هذا المعنى فيقول: ويقال إن الاسم مأخوذ من السمو وهو العلو والرفعة، وإنما جعل الاسم تنويهاً بالدلالة على معنى الاسم لأن المعنى تحت الاسم - هذا قول النحويين؛ والسمة تدل على صاحبها، لأنهما حرفان سين وميم، فالسين من السناء والميم من المجد وهو لب الشيء، فكأنه سمى اسماً لأنه يضيء لك عن لب الشيء ويترجم عن مكنونه، وليس شيء إلا وقد وسمه الله بسمة تدل على ما فيه من الجوهر؛ فاحتوت الأسماء على جميع العلم بالأشياء، فعلمها الله آدم وأبرز فضيلته على الملائكة عليهم السلام " (4)
ثالثا: العارف بالأسماء وبحقائقها ومدلولاتها هوالعالم بحق:
وتعلم الأسماء ومعرفة مدلولاتها هو العلم الحقيقي عند الإمام البقاعي، وهو الذي خص الله عز وجل به آدم دون سائر المخلوقات " وعلم آدم الأسماء كلها " بينما خصت الملائكة بالإنباء " فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَؤُلاءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ "، وهناتظهر براعة الإمام الحرالي الذي ينقل عنه الإمام البقاعي هذا المعنى النفيس بقوله في كتابه أصول الفقه:" وهو عند آدم علم وعند الملائكة، ومن لا يعلم حقيقة الاسم المعروض توقيف ونبأ. " (5)
رابعا: ليس في مقدور كل أحد أن يسمي:
اطلاق الأسماء ليس بالأمر السهل ولا الهين ولذلك يقول الإمام البقاعي رحمه الله: " وكما أنه ليس لكل أحد مُنّة أن يصف فكذلك ليس لكل أحد منة أن يسمي " (6)
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذلك كانت تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض السور بأسماء مختلفة هو من باب العلم الذي علمه الله كما علم أباه-آدم عليه السلام- " وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً " [النساء: 113]
خامسا: تعدد الأسماء دال على شرف المسمى:
قال الامام البقاعي: " أنَّ الاسم دال على المسمى، وأن تعدد أسماء الشيء دال على شرفه " (7)
سادسا: أسماء السور هل هو توقيفي أواجتهادي.
والمسألة أيضا قديمة، وقد ذكر العلماء في هذه المسألة قولين.
القول الأول: أنها توقيفية وهو رأي الطبري، والزركشي، والسيوطي، والكثير من أهل العلم
يقول الطبري:" لسور القرآن أسماء سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم". (8)
ويقول الإمام الزركشي:" ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني؛ فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها، وهو بعيد " (9)
وقال السيوطي: "وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار" (10)
القول الثاني:وهو رأي عمر، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم
وتسميتهم لسورة الحشر بسورة النضير ولسورة التوبة بأسماء تفوق العشرة وقد نقل الإمام السيوطي في الاتقان كلامهم (11)، أما الامام البقاعي فإنه لم يفصح عن مذهبه في المسألة مع أهميتها في اكتشاف مقصد السورة ومن ثم اكتشاف وجوه المناسبات بين آيها.
سابعا: نموذج (أسماء سورة البقرة)
1 - البقرة: وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة. وهو أشهر أسمائها
2 - الزهراء:
عن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ:" اقْرَأُوا الْقُرْآنَ. فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ. اقْرَأُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ. فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ. أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ. َوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ. تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَأُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ. فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ. وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ. وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ".قَالَ مُعَاوِيةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ. (12)
قال الإمام القرطبي: للعلماء في تسمية «البقرة وآل عمران» بالَّزهرَاوَيْن ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما النّيِّرتان، مأخوذ من الزّهْر والزُّهْرَةِ؛ فإمّا لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما، أي من معانيهما. وإما لِما يترتب على قراءتهما من النور التامّ يوم القيامة، وهو القول الثاني.
الثالث: سُمّيتا بذلك لأنهما ?شركتا فيما تضمنه ?سم الله الأعظم، كما ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اسِمَ الله الأعظم في هاتين الآيتين "وَإِلَـ?هُكُمْ إِلَـ?هٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـ?هَ إِلاَّ هُوَ ?لرَّحْمَـ?نُ ?لرَّحِيمُ" والتي في آل عمران " ?للَّهُ لا? إِلَـ?هَ إِلاَّ هُوَ ?لْحَيُّ ?لْقَيُّومُ" أخرجه ابن ماجه " (13)
3 - سنام القرآن
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لكل شيء سناماً وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام. " (14)
-عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً، واستخرجت " ?للَّهُ لا إِلَـ?هَ إِلاَّ هُوَ ?لْحَىُّ ?لْقَيُّومُ " [آل عمران:2] من تحت العرش فوصلت بها ـ أو فوصلت بسورة البقرة ـ ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفرله، واقرؤوها على موتاكم " (15)
- روى الترمذي من حديث حكيم بن جبير وفيه ضعف عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل شيءٍ سنام وإن سنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي. " (16)
- عنْ عبدِاللَّهِ بن مسعود:" أنَّهُ قالَ: إنَّ لكلّ شيءٍ سَناماً، وإنَّ سنامَ القرآنِ سورةُ البقرةِ، وإنَّ لكلّ شيءٍ لُباباً، وإنَّ لبابَ القرآنَ المفصَّلُ. " (17)
قال ابن منظور: " سنام كل شيء أَعلاه؛ وفي شعر حسَّان:
(يُتْبَعُ)
(/)
وإِن سَنامَ المَجْدِ من آلِ هاشِمٍ ... بَنُو بِنتِ مَخْزومٍ ووالدُك العَبْدُ
أَي: أَعلى المجد؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
* قَضى القُضاة أَنها سَنامُها * فسَّره فقال معناه خِيارُها لأَن السَّنام خِيارُ ما في البعير سَنَّم الشيءَ رَفَعَه " (18)
4 - ذروة القرآن:
- حديث معقل بن يسار سبق ذكره: " البقرة سنام القرآن وذروته ... " (19)
5 - فسطاط القرآن:
- رواه الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " السورة التي تذ كر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها؛ فإن تعلمها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة " (20)
- روى الدارمي عَنْ خالدِ بنِ معدانَ قالَ:"سورةُ البقرةِ تعليمُهَا بركَةٌ وتركُهَا حسرةٌ، وَلاَ يستطيعُهَا البَطَلَةُ وهِيَ فُسطاطُ القرآنِ" (21)
الفُسْطاط هو بالضم والكسر: المدينة التي فيها مُجْتَمَع الناس. وكل مدينة فُسْطاط. وقال الزمخشري: هو ضَرْب من الابنْيِةَ في السَّفر دون السُّرادِق وبه سُمِّيت المدينه. ويقال لمِصْروالبَصْرة: الفُسْطاط " (22)
6 - سيد ة سورالقرآن:
-عن علي مرفوعا: " سيدُ البشر آدمُ وسيد العربِ محمدٌ ولا فخرٌ وسيدُ الفُرس سلمانُ وسيدُ الرومِ صُهيبٌ وسيدُ الحبشةِ بلالٌ وسيد الجبال الطورُ وسيدُ الأيام يومُ الجمعة وسيدُ القرآنِ سورةُ البقرة وسيدُ البقرةِ آيةُ الكرسي ". (23)
فهل استطاع الإمام البقاعي أن يستفيد من هذه الأسماء ليستخرج المقصود من سورة البقرة؟
نجد الإمام البقاعي يعدد أسماء سورة البقرة فيقول: " سورة البقرة: وتسمى: السنام، والذروة، والزهراء، والفسطاط " (24)
وأما في كتابه التطبيقي- نظم الدرر-، فهو لا يسردها كما فعل في مصاعد النظر، بل يذكر ها كلما احتاج إليها في اكتشاف المناسبة؛ فلا نراه يتعرض لتسميتها ب" البقرة " و" الزهراء " مع أن الأحاديث الواردة بذلك صحيحة، ولم يتعرض لاسم الزهراء إلا حينما تعرض لتفسير سورة آل عمران،والتي المقصود منها التوحيد حيث قال، وهي تشارك البقرة في هذا الاسم حيث قال:" والتوحيد موجب لزهرة المتحلي به فلذلك سميت الزهراء " (25).
وقد تعرض لأسمائها الأخر في تفسير قوله تعالى: " مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .... إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (26)
ناقلا عن الاستاذ الحرالي قوله: " وذلك لأن هذه السورة هي فسطاط القرآن الجامعة لجميع ما تفصّل فيه؛ وهي سنام القرآن، وسنام الشيء أعلاه؛ وهي سيدة سور القرآن؛ ففيها لذلك جوامع ينتظم بعضها ببعض أثر تفاصيله خلالها في سنامية معانيها وسيادة خطابها. " (27)
وهو يرى رحمه الله أن سر تسميتها بـ" الفسطاط، والسنام "لكونها تضمنت:" خطابَ إجمال يناسب مورد السورة التي موضوعها إجمالات ما يتفسر فيها وفي سائر القرآن من حيث إنها فسطاطه وسنامه " (26)
ويعلن في آخر السورة عن ذلك النظام الذي تميزت به السورة، ومطابقة اسم " السنام " لهذا النظام الموزع بقوله: " وسر ترتيب سورة السنام على هذا النظام أنه لما افتتحها سبحانه وتعالى بتصنيف الناس الذين هم للدين كالقوائم الحاملة لذي السنام فاستوى وقام ابتداء المقصود بذكر أقرب السنام إلى أفهام أهل القيام فقال مخاطباً لجميع الأصناف التي قدمها " يا أيها الناس اعبدوا ربكم " [البقرة: 21] واستمر إلى أن بان الأمر غاية البيان فأخذ يذكر مننه سبحانه على الناس ... ، فلما تزكوا فترقوا فتأهلوا لأنواع المعارف قال معلياً لهم من مصاعد الربوبية إلى معارج الإلهية " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو " [البقرة: 163]، فلما تسنموا هذا الشرف لقنهم العبادات المزكية .... فحث على أشياء أكثرها من وادي الإحسان الذي هو مقام أولي العرفان." (27)
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي آخر تفسيره لسورة البقرة بين معنى كونها السنام بقوله: " فلذلك كانت سورة البقرة سناماً له والسنام أعلى ما في الحيوان المنكب وأجمله جملة وهو البعير، وكانت سورة آل عمران تاج القرآن والتاج هو أعلى ما في المخلوقات من الخلق القائم المستخلف في الأرض ظاهره وفي جميع المكون إحاطته؛ فوقع انتظام هاتين السورتين على نحو من انتظام الآي .... وكانت منزلة سورة آل عمران منزله تاج الراكب وكان منزله سورة البقرة منزلة سنام المطية؛ قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران " (28)
بعض الملحوظات:
1 - هناك تقصير واضح من الإمام البقاعي في محاولة الربط بين أسماء السورة ومقصودها،و سبب ذلك والله أعلم راجع إلى أن نظريته التي اكتشفها في علا قة الاسم بمقصود السورة لم تكتمل، ولم تظهر معالمها إلا بعد أن وصل إلى سورة سبأ، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه نظم الدرر قائلا: " وقد ظهر لي باستعمالي لهذه القاعدة بعد وصولي إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائي في عمل هذا الكتاب أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تظهر المناسبة بينه وبين مسماة عنوانه الدالّ إجمالاً على تفصيل ما فيه؛ وذلك هو الذي أنبأ به آدم - عليه الصلاة والسلام - عند العرض على الملائكة عليهم الصلاة والسلام ومقصود كل سورة هادٍ إلى تناسبها، فأذكر المقصود من كل سورة وأطبق بينه وبين اسمها (29)
2 - روايته لبعض الأحاديث التي سبق وأن ذكرناها ولكن مع شيء من الادراج في ألفاظها والسبب ذلك نقله عن الامام الحرالي دون التحقيق في ألفاظ الأحاديث فقد ذكر حديث سهل بن سعد بهذا اللفظ: "
قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران " وإنما بدىء هذا الترتيب لسورة الكتاب لأن علم الكتاب أقرب إلى المخاطبين من تلقي علن أمر الله، فكان في تعلم سورة البقرة والعمل بها تهيؤ لتلقي ما تضمنته سورة آل عمران ليقع التدرج والتدرب." (30)
وليس في روايات الحديث " لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران.
3 - نجد الإمام البقاعي لا يعدد أسماء السورة في تفسيره كما يعددها في كتابه مصاعد النظرفهو يعددها في كتابه الأخيربقوله-مثلا-: " سورة" براءة ": " واسمها أيضًا التوبة، والفاضحة، والبحوث، والمبعثرة, والمثيرة، والحافرة، والمخزية، و المشردة، والمرشدة والمنكلة، والمدمدمة، وسورة البعوث، وسورة العذاب، والمقشقشة " (31)
لكنه لم يذكر في تفسيره من هذه الاسماء إلا البعض منها
ــــــــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (2/ 323 - 324).ط:الأولى (1419هـ،1998م) بيروت، لبنان.
(2) الجامع لأحكام القرآن الكريم لأبي عبد الله القرطبي (4/ 5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(3) نظم الدررللإمام البقاعي (1/ 34)
(4) المرجع نفسه (1/ 35)
(5)) المرجع نفسه (1/ 34)
(6) المرجع نفسه (1/ 36)، قال صاحب القاموس (ص: 1235: المُنَّةُ بالضم: القوة)
(7) مصاعد النظر (1/ 98)
(8) تفسير الطبري (1/ 100)
(9) البرهان في علوم القرآن (1/ 270)
(10) الاتقان في علوم القرآ ن (1/ 115)
(11) المرجع نفسه (1/ 117 - 123)
(12) رواه مسلم الحديث رقم (804) وابن حبان (1/ 35) والحاكم في مستدركه (1/ 752) والطبراني في معجمه الأوسط (1/ 150) وأحمد (5/ 249) الطبراني في معجمه الكبير (8/ 118).
(13) تفسير القرطبي (4/ 5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(14) رواه ابن حبان في صحيحه (1/ 188)
(15) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(16) سنن الترمذي الحديث رقم (2878)
(17) رواه الدارمي رقم الحديث (3372)
(18) لسان العرب (12/ 306) النهاية في غريب الحديث لابن الاثير (2/ 409)
(19) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(20) في مسند الفردوس ص:55
(21) سنن الدارمي رقم الحديث (3371)
(22) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/ 445) لسان العرب (7/ 372).
(23) مفاتيح الغيب للرازي (2/ 56)
(24) مصاعد النظر (2/ 48)
(25) نظم الدرر (2/ 2)
(26) نظم الدرر (1/ 139)
(27) نظم (1/ 274)
(28) المرجع نفسه (1/ 274)
(29) نظم الدرر (1/ 19)
(30) نظم الدرر (2/ 2)
(31) مصاعد النظر (2/ 151)
ملحوظة: النسخة المحال عليها لكتاب نظم الدرر هي نسخة مكتبة المشكاة.
من كلام الإمام عبد القادر الجيلاني: " كن صحيح الباطن تكن فصيح الظاهر"
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[23 Aug 2006, 06:06 م]ـ
جزاكم الله خيرًا على هذا المقتحم الصعب الذي اقتحمتموه ... وإنه لجدير بالاقتحام، إذ الهجوم على تفسير السورة قبل إدراك مقصدها ومحورها مظنة الخطأ والتقصير!!
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[25 Aug 2006, 12:07 ص]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه، وأما بعد:
السلام عليكم الأخ الفاضل: مهند شيخ يوسف، وجزاك الله خيرالجزاء، نحن في الجزائرنعاني من هذا الذي وصفت، بل إن بعضهم لا يحسن مبادئ علوم الآلة، ثم يلج مواطن تعجز عن ولوجها الإبر، وقد قلت يوما في أمثال هؤلاء:
يفسر الكتاب بالتخمين ... مع القصور في علوم الدين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[08 Oct 2006, 05:41 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه، أما بعد:
فقد وقع سقط من الحلقة الأولى
18 - مداومة النظر في علوم اللغة العربية
19 - تلاوة السورة مرة بعد مرة وفي أزمنة مختلفة وفي أماكن مختلفة. مع تخصيص كل تلاوة لضابط من هذه الضوابط.
ويمكن أن نضيف هنا نكتة ذكرها العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية في كتابه بدائع الفوائد (وحقيق بكل من يتصدى لعلوم القرآن أن يجعل هذا الكتاب أنيسه ورفيقه فكم فتح به من مُقفَل، وأوضح فيه من مُشكِل.)
21 - وهو تأثير فواتح السور في موضوعها ومقصودها حتى ولوكانت هذه الفواتح حروفا
يقول ابن القيم وهو يبين هذا التأثير من خلال ثلاث سور افتتحت بالحروف.
" فائدة في سر اشتمال الم على هذه الحروف الثلاثة
تأمل سراً: (ا لم) كيف اشتملت على هذه الحروف الثلاثة فالألف إذا بدأ بها أولاً كانت همزة، وهي أول المخارج من أقصى الصدر واللام من وسط مخارج الحروف، وهي أشد الحروف اعتماداً على اللسان والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم. وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف، أعني الحلق واللسان والشفتين. وترتيب في التنزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية. فهذه الحروف معتمد المخارج الثلاثة التي تتفرع منها ستة عشر مخرجاً، فيصير منها تسعة وعشرون حرفاً عليها مدار كلام الأمم الأولين والآخرين مع تضمنها سراً عجيباً. وهو أن للألف البداية واللام التوسط والميم النهاية، فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما. وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه، فمشتملة على تخليق العالم وغايته وعلى التوسط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر. فتامل ذلك في البقرة وآل عمران وتنزيل السجدة وسورة الروم ". ثم قال يرحمه الله: ". وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة. كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف، فمن ذلك ق والسورة مبنية على الكلمات القافية من ذكر القرآن وذكر الخلق وتكرير القول ومراجعته مراراً والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين قول العبد وذكر الرقيب وذكر السائق والقرين والإلقاء في جهنم والتقديم بالوعيد وذكر المتقين وذكر القلب والقرون والتنقيب في البلاد وذكر القيل مرتين وتشقق الأرض وإلقاء الرواسي فيها وبسوق النخل والرزق وذكر القوم وحقوق الوعيد. ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة وسر آخر وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح.". ثم أكد ذلك بمثال آخر فقال: " وإذا أردت زيادة إيضاح هذا فتأمل ما اشتملت عليه سورة ص من الخصومات المتعددة، فأولها خصومة الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم وقولهم: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إلى آخر كلامهم، ثم اختصام الخصمين عند داود، ثم تخاصم أهل النار، ثم اختصم الملأ الأعلى في العلم وهو الدرجات والكفارات، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لأدم، ثم خصامه ثانياً في شأن بنيه وحلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم. فليتأمل اللبيب الفطن هل يليق بهده السورة غير ص وبسورة ق غير حرفها. وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف والله أعلم. " بدائع الفوائد (2/ 143 - 144)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 Oct 2008, 04:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[عصام العويد]ــــــــ[05 Oct 2008, 03:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته:
الأخ الكريم والشيخ الفاضل صادق الرافعي زاده الله علما وعملا،،
أشكرك على هذا الطرح المتقن، ولي عناية قديمة بعلم مقاصد السور، وأتمنى لو تمت المدارسة بيني وبينك في هذا الفن الذي مع أهميته قلّ من يتعرض له، ولعلي أشارك معك بما يناسب وعنوان اطروحتك، وهو:
كيف يمكن أن نستخرج مقصود السورة؟
وهذا يمكن بإحدى ثلاثة وسائل:
1 – أن ينص العلماء من السلف وأهل التحقيق على أن مقصود السورة كذا وكذا.
وهذا مع أنه نقل لكن لصعوبة هذا العلم ودقته ولتعلقه بالكلام على الله عز وجل في أعظم كتبه كانت هذه الطريقة هي أولاها وأسلمها، وكلامهم في هذا ليس بالقليل لمن تتبعه، ولا يعني هذا التسليم لما ذكروه، لكن الوقوف على أقوالهم في هذه المسألة له أهمية بالغة، للفرق الكبير بين علمهم وعلمنا بكتاب ربنا سبحانه.
والأمثلة على هذا كثيرة كما نصوا على أن سورة النحل نزلت في النعم، وسورة الليل في السخاء والبخل، وسورة القلم في الخلق وغيرها كثير، وقد طرحتها في هذا الملتقى في موضوع سابق.
2 – أن يكون موضوع السورة ظاهراً من اسمها، أو من مطلعها أو بهما معاً.
مثال ذلك: سورة القيامة: فمن اسمها ومن مطلعها مقصود السورة هو الكلام عن يوم القيامة، وسورة النساء في الضعفاء، وسورة الزخرف في حقارة الدنيا، وهكذا.
3 – الاستقراء والتتبع:
ويكون بالتأمل في آيات السورة وموضوعاتها، والكلمات التي يكثر دورانها فيها، والاستقراء يكون نافعاً عند الأصوليين إذا كان كاملاً أو أغلبياً، أما الاستقراء الجزئي فلا عبرة به.
ومثال ذلك: سورة الأنبياء: هي في الذكر الذي نزل على جميع الأنبياء ولم يختص بأحد منهم وقد تكررت كلمة الذكر فيها كثيرا، وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن ذلك سورة الماعون: فهي في أخلاق الكافرين فجاءت لتأمر بمكارم الأخلاق الواجبة على المؤمنين، وأن من انتقص شيئاً منها فقد ترك شيئاً من واجبات الدين، وأن من اتصف بالصفات التي نهت عنها، فقد اتصف بصفات الذين يكذبون بيوم الدين، وهكذا.
والله أعلم،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هبة المنان]ــــــــ[05 Oct 2008, 05:14 م]ـ
وفقكما الله ورزقكما السداد، ونفعنا بعلمكما ....
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[17 Oct 2008, 10:36 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم عنا خير الجزاء وزادكم علماً وفهماً بكتابه العزيز
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[22 Oct 2008, 11:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ويركاته:
الأخ الكريم والشيخ الفاضل صادق الرافعي زاده الله علما وعملا،،
أشكرك على هذا الطرح المتقن، ولي عناية قديمة بعلم مقاصد السور، وأتمنى لو تمت المدارسة بيني وبينك في هذا الفن الذي مع أهميته قلّ من يتعرض له، ولعلي أشارك معك بما يناسب وعنوان اطروحتك، وهو:
كيف يمكن أن نستخرج مقصود السورة؟
و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
بارك الله في الدكتور عصام و جزاه الله خيرا
و لعلك أخي الكريم لديك حساسية من استعمال لفظ " الكشف"؛ لكونها جارية على ألسنة الصوفية، و أقول لك أخي الكريم
* لست من قيس و لا قيس مِنِي*
و تعاملنا مع بعض المصطلحات ينبغي أن يصحبه الإنصاف و قد أعجبني كلام لابن القيم أنقله للفائدة.
قال رحمه الله:" وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس:
إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها غاية الإنكار وأساءوا الظن بهم مطلقا وهذا عدوان وإسراف فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها
والطائفة الثانية: حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها فسحبوا عليها ذيل المحاسن وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها واستظهروا بها في سلوكهم
وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون
والطائفة الثالثة وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذي حق حقه وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد."
فالكشف منه صحيح و منه فاسد؛ و رحم الله ابن القيم الذي يقول:" الكشف الصحيح أن يعرف الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه معاينة لقلبه ويجرد إرادة القلب له فيدور معه وجودا وعدما هذا هو التحقيق الصحيح وما خالفه فغرور قبيح."
ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Oct 2008, 02:41 ص]ـ
الأخ الكريم والشيخ الفاضل علال بوربيق حفظه المولى
الفائدة التي ذكرتها قيمة جدا زادك الله من فضله،
لكن الذي دار في ذهنك لم يمرر بذهني ولا مجرد خيال عابر،
وهل تراني حبيبي أتحاشي قراءة هذه الكلمة إذا مرت عليّ في القرآن؟! (: (مداعبة)
ما ذكرته في مداخلتي السابقة هو جزء من بحث قديم كتبته في هذا الموضوع
لم أرَ داعٍ لتغيير صياغته فكلاهما يدلان على المراد.
سلمك الله وسددك ونفع بك،،
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[24 Oct 2008, 12:36 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
الأخ الكريم والشيخ الفاضل علال بوربيق حفظه المولى
الفائدة التي ذكرتها قيمة جدا زادك الله من فضله،
بارك الله فيك ورزقك الله علما و أعانك على العمل به.
لكن الذي دار في ذهنك لم يمرر بذهني ولا مجرد خيال عابر،
وهل تراني حبيبي أتحاشي قراءة هذه الكلمة إذا مرت عليّ في القرآن؟! (: (مداعبة)
أخي الكريم لقد ظننت الأمر كذلك فاعذرني.
ما ذكرته في مداخلتي السابقة هو جزء من بحث قديم كتبته في هذا الموضوع
لم أرَ داعٍ لتغيير صياغته فكلاهما يدلان على المراد.
سلمك الله وسددك ونفع بك،،
أفدنا به سلمت يمينك.
ـ[المرابط]ــــــــ[28 Oct 2008, 01:11 ص]ـ
بارك الله في الشيخين على هذه النقول الممتعة و الآداب الرفيعة.
رفع الله قدرهما و زادهما من فضله
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[29 Oct 2008, 10:41 ص]ـ
اود ان تحدد اولا مفهوم مصطلح: مقاصد السور.
اود ان يكون الاستعمال دقيقا في انتقاء المفردة التي تناسب البحث في الدراسات القرانية اعني كلمة (مقاصد) ودلالة الجمع عموما.
فهناك في كتب علوم القران ومنها البرهان في علوم القران لبدر الدين الزركشي والاتقان في علوم القران لجلال الدين السيوطي ... الكثير من مفاتيح العلم في الدراسات القرانية بدا من المصطلح الى القواعد وصولا الى التمثيل والشواهد التي تعزز فكرة البحث ... نريد من الباحث ان ينطلق بفكرة بحثه من اماة الكتب ومن مظانها العلمية.
هناك مصطلح الوحدة الموضوعية.
ارجو الانتباه الى ذلك.(/)
هل مخطوط الرد على الجبرية القدرية فيما تعلقوا به من متشابه القرآن حقق أم لا
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[31 Jul 2006, 08:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبعد
هل ممكن الإفادة عن مخطوط الردالجبرية القدرية فيما تعلقوا به من متشابه آي القرآن
للقاضي أبي عمر أحمد بن محمد بن أحمد حفص الجلال حقق أم لا
وفقكم الله(/)
إلى الشيخين: مساعد الطيار وعبد الرحمن الشهري بخصوص مقاصد السور وعلم المناسبات
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[01 Aug 2006, 10:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتوجه بالشكر لله ثم لكل من ساعدني في التسجيل في منتداكم الخير، وأسأل الله أن يجعل مساعدتكم لي في ميزان حسناتكم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
ثم أتوجه إلى الشيخين الفاضلين باستفسار حول علم مقاصد السور وعلم المناسبات بين الآيات وما إليه من تعانق أوائل السور مع خواتمها وغيرها.
وسبب الاستفسار ما وجدته عند أحد طلبة العلم من تنويه بهدا العلم وتمثيله له بالصلاة وارتباطها بالرزق في كتاب الله.في سور طه، آل عمران في موضعين:قصة مريم مع زكريا وبشرى الملائكة له وهو يصلي، آية الصلاة الوسطى في سورة البقرة كونها أتت بين آيات تتكلم عن مسائل النفقة، قصة شعيب مع قومه في سورة هود، في سورة ابراهيم في دعائه: ربنا ليقيموا الصلاة ..... وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. وغيرها مما لا أتدكره الآن.
سؤالي للشيخين الكريمين:
ما هي ضوابط علم المناسبات ومقاصد السور.
ما هي المراجع القديمة غير تأليف البقاعي رحمه الله، والمراجع الحديثة في الباب.
ها هناك مواضيع في المنتدى تناولت هدا العلم. أو تطبيقات له على آي القرآن الكريم
أن يوجهوا لي ولإخواني طلبة العلم نصيحة عامة بخصوص الموضوع.
أستسمحكم على صياغة السؤال،التي قد تكون سيئة للعجلة.
أسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم ويسدد على درب الخير خطاكم.وأن يوفقكم إلى الخير.
بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إبنكم وأخوكم
أبو معاوية كمال الجزائري عفا الله عنه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله أخي الكريم كمال في الملتقى، ونسأل الله لكم النفع والتوفيق والسداد.
الموضوعات التي سألتم عنها موضوعات طويلة، وقد سبق طرح بعض المشاركات حولها، وسأحيلكم إلى بعضها، ولعلكم تبحثون عن طريق خاصية البحث في الملتقى عن المزيد من المشاركات.
- علم المناسبات في القرآن الكريم، عبدالرحمن الشهري ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=884) .
- " مقاصد السور وطرق الكشف عنها " صادق الرافعي. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6141)
- الكتب المؤلفة في مقاصد السور؟! عمر المقبل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2842).
- العلامة ابن باديس يبدع في علم المناسبة، علال بوربيق ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5538) .
وفقكم الله لكل خير.
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[02 Aug 2006, 09:50 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الكريم وجزاكم الله عني كل خير على التجاوب والتوجيه.
بقي لي سؤال بخصوص ما دكرته من ارتباط الصلاة بالرزق في آي الكتاب الكريم.
هل توجيه الشيخ الكريم والأمثلة التي دكرها صحيحة.
ارجو الإفادة وبارك الله فيكم وفي علمكم وفي عمركم التي تخصصون كثيرا منه في سبيل إرشادنا وتوجيهنا وتعليمنا.
إبنكم: كمال الجزائري عفا الله عنه
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[02 Aug 2006, 10:55 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
أما بعد:أخي الكريم كمال الجزائري زادك الله علما، ينبغي أن نفرق في هذا الباب بين التفسير الموضوعي - بنوعيه - وبين علم المناسبة؛ فما ذكره الشيخ من اقتران الصلاة بالرزق هي لفتة طيبة، ولمسة بيانية رائعة، ولكن ليس كل ما كان من هذا الباب هو من علم المناسبة، وفيما ذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري - من موضوعات - خير كثير، يوضح بجلاء دقائق هذا العلم وطرق الكشف عنه في سور القرآن، وكنوز القرآن لاتفن، وعجائبه لا تنقض فافتح له قلبك يفتح لك من كنوزه.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
ـ[العامر]ــــــــ[03 Aug 2006, 02:54 م]ـ
افضل من رأيته يهتم بالمناسبات بين الايات هو محمد الطاهر بن عاشورفي كتابه ((التحرير والتنوير))
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[06 Aug 2006, 10:07 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا وزادكم من فضله أخي الحبيب
شكرا على التوجيه الطيب ...
ومادا عن كتابات الشيخ فاضل السمرائي في موقعه لمسات بيانية هل تنصحون بها.(/)
الحاجة إلى تفسير القرآن
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:26 ص]ـ
إن مشروعية التساؤل عن مدى حاجتنا للتفسير تنطلق من كوننا نجد بعض الآيات القرآنية تشير إشارة واضحة إلى أن القرآن الكريم واضح الأهداف، بين الغايات، لا من قبيل الطلاسم والمعميات، فهو الوضوح، والنور والهدى. ولكننا عندما نلقي نظرة عما خلفه لنا الرهط المؤمن من علماء الأمة في مجال التفسير نذهل لعظمة هذا التراث. فما السر إذن في تعاطي المسلمين لهذا العلم الشريف رغم أن القرآن يصرح بأنه واضح ليس بعده بيان، وميسر ليس بعده يسر، يقول تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} سورة القمر، الآية 17.
