The Greek theories persisted through the Middle Ages with no advances until the end of the Renaissance. واستمرت من خلال النظريات اليونانية في القرون الوسطى مع أي تقدم حتى نهاية عصر النهضة. The French potter and philosopher Bernard Palissy (c. 1510-1589) reiterated the infiltritation theory in 1580, but his teachings were generally ignored. وكرر بوتر والفيلسوف الفرنسي برنار Palissy ( سي 1510 - 1589) نظرية infiltritation في 1580، لكن تم تجاهلها بشكل عام تعاليمه. The German astronomer Johannes Kepler (1571-1630) was man of strong imagination who linked the earth to a huge animal that takes in water of the ocean, digests and assimilates it, and discharges the end products of these physiological processes as groundwater and springs. وكان الفلكي الألماني يوهانس كبلر (1571 - 1630) رجل من الخيال القوي الذي ربط الأرض لحيوان ضخم يأخذ في مياه المحيطات، ويساعد على هضم وتستوعب ذلك، وتصريف المنتجات النهائية لهذه العمليات الفسيولوجية والمياه الجوفية والينابيع. The seawater theory of the Greeks, supplemented by the ideas of the vaporization and condensation processes within the earth, was restated by the French philosopher René Descartes (1596-1650). وكرر نظرية مياه البحر من اليونانيين، تكملها أفكار التبخر والتكثيف عمليات داخل الارض، من قبل الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (1596 - 1650). "هذه الترجمة بواسطة "جوجل "
هذه المعلومة وهي أن مياه الينابيع أصلها من ماء المطر معلومة لم يكن غير المسلمين يعلمونها وإنما علمها المسلمون قديما بسبب إيمانهم بالقران , كيف عرف النبي ذلك؟
ما يتعلق بموضوع سكن المياه في الأرض اورد ما يتعلق بالتفاسير وبعض كتب اللغة
قوله: {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ} أي: جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا (3) في الأرض قابليَّة له، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى.
وقوله: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} أي: لو شئنا ألا تمطر لفعلنا، ولو شئنا لصرفناه عنكم إلى السباخ والبراري [والبحار] (4) والقفار لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه أجاجًا لا ينتفع به لشُرب ولا لسقي لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه لا ينزل في الأرض، بل ينجَرّ على وجهها لفعلنا. ولو شئنا لجعلناه إذا نزل فيها يغور إلى مَدَى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا. ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم الماء من السحاب عذبًا فراتًا زلالا فيسكنه في الأرض ويَسْلُكُه ينابيع في الأرض، فيفتح (5) العيون والأنهار، فيسقي (6) به الزروع والثمار، وتشربون منه ودوابكم وأنعامكم، وتغتسلون (7) منه وتتطهرون
تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 470)
" أنزل من السماء " أي من السحاب " ماء " أي المطر " فسلكه " أي فأدخله في الأرضوأسكنه فيها، كما قال: " فأسكناه في الأرض " [المؤمنون: 18].
تفسير القرطبي - (ج 15 / ص 246)
ذا ثبت هذا فنقول: لا يمتنع أن يكون الماء العذب تحت الأرض من جملة ماء المطر يسكن هناك، والدليل عليه قوله تعالى في سورة المؤمنين: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأرض} [المؤمنون: 18] ولا يمتنع أيضاً في غير العذب وهو البحر أن يكون من جملة ماء المطر، والقسم الثاني من المياه النازلة من السماء ما يجعله الله سبباً لتكوين النبات وإليه الإشارة بقوله: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} إلى آخر الآية،
تفسير الرازي - (ج 9 / ص 356)
أما قوله: {فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأرض} قيل معناه جعلناه ثابتاً في الأرض
تفسير الرازي - (ج 11 / ص 174)
وسادسها: كونها خازنةً للماء المنزل، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} [المؤمنون: 18].
تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 147)
{وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ} بتقدير يكثر نفعه ويقل ضرره، أو بمقدار ما علمنا من صلاحهم. {فَأَسْكَنَّاهُ} فجعلناه ثابتاً مستقراً. {فِي الأرض وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ} على إزالته بالإِفساد أو التصعيد أو التعميق بحيث يتعذر استنباطه.
(يُتْبَعُ)
(/)
تفسير البيضاوي - (ج 4 / ص 310)
{فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأرض} كقوله {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأرض} [الزمر: 21] وقيل: جعلناه ثابتاً في الأرض فماء الأرض كله من السماء
تفسير النسفي - (ج 2 / ص 377)
. {فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأرض} كقوله: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأرض} [الزمر: 21] وقيل: جعلناه ثابتاً في الأرض
الكشاف - (ج 4 / ص 331)
{فَأَسْكَنَّاهُ فِى الارض} أي جعلناه ثابتاً قارًّا فيها {وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ} أي إزالتهِ بالإفسادِ أو التَّصعيدِ أو التَّغويرِ بحيثُ يتعذَّرُ استنباطُه
تفسير أبي السعود - (ج 4 / ص 492)
والآن نستعرض معنى السكون:
سكن: السكون ثبوت الشئ بعد تحرك، ويستعمل في الاستيطان نحو: سكن فلان مكان كذا أي استوطنه، واسم المكان مسكن والجمع مساكن، قال تعالى: (لا ترى إلا مساكنهم) وقال تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار - ولتسكنوا فيه) فمن الاول يقال سكنته، ومن الثاني يقال أسكنته نحو قوله تعالى: (ربنا إنى أسكنت من ذريتي) وقال تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) وقوله تعالى: (وأنزلنا من
السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض) فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسكن السكون وما يسكن إليه، قال تعالى: (والله
جعل لكم من بيوتكم سكنا) وقال تعالى: (إن صلاتك سكن لهم - وجاعل الليل سكنا) والسكن النار التى يسكن بها، والسكنى أن يجعل له السكون في دار بغير أجرة، والسكن سكان الدار ن حو سفر في جمع سافر، وقيل في جمع ساكن سكان، وسكان السفينة ما يسكن به، والسكين سمى لازالته حركة المذبوح،
غريب القرآن للأصفهاني - (ج 1 / ص 6 - 237)
س ك ن
سكن المتحرك، وأسكنته وسكنته، وتناسبت حركاته وسكناته. وسكنوا الدار وسكنوا فيها، وأسكنتهم الدار وأسكنتهم فيها، وهم سكن الدار وساكنتها وساكنوها وسكانها، وهي مسكنهم. وتركتهم على سكناتهم ومكناتهم ونزلاتهم: على مساكنهم وأماكنهم ومنازلهم التي كانوا فيها. واتخذ فلان طعاماً لسكان الدار وهم عمارها من الجن. وليس في دارنا ساكن. ودبر لي فلان سكنى وسكناً ونزلاً ورزقاً، لأن المكان به يسكن. وهذا مرعًى مسكن ومنزل. وساكنه في دار واحدة وتساكنوا فيها. وقعد على السكان وهو ذنب السفينة الذي به تقوم وتسكن.
أساس البلاغة - (ج 1 / ص 223)
سكن: السُّكونُ: ذهاب الحركة. سكن، أي: سكت ... سكنت الريح، وسكن المطر، وسكن الغضب.
والسَّكَنُ: المنزل، وهو المَسْكَنُ أيضاً. والسَّكَنُ: سكونُ البيت من غير ملك إما بكراء وإما غير ذلك.
والسَّكْنَ: السكان.
والسُّكْنَى: إنزالك إنساناً منزلاً بلا كراء.
العين - (ج 1 / ص 431)
سَكَنَ يَسْكُنُ سُكُوناً: إذا ذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ، وهو مُسْتَعْمَلٌ في الريْح والمَطَرِ والغَضَبِ وغيرِها. والسَّكْنُ - مَجْزُوْمٌ -: العِيَالُ وأهْلُ البَيْتِ، وهم السكّانُ أيضاً. والسَكَنُ: المَنْزِلُ وهو المَسْكَنُ. والرَّحْمَةُ. وما تَسْتَرِيْحُ إليه. والبَرَكَةُ. والنارُ. والسُّكْنى: أنْ تُسْكِنَ إنْسَاناً مَنْزِلاً. والسَّكِيْنَةُ: الوَقارُ والوَدَاعَةُ، وكذلك السكيْنَةُ - مُشَدَّدُ الكاف -. والناسُ على سَكِنَاتِهم: أي اسْتِقامَتِهم لم يَنْتَقِلُوا عن حالٍ إلى حالٍ. والمَسْكَنَةُ: مَصدَرُ فِعْل المِسْكِيْن، وتَمَسْكَنَ الرَّجُلُ، ويُقال مَسْكِيْن أيضاً. والسُّكانُ: ذَنَبُ السَّفِينة.
المحيط في اللغة - (ج 2 / ص 31)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Jun 2010, 10:38 م]ـ
أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ ( http://javascript<b></b>:ShowAyah('arb','13','17'))
لم أفهم معنى يمكث في الأرض في الآية إلا اليوم , فالصورة التي كنت أرسمها ماء منهمر وسيل جارف يحمل فوقه ما لا قيمة له كالرغوة التي تحدث من جريانه ,ولكن يمكث هنا إشارة الى الماء , وكل من يرى السيل ذاهب الى مصبه سيظن أنه إنتهى كله عند ذلك المصب من بحر أو سد , ولكن يمكث في الأرض تشير أن الماء يسلك طرسقه الى ما ينفع الناس من آبار وينابيع ومياه جوفية ,وما ينبت به الزرع ........
فأضيف معنى الآية في الإشارة الى مكوث ماء مما يجري في السيول في الأرض الى ما سبق ذكره من إجابة لسؤال يبين أن هذا الكتاب من عند من لا يغيب عنه شيء اللطيف الخبير العليم:أين يذهب الماء؟(/)
منزلة الاستشهاد بالقرآن الكريم بين مصادر الاستشهاد النحوية للدكتور محمد عبدالله عطوات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jan 2006, 07:40 م]ـ
هذا بحث ماتع للدكتور محمد عبدالله عطوات، الأستاذ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة طرابلس بلبنان. وهي تدور حول موضوع الاستشهاد بالقرآن الكريم في مسائل النحو، وتصحيح بعض الأفكار حوله. وقد نشر هذا البحث في العدد 100 من مجلة التراث العربي التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق.- رمضان 1426هـ.
[ line]
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: موازنة بين الاستشهاد بالقرآن الكريم، والاستشهاد بالشعر:
أ- إذا قارنا بين الاستشهاد بالقرآن الكريم وبين مصادر الاستشهاد الأخرى من شعرٍ وحديث وغيرهما فإننا نجد أن القرآن الكريم هو الأصل الأول لهذه المصادر، وهو الدعامة التي ترتكز. عليها مصادر الاستشهاد الأخرى.
ذلك أن الشعر العربي الجاهلي أو الإسلامي كان في نظر النحاة منبعاً يمدُّ النحو بالحياة والنمو والحركة، وعلى أساسه ملئت صفحات كتب النحو بالقواعد التي يصعب حصرها، ويصعب استيعابها، ومع ذلك فإن هذا الشعر أثر من آثار القرآن الكريم، وفضلٌ من أفضاله على النحو واللغة، ولولا القرآن الكريم ما جُمِعَ هذا الشعر وما عني به الرُّواة.
ولا أدلّ على ذلك من أن "ابن الأنباري كان يحفظ ثلاث مئة ألف بيت شاهد في القرى، الكريم ([1]) ".
والشافعي الفقيه الكبير صاحب المذهب المعروف في الفقه "كان يحفظ عشرة آلاف بيت من شعر هذيل بإعرابها، وغريبها ومعانيها ([2]) ".
وقد عَرَف للقرآن منزلته نُقَّادُ الأدب فكانوا يُصَحِّحون الشعر على هدى من أسلوب القرآن ونهجه، فأبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري (ت 487هـ) يقول في كتابه التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه" ما نصه: "وأنشد أبو علي رحمه الله للفرزدق:
فقلت ادْعي وأدع فإن أندى * لصوت أن ينادي داعيان
هذا البيت ليس للفرزدق، وقد نُسب إلى الحطيئة، ولم يروِهِ أحدٌ في شعره، والصحيح أنه لدثار بن شيبان، ودثار هو الذي حمله الزبرقان على هجاء بني بغيض
وقوله: (وأدْعُ) على توهم اللام، ولو أظهرها كان خيراً كما قال الله سبحانه وتعالى: "اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ([3]) ".
وروى صاحب "الطراز" أن ذا الرِّمَّة قال في قصيدته الحائية:
إذا غيَّر النأى المحبِّين لم يكد * رسيس الهوى من حبِّ مية يبرح
فناداه ابن شبرعة: أراه الآن قد برح، فأخذ يفكر، ثم قال:
إذا غيَّر النأى المحبين لم أجد * رسيس الهوى من حبِّ ميَّة يبرح
قال عنبسة: فحكيت لأبي القصة، فقال: أخطأ ابن شبرمة حين أنكر على ذي الرِّمَّة، وأخطأ ذو الرِّمَّة حيث غيَّر شعره لقول ابن شبرمة، إنما هذا كقول الله تعالى: "ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ([4]) "،والمعنى أنه لم يرها ولم يقارب رُؤْيتها ([5]).
والنحاة أنفسهم كانوا يؤمنون بهذا الاتجاه، ويعتقدون أن الشعر دون القرآن في موطن الاستشهاد، وفي مجال بناء القاعدة. فالفراء يقول في معرض إعرابه لقوله تعالى "وحور عين ([6]) " "والكتاب أعرب، وأقوى في الحجة من الشعر ([7]) ".
ولما كان القرآن الكريم قبله النقاد والعلماء فإننا نستغرب كيف أن بعض العلماء وفي العصر الحديث ينكر أن يكون هذا القرآن هو الأصل الأول في الاستشهاد، لأن الذي يستحق هذه المنزلة إنما هو الشعر، وذلك حيث يقول أحدهم: "ولا نزاع في أن كلام العرب هو الأصل الذي يقاس به القرآن الكريم حتى تصح الموازنة التي أوجبها التحدِّي، وما كان أصلاً يجب أن يكون الدليل المقدَّم ([8]) ".
ب ـ وإذا قارنَّا بين القرآن الكريم وبين الشعر من زاوية التوثيق ندرك أن الله تعالى سخَّر جنوده من العلماء والصحابة وأولي الرأي لحفظ النص القرآني وصيانته.
أما الشعر، وبخاصة الشعر الجاهلي، فقد أُثيرت حوله ضجَّة، وكان مصدر هذه الضجة الدكتور طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي"، فقد شكَّ في قيمة هذا الأدب الجاهلي
(يُتْبَعُ)
(/)
وألحَّ عليه الشك كما يقول ـ فأخذ يبحث ويفكر حتى انتهى به هذا كلّه "إلى شيء إن لم يكن يقيناً فهو قريب من اليقين، ذلك أن الكثرة المطلقة مما نُسَمِّيه أدباً جاهلياً ليست من الجاهلية ـ في شيءٍ، وإنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام". ثم قال: "ولا أكاد أشكُّ في أن ما بقي من الأدب الجاهلي الصحيح قليل جداً لا يمثل شيئاً، ولا يدلّ على شيء، ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي ([9]) ".
والأدلة التي اعتمد عليها في هذا الإنكار تتلخص في ما يأتي:
1 ـ الشعراء الجاهليون معظمهم ينتسب إلى قحطان، وكثرتهم كانوا ينزلون اليمن، والقلَّة منهم قد هاجرت إلى الشمال ([10])، مع أن لسان حمير في اليمن ليس هو لسان عدنان في الشمال، وقد قال أبو عمرو بن العلاء "وما لسان حمير بلساننا، ولا لغتهم بلغتنا ([11]) ".
2 ـ وينبغي على هذا أن "الشعر الذي ينسب إلى امرئ القيس أو إلى الأعشى، أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن من الوجهة اللغوية والفنية أن يكون لهؤلاء الشعراء، ولا أن يكون قد قيل، وأذيع قبل أن يظهر القرآن ([12]) ".
3 ـ إن الشعر الجاهلي العدناني لا يقوم على أساس علمي "فالرواة يحدّثوننا أن الشعر تنقَّل في قبائل عدنان. كان في ربيعة، ثم انتقل إلى قيس، ثم إلى تميم، فظلَّ فيها إلى ما بعد الإسلام أي إلى أيام بني أمية حين نبغ الفرزدق وجرير. ونحن لا نستطيع أن نقبل هذا النوع من الكلام إلا باسمين، لأننا لا نعرف ما ربيعة، وما قيس وما تميم معرفة علمية صحيحة ([13]) ".
رأي ومناقشة:
لا أريد من هذه المقارنة بين القرآن والشعر ـ من زاوية التوثيق ـ أن أهدم الشعر الجاهلي، مطمئناً إلى رأي الدكتور طه حسين في ذلك، ولو فعلت ذلك أو أردته لظلمت الحقيقة العلمية، كما ظلمها غيري، وإنما هدفي من هذه المقارنة الإشارة إلى أن توثيق الشعر الجاهلي لم يصل إلى الذروة، كما حدث في القرآن الكريم، وليس معنى ذلك أن الشعر الجاهلي مشكوك فيه، أو لم يكن له وجود قبل القرآن الكريم.
والشعر الجاهلي ـ كما قدَّمت ـ كان الغرض من جمعه خدمة القرآن الكريم، ولا يُعقل أن يخدم القرآن الكريم بشعرٍ مشكوكٍ فيه، ولا قيمة له من الوجهة اللغوية.
يدلُّ على ذلك ما قاله ابن عباس: "إذا قرأتم شيئاً من كتاب الله فلم تعرفوه، فاطلبوه في أشعار العرب، فإن الشعر ديوان العرب، وكان إذا سُئل عن شيء من القرآن أنشد فيه شعراً ([14]) ".
هنا ويجب أن نضع في أذهاننا أن الشعر الجاهلي كان يجري على ألسنة العرب الفصحاء قبل نزول القرآن الكريم، وأن العرب ما اشتهروا بالفصاحة والبلاغة إلاَّ لنبوغهم في هذا الشعر، لأنه إذا أنكرنا هذا الشعر أنكرنا إعجاز القرآن الكريم، وهو المعجزة الخالدة للإسلام، ولو أنكرنا هذا الشعر لأنكرنا القرآن الكريم نفسه، فقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى فصاحة العرب وبلاغتهم، ومن ثم تحدَّى هذه الفصاحة وهذه البلاغة في آيات عديدة تمثل ذلك.
أما كذب حمَّاد الذي اعتمد عليه الدكتور طه حسين في أنه كان "مشهوراً بالكذب، وعمل الشعر، وإضافته إلى الشعراء المتقدمين، ودسِّه في أشعارهم حتى إن كثيراً من الرواة قالوا: قد أفسد حماد الشعر لأنه كان رجلاً يقدر على صنعه، فيدس في شعر كل رجل منهم ما يشاكل طريقته فاختلط لذلك الصحيح بالسقيم ([15]) ".
فالواقع أن الاستناد إلى مثل هذه الرواية وحدها خطأ علمي فليس كل راوية "حماد" أو "خلف". وكثير من الرواة ـ كما سنبيِّنه ـ ليسوا على هذا المستوى من الكذب والنتحال.
وقد وضع الأمر في نصابه الأستاذ أحمد ضيف حيث قال:
"من المستحيل أن تكون كل هذه الأشعار أو أكثرها مخترعة أو منسوبة إلى غير قائلها بدون سبب، ولا داعٍ إلى ذلك، وذا كذب الرواة أو دسوا على بعض الشعراء شيئاً، فإن ذلك لا يمكن أن يصل إلى مقدار ما نعرفه من الشعر الجاهلي. وكيف يمكن اختراع هذا الشعر الكثير وبه من العبارات والأساليب ما يدّل على أنه بدويُّ صرف، وأيُّ إنسان يمكنه أن يحصل على هذه القدرة ليشغل وقته بذلك، وينسبه إلى غيره، وكان أولى به أن يذكره لنفسه ليفخر به" .. إلى أن قال: "أنرمي كل الرواة وعلماء اللغة والأدب بالكذب، أو نتهمهم بعدم الثقة، لأن حماداً وغيره كذب مرة أو مرتين، وهل يصحُّ أن نحكم على البلد أجمع بالمرض، لأن بها
(يُتْبَعُ)
(/)
إنساناً مريضاً؟ ([16]) ".
وأما كلمة أبي عَمْرو بن العلاء، فقد بيَّن الدكتور أحمد الحوفي المراد منها بأنها صالحة لأن يكون معناها:
1 ـ أن الحميرية الموغلة في القدم .. هي التي تغاير لغة قريش، فليست حميرية القرن الخامس الميلادي ـ وهو عهد الأدب الجاهلي المروي ـ هي المغايرة للغة قريش، لأن النصوص التي عثروا عليها في النقوش، وفيها خلاف بين اللغتين نصوص معينيّة أو سبئية أكثرها غير مؤرخ، وفي رأي "جلازر" أن أقدمها هي المعينة، وأقدم هذه يرجع إلى القرن الخامس عشر أو السادس عشر قبل الميلاد، وأحدثها يرجع إلى القرن التاسع أو الثامن قبل الميلاد.
2 ـ إن اللغتين عربيتان، ولكن التطور والمكان والزمان والأحداث والألسن ... الخ قد شققت من اللغة لهجتين بدليل قوله، ولا عربيتهم بعربيتنا، والعرب يطلقون على اللهجة اللسان ([17]) ".
ويذكر الشيخ الخضرفي هذا المجال أن طه حسين حرَّف كلمة أبي عمرو بن العلاء لهوى في نفسه ([18]).
وبيَّن الشيخ العاملي خطأ طه حسن في هذه الفكرة بأن الحميرية لغة عربية، وكانت القبائل تجتمع من جنوبيين وشماليين في أسواقها وتتفاهم دون أدنى كلفة، ويساعدهم على ذلك أن لغاتهم أو لهجاتهم على ما كانت عليه كانت متحدة في صميمها، وأن هذا الاختلاف لم يعدُ كونها لهجات للغة واحدة.
ويقدم دليلاً لما يقول في قصة وفد الحجاز عند سيف بن ذي يزن ملك اليمن، وعلى رأس ذلك الوفد سيد قريش عبد المطلب بن هاشم يخطب ببيانه القرشي العدناني، وسيد اليمن يصغي إليه، ويسمع شاعر الوفد أُميَّة بن أبي الصلت ينشد قصيدته بلهجة الفصحى، والملك يُصغي طروباً لا يجد غرابةً في ذلك ([19]).
وفي هذه الأدلة التي سجَّلتها في هذا المقام ردود ملجمة لدعوى الدكتور طه حسين في إنكار الشعر الجاهلي.
وأُضيف ـ في الردِّ على الدكتور طه حسين ـ إلى الأدلة السابقة ما يأتي:
1 ـ رواة الشعر الجاهلي لم يكونوا في غفلة عن نسبة هذا الشعر إلى قائليه، فكان لهم إلمام واسع بهذا الشعر وبأساليبه وبقائليه، ويتحرّون الأمانة فيه. والأصمعي يقول: "سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لقي الفرزدق في المربد، فقلت يا أبا فراس: أحدثت شيئاً؟
قلت شيئاً؟ قال: فقال: خذ، ثم أنشدني:
كم دون ميَّة من مستعجلٍ قُذُفٍ * ومن فلاة بها تستودع العيس ([20])
قال: فقلت سبحان الله: هذا للمتلمس، فقال: التمسها فَلَضوالّ الشعر أحبّ إليّ من ضوالّ الإبل ([21]) ".
والكسائي، يتحدث الفرَّاء عنه فيقول: "دخلت عليه وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ قال: هذا الملك "يحيى بن خالد" يوجِّه إليِّ ليحضرني فيسألني عن الشيء، فإن أبطأت في الجواب الحقني منه عتب، وإن بادرت لم آمن الزلل .. فقلت له: يا أبا الحسن: من يعترض عليك؟ قل ما شئت فأنت الكسائي؟!
فأخذ لسانه وقال: قطعه الله إذن إذا قلت ما لا أعلم ([22]) ".
والأصمعي لم يحتج بشعر ذي الرِّمَّة لكثرة ملازمته الحاضرة ففسد كلامه ([23]).
2 ـ نرجح أن بعض الشعر الجاهلي كان مدوَّناً، ولاسيما المعلَّقات، ذلك أنه كان يوجد في العرب من يجيد الكتابة والقراءة، ولكنهم ليسوا جميعهم أميين. أمَّا وصف العرب بالأمية في قوله تعالى: "وقل للذين أوتوا الكتاب والأُميين أأسلمتم؟ " ([24])،وقوله تعالى: "ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأُمِّيين سبيل" ([25])، وقوله تعالى أيضاً: "هو الذي بعث في الأُميِّين رسولاً" ([26])، فليس المقصود الأُمية الكتابية ولا العلمية، ,إنما يعني الأميَّة الدينيّة، أي أنهم لم يكن لهم قبل القرآن كتاب ديني، والدليل على ذلك قوله تعالى: "ومنهم أُمِّيُّون لا يعلمون الكتاب إلاَّ أمانيَّ ([27]) ".
وإذا كان بعض الشعر الجاهلي قد وصلنا مكتوباً مدوَّناً، وكُتب بيد الجاهليين أنفسهم فلا داعي للإنكار، وقد أثبت القرآن الكتابة للعرب فقال: "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها ([28]) "
كما أثبت لهم القراءة فقال: "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجِّر من الأرض ينبوعاً"، إلى قوله تعالى: "أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تُنزل علينا كتاباً نقرؤُه ([29]) ".
ويتضح لنا أن الدكتور طه حسين كان يؤمن بأن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يجب أن تدرس الحياة الجاهلية في مرآته، حيث يقول: "فالقرآن أصدق مرآة للعصر الجاهلي ([30]) ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المعلوم لدى الدكتور أنه من غير المعقول أن يقوم الشعراء بتأليف الشعر. وهو مجهود عقلي يحتاج إلى وقت من غير أن يكون لدى الشاعر صحيفة يكتب فيه شعره ليعاوده مرة بعد مرَّة ومن ثم قال جويدي: "إن قصائد القرن السادس الميلادي لجديرةٌ بالإعجاب، تُنْبِئ بأنها ثمرة صناعية طويلة، فإن ما فيها من كثرة القواعد والأصول في لغتها، ونحوها، وتراكيبها وأوزانها يجعل الباحث يؤمن بأنه لم تستوِ لها تلك الصورة الجاهلية إلاَّ بعد جهود عنيفة بذلها الشعراء في صناعتها ([31]) ".
وهذا الجاحظ يدلي برأيه في هذه المشكلة فيقول: "ومن شعراء العرب من كان يدع القصيدة تمكث عنده زمناً طويلاً، يردِّد فيها نظره، ويجيل فيها عقله، ويقلِّب فيها رأيه اتهاماً لعقله، وتتبعاً على نفسه فيجعل عقله زماماً على رأيه، ورأيه عياراً أعلى شعره، إشفاقاً على أدبه، وإحرازاً لما خوَّله الله من نعمته، وكانوا يسمُّون تلك القصائد الحوليات والمقلدات، والمحكمات، ليصير قائلها فحلاً حينئذ، وشاعراً مغلقاً ([32]) ".
وأوضح الأدلة على كتابة العشر الجاهلي المعلقات "فقد ذهب الأكثرون من العلماء إلى أنها استمدَّت تسميتها من تعليقات على الكعبة ([33]) ".
وعلى الرغم من أن الدكتور الحوفي يرفض "رأي القائلين بتعليقها على الكعبة جملة وتفصيلاً ([34]) ". حيث قال: "كيف نصدق أن العرب كتبوا هذه القصائد بماء الذهب على القباطي، وهم كانوا أمة أُميَّة ندر فيها من يقرأ ويكتب، وهل من المعقول أن ينبغ فيهم من يجيد الكتابة، حتى يكتب بماء الذهب على القباطي؟ وماذا يدعوهم لكتابة هذه القصائد، وتعليقها على الكعبة ما دامت الأميَّة فاشية فيهم ([35]) ".
وعلى الرغم من هذا الرفض فإننا نؤمن بالاتجاه الذي يقول: إنها علقت على الكعبة، أما دليل الدكتور الحوفي فقد نقضناه حينما أثبتنا أن العرب ليسوا أميين بشهادة القرآن نفسه.
وقد كانت الكعبة مقدسة لدى العرب، وكان هذا التقديس في نفوسهم يدفعهم إلى تعليق ما كثرت قيمته عندهم. فهذه القصائد كانت لديهم ذات قيمة فعلَّقوها كما علَّقوا غيرها.
وظل هذا التعليق سنَّة متبعة، وعرفاً لا ينكر. حدَّث محمد بن يحيى عن الواقدي عن أشياخه قال: "لما فتح عمر بن الخطاب رضى الله عنه مدائن كسرى كان ممَّا بُعِثَ به إليه هلا فبعث بهما فعلقهما في الكعبة ... وكان هارون الرشيد قد وضع في الكعبة قصبتين علَّقهما مع المعاليق في سنة ستِّ وثمانين ومئة، وفيها بيعة محمد وعبد الله ابنيه، وما عقد لهما وما أخذ عليهما من العهود ([36]) ".
وأعتقد بوجود إجماع على إعجاز القرآن وبلاغته، وأن النحو القرآني جاء على سنن ما تنطق به العرب، وباختصار فإن القرآن يتميز بقوِّة لا تجارى، وبلاغة لا تنازع، وفصاحة لا تبارى، وأضيف القول: إن هذه الأدلة كلَّها تثبت أن العصر الجاهلي لم يكن خيالاً، وإنما كان حقيقة واقعة، وتاريخاً ينطق بالحق والبرهان.
3 ـ عيوب الشعر الجاهلي:
لا نعني بالدفاع عن الشعر الجاهلي وقيمته التاريخية أنه كان خُلْواً من العيوب، بريئاً من النقد، ومن هذه الناحية لا نستطيع أن نضعه بجانب القرآن الكريم في مجال الاستشهاد به على اللغة والنحو، وإنما نضعه في منزلة تلي منزلة القرآن الكريم. أما عيوب هذا الشعر فقد تجرَّد لها العلماء منذ زمنٍ قديم محاولين الكشف عنها بما أُوتوه من خبرة، تضع الموازين القسط لهذا الشعر، وتقيم الأسس التي تبيّن خطأه أو صحته.
ومن النقاد الذين قاموا بهذه النقد أبو العلاء المعرِّي، فقد ذكر المعرِّي بشأن البيتين التاليين اللذين تنطوي عليهما معلَّقة عمر بن كلثوم:
تصدُّ الكأس عنَّا أُمُّ عمرو * وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شرّ الثلاثة "أُمَّ عمرو" * بصاحبك الذي لا تَصبحينا
أن أُم عمرو هذه قينة من قيان الجنة. فلما سألها السامعون عن هذين البيتين، أَلعمرو بن عدي هما أم لعمرو بن كلثوم؟ أجابت: أنا شهدت نَدْمَانَي جذيمة مالكاً وعقيلاً، وصبحتهما الخمر المشعشعة لما وجدا "عمرو بن عدي" فكنت أصرف الكأس عنه، فقال هذين البيتين، فلعلَّ عمرو بن كلثوم حسَّن بهما كلامه واستزادهما في أبياته ([37])، ونستطيع أن نرجع عيوب الشعر الجاهلي إلى الأمور الآتية:
1 ـ التصحيف:
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كثر هذا في الشعر العربي، وهذا يدلّ على أن الشعر العربي كان مسجَّلاً في صحفِ أو في دواوين يٌقرأ منها. "يُروى أن الأصمعي قُرئَ عليه يوماً في شعر أبي ذؤَيب:
بأسفل ذات الدير أفرد جحشها ([38])
فقال أعرابي حضر المجلس: ضلَّ ضلالك أيها القارئ إنما هي "ذات الدَّبر" وهي ثنية عندنا، فأخذ الأَصمعي بذلك فيما بعد ([39]) ".
والقرآن الكريم بقراءاته العديدة مرجعه الرواية والنقل، وقد عيب على هؤلاء الذين يعتمدون على خط المصحف في قراءة القرآن.
2 ـ الاضطراب في رواية هذا الشعر:
لقد وصل إلينا الشعر العربي عبر روايات عديدة، وفي كل رواية كانت تقوم القاعدة وتبنى الأصول، مما أدى إلى اضطراب هذه القواعد، فالكوفيون مثلاً يجوزون تأكيد النكرة المحدودة بألفاظ الشمول ويستدلّون بقول الشاعر:
يا ليت عدة حول كلّه رجبُ
ولو علمنا أن الرواية في البيت بنصب رجب، وأن النحاة غيروا رواية البيت ليتفق مع المشهور من لغة العرب لعرفنا كيف يكون الاضطراب في رواية هذا الشعر، فالقصيدة التي منها هذا البيت كما ذكر ياقوت في معجم البلدان لعبد الله من مسلم بن جندب الهذليّ قالها حينما منعه الحسن بن زيد والي المدينة من إمامة الناس فقال له: أصلح الله الأمير، لِمَ منعتني مقامي، ومقام آبائي وأجدادي من قبل؟ فقال: ما منعك إلاَّ يوم الأربعاء، يريد قوله:
يا للرجال ليوم الأربعاء أَمَا * ينفكَّ يحدث لي بعد النهى طربَا
إلى أن قال:
لكنه شاقه أن قيل ذا رجب * يا ليت عدة حولٍ كلُّه رجبا
ونصب رجب جاء على لغة العرب الذين ينصبون المبتدأ والخبر جميعاً بعد إن ([40]).
والرواية في مجال القرآن وقراءاته موثقة تقوم على سندٍ متين لا يتسرَّب إليه الشك ولا يعتريه الريب.
3: وقد يعتمد الشاعر الضرورات في شعره، لأن الوزن وقيوده، والقافية وروِّيها، ومراعاة الموسيقى بين الكلمات أمور يضعها الشاعر نصب عينيه، ومن أجلها قد يخرج عن القاعدة، ويتنكَّب عن الجادّة، ويجوِّز ما لم تجوِّزه أساليب العربية. يقول الشيخ بهاء الدين: "إن كل ضرورة ارتكبها شاعر قد أخرجت الكلمة عن الفصاحة ([41]) ".
ومن الأمثلة على ذلك قول ابن هشام: لا تظهر أَن بعد كَيْ ([42]) إلاّ في الضرورة كقوله:
فقالت: أَكلُّ الناس أصبحت مانحاً * لسانك كيما أن تغرَّ وتخدعا ([43])
ومن ذلك ثبوت الحرف مع الجازم في نحو قوله:
وتضحك منِّي شيخة عبشمية * كأَن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا ([44])
ومن ذلك الإتيان بضميرٍ منفصل في موضعٍ يجب فيه اتصاله كقول:
بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت * إياهم الأرض في دهر الدهاريرِ
ومن ذلك تقديم المستثنى وعامله على المستثنى منه كقوله:
خلا الله لا أرجو سواك وإنما * أعد عيالي شعبةً من عيالكا ([45])
والقرآن الكريم ليس موضع ضرورات.
4: كثرة الأبيات المجهولة:
والشعر العربي كثرت فيه الأبيات المجهولة النسب، فزيادة أن بعد كي بهذا البيت المجهول القائل:
أردت لكيما أن تطير بقربتي * فتتركها شَنّاً ببيداء بلقع
لا يمكن أن نضعه بمنزلة آية من آيات الله قرئت بوجه ما، وبرواية مسلسلة معروفة لا تمتد إليها الجهالة أو الشك.
ومن العجيب أن بعض النحويين يستدلُّون بشطر بيت لا يُعرف شطره الآخر "كالشاهد الذي يحتجُّون به على جواز دخول اللام في خبر لكن، وهو قول القائل المجهول:
ولكنني من حُبِّها لعميد ([46]) ".
ومع ذلك نجد هؤلاء النحويين يقفون من بعض قراءات القرآن التي لم يجهل سندها موقف النقد والمعارضة كما فعل الزمخشري في قراءة ابن عامر.
5: كثرة الأبيات المدسوسة أو المنحولة:
لقد وضع بعض رواة الشعر أشعاراً، ودسُّوها في القصائد ونسبوها إلى غير أصحابها، كحمَّاد الذي "كان ينحل شعر الرجل غيره، ويزيد في الأشعار ([47]) ". وقد قال يونس عنه: "العجب لمن يأخذ عن حمَّاد، كان يكذب، ويلحن، ويكسر ([48]) ".
وابن دأب الذي كان "يصنع الشعر، وأحاديث السمر، وكلاماً ينسبه إلى العرب ([49]) ".
وخلف الأحمر الذي تحدث عن نفسه فقال: "أتيت الكوفة لأكتب عنهم الشعر فبخلوا عليَّ به، فكنت أعطيهم المنحول، وآخذ الصحيح، ثم مرضت، فقلت لهم: ويلكم: أنا تائب إلى الله، هذا الشعر لي، فلم يقبلوا منِّي، فبقي منسوباً إلى العرب لهذا السبب ([50]) ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان هذا الشعر المدسوس يعتمد عليه النحاة في استنباط القاعدة واستخراج الأصول حتى كتاب سيبويه لم يخلُ من وبائه أو يسلم من شرِّه، فقد "وضع المولودون أشعاراً، ودسُّوها على الأئمة، فاحتجُّوا بها ظنَّاً أنها للعرب، وذكر أنه في كتاب سيبويه منها خمسين بيتاً، وأن منها قول القائل.
أعرف منها الأنف والعينانا * ومنخرين أشبها ظبيانا ([51]) "
6: الإقواء:
ومن عيوب الشعر الإقواء، وهو اختلاف حركة الرويّ، وزعموا أن بعضاً من الشعراء القدماء قد وقعوا في هذا العيب، ويروون لهذا قصة عن النابغة الذبياني ويقولون: "إنه نظم قصيدته التي مطلعها:
أَمِن آلِ ميَّة رائحٌ أو مغتدي * عجلان ذا زادٍ، وغير مزوَّد
وجعل حركة الرَّويّ في أبياتها الكسرة إلاَّ في بيتٍ قال فيه:
زعم البوارح أن رحلتنا غداً * وبذاك حدَّثَنا الغراب الأسود ([52]) "
وينكر الدكتور إبراهيم أنيس هذا العيب في الشعر الجاهلي فيقول: "وعندي أنه لو صحَّت مثل هذه الروايات يجب أن تُعَدَّ خطأً نحوياًن لا خطأً شعرياً، فالشاعر صاحب الأذن الموسيقية والحريص على موسيقى القافية لا يعقل أن يزل في مثل هذا الخطأ الواضح الذي يدركه حتى المبتدئون في قول الشعر ([53]) ".
وفي رأيي أن خطأ النابغة في الشعر أسهل من خطئه في النحو، لأن العربيّ لا يخطئ في اللغة، لأنه يتكلمها سليقة وطبعاً وبخاصة في مجال القول، والنابغة الذبياني صاحب هذا الخطأ النحوي ـ كما يقول الدكتور أنيس ـ كانت "تضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء، فتعرض عليه أشعارها ([54]) ".
كيف يخطئ النابغة في النحو، وهو الناقد للشعر، بل الحَكَم بين الشعراء؟ على أن النابغة ليس أول من ٌأقوى من الشعراء "فقد قيل لأبي عمرو بن العلاء: هل أقوى أحد من فحول شعراء الجاهلية كما أقوى النابغة؟ قال: نعم بشر بن أبي خازم، قال:
ألم تَرَ أَنَّ طول الدهر يسلى * وينسى مثل ما نَسِيَتْ جذام
وكانوا فوقنا فبغوا علينا * فسقناهم إلى البلد الشآمي ([55]) "
وقال قدامة بن جعفر: "وقد ركب بعض الفحول الإقواء في مواضع منها قول سحيم بن وئيل الرياحي:
عذرت البُزْلَ إن هي خاطرتني * فما بالي، وبال ابن اللبونِ
وماذا تدَّرِى الشعراء مني * وقد جاوزت حدَّ الأربعينَ
فنون الأربعين مفتوحة، ونون اللبون مكسورة ([56]) ".
وكما أقوى بعض شعراء الجاهلية أقوى بعض شعراء الإسلام كجرير الذي روي أنه قال:
عرين من عرينة ([57]) ليس منَّا * برئت إلى عرينة من عرين
عرفنا جعفراً وبني عُبَيْد * وأنكرنا زعانف آخرينا ([58])
ومالي أذهب بعيداً وقد ذكر صابح القاموس في مادة (قوى) ما نصه: "وقلت قصيدة لهم بلا إقواء ([59]) ".
