ذلك ولا خير فيه ولا زلفة له استحق بها منه، ولا لبغض منه لمن قدر عليه ذلك ولا مقت، ولكنه يفعل ذلك محنة لعباده وابتلاء، وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارًا لعباده ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بسط له ومقت لمن قدر عليه."
فبين الله لهم ان هذا لا يساوى شيء عند الله في الآخرة الا من آمن به واتبع هداه فهذه الاموال والاولاد لا تقربكم دون عملكم "وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) " فليس هذا الذي يجب ان يفتخر به الانسان بل يجب عليه ان يتفكر بنعمة الله عليه ويحفظ شكرها كي توفى أعماله له , فيكون ممن فضل بالآخرة:"انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا " فمتاع الدنيا بفضل الله ورحمته على الناس فان لم يؤدى شكرها وقوبلت بالكفر فان الله سيجعلها نصيبه من الدنيا ليلقى الله وما له حسنة يطلبها "وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" وبين عز وجل حالهم في الدنيا وانفاقهم المال للصد عن سبيل الله:" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" فبين عز وجل ما ينتهي اليه كيدهم من حسرة في الدنيا لانهم ينفقو أموالهم فيما لا يرجى له اجر عند الله لانهم أصلا لا يؤمنوا بالآخرة فيكون انفاقهم للمال حسرة في انهم انفقوها وذهبت منهم وفي ذهابها عبثا فان كانوا كادوا للمسلمين فان كيدهم زائل ولو بعد حين. ثم يوم القيامة تكون حسرة عليهم لما يجدوا من آثار انفاقها في الباطل , ومن أثر ذلك هو جحدهم الرسالة لانهم يرون أنفسهم أكثر اموالا. فذكر الله كل من دخل في نفسه الكبر من المشركين والمنافقين فقال عز وجل:
"كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) " فان ملك هؤلاء ما زادهم الا خسارة في الدنيا في الدنيا. فان الله امر مترفيهم بالايمان فعصوه الى الكفر "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" ففسقوا بمخالفة امر الله الى المعاصي والذنوب والمترفين وأهل الما هم أكثر الناس تبعا للهوى وأغلب الناس تسمع كلامهم وتقدر مكانتهم ويتبعهم كثير من الضعفاء يسمعون كلامهم. فيكون مالهم سخطا عليهم في الدنيا والآخرة , يحملوا اوزارهم واوزار الضعفاء الذين اتبعوهم.
"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) "
ففيها بيان حالهم من تابع ومتبوع وكيف ان التابع لام المتبوع على الخسارة ففي الدنيا استضعفوهم وفي الأخرة أخزوهم وافسدوا اعمالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
" قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) "
فاي فائدة للندم يومئذ؟ , ثم بين الله تعالى حال المترفين بتمسكهم بجاههم وبسلطانهم واستكبارهم على الحق:
" وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) "
ومما ضربه الله مثلا للمترفين فرعون فانه بعدما رأى كل آية من موسى عليه السلام استكبر:" وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ (56) "
وبين الله حال قوم فرعون في الآخرة اذ قال:" وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) " وقد بين كيف زال ملكهم وبقيت آثارهم شاهدا عليهم وذكرنا بفعلهم وقولهم في الدنيا:" وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ" فالقصص والاثار والأمثال لم تغن عنكم ان تفعلوا بفعلهم فزعمتم ان لا زوال لكم ولا انتقال للكم الى دار اخرى وقد رأيتم من كان اشد منكم بطشا وأكثر جمعا ومالا كيف فعل الله بهم.
فهذا قارون لم يعتبر بما أعطاه الله من مال. ولا اتعظ بما نصحه اهل العلم ولا اتعظ:" قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ"
فلم يمنعه ماله من العذاب بل خسف به وبماله الارض. .
فكان اسلوب القران في ذلك لفت نظر الناس الى حال من سبقهم فليس الامر بالمال والجاه والقوة كما يزعمون فليست هذه ما يقيس الله بها الأعمال.
وكان كفار قريش طلبوا امرا بمماثلة ذلك في النبوة::"وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) "وكأن الهدى لا يعرف الا من عظمائهم! فالذي قسم الحياة بينتهم في الدنيا وأعطاهم المال هو الذي يملك ذلك " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّك" بل يملكها الله خالق كل شيء ومالك كل شيء: قال ابن كثير:" ثم قال تعالى مبينا أنه قد فاوت بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم، وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة، فقال: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} " ثم بين الله تعالى اثر المال وانه متاع الدنيا
" وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[29 May 2006, 10:35 ص]ـ
الاخ الفاضل مجدي أبو عيشة ابارك لك هذا الجهد فجازاك الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء
الحقيقة كنت قد قرأت لشيخي الدكتور وليد العامودي حفظه الله كتاب معنون " بأسلوب القرآن الكريم في عرض مواضيع العقيدة " وهو كتاب رائع جداً ومفيد
ربما أقتبس منه أموراً بسيطة هنا، لعل مشاركتي هنا على موضعك تزيد ما سأنقله بهاءً والبهاء من أصل نصك
شكراً لك
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[29 May 2006, 11:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي.
الموضوع مهم جدا بنظري وذلك لانشغال الكثير من الأخوة بالجدل الذي لا فائدة منه واستبدالهم كلام الله عز وجل باساليب اهل الكلام. ولا أخفيك اني تعلمت الطرق الكلامية وجادلت ببعضها مما رأيت ان لا خطأ فيه. الا اني أجد نفسي اسير في مكاني لان الجدال اذا دخل فيه تعابير الناس والظنيات وتركوا القطعيات تاهوا بل الصحيح ان القطعيات هي اساس كل شيء وعلى اثرها تجري الظنيات.
اليك هذا الموضوع في ملتقى أهل الحديث فهو ذو صلة بهذا الموضوع:هل يجوز شرعا التحدث مع الملاحدة بعلم الكلام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=79787)
وراجع منتديات الحوار مع الملاحدة ستجد اثر ابتعادنا عن القران الى اساليب الجدل المذمومة.
بالنسبة للأقتباس فطريقتي ان ابين اي شيء اقتبسته اقتباسا.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 May 2006, 10:01 ص]ـ
ويتبين بجلاء وضوح الجواب وقطعيته عند اجابة الله على سؤال المشككين وفي القران امثلة كثيرة منها ما مضى الحديث عنه. وأذكرهنا السؤال والجواب وبيان اثر اسلوب القران:
" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"
السؤال واضح وهوسؤال عام عن الروح والروح سواء أقصد بها ملك كجبريل عليه السلام ام قصد به الروح التي بها الحياة للجسد فان الجواب فيه جاء بشكل جميل يقطع الحبل عن اسئلة كثيرة مثلها. فالذي يسأل عن الروح قد يسأل عن امور كثيرة مشابهة لها.
فلما كان الجواب واضح:"قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي " فهم لا يعرفوا الروح ولا يمكنهم التأكد من صحة ما يقول , ولا يمكنهم معرفة شيء عما لم يكتسبوا علما عنه. فلما خفي عليهم ما هي الروح خفي عنهم ان يعرفوا شيء عنها. فان ابن آدم يشبه ما يسمع بما يعلم وليس ما يقال عن الروح مما يعرفه بنوا آدم. فكان الجواب مقرونا ببيان حال معرفة الناس وعلمهم "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" وما أعطيناكم من العلم الا اليسير فان فرحتم بما عندكم من كتاب فاعلموا ان ذلك يسير. وانكم لن تصلوا الى منتهى العلم بل انتم بشر يغيب عنكم أكثر مما تعرفوا وتظنوا أكثر مما توقنوا.
وكأن السؤال جواب عن اسئلة كثيرة يتشبث بها بعض من ظن نفه أحاط بالعلم لبعض المعرفة التي ينالها. وذلك انه لو جلس ونظر ما لا يعلم لما أحصاه ولو نظر الى ما يعلم لوجده يسير. ولكن أهل الجحود يفرحوا بعلمهم اليسير ويظنوه حجة على انبياء الله ليعرضوا عن النبي وهديه:"فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " فهم ظنوا ان علمهم منتهى العلم فظنوا لا بعث ولا حساب , وهذا يحدث كل عصر عند اكشاف سر من اسرار الحياة يظن الانسان انه عرف واذ به يعرف امر آخر يعرف انه يجهل الكثير.بل يجب ان يكون ما يعرف هو سبيل لمعرفة ما لا يعرف ما أمكن اما ما لم يحط به الانسان فليس له طريق لمعرفة ذلك بعقل ولا تجربة وانما يعرفها بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق وعد الله عز وجل فان ذهب الوحي ذهب العلم بما أخبرنا الله من امور الوحي من غيب كالروح والملائكة والجنة والنار ولا نعلم عنها مع موجودها " وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) " فرحمة من الله أعلمنا ببهذه الأمور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم هو من ألف القران لأجابهم بجواب مما يمكن لبشر ان يجيبه عليه من مثل ما يقوله الفلاسفة او غيرهم. ولكن جواب القران كان دليلا ان هذا الامر ليس شيء مما تقولوا يا بني آدم وسيظهر عجزكم وقلة علمكم بذلك.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 May 2006, 11:51 ص]ـ
من ذلك سؤالهم عن الساعة متى موعدها:"يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) "فليس علمها من اختصاصكم ولا يمكنكم ان تعرفوا موعدها لا بعلم من عندكم ولا أعلمها الله لأحد حتى يعلمكم. فان سؤالكم عنها سؤال من لا بما ليس بمقدور احد ان يعلمه الا الله فهل يحق السؤال عن أمر اخبر الله انفراده بعلمه وانه لن يعلم احد بل ستأتيكم فجئة وانتم عنها غافلين." يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) " فليس مفيدا لهم معرفة وقتها وهم لها مكذبين بل الحذر واتباع داعي الله النبي صلى الله عليه وسلم هو ما يطلب منكم ولأجله انزل الله لكم هذا الهدى فاتبعوه. فان ايامكم تمضي وستأتيكم ساعتكم يوم أجلكم وقد تدركم او تدرك غيركم فلا ينفعكم ندم بعد ذلك.
والذي يلاحظ ان سؤالهم عن الروح وعن وقت الساعة ليس فيه فائدة تدعوهم للإيمان بالله. فان أخبرهم ما هي الروح لا يمكنهم التأكد من صحة كلامه لانهم لم يؤمنوا بالواضحات البينات من قبل. وان أخبرهم وقت الساعة فانه لن يفعلوا أكثر من انتظارها اذا أخبرهم بأمد قريب او اان أخبركم بأمد بعيد فستقولو متى هو. اذا فما الفائدة من السؤال. وهل كان السؤال مما يمكن ادراكه؟ وكيف يطلب معرفة ما استأثره الله لنفسه من علم ولم يعلم به أحد وأخبرهم انه لن يعرفها أحد الا الله؟
" وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
فليس سؤالهم مما فيه فائدة ولا سبيل لمعرفته. فان انتظرت حتى تدرك الساعة فانك اهلكت نفسك لانك وصلت الحساب وضيعت العمل.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 May 2006, 08:49 م]ـ
ومن اسلوب القران بيان حال المخالف من أهل شرك والحاد وأهل كتاب.
فقد بين كذب اليهود من تبيان حالهم ورد عليهم بكذبهم وافترائهم على الله غير الحق:
"وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" فكان الرد على زعمهم ان كنتم أخذتم عهدا فبينوه فان الله لن يخلف وعده. ولكن هذا ليس كما تزعمون وانما تقولوا على الله ما لا تعلموا وما لم ينزله عليكم بكتاب. فكان بيان حالهم من عجزهم عن اظهار عهد لهم بالجنة لمجرد انهم يهود وبين الله عز وجل ان من احاطت به خطيئته من شرك او كفر دخل النار وخلد فيها
وزبين تعالى لهم قولا آخر: وهو اختصاصهم برحمة الله دون غيرهم:
"قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) " فطلب الله من رسوله ان يخبرهم بتمني الموت. وبين عدم تمنيهم وبين سببه. فعلمهم بحالهم بيان على ضلالهم لذا قال الله عنهم " قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) " وما تمسكهم بالحياة هذا بمنجيهم من الموت. فلماذا لا يمنونه؟ ذلك بمعرفتهم عن حالهم ومعرفتهم بعذاب توعدوا به بسبب مخالفتهم. فالكبر والحسد يمنعهم من الدخول في الاسلام.
فبين الله عز وجل زيف ادعائهم اذ لو كانوا صادقين لتمنوا الموت. ولكن الله أخرج ما في قلوبهم مما أخفوه على الناس وبين شدة تمسكهم بالدنيا وكراهيتهم للأخرة. حتى اصبحوا أشد تمسكا ممن لايؤمن بحساب ولا عقاب.
ومن ذلك ما رده الله على اليهود بزعمهم على جبريل عليه السلام:" قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) "
فانهم ان لآمنوا بجبريل فان الله هو الذي انزله وانما كرهوا ما انزل الله فعداوتهم لجبريل عداوة لرب جبريل الذي ارسله. وهو كفر بما أوجب الله عليهم. فكان كفرهم بآيات الله واضح وصريح فهم يؤمنوا بجبريل ويعلموا انه ملك وانه مرسل من عند الله فكيف يكفروا بما جائهم جبريل؟ فرد الله عليهم: " فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ " وهذه ايات بينات واضحات ولا يكفروا بها الاجحودا واعراضا وخروجا عن الحق الى الضلال.
ثم بين الله تعالى وجه جديدا بكفرهم فقد سبق وان ذكرت زعمهم بان الله عهد اليهم ان لا يؤمنوا برسول حتى يأتيهم بقربان وبين يدينا آية أخرى تبين حججهم الواهية:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" فان كنتم تؤمنوا بما انزل عليكم فلم قتلتم الانبياء الذين جاؤكم ليحكموا بالتوراة بينكم:" إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) " فماذا فعلتم بالانبياء الذين حكموا بينكم بالتوراة؟:" لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70) " فليس تكذيبهم الا تبعا لأهوائهم وهو دليل على تكذيبهم لرسلهم لمجرد الهوى. فالقران مصدقا للتوراة فلم يمنعهم من اتباعهم الا الغضب الذي استحقوه بكفرهم بآيات الله. فلو جائهم محمد صلى الله عليه وسلم بالتوراة كما انزلت على موسى لما اتبعوه. فقد قتلوا الانبياء لهوى في قلوبهم وران لا يغسله الا ترك الكبر والرجوع الى الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما عرفوا ان النبي جاء بشريعة مصدقة لما معهم ولكن انزلها الله حنفية على دين ابراهيم ارداوا ان يعرضوا بطريقة مختلفة:" وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) " ايمان اول النهار وكفر آخره ليحدثوا ريبة في قلوب المؤمنين. وعقدوا على انفسهم بالخفاء عدم تصديق الا من تبع دينهم ولا يأمنوهم بشيء.
فرد الله عليهم ان هذا الهدى انما هو من عند الله وهو الذي بيده هداية الناس وبيده الرحمة والفضل. فان خفتم ان يؤتى أحد بمثل ما اوتيتم فان الله يؤتي فضله من يشاء وان خفتم ان يحاجوكم وهو واسع المغفرة وعلمه وسع كل شيء يعلم ما تخفون وما تعلنون.
فبين سرهم وفضح مقولتهم وبين انهم يعلمو ضلال انفسهم من خوفهم بان يحتج عليهم المسلمون بما في ايديهم فيقولوا لهم في كتبك هذا وفي كتبكم هذا كما فضحهم في قصة الزناة الذين اخفوا حكمهم المعروف في كتبهم وأرادوا ان يحتكموا الى غير ما في التوراة من رجم الزناة فقال الله معنفا لهم:" وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) " فبين ان الحكم عندهم في التوراة وانهم استحفظوا على كتاب الله وأمروا بتطبيق أحكامه وعدم الخوف من الناس ولكنهم بدلوا وكذبوا وكفروا.
فكان اسلوب القران بالحتجاج عليهم بما أخفوا من كتبهم وبمخالفة حالهم عن مقالهم وبين سبب كفرهم.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[31 May 2006, 09:30 ص]ـ
ومن اسلوب القران ابطال دعوة اهل الكتاب الى دينهم وذلك ببيان تركهم شرع الله وعدم اتباعهم ما انزل اليهم:"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) " فكيف يدعو هؤلاء الى اليهودية او النصرانية وهم لا يتبعوا ما انزل اليهم: اما اليهود فقد سبق الاشارة الى قتلهم الانبياء واتباعهم باطلهم اما النصارى فقد أخبر الله انهم تركوا نصيبا مما أعطاهم الله من كتاب:"وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) " وبين الله عز وجل ان أهل الكتاب ليسوا ذو خبرة في كتبهم بل تركوا ذلك لبعضهم وان منهم قوم لا يعرفون الكتاب لانهم لا يعرفون قراءته ولا يعرفون ما فيه فليس لهم منه الا ما تتمنى انفسهم وما غرهم من دينهم من ما كان يفتريه عليهم احبارهم ورهبانهم "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) "فبين الله حالهم وتوعد الذين استحفظوا على كتاب الله فخانوا الله وكذبوا على الناس " فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) " فانهم يحوروا الكلام حسب رغباتهم ويكتبوه على غير حروفه التي انزل بها مرة ويلون السنتهم بكلام غير ما انزله ليحسبه الناس كلام الله مرة ويكتموا بعضه مرة ويغيروا معانيه مرة أخرى. فلما اجتمع فساد العلماء وجهل العامة كانوا على ضلال لا يعملو فيه بكتاب ربهم. وقد تبين ذلك من قصة الزانيين اذ كتموا وجود حكمهم في التوراة ففضحهم الله بكتابه وبين ذلك امام الناس بفضله عز وجل والقصة معروفة وقد مرت الايات عن ذلك سابقا.
وقد بين الله عز وجل كيف ان هؤلاء اليهود يأخذوا ببعض الكتاب ويتركوا بعضه فانهم نسوا حرمة دماء بعضهم فكانوا يعرفوا ذلك وتركوا العمل به فقتل بعضهم بعضا ثم انهم عملوا بفداء اسراهم وهو امر عجيب. فهو يقتل اليهودي الذي مثله ثم انه ان وجد الذي كان سيقتله بين الأسرى بدر الى عدم تركه مع العدو. وان كان بينه هذا الذي فداه تظاهر عليه بالاثم والعدوان وطرده من دياره فكيف يفاديهم اتباعا للتوراة ثم يخرهم ظلما من ديارهم وهو محرم عليهم اخراجهم؟
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) "
وكان اوضح ذلك فعلهم في المدينة: قال ابن جرير:" يعني بقوله جل ثناؤه: (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم) اليهود. يوبخهم بذلك، ويعرفهم به قبيح أفعالهم التي كانوا يفعلونها، فقال لهم: ثم أنتم - بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم: أن لا تسفكوا دماءكم، ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم - تقتلون أنفسكم = يعني به: يقتل بعضكم بعضا وأنتم، مع قتلكم من تقتلون منكم، إذا وجدتم الأسير منكم في أيدي غيركم من أعدائكم، تفدونه، ويخرج بعضكم بعضا من دياره. وقتلكم إياهم وإخراجكموهم من ديارهم، حرام عليكم، وتركهم أسرى في أيدي عدوكم [حرام عليكم]، فكيف تستجيزون قتلهم، ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوهم؟ أم كيف لا تستجيزون ترك فدائهم، وتستجيزون قتلهم؟ وهما جميعا في اللازم لكم من الحكم فيهم - سواء. لأن الذي حرمت عليكممن قتلهم وإخراجهم من دورهم، نظير الذي حرمت عليكم من تركهم أسرى في أيدي عدوهم، أفتؤمنون ببعض الكتاب - الذي فرضت عليكم فيه فرائضي، وبينت لكم فيه حدودي، وأخذت عليكم بالعمل بما فيه ميثاقي - فتصدقون به، فتفادون أسراكم من أيدي عدوكم; وتكفرون ببعضه، فتجحدونه، فتقتلون من حرمت عليكم قتله من أهل دينكم ومن قومكم، وتخرجونهم من ديارهم؟ وقد علمتم أن الكفر منكم ببعضه نقض منكم عهدي وميثاقي؟ "
وبن الله تعالى حال أهل الكتاب من ارتكابهم المعاصي واتباعهم اماني كاذبة على الله بانه سيغفر لهم لا محالة ثم ان جائهم اثم مثل الذي ارتكبوه يأخذوه مرة أخر كذبا على الله بانه سيغفر لهم والله عز وجل لا مجبر له يغفر لمن يشاء وليس فعلهم هذا ولا أمانيهم شيء مما انزله الله بل هو قولهم على الله الكذب:
"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) "
(يُتْبَعُ)
(/)
فبين الله عز وجل كيف فعل هؤلاء بكتبهم أما النصارى فبين كيف انهم تركوا جزءا كبيرا من شرع الله من شركهم به عز وجل:"وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) "
بعد بيان ضلالتهم بين الله اتباع هؤلاء لأهوائهم وعدم رضاهم على شيء الا على ما هم عليه
"وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) "
وبين زعمهم على الله كل طائف تزعم نفسها من سيدخل الجنة دون غيرها فأخبر عنهم:"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) " فلا برهان لهم بذلك انما اتباعهم الكذب الذي كانوا يفترونه والأماني الكاذبة التي كانوا يمنونها دون ان يعطيهم الله ذلك الا ميثاقا لمن اتبع هداه ان يدخله الجنة."قَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) " فبين الله ان الهدى هو اتباع شرع الله والانقياد له وهو الاسلام الذي عليه كل النبوات من تسليم امرهم لله واتباع شرعه وتصديق رسوله ثم بين لنبيه انهم لن يضروه شيئا ولن يضروا الله شيئا ثم دعاهم للايمان بالله وترك ما كانوا يفترون:"ُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) "
فقد بين الله تعالى كيف انهم تركوا اتباع دينهم والعمل به وانهم يدعوا الناس لاتباع ما تركوا العمل به. وبين فساد عقولهم من زعمهم على بعضهم البعض:"وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113): فان كانت اليهود ليست على شيء فكيف يتبع النصارى التوراة والانجيل الذي بين أيديهم يدعوهم للتصديق بالتوراة؟! وان كانت النصارى تزعم ان اليهود ليسوا على شيء فبأي شيء جاء عيسى عليه السلام مصدقا. وكيف يقولوا ان اليهود ليسوا على شيء وهم يعتبرونهم الامناء على الكتب بزعم بعضهم. وباتباع بعضهم التوراة مع الانجيل؟
ثم دعاهم الله الى الحق وذلك ليتبعوا ما يزعمونه من كتبهم فنعبد اله واحدا نجعل له تشريع ديننا ودنيانا فنتحاكم الى حكمه لا الى الاحبار والرهبان الذين بدلوا شرع الله بل نتبع ما زعم هؤلاء الاحبار والرهبان اتباعه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[31 May 2006, 01:05 م]ـ
ومن اسلوب القران في الرد على أهل الكفر ان يبين لهم مآل حالهم عند احتجاجهم على ما كان وبيان حقيقة الامر , فمن ذلك زعمهم عن الموت فقد ضرب الله مثلا للمؤمنين ينهاهم الله ان يصنعوا صنيع الكفار:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) " فهم لا يؤمنوا ببعث فاصبح موت أخوانهم -الذين قالوا عنهم لو كانوا عندنا فلم يخرجوا في سفر او غزوا -حسرة عليهم. وذلك جهلا منهم بان الله هو الذي يحي ويميت وانه بيده الأمر كله من موت او حياة. فبين الله تعالى ان حال المؤمن في الجهاد تربص النصر او الشهادة لينال ما عند الله وهو خير من الدنيا وما فيها وذلك بيان من الله على حسرات الكفار على انفسهم وما أعطاهم الله عز وجل فكم فرحوا بأخذهم الشي والحصول عليه سيتحسروا أكثر عند فقدهم ذلك:"فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) " فهذه الحسرات لفقدانهم إخوانهم هي مثل حسرات فقدانهم اموالهم وحسرات ما يفتنوا به في اولادهم في الدنيا.
وقد سبقت الاشارة الى ظن المشركين بانفسهم خيرا لما أعطاهم الله من مال فيما سبق
وهذا كله مثل تذكير بحال الكفار بالماضي والحاضر والمستقبل وبيان أثر كفرهم على تقبلهم لقضاء الله عز وجل.
وكان ذلك عند كلام الله عن حال المسلمين في أحد وعند رده على المنافقين الذين يظنون بالله غير الحق:"ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) " فقوله لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل كافية للمؤمنين ليقنعوا بها ولكن بالنسبة لمن شك بالله عز وجل او كفر به فجاء بيان ذلك ورده واضحا:" الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) " فعدم مقدرتكم لان تدفعوا الموت عن انفسكم وموت بعضكم في فراشه دليل على ان الموت لا يقدمه ضربة سيف ولا يؤخره النوم على الحرير.
فوجب عليهم التسليم لأمر الله فالمجاهد لو لم يقتل بالمعركة لمات على فراشه ولكن شتان بين موت مجاهد يؤمن بالله وبين موت كافر تكون الدنيا مبلغ علمه وأكبر همه.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[01 Jun 2006, 10:18 ص]ـ
ومن اسلوب القران الكريم بيان الضعف النفسي للمخالف وبيان ان كفرهم كان تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود معرفة في قلوبهم على صدق النبي صلى الله عليه وسلم:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد بين الله عز وجل اضطراب أقولهم وتناقضها:"إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) " فهذا القران يتلوه رسول كريم وليس بقول شاعر وانتم ابرع الناس بالشعر ولا بقول كاهن وانتم تعلمو سجع الكهان وكلامهم.
** "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) " فقد تغيرت ملامح وجهه وقلب بصره كي يخرج بقول يمكن ان يقبل.
**" نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) " وأخبر عن قولهم:"وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا "
**" وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) "
**"وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) "
"وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) "
"وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) "
**"أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) "
فكل ما سبق يجمع بقولهم ان الرسول تقول هذا القران على الله عز وجل بزعمهم "أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) "
وانه بذلك كذب على الله بزعمهم:" وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) "
وقد سبق الاشارة الى زعمهم و الرد على هذه الادعائات فيما سسبق.
فبين الله تعالى ان قولهم مشابه لمن قبلهم عند عجزهم عن الرد على آيات الرسل فتشابهت قلوبهم في الرد على انبيائهم: "بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (83) "
"كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) "
فطغيان كفرهم عمى ابصارهم لذا اضطربت اقولها والناس يميزوا بسهولة بين الساحر والكاهن والشاعر والمجنون والكذاب , وكتب أهل الكتاب واساطير الاولين ليست بعيدة عنهم كي يعرفوا ذلك. فكيف اختلفوا في النبي؟
بين الله ان سبب اضطرابهم هو ما أخبر عنه القران"عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ" (يرجح أغلب المفسرون ان الذي اختلفوا فيه هو القيامة او البعث)
فبيان اضطرابهم دليل على كذبهم وافترائهم على النبي ودليل على صدق النبي.
الامر الغريب ان قريشا كانوا يصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم في قرارة انفسهم:
"قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) "
فكان مصداقا لكلام الله تصرف قريش مع النبي وساعرض صورة من ذلك وهو قوله تعالى::"أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) "
" كان يصلي عند المقام، فمر به أبو جهل بن هشام، فقال: يا محمد ألم أنهك عن
هذا؟! و توعده، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم و انتهره، فقال: يا
محمد بأي شيء تهددني؟! أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا، فأنزل الله
"فليدع ناديه. سندع الزبانية".قال ابن عباس: لو دعا ناديه أخذته زبانية
العذاب من ساعته ". (انظر سلسلة الاحاديث الصحيحة حديث رقم 275)
فانظر كيف امتنع ابوا جهل وكيف عاد الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة دون خوف من ابو جهل. فكان فعل الرسول دليلا على صدقه. وخوف ابوجهل يدل على معنى الآية:" فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ "
وصدق النبي اصلا معروف بين قريش فقد احتج عليهم الله عز وجل وأخبر نبيه ان يذكرهم بحاله معهم:"قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) " ففيه بيان سبب نزول النبوة على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الاربعين.
فكيف بمن عاش بين ايديهم اربعين سنة ولا يعرفوا عليه الكذب ثم يهددوه بشيء فيهددهم بما كذبوا من انه نبي اون الله سيدافع عنه وسيبعث لهم الملائكة تجرهم الى العذاب جرا فيخافوا مما هددهم ولا يخاف مما هددوه! لصدقه ولكذبهم ولما في قرارة انفسهم من صدقه.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[04 Jun 2006, 12:16 م]ـ
ومن اسلوب القران تذكير الناس بالآيات التي يرونها ليلا ونهارا:"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" فالسماء يرونها وكذا الارض ويرون ما خلق الله فيها واختلاف الليل والنهار على الناس وعلى المخلوقات كذلك والفلك تطفوا على الماء والسماء تمطر على الارض فينبت الزرع والدواب كلها تعيش على هذه الارض والرياح يشعر بها الناس والسحاب وكونه مسخرا بين السماء والارض امر يراه كل الناس. اذا فاين العبرة والدلالة على وحدانية الله عز وجل؟
اولا: هي بذاتها ووجودها ومنفعتها وتسخيرها دليل على وحدانية الخالق فالسماء محكمة الخلق ليس بها عيب والارض كذلك واليل والنهار يتعاقبوا ولا يختلفوا من سنة لاخرى الا ماقدر الله وفق نظام واحد لا يتغير وكل شيء على هذه الارض يسير بنظام لا يتغير منذ ان خلق الله الأرض.
الثاني: ان هذه المخلوقات متكاملة في علاقتها مع بعضها بما يصلح حياة الناس. فما في السماء لا يستغني عنه أهل الارض. واختلاف الليل والنهار ضروري للحياة ولولا ان الله انزل المطر لما انبتت الارض ولما شربت ولاأكلت الدواب ولا الناس. فالعلاقة بالنسبة للانسان ان كل هذه مسخرة له ولحياته وهي متكاملة.
الثالث. ان هذه الامور تجري بطريقة واحدة وفق نظام واحد وهو دليل على ان الخالق واحد فلو كان سواه عز وجل لاخلفت الموازين وتقلبت ولكن كونها موزونة وبطريقة واحدة وبنظام واحد لا تتعداه الا باذنه عز وجل فان ذلك دليل وحدانية الخلق وكل عنصر من هذه العناصر: السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك.المطر. .والزرع. والدواب. والرياح. والسحاب هذه جل الايات العظمى التي تدل على الخالق
اذا فخلق محكم متكامل يمشي على طريقة واحدة دليل على خالق واح حكيم عليم سبحانه وتعالى وسوف اتناول كيف تكلم القران على كل واحد من هذه الامور وبيان ما ورد عنها في القرآن.
فالايات موجودة والانسان يألفها فكيف دلت على وحدانية الخالق وعظمته؟.
سنأخذ هذه الآيات واحدة تلوا الاخرى ونرى ما هي دلالتها على الخالق عز وجل.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[05 Jun 2006, 11:41 م]ـ
الأستاذ الكريم مجدي أبو عيشة
كنت قد وعدتك أن آتيك هنا ببعض من أساليب القرآن
سأتكلم عن الجدل وأعدك أن اعود إن شاء الله
محبتي لك في الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Jun 2006, 01:59 م]ـ
الأستاذ الكريم مجدي أبو عيشة
كنت قد وعدتك أن آتيك هنا ببعض من أساليب القرآن
سأتكلم عن الجدل وأعدك أن اعود إن شاء الله
محبتي لك في الله
بارك الله فيك أخ عدنان وانا بانتظار تفاعلك. والمشاغل علي كثيرة هذه الايام. ارجوا الله ان يعين الجميع. وان شاء الله اكمل في المساء
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Jun 2006, 09:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الجدل في القرآن الكريم
أولاً تعريف الجدل
الجدل لغةً: اللد في الخصومة والقدرة عليها، وقد جادله مجادلةً وجدالاً ورجل جدل ومنجل ومجدال: شديد الجدل.
الجدل اصطلاحاً: الخصومة والمنازعة في البيان والكلام لإلزام الخصم بإبطال مدعاه وإثبات دعوى المتكلم
الجدل في القرآن: هو براهين القرآن وأدلته التي اشتمل عليها وساقها لهداية الكافرين وإلزام المعاندين في جميع ما هدف إليه من المقاصد والأهداف التي يريد تحقيقها وترسيخها في أذهان الناس في جميع أصول الشريعة وفروعها
أوجه الجدل في القرآن:
لقد ورد الجدل في القرآن على ثلاثة وجوه هي:
1. الخصومة والصراع وهما نوعان:
أ. الجدل بالحق: وهو مثل قوله تعالى:"وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل 125
ب. الجدل بالباطل:وهو مثل قوله تعالى:" وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق" غافر 5
2. المراء: وهو مثل قوله تعالى: "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " الحج 8
3. الحوار: وهو مثل قوله تعالى:" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " المجادلة 1
ولنا إكمال إن شاء الله تعالى
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[26 Jun 2006, 05:26 م]ـ
اما السماء فهي آية من أيات الله عز وجل و الذي يخص موضوعنا في هذا الموضوع هو ما تعلق بالذي نراه دون الغيب:"وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) " وانما امرنا الله بالتفكر بما نرا وما غفلنا عن مراقبته مما امكننا ادراكه بحواسنا:"وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) " فقد امرهم الله بالتفكر في هذه السماء" وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) "" تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) " فهذه البروج تظهر بطريقة منتظمة مما يدلل على دقة الخلق وحكمة الخالق.
"وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" فلا يصدم شيء مما في السماء الارض فيفني الحياة عليها اذ انها تجري كما أمرها ربها عز وجل لا تتجاوز من ذلك شيء "َمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) " فقد خلقها ربها وجعل فيها زينة:" إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ" "زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ " ومع هذا لا عيب فيها فهي تجري بقدر لا وخلق ليس في صنعه عيب "َفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) " " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) "
". وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" اي بقوة" أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ"فلا تجد فيها شقا ولا صدعا وانما بناء متقن متماسك ومع ذلك فقد وصفها بالحبك "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ" وهو حسن زينتها ومنظرها واستوائها وقيل الطرق.
فاذا رفعت رأسك الى السماء فنظرت الى الشمس او القمراوالنجوم ادركت ان هذا الخلق انما دبره حكيم عليم لا يخرج شيء عن مساره تسير كما قدر لها ربها سبحانه"لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) "
فدلالة هذا الخالق انه كما أخبر:" إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) " فكل شيء يجري بأمره وحسب ما قدر له فهو المستحق للعبادة دون ما يصنع بنوا آدم ولا ما يشاهدوا من مخلوقات لا تضر ولا تنفع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Aug 2006, 08:13 م]ـ
ثم بين الله عز وجل عظم خلق السماء فقال عز وجل:"أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ" وقوله تعالى:"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) " فهو خلق متناسق لا خلل فيه ولا عيب.
فالسماء فيها آيات الله وفي عظمها بيان لقدرته عز وجل على كل شيء وانه لا يعجزه شيء من اوهام المشركين فكيف يعجز من خلق السماوات والارض على خلق الناس وبعثهم:"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" فهذه السماء غفل الناس عن آياتها "وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) "
فكان اسلوب القران من عرض آية السماء بيان عظمة الخالق فالذي لا يعجز عن الكثير لا يعجز عن القليل. ووجود الشيء دليل امكانه. ووجود التنظيم والتناسق دليل الابداع الذي لا يكون الا من مبدع:"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "
فقد خلق سماء متناسقة فيها اجرام عديدة تجري حيث قدر الله لها وليس فيها شيء يجري عبثا ولا بدون تقدير "وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) " وهذه الاجرام السماوية بقدر ما هي زينة فهي ايضا لنتعلم الحساب وعدد السنيين:"هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) " وقوله تعالى:"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) "وحثهم على تدبر ما في السماء والارض:" قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) ".
فاذا تدبرالانسان السماء وتفكر في آيات ها وعظم خلقها وتناسق حركتها علم ان لها مدبرا حكيما قادرا عليما. ولا ينكر بعدها بعث ولا يقول بالعبثية يوما.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Aug 2006, 08:49 م]ـ
اما الأرض فان آياتها ظاهرة للانسان ليلا ونهار , فقد ذكر الله عز وجل الانسان كيف سخرها له:"وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) " فهذه الأرض خلقت وسخرت ليعيش فيها الانسان مع باقي المخلوقات وبين عز وجل انه سخرها لهم من عدة جوانب.
فقد جعلها متسعة طولا وعرضا مما زاد حجمها لتتناسب مع احياجات الخلائق عليها قال عز وجل:"وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) " وقل جل وعلا " وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) " فلذلك هيئت لنا منبسطة لا كروية بالنسبة لنا فهي ممدودة بزيادة حجمها وسعة سطحها طولا وعرضا:"وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) " أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) " فلولا مد الارض وسطحها بزيادة حجمها طولا وعرضا لشق على الناس الحياة عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[14 Aug 2006, 08:16 م]ـ
وما آيات الله ونعمه علينا الجبال: في سر بقاء الحياة على الارض "وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) " وقوله تعالى:"وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) "وقال عز وجل "أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) "
وبيان ذلك ان الارض لو لم يكن فيها جبال لتحركت التربة من مكانها بفعل الماء الذي ينزل من السماء او تغرق الارض بفعل الامواج المصاحبة للاعاصير والأخرى التي تلي الزلازل. وغير الجبال فإن هذه الارض فيها من الايات الواضحات البينات الدالة على عضمة الخالق واثبات قدرته على ما تعجز عقولهم عن تصوره من بعثهم من بعد الموت."وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ" هذه الآيات هي براهين يراها الانسان دائما "وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) " اراض بعضها يجاور بعض تنبت والاخرى قاحلة وينبت فيها نبات مختلف الوانه وطعمه ويسقى من نفس الماء. فليس الماء سببا في اختلاف طعمها وانما تقدير العزيز الحكيم الذي خلقها فجعل هذه حلوة وهذه حامضة ومن عجائب هذه الزروع ما أخبر الله عنه:"وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) " فهذه الثمار والحبوب وان اشتركت بالماء والارض الا انها اختلفت بالنوع فمنها ما يعصر ومنها ما يدخر وجفف ومنها ما يطحن ويخبز ومنها ما يؤكل ويدخر انكر الله عليهم انهم انكروا البعث بعد رؤيتهم لهذه النباتات وكيف تكون وكيف تصير وان الذي اوجدها ذو خبرة وعلم فكان اختلاف طعمها ولونها آية وحياة الارض بها ثم موتها ثم حياتها هي آية أخرى "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) "ومنه قوله تعالى:"اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) " وقد سبق الحديث عن البعث فيما سبق وهنا نذكر بحكمة الله عز وجل وقدرته فيما خلق لنا في الارض " وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) "فكان الزرع وما ينبت على هذه الارض آية من آيات الله الدالة على قدرته جل وعلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[18 Aug 2006, 06:46 ص]ـ
حبذا لو كتبت خلاصة الموضوع في نقاط ثم فصلت فيها
وجزاكم الله خيرا
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[18 Aug 2006, 07:19 م]ـ
حبذا لو كتبت خلاصة الموضوع في نقاط ثم فصلت فيها
وجزاكم الله خيرا
بارك الله فيك أخي الموضوع سينتهي قريبا باذن الله وبعد ذلك سالخص ذلك مع بيان الفرق بين اسلوب القران الذي التزم به السلف واسلوب المتكلمين والفلاسفة.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[12 Dec 2009, 11:04 م]ـ
لماذا أُسلوب القران في الرد؟
لأن المتتبع لما يدور من جدل بين أهل الاسلام وغيرهم يرى أن ألكثير من المسلمين قد أغفل النظر أو الاستدلال في اسلوب القران , فأحيانا بظنه أن من لا يؤمن بالقرآن لا يستدل عليه بما لا يؤمن به. وهذا صحيح إن كنا نستدل عليه بوجوب أمر بلا حجة لمجرد ورودها في القرآن , ولكن الأمر مختلف هنا. فالقرآن يقص عليهم ويضرب لهم الأمثال والعبر. ويبرهن صدقه بطريقة امتازت بالآتي:
-السهولة والوضوح:فلا يلزمك شهادة جامعية ولا مجرد دراسة ابتدائية كي تستوعب ما أراد منك أن تلتفت إليه من أدلة تستوعبها ولا تحتاج لمن يحل لك الغازها. بخلاف طريقة المتكلمين التي يجب عليك أن تتعلم مصطلحاتهم التي لم يتفقوا عليها وتعرف عقلياتهم التي إختلفوا فيها فتضيع في المصطلحات ومفاهيمها ثم تتوه في أفهام أصحابها.
فمثال ذلك: قال تعالى:"َمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ " [الطور/35] فلما لم يكونوا مخلوقين وخلقوا من شيء وجب كون خالقا قد خلقهم وآبآءهم الأولين.
أما اهل الكلام فسيقولوا لك العارض والجوهر ووو.
فالاية يفهمها الكل ويستوعبها ولا يحتاج لتعلم اصطلاحات ولا الدخول في فلسفة ولا سفسطة للكلام.
-الاحكام: فالايات لا يمكن الرد على براهينها ولا اضافة فرض لفروضها التي ذكرتها الايات. بينما يدخل النقص في استدلال أهل الكلام لدخول الجدل المتعلق بمصطلحات اختلفوا عليها أصلا ...
فلذلك يستوي المتعلم والأمي في قبول أدلة القران ويعتمد الأمر على قدرة الجدل وتعلم فنونه عند أهل الكلام.
ومما يندرج تحت الإحكام كزن الأدلة لا توقع من يستدل بها في محذورات لم يحترز منها. كما هو معلوم من وقوعها عند أهل الكلام مما جعلهم اشد الناس حيرة وتقلب. ولو كانوا على حق لما تقلبوا في الصواب والخطأ. وما قبلوا بتكافؤ الادلة المتعارضة.
فلما نهج بعض طلاب العلم بالرد على اهل الزيغ بالعقليات مبتعدين عن كتاب الله. وقع بعضهم بأخطاء المتكلمين.من الخوض في الفرعيات وترك الأصول فتراه يجادل الملحد في حكمة من خلق السموات والأرض. والملحد أصلا لا يؤمن بالخالق عز وجل. فوقعوا في أمرين:
الأول:. ان الاصل هو اثبات الخالق عز وجل ثم ان الحكمة تابعة لذلك. والحكمة قد لا يدرك بعضها بنوا آدم الا بالوحي. كالابتلاء والقتل للأنبياء وغنى قارون وملك فرعون مثلا.أما الخالق فلا يستطيع احد أن يختلف في الاية السابقة انه (اي المخاطب بقوله أم خلقوا) مخلوق.
الثاني: وهو ان اثبات الحكمة للصانع بالنسبة للموحد يقابلها اثبات الطبيعة وعملها عند الفلاسفة. فبعد جهدهم سيعودوا ويقولوا من الخالق.
والقران الكريم قد وجه العقل كيف يقبل الشيء أو يرفضه.
فمثلا: احياء الموتى العقل يقبل ان يعود الموجود ان توفرت اسباب وجوده مرة أخرى لكونه موجودا. فوجوده دليل امكان بعثه:
"َوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ "يس/77 - 81]
ومما امتاز به اسلوب القران:معايشة السامع لما يخبر وتقريره له: فهو يرسم في ذهن السامع صورا يعرفها ويوقن بها يتعرف بها عما لا يعرف فيجد نفسه داخل الحدث موقنا بصدق الخالق عوز وجل فيما أخبر
"وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [فصلت/39]
فلذلك جمعت بعض ما حضرني من اسلوب القران في الرد على هؤلاء كي يكون هو الطريق والسبيل في جدل هؤلاء.(/)
إعراب القرآن
ـ[معمر العمري]ــــــــ[21 May 2006, 10:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حلقتنا القادمة , الثلاثاء 25/ 4 , ستكون بإذن الله تعالى عن (إعراب القرآن)
مع فضيلة الشيخ بدر بن ناصرالبدر
الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه , بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 May 2006, 05:21 م]ـ
وفقك الله يا معمر، وكتب جهودك والعاملين معك في ميزان حسناتكم يوم ان تلقوه، ولا حرمنا أجركم.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[23 May 2006, 01:24 ص]ـ
حياكم الله أبا عبدالملك , وأشكر لكم التكرم بالتعقيب هنا , ولو لم أستفد من برنامجي هذا إلا القرب والتعرف والاستفادة من أمثالكم لكفى , فنعم العمل عمل يعايش المرء من خلاله أهل العلم والفضل , ولازلت وفريق العلم والمشاهدين في انتظار إبداعاتكم من خلال حلقاتكم القادمة , بإذن الله.
ـــــــــــــــــــــ
معمرالعمري
محاضر بالكلية الأمنية
مقدم ومعد بقناة المجد
باحث دكتوراة بجامعة الإمام
ـ[الزياني]ــــــــ[23 May 2006, 05:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا على اعلانك لبرنامجكم الرائع (مبادئ العلوم).
أسأل الله أن يوفقك وجميع العاملين.
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[23 May 2006, 05:58 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي معمر، و شكر الله لكم على جهودكم المباركة.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[23 May 2006, 09:56 م]ـ
الأخوين الكريمين؛ الزياني , وأبوعبدالرحمن العتيبي جزاكما الله خيرا , وأشرف بتوجيهاتكما , وجميع أعضاء هذا المنتدى المبارك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2006, 12:54 ص]ـ
شكر الله لكم هذا البرنامج الماتع، وقد استفدت من الشيخ الكريم الدكتور بدر بن ناصر البدر ومما طرحه في هذه الحلقة عن إعراب القرآن، والقواعد التي يجب على المعرب الالتزام بها في إعرابه للقرآن، ونشأة هذا العلم، وأهم المؤلفات فيه، والقيمة العلمية لها. وهذه الحلقة تذكرة للمنتهي، وتبصرة للمبتدي فزادكم الله أخي معمر توفيقاً، وبارك الله في الدكتور بدر البدر وفي علمه.
ومما ذكر من فوائد الحلقة في قواعد إعراب القرآن أنه يجب على معرب القرآن مراعاة ما يأتي:
1 - أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه، مفرداً أو مركباً قبل الإعراب. وقد أشار ابن هشام الأنصاري في (مغني اللبيب 2/ 527 - 529) إلى أنه قد زلت أقدام كثير من المعربين راعوا في الإعراب ظاهر اللفظ، ولم ينظروا في موجب المعنى. ومن ذلك قوله تعالى: (أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد أباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) [هود 87]. فإنه يتبادر إلى الذهن عطف (أن نفعل) على (أن نترك)، وذلك باطل؛ لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون، وإنما هو عطف على (ما) فهو معمول للترك. والمعنى: أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء.
2 - أن يراعي ما تقتضيه الصناعة النحوية، وأن يكون على دراية كافية بقواعد النحو والصرف، والأسلوب الأفصح المعروف عند العرب.
3 - أن يتجنب التأويلات البعيدة، والأوجه الضعيفة، واللغات الشاذة، ويكون إعرابه على الوجه الأقوى والأقرب والأفصح.
4 - أن يراعي رسم المصحف، وذكر مثالاً على ذلك خطأ من زعم أن معنى (سلسبيلا) أي: سَلْ سبيلاً، لمخالفة ذلك للرسم.
5 - أن لا يخرج الإعراب على خلاف الأصل، أو خلاف الظاهر بغير مقتضٍ.
6 - أن يتجنب إطلاق لفظ الزائد في كتاب الله، فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له، وكتاب الله منزه عن ذلك، ولذا فر بعضهم إلى التعبير بالصلة والتأكيد.
7 - التأمل والتدبر عند ورود المشتبهات، حتى لا يذهب به الوهم والظن بعيداً في الإعراب، ويتأكد من المعنى الصحيح للآية ومن ثم يعربها بعد ذلك.(/)
دعوة لمناقشة رسالة ماجستير لأحد أعضاء الملتقى بعنوان: منهج الاستنباط من القرآن الكريم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2006, 07:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف تناقش بمشيئة الله تعالى رسالة الماجستير التي تقدم بها أخونا الكريم الشيخ فهد بن مبارك الوهبي المعيد بكلية المعلمين بتبوك ورئيس قسم الدراسات القرآنية بها وفقه الله إلى قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وذلك يوم:
السبت 29/ 4/1427هـ الساعة الثامنة صباحاً
عنوان الرسالة:
منهج الاستنباط من القرآن الكريم
لجنة المناقشة والحكم على الرسالة:
1 - أ. د. محمد بن عبد الرحمن الشايع - مشرفاً
2 - د. محمد بن عبد الله الوهيبي (الأستاذ في قسم التفسير بفرع جامعة الإمام بالأحساء)
3 - د. سعيد بن جمعة الفلاح - الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه بكلية اصول الدين بالرياض.
نسأل الله لأخينا الشيخ فهد بن مبارك الوهبي التوفيق والسداد، وأن يجعلها عوناً له على طاعة الله، ومبارك مقدماً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 May 2006, 08:29 ص]ـ
وفقك الله أخي فهد وأعانك, ومبارك مقدماً.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[22 May 2006, 10:37 ص]ـ
مبارك مقدماً, ونسأل الله أن ييسر أمره, وأن يوفقه للحق والسداد.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 May 2006, 05:12 م]ـ
أسأل الله لك التوفيق يا أخي فهد، وأسأل الله أن تكون المناقشة هادئة هادفة تفيد الباحث ومن يحضر إليها.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[23 May 2006, 12:31 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
فتح الله عليه، وألهمه رشده، ووفقه لكل خير، ومنحه كبير علمه، ودقائق درره.
ومبارك مقدماً للشيخ فهد جزاه الله خيراً
وحبذا المسارعة في النشر.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2006, 02:34 م]ـ
أرجو لك التوفيق أخي الكريم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 May 2006, 04:30 م]ـ
بعون الله وتوفيقه نوقشت الرسالة صباح اليوم - السبت 29/ 4/1427هـ - وكانت مناقشة موفقة، أوصت اللجنة بعدها بمنح الأخ فهد بن مبارك الوهبي درجة الماجستير بتقدير ممتاز ولله الحمد.
ونحن في الملتقى نبارك لأخينا الكريم أبي سلاف ونسأل الله أن يجعل هذه الدرجة العلمية عوناً له على طاعة الله، ورفعة في درجاته في الدارين. ونحن في انتظار مشاركاته بعد فراغه من هذه المرحلة العلمية العليا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 May 2006, 07:14 ص]ـ
أسأل الله لأخي فهد البركة في العمر والعمل، فلقد حضرت مناقشته، واستفدت من طرح المناقشين ومشاركات المشرف الفاضل في الدفاع عن الأخ فهد في بعض مواطن الرسالة، ولقد كانت مناقشة جيدة، ولله الحمد.
وأسأل الله أن ينفع بها الأخ فهد، وأن يوفقه لإتمام مشواره العلمي.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[28 May 2006, 12:09 م]ـ
مبروك ونسأل الله أن ينفع بالشيخ ويبارك في عمره وعمله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jun 2006, 08:08 م]ـ
أحمد الله تعالى على ما وفق وأعان .. فهو أهل الثناء والشكر ..
وأشكر الإخوة الذين تفضلوا بحضور المناقشة وأخص منهم الدكتور مساعد الطيار والشيخ بجاد العماج حفظهما الله ..
كما أشكر الدكتور عبد الرحمن الشهري على متابعته وفقه الله ..
وأشكر جميع الإخوة الشيخ أبو مجاهد العبيدي وأبو العالية وابن الجزيرة وأبو بيان .. على تفضلهم ودعواتهم ..
وأسأل الله تعالى أن تكون عوناً على الطاعة ..
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[04 Jun 2006, 12:10 ص]ـ
مبارك أخي فهد بن مبارك ... وهبك الله عز وجل طول العمر، وحسن العمل، وبركة العلم. آمين.
ـ[ابو حنين]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:53 ص]ـ
الله ينفع به و برسالته ...... و يجعلها حجة لا لا عليه ...(/)
مناقشة رسالة دكتوراه بعنوان: أقوال القاضي عياض في التفسير: عرضاً ودراسة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2006, 07:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف تناقش رسالة الدكتوراه التي تقدم بها زميلنا الكريم الشيخ سلطان بن عبدالله الجربوع المحاضر بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم إلى قسم القرآن وعلومه بكلية اصول الدين بالرياض. وذلك يوم الثلاثاء 25/ 4/1427هـ بكلية أصول الدين.
عنوان الرسالة:
أقوال القاضي عياض في التفسير: عرضاً ودراسة
المشرف على الرسالة:
- أ. د.سليمان بن إبراهيم اللاحم - الأستاذ بجامعة القصيم.
نسأل الله للشيخ سلطان التوفيق والسداد، وأن تكون عوناً له على طاعة الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2006, 12:57 ص]ـ
بفضل الله وتوفيقه حصل الزميل سلطان بن عبدالله الجربوع على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى بعد مناقشته هذا اليوم.
نبارك لأخينا الشيخ سلطان، ونسأل الله له التوفيق والسداد.
الثلاثاء 25/ 4/1427هـ
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 May 2006, 01:17 ص]ـ
مبروك للدكتور سلطان ,ونسأل الله له التوفيق والسداد
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[24 May 2006, 05:21 ص]ـ
أبارك للدكتور سلطان الجربوع على حصوله درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى وأسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2006, 06:09 ص]ـ
بارك الله للأخ الحبيب أبي عبدالله سلطان الجربوع ما حصل عليه
ونفع به، وجعل ما حصل عوناً له على طاعة الرحمن.
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[24 May 2006, 07:41 ص]ـ
مبارك للدكتور سلطان حصوله على درجة الدكتوراه, وننتظر مشاركته العلمية في الملتقى، نفع الله بكم وبعلمكم.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[24 May 2006, 10:16 ص]ـ
مبروك للشيخ سلطان نيله درجة الدكتوراة, ونسأل الله أن يجعلها عوناً على طاعته.
.
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[24 May 2006, 04:24 م]ـ
أبارك للأخ الدكتور / سلطان الجربوع، وأسأل الله عز وجل أن ينفعه وينفع به.
ـ[محمد السيد]ــــــــ[24 May 2006, 08:44 م]ـ
نحمدالله تعالى أن يسر لأخينا الدكتووور سلطان إتمام البحث، ونبارك للنتيجة به، وندعو الله تعالى أن يجعله مباركاً أينما كان، وأن يوفقه لما يحب ويرضى.(/)
داء السرقات العلمية متى ينتهي؟ تنبيه لبحث مسروق عن التفسير العلمي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2006, 11:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق أبو القاسم الحريري عندما قال في المقامة الشعرية: (واستِراقُ الشّعرِ عندَ الشّعراء، أفظَعُ منْ سرِقَةِ البَيْضاء والصّفْراء، وغَيرَتُهُمْ على بَناتِ الأفكارِ، كغيرَتِهِمْ على البَناتِ الأبكارِ). فقد كثر داء السرقات العلمية للكتب والبحوث والأفكار والمشروعات العلمية، مما زهَّد الباحثين الجادِّين في نشر البحوث خوفاً عليها من السرقات، بل إننا في هذا الملتقى لم نسلم من هذه السرقات، فقد اطلعت على كثير من الأفكار والبحوث المنشورة في مجلات هنا وهناك تنقل من الملتقى البحوث والمقالات، ولا تكلف نفسها عناء الإشارة إلى هذا الملتقى على أنه مصدر نشر هذه الدراسات والمقالات.
وقد أشار أخي أبو مجاهد العبيدي قبل مدة إلى سرقة علمية وقعت من بعض المنتسبين للعلم ممن كثرت مصنفاته (1)، وغالبها مأخوذة برمتها من مؤلفات سابقة، لمؤلفين معروفين، قدماء ومعاصرين، واطلعت على ما عقب به بعض الإخوة على تلك المشاركة من مؤيدين ومعارضين، ولم أجد مجالاً للاعتذار لأصحاب هذه النزعة الغريبة في السطو على أعمال علمية تعب عليها أصحابها، وطبعت ونشرت على الملأ، ثم يأتي أحدهم فيأخذها برمتها وينسبها لنفسه، ويدافع المدافعون عن مثل هؤلاء بحجج ضعيفة غير مقبولة.
وهذه حادثة أخرى:
حصلتُ على العدد الثاني والعشرين من مجلة كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وهو العدد الثاني والعشرون لعام 1426هـ وفي الصفحة 838 منه بحث عن التفسير العلمي بعنوان:
تفسير القرآن الكريم بمكتشفات العلم التجريبي في الميزان
لأحد الباحثين في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة في قسم التفسير وعلوم القرآن.
ومنذ قرأت العنوان رجعت بي الذاكرة إلى بحثٍ بعنوانٍ قريبٍ جداً لشيخي وأستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع كان نشره في شهر رجب من عام 1411هـ في العدد الرابع من مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بعنوان:
التفسير بمكتشفات العلم التجريبي بين المؤيدين والمعارضين.
وقد قرأت البحثين كاملين، فلم يخالجني شك بأن الباحث قد نقل بحث الدكتور محمد الشايع برمته، دون تعديل يذكر إلا استهلاله البحث بخطبة الحاجة في خمسة أسطر ثم بدأ في النقل بعد ذلك. وقد ترددت في نشر هذا على الملأ، ستراً على هذا الباحث، ولكنني استشرت من هو أعلم مني من أساتذتي الفضلاء، ولهم خبرة بهذه الأمور، فنصحوني ببيان هذا للباحثين، وأن السكوت عن مثل هذه السرقات يغري بالاستمرار فيها، وأن هذه البحوث المسروقة سوف تكون سُلَّماً للترقية إلى درجات علمية.
وقد قابلت البحثين بنفسي، ومرة أخرى مع أخي الكريم أبي مجاهد العبيدي، ثم أخيراً قابلت بعضه مع الدكتور محمد الشايع بنفسه.
ولا أريد أن أطيل، وإنما قمت بتصوير عدد من الصفحات من البحثين، وسأرفعهما على الموقع لاحقاً، لتروا بأنفسكم مدى التطابق بين البحثين. وقد وعد الدكتور محمد الشايع أن يكتب بهذا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في القاهرة، حتى لا يُعتَدَّ بهذا البحث في ترقية ونحوها.
__الحواشي ______
(1) انظر: سرقة علمية من العيار الثقيل! ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3926)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2006, 11:11 ص]ـ
صورة لغلاف عدد المجلة التي نشر فيها البحث الأصلي بجامعة الإمام.
http://www.tafsir.net/images/sh1.jpg
صورة لغلاف عدد المجلة التي نشر فيها البحث المنحول بمجلة كلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
http://www.tafsir.net/images/srg1.jpg
صورة لصفحة عنوان البحث الأصلي
http://www.tafsir.net/images/sh2.jpg
صورة لصفحة عنوان البحث المنحول.
http://www.tafsir.net/images/srg2.jpg
صورة للصفحة الأولى والثانية من البحث الأصلي
http://www.tafsir.net/images/sh3.jpg
http://www.tafsir.net/images/sh4.jpg
صورة للصفحة الأول والثانية من البحث المنحول
http://www.tafsir.net/images/srg3.jpg
http://www.tafsir.net/images/srg4.jpg
ـ[الراية]ــــــــ[22 May 2006, 01:26 م]ـ
جزاك الله خيراً
وقد ذكر الشيخ بكر ابوزيد
ان احد المصريين سرق كتاب الشيخ صالح الفوزان في الفرائض.
وهذه حصلت من زمن.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 May 2006, 01:43 م]ـ
سبحان الله: إني لأعجب من صنيعه مرتين:
الأول:من جرأته على مثل هذا , واستحلاله له.
الثاني: من قوّة وجهه في تقديمه بحثاًَ مسروقاً بكامله لدرجة علمية , وعدم خوفه من الفضيحة؛لكن من أمن العقوبة أساء الأدب , فأنت في دنيا لا ينقضي فيها العجب.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[22 May 2006, 08:32 م]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله كما قال الشاعر:
يا قاريء القران ان لم تتبع ... ما جاء فيه فاين فضل القاري.
ولا يفعل انسان مثل ذلك الا اذا ابتغى غير الله في نشر كلام الأخرين باسمه رياء وسمعة. والا فلم يفعل ذلك.
ولكن عندي سؤال للمشايخ الكرام. هل يسقط هذا الفعل العدالة؟ وكيف يؤخذ العلم عن مثل هؤلاء وكيف؟ وكيف يترك أمثال هؤلاء يدرسوا الناس العلم؟ الا يجب انشاء هيئة علمية أكاديمة لمكافحة "لصوصية الفكر "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر]ــــــــ[22 May 2006, 09:37 م]ـ
وهناك سرقة علمية قد لا ينتبه إليها الكثير, أنا هنا أتحدث عن بعض من يصدق فيهم وصف المتطفلين, تجد الكتاب قد حقق و رتب و طبع أكثر من مرة, ثم يجيئ هذا السيد فيلصق إسمه بإسم الكاتب الأصلي بحجة تخريج أو جمع أو ترتيب أو غيره, ثم يدعي أنها مؤلفاته.
و الأدهى والأمر أن هذا المحقق - بزعمه - ليست له أي شهادات علمية في مجال العلوم الشرعية, وإذا ووجه بذلك قال أنا تلقيت العلم عن أسماء لامعة - مثلا الشيخ ابن العثيمين عليه رحمة الله - , فإذا سألته كم سنة إلتزمت بالشيخ كانت إجابته صفر فكل ما هنالك أنه إستمع لأشرطة الشيخ و الله أعلم ماذا فهم منها.
و المتتبع لما يجري عبر الشبكة العنكبوتية يرى العجب فكل من هب ودب بعد إعفاء لحيته و سماع بضع أشرطة يدعي المشيخة و طبعا شيخه الذي تأثر به أكثر هو ابن العثيمين عليه رحمة الله و صدق من قال: وكل يدعى وصل بليلى ** وليلى لم تقر لهم وصالا.
و يعتقدون أن ديننا آية و حديث - على عظم ذلك -, و ينسون أنه أخلاق قبل ذلك, و هذه لا تتأتى عن طريق سماع الأشرطة بل بمجالسة الرجال السنين الطوال ... و هذا ظاهر في أحوال الكثير منهم.
بل الأمر وصل ببعضهم إلى التطاول في بعض الأحيان على الأفاضل حملة الشهادات العليا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هؤلاء خطر يحوم قد يحيد - إن لم يواجه - بالدعوة السلفية إلى طريق غير سليم.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[22 May 2006, 09:39 م]ـ
سبحان الله!! كيف يتجرأ أن ينشر مثل هذا وهو من بحث غيره، ثم ألا يستحي أولاً أمام ربه ان ينسب ذلك لنفسه وأن الله مراقب له، والطآمة الكبرى أنه نقل ذلك بالنص كما آرانا إياه الدكتور عبد الرحمن ـ حفظه الله ـ وكذلك كما هو موجود على الورقة الأولى أنه مدرس مادة القرآن فكيف سيقتدون به طلابه. فنعوذ بالله من ذلك.وليس هذا غريباً على كل أحد فقد سبقه من فعل مثل فعلته لكن الله فضحهم وسيفضح من تجرأ أن يفعل مثل فعلته النكراء.وبارك الله فيمن بين ذلك للملأ. وجزاكم الله خيراً.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[23 May 2006, 11:26 ص]ـ
لم اعجب كما لم افجا بما قال شيخنا الشيخ عبد الرحمن ولكن خذوا هذا الانموذج الذي كنت فيه احد شهود العيان
حضرت في سنة من السنوات مؤتمرا علميا قدم فيه احد اساتذة كليات الشريعة بحثا يخص الموضوع المتعلق بالمؤتمر فماذا كان؟ الذي كان يا سادة يا كرام ان الباحث استاذ الفقه واصوله في كلية .... قد التهم فصلا من رسالة زميل له في نفس الكلية وقدمه للمؤتمر. ومن اعجب الامور ان يقدم الباحث السارق بحثه في موعد المؤتمر ويقوم بعرض بحثه وزميله صاحب الرسالة المسروق منها البحث حاضر بجواره يسمع!!!!! فماذا نسمي هذا يا اهل الارض؟
اما انا فاعلن عجزي عن ايجاد تسمية له في لغة العرب فهل من مجيب؟ واما عن بقية القصة فاتركها لشناعتها
والسلام عليكم
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[23 May 2006, 02:04 م]ـ
أحسنت يا دكتور عبد الرحمن والحقيقة إن السرقة هذه مميزة جداً حيث لا يدع لك مجالاً للشك في سرقته. نسأل الله السلامة والعافية.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[23 May 2006, 09:16 م]ـ
نعم صدقت يا ابن الجزيرة،فإن سرقته مميزة فلا يوجد أدنى شك في سرقته. ومما يناسب ذلك أن أذكر لكم قصة ذكرها الذهبي في السير بأن رجلاً من الهند في عام (600هـ) ادعى أنه صحابي قال الذهبي معلقاً على ذلك: (هكذا فليكن الكذب وإلا فلا) لأنه كذب واضح ليس فيه أدنى شك،إنما يجعل الإنسان حائراًالشيء الذي يحتمل الصدق والكذب فلا يستطيع أن يحكم عليه. وكذلك يقول الذهبي في السير في ترجمته لموسى الطويل: (يزعم أنه رأى عائشة في عام مائتين ... ثم قال انظروا إلى هذا الحيوان البهيم يدعى أنه رأى عائشه في هذا العام فمن الذي يصدقه) أو كما قال.لأنه كذب واضح ليس فيه أدنى شك.والحاصل أن السرقة هذه كما قال أخونا ابن الجزيرة مميزة،أما غير المميزة فهي التي يجعلها مختلطه مع كلامه لا تستطيع أن تفرق بين الكلام المسروق وغيره. وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2006, 10:14 م]ـ
موضوع السرقات العلمية موضوع طويل الذيول، والحديث فيه ذو شجون، وإنما طرحت هذا الموضوع لكونه في الدراسات القرآنية، وإلا فالموضوع متشعب في الفنون الأخرى. وهذه المشكلة ليست مختصة بالباحثين العرب، بل هي مشكلة عامة في فنون كثيرة كالطب والهندسة وغيرها، والأفكار فيها أشد عرضة للسرقة، وما تسجيل المخترعين للاختراعات إلا فراراً من السرقات ولكن هيهات.
وما ذكره أخي الكريم الدكتور جمال أمرٌ مؤسف، ونحزن لسماعه، وقد شهدنا قصصاً مقاربة، ولولا معرفتنا بها لما صدقناها، ولكن إذا نبه الباحثون للموضوع، وعرف أمثال هؤلاء أن الباحثين سيكشفون سطوهم على بحوث الآخرين سيتوقفون أو على الأقل يخففون هذا.
وما ذكره الأخ ناصر أمرٌ مشاهد ومؤسف كذلك، ولكن لا بد من التعاون في التخفيف من هذه الأمور حتى تتلاشى إن شاء الله، ولا يصح في نهاية المطاف إلا الصحيح، ومن أخذ شيئاً بغير حقه لم يبارك له فيه، وكان وبالاً عليه إن كان ممن يعقلون. وما كنت أرغب في نشر هذا الموضوع،طلباً للستر، ولكن أرجو أن يكون في نشره فائدة علمية منهجية إن شاء الله، ونعوذ بالله من الوقوع في أعراض المسلمين، وقد حرصت على طمس الاسم لهذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[24 May 2006, 10:25 ص]ـ
جزاك الله يا شيخ عبد الرحمن على حرصك على الستر, ولعل هذا ليس من باب التشهير بل لبيان ما قد يصل إليه بعض الباحثين من الجرأة الشديدة على حقوق الآخرين, وسرقة أفكارهم, وجهودهم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 May 2006, 01:54 م]ـ
السادة الكرام أعضاء الملتقى
لقد أتحفتمونا ـ كعادتكم ـ بموضوعاتكم القيمة المهمة، ومنها هذا الموضوع، وهو السرقات العلمية، وأذكر أن مشروعًا كان يقوم عليه الأخ الدكتور عادل الماجد يذكر فيه ما وقع من السرقات في الرسائل العلمية، لكن لا أدري أين وصل هذا المشروع؟
وأحب أن أذكر بأمر مهم جدًّا، وهو أن بعض من يقوم بمثل هذا الصنيع قد يحتجُّ بعمل بعض المتقدمين، فقد كان بعضهم قد يضمن كتابه فصولاً من كلام غيره دون أن ينصَّ عليه، ولا يسنده إليه بأي وجه من وجوه الإسناد، والأمر هنا يحتاج إلى نأمُّل، فأقول:
أولاً: إذا وقع الاعتذار لبعض المتقدمين من نقلهم بعض الأفكار التي ساقوها من كتب غيرهم على انها لهم؛ وقع لهم الاعتذار بأنهم يتبنون هذه الفكرة، أو أنهم وصلوا إليها لكنهم ارتضوا كتابة ذلك العالم فنقلوها على أنها من كلامهم، فإن ذلك لا يعفِي أحدًا من المعاصرين بأن يفعل مثل هذا الفعل، لاختلاف مصطلح أهل هذا العصر،وذلك الأمر الثاني، وهو:
ثانيًا: إن لكل عصر منهجه العلمي الذي يحتكم إليه أهل العصر، فما كان من منهج المتقدمين في الكتابة وطريقة العزو وذكر المصادر وغيرها تراه اليوم قد تغيَّر، والعبرة في هذا باصطلاح أهل العصر، وأهل البحث العلمي المعاصرون يكادون يجمعون على وجوب نسب الأقوال إلى أصحابها فضلا عن نقل الفصول الطويلة عنهم، بله نقل الكتاب كله، وإلا كان سرقة بلا ريب.
ثالثًا: يحسن بِمن منَّ الله عليه بالوقوف على فائدة علمية دون أن يقرأها من كتاب سبقه إليها، ثمَّ وقف عليها بعد ذلك في كتاب، أن يقول حقيقة الأمر في تاريخ هذه الفائدة بالنسبة له، فيقول: توصلت إلى كذا، ثم وجدت فلانًا ذكر هذه الفائدة، ففي هذه الطريقة حفظ لحقِّه ولحقِّ غيره، ولئلا يُتهم بسرقة الأفكار.
رابعًا: إن من يتتبع منهج المتقدمين في نقل الأقوال يجدها على طرائق متعددة:
الأولى: نسب القول إلى صاحبه، وهذه أولى الطرق وأجداها وأحسنها وأعلاها، ولا يختلف في حسنها اثنان.
الثانية: أن يحكى قولاً لقائل مبهم؛ كقولهم: قيل، وقال بعضهم، ويروى، ويحكى، وغيرها من الصيغ التي تحكى فيها الأقوال بلا نسبة.
الثالثة: أن يذكر كلام غيره على أنه قول له، وهذه طريقة قد شاعت، وعمل يها بعض العلماء المتقدمين، وحقُّ من عُلِم منهم بالأمانة والديانة أن يُحمل على ما ذكرت لك من كون بعضهم قد يكون متبنيًا للفكرة، فينقل قول العالم على أنه قوله هو، ولم يكن في ذلك عضاضة بينهم، ولا أدعى هو أنها من بنات أفكاره، وهذا عليه كثير من العلماء الذين فسروا القرآن أو شرحوا الحديث أو كتبوا في العلوم وغيرها، حتى لقد كان بعضهم يُعرف بهذه الطريقة، ولا أحب أن أذكر اسمًا بعينه.
ويمكن أن نقول: إن ضابط قبول هذا المنهج على طريقة المتقدمين أننا لا نحكم عليهم بالسرقة، بل نراه قولاً قد تبنَّوه، وكأنهم هم قائلوه، لكن هذا المنهج لا ينطبق علينا اليوم لاختلاف المصطلح في البحث العلمي المعاصر.
خامسًا: إن من دقائق السرقات سرقة الأفكار والإبداعات في التقسيم والترتيب والمصطلحات، ولقد رأيت هذا في بعض الكتب والبحوث، فترى الباحث يلتقط من كتابٍ ما تقسيماته ومصطلحاته التي لم يُسبق إليها، فيظن القارئ الذي لا خبرة له بالكتاب المنقول منه أنها من إبداعات ذلك الملتقِط.
وقد سبق أن ذكرت لك المنهج في ما إذا كنت قد وصلت إلى هذه الأفكار، بأن تذكر حقيقة الأمر في وصولك إلى هذه الفائدة، ثم أنك رأيت من يوافقك عليها.
واخيرًا، فإن موضوع السرقات العلمية، والنظر في طريقة العلماء المتقدمين في هذا الأمر مما يحتاج إلى بحث مستقلٍ، ولعل الله ييسر له من له خبرة وعناية بالتراث، أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[25 May 2006, 03:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله أخي الدكتور عبد الرحمن على طرحكم لهذا الموضوع الخطير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجزى الله الإخوة جميعاً خيراً على ما تفضلوا به.
وألاحظ أن الأخ الدكتور عبد الرحمن يكرر اعتذاره لطرح هذا الموضوع خوفاً من الإساءة إلى الآخرين وهذا ينم عن حسن خلقه وخوفه من الله عز وجل أسأل الله أن يزيده من ذلك ...
ولكن الأمر جد خطير ولا بد من التنبيه وكشف المستور عن هؤلاء المتجولين الذين يسطون على جهود وأتعاب الآخرين دون أي غضاضة أو خجل وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على غياب أو انعدام الضمير
كيف يجد الإنسان نفسه وقد سرق جهد أخيه وأخذ يتفاخر به أمام الناس ويتقبل المدائح والثناءات؟! كيف هو شعوره؟ أين ضميره؟ أين إيمانه؟
ونلاحظ أن هذا السارق كان مغفلاً ولم يكن من الشطار الذين يحسنون لبس الحق بالباطل / أتلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون / ...
هناك من هو أكثر خبثاً حيث يقوم بالسرقة والقص واللصق والحذف والتحوير والتقديم والتأخير بحيث يحتاج اكتشاف السرقة إلى تأمل ونظر ولا يوجد لدى الناس اليوم الوقت الكافي للقراءة فضلاً عن التتبع والمقارنة والتحقق .... وفي مصر هناك مكاتب لهذا الغرض لكتابة الرسائل العلمية للباحثين وقد عاصرنا وشاهدنا نماذج لذلك يندى لها الجبين وهناك رسائل علمية متميزة منسوبة لباحثين ليسوا هم الذين كتبوها وإنما كُتبت لهم ...
وقد فجر فهمي هويدي منذ القريب هذه القضية في الصحافة في هذا الرابط:
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/04/04/22563.htm
وهناك من يسرق المراجع من الحواشي ويغفل ذكر المصدر المباشر الذي يعتمد عليه أو يذكره عرضاً ويوهم قارئه أنه قد رجع إلى كل هذه المصادر التي قد نزلت في الحواشي ...
الدكتور جمال أبو حسان تساءل ماذا نسمي هذا؟
وأنا أتساءل ما هو الحل لهذا؟
أظن أنه لا حل إلا بتعميق الخوف من لله عز وجل لأن الزواجر الدنيوية يمكن للبشر أن يتلاعبوا بها ويتملصوا منها بوسائل مختلفة، لكن بالتأكيد فضح هذه الظاهرة لكل من يطلع على شيء من هذا وتعميم هذا في مختلف وسائل الإعلام لعله يحد من هذا السرطان.
ولقد شكى الدكتور حسين الذهبي من سرقة كتابه الانحرافات في التفسير من قبل شخص أردني ... / نعناعه / كان تلميذا له في الأزهر
وكذلك شكى أستاذنا الدكتور البوطي من سرقة قصته / مموزين / من قبل شخص ما قام بانتحالها وإعدادها حلقات مسلسلة في إذاعة سلطنة عمان ...
والأمثلة في الحقيقة كثيرة ... نسأل الله عز وجل أن يصلح حال الأمة.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 May 2006, 12:13 م]ـ
منذ زمن ونحن نقرأ عن قوانين تحفظ حقوق المؤلفين، ولكنها كانت تتعلق بهذه الحقوق في ذمة الناشرين، أما اليوم فالقضية أكثر تعقيدا؛ لأنها تتعلق بالحقوق وتأمينها ضد السرقة، وكم من ناشر وضع على ظهر الغلاف عبارة: (يمنع طبع هذا الكتاب أو جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق إلا بإذن خطي من المؤلف - أو من الناشر -) و ما إن يظهر الكتاب في الأسواق حتى يفاجأ المؤلف بكتابه أو بعض فصوله في أيدي الناس تحت اسم مدعٍ أنه مؤلفه، فهذه القضية يجب إدراجها في جرائم السرقة المالية وتتعاون الجهات المختلفة بأنظمة متكاملة لمحاربة هذا الفساد، وتجتمع كلمة القراء على مقاطعة أي كتاب مسروق كله أو بعضه، كما يجب أن تخصص المجلات الثقافية صفحات في كل عدد لكشف هذا العبث بفكر الأمة وتتولى الجامعات التنسيق بينها لتبادل المعلومات حول كل ما ينشر سواء لأعضاء هيئة التدريس أو لغيرهم، وإنزال العقوبة المناسبة على كل منحرف ينتسب إلى أي مركز علمي حتى يمكن القضاء على داء السرقة العلمية وتطهير المجتمع من شروره، وبالله التوفيق.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[25 May 2006, 02:12 م]ـ
قال صلى الله عليه وسلم: {المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور} متفق عليه.
هناك كتابن تحسن مراجعتهما في هذا الباب:
1/ الرقابة على التراث دعوة لحمايته من الجناية عليه، للشيخ بكر أبو زيد عافاه الله
2/ أوقفوا هذا العبث بالتراث للشيخ محمد آل شاكر حفظه الله.
ـ[أبو ياسر]ــــــــ[25 May 2006, 06:24 م]ـ
جزاكم الله خير على هذا الموضوع
أيها الإخوة ...
أن هذا الموضوع في منتى الجدية .. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن الله سبحانه وتعالى يمتحن هذه الأمة، فهل ستنجح في الاختبار؟
ولا أريد التكرار فالإخوة بادروا وكتبوا وأفادوا فجزاهم الله خير.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[25 May 2006, 10:25 م]ـ
الدكتور أحمد الطعان ـ حفظه الله ـ الكتاب الذي انتحله رمزي نعناعه على شيخه:محمد حسين الذهبي
أظن أنه (الاسرائيليات في التفسير والحديث) وليس (الاتجاهات في التفسير) أنتحله وجعله ظمن رسالته للماجستير قبل أن يطبع كتاب شيخه ونوقش في الرساله وشيخه الذهبي موجود،فعوتب عليه أنه لم يذكر أنه أخذ ذلك من كتاب الذهبي مماأثر على درجته.
والحق يقال أن بحث نعناعه كان أفضل من بحث شيخه إلا أنه أُخذ عليه انتحال الكتاب المذكور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[26 May 2006, 01:13 ص]ـ
من بركة العلم الصدق فيه بكلّ وجهٍ ممكن، و من ذلك إسناد الإبداعات العلمية لأهلها
و قد قيل:
إذا أفادك إنسانٌ بفائدة فقل فلانٌ جزاه الله صالحة عني أفادنيها و خلّ الكبرَ و الحسدا
و أمّا السرقات العلمية فدرجاتٌ بعضها تزويرٌ و إدعاءٌ محض ... و بعضها دون ذلكم
و منها ما يكون كالتقليد الضعيف و منها أمورٌ يسيرة قد تدعو إليه عجلة بعض الباحثين لا قلة علمهم فيختلس من كتاب ما معلومة الجزء و الصفحة فقط مع كونه قد قرأ تلك المعلومة و قد تكون معلومة مشهورة أو تخريجا لقول أو حديث أو بيت شعرٍ ومثل هذا أمره أسهل و ما أكثر من وقع فيه و مع هذا فينبغي تجنبه قدر المستطاع ... و المقصود أن السرقة التي هي سرقة هي ادعاء بحث أو كتاب أو بعض كتابٍ بمجرد النقل و تغيير بعض الألفاظ كمثل ما ذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري.
و الأمة تعاني من شيخوخة علمية فالركب كثير و الحاج قليل
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 May 2006, 09:49 م]ـ
جزى الله الشيخ عبد الرحمن خيرا على نشر الموضوع، وقد أحسن من أيده من المشايخ على نشره.
من أهم ما يفعل مع هؤلاء:
بيان السرقة، وفضح السارق على رؤوس الأشهاد، وإيصال الخبر له، ولمن حوله، ليذوق وبال أمره.
لعله يردعه وأمثاله، ويعاد الخبر في كل مناسبة = ليكون أبلغ في الزجر.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[28 May 2006, 10:17 م]ـ
* (في عالم الأفكار): ليس هناك طريقة آمنة لوصف فكرة ما بأنها مسروقة؛ لأن الأفكار المنشورة معروضة للتبني والاقتناع, وإلا ما الغرض من نشرها؟!
فإذا قرأها القارئ واقتنع بها وتبناها وأعاد نشرها وعرضها والاستدلال لها = صارت ملكاً له, ومن أفكاره أيضاً.
نعم قد يوصف الأول بأنه أول من توصل لها ونشرها - ويجمل بالناقل الإشارة إلى هذا في مناسبته -, وحيث لم يدَّعٍ الناقل تلك الأولوية فلا سبيل إلى وصفه بالسارق لمجرد العرض والتبني, كما لا يلزمه ذكر ترتيبه العددي بين نَقَلَةِ هذه الفكرة والمقتنعين بها.
- الأفكار مباحة, والأصل فيها التناقل والاشتراك, وكثير منها متسلسل متتابع آخذ بعضه برقاب بعض, وكثيرٌ من علومنا ومشاريعنا أفكارٌ من غيرنا صرحوا بها أو أشاروا إليها, وهو ما نفعله مع من بعدنا, وهكذا فعله من قبلنا, ولم نعهد في كلام علمائنا التوقف عند كل فكرة لعزوها إلى صاحبها لا في كلامهم ولا مصنفاتهم.
- لا خصوصية في الأفكار المنشورة, وإنما الخصوصية فيما يكتنف هذه الأفكار من تميز في السبق أو التعبير أو الاصطلاح أو التقسيم أو الترتيب أو العرض والبيان.
- هل هناك فرق - في وجوب العزو - بين: نقل الفكرة, ونقل النص, ونقل العبارة المميزة التي لا يتوصل إليها إلا بجهد خاص, ونقل أساليب خاصة في التعبير والاصطلاح والتقسيم والترتيب؟
- تميز الناقل في حسن تصوير الفكرة, وقوة عرضها, وجودة الاستدلال لها, هل يعفيه من لزوم عزوها إلى أبي عذرتها؟
* قد تختلف مناهج البحث - في صور دقيقة وجليلة - بين مناهج المتقدمين والمناهج المعاصرة, ولكن هل يصل ذلك إلى أن يكون منهجاً ما مباحاً في زمن, وسرقة في زمن آخر؟! تحول صعب يحتاج إلى تفسير واضح؛ فإن أعراف البحث لا تصل إلى درجة قلب الكذب أو المغالطة أو التحيز وعدم الموضوعية إلى مباحات.
ـ[القاضي الأثري]ــــــــ[30 May 2006, 03:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وقد تعرضت انا والحمد لله لسرقات علمية كثيرة منها لكي أشارككم في هذا التندر الذي له مردوده العلمي الطيب:
سرق تحقيق لكتاب بر الوالدين للغمام الطرطوشي من رجل يقال عنه غنه طالب علم
وقد بر سرقته للتحقيق تبريرا مضحكا في مقدمته للكتاب ن ثم كذب في وعده بأنه لن ينقل حرفا واحدا او خبره بانه لم ينقل حرفا واحدا من تحقيقي. وهو شيء والله مضحك مبك.
لعلي اطلعكم لو احببتم على تفاصيل له ولكن اقول:
إذا كان مثلي - على قزميتي العلمية - يسرق تحقيقه، فكيف بالأفذاذ الكبار.
لقد كتبت في أحد الملتقيات ما فعله احد اساطين التحقيق - بله مغموريهم - اليوم ببعض تحقيقات الشيخ الجليل شيخ المحققين الشيخ احمد محمد شاكر رحمه الله.
وإنني أتمنى ان يتراجع د عبد الرحمن حفظه الله عن اعتذاره في طرح هذا الموضوع ولا بد ان يفضح السارق وينصف المسروق منه، ولكن بطريقة علمكية بضوابط السرقة العلمية والفرق بينها وبين الإفاددة التي لا مناص عنها ولا تشكل عيبا بل تشير إلى فضيلة.
وما أحوج طلاب العم سواء كانوا طلابا غير رسمكيين إن صح التعبير- أو طلاب دراست جامعية عليا إلى معرفة أسس السرقات العلمية وصورها والفرق بينها وبين الاصطلاحات ذا الصلة بها.
ـ[ابو حنين]ــــــــ[02 Jun 2006, 05:28 ص]ـ
(((لا حول و لا قوة إلا بالله)))
-------------------------
فكيف يلام أهل الصحف و المجلات و شعراء الغفلة على سرقاتهم!!
اذا كانت هذه أفعال بعض من ينتسب الى العلم و أهله ... ؟؟؟
حاشا العلم ان ينتسب اليه زور المزورين!!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:09 ص]ـ
أود أن أوضح ماذكره الأخ سلطان الفقيه بأن وزارة الأوقاف الأردنية قامت بغير علمها بطبع كتيب ل رمزي نعناعة بعنوان بدع التفسيرفي الماضي والحاضر وهو نقل حرفي لمذكرة عنوانها الإتجاهات المنحرفة في التفسيراستعارها رمزي من د. الذهبي المشرف على رسالته للدكتوراة الإسرائيليات اثناء إشراف الشيخ الذهبي على رسالته وكانت هذه المذكرة قصاصات من كتاب الذهبي التفسير والمفسرون كان ينوي إعادة صياغتها واضافة جديد إليها ففوجىء بسرقة تلميذه لها فاضطر لنشرها كما هي لكشف السرقة وما كان بحاجة لذلك فهي أجمع من كتابه المشار إليه
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:30 ص]ـ
وكانت هذه القصة التي اشار اليها الفاضل الدكتور الرومي سببا في امتناع الدكتور الذهبي عن الاشراف على رسالة الدكتور فضل عباس وكذا كل طالب اردني بعده
ـ[يسري خضر]ــــــــ[21 Jan 2007, 02:16 م]ـ
يضاف الي ما سبق (حفاظا علي تراث الشيخ الميداني) قرات كتاب الطريق الي معرفة الله نشر دار المعرفة بيروت لاستاذ جامعي فوجدته مطابقا لكتاب العقيدة الاسلامية واسسها للشيخ الميداني دون اشارة من الاول الي الشيخ الميداني لا في المقدمةاو الموضوعات بل خلا الكتاب من المراجع
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[22 Jan 2007, 11:22 م]ـ
ليس من شكر العلم سرقته، وليس من بركته انتحاله، بل ذلك من علامات الخذلان فيه.
ولأبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى كلمة في هذا الباب اتخذها العلماء شعارا لهم، جعلوها بحيث لا تفارقهم في كل ما يكتبون ويصنفون. .
فروى الإمام أبو عبدالله الحاكم بإسناده إلى أبي عبيد القاسم بن سلام قال:
إنَّ من شكر العلم أنْ تقصد مع كل قوم يتذاكرون شيئا لا تحسنه فتتعلم منهم، ثم تقعد بعد ذلك في موضع آخر، فيذكرون ذلك الشيء الذي تعلمته، فتقول: والله ما كان عندي شيء حتى سمعت فلانا يقول كذا وكذا، فتعلمته، فإذا فعلت ذلك فقد شكرت العلم.
[انظر: المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي ص396، والجامع لابن عبد البر 2/ 154، وتاريخ دمشق لابن عساكر 49/ 78، أو كتابي الذي أفردته في ترجمة أبي عبيد]
وكان الحاكم لما ألف المدخل إلى الصحيح وقعت له فيه بعض الأوهام، فلما وصل الكتاب إلى حافظ مصر عبدالغني بن سعيد الأزدي كتب عليه تعليقة، صحح فيها كبوة اليراع، وأيقظ فيها غفوة الذهن، فتلقى أبو عبدالله الحاكم انتقاده وقبله، مع أن المنتقد أقل علما، وأصغر سنا، واستفاد الحاكم من تعليقته فوائد عزاها إلى عبدالغني ونسبها إليه، ثم كتب إليه يشكره ويخبره بقصة أبي عبيد القاسم بن سلام تلك، فلما وصلت الورقة إلى عبدالغني الأزدي علقها بحيث يراها كل حين، وأتخذها كالشعار له.
وقال (أعني عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ):
علّقتُ هذه الحكاية مستفيدا لها ومستحسنا، وجعلتها حيث أراها في كل وقت، لأقتدي بأبي عبيد وأتأدب بآدابه
[انظر: التعريف بالقاضي عياض لابنه ص82].
فهكذا - وإلا فلا - فلتكن أمانة العلماء.
ـ[دمعة الأقصى]ــــــــ[24 Feb 2007, 08:01 ص]ـ
لو قطعت يد هؤلاء اللصوص لما كان هذا كثيرا عليهم، ونشر مثل هذه السرقات والتشهير بأصحابها له فوائد:
1. اقتناء الكتاب الأصل وترك السرقة. وهذا بلا شك له ثمرته على المؤلف، وعاقبته على السارق.
2. الردع والزجر للسارق ولمن تسول له نفسه السرقة.
3. تجريح مثل هؤلاء أحسبه والله أعلم من الدين الذي يؤجر عليه المجرح كـ (الجرح والتعديل في الرواة) فالدين النصيحة.
ونحن نشد على يد شيخنا وأستاذنا الدكتور عبدالرحمن الشهري في مواصلة مسيرة التشهير بهؤلاء اللصوص للحذر منهم وفق الله الشيخ وإن كنت أعتب عليه في إغلاق موضوع الدكتورة منيرة الدوسري، فالمرأة مظلومة وذنبها أنها وافقت على موضوع اقترحه عليها مشرفها، وجميع ما ذكره مشرفها لا يسلم له وليس بمقنع، ولا أقول هذا تعصبا لجنس النساء أو لمعرفتي بالدكتورة ولكن الحق أحق أن يتبع وما أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
أسأل الله التوفيق للجميع وأن يبارك في الجهود وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[24 Feb 2007, 04:53 م]ـ
نخشى أن يبلغ أحدهم السارق بما كتب عنه فلا يمنعه مانع أن يملي عليه أن الدكتور الشايع هو الذي سرق منه وأن
يستدل لعدم السرقة بأن في بحثه خطبة الحاجة وليست في بحث الشايع
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[24 Feb 2007, 08:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإن من طرق ردع مثل هذه السرقات:
1 - التشهير بمن يفعل ذلك في الموقع أو غيره من المواقع؛ ليخاف من سيفعل ذلك مستقبلا.
2 - إقامة الدعوى من صاحب الحق على المنتحل إن رأى أنه سيأخذ حقه!
ولا تثريب عليك أخي عبد الرحمن في التشهير بمن يفعل ذلك إذا تثبت من ذلك كحالك في هذا الموضوع وسابقه.
والسؤال: لماذا تخفي الاسم؟ ألا يستحق أن يشهر به؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[25 Feb 2007, 01:48 م]ـ
لعلنا جميعا ندرك أن الباعث الحثيث على هذه المقترفات هو الدنيا التي أذلت الرقاب وأسقطت الحجب ووضعت أنوفاً
في الطين والوحل، والسؤال هو:
أن الله تعالى يكتب ما قدمنا وآثارنا.
فما الذي نتخيله عندما نواجه في الاخرة بآثار مسروقة؟؟؟!!!
اللهم عفوك وغفرانك.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[25 Feb 2007, 02:43 م]ـ
center] بسم الله الرحمن الرحيم
لعل من أخطر ما في السرقات العلمية في الجو الذي نعيشه: الآثار السلبية المترتبة على مثل هذه السرقات في المجال العلمي.
ومنها: أن أصحاب السرقات العلمية يترقون بسبب هذه الأبحاث إلى درجة علمية أعلى ... يستفيدون منها ماديا وأكاديميا ..
والسؤال: وبعد فضح الكاتب ونشر المقال - الذي قد يطلع عليه زوار هذا الملتقى فقط - هل يبقى الأمر على حاله؟
أرى أن بقاء الأمر على حاله جريمة في حق الأمة وفي حق طلبة العلم، ذلك أن هذا الذي يلقب بالأستاذ الدكتور/ فلان ... حتما سيكون ضعيفا علميا، بل وتربويا ودينيا، وسيتبوأ مكانة علمية وإدارية وعملية يتصدر بها، استنادا إلى هذه الأبحاث المسروقة ...
ولذلك أرى أنه لا بد أن يسلب جميع الحقوق التي اكتسبها معتمدا على هذه السرقة العلمية، ولا بد له من عقاب دنيوي، بحيث يمنع - مثلا - من الترقية أو من نشر الأبحاث ... ولا يسمح له بالترقية مرة أخرى.
وقد يكون من الصعب القيام بذلك بصورة فردية، ولذلك فإنني أقترح من إخواننا النشيطين قيام مؤسسة أو موقع أو هيئة تقوم بمثل هذا العمل، وتتواصل مع الجهات العلمية لإبلاغها بالأمر، واقتراح ما ينبغي اتخاذه في هذا المجال، لكي نحمي العلم والعلماء، وتبقى المسألة القانونية حقا للمؤلف الأصلي.
ومن المناسب أن أذكر أنني أحد ضحايا السرقة العلمية، فقد كتبت - أثناء دراستي - كتيبا بعنوان: (الدعوة الفردية، أهميتها، حالاتها، عوامل نجاحها) وبينما كنت أتصفح إحدى المكتبات في الرياض، فوجئت بكتاب مشابه (أترك ذكر اسمه وذكر مؤلفه)، ثم اكتشفت أنه منقول من كتابي، وتقدمت لوزارة الإعلام السعودية، وأثبتت حدوث السرقة [/ size]
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[25 Feb 2007, 02:56 م]ـ
اقتراح حري بالتامل
ـ[صالح صواب]ــــــــ[25 Feb 2007, 03:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيملعل من أخطر ما في السرقات العلمية في الجو الذي نعيشه: الآثار السلبية المترتبة على مثل هذه السرقات في المجال العلمي.
ومنها: أن أصحاب السرقات العلمية يترقون بسبب هذه الأبحاث إلى درجة علمية أعلى ... يستفيدون منها ماديا وأكاديميا ..
والسؤال: وبعد فضح الكاتب ونشر المقال - الذي قد يطلع عليه زوار هذا الملتقى فقط - هل يبقى الأمر على حاله؟
أرى أن بقاء الأمر على حاله جريمة في حق الأمة وفي حق طلبة العلم، ذلك أن هذا الذي يلقب بالأستاذ الدكتور/ فلان ... حتما سيكون ضعيفا علميا، بل وتربويا ودينيا، وسيتبوأ مكانة علمية وإدارية وعملية يتصدر بها، استنادا إلى هذه الأبحاث المسروقة ...
ولذلك أرى أنه لا بد أن يسلب جميع الحقوق التي اكتسبها معتمدا على هذه السرقة العلمية، ولا بد له من عقاب دنيوي، بحيث يمنع - مثلا - من الترقية أو من نشر الأبحاث ... ولا يسمح له بالترقية مرة أخرى.
وقد يكون من الصعب القيام بذلك بصورة فردية، ولذلك فإنني أقترح من إخواننا النشطين قيام مؤسسة أو موقع أو هيئة تقوم بمثل هذا العمل، وتتواصل مع الجهات العلمية لإبلاغها بالأمر، واقتراح ما ينبغي اتخاذه في هذا المجال، لكي نحمي العلم والعلماء، وتبقى المسألة القانونية حقا للمؤلف الأصلي.
ومن المناسب أن أذكر أنني أحد ضحايا السرقة العلمية، فقد كتبت - أثناء دراستي - كتيبا بعنوان: (الدعوة الفردية، أهميتها، حالاتها، عوامل نجاحها) وبينما كنت أتصفح إحدى المكتبات في الرياض، فوجئت بكتاب مشابه (أترك ذكر اسمه وذكر مؤلفه)، ثم اكتشفت أنه منقول من كتابي، وتقدمت لوزارة الإعلام السعودية، وأثبتت حدوث السرقة
ـ[أبو المهند]ــــــــ[26 Feb 2007, 11:34 ص]ـ
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وأرى بل أرجو من فضيلة الدكتور عبدالرحمن
أن يجعل موضوع السرقات وما يماثلة من قضايا بمقدار ما تكتحل العين به، فإن زاد عن حده أصاب العين
بالرمد، وبمجرد أن ينبلج الأمر بالدليل القاطع ـ وكما يقال ليس مع العين أين ـ ويتم مقارعة الصورة بالصورة والحجة
بالحجة والماسح الضوئي بمثله ويتم التعليق الخفيف عليه تغلق المسألة وينتهي الأمر.(/)
صدر حديثاً (كتاب القرآن) جمع وترتيب طارق عوض الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2006, 01:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثا كتاب بعنوان:
كتاب القرآن
ضمن سلسلة (جامع المسائل الحديثية (1)
جمع وترتيب وتعليق أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد.
http://www.tafsir.net/images/ketabalquran.jpg
وقد صدر عن دار ابن القيم ودار ابن عفان. وصدرت الطبعة الأولى هذا العام 1427هـ.، ويقع في 487 صفحة من القطع العادي.
وقد اشتمل هذا الكتاب على فتاوى ورسائل صغيرة حول القرآن الكريم، نشر معظمها في كتاب (مجموع فتاوى القرآن الكريم) الذي جمعه الدكتور محمد موسى الشريف.
مجموع فتاوى القرآن الكريم من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر) جمع وتحقيق ودراسة الدكتور محمد موسى الشريف، الذي صدر عن دار الأندلس الخضراء بجدة الطبعة الأولى (1424هـ)، ويقع الكتاب في ثلاثة مجلدات من القطع العادي. وقد جمع فيه جميع الفتاوى المطبوعة التي وقف عليها في ثنايا الكتب القديمة والجديدة، وذلك من القرن الأول حتى القرن الرابع عشر الهجري، وكذلك المجلات الشرعية والدعوية والثقافية، فكل من مات قبل انقضاء القرن الرابع عشر ففتاواه مندرجة في هذا الكتاب، واستثنى القرن الخامس عشر لأسبابٍ ذَكَرها منها سهولة العثور عليها، وإمكان رجوع بعضهم عن فتواه. ولم يدخل الفتاوى المخطوطة رغبة في عدم التطويل. وقد اشتمل الكتاب على سبعمائة وتسعة وستين فتوى (769).
جزاهما الله خيراً.
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[23 May 2006, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الكتاب(/)
كيد النساء وكيد الشيطان كما ورد في القرآن
ـ[صالح صواب]ــــــــ[22 May 2006, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيمكيد النساء وكيد الشيطان، أمران ورد الحديث عنهما في القرآن الكريم ..
أما كيد النساء فقد ورد في قوله سبحانه وتعالى: ?إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ? (يوسف/28)، وأما كيد الشيطان فقد جاء في قوله سبحانه: ?إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا? (النساء/76).
ومما تردد كثيرا على ألسنة بعض العلماء وطلبة العلم حتى أصبح كالمسلم به، ما قيل:
إن النساء أعظم كيدا من الشيطان، فقد وصف الله عز وجل كيد النساء بأنه عظيم، بينما وصف كيد الشيطان بأنه ضعيف، كما في الآيتين السابقتين، بناء على أن الاستنتاج قد جاء بنص القرآن الكريم.
وقد وقفت على بعض أقوال أهل العلم في ذلك.
يقول الزمخشري: "وعن بعض العلماء: أنا أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان؛ لأن الله تعالى يقول: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) وقال للنساء: (إن كيدكن عظيم) ". اهـ.
وقال الآلوسي رحمه الله: "وحكي عن بعض العلماء أنه قال: أنا أخاف من النساء ما لا أخاف من الشيطان، فإنه تعالى يقول: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) وقال للنساء: (إن كيدكن عظيم)؛ ولأن الشيطان يوسوس مسارقة، وهن يواجهن به".
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "قوله تعالى: (إن كيدكن عظيم) هذه الآية الكريمة إذا ضُمَّت لها آية أخرى حصل بذلك بيان أن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، والآية المذكورة هي قوله: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)؛ لأن قوله في النساء: (إن كيدكن عظيم) وقوله في الشيطان: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) يدل على أن كيدهن أعظم من كيده".
هذه بعض النصوص التي وقفت عليها في هذا الموضوع .. وقد شاعت هذه المقولة على ألسنة كثير من الناس استنادا إلى ما ذكر.
ومع تسليمي بكيد النساء وعظمه، بدليل قوله ?: (إنكن صواحب يوسف) متفق عليه، إلا أنني أرى أن في هذه المقالة نظرا ... وذلك من وجهين:
الأول: أن قوله سبحانه: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) هو من إخبار الله عز وجل، وقوله حق لا شك فيه ولا ريب، ولا يحتمل التصديق أو التكذيب، بل يجب الجزم بكونه حقا صدقا لا مرية فيه، بينما قوله: (إن كيدكن عظيم) هو مما حكاه الله عز وجل على لسان العزيز في قوله سبحانه: ?فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ? (يوسف/28).
فالقائل هنا هو العزيز، بخلاف الآية الأولى، وجائز أن يكون ما قاله العزيز حقا، وجائز أن يكون مبالغة، وجائز غير ذلك، فقد حكى الله عز وجل أقوالا كثيرة على ألسنة عدد من البشر، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل، وقد صدّق الله عز وجل بعضها، وأبطل بعضها، وسكت عن بعضها، ومن ذلك مثلا قوله سبحانه: ?قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ? (النمل/34).
الوجه الثاني: على افتراض صحة قول العزيز، وأن الله سبحانه وتعالى لم يبطل قول العزيز، وأن كيد النساء عظيم .. فلا ينبغي القول بأن كيدهن أعظم من كيد الشيطان، وذلك أن وصف كيد الشيطان بالضعف، جاء في مقابل قوة الله عز وجل، ولا شك أن كل قوة في الدنيا، وكل كيد فيها فهو ضعيف أمام قوة الله عز وجل، مهما كانت هذه القوة، فتمام الآية: ?الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا? (النساء/76).
فهناك مؤمنون، والله عز وجل وليهم، وهناك كفار ووليهم الشيطان، ومهما كان كيد الشيطان فهو ضعيف.
أما كيد النساء الوارد ذكره في الآية فقد جاء في مواجهة البشر، فيما بينهم، فيما كادت به امرأة العزيز يوسف عليه السلام، حتى ظهر الدليل على براءته، كما قال سبحانه: ?فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ? (يوسف/28).
ولا شك أن كيد النساء عظيم، ولعل ذلك راجع إلى ضعفهن الجسدي، وقلة حيلتهن، مما يضطرهن إلى الكيد بشتى أنواعه، فيقع الرجال ضحايا لذلك الكيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن شتان بين كيدهن وكيد الشيطان، وأحسب أن كيدهن المذموم ما هو إلا جزء من كيد الشيطان، كيف لا والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقد كان سببا في كفر كثير من الناس بنص القرآن الكريم .. وكان سببا في المعصية وتزيينها.
وأختم هذه المقالة بذكر بعض النصوص القرآنية الدالة على كيد الشيطان وسوء فعله في هذه الأمة وفي غيرها من الأمم، على اختلاف في طبيعة المزين لهم والموسوَس لهم، وعلى اختلاف في طبيعة المعصية التي زينها الشيطان، وإنما أسوقها هنا ليتضح الفرق الشاسع بين كيد الشيطان وكيد المرأة الضعيفة، وإليك بعض الآيات:
يقول سبحانه وتعالى:
?كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ? (الحشر/16).
?اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ? (المجادلة/19).
?فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى? (طه/120).
?فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ? (البقرة/36).
?إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ? (آل عمران/155).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ? (المائدة/90،91).
?فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون? (الأنعام/43).
?وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ? (الأعراف/175).
?وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ? (الأنفال/48).
?وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا? (الإسراء/53).
?إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ? (محمد/25).
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 May 2006, 11:13 م]ـ
أحسنت أخي صالح في عرض هذا الموضوع، وهو كما قلت في النظر إلى السياق، فكيد الشيطان ضعيف أمام كيد الله، وكيد النساء قوي أمام كيد الرجال، وإن كن هنَّ من كيد الشيطان على الإنسان، فكيده للرجال أعظم من كيد النساء بلا ريب.
وليس بين الآيتين شيء من الموافقة في الموقف ولا في السياق حتى يُبحث عن سبب وصف كيد الشيطان بالضعف، ووصف كيد النساء بالقوة.
وهذا يدعو إلى أنَّ الحكم بالتشابه بين الآيتين، ثم الاجتهاد في التعرف على سبب الفروق بينهما يحتاج إلى أن يُورد له ضوابط، وأهم ضابط في ذلك هو أن تتحد القصة في الأشخاص والأوقات، ويختلف التعبير عنها، فهنا يُبحث عن سبب الافتراق في التعبير عن القصة بتلك العبارات.
ومن أمثلة ذلك:
ورد في قصة إبراهيم عليه السلام في إلقائه في النار خاتمتان متغايرتان:
الأولى: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ) (الأنبياء: 70).
والثانية: (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ (الصافات: 98)
وإذا تأملت القصتين وجدت أن سورة الأنبياء أكثر في إيراد المجادلة والمخاصمة بين إبراهيم عليه السلام وقومه، وهذه المجادلة يكون فيها رابح وخاسر، فناسب إيراد (الأخسرين) في سورة الأنبياء للطول الذي وردت فيه المجادلة.
وفي سورة الصافات كان ذكر المجادلة والمخاصمة أقل، ثم ذكر البنيان في قوله تعالى: (قالوا ابنوا له بنيانًا فألقوه في الجحيم) فإلقاؤه سيكون إلى سفول، وهو قعر هذا البناء، فناسب مجيء (الأسفلين) هنا، إذ لم يرد ذكر البنيان في سورة الأنبياء، وإنما ورد الأمر بالتحريق فقط.
ووما قد يُتطلب له مناسبة بدعوى الاتفاق ما ورد في قصة يوسف وموسى، وهو قوله تعالى في يوسف: (ولما بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا، وكذلك نجزي المحسنين) (يوسف: 22)، وقال في موسى: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين) (القصص: 14). وإنما الذي يصلح أن يُطلب هو سبب ذكر استوى في قصة موسى فحسب، ولا يعني إن يوسف قد أُعطي الاستواء كما أُعطيه موسى.
وسبب ذلك ظاهر في القصة التي بعده حيث ذكر الله أثر هذا الاستواء الدال على كمال القوة في البنية، إذ وكز موسى الرجل فأرداه صريعًا.
ومن تأمل حياة موسى وجد حاجته للقوة البدنية في دعوته لقومه، فقد حمل الألواح، وألأقاها، وأخذ برأس أخيه يجره إليه إلى غير ذلك من الأحداث، أما يوسف فلم يكن في حياته ما يدعو إلى استعمال القوة البدنية، فلم يُوهب ذلك، والله أعلم.
والمقصود أن موضوع توجيه المتشابه من الآيات يحتاج إلى وضع ضوابط في الآيات التي يمكن أن يقال: إن فيها إشكالاً يحتاج إلى توجيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم عاصم]ــــــــ[24 May 2006, 09:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) حديثا عن مقاتل عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان لأن الله تعالى يقول: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) [النساء: 76] وقال: (إن كيدكن عظيم) ".
[لا أدري مدى صحة هذا الحديث].
ـ[صالح صواب]ــــــــ[25 May 2006, 02:34 م]ـ
قبل كتابتي في هذا الموضوع وقفت على الحديث الذي ذكره القرطبي رحمه الله تعالى
ولم أكتب الموضوع إلا بعد الرجوع إلى عدد من كتب التفسير المأثور، وكذا كتب الحديث الشريف إلا أنني لم أقف على هذا الحديث من خلال بعض الموسوعات الاكترونية.
كما أن القرطبي - رحمه الله - تعالى لم يذكر من أخرج هذا الحديث .. لذا لزم التنويه
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 May 2006, 06:53 م]ـ
هل يجوز ان يقارن بين الكيدين؟ ارجوا التدقيق.
فالشيطان كيده ضعف لانه ليس له سلطان الا على من اتبعه. وهو _اي الشيطان _ يذهب كيده بالاستعاذة. وان حزبه الذين حزبهم لقتال المسلمين انما همهم الدنيا دون الآخرة فهذا ضعف كيد الشيطان في تحزيبه."إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ""وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
اما كيد النساء فهو فعلهن في الناس.
كيف يعقد المقرنة بين قول زوج المرأة وبين قول الله عز وجل؟ وكيف يعقد المقرانة بين المرأة والشيطان؟
لم يصح شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم -فيما أعلم- الا قوله صلى الله عليه وسلم" انكن لصواحب يوسف " وليس في ذلك علاقة بموضوع الكيد.
" فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ"
ـ[الكشاف]ــــــــ[28 May 2006, 12:03 ص]ـ
موضوع طريف مفيد.
بارك الله في الجميع.
ـ[ابراهيم عبد القادر]ــــــــ[07 Sep 2008, 01:45 ص]ـ
بارك الله في كاتي الموضوع وجعله في ميزان حسناته
نعم بل ان المتداول بين الناس أمر خطير فهناك من يرمي بالكلام على سيبل المزاح فيقول انتن النساء كيدكن أعظم من الشيطان فالله المستعان!!
ولكن الحمد لله انه وجد في هذا المنتى المبارك من يوضح الامور المبهمه
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Sep 2008, 02:23 ص]ـ
شكر الله للدكتور صالح على هذه اللطيفة القرآنية القيمة، وشكر الله للأخوة الأحبة الذين تفضلوا بإثراء الموضوع بكتاباتهم الطيبة، وأقول:
إن عين ما تفضل بالتنبيه عليه د. صوابي قد ناقشه أ. د. محمد رجب البيومي مع فضيلة الشيخ الشعراوي من خلال خواطره الإيمانية حول القرآن الكريم، وكتب مقالا كاملا على صفحات مجلة منار الإسلام الإماراتية منذ ما يزيد عن عشر سنين، وانتصر لما تفضلتم به فجزاكم الله خيرا على هذه اللمحة الطيبة المباركة التي تضع الأمور في نصابها قرآنيا.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[08 Sep 2008, 02:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا النقاش الطيب، ولكني أرى أن قولنا: قوله (إن كيدكن عظيم) حكاه الله وهو من كلام العزيز لا يصح؛ بل هو كلام الله تعالى، ولو قلنا بهذا القول لأخرجنا كثيرا من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن كلام الكفار، وحديث الانبياء مع اممهم، وغير ذلك؛ بل كما أشرتم من عدم ورود المقارنة أصلا بين الكيدين فكيد الشيطان هنا يقابله قدرة الله تعالى وقوته، وهناك كيد المرأة يقابلة ضعف البشر وعجزهم والله أعلم
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Sep 2008, 05:39 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا النقاش الطيب، ولكني أرى أن قولنا: قوله (إن كيدكن عظيم) حكاه الله وهو من كلام العزيز لا يصح؛ بل هو كلام الله تعالى، ولو قلنا بهذا القول لأخرجنا كثيرا من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن كلام الكفار، وحديث الانبياء مع اممهم، وغير ذلك؛ بل كما أشرتم من عدم ورود المقارنة أصلا بين الكيدين فكيد الشيطان هنا يقابله قدرة الله تعالى وقوته، وهناك كيد المرأة يقابلة ضعف البشر وعجزهم والله أعلم
سبحان الله
ومن يوسوس للمرأة بأمور الكيد أليس الشيطان الرجيم.
والله تعالى يقول:
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (الناس:1)
{مَلِكِ النَّاسِ} (الناس:2)
{إِلَهِ النَّاسِ} (الناس:3)
{مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (الناس:4)
{الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (الناس:5)
{مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ} (الناس:6).
وهذا عام في النساء والرجال.
وقد سمعت الشيخ المغامسي حفظه الله، وهو يتكلم عن سورة يوسف، قال إن الكلام السابق هو على لسان العزيز أو كما قال.
وأشعر أن كلامه وجيه،
فقد قال تعالى:
{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (النمل:34).
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ام عبدالله السلفية]ــــــــ[24 Sep 2008, 10:25 ص]ـ
وما قد يُتطلب له مناسبة بدعوى الاتفاق ما ورد في قصة يوسف وموسى، وهو قوله تعالى في يوسف: (ولما بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا، وكذلك نجزي المحسنين) (يوسف: 22)، وقال في موسى: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين) (القصص: 14). وإنما الذي يصلح أن يُطلب هو سبب ذكر استوى في قصة موسى فحسب، ولا يعني إن يوسف قد أُعطي الاستواء كما أُعطيه موسى.
وسبب ذلك ظاهر في القصة التي بعده حيث ذكر الله أثر هذا الاستواء الدال على كمال القوة في البنية، إذ وكز موسى الرجل فأرداه صريعًا.
ومن تأمل حياة موسى وجد حاجته للقوة البدنية في دعوته لقومه، فقد حمل الألواح، وألأقاها، وأخذ برأس أخيه يجره إليه إلى غير ذلك من الأحداث، أما يوسف فلم يكن في حياته ما يدعو إلى استعمال القوة البدنية، فلم يُوهب ذلك، والله أعلم.
.
هل ممكن ان يكون هذا الاستواء فى القوة البدنية والعقلية ايضا اذ ان يوسف عليه السلام لم يرسل الى طاغية يدعوه الى الاسلام كما ارسل موسى عليه السلام ولكن دعوته التى ذكرت فى القرآن كانت لصاحبى السجن فلم يكن هناك مجادلة كما حدث مع موسى عليه السلام. فموسى عليه السلام احتاج الى ان يؤتى الحكم والعلم عند اشتداد جسمه واستواء عقله حتى يستطيع مواجهة فرعون.؟؟؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Sep 2008, 11:31 ص]ـ
وهناك أمر أريد أن أضيفه وهو:
المرأة كما يشاهد في واقع الحياة تلجأ للكيد عندما تشعر بالحسد أو غير ذلك من أمراض القلوب .. وهذا بسبب طبيعتها،
لكن الرجل في هذه الحالة يلجأ للبطش لقوته وطبيعته
وهذا في الغالب.
أما أهل الدين والفضل فأمرهم يختلف.
فالمؤمن عزيز.
والله أعلم وأحكم.
ـ[الغامدي1]ــــــــ[24 Sep 2008, 05:25 م]ـ
سمعت الشيخ ابن عثيمين يقول ماذكره الشيخ مساعد الطيار
(فكيد الشيطان ضعيف أمام كيد الله، وكيد النساء قوي أمام كيد الرجال، وإن كن هنَّ من كيد الشيطان على الإنسان)
ـ[سؤال]ــــــــ[25 Sep 2008, 12:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمح لي ياشيخ صالح أن أطرح بعض الأسئلة ربما يكون لها علاقة بالموضوع:
1 - هل إبليس ذكر أم انثى؟
2 - قال الله تعالى: ({فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}
سورة آل عمران آية رقم 36
هل قوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) يختص بالإنس أم بالإنس والجن وماخلقه الله من الذكور والإناث؟
3 - قال تعالى ?إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا? (النساء/76).
مارأي علماء التفسير في هذا الضعف هل هو عام في المؤمن وغير المؤمن أم أنّ كيد الشيطان يضعف في المخلصين كما قال سبحانه وتعالى {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40)} الحجر
وجزاكم الله خيرا(/)
الآيات التي وجدت فيها ظاهرة المشاكلة من خلال التفاسير.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[22 May 2006, 06:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا موضوع نويت أن أتقدم لتسجيله رسالة علمية في تخصص البلاغة، إلا أن أحد الفضلاء من القسم خوفني من هذا الموضوع، وذكر أنني سأحتاج إلى عقد فصول كثيرة للرد العقدي، مما يخرجني من دائرة البلاغة كثيرا، وفي هذا - كما يرى - صعوبة، فعدلت عنه،وآثرت أن أطرحه على المتخصصين في التفسير والدراسات القرآنية، علهم يجلون هذا الجانب، ويخرجون قول أهل السنة فيه.
وقد اعتمدت في إحصاء هذه الآيات على تفاسير عدة،كانت مجموعة لدي في قرص يحوي جملة من كتب التفسير، فأشرت إليها على أمل أنه إذا وافق القسم أن أعود إلى التفاسير لبيان مواضعها، لكن حصل الذي حصل، وألفت عنايتكم إلى أنني وقفت على الآيات التي ذكر الزمخشري وجود المشاكلة فيها في تفسيره دون الاعتماد على القرص، ولفت انتباهي أنه يقول: وفيها مشاكلة، ثم يودع الآية إلى غيرها دون بيان لأثر هذه المشاكلة.
بعد هذا أرجو من الله - تعالى - أن يوفق أحدا ما إلى دراسة هذا الموضوع، والتفتيق لأسراره، ولا تنسوني من الدعاء.
أخوكم
أبو طلال العنزي
الآيات التي وردت فيها ظاهرة المشاكلة
سورة البقرة
1 - {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ {9} فتح القدير 1/ 52.
2 - {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ {14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15} فتح القدير 1/ 56.
3 - {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ {26} فتح القدير 1/ 73، الكشاف 1/ 237 - 239، تفسير أبي السعود ج 1 ص 72.
4 - {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ {138} الكشاف 1/ 335.
5 - {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ {193} فتح القدير 1/ 248.
6 - {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {194} فتح القدير 1/ 249.
7 - {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {237} فتح القدير 1/ 329، الكشاف 1/ 464.
8 - {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة268، مدنية، أبو السعود ج 1ص262.
9 - {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} البقرة87، روح المعاني 1/ 318.
10 - {وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} البقرة41، روح المعاني 1/ 245.
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ {13}، روح المعاني 1/ 155.
سورة آل عمران
1 - {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ {28} فتح القدير 1/ 431.
2 - {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} فتح القدير 1/ 448.
3 - {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران31، مدنية، أبو السعود ج 2 ص 24.
4 - {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} آل عمران54، مدنية، أبو السعود ج2 ص 42.
5 - {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران169، مدنية، أبو السعود ج2 ص 112.
6 - {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} آل عمران28، مدنية، فتح القدير ج1ص331.
سورة النساء " مدنية "
1 - {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} النساء108، مدنية، روح المعاني ج 5 ص 141.
2 - {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} النساء172، مدنية، روح المعاني ج 6 ص 41.
3 - {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} النساء142، مدنية، فتح القدير ج 1 ص 344.
4 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} النساء47، مدنية، أبو السعود ج 2 ص 186.
5 - {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} النساء102، مدنية، روح المعاني ج5ص 136.
سورة المائدة " مدنية "
1 - وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {116} الكشاف 2/ 315، روح المعاني ج 7 ص 67.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} المائدة119، مدنية، روح المعاني ج23ص242.
3 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة6، مدنية، روح المعاني ج 6 ص 76.
4 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة54، مدنية، روح المعاني ج 6 ص 164.
5 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} المائدة95،مدنية ن روح المعاني ج 7 ص 25.
سورة الأنعام " مكية "
1 - {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} الأنعام9، مكية، روح المعاني ج 7 ص 98، أبو السعود ج3ص114.
2 - {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} الأنعام54، مكية، ج 7 ص 105.
3 - {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} الأنعام52، مكية، روح المعاني ج 7 ص 159.
4 - {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} الأنعام150،مكية، روح المعاني ج 8 ص 53.
5 - {قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} الأنعام12، مكية، أبو السعود ج3ص115.
6 - {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} الأنعام25، روح المعاني 7/ 125.
7 - {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنعام13، روح المعاني 7/ 109.
سورة الأعراف " مكية "
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} الأعراف50، مكية، روح المعاني ج 8 ص 126.
2 - {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} الأعراف88، مكية، روح المعاني ج 9 ص 3.
3 - {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {33} نظم الدرر للبقاعي 3/ 28.
4 - {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الأعراف164، روح المعاني 9/ 92.
5 - {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} الأعراف44، روح المعاني 8/ 122.
6 - {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} الأعراف26، روح المعاني 8/ 104.
سورة الأنفال " مدنية "
1 - {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} الأنفال30 " مدنية "، ج 9 ص 198.
2 - {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال67. " مدنية "، روح المعاني ج 10 ص 33.
سورة التوبة " مدنية "
1 - {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة100.
2 - {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} التوبة19. " مدنية " روح المعاني ج 10 ص 69.
3 - {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة101 " مدنية " روح المعاني ج 11 ص 10.
4 - {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة108 " مدنية " روح المعاني ج 11 ص 22.
5 - {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} التوبة67، مدنية، فتح القدير ج2ص379.
6 - {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة79، مدنية، فتح القدير ج2ص385.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {128} نظم الدرر للبقاعي 3/ 409.
سورة يونس " مكية "
1 - {وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يونس27. " جزاء سيئة بمثلها إما المراد: سيئة مثلها، أوبمقدار سوء السيئة يكون جزاؤها " اجتهاد من عندي والله أعلم.
2 - {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} يونس21 " مكية " روح المعاني ج 11 ص 94، فتح القدير 2/ 559.
سورة هود " مكية "
1 - وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ {89} نظم الدرر 3/ 568.
سورة يوسف " مكية "
1 - {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} يوسف24 " مكية "، روح المعاني ج12 ص 213.
2 - {قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} يوسف37 " مكية "روح المعاني ج 12 ص 240.
3 - {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} يوسف52، روح المعاني 12/ 261.
سورة إبراهيم " مكية "
1 - {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} إبراهيم46 " مكية " روح المعاني ج 13 ص 250.
2 - {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} إبراهيم22، روح المعاني 13/ 208.
سورة النحل " مكية "
1 - {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} النحل34.
2 - {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} النحل17 " مكية "روح المعاني ج14 ص 120.
3 - {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} النحل48 "مكية " روح المعاني ج 14 ص 154.
4 - {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ} النحل66، مكية، تفسير القرطبي ج 10 ص 123، فتح القدير 3/ 229.
5 - {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} النحل126، مكية، أبو السعود ج5ص152.
سورة الإسراء " مكية "
1 - {قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً} الإسراء50 " مكية " روح المعاني ج 15 ص 91.
2 - {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً {95}، نظم الدرر 4/ 427.
سورة الكهف (مكية)
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} الكهف29 " مكية " روح المعاني ج 15 ص 269.
سورة مريم (مكية)
1 - {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} مريم73 " مكية " روح المعاني ج 16 ص 129.
سورة طه (مكية)
1 - {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} طه48 " مكية " روح المعاني ج 16 ص 198.
2 - {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} طه130، مكية، روح المعاني ج 16 ص 282.
سورة الأنبياء (مكية)
1 - {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} الأنبياء73، مكية، روح المعاني.
سورة الحج (مدنية)
1 - {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {60}، فتح القدير 3/ 610.
سورة المؤمنون (مكية)
1 - {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} المؤمنون22.
2 - {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} المؤمنون21.
3 - {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون14، روح المعاني 18/ 14.
سورة النور (مدنية)
1 - {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور31، مدنية، روح المعاني ج18ص143.
2 - {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النور45، مدنية،روح المعاني ج18ص193.
3 - {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النور3، مدنية، تفسير البيضاوي ج 4 ص 173.
4 - {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} النور54، مدنية، أبو السعود ج6ص 189.
سورة الشعراء (مكية)
1 - {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} الشعراء46 " مكية " روح المعاني ج 16 ص 230.
سورة النمل (مكية)
1 - {إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النمل11، روح المعاني 19/ 165.
(يُتْبَعُ)
(/)
سورة لقمان (مكية)
1 - {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لقمان34، مكية، ج21ص110.
سورة السجدة (مكية)
1 - {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} السجدة4، مكية، روح المعاني ج21ص120.
2 - {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} السجدة14، مكية، روح المعاني ج21ص130.
3 - {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ} السجدة20، مكية، روح المعاني ج21ص133.
سورة سبأ (مكية)
1 - {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13} نظم الدرر 6/ 164، الكشاف 5/ 112.
2 - {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ {16}، الكشاف 5/ 114 - 116.
3 - {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} سبأ46، روح المعاني 9/ 128.
سورة الصافات (مكية)
1 - {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} الصافات62، مكية، روح المعاني ج 23ص 95.
سورة الزمر (مكية)
1 - {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} الزمر16،مكية، روح المعاني ج23ص251.
2 - {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} الزمر23، مكية، روح المعاني ج23ص258.
3 - {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ} الزمر51، مكية، روح المعاني ج24 ص 13.
سورة غافر (مكية)
1 - {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} غافر3 مكية، روح المعاني ج 24 ص 41.
2 - {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} غافر20، مكية، روح المعاني ج24 ص 60.
3 - {لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} غافر43، مكية، روح المعاني ج24ص 72.
4 - {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} غافر80، مكية، روح المعاني ج 24 ص 90.
5 - {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} غافر60، روح المعاني 24/ 81.
سورة فصلت (مكية)
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} فصلت15، روح المعاني 24/ 112.
سورة الشورى (مكية)
1 - {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} الشورى41، مكية، روح المعاني ج25 ص48.
2 - {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} الشورى40، مكية، فتح القدير ج4ص705، نظم الدرر 6/ 640.
سورة الزخرف (مكية)
1 - {وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الزخرف48، مكية، تفسير القرطبي ج 16 ص97.
سورة الدخان (مكية)
1 - {فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ} الدخان59، روح المعاني 25/ 137.
سورة الأحقاف (مكية)
1 - {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} الأحقاف21، روح المعاني 26/ 24.
سورة الفتح (مدنية)
1 - {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} الفتح10، مدنية، روح المعاني ج18ص193، روح المعاني 26/ 96.
سورة الذاريات (مكية)
1 - {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} الذاريات38، مكية، روح المعاني ج 27 ص 15.
سورة الحديد (مدنية)
1 - {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الحديد15، روح المعاني 27/ 179.
سورة المجادلة (مدنية)
1 - {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} المجادلة22.
سورة التغابن (مدنية)
1 - {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التغابن9، مدنية، روح المعاني ج28 ص 123.
سورة الملك (مكية)
1 - {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} الملك9 ن مكية، تفسير النسفي ج4ص264.
سورة القلم (مكية)
1 - {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} 25، روح المعاني29/ 31.
سورة نوح (مكية)
1 - {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} نوح23، مكية، روح المعاني ج29 ص 78.
سورة الجن (مكية)
1 - {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} الجن6 ن مكية، ج5ص305.
سورة الليل (مكية)
1 - {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} الليل10.، مكية، ج 30 ص 149.
سورة الضحى (مكية)
1 - {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} الضحى3. " مكية "، ج 30 ص 156.
سورة البينة (مدنية)
1 - {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} البينة8.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[23 May 2006, 10:08 م]ـ
ما قدمه الأخ أبو طلال جزاه الله خيرا ... موضوع جيد، وهو جدير بالدراسة، ويمكن أن يكون في البلاغة، ويمكن أن يكون في الدراسات القرآنية، وهو أقرب من وجهة نظري.
أما مجال العقيدة، فهو خاص بما يقال بأنه مشاكلة في أفعال الله تبارك وتعالى، ولا يمكن فصل هذه الدراسة عن التفسير.
لكن هناك أنواع كثيرة من المشاكلة المتعلقة بالبشر ... ويمكن دراستها دراسة تفسيرية، فمثلا: قوله سبحانه: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) يمكن دراسة هذا الموضوع، إن كان من باب المشاكلة أم لا، فإن أريد بالسيئة (الثانية) أنها تسوء صاحبها، فهو من باب الحقيقة وليس من باب المشاكلة، وإن أريد بالسيئة (ما يقابل الحسنة) والمراد بذلك الجزاء، فهو من باب المشاكلة.
وأدعو باحثا أن يتفضل بدراسة هذا الموضوع لأهميته وسعته.
وقد أجاد أخونا أبو طلال في جمع هذه الآيات، وإن لم يتبين لي المشاكلة في عدد من الآيات التي ذكرها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[24 May 2006, 04:54 ص]ـ
أرحب بالدكتور صالح صواب، وأخبرك بأن الآيات التي لم يتبين لك فيها أسلوب المشاكلة قد تكون من نوع يسمى (مشاكلة القصة) وهذا لحظته كثيرا في تفسير روح المعاني.
شكرا لمرورك
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[24 May 2006, 11:57 ص]ـ
السلام عليكم ارى ان هذا الموضوع المطروق بالحوار جدير بالبحث ولا ارى التعويل على هذا القلق الخاص بآيات العقيدة ويمكن ان يفرد لها فصلا في الرسالة وارى ان يقوم الباحث الكريم بمتابعة هذا الموضوع فهو حيوي ومفيد لكن عليه ان يتجرد من آسار المذهبيات وعقلية الاقصاء والله يوفقه
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[27 May 2006, 05:47 م]ـ
إلى الأخ الفاضل أبي طلال، أنا أفضل أن تقدم في تسجيل الموضوع، وأن تكتب فيه؛ فهو موضوع قيم ونفيس، كما أن حصرك للآيات يدل على تمكنك ومقدرتك العلمية، أما الملحظ العقدي الذي ذكره بعض الفضلا، فلا يصح أن يكون حائلا ومانعا من التسجيل فيه، بل إن هذا الجانب العقدي يعطي موضوعك قوة، كما أن النظام الجديد في الدراسات العلمية يسمح بأن يكون لك مشرفان، مشرف رئيس، ومشرف مساعد يكون متخصصا في العقيدة، وهذا من التواصل العلمي المحمود بين التخصصات المختلفة، وفقك الله
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[28 May 2006, 01:12 م]ـ
هناك بحث منشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،العدد الثاني والثلاثون، بعنوان: [دراسة عقدية لبعض الصفات التي يدعى أنها من باب المشاكلة]،للدكتور يوسف السعيد، فيفاد منها.
وشكرا.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[30 May 2006, 12:45 ص]ـ
أحب أن أنوه بالمداخلين لهذا الموضوع، وإني لم أضع هذا الموضوع هنا، بهذا الجمع الذي قمت به، والتعب الذي عانيته في الاستخراج، إلا هدية لأي باحث يريد موضوعا قد جمعت بعض مادته العلمية لعل الله أن ييسر له العمل في هذا الموضوع.
هذا هدية إلى أهل هذا الملتقى المبارك
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[30 May 2006, 03:36 م]ـ
الموضوع جدير بالدراسة وهو من الموضوعات التي تكشف جانبا من الإعجاز البلاغي في القرآن وقد كنت أفكر في الموضوع منذ زمن وتمنيت لو قدم كرسالة علمية أما وقد أثرت تلك الشجون فلعلك تقول أنا لها وتتحفنا بدراسة كاملة لهذا الموضوع(/)
بحث (الوصف الصوتي بين علمي التجويد والأصوات)
ـ[حمدي]ــــــــ[22 May 2006, 10:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء
والمرسلين سيدنا محمد على آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
عندما أرسل فضيلة الشيخ/غانم قدوري الحمد جوابه الكافي الشافي على السؤال الذي طرحته في بعض أقسام هذا المنتدى ألا وهو [ما الفرق بين علمي التجويد والأصوات] فقد طلبني المشرف في رده أن أجعل المنتدى مصدرا لهذا الجواب بعد نصبه إلى القائل العزيز وأثناءها وعدته أن أفعل ذلك -وقد فعلته- كما وعدته أنشرالبحث على المنتدى حتى يناقش ويقوم وها أنا أود أن أف بوعدي
عزيزي القارئ: إن حبي لهذا المنتدى ومدى استفادتي وثقتي بكل من فيه هو الذي جعلني أنشر بحثي من خلاله حتى يتم مناقشته وتقويمه فأجد من ذلك الخبرة والعون على تصحيح أخطائي وتجاوزاتي. فأهلا وسهلا ومرحبا لكل داع، وناقد،ناصح، ومرشد الأمين
والآن مع المقدمة:
الحمد لله الذي علم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان، فسما به فوق كل ما خلق الرحمن أحمده على توالي نعمائه وأشكره على تتابع كرمه وإحسانه والصلاة والسلام على أفصح من نطق بالعربية فدعا بها إلى دين الحق والصراط المستقيم – صلى الله عليه على آله وأصحابه وذرياته ومن ولاه إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أما بعد:
فلقد كان للقدماء من علماء العربية وعلماء الأداء القرآني بحوث في الأصوات اللغوية شهد المحدثون أنها جليلة القدر بالنسبة إلى عصورهم، وقد أرادوا بها ولاشك خدمة اللغة العربية والنطق العربي، ولا سيما في التنزيل القرآني. ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية واتصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحس ودقيقي الملاحظة فوصفوا لنا الصوت العربي وصفا مدهشا غير أن المتأخرين منهم قد اكتفوا بترديد كلمات المتقدمين وربما كان هذا نتيجة لعدم الفهم الدقيق لها. علما أنه قد أصاب بعض هذه الأصوات تطورا وهم لم يلحظوه ولم يفطنوا إليه، ووقفوا بهذا حيث وقف القدماء.
فلما كان العصر الحديث واستعان العلماء بالآلات الجديدة والتكنولوجيا الحديثة في دراسة الأصوات اللغوية توصلوا إلى أشياء جديدة تخالف أحيانا ماعهدناه في الدراسات الصوتية عند القدماء من علماء العربية وعلماء الأداء القرآني وتوافقه حينا آخر (1).
ولما رأينا الناشئين من القراء وغيرهم من طلاب جامعتنا يجدون بعض الغموض في كلام القدماء ويعسر عليهم فهمه عندما يختلف وصفهم عما يمارسونه اليوم حين يقرؤون التنزيل رأينا أن نقوم بهذه البحث الذي نقدمه لنيل الإجازة العالية بوصف الأصوات العربية بين علمي التجويد والأصوات لنقف على ماتتفق عليه آراؤهم مع النظريات الحديثة والنطق الحالي.
وقد عنونت البحث ب: (الوصف الصوتي بين علمي التجويد والأصوات) وجعلته في فصلين في كل فصل مباحث.
الفصل الأول: دراسة الصوت اللغوي.
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: تاريخ الدراسة الصوتية للغة العربية
المبحث الثاني: أهمية الدرس الصوتي
الفصل الثاني: السمات الصوتية ومعايير التصنيف
وتحته ثلاث مباحث:
المبحث الأول: السمات الصوتية ومعايير التصنيف في علم التجويد
المبحث الثاني: السمات الصوتية ومعايير التصنيف في علم الأصوات
المبحث الثالث: المسائل الخلافية
وبحثي هذا وإن كان الأول من نوعه في جامعتنا هذه، لا أدعي له الكمال في كل نواحيه، وإنما أعده مجهودا متواضعا أبغي به نشر طرف من الدراسات الصوتية للغة العربية بين من يعنون بالبحث اللغوي أو يرغبون في قراءة القرآن الكريم كما أنزله الله مرتلا. راجيا الله أن يجعله خالصا لوجهه وينفع به الطلاب والقراء.
[ line]
(1) الأصوات اللغوية /إبراهيم أنيس
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 May 2006, 06:48 ص]ـ
أخي الكريم حمدي وفقه الله ورعاه
قرأت مقدمة بحثك، وأشكرك على عنايتك بهذا الموضوع الدقيق في اللغة العربية، الذي يتصل باللغة العربية ابتداءً، وبتجويد القرآن الكريم على وجه الخصوص، ويتتبع جهود اللغويين وعلماء التجويد في وصف أصوات اللغة ومخارجها.
ولست أدري الدرجة العلمية التي تعنيها بهذا البحث، هل هو بحث للمرحلة الجامعية (البكالوريوس)، أم بحث لمرحلة الدراسات العليا. والذي يغلب على ظني أنه للمرحلة الجامعية (البكالوويوس)، وأعده بحثاً دقيقاً تشكر على اختياره، ويبقى عليك التأني في استعمال العبارات الوصفية الدقيقة في هذا البحث، لأنه بحث تؤثر فيه الفروقات الدقيقة في الألفاظ التي وصف بها العلماء الأصوات، واختلفت التعبيرات عند العلماء لاختلاف العصور، وتطور العلم.
وأختم بالدعوة إلى العناية بما حرره الدكتور الجليل غانم الحمد في رسالته للدكتوراه على وجه الخصوص (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد) وبقية بحوثه ودراساته حول موضوع الأصوات، فقد أضاف إضافات قيمة لا يستغني عنها الباحثون في هذا الباب، وكتبت بعده وقبله دراسات في علم الأصوات، لا أظنها تخفى عليكم ككتاب إبراهيم أنيس الذي نقلتم منه في المقدمة، وكتب الدكتور العلامة كمال بشر.
-- ملحوظات منهجية --:
1 - عند النقل من المصدر بالنص، ضع المنقول بين قوسين، واكتب في الحاشية رقم الصفحة.
2 - الخطة التي وضعتها هنا - فيما يبدو لي - غير مكتملة.
3 - ضرورة التمرس في كتابة البحث العلمي على يد أستاذ ماهر خبير حتى يتعلم الطالب، ويثمر البحث، ومراجعة الكتب والبحوث التي تناولت خطوات البحث العلمي، ووسائله، وكيفية الكتابة، وعلامات الترقيم، ففيها فوائد لا يستغني عنها الباحث.
وفقكم الله أخي الكريم حمدي، وقد وصلتني رسالتكم الكريمة على بريدي، وأسعدني ما فيها بارك الله فيكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدي باه]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين
وبعد:
فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن الشهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد استفدت كثيرا من ملحوظاتكم على المقدمة، وسآخذها بعين الاعتبار والعناية -إن شاء الله - في بقية البحث
ومن أجل مثل هذه التوجيهات والنصائح رغبت أن أنشر البحث على هذا الملتقى العلمي الجليل، حتى أستفيد من علوم الأساتذة الأجلاء وتوجيهاتهم.
فضيلة الدكتور، لقد وضعت هذه الخطة مع مشرفي [أ. مختار الجيلاني] وهي مكتملة حسب رأينا، لكن مع ذلك كله لا مانع من أن نستفيد من سماحتكم وأن نطلب اقتراحكم فيها.
أما كيفية كتابة البحث فإني بحاجة إلي بعض المراجع فيها لأننا في الجامعة الاسلامية بالنيجر لا ندرس منهج البحث. وعليه أرجوا من سماحتكم متابعة بقية البحث للاشراف عليه وتقويمه حتى يثمر،لأني بعد عرضه في الملتقى أود أن أجعله مذكرة يستفيد منها الطلبة في قارتنا (غرب إفريقيا) وخاصة دولة مالى، لأن الطلبة في مراحل الإعدادية والثانوية بحاجة ماسة إلي مثل هذه الأعمال في هذه الدولة التي أنا منها.
وأفيد سماحتكم أن البحث كتب لنيل الإجازة العالية (الميترز) من الجامعة المذكورة، وتم مناقشته على يد (د/علي يعقوب) يوم الثلاثاء/23/ 05/2006
وأخيرا أشكركم جزيل الشكر على قراءة هذه المقدمة والتعليق عليها سائلا الله عز وجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
طالبكم: حمدي باه
الجامعة الاسلامية بالنيجر
ـ[نور الدين العجماوي]ــــــــ[11 Jun 2008, 01:43 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم، و جزاك الله خيرا.
و عندي طلب إن كان بالإمكان أن تفيدونا بهذا البحث.
و بارك الله فيك.
ـ[حمدي باه]ــــــــ[28 Jun 2008, 06:22 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد بعد غياب طويل بسبب طلب لقمة العيش حيث رمى بنا القدر في لا اتصال فيها بالنت إرجع غلى الإخوة لأوفي بالوعد واستنير بالمشايخ في مسيرة العلمية الشاقة التي أواجهها.
أخي نور الدين العجماوي من الجزائر أشكرك جزيل على هذا الرد والشوق غلى البقي سوف لن يطول انتظارك إن شاء الله(/)
سؤال عن تفسير القرطبي.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[22 May 2006, 11:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
للمطلع على تفسير القرطبي، هل درس الجانب البلاغي في تفسيره؟
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[27 May 2006, 05:48 ص]ـ
قد استقصيت - جاهدًا - الدراسات التي أُجريت حول تفسير القرطبي، وقد بلغت مايقارب (34) دراسة - مابين رسائل علمية وبحوث أخرى - ولم أر من عناوينها ما يدل على التطرق للنواحي البلاغية في تفسيره، بل قد ألمح بعضهم إلى أن التعرض للمعاني البيانية في القرآن عند القرطبي أمرٌ نادر!.
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[27 May 2006, 05:52 ص]ـ
(استدراك)
في هذا الموقع: سؤال عن الجانب البلاغي في التفسير، وقد ورد أن من ضمن البحوث فيه، الرسالة العلمية التالية:
الاتجاه البياني في تفسير القرطبي الجامع لاحكام القرآن، محمد رضا حسن الحسن، ماجستير، بإشراف: د. مصطفى المشني، الجامعة الأردنية.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[28 May 2006, 08:59 ص]ـ
أشكرك أخي عبد الله بن عيدان الزهراني على هذا المجهود المبارك، لكن أحب منك أو من أحد الفضلاء الذين يقطنون قرب الجامعة التي كتبت فيها الرسالة أن يطلعني على فهرسها، فإني بأمس الحاجة إليه.
أخوك الصغير
أبو طلال العنزي
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 May 2006, 12:14 م]ـ
الأخ الفاضل عبد الله
هلاَّ أتحفتنا بما توصلت إليه من الدراسات عن القرطبي إن كان ذلك ممكنًا، فلقد صنع أبو الخطاب العوضي الدراسات عن الطبري، واجتمعت في هذا الملتقى دراسات متعددة عن الطبري، وكانت جمعًا متميزًا للدراسات عنه، ولو صنعت هذا لكان حسنًا، ليضيف الإخوة إليها ما يعلمون مما لم تصل إليه.
ـ[طالِب]ــــــــ[28 May 2006, 06:49 م]ـ
وأنا أضم صوتي لصوت شيخنا الكريم الدكتور / مساعد
فيا حبذا تتحفنا أخانا العزيز بما توصلت إليه من دراسات عن القرطبي
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[30 May 2006, 12:34 ص]ـ
ما زلت أنتظر إنسانا يساعدني في الحصول على فهرس الرسالة العلمية المعنونة:الاتجاه البياني في تفسير القرطبي الجامع لاحكام القرآن، محمد رضا حسن الحسن، ماجستير، بإشراف: د. مصطفى المشني، الجامعة الأردنية.
أرجو ألا يطول الانتظار
ـ[روضة]ــــــــ[31 May 2006, 06:58 م]ـ
أخي الكريم ... هذا هو فهرس رسالة الاتجاه البياني في تفسير الإمام القرطبي:
الفصل الأول: قضايا البيان القرآني
المبحث الأول: أهمية البيان في الدراسات القرآنية
المبحث الثاني: البيان والتفسير
المبحث الثالث: المدارس البلاغية في عصر القرطبي
المبحث الرابع: قضايا البلاغة القرآنية في تفسير القرطبي
المطلب الأول: مصادر القرطبي البلاغية
المطلب الثاني: المصطلحات البلاغية في تفسير القرطبي
المطلب الثالث: وجوه إعجاز القرآن عند الإمام القرطبي
المطلب الرابع: هل تبنى الأحكام على المجازات البلاغية؟
الفصل الثاني: الاتجاه البياني في تفسير القرطبي
المبحث الأول: التطبيقات البلاغية في تفسير القرطبي
المطلب الأول: تطبيقاته على علم المعاني
أولاً: التعريف والتنكير
ثانياً: التقديم والتأخير
ثالثاً: الحذف
رابعاً: الأمر
خامساً: الاستفهام
سادساً: الالتفات
سابعاً: الإظهار في موضع الإضمار
ثامناً: الإيجاز والإطناب
تاسعاً: القسم
المطلب الثاني: تطبيقاته على علم البيان
أولاً: الحقيقة
ثانياً: التشبيه
ثالثاً: المجاز
رابعاً: الاستعارة
خامساً: الكنابة والتعريض
المتغيرات الصرفية
المطلب الثالث: تطبيقاته على علم البديع
المبحث الثاني: القيمة العلمية للقضايا البلاغية في تفسير القرطبي
ويمكنكم الاستفادة من الرابط الموجود في توقيعي (أسفل المشاركة) بالدخول إلى مكتبة الجامعة الأردنية وإيجاد كتب ورسائل علمية تتحدث عن الإمام القرطبي رحمه الله أو أي موضوع آخر.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[31 May 2006, 09:33 م]ـ
شكرا لك
وبارك الله فيك
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[01 Jun 2006, 08:27 م]ـ
استجابةً لطلب الشيخ الدكتور/ مساعد الطيار، وفقه الله –والذي لانستطيع رفض طلبه، أقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ماتوصّلت إليه من الدراسات التي أجريت حول تفسير الإمام القرطبي رحمه الله تعالى، وهي تتراوح مابين رسالة علمية ومؤلف صغير، وربما يكون بعضها مقالًا لصاحبه، ولايصل إلى درجة البحث!، آملًا من الإخوة أن يضيفوا مالم أعلمه من الدراسات التي كتبت حول هذا الموضوع، وإن كان البعض يستطيع إخبارنا بأماكن وجود هذه الكتب والدراسات أو غيرها مما كُتِب حول هذا الإمام أو مؤلّفاته فليفعل، وشكرًا للجميع ..
1 - القرطبي المفسر الموسوعي.
حمد بن ناصر الدخيل.
2 - الإمام القرطبي: شيخ أئمة التفسير.
مشهور حسن محمود سلمان.
3 - القرطبي: حياته و آثاره العلمية و منهجه في التفسير.
مفتاح السنوسي بلعم.
4 - القرطبي مفسرًا.
علي سليمان العبيد.
5 - القرطبي و منهجه في التفسير.
القصبي محمود زلط.
6 - القرطبي ومنهجه في التفسير. (القرطبي المفسر سيرة ومنهج).
يوسف عبد الرحمن الفرت.
7 - القرطبي ومنهجه في التفسير.
مفتاح السنوسي أحمد بلعم.
8 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – دراسة وتحقيق وتخريج.
محمد يماني.
9 - تفسير القرطبي: تحقيق ودراسة في المصادر التفسيرية.
رشاد أحمد يوسف.
10 - منهج الإمام القرطبي في أصول الدين.
أحمد بن عثمان بن احمد المزيد.
11 - منهج الإمام أبي عبد الله القرطبي في استنباط الأحكام من خلال تفسيره الجامع لأحكام القرآن. حارث محمد سلامة العيسى.
12 - ترجيحات القرطبي في الحدود من خلال كتابه الجامع لأحكام القرآن.
سعدية بنت حامد بن جمعه المحياوي الجهني.
13 - اختيارات القرطبي في المعاوضات المالية من خلال تفسيره الجامع لاحكام القرآن: دراسة فقهية مقارنة.
فهد بن مهنا الأحمدي.؟
14 - اختيارات الإمام القرطبي الفقهية في فقه الأسرة.
عبد الله صالح سعد الطويل.
15 - اختيارات الإمام القرطبي الفقهية في العبادات –دراسة فقهية مقارنة-.
عايض مقبول حمود القرني.
16 - المسائل الأصولية في كتاب الجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله القرطبي ... :جمعًا ودراسة.
زين ولد أحمد.
17 - كشاف تحليلي للمسائل الفقهية في تفسير القرطبي.
إعداد / مشهور حسن سلمان، جمال عبدا للطيف الدسوقي.
18 - الدخيل في تفسير القرطبي.
- عبد الله نايل، - أحمد الشحات موسى.
19 - القضايا النحوية في تفسير القرطبي.
كاظم ابراهيم كاظم.
20 - القرطبي نحويًا من خلال تفسيره الجامع لأحكام القرآن.
فاطنة لمحرش.
21 - الدرس اللغوي في تفسير القرطبي: سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران.
علي زكريا علي الجوخي.
22 - الإعراب والاحتجاج للقراءات في تفسير القرطبي.
سيدي عبد القادر بن محمد محمود الطفيل.
23 - المعنى والإعراب في تفسير القرطبي.
محمد سعد محمد السيد.
24 - أثر المعنى في توجيه الشاهد النحوي في تفسير القرطبي.
عبد الله محمد فرج الله.
25 - القرطبي والتصوف.
مشهور حسن محمود.
26 - دراسة الجانب الحديثي في تفسير القرطبي.
حامد كاظم الجميلي.
27 - الشواهد الشعرية في تفسير القرطبي.
عبد العال سالم مكرم.