ويمكننا أن نحدد الأسباب التي جعلت من التفسير ضرورة ملحة لفهم القرآن الكريم الذي هو مناط العلوم الشرعية في أربع نقط أساسية:
1 - تدبر القرآن وفهمه واجب شرعي على كل مسلم ومسلمة، ونتبين ذلك من قوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وليتذكر أولو الألباب}.
وقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.
وقوله عز وجل: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر}.
2 - كان الدين واضحا في ذهن المسلمين، وبسبب عوامل سياسية معروفة لدينا نشأت فرق مبتدعة من شيعة وخوارج ومرجئة وقدرية وجبرية وغيرها مما جعلها تتجرأ على القرآن وتستمد منه شرعيتها. كما أن الدخلاء على الإسلام من أصحاب الثقافات المشرقية أو اليونانية كانوا وراء التفسير المغرض والتأويل الفاسد لآي الذكر الحكيم. وفي ذلك يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرق والاختلاف صار أهل التفرق، والإختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر، والإيمان بالرسول وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه. فلهذا نجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى، إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها بشروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها".
كل ذلك جعل علماء الأمة الغيورين يتصدون لهذه التيارات المناوئة وذلك بتفسيرهم للقرآن الكريم تفسيرا يكشف في وضوح كليات العقيدة الإسلامية ويبين للناس طريق الهدى وسبل الرشاد.
3 - إن الحياة دائمة التطور في كافة المجالات، علميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، مما يحتم علينا الرجوع إلى القرآن الكريم نتلمس فيه القول الفصل في هذه الأمور التي استجدت.
وفضلا عن ذلك فإن القرآن الكريم قد ضمنه الله سبحانه وتعالى علوم الدين والدنيا "وما يتصل بهما من المعارف ما تتفاوت في إدراكه عقول الناس وما لا يزال الزمن والبحث يكشف عن درره وجواهره، ويبين غرائبه وعجائبه {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} سورة فصلت: الآية 53 ..
4 - تفشي اللحن وانتشار العامية بالبعد عن الفصحى، جعل من التفسير ضرورة ملحة لفهم القرآن الكريم الذي هو منهاج المسلم في حياته. فلا يمكن أن يتبعه ويحكمه في حياته مالم يتفهمه وما لم يتضح في ذهنه. وبعد ذلك تأتي عملية التدبر المفضية إلى العمل والإتباع.
وللإمام السيوطي قول في هذا المعنى يبين فيه أسباب احتياج المسلمين إلى التفسير، يقول رحمه الله:"وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: أعلم أن من المعلوم أن الله إنما خاطب خلقه بما يفهمونه. ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه. أنزل كتابه على لغتهم، وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي أن كل من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أ- كمال فضيلة المصنف. فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز، فربما عسر فهم مراده فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية، ومنهنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له.
ب- إغفاله بعض تتمات المسألة أو شروط لها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج لبيان المحذوف ومراتبه.
ح- احتمال اللفظ لمعان كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام. فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه، وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أوحذف المبهم وغير ذلك، فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك.
إذا تقرر هذا نقول: إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأكثر كسؤالهم لما نزل قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}. قالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟ ففسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشرك، واستدل عليه بقوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} ... وغير ذلك مما سألوا عن آحاد منه. ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه وزيادة على ذلك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد الناس احتياجا إلى التفسير".
من كل ما سبق يتبين لنا أن تفسير القرآن الكريم ضرورة يفرضها الأمر بالتدبر والتذكر والإعتبار ومعرفة شرع الله كمنطلق أساسي لتحكيمه في واقعنا كما يفرضه جهلنا بعلوم اللغة وعلوم القرآن، وأخيرا تفرضه ظروف المواجهة والتحدي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 09:15 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا معاذ على هذه اللفتة حول سبب الحاجة إلى تفسير القرآن الكريم.
وأذكر أنني قرأت كلاماً ذكره الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله في كتابه (توجيه النظر) 1/ 86، وقد راجعته وها هو أنقله لكم بنصه لما فيه من الفائدة:
قال رحمه الله:
وها هنا بحث، وهو من المعلوم البيّن أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه، وأنزل كتاب كل قوم على لغتهم.
وإنما احتيج إلى التفسير لما سنذكره بعد تقرير قاعدةٍ، وهي أنَّ كل من وضع من البشر كتاباً، فإنما وضعه ليُفهم بذاته من غير شرح، وإنما احتيج إلى الشرح لأمور ثلاثة:
أحدها: كمال فضيلة المصنف، فإنه بجودة ذهنه وحسن عبارته، يتكلم على معان دقيقة، بكلام وجيز يراه كافياً في الدلالة على المطلوب، وغيره ليس في مرتبته، فربما عسر عليه فهم بعضها أو تعذر، فيحتاج إلى زيادة بسط في العبارة لتظهر تلك المعاني الخفية، ومن هنا شرح بعض العلماء تصنيفه.
وثانيها: حذف بعض مقدمات الأقيسة، اعتماداً على وضوحها، أو لأنها من علم آخر، وكذلك إهمال ترتيب بعض الأقيسة، وإغفال علل بعض القضايا، فيحتاج الشارح أن يذكر المقدمات المهملات، ويبين ما يمكن بيانه في ذلك العلم، وينبه على الغَنيَّةِ عن البيان، ويرشد إلى أماكن ما لا يتبين بذلك الموضع من المقدمات، ويرتب القياسات، ويعطي علل ما لا يعطي المصنف علله.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعان تأويلية، كما هو الغالب على كثير من اللغات، أو لطافة المعنى عن أن يعبر عنه بلفظ يوضحه، أو للألفاظ المجازية واستعمال الدلالة الالتزامية، فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه. وقد يقع في بعض التصانيف ما لا يخلو البشر عنه من السهو والغلط والحذف لبعض المهمات وتكرار الشيء بعينه لغير ضرورة إلى غير ذلك مما يقع في الكتب المصنفة، فيحتاج الشارح أن ينبه على ذلك.
وإذا تقررت هذه القاعدة نقول: إن القرآن العظيم إنما أنزل باللسان العربي في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر، وجودة التأمل والتدبر، مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر، ودعا لحبر الأمة فقال: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل).
ولم ينقل إلينا عن الصدر الأول تفسير القرآن وتأويله بجملته، فنحن نحتاج إلى ما نوا يحتاجون إليه، زيادة على ما لم يكونوا يحتاجون إليه من أحكام الظواهر، لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم، فنحن أشد احتياجاً إلى التفسير.
ومعلوم أن تفسيره يكون من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة، وكشف معانيها، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض لبلاغته، وحسن معانيه، وهذا لا يستغني عن قانون عام يعول في تفسيره عليه، ويرجع في تأويله إليه، ومسبار تام يميز ذلك، وتتضح به المسالك، وقد أودعناه كتابنا المسمى (نُغَبُ الطائرِ من البحر الزاخر)، وأردفناه هنالك بالكلام على الحروف الواقعة مفردة في أوائل السور، اكتفاء بالمهم عن الإطناب لمن كان صحيح النظر).
توجيه النظر للجزائري 1/ 85 - 87، بعناية الشيخ عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[22 Nov 2009, 10:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم اهتمامكم.
نسأل الله تعالى التوفيق و السداد.
جزاكم الله خيرا.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Nov 2009, 01:26 م]ـ
قال الحق تبارك وتعالى
( ... وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة النحل من الآية (44)
إن في القرآن الكريم الكثير من الأوامر والأحكام المبهمة التي تحتاج إلى بيان وإن كانت وردت في ألفاظ واضحة المعنى، ولهذا كانت السنة ضرورة لبيان كتاب الله تعالى وهذا البيان هو نوع من التفسير الذي يحتاجه كل أحد في زمن التنزيل وبعده.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الله تعالى أمر بإقام الصلاة، والصلاة تحتاج إلى بيان فقال:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة البقرة (110)
وأمر بإقامتها في أوقات تحتاج أيضا إلى بيان:
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) سورة هود (114)
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) سورة الأسراء (78)
وكذلك أمر بإيتاء الزكاة فما هي الزكاة؟
هل هي الحق المشار إليه في قوله تعالى:
(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) سورة الذاريات (19)
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) سورة المعارج (25)
ثم ما هي الأموال التي فيها الحق؟
وما هو الحق المعلوم؟
ثم من هو السائل و من هو المحروم؟
وهل يدخلون في الأصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالى:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة (60)
وهل الصدقات المذكورة في الآية هي الحق المعلوم أم غيره؟
والأصناف الثمانية كل واحد منهم يحتاج إلى بيان.
وأمر الله تعالى بالحج وإن كان الحج معروفا للمخاطبين إلا إن تفصيلاته كانت بحاجة إلى بيان وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "لتأخذوا عني مناسككم" وهذا لا شك أنه كان تفسيراً للقرآن وكان تدوينه ضرورة كتدوين القرآن.
ولو ذهبنا نذكر الأمثلة لطال بنا المقال ولكن أقول:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القرآن قولاً وعملاً وتم حفظ هذا التفسير النبوي الشريف ولولاه لما وجد أهل التفسير ما يسطرونه في تفاسيرهم.
إن القول إن السلف لم يكونوا يحتاجون إلى تفسير قول يفتقر إلى الدقة.
وليس بين القول إن القرآن يحتاج إلى التفسير وبين ما جاء فيه من آيات تشير إلى أنه واضح وبين وميسر للفهم تعارض.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[26 Nov 2009, 11:57 ص]ـ
الإخوة الأفاضل جزاكم الله خيرا على هذه العطاءات المتميزة وبارك فيكم ونفع بكم.
يقول تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9
فالله تكفل بحفظ القرآن الكريم، ومن الحفظ: البيان الذي جاء على مستويات متعددة نذكر منها:
القرآن الكريم جاء بيانا للناس {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} آل عمران138،
وتكفل الله ببيانه لرسوله {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} القيامة19
و أمر رسوله أن يبينه للناس { ... وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل 44
وشجع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم على تأويله
ثم أمر الله الناس بتدبره لأنه كتاب مبارك لا يتقادم ولا ينتهي وهو صالح لكل زمان ومكان.
وبما أن العلماء ورثة الأنبياء فعلى عاتقهم:
البيان والتفسير والتأويل. وهذا الفعل لا ينقطع فهو متجدد مع تجدد الأجيال، وهذا ما نراه جليا في تراثنا العظيم الذي خلفه علماؤنا الأجلاء عبر تاريخنا المجيد وما يقدمه علماؤنا المعاصرون في ركب مبارك متسلسل إلى ما شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[26 Nov 2009, 12:53 م]ـ
وليس بين القول إن القرآن يحتاج إلى التفسير وبين ما جاء فيه من آيات تشير إلى أنه واضح وبين وميسر للفهم تعارض.
.
رعاك الله أخي الحبيب حجازي الهوى، وصدقت فليس ثمة تعارض البته.
واسمح لي أخي الفاضل في مداخلتي البسيطة بالتدقيق في عنوان مشاركتك الكريمة، فلا أوافقك في حاجة القرآن إلى بيان، خاصة وأن معظم ما درت حوله من أمثلة أوردته في باب المجمل وكأنك بهذا تقصد رديفه المبين، والحقيقة أن لا إجمال في القرآن، فقد قبض الله إليه المبين له، وانقطع الوحي، بعد التأكيد على إكمال الدين، وأنه ما فُرط فيه من شيئ، وقد وعى المصطفين من خيار الأمة الملازمين للمبلغ الكريم، كل ما يزيل مواطن الإبهام، ويبين مفصلا الإجمال، وتلقفوه بقوة باثين له باقتدار، وهكذا تلامذتهم، ومن استشرب منهجهم واقتدى بسمتهم، واتقن منهجهم، وامتلك أدواتهم، وما يذكره العلماء من تقسيمات في جانب تحليل وفقه الخطاب القرآني والشرعي عموما، بغرض التعليم وبناء المنهج، وعليه فإن المحتاج إلى البيان هو نحن، وذلك لأسباب كثيرة، منها غياب المنهج، وافتقاد الأدوات الضرورية، وتنحية المقاصد، وإغفال مراعاة البيئة وقضايا المعاصرة .. الخ.
وعليه فما يتوهم أنه محتاج إلى بيان في نصوص القرآن، هو في حقيقة الأمر يحتاج إلى إعمال المنهجية السليمة بتفعيل أدوات فقه الخطاب الشرعي، التي يوفرها بحضور قوي علم أصول الفقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Nov 2009, 06:55 م]ـ
الأخ الفاضل محمد بن عمر الضرير
سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته
وأقول:
حياك الله وحيا أهل اليمن؛ أهل الإيمان والحكمة.
أخي الكريم أنا لم أعقب على شيخنا الفاضل أحمد بزوي الضاوي ولم أعترض على كلامه فما قاله حق وصواب، وإنما هو كتب فيما يجيب على التسأل الذي طرحه.
وكتبتُ من أجل أولئك الذين يريدون أن يكتفوا بفهمهم للقرآن دون الرجوع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان شيخنا الفاضل الدكتور أحمد قد أشار إلى المعنى الذي أرمي إليه في الفقرة الثانية من مقاله.
أما ما ذكرت من أن المبين قد قبض فأقول نعم ولكن البيان لا يزال باقيا وهذا ما أردت قوله.
وأظن أننا نتفق في الغاية وإن اختلفت العبارة.
وفقك الله.
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[28 Nov 2009, 07:01 م]ـ
قال الحق تبارك وتعالى
( ... وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة النحل من الآية (44)
.
ما راي الاخوة اني اقرأ في هذه الاية ضد ما يقرأونه وهو انهم يقراون فيها ان القرءان يحتاج الى البيان، واني اقرأ في الاية ان القرءان هو ذاته البيان، وان الرسول انزل اليه القرءان ليبين للناس بهذا القرءان وليس ليبين القرءان للناس، وهو فرق شاسع اشد منه بين السماء والارض، فايهما يصح ياترى؟ الراي الذي اراه ام الراي الاخر؟
ولي عودة
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[28 Nov 2009, 10:19 م]ـ
القرآن بيان للناس، وهو آيات بينات، وأنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليبينه للناس.
فكل رسول أرسله الله بلسان قومه ليبين لهم، لأن خبر السماء يحتاج إلى إنسان مدعم بالوحي تكلأه عين الله في كل حركاته وسكناته، لأنه النموذج الحي لتطبيق هذا الوحي.
وهذا البيان يتجلى في قول الرسول وفعله و تقريراته ليبين القرآن للناس في حياة الناس، حتى قيل عنه صلى الله عليه وآله وسلم: كان خلقه القرآن.
وما الكم الهائل من السنة النبوية الشريفة والغير مسبوق في تاريخ البشرية إلا من هذا البيان.
إذا زدنا على ذلك صيرورة التاريخ وتعاقب الأجيال مع استحداث النوازل المتعددة التي تحتاج إلى تشريع، وهذا هو الذي يؤكد ضرورة استمرار البيان، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق العلماء في كل زمان ومكان.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Nov 2009, 12:58 ص]ـ
ما راي الاخوة اني اقرأ في هذه الاية ضد ما يقرأونه وهو انهم يقراون فيها ان القرءان يحتاج الى البيان، واني اقرأ في الاية ان القرءان هو ذاته البيان، وان الرسول انزل اليه القرءان ليبين للناس بهذا القرءان وليس ليبين القرءان للناس، وهو فرق شاسع اشد منه بين السماء والارض، فايهما يصح ياترى؟ الراي الذي اراه ام الراي الاخر؟
ولي عودة
إذا أخرجت القرآن من عموم " ما نزل إليهم" فكلامك صحيح.
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[29 Nov 2009, 07:20 ص]ـ
إذا أخرجت القرآن من عموم " ما نزل إليهم" فكلامك صحيح.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {43} بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44}
ما رايك اني اقرأ الاية هكذا:
انزلنا اليك القرءان لتبين للناس؛ وهم اهل الذكر السابقين الذين سبق ان لديهم ذكر وهو؛ التوراة والانجيل (البينات والزبر)، لتبين لهم الذي اختلفوا فيه بالقرءان،وهذا ايضا مصداق وكذا يعضده قول الله:
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64
وبذا يبطل عمل الاية 44 في ان البيان هو في" بيان الرسول للكتاب " بل ان: " البيان هو للقرءان الذي يبين للناس "،
اي ان الكتاب هو من يبين للناس وليس الرسول هو من يبين الكتاب
اي ان " ما نزل اليهم " مخصوص وهو البينات والزبر، وان الكتاب مخصوص بالقرءان وان الناس مخصوص باهل الكتاب السابقين!
هذا ماتحمله الايات ولاتحمل اي عموم بل هي محددة تماما،
هكذا هو توجه الايات كما ارى، فماذا ترى؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Nov 2009, 11:55 ص]ـ
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {43} بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44}
ما رايك اني اقرأ الاية هكذا:
انزلنا اليك القرءان لتبين للناس؛ وهم اهل الذكر السابقين الذين سبق ان لديهم ذكر وهو؛ التوراة والانجيل (البينات والزبر)، لتبين لهم الذي اختلفوا فيه بالقرءان،وهذا ايضا مصداق وكذا يعضده قول الله:
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64
وبذا يبطل عمل الاية 44 في ان البيان هو في" بيان الرسول للكتاب " بل ان: " البيان هو للقرءان الذي يبين للناس "،
اي ان الكتاب هو من يبين للناس وليس الرسول هو من يبين الكتاب
اي ان " ما نزل اليهم " مخصوص وهو البينات والزبر، وان الكتاب مخصوص بالقرءان وان الناس مخصوص باهل الكتاب السابقين!
هذا ماتحمله الايات ولاتحمل اي عموم بل هي محددة تماما،
هكذا هو توجه الايات كما ارى، فماذا ترى؟]
ولماذا أخرجت المعنيين مباشرة بهذا القرآن وهم المشركون من عموم الناس؟
ألم تر أن الآية تخاطب كفار قريش في قوله: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"؟
ولماذا أخرجت مشركي مكة من عموم قوله تعالى:"لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ "؟
أخانا الكريم:
خلاصة القول:
القول إن القرآن الكريم واضح وبين لا ينافي القول إن فيه أمورا تحتاج إلى بيان وتفصيل وهذا هو ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)) سورة القيامة
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[29 Nov 2009, 02:06 م]ـ
]
ولماذا أخرجت المعنيين مباشرة بهذا القرآن وهم المشركون من عموم الناس؟
ألم تر أن الآية تخاطب كفار قريش في قوله: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"؟
ولماذا أخرجت مشركي مكة من عموم قوله تعالى:"لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ "؟
أخانا الكريم:
خلاصة القول:
القول إن القرآن الكريم واضح وبين لا ينافي القول إن فيه أمورا تحتاج إلى بيان وتفصيل وهذا هو ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)) سورة القيامة
تقول:
ولماذا أخرجت المعنيين مباشرة بهذا القرآن وهم المشركون من عموم الناس؟
ألم تر أن الآية تخاطب كفار قريش في قوله: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"؟
ولماذا أخرجت مشركي مكة من عموم قوله تعالى:"لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ "؟
لم اخرجهم، وليكونوا ضمن المخاطبين على الرغم من الايات تتناول تعامل القرءان مع الكتب السابقة له، وهذا لن يغير في الموضوع شيئا، وليس في الايات السابقة ما يشير ان الرسول يبين القرءان وهذا مقصدنا من الحوار،
فانت استشهدت بالاية على انها دليل على ان الرسول يبين القرءان، وانا اعارضك في حدود؛ ان الايات السابقة محل الاستشهاد لا تدل على ان الرسول يبين القرءان، الا مابعد ان تبتر الاية 44 من النحل وهذا هو عين الذي فعلته انت، واذا ينبغي اعادة النظر وينبغي عدم بتر الاية وتشويهها،
تقول:
خلاصة القول:
القول إن القرآن الكريم واضح وبين لا ينافي القول إن فيه أمورا تحتاج إلى بيان وتفصيل وهذا هو ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم تقدم دليلا لخلاصة هذا القول، وارجو ان تقدم،
الايات:
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19}
لاتقدم دليلا على ان الرسول يبين القرءان وانما يتحدث الله بها عن نفسه على انه؛ عليه جمعه وقرءانه، وعليه بيانه ام هل انا مخطيء،
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Nov 2009, 05:20 م]ـ
عليه بيانه
من خلال رسوله صلى الله عليه وسلم
فهو المبين لما أنزل الله في كتابه بأقواله وأفعاله
والمسألة أوضح من أن يطالب بالدليل عليها
وما ما ذكرته أنت حول آيات سورة النحل فيحتاج منك إلى تدقيق
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[30 Nov 2009, 01:13 ص]ـ
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ، بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل43 - 44
يمكن أن نلخص الآيات كالآتي:
من لا علم له من مشركي قريش بالكتب السماوية أن الوحي كلف به رجال من البشر فليسألوا أهل الكتب السماوية السابقة يؤكدوا لهم ذلك. و القرآن أنزله الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليبين للناس ما نزل إليهم. وفي ذلك مجال للتفكير والاستنتاج.
وجملة: لتبين للناس ما نزل إليهم
لتبين للناس الذي نزل إليهم = لتبين للناس القرآن
خلاف لتبين للناس بالذي نزل إليهم = لتبين للناس بالقرآن وهو غير مذكور في الآية.
و الناس الذين أرسل لهم الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هم كافة الناس
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سبأ 28
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[30 Nov 2009, 03:26 م]ـ
[ size=5]
لتبين للناس الذي نزل إليهم = لتبين للناس القرآن
خلاف لتبين للناس بالذي نزل إليهم = لتبين للناس بالقرآن وهو غير مذكور في الآية.
size]
ارى انه لا يصح ان يرسل الكلام ارسالا بغير سند،
كيف اطمئننت انت كي اطمئن انا الى ان:
لتبين للناس الذي نزل إليهم = لتبين للناس القرآن
؟؟؟؟؟؟
او كيف يمكن ان يكون هذا حقيقة؟؟
او بصيغة اخرى اين الدليل؟؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Nov 2009, 06:03 م]ـ
الأخ الفاضل أمجد
يقول الله تبارك تعالى:
"لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "
فما هو الذي "نُزِّلَ إِلَيْهِمْ "؟
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[30 Nov 2009, 07:15 م]ـ
الأخ الفاضل أمجد الراوي
يقول تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف2
فعربية القرآن تحتم علينا أن نفهم العبارة كالتالي: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.
ما: اسم موصول وهو بمعنى الذي، أي الذي نزل إليهم
يقول الله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} الأنعام114
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[01 Dec 2009, 09:48 ص]ـ
الأخ الفاضل أمجد
يقول الله تبارك تعالى:
"لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "
فما هو الذي "نُزِّلَ إِلَيْهِمْ "؟
الاخوين الفاضلين:
الاخ عبد الكريم عزيز
والاخ حجازي الهوى
ها قد عدت بنا الى البتر الذي يؤدي الى تشويه القرءان، هذا لايصح، ارجو ان تقرأ الاية كاملة، بل والعودة الى الاية التي قبلها، والى مجمل موضوع السورة، لتحديد من المشار اليهم بالناس ومن الذين نزل اليهم وما الذي نزل الاولى والتي تعود الى " وانزلنا اليك "، والثانية " ما نزل اليهم " والتي تعود الى الناس، فالذي انزل الى الرسول غير الذي انزل الى الناس، أي هنالك انزالان وليس واحد، وما الذي نزل الى الرسول وايهما الاول، وايهما الاخر وما الذي يبين الاخر، وكيف سيبين الاخر (القرءان) الذي قبله؟ كل هذه عوامل تتضافر في استجلاء الاية، واستجلاء الى اين تتجه " تبين "، وماذا سوف يبين الرسول للناس هو مذكور في ضمن الايات البينات، - ولاينبغي ان نضع نحن من عندنا أي افتراض - وسيدلنا الذي يريد ان يبينه الرسول للناس على وسيلة هذا البيان وموضوعه،، ستجد ان المشار اليهم بالناس هم اهل الذكر الذين اُنزل اليهم البينات والزبر، والذي انزل الاولى هو مانزل قبل القرءان، والذي سوف يبينه الرسول محمد بالقرءان، وكل هذا تتضمنه الايات الكريمات التاليات:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل43}
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ {62} تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63}
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64
النتيجة:
هنالك في الاية:
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
وانزلنا اليك الذكر وهي تعود الى القرءان،
مانزل اليهم وهي تعود الى البينات والزبر وهي ماقبل القرءان،
فالرسول يبين مانزل الى الناس وليس يبين ما نزل اليه هو،
والرسول يبين الذي اختلفوا فيه الناس وليس يبن الذي اختلف فيه اهل القرءان او يبين البيان الذي نزل اليه، كما ان اهل القرءان لم يختلفوا فيه ليبين لهم،
هاقد قدمت القراءة (الاستنباط ومن ثم الشرح) والدليل على ما ذهبتُ اليه انا،
وانتظر منكما القراءة والدليل على ماذهبتَما اليه،
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[01 Dec 2009, 10:07 ص]ـ
استغرب من الاستاذ طارح الموضوع الاستاذ؛ احمد بزوي الضاوي عدم مشاركته في الحوار والاكتفاء بطرح الموضوع، نرجو ان يبين رايه بالموافقة او الرفض!!!!!
ولذلك ساعيد طرح السؤال الاول بصورة مباشرة الى الاستاذ وانتظر منه الرد المباشر؛
ما راي الاخوة اني اقرأ في هذه الاية ضد ما يقرأونه وهو انهم يقراون فيها ان القرءان يحتاج الى البيان، واني اقرأ في الاية ان القرءان هو ذاته البيان، وان الرسول انزل اليه القرءان ليبين للناس بهذا القرءان وليس ليبين القرءان للناس، وهو فرق شاسع اشد منه بين السماء والارض، فايهما يصح ياترى؟ الراي الذي اراه ام الراي الاخر؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Dec 2009, 11:19 ص]ـ
الاخوين الفاضلين:
الاخ عبد الكريم عزيز
والاخ حجازي الهوى
ها قد عدت بنا الى البتر الذي يؤدي الى تشويه القرءان، هذا لايصح، ارجو ان تقرأ الاية كاملة، بل والعودة الى الاية التي قبلها، والى مجمل موضوع السورة، لتحديد من المشار اليهم بالناس ومن الذين نزل اليهم وما الذي نزل الاولى والتي تعود الى " وانزلنا اليك "، والثانية " ما نزل اليهم " والتي تعود الى الناس،
الأخ الفاضل أمجد
نحن لا نبتر ولا نغفل السياق، فكل ما ذكرت منا على بال.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل43}
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
سياق الآيات يرد على كفار قريش في استغرابهم أن يبعث الله رسولا من البشر فقال:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ ........ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ}
وقوله تعالى:"فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" بمثابة الجملة الاعتراضية
وقوله تعالى:
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
أي كما أرسلنا من قبلك رجالا وأنزلنا عليهم البينات والزبر أرسلناك وأنزلنا عليك الذكر " القرآن والسنة التي هي الوحي الثاني"، لتبين للناس" المشركين وأهل الكتاب" ما نزل إليهم" في التوراة والإنجيل والقرآن" من أخبار وأوامر ونواهي.
فالآيات يدخل في عمومها ما ذكرت وما ذكرنا وتخصيصها بما ذكرت أنت لا يصح، لأن من الثابت من خلال نصوص القرآن والسنة أن النبي صلى الله عليه وسلم مبين لتفصيلات أحكام القرآن.
وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ {62} تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63}
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64
هذه الآيات الشريفة التي أوردتَها المخاطب بها كفار قريش فهم الذين يجعلون لله ما يكرهون" البنات" وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى" الجنة".
ثم بين الله تعالى أن لهم سلف من الأمم السابقة ثم قال تعالى:
(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ) القرآن (إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ) لكفار قريش وغيرهم (الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ) من صفات الله تعالى ومن البعث والأحكام.
وعليه لا يصح تخصيصك الآيات بقولك:
النتيجة:
هنالك في الاية:
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
وانزلنا اليك الذكر وهي تعود الى القرءان،
مانزل اليهم وهي تعود الى البينات والزبر وهي ماقبل القرءان،
فالرسول يبين مانزل الى الناس وليس يبين ما نزل اليه هو،
والرسول يبين الذي اختلفوا فيه الناس وليس يبن الذي اختلف فيه اهل القرءان او يبين البيان الذي نزل اليه، كما ان اهل القرءان لم يختلفوا فيه ليبين لهم،
وفق الله الجميع لما فيه الخير
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Dec 2009, 11:30 ص]ـ
http://www.way2jannah.com/vb/showthread.php?t=4100
تجدون على هذا الرابط بحث حول الموضوع
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Dec 2009, 11:34 ص]ـ
استغرب من الاستاذ طارح الموضوع الاستاذ؛ احمد بزوي الضاوي عدم مشاركته في الحوار والاكتفاء بطرح الموضوع، نرجو ان يبين رايه بالموافقة او الرفض!!!!!
الأخ أمجد
الدكتور أحمد حفظه الله تعالى وبارك في علمه دوره هو:
تحريك المياه الراكدة
أوقل:
تحريك السكر
أو قل:
تحريك العقول
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[01 Dec 2009, 12:40 م]ـ
الأخ أمجد
الدكتور أحمد حفظه الله تعالى وبارك في علمه دوره هو:
تحريك المياه الراكدة
أوقل:
تحريك السكر
أو قل:
تحريك العقول
صحيح ماتفضلت به اخي الكريم،
ولكن لاتزال هنالك اسئلة كثيرة نريد اثارتها واجوبة نريدها كما اننا نريد المزيد من الطرح والاسئلة، ولانريد لعجلة الحوار التوقف والا اصابها الركود ومن ثم الخلل المفضي الى الفساد، ولكي نحرك عقولنا المتواضعة فان هذا لايتاتى الا بمزيد من الاخذ والرد، ام ترى غير ذلك!؟،
لذلك ارجو وانتظر من الاستاذ احمد حفظه الله مزيدا من التفاعل معنا، وان لايحرمنا من سابق علمه وفضله، فنحن بحاجة ماسة الى هذا التفاعل، وانا ارى – ولا ادري بالنسبة للاخرين – ان المسالة قيد المناقشة مسالة مفصلية وليست هامشية، لذلك ارجو ايلائها مزيدا من الاهتمام،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 08:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
" سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "
سورة البقرة، جزء من الآية 2 3
الإخوة الأفاضل السادة الأساتذة: أبو سعد الغامدي، و عبدالكريم عزيز، و محمد الضرير،
وأمجد الراوي ـ حفظهم الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أعتذر لكم عن عدم المبادرة إلى المشاركة في هذا الحوار العلمي المتميز لظروف صحية طارئة من جهة، ولاستمتاعي بردود الفعل التي خلفها هذا المقال الذي ما كنت أظن أن موضوعه سيثير كل هذه القضايا.
كما أنني أحاول ما أمكن أن أتجنب ردود الأفعال، لأنها من حيث فقه المآلات غير مأمونة العواقب، فتضيع الحقيقة التي نحرص على بلوغها
" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
سورة البقرة، جزء من الآية 111.
فنحن عشاق حقيقة، و ديننا يطلب منا التزامها حيث كانت.
كما أننا لسنا أوصياء على الدين، ولا نخش عليه شيئا فقد تكفل الله تعالى بحفظه:
" إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون "
سورة الحجر، الآية15.