وفي هذه النصوص التي قدمتها ما يدل على أن الإقواء ليس بدعاً، وليس مقصوراً على النابغة وحده، وإنما شارك في ذلك شعراء سابقون ولاحقون، وهل يقال عن هؤلاء جميعاً إنهم يخطئون في النحو، والنحو من كلامهم أُخذ؟ فعلى أيِّ الشعراء إذاً نعتمد في تقعيد القواعد، واستخراج الأصول؟
على أنه كان من الممكن للدكتور إبراهيم أنيس أن يخرج من هذا المأزق كما خرج منه نقَّاد الأدب فيقول كما قال قدامة في هذا الإقواء: إن الشاعر: "وقف القوافي فلم يحركها ([60]) "، أو كما قال الدكتور عبد الله الطيب في هذا الموضع: "ويظهر أن الأذواق الجاهلية كانت تقبل هذا، ولعلَّ السبب في قبولها له أنهم كانوا يقفون كثيراً بالسكون في القوافي المطلقة، فيقولون: مزوَّد، والأسود ([61]) ".
وبعد، أليس هذا القول أجدى وأولى من أن يقال: إن الشاعر الجاهلي أخطأ في النحو؟
7: الخلط بين القبائل في جمع هذا الشعر:
وحينما جمع الشعر العربي من أفواه الرجال، أو من صفحات الكتب لم يُعْنَ الرواة بإسناد كل شعر إلى القبيلة التي ينتمي إليها الشاعر، ومن ثَمَّ فإننا نجد في الشعر لهجات عديدة، ولغات مختلفة، ولم يحاول النحاة حينما وضعوا قواعدهم أن يميزوا بين القبائل، وأن يضعوا لكل قبيلة قواعدها الخالصة في مرآة شاعرها أو شعرائها.
إنهم لو فعلوا ذلك لأراحونا من هذا الاضطراب والتناقض في وضع القواعد.
من أجل هذه العيوب كلِّها التي أجملناها في هذا المقام نرى أن القرآن الكريم هو المصدر الذي يجب أن نتجه إليه في كل قاعدة نقيمها، وفي كل حكم نصدره، وفي كل أسلوب ننشئه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: موازنة بين الاستشهاد بالقرآن، والاستشهاد بالحديث الشريف:
لم يكن الاستشهاد بالحديث الشريف موضع اتفاقٍ بين النحاة، فأبو الحسن بن الضائع وأبو حيَّان ذهبا إلى أن الاحتجاج بالحديث في الدراسات النحوية واللغوية لا يجوز. قال ابن الضائع في شرح الجمل: "تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة ـ كسيويه وغيره ـ الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث، واعتمدوا في ذلك. على القرآن الكريم، وصريح النقل عن العرب، ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي (صلى الله عليه وسلم)، لأنه أفصح العرب ([62]) ".
ويرى آخرون خطأ هذا الرأي، ذلك لأنه مهما أنكر النحاة هذا الاحتجاج بالحديث، فإن إنكارهم يفقد قيمته إذا عرفنا أن الرواة كانوا يتحرون ويضبطون الأحاديث حتى لا يزيدوا فيها، أو ينقصوا منها أو يُغَيِّروا في كلماتها، وهي في ميدان التوثيق والضبط أقوى من الأشعار التي صُنِعت أو دُست، أو الأشعار الحائرة التي لا تعرف لها أباً ولا جدّاً.
على أن بعض العلماء كالإمام أبي حنيفة كانوا لا يجوّزون "نقل الحديث إلاَّ باللفظ دون المعنى. وممَّا يروى عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: لا ينبغي للرجل أن يحدِّث من الأحاديث إلا بما حفظه من يوم سمعه إلى يوم يحدث به ([63]) ".
وعلى الرغم من رأي المدافعين عن الاستشهاد بالحديث فإن ـ ثغرة ـ الرواية بالمعنى لا تؤهلها للوصول إلى مستوى الاستشهاد بالقرآن الكريم في باب التوثيق ومجال القاعدة، واستنباط الأصول اللغوية والنحوية.
ثالثاً: آراء العلماء في الاستشهاد بالقرآن وأثره في النحو واللغة:
وأرغب في نهاية هذا البحث تسجيل آراء بعض العلماء في فضل القرآن الكريم على اللغة، وأثره في النحو لأبيِّن أنني لست وحدي صاحب هذا الاتجاه، أو رائد هذا الميدان، وذلك في ما يلي:
1 ـ إن أمماً كثيرة تركت لغتها تتطور وتفرَّع إلى لغات كثيرة دون أن تعنى بضبطها، والوقوف في سبيل تطورها ولكن علماء الإسلام عنوا بضبط لغتهم من أجل المحافظة على القرآن الكريم، فنشأت هذه الظاهرة العجيبة، وهي أنه لو قُدِّر أن يحيا اليوم رجل مات منذ ألف سنة فسمح المتحدِّثين بالعربية لما أنكرها، ولفهمها ([64]).
2 ـ إن هذا الكتاب السماوي ـ القرآن الكريم ـ منارة تتلألأ يهتدي بها العاملون لإرساء قواعد اللغة، وإبقائها في سلامة وصحة، وأنا أعتقد أن كل تيسير، وكل أمر ينزع بنا بعيداً عن هذه المنارة المتلألئة التي نقدر جميعاً بإيمان أنها كانت سبباً في نشر اللغة، وفي ربطها بشعوب كبيرة، كل تيسير ينأى بنا عن قواعد وأصول هذه المنارة لا يؤبه له، ولا يعمل به ([65]).
3 ـ لولا القرآن الكريم لكان من المشكوك فيه كثيراً أن يتوافر العلماء على وضع علم النحو، وعلوم البلاغة، واستقصاء المفردات وتحرِّي مصادر الفصيح والدخيل ....
ومما لا خوف فيه أن اللغة العربية نشطت هذا النشاط، وتقدمت هذا التقدم لأنها لغة كتاب مقدس يدين به المسلمون، وهو القرآن الكريم ([66]).
4 ـ لولا هذه العربية التي حفظها القرآن الكريم على الناس، وردهم إليها، وأوجبها عليهم لما اطردَّ التاريخ الإسلامي، ولا تراخت به الأيام إلى ما شاء الله ([67]).
يقول المعجم الفرنسي الكبير: "إن اللغة تشارك الأمة أقدارها، فإذا ضعفت الأمة وتهافتت ماتت اللغة، ولا أمَل في بعثها بعد أن تموت".
أما اللغة التي تبقى بعد تفرُّق أمتها، فهي التي أودعتها السماء رسالة أو التي أودعها الشعراء والأدباء والعلماء أفكاراً سامية.
ولغتنا العربية تجمع بين رسالة السماء، ورسالة الأرض فيها شعر خالد، وفيها نثر خالد، وفيها القرآن الكريم ([68]).
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: الكتب:
1 ـ القرآن الكريم
2 ـ أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية للدكتور بدوي أحمد طبانة. طبة 1952م.
3 ـ أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار لأبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي. المطبعة الماجدية بمكة المكرمة.
4 ـ الأسس المبتكرة لدراسة الأدب الجاهلي لعبد العزيز مزروع الأزهري. مطبعة العلوم.
5 ـ الاقتراح للسيوطي (ت 911 هـ/ 1505م) طبعة الهند.
6 ـ أمالي المرتضى للشريف المرتضى، علي بن حسين العلوي (ت 436هـ/ 1044م)، تحقيق محمد أبي الفضل. مطبعة الحلبي. طبعة أولى.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 ـ البيان والتبين للجاحظ (ت 255هـ/ 868م)، تحقيق عبد السلام هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، طبعة ثانية.
8 ـ تاريخ آداب العرب للرافعي. طبعة ثانية، سنة 1940م.
9 ـ تحت راية القرآن لمصطفى صادق الرافعي، مطبعة الاستقامة.
10 ـ التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه للبكري. دار الكتب، طبعة أولى، سنة 1926م.
11 ـ حاشية الخضري على ابن عقيل. مطبعة الحلبي.
12 ـ الحياة العربية من الشعر الجاهلي: الدكتور أحمد الحوفي. طبعة أولى، مطبعة نهضة مصر بالفجالة.
13 ـ خزانة الأدب للبغدادي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون. المطبعة السلفية، سنة 1347هـ.
14 ـ شرح ابن عقيل، مطبعة الحلبي.
15 ـ شرح الأشموني، تحقيق الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة الحلبي.
16 ـ طبقات الشعراء لابن سلاَّم. المطبعة المحمودية.
17 ـ الطراز: يحيي بن حمزة بن علي إبراهيم العلوي. مطبعة المقتطف بمص، سنة 1924م.
18 ـ العمدة في صناعة الشعر ونقده لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني (ت 463هـ). طبعة أولى، مطبعة أمين هند.
19 ـ الغزالي: أحمد فريد رفاعي، مطبوعات دار المأمون، المجلَّد الثاني.
20 ـ الفن ومذاهبه في الشعر العربي: الدكتور شوقي ضيف. طبعة دار المعارف.
21 ـ في الأدب الجاهلي: الدكتور طه حسين. مطبعة دار المعارف.
22 ـ القاموس المحيط: مجد الدين الفيروز أبادي (ت 817هـ). مطبعة دار المأمون طبعة رابعة.
23 ـ لسان العرب: ابن منظور (ت 711هـ/ 1311م). المطبعة الأميرية، طبعة أولى، 1301هـ.
24 ـ مدرسة الكوفة: الدكتور مهدي المخزومي. مطبعة الحلبي، طبعة ثانية.
25 ـ المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: الدكتور عبد الله الطيب. مطبعة الحلبي.
26 ـ المزهر: السيوطي. مطبعة الحلبي، طبعة ثانية.
المزهر: السيوطي. مطبعة السعادة، سنة 1335هـ.
27 ـ مصادر الشعر الجاهلي: الدكتور ناصر الدين الأسد. دار العارف بمصر. سنة 1956م.
28 ـ معاني القرآن: الفرَّاء (ت 352هـ)، تحقيق الأستاذين أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار. مطبعة دار الكتب.
29 ـ المعجم المفهرس الألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي. المكتبة الإسلامية، استانبول، 1984م.
30 ـ المعجم الوسيط: إبراهيم أنيس وآخرون. طبعة ثانية، دار المعارف بمصر، 1392 هـ/ 1972م.
31 ـ مغني اللبيب: ابن هشام (ت 761هـ). مطبعة البابي الحلبي.
32 ـ مقدمة لدارسة بلاغة العرب: أحمد ضيف. طبعة أولى، سنة 1921.
33 ـ موسيقى الشعر: الدكتور إبراهيم أنيس. مطبعة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1952م.
34 ـ الموشح لأبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني (ت 384هـ). المطبعة السلفية، 1343هـ.
35 ـ مولَّد اللغة، الشيخ أحمد رضا العاملي. دار مكتبة الحياة، بيروت.
36 ـ نقد الشعر: قدامة بن جعفر، تصحيح س. أ. بونيباكر. طبعة ليدن.
37 ـ النقد واللغة في رسالة الغفران: الدكتور أمجد الطرابلسي. مطبعة الجامعة السورية.
38 ـ نقض كتاب في الشعر الجاهلي: محمد خضر حسين. المطبعة السلفية.
39 ـ النوادر في اللغة لأبي زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، تعليق سعيد الخوري، المطبعة الكاثوليكية.
40 ـ همع الهوامع للسيوطي. مطبعة السعادة، طبعة أولى.
ثانياً: الدوريات:
1 ـ مجلَّة الأزهر. المجلَّدان 22 و 24.
2 ـ مجلَّة المجمع العلمي العربي. المجلَّد 32.
ـــالحواشي ـــ
([1]) مدرسة الكوفة: الدكتور مهدي المخزومي، مطبعة الحلبي، طبعه ثانية. ص 15.
([2]) المزهر: السيوطي (ت 911هـ/ 1505م). مطبعة الحلبي، مطبعة ثانية. ج1، ص 60.
([3]) سورة العنكبوت: الآية 12. راجع كتاب والتنبيه على أوهام أبي علي في أماليه البكري. دار الكتب، سنة 1926، طبعة أولى، ص 100
([4]) سورة النور، الآية، 40.
([5]) الطراز: يحيى بن حمزة بن علي إبراهيم العلوي. مطبعة المقتطف بمصر، سنة 1924. ج 2، ص 199 بتصرف.
([6]) سورة الواقعة، الآية 22.
([7]) معاني القرآن: الفرَّاء (ت 352هـ). تحقيق الأستاذين أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار. مطبعة دار الكتب. ج1، ص 14
([8]) مجلة الأزهر، مجلد 22، ص 600، وما بعدها من مقل للمرحوم الشيخ عبد الجواد رمضان، بعنوان: القرآن واللغة.
([9]) في الأدب الجاهلي، الدكتور طه حسين، مطبعة دار المعارف. ص 65.
([10]) المصدر السابق، ص 88.
([11]) المصدر السابق، ص 81.
(يُتْبَعُ)
(/)
([12]) المصدر السابق، ص 67.
([13]) المصدر السابق: ص 92.
([14]) العمدة في صناعة الشعر ونقده لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني (ت 463هـ) طبعة أولى، مطبعة أمين هند، ص 11.
([15]) أمالي المرتضى قسم أص 132 للشريف المرتضى علي بن الحسين العلوي، تحقيق محمد أبي الفضل. مطبعة الحلبي، طبعة أولى.
([16]) مقدّمة لدراسة بلاغة العرب للأستاذ أحمد ضيف طبعة أولى سنة 1921م. ص 62
([17]) الحياة العربية من الشعر الجاهلي: الدكتور أحمد الحوفي. مطبعة نهضة مصر بالفجالة. ج1، ص 41.
([18]) انظر نقض كتاب في الشعر الجاهلي لمحمد الخضر حسين. المطبعة السلفية، ص 74.
([19]) انظر مولد اللغة للشيخ أحمد رضا العاملي. نشر دار مكتبة الحياة في بيروت. ص 56.
([20]) يقال: ناقة قذاف، وقذوف، وقُذُف، وهي التي تتقدم من سرعتها، وترمي بنفسها أمام الإبل في سيرها.
والعيس: جمع أعيس، والأعيس من الإبل: الذي خالط بياضه شُقرة، والأعيس: الكريم منها.
لسان العرب لابن منظور (ت 711هـ/ 1311م) المطبعة الأميرية، طبعة أولى، 1301هـ، ج11، ص 185.
والمعجم الوسيط لإبراهيم أنيس وآخرين. طبعة ثانية، دار المعارف بمصر، 1392هـ/ 1972م. ج2، ص 646.
([21]) الموشح لأبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني (ت 384هـ) المطبعة السلفية، ص 111.
([22]) الأسس المبتكرة لدراسة الأدب الجاهلي لعبد العزيز مزروع الأزهري. مطبعة العلوم، ص 222.
([23]) جمع الهوامع للسيوطي. مطبعة السعادة، طبعة أولى. ج1، ص 120.
([24]) سورة آل عمران، الآية 20.
([25]) سورة آل عمران، الآية 75.
([26]) سورة الجمعة، الآية 2.
([27]) سورة البقرة، الآية 78.وانظر مصادر الشعر الجاهلي للدكتور ناصر الدين الأسد، دار المعارف بمصر، سنة 1956م. من ص 44 إلى 46.
([28]) سورة الفرقان، الآية 5.
([29]) سورة الإسراء، الآية 93.
([30]) في الأدب الجاهلي، ص 70.
([31]) الفن ومذاهبه في الشعر العربي للدكتور شوقي ضيف، طبعة دار المعارف. ص 14.
([32]) البيان والتبيين للجاحظ (ت 255هـ/ 868م) تحقيق عبد السلام هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. طبعة ثانية. ج2، ص 9.
([33]) الحياة العربية من الشعر الجاهلي للدكتور أحمد الحوفي، طبعة أولى. ص 131.
([34]) المصدر السابق، ص 331. وفي الطبعة الرابعة، دار النهضة مصر، ص 212.
([35]) الحياة العربية من الشعر الجاهلي، ط1، ص 133. وفي الطبعة الرابعة، دار نهضة مصر، ص 207.
([36]) انظر أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار لأبي الوليد محمد بن عبد الله أحمد الأزرقي، المطبعة الماجدية بمكة المكرمة. ج1، ص 147 و 148.
([37]) النقد واللغة في رسالة الغفران للدكتور أمجد الطرابلسي، مطبعة الجامعة السورية، ص 57.
([38]) الجحش: ولد الظبية (هذلية) أي في لغة هذيل، وتكملة البيت:
فقد ولهت يومين فهي خلوج
لسان العرب ج8، ص 157، وجاء في اللسان ج5، ص 360 ما نصُّه وقول أبي ذؤَيب:
بأسفل ذات الدّبر أفرد خشفها .. وقد طردت يومين فهي حلوج على شعبة فيها دبر (والدبر، قال أبو حنيفة: النحل بالكسر).
([39]) أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية للدكتور بدوي أحمد طبانة، طبعة 1952، ص 92.
([40]) شرح الأشموني، الهامش، تحقيق الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة الحلبي. ج4، ص 365.
([41]) المزهر للسيوطي (ت 911 هـ/ 1505م). مطبعة الحلبي، طبعة ثانية. ج1، ص 188.
([42]) مغني اللبيب لابن هشام (ت 761هـ) مطبعة البابي الحلبي. ج1، ص 157.
([43]) حاشية الخضري علي ابن عقيل. مطبعة الحلبي، ج1، ص 51.
([44]) شرح ابن عقيل، مطبعة الحلبي، ج1، ص 60.
([45]) شرح الخضري على ابن عقيل. ج1، ص 6.
([46]) تاريخ آداب العرب للرافعي، طبعة ثانية، سنة 1940م. ج1، ص 371.
([47]) طبقات الشعراء لابن سلاَّم. المطبعة المحمدية، ص 23.
([48]) المصدر السابق. ص 24.
([49]) المزهر للسيوطي: مطبعة السعادة، سنة 1335هـ. ج2، ص 359.
([50]) النوادر في اللغة لأبي زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري. تعليق سعيد الخدري، المطبعة الكاثوليكية المقدمة، ص (و).
([51]) الاقتراح للسيوطي. طبعة الهند، ص 26.
([52]) موسيقى الشعر للدكتور إبراهيم أنيس. مطبعة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1952م. ص 257.
([53]) المرجع نفسه.
([54]) الموشَّح لأبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني. المطبعة السلفية، 1343هـ، ص 60.
([55]) المصدر السابق، ص 59.
([56]) نقد الشعر لقدامة بن جعفر، تصحيح س. أ. بويباكر. طبعة ليدن، ص 109 و 110.
([57]) قال الأزهري: عرينه حيٌّ من اليمن، وعرين حيٌّ من تميم. لسان العرب لابن منظور، ج17، ص 155، ومما يذكر أن الدكتورة بنت الشاطئ جعلت عرينة بطناً من تميم، وهي من اليمن كما يقول الأزهري. (رسالة الغفران، ص 454).
([58]) نقد الشعر لقدامة بن جعفر، ص 110.
([59]) القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز بازي. مطبعة دار المأمون، طبعة رابعة، ج4، ص 381.
([60]) نقد الشعر لقدامة بن جعفر، ص 110.
([61]) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها للدكتور عبد الله الطيب. مطبعة الحلبي. ج1، ص 31.
([62]) خزانة الأدب للبغدادي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، المطبعة السلفية، سنة 1347 هـ. ج1، ص 23.
([63]) الغزالي لأحمد فريد الرفاعي. مطبوعات دار المأمون، المجلد الثاني، ص 135.
([64]) هذا رأي الأستاذ محمد عرفة في مجلة الأزهر، مجلد 24، ص 61.
([65]) رأي الأستاذ الدكتور منصور فهمي، في مجلة المجمع العلمي العربي، مجلد 32، ج1، ص 67.
([66]) رأي الأستاذ العقاد في مجلة الأزهر، مجلة 24، ص 55.
([67]) رأي الأستاذ مصطفى صادق الرافعي (تحت راية القرآن ص: 52) مطبعة الاستقامة.
([68]) مقال للأستاذ منير العجلاني في مجلة المجمع العلمي العربي، مجلد 32، ج1، ص 43.(/)
ثقافة الحوار في القرآن
ـ[مولاي عمر]ــــــــ[18 Jan 2006, 12:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافة الحوار في القرآن
الدكتور مولاي عمر بن حماد
كلية الآداب المحمدية
benhammad@maktoob.com
1- بين يدي الوضوع
يأتي هذه الموضوع في إطار ما يمكن تسميته إعادة استدعاء القرآن الكريم. ذلك لأن القرآن الذي صنع هذه الأمة حتى تسمت به وعرفت بين الناس بأنها أمة القرآن، قد تقلصت مساحات حضوره في حياتها بشكل كبير. و لمعترض أن يقول كيف وهو يتلى آناء الليل و أطراف النهار، فأقول إن هذا الأمر لا يغير من الحقيقة شيئا، فالقضية ليست طلبا لمزيد من التلاوة بل هي دعوة لما فوق ذلك، وأعني به التدبر والفهم والعمل. فمن الملاحظات الجلية أن الاستنباط من القرآن الكريم لم يعد بالشكل الذي كان عليه من قبل! فإذا كانت الأمة في عصورها السالفة جعلت القرآن منطلقها وغايتها ومحور اهتمامها، منه تنطلق وإليه تعود، به تقيس، وعلى ضوئه تحاكم وتزن ما تتعرف عليه من ثقافات الشعوب والحضارات، فإن وضعنا الحالي تغير كثيرا!! وهذا الوضع يحتاج منا إلى مراجعة شاملة في إطار السؤال الكبير:"كيف نتعامل مع القرآن الكريم؟ "
ولئن كان الإشكال بهذه السعة والشمول، فإن إدعاء استيعابه في ورقة مهما كان شأنها هو ضرب من الخيال، إلا أن ذلك لا يمنع من المساهمة في إثارته، التي نرجو ألا تخلو من فائدة.وهكذا و انطلاقا من قاعدة "ما لا يدرك كله لا يترك جله" اخترت مجال الحوار في القرآن الكريم عسى أن نساهم فيه ضمن دعوة عامة إلى مزيد من التواصل لعله يخفف من حدة ما نسمع ونرى من صراع الأفراد والشعوب والحضارات وما يتبعه ...
أما العنوان الذي اخترته لهذه المداخلة فهو "ثقافة الحوار في القرآن" فلقد تعمدت ذلك لأبرهن أن الحوار لم يكن هامشا ضيقا أو ثانويا في النص القرآني بل شكل معلما بارزا فيه. إن القرآن جاء بالحوار، ودعا إليه، وحدد ضوابطه، وحذر من منزلقاته ... فإذا جمعنا كل ذلك تجمع لدينا ما يمكن تسميته ثقافة الحوار في القرآن الكريم.
2 - حجم الآيات في موضوع الحوار:
لم ترد كلمة حوار في القرآن الكريم إلا في آيات ثلاث، جاءت اثنتان منها في سورة الكهف في معرض الحديث عن قصة صاحب الجنتين وحواره مع صاحبه الذي لا يملك مالا كثيرا فقال تعالى عنهما في الموضع الأول:" وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا" الكهف 34 وقال تعالى عنهما في نفس السورة: "قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا" الكهف 37
أما الآية الثالثة التي وردت فيها هذه كلمة حوار فهي من سورة المجادلة في قوله تعالى:" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" المجادلة 1
إلا أن الحوار باعتباره وسيلة تواصلية أوسع من حصره في هذه الكلمة، فقد جاء التعبير عنه بمفردات أخرى قريبة منه من أهمها الجدل التي وردت في تسعة وعشرين موضعا منها:
1. "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" النساء 106
2. "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا" النساء 108
3. "ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين" الأنعام 25
4. "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون" الأنعام 121
5. "قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين" الأعراف 71
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن الحوار في القرآن لا يمكن حصر مساحته في الآيات التي تتضمن مادة حوار أو جدل أو ما في حكمهما… بل نعتبر كل المواد الحوارية الواردة في القرآن الكريم شاهدة لهذا الموضوع من ذلك مثلا قوله تعالى لموسى عليه السلام:" اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"طه 43 فقد أورد ابن كثير أقوالا عديدة في بيان المراد بالقول اللين ثم لخص ذلك بقوله:" والحاصل من أقوالهم أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين سهل رفيق, ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع, كما قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".فانظر كيف جعل قوله تعالى:"فقولا له قولا لينا" شبيها بقوله تعالى:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة"الآية
3 - الدعوة إلى الحوار في القرآن الكريم:
أول مقام يمكن التنبيه عليه في مساحة الحوار في القرآن الدعوة إلى الحوار وقد جاءت في سياقات عديدة. ومن النصوص الصريحة الداعية إلى التمسك بالحوار وسيلة للتواصل قوله تعالى:"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" النحل 125
وفيها يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة "والموعظة الحسنة", أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس, ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى, وقوله: "وجادلهم بالتي هي أحسن" أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب, كقوله تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم" الاية, فأمره تعالى بلين الجانب كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله: "فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى".
وقوله: "إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله" الآية، أي قد علم الشقي منهم والسعيد, وكتب ذلك عنده وفرغ منه, فادعهم إلى الله ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات, فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير عليك البلاغ وعلينا الحساب "إنك لا تهدي من أحببت", "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء".
4 - مستويات الحوار في القرآن الكريم
من الملاحظات الأساسية التي يمكن الخروج بها أن الحوار في القرآن الكريم كان على جميع المستويات مما يدل على أنه سيبقى هو أفضل وسيل للتواصل على الإطلاق. وبيان ذلك على الشكل التالي:
4 - 1 - الحوار بين الأنبياء والملائكة:
ويشهد لهذا القسم آيات كثيرة منها قوله تعالى عن ابراهيم عليه السلام:" "فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود" هود 74 إذ لما أخبر إبراهيم عليه السلام بما ينتظر قوم لوط من العذاب كما في قوله تعالى:"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين" العنكبوت31 قال عليه السلام عند ذلك: "إن فيها لوطاً" فرد عليه الملائكة:" قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته" الآية العنكبوت 32
ففي آية هود وصف موقف إبراهيم بأنه جدال منه وفي آية العنكبوت فصل قول إبراهيم دون وصف له بالجدال، ثم مدح موقف إبراهيم بقوله تعالى:" إن إبراهيم لحليم أواه منيب "
4 - 2 - الحوار بين الأنبياء و أقوامهم
وهذا من أبرز المجالات التي برز فيها الحوار وسيلة أولى في الإقناع ويمكن اعتبار المساحة الحوارية في القرآن الكريم بين الأنبياء و أقوامهم من أوسع المساحات ونحن هنا لا يمكن أن نستوعب كل ما ورد فيها من نصوص بله ما فيها من الإشارات والدلالات! ويمكن تقسيم ذلك إلى مستويات متعددة:
1. المستوى العام: ونقصد به العرض العام للدعوة والذي يبرز فيه عادة النبي في مقابل الملأ ومن ذلك قوله تعالى عن نوح عليه السلام:"لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون" الأعراف 61
(يُتْبَعُ)
(/)
2. المستوى الخاص: ونقصد به حين يتوجه الحوار إلى شخص بعينه وقد يكون هذا الشخص:
? سلطة: وأبرز مثال في هذا المستوى هو فرعون و الحوار بينه وبين موسى عليه السلام وكذلك النمرود والحوار بينه وبين ابراهيم
? قرابة: وأبرز مثال يخلده القرآن الكريم هو الحوار الذي جرى بين ابراهيم ووالده وعنه قال تعالى:" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا"مريم 41 - 48.
و مثاله أيضا ما كان بين نوح وولده وفي قال تعالى:" ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين" هود 42
4 - 3 - الحوار بين المؤمنين وأقوامهم
وهذا مستوى آخر من مستويات الحوار في القرآن الكريم وفيه جاءت الآية الصريحة في تسمية الحوار باسمه وإن بينا بما فيه الكفاية أن الأمر أوسع من ذلك…قال تعالى:" واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا" الكهف 32 وما بعدها .. ولقد سمى الله تعالى كلام كلا الطرفين حوارا ومحاورة منه وهنا تبرز أهمية مقارعة الحجة بالحجة.
5 - آداب الحوار
ونظن إن هذا الجانب من أهم العناصر التي نريد التذكير بها من خلال القرآن الكريم. ونقول في البداية بأن الأمر لا يتجاوز المعالم الكبرى ولا ندعي لهذه الورقة أنها تستطيع الإحاطة ولن تفعل ذلك ورقة بعده حين يتعلق الأمر بالاستنباط من القرآن الكريم فهذا الكتاب لا تنقضي عجائبه ولا يبلى على كثرة الرد.
ويمكن اعتبار" بالتي هي أحسن" أوجز صيغة دالة على المنهج الذي يدعو القرآن الكريم أتباعه إلى التزامه في الحوار مع القريب والبعيد.و قوله تعالى "بالتي هي أحسن " تشمل المنهج والمضمون والزمان والمكان وكل العناصر المتداخلة في عملية الحوار …ومع ذلك وجدنا في القرآن الكريم إشارات تفصيلية ومنها:
5 - 1 - مطالبة الطرف المحاور أن يحاور بعلم:
فقد عاب القرآن الكريم على من يجادل بغير علم في أكثر من آية ومن ذلك قوله تعالى:"ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد" الحج 8 وقوله تعالى:"ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير"الحج 3 وقوله تعالى:" ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير" لقمان 20
5 - 2 - الانطلاق من فرضية تساوي الطرفين المتحاورين في الخطأ والصواب:
وهذا ضابط هام من أجل إيجاد أرضية مشتركة للحوار، وهو مما يساهم في دعم التواصل وقد دل على ذلك قوله تعالى:" وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"سبأ 21" هذا من باب اللف والنشر أي واحد من الفريقين مبطل والآخر محق لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال, بل واحد منا مصيب"
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثله في نفس الآية قوله تعالى: "قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون" معناه التبري منهم أي لستم منا ولا نحن منكم …كما قال تعالى: "وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون"يونس 41 لكن انظر كيف نسب الجرم لنفسه والعمل لخصمه وهذا لا يكون إلا من الذي على يقين تام أنه ليس مجرما!!!
5 - 3 - تجاوز الأدلة المتشابهة اكتفاء بالقطعية:
وأبرز مثال يظهر في هذا المقام هو الحوار الذي جرى بين إبراهيم والنمرود، قال تعالى:" ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين" البقرة 258 ففي هذا المشهد الحواري يتبين لنا كيف أن إبراهيم لم يقف عند قول النمرود أنا أحيي وأميت مع أنه لا يفعل ذلك حقيقة، بل انتقل بالحوار إلى حجة أقوى لن يستطيع معها المحاور مجاراتهولذلك قال تعالى عنه بعد إقامة الحجة عليه"فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين"
5 - 4 - عدم الانسياق إلى القضايا الهامشية:
وأبرز مثال وجدناه في هذا المقام هو الحوار الذي جرى بين فرعون وموسى عليه السلام، قال تعالى:" فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى" طه 47 وما بعدها وواضح في هذه الآية أن موسى أدرك أن فرعون يريد بسؤاله:" قال فما بال القرون الأولى" صرفه عن الحديث عن الله، إلا أن جواب موسى كان عن الله وليس عن القرون الأولى:" قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى"
6 - القضايا المطروحة للحوار
يمكن القول في البداية بأن كل القضايا التي دعا إليها القرآن الكريم كان الحوار هو الوسيلة الأمثل في الإقناع بها وهكذا فإن قضايا الإيمان والتوحيد والبعث والنشور والنبوة والقرآن وغير ذلك … في كل ذلك كان الحوار هو الوسيلة.
6 - 1 - الحوار في موضوع القرآن:
سلك القرآن في إثبات أنه من عند الله طرقا متعددة أهمها:
• الطريقة الأولى الرد على شبهات المنكرين:
وتجلى ذلك في نفي وجود طرف بشري يعلم رسول الله كما زعم كفار قريش وقتها: قال تعالى:" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" النحل 103
وتجلى أيضا في التذكير بما علم من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وانه لم يكن يقرأ ولا يكتب، قال تعالى:"وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"العنكبوت 48
وتجلى ثالثا في التذكير بأن الأمر أساسه مشيئة الله، بدليل أنه لبثا عمرا طويلا لا يحدثهم بشيء مما ينكرونه عليه، قال تعالى:" قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون " يونس 16
وتجلى رابعا في التصريح بأن الافتراء أمر يلزم صاحبه ولا يتعداه قال تعالى:" أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون" هود 35
• الطريقة الثانية وهي التحدي والإعجاز:
والإعجاز باب واسع أفرده بالتأليف أكثر من واحد وحسبنا التذكير هنا ببعض الآيات ذات الصلة بالموضوع التي يتحدى فيها الله المكذبين بالقرآن بمستويات مختلفة ودرجات متفاوتة بين المطالبة بكل القرآن كما في قوله تعالى: أم يقولون تقوله بل لايؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين" الطور 33، إلى المطالبة بعشر سور مثله كما في قوله تعالى:" أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين" هود 13، إلى سورة مثله كما في قوله تعالى:" أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين"يونس38 ونحوه في سورة البقرة قال تعالى:" وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين"اليقرة 23، وفي موضوع الإعجاز حسم القرآن الأمر في قوله تعالى:" قال تعالى:" قل لئن
(يُتْبَعُ)
(/)
اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" الاسراء 88
6 - 2 - الحوار في موضوع البعث والنشور:
موضوع البعث واحد من أهم القضايا التي اعترض عليها الكفار وكان وسيلة القرآن المثلى في الإقناع هي الحوار وإقامة البراهين.
قال تعالى:" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون"يس78 إن في الآية إرشاد لكل من تلقى سؤالا عمن يحيي العظام وقد تحولت إلى رميم أن يجيب السائل بأن المحيي هو الذي أنشأها أول مرة، لما تقرر في العقول السليمة أن الإعادة أسهل من الإنشاء من عدم وذلك مثل قوله تعالى:"كما بدأنا أول خلق نعيده" الأنبياء 104 وهو نفس السؤال الذي يتكرر هنا في قوله تعالى:" أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم" ولا يكون الجواب إلا بنحو ما تدل عليه بقية الآية:" بلى وهو الخلاق العليم"
7 - الحوار مع أهل الكتاب
يشمل مصطلح أهل الكتاب اليهود والنصارى… ونظن أن مجرد هذا الاصطلاح يدل على معنى تواصلي عميق ينص على المشترك وهو تلقي الوحي مع ما يترتب على ذلك من العلم والابتعاد عن الغواية والهوى و ما في حكمه، ومثله مصطلح بني إسرائيل ففيه تذكير للمخاطبين بأنهم من سلالة نبي من الأنبياء مع كل ما يترتب على ذلك …
وموضوع أهل الكتاب في القرآن الكريم موضوع شاسع لا تزعم هذه الورقة أنها قادرة على استيعابه ولذلك سأكتفي بالموضوع الأساسي الذي هو الحوار لأقول بان القرآن الكريم قد حاور أهل الكتاب ودعا إلى محاورتهم وفق آداب خاصة:
فقال تعالى مرشدا إلى خصوصية أهل الكتاب:" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" العنكبوت 46، وقال تعالى:" قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون"البقرة 136
إنه تأسيس لأرضية مشتركة، وبحث عن المشترك الذي يجعل إمكانية اللقاء المطلوبة واردة وممكنة ولعل أصرح آية في الدعوة إلى الانطلاق من موطن اللقاء قوله تعالى:" قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" آل عمران 64
و الحوار مع أهل الكتاب في شقهم النصراني قد كان لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة خاصة حين لقي صلى الله عليه وسلم وفد نجران فكان هذا الموقف الصريح من عيسى عليه السلام قال تعالى:" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم * فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين" آل عمران 61
وفي الآية تذكير بأن خلق عيسى له نظير:"إن مثل عيسى عند الله" أي في قدرة الله حيث خلقه من غير أب "كمثل آدم" حيث خلقه من غير أب ولا أم بل "خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" فالذي خلق آدم من غير أب, قادر على أن يخلق عيسى بطريق الأولى والأحرى, وإن جاز ادعاء البنوة في عيسى لكونه مخلوقاً من غير أب, فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى, ومعلوم بالإتفاق أن ذلك باطل, فدعواها في عيسى أشد بطلاناً وأظهر فساداً ... ولهذا قال تعالى: "الحق من ربك فلا تكن من الممترين" أي هذا هو القول الحق في عيسى الذي لا محيد عنه ولا صحيح سواه, وماذا بعد الحق إلا الضلال. ثم قال تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم, أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " أي نحضرهم في حال المباهلة "ثم نبتهل" أي نلتعن "فنجعل لعنة الله على الكاذبين" أي منا أو منكم.
وقصة وفد نجران مليئة بالدلالات والعبر، ولا يتسع المقام لتفصيلها.
8 - خلاصات مؤسسة لثقافة الحوار انطلاقا من القرآن من الكريم
في ختام هذا العرض أعود وأذكر بأهم الخلاصات التي يمكن الخروج والتي تؤسس لثقافة الحوار انطلاقا من القرآن الكريم.وتأتي أهمية هذه الخلاصات من كونها تتزامن مع حملة مسعورة تتهم الإسلام بكل عناصر الاقصاء و الرفض و الكراهية. إننا نعتبر أن مجرد إنزال كتاب سماوي ليكون معجزة هذا النبي أكبر دعوة للحوار ومقارعة الحجة بالحجة! ولقد لا حظنا كيف أن هذا الكتب نفسه موضوع للتداول ويقيم الحجة من ذاته انه من عند الله ليرد على كل الذين يريدون نفي هذه الصفة عنه ويدعو كل المكذبين إلى الاتيان بمثله بعشر سور! منه بسورة منه! وهاهي الأيام لا تزيد حقيقة القرآن إلا نصاعة تحقيقا لوعد الله:"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" ويتزامن هذا الكلام مع تأسيس الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالرباط والتي ستعقد مؤتمرها العلمي الأول بتاريخ….
ثم إن هذا الحوار لا يكتفي القرآن بدعوة المؤمنين به إليه بل يدعو كل الناس إلى ذلك
ثم إن هذا الحوار لا يعني التلفيق ولا يعني السفسطة …بل له آدابه وله شروطه وله أفقه وكل ذلك تحدث عنه القرآن الكريم بما حاولت الورقة تقريبه قدر الإمكان.
وأخيرا أقول إن كل حديث عن الحوار أو التواصل لا يمكن أن يكون مثمرا خارجيا إلا بقدر إثماره داخليا، و كل تقليل من دور الحوار الداخلي سينعكس سلبا على حوارنا الخارجي…
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[26 Feb 2006, 09:56 م]ـ
شكراً جزيلاً.
حول محور (الحوار بين الأنبياء و أقوامهم) صدر عن مكتبة الإرشاد باليمن - صنعاء ـ صدرت رسالة علمية بعنوان حوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم للباحث عبده عبدالله محمد الحميدي. وعدد الصفحات 621 صفحة. وفيها أفكار جيدة.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[27 Feb 2006, 01:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
د. مولاي عمر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعكم ممتع جداً جزاكم الله خيراً وجعله في صحيفة حسناتكم ... وأجزل لكم المثوبة.(/)
لو أجرينا مفاضلة بين "عمدة التفسير" و "المصباح المنير" ...
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 Jan 2006, 08:29 م]ـ
"عمدة التفسير" اختصار تفسير ابن كثير لأحمد شاكر، و "المصباح المنير" تهذيب تفسير ابن كثير، أيهما أفضل من ناحية الابقاء على القيمة العلمية للأصل؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jan 2006, 08:38 م]ـ
الأول بلا شك، بل الفرق بينهما كبير. والمصباح المنير لم يحافظ على القيمة العلمية لأصله، وعليه مآخذ تحتاج إلى بسط - لعل الله أن ييسر ذلك في وقت لاحق -.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 Jan 2006, 10:04 م]ـ
جزاك الله خيرا، وبانتظار بسطك النافع - إن شاء الله تعالى. ولكن لفت انتباهي مقدمة المصباح المنير والتي ذُكر فيها الإقبال الواسع من طلبة العلم والعلماء واستحسانهم للمصباح، ولا أدري ما إذا كان السبب مجرد تسهيله، ام حسن تبويبه، أم خروجه في حلة قشيبة! (كما ذكر في مقدمته)، إلا أني قد علمت عن دروس تعقب فيها الشيخ د. خالد السبت ما ذكرت من النواقص فيه، ولكني لم أتمكن من حضور دروسه النافعة.