28 - الاتجاه الأدبي في تفسير القرطبي.
محمود جمعة أمين خليفة.
29 - مقدمة تفسير القرطبي.
محمد طلحة بلال.
30 - من أسرار الإعجاز في القرآن عند الإمام القرطبي.
عبد الفتاح محمد سلامة.
31 - من المفسرين في عصر الحروب الصليبية: القرطبي.
أحمد أحمد بدوي.
32 - الاشتقاق اللغوي من خلال كتاب الجامع لأحكام القرآن.
زينهم مرسي بدوي.
33 - الاتجاه البياني في تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، محمد رضا حسن الحسن، ماجستير، بإشراف: د. مصطفى المشني، الجامعة الأردنية.
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[12 Jun 2006, 05:13 م]ـ
إضافةً إلى ماسبق هنا بعض العناوين أيضًا حول تفسير القرطبي:
34 - اللهجات العربية في تفسير القرطبي أصواتًا ودلالةً.
عفاف عمر عبدالله العتيق.
35 - الاتجاه العقدي في تفسير القرطبي.
مالك رياض نصر.
36 - التفسير الفقهي عند القرطبي.
بوشعيب محمادي.
37 - مختار تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن.
توفيق الحكيم.
منتظرًا الإضافات ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[13 Aug 2009, 10:18 ص]ـ
11 - منهج الإمام أبي عبد الله القرطبي في استنباط الأحكام من خلال تفسيره الجامع لأحكام القرآن. حارث محمد سلامة العيسى.
برجاء حار، أن تذكروا لنا خطة هذا الباحث في بحثه كاملة.
للأهمية القصوى
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[14 Aug 2009, 01:50 م]ـ
للرفع، رفع الله قدركم.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[15 Aug 2009, 12:15 م]ـ
للرفع
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[16 Aug 2009, 03:23 م]ـ
للأهمية القصوى.
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[16 Aug 2009, 03:53 م]ـ
حارث محمد سلامة العيسى
منهج الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي في استنباط الأحكام من خلال تفسيره الجامع/ المفرق: جامعة آل البيت- كلية الآداب- 2000.- رسالة ماجستير.
وهذه الجامعة في الأردن
وإذا استطعت الاتصال بمن هو قريب من هذه الجامعة أو يستطيع الذهاب إليها عاجلا فسأوافيك بها على جناح السرعة
والله يتولانا جميعا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[16 Aug 2009, 06:23 م]ـ
السلام عليكم
تشاورت مع بعض الإخوة
وأحتاج إلى بضعة أيام فاصبر حفظك الله تعالى
والسلام عليكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 Aug 2009, 01:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا .... في الانتظار، لكن على أحر من الجمر
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[25 Aug 2009, 08:34 ص]ـ
للتذكير ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[31 Aug 2009, 02:56 م]ـ
11 - منهج الإمام أبي عبد الله القرطبي في استنباط الأحكام من خلال تفسيره الجامع لأحكام القرآن. حارث محمد سلامة العيسى.
برجاء حار، أن تذكروا لنا خطة هذا الباحث في بحثه كاملة.
للأهمية القصوى
للتذكير .....
ـ[عبد الله الجزائري]ــــــــ[04 Sep 2009, 04:22 ص]ـ
للأهمية
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[04 Sep 2009, 08:30 ص]ـ
الأخ الفاضل زكرياء توناني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منك أن تقبل عذري في التأخر عن الرد بسبب انشغالي ببرنامجي في الشهر الفضيل والذي بالكاد أستطيع معه أن أطالع الانترنت
الأخ الفاضل ذهبت إحدى الأخوات لجامعة آل البيت فوجدت المكتبة مغلقة - أعني مغلقة فترة الصيف - ولا أدري ما السبب هل هو بسبب الجرد السنوي للكتب أم بسبب عطلة الجامعات عندنا؟؟!!!!
وعلى كل حال سأحاول مرة أخرى مع شعوري بالتقصير في حقك
وأرجو أن يوفقني الله لخدمتك وخدمة أهل هذا الملتقى
ودمت بخير
ولأبقى على تذكر أفضل لموضوعك هذا هو بريدي الإلكتروني
ibr1979@hotmail.com
والسلام عليكم
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[07 Sep 2009, 07:42 ص]ـ
عذرا أخي
أخشى أننا لن نستطيع الحصول على طلبك في رمضان.
فأرجو منك أن تصبر إلى انتهاء رمضان وسيكون طلبك بين يديك في أسرع وقت
والسلام عليكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[21 Sep 2009, 10:07 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء.
وأنا على أحر من الجمر، وها هو رمضان قد انقضى ..
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[04 Oct 2009, 12:15 م]ـ
للرفع
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[05 Oct 2009, 06:22 م]ـ
تقبل الله طاعتكم
وسأبذل ما أستطيع من جهد وأبشر والسلام
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[11 Oct 2009, 10:49 م]ـ
السلام عليكم
أرجو أن ترسل لي البريد الإلكتروني الخاص بك لأرسل لك الخطة لأني أخشى أني لا أستطيع رفع صورة الخطة من خلال الملتقى لأني لم يسبق لي وأن قمت بمثل هذه العملية
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[13 Oct 2009, 09:36 م]ـ
الفاضل زكرياء توناني
السلام عليكم
للتذكير حفظك الله تعالى أرجو منك أن ترسل لي البريد الإلكتروني الخاص بك من أجل أن أرسل لك خطة الرسالة التي طلبتها
ولك مني جزيل الشكر على صبرك
والسلام عليكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[15 Oct 2009, 12:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل، وها أنا قد أدرجتُ بريدي الإلكتروني مع توقيعي.
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[15 Oct 2009, 06:08 م]ـ
الأخ الكريم
السلام عليكم
راجع البريد الإلكتروني الخاص بك
وتقبل تحياتي
ولا تتردد أنت ولا غيرك في أي طلب من الأردن
والسلام عليكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[16 Oct 2009, 12:22 م]ـ
الأخ الكريم
السلام عليكم
راجع البريد الإلكتروني الخاص بك
وتقبل تحياتي
ولا تتردد أنت ولا غيرك في أي طلب من الأردن
والسلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء وأجزل لكم المثوبة، وجميع من ساهم في العمل.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[17 Oct 2009, 10:37 ص]ـ
38 - الإمام القرطبي مفسراً د. الصادق عبد الرحمن الغرياني.(/)
دروس من القرآن الكريم (للتحميل)
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[23 May 2006, 12:26 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
هذه مجموعة دروس في تفسير القرآن الكريم للشيخ بشير بن حسن. اختار الشيخ فيها أن يبدأ بسورة الناس و جعل اسم السلسلة "دروس من القرآن الكريم"
نفعني الله وإياكم بها ونسأله جل شأنه أن يمن فيكمل هذا العمل الخير.
:: دروس من القرآن الكريم:: ( http://www.4shared.com/dir/428775/60a0dc13/Dourous.html)
ملاحظة: لم يتم وضع جميع الدروس والتحديث متواصل فيرجى معاودة الزيارة(/)
أقوال الإمامين ابن حجر والنووي- رحمهما الله- في التفسير .....
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 May 2006, 03:26 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه
أما بعد
يسرني أن أتوجه لإخواني ومشايخي الفضلاء بالسؤال عن أقوال الإمامين ابن حجر والنووي - رحمهما الله - في التفسير هل تم جمعها في رسائل علمية أم لا؟؟
وإن كانت جُمعت ففي أي جامعة؟؟
وإن لم تكن كذلك فهل يمكن الاستفادة منها في الرسائل العلمية؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,,
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2006, 03:35 م]ـ
كلاهما قد جمع تفسيره
فابن حجر في ثلاث رسائل ماجستير في كلية أصول الدين بالرياض
والثاني - النووي - في رسالة دكتوراه بعنوان: تفسير الإمام أبي زكريا يحي بن شرف الدين النووي ـ جمعاً ودراسة.
في الجامعة الإسلامية
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 May 2006, 03:52 م]ـ
أحسن الله إليك أبا مجاهد
وجزاك خير الجزاء وأتمه ..... آمين
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[24 May 2006, 12:05 م]ـ
هناك رسالة ماجستير قدمت في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية بعنوان الامام النووي وجهودة في التفسير للدكتور شحادة العمري منذ اكثر من خمسة عشر عاما واظن ان رسالته في الدكتوراة بعنوان جهود ابن حجر في التفسير من خلال فتح الباري والله اعلم(/)
هل يجوز قراءة الحديث كقراءة القرآن الكريم؟
ـ[سيف الدين]ــــــــ[23 May 2006, 08:10 م]ـ
يقوم بعض الاخوة في بعض الاذاعات بتجويد الحديث كتجويده للقرآن الكريم .. فما حكم ذلك؟
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 May 2006, 10:01 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد/
1 - لست أعني بما سأكتبه إلا من يثرِّب على الموجبين لتجويد القرآن, ثم لا يعتني بالقراءة, ويتفانى في تلحين متون العلم وتنغيمها ..
وبغض النظرعن مدى صلاحية حجة من يرى عدم وجوب تجويد القرآن الكريم إلا أن
من الطريف في هذا الموضوع أنك تجد أقواما ينكرون وجوب التجويد ويستنبطون ويستدلون وينافحون من أجل إقناع من هو أمامهم بذلك, وفي اآن ذاته تجدهم يجودون المتون الفقهية والأصولية وليس الحديث فقط ..
وهذا تناقض عجيب, ودليل عليهم يلزمهم بما ينفونه من وجوب التجويد, فإذا كان هذا التلحين والتنغيم الذي يأتي في غير محله زينة وحلية, فكتاب الله أولى بها-على فرض عدم وجود ما يوجب ذلك من نصوص الوحييين الطاهرين - وإن لم تكن زينة وحلية ما الداعي لها وهل للقوم فيها سلفٌ؟؟ ...
ـ[سيف الدين]ــــــــ[23 May 2006, 10:21 م]ـ
الاخ محمود الشنقيطي, بارك الله فيك ...
حقيقة الامر انه لا يوجد عندي حكم مسبق على ما سألت عنه, رغم انني أميل الى ما ذهبت اليه, ولكن هناك عدة ايات اثارت انتباهي وانا استمع الى من يجوّد الحديث الشريف كتجويده للقرآن الكريم ومنها قوله تعالى:
{ورتّل القرآن ترتيلا} فالاية ذكرت القرآن ولم تذكر الحديث, و (كأن) ذلك تخصيص للقرآن بطريقة قراءة معيّنة ...(/)
فوائد وقواعد وضوابط وكليات من كتاب أحكام القرآن لابن العربي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2006, 07:34 ص]ـ
يعد كتاب أحكام القرآن للقاضي ابن العربي من أجود كتب أحكام القرآن، وفيه من الفوائد والدرر الشيء الكثير.
وقد رأيت أن أنتخب منه ما يسّر الله تعالى من الفوائد والقواعد والضوابط والكليات مع التعليق على بعضها بما يفتح الله به.
وهذا أوان الشروع في المقصود:
• قال في معرض بيانه لقرآنية البسملة: (وَوَدِدْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ لَهُ فَفِيهَا إشْكَالٌ عَظِيمٌ.) قلت: هذا كلام فيه مبالغة وهو دليل على تحامله على الشافعي.
• وفي بيان عدد آيات سورة الفاتحة قال: (لَا خِلَافَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعُ آيَاتٍ، فَإِذَا عَدَدْتَ فِيهَا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيَةً اطَّرَدَ الْعَدَدُ، وَإِذَا أَسْقَطْتهَا تَبَيَّنَ تَفْصِيلُ الْعَدَدِ فِيهَا.قُلْنَا: إنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَدَدِ فِي قَوْلِهِ: {أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ} هَلْ هُوَ خَاتِمَةُ آيَةٍ أَوْ نِصْفُ آيَةٍ؟ وَيُرَكَّبُ هَذَا الْخِلَافُ فِي عَدِّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} خَاتِمَةُ آيَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ مُسْتَوْفًى. فَإِنْ قِيلَ: فَلَيْسَ بِمُقَفًّى عَلَى نَحْوِ الْآيَاتِ [قَبْلَهُ] قُلْنَا: هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ فِي تَعْدَادِ الْآيِ، وَاعْتَبِرْهُ بِجَمِيعِ سُوَرِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ تَجِدْهُ صَحِيحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قُلْنَا.)
• (لَيْسَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهَا إلَّا حَدِيثَانِ .. ) وذكرهما. وفي هذا نظر؛ فقد صح في فضلها أكثر من ذلك.
يتبع إن شاء الله ويسّر
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[25 May 2006, 10:22 ص]ـ
الأخ أبا مُجاهد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وددت أن تشفع رأيك بالنصوص.
أمّا أن يقول رأياً وتقول أنت رأياً مُجرّداً فهذا أقلّ ما يقال فيه أنه لا داعي له.
وتحامُلُ ابن العربيّ قد عرفناه من كلامِه على ابن حزم رحمه الله فقد
أبعد النّجعة ولم يفهم الرجل.
لكنّ في هذه المسألة التي تعرضها وأمثالها
وددت أن تكشف أو تحاول أن تكشف لنا مقاصد ابن العربي وإلى ماذا يُلمح
من خلال عرضك لأقوال الشافعيّ نفسه ولو اكتفيت بمختصر المزني لاكتفينا
جزاك الله خيراً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2006, 01:16 م]ـ
الأخ الكريم الدكتور: عبدالرحمن الصالح
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك على تعليقك ونصحك
وقصدي من هذا الموضوع: العرض لا الدراسة؛ لأن الأمر سيطول
وأما كون هذا العرض المختصر مما لا داعي له؛ فهذا أمر نسبي، فقد يكون له داعي عند آخرين.
وتقبل تحيتي وشكري.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2006, 10:15 م]ـ
قال في أول تفسيره لسورة البقرة: (وَلَيْسَ فِي فَضْلِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إلَّا مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ شَيْطَانٌ} خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ.)
أقول: هذا الحصر ليس بصحيح؛ بل قد صح في فضلها أحاديث أخرى مذكورة في كتب فضائل السور.
وبهذه المناسبة أنبه نفسي وجميع الباحثين وطلبة العلم على أهمية التحري في إصدار الأحكام وعلى تجنب استعمال مثل هذه الصيغ التي لا يصح أن تصدر إلا ممن أحاط علماً بالمسألة التي يبينها.
ولو قال في هذه هذا الحال: "ليس في فضلها حديث صحيح إلا حديث واحد فيما أعلم " لقبل ذلك.
ومن الكليات التي نص عليها: ما ذكره عند بيانه للمراد بالصلاة في قول الله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} (لبقرة:3)، حيث قال: (وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ عَرَبِيٍّ يَرِدُ مَوْرِدَ التَّكْلِيفِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُجْمَلٌ مَوْقُوفٌ بَيَانُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَحْدُودًا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ اشْتِرَاكٌ؛ فَإِنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ اشْتِرَاكٌ، وَاسْتَأْثَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ بَيَانِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى مُجْمَلِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ، وَلَوْ فَرَضْنَا عَدَمَهُ لَارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ، وَذَلِكَ تَحَقَّقَ فِي مَوْضِعِهِ.)
أقول: لعل مراد ابن العربي بكلامه هذا أن ما كان في القرآن من آيات الحلال والحرام والأحكام فمرجع بيانها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو ما ذكره ابن جرير الطبري بقوله: (فقد تبين ببيان الله جلّ ذكره أنّ مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم، ما لا يُوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمره -واجبه ونَدْبِه وإرْشاده-، وصنوفِ نَهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعضَ خَلْقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه، التي لم يُدرَك علمُها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمَّته. وهذا وجهٌ لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويلَه، بنصٍّ منه عليه، أو بدلالة قد نصَبها، دالَّةٍ أمَّتَه على تأويله.) [تفسير ابن جرير 1/ 74 بتحقيق شاكر].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[26 May 2006, 05:24 ص]ـ
أخي أبا مجاهد حفظكم الله تعالى:
السلام عليكم
تجدون بيان مقصد ابن العربي في مقدمة بداية المجتهد لابن رشد بإذن الله
وفقكم الله تعالى
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[26 May 2006, 07:37 ص]ـ
في ضوء كلام ابن العربيّ:
1 - بدا لي أن ابن العربيّ يتحدّثُ عن اللفظ المفرد وليس عن التركيب، فقوله:
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ عَرَبِيٍّ يَرِدُ مَوْرِدَ التَّكْلِيفِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُجْمَلٌ مَوْقُوفٌ بَيَانُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَحْدُودًا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ اشْتِرَاكٌ؛ فَإِنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ اشْتِرَاكٌ، وَاسْتَأْثَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ بَيَانِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى مُجْمَلِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ، وَلَوْ فَرَضْنَا عَدَمَهُ لَارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ، وَذَلِكَ تَحَقَّقَ فِي مَوْضِعِهِ
يفصله ويبينه قول ابن رشد عن اللفظ أيضاً:
والأعيان التي يتعلق بها الحكم إما أن يدل عليها بلفظ يدل على معنى واحد فقط، وهو الذي يعرف في صناعة أصول الفقه بالنص، ولا خلاف في وجوب العمل به، وإما أن يدل عليها بلفظ يدل على أكثر من معنى واحد، وهذا قسمان: إما أن تكون دلالته على تلك المعاني بالسواء، وهو الذي يعرف في أصول الفقه بالـ (مجمل)، ولا خلاف في أنه لا يوجب حكما، وإما أن تكون دلالته على بعض تلك المعاني أكثر من بعض، وهذا يسمى بالإضافة إلى المعاني التي دلالته عليها أكثر (ظاهر) ًا، ويسمى بالإضافة إلى المعاني التي دلالته عليها أقل (محتملـ) ـًا، وإذا ورد مطلقا حمل على تلك المعاني التي هو أظهر فيها حتى يقوم الدليل على حمله على المحتمل -مقدمة بداية المجتهد لابن رشد-الصفحة الثانية
2 - فمثال المجمل لفظ (القُرء)، (لامستم)،وماذا بعد؟
أتمنى على الإخوة مشاركتنا في إيراد ألفاظ من هذا القبيل شاكرين لهم المشاركة.
3 - هذا .. وأودّ التنويه إلى أنّ قوله: وَلَوْ فَرَضْنَا عَدَمَهُ لَارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ بِهِ"" كلام أتمنى على المتخصصين في أصول الفقه أن يوردوا لنا نصوصاً من علماء القرن الثاني أو الثالث تؤصِّل هذا القول. أو تلقي عليه ضوءا.
4 - وأيضاً أخبر الأخ العبيدي والمطّلعين عن معنى (وَذَلِكَ تَحَقَّقَ فِي مَوْضِعِهِ)
فإني لم أفهم معنى العبارة، شكر الله لمن أورد النص ولمن ساهم في تفهيمي إياه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2006, 06:24 ص]ـ
الذي ظهر لي في معنى قول ابن العربي: (وَذَلِكَ تَحَقَّقَ فِي مَوْضِعِهِ) هو أنه قد حقق هذه المسألة وبينها في موضع آخر. أو أن موضع بيانها هو كتب الأصول.
ومن استدراكات ابن العربي المتعلقة بالاستنباط: استدراكه على من استدل بقوله تعالى: ?هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ? (البقرة: من الآية29) على أن الأصل في الأشياء الإباحة؛ فقد رد هذا الاستدلال ولم يرتضه.
قال رحمه الله: (قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}. لَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْآيَةُ مَخْبُوءَةً تَحْتَ أَسْتَارِ الْمَعْرِفَةِ حَتَّى هَتَكَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِفَضْلِهِ لَنَا، وَقَدْ تَعَلَّقَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِهَا فِي أَنَّ أَصْلَ الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ، إلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ بِالْحَظْرِ، وَاغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَتَابَعَهُمْ عَلَيْهِ. وَقَدْ حَقَّقْنَاهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِمَا الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلِ: أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا عَلَى الْحَظْرِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ. الثَّانِي: أَنَّهَا كُلُّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلُ الْحَظْرِ. الثَّالِثِ: أَنْ لَا حُكْمَ لَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الدَّلِيلُ بِأَيِّ حُكْمٍ اُقْتُضِيَ فِيهَا. وَاَلَّذِي يَقُولُ بِأَنَّ أَصْلَهَا إبَاحَةٌ أَوْ حَظْرٌ اخْتَلَفَ مَنْزَعُهُ فِي دَلِيلِ ذَلِكَ؛
(يُتْبَعُ)
(/)
فَبَعْضُهُمْ تَعَلَّقَ فِيهِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَعَلَّقَ بِالشَّرْعِ. وَاَلَّذِي يَقُولُ: إنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الشَّرْعُ قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْإِبَاحَةِ قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} فَهَذَا سِيَاقُ الْقَوْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَى الْآيَةِ. فَأَمَّا سَائِرُ الْأَقْسَامِ الْمُقَدَّمَةِ فَقَدْ أَوْضَحْنَاهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْعَقْلِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لِلشَّرْعِ؛ وَلَكِنْ لَيْسَ لِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْإِبَاحَةِ وَدَلِيلِهَا مَدْخَلٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُحَصِّلٌ. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي مَعْرِضِ الدَّلَالَةِ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَتَصْرِيفِ الْمَخْلُوقَاتِ بِمُقْتَضَى التَّقْدِيرِ وَالْإِتْقَانِ بِالْعِلْمِ وَجَرَيَانِهَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِحُكْمِ الْإِرَادَةِ. وَعَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكُفَّارَ عَلَى جَهَالَتِهِمْ بِهَا، فَقَالَ: {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِاَلَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}. فَخَلْقُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَرْضَ، وَإِرْسَاؤُهَا بِالْجِبَالِ، وَوَضْعُ الْبَرَكَةِ فِيهَا، وَتَقْدِيرُ الْأَقْوَاتِ بِأَنْوَاعِ الثَّمَرَاتِ وَأَصْنَافِ النَّبَاتِ إنَّمَا كَانَ لِبَنِي آدَمَ؛ تَقْدِمَةً لِمَصَالِحِهِمْ، وَأُهْبَةً لِسَدِّ مَفَاقِرِهِمْ، فَكَانَ قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} مُقَابَلَةَ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْقُدْرَةِ الْمُهَيِّئَةِ لَهَا لِلْمَنْفَعَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ لِحَاجَةِ الْخَلْقِ؛ وَالْبَارِئُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْهُ مُتَفَضِّلٌ بِهِ. وَلَيْسَ فِي الْإِخْبَارِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ عَنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَا يَقْتَضِي حُكْمَ الْإِبَاحَةِ، وَلَا جَوَازَ التَّصَرُّفِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ أُبِيحَ جَمِيعُهُ جَمِيعَهُمْ جُمْلَةً مَنْثُورَةَ النِّظَامِ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى قَطْعِ الْوَصَائِلِ وَالْأَرْحَامِ، وَالتَّهَارُشِ فِي الْحُطَامِ. وَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ طَرِيقَ الْمِلْكِ، وَشَرَحَ لَهُمْ مَوْرِدَ الِاخْتِصَاصِ، وَقَدْ اقْتَتَلُوا وَتَهَارَشُوا وَتَقَاطَعُوا؛ فَكَيْفَ لَوْ شَمَلَهُمْ التَّسَلُّطُ وَعَمَّهُمْ الِاسْتِرْسَالُ؛ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ إذَا سَمِعُوا هَذَا النِّدَاءَ أَنْ يَخِرُّوا سُجَّدًا؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْحُرْمَةِ لِحَقِّ مَا ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ، ثُمَّ يَتَوَكَّفُوا بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالَ وَجْهِ الِاخْتِصَاصِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ. وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ الْخَلْقِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ لِتَفْهِيمِ الْحَقِّ مَا قَالَ حَكِيمٌ لِبَنِيهِ: قَدْ أَعْدَدْت لَكُمْ مَا عِنْدِي مِنْ كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَمَتَاعٍ وَعَرَضٍ وَقَرْضٍ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِتَسْلِيطِهِمْ عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءُوا حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ اخْتِصَاصِهِمْ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ} يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ، فَلَا يَصِلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَيْهِ إلَّا بِتِبْيَانِ حَظِّهِ مِنْهُ وَتَعْيِينِ اخْتِصَاصِهِ بِهِ.)
وقد حرّر ابن عاشور هذه المسألة عند تفسيره لهذه الآية فقال: (أخذوا من قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} أن أصل استعمال الأشياء فيما يراد له من أنواع الاستعمال هو الإباحة حتى يدل دليل على عدمها لأنه جعل ما في الأرض مخلوقاً لأجلنا وامتن بذلك علينا وبذلك قال الإمام الرازي والبيضاوي وصاحب «الكشاف» ونسب إلى المعتزلة وجماعة من الشافعية والحنفية منهم الكرخي ونسب إلى الشافعي. وذهب المالكية وجمهور الحنفية والمعتزلة في نقل ابن عرفة إلى أن الأصل في الأشياء الوقف ولم يروا الآية دليلاً قال ابن العربي في «أحكامه»: «إنما ذكر الله تعالى هذه الآية في معرض الدلالة والتنبيه على طريق العلم والقدرة وتصريف المخلوقات بمقتضى التقدير والإتقان بالعلم» الخ.
والحق أن الآية مجملة قصد منها التنبيه على قدرة الخالق بخلق ما في الأرض وأنه خلق لأجلنا إلا أن خلقه لأجلنا لا يستلزم إباحة استعماله في كل ما يقصد منه بل خلق لنا في الجملة، على أن الامتنان يصدق إذا كان لكل من الناس بعض مما في العالم بمعنى أن الآية ذكرت أن المجموع للمجموع لا كل واحد لكل واحد كما أشار إليه البيضاوي لا سيما وقد خاطب الله بها قوماً كافرين منكراً عليهم كفرهم فكيف يعلمون إباحة أو منعاً، وإنما محل الموعظة هو ما خلقه الله من الأشياء التي لم يزل الناس ينتفعون بها من وجوه متعددة.)
والمسألة تحتاج إلى مزيد بحث وتحرير. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:36 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:15 م]ـ
قال رحمه الله في ذكره لأحكام هذه الآية: (وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ: إنَّ هَذَا الذَّمَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَبْدِيلَ الْأَقْوَالِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ. وَهَذَا الْإِطْلَاقُ فِيهِ نَظَرٌ؛ وَسَبِيلُ التَّحْقِيقِ فِيهِ أَنْ نَقُولَ: إنَّ الْأَقْوَالَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي الشَّرِيعَةِ لَا يَخْلُو أَنْ يَقَعَ التَّعَبُّدُ بِلَفْظِهَا، أَوْ يَقَعَ التَّعَبُّدُ بِمَعْنَاهَا، فَإِنْ كَانَ التَّعَبُّدُ وَقَعَ بِلَفْظِهَا فَلَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهَا. وَإِنْ وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِمَعْنَاهَا جَازَ تَبْدِيلُهَا بِمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَلَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهَا بِمَا يَخْرُجُ عَنْهُ، وَلَكِنْ لَا تَبْدِيلَ إلَّا بِاجْتِهَادٍ ... )
ثم قال: (وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَعْنَى نَقْلُ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ إذَا أَدَّى مَعْنَاهُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ؛ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ جَوَازُهُ؛ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَنْقُلُهُ بِلَفْظِهِ؛ حَسْبُكُمْ الْمَعْنَى. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَأَذْكُرُ لَكُمْ فِيهِ فَصْلًا بَدِيعًا؛ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا يَكُونُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَمِنْهُمْ، وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَبْدِيلُ اللَّفْظِ بِالْمَعْنَى، وَإِنْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَعْنَى؛ فَإِنَّا لَوْ جَوَّزْنَاهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ مِنْ الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ؛ إذْ كُلُّ أَحَدٍ إلَى زَمَانِنَا هَذَا قَدْ بَدَّلَ مَا نَقَلَ، وَجَعَلَ الْحَرْفَ بَدَلَ الْحَرْفِ فِيمَا رَوَاهُ؛ فَيَكُونُ خُرُوجًا مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْجُمْلَةِ. وَالصَّحَابَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ أَمْرَانِ عَظِيمَانِ: أَحَدُهُمَا: الْفَصَاحَةُ وَالْبَلَاغَةُ؛ إذْ جِبِلَّتُهُمْ عَرَبِيَّةٌ، وَلُغَتُهُمْ سَلِيقَةٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ شَاهَدُوا قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلَهُ، فَأَفَادَتْهُمْ الْمُشَاهَدَةُ عَقْلَ الْمَعْنَى جُمْلَةً، وَاسْتِيفَاءَ الْمَقْصِدِ كُلِّهِ؛ وَلَيْسَ مَنْ أَخْبَرَ كَمَنْ عَايَنَ. أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَذَا، وَلَا يَذْكُرُونَ لَفْظَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ خَبَرًا صَحِيحًا وَنَقْلًا لَازِمًا؛ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِيبَ فِيهِ مُنْصِفٌ لِبَيَانِهِ.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:32 ص]ـ
قال الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ}
ذكر ابن العربي رحمه الله خمس مسائل حول هذه الآية، ومنها:
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ: كَثُرَ اسْتِرْسَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ}. وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ الْحَدِيثُ عَنْهُمْ بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَقِصَصِهِمْ لَا بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْعَدَالَةِ وَالثُّبُوتِ إلَى مُنْتَهَى الْخَبَرِ، وَمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ قَوْمِهِ؛ فَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. وَإِذَا أَخْبَرُوا عَنْ شَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْ قَوْلُهُ؛ فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ {عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أُمْسِكُ مُصْحَفًا قَدْ تَشَرَّمَتْ حَوَاشِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْت: جُزْءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ؛ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إلَّا اتِّبَاعِي}.)
ومنها:
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَخْبَرَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ حُكْمٍ جَرَى فِي زَمَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ يَلْزَمُنَا حُكْمُهُ أَمْ لَا؟: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، وَ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ هَلْ هُوَ شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يَثْبُتَ نَسْخُهُ أَمْ لَا؟ فِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ .. )
وقد ذكر الأقوال الخمسة ثم قال:
(وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ الصَّحِيحَ الْقَوْلُ بِلُزُومِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا لَنَا مِمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمْ دُونَ مَا وَصَلَ إلَيْنَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِفَسَادِ الطُّرُقِ إلَيْهِمْ؛ وَهَذَا هُوَ صَرِيحُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أُصُولِهِ كُلِّهَا، وَسَتَرَاهَا مَوْرُودَةً بِالتَّبْيِينِ حَيْثُ تَصَفَّحْت الْمَسَائِلَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَوْ غَيْرِهِ.
وَنُكْتَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا عَنْ قَصَصِ النَّبِيِّينَ، فَمَا كَانَ مِنْ آيَاتِ الِازْدِجَارِ وَذِكْرِ الِاعْتِبَارِ فَفَائِدَتُهُ الْوَعْظُ،، وَمَا كَانَ مِنْ آيَاتِ الْأَحْكَامِ فَالْمُرَادُ بِهِ الِامْتِثَالُ لَهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ} فَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ، وَبِهَذَا يَقَعُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ الْجُوَيْنِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ نَبِيَّنَا لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا بَاحَثَهُمْ عَنْ حُكْمٍ، وَلَا اسْتَفْهَمَهُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لِفَسَادِ مَا عِنْدَهُمْ. أَمَّا الَّذِي نَزَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْمَلَكُ فَهُوَ الْحَقُّ الْمُفِيدُ لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرُهُ.)
قلت: مسألة "شرع من قبلنا" معروفة، ومن أحسن من قرأته في تحريرها ما ذكره الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان بقوله: (وحاصل تحرير المقام في مسألة «شرع من قبلنا» أن لها واسطة وطرفين، طرف يكون فيه شرعاً لنا إجماعاً، وهو ما ثبت بشرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، ثم بين لنا في شرعنا أنه شرع لنا، كالقصاص، فإنه ثَبت بشرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس} [المائدة: 45] الآية، وبين لنا في شرعنا أنه مشروع لنا في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتل} [البقرة: 178]، وطرف يكون فيه غير شرعٍ لنا إجماعاً وهو أمران:
أحدهما: ما لم يثبت بشرعنا أصلاً أنه كان شرعاً لمن قبلنا، كالمتلقي من الإسرائيليات، لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن تصديقهم، وتكذيبهم فيها، وما نهانا صلى الله عليه وسلم عن تصديقه لا يكون مشروعاً لنا إجماعاً.
والثاني: ما ثبتَ في شرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، وبين لنا في شرعنا أنه غير مشروع لنا كالآصار، والأغلال التي كانت على من قبلنا، لأنَّ الله وضعها هنا، كما قال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأغلال التي كَانَتْ عَلَيْهِم} [الأعراف: 157] وقد ثبت في صحيح مسلم: «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِن قَبْلِنَا} [البقرة: 286] أن الله قال: نعم قد فعلت».
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن تلك الآصار التي وضعها الله عنا، على لسان نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ما وقع لعبدة العجل، حيث لم تقبل توبتهم إلا بتقديم أنفسهم للقتل، كما قال تعالى: {فتوبوا إلى بَارِئِكُمْ فاقتلوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم} [البقرة: 54].
والواسطة هي محل الخلاف بين العلماء، وهي ما ثبت بشرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، ولمن يبيِّن لنا في شرعنا أنه مشروع لنا، ولا غير مشروع لنا، وهو الذي قدمنا أن التحقيق كونه شرعاً لنا، وهو مذهب الجمهور .. )
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 May 2010, 12:27 م]ـ
قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
قال الإمام ابن العربي في إحدى مسائل هذه الآية: (فِيمَنْ نَزَلَتْ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بُخْتُ نَصَّرَ. الثَّانِي: أَنَّهُمْ مَانِعُو بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ النَّصَارَى اتَّخَذُوهُ كِظَامَةً. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ كُلُّ مَسْجِدٍ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ فَتَخْصِيصُهُ بِبَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ مُحَالٌ، فَإِنْ كَانَ فَأَمْثَلُهَا الثَّالِثَ.)
تعليق: سبق نقاش هذه المسألة في هذا الموضوع: ترجيح المعني بقوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) بين ابن جرير وابن كثير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=4364#post4364)
وقال رحمه الله في المسألة الثانية: (فَائِدَةُ الْآيَةِ: فَائِدَةُ هَذِهِ الْآيَةِ تَعْظِيمُ أَمْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ وَأَعْظَمَهَا أَجْرًا كَانَ مَنْعُهَا أَعْظَمَ إثْمًا، وَإِخْرَابُ الْمَسَاجِدِ تَعْطِيلٌ لَهَا وَقَطْعٌ بِالْمُسْلِمِينَ فِي إظْهَارِ شَعَائِرِهِمْ وَتَأْلِيفِ كَلِمَتِهِمْ.)
تعليق: وهذه فائدة جليلة.
تتمة: وهناك فائدة دقيقة ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض العلماء، وهي: (تحريم التحجر؛ وهو أن يضع شيئاً في الصف، فيمنع غيره من الصلاة فيه، ويخرج من المسجد؛ قالوا: لأن هذا منع المكان الذي تحجره بالمسجد أن يذكر فيه اسم الله؛ لأن هذا المكان أحق الناس به أسبق الناس إليه؛ وهذا قد منع من هو أحق بالمكان منه أن يذكر فيه اسم الله؛ وهذا مأخذ قوي.)(/)
سؤال حول البيان والإجمال
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[24 May 2006, 03:28 م]ـ
السلام عليكم أيها الإخوة الكرام لدي سؤال حول البيان و الإجمال بحثت في بعض كتب الأصول فلم أعثر عليه و هو: متى يحمل المجمل على المبين أبحث عن القاعدة التي تحكم هذا الأمر مثل القاعدة التي تحكم حمل المطلق عى المقيد و هو عند اتحاد السبب و الحكم ...
أفيدوني جزاكم الله عني خير الجزاء(/)
مناقشة رسالة دكتوراه عن (ترجيحات الرازي في تفسيره في ضوء قواعد الترجيح بالنص القرآني)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2006, 11:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نوقشت هذه الليلة - ليلة الخميس 27/ 4/1427هـ - رسالة الدكتوراه المعنونة بـ:
ترجيحات الرازي في تفسيره في ضوء قواعد الترجيح بالنص القرآني
التي تقدم بها الأخ الكريم عبدالله بن عبدالرحمن الرومي - وهو شقيق شيخنا الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي - إلى قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض. والشيخ عبدالله محاضر بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض.
وتكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من:
1 - أ. د.زيد بن عمر عبدالله العيص - الأستاذ بكلية التربية بجامعة الملك سعود - مشرفاً.
2 - أ. د. محمد بن عبدالرحمن الشايع - الأستاذ بكلية أصول الدين بالرياض - عضواً.
3 - أ. د.علي بن سليمان العبيد - وكيل الرئيس العام لشؤون الحرمين لشؤون المسجد النبوي والأستاذ بكلية أصول الدين سابقاً - عضواً.
4 - أ. د.عبدالرحمن المطرودي - جامعة الملك سعود - عضواً.
5 - د. عادل بن علي الشدي - الأستاذ المشارك بكلية التربية بجامعة الملك سعود - عضواً.
وقد أوصت اللجنة بمنح الباحثَ درجة الدكتوراه، متمنية له التوفيق والسداد.
ونحن نبارك لأخينا الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الرومي ولأستاذنا الدكتور فهد الرومي، ونسأل الله لهم التوفيق والسداد دائماً، فهم بيتُ علمٍ، وفَضلٍ، ودين. زادهم الله رفعة في الدارين.
ـ[الراية]ــــــــ[26 May 2006, 10:44 ص]ـ
ماشاء الله
مبروك للشيخ عبد الله الدكتوراه
لكن لماذا أعضاء لجنة المناقشة 5؟
المعهود انهم 3
المشرف
واثنين مناقشين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 May 2006, 11:14 ص]ـ
الأخ الكريم الراية: حياك الله وبياك.
في العادة أن الرسالة إذا كان لها تعلق بتخصص آخر يكون لها مشرف مساعد، ثم يكون لها مناقش من تخصص المشرف المساعد، فيصبح العدد خمسة. غير أني لم ألاحظ هذا في موضوع هذه الرسالة، فسألت الدكتور فهد الرومي هذا السؤال، فأخبرني أن هذا نظام جامعة الملك سعود. ولعل الزملاء الفضلاء في جامعة الملك سعود يبينون لنا هذا النظام.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[26 May 2006, 05:45 م]ـ
مبارك, ونسأل الله له التوفيق والسداد.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 May 2006, 08:19 م]ـ
بارك الله لأخي وزميلي في قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض عبدالله بن عبدالرحمن الرومي هذه الدرجة العلمية، وأتمنى له التوفيق والسداد في مشواره العلمي المقبل.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[29 May 2006, 11:45 ص]ـ
أبارك لشيخي الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي ولأخيه الدكتورعبدالله بهذه الدرجة العلمية والله أسال ان ينفع بهما. كما أرجو من الدكتور عبد الله أن يحرص على طباعة رسالته ليستفيد منها أهل الاختصاص والعلم.
ـ[الجكني]ــــــــ[29 May 2006, 12:00 م]ـ
أدعو الله عز وجل أن يبارك للدكتور عبد الله هذه الدرجة العلمية وأن يواصل المسيرة، ولن أغفل عن أن أبارك أيضاً لأخيه العالم الجليل المتواضع الأستاذ الدكتور فهد الرومى،والله يحفظ الجميع0
د/السالم محمد محمود (الجكني)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[29 May 2006, 03:18 م]ـ
بارك الله لأخينا ورفيقنا الشيخ /عبد الله الرومي على هذه الدرجة العلمية وجعلها الله عونا له على ما يرضيه, ويضوع مسك التهنئة وعبيرها ليصل لفضيلة شيخنا الدكتور/فهد الرومي أطال الله عمره على ما يرضيه
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[31 May 2006, 03:33 ص]ـ
مبارك ونسأل الله التوفيق والسداد http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=12166
ـ[الياسمين]ــــــــ[07 Jun 2006, 12:26 ص]ـ
تقبل الله منكم ومبارك الدكتوراة.(/)
مشاركة في قوله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل) الآية ..
ـ[ابو حيان]ــــــــ[25 May 2006, 04:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)
كنت إذا قرأت كلام كبير المفسرين ابن جريرثم كلام ابن كثير في هذه الآية أخرج بصورة غير واضحة عن الآية وخصوصا عن تحديد دعوى اليهود التي يزعمون أنهم صادقون فيها
يقول ابن جرير رحمه الله:
يعني بذلك جلّ ثناؤه: أنه لم يكن حرّم على بني إسرائيل ـ وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ـ شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل التوراة, بل كان ذلك كله لهم حلالاً, إلا ما كان يعقوب حرّمه على نفسه, فإن ولده حرّموه استنانا بأبيهم يعقوب, من غير تحريم الله ذلك عليهم في وحي ولا تنزيل ولا على لسان رسول له إليهم من قبل نزول التوراة.
ثم اختلف أهل التأويل في تحريم ذلك عليهم, هل نزل في التوراة أم لا؟
فقال بعضهم: لما أنزل الله عزّ وجلّ التوراة, حرّم عليهم من ذلك ما كانوا يحرّمونه قبل نزولها ...
ثم ذكر الآثار في الآية ثم قال:
فتأويل الاَية على هذا القول: كل الطعام كان حلاّ لبني إسرائيل, إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن الله حرّم عليهم من ذلك ما كان إسرائيل حرّمه على نفسه في التوراة, ببغيهم على أنفسهم, وظلمهم لها. قل يا محمد: فأتوا أيها اليهود إن أنكرتم ذلك بالتوراة, فاتلوها إن كنتم صادقين أن الله لم يحرم ذلك عليكم في التوارة, وأنكم إنما تحرّمونه لتحريم إسرائيل إياه على نفسه
ثم قال:
وقال آخرون: ما كان شيء من ذلك عليهم حراما, لا حرّمه الله عليهم في التوراة, وإنما هو شيء حرّموه على أنفسهم اتباعا لأبيهم, ثم أضافوا تحريمه إلى الله. فكذبهم الله عز وجل في إضافتهم ذلك إليه, فقال الله عزّ وجلّ لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: إن كنتم صادقين, فأتوا بالتوراة فاتلوها, حتى ننظر هل ذلك فيها, أم لا؟ ليتبين كذبهم لمن يجهل أمرهم ... وذكر الآثار في هذا القول
ثم قال:
وقال آخرون تأويل ذلك: كل الطعام كان حِلاّ لبني إسرائيل, إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن ذلك حرام على ولده بتحريم إسرائيل إياه على ولده, من غير أن يكون الله حرّمه على إسرائيل ولا على ولده.
ثم رجح فقال:
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب, قول من قال: معنى ذلك: كل الطعام كان حلاّ لبني إسرائيل من قبل أن تنزل التوارة, إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من غير تحريم الله ذلك عليه, فإن كان حراما عليهم بتحريم أبيهم إسرائيل ذلك عليهم, من غير أن يحرّمه الله عليهم في تنزيل ولا بوحي قبل التوراة, حتى نزلت التوراة, فحرم الله عليهم فيها ما شاء, وأحلّ لهم فيها ما أحبّ
هذا كلامه رحمة الله تعالى عليه
وويتبين منه أن دعوى اليهود التي طولبوا بإتيان التوراة لإثباتها هي -على قول- أن التحريم لم ينزل في التوراة وإنما هم حرموه على أنفسهم استنانا بأبيهم
أو- على القول الآخر- أن التحريم نزل في التوراة فكذبهم الله في إضافة التحريم إليه في التوراة وألزمهم أن يأتوا بها حتى يثبتوا ذلك فهم حرموا حلالا عليهم ونسبوا التحريم إلى الله
أما ابن كثير رحمه الله فكلامه على الآية كلام عام على طريقة ذكر المعنى الإجمالي للآية فإنه يرجع الآية إلى مسألة النسخ وأن الآية تلزم اليهود إلزاما يبطل ما يعتقدونه من أن النسخ غير ممكن في الشريعة وفي حق الله عز وجل
يقول رحمه الله:
المناسبة الثانية - أي للآية مع ما قبلها-: لما تقدم بيان الرد على النصارى, واعتقادهم الباطل في المسيح وتبيين زيف ما ذهبوا إليه وظهور الحق واليقين في أمر عيسى وأمه, كيف خلقه الله بقدرته ومشيئته وبعثه إلى بني إسرائيل يدعو إلى عبادة ربه تبارك وتعالى, شرع في الرد على اليهود قبحهم الله تعالى وبيان أن النسخ الذي أنكروا وقوعه وجوازه قد وقع, فإن الله تعالى قد نص في كتابهم التوراة أن نوحاً عليه السلام لما خرج من السفينة, أباح الله له جميع دواب الأرض يأكل منها, ثم بعد هذا حرم إسرائيل على نفسه لحمان الإبل وألبانها فاتبعه بنوه في ذلك, وجاءت التوراة بتحريم ذلك,
(يُتْبَعُ)
(/)
وأشياء أخرى زيادة على ذلك, وكان الله عز وجل قد أذن لاَدم في تزويج بناته من بنيه, وقد حرم ذلك بعد ذلك , وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام, وقد فعله إبراهيم في هاجر لما تسرى بها على سارة, وقد حرم مثل هذا في التوراة عليهم, وكذلك كان الجمع بين الأختين سائغاً, وقد فعله يعقوب عليه السلام جمع بين الأختين, ثم حرم عليهم ذلك في التوراة, وهذا كله منصوص عليه في التوراة عندهم, وهذا هو النسخ بعينه, فكذلك فليكن ما شرعه الله للمسيح عليه السلام, في إحلاله بعض ما حرم في التوراة, فما بالهم لم يتبعوه؟ بل كذبوه وخالفوه؟ وكذلك ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الدين القويم, والصراط المستقيم, وملة أبيه إبراهيم, فما بالهم لا يؤمنون؟ ولهذا قال تعالى: {كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة} أي كان حلاً لهم, جميع الأطعمة قبل نزول التوراة إلا ما حرمه إسرائيل, ثم قال تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} فإنها ناطقة بما قلناه {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون} أي فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً, وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعو إلى الله بالبراهين والحجج بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرناه {فأولئك هم الظالمون} ثم قال تعالى: {قل صدق الله} أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن, {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية, وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم, كما قال تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} وقال تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}.
ثم وجدت في تفسير ابن جزيء وابن عاشور تفسيرا أوضح مما سبق وملخص ما ذكروه فيها أن يقال في تفسير الآية:
انتم أيها اليهود تزعمون أنكم على ملة إبراهيم وان جميع ما تفعلونه هو من ملة إبراهيم عليه السلام وأن التوراة لم تنسخ شيئا وأن ما فيها من التحليل والتحريم كان موجودا على عهد إبراهيم فأنزل الله هذه الآية لبين لهم أن هذا غير صحيح فإن الطعام كان حلالا كله ثم حرم يعقوب على نفسه لحوم الإبل وألبانها ثم نزلت التوراة بتحريم أشياء أخرى فثبت أن جميع ما تحلونه وتحرمونه ليس كله كان موجودا على عهد إبراهيم وأن النسخ الذي لا تؤمنون به قد جاءت به التوراة التي تزعمون أنكم مؤمنون بها
وهذا التفسير يؤيده أن اليهود كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم كما قال الله تعالى (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده) ويؤيد أيضا ما ذكره ابن الجوزي في زاد المسير أن سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا على ملة إبراهيم» فقالت اليهود: كيف و أنت تأكل لحوم الإبل؟ وتشرب ألبانها؟ فقال: «كان ذلك حلا لإبراهيم». فقالوا كل شيء نحرمه نحن، فانه كان محرما على نوح و إبراهيم حتى انتهى إلينا. فنزلت هذه الآية تكذيبا لهم. (وإن كان الأثر عن تابعي)
وعلى هذا القول تتضح الآية سواء قلنا ان التوراة جاءت بتحريم ما حرم إسرائيل على نفسه او لم تأت
يوضحه نص كلام ابن عاشور رحمه الله حيث قال:
هذا يرتبط بالآي السابقة في قوله تعالى "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا" وما بينهما اعتراضات وانتقالات في فنون الخطاب.
وهذه حجة جزئية بعد الحجج الأصلية على أن دين اليهودية ليس من الحنيفية في شيء، فإن الحنيفية لم يكن ما حرم من الطعام بنص التوراة محرما فيها، ولذلك كان بنوا إسرائيل قبل التوراة على شريعة إبراهيم، فلم يكن محرما عليهم ما حرم من الطعام إلا طعاما حرمه يعقوب على نفسه. والحجة ظاهرة ويدل لهذا الارتباط قوله في آخرها "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا".
هذا ما تبين لي أرجو من المشايخ الكرام الإفادة(/)
بعض أبحاث الدكتور عبد السلام المجيدي حفظه الله
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[25 May 2006, 09:49 م]ـ
السلام عليكم:وكما وعدتكم بتحميل أبحاث لشيخنا الدكتور:عبد السلام المجيدي.
1ـ مراجعات في الجمع الثماني للقرآن المجيد.
2ـ لجنة نسخ المصاحف العثمانية.
3ـ سيرة ذاتية لشيخنا ـ حفظ الله ـ.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 May 2006, 11:06 م]ـ
جزاكم الله خيراًَ وليت الدكتور عبدالسلام يشاركنا في الملتقى وفقه الله.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[26 May 2006, 11:24 م]ـ
وقريباً ان شاء الله سنضع رسالته للماجستير ـ حفظه الله ـ.(/)
رأيكم هام قبل إخراج رواية ورش بهذا النسق
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[26 May 2006, 06:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا من أحبهم في الله تعالى ولم أراهم أدعوكم لبيان عور هذا النموذج وأتقبل اقتراحاتكم التي من شأنها الرفعة بكتابة المصاحف:
تفضلوا هذا النموذج وقولوا آرائكم وأنا لكم من الشاكرين
رحم الله تعالى من أهدى إلي عيوبي (أثر - أو حكمة)
حيث أوشكت على الانتهاء من كتابة هذا المصحف الشريف على نفس نسق مصحف الجزائر وشرطي أن تكون بدايات ونهايات الأسطر متطابقة مع هذا المصحف حيث اعتاد مطالعته الكبير والصغير. (اللون الأحمر لفروق رواية حفص لكن النص سيتم طباعته باللون الأسود) أنا في انتظار آرائكم بشدة http://up.w6wup.com/up2/2006/05/26/w6w_200605260046507ed0393d.JPG(/)
استفسار حول التفاسير البيانية!
ـ[ابومالك]ــــــــ[26 May 2006, 01:38 م]ـ
أساتذتي الكرام: السلام عليكم , أود لوتفيدونني بالارشاد الى كتاب في تفسير القران يركز على الجوانب الادبية واللمسات البيانية ويفضل ان يكون التفسير معاصرا (طبعا غير الظلال لسيد قطب رحمه الله)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[26 May 2006, 01:56 م]ـ
لبنت الشاطئ كتابان: التفسير البياني للقرآن، والإعجاز البياني للقرآن. كلاهما من إصدار دار المعارف بمصر. ولأحمد (أبوزيد) كتاب التناسب البياني في القرآن،من منشورات كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط. وللدكتور فاضل صالح السامرائي عدة كتب في هذا المجال منها: بلاغة الكلمة في التعبير القرآني، من إصدار دار عمار بالأردن. ولا أذكر الآن كتابا شاملا، هذا غير تفاسير الأولين في هذا الباب والله يرعاك.
ـ[ابومالك]ــــــــ[26 May 2006, 08:43 م]ـ
بارك الله فيك أخي منصور وزادك الله علما وهدى.(/)
أيصح أن نجعل اختيار مفسر ترجيحا؟ وهل نعتبر سرد جملة من الأقوال ترجيحا؟
ـ[طالِب]ــــــــ[26 May 2006, 02:45 م]ـ
شيوخنا الكرام:
عندما أجد مفسر فسر آية بتفسير معين وعند الرجوع لمفسر آخر أجد أنه فسر الآية بتفسيرين أو أكثر هل أعتبر تفسير الأول ترجيحا أم اختيارا؟ وهل هناك فرق كما أعلم بين الترجيح والاختيار؟
ثم عندما أرى مفسرا سرد أقوالا جمة دون تصريح منه بترجيح شيئ منها هل يعتبر ذلك داخل في الترجيحات؟
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[26 May 2006, 05:54 م]ـ
حياك الله, وإليك هذا الرابط فلعلك تجد فيه غايتك:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4887&highlight=%DF%ED%DD+%C3%C8%CF%C3
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 May 2006, 08:24 م]ـ
لعل في هذا الرابط إجابة على سؤالك، فقد طُرح هذا الموضوع من قبل
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3885&highlight=%E6%C7%E1%C7%CE%CA%ED%C7%D1(/)
مرحباً بكم
ـ[الدكتور محمد المديفر]ــــــــ[26 May 2006, 08:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم على هذا الموقع المتميز , وستجدون مني مشاركات تسركم إن شاء الله , وبالله التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 May 2006, 08:58 م]ـ
مرحباً بالدكتور الفاضل محمد المديفر - الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم - في ملتقى أهل التفسير، ونحن سعداء بانضمامه إلى الملتقى، وفقه الله وبارك فيه، وإِنَّا بوعدك مُغتبطون، وله منتظرون.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 May 2006, 09:08 م]ـ
حياك الله دكتور محمد, وأتحفنا بالمفيد.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 May 2006, 09:57 م]ـ
حياكم الله يا دكتور محمد
وسعداء بانضمامكم إلى الملتقى
ومنتظرون لبشارتكم بشركم الله بما تحبون في الدنيا والآخرة.
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[27 May 2006, 04:47 ص]ـ
نحمد الله على انضمام شيخنا د/ محمد المديفر وأسأل الله أن يبارك بوقته ويتحفنا بكتاباته وبحوثه فكم استفدنا منه الشيء الكثير في القسم ..
وفقكم الله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 May 2006, 07:52 ص]ـ
حياك الله أبا جعفر في ملتقى أهل التفسير.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[27 May 2006, 09:12 ص]ـ
مرحباً بالشيخ الدكتورمحمد المديفر ونحن ننتظر بشوق إلى مشاركاته النافعة بإذن الله.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 May 2006, 11:01 ص]ـ
مرحباً بالشيخ بين إخوانه , ونحن ننتظر مشاركاته.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 May 2006, 04:36 م]ـ
أهلا بالشيخ محمد.
نرجوا الله ان يكون وجودك بركة على المنتدى وأهله
ـ[أبو ياسر]ــــــــ[27 May 2006, 07:27 م]ـ
مرحبا بالشيخ د. محمد المديفر، وإن شاء الله نكون على يد واحدة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jun 2006, 11:46 م]ـ
في انتظار ما وعدتنا به شيخنا الكريم
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[13 Jun 2006, 03:41 ص]ـ
حياك الله يادكتور محمد
سعداء بانضمامك لملتقى أهل التفسير(/)
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ "
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[26 May 2006, 10:32 م]ـ
السلام عليكم
يقول الله تعالى في سورة المطففين:"كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى? قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ " ...
كلا هي للردع، والزجر او حرف ردع وزجر كما قال سيبوية وتأتي بمعنى (حقًا) وخاصة أذا كانت في بداية الكلام لتأكيد ما بعدها، فتكون في موضع المصدر، ويكون موضعها نصباً على المصدر، والعامل محذوف، أي أحقّ ذلك حقاً.
ورَانَ يَرِين رِن رَيْناً ورُيُونا ً [رين]:- الشيْءُ فلانًا وعليه وبه: غلب عليه, والمعنى: ان الذي حملهم على قولهم بأن القرآن أساطير الأوّلين هو غلبت عليهم حب المعاصي بالانهماك فيها حتى صار ذلك صَدَأً ودَنَسًا على قلوبهم فعَمَّى عليهم معرفة الحقِّ من الباطل.
ثم كرّر سبحانه وتعالى الردع، والزجر فقال: " كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ " ... واليكم اقوال المفسرين لهذه الآية:
قال مقاتل: يعني: أنهم بعد العرض والحساب لا ينظرون إليه نظر المؤمنين إلى ربهم.
قال الحسين بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته.
قال الزجاج: في هذه الآية دليل على أنّ الله عزّ وجلّ يرى في القيامة، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة. وقال جلّ ثناؤه:
" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى? رَبّهَا نَاظِرَةٌ " [القيامة: 22، 23] فأعلم جلّ ثناؤه أن المؤمنين ينظرون، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه. وقيل: هو تمثيل لإهانتهم بإهانة من يحجب عن الدخول على الملوك.
وقال إبن عطية في تفسيره:"والضمير في قوله: "إنهم عن ربهم " هو للكفار، قال بالرؤية وهو قول أهل السنة، قال إن هؤلاء لا يرون ربهم فهم محجوبون عنه، واحتج بهذه الآية مالك بن أنس عن مسألة الرؤية من جهة دليل الخطاب وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصص، وقال الشافعي: لما حجب قوم بالسخط دل على أن قوماً يرونه بالرضى".
وفال إبن عادل:"قال أكثر المفسرين: محجوبون عن رؤيته، وهذا يدل على أن المؤمنين يرون ربهم - سبحانه وتعالى - ولولا ذلك لم يكن للتخصيص فائدة.
وأيضاً فإنه - تعالى - ذكر هذا الحجاب في معرض الوعيد، والتهديد للكفار، وما يكون وعيداً وتهديداً للكفَّار لا يجوز حصوله للمؤمنين، وأجاب المعتزلة عن هذا بوجوه:
أحدها: قال الجبائي: المراد أنهم محجوبون عن رحمة ربهم أي: ممنوعون كما تحجب الأم بالإخوة من الثُّلث إلى السُّدس، ومن ذلك يقال لمن منع من الدخول: حاجب.
وثانيها: قال أبو مسلم: " لمحجوبون " غير مقربِّين، والحجاب: الرَّدُ، وهو ضد القبول، فالمعنى: أنهم غير مقبولين عند الرؤية، فإنه يقال: حُجِبَ عن الأمير، وإن كان قد رآه عن بعدٍ، بل يجب أن يحمل على المنع من رحمته.
قال الزمخشريُّ: كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم؛ لأنه لا يرد على الملوك إلا المكرَّمين لديهم، ولا يُحجب عنهم إلا المبانون عنهم.
وقال إبن عاشور:"جملة: " إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون " وما عطف عليها ابتدائية وقد اشتملت الجملة ومعطوفاها على أنواع ثلاثة من الويل وهي الإهانة، والعذاب، والتقريع مع التأييس من الخلاص من العذاب.
فأما الإهانة فحجْبُهم عن ربهم، والحجب هو الستر، ويستعمل في المنع من الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم، قال الشاعر الذي لم يسمّ وهو من شواهد «الكشاف»:إذا اعتروا باب ذي عُبِّيَّه رجِبوا والناسُ من بين مَرجوب ومَحْجوب
وكلا المعنيين مراد هنا لأن المكذبين بيوم الدين لا يرون الله يوم القيامة حين يراه أهل الإيمان.
ويوضح هذا المعنى قوله في حكاية أحوال الأبرار:" على الأرائك ينظرون ".
ومن هذا يتضح ان معنى (محجوبون) ممنوعون عن رؤيته سبحانه وتعالى وذلك لما يلي:
1.إثبات الحجب عن الله للكفار تنفي الحجب عن المؤمنين ... والمؤمن بطبيعة الحال غير محجوب عن الله بمعنى رحمته وهذا يؤكد ان القصد هو إثبات رؤية الله.
2.بما ان الحجب إهانة للكافر ونفيه عن المؤمن تشريف له ,وهذا التشريف في الفردوس هو شرف رؤية الله سبحانه وتعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
3.ومن قول الزمخشري:"لأنه لا يرد على الملوك إلا المكرَّمين لديهم، ولا يُحجب عنهم إلا المبانون عنهم",فإن معنى الورود اي الإتيان وهذا لا يتأتى إلا برؤية بعضهم البعض ... أي ان المؤمن يرى الله كما ان الله عز وجل يرى المؤمن. والله اعلم
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[27 May 2006, 09:13 ص]ـ
حصلَ سوءُ تفاهمٍ متبادَل بين المختلفين في المسألة. وأساسُ سوء التفاهم قد وقع فيه بعض المعتزلة غفر الله لهم حين قاسوا عالم الغيب والآخرة على عالم الشهادة والدنيا. وما ينبغي لهم وما يستطيعون.
فقد أحسوّا -محقين- أنّ الرؤية لا تقع إلا على الألوان (وهذه حقيقة عرفها العلم منذ القرن السادس قبل الميلاد)، وأنّ الرؤية تحتاج إلى مسافةٍ نسبيةٍ بين عين الرائي والشيء المرئي.
ولما كان شغل المعتزلة الشاغل هو (تنزيه) الله تعالى، قالوا إن إثبات الرؤية بهذه العين الباصرة يقتضي أن يكون الله -تنزّهَ وتعالى- ملوَّناً بلون أو ألوان معينة، وكيف والألوان أعراض؟! هذه واحدة. والأخرى أنّ وجود المسافة بين عين الرائي والشيء المرئي يقتضي حداّ للشيء، فنحن لا نرى من هو خلفنا ولا ما دخل في أعيننا ولم يبق للبصر مسافة!!
وإلى هذا الحدّ هم محقون كما ترى.
لكنّ ما جانفوا فيه الصواب أنهم ردّوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت النقل في أننا -جماعة المؤمنين سنرى ربنا كما نرى القمر ليلة البدر لا نضامُّ في رؤيته، بحجة أنّ هذا الحديث يضادُّ معروفاً من العقل بالضرورة.
وهذا الأمر كان منهجاً لهم فالحديث يمكن ردُّه بحجة أنه آحاد لم تنقله الكافة عن الكافة، ولذلك كانوا يتجرءون على ردِّه، خلافاً لأهل الورع والتقوى من أهل الحديث والسنة وأتباعهم. الذين صدر عنهم مثل قول أحمد بن حنبل رضي الله عنه:"من ردّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة" وقول ابن قتيبة:"وفي مخالفة الرواية وحشة .. ". لكن لعدم إمكانية ردّ الآيات القرآنية قاموا بتأويلها، وقسروا دلالة اللفظ على الأضعف والأقل من معانيه مفردةً فكيف مركبةً. فقالوا في معنى (ناظرة) أنها منتظرة. وقالوا في معنى إلى ربها ناظرة أن إلى هنا هي مفرد آلاء على قول الأصمعي كمعى وأمعاء فيكون معنى الآية: نِعمة ربها منتظرة!!
وهذا ضعيف في اللغة ومخالف لعادة القرآن في الخطاب، وقد فهم أهل الحديث والسنة منذ ذلك الحين أن مراد الشرع أخصُّ من مراد اللغة. وأن الحكم للظاهر وليس للمحتمل إلا بقرينة، وهيهات القرائن هنا إلا بقياس عالم الغيب على عالم الشهادة، وهو أمر لا يستقيم.
ونحن مُتأكدون أنّ هذا القول ليس لكلِّ المعتزلة فهم على أحسن تعاريفهم:"مجموعة من المثقفين المسلمين اتفقوا على خمسة أصول أساسها تنزيه الله تعالى عن الظلم (العدل) وإن تطرَّف فيه بعضهم ليصل إلى قياس علم الله على عقله المحدود فيتجرّأ على إنكار شمول علمه تعالى للمستقبل لأنه على حدّ زعمه يفضي إلى الإجبار وينافي العدل وتنزيهه تعالى عن الظلم. والتوحيد الذي يتجلى في أن الله تجريد سميع بسمع هو ذاته ... وهي قضية دخلت عليهم من مبدأ الكليات في اللغة ونظرية المُثل الأفلاطونية .. والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
لكنّ قضية رؤية الباري تعالى قد حلّ الخلاف بشأنها فيما بعد ابن حزم الأندلسي رحمه الله تعالى حيث رأى أن حجج المعتزلة معقولة وأن خطأهم ليس في إعلان أن الرؤية مستحيلة في الدنيا بل بقول من قال منهم إنها مستحيلة في الآخرة أيضاً. فقال: ونحن لا نقول إننا سنرى ربنا بهذه العين التي لا تبصر الا الألوان وتحتاج مسافة بين الرائي والمرئيّ، بل برؤيةٍ يركبها الله تعالى فينا مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالتأكيد أننا لو قلنا للمعتزلة هذا القول لما أنكروه ولقالوا إنما ننكر الرؤية بهذه العين فهي مستحيلة. وهكذا حلَّ ابن حزم الإشكال ولكن متأخراً، ولم يكن عند الناس نت ولا منتديات ليتفاهموا مثلنا، فظل الصراع قائماً في المسألة. لأن المنتمي الى تراث السنة لم يكن يقرأ إلا حجج قومه وغضبهم على رادّي الحديث، والمنتمي إلى التراثات التي سطت على إرث المعتزلة القديم كالزيدية والإباضية من الأمة، وكالروافض الإمامية من خارج الأمة -ظلوا يقرءون حُجج قومهم وانتصارهم للعقل المحسوس واتهامهم مخالفيهم بضعف العقل وتصديق الروايات التي تخالفه.
فرحم الله أبا محمد ابن حزمٍ رحمةً واسعة، وهدانا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأبعدنا عن الظلم ورزقنا الإنصاف مع الناس.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[13 Aug 2010, 08:34 م]ـ
ولما كان شغل المعتزلة الشاغل هو (تنزيه) الله تعالى، قالوا إن إثبات الرؤية بهذه العين الباصرة يقتضي أن يكون الله -تنزّهَ وتعالى- ملوَّناً بلون أو ألوان معينة، وكيف والألوان أعراض؟! هذه واحدة. والأخرى أنّ وجود المسافة بين عين الرائي والشيء المرئي يقتضي حداّ للشيء، فنحن لا نرى من هو خلفنا ولا ما دخل في أعيننا ولم يبق للبصر مسافة!!
وإلى هذا الحدّ هم محقون كما ترى .. [/ align]
بارك الله فيكم ..
لي على كلامكم تعقبات.
الأول (وهو الأهم): أنَّ ما بناه المعتزلة على نفي الرؤية على هذين الأمرين ليسوا محقِّين فيه، بل هم مخطئون.
فليست المشكلة في المسألة هو ردُّهم لحديث رسول الله صل1 بل لقياسهم الله وصفاته على المخلوق، ثم نفيهم ذلك بشبهة خوف التشبيه.
فمسألة العَرَض والحَدِّ تكلَّم عليهما أحد السُّنَّة والحديث، وبيَّنوا بطلان مذهب المخالفين فيهما.
وتصوير أن خلافنا مع المعتزلة هو مجرد ردِّهم الحديث تهوين للمسألة في نظري، والاعتذار لهم بكلام ابن حزمٍ موافقة لهم في أصليهم الباطلين.
وكذا ما ذكرته عن ابن حزم فهو جواب ضعيفٌ مبنيٌّ على التسليم لهم في بناءٍ غلطٍ من الأساس، وهو مسألة أن الله إذا رُؤِي فلا بد من وصفه بالألوان، والألوان أعراض، والأعراض مخلوقة، فالله مخلوق .. وهذا التتابع في تسلسل الخطأ لا نقرُّ به أصلاً.
وإنكار المعتزلة للرؤية بأنَّه يلزم منها الجهة، والجهة على الله ممتنعة =قولٌ باطل أيضًا لا نسلَّم لهم فيه ...
وللحديث ذيول تراها في ردود أهل السُّنَّة على أسس أهل البدع في إنكارهم الرؤية.(/)
سؤال عن إعجاز القرآن في كتب مصطفى صادق الرافعي
ـ[سعاد]ــــــــ[27 May 2006, 02:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد امام الخلق أجمعين وعلى من والاه من خير صحبه الطيبين الطاهرين:
أمابعد: تحية طيبة أزفها الى اخوتي في الدين أعضاء هذا الملتقى المبارك،والساهرين على استمرار درب العلم النافع أيدهم الله بتوفيقه.
انما هي رسالة أرجو تمريرها الى من له القدرة على مد يد العون لي،اذ اني طالبة دراسات عليا بالجزائر تخصص دراسات قرآنية وموضوع بحثي هو الاعجاز القرآني عند مصطفى صادق الرافعي وعلى ضوء ذلك أنا بحاجة ماسة الى كل:كتاب أو مقال أو رسالة أكاديمية تتعلق بالاعجاز عند المتقدمين والمتأخرين وخاصة عند الرافعي_للتحميل او غيره_ وقد قرأت معلومة في الملتقى لا أدري مدى صحتها وهي المقال الذي أفادنا به العضو المكننى ب: اللاجىء الفلسطيني، تلك التي تتعلق بوجود مخطوطات تتعلق بالرافعي لدى حفيدة الرافعي فاي معلومات جديدة اخرى مفصلةأكثر ستكون نعم العون لموضوع بحثي.
ملاحظة:اريد ايضا أن توفروا لي بعض الاتصالات والاستشارات بأساتذة أو دكاترة مختصين في الدراسات القرآنية.
والسلام خير ختام عطر لخير المجالس
ـ[معروفي]ــــــــ[27 May 2006, 10:56 م]ـ
تستطيع الأخت السائلة أن تدخل لمحركات البحث، مثل قوقل أو غيره، و كتابة كلمات من بحثها
و ستحصل على كمّ هائل من الفوائد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[27 May 2006, 11:05 م]ـ
هناك كتاب/ رسائل الرافعي, لأبي رية. احتوى إشارات مفيدة في هذا الجانب وغيره من مؤلفاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 May 2006, 11:19 م]ـ
وهناك كتاب متميز بعنوان (إعجاز القرآن في دراسات الرافعي)، وهوكتاب قيم، طبع عام 1400هـ.
ـ[سعاد]ــــــــ[08 Nov 2006, 07:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله الخير كله على اهتمامكم الكريم ولكن اعلمك انه للاسف بحثت عن الكتاب في بلدي ولم أجده
أفيدوني ولكم من الله جزاءا كريما ان كان على شكل متاب للتحميل اونسخ أستطيع ابتياعها ان لم تكن باهظة الثمن
ودمتم في رعاية الله وحفظه
ـ[عصام البشير]ــــــــ[14 Nov 2006, 04:39 م]ـ
المجلد الثاني من (تاريخ آداب العرب) للرافعي كله عن الإعجاز القرآني.
فلا بد من قراءته واستخراج منهج الرافعي منه.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[26 Dec 2006, 03:24 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا الرابط عليه رساائل الأديب الإسلامي مصطفى صادق الرافعي رحمه الله
http://www.almaknaz.com/show.php?cat=23&book=5
وجزى الله من دلنا عليه.
قال صادق الرافعي: " ألا ليت المنابر الإسلامية لا يخطب عليها إلا من يحمل قوة المدافع، لا من يحمل ألواحا من خشب."
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[29 Dec 2006, 08:05 ص]ـ
هذا درس لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ عن إعجاز القرآن فيه استعراض لأقوال العلماء والترجيح بينها .. فيه عرض مسألة الإعجاز بأسلوب واضح يسير الاستيعاب
انظر الرفقات
ـ[سعاد]ــــــــ[07 Mar 2007, 02:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من معلومات عن مخطوط الرافعي او اي مجلة تحدثت عن المخطوط
انا باشد الحاجة الماسة الى لكتاب الذي ذكره السيد المشرف العام والذي عنوانه الاعجاز في دراسات الرافعي وجزاكم الله عن طلبة اللم كل خير.
ـ[ underash86] ــــــــ[08 Mar 2007, 08:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بعض الاشياء الخاصة بمصطفى صادق الرافعى
رابط كتاب (من وحى القلم)
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=19&book=275
رابط كتاب (تاريخ آداب العرب)
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=19&book=28
ممكن مراجعة هذه الروابط
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/mashaheer-jul-2000/mashaheer-9.asp
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/mashaheer-jul-2000/mashaheer-9-a.asp
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/mashaheer-jul-2000/mashaheer-9-b.asp
و ايضا يتم بيع كتب الرافعى على هذا الموقع https://www.adabwafan.com يتم البحث بكلمة الرافعى وسوف تظهر كل الكتب المعروضة للبيع له(/)
إعجاز القرآن الكريم في بلاغته
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[27 May 2006, 05:12 م]ـ
السلام عليكم لا يخفى على الجميع أن القرآن الكريم معجز، وأن الله تحدى به الثقلين أن يأتوا بمثله، ولا يخفى - أيضا- أن سبب إعجازه ومرده هو بلاغته وفصاحته وتلك حقيقة علمية مقررة، ولذا فسأكتب في هذا المنتدى كثيرا من المشاركات المتعلقة بهذا الجانب، وأتمنى من القائمين على هذا المنتدى تخصيص حقل خاص ببلاغة القرآن وفصاحته،
كما أن ثمة ملحوظة على بعض المتخصصين في علوم القرآن، أرجو أن تتسع صدورهم لتقبلها، وهي: أن جزءا قليلا منهم تجهله كثير من الأساسيات والأبجديات المتعلقة باللغة العربية، كما قد تخفى عليه كثير من أساليب اللغة وأدواتها، ودلالاتها في بناء المعنى، وأثرها في السياق الذي وردت فيه، ولايخفى أن لهذا الأمر أثرا سلبيا في فهم المعنى القرآني، فضلا عن الأثر السلبي أو الناقص في المادة العلمية التي يقدمها لطلابه، والله من وراء القصد
ـ[البلاغية]ــــــــ[27 May 2006, 06:58 م]ـ
رااااائع أخي أبويزيد
اتمنى من المشرفين قبول إقتراحك
فإعجاز القرآن الكريم بلفظه من أهم وجوه إعجازه إذا لم يكن أهمها على الإطلاق، لأنه
يتعلق بالقرآن ذاته في بنيته اللغوية التي لا ينفك عنها
ومن ثم كان هذا الوجه البلاغي أول ما تناوله العلماء بالبحث، وكان قدرا مشتركا بينهم في
الحديث عن الإعجاز، كما أفردوه بالتنصيف مثل الباقلاني في (إعجاز القرآن) والجرجاني
في دلائل الإعجاز، والرافعي في (إعجاز القرآن) والشيخ محمد عبد الله دراز في (النبأ
العظيم) أو جعلوه أكثر الأوجه بيانا إذا تكلموا فيه مع غيره، ولهذا أيضا كان حقيقا بالبدء به
وجعله في صدارة وجوه الإعجاز.
بوركت على هذه الخطوة
انتظر مشاركاتك في هذا الجانب بكل شوق
دمت بكل ود
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[27 May 2006, 10:03 م]ـ
أوافقك الرأي أخي أبا يزيد في جعل قسم خاص ببلاغة القرآن وإعجازه، وفي انتظار ما لديك من جديد
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[27 May 2006, 10:19 م]ـ
السلام عليكم لا يخفى على الجميع أن القرآن الكريم معجز، وأن الله تحدى به الثقلين أن يأتوا بمثله، ولا يخفى - أيضا- أن سبب إعجازه ومرده هو بلاغته وفصاحته وتلك حقيقة علمية مقررة
فقط!!!!
لست مرتاحاً لـ: إعجازه ومرده هو بلاغته وفصاحته وتلك حقيقة علمية مقرر
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[27 May 2006, 11:29 م]ـ
السلام عليكم
أخي أبا يزيد، هذا الرابط يتعلق بنفس الموضوع
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4894
ودمت سالماً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 May 2006, 11:47 م]ـ
أشكر أخي العزيز د. عبدالعزيز العمار على هذه المبادرة الكريمة منه وفقه الله، ولعلنا في مرحلة قادمة متقدمة نخصص قسماً مختصاً بما تفضلتم به وماوعدتمونا به إن شاء الله بعد مشورتكم جميعاً في هذا، والموقع لنا جميعاً وتوجيهاتكم لها قيمة عالية رعاكم الله وبارك فيكم جميعاً.(/)
ما الفرق بين السفر والضرب في الارض؟
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 May 2006, 12:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لاحظت اخواني في الله ان الله تعالى لم يستعمل في كتابه الكريم العظيم الصيغة الفعلية من " السفر " فلم نجد أبدا (سافر , سافرتم , يسافر) ولكن نجد ان الله تعالى يقول على سبيل المثال: (وإذا ضربتم في الأرض , يضربون في الأرض , يخرج من بيته مهاجرا)
فهل من مؤمن فتح الله عليه في هذه النقطة أن يخبرنا بلطيفة هذه المسألة
و نلاحظ أيضا أن الترخيص من الله يكون دوما يأتي دوما لمن كان " على سفر " ما عدا قوله تعالى " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ....... "
فهل من أخ يوضح لنا اللطيفة والفارق وجزاكم الله خيرا
ـ[منصور مهران]ــــــــ[28 May 2006, 03:37 م]ـ
الأصل في مادة (ضرب) الدلالة على الصوت الناشئ عن إيقاع جسم على جسم وقرعه به؛ ذلك لأن السائر يضرب في الأرض برجله، فسمي الضرب في الأرض سفرا لأن الماشي يجدّ ويضرب برجله في الأرض ليقطع المسافات الطويلة مستأنسا بوقع أقدامه وبالصوت الناشئ عنها، وقد يسمى الضرب بالرجل (ركضا) ومنه قول ربنا عز وجل: (اركض برجلك). وعللوا تسمية شركة المضاربة بذلك لأن التاجر يسافرمبعدا في طلب الربح، فقد فسروا الضرب في الأرض بالإبعاد في السفر - الرازي في تفسير الآية 156 / آل عمران - وقال عند تفسير قول الله تبارك وتعالى: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) قال: أصل السياحة الضرب في الأرض والاتساع في السير والبعد عن المدن وموضع العمارة. ا ه. وهذا يؤذن بوجود فرق بين السفر والضرب في الأرض فالسفر منه القريب ومنه البعيد، وأما الضرب في الأرض فلا يكون إلا بالإبعاد، فيشمل السفر البعيد وحده فكل ضربٍ في الأرض سفرٌ، وليس كل سفرٍ ضرباً في الأرض، لذلك اختلفت أحكامهما من حيث القصر، فالقصر رخصة الضرب في الأرض عموما، ورخصة السفر البعيد دون القريب. قلت: وإذا ورد في كلام المفسرين أن الضرب في الأرض هو السفر فهذا على عموم المعنى - كما فسره الزمخشري عند تفسير الآية 101 من سورة النساء، وكما قال الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير الآية 18 من سورة الكهف - ومن الفرائد لدى الطبري أنه فسر الضرب في الأرض بأن يكون في طاعة الله وطاعة رسوله، انظر ذلك عند تفسيره الآية 156 من سورة آل عمران، وفسره الشنقيطي بأنه السفر للتجارة، انظر ذلك عند تفسيره الآية 198 من سورة البقرة. وجاء في زاد المسير: في الضرب في الأرض قولان: أحدهما: أنه الجهاد وهذا منقول عن ابن عباس. والثاني: الكسب، قاله قتادة. قلت: والتساع يشملهما وهذا الأوجه في الدلالة العامة، وليس المقصود بالضرب في الأرض البر وحده فاسم الأرض يشمل البر والبحر بحسب الخلقة. هذا وبالله التوفيق.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 May 2006, 05:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
سؤال الأخ عمرو الشاعر ينم عن ذكاء في تدبر القرآن .... وسؤاله نصف الجواب.
وقد أسهب الأخ منصور في الجواب عن ثنائية (سفر/ضرب) بما لا مزيد عليه .....
ويمكن الكشف عن إيحاءات أخرى بتحويل الانتباه إلى ثنائية: (الضرب في الأرض/السير في الأرض).
فيلحظ بصورة أغلبية-لم أقم بالاستقراء التام بعد- أن:
الضرب في الأرض مقترن بالشأن العملي. المعاش.
السير في الأرض يقترن بالشأن العلمي. المعاد.
الضرب للجهاد والغزو والتجارة والانتفاع المادي ..
السير للاعتبار والعلم والمعرفة والانتفاع المعنوي ...
{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ} (137) سورة آل عمران
{قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (11) سورة الأنعام
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (109) سورة يوسف
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (36) سورة النحل
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (46) سورة الحج
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (20) سورة العنكبوت
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (9) سورة الروم
{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} (18) سورة سبأ
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} (10) سورة محمد .....
يذكر السير في الأرض مصحوبا بأدوات الإدراك فهذا أشبه بأن يكون المقصود هو البعثات العلمية وما يدور في فلكها .....
والأمربالنظر يعقب غالبا الأمر بالسير .... والنظر أعم من الحسي والعقلي
أما الضرب في الأرض فهو مظنة المشقة والجهد فكأن المقصود القوافل التجارية وغيرها ...
ولهذا -والله أعلم -لم يقل في آية سبأ اضربوا فيها ليالي وأياما .... لأن المقام هو الاشارة إلى رغد العيش وسهولة السفر والأمن فيه فلا يناسب هذا فعل الضرب الموحي بالقرع والشدة ....
أشهد أن بلاغة القرآن سماء لا تطاولها سماء ....
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 May 2006, 07:47 م]ـ
جزكما الله خيرا وننتظر المزيد من الردود والتعليقات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 May 2006, 08:06 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الفوائد.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 May 2006, 09:18 م]ـ
أخي أبو عبد المعز بارك الله فيك. هل يستقيم قولك مع الايات؟:
"قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ"
"وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ" فليس وصفهم بما ذكرت
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ" فالغالب عليه انه مسافر دون تحديد غرضه.
واستشهادك بقوله تعالى:"وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ" فيه نظر لان السير هنا السفر الى الشام
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 May 2006, 10:37 م]ـ
الأخ مجدي .......
كان كلامي –بارك الله فيك-عن فعل "سار" المقيد بالحرف "في "والظرف "الأرض".
ولم يكن عن مطلق السير حتى يرد علي اسم السيارة،فما قلت أن سار-على الإطلاق- يعني الخروج في مهمة علمية فيسري المعنى إلى المشتقات ...... كل كلامي كان عن تعبير "السير في الأرض " فبينت اختلافه عن "الضرب في الأرض"، والضرب هنا مقيد بنفس ما قيد به السير ...... ولا يرد علي اشتقاقات الضرب كالمضرب والضراب والضارب ....
ونظير هذا ما نقوله عن" استوى على العرش " فهو يدل على معنى خاص لا يدل عليه اسم المستوي، لأن المستوي بدون قيد قد يحتمل الاستواء على، والاستواء إلى، وفرق كبير بين المعنيين.
أما آية سبأ فقد بينت سبب العدول عن استعمال فعل الضرب في الأرض مع أن الظاهر أن الرحلة هنا للشمال للتجارة، وأوافقك على أن المقصود هو الشام بقرينة وصف القرى بكونها مباركة.
والعدول لنكتة بينتها بقولي:
ولهذا -والله أعلم -لم يقل في آية سبأ اضربوا فيها ليالي وأياما .... لأن المقام هو الاشارة إلى رغد العيش وسهولة السفر والأمن فيه فلا يناسب هذا فعل الضرب الموحي بالقرع والشدة ....
لا أريد بهذا الكلام أن أدافع عن فهم قد يكون مرجوحا ..... بل للبيان فقط ولعلك قرأت في كلامي قولي:
فيلحظ بصورة أغلبية-لم أقم بالاستقراء التام بعد-
مع التحية الطيبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[29 May 2006, 08:49 ص]ـ
بارك الله فيك أخي ابو عبد المعز فالسيارة غير سار لما فيها من دلالة على كثرة السير او كثرة العدد وما ذكر من الفعل واسم الفاعل.
ولكن لم تبين لنا وتوجيهكم لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ".
اقتران الضرب بالمشقة والسير بدونها يمكن ان يقال ايضا اذا استثنينا "السيارة "على اساس ان الضارب في الارض والذي يسير فيها يسمى سيارة "أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ "الا ان الاية ""يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ".اشكلت علي ذلك.(/)
كيف تحصل الملكة في التفسير؟
ـ[العنزي]ــــــــ[28 May 2006, 08:39 م]ـ
كيف تحصل الملكة في التفسير؟
ـ[الكشاف]ــــــــ[01 Jun 2006, 01:44 م]ـ
تحصيل المَلَكاتِ في العلوم المختلفة يحتاج إلى صبر طويل، ومعايشة تامة، وعشق حقيقي للعلم والتخصص، وهنا في التفسير لا بد له من أمور:
1 - الدراسة المتأنية المتدرجة لتفسير القرآن الكريم، حتى يأتي على آخر كتب التفسير وأوسعها، وهي معروفة، وفي الملتقى مشاركات كثيرة عنها.
2 - التدرب على يد العلماء في هذا، حتى يكتسب الطالب المعرفة والخبرة في التعامل مع التفسير، وتتهيأ له هذه الهيئة الراسخة وهي الملكة في العلم.
3 - طول زمان يتيح للطالب الفهم، والإدراك للعلم، حتى وإن كان ذكياً، فالعقل ينمو مع الوقت، فيدرك الكبير ما لا يدركه المبتدئ. وتأمل: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة). وكم وقع المبتدؤن في أخطاء أوقعهم فيها التعجل في التصدر قبل الأوان.
4 - العناية بمناهج المفسرين وأصحاب علوم القرآن وغيرهم من الدراسات القرآنية، والتدبر لمناهجهم وكيف يتناولون تفسير القرآن، وما هي الأصول التي بنوا عليها التفسير، ثم التدرب على مراعاتها عند التفسير، ومعرفة كيفية تطبيقها عملياً، حتى تكتسب هذه الملكة شيئاً فشيئاً. ثم يبقى جزء كبير بعد ذلك فتح من الله للعبد، يوفق بعض عباده لأمور ومسائل صحيحة نافعة، والله واسع عليم.
هذه مجرد أفكار عجلى، أردت المشاركة بها حول هذا السؤال الكبير.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Jun 2006, 08:23 م]ـ
تمام الملكة يُضعِف الانتباه, ويزيد الفعل, ولا يكون هذا إلا بإدمان النظر والتكرار لكتب التفسير, ثم التنبه لتطبيقات المفسرين لقواعد التفسير في أثناء تلك الدراسة المستوعبة, ومن ثم يصبح لديك قدرة تلقائية (عملية) على تطبيق تلك القواعد على الآيات من تلقاء نفسك, في ضوء قاعدة معرفية عريضة اكتسبتها من دوام مطالعتك للتفاسير.
ويقل في المقابل توقفك عند خطوات التفسير التي توصلك إلى معاني الآيات (الانتباه) لاعتيادك عليها ورسوخها في نفسك.
انظر للساعاتي المتمرس في هذه الصنعة, تجده يطرق زجاجة الساعة بحسه قبل بيده, وبدون تركيز وانتباه المتعلم فيها, وكذا قائد السيارة المتمرس يقودها بلا تركيز وانتباه لمفردات القيادة وترتيبها ونحو ذلك مما يعانيه المتعلم, فعند هؤلاء يضعف التركيز (الانتباه) ويزيد الجانب العملي (الفعل).
وفقك الله وأعانك.
ـ[الكشاف]ــــــــ[02 Jun 2006, 08:50 م]ـ
كأن الأستاذ أبو بيان يشير إلى ما يسمونه بالمهارة التي تترسخ في العقل الباطن، حتى لا يتنبه لها العقل الواعي، كقيادة السيارة مثلاً. وقد كنت قرأت حول هذه المسألة في موضوعات البرمجة العصبية تقريباً، فليته يزيد الأمر إيضاحاً، ويذكر لنا مصادر للتوسع فيها حيث جاء الجواب شديد الاقتضاب. وشكراً مقدماً.
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[04 Jun 2006, 07:20 م]ـ
إضافةً لما ذكره الإخوة , هناك أمر مهم
هو
المداومة على تلاوة كتاب الله عز وجل مع التدبر التام
التدبر التدبر التدبر
ثم يأتي التطبيق العملي لما دلت عليه آيات الكتاب الكريم من أمر ونهي ووعظ ...
إذن
أولاً: التلاوة الدائمة
ثانياً: التدبر الأمثل
ثالثاً: العمل بالعلم
وبعد ذلك لعل الله يشرح الصدر بالفهم وينير القلب بنور العلم
مع ما ذكره الإخوة من التدرب والتعلم والصبر.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jun 2006, 08:23 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكشاف, ولا مزيد لدي على ما ذكرتَ, ونحن إلى قليل من العمل أحوج منا إلى كثير من القول.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[04 Jun 2006, 09:54 م]ـ
لعل الأخ العنزي يقرأ رحلتي مع حفظ كتاب الله وتدبره وحفظه ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5807) فقد يجد مبتغاه حيث أنه لي تجربة عملية في ذلك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2009, 12:56 ص]ـ
ولا يزال الموضوع - لأهميته - يحتاج إلى مزيد من التجارب والآراء.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[11 Nov 2009, 02:59 م]ـ
قال الجرجاني في التعريفات: (التعريفات - (1/ 296)
الملكة هي صفة راسخة في النفس وتحقيقه أنه تحصل للنفس هيئة بسبب فعل من الأفعال ويقال لتلك الهيئة كيفية نفسانية وتسمى حالة ما دامت سريعة الزوال فإذا تكررت ومارستها النفس حتى رسخت تلك الكيفية فيها وصارت بطيئة الزوال فتصير ملكة وبالقياس إلى ذلك الفعل عادة وخلقا)
وعلى هذا فهذه الحالة المذكورة يصعب تحصيلها إلا بالصبر وقوة الجلد في الصبر، ومن أهم ما يوصل إلى ذلك ما يلي:
1 - كما قال الأخ وائل كثرة تلاوة كتاب الله تعالى وتدبره ..
ولا أقول تلاوة كتاب الله تعالى بل كثرة تلاوته ..
2 - كثرة القراءة في كتب التفسير وخاصة كتب علماء السلف المشهود لهم بالخير وتجنب القراءة في تفاسير أهل البدع على الأقل في بداية الطلب.
3 - التزام طاعة الله تعالى والعمل في نفع المسلمين بما علمه الله تعالى فبث العلم في صدور الرجال وعلى صفحات الكتب من أفضل القربات.
4 - اتخاذ شيخ ورع تقي ينير للطالب الطريق ويعلمه ما أشكل عليه ويحكم له ما تشابه عليه ..
5 - لو يجد طالب العلم طلابا يحاورهم ويتدارس معهم فذلك أمر مهم يرسخ العلم في الذاكرة، ويجعلها تحتفظ به فترة طويلة.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 07:04 ص]ـ
إنَّما يُراد تعلم التفسيرِ للوصول إلى تحصيل المَلَكَة فيه، وما أحوجنا إلى سلوك سبيل تحصيل هذه المَلَكة في دراستنا وتدريسنا، وترسيخ المنهجية الصحيحة للوصول إلى هذه الغاية. غير أن الأنظار تتفاوت في التعبير عن ذلك بحسب الخبرة والمعرفة وغير ذلك من العوامل.
وللدكتور حاتم الشريف محاولة مشكورة في هذا الباب بعنوان (تكوين ملكة التفسير) سبق له نشرها في العدد الثالث من مجلة معهد الإمام الشاطبي ثم أفردت بالطباعة بعد ذلك في مصر وهي متداولة، وفي المرفقات نسخة منها للاطلاع.
وهذا الموضوع جدير بأن يكون موضوعاً ليوم علمي ينظمه مركز تفسير أو الجمعية العلمية للقرآن وعلومه أو غيرها من الجهات ذات الصلة بخدمة القرآن وأهله.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[12 Nov 2009, 04:53 م]ـ
بارك الله بكم(/)
من يجيبني فأدعو له
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[29 May 2006, 01:58 م]ـ
أيها الإخوة الكرام عندي إشكال حول متى نحمل المجمل على المبين أسأل عن القاعدة التي تحكم دلك و لكم مني خالص الدعاء(/)
إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم؟
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[29 May 2006, 07:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه الكريم العظيم " إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور: 15] "
والسادة المفسرون على أن " تلقونه " هنا بمعنى " تتلقونه" أي أن التأء الثانية محذوفة
ولكن لنا أن نسأل: ما مبرر الحذف؟ وما الدليل عليه؟ وما الداعي إليه إذا كان يمكن فهم اللفظة بدون حذف أو تقدير؟ - وهذا هو الأصل -
لذا نرى أنه من الممكن ومن الأدق أن تفهم اللفظة كما هي , ويكون فعلها هو ال " لق " وهو كما جاء في مقاييس اللغة:
(لق) اللام والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياح وجَلَبة. من ذلك اللَّقلقَة: الصِّياح. وكذلك اللَّقلاق. واللَّقلَق: اللِّسان. وفي الحديث: "من وقِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبقَبِه وذَبْذَبِهْ فقد وُقي شِرَّةَ الشَّبابِ كلَّها". ولَقَّ عينَه، إذا ضرَبَها بيده، ولعلَّ ذلك للوَقع ([34]) يُسْمَع. وأمَّا اللَّقْلَقة فالاضطراب، وهو قريبٌ من المقلوب، كأنَّه مُقَلقَل" اهـ
فمن الاولى الحمل على هذا المعنى الموافق للنص والعقل
فمن البدهي ان التلقي باللسان بعيد جدا
كما أن هذا الفهم البعيد مبني على القول بالحذف
لذا والله أعلم فإن الفعل امشتق منه الكلمة هو " لق " والله أعلم
ويكون المعنى بذلك واضح ولا غموض فيه ولا حاجة إلى تقدير محذوف أو محاولة تحسين معنى بعيد والله أعلى وأعلم.
ـ[عبيد السعيد]ــــــــ[29 May 2006, 11:01 م]ـ
.
الفعل تلقّونه .. هو المضارع من تلقّى .. وحذف الفعل فيه مطّرد في كلام العرب
كما يقولون: تصدّى: أي: تتصدى ..
أما لو أُريد المضارع من " لقى " لقيل:
" تِلْقونه "
وقد روي أن عائشة رضي الله عنها قرأت بهذا ..
انظر تفسير البغوي للآية ...
فهناك فرق بين .. تلقّونه بتشديد القاف .. وتلقونه .. بكسر التاء وضم القاف!
والله أعلم ..
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[30 May 2006, 07:21 ص]ـ
الأخ الشاعر:
السلام عليكم
حين يكون البحث لُغويّا (نحويا او صرفيا) فيجب الحذر في مقارعة المفسرين أو الردّ عليهم، احتراماً لأنفسنا أولاً وتوقياً لستر أنفسنا على قلة بضاعتنا. والتفسير ركن ركين من علم الدلالة العام، لكن القضية الدقيقة هي من أخصّ خصائص المفسرين وعلماء اللغة.
لذلك لو سمعت نصيحتي لا تقارعهم في مثل هذه الأمور البتة.
الأخ السعيد: القراءة التي أحلت إليها هي تَلِقونه بكسر اللام، وهي ليست من الفعل الذي وقعت عليه عينا الأخ الكاتب فظنّ أنه اكتشف نظرية. لكنّ فعله إذا كان له تصريف من الباب الرابع من أبواب الثلاثي المجرّد كالفصيح في (شمّ يشَمُ بفتح الشين وملّ يملُّ وعضَّ يعضُّ بفتح العين) ففي مثل هذه الحال يكون (تلَقُّوْنَهُ) بفتح اللام كما نقول (تمَلّونه) و (تعضُّونه). ولكن ستكون القاف مضمومة ولا بدَّ، كما هو الحال في لام تملونه وضاد تعضونه. وهي خلاف الرواية الصحيحة لدى الأمة (تلَقَّونه) بفتح القاف. ولا أعلم أحداً قرأها بضمِّ القاف. [فكيف إذا كان بابه من الباب الثاني لقَّ يلِقّ-سيكون الخطأ مضاعفاً!!]
فصارت العمدة على الرواية وهي أحد أركان القراءة الثلاثة المعروفة (الرسم والعربية وصحة السند).
وعليه يكون الأخ كاتب المقال قد أبعد النُّجعة، وصار كابن مقسم الذي عقد له مجلس تأديب لإجازته مثل هذه الطريقة في اختيار القراءات. [وإنصافاً للأخ الكاتب نقول إنه لم يقُلْ بجواز قراءة الكلمة بضمِّ القاف خلافاً للرواية، بل ظنَّ فقط أنها على قراءتها الحالية قابلة لأن تكون مضارعاً لـ (لقَّ)، فيكون خطؤه صرفيّاً فقط لا يتحمَّل جريرة من أجاز القراءة بموافقة الرسم والعربية دون اشتراط صحة السند كابن مقسم ومن سلك دربه]
وهي من الناحية العلمية تختلف عن اجتهاد (ابن شنَبوذ) رحمه الله، في إقرائه بما صحّ سنده وإن خالف المصحف لأن المصحف كان اجتهاداً نال إجماعاً، أما طريقة ابن مقسم فقد ردّها أهل العلم بشدّة. فعمَلُ ابنِ شنَبوذ عملٌ علميّ كان ينبغي فقط حصره بين أهل الاختصاص ولا يُقرأَ به في الصلاة كما فعل هو رحمه الله. أما عمَلُ ابن مقسم ومن سار على دربه (إذ قد يرتكب الزمخشريّ أحياناً هذا المركب الصعب) فليس من العلم في شيء. والله أعلم
والسلام عليكم
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[01 Jun 2006, 09:38 م]ـ
جزاك الله أخي دكتور عبدالرحمن خيرا ولقد لاحظت أنا من قبل أن مضارع " لق " من البعيد جدا -إن لم يكن من المستحيل - أن يكون بفتح القاف , إذ لا مبرر لفتحها , والقاف هنا في الآية مفتوحة
ولكن أخي في الله ما معنى التلقي باللسان؟ لقد قرأت تفسير هذه الآية في كتب التفسير ولم يقنعني أي تخريج لها , فهل من تخريج مقبول لها
كما أعتقد أنه من المفروض أن تكون " تتلقونه " فما مبرر حذف التاء؟
ولقد قال لي الأخ عبيد السعيد " الفعل تلقّونه .. هو المضارع من تلقّى .. وحذف الفعل فيه مطّرد في كلام العرب "!!!!
و لعله يقصد حذف الحرف!!! , وأنا لا أقبل أن يكون هناك محذوفا مفترضا في القرآن
فنرجو من الأخوة ممن فتح الله عليهم في الآية أن يعطونا تخريجا جيدا
وفي النهاية نحن نحاول أن نفتح بابا للنقاش حول الآية
ولقد قرأ الموضوع كثيرون ولم يرد إلا اثنان , فإذا كنت أخطأت فليصححوا لنا
وإذا كان هناك من فتح الله عليه في فهم الآية فليعرض لنا ما فتح الله عليه أو حتى ما قرأه ورآه حسنا
وجزاك الله خيرا أخي عبدالرحمن على كل حال ونفع بك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:30 م]ـ
أخي الكريم إنّ البلاغةَ كلَّ البلاغة في لومِهم على (التلقّّي باللسان)، فهو يقول لمن خاض في الموضوع: عليك التفكّرُ عميقاً فيما تنطق به، لا أن تتلاعبوا بالموضوع بألسنتكم دون تريث أو تروٍّ.
فالحكماء والأتقياء والعقلاء يتلقَّوْن الموضوع بأسماعهم ويديرونه بعقولهم وقلوبهم النقية فلا يسمحون لألسنتهم أن تخوض فيه، لأنه قفوٌ لما ليس لهم به علم مما ينأى عنه المؤمنون أو من عصمه الله من المؤمنين.
ويوجد صنفٌ من الناس أقلُّ حظّا من العقل والتروّي وعُمْق الرؤية يسمحون لألسنتهم الخوض في الموضوع قبل التفكير فيه، وفي مثل هؤلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع" رواه مسلم في مقدمة صحيحه، وفي روايةٍ:"بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع "ورواه أيضاً موقوفاً على عمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود. وقال مالك: "لا يصبحُ الرجلُ إماماً حتى يمسك عن بعض ما سمع"، ونحوه عن ابن مهدي ..
فهذا هو التلقي باللسان، فهو محرم شرعاً. لأنه عبث بالأمور العظيمة. والله أعلم
ـ[عبيد السعيد]ــــــــ[02 Jun 2006, 02:59 م]ـ
.
أحسنت أخي الدكتور: الصالح ..
هي كما قلت أنت في تفسير البغوي الذي خانتني الذاكرة فيما قال!
وعلى العموم هذه مجموعة ردود من منتدى آخر حول الموضوع
بمصادرها لعل الله أن ينفع بها:
أستاذي جمال بعد طواف يسير في جنان التفاسير وجدت ما يلي:
الكشاف للزمخشري:
{تَلَقَّوْنَهُ} يأخذه بعضكم من بعض. يقال: تلقى القول وتلقنه وتلقفه. ومنه قوله تعالى:
{فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}
[البقرة: 37] وقرىء على الأصل: «تتلقونه» [إذ تلقونه] بإدغام الذال في التاء. و «تلقونه» من لقيه بمعنى لقفه، و «تلقونه»، من إلقائه بعضهم على بعض. و «تلقونه» و «تأْلِقُونه»، من الولق والألق: وهو الكذب، و «تلقونه»: محكية عن عائشة رضي الله عنها، وعن سفيان: سمعت أمي تقرأ: إذ تثقفونه، وكان أبوها يقرأ بحرف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. فإن قلت: ما معنى قوله: {بِأَفْو?هِكُمْ} والقول لا يكون إلاّ بالفم؟ قلت: معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، فيترجم عنه اللسان. وهذا الإفك ليس إلاّ قولاً يجري على ألسنتكم ويدور في أفواهكم من غير ترجمة عن علم به في القلب، كقوله تعالى:
{يَقُولُونَ بِأَفْو?هِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ}
[آل عمران: 167]
مفاتيح الغيب للرازي:
قال صاحب «الكشاف» إذ ظرف لمسكم أو لأفضتم ومعنى تلقونه يأخذه بعضكم من بعض يقال تلقى القول وتلقنه وتلقفه ومنه قوله تعالى:
{فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}
[البقرة: 37] وقرىء على الأصل تتلقونه وإتلقونه بإدغام الذال في التاء وتلقونه من لقيه بمعنى لفقه وتلقونه من إلقائه بعضهم على بعض وتلقونه، وتألقونه من الولق والألف وهو الكذب، وتلقونه محكية عن عائشة، وعن سفيان: سمعت أمي تقرأ إذ تثقفونه، وكان أبوها يقرأ بحرف عبدالله بن مسعود، واعلم أن الله تعالى وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام وعلق مس العذاب العظيم بها أحدها: تلقي الإفك بألسنتهم وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له ما وراءك؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع واشتهر فلم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه، فكأنهم سعوا في إشاعة الفاحشة وذلك من العظائم وثانيها: أنهم كانوا يتكلمون بما لا علم لهم به، وذلك يدل على أنه لا يجوز الإخبار إلا مع العلم فأما الذي لا يعلم صدقه فالإخبار عنه كالإخبار عما علم كذبه في الحرمة، ونظيره قوله:
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}
[الإسراء: 36] فإن قيل ما معنى قوله: {بِأَفْو?هِكُمْ} والقول لا يكون إلا بالفم؟ قلنا معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب فيترجم عنه باللسان وهذا الإفك ليس إلا قولاً يجري على ألسنتكم من غير أن يحصل في القلب علم به، كقوله:
{يَقُولُونَ بِأَفْو?هِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ}
[آل عمران: 167].
لاحظوا هنا ان الرازي يتابع الزمخشري في جميع تفسيره لهذه الآية إلا في ما خططته باللون الأحمر فإنه يخرج بحكم شرعي وهو:وذلك يدل على أنه لا يجوز الإخبار إلا مع العلم فأما الذي لا يعلم صدقه فالإخبار عنه كالإخبار عما علم كذبه في الحرمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
النكت والعيون للماوردي:
قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: هو أن تتحدث به وتلقيه بين الناس حتى ينتشر.
الثاني: أن يتلقاه بالقبول إذا حدث به ولا ينكره. وحكى ابن أبي مليكة أنه سمع عائشة تقرأ إذ تلِقونه بكسر اللام مخففة وفي تأويل هذه القراءة وجهان:
أحدهما: ترددونه، قاله اليزيدي.
الثاني: تسرعون في الكذب وغيره، ومنه قول الراجز: ............... جَاءَتْ به عنسٌ من الشام تَلِقْ
أي تسرع.
لاحظوا معي أن هناك معنى آخر اضافه الماوردي، وهو الأخذ وعدم الإنكار.
التحرير والتنوير للطاهر عاشور:
{إذ} ظرف متعلق بـ
{أفضتم}
[النور: 14] والمقصود منه ومن الجملة المضاف هو إليها استحضار صورة حديثهم في الإفك وبتفظيعها. وأصل {تلقونه} تتلقونه بتاءين حذفت إحداهما. وأصل التلقي أنه التكلف للقاء الغير، وتقدم في قوله تعالى:
{فتلقى آدم من ربه كلمات}
[البقرة: 37] أي علمها ولقنها، ثم يطلق التلقي على أخذ شيء باليد من يد الغير كما قال الشماخ:
إذا ما راية رُفعت لمجد تلقاها عَرابة باليمين
وفي الحديث: " من تصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً تلقاها الرحم?ن بيمينه .. " الحديث، وذلك بتشبيه التهيُؤ لأخذ المعطى بالتهيؤ للقاء الغير وذلك هو إطلاقه في قوله: {إذ تلقونه بألسنتكم}. ففي قوله: {بألسنتكم} تشبيه الخبر بشخص وتشبيه الراوي للخبر بمن يتهيأ ويستعد للقائه استعارة مكنية فجعلت الألسن آلة للتلقي على طريقة تخييلية بتشبيه الألسن في رواية الخبر بالأيدي في تناول الشيء. وإنما جعلت الألسن آلة للتلقي مع أن تلقي الأخبار بالأسماع لأنه لما كان هذا التلقي غايته التحدث بالخبر جعلت الألسن مكان الأسماع مجازاً بعلاقة الأيلولة. وفيه تعريض بحرصهم على تلقي هذا الخبر فهم حين يتلقونه يبادرون بالإخبار به بلا ترو ولا تريث. وهذا تعريض بالتوبيخ أيضاً. (وفي كلامه هذا رحمه الله نلحظ استعراضه للإستعارة، إذ شبه المتلقي بفيه كالمتلقي بيده آلت إلى استعارة مكنية. واستعراضه المجاز وهو هنا بادٍ، بحيث جعل الألسن مكان التلقي بدل الآذان، مجازاً بعلاقة ما ستؤول إليه.).
وأما قوله: {وتقولون بأفواهكم} فوجه ذكر {بأفواهكم} مع أن القول لا يكون بغير الأفواه أنه أريد التمهيد لقوله: {ما ليس لكم به علم}، أي هو قول غير موافق لما في العلم ولكنه عن مجرد تصور لأن أدلة العلم قائمة بنقيض مدلول هذا القول فصار الكلام مجرد ألفاظ تجري على الأفواه.
وفي هذا من الأدب الأخلاقي أن المرء لا يقول بلسانه إلا ما يعلمه ويتحققه وإلا فهو أحد رجلين: أفن الرأي يقول الشيء قبل أن يتبين له الأمر فيوشك أن يقول الكذب فيحسبه الناس كذاباً. وفي الحديث: بـ " حسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع " أو رجل مموه مُراء يقول ما يعتقد خلافه قال تعالى:
{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام}
[البقرة: 204] وقال:
{كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}
[الصف: 3].
ويجب أن نلاحظ أن الطاهر عاشور رحمه الله قد تكلم عن البلاغة بشيء من التفصيل، فيه نسمات بلاغية راقية المستوى، وهو ما فقدناه في تفاسير أمهات التفاسير في هذه الآية تحديدا.
وفي الخصائص لابن جني هذا القول، وهو تشبيه حال المتلقين لحديث الأفك وتداوله بسرعة مما توافق مع رأي ابن جني في أصل هذه اللفظة.
جاء في الخصائص:
((الرابع "و ل ق" قالوا: ولق يلق: إذا أسرع.
قال: جاءت به عنس من الشام تلق
أي تخف وتسرع. وقرىء "إذ تلقونه بألسنتكم" أي تخفون وتسرعون.))
ومع تبين معنى الولق وهو الإسراع، وقراءة من قرأ بكسر اللام ((تلِقونه)) فتنسجم الصورة التخييلية للموقف مع معنى الكلمة، وهو حرصهم على الإسراع في نقل هذه الحديث، حتى أنهم تلقوه بألسنتهم قبل آذانهم وفي هذا النقل في الآلة المختصة للسمع إلى الآلة المختصة بالنطق، لإشارة إلى سرعة سماع الخبر ونقله بأسرع ما يمكن دون التبين من صحته.
والله أعلم.
2 -
جاء عند إبن عطيّة في المحرر الوجيز
(وقرأ محمد بن السميفع " إذ تُلْقُونه " بضم التاء وسكون اللام وضم القاف من لإلقاء، وهذه قراءة بينة
وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود " إذ تتلقونه " بضم التاء من التلقي بتاءين،
وقرأ جمهور السبعة " إذ تلقونه " بحذف التاء الواحدة وإظهار الذال دون إدغام وهو ايضاً من التلقي،
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي " أتلقونه " بإدغام الذال في التاء،
وقرأ ابن كثير " إذ تلقونه " بإظهار الذال وإدغام التاء في التاء وهذه قراءة قلقة لأنها تقتضي اجتماع ساكنين وليس كالإدغام في قراءة من قرأ فلا " تناجوا ولا تنابزوا " لأن لدونة الألف الساكنة وكونها حرف لين حسنت هنالك ما لا يحسن مع سكون الدال،
وقرأ ابن يعمر وعائشة رضي الله عنها وهي أعلم الناس بهذا الأمر " إذ تَلِقُونه " بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف، ومعنى هذه القراءة من قول العرب ولق الرجل ولقاً إذا كذب قال ابن سيده في المحكم قرىء " إذ تلقونه " وحكى أَهل اللغة أَنها من ولق إذا كذب فجاؤوا بالمتعدي شاهداً على غير المتعدي
وعندي أنه أراد إذ تلقون فيه فحذف حرف الجر ووصل بالضمير،
وحكى الطبري وغيره أَن هذه اللفظة مأخوذة من الولق الذي هو إسراعك بالشيء بعد الشيء كعدو في إثر عدو وكلام في إثر كلام يقال ولق في سيره إذا أسرع ومنه قول الشاعر:
" جاءت به عنس من الشام تلق ")
ولم أجد هذا الكلام (وحكى الطبري وغيره أَن هذه اللفظة مأخوذة من الولق الذي هو إسراعك بالشيء بعد الشيء كعدو في إثر عدو وكلام في إثر كلام) عند الطبري
.
وشكراً لكم ..
.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[04 Jun 2006, 04:13 م]ـ
جزى الله الأخوة خيرا على الردود وننتظر المزيد(/)
سؤال عن تفسير المراغي.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[29 May 2006, 09:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل أجد عند أحد منكم معلومات حول هذا التفسير؟
لا تغادر دون أن تعلق، أو ترشد، أو تدعو لأخيك.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[30 May 2006, 10:38 م]ـ
مؤلفه أحمد مصطفى المراغي أحد أساتذة كلية دار العلوم، المتوفى سنة 1371 هج = 1952 م، وهو شقيق شيخ الجامع الأزهر محمد مصطفى المراغي، وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا التفسير سنة 1365 هج = 1946 م في شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، وأعيدت طباعته في دار أحياء التراث العربي ببيروت - دون تاريخ - ويعد تفسيره من التفاسير الميسرة الهامة ولم تلتفت إليه كثير من الناس. والله الموفق.
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[30 May 2006, 10:43 م]ـ
السلام عليكم
الاخ الفاضل أبا طلال العنزي, إن كان قصدك الاستاذ محمد مصطفى المراغى فتفسيره يمكن الافصاح عنه من خلال منهجه في التفسروبإختصار:
تربَّى فى مدرسة الشيخ محمد عبده وقد تأثر بروح الشيخ ونهج على طريقته من التجديد واطراح التقليد،
وكان يتتبع في دراساته لآيات القرآن الكريم التي تتجلى فيها قدرة الله وعظمته، وما تظهر فيها وسائل هداية البَشر، ومواضع العظة والعبرة، وطغى الجانب العلمي على دراساته للآيات ليظهر للناس أن القرآن لا يقف فى سبيل العلم، ولا يصادم ما صح من قواعده ونظرياته.
فقال ,مثلاً في قول الله تعالى:"خَلَقَ ?لسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى? فِي ?لأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ?لسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ" ... (السموات مجموع ما نراه فى الفضاء فوقنا من سيّارات، ونجوم وسدائم وهى مرتبة بعضها فوق بعض تطوف دائرة فى الفضاء، كل شىء منها فى مكانه المقدّر له بالناموس الإلهى ونظام الجاذبية، ولا يمكن أن يكون لها عَمَد، والله هو ممسكها ومجريها إلى الأجل المقدَّر لها .. فإذا قيل: إن نظام الجاذبية وهو الناموس الإلهى قائم مقام العَمَد ويُطلق عليه اسم العَمَد جاز أن نقول: إن لها عَمَداً غير منظورة، وإذا لاحظنا أنه لا يوجد شىء مادى تعتمد عليه، وجب أن نقول: إنه لا عَمَد لها، وأقدار الأجرام السماوية وأوزانها أقدار وأوزان لا عهد لأهل الأرض بها، والأرض نفسها إذا قيست بهذه الأجرام ليست إلا هباءة دقيقة فى الفضاء).
ثم قال: "قرر الكتاب الكريم أن الأرض كانت جزءاً من السموات وانفصلت عنها، وقرر الكتاب الكريم أن الله {?سْتَوَى? إِلَى ?لسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ}، وهذا الذى قرره الكتاب الكريم هو الذى دل عليه العلَم وقد قال العلماء: إن حادثاً كونياً جذب قطعة من الشمس وفصلها عنها، وإن هذه القطعة بعد أن مرت عليها أطواراً تكسرت وصارت قطعاً، كل قطعة منها صارت سيَّاراً من السيَّارات، وهذه السيَّارات فهى بنت الشمس، والشمس هى المركز لكل هذه السيَّارات .. فليست الأرض هى مركز العالَم كما ظنه الأقدمون، بل الشمس هى مركز هذه المجموعة، والشمس وتوابعها قوى صغيرة فى العالَم السماوى، وأين هى من الشِعْرَى اليمانية التى قال الله سبحانه فيها: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ?لشِّعْرَى?}، فهذا النجم قدرته على إشعاع الضوء تساوى قوة الشمس (26) مرة، وقدرته على إشعاع الحرارة مثل قدرته على إشعاع الضوء، فلو فُرض أن الشِّعْرَى اليمانية حلَّت محل الشمس يوماً من الأيام، لانتهت الحياة فجأة، بغليان الأنهار، والمحيطات والقارات الجليدية التى حول القطبين، وضوء الشِّعْرَى اليمانية يصل إلينا بعد ثمان سنوات، وضوء الشمس يصل إلينا بعد ثمان دقائق، فانظر إلى هذا البُعْد السحيق.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[31 May 2006, 10:12 ص]ـ
أشكر للأخوين ما تفضلا به
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[02 Jun 2006, 05:39 ص]ـ
الشيخ مصطفى له تفسيرمختصر لبعض السور وإذا أطلق تفسير المراغي فإن الذهن ينصرف للشيخ أحمد ويقع تفسيره في عشرة محلدات وهو إلى آخرتفسيرسورة يوسف نقول من تفسير المناروقد بينت هذا في كتابي منهج المدرسة العقلية في التفسير
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[03 Jun 2006, 03:01 م]ـ
أشكر لكم هذا التفاعل لكن هل اهتمت المدرسة العقلية في التفسير بالبلاغة في القرآن؟
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[06 Jun 2006, 01:50 م]ـ
نعم إهتمت بذلك كثيرا كما اهتمت به المدرسة العقلية القديمة المعتزلة ولعلي ذكرت ما أراه سببا في التمهيد في منهج المدرسة العقلية الحديثة(/)
سؤالي لكم يا أهل العلم
ـ[البلاغية]ــــــــ[30 May 2006, 12:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني تردت كثيرا في طرح هذا السؤال هل يحق لي أن أطرح مثل هذا السؤال أم لا؟!
ولكني أرجوا أن ألتمس منكم الجواب الشافي الذي يرشدني إلى الصواب
فأنا أولا وأخيرا طالبة علم بين أيديكم
فكلما قرأت هذه الآية
(يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا الفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون 65 الان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فأن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم الف يغلبوا الفين بأذن الله والله مع الصابرين 66) سورة الأنفال
يتبادر إلى ذهني سؤال وهو
بأن الله سبحانه وتعالى يعلم بأحوال المسلمين فلِمَ لَمْ يخفف عنهم من قبل؟
وكذلك يتبادر إلى ذهني بسؤال قريب منه كلما قرأت أو مررت على دعاء الإستخارة
في قول رسول الله: (اللهم إني استخيرك بعلمك، واستقدر بقدرتك، واسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوبز اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقر لي الخير حيث كان ثم ارضني به)
فنحن نعلم بأن الله يعلم ما كان وما سيكون فلم نقل اللهم إن كنت تعلم
لِمَ لمْ نقل اللهم إنك تعلم؟
ارجو بأن ما أقصده وصل إليكم
تقبلوا تحياتي وفائق إحترامي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Jun 2006, 05:26 ص]ـ
أما جواب السؤال الأول فهو أن المصلحة للفرد والمجتمع ولإقامة الدين قد تقتضي تكليفه بما فيه مشقة.
قال الطاهر ابن عاشور مبيّناً ذلك: (فمعنى قوله: {آلآن خفف الله عنكم} أنّ التخفيف المناسب لِيُسْر هذا الدين روعي في هذا الوقت، ولم يراع قبله لمانع منَع من مراعاته فرُجّح إصلاح مجموعهم.)
وأما السؤال الثاني فبيّنه العلامة ابن حجر في شرحه للحديث في فتح الباري بقوله:
(وَقَوْله " إِنْ كُنْت " اِسْتَشْكَلَ الْكَرْمَانِيُّ الْإِتْيَان بِصِيغَةِ الشَّكّ هُنَا وَلَا يَجُوز الشَّكّ فِي كَوْن اللَّه عَالِمًا. وَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّكّ فِي أَنَّ الْعِلْم مُتَعَلِّق بِالْخَيْرِ أَوْ الشَّرّ لَا فِي أَصْل الْعِلْم.) انتهى
ويمكنك الرجوع إلى هذه الفتوى ( http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_3878.shtml)
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[01 Jun 2006, 06:57 ص]ـ
عفواً شيخنا الفاضل
استأذنك في صياغة الرد بأسلوب أبسط مراعاة لحالة أختنا أو ابنتنا السائلة، وهو نفس ردكم الموقر، ورد الفتوى.
في دعاء الاستخارة اللهم إن كنت تعلم
العبد المسلم يعلم دون شك أن الله يعلم أن هذا الأمر في ذاته خير أو شر، فيقف العبد موقف العبد السائل: إن كان هذا خير فيسره لي. وإن كان هذا شر فاصرفه عني.
فكيف يصيغ سؤاله لله لا بد أن يقول: إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي .... فيسره لي.
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي ... فاصرفه عني.
فالسؤال ليس فيه شك، بل هو متضمن معنى عبودية العبد لله، وأنه دعاء بأنك يا عالم الغيب تعلم أنه خير أو شر فإن كان خير فيسره لي، وإن كان شر فاصرفه عني.
وأكرر أنه كأنه ترجمة لردكم وللفتوى ولكن بلهجة أهل مصر شبه العامية.
وأحب أن أعيد هنا تهنئتكم بالدكتوراة، مع تمنياتنا أن تكمل رسالتك حتى نهاية القرآن ليطبع الكتاب، مع محاولة أن تسير على نفس النمط، فكأن المتبقي من الرسالة أيضاً أشرف عليه الأفاضل الذين أشرفوا على الدكتوراة.
ـ[الحكيمة]ــــــــ[01 Jun 2006, 12:53 م]ـ
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى:
أرى أن الذي ذهب إليه الشيخان الفاضلان ليس هو الذي تقصده الأخت البلاغية بلغها الله منزلة الصديقية فقوله:" الآن خفف الله عنكم " لا اشكال فيه فإن التخفيف سمة هذه الشريعة، ولازال الله يخفف على عباده في التشريع حتى اكتمل الدين واستوى على سوقه، وإنما الاشكال الذي طرحته البلاغية هو في قوله تعالى:" وعلم أن فيكم ضعفا "
فأقول وبالله التوفيق: هذه جملة فعلية يحتمل أن تكون معطوفة على قوله:" الآن خفف .. " وهنا يقع الاشكال المذكور. ويحتمل أن تكون جملة حالية والتقدير: وقد علم من قبل أن فيكم ضعفا. أو بتعبير آخر، فبعد التخفيف علم ضعفهم واقعاً وقبله علم أنه سيقع
والقول الثاني هو الأولى والأليق. والله أعلم
وأما الحديث فسيكون لي معه وقفة ثانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَنَا حَامِدٌ أَنَا ذَاكِرٌ أَنَا شَاكِرٌ **** أَنَا جَائِعٌ أَنَا حَاسِرٌ أَنَا عَاري
هِيَ سِتَّةٌ وَأَنَا الضَّمِينُ لِنِصْفِهَا **** فَكُن الضَّمِينَ لِنِصْفِهَا يَا بَارِي
مَدْحِي لِغَيْرِكَ وَهْجُ نَارٍ خُضْتُهَا **** فَأَجِرْ عُبَيْدَكَ مِنْ دُخُولِ النَّار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[01 Jun 2006, 09:13 م]ـ
وإنما الاشكال الذي طرحته البلاغية هو في قوله تعالى:" وعلم أن فيكم ضعفا "
لا إشكال لو نظرنا إلى ما قاله الإمام ابن عاشور في تفسير هذه الآية:
(وجملة "وعلم أن فيكم ضعفا " في موضع الحال، أي: خفف الله عنكم وقد علم من قبل أن فيكم ضعفا، فالكلام كالاعتذار على ما في الحكم السابق من المشقة بأنها مشقة اقتضاها استصلاح حالهم)
ومثل هذا قوله تعالى " ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعمنّ اللهُ الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" {العنكبوت، 3}
قال الإمام ابن جرير الطبري:
( ... والله عالمٌ بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكنّ معنى ذلك: وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قيله: آمنا بالله. من كذب الكاذب منهم،
بابتلائه إياه بعدوه، ليَلعلم صدقه من كذبه أولياؤه.)
وكذلك قوله تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلمَ المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم " {محمد، 31}
قال الإمام ابن عاشور:
(الأحسن أن يكون "حتى نعلم" مستعملا في معنى حتى نُظهِرَ للناس الدعاوي الحق من الباطلة، فالعلم كناية عن إظهار الشيء المعلوم بقطع النظر عن كون إظهاره للغير
كما هنا أو للمتكلم)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[01 Jun 2006, 10:14 م]ـ
هل من الممكن أن يكون سبب الالتباس عند الأخت في الحديث هو " إن " في قوله ص:" إن كنت تعلم "؟
وهي ترى مثلا أنه كان من المفترض أن يكون " إذا "؟!!
نرجو من الأخت مزيد توضيح في نقطة الحيرة فالجملة مفهومة بسهولة كما بينها ابن حجر
ـ[البلاغية]ــــــــ[04 Jun 2006, 01:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على ردودكم وتوضيحكم للإشكال الذي كان يراودني
بالنسبة للآية فقد كان قصدي في العلم وليس التخفيف كما ذكرت الأخت الغالية الحكيمة وقد زال ذلك الإشكال بعد توضيحها وتوضيح الأخ عمار جزاهم الله خير الجزاء
أما الحديث الشريف يا أخي عمرو الشاعر فلم أقصد الإشكال في إستخدام إن أو إذا ولكن كان مقصدي في المعنى الذي يتبادر لذهني في علم الله لما كان ولما سيكون
فأقصد لِمَ لم نقل اللهم إنك تعلم إن كان هذا الأمر خيرا لي فيسره لي ......
ولكن بفضل الله ثم بفضل إخواني وأساتذتي أبو مجاهد العبيدي وتوضيح الأستاذ مصطفى علي
زالت تلك الغمامة جزاهم ربي خير الجزاء
ومن هذا المقام أهنأ الأخ أبو مجاهد العبيدي على الدكتوراه
أكرر شكري لكم جميعا
بارك الله فيكم وزادكم علما ونفع بكم
تحيتي لكم
أختكم
البلاغية ابنة اللغة العربية(/)
تأملات في بعض الآيات
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[30 May 2006, 04:55 ص]ـ
[ line] قال الله تعالى:" اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (35) من سورة النور
معاني الكلمات: مشكاة: الثقب في الحائط من غير نافذة
دري: متلألأ وقاد صافي لامع
لا شرقية ولا غربية: لا تصيبها الشمس إلا في حالة الشروق، ولا غربية لا تصيبها إلا في حالة الغروب (1)
المعنى الإجمالي: قوله تعالى: {الله نور السموات والأرض} يخبر تعالى أنه لولاه لما كان في الكون نور ولا هداية في السموات ولا في الأرض فهو تعالى منورهما فكتابه نور ورسوله نور أي يهتدي بهما في ظلمات الحياة كما يهتدي بالنور الحسي والله ذاته نور وحجابه نور فكل نور حسي أو معنوي الله خالقه وموهبه وهادٍ إليه.
وقوله تعالى: {مثل نوره كمشكاة} أي كوة في جدار {فيها مصباح المصباح في زجاجة} من بلور، {والزجاجة} في صفائها وصقالتها مشرقة
{كأنها كوكب دري} والكوكب الدري هو المضيء المشرق كأنه درة بيضاء صافية، وقوله: {يوقد من شجرة مباركة} أي وزيت المصباح من شجرة مباركة وهي الزيتونة والزيتونة لا شرقية ولا غربية في موقعها من البستان لا ترى الشمس إلا في الصباح، ولا غربية لا ترى الشمس إلا في المساء بل هي وسط البستان تصيبها الشمس في كامل النهار فلذا كان زيتها في غاية الجودة يكاد يشتعل لصفائه، ولو لم تمسه نار، وقوله تعالى: {نور على نور} أي نور النار على نور الزيت وقوله تعالى: {يهدي الله لنوره من يشاء} يخبر تعالى أنه يهدي لنوره الذي هو الإيمان والإسلام والإحسان من يشاء من عباده ممن علم أنهم يرغبون في الهداية ويطلبونها ويكملون ويسعدون عليها.
وقوله: {ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم} يخبر تعالى: أنه يضرب الأمثال للناس كهذا المثل الذي ضربه للإيمان وقلب عبده المؤمن وأنه عليم بالعباد وأحوال القلوب، ومن هو أهل لهداية ومن ليس لها بأهل، إذ هو بكل شيء عليم.
البلاغة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي:
1. التشبيه التمثيلي (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح .... ) شبه نور الله الذي وضعه في قلب عبده المؤمن بالمصباح الوهاج في كوة داحل زجاجة تشبه الكوكب الدري صفاءً وحسناً، وسمي تمثيلياً لأن وجه الشبه منتزع من متعدد وهو من روائع التشبيه.
الإعجاز العلمي: قام العالم أديسون مخترع المصباح الكهربائي، بأكثر من آلف تجربة قبل أن ينجح في اكتشافه، الذي لم يتكلل بالنجاح إلا بعد أن هداه الله إلى وضع زجاجة حول المصباح، لتغطي السلك المتوهج، وتزيد من شدة الإضاءة، ويصبح المصباح قابلاً للإستخدام من قبل الناس، ولو كان هذا العالم يعلم ما في القرآن الكريم من آيات معجزات، لعلم أن مصباحه بحاجة إلى أن يغطى بزجاجة، كي ينجح ويضئ لمدة طويلة كما يجب، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: "الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري"
ما ترشد إليه الآية الكريمة:
1. أن نور الله جل جلاله هو مصدر الهداية للناس، وأن أحداً من أعداء الله لن يستطيع إطفاء ذلك النور.
2. أن الزيتون شجرة مباركة، فيها غذاء ودواء وسراج.
3. أن الهداية بيد الله يهدي من يشاء.
4. أن الله تعالى عليم بكل شيء، وعلمه ببواطن الأمور كظواهرها، فالسر عنده إعلان.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البحر المديد، ابن عجيبة الجزء 4 ص 244، طبعة المكتبة الشاملة
[ line]
(يُتْبَعُ)
(/)
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) من سورة الزمر
معاني الكلمات: نفس واحدة: آدم عليه السلام
زوجها: حواء
ظلمات ثلاث: البطن والرحم والمشيمة
المعنى الإجمالي: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة، وهو آدم عليه السلام {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، وهي حواء، عليهما السلام، كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء:1].
وقوله: {وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية، أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام:143]، {وَمِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام:144].
وقوله: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} أي: قدركم في بطون أمهاتكم {خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} أي: يكون أحدكم أولا نطفة، ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة، ثم يخلق فيكون لحما وعظما وعصبا وعروقا، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14].
وقوله: {فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ} يعني: ظلمة الرحم، وظلمة المشيمة -التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد -وظلمة البطن. كذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، وقتادة، والسدي، وابن زيد
الإعجاز العلمي:
قام فريق الأبحاث الذي كان يجري تجاربه على إنتاج ما يسمى بأطفال الأنابيب، بعدة تجارب فاشلة في البداية، واستمر فشلهم لفترة طويلة، قبل أن يهتدي أحدثهم ويطلب منهم إجراء التجارب في جو مظلم ظلمة تامة، فقد كانت نتائج التجارب السابقة تنتج أطفالاً مشوهين، ولما اخذوا برأيه واجروا تجاربهم في جو مظلم تماماً، تكللت تجاربهم بالنجاح. ولو كانوا يعلمون شيئا من القرآن الكريم لاهتدوا إلى قوله تعلى، ووفروا على أنفسهم التجارب الكثيرة الفاشلة، لأن الله تعالى يقول: "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون"
والظلمات الثلاث التي تحدث عنها القرآن هي: ظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين وهي
(غشاء الأمنيون، والغشاء المشيمي، والغشاء الساقط).ظلمة الرحم الذي تستقر به تلك الأغشية. ظلمة البطن الذي تستقر فيه الرحم.
ما ترشد إليه الآية الكريمة:
1. أن الله تعالى له الملك ولا يكونه في ملك إلا ما يشاء.
2. أن الله تعالى يمتن على عباده بأن رزقهم من الأنعام ثمانية أزواج، لذا وجب على العباد شكر هذه النعمة.
[ line]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) من سورة فاطر
معاني الكلمات:
جدد: جمع جدة أي طريقة ظاهرة من قولهم طريق مجدود أي مسلوك مقطوع (1).
غرابيب: حالك اللون
المعنى الإجمالي: يقول تعالى منبها على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفا ألوانها، من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو المشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
البلاغة:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. الإستفهام التقريري في قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ......... ).
2. التضاد في قوله تعالى "جدد بيض " وقوله تعالى " غرابيب سود"
ما ترشد إليه الآية الكريمة:
1. ضرورة التفكر في خلق الله جل جلاله
2. أن الله تعالى أنعم على الناس بالغيث والثمرات المختلفة والجبال الملونة، فوجب على كل عبد أن يشكره.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) غريب القرآن للأصفهاني، الجزء الأول ص 89، طبعة المكتبة الشاملة
[ line]
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) من سورة الممتحنة.
معاني الكلمات:
أولياء تلقون إليهم بالمودة: أي لا تتخذوهم أنصاراً توادونهم.
وقد كفروا بما جاءكم من الحق: أي الإِسلام عقيدة وشريعة.
يخرجون الرسول وإياكم: أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم (1).
المعنى الإجمالي: نهي للمسلمين ان يتخذوا من أعداء الدين أولياء، إن كان المسلمون قد اخلصوا نياتهم في جهادهم وهجرتهم، وقد أخرجو المسلمين من ديارهم وكذلك رسول الله صلى عليه وسلم، فمثل هؤلاء لا ينبغي للمسلم أن يتخذهم أنصاراً، ومن يفعل ذلك فقد حاد عن سواء السبيل سبيل المؤمنين
سبب نزول الآية:
وقد أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وقصة الرسالة مع الظعينة لأهل مكة قبل الفتح بإخبارهم بتجهز المسلمين إليهم مما يؤيد المراد بالعدو هنا (2)
البلاغة:
1. التضاد في قوله تعالى أخفيتم وأعلنتم
2. استخدام الفعل يخرجون للدلالة على استمرار إيذاء الكفار للمسلمين.
ما ترشد إليه الآية الكريمة:
1. وجوب ترسخ عقيدة الولاء للمسلمين و البراء من الكافرين في قلوب المؤمنين.
2. أن الحق والباطل في حالة تدافع مستمر، وعداء مستحكم، فعلى المسلم ان يعد العدة لمواجهة الباطل.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) أيسر التفاسير للجزائري، ج 4 ص 241، طبعة المكتبة الشاملة
(2) الشنقيطي الجزء 8 ص 217، طبعة المكتبة الشاملة
[ line]
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[04 Jun 2006, 09:14 م]ـ
هل أكمل هذه التأملات؟
شكراً لكم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Sep 2006, 02:16 م]ـ
نعم أكمل وفقك الله , خاصة في هذا الشهر الكريم.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[01 Oct 2006, 01:58 م]ـ
نعم أكمل وفقك الله , خاصة في هذا الشهر الكريم.
بارك الله فيك أخي أحمد وشكر الله جهدك
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[15 Nov 2006, 02:36 ص]ـ
أسأل الله ان ينور قلبك ووجهك وصراطك وقبرك
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[15 Nov 2006, 08:02 م]ـ
أسأل الله ان ينور قلبك ووجهك وصراطك وقبرك
بارك ا لله فيك أخي الحبيب سامي
ولك من الدعاء مثله وأزود
شكراً لك(/)
للأهمية: سؤال عن رسالة (أسباب النزول الواردة في كتاب "جامع البيان")
ـ[أم البراء]ــــــــ[30 May 2006, 08:12 م]ـ
وهي رسالة دكتوراة بعنوان: (أسباب النزول الواردة في كتاب "جامع البيان" للإمام ابن جرير الطبري: جمعا وتخريجا ودراسة) أعدها الطالب: حسن بن محمد بن علي شباله البلوط، لقسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى 1419 هـ ..
وسؤالي: هل هي مطبوعة؟ أو لها نسخة الكترونية على الشبكة؟
وجُزيتم خيرا ..
ـ[أم البراء]ــــــــ[29 Nov 2006, 06:23 ص]ـ
هل ثمة من يفيدني عن طريقة للحصول على هذه الرسالة؟
ـ[عبد الله]ــــــــ[03 Dec 2006, 11:41 م]ـ
الأخت أم البراء
الرسالة موجودة في مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض، وقديماً حصلت منها على المقدمة وخطة البحث والفهرس.
ويمكن الحصول عليها من المكتبة بالحضور أو المراسلة.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[04 Dec 2006, 11:56 م]ـ
لدي نسخة من هذه الرسالة ولامانع من اعارتها
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[05 Dec 2006, 02:27 ص]ـ
لقد كنت أحد الحضور حين مناقشة هذه الرسالة , وإن لم أكن واهماً فقد كان الدكتور الفاضل فهد الرومي أحد المناقشين , فليته يتكرم بذكر تقييمه لهذه الرسالة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Dec 2006, 09:35 ص]ـ
اثني بما ذكر الدكتور الفاضل احمد البريدي وارجو من الدكتور فهد اكرمه الله ان يتكرم بذكر ما يتعلق بالرسالة وهل حرر صاحبها مسائل اسباب النزول من تفسير الطبري تحريرا جيدا(/)
فن الاحتباك
ـ[الحكيمة]ــــــــ[01 Jun 2006, 01:30 م]ـ
بسم الله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى:
أعضاء هذا الملتقى المبارك: ماذا تعرفون عن فن الاحتباك ومَن من المفسرين من أكثر من ذكره في تفسيره؟
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[01 Jun 2006, 02:40 م]ـ
الاحتباك باب من البديع مبني على مبدأ الحذف والاختصار ....
وصورته الشكلية كالتالي:
لنفرض متوالية مكونة من أربعة عناصر نرمز لها بالأرقام:
1 - 2 - 3 - 4
نقسم الرباعي إلى ثنائيتين.
1 - 2
3 - 4
أفقيا توجد علاقة تقابل فردي –زوجي.
عموديا توجد علاقة تشابه فردي- فردي (3.1) ...... زوجي- زوجي. (2 - 4)
يحصل الاحتباك بحذف عنصرين على المحور الوتري .. (1.4) أو (2.3)
فلا يبقى إلا عنصران: 2 و3. (أو1و4)
لكننا بواسطة المذكورين نستحضر ذهنيا المحذوفين:
ف2 المذكورة تدل على مقابلها المحذوف1.
و3 المذكورة تشير إلى مقابلها المحذوف 4.
وهذه صورة حقيقية:
قوله تعالى: ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء.
ذهب أبو حيان وآخرون إلى أن تخرج بيضاء جواب لأمر مقدر وليس للأمر المذكور أي ادخل يدك ...... فيكون التقدير العام:
1 - أدخل (يدك في جيبك) ......... 2 - تدخل.
3 - أخرجها ............. 4 - تخرج (بيضاء من غير سوء.)
لكن الآية اقتصرت على 1و4أي فيها احتباك
ادخل يدك في جيبك .... تخرج بيضاء من غير سوء.
فدل فعل الأمر المذكور (أدخل) على جوابه المحذوف .. (تدخل)
ودل جواب الأمر المذكور (تخرج بيضاء) على فعله المحذوف. (أخرجها).
والله أعلم.
من المفسرين الذين اعتنوا بهذا الوجه البديعي الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير والألوسي في روح المعاني.
ـ[عرفات محمد]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:04 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد ..
فقد وفقنى الله لكتابة بحث بعنوان (بلاغة الاحتباك في القرآن الكريم) وقد تم تحكيمه وأجيز ولله الحمد في ترقيتى إلى درجة أستاذ مشارك بكلية القرآن الكريم جامعة الأزهر، ولو كنت أعرف طريقة إرساله إلى المنتدى لفعلت، وإلى ان يتيسر لى معرفة الطريقة أقول الآن: إن أكثر من تكلم في الاحتباك واعتنى به الإمام البقاعى في كتابه: (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) وقد ذكر السيوطى في الإتقان ان البقاعى قد أفرده بالتصنيف. وسوف أوافيكم ببحثى عما قريب إن شاء الله.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[02 Jun 2006, 10:56 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله
الاحتباك فن عزيز من فنون البلاغة، وسر لطيف من أسرار هذه اللغة، وهو من ألطف أنواع البديع، وأبدعها. وقلَّ من تنبَّه له، أو نبَّه عليه، من أهل فنِّ البلاغة- كما قال السيوطي في (الإتقان). وقد ذكره الزركشي في (البرهان)، ولم يسمِّه هذا الاسم، بل سماه: (الحذف المقابلي)، وقد أكثر منه برهان الدين البقاعي في تفسيره العجيب نظم الدرر وقال عنه: وهو فن عزيز نفيس وقد جمعت فيه كتاباً حسناً ذكرت فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته " الإدراك لفن الاحتباك ". نظم الدرر (1/ 31)
وقد ذكر البقاعي كتابه هذا في فهرسته الذي جمع فيه مؤلفاته برقم (41) وقام بجمعه الدكتور: محمد أجمل أيوب الإصلاحي
تعريفه: - قال الجرجاني:
الاحتباك: هو أن يجتمع في الكلام متقابلان، ويحذف من كل واحد منهما مقابله، لدلالة الآخر عليه كقوله: علفتها تبنا وماء باردا
أي علفتها تبناً، وسقيتها ماءً بارداً.
- ونقل الزركشي عن الأندلسي قوله في شرح (البديعية):” من أنواع البديع: (الاحتباك)؛ وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول " قال البقاعي: وهو أن يؤتى بكلامين يحذف من كل منهما شيء إيجازاً، يدل ما ذكر من كل على ما حذف من الآخر، وبعبارة أخرى: هو أن يحذف من كل جملة شيء إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه " نظم الدرر (2/ 18).
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر في تفسيره ما يقارب من (250) آية تصلح أن تكون مثالا لهذا الفن البديع، وأوضح الآيات رأيتها تقرب فهم هذا الفن قوله تعالى: "وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ " قال رحمه الله: " وقد علم بهذا أن الآية من الاحتباك حذف من الأول مثل الداعي لدلالة الناعق عليه ومن الثاني المنعوق به لدلالة المدعوين عليه " نظم الدرر (1/ 148)
وقوله تعالى: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ".قال رحمه الله: " قد كان لكم آية " أي عظيمة بدلالة تذكير كان " في فئتين" تثنية فئة ـ للطائفة التي يفيء إليها ـ أي يرجع ـ من يستعظم شيئاً، استناداً إليها حماية بها لقوتها ومنعتها " التقتا "أي في بدر " فئة " أي منهما مؤمنة، لما يرشد إليه قوله: " تقاتل في سبيل الله " أي الملك الأعلى لتكون كلمة الله هي العليا، ومن كان كذلك لم يكن قطعاً إلا مؤمناً "وأخرى " أي منهما "كافرة " أي تقاتل في سبيل الشيطان، فالآية كما ترى من وادي الاحتباك " نظم الدرر (2/ 18)
ومن مارس الحواشي والمتون أدرك أن الفقهاء يستعملونه كثيرا كما ذكر البقاعي رحمه الله، وبما أن البقاعي شافعي المذهب فلا شك أنه أكثر من ذكر الأمثلة الفقهية في كتابه " الإدراك لفن الاحتباك " فو أسفاه على ضياع هذا الكتاب، واقتداء به رحمه الله سنذكر مثالا فقهيا ولكنه على مذهب مالك جاء في مواهب الجليل للحطاب: " والتحريم بعقده ووطئه "
ش: هو كقول ابن الحاجب في موانع الزوجية: وكل نكاح اختلف فيه اعتبر عقده ووطؤه ما لم يكن بنص , أو سنة ففي عقده قولان. قال في التوضيح: معنى كلامه أن كل نكاح اختلف العلماء في صحته وفساده والمذهب قائل بالفساد ; فإنه يعتبر عقده فيما يعتبر فيه العقد ووطؤه فيما يعتبر فيه الوطء فيحرم بالعقد على أمهاتها وتحرم بالوطء على آبائه وأبنائه وتحرم عليه البنت بالدخول بالأم فيه وقوله: ما لم يكن بنص , أو سنة يعني أنه اعتبر العقد والوطء إلا أن يكون الفساد بنص كتاب الله , أو سنته فحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول ففي عقده قولان , ويعتبر وطؤه بالاتفاق وقال في المقدمات: والمشهور أن الحرمة تقع بكل نكاح لم يتفق على تحريمه ونفى غيره الخلاف ورأى أن المذهب كله على التحريم فإن قلت: كيف يكون فيه نص كتاب الله , أو سنته ويختلف فيه؟ " ثم قال رحمه الله: فقوله: فحذف من الأول إلخ هو من النوع المسمى بالاحتباك من أنواع البديع وهو أن يحذف من أحد شقي الكلام نظير ما أثبته في الثاني ومن الثاني نظير ما أثبته في الأول ومنه قوله تعالى " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع " أي ومثل الأنبياء والذين كفروا كمثل الذي ينعق وينعق به وجعل منه السيوطي قوله تعالى" لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " على أن المراد بالزمهرير البرد أي لا يرون فيها شمسا ولا قمرا ولا حرا ولا زمهريرا ومنه قوله تعالى" وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء" التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء وذكر أنه لم يقف عليه في شيء من كتب البديع إلا أنه خطر له في الآية المذكورة أعني قوله " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " وهذا النوع لطيف وإنه لا يعرف في أنواع البديع ما يدخل تحته , ثم ذكر ذلك لصاحبه برهان الدين البقاعي فأفاده أن بعض شيوخه أفاد أن هذا النوع يسمى الاحتباك , ثم وقف عليه في شرح بديعية ابن جابر لصاحبه أحمد بن يوسف الأندلس قال ومن ألطفه قوله تعالى" خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " أي صالحا بسيئ وآخر سيئا بصالح ومأخذه من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين آثار الصنعة وبيانه أن مواضع الحذف أشبهت الفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل وقد ذكره الخلوي في بديعيته والله أعلم.
وللأستاذة البتول وهي إحدى رواد هذا الملتقى المبارك بحث عن البقاعي لعلها تبرز لنا أهمية فن الاحتباك في ادراك المناسبات
ـ[عدنان الاسعد]ــــــــ[01 Jul 2006, 08:14 م]ـ
اني اخوك في الله
عدنان الاسعد
اكملت بحمد الله وشكره بحثي للماجستير عن الاحتباك في القران الكريم دراسة بلاغية
واذا اردت اي مساعدة فان مستعد لارسال البحث برا او عن طريق البريد الالكتروني
واذا اردت البحث ارجو اعلامي وبريدي هو adnanasaad@yahoo.com
ومن الله التوفيق
عدنان الاسعد
المدرس المساعد في جامعة الموصل
والسلام عليكم ورحمة اله وبركاته
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[01 Jul 2006, 10:08 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله:
بارك الله فيك أخي أسعد، وجزاك ربي أفضل الجزاء وأوفره، على ما أنتجت قريحتك وخطت أناملك.
فما زلتم يا أهل العراق محل القدوة، كان شيخي الدكتور سامي الكناني -حفظه الله - وهو عراقي يقول:" إن الكتاب يُكتب في مصر، ويُطبع في لبنان، ويُقرأ في العراق "
أنظر بريدك الخاص(/)
صدر حديثاً كتاب (الدُّرَّةُ في تفسير سورة البقرة) للأستاذة ميادة الماضي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2006, 03:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدرت عن مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى (1427هـ) من كتاب (الدرة في تفسير سورة البقرة) للأستاذة ميادة بنت كامل الماضي. وهذا الكتاب تفسير موضوعي لسورة البقرة، صنفته المؤلفة لطالباتها في مراكز القرآن الكريم، ليكون عوناً لهنَّ على الحفظ وإتقانه، مع فهم معاني القرآن الكريم فهماً صحيحاً ميسراً، مستعينة على ذلك بتقسيم السورة إلى مقاطع مترابطة موضوعياً.
http://www.tafsir.net/images/dorrahbagarah.jpg
ويقع الكتاب في مجلد من القطع العادي، وبلغت صفحاته 567 صفحة، وطباعته أنيقة، وورقه فاخر. وقد قدم للكتاب الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي، وأثنى عليه خيراً، وأشار إلى أن المؤلفة في منهجها الذي سارت عليه، وهدفها الذي قصدته من الكتاب (مبتكرة لم تسبق إلى هذا، وهي حين تقدمه لا تقدمه للتجربة، بل تقدمه بعد أن جربته مراراً، ورأت آثاره وفائدته، فأرادت أن يعم أثره ونفعه).
وقد بينت المؤلفة هدفها من تصنيف الكتاب فقالت: (وقد سلكتُ في هذا الكتاب مسلكاً يتناسب مع الهدف الذي قصدته من جمعه، ألا وهو أن يكون دليلاً لكل من أراد أن يحفظ كتاب الله بأن يكون حفظه معتمداً على تقسيم الآيات حسب المعاني التي اشتملت عليها) وقد أشارت المؤلفة إلى تجربتها في التدريس في دور القرآن الكريم، ورغبتها في علاج مشكلة ضعف الحفظ، وسرعة تفلته عند الطالبات فقالت: (ومما حثني على كتابته ما لمسته من ضعف الحفظ، وسرعة تفلته عند كثير من الحفظة، وذلك من خلال عملي بالتدريس في دور القرآن لعدة سنوات، وقد اتبعتُ هذه الطريقة في تدريسي ولقيت نجاحاً كبيراً بفضل الله وتوفيقه). فهي بهذا لا تطرح الكتاب للتجربة، وإنما جربته مراراً فرأت فائدته، ونجاعته فرأت نشره لينتفع به الجميع، وقد أشارت في رسالة لها إلى أن الكتاب مقرر في عدد من دور تحفيظ القرآن الكريم في الرياض وفي غيرها من مناطق المملكة، مما يدل على ما لقيه ولله الحمد من قبول.