و إنما الخشية علينا نحن معشر المسلمين أن نعمل ما عملته الأمم السابقة فيحل بنا ما حل بهم:
" و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "
سورة محمد، جزء من الآية8 2
إن انتكاستنا اليوم ليست قدرنا الوحيد، و إنما هي دورة الحضارة
" و تلك الأيام نداولها بين الناس"
سورة آل عمران، جزء من الآية 140
و نحن متأكدون أن النصر و التمكين للإسلام والمسلمين فوعد الله تعالى صادق و لا يتخلف:
" و أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين "
سورة الأعراف، جزء من الآية8 12.
و فضلا عن هذا و ذاك فإن كل المعارف البشرية هي معارف نسبية، و أن الحقيقة المطلقة هي الحقيقة الربانية:
" و ما أو تيتم من العلم إلا قليلا "
سورة الإسراء، جزء من الآية 5 8
" وفوق كل ذي علم عليم "
سورة يوسف، جزء من الآية7.
أحببت أن أضع هذه المقدمة كخارطة طريق لنا في حواراتنا.
بعد ذلك أحب أن أنبه إلى الأمور التالية:
ألم يبين الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ القرآن لأصحابه؟.
هل كان الصحابة متساوون في فهم القرآن الكريم؟.
ألا يدل اختلافنا حول المعنى المستفاد من الآية الكريمة على أننا في حاجة إلى التفسير؟.
هل الناس على درجة واحدة من الذكاء و العلم، و التجربة، و الخبرة؟.
أليس المعنى طبقات بعضها فوق بعض، و كل متلق يدرك منها حسب ما يملك من علم و تجربة و خبرة؟.
أسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
شروط المفسر
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:33 ص]ـ
إن كثيرا من الدارسين المحدثين قد أقحموا في دراساتهم كتبا، هي أبعد ما تكون عن التفاسير، وقاموا بدراسة مباحث رجال هم أبعد ما يكونون عن المفسرين، فارتأيت أن أقوم بدارسة شروط وآداب المفسر حتى تكون نبراسا في اختيار التفاسير التي يعول عليه الإنسان في استنباط مراد الله تعالى من القرآن الكريم.
لقيام أي بحث علمي لابد من توفر شروط نظرية نتطلبها في الباحث الذي يريد خوض غمار الكشف عن الحقيقة وتجليتها. وهذه الشروط التي نشترطها فيه هي ذات بعدين:
البعد الذاتي:
ونعني به الأخلاق والقيم الروحية التي ينبغي أن تتوفر في الباحث، لتؤهله لتحمل أمانة الكشف عن الحقيقة وتجليتها لمن يجهلها من البشر. وقد عبر سلفنا الصالح عما ذهبنا إليه بآداب العالم أو سمت العلماء.
البعد المعرفي:
وهو يتمثل في جملة العلوم المساعدة والضرورية للكشف عن الحقيقة، والتي بدونها تذهب الجهود هدرا ودون جدوى، لأنها لم تتهيأ لها الأسباب الكفيلة بإيصالنا إلى الكشف الحقيقة التي نطمح إلى تجليتها وبيانها. وقد اصطلح العلماء على تسمية هذا البعد المعرفي بشروط العالم. وبالنسبة لمبحث تفسير القرآن الكريم فإن علماء الأمة قد وضعوا أيدينا على جملة آداب وشروط ينبغي توافرها في المفسر حتى يوفر لنفسه الأسباب الموصلة إلى الحقيقة.
شروط المفسر:
إذا تتبعنا الشروط التي اشترط العلماء توفرها في المفسر- والتي اجتهد الإمام السيوطي-رحمه الله- وصاحب كتاب "المباني" في جمعها لنا- لا نجدها تخرج عن هذه الشروط:
1 - اللغة: لأن بها يعرف شرح المفردات ومدلولاتها بحسب السياق.
2 - النحو: لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب. فلا بد من اعتباره.
3 - التصريف: فيه تعرف الأبنية والصيغ.
4 - الإشتقاق: لأن الإسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما.
5 - علوم البلاغة: وهي علوم المعاني والبيان والبديع، لأن المفسر يعرف بالأول خواص تركيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وبالثالث وجوه تحسين الكلام. وهذه العلوم هي أعظم الشروط التي ينبغي توفرها في المفسر، ذلك أنه مطالب بمراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وإنما يدرك بهذه العلوم.
والملاحظ أن النصوص الأدبية الرفيعة لا تدرك إلا بالذوق وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة وغيرهما يكون من أهل الذوق، وممن يصلح لانتقاد تلكم النصوص. وإنما أهل الذوق هم الذين يشتغلون بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر، وصارت لهم بذلك دراية وملكة تامة فهؤلاء يمكن الاعتماد عليهم في انتقاد النصوص وتمييزها.
6 علم القراءات وبه نعرف كيفية النطق بالقرآن، وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض.
7 - أصول الدين: بما في القرآن الكريم من الآيات الدالة بظاهرها على ما يجوز على الله تعالى، فالأصولي يؤول ذلك، ويستدل على ما يستحيل، وما يجب وما يجوز.
8 - أصول الفقه: فيه يعرف وجه الإستدلال على الأحكام والإستنباط.
9 - أسباب النزول والقصص: فبسبب النزول يمكننا معرفة الظروف والملابسات التي واكبت نزول الآية. وبالقصص يمكننا الوقوف على بعض أبعاد ما أجمل في القصص القرآني.
10 - الناسخ والمنسوخ: ليعلم محكم آي الذكر الحكيم من غيره.
11 - الفقه: حتى تفسر آيات الأحكام تفسيرا صحيحا لا يحيد بها عن جادة الحق والصواب.
12 - الإلمام بالأحاديث النبوية الشريفة المبينة والمفسرة لما أجمل وأبهم من آي الذكر الحكيم.
13 - علم الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم. وإليه يشير الحديث النبوي (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم).
أما بالنسبة للمفسر المعاصر فيتعين إضافة ثلاثة شروط أخرى، وهي:
1 - الإلمام التام بعلوم العصر وذلك حتى يمكن أن يعطي للقرآن بعده الحضاري الصحيح فيتحقق مفهوم شمولية وعالمية الدين الإسلامي.
2 - المعرفة بالفكر الفلسفي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، السائد والمهيمن على الساحة، وذلك حتى يستطيع دحض كل الشبهات المحاكة حول الدين الإسلامي، وإبراز حقيقة القرآن الكريم وموقفه من كل قضايا العصر، وذلك مساهمة منه في نشر الوعي بحقيقة الإسلام وريادته الفكرية والحضارية.
3 - الوعي بمشكلات العصر وأزماته. والمعرفة بها ضرورية لإبراز موقف الإسلام منها وسبل تفاديها وكيفية معالجتها، ولصاحب " كتاب المباني " إشارة لطيفة لهذه النقطة، حيث يقول: " والثالثة أن يكون عالما بأبواب السر من الإخلاص والتوكل والتفويض والأذكار الباطنة التي افترضها الله تعالى، وبالإلهام والوسوسة وما يصلح الأعمال وما يفسدها، وبآفات الدنيا ومعايب النفس، وسبل التوقي من فسادهما ليتأتى له تفسير الآيات المنتظمة لهذه المعاني ".
والمتتبع للشروط المعرفية التي اشترطها علماؤنا ـ من أهل السنة ـ يتضح له أن هذه الشروط وإن كانت كلها معرفية فإنها تنقسم إلى قسمين:
1 - شروط معرفية بحتة.
2 - شروط منهجية.
وهذه الأخيرة اشترطوا فيها:
أ- تفسير القرآن بالقرآن.
ب- تفسير القرآن بالسنة.
ح - الأخذ بقول الصحابي.
د- الأخذ بأقوال كبار التابعين كمجاهد وابن جبر وسعيد ابن جبير، وعكرمة وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري ومسروق بن الأجدع وسعيد بن المسيب، وغيرهم ممن تلقى جميع التفسير عن الصحابة رضوان الله عليهم.(/)
آداب المفسر
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:42 ص]ـ
وهي ما سميناه بالبعد الذاتي، وللسيوطي قول جامع فيه: " اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي، ولا يظهر له أسراره وفي قلبه بدعة أو كبر أو هوى أو حب الدنيا أو هو على ذنب أو غير متحقق بالإيمان أو ضعيف التحقيق أو يعتمد على قول مفسر ليس عنده علم أو راجع إلى معقوله، وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من بعض. قلت: وفي هذا المعنى قوله تعالى: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}.
قال سفيان بن عيينة " يقول أنزع عنهم فهم القرآن" أخرجه ابن أبي حاتم ".
من هذا القول الجامع للإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ نستخلص جملة آداب يتعين على المفسر التحلي بها وهي:
1 - صحة الاعتقاد.
2 - التجرد عن الهوى.
3 - حسن النية.
4 - حسن الخلق.
5 - التواضع ولين الجانب.
6 - الزهد في متاع الدنيا، حتى يكون عمله خالصا لله تعالى.
7 - إعلان التوبة والامتثال لأمور الشرع، والانتهاء عن نواهيه.
8 - عدم الاعتماد في التفسير على أهل البدع والضلالة.
9 - يتعين عليه أن لا يستكين إلى معقوله، وأن يجعل من كتاب الله أميرا يقتدى به.
وفي هذا يقول الشهيد حسن البنا ـ رحمه الله ـ "ومع هذا التعظيم لقدر التفسير والمفسرين الذين يعلمون فيما أنزلت الآيات وما أريد بها، فإن السلف رضوان الله عليهم، كانوا يتحرون دائما في التفسير ألا تتحكم فيما يفهمونه من الآيات أغراض خاصة، أو أهواء شخصية، أو ظروف طارئة، ولكنهم كانوا يجردوه من كل ذلك حتى يكون القرآن أميرا على تصرفاتهم، ويكون هواهم تبعا لما جاء به رسولهم. وهو صريح الإيمان. ومن هنا كان الكثير منهم يتحرج من التفسير ويخاف أن يقول في القرآن برأيه".(/)
التفسير والتأويل لغة:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:48 ص]ـ
للغويين في معنى التفسير أقوال طريفة ومتعددة، وكلها تلتقي في معنى الإيضاح والبيان والكشف، فقد "ذكر الليث عن الخليل بن أحمد أنه قال: مأخذ التفسير من الفسر وهو البيان، قال والتفسرة اسم البول الذي تنظر فيه الأطباء وتستدل به على مرض البدن، وكل شيء يعرف به تفسير الشيء فهو تفسرته ".
وقد وردت لفظة (التفسير) في القرآن الكريم في موضع واحد وهو قوله تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}.
وقال ابن عباس في معنى الآية: أي تفصيلا.
ومن معاجم اللغة يتبين لنا أن التفسير يستعمل لغة في الكشف الحسي ـ ولعل قول الخليل السالف الذكر يقوم دليلا على ذلك ـ وقلما يستعمل في المعاني المعقولة.
وأما التأويل في اللغة فهو من آل يؤول إلى كذا أي يرجع إليه، ويقول الرازي في مختار الصحاح: " التأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أوله تأويلا وتأوله بمعنى،وآل الرجل أتباعه وعياله، وآله أيضا أتباعه ".
وقد وردت كلمة "التأويل" في سبعة عشر موضعا من القرآن الكريم، وكلها تحوم حول هذه المعاني:
1 - تأويل الأحاديث: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث}.
2 - تأويل الأحلام: {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}.
3 - تأويل الأعلام وبيان ما يقصد منها: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا}.
4 - ما يتعلق بالمتشابه الذي لا يعلمه إلى الله: {وما يعلم تأويله إلى الله}.
والسياق الذي وردت فيه كلمة "التأويل" في القرآن الكريم يبين أن استعمالها يكون أكثر في الكشف عن المعاني المعنوية العقلية.
ويرى جلة من العلماء أن التأويل مرادف للتفسير في أشهر معانيهما اللغوية، ومما يؤكد ذلك ما ذهب إليه الدكتور الجليند من أن التأويل بمعنى " نقل ظاهر اللفظ إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل، أي صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يحتمله اللفظ " لم يرد في المعاجم التي ألفت قبل القرن الرابع الهجري. ويخلص من ذلك إلى القول إن " كلمة التأويل كانت تستعمل على ألسنة اللغويين من رواة ومحدثين حتى بداية القرن الخامس الهجري في معنى: المرجع والمصير والعود. حيث لم يرد إلينا في المعاجم التي وضعت في هذه الفترة. وهي المصدر الوحيد لكل المعاجم التي وضعت بعد ذلك ما يخالف ذلك.
وليس معنى هذا أن التفسير هو عين التأويل لغة، فقد أثبتت الدراسات اللغوية أن الترادف لا يعني التماثل والتوافق التام في المعنى، بل هناك تشابه في المعنى العام، مع وجود فروق دقيقة لابد من التنبيه إليها. ومن ثم يمكن القول إن التفسير يرتبط بتفسير الأمور الحسية في الغالب. أما التأويل فيستعمل ـ غالبا ـ في الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والنظر.
وقد نبه الراغب الأصفهاني (ت502هـ) إلى ذلك حيث قال: " والتفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني، كتأويل الرؤيا والتأويل يستعمل أكثره في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها، والتفسير أكثره يستعمل في مفردات الألفاظ، والتأويل أكثره يستعمل في الجمل".(/)
التفسير والتأويل اصطلاحا:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:52 ص]ـ
بسط العلماء القول في تعريف التفسير اصطلاحا، ولعل أجمع أقوالهم ما أثبته الزرقاني في كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن " حيث قال: " والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية ".
ويستعان في التفسير ببعض العلوم المساعدة كعلم اللغة والقراءات، والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، والفقه وأصول الفقه، مع الإلمام بأصول الدين وقواعده. ويؤكد هذا المعنى قول الزركشي عند تعريفه لمصطلح التفسير فهو " علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومحكمها ومفسرها.
وزاد فيها قوم فقالوا: علم حلالها وحرامها. ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها ".
وأما مصطلح التأويل فمصطلح مشكل، ذلك أن استعمالاته تختلف من قرن لآخر، ومن قوم إلى آخرين، ومن بيئة ثقافية إلى أخرى، ومن ثم تعددت وتنوعت تعريفاته. فمنها ما يفتقر إلى الدقة العلمية، ومنها ما يتسم بالتدقيق والتحديد التام الذي يصبح معه دلالة المصطلح واضحة جلية.
والتأويل كما يوضح ابن تيمية ينبغي في تحديد دلالته الإصطلاحية بالتفريق بين جيلين:
1 - السلف الصالح.
2 - متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم.
فعند الأوائل نجد له معنيين:
1 - تفسير الكلام وبيان معناه، سواء أكان موافقا لظاهره أم مخالفا له، ومن ثم يكون التأويل والتفسير شيئا واحدا، أي مترادفين.
وهذا هو المعنى نفسه الذي استعمله محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) حيث يقول عند تفسيره لآي الذكر الحكيم: القول في تأويل قوله كذا وكذا. واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك. وكله محمول -كما أسلفنا - على التفسير والبيان.
2 - هو نفس المراد بالكلام، فإذا كان الكلام عن طلوع الشمس فالتاويل هو نفس طلوعها، أي هو نفس الحقيقة الموجودة في الواقع الخارجي، وهذا في نظر ابن تيمية -رحمه الله- هو لغة القرآن التي نزل بها.
أما عند متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة: فالتأويل هو صرف اللغظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به. وهذا التأويل هو الذي نجد المتكلمين قد استعملوه في معظم كتبهم، ويتجلى ذلك في موقفهم من آيات الصفات. ومن ثم يتضح لنا أن القول بالباطن هو الأساس الذي جعلهم يقصرون دلالة التأويل على هذا المعنى.
واستغلت الباطنية المعنى الأخير للتأويل ـ بعد أن استندوا على حديث ينسب إلى الرسول ? " للقرآن ظهر وبطن " أو " للقرآن باطن " ـ فراحوا يفسرون القرآن الكريم وفق هواهم، وتبعا لأذواقهم ومواجيدهم الباطلة شرعا، وقد رد ابن تيمية ـ رحمه لله ـ هذا الحديث فقال: " أما الحديث المذكور فمن الأحاديث المختلفة التي لم يروها أحد من أهل العلم، ولا يوجد في شيء من كتب الحديث ".
والتأويل بهذا المعنى ينقسم إلى قسمين: أحدهما يوافق العلم الظاهر، وهو إما صحيح مقبول أو باطل مردود أو ملتبس فيتوقف عنه.
أما إذا كان التأويل مخالفا للعلم الظاهر فهو باطل شرعا، والقائل به إما ملحد زنديق أو جاهل ضال.
والمتأول بالمعنى الأخير مطالب بأمرين:
1 - أن يبين احتمال اللفظ للمعنى الذي حمله عليه وادعى أنه المراد منه.
2 - أن يبين الدليل الذي أوجب صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح.
وبدون ذكر ذلك يكون التأويل فاسدا وضربا من التلاعب بالنصوص، وحملها على الهوى وصرفها عن معناها الحقيقي المستفاذ من ظاهرها، وتعطيل لشرائع الله. وكل ذلك ملاحظ في تفاسير الفرق الضالة.
وقد دأب العلماء على التفريق بين التفسير والتأويل، ولهم في ذلك أقوال متعددة، فمنهم من قال: " التفسير هو تحقيق المعنى وذلك لا يكون إلا من قبل الله تعالى، والتأويل هو على احتمال اللغات، فلكل واحد من أهل اللغة أن يتأول بلغته.
" ومنهم من قال التفسير هو ذكر القصص وما أنزل فيه، والتأويل هو ما يحتمله معنى الكلام ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويشير الزركشي إلى السبب العلمي والمنهجي في التفريق بين التفسير والتأويل وجعل كل منهما ذا دلالة محددة وواضحة، ومتميزة ومخالفة لدلالة الآخر، وذلك حيث يقول: " والحق أن علم التفسير منه ما يتوقف على النقل كسبب النزول والنسخ وتعيين المبهم، وتبيين المجمل، ومنه ما لا يتوقف ويكفي في تحصيله التفقه على الوجه المعتبر، وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل، التمييز بين المنقول والمستنبط، ليحمل على الإعتماد في المنقول، وعلى النظر في المستنبط، تجويزا له وازديادا، وهذا من الفروع في الدين.
ويفهم من هذا الكلام ومن الذي قبله أن التفسير يتعلق بالرواية، وأما التأويل فمرتبط بالدراية وإعمال النظر، ولكل منهما شروط صحة وقبول.
وخلاصة القول أنه يتعين علينا التفريق بين جيلين من المفسرين، فالاول منهما كان يستعمل اللفظين بمعنى واحد، وعلى أساس أنهما مترادفان، أما الجيل الثاني منهما فقد فرق بينهما، فعين التفسير للمنقول، والتأويل للمعقول ولهذا دلالة واضحة على طبيعة التفسير ذاته. ذلك أن السلف الصالح كانوا يعتمدون في تفسيرهم النقل والعقل معا دون التفريق بينهما، وكان شعارهم في ذلك أن صريح المعقول يوافق صحيح المنقول، وهذا الاتجاه واضح في تفسير الإمام الطبري، والإمام ابن تيمية وابن كثير وغيرهم من مفسري أهل السنة.
أما الخلف فقد أصبحت تفاسيرهم للذكر الحكيم ـ في الأعم والأغلب ـ تشكل ثنائية ضدية حادة. فهناك تفاسير بنيتها الأساسية النقل، وأخرى تعتمد أساسا العقل، فكان تفريقهم بين اصطلاحي التفسير والتأويل تقريرا لواقع التفسير وطبيعته في عصرهم.
وعلماء التفسير غالبا يقسمونه إلى منهجين أساسين هما:
1 - التفسير بالمأثور.
2 - التفسير بالمعقول أو الرأي.
ويرجعون إليهما كل ضروب وأنواع التفاسير التي ألفها العلماء، إلا أن هذا التقسيم يتسم بالخطورة والخلط. فخطورته تتجلى في مساهمته في إحداث انشطار شخصية وعقلية الإنسان المسلم إلى ثنائية ضدية حادة وصارمة: العقل والنقل. وكأن الأمرين لا يمكن الجمع بينهما، في حين يثبت واقع ديننا الإسلامي الحنيف أن النقل الصحيح لا يتعارض مع العقل الصريح، وهذا المبدأ المنهجي العظيم يخلصنا من الوقوع في مطب الإنشطار الذي جنى على أمتنا ولا زال. ويمكننا من تجاوز ثنائية العقل والنقل إلى حلول وإمكانات أخرى متاحة.
أما الخلط فيتبين لنا في تجاهل أنواع التفسير الأخرى والتي لها مميزاتها وصفاتها التي تجعلها متميزة عن التفسير المأثور أو المعقول، كالتفسير الإشاري أو الصوفي، والتفسير الموضوعي، والتفسير الأدبي/الإجتماعي، والتفسير العلمي وغيرها من أنواع التفسير الكثيرة التي يعبر تجاهلها عن خلط في تصور طبيعة المناهج التفسيرية.
ونشير هنا إلى أن الغالبية العظمى من تفاسير القرآن الكريم لا يمكن تصنيفها ضمن اتجاه أو منهج معين إلا بالتغليب والترجيح، وذلك أننا نجدها تستفيد من كل المناهج والمعارف والعلوم المتاحة، مما يجعلها تسمو وترتفع فوق التصنيف المقرر لتعبر عن شمولية الدين الإسلامي الحنيف، ولتبرهن عن تآزر النقل والعقل من أجل إبراز الحقيقة وتجليتها.
وقد تنبه أهل السنة عند كتابتهم عن مناهج واتجاهات التفسير إلى أن اتجاهات التفسير ثلاث وهي:
1 - التفسير النقلي.
2 - التفسير العقلي.
3 - التفسير الصوفي.
وهذا يتمشى وينطبق مع مبدئهم الأساسي، ألا وهو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، فتجاوزوا بذلك الوقوع في مطلب ثنائية الرواية والدراية، أو العقل والنقل.
والمناهج التفسيرية ـ حسب ما يتضح لنا من استعراض المراحل التاريخية للتفسير ـ تختلف باختلاف ما يستعين به المفسر من أدوات علمية مساعدة، وهي التي يسميها العلماء بعلوم الآلة. كما أنها تختلف باختلاف مصادر التفسير، وباختلاف الاتجاه الفكري والسياسي، واختلاف الواقع المعيشي لمفسر الذكر الحكيم، وهذا هو ما سنحاول الكشف عنه عند تحليلنا لأهم تفاسير الذكر الحكيم الحديثة.(/)
دراسات عن وقف الشيخ الهبطي.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:56 م]ـ
يسأل كثير من طلبة العلم عن وقف الهبطي المعتمد لدى القراء المغاربة، وللتعريف بالموضوع آليت على نفسي التعريف بالشيخ الهبطي و بوقفه، مع الإحالة على أهم الأبحاث التي عنيت بدراسة هذا الوقف.
هو محمد بن أبي جمعة الهبطي الصماتي توفي بمدينة فاس سنة 930، وقبره معروف بطالعة فاس قربق الزربطانية، وهو ممن أخذ عن الإمام ابن غازي (ت 919هـ) وعنه في قيد الوقف، كما راعى في وقوفاته ما روي عن مذهب الإمام نافع في وقف التمام.
لم يعرف من آثاره إلا تقييده في الوقف، والذي يعتبر الطابع المميز للمدرسة القرآنية المغربية، والطابع المميز للمصحف المغربي. وكتاب آخر وعنوانه " عمدة الفقير في عباد العلي الكبير".
كان عالم فاس في وقته، فقيها نحويا فرضيا، أستاذا مقرئا، عارفا بالقراءات مرجوعا إليه فيها ن وكان موصوفا بالخير والفلاح ن والبركة والصلاح، ذا أحوال عجيبة، وأسرار غريبة، أذعن الشيخ بن غازي وغيره." سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس لمحمد بن جعفر الكتاني: ج1، ص 268.
أهم الدراسات عن وقف الهبطي:
1 - تقييد وقف القرآن الكريم للشيخ محمد بن جمعة الهبطي: الحسن بن أحمد وكاك.
2 - منحة الرؤوف المعطي ببيان ضعف وقوف الشيخ الهبطي: عبد الله بن محمد بن الصديق.
3 - المختصر في قواعد التجويد: محمد شاعري.
4 - قراءة الإمام نافع عند المغاربة: عبد الهادي حميتو.
5 - مقال لسعيد أعراب بمجلة " دعوة الحق المغربية "، عدد 273، سنة 1989 م.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:59 م]ـ
نرحب بالأخ العزيز الدكتور أحمد بزوي الضاوي في ملتقى أهل التفسير، وأشكره على مشاركاته التي بدأ يتحفنا بها مثل هذا الموضوع الذي نحتاج إلى مزيد من الإيضاحات حوله وأهميته بين كتب وقوف القرآن الكريم.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وحبذا لو تطرق الدكتور أحمد للموضوعات المتعلقة بالمدرسة القرآنية المغربية والكتب التي صنفت فيها، حتى تتكامل النظرة يوماً عن هذه المدرسة من العالم الإسلامي الكبير.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 06:52 م]ـ
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري، حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد تلقيت ردكم على موضوعي عن وقف الهبطي ـ وهو في حقيقته جواب عن استفسار أحد الإخوة رواد موقعكم ـ ورغبتكم في التعريف بالمدرسة المغربية في علوم القرآن والتفسير، بعناية خاصة. وإني إذ أشكركم على إتاحتكم الفرصة للباحثين للتواصل، وعرض العلم على طلابه عبر موقعكم، لأؤكد لكم أني سأعمل ـ إن شاء الله تعالى ـ على الوفاء بما طلبتم. و ما رغبتكم هذه إلا دليل على نبل المقصد، وصحة العزم في خدمة العلم وأهله، وحسن ظن بي ـ أسأل الله تعالى ـ أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[03 Aug 2006, 03:00 م]ـ
يضاف على ما سبق الرسالة التي سطرها الشيخ عبد الواحد المارغني عند اعتنائه بكتاب والده النجوم الطوالع الشيخ إبراهيم أحمد المارغني ص 252 من طبعة دار الفكر 1419 هـ وتقع في 6 صفحات بعد تعذرهم من عدم طبع جميع الأوقاف الهبطية اضطرارا.
قال: واعلم أن أوقاف الشيخ الهبطي رضي الله عنه كلها مرضية موافقة جارية على قواعد فن القراءات ووقوفه وما تقتضيه العربية وأصولها، نعم هناك وقوف تعد بالأصابع استشكل وقفه عليها لعدم موافقتها بحسب الظاهر لوقوف علماء القراءة والعربية منها ...
ثم ذكر آية 17 من سورة البقرة
وآية 32 من سورة المائدة
وآية 3 من سورة الأنعام
وآية 105 من سورة الأعراف
وفي انتظار المزيد من الأستاذ الضاوي حفظه الله
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 02:57 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وبعد فإني أشكر لكم الملاحظات و الإضافات العلمية القيمة، و عذري أني كتبت ما نشرته عن الشيخ الهبطي ـ رحمه الله ـ على عجل لأنه في حقيقته جواب على طلب أحد الإخوة رواد الموقع، و إني أعد أخي الفاضل أنمار ـ حفظه الله ـ بالتوسع في الكتابة عن الشيخ الهبطي و عن وقفه المعتمد عند المغاربة، مع محاولة إرفاق الموضوع بما كتب عنه بمجلة دعوة الحق المغربية، و التي للأسف كثير من الباحثين يغفل عن المقالات و الأبحاث العلمية الرصينة المنشورة بها خاصة الأعداد القديمة التي كان يشارك فيه زمرة من علماء المغرب و المشرق.
و تفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[28 Feb 2007, 03:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فهذا مقال للشيخ الفاضل العلامة سيدي عبد الله بن الصديق ـ رحمه الله ـ وقد انتقد فيه بعض وقوف الشيخ الهبطي ـ رحمه الله ـ. و نشر المقال بمجلة دعوة الحق، التي تصدرها وزارة الأوقاف المغربية، العدد التاسع، سنة 1973 م.و قد عملت على نقله إلى الموقع.
نسأل الله تعالى التوفيق و السداد.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[06 Apr 2007, 09:58 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ الكريم الضاوي،
ومن الدراسات المتصلة بالهبطي: منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم للشيخ ابن حنفية العابدين وفقه الله.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[07 Apr 2007, 11:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ الفاضل السائح ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن يسر التوصل معكم عبر هذا الموقع المبارك. و إني إذ أشكر لفضيلتكم تواصلكم واهتمامكم و تقديركم، أطلب من فضيلتكم التكرم بإرشادنا إلى الدراسة التي أشرتم إليها في مشاركتكم، ذلك أن أحد الطلاب الذين أشرف عليهم يشتغل على الوقف عند الشيخ الهبطي، و لا شك أن اطلاعها على الدراسة التي أشرتم إليها ستفتح له بابا إن لم نقل أبوابا جديدة ـ إن شاء الله تعالى ـ مما يثري البحث، و يعطيه قيمته العلمية.
و تفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 Apr 2007, 04:45 م]ـ
يوجد أحد الطلبة يريد أن يقوم ببحث حول الهبطي لكن من جهة مغايرة، وهي: أثر وقوف الهبطي على الأحكام الشرعية أو على اختلاف المعاني ...
فهل تنصحون به؟
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Apr 2007, 01:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ الفاضل توناني ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أشكركم على اهتمامكم و تواصلكم، أما عن سؤالكم، فإني أرى ـ و الله أعلم ـ أن الموضوع جدير بالبحث، و لكن تسجيله كرسالة علمية يحتاج من الباحث القيام بإحصاء آيات الأحكام مع رصد وقوفات الشيخ الهبطي فيها، و صلة ذلك بالمعنى و من ثم الأحكام المستفادة. وذلك حتى يتمكن الباحث من تكوين تصور متكامل عن بحثه، وأن يكون البحث مؤسسا على معطيات مادية تمكنه من مباشرة البحث، و إلا فإنه قد يفاجأ بأن المادة العلمية المتوفرة قليلة و لا تمكنه من الوفاء بمتطلبات البحث الأكاديمي.
وتفضلوا بقبول خالص تحياتي و تقديري.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[20 Apr 2007, 04:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد.
وهل تنصحون بدراسة وقوف الشيخ الهبطي في سورة معينة بغض النظر عن كون الآيات في الأحكام أو في غيرها، بل دراسة أثر الوقوف في المعنى؟
وجزاكم الله خير الجزاء على نصائحكم.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[21 Apr 2007, 04:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ الفاضل توناني ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكركم على اهتمامكم، أما عن سؤالكم فإنه سبق لأحد طلبتي أن قام تحت إشرافي بدراسة وقوفات الشيخ الهبطي في سورة البقرة، دراسة مقارنة، و قد أبانت الدراسة عن أهمية الموضوع، و أنه يحتاج إلى مجهودات أكبر، و أبحاث أوسع، للوفاء بمتطلباته العلمية. ومن ثم فإني أرى ـ و الله أعلم ـ أن الموضوع صالح للبحث، خاصة إذا اعتمد منهجا في الدراسة ثلاثي الأبعاد: الدراسة الوصفية، و الدراسة التحليلية، و الدراسة المقارنة.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[22 Apr 2007, 04:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل، وقد عرضت إجابتكم على زميلي فسُرَّ بها .... فجزاكم الله خير الجزاء.
وأرجو أن يتيسر له المشاركة في الملتقى حتى يستفيد منكم حفظكم الله تعالى.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[26 Apr 2007, 12:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي الفاضل زكرياء توناني ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أشكركم على اهتمامكم و تواصلكم، و حرصكم على إفادة الآخرين، فذلك من علامات الخير. وإتماما للفائدة فإني أرى أنه قبل مباشرة دراسة الموضوع يستحسن قراءة بعض الدراسات الخاصة بدراسة الوقف و المعنى، قديما و حديثا، فإن ذلك من شأنه أن يفتح آفاقا عريضة للبحث ـ إن شاء الله ـ.