وبانتظار مشاركات الفضلاء في المنتدى كذلك.(/)
دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2006, 11:22 م]ـ
فقط نريد نبذة مختصرة عن هذا الكتاب من بعض المشايخ حفظهم الله تعالى
لأنني سمعت عنه فأحببت معرفة ذلك، وأنا أسأل لأني أعلم أن بعض المشايخ يمكن أن
يجيب بسرعة وبدقة
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Jan 2006, 06:41 م]ـ
هذا الكتاب المبارك الموسوم ب (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) هو جهد علمي للإمام المفسر الأصولي العلامة/ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ــ رحمه الله ــ ويظهر أنه رحمه الله ألفه قبل تفسيره القيم أضواء البيان حيث ان القارئ لأضواء البيان يلحظ كثرة إحالة الشيخ لهذا الكتاب سيما عند الآيات الموهمة للاضطراب في الظاهر والتي اشبعها الشيخ بسطا وتفصيلا وإيضاحا في (دفع الإيهام) ..
وفي سبب التأليف ومنهجه فيه يقول رحمه الله في مقدمته للكتاب:
أما بعد فإن مقيد هذه لحروف عفا الله عنه أراد أن يبين في هذه الرسالة ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يُظن بها التعارض في القرآن العظيم مرتبا لها بحسب ترتيب السوريذكر الجمع بين الآيتين غالبا في محل الولى منهما وربما يذكر الجمع عند محل الخيرة وربما يكتفي بذكر الجمع عند الأولى وربما يحيل عليه عند محل الأخيرة ولا سيا إذا كانت السورة ليس فيها مما يُظن تعارضهإلا تلك الآية فإنه لا يترك ذكرها والإحالة على الجمع المتقدم .. انتهى
وقد أُدرج هذا الكتاب مع أضواء البيان في طبعة عالم الكتب ووقع في الجزء العاشر من التفسير مع لن تأليفه متقدم عليه كما يظهر وأفرد بطبعة مستقلة هو ورسالة (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز) كما ذكر ذلك تلميذ الشيخِ الشيخُ/ عطية بن محمد سالم رحم الله الجميع ونفدت الطبعة
قال الشيخ في آخره (وهنا انتهى ما أردنا جمعه بمدينة الرياض المحروسة جعلها الله آمنة مطمئنة ونرجو الله أن يرزقنا الإخلاص في العمل هو حسبنا ونعم الوكيل)
محمود الشنقيطي
مدرس القرآن والتجويد بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين ــ الرياض
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[07 Apr 2006, 08:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا(/)
وقفة في تفسير ابن سعدي
ـ[ابو العز السليم]ــــــــ[22 Jan 2006, 11:17 م]ـ
قال ابن سعدي - رحمه الله - في تفسير الآية (42) من سورة الزمر: " وأن أرواح الأحياء والأموات تتلاقى في البرزخ، فتجتمع فتتحادث، فيرسل الله أرواح الأحياء ويمسك أرواح الأموات " ا. هـ.
أرغب من الإخوة الفضلاء إفادتي عن كلام الشيخ وهل له دليل في ذلك؟ أو هناك من سبقه من المفسرين تكلم عن ذلك؟
ولكم جزيل الشكر ..
ـ[مرهف]ــــــــ[23 Jan 2006, 12:50 ص]ـ
أخي أبا العز حبذا لو راجعت كتاب الروح لابن القيم رحمه الله فستجد فيه ما تريد إن شاء الله والله أعلم
ـ[ابو العز السليم]ــــــــ[28 Jan 2006, 05:33 م]ـ
الإخوة والمشائخ الفضلاء .. حتى الآن لم يصلني رد شافي لما سألت ..
مع الشكر والتقدير للأخ (مرهف) ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Jan 2006, 06:26 م]ـ
قال ابن جرير:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {اللَّه يُتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا وَاَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامهَا فَيُمْسِك الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسِل الْأُخْرَى إِلَى أَجَل مُسَمًّى} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَمِنْ الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الْأُلُوهَة لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار خَالِصَة دُون كُلّ مَا سِوَاهُ , أَنَّهُ يُمِيت وَيُحْيِي , وَيَفْعَل مَا يَشَاء , وَلَا يَقْدِر عَلَى ذَلِكَ شَيْء سِوَاهُ ; فَجَعَلَ ذَلِكَ خَبَرًا نَبَّهَهُمْ بِهِ عَلَى عَظِيم قُدْرَته , فَقَالَ: {اللَّه يُتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا} فَيَقْبِضهَا عِنْد فَنَاء أَجَلهَا , وَانْقِضَاء مُدَّة حَيَاتهَا , وَيُتَوَفَّى أَيْضًا الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامهَا , كَمَا الَّتِي مَاتَتْ عِنْد مَمَاتهَا {فَيُمْسِك الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت} ذُكِرَ أَنَّ أَرْوَاح الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَات تَلْتَقِي فِي الْمَنَام , فَيَتَعَارَف مَا شَاءَ اللَّه مِنْهَا , فَإِذَا أَرَادَ جَمِيعهَا الرُّجُوع إِلَى أَجْسَادهَا أَمْسَكَ اللَّه أَرْوَاح الْأَمْوَات عِنْده وَحَبَسَهَا , وَأَرْسَلَ أَرْوَاح الْأَحْيَاء حَتَّى تَرْجِع إِلَى أَجْسَادهَا إِلَى أَجَل مُسَمًّى وَذَلِكَ إِلَى اِنْقِضَاء مُدَّة حَيَاتهَا. ( http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=TABARY&nType=1&nSora=39&nAya=42)
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 23230 - اِبْن حُمَيْد , قَالَ: ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله: {اللَّه يَتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا} الْآيَة. قَالَ: يَجْمَع بَيْن أَرْوَاح الْأَحْيَاء , وَأَرْوَاح الْأَمْوَات , فَيَتَعَارَف مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَتَعَارَف , فَيُمْسِك الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت , وَيُرْسِل الْأُخْرَى إِلَى أَجْسَادهَا. 23231 - مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ: ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ: ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله: {اللَّه يَتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا} قَالَ: تَقْبِض الْأَرْوَاح عِنْد نِيَام النَّائِم , فَتَقْبِض رُوحه فِي مَنَامه , فَتَلْقَى الْأَرْوَاح بَعْضهَا بَعْضًا: أَرْوَاح الْمَوْتَى وَأَرْوَاح النِّيَام , فَتَلْتَقِي فَتُسَاءَل , قَالَ: فَيُخَلِّي عَنْ أَرْوَاح الْأَحْيَاء , فَتَرْجِع إِلَى أَجْسَادهَا , وَتُرِيد الْأُخْرَى أَنْ تَرْجِع , فَيَحْبِس الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت , وَيُرْسِل الْأُخْرَى إِلَى أَجَل مُسَمًّى , قَالَ: إِلَى بَقِيَّة آجَالهَا. 23232 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ: أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ: قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله: {اللَّه يَتَوَفَّى الْأَنْفُس حِين مَوْتهَا وَاَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامهَا} قَالَ: فَالنَّوْم وَفَاة {فَيُمْسِك الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسِل الْأُخْرَى} الَّتِي لَمْ يَقْبِضهَا {إِلَى أَجَل مُسَمًّى}
وذكر لها دلالتها هنا.
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[30 Jan 2006, 09:35 م]ـ
اخي الكريم
انصحك بسماع شريط (ماذا يحدث تحت الأرض) للشيخ محمد المنجد
فقد اورد هذه المسألة وأدلتها بشكل موسع ورائع
وفقك الله لكل خير(/)
سؤال حول الناسخ والمنسوخ (نرجو المشاركة)
ـ[سيف الدين]ــــــــ[23 Jan 2006, 10:43 م]ـ
سؤال: القرآن الكريم هو كلام الله ... والنسخ عند البعض هو رفع حكم آية بحكم آية اخرى ... والذين يقولون ان آية ما نسخت آية اخرى فانما يقولون ذلك وفق اجتهاد يقومون به , حيث يصعب عليهم التوفيق بين نصين فيكون المخرج عندهم القول بأن هذه الاية نسخت تلك ... ولو تأملنا القرآن الكريم من الدفة الى الدفة لما وجدنا كلمات صريحة تقول ان الاية هذه قد نسخت بالاية تلك, الامر الذي يثير شكا كبيرا ان مدار النسخ عند من قالوا بالنسخ هو اجتهاد ... فقد يقرأ القارىء في كتاب الله آيتين فيخيل اليه ان هناك تعارض لا ينفك الا بأن يقول بأن احدى الايتين نسخت الاخرى ... والسؤال الذي يؤرقني حقيقة, والذي أرجو ممن عنده اجابة شافية ان لا يبخل بها: ان الذين قالوا بالنسخ, انما نسخوا الايات باجتهادهم وليس بنص صريح من القرآن الكريم ... هل هذا الكلام كلام قويم؟ الاكثر ارباكا في الموضوع ان النسخ بهذا المعنى ان يرفع حكم آية انزلها الله عز وجل لفهم قاصر ... ولأزيد الموضوع ايضاحا نقول: هب ان هناك اية تعارضت بوجه من الوجوه مع العلم الحديث, فهل نشكّك في فهمنا للموضوع ام نتنازل للعلم؟ بالطبع لا احد يشك في اننا سوف نشكك في افهامنا ولا نقبل القول بالتعارض ... وشيء من هذا الوجه يحدث عندما نرى ايتين متعارضتين .. الا يجوز ان يكون التعارض هو في افهامنا فقط؟ لماذا نلجأ بسرعة الى القول بالنسخ؟ لماذا لا نرجىء المسألة الى من قد يحل الالتباس في وقت من الاوقات؟ لماذا نصر على ان افهامنا قد احاطت بكل شيء علما وانه لا سبيل الا بالقول بالتعارض ومن ثم بالنسخ؟
أرجو ان أكون قد أحسنت السؤال ... وارجو ألا يبخل من يملك الاجابة بالجواب او المناقشة
ولو اخذنا مثالا حديث: لا وصية لوارث .. البعض لم يستطع التوفيق بينه وبين اية المواريث, فلجأ الى القول بأن الحديث ينسخ القرآن وليس له سند الا هذا التعارض - في ذهنه - بين الحديث واية المواريث ... غير اننا نرى ان هناك من وفق بين الحديث والاية من دون اللجوء الى القول بالنسخ ... وهنا اتعجب اشد العجب: كيف يخوّل احد لنفسه ان يرفع حكما انزله الله في كتابه لمجرد انه لم يستطع ان يحل ارباكا ذهنيا واهم؟
ـ[خادم الكتاب والسنة]ــــــــ[24 Jan 2006, 01:29 ص]ـ
الأخ الفاضل سيف دين جعلك الله سيفا على الظالمين
هذه المسألة أصولية دقيقة والجواب عليها بحاجة لجلسات ونقول وتمثيل لكن أجيبك بكلمات معدةدة يسيرة لعله يكون فيها نفع
أخي مسألة النسخ فهمها يتطلب تحقيقا دقيقا بها
لكن عليك التنبه أولا أن بعض (وقلت لك بعض) المتقدمين يطلقون النسخ على التخصيص لذا لا تحمل أقوالهم على انه نسخ بل هو تخصيص لعموم الآية
ثم أخي مسألة النسخ للآيات فإن إنزالها يكون بطريقين:
إما بالتصريح على أن الآية كذا ناسخة لما قبلها كآيتا المصابرة (الآن خفف الله عنكم) ففيها تنصيص صريح أخي على النسخ
وهناك طريقة أخرى بالإجتهاد أن يرى انه لا يمكن الجمع بين الآيتين ويعلم التاريخ فيقول بالنسخ، لكن للاسف كثيرا ما يتوسعون في هذا الباب بتوسع ليس بمحله، فمثلا يقولون أن آية السيف نسخت ما يزيد عن مئة وبضعة عشرة آية لانهم وجدوا تعارضا ظاهريا، لكن بعض المحققين قال لا نلجأ للنسخ بل للجمع وللشيخ العثيمين كلام جميل في هذا في شرحه على الأصول
لذا الواجب على العالم أن لا يلجأ إلى النسخ إلى إذا بالفعل تيقن ان الاية فيها نسخ بالقرائن الملازمة للسياق والله تعالى أعلم
وإن يسر الله لي عودة للتفصيل بما بقي
ـ[روضة]ــــــــ[24 Jan 2006, 03:52 ص]ـ
إذا ثبت في نفوسنا أن الله عز وجل هو الحافظ لدينه وكتابه من كل تحريف، فلا شك سيثبت كذلك أنه لن يضيع حكم شرعي باجتهادٍ قاصرٍ، ولا بفهمٍ سقيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
من هذه القاعدة علينا أن ننطلق في حكمنا على أمور ديننا، وإذا وجدنا أمراً مُشْكِلاً لا ينسجم مع هذه القاعدة، أو أيٍّ من أساسيات فكر المسلم فيجب أن نعترف ـ حينئذٍ ـ بقلة علمنا، ولا نقف عند هذا الاعتراف، بل نسارع إلى التعلم وكسر الحواجز التي بيننا وبين كتب العلم، فالعلم يطفئ الظمأ، ويعالج الأرق، وبارك الله في الأخ سيف الدين إذ سأل عن أمر يبدو أنه يؤرقه فعلاً ـ كما قال ـ، مما حثّني على القراءة والبحث، لعلي أستطيع أن أفيده بإذن الله، فيتصالح مع هذا الموضوع الشائك، فليس العيب أن نجهل، ولكن العيب أن نرضى بالجهل ونسكت.
أتفق مع ما تفضل به الأخ خادم الكتاب والسنة، وبما أنه لم يتمكن من التفصيل فأنا سأقوم به من خلال الإجابة على الأسئلة التالية التي استخرجتُها من مشاركة الأخ سيف الدين، سائلة الله التوفيق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. هل القول بالنسخ يقوم على الاجتهاد؟
2. هل هناك آيات صريحة تبين أن هذا الحكم نُسخَ بذاك؟
3. إذا لم يكن، فما هو السبيل لمعرفة الحكم الشرعي بأنه ناسخ أو منسوخ؟
4. هل يجوز للقارئ إذا بدا له تعارض بين حكمين أن يسرع إلى القول بالنسخ؟ أم أن هذا من اختصاص العلماء الذين يستندون إلى حجة؟
5. هل يمكن أن نوفق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث"، وبين آية المواريث؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
لا يخفى أن النسخ هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخٍ عنه، من هنا تكمن خطورة النسخ؛ ذلك أنه يتعلق بإثبات أحكام شرعية وإزالة أحكام أخرى، وتترتب على هذا أفعال المكلَّفين التي يحاسبون عليها، ولذلك نجد أن موضوع النسخ موضوع مشترك بين (علوم القرآن) و (أصول الفقه)؛ إذ إن معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه مما تُبنى عليه الأحكام الفقهية.
"إن أهمية النسخ وما يترتب عليه من نتائج أمرٌ لا بد فيه من الحيطة؛ لذا فإن الحكم على أحد النصين بأنه ناسخ أو منسوخ لا يخضع لاجتهاد المجتهدين، كما لا يؤخذ فيه بقول لا يستند إلى حجة، كما أن طريق النسخ لا يكون بالاجتهاد فإنه لا يُقبل فيه قول مُفسِّر حتى قول الصحابي ما لم يثبت بطريق صحيح، ويكون هذا القول مؤيداً بقرائن". [إتقان البرهان في علوم القرآن، د. فضل عباس، (11:2)].
أرأيت مدى الحرص والحيطة في الأمر، فالذي يقول بالنسخ وفق اجتهاد منه قوله مردود عليه ولا يلزمك الأخذ به.
"كما أنه ليس من طرق معرفة النسخ تقدُّم الآية أو تأخرها في كتاب الله، بحيث يقال إن الآية المتقدمة منسوخة، والمتأخرة ناسخة؛ لأننا نعلم أن ترتيب القرآن في المصحف يختلف عن ترتيب النزول.
ألا ترى إلى قوله تعالى: (والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة:234] جاءت قبل قوله سبحانه: (والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول .. ) [البقرة:240] والآية الأولى ناسخة والثانية منسوخة". [إتقان البرهان، (12:2)].
إذن فما هو السبيل لمعرفة الناسخ من المنسوخ؟
من طرق معرفة النسخ:
أولاً: أن يكون أحد النصين فيه دلالة على تأخره عن النص الآخر، وذلك مثل قوله تعالى: (آلان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) [المائدة:66]، فإن في هذا النص دلالة على أنه متأخر عن قوله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) [الأنفال:65]، .. كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، فإنه دالٌّ على تأخر الإباحة عن النهي.
ثانياً: من طرق معرفة النسخ الإجماع على تعيين المتقدم من النصين والمتأخر عنهما.
ثالثاً: أن يرد بطريق صحيح عن أحد الصحابة ما يفيد تعيين أحد النصين المتعارضين للسبق على الآخر، أو التراخي عنه، كأن يقول: نزلت هذه الآية بعد تلك الآية، أو نزلت هذه الآية قبل تلك الآية، او يذكر العام الذي نزلت فيه الآيتين.
أما قول الصحابي: هذا ناسخ وذاك منسوخ فلا ينهض دليلاً على النسخ، لجواز أن يكون صادراً في قوله هذا عن اجتهاد، بخلاف تعيين وقت النزول. [انظر: مناهل العرفان، الزرقاني، (225:2)].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم.
من وسائل الجمع بين الدليلين القول بالتخصيص، وهو قصر العام على بعض أفراده، فقد يُدفع التعارض بالحكم على أحد الدليلين بأنه مُخَصِّص للآخر، لا أنه ناسخ له، وبهذا يكون كلا الدليلين قد تم العمل بهما، مثاله قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة:221]، وقوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة:5]، قد يبدو التعارض هنا بأن الآية الأولى منعت الزواج من المشركات، ووصف الشرك يصدق على الكتابيات، والآية الثانية أحلت الزواج من الكتابيات، ولكنه تعارض ظاهري، يمكن دفعه بالقول بالتخصيص، ولا يجوز التسرع بالقول بالنسخ حتى لا يتم إهمال أحد الدليلين، فيصير الحكم أن الزواج من المشركات لا يجوز، ويخرج من هذا الكتابيات.
مما تقدم يتبين أن القول بالنسخ ليس أمراً بلا ضوابط، وليس أمراً ممتد الأطراف كما قد يُخيَّل إلى البعض، فهو علم له ضوابط، وكثير مما نُسب إلى النسخ يثبت بعد التمحيص والبحث أنه ليس منه، وقد قام الأستاذ العلامة فضل حسن عباس ـ نفع الله به ـ بمناقشة الآيات التي قيل بنسخها، ووجد بعد التحقيق ودراسة ما استند إليه القائلون بالنسخ أن عدد الآيات المنسوخة بضع آيات لا يتجاوز السبع. [للتوسع انظر: اتقان البرهان، (29:2،36)].
من هذه الآيات المنسوخة آية الوصية: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين) [البقرة:180]، والجمهور على أنها منسوخة بآية المواريث: (يوصيكم الله في أولادكم) [النساء:11]، والحديث: (لا وصية لوارث) يؤيد آية المواريث، ليس ناسخاً لآية الوصية [خروجاً من الخلاف: هل السنة تنسخ القرآن]: "أما القول بإحكامها فتكلُّف ومشيٌ في غير سبيل، لأن الوالدين ـ وقد جاء ذكرهما في الآية ـ لا يحرمان من الميراث بحال، ثم إن أدلة السنة متوافرة على عدم جواز الوصية لوارث، محافظة على كتلة الوارثين أن تتفتت، وحماية للرحم من القطيعة، .. " [مناهل العرفان، (276:2)].
والله تعالى أعلم بالصواب
ـ[الكشاف]ــــــــ[24 Jan 2006, 07:43 ص]ـ
شكراً للأخت باحثة على جوابها. وليت الأخ الكريم سيف الدين نظر في الموقع قبل طرح سؤاله المكرر (حيث سبق أن طرحه هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=17706&postcount=3) ) ليجد تفاصيل موضوع النسخ، وقد بحثتُ سريعاً عن كلمة (النسخ) فظهر لي عدد كبير من الموضوعات المتعلقة بالنسخ، والتي تعرضت لشروط النسخ وضوابطه، والطريقة الصحيحة للتعامل معه، وأن الأمر فيه ليس متروكاً لاجتهاد أي أحد كما يظهر لي من سؤال الأخ سيف الدين. بل للعلماء فحسب.
ومن هذه الموضوعات:
- مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=25)
- الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=849).
- مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف، مع بيان مصطلحهم في ذلك. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1229)
- النسخ في القرآن - رأي آخر. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1630)
وأنصح إخواني بمراجعة الموضوعات السابقة في الملتقى قبل طرح أسئلتهم تجنباً للتكرار.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[25 Jan 2006, 09:00 م]ـ
أشكر الاخوة والاخوات الكرام على هذه المساهمات الطيبة, وارجو منهم ان تتسع صدورهم ما سأقول .. فاني والله لا اقول هذا الكلام معاندا وانما طلبا للحق فيما بلغ فهمي ..
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد قرأت ما كتب الاخوة, غير اني لم اجد في ثنايا ما كتبوا جوابا عن السؤال الذي طرحت ... بل اجد ان الاخت الباحثة قد وافقتني الرأي فيما ذهبت اليه من ان تحديد وجود نسخ في قضية ما يرتبط بالاجتهاد – اجتهاد كبار العلماء ...
لقد بدأت الاخت الباحثة ما كتبت بنفي ان يكون النسخ يرتكز على الاجتهاد فاقتبست قائلة:
" إن أهمية النسخ وما يترتب عليه من نتائج أمرٌ لا بد فيه من الحيطة؛ لذا فإن الحكم على أحد النصين بأنه ناسخ أو منسوخ لا يخضع لاجتهاد المجتهدين"
غير انها رجعت واكدت انه لا سبيل الى الحكم بوجود نسخ الا عن طريق اعمال العقل, اي بالاجتهاد .. تقول الاخت الباحثة:
"ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم."
وبهذا تكون الاخت الباحثة قد نفت ما بدأت به من ان النسخ لا يخضع الى اجتهاد المجتهدين .. ولقد ذهب فكري الى ان ما عنته الاخت الباحثة هو ان تعيين الناسخ من المنسوخ هو قضية لا يدخل فيها اجتهاد .. واذا كان الامر كذلك, فاني اعود الى القول بأن القضية التي اثارها سؤالي ليس التفرقة بين الناسخ والمنسوخ, اي ليس تحديد الاية الناسخة والاية المنسوخة, بل هو التشكيك في وجود النسخ الا عن طريق الاجتهاد .. وما اقصده هو انه لا يوجد في القرآن الكريم عبارة مثلا: "ان الاية التي قالت كذا وكذا نسختها الاية التي تقول كذا وكذا"
ولقد قرأت ما قاله الاخ خادم الكتاب والسنة وقد استدل بالاية {الان خفف الله عنكم} على التصريح بالنسخ .. وقد اطلعت على تفاسير لا تذهب ما ذهب اليه الاخ كتفسير سيد قطب واقوال في "الناسخ والمنسوخ للنحاس ص470" واقوال في "الناسخ والمنسوخ للكرمي ص114" .. فهناك اقوال لم تقرّ بوجود النسخ في هذه الايات .. وهنا انا لا اناقش وجود النسخ في هذه الايات او عدمه, وانما اناقش استدلال الاخ خادم الكتاب والسنة على وجود تصريح بالنسخ في شاهده, وقد وجدت ان المسألة خلافية اي هي مسألة اجتهادية مجددا .. فهل هناك من الفاظ تدل على التصريح بالنسخ غير ما أشرت اليه ايها الاخ الكريم؟
لذا اسمحوا لي ايها الاخوة والاخوات ان اعيد صياغة سؤالي فلعلي لم اوفق في صياغته سابقا:
ان القرآن الكريم هو كلام الله المنقول تواترا عن الرسول عليه الصلاة والسلام ..... والقول بالنسخ هو تعطيل لاحد ايات القرآن , واحسب اني لا استطيع ان اقول بذلك – أي بالنسخ - الا بحجة تقوم مقام النقل المتواتر, لأن القول بالنسخ هو ان تنسب الى الله عز وجل رفعا لحكم أنزله في كتابه, وهذا اكثر ما يخيفني في النسخ, هو ان اقول للناس ان الله عز وجل قد رفع حكم هذه الاية وبقي لفظها للتبرك .. لذا ارى ان الذي يقول بالنسخ لا يستقيم دليله الا بالنقل المتواتر وليس بالفهم .. اي بالنقل المتواتر القطعيّ الدلالة .. ولا اقصد بالنقل هنا النقل الذي يفرق بين الناسخ والمنسوخ بل النقل الذي يقرّ بوجود النسخ اقرارأ صريحا (وهذا بالضبط هو محور تساؤلى)
ثم اسمحي لي ايتها الاخت الباحثة بالتفريق بين التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد من جهة وبين النسخ من جهة اخرى ... فاني اوافقك الرأي على ان التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد هو محاولة فهم عميق, وهي محاولة الجمع بين ما قد يظهر انه متناقض وهو ليس كذلك .. اوافق مطلقا على هذا القول ..
غير ان النسخ هو عملية هروب من التوفيق .. هو اقرار بأن هناك نصان لا يمكن الجمع بينهما بأي وجه من الوجوه, الا باسقاط احدهما وابقاء الاخر ... فان كان في التعميم والتخصيص والاطلاق والتقييد ابداع في الفهم, وتعمق في الرؤية, فان النسخ يقف على النقيض من ذلك ليقول - اجتهادا - بأن احد النصين قد رفع حكمه .. لذا رأينا ان النسخ قد يتضخم عند احد المفسرين, ويتضاءل عند اخرين .. ولست ارى ان ذلك يرجع الا لامر واحد: وهو ان النسخ هو محاولة اجتهادية, ولو كانت توقيفية, لما رأينا هذا الاختلاف الكبير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أرجو من الاخوة والاخوات الا يبخلوا بردودهم او ملاحظاتهم .. واسأل الله الهداية
ـ[روضة]ــــــــ[25 Jan 2006, 10:56 م]ـ
الأخ سيف الدين حفظه الله،
اقتباس من مشاركة لي سابقة:
"ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم."
حين نقول إن هناك طرقاً لمعرفة الناسخ والمنسوخ وهي كذا وكذا .. ألا نحتاج إلى عقول لاستخدام هذه الطرق وتطبيقها على الآيات، أليس هذا اجتهاداً؟
ولكن، الذي يتبادر إلى الذهن أن الأمرلا يخضع للاجتهاد المطلق الذي لا يستند إلى حجة ودليل، فالأساس الذي يُعتمد عليه للقول بالنسخ هو الدليل، ودائرة إعمال العقل محصورة بكيفية استخدام الأدلة.
فحين ينظر المفسر إلى آيتين قد يرى بينهما تعارضاً، يحاول أولاً التوفيق بينهما وإعمال أحد الدليلين قبل أن ينتقل للقول بالنسخ، هو الآن في مرحلة اجتهاد قبل أن يخوض في النسخ، لذلك فالتوفيق بين الأدلة يحتاج إلى تدبر، لأنه ما زال خارج دائرة النسخ.
قد يجد أحد المفسرين وجهاً للجمع بين الآيتين لا يظهر لآخر، فينفي الأول النسخ، ويبحث الثاني عن طريق يتبعه ليعتمد عليه في إثبات النسخ، من هنا يظهر التفاوت بين الأقوال، بسبب التفاوت في القدرات العقلية والعلمية.
ولكن، أحدهما بلا شك هو المصيب، وهو الذي يستند إلى حجة أقوى، فإن كان الثاني (القائل بالنسخ) فلن يثبت قوله بسبب اجتهاده، ولكن بسبب عدم إمكان الجمع أولاً، ثم بسبب وجود دليل على النسخ، فلولا الدليل فلن يقبل رأيه مهما اجتهد، إذن الدليل هو الأصل.
وأتمنى عليك أخي أن تراجع المشاركة التي قام بها الدكتور أبو مجاهد العبيدي مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن)، ومشاركة الأخ فاروق: تساؤل حول قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها)، ففيهما إجابات على كثير من الأسئلة التي طرحتها في مشاركتك الأخيرة. فلا داعي للتكرار.
هذا ما أفهمه، لا أدري إن كنت أصبت فيه أم لا، وأرجو أن أكون قد تمكنت من إيصال المعنى الذي أريد، ولم يخني التعبير.
ـ[فاروق]ــــــــ[26 Jan 2006, 06:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
دعوة إلى أخي الكريم .. !
أخي سيف الدين إن السؤال الذي طرحته هو محل تساؤلي وهو فعلا يؤرقني كما يؤرقك، حبذا لوانضممت إلينا أعلاه،حتى نتجنب التكرار ولا نشتت جهود الأساتذة الكرام ..
فلقد بدأنا مناقشة الآيات التي قيل بأنها نسخت ... (آيات المواريث)(/)
وقفة محاسبة ..... يامحبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[24 Jan 2006, 09:14 م]ـ
(كذا فليجل الخطب وليفدح الأمرُ) ....... فما لامرئٍ لم ينتفض قلبه عذرُ
لا يشك مسلم عاقل أن ما لُمز وهُمز به مولانا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في صفحات الدنمرك والنرويج ليس بالأمر الهين الذي يسعنا أفراداً ومؤسساتٍ دولاً وشعوباً وقادةً أن نسكت عليه ونتغاضى عنه ذلك أن هذا الفعل المشين أصاب منا مقاتلنا وهي سويداء قلوبنا التي عمرها حب نبينا صلى الله عليه وسلم, وقد مُهد لأولئك الموتورين طريقُ الاستهانة بحُرماتنا يوم ديس على صفحات كتاب لله من قبل جنود الاحتلال, وإن اختلفت مذاهب القوم وأراضيهم فقد اتحدت أهدافهم ومراميهم وإن سأل سائل: أتواصوا به؟؟؟
قلنا بقول الله: (بل هم قوم طاغون) ...
والواجب هو سعي كل امرئ بحسب طاقته وقدرته وتخصصه للوقوف أمام هذا السيل الجارف الرامي إلى الإيقاع بثوابتنا إيقاعاً لا يُرجى لها معه نهوض (ما دامت السماوات والأرض إلا ماشاء الله) وإلاَّ:
فلا نعمت عينٌ ولا أفلح امرؤٌ ..... ولا انهال هطالٌ ولا لاح مشرقُ
والمتأمل لردة هذا الفعل الشنيع يلحظ جهوداً بُذلت من كثير من المسلمين والحمد لله تُذكروتُشكر ولا تُكفر ظهرتْ فيها غيرةٌ محمودةٌ ترفض الجرأة والتطاول على كل مقدس لدينا سيما صفيُّ الله ونبيُّه صلى الله عليه وسلم ...
ولكن؛؛؛؛
ألا نُلقي باللائمة ـ من باب الإنصاف ـ على نفوسنا ونجتثَّ مظاهرَ الإيذاء لحبيبنا صلى الله عليه وسلم التي ربما اعتادتها أبصارُ وأسماعُ كثير من المسلمين ليتحمل أربابُها جزءاًَ من المسؤولية عما نتجرع من مرارت من الألم؟؟؟
ومن تلك المظاهر: التي سأسطرها على عدة مقالات متتالية
1/الصد عن سبيل الله بإظهار صورة بشعة متناقضة للمسلم يأمر الناس فيها بالخيرفلا يعمل به وينسى نفسه وينهى عن الشر ويأخذ منه الحظ الأكبر يوم يقرأ غيرنا أن ديننا ينهى عن الفحشاء والرذائل والخمور والربا والظلم والخيانة ..... الخ ثم يفجأه تهافت المسلمين أمام عينه على تلك المنهيات كما يتهافت الفراش على النار.
وكذلك بذلهم الأموال الطائلة في سبيل الوصول لتلك الأغراض الدنيئة مع ما في دينهم من الأمر بالتعاون على النوائب وأنهم كالبنيان الواحد والجسد الواحد ثم يظهر التناقض في موت بعضهم من الجوع والعري في البرد وموت آخرين نتيجة تناول جرعات ائدة من مواد تبعث حسب ظنهم على صفاء النفس وانشراحها.
فكيف يتكيف المشاهد لتلك المناظرـ من غير المسلمين ـ وهو قرأ ترجمة القرآن والصورة المنبغية للمسلم ثم فاجأه الواقع المخالف فنطق لسان حاله ب:
لوكانت تلك المناهي والمحرمات في دينهم شرا ووبالا ما سبقونا إليها؛؛؛
2/نشاهد في المدارس والكليات والمعاهد إيذاءاً لله ورسوله يكرر في كل عام مرتين مع جهود يسيرة أقل من المفروض تقف في وجهه وهو استهانة الطلاب والطالبات ـ إلا من رحم الله ـ بكلام الله ورسوله الذي يُداس علانية بالأقدام وإطارات السيارات يوم يخرج الطالب من اختباره ويودع ما تعلمه بهذه لطريقة المخزية التي لا تدل على عزم على التطبيق والاستفادة فلماذا لا نتكاتف في تلك المواسم للقيام بحملة تأديبية إرشادية للتعريف بحرمة الوحيين؟؟
مع ما في تلك الظاهرة البشعة من تبذير للأموال وعدم استشعار الحرمة الواجبة للنص الشرعي إذ لو وقر ذلك في قلوبنا وقلوب ناشئتنا لما كان ما يكون.
وأودعكم إلى بعض تلك المظاهر كرة اخرى والسلام عليكم ورحمة الله بركاته(/)
ما أصعب الآيات في القرآن إعراباً ونظماً وحكماً؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 09:44 م]ـ
قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين * فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين) (المائدة:105 - 106)
قال الشوكاني رحمه الله: "قال مكيّ: هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعراباً ومعنى وحكماً. قال ابن عطية: هذا كلام من لم يقع له النتاج في تفسيرها، وذلك بين من كتابه رحمه الله، يعني من كتاب مكي. قال القرطبي: ما ذكره مكي ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضاً. قال السعد في حاشيته على الكشاف: واتفقوا على أنها أصعب ما في القرآن إعراباً ونظماً وحكماً" أ. هـ.
ـ[الكشاف]ــــــــ[26 Jan 2006, 02:34 م]ـ
ليتكم تحررون وتفصلون سبب هذه الصعوبة عند أبي جعفر النحاس ومكي وغيرهم حتى يتضح الأمر للجميع. ولعلك تراجع كتاب (الدر المصون) للسمين الحلبي 4/ 450 وما بعدها (تحقيق د. أحمد الخراط) فقد نقل السمين الحلبي نص كلام مكي، وذكر السمين أن (هذه الآية وما بعدها من أشكل القرآن حكماً وإعراباً وتفسيراً، ولم يزل العلماء يستشكلونها ويَكِعُّون - أي يَجْبُنُون - عنها). وذكر أن مكي قال: (ويحتمل أن يبسط ما فيها من العلوم في ثلاثين ورقة أو أكثر ... وقد ذكرناها مشروحة في كتاب مفرد).
ولولا ضيق الوقت لكفيت الأمر أخي عبدالله، غير أنك من ابتدأ الفائدة فأتممها رعاك الله وسددك.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Jan 2006, 04:52 م]ـ
قال ابن عطية في المحرر الوجيز (طبعة قطر 5: 77): ((قال مكي بن أبي طالب رضي الله عنه: هذه الآية عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن: إعرابًا ومعنًى وحكمًا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كلام من لم يقع له الثَّلجُ في تفسيرها، وذلك بيِّن من كتابه رحمه الله)).
قال المحقق: ثلجت النفس بالشيء: رضيت به، وارتاحت واطمانت إليه، وقيل: عرفته وسُرَّت به.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 Jan 2006, 12:03 ص]ـ
أولاً، أرحب بكما وأسأل الله لكما الفلاح في الدنيا والآخرة، وقد نُقل أن الصعوبة في ثلاثة: في الحكم، والإعراب، و النظم. أما بالنسبة للنظم فإني لا أراه إلا وجهاً من وجوه الاعجاز البلاغي - اختصار اللفظ مع المعاني الجمّة - المعروفة في القرآن، كما في أول السورة نفسها، في قوله تعالى
(يَا أَيُّهَا ?لَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِ?لْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ?لأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى? عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ?لصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ?للَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ).
قال الشوكاني - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية
(هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة إلى قوله: {إِنَّ ?للَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية، مع شمولها لأحكام عدّة: منها الوفاء بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيتلى مما لا يحلّ، ومنها تحريم الصيد على المحرم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرم. وقد حكى النقاش: أن أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا) أ. هـ.
أما بالنسبة للصعوبة حكماً - كما صرح مكّي - فيكفي في الوقوف على طرف من ذلك اختلاف آراء العلماء حول المقصود بقوله (اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم)، - فضلاً عن ما في سائر الآية - وقد حصرها إجمالاً ابن الجوزي في زاد المسير، فقال - رحمه الله:
"وفي قوله: «منكم» قولان:
أحدهما: من أهل دينكم وملتكم، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد ابن المسيب، وسعيد بن جبير، وشريح، وابن سيرين، والشعبي، وهو قول أصحابنا.
والثاني: من عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضاً، قاله الحسن، وعكرمة، والزهري، والسدي.
قوله تعالى: {أو آخران من غيركم} تقديره: أو شهادة آخرين من غيركم. وفي قوله: «من غيركم» قولان.
أحدهما: من غير ملتكم ودينكم، قاله أرباب القول الأول.
والثاني: من غير عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضاً، قاله أرباب القول الثاني،
وفي «أوْ» قولان.
أحدهما: أنها ليست للتخيير، وإِنما المعنى: أو آخران من غيركم إِن لم تجدوا منكم، وبه قال ابن عباس، وابن جبير، والثاني: أنها للتخيير، ذكره الماوردي" أ. هـ.
وأما الصعوبة إعراباً، فإني وجدت نفَسَاً من ذلك عند الزمخشري في "الكشاف" (اسمك المستعار، جعل الله لك من علمه أوفر الحظ والنصيب) وكذلك عند الطبري، وهو كعادته يرجح عقب الخلاف الإعرابي ما يراه، بخلاف الزمخشري، فقد رأيته يورد الاحتمالات الاعرابية لهذه الآية دون ترجيح واضح، وأما كتاب "الدر المصون" فليس عندي - مع بالغ الشكر على الإحالة - ولعلي أبحث عنه، وإن استطعت أن تنقل أهم ما جاء فيه تؤجر إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعودالعكوز]ــــــــ[27 Jan 2006, 08:37 م]ـ
::
.. جزاكم الله خيراً ..
جميل
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Jan 2006, 11:19 م]ـ
أخي الكريم جزاك الله خيرا على هذا السؤال الذي من شأنه بعث النفس وإحياء الهمة والاستفادة من البحث.
أولاً:
يقول الإمام محمود الألوسي رحمه الله في تفسيره:
(قال الزجاج: إن هذه الآية من أشكل مافي القرآن ,
وقال الواحدي:
روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال هذه الآية أعضل مافي هذه السورة من الأحكام.
وقال الإمام:
اتفقوا على أن هذه الآية أصعب ما في القرآن إعرابا ونظما وحكما.
وقال الشهاب: اعلم أنهم قالوا ليس في القرآن أعظم إشكالا وحكما إعرابيا وتفسيرا من هذه الآية والتي بعدها يعني (يا أيها الذين آمنوا) .. الخ وقوله تعالى (فإن عثر) .. الخ حتى صنفوا فيها تصانيف مفردة قالوا ومع ذلك لم يخرج أحد من عهدتها.