وقد سارت فيه المؤلفة على منهجٍ ذكرته في تقديمها فقالت - مع تصرف واختصار -:
1 – اعتمدت في تفسيري هذا على طريقة تقسيم السورة إلى معانٍ رئيسة، يشتمل كل منها على معانٍ داخلية، مع الإشارة إلى الآيات الدالة على المعنى.
2 - قمت بالتقسيم السابق ولكن لم ألتزم [به] في التفسير إذا حدث انقطاع في المعنى أو عدم اكتمال، فقد أدخلتُ بعض الآيات من ربعٍ في الربع الذي يليه، أو يسبقه، مراعاة للمعنى.
3 - وضعتُ في بداية كل ربعٍ شعاراً يوضح الأجزاء التي استغرقتها السورة، وقمت بتظليل الأرباع بوضع خطوط مائلة، وميزت الربع المطلوب بتظليله بمعينات حمراء صغيرة.
4 - اعتمدت في تفسيري على أمهات كتب التفسير، كتفسير القرآن العظيم لابن كثير رحمه الله تعالى، وتفسير أضواء البيان للشنقيطي، وتفسير تيسير الكريم الرحمن للسعدي، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، والتفسير المسموع والمطبوع للشيخ محمد بن عثيمين، وخاصة فقرة هداية الآيات، حيث نقلت الكثير منها لما فيها من فوائد جليلة، إضافة إلى بعض التفاسير اللغوية والفقهية.
5 - حرصت على ذكر بداية ربع الحزب ونهايته حسب تحزيب القرآن المعتمد في المصاحف العثمانية، ثم ذكرت بداية الربع ونهايته حسب المعنى بما فتح الله عليَّ معتمدة على ما سطره علماء التفسير الموضوعي في هذا الجانب، ثم شرعت في تقسيم الربع حسب المعنى إلى معانٍ رئيسة كل منها يشتمل على معانٍ داخلية.
6 - بدأت بعد ذلك بشرح المفردات شرحاً لغوياً محاولة اختيار أرجح الأقوال في معنى المفردة، أو ذكرها جميعاً إذا لم يكن هناك راجح، ثم شرحت الآيات شرحاً إجمالياً، وتجنبت الإطالة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وحرصت على التعبير عن المعنى بعبارات بسيطة، حتى يسهل على الدارس حفظها والرجوع إليها، لأن الهدف كما سبق تيسير الحفظ على حفظة كتاب الله، ومن ثم أتبعت الشرح الإجمالي هداية الآيات والفوائد المستنبطة منها.
8 - حرصت على التنبيه إلى التناسب بين خاتمة الآية ومضمونها أو سياقها، عملاً بالقاعدة التي ذكرها الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في قواعد تفسير القرآن: أن سياق الآية يتناسب مع خاتمتها. وذلك لما لمسته من خطأ حفظة كتاب الله في خواتيم الآيات واستبدال خاتمة آية بأخرى غير مناسبة، ويظهر هذا الجانب واضحاً بإذن الله خلال الكتاب.
9 - عرضت لذكر الأحكام الفقهية وخاصة في آيات الأحكام، وتجنبت ذكر الأ قوال المتعددة في المسائل، مكتفية بذكر القول الراجح عند أهل العلم في الغالب.
10 - عرضت لذكر بعض المسائل العقدية المهمة، وخاصة عقيدة أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، وغير ذلك من المسائل العقدية المهمة، كما ذكرت بعض المسائل الأصولية في التفسير، والفقه، لتتم الفائدة لمن لم يتيسر له أخذ مثل هذه المسائل بالدراسة.
11 - ذكرت بعض اللطائف والنكات اللغوية التي تشير إلى إعجاز القرآن). انتهى بتصرف من كلام المؤلفة.
والكتاب مفيد لقارئه، وفيه ربط لأجزاء السورة بعضها مع بعض، وقد أخلته المؤلفة من الحواشي والتوثيقات رغبة في عدم تشتيت الذهن، ولا سيما ذهن الحافظ الذي صنف هذا الكتاب له بالدرجة الأولى.
وقد صنف الدكتور محمد عناية الله أسد سبحاني كتاباً بعنوان (البرهان في نظام القرآن في الفاتحة والبقرة وآل عمران) على منهج التفسير الموضوعي، الذي يتوخى البحث عن الموضوع الرئيسي للسورة وتقسيمها إلى موضوعات جزئية، غير أنه يختلف في غايته عن كتاب الدرة في تفسير سورة البقرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو الروب]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:40 ص]ـ
مشاء الله ولكن يحبذا لو وضحتم اكثر معنى التقسيم الموضوعي بضرب المثال تكرما وتفضلا
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:47 ص]ـ
هل من إمكانية لنزيله على الشبكة لتعم منه الفائدة؟
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[22 Jun 2006, 12:08 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي القعقاع ولكن حقوق الطبع محفوظة للناشر حسب ظني والله أعلم.
ـ[سمير الملحم]ــــــــ[09 Aug 2010, 11:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا التقديم الجيد للكتاب(/)
دار المعرفة تعبث بـ (الكشاف)!!
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[01 Jun 2006, 03:35 م]ـ
http://www.tafsir.net/images/alkashhaf.jpg
اشتريت قبل سنة تفسير الزمخشري المعروف بـ (الكشاف)، وقد طبع في مجلد واحد، وأنا من المعجبين بطريقة التكثيف التي سارت عليها دور النشر في العقد الأخير لأنّ جمع الكتاب الكبير المتعدد الأجزاء في جُزءٍ واحد يقوّي الهمّة عليه واتخاذ القرار على قراءته كاملاً. لكنني فوجئت بكثرة الأخطاء الطباعية من البداية. مما حدا بي أن أقوم بترقيم الأخطاء وتصحيحها بقلم أخضر فإذا بالكتاب ينقلب أخضر لكثرة ما أجده في كل صفحة من أخطاء.
لكن ما زادني حنقاً أزال متعة قصع القمل التي كنت أمارسها مع الطباعة السقيمة هو تغيير موضع الآيات. فالآية 133 من الأنعام قد وضعت محل نظيرتها من (سورة الأعراف)!!!
وحين وصلتُ إلى سورة الدخان وجدتني أصل الرقم 3000 من الأخطاء المطبعية!!
ثمّ لما ذهبت إلى معرض (أبو ظبي) للكتاب، وجدت موقع (دار المعرفة) تبيع كتبها للناس، ونسخة الكشاف تتلألأ من بعيد في وسط الدكان. فسألت الرجل لمن هذه الدار ومن أنت؟ فأجابني أنها لرجل سوريّ وأنه مجرد مندوب. كأنه خاف!! فاشتريت منه نسخة الكشاف لأشكوه الى مدير المعرض. فدفعت 12$ وأخذت النسخة إلى مدير المعرض فقلت له (لقد عبثت هذه الدار بهذا الكتاب العظيم عبثاً عظيما، ذاك أني قد أحصيت لها 3000 خطأ طباعياً حتى سورة الدخان، فكيف لو أكملت قراءته؟ والطامة تغيير بعض الآيات عن مواضعها من السور مثل الآية 133 من سورة الأنعام!!) فقام معي وأخبر مندوب الدار أن لا يبيع هذه النسخة بعد اليوم. ثم سألني هل رضيت؟ فقلت كلا بل أطالب بإغلاق هذه الدكان ومنع هذه الدار من البيع وإعلان طردها من المعرض. فقد أخبرتك بحال الكشاف فقط. وأنا لا أعلم ماذا فعلت بالطبري وبما تراه من مجلدات ذهّبت عناوينها وشوهت مضامينها. فقال: نحتاج قرارا من القاضي. والوقت ما يمدينا (يكفينا)!
ترى إلى كم نتساهل مع مثل هؤلاء العابثين؟
والله إن ما حصل للكشاف على يد (دار المعرفة) السورية لا أظنه يجري لأي كتاب في العالم. ولو تعمّد لصٌّ تشويهه ما زاد على ما فعلت هذه الدار.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2006, 04:18 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التنبيه، وقد وجدت من قبل بعض الأخطاء في هذه الطبعة المضغوطة في مجلد واحد، لكن لم أتتبعها، ولم أتوقع أن تكون بهذه الكثرة. وهذه صورة ما تفضلتم بالإشارة إليه.
http://www.tafsir.net/images/kashafrong.jpg
حيث كتبوا الآية رقم (133) من سورة الأنعام، بدل الآية رقم (133) من سورة الأعراف وهي قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[01 Jun 2006, 06:32 م]ـ
شكراً جزيلاً أخي الدكتور عبدالرحمن على وضع صورة الكتاب وتوثيقكم بالصورة للآية المذكورة، وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:16 ص]ـ
هذه معلومات مهمة عن هذه الدار.
والرجاء أن يكثف الحديث عن هذه الطوام في هذا المنتدى حتى يستطيع طالب العلم معرفة الدور التي تعتني بالكتب، والدور التي تمتطيها وتهينها.
الرجاء النظر في هذا الموضوع، وتأمله من نواح عدة حتى لا يقع المنتدى في شيء لا يحمد عند الصباح.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:49 ص]ـ
مع الأسف، لقد صار الربح التجاري هو الأصل عند بعض الدور، والله المستعان.
وكما قال الدكتور عبد الرحمن الصالح من الفرح بضغط الكتب الكبيرة، لكن مع الأسف قلَّ من الدور من يعتني بمراجعة وتدقيق الطبعة، فضلاً على مراجعتها على نسخ خطية، لذا لا يحرص المرء على هذه المطبوعات إلا بعد سبر غورها، وكما قيل: قديمك نديمك.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[02 Jun 2006, 10:12 ص]ـ
إحدى الدور الجيدة - حسب وجهة نظري- ضغطت كتاب أضواء البيان في مجلد واحد، لكن حذفت بعض الأشياء في الكتاب كالاستطرادات الخلافية، فهل هذا العمل مقبول؟
ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[06 May 2010, 12:30 م]ـ
http://www.tafsir.net/images/kashafrong.jpg
حيث كتبوا الآية رقم (133) من سورة الأنعام، بدل الآية رقم (133) من سورة الأعراف وهي قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}.
ويظهر في الصورة أيضا خطأ مطبعي في آخر السطر الأول حيث كتبوا (لتحسرنا بها) بدلا من (لتسحرنا بها) فجزى الله خيرا مشرفنا الفاضل ودكتورنا الكريم صالح على هذا التنبيه.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[08 May 2010, 11:20 ص]ـ
كثير من دور النشر حقيقة بان نسميها كما سماها مولانا العلامة فضل عباس: انها دور نشل وليست بدور نشر(/)
فوائد منتقاة من أضواء البيان للشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Jun 2006, 06:40 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع سنته وهداه ..
وبعد/
فهذه أجوبةٌ لبعض الإشكالات المتضمنة للكثير من الفوائدِ منتقاةٌ من كتاب أضوا البيان للحبر العلامة (محمد الأمين الشنقيطي) رحمه الله تعالى وغفر له, والتي أظن أن الشيخ كان يطرحها ليدرأ بها ما يتوقع وروده على ذهن القارئ من تساؤلات وإشكالات ...
1 - عند قوله تعالى {الرحمن الرحيم} في سورة الفاتحة قال الشيخ رحمه الله (هما وصفان لله تعالى واسمان من أسمائه الحسنى مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة, والرحمن أشد مبالغة من الرحيم لأن الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا, وللمؤمنين في الآخرة, والرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة, وعلى هذ أكثر العلماء , وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا.
وفي تفسيربعض السلف ما يدل عليه كما قاله ابن كثير ويدل له الأثر المروي عن عيسى
- كما ذكره ابن كثير وغيره - أنه قال عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة , والرحيم لرحيم الآخرة) وقد اشار تعالى إلى هذا الذي ذكرنا حيث قال تعالى {ثم استوى على العرش الرحمن} وقال {الرحمن على العرش استوى} فذكر الاستواء باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته, قاله ابن كثير, ومثله قوله تعالى {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن} أي: ومن رحمانيته لطفه بالطير وإمساكه إياها صافات وقابضات في جو السماء, ومن أظهر الأدلة على ذلك قوله تعالى {الرحمن* علم القرآن * ... إلى قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان*} وقال {وكان بالمؤمنين رحيما} فخصهم باسم الرحيم ..
فإن قيل: كيف يمكن الجمع بين ما قررتم وبين ما جا في الدعا المأثور من قوله صلى الله عليه وسلم {رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما}؟؟؟
فالظاهر في الجواب - والله أعلم - أن الرحيم خاص بالمؤمنين كما ذكرنا , لكنه لا يختص بهم في الآخرة؛ بل يشمل رحمتهم في الدنيا أيضا فيكون معنى رحيمهما: رحمته بالمؤمنين فيهما.
والدليل على أنه رحيم بالمؤمنين في الدنيا أن ذلك هو ظاهر قوله تعالى {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما} لأن صلاته عليهم وصلاة ملائكته وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور رحمة بهم في الدنيا وإن كانت سبب الرحمة في الآخرة أيضا.
وكذلك قوله تعالى {ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم} فإنه جاء فيه بالباء المتعلقة بالرحيم الجار للضمير الواقع على النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار, وتوبته عليهم رحمة في الدنيا وإن كانت سبب رحمة الآخرة أيضا.
والعلم عند الله تعالى)
2 - عند قول الله تعالى (ومما رزقناهم ينفقون) في سورة البقرة,
قال الشيخ - رحمه الله - (عبر في هذه الآية الكريمة بمن التبعيضية الدالة على أنه ينفق لوجه الله بعض ماله لا كله, ولم يبين هنا القدر الذي ينبغي إنفاقه والذي ينبغي إمساكه, ولكنه بين في مواضع أخر أن القدرالذي ينبغي إنفاقه هو الزائد عن الحاجة وسد الخلة التي لا بد منها, وذلك كقوله {ويسألونك ما ذا ينفقون قل العفو} والمراد بالعفو الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات وهو مذهب الجمهور.
ومنه قوله تعالى {حتى عفوا} أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم. وقال بعض العلماء: نقيض الجهد, وهو أن ينفق مالا يبلغ إنفاقه منه الجهد , واستفراغ الوسع ومنه قول الشاعر:
خذي العفو مني تستديمي مودتي **** ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
وهذا القول راجع إلى ما ذكرنا وبقية الأقوال ضعيفة ..
وقوله تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط .. } فنهاه عن البخل بقوله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} ونهاه عن الإسراف بقوله {ولا تبسطها كل البسط} فيتعين الوسط بين الأمرين, كما بينه بقوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} فيجب على المنفق أن يفرق بين الجود والتبذير وبين البخل والاقتصاد , فالجود غير التبذير والاقتصاد غير البخل.
فالمنع في محل الإعطاء مذموم وقد نهى الله عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} واإعطاء في محلالمنع مذموم أيضا وقد نهى الله عنه نبيه صلى لله عليه وسلم بقوله {ولا تبسطها كل البسط} وقد قال الشاعر:
لا تمدحنَّ ابن عباد وإن هطلت ........... يداه كالمزن حتى تخجل الديما
فأنها فلتات من وساوسه ............ يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما
وقد بين تعالى أن الإنفاق المحمود لا يكون كذلك إلا غذا كان مصرفه الذيصرف فيه مما يرضى الله, كقوله تعالى (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين) .. الآية , وصرح بأن الإنفاق فيما لا يرضي الله حسرة على صاحبه في قوله تعالى {فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ... } الآية. وقد قال الشاعر:
إن الصنيعة لا تعدُّ صنيعةً ............. حتى يصاب بها طريق المصنع
فإن قيل: هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد على الحاجة الضرورية مع أن الله تعالى أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا وذلك في قوله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ... } الآية
فالظاهرفي الجواب - والله تعالى أعلم - هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالاً, ففي بعضالأحوال يكون الإيثار ممنوعا, وذلك كما إذا كانت على المنفق نفقات واجبة كنفقة الزوجات ونحوها , فتبرع بالإنفاق في غير واجب , وترك الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم (وابدأ بمن تعول) وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله ويرجع إلى الناس يسألهم مالهم , فلا يجوز له ذلك.
والإيثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة وكان واثقا من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال وأما على القول بأن قوله تعالى {ومما رزقناهم ينفقون} يعني به الزكاة فالأمر واضح -والعلم عند الله تعالى -)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Jun 2006, 08:11 م]ـ
3 - قوله تعالى {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم} قال الشخ رحمه الله:
(لا يخفى أن الواو في قوله (وعلى سمعهم وعلى أبصارهم) محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة على ما قبلها وأن تكون استئنافية.
ولم يبيَّن ذلك هنا ولكن بُيِّن في موضع آخر أن قوله (وعلى سمعهم) معطوف على قوله (على قلوبهم) وأن قوله (وعلى أبصارهم) استئناف , والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو (غشاوة) وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادُها على الجار والمجرور قبلها , ولذلك يجب تقديم هذا الخبر لأنه هو الذي سوغ الإبتداء بالمبتدأ كما عقده في الخلاصة بقوله:
ونحو عندي درهم ولي وطر .......... ملتزم فيه تقدم الخبر
فتحصل أن الختم على القلوب والأسماع , وأن الغشاوة على الأبصار وذلك في قوله تعالى {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة}
والختم هو الاستيثاق من الشيئ حتى لا يخرج منه داخل فيه ولا يدخل فيه خارج عنه , والغشاوة: الغطا على العين يمنعها من الرؤية. ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص:
هويتك إذ عيني عليها غشاوة .............. فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
وعلى قراة من نصب (غشاوة) فهي منصوبة بفعل محذوف أي: (وجعل على بصره غشاوة) كما في سورة الجاثية. وهو كقوله:
علفتها تبنا وماءا باردا .............. حتى شتت همالة عيناها
وقول الاخر:
ورأيت زوجك في الوغى ................ متقلدا سيفا ورمحا
وقول الآخر:
إذا ما الغانيات برزن يوما ................ وزججن الحواجب والعيونا
كما هو معروف في النحو, وأجاز بعضهم كونه معطوفا على محل المجرور ...
فإن قيل:
قد يكون الطبع على الأبصار أيضاً, كما في قوله تعالى في سورة النحل {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم} الآية
فالجواب:
أن الطبع على الأبصار المذكور في آية النحل هو الغشاوة المذكورة في سورة البقرة والجاثية والعلم عند الله تعالى)
ـ[ابو الروب]ــــــــ[02 Jun 2006, 12:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا ونفعنا الله بفوائدكم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jun 2006, 08:19 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله:
(قوله تعالى {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ .... } الآية.
ظاهر عمومه شمول الكتابيات, ولكنه بين في آية أخرى أن الكتابيات لسن داخلات في هذا التحريم, وهيقوله تعالى {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} ,
فإن قيل: الكتابيات لا يدخلن في اسم المشركات بدليل قوله {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين.} , وقوله {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} , وقوله {ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين} والعطف يقتضي المغايرة.
فالجواب: أن أهل الكتاب داخلون في اسم المشلركين كما صرح به تعالى في قوله {وقالت اليهود عزيرٌ ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون* اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحَ ابنَ مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا غله إلا هو سبحانه عما يشركون}
وعند قوله تعالى {فأتوا حرثكم أنى شئتم} قال الشيخ رحمه الله بعد مناقشته لمسألة إتيان النِّساء في أعجازهنَّ وذكره لقول القرطبي رحمه الله تعالى (وفي إجماعهم هذا - يعني على الحرمة - دليلٌ على ان الدبر ليس بموضع وطء, ولوكان موضعاً للوطء ما ردت من لا يوصَلُ إلى وطئها في الفرج.
قال الشيخ:
فإن قيل: قد يكون رد الرتقاء لعلة عدم النسل, فلا ينافي أنها توطأ في الدبر.
فالجواب: أن العقم لا يرد به , ولو كانت علة رد الرتقاء عدم النسل لكان العقم موجبا للرد.)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jun 2006, 10:22 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى في شروط الإمام الكبر عند قوله تعالى {إني جاعل في الرض خليفة}
(3 - من شروط الإمام الأكبر كونه حرّاً , فلا يجوز أن يكون عبداً , ولا خلاف في هذا بين العلماء.
فإن قيل: ورد في الصحيح ما يدل على إمامة العبد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اسمعوا واطيعوا وإن استُعمِل عليكم عبدٌ حبشيٌّ كأن رأسه زبيبة) ولمسلم من حديث أم الحصين (اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله) ولمسلم أيضاً من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي أن أطيع وأسمع وإن كان عبداً حبشيّاً مجدعَ الأطراف).
فالجواب من أوجه:
الأول: أنه قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود , فإطلاق العبد الحبشي لأجل لمبالغة في الأمربالطاعة , وغن كان لا يُتَصوَّر شرعا أن يليَ ذلك. ذكر ابن حجر هذا الجواب عن الخطابي.
ويشبه هذا الوجه قوله تعالى {قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين}.
الثاني: أن المراد باستعمال العبد الحبشي أن يكون مؤمراً من جهة الإمام الأعظم على بعض البلاد, وهو أظهرها فليس هو الإمام الأعظم.
الثالث: أن يكون أطلق عليه اسم العبد نظراً لاتصافه بذلك سابقا مع أنه وقت التولية حر, ونظيره إطلاق اليتيم على البالغ باعتباراتصافه به سابقاً في قوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم} الآية , وهذا كله فيما يكون بطريق الاختيار.
أما لو تغلب عبد حقيقة بالقوة فإن طاعته تجب , إخمادا للفتنة وصونا للدماء , ما لم يأمر بمعصة كما تقدمت الإشارة إليه , والمراد بالزبيبة في هذا الحديث واحدة الزبيب المأكول المعروف الكائن من العنب إذا جفَّ , والمقصود من التشبيه: التحقير وتقبيح الصورة , لأن السمع والطاعة إذا وجبا لمن كان كذلك دل ذلك على الوجوب على كل حال, إلا فالمعصية كما يأتي. ويشبه قوله صلى الله عله وسلم (كأنه زبيبة) قول الشاعر هجو رجلا أسودَ:
دنس الثياب كأن فروة رأسه ............... غرست فأنبت جانباها فلفلا)
ويقول الشيخ رحمه الله عند قول الله تعالى (الطلاق مرتان) بعد سرده لأقوال من أوقع الثلاث طلقةً واحدة ومن عدها ثلاثا محرِّمةً
يقول:
فإن قيل: غضب النبي صلى الله عليه وسلم وتصريحه بأن ذلك الجمع للطلقات لعبٌ بكتاب الله يدل على أنها لا تقع , لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منمه فهو رد) وفي رواية (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
فالجواب: أن كونه ممنوعا ابتداء لا ينافي وقوعه بعد الإيقاع , ويدل له ما سيأتي قريبا عن ابن عمر لمن سأله: وإن كنتَ طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك , وعصيت له فيما أمرك من طلاق امرأتك , ولا سيما على قول الحاكم: إنه مرفوع , وهذا ثابت عن ابن عمر في الصحيح ,ويؤيده ما سيأتي إن شاء الله قريبا من حديثه المرفوع عند الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (كانت تبين منك وتكون معصية) ويؤيده ما سيأتي إن شاء الله عن ابن عباس بإسنادٍِ صحيح أنه قال لمن سأله عن ثلاث أوقعها دفعة: إنك لم تتق الله فيجعل لك مخرجا, عصيت ربك , وبانت منك امرأتك.وبالجملة فالمناسب لمرتكب المعصية التشديد لا التخفيف بعد الإلزام)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Jun 2006, 08:49 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قول الحق سبحانه {إن يمسسكم قرحٌ فقد مسَّ القوم قرحٌ مثله}
قال:
فإن قيل: ما وجه الجمع بين الإفراد في قوله (قرحٌ مثله) وبين التثنية في قوله (قد أصبتم مثليها).
فالجواب والله تعالى اعلم: أن المراد بالتثنية قتل سبعين , وأسر سبعين يوم بدر, في مقابلة سبعين سوم أحد كما عليه جمهور العلماء.
والمراد بإفراد المثل: تشبيه القرح بالقرح في مطلق النكاية والألم, والقراءتان السبعيتان في قوله {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرحٌ مثله} بفتح القاف وضمها في الحرفين معناهما واحد , فهما لغتان كالضَّعف والضُّعف.
وقال الفراء: القرح بالفتح الجرح وبالضم ألمه. اهـ
ومن إطلاق العرب القرح على الجرح قول متمم بن نويرة التميمي:
قعيدك ألاَّ تُسمعيني ملامةً ............... ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[04 Jun 2006, 03:31 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله عند قول الحق تعالى {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}
(يُتْبَعُ)
(/)
تنبيه: (فإن قيل عموم قوله تعالى (إلا ما ملكت أيمانكم) لا يختص بالمسبيات بل ظاهر هذا العموم أن كل أمة متزوجة إذا ملكها رجل آخر فهي تحل له بملك اليمين , ويرتفع حكم الزوجية بذلك الملك, والآية وإن نزلت في خصوص المسبيات كما ذكرنا فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب؛؛
فالجواب: أن جماعة من السلف قالوا بظاهر هذا العموم فحكموا بأن بيع الأمة مثلاً يكون طلاقا لها من زوجها أخذا بعموم هذه الآية , ويروى هذا القولُ عن ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وجابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب والحسن ومعمر كما نقله عنهم ابن كثير وغيره.
ولكنَّ التحقيق في هذه المسألة هو ما ذكرنا من اختصاص هذا الحكم بالمسبية دون غيرها من المملوكات بسبب آخر غير السبي , كالبيع مثلاً وليس من تخصيص العام بصورة سببه , وأوضح دليل في ذلك قصة بريرة المشهورة مع زوجها مغيث.
قال ابن كثير في تفسير هذه الاية:بعد ذكره أقوال الجماعة التي ذكرنا في أن البيع طلاق ما نصه (وقد خالفهم الجمهور قديما وحديثاً فرأوا ان بيع الأمة ليس طلاقا لها , لأن المشتري نائب عن البائع , والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة وباعها مسلوبة عنه, واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرج في الصحيحين وغيرهما , فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث بل خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء فاختارت الفسخ , وقصتها مشهورة فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء ما خيرها النبي صلى الله عليه وسلم , فلما خيرها دل على بقاءالنكاح وأن المراد من الآية المسبيات فقط.والله أعلم اهـ منه بلفظه.
فإن قيل: إن كان المشتري امراةلم ينفسخ النكاحُ لأنها لا تملك الاستمتاع ببضع الأمة بخلاف الرجل , وملك اليمين أقوى من ملك النكاح كما قال بهذا جماعة, ولا يرد على هذا القول حديث بريرة.
فالجواب: هو ما حرره العلامة ابن القيم رحمه الله وهو أنها إن لم تملك الاستمتاع ببضع أمتها فهي تملك المعاوضة عليه وتزويجها وأخذ مهرها وذلك كملك الرجل وإن لم يستمتع بالبضع.
فإذا حققت ذلك علمت أن التحقيق في معنى الاية (والمحصنات من النساء) أي المتزوجات (إلا ملكت أيمانكم) بالسبي من الكفارفلا منع في وطئهن بملك اليمين بعد الاستبراء , لانهدام الزوجية الأولى بالسبي كما قررنا , وكانت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها متزوجة برجل اسمه مسافع فسبيت في غزوة بني المصطلق وقصتها معروفة.
قال ناظم قرة البصار في جويرية رضي الله عنها:
وقد سباها في غزاة المصطلق ............. من بعلها مسافع بالمنزلق.
ومراده بالمنزلق: السيف.
ثم إن العلماء اختلفوا في السبي هل يبطل حكم الزوجية الأولى مطلقاً ولو سبي الزوج معها , وهو ظاهر الآية؟
أو لا يبطله إلا إذا سبيت وحدها دونه؟
فإن سبي معها فحكم الزوجية باقٍ , وهو قول أبي حنيفة وبعض أصحاب أحمد والعلم عند الله تعالى .. )
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Jun 2006, 08:12 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن الصعيد الطيب هل هو خاص بما له غبار يعلق باليد أم هو متناول لغيره من أنواع الصعيد , عند قوله تعالى (فتيمموا صعيدا طيباً) ..
فإن قيل:
ورد في الصحيح ما يدل على تعين التراب الذي له غبار يعلق باليد, دون غيره من أنواع الصعيد , فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف االملائكة , وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً, وجعلت تربتها لنا طهوراً, إذا لم نجد الماء .. } الحديث, فتخصيص التراب بالطهورية في مقام الامتنان يفهم منه أن غيره من الصعيد ليس كذلك,
فالجواب من ثلاثة أوجه:
1 - ] أن كون الأمر مذكوراً في معرض الامتنان, مما يمنع فيع اعتبار مفهوم المخالفة , كما تقرر في الأصول قال في مراقي السعود:
أوامتنانٍ أو وِفاقِ الواقعِ ... والجهل والتأكيدِ عند السامعِ.
ولذا أجمع العلماء على جواز أكل القديد من الحوت مع أن الله خص اللحم الطري منه في قوله {وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طرياًّ} لأنه ذكر اللحم الطري في معرض الامتنان فلا مفهومَ مخالفة له , فيجوز أكل القديد مما في البحر.
2 - أن مفهوم التربة مفهوم لقب, وهو لا يعتبر عند جماهير العلماء , وهو الحق كما هو معلوم في الأصول.
3 - أن التربة فرد من أفراد الصعيد , وذكرُ بعض أفراد العام بحكم العام لا يكون مخصصا له عند الجمهور , سواء ذُكرا في نص واحد كقوله تعالى {حافظوا على الصلوَات والصلوة الوسطى} أو ذُكرا في نصين كحديث {أيما إهاب دبغ فقد طهر} عند أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي وغيرهم, مع حديث {هلاَّ انتفعتم بجلدها} يعني شاةً ميتتةً, عند الشيخين, كلاهما من حديث ابن عباس.
فذكر الصلاة الوسطى في الأول , وجلد الشاة في الأخير لا يقتضي أن غيرهما من الصلوات في الأول , ومن الجلود في الثاني ليس كذلك , قال في مراقي السعود - عاطفا على ما لا يُخَصَّصُ به العموم-:
وذكرُ ما وافقه من مفرَدِ ... ومذهب الراوي على المعتمَدِ.
ولم يخالف في عدم التخصيص بذكر بعض أفراد العام بحكم العام , إلا أبو ثور محتجاًّ بأنه لا فائدة لذكره إلا التخصيص.
وأجيب من قِبَل الجمهور بأن مفهوم اللقب ليس بحجة, وفائدة ذكر البعض نفيُ احتمال إخراجه من العام , والصعيد في اللغة وجه الأرض , كان عليه ترابٌ , أو لم يكن , قاله الخليل, وابن الأعرابي , والزجاج ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jun 2006, 06:20 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قول الحق سبحانه {إنما جزاؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ...... } الآية.
فإن قيل: وهل يصح أن يطلق على المسلم أنه محارب لله ورسوله؟؟
فالجواب: نعم , والدليل قوله تعالى {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربَوا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله .. }
ثم قال بعد ذلك: واستشكل بعض العلماء ثمثيله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين, لأنه سمل أعينهم , مع قطع الأيدي والأرجل مع أن المرتد يقتل ولا يمثل به؛؛
قال رحمه الله بعد ذكره لعدة أجوبة لعلماء السلف:
والتحقيق في الجواب هو أنه صلى الله عليه وسلم فعل بهم ذلك قصاصاً, وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم إنما سمل أعينهم قصاصاً لأنهم سملوا اعين رعاة اللقاح ...
قال رحمه الله تعالى عند قول الله سبحانه {ويحرم عليهم الخبائث} عند تناوله للخلاف في لحم الكلب وهل هو محرم كما قال الجمهورأم مكروه كما روي ضعيفا جداً عن الإمام مالك؟
ومنها (أي أدلة التحريم) أنه لو جاز أكله لجاز بيعه , وقدثبت النهي عن ثمنه في الصحيحين من حديث أبي مسعود الأنصاري مقرونا بحلوان الكاهن ومهر البغي , وأخرجه البخاري من حديث أبي جحيفة , واخرجه مسلم من حديثرافع بن خديج رضي الله عنه بلفظ (ثمن الكلب خبيث) الحديث.
وذلك نص في التحريم لقوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} الآية.
فإن قيل: ما كل خبيث يحرم, لِمَا ورد في الثوم انه خبيث , وفي كسب الحجام أنه خبيث , مع أنه لم يحرم واحد منهما.
فالجواب: أن ما ثبت بنص انه خبيث كان ذلك دليلاً على تحريمه , وما أخرجه دليل يخرج , ويبقى النص حجةً فيما لم يقم دليل على إخراجه , كما هو الحكم في جل عمومات الكتاب والسنة, يخرج منها بعض الأفراد بمخصص وتبقى حجة في الباقي.
وهذا مذهب الجمهور, وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
وهو مخصص لدى الأكثر إن ... مخصصا له معينا يبن.
فإن قيل: تحريم الخبائث لعلةالخبث, وإذا وجد خبيغير محرم كان ذلك نقضاً في العلة , لا تخصيصاً لها؛؛
فالجواب أن أكثر العلماء على أن النقض تخصيص للعلة لا إبطال لها. قال في مراقي السعود:
منها وجود الوصف دون الحكمِ ... سمَّاه بالنقص وعاة العلمِ
والأكثرون عندهم لا يقدحُ ... بل هو تخصيصٌ, وذا مصححُ
.... إلخ كما حررناه في غير هذا الموضع.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jun 2006, 01:40 م]ـ
قال الشيخ -رحمه الله تعالى - في سورة الأعراف عند آية {وإن كان طائفة منهم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا ... } الآية.
فإن قيل: الهلاكُ الذي أصاب قومَ شعيب ذكر الله تعالى في الأعراف أنه رجفة , وذكر في هود أنه صيحة , وذكر في الشعراء أنه عذاب يوم الظلة.
فالجواب: ما قاله ابن كثير رحمه الله في تفسيره قال: وقد اجتمع عليهم ذلك كله , أصابهم عذاب يوم الظلة وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نارولهب ووهج عظيم , ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم , فزهقت الأرواح , وفاضت النفوس , وخمدت الأجسام. اهـ منه.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jun 2006, 04:08 م]ـ
تصحيح الآية السابقة وهي قوله تعالى {وإن كان طائفةٌ منكم آمنوا بالذي أرسلت به ..... }
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Jun 2006, 03:30 م]ـ
قال الشيخ - رحمنا الله وإياه - عند تفسيره لقوله تعالى {واعلموا أنما غنمتم من شيئ فأن لله خمسه .... } الآية.
واختلف العلماء فيما إذا ادعى أنه قتله , ولم يقم على ذلك بينةً , فقال الأوزاعي: يعطاه بمجرد دعواه , وجمهور العلماء على أنه لا بد من بينة على انه قتله.
قال مقيده عفا الله عنه: لا ينبغي أن يختلف في اشتراط البينة , لقوله صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلاً له عليه بينة) الحديث, فهو يدل بإيضاح على أنه لا بد من البينة.
فإن قيل: فأين البينة التي أعطى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا قتادة سلب قتيله السابق ذكره؟؟ (يقصد الشيخ حديث الشيخين المتفق عليه عنى أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين , فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال: فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين , فاستدرتُ إليه حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه .............. وفي آخره قال صلى الله عليه وسلم: صدق فأعطه إياه فأعطاني) الحديث.
فالجواب من وجهين:
1 - ما ذكره القرطبي في تفسيره: قال سمعت شيخنا الحافظ المنذري الشافعي أبامحمد عبد العظيم يقول: إنما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الأسود بن خزاعى وعبد الله بن أنيس, وعلى هذا يندفع النزاع يزول الإشكال ويطرد الحكم. اهـ.
2 - انه أعطاه إياه بشهادة الرجل الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدَقَ, سلبُ ذلك القتيل عندي) الحديث , فإن قوله (صدق) شهادة صريحة لأبي قتادة أنه هو الذي قتله والاكتفاء بواحد في باب الخبر والأمور التي لم يقع فيها ترافعٌ قال به كثير من العلماء وعقده ابن عاصم المالكي في تحفته بقوله:
وواحد يجزئ في باب الخبر**** واثنان أولى عند كل ذي نظر.
وقال القرطبي في تفسير إن أكثر العلماء على إجزاء شهادة واحد , وقيل: يثبت ذلك بشاهد ويمين. والله أعلم
وأما على قول من قال: إن السلب موكول إلى نظر الإمام فللإمام أن يعطيه إياه ولو لم تقم بينة , وإن اشترطها فله ذلك. قاله القرطبي.
والظاهرعندي أنه لا بد من بينة, لورود النص الصحيح بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[17 Jul 2006, 11:21 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قول الحق عز وجل {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}.
وفي الآية أقوالٌ أُخر أنها منسوخة بآيات الزكاة كقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم بها} الآية.
وذكر البخاري هذا القول بالنسخ عن ابن عمر أيضا.
وبه قال عمر بن عبد العزيز وعراك بن مالك اهـ.
ثم قال رحمه الله
(فإن قيل: ما الجواب عما رواه الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه قال: مات رجل من أهل الصفة وترك دينارين أو درهمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَيَّتَانِ , صلوا على صاحبكم).اهـ
وما رواه قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال: مات رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينارٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيَّة , ثم توفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيتان).
وما روي عن عبد الرزاق وغيره عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تبا للذهب والفضة يقولها ثلاثاً فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أي مال نتخذ؟ فقال عمر رضي الله عنه: أنا أعلم لكم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا: فأي المال نتخذ؟ فقال: لسانا ذاكرا وقلبا شاكراً وزوجة تعين أحدكم على دينه) .. ونحو ذلك من الأحاديث
فالجواب -والله تعالى أعلم -:أن هذا التغليظ كان أولاً ثم نسخ بفرض الزكاة كما ذكره البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[22 Jul 2006, 10:42 م]ـ
اسال الله ان يجزيني واياك بالجنة اخي محمود اني لم اراك قط ولا اعرفك ولكني احببتك في الله
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Jul 2006, 04:46 م]ـ
أحسن الله إليك وأحبَّك وأثابك بمثل ما دعوت ورجوت ...
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قول الحق سبحانه {ولقد همت به وهم بها}.
فإن قيل: قد بينتم دلالة القرآن على برائته عليه السلام مما لا يننبغي في الآيات المتقدمة ولكن ماذا تقولون في قوله تعالى {وهمَّ بها}؟؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن المراد بهمَّ يوسف بها خاطر قلبي صرف عنه وازع التقوى , وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى , وهذا لا معصية فيه لأنه أمرٌ حبليٌّ لا يتعلق به التكليف كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك) يعني: ميل القلب الطبيعي.
ومثال هذا ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد , مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم , وقد قال صلى الله عليه وسلم (ومن هم بسيئةٍ فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة) لأنه ترك ما تميل إليه نفسه بالطبع خوفا من الله وامتثالاً لأمره كما قال تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى}.
وهمُّ بني حارثة وبني سلمة بالفرار يوم أحدٍ كهمِّ يوسف هذا , بدليل قوله {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} لأن قوله {والله وليهما} يدل على أن ذلك الهمَّ ليس معصيةً لأن إتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية.
والعرب تطلق الهم وتريد به المحبة والشهوة فيقول الإنسان فيما لا يحبه ولا يشتهيه: هذا ما يهُمني , ويقول فيما يحبه ويشتهيه: هذا أهم الأشياء إليَّ , بخلاف هم امرأة العزيز فإنه هم عزم وتصميم بدليل أنها شقت قميصه من دبر وهو هارب عنها, ولم يمنعها من الوقوع فيما لا ينبغي إلا عجزها عنه , مثل هذا التصميم على المعصية معصية يؤاخذ بها صاحبها بد ليل الحديث الثابت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة رضي الله عنه (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار, قالوا: يا رسول الله قد عرفنا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه) فصرح صلى الله عليه وسلم بأن تصميم عزمه على قتل صاحبه معصية أدخله الله بسببها النار.
وأما تأويلهم هم يوسف بأنه قارب الهم ولم يهم بالفعل كقول العرب: قتلته لو لم أخف الله أي قاربت أن أقتله , كما قاله الزمخشري.
وتأويل الهم بأنه هم بضربها أو هم بدفعها عن نفسه فكل ذلك غير ظاهر, بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه.
الجواب الثاني: وهو اختيار أبي حيان أن يوسف لم يقع منه هم أصلاً, بل هو منفي عنه لوجود البرهان , قال مقيده عفا الله عنه: هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان وغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب أن الجواب المحذوف يُذكَر قبله ما يدل عليه كقوله {فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين} أي: إن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه فالأول دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب ,لأن جواب الشروط وجواب لولا لا يتقدم ولكن يكون المذكور قبله دليلاً عليه كالآية المذكورة , وكقوله {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} أي: إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم , وعلى هذا القول فمعنى الآية: {وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} أي: لولا أن رآه هم بها.
فما قبل لولا هو دليل الجواب المحذوف كما هو الغالب في القرآن واللغة , ونظير ذلك قوله تعالى {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} فما قبل لولا دليل الجواب أي: لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.
واعلم أن جماعة من علماء العربية أجازوا تقديم جواب لولا وتقديم الجواب في سائر الشروط , وعلى هذا القول يكون جواب لولا في قوله (لولا أن رأى برهان ربه) هو ما قبله من قوله {وهم بها} وإلى جواز التقديم المذكور ذهب الكوفيون ومن أعلام البصريين أبو العباس المبرد وأبو زيد الأنصاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 12:51 ص]ـ
قال الشيخ رحمه الله عند قول الحق تعالى {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
فإن قيل: (ربما) لا تدخل إلا على الماضي فما وجه دخولها على المضارع في هذا الموضع؟؟
فالجواب ان الله تعالى لما وعد بوقوع ذلك صار ذلك الوعد للجزم بتحقيق وقوعه كالواقع بالفعل , ونظيره قوله تعالى {أتى امر الله} الآية , ونحوها من الآيات , فعبر بالماضي تنزيلاً لتحقيق الوقوع منزلة الوقوع بالفعل.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 12:55 ص]ـ
ويقول رحمه الله تعالى عند آية {وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر ... } الاية.
قد يقال في هذه الآية الكريمة: كيف يقرون بأنه أنزل إليه الذكرُ وينسبونه للجنون مع ذلك؟؟
والجواب: أن قولهم (يأيها الذي نزل عليه الذكرُ) يعنون في زعمه تهكماً منهم به, ويوضح هذا المعنى ورود مثله من الكفار متهكمين بالرسل عليهم صلوات الله وسلامه في مواضع أخر, كقوله تعالى عن فرعون مع موسى {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} وقوله عن قوم شعيب {إنك لأنت الحليم الرشيد}.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jul 2006, 01:14 ص]ـ
ويقول رحمه الله تعالى عند آية {وحفظناها من كل شيطان رجيم} بعد كلام طويل على ما يتشدق به الأفاكون الذين يزعمون أنهم سيصلون للسماء وما فوقها ويبنون على القمر, وبعد تفنيده لتلك المزاعم بالتفصيل ..
قال: فإن قيل: يجوز بحسب وضع اللغة العربية التي نزل بها القرآن على قراءة ضم الباء أن يكون المعنى: لتركبن أيها الناس طبقا بعد طبق, أي سماءاً بعد سماء حتى تصعدوا فوق السماء السابعة, كما تقدم نظيره في قراءة فتح الباء خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم, وإذا كان هذا جائزا في لغة القرآن فما المانع من حمل المعنى عليه؟؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن ظاهر القرآن يدل على ان المراد بالطبق الحالُ المتَنَقَّلُ إليها من موت ونحوه وهو هول القيامة بدليل قوله بعده مرتباً له عليه بالفاء (فما لهم لا يؤمنون* وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) فهو قرينة ظاهرة على أن المراد إذا كانوا يتنقلون من حال إلى حال ومن هول إلى هول فما المانع لهم من أن يؤمنوا ويستعدوا لتلك الشدائد ويؤيده أن العرب تسمي الدواهي بنات طبق كما هو معروف في لغتهم.
الوجه الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم هم المخاطبون الأولون بهذا الخطاب وهم أولى الناس بالدخول فيه بحسب الوضع العربي ولم يركب أحد منهم سماءا بعد سماء بإجماع المسلمين , فدل ذلك على أن ذلك ليس معنى الاية, ولو كان هو معناها لما خرج منه المخاطَبون الأولون بلا قرينة على ذلك.
الوجه الثالث: هو ما قدمنا من الايات المصرحة بحفظ السماء وحراستها من كل شيطان رجيم كائنا من كان فبهذا يتضح أن الآية الكريمة ليس فيها دليل على صعود اصحاب الأقمار الصناعية فوق السبع الطباق, والواقع المستقبل سيكشف حقيقة تلك الأكاذيب والمزاعم الباطلة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jul 2006, 07:32 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه عند آية {وحفظناها من كل شيطان رجيم}
فإن قيل: هذه الآيات التي استدللتم بها على حفظ السماء من الشياطين واردة في حفظها من استراق السمع , وذلك إنما يكون من شياطين الجن , فدل ذلك على اختصاص الآيات المذكوة بشياطين الجن؟؟
فالجواب: أن الآيات المذكورة تشمل بدلالتها اللغوية شياطين الإنس من الكفار , قال في لسان العرب: (والشيطان معروف , وكل عات متمرد من الإنس والجن والدواب شيطان).
وقال في القاموس: (والشيطان معروف , وكل عات متمرد من إنس أو جن أو دابة) اهـ.
ولا شك أن من أشد الكفار تمرداً وعتواً الذين يحاولون بلوغ السماء , فدخولهم في اسم الشيطان لغة لاشك فيه.
وإذا كان لفظ الشيطان يعم كل متمرد عاتٍ فقوله تعالى {وحفظناها من كل شيطان رجيم} صريح في حفظ السماء من كل متمرد عاتٍ كائنا من كان , حمل نصوص الوحي على مدلولاتها اللغوية واجبٌ إلا لدليل يدل على تخصيصها أو صرفها عن ظاهرها المتبادر منها كما هو مقرر في الأصول , وحفظ السماء من الشياطين معناه: حراستها منهم.
قال الجوهري في صحاحه: (حفظت الشيء حفظاً اي: حرسته) اهـ.
وقال صاحب لسان العرب: (وحفظت الشيء حفظاً اي حرسته) اهـ. وهذا معروف في كلام العرب فيكون مدلول هذه الاية بدلالة المطابقة {وحفظناها من كل شيطان رجيم} أي: وحرسناها, أي السماء من كل عات متمرد.
ولا مفهوم مخالفة لقوله {رجيم} وقوله {مارد} لأن مثل ذلك من الصفات الكاشفة , فكل شيطان يوصف بأنه رجيم وبأنه مارد, وإن كان بعضهم أقوى تمرداص من بعض وما حرسه الله جل وعلا من كل عات متمرد لا شك أنه لايصل إليه عاتٍ متمردٌ كائنا من كان {ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ} والعلم عند الله تعالى اهـ.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jul 2006, 07:54 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند كلامه على الصلاة في مرابض الإبل الغنم وذلك عند تفسير آية {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}.
قد علمتَ أن الحجر المذكور في هذه الآية في قوله {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين} هي ديارثمود وأنه ورد النهي عن الصلاة في مواضع الخسف فبهذه المناسبة نذكر الماكن التي نهي عن الصلاة فيها ونبين ما صح فيه النهي وما لم يصح , والمواضع التي ورد النهي عن الصلاةفيها تسعة عشر موضعا ستأتي كلها .. اهـ
ثم بعد كلامه على مرابض الغنم والإبل قال رحمه الله:
فإن قيل: ما حكم الصلاة في مبارك القبر؟؟
فالجواب: أن اكثر العلماء يقولون إنها كمرابض الغنم, ولو قيل إنها كمرابض الإبل لكان لذلك وجه.
قال ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري (وقع في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم ولا يصلي في مرابض الإبل والبقر, قال: وسنده ضعيف, فلو ثبت لأفاد أن حكم البقر حكم الإبل بخلاف ما ذكره ابن المنذر أن البقر في ذلك كالغنم) اهـ كلام ابن حجر.
وما يقوله أبو داود رحمه الله من أن العمل بالحديث الضعيف خيرٌ من العمل بالرأي له وجه وجيه , والعلم عند الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jul 2006, 06:39 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى: - عند قول الله جل وعز {كما أنزلنا على المقتسمين} -
فإن قيل: بم تتعلق الكاف في قوله {كما أنزلنا على المقتسمين}؟؟
فالجواب: ما ذكره الزمخشري في كشافه قال: (فإن قلت: بم تعلق قوله (كما انزلنا)؟
قلت: فيه وجهان:
احدهما: أن يتعلق بقوله {ولقد آتيناك سبعا من المثاني .. } أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين حيث قالوا بعنادهم وعدوانهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما , فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه , وقيل: كانوا يستهزئون به فيقول بعضهم سورة البقرة لي ويقول الاخر سورة آل عمران لي (إلى أن قال).
الوجه الثاني: ان يتعلق بقوله {وقل إني أنا النذير المبين} أي وأنذر قريشاً مثل ما أنزلناه من العذاب على المقتسمين (يعني اليهود) وهو ما جرى على قريظة والنضير.
جعل المتوقع بمنزلةالواقع وهو من الإعجاز لأنه إخبار بما سيكون وقد كان. انتهى محل الغرض من كلام صاحب الكشاف ,ونقل كلامه بتمامه أبو حيان في البحر المحيط ثم قال أبو حيان: اما الوجه الأول وهو تعلق (كما) ب (آتيناك) فذكره أبو البقاء على تقديروهو ان يكون في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره: آتيناك سبعا من المثاني إيتاءًا كما انزلنا, أو إنزالاً كما أنزلنا, لأن آتيناك بمعنى أنزلنا عليك ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[17 Aug 2006, 02:56 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند تناوله لقول الله تعالى {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها}
المسألة الرابعة: اعلم أن ظاهر هذه الآية الكريمة يدل على أنه يجوز للرجل أن يلبس الثوب المكلل باللؤلؤ والمرجان لأن الله جل وعلا قال فيها في معرض الامتنان العام على خلقه عاطفا على الأكل {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} , وهذا الخطاب خطاب الذكور كما هو معروف, ونظير ذلك قوله تعالى في سورة فاطر {ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها}.
قال القرطبي في تفسيره: امتن الله على الرجال والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحرفلا يحرم عليهم شيئ منه, وإنما حرم تعالى على الرجال الذهب والحرير.
وقال صاحب الإنصاف: يجوز للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه, وهو الصحيح من المذهب.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز للرجل أن يلبس الثوب المكلل باللؤلؤ مثلاً, ولا أعلم مستندا للتحريم إلا عموم الأحاديث الواردة بالزجر البالغ عن تشبه الرجال بالنساء, كالعكس؛
قال البخاري في صحيحه: {باب المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال} (وساق الشيخ سند البخاري) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
فهذا الحديث نص صريحٌ في أن تشبه الرجال بالنساء حرام, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلعن أحدا إلا على ارتكاب حرام شديد الحرمة.
ولا شك أن الرجل إذا لبس اللؤلؤ والمرجان فقد تشبه بالنساء.
فإن قيل: يجب تقديم الآية على الحديث من وجهين:
الأول: أن الآية نص متواتر, والحديث المذكور خبر آحاد, والمتواتر مقدم على الآحاد.
الثاني: أن الحديث عام في كل أنواع التشبه بالنساء, والآية خاصة في إباحة الحلية المستخرجة من البحر, والخاص مقدم على العام.
فالجواب: أنَّا لم نرَ من تعرض لهذا.
والذي يظهر لنا-والله تعالى أعلم-أن الآية الكريمة وإن كانت أقوى سندا وأخص في محل النزاع, فإن الحديث أقوى دلالةً على محل النزاع منها, وقوةُ الدلالة في نص صالح للاحتجاج على محل النزاع أرجحُ من قوة السند لأن قوله تعالى {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} يحتمل معناه احتمالا قوياً: أن وجه الامتنان به أن نسائهم يتجملن لهم به, فيكون تمتعهم وتلذذهم بذلك الجمال والزينة الناشئ عن تلك الحلية من نعم الله عليهم, وإسناد اللباس إليهم لنفعهم به, وتلذذهم بلبس أزواجهم له.
بخلاف الحديث فهو نص صريح غير محتمل في لعن من تشبه بالنساء, ولا شك أن المتحلي باللؤلؤ مثلاً متشبه بهنَّ, فالحديث يتناوله بلا شك.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Aug 2006, 06:00 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه في نفس الاية السابقة عند مبحث لبس الفضة للرجال وبعد ذكره لحديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل فيه (من أحب أن يُحلِّق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب, ومن احب أن يطوق حبيبه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب, ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليسوره سوارا من ذهب, ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها) ..
قال:
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا الحديث لا دليل فيه على إباحة لبس الفضة للرجال, ومن استدل بهذا الحديث على جواز لبس الفضة للرجال فقد غلط.
ثم استدل رحمه الله على ما ذهب إليه بعدة أمور, وقال بعد ذلك:
فإن قيل: قوله صلى الله عليه وسلم (يحلق حبيبه) (يطوق حبيبه) (يسور حبيبه) يدل على أن المراد ذكَرٌ, لأنه لو أراد الأنثى لقال (حبيبته) بتاء الفرق بين الذكر والأنثى ..
فالجواب: أن إطلاق الحبيب على الأنثى باعتبار إرادة الشخصالحبيب مستفيض في كلام العرب لا إشكال فيه, ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
منع النومَ بالعشاءالهمومُ ... وخيالٌ إذا تغار النجومُ
من حبيب أصاب قلبك منه ... سقم فهو داخل مكتومُ
ومراده بالحبيب أنثى بدليل قوله بعده:
لم تفتها شمس النهار بشيء ... غير أن الشباب ليس يدومُ
وقول كثير عزة:
لئن كان برد الماء هيمان صادياً ... إلي حبيبا إنها لحبيبُ
ومثل هذا كثير في كلام العرب فلا نطيل الكلام به ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:16 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى في المسألة ذاتها: فقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح (الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) يدخل في عمومه تحريم لبس الفضة؛ لأن الثلاث المذكورات معها يحرم لبسها بلا خلاف, وما شمله عموم نصظاهر من الكتاب والسنة لايجوز تخصيصه إلا بنص صالح للتخصيص؛ كما تقرر في علم الأصول ..
فإن قيل: الحديث وارد في الشرب في إناء الفضة لا في لبس الفضة؟؟
فالجواب: أن العبرة بعموم الألفاظ, لا بخصوص الأسباب, لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرفي الحديث مالايحتمل غير اللبس كالحرير والديباج.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Aug 2006, 02:42 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى استكمالاً للمسألة السابقة:
فإن قيل: جاء في بعض الروايات الصحيحة ما يفسر هذا ويبين أن المراد بالفضة الشراب في آنيتها لا لبسها, قال البخاريُّ في صحيحه: باب الشرب في آنية الذهب, (وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى) قال: كان حذيفة بالمدائن فاستسقى فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته, وأنالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة, وقال: هنّ لهم في الدنيا ولكم في الآخرة,
(باب آنية الفضة) وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى قال: خرجنا مع حذيفة وذكرالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تلبسوا الحرير والديباج, فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة. انتهى
فدل هذاالتفصيل - الذي هوالنهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة والنهي عن لبس الحرير والديباج - على أن ذلك هوالمراد بما في الرواية الأولى, وإذاً فلا حجة في الحديث على منع لبس الفضة لأنه تعين بهاتين الروايتين أن المراد الشرب في آنيتها لا لبسها لأن الحديث حديث واحد ..
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معاً, والروايات المقتصرةعلى الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ساكتة عن بعضها, وقد تقرر في الأصول (أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه) وهو الحق كما بينا في غير هذا الموضع وإليه أشار في مراقس السعود بقوله عاطفا على ما لا يخصص به العموم على الصحيح:
وذكر ماوافقه من مفردِ ... ومذهب الراوي على المعتمدِ
الثاني: أن التفصيل المذكور لو كان هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم لكان الذهب لا يحرم لبسه وإنما يحرم الشرب في آنيته فقط, كما زعم مدعي ذلك التفصيل في الفضة, لأن الروايات التي فيها التفصيل المذكور (لاتشربوا في آنية الذهب والفضة) فظاهرها عدم الفرق بين الذهب والفضة ولبس الذهب حرامٌ إجماعا على الرجال ..
الثالث: وهو أقواها ولا ينبغي لمن فهمه حق الفهم أن يعدل عنه لظهور وجهه, وهو: أن هذه الأربعة المذكورة في هذا الحديث -التي هي الذهب والفضة والحرير والديباج - صرح النبي صلى الله عليه وسلم أنها للكفارفي الدنيا وللمسلمين في الآخرة فدل ذلك علىأن من استنفع بها في الدنيا لم يستنفع بها في الآخرة, وقد صرح جل وعلا في كتابه العزيز بأن أهل الجنة يتمتعون بالذهب والفضة من جهتين:
إحداهما: الشرب في آنيتهما.
والثانية: التحلي بهما.
وبين أن أهل الجنة يتنعمون بالحرير والديباج من جهة واحدة وهي لبسها, وحكم الاتكاء عليهما داخل في حكم لبسهما, فتعيَّن تحريم الذهب والفضة من الجهتين المذكورتين وتحريم الحرير والديباج من الجهةالواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الروايات الصحيحة في الأربعة المذكورة (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) لأنه لو أبيح التمتع بالفضةفي الدنيا والآخرةلكان ذلك معارضاً لقوله صلى الله عليه وسلم (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) وسنوضح ذلك إن شاء الله من كتاب الله جل وعلا ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[31 Aug 2006, 09:13 م]ـ
ويقول رحمنا الله تعالى وإياه:
تنبيه
فإن قيل: عموم حديث حذيفة المذكور الذي استدللتم به وبيان القرآن أنه شامل للبس الفضة والشرب فيها, وقلتم: إن كونه واردا في الشرب في آنية افضة لا يجعله خاصا بذلك, فما الدليل في ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟؟
فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عما معناه (هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟) فأجاب بما معناه (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).
قال البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رجلا أصاب من امرأة قبلةً فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} قال الرجل: ألي هذه؟ قال صلى الله عليه وسلم: (لمن عمل بها من أمتي) اهـ.لفظ البخاري في التفسير في سورة هود.
وفي رواية في الصحيح قال صلى الله عليه وسلم (لجميع أمتي كلهم) اهـ.
فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عام اللفظ فقال للنبي صلى الله عليه وسلم (ألي هذه) ومعنى ذلك: هلالنص خاص بي لأني سبب وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟
وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: (لجميع أمتي) معناه أن العبرة بعموم لفظ (إن الحسنات يذهبن السيئات) لا بخصوص السبب, والعلم عند الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[07 Sep 2006, 06:10 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله تعالى وإياه عند قول الحق جلَّ وعزَّ {ليحملوا أوزارهم كاملةً يومَ القيامةِ ومنْ أوزارِ الَّذين يُضلُّونهم بغير علمٍ ألا ساءَ ما يزرونَ}
فإن قيل: ما وجه تحملِ بعض أوزار غيرهم المنصوص عليه بقوله (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) الآية, وقوله (وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) مع أن الله يقول (ولا تزرُ وازرةٌ وِزر أخرى) ويقول جل وعلا (ولا تكسبُ كل نفسس إلا عليها) ويقول: (تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) إلى غير ذلك من الآيات ..
فالجواب والله تعالى أعلم: ان رؤساء الضلال وقادته تحملوا وزرين:
أحدهما: وزر ضلالهم في انفسهم.
والثاني: وزر إضلال غيرهم, لأن من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها, لا ينقص ذلك من اوزارهم شيئاً, وإنما أخذ بعمل غيره, لأنه هو الذي سنه وتسبب فيه, فعوقب عليه من هذه الجهة, لأنه من فِعْله, فصار غير مناف لقوله (ولا تزرُ وازرةٌ وِزر أخرى)
ويقول رحمه الله عند تفسيره لآية النحل (ما كنا نعمل من سوءٍ ... ) الآية.
فإن قيل: هذه الايات تدل على أن الكفار يكتمون يوم القيامة ما كانوا عليه من الكفروالمعاصي كقوله عنهم (واللهِ ربِّنا ما كنا مشركين) وقوله (ما كنا نعمل من سوء) ونحو ذلك مع أن الله صرح بانهم لا يكتمون حديثه في قوله (ولا يكتمون الله حديثا).
فالجواب: هو ما قدمنا من أنهم يقولون بألسنتهم (والله ربنا ما كنا مشركين) فيختم الله على افواههم وتتكلم أيديهم وارجلهم بما كانوا يكسبونو فالكتمُ باعتبار النطق بالجحود وبالألسنة, وعدم الكتم باعتبار شهادة أعضائهم عليهم والعلم عند الله تعالى ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Sep 2006, 02:54 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله تعالى وإياه عند آية النحل (ومن ثمرات النخيل والعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسناً) ,بعد أن فسَّر السكَربالخمر ..
فإن قيل: الآية واردة بصيغة الخبر, والأخبار لا يدخلها النسخ كما تقرر في الأصول؛؛
فالجواب: أن النسخ وارد على ما يفهم من الآية من إباحة الخمر والإباحة حكم شرعي كسائر الحكام قابل للنسخ, فليس النسخُ واردا على نفس الخمر, بل على الإباحة المفهومة من الخبر, كما حققه ابن العربي الماكي وغيره.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Sep 2006, 07:07 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه عند قوله تعالى (نسقيكم مما في بطونه) بعد تعرضه للمني وخلاف العلماء في طهارته, وذكره لأدلة الفريقين, وابتدأ رحمه الله بذكر أدلة القائلين بطهارته, ومن بين تلك الدلة القياسية, استدلال أولئك بإلحاق المني بالطين ..
يقول الشيخ:
الوجه الثاني من وجهي القياس المذكور: إلحاق المني بالطين بجامع أن كلا منهما مبتدء خلق البشر, كما قال تعالى (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين).
فإن قيل: هذاالقياس يلزمه طهارة العلقة ,وهي الدم الجامد ,لأنها أيضا مبتدأ خلق بشر, لقوله تعالى (ثم خلقنا النطفة علقة).
والدم نجس بلا خلاف؛؛
فالجواب: أن قياس الدم على الطين في الطهارة فاسد الاعتبار, لوجود النص بنجاسة الدم.
أما قياس المني على الطين فليس بفاسد الاعتبار لعدم وجود النص بنجاسة المني ..
(علماً ان الشيخ خلص في هذا المبحث بعد نقاشه للأدلة إلى طهارةالمني ,وقال إن قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق, وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة) نصٌّ في محل النزاع.)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Sep 2006, 05:00 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه في قول الله تعالى (ولا هم يستعتبون) ..
فإن قيل: ما وجه الجع بين نفي اعتذارهم المذكور هنا, وبين ما جاء في القرآن من اعتذارهم كقوله تعالى (والله ربنا ما كنا مشركين) وقوله (ما كنا نعمل من سوء) وقوله (بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً) ,ونحو ذلك من الايات ..
فالجواب: من أوجه:
منها: أنهم يعتذرون حتى إذا قيل لهم (اخسئوا فيها ولاتكلمون) انقطع نطقهم ولم يبق إلا الزفير والشهيق, كما قال تعالى (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لاينطقون).
ومنها: أن نفي اعتذارهم, يراد به اعتذار فيه فائدة, أما الاعتذر الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم, يصدق عليه في لغة العرب أنه ليس بشيء, ولذاصرح تعالى بأن المنافقين بكمٌفي قوله تعالى (صمٌّ بكمٌ) ,مع قوله عنهم (وإن يقولوا تسمع لقولهم) أي: لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم, وقال عنهم أيضاً (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد).
فهذا الذي ذكره جل وعلا من فصاحتهم وحدة ألسنتهم, مع تصريحه بأنهم بكمٌ, يدل على ان الكلام الذي لا فائدة فيه كلا شيء كما هو واضح.
وقال هبيرة بن أبي وهب المخزومي:
وإن كلام المرءفي غير كنهه **** لكا النبل تهوي ليس فيها نصالها
(وقد بينا هذا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 Sep 2006, 09:54 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى عند قول الحق سبحانه (فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون) ...
فإن قيل: كيف كذبتهم آلهتهم ونفوا أنهم عبدوهم, مع أن الواقع خلاف ما قالوا, وانهم كانوا يعبدونهم في دار الدنيا من دون الله؟؟
فالجواب: أن تكذيبهم لهم منصب على زعمهم أنهم آلهة, وأن عبادتهم حق, وأنها تقربهم إلى الله زلفى, ولا شك ان كل ذلك من أعظم الكذب وأشنع الافتراء, ولذلك هم صادقون فيما القوا إليهم من القول, ونطقوا فيه بأنهم كاذبون ..
ومراد الكفاربقولهم لربهم (هؤلا شركاؤنا) قيل: ليحمِّلوا شركائهم تبعة ذنبهم, وقيل: ليكونوا شركائهم في العذاب كما قال تعالى (ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار).
وقد نص تعالى على أنهم وما يعبدون من دون الله في النار جميعاً, في قوله تعالى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) الآية. وأخرج من ذلك الملائكة وعيسى وعزيراً بقوله (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) لأنهم ما عبدوهم برضاهم, بل لو اطاعوهم لأخلصوا العبادة لله وحده جل وعلا ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[16 Sep 2006, 11:45 ص]ـ
جزاكم الله خير ونفع بعلمكم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Sep 2006, 05:45 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله عليه:
فإن قيل: يكثر في القرآن الكريم إطلاق الوعظ على الأوامر والنواهي, كقوله هنا (يعظكم لعلكم تذكَّرون) مع أنه ما ذكر إلا الأمر والنهي في قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) إلى قوله (وينهى عن الفحشاء) ,وكقوله في سورة البقرة بعد أن ذكر أحكام الطلاق والرجعة (ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر) وقوله في الطلاق في نحو ذلك أيضا (ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) وقوله في النهي عن مثل قذف عائشة (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا) الآية ..
مع أن المعروف عند الناس أن الوعظ يكون بالترغيب والترهيب ونحو ذلك, لا بالأمر والنهي ..
فالجواب:
أن ضابط الوعظ: هو الكلام الذي تلين له القلوب, وأعظم ما تلين له قلوب العقلاء هو أوامر ربهم ونواهيه, فإنهم إذا سمعوا الأمر خافوا من سخط الله في عدم امتثاله, وطمعوا فيما عند الله من الثواب في امتثاله, وإذا سمعوا النهي خافوا من سخط الله في عدم اجتنابه, وطمعوا فيما عنده من الثواب في اجتنابه, فحداهم حادي الخوف والطمع إلى الامتثال, فلانت قلوبهم للطاعة خوفا وطمعاً ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Sep 2006, 05:56 م]ـ
قال رحمنا الله وإياه:
فإن قيل: أثبت الله للشيطان سلطانا على أوليائه في آيات, كقوله هنا (إنما سلطانه على الذين يتولونه) الآية, وقوله (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغوين) , فالاستثناء يدل على أن له سلطانا على من اتبعه من الغاوين, مع انه نفى عنه السلطان عليهم في آيات أخر, كقوله (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين*وما كان له عليهم من سلطان).,وقوله تعالى حاكيا عنه مقررا (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) ..
فالجواب:
هو أن السلطان الذي أثبته له عليهم غيرُ السلطان الذي نفاه ,وذلك من وجهين:
1 - أن السلطان المثبت له هو سلطان إضلاله لهم بتزيينه, والسلطان المنفي هو سلطان الحجة, فلم يكن لإبليس عليهم من حجة يتسلط بها, غير أنه دعاهم فأجابوه بلا حجة ولا برهان, وإطلاق السلطان على البرهان كثير في القرآن ..
2 - أن الله لم يجعل له عليهم سلطانا ابتداءا البتة, ولكنهم هم الذين سلطوه على أنفسهم بطاعته, ودخولهم في حزبه, فلم يتسلط عليهم بقوة, لأن الله يقول (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) ..
ذكر هذا الجواب بوجهيه العلامة ابن القيم رحمه الله, وقد بينا هذا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Sep 2006, 10:03 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه:
وما زعمه بعض أهل العلم من ان النسخ وقع في القرآن بلا بدل وذلك في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) فإنه نسخ بقوله تعالى (ءأشفقتم أن تقدموا بين نجواكم صدقات) الآية, ولا بدل لهذا المنسوخ ..
فالجواب: أن له بدلاً, وهو ان وجوب تقديم الصدقة أمام المناجاة لما نسخ بقي استحباب الصدقة وندبها, بدلا من الوجوب المنسوخ كما هو ظاهر ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Sep 2006, 01:26 م]ـ
قال رحمه الله تعالى:
اعلم أن في قوله جل وعلا (نأت بخير منها أو مثلها) إشكالا من جهتين:
الأولى: ان يقال إما أن يكون الأثقل خيرا من الأخف, لأنه أكثر أجراً, أو الأخف خيرا من الأثقل لأنه أسهل منه, وأقرب إلى القدرة على الامتثال, وكون الأثقل خيرا يقتضي منع نسخه بالأخف, كما أن كون الأخف خيرا يقتضي منع نسخه بالأثقل, لأن الله صرح بانه يأتي بما هو خير من المنسوخ أو مماثل له, لا ما هو دونه, وقد عرفت أن الواقع جواز نسخ كل منهما بالآخر ...
الجهة الثانية من جهتي الإشكال في قوله (أو مثلها) لأنه يقال:
ما الحكمة في نسخ المثل ليبدل منه مثله؟
وأي مزية للمثل على المثل حتى يُنسضخ ويبدل منه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب عن الإشكال الول هو أن الخيرية تارة تكون في الأثقل لكثرة الأجر, وذلك فيما إذا كان الأجر كثيرا جداً, والامتثالُ غير شديد الصعوبة, كنسخ التخيير بين الإطعام والصوم بإيجاب الصوم, فإن في الصوم أجرا كثيرا كما في الحديث القدسي (إلا الصوم فإنه لي وانا أجزي به) والصائمون من خير الصابرين لأنهم صبروا لله عن شهوة بطونهم وفروجهم, والله يقول (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ومشقة الصوم عادية ليس فيها صعوبة شديدة تكون مظنة لعدم القدرة على الامتثال, وإن عرض ما يقتضي ذلك كمرض أو سفر فالتسهيل برخصة الإفطار منصوص عليه بقوله: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر) ..
وتارة تكون الخيرية في الأخف وذلك فيماإذا كان الأثقل المنسوخ شديد الصعوبة بحيث يعسر فيه الامتثال, فإن الأخف يكون خيرا منه, لأن مظنة عدم الامتثال تعرض المكلف للوقوع فيما لا يرضي الله وذلك كقوله (وإن تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله) فلو لم تنسخ المؤاخذة بخطوات القلوب لكان الامتثال صعبا جداً, شاقا على النفوس, لا يكاد يسلم من الإخلال به, إلا من سلمه الله تعالى, فلا شك أن نسخ ذلك بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) خير للمكلف من بقاء ذلك الحكم الشاق, وهكذا ..
والجواب عن الإشكال الثاني: هو ان قوله (أو مثلها) يراد به مماثلة الناسخ والمنسوخ في حد ذاتيهما, فلاينافي ان يكون الناسخ يستلزم فوائد خارجةعن ذاته يكون بها خيرا من المنسوخ, فيكون باعتبار ذاته مماثلاً للمنسوخ, وباعتبار مايستلزمه من الفوائد التي لا توجدفي في المنسوخ خيراً من المنسوخ ..
وإيضاحه أن عامةالمفسرين يمثلون لقوله (أو مثلها) بنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام, فإن هذا الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى ذاتيهما متماثلان, لأن كل واحد منهما جهة من الجهات, وهي في حقيقة أنفسها متساوية, فلا ينافي أن يكون الناسخ مشتملاً على حكَم خارجة عن ذاته تصيره خيراً من المنسوخ بذلك الاعتبار, فإن استقبال البيت الحرام تلزمه نتائج متعددة مشار لها في القرآن, ليست موجودة في استقبال بيت المقدس ..
منها: أنه يسقط به احتجاج كفار مكة على النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم: تزعم انك على ملة إبراهيم ولا تستقبل قبلته؛؛
وتسقط به حجة اليهود بقولهم: تعيب ديننا وتستقبل قبلتَنا, وقبلتُنا من ديننا,؛؛
وتسقط به أيضا حجة علماء اليهود فإنهم عندهم في التوراة: أنه صلى الله عليه وسلمسوف يؤمر باستقبال بيت لمقدس, ثم يؤمر عنه بالتحول إلى استقبال بيت الله الحرام, فلو لم يؤمر بذلك لاحتجوا عليهبما عندهم في التوراة من انه سيحول إلى بيت الله الحرام والفرض انه لم يحول ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[30 Sep 2006, 12:52 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله:
المسالةالسابعة:
اعلم أن التحقيق هو جواز النسخ قبل التمكن من الفعل .. ؛
فإن قيل: ما الفائدةفي تشريع الحكام أولاً إذا, إذا كان سينسخ قبل التمكن من فعله؟؟
فالجواب: أن الحكمة ابتلاء المكلفين بالعزم على الامتثال, ويوضح هذا أن الله امر إبراهيم أن يذبح ولده, وقد نسخ عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل, وبين أن الحكمة في ذلك: الابتلاء بقوله (إن هذا لهو البلاء المبين *وفديناه بذبح عظيم) ,ومن أمثلة النسخ قبل التمكن من الفعل: نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء, بعد ان فرضتالصلاة خمسين صلاة, كما هو معروف, وقد أشار إلى هذهالمسألة في مراقي السعود بقوله:
والنسخ من قبل وقوع الفعلِ ... جاء وقوعا في صحيح النقلِ
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 Oct 2006, 11:58 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه:
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف, هو ان يقال: كيف أوقع الإذاقة على اللباس في قوله (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) .. الآية ..
وروى أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمام اللغة والأديب: هل يذاق اللباس؟؟ يريد الطعن في قوله تعالى (فاذاقها الله لباس الجوع والخوف) الآية , فقال له ابنالأعرابي: لا بأس أيها النسناس؛؛ هب أن محمدا صلى الله عليه وسلم ماكان نبيا .. أما كان عربيا؟؟
قال مقيده عفا الله عنه: والجواب عن هذا السؤال ظاهر, وهو أنه أطلق اسم اللباسعلى ما اصابهم من الخوف والجوع, لأن آثار الخوف والجوع تظهر على أبدانهم, وتحيط بهم كاللباس ..
ومن حيث وجدانهم ذلك اللباس المعبر به عن آثار الجوع والخوف أوقع عليه اذاقة ,فلا حاجة لما يذكره البيانيون من أنواع الاستعارات في هذه الآية الكريمة ..
وقد أوضحنا في رسالتنا التي سميناها (منع جواز المجاز في المنزَّل للتعبد والإعجاز) أنه لا يجوز لأحد أن يقول: إن في القرآن مجازاً, وأوضحنا ذلك بأدلته ,وبينا أن ما يسميه البيانيون مجازاً أنهأسلوب من أساليب اللغة العربية ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[16 Nov 2006, 10:44 ص]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه عن تفسيره لآية (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا):
فإن قيل:
إذا كان الرقيق مسلما, فما وجه ملكه بالرّق؟ مع أن سبب الرّق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال؟
فالجواب:
أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء, أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق, والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها, فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي, ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع, وهو الحكيم الخبير, فإذا استقر هذا الحق وثبت, ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقا بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام.
وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه, كما هو معلوم عند العقلاء.
نعم ,يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم, وقد أمر الشارع بذلك ورغب فيه, وفتح له الأبواب الكثيرة كما قدمنا فسبحان الحكيم الخبير {وتمّت كلمة ربك صدقا وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}
فقوله (صدقا) أي: في الأخبار ,وقوله (عدلاً) أي:في الأحكام, ولا شك أن من ذلك العدل الملك بالرق, وغيره من أحكام القرآن.
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيمِ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[07 Dec 2006, 04:47 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله وإياه:
في سرده لمواطن هدي القرآن للتي هي أقوم التي اهتدى إليها في الشريعة الإسلامية:
فإن قيل: أخرج الشيخان في صحيحهما وأصحاب السنن غير ابن ماجة وغيرُهم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً)
والأحاديث بمثل هذا كثيرة جدا ,مع أنه عرف من الشرع أن اليد فيها نصف الدية, ودية الذهب ألف دينار , فتكون دية اليد خمسمائة دينار, فكيف تؤخذ في مقابلة ربع الدينار؟؟
وماوجه العدالة والإنصاف في ذلك؟؟
فالجواب: أن هذا النوع من اعتراضات الملحدين الذين لا يؤمنون بالله ورسوله هو الذي نظمه المعري بقوله:
يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
وللعلماء عنه أجوبة كثيرة نظماً ونثراً, منها قول القاضي عبد الوهاب مجيبا له فيبحره ورويه:
عز الأمانة أغلاها, وأرخصها **** ذل الخيانةفافهم حكمة الباري
وقال بعضهم: لما خانت هانت ..
ومن الواضح أن تلك اليد الخسيسة الخائنة لما تحملت رذيلة السرقة وإطلاقَ اسم السرقة عليها في شيئ حقير, كثمن المجن والأترجة, كان من المناسب المعقول أن تؤخذفي ذلك الشيئ القليل الذي تحملت فيه هذه الرذيلة الكبرى ..
وقال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة: (ثم إنا أجبنا عن هذا الطعن بأن الشرع إنما قطع يده بسبب أنه تحمل الدناءة والخساسة في سرقة ذلك القدر القليل فلا يبعدأن يعاقبه لشرع بسبب تلك الدناءة هذه العقوبة العظيمة) انتهى
فانظر ما يدعو إليه القرآن من مكارم الأخلاق والتنزه عما لا يليق وقطع يد السارق في ربع دينارفصاعداً يدل على أن التشريع السماوي يضع درجة الخائن من خمسمائة درجة إلى ربع درجة, فانظر هذا الحطّ العظيمَ لدرجته بسبب ارتكاب الرذائل ..
وقد استشكل بعض الناس قطع يد السارق في السرقة خاصةً دون غيرها من الجنايات على الأموال كالغصب والانتهاب ونحو ذلك!!!
قال المازري ومن تبعه: صان الله الأموال بإيجاب قطع سارقها , وخص السرقة لقلة ما عداها بالنسبة إليها من الانتهاب والغصب ولسهولة إقامة البينة على ما عدا السرقة بخلافها, وشدد العقوبة فيها ليكون أبلغ في الزجر ولم يجعل دية الجناية على العضو المقطوع منهابقدر ما يقطَع فيه حماية لليد, ثمّ لما خانت هانت , وفي ذلك إثارة إلى الشبهة التي نسبت إلى اب العلاء المعريفي قوله:
يد بخمس مئين عسجد وديت **** ما بالها قطعت في ربع دينارِ
فأجابه اقلاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:
صيانة العضو أغلاها, وأرخصها **** حماية المال فافهم حكمة الباري
وشرح ذلك: ان الدية لو كانت ربع دينار لكثرت الجنايات على الأيدي, ولو كان نصاب القطع خمسمائة دينار لكثرت الجنايات على الأموالو فظهرت الحكمةفي الجانبين, وكان في ذلك صيانة من الطرفين ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[07 Dec 2006, 05:10 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى
عند قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} في سورة بني إسرائيل ..
يرد على هذه الآيةالكريمة سؤالان:
الأول: ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما من {أنّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه} فيقال: ما وجه تعذيبه ببكاء غيره - إذ مؤاخذته ببكاء غيره قد يظن من لايعلم أنها من أخذ الإنسان بذنب غيره -؟؟
الثاني: إيجاب دية الخطإ على العاقلة, فيقال: ما وجه إلزام العاقلةِ الديةَ بجناية إنسان آخر؟؟
والجواب عن الأول:هو أن العلماء حملوه على أحد أمرين:
الأول: أن يكون الميت أوصى بالنوح عليه كما قال طرفة بن العبد في معلقته:
إذا متّ فانعيني بما أنا أهله ... وشقي عليّ الجيبَ ياابنة معبدِ
لأنه إذا كان أوصى بأن يناح عليه فتعذيبه بسبب إيصائه بالمنكر وذلك من فعله, لا فعل غيره.
الثاني: أن يهمل نهيَهم عن النوح عليه قبل موته مع أنه يعلمُ أنهم سينوحون عليه لأنّ إهمالَه نهيَهم تفريطٌ منه ومخالفة لقوله تعالى {قو أنفسكم وأهليكم ناراً} , فتعذيبه إذا بسبب تفريطه وتركِه ما امر الله به من قوله {قو انفسكم وأهليكم ناراً} الآية , وهذا ظاهرق كما ترى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن الثاني: بأن إيجاب الدية على العاقلة ليس من تحميلهم وزرَ القاتل, ولكنها مواساة محضةٌ أوجبها الله على عاقلة الجاني, لأن الجاني لم يقصد سوءاً, ولا إثم عليه البتة, فاوجب الله في جنايته خطا الدية بخطاب الوضع, وأوجب المواساة فيها على العاقلة, ولا إشكال في إيجاب الله على بعض خلقه كما أوجب أخذ الزكاة من مال الأغنياء وردها إلى الفقراء ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Feb 2007, 06:24 ص]ـ
قال الشيخ رحمنا الله تعالى وإياه عند قول الحق سبحانه وتقدس: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرنها تدميراً}.
في هذه الآية الكريمة سؤال معروفو وهو أن يقال: إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم - (أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) - مع أنه ذكر عموم الهلاك للجميع المترفينَ وغيرِِهم - (فحق عليها القول فدمرناها تدميراً) - يعني القرية , ولم يستثن منها غير المترفين .. ؟؟
والجواب من وجهين:
1 - أن غير المترفين تبع لهم, وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم لأن غيرهم تبع لهم , كما قال تعالى {وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} وكقوله {إذ تبرأ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب} الآية وقوله {حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا} الآية ,وقوله تعالى {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاؤ للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} الآية, وقوله {وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاؤ للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار} إلى غير ذلك من الآيات ...
2 - أن بعضهم إن عصى الله وطغى وبغى ولم ينههم الآخرون, فإن الهلاك يعم الجميع, كما قال تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة) ,وفي الصحيح من حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا إله إلا الله ,ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه). وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها .. ) قالت له: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال (نعم إذا كثر الخبث) وقد قدمن هذاالمبحث موضحا في سورةالمائدة ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Feb 2007, 03:10 م]ـ
قال الشيخ - رحمنا الله وإياه - عند تناوله للقسامة في تفسيره لآية (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) الآية ..
تنبيه:
قد علمت كلام العلماء فيمن يحلف أيمان القسامة ,فإذا وزعت على عدد أقل من الخمسين, وقع فيها انكسار فإن تساووا جُبر الكسرُ عليهم, كما لو خلَّف المقتولُ ثلاثة بنين, فإن على كل واحد منهم ثلث الخمسين يميناً, وهو ستة عشر وثلثان, فيتمم الكسرُ على كل واحد منهم , فيحاف كل واحد منهم سبعة عشر يميناً ..
فإن قيل: يلزم على ذلك خلاف الشرع في زيادة الأيمان على خمسين يمنا لأنها تصير بذلك إحدى وخمسين يميناً .. !!
فالجواب: أن نقص الأيمان عن خمسين لا يجوز , وتحميل بعض الورثة زيادة على الآخرين لا يجوز, فعُلِم استواءُهم في جبر الكسر, فإذا كانت اليمين المنكسرة لم يستوِ في قدر كسرها الحالفون, كأن كان على أحدهم نصفُها, وعلى آخر ثلثها, وعلى آخر سدسها, حلفها من عليه نصفُها تغليباً للأكثر, ولا تجبرُ على صاحب الثلث والسدس, وهذا هو مذهب مالك وجماعة من أهل العلم, وقال غيرهم: تجبرعلى الجميع, والله تعالى أعلم.
وقال بعض أهل العلم يحلف كا واحد من المدعين خمسين يمينا, سواء تساووا في الميراث أو اختلفوا فيه.
واحتج من قال بهذا بأن الواحد منهم لو انفرد لحلف الخمسين يمينا كلها, قال: وما يحلفه منفردا يحلفه مع غيره كاليمين الواحدة في سائر الدعاوى ..
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا القول بعيد فيما يظهر, لأن الأحاديث الواردة في القسامة تصرح بأن عدد أيمانها خمسون فقط, وهذا القول قد تصير به مئاتٍ كما ترى والعلم عند الله تعالى ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Feb 2007, 08:46 م]ـ
ويقول رحمة الله تعالى ورضوانه عليه عند آية {ثمَّ بعثناهم لنعلم أيُّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً} الكهف.
تنبيه:
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن قيل: ما وجه رفع أي من قوله (لنعلم أيُّ الحزبين أحصى) مع أنه في محل نصب لأنه مفعول به.؟؟
فالجواب: أن للعلماء في ذلك أجوبة, منها:
أن (أي) فيها معنى الاستفهام و والاستفهامُ يعلق الفعل عن مفعوليه كما قال ابن مالك في الخلاصة –عاطفا على ما يعلق الفعل القلبي عن مفعوليه-:
وإن ,ولا, لام ابتداءٍ أو قسمْ ... كذا والاستفهامُ , ذا له انحتمْ
ومنها ما ذكره الفخر الرازي وغيره, من أن الجملة بمجموعها متعلق العلم, ولذلك السبب لم يظهر عمل قوله (لنعلمَ) في لفظة (أي) بل بقيت على ارتفاعها, ولا يخفى عدم اتجاه هذا القول كما ترى.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر أوجه الأعاريب عندي في الآية أن لفظة (أي) موصولة استفهامية. و (أي) مبنية لأنها مضافة , وصدر صلتها محذوف على حد قوله في الخلاصة:
أيُّ كما وأُعربت ما لم تُضَفْ ... وصدر وصلها ضميرٌ انحذفْ
ولبنائها لم يظهر نصبها, وتقرير المعنى على هذا: لنعلمَ الحزبَ الذي هو أحصى لما لبثوا أمداً ونميزه عن غيره.
و (أحصى) صيغة تفضيل, كما قدمنا توجيهه ,نعم للمخالف أن يقول: إن صيغة التفضيل تقتضي بدلالة مطابقتها الاشتراك بين المفضَّل والمفضَّل عليه في أصل الفعل, وأحد الحزبين لم يشارك الآخر في أصل الإحصاء ,لجهله بالمدة من أصلها, وهذا مما يقوي قولَ من قال إن (أحصى) فعل, والعلم عند الله تعالى ..
فإن قيل: أي فائدة مهمةٍ في معرفة الناس بالحزب المحصي أمد اللبث من غيره حتى يكون علة غائية , لقوله {ثمَّ بعثناهم لنعلم أيُّ الحزبين .. } الآية؟؟
وأي فائدة مهمة في مسائلة بعضهم بعضاً, حتى يكون علة غائية لقوله {وكذلك بعثناهم ليتسائلوا بينهم}؟؟
فالجواب: أنا لم نرَ من تعرَّض لهذا , والذي يظهر لنا والله تعالى أعلم أنَّّ ما ذُكرَ من إعلام الناس بالحزب الذي هو أحصى أمدا لما لبثوا ومسائلة بعضهم بعضا عن ذلك يلزمه أن يظهِر للناس حقيقة أمر هؤلاء الفتية وأن الله ضرب على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ثمّ بعثهم أحياءاً , طريةً أبدانهم , لم يتغير لهم حال, وهذا من غريب صنعه جل وعلا الدال على كمال قدرته وعلى البعث بعد الموت ولاعتبار هذا اللازم جعل ما ذكرنا علةً غائيةً والله تعالى أعلم ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[10 Mar 2007, 07:30 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله: عند آية {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} , فإن قيل: كيف يكون الوصيد في الآية هو الباب , والكهفُ غارٌ في الجبل لا باب له .. ؟؟
فالجواب: أن الباب يطلق على المدخل الذي يُدخَل للشيء منه , فلا مانع من تسمية المدخل إلى الكهف باباً, ومن قال إن الوصيدَ الفناءُ , لا يخالف ما ذكرنا لأن فناء الكهف هو بابه, وقد قدمنا مراراً أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك: أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً, وتكون في الآية قرينة تدل على خلافه.
وقد قال بعض أهل العلم في هذه الآية الكريمة:إن المراد بالكلب في هذه الآية رجلٌ منهم لا كلبٌ حقيقي, واستدلوا لذلك ببعض القراءات الشاذة كقراءة ((وكالبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد)) وقراءة ((وكالئهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد)).
وقوله جلَّ وعلا: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قرينة تدل على بطلان ذلك القول, لأن بسط الذراعين معروف من صفات الكلب الحقيقي , ومنه حديث أنس المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب} وهذا المعنى مشهور في كلام العرب , فهو قرينة على أنه كلب حقيقي ,وقراءة (كالئهم) لا تنافي كونه كلباً , لأن الكلب يحفظ أهله ويحرسهم , والكلاءة: الحفظ.
فإن قيل: ما وجه إعمال اسم الفاعل الذي هو (باسطٌ) في مفعوله الذي هو (ذراعيه) والمقرر في النحو أن اسم الفاعل إذا لم يكن صلة أل , لا يعمل إلا إذا كان واقعاً في الحال أو المستقبل .. ؟؟
فالجواب: أن الآية هنا حكاية حال ماضية ,ونظير ذلك من القرآن قوله (إني جاعلٌ في الأرض خليفة) وقوله تعالى (والله مخرجٌ ما كنتم تكتمون).
واعلم أن ذكره جل وعلا في كتابه هذا الكلب , وكونه باسطاً ذراعيه بوصيد كهفهم في معرض التنويه بشأنهم – يدل على أن صحبة الأخيار عظيمة الفائدة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Jun 2007, 07:36 م]ـ
قال الشيخ - رحمنا الله وإياه - عند تناوله لتفسير آية (ولا تقولنَّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله) وبعد أن رجح وقرر عدم صحة وقوع الاستثناء إلا مقترناً , وأن الاستثناء المتأخر لا قيمة له ولا تحل به اليمين , ثمَّ ذكر القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنهما في صحة وقوعه منفصلا عن اليمين أو المستثنى بدليل إطلاق الله تعالى هنا للاستثناء وعدم تقييده بزمن معين حيث قال (واذكر ربك إذا نسيت) أي: إن نسيت تستثني ب"إن شاء الله" فاستثن إذا تذكرت من غير تقييد باتصال ولا قرب.
قال:
فإن قيل: فما الجواب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما نسب إليه من القول بصحة الاستثناء المتأخر .. ؟؟
فالجواب: أن مراد ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم على قوله: إنه سيفعل ذلك غداً, ولم يقل: إن شاء الله, وبين له أن التعليق بمشيئة الله هو الذي ينبغي أن يفعل, لأنه تعالى لا يقع شيء إلا بمشيئته ,فإذا نسي التعليق بالمشيئة ثم تذكر ولو بعد طول فإنه يقول: إن شاء الله, ليخرج من ذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة , ويكون قد فوض الأمر غلى من لا يقع إلا بمشيئته.
فنتيجة هذا الاستثناء هي: الخروج من عهدة تركه الموجب للعتاب السابق , لا أن يحل اليمين , لأن تداركها قد فات بالانفصال , هذا هو مراد ابن عباس كما جزم به الطبري وغيره, وهذا لا محذور فيه ولا إشكال.
وأجاب بعض أهل العلم بجواب آخر ,وهو: أنه نوى الاستثناء بقلبه ونسي النطق بلسانه , فأظهر بعد ذلك الاستثناء الذي نواه وقت اليمين , هكذا قاله بعضهم , والأول هو الظاهر, والعلم عند الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[11 Jun 2007, 06:44 م]ـ
قال الشيخ رحمة الله ورضوانه عليه , عند تفسير قول الله (وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل) ..
فإن قيل: أي إغاثة في ماءٍ كالمهل مع أنه من أشد العذاب , وكيف قال الله تعالى (وإن يستغيثوا يغاثوا بما كالمهل).؟؟
فالجواب: ان هذا من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن, ونظيره من كلام العرب قول بشر بن أبي حازم:
غضبت تميمٌ أن تقتَّل عامرٌ ... يوم النِّسار فأعتبوا بالصيلمِ
فمعنى قوله: أعتبوا بالصيلمِ أي: أرضوا بالسيف, يعني ليس لهم منا إرضاء إلا بالسيف ..
وقول عمرو بن معد يكرب:
وخيلٌ قد دلفت لها بخيلٍ ... تحية بينهم ضرب وجيع
يعني: لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع, وإذا كانو لا يغاثون إلا بماءٍ كالمهل, عُلمَ من ذلك انهم لا إغاثة لهم البتة, والياء في قوله: (يستغيثوا) والألف في قوله (يغاثوا) كلتاهما مبدلة من واو, لأن مادة الاستغاثة من الأجوف الواوي العين, ولكن العين أعلت الساكن الصحيح قبلها , على حد قوله في الخلاصة:
لساكنٍ صح انقل التحريك منْ ... بلين آت عين فعل كأبنْ
وقوله تعالى في هذه الآية يشوي الوجوه أي يحرقها حتى تسقط فروة الوجه, أعاذنا الله والمسلمين منه ..
ـ[الراية]ــــــــ[06 Aug 2007, 03:24 م]ـ
يقول فضيلة الشيخ د. عبدالكريم الخضير
((تفسير أضواء البيان في أحكام القرآن غالباً،
وفيه مباحث لغويَّة وبيانيَّة وغيرها من المباحث التي يحتاجُها المُفسِّر؛
لكن هو معدود في كتب أحكام القرآن يعني الاستنباط من القرآن على طريقة الفقهاء المجتهدين،
والشيخ نحسبه من أهل الاجتهاد، فليس من قبيل التفسير بالرأي؛
إنما هو استنباط من القران في جُملته، وهو معتمد على كتب الأئمة المُتقدمين يُفاضل ويُرجِّح بين أقوالهم ويُوجِّه ويختار ويرد ويُفنِّد،
وكثير منه مأخوذ من تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ويستقل رحمه الله بالتَّوجيه والاختيار المُوفَّق الذي غالباً ما يقوله فيه قال مُقيِّدُهُ عفا الله عنهُ هذه اختيارات الشيخ،
والشيخ من أهل النَّظر في هذا الباب وهو مُجتهد إنْ أصاب فله أجران وإنْ لم يُحالفهُ الصَّواب لهُ أجرٌ واحد والآلة مُكتملةٌ عندهُ،
ومثلي لايسأل عن الشيخ رحمه الله.))
http://www.khudheir.com/ref/347
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[09 Aug 2007, 05:38 ص]ـ
بارك الله فيكم ,وغفر الله لشيخنا.
لقد أفدتنا كثيرا
واذن لى فى التعليق على بعض النقاط بغرض اثراء الحوار لمزيد من الفائدة ان شاء الله تعالى ,
1 - الخليفة والامام:لقد جرت أقلام كثيرة بكون الخليفة فى آية "انى جاعل فى الأرض خليفة .... "أن هذا الخليفة يكون عن الله وبالتالى فهو الامام. وقرأت أن الخليفة يخلف من غاب ممن كان قبله والله سبحانه لم يغب وهو سبحانه الأول والآخر فلا يجوز أن نقول خليفة عن الله
فاذا ما أخذنا بالقول الثانى -وأرى أنه الصواب -فلا علاقة للآية بمسألة الامامة. والله أعلم.
2 - " .. طبقا عن طبق ... "ان القسم بآيات كونية " ... الشفق*والليل وما وسق *والقمر اذا اتسق " قد يفهم منه أن الكلام على الآيات فى الآفاق التى " ... سنريهم آياتنا فى الآفاق "والسؤال " فما لهم لايؤمنون "وقد رأوها. ويكون السؤال لمن لم يروها: "فما لهم لا يؤمنون "وقد أنبأهم بها الرسول.وفى الحالين - ايمان الرؤيه والدليل وايمان اليقين بالنبأ الصادق -يجب السجود عند قراءة القرآن عليهم.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[09 Aug 2007, 05:59 ص]ـ
"نسقيكم مما فى بطونه " فى هذا الآية دلالة على أن السياق يحدد الفهم
ان الآيات تتحدث عن الماء والنعمة فيه على اختلاف صورها فهو الماء الذى أنزله الله من السماء وهو فى صورتين: الماء الظاهر أمامكم والماء فى البطون: بطونه فيكم وتحولاته الكثيرة فى أبدانكم."وان لكم فى الأنعام لعبرة."اذن هى بطون الماء فى الأنعام واللبن تحول للماء فى بطن واحد منها والفرث والدم تحولان آخران " وكذلك فى الثمرات فيها ماء باطن قد تعصرونه فهو رزق حسن وقد تخمرونه فهو سكر. والماء فى بطون النحل يتحول الى عسل.
اذن الضمير فى"بطونه " عائد على الماء.والله أعلم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[16 Aug 2007, 06:17 م]ـ
عند قوله تعالى في يوسف {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}
قال الشيخ عليه رحمة الله ورضوانه:
وفي هذه الآية الكريمة إشكال:
وهو أن المقرر في علم البلاغة أن الحال قيد لعاملها, وصف لصاحبها, وعليه فإن عامل هذه الجملة الحالية الذي هو (يؤمن) مقيد بها فيصير المعنى تقييد إيمانهم بكونهم مشركين, وهو مشكل لما بين الإيمان والشرك من المنافاة .. !
قال مقيده عفا الله عنه:
لم أر من شفى غليلي في هذا الإشكال, والذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أن هذا الإيمان المقيد بحال الشرك إنما هو إيمان لغوي لا شرعي, لأن من يعبد مع الله غيره لايصدق عليه اسم الإيمان ألبتة شرعا, أما الإيمان اللغوي فهو يشمل كل تصديق, فتصديق الكافر بأن الله هو الخالق الرازق يصدق عليه اسم الإيمان لغة مع كفره بالله, ولا يصدق عليه اسم الإيمان شرعاً.
وإذا حققتَ ذلك علمتَ أن الإيمان اللغوي يجامع الشرك فلا إشكال في تقييده به, وكذلك الإسلام الموجود دون الإيمان في قوله تعالى (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) فهو الإسلام اللغوي, لأن الإسلام الشرعي لا يوجد ممن لم يدخل الإيمان في قلبه, والعلم عند الله تعالى.
قال بعض العلماء: نزلت آية {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} في قول الكفار:
لبيك لا شريك لك
إلا شريكا هو لك
تملكه وما ملك
وهو راجعٌ إلى ما ذكرنا .. انتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 03:57 م]ـ
قال الشيخ رحمة الله عليه عند قول الحق تعالى وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من عمل صالحاً وأحسن في عمله أنه جل وعلا لا يضيع أجره، أي جزاء عمله: بل يجازي بعمله الحسن الجزاء الأوفى.
وبين هذا المعنى فيآيات كثيرة جداً، كقوله تعالى: {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى}. وقوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين} وقوله {هَلْ جَزَآءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان} والآيات الدلة على هذه المعنى كثيرة جداً.
وفي هذا المعنى الكريمة سؤلان معروفان عند العلماء:
الأول - أن يقال أين خبر «إن» في قوله تعالى {إِنَّ الذين آمَنُواْ} الآية؟ فإذا قيل: خبرها جملة {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} توجه السؤال.
الثاني - وهو أن يقال: أين رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ الذي هو اسم «إن»؟
اعلم أن خبر «إن» في قوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ} قيل هو جملة {أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} وعليه فقوله: {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} جملة اعتراضية. وعلى هذا فالرابط موجود ولا إشكال فيه.
وقيل: «إن» الثانية واسمها وخبرها، كل ذلك خبر «إن» الأولى. ونظير الآية من القرآن في الإخبار عن «إن» ب «إن» وخبرها واسمها قوله تعالى في سورة «الحج»: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} الآية، وقول الشاعر:
إن الخليفة إن الله ألبسه ... سربال به ترجى الخواتيم
على أظهر الوجهين في خبر «إن» اولى في البيت.
وعلى هذا فالجواب عن السؤال الثاني من وجهين:
الأول - أن الضمير الراب محذوف، تقديره: لا تضيع أجر من أحسن منهم عملاً: كقولهم: السمن منوان بدرهم، أي منوان منه بدرهم، كما تقدم في قوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} الآية. أي يتربص بعدهم.
الوجه الثاني - أن من {مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} هو الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وإذا كان الذين آمنوا، ومن أحسن عملاً ينظمها معنى واحد قام ذلك مقام الربط بالضمير. وهذا مذهب الأخفش، وهو الصواب. لأن الربط حاصل بالاتحاد في المعنى.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 04:08 م]ـ
عند قوله تعالى (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا)
يقول الشيخ رحمة الله عليه:
فإن قيل: ما وجه إفراد الجنة مع أنهما جنتان؟
فالجواب - أ نه قال ما ذكره الله عنه حين دخل إحداهما، إذ لا يمكن دخوله فيهما معاً في وقت واحد. وما أجاب به الزمخشري عن هذا السؤال ظاهر السقوط، كما نبه عليه أبو حيان في البحر
ـــــــــــــــ
للفائدة:
جواب الزمخشري رحمه الله: فإن قلت: فلم أفرد الجنة بعد التثنية؟ قلت: معناه ودخل ما هو جنته ماله جنة غيرها، يعني أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المؤمنون، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما.
وتعقبه أبو حيّان رحمه الله بقوله: ولا يتصور ما قال لأن قوله ودخل جنته إخبار من الله تعالى بدخول ذلك الكافر جنته فلا بد أنه قصد في الإخبار أنه دخل إحدى جنتيه إذ لا يمكن أن يدخلهما معاً في وقت واحد، والمعنى {ودخل جنته} يُرِي صاحبَه ما هي عليه من البهجة والنضارة والحسن.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Nov 2007, 04:34 م]ـ
قال -رحمة الله عليه وعلى علماء المسلمين ومحبيهم - عند آية: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن قيل: إذا كانوا لا يستطيعون السمع ولا يبصرون ولا يفقهون، لأن الله جعل الأكنة المانعة من الفهم على قلوبهم. والوقر الذي هو الثقل المانع من السمع في آذانهم فهم مجبورون. فما وجه تعذيبهم على شيء لا يستطيعون العدول عنه والانصراف إلى غيره؟!
فالجواب - أن الله جل وعلا بين في آيات كثيرة من كتابه العظيمك أن تلك الموانع التي يجعلها على قلوبهم وسمعم وابصارهم، كالختم والطبع والغشاوة والأكنة، ونحو ذلك - إنما جعلها عليهم جزاء وفاقاً لما بادروا إليه من الكفر وتكذيب الرسل باختيارهم، فأزاغ الله قلوبهم بالطبع والأكنة ونحو ذلك، جزاء على كفرهم، فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} أي بسبب كفرهم، وهو نص قرآني صريح في أن كفرهم السابق هو سبب الطبع على قلوبهم. وقوله: {فَلَمَّا زاغوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ} وهو دليل أيضاً واضح على أن سبب إزاعة الله قلوبهم هو زيغهم السابق. وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ} وقوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً} الآية، وقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}، وقوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الطبع على القلوب ومنعها من فهم ما ينفع عقاب من الله على الكفر السابق على ذلك. وهذا الذي ذكرنا هو وجه رد شبه الجبرية التي يتمسكون بها في هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن العظيم.
وبهذا الذي قررنا يحصل الجواب أيضاً عن سؤال يظهر لطالب العلم فيما قررنا: وهو أن يقول:
قد بينتم في الكلام على الآية التي قبل هذه أن جعل الأكنة على القلوب من نتائج الإعراض عن آيات الله عند التذكير بها، مع أن ظاهر الآية يدل عكس ذلك من الإعراض المذكور سببه هو جعل الأكنة على القلوب، لأن «إن» من حروف التعليل كما تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه، كقولك: اقطعه إنه سارق، وعاقبه إنه ظالم
فالمعنى: اقطعه لعلة سرقته، وعاقبه لعلة ظلمة.وكذلك قوله تعالى: {فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أي أعرض عنها لعلة جعل الأكنة على قلوبهم. لأن الآيات الماضية دلت على أن الطبع الذي يعبر عنه تارة بالطبع، وتارة بالختم، وتارة بالأكنة، ونحو ذلك - سببه الأول الإعراض عن آيات الله والكفر بها كما تقدم إيضاحه.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Nov 2007, 12:42 م]ـ
قال رحمه الله مستكملاً مسائل الآية السابقة {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}
وفي هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان:
الأول - أن يقال: ما مفسر الضمير في قوله: {ان يفقهوه}؟
وقد قدمنا أنه الآيات في قوله {ذُكِّرَ بِآيِاتِ رَبِّهِ} بتضمن الآيات معنى القرآن. فقوله {أن يفقهوه} أي القرآن المعبر عنه بالآيات كما تقدم إيضاحه قريباً.
السؤال الثاني - أن يقال: ما وجه إفراد الضمير في قوله {ذكر} وقوله: {أعرض عنها} وقوله {وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} مع الإتيان بصيغة الجمع في الضمير في قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} مع أن مفسر جميع الضمائر المذكورة واحد، وهو الاسم الموصول في قوله: {مِمَّن ذُكِّرَ بِآيِاتِ رَبِّهِ} الآية.
والجواب - هو أن الإفراد باعتبار لفظ «من» والجمع باعتبار معناها، وهو كثير في القرآن العظيم. والتحقيق في مثل ذلك جواز مراعاة اللفظ تارة، ومراعاة المعنى تارة أخرى مطلقاًز خلافاً لمن زعم أن مراعاة اللفظ بعد مراعة المعنى لا تصح. والدليل على صحة قوله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً}
فإنه في هذه الآية الكريمة راعى لفظ «من» أولاً فأفرد الضمير في قوله {يؤمن} وقوله «ويعمل» وقوله «يُدْخِلْهُ» ووراعى المعنى في قوله: {خالدين} فأتى فيه بصيغة الجمع، ثم راعى اللفظ بعد ذلك في قوله: {قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} وقوله: {أن يفقهوه} فيه وفي كل من يشابهه من الألفاظ وجهان معرفوان لعلماء التفسير:
أحدهما - أن المعنى جعلنا على قلوبهم أكنة لئلا يفقهوه. وعليه فلا النافية محذوفة دل المقام عليها. وعلى هذا القول هنا اقتصر ابن جرير الطبري.
والثاني - أن المعنى جعلنا على قلوبهم أكنة كراهة أن يفقهوه وعلى هذا فالكلام على تقدير مضاف، وأمثال هذه الاية في القرآن كثيرة. وللعلماء في كلها الوجهان المذكوران كقوله تعالى: {يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ}
اي لئلا تضلوا، أو كراهة أن تضلوا. وقوله: {إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فتبينوا أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ} أي لئلا تصيبوا، أو كراهة أن تصيبوا، وأمثال ذلك كثيرة في القرآن العظيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[24 Nov 2007, 08:17 م]ـ
قال الشيخ - رحمه الله - عند آية:
{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}
هذا العبد المذكور في هذه الآية الكريمة هو الخضر عليه السلام بإجماع العلماء، ودلالة النصوص الصحيحة على ذلك من كلم النَّبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الرحمة والعلم اللدني اللذان ذكر الله امتنانه عليه بهما لم يبين هنا هل هما رحمة النبوة وعلمها، أو رحمة الولاية وعلمها. والعلماء مختلفون في الخضر: هل هو نبي، أو رسول أو ولي. كما قال الزاجر:
واختلفت في خضر أهل العقول ... قيل نبي أو ولي أو رسول
وقيل ملك. ولكنه يفهم من بعض الآيات أن هذه الرحمة المذكورة هنا رحمة نبوة. وأن هذا العلم اللدني علم وحي، مع العلم بأن في الاستدلال بها على ذلك مناقشات معروفة عند العلماء.
اعلم أولاً - أن الرحمة تكرر إطلاقها على النبوة في القرآن. وكذلك العلم المؤتى من الله تكرر إطلاقه فيه على علم الوحي. فمن إطلاق الرحمة على النبوة قوله تعالى في «الزخرف»: {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} الآية. أي: نبوته حتى يتحكموا في إنزال القرآن على رجل عظيم من القريتين. وقوله تعالى في سورة «الدخان»: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ الآية، وقوله تعالى في آخر «القصص» {وَمَا كُنتَ ترجوا أَن يلقى إِلَيْكَ الكتاب إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} الآية.
ومن إطلاق إيتاء العلم على النبوة قوله تعالى: {وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب والحكمة وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً} ,وقوله: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات
ومعلوم أ الرحمة وإيتاء العلم اللدني أعم من كون ذلك عن طريق النبوة وغيرها.
والاستدلال بالأعم على الأخص فيه: أن وجود الأعم لا يستلزم وجود الأخص كما هو معروف ,ومن أظهر الأدلة في أن الرحمة والعلم اللدني اللذين امتن الله بهما على عبده الخضر عن طريق النبوة والوحي قوله تعالى عنه: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} أي وإنما فعلته عن أمر الله جل وعلا. وأمر الله إنما يتحقق عن طريق الوحي، إذ لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه إلا الوحي من الله جل و علا. ولا سيما قتل الأنفس البريئة في ظاهر الأمر، وتعييب سفن الناس بخرقها. لأن العدوان على أنفس الناس وأموالهم لا يصح إلا عن طريق الوحي من الله تعالى. وقد حصر تعالى طرق الإنذار في الوحي في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي} و «إنما» صيغة حصر.
فإن قيل: قد يكون ذل عن طريق الإلهام!
فالجواب: أن المقرر في الأصول أن الإلهام من الأولياء لا يجوز الاستدلال به على شيء لعدم العصمة وعدم الدليل على الاستدلال به , بل ولوجود الدليل على عدم جواز الاستدلال به، وما يزعمه بعض المتصوفة من جواز العمل بالإلهام في حق الملهَم دون غيره، وما يزعمه بعض الجبرية أيضاً من الاحتجاج بالإلهام في حق الملهم وغيره جاعلين الإلهام كاوحي المسموع مستدلين بظاهر قوله تعالى: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ}، وبخبر «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» كله باطل لا يعول عليه، لعدم اعتضاده بدليل.
وغير معصوم لا ثقةَ بخواطره، لأنه لا يأمن دسيسة الشيطان. وقد ضُمِنت الهداية في اتباع الشرع، ولم تُضمَن في اتباع الخواطر والإلهامات. والإلهام في الاصطلاح: إيقاع شيء في القلب يثلج له الصدر من غير استدلال بوحي ولا نظر في حجة عقلية، يختص الله به من يشاء من خلقه, أما ما يُلهَمُه الأنبياءُ مما يلقيه الله في قلوبهم فليس كإلهام غيرهم، لأنهم معصومون بخلاف غيرهم. قال في مراقي السعود في كتاب الاستدلال:
وينبذ الإلهام بالعراء ... أعني به إلهام الأولياء
وقد رآه بعض من تصوفا ... وعصمة النَّبي توجب اقتفا
وبالجملة، فلا يخفى على من له إلمام بمعرفة دين الإسلام أنه لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه، وما يتقرب إليه به من فعل وترك -إلا عن طريق الوحي. فمن ادعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل، وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة - فلا شك في زندقته. والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصى، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً} ولم يقل حتى نلقي في القلوب إلهاماً. وقال تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} وقال: {وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ} الآية. والآيات والأحاديث بمثل هذا كثيرة جداً. وقد بينا طرفا من ذلك في سورة «بني إسرائيل» في الكلام على قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً} وبذلك تعلم أن ما يدعيه كثير من الجهلة المدعين التصوف من أن لهم ولأشياخهم طريقاً باطنة توافق الحق عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع، كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى - زندقة، وذريعة إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام، بدعوى أن الحق في أمور باطنة تخالف ظاهره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jan 2008, 05:00 م]ـ
قال رحمه الله , عند آية {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}
فإن قيل: نبئنا بالأخسرين أعمالاً من هم؟
كان الجواب - هم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وبه تعلم أن «الذين» من قوله {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ} خبر مبتدأ محذوف جواباً للسؤال المفهوم من المقام، ويجوز نصبه على الذم، وجره على أنه بدل من الأخسرين، أو نعت له.
وقوله {ضَلَّ سَعْيُهُمْ} أي بطل عملهم وحبط، فصار كالهباء وكالسراب وكالرماد كما في قوله تعالى: {وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً}، وقوله: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} الآية. وقوله: {مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} ومع هذا فهم يعتقدون أن عملهم حسن مقبول عند الله.
والتحقيق: أن الآية نازلة في الكفار الذيت يعتقدون أن كفرهم صواب وحق، وأن فيه رضى ربهم، كما قال عن عبدة الأوثان: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى}، وقال عنهم {وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله}، وقال عن الرهبان الذين يتقربون إلى الله على غير شرع صحيح: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تصلى نَاراً حَامِيَةً} الآية، على القول فيها بذلك. وقوله تعالى في الكفار: {إِنَّهُمُ اتخذوا الشياطين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الله وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} وقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} والدليل على نزولها في الكفار تصريحه تعالى بذلك في قوله بعده يليه {أولئك الذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآية. فقول من قال: إنهم الكفار، وقول من قال: إنهم الرهبان، وقوله من قال إنهم أهل الكتاب الكافرون بالنَّبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك تشمله هذه الآية. .
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jan 2008, 07:12 م]ـ
في قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) قال رحمة الله عليه وعلى علماء المسلمين:
فإن قيل هذه الآيات فيها الدلالة على أن طاعة الله بالإيمان والعمل الصالح سبب في دخول الجنة. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخلَ أحدَكم عملُه الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا يتغمدني الله برحمة منه وفضل» يرد بسببه إشكال على ذلك.
فالجواب - أن العمل لا يكون سبباً لدخول الجنة إلا إذا تقبله الله تعالى وتقبله له فضل منه. فالفعل الذي هو سبب لدخول الجنة هو الذي تقبله الله بفضله، وغيره من الأعمال لا يكون سبباً لدخول الجنة. والجمع بين الحديث والآيات المذكورة أوجه أخر، هذا أظهرها عند. والعم عند الله تعالى. وقد قدمنا أن «النزل» هو ما يهيأ من الإكرام للضيف أو القادم.
وعند قول الله تعالى وتقدس: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) قال الشيخ رحمه الله:
معنى قوله: {خِفْتُ الموالي} أي خفت أقاربي وبني عمي وعصبتي: أن يضيعوا الدين بعدي، ولا يقوموا لله بدينه حق القيام، فارزقني ولداً يقوم بعدي بالدين حق القيام. وبهذا التفسير تعلم ان معنى قومه «يرثني» أنه إرث علم ونبوة، ودعوة إلى الله والقيام بدينه، لا إرث مال.
ويدل لذلك أمران:
أحدهما - قوله {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ومعلوم أن آل يعقوب انقرضوا من زمان، فلا يورث عنهم إلا العلم والنبوة والدين.
(يُتْبَعُ)
(/)
والأمر الثاني - ما جاء من الأدلة على أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يورث عنهم المال، وإنما يورث عنهم العلم والدين فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحهما عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا نورث، ما تركنا صدقه» ومن ذلك أيضاً ما رواه الشيخان أيضاً عن عمر رضي الله عنه أنه قال لعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد وعلي والعباس رضي الله عنهم (أنشدكم الله الذي بغذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركنا صدقه) قالوا: نعم.
ومن ذلك ما أخرجه الشيخان أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن. فقالت عائشة: أليس قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ما تركنا صدقة» ومن ذلك ما رواه الشيخان أيضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتسم ورثتي ديناراً، ما تركتُ بعد نَفَقَة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقةٌ» وفي لفظ عند أحمد: «لا تقتسم ورثني ديناراً ولا درهماً» ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه. عن أبي هريرة: أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر رضي الله عنه: من يرثك إذا مت؟ قال: ولدي وأهلي؟ قالت: فما لنا لا نرث النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن النَّبي لا يورث» ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق.
فهذه الأحاديث وأمثالها ظاهرة في أن الأنبياء لا يورث عنهم المال بل العلم والدين.
فإن قيل: هذا مختص به صلى الله عليه وسلم. لأن قوله «لا نورث» يعني به نفسه. كما قال عمر رضي الله عنه في الحديث الصحيح المشار إليه عنه آنفاً: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله قال: «لانورث ما تركنا صدقة» يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه. فقال الرهط: قد قال ذلك الحديث. ففي هذا الحديث الصحيح أن عمر قال: إن مراد النَّبي صلى الله عليه وسلم بقوله «لا نورث» نفسه، وصدقه الجماعة المذكورون في ذلك، وهذا دليل على الخصوص فلا مانع إذن من كون الموروث عن زكريا في الآية التي نحن بصددها هو المال؟
فالجواب من أوجه:
الأول - أن ظاهر صيغة الجمع شمول جميع الأنبياء، فلا يجوز العدول عن هذا الظاهر إلا بدليل من كتاب أو سنة , وقولُ عمرَ لا يصح تخصيص نص من السنة به , لأن النصوص لا يصح تخصيصها بأقوال الصحابة على التحقيق كما هو مقرر في الأصول.
الوجه الثاني - أن قولَ عمرَ «يريد صلى الله عليه وسلم نفسه» لا ينافي شمولا الحكم لغيره من الأنبياء، لاحتمال أن يكون قصده يريد أنه هو صلى الله عليه وسلم يعني نفسه فإنه لا يورث، ولم يقل عمرُ إن اللفظ لم يشمل غيره، وكونه يعني نفسه لا ينافي أن غيره من الأنبياء لا يورث أيضاً.
الوجه الثالث - ما جاء من الأحاديث صريحاً في عموم عدم الإرث المالي في جميع الأنبياء. وسنذكر طرفاً من ذلك هنا إن شاء الله تعالى.
قال ابن حجر في فتح الباري ما نصه:
وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ «نحن» لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ «إنا معاشر الأنبياء لا نورث. .» الحديث وأخرجه عن محمد بن منصور، عن ابن عيينة عنه، وهو كذلك في مسند الحميدي عن ابن عيينة، وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه. وأورده الهيثم بن كليب في مسنده من حديث أبي بكر الصديق باللفظ المذكور. وأخرجه الطبراني في الأوسط بنحو اللفظ المذكور. وأخرجه الدارقطني في العلل من رواية أم هانىء عن فاطمة رضي الله عنها، عن أبي بكر الصديق بلفظ «إن الأنبياء لا يورثون» انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر.
وقد رأيت فيه هذه الطرق التي فيها التصريح بعموم الأنبياء. وقد قال ابن حجر: إن إنكار الحديث المذكور غير مسلم إلا بالنسبة لخصوص لفظ «نحن» وهذه الروايات التي أشار لها تشد بعضَها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تقرر في الأصول أن البيان يصح بكل ما يزيل الإشكال ولو قرينة أو غيرها كما قدمناه موضحاً في ترجمة هذا الكتاب المبارك، وعليه - فهذه الأحاديث التي ذكرنا تبين أن المقصود من قوله في الحديث المتفق عليه «لا نورث» أنه يعني نفسه. كما قال عمر وجميعَ الأنبياء كما دلت عليه الروايات المذكورة.
والبيان إرشاد ودلالة يصح بكل شيء يزيل اللبس عن النص من نص أو فعل أو قرينة أو غير ذلك قال في مراقي السعود في تعريف البيان وما به البيان:
تصيير مشكل من الجلي ... وهو واجب على النَّبي
إذا أريد فهمه وهْو بما ... من الدليل مطلقا يجلو العما
وبهذا الذي قررنا تعلم: أن قوله هنا {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} يعني وراثة العلم والدين لا المال. وكذلك قوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} الآية. فتلك الوراثة أيضاً وراثة علم ودين. والوراثة قد تطلق في الكتاب والسنة على وراثة العلم والدين، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا} الآية، وقوله: {وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} وقوله: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الكتاب} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
ومن السنة الورادة في ذلك ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العلماء ورثة الأنبياء» وهو في المسند والسنن قال صاحب (تمييز الطيب من الخبيث، فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث): رواه أحمد وأبو داود والترمذي وآخرون عن أبي الدراداء مرفوعاً بزيادة «إن الأنبياء لم يورثوا ديناراًً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم» وصححه ابن حبان والحاكمُ وغيرهما - انتهى منه بلفظه.
وقال صاحب (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس): «العلماء ورثة الأنبياء» رواه أحمد والأربعة وآخرون عن أبي الدرداء مرفوعاً بزيادة «إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم. .» الحديث، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وحسنه حمزة الكناني وضعفه غيرهم لاضطراب سنده لكن له شواهد.
ولذا قال الحافظ: له طرق يعرف بها أن للحديث أصلاً، ورواه الديلمي عن البراء بن عازب بلفظ الترجمة اه محل الغرض منه.
والظاهر صلاحية هذا الحديث للاحتجاج لاعتضاد بعض طرقه ببعض. فإذا علمت ما ذكرنا من دلالة هذه الأدلة على أن الوراثة المذكورة في الآية وراثة علم ودين لا وراثة مال فاعلم أن للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال
الأول - هو ما ذكرنا. (يريد رحمه الله أنها وراثة العلم والدين لا المال)
والثاني - أنها وراثة مال.
والثالث: أنها وراثة مال بالنسبة له , وبالنسبة لآل يعقوب في قوله «ويرث من آل يعقوب» وراثة علم ودين.
وهذا اختيار ابن جرير الطبري. وقد ذكر من قال: إن وراثته لزكريا وراثة مال حديثاً عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه قال: «رحم الله زكريا ما كان عليه من ورثته» أي ماذا يضره إرث ورثته لماله. ومعلوم أن هذا لم يثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم. والأرجح فيما يظهر لنا هو ما ذكرنا من أنها وراثة علم ودين؛ للأدلة التي ذكرنا وغيرها مما يدل على ذلك.
وفي قول الله تعالى (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) قال الشيخ رحمه الله:
فإن قيل: ما وجه استفهام زكريا في قوله {أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} مع علمه بقدرة الله تعالى على كل شيء.؟
فالجواب من ثلاثة أوجه قد ذكرناها في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عند آيات الكتاب) في سورة «آل عمران» وواحد منها فيه بُعدٌ وإن روى عن عكرمةَ والسديِّ وغيرهما.
الأول - أن استفهام زكريا استفهام استخبار واستعلام , لأنه لا يعلم هل الله يأتيه بالولد من زوجه العجوز على كبر سنهما على سبيل خرق العادة , أو يأمره بأن يتزوج شابة، أو يردهما شابين؟
فاستفهم عن الحقيقة ليعلهما , ولا إشكال في هذا، وهو أظهرها.
الثاني - أن استفهامه استفهام تعجب من كمال قدرة الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث - وهو الذي ذكرنا أن فيه بُعداً هو ما ذكره ابن جرير عن عكرمة والسدي: من أن زكريا لما نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى، قال له الشيطان: ليس هذا نداء الملائكة، وإنما هو نداء الشيطان، فداخل زكريا الشك في أن النداء من الشيطان، فقال عند ذلك الشك الناشىء عن وسوسة الشيطان قبل أن يتيقن أنه من الله: {أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} ولذا طلب الآية من الله على ذلك بقوله: {رَبِّ اجعل لي آيَةً} الآية
وإنما قلنا: إن هذا القول فيه بُعدٌ لأنه لا يلتبس على زكريا نداء الملائكة بنداء الشيطان.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Jul 2008, 11:35 ص]ـ
قال الشيخ - رحمه الله وغفر له - عند تفسيره قولَ الله تعالى (ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيّاً)
فيه سؤالٌ معروفٌ , وهو أن يقال: ما وجه ذكر البكرة والعشيِّ, مع أنّ الجنّة ضياءٌ دائمٌ ولا ليل فيها. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة:
الأول: أن المراد بالبكرة والعشي قدر ذلك من الزمن، كقوله: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} أي قدر شهر. وروي معنى هذا عن ابن عباس، وابن جريج وغيرهما.
الجواب الثاني: أن العرب كانت في زمنها ترى أن من وجد غداءً وعشاءً فذلك الناعم، فنزلت الآية مرغبة لهم وإن كان في الجنة أكثر من ذلك. ويروى هذا عن قتادة، والحسن، ويحيى بن أبي كثير.
الجواب الثالث: أن العرب تعبر عن الدوام بالبكرة والعشي، والمساء والصباح، كما يقول الرجل: أنا عند فلان صباحاً ومساءً، وبكرة وعشياً. يريد الديمومة ولا يقصد الوقتين المعلومين.
الجواب الرابع: أن تكون البكرة هي الوقت الذي قبل اشتغالهم بلذاتهم. والعشي: هو الوقت الذي بعد فراغهم من لذاتهم، لأنه يتخللها فترات انتقال من حال إلى حال. وهذا يرجع معناه إلى الجواب الأول.
الجواب الخامس: هو ما رواه الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" من حديث أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا: "قال رجل: يا رسول الله، هل في الجنة من ليل؟ قال: "وما يهيجك على هذا"؟ قال: سمعت الله تعالى يذكر: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}، فقلت: الليل بين البكرة والعشي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس هناك ليل، إنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو، تأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة" انتهى بواسطة نقل صاحب الدر المنثور والقرطبي في تفسيره.
وقال القرطبي بعد أن نقل هذا: وهذا في غاية البيان لمعنى الآية. وقد ذكرناه في كتاب "التذكرة" ثم قال: وقال العلماء ليس في الجنة ليل ولا نهار، وإنما هم في نور أبداً، إنما يعرفون مقدار الليل من النهار بإرخاء الحجب، وإغلاق الأبواب. ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب، وفتح الأبواب. ذكره أبو الفرج الجوزي والمهدوي وغيرهما ا هـ منه. وهذا الجواب الأخير الذي ذكره الحكيم الترمذي عن الحسن وأبي قلابة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم راجع إلى الجواب الأول. والعلم عند الله تعالى.
وقال رحمه الله عند قول الله تعالى (ويقول الإنسانُ أئذا ما متّ لسوف أخْرجُ حيّا)
فإن قيل: أين العامل في الظرف الذي هو "إِذَا".؟
فالجواب: أنه منصوب بفعل مضمر دل عليه جزاء الشرط؛ وتقديره: أأخرج حياً إذا ما مت أي حين يتمكّن في الموت والهلاك أخرج حياً. يعني لا يمكن ذلك.
فإن قيل: لم لا تقول بأنه منصوب بـ"أَخْرَجَ"، المذكور في قوله: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً}، على العادة المعروفة، من أن العامل في {إِذَا} هو جزاؤِها؟
فالجواب: أن لام الابتداء في قوله: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً}، مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها كما هو معلوم في علم العربية. فلا يجوز أن تقول: اليوم لزيْدٌ قائم؛ تعني لزيد قائم اليوم. وما زعمه بعضهم من أن حرف التنفيس الذي هو سوف مانع من عمل ما بعده فيما قبله أيضاً، حتى إنه على قراءة طلحة بن مصرف {أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً}، بدون اللام يمتنع نصب "إِذَا" بـ"أَخْرَجَ" المذكورة؛ فهو خلاف التحقيق.
والتحقيق أن حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده فيما قبله. ودليله وجوده في كلام العرب؛ كقول الشاعر:
فلما رأته آمنا هان وجدها ** وقالت أبونا هكذا سوف يفعل
(يُتْبَعُ)
(/)
فقوله: «هكذا» منصوب بقوله: «يفعل» كما أوضحه أبو حيان في البحر. وعليه فعلى قراءة طلحة بن مصرف فقوله: إِذَا منصوب بقوله: أَخْرَجَ؛ لعدم وجود اللام فيها وعدم منع حرف التنفيس من عمل ما بعده فيما قبله.
فإن قلت: لام الإبتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامعت حرف التنفيس الدال على الاستقبال؟
فالجواب: أن اللام هنا جرِّدت من معنى الحال، وأخلصت لمعنى التوكيد فقط. ولذلك جامعت حرف الاستقبال كما بينه الزمحشري في الكشاف، وتعقبه أبو حيان في البحر المحيط بأن من علماء العربية من يمنع أن اللام المذكورة تعطي معنى الحال، وعلى قوله: يسقط الإشكال من أصله. والعلم عند الله تعالى.
قال رحمه الله تعالى:
فإن قيل: ظاهر الآية أن لفظة {خَيْرٌ} في قوله: {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً}،صيغة تفضيل، والظاهر أن المفضل عليه هو جزاء الكافرين. ويدل لذلك ما قاله صاحب الدر المنثور، قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً}،يعني: خير جزاء من جزاء المشركين. {وَخَيْرٌ مَّرَدّاً}،يعني: مرجحاً من مرجعهم إلى النار. والمعروف في العربية أن صيغة التفضيل تقتضي مشاركة المفضل عليه. والخيرية منفية بتاتاً عن جزاء المشركين وعن مردهم، فلم يشاركوا في ذلك المسلمين حتى يفضلوا عليهم.!
فالجواب: أن الزمخشري في كشَّافه حاول الجواب عن هذا السؤال بما حاصله: أنه كأنه قيل ثوابهم النار، والجنة خير منها على طريقة قول بشر بن أبي حازم:
غضبت تميم أن تقتل عامر** يوم النسار فأعتبوا بالصيلم
فقوله:
«أعتبوا بالصيلم» يعني أرضوا بالسيف، أي لا رضى لهم عندنا إلا السيف لقتلهم به. ونظيره قول عمرو بن معدي كرب:
وخيلٍ قد دلفت لها بخيل ** تحية بينهم ضرب وجميع
أي لا تحية بينهم إلا الضرب الوجيع. وقول الآخر:
شجعاء جرتها الذميل تلوكه ** أصلاً إذا راح المطي غراثا
يعني أن هذه الناقة لا جرة لها تخرجها من كرشها فتمضغها إلا السير، وعلى هذا المعنى فالمراد: لا ثواب لهم إلا النار. وباعتبار جعلها ثواباً بهذا المعنى فضل عليها ثواب المؤمنين. هذا هو حاصل جواب الزمخشري مع إيضاحنا له.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ويظهر لي في الآية جواب آخر أقرب من هذا، وهو أنا قدمنا أن القرآن والسنة الصحيحة دلا على أن الكافر مجازى بعمله الصالح في الدنيا، فإذا بر والديه ونفس عن المكروب، وقرى الضيف، ووصل الرحم مثلاً يبتغي بذلك وجه الله فإن الله يثيبه في الدنيا؛ كما قدمنا دلالة الآيات عليه، وحديث أنس عند مسلم. فثوابه هذا الراجع إليه من عمله في الدنيا، هو الذي فضل الله عليه في الآية ثواب المؤمنين. وهذا واضح لا إشكال فيه. والعلم عند الله تعالى.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Aug 2008, 02:25 م]ـ
قال الشيخ - رحمه الله تعالى - عند آية طه (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)
تنبيه:
فإن قيل، ما وجه الإفراد في قوله {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين} في «الشعراء»؟ مع أنهما رسولان؟ كما جاء الرسول مثنى في «طه» فما وجه التثنية في «طه» والإفراد في «الشعراء»، وكل واحد من اللفظين: المثنى والمفرد يراد به موسى وهارون؟
فالذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن لفظ الرسول أصله مصدر وصف به، والمصدر إذا وصف به ذكر وأفرد كما قدمنا مراراً. فالإفراد في «الشعراء» نظراً إلى أن أصل الرسول مصدر. والتثنية في «طه» اعتداداً بالوصفية العارضة وإعراضاً عن الأصل، ولهذا يجمع الرسول اعتداداً بوصفيته العارضة، ويفرد مراداً به الجمع نظراً إلى أن أصله مصدر. ومثال جمعه قوله تعالى: {تِلْكَ الرسل ... } الآية، وأمثالها في القرآن. ومثال إفراده مراداً به الجمع قول أبي ذؤيب الهذلي:
ألكني إليها وخير الرسول ** أعلمهم بنواحي الخبَرْ
ومن إطلاق الرسول مراداً به المصدر على الأصل قوله:
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم ** بقول ولا أرسلتهم برسولِ
أي برسالة.
وقول الآخر:
ألا بلغ بني عصم رسولا ** بأني عن فتاحتكم غنيُّ
يعني أبلغهم رسالة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Mar 2009, 10:20 ص]ـ
ويقول رحمه الله تعالى عند آية (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)
فإن قيل: قوله في «طه»: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى} الآية، وقوله في «الأعراف»: {سحروا أَعْيُنَ الناس} الدالان على أن سحر سحرة فرعون خيال لا حقيقة له، يعارضهما قوله في «الأعراف»: {وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} لأن وصف سحرهم بالعظم يدل على أنه غير خيال.!
فالذي يظهر في الجواب والله أعلم:
أنهم أخذوا كثيراً من الحبال والعصي، وخيلوا بسحرهم لأعين الناس أن الحبال والعصي تسعى وهي كثيرة. فظن الناظرون أن الأرض ملئت حيات تسعى، لكثرة ما ألقوا من الحبال والعصي فخافوا من كثرتها، وبتخييل سعي ذلك العدد الكثير وصف سحرهم بالعظم. وهذا ظاهر لا إشكال فيه. وقد قال غير واحد: إنهم جعلوا الزئبق على الحبال والعصي، فلما أصابها حر الشمس تحرك الزئبق فحرك الحبال والعصي، فخيل للناظرين أنها تسعى وعن ابن عباس: أنهم كانوا اثنين وسبعين ساحراً، مع كل ساحر منهم حبال وعصي.
وقيل: كانوا أربعمائة.
وقيل كانوا اثني عشر ألفاً.
وقيل أربعة عشر ألفاً.
وقال ابن المنكدر: كانوا ثمانين ألفاً.
وقيل: كانوا مجمعين على رئيس يقال له شمعون.
وقيل: كان اسمه يوحنا معه اثني عشر نقيباً، مع كل نقيب عشرون عريفاً، مع كل عريف ألف ساحر.
وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد وثلاثمائة ألف ساحر من الريف فصاروا تسعمائة ألف، وكان رئيسهم أعمى ا هـ.
وهذه الأقوال من الاسرائيليات، ونحن نتجنبها دائماً، ونقلل من ذكرها، وربما ذكرنا قليلاً منها منبهين عليه ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Mar 2009, 10:30 ص]ـ
ويقول رحمه الله عند آية (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)
فإن قيل: لم جمع السوءات في قوله {سَوْءَاتُهُمَا} مع أنهما سوأتان فقط؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
أن آدم وحواء كل واحد منهما له سوءتان: القبل والدبر، فهي أربع، فكل منهما يرى قبل نفسه وقبل الآخر، ودبرَه. وعلى هذا فلا إشكال في الجمع.
الوجه الثاني:
أن المثنى إذا أضيف إليه شيئان هما جزاءه جاز في ذلك المضاف الذي هو شيئان الجمع والتثنية، والإفراد، وأفصحها الجمعُ، فالإفرادُ، فالتثنيةُ على الأصح، سواء كانت الإضافة لفظاً أو معنى.
ومثال اللفظ: شويت رؤوس الكبشين أو رأسهما، أو رأسيهما.
ومثال المعنى: قطعت من الكبشين الرؤوس، أو الرأس، أو الرأسين.
فإن فرق المثنى المضاف إليه فالمختار في المضاف الإفراد، نحو: على لسان داود وعيسى ابن مريم.
ومثال جمع المثنى المضاف المذكور الذي هو الأفصح قوله تعالى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا}
ومثال الإفراد قول الشاعر:
حمامة بطن الواديين ترنمي ** سقاك من الغر الغوادي مطيرها
ومثال التثنية قول الراجز:
ومهمهين قذفين مرتين ** ظهراهما مثل ظهور الترسين
وللضمائر الراجعة إلى المضاف المذكور المجموع لفظاً وهو مثنى معنى يجوز فيها الجمع نظراً إلى اللفظ، والتثنية نظراً إلى المعنى، فمن الأول قوله:
خليلي لا تهلك نفوسكما أسى ** فإن لها فيما به دهيت أسى
ومن الثاني قوله:
قلوبكما يغشاهما الأمن عادة ** إذا منكما الأبطال يغشاهم الذعر
الوجه الثالث:
ما ذهب إليه مالك بن أنس من أن أقل الجمع اثنان. قال في مراقي السعود:
أقل معنى الجمع في المشتهر ** الاثنان في رأي الإمام الحميري
وأما إن كان الاثنان المضافان منفصلين عن المثنى المضاف إليه، أي كانا غير جزأيه فالقياس الجمع وفاقاً للفراء، كقولك: ما أخرجكما من بيوتكما، وإذا أويتما إلى مضاجعكما، وضرباه بأسيافهما، وسألتا عن إنفاقهما على أزواجهما، ونحو ذلك.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[09 Mar 2009, 09:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا محمود كما استفدت منكم قبل في مداخلاتكم السالفة في نفس الموضوع. فجزاكم الله عنا خير الجزاء.
وأرجو من الله العلي القدير أن تتفضلوا بالموافقة على التراسل معكم من أجل استشاراتكم في بعض المسائل العلمية التي حواها التفسير المبارك لشيخنا الفاضل رحمه الله رحمة واسعة. لأنه كما سبق في علمكم فقد كلفت بدراسة حول أضواء البيان. ووجدتكم شيخنا ممن فتح الله عليكم بدراسة تفسير الأضواء.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Aug 2009, 03:01 م]ـ
في تفسير الشيخ لقول الله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)
قال حفظه الله:
تنبيه:
إعلم أن الآئمة الأربعة وأصحابهم وجماهير فقهاء الأمصار: على أن من نسي صلاة أو نام عنها قضاها وحدها ولا تلزمه زيادة صلاة اخرى.
قال البخاري في صحيحه: (باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة) وقال إبراهيم: من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة.
حدثنا أبو نعيم، وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك». {وَأَقِمِ الصلاة لذكريا}
قال موسى: قال همام: سمعته يقول بعد {وَأَقِمِ الصلاة لذكريا} حدثنا همام، حدثنا قتادة، حدثنا انس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه اهـ.
وقال في (فتح الباري) في الكلام على هذا الحديث وترجمته قال علي بن المنير:
صرح البخاري بإثبات هذا الحكم مع كونه مما اختلف فيه لقوّة دليله، ولكنه على وفق القياس، إذ الواجب خمس صلوات لا أكثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمن قضى الفائتة كمل العدد المأمور به، ولكونه على مقتضى ظاهر الخطاب. لقول الشارع «فليصلها» ولم يذكر زيادة، وقال أيضاً: «لا كفارة لها، إلا ذلك» فاستفيد من هذا الحصر ان لا يجب غير إعادتها.
وذهب مالك إلى أن من ذكر بعد أن صلى صلاة أنه لم يصل التي قبلها فإنه يصل التي ذكر، ثم يصلي التي كان صلاها مراعاة للترتيب - انتهى منه.
فإن قيل: جاء في صحيح مسلم في بعض طرق حديث أبي قتادة في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح حتى ضربتهم الشمس ما نصه: ثم قال: يعني (النبي صلى الله عليه وسلم): «أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى , فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها , فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها» اهـ.
فقوله في هذا الحديث: فإذا كان الغد .. الخ يدل على أنه يقضي الفائتة مرتين: الأولى عند ذكرها، والثانية: عند دخول وقتها من الغد؟
فالجواب ما ذكره النووي في شرحه للحديث المذكور قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها» فمعناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ولا يتحول. وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين: مرة في الحال، ومرة في الغد، وإنما معناه ما قدمناه.
فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث , وقد اضطربت اقوال العلماء فيه , واختار المحققون ما ذكرتُه والله أعلم انتهى منه.
وهذا الذي فسر به هذه الرواية هو الذي يظهر لنا صوابه والعلم عند الله تعالى. ولكن جاء في سنن أبي داود في بعض طرق حديث أبي قتادة في قصة النوم عن الصلاة المذكورة ما نصه: «فمن أدرك منكم صلاة الغد من غد صالحاً فليقض معها مثلها» اهـ.
وهذا اللفظ صريح في أنه يقضي الفائتة مرتين، ولا يحمل المعنى الذي فسر به النووي وغيره لفظ رواية مسلم ,للعلماء عن هذه الرواية أجوبة، قال ابن حجر في (فتح الباري) بعد أن اشار إلى رواية أبي داود المذكور ما نصه: قال الخطابي: لا أعلم أحداً قال بظاهره وجوباً، قال: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليجوز فضيلة الوقت في القضاء. انتهى
ولم يقل أحد من السلف باستحباب ذلك أيضاً بل عدُّوا الحديث غلطاً من روايه ,حكى ذلك الترمذي وغيره عن البخاري. ويؤيده ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين أنهم قالوا: يا رسول الله، ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم» انتهى كلام صاحب الفتح.
وحديث عمران المذكور قد قدمناه وذكرنا من أخرجه. والعلم عند الله تعالى.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Aug 2009, 03:17 م]ـ
وعند تفسيره لآية (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)
قال رحمه الله:
فإن قيل: اين العامل في الظرف الذي هو {إذا}.؟
فالجواب: أنه منصوب بفعل مضمر دل عليه جزاء الشرط؛ وتقديره: أأخرج إذا ما مت أي حين يتمكّن في الموت والهلاك أخرج حياً ,يعني لا يمكن ذلك.
فإن قيل: لم لا تقول بأنه منصوب ب {أخرج} المذكور في قوله {لسوف أخرج حياً} على العادة المعروفة، من أن العامل في {إذا} هو جزاؤها؟
فالجواب: أن لام الابتداء في قوله: {لسوف أخرج حياً} مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها كما هو معلوم في علم العربية , فلا يجوز أن تقول: اليوم لَزيْدٌ قائم؛ تعني لزيد قائم اليوم.
وما زعمه بعضهم من أن حرف التنفيس الذي هو سوف مانع من عمل ما بعده فيما قبله أيضاً، حتى إنه على قراءة طلحة بن مصرف {أئَذا ما مت سأخرج حياً} بدون اللام يمتنع نصب {إذا} ب {أخرج} المذكورة، فهو خلاف التحقيق.
والتحقيق أن حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده فيما قبله , ودليله وجوده في كلام العرب؛ كقول الشاعر:
فلَما رأته آمنا هان وجدها ... وقالت أبونا هكذا سوف يفعل
فقوله «هكذا» منصوب بقوله «يفعل» كما أوضحه ابو حيان في البحر , وعليه فعَلى قراءة طلحة بن مصرف فقوله: {إذا} منصوب بقوله {أخرج} لعدم وجود اللام فيها وعدم منع حرف التنفيس من عمل ما بعده فيما قبله.
تنبيه:
فإن قلت: لام الإبتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامَعَت حرف التنفيس الدال على الاستقبال؟
فالجواب: أن اللام هنا جرِّدت من معنى الحال، وأخلصت لمعنى التوكيد فقط. ولذلك جامعت حرف الاستقبال كما بينه الزمخشري في الكشاف، وتعقبه أبو حيان في البحر المحيط بأن من علماء العربية من يمنع أن اللام المذكورة تعطي معنى الحال، وعلى قوله يسقط الإشكال من أصله. والعلم عند الله تعالى.
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[16 Sep 2009, 02:44 م]ـ
جزاك الله خير
فلقد استفدت من هذ الفوائد كثيرا
فنرجو الإستمرار في بث هذه الفوائد القيمة
وفقك الله لما يحبه ويرضاه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ولد أهله]ــــــــ[19 Sep 2009, 05:31 ص]ـ
جزاك الله خير ورفع الله منزلتك في الدارين ...
لقد استفدت كثيرا من هذه الفوائد جعل ذلك في ميزان حسناتك يوم أن تلقاه ..
لي ملاحظة:
لو أحلت الى الصفحة والسورة لكان أفضل .. في رأيي ..
ـ[حمد]ــــــــ[20 Jul 2010, 11:17 ص]ـ
كقوله تعالى (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين) .. الآية ,
ومناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الصبر على النفقة وبذل المال هو من أعظم ما تحلى به المؤمن، وهو من أقوى الأسباب الموصلة إلى الجنة، حتى ..
http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:Kn_yy2tw99MJ:islamport.com/d/1/tfs/1/29/1498.html+%22%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A8%D8%B1+%D8%B9 %D9%84%D9%89+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D9%82%D8%A9+ %D9%88%D8%A8%D8%B0%D9%84%22&cd=2&hl=ar&ct=clnk&gl=sa
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Dec 2010, 12:37 م]ـ
قَالَ رحمهُ اللهُ ورضي عنهُ في قول الله تعالى (((فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّة))):
فإن قيل: لم جمع السوءات في قوله {سَوْآتُهُمَا} مع أنهما سوأتان فقط؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن آدم وحواء كل واحد منهما له سوءتان: القبل والدبر، فهي أربع، فكل منهما يرى قبل نفسه, وقبلَ الآخرِ ودبرَه. وعلى هذا فلا إشكال في الجمع.
الوجه الثاني: أن المثنى إذا أضيف إليه شيئان هما جزاءه جاز في ذلك المضاف الذي هو شيئان الجمع والتثنية، والإفراد، وأفصحها الجمع، فالإفراد، فالتثنية على الأصح، سواء كانت الإضافة لفظاً أو معنى. ومثال اللفظ: شوبت رؤوس الكبشين أو رأسهما، أو رأسيهما. ومثال المعنى: قطعت من الكبشين الرؤوس، أو الرأس، أو الرأسين. فإن فرق المثنى المضاف إليه فالمختار في المضاف الإفراد، نحو: على لسان داود وعيسى ابن مريم. ومثال جمع المثنى المضاف المذكور الذي هو الأفصح قوله تعالى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، ومثال الإفراد قول الشاعر:
حمامةَ بطن الواديين ترنمي ** سقاك من الغر الغوادي مطيرها
ومثال التثنية قول الراجز:
ومهمهين قذفين مرتين ** ظهراهما مثل ظهور الترسين
والضمائر الراجعة إلى المضاف المذكور المجموع لفظاً وهو مثنى معنى يجوز فيها الجمع نظراً إلى اللفظ، والتثنية نظراً إلى المعنى، فمن الأول قوله:
خليلي لا تهلك نفوسكما أسى ** فإن لهما فيما به دهيت أسى
ومن الثاني قوله:
قلوبكما يغشاهما الأمن عادة ** إذا منكما الأبطال يغشاهم الذعر
الوجه الثالث: ما ذهب مالك بن أنس من أن أقل الجمع اثنان. قال في مراقي السعود:
أقل معنى الجمع في المشتهر ** الاثنان في رأي الإمام الحميري
وأما إن كان الاثنان المضافان منفصلين عن المثنى المضاف إليه، أي كانا غير جزأيه فالقياس الجمع وفاقاً للفراء، كقولك: ما أخرجكما من بيوتكما، وإذا أويتما إلى مضاجعكما، وضرباه بأسيافهما، وسألتا عن إنفاقهما على أزواجهما، ونحو ذلك.
وقالَ غفرَ اللهُ لهُ عند قوله تعالى (((وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْما)))
في آخر كلامٍ طويلٍ لهُ عن القياس ومسالكهِ وهو يتناولُ مبحثَ غلبةِ الأشبَاهِ بالنسبةِ إلى قياس الشبهِ وخلافِ العلماءِ فيهِ هل هو ذاتُ المُشَبَّهِ بهِ أم جزءٌ داخلٌ فيه.؟ ومَثَّلَ لهذه المسألةِ بالعبد لأنَّهُ متردد بين أصلين لشبهه بكل واحد منهما فهو يشبه المال لكونه يباع ويشترى ويوهب ويورث إلى غير ذلك من أحوال المال , ويشبه الحر من حيث إنه إنسان ينكح ويطلق ويثاب ويعاقب، وتلزمه أوامر الشرع ونواهيه.