و تفضلوا أخي الكريم بقبول خالص تحياتي و تقديري.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[28 Apr 2007, 08:17 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء، وسأخبر زميلي بنصيحتكم .......
بارك الله فيكم وفي علمكم
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[14 May 2007, 03:27 م]ـ
توجد هذه الرسالة ألفها أحد المشايخ في الجزائر و هي بعنوان
منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[14 May 2007, 07:39 م]ـ
أهل التفسير:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لازالت الدراسات القرآنية تعاني في بلاد الجزائر من جفاف في الأقلام، وقلما تظهر دراسة محكمة تعالج موضوعا من موضوعات القرآن الكريم، باطبع هذا لا يرجع قطعا إلى مسألة النبوغ، فالنبوغ المغربي مشهود له، ولا إلى قلة الأفكار التي تخطر بالبال، فهي كثيرة والحمد لله ولكنه في رأي تقاعس عن حمل القلم، والكتابة به فقد عَلَّمتْ المدرسة الجزائرية لتلميذها أن القلم الذي يكتب به دروسها يسمى: " قلم جاف "، وعلى الرغم من محاولة رجال الاصلاح تغيير هذا الاسم واستبداله بـ" السيالة "، والاسم كما تعلمون له تأثير على المسمى وقد قيل قديما:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
ولكن تأثيرات المدرسة كانت هي القوى ...
وعلى الرغم من هذا كله لا زالت بعض الأقلام تكتب، ولازالت قريحتها تنتج
والشيخ: ابن حنيفية زين العابدين واحد من الذين لهم اهتمام كبير بالدراسات القرآنية؛ فقد أصدرت له دار الإمام مالك مؤلفا بعنوان: " منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم." تناول هذا الكتاب مسألة الوقف الهبطي، والتي توليها بلدان المغرب العربي عناية كبيرة لدرجة أن بعض حفظة القرآن الكريم بهذه البلاد إذا لم تلتزم أمامه بهذه الأوقاف فلست في عداد الحفاظ للقرآن الكريم.
الكتاب مليء بالفوائد العلمية في باب الوقف لكنه كُتِبَ على الطريقة القديمة؛ فالكتاب لا يحمل طابع البحوث الأكاديمية
المعاصرة.
فهرس الكتاب
- مقدمة.
- الفصل الأول:
الوقف – تعريفه – أقسامه – حكمه.
- الفصل الثاني:
تجزئة القرآن - ومراعاة السياق
- الفصل الثالث:
ابن أبي جمعةالهبطي، ومنهجيته في أوقافه.
- الفصل الرابع:
دراسة نماذج من أوقاف الهبطي.
قال صادق الرافعي: " ألا ليت المنابر الإسلامية لا يخطب عليها إلا من يحمل قوة المدافع، لا من يحمل ألواحا من خشب."
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[16 May 2007, 11:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ الفاضل: صادق الرافعي ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فإني أشكر لكم تواصلكم و تقديركم و إفادتكم العلمية. متسائلا عن كيفية الحصول على هذا الكتاب الذي أشرتم إليه، تعميما للفائدة.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[17 May 2007, 02:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الأخ الفاضل أحمد بزوي الضاوي جزاك ربي أعظم الجزاء، وبعد فإن الكتاب هو بين يدي الآن، لأنه طبع في الجزائر، ويمكن أن تجده ببعض الولايات الجزائرية المحاذية للحدود المغربية كتلمسان أو بشار، وإذا كنت مطمئنا إلى ساعي البريد عندكم فأنا مستعد لإرساله إليك على العنوان المطلوب
دمتم في رعاية الله وحفظه، والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 May 2007, 11:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأخ الفاضل صادق الرافعي ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإني أشكر لفضيلتكم تقديركم و تعاونكم. جزاكم الله خيرا.
وتفضلوا أخي الكريم بقبول خالص تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[20 May 2007, 08:26 م]ـ
أخي الفاضل صادق الرافعي، هل يمكنكم أن تذكروا الفهرسة الكاملة للكتاب المذكور؟؟
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[21 May 2007, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل زكريا التوناني هذه فائدة قبل أن أسوق ما طلبته مني، فأكثر لنا من الدعاء، جزاك ربي أعظم الجزاء
قال الحافظ ابن حجر في كتابه النكت:
- قوله / (ص): ((فهرست أنواعه)).
الصواب أنها بالتاء المثناة وقوفاً وإدماجاً، وربما وقف عليها بعضهم بالهاء وهو خطأ. قال صاحب تثقيف اللسان:" فهرست بإسكان السين والتاء فيه أصلية ومعناها في اللغة: جملة العدد للكتب / لفظة فارسي، قال: واستعمل الناس منها فهرس الكتب يفهرسها ب8 فهرسة مثل: دحرج وإنما الفهرست: اسم جملة العدد.
(يُتْبَعُ)
(/)
والفهرسة المصدر: كالفذلكة يقال: فذلكت الحساب إذا وقفت على جملته."
المقدمة .................................................. ..................... 03
الفصل الاول:
الوقف تعريفه، أقسامه، وحكمه.
تعريف الوقف ............................................. ........................................ 11
أقسام الوقف ............................................. ........................................ 12
اختلاف الوقف بحسب الإعراب والقراءة .......................................... ....... 13
أهمية الوقف ............................................. ......................................... 14
حكم الوقف ............................................. ........................................... 15
منازع العلماء في الوقف ............................................. ........................ 18
العلاقة بين القراءة والوقف ............................................ ..................... 22
التلاعب بالوقف ............................................ ...................................... 23
إلزام الناس بوقف معين .............................................. ......................... 26
الوقف على رؤوس الآي .............................................. ........................ 27
حكمة الوقف على رؤوس الآي .............................................. ............... 28
الفصل الثاني
تجزئة القرآن، ومراعاة السياق، وغير ذلك.
أصل التحزيب ........................................... .......................................... 35
ما في مصاحفنا من التجزئة التي لا توافق رؤوس الآي ........................... 36
السياقات التي يحسن مراعاتها في القطع ............................................ 3 8
قراءة بعض الآية ............................................. .................................... 44
قراءة سياقين ............................................ ........................................ 46
إدخال الروايات وطرق الأداء في المصحف ............................................ .. 47
كتابة البسملة في أوائل السور ............................................. ............... 50
الوقف على البسملة ........................................... ................................. 51
حكم القراءة جماعة ............................................. ................................ 53
الفصل الثالث
ابن أبي جمعة الهبطي، ومنهجيته في أوقافه
ترجمة الهبطي .................................................. ................................. 79
هل ترك الهبطي تأليفا في الوقف؟ ................................................. ... 80
وقف الهبطي في الجزائر ........................................... ......................... 83
ملا مح منهج الهبطي في أوقافه .................................................. ..... 86
موقف العلماء من وقف الهبطي ............................................ ............... 91.
الفصل الرابع
دراسة نماذج من أوقاف الهبطي
وقفه على لفظ الجلالة ........................................... .............................. 102
وقفه على صفات الله تعالى .................................................. ............. 110
التفصي عن نسبة الشيء لغير الله .............................................. ......... 112
الوقف على سبحان الله .................................................. .................... 113
الحديث عن الأنبياء .......................................... .................................... 119
الفصل بين العلة والمعلول .................................................. ................. 128
توفير الجمل الدعائية .......................................... ................................ 134
الوقف على الأوامر والنواهي .................................................. ........... 136
(يُتْبَعُ)
(/)
الوقف على المصدر النائب عن فعله .............................................. ....... 137
تجريد المطلقات والعمومات من القيود ............................................ ....... 140
التفريق بين المتناظرات والمختلفات ........................................ .............. 145
الوقف الذي تقتضيه القراءة ........................................... ..................... 151
الوقف لبيان الحكم .................................................. .......................... 155
الوقف على الاستفهام ......................................... ............................... 158
الوقف على المشبه به ................................................ ........................ 161
الوقف على اسم الإشارة ........................................... ......................... 170
الوقف على كلا ............................................... .................................. 172
الوقف على بلى .................................................. ............................. 176.
الوقف على نعم ............................................... ................................. 183
وقفه على المستثنى منه ............................................... ..................... 183
وقفه على السياقات المتشابهة ......................................... .................. 189
وقف الإعراب الخفي ............................................. .............................. 196
وقف التفسير الشاذ ............................................. ............................... 203
وقف تنوع المعنى ............................................ .................................. 206
وقف البيان ............................................ ............................................. 209
وقف المتلازم .......................................... ............................................. 212
الفهرس ............................................ .................................................. .215شيخنا أحمد الضاوي الكتاب في طريقه إليكم نفعنا الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبما ورد فيه من الآيات والذكر الحكيم، ودمتم في رعاية الله وحفظه.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[26 May 2007, 10:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي الفاضل: صادق الرافعي ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أشكركم على اهتمامكم و تواصلكم و إضافاتكم العلمية.
جزاكم الله خيرا.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[27 May 2007, 08:01 م]ـ
وفقك الله لكل خير أخي صادق الرافعي
ـ[نور الدين العجماوي]ــــــــ[11 Jun 2008, 02:11 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأستاذ الكريم أحمد بزوي الضاوي، بعد الاطلاع على الموضوع، بادرت بتصوير مقدمة كتاب:
منهجية ابن أبي جمعة الهبطي، و هي من 11 صفحة، أبان فيها المؤلف عن منهجه في كتابه و أهدافه ...
و تجد المقدمة في المرفقات.
على أني سأحاول تصوير بقية الكتاب إن استطعت، فأنا في مرحلة مناقشة رسالة التخرج، و الوقت ضيق جدا.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[14 Jun 2008, 10:30 ص]ـ
سؤال للسادة العلماء الأفاضل:
من هم تلاميذ الشيخ الهبطي؟
وهل لدينا اليوم إسناد متصل به سواء في القراءة أو للكتاب.؟
هل يعرف سند الشيخ الشماظي المتصل بالهبطي أم لا؟
ـ[أبو المنذر الجزائري]ــــــــ[01 Jul 2008, 12:14 م]ـ
أخي الكريم صادق الرافعي، بحثت عن كتاب الشيخ ابن حنيفية زين العابدين فما وجدته فيما جاورني من المكتبات الجزائرية، فأي دار طبعته وفي أي سنة بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[01 Jul 2008, 09:03 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
الأخ الكريم الفاضل: أبو المنذر الجزائري.
أضم صوتي إلى صوتك، و أطلب من الإخوة الأفاضل: صادق الرافعي، و نور الدين العجماوي، و كل أخ كريم تعرف على كتاب {منهجية إبن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم}، أن يمد لنا يد العون و المساعدة، و يسهل علينا الإطلاع على محتوى هذه الدراسة القيمة ... فما أحوجنا إليها ... و أجرهم على الله.
و أغتنمها فرصة لأسلم على الأستاذ الدكتور سيدي أحمد بزوي الضاوي، و أتمنى له عطلة صيفية ممتعة و مريحة إن شاء الله، تشمله فيها، هو و جميع أفراد عائلته الكريمة، عناية الله و لطفه ... آمين آمين يارب العالمين.
ـ[نور الدين العجماوي]ــــــــ[05 Jul 2008, 04:26 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ الفاضل أبا المنذر الجزائري، أظن أنَّ المعلومات التي طلبتها موجودة في مقدمة الكتاب و هي في الملفات المرفقة في مشاركتي السابقة، و الذي يحضرني الآن دار الطبع فقط؛ و هي دار الإمام مالك.
و الكتاب اشتريناه من أحد المعارض في وهران، أما في المكتبات فلا أظن أنه متوفر عندنا في وهران، أما باقي الولايات الجزائرية فالله أعلم.
وأقول للأخ الكريم لحسن بلفقيه لعلي أستطيع أن أصور الكتاب كاملا في أقرب وقت إن شاء الله، أرجو منكم الإعانة بالدعاء في ظهر الغيب.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علاوةمحمدزيان]ــــــــ[27 Dec 2008, 02:58 ص]ـ
بسم اله الرحمن الرحيم والصلاة السلا م على امام المرسلين وخاتمهم
وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم الى يوم الدين. وبعد
- أيها الاخوة في الله.السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
- نتيجة لزيارتنا لموقع شبكة التفسير والدراسات القرءانية.علمنا أن فضيلة الشيخ/:
ابن حنيفية زين العابدين دعم الدراسات القرءانية بكتاب قيم تناول فيه.
منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم. صدر عن دار الامام مالك
حبذا سادتنا الفضلاء ممن يحوزون هذا الكتاب لو تكرم أحدهم بتحميله على الموقع وعبدالطريق
أمامنا للوصول الى هذا الكتاب القيم والارتواء من ينبوعه الرقراق.
والمثل يقول:فما راء كمن سمع. والله لايضيع أجر من أحسن عملا.
- وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى.
التوقيع/:طالب علم
ـ[ايت عمران]ــــــــ[16 Oct 2010, 08:17 ص]ـ
دونكم الكتاب تحت هذا الرابط:
منهجية ابن أبي جمعة الهبطي في أوقاف القرآن الكريم (لأول مرة) pdf (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=22666)(/)
منهج أهل السنة في التفسير:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 05:18 م]ـ
وضع ابن تيمية -رحمه الله- في رسالته "مقدمة في أصول التفسير" أصلا هاما يعتمد عليه في نقد تفاسير القرآن الكريم في كل زمان ومكان. وذلك أن هذا الأصل يعتبر من الثوابت التي لا تتغير والتي تعتبر معلما من معالم المنهج السني، سواء أكان الأمر يتعلق بعلم التوحيد أم بالتفسير أم بالفقه، وقد سطره ابن تيمية في مقدمة رسالته حتى يكون المقياس الذي يميز به الغث من السمين، ويفرق به بين الحق والباطل.
وهذا الأصل ينص على أن نقد النصوص يتوقف على أمرين لا ثالث لهما. فالعلم إما أن يؤخذ من مشكاة النبوة وهو الحق الأبلج والحجة البالغة، وإما رأي واجتهاد يقوم عليه دليل من العقل أو النقل. وقد نص ابن تيمية على هذا الأصل الهام باختصار شديد حيث قال: " والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم. وما سوى هذا فإما زيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود".
وبناء على هذا الأصل يبين ابن تيمية أن الاختلاف في التفسير على نوعين، ذلك حسب الأصول التي يستند إليها المفسرون وهي إما نقلية أو عقلية:
النقل:
وهو إما أن يكون عن معصوم أو عن غير معصوم، وهذا بذاته يفرعه ابن تيمية إلى قسمين:
1 - ما يتوصل إلى معرفة صحته فيؤخذ به مطلقا ولا يجوز تجاوزه إلى غيره.
2 - ما لا يتوصل إلى معرفة صحته من ضعيفه وهذا يتوقف عنده ولا يجزم فيه برأي، ومن ذلك ما ينقل عن كعب ووهب ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن يأخذون عن أهل الكتاب، وهذا القسم الثاني من النقل هو مما لا فائدة فيه، ومثاله الاختلاف الحاصل في أحوال أهل الكهف، وفي البعض الذي ضرب به قتيل بني إسرائيل من البقرة، وغير ذلك مما يختلف فيه المقرون اختلافا كبيرا، وهو مما لا فائدة فيه على الإطلاق، فالحق سبحانه ما ترك من أمر يفيد الناس في دينهم أو دنياهم إلا أقام عليه الدليل نقلا أو عقلا.
العقل أو الإستدلال:
وأما ما كان مصدره العقل أو الرأي أو ما يسميه ابن تيمية بالإستدلال، فإن الخطأ فيه يكون من ناحيتين:
الأولى:
أن يأتي المفسر إلى القرآن طالبا دليلا ينتصر به لرأيه أو مذهبه بحيث يجعل القرآن تابعا ولا متبوعا، ومأمورا لا أميرا، وهؤلاء قد ركزوا على المعنى الذي ذهبوا إليه دون النظر إلى دلالة وبيان ألفاظ القرآن مما يجعلهم يحملون اللفظ القرآني على غير محمله.
والمتتبع لتفسيرات هؤلاء المفسرين يجدهم يتعاملون مع النص القرآني بمنهجين متباينين، ولكنهما متكاملان من حيث الغاية والهدف، ذلك أنهم يحاولون أن يستدلوا على صحة مذهبهم وينتصروا له بآيات ليست دالة على ما ذهبوا إليه، وهم يحملونها على ظاهرها دون مراعاة للسياق الذي وردت فيه.
وأما إذا وجدوا في القرآن ما يعارض مذهبهم فإنهم يسارعون إلى تأويله بتأويلات منحرفة وضالة وبعيدة عما دلت عليه في سياقها، مدعين أن ذلك من المتشابه، وممن سلك هذا المسلك - في نظر ابن تيمية - الفرق الضالة التي اعتقدت مذهبا يخالف الحق الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، ومنهم الخوارج والروافض والجهمية والقدرية والمرجئة والمعتزلة وغيرهم.
وهؤلاء قد يخطئون مرة في الدليل وحده، وقد يخطئون في الدليل والمدلول وذلك حسب المنهج الذي اتبعوه في تأويلهم لآي الذكر الحكيم.
الثانية:
أن يعمل المفسرون على تفسير القرآن بمجرد ما يدل عليه اللفظ العربي، وما يريد به الناطق بالعربية دون مراعاة خصوصية القرآن الكريم.
وهؤلاء يركزون أكثر ما يركزون على اللفظ وحده دون اعتبار للسياق القرآني، فيكون غلطهم في المعنى -الذي حملوا عليه آي الذكر الحكيم – فاحشا.(/)
حقيقة اختلاف السلف في تفسير القرآن الكريم:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 05:23 م]ـ
بين أهل السنة ـ خاصة منهم ابن تيمية في رسالته " مقدمة في أصول التفسير " والزركشي في كتابه " البرهان في علوم القرآن " والسيوطي في كتابه " الإتقان في علوم القرآن " ـ أن السلف لم يختلفوا في تفسير القرآن الكريم، بل قد يكون ذلك ممتنعا في حقهم لأنهم كانوا معتصمين بالكتاب والسنة. ولما قرروا هذا الأصل راحوا يوضحون أن اختلافهم في تفسير آية من آيات الذكر الحكيم ليس اختلافا تضاد بل هو اختلاف تنوع، وفي ذلك يقول الزركشي: " يكثر في معنى الآية أقوالهم واختلافهم، ويحكيه المصنفون للتفسير بعبارات متبانية الألفاظ، ويظن من لا فهم عنده أن في ذلك اختلافا فيحكيه أقوالا وليس كذلك، بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى ظهر من الآية، وإنما اقتصر عليه لأنه أظهر عند ذلك القائل، أو لكونه أليق بحال السائل، وقد يكون أحدهم يخبر عن الشيء بلازمه ونظيره، والآخر بمقصوده وثمرته، والكل يؤول إلى معنى واحد غالبا، والمراد الجميع فليتفطن لذلك، ولا يفهم نم اختلاف العبارات اختلاف المرادات ".
إلا أن ابن تيمية في رسالته يعترف أن هناك اختلافا محققا بين السلف في التفسير خاصة فيما يتعلق بالأحكام. ولكنه يرى أن اختلافهم قليل جدا وهذا يعود ـ في نظره ـ إلى شرف عصرهم. وهو في ذلك يتأول حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ". وهو يقول في ذلك: " كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا، وهو إن كان في التابعين أكثر منه في الصحابة فهو قليل إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف كان الإجتماع والإئتلاف والعلم والبيان فيه أكثر".
وبعد أن بين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن اختلاف السلف في التفسير قليل وغلطهم يسير بالمقارنة مع اختلاف وغلط من جاء بعدهم، وأرجع ذلك إلى عتصامهم بالكتاب والسنة، ونقاء سريرتهم، وصلاحهم وتقواهم، مما عبر عنه بصلاح عصرهم، انتقل إلى بيان أن اختلافهم
في التفسير هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وأرجع ذلك لأمور نجملها فيما يلي:
1 - تعبيرهم عن المراد بألفاظ بين المترادفة والمتباينة، وإن كان في كل منها إضافة دلالية ليست في الأخرى ولكنها تؤول إلى عين الشيء، من ذلك أسماء الله الحسنى، وأسماء الرسول ? وأسماء القرآن فهي كلها تدل على مسمى واحد. وإن كان بينها فروق دلالية واضحة، لكنها لا ترقى إلى أن تجعلها ألفاظا متباينة. وبعد هذا الطرح النظري يضرب لذلك مثلا عمليا فيقول: " مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم، فقال بعضهم: هو القرآن - أي اتباعه ... وقال بعضهم هو الإسلام. فهذان القولان متفقان لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ " صراط " يشعر بوصف ثالث. وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة، وقول من قال: هو طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمثال ذلك، فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة لكن وصفها كل بصفة من صفاتها".
2 - أن يكون اللفظ عاما فيذكرون بعض أنواعه على سبيل التمثيل لا على سبيل المطابقة: " الصنف الثاني أن يذكر كل منهم الاسم العام ببعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى لفظ " الخبز " فأرى رغيفا، وقيل له: هذا، فالإشارة إلى نوع هذا لا إلى الرغيف وحده.
مثال ذلك ما نقل في قوله: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات}. فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للحرمات. والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات. والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات. فالمقتصدون أصحاب اليمين والسابقون أولئك المقربون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلي في أول الوقت. والمقتصد الذي يصلي في أثنائه. والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار، أو يقول: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا والعادل بالبيع ... ".
وهذا ليس اختلافا حقيقيا بل هو من قبيل ذكر أنواع متعددة لجنس واحد.
3 - ما يكون من قبيل المشترك اللفظي، أو ما كان متواطئا في الأصل وأريد به أحد النوعين، وما كان ذلك شأنه فقد تحمل عليه أقوال السلف كلها، وقد تحمل: " ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافا أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة، فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من أسباب إعجاز القرآن، فإذا قال القائل: {يوم تمور السماء مورا}: إن المور هو الحركة كان تقريبا، إذ المور حركة خفيفة سريعة، وكذلك إذا قال: الوحي الإعلام، أو قيل: أوحينا إليك انزلنا إليك، أو قيل: {وقضينا إلى بني إسرائيل} أي أعلنا وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق".
4 - معرفة أسباب النزول: فقد يذكر كل واحد من السلف سببا لنزول الآية أو السورة غير ما يذكره الآخر، وكلاهما صادق فيما أخبر به، إذ قد تكون نزلت عقب تلك الأحداث كلها فاعتقد كل واحد منهم أنها نزلت في حادثة معينة، أو قد تكون نزلت مرتين أو أكثر لأسباب مختلفة: " ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، وإذ ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله، وذكر الآخر سببا فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أوتكون نزلت مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لهذا السبب".
أما بالنسبة لاختلاف السلف في الأحكام فقد بين ـ أي ابن تيمية ـ أن اختلافهم ذلك لم يكن عن قصد ولا عن تعنت وحب ظهور، ولا عن إعراض عن كتاب الله وسنة نبيه، بل هو راجع إلى أمور خارجة عن إرادتهم، ولا دخل لهم فيها إطلاقا، وقد يمكن رد اختلاف السلف في الأحكام إلى أربعة أسباب:
أ- خفاء الدليل.
ب- عدم سماع الدليل.
ح- الغلط في فهم النص.
د- اعتقاد معارض راجح.
وقد عبر ابن تيمية عن ذلك بقوله: " والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل، أو الذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون الغلط في فهم النص، وقد يكون اعتقاد معارض راجح".
وأما السيوطي فقد تحدث في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" عن أوجه اختلاف السلف في التفسير وأوضح أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، واستشهد بكثير من الأمثلة الدالة على ذلك مما يجعلنا في غنى عن سردها هاهنا.
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[07 Aug 2006, 03:01 م]ـ
ذكر ابن جزي رحمه الله في مقدمة تفسيره التسهيل 12 سببا من أسباب اختلاف المفسرين
وتطرق شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمتة إلى شيء من ذلك.وكذا السيوطي في الإتقان والزركشي في البرهان.
وللشيخ سعود بن عبدالله الفنيسان وفقه الله رسالة علمية نال بها درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره.
وللدكتور الشايع وفقه الله بحث مطبوع بعنوان أسباب اختلاف المفسرين
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 02:50 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم الإشارات و الإضافات القيمة و المفيدة، و إلى مزيد من التواصل الفعال خدمة لهذا العلم الشريف.
و تفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[18 Sep 2006, 08:32 م]ـ
جهد تشكر عليه ...
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 10:48 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وبعد، فإني أحمد الله إليكم على كل حال. إن هو إلا جهد المقل.
مع الشكر و التقدير لفضيلتكم.
و نسأل الله التوفيق و السداد و حسن الخاتمة.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[19 Sep 2006, 12:10 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال صغير و خفيف
لكنه ذو فائدة عظيمة
بارك الله فيك يا أخي الحبيب
/////////////////////////////////////////////////
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 Sep 2006, 09:51 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لكم تعليقكم اللطيف.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته(/)
أسباب الاختلاف في تفسير القرآن الكريم:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 05:28 م]ـ
إذا تتبع الباحث الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الإختلاف في تفسير القرآن الكريم قد لا يجدها تخرج عن الأسباب التالية:
1 - مخالفة القرآن الكريم وعدم الإعتصام به، وقد نص على ذلك ابن تيمية مرات عديدة في فتاويه، ومن ذلك قوله: " إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الامة ما حدث من التفرق والاختلاف، صار اهل التفرق والاختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسل وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه، فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما، ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى، إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها".
2 - مخالفة السنة وعدم التمسك بها أفضى إلى كثير من الاختلافات في التفسير خاصة أن بالقرآن ما هو مجمل غير مفصل، وعام غير مخصص، مما يحتاج إلى إيضاح وتفسير من قبل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ " كل من خالف الرسول لا يخرج عن الظن وما تهوى الأنفس، فإن كان ممن يعتقد ما قاله وله فيه حجة يستدل بها، كان غايته الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، كاحتجاجهم بقياس فاسد، أو نقل كاذب، أو خطاب ألقي إليهم اعتقدوا أنه من الله وكان من إلقاء الشيطان".
3 - مخالفة الصحابة والتابعين، وهم الصفوة الذين تلقوا القرآن تلاوة وتفسيرا، وإيمانا وعملا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكل من خالفهم في تفسير آي الذكر الحكيم فقد أخطأ في الدليل والمدلول معا مهما أقام من الحجج على صحة مذهبه، فإن ذلك لا يخلو أن يكون استدلالا فاسدا، أو نقلا كاذبا، أو وحيا من الشيطان: " فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب، ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول معا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية".
وهذه الأسباب الثلاثة تبين أن الاختلاف في تفسير القرآن الكريم ليس ناشئا عن النص ذاته، بل هو ناتج عن المنهج المتبع في التفسير، والذي يكون في الأغلب الأعم مغرضا وغير علمي، كما هو الشأن بالنسبة للباطنية والفرق الضالة الذين لا يعتمدون في دينهم على القرآن، ولا على الإيمان الذي جاء به الرسول الكريم، بل على أصول ابتدعها مشايخهم، وهم اضطروا إلى تأويل القرآن على حسب مذهبهم المنحرف ومعتقدهم الباطل حتى لا يرموا بالزندقة والكفر البواح، وحتى يلبسوا على عامة المسلمين دينهم ويفتنوهم عن هديه وصراطه المستقيم.
وهم إنما يفعلون ذلك خوفا من سلطان المسلمين من جهة، ولأنهم يرون أن ذلك هو السبيل الأقوم لإبعاد المسلمين عن دينهم الحنيف.
وهذا الطريق المعوج، والسبيل الملتوي غالبا ما يسلكه بعض الموثورين من الشعوب الحديثة العهد بالإسلام، والذين لم تتشرب قلوبهم بعد حلاوة الإيمان.
وبتحديد الأسباب المفضية إلى الاختلاف في تفسير القرآن الكريم، يكون أهل السنة قد شخصوا الداء الحقيقي الذي يفتك بالأمة، ومن خلال هذا التشخيص بينوا الدواء الكافي، والبلسم الشافي، ألا وهو الاعتصام بالكتاب والسنة، وتتبع أثرهما في كل كبيرة وصغيرة، ففي ذلك لمّ الشعث، واتحاد الأمة، ونفي الفرقة والاختلاف من بينها.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[09 Aug 2006, 12:58 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأرى أن الأستاذ أحمد قد اقتصر في ذكر أسباب الاختلاف في التفسير على الاختلاف المذموم، ولم يتحدث عن غيره ..
وأرى أن الاختلاف الممدوح أوسع بكثير من المذموم، ومن هنا اختلف الصحابة رضي الله عنهم في فهم بعض آيات القرآن الكريم، وتعددت أقوالهم في الآية الواحدة أو اللفظة الواحدة، ولم يكن ثمة سبب من الأسباب التي أشار إليها الكاتب.
ولكن هنا أسباب أخرى، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته، وذكرها الشيخ الدكتور/ مساعد الطيار في كتابه (فصول في أصول التفسير) وغيرهما، مما يسوغ الاختلاف بين العلماء.
وعليه فإن القول (بأن الاختلاف في التفسير ليس ناتجا عن النص ذاته، بل هو ناتج عن المنهج المتبع في التفسير) كما ذكر الكاتب ليس على إطلاقه ..
بل إن من إعجاز القرآن احتمال اللفظ لأكثر من معنى، وإفادة المعنى المتعددة في لفظ واحد، وهذا مما يميز القرآن الكريم
وليس عيبا أن تتعدد الأقوال ما دام الاختلاف سائغا مبينا على أصول وقواعد اللغة العربية، موافقا للكتاب والسنة ... فإذا خرج عن ذلك كان اختلافا مذموما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 02:47 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وبعد، فإ ن تفسير القرآن الكريم مجهود بشري محدود في الزمان و المكان، و هو خطاب لغوي مؤسس على خطاب قرآني متعال عن الزمان و المكان، و من ثم فإنه يعرف بداهة مشروعية الاختلاف، حتى تقرر عند العلماء بالتفسير أن القطع على الله تعالى بالمراد بدعة. و لكن ما أقصده هو الاختلاف في التفسير المبني على الجهل أو الأهواء، مع التجرد من الإخلاص.
نسأل الله التوفيق و السداد. شاكر لكم تعليقكم العلمي المفيد، مع متنياتي بدوام التواصل خدمة لهذا العلم الشريف.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
الفرق بين التفسير والتأويل عند أهل السنة:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 06:25 م]ـ
لاحظ أهل السنة ـ خاصة ابن تيمية ـ أن مشكلة تأويل القرآن الكريم من أخطر المشاكل التي جرت على الأمة كثيرا من الويلات، فهو أولا حادث في الأمة نتيجة الخلاف والفرقة بين المسلمين عشية مقتل الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان، وهو ما يعرف في التاريخ الإسلامي بالفتنة الكبرى، وبعد ذلك صار التأويل مدخلا أساسيا للبدع التي حلت بالدين الإسلامي. وفي ذلك يقول ابن تيمية: " إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرقة والاختلاف صار أهل التفرق والاختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسول وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه. فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى، إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الاحتجاج بها ".
ولما كانت قضية التأويل بذلك الحجم وبتلكم الخطورة، فقد أولاها ابن تيمية قسطا وافيا من الدراسة، متتبعا هذا المشكل من أوله، فلاحظ أن الكلام عموما ينقسم إلى قسمين:
1 - إما أن يكون إنشاء وهو ما تضمن أمرا بالفعل أو الترك.