وذكر الطبرسي أن الآيتين من أعوص القرآن حكما ومعنى وإعرابا وافتخر بما أتى فيهما ولم يأت بشيئ إلى غير ذلك من أقوالهم وسبحان الخبير بحقائق كلامه)
انتهى نقلا منه ج/7 ص:53
ثانيا: ً
وأما غير هذه الآية مما ذكربعض العلماء رحمهم الله صعوبته وظهر عليهم استشكاله فمنه قوله تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين .... )
قال الشوكاني رحمه الله عندها نقلا عن الواحدي:
(وهذه الآية من أصعب ما في القرآن نظما وتفسيرا وقد تخبط فيها الكبار من العلماء وسلكوا في تفسيرها طرقا لا تفضي بهم إلى الصواب والوجه ما أخبرتك فاحمد الله إذ أتاك بيانها من غير لبس ولا إشكال قال: ويدل على أن البينة محمدٌ صلى الله عليه وسلم أنه فسرها وأبدل منها فقال: (رسول من الله يتلو صحفا مطهرة) يعني ما تتضمنه الصحف من المكتوب فيها وهو القرآن ويدل على ذلك أنه كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن كتاب .. انتهى كلامه)
فتح القديرج/5 ص:673
ويقول الإمام الرازي رحمه الله متعقبا الإمام الواحدي رحمه الله:
(ثم إنه رحمه الله لم يلخص كيفية الإشكال فيها وأنا أقول وجه الإشكال أن تقدير الآية لم يكن الذين كفروا منفكين حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول ثم إنه تعالى لم يذكر أنهم منفكون عن ماذا لكنه معلوم إذ المراد هو الكفر الذي كانوا عليه فصار التقدير لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول ثم إن كلمة حتى لانتهاء الغاية فهذه الآية تقتضي أنهم صاروا منفكين عن كفرهم عند إتيان الرسول ثم قال بعد ذلك (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة) وهذا يقتضي أن كفرهم قد ازداد عند مجيئ الرسول عليه السلام فحينئذ يحصل بين الآية الأولى والآية الثانية مناقضة في الظاهر.
هذا منتهى الإشكال والجواب عنه من وجوه أولها وأحسنها الوجه الذي لخصه صاحب الكشاف وهو أن الكفارَ من الفريقينِ أهلِ الكتاب وعبدةِ الأوثان كانوا يقولون قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لا ننفك عما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد عليه السلام فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه ثم قال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ثم ما فرقهم عن الحق ولا أقرهم على الكفر إلا مجيئ الرسول ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه لست أمتنع مما أنا فيه من الأفعال القبيحة حتى يرزقني الله الغنى فلما رزقه الله الغنى ازداد فسقا فيقول واعظه لم تكن منفكا عن الفسق حتى توسر وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليساريذكره ما كان يقول توبيخا وإلزاما
وحاصل هذا الجواب يرجع إلى حرف واحد وهو أن قوله لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة مذكورة حكاية عنهم وقوله وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إخبار عن الواقع والمعنى أن الذي وقع كان على خلاف ما ادعوا) انتهى
هذا هوالوجه الأول وقد أعقبه الرازي بأربعة أوجه رجح هذا منها كما هو ظاهر مما سبق.
التفسير الكبير للرازي ج/32 ص: 37ــ 38
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين(/)
صدور طبعة جديدة من كتاب (تاريخ القرآن) للدكتور عبدالصبور شاهين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 10:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدرت عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع طبعةٌ جديدةٌ (1426هـ) من كتاب (تاريخ القرآن) للأستاذ الدكتور عبدالصبور شاهين وفقه الله. وقد ناقش مؤلفه موضوع الأحرف السبعة نقاشاً علمياً محرراً، من أفضل البحوث التي اشتمل عليها هذا الكتاب، وقد سبقت الإشارة لهذا الكتاب، وقصة تأليفه، في مشاركة سابقاً في الملتقى بعنوان إشكال حول قراءة القرآن بالمعنى. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=123)
http://www.tafsir.net/images/tareekh.jpg
وقد صدَّرَ المؤلفُ هذه الطبعةَ بكلمةٍ موجزةٍ قال فيها:
(كلمة لهذه الطبعة
تَخرجُ هذه الطبعةُ من (تاريخ القرآن) والجوُّ مشحونٌ بالكثير من الكتابات العدوانية التي تستهدف القرآن، شكلاً ومضموناً، ففي الساحة الثقافية أدعياءُ كثيرون يخوضون في علوم القرآن بغير علمٍ ولا هدى ولا كتابٍ منير، وقد أشعلوا فتنةً علمانيةً يريدون بها أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى اللهُ إلا أَن يُتِمَّ نُورَهُ، ولو كره الكافرون، أو المشركون، أو العلمانيون.
وأخطر ما في هذا الموقف أنَّ هؤلاء الأدعياء الخائضين في آيات الله، وفي تاريخ القرآن، وفي موضوعات الفكر الإسلامي يَحرصون – كلما حوصروا – على تأكيد أَنَّهم مناصرون للإسلام، وأَنَّهم أعمقُ إيماناً من دعاته، وأَنَّ العلمانيةَ هي جوهرُ الدين، رغم أن حقائق الثقافة المعاصرة تؤكد أَنَّهم دعاةُ إلحادٍ، وأَنَّ شرط العلمانيةِ أن يَخرجوا من العقيدة، ولا بأسَ عليهم أن يتظاهروا بها خِداعاً وكذباً ونفاقاً.
إِنَّ هؤلاء العلمانيين آيلونَ حتماً إلى السقوط، مهما شَغلوا من مناصب، ومهما تلقوا من دعمٍ ماسوني، بل مهما عَلَتْ أصواتهُم، وتجمعت جُرذانهم، وعوت ذئابهم؛ لأنهم لا يواجهون هَمَلاً من أمثالهم، بل هم يُحاربون اللهَ ورسولَه {واللهُ غَالبٌ على أَمرهِ} فهم في النهاية زَبَدٌ لا بقاء له {فأَمَّا الزَّبَدُ فيذهبُ جُفاءً وأَمَّا ما ينفعُ الناسَ فيمكثُ في الأرضِ}.
وعندما تنحسرُ هذه الموجةُ عن مجتمعنا الإسلامي سوف يُدركُ النَّاسُ أَنَّ وعد الله بنصرة الحق، وخذلان الباطل لا يتخلف أبداً، ولسوف يرون أن طعنهم في القرآن، وتأويلاتهم المجترئة عليه لم تبلغ منه إلا ما تبلغه القشةُ من السيل الهادرِ، وذلك وعد الله القادر {إِنَّا نَحنُ نَزَّلنا الذكرَ وإِنَّا له لحافظون} {وإِنَّ جُندنا لهم الغالبونَ}.
المحرم 1426هـ
فبراير 2005م
عبدالصبور شاهين
ـ[فاروق]ــــــــ[28 Jan 2006, 08:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
جزاك الله خيرا على هذا التذكيريا دكتور ..
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[28 Jan 2006, 10:45 م]ـ
الأخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري
سلام الله عليكم
هل هناك اختلاف في تلك الطبعة الجديدة عن سابقتها القديمة؟
، حيث قرأتها منذ خمس عشرة سنة أو أكثر، فلم تسترح نفسي لها، و طويتها، و لم أعد إليها حتى الآن،
و لا أدري هل كنت مصيبا في ذلك أم لا؟
و لعلّي أرجع إلى قراءتها قريبا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jan 2006, 09:21 ص]ـ
أخي الكريم الدكتور أبا بكر
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ليس في الطبعة الجديدة إضافة، وإنما إعادة صف فحسب، وإخراج للكتاب في صورة جديدة. وليتك تعيد قراءته.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[19 Apr 2010, 01:52 ص]ـ
أبحث عن الكتاب منذ سنوات، فأين يوجد وفقكم الله؟
ـ[مالك حسين]ــــــــ[19 Apr 2010, 10:50 م]ـ
جزاك الله خيرأ يا دكتور عبدالرحمن على إفادتنا بالجديد من المطبوعات
وشيء جميل أن تعاد طباعة هذه الكتب القديمة، التي يتكرر ذكرها والاستشهاد بها من الباحثين.
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[26 Apr 2010, 10:03 ص]ـ
جزاك الله كل خير يا شيخنا عبد الرحمن ... وفقك الله للخير والهدى
أنت مشكور لأنك تعلمنا بكل جديد في الاصدارات والمطبوعات الهامة.
استاذي أنا ابحث عن الكتاب منذ وقت، فأنا بحاجة إليه كيف يمكنني الحصول عليه، ولا فرق عندي بين الطبعة القديمة والجديدة
أرجو الإجابة حفظكم الله
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[26 Apr 2010, 11:16 ص]ـ
الأخ عبيدة الكتاب بطبعته الجديدة عندي حصلت عليه من معرض اربيل الدولي للكتاب مؤخرا وسوف أحاول جلبه لك عندما أقدم إلى سامراء في نهاية الأسبوع
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[26 Apr 2010, 11:02 م]ـ
الإخوة الأحبة
سلام الله عليكم
عندي نسخة مطبوعة من الكتاب، طبعة العام 1990 م، من مقررات معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة.
- و وجدتُ نسخةً منه موجودة على شبكة المعلومات " النت " للتحميل، و هذا رابطها:
تاريخ القرآن للدكتور عبدالصبور شاهين - طبعة دار نهضة مصر PDF (http://www.tafsir.net/Bookstorge/tareekhalquran.rar)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[27 Apr 2010, 09:38 ص]ـ
من خلال الملتقى المبارك أتقدم بالشكر إلى الأخ الكريم الأستاذ أياد السامرائي
وأرجو إعلامي بوصولكم إلى سامراء، لكي نلتقي إن شاء الله تعالى
بارك الله بكم ووفقكم لكل خير أخي العزيز
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Apr 2010, 12:45 م]ـ
ما شاء الله.
بارك الله فيكم جميعاً على هذا التعاون العلمي، وأشكر أخي الدكتور أبا بكر خليل على دلالته للجميع على النسخة الإلكترونية للكتاب. وهو بحق كتاب قيم يحتاج إلى من يكمله في بعض جوانبه.
وقد قمنا برفعه على موقع أهل التفسير بدل الموقع الذي أحال إليه الدكتور أبو بكر وفقه الله.
لتحميل الكتاب من هنا
تاريخ القرآن للدكتور عبدالصبور شاهين - طبعة دار نهضة مصر PDF (http://www.tafsir.net/Bookstorge/tareekhalquran.rar)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[27 Apr 2010, 05:40 م]ـ
شكر الله لكم صنيعكم - أخي الدكتور عبد الرحمن - و بارك لكم
ـ[بدر عرابي]ــــــــ[27 Apr 2010, 06:47 م]ـ
أشكر الشيوخ الأفاضل على هذا الكتاب لشيخي وأستاذي في الجامعة د. عبد الصبور شاهين
جزاكم الله خيرا
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[27 Apr 2010, 06:49 م]ـ
وفقتم لكل خير دائما
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[29 Apr 2010, 09:25 ص]ـ
جزاكم الله تعالى خيراً أيها الأفاضل الكرام
والدال على الخير كفاعله ... وجعله الله ثوابه في صحائفكم
وجزى الله كاتبه والدال عليه وواضعه بين أيدي القراء خير الجزاء
وحقاً كما قال أستاذنا الدكتور عبد الرحمن
كتاب قيم يحتاج إلى من يكمله أرجو من السادة العلماء هنا الإشارة إلى مواطن النقص ليعمل على إتمامها جماعياً في هذا المنتدى(/)
فائدة في سورة النحل
ـ[المعتصم بالله]ــــــــ[26 Jan 2006, 01:00 ص]ـ
بسم الله, والحمد لله .... أما بعد:
أهدى إليَّ أحد الأخوة هذه الفائدة فرغبت أن تعم الجميع ..
في الوجه الثاني من سورة النحل وبالتحديد آية (11)
قال الله تعالى في نهاية الآية .. ( .. إن في ذلك لأية قوم يتفكرون)
وفي الآية التي تليها قال تعالى ( .. إن في ذلك لآيت لقوم يعقلون) ..
وفي التي تليها قال جل وعلا ( .. إن في ذلك لأية لقوم يذكرون) ..
إذا أردت أخي الحافظ لكتاب الله أن تضبط بينها بالترتيب فتذكر كلمة (يُعذر) فسوف تعينك على ضبطها بإذن الله ..
ي= يتفكرون , ع= يعقلون , ذ = يذكرون ..
والله تعالى أعلم ,,
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[26 Jan 2006, 07:06 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم ... وجزاك خيرا.
ـ[سعودالعكوز]ــــــــ[28 Jan 2006, 02:05 ص]ـ
.. جميل ..
إلا أن التكرار والمداومة
.. أجمل ..(/)
اقتراحٌ أرجو أن يجد قبولاً (آية وتفسير)
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[27 Jan 2006, 07:39 م]ـ
نريد موضوعاً تفاعلياً يتمثل في اختيار آية من كتاب الله أو أكثر وتفسيرها، وذكر مافيها من لفتات اعجازية (علمية أو لغوية) وبيان ذلك والدروس المستفادة من الآية حتى يُستفاد من ذلك في المواعظ والكلمات التي تلقى بعد الصلوات مع ملاحظة:
1 - أن يكون التفسير مختصراً.
2 - أن تكون الفوائد والدروس المستفادة من الآية تركز على ما يهم الناس في عباداتهم ومعاملاتهم.
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[27 Jan 2006, 10:20 م]ـ
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" [الأنبياء: 107]،
تفسيرها
وما أرسلناك - أيها الرسول - إلا رحمة لجميع الناس, فمن آمن بك سَعِد ونجا, ومن لم يؤمن خاب وخسر.
إحصائيات
وردت لفظة رحمة في القران 75 مرة (والرحمة بمشتقاتها 199 آية موسوعة نظرة النعيم 6/ 2061)
==== ====أرسل ===== 107 مرات
==== =====العالمين ====63 مرة
الفوائد
الرحمة
تدور مادة (ر ح م) حول معنى الرقة والعطف والرأفة. المقاييس لابن فارس 2/ 498
قال: الجرجاني (هي إرادة إيصال الخير). التعريفات
وقال الجاحظ: (هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم). تهذيب الأخلاق للجاحظ ص 24
فالرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وليس إرهابا ولا قسوة ولا عنف ولا عتو ولا جفاء ولا طغيان للعالمين كما يصوره الأعداء علم ذلك من علم وجهله من جهل فمن تعلم شرعه انكشف له ذلك.
آيات
قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران159
وقال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} الفتح29
أحاديث
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ «إِنِّى لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً». رواه مسلم
عن عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». رواه البخاري
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ».رواه البخاري
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شقي». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ جَاءَ أعرابي إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ». رواه البخاري
وعن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِىَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الآيَةِ (قل يَا عبادي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)». رواه أحمد وقال الألباني: (ضعيف) انظر حديث رقم: 4980 في ضعيف الجامع
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ في النَّاسِ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ».
ان الاطلاع على سيرة المصطفي يجعل الإنسان يعرف مكانة هذا النبي الأمي. وأنه رحمة للعالمين
قال الشيخ ابن سعدي (إن الشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها) الرياض الناضرة ص61
ومن الفوائد إن إشاعة الرحمة بين أفراد المجتمع ترفع من مستواه وتجمع شمله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القسطاس]ــــــــ[27 Jan 2006, 10:56 م]ـ
المسلم الحاضر
جزاك الله خير على المجهود الطيب, ومشروع جدًا جميل, واصل بارك الله فيك.
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[28 Jan 2006, 10:38 ص]ـ
أخي القسطاس جزاك الله خيرا ونريد مشاركة الأعضاء الفضلاء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2006, 10:47 ص]ـ
أخي العزيز. فكرتك عملية، وفيها فائدة كبيرة مجربة. والناس يصغون إلى معاني القرآن بانتباه ورغبة - ولا سيما إذا أجاد المتحدثُ عرضهاً - لشدة حاجتهم إلي ذلك.
أرجو أن توفق وجميع الفضلاء الراغبين في المشاركة في هذه المشاركة، وسأحرص على المشاركة ما وجدت إلى ذلك سبيلاً إن شاء الله، ولا تستعجل في طلب المشاركة، فطبيعة الفكرة أن تكون على حلقات متتابعة، تتكامل مع الوقت إن شاء الله.
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[28 Jan 2006, 11:45 ص]ـ
أخي د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري
اشكرك وأتمنى ان نستفيد من علمك ومشاركتك وانا في انتظارها
ـ[روضة]ــــــــ[28 Jan 2006, 05:29 م]ـ
التسبيح في القرآن الكريم
"التسبيح ورد في كتاب الله بصور شتى، ورد (سبحان)، في أول سورة الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده)، هذا تنزيه لنفسه، فكأن الله منزه نفسه قديماً قبل أن يخلق خلقاً يطلب منه أن ينزهه، مثلما قال في الوحدانية: (شَهِد الله أنه لا إله إلا هو).
إذن الحق يقول: (سبحان) لم يطلب من أحد، فكأن التنزيه ثابت لله قبل أن يخلق خلقاً يأمرهم بأن ينزهوه، وما دام التنزيه ثابت لله، إذن تنزيهي لله لن يوجِد التنزيه، فهو ثابت لله قبل أن يخلق الخلق، فالفائدة ليست على المنزَّه، إنما تعود على المنزِّه.
ثم جاء (سَبَّحَ) بمعنى الماضي، (سبَّح لله ما في السموات وما في الأرض)، و (سبَّحَ له ما في السموات والأرض)، بالماضي، .. إذن التسبيح ثابت قبل أن يُخلق المسبِّح، ولما خُلِق المسبِّح سَبَّحَ.
وهل سبَّحَ مرة وانقطع عن التسبيح؟
لا .. (يسبِّح لله ما في السموات وما في الأرض).
إذن فيا أيها الإنسان الذي تريد أن تعيش في منهج ربك، لا تشذّ عن نغم الوجود في التسبيح، ما دام (سبحان) لله، وما دام السماء والأرض وكل المسخرات سبَّحَت، وما دام تسبيحها مستمراً: (يسبَّح)، فلا يكن تميزك عن سائر المخلوقات بفكرك مانعاً لك من أن تشترك مع الكون كله في نغم ذلك التسبيح، فلا تكن نغمة شاذة في الوجود، فإن الوجود كله مسبِّح، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: (وإنْ من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) ". [المختار من تفسير القرآن العظيم، محمد متولي الشعراوي، (16:3)].
ـ[سيف الدين]ــــــــ[28 Jan 2006, 09:02 م]ـ
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} (24) {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (25) سورة إبراهيم
الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة .. فكما ان الشجرة تتفاعل مع عناصرالكون لتنتج ثمرا طيبا, كذا الكلمة الطيبة يجب ان تكون .. تتفاعل مع عناصر الكون والتاريخ والثقافات والمجتمعات لتخرج طيبة .. والله اعلم ..
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[29 Jan 2006, 01:47 م]ـ
جزاكم الله خير (باحثة وسيف الدين) وهذا مانريد ان نعود الى كتاب الله ونقف مع كلام ربنا
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[29 Jan 2006, 02:59 م]ـ
{اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين) (يوسف/93).
تمكن العالم المسلم الأستاذ الدكتور عبد الباسط محمد سيد الباحث بالمركز القومي للبحوث التابع لوزارة البحث العلمي والتكنولوجيا بجمهورية مصر العربية من الحصول على براءتي اختراع دوليتين الأولى من براءة الاختراع الأوربية عام 1991م، والثانية براءة الاختراع الأمريكية عام 1993م، وذلك بعد أن قام بتصنيع قطرة عيون لمعالجة المياه البيضاء استلهاماً من نصوص سورة يوسف عليه السلام وفي حوار أجراه معه الأستاذ أحمد الصاوي نشر في المجلة العربية، تحدث الأستاذ الدكتور عبد الباسط عن قصة هذا الاختراع.
(يُتْبَعُ)
(/)
بداية البحث: من القرآن الكريم كانت البداية، ذلك أنني كنت في فجر أحد الأيام أقرأ في كتاب الله عز وجل في سورة يوسف فاستوقفتني تلك القصة العجيبة، وأخذت أتدبر في الآيات الكريمات التي تحكي قصة تآمر أخوة يوسف عليه السلام، وما آل إليه أمر أبيه بعد أن فقده، وذهاب بصره وإصابته بالمياه البيضاء، ثم كيف أن رحمة الله تداركته بقميص الشفاء الذي ألقاه البشير على وجهه فارتد بصيرا.
وأخذت أسال نفسي، ترى ما الذي يمكن أن يوجد في قميص يوسف حتى يحدث ذلك الشفاء وعودة الإبصار إلى ما كان عليه، ومع إيماني بأن القصة تحكى معجزة أجراها الله على يد نبي من أنبياء الله هو سيدنا يوسف عليه السلام إلا أني أدركت أن هناك بجانب المغزى الروحي الذي تفيده القصة مغزى آخر ماديًا يمكن أن يوصلنا إليه البحث تدليلاً على صدق القرآن الذي نقل إلينا تلك القصة كما وقعت أحداثها في وقتها، وأخذت أبحث حتى هداني الله إلى ذلك البحث.
ما هي المياه البيضاء: البياض الذي يصيب العين أو المياه البيضاء والتي تسمى " الكاتركت " عبارة عن عتامة تحدث لعدسة العين تمنع دخول الضوء جزئيًا أو كليًا، وذلك حسب درجة العتامة، وعندما تبلغ هذه العتامة حدها الأقصى تضعف الرؤية من رؤية حركة اليد على مسافة قريبة من العين إلى أن تصل إلى الحد الذي لا يميز الإنسان فيه شيئًا مما يراه.
ولتقريب الصورة من القارئ نقول إن زلال البيض شفاف يسمح بمرور الضوء أو يمكن رؤية الأشياء من خلاله، وعند تسخينه فإنه يتجلط ويتحول إلى التوزيع العشوائي ويصبح معتمًا لا يمكن رؤية الأشياء من خلاله، وهذه هي العتامة.
الأسباب التي تؤدي إلى ظهور المياه البيضاء: هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى ظهور المياه البيضاء أو العتامة:
قد يتعرض الإنسان " لخبطة " أو ضربة مباشرة على عدسة العين الموجودة خلف القرنية، الأمر الذي يسبب تغيرًا في طبيعة البروتين أي في ترتيبه وتناسقه وهو ما يسبب تغيرًا في درجة انطواء البروتين في نقطة " الخبطة " أو الضربة، وتكون هذه نواة لاستمرار التغير وزيادة درجات الانطواء والعشوائية.
قد يولد بها الطفل وهو صغير ولا يُعرف لها سبب واضح.
طبيعة العمل، فالإنسان الذي يتعرض لاختلاف درجات الحرارة مثل عمال الأفران فرغم أن العين شحمة تقاوم التغير في درجات الحرارة إلا أن استمرار التعرض لدرجات حرارة عالية قد يسبب هذا التغير التدريجي.
كذلك تعرض الإنسان لأنواع مختلفة من الإشعاع أو الضوء المبهر، وكذلك عمال اللحام الذين لا يستخدمون واقيًا للأطياف المنبعثة من اللحام.
العتامة الناتجة من كبر السن، حيث إن بروتين كبسولة العين لا يتغير منذ الولادة، لذلك يأتي وقت في أواخر العمر تحدث فيه نواة التغير وتستمر حتى تصل إلى حالة العتامة الكاملة.
وجود بعض الأمراض مثل مرض السكر الذي يزيد من تركيز السوائل حول عدسة العين ويمتص ماء العدسة، وذلك يسبب ظهور " الكاتركت " سريعًا.
علاقة الحزن بظهور المياه البيضاء: هناك علاقة بين الحزن وبين الإصابة بالمياه البيضاء، حيث إن الحزن يسبب زيادة هرمون " الأدرينالين " وهذا يعتبر مضادًا " للأنسولين " وبالتالي فإن الحزن الشديد ـ أو الفرح الشديد ـ يسبب زيادة مستمرة في هرمون الأدرينالين الذي يسبب بدوره زيادة سكر الدم، وهو أحد مسببات العتامة، هذا بالإضافة إلى تزامن الحزن مع البكاء.
العلاج بالقرآن: كما سبق وأن أشرت إلى أن عدسة العين مكونة من كبسولة بها بروتين يكون موزعًا ومرتبًا ومنسقًا في صورة صغيرة وأن تغير طبيعة هذا البروتين، أي تغير درجة الترتيب والتنسيق يؤدي إلى توزيع عشوائي الأمر الذي يسبب العتامة، لذلك كان التفكير في الوصول إلى مواد تسبب انفرادًا للبروتين غير المتناسق بتفاعل فيزيائي وليس كيميائي حتى يعود إلى حالة الانطواء الطبيعية المتناسقة، ولما كان هذا الأمر لا يوجد به بحوث سابقة في الدوريات العلمية، لذلك كان يمثل صعوبة في كيفية البداية أو الاهتداء إلى أول الطريق، ولقد وجدنا أول بصيص أمل في سورة يوسف عليه السلام، فقد جاء عن سيدنا يعقوب عليه السلام في سورة يوسف قول الله تعالى: (وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) (يوسف/84).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان ما فعله سيدنا يوسف بوحي من ربه أن طلب من اخوته أن يذهبوا لأبيهم بقميص الشفاء: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين) (يوسف/93).
(ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون * قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم * فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرًا، قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون) (يوسف/94ـ96).
......... من هنا كانت البداية والاهتداء.
ماذا يمكن أن يوجد في قميص سيدنا يوسف عليه السلام من شفاء؟ وبعد التفكير لم تجد سوى العرق، وكان البحث في مكونات عرق الإنسان حيث أخذنا العدسات المستخرجة من العيون بالعمليات الجراحية التقليدية، وتم نقعها في العرق فوجدنا أنه تحدث حالة من الشفافية التدريجية لهذه العدسات المعتمة ثم كان السؤال التالي: هل كل مكونات العرق فعالة في هذا الحالة، أم إحدى هذه المكونات؟ وبالفصل أمكن التوصل إلى إحدى المكونات الأساسية، وهي مركب من مركبات البولينا " الجواندين " والتي أمكن تحضيرها كيميائيًا، وقد سجلت النتائج التي أجريت على 250 متطوعًا زوال هذا البياض ورجوع الإبصار في أكثر من 90%، أما الحالات التي لم تستجب فوجد بالفحص الإكلينكي أن بروتين العدسة حدث له شفافية، لكن توجد أسباب أخرى مثل أمراض الشبكية هي التي تسببت في عدم رجوع قوة الإبصار إلى حالتها الطبيعية.
معالجة بياض القرنية: هناك أيضًا بياض قرنية العين، قد يكون ضعف الإبصار نتيجة حدوث بياض في هذه القرنية، وهو ما ينتج من تجلط أو تغير طبيعة بروتين القرنية، وثبت أيضًا بالتجريب أن وضع هذه القطرة مرتين يوميًا لمدة أسبوعين يزيل هذا البياض ويحسن من الإبصار كما يلاحظ الناظر إلى الشخص الذي يعاني من بياض بالقرنية وجود هذا البياض في المنطقة السوداء أو العسلية أو الخضراء، وعند وضع القطرة تعود الأمور إلى ما كانت عليه بعد أسبوعين.
المزيد من البحوث: القرآن الكريم لا تفنى عجائبه وفي اعتقادي أن العكوف على القراءة الواعية لنصوص القرآن والسنة سوف تفتح آفاقًا جديدة في شتى المجالات كلها لخدمة الإنسان في كل مكان.
دواء قرآني: وقد اشترطنا على الشركة التي ستقوم بتصنيعه أن تشير عند طرحه في الأسواق إلى أنه دواء قرآني حتى يعلم العالم كله صدق هذا الكتاب وفاعليته في إسعاد الناس في الدنيا والآخرة.
شعور المسلم: شعوري هو شعور المسلم الذي يؤدي زكاة العلم، فكما أن هناك زكاة المال فهناك زكاة يجب أن نؤديها على العلم الذي وهبنا الله وهي أن نستغله في خير الناس ومساعدتهم، أشعر أيضًا ومن واقع التجربة العملية بعظمة وشموخ القرآن، وأنه كما قال الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (الإسراء/)
منقوووووووووول
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[30 Jan 2006, 11:32 م]ـ
أخي د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري والأخوة الأعضاء
انا في انتظارمشاركتكم
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[01 Feb 2006, 07:43 م]ـ
{يا أيها النبي حسبك الله}
حسبك الله يكفيك من كل ما أهمّك، فيحفظك في الأزمات، ويرعاك في الملمّات، ويحميك في المدلهمّات، فلا تخش ولا تخف ولا تحزن ولا تقلق.
حسبك الله فهو ناصرك على كل عدو، ومظهرك على كل خصم، ومؤيدك في كل أمر، ويعطيك إذا سألت، ويغفر لك إذا استغفرت، ويزيدك إذا شكرت، ويذكرك إذا ذكرت، وينصرك إذا حاربت، ويوفّقك إذا حكمت.
حسبك الله فيمنحك العز بلا عشيرة، والغنى بلا مال، والحفظ بلا حرس، فأنت المظفّر لأن الله حسبك! وأنت المنصور لأن الله حسبك، وأنت الموفق لأن الله حسبك، فلا تخف من عين حاسد ولا من كيد كائد، ولا من مكر ماكر، ولا من خبث كافر، ولا من حيلة فاجر لأن الله حسبك.
وإذا سمعت صولة الباطل، ودعاية الشرك، وجلبة الخصوم، ووعيد اليهود، وتربّص المنافقين، وشماتة الحاسدين، فاثبت لأن حسبك الله.
إذا ولّى الزمان، وجفا الإخوان، وأعرض القريب، وشمت العدو، وضعفت النفس، وأبطأ الفرج، فاثبت لأن حسبك الله.
إذا داهمتك المصائب، ونازلتك الخطوب، وحفّت بك النكبات، وأحاطت بك الكوارث، فاثبت لأن حسبك الله، لا تلتفت الى أحد من الناس، ولا تدع أحدا من اليشر، ولا تتجه لكائن من كان غير الله .. لأن حسبك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا ألمّ بك مرض، وأرهقك دين، وحلّ بك فقر، أوعرضت لك حاجة، فلا تحزن لأن حسبك الله.
إذا أبطأ النصر، وتأخر الفتح، واشتد الكرب، وثقل الحمل، وادلهمّ الخطب، فلا تحزن لأن حسبك الله، أنت محظوظ لأنك بأعيننا، وأنت محروس لأنك خليلنا، وأنت في رعايتنا لأنك رسولنا، وأنت في حمايتنا لأنك عبدنا المجتبى ونبيّنا المصطفى.
المرجع محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه
الشيخ عائض القرني
ـ[روضة]ــــــــ[02 Feb 2006, 08:22 م]ـ
إن بعض السور القرآنية ذكر فيها أكثر من قصة لم تذكر في غيرها، فإذا نظرنا لهذه القصص وجدناه ذا ترتيب بديع، عجيب الشأن، إذ هو يكوِّن منهجاً متكاملاً لما ينبغي أن يكون عليه المسلمون أفراداً وجماعات.
ولنأخذ سورة الكهف مثلاً، فلقد انفردت بقصص ثلاث لم تُذكر في سواها، وهي قصة أهل الكهف، وقصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين.
والذي يبدو لنا ـ والله أعلم بما ينزل ـ أن ذلك إيحاء للمسلمين ليدركوا العناصر الرئيسة التي لا بد أن تتوفر في شخصيتهم.
فقصة أهل الكهف تمثل عنصر العبادة، والعقيدة، ولما كان أكثر ما يزلزل هذه العقيدة في النفوس ويفسد هذه العبادة، أمران اثنان، هما: طغيان وإغواء الشيطان ذكرا بعد هذه القصة مباشرة حتى يستطيع المسلمون أن يحصنوا عقائدهم، ويحافظوا على عباداتهم، فذكرت قضية المال وما يسببه من طغيان في قوله تعالى: (واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب) [الكهف:32]، وذكر الأمر الآخر، وهو اجتيال الشيطان للناس في قوله سبحانه: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) [البقرة:34].
وبعد ذلك ذكرت القصة الثانية، وهي قصة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام مع العبد الصالح، وهذه القصة إنما تبين عنصراً آخرَ لا بد أن يتوفر للمسلم، وهو عنصر العلم، ذلك أن العبادة بدون علم لا يأمن صاحبها على نفسه من أن يضل ويطغى، وتزلّ قدم بعد ثبوتها، ولعل حديث جريج الذي أخرجه الإمام مسلم عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُثبت ذلك، فلقد جاء أن جريجاً كان عبداً واتخذ صومعة له بعيداً عن الناس، وكانت أمه يهفو إليه قلبها، فتذهب لرؤيته، فتجده يتنفل في صلاته وتناديه فيأبى أن يكلمها، ففعل ذلك أكثر من مرة، وفي المرة الثالثة دعت عليه أن لا يميته الله حتى يريه وجوه المومسات، واستجاب الله الدعوة، وفي هذا الحديث تقرير لفضل العلم، وأن العبادة وحدها لا تفي بما يريده الإنسان من سعادة، فلقد كان جريج عابداً بغير علم.
أما القصة الثالثة في سورة الكهف فهي قصة ذي القرنين، وهي تمثل العنصر الثالث في حياة المسلمين، وهو عنصر الجهاد.
وهكذا رأينا هذه السورة الكريمة تحدثنا عن القضايا الأساسية التي لا بد للمسلمين منها:
العقيدة، والعلم، والجهاد.
[المصدر: القصص القرآني، إيحاؤه ونفحاته، د. فضل حسن عباس، ص24]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Feb 2006, 11:18 ص]ـ
سبحان الله
إن القرآن لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، وهاهم يستنبطون منه مرة بعد مرة، ولا يمكن أن تنفد فوائده، ولقد قرأت في سورة الكهف بعض الكتب المتنوعه، ورأيت لكل عالم استنباطاته الصحيحة التي لا تعارض استنباط غيره، والأمر كما قيل: النِّكتُ لا تتزاحم، فهذا الاستنباط لموضوعات قصص سورة الكهف حسن جدًّا، ولو فتَّش الباحث لوجد من الاستنباطات ما يغايرهذه ولا يناقضها، وقد بنى عبد الحميد طهماز كتابه في التفسير الموضوعي لسورة الكهف على موضوع الفتن وكيفية النجاة منها، وبنى شيخنا مصطفى مسلم في كتابه التفسير الموضوعي في تفسيره لهذه السورة على موضوع القيم في سورة الكهف.
وهذه السورة عظيمة جدًّا، وفيها من الفوائد ما يصلح أن يكون موضوعًا للمدارسة.
ولو كان الأعضاء يشاركون بفاعلية أكثر لاقترحت أن يكون لكل شهر سورة يذكر فيها الأعضاء ما يجدونه من استنباطات ومُلحٍ فيها، لكن الملاحظ أن التفاعل في مثل هذه الموضوعات قليل وللأسف، مع كثرة المطالبة بأن يُوجد لهذا الملتقى صدى يفيد العامة، ولا يكون محصورًا على أهل التخصص، وهذه الفكرة مما يصلح للجميع، ولعلي أشاور فيها الإخوة المشرفين، ونضع لها خانة مثبته تدور حولها النقاشات، لنرى الطريقة المثلى لصنع مثل هذا الأمر، وأسأل الله التيسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[03 Feb 2006, 05:39 م]ـ
{اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين) (يوسف/93).
تمكن العالم المسلم الأستاذ الدكتور عبد الباسط محمد سيد الباحث بالمركز القومي للبحوث التابع لوزارة البحث العلمي والتكنولوجيا بجمهورية مصر العربية من الحصول على براءتي اختراع دوليتين الأولى من براءة الاختراع الأوربية عام 1991م، والثانية براءة الاختراع الأمريكية عام 1993م، وذلك بعد أن قام بتصنيع قطرة عيون لمعالجة المياه البيضاء استلهاماً من نصوص سورة يوسف عليه السلام وفي حوار أجراه معه الأستاذ أحمد الصاوي نشر في المجلة العربية، تحدث الأستاذ الدكتور عبد الباسط عن قصة هذا الاختراع.
بداية البحث: من القرآن الكريم كانت البداية، ذلك أنني كنت في فجر أحد الأيام أقرأ في كتاب الله عز وجل في سورة يوسف فاستوقفتني تلك القصة العجيبة، وأخذت أتدبر في الآيات الكريمات التي تحكي قصة تآمر أخوة يوسف عليه السلام، وما آل إليه أمر أبيه بعد أن فقده، وذهاب بصره وإصابته بالمياه البيضاء، ثم كيف أن رحمة الله تداركته بقميص الشفاء الذي ألقاه البشير على وجهه فارتد بصيرا.
...................
..................
.................
......... من هنا كانت البداية والاهتداء.
ماذا يمكن أن يوجد في قميص سيدنا يوسف عليه السلام من شفاء؟ وبعد التفكير لم تجد سوى العرق، وكان البحث في مكونات عرق الإنسان حيث أخذنا العدسات المستخرجة من العيون بالعمليات الجراحية التقليدية، وتم نقعها في العرق فوجدنا أنه تحدث حالة من الشفافية التدريجية لهذه العدسات المعتمة ثم كان السؤال التالي: هل كل مكونات العرق فعالة في هذا الحالة، أم إحدى هذه المكونات؟ وبالفصل أمكن التوصل إلى إحدى المكونات الأساسية، وهي مركب من مركبات البولينا " الجواندين " والتي أمكن تحضيرها كيميائيًا، وقد سجلت النتائج التي أجريت على 250 متطوعًا زوال هذا البياض ورجوع الإبصار في أكثر من 90%، أما الحالات التي لم تستجب فوجد بالفحص الإكلينكي أن بروتين العدسة حدث له شفافية، لكن توجد أسباب أخرى مثل أمراض الشبكية هي التي تسببت في عدم رجوع قوة الإبصار إلى حالتها الطبيعية.
........................
. ......................
المزيد من البحوث: القرآن الكريم لا تفنى عجائبه وفي اعتقادي أن العكوف على القراءة الواعية لنصوص القرآن والسنة سوف تفتح آفاقًا جديدة في شتى المجالات كلها لخدمة الإنسان في كل مكان.
دواء قرآني: وقد اشترطنا على الشركة التي ستقوم بتصنيعه أن تشير عند طرحه في الأسواق إلى أنه دواء قرآني حتى يعلم العالم كله صدق هذا الكتاب وفاعليته في إسعاد الناس في الدنيا والآخرة.
...................
...................
منقوووووووووول
_______________________________________________
كلام ذلك الباحث - د. عبد الباسط محمد سيد - هو من قبيل الادعاء الزائف البعيد عن الحقيقة، و هو نوع من الإعلان التجاري الرخيص و المعيب، و فيه تعريض القرآن الكريم للتكذيب، إذ ما ادعى نسبته للقرآن يرده الواقع المشهود قبل أن يرده المعنى المستفاد من التفسير الصحيح لتلك الآية، فقد كان رد بصر يعقوب عليه السلام كرامة له، و لم يكن عاما لغيره
[و هذا ليس انتقاصا و لا تقليلا من التداوي بالقرآن، فهو شفاء للنفوس و للأبدان بلا ريب]،
- و أذكر أنه عقد مؤتمر شارك فيه أطباء عيون و علماء دين - من مدة طويلة - و بيَنوا عدم صحة ذلك الادعاء، و طالبوا بالتزام المنهج العلمي في البحث من الناحية الشرعية و الطبية ...
- و ذلك الباحث ادعى توصله لعلاج فيروس (سي) الكبدي، و خدع كثير من المرضى،
و نشرت الصحف في مصر قيامه بنقل كتاب لغيره و وضع اسمه عليه، و أجرت حوارا مع كاتبه الحقيقي
- و قد ذكرت هذا لكيلا يعود التكذيب و التشكيك إلى القرآن الكريم، كلام رب العالمين، كله حق و صدق، و لا ينقضه الواقع المشهود في أي قضية،
و قد كتبت هذا على عجالة، و ربما ييسر الله لي العثور على ما يتعلق بذلك الزعميب
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Feb 2006, 06:46 م]ـ
إضافة لما تفضل به الدكتور أبو بكر خليل
وماذا عن القطرة القرآنية؟؟
قطرة العرق
(يُتْبَعُ)
(/)
بقلم الدكتور محمد السقا عيد
ماجستير في طب العيون عضو الجمعية الرمدية المصرية
r حوار مع صاحب الاختراع.
r آراء الأطباء والعلماء.
r الأطباء يرفضون
r المعجزة والإعجاز.
r توصيات الندوة حول ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
تحدثت الصحف العربية حول هذا الموضوع وهللت لهذا الاختراع الجديد فما هي يا ترى حقيقة هذه القطرة؟؟ هل هي فرقعة صحفية أم حقيقة واقعة؟ هذا ما سنراه في الصفحات التالية بإذن الله تعالى.