قال رحمه الله:
فلو قتل إنسان عبداً لآخر لزمته قيمته نظراً إلى أن شبهه بالمال أغلب. وقال بعض أهل العلم: تلزمه ديته كالحر زعماً منه أن شبهه بالحر أغلب، فإن قيل: بأي طريق يكون هذا النوع الذي هو غلبة الأشباه من الشبه. لأنكم قررتم أنه مرتبة بين المناسب والطردي، فما وجه كونه مرتبة بين المناسب والطردي؟
فالجواب: أن إيضاح ذلك فيه أن أوصافه المشابهة للمال ككونه يباع ويشترى إلخ طردية بالنسبة إلى لزوم الدية، لأن كونه كالمال ليس صالحاً لأن يناط به لزوم ديته إذا قتل، وكذلك أوصافه المشابهة للحر ككونه مخاطباً يثاب ويعاقب إلخ. فهي طردية بالنسبة إلى لزوم القيمة: لأن كونه كالحر ليس صالحاً لأن يناط به لزوم القيمة، فهو من هذه الحيثية يشبه الطردي كما ترى. أما ترتب القيمة على أوصافه المشابهة لأوصاف المال فهو مناسب كما ترى. وكذلك ترتب الدية على أوصافه المشابهة لأوصاف الحر مناسب، وبهذين الاعتبارين يتضح كونه مرتبة بين المناسب والطردي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Dec 2010, 02:23 م]ـ
1 - قَالَ رح1 في صدر سورة الحج وهو يسوقُ حديث رسول الله صل1 (((يقول الله عز وجل: يا آدم، فيقول: لبيك، وسعديك، والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، قال: فذلك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد))).
فحديث أبي سعيد هذا الذي اتفق عليه الشيخان كما رأيت، فيه التصريح من النَّبي صل1 وسلم بأن الوقت الذي تضع فيه كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، بعد القيام من القبور كما ترى، وذلك نص صحيح صريح في محل النزاع.
فإن قيل: هذا النص فيه إشكال، لأنه بعد القيام من القبور لا تحمل الإناث، حتى تضع حملها من الفزع، ولا ترضع، حتى تذهل عما أرضعت.
فالجواب عن ذلك من وجهين:
الأول: هو ما ذكره بعض أهل العلم، من أن من ماتت حاملاً تبعث حاملاً، فتضع حملها من شدة الهول والفزع، ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك، ولكن هذا يحتاج إلى دليل.
الوجه الثاني: أن ذلك كناية عن شدة الهول كقوله تعالى: (((يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً))) ومثل ذلك من أساليب اللغة العربية المعروفة.
2 - ويقول رح1 في آية\ (((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً .. ))) وهو يناقشُ ابنَ جرير رح1 في قوله (((وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: المخلقة: المصورة خلقاً تاماً. وغير المخلقة: السقط قبل تمام خلقه، لأن المخلقة، وغير المخلقة من نعت المضغة، والنطفة بعد مصيرها مضغة لم يبق لها حتى تصير خلقاً سوياً إلا التصوير. وذلك هو المراد بقوله (((مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ))) خلقاً سوياً، وغير مخلقة: بأن تلقيه الأم مضغة ولا تصوير، ولا ينفخ الروح.)))
يقول الشيخُ: قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذا القول الذي اختاره الإمام الجليل الطبري رحمه الله تعالى، لا يظهر صوابه، وفي نفس الآية الكريمة قرينةٌ تدل على ذلك وهي قوله جل وعلا في أول الآية (((فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ))) لأنه على القول المذكور الذي اختاره الطبري يصير المعنى: ثم خلقناكم من مضغة مخلقة، وخلقناكم من مضغة غير مخلقة. وخطاب الناس بأن الله خلق بعضهم من مضغة غير مصورة، فيه من التناقض، كما ترى فافهم.
فإن قيل: في نفس الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بغير المخلقة: السقط، لأن قوله (((وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً))) يُفهم منه أن هناك قسماً آخر لا يقره الله في الأرحام، إلى ذلك الأجل المسمى، وهو السقط.
فالجواب: أنه لا يتعين فهم السقط من الآية، لأن الله يقر في الأرحام ما يشاء أن يقره إلى أجل مسمى، فقد يقره ستة أشهر، وقد يقره تسعة، وقد يقره أكثر من ذلك كيف شاء ,.
أما السقط: فقد دلت الآية على أنه غير مراد بدليل قوله (((فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ)))، لأن السقط الذي تلقيه أمه ميتاً، ولو بعد التشكيل والتخطيط، لم يخلق الله منه إنساناً واحداً من المخاطبين بقوله (((فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ))) فظاهر القرآن يقتضي أن كلاً من المخلقة، وغير المخلقة: يخلق منه بعض المخاطبين في قوله (((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ))).
وبذلك تعلم أن أولى الأقوال في الآية، هو القول الذي لا تناقض فيه، لأن القرآن أنزل ليصدق بعضه بعضاً، لا ليتناقض بعضه مع بعض، وذلك هو القول الذي قدمنا عن قتادة والضحاك، وقد اقتصر عليه الزمخشري في الكشاف ولم يحك غيره: وهو أن المخلقة: هي التامة، وغير المخلقة: هي غير التامة.(/)
من يفيدني عن تفسير التحرير والتنوير
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو من أحد الإخوان أن يفيدني عن الرسائل التي سجلت في تفسير التحرير والتنوير.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:23 ص]ـ
هناك عدة رسائل عن منهج ابن عاشور في التفسير منها رسالة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن ابراهيم الريس ورسالة د. هيا ثامر العلي طبعتها دار الثقافة في قطر ورسائل أخرى في مصر وتونس والمغرب واظن في الأردن
ـ[روضة]ــــــــ[02 Jun 2006, 09:06 ص]ـ
هناك رسالة للدكتور جمال أبو حسان قدمها لنيل درجة الماجستير في الجامعة الأردنية سنة 1991
بعنوان: تفسير ابن عاشور: التحرير والتنوير: دراسة منهجية ونقدية.
ويوجد كتاب بعنوان: المقاييس البلاغية في تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر ابن عاشور، حواس بري، نشر سنة 2002.
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[03 Jun 2006, 02:54 م]ـ
شكرا لكما
أما بالنسبة لكتاب حواس بري فقد اقتنيته، لكن أريد المزيد، حيث إنه نمى إلى علمين أن طالبة سجلت عنوان رسالة الماجستير لها بـ (الاحتراس في تفسير ابن عاشور) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وما زلت أريد العناوين التي كتبت حول التفسير.
ـ[عبد الله]ــــــــ[05 Jun 2006, 01:13 ص]ـ
أخي الفاضل
هناك رسالة تقدم بها الأخ آدم آدم عن منهج الشيخ الطاهر ابن عاشور في العقيدة من خلال تفسيره التحرير والتنوير، نوقشت في كلية أصول الدين- جامعة أمدرمان الإسلامية.(/)
جديد فضيلة الشيخ د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير حفظه الله
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[02 Jun 2006, 07:11 ص]ـ
http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ..
فقد عودنا شيخنا الشيخ د. عبدالكريم الخضير حفظه الله في كل صيفية أن يتحفنا بتنقلاته وزياراته لكثير من مناطق المملكة وذلك مساهمة منه لنشر العلم الشرعي، لهذا سنجمع جميع دوراته ومحاضراته في هذا الصيف في هذا الموضوع ومن علم شيئا أو نسينا شيئا فليضيفه أو ليرسل على البريد لنضيفه ....
وفق لله الجميع لكل مايحبه الله ويرضاه.
............................................
الدورة العلمية الأولى في صيف 1427 لفضيلة الشيخ د. عبدالكريم الخضير وفقه الله.
شرح كتاب الجامع من المحرر لان عبدالهادي وذلك في جامع البلوي في المدينة المنورة بدءا من عصر الأحد 8/ 5/1427 علما أن الدورة ستبث في موقع البث الاسلامي.
.........................................
من أراد الاشتراك في برنامج الرسائل الدعوية لمعرفة كل جديد للشيخ ماعليه إلا
إرسال اسمه ورقمه والمدينة التي يسكن فيها برسالة على الجوال
(0503494441) أو الفاكس / 012355533 أو البريد الالكتروني
khodir@gawab.com
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[02 Jun 2006, 09:29 م]ـ
الأخ المشرف نرجو تثبيت الموضوع وفقكم الله.
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[07 Jun 2006, 05:58 م]ـ
جدول محاضرات ودورات الشيخ د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير في الصيف عام 1427
*************************
1. اليوم:السبت 7/ 5 ... الوقت: العصر ... المدينة:المدينة المنورة ... جامع البلوي ... الكتاب: الجامع من المحرر ... المدة:5 أيام
*************************
2. اليوم: السبت 14/ 5 ... الوقت: العصر ... المدينة:الدمام ... جامع الدعوة الكتاب: بلوغ المرام ... المدة: 6 أيام
*************************
3.
الدورة العلمية الصيفية الثانية (((دورة السنة)))
لفضيلة الشيخ د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير حفظه الله.
من يوم السبت الموافق 21/ 5/1427 الى يوم الخميس 3/ 6/1427
وذلك في جامع الامام محمد بن عبدالوهاب في الرياض في حي السلام.
الدروس
الفجر
الدرس الأول: ألفية العراقي ..
الدرس الثاني " شرح مقدمة صحيح مسلم.
العصر:
شرح مقدمة سنن ابن ماجه.
المغرب:
شرح رسالة أبي داوود لأهل مكة.
*************************
4. اليوم:السبت 19/ 6 ... الوقت:العصر ... المدينة:الطايف .... تفسير سورة الحجرات ... المدة:3 أيام
*************************
5. اليوم:الثلاثاء 22/ 6 ... الوقت:العصر ... المدينة:جدة ... جامع بغلف ... شرح لامية شيخ الإسلام ... المدة:3 أيام
*************************
6. اليوم:السبت 26/ 6 .... الوقت:العصر .... المدينة:مكة .... جامع ابن باز ... الكتاب:إكمال المحرر ... المدة:أسبوعان
*************************
7. اليوم:السبت 11/ 7 .... الوقت: العصر .....
المدينة:بريدة .... جامع الخليج .... الكتاب: جامع الترمذي .... الوقت
: العشاء ... الكتاب: تنقيح الأنظار .... المدة:أسبوعان
*************************
8. اليوم:الخميس 16/ 7 .... الوقت:المغرب .... المدينة:عنيزة .... عنوان المحاضرة: لقاء مفتوح
*************************
9. اليوم:الخميس 23/ 7 .... الوقت:المغرب .... المدينة:المذنب .... عنوان المحاضرة: تفسير سورة النصر
*************************
10. اليوم:السبت 25/ 7 .... الوقت:العصر .... المدينة:المدينة المنورة .... جامع عبد اللطيف آل الشيخ .... الكتاب:تقريب الأسانيد .... المدة:أسبوعان
*************************
11. اليوم: السبت 9/ 8 .... الوقت:العصر .... المدينة:الرياض .... جامع الراجحي الجديد .... الكتاب:القواعد الكلية ... المدة:5 أيام
*************************
12. اليوم:السبت 16/ 8 .... الوقت:العصر .... المدينة:الدمام .... جامع الدعوة .... الكتاب: بلوغ المرام .... المدة:أسبوع
*************************
13. اليوم:السبت 23/ 8 .... الوقت:المغرب .... المدينة:الرياض .... جامع الصانع بالسويدي .... عنوان المحاضرة: أحكام الصيام
*************************
14. اليوم: الأحد 24/ 8 .... المغرب:المغرب .... المدينة:الرياض .... جامع رياض الصالحين بالمروج .... عنوان المحاضرة: أحكام الزكاة
*************************
15. اليوم:الثلاثاء 26/ 8 .... الوقت:المغرب .... المدينة: الرياض .... جامع الزبير بن العوام بخشم العان .... عنوان المحاضرة: مسائل وإشكالات في الصيام
*************************
جميع الدورات والمحاضرات ستبث في موقع البث الاسلامي www.liveislam.net
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[10 Jun 2006, 05:04 م]ـ
اليوم بدأت الدورة الثانية في هذا الصيف بالدمام.
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[15 Jun 2006, 04:30 م]ـ
http://www.al-daawah.net/adv2.gif(/)
قالت لأبي أيوب لما سمعته يقرأ سورة هود: (والله اني فيها منذ ثمان سنوات مافرغت منها)؟؟
ـ[ابواحمد]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:48 م]ـ
أين أجد هذا الأثر وما مدى صحته؟؟
وكذلك أين أجد أن ابن عمر رضي الله عنهما قرأ البقرة في ثمان سنوات؟؟
بارك الله فيكم ......
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[03 Jun 2006, 05:26 م]ـ
في الموطأ عن مالك أنّه بلغه أنّ عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Jun 2006, 06:02 م]ـ
قال الإمام البيهقي في شعب الإيمان:
1956 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني أنا أبو بكر محمد بن جعفر ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي ثنا بكير ثنا مالك: أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث في سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها.
وجا الأثر في الموطأ من رواية يحي الليثي برقم:
479 - قال: حدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمرمكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها.
ـ[ابواحمد]ــــــــ[04 Jun 2006, 12:49 ص]ـ
أشكر للأخوة تفاعلهم وبقي الأثر الثاني:
أن امرأة سمعت أبا أيوب يقرأ سورة هود يحدر بها فقالت له: (أهكذا تقرأها؟؟ والله اني فيها منذ ثمان سنوات مافرغت منها)؟؟
وجزاكم الله خيرا .......
ـ[ابواحمد]ــــــــ[08 Jun 2006, 05:13 ص]ـ
للرفع ...
ـ[ابواحمد]ــــــــ[13 Jun 2006, 04:46 ص]ـ
للرفع ....
ـ[ابواحمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 06:06 ص]ـ
للرفع ....
ـ[ابواحمد]ــــــــ[05 Oct 2007, 06:44 ص]ـ
مرت سنة وثلاثة أشهر ....
ـ[د. أنمار]ــــــــ[06 Oct 2007, 04:29 م]ـ
وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من التدبر فيها
إحياء علوم الدين ج 1 ص 282
ـ[النجدية]ــــــــ[07 Oct 2007, 12:39 م]ـ
بسم الله ...
أستاذنا الفاضل أبو أحمد، هل نفهم من قولكم: "مرت سنة و ثلاثة أشهر" أنكم لم تبلغوا الذي تبحثون عنه؟؟؟!
و جزاكم الله خيرا؛ لإيرادكم هذا الأثر الطيب؛ فكم نحن بحاجة إلى التركيز، و التمهل بقراءة القرآن الكريم؛ لنستفيد منه، و ليتغلغل فينا ...
و دمتم في رعاية الله ...(/)
كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في مسألة سماع الأموات
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[02 Jun 2006, 02:02 م]ـ
كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في مسألة سماع الأموات،
كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في مسألة سماع الأموات،
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: " عند قوله تعالى: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا) أي كافرًا فأحييناه أي بالإيمان والهدى وهذا لا نزاع فيه وفيه إطلاق الموت وإرادة الكفر بلا خلاف وكقوله لّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ وكقوله تعالى وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي لا يستوي المؤمنون والكافرون ومن أوضح الأدلّة على هذا المعنى أن قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى الآية وما في معناها من الآيات كلّها تسلية له صلى الله عليه وسلم لأنه يحزنه عدم إيمانهم كما بيّنه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ وقوله تعالى وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ وقوله وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وقوله تعالى فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ وكقوله تعالى فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ وقوله تعالى فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى ءاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الْحَدِيثِ أَسَفاً وقوله تعالى لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ إلى غير ذلك من الآيات كما تقدّم إيضاحه ولما كان يحزنه كفرهم وعدم إيمانهم أنزل اللَّه آيات كثيرة تسلية له صلى الله عليه وسلم بيّن له فيها أنه لا قدرة له صلى الله عليه وسلم على هدي من أضلّه اللَّه فإن الهدى والإضلال بيده جلَّ وعلا وحده وأوضح له أنه نذير وقد أتى بما عليه فأنذرهم على أَكمل الوجوه وأبلغها وأن هداهم وإضلالهم بيد من خلقهم ومن الآيات النازلة تسلية له صلى الله عليه وسلم قوله هنا إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي لا تسمع من أضلّه اللَّه إسماع هدى وقبول وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ يعني ما تسمع إسماع هدى وقبول إلاّ من هديناهم للإيمان بآياتنا فَهُم مُّسْلِمُونَ، والآيات الدالَّة على هذا المعنى كثيرة كقوله تعالى إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ وقوله تعالى وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ وقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء وقوله تعالى أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ إلى غير ذلك من الآيات ولو كان معنى الآية وما شابهها إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم كما ترى واعلم أن آية النمل هذه جاءت آيتان أُخريان بمعناها الأولى منهما قوله تعالى في سورة الروم فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ولفظ آية الروم هذه كلفظ آية النمل التي نحن بصددها فيكفي في بيان آية الروم ما ذكرنا في آية النمل والثانية منهما قوله تعالى في سورة فاطر إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ وآية فاطر هذه كآية النمل والروم المتقدمتين لأن المراد بقوله فيها مَن فِى الْقُبُورِ الموتى فلا فرق بي قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وبين قوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لأن المراد بالموتى ومن في القبور واحد كقوله تعالى وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ أي يبعث جميع الموتى من قُبِر منهم ومن لم يقبر وقد دلَّت قرائن قرءانيّة أيضًا على أن معنى آية فاطر هذه كمعنى آية الروم منها قوله تعالى قبلها وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
(يُتْبَعُ)
(/)
أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ لأن معناها لا ينفع إنذارك إلا من هداه اللَّه ووفّقه فصار ممن يخشى ربّه بالغيب ويقيم الصلاة وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ أي الموتى أي الكفار الذين سبق لهم الشقاء كما تقدّم ومنها قوله تعالى أيضًا وَمَا يستوي الأعمى وَالْبَصِيرُ أي المؤمن والكافر وقوله تعالى بعدها وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي المؤمنون والكفار ومنها قوله تعالى بعده إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ أي ليس الإضلال والهدى بيدك ما أنت إلا نذير أي وقد بلّغت التفسير الثاني هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به وأن هذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذين ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه أبو العباس ابن تيمية كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللَّه في هذا المبحث وهذا التفسير الأخير دلَّت عليه أيضًا آيات من كتاب اللَّه جاء فيها التصريح بالبكم والصمم والعمى مسندًا إلى قوم يتكلّمون ويسمعون ويبصرون والمراد بصممهم صممهم عن سماع ما ينفعهم دون غيره فهم يسمعون غيره وكذلك في البصر والكلام وذلك كقوله تعالى في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ فقد قال فيهم صُمٌّ بُكْمٌ مع شدّة فصاحتهم وحلاوة ألسنتهم كما صرّح به في قوله تعالى فيهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي لفصاحتهم وقوله تعالى فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ فهؤلاء الذين إن يقولوا تسمع لقولهم وإذا ذهب الخوف سلقوا المسلمين بألسنة حداد هم الذين قال اللَّه فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ وما ذلك إلاَّ أن صممهم وبكمهم وعماهم بالنسبة إلى شيء خاص وهو ما ينتفع به من الحقّ فهذا وحده هو الذي صمّوا عنه فلم يسمعوه وبكموا عنه فلم ينطقوا به وعموا عنه فلم يروه مع أنهم يسمعون غيره ويبصرونه وينطقون به كما قال تعالى وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شيء وهذا واضح كما ترى، وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح مع شواهده العربية في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة البقرة في الكلام على وجه الجمع بين قوله في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ مع قوله فيهم وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وقوله فيهم سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وقوله فيهم أيضًا وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم وأن قول عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالاً بقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي اللَّه عنها وممن تبعها وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدّمتين الأولى منهما أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعدّدة ثبوتًا لا مطعن فيه ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت والمقدمة الثانية هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها وتأويل عائشة رضي اللَّه عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بتأوّل بعض الصحابة بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء اللَّه صحة المقدمتين المذكورتين وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح علم بذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه أمّا المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد قال البخاري في صحيحه حدّثني عبد اللَّه بن محمد سمع روح بن عبادة حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلمّا كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها ثم مشى واتّبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قال فقال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه له حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندمًا فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من أولئك الموتى بعد ثلاث وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصًا وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه فيما يظهر وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدثني عثمان حدّثني عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال وقف النبيّ صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية انتهى من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين هما ابن عمر وأبو طلحة تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن أُولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم وردّ عائشة لرواية ابن عمر بما فهمت من القرءان مردود كم سترى إيضاحه إن شاء اللَّه تعالى وقد أوضحنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى أن ردّها على ابن عمر أيضًا روايته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الميّت يعذّب ببكاء أهله بما فهمت من الآية مردود أيضًا وأوضحنا أن الحقّ مع ابن عمر في روايته لا معها فيما فهمت من القرءان وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدّثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد قال وقال لي خليفة حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي اللَّه عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذ وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل محمّد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد اللَّه ورسوله فيقال أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك اللَّه به مقعدًا في الجنّة الحديث وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن الميّت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم فيه تخصيصًا وقال مسلم بن الحجاج رحمه اللَّه في صحيحه حدّثني إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أنس كنت مع عمر ح وحدثنا شيبان بن فروخ واللفظ له حدّثنا سليمان بن المغيرة بن ثابت عن أنس بن مالك قال كنّا مع عمر بين مكّة والمدينة فتراءينا الهلال الحديث وفيه فقال إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدًا إن شاء اللَّه قال فقال عمر فوالذي بعثه بالحقّ ما أخطأوا الحدود التي حدّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم اللَّه ورسوله حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني اللَّه حقًّا قال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كيف تكلّم أجسادًا لا أرواح فيها قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يردوا عليّ شيئًا حدّثنا هداب بن خالد حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترك قلتى بدر ثلاثًا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أُميّة بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم اللَّه حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا فسمع عمر قول النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّها كيف يسمعوا وأنّى يجيبوا وقد جيفوا قال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ثم ذكر مسلم بعد هذا رواية أنس عن أبي طلحة التي ذكرناها عن البخاري فترى هذه الأحاديث الثابتة في الصحيح عن عمر وابنه وأنس وأبي طلحة رضي اللَّه عنهم فيها التصريح من النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع من أولئك الموتى لما يقوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم يذكر تخصيصًا وقال مسلم رحمه اللَّه في صحيحه أيضًا حدّثنا عبد بن حميد حدّثنا يونس بن محمد حدّثنا شيبان بن عبد الرحمان عن قتادة حدّثنا أنس بن مالك قال قال نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا وُضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال يأتيه ملكان فيعقدانه الحديث وفيه تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بسماع الميّت في قبره قرع النعال وهو نصّ صحيح صريح في سماع الموتى وظاهره العموم في كل من دفن وتولّى عنه قومه كما ترى ومن الأحاديث الدالَّة على عموم سماع الموتى ما رواه مسلم في صحيحه حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخران حدّثنا إسماعيل بن جعفر عن شريك وهو ابن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة رضي اللَّه عنها أنّها قالت كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلّما كان ليلتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون اللَّهمّ اغفر لأهل بقيع الفرقد ولم يقم قتيبة قوله وأتاكم ما توعدون وفي رواية في صحيح مسلم عنها قالت كيف أقول لهم يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم اللَّه المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء اللَّه بكم للاحقون ثم قال مسلم رحمه اللَّه حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأسدي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول في رواية أبي بكر السلام على أهل الديار وفي رواية زهير السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون نسأل اللَّه لنا ولكم العافية انتهى من صحيح مسلم وخطابه صلى الله عليه وسلم لأهل القبور بقوله السلام عليكم وقوله وإنا إن شاء اللَّه بكم ونحو ذلك يدلّ دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم ولا شكّ أن ذلك ليس من شأن العقلاء فمن البعيد جدًّا صدوره منه صلى الله عليه وسلم وسيأتي إن شاء اللَّه ذكر حديث عمرو بن العاص الدالّ على أن الميّت في قبره يستأنس بوجود الحيّ عنده، وإذا رأيت هذه الأدلّة الصحيحة الدالَّة على سماع الموتى فاعلم أن الآيات القرءانية كقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وقوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لا تخالفها وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها وذكرنا دلالة القرائن القرءانية عليه وأن استقراء القرءان يدلّ عليه، وممّن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا أبو العباس ابن تيمية فقد قال في الجزء الرابع من مجموع الفتاوي من صحيفة خمس وتسعين ومائتين إلى صحيفة تسع وتسعين ومائتين ما نصّه وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البرّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال ما من رجل يمرّ بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه إلاّ ردّ اللَّه عليه روحه حتى
(يُتْبَعُ)
(/)
يردّ عليه السّلام وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن أبي أوس الثقفي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة عليّ قالوا يا رسول اللَّها كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن اللَّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه مما يبيّن أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذّب إذا شاء اللَّه ذلك كما يشاء وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة أو معذّبة ولذا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا السّلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين نسأل اللَّه لنا ولكم العافية اللَّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذّبين في قبورهم ورأوهم بعيونهم يعذّبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة ولكن لا يجب أن يكون دائمًا على البدن في كل وقت بل يجوز أن يكون في حال وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا ثمّ أتاهم فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أُميّة بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة ا أليس قد وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا فإني وجدت ما وعدني ربي حقًّا فسمع عمر رضي اللَّه عنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّها كيف يسمعون وقد جيفوا فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا وقال إنهم ليسمعون الآن ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت وَهِم ابن عمر إنما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق ثم قرأت قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية، وأهل العلم بالحديث اتّفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر وإن كانا لم يشهدا بدرًا فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة وأبو طلحة شهد بدرًا كما روى أبو حاتم في صحيحه عن أنس عن أبي طلحة رضي اللَّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر وكان إذا ظهر على قوم أحبّ أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال فلمّا كان اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها فحركها ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفاء الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا قال عمر بن الخطاب يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وتنديمًا وعائشة قالت فيما ذكرته كما تأوّلت، والنص الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مقدّم على تأويل من تأوّل من أصحابه وغيره وليس في القرءان ما ينفى ذلك فإن قوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه فإن هذا مثل ضربه اللَّه للكفار والكفار تسمع الصوت لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع بل السماع المعتاد كما لم ينف ذلك عن الكفّار بل انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا ينفى عنهم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميّت يسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك انتهى محل الغرض من كلام أبي العباس ابن تيمية وقد تراه صرّح فيه بأن تأوّل عائشة لا يردّ به
(يُتْبَعُ)
(/)
النصّ الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم وأنه ليس في القرءان ما ينفي السماع الثابت للموتى في الأحاديث الصحيحة، وإذا علمت به أن القرءان ليس فيه ما ينفي السماع المذكور علمت أنه ثابت بالنصّ الصحيح من غير معارض، والحاصل أن تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها بعض آيات القرءان لا تردّ به روايات الصحابة العدول الصحيحة الصريحة عنه صلى الله عليه وسلم ويتأكّد ذلك بثلاثة أمور، الأول هو ما ذكرناه الآن من أن رواية العدل لا تردّ بالتأويل الثاني أن عائشة رضي اللَّه عنها لما أنكرت رواية ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم ليسمعون الآن ما أقول قالت إن الذي قاله صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق فأنكرت السماع ونفته عنهم وأثبتت لهم العلم ومعلوم أن من ثبت له العلم صحّ منه السماع كما نبّه عليه بعضهم الثالث هو ما جاء عنها مما يقتضي رجوعها عن تأويلها إلى الروايات الصحيحة قال ابن حجر في فتح الباري ومن الغريب أن في المغازي لابن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيّد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه ما أنتم بأسمع لما أقول منهم وأخرجه أحمد بإسناد حسن فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصّة انتهى منه واحتمال رجوعها لما ذكر قوي لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين، قال ابن حجر إن أحدهما جيّد والآخر حسن ثم قال ابن حجر قال الإسماعيلي: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه لكن لا سبيل إلى ردّ رواية الثقة إلا بنصّ مثله يدلّ على نسخه أو تخصيصه أو استحالته انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر، وقال ابن القيّم في أوّل كتاب الروح المسألة الأولى وهي هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا قال ابن عبد البرّ ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال ما من مسلم يمرّ على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه إلاّ ردّ اللَّه عليه روحه حتى يردّ عليه السّلام فهذا نصّ في أنه يعرفه بعينه ويردّ عليه السلام، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم من وجوه متعدّدة أنه أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا فإني وجدت ما وعدني ربّي حقًّا فقال له عمر يا رسول اللَّه أتخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنّهم لا يستطيعون جوابًا وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الميّت يسمع قرع نعال المشيّعين له إذا انصرفوا عنه وقد شرّع النبيّ صلى الله عليه وسلم لأُمّته إذا سلّموا على أهل القبور أن يسلّموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم أن الميّت يعرف زيارة الحي له ويستبشر له قال أبو بكر عبد اللَّه بن محمّد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب القبور باب في معرفة الموتى بزيارة الأحياء حدّثنا محمّد بن عون حدّثنا يحيى بن يمان عن عبد اللَّه بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلاّ استأنس به وردّ عليه حتى يقوم حدّثنا محمّد بن قدامة الجوهري حدّثنا معن بن عيسى القزاز أخبرنا هشام بن سعد حدّثنا زيد بن أسلم عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال إذا مرّ الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام وعرفه وإذا مرّ بقبر لا يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام، وذكر ابن القيّم في كلام أبي الدنيا وغيره آثارًا تقتضي سماع الموتى ومعرفتهم لمن يزورهم وذكر في ذلك مرائي كثيرًا جدًا ثم قال وهذه المرائي وإن لم تصلح بمجرّدها لإثبات مثل ذلك فهي على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا اللَّه قد تواطأت على هذا المعنى وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطئ روايتهم له ومما قاله ابن القيّم في كلامه الطويل المذكور وقد ثبت في الصحيح أن الميّت يستأنس بالمشيعين لجنازته
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد دفنه فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمان بن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار الحديث وفيه فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنّوا عليّ التراب سنًّا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربّي فدلَّ على أن الميّت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسرّ بهم. ومعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع لأن استئناس المقبور بوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكور ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرًا ولولا أنهم يشعرون به لما صحّ تسميته زائرًا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال زاره وهذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأُمم وكذلك السلام عليهم أيضًا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علّم النبيّ صلى الله عليه وسلم أُمته إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين نسأل اللَّه لنا ولكم العافية وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويردّ وإن لم يسمع المسلم الردّ ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل قوله وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحقّ الأشبيلي على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر بن عبد البرّ من حديث ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ما من رجل يمرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلاّ عرفه وردّ عليه السّلام، ويروى من حديث أبي هريرة مرفوعًا قال فإن لم يعرفه وسلّم عليه ردّ عليه السلام قال ويروى من حديث عائشة رضي اللَّه عنها أنّها قالت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلاّ استأنس به حتى يقوم واحتجّ الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ اللَّه عليّ روحي حتى أردّ عليه السّلام ثم ذكر ابن القيّم عن عبد الحق وغيره مرائي وآثارًا في الموضوع ثم قال في كلامه الطويل ويدلّ على هذا أيضًا ما جرى عليه عمل الناس قديمًا وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثًا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه اللَّه فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل، ويروى فيه حديث ضعيف ذكر الطبراني في معجمه من حديث أبي أُمامة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا مات أحدكم فسوّيتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره فيقول يا فلان ابن فلانة الحديث وفيه اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمّدًا رسول اللَّه وأنك رضيت باللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمّد نبيًّا وبالقرءان إمامًا الحديث، ثم قال ابن القيّم فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتّصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجرى اللَّه سبحانه العادة قطّ بأن أُمة طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأُمم عقولاً وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأوّل فلولا أن الخطاب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وإن استحسنه واحد فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه، وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبيّ صلى الله عليه وسلم حضر جنازة رجل فلمّا دفن قال سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين وقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الميّت يسمع قرع نعالهم إذا ولّوا مدبرين ثم ذكر ابن القيّم قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك وتنفيذ عوف لوصية الصعب له في المنام بعد موته وأثنى على عوف بن مالك بالفقه في تنفيذه وصية الصعب بعد موته لما علم صحة ذلك بالقرائن وكان في الوصية التي نفذها عوف إعطاء عشرة دنانير ليهودي من تركة الصعب كانت دينًا له عليه ومات قبل قضائها، قال ابن القيّم وهذا من فقه عوف
(يُتْبَعُ)
(/)
بن مالك رضي اللَّه عنه وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهي في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله ما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولعلّ أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعبة وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام ثم ذكر ابن القيم تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق رضي اللَّه عنهما وصية ثابت بن قيس بن شماس رضي اللَّه عنه بعد موته وفي وصيّته المذكورة قضاء دين عينه لرجل في المنام وعتق بعض رقيقه وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها فوجدوا الأمر كما قال وقصّته مشهورة، وإذا كانت وصية الميّت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يدلّ على أنه يدرك ويعقل ويسمع ثم قال ابن القيم في خاتمه كلامه الطويل والمقصود جواب السائل وأن الميّت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها فمعرفته بزيارة الحي له وسلامه عليه ودعائه له أولى وأحرى. فكلام ابن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جملة وبعضه تفصيلاً فيه من الأدلّة المقنعة ما يكفي في الدلالة على سماع الأموات وكذلك الكلام الذي نقلنا عن شيخه أبي العباس بن تيمية وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحة وآثار كثيرة ومرائي متواترة وغير ذلك ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام ابن القيّم من تلقين الميّت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم وقال إنه بدعة وأنه لا دليل عليه ونقل ذلك عن الإمام أحمد وأنه لم يعمل به إلاّ أهل الشام وقد رأيت ابن القيم استدلّ له بأدلّة منها أن الإمام أحمد رحمه اللَّه سئل عنه فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل ومنها أن عمل المسلمين اتّصل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار ومنها أن الميّت يسمع قرع نعال الدافنين إذا ولّوا مدبرين واستدلاله بهذا الحديث الصحيح استدلال قوي جدًّا لأنه إذا كان في ذلك الوقت يسمع قرع النعال فلأن يسمع الكلام الواضح بالتلقين من أصحاب النعال أولى وأحرى واستدلاله لذلك بحديث أبي داود سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل له وجه من النظر لأنه إذا كان يسمع سؤال السائل فإنه يسمع تلقين الملقن واللَّه أعلم، والفرق بين سماعه سؤال الملك وسماعه التلقين من الدافنين محتمل احتمالاً قويًّا وما ذكره بعضهم من أن التلقين بعد الموت لم يفعله إلا أهل الشام يقال فيه إنهم هم أول من فعله ولكن الناس تبعوهم في ذلك كما هو معلوم عند المالكية والشافعية قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وتلقينه الشهادة وجزم النووي باستحباب التلقين بعد الدفن وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة والإرشاد وقد سئل عنه أبو بكر بن الطلاع من المالكية فقال هو الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثًا عن أبي أُمامة ليس بالقوي ولكنه اعتضد بالشواهد وعمل أهل الشام قديمًا إلى أن قال وقال في المدخل ينبغي أن يتفقده بعد انصراف الناس عنه من كان من أهل الفضل والدين ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويلقنه لأن الملكين عليهما السلام إذ ذاك يسألانه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين، وقد روى أبو داود في سننه عن عثمان رضي اللَّه عنه قال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميّت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل إلى أن قال وقد كان سيّدي أبو حامد بن البقال وكان من كبار العلماء والصلحاء إذا حضر جنازة عزى وليّها بعد الدفن وانصرف مع من ينصرف فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس ثم يأتي إلى القبر فيذكرّ الميّت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام انتهى محل الغرض من كلام الحطاب وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر كما سترى إيضاحه إن شاء اللَّه تعالى ثم قال الحطاب واستحب التلقين بعد الدفن أيضًا القرطبي والثعالبي وغيرهما ويظهر من كلام الأبي في أوّل كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم وفي حديث عمرو بن العاص في كتاب الإيمان ميل إليه انتهى من الحطاب وحديث عمرو بن العاص المشار إليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام ابن القيم الطويل
(يُتْبَعُ)
(/)
المتقدّم، قال مسلم في صحيحه حدّثنا محمّد بن المثنى العنزي وأبو معن الرقاشي وإسحاق بن منصور كلّهم عن أبي عاصم واللفظ لابن المثنى حدّثنا الضحاك يعني أبا عاصم قال أخبرنا حيوة بن شريح قال حدّثني يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة المهري قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وحوّل وجهه إلى الجدار الحديث وقد قدّمنا محل الغرض منه بلفظه في كلام ابن القيّم المذكور وقدّمنا أن حديث عمرو هذا له حكم الرفع وأنه دليل صحيح على استئناس الميّت بوجود الأحياء عند قبره، وقال النووي في روضة الطالبين ما نصّه ويستحبّ أن يلقن الميّت بعد الدفن فيقال يا عبد اللَّه ابن أمة اللَّه اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ألا إلاه إلاّ اللَّه وأنّ محمّدًا رسول اللَّه وأنَّ الجنّة حقّ وأن النار حقّ وأن البعث حقّ وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن اللَّه يبعث من في القبور وأنت رضيت باللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا وبالقرءان إمامًا وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانًا وردّ به الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قلت هذا التلقين استحبّه جماعات من أصحابنا منهم القاضي حسين وصاحب التتمة والشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب وغيرهم ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقًا والحديث الوارد فيه ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة كحديث اسألوا له التثبيت ووصية عمرو بن العاص أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربّي رواه مسلم في صحيحه ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن من يقتدى به انتهى محل الغرض من كلام النووي، وبما ذكر ابن القيّم وابن الطلاع وصاحب المدخل من المالكية والنووي من الشافعية كما أوضحنا كلامهم تعلم أن التلقين بعد الدفن له وجه قوي من النظر لأنه جاء فيه حديث ضعيف واعتضد بشواهد صحيحة وبعمل أهل الشام قديمًا ومتابعة غيرهم لهم وبما علم في علم الحديث من التساهل في العمل بالضعيف في أحاديث الفضائل ولا سيّما المعتضد منها بصحيح وإيضاح شهادة الشواهد له أن حقيقة التلقين بعد الدفن مركبة من شيئين: أحدهما سماع الميّت كلام ملقنه بعد دفنه والثاني انتفاعه بذلك التلقين وكلاهما ثابت في الجملة أما سماعه لكلام الملقن فيشهد له سماعه لقرع نعل الملقن الثابت في الصحيحين وليس سماع كلامه بأبعد من سماع قرع نعله كما ترى وأمّا انتفاعه بكلام الملقن فيشهد له انتفاعه بدعاء الحي وقت السؤال في حديث سلوا لأخيكم التثبيت فإنه يسأل الآن واحتمال الفرق بين الدعاء والتلقين قوى جدًا كما ترى فإذا كان وقت السؤال ينتفع بكلام الحي الذي هو دعاؤه له فإن ذلك يشهد لانتفاعه بكلام الحي الذي هو تلقينه إياه وإرشاده إلى جواب الملكين فالجميع في الأول سماع من الميت لكلام الحي وفي الثاني انتفاع من الميت بكلام الحي وقت السؤال وقد علمت قوة احتمال الفرق بين الدعاء والتلقين وفي ذلك كله دليل على سماع الميّت كلام الحي ومن أوضح الشواهد للتلقين بعد الدفن السّلام عليه وخطابه خطاب من يسمع ويعلم عند زيارته كما تقدّم إيضاحه لأن كلاًّ منهما خطاب له في قبره وقد انتصر ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير سورة الروم في كلامه على قوله تعالى فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إلى قوله فَهُم مُّسْلِمُونَ لسماع الموتى وأورد في ذلك كثيرًا من الأدلّة التي قدمنا في كلام ابن القيّم وابن أبي الدنيا وغيرهما وكثيرًا من المرائي الدالَّة على ذلك وقد قدّمنا الحديث الدالّ على أن المرائي إذا تواترت أفادت الحجّة ومما قال في كلامه المذكور وقد استدلّت أُمّ المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها بهذه الآية فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى على توهيم عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما في روايته مخاطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام إلى أن قال والصحيح عند العلماء رواية عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما لما لها من الشواهد على صحتها من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البرّ مصحّحًا له عن ابن عباس مرفوعًا ما من أحد يمرّ بقبر أخيه المسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
كان يعرفه الحديث، وقد قدّمناه في هذا المبحث مرارًا وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 6/ 126 - 142. قلت: ومما يدل على أن الميت يسمع السلام من الحي ومخاطبته ما ثبت في غير ما حديث في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، منها: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور رقم (2041) 2/ 534، وأحمد 2/ 527، والطبراني في الأوسط رقم (3092) 3/ 262، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 245، وشعب الإيمان رقم (1581) 2/ 217، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم (2041) 1/ 570، وفي مشكاة المصابيح رقم (925) 1/ 291، ومنها: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم (1425) 4/ 254 – 255، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 162، وقال: نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4/ 44 – 45، ومنها: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة ". أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1530) 4/ 43 – 45 وصححه.
ـ[الجكني]ــــــــ[02 Jun 2006, 03:54 م]ـ
جزاك الله خيراً،ولو أعطيتنا الخلاصة لكان أولى - عندى - من نقل هذه الأوراق الكثيرة خاصة وأن الكتاب متوفر،وقد طبع أخيرأ طباعة فاخرة مصححة 0
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ....
ناقش الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني -رحمه الله- من جوز سماع الموتى مطلقا-ومنهم الشيخ العلامة الشنقيطي-في مقدمته المنيفة لكتاب:
الآيات البينات
في عدم سماع الأموات
على مذهب الحنفية السادات
للعلامة الألوسي.
لكن الأمر الذي استوقفني في المقدمة هو الحس البلاغي للشيخ الألباني وفهمه العميق لباب التشبيه ...... حتى أن الإمام استغل مقتضيات التشبيه ليخدم بها وجهة نظره في إنكار سماع الموتى مطلقا ..... ويرد على أخيه الشنقيطي -الذي ربما غابت عنه النكتة البلاغية هنا .... -والشنقيطي هو الشنقيطي في اللغة والبلاغة ..... لكن الله يؤتي الحكمة وفصل الخطاب لمن يشاء.
اقرأ-رحمك الله-هذا المقتطف من مقدمة الآيات البينات وانتبه إلى أن المتكلم ليس هو الجرجاني بل هو الألباني:
استدل الأولون بقوله تعالى: {وما أنت بمسمع من في القبور} (فاطر: 22) وقوله: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} (النمل: 80 والروم 52) وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز وأنه ليس المقصود ب (الموتى) وب (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى " والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر " كما قال الحافظ ابن حجر على ما يأتي في الرسالة (ص 72)
فأقول: لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هو ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف بينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم كما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون. ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله: " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هو مشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور.
رحم الله العلامة القرآني والعلامة المحدث وإن الزمان بمثلهما لبخيل ....
(إن شئتم نقلت لكم المقدمة الألبانية كلها ....... )
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[02 Jun 2006, 08:05 م]ـ
جزاك الله خيراً هذه الفائدة البلاغية ممتازة، ولكن الأحكام لا تؤخد من الفوائد البلاغية ونصوص السنة الصحيحة صريحة في لإثبات سماع الأموات كما تقدم ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور رقم (2041) 2/ 534، وأحمد 2/ 527، والطبراني في الأوسط رقم (3092) 3/ 262، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 245، وشعب الإيمان رقم (1581) 2/ 217، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم (2041) 1/ 570، وفي مشكاة المصابيح رقم (925) 1/ 291، ومن حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم (1425) 4/ 254 – 255، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 162، وقال: نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4/ 44 – 45، ومن حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة ". أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1530) 4/ 43 – 45 وصححه، وحديث سماع قرع النعال، وحديث ما أنت بأسمع منهم وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت فيما كتبه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وقال بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة: إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 6/ 126 - 142.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[09 May 2009, 11:27 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 May 2009, 03:39 م]ـ
إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)
لو كان الموتى يسمعون لما صح تشبيه الكفار بهم، وإذا كان حال الموتى لا يدرك إلا بالخبر، فإن حال الصم يدرك بالحس، ومن خلالها ندرك المعنى الحقيقي للآية، فإن الأصم إذا أعطاك ظهره ثم حاولت أن تناديه فإنه لن يسمعك ولو استخدمت كل ما في الدنيا من مكبرات الصوت، ولو قدر أنك فجرت خلفه قنبلة ذرية لم يسمعها.
وانظروا إلى دقة القرآن حيث قيد نفي سماعهم بقوله" إذا ولوا مدبرين" لأن الأصم إذا كان ينظر إليك فإنك لو تكلمت ولو همسا فإنه ربما يستطيع أن يقرأ شفتيك.
إذن السمع المنفي عن الموتى وعن الصم هو السماع الحقيقي.
وعليه يكون معنى الآية:
إن الكفار الذين لم يرد الله أن يهديهم وجعل قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقر وعلى أبصارهم غشاوة فتعطلت لديهم حواس الإدراك لا يمكن أن تسمعهم الهدى كما أنك لا تستطيع أن تسمع الموتى الذين تعطلت عندهم هذه الحواس، ولا تستطيع أن تسمع الصم الذي تعطلت عندهم حاسة السمع.
وإذا كان العلم الحديث قد توصل إلى بعض الطرق لإسماع بعض الصم عن طريق زرع أجهزة تمكنهم من السماع فلا يعني هذا أن الصم يسمعون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعليه نقول إذا ثبت في السنة أن الميت قد يسمع فنقول هذه حالات خاصة واستثناء من القاعدة والحقيقة أن الأموات لا يسمعون.
وتعالوا ننظر في الأحاديث الواردة في هذا الباب:
الحديث الأول: روى البخاري بسنده:
"عَنْ أَبِي طَلْحَةَ:أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ.
وهذا حالة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم والدليل:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لعمر إن الأموات يسمعون وإنما قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.
الحديث الثاني: روى البخاري بسنده:
"عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ"
وهذه أيضاً حالة خاصة بهذا الوقت وقت الدفن وإلا لقلنا إن الأموات يسمعون كل شيء، كما أن الثقلين لا يسمعون صيحة المنافق لأنها خارجة عن قوانين السمع في هذه الحياة.
الحديث الثالث:
روى مسلم بسنده:
"عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا مُؤَجَّلُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ.
هذا الحديث ليس فيه دلالة أن الموتى يسمعون.، وإنما هو الدعاء وأدب الزيارة والإقرار بالحقائق.
وأما قول الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" ونحو ذلك يدل دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم ولا شك أن ذلك ليس من شأن العقلاء فمن البعيد جداً صدوره منه صلى الله عليه وسلم."
وهذا الكلام مردود لأن الغرض من الزيارة ليس هو مخاطبة أهل القبور، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يطبق ما أمر به المؤمنين حيث قال " إني قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ها نحن نقول في صلاتنا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهل هذا من خطاب المعدوم؟
الحديث الرابع:
روى أبو داود بسنده:
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ".
وهذا الحديث واضح في معناه:"إلا رد الله علي روحي" والكلام عن الأموات.
وبهذا نعلم أن السنة لا تعارض ما في القرآن ولا تدعو إلى صرف القرآن عن ظاهره.
وتبقى الآية لا إشكال فيها وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يهدي أحد من الخلق إلا أن يشاء الله تعالى هدايته، ولا يمكن أن يُسمع أحد من الموتى إلا أن يشاء الله أن يسمعه.
وأما قول الشيخ رحمه الله تعالى:
" وما يستوى الأعمى والبصير" أي المؤمن والكفار.
نقول كلامك حق أن المؤمن بمثابة البصير والكافر بمثابة الأعمى، وتبقى الحقيقة التي أشار إليها القرآن حقيقة وهي أن الأعمى فاقد البصر لا يستوى مع البصير.
وكذلك قوله:
" وما يستوى الأحياء ولا الأموات" أي المؤمن والكافر.
نقول كلامك صحيح المؤمنون بمثابة الأحياء والكفار بمثابة الأموات، وتبقى الحقيقة القرآنية حقيقة أن الحي ليس كالميت.
وكذلك قوله رحمه الله تعالى:
"وإذا علمت أن هذه القرينة القرآنية دلت على أن المراد بالموتى هنا الأشقياء الذين لا يسمعون الحق سماع هدى وقبول.
فاعلم أن استقراء القرآن العظيم يدل على هذا المعنى كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ والموتى يَبْعَثُهُمُ الله ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام: 36]، وقد أجمع من يعتد به من أهل العلم أن المراد بالموتى في قوله: والموتى يبعثهم الله: الكفار."
أقول:
وإذا كان معنى الموتى في الآية: الكفار. فهذا لا ينفي الحقيقىة أن الموتى الذين فارقت أرواحهم أجسادهم يبعثهم الله.
ثم لماذا شبههم بالموتى؟ لأنهم لا يستجيبون. لماذا لا يستجيبون؟ لأنهم عطلوا أدوات السمع عندهم فأصبحوا بمثابة الموتى الذين تعطلت عندهم هذه الأدوات.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[10 May 2009, 06:23 ص]ـ
الأصل في النصوص العموم فلا تخصيص إلا بنص، قولك في بعض النصوص هذه حالة خاصة هذا لا يخصص فأين المخصص الشرعي، وكما تعلم أمور الحياة البرزخية وراء العقل لا مدخل فيها للرأي ولا الاجتهاد، وإنما مرجعها للنص فقط، ومن ناحية أخرى فلما ذا لا يوجد نص من السنة لا صحيح ولا ضعيف ينفي السماع بل عامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع كما تقدم ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه قال: " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".أخرجه أبو داوود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور رقم (2041) 2/ 534، وأحمد 2/ 527، والطبراني في الأوسط رقم (3092) 3/ 262، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 245، وشعب الإيمان رقم (1581) 2/ 217، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود رقم (2041) 1/ 570، وفي مشكاة المصابيح رقم (925) 1/ 291، ومن حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " أخرجه البزار في مسنده رقم (1425) 4/ 254 – 255، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/ 162، وقال: نعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم وبقية رجاله رجال الصحيح، وذكره الألباني شاهداً في السلسلة الصحيحة 4/ 44 – 45، ومن حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة ". أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1530) 4/ 43 – 45 وصححه، وحديث سماع قرع النعال، وحديث ما أنت بأسمع منهم وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت فيما كتبه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وقال بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة: إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه على تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها بعض آيات القرءان كما تقدّم إيضاحه وفي الأدلّة التي ذكرها ابن القيّم في كتاب الروح على ذلك مقنع للمنصف وقد زدنا عليها ما رأيت والعلم عند اللَّه تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2009, 08:10 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله
التخصيص يكون بالنص ويكون بالعقل أيضا وارجع إلى أصول الفقه.
والعقل إذا تأمل النصوص تأملا دقيقا أدرك أن ما ورد من سماع الموتى إنما هو حالات خاصة ويكفي الحديث الذي ذكرته:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
فلوكان الموتى يسمعون وأن هذا قد تقرر من النصوص لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول: إلا رد الله علي روحي.
وهذا يعني أن الميت بدون الروح لايسمع، والأموات لأشك أن أرواحهم قد فارقت أجسادهم، وبناء عليه نقول إن كل حديث فهم منه أن الميت يسمع إنما هو حالة خاصة ترد خلالها روح الميت إلى جسده كما هو عند السؤال في القبر، وكما في حال قتلى بدر من المشركين.
فالأصل في الموتى عدم السماع كالصم تماما.
والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[10 May 2009, 01:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عبد المعز إن تفضلتم برفع (المقدمة الألبانية كلها ....... ) وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2009, 02:57 م]ـ
الآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات
تحقيق العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
تحقيق أن الموتى لا يسمعون
هذا واعلم أن كون الموتى يسمعون أو لا يسمعون إنما هو أمر غيبي من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا وسترى المؤلف رحمه الله تعالى ذكر في الفصل الأول كلام الحنفية في أنهم لا يسمعون وفي الفصل الثاني نقل عن غيرهم مثله وحكى عن غير هؤلاء أنهم يسمعون وليس يهمني أن هؤلاء قلة وأولئك الكثرة فالحق لا يعرف بالكثرة ولا بالقلة وإنما بدليله الثابت في الكتاب والسنة مع التفقه فيهما وهذا ما أنا بصدده إن شاء الله تعالى فأقول:
استدل الأولون بقوله تعالى: {وما أنت بمسمع من في القبور} (فاطر: 22) وقوله: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} (النمل: 80 والروم 52) وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز وأنه ليس المقصود ب (الموتى) وب (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى " والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر " كما قال الحافظ ابن حجر على ما يأتي في الرسالة (ص 72).
فأقول: لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هو ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف ينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد.
وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم كما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون. ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله: " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هو مشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد كان من الممكن القول بنحو القيد المذكور في موتى القبور لو كان هناك نص قاطع على أن الموتى يسمعون مطلقا إذن لوجب الإيمان به والتوفيق بينه وبين ما قد يعارضه من النصوص كالآيتين مثلا ولكن مثل هذا النص مما لا وجود له بل الأدلة قائمة على خلافه وإليك البيان:
الدليل الأول: قوله تعالى في تمام الآية الثانية: {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} فقد شبههم الله تعالى - أعني موتى الأحياء من الكفار بالصم أيضا فهل هذا يقتضي في المشبه بهم (الصم) أنهم يسمعون أيضا ولكن سماعا لا انتفاع فيه أيضا أم أنه يقتضي أنهم لا يسمعون مطلقا كما هو الحق الظاهر الذي لا خفاء فيه. وفي التفسير المأثور ما يؤيد هذا الذي نقول فقال ابن جرير في " تفسيره " (21/ 36) لهذه الآية:
" هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم بأن تجعل لهم أسماعا.
وقوله: {ولا تسمع الصم الدعاء} يقول: كما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع إذا ولوا عنك مدبرين كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه لسماع ذلك وفهمه ".
ثم روى بإسناد الصحيح عن قتادة قال:
" هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر {ولا تسمع الصم الدعاء. .} يقول: لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما سمع ". وعزاه في " الدرر " (5/ 114) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم دون ابن جرير
وقد فسر القرطبي (13/ 232) هذه الآية بنحو ما سبق عن ابن جرير وكأنه اختصره منه.
فثبت من هذه النقول عن كتب التفسير المعتمدة أن الموتى في قبورهم لا يسمعون كالصم إذا ولوا مدبرين.
وهذا هو الذي فهمته السيدة عائشة رضي الله عنها واشتهر ذلك عنها في كتب السنة وغيرها ونقله المؤلف عنها في عدة مواضع من رسالته فانظر (ص 54 56 58 68 69 71) وفاته هو وغيره أنه هو الذي فهمه عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة لما نادى النبي صلى الله عليه وسلم أهل القليب على ما يأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى.
الدليل الثاني: قوله تعالى: {ذلك الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبك مثل خبير}. (فاطر 13 و14).
قلت: فهذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذي كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم يعبدونهم فيها وليس لذاتها كما يدل على ذلك آية سورة (نوح) عن قومه: {وقالوا: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا} ففي التفسير المأثور عن ابن عباس وغيره من السلف: أن هؤلاء الخمسة أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم (أي علم تلك الصور بخصوصها) عبدت. رواه البخاري وغيره. ونحوه قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أوليائه ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (الزمر/3) فإنها صريحة في أن المشركين كانوا يعبدون الصالحين ولذلك اتخذوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى قائلين: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) ولاعتقادهم بصلاحهم كانوا ينادونهم ويعبدونهم من دون الله توهما منهم أنهم يسمعون ويضرون وينفعون ومثل هذا الوهم لا يمكن أن يقع فيه أي مشرك مهما كان سخيف العقل لو كان لا يعتقد فيمن يناديه الصلاح والنفع والضر كالحجر العادي مثلا وقد بين هذا العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقال في كتابه " إغاثة اللفهان " (2/ 222 - 223).
" وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح عليه السلام ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتخذين على القبور المساجد ونهى عن الصلاة إلى القبور (1). . فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلا وإما عنادا لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا. وهذا السبب هو الغالب على عوام المشركين.
وأما خواصهم فإنهم اتخذوها - بزعمهم - على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجبا وقربانا ولم يزل هذا في الدنيا قديما وحديثا (ثم بين مواطن بيوت هذه الأصنام وذكر عباد الشمس والقمر وأصنامهم وما اتخذوه من الشرائع حولها ثم قال 2/ 224):
" فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه وقائما مقامه وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده ".
قلت: ومما يؤيد أن المقصود بقوله في الآية المتقدمة (لا يسمعوا دعاءكم} إنما هم المعبودون من دون الله أنفسهم وليست ذوات الأصنام تمام الآية: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} والأصنام لا تبعث لأنها جمادات غير مكلفة كما هو معلوم بخلاف العابدين والمعبودين فإنهم جميعا محشورون قال تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول: ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا}. (الفرقان/17 - 18) وقال: {يوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا: سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} (سبأ /40 - 41)
وهذا كقوله تعالى: {وإذا قال الله: يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} الآية (المائدة/116) وخير ما فسر به القرآن إنما هو القرآن والسنة وليس فيهما - فيما أعلم - ما يدل على أن الله يحشر الجمادات أيضا فوجب الوقوف عند هذه الآية الصريحة فيما ذكرنا.
وقد يقول قائل: إن هذا الذي بينته قوي متين ولكنه يخالف ما جرى عليه كثير من المفسرين في تفسير آية سورة (فاطر) وما في معناها من الآيات الأخرى فقالوا: إن المراد بها الأصنام نفسها وبناء على ذلك عللوا قوله تعالى فيها: {لا يسمعوا دعاءكم} بقولهم: " لأنها جمادات لا تضر ولا تنفع ".
فأقول: لا شك أن هذا بظاهره ينافي ما بينت ولكنه لا ينفي أن يكون لهم قول آخر يتماشى مع ما حققته فقال القرطبي (14/ 336) عقب التعليل المذكور آنفا وتبعه الشوكاني (4/ 333) وغيره ما معناه:
" ويجوز أن يرجع {والذين تدعون من دونه. . .} وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين والمعنى أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا وينكرون أنهم أمروكم بعبادتهم كما أخبر عن عيسى عليه السلام بقوله: {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} ". وقد ذكرا نحوه في تفسير آية (الزمر) المتقدمة.
قلت: وهو أولى من تفسيرهما السابق لأنه مدعم بالآيات المتقدمة بخلاف تفسيرهما المشار إليه فإنه يستلزم القول بحشر الأصنام ذاتها وهذا مع أنه لا دليل عليه فإنه يخالف الآيات المشار إليها ولهذا قال الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - في كتابه " قرة عيون الموحدين " (ص 107 - 108) في تفسير آيتي (فاطر) ما نصه:
" ابتدأ تعالى هذه الآيات بقوله: {ذلكم الله ربكم له الملك} يخبر الخبير أن الملك له وحده والملوك وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره ولهذا قال: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} فإن من كانت هذه صفته فلا يجوز أن يرغب في طلب نفع أو دفع ضر إلى أحد سوى الله تعالى وتقدس بل يجب إخلاص الدعاء - الذي هو أعظم أنواع العبادة - له وأخبر تعالى أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئا وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم ولو فرض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم وأنهم يوم القيامة يفكرون بشركهم أي ينكرونه ويتبرؤون ممن فعله معهم. فهذا الذي أخبر به الخبير الذي {لا يخفى عليه شيء في الأرض
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا في السماء} وأخبر أن ذلك الدعاء شرك به وأنه لا يغفره لمن لقيه فأهل الشرك ما صدقوا الخبير ولا أطاعوه فيما حكم به وشرع بل قالوا: إن الميت يسمع ومع سماعه ينفع فتركوا الإسلام والإيمان رأسا كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة ".
فتبين مما تقدم وجه الاستدلال بقوله تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم} على أن الصالحين لا يسمعون بعد موتهم وغيرهم مثلهم بداهة بل ذلك من باب أولى كما لا يخفى فالموتى كلهم إذن لا يسمعون. والله الموفق.
الدليل الثالث: حديث قليب بدر وله روايات مختصرة ومطولة أجتزئ هنا على روايتين منها:
الأولى: حديث ابن عمر قال:
" وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قال: " إنهم الآن يسمعون ما أقول " فذكر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم الآن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت: {إنك لا تسمع الموتى} حتى قرأت الآية.
أخرجه البخاري (7/ 242 - فتح الباري) والنسائي (1/ 693) وأحمد (2/ 31) من طريق أخرى عن ابن عمر وسيأتي بعضه في الكتاب (ص 68 71).
والأخرى: حديث أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان: ويا فلان ابن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ". قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما.
أخرجه الشيخان وغيرهما وقد خرجته في التعليق الآتي (ص 54) من الكتاب.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح بملاحظة أمرين:
الأول: ما في الرواية الأولى منه من تقييده صلى الله عليه وسلم سماع موتى القليب بقوله: " الآن " فإن مفهومه أنهم لا يسمعون في غير هذا الوقت. وهو المطلوب. وهذه فائدة هامة نبه عليها العلامة الآلوسي - والد المؤلف رحمهما الله - في كتابه " روح المعاني " (6/ 455) ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم وبإسماع الله تعالى إياهم خرقا للعادة ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الكتاب (ص 56 59) عن بعض العلماء الحنفية وغيرهم من المحدثين. وفي " تفسير القرطبي " (13/ 232):
" قال ابن عطية: فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن
رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين ".
قلت: ولذلك أورده الخطيب التبريزي في " باب المعجزات " من " المشكاة " (ج 3 رقم 5938 - بتخريجي).
والآمر الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون بعضهم أومأ إلى ذلك إيماء وبعضهم ذكر صراحة لكن الأمر بحاجة إلى توضيح فأقول:
أما الإيماء فهو في مبادرة الصحابة لما سمعوا نداءه صلى الله عليه وسلم لموتى القليب بقولهم: " ما تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ " فإن في رواية أخرى عن أنس نحوه بلفظ " قالوا " بدل: (قال عمر " كما سيأتي في الكتاب (ص 71 - 73) فلولا أنهم كانوا على علم بذلك سابق تلقوه منه صلى الله عليه وسلم ما كان لهم أن يبادروه بذلك. وهب أنهم تسرعوا وأنكروا بغير علم سابق فواجب التبليغ حينئذ يوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن اعتقادهم هذا خطأ وأنه لا أصل له في الشرع ولم نر في شيء من روايات الحديث مثل هذا البيان وغاية ما قال لهم: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا - كما ترى - ليس فيه تأسيس قاعدة عامة بالنسبة للموتى جميعا تخالف اعتقادهم السابق وإنما هو إخبار عن أهل القليب خاصة على أنه ليس ذلك على إطلاقه بالنسبة إليهم أيضا إذا تذكرت رواية ابن عمر التي فيها " إنهم الآن يسمعون " كما تقدم شرحه فسماعهم إذن خاص بذلك الوقت وبما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقط فهي واقعة عين لا عموم لها فلا تدل على أنهم يسمعون دائما وأبدا وكل ما يقال لهم كما لا تشمل غيرهم من الموتى مطلقا وهذا واضح إن شاء الله تعالى. ويزيده ووضوحا ما يأتي.
وأما الصراحة فهي فيما رواه أحمد (3/ 287) من حديث أنس رضي الله عنه قال: ". . . . فسمع عمر صوته فقال: يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله عز وجل: {إنك لا تسمع الموتى} فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع [لما أقول] منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا ". وسنده صحيح على شرط مسلم.
فقد صرح عمر رضي الله عنه أن الآية المذكورة هي العمدة في تلك المبادرة وأنهم فهموا من عمومها دخول أهل القليب فيه ولذلك أشكل عليهم الأمر فصارحوا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ليزيل إشكالهم؟ وكان ذلك ببيانه المتقدم.
ومنه يتضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة - وفي مقدمتهم عمر - على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك ولكن بين لهم ما كان خافيا من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأن ذلك أمر مستثنى من الآية معجزة له صلى الله عليه وسلم كما سبق.
هذا وإن مما يحسن التنبيه عليه وإرشاد الأريب إليه أن استدلال عائشة المتقدم بالآية يشبه تماما استدلال عمر بها فلا وجه لتخطئتها اليوم بعد تبين إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عليه اللهم إلا في ردها على ابن عمر في روايته لقصة القليب بلفظ السماع وتوهيمها إياه فقد تبين من اتفاق جماعة من الصحابة على روايتها كروايته هو أنها هي الواهمة وإن كان من الممكن الجمع بين روايتهم وروايتها كما سيأتي بيانه في التعليق على " الرسالة " (ص 7 - 8) فخطؤها ليس في الاستدلال بالآية وإنما في خفاء القصة عليها على حقيقتها ولولا ذلك لكان موقفها موقف سائر الصحابة منها ألا وهو الموقف الجازم بها على ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم واعتبارها مستثناة من الآية.
فتنبه لهذا واعلم أن من الفقه الدقيق الاعتناء بتتبع ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور والاحتجاج به لأن إقراره صلى الله عليه وسلم حق كما هو معلوم وإلا فبدون ذلك قد يضل الفهم عن الصواب في كثير من النصوص. ولا نذهب بك بعيدا فهذا هو الشاهد بين يديك فقد اعتاد كثير من المؤلفين وغيرهم أن يستدلوا بهذا الحديث - حديث القليب - على أن الموتى يسمعون متمسكين بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " غير منتبهين لإقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على اعتقادهم بأن الموتى لا يسمعون وأنه لم يرده عليهم إلا باستثناء أهل القليب منه معجزة له صلى الله عليه وسلم فعاد الحديث بالتنبه لما ذكرنا حجة على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فلا يجوز الخروج عنه إلا بنص كما هو الشأن في كل نص عام. والله تعالى الموفق.
وقد يجد الباحث من هذا النوع أمثلة كثيرة ولعله من المفيد أن أذكر هنا ما يحضرني الآن من ذلك وهما مثالان:
الأول: حديث جابر عن أم مبشر رضي الله عنهما أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه حفصة: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها ". قالت: بلى يا رسول الله فانتهرها. فقالت حفصة: {وإن منكم إلا واردها} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قد قال الله عز وجل: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} ".
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (2160) و" تخريج السنة " (860 - طبع المكتب الإسلامي).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: ففي استدلال السيدة حفصة رضي الله عنها بآية الورود دليل على أنها فهمت (الورود) بمعنى الدخول وأنه عام لجميع الناس الصالح والطالح منهم ولذلك أشكل عليها نفي النبي صلى الله عليه وسلم دخول النار في حق أصحاب الشجرة فأزال صلى الله عليه وسلم إشكالها بأن ذكرها بتمام الآية: {ثم ننجي الذين اتقوا} ففيه أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على فهمها المذكور وأنه على ذلك أجابها بما خلاصته أن الدخول المنفي في الحديث هو غير الدخول المثبت في الآية وأن الأول خاص بالصالحين ومنهم أهل الشجرة والمراد به نفي العذاب أي أنهم يدخلونها مرورا إلى الجنة دون أن تمسهم بعذاب. والدخول الآخر عام لجميع الناس ثم هم فريقان: منهم من تمسه بعذاب ومنهم على خلاف ذلك وهذا ما وضحته الآية نفسها في تمامها وراجع لهذا " مبارق لأزهار " (1/ 250) و" مرقاة المفاتيح " (5/ 621 - 632).
قلت: فاستفدنا من الإقرار المذكور حكما لولاه لم نهتد إلى وجه الصواب في الآية وهو أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنه لجميع الناس ولكنها بالنسبة للصالحين لا تضرهم بل تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وقد روي هذا صراحة مرفوعا في حديث آخر لجابر لكن استغربه الحافظ ابن كثير وبينت علته في " الأحاديث الضعيفة " (4761). لكن حديثه هذا عن أم مبشر يدل على صحة معناه وقد مال إليه العلامة الشوكاني في تفسيره للآية (3/ 333) واستظهره من قبله القرطبي (11/ 138 - 139) وهو المعتمد.
والآخر: حديث " الصحيحين " والسياق للبخاري نقلا من " مختصر البخاري " بقلمي لأنه أتم جمعت فيه فوائده وزوائده من مختلف مواضعه قالت عائشة:
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان [من جواري الأنصار 3/ 3] (وفي رواية: قينتان 4/ 266] [في أيام منى تدففان وتضربان 4/ 161] تغنيان بغناء (وفي رواية: بما تقاولت (وفي أخرى تقاذفت) الأنصار يوم) بعاث (1). [وليستا بمغنيتين] فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر [والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه 2/ 11] فانتهرني) وفي رواية: فانتهرهما) وقال: مزمارة (وفي رواية: مزمار) الشيطان عند (وفي رواية: أمزامير الشيطان في بيت) رسول الله صلى الله عليه وسلم [(مرتين)]؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه) فقال: " دعهما [يا أبا بكر [ف] إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا] ". فلما غفل غمزتهما فخرجتا ". (رقم 508 من المختصر ").
قلت: فنجد في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر قول أبي بكر الصديق في الغناء بالدف أنه " مزمار الشيطان " ولا نهره لابنته أو للجاريتين بل أقره على ذلك فدل إقراره إياه على أن ذلك معروف وليس بمنكر فمن أين جاء أبو بكر بذلك؟ الجواب: جاء به من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الكثيرة في تحريم الغناء وآلات الطرب وقد ذكر طائفة منها العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (1/ 258 - 267) وخرجت بعضها في " الصحيحة " (91) و" المشكاة " (3652) ولولا علم أبي بكر بذلك وكونه على بينة من الأمر ما كان له أن يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته بمثل هذا الإنكار الشديد غير أنه كان خافيا عليه أن هذا الذي أنكره يجوز في يوم عيد فبينه له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " فبقي إنكار أبي بكر العام مسلما به لإقراره صلى الله عليه وسلم إياه ولكنه استثنى منه الغناء في العيد فهو مباح بالمواصفات الواردة في هذا الحديث.
فتبين أنه صلى الله عليه وسلم كما أقر عمر على استنكاره سماع الموتى كذلك أقر أبا بكر على استنكاره مزمار الشيطان وكما أنه أدخل على الأول تخصيصا كذلك أدخل على قول أبي بكر هذا تخصيصا اقتضى إباحة الغناء المذكور في يوم العيد ومن غفل عن ملاحظة الإقرار الذي بينا أخذ من الحديث الإباحة في كل الأيام كما يحلو ذلك لبعض الكتاب المعاصرين وسلفهم فيه ابن حزم فإنه استدل به على الإباحة مطلقا جمودا منه على الظاهر فإنه قال في رسالته في الملاهي (ص 98 - 99):
(يُتْبَعُ)
(/)
" وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أبي بكر: " مزمار الشيطان " فأنكر عليه ولم ينكر على الجاريتين غناءهما ".
والواقع أنه ليس في كل روايات الحديث الإنكار المذكور وإنما فيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: " دعهما. . . " وفرق كبير بين الأمرين فإن الإنكار الأول لو وقع لشمل الآخر ولا عكس كما هو ظاهر بل نقول زيادة على ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر قول أبي بكر المذكور كما سبق بيانه وقد قال ابن القيم في " إغاثة اللهفان " بعد أن ذكر الحديث (1/ 257):
" فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسميته الغناء مزمار الشيطان وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب وكان اليوم يوم عيد ".
وأما أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الجاريتين فحق ولكن كان ذلك في يوم عيد فلا يشمل غيره أولا. وثانيا: لما أمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر بأن لا ينكر عليهما بقوله: " دعهما " أتبع ذلك بقوله: " فإن لكل قوم عبدا. . . " فهذه جملة تعليلية تدل على أن علة الإباحة هي العيدية إذا صح التعبير ومن المعلوم أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما فإذا انتفت هذه العلة بأن لم يكن يوم عيد لم يبح الغناء فيه كما هو ظاهر ولكن ابن حزم لعله لا يقول بدليل العلة كما عرف عنه أنه لا يقول بدليل الخطاب وقد رد عليه العلماء ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من " مجموع الفتاوى " فراجع المجلد الثاني من " فهرسه ".
لقد طال الكلام على حديث عائشة في سماع الغناء ولا بأس من ذلك إن شاء الله تعالى فإن الشاهد منه واضح ومهم وهو أن ملاحظة طالب العلم إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأمر ما يفتح عليه بابا من الفقه والفهم ما كان ليصل إليه بدونها. وهكذا كان الأمر في حديث القليب فقد تبين بما سبق أنه دليل صريح على أن الموتى لا يسمعون وذلك من ملاحظتنا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لاستنكار عمر سماعهم واستدلاله عليه بالآية {إنك لا تسمع الموتى} فلا يجوز لأحد بعد هذا أن يلتفت إلى أقوال المخالفين القائلين بأن الموتى يسمعون فإنه خلاف القرآن الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
الدليل الرابع:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام "
أقول: ووجه الاستدلال به أنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع سلام المسلمين عليه إذ لو كان يسمعه بنفسه لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى. وإذا كان الأمر كذلك فبالأولى أنه صلى الله عليه وسلم لا يسمع غير السلام من الكلام وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى.
ثم إن الحديث مطلق يشمل حتى من سلم عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره ولا دليل يصرح بالتفريق بينه وبين من صلى عليه بعيدا عنه والحديث المروي في ذلك موضوع كما سيأتي بيانه في التعليق (ص 80).
وهذا الاستدلال لم أره لأحد قبلي فإذا كان صوابا - كما أرجو - فهو فضل من الله ونعمة وإن كان خطأ فهو من نفسي والله تعالى أسأل أن يغفره لي وسائر ذنوبي.
أدلة المخالفين:
فإن قيل: يظهر من النقول التي ستأتي في الرسالة عن العلماء أن المسألة خلافية فلا بد أن المخالفين فيها أدلة استندوا إليها.
فأقول: لم أر فيها من صرح بأن الميت يسمع سماعا مطلقا عاما كما كان شأنه في حياته ولا أظن عالما يقول به وإنما رأيت بعضهم يستدل بأدلة يثبت بها سماعا لهم في الجملة وأقوى ما استدلوا به سندا حديثان:
الأول: حديث قليب بدر المتقدم وقد عرفت مما سبق بيانه أنه خاص بأهل القليب من جهة وأنه دليل على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون من جهة أخرى وأن سماعهم كان خرقا للعادة فلا داعي للإعادة.
والآخر: حديث: " إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا ". وفي رواية " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان. . . " الحديث (انظر ص 55 56 57 82) من " الآيات ".
وهذا كما ترى خاص بوقت وضعه في قبره ومجيء الملكين إليه لسؤاله " فلا عموم فيه وعلى ذلك حمله العلماء كابن الهمام وغيره كما سيأتي في " الآيات " (ص 56 59 73).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهم من هذا النوع أدلة أخرى ولكن لا تصح أسانيدها وفي أحدها التصريح بأن الموتى يسمعون السلام عليهم من الزائر وسائرها ليس في السماع وبعضها خاص بشهداء أحد وكلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض كما ستراه في التعليق (ص 69).
وأغرب ما رأيت لهم من الأدلة قول ابن القيم رحمه الله في " الروح " (ص 8) تحت المسألة الأولى: هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا؟ فأجاب بكلام طويل جاء فيه ما نصه:
" ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال: زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: سلام عليكم أهل الديار. . . . " وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلم الرد ".
أقول وبالله تعالى التوفيق:
رحم الله ابن القيم فما كان أغناه من الدخول في مثل هذا الاستدلال العقلي الذي لا مجال له في أمر غيبي كهذا فوالله لو أن ناقلا نقل هذا
الكلام عنه ولم أقف أنا بنفسي عليه لما صدقته لغرابته وبعده عن الأصول العلمية والقواعد السلفية التي تعلمناها منه ومن شيخه الإمام ابن تيمية فهو أشبه شيء بكلام الآرائيين والقياسيين الذين يقيسون الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق وهو قياس باطل فاسد طالما رد ابن القيم أمثاله على أهل الكلام والبدع ولهذا وغيره فإني في شك كبير من صحة نسبة " الروح " إليه أو لعله ألفه في أول طلبه للعلم. والله أعلم.
ثم إن كلامه مردود في شطريه بأمرين:
الأول: ما ثبت في " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت في الحج وأنه كان وهو في المدينة يزور قباء راكبا وماشيا ومن المعلوم تسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة. فهل من أحد يقول: بأن البيت وقباء يشعر كل منهما بزيارة الزائر أو أنه يعلم بزيارته؟
وأما الآخر: فهو مخاطبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في تشهد الصلاة بقولهم: " السلام عليكم أيها النبي. . . . " وهم خلفه قريبا منه وبعيدا عنه في مسجده وفي غير مسجده أفيقال: إنه كان يسمعهم ويشعر بهم حين يخاطبونه به وإلا فالسلام عليه محال؟ اللهم غفرا. وانظر التعليق الآتي على الصفحة (95 - 96).
وإذا كان لا يسمع هذا الخطاب في قيد حياته أفيسمعه بعد وفاته وهو في الرفيق الأعلى لا سيما وقد ثبت أنه يبلغه ولا يسمعه كما سبق بيانه في الدليل الرابع (ص 36)؟
ويكفي في رد ذلك أن يقال: إنه استدلال مبني على الاستنباط والنظر فمثله قد يمكن الاعتداد به إذا لم يكن مخالفا للنص والأثر فكيف وهو مخالف لنصوص عدة واحد منها فقط فيه كفاية وغنية كما
سلف وبخاصة منها حديث قليب بدر وفيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر أن الموتى لا يسمعون فلا قيمة إذن للاستنباط المذكور فإن الأمر كما قيل: " إذا جاء الأثر بطل النظر وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ".
وقد يتساءل القارئ - بعد هذا - عن وجه مخاطبة الموتى بالسلام وهم لا يسمعونه؟ وفي الإجابة عنه أحيل القارئ إلى ما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما يأتي من الرسالة وما علقته عليها (ص 95 - 96) فإن في ذلك كفاية وغنية عن الإعادة.
وخلاصة البحث والتحقيق: أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم - كما ستراه في الكتاب مبسوطا - على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال كما في حديث خفق النعال أو أن بعضهم سمع في وقت ما كما في حديث القليب فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلا فيقال إن الموتى يسمعون كما فعل بعضهم كلا فإنها قضايا جزئية لا تشكل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور بل الحق أنه يجب أن تستثني منه على قاعدة استثناء الأقل من الأثر أو الخاص من العام كما هو المقرر في علم أصول الفقه ولذلك قال العلامة الآلوسي في " روح المعاني " بعد بحث مستفيض في هذه المسألة (6/ 455):
" والحق أن الموتى يسمعون في الجملة فيقتصر على القول بسماع ما ورد السمع بسماعه ".
وهذا مذهب طوائف من أهل العلم كما قال الحافظ ابن جرب الحنبلي على ما سيأتي في الرسالة (ص 70) وما أحسن ما قاله ابن التين رحمه الله:
" إن الموتى لا يسمعون بلا شك لكن إذا أراد الله تعالى إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع لقوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} الآية وقوله: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها} الآية. كما نقله المؤلف فيما يأتي (ص 72).
فإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الموتى لا يسمعون فقد تبين أنه لم يبق هناك مجال لمناداتهم من دون الله تعالى ولو بطلب ما كانوا قادرين عليه وهم أحياء كما تقدم بيانه في (ص 16 - 21) بحكم كونهم لا يسمعون النداء وأن مناداة من كان كذلك والطلب منه سخافة في العقل وضلال في الدين وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم: {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}. (الأحقاف 5 - 6).
هذا ولما كان الواقع يشهد أنه لا يزال في هؤلاء المبتلين بنداء الموتى والاستغاثة بهم من دون الله تعالى من يرجو الدار الآخرة ويحرص على معرفة الحق واتباعه إذا تبين له اقتطعت من وقتي الضيق ما مكنني من التعليق على هذه الرسالة النافعة إن شاء الله تعالى وتحقيقها وتخريج أحاديثها ووضع هذه المقدمة بين يديها راجيا من المولى سبحانه وتعالى أن ينفع بها المخلصين من المسلمين ويجعلنا وإياهم من {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب}. (الزمر 18).
دمشق 15 جمادى الأولى سنة 1398 هـ.
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[11 May 2009, 01:46 ص]ـ
سماع الموتى أمر غيبي من أمور الحياة البرزخية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا وكلام العلماء يستدل له ولا يستدل به، وعامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع، وأنا أطالبك بحديث واحد صحيح أو ضعيف ينفي السماع، والعقل لا يخصص النصوص والنص لا يخصص إلا بنص مثله، ولهذا بعض علماء الأصول يسمي التخصيص نسخاً، والحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل والعقل لا يدرك حقيقتها والحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتقديم العقل على النقل قدح في العقل وهو من المآخذ على المعتزلة ومن وافقهم.
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[11 May 2009, 01:39 م]ـ
سؤال لمن احتج بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر
أليس الفعل لاعموم له؟ حسب مايقول الأصوليون
ثانيا أليس العالم الغيبي لايقاس على عالم الشهادة
العلماء أعلم مني ولكن أريد ان اعرف الجواب عن هذا
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[11 May 2009, 06:22 م]ـ
الأصل في النصوص العموم سواء فعله أو تقريره أو قوله وأما خطابه لأهل بدر هل يطلق عليه أنه فعل؟؟ لا بد أن نفرق بين الفعل والقول وخطابه لأهل بدر خطاب قولي ولا علاقة له بالفعل وحديث سماع قرع النعال، وحديث السلام على أهل القبور وحديث وصية عمرو بن العاص بالمقام عند قبره مقدار ما تنحر الجزور وفيه لأستأنس بكم وأعرف ما أراجع به رسل ربي إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي سبقت، وعامة النصوص المصرحة بالسماع كلها نصوص قولية صريحة في السماع ولا يمكن تخصيص شيء منها، وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله بعد مناقشة تلك النصوص من الكتاب والسنة: إن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام لأنا قد قدّمنا أن هذا ينبني على مقدّمتين ثبوت سماع الموتى بالسنة الصحيحة وأن القرءان لا يعارضها على التفسير الصحيح الذي تشهد له القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان وإذا ثبت ذلك بالسنة الصحيحة من غير معارض من كتاب ولا سنّة ظهر بذلك رجحانه.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 May 2009, 07:37 م]ـ
يقول الأخ أبو عبد الله:
"سماع الموتى أمر غيبي من أمور الحياة البرزخية التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا"
ونقول هل وقفنا إلا مع النص، فالله يقول:
(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) سورة النمل (80)
(فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) سورة الروم (52)
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) سورة فاطر (22)
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) سورة فاطر (14)
ثم إن العقل كذلك يدل على ما دل عليه النص، فالعقل الصحيح لا ينافي النص الصحيح.
إن الله تعالى قد جعل الحياة شرطا لانتفاع الإنسان بالحواس، فإذا ذهبت الحياة تعطلت الحواس وإذا تعطلت الحواس ذهب نفعها حتى مع الحياة، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) سورة الأعراف
أما قولك:
"وكلام العلماء يستدل له ولا يستدل به".
(يُتْبَعُ)
(/)
فأقول كلام العلماء يستدل به على الفهم الصحيح للنصوص، فهم أول الناس بالفهم الصحيح للنصوص ولهذا أمر الله بالرد إليهم عند الاشكال، فقال:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) سورة النساء (83)
وأما قولك:
"وعامة نصوص السنة الصحيحة الصريحة تثبت السماع، وأنا أطالبك بحديث واحد صحيح أو ضعيف ينفي السماع"
فأقول يقابل ذلك النصوص الصريحة من القرآن التي تنفي السماع، وإذا تعارضت النصوص الصحيحة الصريحة في الظاهر وجب البحث عن ما يرفع الاشكال.
والشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى ذهب إلى المجاز وهو لا يسعفه لأنه لا يقول به في كتاب الله، وحتى لو قال به فلا بد أن يكون هناك قدر مشترك بين المجاز والحقيقة.
وأما ما قال به الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فهو الفهم الصحيح للنصوص.
وإذا كان الأموات يسمعون لماذا أحتاج الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترد إليه روحه حتى يسمع؟
وأما قولك:
"والعقل لا يخصص النصوص والنص لا يخصص إلا بنص مثله "
فأقول لك هل قول الله تعالى:
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) سورة النمل (23)
من العام المخصوص؟ وإذا كان كذلك فهل ممكن أن تأتينا بالنص الذي خصصه؟
وأما قولك:
"والحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل والعقل لا يدرك حقيقتها والحكم على الشيء فرع عن تصوره "
فأقول إن هذا أمر مفروغ منه ويعرفه كل أحد.
وأما قولك:
" وتقديم العقل على النقل قدح في العقل وهو من المآخذ على المعتزلة ومن وافقهم."
فأقول: إن العقل هو مناط التكليف، والله لا يخاطب إلا العقلاء،والعقل هو الذي يفهم النص، والمعتزلة ومن وافقهم ما وقعوا فيما وقعوا فيه لأنهم قدموا العقل على النص، وإنما لأن عقولهم قصرت عن فهم النص الفهم الصحيح.
* ثم يبدوا إن في مشاركاتك فيروس،لأني كلما أردت الاقتباس منها يتعطل الجهاز عندي.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[11 May 2009, 10:57 م]ـ
لما ذا لا تأتي بنصوص السنة الدالة على نفي سماع الأموات؟؟؟ ابحث عنها لعلك تجدها ولن تجدها لأنها لا توجد، أما تخصيص النصوص بالعقل فهو في غاية الغرابة لأن معناه ترك نصوص الوحي الصادرة من المعصوص صلى الله عليه وسلم الذي ما ينطق عن الهوى وجعل مكانها كلام البشر غير معصوم ولا شك أن تقديم العقل على النقل قدح في العقل، أما نصوص القرآن فالمراد بها موتى القلوب المعرضين عن الهداية المعاندين للرسالات السماوية، وإليك الكلام عنها فلعلك لم تقرأه أو أنك تجاهلته قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: قوله تعالى: إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى أي الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم كما ترى واعلم أن آية النمل هذه جاءت آيتان أُخريان بمعناها الأولى منهما قوله تعالى في سورة الروم فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ولفظ آية الروم هذه كلفظ آية النمل التي نحن بصددها فيكفي في بيان آية الروم ما ذكرنا في آية النمل والثانية منهما قوله تعالى في سورة فاطر إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ وآية فاطر هذه كآية النمل والروم المتقدمتين لأن المراد بقوله فيها مَن فِى الْقُبُورِ الموتى فلا فرق بين قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وبين قوله وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ لأن المراد بالموتى ومن في القبور واحد كقوله تعالى وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ أي يبعث جميع الموتى من قُبِر منهم ومن لم يقبر وقد دلَّت قرائن قرءانيّة أيضًا على أن معنى آية فاطر هذه كمعنى آية الروم منها قوله تعالى قبلها وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ لأن
(يُتْبَعُ)
(/)
معناها لا ينفع إنذارك إلا من هداه اللَّه ووفّقه فصار ممن يخشى ربّه بالغيب ويقيم الصلاة وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ أي الموتى أي الكفار الذين سبق لهم الشقاء كما تقدّم ومنها قوله تعالى أيضًا وَمَا يستوي الأعمى وَالْبَصِيرُ أي المؤمن والكافر وقوله تعالى بعدها وَمَا يستوي الأحياء وَلاَ الأموات أي المؤمنون والكفار ومنها قوله تعالى بعده إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ أي ليس الإضلال والهدى بيدك ما أنت إلا نذير أي وقد بلّغت التفسير الثاني هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به وأن هذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع كما قال تعالى وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذين ينتفعون به وأمّا سماع آخر فلا وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه أبو العباس ابن تيمية كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللَّه في هذا المبحث وهذا التفسير الأخير دلَّت عليه أيضًا آيات من كتاب اللَّه جاء فيها التصريح بالبكم والصمم والعمى مسندًا إلى قوم يتكلّمون ويسمعون ويبصرون والمراد بصممهم صممهم عن سماع ما ينفعهم دون غيره فهم يسمعون غيره وكذلك في البصر والكلام وذلك كقوله تعالى في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ فقد قال فيهم صُمٌّ بُكْمٌ مع شدّة فصاحتهم وحلاوة ألسنتهم كما صرّح به في قوله تعالى فيهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي لفصاحتهم وقوله تعالى فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ فهؤلاء الذين إن يقولوا تسمع لقولهم وإذا ذهب الخوف سلقوا المسلمين بألسنة حداد هم الذين قال اللَّه فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ وما ذلك إلاَّ أن صممهم وبكمهم وعماهم بالنسبة إلى شيء خاص وهو ما ينتفع به من الحقّ فهذا وحده هو الذي صمّوا عنه فلم يسمعوه وبكموا عنه فلم ينطقوا به وعموا عنه فلم يروه مع أنهم يسمعون غيره ويبصرونه وينطقون به كما قال تعالى وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شيء وهذا واضح كما ترى، وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح مع شواهده العربية في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة البقرة في الكلام على وجه الجمع بين قوله في المنافقين صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ مع قوله فيهم وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وقوله فيهم سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وقوله فيهم أيضًا وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وقد أوضحنا هناك أن العرب تطلق الصمم وعدم السماع على السماع الذي لا فائدة فيه وذكرنا بعض الشواهد العربية على ذلك مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة اعلم أن الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلّمهم وأن قول عائشة رضي اللَّه عنها ومن تبعها إنهم لا يسمعون استدلالاً بقوله تعالى إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وما جاء بمعناها من الآيات غلط منها رضي اللَّه عنها وممن تبعها وإيضاح كون الدليل يقتضي رجحان ذلك مبني على مقدّمتين الأولى منهما أن سماع الموتى ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعدّدة ثبوتًا لا مطعن فيه ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت والمقدمة الثانية هي أن النصوص الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها وتأويل عائشة رضي اللَّه عنها بعض الآيات على معنى يخالف الأحاديث المذكورة لا يجب الرجوع إليه لأن غيره في معنى الآيات أولى بالصواب منه فلا ترد النصوص الصحيحة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بتأوّل بعض الصحابة بعض الآيات وسنوضح هنا إن شاء اللَّه صحة المقدمتين المذكورتين وإذا ثبت بذلك أن سماع الموتى ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض صريح علم بذلك رجحان ما ذكرنا أن الدليل يقتضي رجحانه
(يُتْبَعُ)
(/)
أمّا المقدمة الأولى وهي ثبوت سماع الموتى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد قال البخاري في صحيحه حدّثني عبد اللَّه بن محمد سمع روح بن عبادة حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلمّا كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها ثم مشى واتّبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قال فقال عمر يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم اللَّه له حتى أسمعهم توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندمًا فهذا الحديث الصحيح أقسم فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم أن الأحياء الحاضرين ليسوا بأسمع لما يقول صلى الله عليه وسلم من أولئك الموتى بعد ثلاث وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى ولم يذكر صلى الله عليه وسلم في ذلك تخصيصًا وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه فيما يظهر وقال البخاري في صحيحه أيضًا حدثني عثمان حدّثني عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال وقف النبيّ صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى حتى قرأت الآية انتهى من صحيح البخاري وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين هما ابن عمر وأبو طلحة تصريح النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن أُولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 May 2009, 11:56 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله
لماذا تعيد ما سبق أن قرأناه وفهمناه؟
الله يقول: "إنك لاتسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء"
وقال:"وما أنت بمسمع من في القبور"
وأنت وأنا وكذلك الشيخ الشنقيطي رحمه الله وغيره من أهل العلم نقول: المراد الكفار الذين لم يرد الله أن يهديهم.
وأنا أسألك لماذا قال "الموتى" وهم أحياء؟ وقال "الصم " وهم لهم آذان؟ وقال " العمى" وهم لهم أعين؟
ولماذا قال " من في القبور" وهم على وجه الأرض؟
وأيضا سألتك سابقاً: إذا كان الموتى يسمعون السماع المعتاد فلماذ قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
أرجو أن تجيبني بكلامك لا بكلام غيرك.
وفقنا الله وإياك لكل خير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[12 May 2009, 06:45 ص]ـ
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
هذا الحديث ما ذا تفهم منه هل هو في نظرك يدل على نفي السماع أم ما ذا؟؟
لاشك أن هذا الحديث من ضمن النصوص الكثيرة المصرحة بالسماع وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولذا حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث ما أنتم بأسمع منهم وحديث السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين إلى آخره إلى غيرذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه، وأما حديث رد الله علي روحي فهو من باب الإخبار أنه يسمعهم ويرد عليهم بعد رد روحه عليه ولا تعارض بينه وبين غيره من النصوص ومثله حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي
(يُتْبَعُ)
(/)
قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " وحديث إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغون عن أمتي السلام. إلى غير ذلك من النصوص فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه والله أعلم.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[15 May 2009, 07:25 ص]ـ
السلام عليكم
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
قد تكون دلالة الحديث أن النبى سمع ولايرد إلا بعد أن يرد الله روحه عليه
ولكن بالجمع مع حديث الملك يتبين أن النبى لم يسمع بل الذى سمع الملك
حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة "
إذن لا سماع إلا بواسطة الملك ,والملك هو الذى يقول للنبى؛ " قال لي ذلك الملك "
وقول الملك له قد يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم هى التى تسمع
حديث عمار يدل على أن الملك موكل بالقبر وأن مايرد عليه هو ما قيل عند القبر فقط فهل لا نسلم عليه إلا عند القبر؟!
وحديث أبى بكر يفيد أن الملك موكل به صلى الله عليه وسلم ولكن لماذا عند القبر هل يعنى أن الروح فى القبر؟
وأعود إلى الحديث الأول:
رد الروح أهو احياء!؛
ومعنى رد الروح إلى البدن أن رد السلام يكون من خلال القول باللسان ... ! وإن لم يكن باللسان فلترد الروح السلام دون أن ترد إلى البدن , وهل يستحق رد السلام أن ترد الروح إلى البدن؛
ولكثرة المسلمين عليه فالروح دائما فى البدن مما حدا ببعضهم أن يقول أن النبى حى فى قبره!!
المستفيد من التسليم على النبى هو المسلم وليس النبى؛
ونحن نسلم عليه طاعة لأمر الله فهى عبادة نؤديها كما أمرنا؛
ومن يقول أن السماع حاصل هو الذى يريد أن يتصور كيفية ويقحم العقل فى ما فائدة التسليم عليه وقد مات؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[15 May 2009, 08:42 ص]ـ
نصوص السنة الصحيحة مصرحة بالسماع وكيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل ولا مدخل للعقل في هذا الباب لأن أحوال الحياة البرزخية وراء العقل لا يعلم كيفيتها إلا اله عز وجل نحن جاءتنا نصوص صحيحة مصرحة بأن الأموات يسمعون فالواجب علينا الإيمان بها والوقوف عندها والعمل بمقتضاها حتى يأتينا ما يخصصها ولا وجود له أما كونه السماع الحاصل هو من تبليغ الملك أو من المسلم مباشرة هذا مغيب عنا جاءت النصوص بهذا وهذا ولا فرق بين ذلك ولا تعارض بين تلك النصوص البتة، المهم السماع حاصل وثابت بالنصوص وليس بالعقل كما تقرره في قولك: (ومن يقول أن السماع حاصل هو الذى يريد أن يتصور كيفية ويقحم العقل فى ما فائدة التسليم عليه وقد مات) ما هذا الكلام؟؟ وقد قرأت النصوص المصرحة بالسماع فسأعيدها إليك هنا:
حديث ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
هذا الحديث ما ذا تفهم منه هل هو في نظرك يدل على نفي السماع أم ما ذا؟؟
لاشك أن هذا الحديث من ضمن النصوص الكثيرة المصرحة بالسماع وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولذا حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث ما أنتم بأسمع منهم وحديث السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين إلى آخره إلى غيرذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه، وأما حديث رد الله علي روحي فهو من باب الإخبار أنه يسمعهم ويرد عليهم بعد رد روحه عليه ولا تعارض بينه وبين غيره من النصوص ومثله حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك " وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا الصلاة علي فإن الله
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل بي ملكاً عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة " وحديث إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغون عن أمتي السلام. إلى غير ذلك من النصوص فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه والله أعلم.
وإليك كلام العلماء على قوله صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
قال شمس الحق العظيم آبادي: قال في فتح الودود إلا رد الله علي روحي من قبيل حذف المعلول وإقامة العلة مقامه وهذا فن في الكلام شائع في الجزاء والخبر مثل قوله تعالى فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك أي فإن كذبوك فلا تحزن فقد كذب
الخ فحذف الجزاء وأقيم علته مقامه وقوله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أي إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلا نضيع عملهم لأنا لا نضيع أجر من أحسن عملا فكذا ها هنا يقدر الكلام أي ما من أحد يسلم علي إلا أرد عليه السلام لأني حي أقدر على رد السلام وقوله حتى أرد عليه أي فسبب ذلك حتى أرد عليه فحتى هنا حرف ابتداء تفيد السببية مثل مرض فلان حتى لا يرجونه لا بمعنى كي وبهذا اتضح معنى الحديث ولا يخالف ما ثبت حياة الأنبياء عليهم السلام انتهى كلامه
وقال السيوطي وقع السؤال عن الجمع بين هذا الحديث وبين حديث الأنبياء أحياء وفي قبورهم يصلون وسائر الأحاديث الدالة في حياة الأنبياء فإن ظاهر الأول مفارقة الروح في بعض الأوقات وألفت في الجواب عن ذلك تأليفا سميته انتباه الأذكياء بحياة الأنبياء
وحاصل ما ذكرته فيه خمسة عشر وجها أقواها أن قوله رد الله روحي جملة حالية وقاعدة العربية أن جملة الحال إذا صدرت بفعل ماض قدرت فيه كقوله تعالى أو جاؤوكم حصرت صدورهم أي قد حصرت وكذا ها هنا يقدر قد والجملة ماضية سابقة على السلام الواقع من كل أحد وحتى ليست للتعليل بل لمجرد العطف بمعنى الواو فصار تقدير الحديث ما من أحد يسلم علي إلا قد رد الله على روحي قبل ذلك وأرد عليه، وإنما جاء الإشكال من أن جملة رد الله علي روحي بمعنى حال أو استقبال وظن أن حتى تعليلية ولا يصح كل ذلك، وبهذا الذي قدرناه ارتفع الإشكال من أصله، ويؤيده من حيث المعنى أن الرد لو أخذ بمعنى حال أو استقبال للزم تكرره عند تكرر المسلمين وتكرر الرد يستلزم تكرر المفارقة وتكرر المفارقة يلزم عليه محذورات منها تألم الجسد الشريف بتكرار خروج روحه وعوده أو نوع ما من مخالفة تكرير إن لم يتألم ومنها مخالفة سائر الناس من الشهداء وغيرهم إذا لم يثبت لأحدهم أنه يتكرر له مفارقة روحه وعوده بالبرزخ وهو صلى الله عليه وسلم أولى بالاستمرار الذي هو أعلى رتبة، ومنها مخالفة القرآن إذ دل أنه ليس إلا موتتان وحياتان وهذا التكرار يستلزم موتات كثيرة وهو باطل، ومنها مخالفة الأحاديث المتواترة الدالة على حياة الأنبياء وما خالف القرآن والسنة المتواترة وجب تأويله، قال البيهقي في كتاب الاعتقاد الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، والحديث أخرجه البيهقي في كتاب حياة الأنبياء بلفظ إلا وقد رد الله علي روحي بزيادة لفظ قد وقال البيهقي في شعب الإيمان وقوله إلا رد الله علي روحي معناه والله أعلم إلا وقد رد الله علي روحي فأرد عليه السلام فأحدث الله عودا على بدء، قال السيوطي ولفظ الرد قد لا يدل على المفارقة بل كنى به عن مطلق الصيرورة وحسنه هذا مراعاة المناسبة اللفظية بينه وبين قوله حتى أرد عليه السلام فجاء لفظ الرد في صدر الحديث لمناسبة ذكره بآخره، وليس المراد بردها عودها بعد مفارقة بدنها وإنما النبي صلى الله عليه وسلم بالبرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدته تعالى كما هو في الدنيا بحالة الوحي فعبر عن إفاقته من تلك الحالة برد الروح انتهى
قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني فإن قلت قوله إلا رد الله علي روحي لا يلتئم مع كونه حيا دائما بل يلزم منه أن تتعدد حياته ومماته فالجواب أن يقال معنى الروح هنا النطق مجازا فكأنه قال إلا رد الله علي نطقي وهو حي دائما لكن لا يلزم من حياته نطقه فيرد عليه نطقه عند سلام كل أحد وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة فعبر صلى الله عليه وسلم بأحد المتلازمين عن الآخر
ومما يحقق ذلك أن عود الروح لا يكون إلا مرتين لقوله تعالى ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين انتهى كلامه
وقال العلامة السخاوي في كتاب البديع رد روحه يلزمه تعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة إذ الكون لا يخلو من أن يسلم عليه بل قد يتعدد في آن واحد كثيرا، وأجاب الفاكهاني وبعضهم بأن الروح هنا بمعنى النطق مجازا فكأنه قال يرد الله علي نطقي، وقيل إنه على ظاهره بلا مشقة.
عون المعبود شرح سنن أبي داود للعظيم آبادي 6/ 19 - 21
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[16 May 2009, 08:43 ص]ـ
السلام عليكم
هل هناك شبهة تعارض بين الحديثين
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك"
أنت قلت أن الأول دليل على السماع
فهل الثانى فيه دليل على السماع أم على نفى السماع المباشر إذ الذى يسمع هو الملك ثم يبلغ النبى
ونحن لا نتكلم فى رد الروح
نحن نتكلم عن السماع فليس لما نقلت ها هنا يقدر الكلام أي ما من أحد يسلم علي إلا أرد عليه السلام لأني حي أقدر على رد السلام - علاقة بكلامنا
ولأن الحديث الثانى يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[24 May 2009, 08:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: قولك بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
يدل على نفي السماع فهل سبقك أحد من العلماء لهذا الفهم أوالاستنباط؟ أم أنه فهم واسنباط خاص بك؟
لا شك أن السماع ثابت بالنصوص الصحيحة الصريحة ولا يوجد نص واحد من السنة يخصص تلك النصوص، وسماع الأموات لا يقاس بالعقل ولا بالتخمين ولا مجال فيه للعقل وقد سبق ذكر النصوص المصرحة بالسماع مثل حديث سماع قرع النعال وحديث أستأنس بكم وأعرف ما ذا أراجع به رسل ربي وحديث مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ جَوَاباً)، فَأَمَرَ بِهِمْ فَجُرُّوا بِأَرْجُلِهِمْ، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ، وحديث (السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، وحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَمَنْ يُغَسِّلُهُ، وَمَنْ يُدَلِّيهِ فِي قَبْرِهِ)، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَانْطَلَقَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا، قَالَ: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى غير ذلك من النصوص التي قالها المشرع ولم يصل إلينا نص واحد من السنة يخالفها أو يخصصها فالواجب علينا الإيمان بهذه النصوص وبما دلت عليه، والوقوف عندها لأنها قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
قال ابن تيمية رحمه الله: الميت يعرف من يزوره، ولهذا كانت السنة أن يقال: السلام عليكم أهل دارِ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم، والمستأخرين، والله أعلم.
وقال ابن القيم رحمه الله: وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور، أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم، بأن الميت يعرف زيارة الحي له، ويستبشر به، وقال أيضاً: ويكفي في هذا تسمية المسلِّم عليهم زائراً، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائراً، فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره، لم يصح أن يقال زاره، هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم، وكذلك السلام عليهم أيضاً، فإن السلام على من لا يشعر، ولا يعلم بالمسِّلِمِ محال، وقد علم النبي أمته إذا زاروا القبور، أن يقولوا: سلامٌ عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم، والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، وهذا السلام والخطاب والنداء لِمَوجُود، يسمع، ويخاطب، ويعقل ويرد، وإن لم يسمعِ المسلِّم الرد، وإذا صلى الرجل قريباً منهم شاهدوه، وعلموا صلاتَهُ، وغبطوه على ذلك.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[25 May 2009, 12:32 ص]ـ
السلام عليكم
ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
يدل على نفي السماع فهل سبقك أحد من العلماء لهذا الفهم أوالاستنباط؟ أم أنه فهم واسنباط خاص بك؟
لم أقل هذا
أنا قلت أن الحديث" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك" يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع
وبجمعهما نفهم إذا سلم رجل على النبى يسمع الملك الموكل بالقبر فيبلغ النبى فيرد الله علي النبى روحه فيرد السلام؛ وبهذا ليس فى الحديث الأول دليل على السماع المباشر
وأنا لم أتكلم فى أصل المسألة ولكن فى اتخاذك من هذا الحديث دليل للسماع؛
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[25 May 2009, 08:54 ص]ـ
لم أقل هذا
أنا قلت أن الحديث" إن الله وكل بقبري ملكاً أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان بن فلان قد صلى عليك" يدل على أن السلام أبلغ بواسطة الملك فإنه نفى للسماع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
هذا استدلال واستنباط في غاية الغرابة، وهل السماع الذي أبلغ بواسطة الملك يدل على نفي السماع ولتعلم بأن كيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل، وهل سماع قرع النعال بواسطة الملك أو واسطة ما ذا؟؟ وهل السماع من الزائر الذي يخاطب القبور بقوله السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون بواسطة الملك أو واسطة ما ذا؟؟ وهل السماع في قوله صلى الله عليه وسلم " ما أنتم بأسمع منهم " بواسطة الملك أو ما ذا؟؟ إلى غير ذلك من النصوص المصرحة بالسماع، لا شك أن كيفية هذا السماع مغيب عن الجميع لا يعلمه إلا الله عز وجل، لأن أمور الحياة البرزخية وراء العقل، والعقل لا يدركها لأنها من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، والذي يهمنا هنا هو إثبات السماع كما جاءت النصوص المصرحة بذلك فالواجب علينا الإيمان بها والعمل بمقتضاها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 12:00 م]ـ
هكذا تهدر الأوقات وتضيع الأعمار فيما لا طائل تحته
المسألة فيها قولان ولكل قول دليله والخلاف لن يرفع ما دامت الأدلة محتمله.
فلنشتغل بما هو أنفع.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[25 May 2009, 06:47 م]ـ
[ QUOTE= محب القرآن الكريم;79908] [ color=#0000FF][align=center] هكذا تهدر الأوقات وتضيع الأعمار فيما لا طائل تحته
المسألة فيها قولان ولكل قول دليله والخلاف لن يرفع ما دامت الأدلة محتمله.
فلنشتغل بما هو أنفع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
هذا لا يقال للعلم وليس في نصوص الكتاب والسنة شيء لا طائل تحته بل تقرير دلالة النصوص هو من العلم النافع والاشتغال به من العبادة وصاحبه مأجور إن شاء الله والخلاف يرفع بدلالة النصوص، وليس كل خلاف معتبر إلا ما كان له حظ من النظر.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 09:04 م]ـ
يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:
"هذا لا يقال للعلم وليس في نصوص الكتاب والسنة شيء لا طائل تحته بل تقرير دلالة النصوص هو من العلم النافع والاشتغال به من العبادة وصاحبه مأجور إن شاء الله والخلاف يرفع بدلالة النصوص، وليس كل خلاف معتبر إلا ما كان له حظ من النظر."
أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.
وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.
وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[25 May 2009, 11:08 م]ـ
[ QUOTE= محب القرآن الكريم;79940] يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:
أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.
وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.
وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاك الله خيراً لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه. وأما ما قيل وكتب في المداخلات فهو موجود ومسطر ولا يحتاج إلى نفي أو إثبات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[25 May 2009, 11:09 م]ـ
[ QUOTE= محب القرآن الكريم;79940] يقول الأخ الفاضل أبو عبد الله:
أنا لم أقل إن في نصوص الكتاب والسنة ما لا طائل تحته.
وأما تقرير دلالة النصوص فقد اختلف العلماء على قولين لكل واحد منهما حظ من النظر.
وأما أن تحاول أن تلاقي بين أذني الجمل فهو من البعث الذي لا طائل تحته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاك الله خيراً لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه. وأما ما قيل وكتب في المداخلات فهو موجود ومسطر ولا يحتاج إلى نفي أو إثبات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 11:57 م]ـ
من العبث
أرجو أن تكون قد استرحت يا أبا عبد الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[26 May 2009, 12:25 ص]ـ
السلام عليك
هذا استدلال واستنباط في غاية الغرابة، وهل السماع الذي أبلغ بواسطة الملك يدل على نفي السماع ولتعلم بأن كيفية السماع لا يعلمها إلا الله عز وجل، وهل سماع قرع النعال بواسطة الملك أو واسطة ما ذا؟؟
إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف.
ولكن -من وجهة نظرى - الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية؛ فقرع النعال صوت؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت؛ وإن لم يكن صوتا لما كان هناك داع لرد الروح للبدن لزوم الرد
هكذا أحرر الخلاف
والكلام عن المسألة ومدارستها ليس من العبث بل هو علم نافع بإذن الله علنا نصل فيها إلى جواب شاف؛والله المستعان
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[26 May 2009, 01:02 ص]ـ
إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف.
ولكن -من وجهة نظرى - الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية؛ فقرع النعال صوت؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت؛ وإن لم يكن صوتا لما كان هناك داع لرد الروح للبدن لزوم الرد
هكذا أحرر الخلاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل سبقك أحد لهذا التفصيل وهل النصوص تدل عليه في نظرك؟؟
وقولك: (إن كان السماع بآلية غير الصوت فلا خلاف) ما معنى هذه الجملة ومن قالها؟؟ وهل أنت مستوعب لمعناها؟؟ حتى تقرروتقول: فلا خلاف).
وكذلك الشأن في هذه الجملة أيضاً: (الخلاف فى كونه سماع عادى بموجات صوتية؛ فقرع النعال صوت؛ ورد السلام بعد رد الروح للبدن صوت) أرجو الإفادة!!
وأكرر القول: لا شك أنك اطلعت على النصوص التي تثبت السماع فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع هذا هو صلب الموضوع وهو محل النقاش فلنتقيد به ولا نخرج عنه.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[27 May 2009, 07:22 ص]ـ
السلام عليكم
هل سبقك أحد لهذا التفصيل وهل النصوص تدل عليه في نظرك؟؟
قول الشيخ الشنقيطى
، وقد قدّمناه في هذا المبحث مرارًا وبجميع ما ذكرنا في هذا المبحث في الكلام على آية النمل هذه تعلم أن الذي يرجّحه الدليل أن الموتى يسمعون سلام الأحياء وخطابهم سواء قلنا إن اللَّه يردّ عليهم أرواحهم حتى يسمعوا الخطاب ويردّوا الجواب أو قلنا إن الأرواح أيضًا تسمع وتردّ بعد فناء الأجسام
أقول: معنى رد الأرواح إلى الأبدان أن الذى يسمع هو الانسان المكون من بدن وروح ,وليس الروح؛ ولو كان الحوار حول سماع الروح فلن نختلف لأننا لا نعلم كيف تسمع الروح؛فإذا ما ثبت بالنص أنها تسمع فما علينا إلا الايمان والتصديق؛ ولو كانت المسألة هل تسمع الروح بعد الخروج بالموت أو القتل لما سأل
فقال له عمر يا رسول اللَّه أتخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنّهم لا يستطيعون جوابًا؛سؤال عمر يدل على أنه فهم أن السماع من خلال الأذن بصوت ولم يدل النص على أنه بالروح بل دل غيره على أن السماع من خلال البدن الذى تُرد إليه.
فابحث لنا عن النصوص التي تنفي السماع
كما قلت أنت أن الأحكام لا تؤخذ من الفوائد البلاغية فلن نعتبر الكناية ولا المجاز ,النص يقول " وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ?لْقُبُورِ" هذا هو النص؛ثم أسأل:ما حكم مخاطبة من فى القبور ولو بالسلام؟
"وَمَا يَسْتَوِي ?لأَحْيَآءُ وَلاَ ?لأَمْوَاتُ إِنَّ ?للَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ?لْقُبُورِ " فاطر 22
ولو قلت أن الموتى تعنى الكفار فى آية " إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى? .. " فآية فاطر لاتعنى الموتى ولكن الأموات؛ والخطاب للرسول أنه لايُسمع الأموات الذين فى القبور لا كلامه ولاسلامه فكيف يُسمعهم غيره؛
هل أفادت الآية أن الله شاء أن يسمعهم؛إن قوله تعالى " ... إِنَّ ?للَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ ... " يدل على أنهم فى القبور لايسمعون لأن الله سبحانه شاء أن يسمع الأحياء؛ فأنت تسمع من شاء الله أن يسمع وهم الأحياء أما الأموت فلا يستوون مع الأحياء ووجه عدم الاستواء أن الأموات لايسمعون؛
وآية الروم " فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بهادي الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ الروم 52 ,53
تتكلم عن الانسان فى طور الحياة الدنيا؛ وإن قلت أن الموتى فيها قد يشملون أمواتا فى القبور لقلت لك إذن فخطابه صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر غير المؤمنين لم يسمعوه لأنه ". إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِئَايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ".
نص آخر "إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ ... " فاطر 14؛ لايسمع من فى القبر من يدعوه
إذن
الأموات فى القبور لايسمعون
الموتى هم أحياء كافرون يسمعون السماع المادى ولكنهم لايسمعون سماع انتفاع وهدى
السلام على المقبرة فيه فائدة للحى حيث يتعظ ويذكر الموت ويقرر ايمانه بما بعد الموت؛ ولا علاقة بما فى القبر بهذا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[27 May 2009, 08:24 م]ـ
هذه الآيات لا تنفي السماع وقد تقدم تفسيرها وبيان المراد منها بما لا مزيد عليه والسنة تبين مجمل القرآن وقد جاءت السنة الصحيحة الصريحة بالسماع ولم يوجد نص واحد من السنة يعارضها فالمطلوب هو إيجاد نص من السنة يخصص أو يعارض تلك النصوص الدالة على السماع.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[27 May 2009, 11:32 م]ـ
السلام عليكم
الأصل أن السمع صفة حياة؛ فلا يسمع إلا الحى؛
كان الناس أمواتا قبل أن يحييهم الله بخلقهم نطفة فى قرار مكين "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِ?للَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَ?تاً فَأَحْيَ?كُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "؛فإن كان أحدهم سمع فليخبرنا
أصحاب الكهف كانوا فى الموتى 309 سنة فهل كانوا يسمعون؛ "فَضَرَبْنَا عَلَى? آذَانِهِمْ فِي ?لْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً " ألا يكفى هذا دليلا لنفى السماع!
لم يرد نص يفيد أن أحداً يقول يوم القيامة أنه سمع بعد موته شيئا؛
لايسمع الأموات إلا صيحة البعث يوم القيامة
ونصوص الأحاديث التى تحتج بها وضحنا أنها تحتمل أيضا نفى سماع الأموات
مثل حديث الملك الموكل بالقبر فالملك هو الذي يسمع
وتخصيص " ما أنت بأسمع لى منهم " تقول عنه ليس تخصيصا
كيف وكلمة لى فى النص تفيد أن هؤلاء خاصة يسمعون خطاب الرسول هذا خاصة
ولو كان الأمر عاما لماذا لم يكلم الرسول شهداء أحد أو غير أولئك النفر من صناديد قريش
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 01:55 ص]ـ
أسئلة أرجو أن يجيب عليها بو عبد الله
"إنك لا تسمع الموتى"
"وما أنت بمسمع من في القبور"
هذه لا تنفي السماع؟
هذه من المجمل؟
أين الإجمال فيها؟
وتقول: تقدم تفسيرها والمراد منها.
يعني اشرب والمطرق في ظهرك!
وإذا سمع الموتى هل يسمع الصم عندك أم لا؟
ويجوز عندك تأويل القرآن ولا يجوز تأويل الأحاديث؟
هل هو حب الانتصار للقول مهما كان؟
ثم سؤال آخر وأخير:
هل النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل ما يحدث في مسجده؟ هل يسمع الأذان والصلاة وخطب الجمعة؟
وهل يسمع أهل البقيع الأذان والصلاة والخطب وأصوات السيارات التي لا تتوقف عن الحركة حول البقيع إلا في أوقات قليلة من الليل؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[28 May 2009, 09:42 ص]ـ
الأخ مصطفى سعيد قولك: الأصل أن السمع صفة حياة؛ فلا يسمع إلا الحى
هذا كلام باطل ومردود لأنه كلام صادر من غير معصوم و يخالف نصوص الوحي التي قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم، وقولك (الأصل) فمن أصل هذا الأصل، ولتعلم بأن الأصل هو اتباع النصوص والتسليم لها قال الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً)، وقال ابن عباس أخشى عليكم صاعقة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر، وقال ابن شهاب الزهري من الله الرسالة ومن رسوله البلاغ وعلينا التسليم رواه البخاري وغيره.
فالذي يعترض على نصوص الوحي ويقدم عليها العقل على خطر عظيم.
وأما ما قاله الأخ محب القرآن: هل النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل ما يحدث في مسجده؟ هل يسمع الأذان والصلاة وخطب الجمعة؟
وهل يسمع أهل البقيع الأذان والصلاة والخطب وأصوات السيارات التي لا تتوقف عن الحركة حول البقيع إلا في أوقات قليلة من الليل؟
هذه الأسئلة
الجواب عنها أن الحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل ونحن نثبت ما أثبتته النصوص، وننفي ما نفته النصوص، وقد أثبتت النصوص سماع السلام وقرع النعال والاستئناس بالزوار ورد السلام وسماع من خاطبهم كما في قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع منهم " إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة، وأكرر بأن صفة الحياة البرزخية لا يدركها العقل ولا التخمين بل مرجعها إلى النصوص والإيمان بها، لأنها خارقة للعادة، وفي حديث الإسراء أنه لما دخل المسجد الأقصى قام يصلي فالتفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه. ومثل ذلك قول النبي صلى اله عليه وسلم مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر رواه مسلم وغيره وكذلك رآه في المعراج في السماء السادسة، ورأى إبراهيم في السماء السابعة مستند إلى بيت المعمور، ثم تحاور معه موسى في عدد الصلوات المفروضة وقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فالعقل هنا يقف عند حده ولا داعي لقول من قال هل رآهم بأسجادهم أم بأرواحهم، فتقول رآهم وصلى بهم وتحاور مع موسى كما جاءت النصوص بذلك ونؤمن بذلك لأن هذا من الغيب والله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين بالإيمان بالغيب، والغيب كلما غاب عنك فهو غيب، فكذلك نقول أيضاً جاءت النصوص بأن الميت يسمع فنؤمن بتلك النصوص من غير اعتراض، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 10:42 ص]ـ
يقول الأخ أبو عبد الله:
"الجواب عنها أن الحياة البرزخية من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل ونحن نثبت ما أثبتته النصوص، وننفي ما نفته النصوص، وقد أثبتت النصوص سماع السلام وقرع النعال والاستئناس بالزوار ورد السلام وسماع من خاطبهم .... "
إذن هو سماع خاص وحالات خاصة يا أبا عبد الله
ويبقى الأصل كما أخبر القرآن أن الأموات لا يسمعون.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[28 May 2009, 02:27 م]ـ
أنت مصر على أن الآيات القرآنية تدل على نفي السماع وبنيت على ذلك قولك: ويبقى الأصل كما أخبر القرآن أن الأموات لا يسمعون.
وعلى افتراض صحة قولك هذا مع أنه بعيد كل البعد فالسنة تبين مجمل القرآن وبعد ما جاءت السنة الصحيحة الصريحة بإثبات السماع فبان بذلك المراد بالموتى موتى القلوب المعرضين عن الهداية، وهذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع، والسنة بينت هذا الإجمال بأن الميت يسمع خطاب الحي له بصفة يعلمها الله عز وجل، ولا داعي لإعادة الكلام فالحق واضح.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 03:25 م]ـ
ما هو المجمل يا أبا عبد الله؟
هل ممكن أن تعرف لنا المجمل وتعطينا أمثلة عليه؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[29 May 2009, 12:00 ص]ـ
المجمل كلما يفتقر إلى البيان والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، وفي اصطلاح الفقهاء كل لفظ لا يعلم المراد منه عند إطلاقه بل يتوقف على البيان.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى ثلاثة قروء سورة البقرة 228 لأن القرء لفظ مجمل يحتمل الطهر و الحيض، وما هو المراد من قوله تعالى إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور؟ جاءت نصوص السنة وبينت بأن الميت يسمع من خاطبه من الأحياء فدل ذلك على أن المراد موتى القلوب فشبه قلوبهم الميت بمن في القبور.
قال ابن كثير: " قوله تعالى إن الله يسمع من يشاء أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والأنقياد لها وما أنت بمسمع من في القبور أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لاحيلة لك فيهم ولا تستطيع هدايتهم إن أنت إلا نذير أي إنما عليك البلاغ والإنذار والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
وقال السعدي: " وما أنت بمسمع من في القبور أي أموات القلوب ودعاءك لا يفيد المعرض المعاند شيئا ولكن وظيفتك النذارة والبلاغ.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 May 2009, 12:23 ص]ـ
كلام المفسرين قرأناه وفهمناه
أنا أسألك أنت أين الإجمال في قوله تعالى:
"إنك لا تسمع الموتى"؟
وفي قوله:
" وما أنت بمسمع من في القبور"؟
ما هو اللفظ الغامض أو المحتمل في الآيتين الذي يحتاج إلى تفسير وبيان؟
لا تأتني بكلام المفسرين أريد كلامك أنت.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[29 May 2009, 08:34 ص]ـ
زاك الله خيراً على علو الهمة على التعلم وأرجوا أن يكون ذلك من باب الحرص على الاستفادة لا من باب الجدل لأنك أنت محب القرآن ولست محباً للجدل!! قلت لك: بأن المجمل كلما يفتقر إلى البيان والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، وفي اصطلاح الفقهاء كل لفظ لا يعلم المراد منه عند إطلاقه بل يتوقف على البيان. (والإجمال يكون في الألفاظ والأفعال وفي دلالتهما)
والإجمال هنا إجمال دلالة اللفظ في قوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى" وفي قوله:" وما أنت بمسمع من في القبور" وفي معناهما فما هو المراد بالموتى؟؟ وما هو المراد بالسماع المنفى؟ هذا من أمثلة الإجمال في دلالة الألفاظ، فجاءت السنة الصحيحة الصريحة بإثبات السماع فبان بذلك الإجمال المذكور بأن المراد بالموتى موتى القلوب المعرضين عن الهداية، المعاندين للرسالات السماوية، وهذا مثل ضرب للكفار والكفار يسمعون الصوت لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتّباع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[30 May 2009, 06:39 ص]ـ
السلام عليكم
وما مجمل " من فى القبور "؟!!
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 May 2009, 10:53 ص]ـ
سألتك يا أبا عبد الله أين الإجمال فقلتَ:
"والإجمال هنا إجمال دلالة اللفظ في قوله تعالى "إنك لا تسمع الموتى" وفي قوله:" وما أنت بمسمع من في القبور" وفي معناهما فما هو المراد بالموتى؟؟ وما هو المراد بالسماع المنفى؟ "
أين الإجمال؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[30 May 2009, 11:02 م]ـ
الموضوع المراد منه الاستفادة وليس الفضول والجدل العقيم، والوقت ثمين ولا يبذل إلا ما هو نافع ومفيد والحق واضح لمن أراده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 May 2009, 11:33 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[02 Jun 2009, 02:21 م]ـ
وفيما يخص تزاور أهل القبور فيما بينهم وقد يكون له علاقة بالموضوع وقد نزل بعض الإخوان هذا المقال تلاقي الأرواح في البرزخ ومعرفتهم لأحوال الأحياء فيرجى الرجوع إلى هذا الرابط: http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=80356#post80356
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[31 Oct 2009, 07:53 ص]ـ
للرفع حيث طلبه بعض الإخوان(/)
ما المقصود بهذه النصوص؟ وكيف نوجهها؟
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[02 Jun 2006, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه من خلال تعاملي مع كتاب الله تعالى وتدريسي لمادة التفسير أكثر من مرة ولأجزاء متعددة من القرآن، تجمعت عندي بعض النظرات في تفيسر بعض الآيات، وأريد أن أذكرها ههنا على شكل تساؤلٍ وأعلق عليها بعد ورود عدد من الردود من الأخوة الفضلاء. وأو ما أذكره هنا هو:
ورد في القرآن: رب المشرق والمغرب.
ورب المشرقين ورب المغربين.
ورب المشارق والمغارب.
فما المقصود بهذه جميعاً على وجه يجعلها تأتلف ولا تختلف؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[03 Jun 2006, 08:30 ص]ـ
لأئمة التفسير أقوال كثيرة تلخيصها في هذه الكلمات: أما عند إفراد (المشرق) فقيل: هو مشرق الشمس، وقيل: كل مشرق من جهة أو في زمن؛ فيشمل الزمان والمكان، وكذلك يكون المغرب. وأما عند التثنية فقيل: مشرق الشمس ومشرق القمر، وقيل مشرق الشمس في الشتاء ومشرقها في الصيف لأن مشرقها يختلف باختلاف الفصول وأظهر ما يكون الاختلاف في هذين الفصلين، ومثل ذلك يقال في مثنى المغرب. وأما (المشارق) بصيغة الجمع فقيل: إنها مشارق الشمس والقمر والنجوم والكواكب فكل منها له مشرق، ولكل منها مغرب فالجمع يناسب تعدد شروقها وغروبها. وقال المُحْدَثون من المفسرين: بدوران الأرض حول نفسها باتجاه الشمس يحسب الناظر أن الشمس هي الآتية من جهة الشرق وهي الذاهبة إلى جهة الغرب، لأن هذه الحركة المتكررة ينشأ عنها الليل والنهار بإذن ربها، وأن جانب النهار المنتشر في نصف الأرض هو المواجه للشمس، فيكون النصف الآخر من الأرض في ظلام الليل لخلوه من ضوء الشمس، ثم مع توالي دوران الأرض يظهر للشمس شروق في كل لحظة على بقعة من الأرض حسب خطوط الطول فتتعدد المشارق ويرى الناس شروقا في مكان يختلف عن شروق الذي بعده في جهة الغرب، وكذلك الحال للغروب، فإذا تخيلت المنظر وقر في قلبك أن أوقات الصلوات الخمس تتكرر على بقاع الأرض مئات المرات فلا ينقطع النداء إلى الصلاة أبدا، ويظل اسم الله منطلقا إلى الأسماع على كل شبر من الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. والله أعلم.(/)
منهج الجمع بين الآية القرآنية والظاهرة الكونية
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(هذه الموضوع تم تكراره فى الملتقى ثانية بعد مراجعته)
هذه سلسلة بحوث نبدأها إن شاء الله
بهدف التوصل لمنهج يشرح ويحدد ضوابط وقواعد ومناهج أساليب البحث فى القرآن والسنة لما يقومون به باحثون الإعجاز العلمى، وباحثون الإعجاز العددي، وباحثون إسلامية المعرفة على نحو صحيح لا يخالف اللغة العربية ولا يحرف الآيات عن معانيها.
ويهدف فى النهاية لتحديد المنهج الإسلامي العلمي (الذي يعنى باستخراج العلوم الحديثة من القرآن والسنة) ويصحح أبحاث الإعجاز العلمي والعددي.
وهذا هو الأساس إن شاء الله
المواضيع بالترتيب:
- منهج الواحدية
- ميزان الواحد والصفر
- مبدأ اقرأ
- خطوات المنهج الإسلامي العلمي
_________________________________________________
المنهج الواحدي
وحدانية الخالق تنعكس علي وحدانية الخلق، حيث يوجد تشابه بين الأشياء، فكل الأشياء تدل علي بعض، فبعمل شيء يمكن معرفة شيء آخر، معرفة طردية أو عكسية.
التشابه الأساسي:
وهو وجه التشابه الأساسي بين الشيئين والذي لا يمكن عقد علاقة التشابه الاستدلالي إلا بتحديده أولا.
التشابه الاستدلالي:
وهو التعلم بالتشابه، وهو إما
التعلم بوجه التشابه،
تعلم بوجه التضاد (التشابه العكسي).
أنماط علاقات التشابه المختلفة:
- التشابه الاستدلالي بشيء حقيقي واقع، بشيء حقيقي واقع:
إمكان الاكتفاء بالقرآن في الاستدلال علي عناصر الكون.
بمعرفة عنصر قرآني يمكن عقد المشابهة العلمية بينه وبين عنصر كوني.
بمعرفة عنصر كوني يمكن البحث وعقد التشابه العلمي بينه وبين عنصر قرآني.
إمكانية عقد التشابه بين عنصر كوني يشابه عنصر كوني آخر (فيستدل منه عليه).
- التشابه الاستدلالي بشيء واقعي علي شيء تخيلي.
- التشابه الاستدلالي بشيء تخيلي علي شيء واقعي.
- التشابه الاستدلالي بشيء تخيلي بشيء تخيلي.
مستويات التشابه:
التشابه يتواجد ويتزايد كلما تقاربت الأشياء في مستوياتها وأجناسها
مستوي وحدانية الألوهية:
الله عز وجل (ليس كمثله شيء) فلا يوجد ما يشابهه أو يماثله.
مستوي وحي الله:
في أمور الدين، أطراف التشابه وعلاقاته لا تخرج من وحي الله (لا تخرج عن القرآن والسنة).
مستوي دنيا الناس:
التشابه مسموح بين القرآن والكون في مختلف علاقات التشابه في القرآن وفي الكون.
المصطلحات
وجه التشابه: هي أوجه الاتفاق بين الشيئان المتناظران.
وجه التضاد: هي أوجه التقابل بين الشيئان المتناظران أو هو التشابه العكسي بي شيئان متضادان في صفة محددة.
الاستدلال ألتشابهي: هو العلم المستدل عليه من أوجه التشابه أو التقابل.
العلم الخيالي:
هو العلم الذي لم ينطبق أو لم يتحقق بعد.
توضيح: هو علم صحيح فهو ليس ظن، حيث يقوم عليه برهان ودليل.
العلم الحقيقي:
هو العلم الحاصل.
الشيء الحقيقي: ما له وجود، ما يُتَصوًّر ويخبر عنه
الشيء الخيالي: ما ليس له وجود، ويتصور ويخبر عنه، و يقوم البرهان بصحة التصور.
الاستدلال بالتشابه:
هو التعلم بالتشابه، وهو يكون بمقارنة الشيء الأول بالشيء الثاني، وتعميم صفة الشيء الأول علي الثاني
وتكون علاقة الاستدلال إما تشابه طردي، أو تشابه عكسي.
التشابه ألطردي: هو تعميم صفة للشيء الأول علي الشيء الثاني.
التشابه العكسي: هو تعميم الصفة المعاكسة في الشيء الأول علي الشيء الثاني، لإختلافهما في وجه الاختلاف.
مستوي التشابه: ما يجمع جنس الأشياء ذات التشابه.
البحث الذى قادت خطواته للنتيجة السابقة يمكن تحميله من الرابط
http://www.geocities.com/estratigy/islamicIntroduction/islammanhg/1.zip
( أو هو ملف مضغوط مرفق باسم 1)
__________________________________________
ميزان 1+0
الأصل الموحد 1+0
(سواء أكان وحدات داخل الإطار أو الإطار الذي يحتوى الوحدات)
الوحدات:
عنصر واحد، فهي وحدة واحدة داخل إطار كلى (تتفرع بالزوجية لوحدات زوجية مع الوحدة الأولى)
الكليات:
هي كل موحد، يحوي داخله وحدات، وهو إما أن يتشابه في داخله بترابط وحداته، أو يختلف في داخله بتفرق وحداته.
التشابه الزوجي:
(يُتْبَعُ)
(/)
تبدأ من الوحدة، ثم تتفرع زوجيا عنها لتبنى "الكل الموحد"المتشابه.
الاختلاف:
هو تفرق الكل الموحد، فهو يبدأ بتفرق داخل الكل الموحد حتى الوحدات المختلفة
البناء الزوجي للخلق الكوني:
الخلق الكوني له:
- وحدات، تتراكب داخل الكليات
- كل موحد، متشابه في داخله أو مختلف
وحدات الخلق الكوني، مرجعها إلى 1، 0
معادلة التحويل من الوحدات إلى الأعداد:
(الكيف) × (القيمة العددية للوحدات – وتتكون من الصفر والواحد-)
يتفرع خلق الله زوجيا فيتشابه لأن الذي خلقه واحد هو الله
الأزواج هي أساس المتتالية (والمتتالية لها وحداتها من نفس نوعها لا يدخل فيها ما هو خارج عن جنسها)
التشابه المثانى للعلم القرآني:
وحدات القرآن:
هي الكلمات والمعاني التي أساسها هو إما واحد (1) أو صفر (0)، ويتفرع منها درجات موجبة +، سالبة –، لتكون متتالية مدرجة من المعاني تتغير معنى الكلمة بتغير مكانها على المتتالية المدرجة، والعلاقات اللغوية والحسابية تجمع بين وحدات القرآن لتكون المثاني المترابطة لتبنى الكل المتشابه.
كليات القرآن:
القرآن " كل واحد متشابه السياق العام" (ذاك الكل القرآني غير منقسم في داخله بل هناك ترابط كامل بين وحدات القرآن متفرعة المثانى فتؤدى لتشابهه)
تتفرع وحدات القرآن مثانى مترابطة فيتشابه السياق الكلى للقرآن الكريم لأنه الذي علمه واحد هو الله
معادلة التحويل بين الكلمات والمعاني للوصول إلى ميزان الأعداد
(المعنى) × (القيمة العددية للوحدات – وتتكون من الصفر والواحد-)
المثانى هي أساس المتتالية (والمتتالية لها وحداتها من نفس نوعها لا يدخل فيها ما هو خارج عن معناها)
الوصلة بين العلم القرآني، وبناء الخلق الكوني:
القرآن هو علم منزل من الله وليس خلق
المخلوق هو خلق من الله وليس علم منزل
ولكن هناك ما يجمعهما هو الميزان المشترك بينهما:
فالميزان هو 1+0 وهو الوصلة بين علم القرآن، وخلق الكون وإليه يرجعا سواء في الدنيا أو في الآخرة.
حيث يمكن تحويل اللغة العربية للقرآن إلى وحدات تتكون من 1+0، ويمكن تحويل الخلق إلى وحدات تتكون من 1+0
البحث الذى قادت خطواته للنتيجة السابقة يمكن تحميله من الرابط
http://www.geocities.com/estratigy/islamicIntroduction/islammanhg/mizan.zip
( أوهو ملف مضغوط مرفق باسم mizan)
__________________________________________________ ________
مبدأ اقرأ
اقْرَأْ: يتفرع منها:
1 - القراءة عن الله:
• أسماء الله الحسني
• خلق الله للخلق
• كلمات الله
2 - القراءة عن الخلق
• أسماء الخلق
• خلق الإنسان
• خلق القلم
3 - القراءة عن العلم
• أسماء العلم
• علم الإنسان
• العلم بكتابة القلم
البحث الذى قادت خطواته للنتيجة السابقة يمكن تحميله من الرابط
http://www.geocities.com/estratigy/islamicIntroduction/islammanhg/ekra.zip
( أو هو ملف مضغوط مرفق باسم ekra)
__________________________________________________ ________
خطوات المنهج الإسلامي العلمي والروابط
بتتبع مبدأ اقرأ، وتفرع عن " القراءة عن العلم"، كانت نتائج البحث كالتالى:
خطوات المنهج الإسلامي العلمي العام:
1.الحصول على المعلومات
2 - الانتقاء والظن العلمي، واجتناب ظن السوء وإتباع الظن الحسن
4 - برهان تبين صدق الظن أم كذبه
5 - تبين الناتج العلمي الختامي
كان السابق هو المنهج العام الذى يستخدم فى كل الأمور، والآتى هو المنهج الخاص بالتعامل مع الأصول الإسلامية فى القرآن والسنة:
خطوات المنهج الإسلامي العلمي الخاص للأصول الإسلامية فى القرآن والسنة:
1.مقدمة الأصول من القرآن والسنة
2 - استخلاص معطيات الأصول الإسلامية المحكمة التي لا اختلاف فيها.
3 - الظنية العلمية:
السير على التوازي مع الأصول لتراكب الظنية العلمية:
-رابط اللغة و طبقة اللغة في القرآن الكريم
-رابط المعنى و طبقة المعاني في القرآن الكريم
-رابط الموضوع وطبقة المواضيع في القرآن الكريم
-رابط العلاقات الحسابية وطبقة الحساب في القرآن الكريم
4 - البرهان واطمئنان القلب بمعرفة الحق
5 - تبين الناتج العلمي الختامي
المصطلحات
الحصول علي المعلومات: وهي كل ما تحصله حواس الإنسان، من (القرآن والسنة) أو من الكون.
الانتقاء: بإعمال العقل ووسائله، يتم الاختيار من المعلومات أحسنها (أي أصحها وأنفعها)
تعريف الظن: هو رؤية ذاتية دون الرؤية العينية.
وتنقسم إلي:
ظن علي علم: هو تصور للشيء يقوم علي علم
ظن علي غير علم: هو توهم للشيء لا يقوم علي علم
والفيصل بين الظن العلمي والغير علمي هو: عملية التصديق التي تكشف صحة الظن أم خطؤه.
الظن العلمي/الظن علي علم: وهو المبني علي معلومات سليمة، ولكن لم يتوافر دليل علي صحته.
البرهنة والإثبات: الحصول علي الحجة والدليل المحدد لصحة الظنية من عدمها.
العلم: العلم هو إدراك حقيقة الشيء
الطبقة القرآنية: هي مجموعة من الآيات تتميز بخاصية وبصفة مشتركة فتترابط برابط لغوى أو رابط حساب أو رابط موضوع أو رابط معنى.
الرابط المنهجي: هو وجه التشابه والذي يربط غيره من الآيات به (قد يكون رابط لغوى، أو حسابي أو موضوعي أو رابط معنى).
البحث الذى قادت خطواته للنتيجة السابقة يمكن تحميله من الرابط
http://www.geocities.com/estratigy/islamicIntroduction/islammanhg/manhag.zip
( أو هو ملف مضغوط مرفق باسم manhag)
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله والفقير إليه:
يسرى أحمد حمدي أبو السعود
Esmallah1@homtial.com
estratigy@yahoo.com
002/0109578537
مراجعة وتصحيح /
أحمد عبد الهادي الصغير
6663140 11 00963
ahmadsaghir@mail.sy(/)
خطة بحث الإعجاز العددى القرآني، وخطة بحث الحساب القرآني
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى مجال الدراسات القرآنية، بدأ الرياضيات دخولها منذ عشرين عاما،
حيث هناك إحصائيات القرآن الكريم، والإعجاز فيها المعتمد على التناسق والتوازن
فهناك خطة بحث الإعجاز العددى المشترك فيها أكثر من باحث
نعرضها فى اسفل، وهي الصياغة النهائية لها (وإن كانت دوما خطط الأبحاث تتغير)
كذلك خطة بحث الحساب القرآني
الذي يهدف للكشف عن العلاقات الحسابية لمعاني القرآن الكريم، لتضاف لإنسجامه اللغوي والبلاغي والتشريعي.
وهو ما أقوم به حاليا.
ويتم طرحه لأي مشترك معنا فى أي من البحثين
أو أي إقتراحات أو تعديلات
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
خطة بحث دراسة المنهج والإحصائيات المتفق عليها للإعجاز العددي
قال الله تعالى في سورة الحجر:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)
الدراسة العددية لكلمات ولأحرف القرآن والرسم الذي كتب به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلّم وبإشرافه وتقريره وموافقته , تثبت أن القرآن وصلنا كما نزل محفوظاً بعناية الله تعالى ولم يطرأ عليه أي تغيير أو تحريف على مدى العصور.
الدراسة العددية في القرآن هي جديدة بأسلوبها ولكن ليست جديدة من ناحية الفكرة والمبدأ. فلقد عرفها سلفنا الصالح وأسموها " اللطائف ". مثل كتاب " لطائف الفيروز أبادي ".
كما أقبل العلماء منذ عصور على كتاب الله المجيد مشغوفين بكل ما يتعلّق به حتى أحصوا آياته وحروفه وعدد ألفاظه المعجمة والمهملة وأطول كلمة فيه وأقصرها وأكثر ما اجتمع فيه من الحروف المتحركة. وعدد الحروف الأبجدية المستعملة في كل آية.
وفي العصر الحاضر تعددت وتنوعت الدراسات العددية للقرآن الكريم نتيجة تطور علم الرياضيات وظهور جهاز الحاسوب. أليست هذه الدراسات بحاجة إلى تدقيقها وتمييز الصحيح من الخطأ؟ أين علماء المسلمين اليوم؟ وأين منهم من يستطيع اللحاق بأسلافنا أصحاب الهمم العالية الذين قاموا بتدقيق أحاديث الرسول الكريم , وكان الواحد منهم يقطع المسافات الطويلة من أجل حديث واحد؟
هل القرآن لا يستحق الاهتمام والدراسة؟
لا بل يستحق، لذلك كانت هذا العمل المشتركة لنا، كالآتي:
مراحل القيام بالدراسة:
مرحلة رئيسية1: الاتفاق على منهجية وضوابط ومحددات بحوث الدراسات العددية والعلمية في الإعجاز والعددي.
(لأنه لا جدوى من القيام بإحصائيات لا يوجد معيار موحد على صحتها فعدم وجود منهج واضح يعني إهدار كل الجهود المخلصة)
مرحلة رئيسية2: الاتفاق على الإحصائيات وتوحيد الأعداد المعترف بها، وتنقسم إلى المراحل الفرعية التالية مرتبة من الأسهل للأصعب:
مرحلة فرعية أ: عدد آيات القرآن
مرحلة فرعية ب: عدد كلمات القرآن
مرحلة فرعية ج: عدد حروف القرآن
مرحلة رئيسية3: -مراجعة وتصحيح البحوث والإحصائيات القرآنية، بترتيب:
مرحلة فرعية أ: مراجعة أبحاث لفظ الجلالة" الله"
مرحلة فرعية ب: مراجعة أبحاث أسماء الله الحسنى
مرحلة فرعية ج: مراجعة أبحاث القرآن، ثم السنة
مرحلة رئيسية4: تطبيق الإعجاز العددي في الدعوة الإسلامية بترجمته ونشره على نحو معتمد من المؤسسات الإسلامية الرسمية.
خطة البحث للدراسة المشتركة، بين باحثي الإعجاز العددي:
الباب الأول منهج دراسات الإعجاز العددي:
مقدمة عامة (تاريخه - بداياته - النهي عنه - موقف القدماء - المتأخرين - فائدته)
ضبط المصطلحات وتعريف معنى الإعجاز العددي والفرق بينه وبين التفسير العددى, لماذا هو إعجاز؟ و الترتيب والتناسق والتوازن مرادف لمفهوم الإعجاز.
معايير صحة بحث الإعجاز العددي
الخطوات العامة للبحث الإعجاز العددي.
متطلبات الدراسة العددي من جوانب لغوية ومراعاة للعلوم الشرعية.
مؤهلات الباحث في الإعجاز العددي
الاتفاق على قائمة الخلاف:
- تفنيد الآراء المعارضة للإعجاز العددي وأخذ أحسن نصائحها.
التدوين والروايات أثرها في الاختلاف والموقف من القراءات والاتفاق على رسم القرآن وحروفه فى دراسات الإعجاز العددي بين الرسم المأثور والرسم المعاصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الاتفاق على النسخة المعتمدة والصحيحة للمصحف الذي بتداوله الباحثون بالإحصائيات؟ (مصحف المدينة المنورة (
- الموقف من التراميز ومن ترميز حساب الجمل.
- مجال دراسة البحث في الإعجاز العددي، وما يدخل فيه وما لا يجب أن يتطرق إليه (مثل مسائل الإخبار بالغيب بما استأثر الله بعلمه).
- المعطيات التي تدخل في بحث الإعجاز العددي وما لا تدخل فيه (الموقف من أعداد / تكرارات / توزيع / علاقات: السور، الأحزاب، الآيات، الكلمات، الحروف - على مختلف المستويات).
قائمة مراجع الإعجاز العددي المعتمدة والصحيحة، وتوضيح قائمة الدراسات المخالفة وأخطائها.
الباب الثاني الترتيب في القرآن: -
الإطار العام: ما كانت العلاقة الرياضية شاملة لكل سور القرآن.
- الإطار الداخلي: مستوياته
- مستوى السورة
- مستوى الآية:
- مستوى الكلمة (مثال: لفظ الجلالة – تماثل في أعداد الكلمات (
- مستوى الحرف:
الباب الثالث عدد آيات القرآن وبراهينها الرياضية:
الباب الرابع عدد كلمات القرآن وبراهينها الرياضية:
-العدد عند القدماء.
- الإحصاءات المعاصرة.
- اختلاف الأعداد – سببه – هل هناك عدد صحيح؟
- تماثل الآيات في عدد الكلمات
- الإعجاز في عدد الكلمات – مظاهر الإعجاز
- ما الدليل على صحة العدد؟
الباب الخامس عدد حروف القرآن وبراهينها الرياضية:
- الإحصاءات المعاصرة.
الباب السادس تطبيقات الإعجاز العددي:
- ما الفائدة من هذا الإعجاز.
- تطبيق الإعجاز العددي في الدعوة الإسلامية:
ما الذي يمكن نقله من الإعجاز العددي بالترجمة دون أن يفقد دلالاته؟ نحن نريد أن نوظف الإعجاز في خدمة القرآن سنخاطب به العربي وغير العربي , ما الذي يصلح لمخاطبة غير العربي؟
- تطبيق الإعجاز العددي في الدراسات القرآنية
القرآن يلفت نظرنا للحساب والأعداد، مما يعنى أن الدراسات القرآنية يجب أن يدخل فيها الجانب الحسابي.
الباب السابع: مستقبل الدراسات العددية في القرآن الكريم إن شاء الله.
دعوة الباحثين للاشتراك في وضع المنهج العلمي للإعجاز العددى:
لا نستطيع تصور منهج وضوابط لتحديد هذه الدراسة. الله عز وجل هو الذي رتّب الإعجاز العددي في القرآن. ونحن لا نستطيع أن نفرض منهجاً ونقول إن الله سبحانه كان يجب أن يرتب الإعجاز العددي بهذه الطريقة أو تلك , وإنما يجب أن ندرس ما هو موجود فعلاً في القرآن بطريقة علمية صحيحة. وحيث أن عقيدتنا بالله أنه أحسن كل شيء وأتمّ كل شيء وأحصى كل شيء فإنه حين يرتب شيئاً فإنه يرتبه كاملاً. فإذا استخرجنا من القرآن علاقة رقمية بطريقة معينة وكانت نتيجتها أنها طريقة جزئية تنطبق على جزء من القرآن وليست قاعدة شاملة أو كانت تخالف معنى صريحاً لآية من القرآن أو تخالف حديثاً نبوياً ثبتت صحته أو تخالف أصلاً من الأصول الثابتة للشريعة أو تتناقض مع علاقة رقمية أخرى , فإن الله عز وجل لا يخطىء وإنما يجب أن نبحث عن الخطأ لدينا.
بناء على ذلك ندعو الباحثين للاشتراك معنا فى هذا العمل، لضبط أبحاث الإعجاز العلمي والعددي.، لأنه لا يقوم إلا باجتماع كلمة الباحثين فى كلمة واحدة.
إن شاء الله
للاشتراك معنا قم بإرسال طلب اشتراك لأي باحث مشارك في البحث.