2 - وإما أن يكون إخبارا بأمور قد مضت كتاريخ وقصص الأمم السابقة، أو بأمور مستقبلية ستحدث، أو بأمور غيبية استأثر الله بعلمها، ومن ذلك المعاد والبعث والقيامة، والجنة والنار، وغيرها من الأمور الغيبية التي أخبر بها القرآن الكريم.
وأما الأول فتأويله هو إتيان ما أمر به المشرع والانتهاء عما نهى عنه، ومن ثم كان السلف يقولون: " إن السنة هو تأويل الأمر. قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي، يتأول القرآن ".
وأما الإخبار " فتأويله عين الأمر المخبر به إذا وقع، ليس تأويله فهم معناه "، فتأويل الخبر إذن ليس هو إدراك معناه، بل إدراك الحقيقة الخارجية له، وهو ما لا يستطيعه الإنسان، فهو فوق مستوى إدراكه، إذ إنه لا يمتلك تصورا ذهنيا لحقيقة تلكم الأمور الغيبية على ما هي عليه في واقعها، " فنحن نعلمها إذا خوطبنا بتلك الأسماء من جهة القدر المشترك بينهما، ولكن لتلك الحقائق خاصية لا ندركها في الدنيا، ولا سبيل إلى إدراكنا لها لعدم إدراك عينها، أو نظيرها من كل وجه، وتلك الحقائق علىما هي عليه هي تأويل ما أخبر الله به ".
وفضلا عن ذلك فهذه الأمور الغيبية قد استأثر الله بعلمها، وحجبها عن الإنسان ـ رحمة به ـ ولن يدركها على ماهي عليه في واقع أمرها، إلا حين يأتي وقت المشاهدة والمعاينة. والحديث عن أنواع الكلام هو بمثابة مدخل ضروري، وتوطئة لازمة لإبراز أنواع التأويل الممكنة. وقد حصرها في ثلاثة أنواع:
أولا: مفهوم التأويل في القرآن الكريم:
بين ابن تيمية أن لفظ التأويل ورد كثيرا في القرآن الكريم، وقد حاول أن يبين المعنى الذي ينبغي أن يفهم من لفظ التأويل في القرآن، وذلك من خلال تتبعه لاستعمالها في السياقات المختلفة التي وردت فيها مع التركيز على تفسير قوله تعالى: {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق}.
فالتأويل معناه هنا تحقق هذه الأمور الغيبية التي أخبر بها القرآن الكريم، على ما هي عليه في واقع أمرها، يقول ابن تيمية: ثم قال: {هل ينظرون إلى تأويله} إلى آخر الآية، إنما ذلك مجيء ما أخبر القرآن بوقوعه من القيامة وأشراطها: كالدابة ويأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ومجيء ربك والملك صفا صفا، وغير ذلك، فحينئذ يقولون:
{قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل}
وهذا القدر الذي أخبر به القرآن من هذه الأمور لا يعلم وقته وقدره وصفته إلا الله ".
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه الحقائق الغيبية الكبرى يتعذر على الإنسان إدراكها، ومن ثم يستحيل تأويل أمثالها مما ورد في القرآن الكريم.
ثانيا: مفهوم التأويل عند السلف:
وأما التأويل عند السلف فله معنيان: الأول: هو نفس مفهوم التأويل في القرآن الكريم، وأما المعنى الثاني عندهم فهو مرادف للفظ التفسير. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "وأما التأويل في لفظ السلف فله معنيان: "أحدهما " تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقاربا أو مترادفا.
وهذا ـ والله أعلم ـ هو الذي عناه مجاهد أن العلماء يعلمون تأويله. ومحمد ابن جرير يقول في تفسيره: القول في تأويل قوله كذا وكذا. واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك ومراده التفسير.
و"المعنى الثاني " في لفظ السلف وهو الثالث من مسمى التأويل مطلقا: هو نفس المراد بالكلام فإن الكلام إن كان طلبا تأويله نفس الفعل المطلوب وإن كان خبرا كان تأويله نفس الشيء المخبر به ".
ثالثا: مفهوم التأويل عند الخلف:
"التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم، هو صرف اللفظ عن المعنى الراجع إلى المعنى المرجوح لدليل يعترن به، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف، فإذا قال أحدهم: هذا الحديث أو هذا النص مؤول أو هو محمول على كذا. قال الآخر: هذا نوع تأويل، والتأويل يحتاج إلى دليل".
وهذا المعنى للتأويل معنى مبتدع، وهو يشكل خطورة كبيرة على عقيدة الامة الإسلامية، وعلى كيانها وسيادتها، إذ أخذ مطية من طرف الروافض، وملاحدة الفلاسفة وغلاة الصوفية، وبالأخص من طرف موثوري الشعوب الدخيلة - لمحاربة الدين الإسلامي، وزعزعة الأمن والنظام في البلاد الإسلامية، ومن ثم وجدنا ابن تيمية يرفضه فيقول: " والتأويل المردرد هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره ".
ويعقد ابن تيمية مقارنة بين معنيي التأويل عند السلف فيبين أن التأويل بمعنى التفسير أو المرادف له هو من باب العلم والشرح والإيضاح، والمتكلم فيه يتحدث عن أشياء قد عقلها وأحسها وكون عنها تصورا كافيا يمكنه من التحدث عنها وهو مطمئن إلى سلامة ما يقول. أما المعنى الثاني للتأويل عند السلف وهو المرادف للحقيقة الخارجية على ما هي عليه في واقعها، فهذا مما لا يستطيع الإنسان إدراكه إذ لا يمتلك تصورا ذهنيا كاملا للموضوع، بل كل ما يعرفه في هذا الأمر هو صفاتها وأحوالها التي اخبره بها المخاطب عن طريق التقريب وضرب المثل: " وبين هذا والذي قبله بون، فإن الذي قبله يكون التأويل فيه من باب العلم والكلام، كالتفسير والشرح والإيضاح، ويكون وجود التأويل في القلب واللسان له الوجود الذهني واللفظي والرسمي. وأما هذا فالتأويل فيه نفس الأمور الموجودة في الخارج، سواء كانت ماضية أو مستقبلة، فإذا قيل: طلعت الشمس، فتأويل هذا نفس طلوعها، ويكون "التأويل " من باب الوجود العيني الخارجي، فتأويل الكلام هو الحقائق الثابتة في الخارج بما هي عليه من صفاتها وشؤونها وأحوالها، وتلك الحقائق لا تعرف على ما هي عليه بمجرد الكلام والإخبار إلا أن يكونا المستمع قد تصورها أو تصور نظيرها بغير كلام وأخبار، ولكن يعرف من صفاتها وأحوالها قدر ما أفهمه المخاطب: إما بضرب المثل، وإما بالتقريب، وإما بالقدر المشترك بينها وبين غيرها، وإما بغير ذلك".
وبهذا النص الهام جدا، يضع ابن تيمية أيدينا على نقطتين هامتين، ترفعان ما يمكن أن توصم به نظرية أهل السنة في التفسير من تناقض واضطراب، وهما:
1 - مرتكزات التفريق بين التفسير والتأويل.
2 - الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها.
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[12 Apr 2009, 10:32 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
جزاك الله خيرا على هذا الإيضاح الموجز
هلا ذكرت لنا أستاذنا الفاضل مراجع هذا الموجز لتعم الفائدة
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[يسري خضر]ــــــــ[13 Apr 2009, 02:20 ص]ـ
[ QUOTE= أحمد بزوي الضاوي;25753]
مفهوم التأويل عند الخلف:
"التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم، هو صرف اللفظ عن المعنى الراجع إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف، فإذا قال أحدهم: هذا الحديث أو هذا النص مؤول أو هو محمول على كذا. قال الآخر: هذا نوع تأويل، والتأويل يحتاج إلى دليل".
وهذا المعنى للتأويل معنى مبتدع، وهو يشكل خطورة كبيرة على عقيدة الامة الإسلامية، وعلى كيانها وسيادتها، إذ أخذ مطية من طرف الروافض، وملاحدة الفلاسفة وغلاة الصوفية، وبالأخص من طرف موثوري الشعوب الدخيلة - لمحاربة الدين الإسلامي، وزعزعة الأمن والنظام في البلاد الإسلامية، ومن ثم وجدنا ابن تيمية يرفضه فيقول: " والتأويل المردرد هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره "جزاك الله خيرا شيخنا الكريم علي هزا البيانوقد كتب الدكتور رشيد بن حسن الألمعي بحثا عن التأويل الفاسد للنصوص وأثره في مسائل الإعتقاد نشر في مجلة الحكمه العدد الثامن والثلاثون جمع فيه الاثار السيئه للتأويل الفاسد في ما يلي
1ـاثر التأويل الفاسد علي الدين وأهله
2ـأثره في هدم أصول الإسلام والإيمان
3ـأثره علي اليهود والنصاري
4ـأثره في الحوادث التي وقعت بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم
5ـاثره في ظهور الفرق الإسلامية
6ـجنايته علي المتكلمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[22 May 2009, 01:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الأستاذ الدكتور يسري خضر ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم تواصلكم، و تقديركم، وإضافتكم العلمية. راجيا من الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، و أن يعلمنا التأويل، ويفقهنا في الدين.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
مرتكزات التفريق بين التفسير والتأويل عند أهل السنة:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 06:37 م]ـ
بين النص السابق أن أهل السنة حددوا مفهومهم للتفسير والتأويل اعتمادا على مراتب الوجود وهي:
1 - علم اليقين: هو ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته مبلغا عن ربه.
2 - عين اليقين: وهو المشاهدة.
3 - حق اليقين: وهو الملامسة.
فالتفسير يخص النوع الأول من الكلام أي الأمر بفرعيه: الفعل والترك، أي ما يصطلح عليه بأحكام القرآن، كما أنه يخص الجانب الأول من المتشابه وهو ما يتعلق بإدراك الخبر القرآني وحده، دون أن يتعلق الأمر بإدراك عين الحقيقة المخبر بها.
ومن تم يمكننا القول إن التفسير عند أهل السنة يشمل جوانب ثلاث، وهي:
1 - إدراك الأحكام التكليفية العملية.
2 - إدراك ما أخبر به الحق سبحانه من أمور غيبية تتعلق بالبعث وأهوال يوم القيامة ومشاهد الجنة والنار وغيرها من الأمور الغيبية التي وردت بالقرآن الكريم.
3 - إدراك ما أثبته الله لنفسه من أسماء وصفات.
وأما التأويل فيتعلق بالجانب الثاني من المتشابه، وهو ما يتعلق بإدراك المخبر به فقط، وهم يلاحظون أن مهمة التأويل خارجة عن القدرة الإنسانية في الفهم والإدراك، ذلك أنه يقوم أساسا على إدراك الحقائق الغيبية على ما هي عليه في عالم المعاينة والمشاهدة، وهذا مما استأثر الله تعالى بعلمه، وهم إذ يفعلون ذلك إنما يتأولون قوله تعالى: {ذلك خير وأحسن تأويلا}.
{هل ينظرون إلا تأويله}.
{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله}.
فهذه الآيات تفيد أن تأويل الأمور الغيبية -بمعنى إدراك الحقيقة التي هي عليها في واقع أمرها -هو من العلم الذي استأثر الله به، وخص به ذاته المقدسة ولم يطلع عليه أحدا من خلقه.
ومما سبق يتبين لنا أن التأويل عند أهل السنة لا يخرج عن هذه الأمور الثلاث:
1 - التفسير والبيان، وهو ما درجوا على استعماله في تفاسيرهم، وهو المفهوم من أقوال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقوال الصحابة والتابعين.
2 - إدراك الحقيقة الواقعية، وهذا مما استأثر الله بعلمه، وهم لا يخوضون في القضايا الغيبية على طريقة المتكلمين والفلاسفة والروافض وغلاة الصوفية، بل يوجهون كل جهودهم إلى معرفة هذه الحقائق وتمييز بعضها عن بعض، ففي الصفات مثلا لا يحاولون إدراك معنى الصفة على ما هي عليه حقيقة، بل يحاولون التعرف على معنى الصفة كما وردت في القرآن الكريم، وفي الحديث النبوي الشريف، بحيث يفهمون من صفة القدرة غير ما يفهمونه من صفة الكلام والعلم وهكذا.
3 - والمعنى الثالث للتأويل استنبطوه من الحديث الذي روته السيدة عائشة: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي بتأول القرآن) تعني قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.
والتأويل هنا معناه تنفيذ الأمر الرباني، أمرا كان أم نهيا.
ثانيا: الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها:
للتفريق بين تأويل الآية وفهم معناها، ناقش علماء أهل السنة ما إذا كان في القرآن شيء لا يدرك معناه، ومن ثم يحرم الخوض فيه.
ومن خلال مراجعتنا لآراء كل من ابن عطية والطبري، والزركشي، وابن تيمية في هذا الموضوع، تبين لنا أنهم يعترفون بأن في القرآن أشياء استأثر الله تعالى بعلمها، وهي من قبيل الغيبيات كأسماء الله وصفاته، والجنة والنار، ونحو ذلك من الأمور الغيبية المستقبلية كخروج الدابة، والنفخ في الصور، وعدد النفخات، ومن ذلك قول الإمام الطبري: " وأن نمه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك، فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا المعنى الذي أورده الإمام الطبري حملوا الاحاديث الواردة في النهي عن التفسير القرآني الكريم، يقول الزركشي في " البرهان ": " ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل لقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} وقوله: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}. وقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم}. فأضاف البيان إليهم، وعليه حملوا قوله صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار). رواه البيهقي من طرق، من حديث ابن عباس. وقوله صلى الله عليه وسلم: (من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ). أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال غريب من حديث ابن جندب.
وقال البيهقي في "شعب الإيمان" هذا إن صح، فإنما أراد ـ والله أعلم ـ الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل، وكذلك لا يجوز تفسير القرآن به.
وأما الرأي الذي يسنده برهان فالحكم به في النوازل جائز، وهذا معنى قول الصديق: " أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي".
وهذا الأمر نفسه دفع القرطبي (ت671هـ) في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن" والإمام ابن عطية (ت 546هـ) في تفسيره "الجامع المحرر الوجيز" إلى مناقشة الحديث الذي روته السيدة عائشة والذي بينت فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر من القرآن إلا بضع آيات وبوحي من الله عز وجل، يقول ابن عطية: " روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (ما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفسر من كتاب الله إلا آيات بعدد علمه إياهن جبريل).
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ: " ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوفيق من الله تعالى، ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه، ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السموات والأرض".
ولا يفهم من كلام هؤلاء العلماء أن في القرآن ما لا يفهم معناه، بحيث يكون بالنسبة لذي العلم باللسان العربي، بمثابة الكلام الأعجمي الذي لا يفقه منه شيئا، بل يستفاد من أقوالهم أن هناك أمورا أخبر بها القرآن، كصفات الله وأسمائه مثلا. فهذه فعلا يستحيل على الإنسان فهمها على ما هي عليه في واقع أمرها. وبتعبير آخر لا يدرك الإنسان حقيقتها الخارجية، ولكنه يدرك حقيقتها العلمية بحيث يفهم من كل صفة غير ما يفهمه من الصفات الاخرى. وفي ذلك يقول ابن تيمية ـ مبطلا قول من جعل أسماء وصفات الله سبحانه من المتشابه الذي لا يفهم معناه ـ: " أما الدليل على بطلان ذلك فإني لا أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا أحاديث الصفات تمر كما جاءت، وينهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه".
وانطلاقا من هذه النقطة بدأ ابن تيمية يبين الفرق بين تأويل الآية وفهم معناها. وذلك عبر مرحلتين:
المرحلة الأولى:
ناقش فيها من يدعون أن القرآن يتضمن ما لا يفهم معناه، ومن ثم يتعين عدم الخوض فيه، وذلك حيث يقول: " قال: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله). أي كذبوا بالقرآن الذي لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. وأن الإحاطة بعلم القرآن ليست إتيان تأويله: فإن الإحاطة بعلمه معرفة معاني الكلام على التمام، وإتيان التأويل نفس وقوع المخبر به، وفرق بين معرفة الخبر وبين المخبر به، فمعرفة الخبر هي معرفة تفسير القرآن، ومعرفة المخبر به هي معرفة تأويله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونكتة ذلك أن الخبر لمعناه صورة علمية وجودها في نفس العالم كذهن الإنسان مثلا، ولذلك المعنى حقيقة ثابتة في الخارج عن العلم، واللفظ إنما يدل ابتداء على المعنى الذهني، ثم تتوسط ذلك أو تدل على الحقيقة الخارجة، فالتأويل هو الحقيقة الخارجة، وأما معرفة تفسيره ومعناه فهو معرفة الصورة العلمية، وهذا هو الذي بيناه فيما تقدم أن الله إنما أنزل القرآن ليعلم ويفهم، ويفقه ويتدبر ويتفكر فيه، محكمه ومتشابهه، وإن لم يعلم تأويله ".
وهكذا يبين ابن تيمية أن تأويل الآية هو غير فهم معناها، وبذلك يفند رأي من قالوا بعدم الخوض في آيات الصفات لأنها مما استأثر الله بعلمه، وأنها بمثابة قول أعجمي لا يفقه له معنى، وهم إنما يفعلون ذلك لأحد أمرين.
1 - إنتصارا للهوى والمذهب، كالمعطلة وغيرهم من الفرق الضالة التي أحدثث في الإسلام أقوالا، وأفعالا غريبة عن طبيعته، وشاذة عن هديه وصراطه المستقيم: " وأما أولئك -كنفاة الصفات من الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم، وكالفلاسفة -فيجعلون ما ابتدعوه هم برأيهم هو المحكم الذي يجب اتباعه، وإن لم يكن معهم من الأنبياء والكتاب والسنة ما يوافقه، ويجعلون ما جاءت به الأنبياء وإن كان صريحا قد يعلم معناه بالضرورة، ويجعلونه من المتشابه، ولهذا كان هؤلاء أعظم مخالفة للأنبياء من جميع أهل البدع ".
2 - أو خوفا من أن تتسرب بعض المفاهيم البعيدة عن الإسلام إليه إذا فتح باب التأويل على مصراعيه، وذهب إلى ذلك بعض علماء أهل السنة.
وافحاما لهؤلاء جميعا، وإقامة للحجة عليهم يبين ابن تيمية أن دعواهم -بأن أسماء الله وصفاته من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله- لا أساس لها من الصحة ولا سند لها، ومن ثم فهي محض افتراء، وادعاء باطل وقول مبتدع، وحادث في الملة: "وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله ... من قال إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول: أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة لا أحمد ابن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: تمر كما جاءت، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه، كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد، والفضائل، وغير ذلك ".
المرحلة الثانية:
أما المرحلة الثانية فيرد فيها على من يزعمون أن كل ما تضمنه القرآن يمكن تأويله، معتمدين في ذلك على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يدعو فيه لابن عباس أن يعلمه الله تأويل الكتاب. ون هؤلاء غلاة الشيعة والصوفية والملاحدة وغيرهم من الفرق الباطنية. يقول ابن تيمية: "وما أحسن ما يعاد التأويل إلى القرآن كله فإن قيل: فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد ا بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)، قيل أما تأويل الأمر والنهي فذاك يعلمه، واللام هنا للتأويل المعهود، لم يقل: تأويل كل القرآن فالتأويل المنفي هو تأويل الأخبار التي لا يعلم حقيقة مخبرها إلى الله. والتأويل المعلوم هو الأمر الذي يعلم العباد تأويله، وهذا كقوله: {هل ينظرون إلى تأويله يوم يأتي تأويله}. وقوله: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله}. فإن المراد تأويل الخبر الذي أخبر فيه عن المستقبل، فإنه هو الذي " ينتظر " و " يأتى " و " لما يأتهم "، وأما تأويل الأمر والنهي فذاك في الأمر، وتأويل الخبر عن الله وعمن مضى إن أدخل في التأويل لا ينتظر. والله سبحانه أعلم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وأهل السنة يعترفون أن التفسير يعتمد النقل بالأساس، والتأويل يعتمد الإستدلال والإستنباط أساسا، ومن ثم راحوا يوضحون منهجهم في التأويل حتى لا يلتبس بمفهوم التأويل عند الفرق الضالة التي تلتجىء إليه انتصارا للرأي والمذهب والهوى.
يقول الزركشي في كتابه "البرهان": "وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الإجتهاد فيه، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه على ما تقدم بيانه، وكل لفظ احتمل معنيين فهو قسمان:
أحدهما: أن يكون أحدهما أظهر من الآخر، فيجب الحمل على الظاهر إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي دون الجلي فيحمل عليه.
الثاني: أن يكونا جليين والإستعمال فيهما حقيقة. وهذا على ضربين:
أحدهما حقيقة لغوية، وفي الآخر حقيقة حقيقة شرعية. فالشرعية أولى إلا أن تدل قرينته على إرادة اللغوية نحو قوله تعالى: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}. وكذلك إذا دار بين اللغوية والعرفية، فالعرفية أولى لطريانها على اللغة، ولو دار بين الشرعية والعرفية، فالشرعية أولى لأن الشرع ألزم ".
وهذا النص الهام يبين لنا عنصرين هامين من عناصر المنهج السني:
أولهما: أن أهل السنة لا يتنكرون لحقيقة قائمة كما هو الشأن بالنسبة للتأويل، فرغم أنهم يعلمون خطورته البالغة على عقيدة المسلم، وعلى كيان الدولة المسلمة ككل - إذ هو المدخل الذي تنفذ منه كل الدعاوي الباطلة والمذاهب الهدامة- رغم كل ذلك نجدهم يقررون أهميته، ويعترفون به لا كأمر واقع فحسب، بل كأداة منهجية يستدعى استخدامها النص القرآني، إذ هناك كثير من المواقف التي تتطلب من المفسر أن يستعمل فيها الإستدلال والإستنباط للوقوف على المعنى الحقيقي للآية أو السورة التي يروم تفسيرها.
الثاني: إن قبولهم التأويل واعترافهم به لا يعني التسليم بكل تأويل، بل وضعوا المنهج القويم للتأويل المرتضى، وأسسوه على قاعدة منهجية وعلمية وموضوعية، بحيث يكون النص هو الذي يفرض الأداة المنهجية التي ينبغي أن نتعامل معه بها، وألا نسقط عليه أدوات منهجية غريبة عنه تفضي بنا ـ في النهاية ـ إلى مفارقات صارخة، وإلى نتائج غريبة عن طبيعة الإسلام العقدية والشرعية.
فما ينبغي أن يعرف من موقف أهل السنة في قضية التأويل إجمالا أنهم لم يرفضوه بالكلية، وإنما رفضوا المعنى الأخير، الذي قال به متأخروا المتكلمين والفلاسفة والأصوليين وغيرهم، حيث يصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وقد رفضوه لأنه استحدث في الأمة لأغراض غير نزيهة وغير علمية، ذلك أنه المدخل الذي تلج منه البدع والضلالات بعد أن تلبس ثوب الشريعة الإسلامية، وتصبغ بصبغتها في الظاهر، لتجنب نفسها المعارضة الشعبية التي كانت ستواجهها حتما إن هي أسفرت عن باطلها وضلالها.
في الوقت نفسه نجد علماء أهل السنة يقررون المعنى القرآني للتأويل، وهو رد الشيء المخبر به إلى حقيقته وآماله، وينصون على أن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه، ومن ثم لم يجوزوا الخوض فيه موضحين أن المنهج السليم هو إثبات المعنى الذي جاء به القرآن الكريم، والقول به من غير زيادة أو نقصان.
كما أنهم قالوا بمعنى التأويل الذي ورد عن السلف وهو ما يفيد التفسير والبيان من جهة، وتنفيذ الأمر الرباني - أمرا كان أو نهيا - من جهة أخرى، وهذا مما أفاضوا الكلام فيه.(/)
أسباب الاختلاف في تفسير القرآن الكريم:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[03 Aug 2006, 01:28 ص]ـ
إذا تتبع الباحث الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الإختلاف في تفسير القرآن الكريم قد لا يجدها تخرج عن الأسباب التالية:
1 - مخالفة القرآن الكريم وعدم الإعتصام به، وقد نص على ذلك ابن تيمية مرات عديدة في فتاويه، ومن ذلك قوله: " إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الامة ما حدث من التفرق والاختلاف، صار اهل التفرق والاختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسل وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه، فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما، ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى، إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها".
2 - مخالفة السنة وعدم التمسك بها أفضى إلى كثير من الاختلافات في التفسير خاصة أن بالقرآن ما هو مجمل غير مفصل، وعام غير مخصص، مما يحتاج إلى إيضاح وتفسير من قبل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ " كل من خالف الرسول لا يخرج عن الظن وما تهوى الأنفس، فإن كان ممن يعتقد ما قاله وله فيه حجة يستدل بها، كان غايته الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، كاحتجاجهم بقياس فاسد، أو نقل كاذب، أو خطاب ألقي إليهم اعتقدوا أنه من الله وكان من إلقاء الشيطان".
3 - مخالفة الصحابة والتابعين، وهم الصفوة الذين تلقوا القرآن تلاوة وتفسيرا، وإيمانا وعملا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكل من خالفهم في تفسير آي الذكر الحكيم فقد أخطأ في الدليل والمدلول معا مهما أقام من الحجج على صحة مذهبه، فإن ذلك لا يخلو أن يكون استدلالا فاسدا، أو نقلا كاذبا، أو وحيا من الشيطان: " فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب، ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول معا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية".
وهذه الأسباب الثلاثة تبين أن الاختلاف في تفسير القرآن الكريم ليس ناشئا عن النص ذاته، بل هو ناتج عن المنهج المتبع في التفسير، والذي يكون في الأغلب الأعم مغرضا وغير علمي، كما هو الشأن بالنسبة للباطنية والفرق الضالة الذين لا يعتمدون في دينهم على القرآن، ولا على الإيمان الذي جاء به الرسول الكريم، بل على أصول ابتدعها مشايخهم، وهم اضطروا إلى تأويل القرآن على حسب مذهبهم المنحرف ومعتقدهم الباطل حتى لا يرموا بالزندقة والكفر البواح، وحتى يلبسوا على عامة المسلمين دينهم ويفتنوهم عن هديه وصراطه المستقيم.
وهم إنما يفعلون ذلك خوفا من سلطان المسلمين من جهة، ولأنهم يرون أن ذلك هو السبيل الأقوم لإبعاد المسلمين عن دينهم الحنيف.
وهذا الطريق المعوج، والسبيل الملتوي غالبا ما يسلكه بعض الموثورين من الشعوب الحديثة العهد بالإسلام، والذين لم تتشرب قلوبهم بعد حلاوة الإيمان.
وبتحديد الأسباب المفضية إلى الاختلاف في تفسير القرآن الكريم، يكون أهل السنة قد شخصوا الداء الحقيقي الذي يفتك بالأمة، ومن خلال هذا التشخيص بينوا الدواء الكافي، والبلسم الشافي، ألا وهو الاعتصام بالكتاب والسنة، وتتبع أثرهما في كل كبيرة وصغيرة، ففي ذلك لمّ الشعث، واتحاد الأمة، ونفي الفرقة والاختلاف من بينها.(/)
التأويل المقبول والتأويل المردود:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[03 Aug 2006, 02:06 ص]ـ
يكاد أهل السنة يجمعون على قبول التأويل المبني على أصول اجتهادية صحيحة، وقواعد منهجية وعلمية مقررة وثابتة تمكن المفسر من سبر أغوار الخطاب القرآني ورفع الحجب عن معانيه.
ومن هذا المنطلق نجدهم قد أسهبوا في مناقشة الأحاديث النبوية ورد النهي فيها عن التفسير بالرأي، منها ما رواه "يحيى بن طلحة اليربوعي، قال حدثنا شريك عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من قال
في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار).
والحديث الذي رواه ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي جاء فيه: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار).
وقد لخص الإمام الزركشي آراء العلماء في مناقضة هذه الأحاديث، فحمل النهي فيها على تأويل الخطاب القرآني بمجرد الرأي والهوى، أي من غير أن يكون هناك منهج علمي يقيم الدليل، ويقرع الحجة بالحجة، بل هو مجرد رأي مجتث الجذور لا أصل له ولا قاعدة، مخالف للمنطق والوقع والعلم لأنه نابع عن تعصب أعمى للذات والهوى، مما يحجب عنها الحقيقة التي لا تتجلى إلا لمن أخلص في طلبها من أجل ذاتها لا لأي مقصد او هدف آخر. يقول الزركشي: "ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والاجتهاد من غير أصل لقوله تعالى: {لا تقف ما ليس لك به علم}. وقوله: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}. وقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} فأضاف البيان إليهم.
وعليه حملوا قوله صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) رواه البيهقي من طرق من حديث ابن عباس. وقوله صلى الله عليه وسلم: (من تكلم في القرآن برأيه فاصاب فقد أخطأ)، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وقال غريب من حديث ابن جندب.
وقال البيهقي في "شعب الإيمان "هذا إن صح فإنما أراد -والله أعلم- الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، فمثل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل. وكذلك لا يجوز تفسيره القرآن به.
وأما الرأي الذي يسنده برهان فالحكم به في النوازل جائز، وهذا معنى قول الصديق: " أي سماء تظللني، وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله برأيي".
وقد بحث علماء أهل السنة الأسباب التي تجعل من هذا التأويل تأويلا مقبولا، ومن الآخر تأويلا مردودا، وهي ما يمكن أن نصطلح عليه بمرتكزات التفريق بين التأويل المردود والتأويل المقبول، وسنحاول أن نعرض آراء هؤلاء العلماء وذلك لما تفصح عنه من دقة منهجية وأصالة علمية، وشمولية في التفكير، وفي معالجة القضايا المشكلة، ولما تتضمنه من موضوعية حقة تتحقق في أبحاث كثير من دعاة العلمية والموضوعية.
أولا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند ابن عطية (ت 671هـ):
يرى ابن عطية أن السبب الرئيسي في جعل التأويل مردودا هو سبب منهجي، ذلك أن من يروم تفسير القرآن الكريم لابد أن يزود نفسه بجملة علوم ضرورية تمكنه من سبر أغوار الآيات والسور القرآنية والكشف عن معانيها وإدراك، أحكامها وفقه توجيهاتها، ومن ثم فإنه لا يجوز لكل ذي تخصص معين أن يفسر القرآن الكريم من جانب تخصصه فقط. فصاحب اللغة يفسر لغته، وصاحب النحو يفسر نحوه، وصاحب الفقه يفسر آيات الأحكام، فأصحاب الاختصاص بتعبيرنا اليوم، وأهل الجهة باصطلاح السلف الصالح، هم وحدهم الذين يجوز لهم تفسير ما لم يرد فيه نص من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين. وهذا نص كلام ابن عطية في هذه المسألة: " ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) ومعنى هذا: أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء، أواقتضته قوانين العلوم كالنجوم والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته، والنحاة نحوه، والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر. فإن هذا القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وهنا تبدو المنهجية العلمية واضحة جلية، ويتضح أن تفسير القرآن الكريم ليس عملا هينا، بل هو عمل علمي جبار يحتاج إلى دراية، وخبرة وتمرس، فضلا عما يحتاجه المفسر من ملكات مبدعة وقدرات فذة، تمكنه من التفاعل مع الخطاب القرآني والتجاوب معه، مما يفتح الباب أمامه للكشف عن بعض حقائق الذكر الحكيم.