بداية سأتناول على عجالة سريعة إحدى المجلات العربية التي أجريت حواراً مع صاحب القطرة القرآنية وسأذكر قصده وحجته في ذلك ثم أسرد بعد ذلك آراء الأطباء الذين يرفضون التعامل مع هذه القطرة وأسبابهم في ذلك.
في عددها رقم (224) للسنة العشرين إصدار رمضان 1416هـ - فبراير 1996 طالعتنا "المجلة العربية" السعودية بالعنوان التالي: "براءة اختراع دولية لأول قطرة عيون قرآنية" ثم في السطر التالي: عالم مسلم يقوم بتصنيع قطرة لمعالجة المياه البيضاء ومستوفاة من قصة سيدنا يوسف.
وهذا المقال عبارة عن حوار بين صاحب هذا الاختراع وهو الدكتور / عبد الباسط سيد محمد الباحث بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة ج. م.ع وبين مراسل المجلة العربية. وخلاصة الحوار أن د. عبد الباسط استوحى فكرة هذه القطرة من قوله تعالى في سورة يوسف آية (93) "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ".
كما فسر بياض عين سيدنا يعقوب عليه السلام في قوله تعالى في سورة يوسف: "وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" بالمياه البيضاء أو الكتاركتا.
ثم تطرق لشرح علمي مبسط لعملية المياه البيضاء وكيف أن عدسة العين مكونة من كبسولة بها بروتين. هذا البروتين عبارة عما يسمى بـ "الفاكريستالين" و"بيتاكريستالين" و"جاما كريستالين" و "زلال" وأن تغير طبيعة هذا البروتين هي التي تسبب تلك العتامة التي تبدأ ثم تزداد تدريجياً. ووضح أن هذا البروتين الموجود في كبسولة عدسة العين يكون موزعاً ومرتباً ترتيباً متناسقاً في صورة صغيرة مكونة من ذراعين مطويتين حول بعضهما في صورة متناسقة لكي تؤدى وظيفتها في إنفاذ الضوء الساقط على العين، وأن تغير طبيعة هذا البروتين هو تغير في درجة التناسق والترتيب الدقيق وأن هذا التغير يؤدى إلى توزيع عشوائي وضرب مثلاً لتقريب هذه الصورة بزلال البيض الشفاف الذي يسمح بمرور الضوء أو يمكن رؤية الأشياء من خلاله، وعند تسخينه فإنه يتجلط " Coagulation" ويتحول إلى التوزيع العشوائي ويصبح معتماً لا يمكن رؤية الأشياء من خلاله وهذه هي العتامة.
ثم تطرق الدكتور عبد الباسط إلى أسباب الكتاركتا وعلاقة الحزن بالإصابة بالكتاركتا ووضح أن هناك علاقة بين الحزن والإصابة بالمياه البيضاء حيث أن الحزن يسبب زيادة هرمون "الأدرينالين" وهذا يعتبر مضاداً "للأنسولين" وبالتالي فإن الحزن الشديد أو الفرح الشديد يسبب زيادة مستمرة في هرمون الأدرينالين الذي يسبب بدوره زيادة في سكر الدم وهو أحد أسباب العتامة، هذا بالإضافة إلى تزامن الحزن مع البكاء.
وتطرق الحوار بعد ذلك إلي علاج المياه البيضاء وذكر د. عبد الباسط أن العلاج حتى وقتنا الحالي يتركز في الجراحة بإزالة العدسة المعتمة وزرع عدسة داخل جزء الكبسولة.
وبين أن هذه الجراحات لا تعيد النظر إلى ما كان عليه، كما أن ذلك يتبعه كثير من المضاعفات ... ووضح أن هناك أيضاً بعض قطرات العين ووظيفتها تأخير الوصول إلى العتامة عند ظهور المبادئ الأولية لها.
وتطرق إلى الحديث عن تحويل البروتين إلى حالته بعد تجلطه وبين أنه توجد في المراجع والدوريات العلمية محاولات عامة تركز على تحويل البروتين وخاصة زلال البيض إلى حالته قبل تجلطه، وقد أمكن بالطريقة الكيميائية هذا التحول لكن بصورة جزئية وليس بصورة كاملة، ولكن هذا التحويل الكيميائي لا يمكن إجراؤه في بروتين العدسة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك كان تفكير د. عبد الباسط للوصول إلى مواد تسبب انفراد للبروتين غير المتناسق بتفاعل فيزيائي وليس كيميائي حتى يعود إلى حالة الانطواء الطبيعية المتناسقة. ووضح أنه لما كان هذا الأمر لا يوجد به بحوث سابقة في الدوريات العلمية لذلك كان يمثل صعوبة في كيفية البداية أو الاهتداء إلى أول الطريق. وكان الحل في قميص سيدنا يوسف (قميص الشفاء)
وبعد التفكير في ماذا يمكن أن يوجد في قميص سيدنا يوسف عليه السلام من شفاء! كان الاهتداء إلى العرق وكان البحث في مكونات عرق الإنسان حيث أخذنا (والكلام على لسان د. عبد الباسط) العدسات المستخرجة من العيون بالعمليات الجراحية التقليدية وتم نقعها في العرق فوجدنا أنه تحدث حالة من الشفافية التدريجية لهذه العدسات المعتمة، ثم كان السؤال التالي: هل كل مكونات العرق فعالة في هذه الحالة؟ أم إحدى هذه المكونات؟ وبالفعل أمكن التوصل إلى إحدى المكونات الرئيسية وهى مركب من مركبات البولينا (الجواندين) والتي أمكن تحضيرها كيميائيا. وبإجراء التجارب على حيوانات التجارب المستحدث بها عتامة أو بياض لعدسة العين عن طريق الإشعاع أو عن طريق ما يسمى (بالعتامة المتسببة بالجلاكتوز) وجد أن وضع هذه المركبات المحضرة كيميائيا تسبب بياضاً لعدسة العين. وظهر هذا أولاً من اتجاه حيوانات التجارب (الأرانب) للبرسيم. كما أظهرت الفحوص الطبية باستخدام المصباح الشقي ( Slit Lamp) وكذلك التصوير بالموجات فوق الصوتية وانعكاس الضوء الأحمر من عدسة العين.
ويستطرد د. عبد الباسط فيقول:
وتطًّلب الأمر بعد ذلك إجراء الفحوص على عينة فسيولوجية مكونة بالحاسب الآلي والتي يتم حجز نصف الساعة بها بمقدار (ربع مليون دولار) وتم إحداث عتامة لعدسة العين وحساب كمية الضوء النافذ من خلالها قبل وضع القطرة فوجد أنها لا تزيد عن 2% وبوضع القطرة وجد أن كمية الضوء النافذ تزداد من 2% إلى 60% في خلال ربع ساعة ثم 90% خلال عشرين دقيقة ثم 95% خلال ثلاثين دقيقة ثم 99% خلال ساعة.
ووضح د. عبد الباسط أن هذه القطرة ليست لها أية آثار جانبية بالمرة على حيوانات التجارب وكذلك بالنسبة للإنسان سجلت النتائج التي أجريت على 250 متطوعاً زوال هذا البياض ورجوع الإبصار في أكثر من 90%. أما الحالات التي لم تستجب فوجد بالفحص الاكلينيكى أن بروتين العدسة حدث له شفافية لكن توجد أسباب أخرى مثل أمراض الشبكية هي التي تسببت في عدم رجوع قوة الإبصار إلى حالتها الطبيعية.
ويوضح د. عبد الباسط أن هذه القطرة تعالج أيضاً بياض قرنية العين، فقد ثبت أن وضع هذه القطرة مرتين يومياً لمدة أسبوعين يزيل هذا البياض ويحسن الإبصار. وأعتقد أن هذا أفضل من عملية الترقيع الصعبة والتي قد تنقل أمراضاً فيروسية للمريض منها الإيدز، علاوة على عدم رجوع البياض إلى صورته الطبيعية.
ثم نختتم كلام د. عبد الباسط بتسجيله براءة هذا الاختراع حيث يقول: أرسلت صورة البحث إلى براءة الاختراع الأوربية ثم الأمريكية وتولى الأمر أحد بيوت الخبرة هناك، ثم شكلت لجنة لامتحان الاختراع وقد أجيز من براءة الاختراع الأوربية عام 1991 ومن براءة الاختراع الأمريكية عام 1993.
هذا هو مجمل كلام د. عبد الباسط عن اختراعه الجديد (القطرة القرآنية).
والآن تعالى معي -عزيزي القارئ- لنناقش هذا الكلام بالمنطق وبالمعقولية العلمية ونعرض لآراء أهل الذكر بالنسبة لهذا الموضوع من أطباء وعلماء ... لنصل معاً إلى حقيقة هذا الاختراع.
وسنستند في مناقشتنا إلى ندوة "الأهرام" حول ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنة والتي أثارتها جريدة "الأهرام القاهرية" خلال أسبوعين متتالين على صفحة "الفكر الديني" بعددي الجمعة رقم (40051) للسنة (120) (إصدار 17 ربيع الأول 1417 هـ الموافق الثاني من أغسطس عام 1996م. والعد رقم (40058) للسنة (120) إصدار 24 ربيع الأول 1417 هـ الموافق التاسع من شهر أغسطس عام 1996م.
في البداية وبعد أن قرأنا كلام د. عبد الباسط فإن هناك العديد من التساؤلات وهى:
- هل العرق الذي بقميص سيدنا يوسف هو الذي شفى والده يعقوب من العمى أو ابيضاض العين؟؟
- وهل أي قميص به عرق كان سيلقى على وجه سيدنا يعقوب كان سيؤدى إلى شفائه؟
- أم لأن سيدنا يوسف نبي؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- أم لأنه الابن المفقود الذي تسبب حزن أبيه على فقده إلى فقدان بصره؟
"وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ "
· لقد كان سيدنا يعقوب عليه السلام نبياً أيضاً فلماذا لم يستخدم قميصه هو؟؟
· هل أي عرق يوضع في أي عين يؤدى إلى شفائها؟ ... إلى آخر تلك التساؤلات.
وحرصاً منا على قدسية الدين والعلم وتقديراً لأهمية إتباع المنهج العلمي السليم عند التدليل على إعجاز الآيات القرآنية. فقد دعت (صفحة الفكر الديني) بجريدة الأهرام المصرية صفوة من أطباء العيون وكبار العلماء إلى ندوة علمية طبية ناقشت على صفحاتها خلال أسبوعين متتالين هذه القضية من أجل الوصول إلى وسيلة تحفظ للعلم والدين قدسيتهما وفى نفس الوقت عدم غلق الأبواب أمام المجتهدين على كافة المستويات.
الأطباء يرفضون!!
بعرض هذا الكلام على الأستاذ الدكتور سيد سيف عميد المعهد القومي لليزر ورئيس أقسام الرمد بطب القصر العيني قال سيادته بأنه لعلاج هذه الحالة (ويقصد المياه البيضاء) ليس هناك سبيل حتى الآن سوي إجراء الجراحة لإزالة العدسة المعتمة ويمكن زرع عدسة بدلاً منها أو استبدالها بعدسة لاصقة تبعاً للحالة.
أما مسألة أن يكون هناك علاج كيماوي، وعن طريق القطرات لهذه الحالة فلم يثبت صحته حتى الآن. وقد قامت بعض شركات الأدوية الألمانية والأمريكية واليا بانية بعمل قطرات من مركبات معروفة لعلاج هذه الحالة لكنها لا تجدي في العلاج. لذلك قررنا (والكلام على لسان د. سيد سيف) في لجنة الأدوية وكنت عضوا بها عدم استيراد تلك القطرات لأنها إهدار للمال العام. ثم يستطرد د. سيد سيف ويقول:
والحقيقة أنني فوجئت بالكلام المنشور عن طريق قطرة من العرق بل ومستوحاة من القرآن الكريم، فهذا كلام غير علمي بالمرة وحتى إثارته لا تكون على صفحات الجرائد العادية لكن له المسارات العلمية المعروفة، لأن عيون الناس أمانة ويجب أن لا نخون الأمانة ... والأخطر من ذلك إقحام القرآن على أنه دليل على صدق القرآن وهذا مالا يقبل أبداً.
أما عن مسألة العرق وما به من مادة البولينا – والكلام مازال على لسان د. سيد سيف - فكنت قد قرأت للدكتور (يورك إلدر) وهو صاحب أكبر موسوعة علمية عن الرمد على مستوى العالم عن إمكانية إذابة عدسة العين في البولينا وبدأ التفكير في عمل أبحاث حول تذويب العدسة كيميائياً، وقام بها الدكتور مصطفى نصار وثبت أنها تسبب التهابات شديدة في القرنية والقزحية (نني العين) فتوقفنا عن هذه الأبحاث خاصة وأن (الليزر) سوف يحل هذه المسائل قريباً إن شاء الله بشكل أفضل كثيراً وأسرع وأكثر أماناً من الطرق الكيماوية.
وعن إمكانية استخدام العرق لعلاج المياه البيضاء بديلاً عن العمليات الجراحية يضيف الأستاذ الدكتور طه الشيوى رئيس قسم الرمد بكلية طب القصر العيني ... من الناحية العلمية هناك ثلاث نقاط:
1 - هذه المواد التي يخرجها الجسم أدخلها في صورة عرق أو غيره هي مواد سامة يتخلص منها الجسم ... فكيف أدخلها له مرة أخرى؟
2 - كيف تدخل القطرة العدسة الداخلية للعين وبالتركيز المطلوب؟
3 - حتى إذا فرض أننا أذبنا الجزء المعتم من العدسة هل لن تتأثر الشبكية؟؟ وأين ستذهب الأجزاء المذابة؟ كما أن الخلايا المتبقية ستكبر مرة أخرى.
ثم يستطرد د. طه الشيوي ويقول:
إنه بمجرد التفكير في الوسيلة تستوقفني مسائل كثيرة ... فكيف يصل الأمر إلي تداولها في السوق.
أما الأستاذ الدكتور معتز المرزوقي مستشار الرمد وعضو المجلس الأعلى بالشئون الإسلامية فيبدأ في تحليل الموضوع من الناحية المنطقية ثم يسترسل إلى الناحية الطبية فيقول:
من الناحية المنطقية: ليس من المعقول أن يظل عرق سيدنا يوسف موجوداً بالقميص طوال هذه الرحلة من مصر إلى الشام، وحتى لو فرض أن القميص مملوء بالعرق فهل دخل العرق كله في عين سيدنا يعقوب؟ ثم يقول:
ليس هناك أي قطرة تضيع أي مرض في لحظة إطلاقاً ... فالمريض يعالج أسبوعاً أو عشرة أيام أو ثلاثة أيام على الأقل حتى تؤدى إلى أي تأثير علمي أو تأثير كيماوي أو حيوي.
كما أن أكثر البلاد إصابة بالمياه البيضاء هي البلاد الحارة والمفروض أن العرق في أعينهم طوال النهار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويكاد يُجمع الأطباء على أنها معجزة بكل المقاييس ... وكما نعلم أن المعجزة الإلهية فوق العلوم وفوق كل المقاييس لأنها متعلقة بالله تعالي وبـ "كن فيكون" كما يقول الأستاذ الدكتور أحمد شوقي.
ويستطرد د. معتز المرزوقي قائلاً: إن المعجزات قدرات إلهية يعطيها القادر سبحانه وتعالى بحكمته إلى من يشاء من عباده ... ولو استطعنا أن نفسر هذا فكيف نفسر عدم احتراق سيدنا إبراهيم بالنار؟ فهل منعه العرق من النار؟
ثم يعرض الدكتور معتز المرزوقي تفسيرين لمسألة شفاء سيدنا يعقوب من أثر قميص سيدنا يوسف عليه السلام نذكر منهما الاحتمال الثاني وهو الأقرب إلى الصواب والذي وافق عليه بعض أطباء الندوة وهو: أنه عندما حزن على سيدنا يوسف فقد الإبصار لأسباب نفسية وليست عضوية.
وتعبير "ابيضت عيناه" قد يعنى أنه أصبح يري بياضاً فقط وليس أن عينيه أصبح لونها أبيض. وهذا يحدث في الصدمات النفسية. وعندما ألقى عليه قميص سيدنا يوسف بما فيه من رائحته التي يعرفها جيداً "وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ" سُّر سروراً شديداً وحدثت له صدمة عصبية مقابلة لصدمة حزنه عليه فأرتد إليه بصره".
وهذا يحدث في حياتنا كثيراً ليس فقط بالنسبة للإبصار وإنما لأعضاء الجسم الأخرى كالشلل العصبي وغيره ... ثم ينهى كلامه بقوله: وإن كنت أفضل عدم الدخول في تفسير المعجزات بأية تفسيرات مادية.
المعجزة غير الإعجاز:
يقول أ. د. أحمد شوقي إبراهيم عضو جمعية الأطباء الملكية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب.
هناك فرق هائل بين المعجزة والإعجاز العلمي ... فالمعجزة لا يمكن فهمها وتفسيرها بعلومنا التجريبية. أما مجال الإعجاز العلمي فهو أن يكتشف العلماء حقائق علمية جديدة في أي فرع من فروع العلم لم تكن معروفة للعلماء من قبل فإذا بها موجودة في القرآن والسنة ... والذي لا يفهم الفرق بين الإعجاز العلمي والمعجزة يختلط عليه الفهم ويستعصى عليه التفسير الصحيح. نجد ذلك مثلاً في المعجزة التي أجراها الله تعالى على النبي يعقوب عليه السلام .. ففي سورة يوسف آية 84 يقول عز وجل "وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ " وحكاية عن النبي يوسف يقو الله تعالى في سورة يوسف آية 93 "اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ "
قال الحسن: لولا أن الله تعالى أوحى إلى يوسف بهذا ما علم بأن قميصه سيكون أداة لرد البصر إلى أبيه بإذن الله.
ثم يستطرد أ. د أحمد شوقي ويقول:
ويخرج علينا بين الحين والحين من يتهجم على القرآن بغير علم وهدي ... ومن هؤلاء من حاول تفسير المعجزة الإلهية التي أجراها الله تعالى على النبي يعقوب بقوانين علومنا التجريبية ... بل وحاول أن يطبق المعجزة في ضخ قطرة كالتي شفى الله بها النبي يعقوب ... والله تعالى لم يرد البصر للنبي يعقوب بقطرة من القطرات، بل بكلمة "كن"
فلا هم فسروا الآيات تفسيراً صحيحاً ... ولا هم تبينوا الحد الفاصل بين مجال المعجزة والإعجاز العلمي.
ثم يقول د. احمد شوقي:
وفى رأينا أنهم أخطأوا، فالمياه البيضاء لا تُحدث بياضاً في المظهر الخارجي للعين ... وتبدوا العين المصابة بهذا للناس وكأنها عين سليمة، وسواد العين واضح وظاهر ... فليحذر أي باحث أن يقع في الخطأ الفادح فيحاول أن يفسر أي معجزة إلهية بقوانين علومنا التجريبية.
ويختتم د. أحمد شوقي كلامه بنفي الاعتراض على أي اجتهاد علمي قد يكون فيه الخير للناس. فالإسلام دين العلم ودين التحرر العلمي ولكن مالا يقبله د. أحمد هو الخوض في الكتاب والسنة بدون فهم وبدون منهج علمي صحيح.
ويقول أ. د ممتاز حجازي أستاذ طب وجراحة العيون بالقصر العيني:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن القول بأن عرق سيدنا يوسف الذي كان بقميصه هو الذي شفى عيني أبيه يعقوب عليه السلام عندما ألقاه على وجهه قول فيه سذاجة شديدة ويتعارض مع العقل والمنطق، لأنه ليس بالضرورة في قوله تعالى "وابيضت عيناه" أن تكون قد أصيب بالمياه البيضاء فقد يكون تعبيراً مجازياً يفيد الكف عن الإبصار، كما أن الكف عن الإبصار قد يحدث نتيجة الحزن أو الصدمات العصبية، ثم يتساءل د. ممتاز حجازي: ومن أين جاء الافتراض بأن القميص كان به عرق؟ أو أن العرق ظل طوال هذه الرحلة؟ وكيف لامس القميص العين بدون أن تغلق الجفون ودون أن تصاب العين بقرحة إصابية؟ وأي مدة ظل فيها القميص ملامساًَ للعين حتى يصل إلى العدسة الداخلية للعين وبالتركيز الكافي؟
أما الدكتور محمد أيوب أستاذ طب وجراحة العيون بطب القصر العيني فيرى أن ما أصاب عيني سيدنا يعقوب ليس مياهاً بيضاء، لأن المصريين في ذلك الوقت كانوا ذوي حضارة عظيمة وكانوا يعالجون المياه البيضاء، ولو كان به هذا المرض لعالجه أولاده ... كما أن مرض المياه البيضاء يأتي لأسباب كثيرة ليس من بينها الحزن، والذي يأتي نتيجة للحزن هو مرض المياه الزرقاء وهو لا علاج له وهنا تكمن المعجزة الحقيقية في الشفاء.
ويقرب لنا الصورة الدكتور مصطفى نصار – مدرس طب وجراحة العيون بجامعة المنوفية ج. م.ع فيصف لنا تركيب العدسة الداخلية للعين ويقول: معجزة الله في خلقه أن الأحماض الأمينية التي يتركب منها بروتين العدسة الداخلية للعين ملفوفة ومغلفة داخل بعضها لحمايتها.
والذي يحدث في حالة عتامة العدسة الداخلية للعين أن هذه اللفة تفرد وبذلك تتعرض للأكسدة بفقدها للهيدروجين فتتكون رابطة من مواد جديدة ... هذه الرابطة هي التي تسمى بالمياه البيضاء تتسبب في عتامة العدسة الداخلية.
ولعلاج هذه الحالة بدون جراحة لابد من اكتشاف مركب يستطيع كسر هذه الرابطة وإعادتها إلى حالتها الأولى، وهو أمر في غاية الصعوبة، ليس هذا فقط بل لابد من إعادة الخلايا إلى وضعها الأول من الالتفاف بعد أن فتحت ...
وهكذا يتضح لنا استحالة علاج المياه البيضاء وكما يدعى البعض بالعرق الذي يحتوى على اليوريا والجيودين على أساس أنهما قادران على إذابة البروتين ... لأن المطلوب ليس إذابة البروتين وإنما المطلوب هو إعادة ترتيب الخلايا إلى ما كانت عليه وكذلك عودة شكلها الملتف.
ونختتم هذه المناقشة برأي الأستاذ الدكتور/ وحيد غالب أستاذ الفارمالوجى، وهو أحد كبار العلماء له العديد من المستحضرات المسجلة باسمه. يقول أنه عرض عليه منذ عام (من تاريخ مناقشة هذا الموضوع) عمل مستحضر طبي كقطرة من العرق بصفته مستشاراً لإحدى شركات الأدوية ولكنه لم يقتنع ورفض هذا الأمر لأنه - كما يقول - من عظمة خلق الله أن تلك المواد السامة التي يتخلص منها الجسم لا يعيد امتصاصها، فكيف يُمتص مركب اليوريا كقطرة من خلال أغشية العين وهى نفاية تخلص منها الجسم؟ إن هذه المواد تسبب احتقان والتهاب للقرنية مما دعا بعض منتجي هذا المستحضر إلى تخفيفه.
يتضح مما سبق افتقار ما يُنسب إلى الدين من المنهجية العلمية أو حتى المنطقية، لذلك فإننا نطالب بما طالبت به الندوة في نهاية انعقادها بأن لا تُصنف هذه الأفكار أو هذه الاجتهادات في أبواب الإعجاز وتُنشر كحجة ويقين إلا بعد أن تمر بجميع مراحل البحث والتحليل العلمي من أهل الذكر المتخصصين ومن علماء الدين وبعد أن يقروا حقيقة ما توصل إليه صاحب الاجتهاد ...
كما نطالب مع الباحث العلمي الإسلامي الدكتور أبو الوفا عبد الآخر بأن يتبنى هذه الخواطر والأفكار أساتذة متخصصون، وأن تسير هذه الأفكار في القنوات العلمية والتجريبية حتى تصير علماً.
ونؤكد مع هذا أننا لسنا ضد الاجتهاد وحرية التفكير والتأمل ولا نقصرها على فئة معينة أو نشترط شروطاً مجحفة كما يفعل البعض لأن العلم والحكمة هبة وعطاء من الله تعالى ... ونحن لا نهاجم كل جديد كما يظن البعض وإلا قفلنا باب الاجتهاد وباب الإعجاز.
وكما يقول د. سيد سيف رئيس أقسام طب العيون بطب القصر العيني:
نحن لا نحجر على أحد وإننا نأخذ من الجاهل كما تأخذ من العالم، بل ربما نتعلم من الجاهل أكثر. أما ما نرفضه بشده فهو لي الحقائق والمغالطة، فهذه خطيئة لابد أن يحاكم فاعلها.
والآن: بقى الرأي لك عزيزي القارئ بعد أن تابعت معنا رأى الباحث والآراء المعارضة له ... وأترك لك الحكم والرأي
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=557&select_page=17
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[05 Feb 2006, 12:47 ص]ـ
شكرا للمداخلات الجميلة
واقتراح المشرف الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
ان يكون للمنتدى صدى يستفيد منه العامة بالتفاعل والمشاركة من الجميع اقتراح جميل
وكذلك أن يكون لكل شهر سورة يذكر فيها الأعضاء ما يجدونه من استنباطات ومُلحٍ فيها
كذلك اشكر د. أبو بكر خليل على التنبيه حول الادعاء بعلاج " الكتاراكت " بقطرة من العرق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[05 Feb 2006, 01:06 ص]ـ
) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:277)
التفسير:
{277} قوله تعالى: {إن الذين آمنوا} أي آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به؛ {وعملوا الصالحات} أي عملوا الأعمال الصالحات؛ وهي المبنية على الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله (ص)؛ {وأقاموا الصلاة} أي أتوا بها قويمة بشروطها، وأركانها، وواجباتها، ومكملاتها؛ وعطْفها على العمل الصالح من باب عطف الخاص على العام؛ لأن إقامة الصلاة من الأعمال الصالحة، ونُص عليها لأهميتها؛ {وآتوا الزكاة} أي أعطوا الزكاة مستحقها؛ وعلى هذا فتكون {الزكاة} مفعولاً أولاً بـ {آتوا}؛ والمفعول الثاني محذوف - أي آتوا الزكاة مستحقها؛ و «الزكاة» هي النصيب الذي أوجبه الله عز وجل في الأموال الزكوية؛ وهو معروف في كتب الفقه.
قوله تعالى: {لهم أجرهم عند ربهم} أي لهم ثوابهم عند الله؛ والجملة هذه خبر {إن} في قوله تعالى: {إن الذين آمنوا ... }.
قوله تعالى: {ولا خوف عليهم} أي فيما يستقبل من أمرهم؛ {ولا هم يحزنون} أي فيما مضى من أمرهم.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: الحث على الإيمان، والعمل الصالح؛ لأن ذكر الثواب يستلزم التشجيع، والحث، والإغراء.
2 - ومنها: أنه لابد مع الإيمان من العمل الصالح؛ فمجرد الإيمان لا ينفع العبد حتى يقوم بواجبه - أي واجب الإيمان: وهو العمل الصالح.
3 - ومنها: أن العمل لا يفيد حتى يكون صالحاً؛ والصلاح أن ينبني العمل على أمرين: الإخلاص لله عز وجل - وضده الشرك؛ والمتابعة - وضدها البدعة؛ فمن أخلص لله في شيء، ولكنه أتى بعمل مبتدع لم يقبل منه؛ ومن أتى بعمل مشروع لكن خلطه بالشرك لم يقبل منه؛ وأدلة هذا معروفة.
4 - ومنها: بيان أهمية إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة.
5 - ومنها: أن هذين الركنين - أعني إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة - أعلى أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ للنص عليهما من بين سائر الأعمال الصالحة.
6 - ومنها: أن الله سبحانه وتعالى ضمن الأجر لمن آمن، وعمل صالحاً، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة؛ لقوله تعالى: {لهم أجرهم عند ربهم}.
7 - ومنها: الإشارة إلى عظمة هذا الثواب؛ لأنه أضافه إلى نفسه - تبارك وتعالى - والمضاف إلى العظيم يكون عظيماً.
8 - ومنها: أن هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع - الإيمان، والعمل الصالح، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة - ليس عليهم خوف من مستقبل أمرهم؛ ولا حزن فيما مضى من أمرهم؛ لأنهم فعلوا ما به الأمن التام، كما قال الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام: 82].
المرجع تفسير القرآن الكريم للشيخ محمد بن صالح العثيمين - المجلد الثالث ص 158
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[07 Feb 2006, 12:48 ص]ـ
ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} [غافر: 49].
ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} [غافر: 49]. تأمل هذه الكلمة من عدة أوجه:
أولاً: أنهم لم يسألوا الله سبحانه وتعالى وإنما طلبوا من خزنة جهنم أن يدعوا لهم. لأن الله قال لهم: {اخسئوا فيها ولا تكلمون}. [المؤمنون: 108]. فرأوا أنفسهم أنهم ليسوا أهلاً لأن يسألوا الله ويدعوه إلا بواسطة.
ثانياً: أنهم قالوا: {ادعوا ربكم} ولم يقولوا: ادعوا ربنا، لأن وجوههم وقلوبهم لا تستطيع أن تتحدث أو أن تتكلم بإضافة ربوبية الله لهم أي بأن يقولوا ربنا، عندهم من العار والخزي ما يرون أنهم ليسوا أهلاً لأن تضاف ربوبية الله إليهم بل قالوا {ربكم}.
ثالثاً: لم يقولوا يرفع عنا العذاب بل قالوا: {يخفف} لأنهم آيسون نعوذ بالله، آيسون من أن يرفع عنهم.
رابعاً: أنهم لم يقولوا يخفف عنا العذاب دائماً، بل قالوا {يوماً من العذاب} يوماً واحداً، بهذا يتبين ما هم عليه من العذاب والهوان والذل {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} [الشورى: 45]. أعاذنا الله منها.
المرجع تفسير جزء عم للشيخ محمد بن صالح العثيمين - ص 15
ـ[روضة]ــــــــ[08 Feb 2006, 09:21 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قد نحسب لأول وهلة أن الحديث المستفيض عن اليوم الآخر في السور المكية كان سببه إنكار العرب الباتّ للبعث والحساب والجزاء:
"وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد؟ أفترى على الله كذباً أم به جنّة؟ ".
"أإذا متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد".
وحقاً لقد كان هذا الإنكار الباتّ الجازم في حاجة إلى حديث مستفيض، حتى يزول عنه إصراره العنيد.
ولكن استمر الحديث عن اليوم الآخر في السور المدنية بعد أن قام المجتمع المسلم والدولة المسلمة، ووجد جيل من الناس يؤمن بالله واليوم الآخر، ويجاهد في سبيل الله، فيَقتل ويُقتل نتيجة إيمانه بالله واليوم الآخر كما وصفهم القرآن: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومَن أوفى بعهده من الله؟ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم".
استمرار الحديث عن اليوم الآخر بعد هذا دليل على أن الحديث المستفيض عن اليوم الآخر في السور المكية لم يكن كله بسبب إنكار المنكرين للبعث، ولا كان كله موجّهاً إلى أولئك المنكرين! إنما كان جزء منه على الأقل موجّهاً للذين آمنوا بالفعل بالله واليوم الآخر.
ثم هو دليل كذلك على أن الذين آمنوا بالفعل ليسوا في غنى عن التذكير باليوم الآخر، إنما هم في حاجة دائمة إلى التذكير .. والله هو العليم بخلقه، فلو علم سبحانه أن مجرد حدوث الإيمان باليوم الآخر يكفي، لما عاد القرآن لتذكيرهم المرة بعد المرة، إنما علم الله أنه لا بد من التذكير .. وإعادة التذكير! ولا بد إذن من سبب دائم يدعو إلى التذكير!
* * *
إن في النفس البشرية كما خلقها الله دوافع فطرية قوية متأصلة:
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا ... ".
وقد كان لا بدّ ـ في تقدير الله وعلمه ـ أن تكون الدوافع قوية ومتأصلة، لتكون حوافز للعمل والنشاط والإنتاج، ودافعاً لعمارة الأرض، وهي جزء من عملية الخلافة التي خُلق من أجلها الإنسان:
"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة".
"هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
فلو كانت هذه الدوافع ضغيفة بحيث يمكن إسكانها أو التغاضي عن إلحاحها بسهولة، لوقفت العقبات الكثيرة في الأرض بين الإنسان وبين القيام بمهمة العمارة والاستخلاف. . .
وإنما كانت قوتها لتستطيع الصمود لهذه العقبات والتغلب عليها، والتمكن في النهاية من تحقيق ما كتبه الله من تسخير طاقات الكون للإنسان، أو تحقيق الفائدة المتحصلة من ذلك التسخير:
"وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه".
ولكن الله الخالق العليم يعلم سبحانه أن هذه الدوافع إذا تركت وشأنها بغير ضابط فإنها تنقلب إلى (شهوات): "زين للناس حب الشهوات ... ".
وعندئذٍ تصيب الإنسان بالعطب أو الهلاك .. وبدلاً من أن تكون عوناً له على عمارة الأرض والقيام بمهمة الخلافة الراشدة فيها، فإنها تصبح قيداً يعوِّق عن الانطلاق، وشاغلاً يشغل عن مهام الخلافة الحقّة.
لذلك وضع الله في الفطرة ضوابط تضبط هذه الشهوات، وتحدد منطلقها وتنظف مجراها، وتردها من (شهوة) طاغية لا يملك الإنسان نفسه إزاءها، إلى (رغبة) منضبطة ممكنة القياد، ورسم حدوداً لتحقيق هذه الدوافع، يتحقق بها قسط معقول من المتاع، وتحول في الوقت ذاته دون العطب والهلاك، للفرد والجماعة سواء:
" تلك حدود الله فلا تعتدوها".
"تلك حدود الله فلا تقربوها".
ثم علم الله أن هذه الضوابط الفطرية في داخل النفس في حاجة إلى معين يعينها على القيام بمهمتها، وينميها، ويشد من أزرها إزاء طغيان الشهوات، فوضع لذلك العبادات التي تذكّر بالله، وتدعو إلى تقواه:
"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون".
"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
لكنه يعلم كذلك ـ سبحانه ـ أن تلك الدوافع أو الشهوات لها ثقلة تجذبها إلى الأرض .. وأنه لا بدّ من ثقل من الناحية الأخرى يعادل هذه الجاذبية العنيفة التي تثقل الإنسان إلى الأرض .. وذلك هو الإيمان باليوم الآخر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إنه لا شيء يمكن أن يقنع الإنسان بالتنازل عن المتاع الزائد عن الحد، المدفوع إليه بفطرته، والالتزام بالحدود التي رسمها الله لهذه الدوافع وأمر الناس ألا يعتدوها لكي لا يعطبوا ولا يهلكوا، لا شيء يمكن أن يقنع الإنسان بذلك إلا الإيمان الجازم بأن ما يتركه هنا في الدنيا ـ من أجل طاعة الله ـ يلقاه في الآخرة مضاعفاً لا في الدرجة فحسب، بل في النوع كذلك، حيث النعيم الخالد الذي لا يزول، والجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأن ما يعصى الله فيه في الدنيا ـ اندفاع وراء شهوته ـ يعذب عليه عذاباً لا تطيقه النفوس والأبدان، وتصبح الموازنة حينئذٍ بين متاع هنا في الدنيا زائف زائل، ليس أقل عيوبه ما يشوبه من القلق الدائم على انتهائه وزواله، ومتاع هناك خالد لا يزول، ومن نوع أجمل وأعمق وأمتع وأصفى .. وموازنة كذلك بين ألم من عدم تحقيق القدر الزائد من المتاع، وهو محتمل في جميع أحواله، وألم في الآخرة يفوق طاقة الاحتمال ..
وحين توضع الموازنة في هذه الصورة يكون من الحماقة الشديدة ـ ولا شك ـ إضاعة النعيم الخالد بالنعيم الزائل، والدخول في العذاب الأليم الذي لا يطاق اتقاء لألم مؤقت لا يلبث أن يزول!
لذلك كان التركيز الشديد على عقيدة اليوم الآخر .. لأنها هي الثقل الذي يعادل جاذبية الشهوات ..
ثم إن العجينة البشرية عجينة لا تستقر بسهولة في داخل القالب الذي تتحقق به سلامتها في الدنيا والآخرة، وإنما هي دائمة التلوّي والتحرك مندفعة خارج حدود القالب، تريد أن تنفلت مع الشهوات، ومن ثم فهي لا تنضبط مرة واحدة وينتهي الأمر ويستقر بهاالمقام! إنما هي حاجة إلى عملية ضبط دائمة لا تكلّ ولا تفتر، لأنها هي لا تفتر عن الاندفاع والاندلاع [إلا أن تستقيم بعد طول مجاهدة وتطمئن إلى طريق الله]، لذلك لا يكفي أن يذكّر الإنسان بالآخرة مرة ثم ينتهي الأمر! إنما يحتاج الأمر إلى التذكير الدائم باليوم الآخر وحسابه، وثوابه وعقابه .. وذلك ما يفعله القرآن!
[دراسات قرآنية، محمد قطب، ص66]
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[09 Feb 2006, 07:03 ص]ـ
جزاك الله خيراعلى هذا الاختيار
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[09 Feb 2006, 08:28 ص]ـ
الفرق بين (لله ما في السموات وما في الأرض) و (لله ما في السموات والأرض)
--------------------------------------------------------------------------------
سبب ذكر وحذف ما في قوله تعالى في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وسورة الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) وفي سورة الصف ((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) واختلاف صيغة الفعل سبح فجاء سبح بصيغة الماضي كما في آيتي سورة الحشر والحديد وجاء يسبح في صيغة المضارع كما في سورة الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1))
القاعدة عامة ثم نعود إلى الآيات حقيقة لتثبيت هذه القاعدة العامة. هو العطف ممكن أن يكرر المعطوف عليه ويمكن أن يحذف *يعني مثلاً يمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وفضائيتكم ويمكن أن تقول: يعجبني ما في إذاعتكم وما في فضائيتكم. لكن لو نظرت الى الجملتين ستجد أنه في الإعادة هناك نوع من التمييز لما يقول الانسان لشخص: ستحاسب على ما قلت وفعلت، لاحظ الجمع هما شيئان لكن ضمهما إلى بعضهما غير لما يقول: ستحاسب على ما قلت وما فعلت، ميّزهما تمييزاً. هذا قول الباري عز وجل: (سبح لله ما في السموات والأرض) جمع الكلمتين ضمّهما إلى بعضهما لكن لما يقول (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) فصلها وخصصها.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن يبقى السؤال لِمَ جمع هنا وفصّل هاهنا؟ القاعدة هنا وهذه تنطبق حيثما وردت في كتاب الله عندما يقول (وما في الأرض) لا بد أن سيتحدث عمن في الأرض. لمّا يقول (ما في السموات والأرض) لا يتحدث عمن في الأرض. لمّا يذكر التمييز يبدأ يتكلم عليهم لكن لما يكون التسبيح هو مجرد تمجيد لله سبحانه وتعالى فيضم السموات والأرض ممجدة لله سبحانه وتعالى بما فيهما. لذلك سنجد في سورة الحشر في أولها لأنه تكلم على الناس قال (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) في نفس السورة لما ختمها في جو من تمجيد الله تعالى قال (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)).
نأتي إلى النماذج حقيقة حتى نتبين ذلك. لاحظ في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)) لم يتكلم عن أهل الأرض مباشرة لكن انظر في سورة الحشر (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)) كلام على أهل الأرض. هذه مضطردة في كل القرآن هذه النماذج التي بين يدي الآن هي من دلائل النبوة يعني ليس من فعل رجل، خلال 23 سنة يتنزل القرآن منجماً أجزاء أجزاء ينزل كيف تضبط هذه الأمور؟ هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى.
لاحظ في سورة الصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) ذكر ما في الأرض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)) يعني لا تنقطع المسألة حيثما وردت. في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) الكلام على أهل الأرض.