أسماء الباحثين المشاركين في هذا العمل (مرتبة هجائيا (حتى تاريخ كتابة الرسالة المشتركة:
أحمد عبد الهادي الصغير ahmadsaghir@mail.sy
عبد الله جلغوم abd_jalghoum@yahoo.com
محمد محمود هندي (سيف الكلمة hinedy4@yahoo.com
يسرى أحمد حمدي أبو السعود estratigy@yahoo.com
حتى تاريخ
04/ 05 /1427 - 31/ 05 /2006
تحرير
أ/أحمد عبد الهادي الصغير
أ/عبد الله جلغوم
يسرى أحمد حمدي أبو السعود
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
خطة بحث الحساب القرآني
وهو بحث شخصي
من منهج الجمع بين الآية القرآنية والظاهرة الكونية فى:
http://www.sharee3a.net/vb/showthread.php?t=2091
وصلنا إلى ميزان الصفر والواحد
كأساس مشترك فى العلم القرآني أو الخلق الكونى
ومن ثم
كان الحساب مثل أي شيء آخر له نوعان:
الحساب الكوني:
مفصل ومعروف فى الرياضيات البحتة:
لذلك لن نتناوله لأنه يمكن الرجوع فى كتب الرياضيات المتخصصة-
الحساب القرآني:
(يُتْبَعُ)
(/)
كل ما يوجد فى الدراسات القرآنية هو ديني بحت، ولذلك لا يعرف ما يسمى بالحساب القرآني
وهذا ما سنتناوله ونبحثه إن شاء الله
الفرق بين الحساب الكونى، والحساب القرآنى:
الحساب الكوني:
(الحساب الكوني وحداته مادية ويتفرع بالزوجيات)
الحساب القرآني:
(الحساب القرآن وحداته الكلمات ومعانيها ويتفرع بالمثاني اللغوية)
فائدة الحساب القرآني:
دخول الحساب فى الدراسات القرآنية للاستفادة منه فى:
دخول الحساب فى أصول الفقه (أصول الفقه بالأدوات الحسابية):
مثال: الحلال والحرام (مثاني لغوية) يمكن رسم مسطرة يتم تحديد نقطة الحكم الشرعي عليها حسب متغيرات الواقع
فإن كان فى الجانب الأيمن من المسطرة فهو حلال، وإن كان فى الجانب الأيسر من المسطرة فهو حرام، وإن كان فى منتصف المسطرة فهو متشابه.
مما يمكن بناء دالة الحكم الشرعي:
د (ص) = أ س+ ب
س (هي متغيرات الواقع)
أ: ثوابت الحكم الشرعي فى كل مكان وزمان
ب: ثابت الحكم الشرعى فى ظروف خاصة بالمكان والزمان الذي فيه الحكم.
د (ص)، هي دالة الحكم الشرعي
ويمكن تمثيل الدالة بيانيا، لتكشف عن علاقة طردية أو عكسية
ليكون المجتهد هو المجتهد المبرمج للحاسوب ليصل لمعادلة الحكم الحسابية من القرآن والسنة، ثم يبرمجها على الحاسوب وتعتمدها مؤسسات التشريع الإسلامي (مثل رابطة العالم الإسلامي، الأزهر).
ليستخدمها المقلد المستخدم للحاسوب: فيقوم بإدخال متغيرات الواقع على البرنامج لينتج الحكم الشرعي المعتمد.
فهل هذا يمكن؟ وما هو البرهان؟ وما هي الأمثلة؟
ظهور النحو الحسابي
حيث أن تحليل آيات المتشابهات اللفظية بالمصفوفة بينت أن
العطف لكلمتين أو جملتين يوازى عملية الجمع (+)
أدوات الاستثناء توازى عملية الطرح (-)
فهل هذا صحيح؟ وما هو البرهان؟ وما هي الأمثلة؟
ظهور البلاغة الحسابية
مثال: الألوان المذكورة فى القرآن الكريم
يمكن تحديدها بمتتالية مدرجة عدديا
فهل هذا صحيح؟ وما هو البرهان؟ وما هي الأمثلة؟
وجود العلاقات الرياضية والدوال المدعمة لأبحاث للدراسات الإسلامية،
مثل العلاقات العلمية للاقتصاد الإسلامي، وعلم النفس بدوال تغير النفس، .. إلخ.
حيث بحمد الله أمكن كشف أساسيات علوم كثيرة إجتماعية ونفسية وحربية بطرق تتبع لغوي وحسابي بسيطة جدا.
خطة البحث ومراحله التدريجية
أولا: قوانين الحساب القرآني:
الكيف والكم، والفرق بينه وبين الكيف والكم فروقهما، وتلازمهما
فروق المثانى، وشرح بناء المتتاليات والمصفوفات القرآنية.
فروق المثانى، وشرح بناء الدوال القرآنية,
المعادلات المعنوية، وفروق الأسماء والمعاني، دالة الأسماء والمعاني، التحليل المعنوي
المقدار والتدريج
المصطلحات والإشارات والرموز الحسابية في الحساب القرآن
.ثانيا: الأمثلة والمسائل المحلولة والتمارين لمسائل الحساب القرآني:
من المثانى اللغوية يتم رسم المتتاليات القرآنية، مع أمثلة وتمارين محلولة
(مثل متتالية الإيمان الذي يزيد وينقص، وما يقابله من الكفر الذى يزيد وينقص، ونقطة تعادل النفاق والنقطة الأقرب للإيمان والنقطة الأقرب للكفر -)
ثالثا: من المتتالية القرآنية يتم بناء المصفوفات القرآنية، مع أمثلة وتمارين محلولة
(مثل مصفوفة الاعتصام بحبل الله)
رابعا: من المصفوفة يتم بناء الدوال القرآنية، مع أمثلة
(مثل دالة تغير ما فى النفس، وتطبيقها فى التحليل التاريخي لتقدم وتأخر المسلمين).
خامسا: من الدالة، يتم تحديد دائرة الوحدة، وحساب المثلثات المستوية فى القرآن، مع أمثلة وتمارين محلولة
سادسا: من الدائرة، يتم رسم الكرة، وحساب المثلثات الفراغي في القرآن، مع أمثلة وتمارين محلولة
(مثل بحث الأمم المتحدة في عبادة الله والتي تفيد أن الأمم مركز إمامتها هو إبراهيم كمركز في دوائر أو كرات منتظمة أو غير منتظمة ومتناسبة المساحات والأحجام أو غير متناسبة)
هل يوجد التفاضل والتكامل فى لغة القرآن الكريم، والمشتقات؟
علم الحركة والسكون فى القرآن الكريم، وهل هناك حركة فى لغة القرآن يمكن حسابها؟
مع توضيح:
حيث هذا البحث يختص بحساب معاني القرآن فقط، وهي غير إحصائيات الإعجاز العددى التى تعني بالتعداد لإحصائيات القرآن الكريم من سور وآيات وكلمات وحروف.
لذلك يغلب عليه الجانب الكيفي، ويفتقر إلى الأعداد نوعا، ولكنه لا يفتقر إلى البراهين والأمثلة والتمارين الواضحة.
لأن الحساب القرآن ينقصه وجود مقياس دقيق للمعاني يتم القياس عليه، ولكن العلاقات الحسابية تظهر بوضوح شديد حتى ولو بدون أرقام، ويمكن وضع مسائل حسابية دقيقة لا تدخل فيه الأرقام.
فمثلا دالة "المنفعة " التي توضح علاقات طردية وعكسية لتزايد وتناقص منفعة الإنسان بالحصول على حاجاته في الاقتصاد (لا يوجد أرقام لها فلا يمكنك قياس منفعة إنسان بوحدات متفق عليها إلا أن ذلك لم يمنع تطوير الإقتصاد إلى الإقتصاد الرياضي، والإقتصاد الإحصائي، والإقتصاد القياسي.
فكان دخول الدالة فى علم الإقتصاد طفرة أدت لتقدمه، وهكذا أي علم يجب أن يدخل فيه الرياضيات
ومن ثم فعدم وجود أرقام لمعاني كلمات القرآن لا يمنع ذلك من الدراسات الحسابية لمعاني القرآن الكريم إن شاء الله.
لأنها أداة حقيقة وموجودة وإظهارها له دور كبير فى ظهور العلوم الحديثة من القرآن والسنة مباشرة.
ومن ثم كان الحساب فى هذه المرحلة هو مرحلة من المراحل (مجرد خطوة من خطوات) والتي تتطلب همة باحثين. الدراسات القرآنية والرياضيات لاستكمالها نحو وجود مقاييس عددية متفق عليها ومقامة براهين قاطعة على صحتها إن شاء الله
كانت هذه هي خطة البحث الذي سيتم عرضه تدريجيا بحيث يتم مراجعته أولا بأول ولا يتم عرض موضوع إلا بمراجعة الموضوع السابق
لقوانين الحساب القرآني
وللأمثلة والتمارين والمسائل المحلولة إن شاء الله
لأن كل موضوع مبنى علي السابق وأي خطأ فى السابق سيؤدي لخطأ فى اللاحق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحرير/
يسرى أحمد حمدي أبو السعود
Esmallah1@hotmail.com
estratigy@yahoo.com
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[02 Jun 2006, 06:58 م]ـ
وفقكم الله ..
وكل اشتغال في القرآن هو نفع وخير.
اللهم اهدنا وأخوتنا في هذا المشروع سواء السبيل.
وننتظر منكم جديدكم النافع بإذن الله، ولكم عليّ النصح والتدقيق، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[05 Jun 2006, 12:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا د خالد
وتم إرسال رسالة على الخاص
وسيتم إن شاء الله إبلاغك بالمواضيع تباعا
وجزاك الله خيرا على هذا التعاون الطيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
البنون في القرآن وهل هي تشمل البنين والبنات وإن سفلوا وأقوال العلماء في ذلك
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[03 Jun 2006, 10:08 ص]ـ
البنون في القرآن وهل هي تشمل البنين والبنات وإن سفلوا وأقوال العلماء في ذلك
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:51 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Jun 2006, 12:38 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[الميموني]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
صدر حديثاً (موارد الحافظ ابن كثير في تفسيره) للدكتور سعود الفنيسان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2006, 12:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدرت عن مكتبة التوبة بالرياض الطبعة الأولى (1427هـ)، من كتاب (موارد الحافظ ابن كثير في تفسيره للأستاذ الدكتور سعود بن عبدالله الفنيسان، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعميد كلية الشريعة بالرياض سابقاً. ويقع الكتاب في مجلدين من القطع العادي، بلغت صفحاتهما 982 صفحة.
http://www.tafsir.net/images/muared.jpg
وقد أشار في مقدمته إلى أن هناك دراسات كثيرة دارت حول تفسير ابن كثير، غير أنه لم يكتب أحد في موارده كتابة مستقلة، وأن ابن كثير قد أودع في تفسيره من أمهات (الكتب في علوم العقيدة، والحديث، والتفسير، واللغة، والتاريخ ما يزيد على 200 كتاب، هذا عدا كتبه التي تزيد على ستين كتاباً ذكر منها في التفسير خاصة 30 كتاباً).
وقد نبه في تقديمه للكتاب إلى أمور، أذكرها باختصار:
أولاً: أن ابن كثير قد ينقل الرواية لمؤلف بعينه، ولا يصرح باسم كتابه، مع أن ذلك المؤلف له أكثر من كتاب في الرواية – وفي هذه الحالة – فإني لا أبحث عن ذلك الكتاب عند حصر مرات تكرره في صفحات التفسير المرقومة في كتابي هذا، إنما أكتفي بتسجيل اسم الكتاب فقط، لأن عملاً مثل هذا هو شأن المحقق للتفسير، وعملي فيه ليس تحقيقاً للنصوص ولكنه استخلاص لموارده وجمع لأهم فوائده وشوارده.
ثانياً: إنني لم أقم بإحصاء موارد ابن كثير التفصيلية من الآثار غير المسندة سواء كانت للصحابة أو للتابعين أو من بعدهم. وإنما اكتفيت بالأحاديث والآثار المسندة فقط، ولو فصلت غير ذلك لطال الأمر.
ثالثاً: ما يروى أنه سكت عنه ابن كثير من الأحاديث في تفسيره ولم يحكم عليه سواء رواها بإسناد أو بدون إسناد فالحال حينئذٍ: إما أن الحديث صحيح عنده وهو من الوضوح بمكانٍ. أو أنه موافق على تصحيح من صححه من العلماء السابقين واكتفى بعزوه إليهم فقط كالترمذي أو الحاكم مثلاً، أو أن للحديث عنده عاضد يعضده فيتقوى به. أو يراه من أحاديث بني إسرائيل التي تجوز روايتها. وقد يكتفي الحافظ ابن كثير بتضعيف الحديث أو أحد رجاله عند وروده أول مرة، وإذا تكرر لا يشير إلى ضعفه اعتماداً على ما ذكره سابقاً، وهذا ما جعل كثيراً من الباحثين ينتقد ابن كثير في هذا، وخاصة عند إيراده بعض الأحاديث الإسرائيلية والناقد له منتقد ولا شك.
قال المؤلف: (ورسمت لبحثي خطة ذكرت فيها بعد المقدمة خمسة أبواب رئيسية، اشتملت على ثمانية عشر فصلاً، وها هي بين يديك مجملة، ثم مفصلة:
المقدمة: وفيها أهمية الموضوع وسبب الكتابة فيه.
الباب الأول: حياة الحافظ ابن كثير وطريقته في التفسير، وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: مولده ونشأته وعصره وشيوخه وتلاميذه ووفاته.
الفصل الثاني: مصنفاته المطبوعة وغير المطبوعة.
الفصل الثالث: طريقة ابن كثير في تفسيره.
الباب الثاني: الموارد التفصيلية التي اعتمدها ابن كثير في التفسير، وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: موارده التفصيلية في القراءات القرآنية.
الفصل الثاني: موارده التفصيلية من كتب التفسير وعلوم القرآن.
الفصل الثالث: موارده التفصيلية من كتب الحديث.
الفصل الرابع: موارده التفصيلية من كتب التاريخ والسيرة.
الباب الثالث: الكتب التي اعتمدها ابن كثير في تفسيره، وفيه سبعة فصول:
الفصل الأول: كتب العقيدة.
الفصل الثاني: كتب التفسير وعلوم القرآن.
الفصل الثالث: كتب السنة.
الفصل الرابع: كتب الفقه.
الفصل الخامس: كتب التاريخ والسير.
الفصل السادس: كتب اللغة.
الفصل السابع: الأشعار.
الباب الرابع: الفوائد الحديثية التي اشتمل عليها التفسير وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: الأحاديث التي تكلم عليها ابن كثير بتصحيح أو تضعيف.
الفصل الثاني: الأحاديث التي سكت عنها ابن كثير.
الفصل الثالث: الرجال الذين تكلم فيهم ابن كثير بجرح أو تعديل.
الفصل الرابع: الرجال الذين ذكر ابن كثير أقوالهم دون إسناد أو عزو لكتاب.
الباب الخامس: أهم المسائل والفوائد العلمية في التفسير.
الفهارس.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2006, 12:33 م]ـ
- ما هي أحسن طبعات تفسير ابن كثير؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=103) .
- صدر حديثاً (اليسير في اختصار تفسير ابن كثير) بإشراف الشيخ صالح بن حميد. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=5207)
- هل يوجد شرح لتفسير ابن كثير؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4770).
- لو أجرينا مفاضلة بين "عمدة التفسير" و "المصباح المنير" في اختصار تفسير ابن كثير. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4562)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د على رمضان]ــــــــ[11 Nov 2010, 03:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا على هذا الطرح المتميز 0(/)
دعوة لحضور مناقشة رسالة دكتوراه في السنة النبوية لأحد أعضاء الملتقى الفضلاء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2006, 12:56 م]ـ
سوف تناقش بإذن الله - صباح يوم الأربعاء القادم، الموافق 11/ 5/1427هـ، رسالة الدكتوراه التي تقدم بها زميلنا في الملتقى الشيخ عمر بن عبدالله المقبل، المحاضر بقسم السنة وعلومها بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم.
وعنوان الرسالة:
منهج الحافظ أبي عبدالله ابن منده في الحديث وعلومه، دراسة موازنة
وستكون المناقشة بقاعة المحاضرات الكبرى بكلية أصول الدين بالرياض.
وتتكون لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من:
1 - الدكتور عبدالله بن وكيّل الشيخ - الأستاذ المشارك بقسم السنة وعلومها بكلية اصول الدين بالرياض - مشرفاً.
2 - أ. د.مسفر بن غرم الله الدميني - الأستاذ بقسم السنة وعلومها بكلية اصول الدين بالرياض- عضواً.
3 - د. إبراهيم بن عبدالله اللاحم - الأستاذ المشارك بقسم السنة بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم -عضواً.
نسأل الله تعالى أن يوفق الشيخ عمر لما يحب ويرضى، وأن يسدده في أعماله وأقواله، ونبارك له مقدماً بهذه الدرجة العلمية.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Jun 2006, 01:04 م]ـ
بالبركة والتوفيق والسداد نسأل الله أن يبارك له وفيه , ويعينه على تحقيق ما يصبو إليه ويرجوه ... آمين
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[03 Jun 2006, 02:50 م]ـ
نسأل الله التوفيق لشيخنا عمر المقبل فقد اتحفنا كثيراً عندما درسنا عليه في الجامعة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jun 2006, 06:57 م]ـ
نوقشت الرسالة صباح هذا اليوم - الأربعاء 11/ 5/1427هـ - وأوصت اللجنة بمنح الشيخ عمر بن محمد المقبل درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى ولله الحمد. وقد سعدتُ بحضور جزء من أول المناقشة أنا وأخي الدكتور إبراهيم الحميضي، والدكتور مساعد الطيار، ثم انشغلنا بعد ذلك بحضور اجتماع لمجلس إدارة جمعية القرآن حتى صلاة الظهر.
فنبارك لأخينا أبي عبدالله هذه الدرجة العلمية التي يستحقها، ونسأل الله أن يجعلها عوناً له على طاعة الله، ورفعة له في الدرجات في الدنيا والآخرة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[الجكني]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:48 م]ـ
بارك الله للشيخ عمر هذه المرتبة العلمية وجعلها عونا له على الطاعة والمواصلة فى طلب العلم،وعقبال الأستاذية
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[08 Jun 2006, 02:15 ص]ـ
مبارك لشيخنا عمر المقبل درجة الدكتورة ومزيداً من العلم والعمل بإذن الله.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Jun 2006, 10:13 ص]ـ
أبارك للشيخ عمر الحصول على هذه الدرجة، وأسأل الله أن يجعلها عونًا له على طاعته، وعلى بذل العلم في سبيل الله.
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[08 Jun 2006, 02:20 م]ـ
وأبارك للشيخ عمر كذلك وأسأله سبحانه أن تزيده طاعة وخيرا وعلما.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[08 Jun 2006, 05:49 م]ـ
مبارك لأخينا الشيخ د. عمر المقبل حصوله على درجة (الدكتوراه) وأسأل الله - تعالى - أن ينفعه بالعلم، وينفع به المسلمين.
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[08 Jun 2006, 08:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبارك لأخينا الشيخ د. عمر المقبل حصوله على درجة (الدكتوراه) وأسأل الله - تعالى - أن ينفعه بالعلم، وينفع به المسلمين.
ـ[الدارمي]ــــــــ[09 Jun 2006, 04:53 م]ـ
بارك الله للشيخ عمر هذه الدرجة وجعلها له عوناً على الطاعة والدعوة
ـ[أبو ثابت الحربي]ــــــــ[09 Jun 2006, 06:39 م]ـ
أبارك لشيخنا الجليل هذه الدرجة وأسأل المولى أن يرفع له الدرجات العلى في الدنيا والآخرة.
س: هل أوصت اللجنة بطباعة الرسالة؟
س: الرسالة في كم مجلد؟
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[11 Jun 2006, 06:13 ص]ـ
أبارك للشيخ عمر الحصول على هذه الدرجة، وأسأل الله أن يجعلها عونًا له على طاعته
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[13 Jun 2006, 12:40 ص]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات،وصلى الله وسلم وبارك على معلم الناس الخير،وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،أما بعد:
فأشكركم إخوتي الأعزاء ـ أهل هذا الملتقى العلمي المتميز ـ أشكركم كلٌّ باسمه،ولا أقول إلا: جزاكم الله خير ما جزى أخاً وفياً عن أخيه،وأسأل الله تعالى أن يجعل هذه الدرجة العلمية سبباً في مواصلة التعلم والتعليم،وبذل ما في الوسع لتبليغ الشريعة،إذ الشهادات من غير هذا الهدف ـ مع استصحاب شرطي قبول العمل ـ لا قيمة لها،بل عدمها خير من وجودها ..
مرةً أخرى أكرر شكري ودعائي للجميع،ولأهل هذا الملتقى بالذات سابقتهم في التبريك والدعاء،وأقول ـ كما قال الصديق الأكبر ـ: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون،واجعلني خيراً مما يظنون،واغفر لي ولهم يا رب العالمين.
أخوكم ومحبكم / عمر بن عبدالله بن محمد بن صالح المقبل
في 15/ 5/1427هـ
جواباً على سؤال أبي ثابت:
الرسالة في مجلدين وتقع في (1062) صفحة،ولم توص اللجنة الموقرة بطباعتها،ولكن في النية طباعتها بعد الاستفادة من ملاحظات أصحاب الفضيلة.(/)
التفسير المظهري
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:37 ص]ـ
السلام عليكم ايها المنتدون الكرام
هل يعلم احد ان تفسير المظهري قد تناوله أحد بالدرس سواء أكان ذلك منهجيا ام موضوعيا وفي رسالة علمية؟
ارجو الجواب العاجل مع كل التقدير لكم جميعا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2006, 11:41 ص]ـ
حياكم الله يا أبا محمد.
ما دمت مستعجلاً في طلب الجواب فالذي أعرفه أن الأخ الكريم عزير أحمد مجيب الله القاسمي الهندي قد تقدم برسالته للدكتوراه بعنوان:
(منهج الباني بتي في تفسيره (التفسير المظهري)
مع تحقيق التفسير من أوله إلى تفسير الآية رقم 188 من سورة البقرة
وكانت الرسالة تحت إشراف الأستاذ الدكتور زكي محمد أبو سريع الأستاذ بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض. وكان أحد عضوي المناقشة الدكتور ف. عبدالرحيم وفقه الله. وهو أستاذ هندي معروف أجرت الشبكة معه لقاء مطولاً تجده هنا ( http://www.tafsir.net/faaraheem.php).
والرسالة محفوظة بمكتبة قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين، وبمكتبة الرسائل الجامعية في مكتبة جامعة الإمام المركزية.
وفقكم الله ورعاكم.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Jun 2006, 01:55 م]ـ
حياكم الله يا دكتور عبد الرحمن وجزاك عنا كل الخير هل تتكرم بوضع ما يتعلق بالمنهج من الفهرس هنا
لان احد اطلاب يبتغي ان يدرسه كله في دراسة منهجية نقدية فهل يصلح العمل الجديد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jun 2006, 02:23 م]ـ
الرسالة بعيدة عني، ولعل أحد الزملاء في قسم القرآن بالرياض يتفضل بهذه الخدمة إن أمكن.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[05 Jun 2006, 04:56 م]ـ
الطبعة التي بين أيدينا من تفسير المظهري؛ صدرت في عشرة أجزاء عن دار إحياء التراث العربي، ببيروت، 1425 هج = 2004 م، وتحمل عبارة (تحقيق ... ) ولا أرى فيها من آثار التحقيق شيئا، ونأمل ان تصدر طبعات الدارسين المحققين لشفاء الغلة، والله المعين.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[10 Jun 2006, 09:02 ص]ـ
كما توجد رسالة نوقشت في جامعة آل البيت في الاردن وتفصيلاتها كالآتي كما هي مثبتة عندي:
الامام محمد ثناءالله العثماني المجددي ومنهجه في تفسيره المظهري القرآن - تفسير ومناهج حسن، فاروق محمد عارف ماجستير اشراف: عبدالرحيم الزقة الأردن جامعة أل البيت 1998 265 ورقة: 3(/)
إليكم يا أهل التفسير ... ! (سؤال الحائر)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[04 Jun 2006, 06:43 م]ـ
سلام عليكم مشايخنا الأعزاء ... بارك الله في علمكم
أسئلة مني بسيطة، لكنه يحتاج -إن تسمح بكم الفرصة- إلى جواب رصين مع شروح واستدلالات تشفي الصدور وتريح العقول ... وتقوّى الإيمان بالله والرسول:
1 - هل المقصود بسبع سماوات: سبع عوالم؟ أم أنها كلها من نفس العالم (بمعنى أنها كلها من عالم الشهادة)؟
2 - هل الأرضون الست الباقية هي ست طبقاتٍ تحت هذا الأرض الذي نحن عليها الآن؟ أم أن تلكم الستة من عالم الغيب (كما أشار إلى ذلك ابن عباس رضي الله عنه في تفسيره)؟
3 - وهل صح القول بأن "زينة الكواكب" و "المصابيح" مختصة بالسماء الدنيا ولا توجد فيما فوقها من السماوات؟ وما دليل الحصر؟
4 - إذا كان العرش على الماء وفوق الكرسي، وهو في نفس الوقت سقف الجنة، فأين موضع الجنة من الماء؟ وأين موضعها من الكرسي؟
هذا وأرجو أن يكون الجواب مدعّما بأدلة نقلية أو عقلية ..
وجزاكم الله خيرا.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jun 2006, 08:25 م]ـ
مرحباً أخي نضال, وستجد من كرام أهل العلم في الملتقى ما تسر به إن شاء الله.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[05 Jun 2006, 04:34 م]ـ
ومرحبًا بالشيخ الفاضل أبي بيان ... !
أجلْ .. سأجد بغيتي بإذن المولى جل وعلا.
فإننا ما عهدنا منكم البخل ولا الكتمان أبدًا.
ولا زال الحيران ينتظر الإجابة ....
والله يجزيكم أولاً وآخرًا.
ـ[ابو حنين]ــــــــ[06 Jun 2006, 07:46 ص]ـ
السموات وصفها الله بأنها ((طباقا))
أما أنا سؤالي لأهل العلم: ــ ماذا يجني المتعلم من معرفة مثل هذه التفاصيل؟؟؟؟
و هل يصح الخوض في مثل ذلك؟؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[06 Jun 2006, 09:34 ص]ـ
أول شيء يجنيه الانسان من البحث في مثل هذه الاسئلة هو المزيد من التفكر في ملكوت الله فتكون هذه من المثل الدافعة لمثل هذا التفكير ومحفزاته
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Jun 2006, 07:01 م]ـ
اين الجواب المفيد؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[08 Jun 2006, 03:20 م]ـ
ألا يأتينا أحد بالرد المفيد؟
للرفع أيها السادة ... !(/)
رحلتي مع حفظ كتاب الله وتدبر وتفسيره
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[04 Jun 2006, 09:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً .... والصلاة والسلام على من بعثه الله مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا ..
بعد شكر الله عزّ وجلّ الذي له الحمد في الأولى والآخرة ملء السموات .. وملء الأرض .. وملء ما شاء من شيء بعد .. أشكر فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله تقديمه تفسيري (الدُّرة في تفسير سورة البقرة) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5749) والله اسأل أن يثيبه ويجزيه خير الجزاء.
وتوضيحاً لما ذكره الشيخ حفظه الله أودّ ذكر رحلتي مع حفظ وتفسير هذا الكتاب الجليل المنزل من لدن حكيم حميد، حيث بدأت رحلتي معه منذ أن فتح الله عليّ وهداني لحفظه، أدركت حينها أن الأمر يحتاج إلى صبر ومصابرة، وعزيمة وهمّة، ومجاهدة ومثابرة.
كانت البداية حفظ سور الأجزاء الأخيرة من القرآن الكريم (عمّ يتساءلون، وتبارك) وكان الأمر يسيراً ولم أحتج لكبير جهد، ولمَّا انتقلت لحفظ "سورة البقرة" وجدت عناءً في تفلُّت حفظها، وعناءً أكبر في خواتيم آياتها، وما إن انتهيت من حفظها وانشغلت بحفظ سورة "آل عمران" عن مراجعتها حتى وجدت تفلتاً في كثير من آياتها مما زاد في كربي وضيقي، حيث أني بذلت جهداً غير يسير في حفظها.
وبعد الاستعانة بالدعاء والصلاة والتفكر بطريقة أهتدي بها لتثبيت حفظي، وبما أني قد نشأت في أسرة تهتم باللغة العربية اهتماماً كبيراً، وكان عملي بالتدريس لسنوات خلت أمدني بتجربة تمكنني من الاستفادة منها. وبما أن القرآن الكريم لا ينفك بتاتاً عن اللغة العربية فقد نزل بلسان عربي مبين، وبفتحٍ من الله عليّ وبفضل منه هداني تبارك وتعالى ذِكْره، فعدت أدراجي لحفظ "سورة البقرة" بطريقة مختلفة؛ فقد قمت بتقسيم السورة إلى محاور رئيسة، ثم عمدت إلى كتب التفسير أستعين بها لمعرفة أسباب النزول ومعاني الآيات، وعلى ضوء ما يتبيّن لي أقسِّم موضوعات كل ثمن، فلاحظت أن بعضها يرتبط بما قبله أحياناً، وبما بعده أحياناً أخرى، فكنت أضم الآيات التي تندرج تحت موضوع واحد، فإذا انتهيت من موضوع وانتقلت لآخر حاولت تدبُّر الآيات ومدى ارتباط بعضها بعض، ووجه المناسبة فيما بينها، وكلّ ذلك باختصار وإيجاز؛ لأنّ همّي كان فهم الآيات فهماً عامّاً، وتثبيت حفظي من التفلت. ولم يكن لديّ علم بما يُسمَّى بالتفسير الموضوعي حيث كانت بضاعتي في علوم القرآن قليلة.
مكثت على ذلك ما يقارب السنوات الثلاث، حفظت خلالها القرآن كاملاً بهذه الطريقة، وعندما كنت أراجع ما حفظت أفرح فرحاً كبيراً، وأردِّد قوله تعالى: [قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ] (يونس: 58)، لقد كان الحفظ ثابتاً وجيداً، وقليلاً ما تتفلَّت مني الآيات، بل إن القراءة بالطوال من السور في الصلاة غيباً كان في غاية السهولة واليسر لثبات الحفظ، واجتماع القلب والفكر وارتباطهما بموضوعات السورة حتى لتجري السورة بسلاسةٍ كالماء السلسبيل، وكطائر يتنقل من فنَنٍ إلى فنَن في دوحة غنّاء .. بديعة التنسيق ..
وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" انتقلت لتدريس وتحفيظ القرآن في مدارس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم. وكنت خلال سنيِّ حفظي قد تلقيت التجويد وأتقنت فنّه إتقاناً طيباً. وهناك لاحظت عناء طالباتي فيما كنت قد عانيت منه سابقاً، بل إن الكثير من الحافظات كنَّ حافظات اسماً لا حقيقةً! وبعضهنّ يرددن عبارة أصبحت مشهورة: " نحن خاتمات ولسنا حافظات ".
(يُتْبَعُ)
(/)
مكثت على هذا المنوال قرابة عشر سنوات أتممنا خلالها ما يقارب العشرين جزءاً بنفس الطريقة نتذوق حلاوة كتاب الله بتدبر آياته، وفهم معانيه. وخلال هذه المدة لم أفترلحظة واحدة في التزوّد بما يعينني على طلب العلم الشرعي والتسلح بذخائره القيّمة وكنوزه العظيمة؛ جثوّاً على الركب في حلق العلم، ومدارسة الأشرطة العلمية لأهل العلم كفضيلة الشيخ العلامّة محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله تعالى، والشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله، وغيرهم، حيث كنت أقوم بتفريغ المادة من الشريط ودراستها، فإن أشكل عليّ شيء استعنت بأهل العلم والاختصاص.
ومنَّ الله عليّ فبدأت بتلقي علوم القراءات، فقرأت القرآن برواية حفص، وشعبة عن عاصم. وقرأت إلى سورة النحل برواية ورش عن نافع، وإلى سورة النساء برواية قالون. كما تلقيت أصول ابن كثير براوييه قنبل والبزّي، وقرأت البقرة وآل عمران. ولم يتسنَّ لي المتابعة بسبب كثرة انشغالي بتلقي العلم من جهة والتدريس من جهة أخرى. وبفضل الله وعونه أصبح لديّ حصيلة علمية جيدة في قواعد التفسير وأصوله، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية، فضلا عن علوم القرآن حيث بدأت بدراسة المباحث للشيخ مناع القطان رحمه الله، ثم المناهل للزرقاني رحمه الله، ثم البرهان للزركشي، والإتقان للسيوطي، وقمت بدراسة مقدمة التفسير لابن تيمية رحمه الله.
لذلك كانت انطلاقتي من هنا؛ حيث بدأت أنهج طريقتي بتقسيم السور حسب موضوعاتها، مع تفسير إجمالي لمعاني الآيات، واستنباط بعض الفوائد منها، وكل ذلك كان يُملى شفوياً على الطالبات.
ومن الكتب التي استفدت منها كثيراً في علوم القرآن الكريم كتب الأستاذ الدكتور فهد الرومي حفظه الله، ككتاب منهج المدرسة العقلية في التفسير، ودراسات في علوم القرآن، وخصائص القرآن الكريم وغيرها. وكذلك كتاب التفسير والمفسرون للذهبي. والمفسرون بين التأويل والإثبات لآيات الصفات للمغراوي. ومن الكتب المفيدة جداً كتاب قاموس القرآن الكريم، وهو من إعداد نخبة من العلماء والباحثين، صادر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وقام بتقريظه صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت رحمه الله تعالى. وهو جامع لعلوم القرآن كما هو واضح من اسمه (قاموس القرآن الكريم).
اعتمدت بفضل الله في تفسيري على أمهات كتب التفسير، فلم أكن لأفسر آية حتى أقرأ تفسيرها من جميع ما تيسر لي منها ابتداء من تفسير الإمام الطبري: جامع البيان، وتفسير ابن كثير: القرآن العظيم، والجامع لأحكام القرآن: للقرطبي، والبحر المحيط: لأبي حيان الغرناطي، وروح المعاني للألوسي، وفتح القدير للشوكاني، وفتح البيان للقِنوجي، والتفسير الواضح للشيخ الدكتور محمد محمود حجازي، وتفسير الجلالين، ومحاسن التأويل للقاسمي، وأضواء البيان: للشيخ الأمين الشنقيطي، وتفسير ابن سعدي: تيسير الكريم الرحمن، والتحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور، وأحكام القرآن الكريم لابن عثيمين، ودروس التفسير للشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث كنت أفرغ الأشرطة؛ لأنها لم تطبع بعد. وصفوة التفاسير للصابوني، والتفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي، وأيسر التفاسير للجزائري، وتوفيق الرحمن في دروس القرآن للشيخ فيصل آل مبارك. ومما أفادني بعد ذلك من التفاسير التي نهجت طريقة التفسير الموضوعي: في ظلال القرآن لسيد قطب، وتفسير "الأساس" لسعيد حوى، وتفسير الشيخ عبد الحميد طهماز، وأيسر التفاسير للشيخ عامر أحمد الشريف، وقد قدَّمه لي أحد الأخوة الأفاضل كان قد جلبه من السودان الشقيق. وأما في علوم المناسبات فكان مرجعي: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، وتناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي، وغير ذلك من كتب التفسير.
وكانت مراجعي في إعراب القرآن الكريم: كتاب إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس، وكتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي، وإعراب ألفاظ القرآن الكريم.
ولم أغفل باقي العلوم الشرعية كالعقيدة، وعلوم السنة والحديث ومصطلحه وشروحه - قدر استطاعتي -، فضلا عن الكتب المختصة بالدعوة وأسسها وأصولها، وغير ذلك مما أستنير به للقيام بما أوجبه الله عليّ من الدعوة والتعليم وتزكية ما تعلمته واكتسبته ... كل ذلك بفضل الله تعالى أولاً وآخراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإني وإن كنت في ابتداء تدريسي أروم تثبيت الحفظ لدى الحافظات لكنه كان يثير قلقي ويفجر مشاعر الحزن في نفسي انكباب الكثير على حفظ القرآن دون تدبره وفهمه، حتى إنه ليتخرج سنوياً المئات ولكن الكثير لا يفقه معاني قصار السور فضلاً عن طوالها!! بل أصبح الاهتمام بدراسة التجويد أكثر من الاهتمام بفهم معاني الآيات وتدبرها! وليس هذا مراد الله تعالى من إنزال الكتاب؛ لأنه تعالى قال في محكم التنزيل: [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَاب] (ص: 29)، كما لم يكن هذا هدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا سلفنا الصالح، وبدأت أشعر بالغربة تجاه الانفصام بين الهدف المنشود وتطبيقه والغاية منه وبين واقعنا المؤسف بسبب وجود كثير من العقبات من الفتن وغيرها التي تقف أمام جيلنا الطالع، والبون الشاسع بينه وبين ما كان عليه سلفنا الكرام، حيث كان أحدهم قرآناً يمشي على الأرض. مما جعل همّ تعليم كتاب الله وُفق مراده سبحانه وتعالى يُثقل كاهلي، وشعرت بمسؤولية كبيرة تجاه هذا الأمر.
فبدأت أطور فكرتي وأبلورها بحيث يكون منهلنا لجميع علومنا الشرعية من مظانّه الصحيحة، وهي كتاب الله، وما حوى من العلم الشرعي في شتى الفنون، وهو أفضل ما تكتسبه النفوس، وتحصّله القلوب ويزيد العبد رفعة في الدنيا والآخرة؛ فشرف العلم بحسب شرف معلومه والحاجة إليه.
وعملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لايؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يحب لنفسه"، وارتقاءً بالمستوى التعليمي لأخواتي في الله، وحبَّا في أن يعمَّ الخير كل من لم يتسنَّ لها طلب العلم الشرعي الأكاديمي استعنت بالله وبدأت أول دورة علمية شرعية شاملة، وكانت البداية حفظ وتفسير سورة البقرة، وكان هدفي أن تحصل الدارسة على علم شرعي جامع للعقيدة، والفقه، والحديث، وبعض قواعد التفسير وأصوله، وهكذا قمت بطباعة ملازم توزع على الطالبات وفيها تقسيم موضوعات السورة، والمناسبة ووجه الربط - إن وُجد - وشرح المفردات اللغوية، وشرح موضوع الآيات شرحاً إجمالياً، ثم هداية الآيات والفوائد المستنبطة منها، وأوليت اهتماماً كبيراً بآيات الأحكام، حيث كنت أقوم بشرحها شرحاً مفصَّلاً وأتعرض لمسائلها، كما هو بيِّن في كتابي الدُّرة في تفسير سورة البقرة، وكما سيأتي إن شاء الله لاحقاً في تفسير سورة النساء، وسورة المائدة، حيث هما قيد الطبع.
كذلك حرصت على تدريس قواعد التفسير من خلال الآيات، كأن يعرض لي أثناء التفسير أكثر من معنى للآية فأذكر القاعدة في ذلك: وهي أنه إذا كان للآية أكثر من وجه في تفسيرها ولا تعارض بينها فتُحمل الآية عليها، وإن كان هناك تعارض عمدنا إلى الترجيح. وهكذا مع عامّة القواعد التي تمر بي خلال التفسير.
وركّزت كثيراً على فهم قاعدةِ مناسبةِ خاتمةِ الآية لسياقها، وأذكر اللطائف التي قد ترد في هذا الباب، وكنت أتوقف تقريباً مع خاتمة كل آية وأذكر وجه مناسبتها لسياقها، وذلك لما لمسته من ضعف شديد في حفظ خواتيم الآيات، والخلط بين خواتيم آية وآية أخرى، وما ذاك إلا لهذُّ الآيات هذّاً، ونثرها نثر الدّقل، وقلّة اعتياد تدبّرها وفهمها فهماً يعين على استنباط الخاتمة المناسبة لها.
كما اعتنيت بتأصيل قاعدة التعامل مع الإسرائيليات الواردة في بعض التفاسير كما بيَّنها ابن تيمية رحمه الله تعالى، وشرحها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
وهكذا في علوم السُّنَّة والحديث، حيث كنت ألزم الدارسات حفظ الشواهد من الأحاديث التي تمر بنا في التفسير، مما يعين الدارسة على تحصيل كمّاً لا بأس به من أحاديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحيحة حفظاً ودراسة. وأتعرض لشيء من التفصيل عند مرورنا بآيات الغزوات وما يتعلّق بالسيرة النبوية. وكذلك العقيدة وما يتعلق بها من شرح قواعد الأسماء والصفات، وأصول الإيمان وغيرها ...
ولم أغفل ما حوى كتاب الله مما يُحرك القلوب بالترغيب تارة والترهيب أخرى، وما فيه من المواعظ والحثّ على تقواه جلّ في علاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحرصت كل الحرص على أن تُؤدَّى اختبارات تحصيليّة من قبل الطالبات في كل ما يُؤخذ وذلك لتثبيت المعلومات لدى الدارسات. ثم تسميع ما تمَّ حفظه وُفق التقسيم الموضوعي للسورة. كما حرصت على ألا أقبل إلا مَن كان لديها همّة في طلب العلم الشرعي دون من همّها الحفظ فقط، حتى أصبح شعار الدورة: "للجادات فقط".
والآن وبعد مضي ما يقرب من خمسة عشر عاماً على انبثاق تلك الفكرة وإخضاعها للواقع العملي التجريبي كانت الثمرة - بفضل الله، وتوفيقه، وكرمه، ومنّته - رائعة، بل مُذهلة!!! ولا غرو .. فالمنهج مستمدّ من كتاب الله تعالى، وطريقة السلف الصالح؛ حيث كانوا لا يتجاوزون الآيات الخمس حتى يفهمونها ويتدبرونها ويعملون بها. وبهذا استطعت - بفضل الله - تحفيظ كتاب الله تعالى، والإعانة على تدبّره، وفهم بعض مراميه، والوقوف على بعض لطائفه وأسرار الشريعة فيه، كما أنه قد تحصَّل لدى الدارسات حصيلة علمية شرعية من الناحية العقدية والفقهية والأصولية واللغوية.
ونحن الآن قد انتهينا بفضل الله من تفسير سورة المائدة بالطريقة التي ذكرتها آنفا. كما قد تيسر خلال دورات الصيف الشرعية تفسير سورة "النور"، وسورتي "الزمر" و "غافر" بالطريقة إياها كذلك، وهي قيد الطبع إن شاء الله تعالى.
وبعد ... ما سطرت هذا تطلّعاً لثناء أو حمد، لكني أسأل الله القبول والإخلاص، وما كنت لأخطه لولا مخافة جحد فضل الله، وما منَّ عليّ وفَتَح، عملا بقوله تعالى: [وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث] (الضحى:11). ثم خشية كتم العلم؛ فلعلّ هناك مَن يحب الاستفادة من هذه التجربة من خلال هذا الموقع المبارك (شبكة التفسير والدراسات القرآنية). وشحذاً لذوي الهمم ممن لم يتسنَّ لهم طلب العلم الشرعي لسبب من الأسباب بأن يسلكوا هذا المنهج في الارتقاء بأنفسهم والعمل على إصلاح مجتمعاتهم. وتطلعي من جهة أخرى لنصح أهل الاختصاص وإرشادهم، والاستفادة من آرائهم وتجاربهم.
وسأقوم بعرض تقسيم سورة البقرة ووجوه الربط إن شاء الله لاحقاً في هذا الملتقى المبارك ... والله من وراء القصد .. وهو المستعان ... وعليه التكلان ..
أختكم في الله: ميادة بنت كامل الماضي
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:50 م]ـ
الأخت الكريمة:
تجربة ثرية , وبرنامج عملي , نفع الله بك , وننتظر ما وعدتي به من عرض للكتاب ليكن عندنا تصور أوضح حول هذه التجربة.
ـ[يسرى خلف]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:28 ص]ـ
بارك الله فيك، ونفع بعلومك، ولكن كيف يمكنني الحصول على الكتاب،لا أدري هل تم توفيره في المكتبات لدينا في اليمن أم لا؟
كما أرجوا منكِ أن تتحفينا بما استطعت على صفحات هذا المنتدى، حتى تعم الفائدة لمن لم يتيسر له الحصول على الكتاب، وجزاك الله خيرا.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:51 ص]ـ
أشكر الأخ الدكتور أحمد البريدي، والأخ يسري خلف تفاعلهما مع ما كتبته عن رحلتي مع كتاب الله - حفظاً، وتدبرًا، وتفسيراً - والله أسأل أن ينفعنا بما علمنا وينفع بنا ويرزقنا القبول والإخلاص.
أخي الكريم يسري: بريدي الالكتروني: mai_madi@yahoo.com بإمكانك تزويدي برقم صندوق بريدك لأرسل لك الكتاب. ولعله قريباً يتم توفيره في المكتبات من قبل الناشر كما وعدت بذلك.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[07 Jun 2006, 01:53 م]ـ
مشا الله بارك الله الى الامام والله يوفقكم ويرعاكم
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:48 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم: (أبو الروب). أسأل الله لنا جميعاً الهدى والسداد.
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[08 Jun 2006, 03:02 م]ـ
أحسن الله اليك وزادك قربا منه
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[13 Jun 2006, 12:29 ص]ـ
أرى أن هذا من توفيقِ الله لكِ، فهنيئا لكِ، وأقول: أبصرتِ فالزمي.
ـ[أبوعبيدة]ــــــــ[14 Jun 2006, 02:34 م]ـ
الأخت الكريمة:
السلام عليكم عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية:
بقدر الكدِّ تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن رام العلا من غير كدِّ أضاع العمر في طلب المحال
حقيقة يعجز اللسان عن وصف هذا العمل العظيم، الذي يحتاج إلى مجهود كبير، هذا المجهود الذي قد يعجز عنه كثير من الشباب، فالحمد لله الذي ألهمك بداية التفكير في مثل هذا العمل، والحمد لله الذي وفقك في القيام به أتم قيام، وأسأل الله لك الثبات عليه، وأن يرزقك الصبر على طاعته، والعمل على خدمة كتابه، وحقيقة يجب على الإنسان دائماً وأبداً أن يسأل الله عزوجل الثبات على الطاعة وفعل الخير، وألا ينسى فضل الله عليه؛ حتى لا يقع في حبائل الشيطان، وينسب الفضل إلى نفسه، وينسى تثبيت الله عزوجل له على مثل هذا العمل.
نفع الله بك، وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك يوم القيامة.
ـ[سالم سرور عالي]ــــــــ[21 Jun 2006, 02:05 ص]ـ
السلام عليكم .... الاستاذه مياده غفر الله لكي ... كأني قرأت عن هذه الطريقه في كتاب توزعه بعض دور القرآن اظن اسمه: دليل فهم القران المجيد. نشرته مكتبة الرشد. فهل وقفتي عليه؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[21 Jun 2006, 06:07 ص]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لم أقف على الكتاب الذي ذكرت، وسأجتهد للاطلاع عليه إن شاء الله تعالى.
أخي الكريم تجربتي عملية تطبيقية فتح الله علي بها بفضله وكرمه، استنبطتها من واقع احتياجي لحفظ كتاب الله تعالى وتدبره والغوص في مراميه، ثم أصلتها تأصيلاً علمياً بعد ذلك. فلله الحمد الذي ينسب له الفضل أولاً وآخرا.
ـ[سالم سرور عالي]ــــــــ[22 Jun 2006, 03:55 ص]ـ
نفع الله بكي وسددكي ... اكملي لا عدمناكي.
ـ[سمير الملحم]ــــــــ[10 Aug 2010, 12:06 ص]ـ
بوركت وجزيت الجنة ونفع الله بك وجعل عملك لله خالصا
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[10 Aug 2010, 02:35 ص]ـ
السر في القصة ـ بعد توفيق الله ـ الصبر .. ثم الصبر ..
المشكلة في بعض الإخوة أنهم يرومون نجاحاً وثمرات يانعة، وعلى مستوى من النضج والقوة بطريق (البيض المسلوق)!! وهيهات هيهات!
هذا كتاب الله، هذا كتاب رب العزة، (((إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا)))، وما تذكرت ـ وأنا أقرأ أسطر الأخت ميادة وفقها الله ـ إلا مقولة سفيان الثوري رح1 (ذاك الإمام الرباني):
كان يقال يا حملة القرآن لا تتعجلوا منفعة القرآن، وإذا مشيتم إلى الطمع فامشوا رويداً.
فوصيتي لنفسي ولمن منّ الله عليهم بالحرص على هداية الناس وربطهم بالأصل الأول للهداية (القرآن): لا تعجلوا ثم أبشروا ..
ستجدون من يثبط،
أو من يُخَذّل،
بل ستجدون من يَخْذلكم أثناء سيركم في طريقكم،
فامضوا واثبتوا،
وراجعوا سيركم ومسيرتكم،
صححوا الخطأ، ولكن لا تقفوا عند بنيات الطريق، فإن الزمان قصير، وعند لقاء الله ـ لمن صحّت نيته ـ سيحمد العبد العاقبة.
أكرر شكري للأخت ميادة، ونحن بانتظار تجربتها العملية.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[10 Aug 2010, 02:11 م]ـ
تجربة رائدة، جزاك الله خيرا ونفع بك، وتقبل منك.
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[12 Oct 2010, 01:49 ص]ـ
مؤلفاة الأخت ميادة تتوفر هنا
http://www.ktibat.com/tag-authors-99.html
ـ[رؤى مشرقه]ــــــــ[12 Oct 2010, 04:05 ص]ـ
وفقك الله وسدد خطاك وبارك في علمك وعملك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Oct 2010, 05:16 ص]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
بارك الله للأخت الفاضلة في علمها وعملها وجعل عملها خالصا لوجهه الكريم وثقل به موازينها يوم القيامة
موضوع رائع يستحق أن يثبت حتى يطلع عليه أكبر عدد ممكن فهو والله يشحذ الهمم ويقوى العزائم ويدفع إلى التنافس في الخير.
ـ[منال القرشي]ــــــــ[12 Oct 2010, 08:08 ص]ـ
.. بارك الله فيك وبارك لك ..
قليل من يحوّل المحن إلى منح .. وكذلك فعلت!! حين حولت محنة عدم ثبات الحفظ إلى منحة ..
أبارك لك هذا العمل الجبّار الرائد ..
أسأل الله تعالى أن يجعله عملا خالصا لوجهه .. وأن ينفع بك .. وأن يعيننا على الانتفاع بما سطّرت .. فقد أيقظت منّا الهمم ..
..
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[12 Oct 2010, 09:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
بارك الله تعالى للأخت الفاضلة في حفظها لكتاب الله تعالى ولا حرمها ثمرته في الدنيا والآخرة.
وقد قالت:
" مكثت على ذلك ما يقارب السنوات الثلاث، حفظت خلالها القرآن كاملاً بهذه الطريقة، وعندما كنت أراجع ما حفظت أفرح فرحاً كبيراً، وأردِّد قوله تعالى: [قُلْ بِفَضْلِاللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّايَجْمَعُونَ] (يونس: 58)، لقد كان الحفظ ثابتاً وجيداً، وقليلاً ما تتفلَّت منيالآيات، بل إن القراءة بالطوال من السور في الصلاة غيباً كان في غاية السهولةواليسر لثبات الحفظ، واجتماع القلب والفكر وارتباطهما بموضوعات السورة حتى لتجريالسورة بسلاسةٍ كالماء السلسبيل، وكطائر يتنقل من فنَنٍ إلى فنَن في دوحة غنّاء .. بديعة التنسيق ..
وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلّم القرآنوعلّمه" انتقلت لتدريس وتحفيظ القرآن .... " أهـ
روى البخاري رحمه الله بإسناده في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
" قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ. "
فمن أقبل على كتاب الله تعالى بالمحافظة والتعاهد يسّرّ الله تعالى له حفظه وثباته، ومن أعرض عنه وترك تعهده تفلّت منه.
ونرى أن طريقة الاخت موفقة والأوفق أن يربط الحافظ حفظه بالفهم والعمل، ومن خلال ماروته عن نفسها رأيت أنها تعهدت القرآن بالمراجعة سواء عن طريق حفظها أو تعليمها فهي لم تترك القرآن ليتفلت منها، وهذا ما نصحنا به الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق، والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال العاتري]ــــــــ[13 Oct 2010, 01:04 ص]ـ
وأنا أتصفح المواضيع الجديدة في الملتقى المبارك إستوقفني عنوان موضوع أختنا الفاضلة ميادة زادها الله علما ووفقنا وإياها إلى ما يحب ويرضاه ولأن حفظ كتاب الله تعالى مطمح كل من يروم طلب العلم الشرعي فوجدتني واحدا من هؤلاء وأحببت ان أطلع على هذه التجربة لعلّي ألقى فيها شيئا من الكثير الذي أضيّعه ... وفعلا وجدتها تجربة جديرة بالاهتمام بل قرأت من خلالها حرص الأخت الكريمة على طلب العلم وانتهاج المنهج الصحيح إلى ذلك فبلا شك أن هذه التجربة شاحذة للهمم مذللة لكثير من الصعوبات في طلب العلم عموما وحفظ القرآن خصوصا ... ولا ريب أن هذا الاخير هو باب العلم بل والله لو أننا اعتنينا بالقرآن الكريم فهما وحفظا وتلاوة وتدبرا لفتح الله علينا فتوح العارفين ... كيف لا والقرآن العظيم منبع كل العلوم؟
وأنا شاكر لأختنا الكريمة على هذه الهدية التي هي حصاد لسنوات من الكد والجد والعناء وضعتها بين أيدينا سهلة يسيرة لطيفة العبارة والحمد لله الذي وفقها إلى كل ذلك ونسأل الله تعالى لنا ولها كل خير.
وأطلب منها إن أمكن أن ترسل لنا الكتاب مأجورة إن شاء الله.
وهذا بريدي الالكتروني: djamelh2002@hotmail.com(/)
مشكلة المصطلحات في الدراسات القرآنية .. التفسير الموضوعي وإخوانه أنموذجًا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jun 2006, 10:52 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى تابعيهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فلقد كنت أظنُّ أن تحرير المصطلحات من فضول العلم، لكني لما رأيت ما يقع من التخبُّطِ أحيانًا، ومن الاختلاف، أو من الجناية على الحقائق العلمية أحيانًا أخرى، رأيت أن أكتب في هذه الفكرة تذكرة لي ولإخواني،وإني لأسأل الله أن يوفقني ويلهمني الصواب، إنه سميع مجيب.
أقول: لقد برز في عصرنا الحاضر تسميات (مصطلحات) لبعض المسائل العلمية، أو بعض الأساليب الكتابية، واتخذها بعض الباحثين على أنها مسلّمات، وذهبوا يصححون ويضعفون بناءً على بعضها، ويصوبون ويخطئون بناء على بعضها الآخر، ويبنون مسائل علمية على تقسيمات فنية شكلية = ولما كان الأمر كذلك رأيت أن أبدأ الموضوع منذ بدايته، وهو تعريف المصطلحات قبل الإضافات، ثم التعريج على الإضافات بعد ذلك.
وإنَّ مِمَّا ظهر في عصرنا هذا المصطلحاتُ الآتية: (التفسير التحليلي، والتفسير الإجمالي، والتفسير المقارن، والتفسير الموضوعي)، فما حقيقة هذه المصطلحات، وهل لها أثر علمي، أو هي تدخل في التقسيم الفني؟
وهل هي في أسلوب الكتابة، أو هي تجديد في معاني القرآن الكريم؟
وهل يختلف معنى الآية عند المفسر التحليلي عنه عند المفسر المقارن، وكذا عند المفسر الإجمالي عنه عند المفسر الموضوعي؟
كل هذه الأسئلة تحتاج إلى أن يتأمل الباحث، هل نحن بحاجة إلى مثل هذه التقسيمات؟ وهل لها أثر فعلي؟، وهذا التأمل أرجو أن يصل إلى الصواب.
أولاً: تعريف التفسير:
التفسير في اللغة يدور على معنى الكشف والبيان، ومنه قولهم: كشف عن ذراعه؛ إذا أبانها وأظهرها بعد استتارها.
والتفسير في الاصطلاح له تعريفات متعددة، وأقربها في رأيي: (بيان معاني القرآن)، فالمراد من التفسير بيان المعاني فحسب، وما كان وراء بيان المعاني في كتب التفسير فإنه إما أن يكون من علوم القرآن سوى التفسير، وإما أن يكون من الاستنباطات والفوائد، وإما أن يكون من علوم شتى من العلوم الإسلامية وغيرها، وكوني أقول بأن هذه المعلومات التي هي خارجة عن حدِّ البيان ليست من صلب التفسير، لا يعني أنها غير مفيدة، أو غير مُرَادة للمفسر عند كتابته لتفسيره، لكن المراد هنا بيان حدِّ المصطلح فحسب.
والأمثلة الموضحة لذلك كثيرة جدًّا، ولأضرب لك هذه الأمثلة:
1 ـ قال الشوكاني (ت: 1250): ((قوله: {قَدْ سَمِعَ الله} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي بإدغام الدال في السين، وقرأ الباقون بالإظهار. قال الكسائي: من بيَّن الدال عند السين، فلسانه أعجميّ وليس بعربيّ)).
وقال: (({وَمَا هُوَ} أي: محمد {عَلَى الغيب} يعني: خبر السماء وما اطلع عليه مما كان غائباً علمه من أهل مكة {بِضَنِينٍ} بمتهم أي: هو ثقة فيما يؤدّي عن الله سبحانه. وقيل: {بضنين} ببخيل أي: لا يبخل بالوحي، ولا يقصر في التبليغ، وسبب هذا الاختلاف اختلاف القراء، فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: «بظنين» بالظاء المشالة أي: بمتهم، والظنة التهمة، واختار هذه القراءة أبو عبيد قال: لأنهم لم يُبَخِّلوا ولكن كذبوه. وقرأ الباقون {بضنين} بالضاد أي: ببخيل، من ضننت بالشيء أضنّ ضناً: إذا بخلت. قال مجاهد أي: لا يضن عليكم بما يعلم بل يعلم الخلق كلام الله وأحكامه. وقيل: المراد جبريل إنه ليس على الغيب بضنين، والأوّل أولى)).
إنك ـ في هذين المثالين ـ أمام معلومتين من علم واحد، وهو علم القراءات، لكن تأمَّل الآتي:
لو لم تكن تعلم أن في قوله تعالى: (قد سمع) الإظهار والإدغام، أيكون المعنى مشكلاً عندك؟
لا شك أن الجواب: لا، فالمعنى بالإظهار والإدغام سواءٌ.
لكن في المثال الثاني لا يمكن أن تقول بنفي التهمة أونفي البخل إلا بمعرفة معنى القراءة، فاختلاف القراءة في هذا الموطن له أثر في اختلاف المعنى، وهي ترجع إلى علم المفردات، فجهل معنى ظنين أو ضنين يُفقدك التفسير المتعلق بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
واختصار القول: إن أي معلومة لها أثر في بيان المعنى، فهي من صلب التفسير، وأي معلومة ليس لها أثر في بيان المعنى، فليست من صلب التفسير، ثم يمكن أن تكون من علوم القرآن أو من غيره كما مرَّ التنبيه على ذلك سابقًا.
2 ـ قال ابن كثير (ت: 774) في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}): ((وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله، كما قال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: 77 - 80] وقال: {كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ. فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 11 - 16]؛ ولهذا استنبط العلماء، رحمهم الله، من هاتين الآيتين: أن المُحدِثَ لا يمس المصحف)).
فهذا الاستنباط ليس من صلب التفسير؛ لأن المقصودين بالطهارة هنا الملائكة، ولو كان المقصود بالمطهرين البشر لكان تفسيرًا.
فإن قلت ما الفرق؟
فالجواب: تأمل المعنى الأول: لا يمسه إلا الملائكة.
هنا انتهى المعنى، ولم يَرِدْ ذِكْرٌ لحكم مسِّ المُحْدِث للمصحف، فهذا الحكم من الاستنباط الذي لو لم يعرفه القارئ لما أشكل عليه فهم الآية، إذا كان يعرف أن المراد بالمطهرين الملائكة.
لكن إذا فُسِّر (المطهرون) بالبشر، فالمعنى: لا يمسه إلا من تطهر من الحدث، وهذا يكون من صلب التفسير، وليس استنباطًا؛ لأنه هو المعنى المراد باللفظة مباشرة ..
ولعل في هذين المثالين غُنية للتنبيه على مصطلح (التفسير).
فإن قلت: ههنا مسألتان:
الأولى: إننا نجد بعض تعريفات العلماء للتفسير قد توسعت في مراده، ومن أشهرها تعريف أبي حيان الأندلسي (ت: 745)، قال: ((التفسير: علم يُبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحمل عليها حال التركيب، وتتمات ذلك)).
الثانية: إننا نجد مسائل كتب التفسير أوسع من تعريفك الذي اخترته، فما معنى ذلك؟
فالجواب عن الأولى: إن الاختلاف في تعريفات العلماء للتفسير واضح وظاهر، وليس أمامك إلا الترجيح بين تعريفاتهم، وما ذكرت لك هو خلاصة ما خرجت به من تعريفاتهم؛ لأن بعضهم أدخل ما ليس من علم التفسير في علم التفسير، كقول أبي حيان (ت: 745): (عن كيفية النطق بألفاظ القرآن) وهذا من علم الأداء، وليس من علم التفسير. وليست هذه المقالة محلاً للاستدراك على كل ما في التعريفات مما لا يدخل في ماهية التفسير.
والجواب عن الثانية: إن مما يحسن التفريق بينه؛ المنهج الذي أراد المفسر أن يسير عليه في كتابه، ومصطلح التفسير.
فالمفسر أراد أن يكون كتابه في التفسير مليئًا بهذه المعلومات، لكن وجودها في كتابه لا يعني أنها من علم التفسير، لذا قيل في تفسير الرازي (ت: 604): فيه كل شيء إلا التفسير، ومرادهم أنه أدخل في كتابه كثيرًا من القضايا التي ليست من علم التفسير، وفقدها لا يؤثر في فهم معاني كلام الله.
ولهذا لو تتبعت استدراكات المفسرين على بعضهم في هذه المسألة لوجدت أمثلة كثيرة من استدراكاتهم أو تنبيهاتهم على عدم دخول بعض المعلومات في كتب التفسير؛ لأنها ـ في نظرهم ـ ليست من التفسير، ولئلا أطيل عليك أذكر لك استدراكًا واحدًا فقط.
قال الشوكاني (ت: 1250) في تفسير أول آية من سورة الإسراء: ((واعلم أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذا الموضع بذكر الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها، وليس في ذلك كثير فائدة، فهي معروفة في موضعها من كتب الحديث، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهو مبحث آخر، والمقصود في كتب التفسير ما يتعلق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز، وذكر أسباب النزول، وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية، وما عدا ذلك فهو فضلة لا تدعو إليه حاجة)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا يعني أن مجال الاستدراك بين المفسرين موجود في مجال المعلومات التي تدخل في كتب التفسير، وإن كان يُعتذر لهم بأن الأمر يعود إلى أن هذا هو المنهج الذي أراداه في كتابيهما، ولم يَدَّعِيا أن هذا من مقصود التفسير وصلبه، لكنه هو الموافق لمنهجهم في كتبهم.
ولا أطيل بأكثر من هذا في معنى التفسير في الاصطلاح.
ثانيًا: تعريف الموضوعي:
الموضوعي نسبة إلى الموضوع، وهو من مادة وضع؛ أي: خفض، ضدها: رفع، والموضوع: الشيء الذي وُضِع في مكانٍ ما؛ حسيًا كان أو معنويًّا.
ومن الخفض قول ذو الرمة:
يُقَطِّعُ موضوعَ الحديثِ ابتسامُها** تقطع ماء المزن في نزف الخمر
قال الإمام أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي ـ في شرح ديوان ذي الرمة ـ: ((موضوع الحديث: مخفوضُهُ، يقول: تَحَدَّثُ موضوعًا من الحديث وتبتسم بين ذلك)) شرح الباهلي لديوان ذي الرمة، تحقيق الدكتور عبد القدوس أبو صالح (ص: 952).
ومن الثاني قول الفرزدق:
وأصبح موضوعُ الصَّقيعِ كأَنَّه ** على سروات النِّيبِ قُطنٌ مُندَّفُ
والمراد بالموضوع في عرف العلماءِ معروف، وهو إما أن يطلق على مسألة واحدة وإما على أكثر من مسألة.
والمراد بالموضوعي في اصطلاح أصحاب التفسير الموضوعي إما موضوع من خلال سورة، وإما موضوع من خلال القرآن، مثلاً: (الأخلاق من خلال سورة الحجرات)، أو (الأخلاق من خلال القرآن).
وأما دراسة لفظة من خلال القرآن، فإن كانت دراستها من جهة الدلالة والمعنى المراد بها في القرآن، فإنها لا تدخل في مسمى (الموضوع)، وإن كان المراد دراستها من جهة كونها موضوعًا، فإنها انتقلت من البحث الدلالي إلى البحث الموضوعي.
وإليك هذا المثال:
لو كنت تبحث عن لفظة (الخير) باعتبارها مفردة قرآنية، وتتبعت هذه اللفظة لتعرف معانيها في كلام الله، فأنت تبحث في جميع أماكن ورودها، وتتعرف على معناها في كل سياق، وهذا البحث الدلالي هو عين ما قام به علماء الوجوه والنظائر، وليس هذا من التفسير الموضوعي في شيء بناءً على مصطلح أصحابه، ومن ثمَّ، فإنه لا علاقة لكتب الوجوه والنظائر بالتفسير الموضوعي، وليست هذه الكتب لبنةً من لبناته.
لكن لو كنت تبحث عن موضوع (الخير) في القرآن، فإنك ستتعدى لفظة الخير إلى كل ما يتعلق بالخير، سواءًً أكانت ألفاظًا أم موضوعات، وهذا يدخل في شرط أصحاب التفسير الموضوعي، بل هو الذي ينصرف إليه الذهن إذا قيل: التفسير الموضوعي.
تنبيه:
من عجيب ما وقفت عليه من خلال البحث عن مصطلح (التفسير الموضوعي) عبر محركات البحث في الانترنت = أن الرافضة لهم في ذلك بحوث كثيرة جدًا جدًا، وهي أكثر من بحوث أهل السنة، وقد تساءلت عن سبب اعتنائهم بهذا الأسلوب في تقديم القرآن الكريم؟! ولا زلت أنتظر الجواب.
ثالثًا: التحليلي:
التحليلي نسبة إلى التحليل، والمراد به: تفكيك الكلام على الآية لفظة لفظة، والكلام على ما فيها من معانٍ وإعراب وأحكام وغيرها، ثم الانتقال إلى ما بعدها، وهكذا.وعلى هذا جمهور كتب التفسير، بل يكاد أن يكون غيره بالنسبة إليه لا يذكر من جهة كثرة التأليف.
رابعًا: الإجمالي
الإجمالي نسبة إلى أجمل، وهذه الصيغة (أفعل) بمعنى دخل في الإجمال، فالهمزة في (أجمل) همزة الجعل؛ أي: جعلته مجملاً، والإجمال: الإيجاز، والإيجاز مظنة الإبهام؛ لذا أخذ الأصوليون هذا في مصطلح (المجمل والمبين)، قال الزركشي: ((الْمُجْمَلُ لُغَةً: الْمُبْهَمُ، مِنْ أَجْمَلَ الأَمْرَ أَيْ أَبْهَمَ)).البحر المحيط (4: 344).
وليس هذا هو المراد في مصطلح (التفسير الإجمالي)، وإنما هو مما قال ابن دريد (ت: 321): ((وأجملتُ الشيء إجمالاً إذا جمعته عن تفرّقه، وأكثر ما يُستعمل ذلك في الكلام الموجز، يقال: أجمل فلان الجوابَ)) جمهرة اللغة 1: 245.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويجوز أن يكون المصطلح (التفسير الجملي) نسبة إلى الجملة لا الإجمال، جاء في مادة (جمل) من تاج العروس: ((وجمل يجمل جملاً: إذا جمع)) وجاء فيه أيضًا: ((والجُملَةُ بالضمّ: جَماعَةُ الشيء كأنها اشتُقَّت مِن جُمْلَة الحَبلِ؛ لأنها قُوًى كثيرةٌ جُمِعَتْ فأَجْمَلَتْ جُمْلةً. وقال الراغب: واعتُبِر معنى الكَثْرةِ فقِيل لكُلِّ جَماعةٍ غيرُ منفصِلة: جُملَةٌ. قلت: ومنه أَخذ النَّحويّون الجُملَة لِمُرَّكبٍ من كلمتين أُسْنِدت إحداهما للأُخرى. وفي التنزيل: (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيهِ الْقُرآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً)؛ أي: مُجْتَمِعاً لا كما أُنْزِل نُجُوماً مُفْتَرِقة .. )).
وهذا التعبير (التفسير الجملي) قد استخدمه بعض المعاصرين ـ مثل المراغي في تفسيره ـ لكن اشتهر مصطلح (التفسير الإجمالي)، واستحوذ على مصطلح (التفسير الجملي).ومعنى هذا المصطلح أن المفسر يفسر الآية جملة واحدة، ولا يفكك ألفاظها ويفسرها لفظة لفظة كما يُفعل في التحليلي.
خامسًا: المقارن:
وهو مأخوذ من قرن، والمراد بالمقارن: الموازن، وليس في لغة العرب قارن بمعنى وازن، لكنه خطأ مشهور، والصواب: الموازن؛ لأنك تقول: قرن بين كذا وكذا إذا ربطهما ببعض، والمراد بعملك هنا هو الموازنة، وليس مجرد الربط.
وقد اختلف مراد من اصطلح على هذا المصطلح في ما يكون فيه المقارنة (الموازنة)، فذهب بعضهم إلى أن المراد: المقارنة (الموازنة) بين الأقوال التفسيرية لإخراج الراجح من المرجوح، وتوسع آخرون فأدخلوا فيه: المقارنة (الموازنة) بين القرآن و الكتب السماوية، وغيرها.
وبعد بيان المصطلحات أدخل إلى مسائل لتوضيح ما وقع في هذا التقسيم من نظر، فأقول:
أولاً: لا يخلو تفسير من التفاسير المطولة من أن يكون فيه مثل هذه الأنواع، فإذا كان تفسير القرآن بالقرآن يدخل في التفسير الموضوعي عند بعضهم، فتفسير الطبري (ت: 310) تحليلي إجمالي مقارن موضوعي، وكذا غيره من مطولات التفسير.
فإن قال قائل: هذا ليس عيبًا.
فأقول: إنما أردت أن أنبه إلى أن الطبري لم يخل من هذه الأقسام المذكورة، ولا تخلو منه مطولات التفسير أيضًا.
ثانيًا: إن هذا التقسيم لا يُبنى عليه علمٌ، وهو في الحقيقة تقسيم فنيٌّ لأسلوب الكتابة في التفسير، وليس تقسيمًا للتفسير.
ثالثًا: إذا كان قد تبين لك معنى التفسير على ما ذكرت لك، فإن من المشكل إضافة هذه الأنواع الأربعة إلى التفسير؛ لأنه يُفهم من هذا التقسيم أن التفسير منقسم، والتفسير شيء واحد، وليس بمنقسم، وإنما الذي ينقسم طريقة التعبير عن التفسير، وهي لا تقف عند هذه الأربعة، بل يمكن الزيادة عليها بإطلاقات ذكرها المعاصرون في غير هذا المجال؛ كالتفسير الأدبي، والتفسير الاجتماعي، والتفسير التربوي وغيرها.
وإذا كنت معي في أن التفسير: بيان معاني القرآن الكريم، فما معنى الإضافة إلى هذه الأنواع الأربعة وغيرها إذًا؟!
حَلِّلْ هذه الإضافة (التفسير الموضوعي) بناءً على ما ذكرت لك من معنى التفسير.
كأن المعنى سيكون: بيان معاني القرآن الموضوعي؟! (أي: التفسير الذي يؤخذ من قبل الموضوع القرآني.
ويأتي السؤال: هل في عرض (الموضوع القرآني) بيان معان تفسيرية جديدة؟
أو إن فيه بيانًا خارجًا عن حَدِّ التفسير كالفوائد والاستنباطات؟.
وكذا الحال في التفسير الإجمالي، هل سيأتي من يسلك هذا الأسلوب بجديد من جهة المعاني، أو إن الجديد بأسلوب التعبير عن التفسير، من حيث سهولة عبارته وسلاستها من عدم ذلك.
إن الصحيح في تسمية هذه المصطلحات أن تسمى باسم (أساليب كتابة التفسير)، وليس بإضافتها للتفسير كما هو قائم الآن؛ لأن (مفهوم التفسير) قد أُدرِك معناه، ومن ثمَّ فإن الخلوص إلى مسمى يناسب أسلوب الكتابة الجديدة التي ذكرها المعاصرون هو المطلوب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يُظنُّ أن الاختلاف لفظي، وأنه لا مشاحة في الاصطلاح، لا يظن ذلك؛ لأنه يُفهم من مصطلح (التفسير الموضوعي) أن من يسلكه، فإنه قد أتى بجديد من المعاني، وهو ليس كذلك، فليس هناك معنى كان خافيًا، فأُدرك بالتفسير الموضوعي، وذلك واضح من اعتماد من اعتمد هذا النوع على تفاسير العلماء السابقين، وصدوره عنها، مما يدل على أنه لا يأتي بجديد في تفسير المعاني، وإنما جديده في الفوائد والاستنباطات والاستنتاجات وجمع الآيات المتناظرات للموضوعات المختلفات.
وكذا الحال في (التفسير الإجمالي)، فإنه من حيث إيجاد جديد من المعاني لا يلزم استخدام (التفسير الإجمالي)، وإنما الحال في استخدام العبارات واختيارها.
وأما (التفسير المقارن) فإنه ينتج عن سلوكه اختيار تفسير من التفاسير المختلفة، فهو في الحقيقة (طريقة اختيار تفسير)، ولا يصلح أن تسمى طريقة اختيار التفسير تفسيرًا، فالطريقة للوصول إلى المعنى الراجح هي المقارنة (الموازنة) بين الأقوال المختلفة في التفسير بناءً على القواعد العلمية، وكما تلاحظ لا يكون ذلك إلا في حال اختلاف المفسرين.
وأما (التفسير التحليلي) فيدخله كثير من المعلومات التي هي خارجة عن حدِّ التفسير كما لا يخفى على الناظر في كتب التفسير.
والمقصود أن الوصول إلى معاني الآيات لا يلزم باستخدام نوع من هذه الأنواع دون نوع، بل الحال أن إدراك التفسير له طريقه المعروف، وسواء أكتبت بأسلوب التحليل أم الإجمال أم الموضوع أم المقارن، فالحال واحدة.
وبما أنني قد أشرت إلى إضافات أخرى فأرى أن من تمام الموضوع التنبيه عليها، فأقول:
لقد ظهرت إضافة التفسير إلى غير هذه الأربعة، منها: التفسير الأدبي، والتفسير الاجتماعي، والتفسير البياني ... الخ.
وهذه الإضافات كسابقاتها الأربعة، ليس فيها جديد من جهة التفسير الذي هو بيان المعنى، وقد تأملتها ووجدتها لا تخرج عن الآتي:
الأول: أن يكون الأمر متعلقًا بأسلوب الكتابة الذي اعتمده المؤلف؛ كالتفسير الأدبي، إنما هو بالنظر إلى الأسلوب الكتابي الذي انتهجه المؤلف، مع ملاحظة قلة الكتب التي يمكن أن تُدرج في هذا الأسلوب الكتابي.
ومما يُمثَّل به للتفسير الأدبي كتاب (في ظلال القرآن) للأستاذ سيد قطب.
والجديد في هذا الكتاب من جهتين:
الجهة الأولى: الأسلوب الكتابي الذي انتهجه المؤلف وكتابه، إذ كتبه بلغة أدبية راقية.
الجهة الثانية: اتجاهه نحو تطبيق الآيات على واقع الحياة التي عاشها سيد، وتصوراته للطريقة المثلى للعيش مع القرآن الكريم، وكيفية إنشاء المجتمع المسلم من خلال القرآن ... الخ من الأفكار التي طرحها سيد، وهي تأتي بعد فهم المعنى وبيانه الذي هو التفسير.
الثاني: أن يكون الأمر متعلقًا بالاتجاه العلمي أو الفكري أو العقدي أو المذهبي أو ما سوى ذلك من الاتجاهات التي تؤثر على معلومات المفسر خلال كتابته للتفسير، كالاتجاه الاجتماعي في (تفسير المنار)، فهو قصد أن يقدم دراسات اجتماعية من خلال تفسيره للقرآن، لذا نقد سلوكيات المجتمع الإسلامي، واجتهد في بيان الأسلوب الأمثل في الرقي بالأمة الإسلامية، وكل هذا إنما يأتي بعد التفسير، وليس فيه إضافة على معاني القرآن، وإنما فيه إضافات استنباطية وربط الواقع الاجتماعي (السلبي أو الإيجابي) بالآيات.
فإن قلت: أليس يُطلق مثل هذه المصطلحات؛ كالتفسير النبوي، والتفسير اللغوي، فهل شانها كشأن الأوليات؟
والجواب: لا.
والسبب أن الإضافة إلى ما يكون من باب البيان تخصيص لجزء من المعنى العام (التفسير) بالمصدر الذي يكون فيه بيان (كالتفسير النبوي)، أي: التفسير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن لو قلت: التفسير الأدبي، فإن الأدب ليس مصدرًا يتبين به كلام الله كما هو الحال في التفسير النبوي أو التفسير اللغوي اللذين يكون بهما بيان لكلام الله، ومعنى هذا أن إضافة لفظة (التفسير) إلى مصدر من مصادره ليست كإضافته إلى طريقة التأليف أو طريقة الكتابة، فتلك لا يصلح فيها مثل هذه الإضافة.
وقس على ذلك غيرها مما يضاف إليه التفسير من المصطلحات.
وخلاصة القول: إن التفسير علم قائم بذاته، وله معالمه المحدودة، وله تعريفه الواضح، وليس كل ما كُتب تحت اسم التفسير يكون من التفسير، ولا كل ما أضيف إلى التفسير يكون منه، ولا كل ما في كتب التفسير يكون منه أيضًا.
وإذا كان ذلك صحيحًا، فإن على من يقسم التفسير إلى هذه الاعتبارات أن يحرر مراده بالتفسير، ثم يثبت صلة هذه المضافات إليه به.
وفي نظري أن استخدام مصطلح الأسلوب، والاتجاه وأمثالها يرفع المشكل، ويكون الأمر منضبطًا بإذن الله.
فإذا كان النظر إلى الأسلوب الكتابي قيل: الأسلوب الأدبي مثلاً.
وإذا كان النظر إلى المعلومات التي حشدها المفسر في كتابه، وأضافها على التفسير، قيل: الاتجاه النحوي مثلاً، الاتجاه الفقهي، الاتجاه الاجتماعي ... الخ.
وخلاصة القول: إننا في التخصص العلمي بحاجة إلى تحرير المصطلحات، وأن لا تضيق صدورنا بالنقد والتحليل والتقويم، وأن يكون القصد الوصول إلى الحق، ولا مانع من الاختلاف مع حسن الأدب، فالاختلاف لا يفسد للود قضية، وما ذكرته هاهنا هو خلاصة ما أراه في هذه المصطلحات، فإن كان من حقي أن أقول ما أراه صوابًا، فإني أعرف أنه ليس من قدرتي ـ فضلا عن أن يكون من حقي ـ أن أقنعك بما أقول، والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[05 Jun 2006, 08:39 ص]ـ
باركك الله شيخنا الكريم, وقد كنت شعرتُ بشيء من هذا التداخل, وبوجود فارق مؤثر بين منهج التفسير وأساليب عرض هذا المنهج, وذلك في مشاركة قديمة - وما أجمل القديم -: http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=2509&postcount=6
- وبالنسبة لعناية الرافضة بنوع التفسير الموضوعي من بين أساليب تفسير القرآن فلأنه - في نظري - أقصر طريق لتجاوز المعاني المباشرة للألفاظ القرآنية والتفلت منها, وفيه مجال رحب لاقتطاع الآيات من سياقها - سياق النص, وسياق الواقع -, فيسهل به التأويل والتحريف اللذان هما من خصائص تفاسير الرافضة وإن تعددت أساليبها, وقد أدركوا أنهم صاروا أضحوكة بين العالمين عامتهم وعلمائهم باختراع معاني لا يعرفها عربي قط, وجعلها تفسيراً لألفاظ القرآن!!
- وعلم التفسير - كغيره من العلوم - عانى من تراكم معلومات ومصطلحات ليست بالضرورة محل تحرير وتأصيل, فاعتادها الطلاب, و (لكل امرئ من دهره ما تعودا) , وسيعاني كل من أراد تحريراً وتأصيلاً لمسائل هذا العلم من العوائد الملاَّكة؛ ومن طبيعة التقليد والترديد التي ينتهجها جمهور عريض من نقلة هذا العلم وغيره من العلوم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Jun 2006, 12:17 ص]ـ
أشكر أخي أبا بيان على هذا التعقيب، وأشكره على اجتهاده في حلِّ حرص الرافضة على التفسير الموضوعي، ولقد كان في نفسي شيء مما قلت، لكني أردت مشاركة إخواني من أعضاء الملتقى في إجابة هذا التساؤل، ولعله من خلال هذا التساؤل يخرج بحثٌ علميٌّ رصينٌ يدرس التفسير الموضوعي عند الرافضة، ويبين ما له وما عليه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jun 2006, 12:24 ص]ـ
شكر الله لكم على هذا الموضوع القيم.
وحول عناية الرافضة بالتفسير الموضوعي، كانت هناك مشاركة في أول أيام افتتاح الملتقى تقريباً قبل أربع سنوات .. تجدها هنا ..
بعض مظاهر عناية الشيعة بالتفسير الموضوعي على الانترنت؟؟؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=87)
وانظر يا أبا بيان هنا، فهي من أوائل مشاركاتك في الملتقى رعاك الله ..
هل للمعتزلة أثرٌ في التفسير الموضوعي؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=71)
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[07 Jun 2006, 02:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك د مساعد الطيار على هذا الموضوع القيم
وإنى أتسائل عن الدور الجماعي للمفسرين
دوما هناك تفسير قام عليه عالم واحد
فأتسائل هل هناك تفسير إشترك فيه أكثر من عالم، بحيث يكون شاملا ودقيقا فى توضيح معني الآية متناولا كافة الجوانب الموضوعية واللغوية والبلاغية وأسباب النزول.
فيكون شاملا ودقيقا وبلغة صحيحة عصرية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[د. علي أسعد]ــــــــ[11 Jun 2006, 03:49 ص]ـ
فضيلة الشيخ مساعد بارك الله بكم وجزاكم الله خيرا على هذا البحث القيم، وأود إن سمحتم لي أن أبدي بعض الملاحظات - من وجهة نظري - من أجل تحقيق الهدف المنشود من البحث بتحرير المصطلحات عند أهل الاختصاص، ولا أدعي في ذلك جديدا وإنما هو كلام لأهل الاختصاص أسرده باختصار، كما أني أقر بعدم وجود خلاف جوهري، وإنما هي مشاركة بهدف الإثراء.
أسأل بداية هل تحديدكم للمراد بالمصطلحات في بحثكم السابق تحديد معياري أم وصفي؟ والظاهر أنه الثاني لأنه وصف لما هو واقع وبالتالي كان ينبغي أن يكون بيانا لما هو كائن وليس لما ينبغي أن يكون، وهذا يعد مرتكزا هاما في تحديد المصطلحات وما تدل عليه وتشمله من جهة الواقع، فالوصف يؤدي إلى ملاحظة المقابلة في التقسيم بين كل نوع ومقابله هذا أولا، أما ثانيا فيؤدي إلى أن التصنيف أغلبي حسب المنهج المتبع أو الاتجاه السائد في التفسير، وثالثا يلاحظ أن طريقة تقسيم التفسير اعتبارية تختلف باختلاف الجهة والزاوية التي ننظر منها إليها فعندما ننظر إلى إمكانية التحصيل من عدمها فإن أنسب تقسيم هو تقسيم ترجمان القرآن وهو ما ذكره صاحب البرهان بعد أن عنون بأقسام التفسير إذ قال: (وقد روى عبد الرزاق فى تفسيره حدثنا الثورى عن ابن عباس أنه قسم التفسير إلى أربعة أقسام قسم تعرفه العرب فى كلامها وقسم لا يعذر أحد بجهالته يقول من الحلال والحرام وقسم يعلمه العلماء خاصة وقسم لا يعلمه إلا الله ومن
(يُتْبَعُ)
(/)
ادعى علمه فهو كاذب وهذا تقسيم صحيح)
وقسم بعضهم التفسير باعتبار مصادره إلى ثلاثة أقسام تفسير بالرواية ويسمى التفسير بالمأثور وتفسير بالدراية ويسمى التفسير بالرأي وتفسير بالإشارة ويسمى التفسير الإشاري. وقسم أيضا إلى اعتبارات مختلفة منها
باعتبار كيفية تناوله وعرضه فيمكن تقسيمه إلى قسمين: التفسير التحليلي - التفسير الإجمالي.
باعتبار الموضوع القرآني فيمكن تقسيمه إلى قسمين: تفسير عام وتفسير موضوعي.
باعتبار الاقتصار على قول واحد أو عدمه فيمكن تقسيمه إلى قسمين: تفسير مطلق وتفسير مقارن.
باعتبار كونه منهجا أو اتجاها فيكون على هذا التقسيم شاملا للألوان السابقة. من أمثلة المنهج: التحليلي - الإجمالي - الترتيبي - العام - الموضوعي ......
ومن أمثلة الاتجاه: اللغوي - الاجتماعي – العلمي – الفقهي – المذهبي – الإلحادي .....
لقد ذكرتم أنه لا أثر لهذه الأساليب في بيان معان تفسيرية جديدة، أقول: نعم بالنظر إلى عموم التفسير، وأقول: لا بالنظر إلى كل قسم وما يقابله، لأن طريقة المفسر كان لها دورا في تحصيل معنى لم يكن بالإمكان الوصول إليه بطريقة أخرى، فالتفسير التحليلي يكشف عن المفردات والإعراب والبلاغة وغير ذلك مما لا يكشفه التفسير الإجمالي، وكذلك التفسير المقارن الذي تظهر فيه أقوال متعددة مما لا يظهر في التفسير المطلق وأيضا التفسير الموضوعي يتم فيه التركيز على بعض المعاني التي قد توجد وقد لا توجد المناهج الأخرى، وأيضا من نقاط الاختلاف أن بعض هذه المناهج قد تفيد في تحصيل بعض المعاني مالا تفيده المناهج الأخرى، فالمقارن يساعدنا في الوصول إلى أفضل وأليق المعاني بكتاب الله عز وجل وقد يساعدنا هذا المنهج في الوصول إلى معنى كلي جامع لم ينص عليه السابقون .... وكذلك التفسير التحليلي والجملي والموضوعي.فهذا التقسيم يؤدي إلى القول بالتكامل بين هذه المناهج.
ألا ترون في أن التعبير عن أسلوب المفسر بالطريقة أو المنهج أفضل وأشمل من التعبير بالأسلوب؟ أليس من الأفضل أن نعبر عن أسلوب المفسر بالمنهج وبالغالب على توجهه بالاتجاه؟
ذكرتم أنه لا يخلو تفسير من التفاسير المطولة من أن يكون فيه مثل هذه الأنواع، فإذا كان تفسير القرآن بالقرآن يدخل في التفسير الموضوعي عند بعضهم، فتفسير الطبري (ت: 310) تحليلي إجمالي مقارن موضوعي، وكذا غيره من مطولات التفسير.
هل التفسير الموضوعي هو فقط تفسير القرآن بالقرآن؟ وهل يصح أن نطلق على تفسير الطبري تفسير إجمالي؟ فعندما نقول تفسير إجمالي فمعنى ذلك أنه ليس تحليليا، فيصح أن نقول تحليلى باعتباره يستوعب الإجمالي ولا يصح العكس، وكذلك بالنسبة إلى الموضوعي فإن غاية الأمر أنه تفسير بالقرآن ضمن نطاق محدد وليس هو التفسير الموضوعي المصطلح عليه. علما أن الحكم على المنهج والاتجاه أغلبي ودون أن يعني ذلك عدم وجود أنواع متعددة وأغلبية في تفسير واحد؛ هذا لأن التقسيم اعتباري. والله تعالى أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Apr 2010, 12:32 ص]ـ
يرفع لإثراء الموضوع(/)
قائمة المشكلات المنهجية فى الإعجازالعددى لوضع ضوابط لها - مسودة مبدئية
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[04 Jun 2006, 11:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تم وضع خطة بحث لتحديد منهج للإعجاز العددى هنا
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5773
ومن ثم تم جمع الإعتراضات،دون إغفال أي منها
مع أن منها (يتعلق بدراسات خاطئة معترف بخطأها،ومن ثم لا ذنب للإعجاز العددى أن يتحمل ثمن أخطاء باحثيها)
ومنها إعتراضات حقيقية، ينبغي دراستها والإتفاق على ضوابط محددة لها، لأن الإعجاز العددى حقيقي، ويحجب نوره عدم الإتفاق على منهج واضح له
وهذه هي الخطوة لذلك
فنعرض القائمة هنا،لمن كان عنده إضافة، أو إستبعاد لها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[04 Jun 2006, 11:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- ترتيب السور (مسألة خلافية)
- إدخال الأحزاب، والأجزاء في دراسات الإعجاز لأنها أمور حادثة من صنع البشر
هي مخالفة لما كان عليه الشأن في عصر النبوة، حيث اشتهر أن القرآن الكريم كان يقسم إلى الطوال والمئين والمثاني والمفصل،
-الخلاف فى عدد آيات القرآن
-الخلاف فى تعداد كلمات القرآن
-الخلاف فى تعداد حروف القرآن
-التركيب (ما يقولون) يعتبر كلمتين وكذلك (ما أنت) و (ما لم (
- مسألة الإعجاز العددي قضية استقرائية بالدرجة الأولى، ومن هنا فهي لا تحتاج إلى دليل نصّيّ من القرآن أو السنّة،
- إهمال حرف الهمزة المفردة
أنهم أهملوا حرف الهمزة المفردة واعتبروه ألفاً، وهذا غير صحيح من ناحية الرسم، فهي رموز مختلفة، بل لا يقبله طفل صغير في مدرسة قرءانية.
- إغفال بقية جوانب الإعجاز القرآني، كالإعجاز البلاغي والتشريعي،
بعض علماء المسلمين يرون أن الاهتمام بعدّ كلمات وحروف آيات القرآن قد يصرف المؤمن عن دلالات ومعاني هذه الآيات؟
- بإمكانك أن تكتشف سلاسل رقمية للحروف الأبجدية لا نهاية لها، وتتوصل إلى استنتاجات كثيرة، بل تستطيع أن تجعل نهاية إسرائيل بعد مائة سنة، أو ألف سنة حسب المزاج.
- أن الحروف المقطعة التي في أوائل السور هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسروها.
وإن من الحسابات ما يعتمد علي تلك الحروف المقطعة، فما بني علي باطل فهو باطل.
رسم المصحف (مسألة خلافية)
رسم المصحف:
- تعداد الكلمات يعتمد على رسم الكلمة كما وردت في المصحف الإمام، لا على التلفّظ بها
مفتي مصر فيقول: وأما قول من قال: إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور فباطلٌ لأن القرآن كُتِب في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين يديه ثم إن سائر الصحابة وغيرهم قد اجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن ولا نقصان حرف منه وما بين الدفّتين كلام الله عزّ وجلّ وأما وجوب إتباع الرسم فدليله الكتاب نفسه قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (الحشر 7) والعبرة لعموم اللفظ. وقال سبحانه: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبعْ غير سبيل المؤمنين نُوَلِهِ ما تولّى ونُصلِه جهنم) (النساء 115).
أما دليلنا من السنة فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)، وقد ثبت أن رسم المصحف توقيفيّ من النبي وإجماع الصحابة، وفي الصفحة (47) من كتاب مرشد الحيران هذا يقول أبو محمد مكي في الإبانة وقد سقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف، فقد ذكر عبد العزيز الدبّاغ على أن رسم القرآن معجز كلفظِه
مخالفة الرسم العثماني للمصاحف، وهذا ما لا يجوز أبداً، والى اعتماد رسم بعض الكلمات كما وردت في احد المصاحف دون الأخذ بعين الاعتبار رسمها في المصاحف الأخرى
الفرق بين الرسم المكتوب، وبين الأصوات الملفوظة
الحروف التي رُسم بها القرءان الكريم؟؟؟؟ أي المصاحف، وهي مرسوم القرءان الكريم.
"لماذا لا تناقشونها؟؟؟؟ هذا هو اساسكم!!! لماذا لا تطرحونه؟؟؟؟
وفي جميع ما تكتبونه تقولون: نحن نعد الأحرف حسب الرسم العثماني من مصاحف برواية حفص!!!
ما هي الحروف التي رُسمت بها المصاحف برواية حفص؟؟؟؟
أكتبوها لنا؟؟
ما هو عددها؟؟؟
ما هو شكلها الأصلي؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
المصاحف العثمانية مكتوبة بالخط الكوفي، خالية من كُل إشارة أو تشكيل أو نقط أو إعجام الحروف أو أي شيء لم يُكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لهذا تجد البسملة في أوائل السور ما عدا براءة!!! والترتيب حسب العرضة الأخيرة في العام الذي انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى. ولا يوجد في هذه المصاحف الأُم إلا ما أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا شيء آخر مطلقاً!!!!
الأحرف التي كًتبت بها المصاحف!!!!
أهم ما نلاحظه في المصاحف الأم، وهذا أمر يبحثه علماء مرسوم القرءان الكريم، أي المصاحف، أنها اتبعت قواعد خاصة بها في كتابة الحروف والكلمات، ولا يمكن التمييز بينها إلا بالقراءة!!!
من هذه الملاحظات – باختصار -:
1 – لا فرق في رسم الحروف التالية في المصاحف العثمانية الأُم:
الباء، التاء، الثاء، الياء الموصولة، النبرة، أي همزة منقلبة وهذا فقط في أول أو وسط الكلمة. الياء في نهاية الكلمة أو مفردة، وهي أيضاً رمز الألف المقصورة. وبالطبع: الجيم، الحا، الخا. السين، الشن. العين، الغين .. الخ من الحروف التي لا يمكن تمييزها إلا بالنقط وطبعاً باللفظ، وهذا كُله جاء بعد كتابة المصاحف.
3 – حرف الهمزة، وهو أول الحروف في اللغة العربية له من حيث الرسم خمسة حالات:
شكل الرقم 1، أي عبارة عن خط. شكل " ء "، اي الهمزة على السطر، والهمزة تنقلب إلى ألف، واو، أو نبرة حسب قواعد رسم المصحف المعروفة، ويتعلمها أطفال المدارس القرءانية في الدروس الأولى!!!!
4 – حرف التاء، له شكل مربوط ومبسوط، والمربوط مثل حرف الها.
تجد في القاعدة المكية التي يتعلمها أطفال المدارس القرءانية، ثلاثون حرفاً، لأن هناك فرق شاسع بين الألف (العصا) وبين الهمزة المفردة (ء)، وهناك فرق بين الها، وهي حرف أصلي، وبين التاء المربوطة التي لو أردنا تطبيق قواعد اللغة على بعض الكلمات نضطر لتغيير رسم المصاحف، فنفس الكلمة، وأشهرها: نعمة، نعمت. ولكن لا تختلفان بالرسم كما هو حال الياء والألف المقصورة.
هذه أبسط الملاحظات الأساسية وهناك الكثير الذي يجب أن يتعلمه المرء حول قواعد رسم المصاحف.
إعطاء قيم عددية لحروف اللغة العربية
حساب الجمل، بين
الإغراق فى القدم مما يعني اتصاله الوثيق للغة العرب، وبين ما هو الأساس العلمي لهذا الترقيم؟
وبين حسب حساب الجمل الذي يرجع إلى أصول سامية قديمة، لا أساس له، أي أن استخدامه يؤدي إلى مجرد ملاحظات واستنتاجات جيدة نظراً لبساطته فقط
ثلاثة سلاسل من القيم للحروف الأبجدية (أ عاطف الصليبي وتراميزه الثلاثة)
موضوع الإخبار بالغيب:
هناك فرق كبير بين أن يُخبر القرءان الكريم بالغيب، فهو الحق، وبين أن يتنبأ الإنسان بالغيب، فهو التنجيم
في القرءان الكريم آيات صريحة عديدة تخبرنا بجميع أنواع الغيب.
الغيب (بالنسبة للإنسان) على ثلاثة وجوه:
أ – حصل في الماضي ولم يصله العلم به.
ب – يحصل في الحاضر في مكان لا يستطيع الإنسان الوصول إليه
ج – يحصل في المستقبل (بالنسبة للإنسان).
فكُل ما في الأمر من ناحية الإعجاز العددي، أن الاستنتاجات العددية يجب أن تبقى على حقيقتها ولا تتعدى كونها ملاحظات.
إعطاء هذه الاستنتاجات أكثر من حقها هو سبب نشوء نوع من الفتنة ومحاربة هذه الأبحاث من قبل بعض علماء الدين، ليس بسبب دراسة مرسوم القرءان والكشف عن عجائبه وملاحظة تركيب الكلمات والحروف والجمل واكتشاف المعاني .... الخ، بل هو تنبؤ الإنسان (وليس القرءان الكريم) بالغيب
الجهل بمعنى كلمة (قرءان)
الجهل بمعنى كلمة قرءان كريم كما عرفها السلف الصالح، وكما يعرفها كُل من يطلع ولو قليلاً على بعض علوم القرءان الكريم، جعل الباحثين فيما يسمونه الإعجاز العددي يعتقدون أن المصاحف (وهي عبارة عن مرسوم القرءان الكريم بأحرف عربية) تخضع لقواعد حسابية، وسبب وقوعهم في هذا الخطأ الفاضح هي بعض الملاحظات (وهي صحيحة) في ترتيب السور والآيات والحروف، ووجود بعض العلاقات العددية.
(يُتْبَعُ)
(/)
الملاحظات العددية (صحيحة، ولكنها مبنية على فرضيات غير صحيحة) التي اكتشفها الباحثون هي مجرد ملاحظات، لا أكثر ولا أقل، تدل على عظمة ترتيب السور والآيات والكلمات والحروف، وأكرر، كُلها تعتمد على فرضيات لا أساس لها من الصحة.
يجب أن أستثني بعض الملاحظات التي تتعلق بفهرس القرءان الكريم، وهي علاقة بين ترتيب السور المعروف، عدد آيات السورة (بقراءة واحدة فقط وهي قراءة حفص عن عاصم)، والتي تدل على أن هذا الترتيب لا يمكن أن يكون من قبل البشر.
عدم فهمهم لمعنى كلمة: قانون علمي، أو مبدأ علمي أو قاعدة علمية، ... الخ.
أبسط مثال يوضح الجهل وعدم الفهم، هو أن جميع طلبة المدارس يعرفون أن هناك قوانين تسمى بقوانين نيوتون Newton ، منها قانون القوة والتسارع (العجلة)، والحالة الخاصة هي قانون الجاذبية.
إن ما اكتشفه العالم نيوتون Newton قبل حوالي ثلاثمائة عام، ليس بصحيح، بل هو مجرد ملاحظة لسير الأمور في الطبيعة في حالات معينة. أي أنها ليست بقوانين تتحكم بالكون، بل علاقات تعبر عن ملاحظات، وهذه العلاقات صحيحة في حالات خاصة، ولا بد من تصحيحها حسب الأحوال.
فكيف يتجرأ البعض على إخضاع كلام الحق سبحانه وتعالى لمزاجهم واختراع قواعد حسابية وقوانين له
المعطيات أو البيانات الرقمية الثابتة، مثلاً:
1 - عدد كلمات هذه الآية.
2 - عدد حروف الآية.
3 - تكرار كل حرف من حروف هذه الآية.
4 - تكرار كل كلمة من كلمات الآية في القرآن.
5 - أرقام السور التي وردت فيها كلمة ما من هذه الآية.
6 - أرقام الآيات التي وردت فيها كلمة أو عبارة من القرآن.
7 - توزع كل حرف من حروف الآية على كلماتها.
8 - رقم هذه الآية في السورة.
9 - رقم السورة حيث توجد هذه الآية.
10 - أعداد حروف محددة في الآية مثل حروف الألف واللام والميم ?الم?، أو حروف اسم ?الله? تبارك وتعالى، أي الألف واللام والهاء. أو حروف أسماء الله الحسنى .... وغير ذلك مما لا يُحصى.
11 - عدد حروف كلمات محددة من الآية، مثل حروف أول كلمة وآخر كلمة.(/)
أبحاث في الجملة القرآنية من حيث المبنى
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[05 Jun 2006, 12:02 ص]ـ
أبحاث في الجملة القرآنية من حيث المبنى
1.التتميم: يكثر في التعبير القرآني مجيء لفظةٍ تحتاج إلى ما يتمم دلالتها أو يستبعد جانباً من هذه الدلالة غير مراد لئلا يتوهمه متوهم، فيؤتى لذلك بلفظةٍ متمِّمة تؤدي هذا الغرض، وهو أسلوب بلاغي يُعرف بالتتميم ((1))، وهو استخدام أسلوبي يقتضي بناءً خاصاً للجملة، يتشكل هذا الأسلوب في شكلين رئيسين ِ:
الأول منها: تتميم المبالغة: وهو تتميم يؤدي إلى زيادةٍ دلالية عن طريق اللفظة المختارة للتتميم والتي تؤدي إلى التنويع لغايةٍ تعبيرية خاصة، قال تعالى: (يطوف عليهم ولدانٌ مخلدون بأكوابٍ وأباريق) (الواقعة: 18)، والأكواب: أوانٍ بلا عري ولا خراطيم، والأباريق: ذوات الخراطيم ((2)). فإذا كان التعبير القرآني قد نوّع في آنية الشراب، فكيف بالشراب نفسه ثم كيف بغير الشراب من الملاذ والنعم. وكل هذا مما يناسب سياق النعيم، وقال تعالى: (أنه أغنى وأقنى ((النجم: 48) أي: (أعطى ما فيه الغنى وما فيه القنية: أي المال المدخر وقيل أقنى: أرضى) ((3))، تقول بنت الشاطئ: (ودلالة الاقتناء واضحة في المادة بصريح لفظها ولا يكون إلا لما يُعزُّ ويُصان ويدّخر لقيمته ونفعه المادي أو المعنوي ويجوز استعماله في مطلق الإدخار ... ) ((4))، فعقب بعد الغنى بذكر الزيادة عليه وهو أنه أغناه حتى بدأ يدخر من المال مالاً وهذا أقصى الغنى، ومن هذا قوله تعالى: (وجعلنا سراجاً وهاجاً) (النبأ: 13) فالسراج: الزاهر ويعبر به عن كل مضيئ والوهج حصول الضوء والحر من النار ((5)).
الثاني: تتميم النقص، وفي هذا الأسلوب تُختار المفردة لإزالة معنى معين من المفردة السابقة، معنى لا يراد أن يتصوره القارئ، فالتتميم هنا إنما يجاء به لينقِصَ من دلالة اللفظ السابق أو إزالة معنى منه قد يفهمه المتلقي لوترك على إطلاقه، قال تعالى: (كأنّهم خشب مسندة) (المنافقون: 4) وإنّما جئ بلفظة
(مسندة) لنفي ما قد يتصور من أن الخشب قد يستخدم في منفعة من المنافع؛ (لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الأنتفاع،وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط فشبهوا به في عدم الانتفاع) ((6)) على أنّ هذا يمكن أن يحمل معه تميما للمبالغة، فلفظة (مسندة) دلّت (أنّهم لخواء قلوبهم وضعف أعصابهم لا يستطيعون أن يتحاملوا على أنفسهم ليستندوا،وإنّما أعينوا على الاستناد إعانة) ((7)). وهذا الأسلوب كثيرا ما يستخدم في أسماء الله تعالى وصفاته، قال تعالى: (سبّح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الحديد: 1)، وكثيرا ورد تعبير (العزيز الحكيم) في التعبير القرآني ((8))، والتتميم بالحكيم على العزيز لبيان (أنّ عزّته تعالى مقرونة بالحكمة،فعزّته لا تقتضي ظلما وجورا وسوء فعل كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فأنّ العزيز منهم قد تأخذه العزة بالآثم فيظلم ويجور ويسئ التصرف، وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعزّ الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فأنّهما يعتريهما الذلّ) ((9))، ومثل هذا في قوله تعالى: (الملك القدوس) (الحشر: 23، الجمعة: 1) فالقدوس هو (المطهر المنزه عن جميع النقائص ... ) ((10))، أو (البليغ في النزاهة عمّا يستقبح) ((11))، وإنّما جيء بهذه اللفظة بعد (الملك) لأنّ النزاهة مطلب معها ولأنّ الملوك غالبا ما يتجردون منها، وتأتي منهم أفعال الظلم والجور، لذلك قال تعالى: ( ... إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون) (النمل: 34)، وقد لا ينقص المتمّم الدلالة بل يعاكس المتمّم في الوصف مما يحقق تصويرا كاملا لأحوال المصور، فتختار لأجل ذلك لفظة تشكل معاكسا دلاليا للأولى كقوله تعالى: (الوسواس الخنّاس) (الناس: 4) فوسوس (تكلم بكلام خفي ... ) ((12))، واستمر في وسوسته كما يفيد ذلك الفعل المضارع الموضوع للاستمرار ((13))، في حين إنّ الخنّاس: الشيطان إذا (خنس أي قصر وكفّ) ((14)) وبهذا وصف بحاليه لكي لا تتصور حالته الأولى دائما لأنّه مع المؤمنين في حال غيرها مع غيرهم ((15)).
----------------------------------------------
(1) ينظر: الفوائد المشوقة 90، وبديع القرآن 46.
(2) ينظر: الكشاف 4/ 459 – 460، ومعاني القرآن 3/ 123، والإعجاز البياني 444 – 445.
(3) المفردات 625.
(4) الإعجاز البياني ومسائل ابن الأزرق 467 – 468.
(5) ينظر: المفردات 336 و 840.
(6) تفسير الرازي 30/ 16.
(7) التشبيهات القرآنية 161.
(8) الحشر 1، الممتحنة 5، الصف 1، الجمعة 1،3، التغابن 18.
(9) القواعد المُثلى 8.
(10) معجم الألفاظ 2/ 376.
(11) الكشاف 4/ 509.
(12) معجم الألفاظ 2/ 851.
(13) ينظر: تفهيم الأمة تفسير جزء عمّ 306.
(14) تفسير غريب القرآن 543، وينظر: معاني القرآن 3/ 302.
(15) ينظر: في ظلال القرآن 8/ 714.
د. عامر مهدي
أستاذ البلاغة والنقد في جامعة الأنبار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[05 Jun 2006, 02:09 ص]ـ
الجملة القرآنية من حيث المبنى (2)
2. مغايرة المصدر لمادة فعله:
من أساليب العرب الإتيان بفعل ثم لا يأتون بمصدره بل يأتون بمصدر فعلٍ آخر يلاقيه في الاشتقاق، وبذلك يجرونه على غير فعله لمّا كان في معناه ((1)) من ذلك قوله تعالى: (وتبتل إليه تبتيلا) (المزمل: 8) فهذا على فعل ليس من لفظ الفعل الظاهر ... فحُمِلَ المصدر على فعل دلّ أول الكلام عليه ((2))، ذلك أنّ المصدر من (تبتل) هو (التبتل) لأنّ مصدر (تفعّل) يكون على (التفعل)، وامّا (التبتيل) فهو مصدر (بتّل) لا (تبتل) لأنّ (التفعيل) مصدر (فعّل) ((3))، فكان القياس اللغوي يقتضي أن يكون التعبير (وتبتل إليه تبتلا) لكن الأسلوب القرآني عدل عن (تبتلا) إلى (تبتيلا) بسبب من رعاية الفاصلة كما قيل ((4))، إلاّ أنّ الدكتور فاضل السامرائي نبّه إلى السبب الدلالي لهذا العدول مستفيدا من ملاحظة الإمام أبن القيم الذي جعل السرّ في هذا العدول أن في هذا العدول إيذانا بالتدرّج والتكلّف والتعمّل والتكثّر والمبالغة، فأتى بالفعل الدال على أحدهما وبالمصدر الدال على الآخر، فكأنّه قيل: بتّل نفسك إلى الله تبتيلا، وتبتل إليه تبتلا، ففهم المعنيان من الفعل ومصدره ((5)) لأنّ (تبتل) على وزن (تفعّل)، وهذا الوزن يفيد التدرج والتكلّف مثل تدرّج وتحسّس وتجسّس وتبصّر وتمشّى .... ، ففي هذه الأفعال من التدرج والإعادة ما ليس في (بصر) و (مشى) مثلا،أمّا (فعّل) فيفيد التكثير والمبالغة، وذلك نحو (كسر) و (كسّر) فإنّ في الأخيرة المضعفة من المبالغة والتكثير ما ليس في (كسر) الثلاثي، فقولك (كسّرت القلم) يفيد أنّك جعلته كسراً بخلاف (كسرت القلم) فهو يفيد أنّك كسرته مرّة واحدة ... فالله سبحانه جاء بالفعل لمعنى التدرج ثم جاء بالمصدر لمعنى آخر هو التكثير، وجمع المعنين في عبارة واحدة موجزة، ولو جاء بمصدر الفعل (تبتل) فقال (وتبتل إليه تبتلا) لم يفد غير التدرج، وكذلك لو قال (وبتّل نفسك إليه تبتيلا) لم يفد غير التكثير، ولإرادة المعنين جئ بالفعل من صيغة والمصدر من صيغة أخرى وجمعهما، فهو بدلا من أن يقول (وتبتل إليه تبتلا وبتبل نفسك أليه تبتيلا)، جاء بالفعل لمعنى ثم جاء بالمصدر لمعنى آخر، ووضعهما وضعا فنّيا فكسب المعنين في آن واحد ((6))، ومن كلام ابن القيم والدكتور فاضل نستطيع أن نفهم عدم العدول في قوله تعالى: (وذللت قطوفها تذليلا) (الإنسان: 14) فقد جاء بالمصدر هنا من مادة فعله الدال على التكثير والمبالغة لعدم وجود داع لجلب مصدر يدل بفعله على معنى التدرج والتكلف لأنّ السياق جاء بمعنى التنعيم والإكرام لأهل الجنّة، والذي يناسبه ما يدل على المبالغة لا ما يدل على التدرج، وهذا بابٌ شريف من أبواب التوسع في المعنى، كثير في القرآن وهو من حسن الاختصار والإيجاز كما يقول ابن القيم ((7))، وهذا مدار البلاغة العربية وقال تعالى: (والله انبتكم من الأرض نباتاً) (نوح: 67). فـ (نباتا) مصدر غير (أنبتكم) د ُُلَّ بهذا المصدر على معنى الطواعية والإذعان لأن فعله يدلُّ على المطاوعة فكأن المعنى (أنبتكم فنبتم نباتا) وهو رأي ابن يعيش ((8))، أي كما أنبت الله الشجر ((9))، أو نُصبَ بأنبتكم لتضمنه معنى (نبتم) (فهو مصدر محمول على المعنى لأن معنى (أنبتكم) جعلكم تنبتون نباتا، قاله الخليل والزجاج وقيل أي أنبت لكم من الأرض النبات فـ (نباتاً) على هذا نصبٌ على المصدر الصريح والأول أظهر) ((10))، واستعير الإنبات للإنشاء ليكون أدلَّ على الحدوث ((11))، وقيل (قوله نباتاً حال لا مصدر ونبه بذلك على أن الإنسان هو وجه نبات من حيث أن بدأه ونشأهُ من التراب وأنه ينمو نموه وإن كان له وصفٌ زائد على النبات) ((12)).
د. عامر مهدي صالح
أستاذ البلاغة والنقد في كلية التربية
جامعةالأنبار
(1) ينظر: الكتاب 2/ 244، وشرح المفصل 1/ 111.
(2) ينظر: الخصائص 2/ 309.
(3) ينظر: التعبير القرآني 34، والتفسير القيم 501.
(4) ينظر: البيضاوي والشهاب، ينظر: حاشية الشهاب 8/ 266، وإبراهيم السامرائي من بديع لغة التنزيل 300.
(5) ينظر: التفسير القيم 501 – 502.
(6) ينظر: التعبير القرآني 34 – 35 وبهذا نُدرك بُعد ما قيل من أن هذا كان مراعاة لحق الفواصل، ينظر: تفسير القرطبي 19/ 44.
(7) ينظر: التفسير القيم 502.
(8) ينظر: شرح المفصل 1/ 112.
(9) ينظر: العين 8/ 130.
(10) تفسير القرطبي 18/ 305.
(11) ينظر: الكشاف 4/ 163، غرائب القرآن 29/ 52.
(12) المفردات 731.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jun 2006, 10:43 م]ـ
جزاكم الله خيراً أبا عائشة على هذه اللطائف القرآنية الدقيقة، ونتمنى المواصلة في إفادتنا بأمثالها ونظائرها، مع علمنا بما أنتم فيه في العراق من العناء. فرج الله كربتكم، ونصركم على عدونا وعدوكم.(/)
تواصل جديد مع أحد مشرفي هذا الموقع المتميز
ـ[معمر العمري]ــــــــ[05 Jun 2006, 08:01 ص]ـ
حلقة يوم الثلاثاء 10/ 5/ 1427
-------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حلقتكم الجديدة ستكون عن (أحكام القرآن الكريم)
مع فضيلة الشيخ د. ناصر الماجد , الأستاذ المساعد بقسم القرآن وعلومه , بكلية اصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , وأحد المشرفين على شبكة التفسير والدراسات القرآنية.
واشتملت الحلقة على مداخلة كريمة من فضيلة الشيخ د. أحمد البريدي , الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرس.وأيضا أحد المشرفين على شبكة التفسير والدراسات القرآنية.
ـــــــــــــ
معمر العمري
محاضر بالكلية الأمنية
وباحث دكتوراة بجامعة الإمام
ومقدم ومعد برامج في قناة المجد
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[05 Jun 2006, 08:59 ص]ـ
أرحب بأخي الدكتور ناصر الماجد ,وأشكرله مشاركته وإطلالته على القناة العلمية، وبإذن الله نتابع عرض الحلقة؛لنفيد منها ومن مداخلها, ومجري حوارها. وفقنا الله وإياهم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jun 2006, 11:04 ص]ـ
وفقكم الله أخي معمر على هذه الجهود المتواصلة، وأشكر أخي الكريم الدكتور ناصر وأرجو له التوفيق والسداد دوماً، ونحن في انتظار بث هذه الحلقة العلمية.(/)
ماهي اهم العلوم التي يحتاجها طالب العلم لكي يتقن علم التفسير
ـ[ابو الروب]ــــــــ[05 Jun 2006, 11:56 م]ـ
افيدونا افادكم الله اذكروا لنا كتبا اهتمت بعلم النظائر بارك الله فيكم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Jun 2006, 09:10 ص]ـ
- أشهر كتب الوجوه والنظائر (إن كان هذا قصدك):
1 - الأشباه والنظائر, لمقاتل بن سليمان.
2 - تحصيل نظائر القرآن, للحكيم الترمذي.
3 - الوجوه والنظائر, للدامغاني.
4 - نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر, لابن الجوزي.
وكلها مطبوعة ومحققة.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[07 Jun 2006, 01:43 م]ـ
جزاك الله خيرا هذا ما قصدته واتمنى الاجابة على باقي السؤال او الاحاله على روابط مفيدة في هذا الموضوع(/)
كتب الدراسات القرآنية
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[06 Jun 2006, 02:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هل توجد قائمة بحصر كتب الدراسات القرآنية على مر العصور سواء منها المطبوع والمخطوط؟ وإن لم يكن فهل يمكن أن نتعاون في إيجاد هذه القائمة؟
مجرد اقتراح
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[06 Jun 2006, 09:36 ص]ـ
هناك كتاب نافع ومفيد في هذا الجانب هو معجم مصنفات القرآن للدكتور علي شواخ اسحق قد يجد الباحث فيه بغيته أو ما يوصله الى تلك البغية
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[06 Jun 2006, 09:37 ص]ـ
ومثله كتاب معجم الدراسات الدراسات اقرانية للدكتورة ابتسام مرهون الصفار
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[06 Jun 2006, 01:48 م]ـ
أخي الدكتور جمال سامحك الله
لقد فرغت من الجمع منذ زمن لكنني الان منشغل بتصنيفه موضوعيا كما في قسمي المقالات والرسائل الجامعية، ولو كانت لديك الرغبة في المساعدة فلتكن في مسألة الفرز الذي انتهي قسم منه وبقى قسم
لكن ما دمتم فتحتم الباب
فأحب هنا أن تشيروا علينا في الأنفع
هل نذكر طبعات الكتاب المتوافرة جميعها (وهي موجودة) أم نكتفي بأحدها؟
والعدد يزيد على 5000 عنوانا بفضل الله تعالى
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[06 Jun 2006, 02:31 م]ـ
أخي الدكتورعبدالله سبق أن قلت أنك رجل موسوعي وماقمت به ينؤ بالعصبة من أولي العلم فبارك الله فيك. وأحسب أن أخي الدكتور جمال ماذكر هذين الكتابين مع كثرة الأخطاء فيهما إلا لكونهما بين أيدي الناس.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[06 Jun 2006, 03:00 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور فهد فأنتم تعطونا أكثر مما نستحق
أحب والله أن تشيروا علينا في مسألة الطبعات وهي الان تضخم العدد وهو مرشح للزيادة
وقد كنت بين ان اشير إلى واحدة فقط، وهنا قد يفوت على الراغبين بالاطلاع على بقية الطبعات
وبين ان أذكرها جميعها فيتضخم العمل ويظن آخرون انها زيادة لا ضرورة لها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jun 2006, 07:28 م]ـ
الذي أقترحه يا أبا البراء أن تذكر الطبعات المعتمدة أولاً للكتاب، ثم إن استطعت الاستقصاء فهذا أكمل، وإلا فيكتفى بالطبعات السائرة المعتمدة عند الباحثين. والله يوفقكم لكل خير دوماً فأعمالكم مشكورة، وجهودكم مذكورة.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[07 Jun 2006, 12:01 ص]ـ
لك أن تقتصر على الطبعات المشهورة والمنتشرة والسائرة كما ذكر د. عبدالرحمن وكذا الطبعات المحققة تحقيقا علميا ومابقي من الطبعات تشير إلية إشارة(/)
مانصيحتكم لمن من الله عليه بحفظ القرآن الكريم؟ (دعوة للمشاركة)
ـ[ابوالحارث]ــــــــ[06 Jun 2006, 05:26 ص]ـ
بحمد الله وفضله من الله علي بختم القرآن،،،
أسال المولى أن يعينني على اتقانه وضبطه، وتدبر ..
واني احتاج لتويجيهاتكم، ونصائحكم يا اخوتي الافاضل فلاتبخلوا علينا ...
ولاتنسونا من دعواتكم
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[06 Jun 2006, 05:40 ص]ـ
نسأل الله أن يعيننا جميعاً على ضبط كتابه, وعليك بالجد والإجتهاد في أول الأمر وسيسهل عليك بإذن الله, وعليك بقراءة تفسير مختصر كتفسير السعدي رحمه الله وغيره من المختصرات فالقراءة فيها ليست شاقة مع أنها معينة على ترسيخ الحفظ.
ـ[ابوالحارث]ــــــــ[06 Jun 2006, 06:22 ص]ـ
اثابك المولى اخي ابن الجزيرة،،،،
نفع الله بك ...
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[06 Jun 2006, 01:41 م]ـ
أوصيك بتعاهده، والعمل به، والتأدب بآدابه، وتدبر آياته، ومعرفة معانيه، جعله الله شفيعاً لنا، ورفعنا ونفعنا وإياك به.(/)
سؤالٌ عن تفسير: ((و لا يأتونكَ بمَثَلٍ إلا جئناكَ بالحقِّ وأحسنَ تفسيرا))
ـ[ابو حنين]ــــــــ[06 Jun 2006, 08:00 ص]ـ
يقول المولى تبارك و تعالى:ــ
((و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و احسن تفسيرا)) هل من بيان حول هذه الآية و وجه البلاغة فيها؟؟
و ما هو المقصود بـ ((الحق)) و ما المقصود بـ ((التفسير)) في الآية
وفقكم الله و نفع بكم ...
ـ[ابو حنين]ــــــــ[06 Jun 2006, 08:02 ص]ـ
تتمة السؤوال: و هل لهذه الآية علاقة بما بعدها ...
======================
ـ[ابو حنين]ــــــــ[07 Jun 2006, 05:47 ص]ـ
????? يوم و 15 قراءة؟؟؟؟؟
-------------------------------
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[09 Jun 2006, 03:58 م]ـ
أنا أعتقد يا أخي أن معنى الآية واضح وظاهر وأسألك هل قرأت تفسيرها في كتب التفسير؟
و إذا كنت قد قرأت فما الذي لم يعجبك في تفسير المفسرين لها؟
ـ[ابو حنين]ــــــــ[10 Jun 2006, 11:27 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي عمرو .... اذا المعنى الظاهر هو ما تعنيه الآية ... اذاً فهمت.
جزاك الله خيرا.
----------------------------------------------------
بقي لدي تساؤل لم اجده.
* ما علاقة الآية بالآية التالية (الذين يحشرون على وجههم الى جهنم ... الآية) هل هذا هو توضيح
لقوله (الا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا)؟؟؟؟ كما ((يظهر)) من السياق؟؟
-----------
و انا احب ان اسأل ... حتى لو قرأت الكتب فلا يكفيني .. لوجود العلماء و لله الحمد ..
أو يغلق الموقع و كلٌ يكتفي بقراءة كتبه و ينصح الناس بقراءة الكتب. (مجرد استغراب)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jun 2006, 01:58 م]ـ
لعل فيما أورده البقاعي ما يجيب عن سؤال الأخ أبي حنين، فقد قال في نظم الدرر: ( ... ولما كان التقدير: قد بطل ما أتوا به هذا الاعتراض، عطف عليه قوله: {ولا يأتونك} أي المشركون {بمثل} أي باعتراض في إبطال أمرك يخيلون به لعقول الضعفاء بما يجتهدون في تنميقه وتحسينه وتدقيقه حتى يصير عندهم في غاية الحسن والرشاقة لفظاً ومعنى {إلا جئناك} أي في جوابه {بالحق} ومن الألف واللام الدالة على الكمال يُعرَف أن المراد به الثابت الذي لا شيء أثبت منه، فيرهق ما أتوا به لبطلانه، ويفتضح بعد ذلك الستر فضيحة تخجّل القائل والسامع القابل.
ولما كان التقدير في الأصل: بأحق منه، وإنما عبر بالحق، لئلا يفهم أن لما يأتون به وجهاً في الحقيقة، عطف عليه قوله: {وأحسن} أي من مثلهم {تفسيراً} أي كشفاً لما غطى الفهم من ذلك الذي خيلوا به وادعوا أنهم أوضحوا به وجهاً من وجوه المطاعن، فجزم أكثر من السامعين بحسنه.
ولما أنتجت هذه الآيات كلها أنهم معاندون لربهم، وأنهم يريدن بهذه السؤالات أن يضللوا سبيله، ويحتقروا مكانته، ويهدروا منزلته، علم قطعاً أنه يعمر بهم دار الشقاء، وكان ذلك أدل على أنهم أعمى الناس عن الطرق المحسوسة، فضلاً عن الأمثال المعلومة، والتمثيل للمدارك الغامضة، وأنهم أحقر الناس لأنه لا ينتقص الأفاضل إلا ناقص، ولا يتكلم الإنسان إلا فيمن هو خير منه، قال معادلاً لقوله: {أصحاب الجنة يومئذ خير} [الفرقان: 24] واصفاً لما تقدم أنه أظهره موضع الإضمار من قوله {الذين كفروا} [الفرقان: 32] {الذين يحشرون} أي يجمعون قهراً ماشين مقلوبين {على وجوههم} أو مسحوبين {إلى جهنم} كما أنهم في الدنيا كانوا يعملون ما كأنهم معه لا يبصرون ولا تصرف لهم في أنفسهم، تؤزهم الشياطين أزاً، فإن الآخرة مرآة الدنيا، مهما عمل هنا رئي هناك، كما أن الدنيا مزرعة الآخرة، مهما عمل فيها جنيت ثمرته هناك.)
ـ[ابو حنين]ــــــــ[11 Jun 2006, 07:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا مجاهد. فقد اوردت ما ارتويت منه في معنى الآية!!
أروى الله عطشك و اظلك في ظله يوم لا ظل الا ظله ....
------------------------------------------------
و أرجو من مثلكم و مثل الأخ عمرو وفقكم الله , الحلم علينا و عدم مطالبتنا بقراءة الكتب كما يقرأ طلبة العلم ... فكل ما نجده كتابين أو ثلاثة من كتب التفسير الميسر.
شكر الله للجميع حسن الإجابة.(/)
يا أهل الخير طلب شرح منظومة الزمزمي
ـ[سعد الزيد]ــــــــ[06 Jun 2006, 10:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الله تعالى ان أجد عندكم في هذا الجمع المبارك من يسعفني
بشرح منظومة التفسير للشيخ الأديب المفسر عبد العزيز الرئيس الزمزمي
أريد شرح للأبيات فأنا ولله الحمد لدي الأبيات ولكن من يستطيع بمساعدتي
بشرح الأبيات جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم ..
ـ[سعد الزيد]ــــــــ[07 Jun 2006, 05:14 م]ـ
يرفع إلى أن أجد من يساعدني جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jun 2006, 06:59 م]ـ
عندي شرحان لهذه المنظومة، صورتهما قديماً، ويمكنك تصويرهما إن كنت في الرياض بارك الله فيك.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[07 Jun 2006, 08:11 م]ـ
تجد في الرابط أدناه شرح فضيلة الشيخ الدكتور / الخضير:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2451&page=1&pp=15
ـ[سعد الزيد]ــــــــ[07 Jun 2006, 08:26 م]ـ
وجدت عنوان المكتبة وإن شاء الله أبحث هناك لعلي أجدها إن شاء الله تعالى ..
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم ..
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[07 Jun 2006, 08:56 م]ـ
شرح المنظومة مسموعا ....
للشيخ أحمد الحازمي.
http://www.alhazmy.net/articles_sound.aspx?id=114&first=0&t2=
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[13 Mar 2009, 03:53 م]ـ
عندي شرح مخطوط للشيخ محسن أبي نمي (ت:1379هـ) بخطه، ومن من مشايخ حضرموت البارزين في وقته.
وأنا أعمل على إخراجه بعد التعليق عليه، أو أدفعه لمن يقوم بذلك إن كان من أهل الاختصاص، المهم هو خروج الشرح للناس للاستفادة منه.
والشارح له من المؤلفات المخطوطة فوق المائة.
سأوحاول نشر عناوينها في وقت آخر.(/)
أبحاث في الجملة القرآنية من حيث المبنى (3)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[06 Jun 2006, 10:55 م]ـ
3. التقابل والتماثل:
أ- التقابل:
كان للتقابل في القرآن الكريم دور كبير وحضور بارز في تكثيف الصور وإظهارها من خلال مقابلها وكما يقال (وبضدها تتميز الأشياء)، فحين نأخذ التقابل الموجود في سورة الضحى مثلاً نجده يأتي لافتاً إلى صورة مادية مدركة وواقع مشهود توطئة ً بيانية لصورة أخرى معنوية مماثلة غير مشهودة ولا مدّركة، فالقرآن الكريم في قَسَمِهِ بالصبح إذا أسفر وإذا تنفس والنهار إذا تجلى والليل إذا عسعس وإذا يغشى وإذا أدبر، يجلو معاني من الهدى والحق أو الضلال والباطل بماديات من النور والظلمة، وهذا هو البيان للمعنوي بالحسي كما تقول بنت الشاطئ ((1))، وقد تنبه الرازي قديماً إلى مثل هذا حين قال متحدثاً عن قوله تعالى: (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى: 1 - 3): كأنه تعالى يقول: انظر إلى جوار الليل مع النهار لا يسلم أحدهما عن الآخر بل الليل تارةً يَغلب وتارةً يُغلب، فكيف تسلم عن الخلق، فمرةً تزداد ساعات الليل ومرةً تزداد ساعات النهار، ومرةً بالعكس. فلا تكون الزيادة ولا النقصان لقلى بل لحكمة وكذا الرسالة وإنزال الوحي بحسب المصالح، فمرةً إنزال ومرةً حبس فلا كان الإنزال عن هوى ولا كان الحبس عن قلى ((2)) وكذلك تنبه ابن القيم إلى مثل هذا حين قال (فتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل للمقسم عليه وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسة) ((3))، وذهب محمد عبده إلى قريب هذا إذ ذهب إلى أن في القسم إشارة إلى أنَ ما كان من سطوع الوحي على قلبه أوّل مرة بمنزلة الضحى تقوى به الحياة وتنمو الناميات وما عرض بعد ذلك فهو بمنزلة الليل إذا سكن لتستريح فيه القوى ولتستعد فيه النفوس لما يستقبلها من العمل ((4))، فهناك إذن تقابل بين صورٍ حسية كل منها يقابل صوراً معنوية، فالتقابل في سورة الضحى صورة مادية وواقع حسي يشهد به الناس في كل يومٍ تألق الضوء في ضحوة النهار، ثم فتور الليل إذا سجا وسكن دون أن يختل نظام الكون أو يكون في توارد الحالين عليه ما يبعث على إنكارٍ بل دون أن يخطر على بال أحدٍ أن السماء قد تخلت عن الأرض أو أسلمتها إلى الظلمة والوحشة بعد تألق الضوء في ضحى النهار، فأيّ عجبٍ في أن يجيء بعد أنس الوحي وتجلي نوره على الرسول (صلى الله عليه وسلم) مدّة سكونٍ يفتر فيها الوحي على نحو ما نشهد من الليل الساجي يوافي بعد الضحى المتألق ((5)). هذه العلاقات في التقابل هي ما وضحه أحد الباحثين لما ذهب إلى أن الدلالات الناتجة من التقابل تمر بمرحلتين متصلتين: الأولى هي الدلالة الناتجة من أطراف التقابلات والتخالفات والتماثلات، وهي دلالة محصورة في مفرداتها، ويمكننا كما يقول أن نطلق عليها الدلالة الاستدعائية، أما المرحلة الثانية فهي الدلالة الناتجة عن علاقة وحداتها بالسياق الكلي الذي وقعت فيه، ويمكننا أن نسمي هذه المرحلة بالدلالة السياقية، ومن خلال هاتين المرحلتين نستطيع أن نخرج بدلالات حقيقية لها في النص المدروس، فالوحدات التعبيرية إذن هي الأساس الذي يمكننا أن ننطلق منه لتحديد الدلالات الاستدعائية ومن ثم نتجه إلى السياق للكشف عن شبكة العلاقات التي يفرضها السياق بالتواصل مع الوحدات التعبيرية لينتج بالتالي الدلالات السياقية ((6))، قال تعالى: (هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيءٍ قدير .. ) (الحديد: 3) فهنا نوعٌ من المقابلة يرد في القرآن، ظاهرعلاقة بناه التضاد غير أن هذا التضاد ليس علاقة تبرز بها صفة أحد المتقابلين، وإنما ظاهر التضاد هنا يشكل كمالاً في الصفة، فكأنه هنا من باب (جمع النقيضين) فهذه صفات تكمل إحداهما الأخرى، فـ (الظاهر خلاف الباطن، فالله ظاهر باطن، هو باطن لأنه غير مشاهد كما تشاهد الأشياء المخلوقة عزّ عن ذلك وعلا، وهو ظاهر بالدلائل الدالة عليه وأفعاله المؤدية إلى العلم به ومعرفته فهو ظاهر مدرك بالعقول والدلائل، وباطن غير مشاهد كسائر الأشياء المشاهدة في الدنيا عزَ وجلّ عن ذلك) ((7))، وفي تقابل هذه الأسماء الأربعة تكامل من حيث علاقاتها الضدية فيما بينها، إذ إن مدارها (
(يُتْبَعُ)
(/)
على الإحاطة، وهي تنقسم إلى قسمين زمانية ومكانية، فأحاطت أوليتهِ بالقبل وأحاطت آخريته بالبعد وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكلِ ظاهرٍ وباطن فما من ظاهرٍ إلا والله فوقه وما من باطنٍ إلا والله دونه فالأول قِدمُهُ والآخر بقاؤه ودوامه، والظاهر علوه وعظمته والباطن قربه ودنوه .... ) ((8))، ولأجل إرادة هذه المعاني على التقابل في ذاتٍ واحدةٍ عُطِفَتْ، لأن الظاهر في الصفات ألا يعطف بعضها على بعض لاتحاد محلها، وأن الصفة تجري مجرى الموصوف، لذلك قلما تعطف صفات الله تعالى بعضها على بعض كما يقول ابن الزملكاني وذكر: أما الآية في سورة الحديد فلأن الأسماء فيها متضادة المعاني في أصل موضوعها، فعُطفت لرفع التوهم عمن يستبعد ذلك في ذاتٍ واحدة لأن الشيء الواحد لا يكون ظاهراً وباطناً من وجهٍ واحدٍ، فكان العطف هنا أحسن، فإذا قُصدَ التناقض في الأحوال قيل (هذا قائمٌ قاعدٌ) بغير واو بخلاف ما تقدم لأن تلك الصفات في حكم الصفة الواحدة لانتفاء المضادة بينها ((9))، وأغلب سورة الحديد بُني على المقابلة كما في قوله تعالى: (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها) (الحديد: 4) وعلى الشكل الآتي:
دخول ـــــــــــــــ يعلمُ ما يلج ---- تماثل ---- وما ينزل ـــــــ نزول
دخول ــــــــــــــــ في ---- تضاد --- من ـــــــــــــــــــــ نزول
دخول ـــــــــــ الأرض ---- تضاد ---- السماء ـــــ نزول
خروج ـــــــــــ وما يخرج ---- تماثل ---- وما يعرج ــــــــ صعود
خروج ـــــــــــ منها ---- تضاد ---- فيها ـــــــــــ صعود
ومن ذلك قوله تعالى في السورة نفسها: (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحديد: 6) وفي هذا تصوير في غاية الدقة؛ إذ لا يصح أي تعبير غير التقابل في رسم هذه الصورة إذ إن النهار والليل موجودان على الأرض دائماً في الوقت نفسه، وغروب الشمس على جزءٍ منها لا يعني غير شروقها على جزءٍ آخر، فدخول الليل في النهار يقابله قطعاً دخول النهار في الليل في الجزء المقابل ولولا هذه المقابلة لانعدمت هذه الدقة في الوصف، يؤكد هذا قوله تعالى: (وكم من قريةٍ أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون) (الأعراف: 4)، وقوله تعالى: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون) (الأعراف 97 – 98) ذلك أن العذاب حين يأتي على الناس جميعاً يكون بعضهم في جزء من الأرض والبعض في الجزء الآخر؛ فيكون بعضهم في نهارٍ وبعضهم في ليلٍ.
ولعل من أهم الميزات اللغوية في المقابلة أن البنيتين المتقابلتين غالباً ما تستخدم النمط البنائي ذاته لحمل القارئ على التنبه لها كما في المقابلة الآتية من سورة الحديد نفسها (7 – 11):
آمنوا بالله فالذين آمنوا ... وما لكم لا تؤمنون ....
وأنفقوا .... وأنفقوا ...... وما لكم ألا تنفقوا ......
وقد يؤتى في التقابل بمغايرة أسلوبية لإحداث نوعٍ من المفارقة تُنبه إلى اختلاف بين المشهدين المصورين كما في المقابلة الآتية في سورة الحديد 10:
لا يستوي منكم ـــــــــــــــــــــ تماثل ـــــــــــــــــــــ أولئك أعظم درجة
من أنفق ـــــــــــــــــــــ تماثل ـــــــــــــــــــــ من الذين أنفقوا
من قبل الفتح ـــــــــــــــــــــ تضاد ـــــــــــــــــــــ من بَعدُ
وقاتل .. ـــــــــــــــــــــ تماثل ـــــــــــــــــــــ وقاتلوا
((إفراد)) ........................................... ((جمع))
فيُلاحظ أن الحديث عمن أنفق بعد الفتح وقاتل تحوَّل إلى الإخبار عن الجماعة في حين كان الحديث عنهم قبل الفتح بصيغة الإفراد في الوقت الذي كانت الأفضلية والخيرية لمن فعل ذلك قبل الفتح والسبب في ذلك - والله أعلم - أن الحاجة إلى مثل هؤلاء كانت شديدة قبل الفتح لأن الاختبار كان أكبر ولأن المسلمين كانوا قلةً، فناسب ذلك أن يؤتى بالإفراد في الإخبار عنهم وعكسه فيما بعد حين قويَ الإسلام ودخله الناس أفواجاً، بل لعل هذه المغايرة الأسلوبية كانت إشارةً إلى ذلك.
والمقابلة قد تصبح موجهاً إلى الدلالات الهامشية للفظة على وجه الاستدعاء كما في قوله تعالى: (ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزّل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون، إعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) (الحديد: 16 - 17) فالتقابل هنا على الشكل الآتي:
تخشع قلوبهم ـــــــــــــــــــــ يحيي الأرض ــــــــــــــــــــ الإيمان = الحياة
فقست قلوبهم ـــــــــــــــــــــ موتها ـــــــــــــــــــــ الكفر = الموت
إن المقابلة هنا تمثل موجهاً لاستدعاء دلالات المفردة الهامشية، ويعين المطلب السياقي الذي وضعت له هذه المفردة، والنظر إلى المفردة من غير فهمٍ لعلاقتها التقابلية سيبتر المعنى الدقيق لها والذي اكتسبته من التقابل، ويضعها وعلى السواء مع أي مفردةٍ أخرى مرادفة لها، فقد فسِّرت (تخشع) بـ (تذلّ وتلين) ((10))، وكيف يمكن أن يقابل الذل معنى الحياة ليكون مشيراً إلى الإيمان على وجه الاستدعاء من التقابل، فهذه المعاني التي ذكرها القرطبي لا تصلح أن تكون بديلاً لهذه اللفظة لأنها ببساطة غير صالحة لأن تأخذ موضعها التقابلي الذي جعل من (تخشع) متضمنة لمعنى الحياة المعاكسة للموت والله أعلم.
د. عامر مهدي صالح
استاذ البلاغة والنقد في جامعة الأنبار
(1) ينظر: التفسير البياني 1/ 25 – 26.
(2) ينظر: تفسير الرازي 30/ 420.
(3) التبيان في أقسام القرآن 72.
(4) ينظر: الأعمال الكاملة لمحمد عبده 5/ 95.
(5) ينظر: التفسير البياني 1/ 26.
(6) ينظر: التقابل والتماثل في القرآن الكريم 286.
(7) اشتقاق أسماء الله الحسنى 232.
(8) مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية 40، وينظر: شرح العقيدة الواسطية 29.
(9) ينظر: التبيان في علم البيان 129 – 130.
(10) تفسير القرطبي 17/ 248.(/)
أبحاث في الجملة القرآنية من حيث المبنى (4)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[07 Jun 2006, 02:22 ص]ـ
أبحاث في الجملة القرآنية من حيث المبنى (4)
ب - التماثل:
تكتسب الألفاظ المشاكلة من المجاورة، تمازجاً في الدلالة يخرجها عن النمط المألوف ويعدل بها عن دلالة المطابقة إلى الناحية الإبداعية، وهذا التمازج لا يتمثل في التكرار المجسم في العبارة، بل أنه يتحقق ذهنياً من خلال تقدير المجاورة في الدلالة وما يستتبع ذلك من تمازجها (1). قال تعالى: (إنهم يكيدون كيداً وأكيدُ كيداً، فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) (الطارق: 15 - 17) إن هذه المماثلة أعطت للنص دلالات أخرى مضافة لدلالة المفردة المستخدمة أصلاً في التماثل، وهو أسلوب شائع في القرآن يضفي دلالة القدرة على المجازاة المُستَحَقةُ لفعلهم الأول لذلك مُثِل بين الأفعال لأن العقاب غالباً ما يكون من جنس العمل كما يقال، رغم أن مثل هذه الصفة (الكيد) التي وردت في الآية مما لا يصح أن يُنسب إلى الله تعالى غير أن المقابلة عن طريق التماثل جعلت اللفظ يخرج عن معنى الكيدية إلى معنى المجازاة على الكيد لذلك يقول ابن عثيمين: إن الصفة (صفة الله عز وجل) إذا كانت كمالاً في حالٍ ونقصاً في حالٍ لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق فلا تُثبَتْ له إثباتاً مطلقاً ولا تُنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل فتجوز في الحال التي تكون كمالاً وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر والكيد والخداع ونحوها، فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها لأنها حينئذٍ تدلّ على أنّ فاعلها قادرٌ على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشدّ، وتكون نقصاً في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها كقوله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (الأنفال: 30) وقوله تعالى: (إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيدا) (الطارق:15 - 16) وقوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) (النساء: 142) وغيرها كثير ولهذا لم يذكر الله تعالى أنه خان من خانوه فقال تعالى: (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) (الأنفال: 71)، فقال فأمكن منهم ولم يقل (فخانهم) لأن الخيانة خدعة في مقام الإئتمان وهي صفة ذمٍّ مطلقاً (2) وهذا ما يسمى عند البلاغيين بالمشاكلة، والمشاكلة عند الشعراوي أن تأتي بلفظٍ هذا اللفظ يدل على معنى، وهذا المعنى ليس هو عطاء اللفظ لغةً ولكنه جاء بهذا لوقوعه في صحبة غيره فعندما يقول الله عز وجلّ: (والله خيرالماكرين) هل نقول والعياذ بالله ربنا ماكر أم ماذا؟ فإذا قال الله عن نفسه فعلاً فيجب أن نقف عندما يقول ولا نشتق منه اسماً فلا نقول الله الكائد ولا الماكر بل نقف بالحديث عندما قال الله به، لأنه جاء به على طريق المشاكلة، لأن الكيد والمكر تَبييتَ أمورٍ يَظنُّ أنها خافية على من بَيتَ له (3).
والتأمل بالتماثل يفضي بالمتأمل إلى القول بأن التماثل عبارة عن مقابلة من نوعٍ معين، فهو مقابلة قد تتشاكل فيها الألفاظ إلا أن السياق وعن طريق التقابل يعين علاقة التضاد، الأمر الذي يؤكد القصدية في تحقيق المشاكلة في بعض السياقات لفظياً لأقامة تقابل مبني في علاقاته على التضاد كما في قوله تعالى: (ولدينا مزيد) و (هل من مزيد) في سورة (ق: 30،35) فقد اشتركت الجملتان بلفظة (مزيد) مع أن سياقيهما مختلفان تماماً مما يجعل الصورة أشد بروزاً وكأنها (لفظة مزيد) دالةٌ تشير إلى هذه العلاقة التي هي عبارة عن جزء في مقابلة أكبر وعلى الشكل الآتي: قوله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفّارٍ عنيد) (ق: 24) يقابله (وأزلفت الجنة للمتقين غيرَ بعيد) (ق: 31) فكل في سياق الأمر (ألقيا) دلّت على الاستهانة بهم فكل من كفر كائناً من كان سيلقى في جهنم، وجيء بـ (في) لتعني الظرفية، فكأن الإلقاء يكون في وسط جهنم وهذا سرّ التعدية بـ (في) دون (إلى) مع أن (ألقى) قد يُعدى بـ (إلى) كما في قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً) (النساء: 94)، يقابل كل هذا (أزلفت) الفعل الماضي الدّال على الاهتمام والتهيئة، تهيئة الجنة للمتقين قبل دخولها، واللام هنا تقابل (في) وهي توحي بالملكية، وكأنهم أي المتقين قد تملكوا الجنة التي هيئت لهم غير بعيد. وقُوبل قوله تعالى: (فألقياه في العذاب الشديد) (ق: 26) بقوله تعالى: (أدخلوها بسلام) (ق: 34) ليصور الفرق بين الحالين، فالفرق كبير بين الأمر بإلقاء الشخص في العذاب الشديد وبين دعوة المتقين للدخول إلى الجنة بسلام، وهذا الأمر بإلقاء الكافر في النار لن يُبدل مما يعني خلوده في النار قال تعالى: (ما يُبدل القول لديَّ .. ) (ق: 29) لذلك قُبل بقوله تعالى: (ذلك يوم الخلود) (ق: 34)، هذه الصور المتقابلة كانت واضحة جداً في قوله تعالى: (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) (ق:30) وقوله تعالى: (لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد) (ق: 35) فالتقابل بين (هل من مزيد) وبين (ولدينا مزيد) جعل صورة التضاد بين الصورتين واضحة جداً عن طريق اللفظة المشتركة بينهما (مزيد)، فجهنم تبحث عن أي زيادة كما يفهم من (من) التبعيضية في السؤال في حين تأتي الصورة المقابلة (ولدينا مزيد) بعد أن أبيح لهم كل ما يشاؤونه ليتكفل الله بعد ذلك بالزيادة في حين طلبت جهنم الزيادة بعد امتلائها
د. عامر مهدي صالح
استاذ البلاغة والنقد في جامعة الأنبار
(1) ينظر: البلاغة والأسلوبية 225.
(2) ينظر: القواعد المثلى 20.
(3) ينظر: المختار 2/ 197 – 200.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:03 م]ـ
جزاك الله خيراً.(/)
نحو النحو الحسابى- مطلوب مشاركين فى بحث مصفوفة موقع إعراب إسم الله فى القرآن الكريم
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[07 Jun 2006, 02:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مصفوفة إسم الله فى القرآن الكريم هو الخطوة الأولى إن شاء الله لمصفوفة المتشابهات اللفظية فى القرآن الكريم
باعتبار أن لفظ الجلالة " الله" هو مفتاح القرآن الكريم
وهناك مثال لجزء منها مرفق، يمكن تحميله (وقد تمت مراجعته مرة واحدة)
ومطلوب مراجعين ومشاركين فيها
حيث المطلوب هو:
1 - تعديل الرسم الإملائي المعاصر المكتوب في قاعدة البيانات ليوافق رسم " الكتبة الأولى" كما في مصحف المدينة المنورة
2 - مراجعة الإعراب لإسم الله فى القرآن الكريم
3 - مراجعة بيانات موقع الآية فى القرآن الكريم (رقم السورة × رقم الآية).
مطلوب مراجعتان/:
مراجعة شخص+ مراجعة شخص آخر (على دراية بالنحو ورسم المصحف، ومستخدم لقواعد البيانات بالأكسس)
فإن أفاد الشخصان بعدم وجود أخطاء، فيتم النشر
إن أفادا وجود أخطاء وتم تصحيحها، فيتم إعادة المراجعة من شخصين آخرين للتأكد من عدم وجود أخطاء.
بعد انتهاء المراجعة، قد يتم
4 - جمع الإحصائيات.
5 - مراجعة الإحصائيات.
(وإن كان هدف البحث هو التحليل الحسابي للنحو القرآني، لا جمع الإحصائيات ولكنها فرصة سانحة للدقة العددية).
المشترك سيكون مشترك فى البحث لا فقط مراجع / فيتم التعاون لضبط قائمة التأثيرات النحوية المؤثرة على لفظ الجلالة.
باعتبار أن لفظ الجلالة هو محور القرآن الكريم، فحتما سيكون هو المفتاح الأول للتحليل الحسابي للتراكيب النحوية للقرآن الكريم- إن صح تعبير " تراكيب نحوية".
-____________-
للإشتراك فى هذا العمل أرسل رسالة إلى
estratigy@yahoo.com
ليتم إرسال لك النسخة التي ستقوم بمراجعتها إن شاء الله مع التفاصيل
وهي ليست للنشر حتى يتم اعتمادها من الباحثين جميعا
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 Jun 2006, 01:41 م]ـ
أخي يسري:
- ما معنى قولك إن لفظ الجلالة هو مفتاح القرآن الكريم, ومحور القرآن الكريم؟
- ومن ذكر ذلك؟
- وما المراد بالتحليل الحسابي للنحو القرآني؟
- وما فائدته؟
- وماذا كُتِبَ فيه؟
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[07 Jun 2006, 07:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذ أبو البيان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأبدأ من الآخر (أعنى من آخر أسئلتك إلى أولها)
أولا: لم يكتب فيه شيء بعد (فهذا هو أول موضوع – على حد علمي)
وهذه خطة الأبحاث التي يتفرع عنها هذا البحث http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5773
ثانيا: فائدته هو
الكشف عن رابط دقيق يربط آيات القرآن الكريم على نحو حيادي تام (لا يتأثر برؤية الباحث)
بحيث تشكل هيكل الدراسة القرآنية بشكل دقيق يمكن ضبطه بشكل حسابي.