ثانيا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند الإمام الطبري (ت310هـ):
والإمام الطبري يحصر الأسباب التي تجعل التأويل مردودا في أسباب نصية داخلية، ذلك أن من النصوص ما لا يدرك علمها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه النصوص يتعين التوقف عندها، ولا يقال فيها أبدا، لأن ذلك مجازفة علمية خطيرة، قد تفضي إلى تشويش العقيدة الإسلامية، وتحريف الشريعة وإدخال البدع والضلالات، وبالتالي إحلال الفرقة والخلاف بين المسلمين، ومن ثم نص الطبري في تفسيره على أن: " ما كان من تأويل أي القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بنصية الدلالة عليه، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه، بل القائل في ذلك برأيه ـ وإن أصاب الحق فيه ـ فمخطئ فيما كان من فعله بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان، والقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم، وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي جعل الله إليه بيانه، قائل بما لا يعلم، وإن وافق قيله ذلك في تاويله ما أراد الله به من معناه، لأن القائل فيه بغير علم، قائل على الله ما لا علم له به ".
وهذا النص يفصح عن عقلية منضبطة بمنطق علمي، وبمنهج ثابت الأصول والقواعد، قرره الكتاب والسنة، وأكدته أعمال وأبحاث السلف الصالح الذين كانوا يتورعون عن الخوض في ما لا علم لهم به، حتى أثرت عنهم كلمة "لا أدري" في كثير من القضايا والأمور التي استفتوا فيها، بل جعلوا "لا أدري" قاعدة ثابتة من قواعد المنهج الإسلامي في البحث، فأثر عن الإمام مالك-رحمه الله- قوله: "العلم آية محكمة،
أو سنة مبينة ثابتة، أو: لا أدري".
وليس في هذا حجر على العقول كما يزعم البعض، بل هو السبيل الأمثل للتوظيف الصحيح لكل الطاقات العقلية والفكرية والوجدانية التي حبانا الله بها، وهو التجرد للعلم وللحقيقة بحيث لا يكون الهوى أو الانتصار للمذهب هو الذي يتحكم ويرسم طريق البحث وتحصيل العلم والمعرفة. ومن هنا "دخل الإلتزام بكلمة "والله أعلم". يثبتها علماء الإسلام بعد الذي يقدمون أو يدونون من علم، وتلقانا "والله اعلم" في تراث السلف الصالح، فيتندر بها من لا يدرون أنها من تحرج العلماء، ولعلها التي تحمي الامة من جرأة من يجسر على ادعاء العلم بكل شيء، وما خشي نبينا صلى الله عليه وسلم على الدين إلا من آفته (آفة الدين ثلاث: فقيه فاجر، وإمام جائر، ومجتهد جاهل) ".
ثالثا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند الإمام الغزالي (ت 505هـ):
يرى الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ في كتابه الجامع "إحياء علوم الدين" أن النهي عن تأويل القرآن الكريم إنما هو نهي عن نوعين من التأويل وهما:
1 - التأويل المذهبي الذي يحكم الرأي والهوى في تفسير القرآن الكريم بحيث يكون هذا الأخير تابعا لا متبوعا.
2 - التأويل الذي يحمل المعنى فيه على ظاهر اللغة العربية.
ويفصل الإمام الغزالي القول في ذلك فيقول: "وأما النهي فإنه ينزل على أحد وجهين (أحدهما): أن يكون له في الشيء رأي، وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأول له من القرآن ذلك المعنى، وهذا تارة يكون من العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته، وهو يعلم أنه ليس المراد بالآية ذلك، ولكن يلبس به على خصمه، وتارة يكون مع الجهل برأيه وهواه، فيكون قد فسر برأيه، أي رأيه هو الذي حمله على ذلك التفسير، ولولا رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه، وتارة قد يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به. فهذه الفنون أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي، ويكون
(يُتْبَعُ)
(/)
المراد بالرأي الرأي الفاسد الموافق للهوى دون الاجتهاد الصحيح، والرأي يتناول الصحيح والفاسد، والموافق للهوى قد يخصص باسم الرأي.
والوجه الثاني: أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية، من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن، وما فيه من الألفاظ المهمة والمبدلة، وما فيه من الاختصار والحذف، والإضمار والتقديم والتأخير، فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه، ودخل في زمرة من يفسر بالرأي".
وهذه الأسباب التي تحدث عنها الإمام الغزالي كلها أسباب خارجية وليست نصية، أي أنها غير نابعة من النص، بل هي أخطاء منهجية بتجاوزها إلى قواعد منهجية علمية وسليمة قد يصبح التأويل مقبولا من الناحية الشرعية أولا، ومن الناحية العقلية المنطقية ثانيا.
رابعا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند الراغب الأصفهاني (ت 502هـ):
تمشيا مع منهج أهل السنة في قضية التأويل، نجد الراغب الأصفهاني في كتابه " مقدمة التفسير" " لا يرفض التأويل بصفة كلية، بل يبين أن التأويل نوعان منه ماهو مردود مرفوض، ويصطلح عليه بالتأويل المستكره، ومنه ما هو مقبول ويصطلح عليه بالتأويل المنقاد، ويضرب أمثلة للتأويل المستكره، يمكن أن نستخلص منها الأسباب التي جعلته يكون مرفوضا من طرق هذا العالم الجليل، ويمكن حصرها في أربعة أسباب منهجية خارجية عن النص وهي:
1 - التلفيق بين لفظين كل منهما ورد في سياق مخالف للسياق الذي ورد فيه الآخر.
2 - ما يفسر بحديث موضوع أو ضعيف، واصطلح عليه بخبر مزور أو كالمزور.
3 - ما يفسر تفسيرا لغويا متعسفا.
وهذا نص كلامه: " والتأويل نوعان مستكره ومنقاد. فالمستكره ما يستبشع إذا سبر بالحجة ... وذلك على أربعة أضرب. الأول أن يكون لفظ عام فيخصص في بعض ما يدخل تحته نحو قوله تعالى: {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين}، حمله بعض الناس على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقط. والثاني أن تلفق بين اثنين نحو قول من زعم أن الحيوانات كلها مكلفة بقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}. وقد قال تعالى: {وما من دابة في الارض. ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}. فدل بقوله أمم أمثالكم أنهم مكلفون كما نحن مكلفون. والثالث ما استعين فيه بخبر مزور أو كالمزور كقول بعضهم في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} عني به الجارحة مستدلا بحديث موضوع. والرابع ما يستعان فيه باستعارات واشتقاقات بعيدة كما قال بعض الناس في البقر إنه إنسان يبقر عن أسرار العلوم. وفي الهدهد إنه إنسان موصوف بجودة البحث".
ويبين بعد ذلك الراغب الأصفهاني المجالات العلمية التي يغلب عليها كل ضرب من هذه الأخطاء المنهجية الأربع فيقول: " فالأول أكثر ما يروج على المتفقهة الذين لم يقووا في معرفة الخاص والعام. والثاني على المتكلم الذي لم يقو في معرفة شرائط النظم. والثالث على صاحب الحديث الذي لم يتهذب في شرائط قبول الأخبار. والرابع على الأديب الذي لم يتهذب بشرائط الاستعارات والاشتقاقات".
وأما التأويل المنقاد عند الراغب فهو التأويل المقبول، وهو ما سلم من عيوب التأويل المستكره، وهو مما قد يقع الخلاف فيه بين الراسخين في العلم. وموجبات الخلاف هنا هي غير موجبات الخلاف في التأويل المستكره، ذلك أنها هنا تكون كلها راجعة إلى النص ذاته، في حين نجدها في التأويل المستكره ترجع إلى أسباب منهجية خارجة عن النص، بل تكون مفروضة عليه وليست نابعة منه ولا هو يستدعيها، مما يؤدي إلى مفارقات غريبة في الإستنباط والنتائج. وفي ذلك يقول الأصفهاني: " والمنقاد من التأويل مالا يعرض فيه البشاعة المتقدمة، وقد يقع الخلاف فيه بين الراسخين في العلم لاحدى جهات ثلاث، وإما لاشتراك في اللفظ نحو قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} هل هو من بصر العين، أو من بصر القلب، أو لأمر راجع إلى النظم نحو قوله تعالى: {وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا}، هل هذا الإستثناء مقصور على المعطوف، أو مردود إليه وإلى المعطوف عليه معا. وإما لغموض المعنى، ووجازة اللفظ نحو قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن خلال هذه الدراسة المنهجية والتحليل العلمي للقضايا المشكلة، تبدو لنا الدقة المنهجية في البحث، والخبرة بتحليل النصوص وسبر أغوارها، مما يفصح عما كان يتمتع به الراغب الأصفهاني من عقلية علمية ومنهجية نحن أحوج ما نكون إليها اليوم.
خامسا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند الزركشي (ت 794هـ):
ينص الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن " على أن النهي عن التأويل، إنما اقتصر على المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وهذا هو السبب الداخلي أي النص الوحيد الذي يعتبره من موانع التأويل، أو من موجبات رده وعدم قبوله بل الأخذ به. وفي ذلك يقول:" النهي إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه، كما قال تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه}. لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق، فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة، فإذا كان كذلك جاز لمن عرف لغات العرب، وشأن النزول أن يفسره، وأما من كان من المكلفين ولم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره إلا بمقدار ما سمع، فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على سبيل التفسير، فلا بأس به، ولو أنه يعلم التفسير فأراد أن يستخرج من الآية حكمة أو دليلا لحكم فلا بأس به، ولو قال المراد من الآية كذا من غير أن يسمع شيئا فلا يحل، وهو الذي نهى عنه".
ويفهم من النص أن من التأويل ـ وهو الذي يصطلح عليه بالتأويل المردود ـ ما يكون محظورا على أهل الاختصاص ـ أو ما يعرف عند السلف الصالح بأهل الجهة ـ الخوض فيه. ومنه ما يجوز لهم الخوض فيه، ولكنه محظور على العوام ويدخل ضمنهم كل من لم يستكمل شروط المقسر العلمية والدينية.
أما الأسباب المنهجية الخارجية الموجهة لرد التأويل، وعدم الاخذ به فيحصرها الزركشي في سببين:
1 - معارضة القرآن بالرأي والمذهب والهوى. وفيه يقول: فأما التأويل المخالف للآية والشرع فمحظور لأنه تأويل الجاهلين، مثل تأويل الروافض لقوله تعالى: {مرج البحرين يلتقيان} أنهما علي وفاطمة. (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) يعني الحسن والحسين - رضي الله عنهما - وكذلك قالوا في قوله تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل} إنه معاوية وغير ذلك".
2 - الجهل بعلوم اللغة وبعلم أصول الفقه، وفي هذا السبب المنهجي يقول الزركشي: " وإذا تقرر ذلك فينزل قوله تعالى: (من تكلم في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) على قسمين من هذه الأربعة:
أ- أحدهما: تفسير اللفظ لاحتياج المفسر له إلى التبحر في معرفة لسان العرب.
ب- الثاني: حمل اللفظ المحتمل على أحد معنييه، لاحتياج ذلك إلى معرفة أنواع من العلوم: علم العربية واللغة والتبحر فيهما، ومن علم الأصول ما يدرك به حدود الأشياء، وصيغ الأمر والنهي، والخبر والمجمل والمبين، والعموم والخصوص، والظاهر والمضمر، والمحكم والمتشابه والمؤول، والحقيقة والمجاز، والصريح والكتابة، والمطلق والمقيد".
سادسا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند ابن تيمية:
يرى الإمام ابن تيمية أن الأسباب الرئيسية في رد التأويل، وعدم الأخذ به تكمن في الأدوات المنهجية الموظفة في تفسير القرآن الكريم، والتي تفتقر إلى النزاهة والموضوعية العلمية، ويمكننا أن نجمل الأسباب في نقطتين:
1 - عدم التقيد بمصادر التفسير المتفق عليها عند أهل السنة، بحيث لا يقال في التفسير بالاجتهاد والرأي، إلا بعد أن يطلب تفسيرها في القرآن ثم في السنة، ثم في أقوال الصحابة، ثم في أقوال التابعين. فإذا استنفدنا البحث واستفرغنا الجهد في هذه المصادر كلها ولم نجد تفسيرا للآية أو السورة التي نروم تفسيرها، عندها فقط يجوز الإجتهاد في تفسيرها لمن توفرت فيه شروط الأهلية، واكتملت لديه وسائل الاجتهاد وأدواته، وهي ما يصطلح عليه السلف الصالح بعلوم الآلة، وهي علوم ضرورية لكل من يريد أن يفسر الذكر الحكيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وابن تيمية ينص في هذا السبب على أنه يتعين على من يشتغل بالتفسير أن لا يقول برأيه في آية ثبت تفسيرها من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومما ينبغي أن يعلم أن القرآن والحديث إذ عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة فإنه قد عرف تفسيره، وما أريد بذلك من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم، ولهذا قال الفقهاء " الأسماء ثلاثة أنواع " نوع يعرف حده بالشرع كالصلاة والزكاة، ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر، ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) ".
2 - معارضة القرآن بالرأي والذوق والوجوه، في حين يتعين على المفسر أن لا يعارض القرآن إلى بالقرآن، أو بما صح من السنة التي تفسره وتوضحه، ولا يجوز إطلاقا ـ وذلك هو مذهب السلف ـ معارضته لا بالمعقول ولا بالقياس، ولا بالرأي ولا بالوجد، ولا بأي شيء من ذلك كله، فقد " كان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله، ولا قياسه ولا وجده. فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات، والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم ... فكان القرآن هو الإمام الذي يقتدى به، ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق ووجد ومكاشفة، ولا قال قط قد تعارض في هذا العقل والنقل، فضلا عن أن يقوم فيجب تقديم العقل والنقل ـ يعني القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين ـ إما أن يفوض وإما أن يؤول ... ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية إلا بآية أخرى تفسرها وتنسخها، أو بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسرها، فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتدل عليه وتعبر عنه".
وحتى لا ينخرم ما بنى عليه ابن تيمية حكمه ـ من أن السلف لم يكن يعرف لديهم معارضة القرآن بالعقل والرأي والذوق، أو الوجد والقياس ـ يناقش كيفية ظهور البدع الأولى، فيبين أن بدعة الخوارج لم تكن نتيجة معارضتهم القرآن الكريم بالرأي أو العقل أو القياس أو الوجد أو شيء من ذلك، بل كانت نتيجة سوء فهمهم للقرآن الكريم لا غير. وفي ذلك يقول ابن تيمية "وكانت البدع الأولى مثل " بدعة الخوارج " إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ كان المؤمن هو البر التقي، قالوا: فمن لم يكن برا تقيا فهو كافر، وهو مخلد في النار، ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله ".
وحتى لا تضيع المقاييس أو تلتبس بغيرها، يبين الأصل والقاعدة المنهجية، الفاصلة والمميزة بين منهج أهل السنة في البحث العلمي، وبين منهج أهل البدعة، فأهل السنة لا يتكلمون في شيء من الدين إلا اتباعا لما جاء به أهل الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أراد العالم السني معرفة شيء من الدين نظر في الكتاب والسنة، فهما المعين والمصدر الذي لا ينضب، وهما اللذان يمدانه بالمعرفة الحقيقية التي لا يحتاج بعدها إلى أي معرفة أخرى. كيف لا وهي معرفة تفجرت من عرش الرحمن، ورشحت على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أما أهل البدعة فهم يجعلون آراءهم ومواجيدهم وعقولهم وأذواقهم، هي الأصل الذي يستمدون منه تصورهم للوجود كله، ثم ينظرون في الكتاب والسنة فإن وجدوا فيهما ما يوافق مذهبهم، أو هواهم أو مواجيدهم، اتخذوه حجة على صحة مذهبهم وسلامة منزعهم، وإن وجدوهما يخالفان ما ذهبوا إليه، أعرضوا عنهما بدعوى تفويض أمره إلى الله تعالى، أو حرفوهما بدعوى التأويل.
يقول ابن تيمية: " فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلى تبعا لما جاء به الرسول، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال، فيكون قوله تبعا لقوله، وعلمه تبعا لأمره. فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، لهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول، بل على ما رأوه أو ذاقوه، ثم إن وجدوا السنة توافقهم وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا، أو حرفوها تأويلا".
وابن تيمية إذ يحصر الأسباب التي تجعل التأويل مردودا في المنهجية المتبعة في التفسير - أي أنها كلها أسباب خارجية عن النص، وليست متولدة منه - ينطلق من قاعدة أساسية سطرها عند تحديد موقفه من التأويل، والتي تنص على أن كل ما في القرآن يستطيع أهل العلم وأهل الإختصاص الوقوف على معناه، وأنه ليس في القرآن ما لا يدرك علمه.
سابعا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند صاحب مقدمة "كتاب المباني ":
وهذا المؤلف المجهول ـ لذي يتضح لنا من طريقة معالجته لقضية التأويل أنه يتبنى منهج أهل السنة في التفسير ـ يرى أن السبب في رد التأويل هو سبب منهجي، ذلك أن المفسر قد يحمل معنى الآية على حديث معين، أو على معنى لغوي معين ثم يجزم بأن ذلك هو وحده مراد الله. والتعامل مع كتاب الله تعالى بهذه الصورة يعد من قلة الأدب، فضلا عما فيه من بعد عن الموضوعية، وعن البحث العلمي النزيه الذي لا يقر الآراء الشخصية ـ ولو كانت نابعة عن اجتهاد ودراسة وبحث ـ ويجعلها وحدها الصحيحة دون غيرها، فيعطل بذلك المسيرة العلمية التي هي مظنة الخصب الفكري، والنماء العلمي والمنهجي ". وقال بعض العلماء: ما روى في كراهة التفسير فعلى جهات:
أحداها: أن تفسر ذلك بأحاديث متفردة على الجزم والقطع، لا على أن ذلك كما روى، والآية تحتمل غيره، أو على الجهل بكلام العرب، وحجج العقول.
فأما على الوجه الآخر من اشتراط معاني لفظة من ألفاظ اللغة وأحكامه من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعميم خاصه وتخصيص عامه، وإجازة ما احتمل المعاني، ورد ذلك إلى أنه لا يجوز أن يكون أحد تلك المعاني بغير قطع، أو كلها إن كانت جائزة، ورد ذلك إلى الله صلى الله عليه وسلم، إذ لم يصمم على شيء من ذلك، وليس في ظاهر الآية دلالة عليه، فذلك هو الجائز ".
من خلال هذا العرض المفصل للأسباب النصية والمنهجية، أو الداخلية النابعة من النص، والخارجية المفروضة عليه من الخارج، وغير المنسجمة معه، يمكننا حصر أنواع التأويل الباطلة في النقط التالية:
1 - التأويل مع الجهل بالعلوم الضرورية ـ أو ما يعرف بعلوم الآية ـ لكل من يروم تفسير الذكر الحكيم، وهي تبدأ بعلوم اللغة كلها مرورا بالسيرة والفقه وأصول الفقه، وانتهاء بعلوم القرآن كلها.
2 - تأويل المتشابه من غير سند من الكتاب أو السنة.
3 - حمل المعنى القرآني على ظاهر اللغة، والتعسف في تفسيره تفسيرا لغويا بحتا من غير الرجوع إلى علوم القرآن والسيرة، والفقه وأصول الفقه، وإلى أقوال العلماء.
4 - التفسير المذهبي الذي يحكم الرأي والهوى في تفسير القرآن الكريم، ومعارضته بالرأي أو العقل أو القياس، أو الوجد والذوق وغير ذلك.
5 - تخصيص اللفظ القرآني العام من غير حجة أو دليل، فضلا عن أن السياق لا يحتمل تخصيصه.
6 - التلفيق بين لفظتين كل منهما وردت في سياق مخالف للسياق الذي وردت فيه الأخرى.
7 - عدم التقيد بمصادر التفسير وفق الترتيب المتفق عليه من طرف أهل السنة، حيث يفسر القرآن بالقرآن، فإن لم نجد فسرناه بالسنة، فإن لم نجد فسرناه بأقوال الصحابة، فإن لم نجد فبأقوال التابعين فإن لم نجد جاز الاجتهاد لمن توفرت فيه شروطه.
8 - تفسير الآية من القرآن ثم القطع بأن ذلك هو مراد الله، وفي ذلك غلق لباب الإجتهاد فضلا عما فيه من قلة أدب في التعامل مع كلام الله سبحانه.(/)
حكم التأويل:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[03 Aug 2006, 03:26 ص]ـ
لما كان أهل السنة قد فرقوا بين نوعين من التأويل ـ فسموا الأول بالتأويل المقبول مرة وبالتأويل المنقاد مرة أخرى، وسموا الثاني بالتأويل المردود في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى سموه بالتأويل المستكره أو المذموم ـ فإن حكمهم يختلف باختلاف مجال التأويل، فإذا كان التأويل تتوفر فيه الأسباب الداعية إلى رده وعدم الأخذ به ـ وهي التي فصلنا القول فيها عند كثير من علماء ومفسري أهل السنة، ثم أجملناها في ثمان نقط هي جماع ما نصوا عليه من أسباب نصية ومنهجية تقتضي رد هذا التأويل وعدم الأخذ به - فإننا نجدهم يحرمون هذا النوع من التأويل. يقول ابن تيمية في "مقدمة في أصول القرآن ": " أما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) ".
وأما إذا سلم التأويل من العيوب الثمانية القادحة فيه، فإن أهل السنة حكموا بجوازه بل اعتبروه واجبا يتعين على علماء الأمة القيام به، وذلك لما فيه من إضافة علمية، وتوسيع لمجال البحث عن الحقيقة، فضلا عما فيه من إقرار ضمني بعظمة القرآن الكريم وإعجازه الذي يتفجر جواهره ودرره لطلابه بوما بعد آخر، وجيلا بعد جيل، بحيث يجد فيه كل طالب حقيقة بغيته وكل جيل مراده.
يقول محيي الدين الكافيجي: " أما التفسير بالرآي فيما يحتاج الناس إلى معرفة ما يتضمنه اللفظ من وجوب الاعتقاد والعمل فأمر ورد الشرع بإيجابه، فضلا عن الجواز ".
ويبين الزركشي مجال التأويل المقبول والذي حكم العلماء بجوازه ـ بل منهم من اعتبره واجبا كما هو الشأن بالنسبة للكافيجي ـ فيقول: " قالوا وهذا غير محظور على العلماء بالتفسير، وقد رخص فيه أهل العلم، وذلك مثل قوله تعالى: {ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة}، قيل: الذي يمسك عن النفقة، وقيل: الذي ينفق الخبيث من ماله، وقيل: الذي يتصدق بماله كله ثم يتكفف الناس. ولكل منه مخرج ومعنى ... فهذا وأمثاله ليس محظورا على العلماء استخراجه بل معرفته واجبة، ولهذا، ولهذا قال تعالى: {وابتغاء تأويله} ".
والأمثلة التي ضربها الزركشي لأنواع التأويل الجائزة بل الواجب على العلماء استنباطها، إن هي إلا جزء من اختلاف السلف في التفسير، حيث نجد لهم أقوالا عدة في تفسير آية واحدة، قد يظنها البعض أقوالا مختلفة ومتعارضة ولكن المدقق يكتشف أنه لا تعارض بينها، وكلها مما يتحمله النص، وينتصب له الدليل نقلا أوعقلا.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[09 Mar 2007, 12:10 م]ـ
منقول للجواب عن سؤال(/)
منهج أهل السنة في التفسير (2):
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[03 Aug 2006, 03:33 ص]ـ
سطر أهل السنة منهجهم في التفسير ـ ونحن هنا نقصد بالمنهج الطريقة العلمية المحددة والمرسومة مسبقا، وفقا لقواعد علمية مستمدة من الخبرة في معالجة النصوص والقضايا ـ والهدف منه وقاية المفسر من الوقوع في الخطأ، وقد أولى الزركشي هذا الجانب المنهجي أهمية خاصة، بحيث أفاض فيه القول وبين الطريقة العلمية التي ينبغي على المفسر التزامها، وذلك حتى لا يقع في المحظور. والغريب في تناول الزركشي لهذه القضية المنهجية هو الدقة والإحاطة والشمول، بحث تناول القضية من جميع أطرافها، فبين أن التفسير قسمان، قسم ورد تفسيره بالنقل، والآخر لم لم يرد فيه شيء. فالأول يتعين على المفسر أن لا يبادر إلى قبوله من الوهلة الأولى، بل عليه أن يقوم بدراسته دراسة نقدية من حيث المتن والسند حتى إذا ثبت لديه صحته أخذ به، ولا يجوز له تجاوزه إلى غيره، وهذا فيما يخص السنة. أما فيما يخص قول الصحابي أو التابعي فإنه يسطر فيه المبادئ التي قررها أهل السنة في التعامل معها. وهي التي سنتحدث عنها في الفصل الخاص بمصادر التفسير.
وفي ذلك يقول الزركشي: "واعلم أن القرآن قسمان: أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره، وقسم لم يرد. والأول ثلاثة أنواع: إما أن يرد التفسير عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو عن الصحابة أو عن رؤوس التابعين، فالأول يبحث فيه عن صحة السند. والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتماده، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن لا شك فيه، وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة، فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر قدم ابن عباس، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشره بذلك حيث قال: (اللهم علمه التأويل)، وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (أفرضكم زيد). فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء. وأما الثالث وهم رؤوس التابعين إذا لم يرفعوه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا إلى أحد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فحيث جاز التقليد فيما سبق فكذا هنا، وإلا وجب الاجتهاد".
وأما ما لم يرد في شأنه أي شيء مأثور، فإنه يتعين الإجتهاد فيه، وأول طرق الإجتهاد هو تحقيق معاني مفرداته، وذلك بدراستها دراسة معجمية مستوفية، لأن ذلك هو الأساس الذي يمكنه من الاجتهاد الصحيح. كما أن الشرح المعجمي للألفاظ يزوده بأساس المعنى، ومن ثم وجدنا الزركشي ينص على أن أول ما " يجب على المفسر البداءة به العلوم اللفظية، وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة، فتحصيل معاني المفردات من ألفاظ القرآن من أول المعادن لمن يريد أن يدرك معانيه، وهو كتحصيل اللبن من أوائل المعادن في بناء ما يريد أن يبنيه "
والزركشي لا يقرر هذا المبدأ المنهجي نظريا فقط، بل هو يقوم بمحاولة تطبيقية لنظريته، وذلك حتى يتسنى للباحثين من بعده الإستفادة منها، فيبين أن هناك ألفاظا مشكلة، وذلك لاحتمالها لمعنيين اصطلح عليهما بالظاهر والمؤول. والظاهر هو اللفظ الذي يحمل على المعنى المعجمي الصرف. أما المؤول فهو الذي لا يسعفنا المعجم في تحديد معناه، مما يضطرنا إلى الإستفادة من أداة منهجية تسعفنا في تحديد المعنى القرآني للكلمة، وهي دلالة السياق التي سيأتي الحديث عنها.
"وقد يكون اللفظ محتملا لمعنيين، وهو في أحدهما أظهر فيسمى الراجع ظاهرا، والمرجوح مؤولا.
مثال المؤول قوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات، فتعين صرفه عن ذلك، وحمله إما على الحفظ والرعاية، أو على القدرة والعلم والرؤية، كما قال تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} ...
ومثال الظاهر قوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد} فإن الباغي يطلق على الجاهل، وعلى الظالم وهم فيه أظهر وأغلب، كقوله: {ثم بغى عليه لينصرنه الله} ...
وقد يكون الكلام ظاهرا في شيء فيعدل به عن الظاهر بدليل آخر كقوله تعالى: {الحج أشهر معلوما} والأشهر اسم لثلاثة، لأنه أقل الجمع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكقوله تعالى: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس}، فالظاهر اشتراط ثلاثة من الإخوة، لكن قام الدليل من خارج على أن المراد اثنان، لأنهما يحجبانها عن الثلث إلى السدس".
وفي هذه الدراسة اللغوية المعجمية، يحذر الزركشي من أن يفلت زمام الأمر من يد المفسر، فيبتدع منهجا لا يوحى به النص، مما يؤدي إلى مفارقات في النتائج والاستنباطات، ومن ثم يتعين عليه مراعاة مطابقة التفسير للنص المفسر، بحيث يقع الحافر على الحافر من غير زيادة أو نقصان في المبنى والمعنى، لأن ذلك قمين بالإزراء بكلام الله والبعد به عن مقصده وهدفه، بل قد يأتي بعكس النتائج والأهداف التي يتوخاها النص القرآني. يقول الزركشي: " ويجب أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر، وأن يتحرز في ذلك من نقص المفسر عما يحتاج إليه من إيضاح المعنى المفسر، أو أن يكون في ذلك المعنى زيادة لا تليق بالغرض، أو أن يكون في المفسر زيغ عن المعنى المفسر وعدول عن طريقته، حتى يكون غير مناسب له ولو من بعض أنحائه، بل يجتهد في أن يكون وفقه من جميع الأنحاء، وعليه بمراعاة الوضع الحقيقي والمجازي، ومراعاة التأليف، وأن يوافي بين المفردات وتلميح الوقائع، فعند ذلك تتفجر له ينابيع الفوائد".
ثم ينتقل الزركشي إلى الحديث عن دلالة السياق وإبراز أهميتها في فهم وإدراك معنى آي الذكر الحكيم، بل يعتبرها من أعظم الأدوات المنهجية التي يتعين على المفسر أن يتسلح بها وهو يخوض غمار عملية من أصعب وأخطر العمليات التفسيرية، ذلك أنها تتعلق بتفسير كلام رب العالمين. وهذا التفسير الخطأ فيه ليس سهلا أو هينا، وذلك لما قد تترتب عنه من أحكام وأمور وقضايا تتعلق بحياة المسلم الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية الدينية. فدلالة السياق إذن هي التي "ترشد إلى تبين المجمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظيره، وغالط في مناظراته. وانظر إلى قوله تعالى: {ذق إنك أنت العزيز الكريم}، كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير".
ويطلب الزركشي من مفسر القرآن الكريم أن يكون حاضر البديهة، شديد الملاحظة متوقد الإحساس، وذلك حتى يتمكن من التفاعل معه تفاعلا حقيقيا، وإيجابيا يفضي إلى رفع الحجاب عن كل الحقيقة أو بعضها. ومن مظاهر حضور البديهة "ملاحظة النقل عن المعنى الأصلي، وذلك أنه قد يستعار الشيء لمشابهة، ثم يستعار من المشابة لمشابه المشابة، ويتباعد عن المسمى الحقيقي بدرجات، فيذهب عن الذهن الجهة المسوغة لنقله من الأول إلى الآخر، وطريق معرفة ذلك بالتدريج، كقوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين}. وذلك أن أصل "دون" للمكان الذي هو أنزل من مكان غيره، ومنه الشيء الدون للحقير، ثم استعير للتفاوت في الأحوال والرتب، فقيل زيد دون عمرو في العلم والشرف، ثم اتسع فيه فاستعير في كل ما يتجاوز حدا إلى حد، وتخطى حكما إلى حكم آخر، كما في الآية المذكورة، والتقدير لا تتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين".