يبقى المضارع والماضي: طبعاً الفعل الماضي نحن تكلمنا في المرة الماضية لا يراد به المضي دائماً يعني مضى وانقضى، قد يراد به المواصلة والاستمرار. عندما تُسأل ما شأن فلان؟ تقول: سكن في حارتنا أو محلتنا. سكن فعل ماض يعني هو الآن ليس ساكناً؟ كلا بل تعني والآن ما زال ساكناً. فلما يأتي (سبح لله) يعني هذه الموجودات سبّحت لله سبحانه وتعالى نزهته وقدسته لكنها هي ماضية على ذلك. عندما يكون الحديث حديث يحتاج إلى ذكر للحاضر والمستقبل (للاستمرار للحضور) يعني فيه كلام عن الحضور يستعمل المضارع (يسبح لله). لاحظ في سورة الجمعة قال (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) لكن انظر كيف قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) الكلام على الرسالة والرسالة حاضرة ومستقبلة. قال (يتلو) ما قال تلا فيسبح تنسجم مع يتلو ويعلّم ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب. لما كان الكلام كلاماً على حاضر ومستقبل استعمل الفعل يسبح ولما كان الكلام مطلقاً استعمل الفعل الثابت سبّح. فيها كلام كثير لكن لا تريد أن نطيل الاجابة.
من برنامج لمسات بيانية للدكتور حسام النعيمي على قناة الشارقة
لقراءة جميع الحلقات السابقة اضغط هنا:
www.islamiyyat.com/lamasat-new.htm
منقول من موقع الوحيين واوصي بزيارته
http://www.alwhyyn.net/vb/showthread.php?t=10230
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روضة]ــــــــ[09 Feb 2006, 05:07 م]ـ
زادك الله علماً، وبارك فيك.
كنتُ قد بحثت قديماً عن سبب ورود (ما) في بعض آيات دون بعض، لكني لم أجد ما يقنعني.
وهذا الاجتهاد جيد مقبول.
جزاك الله خيراً على ما نقلتَه لنا.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[12 Feb 2006, 12:28 م]ـ
من التناقضات المزعومة:
العرض:
في سورة ق: " .. فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ".
ناقض " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) " طه.
النقد:
المقصود بالإبصار هنا: قوة المعرفة للحق واليقين به، يُقال: بصُرَ فلان بكذا: أي علِمَ به. [1]
أي: كأن الكافر يقول في الدنيا: " سأعد نفسي ليوم القيامة المزعوم، حججاً أحاجج بها الله ".
لكن، حين يبدأ الحساب، وتجادل كل نفس عن نفسها، يكون قد نسي تلك الحجج.
فكأنه يقول عندها: " إلهي لِمَ حشرتني أعمى عن حججي التي أعددتها، وكنت بصيراً بها؟ ".
وسبب ذلك العَمَيان هو أنه لما بُعث، بصُر بعينيه حقيقة البعث (فصار بصره بقوة الحديد) [2]، فبُهت مَن وَقعت المفاجأة عليه، واسوَد وجهه وَجلاً .. فنسي لذلك حججه .. فيظل يبحث عنها بفكره، لكنه لا يهتدي إليها.
فبسبب هول ما شاهده ببصره، صار أعمى عن حججه!
وهكذا يتكامل معنَيا الآيتين الكريمتين، ولا يتناقضان. [3]
=================
[1] انظر: الإتقان، السيوطي، ص539، ونسبه إلى قطرب.
[2] بصرك حديد: أي شديد الوضوح، لا حاجز أمامه ولا غشاء. وقد اكتشف العلم الحديث أن الحديد له قابلية امتصاص كافة الإشعاعات الموجية ـ سواء كانت صوتية أم ضوئية ـ دون تشتيتها إلى بنسب ضئيلة جداً. ومن رحمة وحكمة الله ? أن خفف على الناس فضيق آفاق عيونهم ولم يسمح لهم برؤية كافة ما يصل الى العين من إشعاعات، ولكنها في الآخرة تكون في أوج اتساع آفاقها؛ لتبلغ النهاية في طاقتها: فتبصر أهوال القيامة بتفاصيلها. وفيه مزيد من تنعم أهل الجنة من النعيم، ومزيد من تعذيب أهل النار .. انظر: استراحة العدد، مجلة آيات، عدد8، آب 2004م، ص26، عمَّان.
[3] ويؤيد هذا التأويل، قوله تعالى: " وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا " [الإسراء: 72]، وفي سورة القصص: " وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) ".
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:46 م]ـ
قال تعالى: " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ". [الملك: 30].
قال النيسابوري في تفسير الآية الكريمة:
وحُكمُ القريحة كذلك؛ فإنَّ فتحَ باب العويصات، لا يتيسر إلا بإعانة رب الأرض والسموات، والله الموفق، وإليه المآب، وبالله التوفيق والنصر.
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[14 Feb 2006, 02:06 م]ـ
جزاك الله خيراً على ما نقلتَه لنا أخي عبدالرحيم.
ـ[روضة]ــــــــ[16 Feb 2006, 03:51 م]ـ
علم المناسبات بين الآيات بعضها مع بعض، وبين السور يبيّن لنا جانباً من إعجاز القرآن الكريم، وأنه كلام الله المنزل، وليس من عند البشر.
فمن المعلوم أن القرآن الكريم نزل مفرقاً منجمّاً لبضعة وعشرين عاماً، حسب الوقائع المختلفة وفي ظروف متباينة، وإجابة لاستفسارات متنوعة، ثم كان الترتيب المحكم الذي لا نجد فيه آية ينبو بها مكانها من السياق القرآني العتيد.
ولا نجد كلمة يتململ بها موضعها في النظم المحكم، ولقد نجد الآية المدنية في السورة المكية، أو الآية تتلو الآية، والفاصل في نزولهما يبلغ عدة سنوات، فأي عقل بشري يستطيع أن يراعي هذه الدقة وهذا الإحكام في النسق والترتيب والملاءمة، بحيث يكون ذلك في الذروة من الفصاحة والبلاغة والانسجام.
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ?لْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ?للَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ?خْتِلاَفاً كَثِيراً) [النساء:82]
"إن عقلاً بشرياً مهما أوتي من القوة والحفظ والإحكام لا يستطيع أن يذكر موضع فقرة من كلام سابق مضى عليه سنوات طويلة، فيضعها في مكانها، بحيث تلتحم مع سابقاتها ولاحقاتها في اللفظ والمعنى والسياق، ولو أن عقلاً أتقن ذلك في حال واحدة، فلن يستطيع أن يحكمه في حالات كثيرة وفي سور كثيرة، بحيث لا تشذ حالة واحدة عن قاعدة الإحكام المشاهدة في كتاب الله الحكيم" [من مقدمة المحقق لكتاب تناسق الدرر].
[المرجع: مباحث في التفسير الموضوعي، د. مصطفى مسلم، ص90]
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[17 Feb 2006, 11:21 م]ـ
جزاك الله خيراً اختي باحثة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روضة]ــــــــ[18 Feb 2006, 01:14 ص]ـ
بارك الله فيك أيها المسلم الحاضر.
***********
عندما نتحدث عن الصياغة القرآنية، وما لخصائصها من القدرة على الوفاء بحق المعاني، وعرضها في صورة تسترعي السمع، وتثلج الصدر، وتملك القلب نجد أننا أمام عالم من الأسرار واللطائف والاعتبارات، يأخذ كل باحث منها بمقدار ما يفتح الله له من رحمته، وما يهبه من عطاء، وكلما عاود النظر فيها تجلى له من أسرارها الجديد المبهر، والجميل الآسر، فلا تنفد عجائبها، ولا يغيض معينها.
والقرآن الكريم لم يبتكر شيئاً جديداً في ألفاظ اللغة، ولا في أوضاعها وتراكيبها، ولكن الأمر أمر حسن الاختيار في تلك الألفاظ والأوضاع أيها أحق بأن يسلك في تأدية الغرض.
ذلك أن الغرض الواحد يؤدى على طرائق شتى، يتفاوت حظها في الحسن والقبول: "ففي اللغة العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، وفيها العبارة والإشارة، والفحوى والإيماء، وفيها الخبر والإنشاء، وفيها الجمل الاسمية والفعلية، وفيها النفي والإثبات، وفيها الحقيقة والمجاز، وفيها الإطناب والإيجاز، وفيها الذكر والحذف، وفيها التعريف والتنكير، وفيها التقديم والتأخير، وهلم جراً ... ومن كل هذه المسالك ينفذ الناس إلى أغراضهم غير ناكبين بوضع منها عن أوضاع اللغة جملة، بل هم في شعابها يتفرقون، وعند حدودها يلتقون.
بيد أنه ليس شيء من هذه المسالك بالذي يجمل في كل موطن، وليس شيء منها بالذي يقبح في كل موطن، إذن لهان الأمر على طالبه، ولأصبحت البلاغة في لسان الناس طعماً واحداً، كلا، فرب كلمة تراها في موطن ما كالخرزة الضائعة، ثم تراها بعينها في موضع آخر كالدرة اللامعة، فالشأن إذن في اختيار هذه الطرق أيها أحق بان يسلك في غرض غرض، وأيها أقرب توصيلاً إلى مقصد مقصد". [النبأ العظيم، محمد عبد الله دراز، ص90].
والقرآن الكريم هو القمة في حسن هذا الاختيار، سواء في ذلك الألفاظ المفردة، باعتبارها اللبنات التي تصاغ منها الجملة، ويتكون الأسلوب، أو طريقة تركيب الألفاظ وصياغة العبارة، "فهو يتخير أشرف المواد وأمسها رحماً بالمعنى المراد، ويضع كل مثقل ذرة في موضعها الذي هو أحق به". [النبأ العظيم، ص92].
المرجع: أسلوب الدعوة القرآنية، بلاغة ومنهاجاً، د. عبد الغني محمد بركة، ص345.
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:35 م]ـ
جزاك الله خيراعلى هذا الاختيار(/)
حول مقدمة شيخ الإسلام
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[27 Jan 2006, 09:33 م]ـ
لا تخفى القيمة العلمية الكبيرة لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية، وما تضمنته من القواعد والفوائد النفيسة لتي أضحت نبراساً لكل من جاء بعده،ابتداءً من تلاميذه إلى عصرنا الحاضر، وإلى ما شاء الله، لقد كانت حفاوة أهل العلم بهذه المقدمة كبيرة جداً، ولا غروَ في ذلك فمن هو مؤلفها، وما منزلته في علم التفسير؟ وهذا أمر متقرر معروف لكل ناظر في هذه المقدمة، لكن الأمر الذي أحب إثارته هنا هو: أن هذه المقدمة أصبحت في هذا العصر هي المتن المفضل وربما الوحيد الذي يشرح للطلاب المبتدئين في علم أصول التفسير ومناهجه، وفي رأي أنها غير مناسبة للمبتدئين لأسباب أهمها:
1/ أنها غير شاملة؛ فهناك موضوعات لا غنى للطالب عنها غير موجودة في هذه المقدمة، وهذا لا يقدح فيها أو في مؤلفها كما سيأتي، لكنها بذلك لا تكفي لبناء الطالب في هذا العلم.
2/ أكثر الكلام في هذه المقدمة يدور حول الخلاف في التفسير وأسبابه وأنواعه، وهذا أمر مهم ولا شك، لكن الطلاب المبتدئين اليوم لا يحتاجون إلى مثل هذا التوسع في هذا الموضوع؛ إذ إن عامتهم يقرأ في التفاسير المختصرة أو مختصرات التفاسير التي لا يذكر فيها الخلاف والأقوال الشاذة والباطلة.
3/ هناك مسائل في هذه المقدمة فيها صعوبة، ويعسر إدراكها على المبتدئين بل على المتوسطين.
4/ هناك استطرادات للشيخ في بغض فصول الرسالة، وهي مفيدة ولكنها تشتت ذهن الطالب المبتدئ غير المتمرس في قراءة كلام الشيخ، وقد عُرف – رحمه الله – بطول النَفَس في بحث بعض المسائل , والاستطراد الطويل , وتكرار الأدلة , والردود بأساليب مختلفة، ولعلَّ ذلك راجع إلى سرعته في الكتابة , واعتماده على حفظه , وعدم نظره فيما يكتب مرة أخرى؛ لكثرة تأليفه , وقيامه بأعباء التعليم , والجهاد , والدعوة , ويظهر ذلك بالمقارنة بين كتبه , وكتب تلاميذه , رحمة الله على الجميع.
أعود وأقول: إن هذه الملحوظات لا تقدح في هذه المقدمة النفيسة ولا في مؤلفها؛ فإن الشيخ – قدس الله روحه – ألفها من إملاء الفؤاد استجابة لرغبة بعض الإخوان كما ذكر، فركز فيها على ما يحتاجه السائل وأمثاله في ذلك الوقت ممن يقرأ في المطولات وجوامع التفاسير التي تحوي الصحيح والسقيم والغث والسمين، ولم يؤلفها لطالب صغير لم يقرأ كتاباً واحداً من تلك المطولات. بقي أن يقال ما هو البديل المناسب؟ وهل نحن بحاجة إلى مقدمة محررة جامعة في هذا العلم تناسب المبتدئين في هذا العصر؟ وهل تدمج أصول التفسير ومناهج المفسرين في كتاب واحد؟ أرجو من الإخوة المهتمين المشاركة والإفادة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 Jan 2006, 10:02 م]ـ
جزاك الله خيراً يادكتور إبراهيم، وكنت قد تساءلت قبل عدة أيام: هل يكفي بالفعل قراءة هذه المقدمة (ولو بشرحها) لفهم كتاب الله تعالى، بحر العلوم، ومائدة العلماء الربانيين؟
وأنا أؤيد ماذكرت من توجيه الطاقات لجمع وتحقيق الأدوات العلمية لتفسير كتاب الله تعالى لفهمه والعمل به. ولو راجعنا بعض المباحث الأصولية: العام والخاص، والمطلق والمقيد، والظاهر والمؤول، والتفسير بمجرد اللغة وحكم ذلك في أصول المذاهب الأربعة، المنطوق والمفهوم، الخ، أقول لو رجعنا إليها لوجدنا ارتباطها المباشر بعلم التفسير. بل حتى تخريج الروايات والترجيح بينها، وهذا يتعلق بعلم الاسناد، ينفعنا في التفاسير بالمأثور كالطبري، بل يبنغي الاعتناء باللغة كذلك، كما هي صنعة الشنقيطي في تفسير بعض الألفاظ استئناساً بشواهد العرب، أو العناية بالنظم والتراكيب البلاغية والاستعمالات النحوية، كما في صنيع الطاهر ابن عاشور والزمخشري وصاحب أضواء البيان في مواضع منه.
ولذلك، فتأييداً لما ذكرت، أرى أن الوسط العلمي لا زال يتطلع إلى كتب تعتني بهذا الجانب أكثر.(/)
مسألة: [كُذِّبَ] و [كُذِّبَتْ] لمَ في الأولى مذكر والثانية أتت مؤنثة؟ مشكورين
ـ[سعودالعكوز]ــــــــ[28 Jan 2006, 09:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسألة
بارك الله في علمكم
يقول الله تعالى: (فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) آل عمران184
يقول الله تعالى: (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ) فاطر4
وهنا سائل يسأل ..
لماذا في الآية الأولى وهي من سورة آل عمران، لفظة [كُذِّبَ] مذكر؟ وفي الآية الثانية وهي من سورة فاطر لفظة [كُذِّبَتْ] مؤنثة؟
والله يحفظكم ويرعاكم
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[28 Jan 2006, 10:31 م]ـ
وهنا سائل يسأل ..
لماذا في الآية الأولى وهي من سورة آل عمران، لفظة [كُذِّبَ] مذكر؟ وفي الآية الثانية وهي من سورة فاطر لفظة [كُذِّبَتْ] مؤنثة؟
والله يحفظكم ويرعاكم
----------------------------------------------------------
في جمع التكسير - مثل: " رسل " ها هنا - يجوز تذكير و تأنيث الفعل
ـ[روضة]ــــــــ[28 Jan 2006, 11:16 م]ـ
لابن الزبير في (مِلاك التأويل) حول هاتين الآيتين كلام جميل:
"ورد في هاتين الآيتين المفعولُ المقام مقامَ الفاعل، وهو (رسل) مكسراً.
والاسم المجموع جمع تكسير يجوز فيه التذكير والتأنيث، فورد في الآية الأولى: (فقد كذب) على رعي التذكير، ولم يُقرأ بغيره.
وفي الآية الثانية: (فقد كذبت) على معنى التأنيث؛ لزوماً أيضاً، مع وحدة اللفظ في المرفوع المفعول، وما يجوز فيه من التذكير والتأنيث، فيسأل عن ذلك.
والجواب والله أعلم أن كلا الآيتين مراعى فيه ما يلي تابعاً للمرفوع من الوصف في الأولى، وما عطف في الثانية.
أما الأولى فقال تعالى: (جاؤوا بالبينات)، ولا يمكن هنا إلا هذا، فجرى على ما هو الأصل في جمع المذكر المكسر من التذكير، فلم تلحق الفعل علامة التأنيث.
وأما آية الملائكة (فاطر) فلحقت التاء الفعل؛ رعياً لما عطف على الآية الأولى من قوله: (وإلى الله ترجع الأمور)، فليس في هذا إلا التأنيث سواء بُني الفعل للفاعل أو للمفعول.
فنوسب بين الآيتين فقيل: (كذبت) على الجائز الفصيح في تأنيث المجموع المكسر ليحصل التناسب، ولا يمكن عكس الوارد في الآيتين، والله أعلم" (325:1).(/)
أمثلة على معاني أوزان المفردات في الجملة القرآنية
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[29 Jan 2006, 03:00 م]ـ
بسم الله
والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
هذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى المبارك، أسأل الله أن يمن علي وعليكم بالإخلاص والتوفيق، في كل وقت ومكان.
وهذا الموضوع أذكر فيه أمثلة مما ذكره المفسرون والبلاغيون في معاني إيراد لفظة قرآنية ذات وزن صرفي، دون لفظة أخرى ذات وزن آخر، ولكنها راجعة إلى نفس الأصل، وصالحة - بحسب ما يظهر - لأداء ذلك المعنى، في الجملة.
وهذا أوان البدء بالمقصود، فأقول مستعيناً بالغفور الودود، وطالباً منكم أن تسالوا لأخيكم التوفيق والتسديد:
المثالان الأول والثاني
قوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا) دون (وتبتل إليه تبتلا)
وقوله تعالى (وأنبتها نباتاً حسنا) ً دون (وأنبتها إنباتاً حسناً)
قال ابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين) (2/ 29):
(ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة التبتل، قال الله تعالى (واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا) [المزمل 8] والتبتل: الانقطاع، وهو تفعل من البتل وهو القطع وسميت مريم البتول لانقطاعها عن الأزواج وعن أن يكون لها نظراء من نساء زمانها ففاقت نساء الزمان شرفاً وفضلاً وقطعت منهن ومصدر بتل تبتلا كالتعلم والتفهم ولكن جاء على التفعيل مصدر تفعل لسر لطيف فإن في هذا الفعل إيذانا بالتدريج والتكلف والتعمل والتكثر والمبالغة فأتى بالفعل الدال على أحدهما بالمصدر الدال على الآخر فكأنه قيل: بتل نفسك إلى الله تبتيلا وتبتل إليه تبتلاً؛ ففهم المعنيان من الفعل ومصدره؛ وهذا كثير في القرآن وهو من أحسن الاختصار والإيجاز). انتهى.
قلت: ومن ذلك قوله تعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً)؛ قال البقاعي في تفسيره: وجاء بالوصف المشعر بالإحسان مضافاً إليها إبلاغاً في المعنى فقال: (ربها) قال الحرالي: وظهر سر الإجابة في قوله سبحانه وتعالى (بقبول حسن) حيث لم يكن (بتقبل) جرياً على الأول.
ولما أنبأ القبول عن معنى ما أوليته باطناً أنبأ الإنبات عما أوليته ظاهراً في جسمانيتها، وفي ذكر الفعل من (أفعل) في قوله (وأنبتها)، والاسم من (فعل) في قوله (نباتاً حسناً) إعلام بكمال الأمرين من إمدادها في النمو الذي هو غيب عن العيون وكمالها في ذاتية النبات الذي هو ظاهر للعين، فكمل في الإنباء والوقوع حسن التأثير وحسن الأثر، فأعرب عن إنباتها ونباتها معنى حسناً؛ انتهى؛ فوقع الجواب لأنها عناية من الله سبحانه وتعالى بها على ما وقع سؤالها فيه، فلقد ضل وافترى من قذفها وبهتها، وكفر وغلا من ادعى في ولدها من الإطراء ما ادعى). انتهى.
"
ـ[روضة]ــــــــ[29 Jan 2006, 10:25 م]ـ
أرحب بالأخ محمد، وأسأل الله أن ينالنا من دعائه نصيب، وأن يوفقه للخير والعمل الصالح.
واسمح لي أخي ان أضيف تفصيلاً يتعلق بقوله تعالى:
(فتقبلها ربها بقَبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً)
في هذه الآية الكريمة مصدران على غير الصدر ـ كما تفضل الأخ ـ، الأول: قبول، والثاني: نباتاً.
أما الأول (قبول)، فالظاهر أن يقال: فتقبلها ربها بتقبّلٍ حسن، ولكن العدول عن الظاهر كان لسبب بياني.
للفعل (فتقبلها)، معنيان:
المعنى الأول: أن يكون معنى (تقبلها) استقبلها.
المعنى الثاني: رضي بها.
قال المفسر النحوي أبو حيان: " {فتقبلها ربها بقبول حسن} قال الزجاج: الأصل فتقبلها بتقبل حسن، ولكن قبول محمول على: قبلها قبولاً، يقال: قبل الشيء قبولاً والقياس فيه الضم: كالدخول والخروج، ولكنه جاء بالفتح، وأجاز الفراء والزجاج ضم القاف، ونقلها ابن الأعرابي فقال: قبلته قَبولاً وقُبولاً. وقال ابن عباس: معناه سلك بها طريق السعداء وقال قوم: تكفل بتربيتها والقيام بشأنها. وقال الحسن: معناه لم يعذيها ساعة قط من ليل ولا نهار وعلى هذه الأقوال يكون تقبل بمعنى استقبل، فيكون تفعل بمعنى استفعل، أي: استقبلها ربها، نحو: تعجلت الشيء فاستعجلته، وتقصيت الشيء واستقصيته، من قولهم: استقبل الأمر أي أخذه بأوله".
ثم ذكر المعنى الثاني لقوله تعالى: (فتقبلها): "وقيل: المعنى فقبلها أي: رضى بها في النذر مكان الذَّكر في النذر، كما نذرت أمها وسنى لها الأمل في ذلك، وقَبِل دعاءها في قولها: فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، ولم تقبل أنثى قبل مريم في ذلك، ويكون: تفعّل، بمعنى الفعل المجرد نحو: تعجّب وعَجِب، وتبرّأ وبرِيء".
وعلى كلا المعنيين جاء المصدر على غير الصدر.
ويجوز أن يكون على تقدير حذف مضاف، أي: بذي قبول حسن، أي: بأمر ذي قبول حسن، وهو اختصاصه تعالى لها بإقامتها مقام الذكر في النذر. [انظر بقية كلام أبي حيان، في البحر المحيط]
ما السر البياني وراء مجيئ المصدر على غير القياس؟
"وعدل عن الظاهر للإيذان بمقارنة التقبل لكمال الرضا وموافقته للعناية الذاتية؛ فإن صيغة التفعل مشعرة بحسب أصل الوضع بالتكلف، وكون الفعل على خلاف طبع الفاعل، وإن كان المراد بها في حقه تعالى ما يترتب عليه من كمال قوة الفعل وكثرته". [روح المعاني]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 12:50 م]ـ
"
جزى الله أختنا (باحثة) خير الجزاء وأوفاه؛ وما أحسن وأنفع ما أضافته.
"
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 01:14 م]ـ
"
المثال الثالثقوله تعالى (فتثير سحاباً) دون (فأثارت سحاباً)
قال تعالى في سورة فاطر: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ {9}).
قال ابن الأثير في (المثل السائر) (2/ 45): (اعلم أن الفعل المستقبل إذا أتي به في حالة الإخبار عن وجود الفعل كان ذلك أبلغ من الإخبار بالفعل الماضي، وذاك لأن الفعل المستقبل يوضح الحال التي يقع فيها ويستحضر تلك الصورة حتى كأن السامع يشاهدها؛ وليس كذلك الفعل الماضي.
وربما أدخل في هذا الموضع ما ليس منه، جعلاً بمكانه، فإنه ليس كل فعل مستقبل يعطف على ماض بجار هذا المجرى.
وسأبين ذلك فأقول: عطف المستقبل على الماضي ينقسم إلى ضربين:
أحدهما بلاغي، وهو إخبار عن ماض بمستقبل وهو الذي أنا بصدد ذكره في كتابي هذا الذي هو موضوع لتفصيل ضروب الفصاحة والبلاغة.
والآخر غير بلاغي وليس إخباراً بمستقبل عن ماض، وإنما هو مستقبل دل على معنى مستقبل غير ماض، ويراد به أن ذلك الفعل مستمر الوجود لم يمض.
فالضرب الأول كقوله تعالى (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)، فإنه إنما قيل (فتثير) مستقبلاً وما قبله وما بعده ماض لذلك المعنى الذي أشرنا إليه، وهو حكاية الحال التي يقع فيها إثارة الريح السحاب واستحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة.
وهكذا يفعل بكل فعل فيه نوع تمييز وخصوصية---.
فإن قيل: إن الفعل الماضي أيضاً يتخيل منه السامع ما يتخيله من المستقبل.
قلت في الجواب: إن التخيل يقع في الفعلين معاً، لكنه في أحدهما - وهو المستقبل - أوكد وأشد تخيلاً، لأنه يستحضر صورة الفعل حتى كأن السامع ينظر إلى فاعلها في حال وجود الفعل منه---.
وعليه ورد قوله تعالى أيضاً وهو (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {30} حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ {31}) [الحج].
فقال أولا ً: (خر من السماء) بلفظ الماضي ثم عطف عليه المستقبل الذي هو (فتخطفه) و (تهوي)؛ وإنما عدل في ذلك إلى المستقبل لاستحضار صورة خطف الطير إياه وهوي الريح به؛ والفائدة في ذلك ما أشرت إليه فيما تقدم؛ وكثيراً ما يراعى أمثال هذا في القرآن). انتهى.
قلت: وأرى التعبير عن إرسال الرياح بالماضي أبلغ، من جهة أخرى؛ فإنه تعالى أرسلها ولم تزل مرسلة، فإرسالها شيء قد تم وفُرغ منه، فالتعبير عن هذا المعني بماض من الأفعال أدق وأبلغ؛ ثم لعل الرياح ثابتة في مقدارها في الجملة، منذ أن أوجدها الله على وجه هذه الأرض، أي لم تزدد ولم تنقص إلا شيئاً لا يستحق الذكر، بالنسبة إلى أصل مقدارها؛ وقد يؤيد هذا ورودُها في السياق معرفة، بخلاف السحاب، فإنه ورد منكراً، لأن كل سحاب يثار هو غير الذي قبله وغير الذي بعده.
وأما إثارة السحاب فتقع أحياناً؛ وهي لا تزال تتجدد وتستمر، فالتعبير عنها بالمضارع أبلغ من جهة أخرى، أيضاً.
فهذه الإثارة المتجددة في كل وقت، هي فرع عن أصل ذلك الإرسال الماضي؛ والله أعلم.
"
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 04:43 م]ـ
"
المثال الثالثقوله تعالى (فتثير سحاباً) دون (فأثارت سحاباً)
قال ابن الأثير في (المثل السائر) (2/ 45): (اعلم أن الفعل المستقبل إذا أتي به في حالة الإخبار عن وجود الفعل كان ذلك أبلغ من الإخبار بالفعل الماضي ((--))
سقط من هذا الموضع هامشه فرأيت استدراكه هنا، وهذا نصه:
(بشرط أن يكون المراد هو استحضار صورة ذلك الفعل وتقريره وتدبره، وأما إن كان المراد تأكيده أو مجرد الإخبار عنه للبناء عليه والتفريع عنه أو غير ذلك فذاك شأن آخر، ولكل مقام مقال، والتعميم في باب البلاغة والفصاحة له محاذير لا تخفى على مثل ابن الأثير رحمه الله، بل سينبه هو على نحو من هذا المعنى قريباً).
"
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 04:57 م]ـ
المثال الثالث
فإنه إنما قيل (فتثير) مستقبلاً وما قبله وما بعده ماض لذلك المعنى الذي أشرنا إليه، وهو حكاية الحال التي يقع فيها إثارة الريح السحاب واستحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة ((--)).
أيضاً سقط من هذا الموضع هامشه، وهذا نصه:
(وثم معنى آخر لاستعمال المضارع هنا وهو أن الإثارة من قبل الريح الواحدة تتكرر وتتصل وتتجدد، وأما أصل الإرسال فقد حصل مرة واحدة، وأمر الله سريع ونافذ والريح مسخرة بأمره وخاضعة له ثم تعمل عملها بإذنه تعالى وتقديره).
هذا مع أنني كنتُ ألحقتُ نحوَ هذا المعنى، في آخر الموضوع لما راجعته على المنتدى قبيل إرساله، ولم أتفطن إلى سقوط الهامش، حينئذ، لأنني إنما نقلت الموضوع من شيء مكتوب عندي قبلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 05:08 م]ـ
المثالان الأول والثاني
----وهو من أحسن الاختصار والإيجاز) [وانظر (التعبير القرآني) للدكتور فاضل السامرائي ص34 - 35].
-----حيث لم يكن (بتقبل) جرياً على الأول [كذا، ولعل الصواب (الأصل)].
"
سقط عند إرسال هذه المشاركة هامشاها، وقد أثبتُّهما، استدراكاً، هنا، وميزتهما بالحمرة والوضع بين حاصرتين.
"
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 Jan 2006, 05:19 م]ـ
"
المثال الرابع
قوله تعالى (إن رحمة الله قريب) دون (إن رحمة الله قريبة)
قال تعالى في سورة (الأعراف): (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ {56}).
قال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/ 541) بعد كلام نقله عن بعض العلماء في قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين):
(فعلى هذا يكون الأصل في الآية: (إن الله قريب من المحسنين، وإن رحمة الله قريبة من المحسنين) [قلت: ففي الآية ما يشبه الاحتباك]، فاستغنى بخبر المحذوف عن خبر الموجود وسوغ ذلك ظهور المعنى.
وهذا المسلك مسلك حسن إذا كسي تعبيراً أحسن من هذا وهو مسلك لطيف المنزع دقيق على الأفهام وهو من أسرار القرآن.
والذي ينبغي أن يعبر عنه به أن الرحمة صفة من صفات الرب تبارك وتعالى والصفة قائمة بالموصوف لا تفارقه لأن الصفة لا تفارق موصوفها فإذا كانت قريبة من المحسنين فالموصوف تبارك وتعالى أولى بالقرب منه بل قرب رحمته تبع لقربه هو تبارك وتعالى من المحسنين.
وقد تقدم في أول الآية أن الله تعالى قريب من أهل الإحسان بإثابته ومن أهل سؤاله بإجابته وذكرنا شواهد ذلك وأن الإحسان يقتضي قرب الرب من عبده كما أن العبد قرب من ربه بالإحسان، وأن من تقرب منه شبراً تقرب الله منه ذراعاً ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً.
فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين ورحمته قريبة منهم وقربه يستلزم قرب رحمته ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة وأن الله تعالى قريب من المحسنين وذلك يستلزم القربين قربة وقرب رحمته ولو قال إن رحمة الله قريبة من المحسنين لم يدل على قربه تعالى منهم لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته والأعم لا يسلتزم الأخص بخلاف قربه فإنه لما كان أخص استلزم الأعم وهو قرب رحمته.
فلا تستهن بهذا المسلك فإن له شأناً وهو متضمن لسر بديع من أسرار الكتاب وما أظن صاحب هذا المسلك قصد هذا المعنى ولا ألم به وإنما أراد أن الإخبار عن قرب الله تعالى من المحسنين كاف عن الإخبار عن قرب رحمته منهم فهو مسلك سابع [قلت: كأنها محرفة عن (سائغ)] في الآية وهو المختار وهو من أليق ما قيل فيها.
وإن شئت قلت: قربه تبارك وتعالى من المحسنين وقرب رحمته منهم متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر فإذا كانت رحمته قريبة منهم فهو أيضاً قريب منهم.
وإذا كان المعنيان متلازمين صح إرادة كل واحد منهما فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين من التحريض على الإحسان واستدعائه من النفوس وترغيبها فيه غاية حظ وأشرفه وأجله على الإطلاق وهو أفضل إعطاء أعطيه العبد وهو قربه تبارك وتعالى من عبده الذي هو غاية الأماني ونهاية الآمال وقرة العيون وحياة القلوب وسعادة العبد كلها.
فكان في العدول عن قريبة إلى قريب من استدعاء الإحسان وترغيب النفوس فيه ما لا يتخلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته ولا قوة إلا بالله تعالى).
"
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[09 Feb 2006, 10:42 ص]ـ
"
"
المثال الخامس
(الرياح) و (الريح)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في (بدائع الفوائد) (1/ 118) بعد كلام ذكره:
(ومن هذا الباب ذكر الرياح في القرآن جمعا ومفردة فحيث كانت في سياق الرحمة أتت مجموعة وحيث وقعت في سياق العذاب أتت مفردة وسر ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهاب والمنافع وإذا هاجت منها ريح أنشأ لها مما يقابلها ما يكسر سورتها ويصدم حدتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكل ريح منها في مقابلها ما يعدلها ويرد سَورتها، فكانت في الرحمة ريحاً؛ وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه واحد وحمام واحد لا يقوم لها شيء ولا يعارضها غيرها حتى تنتهي إلى حيث أمرت لا يرد سورتها ولا يكسر شرتها فتمتثل ما أمرت به وتصيب ما أرسلت إليه ولهذا وصف سبحانه الريح التي أرسلها على عاد بأنها عقيم فقال: (أرسلنا عليهم الريح العقيم) [الذاريات 41] وهي التي لا تلقح ولا خير فيها والتي تعقم ما مرت عليه.
ثم تأمل كيف اطرد هذا إلا في قوله في سورة يونس (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم (1) بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف) [يونس 22] فذكر ريح الرحمة الطيبة بلفظ الإفراد لأن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد سيرها، فإذا اختلفت عليها الرياح وتصادمت وتقابلت فهو سبب الهلاك فالمطلوب هناك ريح واحدة لا رياح.
وأكد هذا المعنى بوصفها بالطيب دفعاً لتوهم أن تكون ريحاً عاصفة بل هي مما يفرح بها لطيبها).
وقال ابن القيم في نهاية ذلك الفصل وقد ذكر فيه مسائل مهمة من أسرار التعبير القرآني:
(فلينزه الفطن بصيرته في هذه الرياض المونقة المعجبة التي ترقص القلوب لها فرحاً ويتغذى بها عن الطعام والشراب والحمد لله الفتاح العليم؛ فمثل هذا الفصل يعض عليه بالنواجذ وتثنى عليه الخناصر فإنه يشرف بك على أسرار عجائب تجتنيها من كلام الله والله الموفق للصواب).
____________________________________________
(1) هذا الالتفات لعل معناه أن جريان السفينة بالناس بريح طيبة يكون في الغالب سبباً في غفلتهم عن ذكر الله ودعائه وفي نسيان ضرورتهم إلى عونه وتوفيقه وحمايته، وفي غيبتهم عن ذلك كله، فخاطبهم خطاب الغائبين، وهذا من بلاغة الالتفات.
"(/)
أحاديث نسخ التلاوة رواية ودراية.
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[29 Jan 2006, 07:15 م]ـ
هذا ملخص سريع لبحثي الموسوم ب ((أحاديث نسخ التلاوة رواية ودراية)).
القسم الأول: أحاديث نسخ التلاوة رواية.
أولاً: بيان حال أحاديث نسخ التلاوة، وهذا يسلزم الكلام على أحاديث نسخ التلاوة جملة، ثم الكلام على كل حديث على الإفراد.
1) رويت الأحاديث التي فيها ذكر لنسخ التلاوة أو الكلام على آية نُسخت من قبل عدد كبير من الصحابة وصل إلى اثنين وعشرين صحابياً وهم (عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبي بن كعب، وسهل بن حنيف،وزيد بن ثابت، وعبادة بن الصامت، وعائشة، والعجماء خالة سهل بن حنيف، وعمرو بن العاص، وأبي واقد اللثي، وأنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، وابن مسعود، وبريدة،وابن الزبير، وأبي أمامة، وأبي سعيد الخدري، وسمرة بن جندب، وجابر بن عبد الله، وكعب بن عياض).
2) حديث الشيخ والشيخة بكافة ألفاظه رواه كا من: (عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبي بن كعب، وسهل بن حنيف،وزيد بن ثابت، وعبادة بن الصامت، وعائشة، والعجماء خالة سهل بن حنيف، وعمرو بن العاص)
3) حديث لو كان لابن آدم واديان من رواهما كل من: أنس، وابن الزبر، وابن عباس، وأبي بن كعب، وبريدة، وأبي سعيد، وسمرة، وعائشة، وجابر، وأبي أمامة، وكعب بن عياض).
يتبين مما سبق أن أحاديث نسخ التلاوة وصلت إلى حد التواتر جملة، بل ووصل حديثان على الإفراد منها إلى درجة التواتر، ولهذا حكم العلاوة الوزبيدي في نظم المتناثر بتواتر حديث ((لو كان لابن آدم واديان من ذهب ... )).
ثانياً وردت ألفاظ عن عدد من الصحابة تصب في هذا الاتجاه كقولهم، نسخت أو رفعت، كانت مما يقرأ من القرآن، وهذه الألفاظ وردت عن عدد من الصحابة وصل إلى حد التواتر، مما يفيدنا حضور هذا المعنى في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم.
ثالثاً: إن هذه الأحاديث قد اشتملت عليها أمَّات كتب كالصحيحين، والسنن والمسانيد، ورواية أصحاب الكتب لهذه الأحاديث يفيد ارتضاؤهم لها وبخاصة صاحبي الصحيح الذين اشترطا الصحة، ثم ما اشترطه سواهما من أنهما لم يرويا إلا مقبولاً أو معمولاً به.
وهذا كله يبين أن أهل الحديث ارتضوا هذه الأحاديث ورووها بكثرة وصلت إلى التواتر، فما على من ينكر هذا إلا أن يقرع الحجة بالحجة ويثبت عدم التواتر بالدليل لا بالصياح والعويل، والكلام العاري عن المنهج والدليل.
يتبع القسم الثاني أحاديث نسخ التلاوة دراية .... إن شاء الله تعالى.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[01 Feb 2006, 11:14 م]ـ
الاخ لطفي حفظك الله تعالى
1 - أرجو منك ان تذكر من قال بتواتر الاحاديث التي ذهبت اليها من علماء الحديث وممن هم حجة في الحديث
2 - بعض كتب الاصول كالابهاج والمحصول لم تذهب الى ان حديث الشيخ والشيخة هو آية اصلا .. فهل كفرا بهذا الانكار؟
وأسأل الله الهداية ..
ـ[سيف الدين]ــــــــ[02 Feb 2006, 08:34 م]ـ
الاخ الدكتور لطفي
لم أتمعن في ما كتبته في ركن آخر من المنتدى .. لذا أرجو قبول اعتذاري عن طرح ما سألت .. أرى ربما يجب تأجيل الاسئلة حتى تنشر بحثك .. وجزاك الله كل خير ..
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[03 Feb 2006, 09:00 م]ـ
الأخ الكريم سيف الدين وفقه الله تعالى وكذا جميع الأخوة الذين يقرأون هذا الملخص المقتضب، إن هذا الملخص هو في الأصل بحثٌ من ثلاثة مباحث، أولها أحاديث النسخ رواية، وثانيها أحاديث نسخ التلاوة دراية، وثالثها في الرد على الشبهات وما يرد على هذا الموضوع، ولسوف يكون التلخيص شديداً للمبحثين الأول والثاني، أما فيما يتعلق بالرد على الشبهات وما يُثار حول نسخ التلاوة فلعلي أتناوله بتفصيل أكثر لكن باختصار لبعض الشبهات التي تناولتها في بحثي، وفي المبحث الثالث إجابة عن بعض ما سألتم والله يحفظكم.