فدوما الدراسات القيمة فى مجال القرآن الكريم، وما يتم الإستشاهد بها تتوقف على مدي (رؤية) الدارس لكتاب الله.
فتتزايد نتائج الدراسة على حسب (رؤية) وعلم الباحث مع تحليه بالموضوعية فى بحثه
ومن ثم قد تختلف النتائج باختلاف الدارس (باستثناء الأمور المعلومة من الدين بالضرورة)
ولكن هذه الدراسة تهدف إلى وجود " روابط منهجية" يتم الكشف عنها فى القرآن الكريم وتتبعها فى أي موضوع بشكل دقيق بحيث تقود لنتائج محددة (مهما إعيد البحث فيها بمختلف الأساليب تقود لنفس النتائج المحددة)
وذلك بتتبع رابط اللغة (حيث كشفت بحمد الله وجود روابط للقرآن الكريم تقود لترابط القرآن الكريم،) وهذه الروابط مقننة حسابيا
وهذا يقودنا إلى السؤال التالى لك وهو:
ما المراد بالتحليل الحسابي للنحو القرآني:
أولا: هذا الموضوع ما زال فى بدايته، ومن ثم لم يتضح بعد.
ولكن فى المثال المذكور
مثلا يتم تحليل الجملة القرآنية باستخدام المصفوفة
راجع المثال المرفق فى أعلي:
ولاحظ
تلاقي الصفوف × الأعمدة
هو عملية ضرب، ينتج عنها الحقول
وإن لاحظت أن هناك (عمود واحد) [التواب الرحيم]
تداخل معه صفان " أن الله هو"، "إن الله هو"
نتج عنها حقلان " أن الله هو التواب الرحيم" " إن الله هو التواب الرحيم"
هذا أسلوب حسابي، لتحليل الجملة القرآنية
إن تتبعت روابط الرحيم _ بغيره من كلمات القرآن_
(يُتْبَعُ)
(/)
ستقودك إلى: " الرحمن الرحيم" "الرحيم الغفور"
لا يمكنك الكشف عن الإرتباطات الناتجة عن هذا إلا بتمثيل بياني
تميهدا لكشف المعادلة الحسابية لترابط هذه الجزئية من القرآن الكريم
، ومن ثم تجد أن القرآن الكريم، يستخرج منه معطيات، هذه المعطيات تترابط معا بشكل (تقوم بالكشف عنه)
ومن ثم لا تصبح الدراسات القرآنية تعكس (رؤية) صاحبها
ولكنها تكون دقيقة جدا بروابط اللغة بأسولب حسابي، يمكن برهنته والتأكد من صحتها، والتوصل لنفس النتائج بدقة مهما تعدد بحثها وإختلفت أساليب الدراسة (فلا يمكن إختلاف الآراء لأن النتيجة يمكن برهنتها من طريق آخر)
ومن فائدة ذلك:
تكتشف الفرغات التى فى بحثك _ التى تتطلب تتبع وإتيان بآيات آخري لتتكامل
وتكتشف الأجزاء فى بحثك التى لا تتوائم مع الآيات التى أتيت بها فى الدراسة
ومن ثم تجد أن بحثك القرآن الكريم هو الذي يضعه آياته موضعها فى بحثك (لا الباحث هو الذي يضع الآيات موضعها) - هيمنة القرآن على بحثك-
مع العلم أن كل هذه العمليات تكون بعد (قراءة التفاسير المتفق عليها للآيات) أي الفهم المتعارف عليه للآيات، فليس هذا أسلوب لتفسير القرآن، ولكنه إستخراج نتائج من القرآن الكريم ومن ثم فليس تفسير.
ولكن عموما هناك بعض الأبحاث التي تم عملها باستخدام هذا الأسلوب، وأفادت نتائج لم يكن من الممكن التوصل إليه إلا عبر هذا الأسلوب
يمكنك الإطلاع عليها هنا:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5772
وهذا البحث وغيره بهدف تفصيل هذا الأسلوب البحثي
أما عن أن للفظ الجلالة هو مفتاح، أو محور القرآن الكريم
فهذه دراسة تطول ولا يمكن الحديث عنها دون أمثلة، ولكن فقط يمكن القول أن لفظ الجلالة " الله" باستخدام تتبع الروابط المنهجية أفاد وجود شبكة حسابية دقيقة جدا، تربطه مع أسماء الله الحسني الآخري
يمكن تمثيلها بيانيا، ورؤية روابطها بشكل بياني، ويمكن عمل معادلة حسابية لها
ولكن هذا هي المرحلة الثانية من البحث بعد " مصفوفة لفظ الجلالة فى القرآن الكريم" المطلوب مراجعتها حاليا.
ولهذا دوما نكرر
على دارسين القرآن أن يتعلموا الرياضيات، حتى العصر القادم إن شاء الله هو مجال التقنين الحسابي للدراسات القرآنية
وأتمني أن نتبادل النقاش فى هذه النقاط حتى تتضح الفكرة
وشكرا لك على نقاشك الذي فصل هذه الجزئية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
المنهج العلمي الأسلم في تفسير القرآن: تفسير المتقين.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[07 Jun 2006, 04:16 م]ـ
1 -
لا ريب أن أعظم ما يميز هذه الأمة المسلمة هو الربط –الذي لا انفصام له-بين العلم والعمل أو بين الأخلاق والمعرفة ... وهذه أم القرآن-المفروض قراؤتها على كل مسلم مرات في اليوم والليلة-نددت برجلين من الناس: ضال ومغضوب عليه وما صارا إلى ما صارا إليه إلا جزاءا على تعسف الفصل بين ما لا ينفصلان. فأخذ أحدهما بالعمل مطرحا العلم فعارضه صاحبه معاكسا واتحدا رغم- تضادهما -في النبذ والسقوط.
لا ريب أن هذه الأمة المسلمة –إلا من استثني-محكومة قدرا باتباع سنن من قبلها ...
فلا عجب أن سرى إليها داء الفصل بين العلم والعمل وهو داء قتال فتاك .... وإن كنا لا نعدم بين مسلمي اليوم من يزين لإخوانه هذا الداء ويقدمه لهم في صورة الدواء الترياق ... وما العلمانية-التي يراها حلا للتخلف- إلا التجلي السياسي لمبدأ الفصل بين العلم والعمل .....
صحيح إن الغربيين الضالين والمغضوب عليهم لا يرون التفاعل بين العلم والأخلاق .... وقد يحكمون على علم الرجل منهم بمعزل من أخلاقه ولا يجدون غضاضة في رفع واحد منهم إلى علياء التقديس العلمي مع أنهم يعرفون أنه في حكم التزكية والخلق معدود في حضيض الحبوان ... وهذه ازدواجية خطيرة مآلها إلى نوع من الفصام الثقافي لا تقل خطرا عن الفصام العقلي المسمى سكيزوفرينيا:
-منظر الثورة العمالية وعدو البورجوازية مثلا –ماركس-عاطل يعيش على حساب رفيقه البورجوازي. لا بأس.
-مشرح الثقافة الغربية وقيمها-فوكو-ما أن ينتهي من محاضرته حتى يندس في صفوف الشواذ في علب الليل. لا باس.
-فيلسوفهم الحداثي-شوبنهور-يدعو إلى الانتحار ويقنع الناس بان الحياة غير جديرة أن تعاش .... ويكتب ذلك كله وهو جالس إلى مائدة عليها كل ما لذ وطاب ... لا بأس.
-شاعرهم الحداثي-بودلير-لا يكاد يستفيق من الخمر والمخدر. لا بأس.
هذه النجوم المتألقة عندهم .... لا تزن شيئا عند الذين أنعم الله عليهم ....
انظر مثلا إلى أهل الحديث-وفي أهل الحديث تتجلىالثقافة الإسلامية الحقيقية الناصعة-
لقد أسسوا "علم الرجال" وما علم الرجال؟
علم فريد لم يسبق إليه أحد قبلهم ولم يلحقهم أحد بعدهم .... علم يقرر أن العلم بدون أخلاق مطروح أرضا ......
العدالة شرط لقبول الحديث .....
الأخلاق شرط لقبول العلم ....
هذا دستور المحدث ومبدأ الإسلام.
2 -
هذا إبان تصحيح مناهج التفسير .....
ولن يكون ذلك إلا بإدخال المقوم الخلقي مكونا لا بد منه .......
نسمع كثيرا عن تفسير الموضوعيين وتفسير البنائيين وتفسير البيانيين وتفسير الحركيين وتفسيرالاجتماعيين وتفسير العلميين وتفسير الحروفيين والرقميين ..... !!!
لكننا لا نسمع شيئا عن" تفسير المتقين"!!!
جرب أن تسأل أستاذا أو شيخا:
-أستاذي أريد أن أجرب حظي في مجال التفسير،انصحني!
لا شك أن الأستاذ-وهو رجل صالح غالبا-يرشد تلميذه إلى أمور منها:
تعلم العربية،
وتذوق أساليب البلغاء،
وإدمان النظر في كتب المفسرين،
واكتشاف وسبر مناهج العلماء ......
لكن من المستبعد أن يقول لتلميذه مثلا:
-إذا أردت أن تكون مفسرا فعليك بصلاة الفجر في مسجدك القريب لا تخطيء جماعة ...
أو
-ملكة التفسير تكتسب بالصدقة والاحسان إلى الجار وصلة الرحم.
أو
-علم التفسير يبدأ بالاعتناء بالسمت قبل قراءة "مفردات" الراغب.
قد يخطر بعض هذا في ذهن الأستاذ الصالح لكنه لا يجرؤ أن يشافه تلميذه به مخافة أن ينسبه المسترشد إلى السفه والسخرية وعدم الجدية.
الحقيقة ان التفسير لا يبدأ إلا من هنا:
ويدل عليه ختام أطول آية في كتاب الله:
{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (282) سورة البقرة.
وأفضل علم هو العلم بكلام الله ..... وهو تابع للتقوى.
قال القرطبي في تفسير الآية:
وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}.
قال الشوكاني مثل ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
{واتقوا الله} في فعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه {ويعلمكم الله} ما تحتاجون إليه من العلم وفيه الوعد لمن اتقاه أن يعلمه ومنه قوله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}
هذا هو السبيل الذي لا سبيل غيره ....
جاء في "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" لمصنفه محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي- رحمهم الله-:
وكان رحمه الله-يقصد ابن تيمية- يقول ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول يا معلم آدم وإبراهيم علمني وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني.
هذا أول درس في مادة التفسير خذه عن ابن تيمية- نظريا وعمليا-!
مائة تفسير يقرؤها واحد من أذكى البشر لكنها لا تجدي حتى تشفع بالتقوى:
إظهار الافتقار إلى الرب جل وعلا،
وسؤال الكريم سبحانه،
والصلاة الخالصة بعيدا عن أعين الناس في المساجد المهجورة ...
وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني.
نعم.
نحن في غمرة اعتدادنا بعلمنا نظن أننا قادرون على الاستنباط من القرآن وأننا نستخرج النكت بالمناقيش .... وننسب ذلك-زورا- إلى ما نسميه آليات الاستكشاف ومستويات التحليل ..... ونجهل الحقيقة السامية وهي أن الكريم صفة للقرآن لا صفة للقاريء .... فإن أخذنا منه فبعد موافقته وبفضل كرمه لا بفضل مهاراتنا ....
والقرآن لا يبسط مائدته إلا للمتقين ..
صحيح قد يقع للفاسق من القرآن نكتة باهرة غابت عن الأبرار أنفسهم ..... وما ذاك إلا من الاستدراج فقد تقع عليه غدا شبهة من القرآن تهشم عقيدته.
{إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}
التلازم شرطي ومحال ان ينفصلا.
التقوى جزء من التفسير ... وشرط فيه.
وعلى الذين يتصورون القرآن حقل تجارب لاختبار قدراتهم في الاستنباط والاستقراء أو لاختبار ملكتهم الذوقية أو لتفعيل نظرياتهم وفلسفاتهم أن يسألوا أنفسهم ما حظهم من التقوى في كل هذا ..
وكم من الركعات في جوف الليل أتوا بها باكين مستعينين بها على فهم آية عليهم أشكلت!!
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[08 Jun 2006, 11:07 ص]ـ
الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد
أخي الكريم أحسن الله إليك وجزاك خيرا ونفع بك .. فلا غرو أن التقوى من مفاتح العلم بعد الإخلاص لله تعالى، وأنها من السمات التي ينبغي أن يتصف بها أهل العلم عامة، فضلاً عن أهل القرآن.
ولكن يا رعاك الله قلت: " نسمع كثيرا عن تفسير الموضوعيين وتفسير البنائيين وتفسير البيانيين وتفسير الحركيين وتفسيرالاجتماعيين وتفسير العلميين وتفسير الحروفيين والرقميين ..... !!!
لكننا لا نسمع شيئا عن" تفسير المتقين"!!! ". وأقول: بلى قد سمعنا عن تفسير المتقين!! إذ لا خلاف أن كل من وفقه الله تعالى إلى معتقد أهل السنة والجماعة في تفسير وبيان معنى الإيمان بالله وتوحيده في ربوبيته وألوهيته، وتأويل آيات الصفات تأويلا صحيحاًً، وبيان معنى القضاء والقدر، وغير ذلك مما لا يمكن حصره من أصول العقائد، أنه قد حظي بهداية التوفيق، هداية الصراط المستقيم، ولن ينالها إلا من جاهد في الله بطاعة أوامره، والكف عن نواهيه، فكان من المفسرين المتقين المحسنين الذين استحقوا معية الله وتأييده، وصدق فيهم قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}. وإن كان تفسيره موضوعياً، أو اجتماعياً أو ..... وهذه التصنيفات موجودة وإن لم تكن تحت هذه المسميات. فالجامع لأحكام القرآن للقرطبي لا يخرج عن كونه تفسيراً وإن غلب عليه البسط في آيات الأحكام حتى صنفه أهل العلم بالتفسير الفقهي، وكذلك البحر المحيط لأبي حيان غلب عليه الاهتمام بالمسائل اللغوية, فعدّوه من التفاسير اللغوية، وغير ذلك .. فإن لم يكن تفسير الشنقيطي، وابن عثيمين، - رحمهم الله - وتفسير الجزائري - حفظه الله - كأمثلة على تفاسير المعاصرين المتقين فمن يكون!!!!!!؟ - نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا -.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو أنك قلت حفظك الله: إنه ليس كل من أقدم على تفسير كتاب الله من المتقين لكان أولى؛ إذ لو كان الأمر كذلك لما وجدنا بعض التفاسير قد خرج أصحابها عن الملة كتفسير بعض المارقين عن الدين من أهل القول بالحلول والاتحاد. وتفسير الروافض الذين تجرأوا على القول على الله بغير علم تعصباً لمذهبهم وتشيعهم. ومنها ما هو دون ذلك ممن خالف أصول أهل السنة والجماعة في تفسيره كصاحب الكشاف، فهو معتزلي المذهب، تعصَّب في تفسيره لمذهبه تعصباً جلياً، فهل لطالب العلم أن يستغني عن تفسير الزمخشري؟!!.
ثم هناك من هيَّأه الله تعالى ذِكْره لخدمة هذا الدين مع أنه من غير أهل الملة! وأقرب الأمثلة ذلك المستشرق (فنسك، أستاذ اللغات الشرقية بجامعة لندن الذي صنَف كتاب مفتاح كنوز السنة والذي يعد موسوعة في خدمة السُّنَّة النبوية) , وقام بترجمته محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله وسماه: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي. فكيف ألَّف هؤلاء ما ألَّفوا وليسوا من عِداد المتقين؟ وما موقف أهل السنة من الأخذ من كتب هؤلاء مع إجماعهم أنهم ليسوا من المتقين؟؟! إنها الحكمة ضالة المؤمن فأنّى وجدها فهو أولى بها.
وبناء عليه فمن أقام تفسيره على المنهج الرباني الصحيح فهو من المفسرين المتقين حيث حقق الشرط المطلوب في قوله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً} فجعل الله له فرقاناً وهداه إلى الحق وجنَّبه الباطل. ومن لم يتق الله لم يجعل له فرقاناً، ولم يهده إلى الصواب في تفسيره فابتعد بذلك عن المنهج الرباني الصحيح.
ثم لا أدري أخي الفاضل لم تعجبت واستبعدت توجيه المعلم تلميذه ونصحه له في اتخاذ الأسباب المعينة على طلب العلم، وأنه قد يخطر بعض هذا في ذهن الأستاذ الصالح لكنه لا يجرؤ أن يشافه تلميذه به مخافة أن ينسبه المسترشد إلى السفه والسخرية وعدم الجدية. (أليس هذا غريباً بعض الشيء؟!!!!!!!)
حفظك الله تعالى لا يُتوقّع من شيخ فاضل مربي أجيال أن يُقصّر في حثّ طلابه على ملازمة تقوى الله عز وجل ومراقبته في السرّ والعلن، ويبين لهم أن التقوى يجب أن تكون سمتاً لطالب العلم، وتذخر سير الصالحين من أهل الفضل والعلم قديماً وحديثاً بمثل هذا، وما سطرته الكتب نقلاً عمن لازم سماحة شيخنا الجليل عبد العزيز ابن باز تغمده الله في واسع رحمته شاهدا على ذلك. ولا أظن أن معلما غفل أن يذكر لطلابه أبيات الشافعي المشهورة: شكوت إلى وكيع سوء حفظي ....... ولكن ... أن يعاب على الأستاذ توجيهه سائله إلى أصول طلب علم من العلوم، فيه نظر؟!
ثم هل يصح أن يقول له: صل رحمك، وأحسسن إلى جارك، وتصدَّق، تحصل على ملكة التفسير؟؟!!! وهل يفهم إن هو علَّمه أصول علم من العلوم أنه لم يحثه على الأسباب المعينة له على ذلك ليفتح الله عليه!!؟.
وأما قولك: "وعلى الذين يتصورون القرآن حقل تجارب لاختبار قدراتهم في الاستنباط والاستقراء أو لاختبار ملكتهم الذوقية أو لتفعيل نظرياتهم وفلسفاتهم أن يسألوا أنفسهم ما حظهم من التقوى في كل هذا .. وكم من الركعات في جوف الليل أتوا بها باكين مستعينين بها على فهم آية عليهم أشكلت!! "
نحن معك في هذا، ولا نوافق أن يدلي كل من ليس له علم برأيه في كتاب الله الكريم، ولكن ما زال العلماء يكتشفون من أسرار ومعجزات هذا الكتاب على مر الزمان، وهذا هو سر خلوده. فلماذا نحجر واسعا؟؟!!!
وليتك وجهت موعظة ونصيحة لطلبة العلم، وأن يلزموا ما يعينهم على طلبه من تقوى الله عز وجل لينالوا تأييده لهم فيما هم في صدده، وليسهّل ذلك عليهم.
أخيراً نحن أمة واحدة أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نبقى يداً واحدة كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ولن يتحقق هذا إلا بالتناصح، فالدين النصيحة، فإن كان استدراكي صواباً فجعلك الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وإن كان غير ذلك فعفا الله عني وعنك.
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[08 Jun 2006, 03:56 م]ـ
السلام عليكم
لا أرى تعارضاً بين كلام الأخ أبو عبد المعز وكلام الأخت الفاضلة
وكلام كل واحد منهما مكمِّل للآخر ولا بد
لابد من الإتقان , الناتج عن تعلُّم ومنهجية و مهارة وكفاءة ... (كأي صنعة أو حرفة)
ولابد كذلك من التقوى , لكي يبارك الله تعالى في العمل ويقبله عنده ويجزي عليه الحُسنى
وشكر الله للجميع مشاركاتهم وما يتحفونا به من نفائس وجواهر ...(/)
سورة الزمر / تقسيم موضوعي
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[07 Jun 2006, 10:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله .. والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله .. وبعد
نزولاً عند رغبة بعض الأخوة الأفاضل ها أنا أضع بين أيديكم مثالاً توضيحيّاً عن تجربتي وطريقتي في تحفيظ كتاب الله تعالى حسب التقسيم الموضوعي للسورة المراد حفظها، مع بيان المناسبة ووجه الارتباط بين الموضوعات - إن كان هناك تناسب وارتباط - .. وقد وقع اختياري على سورة الزمرلسهولة نشرها في صفحات الملتقى على العكس من سورة البقرة لطولها.
وقبل البدء أرجو من القراء الكرام إعذاري فيما لو وجدوا بعض الأخطاء المطبعية أو النحوية، فما عملي هذا إلا عمل بشر لا يخلو من التقصير والزلل، فما كان من توفيق فمن فضل الله تعالى عليّ أولاً وآخراً، فله الحمد والثناء الحسن الجميل. وما كان من تقصير فمن نفسي، وأسأل الله العفو والصفح.
سورة الزمر تفسير وتقسيم موضوعي
بين يدي السورة
سورة الزمر مكيّة/ رقمها: 39/ وهي (75) خمس وسبعون آية
تسميتها:
سميّت سورة الزمر لذكر لفظ الزمر فيها ولم يُذكر في غيرها قط؛ لأنَّ الله تعالى يتكلّم فيها عن تقسيم النّاس فيها إلى زمر أو فرق يوم القيامة بحسب أعمالهم في الدنيا، بحيث يكون هنالك زمرة الكفّار الأشقياء مع بيان حالهم وتوفية جزائهم، وزمرة المؤمنين السعداء وبيان إعزازهم وإكرامهم.
مناسبتها لما قبلها:
* تظهر صلة هذه السورة بما قبلها وهي سورة (ص) من جوانب:
- من حيث ارتباط فواتح سورة (الزمر) بخواتم سورة (ص): فإنّ الله تبارك وتعالى ختم سورة (ص) بوصف القرآن الكريم بقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (88)}. وابتدأ هذه السورة بقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} فكأنه قيل: هذا الذكر تنزيل من الله العزيز الحكيم، فهما كالآية الواحدة، بينهما اتصال وتلاحم شديد.
- كذلك ذكر الله تعالى في آخر سورة (ص) قصة خلق آدم عليه السلام، وذكر في صدر هذه السورة قصة خلق زوجه منه، وخلق الناس كلهم منه، وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقاً من بعد خلق، ثم ذكر أنهم ميتون، ثم ذكر سبحانه القيامة، والحساب، والنار، والجنة، فذكر جلَّ شأنه أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد، متصلاً بخلق آدم المذكور في السورة قبلها.
* وأما من حيث الموضوع: فالسورتان مكيَّتان، ولا يخفى تشابه السور المكية من حيث بيان أصول العقيدة الإسلامية وذلك بالدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وحده، وإثبات الرسالة، وإثبات البعث والجزاء، وذكر القيامة وهولها، والنار وعذابها، والجنة ونعيمها، ومجادلة المشركين بالبراهين العقلية، والآيات الكونية.
- ولما بُنيت سورة (ص) على ذكر المشركين وعنادهم واتخاذهم الأنداد والشركاء، ناسب أن يذكر في سورة (الزمر) الأمر بالإخلاص الذي هو نقيض حال من تقدّم، وتنزيه الله تعالى نفسه عن عظيم فعلهم؛ فقال: {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
- وكما ذكر في سورة (ص) ما أعدّه تعالى لعباده المتقين من النعيم والسعادة في الدار الآخرة، وما أعدّه للطاغين الخارجين عن طاعة الله من سوء المنقلب والمرجع، ذكر كذلك في هذه السورة الكريمة ما عليه أهل الكفر من سوء الحال، وكيف يساقون إلى النار ذليلين مهانين، وما عليه أهل الجنة من النعيم والسعادة، وكيف يساقون إلى الجنة مكرمين معزَّزين.
مشتملاتها:
محور سورة (الزمر) يدور حول التأكيد على وحدانية الله، وموضوعها الرئيس هو: الحديث عن التوحيد، وأدلّة وجود الله ووحدانيته، وعن الوحي، والقرآن العظيم.
فهي وإن كانت ككل السور المكيّة التي تدور محاورها حول هذه الموضوعات إلاّ أنّها تهزّ القلب هزّاً عميقاً متواصلاً في كل مقاطعها لتطبع فيه حقيقة التوحيد، وتنفي عنه كلَّ شبهة أو ضلالة. ومن ثَمَّ فهي ذات موضوع واحد متصل من بدئها إلى ختامها يُعرض في صور شتى. (في ظلال القرآن بتصرف).
(يُتْبَعُ)
(/)
فمنذ افتتاحها تبرز قضية التوحيد التي تكاد السورة تقتصر على علاجها، وذلك بقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} لتبقى تتردَّد في مقاطعها وعلى فترات متقاربة إمّا نصاً وإمّا مفهوماً.
نصاً كقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ…} إلى قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}.
ومفهوماً كقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)} وقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37)}. (المرجع السابق)
أمّا تسلسل موضوعاتها فهو كما يلي:
1 - ابتدأت السورة ببيان تنزيل القرآن الكريم من الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، داعية إيَّاه لعبادة ربّه وحده، وإخلاص الدّين له، وتوضيح شبهة المشركين في اتِّخاذ الأصنام آلهة شفعاء، وعبادتها وسيلة إلى الله تعالى، والنعي عليهم في عبادة الأوثان، فالإيمان الوحيد هو الإيمان بالله الواحد الأحد. وأردفت ذلك بإقامة الأدلة على وحدانية الله تعالى وكما غناه وقدرته، من خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، وخلق الإنسان في أطوار مختلفة متعاقبة، وذلك يقتضي ربوبيّته تعالى المستلزمة لألوهيته، وأنَّه تعالى لا يحتاج لإيمان أحد وعبادته، وإنّما الإنسان هو الذي يحتاج إلى الله وعبادته. الآيات: 1 - 7 قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)}.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - ندَّدت الآيات بطبيعة المشرك وتناقضه، وبيَّنت ما في نفسيته من تذبذب، فهو يتضرع إلى الله عند الشدائد ليعود إلى كفره وينسى ربّه حال الرخاء، وذلك على العكس من نفسية المؤمن السائر لربه على جناحي الخوف والرجاء. الآيات: 8 - 9 قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)}.
3 - ووجَّهت الآيات الكريمات لبعض أسباب الهداية والثبات على الحق، كتقوى الله والإحسان في عبادته، فمن تعسّر عليه ذلك في وطنه فليهاجر إلى غيره فإنّ أرض الله واسعة، فمن فعل ذلك فقد وقع أجره على الله. ثمّ وجَّهت مجموعة من الأوامر للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مبيِّنة من خلالها أنَّ تحقيق العبودية لله تعالى وحده روح الرسالات الإلهية وزبدتها، كُلِّف بها المرسلون أولاً ليكونوا الأسوة الصالحة والقدوة الحسنة لمن أُرسلوا إليهم، تخلَّل ذلك تهديد للمشركين لعلَّهم يرجعوا إلى الطريق المستقيم، وبشَّرت المؤمنين الطائعين المنيبين بالغرف في جنات النعيم. الآيات:10 - 20 قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}.
4 - أوردت الآيات الكريمات بعض الأدلَّة الدَّالة على قدرة الله تعالى في إحياء الخلق وبعثهم بعد الموت، كما أحيا الأرض بعد موتها. الآية: 21 قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)}.
5 - ثم عرضت الآيات صورة لفريقين من الناس: مهتدٍ شرح الله صدره للإسلام فاستنار بأنوار هدايته، وفهم عن ربه مراده من هذا الكتاب الكريم والذكر الحكيم الذي هو أحسن الحديث، وقاسي القلب الذي أعرض عن ذكر الله ولم ينتفع بالقرآن فاستحقَّ الضلالة والعذاب المهين يوم القيامة، كما استحقَّه كلَ ظالم. الآيات: 22 – 26
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26)}.
6 - والقرآن الكريم يتضمَّن أمثالاً للناس لعلهم يتذكرون، ومن هذه الأمثال يتَّضح الفرق بين من يعبد إلهاً واحداً، وبين من يعبد آلهة متعدِّدة لا تسمع ولا تجيب، كالعبد الملوك لسيد واحد، والمملوك لعدّة شركاء متخاصمين فيه. وإذ لم ينتفع المشركون بضرب الأمثال اتجهت الآيات الكريمات تتوعدهم بالموت وما سيلقون بعده من حساب وجزاء يوم أن يصدر عليهم أحكم الحاكمين حكمه العادل. وفي المقابل يحكم الله على المؤمنين أهل الهدى والصدق بفضله ورحمته. وهو الذي يكفيهم ما أهمَّهم في الدنيا ويمنع عنهم ما يخوفونهم به أهل الشرك والضلال. الآيات: 27 – 37 قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنَاً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37)}.
7 - عادت الآيات الكريمات لتقيم الحجة على المشركين باعترافهم أن الله تبارك وتعالى هو الخالق لكلِّ شيء وكان ذلك يقتضي أن يعبدوه وحده، ولكنهم لسفههم وجهالتهم عبدوا معه غيره مما لا يملك لهم ضرَّاً ولا نفعاً! .. ولمَّا تقرَّر ذلك وجَّه الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى وجوب التوكل عليه وحده، وتفويض الأمر إليه، ومواجهة المشركين وتحديهم وتهديدهم بعد أن بلَّغهم كتاب ربِّهم الذي أنزله لهم بالحقّ ليهتدوا به وهم بعد ذلك وما يشاؤون لأنفسهم من هدىً أو ضلال. الآيات: 38 – 41 قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}.
8 - بيَّنت الآيات الكريمات تفرّد الله تعالى بالتصرّف بالعباد في حال يقظتهم ونومهم، وفي حال حياتهم وموتهم، وأنه وحده مالك الشفاعة كلها، ومالك السموات والأرض، وإليه مصير الخلائق وحسابهم يوم البعث والمعاد. الآيات: 42 – 44 قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)}.
9 - أظهرت الآيات الكريمات بعض صور ضلال المشركين وحماقاتهم وما اقتضاه شركهم، وأنَّه ما على المؤمن وهو يواجه هذه المواقف القبيحة الصعبة إلا التوجه بضراعة وخشوع إلى الله مبدع السموات والأرض، العالم بالسرِّ والعلانية، والحاكم الفصل بين العباد. يومئذ سيكون الحكم على المشركين الذين لو أنّ لهم ملك السموات والأرض لجعلوه فدية لهم من العذاب الشديد. الآيات: 45 – 48 قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)}.
10 - بيَّنت الآيات الكريمات حالة الإنسان وطبيعته، فهو يدعو ربَّه إذا أصابه ضرّ، ويجحده إذا أصابه خير ورخاء زاعماً أن ذلك بجهده ومهارته واستحقاقه، ناسياً أنه إنّما هو ابتلاء له واختبار ليشكر أو يكفر، وهذا هو حال المكذبين الظالمين ودأبهم، لا يقرون بنعمة ربهم، ولا يرون له حقّا، فلم يلبثوا حتى أخذهم الله بذنوبهم فما نفعهم ما كانوا يكسبون عندما نزل بهم العذاب. ثم أنكر تعالى عليهم انتفاء علمهم أن الرزق بيد الله يبسطه لمن يشاء ويضيّقه على من يشاء، وهذا الإنكار تضمِّن توبيخهم؛ لأنهم تسبَّبوا في انتفاء العلم بسبب إهمالهم النظر في الأدلّة المفيدة للعلم، وصمِّهم آذانهم عن الآيات التي تذكِّرهم بذلك حتى بقوا في جهالة مركبة وكان الشأن أن يعلموا أن الله يعطي الرزق من يشاء، ويمنع من يشاء. الآيات: 49 – 52 قوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ () 51 أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)}.
11 - من أعظم بشائر القرآن: مغفرة الذنوب بالتوبة وإخلاص العمل، وترغيب وترهيب. الآيات: 53– 61 قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ
(يُتْبَعُ)
(/)
بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}.
12 - عودة إلى بيان دلائل الربوبية وانفراد الله بالخلق والملك والتدبير، وأن ذلك يستلزم إفراده بالألوهية والتوحيد. وذمّ المشركين الجاهلين، وبيان عظمة الله تعالى وسلطانه وتقديسه. الآيات: 62– 67 قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}.
13 - خاتمة مهيبة في عرصات يوم القيامة، وانقسام الناس لزمرتين: ضالين، ومهتدين.
الآيات: 68– 75 قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)}.
الموضوعات الرئيسة لسورة الزمر
الجزء (23) / الحزب (2) / تتمة الربع الثالث
الآيات: 1 - 7
الموضوعات الرئيسة
أولاً: مصدر القرآن الكريم، والأمر بالعبادة الخالصة لله تعالى، ونفي ادِّعاءات المشركين وتهديدهم: الآيات 1 - 3
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}.
ــــــــــــــــــــــــ
ثانياً: تنزيه الله تعالى عن الولد والشريك، وإقامة البراهين الدّالة على وحدانية الله، وكماله وغناه، وقدرته، وعلمه، وإحاطته: الآيات: 4 - 7
قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا أخبر الله تبارك وتعالى بالحُكم بين أولئك الذين اتخذوا من دونه أولياء، وهدّدهم بعدم التوفيق والاهتداء بعد أن حجبوا أنفسهم عن أنوار الهداية، احتجَّ تعالى عليهم بأنهم كاذبون كفَّارون في زعمهم البنوّة له سبحانه وقصد إلى إبطال شركهم ببيان استحالة اتِّخاذ الشريك في حقِّه سبحانه، مع إقامة الأدلَّة الدَّالَّة على ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء (23) / الحزب (2) / الربع الرابع
الآيات: 8 – 31
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن بيَّن الله تعالى في الآيات المتقدِّمة فساد مذهب المشركين في عبادة الأصنام، وأنّه لا دليل لهم على عبادتها، وبيّن تعالى أنّه هو الذي يجب أن يعبد وحده، وأنّه الغنيُّ عمَّا سواه من المخلوقات لا يفتقر إلى عبادتهم، ذكر تعالى هنا تناقض الإنسان وتقلُّبه وضعفه وقلَّة ثباته على نهج؛ إلا حين يتصل بربّه، ويتطلّع إليه، ويقنت له، فيعرف الطريق، وينتفع بما وهبه الله من عقل.
الموضوعات الرئيسة
أولاً: زمرة الكفار المتناقضين الذين لا يعلمون، وزمرة المؤمنين العالِمين العاملين:
الآيات: 8, 9 / قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)}.
ـــــــــــــ
ثانياً: الأمر بالتقوى، وبيان الثواب المنشِّط في الدنيا للمتقي، والحث على الهجرة، والصبر لما فيهما من الأجر العظيم: الآية 10
قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}.
المناسبة ووجه الربط:
(يُتْبَعُ)
(/)
لمَّا أثنى الله تعالى على المؤمنين بإقبالهم على عبادته في أشدِّ الآناء، وبشدَّة مراقبتهم إيَّاه بالخوف والرجاء، وبتمييزهم بالعلم والعقل والتَّذكُّر، ونفى المساواة بينهم وبين المشركين في ذلك كلِّه، أتبع ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ينصح المؤمنين بجملة نصائح تتضمَّن الأمر بالتقوى والاستمرار بالطاعة، وحثَّهم على ذلك ببيان الثواب المنشِّط لهم في الدنيا. وهو خطاب فيه تلطّف وتحبّب للمؤمنين.
وفي قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ} تشريف لهم بإضافتهم إلى ضمير الجلالة، ومزيد اعتناء بشأن المأمور به، ووجوب الامتثال له.
ـــــــــــــ
ثالثاً: توجيهات وأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم، ووعظ للمشركين، وتبشير للمؤمنين
الآيات: 11 - 20
قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بخطاب المسلمين بقوله: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن يصدع الكفَّار بما أُمر به من عبادة الله؛ حيث إنَّ تحقيق العبودية لله تعالى وحده روح الرسالات الإلهية وزبدتها، كُلِّف بها المرسلون أولاً ليكونوا الأسوة الصالحة والقدوة الحسنة لمن أُرسلوا إليهم، ولهذا أُمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُعلن ذلك وهو يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى وحده.
ـــــــــــــ
رابعاً: كمال قدرة الله في إحياء الخلق: آية 21
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن وصف الله تعالى الآخرة بصفات تقتضي الرغبة فيها والشوق إليها، أتبعه بوصف الدنيا بصفة تستوجب النفرة منها؛ حيث أنّ الاغترار بها من أقوى أسباب الضلال، فذكر تمثيلاً لها في سرعة زوالها وقُرب اضمحلالها. وإنما قدَّم وصف الآخرة؛ لأن الترغيب في الآخرة مقصود لذاته، والتنفير عن الدنيا مقصود غرضا.
ـــــــــــــ
خامساً: مقابلة بين المهتدين الذين شرح الله صدورهم للإسلام فاستناروا به، وقساة القلب المعرضون عن ذكر الله، الضالون ضلالاً بيِّناً: آية 22
قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن بيّن الله تعالى ما يوجب الإقبال على الآخرة بطاعة الله تعالى، وما يوجب الإعراض عن الدنيا، أوضح أنَّ الانتفاع بهذه البيانات لا يكمل إلا إذا شرح الله الصدور ونوَّر القلوب.
ـــــــــــــ
سادساً: الآيات / 23 - 31
(يُتْبَعُ)
(/)
- القرآن الكريم وصفاته: (*أحسن الحديث *كتاباً *متشابهاً *مثاني) وأثره في قلوب أولي الألباب المهتدين: آية (23)
- وبيان أحوال الضالين في المآل، وتذكيرهم بمصير الأمم المكذبة من قبلهم: الآيات (24، 25، 26)، وإقامة الحجة عليهم بضرب الأمثال لهم في القرآن المنَزَّل عليهم بلسانٍ عربيٍّ مبين: الآيات (27، 28، 29)
- وأنّ مصير الخلائق إلى الله تعالى يوم القيامة، وأنّه سبحانه وبحمده يفصل بينهم بحكمه العادل: الآيات (30، 31).
قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا توعَّد الله تعالى أصحاب القلوب القاسية، وبيَّن أنهم في ضلال واضح، فكأنَّما أثار ذلك في نفوس السامعين تساؤلاً عن وجه قسوة قلوب أولئك المبعدين الضالين من ذكر الله، أخبر سبحانه وبحمده عن صفات كتابه الكريم الذي أنزله على أكرم المرسلين مبيِّناً أنَّ قساوة قلوب الضالين من سماع القرآن إنّما هي لِرَيْنٍ في قلوبهم وعقولهم لا لنقص في هدايته، وهذا كما قال تعالى في سورة البقرة: {هُدىً لِلْمُتَّقِين} (البقرة:2).
وهذه الآية عود على بداية السورة الكريمة للتنويه بهذا القرآن الكريم المنزَّل من لدُن حكيم عزيز، كما قال تعالى في افتتاحها: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}؛ فلمَّا ذكر هنالك أنّه منزَّل من حكيم عزيز، وأنّه أنزله بالحق مشتملاً عليه، ناسب هنا أن يثني على هذا الكتاب ويذكر بعض صفاته، ويبيِّن أثره في قلوب أولي الألباب المهتدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء (24) / الحزب (1) / الربع الأول
الآيات: 32 – 52
الموضوعات الرئيسة
الموضوع الأول: الآيات: 32 – 40
أ) وعيد الكافرين، ووعد المؤمنين: الآيات/ 32 - 35
قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا بيَّن سبحانه وتعالى أنَّ الموت نهاية كل حيّ ولا يتفرّد بالبقاء إلا الله، ثم يحصل التقاضي عند الله فيما اختلف فيه الناس من أمور الدنيا والدين معاً، وأنّه يحكم سبحانه بحكمه العادل يوم القيامة بين المتخاصمين، بيَّن هنا حكمه وقضاءه على مَن افترى عليه كذباً بنسبة الولد أو الشريك أو غير ذلك من أنواع الكذب على الله، أو كذَّب بالصدق الذي جاء به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنّه هو الظلم الذي لا أظلم منه. وفي المقابل أثنى على الصادقين المصدقين بالحق وبيَّن أنهم ينالون أحسن الجزاء.
ـــــــــــــ
(يُتْبَعُ)
(/)
ب) كفاية الله للمؤمنين من شر المشركين وباطل آلهتهم، وبيان سفههم بإقامة الحجة عليهم من أنفسهم. وتوبيخهم. وتفويض الأمر إلى الله. الآيات/ 36 - 40
قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا بيَّن الله تعالى حال من افترى عليه الكذب وكذَّب بالرسل والرسالات، وتوعَّدهم بالعذاب في جهنم، وكان من صور ضلالهم وإصرارهم على تكذيب الرسول أنهم كانوا يحذِّرون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين آلهتهم ويخوِّفونهم بها، عندما كان يُسفِّه أحلامهم ويعيب آلهتهم، فأنزل الله تبارك وتعالى تثبيتاً للنبي والمؤمنين وردّاً عليهم قوله:
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الثاني: الآيات: 41– 52
أ) إنزال الكتاب وإلزام الناس الحجة: الآية 41
قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن بيَّن سبحانه أدلة وحدانيته وقدرته، ووضَّح فساد مذاهب المشركين بالأدلة والبراهين، وأتبعه بالوعد والوعيد، سرَّى تعالى عن قلب نبيِّه صلى الله عليه وسلم ضيقَه وانزعاجَه لإصرارهم على الكفر، وثبَّته على دعوته بإعلامه أنّه تبارك وتعالى أنزل عليه الكتاب بالحق لفائدة الناس، وكفاه عليه الصلاة والسلام بهذا شرفاً وهداية، وكفاه تبليغاً إليهم فمن اهتدى فهدايته لنفسه، ومن ضلّ فضلاله عليها، وليس عليه تَبعة؛ لأنه بلَّغ ما أُمر به.
ـــــــــــــــ
ب) من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى الوفاة الكبرى، والوفاة الصغرى: آية 42
قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا عُرف من قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أنّ الله سبحانه هو الوكيل على الناس، وهم في قبضته في صحوهم ونومهم وفي كل حالة من حالاتهم، وهو يتصرف بهم كيف يشاء، ناسب أن يقول تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا .. } الآية، وذلك مظهر من مظاهر قدرته تعالى العظيمة، وكمال تفرّده بالتصرف بالعباد.
ـــــــــــــــ
ج) الآيات: 43 - 48
- إبطال حجة المشركين في عبادة الأوثان من أجل الشفاعة لهم إذ الشفاعة كلها لله: الآيات/ 43، 44/ قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)}.
- وبيان بعض حماقاتهم وما اقتضاه شركهم: الآية /45/ قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)}.
(يُتْبَعُ)
(/)
- والالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء عند اشتداد الكرب وعظم الخلاف، وتفويض الحكم إليه: الآية/ 46/ قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)}.
- وأن الحكم يوم القيامة سيكون على المشركين، وبيان عظم عذابهم: الآيات/ 47، 48
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا كانت خواتيم السور من مظنّات الاهتمام عاد الحق جلّ جلاله ليؤكِّد ما بدأه في أول السورة الكريمة من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ليؤكّد سبحانه هنا إبطال معاذير المشركين في شركهم، ذلك أنه لمّا دمغتهم حجج القرآن باستحالة أن يكون لله شركاء، تأوَّلوا لشركهم فقالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فلمَّا استُوفيت الحججُ على إبطال الشرك أقبل هنا على إبطال تأويلهم ومعذرتهم، فبدأ تعالى الآية الكريمة بالاستفهام الإنكاري بقوله: {أَمِ} تقريراً منه سبحانه أنّ تأويلهم وعذرهم منكراً كما كان المُعتذر عنه منكراً فلم يقضوا بهذه المعذرة وطراً.
ـــــــــــــــ
د) الآيات: 49 - 52
بيان دعاء الإنسان عند الضُّرّ، وجحوده عند النعمة: الآيات/ 49 - 51
وإعلامه بأنّ الرزق بيد الله تعالى: الآية/ 52
قوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن حكى الله تعالى بعض قبائح المشركين، أتبعه بحكاية نوع آخر من القبائح، وهو أنهم عند الوقوع في الضر يفزعون إلى الله تعالى، وفي حالة النعمة والسعة، يزعمون أن حصول ذلك بكسبهم وجهدهم، وهذا تناقض قبيح صارخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء (24) / الحزب (1) / الربع الثاني
الآيات: 53 - 75
الموضوعات الرئيسة
الموضوع الأول: الآيات: 53– 61
من أعظم بشائر القرآن: الآيات/ 53 – 55. وترغيب وترهيب: الآيات / 56 - 61
قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا
(يُتْبَعُ)
(/)
بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا حذَّر تعالى في هذه السورة ولا سيما في هذه الآيات فطال التحذير، وأودعها سبحانه من التهديد والإنذار والوعيد العظيم الكثير، وأطنبت آيات الوعيد إطناباً يبلغ بنفوس سامعيها أيَّ مبلغ من الرعب والخوف، وكانت كثرة الوعيد ربما أيأست وأوحشت، وصدّت عن الإيمان وأبعدت، أعقبها الله تعالى ببعث الرجاء في نفوس الشاردين عن بابه، مترفِّقاً متلطِّفاً بهم للخروج إلى ساحل النجاة إذا أرادوها على عادة هذا الكتاب المثاني المجيد من مداواة النفوس بمزيج الترغيب والترهيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الثاني: الآيات/ 62 – 75
أ) الآيات/ 62 - 67
ربوبية الله وتفرده بالخلق والملك والتدبير، وأن ذلك يقتضي توحيده بألوهيته ووجوب إفراده بالعبادة، وذم المشركين الجاهلين، وبيان عظمة الله تعالى وسلطانه.
قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}.
المناسبة ووجه الربط:
لمَّا كانت خواتيم السور من مظانّ الاهتمام عادت السورة الكريمة لتقرير التوحيد، وإفراد الله بالعبادة، ووجوب نبذ الكفر والشرك به، وذلك ببيان دلائل ألوهيته وتوحيده، فهو خالق كل شيء، وبيده مقاليد كل شيء، فمن أشرك به أو كفر فهو الخاسر لنفسه وأهله يوم القيامة، وهو السفيه الجاهل. لذا أمر سبحانه بعبادته وحده؛ لأنه المستحق لهذه العبادة دون سواه، وأما من أشرك به فما قدر الله حق قدره، وما عظَّمه حق تعظيمه .. والله سبحانه وتعالى منزّه عن شرك المشركين، وكفر الكافرين، ومنزّه عن كل عيب ونقص، فسبحانه وتعالى عمَّا يشركون.
ــــــــــــــــــــــــــ
ب) خاتمة مهيبة: الآيات/ 68 - 75
مشهد من مشاهد يوم القيامة: الآيات 68 - 70 وانقسام الناس لزمرتين:
زمرة الكافرين الذليلين: الآيات/ 71، 72. وزمرة المؤمنين المعزَّزين: 73، 74
وخضوع الخلق لله تعالى هيبة وإجلالاً، وحمداً وتسبيحاً: الآية/ 75
قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)}.
المناسبة ووجه الربط:
بعد أن ختم تبارك وتعالى موضوع الآيات السابقة ببيان عظمته وكمال قدرته يوم القيامة بياناً مجملاً، أبان هنا تفصيل ذلك لما فيه من تهويل وتمثيل لمجموع الأحوال مما يُنذر الكافر ويبشر المؤمن. وذكّر بإقامة الحق والعدل وذلك بالفصل بين الخلائق في ذلك اليوم العظيم، وتنفيذ القضاء بمعاقبة الكافرين، وإثابة المؤمنين. ثم ختم هذه السورة الكريمة ببيان ذلك الموكب المهيب موكب الملائكة الحافين حول العرش، يحمدون الله على عدل قضائه وجميع صفات كماله.
هذا ما تيسَّر لي بيانه بفضل الله وتأييده من مقدمة بين يدي سورة الزمر، وتقسيم موضوعاتها، ووجه المناسبة والارتباط بينها. وسيأتي لاحقاً تفسير الآيات إن شاء الله. والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:21 ص]ـ
رائع أخيتي الكريمة
جازاك الله خيراً على هذا الجهد
نموذج رائع للتفسير الموضوعي
بارك الله فيك
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[18 Jun 2006, 11:44 ص]ـ
عجيب تفسير موضوعي مترابط متين جزاك الله خيرا من خادمة لكتاب الله
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:27 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ش. م]ــــــــ[01 Sep 2006, 11:06 م]ـ
جزاك الله خيرا وزادك علما وفهما
وبالتوفيق دوما
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[03 Sep 2006, 06:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا وزادك علما وفهما
وبالتوفيق دوما
اللهم آمين، ولك بمثل. أشكرك على تعليقك والله أسأل أن يجعله علما نافعا خالصا لوجهه الكريم(/)
آية الولاية نزلت في على بن أبي طالب والرواية يقول عنها بن كثير وهذا إسناد لا يقدح به!
ـ[القندهاري]ــــــــ[08 Jun 2006, 04:35 ص]ـ
الحمد لله.
أثناء تصفحي في موقع الإسلام الذي يشرف عليه فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله وأنا أقرأ في تفسير بن كثير وبالتحديد عند قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} المائدة55
وبعد أن أورد بن كثير رحمه الله بعض الأسانيد التي تقول أن الآية نزلت في على بن أبي طالب رضي الله عنه وردها إلا أنه عند ذكره لهذه الرواية ((وروى ابن مردويه أيضا عن طريق محمد بن السائب الكلبي وهو متروك عن أبي صالح عن ابن عباس قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد وإذا مسكين يسأل فدخل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال أعطاك أحد شيئا؟ قال نعم قال من؟ قال ذلك الرجل القائم قال " على " أي حال أعطاك؟ قال وهو راكع قال وذلك علي بن أبي طالب قال فكبر رسول الله عند ذلك وهو يقول من " يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ")) مع أنه قال عن محمد بن السائب أنه متروك إلا أنه قال بعدها كلمة عجيبة وهي قوله عن هذا السند ((وهذا إسناد لا يقدح به)) فتعجبت غاية العجب ورجعت الى مكتبتي وفتحت على تفسير بن كثير وهي طبعة مكتبة النور العلمية بيروت فوجدت نفس الكلمة فزاد تعجبي ثم فتحت نسخة ثانيه وهي طبعة دار طيبة فزال تعجبي فوجدت أن الكلمة مصحفه والصحيح هي كلمة ((وهذا إسناد لا يفرح به)) ومع أن بن كثير قال لا يفرح به ولكني فرحت رغما عني لزوال الإشكال عني ولله الحمد فأحببت أن أنفع إخواني وأنبه عليهم بارك الله فيكم.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[08 Jun 2006, 10:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أستغرب من حضرتكم يأخي هذا الكلام فما المشكلة أن يكون هذا الحديث مما يُفرح به؟ وما المشكلة أن يكون الحديث مما لا يُقدح به؟ ولماذا خترت تصحيح لا يُفرح؟ هل لأنها توافق هوى في نفسك؟
والحديث لو افترضنا أنه صحيح أين الإشكال هل هو في تمسك الروافض به؟
الحديث غاية ما يثبته هو فضيلة جليلة من الفضائل الكثيرة الثابتة لسيدنا علي كرم الله وجهه وثبات المكرمات لعلي كرم الله وجهه لا يعني طعناً في غيره فكلهم - الصحابة الكبار- ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والفضل.
والولاية هنا لا أدري لماذا نحملها مباشرة على الخلافة؟.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[08 Jun 2006, 11:15 م]ـ
الأستاذ الكريم أحمد الطعان ...................... سلمه الله
لطعنك فيما أورده القندهاري أشد غرابة من استغرابك لما أورده عندي.
ما أورده الرجل كان مورد إشكال عنده، إذ كيف يضعف الحافظ ابن كثير رحمه الله رجلا، ثم يحكم على سند هو فيه بالصحة، وهو مشكل لولا أن الرجل سعى واجتهد في زوال هذا الإشكال بان تبين له أن الخطأ كان من الناسخ، فهل يستحق سعيه إلا أن يقابل بشكران لاكفران.
وفي الحقيقة أن في كلامكم الموهم لعدم التفريق بين العبارتين إيهام للقارئ، وعدم توضيح لمرادكم، وإلا فلا أشك أن أحدا لايفرق بين الفرح والقدح، واعتبار أحكام أهل الحديث والتنبه لألفاظهم.
ثم إنا سلمكم الله لم نكلف بالتقصي عن نوايا الآخرين، وأرى أن هذه أول مشاركة للرجل، فما الداعي لأن نزهده في المشاركة بالتشكيك في معتقده , أو أنه من أصحاب الهوى، فالله أعلم بالنيات وهو المحيط بها منا ومنه.
وآخيرا: فعلي رضي الله عنه كسائر الصحابة نحبه ونتولاه، ونعلم بأن الوضع في فضائله مشهور عند أهل الحديث، بل هو أكثرهم موضوعا فيه وفي فضائله أحاديث لاتثبت عند حذاق هذا الفن، فليس من داع لأن نخصه بلفظة لم تثبت، بل نترضى عنه كما نترضى عن سائر الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وإلا كان حقيقا بأن نرمى بالهوى أو الميل عن أحد منهم و الذي نعوذ بالله منه.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[09 Jun 2006, 02:47 ص]ـ
غفر الله لي ولكم.
أخي الكريم / القندهاري .. إنّ قدومكم يفرح به، فأهلا ومرحبا بك بين إخوانك في هذا الملتقى العلميّ المتميّز، ونتمنّى لك إقامة طيّبة مباركة.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[09 Jun 2006, 05:55 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي قندهاري وحقا هذا ممايفرح به اذ انه يدل على تامل للكلام فكيف يقول في الرجل متروك ثم يؤيده ولكنك جزاك الله خيرا ازلت الغمه ويا اخي احمد كلامط مردود عليك اتتهم الرجل والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لم أأمر ان اشق عن صدور الناس ولوصح الحديث لفرحنا به ايضا والفرح اننا عرفنا الحق لا اننا ردننا الحديث ففرق بارك الله فيك وغفرلنا ولك
ـ[القندهاري]ــــــــ[10 Jun 2006, 04:29 ص]ـ
فضيلة الدكتور الشيخ أحمد الطعان بارك الله فيك يعلم الله أني لم أقصد أن أتبع هواي ولكن لو تأملت كلام الشيخ وهو يقول عن رجل في السند انه متروك ثم يقول بعد ذلك وهذا إسناد لا يقدح به قد يشكل عليك لأنه كلامه قد يفهم منه أنه يصحح السند مع أنه فيه رجل قال عنه متروك ولتعلم أن في تصحيح هذا السند أشكال فأنت تقول أنه أفرض لو أنه صحيح فهل تجيز أعطاء الصدق في حال الركوع؟ وتصبح فضيلة لكل من أراد الصدقة يصلي ويعطيها في حال الركوع ويترك الخشوع الي أمرنا به في صلاتنا شيخنا المبارك ليتك تتأمل المتن قبل أن تتهاون في تصحيحه هداك ربي لما يحب ويرضى.
أخي الكريم بن الشجري أحسنت الرد بارك الله فيك وأثابك.
أخي الكريم عمار وأبو الروب بارك الله فيكما ولعل الدكتور تعجل في كلامه وجل من لا يسهو.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jun 2006, 09:40 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإثراء للحوار أنظروا غير مأمورين مناقشة شيخ الإسلام لهذا الحديث في كتاب منهاج السنة النبوية (7/ 5 - 31) حيث أبطل الحديث دراية ورواية من تسعة عشر وجها
في كلام نفيس يرتحل من أجله.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[21 Jun 2006, 10:22 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً وأشكركم على التوضيح ...
وأعتذر إذا كانت العبارة قد خانتني ...
كنت أقصد أننا في حمأة سخطنا وكراهيتنا للروافض أخشى أن نسارع في رفض روايات تشهد لآل البيت ببعض الفضائل والمزايا ... كنوع من ردة الفعل ...
وقلت: حتى لو افترضنا صحة الحديث ..
لكن الآن زال الإشكال حين بينتم لي أنه في التعارض بين قول ابن كثير رحمه الله في كون أحد الرواة متروك وبين قوله: وهذا إسناد مما لا يقدح به ...
جزاكم الله خيراً جميعاً ...
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[22 Jun 2006, 04:54 م]ـ
بارك الله فيك أخي القندهاري على هذه الفائدة وقد قمت بتصحيحها في نسختي طبعة دار المعرفة
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[23 Jun 2006, 09:25 م]ـ
والشكر موصول لكم كذلك يادكتور أحمد، وما منا إلا راد ومردود عليه، ولا أحد يفضل برد أو تعقب وإلا لفضل أقوام بحق وباطل، إنما الفضيلة كل الفضيلة هي في تتبع الحق والانتصار له، وتقفي أثره حين التنبيه عليه.
فجزاك الله خيرا على هذا الدرس العملي لترك حظوظ النفس والتمسك بالصواب وإن كان من الغير، وهذه نعمة يجب أن يشكر المرء مولاه ويسأله الثبات عليها، فقد أصبحت شبه معدومة في زمننا هذا بعد أن كانت عزيزة في السابق.
وعلى كل حال فهذا دليل إن شاء الله على أن الجميع ينشد الحق ويطلبه، كما أنه دليل على أن العلم زينة لصاحبه كما أنه رحم بين أهله.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[26 Jun 2006, 07:36 ص]ـ
مشاء الله يا دكتور احمد الطعان حقيقة اعطيتنا درس عملي رفيع المستوى كثر الله من أمثالك وجعلنا من متبعين الحق اينما كان
ـ[القندهاري]ــــــــ[28 Jun 2006, 05:26 م]ـ
عبد الله بن قاسم، بن الشجري، أحمد القصير، ابو الروب: شكر الله لكم حسن مروركم وتعليقكم وبارك الله فيكم
شيخنا الكريم الدكتور أحمد الطعان وفقكم الله لكل خير نعم هذا ما قصدته والحمد لله أنه أتضح لكم ولله الحمد من قبل ومن بعد.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[30 Jun 2006, 10:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثلج صدري حقيقة قراءة هذا الموضوع والتعليقات عليه وأخص بالشكر الشيخ الكريم د أحمد الطعان على سماحة خلقه وكريم تواضعه
والله الموفق
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[30 Jun 2006, 10:58 م]ـ
وللفائدة: في نسخة دار الأندلس - وهي من أحسن الطبعات من وجهة نظري في إثبات النص - العبارة التالية: ((وهذا إسناد لا يفرح به)).
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jul 2006, 07:55 م]ـ
وفي أدق النسخ تحقيقاً عبارة: " وهذا إسناد لا يفرح به "
انظر
تحقيق:
مصطفى السيد أحمد ومحمد السيد رشاد ومحمد فضل العجماوي وعلي أحمد عبد الباقي و حسن عباس قطب.
مؤسسة قرطبة، 2000م
5/ 266
وتجدون تلك الطبعة كاملة (15 مجلداً) في ملتقى أهل الحديث " وفقهم الله تعالى "
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82372
أما خلق الدكتور الطعان فمَن تعامل معه لن يعجب أن يصدر عنه مثل ذاك ..
وفقه الله وحفظه وأهله وأولاده.
ملاحظة: هذه دعوة للإخوة المشرفين لتثبيت موضوع حول " الأخطاء المطبعية في كتب التفسير " وتجميعها معا في موضوع واحد،،
أدام الله ظلكم.
ـ[ابن رشد]ــــــــ[02 Jul 2006, 07:10 م]ـ
أصل كلام الإمام ابن كثير المذكور آنفا يحتمل أن يكون: (هذا إسناد لا يفرح به) – بالفاء و الراء – و يحتمل أن يكون: (هذا إسناد لا يقدح به) – بالقاف و الدال – و قد وردت كلتا اللفظتان في بعض الطبعات، و القول بترجيح الاحتمال الأول يضعفه كونه غير معهود في الحكم على الأسانيد من جهة علم مصطلح الحديث.
هذا من ناحية الصناعة الحديثية.
و القول بأن تلك الآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أحد القولين المعتبرين في تفسير الآية عند كثير من المفسرين.
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[06 Jul 2006, 12:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأخ القندهاري على تحقيقه، فالأمر مشكل بين وجود رجل متروك في السند وبين مدح ابن كثير لهذا السند، وابن كثير صاحب حديث، والحمد لله على إزالة الإشكال.
كما أشكر الدكتور احمد الطعان على سماحة أخلاقه وعدم إصراره على ملامح العجلة التي ظهرت في كلامه، فنعما هذه الأخلاق
ـ[ابن رشد]ــــــــ[07 Jul 2006, 12:27 ص]ـ
و قد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره بعض الأحاديث رواية عن محمد بن السائب الكلبي -في تفسيره سورتي البقرة و آل عمران - من غير رد لرواياته، و من ذلك قوله:
1 - (روى أبو سعيد البقال عن عكرمة عن بن عباس أنها نزلت في سرية عبد الله بن جحش وقتل عمرو بن الحضرمي، وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) إلى آخر الآية).
2 – (ذكر من قال هذه الاية منسوخة بالكلية:
قال سفيان الثوري عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما (وإذا حضر القسمة) قال منسوخة قال إسماعيل بن مسلم المكي عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال في هذه الآية (وإذا حضر القسمة أولو القربى) نسختها الآية التي بعدها (يوصيكم الله في أولادكم).).
- و الإمام سفيان الثوري من الثقات، و قد روى هنا عن الكلبي – في تلك الرواية التي أوردها الإمام ابن كثير نفسه - و هذا يفيد أن الكلبي غير متروك الحديث عند بعض الثقات.
و لعل ذلك ما قد يفسر قول ابن كثير المذكور في مشاركة الأخ (القندهاري): " و هذا إسناد لا يقدح – بالقاف و الدال – به ". أي: لا يقدح برواية الكلبي (؟)
و الله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رشد]ــــــــ[11 Jul 2006, 07:56 م]ـ
و قد اختلف قول ابن كثير في الرواية عن محمد بن السائب الكلبي:
فقد ذكر أنه متروك، و كذا ذكر أنه " لا يحتج بما انفرد به ": مما يعني الاعتبار بحديثه في المتابعات و الشواهد، و هو ما أخذ به في تفسيره للآية المتقدم ذكرها،
مما أخرجه ابن مردويه.
- و هذا أصل كلامه: (فهذا مداره على محمد بن السائب الكلبي، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به، ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحًا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة، وإن حسبت مع التكرر فأتم وأعظم والله أعلم).
- - قاله تعقبا لحديث مروي في تفسير الآية: {ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه}. [البقرة: 1،2]
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[12 Jul 2006, 02:15 م]ـ
و قد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره بعض الأحاديث رواية عن محمد بن السائب الكلبي -في تفسيره سورتي البقرة و آل عمران - من غير رد لرواياته، و من ذلك قوله:
1 - (روى أبو سعيد البقال عن عكرمة عن بن عباس أنها نزلت في سرية عبد الله بن جحش وقتل عمرو بن الحضرمي، وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال نزل فيما كان من مصاب عمرو بن الحضرمي (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) إلى آخر الآية).
2 – (ذكر من قال هذه الاية منسوخة بالكلية:
قال سفيان الثوري عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما (وإذا حضر القسمة) قال منسوخة قال إسماعيل بن مسلم المكي عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال في هذه الآية (وإذا حضر القسمة أولو القربى) نسختها الآية التي بعدها (يوصيكم الله في أولادكم).).
- و الإمام سفيان الثوري من الثقات، و قد روى هنا عن الكلبي – في تلك الرواية التي أوردها الإمام ابن كثير نفسه - و هذا يفيد أن الكلبي غير متروك الحديث عند بعض الثقات.
و لعل ذلك ما قد يفسر قول ابن كثير المذكور في مشاركة الأخ (القندهاري): " و هذا إسناد لا يقدح – بالقاف و الدال – به ". أي: لا يقدح برواية الكلبي (؟)
و الله تعالى أعلم
سامحك الله أخي ابن رشد. كيف يكون ذلك وابن كثير قال في مقدمته:والنظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه متروك الحديث؛ لكن قد يكون إنما وهم في رفعه. ولعله من كلام ابن عباس، كما تقدم، والله أعلم بالصواب. ج1/ 15 الشاملة
وقال في اول تفسير سورة البقرة:
فهذا مداره على محمد بن السائب الكلبي، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به، ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحًا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة، وإن حسبت مع التكرر فأتم وأعظم والله أعلم. ج1/ 162 الشاملة
وقال:وروى ابن مَرْدُويه أيضًا عن طريق محمد بن السائب الكلبي -وهو متروك-عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، والناس يصلون، بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أعطاك أحد شيئًا؟ " قال: نعم. قال: "من؟ " قال: ذلك الرجل القائم. قال: "على أي حال أعطاكه؟ " قال: وهو راكع، قال: "وذلك علي بن أبي طالب". قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، وهو يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ج3/ 138 الشاملة
وقال عنه "الكلبي: متروك بمرة ساقط"ج5/ 40
المرجع الموسوعة الالكترونية "المكتبة الشاملة 2"
هذا ما في تفسير ابن كثير. فهل يقال ما قيل يا أخي؟
ـ[ابن رشد]ــــــــ[12 Jul 2006, 03:17 م]ـ
و هل نقلت أنا - يا أخي مجدي - إلا ما نقلته أنت بنصه و حروفه عن ابن كثير؟
و قد أوضحت المعنى الاصطلاحي لقوله هو في الكلبي: " لا يحتج بما انفرد به "
فهل هناك خطأ فيما أوردته من معنى من جهة علم مصطلح الحديث؟
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[12 Jul 2006, 06:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند تصفحي لما كتبه الأخوان عزمت على تكملة الموضوع ثم الشروع في رد على ما رد به الدكتور الطعان، وقد فرحت - علم الله - بعد تكملة القراءة بما وصل إليه البحث من توافق واتفاق بين الجميع، وهذا دأب أهل القرآن، ولو بقي كل على ما يظنه دون رجوع لما يتبين له من الحق لعظمت المصيبة واتسعت الهوة بين الباحثين، وقد سعدت كثيراً بمشاركة الفضلاء في الموضوع وأفدت مما كتب وبين.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وجمعنا على مائدة القرآن والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو حمد المطيري]ــــــــ[13 Jul 2006, 12:15 ص]ـ
قراءة هذه المقالات تشكل صورة جميلة من:
الجد في الطلب ,التواضع.الذب عن الإخوان, الرجوع الى الحق, الإستفادة من الأخطاء ......
وعند المتأمل أكثر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Jul 2006, 10:30 ص]ـ
و هل نقلت أنا - يا أخي مجدي - إلا ما نقلته أنت بنصه و حروفه عن ابن كثير؟
و قد أوضحت المعنى الاصطلاحي لقوله هو في الكلبي: " لا يحتج بما انفرد به "
فهل هناك خطأ فيما أوردته من معنى من جهة علم مصطلح الحديث؟
نعم أخي كلامك صحيح وانما استعجلت بالرد قبل اكمال آخر مداخلة وانما توهمت ذلك من المداخلةالاسبق لما اقتبست.
اعتذر عن التسرع واعتذر عن التأخر في الرد حيث اني ارسلت الرد وانشغلت بعد ذلك ..
والامر الذي نسئل المشايخ وطلاب العلم.
لو فرضنا ان ابن كثير قال لا يقدح به. فهل نأخذ كلام ابن كثير انه رأيه ام نعتبرها سهوا منه على اعتبار ان ابن كثير صرح بحال احد رجال السند , ولم يكتف بذلك بل نقل كلام ابوعيسى الترمذي رحمه الله عن محمد بن السائب الكلبي.
السبب ان ابن كثير قال:
وروى ابن مَرْدُويه أيضًا عن طريق محمد بن السائب الكلبي -وهو متروك-عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، والناس يصلون، بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أعطاك أحد شيئًا؟ " قال: نعم. قال: "من؟ " قال: ذلك الرجل القائم. قال: "على أي حال أعطاكه؟ " قال: وهو راكع، قال: "وذلك علي بن أبي طالب". قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، وهو يقول: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}
وهذا إسناد لا يفرح به.
ثم رواه ابن مردويه، من حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، نفسه، وعمار بن ياسر، وأبي رافع. وليس يصح شيء منها بالكلية، لضعف أسانيدها وجهالة رجالها. ثم روى بسنده، عن ميمون بن مِهْران، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} نزلت في المؤمنين، وعلي بن أبي طالب أولهم.
والاشارة الى ترك محمد بن السائب الكلبي موجودة ايضا في النسخ التي فيها لا يقدح به
وَرَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ أَيْضًا عَنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَهُوَ مَتْرُوك عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ خَرَجَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَسْجِد وَالنَّاس يُصَلُّونَ بَيْن رَاكِع وَسَاجِد وَقَائِم وَقَاعِد وَإِذَا مِسْكِين يَسْأَل فَدَخَلَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَعْطَاك أَحَد شَيْئًا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَنْ؟ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُل الْقَائِم قَالَ " عَلَى " أَيِّ حَالٍ أَعْطَاك؟ قَالَ وَهُوَ رَاكِعٌ قَالَ وَذَلِكَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه عِنْد ذَلِكَ وَهُوَ يَقُول مَنْ " يَتَوَلَّ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْغَالِبُونَ " وَهَذَا إِسْنَاد لَا يُقْدَح بِهِ ( http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?nType=1&bm=&nSeg=0&l=arb&nSora=5&nAya=55&taf=KATHEER&tashkeel=0)(/)
الدورات العلمية الصيفية في الدراسات القرآنية - صيف 1427هـ (ملف متجدد)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تقام العديد من الدورات العلمية المتخصصة في الدراسات القرآنية في هذا الصيف 1427هـ، جمعتُ ما عرفته منها في هذه المشاركة، وقسمتها بحسب الدول والمدن التي تقام بها هذه الدورات العلمية، ودمجت الدورات العلمية مع دورات حفظ وضبط ومراجعة القرآن الكريم وأرجو من الإخوة الفضلاء التعاون بذكر الدورات التي لم أذكرها في هذه المشاركة،،
http://www.tafsir.net/images/quranaldorat.jpg
وبعض هذه الدورات العلمية سوف تبث وتسجل عن طريق
موقع البث الإسلامي ( http://www.liveislam.com)
** مزيد من الدورات العلمية في جميع الفنون في دليل الدورات العلمية في موقع صيد الفوائد ( http://www.saaid.net/Anshatah/dorah/1427/index.htm) .
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:15 م]ـ
- الدورات في مكة المكرمة.
1 - الدورة العلمية الثالثة لفضيلة الشيخ د. عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، من السبت 14/ 5/1427 إلى 19/ 5/1427 في:
- تفسير سورة الحجرات. من الساعة 5.15 ــ 6.15 صباحاً
- مقدمة التسهيل لابن جزئ. من 6.30 ــ 7.30 صباحاً.
وذلك بجامع المهاجرين بحي الخالدية – خلف هيئة تطوير مكة.
تنقل الدورة عبر البث الإسلامي.
****
2 - دورة علمية للدكتور مساعد بن سليمان الطيار في شرح مقدمة تفسير التسهيل لابن جزي الكلبي. بمسجد الملك عبدالعزيز بحي المعابدة بمكة المكرمة.
من 28/ 5/1427هـ
إلى 3/ 6/1427هـ.
[ line]
- الدورات في المدينة النبوية.
- دروة للدكتور مساعد بن سليمان الطيار في شرح مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير، بمسجد البلوي بالمدينة المنورة.
من 14/ 5/1427هـ
حتى 19/ 5/1427هـ.
[ line]
- الدورات في الرياض.
- دورة الكتاتيب الرابعة بالرياض.
يسر مدارس الرحمانية لتحفيظ القرآن الكريم بحي الرحمانية بمدينة الرياض دعوتك أخي للمشاركة في: دورة الكتاتيب الرابعة 4 لعام 1427هـ على النحو التالي:
شروط الالتحاق بالدورة:
*اجتياز المقابلة الشخصية.
*الحضور اليومي وعدم الغياب.
*دفع رسوم الدورة1000ريال غير مستردة.
مميزات الدورة:
*يشارك في الدورة نخبة من المشايخ الحاصلين على المؤهلات العلمية والإجازات الشرعية.
*يحصل الطلاب الخاتمون على شهادة حفظ القرآن الكريم بعد اجتياز اختبار الجمعية.
*خدمة توصيل الطلاب إلى منازلهم.
*تستقبل الدورة جميع المراحل الدراسية والعمرية.
*يتخلل الدورة برنامج إفطار.
*تبدأ الدورة يوم 16/ 5 وحتى 15/ 7/1427هـ من الساعة 30: 4 صباحا حتى الساعة العاشرة صباحا.
*التسجيل يبدأ يوم 7/ 5/1427هـ بعد صلاة العصر.
المنهج المعتمد:
*حفظ القرآن الكريم كاملا مع التجويد والتفسير والكتابة.
*القراءات المتواترة.
*مراجعة القرآن الكريم كاملا.
*حفظ عشرين جزءً.
*حفظ خمسة عشر جزءً.
*حفظ عشرة أجزاء.
*برنامج التجويد المكثف.
*برنامج التلقين للأطفال.
للمشاركة والإستفسار:
الإدارة العامة: الرياض- طريق الملك فهد- حي الرحمانية- خلف وكالة الأنباء السعودية
هاتف:4195322/ 01 - جوال0555470456 - 0503494981 - 0506451297
...
- للفتيات: الدورة المكثفة لحفظ القرآن في شهرين بالرياض.
المستوى الأول/ 10 أجزاء
المستوى الثاني/ 20 جزء
المستوى الثالث/ القرآن كاملاً
التاريخ: من 14/ 5/1427
وحتى 22/ 7/1427
من الساعة 8 صباحاً إلى الساعة 12 ظهراً
المكان:
مدرسة الشيماء بنت الحارث- بحي الواحة- شمال الرياض
المميزات:
وسيلة نقل، وإفطار مجاني، وجوائز قيمة للمتميزات.
للاستفسار 0568607236 - 0505187428
[ line]
- الدورات في جدة.
1 - مكتبة علوم القرآن. الدورة العلمية الثانية عشر من 14/ 5 إلى 2/ 6 لعام 1427 هـ بجامع الحمودي بحي المطار القديم. جدة.
****
2 - الدورة القرآنية النسائية بدار الصديقة الثالثة عشر بجدة. وتشمل الدورات التالية:
• دورة حفظ المصحف كاملاً من يوم السبت وحتى الخميس.
• دورة حفظ 10 أجزاء من يوم السبت وحتى الثلاثاء.
• دورة حفظ 5 أجزاء من يوم السبت وحتى الثلاثاء.
• دورة تحسين تلاوة القرآن من يوم السبت وحتى الثلاثاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك في الفترة الصباحية من الساعة 8 – 12
وقد فتح باب التسجيل وسوف يستمر حتى يوم السبت الموافق 28/ 5 /1427هـ
للاستفسار تلفون 6051809 - 6590311
[ line]
- الدورات في عنيزة.
- دورة جامع الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-العلمية السادسة بعنيزة خلال الفترة من 21/ 5 إلى 9/ 6/1427هـ، من يوم السبت إلى يوم الأربعاء، الساعة 6:45 صباحا.
تفسير أواسط المفصل (القسم الثاني) للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح الدهش.
- الدورة العلمية الثالثة في جامع الصناعية في عنيزة. بعد صلاة الفجر يومياً. للشيخ الدكتور إبراهيم محمد قاسم رحيم. في تفسير سورة (ق).
من 14/ 5/1427هـ
حتى 25/ 5/1427هـ
[ line]
- الدورات في الطائف.
- دورة في تفسير سورة الحجرات للشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير، بمدينة الطائف. تبدأ يوم السبت 19/ 6/1427هـ حتى الإثنين 21/ 6/1427هـ.
[ line]
- الدورات في الباحة.
الدورة الرئيسة بجامع الباحة الكبير من الفترة 18 - 6 - 1427هـ إلى 9 - 7 - 1427هـ
الأسبوع الثالث من 3/ 7/1427هـ إلى 9/ 7/1427هـ.
شرح كتاب الجزرية بعد صلاة العشاء، للشيخ عبدالله بن عبدالعزيز الزهراني.
[ line]
- الدورات في مدينة الجبيل بالمنطقة الشرقية.
- دورة للدكتور مساعد بن سليمان الطيار في تفسير سورة الطور، بمسجد مجمع إسكان التحلية بمدينة الجبيل.
من السبت 21/ 5/1427ه،
حتى الأحد 22/ 5/1427هـ.
[ line]
- الدورات في مدينة المذنب بالقصيم.
- تفسير سورة النصر للشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير، يوم الخميس 23/ 7/1427هـ بعد صلاة المغرب.
[ line]
- الدورات في مدينة الخفجي.
الدورة العلمية لشهر جمادى الأولى بمحافظة الخفجي لفضيلة الشيخ الدكتور فهد بن سليمان الفهيد، المحاضر بجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية.
من تاريخ 17/ 5/1427 لغاية 20/ 5/1427 بجامع عبدالله بن مسعود (بعد صلاتي الفجر و المغرب)
- (تفسير سورة الحجرات).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:36 م]ـ
الدورة العلمية في الكويت.
الوقت: من 10/ 6/2006 إلى 20/ 6/2006
المكان: في صالة لجنة صباح الناصر بجانب مسجد الشيخ محمد الحمود عند الجمعية التعاونية. في الأسبوع الثاني:
- أصول التفسير للشيخ محمد الحمود النجدي، بعد المغرب.
تنبيه: أيام الأربعاء والخميس والجمعة لا يوجد دروس
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:37 م]ـ
- الدورات في الشارقة.
ينظم المنتدى الإسلامي بالشارقة الدورة العلمية السادسة في الفترة 1 - --13/ 7/2006 بجامع المغفرة.
الدرس الرابع / بعد المغرب / سورة الحجرات من تفسير القرطبي / الشيخ مصطفى البيحياوي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 12:47 م]ـ
الدورة الصيفية الثانية بمركز دار الفاروق الإسلامي بمدينة منيابوليس ولاية منيسوتا.
يلقيها إمام المركز وليد بن إدريس المنيسي (أبو خالد السلمي)
خلال أشهر صيف سنة 2006 ميلادية الموافقة 1427 هجرية (أشهر يونيو ويوليو
وأغسطس) الموعد بتوقيت وسط أمريكا من الساعة 8 مساء إلى الساعة 11 مساء يومي الأحد والاثنين من كل أسبوع (يوافق الساعة 4 إلى 7 تقريبا صبيحة الاثنين والثلاثاء بتوقيت المملكة العربية السعودية)
ابتداء من الأحد 4 - 6 - 2006 وتنتهي الاثنين 28 - 8 - 2006 إن شاء الله
كتب الدراسات القرآنية التي ستشرح إن شاء الله:
- النَّظمُ الْحَبيرُ في عُلُومِ القُرآنِ وأُصولِ التَّفسيرِ للشَّيخِ سُعودِ الشّريم.
الدروس باللغة العربية وتوجد ترجمة فورية باللغة الإنجليزية وكلاهما سوف يبث إن شاء الله عبر موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
WWW.AMJAONLINE.ORG
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[18 Jun 2006, 12:41 ص]ـ
جدول الدورة العمية الخامسة من 9/ 8 - 13/ 8
في جامع الراجحي مخرج 15 بالرياض
الفجر: مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية
د. مساعد بن سليمان الطيار
العصر: القواعد الفقهية وشرحها
د. عبدالكريم بن عبدالله الخضير
المغرب والعشاء: الاجرومية
د. سليمان بن عبدالعزيز العيوني
ـ[حمدي]ــــــــ[23 Jun 2006, 12:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى لا سيما سيدنا محمد المصطفى.
وبعد / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخ عبدالرحمن نشكركم جزيل الشكر على إفادتنا بهذه الدورات فجزاكم الله خير الجزاء والفرصة بقيت للمحسنين ليساعدوا الطلبة الذين لا تجدون ماينفقون للمشاركة في هذه الدورات النفيسة.
وأخيرا أعتذر لكم في غيابي عن المنتدى خلال الأسابيع الماضية لقد كنت مشغولا بالإمتحانات الأخيرة
وبعد أن عدت سأتابع معكم عرض بقية بحثي الذي كنت قد بدأت في عرضها للمناقشة والارشاد
السلام عليكم ورحمة الله
حمدي باه
الجامعة الاسلامية بالنيجر
خريج سنة 2005 - 2006(/)
دعوة للمتخصصين: كتاب السير الذاتية لأعضاء الجمعية العلمية للقرآن الكريم وعلومه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2006, 03:25 م]ـ
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه
تدعو المتخصصين في الجامعات السعودية ومعلمي التفسير وعلوم القرآن للالتحاق بعضويتها
وتعلن عن الإصدار الأول من
كتاب السِّيَر الذاتية لأعضاء
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه
1423 - 1427هـ
الإصدار الأول
وهذا الدليل سيوزع على الجامعات ومجلس الشورى ومراكز البحث العلمي والأجهزة الحكومية والأهلية ذات العلاقة للتواصل والتعريف بأعضاء الجمعية.
للحصول على نموذج السيرة الذاتية:
- حمل نموذج السيرة الذاتية من هنا ( http://www.tafsir.net/images/qurancvv.zip) ، وأرسله على بريد الجمعية الالكتروني info@alquran.org.sa أو qurancv@hotmail.com ، ويا حبذا إرسال النموذج بعد تعبئته للبريدين جميعاً.
- أو الاتصال بالجمعية على هاتف / فاكس 012582695
للاشتراك في الجمعية أو تجديد الاشتراك:
- تعبئة نموذج الاشتراك، وإرساله لفاكس الجمعية. يمكن تحميل النموذج من هنا ( http://www.tafsir.net/images/quransinup.zip) .
- إيداع مبلغ (200ريال) في حساب الجمعية رقم 901444/ 5 فرع رقم 441 – مصرف الراجحي.
- إرسال صورة من قسيمة الإيداع إلى الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه – الرياض – كلية أصول الدين. ص. ب 1799 الرياض 11494 – تلفاكس 012582695 info@alquran.org.sa أو qurancv@hotmail.com
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2006, 11:00 م]ـ
نعيد تذكير الإخوة المتخصصين وفقهم الله بالموضوع بعد مرور شهر على الإعلان.
15/ 6/1427هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2006, 12:48 ص]ـ
لا زلنا نستقبل بيانات الأعضاء بعد بدء العام الدراسي الجديد 1427هـ. فليت من لم يرسل يسارع هذين الأسبوعين لإرسال بياناته.
ـ[نورة]ــــــــ[13 Sep 2006, 06:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هل للجمعية موقع على الشبكة العنكبوتية؟؟
ـ[التفسير1000]ــــــــ[14 Sep 2006, 07:37 م]ـ
http://www.alquran.org.sa/
ـ[نورة]ــــــــ[15 Sep 2006, 01:59 م]ـ
أحسن الله إليك
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[15 Sep 2006, 03:10 م]ـ
أخي الدكتور/عبد الرحمن ,حبذا لو أفدتنا عن الجمعية فأنا شخصيا لا أعلم عنها شيئاً, وارجو الإجابة على سؤاليَّ التاليين:
ما هي شروط العضوية في الجمعية؟؟
وما الفائدة المترتبة على ذلك (من حيث البحوث والندوات .... الخ)؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Sep 2006, 03:26 م]ـ
الأخ الكريم محمود الشنقيطي وفقه الله ورعاه
الحديث عن الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه حديث طويل ولكن جواباً على سؤاليك أقول:
أما شروط الانتساب للجمعية فتجد تفصيلها في موقع الجمعية على هذا الرابط .. عضوية الجمعية ( http://www.alquran.org.sa/pages.php?id=20)
وأما الفوائد التي تعود على أعضاء الجمعية فهي كثيرة، وأرجو أن ترى ثمرتها قريباً بإذن الله، وقد عقدت الجمعية في السنوات الثلاث الماضية ندوتين علميتين عن (إجازات القراء) وعن (منهجية التيسير في التفسير) ونفع الله بهاتين الندوتين. وفي خطط الجمعية هذا العام عدد من الندوات والمؤتمرات العلمية إن شاء الله. أضف إلى ذلك أنه يتمتع عضو الجمعية بالحصول على مطبوعات الجمعية من البحوث والرسائل والمجلة العلمية وموافاته بالأخبار العلمية المتعلقة بالتخصص بصفة دورية مجاناً وهناك مناشط وفوائد أخرى نرجو أن تتحقق بإذن الله. وفقكم الله جميعاً لكل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2008, 03:32 م]ـ
ترغب الجمعية في إصدار طبعة ثانية من الكتاب، فالمرجو ممن لديه أي رغبة في إضافة أو تعديل بياناته في هذا الدليل أن يكتب بذلك للجمعية مشكوراً حتى تؤخذ رغبته بعين الاعتبار.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[03 May 2009, 09:56 ص]ـ
ترغب الجمعية في إصدار طبعة ثانية من الكتاب، فالمرجو ممن لديه أي رغبة في إضافة أو تعديل بياناته في هذا الدليل أن يكتب بذلك للجمعية مشكوراً حتى تؤخذ رغبته بعين الاعتبار.
في خطوة رائدة ومتميزة نشرت الجمعية العلمية للقرآن وعلومه السير الذاتية لأعضاء الجمعية على موقعهم على الانترنت , ولا أدري هل سيطبع الكتاب مرة أخرى أم سيكتفى بنشر سير الأعضاء في الموقع.
انظر هذا الرابط السير الذاتية لأعضاء الجمعية ( http://www.alquran.org.sa/?page=members_list&S=ALL)(/)
ما رأيكم بطبعة دار سحنون التونسية لتفسير التحرير والتنوير؟
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[10 Jun 2006, 05:11 ص]ـ
أرجو إفادتي عن هذه الطبعة سريعا من ناحية الاهتمام بالكتاب، وكذلك هل هي أفضل طبعة لهذا التفسير؛ وذلك لأمر سأخبر به بعد أن أعرف أصح طبعة لهذا التفسير.
شكرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jun 2006, 06:47 م]ـ
أظن أن تفسير ابن عاشور لا يوجد له إلا طبعة واحدة هي طبعة الدار التونسية للنشر، ثم صورت بعد ذلك. مع أن الطبعة التي لدي ليس عليها بيانات الناشر. فليتك تتكرم بإفادتنا بما عندك يا أبا طلال حول الموضوع.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[04 Jul 2006, 03:15 م]ـ
يقول د. عدالرزاق هرماس في بحثه (النزعة الإصلاحية المعاصرة في التفسير بالغرب الإسلامي) والمنشور في الواضحة وهي مجلة تصدرها دار الحديث الحسنية بالرباط
(لما صدرت طبعته الأولى من الدارالتونسية للنشر لم يكن في مستطاع أكثر المكتبات عرضه لأن ثمنه كان فوق القدرة الشرائية للمهتمين بموضوعه غيرأنه في أواخر الثمانينات فوت تصوير طبعته الأولى إلى الدار الجماهيرية للنشر بليبيا وهي التي أنزلته إلى العرض بأقل من ربع ثمن طبعته الأولى
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[04 Jul 2006, 04:59 م]ـ
اشتريت نسخة من (التحرير والتنوير) قبل أشهر من معرض مكة الدولي، وهو من مطبوعات دار سحنون بتونس كما هو موضح على غلافه، لكن الذي لاحظته أمور:
1/ جودة إخراجه من ناحية التجليد ونوع الورق، بخلاف الطبعة المصورة التي كانت متداولة والواضح عليها رداءة التجليد والطباعة.
2/ رخص ثمنها، حيث اشتريتها بـ (285) ريالا تقريبا -مع ان سعرها نزل الآن-
3/ (وهو الأهم) أني أتوقع أنهم قاموا بإعادة صف الكتاب في هذه الطبعة، فالمجلد الأول منه فقط هو الذي يتفق فيه الخط مع الطبعات السابقة أما باقي الكتاب فخطه مختلف وفيه أخطاء عديدة.(/)
تأملات في مفهوم الحد القرآني، و في اية سورة الاعراف:سيدنا آدم بعد المعصية ..
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[10 Jun 2006, 08:30 ص]ـ
من كتاب " الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد"
للدكتور أحمد خيري العمري akomari70@yahoo.com
... هناك رقم فظيع آخر، تجنبت أن أذكره حتى الآن.
ربما فحواه ليست فظيعة مثل زنا المحارم، الجنس مع الأطفال، أو ممارسة الجنس مع الجثث، لا شيء أفظع من هذه الأمور ..
لكن هذا الرقم الأخير فضيع بنسبته العالية.
فظيع في إنتشاره.
***************
حسب إستطلاعات الـ ABC، فإن 57% من الأمريكيين، قاموا بممارسة الجنس في الاماكن العامة ( sex outdoors)..
( هناك إستطلاع آخر يشير الى أن 61% منهم قاموا بذلك).
57 - أو 61% .. قاموا بفعل ذلك، في أماكن عامة ..
لماذا يا ترى؟. لماذا هذه النسبة الهائلة- التي تشمل أكثر من نصف الأمريكيين والأمريكيات؟.
هل إضطروا الى ذلك؟. هل لم يجدوا المكان الملائم لفعلتهم تلك؟. هل ضاقت عليهم شققهم؟ ا ماذا عن الفنادق؟. والموتيلات المنعزلة؟. هل صعب الأمر عليهم. وغلبت عليهم شهواتهم لدرجة أنهم إضطروا لذلك، وفعلوها في الحدائق العامة، أو دور السينما أو في القطار أو في مرآب السيارات، لا، في الحقيقة لم تكن المشكلة مشكلة "مكان"، لو كانوا يريدون أن يفعلوا ذلك، بينما هناك إحتمالية أن يتلصص عليهم أحد، كانوا يقولون، حسب الإستطلاع نفسه، أن اللذة تزيد مع تلك الإحتمالية. واللذة كما تعلمون هي ما يهم، وهي الهدف من الحياة، وأي شيء يزيد هذه اللذة (أو يزيد إحتمالية زيادتها) هو شيء مرغوب به يفعله الناس (حتى وأن كان القانون (المتخلف) يعاقب عليه ..
.. جنس في الأماكن العامة إذن.
و 57% ..
وليس من أجل الإضطرار أو عدم توفر المكان ..
بل من أجل أنه جنس في الماكن العامة، من أجل أن يشاهد أحد هذا الفعل ..
**************
هل قلت أنه فظيع؟. أقول الآن أنه حزين جداً. نعم، هو حزين ..
الحزن هو ما أشعر به بعد أن مررت بالرعب والقرف والتقزز ..
الآن الحزن- الحزن على هذا الإنسان الذي يصر على الإنحدار لمستوى البهائم وأكثر، حزن على هذا الإنسان الذي وصل لمستوى تأنف منه حتى الحيوانات.
حزن شفاف ومخلص، على ما إنحدرت إليه الإنسانية، في نموذجها الذي يدعي أنه الأرقى والأكثر تقدماً ..
57%؟.
بعد الصدمة، والقرف، والتقزز ..
لا أجد سوى حزن عميق في داخلي. إنهم بشر بعد كل شيء. الإنسان وهذا الإنحدار الذي وصلوا إليه شيء بأن يمكن أن يسقط لهذا الحد ..
(وهو أمر محزن جداً، عندما نتذكر تلك القمة التي كان فيها الإنسان إبتداءً) ..
نعم، لقد إنحدر من تلك القمة، الى أسفل سافلين ..
.. وهو أمر محزن للإنسان بالمطلق .. بغض النظر عن الإنتماء الحضاري – أو العرقي- أو الديني ..
*********************
.. والمخيف- بالإضافة الى كونه محزناً- هو أن تلك الأرقام .. هي بصدد التصدير ..
سيكون محزناً أكثر أن نتذكر أن أمريكا، كانت بلداً محافظاً قبل مائة سنة فقط.
محزن ومخيف ..
******************
تذكرني هذه النسبة. وذلك الجنس الوقح في الأماكن العامة، بشيء آخر، لم أفكر فيه من قبل ..
إنه الحد على الزنا في الشريعة القرآنية، الذي يستوجب أن يكون هناك أربعة شهود على (الفعلة) - من اجل أن يطبق الحد.
(عدا حالات الإعتراف .. ).
أربع شهود. لا ينقصون واحداً. أربع شهود، شاهدوا الفعلة بحذافيرها، لا مقدماتها، ولا مقارباتها، ولا أي شيء أدنى من ذلك ..
الفعلة بتفاصيلها، وأربع شهود شاهدوا التفاصيل. ولا واحد منهم شاهد أقل من ذلك.
كل منهم يجب أن يكون قد شاهد الحد الفاصل من الأمر، الذي يفرق الجماع من غيره ..
عملياً وفي حالات الزنا الإعتيادية، الأمر شبه مستحيل ..
من الصعب جداً على أربع شهود أن يكونوا قد شاهدوا فعلاً تفاصيل الأمر، (إلا إذا كانوا شهود زور!).
حتى لو إقتحم شهود خلوة إثنان يزنيان، فإن رد الفعل المتوقع والإنسحاب التلقائي الذي سيحدث عند الاقتحام، سيخرب تفاصيل الشهادة، وينزع على الفور من الأربعة صفتهم كشهود ..
عملياً، الأمر شبه مستحيل.
أو هكذا كنا نظن.
*****************
فقهياً، صنف "الشهود الأربعة" و"التفاصيل التي يجب أن يكونوا شاهدوها" على انه عقبة من أجل عدم تطبيق الحد، وتسهل التوبة،. والرأفة بالعصاة، وإعطاؤهم فرصة أخرى.
كل ذلك ممكن، ومنطقي.
لكن ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إتضح أن مسألة الشهود الأربعة- أعمق من مجرد ذلك ..
*************
لم يدر بخلد فقهاؤنا قط، أنه سيأتي حين من الدهر يهبط فيه الإنسان الى هذا المستوى من الإنحدار ..
"أسفل سأفلين" .. حيث كل مرتبة من الإنحطاط، تتخيل أنه لا يوجد ما هو أسفل منها ..
ثم تتفاجأ بالأدنى .. والأدنى ..
تتفاجأ بشيء هو "أسفل سافلين" ..
نعم، لم يدر بخلد فقهاؤنا، أنه سيأتي على الإنسان حين من الدهر، يتلذذ فيه بأن يمارس الجنس في الأماكن العامة، من أجل أن يشاهده الناس ..
لكن، ها نحن نرى، في تلك ال 57% .. القمة العالية، حيث يحرص الإنسان على النزول الى أسفل درك، أسفل سافلين ..
*****************
الآن يبدو حد الزنا- الذي لا ينفذ الا بأربع شهود- شيئاً طبيعياً ..
لم يعد الزنا هنا زلة، لم يعد مجرد ضعف بشري أمام غريزة في داخله. الأمر و قد وصل الى هذا الرقم المحزن يعني أن الزنا لم يعد مجرد تلك الغريزة، ولا حتى الإستسلام لها، لقد خرج الأمر من هذا، خرج من إطار العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، الى غياهب بهيمية معتمة يتمتع فيها الإثنان لا بالعلاقة بينها كرجل وإمرأة- بل بتلصص الناس عليهما ..
إنه أمر بعيد جداً، ..
ويستحق من ينزلق إليه، أن يقف عند "حده".
يستحق- بل يستوجب أن يكون هناك شيء يوقفه ..
يستحق أن يكون هناك "حد".
*************
عندما أتأمل الآن في لفظة "الحدود" تلك اللفظة التي إستهلكناها، وأشبعناها إبتذالاً وإستعمالاً في غير موضعها .. أفهمها الآن بشكل جديد ..
أراها الآن كوابحاً إستباقية للمجتمع من أجل أن لا ينحدر إلا أسفل سافلين ..
الأمر لا يبدو طبعاً بشكل فجائي من تطبيق الحدود على ممارسي الجنس في الأماكن العامة والذين تتوفر فيها شروط تطبيق الحد ..
الأمر يبدأ قبل ذلك بفترة طويلة، الكابح يعمل إستباقياً، على كل فرد، داخل المجتمع، أنه ينظم (سدادة) كل فرد، بحيث لا تتأثر شبكة الأواني المستطرقة التي يتألف منها المجتمع ككل ..
الأمر يبدأ بالحد وهو يغرس في داخل كل فرد، ليس رجماً ولا جلداً، ولكن بحزمة المفاهيم الأخرى، حزمة المفاهيم البديلة، التي تمنع وصول الفرد- ومن بعده المجتمع- الى تلك المرحلة وتلك الأرقا وتلك الإحصاءات التي إنحدر إليها مجتمع الفردوس المستعار ..
يبدأ الأمر من تلك القيم التي تنظم علاقة الفرد بنفسه، بشهواته، بجسده، وبأجساد الاخرين .. وبالمجتمع ككل ..
يبدأ الأمر من (حدود) معينة تغرس في الفرد: تعلمه أن يتعامل مع غرائزه وشهواته، دون أن يتجاوزها – ودون أن يجعلها تتجاوزه ..
.. يبدأ الأمر من التعود على (الحلال) و (الحرام)، من تكريس (العفة) .. وتأجيل- (المتعة)، من مفهوم منقرض إسمه (العيب) .. وآخر إسمه (الحياء) ..
هناك، في أعماق النفس، يبدأ تطبيق الحدود الحقيقية ( .. تلك حدود الله)، التي تكون إستباقية/ ( .. وبشكل ما) مانعة للتنفيذ الحرفي لحد الزنا فيما بعد، لإنها ستعطل إمكانية حصول شروطه (شبه المستحيلة في الظروف العادية) .. رغم أنها في ظروف أخرى تصل للـ57%-
هناك يبدأ التطبيق ..
في قيم مغروسة، منذ البدء ..
بعدها يكون الأمر شبه مستحيل.
******************
اضاءة
ويجرني هذا الرقم المرتفع المؤدي الى تلك الهاوية السحيقة، فأتذكر موقفاً قرآنياً شتان ما بينه وما بين هاوية الإحصاءات في الفردوس المستعار ..
"فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة". الأعراف: 22.
"فأكلا منهما فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة" طه: 122.
إنها تلك اللحظة الصعبة، لحظة ما بعد العصيان، حيث آدم وزوجته يكتشفان ويتواجهان مع الحقيقة، وتبدو لهما سوءاتهما، ورغم المعصية، ورغم أنهما إقترفا أمراً بعدم الإقتراب منه، فإنهما يسرعان بعدما (بدت لهما سوءاتهما) يخصفان عليهما من ورق الجنة، أسرعا يستران ما بدا منهما ..
لم يقولا، ولم يفكرا قط، أن اللذة ستكون اكثر، لو أن أحد نظر إليهما .. (لعلهما لم يتصورا،، أن هناك من يفعل ذلك .. ).
أسرعا يستران سوءاتهما .. - ولم يتصورا أن العري (بمعنى كشف السوءة بشكل عام) يعبر عن الذات، أو يحسن مستوى إحترام الشخص لنفسه- كما يتفلسفون عن هذا في حضارة الفردوس المستعار ..
بل طفقا يخصفان .. يواريان ما بدا منهما ..
*******************
(يُتْبَعُ)
(/)
. عندما أفكر في تلك الأرقام، وتلك الإحصاءات، أقول، بلا تحفظ، أن الناتج النهائي للمعضلة كان أن مساؤي الكبت أقل بكثير من مساؤي هذا الإنفتاح الذي بشرونا بمحاسنه ..
لا أروج هنا للكبت فسمعته سيئة. لكني أنبه الى أن الإنفتاح حقيقته الإحصائية سيئة جداً. ولا أستطيع أن أتصور واقعاً أسوأ مع الكبت أو سواه ..
لا اروج للفلقة و العصا هنا- وأعترف أيضاً أن مساؤهما لا تعد ولا تحصى- لكن لا شيء، لاشيء على الإطلاق، ينافس ما إنحدر إليه الفردوس المستعار في هذا المجال.
قيل لنا أن الصنبور يجب أن يظل مفتوحاً حتى لا ينفجر في الداخل، فكانت النتيجة أن الماء فاض وأغرق المكان، وتسرب الى أسس البناء، وأضعفها، وزادها ركاكة على ركاكتها ..
لا أنكر أن سد الصنبور وإغلاقه قد يفجر المواسير الداخلية، لكن الخطة القرآنية، لا تشمل سد الصنبور فحسب، بل تشمل على بناء شبكة أنابيب قوية ومختلفة، تشمل على "حدود" تغرس منذ البداية، وهي "حدود إستباقية" متدرجة، تضع العوائق والموانع أمام وصول الأمر لحد تطبيق الحد القانوني للزنا ..
وتشمل الخطة القرآنية ربما، على مواراة السوءة، على خصفها "بورق من الجنة".
***************
ورق من الجنة ..
للمرة الأولى أتأمل اللفظة فأرى فيها معنى مختلف تماماً عن المعنى الذي رسخته هوليود قسراً وغصباً في أذهاننا: معنى ورقة التوت المزعومة التي ساد تصورها في الأدب والفن والثقافة ..
الآن أرى ان ورق الجنة هذا يمكن أن يكون الآن شيئاً آخر .. إنه الورق الذي تسطر عليه الأفكارالمستمدة من ذلك الفردوس الذي يجب أن يكون. الفردوس المستعاد .. إنه ورق المفاهيم الأخرى، ورق المفاهيم البديلة ..
ورق من الجنة، هو ورق الثوابت، التي علينا أن نواري سوءاتنا بها .. التي علينا أن نجعلها تتسرب الى دواخلنا، لتكون عوائقاً لإستباقية تمنعنا من الهبوط، من أسفل سافلين ..
"ورق من الجنة" .. اتأمله- ليس ورقة توت تزيد الإثارة والإغراء، بل ورق الفكر البديل، فكر ثوابت ذلك الفردوس الآخر .. المستعاد ..
وكان أن خصفا على سوءاتهما، بذلك الورق، أول خطوة على درب الإستعادة.
*******
من كتاب "الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد" الدكتور أحمد خيري العمري دار الفكر دمشق 2006(/)
سورة الزمر تفسير / وتقسيم موضوعي - 2 -
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[11 Jun 2006, 01:22 ص]ـ
الأخوة والأخوات الكرام سبق أن بينت طريقتي في تقسيم سورة الزمر حسب موضوعات كل ثمن من الأثمان التي تستغرقها السورة. وقد أرفقت تخطيط هيكلي لموضوعات السورة. وفيما يلي متابعة لتفسير سورة الزمر.
الجزء (23) - الحزب (2) - تتمة الربع الثالث
الموضوعات الرئيسة:
أولاً: الآيات: 1 - 3
مصدر القرآن الكريم، والأمر بالعبادة الخالصة لله تعالى، ونفي ادّعاءات المشركين وتهديدهم
من قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}.
المفردات اللغوية:
تنزيل الكتاب: أي هذا القرآن تنزيل من الله لا من غيره. العزيز: أي في مُلكه وسلطانه. الحكيم: إمَّا بمعنى: الحاكم؛ فالقرآن حاكم على معارضيه بالحُجَّة، وحاكم على غيره من الكتب السماوية بما فيه من التفصيل والبيان، وإمَّا بمعنى: المُحكِم المتقِن في صنعه وتدبير خلقه؛ فالقرآن مشتمل على البيان الذي لا يحتمل الخطأ، وإمَّا بمعنى الموصوف بالحكمة؛ فالقرآن مشتمل على الحكمة كاتِّصاف منزِّله بها جل جلاله. بالحق: الباء للملابسة؛ أي مُتَلَبِّساً بالحق: وهو مطابقة الواقع لجميع أخباره، فالواقع تابع لأخباره. مخلصاً له الدين: أي مفرداً إيّاه بالعبادة، خالياً من الشرك والرياء. ألا لله الدين الخالص: ألا: أداة استفتاح تفيد التنبيه، أي لله وحده خالص العبادة لا يُشاركه في ذلك أحد سواه. أولياء: أي شركاء وهي الأصنام. ليقربونا إلى الله زلفى: أي قربى بمعنى: تقريباً لنا عند الله. لا يهدي: لا يوفِّق للاهتداء إلى الحقّ. كاذب: أي في زعمه أنَّ الآلهة تقرِّبه إلى الله كفّار: أي شديد الكفر بعبادته غير الله.
المعنى الإجمالي:
يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن وجلالة من تكلّم به ونزل منه، وأنّه نزل من الله الذي وصْفه الألوهية للخلق، المتَّصِف بجميع صفات العَظَمَة والكمال، فهو العزيز الغالب لكلِّ شيء، الذي ذلَّ له كل شيء، وقهر بعزَّته كل مخلوق، الحكيم في خلقه وأمره وتدبيره، الذي يضع الأشياء في مواضعها المناسبة، فما أنزله إلا بمحض مشيئته ومقتضى حكمته؛ فقال تبارك وتعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.
ثمَّ بيَّن الله تعالى أنَّه نزَّل هذا الكتاب الكريم على أشرف الخلْق، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وأنَّه أنزله مُتلبِّساً بالحق مشتملاً عليه لهداية الخلق، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، فهو الحق في أخباره الصادقة، وأحكامه العادلة، فكل ما دلَّ عليه فهو أعظم أنواع الحق؛ فقال تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}.
ولمّا كان هذا الكتاب الكريم نازلاً من الحقّ، مشتملاً على الحق، عظُمت فيه النعمة وجلَّت، ووجب القيام بشكرها، وذلك بإخلاص الدين لله، لهذا جاء الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم أن أخلص لله جميع دينك، وادع الخلق إلى ذلك، وأعلمهم بوجوب إخلاص الدين لله بشرائعه الظاهرة والباطنة؛ الإسلام والإيمان والإحسان، وذلك بأن يُفرد الله وحده بها، ويُقصد بها وجهه تعالى؛ فقال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}.
وتوحيد الله وإخلاص الدِّين له ليس كلمةٌ تُقال باللسان _ كما هي حال كثير من الخلق إلا من رحم الله _ إنما هو منهاج حياة كامل؛ فالقلب يعتقد ويوحِّد الله ويدين له وحده بالعبادة والمحبَّة والانقياد, فالله وحده هو القويّ القاهر فوق عباده، والعباد ضِعافٌ مهازيل لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً، والله وحده هو المانح المانع؛ لأنّه الغنيّ وهم الفقراء.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا ما وحَّد القلب الله حقَّ التوحيد بثَّه إلى الجوارح فنطقت كلّها بتوحيد الله؛ فاللسان يوحّد أن لا إله إلا الله، وكذلك اليد والسمع والبصر وجميع الجوارح، فتبدو آثار هذا التوحيد في التصورات والمشاعر، كما تبدو في السلوك والتصرّفات، ولهذا يأتي مباشرة قوله تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} كلمات مدويَّة عالية في تعبير مجلجل بأداة الاستفتاح (ألا)، وفي أسلوب القصر: (لله الدين الخالص)، لتقرِّر الآيات الكريمات ما سبق وأكَّدته من وجوب الإخلاص لله وحده بالعبادة والطاعة.
{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} أمر بالتوحيد ونهي عن الشرك وذمٌّ لمن أشرك، فهو تعالى وحده الذي يجب اختصاصه بالدِّين، والعبادة والطَّاعة يجب أن تكون له، فهو سبحانه لا يقبل من العمل إلاّ ما أخلص فيه العامل له وحده لا شريك له؛ لأنه أغنى الشركاء عن الشرك المُفسد للقلوب والأرواح، والدنيا والآخرة.
{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ذلك الذي يُصلح القلوب ويزكِّيها ويُطهِّرها، لا رياء ولا محبَّة ولا طاعة لمخلوق إلا فيما يُرضي الخالق، فكما أنّ لله تعالى الكمال كلّه، وله التّفضُّل على عباده من جميع الوجوه، فكذلك له الدِّين الخالص الصافي من جميع الشوائب، فهو الدِّين الذي ارتضاه سبحانه لنفسه، وارتضاه لصفوة خلقه، وأمرهم به؛ لأنه متضمِّن للتألُّه له في حبِّه، وخوفه، ورجائه، والإنابة إليه، في تحصيل مطالب عباده.
وإذا كان رأس العبادة الإخلاص لله، نهى عن الشرك وأخبر بذمّ من أشركوا به ونفى حجّتهم؛ فقال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فقد احتجّوا بأنهم يتولّون الأصنام بعبادتهم ودعائهم معتذرين عن أنفسهم قائلين: ما نعبدهم إلا ليُقرِّبونا إلى الله تقريباً، ولترفع حوائجنا له وتشفع لنا عنده وإلا فنحن نعلم أنّها لا تخلق ولا ترزق ولا تملك من الأمر شيئاً، فأخبر تعالى أنَّ عبادتهم مردودة عليهم، وهدّدهم بأنّه سيحكم بين الخلائق يوم القيامة ويفصل في خلافاتهم، وسيجزي بعدله كلاً بما يستحقّه من إنعام وتكريم أو شقاء وتعذيب؛ فقال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.
ثمّ استأنف الله تبارك وتعالى بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} لِيُثير في نفوس السامعين سؤالاً عن مصير حالهم في الدنيا من جرّاء اتخاذهم أولياء من دونه، وليعمّ الكلام كلّ كافر كذّاب، فيكون الجواب بأنّ الله لا يهدي من هو كاذب كفّار؛ أي: يذرهم في ضلالهم ويمهلهم إلى يوم الجزاء بعد أن بيّن لهم الدين فخالفوه، وأتتهم الآيات فجحدوها وكفروا بها، فأنَّى لهم الهدى وقد سدُّوا على أنفسهم الباب، وعوقبوا بأن طبع على قلوبهم، فهم لا يُؤمنون. [/ size]
هداية الآيات:
1ً. بيان علو مرتبة القرآن وجلالة شأنه وأهمية نزوله؛ حيث ذكر تعالى تنزيل الكتاب، وأتبع ذلك بعض أسمائه الحسنى المتضمِّنة لصفاته العليا فقال: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}. قال ابن سعدي رحمه الله: الكلام وصف المتكلم، والوصف يتبع الموصوف، فكما أن الله تعالى الكامل من كل وجه الذي لا مثيل له، فكذلك كلامه كامل من كل وجه لا مثيل له، فهذا وحده كافٍ في وصف القرآن، دالٍّ على مرتبته.
2ً. تقرير النبوة المحمديّة؛ لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ}.
3ً. تقرير التوحيد، والأمر بإخلاص العبادة لله من جميع أنواع الشرك كبيرها وصغيرها؛ لقوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}. وقوله تبارك وتعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}.
4ً. بيان أنَّ الدين الخالص من شوائب الشرك وغيره هو لله تعالى، وما سواه من الأديان فليس بدين الله الخالص الذي أمر به؛ لقوله تبارك وتعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}.
5ً. أنَّ دعاء الشفعاء، واتِّخاذ المعبودات من دون الله وسائط من أصول كفر الكفَّار؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
6ً. كل عبادة لا تكون لله وحده فهي مردودة على أصحابها غير مقبولة ولو قصدوا بها التقرب إلى الله تعالى.
7ً. بيان فساد قياس المشركين الذين اتخذوا الأصنام شفعاء لترفع حوائجهم لله وتشفع لهم عنده، كما أنّ الملوك لا يوصل إليهم إلا بوجهاء وشفعاء ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، ويتعطَّفونهم ويمهدون لهم الأمر؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}. قال ابن سعدي رحمه الله تعالى: " هذا القياس من أفسد الأقيسة؛ لأنه يتضمن التسوية بين الخالق والمخلوق، مع ثبوت الفرق العظيم عقلاً، ونقلاً، وفطرة؛ فإن الملوك إنما احتاجوا للوساطة بينهم وبين رعاياهم؛ لأنهم لا يعلمون أحوالهم فيحتاجون إلى مَن يعلِّمهم بأحوالهم، وربما لا يكون في قلوبهم رحمة لصاحب الحاجة فيحتاج من يعطفهم عليه ويسترحمه لهم، ويحتاجون إلى الشفعاء والوزراء ويخافون منهم فيقضون حوائج من توسطوا لهم مراعاة لهم ومداراة لخواطرهم.
وهم أبضاً فقراء قد يمنعون لما يخشون من الفقر. وأمَّا الرَّبُّ تعالى فهو الذي أحاط علمه بظواهر الأمور وبواطنها ولا يحتاج إلى مَن يخبره بأحوال رعيته وعباده، وهو سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، وأجود الأجودين، لا يحتاج إلى أحد من خله يجعله راحماً لعباده، بل هو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم، وهو الذي يحثُّهم ويدعوهم إلى الأسباب التي ينالون بها رحمته، وهو يريد من مصالحهم ما لا يريدون لأنفسهم.
وهو الغنيُّ الذي له الغنى التَّام المطلق الذي لو اجتمع الخلق من أوَّلهم لآخرهم في صعيد واحد فسألوه فأعطى كلاً منهم ما سأل وتمنَّى لم ينقصوا من غناه شيئاً. وجميع الشفعاء يخافونه فلا يشفع أحد إلا بإذنه، وله الشفاعة كلها. فبهذه الفروق يُعلم جهل المشركين به، وسفههم العظيم، وشدَّة جراءتهم عليه. ويُعلم أيضاً الحكمة في كون الشرك لا يغفره الله تعالى؛ لأنه يتضمَّن القدح في الله سبحانه وتعالى". ا. هـ
فوائد في العقدية مستنبطة من الآيات الكريمات:
- بيان علو الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ}، والنزول معلوم أنه لا يكون إلا من أعلى؛ وفي ذلك ردّ على من يقول أن الله تعالى في كل مكان.
- قوله تعالى {مِنَ اللَّهِ} فيه دلالة على أن القرآن الكريم كلام الله، والإنزال من الله على قسمين:
أ) أعياناً قائمة بنفسها، فهذه مخلوقة؛ كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}، وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}، وقوله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا}.
ب) أوصاف لا تقوم إلا بغيرها، وهذه غير مخلوقة؛ كالقرآن الكريم، فهو كلام لا يقوم إلا بالغير.
- أن الشرك نوعان: شرك أكبر؛ كهذا الذي في الآية الكريمة، وشرك أصغر لا يخرج من الملّة؛ كالرياء. وقد فصَّل أبو البقاء الشرك على النحو التالي:
1 - شرك الاستقلال: أي إثبات إلهين مستقلين، كإله الخير وإله الشرّ عند المجوس.
2 - شرك التبعيض: وهو تركيب الإله من آلهة كشرك النصارى.
3 - شرك التقريب، وهو عبادة غير الله ليقرِّب إلى الله زلفى، كشرك متقدِّمي الجاهليَّة.
4 - شرك التقليد، وهو عبادة غير الله تبعاً للغير، كشرك متأخريّ الجاهليَّة.
5 - شرك الأسباب، وهو إسناد التأثير للأسباب، كشرك الفلاسفة والطبائعيين ومن تبعهم في ذلك.
6 - شرك الأغراض، وهو العمل لغير الله.
- إثبات الأسماء التالية لله تعالى: {الْعَزِيزِ - الْحَكِيمِ}، وما تضمَّنته من صفات وأثر: فالعزيز: ذو العزة، والعزة لله تعالى أنواع: عزة قدر، وعزة قهر، وعزة امتناع. والحكيم: ذو الحكم، والحكمة، والإحكام.
- الهداية المنفية في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} هي هداية التوفيق، لا هداية الإرشاد؛ فالمراد نفي عناية الله بهم؛ أي العناية التي بها تيسير الهداية عليهم حتى يهتدوا.
فوائد أصولية مستنبطة من الآيات الكريمات:
*يؤخذ من مفهوم قوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} وجوب الإخلاص لله تعالى في العبادة، ووجوب النية فيها، ولا عبادة بدون نية صحيحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
*يؤخذ من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} أن الحكم إذا عُلِّق بوصف زاد بازدياده ونقص بنقصانه؛ فكلما توغَّل العبد في الكذب على الله جل جلاله، وفي الكفر به ازداد غضب الله تعالى عليه، وازداد بُعْد الهداية الإلهية عنه.
*ويؤخذ منها: أن الإخلاص في العبادة والطاعة يؤدي إلى الثبات على طريق الهدى.
ثانياً: الآيات 4 – 7
تنزيه الله تعالى عن الولد والشريك، وإقامة البراهين الدّالّة على وحدانيته،
وكمال غناه، وقدرته، وعلمه، وإحاطته
من قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (1)}.
إلى قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ....... (7)}.
المفردات اللغوية:
لو أراد الله أن يتَّخذ ولداً: أي كما زعم ذلك مَن زعمه مِن سفهاء الخلق. لاصطفى: لاختار. سبحانه: أي تنزَّه عمَّا ظنُّ به الكافرون، أو نسبه إليه الملحدون. القهار: أي الشديد الغلَبَة لكلّ شيء لا يغلبه شيء، ولا يصرفه عن إرادته. خلق السموات والأرض بالحق: أي خلقهما وما فيهما من المكونات ملتبسة بالحق والصواب، مشتملة على الحكم والمصالح فما خلقهما عبثاً ولا باطلا. يكور الليل على النهار: أي: يدخل كلاً منهما على الآخر، والتكوير: اللف على الجسم المستدير، ومنه كوَّر العمامة والمَتاع: أي ألقى بعضه على بعض. وسخَّر الشمس والقمر: أي ذلَّلهما وجعلهما منقادين للعمل على ما جعل لهما من نظام السير. الغفَّار: الساتر لذنوب عباده برحمته. خلقكم من نفس واحدة: أي: آدم عليه السلام. ثم جعل منها زوجها: هي حواء التي خلقت من ضلع آدم عليه السلام. وأنزل لكم من الأنعام: أي خلقها لكم بقدر نازل منه, والأنعام: الإبل والبقر والغنم _ الضأن والمعز. ثمانية أزواج: ثمانية أصناف؛ أي جعل من كل صنف من الإبل والبقر والضأن والمعز ذكراً وأنثى. خلقاً من بعد خلق: أي طوراً بعد طور، بالتدريج من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام مكسوة لحماً. في ظلمات ثلاث: هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة. فأنّى تُصرفون: استفهام إنكاري للتعجب؛ أي تعدلون عن عبادته إلى عبادة غيره، أو تصرفون عن الحق بعد هذا البيان. غنيٌّ عنكم: أي غير مفتقر لكم، فلا يضره كفركم كما لا ينتفع بطاعتكم. ولا يرضى لعباده الكفر: لكمال إحسانه ورحمته بهم. وإن تشكروا يرضه لكم: أي إن توحِّدوا الله وتخلصوا له الدِّين يرضى لكم ذلك ويثيبكم عليه. ولا تزر وازرة وزر أخرى: أي لا تحمل نفس آثمة ذنب نفس أخرى. عليم بذات الصدور: أي بما تضمره القلوب وتستره.
وجه الربط:
لمَّا أخبر الله تبارك وتعالى بالحُكم بين أولئك الذين اتخذوا من دونه أولياء، وهدّدهم بعدم التوفيق والاهتداء بعد أن حجبوا أنفسهم عن أنوار الهداية، احتجَّ تعالى عليهم بأنهم كاذبون كفَّارون في زعمهم البنوّة له سبحانه وقصد إلى إبطال شركهم ببيان استحالة اتِّخاذ الشريك في حقِّه سبحانه، مع إقامة الأدلَّة الدَّالَّة على ذلك.
المعنى الإجمالي:
استأنف الحقّ جل جلاله كلامه بقوله: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} لتحقيق الحقّ، وإبطال القول بأنّ الملائكة بنات الله، أو كما قال النصارى أنّ (عيسى) ابن الله، وقال اليهود أنّ (عزير) ابن الله - تعالى الله عمّا يقول الظالمون علواً كبيراً - ببيان استحالة اتخاذ الولد في حقّه سبحانه على الإطلاق ليندرج فيه استحالة ما قيل اندراجاً أوليّاً.
ولو أراد الله أن يكون له ولد – كما زعم ذلك من زعمه من سفهاء الخلق – لاصطفى من مخلوقاته الذي يشاء اختياره، واختصّه لنفسه وجعله بمنزلة الولد، ولم يكن له حاجة إلى اتخاذ الصاحبة، ولكنّه سبحانه منزّه عمّا ظنّ به الكافرون أو نسبه إليه الملحدون، ولهذا نزَّه سبحانه نفسه عن ذلك بقوله: {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} فهو تبارك وتعالى الواحد الأحد الفرد الصمد، القهّار لجميع العالم العلويّ والسفليّ، الذي قهر الأشياء فدانت له وذلّت وخضعت، ووحدته تعالى وقهره متلازمان، فالواحد لا يكون إلا قهاراً،
(يُتْبَعُ)
(/)
والقهار لا يكون إلا واحداً، وذلك ينفي الشركة له من كل وجه.
ثمّ لمّا أبان الله سبحانه تعالى كونه منزّهاً عن الولد بكونه إلهاً واحداً قهّاراً أعقبه ببيان الأدلَّة الدَّالة على الوحدانية وكمال القدرة وكمال الاستغناء عن أحد من خلقه، فذكر بعض الآيات الكريمات في تقرير التوحيد بذكر الأدلّة والبراهين التي لا تدع للشكّ مجالاً في نفوس العقلاء، فذكر ثلاثة أدلّة: خلق السموات والأرض وما فيهما من العوالم، وتذليل الشمس والقمر لقدرته، وتسييرهما في نظام ومسار دقيقين، وخلق الإنسان الأول وتشعيب الخلق منه، وخلق ثمانية أزواج من أنواع الأنعام ذكراً وأنثى.
الدليل الأول وأقسامه من العالم العلوي: أ- قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} فيخبر سبحانه أنّه أبدع وأوجد العالَم العلويَّ من السموات والأرض إبداعاً قائماً على الحقِّ والصواب، لأغراض ضرورية وحِكم ومصالح، فلم يخلقهما باطلاً وعبثاً، وجعلهما في أبدع نظام. وهذا يدلُّ على وجود الإله القادر، وعلى استحالة أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد، فهو واحد، كامل القدرة، كامل الاستغناء عن غيره.
ب- قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} أي يُغشي كلاً منهما الآخر، حتى يُذهب ضوءه أو ظلمته، أو يجعلهما متعاقبين متتابعين، يطلب كل منهما الآخر طلباً حثيثا، كقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} (الأعراف:54) {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} (الحديد:6).
ج- ثمّ بيّن كيفية تصرفه في السموات والأرض، فقال تبارك وتعالى: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً} أي: سخّر الشمس والقمر تسخيراً منظماً وسيراً مقنناً إلى مدة معلومة ووقت معيَّن في علم الله تعالى، وهو انتهاء الدنيا وانقضاء هذه الدار وخرابها، فيُخرب الله آلاتها وشمسها وقمرها، ويُنشئ الخلق نشأة جديدة ليستقرّوا في دار القرار؛ الجنّة أو النّار.
وذيَّل تعالى الآية الكريمة بأداة التنبيه (ألا) للتنبيه على شرف ما دخلت عليه، والتنويه به، وللدَّلالة على المراد، وهو: إثبات كمال القدرة الإلهية مع الترغيب في طلب المغفرة، فقال: {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} أي تنبَّهوا أنَّ مَن خلق هذا العالم بأجرامه العظيمة قادر على الانتقام ممن عاداه، فهو الذي لا يُغالب، القاهر لكل شيء، الذي لا يستعصي عليه شيء، ومع هذا فهو ساتر لذنوب عباده، غفّار لمن عصاه ثمّ تاب وأناب إليه.
ومن تلك اللَّفتة إلى آفاق الكون الكبير ينتقل الحقّ جلّ جلاله إلى لمسة في أنفس العباد؛ مشيراً إلى آية الحياة القريبة منهم في أنفسهم وفي الأنعام المسخّرة لهم، وهذا هو: الدليل الثاني وأقسامه من العالَم السفلي:
أ- قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أي خلقكم أيّها النّاس على اختلاف أجناسكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة، هي آدم عليه السلام، ثمّ جعل من جنسها زوجها، وهي حواء، ثمّ شعّب الخلق منهما، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} (النساء:1) وهذا الجزء من الدليل في عالَم الأرض مشتمل كما هو واضح على أدلَّة ثلاثة.
ب- قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} فقد استدلّ سبحانه بما خلقه من الأنعام بعد الاستدلال بخلق الإنسان؛ لأنّ المخاطبين بالقرآن يومئذٍ قوام حياتهم بالأنعام ولا تخلوا الأمم من الحاجة إلى الأنعام كل حين، والأنعام الثمانية هي المذكورة في سورة الأنعام: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} (الأنعام:143) وقوله تعالى: {وَمِنَ الْإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} (الأنعام:144).
(يُتْبَعُ)
(/)
ج- قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} أي يبتدئ خلقكم ويقدِّره في بطون أمهاتكم في مراحل متعاقبة متدرجة من نطفة إلى علقة إلى مضغة ثم يتكون العظام، ثم تكسى العظام باللحم والعروق والأعصاب، ثم تنفخ فيه الروح، فيصير إنساناً خلقاً آخر في أحسن تقويم. وتكون مراحل خلق الإنسان في ظلمات أغشية ثلاثة هي: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، ثم ظلمة المشيمة.
ثمَّ ذيَّل هذه الآية الكريمة كالآية السابقة بما تشير إلى الهدف وهو: الإيمان بالموجد الخالق المنشئ، فقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} أي هذا الذي خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق الإنسان هو الربُّ المربِّي لكم، الذي له الملك الحقيقي المطلق في الدنيا والآخرة، الواحد الأحد الذي لا إله إلا هو، ولا يشاركه أحد فيه، فلا تنبغي العبادة إلا له، فكيف تعبدون معه غيره، مع ما يوجب استحقاقه لها، وكيف تعدلون عن الحق بعد هذا البيان.
وبعد أن بيَّن الحق جل جلاله بالأدلَّة القطعة وجوب الإيمان به ووجوب الإخلاص في عبادته، أعلم عباده أنَّ كفرهم به لا يضرُّه أبداً؛ لأنَّه هو الغنيُّ عمَّا سواه من المخلوقات، فقال تبارك وتعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} وهذا كقوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: "لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً".
ثمَّ ذكر تعالى أنه لكمال إحسانه بعباده لا يرضى لهم الكفر، لما يسببه لهم من شقاء وخسران، كما أنهم إن آمنوا وشكروا يرضى لهم ذلك، لرحمته بهم، فيثيبهم أحسن ثواب، ويجزيهم أحسن جزاء، قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}.
ثمَّ أعلن تعالى مبدأ المسؤولية الفردية في الدنيا والآخرة الذي هو من مفاخر الإسلام، فقال تبارك وتعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي لا تحمل نفس عن نفس شيئاً من الآثام والذنوب، بل كل إنسان مطالب بأمر نفسه وعمله من خير أو شرّ، وهي كقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (المدثر:38)، وقوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور:21). والجزاء على قدر العمل، فقال تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي مآلكم ومصيركم إلى ربكم يوم القيامة، فيخبركم بأعمالكم من خير وشرّ، إنه خبير بما تضمره القلوب وتستره، فلا تخفى عليه خافية.
هداية الآيات:
1 - بيان بطلان الشرك، والتنديد بالمشركين؛ لقوله عز وجل: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}.
2 - وجوب تنزيه الله تبارك وتعالى عن كل ما وصفه به الكافرون الجاحدون؛ لقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ}.
3 - إثبات خلق السموات والأرض، وأنه سبحانه خلقهما بالحق، ولم يخلقهما باطلاً أو عبثا؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}. ويترتَّب على هذه الفائدة الردّ على الفلاسفة والطبائعيين الذين يقولون بقدم العالَم، وأنه أزلي، فقوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} أي أوجدهما من العدم.
4 - أن خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، وخلق الإنسان في أصله، وخلق ثمانية أزواج من الأنعام، دليل على وجود الله وكمال قدرته واستغنائه عن الصاحبة والولد.
5 - دلَّ تكوير الليل على النهار، وتكوير النهار على الليل على كروية الأرض ودورانها حول نفسها.
6 - دلّ تسخير الشمس والقمر بالطلوع والغروب لمنافع العباد، وجريانهما في فلكهما إلى يوم القيامة، على كمال قدرة الله ودِقَّة نظامه ومراعاته مصالح العباد؛ {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً}.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - بيان أهمية معرفة أسماء الله تعالى وصفاته؛ لقوله: {أَلَا} وهي أداة للتنبيه على شرف ما دخلت عليه، والتنويه به؛ {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}.
8 - التنبيه على أنَّ الله تعالى عزيز غالب، غفَّار ستير لذنوب خلقه برحمته، وفي هذا جمع بين الرهبة والرغبة؛ لقوله تعالى: {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}، فالرهبة من الله العزيز الغالب، والرغبة في إخلاص العبادة والطاعة لله.
9 - دلَّ قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} على الأصل الإنساني الواحد؛ أي خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألوانكم وألسنتكم من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام، ثم جعل منها زوجها، وهي حواء، ثم شعَّب منهما الخلق.
10 - بيان أنَّ الله الذي خلق هذه الأشياء هو ربكم مربيكم، وهو المالك الواحد الأحد؛ لقوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.
11 - النداء الصارخ في تسفيه الذين اتَّخذوا من دون الله أولياء؛ لقوله تعالى: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}.
12 - بيان غنى الله تعالى عن خلقه، وافتقار جميع الخلق إليه؛ لقوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ}.
13 - الشكر في قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} بمعنى الإسلام؛ لأنها جاءت في مقابلة الكفر؛ في قوله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}.
14 - من مفاخر الإسلام ومبادئه الكبرى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وذلك يدفع إلى العمل، ويمنع الخمول والكسل، ويخلِّص الناس من فكرة النصارى بإرث الخطيئة، ويفتح باب الأمل لبناء الإنسان نفسه ومجده والاعتماد على نفسه دون تأثر بأفعال الآخرين، وذلك غاية التكريم الإلهي للإنسان.
15 - بيان شمول علم الله جل جلاله وإحاطته بالكليَّات والجزئيّات، وبالكبائر والصغائر، وبالفعل الحاصل والقول المقول، وبما يسبقه من نيَّة وحديث نفس وعزمٍ وهمٍّ، وغير ذلك من مراحل تكوين الفعل والقول؛ لقوله تعالى: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
16 - الإشارة إلى أنّ القلب هو الذي عليه مدار الصلاح؛ لأن الحساب على ما في القلب؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}. وهذا كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
فوائد في العقيدة مستنبطة من الآيات الكريمات:
- إثبات صفة الإرادة لله جل جلاله؛ لقوله: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ}، وإرادة الله تعالى على قسمين: إرادة كونية، وإرادة شرعية، وهي التي ترادف المحبَّة، والفرق بينهما: أنَّ الإرادة الكونية يلزم وقوعها، وتتعلَّق فيما يحبَّه الله تعالى وفيما لا يحبُّه، أمَّا الإرادة الشرعيَّة فلا يلزم وقوعها، وهي متعلِّقة فيما يحبَّه الله.
- إثبات المشيئة لله؛ لقوله: {لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، والمشيئة قسم واحد، وهي ترادف الإرادة الكونية.
- إثبات الربوبية لله جل جلاله، وما يستلزمه من إثبات الألوهية؛ لقوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.
- دلَّ قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} على إثبات البعث والقيامة، وبيان كمال عدالة الله تعالى.
- إثبات صفة الرضا لله تعالى؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}، والرضا من صفات الله جل جلاله الفعلية التي يفعلها متى شاء، إذا شاء، كيف شاء. وكلُّ صفة متعلِّقة بمشيئة الله فهي صفة فعليَّة، وأفعاله الفعلية سبحانه مقرونة بالحكمة. وفي ذلك ردٌّ على أهل التعطيل الذين يحرفون هذه الصفة بإرادة الثواب، أو الثواب.
- أنه لا تلازم بين الإرادة والرضا، وجهه قوله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}، مع أنه أخبر في آيات كثيرة أن الكفر واقع بإرادته، فقد يريد الله شيئاً، لكن لا يرضى به، فهو يريد كون ما لا يرضاه، وقد أراد الله خلق إبليس، وهو لا يرضاه، وقد يرضى ما لا يريده، فهو يريد من كلِّ أحدٍ الشكر له تعالى، ولكنه هل أراده؟ والجواب لا؛ لأنه لو أراده لوقع.
- إثبات الأسماء التالية لله جل جلاله وما تتضمّنه من صفات وحُكْم: {اللَّهُ}، {الْوَاحِدُ}، {الْقَهَّارُ}، {الْغَفَّارُ} {الْغَنِيّ}.
فوائد أصولية:
* الشرط في قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} لا يلزم وقوعه ولا جوازه، بل هو محال، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادّعوه وزعموه، فهذا من باب الشرط، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لمقصد المتكلم.
* بيان تناسب خاتمة الآية بما يناسب سياقها في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} بعد قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} عملاً بالقاعدة الأصولية المعروفة. فناسب ختم الآية باسم الله {الْوَاحِدُ}؛ "لأنه لو كان له ولد لاقتضى أن يكون شبيهاً له في وحدته؛ لأنه بعضه وجزء منه. وناسب ختم الآية باسم الله {الْقَهَّارُ}؛ لأنه لو كان له ولد لم يكن مقهوراً، ولكان له إدلال على أبيه، ومناسبة منه، فوحدته تعالى وقهره متلازمان، فالواحد لا يكون إلا قهاراً، والقهار لا يكون إلا واحداً، وذلك ينفي الشركة من كل وجه". ا. هـ (تفسير السعدي بتصرف)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jun 2006, 06:03 ص]ـ
نفع الله بك أختي الكريمة، ورزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[11 Jun 2006, 02:47 م]ـ
شكر الله لأخي الكريم فضيلة الدكتور ابو مجاهد العبيدي، وأتطلع لرأيكم د. فيما يسر الله تعالى من تفسير وتقسيم. نفع الله بكم وبارك لنا بعلمكم.
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[11 Jun 2006, 07:46 م]ـ
ماشاء الله لاقوة الا بالله
لعل الأخت الكريمة كتبت, وبقي علينا المراجعة والتنقيح لتعم الفائدة
وإنه لعمل عظيم - نسأل الله تمامه -
ـ[ابو الروب]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:28 ص]ـ
مشا الله تبارك الله هلا ذكرتي المصادر لكي استفيد لاني طالب علم جديد
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[12 Jun 2006, 01:06 ص]ـ
فضيلة الدكتور يوسف الحوشان: جزاك الله عني خير الجزاء، ورفع قدرك، وبارك الله لنا بعلمك، أثلجت صدري بقولك: " بقي علينا المراجعة والتنقيح لتعم الفائد" وأنا بانتظار توجيهات واقتراحات أهل العلم والفضل أمثالكم.
أخي الكريم أبو الروب: شكر الله لك اهتمامك. ولعل طلبك بتوضيح مثال عن التقسيم الموضوعي قد اتضح الآن من خلال تقسيم سورة الزمر. والمقصود كما رأيت ضم الآيات المتعلقة بموضوع متشابه تحت عنوان رئيس ومن ثَمَّ شرح مفرداتها وتفسيرها بمعنى إجمالي مع محاولة ربط الآيات ببعضها أثناء التفسير الإجمالي لها، ثم استنباط بعض الفوائد من الآيات كما هو مشار في تفسيري تحت عنوان: هداي الآيات. كذلك أقف مع بعض الفوائد في العقيدة، أو الفقه، أو الأصول، وأحياناً تكون الفوائد مسلكية.
أما المراجع فهي كثيرة جداَ ابتداء من أمهات كتب التفسير التي قد تتجاوز (25) تفسيراَ. إلى جانب بعض كتب المفردات والإعراب وغير ذلك. وراجع إن شئت موضوعي الموسوم بـ (رحلتي مع كتاب الله، حفظه وتدبره وتفسيره) وفقنا الله وإياك لما يحب من القول والعمل، ورزقنا الإخلاص والقول.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 10:22 ص]ـ
نعم جزاكم الله خيرا ولذا اقترح عليكم ان تجمعي تفسير سورة الزمر في صفحة واحدة حتى اذا انتهيتي منها نستطيع ان نحفظها في مجلد في المستندات الا ان كان لكم نظرة اخرى فانتم ابصرد لا حرمنا الله من فوائدكم
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[13 Jun 2006, 03:19 م]ـ
أبشر أخي الكريم، واقتراحك محل اهتمامي. وأسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بما علمنا ويجعله خالصا لوجه الكريم، وينفع بما أكتب وأفسر أهل الملة والدين، ويجعل القرآن حجة لنا لا علينا ويرفعنا به دنيا وأخرى. والله ولي التوفيق.(/)
كيف حال هذه المخطوطات .... ؟؟
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[11 Jun 2006, 08:26 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على ولينا ونبينا رسول الله وبعد
مشايخي وإخواني الأماجد أرجو الإفادة منكم عن هذه المخطوطات من حيث تحقيقُها ودراستها ونشرها ونسبتها للمؤسسة العلمية التي قامت بذلك وأماكن وجودها (سواءاً كانت مخطوطة أم مطبوعة) والله يوفقنا وإياكم لمراضيه ..
1 - رد المتشابه إلى المحكم لمحمد بن أحمد بن عبد المؤمن ابن اللبَّان.
2 - التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام لعبد الرحمن بن عبد الله السهيلي.
3 - نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن لمحمد بن عزيز السجستاني.
4 - المختار في معاني قراءات اهل الأمصار لأحمد بن عبد الله إدريس.
5 - المحاكمات في أجوبة الاعتراضات لمحمد بن محمد الأقسرائي.
6 - تفسير عبد السلام بن عبد الرحمن بن محمد بن برجان.
7 - ألفية في غريب القرآن لعبدالرحيم بن حسين بن عبد الرحمن العراقي.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:28 ص]ـ
أخي محمود، بارك الله فيك وأجرى الخير على لسانك وأمتع بك سامعيك، وبعد، فبعض ما ورد في القائمة كان في عداد المخطوطات وهي اليوم في عداد المطبوعات، وعندي منها الكتابان الثاني والثالث، وما عليك إلا زيارة إحدى المكتبتين: الرشد أو العبيكان فستجد الكتابين وربما غيرهما مما لا أعرف حاله، وباقي المخطوطات تجد خبرها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، والله يرعاك.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:33 ص]ـ
اليك الرابط هذا لعلك تجد بغيتك علما باني لا اعرف كيف استفيد منه ولكن رب مبلغ اوعى له من سامع تفضل http://www.manuscripts.idsc.gov.eg/
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Jun 2006, 04:15 ص]ـ
أحسن الله إليك يا أستاذ منصور ومتعك بالصحة والعافية ورفع عنك ما بك , وسأزور المركز بحول الله كما أشرتم لكن؛ هل الطبعتان المطبوعتان اللتان اقتنيتهما محققتان تحقيقا علميا أم لا؟؟
وأشكرك أخي أبا الروب على إفادتك وأنا في انتظار باقي الأعضاء للإخبار بما يعلمون ...
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Jun 2006, 11:35 ص]ـ
أما كتاب (التعريف والإعلام) للسهيلي فحققه عبد الله محمد علي النقراط عن عدة نسخ مخطوطة ونسخة واحدة مطبوعة، والكتاب مطبوع ضمن منشورات كلية الدعوة الإسلامية - طرابلس الغرب 1992 م، وبلغني أنه طبع طبعة أخرى ولم أتحقق من هذا القول. وأما الثاني (نزهة القلوب) فحققه يوسف عبد الرحمن مرعشلي عن ست نسخ مخطوطة سوى ما استأنس به من طبعات الكتاب، وطبعه في دار المعرفة - بيروت - 1990. والكتابان كلاهما في مكتبة الرشد. هذا وبالله التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2006, 11:51 ص]ـ
أشكر أخي الكريم الأستاذ منصور مهران على جوابه المسدد وفقه الله.
وأحب أن أضيف:
- كتاب نزهة القلوب للسجستاني، حقق عدة تحقيقات علمية غير تحقيق الأستاذ يوسف المرعشلي، فقد حققه الدكتور أحمد عبدالقادر صلاحية تحقيقاً قيماً، وحققه كذلك الأستاذ محمد أديب عبدالواحد جمران، ونشرته دار قتيبة بسوريا عام 1416هـ. وهذا الكتاب له نسخ خطية متعددة بلغت حوالي مائة نسخة ذكرها فؤاد سزكين وبروكلمان. كما إن للكتاب طبعات أخرى غير محققة، أولها طبعة بولاق عام 1295هـ طبعت على هامش كتاب (تبصير الرحمن) للمهائمي.
- أما ألفية في غريب القرآن لعبدالرحيم بن حسين بن عبد الرحمن العراقي فقد طبعت قديماً على هامش الإتقان للسيوطي المطبوع في مطبعة الحلبي - فيما أظن - لأن نسختي بعيدة عن يدي الآن. ولكن هذه الألفية في حاجة إلى تحقيق علمي، وضبط للنص، ولا علم لي هل حققت أم لا.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Jun 2006, 11:54 ص]ـ
جزاكما الله خيرا على هذا التبيان الشافي والجواب الكافي ....
ولكن ما بال البقية المتبقية من تلك المخطوطات أيها الأعضاء الأكارم؟؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:40 م]ـ
بعد الإفادة التي تلقيناها من أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري، أجدد له التحية مع الشكر والعرفان، فبحر الكتب لا ساحل له وبالتواصل يتعلم بعضنا من بعض، وهذه من أعظم الحسنات التي تأتي من أيسر وسيلة، وفقنا الله وإياكم وسدد على الخير خطاكم.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[12 Jun 2006, 02:44 م]ـ
أما تفسير عبد السلام بن عبد الرحمن بن محمد بن برجان فعندي قطعة منه، وقد اشتريت نسختين خطيتين كاملتين من تركيا ولكن للأسف لم تصلني، والكتاب فيه تصوف غال.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 Jun 2006, 11:39 ص]ـ
أخي الكريم د/إبراهيم
تفسير بن برجان موجود في المملكة , ولكن نسختاك اللَّتان اشتريتهما من تركيا في أي مركز تحفظان هناك؟؟
والتصوف الغال الذي أشرت إليه - حفظك الله - هل ترى أنه يمنع الاسفادة من دراسة الكتاب؟
وما دمت اطلعت على قطعة منه لديك فحبذا لو افدتنا عن القيمة العلمية له؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Jun 2006, 01:00 ص]ـ
أخي الشيخ محمود حفظه الله تعالى:بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:أخبرك بأن كتاب (المختار في معاني قراءات أهل الأمصار) وهو الكتاب رقم (4) لازال مخطوطاً،وعلمى به أنه نسخة فريدة في تركيا،منه مصورة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة،وقد طلبت قديماً (قبل 15سنة) تصويره،فصورت لي بضع ورقات وأخبروني أنه لايمكن تصويره لأسباب فنية،حيث إن أرضيته بيضاء،والكتاب من أحسن الكتب التي وجهت القراءات -السبعة ويعقوب-،وحسب علمي إن لم تخني ذاكرتي أن الكتاب عبارة عن (أمالي) للمؤلف في عدةمجالس، وكنت كتبت تقريراً عنه،إذا وجدته سأخبرك به، بقي نقطة مهمة وهي مذكورة في مقدمة تحقيق كتاب الكشف لمكي أن أحد الباحثين وأعتقد أنه محقق الكشف نفسه ذكر أنه انتهى من تحقيق كتاب (المختار) وسيقدمه للطباعة،وإلى يومنا هذا -بعد أكثر من 20سنة - لم نر أثراً لذلك،وإنها (لموضة) نسأل الله تعالى اندثارها وهي (احتكار) التراث بحجة (أني شغال عليه) والفائدة الأخيرة هي عدم وجود ترجمة للمؤلف بعد شدة البحث في المصادر المتوفرة، لكنه كما يظهر من كتابه هو من طبقة تلاميذ تلاميذ ابن مجاهد والله أعلم
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[18 Jun 2006, 12:03 ص]ـ
إضافة إلى ماذكره الأخوة الأفاضل فإن كتاب التعريف طبع لأول مرة سنة 1356 بتحقيق محمود ربيع ثم طبع بعد ذلك عدة مرات
ـ[منصور مهران]ــــــــ[18 Jun 2006, 12:34 ص]ـ
قلت: وسواء أكانت طبعة المكتبة التجارية سنة 1352 هج = 1933 م وهي التي صححها محمود ربيع، أم كانت طبعة مطبعة الأنوار سنة 1356 - 1357 هج = 1938 م، فكلتاهما عليها مآخذ، ثم إنهما ليستا في متناول أيدي كثير من طلبة العلم، والطبعة - أو الطبعات - المحققة صدرت متأخرة جدا وهي المتداولة الآن، وبالله التوفيق.
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[23 Jun 2006, 02:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ محمود كتاب المختار لابن إدريس عندي منه مصورة للنسخة الخطية فإن كان ذا أهمية لك فيمكنك تصويره.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Sep 2006, 11:45 ص]ـ
أخوتي وأحبابي الأفاضل:
كتاب التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام لعبد الرحمن بن عبد الله السهيلي.
كنت قد نشرت منذ أكثر من ربع قرن، ولم تتوفر لي آنذاك نسخ خطية
فاضطررت لتحقيقه عن النسخة المطبوعة
ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل على جمع مخطوطاته، وقد توفر عندي منها الكثير
وأنا منذ ثلاث سنين أعمل في تحقيقه
وقد دفعته منذ شهر ألى المطبعة
وسوف يصدر قريبا ـ بمشيئة الله ـ
ومن أراد نسخة هدية، فعلى الرحب والسعة ـ
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Sep 2006, 11:58 ص]ـ
وبمانسبة الحديث عن كتاب التعريف والإعلام للعلامة السهيليّ:
والشيئ بالشيئ يذكر!!!
فقد قمت بتحقيق كتاب:
ترويح أولي الدماثة بمنتقى الكتب الثلاثة
لعبد الله الأُدكاوي الشافعي الشهير بالمؤذن
1104 ـ 1184 هـ
وهذا الكتاب " ترويح أولي الدماثة بمنتقى الكتب الثلاثة " انتقاه العالم الجليل الأُذكاوي المصري
من ثلاثة كتب مؤلفة في الحديث عن الأسماء والأعلام المبهمة في القرآن الكريم،
وهي:
كتاب " التعريف والإعلام لما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام " للسهيلي،
وكتاب " التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام " لابن عساكر الغساني،
وكتاب " صلة الجمع وعائد التذييل لموصول كتابي الإعلام والتكميل " للبلنسي
وقدمه إلى شيخ مصر في زمانه محمد الحنفي.
ولقد قسم المؤلفون – في هذا الكتاب – المبهمات إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما أبهم من أسم رجل أو إمرأة أو ملك أو جني أو مثنى أو مجموع أو من أو الذي إذا لم يرد به العموم.
القسم الثاني: في مبهمات الجموع الذين عرفت أسماء بعضهم.
القسم الثالث: في مبهمات الأقوام والحيوانات والأمكنة والأزمنة والأشياء الأخرى.
وهذه المبهمات التي ذكرناها يجوز لنا أن نبحث عنها وأن نتقصاها مما ورد عنها
في أقوال السلف الصالح بتعيينه وإزالة الإبهام عنه.
وهناك نوع آخر من المبهمات يجب التوقف عنه وعدم الخوض فيه ولا يصح معرفته،
وهوكل مبهم استأثر الله بعلمه وأخبرنا أنه استأثر بعلمه، كقوله تعالى " إن الله عنده علم الساعة ".
وهذا الكتاب يعد من الكتب الممتعة لما حفل به من كثرة الاستطرادات،
فكثيراً ما ينتقل من الحديث عن المبهم إلى ملابساته وما يتعلق به،
فنراه- على سبيل المثال - يتحدث عن إبليس وعن اسمه ويستطرد بعد ذلك
إلى مناقشة كون إبليس من الملائكة أم من الجن، والكثير من المبهمات
التي يعرضها لنا الكتاب بطريقة مستفيضة تعطي للكتاب نكهة حلوة ومتعة خاصة.
وصدر عن مؤسسة العبيكان، في الرياض، في مجلدين
وذلك سنة 1421 هـ = 2001 م
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[14 Sep 2006, 04:08 م]ـ
أخوتي وأحبابي الأفاضل:
كتاب التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام لعبد الرحمن بن عبد الله السهيلي.