ويختم الزركشي حديثه عن المنهج السني المقترح لتفسير الذكر الحكيم بالنص على أن معرفة أسباب النزول أداة منهجية عظيمة، تمكن الباحث من الوقوف على الظروف والملابسات المواكبة لنزول القرآن الكريم، مما يجعله يعيش في بيئة القرآن ساعة نزوله، وكل ذلك يساهم في إذكاء التفاعل مع الخطاب القرآني، بحيث تتفجر معانيه، وتتفتق غرره، وتتكف درره. وفي ذلك يقول:" معرفة النزول، وهو من أعظم المعين على فهم المعنى، وسبق منه في أول الكتاب جملة، وكانت الصحابة والسلف يعتمدونه، وكان عروة بن الزبير قد فهم من قوله تعالى: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} أن السعي ليس بركن، فردت عليه عائشة ذلك وقالت: لو كان كما قلت، لقال: " فلا جناح عليه ألا يطوف بهما " وثبت أنه إنما أتى بهذه الصيغة، لأنه كان وقع فزع في قلوب طائفة من الناس كانوا يطوفون قبل ذلك بين الصفا والمروة للأصنام. فلما جاء الإسلام كرهوا الفعل الذي كانوا يشركون به، فرفع الله ذلك الجناح من قلوبهم، وأمرهم بالطواف. رواه البخاري في صحيحه، فثبت أنها نزلت ردا على ما كان يمتنع من السعي".
والملاحظ أن تناول الإمام الزركشي لقضية المنهج السني المقترح في تفسير القرآن الكريم يتسم بالإحاطة والشمول، بحيث يلم بدراسة القضايا من كل أطرافها. فيبدأ بالطرح النظري، ثم يعقبه بضرب الأمثال، فيكتمل بناء النموذج المقترح نظريا وتطبيقيا. وأما الراغب الأصفهاني فيضع أيدينا على منهج في التأويل يمكن أن يجنبنا الاختلاف والفرقة في تأويل النصوص المشكلة، وذلك حيث يقول: " والوجوه التي يعتبر فيها تحقيق أمثالها أن ينظر فإن كان ما ورد فيه ذلك أمرا أو نهيا عقليا فزع في كشفه إلى الأدلة المعقلية، فقد حث تعالى على ذلك في قوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}. وإن كان أمرا شرعيا فزع في كشفه إلى آية محكمة أو سنة مبينة. وإن كان من الأخبار الاعتقادية فزع إلى الحجج العقلية. وإن كان من الاعتبارية فزع إلى الأخبار الصحيحة المشروحة في القصص".
ومن هنا نستخلص أن من أول مهمات المفسر ـ خاصة فيما يتعلق بالنصوص المشكلة ـ دراسة النصوص دراسة داخلية نصية تمكنه من تحديد طبيعتها، لأن ذلك كفيل بإرشادنا إلى المنهج الذي يتعين علينا أن ندرسها به، وبذلك يكون تفسيرنا منهجيا وعلميا وموضوعيا في الوقت نفسه.(/)
الاختلاط بين الجنسين! حدوده وضوابطه في القرآن الكريم.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[04 Aug 2006, 03:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من أكثر ما يقلق بالي ويقض مضجعي من أحوال الأمة ما فشا فيها من اختلاط النساء بالرجال في كل مكان، حتى البيوت، فإنك تجدهم يجلسون معًا رجالاً ونساءً محارم وغير محارم في قلب البيت، فإنا لله وإنا إليه راجعون!
وفي القرآن العظيم آيٌ لها بالنص أو الإشارة تعلق بالمسألة.
وإني لرجاء أن أرى من الأساتذة الفضلاء والطلبة النجباء جودًا وإسهابًا في المسألة، فإن لي في الأمر خصومًا وليتهم من غير أهل العلم الشرعي، وفي الأمر جدل ودفع وجذب.
فلا يبخلن علي امرؤ يرى من نفسه قوة وقدرة وعلمًا أن يبيّن لنا من استنباطاته من آيات القرآن العظيم.
ولي في المسألة استباطات، لكن قد ضاق وقتي الآن فلا متسع، وسترونها عما قريب إن شاء الله تبارك وتعالى!
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[10 Aug 2006, 06:44 م]ـ
جادلني ويجادلني كثير ممن هم حولي في حدتي وشدتي على المجالس المختلطة التي تنخر عظم الحياء وتفتته تفتيتًا.
قد يتعجب بعضهم من هذه الشدة، وذلك أن بعض مجتمعاتنا لا تزال محتفظة ببقية من الغيرة والحياء، كعامة المجتمع السعودي، وبعض المجتمع الأردني. فأمّا عندنا في فلسطين المحتلة (48) فأهل الدين الذين ينسبون إليه غارقون في الأمر حتى النخاع. لا يغار أحدهم أن تجلس امرأته في المجلس يوجد فيه الرجال، أو ابنته أو أخته. بل هذه عادتهم في أكثر مجالسهم. ولقد كاد شعري أن يشيب من موت الغيرة عند هؤلاء الذكور، لا أقول الرجال، وموت الحياء عند أولئك الإناث، لا أقول النساء.
ويقول لي بعضهم: ما المانع من جلوس المرأة مع غير محارمها إذا كانت متجلببة متسترة؟؟!!! فقد جاؤوا والله بأقبح الرأي وأفسده؟؟!!
ولقد قال لي إمام أحد المساجد وهو يجادلني في ذلك: ما يمنع أن تجلس أنت وزوجتك مع أخيك وزوجته؟؟!!! فقد انقطع لساني فلا أدري كيف أجيب هؤلاء!! أإمام مسجد يقول ذلك؟؟!! فكيف بغير الإمام؟؟ وكيف يكون العامة إذا كان هذا حال الخاصة؟؟؟
قلت له: يا شيخ! أرأيت مجالسنا؟؟ أيخلو مجلس منها من ضحك أو مزاح؟؟ قال: لا. قلت له: فقد قال تعالى: ((ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض .. ))، وإن المرأة إذا استنكفت أول مرة من إخضاع القول والصوت وتليينهما بالضحك والمزاح، فسوف عما قريب تنجذب، ويقل حياؤها رويدًا رويدًا!! وهل يزين المرأة إلا الحياء؟؟ وهل يشينها إلا الجرأة والبروز؟؟ سبحانك ربي ما كنت أرى أني أعيش في زمان أحتاج فيه أن أشرح للرجال معنى الغيرة وللنساء معنى الحياء!! فألنا إلى أن المرأة إذا نزل حياؤها ضحكت ومزحت وتكلمت وتجاسرت، فوقعت في النهي الصريح: ((ولا تخضعن بالقول)) إذ الإخضاع تليين الكلام، وكل كلام مع الرجال من غير حاجة فهو خضوع والله أعلم، لا سيما إذا رافقه تبسم أو ضحك أو دلال، فهنالك من أنكر الحرمة خرج من ملة الإسلام.
ثم إن المجالس المختلطة تفضي إلى النظر تلو النظر، ومعلوم خطر النظر: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .. )) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن .. ))، ورحم الله من العلماء من فهم الأمر حق فهمه فمنع النظر إلا لحاجة ولو خاليًا من الشهوة، بل نص بعضهم على حرمة النظر ولو إلى المنتقبة التي لا يرى منها إلا سابغ ثيابها. ولا شك أن (من) ههنا تبعيضية، إذ من النظر ما هو مباح، ومنه المندوب، ومنه الواجب. وهل تمخضت الخيانة والدياثة إلا من النظر والسمع بغير زمام ولا خطام؟؟!!!
ثم قد ضرب القرآن مثلاً أعلى للنساء دونه كل مثل. قال تعالى: ((وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)) جملة (ذلكم أطهر) استئنافية تعليلية، والإشارة بذلكم إلى هذه الطريقة في التعامل مع أمهات المؤمنين. وسل نفسك: إذا كان هذا ما أمر به الصحابة وهم من هم وأمهات المؤمنين وهن من هن، فكيف بغيرهم وغيرهن؟؟!!! سيقال لنا: هذا حكم شرعي خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: هو كذلك فماذا كان، أأن كان حكمًا واجبًا خاصًّا في حقهن أنودعه في حق عامة النساء لا سيما ذوات الهيئة ولا سيما الشواب منهن؟؟!! أتكون تلك الطريقة في التعامل أطهر لقلوب أمهات المؤمنين وقلوب الصحابة ثم لا تكون أطهر لنا نحن؟؟! إذا وجبت الفضيلة بكمالها وتمامها لفئة لشرفها وعلوها، أيلزم من ذلك ألا يشرع العمل بها لغيرهم؟؟!!! ألم تر أنه قد وجب القيام على سيد الأولين والآخرين ولم يجب على الأمة؟ أفتتركه الأمة أن كان ليس واجبًا في حقها؟؟
أفي مثل مسائل الاختلاط يكون التهاون؟ وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء))؟؟
حسبي ربي!
ـ[ناصر]ــــــــ[10 Aug 2006, 09:46 م]ـ
جمع طيب في المسألة هنا ( http://www.sharee3a.net/vb/showthread.php?t=2332) بقلم الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[12 Aug 2006, 11:21 م]ـ
أخي ناصر!
هذا بحث طيب يشفى الغليل!
لا أملك إلا أن أدعو لك وللباحث!
وآه من الاختلاط!
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[18 Aug 2006, 06:52 ص]ـ
الرابط لا يعمل اخي الكريم
وقد ذكر الشيخ مشهور أن هناك رسائل ماجستير ممتازة في هذا الموضوع في الجامعة الاردنية فهلا أتحفتمونا بها بارك الله فيكم
ـ[ناصر]ــــــــ[19 Aug 2006, 05:21 م]ـ
نعم الموقع لا يعمل منذ ثلاثة أيام تقريبا, نسأل الله عز و جل التيسير للقائمين عليه.
فيما يلي نسخة من بحث الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت كنت احتفظ بها.
قال الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت:
سبق لي جمع شيء في هذه المسألة وسأنقله هنا للفائدة:
أدلة منع الاختلاط
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اطلعت وسمعت أكثر من مرة بعض المنتسبين إلى الدعوة يزعم أن الإسلام أباح اختلاط الرجال بالنساء، وأن المحرم إنما هو الخلوة فقط، وحيث إن هذا القول فيه إغفال لنصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة تدل على المنع من الاختلاط بين الجنسين والتحذير من ذلك فقد استعنت بالله فجمعت النصوص الدالة على ذلك من القرآن والسنة ثم نقلت كلام العلماء والأئمة من المذاهب الأربعة في ذلك، أسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان الحسنات وأن يكتب لي بذلك الأجر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أولاً: أدلة القرآن.
1. قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
قال الطبري في تفسيره: ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا (فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن)
وقال القرطبي: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة)
وقال سيد قطب: (فلا يقل أحد غير ما قال الله. لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك. . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين. لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}. . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات. أمهات المؤمنين. وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً. فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)
2. قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)
قال الشوكاني في تفسيره: ({قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعاء} أي إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء، وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم).
وقال البيضاوي: ({قَالَتَا لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعاء} تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال).
3. ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، قال: ((خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال النووي في شرحه: (وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم.)
وقال الشوكاني: (قَوْله: (وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)
4. ما ورد في تفضيل صلاة المرأة في بيتها.
5. روى البزار بسنده عن سعيد بن المسيب، عن علي رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أي شيء خير للمرأة؟ فسكتوا، فلما رجعت قلت لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: ألا يراهن الرجال، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما فاطمة بضعة مني».
6. أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري ومسلم. وجه الدلالة: أنه وصفهن بأنهن فتنة، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون.
7. حديث (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء) رواه مسلم. وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو أمر يقتضي الوجوب، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟!
8. روى أبو داود في السنن والبخاري في الكنى بسنديهما، عن حمزة بن السيد الأنصاري، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها) هذا لفظ أبي داود. قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: (يحفظن الطريق) هو أن يركبن حقها، وهو وسطها. وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟!
9. روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء، وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد) وروى البخاري في (التاريخ الكبير) عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلوا المسجد من باب النساء).
10. روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضي الله عنها قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً) وفي رواية ثانية له: (كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عله وسلم) وفي رواية ثالثة: (كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال). وجه الدلالة: أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيسه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع.
11. وقد بوب البخاري في كتاب العلم من الصحيح، باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعيد، قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً .. الحديث
12. حديث "على رسلكما إنها صفية" الحديث
وجه الدلالة: أنه لو كان الاختلاط بين الرجال بالنساء جائزا لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (إنها صفية)
نقولات أهل المذاهب في منع الاختلاط بين الرجال والنساء
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
فقد كنت أسمع من بعض الأخيار القول بجواز الاختلاط بين الجنسين والقول بأن المنع منه حادث ولايُعرف عن العلماء السابقين فجمعتُ ما وقفت عليه من كلام أهل العلم في ذمه ومنعه عسى الله أن ينفع بها، وحتى يُعلم أن علماء الأمة سلفاً وخلفاً قد تتابعوا على ذمه ومنعه، فإلى أقوالهم:
أولاً: من الحنفية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. قال السرخسي: (وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فِي مَجْلِسِهِ , وَفِي اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْقُبْحِ مَا لَا يَخْفَى , وَلَكِنْ هَذَا فِي خُصُومَةٍ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ. فَأَمَّا الْخُصُومَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُقَدِّمَهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ)
2. قال الحموي الحنفي: (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الزِّفَافَ لَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَفْسَدَةٍ , كَمَا فِي الْفَتْحِ. قُلْت: وَهُوَ حَرَامٌ فِي زَمَانِنَا فَضْلًا عَنْ الْكَرَاهَةِ لِأُمُورٍ لَا تَخْفَى عَلَيْك مِنْهَا اخْتِلَاطُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)
3. قال ابن عابدين في حاشيته: (وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِمَّا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ الْخُرُوجُ لِفُرْجَةِ قُدُومِ أَمِيرٍ أَيْ لِمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ وَمِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)
4. وقال العيني في شرحه على البخاري: في التعليق على قول البخاري (باب حمل الرجال الجنازة دون النساء) (أي هذا باب في بيان حمل الرجال الجنازة دون حمل النساء إياها لأنه ورد في حديث أخرجه أبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال خرجنا مع رسول الله في جنازة فرأى نسوة فقال أتحملنه قلن لا قال أتدفنه قلن لا قال فارجعن مأزورات غير مأجورات لأن الرجال أقوى لذلك والنساء ضعيفات ومظنة للانكشاف غالبا خصوصا إذا باشرن الحمل ولأنهن إذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال وهو محل الفتنة ومظنة الفساد)
ثانياً: من المالكية:
5. قال ابن أبي زيد القيرواني: (وَلْتُجِبْ إذَا دُعِيت إلَى وَلِيمَةِ الْمُعْرِسِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَهْوٌ مَشْهُورٌ وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ) قال النفراوي في شرحه "الفواكه الدواني: ((وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ) أَيْ مَشْهُورٌ ظَاهِرٌ , كَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)
6. وذكر الصاوي من مبطلات الوصية: (أَنْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ)
7. و في مختصر خليل مع شرحه منح الجليل: ((وَيَنْبَغِي) لِلْقَاضِي (أَنْ يُفْرِدَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (يَوْمًا) مُعَيَّنًا مِنْ الْأُسْبُوعِ (أَوْ وَقْتًا) مُعَيَّنًا مِنْ الْيَوْمِ (لِـ) قَضَاءٍ بَيْنَ (ا النِّسَاءِ) سَتْرًا لَهُنَّ وَحِفْظًا مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ فِي مَجْلِسِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً أَوْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ، وَهَذَا فِي نِسَاءٍ يَخْرُجْنَ وَلَا يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ، وَأَمَّا الْمُخَدَّرَاتُ وَاَللَّاتِي يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ فَيُوَكِّلْنَ مِنْ يُخَاصِمُ عَنْهُنَّ أَوْ يَبْعَثُ لَهُنَّ فِي مَنَازِلِهِنَّ ثِقَةً مَأْمُونًا. [وقال] ابْنُ عَرَفَةَ وسَحْنُونٌ يَعْزِلُ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ. وقال أَشْهَبُ أَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالنِّسَاءِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بِالرِّجَالِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ صَحِيحٌ إمَّا لِكَثْرَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ لِكَثْرَتِهِنَّ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَا يُقَدِّمُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُخْتَلِطِينَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا مَعْلُومًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَلَ. وقال ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا)
ثالثاً: من الشافعية:
(يُتْبَعُ)
(/)
8. قال أبو إسحاق الشيرازي: (وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَّا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَرِيضٍ} وَلِأَنَّهَا تَخْتَلِطُ بِالرَّجُلِ , وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ).
9. وقال النووي في المجموع: (من البدع القبيحة ما اعتاده بعض العوام في هذه الازمان من ايقاد الشمع بجبل عرفة ليلة التاسع أو غيرها ويستصحبون الشمع من بلدانهم لذلك ويعتنون به وهذه ضلالة فاحشة جمعوا فيها أنواعا من القبائح (منها) اضاعة المال في غير وجهه (ومنها) إظهار شعار المجوس في الاعتناء بالنار (ومنها) اختلاط النساء بالرجال والشموع بينهم ووجوههم بارزة)
10. قال البجريمي: (اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ عَرَفَةَ , قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ ; وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ , وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ وَسَبَقَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ , رَحْمَانِيٌّ. وَقَالَ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ بِحُرْمَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ الْآنَ)
11. قال ابن حجر الهيتمي: (أَمَّا سَمَاعُ أَهْلِ الْوَقْتِ فَحَرَامٌ بِلَا شَكٍّ فَفِيهِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ كَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)
12. قال الخطيب الشربيني: (التَّعْرِيفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ , وَهُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ لِلسَّلَفِ فِيهِ خِلَافٌ , فَفِي الْبُخَارِيِّ " أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ " وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالضَّرَاعَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ عَرَفَةَ , وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ , وَقَدْ فَعَلَهُ الْحَسَنُ وَجَمَاعَاتٌ , وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَنْ جَعَلَهُ بِدْعَةً لَمْ يُلْحِقْ بِفَاحِشِ الْبِدَعِ , بَلْ يُخَفِّفُ أَمْرَهُ: أَيْ إذَا خَلَا عَنْ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْحَشِهَا.)
13. ونقل العبارة السابقة ابن حجر الهيتمي والرملي.
رابعاً: من الحنابلة:
14. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما ما يفعل في هذه المواسم مما جنسه منهي عنه في الشرع، فهذا لا يحتاج إلى ذكره؛ لأن ذلك لا يحتاج أن يدخل في هذا الباب مثل: رفع الأصوات في المساجد، واختلاط الرجال والنساء، أو كثرة إيقاد المصابيح زيادة على الحاجة، أو إيذاء المصلين أو غيرهم بقول أو فعل، فإن قبح هذا ظاهر لكل مسلم.)
15. قال ابن القيم: (فَصْلٌ: وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلَاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الْأَسْوَاقِ , وَالْفُرَجِ , وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ. قَالَ مَالِكٌ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ: أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الصُّيَّاغِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ , وَأَرَى أَلَا يَتْرُكَ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ تَجْلِسُ إلَى الصُّيَّاغِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَجَالَّةُ وَالْخَادِمُ الدُّونُ , الَّتِي لَا تُتَّهَمُ عَلَى الْقُعُودِ , وَلَا يُتَّهَمُ مَنْ تَقْعُدُ عِنْدَهُ: فَإِنِّي لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا , انْتَهَى. فَالْإِمَامُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ , وَالْفِتْنَةُ بِهِ عَظِيمَةٌ , قَالَ صلى الله عليه وسلم: {مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ}. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ {بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ: {لَكُنَّ حَافَّاتُ الطَّرِيقِ}. وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بِهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ , كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالرِّقَاقِ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ , فِي الطُّرُقَاتِ , وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ. وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ - إذَا تَجَمَّلَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَخَرَجَتْ - ثِيَابَهَا بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ , فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ , وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ. وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْأَةَ إذَا أَكْثَرَتْ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا , وَلَا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً , بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ , وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ , وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ. فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ ": أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَرَى الرَّجُلَ السُّوءَ مَعَ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: صِحْ بِهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ}. وَ " يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْ بَخُورًا أَنْ تَشْهَدَ عِشَاءَ الْآخِرَةِ فِي الْمَسْجِدِ ". فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ}. وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ , وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ , كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ , وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا , وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ , وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى , وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ: أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ , فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا , وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ التَّفَاسِيرِ. فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ: كَثْرَةُ الزِّنَا , بِسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ , وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ , وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ - قَبْلَ الدِّينِ - لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعًا لِذَلِكَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " إذَا ظَهَرَ الزِّنَا فِي قَرْيَةٍ أَذِنَ اللَّهُ بِهَلَاكِهَا ". وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {مَا طَفَّفَ قَوْمٌ كَيْلًا , وَلَا بَخَسُوا مِيزَانًا , إلَّا مَنَعَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَطْرَ , وَلَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا إلَّا ظَهَرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ , وَلَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ إلَّا ظَهَرَ فِيهِمْ الْخَسْفُ , وَمَا تَرَكَ قَوْمٌ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إلَّا لَمْ تُرْفَعْ أَعْمَالُهُمْ , وَلَمْ يُسْمَعْ دُعَاؤُهُمْ}.)
(يُتْبَعُ)
(/)
16. قال ابن قدامة: (إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ , فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَثْبُتَ هُوَ وَالرِّجَالُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُنَّ قَدْ انْصَرَفْنَ , وَيَقُمْنَ هُنَّ عَقِيبَ تَسْلِيمِهِ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: {إنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ إذَا سَلَّمَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ , وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ , فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ الرِّجَالُ.} قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , لِكَيْ يَبْعُدَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)
17. وقال ابن أبي عمر في الشرح الكبير: ((مسألة) * (فان كان معه نساء لبث قليلا لنصرف النساء) لما روت أم سلمة قالت إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال قال الزهري فنرى ذلك والله أعلم ان ذلك لكي ينفذ من ينصرف من النساء رواه البخاري، ويستحب للنساء أن لا يجلسن بعد الصلاة لذلك ولان الاخلال به من أحد الفريقين يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء)
18. وقال البهوتي في الكشاف: (وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ قِيَامُهُنَّ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَثُبُوتُ الرِّجَالِ قَلِيلًا)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكْهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)
19. وقال الحجاوي في الإقناع: (وَيُمْنَعُ فِيهِ اخْتِلَاطُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ.)
20. قال ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري: (وَقَدْ وَرَدَ مَا هُوَ أَصْرَح مِنْ هَذَا فِي مَنْعهنَّ، وَلَكِنَّهُ عَلَى غَيْر شَرْط الْمُصَنِّف، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ " خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَة، فَرَأَى نِسْوَة فَقَالَ: أَتَحْمِلْنَهُ؟ قُلْنَ: لَا. قَالَ: أَتَدْفِنَّهُ؟ قُلْنَ: لَا. قَالَ: فَارْجِعْنَ مَأْزُورَات غَيْر مَأْجُورَات ". وَنَقَلَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح الْمُهَذَّب " أَنَّهُ لَا خِلَاف فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة بَيْن الْعُلَمَاء، وَالسَّبَب فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ الْجِنَازَة لَا بُدّ أَنْ يُشَيِّعهَا الرِّجَال فَلَوْ حَمَلَهَا النِّسَاء لَكَانَ ذَلِكَ ذَرِيعَة إِلَى اِخْتِلَاطهنَّ بِالرِّجَالِ فَيُفْضِي إِلَى الْفِتْنَة.)
21. وقال أيضاً: (وإنما المشروع تميز النساء عَن الرجال جملة؛ فإن اختلاطهن بالرجال يخشى منهُ وقوع المفاسد.)
ومن غيرهم:
22. قال الشوكاني في شرح حديث أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَهُوَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ} قَالَتْ: فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ (الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ وَالِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ مَا قَدْ يَقْضِي إلَى الْمَحْذُورِ وَاجْتِنَابُ مَوَاقِعِ التُّهَمِ وَكَرَاهَةُ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ فَضْلًا عَنْ الْبُيُوتِ).
23. وقال: (قَوْله: (وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)
ومن المعاصرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
24. قال سيد قطب: (والقرآن يحذر من مجرد مقاربة الزنا. وهي مبالغة في التحرز. لأن الزنا تدفع إليه شهوة عنيفة، فالتحرز من المقاربة أضمن. فعند المقاربة من أسبابه لا يكون هناك ضمان. ومن ثم يأخذ الإسلام الطريق على أسبابه الدافعة، توقياً للوقوع فيه. . يكره الاختلاط في غير ضرورة.)
25. وقال سيد قطب أيضاً: (فلا يقل أحد غير ما قال الله. لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك. . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين. لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}. . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات. أمهات المؤمنين. وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً. فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)
26. وقال سيد طنطاوي في تفسيره (الوسيط): (اختلاط الرجال بالنساء. كثيرا ما يؤدى إلى الوقوع فى الفاحشة وذلك لأن ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل أمر طبيعى، وما بالذات لا يتغير. ووجود يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز تحت سقف واحد فى سن كانت هى فيه مكتملة الأنوثة، وكان هو فيها فتى شابا جميلا. . أدى إلى فتنتها به، وإلى أن تقول له فى نهاية الأمر بعد إغراءات شتى له منها: {هَيْتَ لَكَ}.ولا شك أن من الأسباب الأساسية التى جعلتها تقول هذا القول العجيب وجودهما لفترة طويلة تحت سقف واحد.لذا حرم الإِسلام تحريما قاطعا الخلوة بالأجنبية، سدا لباب الوقوع فى الفتن، ومنعا من تهيئة الوسائل للوقوع فى الفاحشة.ومن الأحاديث التى وردت فى ذلك ما رواه الشيخان عن عقبة بن عامر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار، أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت " والحمو هو قريب الزوج كأخيه وابن عمه. وسئلت امرأة انحرفت عن طريق العفاف، لماذا كان منك ذلك فقالت: قرب الوساد، وطول السواد.أى: حملنى على ذلك قربى ممن أحبه وكثرة محادثتى له!)
27. وقال عبد المجيد سليم من علماء الأزهر: (هذا وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية فصلا بين فيه أنه يجب على أولى الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال.وذكر فيه أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر.)
28. وقال الشيخ عطية صقر من علماء الأزهر: (وأما كون الرأى وهو عدم اختلاط الرجال بالنساء إلا فى أضيق الحدود، مقبولا فإن الواقع يشهد له، والأدلة فى القرآن والسنة بعمومها تؤيده)
29. وقال سيد سابق في فقه السنة: (اعلان الزواج يستحسن شرعا إعلان الزواج، ليخرج بذلك عن نكاح السر المنهي عنه، وإظهارا للفرح بما أحل الله من الطيبات. وإن ذلك عمل حقيق بأن يشتهر، ليعلمه الخاص والعام، والقريب والبعيد، وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج، فتروج سوق الزواج. والاعلان يكون بما جرت به العادة، ودرج عليه عرف كل جماعة، بشرط ألا يصحبه محظور نهى الشارع عنه كشرب الخمر، أو اختلاط الرجال بالنساء، ونحو ذلك.)
30. قال الشيخ محمد جميل زينو: (من المنكرات العامة: الاستماع إلى الموسيقى أو الأغاني الخليعة، واختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم، ولو من الأقارب كابن العم والخالة وأخ الزوج وغيره)
وبعدُ:
فهذا كلام علماء الشريعة العالمين بمقاصدها، فهل بعد هذا يقول أحد إن المنع من الاختلاط تشدد أو تنطع أو تضييق!؟
هذا ما تيسر جمعه وأسأل الله أن ينفع به، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه، وأن يجعلنا ممن إذا دعوا إلى الخير أجابوا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
بكالوريس شريعة
جامعة الإمام-الرياض
تمهيدي ماجستير فقه مقارن بالمعهد العالي للقضاء - الرياض
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[20 Aug 2006, 07:40 ص]ـ
طيب بارك الله فيكم ما حد الاختلاط المحرم والغير محرم؟؟
سؤال جدا مهم عند تطبيق المسألة
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[20 Aug 2006, 03:33 م]ـ
أخي سامي السلفي!
إذا كان فينا غيرة وفي نسائنا حياء فلن نحتاج إلى أن نسأل عن حدود الاختلاط. لأن المرأة الحيية تبتعد عن الرجال بفطرتها، والرجل الغيور يفصل بين الرجال والنساء بفطرته.
لكن للحاجة أحكام، فشراء المرأة ومساومتها للبائع أمر مرخص به، ووقوفها أمام القاضي وقت القضاء كذلك، ومداواة الطبيب لها حين لا توجد الطبيبة كذلك، والاختلاط القسري في السوق كذلك، وبعض الاختلاط الموجود في المسجد الحرام كذلك، وخروج المرأة للعمل ضرورة كذلك ..
أما جلوس النساء مع الرجال في البيوت للحديث والسمر، أو خروجهم معًا إلى المطاعم والنزهات، أو اعتياد الرجال على الخروج والدخول من أماكن جلوس النساء فهذا كله ينبغي منعه على من مسخت فطرة الغيرة فيهم وفطرة الحياء فيهن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[21 Aug 2006, 10:23 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً(/)
الشيخ + الدكتور: لقبان علميان متنافران (مقالة مهداة لدكاترة العلوم الإسلامية)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Aug 2006, 05:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة هذه المقالة:
قرأتُ هذه المقالة قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، في جريدة (الرياض)، فأعجبني مضمونها فقصصتها من أطرافها بدقة، وطويتها ووضعتها في حافظتي الشخصية التي أحملها معي، غير أنني تكلمتُ يوماً وأنا طالبٌ في كلية الشريعة مع أحد الشيوخ الفضلاء ممن يحملون لقب دكتور حول غرابة حمل شيوخ كلية الشريعة لقب الدكتور، مع كون هذا اللقب غريباً عن البيئة الإسلامية وألقابها الخاصة بها، فلم يرقه ما في هذه المقالة، وقال لي: لو كنت تحمل هذا اللقبَ لما تحمستَ لهذه المقالة وللرأي الذي طرح فيها! فأعدتُ المقالة إلى جيبي حينذاك، وكففتُ عن نقاش هذا الموضوع، حيث وقع رده علي وقعاً شديداً، حيث أشار حينها إلى أنه ينطبق علي قول الثعلب حين عجز عن نيل العنب: (حامض يا عنب)!
ومرت سنوات طوال بعد ذلك ومرت بالأمة أحداث جسام على المستوى الثقافي والحضاري زادت من قناعتي بأهمية طرح مثل هذه الموضوعات على بساط البحث والنقاش، لعل القائمين على شؤون التعليم العالي في البلاد الإسلامية يتنبهون إلى خطورة تغريب الألقاب العلمية، وما فيه من الذوبان الحضاري والثقافي في ثقافة غريبة عن ثقافتنا الإسلامية العريقة والغنية.
ثم جلستُ اليوم مع حافظتي الخاصة المشتتة الأوراق، حتى أعيد ترتيبها، فأعدتُ قراءة هذه المقالة مرة أخرى، فرأيتًُ من المناسب طرح هذا الموضوع الآن حيث لن أُتَّهم بما اتُهمتُ به من قبلُ من أن الدافع هو العجزُ عن تحصيل هذه الدرجات العلمية، ولتيسر النقاش حول هذه المسألة في هذا الملتقى العلمي الذي يرتاده عدد كبير من الباحثين المتخصصين، من الأكاديمين وغيرهم، عسى أن يكون هذا بداية لتصحيح هذه المسألة في التعليم العالي في البلاد الإسلامية. وأترككم مع هذه المقالة الماتعة، للأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشامخ، أستاذ الأدب بجامعة الملك سعود، وأظنه قد تقاعد منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وهو من الأساتذة الأجلاء الذين كتبوا دراسات أدبية متميزة في الأدب السعودي وغيره، وله مقالات وترجمات لبعض البحوث الإنجليزية في غاية الجودة. وهذا هو المقال.