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[17 Feb 2006, 02:41 م]ـ
القسم الثاني: أحاديث نسخ التلاوة دراية
ملحوظة: القسم في هذا الملخص يُعادل المبحث، في أصل البحث الذي أشرت إليه.
تناولت في هذا القسم ثلاثة أمور:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: إمكان نسخ التلاوة عقلاً، وذلك من خلال التقسيم المنطقي للنسخ أولاً، إذ إن الكاتبين في هذا الموضوع من أصوليين وعلماء قرآن قد ذكروا هذا التقسيم على سبيل الافتراض أولاً لأن العقل والمنطق لا يرفضه، فالنسخ متعلق بالنص، والنص له جانبان حكم ورواية، فالنسخ قد يكون على أحدهما أو عليهما معاً، فقد يكون نسخ للحكم، أو نسخ للتلاوة، أو للحكم والتلاوة معاً، وقد ساق علماء الأصول والقرآن الأمثلة والأدلة على هذه الأقسام جميعاً، بتفاوت في الكثرة والقلة بالترتيب الموجود، فأكثر الأقسام عليه أدلة وأمثلة هو الأول، ويليه نسخ التلاوة فقد ذكر عليه العلماء عدد من الأدلة، ولم ينكره قديماً إلا قلة من الطوائف الأخرى، والأمثلة التي ذكروها من الكثرة بمكان بحيث يطمئن الإنسان إلى وقوع هذا النوع من النسخ، وليس من العقل والحكمة إنكار هذا والحكم على كل الأدلة التي استدل بها المثبتون بالإعدام ونفيها، لا سيما وقد قدمت في القسم الأول تواتر أحاديث نسخ التلاوة، ومن هنا تأتي فائدة التواتر لا لإثبات قرآنية هذه النصوص، بل لتدعيم حجة من يقول بهذا النوع من النسخ كما سأبين ذلك في القسم الثالث إن شاء الله تعالى.
وقبل أن أنهي كلامي المختصر على هذه الجزئية أسوق كلاماً لأحد العلماء الذين ارتضوا العقل منهجاً وأخذوا بأحكامه في إثبات حصول نسخ التلاوة عقلاً، ذلكم العلامة هو ابن عقيل الحنبلي، فابن عقيل وإن كان حنبلياً في الفروع إلا أنه كان معتزلياً في الأصول وفي كلامه واستدلاله ردٌ على بعض علماء طائفته الذين أنكروا نسخ التلاوة، وفي هذا الصدد يقول (الواضح في أصول الفقه: 1/ 245): والنسخ على ثلاثة أضرب: نسخ الحكم دون الرسم، ونسخ الرسم دون الحكم، ونسخ الرسم والحكم معاً.
فالأول: الوصية للوالدين والأقربين، والاعتداد والتربص بعد وفاة الزوج حولاً، وهما جميعاً يتليان في كتاب الله تعالى، فنُسخت الوصية بآية المواريث، ونُسخ الحول بالأربعة أشهر وعشراً.
والثاني: آية الرجم، منسوخة الرسم من كتاب الله تعالى،وهمَّ عمر بكتبها في حاشية المصحف، وخاف أن الناس َ أن ينسبوا إليه الزيادة في المصحف، وهي: (لا ترغبوا عن آبائكم فإن ذلك كفر بكم، الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)، وهي ثابتة الحكم، وهذا تعليق للحكم على الغالب، وأن الشيخين يكونان محصنين، وليس بتعليق على حقيقة السن؛ لأن الشيخ والعجوز إذا لم يكونا تواطآ في نكاح صحيح جُلدا، لكن هذا مما ذُكر فيه السن إحالة على غالب الحال معهما.
وكذلك ذكر التتابع في كفارة اليمين في قراءة ابن مسعود: ((ثلاثة أيام متتابعات)) نُسخ الرسم، والحكم وهو التتابع باقٍ عندنا.
الثالث: مثل ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان فيما أنزل الله: عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس معدودات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما يُقرأ من القرآن، فكانت العشر منسوخة الرسم إذ لم نقف لها على رسم، ومنسوخة الحكم إذ لم يبق بالعشر عبرة، ولا تعلق التحريم عليها.
ثم ذكر رحمه الله تعالى إنكار بعض الأصولين فقال: 1/ 249: وأنكر هذا قوم من الأصوليين، ولا وجه للإنكار إذا صحت الرواية بذلك؛ لأنَّه إن كان القول بالأصلح، فقد يكون الأصلح رفعها، كما كان في الوقت الذي تليت ونزلت الأصلح نزولها وتلاوتها، وإن كان القول بمطلق المشيئة، فيرفع الله ما يشاء كما ينزِّل وقد أعلم نبينا ليلة القدر، ثم أنساه ورفعها، يعني رفع علم النبي صلى الله عليه وسلم بها، بدليل أنه قال فاطلبوها، ولو كان الرفع لعينها لما أمر بطلبها، وكذلك رفع علمنا بالسورة والآية، لا أنَّه أعدما وأزال ذاتها، وما خلا إنزالها من فائدة وهي الإيمان بها حيث كانت متلوة، والتسليم لحكم الله حيث رُفعت، وفي رفعها بعد الإنزال نوع بلوى، قال الله سبخانه: (وإذا بدَّ لتا آيةً مكان آيةٍ والله أعلمُ بما يُنَزِّل قالوا إنَّما أنت مُفترٍ بل أكثرهم لا يعلمون) فيكون رفع ما أنزله ونسخ ما أحكمه زيادة في إيمان المؤمن بتسليمه لله، وفتنة للذين في قلوبهم مرض.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونظير هذا ما ذكره الطوسي في العدة في الأصول: 2/ 36: فصل: في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم جميع ما ذكرناه جائز دخول النسخ فيه لأن التلاوة إذا كانت عبادة والحكم عبادة أخرى جاز وقوع النسخ في أحديهما مع بقاء الآخر كما يصح ذلك في كل عبادتين، وإذا ثبت ذلك جاز نسخ التلاوة دون الحكم والحكم دون التلاوة، فإن قيل: كيف يجوز نسخ الحكم مع بقاء التلاوة وهل ذلك إلا نقض لكون التلاوة دلالة على الحكم لأنها إذا كانت دلالة على الحكم فينبغي أن يكون دلالة ما دامت ثابتة والا كان نقضا على ما بيناه؟ قيل له: ليس ذلك نقضاً لكونها دلالة لأنها إنما تدل على الحكم ما دام الحكم مصلحة،وأما إذا تغير حال الحكم وخرج من كونه مصلحة إلى غيره لم يكن التلاوة دلالة عليه وليس لهم أن يقولوا لا فائدة في بقاء التلاوة إذا ارتفع الحكم، وذلك أنه لا يمتنع أن يتعلق المصلحة بنفس التلاوة وإن لم يقتض الحكم وإذا لم يمتنع ذلك جاز بقائها مع ارتفاع الحكم وليس لهم أن يقولوا إن هذا المذهب يؤدى إلى أنه يجوز أن يفعل جنس الكلام بمجرد المصلحة دون الإفادة وذلك مما تأبونه لأنا إنما نمنع في الموضع الذي أشاروا إليه إذا خلا الكلام من فائدة أصلاً وليس كبقاء التلاوة مع ارتفاع الكلام لأنها إفادة في الابتداء تعلق الحكم بها و قصد بها ذلك، وإنما تغيرت المصلحة في المستقبل في الحكم فنسخ وبقى التلاوة لما فيها من المصلحة وذلك يخالف ما سأل السائل عنه، وأما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فلا شبهة فيه، لما قلناه من جواز تعلق المصلحة بالحكم دون التلاوة، وليس لهم أن يقولوا إن الحكم قد ثبت بها فلا يجوز مع زوال التلاوة بقائه، وذلك أن التلاوة دلالة على الحكم فليس في عدم الدلالة عدم المدلول عليه.
وبهذا يتبين أن إمكانية نسخ التلاوة عقلاً واقعة فعلاً، والعقل لا يأباها، ولقد تعمدت النقل عن عالمين من علماء الطوائف التي تميل إلى الإنكار أكثر، وهم المعتزلة وورثتهم العقلانيون المحدثون، والرافضة، إذ استشهدت بنقل لابن عقيل، وآخر للطوسي، بل إن الطوسي يرى أن إثبات نسخ الحكم مع بقاء التلاوة أشد، وتوسع في إثبات إمكانية ذلك، وبناء على ذلك فنسخ التلاوة مع بقاء الحكم من باب تحصيل الحاصل كما تقدَّم عنه.
ثانياً: يمكن الاستئناس بمدى استشهاد العلماء بهذا النوع من النسخ وذكرهم له في مصنفاتهم، وقد كفاني الدكتور أحمد نوفل في بحثه (نسخ التلاوة بين النفي والإثبات) الذي الذي طبع في كتاب (دراسات إسلامية وعربية) ص 166 – 167، باستيعاب من ذكر هذا النوع، وذكر العلماء له هو ارتضاء له، وإلا فإن كل من نقل شيئاً من العلماء ولم يتبعه النقد فهو راضٍ عنه، وإن قال قائل:ما هذا إلا متابعة من اللاحق للسابق فنقول:إنا بهذا ننفي عن هؤلاء العلماء الذين نعيش على نتاجهم صفة العلمية والتفكير والنقد، وهذا ينزع الثقة من مؤلفاتهم وكتاباتهم، وهنا أسجل نقدي لقول د. أحمد نوفل قبل أن أسرد بعض المصنفات التي ساقها وهي قوله (ص165): ومما يساعد على رواج هذه الروايات وجعلها مقبولة ومسنودة أنَّ المفسرين أو جلهم لم يُفسروا الآية الكريمة (ما ننسخ من آية أو ننسسها) إلا بما يوافق هذه الروايات، فمعظمهم قائل إنَّ الإنساء أو النسيان إنما هو محو من الحافظة، ومسخها من القلوب ومن صفحات العقول، والنسخ نسخ حكم، أو نسخ تلاوة وحكم. فكأن كل ما ذهب إله هؤلاء العلماء الأفذاذ لم يرض فضيلة الدكتور، بل كأنه يراهم جميعاً مرددين لقول واحد كالببغاوات دون فقهٍ لما ينقلون، وهذا إجحاف كبير بحق هؤلاء العلماء إذ إن ذكر واحد منهم قولاً فإنه يتبناه بعد دراسة وتمحيص لهذا القول، وإن كان يعتقد خلافه فإنه يتعرض لهذا القول للنقض والنقد، وما من عالم من هؤلاء العلماء إلا مارس ما أقول ف كتابه الذي نقل منه الدكتور الفاضل، ولو أردت الاستدلال على ذلك لكثرت النقول وخرجت عن موضوع البحث.
(يُتْبَعُ)
(/)
و عند التدقيق في هذه القائمة نجدها لم تقتصر على علماء فن واحد فنجد العلماء من كل الفنون تقريباً؛ علماء الأصول، والفقه، والقرآن، والحديث ..... ، ثم إن لا نجد علماء طائفة واحدة قالوا بهذا النوع من النسخ، فهناك أهل السنة وهم السواد الأعظم، وهناك علماء المعتزلة، وعلماء الشيعة، والإباضية وغيرهم.
وهذا ذكر لأبرز من يمكن أن نذكره في هذه العجالة ممن قال بنسخ التلاوة: فمن المفسرين غالبيتهم العظمى بغض النظر عن الطائفة أو الانتماء، ومنهم على سبيل المثال: ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن كثير،، والنسفي، والبغوي، وابن عطية، والقرطبي، والطوسي، والطبرسي، واطفيش في تيسير التفسير، والزمخشري وووووو ... ومن علماء علوم القرآن الذين ذكروا ذلك: الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان،والزرقاني في المناهل، ... ومَنّ كَتَبّ في الناسخ والمنسوخ كالنحاس، وابن حزم، وابن سلامة البغدادي، وابن الجوزي، وغير هؤلاء كثير، ومن الأصوليين كثير أيضاً: منهم الرازي في المحصول، والغزالي في النخول، والأصول للسرخسي، وابن حزم، والآمدي، ومن المحدثين شُرَّاح الحديث الذين تعرضوا لشرح أحاديث نسخ التلاوة ومنهم على سبيل المثال: ابن حجر،
وهذه القائمة سرد لنماذج ممن قالوا بهذا النوع من النسخ من علماء الفنون المختلفة،لأبين أن منسوخ التلاوة جائز عقلاً، ولو قلنا خلاف ذلك فإنَّا نتهم كل هؤلاء العلماء بمجافاة آرائهم لأحكام العقل وهذا ما لا يقول به عاقل.
ثالثاً: الاستدلال على نسخ التلاوة من خلال أقوال العلماء وتوجيهاتهم لقوله تعالى:) ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها (وقوله تعالى:) وإذا بدَّ لتا آيةً مكان آيةٍ والله أعلمُ بما يُنَزِّل قالوا إنَّما أنت مُفترٍ بل أكثرهم لا يعلمون (ففيما يتعلق بالآية الأولى: قال الطبري 1/ 476: اختلفت القراءة في قوله ذلك فقرأها قراء أهل المدينة والكوفة أو ننسها ولقراءة من قرأ ذلك وجهان من التأويل أحدهما أن يكون تأويله ما ننسخ يا محمد من آية فنغير حكمها أو ننسها وقد ذكر أنها في مصحف عبد الله ما ننسك من آية أو ننسخها نجيء بمثلها فذلك تأويل النسيان وبهذا التأويل قال جماعة من أهل التأويل، ذكر من قال ذلك حدثنا بشر بن معاذ قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا سعيد عن قتادة قوله ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها كان ينسخ الآية بالآية بعدها ويقرأ نبي الله الآية أو أكثر من ذلك ثم تنسى وترفع حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله ما ننسخ من آية أو ننسها قال كان الله تعالى ذكره ينسي نبيه ما شاء وينسخ ما شاء حدثني المثنى قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان عبيد بن عمير يقول ننسها نرفعها من عندكم حدثنا سوار بن عبد الله قال ثنا خالد بن الحرث قال ثنا عوف عن الحسن أنه قال في قوله أو ننسها قال إن نبيكم أقرىء قرآنا ثم نسيه وكذلك كان سعد بن أبي وقاص يتأول الآية إلا أنه كان يقروها أو تنسها بمعنى الخطاب لرسول الله كأنه عني أو تنسها أنت يا محمد ذكر الأخبار بذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا هشيم قال أخبرنا يعلى بن عطاء عن القاسم قال سمعت سعد بن أبي وقاص يقول ما ننسخ من آية أو ننسها قلت له فإن سعيد بن المسيب يقرؤها أو ننسها قال فقال سعد إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب قال الله سنقرئك فلا تنسى واذكر ربك إذا نسيت حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا هشيم قال ثنا يعلى بن عطاء قال ثنا القاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي قال سمعت ابن أبي وقاص يذكر نحوه حدثنا محمد بن المثنى وآدم العسقلاني قالا جميعا عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت القاسم بن ربيعة الثقفي يقول قلت لسعد بن أبي وقاص إني سمعت ابن المسيب يقرأ ما ننسخ من آيةوفي 1/ 477: أو ننسها فقال سعد إن الله لم ينزل القرآن على المسيب ولا على ابنه إنما هي ما ننسخ من آية أو تنسها يا محمد ثم قرأ سنقرئك فلا تنسى واذكر ربك إذا نسيت حدثني المثنى قال ثنا إسحاق قال ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله ما ننسخ من آية أو ننسها يقول ننسها نرفعها وكان الله تبارك وتعالى أنزل أمورا من القرآن ثم رفعها
(يُتْبَعُ)
(/)
والوجه الآخر منهما أن يكون بمعنى الترك من قول الله جل تعالى.
ويحسن هنا أن أذكر أيضاً آراء علماء المعتزلة في تفسير هذه الآية، قال الزمخشري (الكشاف: 1/ 87): ونسخ الآية إزالتها بإبدال أخرى مكانها، وإنساخها الأمر بنسخها، وهو أن يأمر جبريل عله السلام بأن يجعلها منسوخة بالإعلام بنسخها، ونسؤها تأخيرها وإذهابها لا إلى بدل، وإنساؤها أن يذهب بحفظها عن القلوب. والمعنى: أن كل آية يُذهب بها على ما توجبه المصلحة، من إزالة لفظها وحكمها معاً، أو من إزالة أحدهما إلى بدل أو غير بدل (نأت بخير منها).
قال الطوسي في التبيان: 1/ 294: واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة أوجه: قال قوم: يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير إفراد واحد منهما عن الآخر. - وقال آخرون: يجوز نسخ الحكم دون التلاوة. - وقال آخرون: يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ، كما ينسخ الكتاب من كتاب قبله. - وقالت فرقة رابعة: يجوز نسخ التلاوة وحدها، والحكم وحده، ونسخهما معا - وهو الصحيح - وقد دللنا على ذلك، وأفسدنا سائر الأقسام في العدة في أصول الفقه. وذلك أن سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبد الله تعالى به، وشرعه على حسب ما يعلم من المصلحة فيه فإذا زال الوقت الذي تكون المصلحة مقرونة به، زال بزواله. وذلك مشروط بما في المعلوم من المصلحة به، وهذا القدر كاف في إبطال قول من أبى النسخ - جملة - واستيفاؤه في الموضع الذي ذكرناه.
وقال الطبرسي (مجمع البيان: 1/ 338):والنسخ في القرآن على ضروب منها: أن يرفع حكم الآية وتلاوتها، كما روي عن أبي بكر أنه قال: كنا نقرأ (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم). ومنها: أن تثبت الآية في الخط، ويرفع حكمها كقوله (وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم) الآية. فهذه ثابتة اللفظ في الخط، مرتفعة الحكم. ومنها ما يرتفع اللفظ، ويثبت الحكم، كآية الرجم، فقد قيل: إنها كانت منزلة، فرفع لفظها. وقد جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء كانت في القرآن، فنسخ تلاوتها. فمنها ما روي عن أبي موسى، أنهم كانوا يقرأون: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لابتغى إليهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب " ثم رفع. وعن انس أن السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونة، قرأنا فيهم كتابا. " بلغوا عنا قومنا إنا لقينا ربنا فرضي عنا، وأرضانا) ثم إن ذلك رفع.
على كل حال لو أردنا استيعاب أقوال العلماء في تفسير هذه الآية فإن ذلك يطول، لكننا نقول باطمئنان إن جمهور علماء التفسير، بل الجمهرة الغالبة منهم يرون أن هذه الآية يُفهم منها النص على منسوخ التلاوة، فإذا ما أضفنا إليها قوله تعالى:) وإذا بدَّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلمُ بما يُنَزِّل قالوا إنَّما أنت مُفترٍ بل أكثرهم لا يعلمون (، وأقوال المفسرين فيها لا يختلف عن خلاصة أقوالهم في تفسير آية ما ننسخ، قال الطبري في تقسيره: 14/ 176): وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله) وإذا بدلنا آية مكان آية (قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا شبل وحدثني المثنى قال: أخبرنا إسحاق قال: ثنا عبد الله عن ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية:رفعناها فأنزل غيرها، حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد: وإذا بدلنا آية مكان آية، قال: نسخناها بدلناها: رفعناها وأثبتنا غيرها، حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية هو كقوله ما ننسخ من آية أو ننسها، حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية، قالوا: إنما أنت مفتر،تأتي بشيء وتنقضه فتأتي بغيره قال: وهذا التبديل ناسخ، ولا نبدل آية مكان آية إلا بنسخ.
ولا أريد أن أسترسل كثيراً في تفسير هذه الآية فهي برأيي أظهر في الدلالة على نسخ التلاوة من الآية الأولى.
ويمكن أخيراً أن ننظر في تفسير قوله تعالى:) يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (. إذ قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية (الجامع لأحكام القرآن: 9/ 331): وقال قتادة وابن زيد وسعيد بن جبير يمحو الله ما يشاء من الفرائض والنوافل فينسخه ويبدله ويثبت مايشاء فلا ينسخه وجملة محمود والمنسوخ عنده في أم الكتاب ونحوه ذكره النحاس والمهدوي عن ابن عباس قال النحاس وحدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يمحو الله مايشاء يقول يبدل الله من القرآن مايشاء فينسخه ويثبت مايشاء فلا يبدله وعنده أم الكتاب يقول جملة ذلك عنده في أم الكتاب محمود والمنسوخ، وكذا ذكر الطبري في تفسيره 13/ 169، وتابعهما على هذا عدد من المفسرين.
إذاً فإمكان وقوع النسخ عقلاً كما بينت، وذكر العلماء من كافة الطوائف والتخصصات لهذا النوع من النسخ واستدلالهم على وقوعه، ثم ما قاله المفسرون في تفسير قوله تعالى:) ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها (وقوله تعالى:) وإذا بدَّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلمُ بما يُنَزِّل قالوا إنَّما أنت مُفترٍ بل أكثرهم لا يعلمون (وقوله تعالى:) يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (. دليل على أن هذا النوع من النسخ واقع دراية، بعدما استشهدت على ذلك رواية، فإذا انضافت الرواية إلى الدراية أفادت يقيناً عند من يُقدر العلم والاستدلال، ومن ينكر الأدلة ويتشبث بالأوهام فنسأل الله له العودة والإياب.
والمقصود التركيز على معنى الإنساء الوارد في هذه الآية إذ إنه من أقوى الأدلة على هذا النوع من النسخ، ولسوف آخذ عينة من أقوال علماء الشأن في كل مرحلة زمنية، وما هي توجيهاتهم لهذا، وحرصت على أن لا يكون عملي انتقائياً فسأذكر الموافق والمخالف.
يتبع القسم الثالث والأخير الرد على الشبهات إن شاء الله تعالى .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ارجو من الاخ الكريم الدكتور لطفي ان يرسل البحوث المتعلقة بنسخ التلاوة كاملة الى عنواني البريدي المرفق فان هذا الموضوع مما شغلني امره زمنا طويلا ولم اجد الى الان من يشفي غلتي في البحث والملخص الذي ذكره لا يكفيني وهذا رجاء
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[19 Feb 2006, 07:08 م]ـ
سأرسل لك أخي الكريم إن شاء الله تعالى، وإن لم يتم هذا قريباً ففي أول زيارة لي لجامعة الزرقاء في الصيف إن شاء الله تعالى.(/)
التنكيت على مراحل التفسير وتدوينه في كتاب التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Jan 2006, 09:40 ص]ـ
إن الشيخ محمد حسين الذهبي قد ألف كتابه النافع المفيد (التفسير والمفسرون)، ولطول خطة البحث التي انتهجها ـ رحمه الله ـ وقع عنده بعض الأخطاء لذلك السبب، فتميز بحثه بالجمع والترتيب، لكن نقصه تحرير بعض المواطن، ولما كان هذا الكتاب من الكتب المعتمدة في الدراسات القرآنية المعاصرة أحببت أن أسدد بعض ما رأيته من الخلل في بعض فصول هذا الكتاب، ومن ذلك ما وقع له من تصور وتنظير لمراحل التفسير، وقد رأيت من ينقل عنه هذه الأفكار دون النظر إلى ما فيها من أخطاء مجانبة لواقع تاريخ التفسير، فأحببت أن ألقي في هذا المقال تعليقات على بعض النقاط التي ذكرها في كتابه فيما يتعلق بمراحل التفسير وتدوينه، ولن اخرج إلى غيرها مما طرحه في هذه المراحل، لكي تكون الفائدة المرجوة محددةً، فيصل المراد من التعليق.
هذا وقد سبق الحديث عن كتاب (التفسير والمفسرون) على هذا الرابط، لمن شاء أن يرجع إليه ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=300 )
وآتي الآن إلى ذكر كلام الشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله تعالى:
أولاً: تقسيم الذهبي لمراحل التفسير:
المرحلة الأولى: التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1: 35 ـ 98).
وقد ذكر من مميزات هذه المرحلة:
أنه اتخذ شكل الحديث، بل كان جزءًا منه، وفرعًا من فروعه، ولم يتخذ التفسير له شكلاً منظمًا، بل كانت هذه التفسيرات تُروى منثورةً لآيات متفرقة، كما كان الشأن في رواية الحديث، فحديث صلاة بجانب حديث جهاد، بجانب حديث ميراث، وبجانب حديث في تفسير آية (1: 98).
أقول:
لا يظهر مراد الشيخ محمد حسين الذهبي ـ رحمه الله ـ في هذا الكلام، فهو يحتمل أنه يريد الرواية الشفهية، فالصحابي يروي على هذه الصورة، وهذا لا يدل عليه الدليل من آثارهم، فليس لهم مجالس إملاء للحديث كي تتم هذه الصورة، وإنما كانوا يذكرون من الأحاديث حسب الحاجة، وليس فيها هذه التقسيمات التي يذكرها (حديث. فرائض. تفسير) بل كانت روايتهم لحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها أقواله التي تُتلقَّى بالقبول فحسب.
والتصنيف إنما جاء متاخِّرًا، وقد ورد في ترجمة ابن عباس ما يشير إلى اختلاف اهتمامات المتلقين عنه، ومن ذلك ما رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2: 368) بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، وسيب، ونائل، وما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا أعلم بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن ولا بحساب ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقف رأيا فيما احتيج إليه منه.
ولقد كان يجلس يوما ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما)).
وإن كان يريد التدوين، فقد سبق عبارته هذه قوله: ((لم يدوَّن شيء في التفسير في هذا العصر؛ لأن التدوين لم يكن إلا في القرن الثاني. نعم أثبت بعض الصحابة بعض التفسير في مصاحفهم، فظنها بعض المتاخرين من وجوه القرآن التي نزل بها من عند الله تعالى)) (1: 98).
فإذا كان لم يُدوَّن، ولا يُعرف لهم مجالس خاصة لإلقاء الحديث النبوي، فالقول بأنه التفسير فرع من فروع الحديث لا يصلح؛ لأن الحديث كعلم مستقل لم يبرز بَعْدُ.
فائدة:
يلاحظ أنَّه ذكر ما يسميه بعض العلماء بالقراءة التفسيرية، وهذه القضية تحتاج إلى تجلية، من جهة صحة هذا الاطلاق، فمن ذا يستطيع الجزم بأن ما أدخلوه إنما هو تفسير وليس بقراءة؟ إن موضوع القراءت التفسيرية يحتاج إلىإعادة نظر، ألفت إليه هنا، فهي تروى عن الصحابي قراءةً لا تفسيرًا.
ولا يبعد القول أنَّ قَصْدَ تَعَلُّم التفسير وتدوينه كان في عصر الصحابة، وشواهد هذا كثيرة، أذكر منها ـ على سبيل المثال ـ:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ روى الطبري في تفسيره (ط: الحلبي 1: 65/ 2: 404) بسنده عن مجاهد قال: ((عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها)).
فلو لم يكن التفسير متميِّزًا، لما كان مثل هذا الموقف من مجاهد.
2 ـ وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى (7: 224) بسنده عن أبي الجوزاء، قال: ((جاورت بن عباس في داره اثنتي عشرة سنة ما في القرآن آية الا وقد سألته عنها)).
انظر كيف خصَّ مجاورته هذه للاستفادة من ابن عباس، وخصوصًا في التفسير.
وقد يقول قائل: لم ابن عباس؟
فالجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه له بعلم الكتاب، ومنه التفسير، قال ابن عباس: ((ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اللهم علمه الكتاب)) رواه البخاري (رقم: 75، 143، 3546، 6842).
وشهرة ابن عباس في التفسير لا تحتاج إلى تدليل، لذا يمكن أن يقلب السؤال فيقال: هل كان علم الحديث علمًا قائمًا بذاته في هذه الفترة؟
المرحلة الثانية:للتفسير (التفسير في عهد التابعين).
مما ذكر من مميزات هذه المرحلة ما يأتي:
ظل التفسير محتفظًا بطابع التلقي والرواية، إلا إنه لم يكن تلقيًا ورواية بالمعنى الشامل، كما هو الشأن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل كان تلقيًّا ورواية يغلب عليهما طابع الاختصاص، فأهل كل مصر يُعنون بوجه خاص بالتلقي والرواية عن إمام مصرهم، فالمكيون عن ابن عباس، والمدنيون عن أبي، والعراقيون عن ابن مسعود، وهكذا. (1: 131 ـ 132).
وقد علق في الحاشية على قوله: (التلقي والرواية)، فقال: ((وما سبق من أن مجاهد بن جبر كتب التفسير كله عن ابن عباس، وما يأتي بعد من ان سعيد بن جبير كتب تفسير القرآن لا يخرج بالتفسير في هذه المرحلة عن طابع التلقي والرواية؛ لأن هذا عمل فردي لا يؤثر على الطابع العام)). (1: 131)
في هذا المقطع عدد من الأمور، لكن أكتفي بأمر واحد، وهو أن التحديد الزمني بطبقة التابعين لا يصلح في مناقشة التدوين في التفسير، والسبب أنَّ بعض أتباع التابعين كتب التفسير عن التابعين، والتابعون متوافرون، فهل ستُعدُّ كتابتهم في عهد التابعين، أو في عهد اتباع التابعين؟
وهذه القضية تجعل الباحث يتريث في تقسيم الفترة بين التابعين وأتباعهم، ولو دُمجت الفترتان لكان أولى، وهي تعطي تصورًا واضحًا لحجم الكتابة في التفسير، بل إنها كثيرة جدًّا.
وإذا اعتبرت التدوين في عهد التابعين ـ ولو كان الكاتب من أتباع التابعين ـ فإنه مما سيظهر لك من كتبهم ـ غير ما استدرك به الذهبي ـ ما يأتي:
1 ـ التفسير عن سعيد بن جبير (ت: 94) كتبه عنه عزرة بن عبد الرحمن، قال وقاء بن إياس: ((رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير، ومعه التفسير في كتاب، ومعه الدواء يغيِّر)) (المعرفة والتاريخ للفسوي 3: 212 ـ 213 / طبقات ابن سعد 6: 266).
وما دام يكتبه أمام سعيد بن جبير، فالكتابة في عهد التابعين.
2 ـ أملى مجاهد التفسير على القاسم بن أبي بزَّة. (المعرفة والتاريخ للفسوي 2: 154).
3 ـ أملى الحسن البصري التفسير على تلاميذه (جامع بيان العلم وفضله 1: 89).
4 ـ قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3: 319): ((حم بن نوح البلخي روى عن أبي معاذ خالد بن سليمان الحراني عن أبي مصلح عن الضحاك تفسير القرآن سورة سورة)).
وقال ماكولا في (الإكمال 6: 241 ـ 242): ((وحسين بن عقيل يروي عن الضحاك بن مزاحم كتاب التفسير)).
5 ـ قال ابن حجر في (العجاب في بيان الأسباب 1: 217): ((تفسير زيد بن أسلم من رواية ابنه عبد الرحمن عنه وهي نسخة كبيرة يرويها ابن وهب وغيره عن عبد الرحمن عن أبيه و عن غير أبيه وفيها أشياء كثيرة لا يسندها لأحد وعبد الرحمن من الضعفاء و أبوه من الثقات))، وهو من مرويات الثعلبي في مقدمة تفسيره.
وإذا أدخل جيل أتباع التابعين، فإنه سيظهر لك أكثر من ذلك، ومن الكتب التي تنسب إلى هذا الجيل:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ قال ابن سعد في الطبقات (7: 273): ((قال قريش بن أنس حلف لي سعيد بن أبي عروبة أنه ما كتب عن قتادة شيئا قط إلا أن أبا معشر كتب إلي أن أكتب له تفسير قتادة قال فقال تريد أن تكتب عني قال فلم أزل به أخبرنا عفان بن مسلم قال قال لي همام جاءني سعيد بن أبي عروبة فطلب مني عواشر القرآن عن قتادة فقلت له أنا أنسخه لك وأرفعه إليك فقال لا إلا كتابك فأبيت عليه واختلف إلي فلم أعره)).
وقال المزي في (تهذيب الكمال 11: 8): ((قال أبو حاتم سمعت أحمد بن حنبل يقول لم يكن لسعيد بن أبي عروبة كتاب إنما كان يحفظ ذلك كله وزعموا أن سعيدا قال لم أكتب إلا تفسير قتادة وذلك أن أبا معشر كتب إلي أن أكتبه))
2 ـ وقال المزي في (تهذيب الكمال 30: 435) ((قال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد قال معاذ قال ورقاء كتاب التفسير قرأت نصفه على بن أبي نجيح وقرأ علي نصفه وقال بن أبي نجيح هذا تفسير مجاهد)).
3 ـ قال الخطيب البغداي في تاريخ بغداد (11: 135): ((عبدان بن محمد بن عيسى أبو محمد المروزي سمع قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وعمار بن الحسن الرازي وأبا كريب محمد بن العلاء وحوثرة بن محمد المنقري وعبد الجبار بن العلاء وعبد الله بن محمد الزهري المكيين ومحمد بن بشار ومحمد بن المثنى روى عنه أبو العباس الدغولي وغير واحد من الخراسانيين وقدم بغداد وروى بها كتاب التفسير لمقاتل بن حيان وغيره)).
4 ـ تفسير مقاتل بن سليمان (ت: 150)، وهو مطبوع بتحقيق عبد الله شحاته، وحققه مؤخرًا أحمد فريد.
5 ـ تفسير يحيى بن سلام البصري (ت: 200)، وقد طبع جزء منه بتحقيق هند شلبي.
6 ـ تفسير سفيان الثوري (ت: 161)، وهو مطبوع بتحقيق امتياز عرشي.
7 ـ تفسير عبد الرزاق الصنعاني (ت: 211)، وهو من طبقة صغار أتباع التابعين، وقد روى أكثر تفسيره عن شيخه معمر عن قتادة.
8 ـ ألف ابن جريج (ت: 150) كتبًا في التفسير. (تاريخ بغداد 8: 237).
9 ـ وكيع بن الجراح (ت: 197) ألف كتابًا في التفسير، قال إبراهيم الحربي: ((لما قرأ وكيع التفسير، قال للناس: خذوه، فليس فيه عن الكلبي ولا ورقاء شيء)). تهذيب التهذيب (11: 114).
10 ـ كتب علي بن أبي طلحة الوالبي (ت: 143) كتاب التفسير عن ابن عباس، وهي صحيفة مشهورة.
11 ـ تفسير الكلبي (ت: 149)، وكان مشهورًا بين العلماء، وقد اتهموه بالكذب، وبأنه لا تحل روايته، لكن المقصود هنا انه كان مما دوِّن في هذه الفترة، قال إبراهيم الحربي: ((لم أدخل في تفسيري منه شيئا قال إبراهيم تفسير الكلبي مثل تفسير مقاتل)) تاريخ بغداد (13: 163).
وفي تاريخ الإسلام للذهبي (ص: 1089): ((قال ابن عدي: ليس لأحد تفسير أطول من تفسير الكلبي. قلت: يعني من الذين فسروا القرآن في المائة الثانية ومن الذين ليس في تفسيرهم سوى قولهم)).
وقد ذكر ابن النديم في الفهرست جمعًا من كتب أهل هذا العصر، منها: تفسير أبي روق، وتفسير الحسن بن واقد، وتفسير سفيان بن عيينة، وتفسير مالك بن أنس، وتفسير مقاتل بن حيان، وغيرها من التفاسير.
والبحث في كتب الطبقات والتراجم والتواريخ كفيل بإظهار أكثر من هذه القائمة من كتب التفسير التي كُتِبت في عصر أتباع التابعين.
المرحلة الثالثة: تبدأ من مبدأ ظهور التدوين في اواخر عهد بني أمية وأول عهد العباسيين.
وقد قسم هذا المبحث إلى خطوات:
الخطوة الأولى: كان يتناقل بالرواية من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهد التابعين.
قلت قد سبق التنبيه على هذه النقطة.
الخطوة الثانية: بعد عهد الصحابة والتابعين خطا خطوة ثانية، وذلك حيث ابتداء التدوين، فكان التفسير بابًا من الأبواب التي اشتمل عليها الحديث، فلم يفرد تأليف خاص يفسر القرآن سورة سورة وآية آية من مبدئه إلى منتهاه، بل وجد من العلماء من طوف في الأمصار المختلقة ليجمع الحديث، فجمع بجوار الحديث ما روي في الأمصار من تفسير منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة والتابعين , من هؤلاء: يزيد بن هارون السلمي (ت: 117)، وشعبة بن الحجاج (ت: 160)، ووكيع بن الجراح (ت: 197)، وسفيان بن عيينة (ت: 198)، وروح بن عبادة البصري (ت: 205)، وعبد الرزاق
(يُتْبَعُ)
(/)
الصنعاني (ت: 211)، وآدم بن أبي إياس (ت: 220)، وعبد بن حميد (ت: 249)، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبواب الحديث، ولم يكن جمعًا للتفسير على استقلال وانفراد .... الخ.
أقول: رحم الله الشيخ محمد حسين الذهبي، لقد غفل في هذه الجزئية أيما غفلة، فلو كان نظر في كتب التراجم وفهارس الكتب لوجد ما يجعله يعدِّل ما قال في هذه الفكرة، لكن هكذا قدَّر الله سبحانه.
فهو يذكر هذه الفرضية، وان التفسير كان بابًا من أبواب الحديث، واواقع تاريخ التفسير يشهد بخلاف ذلك تمامًا، لقد كان منفصلاً بذاته منذ زمن مبكر، وكون بعض المحدثين يدخلونه في مجاميعهم وكتبهم لا يعني انه كان جزءً ـ فقط ـ من ابواب الحديث!
بل قد لا يبعد القائل لو قال: إن الاهتمام بالتفسير كان موازيًا للاهتمام بسنة المصطفى، فقد كان هناك رجال من الصحابة والتابعين وأتباعهم قد عُرِفوا بالتفسير، فكيف يكون جزءًا من ابواب الحديث، ولولا خشية الإطالة لسردت لك أمثلة من ذلك، ولك ان تنظر في تراجم ابن مسعود وتلاميذه، وابن عباس وتلاميذه، وأهل المدينة، واهل البصرة، وأهل الشام، وانظر بم تميز الضحاك والحسن وقتادة وأبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم من جيل التابعين، ثم انظر في جيل أتباع التابعين، في عطية بن سعيد العوفي وأبي مالك غزوان الغفاري وابن زيد ومقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان والكلبي وأربدة التميمي، والربيع بن انس، والسدي وغيرهم كثير، ثم انزل إى الطبقة التي تلتهم وهم في الزمن الذي وقف عنده (249) وبعيده بقليل، وانظر كم من الكتب التي كتبت في التفسير، اطلع على ثبتهم في كتب التراجم تجد كثيرين جدَّا.
ثم لاحظ ان بعض من ذكرهم كانت لهم كتب مستقلة في التفسير، فبين يديك تفسير عبد الرزاق مطبوع، وليس جزءًا من كتاب من كتب الحديث، ووكيع سبقت الإشارة إلى تفسيره، وآدم ابن أبي إياس له تفسير مشهور، وعبد بن حميد له تفسير موجود في الدر المنثور وفي تفسيرابن كثير، وكتبهم هذه مستقلة في التفسير، وليست ضمن كتاب لهم من كتب الحديث.
وفي أهل هذه الفترة مقاتل بن سليمان (ت: 150) وتفسيره مطبوع، ويحيى بن سلام (ت: 200) وتفسيره قد طبع جزء منه، وسفيان الثوري، وقد طبع تفسيره برواية النهدي عنه.
الخطوة الثالثة: انفصل بها التفسير عن الحديث، وصار علمًا قائمًا بنفسه، ووضع تفسير لكل آية من القرآن، وصدر هذه المرحلة بابن ماجة (ت: 273) ثم ابن جرير (ت: 310)، وابن المنذر (ت: 318)، وابن أبي حاتم (ت: 327)، وأبي الشيخ (ت: 369)، والحاكم (ت: 405)، وابن مردوية (ت: 410).
وهذه الخطوت التي ذكرها منتقضة بما ذكرت لك سابقًا، فالتفسير كان علما قائمًا بنفسه منذ عهد الصحابة، وهل اشتهر ابن عباس بغير التفسير، وكذا من عددت عليك في الفقرة السابقة، ثم إن التدوينات في التفسير كثيرة جدًّا، وقد ابتدأت في عهد التابعين وتنامت في عهد أتباع التابعين، وأتباع الاتباع قبل أن يصل الأمر إلى ابن ماجه.