كنت قد نشرت منذ أكثر من ربع قرن، ولم تتوفر لي آنذاك نسخ خطية
فاضطررت لتحقيقه عن النسخة المطبوعة
ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل على جمع مخطوطاته، وقد توفر عندي منها الكثير
وأنا منذ ثلاث سنين أعمل في تحقيقه
وقد دفعته منذ شهر ألى المطبعة
وسوف يصدر قريبا ـ بمشيئة الله ـ
ومن أراد نسخة هدية، فعلى الرحب والسعة ـ
أنا في انتظار الهدية يا دكتور مروان
بارك الله لك فيما آتاك ورزقك المزيد
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Sep 2006, 04:59 م]ـ
هلا وغلا وعلى الرحب والسعة ياأخي الغالي
محمود الشنقيطي
وهو في طبعته هذه قيد الطباعة
وإن أردت غيره من مؤلفاتي وتحقيقاتي
وهي 57 كتابا
وعندك من يأخذها من سوريا، فهي لك
بشرط ألا تركنها على الرفّ، في مكتبتك الخاصة
ودمت من السالمين
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[14 Sep 2006, 05:26 م]ـ
نعم عندي في دمشق من يأخذها جميعاً وسأرسله لك فور إخبارك لي بانتهاء طبعة الأخير منها, وأسأل الله الإعانةَ على التزام شرطك .. إن ربي قريب مجيب الدعاء
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Sep 2006, 09:10 م]ـ
على الرحب والسعة
والله دعوة صالحة
وكل شيئ بمشيئته تعالى
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[14 Sep 2006, 10:57 م]ـ
ماشاء الله ....
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[15 Sep 2006, 01:20 ص]ـ
بالنسبة لألفية الإمام العراقي فقد حققت كرسالة علمية في جامعة أم درمان في السودان وقد رأيت لها مخطوطة خزائنية رائعة في دار الكتب المصرية ولها أيضاً عدة مخطوطات في الأزهرية والظاهرية والسليمانية وغيرها والله أعلم(/)
يا اهل القران ما رايكم في فعلي هذا
ـ[ابو الروب]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:25 ص]ـ
اخواني احببت ان اتدبر كتاب ربي ففعلت الطريقة الآتيه وهو ان اكتب الاية ثم اقرا كتاب تفسير السعدي وكذا ايسر التفاسير ثم اكتب خلاصة ما قاله الشيخان في معنا الاية ثم اقرا من زاد المسير وتفسير ابن كثير واكتب الاضافات التي فيهما على طريقة الفوائد 123 وهكذا فارجو ممن كانت عنده ملاحظة او اقتراح او ان هناك مهم ايضا يستانس به فليذكره دون ذكر المطولات فهي للمتقدين وانا متدبر لا متقدم بارك الله فيكم وغفر لكم
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[12 Jun 2006, 06:29 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي
ولكن ماذا تنوي أن تقوم بفعلك هذا؟
و هل سيكون للمسلمين أم للاستعمال الشخصي؟
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[12 Jun 2006, 02:17 م]ـ
أقول يا أخي إن أفضل تفسير لكتاب الله بعد قراءة مختصر من مختصرات التفسير هو قلب المؤمن
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 10:18 ص]ـ
هذا فعلته من اجل تدبر القران والوقوف على معانيه ولست اهلا للتاليف واقول لكم والله اني اقرا الآية الواحدة من التفاسير المذكورة ومن زارد المسير فلا انتهى الا وقد زاد ايماني بشكل واضح جدا فاجد في نفسي قوة على العمل حبا للامر بالمعروف والنهي عن المنكر انشراح شديد في الصدر قوة في البدن اضعاف ما اكن علية قبل القراءة فهذه طريقة وضعتها لنفسي لتدبر القران وفهم معانيه لاني وجدت ان القراءة بدون كتابة المعاني وحفظها تزول ولذا انصحكم بتدبر كلام الله بتمعن قال احد العلماء من تدبر القران اهتدى شاء ام ابى والله الموفق
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jun 2006, 02:23 م]ـ
طريقة موفقة، واختيار جيد للكتب.
ولو قرأت بعد ذلك كلام سيد قطب رحمه الله حول الآيات لانتفعت أكثر، ولحصلت على كنوز لا تقدر بثمن.
وإن لم يكن كتاب سيد عندك بإمكانك الاطلاع عليه من هنا:
في ظلال القرآن الكريم ( http://www.daawa-info.net/NewThelal.php?step1=step1&ne=0)
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 04:46 م]ـ
جزاك الله خيرا على نصحك
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[14 Jun 2006, 12:31 ص]ـ
وفقك الله اخي
سر على بركة الله
ـ[ابو حنين]ــــــــ[14 Jun 2006, 07:11 ص]ـ
السؤال موجه لأبي مجاهد العبيدي:
كتاب الشيخ سيد قطب \ رحمه الله .... من ناحية العقيدة .... هل يسلم 100 %
-----------------------------------------------------
وفقكم الله ,,, و ما رأيكم بتفسير الجلالين كذلك ,,, إعني من ناحية الكفاية من المعاني ,,,
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jun 2006, 02:11 م]ـ
لا شك أخي أبا طارق أن في الظلال أخطاء عقدية، وكثير من كتب التفسير كذلك.
والمطلوب أخذ المفيد النافع، وترك الخطأ المخالف للحق.
وهذا رابط جيد له صلة بسؤالك: سيد قطب ... كلمة إنصاف ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/PrintFatwa.php?lang=A&Id=11552)
ونصيحتي للمبتديئن ألا يرجعوا إلى الظلال حتى يتمكنوا من علم العقيدة الصحيحة - عقيدة أهل السنة والجماعة-.
وأشكرك على التنبيه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jun 2006, 02:36 م]ـ
تفسير الجلالين تفسير مختصر محرر، إلا أن فيه غموضاً في بعض المواضع، كما أن فيه تأويلاً لآيات الصفات. قال الشيخ صالح الفوزان عن هذا التفسير: (" تفسير الجلالين " تفسير مختصر ألفه الحافظان: الحافظ المحلي والحافظ السيوطي، وكل منهما يلقب بجلال الدين، لذلك سمي بالجلالين، أي: تفسير جلال الدين المحلي وتفسير جلال الدين السيوطي؛ لأن جلال الدين المحلي توفي قبل إكماله فأكمله السيوطي.
وهو تفسير مختصر جدًا يسهل على طالب العلم أو المبتدئ قراءته أو حفظه، لكن من المعلوم أن كلا المُفسّرين على عقيدة الأشاعرة وهما يؤولان آيات الصفات كما هو مذهب الأشاعرة، ومن هذه الناحية يجب الحذر في الاعتماد على تفسيرهما في آيات الصفات.)
ودراسة تفسير الجلالين تصلح لطالب العلم المتوسط لا المبتدئ من وجهة نظري مع الحرص على قراءته على متخصص إن أمكن، وإلا فالسؤال عما أشكل فيه، مع الإفادة من شروحه والتعليقات عليه، ومن أفضلها تعليقات محمد أحمد كنعان الموسومة بـ "قرة العينين على تفسير الجلالين" ..
هناك طبعتان لتفسير الجلالين ينصح بالاستفادة منهما:
1 - طبعة دار الوطن وعليها تعليقات الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - وضعها على مقرر المعاهد العلمية وتبدأ من سورة غافر إلى آخر القرآن.
2 - طبعة دار السلام في الرياض وعليها تعليقات الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[14 Jun 2006, 03:14 م]ـ
جزاك الله خيرا يا ابا مجاهد وخاصة الفتوى التي في سيد قطب حبيبي ولعل من المناسب ان اذكر ان سيد قطب حينما فسر القران كان اذا اراد ان يفسر ايات يقوم بها الليل ثم يقراها متدبرا لهل عدت مرات وبعدها يبدا في التفسير فاذا انتهى رجع الى امهات كتب التفسير مثل ابن جرير وابن كثير وغيرهما لبيان الراجح فس التفسير كم حكى عنه ذلك احد رفقائه في السجن والله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر المصري]ــــــــ[14 Jun 2006, 03:49 م]ـ
ارى والله اعلم إن كُنت في بداية الطلب أن تقتصر على تفسيرواحد قراءة ودراسة من التفاسير المُيسرة السلفية كتفسير بن السعدي مثلاً وتنتهي من القرآن الكريم كله تفسيراً وتدبراً.
وعندما تُنهي هذه الدراسة تتكون عندك ملكة لمعاني وتفسير القرآن الكريم. ثم بعد ذلك في مرحلة أخرى تبدأ تتوسع في تفاسير أكبر وأعمق فتكون الإستفادة عظيمة إن شاء الله.
وفقك الله إلى الخير.(/)
شرح تفسير الكشاف للتفتازاني
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[12 Jun 2006, 06:46 ص]ـ
هل هذا الشرح مطبوع أم مخطوط؟
من لديه معلومة عن هذا الكتاب فليسعدنا بها.
وشكرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2006, 10:33 ص]ـ
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2717
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[13 Jun 2006, 10:39 ص]ـ
هذه المخطوطة الكريمة وزعت منذ اكثر من خمسة عشر عاما على مجموعة من طلاب كلية اللغة العربية بجامعة الازهر واظنها قد حققت كاملة ولا ادري اين مصيرها اليوم بعد التحقيق(/)
هل بُحث هذا الموضوع: (تفسير القرآن بالسنة: دراسة تأصيلية)؟
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:10 م]ـ
الأخوة الكرام ـ حفظكم الله ـ
هل قد بُحث في هذا الموضوع ((تفسير القرآن بالسنة دراسة تأصيلية)) لأن أحد أعضاء الملتقى ذكرأن هناك رسالة بعنوان ((التفسير النبوي للقران)) في الجامعة الاسلامية،وهل هذه الرسالة لهل صله بعنواني أم أن هناك فرق؟ وماهي المواضيع التي ينبغي أن يشملها البحث؟ بارك الله فيكم وفي علمكم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Jun 2006, 12:56 م]ـ
الأمر بادٍ للعيان فبينهما صلة واضحة - كما يفهم من العنوانين - غير أن التأصيل الذي أضفته إلى عنوانك يوجب عليك التعرض لدرجة الأحاديث وحال رواتها بينما الآخر حسبه أن يسند الأحاديث إلى الكتب التي أخرجتها فتبقى العهدة على مؤلفيها، بقيت مسألة أن الأحاديث التي تنهل منها معاني القرآن الكريم، لا يعفيك إيرادُها من البيان اللغوي، وبيان أقوال شراح الأحاديث فيما جاء فيها من المعاني، وكذلك أصحاب غريب الحديث فلعلهم أضافوا شيئا أو احترزوا من شيء أو استشهدوا بشيء من كلام العرب شعرهم ونثرهم لمزيد إيضاح ومزيد تدليل. وبالله التوفيق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jun 2006, 01:22 م]ـ
هذا الموضوع الذي سألت عنه تقدم به الدكتور إبراهيم الحميضي إلى قسم القرآن بكلية أصول الدين بالرياض قبل سنوات ليكون موضوعاً للدكتوراه فلم يوافق عليه حينها.
وهو موضوع جدير بالبحث، ولعلك تطلع على رسالة الجامعة الإسلامية لتعرف مضمونها.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[12 Jun 2006, 02:33 م]ـ
رسالة الجامعة الإسلامية لم أستطع الحصول عليها، وهي غير موجودة في الجامعة حسب إفادة أحد الأساتذة الكرام في كلية القرآن في الجامعة، وهما في الواقع رسالتان لباحث واحد:
1 - التفسير النبوي في القرآن الكريم من اول القرآن إلى آخر سورة الكهف، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وقد وتوقشت عام 1402هـ.
2 - التفسير النبوي في القرآن الكريم، من أول سورة مريم إلى آخر القرآن الكريم، رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، نوقشت عام 1408هـ وكلاهما للباحث: عواد العوفي، وقد اعتنى بجمع الوارد من التفسير النبوي الصريح.
وهناك أبحاث أخرى في الموضوع:
3 - التفسير النبوي للقرآن الكريم، وموقف المفسرين منه، للدكتور محمد إبراهيم عبد الرحمن، وقد اختار المؤلف نماذج من المفسرين وبين موقفهم من الاحتجاج بالتفسير النبوي باختصار.
4 - التفسير النبوي خصائصه ومصادره للدكتور محمد عبد الرحيم، وقد تعرض المؤلف لمصادر التفسير النبوي، وخصائصه، وموقف المفسرين منه باختصار، ثم نقل ما ذكره البخاري والترمذي من التفاسير النبوية.
5 - الصحيح المسند من التفسير النبوي لأبي محمد السيد إبراهيم، جمع فيه المؤلف ما صح عنده من التفسير النبوي.
ويلاحظ على هذه الدراسات ما يلي:
الأولى: أنها اقتصرت في الغالب على جمع المرويات الواردة في التفسير النبوي دون دراسة لها وربط بينها وبين الآيات.
الثانية: أنها اقتصرت على التفسير النبوي الصريح، وهو: ما صدر عن النبي ? صريحاً في إرادة التفسير، ومرادي في هذا الموضوع: بيان القرآن بالسنة بمعناها الواسع وهو: قول النبي ? وفعله وتقريره؛ فإن السنة كلها بيان للقرآن كما قال الشاطبي: "إن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هي بيان للكتاب"
وأنا أذكر أن الأخ سلطان كان عازما على البحث في موضوع الوقف، فهل عدل عنه، وعلى كل حال هذا الموضوع - في رأيي - يصلح أن يكون لدرجة الدكتوراه؛ فإنه دقيق ومتشعب، ويحتاج باحثه إلى الإلمام بأكثر من فن. وفق الله الجميع.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[12 Jun 2006, 04:29 م]ـ
بارك الله فيكم وفي علمكم.
وماقاله الدكتور ابراهيم الحميضي ـ حفظه الله ـ من أني عدلت عن موضوع الوقف فهو صحيح، حيث أنه قد يحتاج الى جهد كبير ووقت.وقد كان شيخنا الدكتور عبد السلام المجيدي اقترح موضوع الوقف بعد أن راسلتكم.ثم اني كنت اريد بحث يتعلق بالسنة حيث ـ والحمد لله ـ ان لي تعلق بالحديث كثيراً،فكنت أريد أن أختار بحث في التفسير متعلق بما ذكرته فاخترت هذا البحث.
نرجوا من الأخوة ابداء الرأي.بارك الله فيكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2006, 07:10 م]ـ
ورسالة أخينا الشيخ خالد بن عبدالعزيز الباتلي للدكتوراه التي أوشك على الانتهاء منها وتسليمها هذه الأيام إن شاء الله إلى قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض بعنوان: (الأحاديث المرفوعة في تفسير القرآن الكريم: جمعاً ودراسة) وقد كتب لها مقدمة علمية تأصيلية في الموضوع.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Jun 2006, 09:31 م]ـ
لكن ما دامت الرسالتان غير موجودتين فصاحبهما: د/عواد بن بلال العوفي - إن كان هو من يعنيه الشيخ: ابراهيم الحميضي - موجود في الجامعة حسب ما أذكر ويدرس التفسير في كلية الشريعة وإن كان تقاعد فهو إمام مسجد لا يحضرني اسمه على طريق الملك فهد الجديد المقابل لباب المجيدي والذي يصل الحرم بسيد الشهداء أمام محطة الكهرباء ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[13 Jun 2006, 10:54 ص]ـ
أرجو المزيد من المعلومات بارك الله فيكم.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[03 Jul 2006, 10:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للإفادة فهناك دراسة قيمة أعدها الشيخ عبد الله التليدي حول التفسير النبوي المسند، والعمل مطبوع، وموجود في الأسواق، إلا أن عمله هذا ليست له طبيعة أكاديمية.
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[04 Jul 2006, 03:27 م]ـ
كتاب (التفسير النبوي في القرآن الكريم)
هذا الكتاب عبارة عن قسمين:
القسم الأول: رسالة ماجستير، نوقشت عام 1402 هـ، وتتناول أحاديث النصف الأول من القرآن الكريم.
القسم الثاني: رسالة دكتوراه، نوقشت عام 1408 هـ، من أول سورة مريم إلى آخر القرآن.
وكلا الرسالتين للباحث / عواد بلال معيض الزويرعي العوفي.
وفي كلا الرسالتين اقتصر الباحث على جمع الأحاديث التي تعتبر نصاً في التفسير،وأدخل فيها أسباب النزول التي تفيد معنى في الآية، معتمداً في ذلك على الصحيحين، والسنن والصحاح والمسانيد، وكتب التفسير المسندة، وجعل جهده منصباً في دراسة الأحاديث دراسة روائية، وذلك بتخريجها ودراسة أسانيدها والحكم عليها.
هذه المعلومات أفدتها من مكالمة هاتفية تمت بيني وبين الدكتور عواد قبل ثلاث سنوات تقريباً.
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[06 Jul 2006, 01:53 ص]ـ
وهذه جملة من الكتب والدراسات التي لها علاقة بالموضوع , مع تكرار قد يغتفر ..
1 ـ لقد اطلعت على رسالة الماجستير للدكتور: عواد بن بلال العوفي حفظه الله , وكانت بإشراف فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله ورعاه، لعام / 1401 ـ 1402هـ أما العنوان الذي استقر عليه الشيخ في رسالته فهو العنوان التالي:
(الآيات القرآنية التي نص الرسول صلى الله عليه وسلم على تفسيرها)
وعلل ذلك بأن (التفسير النبوي للقرآن) أوسع وأعم.
2 ـ التفسير النبوي (خصائصه ومصادره) تأليف الدكتور: محمد عبد الرحيم محمد. وقد تناول في كتابه ستة مباحث وهي:
أولاً: هل فسر النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كاملاً؟
ثانياً: مصادر التفسير النبوي.
ثالناً: الوضع على النبي صلى الله عليه وسلم والحذر منه.
رابعاً: سمات وخصائص تفسير النبي صلى الله وعليه وسلم.
خامساً: عناية المفسرين بالتفسير النبوي.
سادساً: كشاف بالآيات القرآنية المفسرة والمرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (واقتصر على صحيح البخاري , وسنن الترمذي (رحمهما الله تعالى).
3 ـ التفسير النبوي للقرآن الكريم وموقف المفسرين منه. تأليف الدكتور: محمد إبراهيم عبد الرحمن. مكتبة الثقافة الدينية 1415هـ
وضمنه خمسة فصول:
الأول: نشأة التفسير ومراحله.
والثاني:التفسير بالمأثور وموقفه من الاحتجاج بالتفسير النبوي. (وذكر نماذج من تلك الكتب)
والثالث: التفسير بالرأي وموقفه من الاحتجاج بالتفسير النبوي. (وذكر نماذج من تلك الكتب)
والرابع: تفسير الفرق الإسلامية وموقفه من الاحتجاج بالتفسير النبوي. (وذكر نماذج من تلك الكتب)
والخامس: التفسير في العصر الحديث وموقفه من التفسير النبوي للقرآن الكريم. وذكر نماذج من تلك الكتب)
ثم أردف ذلك بذكر ملحق بالنصوص المختارة من التفسير النبوي للقرآن الكريم.
4 ـ التفسير النبوي للقرآن الكريم وفضائله , تأليف: عبد الباسط محمد خليل.
5 ـ الصحيح المسند من التفسير النبوي للقرآن الكريم. تأليف: أبي محمد السيد إبراهيم أبو عمه.
6 ـ الجواهر واللآلي المصنوعة في تفسير القرآن العظيم بالأحاديث الصحيحة المرفوعة. تأليف الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي. دار البشائر الإسلامية ط1/ 1424 وهذا السفر في جزأين اثنين.
7 ـ ومما له علاقة بالموضوع (من مصادر التفسير السيرة النبوية) بحث في مجلة الحكمة عدد (27) كتبه الدكتور عصام الحميدان.
8 ـ التلازم بين الكتاب والسنة من خلال الكتب الستة. إعداد واستخراج صالح بن سليمان البقعاوي. دار المعراج الدولية للنشر ط1/ 1416
تقوم فكرة الكتاب حول جمع الأحاديث والآثار التي ورد فيها ذكر آيات من القرآن الكريم.
9 ـ المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم , تأليف بهاء الدين حيدر بن علي بن حيدر القاشي , حققه وخرج أحاديثه: الدكتور فيصل بن جعفر بن عبد الله بالي , والدكتور محمد ولد سيدي ولد حبيب. مكتبة التوبة ط1/ 1420 هـ
ملاحظات عامة:
1 ـ غالب هذه الكتب عنونت بالتفسير النبوي , مع أنها لم تعقد فصلاً تُمَيٍّزُ فيه المراد بمصطلح التفسير النبوي , وقد ظهر أثر ذلك واضحاً في الخلط بين ما نص الرسول صلى الله عليه وسلم على تفسيره , وبين عموم السنة التي قد تورد تحت آيات الكتاب لمناسبةٍ وأخرى.
2 ـ من أحسن الكتب التي تعرضت لبيان أوجه الارتباط بين الآية والحديث هو كتاب الشيخ عبد الله التليدي , فهو يذكر أحياناً بعض تلك الأوجه , لكنه ينقصه الجانب التأصيلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[08 Jul 2006, 10:56 م]ـ
يبدو أن المشاركة متأخرة، لكن لم أعلم بالموضوع إلا اليوم، بسبب أن العنوان لا يوحي بمضمونه.
والموضوع – كما لا يخفى – ذو أهمية بالغة، وقد وفقني الله تعالى لخوض غماره - رغم قلة البضاعة-، وأسأل الله التوفيق للانتهاء منه قريبا.
وأما رسالتي الجامعة الإسلامية فهي:
1. "ما صح تفسيره من القرآن الكريم عن النبي صالله عليه وسلم في النصف الأول من القرآن الكريم"، وهي رسالة ماجستير للباحث الشيخ عواد بن بلال معيض الزويرعي العوفي، مقدمة إلى قسم التفسير، كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، والرسالة مسجلة عام 1400هـ، وتقع في (388) صفحة مع الفهارس، وأشرف عليها الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله. والرسالة في تخصص التفسير، وهي مقصورة على الصحيح حيث نص في مقدمته على أنه اقتصر على ما كان مرفوعاً متصلاً صحيح الإسناد أو حسنه، والرسالة موجودة في مكتبة الجامعة، وقد اطلعت عليها.
وقد لفت نظري أثناء تتبع الأحاديث في هذا الموضوع أن الغالب عليها الضعف، فمن القصور – في نظري - الاقتصار على الصحيح فقط، لا سيما ومسألة التصحيح والتضعيف مسألة اجتهادية بين أهل العلم تأصيلاً وتطبيقاً. قال الإمام أحمد، رحمه الله: "ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير".
وهذه الرسالة مضى عليها ما يقارب ربع القرن، وقد ظهر خلال هذه المدة كتب مفقودة وحققت كتب سابقة وخدمت أحسن خدمة وتيسرت سبل البحث، مما يدعو إلى خدمة الموضوع خدمة حديثية نقدية تقوم على مناهج المحدثين في نقد الأحاديث وتعليلها، والحكم عليها.
وبغض النظر عن منهج الباحث في دراسة الأحاديث ونقدها، فإن من النقص الاقتصار على الصحيح فقط لما أسلفت، ولأمور أخرى لعلي أذكرها فيما بعد.
2."التفسير النبوي الصحيح في القرآن الكريم في النصف الثاني من القرآن الكريم"، تكملة لموضوع الماجستير، وهي رسالة دكتوراه للباحث السابق نفسه، مسجلة في القسم نفسه عام 1403هـ، ولم يتيسر لي الوقوف عليها بعد البحث عنها في عمادة شؤون المكتبات بالجامعة الإسلامية، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. والظاهر أنها متممة لرسالة الماجستير السابقة. والله أعلم.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[08 Jul 2006, 10:57 م]ـ
الأخ الكريم/ إبراهيم الحميضي،
حسب علمي أنه لم يدرس الموضوع في رسائل علمية، فهل لنا أن نتعرف على سبب رفض القسم؟
وهل تعلمون - والخطاب لجميع الإخوة - دراسة جادة في هذا الموضوع؟ لحاجتي لذلك .. وجزاكم الله خيرا
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[11 Jul 2006, 03:09 م]ـ
فضيلة الشيخ خالد: لم يذكر القسم أسباباً واضحة ومكتوبة عن سبب رفضه للموضوع - كما هي العادة - وإنما اقترحوا علي تحقيق تفسير ابن برَّجان؛ حيث خصصت لتفسيره مبحثاً ضمن خطة البحث.
هذا ولم يكن هدفي جمع المرويات الواردة في التفسير النبوي بل كان مرادي بهذا الموضوع: بيان القرآن بالسنة بمعناها الواسع وهو: قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره؛ فإن السنة كلها بيان للقرآن كما قال الشاطبي: "إن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هي بيان للكتاب"
ـ[سيدي محمد ولد عبد الدايم]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:08 م]ـ
الإخوة جزاكم الله خيرا علي هذه المعلومات،هل يمكنني الحصول علي هذه الرسائل مثلا يصورها لي أحد
الإخوة علي شكل PDF ويبعثها لي علي الإيميل أو ينشرها علي الموقع مشكورا لأن لدي عنوان بحث يتعلق بالموضوع
أخوكم:سيدي محمد ولد عبدالدايم
SIDIABMA@YAHOO.COM
ـ[علي صالح الخطيب]ــــــــ[18 Nov 2010, 09:29 ص]ـ
للدكتور مساعد الطيار أبحاث تأصيلية في التفسير بالمأثور، وهو عين الموضوع المطروح
أما ما يتعلق بتفسير ابن برجان فقد قد الباحث الدكتور فاتح حسني في جامعة اليرموك /الأردن رسالة الدكتوراة في تفسير ابن برجان دراسة وتحقيق لسورة الفاتحة والبقرة.(/)
عقيدة ابن عطية من خلال تفسيره المحرر الوجيز
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[12 Jun 2006, 03:05 م]ـ
تمهيد:
للتفسير العقدي للقرآن الكريم أهمية خطيرة، ذلك أنه يلامس جوهر الدين وأساسه الذي ينبني عليه ما يأتي بعده وهو التدين أي الالتزام بتعاليم الدين، وإن الآيات التي نزلت على الرسول e في مكة عالجت أول ما عالجت العقيدة بمحاربة الشرك وعبادة الأوثان ثم إعطاء الأدلة والبراهين على وحدانية الله عز وجل: ألوهية وربوبية، ثم بعد ذلك نزلت آيات الأحكام العملية بالمدينة.
وقد أدى التفسير العقدي في زمن ما من تاريخ الفكر الإسلامي دورا خطيرا، أثر على حياة الناس، أو لم يفتن الناس في دينهم، وعذب من عذب في مسألة خلق القرآن لمجرد عدم مجاراته للمعتزلة في تأويلاتهم، كما أنه –أي التفسير العقدي- قسم المسلمين في الاعتقاد إلى مذاهب شتى: جبرية، معتزلة، حشوية، أشاعرة…
وما كان ليقع ما وقع إلا بسبب اختلاف منهاج التفسير العقدي، خاصة آيات الصفات بين التأويل والإثبات. ثم كذلك التعامل مع السنة النبوية خاصة أخبار الآحاد هي مثبتة للعقيدة أم لا؟
ويبقى أمر آخر لا يقل أهمية في منهج التفسير العقيدي، وهو هل تستشهد للنص أم نستشهد به؟ أي هل ننطلق من النص إلى العقيدة، أم نعتقد رأيا ثم نوظف النص تدعيما واستشهادا؟ وماذا نفعل عندما يخالف النص رأينا، هل نلغي الرأي وننتصر للنص؟ أم نلغي النص وننتصر للرأي؟
طبعا لن أفصل القول في هذا الآن، وإنما سأدرس نموذجا من التفاسير الكبرى في المكتبة الإسلامية، وهو "المحور الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لعبد الحق ابن عطية، سأدرس منهجه في التفسير العقدي، ما موقعه مما ذكرت آنفا؟
منهجي في البحث هو أني جردت آيات الصفات، وآيات العقيدة التي فيها اختلاف بين الفرق الإسلامية، ثم عرضت إلى تفسير ابن عطية لها، وقارنته بما قالته أهم الفرق الإسلامية، كما أدليت بتعليقي عند تفسير كل آية.
أنبه هنا إلى أن كثيرا من العلماء يدخلون الأشاعرة ضمن أهل السنة، للاقتراب الكبير بينهما إلا في آيات الصفات فإن الأشاعرة لم يثبتوا منها إلا سبعة وهي: الحياة، العلم، الإرادة، القدرة، الكلام، السمع والبصر.
كنت أفرق بين الأشاعرة وأهل السنة في المواضيع التي رأيتها ضرورية، أما غيرها أذكر فقط موقف أهل السنة لأن الأشاعرة منهم.
التعريف بالمؤلف وتفسيره:
أبو محمد عبد الحق بن غالب الفقيه الإمام الحافظ أبي بكر غالب، بن عبد الرحمان، بن غالب، بن عبد الرؤوف، بن تمام، بن عبد الله، بن تمام بن عطية، بن خالد، بن عطية، وهو الداخل إلى الأندلس، بن خالد بن خفاف بن أسلم، ابن مكرم المحاربي، من ولد زيد بن محارب، بن حصفة، بن قيس عيلان من أهل غرناطة ().
ولد بغرناطة سنة 481هـ، وتوفي سنة 546هـ، نشأ في بيئة علمية بالأندلس، وما أدرك ما الأندلس في زمانها، أسرته معروفة بالعلم، فقد درس على أبيه بداية، ثم على شيوخ منهم الفقيه أبو محمد بن غالب القيرواني، والحافظ أبو علي الغساني.
بدأ دراسته بغرناطة، ثم بعدها رحل في طلب العلم إلى قرطبة وإشبيلية، ومرسية ثم بلنسية، لم يرحل إلى المشرق لأنه كان هناك بالأندلس الجهاد ضد النصارى أيام المرابطين.
تولى القضاء بألمرية على عهد المرابطين ().
كان موسوعة في العلم، إذ برع في علم القراءات، واللغة وكان نحويا، وأديبا، وكان فقيها قاضيا، ومفسرا عظيما، ألف كتابا ضخما في التفسير أسماه "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" وهو موضوع الدرس، قال عنه ابن خلدون: "… فلما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيص، وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالمغرب فلخص تلك التفاسير كلها وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها، ووضح ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى" ().
وقال عنه ابن تيمية: "تفسر ابن عطية خير من تفسير الزمخشري وأصح نقلا، وبحثا، وأبعد عن البدع وإن اشتمل على بعضها، بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير، لكن تفسير بن جرير الطبري أصح من هذه كلها" ().
(يُتْبَعُ)
(/)
لهذا التفسير قيمة علمية كبيرة، فبالإضافة إلى تفسير آي القرآن تجد فيه: القراءات وأصحابها، فقد عني بها عناية كبيرة، كما تجد فيه من فنون اللغة ما يبهر ولا غرو فقد كان ابن عطية لغويا فصيحا، اهتم في تفسيره بهذا الجانب اللغوي إعرابا وبلاغة. إضافة إلى الأحكام الفقهية وإن كانت غير بارزة.
كما أن لهذا التفسير أثر كبير في التفاسير التي جاءت بعده، في المدرسة المغربية خاصة، نجد هذا الأثر واضحا في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، كذلك في "البحر المحيط" لأبي حيان الأندلسي، وفي غيرها من كتب التفسير التي جاءت بعده.
وهذا التفسير بقي مخطوطا في عدد من المكتبات والخزانات، إلى أن طبعته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني
رحمه الله. حيث أمر المجالس العلمية المغربية بتصحيحه وتحقيقه.
صدر الجزء الأول منه سنة 1975م وبقيت أجزاؤه الأخرى تصدر إلى أن صدر الجزء السادس عشر وهو الأخير سنة 1991م
قام المجلس العلمي لفاس بتصحيح وتحقيق الأجزاء من 1 إلى 10، والمجلس العلمي لمكناس الأجزاء 11/ 12/13 والمجلس العلمي لتارودانت الأجزاء 14، 15، 16 والجزء الثالث عشر لم أعثر عليه.
فهو الآن مطبوع في ستة عشرة مجلدا.
كما أن طبعات أخرى لهذا التفسير، لكن أولها حسب علمي هي هته التي حققت وصححت وطبعت بالمغرب.
مصادر بن عطية في المذهب الإعتقادي:
نهل ابن عطية في المجال الاعتقادي من كتب أعلام الأشاعرة، وظهر هذا جليا في تفسير "المحرر الوجيز" ومن أبرز هؤلاء الأعلام:
-كتب الإمام أبي الحسن الأشاعري (ت 334هـ) فطالما استشهد ابن عطية في تفسيره بكلام الأشعري، ونكتفي هنا بمثال: يقول بن عطية عند تفسير قوله تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»: [واختلف الناس في جواز تكليف ما لا يطاق في الأحكام التي هي في الدنيا، بعد اتفاقهم على أنه ليس واقعا الآن في الشرع، وأن هذه الآية آذنت بعدمه، فقال أبو الحسن الأشعري وجماعة من المتكلمين: تكليف مالا يطاق جائزا عقلا، ولا يحرم ذلك شيئا من عقائد الشرع، ويكون ذلك أمارة على تعذيب المكلف وقطعا به تفسير بن عطية سورة البقرة 286].
-كتب القاضي أبي بكر محمد بن أبي الطيب الأشعري الباقلاني [ت 403هـ] كالتمهيد وغيره، وقد نقل ابن عطية في تفسيره كثيرا من أقوال الباقلاني وآرائه في علم الكلام وعلى سبيل المثال يقول بن عطية عند تفسير قوله تعالى: «أو لما أصابكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير». يقول ابن عطية، وقوله تعالى: «إن الله على كل شيء قدير» قال القاضي بن الطيب وغيره: ظاهر العموم ومعناه الخصوص، لأن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على المحالات " [تفسير ابن عطية لسورة آل عمران الآية 165].
-كتب أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني إمام الحرمين [ت 478هـ] كالإرشاد وغيره، وقد اعتمد ابن عطية على أبي المعالي اعتمادا كبيرا، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، صم بكم عمي فهم لا يعقلون" يقول بن عطية: [ولما تقرر فقدهم لهذه الحواس قضى بأنهم لا يعقلون، إذ العقل كما يقول أبو المعالي وغيره –علوم ضرورية تعطيها هذه الحواس، ولابد في كسبها من حواس [تفسير بن عطية، سورة البقرة الآية 171] ().
موقف ابن عطية من آيات الصفات التي يوهم ظاهرها التشبيه.
قبل أن أسرد نماذج من آيات الصفات وموقف ابن عطية منها أحبذ أن أعرض لموقف أهلا الحديث وموقف المعتزلة والأشاعرة من آيات الصفات.
فأهل الحديث يقولون: إن لله صفات أزلية قديمة، ويأخذون آيات الصفات على ظاهرها من غير تأويل أو تعطيل أو تجسيم.
أما المعتزلة فيقولون: ليس لله صفات أزلية قديمة، بل هو عالم بذاته، وقادر بذاته، ومريد بذاته… إلخ وعندما تعرض عليهم آيات الصفات يعمدون إلى تأويلها لكي لا يقولون بالتجسيم الذي ينافي توحيد الله وتنزيهه عندهم، لكنهم وقعوا في أكبر مما كانوا يخشونه، وهو أنهم عطلوا صفات الله وأنكروها.
أما الحشوية: فإنهم قالوا: إن لله صفات تشبه صفات الناس –سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا- وأن يده يدا جارحة، وهكذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الأشاعرة فقد وافقوا أهل السنة في بعض الصفات وخالفوهم في الأخرى، كما وافقوا المعتزلة في بعض الصفات وخالفوهم فيما تبقى.
والصفات التي أثبتوها سبعة وهي: الحياة، العلم، الإرادة، القدرة، السمع، البصر والكلام. إلا أنهم في صفة ا لكلام قالوا هو كلام نفسي قديم، وأهل السنة قالوا: كلام بحروف وصوت، كلام قديم وآحاد الحوادث، فهو سبحانه لا يزال يتكلم.
وهذه الصفات ثابتة عندهم بالعقل والنقل لذلك أثبتوها، وأما غيرها من الصفات فهي ثابتة عندهم بالنقل فقط، لذلك عمدوا إلى تأويلها.
لن أعرض لكل الصفات لأنها كثيرة ومتكررة في القرآن الكريم، وموقف ابن عطية منها لا يخالف الأشاعرة في أغلبها إن لم أقل كلها، لذلك سأعرض من النماذج من الآيات التي أثبتها الأشاعرة ثم نماذج من التي أولوها.
صفة الاستواء:
يقول في قوله تعالى: "ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم" () "ثم" هنا هي لترتيب الأخبار، لا لترتيب الأمر في نفسه، و"استوى" قال قوم معناه: علا دون تكييف ولا تحديد، هذا الاختيار الطبري، والتقدير: علا أمره وقدرته وسلطانه، وقال ابن كيسان معناه قصد إلى السماء، قال الفقيه أبو محمد: أي بخلقه واختراعه، وقيل معناه كما صنعه فيها، كما تقول: استوى الأمر، وهذا قلق، وحكى الطبري عن قوم: أن المعنى: أقبل، وضعفه، وحكى عن قوم: أن المستوي هو الدخان، وهذا أيضا يأباه رصف الكلام، وقيل المعنى استلوى، كما قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
وهذا إنما يجيء في قوله تعالى"على العرش استوى" والقاعدة في هذه الآية ونحوها منع النقلة وحلول الحوادث، ويبقى استواء القدرة والسلطان" ().
ابن عطية هنا يؤول الإستواء باستواء القدرة والسلطان، وأهلا الحديث يأخذون الآية على ظاهرها من غير تأويل. أما الأشاعرة والمعتزلة فيؤولونها.
صفة الكلام:
قال في قوله تعالى: «وكلم الله موسى تكليما» () إخبار بخاصة موسى، وأن الله تعالى شرفه بكلامه ثم أكد تعالى الفعل بالمصدر، وذلك منبئ في الأغلب عن تحقيق الفعل، ووقوعه وإنما خارج عن وجوه المجاز والاستعارة (…) وكلام الله للنبي موسى عليه السلام دون تكييف ولا تحديد ولا تجويز حدوث ولا حروف ولا أصوات، والذي عليه الراسخون في العلم: أن الكلام هو المعنى القائم في النفس، ويخلق الله لموسى أو جبريل إدراكا من جهة السمع يتحصل به الكلام، وكما أن الله تعالى موجود لا كالموجدات، معلوم لا كالمعلومات فكذلك كلامه لا
كالكلام، وما روى عن كعب الأحبار وعن محمد بن كعب القرضي ونحوهما: من أن الذي سمع موسى كان أشد ما يسمع من الصواعق، وقي رواية أخرى كالرعد الساكن، فذلك كله غير مرضي عند الأصوليين، وقرأ جمهور الأمة، "وكلم الله موسى" بالرفع في اسم الله، وقرأ يحيى بن وثاب إبراهيم النخفي وكلم الله بالنصب على أن موسى هو المكلم" ()
ابن عطية يذهب مذهب الأشاعرة و الماتريدية الذين قالوا: إن الله بتكلم كلاما نفسيا قديما. أما المعتزلة فيجعلون كلام الله مخلوقا منفصلا فيقولون موسى سمع كلام الشجرة.
وأهل الحديث يقولون:" إنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام يسمع بحرف وصوت، وكلام الله كذلك صفة له تعالى قديمة النوع حادثة الأحاد. فهو سبحانه بتكلم
كيف شاء، متى شاء وليس كلامه صفة نفسية، بل هو بتكلم بصوت بسمعه القريب والبعيد يوم القيامة وصوته ينفذ في ملائكته في السماء وصوته سمعه موسى عليه السلام ()
صفة الإتيان والمجيء:
يقول في قوله تعالى "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك" () قال الطبري: لموقف الحساب يوم القيامة، وأسند ذلك إلى قيادة وجماعة من المؤولين. وحكى الزجاج أن المراد بقوله:"أو يأتي ربك" أي العذاب الذي يسلطه الله في الدنيا على من يشاء من عبادة كالصيحات والرجفات والخسف ونحوه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال القاضي أبو محمد: وهذا الكلام على كل تأويل فإنما هو بحذف مضاف تقريره أمر ربك، أو بطش ربك، وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق الله تعالى، ألا ترى أن الله تعالى يقول: "فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا" فهذا إتيان قد وقع على المجاز وحذف المضاف أما ظاهر اللفظ لوقفنا معه يقتضي أنه توعده بالشهير الفظيع من أشراط الساعة دون أن يخص من ذلك شرطا يريد بذلك الإبهار الذي يترك السامع مع أقوى تخيله، لكن لما قال بعد ذلك "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها" وبينت الآثار الصحاح في البخاري ومسلم أن الآية التي معها هذا الشرط هي طلوع الشمس من المغرب" ()
هنا ينفي صفة الإتيان عن الله تعالى ويؤول الآية بحذف مضاف تقديره أمر ربك أي جاء أمر ربك، ويقول بأن الإتيان مستحيل في حق الله.
ويقول في قوله تعالى "وجاء ربك والملك" () وجاء قدره وسلطانه وقضاؤه () وهنا أيضا يؤول الآية بمجيء السلطان والقضاء.
صفة اليد:
يقول في قوله تعالى» وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء «()
"وقوله" بل يداه مبسوطتان" العقيدة في هذا المعنى نفي التشبيه عن الله تعالى وأنه ليس بجسم ولا له جارحة ولا يشبه ولا يكيف ولا يتحيز في جهة كالجواهر ولا تحله الحوادث تعالى عما يقول المبطلون.
ثم اختلف العلماء فيما ينبغي أن يعتقد في قوله تعالى "بل يداه" وفي قوله "بيدي [ص75] و"عملت أيدينا [يس71] و "يد الله فوق أيديهم" [الفتح10] و "لتصنع على عيني" [طه39] بأعيننا و"اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" [الطور48] و"كل شيء هالك إلا وجه" [القصص88]، ونحو هذا، فقال فريق من العلماء منهم الشعبي وابن المسيب وسفيان يؤمن بهذه الأشياء وتقرأ كما نصها لله ولا يعن لتفسيرها ولا يشقق النظر فيها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول يضطرب لأن القائلين به يجمعون على أنها ليست على ظاهرها في كلام العرب فإن فعلوا هذا فقط نظروا وصار السكوت عن الأمر بعد هذا مما يوهم العوام ويتيه الجهلة، وقال جمهور الأمة: بل تفسر هذه الآية على قوانين اللغة و مجاز الاستعارة وغير ذلك من أفانين الكلام.
فقالوا في العين والأعين إنها عبارة عن العلم والإدراك، كما يقال فلان من فلان بمرأى ومسمع إذا كان يعني بأموره وإن كان غائبا عنه، وقالوا في الوجه إنه
عبارة عن الذات وصفاتها، وقالوا في اليد واليدين والأيدي إنها تأتي مرة بمعنى القدرة كما تقول العرب لا يد لي بكذا، ومرة بمعنى النعمة كما يقال لفلان عند فلان يد، وتكون بمعنى الملك كما يقول لا يد لفلان على أرضه، وهذه المعاني إذا وردت عن الله تبارك وتعالى عبر عنها باليد أو الأيدي أو اليدين استعمالا لفصاحة العرب ولما في ذلك من الإيجاز، وهذا مذهب أبى المعالي والحذاق، وقال قوم من العلماء منهم القاضي ابن الطيب: هذه كلها صفات زائدة على الذات ثابتة لله دون أن يكون في ذلك تشبيه ولا تحديد، وذكر هذا الطبرى وغيره وقال ابن عباس في هذه الآية "يداه" نعمتاه" ثم اختلفت عبارة الناس في تعيين النعمتين فقيل نعمة الدنيا ونعمة الآخرة، وقيل النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة، وقيل نعمة المطر ونعمة النبات.
قال القاضي أبو محمد: والظاهر أن قوله تعالى: "بل يداه مبسوطتان" عبارة عن أنعامه على الجملة" ()
ابن عطية هنا يؤول اليد بأنها النعمة، ولم يأخذ الآية على ظاهرها، ولم يذهب مذهب المعتزلة في تأويل آيات الصفات بأنها ذاته تعالى أو على الأصح يعطلونها.
صفة الحياة:
يقول في قوله تعالى:» الله لا إله هو الحي القيوم «()
"والحي صفة من صفات الله تعالى ذاتية، وذكر الطبري، عن قوم أنهم قالوا: الله تعالى حي لا بحياة، وهذا قول المعتزلة، وهو قول مرغوب عنه (…) وقيوم بناء مبالغة أي: هو القائم على كل أمر بما يجب له" ()
ابن عطية يثبت صفة الحياة كما هو الحال عند الأشاعرة و أهل السنة، لكن المعتزلة ينفونها.
صفة الوجه:
يقول في قوله تعالى: «كل شيء هالك إلا وجهه» ()
(يُتْبَعُ)
(/)
"وقوله "إلا وجهه" قالت فرقة هي عبارة عن الذات، المعنى: هالك إلا هو قال الطبري وجماعة منهم أبو المعالي رحمه وقال الزجاج إلا إياه، وقال سفيان الثوري: المراد إلا ذا وجهه أي ما عمل لذاته ومن طاعته وتوجه به نحوه، ومن هذا قول الشاعر: رب العباد إليه الوجه والعمل ومنه قول القائل: أردت بفعلي وجه الله تعالى ومنه قوله عز وجل: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه" ()
ابن عطية يؤول صفة الوجه ولا يثبتها، أهل الحديث يثبتونها، أما المعتزلة فيؤولونها بأن وجهه هو هو.
موقف ابن عطية من رؤية الله تعالى:
بقول في قوله تعالى «وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة» () "إلى ربها ناظرة" حمل هذه الآية أهل السنة على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله تعالى، وهي رؤية دون محاذاة ولا تكييف ولا تحديد كما هو معلوم، موجود لا يشبه الموجودات، كذلك هو لا يشبه المرئيات في شيء، فإن ليس كمثله شيء لا إله إلا هو، وروى هبارة ابن الصامت أن النبي e قال "حدثتكم عن الدجال أنه أعور وأن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتو". وقال e " إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته". وقال الحسن: تنظرون إلى الله بال إحاطة وأما المعتزلة الذين ينفون رؤية الله تعالى، فذهبوا في هذه الآية إلى أن المعنى إلى رحمة ربها ناظرة أو ثوابه أو ملكه فقدروا مضافا محذوفا، وهذا وجه
سائغ في العربية كما تقول، فلان ناظر إليك في كذا، والرؤية إنما تثبت بأدلة قاطعة غير هذه الآية فإنه تبتت حسن تأويل أهل السنة في هذه الآية وقوي، ودهت تعض المعتزلة في هذه الآية إلى أن قوله "إلى" ليست بحرف جر، وإنما هي إلى واحد الالاء فكأنه قال نعمة ربها منتظرة، أو ناظرة، من النظر بالعين، ويقال نظرتك" ()
هو هنا يثبت رؤية الله تعالى يوم القيامة، بلا كيفية ولا تعيين، ويأخذ بالآية على ظاهرة من غير تأويل.
ويقول في قوله تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" ()
"قالت فرقة هي الجمهور: الحسنى الجنة والزيادة: النظر إلى الله عز وجل، وروي في نحو هذا الحديث عن النبي e، رواه صهيب، وروى هذا القول عن أبي بكر الصديق وحذيفة وأبي موسى الأشعري وعامر بن سعد وعبد الرحمان بن أبي ليلة، وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة. وقالت، حسبما ورد نص الحديث وتفسير قوله تعالى " والله يضاعف لمن يشاء" وهذا قول بعضده النظر، ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول" ()
وهنا أيضا يثبت رؤية الله عز وجل كما هو مذهب أهل الحديث اللذين يقولون، إن رؤية الله جائزة شرعا وعقلا بلا كيفية ولا تعيين. أما المعتزلة فيقولون: إن رؤية الله تعالى مستحيلة لأن هذا يؤدي عندهم إلى التجسيم.
أما الأشعرية والماتريدية فإنهما يثبتان الرؤية لكنهم يقولون نظر لا إلى جهة، ويختلفون عن أهل السنة والجماعة الذين يجعلون الرؤية بالعينين إلى جهة العلو حيث الله جل وعلا، أملا أولئك فيجعلونها رؤية بقوة يحدثها الله تعالى في الأجسام يوم القيامة لا إلى جهة [شرع لمعة الاعتقاد لأن الشيخ بتصرف]
موقف ابن عطية من وجوب الأصلح على الله تعالى:
يقول في قوله تعالى: "نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل" () و"قوله "بالحق" يحتمل معنيين، أحدهما:
أن يكون المعنى ضمن الحقائق من خبره وأمره ونهيه، ومواعظه، فالباء على حدها في قولك: جاءني كتاب بخبر كذا وكذا أي ذلك الخبر مفتض فيه، والثاني: أن يكون المعنى: إنه نزل الكتاب باستحقاق أن ينزل، لما فيه من المصلحة الشاملة وليس ذلك على أنه واجب على الله أن يفعله، بل له الحق أن يفعله، فالباء-في هذا المعنى- على حدها في قوله تعالى- حكاية عن عيسى عليه السلام: "سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق" () () ابن عطية هنا لا يقول بوجوب الأصلح على الله تعالى، بل يقول بأن لله الحق في أن يفعل ما يشاء، ويعلل أفعال الله بالحكمة فهو يقول "لما فيه من المصلحة الشاملة".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول في قوله تعالى: «إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب عليهم وكان الله عليما حكيما» () والعقيدة أنه لا يجب على الله تعالى شيء عقلا لأن إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعا فمن ذلك تخليد الكفار في النار، ومن ذلك قبول إيمان الكافر، والتوبة لا يجب قبولها على الله تعالى عقلا، فأما السمع فظاهره قبول التائب" ()
وهنا نجده يكرر نفس الأمر بأنه لا يجب على الله شيء.
أما المعتزلة فإنهم يقولون: بوجوب الأصلح على الله تعالى، وأن الله تعالى يجب عليه من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.
والأشاعرة يقولون: لا يجب على الله شيء بل الله يفعل ما يشاء.
وأهل الحديث يقولون: لا أحد يوجب على الله شيء، ولكن اقتضت حكمة الله أن لا يفعل شيئا إلا لحكمة، فهو تعالى منزه عن البعث.
نلاحظ أنه هناك فرق بين أهل السنة والأشاعرة، فالأشاعرة نفوا أن يفعل الله شيئا لغاية أو علة وقالوا إن الذي يعلل أفعاله يكون مضطرا، والله غني عن ذلك وبذلك نفوا حكمة الله في أفعاله.
موقف ابن عطية من التحسين والتقبيح:
يقول في قوله تعالى: «إنما يأمركم بالسوء والفحشاء، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» (). وأصل الفحشاء: قبح المنظر، كما قال امرؤ القيس:
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش إذ هي نصته ولا بمعطل
ثم استعملت اللفظة فيما استقبح من المعاني، والشرع هو الذي يحسن ويقبح، فكل ما نهت عنه الشرعية فهو من الفحشاء" ().
ابن عطية يقول في هذا بأن الشرع هو الذي يحسن ويقبح
المعتزلة يقولون: العقل هو الذي يحسن ويقبح ويوجب
الأشاعرة: الشرع هو الذي يحسن ويقبح ويوجب، والحسن هو ما حسنه الشرع وجوزه، والقبيح هو ما قبحه الشرع وحرمه.
أما أهل الحديث فيقولون: "إن بعض الأمور يمكن للعقل إدراك حسنها أو قبحها، فإنقاذ الغريق حسن في كل العقول، وكفر النعمة قبيح في كل العقول. أما الثواب والعقاب على ذلك، فإنه لا ثواب ولا عقاب إلا بالشرع، ومن الأمور ما لا يدرك حسنها وقبحها بالعقل مثل حسن الصدق الضار أو قبح الكذب النافع" ()
موقف ابن عطية من حرية الإرادة الإنسانية وأفعال الله:
يقول في قوله تعالى: "فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا" () و"بما كسبوا" معناه: مما اجترحوا من الكفر والنفاق، أي أن كفرهم بخلق من الله تعالى واختراع وبتكسب منهم.
"واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" ()
وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان، وهذا رد على الجبرية.
يقول تعالى: "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتيكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ().
وفي قوله تعالى "مني" إشارة إلى أفعال العباد خلق الله تعالى" (). ابن عطية هنا يقول بما قال به أبو الحسن الأشعري: إن الأفعال هي خلق الله لكن الإنسان يكتسبها.
أما المعتزلة فيقولون: إن العبد هو الذي يخلق أفعال نفسه بقوة أودعها الله فيه. والجبرية يقولون: الإنسان مجبر في كل أفعاله.
وأهل الحديث: يقولون "الله خلق الأشياء كلها وأودع في كل منها خصائصها والتي تنشأ عنها آثاره ولو شاء الله لأوقف هذا الأثر ولم يرتب النتيجة على السبب وهو حال المعجزة، وأما في الأحوال العادية فالنتيجة تنشأ عن السبب ونظرية الكسب عند الأشعري هي أن الله سبحانه فاعل لكل شيء ثم هو سبحانه يخلق للعبد كسبا يقدر به على الفعل، واختلفوا في معنى الكسب، فمنهم من جعله هو العقل والنية، ومنهم من جعله القدرة التي يفعل بها الفعل، فإن قلت لهم: فالله سبحانه يخلق الكسب والعبد يفعل الفعل استقلالا، قالوا: لا إنما الله سبحانه يخلق الكسب ويخلق الفعل، إذ لا تأثير للعبد بوجه ما على الاستقلال ولا على المشاركة إن الأشاعرة بهذا القول لم يضيفوا شيئا إلى قول الجبرية وإن حاولوا جعل الكسب وسطا لإيجاد مخرج من لازم قولهم. وقد خالف عدد من الأشاعرة الأشعري نفسه في هذه القضية، كإمام الحرمين الجويني، فقد جعل للعبد قدرة حقيقية على فعل أفعاله، واقترب بذلك من قول أهل السنة (شفاء العليل لابن القيم ص: 123) ().
موقف ابن عطية من الوعد والوعيد ومرتكب الكبيرة:
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول في قوله تعالى: "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" ().
"وقوله تعالى: "بما كنتم تعملون" أي بما كان في أعمالكم من تكسب، وهذا على التجوز علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض من هذا المعنى قول النبي e " لا يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمته،" وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث، ومن الرحمة والتغمد أن يوفق الله العبد إلى أعمال برة، ومقصد الحديث، نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل كما ذهب إليه فريق من المعتزلة" ().
هنا يرد على المعتزلة التي تقول بوجوب الوفاء بالوعد على الله تعالى، ويقرر أن الله يفعل ما يشاء، بل الله يدخل المؤمنين الجنة تفضلا منه ورحمة.
يقول في قوله تعالى «وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفارا أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما» ().
"فالعقيدة عندي في هذه الآيات: أن من تاب من قريب فله حكم التائب، فيغلب عليه أنه ينعم و لا يعذب، هذا مذهب أبي المعالي وغيره، وقال غيرهم: بل هو مغفور له قطعا لإخبار الله تعالى بذلك، وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة، أو من لم يتب حتى حضره الموت فليس في حكم التائبين، فإن كان كافرا فهو مخلد، وإن كان مؤمنا فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوى الظن في تعذيبه ويقطع من جهة السمع أن هذه الصنيفة من يغفر الله له تفضلا ولا يعذبه" ().
هو هنا لا يقول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، بل يقول هو في المشيئة، لكن يغلب على الظن تعذيبه.
ويقول في قوله تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما» ().
"هذه الآية هي الحاكمة ببيان ما تعارض من آيات الوعد، وتلخيص الكلام فيها أن يقال: الناس أربعة أصناف:
*كافر مات على كفره، فهذا مخلد في النار بإجماع
*ومؤمن محسن لم يذنب قط، ومات على ذلك، فهذا في الجنة محتوم عليه، حسب الخبر من الله تعالى بإجماع.
*وتائب مات على توبته، عند أهل السنة وجمهور فقهاء الأمة، لاحق بالمؤمن المحسن إلا أن قانون المتكلمين أنه في المشيئة.
*ومذنب مات قبل توبته فهذا هو موضع الخلاف:
فقالت المرجئة: هو في الجنة بإيمانه، ولا تضره سيأته، وبنوا هذه القالة على أن جعلوا آيات الوعيد كلها مخصصة في الكفار، وآيات الوعد عامة في المؤمنين تقيهم وعاصيهم.
وقالت المعتزلة: إذا كان صاحب كبيرة فهو في النار ولابد.
وقالت الخوارج: إذا كان صاحب كبيرة أو صغيرة فهو في النار (…) جعلوا آيات الوعد كلها مخصصة في المؤمن المحسن الذي لم يعصي قط، والمؤمن التائب، وجعلوا آيات الوعيد عامة في العصاة… وقال أهل السنة والحق: آيات الوعد ظاهرة العموم، وآيات الوعيد ظاهرة العموم ولا يصح نفوذ كلها لوجهة بسبب تعارضها (…) فلا بد أن نقول: إن آيات الوعد لفظ العموم والمراد به الخصوص في المؤمن المحسن، وفي التائب، وفيمن سبق في علمه تعالى العفو عنه دون تعذيب من العصاة، وإن آيات الوعيد لفظها العموم، والمراد بها الخصوص في الكفرة، وفيمن سبق في علمه تعالى أن يعذبه من العصاة، وتحكم بقولنا هذه الآية –النص في موضع النزاع، وهي قوله عز وجل: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" فإنها جلت الشك وردت على الطائفتين" ().
ابن عطية هنا يفصل القول ويستخدم القواعد الأصولية ليخلص إلى أنه لا يجب على الله شيء، وإنما يفعل ما يشاء، يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء، إلا الشرك كما في الآية، وأن مرتكب الكبيرة هو في مشيئة الله، وبه يقرر مذهب أهل السنة.
موقف ابن عطية من الشفاعة:
يقول في قوله تعالى «واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون» ()
"وسبب هذه الآية أن بني إسرائيل قالوا: نحن أبناء الله وأبناء أنبيائه وسيشفع لنا أباؤنا، فأعلمهم الله تعالى عن يوم القيامة أنه لا يقبل فيه الشفاعات ولا تجزي نفس عن نفس، وهذا إنما هو في الكافرين للإجماع، وتواتر الأحاديث بالشفاعة في المؤمنين" ().
هنا يعرض لسبب النزول ثم يقرر أن الشفاعة للمؤمنين أخذا بالأحاديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول في قوله تعالى "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" ().
"وتقرر في هذه الآية أن الله تعالى يأذن لمن يشاء في الشفاعة، وهنا هم الأنبياء والعلماء وغيرهم، والإذن هنا راجع إلى الأمر -فيما يخص عليه- كمحمد e إذ قيل له "واشفع تشفع" وإلى العلم والتمكين إن شفع أحد من الأنبياء والعلماء، قبل أن يؤمر، والذي يظهر أن العلماء والصالحين يشفعون فيمن لم يصل إلى النار –وهو بين المنزلتين- أو وصل، له أعمال صالحة، وفي البخاري في باب "بقية من أبواب الرؤية" "إن المؤمنين يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا" فهذه شفاعة فيمن يقرب أمره…) وأن الأنبياء يشفعون فيمن حصل في النار من عصاة أممهم بذنوب، دون قربى ولا معرفة إلا بنفس الإيمان، ثم تبقى شفاعة أرحم الراحمين في المستغرقين بالذنوب الذين لم ينلهم شفاعة الأنبياء" ().
وهو هنا يقر بالشفاعة عملا بالأحاديث الواردة في هذا الشأن، ولا يردها كما فعلت المعتزلة باعتبار أنها أخبار آحاد
وأهل السنة يقولون بالشفاعة لورود الأحاديث بذلك.
خاتمة:
في نهاية هذا البحث أخلص إلى النتائج التالية:
-إبن عطية أشعري العقيدة.
فهو تعامل مع آيات الصفات مثل الأشاعرة، أثبت بعضها فقط وأول الباقي. فقي النماذج التي عرضتها قبل، يثبت صفة الحياة والرؤية وقد وافق فيهما أهل الحديث، وأثبت الكلام لكنه قال هو كلام نفسي قديم كما يقول الأشاعرة. وأول صفات: الاستواء، المجيء، اليد والوجه.
كما أنه لا يقول بوجوب الأصلح على الله تعالى كما هو مذهب المعتزلة، وإنما بذهب مذهب أهل الحديث، ونفس الأمر في مسألة الحسن والقيح.
أما في مسألة القدر وحرية الإدارة الإنسانية، فيقول بما قال به أبو الحسن الأشعري وهي نظرية الكسب.
وبالنسبة للوعد والوعيد ومرتكب الكبيرة، فإن ابن عطية يذهب مذهب أهل سنة بأن الله يفعل ما يشاء، وأن مرتكب الكبيرة هو مؤمن عاص في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفرله.
كذلك يقر بالشفاعة للأنبياء والصالحين، وهو مذهب أهل السنة لأن الأحادية صريحة في هذه المسألة. فهو يأخذ بأحاديث الأحاد ولا يردها في مجال العقيدة، ظهر ذلك جليا في مسألة الشفاعة. أما المعتزلة فلا يأخذون بها، لأنها لا تثبت العقيدة بها عندهم، وذهب إلى هذا الرأي بعض الأشاعرة خاصة المتأخرين منهم، لا يأخذون بها. قال هذا إمام الحرمين الجويني في كتابه الإرشاد، والرازي في أساس التقديس، فهو يخالفهم في هذا رغم كونه أشعريا.
ابن عطية أشعري العقيدة, وعقيدته تلك أترث على تفسيره خاصة في آية الصفات, حيث نجده يصرف تلك الآيات عن ظاهرها لتوافق مذهبه في الإعتقاد, فقد أول آيات الصفات التي أتبثها النقل كما هو معروف عند الأشاعرة باستثناء الرؤية. والأشاعرة كما قلت في المقدمة أدخلها العلماء ضمن أهل السنة، كما أن هناك فرقا بين فقهاء الأشاعرة وبين المتكلمين منهم، الفقهاء أقرب بكثير إلى أهل الحديث عكس المتكلمين الذين يغلبون العقل. وابن عطية من الفقهاء لا من المتكلمين.
أهم مصادر البحث:
- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لعبد العق بن عطية، تحقيق المجالس العلمية لفاس و مكناس و تارودانت، مطبعة فضالة، المحمدية المغرب.
- طبقات المفسرين، للسيوطي، دار الكنب العلمية، بيروت لبنان-ط الأولى سنة1983
- المقدمة، عبد الرحمن بن خلذون، دار الفكر ط2 سنة1988
- مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، منشورات، دار الحياة، بيروت-لبنان
- المعجم الميسر لألفاظ القرآن، للشيخ لإبراهيم رمضان، دار الأرقم بن أبي الرقم-لبنان
- منهج أبي عطية في تفسير القرآن الكريم. د عبد الوهاب فايد. منشورات المكتبة العصرية. صيدا بيروت سنة1973
- المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات، لمحمد بن عبد الرحمان المغراوي. مؤسسة الرسالة. ط1 سنة2000
- المعتزلة بين القديم والحديث لمحمد العبده، وطارق عبد الحكيم، دار ابن حزم الطبعة الأولى سنة1996.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 Mar 2007, 02:05 م]ـ
لمزيد بيان ينظر:
هل في تفسير ابن عطية اعتزاليات ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=32969#post32969)
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[07 May 2007, 11:37 م]ـ
الحمد لله
أخي البوسيفي:
قلت:
وأهل الحديث يقولون:" إنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام يسمع بحرف وصوت، وكلام الله كذلك صفة له تعالى قديمة النوع حادثة الأحاد. انتهى.
لطالما استشكل القول بقدم "النوع" وحدوث "الآحاد" .. فهل من كاشف عن معنى هذه العبارة؟؟
وهل من توثيق لكلام أهل الحديث الذي ورد فيه النص بقدم ما يسمى "نوع الكلام" وحدوث "آحاده"؟؟
أم إنه كلام مستنبط من كلامهم واصطلاح حادث عن مرامهم؟؟
نرجو من الأفاضل الإفادة في هذه المسائل ..
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[15 Oct 2007, 06:45 م]ـ
وأهل الحديث يقولون:" إنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام يسمع بحرف وصوت، وكلام الله كذلك صفة له تعالى قديمة النوع حادثة الأحاد. فهو سبحانه بتكلم
كيف شاء، متى شاء وليس كلامه صفة نفسية، بل هو بتكلم بصوت بسمعه القريب والبعيد يوم القيامة وصوته ينفذ في ملائكته في السماء وصوته سمعه موسى عليه السلام
شرخ لمعة الاعتقاد للشيخ آل الشيخ- شريط سمعي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[16 Oct 2007, 06:15 م]ـ
بارك الله فيك اخي محمد، وابن عطية علم يستحق التوقف عنده في كثير من الجوانب، وقد تناولت جانبا هاما منها، فجزاك الله خيرا.(/)
نداء ثان إلى المتخصصين في التفسير وعلوم القرآن: ابتكار متن تأصيلي في الفن.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[12 Jun 2006, 04:49 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
فلا يخفى على الجميع أهمية دراسة أصول التفسير وعلوم القرآن لطالب العلم الذي يريد بناء نفسه وتكوين قاعدة راسخة في حياته العلمية، ومع أهمية ذلك وتعلقه بكتاب الله تعالى الذي هو أصل العلوم الشرعية، إلا أننا لا نجد – بحسب علمي - متنا متينا في دراسة هذا العلم دراسة تأصيلية، وقد سألت أخي فضيلة الدكتور: عبد الرحمن الشهري – وهو من أهل الاستقراء والاطلاع الواسع بكتب الفن – عما إذا كان يعرف كتابا على هذا الشرط، فأجابني بالنفي، فتملكني العجب جدا مع توالي القرون ونحن نجد المتون الكثيرة في بعض الفنون ولا نجد متنا واحدا في هذا الفن!!.
وكأني بالإخوة يعترضون ويقولون: أينك عن مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية؟
فأقول: إن مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية – على نفاستها ومكانة مؤلفها رحمه الله – لا تندرج تحت هذا الذي أنادي به، لأمور منها:
1. عدم الجمع، فالشيخ رحمه الله أفاض في بعض المسائل وترك مسائل كثيرة في هذا العلم.
2. طريقة الترتيب والعرض التي لا تتناسب مع المتون التأصيلية، وليس في هذا انتقاد لشيخ الإسلام رحمه الله لأنه لم يقصد ويشترط كتابة متن على هذا الشرط حتى نتعقبه بمثل هذا، وقد ذكر رحمه الله أنه كتبها مختصرة من إملاء الفؤاد إجابة لسؤال بعض السائلين.
3. صعوبة بعض التراكيب التي تشكل على بعض المتخصصين فضلا عن المبتدئين الذين يدرسون هذه المقدمة وهم جمهور الحضور في الدروس العامة والدورات العلمية، ومن أمثلة ذلك:
لما أشار إلى نوعي اختلاف التنوع قال:" أحدهما: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة"
وقال ص51 – بشرح العلامة ابن عثيمين رحمه الله – " ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين: إما لكونه مشتركا في اللفظ .. وإما لكونه متواطئا في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين .. " إلخ الكلام بطوله.
وهذا مما قد يناقش فيه البعض لأن الصعوبة والإشكال بين الناس أمر نسبي.
4. الاستطراد في مواضع من المقدمة كما أشار إلى بعض مسائل الصفات، وذكر أصول المعتزلة، وأشار إلى خلاف الصحابة في بعض مسائل الفرائض والموقف منه، ومن أعلم الناس بالمغازي؟ وسبب ذلك، وتكلم عن الحديث المرسل، وحكم خبر الواحد، وغيرها من مسائل الحديث والمصطلح.
لذا فإنني أدعو من هذا المنبر من يأنس من نفسه القدرة أن يستعين بالله في هذا المشروع، ويسد فراغا في المكتبة القرآنية بعمل متن تأصيلي في أصول التفسير وعلوم القرآن يكون على نسق المتون المعروفة من الجمع والاختصار وحسن الترتيب، بعبارات مقتضبة وسبك قوي، على نحو (المقدمة الآجرومية) في النحو، و (نخبة الفكر) في المصطلح وما شابه ذلك.
ولابد في هذا من التضلع والملكة القوية بمفردات هذا العلم، مع حظ وافر من علوم اللغة، فمن وجد من نفسه ذلك فليبادر وليسارع.
تنبيه: أرجو ألا يفهم مما سبق أنني أزهد في مقدمة شيخ الإسلام، حاشا وكلا بل هي رسالة نفيسة حوت دررا وتحقيقات في أصول التفسير من إمام لا نظير له من عصره إلى يومنا هذا، ولابد لكل طالب علم – لاسيما المتخصص في التفسير- من دراستها، ولكن كلامي مقصور على زاوية محددة وأظنها واضحة ولا حاجة لتكرار الكلام فيها، وهو رأي من أخيكم أقوله بعد دراسة المقدمة أنها لا تناسب المبتدئين الذين يسيرون على منهج التأصيل، وأن الحاجة ماسة إلى متن على الوصف المذكور، وهذا رأي أعرضه على من هو أعلم مني بالمقدمة خصوصا وبهذا العلم عموما بقصد تقويمه وتسديده.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، والصدق الإخلاص في أمورنا كلها، وأن يرزقنا البركة والانتفاع بأوقاتنا بالعلم النافع والعمل الصالح.
والسلام عليكم ورحمة الله،،،،،
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Jun 2006, 06:56 م]ـ
أحسنت الطرح أخي خالد، فالدراسات القرآنية بحاجة إلى متون متعددة:
متن في علوم القرآن.
متن في أصول التفسير.
متن في التفسير.
وما ذكرته من التنبيه على ما في كتاب (مقدمة في أصول التفسير) صحيح بلا ريب، فشيخ الإسلام لم يكتب المقدمة على انها متن في هذا العلم، ولو حصل لها إعادة ترتيب وحذف لبعض ما لا يتعلق بالتفسير لتكون مفيدة لمن أراد ان يدرسها في الدورات العلمية لكان ذلك حسنًا؛ لأن في المقدمة تكرارًا لبعض المسائل، وفيها طرح لبعضها في موطنين فتحتاج إلى جمعها مع الموطن الآخر، ولقد كنت أفكر فيما لو وُضِع فهرس لرؤوس المسائل العلمية لهذه المقدمة تلملم أطراف هذه المسائل في مكان واحد لمن أراد أن يشرحها، كحديثه عن طريق الوصول إلى العلم: النقل والعقل، وحديثه عن الإسرائيليات، فقد كان في موطنين، ولو جُمعا في مكان واحد لكان أفضل لم أراد أن يشرح أفكار شيخ الإسلام في مكان واحدٍ بدل التكرار.
والحق أنك أصبت هدفًا هو مطلب لطلاب علم التفسير، ولمَّا يجدوه، ولعل الله أن ييسر من ينهض بهذا من العلماء أو طلبة العلم، بل لعله يصدر عن لجنة من المتخصصين كما صدر (التفسير الميسر) من وزراة الشؤون الإسلامية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2006, 09:14 م]ـ
أحسن الله لأخي الكريم الشيخ خالد الباتلي على حرصه وعنايته بالمسائل الدقيقة التي تهم المتخصصين في الدراسات القرآنية، وقد عنيتُ بهذا الموضوع منذ سبع سنوات تقريباً، عندما كنت أتحفظ نخبة الفكر لابن حجر رحمه الله، فأعجبني تنظيمه للمتن، فشرعتُ حينها في تأليف متن جامع مختصر في علوم القرآن، استفدت في كتابته من أسلوب ابن حجر في النخبة، والسبكي في جمع الجوامع، ومتون الفقه المختصرة. وأرجو أن يوفقني الله لإتمامه، وقد شغلتُ عنه لأمور كثيرة، ولعل هذه الدعوة الكريمة تعيدني إلى هذا المتن إن شاء الله.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[17 Jun 2006, 12:06 ص]ـ
أشكر أخي الكريم فضيلة الدكتور/ مساعد على مبادرته بالتعليق على هذا النداء، وهو ممن عانى شرح المقدمة عدة مرات جزاه الله خيرا، وأقترح أن تكون اللجنة التي أشار إليها الشيخ مساعد نابعة من هذا الملتقى، فما رأي المشرفين الأفاضل في ذلك؟
طرفة: نقل أحد الإخوة عن الشيخ كشك - رحمه الله رحمة واسعة – أنه قال: إذا أردت أن تميت عملا ما فأحله إلى لجنة.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[17 Jun 2006, 12:07 ص]ـ
أخي العزيز/ د. عبدالرحمن الشهري
هذه بشرى لطلاب العلم عموما بهذا العمل، فليتك تحث الخطا فيه في هذه الإجازة ليرى النور قريبا، وأود أن أسألك عن القدر الذي أنجزته من المتن، وهل في النية مواصلة العمل وإخراجه؟
وجزاك الله خيرا
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[17 Jun 2006, 03:58 م]ـ
اتفق مع ما قيل حول مقدمة شيخ الإسلام، وهو الأمر الذي جعلني مع طائفة من طلبة قسم اللغة العربية أحاول ولمدة أربع سنوات لجمع كتاب علمي يجمع شتات أصول التفسير، وقد تكامل عندي كتاب كبير في هذا العلم، سيسعدني أن اقدمه على صفحات هذا الملتقى ما إن ييسر الله العودة للعراق ... أسألكم بالله الدعاء أن يعجل عودتي لمكتبتي وطلابي، فلقد أكلت الغربة على صبري وقد شربت.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jun 2006, 05:29 م]ـ
أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى أن يعجل بعودتكم إلى بلادكم وبيوتكم وأهليكم سالمين غانمين
كما أسأله جل وعلا أن ينصركم على عدوكم، وأن يخرج أحزاب الكفر ذليلة صاغرة مهزومة إنه على كل شيء قدير.
ـ[أريام]ــــــــ[20 Jun 2006, 06:48 م]ـ
هذا موضوع مهم جدا وفيه تأصيل للمعلم والمتعلم
بارك الله في كاتبه وعجل لنا بظهور ماقام به الدكتور عبد الرحمن
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:09 م]ـ
الأخ د. أبو عائشة وفقه الله
هل تتكرمون بوضع نمودج لعملكم هنا ليتم الاطلاع عليه والاستفادة من آراء المختصين في الملتقى ..
وجزاكم الله خيرا،،،
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Jun 2006, 05:34 م]ـ
أيها الأحبة:
ألا يمكن اعتبار متن الإمام السيوطي المضمن كتابه: (النقاية) والذي وضعه في علوم القرآن، ونظمه الزمزمي متنا مناسبا للتأصيل في "علوم القرآن" خصوصا؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو حسن]ــــــــ[02 Sep 2006, 12:58 ص]ـ
وكذلك مقدمة ابن قاسم ألا تناسب(/)
سورة الزمر تفسير / وتقسيم موضوعي - 3 -
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[12 Jun 2006, 06:38 م]ـ
الحزب الثاني/ الربع الرابع/ من الجزء (23)
الموضوعات الرئيسة:
أولاً: زمرة الكفار المتناقضين الذين لا يعلمون، وزمرة المؤمنين العالِمين العاملين
الآيات {8 , 9}
قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)}.
المفردات اللغوية:
ضرّ: مرض، أو فقر، أو وقوع في كربة، وغير ذلك من أنواع المكاره في جسم أو أهل أو مال. دعا ربَّه: استجار ربَّه وتضرَّع إليه. منيباً إليه: أي راجعاً إليه وحده في إزالة ذلك. خوَّله نعمة منه: أي أناله وأعطاه نعمة منه بأن كشف ما به من ضر، وخوَّله: من التَّخوُّل وهو التعهد، ويقال خولَّه الشيء أي ملَّكه إياه، ولا يستعمل في الجزاء، بل في ابتداء العطية. نسي ما كان يدعو إليه من قبل: أي ترك ما كان فيه من الضر الذي دعا الله لأجله. أنداداً: شركاء، جمع ندّ. ليضلّ عن سبيله: اللام للعاقبة، أي: ليُضلَّ بنفسه، ويُضِلَّ غيره عن دين الإسلام؛ لأنّ الإضلال فرع من الضلال. وقرأ ابن كثير: ليّضِلَّ: بالفتح. قل تمتَّع بكفرك قليلاً: أي قل تهديداً لذلك المصرّ على الضلال: تلذّّذ واصنع ما شئت بقيَّة أجلك. إنك من أصحاب النار: من سكانها المخلدين فيها. أمَّن هو قانت: وقرأ نافع: وابن كثير، وحمزة: أمَن، بتخفيف الميم: استفهام تقريري، ومقابله محذوف لفهم المعنى، والتقدير: أهذا القائم بطاعات الله في السراء والضراء، في ساعات الليل والنهار، خير أم ذلك الكافر المخاطب بقوله تعالى: {قل تمتَّع بكفرك}. والقانت: العابد، وقيل: الطائع الخاشع. آناء الليل: ساعاته وأوقاته. يحذر الآخرة: يخاف عذابها. ويرجو رحمة ربه: أي حصول رحمة الله له فينجو مما يحذره ويفوز بما يرجوه. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون: استفهام إنكاري لنفي استواء الفريقين، أي لا يستويان، وكما لا يستوي العالمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصون. إنما يتذكَّر أولو الألباب: أي: إنما يتَّعظ ويهتدي بهذه البيانات الواضحة أصحاب العقول الصافية الزكيّة.
وجه الربط:
بعد أن بيَّن الله تعالى في الآيات المتقدِّمة فساد مذهب المشركين في عبادة الأصنام، وأنّه لا دليل لهم على عبادتها، وبيّن تعالى أنّه هو الذي يجب أن يعبد وحده، وأنّه الغنيُّ عمَّا سواه من المخلوقات لا يفتقر إلى عبادتهم، ذكر تعالى هنا تناقض الإنسان وتقلُّبه وضعفه وقلَّة ثباته على نهج؛ إلا حين يتصل بربّه، ويتطلّع إليه، ويقنت له، فيعرف الطريق، وينتفع بما وهبه الله من عقل.
المعنى الإجمالي:
يخبر الله تعالى عن كرمه بعبده وإحسانه وبِرِّه، وقلّة شكر عبده، وأنّه حين يمسَّه الضُّرَّ من مرض، أو فقر، أو وقوع في كربة، أو غير ذلك من أنواع المكاره في جسم أو أهل أو مال، رجع إلى ربّه متضرِّعاً مستغيثاً به وحده في تفريج كربته، معرضاً عمَّا سواه من الشركاء؛ لأنه يعلم أنّه لا ينجيه في هذا الحال إلا الله، حتى إذا فرَّج الله كربه ونجَّاه، وكشف ما نزل به، وأعطاه وملَّكه نعمة من فضله ورحمته، وصار في حال رخاء ورفاهية نسي ربَّه الذي يدعوه، وترك دعاءه، أو نسي ذلك التضرّع والدعاء، فقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ}، فهو في حال الشدّة يلجأ إلى الله ويستغيث به وحده وفي حال الرخاء ينسى ربّه ويغفل عن عبادته وطاعته، وهذا حال أكثر الناس، وقد قرَّره تعالى في آيات كثيرة منها قوله في سورة يونس: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} (يونس:12)، ومنه أيضاً: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} (الإسراء:67)، فإنّ هذا الإنسان ينسى تضرّعه وإنابته وتوحيده لربّه، وتطلّعه إليه وحده حين لم يكن غيره يملك أن يدفع عنه محنته ... ينسى هذا كلّه ويجعل لله شركاء يعبدها، من الأصنام أو غيرها، من هوى، أو جاه، أو أولاد ومطامع، فإنّ هذه كلها في حقيقتها شرك خفيّ لا يحسبه الناس شركاً؛ لأنّه لا يأخذ شكل الشرك المعروف وإنّما هو من الشرك في الصميم.
وتكون العاقبة والنتيجة هي الضلال والإضلال عن دين الله تعالى، فيُضِلّ بنفسه، ويُضلّ الناس بعمله هذا ويمنعهم من توحيد الله واتباع دينه وطريقه، وسبيل الله تعالى واحد لا يتعدَّد، وإفراده بالعبادة والتوجّه والحبّ هو وحده الطريق إليه.
ولهذا كلّه هدّد الله تعالى وأوعد ذلك الكافر المصرّ على الضلال فقال: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} أي: قل أيها الرسول لمن هذه حالته وطريقته ومسلكه: استمتع أيها الإنسان الكافر تمتّعاً قليلاً أو زماناً قليلاً هو مدّة أجلك، فمتاع الدنيا مهما طال فهو قليل، وأيام الفرد على هذه الأرض معدودة مهما عمَّر، بل الحياة كلّها لمتاع قليل حين تقاس إلى أيّام الله، كما قال تعالى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}.
وإلى جانب هذه الصورة المنفِّرة يذكر تعالى صورة أخرى ... صورة القلب الخائف الوجل، الذي يذكر الله ولا ينساه في سرّاء ولا ضرّاء، صورة المؤمن المطيع الخاشع العابد، الخائف الراجي، يعيش حياته في خوف من الآخرة وحذرٍ منها، وفي تطلّعٍ إلى رحمة ربّه وفضله، دائم الاتصال بخالقه سبحانه، مما ينشأ عنه العلم الصحيح المدرك لحقيقة وجوده، قال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} أي: أذلك الكافر أحسن مآلاً وحالاً، أم المؤمن بالله، الذي هو مطيع خاشع يصلّي في ساعات الليل، وخشوعه مستمرّ حال سجوده وحال قيامه. إنها صورةٌ مشرقةٌ مرهفةٌ، فالقنوت كما قيل: طول القيام، وطول القراءة، وهو السجود والخشوع، والذّلّ والخضوع لمن خضعت له النفوس، وذلّت له الرِّقاب، ورغمت له الأنوف.
فصاحب هذا القلب على بصيرة، وعلى علم، فهل يستوي هو والجاهل؟ قطعاً لا يستوي هؤلاء وهؤلاء؛ فالذين يعلمون محابّ الله ومكارهه، وهم يعملون على الإتيان بمحابّه، وترك مكارهه، ويدركون الحقّ، ويعرفون منهج الاستقامة، فيتَّبعونه ويعملون به، لا يستوون مع الذين لا يعلمون ما يحبّ الله وما يكره، فهم يتخبّطون في الضلال خبط عشواء، ويسيرون في متاهة وضلال، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} نعم، لا يستوي العالمون والجاهلون، ولا يستوي القانتون والعاصون، فالتسوية بينهم تصادم الحق والعدل كما سبق عند قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ (22)}. (فاطر:19 - 22)، وإنما يعلم الفرق بين هؤلاء وهؤلاء أهل العقول الزكية الذكية، فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى، والعلم على الجهل، وطاعة الله على مخالفته؛ لأنّ لهم عقولاً ترشدهم للنظر في العواقب، بخلاف من لا لُبَّ له، ولا عقل، فإنّه يتَّخذ إلهه هواه. سبحان الله ما أجلّ كلام الله!
وهنا وتساؤل ووقفة مع هذه الآية الكريمة، ما هو العلم الحقيقي المطلوب في هذه الآية؟ العلم هو المعرفة، والمعرفة هي إدراك الحق، ومن ثَمَّ العمل بهذا العلم، وهذا هو: القنوت لله؛ استشعار الحذر من الآخرة يوجب الخوف وترك المعاصي، والتطلّع إلى رحمة الله وفضله توجب مراقبة الله تعالى مراقبة مثمرة لفعل الأوامر، واجتناب النواهي، بل وإيثار محابّ الله، وذِكره، وتدبّر كلامه.
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم هذا هو الطريق الصحيح للعلم الصحيح، حتى ينتفع صاحب هذا العلم بعلمه، فيعمل بما علم فيثمر علمه عن صلاة وهي أفضل العبادات، ثم عن قنوت، وهو سِرّ الصلاة، ثم عن أفضل الأوقات، وهو الليل.
قال ابن سعدي رحمه الله تعالى: إنّ متعلّق الخوف: عذاب الآخرة على ما سلف من الذنوب،، ومتعلّق الرجاء: رحمة الله، فوصفه بالعمل الظاهر والباطن.
من هداية الآيات:
1. بيان أنّ الله تعالى يجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ}.
2. بيان رحمة الله تعالى بعباده إذ يقدِّر عليهم أحوالاً مختلفة من الرخاء والشدّة، والعسر واليسر؛ لعلّ العبد يهتدي ويعتبر وينتبه من غفلته؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ}.
3. أنّ فطرة الإنسان تبرز واضحة جليّة نقيّة حين يمسّه الضرّ؛ حيث تنكشف عنها الأوهام وتتجه إلى ربّها وحده؛ لقوله تعالى: {دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ}.
4. بيان أن الكافر يلجأ إلى الله تعالى في حال الضرورة، وإلى غيره عند اندفاع المكروهات؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ}.
5. الإشارة إلى أنّ الإنسان لا يرشد ولا يكمل إلا بالتوحيد والإيمان.
6. الإشارة إلى أنّ الدنيا ممرّ، والآخرة مقرّ؛ لقوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا}.
7. تهديد الله تعالى لمن أقبل عليه في الضراء، وأدبر عنه وعاد إلى ضلاله عند السرّاء، وأنّ من هذا حاله فهو من أهل النار الخالدين فيها؛ لقوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}.
8. المقارنة بين القانت المطيع، والعاصي المضلّ؛ لقوله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ .... }.
9. تقرير أفضلية المؤمن المطيع على الكافر العاصي.
10. الثناء على القائم بطاعات الله المداوم على ذلك.
11. الإشارة إلى فضل قيام الليل، وبيان فضله، وفضيلة إطالة القيام والسجود فيه.
12. أنّه ينبغي على العبد أن يكون في سيره إلى الله ما بين الخوف والرجاء؛ لقوله تعالى: {يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}. وينبغي ألا يجاوز أحدهما حدّه، فالرجاء إذا جاوز حدّه يصير أمناً، وقد حذّر منه تعالى بقوله: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}. والخوف إذا جاوز حدّه أيضاً يصير يأساً، وهو مذموم؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.
ويلاحظ أنّ الله تعالى قال في مقام الخوف: {يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ} فلم يُضِف الحذر إليه تعالى، وقال في مقام الرجاء: {وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} وهذا يدلّ على أنّ جانب الرجاء أكمل وأولى أن يُنسب إلى الله تعالى.
قال ابن حجر في الفتح: وهذا كله متفق على استحبابه في حالة الصحة، وقيل: الأولى أن يكون الخوف في الصحة أكثر وفي المرض عكسه، وأما عند الإشراف على الموت فاستحبَّ قوم الاقتصار على الرجاء لما يتضمّن من الافتقار إلى الله تعالى، ولأن المحذور من ترك الخوف قد تعذّر فيتعيّن حسن الظنّ بالله برجاء عفوه ومغفرته. ا. هـ
13. الردّ على من ذمَّ العبادة خوفاً من النار، أو رجاء محبة الله ورحمته، كالصوفية وغيرهم، بل قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (حولها ندندن).
14. التنبيه إلى أنه بالإيمان بالله وحده، وبتوحيده، والعلم بأسمائه وصفاته، والعمل بمقتضى ذلك، هو الذي يخلّص الإنسان من التناقض والضلال؛ لقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
15. بيان فضل العالم على الجاهل لعمله بعلمه، ولولا العمل بالعلم لاستوى العالم والجاهل.
16. أنّ المنتفع بخطاب الله هم المؤمنون أصحاب العقول الذين ينتفعون بعلمهم؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. ويتفرّع على هذا: أن من كان عنده علم ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم.
لطيفة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل لبعض العلماء: إنكم تقولون العلم أفضل من المال، ثم نرى العلماء يجتمعون عند أبواب الملوك، ولا نرى الملوك يجتمعون عند أبواب العلماء؟ فأجاب العالم بأنّ هذا أيضاً يدلّ على فضيلة العلم؛ لأن العلماء علموا ما في المال من المنافع فطلبوه، والجهّال لم يعرفوا ما في العلم من المنافع فلا جرم تركوه.
ثانياً: الأمر بالتقوى، وبيان الثواب المنشِّط في الدنيا للمتقي، والحث على الهجرة، والصبر لما فيهما من الأجر العظيم: الآية {10}
قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
المفردات اللغوية:
اتقوا ربكم: أي: اجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية بالإيمان ولزوم الطاعة. للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة: أي للذين عملوا الأعمال الحسنة في حياتهم الدنيا على وجه الإخلاص والاتباع، صحة وعافية ونفس مطمئنّة. وقيل: مثوبة حسنة في الآخرة. وأرض الله واسعة: أي فمن تعسَّر عليه الإحسان بالطاعة في وطنه، فليهاجر إلى مكان يتمكن فيه من الطاعة وترك المنكرات ومخالطة الكفار. إنما يوفّى: أي التوفية العظيمة، والتوفية: إعطاء الشيء وافياً، أي تامّاً. بغير حساب: أي بما لا يقدر على حصره حاصر، وبغير عدٍّ وحدّ. [/
وجه الربط:
لمَّا أثنى الله تعالى على المؤمنين بإقبالهم على عبادته في أشدِّ الآناء، وبشدَّة مراقبتهم إيَّاه بالخوف والرجاء، وبتمييزهم بالعلم والعقل والتَّذكُّر، ونفى المساواة بينهم وبين المشركين في ذلك كلِّه، أتبع ذلك بأمر رسول الله بأن ينصح المؤمنين بجملة نصائح تتضمَّن الأمر بالتقوى والاستمرار بالطاعة، وحثَّهم على ذلك ببيان الثواب المنشِّط لهم في الدنيا. وهو خطاب فيه تلطّف وتحبّب للمؤمنين.
وفي قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ} تشريف لهم بإضافتهم إلى ضمير الجلالة، ومزيد اعتناء بشأن المأمور به، ووجوب الامتثال له.
المعنى الإجمالي:
يأمر الله تعالى رسوله الكريم أن قل لعبادي المؤمنين قولي هذا بعينه، فإن تبليغ عين أمر الله أدعى إلى الامتثال له، فقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} أي قل: منادياً لأشرف الخلق، وهم المؤمنون، آمراً لهم بأفضل الأوامر، وهي: التقوى، ذاكراً لهم السبب الموجب للتقوى، وهو ربوبية الله تعالى لهم وإنعامه عليهم المقتضي ذلك منهم أن يتقوه، ومن ذلك ما منَّ الله عليهم به من الإيمان فإنّه موجب للتقوى، وتقواه جلَّ جلاله تكون بأن يتخذَّ العبد بينه وبين عذابه تعالى وقاية وذلك بطاعته وفعل أوامره، واجتناب نواهيه، وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم علَّل تعالى أمره هذا بذكر الثواب المنشط لهم على العمل، وتثبيتاً لهم على ما يلاقونه من الأذى، بأنَّ للذين أحسنوا إلى الخالق، وذلك بأداء الطاعة المطلوبة منهم على الوجه الحسن ومراقبة الله تعالى فيها. وأحسنوا إلى الخلق بالمعاملة الطيبة، وبكفِّ الأذى، وبذل الندى، وطلاقة المحيَّا. لهم في دنياهم حسنة، بالصحة والعافية، والغنى والجاه، والظفر والغنيمة، وانشراح الصدر، واطمئنان النفس، وحسنة في الآخرة بالثواب الجزيل والعطاء الكثير الدائم؛ فقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} فما أجزل الجزاء! حسنة في الدنيا القصيرة الأيام الهزيلة المقام، تقابلها حسنة في الآخرة دار البقاء والدوام، ولكنه فضل الله على هذا الإنسان الذي يعرف منه ضعفه وعجزه وضآلة جهده، فيكرمه ويرعاه، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ثمّ رغَّبهم في الهجرة للتمكُّن من التقوى والطاعة، فقال تبارك وتعالى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} أي إذا لم تتمكَّنوا من التقوى في بلد، فهاجروا إلى حيث تتمكّنوا من طاعة الله، والعمل بما أمر به، والترك لما نهى عنه، كما هو سنّة الأنبياء والصالحين؛ ونظير هذا قوله تعالى: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (النساء:97).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولمَّا يبَّن سبحانه ما للمحسنين إذا أحسنوا؛ وكان لا بُدَّ في ذلك من الصبر على فعل الطاعة؛ وعلى كفِّ النفس عن الشهوات، فالله خالق الناس يعلم أن الهجرة من الأرض عسيرة على النفس، وأن التجرد من تلك الوشائج أمر شاقّ، وأن ترك مألوف الحياة ووسائل الرزق واستقبال حياة جديدة في أرض جديدة صعب على بني الإنسان، لذلك أشار إلى فضيلة الصبر وعظيم مقداره؛ فقال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي إنما يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا فيه في الدنيا أجرهم في الآخرة بغير كيل ولا وزن، وبما لا يقدر على حصره وحسبانه حاصر ولا حاسب. وهذا الجزاء إنما هو نسمة القُرب والرحمة من الرحمن الرحيم العليم بهذه القلوب الضعيفة، المطَّلع على خفيِّ الدبيب منها، الخبير بأحوالها وأوضاعها، فيعالج ما يشقُّ عليها في موقف الشدّة العلاج الشافي، ويفتح لها أبواب العوض عن الوطن والأرض والأهل والإلف عطاء من عنده بغير حساب ..
من هداية الآيات:
1ً. بيان عناية الله تعالى برسوله والمؤمنين إذ أرشدهم إلى ما يكملهم ويسعدهم.
2ً. أنّ على المؤمن تقوى الله بطاعة ربّه واجتناب معاصيه، وذلك مقتضى الإيمان؛ وجهه أنّ الله تعالى صدَّر نداءه لعباده بصفة الإيمان بقوله: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا}.
3ً. أنّ مجرَّد الإيمان بالقلب، أو إعلان الإسلام دون تقوى ولا عمل بأوامر الله واجتناب نواهيه لا يكفي إطلاقاً؛ لقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ?.
4ً. أن الربَّ تبارك وتعالى هو أهل التقوى وحده؛ لقوله: {اتَّقُوا رَبَّكُمْ}. ونظير هذا قوله تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (المدثر: 56).
5ً. بيان ما للتقوى من فوائد جُلَّى، فللمتقين في الدنيا حسنة من صحة وعافية ونصر وسلطان وغنى وجاه، وحسنة في الآخرة بالثواب الجزيل والعطاء الكثير الدائم، وآخرها وأكملها لذّة النظر إلى وجهه تعالى.
6ً. أن الإحسان في الدنيا يشمل الإحسان للخالق سبحانه، والإحسان في عبادة الله فسرها الرسول الكريم بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم كن تراه فنه يراك". ويشمل الإحسان للخلق، وهو كما عرَّفه بعض أهل العلم: كفُّ الأذى، وبذل الندى (المعروف) وطلاقة الوجه.
7ً. بيان فضل الله جلَّ جلاله وكرمه؛ حيث يعجِّل الثواب في الدنيا لمَن يستحقّ قبل الآخرة؛ لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}.
8ً. دلَّ الآية على التلازم بين الإحسان والتقوى، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. (النحل: 128)
9ً. الإشارة إلى أنّ الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء؛ لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}.
10ً. بيان أن لا عُذر للمقصِّرين في الإحسان والطاعة، فمن صُدَّ عن طاعة الله في بلد، فعليه المهاجرة إلى بلد آخر يتمكَّن فيه من الاشتغال بالطاعات والعبادات، اقتداءً بالأنبياء والصالحين في هجرتهم إلى غير بلادهم، ليزداوا إحساناً إلى إحسانهم، وطاعة إلى طاعتهم؛ لقوله تعالى: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ}.
والهجرة أنواع:
- الهجرة إلى المدينة من مكة المكرمة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت واجبة أول الإسلام، ثمّ نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية".
- هجرة من أسلم في دار الحرب، وهذه واجبة.
- هجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديباً لهم، فلا يُكلَّمون ولا يخاطبون، كما كان مع الصحابة الكرام كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع.
حكمها: من كبائر الذنوب إن كانت واجبة.
شروط وجوبها:
- أن يكون الإنسان غير قادر على إقامة شعائر دينه.
- أن يكون قادراً على الهجرة، فإن كان لا يستطيع الهجرة فإنه لا تجب عليه.
- أن يجد مكاناً خيراً من المكان الذي هو فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
11ً. بيان فضيلة الصبر؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} يدلُّ على أنَّ ثواب الصابرين وأجرهم لا نهاية له، وهذه فضيلة عظيمة، ومثوبة جليلة، تقتضي من كلِّ راغب في ثواب الله، وطامع فيما عنده من الخير أن يتوفَّر على الصبر ويزُمَّ نفسه بزمامه، ويُقيِّدَها بقيده. والصبر: حبس النفس عن الجزع والتسخط، وهو على ثلاثة أنواع،
فأعلاه: الصبر على طاعة الله تعالى؛ لأن الألم فيه ألم نفسي، وألم بدني.
يليه: الصبر عن معاصي الله؛ وهذا النوع الألم فيه واحد، وهو الألم النفسي.
وأخيراً: الصبر على أقدار الله المؤلمة، وهذا لا يد للإنسان فيه فإن صبر فله الرضا، وإن سخط فعليه السخط، فإنّ الجزع لا يردّ قضاءً قد نزل، ولا يجلب خيراً قد سُلب، ولا يدفع مكروهاً قد وقع، وإذا تصوَّر العاقل هذا حقَّ تصوّر، وتعقَّله حقَّ تعقّله، علم أن الصابر على ما نزل به قد فاز بهذا الأجر العظيم، وظفر بهذا الخير الجليل، وغير الصابر قد نزل به القضاء شاء أم أبى، ومع ذلك فقد فاته من الأجر ما لا يقادر قدره، ولا يبلغ مداه، فضمَّ إلى مصيبته مصيبة أخرى ولم يظفر بغير الجزع! وما أحسن قول من قال:
أرى الصبر محموداً وعنه مذاهب فكيف إذا ما لم يكن عنه مذهب
هناك يحقّ الصبر والصبر واجب وما كان منه للضرورة أوجب
وقيل: كلّ مطيع يكال له كيلاً ويوزن له وزناً إلا الصابرين، فإنه يُحثى لهم حثياً.
فائدة أصولية مستنبطة من الآيات الكريمات:
في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} التفات للخطاب بالنداء، وهي التفاتة خاصّة، فهو في الأصل: قل لعبادي الذين آمنوا .. قل لهم: اتقوا ربكم، ولكنّه جلَّ وعلا جعل يناديهم؛ لأنّ في النداء إعلاناً وتنبيهاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول لهم: "يا عبادي" فهم عباد الله، فهناك هذه الالتفاتة في أثناء تكليفه بتبليغهم أن يناديهم باسم الله، فالنداء في حقيقته من الله، وما محمد صلى الله عليه وسلم إلا مبلغ عنه للنداء.
ثالثاً: توجيهات وأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم، ووعظ للمشركين، وتبشير للمؤمنين: الآيات: {11 - 20}
من قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}.
المفردات اللغوية:
أعبد الله: العبادة تُطلق على معنيين: الأول: التذلُّل لله. والثاني: على المتعبَّد به؛ كما عرَّفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: العبادة هي كل ما يحبّه الله تعالى يرضاه من الأقوال والأفعال. مخلصاً له: أي أعبده عبادة نقيَّة من الشوائب كالشرك والرياء وغيره. الدِّين: يُطلق على معنيين: على العمل الذي يعمله الإنسان لأجل أن يدان به، كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ويُطلق على يوم الحساب والجزاء، كما في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. وأمرت لأن أكون: اللام في قوله: (لأن) يحتمل أن تكون بمعنى الباء، وعلى هذا يكون المعنى: بأن أكون. ويحتمل أن تكون للتعليل، وذلك بتضمين فعل (أمرت)
(يُتْبَعُ)
(/)
فعل محذوف مقدَّر مناسب للام؛ فكان قوله تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} لبيان المأمور لأجله في قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} أي: أمرت أن أعبد الله لأكون أول المسلمين، والإسلام هو الانقياد لله تعالى ظاهراً وباطناً. أوَّل المسلمين: يحتمل أن يكون الأوليَّة هنا أوليَّة صفة؛ أي أنه صلى الله عليه وسلم أول من سبق إلى الإسلام وانقاد لله تعالى. ويحتمل أن تكون الأوليَّة من هذه الأمة، فهو صلى الله عليه وسلم أول مَن سبق إلى الإسلام؛ أي: أمرت بما أمرت، لأكون أول من أسلم، يعني من قومه؛ لأنه أول من خالف عبَّاد الأصنام. وقيل: أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره، لأكون مقتدى بي قولاً وفعلاً. إن عصيت: المعصية المخالفة، وتكون بأمرين: إما بترك مأمور، أو بفعل محظور، هذا إن أُفردت عن الطاعة. فإن اقترنت بالطاعة صارت الطاعة: فعل المأمور، والمعصية: ارتكاب المحظور. والمراد هنا إن خالفت ربي بترك الإخلاص والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك والرياء. عذاب يوم عظيم: هو يوم القيامة، ووصفه بالعظمة لعظمة ما فيه من الدواهي والأهوال. قل الله أعبد: أي لا أعبد سواه سبحانه لا استقلالاً، ولا اشتراكاً. مخلصاً له ديني: منقِّياً عملي من الشرك والرياء. فاعبدوا ما شئتم من دونه: أي غيره أو سواه، وفي هذا التعبير تهديداً لمن يشرك بالله، أو تحدِّياً لهم، والآية تحتمل المعنيين فتُحمل عليهما. إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة: الخسارة ضد الربح، أي حقيقة الخسران هو خسران النفس؛ وذلك بتخليدها في نار جهنم، وعدم الاستفادة من الحياة الدنيا، وخسران الأهل بعدم الاجتماع بهم في الآخرة في الجنة إن كانوا مؤمنين، وكذلك لا يجتمعون بهم إن كانوا من أهل النار في النار. المبين: البيِّن الواضح. ظلل: طبقات من النار، جمع ظُلَّة. ذلك الذي يخوّف الله به عباده: أي ذلك العذاب الفظيع الذي ذكره تعالى هو الذي يخوِّف به عباده ليتَّقوه. الطاغوت: البالغ غاية الطغيان، مشتق من الطغيان، والتاء للمبالغة، والطاغوت كما عرَّفه ابن القيم رحمه الله تعالى: هو كل ما تجاوز به الإنسان حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع، ولكن هذا التعريف ليسس على إطلاقه، فالذي يرضى أن يعبد من دون الله فهو طاغوت. وأنابوا إلى الله: أقبلوا ورجعوا. لهم البشرى: أي ما تحصل به البَشارة، والأصل أنَّ البشارة الخبر السارّ؛ لظهور أثره على البشرة، وهي الجلد، والبشرى تكون في الدنيا بالثناء الحسن عليهم بصالح أعمالهم، والرؤيا الصالحة، وعند الوضع في القبر، وفي الآخرة عند الخروج من القبر، وعند الوقوف للحساب، وعند جواز الصراط، وعند دخول الجنة. فبشِّر عباد: أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بتبشير عباد الله المتقين الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت، ووحّدوا الله. الذين يستمعون القول: أي ينصتون ويُصغون للقول الحقَّ من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم. فيتَّبعون أحسنه: ثناءً عليهم بنفوذ بصائرهم وتمييزهم الأحسن في كلِّ الأمور؛ أي لا يرضون إلا بالأكمل. أولئك الذين هداهم الله: أي هدوا إلى الحقِّ علماً وعملاً، أي: هداية دلالة، وهداية توفيق. وأولاء: اسم إشارة، والكاف: للبعد، فالمشار إليه بعيد، والبعد على أربعة أقسام: إما معنوي، أو حسيّ، وهو إما للعلو، أو للسفول، وهنا البعد معنوي لعلوِ مكانتهم. وأولئك هم أولوا الألباب: هم: ضمير فصل يفيد التوكيد، والحصر، وللتمييز بين الصفة والخبر. أولوا الألباب: ذوي العقول الصحيحة الذين انتفعوا بعقولهم. أفمن حقَّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار: أفمن: الهمزة للاستفهام الإنكاري؛ أي للنفي، والفاء للعطف، فالهمزة داخلة على الجملة التي بعد حرف العطف، وموقعها التقديم على الهمزة، لكن لمَّا كان للهمزة موقع الصدارة قُدِّمت، والفاء عاطفة على ما سبق، أي: (فأمن حقَّ عليه .. ). وقيل: أن الهمزة داخلة على جملة مقدَّرة تناسب المقام، والفاء عاطفة على تلك الجملة المحذوفة. ومَن: شرطيه جوابها محذوف مقدَّر, وقيل: مَن موصولة، بمعنى الذي. وعلى هذا ففي تفسير هذه الآية وجهان: فمن اعتبرها آية متصلة: ?أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
النَّارِ} فتكون الهمزة في قوله: (أفمن)، والهمزة في قوله: (أفأنت) للاستفهام الإنكاري الذي يفيد النفي، والمعنى: أفمن وجب عليه العذاب وحق عليه فهو في النار أفأنت تنقذه منها؟. ومَن اعتبرها جملتان مستقلّتان؛ فمعنى الآية الأولى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} أفتدفع عمَّن حقَّ عليه كلمة العذاب؛ أي تجعله مؤمناً لا يستحق العذاب. والثانية: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} مستأنفة بمعنى: أفأنت تنقذ مَن حقَّ عليه كلمة العذاب؛ أي تنقذه مِن النار إذا دخل فيها؟. ومؤدّى الجملتين في النهاية واحد؛ لأنه لا يمكن للرسول ولا غيره أن ينقذ مَن حقَّ عليه كلمة العذاب. ومعنى حقَّ: وجب. كلمة العذاب: قيل: هي قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (هود: 119)، وقيل: هي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} (يونس: 96) وهذا أقرب؛ أي أنَّ الله تعالى قضى أنَّ هؤلاء من أهل النار فلا يؤمنون. لكن الذين اتقوا ربهم: لكن: للاستدراك بين ما يشبه النقيضين أو الضدين، وهما المؤمنون والكافرون وأحوالهما. اتقوا: أي جعلوا بينهم وبين سخط الله تعالى وقاية؛ بطاعة أوامره واجتناب نواهيه. لهم غرف: جمع غرفة، تطلق على البناء العالي، والتي تكون في الأسفل يطلق عليها حجرة؛ أي منازل عالية في الجنة. من فوقها غرف مبنية: أي من فوقها منازل هي أرفع منها؛ أي هي طبقات بعضها فوق بعض، مبنية من الذهب والفضة. تجري من تحتها الأنهار: أي من تحت هذه الغرف العليا والتي أعلى منها تجري الأنهار، وهي جمع نهَر، ونهْر؛ وهي الأربع المذكورة في سورة محمد: أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذّة للشاربين، وأنهار من عسل مصفَّى. وعد الله: مصدر مؤكد، أي وعد الله وعداً لا يخلفه تعالى.
وجه الربط:
بعد أن أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بخطاب المسلمين بقوله: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} أمره بعد ذلك أن يصدع الكفَّار بما أُمر به من عبادة الله؛ حيث إنَّ تحقيق العبودية لله تعالى وحده روح الرسالات الإلهية وزبدتها، كُلِّف بها المرسلون أولاً ليكونوا الأسوة الصالحة والقدوة الحسنة لمن أُرسلوا إليهم، ولهذا أُمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُعلن ذلك وهو يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى وحده.
المعنى الإجمالي:
يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُخبر الناس ويُعلن لهم بما أمره به ربّه سبحانه وتعالى من التوحيد والإخلاص؛ فقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} أي إن ربي أمرني أن أعبده اعتقاداً وقولاً، وأن أفعل ما يأمرني به، وأترك ما ينهاني عنه، وأن أكون في ذلك كله مخلصاً له عبادتي وأعمالي عن كلّ ما ينافيها من شرك ورياء، كما أمرني أن أكون أوَّل المسلمين من هذه الأمة في مخالفة دين الآباء الوثنيين، وذلك بانقيادي له تبارك وتعالى، والاستسلام له ظاهراً وباطناً؛ فقال تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} أي لأني الداعي الهادي للخلق إلى ربِّهم؛ فيقتضي أن أكون أوَّل مَن يأتمر بما أُمر به، وأوَّل من يُسلم لله.
ثمَّ أمره تعالى أن يواجه المشركين الذين كانوا يحاولون ثنيه عن دعوته إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وأن يتبع دينهم، بقوله: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. فأعلن عليه الصلاة والسلام خوفه من عذاب الله العظيم يوم القيامة إن هو وافقهم وترك التوحيد ومال إلى الشرك.
وفي هذا الإعلان من النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مأمور أن يعبد الله وحده، ويخلص له الدين وحده، وأن يكون بهذا أول المسلمين، وأنه يخاف عذاب يوم عظيم إن هو عصى ربّه، تجريد عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور، وهذا هو مقامه لا يتعدَّاه، وفي مقام العبودية يقف العبيد كلهم صفّاً، وتتجرَّد صفة الوحدانية لله سبحانه بلا شريك ولا ند ولا شبيه. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم على جلالة قدره ورفعة مكانته، على هذه الدرجة العالية من خشية الله ومحاسبته لنفسه، فكيف ينبغي أن يكون حالنا مع
(يُتْبَعُ)
(/)
الله تعالى!؟.
ومرَّة ثانية أُمر عليه الصلاة والسلام أن يُعلن إخلاص عبوديته لله، وتحقّقه بها عملاً واستسلاماً وانقياداً على أبلغ وجه وأكمله، ففي المرة الأولى أخبر عليه السلام بأنه مأمور بذلك، وفي هذه المرة أمر بالإخبار بمبادرته إلى تنفيذ الأمر وتحقيقه؛ فقال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} فلا أعبد سواه، وهذا مقامي الذي شرَّفني الله به.
ثمَّ توجَّه بتحدي أولئك المشركين وتوبيخهم وتهديدهم والبراءة من عملهم: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أي اعبدوا ما أردتم أن تعبدوه من غير الله، من الأوثان والأصنام، فسوف تجازون بعملكم، وهذا كقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) (سورة الكافرون).
ثمَّ بيَّن تعالى ما يترتَّب على فعلهم، وحذَّرهم من عاقبة الخسران والحرمان يوم القيامة؛ فقال: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} أي قل لهم أيها الرسول: إنما الخاسرون كل الخسران هم الذين خسروا أنفسهم بعبادة غيره تعالى، وأوقعوا أنفسهم بالضلال والشرك والمعاصي، وخسروا أيضاً أهليهم حيث أضلوهم وأوقعوهم في العذاب الدائم يوم القيامة، فأبعدوهم عنهم وحرموا أنفسهم منهم، فالإنسان يستشعر ذاته ويدرك هويته وحقيقته عندما يوجِّه نفسه إلى عبادة ربّه ومالك أمره، بينما يستشعر الحيرة والقلق والضياع والاضطراب والضلال عندما يوجِّه نفسه إلى عبادة غيره جلَّ وعلا، وهذا هو الخسران البيّن الظاهر الواضح، فلا خسران أعظم منه؛ إذ لا مجال لتعويض الخسارة.
ثم وصف تعالى حالهم في النار، فلهم الخسران أيضاً العذاب الأليم في أطباق النار؛ فقال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} أي أن النار محيطة بهم من كل جانب من فوقهم ومن تحتهم، كما قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} وقوله تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وسمّى سبحانه ما تحتهم ظللاً؛ لأنها تظلِّل مَن تحتها من أهل النار؛ ففي كل طبقة من طبقات النار طائفة من طوائف الكفار.
ولمَّا كان ذلك العذاب أمراً مهولاً، وهم لا يرهبونه ولا يرجعون عن غيهم به ذكر تعالى فائدته مع الزيادة في تعظيمه؛ فقال: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} أي ذلك العذاب الفظيع الذي أخبر به الله خبراً كائناً لا محالة ليُرهب به عباده؛ لينزجروا عن المعاصي والمآثم والمحارم، قائلاً لهم: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} أي امتثلوا لأوامري، ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي ونقمتي وعذابي، وهذا التحذير والتنبيه نعمة عظمى صادرة من فيض رحمة الله، وموعظة بليغة منه تعالى تنطوي على غاية اللطف والمرحمة، فمن اتعظ بهذه الموعظة وأقبل عليه مخلصاً في عبادته وطاعته معرضاً عما سواه له البشرى من الله عزَّ وجلَّ عظيمة: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} أي والذين أعرضوا وجانبوا عبادة الطاغوت، وهو الداعي إلى عبادة غير الله تعالى كالشيطان ورؤوس الضلال، ورجعوا إلى الله فعبدوه وحده، لهم البشرى في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فالثناء الحسن عليهم بصالح أعمالهم، وبالرؤيا الصالحة يرونها أو تُرى لهم، والعناية الربانية بهم، ولهم البشرى عند الموت، وفي القبر، ويوم القيامة، ففي كل موقف من هذه المواقف تحصل لهم البَشَارة بنوع من الخير والروح والريحان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولمَّا أخبر الله تعالى أن لهم البشرى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ببشارتهم، وذكر الوصف الذي استحقوا به البَشارة: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أي احمل البشرى إلى عبادي الذين يميزون بين الهدى والضلال، وبين الحق والباطل، والذين يستمعون القول الحق من كتاب الله وسُنَّة رسوله، فيفهمونه، فيتبعون أحسن ما يُؤمرون به، فيعملون بما فيه، وهذا مدح لهم بأنهم نقَّاد في الدين يميزون بين الحسن والأحسن، والفاضل والأفضل، هؤلاء المتصفون بهذه الصفة هم الذين وفقهم سبحانه للصواب في الدنيا والآخرة، وهم ذوو العقول الصحيحة والفطر السليمة؛ قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} أي أولئك الذين هداهم الله لدينه ووفقهم للتمسك بشريعته، وهداية الله لهم هي هداية الإرشاد والتوفيق.
ثم بيّن تعالى أضداد المذكورين قائلاً: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنك لست تملك أمر الناس ولا تقدر على إنقاذ من استحق العذاب في النار. وقيل المعنى: أأنت مالك أمر الناس، فمن وجب عليه العذاب لإعراضه وعناده وكفره، فأنت تخلصه من النار؟ أي لا تقدر على هداية أحد؛ لأن الهداية منوطة بالله تعالى وحده، لا يملكها سواه.
ثم ذكرت الآيات في مقابل ما لأهل العذاب من ظلل من النار، بعض ما أعد الله تعالى لأهل الجنة من النعيم الدائم بأسلوب الاستدراك: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أي لكن أولئك الذين اتقوا عذاب ربهم الذي رباهم بنعمه، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، لهم منازل عالية رفيعة محكمة البناء، وهي القصور الشاهقة ذات الطبقات المزخرفات العالية، وفوقها منازل أرفع منها تجري من تحتها الأنهار العذبة، وفي ذلك كمال بهجتها وزيادة رونقها.
ثم أكد تعالى حسن هذا الجزاء، فأخبر أنه وعد من الله تعالى وعده للمتقين المؤمنين، ووعد الله ثابت لا ينقض ولا يُخلف؛ لكمال صدقه سبحانه وقدرته فقال: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}.
من هداية الآيات:
1ً. بيان أنَّ الله تعالى هو المستحقّ للعبادة الخالصة وحده؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}. وأنَّ العبادة المأمور بها هي: توحيد الله تعالى، والإخلاص له في هذه العبادة.
2ً. بيان أنَّ الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم عبد مأمور، ليس له من أمر الربوبية والخلق شيء؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ}. وفي هذا ردّ على الصوفية وغيرهم الذين غَلَوا في الرسول صلى الله عليه وسلم فاستغاثوا وتوسٍّلوا به.
3ً. أنّ نبيَّنا محمّداً صلى الله عليه وسلم أوَّل مَن خالف دين آبائه، ودعا إلى التوحيد؛ لقوله تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}. ويتفرَّع على هذه الفائدة: أنّ على الداعية إلى الله تعالى أن يوافق قوله فعله، وأن يدعو نفسه أولاً إلى ما يدعو إليه غيره حتى يكون قدوتهم قولاً وفعلاً، وعليه أن يُعلن ذلك بقصد حثِّهم وتشجيعهم.
4ً. أنّ كلَّ عاصٍ موعود بعذاب الله تعالى؛ لقوله: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
5ً. تعظيم يوم القيامة، وأنه يوم عظيم؛ لقوله تعالى: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
ويتفرّع على هذا أنه ينبغي للعاقل أن يستعدَّ لهذا اليوم ويعمل له.
6. جواز وصف غير الله تعالى بالعِظم؛ لقوله: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، لكن العظم المطلق هو لله عزَّ وجلَّ وحده.
7ً. ينبغي للإنسان أن يُعلن بالحقِّ الذي هو عليه؛ لقوله تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}.
8ً. تحريم عبادة غير الله؛ وجهه أنَّ قوله عزَّ وجلَّ: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} للتهديد، ولا تهديد إلا لمخالفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
9ً. بيان أن الخسارة الفادحة خسارة النفس والأهل يوم القيامة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.
10ً. كل خسران في الدنيا إذا قيس بخسران الآخرة لا يُعدّ خسراناً أبداً.
11. الإشارة إلى أن الشرك هو سبب خسارة النفس والأهل يوم القيامة.
12. بيان شدَّة عذاب أهل النار؛ لأنَّ العذاب يغشاهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم؛ لقوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}.
13. أنه ينبغي للإنسان أن يخاف مما خوَّف الله منه، ليُحقَّق العبودية لله؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ}.
14. أنَّ الغاية من التخويف هي الحثُّ على تقوى الله؛ فتذكُّر العذاب والخوف منه يوجب تقوى الله؛ لأنه تعالى بعد أن خوَّف عباده بقوله: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ}. قال: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}.
15. الثناء على مجتنبي الطاغوت، وأنّ لهم ثواب من الله عظيم؛ لقوله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى}.وينبني على هذا أنّ التوحيد لا يتمّ إلا باجتناب الطاغوت، والإخلاص لله عزَّ وجلَّ.
16. إثبات العبودية الخاصَّة؛ لقوله عزَّ وجلَّ: {فَبَشِّرْ عِبَادِ}. والعبودية نوعان: عبوديَّة كونية؛ وهي العامَّة؛ كقوله عزَّ وجلَّ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}، وعبودية خاصَّة؛ وهي عبودية المؤمنين لله عزَّ وجلَّ، وقال بعض أهل العلم: وهناك عبودية أخصّ؛ وهي عبودية الأنبياء؛ كقوله عزَّ وجلَّ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.
17. أن المتَّبِع لكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم هم أهل التمييز والوعي والإدراك؛ لأنهم يميزون بين ما يسمعون فيتَّبعون الأحسن ويتركون ما دونه من الحسن والسيء؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}. ويتفرَّع على هذا الترغيب بالأخذ بالأحسن وأفضليَّته مع جواز الأخذ بالحسن.
18. الإشارة إلى أن المؤمنين هم المنتفعون بعقولهم، وإلا فالكلّ لديه عقل؛ لقوله عزَّ وجلَّ: {وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
19. بيان أن مَن حقَّ عليه العذاب لا هادي له؛ لقوله: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}.
20. بلاغة القرآن، وشدّة زواجره؛ حيث يأتي بمثل هذا الأسلوب الشديد الذي يصرم القلب الواعي الحي.
21. أن التقوى سبب لدخول الجنة، وبيان علوّ منزلة المتقين؛ لقوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ}. يؤخذ من استدراك الله تعالى لحال المتقين، بعد ذكر حال من حقت عليه كلمة العذاب.
22. بيان تمام نعيم أهل الجنة؛ لقوله تعالى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
23. أنَّ وعد الله تعالى لا يُخلف؛ وذلك لكمال صدقه، وقدرته؛ لقوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}
فائدة:
قال أهل العلم: الطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة:
1. إبليس لعنه الله.
2. من عُبِد وهو راض.
3. من دعا الناس إلى عبادة نفسه.
4. من ادَّعى شيئاً من علم الغيب.
5. من حكم بغير ما أنزل الله.
رابعاً: كمال قدرة الله في إحياء الخلق: آية {21}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.
المفردات اللغوية:
(يُتْبَعُ)
(/)
ألم تر: للاستفهام، والغالب أنَّ همزة الاستفهام إذا دخلت على نفي أن تكون للتقرير؛ فيكون قوله تعالى: (ألم تر) أي: قد رأيت، والرؤية هنا تحتمل أن تكون رؤية علم، ورؤية بصر. أنزل من السماء: السماء هنا بمعنى العلو؛ لأن السماء تأتي ويراد بها السقف المحفوظ، وتأتي ويراد بها العلو. فسلكه ينابيع: أدخله مسالك وعيوناً وأمكنة نبع، والينابيع: جمع ينبوع: وهو عين الماء. زرعاً مختلفاً ألوانه: أي من حيث التلوين، والأصناف، والأشكال. ثم يهيج: ييبس ويجف، يقال: هاج النبت يهيج هيجاً إذا تمَّ جفافه وحان له أن ينتشر عن منبته. وأرض هائجة: يبس بقلها، أو اصفر. فتراه مصفرا: أي ذهبت خضرته ونضارته. حطاماً: فتاتاً مكسَّراً. لذكرى لأولي الألباب: أي تذكيراً لأولي العقول الصحيحة.
وجه الربط:
بعد أن وصف الله تعالى الآخرة بصفات تقتضي الرغبة فيها والشوق إليها، أتبعه بوصف الدنيا بصفة تستوجب النفرة منها؛ حيث أنّ الاغترار بها من أقوى أسباب الضلال، فذكر تمثيلاً لها في سرعة زوالها وقُرب اضمحلالها. وإنما قدَّم وصف الآخرة؛ لأن الترغيب في الآخرة مقصود لذاته، والتنفير عن الدنيا مقصود غرضا.
المعنى الإجمالي:
يوجِّه الله تعالى خطابه للرسول صلى الله عليه وسلم ولكلَّ مخاطب حثّاً لهم على تأمُّل هذا المثَل الذي ضربه سبحانه للدنيا لبيان سرعة زوالها، وتحذيراً من الاغترار بها فقال جلَّ في علاه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} أي: ألم تعلم وتبصر أيها الرسول وكلَّ مخاطب أنَّ من قدرة الله تبارك تعالى وآثار حكمته ورحمته إنزال المطر من السحاب، - وهذا دليل أول على عظيم قدرة الله تبارك وتعالى - فإذا نزل كمَنَ في الأرض، قال تعالى: {فَسَلَكَهُ} أي أدخله في الأرض، - وهذا دليل ثانٍ على عظيم قدرة الله تبارك وتعالى- ثمّ يصرِّفه الله تعالى {يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} أي في أجزائها كما يشاء، ويخرجه عيوناً متدفِّقة بالماء. وهذا دليل ثالث على عظيم قدرة الله تبارك وتعالى.
ولمَّا كان إخراج النبات متراخياً عن نزول المطر، عبَّر سبحانه بـ (ثم) فقال عزَّ مِن قائل: {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} أي في الأصناف، كبُرٍّ وشعير وأرز وخضار وغيرهما، والكيفيَّات والطعوم، من حلوٍ وحامض وغير ذلك، ومختلفاً ألوانه، من أحمر وأخضر وأصفر وأبيض وغيرهما من الألوان البديعة الأخاذة، مع اتِّحاد الماء الذي جمعه من أعماق الأرض بعد أن تفتَّت فيها وصار ترابا. وهذا الإخراج، واختلاف الألوان آيتان على عظيم القدرة والانفراد بالتصرف.
والحياة النباتية التي تعقب نزول الماء وتنشأ عنه؛ خارقة يقف أمامها جهد الإنسان حسيراً، ورؤية النبتة الصغيرة وهي تشق حجاب الأرض عنه؛ وتزيح أثقال الركام من فوقها؛ وتتطلع إلى الفضاء والنور؛ وهي تصعد إلى الفضاء رويداً رويداً .. هذه الرؤية كفيلة بأن تملأ القلب المفتوح ذكرى؛ وأن تثير فيه الإحساس بالله الخالق المبدع الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. والزرع المختلف الألوان في البقعة الواحدة، بل في النبتة الواحدة، بل في الزهرة الواحدة إن هو إلا دليل على إبداع القدير جلّ شأنه.
ولمَّا كان لكلّ شيء غاية مقدَّرة له في ناموس الوجود، وفي نظام الكون، وفي مراحل الحياة، قال تعالى: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} أي يجفّ وييبس، وتزول خضرته ونضارته، وهذا الطَّوْر آية سادسة على كمال القدرة والوحدانية. ثمّ وقد استوفى أجله، وأدّى دوره، وأنهى دورته كما قدّر له واهب الحياة صيَّره سبحانه حطاما، فقال: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} أي متفتِّتاً متكسراً كأن لم يغن بالأمس، وهذا الطَّوْر آية سابعة على قدرة الله.
ولمَّا تمَّ هذا على هذا المنوال البديع الدالّ بلا شك لكلِّ مَن رآه على أن فاعله قادر على الإعادة بعد الإبادة، كما قَدِر على الإيجاد من العدم، قال على سبيل التأكيد للتنبيه على أن إنكارهم غاية في الحمق والجمود: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} أي: إن فيما تقدَّم ذكره من إنزال المطر وإخراج الزرع به وتنقلاته إلى حالة الحطامية لموعظة ينتفع بها أهل العقول الصحيحة، فإنهم الذين يتعقلون الأشياء على حقيقتها، فيتفكرون ويعتبرون، ويعلمون بأن الحياة الدنيا حالها كحال هذا الزرع في سرعة الزوال
(يُتْبَعُ)
(/)
والانقطاع، وذهاب بهجتها، وتلاشي رونقها ونضارتها، فإذا أنتج لهم التفكر والاعتبار العلم بذلك لم يحصل منهم الاغترار بها، والميل إليها، وإيثارها على دار النعيم الدائم والحياة المستمرة، واللذة الخالصة، ولم يبق معهم شك في أن الله قادر على البعث والحشر؛ لأن من قدِر على هذا قدِر على ذلك. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} (الكهف:45).
من هداية الآية الكريمة:
1. بيان قدرة الله تعالى في إنزال الماء من السماء؛ لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}.
2ً. بيان حكمة الله تعالى ورحمته في إنزال هذا الماء؛ حيث جعل الماء ينزل من السماء ليعُمَّ المرتفع والمنخفض؛ ويشمل الأرض كلها؛ وهذا من حكمته، وحيث جعله ينزل على هيئة قطرات، ثم سلكه ينابيع في الأرض ولم يبق راكداً على ظهرها، وهذا من رحمته تعالى.
3ً. بيان قدرة الله تعالى في إخراج الزرع المختلف أصنافه وألوانه مع أنه يتغذى بماء واحد، وطينة واحدة.
4ً. بيان أن كمال الدنيا مؤذن بنقصانها، وفي هذا ترغيب في الآخرة لخلودها، وتنفير من الدنيا لتوقيتها وقصر مدتها وسرعة زوالها وانقضائها.
5ً. الآية مَثَل لحال الدنيا، يتعظ بها كل ذي عقل سليم، بعيد النظر، عميق الفكر والتأمل، ينظر إلى المستقبل الحتمي نظرة اليقِظ الحَذِر المستعدّ العامل.
6ً. ينبغي للإنسان أن يستعمل عقله في التفكر في مخلوقات الله تبارك وتعالى.
فائدة عقدية مستنبطة من الآيات الكريمات:
-- إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ}. والله عز وجل قرن المسببات بأسبابها، وهو مقتضى الحكمة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والنّاس في الأسباب ثلاثة: طرفان ووسط
- فقسم أنكر الأسباب وقال لا تأثير لها، وما يحصل بالسبب فإنه حاصل عنده لا به والسبب أَمَارة فقط على حصول وقت الحادث. مثاله: انكسار الزجاجة بالحجر إذا أُرسل عليها أي: ليس هو الذي كسرها ولكنّ الله قدر انكسارها عند وجود الصدمة فقط وليس للحجر أيُّ تأثير، فالأشياء تحصل عند الأسباب بغير الأسباب لكنّ السبب علامة. ولهذا يقولون لو أنَّ أحداً أثبت تأثير الأسباب لكان مشركاً لأنه أثبت مع الله خالقاً.
- والقسم الثاني يقول: بل الأسباب ثابت تأثيرها وهي المؤثرة بنفسها لأنها هي القوة الفاعلة، ولا علاقة لله بها، وهذا يشبه مذهب القدرية، وهو قول الفلاسفة. فإنها طبائع؛ أي من طبيعة هذا الشيء أن يحدث هذا الشيء. وهذا لا شك أنّه نوع من الشرك. والرد على هؤلاء الطبائعيين؛ أنّ الله قال للنّار التي أعدت لإحراق إبراهيم عليه السلام أنّ الله جل جلاله قال لها: {كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: الآية / 69] فكانت برداً وسلاماً فخرجت عن طبيعتها. إذاً: ليست الطبائع قوىً مؤثرة بنفسها ولكن بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة.
- والقسم الثالث: وسط، يقول: إنّ للأسباب تأثير؛ ولكن لا بنفسها بل بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة. وهذا هو الذي دلَّ عليه المنقول والمعقول، وهو الحقَ. والدليل على تأثير الأسباب أكثر من تحصى؛ كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: الآية / 57]. وكما أنَّ الأعمال الصالحة سبب للفوز، والأعمال السيئة سبب للخسران، وهكذا ...
خامساً: مقابلة بين المهتدين الذين شرح الله صدورهم للإسلام فاستناروا به، وقساة القلب المعرضون عن ذكر الله، الضالين ضلالاً بيِّناً: آية {22}
قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
المفردات اللغوية:
(يُتْبَعُ)
(/)
أفمن: الهمزة للاستفهام الإنكاري، بمعنى النفي، يفيد التقرير، والفاء للعطف، فالهمزة داخلة على الجملة التي بعد حرف العطف، وموقعها التقديم على الهمزة، لكن لمَّا كان للهمزة موقع الصدارة قُدِّمت، والفاء عاطفة على ما سبق، أي: {فَأَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ}. وقيل: أن الهمزة داخلة على جملة مقدَّرة تناسب المقام، والفاء عاطفة على تلك الجملة المحذوفة، والتقدير: أغفلتم فلم تدركوا أنَّ من شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه كمن ليس كذلك. شرح: وسَّع ومنه شرْح الكتاب. صدره: قيل المراد بالصدر هنا: القلب؛ لأنه محله فعُبِّر به عنه. وقيل: أن المراد بالصدر حقيقة الصدر، حيث أن الإنسان إذا تردَّد وتحيَّر في أمر يجد في صدره ضيقاً فيظهر تأثره في انضغاط نفسه حتى يصير تنفسه عسيراً ويكثر تنهده، قال تعالى عن موسى عليه السلام: {وَيَضِيقُ صَدْرِي}، ويُقال: ضاق صدره، وقالوا في ضدّ ذلك: شرح الله صدره، ومنه قولهم: فلان في انشراح، أي: يحس كأن صدره وُسّع وشُرح، وجمع بينهما قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (الأنعام:125)، والمعنى: وسَّع صدره لقبول الإسلام وتقبُّل جميع شرائعه وأوامره ونواهيه، وفتحه للاهتداء إلى سبيل الخير. فهو على نور من ربه: الفاء عاطفة للتفريع، أي يمشي على هدى وبصيرة. فويل: كلمة عذاب ووعيد. للقاسية قلوبهم من ذكر الله: القسوة ضد اللين، وعن: قيل بمعنى عن، وقيل: للسببية، فهي على ظاهرها، أي: لا تلين لكتابه، ولا تطمئن لذكره. مبين: واضح بيِّن.
وجه الربط:
بعد أن بيّن الله تعالى ما يوجب الإقبال على الآخرة بطاعة الله تعالى، وما يوجب الإعراض عن الدنيا، أوضح أنَّ الانتفاع بهذه البيانات لا يكمل إلا إذا شرح الله الصدور ونوَّر القلوب.
المعنى الإجمالي:
ينبّه سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمات إلى أنه لا يستوي المهتدي المهدي الموفق للإسلام والحق ومن هو قاسي القلب، البعيد عن الحق، فقال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} أي أفمن وسَّع الله صدره للإسلام، فقبله واهتدى بهديه، وتلقّى أحكام الله، وعمل بشرائعه فامتثل أوامره واجتنب نواهيه، منشرحاً قرير العين، {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} أي فهو على بصيرة من أمره وهداية ويقين، كمن جعل صدره ضيِّقا حرجاً فلم يقبل الإسلام ولم يدخل فيه، وقسا قلبه لسوء اختياره وغفلته وجهالته، فطبع الله عليه، وعاش على الكفر والشرك والمعاصي فهو يعيش على ظلمة الكفر ودَخَن الذنوب وعَفَن الفساد والشر، ونظير هذا قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}.
ثمّ توعَّد سبحانه وتعالى أصحاب القلوب القاسية ذاكراً عقابه لهم للدلالة على الكلام المحذوف الذي قُدِّر، فقال تبارك وتعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أي فالعذاب الشديد لمن لا تلين قلوبهم عند ذكر الله، وتلاوة كتابه، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم، وهذا أسوأ حال العبد إذا كان يهلك بالدواء ويضل بالهدى، فسماع القرآن الأصل فيه أن يلين القلوب الصالحة للحياة، فإذا كانت القلوب ميتة غير قابلة للحياة زادها سماع القرآن موتاً وقسوة، ويدلّ على هذا تذييل الآية الكريمة بقوله تعالى: {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي أولئك قساة القلوب في ضلال واضح عن الحق، وغواية ظاهرة لكلّ الناس، فهدايتهم متعذّرة إذا كان الدواء يزيد في علتهم، وآيات الهداية تزيد في ضلالتهم.
من هداية الآية الكريمة:
1ً. بيان تفاضل الناس في قبول الحق، وأنّ منهم مَن يقبل الحق بانشراح، ومنهم ليس كذلك.
2ً. أنّ مَن شرح الله صدره للإسلام فقبل الحق فهو على نور من الله، وأنّ مَن قسا قلبه من ذكر الله فهو في ضلال واضح.
(يُتْبَعُ)
(/)
3ً. أنَّ مَن شرح الله صدره للإسلام فإنَّ له ربوبية وعناية خاصة من ربِّه؛ لقوله تعالى: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}، والربوبية نوعان: ربوبية عامة، كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وربوبية خاصة، كهذه الآية الكريمة، وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى حكاية عن سحرة آل فرعون: {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48)}.
4ً. الوعيد الشديد لمن قسا قلبه من ذكر الله؛ لقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}.
5ً. أنه ينبغي للإنسان إذا رأى قسوة من قلبه أن يُسرع بعلاجه؛ ليسلم من هذه الوعيد الشديد.
6ً. بيان أن القلوب قلبان: قلوب قابل للهداية، وآخر غير قابل لها – والعياذ بالله-، فإذا قال قائل: كيف يكون الشيء الواحد مؤثراً لنتيجتين متباينتين؟ والجواب: أنّ هذا ممكن وذلك لاختلاف المحلِّ الوارد عليه هذا الشيء، فمثلاً التمر يأكله رجلان، أحدهما يكون له دواءً، والآخر يكون له داءً عليه. وكذلك الماء يجري على الأرض، فأرض تقبله وتشربه وتنتفع به، وأخرى يَسحُّ عليها ولا تنتفع به، وهكذا ذكر الله يرد على القلب اللين فينتفع به، وعلى القلب القاسي فيزداد قسوة، نسأل الله الهداية والنور.
7ً. أن مَن قست قلوبهم من ذكر الله قد انغمسوا انغماساً تامّاً في الضلال؛ لقوله تعالى: {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وجهه: أنّ حرف (في) للظرفية، والظرف محيط بالمظروف؛ فكأن هؤلاء انغمروا في الضلال وأحاط بهم إحاطة الظرف بمظروفه.
سادساً: الآيات {23 - 31}
صفات القرآن الكريم: (*أحسن الحديث *كتاباً *متشابهاً *مثاني)، وأثره في قلوب المهتدين: آية {23}،وبيان أحوال الضالين في المآل، وتذكيرهم بمصير الأمم المكذبة من قبلهم: الآيات {24، 25، 26} وإقامة الحجة عليهم بضرب الأمثال لهم في القرآن المنَزَّل عليهم بلسانٍ عربيٍّ: الآيات {27، 28، 29}،وأنّ مصير الخلائق إلى الله يوم القيامة، وأنّه سبحانه يفصل بينهم بحكمه العادل: الآيات {30، 31}.
قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}.
المفردات اللغوية:
أحسن الحديث: أي: القرآن، وأحسن اسم تفضيل من الحُسن، والحُسن يتضمَّن: حُسن الأسلوب، و حُسن الموضوع، ويشمل قوله تعالى: "أحسن الحديث" هذا وهذا؛ أي أحسن في أسلوبه، وأحسن في موضوعه؛ فألفاظه أفصح الألفاظ، وأوضحها؛ ومعانيه أجلّ المعاني؛ وأخباره أصدق الأخبار، وأنفعها في العبرة؛ وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها، وأقومها بمصالح العباد. كتاباً: أي مكتوباً، والقرآن الكريم مكتوب في ثلاثة مواضع: في اللوح المحفوظ، وفي صحف الملائكة، وفي الصحف التي في أيدي الناس. متشابها: أي يشبه بعضه بعضاً في حُسن النظم، وصحة المعنى، والإحكام، والإعجاز، وفي حُسن الإئتلاف، وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه. مثاني: جمع مُثنَّى، من التثنية، والقرآن تثنَّى فيه القصص، والوعد والوعيد، وصفات أهل الجنة، وأهل النار، وتثنَّى فيه أسماء الله الحسنى، فالمثاني أن يُقْرن
(يُتْبَعُ)
(/)
المعنى وما يقابله. تقشعرُّ منه: أي ترتعد وتضطرب خوفاً عند ذكر الوعيد، أو عند ذكر النار، أو ما يوجب الخوف والفزع كذكر ما حلَّ بالأقوام السابقة من العذاب. يخشون ربهم: أي يخافونه مع العلم بعظمته وجلاله؛ لأن الخشية لا تكون إلا بعلم؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر:28). وقد فرَّق العلماء بين الخشية والخوف من وجوه: 1_ أن الخشية تكون مقرونة بعلم، أما الخوف فقد يكون بوهم 2_ أن الخشية تكون من عظمة المخشيّ وإن كان الخاشي عظيماً، أما الخوف فيكون من ضعف الخائف وإن كان المَخوف منه غير عظيم. تلين: أي تطمئن وتهدأ وتسكن بعد القشعريرة. إلى ذكر الله: عند ذكْر الله، وعند تلاوة آياته المثاني. ذلك هدى الله: يحتمل أن يكون المشار إليه: ما حصل لهم من الخشية، وعلى هذا فالهداية هنا هداية التوفيق، ويحتمل أن يكون المشار إليه هو: الكتاب الذي هو أحسن الحديث، أي ذلك القرآن هدى الله، أي دليل هدى الله، فتكون الهداية هداية الدلالة. يهدي به من يشاء: أي اهتدى به من شاء الله، وكفر به من شاء ضلاله. ومن يضلل الله: أي خذله ولم يشأ هديه. فما له من هاد: أي ليس له مَن يخلصه من الضلال، ويهديه إلى الحق. أفمن يتقي: الاستفهام للنفي الإنكاري، والجواب محذوف، والمعنى لا يستوي من يتقي بوجهه سوء العذاب مع مَن أمن من العذاب بدخول الجنة، والاتقاء: تكلّف الوقاية وهي الصون والدفع، والمراد أنه يجعل وجهه كالترس يقي به سوء العذاب. وقيل للظالمين: أي كفار مكة وأمثالهم. ذوقوا ما كنتم تكسبون: أي ذوقوا وبال وجزاء كسبكم الشرّ والفساد. كذَّب الذين من قبلهم: أي
كذَّبوا رسلهم في إتيان العذاب. فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون: من جهة لا تخطر ببالهم أن العذاب يأتيهم منها. فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا: أي مسَّهم الله الذُلَّ والهوان حتى كأنهم ذاقوه وطعموه بمذاقاتهم، كالقتل، والمسخ، والسبي، والصاعقة، والخسف، وغير ذلك. لو كانوا يعلمون: أي لو كان المكذبون يعلمون عذاب الآخرة ما كذَّبوا. ولقد ضربنا للناس: أي بيّنا للناس، والجملة مؤكدة بمؤكدات ثلاثة، وهي اللام، وقد، والقسم المقّدر؛ أي والله لقد ضربنا للناس. فإن قال قائل: لماذا يؤكِّد الله هذا وهو أمر معلوم، والغالب أن التأكيد إنما يُصار إليه للحاجة إليه: والجواب: أن التأكيد قد يكون للحاجة إليه عندما يكون المخاطَب شاكّاً أو منكراً، وقد يكون التأكيد لبيان أهمية المُؤَكَد وإن لم يكن ثّمَّ إنكار أو تردد، ومنه هذه الآية الكريمة. من كل مثل: أي من كل شَبَه ونظير. لعلَّهم يتذكرون: أي يتعظون، ولعل هنا للتعليل، وهو أحد معانيها، ومن معانيها: الترجي، مثل: لعل الحبيب قادم، ومن معانيها: الإشفاق، مثل: لعل الحبيب هالك، ومن معانيها التوقُع، كقوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (الطلاق:1). غير ذي عوج: أي لا اختلال فيه بوجه من الوجوه، ولا لبْس ولا اختلاف. ضرب الله مثلاً: للمشرك والموحّد. متشاكسون: متنازعون مختلفون لسوء أخلاقهم وطباعهم. سَلَماً: سالمِاً خالصاً لمالكه من الشركاء. هل يستويان مثلاً: الاستفهام للنفي، وإذا جاء الاستفهام في موضع النفي فإنه يكون مشرباً بمعنى التحدي؛ أي لا يستوي العبد المملوك لجماعة، والعبد الواحد، فإن الأول يحتار فيمن يخدم من أسياده إذا طلبوه، وهو مثل للمشرك، والثاني للموحّد. الحمد لله: أي كل المحامد له وحده سبحانه؛ لكمال صفاته، وكمال إنعامه. بل أكثرهم لا يعلمون: بل: للإضراب الانتقالي، والمراد بأكثرهم: أي أكثر الناس، وانتفاء العلم هنا لانتفاء لازمه؛ وهو: العمل والامتثال، فأكثر الناس في جهل لا يعرفون الحق، وفي غيٍّ لا يقبلون الحق، ولا يعملون به. إنك ميّت وإنهم ميتون: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم؛ أي إنك يا محمد ميت، وهم كذلك ميتون، والميِّت: (بتشديد الياء) تقال لمن سيقع به الموت، والميْت (بالتخفيف) مَن وقع به الموت، أي بعد فراقه الحياة. ثم إنكم: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومَن عانده، وكفر به. تختصمون: تحتكمون للقضاء فيما حدث بينكم.
وجه الربط:
(يُتْبَعُ)
(/)
لمَّا توعَّد الله تعالى أصحاب القلوب القاسية، وبيَّن أنهم في ضلال واضح، فكأنَّما أثار ذلك في نفوس السامعين تساؤلاً عن وجه قسوة قلوب أولئك المبعدين الضالين من ذكر الله، أخبر سبحانه وبحمده عن صفات كتابه الكريم الذي أنزله على أكرم المرسلين مبيِّناً أنَّ قساوة قلوب الضالين من سماع القرآن إنّما هي لِرَيْنٍ في قلوبهم وعقولهم لا لنقص في هدايته، وهذا كما قال تعالى في سورة البقرة: {هُدىً لِلْمُتَّقِين} (البقرة:2).
وهذه الآية عود على بداية السورة الكريمة للتنويه بهذا القرآن الكريم المنزَّل من لدُن حكيم عزيز، كما قال تعالى في افتتاحها: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}؛ فلمَّا ذكر هنالك أنّه منزَّل من حكيم عزيز، وأنّه أنزله بالحق مشتملاً عليه، ناسب هنا أن يثني على هذا الكتاب ويذكر بعض صفاته، ويبيِّن أثره في قلوب أولي الألباب المهتدين.
وهناك وجه آخر ذكره ابن سعدي رحمه الله تعالى فقال: أنه لما أخبر تعالى عن الممدوحين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، كأنه قيل: هل من طريق إلى معرفة أحسنه حتى نتصف بصفات أولي الألباب، قيل: نعم، أحسنه ما نصَّ عليه تعالى بقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ ... }.
المعنى الإجمالي:
بعد أن توعَّد الله تبارك وتعالى أصحاب القلوب القاسية، بيَّن سبحانه أنّ القرآن الكريم يُلَيِّن قلوب الذين يخشون ربهم، ولذلك مدح جلَّ جلاله كتابه (القرآن العظيم) المُنزَل على رسوله الكريم؛ لأنَّ الله ذو الجلال والإكرام هو الذي أنزله؛ مما دلَّ على رفعة شأنه وفخامة منزلته، فقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فقد وصفه تعالى بصفات منها:
* الوصف الأول: أنَّه أحسن الحديث، فأحسن الحديث كلام الله، وأحسن الكتب المنزلة من كلام الله هذا القرآن، لما فيه من الخيرات والبركات والمنافع العامّة والخاصّة، وإذا كان هو الأحسن عُلم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، وأن معانيه أجل المعاني، وأخباره أصدق الأخبار وأنفعها في العبرة؛ لمِا اشتملت عليه من المعاني النافعة والجامعة لأصول الإيمان، والتشريع، والتنبيه على عِظم العوالم والكائنات، وعجائب تكوين الإنسان، والعقل، وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها، وأقومها بمصالح العباد، ومن كونه بثَّ الآداب، واستدعى العقول للنظر والاستدلال الحقّ، ومن كونه مصدِّقاً لما تقدّمه من كتب الله ومهيمناً عليها، وفي إسناد إنزاله إلى الله استشهاد على حسنه حيث نزَّله العليم بنهاية محاسن الأخبار والذكر.
وقد سُميَّ القرآن حديثاً في مواضع كثيرة كقوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (الكهف:6)، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:185).
*الوصف الثاني: أنه {كِتَابًا} أي مجموعُ كلامٍ مرادٌ تلاوته وتدبّره والاستفادة منه، وهو مكتوب في ثلاثة مواضع: في اللوح المحفوظ، وفي صحف الملائكة، وفي الصحف التي في أيدي الناس.
*الصفة الثالثة: أنّه {مُتَشَابِهًا} أي متشابهة أجزاؤه، متماثلة في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه، فآيات القرآن متشابهة في الحُسن والبلاغة بحيث تبلغ أقصى ما تحتمله أشرف لغة للبشر، وهي اللغة العربية، وبذلك كان معجزاً لكل بليغ عن أن يأتي بمثله، حتى إنه كلما تدبره المتدبر، وتفكر فيه المتفكر، رأى من اتفاقه حتى في معانيه الغامضة ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم.
*الصفة الرابعة كونه: {مَثَانِيَ} أي تثنّى فيه القصص وتتردَّد، وتتكرر فيه المواعظ والأحكام من أوامر ونواهٍ، ووعد ووعيد، وصفات أهل الجنة وأهل النار، وتثنَّى فيه أسماء الله وصفاته، ويثنَّى في التلاوة فلا يمّلُّ سامعه، ولا يسأم قارئه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن سعدي رحمه الله: "وهذا من جلالته وحُسنه، فإنه تعالى لما علم احتياج الخلق إلى معانيه المزكية للقلوب، المكملة للأخلاق، جعل تلك المعاني للقلوب بمنزلة الماء لسقي الأشجار، فكما أن الأشجار كلما بعد عهدها بسقي الماء نقصت، بل ربما تلفت، وكلما تكرر سقيها حسنت وأثمرت أنواع الثمار النافعة، فكذلك القلب يحتاج دائما إلى تكرر معاني كلام الله تعالى عليه، وأنه لو تكرر عليه المعنى مرّة واحدة في جميع القرآن، لم يقع منه موقعا، ولم تحصل النتيجة منه". ا. هـ
*الصفة الخامسة: أنّه {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال ابن كثير رحمه الله: "هذه صفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف" ا. هـ. فإن القرآن الكريم يشتمل على معانٍ تثير في قلوب المؤمنين الذين يخافون ربهم؛ لعلمهم به وتعظيمهم له، روعة ورهبة وجلالة لما فيها من الموعظة التي تَوْجَل منها القلوب، فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالباً. ثم إذا سمعوا آيات الرحمة سكنت واطمأنت قلوبهم {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.