[ line]
الشيخ + الدكتور لقبان علميان متنافران
(مهداة إلى أصحاب الفضيلة دكاترة العلوم الإسلامية)
بقلم / أ. د. محمد بن عبدالرحمن الشامخ
http://www.tafsir.net/images/shamekh.jpg
نعم إنهما لقبان علميان متنافران. أما الأول فلقبٌ عربي كريمٌ رعت نشأته أروقة المساجد وحلقاتها العلمية. وأما الثاني فهو في أصله لقب كهنوتي عاش طفولته في كنائس النصارى ومعابد اليهود.
وقد مشى (الشيخ) على الأرض العربية الإسلامية هوناً، تضفي العباءة عليه وقارها، وتزيده العمامة العربية سكينة وبهاءً.
أما (الدكتور) فقد وفد إلى ديار الإسلام في عصرها الحديث، فأقبل يتخايل في مسيرته، وصار يزهو بردائه الجامعي، ويترنح فرحاً بقبعته الأكاديمية.
الدكتور في المعاجم الأجنبية لقب كنسي كهنوتي:
وإذا كان لقب الدكتور قد أصبح رمزاً من الرموز الفكرية الجامعية العالية في بلادنا الإسلامية، فإن الرضا بتسلله إلى ميدان العلوم الإسلامية يبعث في النفس شيئاً من ألم الحسرة والأسى، ذلك أن هذا اللقب – الذي افتتن به البعض منا – ليس في أصله سوى لقب كنسي كهنوتي.
ففي تعريف كلمة (الدكتور) DOCTOR جاء في معجم أكسفورد OXFORD الجديد ما يلي:
(دكاترة الكنيسة هم طائفة معينة من آباء النصرانية الأوائل الذين اشتهروا بالعلم والقدسية، ولا سيما القديسون آمبروز وأوغسطين وجرومي وجريجوري آباء الكنيسة الغربية)
Doctors of the Church certain early Christian Fathers distinguished for their learning and heroic sanctity esp. Ambrose, Augustine, Jerome, and Gregory in the western church.
وجاء في الطبعة العالمية الثالثة من معجم وبستر Webster :( الدكتور هو عالم ديني برز في دراسة اللاهوت، وعرف بالقداسة الشخصية، وعادة ما يكون من شراح المذهب الرسمي والمدافعين عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
Doctor : a religious scholar who is eminent in theololgical learning and personal holiness and usu. an expouner and defender of established doctrine.
وعرف معجم تشيمبر Chambers ( الدكتور) قائلاً: (الدكتور أب من علماء الكنيسة، ورجل من رجال الدين مهر في علم اللاهوت أو القانون الكنسي.
Doctor : a learned father of the Church, a cleric especially skilled in theology or ecclesiatical law.
وحين ذكر منير البعلبكي في معجمه (المورد) كلمة الدكتور جعل أول معانيها العالم بعلم اللاهوت النصراني، فقال: (الدكتور عالم لاهوتي بارز).
أما الأستاذ الجامعي علي جواد الطاهر الذي كان على دراية واسعة بالثقافة الفرنسية فقد قال بأن: (الدكتور في الأصل هو الذي يعلم علناً، وأطلقه اليهود على الرباني أو الحاخام العالم بالشريعة، وأطلقه المسيحيون على الذي يفسر الكتب المقدسة. ودخل اللقب الجامعات لأول مرة في جامعة بولونيا في القرن الثاني عشر، ثم تبعتها جامعة باريس بعد قليل) [منهج البحث الأدبي، ص 32، بغداد 1970 م].
هذا إذن أصل من أصول لقب الدكتور الذي تحدر إلى الجامعات الأوروبية من كنائس النصارى ومعابد اليهود.
كيف تسلل لقب الدكتور إلى الدراسات الإسلامية؟
وإذا كان الخذلان الفكري قد مكن للقب الدكتور من أن يصبح أداة من أدوات الخيلاء الثقافية في ديار الإسلام، فإن من أضعف الجهد أن يجد هذا اللقب الطارئ من يذوده حين يتسلل إلى مجال العلوم الإسلامية متشبثاً ببُردةِ مُفَسِّرٍ، أو عباءة محدث، أو جبة فقيه، ممن خلعت عليهم جامعاتهم الإسلامية لقباً كنسياً وجردتهم من صفة (عالم) التي وصفهم الله بها، وكرمهم بالانتساب إليها.
وقد يغض المرءُ الطرف كارهاً عما شاع من استخدام اللقب في ميادين العلوم الدنيوية، ولكن في السكوت عن اقتحامه لمجالات العلوم الإسلامية تهاوناً في مراعاة ما أمرنا به من مخالفة اليهود والنصارى.
عرفت كليات الدراسات الإسلامية في البلاد العربية هذا اللقب الأجنبي حين بدأ نفر من الدكاترة العرب الذين تثقفوا بالثقافة الأوروبية الحديثة يهزأون بشيوخ الكليات والمعاهد الدينية، ويسخرون من طرقهم في الدرس والبحث. ونسي أصحاب هذه الأقلام الجامحة المتعالية الهازئة أن ما اتسمت به أقلامهم وألسنتهم من قوة في التأثير وبراعة في البيان إنما كان أثراً من آثار تلك المعاهد والكليات الإسلامية التي رعت نشأتهم العلمية الأولى، وكانت في هذا كذلك الشاعر الذي آلمته رمية العقوق فقال:
أعلمه الرماية كل يوم * فلما اشتد ساعده رماني
وعندما تكاثرت الأصوات المستغربة التي تسخر من الكليات الإسلامية، وتصد أجيالاً من الطلاب عنها، رأى علماءُ هذه الكليات وأشياخها أن تيار الاستغراب – الذي كان يهيمن على الحياة الثقافية آنذاك – يقتضي أن يتخلوا عما ألفوه من ألقابهم العلمية العربية، وأن يتلقبوا بالدكتوراه التي شغفت الجامعات العربية الحديثة بها، والتي بلغ الافتتان بها حداً جعل أديباً يحصل على عدد منها ويلقب نفسه بالدكاترة في بعض مقالاته الصحفية التي كان ينشرها منذ حوالي نصف قرن. [هو الأديب المصري الدكتور زكي مبارك / عبدالرحمن]
وظنت طائفة من الناس أن الدكتوراه هي التي صنعت الأسماء التي لمعت في أفق الثقافة العربية في ذلك الحين، ولكن مرور السنين قد أثبت أن هذا كان وهماً من أوهام الحياة الجامعية العربية، ذلك أن الدكتوراه – وهي في معظم أحوالها أطروحة جامعية أولية تجريبية أضعف من أن تصنع علماً من أعلام الثقافة، أو توجد رمزاً من رموز الفكر. ولكن القدرة الذهنية المبدعة، والدأب في البحث والدرس هما اللذان صنعا الأعلام من دكاترة الفكر العربي الحديث. وربما كانت هذه الحقيقة سبباً في أن شهرة هؤلاء الدكاترة الأعلام قد نسجت أوهام الدكتوراه في الثقافة العربية المعاصرة، وأحاطتها بهالة عاجية براقة ما زالت تتراءى لبعض الأذهان.
معظم الأساتذة في كليات بريطانية مشهورة ليسوا دكاترة:
(يُتْبَعُ)
(/)
حين كانت الجامعات العربية الحديثة تحتفي بالدكتوراه احتفاءً شديداً كما ذكر آنفاً، كانت بعض الجامعات العريقة كالجامعات البريطانية لا تلقي للدكتوراه بالاً، ولا تتخذها شرطاً في تعيين هيئة التدريس فيها، ذلك أنها كانت تعول في هذا على ما لدى المرشح للتدريس من قدرة علمية وموهبة ذهنية وصبر على البحث والدرس.
وقد أوضح الأستاذ ج. واطسون الأستاذ في جامعة كمبردج هذه الحقيقة في كتابه (الأطروحة الأدبية) الذي نشر عام 1970م فقال: (يسود الاعتقاد بأن الالتحاق في مهنة التدريس الجامعي يتطلب شهادة بكالوريوس ممتازة ومؤهلاً علمياً عالياً مثل درجة الدكتوراه. ورغم أن المؤسسات الجامعية الأمريكية غالباً ما تولي المؤهلات الرسمية كالدكتوراه اهتمامها إلا أن في مثل هذا الاعتقاد مبالغة كبيرة بالنسبة للجامعات البريطانية، إذ يتضح من التقرير الذي قدمته لجنة روبنز عن التعليم العالي في بريطانيا عام 1963 أن 41% من مدرسي الجامعات البريطانية لم يحصلوا على شهادة جامعية ممتازة، وأنه لم يكن بين مدرسي الجامعات الذين عينوا فيما بين عام 1959 وعام 1961 سوى 39% ممن كانوا يحملون شهادة عليا حين التعيين، كما إنه لم يكن بين هؤلاء إلا 28% من حملة الدكتوراه. وربما حصل نفر من فئة الـ 72% الذين عينوا بدون دكتوراه على هذه الدرجة بعد التعيين، ولكن عدداً كبيراً من هذه الفئة قد فُضِّلوا في التعيين على أولئك المرشحين الذين كانوا يحملون درجة الدكتوراه. وليس من المستغرب في الجامعات البريطانية أن يفضل في التعيين مرشح لا يحمل الدكتوراه على آخر يحمل هذه الدرجة، فهناك أقسام بل كليات كاملة في جامعات مشهورة لا يحمل معظم أعضاء هيئة التدريس فيها درجة الدكتوراه).أ. هـ[ترجم كاتب المقال فصولاً من هذا الكتاب ونشرها في كتابه (إعداد البحث الأدبي) الذي صدر في الرياض عام 1405هـ انظر ص 45 - 46 من هذا الكتاب].
وقد ذهبتُ مع عدد من الزملاء منذ سنوات لزيارة إحدى الجامعات الأمريكية المشهورة، وهناك تحدث أستاذ بارز في علم الرياضيات عن تلميذه الذي كان يرجو أن يتم تعيينه مدرساً في الجامعة بعد الحصول على درجة الدكتوراه. وقال الأستاذ بأني رشحته للتدريس، ولكني اشترطتُ عليه أن يتخلى عن إتمام رسالة الدكتوراه التي أوشك على الانتهاء منها، وأن يكف عن السعي في الحصول على درجتها، لأنه كان حينئذٍ – وهو في مرحلة الطلب – ينشر أبحاثاً جيدة محكمة في المجلات العلمية، وكان هذا في نظر الأستاذ أهم مؤهل علمي يجب أن يتوافر في المدرس الجامعي.
عدد من الأساتذة الأعلام يسخرون من حال الدكتوراه:
حضرتُ مجلساً علمياً ضم طائفة من علماء اللغة العربية وأساتذتها المشهورين الذين تتلمذت لهم أجيال من حملة الدكتوراه في البلاد العربية، وقد أتوا على ذكر رسائل الدكتوراه في الجامعات العربية، فأنكروا ما صار إليه أمرها من شكلية وابتسار، وسخروا مما آل إليه حالها من ضعفٍ وهزال.
وأعرف جامعياً زهد في الدكتوراه حين رأى ما أصيب به عدد من رسائلها الأدبية من ترهل في الأبواب والفصول، ونحول في جدلية الطرح ومنطقية الفكر، وما آل إليه لقب الدكتور في بيئات عربية متفرة اتخذته حِليةً اجتماعية وزخرفاً ثقافياً. وقد آثر أن يتخلى عن لقب دالي أعجمي علق باسمه طيلة ثلاثين عاماً، وحرمه من أن يأنس بذلك الود الحميم الذي يشعر به حين يناديه مناد باسمه الذي سماه به والداه.
علماء الدراسات الإسلامية والدكتوراه:
لقد أفاض الكاتب في الحديث عن الدكتوراه ليبين أن الدراسات الإسلامية – التي هي عنوان شخصية المسلم ورمز هويته – في غنى عن لقب كنسي لا هوتي طارئ لم يجد في دياره الأصلية من الحظوة ما وجده في بلاد المسلمين من افتتان به وتعلق بأذياله. ولا يريد المرء أن يحرم الباحثين الإسلاميين من تقدير علمي ومادي يماثل ما اكتسبه الباحثون الاخرون، ولكنه يرى أن في الألقاب العلمية الإسلامية العربية ما يوجد الألفة الحميمة بين الباحث المسلم وبين أبناء ملته، ويبعده عن مظنة التشبه وريبة التقليد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان لا بد للباحثين في الدراسات الإسلامية من سمة تميز طبيعة عملهم الجامعي فإن اللغة العربية لن تضيق بمقاصدهم، ولن تغمطهم حقهم، فأبواب الاجتهاد فيها مشرعة، وسبل الاستنباط فيها ممهدة. فإذا رأى بعض الجامعيين أن صفة (الشيخ) التي يؤثرها الناس – لا تكفي لتبيان درجاتهم العلمية، فإن من الممكن أن يقولوا مثلاً العالم الشيخ، أو الأستاذ الشيخ، أو الأستاذ الجامعي الشيخ، والأستاذ المساعد الشيخ، أو ما شاؤوا من صفات علمية عربية إسلامية.
وبعدُ فإن إيجاد لقب علمي بديل يلائم وقار الباحث الجامعي الإسلامي ليس مشكلة علمية جوهرية، فقد بلغ الأشياخ الدكاترة منزلة علمية معينة، ولكن بإمكانهم أن يصلوا إلى مقام يماثل تلك المنزلة أو يعلو عليها بدون دكتوراه، وذلك بما وهبهم الله من قدرات ذهنية، ومواهب فكرية، وطاقة فاعلة، وعمل دائب صبور. فليس العلماءُ الدكاترة بأغزر علماً وأحكم منهجاً من إخوانهم العلماء الأشياخ، ومن ينظر في قائمة من فازوا بجائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والعلوم الإسلامية مثلاً يجد أن العلماء الباحثين الذين لم يحملوا الدكتوراه كانوا من أبرز أولئك الأعلام.
وتشهد الأمثلة الحية المشرقة في ديار الإسلام بأن منهج الدكتوراه الفرعي الجزئي المحدود لا يرقى إلى مستوى المنهج الإسلامي في ميدان الدراسات الإسلامية من حيث شمول المعرفة وغزارة العلم وسلوك طريق الاجتهاد. ودليل هذا هم أولئك الشيوخ الأعلام من شيوخ العلماء الذين يلجأ الناس اليوم إليهم في مسائل الفتيا وقضايا الاجتهاد، والذين لم تعلق بأسمائهم الإسلامية وصفاتهم العلمية ألقاب القساوسة والكهان.
[ line]
انتهى هذا المقال الذي حفظته في جيبي أكثر من خمسة عشر عاماً لأضعه بين أيديكم الآن مرة أخرى، وقد أثار الكاتب الكريم في طياته قضايا في غاية الأهمية، أرجو أن يتناولها نقاشكم العلمي الهادئ، الذي يخرج بعده القارئ بوجهة نظر علمية متزنة حول هذه القضية التي تتعلق بالحضارة الإسلامية وخصوصيتها وتميزها، مع مراعاة واقع الحياة العلمية الآن، ومسائل الغزو الفكري الغربي، ومراعاة التدرج في إصلاح مثل هذه القضايا الأكاديمية، وكم أتوق لرؤية جامعاتنا الإسلامية وأقسامها العلمية وقد عادت لتحتفي بالألقاب الإسلامية النابعة من صميم تراثنا العلمي الإسلامي، وقد زالت عنها وعن درجاتها العلمية عقدةُ الحفاوة بالألقاب الغربية، والله الموفق سبحانه وتعالى.
الجمعة 10/ 7/1427هـ
ـ[د. أنمار]ــــــــ[05 Aug 2006, 01:26 ص]ـ
وبماذا يسمونها في جامعات العراق ومصر والشام؟
فبعضهم يسميها "الشهادة العالمية"
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[05 Aug 2006, 11:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، لدينا مصطلح بديل للدكتوراه، معتمد في جامعة القرويين وهي من أعرق الجامعات العالمية وأقدمها، وتسمى بالإجازة العالمية، لأن العالم لا يمكن أن يكون عالما إلا إذا أجازه علماء مجازون هم كذلك من كبار العلماء. لم لا نستخدم هذا المصطلح مع ربطه بمضمونه لإعادة الاعتبار للشهادة الجامعية. فالمشكل في اعتقادي ليس هو التسمية رغم أهمية المصطلح من الناحية الحضارية و الثقافية. بل لا بد لنا كجامعيين من وقفة مع الذات لإعادة النظر في أغلب الشهادات الجامعية من حيث الإعداد، والمستوى العلمي، وتحقيق الإضافة العلمية لمجال تخصصها.
ـ[العيدان]ــــــــ[06 Aug 2006, 02:32 ص]ـ
بسم الله ..
وفقك الله شيخنا ..
و بودي أن لو تكلمتم عن طريقة الحافظات، و عن طرق العناية بالمقروءات التي قد لا يصل الشخص لها مرة أخرى.
و معذرة على هذا الطلب ..
و فقكم الله
ـ[أبو ثابت الحربي]ــــــــ[06 Aug 2006, 04:12 ص]ـ
رأيي من رأي الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد شفاه الله، وألبسه ثوب الصحة والعافية
في كتابه الجميل: تغريب الألقاب العلمية؛ فلينظر.
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[06 Aug 2006, 07:51 م]ـ
هذا حال (الدكتوراه) ((فما حال الماجستير))؟؟؟
أظن أن لقب الدكتوراه في أصله لقب كهنوتي هذا في لغتهم أما اصطلاحا فهو يختلف عن هذا الاطلاق
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[12 Aug 2006, 12:42 م]ـ
المشايخ الكرام ـ حفظكم الله ـ
وفي جامعة الايمان عندنا في اليمن يسمونها (الاجازة العالمية) ولا يسمونها (الدكتوراة) وكذلك شهادة (البكالوريوس) لايسمونها هكذا بل يسمونها (الشهادة العالية).
وكنت سمعت من قبل من أحد المشايخ الكرام أن الدال،والكاف من (الدكتوراة) بمعنى:علم،وتوراة بمعنى:التوراة؛ومجموع المعنى: علم التوراة.
والظاهر: أنه لاتنافي بين هذا المعنى والمعنى الذي ذكره المشايخ الكرام.
والأحرى في نظري أن اللقب العلمي البديل هو الأستاذ المساعد الشيخ ـ كماذكرالشيخ الشامخ ـ،أو الأستاذ المشارك الشيخ إن كان أستاذاًمشاركاً.
ولقدرأينا في بعض الجامعات أن بعض (الدكاترة) يحمر وجهه ويغضب إذا لم تصدَراسمه بحرف الدال، وتجدالبعض يضع حرف الدال أمام اسمه إذاوقَع في حافظة أوغيرها.
ولقد قرأت قبل عدة أيام في بعض الصحف عن هذا الموضوع،وذكر الكاتب أن هناك من المشايخ من يحمل هذه الشهادة المذكورة (وهو مدرس في جامعة صنعاء) لا يسمح لأحد بأن يكتب قبل اسمه حرف الدال،أو يناديه ب (دكتور) بل إن بعض الصحف نقلت له مقالاً عن موضوع وذكرت أن المقال للدكتور فلان فعلم بذلك الدكتور فاتصل فيهم فوراً وعاتبهم على ذلك،وأمرهم بأن يعتذروا له في العدد القادم.
فالناس في ذلك طرفي نقيض بعضهم يحب كتبتها له،والبعض الآخر يرفضها.لكن الأفضل أن يكون بديلاًعلمياً اسلامياً مناسباً.
وأخيراً:أخاف أن تقولون لو كنت تحملها لما قلت هذا الكلام كما قيل للشيخ الشهري، وأنا قريب منها بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Aug 2006, 01:12 ص]ـ
إن كان المقال أعجبكم، فمن حق الكاتب أن تترحموا عليه،فهو ميت منذ بضع سنوات ـ رحمه الله تعالى ـ.
وللفائدة، فأصل الكاتب من بلدنا (المذنب) وهو من أسرة عريقة تنتمي إلى القبيلة العربية المشهورة (تميم)،وقد عاش في محافظة (عنيزة) وأظنه مات فيها،وجلُّ أيامه العملية قضاها في الرياض حيث عمله في جامعة الملك سعود (رحم الله الجميع).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Aug 2006, 07:41 م]ـ
أخي الكريم الدكتور عمر المقبل وفقه الله: شكر الله لكم على هذه المعلومات عن الدكتور محمد الشامخ رحمه الله، فلم أعلم بوفاته إلا منك، وليتك توافينا بترجمة مختصرة له بحسب معرفتك، فكتاباته الأدبية والنقدية تعجبني منذ زمن طويل، ومن أجمل كتبه كتاب سماه:
نريد أدباً يصلح في الأرض ولا يفسد فيها
رحمه الله رحمة واسعة.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Aug 2006, 02:11 م]ـ
سمعت الشيخ عبد الكريم الخضير قبل بضع سنوات يقول: [حول من حصل على الدكتوراة في علوم الشريعة]
منهم من يستوي أن تقول له: يا شيخ ويا دكتور.
منهم من تستحي أن تقول له: يا دكتور ... كالشيخ ابن جبرين حفظه الله.
ومنهم من تستحي أن تقول له: يا شيخ!.
هذا معنى كلامه ـ حفظه الله ـ لا لفظه.
--------------
وهذا مقال نشر في مجلة البيان للكاتب سليمان بن عبد العزيز العيوني
ما زال الغُيُر من أبناء الأمة يدعون إلى تنقية اللغة العربية من أدران العجمة، وكلام السلف الصالح في ذم الرطانة بالأعجمية، أو خلط العربية بالأعجمية مشهور مذكور.
ويشتد النكير إذا كانت تلك الكلمات الأعجمية ذات أصول دينية، كلفظة (دكتور)، التي ـ وإن كانت أصولها تضرب في الإغريقية أو اللاتينية ـ أطلقها اليهود على العالم بشريعتهم، وأطلقها النصارى على مفسِّر كتبهم المقدسة.
ويشتد النكير أكثر إذا ولغت هذه الألفاظ الأعجمية في منابع العلم، ورتعت في معاقله، وصارت ألقاباً لدرجاته، وشعاراً على صدور أهله.
ويشتد النكير أكثر وأكثر إذا أطلقت هذه الألفاظ الأعجمية على تلك الألقاب والدرجات رسمياً، وأقرتها أعلى المجالس المختصة، ووافق عليها المسؤولون.
ومن تلك الألفاظ التي ينطبق عليها ما سبق لفظة (دكتوراه)، ويسمى صاحبها بـ (دكتور)، ونحوها أختها (ماجستير)، ولا أعرف بِمَ يسمى صاحبها من اسمها، اللتان استشرى البلاء بهما في طول العالم الإسلامي وعرضه إلا ما شاء الله.
وقد قامت جهود مشكورة لإيجاد بديل مناسب لهاتين اللفظتين الأعجميتين، من أفراد وجهات عدة، ليس المقال لذكرها، ولكنها جهود مذكورة مشكورة، ومأجورة بإذن الله.
ومن هذه البدائل (العَالمِيَّة) عن (الماجستير)، و (العَالمِيَّة العالية) عن (الدكتوراه)، ولا يَقُلْ أحد إن هاتين اللفظتين منتشرتان جداً، ويصعب اقتلاعهما؛ لأن انتشارهما «في الحقيقة لا يعدو أن يكون كالوَعْكة والصُّداع العارض ما يلبث أن يزول، ما دام أن ثَمَّةَ جهداً متواصلاً ونَزْعَةً متينة للتعريب» (1).
وأقر بأن انتشار مثل هذه الألفاظ ليس المرض، ولكنه من أعراض المرض الأكبر، وهو التخلف الحضاري الذي تتمرغ فيه الأمة الإسلامية، وأن هذه الألفاظ نتاج دول وحضارات تقدمت علينا في الصناعات والعلوم المادية، وأنها نشرت مع صناعاتها وعلومها لغتها ومصطلحاتها، ولكن كل ذلك لا يعني ترك علاج ما نستطيع علاجه من أعراض المرض، حتى يأذن الله للمسلمين بالدخول على المرض في وكره، واقتلاعه من جذوره.
ومن تلك الخطوات الحضارية على الطريق الصحيح، التي انتصرت للتعريب على التغريب، وتستحق أن تكتب بماء الفخر على جبهة اللغة العربية اليوم ما أقره مجلس التعليم العالي في المملكة العربية السعودية في جلسته السادسة في 26/ 8/1417هـ، المتوج بموافقة رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس التعليم العالي في 17/ 6/1418هـ المتضمن اللائحة الموحدة للدراسات العليا في الجامعات السعودية التي جاء في المادة الثانية منها ما نصه: «يمنح مجلس الجامعات الدرجات العلمية الآتية، بناءً على توصية مجلس القسم والكلية وتأييد مجلس عمادة الدراسات العليا:
1 - الدبلوم. 2 - الماجستير (العالمِيَّة).
3 - الدكتوراه (العالمِيَّة العالية)» (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أسعدنا هذا القرار، ونأمل أن تتبعه خطوات أخرى أعمق في الإصلاح اللغوي، وأحب أن أعلق على المادة السابقة منبهاً ومقترحاً:
1 - لم تضع المادة بديلاً للفظة (الدبلوم)، ومن البدائل المقترحة لها كلمة (براءة)، ولا أرى أن نجعل بديلها كلمة (العالية)؛ لكي لا تلتبس ببديل (الدكتوراه).
2 - وضعت المادة اللفظة الأعجمية أولاً، وبعدها البديل العربي بين قوسين، ولعل هذا من شدة انتشار اللفظتين الأعجميتين، ونرجو أن تكون هذه الخطوة الأولى، ويتلوها وضع الكلمة العربية أولاً، بعدها الأعجمية بين قوسين، ويتلوهما الاكتفاء بالكلمة العربية، والاستغناء عن اللفظة الأعجمية، والتعجيل بهذا سيخدم الأمر الآتي.
3 - مضى على القرار أكثر من خمس سنوات، وبدأت البدائل العربية تشقُّ طريقها بقوة إلى الرسائل الجامعية، والمراسلات العلمية، وشيء قليل من الكتابات الصحفية، والمأمول من وزارة التعليم العالي أن تطالب الجامعات باستعمال المصطلحات العربية، والحرص عليها تمهيداً للاكتفاء بها، ولو تدريجياً، بأن يكتب المصطلحان أحدهما بين قوسين، ويفضل كون المحبوس بين قوسين الأعجمي لا العربي.
كما نأمل من جميع الجامعات السعودية بأساتذتها الكرام أن تعتز بهذا الإنجاز الكبير، وأن تحرص على تطبيقه واستعماله، وأن تدعم التعريب، وتشجعه، وتدعو إلى المزيد منه.
4 - نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية تنسيق أوسع وأشمل بقنواته الخاصة بين جامعات العالم العربي كله، للاتفاق على بدائل ومصطلحات متفق عليها لنرى حينها العربي يحمل علمه بلقب عربي لا أعجمي.
5 - وضعت المادة أسماء عربية للدرجات العلمية (العالمِيَّة، والعالمِيَّة العالية)، ولم تضع منها ألقاباً تطلق على الحاصلين عليها، وهو أمر لا غنى عنه؛ فالوصف اللغوي حينئذ سيكون: (صاحب العالمِيَّة أو ذو العالمية) للحاصل على العالمية (الماجستير)، واستعماله على كل حال قليل، ولكن الملح لقب الحاصل على العالمية العالية (الدكتوراه)، فالوصف اللغوي سيكون صاحب العالمية العالية، أو ذو العالمية العالية، ويمكن أن يختصر فيقال: ذو العالية؛ لأن من أسباب نجاح المصطلح كونه قصيراً، وأقترح أن يشتق منه اسم فاعل يكون مصطلحاً دالاً على صاحبه، فيقال: العالي فلان وجمعه العالون، والعالية فلانة وجمعه العاليات، وأن يرمز له بحرف العين (ع.)؛ ليكون بديلاً لحرف الدال (د.).
المهم أن يصطلح على أسماء وألقاب عربية تكون بدائل متفقاً عليها عن الألفاظ الأعجمية، بين الناطقين بالضاد، والله ولي التوفيق.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[18 Aug 2006, 02:10 ص]ـ
السلام عليكم يا أحبابي ..
ما لي أرى بعض القوم يقولون ما لا يفعلون؟!
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[19 Aug 2006, 04:24 ص]ـ
أخي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بارك الله بك، واسمع إلى هذه القصة، زميل لنا ذهب إلى أحد المراكز الثقافية، وطلب من القائم عليه او ممن ينوب عنه أن يحدد له يوم لإلقاء محاضرة، وعندها طلب المسؤول عن المركز تعريفا بهذا الزميل، فعرف الزميل عن نفسه بالشيخ قائلا أنا الشيخ فلان ... عندها قال له المسؤول عن المركز او من كان نائبا عنه، يشترط في المتقدم أن يكون حائزا على الإجازة!! علما أن زميلي عضو في الهيئة التدريسية!!!!
بناء على ما تقدم وعلى ماذكرتم من أصل كلمة الدكتوراه، الذي يبدو لي أن العربية عندنا غير عاجزة عن اشتقاق أوصاف وألقاب علمية معينة بعيدة عن أصل كلمة الدكتوراه، وإن كانت هذه الكلمة لها معنى اصطلاحي خاص، والذي أراه أن كلمة شيخ - وليس ذاك انتقاصا منها - لم تعد تغني عن هذا اللقب العلمي في عرفنا اليوم، وعليه لا مناص من اشتقاق لقب علمي معترف به، وذاك لأن كلمة شيخ - كمصطلح الآن- ليست مقصورة على مرحلة دراسية معينة، فقد تطلق كلمة الشيخ على كل من درس في العلوم الشرعية منذ المرحلة الإعدادية وحتى أعلى مرتبة علمية، أي أن هناك عموما وخصوصا مطلق بين كلمة شيخ كلقب وبين كلمة دكتوره، فكل دكتور هو شيخ، وليس كل شيخ دكتور والله اعلم
==
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[22 Aug 2006, 08:50 م]ـ
اعتذر في مداخلتي هذه للإخوة جميعاً في هذا الملتقى المبارك،وقبل ذلك أعتذر للأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشامخ ـ حفظه الله ـ عن خطأي في (تمويت) الأستاذ د. محمد،حيث ذكرت ـ بسبب وهمي وانتقال ذهني لشخصية أخرى ـ أن د. محمد قد مات منذ بضع سنوات،والواقع أنه حي يرزق بفضل الله،وهو الآن إلى هذا اليوم (28/ 7/1427) ـ كما ذكرت ـ يعيش في مدينة عنيزة.
وأنا بصدد البحث عن ترجمته ـ رحمه الله حياً وميتاً ـ استجابة لطلب أخي العزيز د. عبدالرحمن الشهري،حصلت على هذه المعلومات من أحد أقاربه:
1) الدكتور محمد ـ حفظه الله ـ يستقبل زواره في بيته في عنيزة بعد المغرب.
2) وهو ممن أوائل الحاصلين على هذا اللقب العلمي (دكتور) على مستوى المملكة.
3) حاول بعض الكتاب والصحفيين ـ أيام تدريسه في جامعة الملك سعود ـ جرّه إلى مستنقعات فكرية،وصراعات ثقافية؛لكن الله حفظه،وقد نأى بنفسه عن تلكم الموارد الآسنة.
فنسأل الله لنا وله الثبات،وحسن الختام،كما أسأل الله تعالى لدكتورنا الكريم أن يحفظه ويبارك فيه،وأن يمتعه متاع الصالحين.
ولولا خشيتي من خرم بنود الملتقى،وخوفاً من تكثير المواضيع؛ لأفردت موضوعاً مستقلاً للاعتذار،فأرجو من الجميع العفو والصفح والمسامحة.
(يُتْبَعُ)
(/)