قال ابن كثير رحمه الله: لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه، فهم مخالفون لغيرهم من الفجار من وجوه: (أحدها) أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات، وسماع أولئك نغمات الأبيات من أصوات القينات. (الثاني) أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن {خروا سجداً وبكياً} بأدب وخشية، ورجاء ومحبة، وفهم وعلم، كما قال تبارك وتعالى: {والذين إذا ذكِّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً} أي لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها بل مصغين إليها، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.
(الثالث) أنهم يلزمون الأدب عند سماعها، كما كان الصحابة رضي اللّه عنهم عند سماعهم كلام اللّه تعالى تقشعر جلودهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر اللّه، لم يكونوا يتصارخون، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك.
وقال السدي: {إلى ذكر اللّه} أي إلى وعد اللّه. ولمَا تلا قتادة رحمه اللّه قوله تعالى: {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه} قال: هذا نعت أولياء اللّه، نعتهم اللّه عزَّ وجلَّ بأن تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر اللّه، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم، والغشيان عليهم، إنما هذا في أهل البدع، وهذا من الشيطان.
وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله تبارك وتعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم، قال فقلت لها: إن ناساً اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشياً عليه، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ومرَّ ابن عمر برجل من أهل العراق ساقطاً فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن أو سمع ذكر الله سقط، قال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط! وقال ابن عمر: إن الشيطان ليدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وذكر عن ابن سيرين: الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن؟ فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطاً رجليه ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن رمى بنفسه فهو صادق.
ثمّ أخبر الله تعالى أنّ هذا القرآن الذي هو أحسن الحديث هدى الله يهدي به من يشاء هدايته ويوفقه للإيمان، فقال تعالى: {ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء من عباده}، ويحتمل أن يكون المعنى أنَّ ما حصل لهم من الصفات التي ذكرها الله تعالى من تأثير القرآن فيهم هداية منه سبحانه لعباده، وهو من جملة فضله وإحسانه عليهم، ومن كان على خلاف ذلك، فهو ممن أضله اللّه؛ فقال تعالى: {ومن يضلل اللّه فما له من هاد}؛ لأنه لا طريق يوصل إليه إلا توفيقه، والتوفيق بالإقبال على كتابه، فمن خذله الله عن الإيمان بالقرآن فلا مرشد له.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما أنَّ أحوال المهتدين تختلف عن أحوال الضالين في الحال، كذلك أحوالهم تختلف في المصير والمآل؛ فقال تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي أفمن يتقحَّم نار جهنم، فلا يجد ما يتقي به سوى وجهه، لتقي العذاب الشديد يوم القيامة، كمن هو آمن لا يعتريه شيء من المخاوف أو المكروه، ولا يحتاج إلى اتِّقاء المخاوف، بل هو سالم من كل سوء، مطمئن في جنة الله؟! وحُذف الجواب لدلالة ما بعده عليه، كما سبق معنا مثله، وهذا كقوله: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (تبارك:22).
حينئذ يقال للظالمين أنفسهم بالكفر أو الشرك والمعاصي في الدنيا توبيخاً وتقريعاً: ذوقوا وبال ما كنتم تكسبون في الحياة الدنيا من كفر وفجور؛ قال تعالى: {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}.
ولمَّاَ ذكر سبحانه وتعالى ما أعدّ لهؤلاء الظالمين من سوء العذاب في الآخرة، قال تبارك وتعالى محذِّراً مكذِّبي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحلَّ بهم ما حلَّ بمن قبلهم من الأقوام السابقة: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} أي كذب الذين من قبل هؤلاء المشركين من قُريش أقوام من القرون الماضية المكذبة للرسل، كانوا أشد من هؤلاء بطشا وأكثر أموالا وأولادا وأوسع عيشا، كذّبوا رسلهم، فماذا كانت عاقبتهم؟ {فَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعَرُونَ} أي أهلكهم اللّه بذنوبهم فجاءهم عذابه من جهة لا يترقبون إتيان العذاب منها ليكون ذلك أوجع للمعذَّب، وذلك عند أمنهم وغفلتهم، فما كان لهم من اللّه من واق، فقوم أتاهم من جهة السماء بالصواعق، وقوم أتاهم من جهة الجو مثل ريح عاد، وقوم أتاهم من تحتهم بالزلازل والخسف مثل قوم لوط، وقوم أتاهم من نبع الماء من الأرض مثل قوم نوح، وقوم عمَّ عليهم البحر مثل قوم فرعون، قال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فعجل الله لهؤلاء الأمم الذين كذّبوا رسلهم الهوان في الدنيا, والعذاب قبل الآخرة, ولم ينظِرهم إذ عتوا عن أمر ربهم بما أنزل بهم من العذاب والنكال، قال تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي أذاقهم الله بهذا العذاب الدنيوي الذلَّ والهوان، وتشفي المؤمنين منهم، فليحذر المخاطبون من ذلك فإنهم قد كذبوا أشرف الرسل وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، والذي أعده اللّه جلَّ جلاله لهم في الآخرة من العذاب الشديد، أعظم مما أصابهم في الدنيا، ولهذا قال تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ} أي ولعذاب الله إياهم في الآَخرة إذا أدخلهم النار, فعذّبهم بها, أشد وأنكى وأعظم من العذاب الذي عذّبهم به في الدنيا, كونه في غاية الشِّدَّة والدَّوام.
ولمَّا كان مَن عَلِم أنّ فعله يورث نكالاً كفَّ عنه، بيَّن الله حال هؤلاء المكذبين؛ فقال: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أي لو كانوا يعلمون أنّ ما حلَّ بهم سببه تكذيبهم رسلهم لاتعظوا به وآمنوا.
ولمَّا ذكر الله سبحانه وتعالى صفات القرآن بقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ذكر هنا خواصَّ أخرى للقرآن: هي أنه يضرب فيه الأمثال للناس لهدايتهم؛ حيث جعل لهم في القرآن الكريم من أمثال الأمم السابقة في إيمانها وتكذيبها، وصلاحها وفسادها، ونجاتها وخسرانها، وتوطئة لمثلٍ سيضربه سبحانه وتعالى للمؤمن الموحّد والكافر المشرك، وكل ذلك بقرآن عربي لا لبس فيه ولا اختلاف؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)} أي لقد بيَّنا للناس في هذا القرآن من جميع الأمثال مما يحتاجون إليه في أمر
(يُتْبَعُ)
(/)
دينهم، ومن أمثال القرون الخالية تخويفاً لهم وتحذيراً، والمثل يقرّب المعنى إلى الذهن، لعلهم يعلمون فيعملون، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (العنكبوت:43)، وأنزله تعالى قرآناً عربيّاً مستقيماً بريئاً من التناقض والاختلاف، لعلهم يتقون ربهم، ويرتدعون عن غيهم.
ووصف تبارك وتعالى القرآن بصفات ثلاث: هي كونه قرآناً أي متلوّاً في المحاريب إلى قيام الساعة، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9)، وكونه عربيَّاً بلسانٍ عربيّ مبين، أعجز الفصحاء والبلغاء عن معارضته، كما قال سبحانه:?قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء:88)، وكونه غير ذي عوج، أي بريء من التناقض، كما قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (اننساء:82)، وفعل ذلك سبحانه لعلهم يتقون ما حذَّر الله من بأسه وسطوته.
ثمَّ ذكر تعالى مثلاً للمؤمن الموحد والكافر المشرك، فقال تبارك وتعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} أي يضرب الله تعالى المثل للعبد الموحد والعبد المشرك بعبدٍ يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضاً فيه، وهو بينهم موزّع، ولكلٍّ منهم فيه توجيه، ولكل منهم عليه تكليف، وهو بينهم حائر لا يستقرّ على نهج ولا يستقيم على طريق، ولا يملك أن يرضي أهواءهم المتنازعة المتعارضة لسوء أخلاقهم وطباعهم، كل له رأي وحاجة، فإذا طلب كل واحد من السادة من هذا العبد شيئاً أو حاجة، فماذا يفعل، وكيف يرضي جميع الشركاء؟ كذلك المشرك في عبادته آله متعددة لا يتمكن من إرضاء جميع تلك الآلهة.
وضرب الله مثلاً آخر للمؤمن الموحد بحالة عبد يملكه سيّد واحد، لا يشاركه فيه غيره، فإذا طلب منه شيئاً لبَّاه دون ارتباك ولا حيرة، وهذا كالمسلم الذي لا يعبد إلا الله، ولا يسعى لإرضاء غير ربّه، فهل يكون في طمأنينة أم في حيرة؟ هذان المملوكان هل يستويان صفة وحالاً؟ لا يستوي هذا وهذا، فكذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فأين هذا من هذا؟
ولمَّا كان هذا المثل جليَّاً واضحاً، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فحمد نفسه عزَّ وجلَّ لكماله وجلاله، وكمال صفاته وإنعامه، ومن كمال إنعامه أنه يضرب الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، مع أنه عزَّ وجلَّ غني عنهم، والحمد لله على ظهور الدلائل والبينات الدّالة على وحدانيته، بل أكثر الناس لا يعلمون أنه وحده المستحق للعبادة، فهم من فرط جهلهم يشركون به غيره.
وهذا المثل يصور حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك في جميع الأحوال، فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد هو القلب الذي يقطع الرحلة على هذه الأرض على هدى؛ لأن بصره أبداً معلّقٌ بنجم واحد على الأفق لا يلتوي به الطريق؛ ولأنه يعرف مصدراً واحداً للحياة والقوّة والرزق، ومصدراً واحداً للنفع والضرّ، ومصدراً واحداً للمنح والمنع، فتستقيم خطاه إلى هذا المصدر الواحد، يستمد منه وحده، ويعلق يديه بحبل واحد يشدُّ عروته، ويطمئن اتجاهه إلى هدف واحد لا يزوغ عنه بصره، ويعبد إلهاً واحداً يعرف ماذا يرضيه فيفعله، وماذا يغضبه فيتقيه .. وبذلك تتجمّع طاقته وتتوحد، فينتج بكل طاقته وجهده وهو ثابت القدمين على الأرض، متطلّع إلى إله واحد في السماء ..
ونظراً لجهل أكثر الناس بالحق وعدم انتفاعهم بهذا المثل، أخبر تعالى تهديداً بالموت بأن مصير الخلائق كلهم إلى الله، وهناك يتقاضون بين يديه سبحانه وتعالى، فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} أي إنك أيها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ستموت، وهم سيموتون، فالموت نهاية كل حيّ، ولا يتفرّد بالبقاء إلا الله، ثم يحصل التقاضي عند الله فيما اختلفتم فيه من أمور الدنيا والدين معاً.
من هداية الآيات:
(يُتْبَعُ)
(/)
1ً. إثبات أن القرآن الكريم نزل من عند الله؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}.
2ً. بيان أنَّ القرآن الكريم أحسن الحديث؛ لأنه كلام الله تعالى؛ لقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}.
3ً. بيان أنَّ القرآن الكريم مكتوب؛ لقوله تعالى: {كِتَابًا}. والقرآن الكريم مكتوب في ثلاثة مواضع: في اللوح المحفوظ، وفي صحف الملائكة، وفي الصحف التي في أيدي الناس.
4ً. بيان أنَّ القرآن الكريم متشابه؛ لقوله تعالى: {مُتَشَابِهًا}. فإذا قيل كيف نجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (آل عمران:7) حيث جعل سبحانه وبحمده القرآن الكريم في هذه الآية نوعان: محكماً، ومتشابهاً، وفي آية الزمر نوعاً واحداً: متشابهاً، والجواب: أنّ التشابه المذكور في سورة الزمر غير المتشابه المذكور في آل عمران؛ فالتشابه المذكور في الزمر يعني به التشابه في الكمال وحسن النظم والجودة، فجعله هنا كله متشابهاً؛ لأنه قال: {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} وهو سور وآيات، والجميع يشبه بعضه بعضاً كما ذكرنا، والتشابه المذكور في آل عمران هو اشتباه معناه على فهوم كثير من الناس وخفاؤه عليهم، ولا يزول هذا الاشتباه إلا بردّها إلى المحكم، فجعل التشابه لبعضه. وقد ذكر سبحانه وتعالى أيضاً أنَّ القرآن كله محكم؛ لقوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} فصار القرآن كله محكم، وكله متشابه، وبعضه محكم، وبعضه متشابه؛ فوصفه بالإحكام كله: أي كله محكم مُتقَن لا يتناقض، ووصفه كله متشابه: أي يشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة، ووصفه بأن بعضه محكم وبعضه متشابه: أي أن بعضه واضح المعنى، وبعضه خفيّ المعنى.
5ً. بيان أنّ القرآن الكريم قد بلغ في البلاغة غايتها وأكملها؛ لقوله تعالى: {مَثَانِيَ}. ويتفرَّع على هذه الفائدة أن على الداعي والواعظ أن يأتي بالترغيب والترهيب في خطابه للناس.
6ً. بيان أنَّ الذي يتأثر بالقرآن هو المؤمن؛ لقوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. ويتفرَّع على هذه الفائدة أن الشخص إذا رأى من نفسه أنه على غير تلك الحال فليعلم أن إيمانه ضعيف؛ لأن هذا الخبر خبر الله عزَّ وجلَّ فلا يمكن أن يتخلّف مخبره، فكل مؤمن يقشعر جلده مما يسمع من القرآن الكريم في الوعيد وإذا لم يكن كذلك، فذلك دليل على ضعف الإيمان. 7ً. بيان أن ذكر الله عزَّ وجلَّ سبب للين القلوب وسكونها؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. ويشهد لهذا قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28).
8ً. بيان مِنَّة الله تعالى على هؤلاء الذين تقشعر جلودهم عند ذكر الله ثم تلين قلوبهم بالهداية؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}.
9ً. بيان أنّ مَن يضلّه الله فلا هادي له؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}. فإن قال قائل: أفلا يوجب لنا هذا الحكم أن نقف عن دعوة الناس إلى الحق؟ والجواب: لا يوجب، ولكن إذا دعونا أحداً إلى الحق ولكنه لم يقبل، فلا ينبغي أن نهلك أنفسنا من أجله، ولكن علينا الاستمرار في دعوتهم.
10ً. انتفاء الاستواء بين مَن هو في العذاب، ومَن هو في النعيم؛ {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
11. أنَّ الله يعذِّب الكافرين بعدله سبحانه، وأنّ الجزاء من جنس العمل؛ لقوله تعالى: {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}.
12. أنَّ عذاب الدنيا قد يصيب الله به بعض الظلمة زيادة خزي لهم وذلّ، وأنَّ عذاب الآخرة هو الجزاء؛ لقوله تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ}.
13. أنَّ عذاب الآخرة أكبر؛ {وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ} فهو أشد كيفية من عذاب الدنيا، وأشد كمية؛ لأنه أبدي.
(يُتْبَعُ)
(/)
14. بيان أنَّ القرآن تبياناً لكل شيءٍ، ومن هذا البيان ضرب الأمثال؛ لأنها تقرِّب المعنى؛ وتضع المعقول بصورة المحسوس؛ لقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ}.
15. بيان رحمة الله تبارك وتعالى بالعباد؛ حيث بيَّن لهم هذا البيان التامّ.
16. بيان عربية القرآن الخالصة، وأنه ليس فيه لفظ أعجمي؛ لقوله تعالى: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا}.
17. بيان كمال اعتدال القرآن واستقامته، وأنه ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه؛ {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}.
18. انتفاء استواء حال المشرك والموحّد، فالمشرك في حيرة وتعب، والموحّد في راحة وهدوء بال؛ لقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}؛ وجهه: أن الاستفهام في الآية للنفي؛ أي لا يستويان.
19. أنَّ فهم المعنى معين على التقوى؛ لقوله تعالى أولاً: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا}، ثم قال: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
20. أنَّ الحكمة في ضرب الأمثال للناس هي أن تكون ذكرى وعِظة لهم ليتقوا ربهم، ويرتدعوا عن غيهم؛ لقوله: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}. وقدَّم تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} على: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}؛ لأنّ التذكُر متقدِّم على الاتقاء؛ لأنه إذا اتَّعظ به وفهم معناه؛ حصل الاتقاء والاحتراز.
21. أنَّ الله تعالى مستحقٌّ للحمد؛ لكمال توحيده، وأن الحمد المطلق له وحده سبحانه؛ لقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}.
22. بيان أن أكثر بني آدم لا يعلمون الحقائق على ما هي عليها، وإن علموها لم ينتفعوا بها؛ {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. ويتفرّع على هذا التحذير من الجهل، والغيّ، وأن على الإنسان أن يطلب العلم، ويعمل به.
23. تقرير أن كل نفس ذائقة الموت؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. وهذه الآية لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم.
24. إنذار المكذبين بأنّ لهم موعداً مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الاختصام يوم القيامة؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}.
25. بيان أنَّ الخلق يختصمون عند الله يوم القيامة، وأنَّ أهل الشرك والكفر خصوم لأهل التوحيد والإيمان في الآخرة كما هم خصوم لهم في الدنيا.
فوائد عقدية مستنبطة من الآيات الكريمات:
* بيان أن القرآن كلام الله؛ وجه ذلك أنه نازل من عند الله تعالى.
* إثبات علوّ الله تعالى؛ وجه ذلك: إذا كان القرآن كلام الله ووصفه، وأنه منزَّل من عنده؛ دلّ أنّ المتكلّم به عالٍ. وعلوّ الله تعالى على قسمين: علوّ صفة، وهذه اتفق عليها أهل السنة، وأهل البدعة. وعلوّ ذات، وهذه اختُلِف فيها؛ فأهل السنة يؤمنون أنّ الله تعالى عالٍ فوق خلقه بذاته، وأهل التعطيل أنكروا ذلك، ثم انقسموا إلى قسمين فالحرورية الجهمية قالوا: أنه تعالى بذاته في كل مكان، فوق السموات، وفي السموات، وفي الأرض، وفي البيوت، وفي المساجد، وفي الأسواق، وفي كل شيء، حتى توصلت الحال في بعضهم إلى أنهم قالوا: أنه حالٌُّ بذاته حتى في الأجسام. وهؤلاء هم الذين فتحوا الباب لحلول الاتحاد. والقسم الثاني قالوا: إن الله تعالى لا يوصف بعلوٍّ ولا نزول؛ فهو ليس فوق العالم ولا تحته، ولا متصل بالعلم ولا منفصل عنه، ولا داخل العالم ولا خارجه، وهذا تعطيل محضّ، حتى قال بعض العلماء: لو قيل لنا صفوا العدم، لما وجدنا أدقَّ من هذا الوصف!! ولهذا قال محمود بن سباكتكفين رحمه الله لابن فَوْرَك: بيِّن لنا ربك إن كنت تصفه بهذا الوصف! أين الرب الذي تعبده؟!! فسكت ولم يُجب.
* إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ}؛ فالباء للسببية.
* إثبات أن الهداية بمشيئة الله؛ لقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}، وهذا يدلّ على أنَّ فعل العبد واقع بمشيئة الله؛ كقوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (التكوير).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا أيضاً وقع فيه خلاف بين ثلاث طوائف: طائفتان متطرفتان، وطائفة معتدلة؛ فالطائفتان المتطرفتان إحداهما قالت: إن الإنسان يشاء عمله ولا علاقة لله تعالى به، أي الإنسان حر يتصرف كيف يشاء ولا علاقة لله عزَّ وجلَّ به، فهو يُضلّ نفسه، أو يهدي نفسه، قالوا: ولولا ذلك لكان تعذيب الله عزَّ وجلَّ للعاصي ظُلماً! وثوابه للطائع عبثاً! وهؤلاء هم القدرية؛ لأنهم ينكرون قَدَر الله عزَّ وجلَّ فيما يتعلق بفعل العبد.
وأما المتطرفون الآخرون فقالوا: أن الإنسان لا مشيئة له، ولا قدرة له، ولا اختيار له في فعله، بل هو مُجبر عليه، عاجز عن المخالفة! وأن تعذيب الله عزَّ وجلَّ للظالم ليس ظلماً، وإن كان الظالم يفعل بغير اختياره؛ لأن تعذيب الله عزَّ وجلَّ له تصرف في ملكه، والله عزَّ وجلَّ يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه! وهؤلاء هم الجبرية؛ لأنهم يرون أن العبد مجبر على عمله.
وأما أهل السنة والجماعة فإنهم توسطوا في ذلك فقالوا: نحن نثبت أن الأدلة الدالة على أن كل شيء واقع بمشيئة الله تعالى، ونثبت الأدلة الدالة على أن للإنسان اختياراً، وإرادة، وبذلك جمعوا بين الأدلة: ففعل العبد واقع بمشيئته، لكن مشيئته واقعة تحت مشيئة الله تعالى، فإذا شئتُ أنا شيئاً فإنني أعلم أن الله شاءه، ولا أعلم أن الله شاءه إلا بعد أن يقع؛ إذ أنَّ قضاء الله مكتوم، وأنا في نفس الوقت لي حرية أن أشاء ما شئت، ومشيئتي هذه كانت بمشيئة الله عزَّ وجلَّ، ويدل لهذا أن الإنسان أحياناً يعزم على فعل شيء وبينما هو متجه له إذ انتقضت عزيمته، وهذا مُدرك واقع. وقد قيل لأعرابي: بما عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم، وصرف الهمم. ولهذا لمَّا قال تعالى حكاية عن المشركين: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ}، أبطل الله سبحانه قولهم، فقال: {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (النحل: 35)، وقال في آية أخرى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} (الأنعام: 148). وهي كما أنها باطلة شرعاً فهي أيضاً باطلة عقلاً؛ لأن هؤلاء لم يكونوا يعلموا أنّ الله قضى عليهم بعبادة الأصنام إلا بعد عبادتها، فلماذا لم يعدلوا عن عبادة الأصنام ويقدّروا أنّ الله قضى عليهم بترك عبادتها؟!
* إثبات العِلل والحِكم في أفعال الله تعالى وشرعه، وفي ذلك ردّ على الجهمية وأشباههم ممن أنكروا حكمة الله؛ لقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
فائدة مسلكية مستنبطة من الآيات الكريمات:
*ينبغي للإنسان أن يطلب الهداية من الله وحده؛ لقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ}، وأنه لا ينبغي له أن يعتمد على نفسه فيهلِك، بل يتجه إلى ربه ويعتمد عليه في طلب الهداية منه سبحانه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو الهادي المهدي يستفتح فيقول: "اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اخْتُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بنا نحن؟!
*ينبغي للمعلِّم غيره أن يُكثر له من ضرب الأمثال التي تعينه على فهم المعنى؛ لأن هذا هو أسلوب القرآن. وهذا كقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}.
وهكذا ينتهي الجزء الثالث والعشرون، ليبدأ الجزء الرابع والعشرون في حزبه الأول لسورة الزمر.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Sep 2006, 02:10 م]ـ
شكر الله للأخت الفاضلة ميادة الماضي , هذا الجهد المتميز , ونأمل منها المواصلة.
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[28 Sep 2006, 07:54 م]ـ
د. أحمد حفظك الله وشكر لك .. ما كان من فضل فهو من الله وحده إليه أرفع حمدي وشكري.
وسأواصل تلبية لرغبتك، بوركت وبورك فيك.(/)
دروس تفسير القرآن للشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة حفظه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2006, 07:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من فضل الله وتوفيقه لبعض العلماء أن رزقهم القبول عند الناس، فنفع الله بكلامهم وعلمهم، ومن هؤلاء العلماء الذين رزقهم الله القبول الحسن عند الناس الشيخ الجليل الدكتور سلمان بن فهد العودة، ولكلامه وكتبه ذيوع وانتشار بين طلاب العلم وعامة الناس، ولذلك فإن استغلالهم الأمثل لهذا القبول بنشر العلم والخير من أنفع ما يؤجرون عليه إن شاء الله، ففي إقبال الناس على سماعهم نشر للخير والعلم الصحيح، ومنهج السلف الأولين في أخذ العلم، وفهمه وتعليمه.
وقد لفت نظري إلى هذا ما رأيته في صفحة الصوتيات من موقع الإسلام اليوم، من دروس علمية في التفسير للشيخ سلمان العودة وفقه الله، فأحببت لفت نظر إخواني إلى ما فيها من فوائد ونفائس علمية واستنباطات تستحق العناية والاهتمام، سائلاً الله تعالى أن يوفق الشيخ سلمان لكل خير، وأن ينفع به العلم وطلابه.
دروس في تفسير قصار السور للشيخ سلمان بن فهد العودة ( http://radio.islamtoday.net/arshef2.cfm?st=6)(/)
نصيحتي إلى إخواني في الدين والعربية
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jun 2006, 04:52 م]ـ
لاحظت ولاحظ بعضنا أن العجلة في كتابة الردود توقع اللحن أحيانا في كتاباتنا، وحيث إنكم سَدَنة علوم القرآن - وقوامها العربية - فالمأمول من الجميع مراجعة التعليق قبل إرساله، ومن يجد لحنا يخل بالمعنى فلا بأس من إرفاق تلميح بالتصحيح دون تجريح. فمن شاء الموافقة فليقل: نعم؛ لعل ذلك يكون حافزا لنا جميعا للمراجعة قبل التثبيت والله الموفق والمعين.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 Jun 2006, 05:36 م]ـ
تحية طيبة يا أستاذ منصور أعقبها بقولي تأييداً لك على الموافقة في الموضوع:نعم ..
ولن أزيد على فكرتك إلاَّ أن اللحن الذي ألفته - وللأسف - أسماع الناس اليوم أو قل: بعض طلاب العلم حتى لم يعد يستثير مشاعرهم أمرٌ جدُّ مؤسف ..
وربما أعتذر لنفسي وإخوتي بأن بعض ما يظهر من اللحن في الردود والمداخلات قد يكون {سبق لوحة مفاتيح}
وقد جرت عادةُ العلماء وطلاب العلم بالابتعاد والحذر عن الوقوع في مزالق اللحن ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي والسيوطي في الدر المنثورقال: (وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (تعلموا الفرائض واللحن والسنة كما تعلمون القرآن).
وفي الأدب المفرد أن بن عمر رضي الله عنهما: كان يضرب ولده على اللحن - قال الألباني: صحيح.
وقد كان اللحن عيبا يلحق من عُرف به من الأئمة والعلماء ومن ذلك ما جاء في تهذيب الكمال عند ترجمة إسماعيل بن خالد الأحمسي (قال عنه يعقوب: كان أميا حافظا ثقةً وقال هشيم: كان فحش اللحن يقول: حدثني فلانٌ عن أبوه) 10/ 255
وما أجمل قول الشاعر حين قال:
ويعجبني زيُّ الفتى وجماله ......... فيسقط من عينيَّ ساعة يلحنُ
فلا خير في اللفظ الكريهِ استماعُه ......... ولا في قبيح اللحن والقصدُ أبينُ.
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 05:45 م]ـ
نعم فكرة طيبة ولكن من اراد ان يبين لاخيه موضع اللحن فعليه ان يبين موقعه من الاعراب ولماذ رفع اونصب حتى لا يقع فيه مرة اخرى
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من الناس من تجده بارعا في علم النحو ولكنه اذا تكلم واقيس عليه اذا كتب يكثر خطأه ومن الناس من لايفقه في النحو شيئا ولكنه اذا تكلم ظننته نحويا
فالرفق بنا فقد درسنا ولكن المشكلة انن لا نحاول ان نعرب كثيرا وهذا من اهم ما يفيد النحوي والله اعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jun 2006, 07:23 م]ـ
فكرة ممتازة يا أستاذ منصور وفقك الله، ونحن ندعو لهذا دوماً في الملتقى وفي غيره، بل إنني أراجع كثيراً من المشاركات وأصوب ما أستطيع من الخطأ في الكتابة نحواً وإملاءاً.
ليتنا نراجع المشاركة لغوياً وطباعياً قبل نشرها، وإن ظهر بعد ذلك لحنٌ فتداركه سهلٌ، وهذا يحدث من كثير من الزملاء الفضلاء في الملتقى، فكثيراً ما ترد رسائل خاصة تستدرك بعض الأخطاء ونقوم بتنفيذها بكل سرور وسعادة ونشكرهم على هذا الاهتمام دوماً، وللإنصاف فإن اللحن في هذا الملتقى قليل لوجود أمثالكم يا أستاذ منصور من الفضلاء المتقنين جزاكم الله خيراً عن كتابه وعلوم كتابه ولغة كتابه، ونحن بخيرٍ ما تناصحنا بارك الله فيكم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Jun 2006, 07:28 م]ـ
على بركة الله فلنسِرْ، والله يرعاكم.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[13 Jun 2006, 08:04 م]ـ
لكن كيف العمل يا أستاذ منصور؟ هل سيكونُ التصحيح عبر الرسائل الخاصة أم ماذا؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[13 Jun 2006, 08:18 م]ـ
أقتراح موفق بارك الله فيك.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[16 Jun 2006, 01:21 م]ـ
نعرف جميعا أن في تراث الأمة قدرا كبيرًا من التنبيهات والاستدراكات بعضها أفردها مؤلفوها في كتب مستقلة وكثير منها مبثوث في ثنايا مؤلفاتهم، فلو أن كل مستدرك جعل تنبيهه عند مواضع ورود القول محل الاستدراك لوقع خلط كثير بين المادة العلمية وبين التنبيهات، فالمقام الأول هو للمادة العلمية، ثم إن المقام مقام نصيحة عامة وليس من المناسب للنصيحة أن تبذل في غير موضعها لئلا تنسى وتضيع الفائدة المرجوة منها؛ فماذا لو خصص القائمون على الموقع صفحة باسم (التنبيهات والاستدراكات) وشرط الاشتراك فيها أن يكون التعليق موثقا، وألا يذكر الكاتبون فيه أي اسم من الأسماء، وأن يكون التعليق دالا على اسم الصفحة؛ يعني أُتي به للتنبيه والتذكرة ليس غير، بأن يقول المعلق - مثلا -: (يرد في كتابات بعضنا لفظ < خطإ > بوضع قطعة الهمزة في حالة الجر تحت الألف وذلك استغناء بها عن الكسرة، وهذا الصنيع منعه بعض علماء الخط والإملاء وحجتهم كذا وكذا .. ، وأجازه بعضهم بحجة أن ذلك ورد كثيرا في المخطوطات ودرجت عليه المطابع وارتضاها العلماء القائمون على التصحيح فيها كما في مطبوعات المطبعة الأميرية وغيرها) فبهذه الطريقة تتوالى التصحيحات بغير تجريح ولا إخلال بالمروءة. وإذا لم تتيسر صفحة لهذا فيمكن نشر التصحيحات في المنتدى العام، وهذا أيسر الخيارات، وبالله التوفيق.(/)
مكتبة ضخمة حملت ما شئت منها من الكتب
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 05:29 م]ـ
http://saaid.net/book/index.php
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 05:40 م]ـ
وهذه اخرى لمن لم يطلع عليها
ـ[ابو الروب]ــــــــ[13 Jun 2006, 05:41 م]ـ
عفوا هذا الرابط http://www.almeshkat.net/vb/forumdisplay.php?forumid=28
http://www.almeshkat.net/vb/forumdisplay.php?forumid=28(/)
دلائل الآثار على مسائل أصول التفسير (1)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jun 2006, 06:10 م]ـ
إن البحث في النصوص على مسائل العلوم من أنفس ما يمكن أن لطالب العلم طلبه، فدلالة الأثر على المسألة أصل من أصول العلم الشرعي الذي لا محيد عنه.
وهذه الدلالة قد تكون صريحة، وقد تكون تلميحًا، وفي كلا الحالين تكون الفائدة المستنبطة غاية في النفاسة؛ لأنها تدلُّ بوضوح على أصول مسائل هذا العلم (أصول التفسير)، وسأذكر بعض الآثار التي يُستنبطُ منها مسائل في أصول التفسير، وأبتدئ بما روى البخاري بسنده، قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟! قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟)).
وقال البخاري: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ})).
وقال البخاري: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ح و حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ})).
في هذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: (لا إشكال في الفهم الأولي الوارد على النفس)
إن المعاني الواردة على العقل لا تثريب عليها، لأنه ليس من قدرة المرء ردُّ مثل هذه الفهوم عن نفسه، فإذا ظهر له معنى ما لجملة من القرآن، فإن فهمه قد يكون صحيحًا، وقد يكون خطأً.
الفائدة الثانية: (المرجع الْمُصحِّح لما يرد على النفس من المعاني هم أهل العلم)
إن من وردت عليه بعض المعاني، فإنه يرجع إلى أهل العلم ليدلوه على صحة ما فهمه من خطئه، ولا يكون كبعض الناس الذين ينشرون آراءهم للناس على أنها صواب، فيتقلدون من غريب الأقوال ما تضحك له العقول.
وهذا يعني أن المرحلة الأولى، وهي ورود المعاني على العقل لا يعاب على المرء، وإنما يعاب عليه نشر ما يرد عليه من المعني والاستنباطات، وتَبَنِّيه له دون الرجوع إلى أهل العلم للتثبت من هذه الواردات عليه، فالرجوع لهم يميز الصحيح من الضعيف.
الفائدة الثالثة: (الرسول صلى الله عليه وسلم مرجع الصحابة)
أن الصحابة كانوا يرجعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشكل عليهم شيء من القرآن، ولم يكونوا يتقلَّدون معاني ما يشكل عليهم دون الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الرابعة: (المفسر الأول)
(يُتْبَعُ)
(/)
أن أول مفسِّر للقرآن، وأَوْلى من يُرجع إليه في تفسيره هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المبين لكلام ربه، كما قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم)، فالرجوع إليه أصل من أصول التفسير.
الفائدة الخامسة: (التفسير بالرأي بدأ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم)
أن الاجتهاد في فهم القرآن كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فالصحابة اجتهدوا في فهم معنى (الظلم)، وحملوه على العموم، ولم يمنعهم الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يفهموا القرآن بآرائهم، ولو كان سلوكهم هذا الطريق خطأٌ لنبههم عليه، ولما لم يقع التنبيه عليه في هذا الأثر وغيره كان في ذلك دلالة على صحة هذا الأسلوب.
الفائدة السادسة: (اللفظ العام يحمل على عمومه)
أن الأصل في أخبار الله (وكذا أحكامه) أنها على العموم؛ لأن الصحابة فهموا من معنى (الظلم) العموم، ولما لم يكن العموم هو المقصود من الظلم في هذا الساق أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعنى المراد.
الفائدة السابعة: (اللغة العربية مصدر من مصادر التفسير)
أن اللغة مصدر من مصادر التفسير، فالصحابة فهموا معنى (الظلم) على ما يعلمونه من لغتهم، ولم يصحح لهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى مما يدل على أنه هو المراد، ولو كان لهذا المعنى إضافة شرعية أو تقييدات لبينها صلى الله عليه وسلم، ولما لم يكن ذلك موجودًا دلَّ على صحة هذا الطريق.
الفائدة الثامنة: (القرآن مصدر من مصادر التفسير)
أن تفسير القرآن بالقرآن طريق صحيح معتبر في تفسير القرآن، وقد نصَّ هذا الأثر على ذلك، فقد فسَّر الرسول صلى الله عليه وسلم آية الأنعام بآية لقمان، فبين العموم المفهوم في آية الأنعام بأنه مخصوص بالشرك بدلالة آية لقمان.
الفائدة التاسعة: (وقوع المشكل في القرآن)
إن وقوع الإشكال كان منذ عهد الصحابة إبَّان وجودهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا النوع من المشكل يدخل في المتشابه النسبي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم المعنى المراد، وليس من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله.
الفائدة العاشرة: (حرص الصحابة على معرفة معاني القرآن الكريم)
إن هذا الأثر يدل دلالة واضحة على حرص الصحابة على تفهُّم معاني القرآن، وذلك بسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى الظلم لما أشكل عليهم.
الفائدة الحادية عشر (تدارس الصحابة لمعاني القرآن الكريم)
في هذا الحديث إشارة إلى أن الصحابة كانوا يتدارسون القرآن فيما بينهم بدلالة قوله: (شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟!)، فإذا أشكل عليهم منه شيء سألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.أ. هـ
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[14 Jun 2006, 04:49 ص]ـ
وهذا مما ورد على نفسي من فوائد الحديث , أعرضه على شيخي الفاضل ليصحح لي الخطأ
* (اللفظ العام قد يدخله التخصيص؛ فلا يبقى على عمومه)
* (سرعة مبادرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى تطبيق ما يتعلمونه من القرآن بعد الفهم الصحيح)
* (نزول القرآن منجماً؛ مِن حِكمه أنه أرفق للصحابة في الفهم والتطبيق)
لأنهم كانوا رضوان الله عليهم عند نزول الآية يتعلمون ما فيها من الإيمان والوعظ والأمر والنهي والحلال والحرام ... ثم يتبعون ذلك بالحفظ والعمل والتعليم لغيرهم
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[15 Jun 2006, 12:07 م]ـ
ومن الفوائد التي يمكن أن تقال أيضاً:
1 ـ أن من تفسير القرآن بالقرآن ما هو محلُّ نظرٍ واجتهادٍ من المفسر.
فالصحابة رضي الله عنهم كانوا على علمٍ بآيةِ لقمان ـ بدليل تذكير النبي صلى الله عليه وسلم لهم ـ ومع ذلك لم يربطوا هذه الآية بتلك , حتى فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
2 ـ هذا الحديث فيه تأصيلٌ؛ لوجهٍ من أوجه بيان السنة للقرآن. وهو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن بالقرآن. وقد بينتم حفظكم الله وجه ذلك.
موضوع التأصيل لأصول التفسير وعلوم القرآن عموماً أمرٌ مهمٌ. وممن له عناية بهذا الشأن السيوطي رحمه الله في كتابه الإتقان.(/)
سؤال يا أهل التفسير ..
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[13 Jun 2006, 08:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت في المكتبة الإسلامية تفسير بإسم (أيسر التفاسير لأسعد حومد) حبذا من عنده علم عنه سواء عن الكتاب أو المؤلف أن يضيفه هنا, وبارك الله في الجميع.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[15 Jun 2006, 02:42 ص]ـ
هل من إفادة شيوخنا الكرام.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Jun 2006, 03:25 ص]ـ
قرأت هذا التفسير الميسر منذ نحو عشر سنوات في طبعته الثانية التي صدرت سنة 1992 م في مجلين، ووجدت المؤلف يجعل الصفحة على نهرين، الأيمن منهما جُعلت فيه الآيات بالرسم العثماني وكل آية تكون بدايتها في سطر جديد، والأيسر للمعاني. والتفسير ميسر ويصلح لكل مسلم في أي مستوى علمي، والمؤلف سلفي النزعة فلم يقحم كلامه فيما يخالف ما ورد عن سلف الأمة، وأفسح لمن شاء المزيد أن يبحث في المطولات حسب التخصص الذي يعنيه، وبالله التوفيق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2006, 03:48 ص]ـ
الأمر كما ذكر الشيخ الكريم منصور مهران وفقه الله
وقد اطلعت على مواضع من هذا التفسير فوجدته كما ذكر. وقد رأيته ينقل من تفسير ابن كثير في كثير من المواضع.
وهذه بعض النقولات منه:
1 - ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة: 159)
(159) - يُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى بِاللَّعْنَةِ الذِينَ يَكْتُمُونَ الحَقَّ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ إِلى النَّاسِ فِي كُتُبِهِ مِنَ الدِّينِ الصَّحِيحِ، وَالهُدَى النَّافِعِ، وَيَقْصُدُ بِهِمْ أَهْلَ الكِتَابِ، الذِينَ كَتَمُوا صِفَةَ النَّبِيِّ التِي وَرَدَتْ في كُتُبِهِمْ، وَمَا بَشَّرَتْ بِهِ هذِهِ الكُتُبُ مِنْ قُربِ مَبْعَثِ نَبِيٍّ عَرَبيٍّ، يُؤْمِنُ بِاللهِ، وَيُؤْمِنُ لِلمُؤْمِنينَ. فَهؤُلاءِ الذِينَ يَكْتُمُونَ دِينَ اللهِ وَأَوامِرَهُ عَنِ النَّاسِ لِيُضِلُّوهُمْ، وَيَصْرِفُوهُمْ عَنِ الحَقِّ، فَإِنَّ الله يَلعَنُهُمُ، وَتَلْعَنُهُمُ المَلاَئِكَةُ والمُؤْمِنُونَ (الَّلاعِنُونَ).
(وحُكْمُ هذِهِ الآيةِ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ كَتَمَ عِلْماً فَرَضَ اللهُ بَيَانَهُ لِلناسِ، وَلِذلِكَ قَالَ الأَئِمَّةُ: إِنَّ الذِي يَرَى حُرُمَاتِ اللهِ تُنْتَهَكُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَالدِّينَ يُداسُ جَهَاراً بَيْنَ يَدَيهِ، وَالضَّلاَلَ يَغْشَى الهُدَى، ثُمَّ هُوَ لاَ يَنْتَصِرُ لِدِينِ اللهِ يَكُونُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّونَ وَعِيدَ اللهِ).
يَلْعَنُهُمْ - يَطْرُدُهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ.)
2 - ({إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الأعراف: 54)
(54) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فِي الوُجُودِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ: السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِما وَمَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ اسْتِواءً يَليقُ بِجَلاَلِهِ، وَأَخَذَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُمَا، فَيُتْبعُ اللَّيْلَ النَّهَارَ، فَيَغْشَى الوُجُودَ بِالظُّلْمَةِ، وَيُتْبعُ النَّهارَ اللَّيْلَ، فَيَغْشَاهُ بِالضِّيَاءِ، يَتَتَابَعَانِ سَرِيعاً، لاَ يَتَأَخَّرُ أَحَدُهُما عَنِ الآخَرِ، وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنَّجُومُ كُلُّهَا تَسِيرُ مُسَخَّرةً، بِأَمْرِ رَبِّهَا، وَمُنْقَادَةً لِحُكْمِهِ ومَشِيئَتِهِ، وَللهِ الأَمْرُ وَالمُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ، وَهُوَ رَبُّ العَالَمِينَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَنَسُوقُ هُنَا مَا قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ حَوْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ): (نَسْلكُ فِي هَذا المَقَامِ مَذْهَبَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْييفٍ وَلاَ تَشْبيِهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَالظَّاهِرُ المُتَبَادِرُ إلَى أَذْهَانِ المُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لا يُشْبِهُهُ شَيءٌ (وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ). وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ شَيْخُ البُخَارِيِّ: (مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ كَفَرَ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولهُ تَشْبِيهٌ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الآثَارُ الصَّرِيحَةُ وَالأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الوَجْهِ الذِي يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ، وَنَفَى عَنِ اللهِ النَّقَائِصَ فَقَدْ سَلَكَ سَبيلَ الهُدَى).)
3 - ({وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الإسراء:16)
(16) - فِي قِرَاءَةٍ (أَمَرْنَا) وَجْهَانِ:
(أَمَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ - وَهُوَ المَشْهُورُ فِي قِرَاءَتِهَا: فَمِنْ قَائِلٍ: إِنَّ المَعْنَى هُوَ أَنَّهُ إِذَا دَنَا تَعَلُّقِ إِرَادَتِنَا بِإِهْلاَكِ قَرْيَةٍ بِعَذَابِ الاسْتِئْصَالِ لِمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنَ المَعَاصِي، وَلَمَّا دَنَّسَتْ بِهِ نَفْسَهَا مِنَ الآثَامِ، لَمْ يُعَاجِلْهَا اللهُ تَعَالَى بِالعُقُوبَةِ، بَلْ يَأْمُرُ مُتْرَفِيهَا بِالطَّاعَةِ فَإِذَا فَسَقُوا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَتَمَرَّدُوا، حَقَّ عَلَيْهِمُ العَذَابُ لارْتِكَابِهِمُ الكَبَائِرَ وَالفَوَاحِشَ، فَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى بِتَدْمِيرِ تِلْكَ القَرْيَةِ. (وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى المُتْرَفِينَ بِالذِّكْرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ العَادَةُ مِنْ أَنَّ العَامَّةَ تُقَلِّدُهُمْ وَتَكُونُ تَبَعاً لَهُمْ، فِيمَا يَفْعَلُونَ).
- وَمِنْ قَائِلٍ بَلْ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: أَنَّ اللَه يُسَخِّرُهُمْ لِفِعْلِ الفَوَاحِشِ فَيَسْتَحِقُّونَ العُقُوبَةَ.
- وَأَمَّرْنا - بِتَشْدِيدِ المِيمِ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ مَعْنَاهَا سَلَّطْنَا شِرارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكَهُمُ اللهُ بِالعَذَابِ. وَهذا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا}.
- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضاً: إِنَّ مَعْنَى (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا)، أَكْثَرْنَا عَدَدَهُمْ فَيُؤَدّي ذلِكَ إِلى انْتِشَارِ الفِسْقِ وَالفَسَادِ وَالكُفْرِ، فَيُهْلِكُكُم اللهُ بِالعَذَابِ.
أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا - أَمَرْنَا مُنَعَّمِيهَا بِطَاعَةِ اللهِ.
فَفَسَقُواْ فِيهَا - فَتَمَرَّدُوا وَعَصَوْا وَخَرَجُوا عَنِ الطَّاعَةِ.
فَدَمَّرْنَاهَا - اسْتَأْصَلْنَاهَا وَمَحَوْنا آثَارَهَا.)
4 - ({وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (الحج:52)
(52) - أَوْرَدَتْ بَعْضُ كُتًُب التَّفْسِير فِي أًَسْبَاب نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ قِصَّةً غَريبَةً تُعْرَفُ بِقَصَّةِ الغَرَانِيق. والفُرْنُوقُ طَائرٌ أَبْيْضُ. . وَتَقُولُ القِصَّةُ إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ في مَكَّةَ سُورَةَ النَّجْمِ في حُضُور جَمْعٍ مِنَ المُسْلِمينَ والمُشْرِكِينَ فَلَمّا بَلَغَ في قِراءَتِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى} أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ (تِلْكَ الغَرَانِيْقُ العُلَى وإنّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى) فَقَالَ المُشْرِكُونَ مَا ذَكَرَ آلِهَتَنَا بخَيْر قَبْلَ اليَوْم. فَلَمَّا خَتَمَ السّورَة سَجَدَ وَسَجَدُوا. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم) فَنَزَلَ تَسْلِيَةً لَهُ {
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ. . الآيَةَ}.
وَلَكِنَّ عْلَمَاءَ المُسْلِمِينَ الثِّقاتَ (مِثْلَ القَاضِي عِيَاضٍ والفَخْر الرِّازيَّ والقْسْطَلاَّني وابن إٍِسْحَاقٍ والأمام محمد عبده. . الخ يَقُولُونَ إِنَّه لاَ يَجُوزُ عَلَى النَّبيِّ تَعْظِيمُ الأوْثَانِ. وَلَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لارْتفَعَ الأَمَانُ عَن شَرْعهِ، وَجَوَّزْنَا في كُلِّ واحِدٍ مِنَ الأحْكَامِ والشَّرَائع أَنْ يَكُونَ كَذَلِك أي مَا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ. وَيَقُولُونَ إِنَّ هَذِهِ القِصَّةَ مِنْ وَضْع الزَّنَادِقَِ.
وأفْرَدَ عَالِمُ حَلَب الجَليلُ الشَّيْخُ عَبْدُ الله سِرَاجُ الدِّين فَصْلاً مُطَوَّلاً في كِتَابِه (هَدْي القُرْآن الكريم إلى الحجة والبرهان) لِنَفِي هَذِهِ القِصَّةِ، وَتَأْكِيدِ عَدَم جَوَاز وُقُوعِها.
وَيَتَلَخَّصُ رَأْيُ القَائِلين بِنَفْي القِصَّة في الآتي:
1) - يَمْتَنِعُ في حَقِّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ يَتَمِنَّى أَنْ يَنْزلَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنَ القُرْآنٍِ في مَدْح آلِهةٍ غَيْر الله لأنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ. كَمَا يَمْتَنعُ في حَقِّه أَنْ يتَسَوَّدَ الشَّيْطَانُ عَلَيْه، وَيُشَبِّهَ عَلَيْهِ القُرْآنَ حَتَّى يَجْعَلَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَيَعْتَقِد النَّبيّ أنّ مِنَ القُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى يُفْهمَهُ جِبْرِيلُ ذَلِكَ.
2) - يَمْتَنِعُ بِحَقِّ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ يَقُول ذَلِكَ مِنْ قِبَل نَفْسِهِ عَمْداً أَو سَهْواً، فَالنَّبيَّ مَعْصًوُمٌ مِنْ جَرَيَانِ الكُفْر عَلَى لِسَانِهِ أوْ قَلْبهِ عَمْداً أََو سَهْواً، أوْ أَنْ يًَشْتَبِهَ عَلَيْهِ المَلَكُ وَمَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ للشَّيْطَانِ عَلَيْه سَبيلٌ.
3) - وَيَقُولُ العَالِمُ الهنْدِيّ مُحَمَّد عَلي إن قِراءةَ الآيَاتِ مُتَسَلْسِلَةً تُظْهِرَ أنْ لَيْسَ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ تُحْشَرَ بَيْنَها آيَاتٌ مُناقِضَةٌ لَها في أَصْلِ العَقِيدَةِ الاسْلاَميَّةِ. وَصُلْب دَعْوَة مُحَمَّد، دَعْوَة التَّوْحِيدِ.
4) - وَيَرى الامَامُ الشَّيْخُ مُحَمَّد عَبْدُه أنَّهُ يُمْكِنُ تَفْسِيرُ الآيَةِ بِمَا يَلي:
لَمْ يُرْسِل الله رَسُولاً نَبيّاً إلى قَوْمٍ إلاَّ وتَمنَّى أَنْ يَتَّبعهُ قَوْمُهُ وأنْ يَسْتَجيبُوا لِمَا يَدْعُوهُم إلَيْهِ. وَلَكِنَّ مَا تَمَنَّى نَبَيّ وَلاَ رَسُولٌ هَذِهِ الأمْنِيَة السَّامِيَة إلاّ ألْقَى الشَّيْطَانُ في سَبيلِهِ العَوائِق وأثار الشكوك وَوَسْوسَ في صُدُور النَّاس، لَسْلِبَهُم القُدْرَةَ عَلَى الانْتِفَاع بما وُهِبُوهُ مِنْ قُوَّةِ العَقْل، وسَلاَمَة الفِكرِ، فَثَاروا في وَجْهِ النَّبيِّ وصَدّوهُ عَنْ غَايَتِهِ. فإذَا ظَهَروُوا في بادِئ الأمر ظَنّوا أنَّهُمْ عَلَى الحَقْ، وَلَكِنَّ كَلِمَةَ الله سَتَكُون دَائماً هِي العُلْيا، وَكَلِمِةُ الشَيْطَانُ وأعوانِهِ هِيَ السُفْلى دائماً.)
5 - ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب:59)
(59) - يَأْمُرُ اللهُ تَعَالى رَسُولَه صلى الله عليه وسلم بأَنْ يَأْمُرَ نِسَاءَهُ وَبَنَاتِهِ والنِّسَاءَ المُؤْمِنَاتِ، بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ، وَأَن يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِنَّ، وَأَنْ يُغَطِّينَ ثَغْرَةَ نُحُورِهِنَّ بِالجَلابِيبِ التِي يُدْنِينَهَا عَلَيهِنَّ. وَالغَايَةُ مِنْ ذَلِكَ التَّسَتُّرُ، وَأَن يُعْرَفْنَ بِأَنَّهُنَّ حَرَائِرُ فَلا يُؤْذِيهِنَّ أَحَدٌ، وَلا يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ فَاسِقٌ بِأَذى وَلا رِيبَةٍ، وَرَبُّكُمْ غَفَّارٌ لِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ صَدرَ مِنَ الإْخْلاَلِ بالسِّتْرِ، كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِمَنِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ، وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ عَمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَصَّرَ فِي مُرَاقَبَتِهِ فِي أُمُورِ التَّسَتُّرِ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ - يُرْخِينَ وَيُسْدِلْنَ عَلَيْهِنّ.
جَلاَبِيبِهِنَّ - مَا يَسْتَتِرْنَ بِهِ كَالمِلاَءَةِ.)
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[15 Jun 2006, 07:17 ص]ـ
جزاكما الله كل خير على هذه الإفادة الطيبة, والجهد المبارك الذي قمتم به.(/)
هل توجد في القرآن كلمات معربة -بحث للشيخ تقي الدين الهلالي
ـ[الراية]ــــــــ[14 Jun 2006, 01:24 م]ـ
هل توجد في القرآن كلمات معربة
بقلم الدكتور محمد تقي الدين الهلالي - رحمه الله -
الأستاذ بالجامعة الإسلامية والداعية الإسلامي
منشور في مجلة البحوث الاسلامية
العدد الثامن - من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1403هـ 1404هـ
اعلم أن علماء اللغات اتفقوا على أن كل لغة عظيمة تنسب إلى أمة عظيمة، لا بد أن توجد في مفرادتها كلمات وردت عليها من أمة أخرى، لأن الأمة العظيمة لا بد أن تخالف غيرها من الأمم وتتبادل معها المنافع من أغذية وأدوية ومصنوعات وتعلم وتعليم، فلا بد حينئذ من تداخل اللغات، ولا يمكن أن تستقل وتستغني عن جميع الأمم، فلا تستورد منها شيئا ولا تورد عليها شيئا، والقرآن نفسه يثبت هذا، قال تعالى: سورة إبراهيم الآية 37 رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
ذكر إبراهيم في دعائه أنه أسكن ذريته يعني إسماعيل وآله بواد غير ذي زرع وهو وادي مكة وإذا لم يكن فيه زرع لم تكن فيه ثمرات، وذكر أثناء دعائه ومناجاته لربه أنه أسكنه وذريته بذلك الوادي المقفر ليقيموا الصلاة، أي يؤدوها قائمة كاملة عند بيت الله ويعبدوه فسأل الله أن يجعل قلوب الناس تهوي إلى ذريته، أي تسرع إليهم شوقا ومحبة وتمدهم بما يحتاجون إليه وأن يرزقهم من الثمرات التي تجلب إليهم من الآفاق والأقطار المختلفة ليشكروا الله على ذلك فيزيدهم، وقد استجاب الله دعوته، فصارت أنواع الحبوب والثمرات والتوابل والأدوات والثياب والتحف والطرائف تجلب إلى مكة من جميع أنحاء المعمورة.
وهذه الأمور التي تجلب إليها كثير منها وضعت أسماؤها في البلدان التي تصدر منها فإذا جاءت مكة يسمونها بالاسم الذي جاءت به فتندمج في لغتهم وتصير جزءا منها والأصل في اللغات أن الأشياء العامة توجد لها أسماء في كل لغة، أما الأشياء الخاصة التي خص الله بها قطرا بعينه فإن الاسم الذي سماها بها أهل ذلك القطر الذي خلقت فيه يبقى في الغالب ملازما.
ولنضرب لذلك مثلا الجوز الهندي والنخيل الذي يثمره وهو "نارجيل" ويسمى بالهندية "ناريل" فهو يجلب إلى غير الهند، دون أن يبدل اسمه، وثمر "الأنبه" وهو أحسن الفواكه في الهند وقد يكون أحسن الفواكه مطلقا يوجد دائما في مكة شرفها الله في أحقاقه، إذا أكلته تظن أنك أكلته تحت شجرته وهذه الفاكهة موجودة في مصر وتسمى "مانكة" وتنقل إلى بلدان أخرى ويبقى اسمها ملازما لها.
وكذلك ثمر "أناناس" يجلب من إندونيسيا ويبقى اسمه ملازما له وقس على ذلك، وقد قال أحد علماء الفيلولوجيا أعني علماء اللغات أن لغة سكان أستراليا الأصليين لا تزيد مفرادتها على مائة، لأنهم أبعد الناس عن المدينة التي تستلزم مخالطة الأمم الأخرى وتبادل المنافع معها فكلما عظمت اللغة دلت عظمتها وثروتها ووفرة ألفاظها على مخالطة أهلها لشعوب أخرى واقتباسها منهم فهي تعطي وتأخذ.
وقد أخبرنا القرآن أن قريشا كانت لهم رحلتان، رحلة في الشتاء إلى جنوب الجزيرة العربية اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام وكانوا تجارا ينقلون البضائع من بلد إلى بلد، وكانت مكة شرفها الله تعالى مركزا عظيما للتجارة قبل الإسلام فكانت تنقل إليها البضائع من الشرق والغرب والجنوب والشمال فكيف يتصور أن لغة العرب تبقى مغلقة مختوما عليها لا تخرج منها كلمة ولا تدخلها كلمة.
والأئمة الذين أنكروا وجود كلمات غير عربية في القرآن تمسكوا بظاهر قوله تعالى: سورة يوسف الآية 2 إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وقوله تعالى: سورة النحل الآية 103 لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.
وما أشبه ذلك وهم على حق فيما قالوا فليس في القرآن كلمة أعجمية باقية على عجمتها ألبتة، فكل ما في القرآن من الكلمات تنطق به العرب وتفهمه وهو جار على سنن كلامها لا خلاف في ذلك نعلمه، إنما الخلاف في المعرب هل هو موجود في القرآن أم لا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قال السيوطي في الإتقان: " قد أفردت في هذا النوع " كتابا سميته (المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب) وأنا ألخص فوائده فأقول: اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن فالأكثرون منهم الإمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالى: سورة يوسف الآية 2 قُرْآنًا عَرَبِيًّا وقوله تعالى: سورة فصلت الآية 44 وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ وقد شدد الشافعي النكيرة على القائلين بذلك.
وقال أبو عبيدة: إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أنه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن "لدا" بالنبطية فقد أكبر القول، وقال ابن فارس: لو كان فيه من لغة غير العربية شيئا لتوهم أن العرب: إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.
قال محمد تقي الدين الهلالي: إنما يمكن أن يقال ذلك إذا كان في القرآن تراكيب أعجمية، أو كلمات باقية على عجمتها، أما وجود كلمات قد صقلتها العرب بألسنتها، ونحت بها مناحي كلماتها، ودخلت في أوزانها فلا يمكن أحد أن يدعي ذلك فيها، وقد رد القرآن نفسه على من زعم ذلك من أعداء الإسلام الأولين فقال تعالى: سورة النحل الآية 103 وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ وتحداهم أن يأتوا بسورة مثله بأشد أساليب التحدي فقال تعالى: سورة البقرة الآية 23 وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ سورة البقرة الآية 24 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
وقال تعالى: سورة الإسراء الآية 88 قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا، فأي عدو يسمع مثل هذا التحدي ثم لا يبذل قصارى جهده في معارضة عدوه وإبطال تحديه ولو أن إحدى الدولتين المتعارضتين اليوم وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي صنعت إحداهما سفينة فضائية مثلا وقالت للأخرى إنك لن تستطيعي أن تصنعي مثلها لغضبت الدولة المتحداة ولم يقر لها قرار، حتى تصنع سفينة مماثلة أو فائقة لما صنعته الدولة المتحدية.
وهنا نحن اليوم نرى الصين الشيوعية لما رأت عدوتها الولايات المتحدة متفوقة في صنع القنابل الذرية والهيدروجينية فقد عقلها حنقا وغيظا وهي جادة في صنع هاتين القنبلتين، وزادها غيظا أن أختها في الشيوعية دولة الاتحاد السوفييتي ضنت عليها في المساعدة على التوصل إلى هذا الغرض مع أن الولايات المتحدة لم تتحد الصين إلا بلسان الحال، بل هذه فرنسا قلبت ظهر المجن لحليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا لأنهما لم يشركاها فيما وصلتا إليه من صنع القنبلتين المذكورتين إلا بقدر ضئيل لا يشبع نهمها ولم يكن أحد من العرب المعادين للإسلام يقول إن الذي منعهم من معارضة القرآن هو وجود كلمات فيه غير عربية بل سلموا أنه كله عربي.
أما كتاب السيوطي الذي سماه "المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب " فلا نعلم أنه موجود في هذا الزمان، لكن الملخص الذي نقله منه مؤلفه في كتاب الإتقان لا يدل على أن المؤلف مع غزارة علمه كان أهلا أن يؤلف في هذا الباب لأنه فيما يظهر لم يكن يعرف إلا اللغة العربية والمؤلف في هذا الموضوع يحتاج إلى إلمام باللغات التي قيل إن بعض مفرداتها قد عرب ودخل في القرآن، فإن لم يعلم بها كلها فلا أقل من الإلمام ببعضها، وأكثر علماء العرب مقصرون في علم اللغات، والذين يعرفون شيئا من اللغات الأخرى منهم قليل، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يعرف اللغة العبرانية ويقرأ التوراة ويفهمها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الترمذي في جامعه " باب تعلم السريانية " ثم روى بسنده إلى زيد بن ثابت قال أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتعلم كلمات يهود وقال: بأني والله ما آمن يهود على كتابي قال: فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت له وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم، هذا حديث حسن صحيح.
قال العالم الرباني أستاذي عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري رحمه الله رحمة واسعة في شرح هذا الحديث من كتابه "تحفة الأحوذي في شرح الترمذي " ج3 ص392.
ما نصه: قال القاري: قيل فيه دليل على جواز تعلم ما هو حرام في شرعنا بالتوقي والحذر عند الوقوع في الشر كذا ذكر الطيبي في ذيل كلام مظهري وهو غير ظاهر إذ لا يعرف في الشرع تحريم تعلم شيء من اللغات سريانية أو عبرانية أو هندية أو تركية أو فارسية وقال تعالى في سورة الروم "22" سورة الروم الآية 22 وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ أي لغاتهم بل هو من جملة المباحات.
وهذا الحديث رواه أيضا أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه وذكره في صحيحه تعليقا، ومعنى الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الصحابي الجليل كاتب الوحي زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة اليهود وفي رواية أمره أن يتعلم السريانية وعلل ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمن اليهود أن يكتبوا له إذا أراد أن يكتب إليهم أو يقرءوا إليه كتابا يأتيه منهم لئلا يزيدوا فيه وينقصوا ويبدلوا ويغيروا فتعلم زيد ما أمره به النبي - صلى الله عليه وسلم - في نصف شهر وقد يشكل فهم هذا من وجهين:
الأول: أن المعهود من اليهود أن يتكلموا أو يكتبوا بالعبرانية لا بالسريانية.
الثاني: كيف يستطيع متعلم أن يتعلم لغة أجنبية في نصف شهر، والجواب عن الأول أن اليهود في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - بل في زمان عيسى ابن مريم عليه السلام وقبله بزمن لم يكونوا يتكلمون ويكتبون بالعبرانية لأنها كانت قد انقرضت ولم يبق منها إلا كلمات قليلة تردد في الصلوات وكان اليهود يكتبون علومهم الدينية والدنيوية ويتخاطبون بالسريانية وإنما جددوا العبرانية وأحيوها وبذلوا جهودا عظيمة في هذا العصر الأخير.
والجواب الثاني: أن زيدا لم يتعلم اللغة في نصف شهر وإنما تعلم الكتابة والقراءة، أما معاني لغة اليهود فكان يفهمها لأنها كانت ولا تزال قريبة جدا من لغة العرب، لأن قبائل من اليهود كانت مساكنة للأنصار، وتعلم اللغات الأجنبية للانتفاع بها في أمور الدين والدنيا أمر محمود إذا لم يكن على حساب لغة القرآن كما يفعل سكان المستعمرات المتهوكون في زمان الاستعمار وبعده فيهملون لغة القرآن وهي لغة دينهم وتاريخهم ومجدهم ويتعلمون لغة المستعمر ويتطاولون بها ويشمخون بأنوفهم ويتراطنون بها بغير ضرورة ويحتقرون شعوبهم لعدم استعمال تلك اللغة الأجنبية فهؤلاء أعضاء مجذومة في جسم الأمة يجب قطعها وهم يعلمون أن جميع الأمم تحتقرهم لأنه لا يكون لهم فضل بتعلمهم تلك اللغة الأجنبية إلا إذا أتقنوا لغتهم وكانوا أعضاء نافعين في أمتهم ولكن.
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام
ثم قال: السيوطي قال ابن جرير: ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن أنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد.
قال محمد تقي الدين الهلالي: ابن جرير إمام المفسرين في زمانه وما بعده وقد أخطأ في هذا الرأي إذ لا يمكن أن تتكلم هذه الشعوب المتباينة في أنسابها ولغاتها والمتباعدة في أوطانها على سبيل المصادفة والاتفاق وتوارد الخواطر بتلك الكلمات الكثيرة العدد على أن الذين قالوا في القرآن كلمات كانت في الأصل غير عربية صارت بالاستعمال عربية لم يقل أحد منهم إن الكلمة التي أصلها فارسي قد اتفق فيها الفرس مع العرب والنبط والحبشة بل إذا كانت الكلمة فارسية كالأباريق مثلا لم تكن حبشية ولا نبطية والكلمة التي قيل إنها حبشية "كابلعي" من قوله تعالى: سورة هود الآية 44 يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ لم يقل أنها توافق الفارسية والنبطية وهكذا يقال في سائر الكلمات كما سيأتي في ذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
الكلمات التي نسب أصلها إلى غير العربية، ثم قال السيوطي وقال غيره: بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتها بعض مخالطة لسائر الألسنة في أسفارهم فعلقت من لغاتهم ألفاظ غير بعضها بالنقص من حروفها واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن، انتهى.
هذا هو الحق الذي لا ريب فيه ثم ذكر السيوطي آراء أخرى يظهر زيفها عند الامتحان فأعرضت عن نقلها، ثم نقل عن الجويني ما معناه في القرآن وعد ووعيد، والوعد يذكر فيه ثواب المطيعين وما أعد الله لهم في الدارين مما تشتهيه أنفسهم ويرغبهم في فعل الطاعات وذلك يتضمن مآكل ومشارب وثيابا ومساكن طيبة وحورا عينا وفرشا طيبا وغلمانا للخدمة وبعض تلك الأمور وضعته أمم غير عربية وسمته بكلمات من لغاتها فنقله العرب عنها فصار في وصف النعيم والعيشة الراضية لا بد منه وضرب لذلك كلمة "إستبرق" مثلا وهو ما غلظ من ثياب الحرير، والسندس ما رق منها قال البيضاوي: وهو معرب "استبره" بالفارسية فلو أريد لتجنب استعمال كلمة إستبرق، فأما أن يترك ذكر هذا النوع من الثياب أصلا فلا يتم المطلوب وهو وصف العيشة الراضية، وأما أن يعبر عنه بكلمتين أو أكثر كثياب الحرير الغليظة فتفوت البلاغة إذا فلا بد من التعبير به ليكون الكلام بليغا.
ثم قال السيوطي قال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن حكى هذا القول بالوقوع عن الفقهاء والمنع من أهل العربية، والصواب عندي مذهب فيه تطبيق القولين مجتمعين، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمي كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية ثم نزل القرآن بها وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق ومن قال عجمية فصادق، ومال إلى هذا القول الجوالقي وابن الجوزي وآخرون، انتهى.
بقية البحث على هذا الرابط
http://www.alifta.com/sites/iftaa/re2asa/fatawaDetailselbo7os.aspx?BookID=2&View=Page&PageNo=1&PageID=1227(/)
من يدلني على
ـ[أبو حسن]ــــــــ[15 Jun 2006, 12:01 م]ـ
أرغب في الحصول على رابط لشرح الشيخ صالح الأسمري (المكتوب)
لمقدمة في أصول التفسيرلشيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jun 2006, 02:23 م]ـ
هذا الشرح عندي على أحد الهارديسكات الخارجية، ولكنني لم أعثر عليه الآن لضيق الوقت، ولعلك تتكرم بمراسلة الأخ الكريم صالح الدرويش فهو عنده أيضاً كما في هذه المشاركة ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=8246) ، ولعل أخي أبا مجاهد العبيدي يملك نسخة منه أيضاً يضعها لنا هنا.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[15 Jun 2006, 03:21 م]ـ
أسأل الله أن يجزيك خير ياشيخ عبد الرحمن
ـ[أبو حسن]ــــــــ[17 Jun 2006, 10:14 م]ـ
ولعل أخي أبا مجاهد العبيدي يملك نسخة منه أيضاً يضعها لنا هنا.(/)
التقديم والتأخير في القرآن ...
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[15 Jun 2006, 06:24 م]ـ
الأخوة الكرام ـ حفظكم الله ـ:بعد شد وجذب من شأن موضوع الرسالة التي أريد أن أقدمها لنيل درجة الماجستير، وبعد أن عرضت عليكم موضوع (تفسير القرآن بالسنة دراسة تأصيلية)
ذكر د/الحميضي أنه: بحث طويل ومتشعب،أردت أن أطرح موضوع جديد وهو:
((التقديم والتأخير في القرآن الكريم دراسة موضوعية))
بعد أن ذكر بعض مشايخنا أنه جدير بالبحث، ويصلح أن يكون موضوع رسالة.
فما رأي مشايخنا وأساتذتنا الكرام في ذلك؟ بارك الله فيكم وفي علمكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2006, 10:17 م]ـ
التقديم والتأخير في القرآن الكريم دراسة موضوعية!!
موضوع التقديم والتأخير موضوع بلاغي لغوي؛ فكيف تكون الدراسة موضوعية؟
وقد بحث هذا الموضوع في رسالة ماجستير بعنوان:أسلوب التقديم والتأخير في القرآن الكريم. ( http://www.tafsir.net/dbs.php?rslj=yes&do=title&u=%C7%E1%CA%DE%CF%ED%E3&submit.x=10&submit.y=4)
وهذا رابط له صلة بهذا الموضوع: التقديم والتأخير في القرآن الكريم ( http://www.islamiyyat.com/takdeem.htm)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[16 Jun 2006, 02:08 ص]ـ
أخي الفاضل: أعرف دراستين لموضوع التقديم والتأخبر في القرآن الكريم في العراق
قدمت للحصول على شهادة الماجستير ... وقد طبعت أحدهما كتاباً من دار الشؤون العراقية للثقافة والنشر، وهي دراسة بلاغية اعتمدت التنظير وتتبعت المصطلح عند دارسي الإعجاز والمفسرين، ودرست الثانية منهما الموضوع وفق الرؤية الأسلوبية، وفقك الله لكل خير.
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[16 Jun 2006, 05:55 م]ـ
الدكتورأبو مجاهد الدكتورعامر ـ حفظكم الله ـ
نعم لقد بحث الموضوع من ناحية بلاغية ونحوية منها ماهي رسالة ماجستير ومنها ماهو دون ذلك كما فعل:علي أبو القاسم عون في كتابه: (بلاغة التقديم والتأخير في القرآن الكريم) نشرته دار المدار الاسلامي بتاريخ:1/ 10/2005م في 3/مجلدات.لكن درس ذلك من ناحية بلاغية.
وكذلك د/ خلدون سعيد صبح في كتابه: (التقديم والتأخيرفي القرآن ... ) درسه من ناحية بلاغية ونحوية فذكر التقديم والتأخير عند النحاة ك (سيبويه ـ الفراء ـ الأخفش ... وغيرهم)
وذكره عند البلاغيين ك (الجرجاني ـ الخفاجي ـ الزمخشري ... وغيرهم)
وكذلك ماذكره د/أبومجاهد وهو الذي ذكره د/فاضل السامرائي في موقع لمسات بيانية،أوفي كتابه:التعبير القرآني من ص49 ـ 74. وماذكره د/عامر يتعلق بالبلاغة ... الخ.
مشايخنا الكرام السؤال هو:هل يدرس الموضوع من ناحية تفسيريه كما قال أحد مشايخنا الكرام أم أن الموضوع لا يصلح لأن يكون بحثاًً.بارك الله فيكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jun 2006, 06:18 م]ـ
نعم يمكن بحثه، وذلك بتتبع الأقوال التي معناها على التقديم والتأخير، ثم دراسة هذه الأقوال، وجمع القواعد التفسيرية المتعلقة بهذا المبحث.
ولكن أرى أن يكون موضوع الرسالة: التقديم والتأخير في تفسير القرآن الكريم.
وهو موضوع جدير بالبحث
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[16 Jun 2006, 06:46 م]ـ
بارك الله فيك وفي علمك شيخنا،وجزاك الله خيراً.
وأرجو من الأخوة اذا كان لهم اقتراح أن يدلوا برأيهم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jun 2006, 11:17 م]ـ
من الأمثلة التي ذكر بعض المفسرين أن الآية تفسر على التقديم والتأخير، وهي أمثلة تحتاج إلى دراسة وتحرير:
ما جاء في تفسير ابن عاشور: (قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله: {ولقد همّت به وهمّ بها} الآية قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير، أي تقديم الجواب وتأخير الشرط، كأنه قال: ولقد همّت به ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمّ بها.
وطعن في هذا التأويل الطبري بأن جواب {لولا} لا يتقدم عليها. ويدفع هذا الطعن أن أبا عبيدة لما قال ذلك علمنا أنه لا يرى منع تقديم جواب {لولا}، على أنه قد يجعل المذكور قبل {لولا} دليلاً للجواب والجواب محذوفاً لدلالة ما قبل {لولا} عليه. ولا مفرّ من ذلك على كل تقدير فإن {لولا} وشرطها تقييد لقوله: {وهمّ بها} على جميع التأويلات، فما يقدّر من الجواب يقدّر على جميع التأويلات.)
وقد أرفقت مسألة من بحثي للدكتوراه لها تعلق بهذا الموضوع
ـ[سلطان الفقيه]ــــــــ[17 Jun 2006, 08:06 م]ـ
جزاك الله خيراً،وبارك الله فيك وفي علمك.
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:28 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jul 2006, 04:03 م]ـ
للدكتور عبدالفتاح بن أحمد الحموز وفقه الله عناية بهذا الموضوع وله فيه بحوث منشورة. منها فيما أذكر:
التقديم والتأخير في القرآن الكريم، نشر في مجلة كلية الشريعة بالأحساء عام 1401هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم حمد]ــــــــ[06 Jan 2007, 06:09 م]ـ
السلام عليكم الأستاذ سلطان - د عامر:
قرأت ما ;كتبتماه في منتدى أهل التقسير التقديم والتأخير في القرآن الكريم
وحسب مافهمت من ردودكما من أنكما على اإطلاع أحد الرسائل على رسالة الاستاذ خلدون --سورية-- والرسالتين العراقيتين---- ورسالة المغرب
وأنا أريد هذه الرسائل فمصير موافقة القسم على موضوعي يرتبط بهذه الرسائل , حيث ان اعتزم البحث في جزء من أجزاء القرآن في مثل هذا الموضوع, ويجب أن أثبت بالدليل إختلاف رسالتي طريقة ومنهجا عن الرسائل ز
وأنا بحاجة لتلك الرسائل أو مصورة منها
فارجو أنت تراسلني عل بريدي mhsk1426@hotmail.com
سريعا وممتنة لك
أم حمد -
ـ[أم حمد]ــــــــ[08 Jan 2007, 12:49 ص]ـ
الاستاذ سلطان
مازلت انتظر ردك
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 Jan 2007, 06:12 ص]ـ
الأخت أم حمد
السلام عليكم
أريد أن أقول لك عن رسالة الدكتور محمد محمد أبو موسى وهي بعنوان "البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري وأثرها في الدراسات البلاغية---
فيها جزء مهم عن تأثر البلاغيين والمفسرين في موضوع التقديم والتأخير بالزمخشري----ربما يفيدك ما كتب في إجراء تحويرات على موضوع رسالتك---كأن تتبعي مثلا مواطن الإتفاق والخلاف في هذا الموضوع بين الزمخشري وابن عطيّة---
الرسالة عندي مطبوعة في كتاب---طبعة مكتبة وهبة---القاهرة --تليفون 3917470
ـ[أم حمد]ــــــــ[09 Jan 2007, 01:41 ص]ـ
الاستاذ سلطان مازلت انتظر المساعدة
إن كانت الرسالة السورية لديك
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2007, 09:27 ص]ـ
وفق الله الجميع ويمكن استخدام أي محرك بحث على النت لجمع المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع
بصفة عامة، أما بصفة خاصة فعلي الباحث ببرامج التفسير ثم البحث بكتابة التقديم والتأخير أو نحو هذه العبارة لتخرج
الكتب ما في بطونها من كنوز تخص هذا الموضوع.
ومن وجهة نظري أقول يكفي أن نطلب الفائدة عن أي موضوع بصفة عامة دون تحديد كل المعلومات عنه لينتفع الطالب
بخير النت ويكفى شره، ولعل شره يتمثل في وضع بعض العوائق التي حصلت من تدوييل موضوع طالب ما فأعيق
بسبب أنه سمع عن عناوين وما رأى طحنا فليتدبر.
وللمعلومية أثناء كتابة هذه السطور أفاد د. الهادي بن علي ما يلي:
أن الموضوع قد سجل في جامعة الإمام بالرياض قبل اثنى عشرة سنة تقريبا رسالة ماجستير إعداد د. محمد الزيلعي
الهندي الأستاذ المساعد بجامعة الطائف كلية المعلمين قسم الدراسات القرآنية.
ـ[رشا الزيد]ــــــــ[10 Jan 2007, 09:30 ص]ـ
بلاغة التقديم والتأخير لن تؤتي أكلها إلا بالبحث البلاغي , وإلا فهي شبيهة بجمع الأقوال دون معنى يُنال!
لأن التقديم والتأخير من اختصاص أهل اللغة , وكثيراً ما حدث التباس بين قسمي علوم القرآن والبلاغة العربية , وخاصة
في الرسائل العلمية.
ناهيك عن الذين بحثوا فيه وأشاروا إلى نكته.
وفقكم الله ,,,
ـ[أم حمد]ــــــــ[10 Jan 2007, 02:07 م]ـ
نعم يايراع ... وانا اريدها في البلاغة ,
ـ[الكشاف]ــــــــ[12 Jan 2007, 10:21 ص]ـ
وكثيراً ما حدث التباس بين قسمي علوم القرآن والبلاغة العربية , وخاصة في الرسائل العلمية
هذا صحيح، والتداخل واقع بين اختصاصي القسمين في الموضوعات البلاغية القرآنية والنحوية كذلك، والباحث الموفق هو المتقن للتخصصين، وليس أحدهما. وقد اطلعتُ على بعض الأبحاث في قسم البلاغة فيها خلل كبير في التعامل مع أصول التفسير والتعامل مع اختلاف المفسرين، مما جعل الباحث يقع في الخطأ في دراسته البلاغية المبنية على اختيار خاطئ للتفسير الصحيح، وهذه أشد من الخطأ الذي يقع فيه الباحث في الدراسات القرآنية عند كتابته في بلاغة القرآن لأن علم البلاغة يبقى من علوم الآلة، ولا بد منه للمتخصص في الدراسات القرآنية على كل حال، وإن كان المتخصصون في الدراسات القرآنية في غالبهم مقصرين في التعمق في هذا العلم القرآني في أصله.
بارك الله فيكم.
ـ[أم عاصم]ــــــــ[12 Jan 2007, 10:21 م]ـ
هناك كتاب "دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم دراسة تحليلية" للدكتور منير محمود المسيري وهو رسالة دكتوراه نشرته مكتبة وهبة – القاهرة الطبعة الأولى 1426هـ - 2005 م وقدم له الدكتور عبد العظيم المطعني الأستاذ بجامعة الأزهر والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية.(/)
برنامج تأصيلي لطلب العلم
ـ[البلقيني]ــــــــ[15 Jun 2006, 09:51 م]ـ
هذا برنامج تأصيلي لطلب العلم قد وضعته بعد طول تدبر وفكر ولم أضع فيه غالبا إلا متنا أو كتابا هو المهم إن لم يكن الأهم في بابه ومع ذلك كله يعوزه أيضا الكثير من التدقيق
علما أن وجهات النظر تختلف من شخص لآخر والغرض هو الفائدة فمن رأى فيه خللا أو استدراكا فليتفضل مشكورا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2006, 10:02 م]ـ
وفقك الله أخي الكريم
اطلعت على ما ذكرته من كتب ومتون في التفسير وأصوله فتبادر إلى ذهني أنك غير متخصص في هذا الفن - والله أعلم -.
فهل أنا مصيب في ظني؟
وكتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ للحازمي ليس في القرآن، وإنما في السنة والآثار.
وما دخل كتاب النقاية للسيوطي في برنامج أصول التفسير؟
كتاب النقاية اشتمل على أربع عشرة مقدمة لأربعة عشر علماً، ومن ضمنها مقدمة أصول التفسير التي نظمها الزمزمي.
وعلى كل حال؛ تشكر على اجتهادك، فجزاك الله خيراً، إلا أن ما ذكرته في التفسير وأصوله ليس مناسباً.
ـ[البلقيني]ــــــــ[15 Jun 2006, 11:28 م]ـ
جزاك الله خيرا وظنك في محله وقد التبس الأمر علي من منظومة الزمزمي فظننتها نظم النقاية بكامله لأني لم أطلع عليه
وجزاك الله خيرا(/)
دراسة تأصيلية لإشكالية الترادف في تفسير المفردة القرآنية
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[16 Jun 2006, 01:34 ص]ـ
بحث بعنوان:
دراسة تأصيلية لإشكالية الترادف في تفسير المفردة القرآنية ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=93&book=963)
ـ[حنان]ــــــــ[24 Jun 2006, 03:01 م]ـ
هلا افدتنا دكتورنا الفاضل هل الدراسة كتاب مطبوع أم يحث منشور، واين؟؟؟
ـ[أريام]ــــــــ[27 Jun 2006, 05:50 ص]ـ
نعم اين نجد هذا البحث؟؟؟(/)
(الداني مفسراً من خلال كتابه: المكتفى فى الوقف والابتدا) للدكتور الجكني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Jun 2006, 08:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثاً العدد (17) من مجلة كلية الآداب - بجامعة أسيوط بمصر، واشتمل هذا العدد على بحوث مختلفة، منها بحث بعنوان:
الداني مفسراً من خلال كتابه: المكتفى فى الوقف والابتدا
بين فيه الباحث الكريم أنّ للإمام أبي عمرو الداني مرويات في التفسير بلغت في هذا الكتاب وحده (126) رواية مسندة. وليت الباحث الكريم يتحفنا بطرفٍ مختصرٍ من نتائج هذا البحث الذي يتناول جانباً مهملاً من الجوانب العلمية للإمام أبي عمرو الداني رحمه الله.
ـ[الراية]ــــــــ[16 Jun 2006, 05:19 م]ـ
فائدة طيبة
بارك الله فيك
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Jun 2006, 11:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله القائل: (ولا يأتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحَقّ ِ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً) أحمده وأستعينه وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على سنّته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنَّ علمَ التفسير من أعلى العلومِ قدراً، وأعظمها خطراً؛ لشدة تعلّقه بكتاب الله تبارك وتعالى، ولقد عرف العلماء لهذا العلم قدره، فاعتنوا به أتمّ عنايةٍ، واهتموا به أيَّما اهتمام، جمعوه ووثّقوه، ونافحوا عنه أقلامَ وأغراض المبطلين، وتحريف المحرِّفين، فبيّنوا صحيحَه من سقيمِه، وما يُقبل منه فيُروى، وما يُرفض منه فيُرمى.
فنشأت المدارس التفسيرية مع مرور الزمن وتطاول العصر عن الرعيل الأوَّل، ما بين واقف عند ما رَوَى ورُوِي، لا يقبل رأياً ولا اجتهاداً، وما بين مسلِّمٍ لما روي، وغير معترض على ما رُويَ، مما لا يخالف ثابتاً من الثوابت، فرأينا مدرستي: الرواية، والدراية، أو قل: المأثور والرأي المحمود، وغدا لكل مدرسة نهجها وشيوخها وعلماؤها وكتبها.
وإنَّ ممن جمع - في جُبّة علمه بالتفسير- بين المدرستين، الإمام الحافظ عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد، المشهور بين الأنام بأبي عمرو الداني رحمه الله، إمام القراء، والذي إذا أُطلق ((الحافظ)) عندهم فهو هو.
وهذا الإمام قد غُمِضَ حقُّه لمَّا قَصَرَه الناس - وخاصة أهل هذا العصر- على جانب واحدٍ من جوانب الدراسات القرآنية، ألا وهو جانب القراءات، حتى أصبح المختص وغير المختص - إلا القليل- لا يعرف عنه إلاَّ أنه: المقرئ المحرّر لعلم القراءات.
وإيفاءً للدَّين الذي علينا - أهلَ القراءات - لعلمائنا وكبار علمائنا ممن لهم مشاركة في علوم أخرى لا تقلّ في جانبها عن علم القراءات، كتبت هذا البحثَ، غرضي الأساس منه هو بيان مكانة هذا العالم الجليل في جانب لم يشتهر به عندنا مع أنَّه كانت له صولة فيه بين أهل عصره.
هذا الجانب هو ((علم التفسير)) حيث وجدت له رحمه الله ((رواياتٍ)) كثيرة مسندة منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابة أو التابعين أو مَن بعدهم، وذلك في كتابه "المكتفى في الوقف والابتدا".
ولما كان أهمّ أقسام التفسير هو ((التفسير بالمأثور)) وهو الذي عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته باتفاق بين العلماء، وعن التابعين بخلاف ضعيف عندهم، أحببت أن أُظهر ((الداني مفسراً)) من خلال مروياته في كتابه المذكور، مكتفيًا بما رواه مُسنداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين، تاركاً ما ذكره أو نَسَبَه غير مسندٍ له، فلم أدخله في هذا البحث، وسميته:
((الداني في مفسراً من خلال كتابه "المكتفى في الوقف والابتدا)).
هذا وقد قسّمت البحث إلى: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، وفهارس عامة.
أما المقدمة: فذكرت فيها سبب الموضوع.
وأما التمهيد: وهو مدخل للبحث وفيه مطلبان:
المطلب الأوَّل: تعريف التفسير لغةً واصطلاحاً.
المطلب الثاني: أقسام التفسير.
الفصل الأوَّل: التعريف بالداني ومنهجه في التفسير من خلال كتابه "المكتفى" وفيه مبحثان:
المبحث الأوَّل: تعريف الداني بإيجاز وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأوَّل: اسمه وكنيته ولقبه ومولده.
المطلب الثاني: نشأته وطلبه للعلم ووفاته.
المطلب الثالث: شيوخه في التفسير في كتابه "المكتفى".
المطلب الرابع: مكانته في التفسير.
المبحث الثاني: منهجه في التفسير من خلال كتابه "المكتفى": وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأوَّل: اعتماده على يحيى بن سلاَّم.
المطلب الثاني: تنوّع المادة التفسيرية عنده.
المطلب الثالث: اختلاف المنهجية عنده.
المطلب الرابع: اختياراته وترجيحاته.
وأما الفصل الثاني: التفسير في كتابه "المكتفى"، فجعلته ثلاثة مطالب:
المطلب الأوَّل: التفسير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني: التفسير المأثور عن الصحابة.
المطلب الثالث: التفسير المأثور عن التابعين.
الخاتمة: أهم نتائج البحث.
الفهارس العامة.
****
للاطلاع على البحث كاملاً بحواشيه ومصادره
الداني مفسراً من خلال كتابه: المكتفى فى الوقف والابتدا ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=964)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jun 2006, 06:21 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا دكتور وبارك فيكم.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[18 Jun 2006, 11:48 م]ـ
تفسير الداني
ذَكَّرَني هذا الموضوع بشيء قرأته منذ مدة، وأود أن أنقله إلى الإخوة المهتمين بتراث الإمام أبي عمرو الداني، فقد قرأت في كتاب " الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين " تأليف الأستاذ وليد بن أحمد الحسين (ص135): وجود نسخة خطية من تفسير الداني في مكتبة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، لعل بعض الإخوة يمكنه التأكد من حقيقة هذه النسخة.
ـ[السائح]ــــــــ[19 Jun 2006, 04:45 م]ـ
جزاك الله خيرًا.
ذكر هذا الأخ الوليد الحسين في فهرسَتِه لمكتبة الشيخ عبد الرحمان بن ناصر بن سعدي رحمه الله.
فالرجاء من إخواننا من أهل القصيم عامة وعنيزة خاصة أن يُبادروا بتحرير ذلك وتحقيقه.
وإنا لمنتظرون على أحرّ من الجمر.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jun 2006, 04:55 م]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا الكريم: د/السالم وبارك في عمركم وعملكم وعلمكم ونفع بكم وأصلح لكم أمر دنياكم وآخرتكم إن ربي قريب مجيب الدعاء .... آمين
ـ[الجكني]ــــــــ[19 Jun 2006, 05:10 م]ـ
آمين يا أخي الشيخ محمود، وأدعو الله تعالى أن يستجيب دعاءكم هذا لي ولكم ولكل أحباب هذا الملتقى،وأن يعم بنفعها المسلمين
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:19 ص]ـ
أحسن الله إليكم
وننتظر منكم المزيد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jun 2006, 11:47 م]ـ
حفيد الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله يعمل في الجامعة الإسلامية حسب علمي، في كلية اللغة العربية، ويمكن سؤاله عن تفسير الداني ووجوده في مكتبة جده.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[30 Jun 2006, 10:17 ص]ـ
لم اتمكن من قراءة البحث لكني أرى إختلافا كبيرا بين عنوانه وتعريف الدكتور عبدالرحمن بالبحث فعنوانه يوحي بأنه حمع لتفسير الداني وليس لمروياته ويؤكد هذا ماذكره الباحث حفظه الله في المبحث الثاني من الفصل الأول. وفرق بين تفسيرالداني ومروياته في التفسير ولعل هذ مادفع الدكتورالفاضل غانم للسؤال عن تفسيره ولعل فضيلة الشيخ الدكتور السالم الجكني يتبع ذلك بأقوال الداني نفسه في التفسير دون مايرويه من أقوال المفسرين
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[30 Jun 2006, 10:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أحيي الدكتور الجكني على عمله المبارك خدمة لكتاب الله، ومساهمة منه في إبراز عطاءات الأندلسيين في التفسير، ومن ثم فهو عمل جدير بالاطلاع عليه وقراءته.
*وللإشارة أستاذنا وشيخا وحبيبنا الدكتور فهد الرومي حفظكم الله، أن الدكتور الجكني انطلاقا من مقدمته لعلمله يظهر أنه جمع مرويات الداني رحمه الله المسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضوان الله عليهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ومن ثم فالعمل أثارنا وأسال لعابنا للاطلاع عيه، لكن للأسف لم نتمكن من قراءته انطلاقا من الرابط الذي حدده الدكتور الجكني حفظه الله لنا، بل الرابط جاء حاملا لدرسة تأصيلية لإشكالية الترادف في تفسير المفردة القرآنية للدكتور عامر مهدي صالح العلواني (وهي دراسة قيمة)، ومن أجل ذلك أرجو الدكتور الجكني أن يعيد حمل ملف موضوعه على نفس الرابط، أو رابط آخر في ملف (وورد) حتى يسهل قراءته، ولكم من الله جزيل الشكر. والسلام عليكم
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jul 2006, 12:43 ص]ـ
الأخ العزيز الدكتور برعدي حوات حفظه الله معذرةً فالخطأ خطئي وليس خطأ الدكتور الجكني، وقد أصلحت الخلل والرابط صحيح الآن.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[01 Jul 2006, 03:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عفواً للدكتور الجكني حفظه الله ..... وشكراً جزيلاً لشيخنا وأستاذنا الحبيب الدكتور عبد الرحمن الشهري على حرصه الشديد على ملاحظة القراء والمنخرطين بهذا الموقع المبارك، من أجل خدمة كتاب الله عز وجل أولا وأخيراً، .... وعملكم هذا أستاذنا الكريم مكتوب لكم إن شاء الله تعالى في ميزان حسناتكم، راجياً من الله عز وجل أن يحفظكم كما حفظ القرآن الكريم في الصدور واللسان بين الأسنان، ويبارك في عمركم، وأهليكم وولدكم، إنه نعم المولى ونعم النصير، والسلام عليكم
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[01 Jul 2006, 01:14 م]ـ
تحية مباركة طيبة مني أرفعها لمقام الدكتور الهاشمي برعدي الحوات من جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلماته العطرة تجاه ما سطره العبد الضعيف عن الجانب التفسيري عند الداني 0
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[01 Jul 2006, 11:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية تقدير وإجلال وإكبار للدكتور الجكني حفظه الله.
لقد سررت كثيراً لما اطلعت على دراستكم القيمة حول جهود الداني في تفسير القرآ الكريم، والمعنون لديكم أعزكم الله بـ: (الداني مفسراً)، حيث قرأت بحثكم هذا أكثر من مرة، لكونه يتضمن معلومات قيمة ومفيدة لكل باحث مهتم بكتاب الله حفظاً وتفسيراً، ومن ثم فهو محكم من حيث التصور، والمنهجية والتوثيق، والتحليل ... إلخ.
لكن الذي لاحظته على العمل الدكتور الجكني أعزكم الله-رجاء أن يتسع صدركم- يمكن إجماله فيما يلي:
*يصعب الاطلاع على تفسير الداني من خلال موضوع موضوع الدراسة.
*قراءة تفسير الداني تتطلب من القارئ أن يكون في ملكه:" كتاب المكتفى في الوقف والابتدا" للداني، وإلا تعذر عليه ذلك، ومن ثم فإن الرجوع إلى الوقف والابتدا يقلل من شأن قراءة الدراسة.
*ركزتم في الدراسة على التفسير بالرواية، وهذا جميل، مع العلم أن طبيعة العمل تتطلب التخريج والتعليق والدراسة، حتى لا يظن القارئ أن ذلك مما انفرد به به الداني في الوقف والابتدا، والأمر ليس كذلك.
*مختصر تفسير يحيى بن سلام لابن أبي زمنين حققه الدكتور عبد السلام أحمد الكنوني، وقدمه رسالة جاميعة لنيل الدكتوراه من دار الحديث الحسنية بالرباط/المغرب. والتفسير السالف الذكر نشرمنه المحقق الجزء الأول الخاص بالدراسة/طبعته الأولى 1422هـ-2001م، وهو موجود في الأسواق عندنا بالمغرب.
*طبيعة عمل دراستكم القيمة هاته تتطلب منهجياً تجريدَ الرواية التفسيرية من المكتفى في الوقف والابتدا، ... أما الاكتفاء برؤوس الأقلام بالإشارة إلى عدد الروايات المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا الروايات الأخرى عن الصحابة والتابعين غير كاف بالنسبةً لطبيعة العمل.
ومهما يكن الأمر فالدراسة مباركة، قيمة أضاءت للقارئ أمورا كثيرة حول الداني وعطاءاته التفسيرية التي كانت مغمورة بين قضايا علوم القرآن والقرآت، ... راجياً من الله عز وجل للدكتور الجكني مزيداً من التوفيق والسداد والفلاح في خدمة كتاب الله عز وجل، وأن يحفظه في الحال والمآل من كل مكروه، ويبارك في عمره ليطل علينا مرة أخرى بعمل جديد آخر إنه سميع مجيب الدعاء والسلام عليكم.
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.
ـ[الجكني]ــــــــ[02 Jul 2006, 07:17 ص]ـ
جزاكم الله عني وعن الداني خير الجزاء فضيلة الدكتور الهاشمي برعدي على هذه الكلمات العطرة والجميلة والتي لا أشك لحظة في صدقها ونبل غايتها حتى أصل بالبحث إلى أفضل مما كتبته في المرة الأولي،وثق تماماً ياسيدي بأني سآخذ بكل الملحوظات القيمة التي تكرمتم بها 0
وإن كان لي من كلمة هنا فهي: إن هذا البحث المتواضع هو بحث كتب في الأساس للترقية العلمية إلى أستاذ مشارك،ومعلوم أن طبيعة هذه الأبحاث تختلف عن بحوث الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراة،لأنها شبه محددة في عدد الأوراق ما بين 40 - 50مع الفهارس 0
وبما أن لكل بحث هدفاً فإن الهدف الأساسي هنا هو ما أشرت إليه في المقدمة وهو: بيان أن للداني مشاركة في غير القراءات وخاصة التفسير،وفتحت المجال للباحثين أن يدرسوه من هذا الجانب،وفعلأ فقد اتصل بي بعض طلاب الدراسات العليا في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عن طريق شيخي وأستاذي الدكتور إبراهيم الدوسري حفظه الله،وعهدي أنه سيتقدم به للماجستير،مما جعلني أرفع يدي عنه مؤقتاً بعد أن كنت انتهيت من سورة البقرة دراسة ومقارنة بين مرويات الداني والطبري على الوجه الذي أشرتم إليه0
وعلى كل:أكرر شكري وتقديري لشخصكم الكريم على أن شرفتموني وبحثي المتواضع بهذه التوجيهات،والله يحفظكم ويرعاكم للعلم وطلابه 0
والله من وراء القصد
ـ[السائح]ــــــــ[12 Jul 2006, 03:01 م]ـ
الرجاء من إخواننا من أهل القصيم عامة وعنيزة خاصة أن يُبادروا بتحرير ذلك وتحقيقه.
وإنا لمنتظرون على أحرّ من الجمر.
احتسبوا الأجر معشر الكرام من أهل عنيزة، وبادروا بإفادتنا، فإن كتابًا في التفسير يصنفه الحافظ أبو عمرو الداني يستأهل أن يُرحل إليه ولو كان موضعه وراء بلاد الصين.
وأخشى ما أخشاه أن يكون الكتاب الذي في مكتبة الشيخ عبد الرحمان السعدي: كتابه الشهير (التيسير) لا (التفسير)، ورسم الكلمتين قريب، فليس بعيدا أن يكون قد وقع تصحيف، على أنني أرجو وأتمنى أن يكون الموجود هناك كتاب التفسير لا التيسير، لكن الأماني لا تغني، فالفزعة معشر العنيزيين والله يحسن جزاءكم.
بقي أمر آخر يحتاج إلى تحرير وتدقيق:
ذكر الأستاذ عبد الهادي حميتو في كتابه معجم مؤلفات الحافظ أبي عمرو الداني إمام القراء بالأندلس والمغرب وبيان الموجود منها والمفقود ص34 أن ابن مخلوف ذكر في شجرة النور الزكية (115/ت:315) أن لأبي عمرو الداني تفسيرا كبيرا.
ثم قال: ولم أر هذا مذكورا عند غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jul 2006, 06:16 ص]ـ
طلبت من أخي الكريم الدكتور إبراهيم الحميضي التحقق من الأمر، ووعدني بذلك لمعرفته للمكتبة وللقائمين عليها ونحن في انتظار جوابه.
17/ 6/1427هـ
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jul 2006, 11:38 ص]ـ
جزاك الله وإياه خيرا وبارك فيكما.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[11 Dec 2006, 06:35 ص]ـ
السلام عليكم
هل من جديد؟(/)
أحكام القرآن للطحاوي
ـ[عصمت الله]ــــــــ[16 Jun 2006, 09:23 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد
فقد نمي إلي أن كتاب " أحكام القرآن" للإمام أبي جعفر الطحاوي قد طبع و نشر
فهل اطلع أحد من الإخوة على الكتاب؟ و أين يوجد و يباع؟ وهل من دراسة حول الكتاب؟
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[16 Jun 2006, 10:12 ص]ـ
طبع جزء منه في مجلدين،بتحقيق الدكتور سعد الدين أونال، من منشورات مركز البحوث الإسلامية باستنبول.
ـ[السائح]ــــــــ[16 Jun 2006, 10:42 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قد كنت رأيته يباع بمكتبة الباز في مكة المكرمة.
وبلغني أنه قد بقي منه قسم لم يُطبع عند أحد الجمّاعين للكتب بتُركية.
والله أعلم.(/)
أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى: " وأقم الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[16 Jun 2006, 11:21 ص]ـ
أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى: " وأقم الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ". سورة هود آية (114)
(سبب نزولها)
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين قال الرجل ألي هذه قال لمن عمل بها من أمتي، وفي لفظ فقال: رجل من القوم يا نبي الله هذا له خاصة قال بل للناس كافة ". أخرجه البخاري رقم (4410) 4/ 1727، ورقم (503) 1/ 196، ومسلم (2763) 4/ 2115 – 2116.
أقوال العلماء
قال ابن أبي حاتم عند قوله تعالى: " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " سورة هود آية (114)
11263 حدثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله وأقم الصلاة طرفي النهار يقول صلاة المغرب وصلاة الغداة.
11264 حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو عبد الرحمن الحارثي عن قرة بن خالد عن الحسن وأقم الصلاة طرفي النهار قال الغداء والظهر والعصر وروى عن محمد بن كعب القرظي مثل قول الحسن قوله وزلفاً من الليل.
11265 حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ثنا سفيان سمع عبد الله بن أبي يزيد ابن عباس يستحب تأخير العشاء ويقرا وزلفاً من الليل.
11266 حدثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله وولفاً من الليل يقول صلاة القيام.
11267 حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا ابن عليه عن أبي رجا عن الحسن وزلفاً من الليل قال هما زلفتان صلاة المغرب وصلاة العشاء - وروى عن محمد بن كعب القرظي مثل قول الحسن الوجه الثاني.
11268 حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو نعيم عن سفيان عن منصور عن مجاهد أقم الصلاة طرفي النهار وقال صلاة الفجر وصلاة العشاء قوله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات.
11269 حدثنا احمد بن سنان ثنا يحيي بن سعيد القطان عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن مسعود ان رجلاً قال نال من امرأة قبله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن كفارتها قال فنزلت وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل قال يارسول الله هذه لي قال لمن عمل من أمتي.
11270 حدثنا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ثنا الفريابي ثنا سفيان عن ابن مسعود قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت منها كل شئ الا الجماع يعني من امرأة فانزل الله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات.
11271 حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله ان الحسنات يذهبن السيئات الصلوات الخمس وروى عن محمد بن كعب القرظي مثل قول ابن عباس.
11272 حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا أبو زرعة ثنا وهب الله بن راشد اخبرني حيوة ثنا أبو عقيل زمره بن معبد انه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان قال جلس عثمان يوماً على المقاعد وجلسنا معه فلما جاء المؤذن دعا بماء أظنه سيكون فتوضأ ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينة ما وبين صلاة الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما بينهما وبين صلاة العصر ثم العشاء غفر له ما بينهما وبين صلاة المغرب ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ثم ان قام فتوضأ ثم صلى صلاة الصبح غفر له ما بينهما وبين صلاة العشاء وهن الحسنات ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين
11273 حدثنا احمد بن عصام ثنا أبو عامر العقدي ثنا عثمان بن بسطاس مولى كثير بن الصلت قال سمعت عطاء بن دينار في قوله ان الحسنات يذهبن السيئات قال وان من الحسنات قوله سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله وهن الباقيات الصالحات.
(يُتْبَعُ)
(/)
11274 حدثنا محمد بن يحيي الواسطي ثنا محمد بن بشير ثنا سهل بن حميد عن حوشب عن الحسن قال استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات وإنكم لن تجدوا شيئا اذهب بسيئة قديمة من حسنة حديثة قال الحسن وأنا أجد تصديق ذلك في كتاب الله ان الحسنات يذهبن السيئات قوله تعالى ذلك ذكرى للذاكرين.
11275 حدثنا أبي ثنا ابن عمير ثنا سفيان ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائما وقاعداً ومضطجعاً.
11276 حدثنا محمد بن يحيي الواسطي ثنا محمد بن بشير الواعظ ثنا سهل بن حميد عن حوشب عن الحسن ذلك ذكرى للذاكرين قال هم الذين يذكرون الله في السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلاء.
تفسير ابن أبي حاتم رقم (11264 – 11276) 6/ 2091 – 2093.
قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى وأقم الصلاة طرفي النهار
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد وأقم الصلاة يا محمد يعني صل طرفي النهار يعني الغداة والعشي، واختلف أهل التأويل في التي عنيت بهذه الآية من صلوات العشي بعد إجماع جميعهم على أن التي عنيت من صلاة الغد الفجر فقال بعضهم عنيت بذلك صلاة الظهر والعصر قالوا وهما من صلاة العشي.
ذكر من قال ذلك حدثنا أبو كريب قال ثنا وكيع وحدثنا بن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن منصور عن مجاهد أقم الصلاة طرفي النهار قال الفجر وصلاتي العشى يعني الظهر والعصر.
حدثني المثنى قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد مثله.
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن منصور عن مجاهد في قوله أقم الصلاة طرفي النهار قال صلاة الفجر وصلاة العشي.
حدثني المثنى قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن أفلح بن سعيد قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول أقم الصلاة طرفي النهار قال فطرفا النهار الفجر والظهر والعصر.
حدثني الحارث قال ثنا عبد العزيز قال ثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي أقم الصلاة طرفي النهار قال الفجر والظهر والعصر.
وقال آخرون بل عني بها صلاة المغرب، ذكر من قال ذلك حدثني المثنى قال ثنا عبد الله قال ثني معاوية عن علي عن بن عباس في قوله أقم الصلاة طرفي النهار يقول صلاة الغداة وصلاة المغرب.
حدثنا محمد بن بشار قال ثنا يحيى عن عوف عن الحسن أقم الصلاة طرفي النهار قال صلاة الغداة والمغرب.
حدثني يونس قال أخبرنا بن وهب قال: قال بن زيد في قوله أقم الصلاة طرفي النهار الصبح والمغرب.
وقال آخرون عني بها صلاة العصر، ذكر من قال ذلك حدثنا بن وكيع قال ثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك في قوله أقم الصلاة طرفي النهار قال صلاة الفجر والعصر.
قال: ثنا زيد بن حباب عن أفلح بن سعيد القبائي عن محمد بن كعب أقم الصلاة طرفي النهار الفجر والعصر.
حدثني يعقوب قال ثنا بن علية قال ثنا أبو رجاء عن الحسن في قوله أقم الصلاة طرفي النهار قال صلاة الصبح وصلاة العصر.
حدثني الحسين بن علي الصدائي قال ثنا أبي قال ثنا مبارك عن الحسن قال قال الله لنبيه أقم الصلاة طرفي النهار قال: طرفى النهار الغداة والعصر
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله أقم الصلاة طرفي النهار يعني صلاة العصر والصبح.
حدثني المثنى قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن أقم الصلاة طرفي النهار الغداة والعصر.
حدثنا بن وكيع قال ثنا زيد بن حباب عن أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب أقم الصلاة طرفي النهار الفجر والعصر.
حدثنا بن بشار قال ثنا أبو عامر قال ثنا قرة عن الحسن أقم الصلاة طرفي النهار قال الغداة والعصر، وقال بعضهم بل عنى بطرفي النهار الظهر والعصر وبقوله زلفا من الليل المغرب والعشاء والصبح.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال هي صلاة المغرب كما ذكرنا عن ابن عباس، وإنما قلنا هو أولى بالصواب لإجماع الجميع على أن صلاة أحد الطرفين من ذلك صلاة الفجر وهي تصلى قبل طلوع الشمس فالواجب إذ كان ذلك من جميعهم إجماعا أن تكون صلاة الطرف الآخر المغرب لأنها تصلى بعد غروب الشمس ولو كان واجبا أن يكون مرادا بصلاة أحد الطرفين قبل غروب الشمس وجب أن يكون مرادا بصلاة الطرف الآخر بعد طلوعها وذلك ما لا نعلم قائلا قاله إلا من قال عنى بذلك صلاة الظهر والعصر وذلك قول لا نخيل فساده لأنهما إلى أن يكونا جميعا من صلاة أحد الطرفين أقرب منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفي النهار وذلك أن الظهر لا شك أنها تصلى بعد مضي نصف النهار في النصف الثاني منه فمحال أن تكون من طرف النهار الأول وهي في طرفه الآخر فإذا كان لا قائل من أهل العلم يقول عني بصلاة طرف النهار الأول صلاة بعد طلوع الشمس وجب أن يكون غير جائز أن يقال عنى بصلاة طرف النهار الآخر صلاة قبل غروبها وإذا كان ذلك كذلك صح ما قلنا في ذلك من القول وفسد ما خالفه، وأما قوله وزلفاً من الليل فإنه يعني ساعات من الليل وهي جمع زلفة والزلفة الساعة والمنزلة والقربة، وقيل إنما سميت المزدلفة وجمع من ذلك لأنها منزل بهد عرفة وقيل سميت بذلك لازدلاف آدم من عرفة إلى حواء وهي بها ومنه قول العجاج في صفة بعير ناج طواه الأين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا واختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء المدينة والعراق وزلفاً بضم الزاي وفتح اللام، وقرأه بعض أهل المدينة بضم الزاي واللام كأنه وجهه إلى أنه واحد وأنه بمنزلة الحلم، وقرأه بعض المكيين وزلفاً بضم الزاي وتسكين اللام، وأعجب القراءات في ذلك إلي أن أقرأها وزلفاً ضم الزاي وفتح اللام على معنى جمع زلفة كما تجمع غرفة غرف وحجرة حجر، وإنما اخترت قراءة ذلك كذلك لأن صلاة العشاء الآخرة إنما تصلى بعد مضي زلف من الليل وهي التي عنيت عندي بقوله وزلفاً من الليل وبنحو الذي قلنا في قوله وزلفاً من الليل قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك حدثني محمد بن عمرو قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عيسى عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله وزلفاً من الليل قال الساعات من الليل صلاة العتمة
حدثني المثنى قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا شبل عن بن أبي نجيح عن مجاهد مثله
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج عن مجاهد مثله.
حدثني المثنى قال ثنا عبد الله قال ثني معاوية عن علي عن بن عباس زلفا من الليل يقول صلاة العتمة.
حدثنا محمد بن بشار قال ثنا يحيى عن عوف عن الحسن وزلفاً من الليل قال العشاء
حدثنا أبو كريب قال ثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد قال كان بن عباس يعجبه التأخير بالعشاء ويقرأ وزلفاً من الليل
حدثنا بن وكيع قال ثنا بن نمير عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد وزلفاً من الليل قال ساعة من الليل صلاة العتمة
حدثني يونس قال أخبرنا بن وهب قال: قال بن زيد في قوله وزلفاً من الليل قال العتمة وما سمعت أحدا من فقهائنا ومشايخنا يقول العشاء ما يقولون إلا العتمة
وقال قوم الصلاة التي أمر النبي بإقامتها زلفا من الليل صلاة المغرب والعشاء
ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم وبن وكيع واللفظ ليعقوب قالا ثنا بن علية قال ثنا أبو رجاء عن الحسن وزلفاً من الليل قال هما زلفتان من الليل صلاة المغرب وصلاة العشاء.
حدثنا بن حميد وبن وكيع قالا ثنا جرير عن أشعث عن الحسن في قوله وزلفاً من الليل قال المغرب والعشاء
حدثني الحسن بن علي قال ثنا أبي قال ثنا مبارك عن الحسن قال الله لنبيه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل قال زلفاً من الليل المغرب والعشاء قال رسول الله هما زلفتا الليل المغرب والعشاء
حدثنا أبو كريب قال ثنا وكيع وحدثنا بن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن منصور عن مجاهد وزلفاً من الليل قال المغرب والعشاء.
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن منصور عن مجاهد مثله.
حدثني المثنى قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد مثله.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال قد بين الله مواقيت الصلاة في القرآن قال أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل قال دلوكها إذا زالت عن بطن السماء وكان لها في الأرض فيء وقال أقم الصلاة طرفي النهار الغداة والعصر، وزلفاً من الليل المغرب والعشاء قال فقال رسول الله هما زلفتا الليل المغرب والعشاء.
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة وزلفاً من الليل قال يعني صلاة المغرب وصلاة العشاء.
حدثني المثنى قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن أفلح بن سعيد قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول زلفا من الليل المغرب والعشاء.
حدثنا بن وكيع قال ثنا زيد بن حباب عن أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب مثله
حدثني الحارث قال ثنا عبد العزيز قال ثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي وزلفاً من الليل المغرب والعشاء.
حدثني المثنى قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن عاصم بن سليمان عن الحسن قال زلفتا الليل المغرب والعشاء.
حدثني المثنى قال ثنا إسحاق قال ثنا عبد الرحمن بن مغراء عن جويبر عن الضحاك في قوله وزلفاً من الليل قال المغرب والعشاء.
حدثنا بن وكيع قال ثنا جرير عن الأعمش عن عاصم عن الحسن وزلفاً من الليل قال المغرب والعشاء.
حدثنا بن وكيع قال ثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك وزلفاً من الليل قال المغرب والعشاء.
حدثنا بن حميد قال ثنا جرير عن عاصم عن الحسن زلفا من الليل صلاة المغرب والعشاء.
وقوله إن الحسنات يذهبن السيئات يقول تعالى ذكره إن الإنابة إلى طاعة الله والعمل بما يرضيه يذهب آثام معصية الله ويكفر الذنوب.
ثم اختلف أهل التأويل في الحسنات التي عنى الله في هذا الموضع اللاتي يذهبن السيئات فقال بعضهم هن الصلوات الخمس المكتوبات.
ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا بن علية عن الجريري عن أبي الورد بن ثمامة عن أبي محمد بن الحضرمي قال ثنا كعب في هذا المسجد قال والذي نفس كعب بيده إن الصلوات الخمس لهن الحسنات التي يذهبن السيئات كما يغسل الماء الدرن.
حدثني المثنى قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن أفلح قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول في قوله إن الحسنات يذهبن السيئات قال هن الصلوات الخمس
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن بن عباس إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس
قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن منصور عن مجاهد إن الحسنات الصلوات.
حدثنا محمد بن بشار قال ثنا يحيى وحدثنا بن وكيع قال ثنا أبو أسامة جميعا عن عوف عن الحسن إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
حدثني زريق بن السخت قال ثنا قبيصة عن سفيان عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
حدثني المثنى قال ثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن جويبر عن الضحاك في قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
حدثني المثنى قال ثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن قال الصلوات الخمس.
حدثني المثنى قال ثنا الحماني قال ثنا شريك عن سماك عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
قال ثنا سويد قال أخبرنا بن المبارك عن سعيد الجريري قال ثني أبو عثمان عن سلمان قال والذي نفسي بيده إن الحسنات التي يمحو الله بهن السيئات كما يغسل الماء الدرن الصلوات الخمس.
حدثنا بن وكيع قال ثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن بن عباس إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
حدثنا بن وكيع قال ثنا عبد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مزيدة بن زيد عن مسروق إن الحسنات يذهبن السيئات قال الصلوات الخمس.
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثني محمد بن عمارة الأسدي وعبد الله بن أبي زياد القطوني قالا ثنا عبد الله بن يزيد قال أخبرنا حيوة قال أخبرنا أبو عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان رحمه الله يقول جلس عثمان يوما وجلسنا معه فجاء المؤذن فدعا عثمان بماء في إناء أظنه سيكون فيه قدر مد فتوضأ ثم قال رأيت رسول الله يتوضأ وضوئي هذا ثم قال من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له.
ما كان بينه وبين صلاة الصبح ثم صلى العصر غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما بينه وبين صلاة العصر ثم صلى العشاء غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب ثم لعله يبيت ليلة يتمرغ ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات.
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ثنا أبو زرعة قال ثنا حيوة قال ثنا أبو عقيل زهرة بن معبد أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال جلس عثمان بن عفان يوما على المقاعد فذكر نحوه عن رسول الله إلا أنه قال وهن الحسنات إن الحسنات يذهبن السيئات
حدثنا ابن البرقي قال ثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا نافع بن يزيد ورشدين بن سعد قالا ثنا زهرة بن معبد قال سمعت الحرث مولى عثمان بن عفان يقول جلس عثمان بن عفان يوما على المقاعد ثم ذكر نحو ذلك عن رسول الله إلا أنه قال وهن الحسنات إن الحسنات يذهبن السيئات.
حدثنا محمد بن عوف قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا أبي قال ثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله جعلت الصلوات كفارات لما بينهن فإن الله قال إن الحسنات يذهبن السيئات.
حدثنا بن سيار القزار قال ثنا الحجاج قال ثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي قال كنت مع سلمان تحت شجرة فأخذ غصنا من أغصانها يابسا فهزه حتى تحات ورقه ثم قال هكذا فعل رسول الله كنت معه تحت شجرة فأخذ غصنا من أغصانها يابسا فهزه حتى تحارت ورقه ثم قال ألاتسألني لم أفعل هذا يا سلمان فقلت ولم تفعله فقال إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق ثم تلا هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل 3 إلى آخر الآية.
وقال آخرون هو قوله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
ذكر من قال ذلك حدثني المثنى قال ثنا الحماني قال ثنا شريك عن منصور عن مجاهد إن الحسنات يذهبن السيئات قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وأولى التأويلين بالصواب في ذلك قول من قال في ذلك هن الصلوات الخمس لصحة الأخبار عن رسول الله وتواترها عنه أنه قال مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار.
على باب أحدكم ينغمس فيه كل يوم خمس مرات فماذا يبقين من درنه وإن ذلك في سياق أمر الله بإقامة الصلوات والوعد على إقامتها الجزيل من الثواب عقيبها أولى من الوعد على ما لم يجر له ذكر من صالحات سائر الأعمال إذا خص بالقصد بذلك بعض دون بعض وقوله ذلك ذكرى للذاكرين يقول تعالى هذا الذي أوعدت عليه من الركون إلى الظلم وتهددت فيه والذي وعدت فيه من إقامة الصلوات اللواتي يذهبن السيئات تذكرة ذكرت بها قوما يذكرون وعد الله فيرجون ثوابه ووعيده فيخافون عقابه لا من قد طبع على قلبه فلا يجيب داعيا ولا يسمع زاجراً وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب رجل نال من غير زوجته ولا ملك يمينه بعض ما يحرم عليه فتاب من ذنبه ذلك.
ذكر الرواية بذلك حدثنا هناد بن السري قال ثنا أبو الأحوص عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا قال عبد الله بن مسعود جاء رجل إلى النبي فقال إني عالجت امرأة في بعض أقطار المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض في ما شئت فقال عمر لقد سترك الله لو سترت على نفسك قال ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه فلما آتاه قرأ عليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فقال رجل من القوم هذا له يا رسول الله خاصة قال بل للناس كافة
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا أبو كريب قال ثنا وكيع وحدثنا بن وكيع قال ثنا أبي عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إلي وباشرتها وقبلتها وفعلت بها كل شي غير أني لم أجامعها فسكت عنه النبي فنزلت هذه الآية إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فدعاه النبي فقرأها عليه فقال عمر يا رسول الله أله خاصة أم للناس كافة قال لا بل للناس كافة ولفظ الحديث لابن وكيع.
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا إسرائيل عن سماك بن حرب أنه سمع إبراهيم بن زيد يحدث عن علقة والأسود عن بن مسعود قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت فلم يقل له رسول الله شيئا فذهب الرجل فقال عمر لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه فأتبعه رسول الله بصره فقال ردوه علي فردوه فقرأ عليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن
الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين قال فقال معاذ بن جبل أله وحده يا نبي الله أم للناس كافة فقال بل للناس كافة.
حدثني المثنى قال ثنا الحماني قال ثنا أبو عوانة عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله أخذت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء غير أني لم أنكحها فاصنع بي ما شئت فسكت النبي فلما ذهب دعاه فقرأ عليه هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل
حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي قال ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت إبراهيم يحدث عن خاله الأسود عن عبد الله أن رجلا لقي امرأة في بعض طرق المدينة فأصاب منها ما دون الجماع فأتى النبي فذكر ذلك له فنزلت أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فقال معاذ بن جبل يا رسول الله لهذا خاصة أو لنا عامة قال بل لكم عامة.
حدثنا بن المثنى قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أنبأني سماك قال سمعت إبراهيم يحدث عن خاله عن بن مسعود أن رجلا قال للنبي لقيت امرأة في حش بالمدينة فأصبت منها ما دون الجماع 3 نحوه.
حدثنا بن المثنى قال ثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم البغدادي قال ثنا شعبة عن سماك عن إبراهيم عن خاله عن بن مسعود عن النبي بنحوه.
حدثني أبو السائب قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال جاء فلان بن معتب رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دخلت علي امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهله إلا أني لم أواقعها فلم يدر رسول الله ما يجيبه حتى نزلت هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات 3 الآية فدعاه فقرأها عليه.
حدثني يعقوب وبن وكيع قالا ثنا بن علية وحدثنا حميد بن مسعدة قال ثنا بشر بن المفضل وحدثنا بن عبد الأعلى قال ثنا المعتمر بن سليمان جميعا عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن بن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة شيئا لا أدري ما بلغ غير أنه ما دون الزنى فأتى النبي فذكر ذلك له فنزلت أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل ألي هذه يا رسول الله قال لمن أخذ بها من أمتي أو لمن عمل بها
حدثنا أبو كريب وبن وكيع قالا ثنا قبيصة عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد قال كنت مع سلمان فأخذ غصن شجرة يابسة فحته وقال سمعت رسول الله يقول من توضأ فأحسن الوضوء تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق ثم قال أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل 3 إلى آخر الآية.
حدثنا أبو كريب قال ثنا أبو أسامة وحسين الجعفي عن زائدة قال ثنا عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ قال أتى رجل النبي فقال يا رسول الله ما ترى في رجل لقي امرأة لا يعرفها فليس يأتي الرجل من امرأته شيئا إلا قد أتاه منها غير أنه لم يجامعها فأنزل الله هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فقال له رسول الله توضأ ثم صل قال معاذ قلت يا رسول الله أله خاصة أم للؤمنين عامة قال بل للمؤمنين عامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن رجلا أصاب من امرأة ما دون الجماع فأتى النبي يسأله عن ذلك فقرأ رسول الله أو أنزلت أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل الآية فقال معاذ يا رسول الله أله خاصة أم للناس عامة قال هي للناس عامة.
حدثنا بن المثنى قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أتى رجل النبي فذكر نحوه.
حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال ثني عمرو بن الحرث قال ثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال ثنا سليم بن عامر أنه سمع أبا أمامة يقول إن رجلا أتى رسول الله فقال يا رسول الله أقم في حد الله مرة واثنتين فأعرض عنه رسول الله ثم أقيمت الصلاة فلما فرغ رسول الله من الصلاة قال أين هذا القائل أقم في حد الله قال أنا ذا قال هل أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا قال نعم قال فإنك من خطيئتك كما ولدتك أمك فلا تعد وأنزل الله حينئذ على رسوله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل 3 الآية.
حدثنا بن وكيع قال ثني جرير عن عبد الملك عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان جالسا عند النبي فجاء رجل فقال يا رسول الله رجل أصاب من امرأة ما لا يحل له لم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا أتاه إلا أنه لم يجامعها قال يتوضأ وضوءا حسنا ثم يصلي فأنزل الله هذه الآية أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل 3 الآية فقال معاذ هي له يا رسول الله خاصة أم للمسلمين عامة قال بل للمسلمين عامة
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة أن رجلا من أصحاب النبي ذكر امرأة وهو جالس مع النبي فاستأذنه لحاجة فأذن له فذهب يطلبها فلم يجدها فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبي بالمطر فوجد المرأة جالسة على غدير فدفع في صدرها وجلس بين رجليها فصار ذكره مثل الهدبة فقام نادما حتى أتى النبي فأخبره بما صنع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم استغفر ربك وصل أربع ركعات قال وتلا عليه أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل 3 الآية.
حدثني الحرث قال ثنا عبد العزيز قال ثنا قيس بن الربيع عن عثمان بن وهب عن موسى بن طلحة عن أبي اليسر بن عمرو الأنصاري قال أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمرا فقلت إن في البيت تمرا أجود من هذا فدخلت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت أبا بكر فسألته فقال استر على نفسك وتب واستغفر الله فأتيت رسول الله فقال أخلفت رجلا غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا حتى ظننت أني من أهل النار حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ قال فأطرق رسول الله ساعة فنزل جبرائيل فقال أين أبو اليسر فجئت فقرأ علي أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل 3 إلى ذكرى للذاكرين قال إنسان له يا رسول الله خاصة أم للناس عامة قال للناس عامة.
حدثني المثنى قال ثنا الحماني قال ثنا قيس بن الربيع عن عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبي اليسر قال لقيت امرأة فالتزمتها غير أني لم أنكحها فأتيت عمر بن الخطاب فقال اتق الله واستر على نفسك ولا تخبرن أحدا فلم أصبر حتى أتيت أبا بكر رضي الله عنه فسألته فقال اتق الله واستر على نفسك ولا تخبرن أحدا قال فلم أصبر حتى أتيت النبي فأخبرته فقال له هل جهزت غازيا قلت لا قال فهل خلفت غازيا في أهله قلت لا فقال لي حتى تمنيت أني كنت دخلت في الإسلام تلك الساعة قال فلما وليت دعاني فقرأ علي أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل فقال له أصحابه ألهذا خاصة أم للناس عامة فقال بل للناس عامة.
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثني سعيد عن قتادة أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي فقال يا نبي الله هلكت فأنزل الله إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ثنا محمد بن ثور عن معمر عن سليمان التيمي قال ضرب رجل على كفل امرأة ثم أتى أبا بكر وعمرو رضي الله عنهما فكلما سأل رجلا منهما عن كفارة ذلك قال أمغزية هي قال نعم قال لا أدري ثم أتى النبي فسأله عن ذلك فقال أمغزية هي قال نعم قال لا أدري حتى أنزل الله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات.
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثني المثنى قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا شبل عن بن أبي نجيح عن قيس بن سعد عن عطاء في قول الله تعالى أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل أن امرأة دخلت على رجل يبيع الدقيق فقبلها فأسقط في يده فأتى عمر فذكر ذلك له فقال اتق الله ولا تكن امرأة غاز فقال الرجل هي امرأة غاز فذهب إلى أبي بكر فقال مثل ما قال عمر
فذهبوا إلى النبي جميعاً فقال له كذلك ثم سكت النبي فلم يجبهم فأنزل الله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل الصلوات المفروضات إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين.
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج قال أخبرني عطاء بن أبي رباح قال أقبلت امرأة حتى جاءت إنسانا يبيع الدقيق لتبتاع منه فدخل بها البيت فلما خلا له قبلها قال فسقط في يديه فانطلق إلى أبي بكر فذكر ذلك له فقال أبصر لا تكونن امرأة رجل غاز فبينما هم على ذلك نزل في ذلك أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل قيل لعطاء المكتوبة هي قال نعم هي المكتوبة فقال بن جريج وقال عبد الله بن كثير هي المكتوبات قال بن جريج عن يزيد بن رومان إن رجلا من بني غنم دخلت عليه امرأة فقبلها ووضع يده على دبرها فجاء إلى أبي بكر رضي الله عنه ثم جاء إلى عمر رضي الله عنه ثم أتى إلى النبي فنزلت هذه الآية أقم الصلاة 3 إلى قوله ذلك ذكرى للذاكرين فلم يزل الرجل الذي قبل المرأة يذكر فذلك قوله ذكرى للذاكرين. تفسير الطبري 12/ 127 - 138.
قال ابن العربي عند قوله تعالى:" وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ " اختلف في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال: الأول أنها تضمنت صلاة الغداة وصلاة العشي قاله مجاهد، الثاني أنها تضمنت الظهر والعصر والمغرب قاله الحسن وابن زيد، الثالث تضمنت الصلوات الخمس قاله ابن عباس ومجاهد، واختلفوا في صلاة طرفي النهار وصلاة الليل اختلافاً لا يؤثر فتركنا استيفاءه والإشارة إليه أن طرفي النهار الظهر والمغرب، الثاني أنهما الصبح والمغرب، الثالث أنها الظهر والعصر وكذلك أفردوا بالاختلاف زلفاً من الليل فمن قائل إنها العتمة ومن قائل إنها المغرب والعتمة والصبح، ولا خلاف أنها تضمنت الصلوات الخمس فلا يضر الخلاف في تفصيل تأويلها بين الطرفين والزلف فإذا أردنا سلوك سبيل التحقيق قلنا أما من قال إن طرفي النهار الصبح والمغرب فقد أخرج الظهر والعصر عنها، وأما من قال إنها الصبح والظهر فقد أسقط العصر، وأما من قال إنه العصر والصبح فقد أسقط الظهر، والذي نختاره أنه ليس في النهار من الصلوات إلا الظهر والعصر وباقيها في الليل فزلف الليل ثلاث في ابتدائه وهي المغرب وفي اعتدال فحمته وهي العشاء وعند انتهائه وهي الصبح، وأما طرفا النهار فهما الدلوك والزوال وهو طرفه الأول والدلوك الغروب وهو طرفه الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، والعجب من الطبري الذي يقول إن طرفي النهار الصبح والمغرب وهما طرفا الليل فقلب القوس ركوة وحاد من البرجاس غلوة، قال الطبري والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح فدل على أن الطرف الآخر المغرب ولم يجمع معه على ذلك أحد وإن قول من يقول إنها الصبح والعصر أنجب لقول النبي من صلى البردين دخل الجنة وقد قرنها بها في الآية الثالثة والرابعة قوله: " إن الحسنات يذهبن السيئات " قال ابن المسيب ومجاهد وعطاء هي: الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وقال جماعة: هي الصلوات الخمس وبه قال مالك وعليه يدل أول الآية في ذكر الصلاة فعليه يرجع آخرها وعليه يدل الحديث الصحيح الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت المقتلة وروي ما اجتنبت الكبائر وكل ذلك في الصحيح، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل عليه جبريل بالآية فدعاه فقال له: أشهدت معنا الصلاة قال نعم قال اذهب فإنها كفارة لما فعلت وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا هذه الآية قال له: قم فصل أربع ركعات والله أعلم. أحكام القرآن لابن العربي 3/ 28 – 30.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن الجوزي عند قوله تعالى: " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ "، وأقم الصلاة أي: أتم ركوعها وسجودها، فأما طرفا النهار ففي الطرف الأول قولان: أحدهما أنه صلاة الفجر قاله الجمهور، والثاني أنه الظهر حكاه ابن جرير وفي الطرف الثاني ثلاثة أقوال: أحدها أنه صلاة المغرب قاله ابن عباس وابن زيد، الثاني العصر قاله قتادة وعن الحسن كالقولين، والثالث الظهر والعصر قاله مجاهد والقرظي وعن الضحاك كالأقوال الثلاثة، " وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ " فيما للمفسرين قولان: أحدهما أنها صلاة العتمة رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس وعوف عن الحسن وابن أبي نجيح عن مجاهد وبه قال ابن زيد، والثاني أنها صلاة المغرب والعشاء روي عن ابن عباس أيضا ورواه يونس عن الحسن ومنصور عن مجاهد وبه قال قتادة ومقاتل والزجاج، وقوله: " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " في المراد بالحسنات قولان:
أحدهما أنها الصلوات الخمس قاله ابن مسعود وابن عباس وابن المسيب ومسروق ومجاهد القرظي والضحاك والمقاتلان ابن سليمان وابن حيان.
والثاني أنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر رواه منصور عن مجاهد والأول أصح لأن الجمهور عليه وفيه حديث مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ وقال: من توضأ وضوئي هذا ثم صلى الظهر غفر له ما كان بينها وبين صلاة الصبح، ومن صلى العصر غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر ومن صلى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر ثم صلى العشاء غفر له ما بينها ويبن صلاة المغرب ثم لعله أن يبيت ليلته يتمرغ ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينه وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات، فأما السيئات المذكورة هاهنا فقال المفسرون هي: الصغائر من الذنوب وقد روى معاذ بن جبل قال قلت يا رسول الله أوصني قال اتق الله حيثما كنت قال قلت زدني قال أتبع السيئة الحسنة تمحها قلت زدني قال خالق الناس بخلق حسن،
قوله تعالى: ذلك ذكرى للذاكرين في المشار إليه ب ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أنه القرآن والثاني إقام الصلاة والثالث جميع ما تقدم من الوصية بالاستقامة والنهي عن الطغيان وترك الميل إلى الظالمين والقيام بالصلاة، وفي المراد بالذكرى قولان
أحدهما أنه بمعنى التوبة والثاني بمعنى العظة ".
زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 4/ 167 - 170.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: عند قوله تعالى: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل " وأقرب الأقوال في الآية أنه أشار بطرفي النهار إلى صلاة الصبح أوله وصلاة الظهر والعصر آخره أي في النصف الأخير منه وأشار بزلف من الليل إلى صلاة المغرب والعشاء، وقال ابن كثير يحتمل أن الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس وكان الواجب قبلها صلاتان صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها وقيام الليل ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس وعلى هذا فالمراد بطرفي النهار بالصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها والمراد بزلف من الليل قيام الليل قال مقيده عفا الله عنه الظاهر أن هذا الاحتمال الذي ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله بعيد لأن الآية نزلت في أبي اليسر في المدينة بعد فرض الصلوات بزمن فهي على التحقيق مشيرة لأوقات الصلاة وهي آية مدنية في سورة مكية وهذه تفاصيل أوقات الصلاة بأدلتها المبينة لها من السنة ولا يخفى أن لكل وقت منها أولاً وآخراً أما أول وقت الظهر فهو زوال الشمس عن كبد السماء بالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس فاللام للتوقيت ودلوك الشمس زوالها عن كبد السماء على التحقيق". أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 1/ 280.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الألوسي عند قوله تعالى: " وأقم الصلاة " أي: المكتوبة ومعنى إقامتها أداؤها على تمامها وقيل المداومة عليها وقيل فعلها في أول وقتها طرفي النهار أي أوله وآخره وانتصابه على الظرفية لأم ويضعف كونه ظرفاً ووجه انتصابه على ذلك إضافته إلى الظرف وزلفاً من الليل أي: ساعات منه قريبة من النهار فإنه من أزلفه إذا قربه وقال الليث هي طائفة من أول الليل وكذا قال ثعلب وقال أبو عبيدة والأخفش وابن قتيبة هي مطلق ساعاته وآناؤه وكل ساعة زلفة وأنشدوا للعجاج ناج طواه الأين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتى احقوقفا وهو عطف على طرفي النهار ومن الليل في موضع الصفة له والمراد بصلاة الطرفين قيل صلاة الصبح والعصر وروي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك واستظهر ذلك أبو حيان بناءا على أن طرف الشيء يقتضي أن يكون من الشيء والتزم أن أول النهار من الفجر وقد يطلق طرف الشيء على الملاصق لأوله وآخره مجازا فيمكن اعتبار النهار من طلوع الشمس مع صحة ما ذكروه في صلاة الطرف الأول بجعل التثنية هنا مثلها في قولهم القلم أحد اللسانين إلا أنه قيل بشذوذ ذلك وروي عن ابن عباس واختاره الطبري أن المراد صلاة الصبح والمغرب فإن كان النهار من أول الفجر إلى غروب الشمس فالمغرب طرف مجازا وهو حقيقة طرف الليل وإن كان من طلوع الشمس إلى غروبها فالصبح كالمغرب طرف مجازي وقال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي الطرف الأول الصبح والثاني الظهر والعصر واختار ذلك ابن عطية وأنت تعلم أن في جعل الظهر من الطرف الثاني خفاء وإنما الظهر نصف النهار والنصف لا يسمى ظرفا إلا بمجاز بعيد والمراد بصلاة الزلف عند الأكثر صلاة المغرب والعشاء وروي الحسن في ذلك خبرا مرفوعا عن ابن عباس أنه فسر صلاة الزلف بصلاة العتمة وهي ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق وقد تطلق على وقت صلاة العشاء الآخرة وأغرب من قال صلاة الطرفين صلاة الظهر والعصر وصلاة الزلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وقيل معنى زلفا قربا وحقه على هذا كما في الكشاف أن يعطف على الصلاة أي أقم الصلاة طرفي النهار وأقم زلفا من الليل أي صلوات تتقرب بها إلى الله عز وجل قيل والمراد بها على هذا صلاة العشاء والتهجد وقد كان واجباً عليه الصلاة والسلام أو العشاء والوتر على ما ذهب إليه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه أو المجموع كما يقتضيه ظاهر الجمع وقد تفسر بصلاة المغرب والعشاء واختاره البعض وقد جاء إطلاق الجمع على الأثنين فلا حاجة إلى التزام أن ذلك باعتبار أن كل ركعة قربة فتحقق قرب فوق الثلاث فيما ذكر وقرأ طلحة وابن أبي إسحاق وأبو جعفر زلفا بضم اللام إما على أنه جمع زلفة أيضا ولكن ضمت عينه إتباعا لفائه أو على أنه إسم مفرد كعنق أو جمع زليف بمعنى زلفى كرغيف ورغف وقرأ مجاهد وابن محيصن بإسكان اللام كبسر بالضم والسكون في بسرة وهو على هذا على ما في البحر إسم جنس وفي رواية عنهما أنهما قرآ زلفى كحبلى وهو بمعنى زلفة فإن تاء التأنيث وألفه قد يتعاقبان نحو قربى وقربة وجوز أن تكون هذه الألف بدلا من التنوين إجراءا للوصل مجرى الوقف إن الحسنات يذهبن السيئات أي يكفرنها ويذهبن المؤاخذة عليها وإلا فنفس السيئات أعراض وجدت فانعدمت وقيل يمحينها من صحائف الأعمال ويشهد له بعض الآثار وقيل يمنعن من اقترافها كقوله تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهو مع بعده في نفسه مخالف للمأثور عن الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم فلا ينبغي أن يعول عليه والظاهر أن المراد من الحسنات ما يعم الصلوات المفروضة وغيرها من الطاعات المفروضة وغيرها وقيل المراد الفرائض فقط لرواية الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن وفيه أنه قد صح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وفي رواية تفرد يحيى بن نصير وهو من الثقات وما تأخر وصح أن صيام يوم عرفة تكفر السنة الماضية والمستقبلة وأخرج أبو داود في السنن بإسناد حسن عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما
(يُتْبَعُ)
(/)
تقدم من ذنبه ومن لبس ثوبا وقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في تكفير أفعال ليست بمفروضة ذنوبا كثيرة وقيل المراد بها الصلوات المفروضة لما في بعض طرق خبر سبب النزول من أن أبا اليسر من الأنصار قبل امرأة ثم ندم فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبروه بما فعل فقال عليه الصلاة والسلام انتظر أمر ربي فلما صلى صلاة قال صلى الله تعالى عليه وسلم نعم اذهب بها فإنها كفارة لما عملت وروي هذا القول عن ابن عباس وابن مسعود وابن المسيب والظاهر أن ذلك منهم اقتصار على بعض مهم من أفراد ذلك العام وسبب النزول لا يأبى العموم كما لا يخفى وفي رواية عن مجاهد أنها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وفيه ما فيه والمراد بالسيآت عند الأكثرين الصغائر لأن الكبائر لا يكفرها على ما قالوا إلا التوبة واستدلوا لذلك بما رواه مسلم من رواية العلاء الصلوات الخمس كفارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر واستشكل بأن الصغائر مكفرة باجتناب الكبائر بنص إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فما الذي تكفره الصلوات الخمس وأجاب البلقيني بأن ذلك غير وارد لأن المراد بالآية أن تجتنبوا في جميع العمر ومعناه الموافاة على هذه الحالة من وقت الإيمان أو التكليف إلى الموت والذي في الحديث إن الصلوات تكفر ما بينها أي يومها إذا اجتنبت الكبائر في ذلك اليوم فلا تعارض وتعقبه السمهودي بقوله ولك أن تقول لا يتحقق اجتناب الكبائر في جميع العمر إلا مع الإتيان بالصلوات الخمس فيه كل يوم فالتكفير حاصل بما تضمنه الحديث فما فائدة الاجتناب المذكور في الآية ثم قال ولك أن تجيب بأن ذلك من باب فعل شيئين كل منهما مكفر وقد قال بعض العلماء: أنه إذا اجتمعت مكفرات فحكمها أنها إذا ترتبت فالمكفر السابق وإن وقعت معا فالمكفر واحد منها يشاؤه الله تعالى وأما البقية فثوابها باق له وذلك الثواب على كل منها يكون بحيث يعدل تكفير الصغائر لو وجدت وكذا غدى فعل واحداً من الأمور المكفرة ولم يكن قد ارتكب ذنباً وفي شرح مسلم للنووي نحو ذلك غير أنه ذكر أنه صادف فعل المكفر كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر ويرد على قوله إن المراد إن تجتنبوا في جميع العمر منع ظاهر والظاهر أن المراد من ذلك أن ثواب اجتناب الكبائر في كل وقت يكفر الصغائر الواقعة فيه وفي تفسير القاضي ما يؤيده وكذا ما ذكره الإمام حجة الإسلام في الكلام على التوبة من أن حكم الكبيرة أن الصلوات الخمس لا تكفرها وأن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر بموجب قوله سبحانه إن تجتنبوا كبائر ما إلخ ولكن اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة إذا اجتنبها مع القدرة والإرادة كمن يتمكن من امرأة ومن مواقعتها فيكف نفسه عن الوقوع ويقتصر على النظر واللمس فإن مجاهدته نفسه في الكف عن الوقاع أشد تأثيرا في تنوير قلبه من إقدامه على النظر في إظلامه فهذا معنى تكفيره فإن كان عنينا ولم يكن امتناعه إلا بالضرورة للعجز أو كان قادراً ولكن امتنع لخوف من آخر فهذا لا يصلح للتكفير أصلا فكل من لا يشتهي الخمر بطبعه ولو أبيح له ما شربه فاجتنابه لا يكفر عنه الصغائر التي هي من مقدماته كسماع الملاهي والأوتار وهذا ظاهر يدل على أن الحسنات يذهبن السيئات ولا شك أن اجتناب الكبائر إذا قارن القصد حسنة وإنما قيدنا بذلك وإن كان الخروج عند عهدة النهي لا يتوقف عليه لأنه لا يثاب على الاجتناب بدون ذلك فالأولى في الجواب عن الأشكال أن يقال ما اجتنبت الكبائر في الخبر ليس قيدا لأصل التكفير بل لشمول التكفير سائر الذنوب التي بين الصلوات الخمس فهو بمثابة استثناء الكبائر من الذنوب وكأنه قيل الصلوات الخمس كفارة لجميع الذنوب التي بينها وتكفيرها للجميع في المدة التي اجتنبت فيها الكبائر أو مقيد باجتناب الكبائر وإلا فليست الصلوات كفارة لجميع الذنوب بل للصغائر فقط وهذا وإن كان خلاف الظاهر من عود القيد لأصل التكفير لكن قرينة الآية دعت للعدول عنه إلى ذلك جمعا بين الأدلة ولا بد في هذا من اعتبار ما قالوا في اجتماع الأمور المكفرة للصغائر وذكر الحافظ ابن حجر بعد نقله لكلام البلقيني ما لفظه وعلى
(يُتْبَعُ)
(/)
تقدير ورد السؤال فالتخلص عنه سهل وذلك لأنه لا يتم اجتناب الكبائر إلا بفعل الصلوات الخمس فمن لم يفعلها لم يعد مجتنبا للكبائر لأن تركها من الكبائر فيتوقف التكفير على فعلها، ولا يخلو عن بحث وممن صرح بأن ما اجتنبت إلخ بمعنى الاستثناء نقلا عن بعضهم المحب الطبري فقد قال في أحكامه اختلف العلماء في أمر تكفير الصغائر بالعبادات هل هو مشروط باجتناب الكبائر على قولين أحدهما نعم وهو ظاهر قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ما اجتنبت الكبائر فإن ظاهره الشرطية كما يقتضيه إذا اجتنبت الآتي في بعض الروايات فإذا اجتنبت الكبائر كانت مكفرة لها وإلا فلا وإليه ذهب الجمهور على ما ذكره ابن عطية وقال بعضهم لا يشترط والشرط في الحديث بمعنى الاستثناء والتقدير مكفرات لما بينها إلا الكبائر وهو الأظهر هذا وقد ذكر الزركشي أنهم اختلفوا في أن التكفير هل يشترط فيه التوبة أم لا فذهب إلى الاشتراط طائفة وإلى عدمه أخرى وفي البحر أن الاشتراط نص حذاق الأصوليين ولعل الخلاف مبني على الخلاف في اشتراط الاجتناب وعدمه فمن جعل اجتناب الكبائر شرطا في تكفير الصغائر لم يشترط التوبة وجعل هذه خصوصية لمجتنب الكبائر ولم يشترطه إلا من اشترطها ويدل عليه خبر أبي اليسر فإن الروايات متضافرة على أنه جاء نادما والندم توبة وإن إخباره صلى الله تعالى عليه وسلم له بأن صلاة العصر كفرت عنه ما فعل إنما وقع بعد ندمه لكن ظاهر إطلاق الحديث يقتضي أن التكفير كان بنفس الصلاة فإن التوبة بمجردها تجب ما قبلها فلو اشترطنا ها مع العبادات لم تكن العبادات مكفرة وقد ثبت أنها مكفرات فيسقط اعتبار التوبة معها انتهى ملخصا مع زيادة ولا يخفى أن هذا يحتاج إلى التزام القول بأن ندم أبي اليسر لم يكن توبة صحيحة وإلا لكان التكفير به لأنه السابق وبعض التزم القول بكونه توبة صحيحة إلا أنه توبة لم تقبل ولم تكفر الذنب وأنت تعلم أن في عدم تكفير التوبة الذنب مقالا والمنقول عن السبكي أنه قال إن قبول التوبة عن الكفر مقطوع به تفضلا وفي القطع بقبول توبة العاصي قولان لأهل السنة والمختار عند إمام الحرمين أن تكفير التوبة للذنب مظنون وادعى النووي أنه الأصح وفي شرح البرهان الصحيح عندنا القطع بالتكفيرة وقال الحليمي: لا يجب على الله تعالى قبول التوبة لكنه لما أخبر عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ولم يجز أن يخلف وعده علمنا أنه سبحانه وتعالى لا يرد التوبة الصحيحة فضلا منه تعالى ومثل هذا الخلاف، الخلاف في التكفير باجتناب الكبائر ونحوه هل هو قطعي أو ظني وفي كلام العلامة نجم الدين النسفي وصدر الشريعة وغيرهما أن العقاب على الصغائر جائز الوقوع سواء اجتنب مرتكبها الكبائر أم لا لدخولها تحت قوله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولقوله تعالى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها والإحصاء إنما يكون للسؤال والمجازاة إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث وخالفت المعتزلة في ذلك فلم يجيزوا وقوع التعذيب إذا اجتنبت الكبائر واستدلوا بآية إن تجتنبوا إلخ ويجاب بأن المراد بالكبائر الكفر والجمع لتعدد أنواعه أو تعدد من اتصف به ومعنى الآية إن تجتنبوا الكفر نجعلكم صالحين لتكفير سيآتكم ولا يخفى ما في استدلالهم من الوهن وجوابهم عن استدلال المعتزلة لعمري أوهن منه، وذهب صاحب الذخائر إلى أن من الحسنات ما يكفر الصغائر والكبائر إذ قد صح في عدة أخبار من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفي بعضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ومتى حملت الحسنات في الآية على الاستغراق فالمناسب حمل السيئات عليه أيضا والتخصيص خلاف الظاهر وفضل الله تعالى واسع وإلى هذا مال ابن المنذر وحكاه ابن عبد البر عن بعض المعاصرين له وعنى فيما قيل أبا محمد المحدث لكن رد عليه فقال بعضهم يقول إن الكبائر والصغائر تكفرها الطهارة والصلاة لظاهر الأحاديث وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو كان كما زعم لم يكن للأمر بالتوبة معنى وقد أجمع المسلمون على أنها فرض وقد صح أيضا من حديث أبي هريرة الصلوات كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، وفيه أن دعوى أن ذلك جهل لا يخلو عن الإفراط إذا الفرق بين القول بعموم التكفير ومذهب المرجئة في غاية الوضوح ولو صح أن ذلك ذهاب إلى قولهم للزمه مثله بالنسبة إلى التوبة فإنه يسلم أنها تكفر الصغائر
(يُتْبَعُ)
(/)