ـ[الميموني]ــــــــ[11 Feb 2006, 03:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
كتاب الدكتور محمد حسين الذهبي فيه نقص كبير في الجانب الذي ذكرتموه و في جوانب أخرى و من أسباب ذلك - كما لا يخفاكم- أنه لم يكن له باع كبير في تراجم العلماء فضلا عن الإمعان في تمييز طبقات الرواة و المعرفة الجيدة بتراجمهم
و لتقدّم تصنيفه للكتاب بعض الشيء فقد صدرت بعده كتب مهمة في موضوعات الكتاب الكثيرة
و من أكبر عيوب الكتاب عندي نقصه الكبير فيما يتعلّق بوصف كتب التفسير الكثيرة على الأقل الكتب التي و صلتنا مخطوطةً كاملة كما أن تعميمه في الأحكام أضر كثيراً من ليس له دربة في معرفة تلك الكتب و سبرها و الحكم عليها بإنصاف كما حصل له مع تفسير الثعلبي فصغره و هوجليل وحقّره لاشتغاله بوصف نقله للإسرائليات
و في كتابه مع ذلك فوائد حسنة لكنّ فيه قصوراً في جوانب لا يصلح أن تترك بل لا بدّ أن تستدرك بذيلٍ أو تحقيق جديد يضاعف من قيمته و يكمل جوانب نقصه أو بعضها
وفيما ذكرتم ما يفيد في هذا الجانب مع أنه يحتاج أيضا لتتميم فيما يتعلق بـ طبقات المفسرين و ابتداء التصنيف في التفسير.
تقبلوا دعائي و محبتي و شكري
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[15 Jul 2010, 10:32 م]ـ
جزيت خيرا يا شيخ ونفع الله بعلمك وان كانت مشاركتي بعيدة العهد ..
ولكن أحسب أنكم تستحقون الشكر .. على هذا الجهد ..
ولكن لو أذنتم لي عدة إشارات:
1 - نريد جمع هذه النقاط والتعليقات المهمة في تعليقكم على الكتاب لتكون الفائدة أجمع والاستفادة منها أنفع ..
2 - كما أود إبداء رأيكم في مشاركة وضعتها هنا في الملتقى ولكن يبدوا أنها لم تقع عليها أعين الناظرين فيا حبذا الإضافة والتوضيح للفائدة .. وهي:
السلام عليكم ورحمة الله
أثناء تصفحي للتفسير والمفسرون للشيخ الذهبي رحمه الله وقفت أمام أحد المباحث حول - تفسير القرآن من قبيل التصورات أو التصديقات -.
ولكن الشيخ أوجز المبحث في أقل من صفحة وبدأ بقوله (اختلف العلماء في التفسير ... فذهب بعضهم إلى أنه من قبيل التصورات .. لأن المفصود منه تصور معاني ألفاظ القرآن ...
وذهب السيد: إلى أن التفسير من قبيل التصديقات لأنه يتضمن الحكم على الألفاظ بأنها مفيدة لهذه المعاني .. فيكون التفسير عن مسائل جزئية مثل قولنا: يا ايها الناس: خطاب لأهل مكة
ويا أيها الذين ءامنوا: خطاب لأهل المدينة .... ) .. المجلد الأول.
ولكن الشيخ لم يذكر تحريرا معتمدا في هذه المسألة .. فهل من مناقشة وإفادة حولها من الأساتذة المتخصصين ..
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=20649
وجزيتم عنا خيرا.(/)
صدر حديثاً كتاب (التأويل اللغوي في القرآن الكريم: دراسة دلالية) لـ د. حسين حامد صالح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2006, 04:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثاً عن دار ابن حزم في بيروت الطبعة الأولى (1426هـ) من كتاب:
التأويل اللغوي في القرآن الكريم: دراسة دلالية)
http://www.tafsir.net/images/taweel.jpg
للدكتور حسين حامد الصالح
ويقع الكتاب في 366 صفحة من القطع العادي، وقد اشتمل الكتاب على تمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة.
- التمهيد. تعرض فيه المؤلف لتعريف التأويل، وعلم الدلالة.
- الفصل الأول: نشأة التأويل وتطور مفاهيمه.
- الفصل الثاني: أثر القرائن الدلالية في التأويل.
- الفصل الثالث: القراءات وأثرها في التأويل.
- الفصل الرابع: الظواهر اللغوية وأثرها في التأويل.
- الخاتمة.
ـ[مراد عالم]ــــــــ[23 Sep 2008, 02:20 ص]ـ
السلام عليكم.أنا طالب جامعي تخصص علم الدلالة أحتاج الى كتاب التأويل الغوي ان استطعتم أرسلوا لنا الكتاب الى msn أو الى ملتقى أهل التفسير مع رابط وجازاكم الله عنا كل خير.(/)
صدر حديثاً (الدلالات اللفظية وأثرها في استنباط الأحكام من القرآن الكريم) رسالة دكتوراه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2006, 04:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثاً عن دار البشائر الإسلامية في بيروت الطبعة الأولى (1427هـ) من كتاب:
الدلالات اللفظية وأثرها في استنباط الأحكام من القرآن الكريم
http://www.tafsir.net/images/dlalat.jpg
للدكتور علي بن حسن الطويل.
وأصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه تقدم بها الباحث لنيل درجة العالمية العالية (الدكتوراه) في أصول الفقه من كلية الشريعة في جامعة بيروت الإسلامية عام 1424هـ.
ويقع الكتاب في 319 صفحة من القطع العادي، وقد اشتمل على:
- المقدمة.
- التمهيد.
- الباب الأول: القرآن الكريم. وفيه أربعة فصول:
1 - تعريفه، تواتره، حجيته، بيانه وتنوع أسلوب الكلام فيه.
2 - دلالة آياته واستنباط الأحكام منه.
3 - الألفاظ في القرآن والعلاقة بين اللفظ والمعنى.
4 - طرق دلالة اللفظ على المعنى.
الباب الثاني: علاقة اللفظ بالمعنى، وفيه أربعة فصول:
1 - المشترك.
2 - العام.
3 - الخاص والإطلاق والتقييد فيه.
4 - صيغ التكليف.
الباب الثالث: تطبيق لما جاء في البابين الأول والثاني.
- الخاتمة.(/)
ماهي القيمة العلمية لكتاب "ملاك التأويل" لابن الزبير الغرناطي؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 02:11 ص]ـ
السلام عليكم، أسأل المشايخ الفضلاء عن القيمة العلمية لهذا الكتاب، وكنت قد قرأت مواضع منه، ولكن آثرت التحفظ حتى استمع إلى رأي من قرأه وتأمله من الإخوة المتخصصين، أثابهم الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب (ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل) من أَجلِّ الكتب التي تناولت موضوع المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأنفعها لطالب العلم، ومؤلفه العلامة أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي العاصمي الغرناطي (627 - 708هـ) إمام محقق، وناقد مدقق، شهد له العلماء بالتقدم في علوم كثيرة، وفنون متعددة، من أبرزها التفسير والقراءات، والنحو وأصول الفقه.
وموضوع كتابه هذا هو كما حدده في مقدمته في (توجيه ما تكرر من آيات الكتاب العزيز لفظاً، أو اختلف بتقديم أو تأخير أو بعض زيادة في التعبير) [ص 1/ 145]
وقد وفى المؤلف بغاية كتابه، وكان وفياًَ للضربين الذين بنى عليهما مقصود كتابه، فتجده يورد من جهة الآيات المتشابهة لفظاً في السورة الواحدة أو في السور المختلفة، ويبرز ما خفي وراء هذا التكرار من معانٍ وحكم آلهية سامية، ويورد من جهة ثانية الآيات التي سيقت في الموضوع الواحد واختلفت فيما بينها بتقديم أو تأخير أو بعض زيادة في التعبير، ويظهر الأسباب التي اقتضت هذا الاختلاف، سواء منها ما رجع إلى المعنى أو رجع إلى النظم، ويؤكد التناسب التام، والتلاؤم الكامل بين الآي وما ورد فيها.
وكثيراً ما يشير المؤلف عند توجيهه للتشابه بين الآي إلى الضرب الذي يرجع إليه، بل وينبه أحياناً إلى ما يخرج عن موضوع كتابه، أو ما هو تتمة له.
وقد سبق إلى التصنيف في هذا الموضوع الخطيب الإسكافي أبو عبدالله محمد بن عبدالله الأصبهاني المتوفى سنة 420هـ في كتابه (درة التنزيل وغرة التأويل) الذي طبع قديماً بدون تحقيق، وطبع حديثاً (1422هـ) في جامعة أم القرى، بتحقيق الدكتور محمد مصطفى آيدين.
http://www.tafsir.net/images/dorrah.jpg
فجاء أبو الزبير الغرناطي، وبنى كتابه على كتاب الخطيب الإسكافي، وقال في مقدمة كتابه وهو يذكر عزمه على تصنيف الكتاب وأهميته وعدم وجود مصنف سابق في الموضوع: «إلى أن ورد عليَّ كتابٌ لبعض المعتنين من جلة المشارقة نفعه الله، سماه بكتاب (درة التنزيل وغرة التأويل) قرع به مغلق هذا الباب، وأتى في هذا المقصد بصفو من التوجيهات لباب، وعرف أنه باب لم يوجف عنه أحد قبله بخيل ولا ركاب، ولا نطق ناطق قبل فيه، بحرف مما فيه، وصدق رحمه الله، وأحسن فيما سلك وسن، وحق لنا به لإحسانه أن نقتدي به ونستن ... الخ) [1/ 146]
ثم ذكر أنه سار بسير الإسكافي، غير أنه لا يطالع كلام الإسكافي إلا بعد أن يكتب ما يخطر بباله، ويستنبطه بفكره في التوجيه للآيات، ثم يضيف ما لم يخطر بباله من كتاب الإسكافي. وقد عقد محققُ كتاب الغرناطي - د. سعيد الفلاح - موازنة بين الكتابين، ليتبين له ما زاد به الغرناطي على الإسكافي فقال:
«وبمقارنة بين محتوى (ملاك التأويل) ومحتوى كتاب (درة التنزيل) تبين أن مجموع الآيات التي تناولها الإسكافي في كتابه بلغ ثلاثاً وسبعين ومائتين آية (273)، بينما بلغ ما تناوله ابن الزبير سبعاً وسبعين وثلاثمائة آية (377)، فيكون بذلك عدد ما أغفله صاحب درة التنزيل وحظي بعناية صاحب ملاك التأويل مائة وأربع آيات (104 آيات)، يضاف إليه عدد كبير من الآيات أوردها ابن الزبير في نطاق سرد الآيات المتشابهة، أغفلها صاحب درة التنزيل، فقد كان ابن الزبير أكثر استقراء وتتبعاً وتحرياً». [ملاك التأويل 1/ 113].
هذا من حيث الكم، أما من حيث الكيف فإن ابن الزبير قد تميز في عمله بجملة من الخصائص ألخصها من كلام المحقق وهي:
- كان أكثر إحاطة بالموضوع أو أكثر تمكناً في الاستقراء.
- كان عموماً أكثر بسطاً وتحيليلاً للمسائل.
- أكثر استشهاداً بآراء العلماء من المفسرين وغيرهم.
- كان متميزاً بردوده على الفرق والملل، وبمواقفه السنية من بعض المسائل الخلافية.
- من جهة الهدف فقد كان مقصود كل من الخطيب الإسكافي وابن الزبير الغرناطي خدمة الكتاب العزيز، والقطع بذوي الإلحاد والتعطيل.
ولجلالة كتاب ملاك التأويل، قال الزركشي وهو يذكر من صنف في موضوع المتشابه في القرآن: «وصنف فيه أبو جعفر بن الزبير وهو أبسطها في مجلدين». [البرهان في علوم القرآن1/ 112]
بقي أن أشير إلى أن الطبعة التي قام بتحقيقها الدكتور سعيد بن جمعة الفلاح وفقه الله وهو الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض هي الطبعة التي يعول عليها الباحثون، وهي المعتمدة، وقد نشرتها دار الغرب الإسلامي عام 1403هـ.
http://www.tafsir.net/images/milak.jpg
وهناك تحقيق آخر للكتاب للدكتور محمود كامل أحمد، نشرته دار النهضة العربية في بيروت عام 1405هـ، ولم أطلع عليه بعدُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 04:55 م]ـ
جزاك الله خيرا يا دكتور عبدالرحمن ونفعنا بعلمك.
وكنت قد اقتنيت الكتاب بتحقيق محمود كامل أحمد، وفيما يلي نبذة عن عمله في جمع المخطوطات ومنهج التحقيق إذ بذل جهداً يشكر عليه كذلك فجزاه الله خيرا. وأنا أنقل كلام المحقق مع تصرف في مواضع:
كتاب "ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل"، دار النهضة العربية، 1405، تحقيق الدكتور محمود كامل أحمد، سبتمبر 1982:
"وصف النسخ المخطوطة:
لقد اهتدينا إلى سبع نسخ من كتاب "ملاك التأويل" لابن الزبير الأندلسي رتبتها حسب تواريخها: وقٍدَم خطها على النسق التالي:
1 - نسخة شهيد علي:، وقمها في المكتبة 168، وتقع في 207 ورقة مسطرتها 35 سطرا، بقلم مغربي دقيق.
وهي غفل من التاريخ إلا من تمليكة غير واضحة بصفحة العنوان. وحط النسحة يشهد بأنها من القرن الثامن الهجري. رمزها "هـ".
2 - نسخة مراد ملاّ. وهي من وقف داماد زادة. ورقمها في المكتبة 308 وتقع في 238 لوحة مسطرتها 25 سطرا، وصاحب هذه النسخة هو محمد بن محمد البكري الشافعي، شيخ أبي حيان النحوي الأندلسي ... ويزيد من قيمة هذه النسخة ما على أوراقها من بلاغات، وتجزئة عشرية للأوراق مما يؤكد ما نص عليه صاحب النسخة من مقابلتها على الأصل في آخر النسخة بقوله:"بلغ مقابلة بأصله المنقول منه، حسب الطاقة والإمكان والله أعلم". ومن ثم اتحذت هذه النسخة أصلا للنص. رمزها "م".
3 - نسخة الأسكوريال، وهي ضمن مجموع من الكتب برقم (1273/ 1). وكتابنا هو الكتاب الأول من هذه المجموعة ويبدأ من الورقة الأولى وينتهي عند الورقة الخامسة والسبعين بعد المائة الأولى. كتبها أحمد بن محمد الفخار الأندلسي سنة 947 هـ. رمزها "ك".
4 - نسخة المكتبة العامة بالرباط، وتوجد هذه النسخة تحت رقم "2073/ك) لامكتية المذكورة. وهي مكتوبة بخط مغربي رديء جداً، عام / 970 هجرية بقلم أحمد بن علي الصخري الأندلسي الأصل ... ومما هو جدير بالذكر أن هذه النسخة تغير صيغ الأسئلة التي كان المؤلف يصوغها على ألسنة السائلين عنها / كما كان الناسخ يختصر كثيراً من المواضع ومن الآيات النصوص القراآنية الكريمة."ب".
5 - نسخة المكتبة العبدلية، وتوجد بمكتبة الزيتونة بتونس، وهي من وقف علي باي باشا، عليها إشهاد وقفية بتاريخ 1188 هجرية على أن ينتفع بها على أي أوجه الانتفاعات أراد المنتفع، بشرط ألا يخرج بها منها إلى غيرها، إلا الشيخ المدرس بالمدرسة الغربية ... وقد كتبت هذه النسخة عام / 1703 هجرية. وعدد اوراقها 265 ورقة. ومسطرتها 21 سطراً وهي بقلم مغربي جميل. رمزها "ع".
6 - نسخة المدينة المنورة. وتوجد بمكتبة عارف حكمت رقم 114/ تفسير، وليست في مكة كما زعم O.Spies في مجلة (1) Z.D.M.G . وهذه النسحة منقولة عن نسخة شهيد علي. وسورة الأعراف مكانها في هذه النسخة بياض ... وهذه النسخة غير مرقمة وما أثبتناه هو حاصل عد وترقيم الأخوين الفاضلين محمد صادق قمحاوي الأستاذ المساعد بكلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة، والأخ محروس شحاته المردس بالمدينة المنورة أيضاً. وقد تطابق تقريراهما حول هذه النسخة. "رمزها "ف".
7 - نسخة دار الكتب المصرية، وتوجد بدار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة تحت رقم 57/ مجاميع. وبهذه النسخة حرم من آخرها يبدأ من أثناء سورة الأحزاب إلى آحر النسخة وهي مكتوبة عام 1205 هجرية بقلم مغربي. رمزها "ج".
منهج المحقق:
1 - جمع النسخ الموجودة في العالم، واستثناء نسخة عارف حكمت – نسخة المدينة – اكتفاء بأصلها المنقولة عنه في مكتبة شهيد علي.
2 - مقابلة النسخ المختلفة على نص النسخة "م".
3 - إثبات الفروق الخطية بين النسخ.
4 - تخريج: الشعر، والشواهد اللغوية والنحوية، والقرآنية، وشواهد الحديث النبوي الشريف والآراء الفقهية.
5 - التعريف بالأعلام، والكتب المذكورة في النص.
6 - إضافة مالا يستقيم النص إلا به بين معقوفين مربعين [].
7 - كتابة النص الصحيح في صلب الكتاب، وكتابة الخطأ في النص بهامش الكتاب لأكبر قدر من الانتفاع بالنص صحيحاً دالاً على معناه.
8 - استشارة المصادر المختلفة في كل تصحيح بالإبدال أو بالإضافة." أ. هـ. بتصرف
وكنت آمل منافسة أخي عبدالرحمن في وضع صورة للغلاف!!، ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله.=======================
(1) VON :90 - 105
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 05:07 م]ـ
أما قيمته العلمية، فالحمد لله أني وجدت من يشاركني من المتخصصين الرأي في براعة المصَنِّف وجودة المصَنَّف. وذلك أن غير المتخصص في مثل هذه الأمور قد يرفع من قيمة كتاب من الكتب حتى يوصله عنان السماء، ويثني عليه ثناء عالم لا يشق له غبار! نظراً لحداثة علمه - أي طالب العلم الغِر- وقلة بضاعته، والله المستعان. ولكن بالفعل،قد بهرني بفك إشكالات علقت في ذهني ردحاً من الزمن، فرحمه الله وجميع المسلمين آمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Mar 2006, 03:03 ص]ـ
درس الدكتور محمد فاضل صالح السامرائي موضوع المتشابه اللفظي في كتاب ملاك التأويل لابن الزبير الغرناطي، وذلك في دراسته للماجستير، وقد طبعت هذه الدراسة في دار عمار بالأردن عام 1426هـ.
وقد ذكر المؤلف أنه استدرك على دراسة الدكتور سعيد الفلاح كثيراً من المسائل العلمية، وقد قدم للكتاب الدكتور الفاضل حسام النعيمي.
http://www.tafsir.net/images/fadel.jpg
ـ[د على رمضان]ــــــــ[23 Jun 2010, 05:45 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه المداخلات العلمية القيمة التى تثرى الملتقى وتنفع طلاب العلم فى كل مكان وزمان
ـ[د على رمضان]ــــــــ[23 Jun 2010, 05:48 م]ـ
ابن الزبير الأندلسي وكتابه ملاك التأويل
ملخص موجز لرسالة الدكتوراة 1998م
(ابن الزبير الأندلسي ومنهجه في ملاك التأويل)
د/ياسر الصعيد ي
ولد أحمد بن إبراهيم بن الزبير في مدينة (جِيَّان) من أعمال غرناطة بالأندلس، وكان مولده في شهر ذي القعدة أواخر سنة 627هـ، وقيل سنة 628هـ؛ حيث كانت (جيان) إحدى القواعد الإسلامية.
وأجمعت المصادر على أصله وحسبه، فقد نشأ في أسرة ميسورة الحال مشجعة للعلم والعلماء، فأبوه إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم الثقفي (ت: بعد 643هـ) كان واحدا من مشجعي العلم والعلماء باذلا ماله في سبيل ذلك؛ يقول ابن الخطيب: (ولأبيه إذ ذاك إثراء وجدة أعانته على إرفاد من أحوجته الأزمة في ذلك الزمان من جالية العلماء عن قرطبة وإشبيلية)
(وابن عمه محمد بن الحسن بن الزبير الثقفي (ت:663هـ)، كان خطيبا في مسجد القصبة بمالقة في فترة محمد بن يوسف بن هود سنة 634هـ)، ثم شغل منصب الشروط [كتابة الوثائق والعقود]، وكان خبيرا، عالما بالقراءات والحديث، ودرَّس اللغة والأدب.)
عاش ابن الزبير ما يقرب من ستة عشر عاما من حياته في (جيان) قبل استيلاء النصارى عليها عام 643هـ، حيث توجه إلى مع أسرته المكونة منه ومن أبيه وأمه التي حملت في بطنها أخاه عبد الله الذي ولد فور وصولهم غرناطة؛ يقول ابن الزبير عند ترجمته لأخيه هذا: (يكنى أبا محمد، ولد بغرناطة لسبع عشرة خلت من ذي القعدة سنة 643هـ بعد خروجنا من بلدنا (جيان) بستة عشر، فنشأ بها.)
وجدير بالذكر أن المصادر كلها لم تشر إلى حياة ابن الزبير في جيان، كما لم تشر إلى طريقة تعليمه فيها، على الرغم من أنه أمضى مرحلتين من حياته التعليمية هناك، وأرجح أنه تلقى في جيان تعليما خاصا نظرا لحب أبيه وأسرته للعلم والعلماء، ومن الراجح كذلك أنه حفظ القرآن الكريم وجوده، وتعلم القراءة والكتابة والخط، وأخذ شيئا من علوم التفسير والفقه والحديث، وشيئا من العلوم الإنسانية، وذلك على عادة أهل الأندلس في تعليم أبنائهم. (ولعله كان يشهد بعض الحلقات في الجامع الأعظم بجيان، وهو يشير إلى شيء من هذا عندما يقول في ترجمة عيسى بن على بن واصل: " قد أدركته ببلدنا وتعرفت على أحواله، وتوفي رحمه الله بجيان في حدود سنة 637هـ، وحضر جنازته الجماء الغفير، وتفجعوا عليه رحمه الله.")
وتبدأ مسيرة ابن الزبير العلمية غداة وصول أهله إلى غرناطة، التي لجأ إليها عدد من علماء المدن الضائعة، فأخذ ينهل من مناهل العلم المختلفة، ورحل في سبيل ذلك إلى سبتة سنة 645هـ، وسلا بالمغرب، وإلى مرسية، والمرية، لورقة، والجزيرة الخضراء، وكان لمالقة الحظ الأوفر من رحلاته؛ حيث أمضى بها أكثر من ثلاثة أعوام، وتردد إليها بعد رجوعه إلى غرناطة.
وأعتقد أن ابن الزبير لم تكن له رحلات للمشرق، فلم يأت في ثنايا المصادر أي ذكر لذلك، وهذا ما يؤكده ابن عبد الملك المراكشي عندما ذكر في ترجمته جملة من الأساتذة والعلماء المشارقة الذين أجازوا لابن الزبير دون أن يلقاهم.
وهذا لا يقلل من علم ابن الزبير ولا من مكانته بين العلماء، فقد أخذ العلم عن جلة علماء المغرب والأندلس، واستجاز العديد من علماء المشرق فأجازوه، وربما حالت الظروف في هذه الفترة بينه وبين زيارة المشرق.
وقد أفادتنا المصادر ـ وخاصة كتابه صلة الصلة ـ أنه خلال هذه الفترة من تعليمه تلقى أنواعا مختلفة من العلوم، فسمع وقيد وحفظ وقرأ، فتكونت لديه ذخيرة هائلة من المعارف التي ظهرت فيما بعد في كتاباته ومؤلفاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتذكر المصادر أنه تلا بالسبع على الشيخ أبي الوليد إسماعيل بن يحيى العطار (ت:668هـ)، وعلى أبي الحسن علي بن محمد الشاري (ت:649هـ).
كما سمع التيسير لأبي عمرو الداني من الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جوبر (ت: 655هـ) عن ابن أبي جمرة عن أبيه عن الداني بالإجازة، وهذا السند كما يقول ابن الجزري: (في غاية الحسن والعلو.)
وفي مجال الحديث: يذكر ابن الزبير أن أول من قصده في غرناطة في طلب الحديث الشيخ عبد الرحمن بن عبد المنعم المعروف بابن الفرس (ت:663هـ).
وأخذ صحيح مسلم مناولة عن الشيخ عبد الله بن أحمد بن عطية القيسي المالقي (ت:648هـ)، وسمع السنن الكبرى للنسائي من الشيخ أبي الحسن الشاري.
وفي مجال التفسير أخذ الكشاف للزمخشري عن القاضي ابن الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السكوتي (ت: 652هـ)، عن أبي طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي، عن الزمخشري.
وفي مجال الفقه والأصول: صحب الشيخ عبد العظيم بن عبد الله البلوي المالقي (ت: 666هـ) مدة ثلاثة أعوام في مالقة، أخذ عنه خلالها جملة من مسائل المستصفى لأبي حامد الغزالي، مما كان لأستاذه فيه اختيار أو مفهوم ما، كما قرأ عليه خلال هذه المدة أشياء من الأصول وغيرها.
وفي غرناطة أخذ طائفة أخرى من مسائل المستصفى عن الشيخ عبد الله بن أبي عامر المعروف بابن ربيع (ت:666هـ)، وأكثر مسائل المستصفى عن الشيخ على بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي المعروف بابن الضائع (ت:680هـ).
كما أخذ بعض شيء من العربية وأصول الفقه عن الشيخ محمد بن يحيى العبدري المعروف بالصدفي (ت: 651هـ)
وفي مجال العلوم اللغوية: أخذ عن ابن الضائع المذكور كتاب سيبويه كله في عدة سنين، كما أخذ عنه أكثر كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، وجمل الزجاجي.
وقرأ طائفة من إيضاح الفارسي على الشيخ علي بن محمد بن عبد الرحمن (ت: 680هـ)
وفي مجال التاريخ والرواية: تتلمذ على يد أستاذين مشهورين في مجال الرواية والنقل:
أولهما: الشيخ أبو العباس أحمد بن يوسف المعروف بابنفرتون السلمي (ت:660هـ)، فكثيرا ما نقل عنه في صلة الصلة، ونقد بعض تراجمه؛ فمثلا عند حديثه عن مجاهد بن محمد بن مجاهد (ت:585هـ) يقول: (ذكره الشيخ في الذيل عن حفيده صهيب [أي حفيد ابن مجاهد المذكور]، وعن أبي القاسم، إلا أن الشيخ ذكر أن مجاهدا هذا يحمل مع ابن عزلون عن أبي الغساني، وذلك وهم، وأرى مجاهدا لم يدرك الغساني بمولده بوجه.)،كما يقول عند ترجمته لعلي بن عبد الله بن ثابت الخزرجي (ت: 539هـ): (وذكره الشيخ في الذيل، ووهم في اسم أبيه؛ فأثبته فيمن اسمه ثابت.)
وثانيهما: الراوية الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله المعروف بابن حوط الله الأنصاري (ت: 667هـ)، يذكره ابن الزبير في صلته قائلا: (وكان رحمه الله على حظ وافر من الطلب، وكانت عنده مشاركة، وكان عدلا ثقة، سنيا متحريا في روايته، من بيئة علم وديانة … ولم يسم لي رحمه الله من شيوخه أحدا إلا أوقفني على خطة له بسؤال أبيه أو عمه إلا أبا العباس بن مضاء، فإنه قال لي:"ليس عندي خطه لي بإجازة، وإنما اعتمدت فيه على ما ذكره لي أبي من أنه أجاز لي"، فقضى الله سبحانه ووقفت بعد موته على خط أبيه القاضي أبي محمد بإجازة ابن مضاء لابنه عبد الرحمن مع سائر بنيه، فحمدت تحريه واحتياطه رحمه الله.)
وابن الزبير مالكي المذهب، عده ابن فرحون أحد أعيان المذهب المالكي، وترجم له في الديباج ترجمة وافية، ومثله فعل ابن مخلوف في شجرة النور الزكية، ولا يذكر مصدر أعيان المذهب المالكي إلا وذكر ابن الزبير كواحد من مشاهير الفقهاء المالكيين، وإن كان لم يشتهر بالتأليف في الفقه.
أما عن عقيدته الفكرية فهو سني من أهل السنة والجماعة، وإن كانت المصادر لم تنص على ذلك صراحة فإنها أشارت إلى تصديه لمحاربة البدع والأهواء، وملازمته للسنة، ومعاناته في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأليفه في ذلك كتابه:"ردع الجاهل"، ونظمه أرجوزة في الرد على الشوذية.
وفاته:
اتفقت أكثر المصادر على أن ابن الزبير توفي يوم الثلاثاء الثامن من ربيع الأول سنة 708هـ بغرناطة، ودفن بها، عن إحدى وثمانين عاما، وذكر ابن حجر أن وفاته كانت في رمضان سنة سبع أو ثمان وسبعمائة.
مؤلفاته:
(يُتْبَعُ)
(/)
نال ابن الزبير شهرة واسعة في مجال علوم اللغة والدين والتاريخ، فقصده الطلاب للأخذ عنه من كل البقاع، وكان له في بعض هذه العلوم مؤلفات متنوعة بتنوع معارفه؛ ولم يصلنا من تلك المؤلفات إلا القليل، وقد حفظت لنا كتب الطبقات وقوائم المكتبات أسماء مجموعة من مؤلفاته، منها:
1 - الإعلام بمن ختم به القطر الأندلس من الأعلام.
2 - إيضاح السبيل من حديث سؤال جبريل.
3 - برنامج رواياته.
4 - البرهان في ترتيب سور القرآن:
5 - تعليق على كتاب سيبويه.
6 - ردع الجاهل عن اعتساف المجاهل في الرد على الشوذية وإبداء غوائلها الخفية.
7 - الزمان والمكان، أو:"كتاب تعيين الأوان والمكان للنصر الموعود به في آخر الزمان مستقرا من صحيح السنة ومحكم القرآن".
8 - سبيل الرشاد إلى فضل الجهاد.
9 - شرح الإشارة للباجي.
10 - صلة الصلة، أو"تاريخ أعلام الأندلس".
11 - فهرسته، أو"معجم شيوخه".
12 - نزهة البصائر والأبصار.
وأخيرا - ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل:
ذكرته معظم المصادر بهذا الاسم، ويعتقد أنه من آخر ما ألف ابن الزبير.
وتوجد منه عدة نسخ خطية بالقاهرة والمدينة وتونس والرباط والأسكوريال، وحقق مرتين:
الأولى: في مصر تحقيق الدكتور محمود كامل أحمد سنة 1979م، في رسالة نال بها درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس، تحت عنوان: "المتشابه في القرآن مع تحقيق كتاب ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل لابن الزبير الثقفي الأندلسي الغرناطي"،ويوجد منها نسخة بالمكتبة المركزية بجامعة عين شمس، وقد طبع التحقيق، وحصلت على نسخة من الرسالة ونسخة من التحقيق.
الثانية: تحقيق الدكتور سعيد الفلاح بتونس، وهو رسالة حصل بها على درجة الدكتوراه من كلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس، وقد طبع هذا التحقيق بدار الغرب الإسلامي بيروت سنة 1983م، وحصلت على نسخة من التحقيق اعتمدت عليها في دراستي لمنهج ابن الزبير نظرا لأنها متأخرة عن تحقيق محمود كامل، وإن كان الفرق بين التحقيقين ضئيلا جدا، ولكن امتاز التحقيق الثاني بالفهارس التوضيحية التي سهلت علي الكثير.
أ- موضوع الكتاب والغاية من تأليفه:
حصر ابن الزبير موضوع كتابه في توجيه المتشابه اللفظيّ، فنصَّ على ذلك في عنوانه؛ حيث سمَّاه:"ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل"، وأشار إلي ذلك في مقدمة الكتاب؛ فقد رأى ابن الزبير أن توجيه ما تكرر من آيات القرآن وألفاظه، أو اختلف بالتقديم أو بالتأخير، أو بالزيادة في التعبير، وهو ما يسمى بتوجيه المتشابه اللفظي، رأى في توجيهه كشف النقاب عن منظوم القرآن الجليل، وإعجازه الباهر، وعدَّ ذلك العمل خدمة جليلة لعلوم القرآن، لا تقل أهميَّة عن معرفة أسباب نزوله، أو معرفة ناسخه ومنسوخه، أو مكيِّه ومدنيِّه، أو غيرها من علوم القرآن المختلفة.
ولم يخرج عما رسمه لنفسه وحدده، بل في أحيان كثيرة ـ في ثنايا الكتاب وأثناء توجيهه للمتشابه ـ يشير إلى الضرب الذي بنى عليه كتابه، وإذا خرج عن هذا الضرب نبه إلى ذلك في موضعه، وهذا مما يحسب له.
ب ـ طريقته في التوجيه، ومراحله:
حين يُتحدث عن أسلوب مؤلف أو كاتب في فن من الفنون العلمية أو الأدبية، إنما يعنى بذلك بيان طريقته في إيصال هذا العلم أو الفن إلى الآخرين سواء كانوا طلبة علم، أو مثقفين، أو معنيين بهذا الفن.
وهذه الطريقة تختلف من فن إلى فن؛ ومن مؤلف إلى آخر، تبعا لاختلاف المادة العلمية واختلاف الموضوعات، فالأسلوب في المواد والموضوعات الأدبية يختلف عنه في مواد العلوم الطبيعية والاجتماعية. وتمكن المؤلف من مادته العلمية استيعابا وإحاطة بكلياتها وجزئياتها يؤثر على طريقة عرضه لهذه المادة.
كذلك اختلاف مدارك الفهم لدى المخاطبين تؤثر بالسلب أو الإيجاب على عملية عرض المادة العلمية ارتقاء أو تبسيطا، أو ما إلى ذلك؛ فمعيار نجاح الأسلوب يقاس بمدى التفاعل والأثر الذي يحدثه المؤلف في نفسية القارئ، وعليه فإن فهم العمق النفسي للمخاطب أحد دعائم الأسلوب عند التأليف.
(يُتْبَعُ)
(/)
من هنا يمكن القول: إن الطريقة أو الأسلوب هو الوسيلة التي يتم بها إيصال المعلومات من المصنف إلى المتلقي سواء بالسماع أو القراءة. وهي تختلف عن المنهج؛ لأن المنهج هو الخطة العامة التي تقوم على المادة العلمية، والطريقة هي الأسلوب الذي ينقل به المؤلف ذلك المنهج.
وقد اتبع ابن الزبير أسلوبا علميا أكاديميا وطريقة واضحة سار عليها طيلة كتابه، ونبَّه القارئ إليها في مقدمته، وجدير بالذكر أن منهجية البحث في العصر الحديث تطلب من الباحث أن يقدم في مقدمة بحثه عرضا ملخصا للطريقة التي سيخوض بها غمار بحثه، وقد سبق الأولون إليها، ومنهم ابن الزبير.
وتتلخص هذه الطريقة فيما يلي:
استقرائه لمؤلفات السابقين في نفس الموضوع الذي يكتب فيه؛ ليكون على بينة من أمره فيما يقول، ولا يكرر ما سبق أن قيل، فيكون عمله جديدا فيما يقدمه، ليس تكرارا دون فائدة. وهذه قاعدة ثانية من قواعد البحث المعاصر.
استحسانه أحد مؤلفات السابقين، وتنبيهه إلى تقدمه وإمامته في هذا الفن، واقتدائه به؛ حيث يقول عن كتاب"درة التنزيل" للإسكافي: (إلى أن ورد علي كتاب لبعض المعتنين من جلة المشارقة، نفعه الله، سماه بكتاب"درة التنزيل وغرة التأويل"، قرع به مغلق هذا الباب، وأتى في هذا المقصد بصفو من التوجيهات لباب، وعرف أنه باب لم يوجف عنه أحد قبله بخيل ولا ركاب، ولا نطق ناطق قبل فيه بحرف مما فيه، وصدق ـ رحمه الله ـ وأحسن فيما سلك وسن، وحق لنا لإحسانه أن نقتدي ونستن.)
وهذا من أخلاق العلماء؛ حيث يرجعون الفضل إلى أهله، فيعترفون بفضل سابقيهم، ولا ينكرون عليهم تقدمهم وإمامتهم لهم في فن من الفنون.
استدراكه على الإسكافي كثيرا مما أغفله من متشابه القرآن اللفظي، وإشارته إليه بحرف "غ"، وتنبيهه القارئ إلى ذلك في المقدمة.
وبالنظر إلي جملة ما استدركه ابن الزبير على الإسكافي يوجد أنه أكثر من مائة آية، مضافا إلى ذلك عدد من الآيات في نطاق سرد الآيات المتشابهات. وهذا يدل على أنه كان أكثر استقراءً وتحريا في تتبعه لمتشابه القرآن اللفظي من الإسكافي، وإن كان الثاني له فضل السبق في التأليف.
وتجب الإشارة إلى أن ابن الزبير تجاوز عن مجموعة من السور تبلغ ثلاثا وثلاثين سورة لم يبن ما فيها من المتشابه، ولم يكن هذا تقصيرا أو إغفالا، وإنما لأنه عالج مثيل هذه المتشابهات في أماكن أخرى، فأغنى ذلك عن إعادتها تجنبا للتكرار، أو لأنه ليس فيها من المتشابه شئ.
وقد أخذ ابن الزبير على نفسه أول كتابه أن لا يقف على شئ مما قاله الخطيب الإسكافي في نفس الآية التي يوجهها إلا بعد أن يفرغ هو من توجيهها، معتمدا على إلهام الله تعالى له، وعلى ما أُوتيه من تبحر في علوم القرآن واللغة والبلاغة والتفسير والفقه والحديث وغيرها.
ولعل ذلك يرجع إلى خوفه من أن تحجب آراء الإسكافي اجتهاداته الشخصية، أو ركونه إليها واعتماده عليها فيفقد إبداعاته، وتسترخي طاقاته، اكتفاء بما قاله الإسكافي أو استنبطه، فيصير أسير آرائه واستنباطاته.
وهذه قاعدة أخرى من قواعد البحث المعاصر؛ التي تطلب من الباحث أن لا يكون أسير أفكار الآخرين، وأن يحرر فكره تماما قبل كتابة بحثه؛ ليخرج البحث من بنات أفكاره معبرا عن آرائه.
ولعل نفس السبب هو الذي دفع ابن الزبير إلى تنبيه القارئ أنه لن ينقل شيئا مما قاله أصحاب المعاني إلا في الشاذ النادر، وإذا نقل كلام أحد منهم أو من غيرهم نسبه إليه.
راعى ابن الزبير في تتبعه كل ما تكرر من آيات القرآن أو اشتبه ترتيب التلاوة المتفق عليها سورة سورة، وآية آية؛ فهو يورد ذكر السورة ثم يتناول ما فيها من آيات متشابهات؛ فمثلا يقول: سورة كذا ... الآية الأولى منها، ثم إذا انتقل إلى غيرها قال: "الآية الثانية منها"، وهكذا إلى آخر الآيات المتشابهات في السورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا انتقل إلى سورة أخرى ذكر اسمها، واتبع فيها نفس الطريقة، وإذا كانت السورة التي يتناولها لا تحتوي إلا على آية واحدة ذكر اسم السورة ثم قال: "قوله تعالى كذا"، وأحيانا يدمج السورتين معا إذا كانت الأولى لا تحتوي إلا على آية واحدة تتشابه مع الآية الأولى من التي تليها، وإذا خلت السورة من الآيات المتشابهات أغفل ذكرها؛ مثل السور الممتدة من أول سورة البروج حتى آخر سورة الفجر، ومن أول سورة الشمس حتى آخر سورة الضحى، ومن أول سورة القدر حتى آخر سورة القارعة، ومن أول سورة العصر حتى آخر سورة الكوثر، وبعض السور المتفرقات، كسورة التين، وسورة النصر، وسورة المسد.
ومما يُؤخذ على ابن الزبير أنه إذا تناول آية من سورة ما مع آية أخرى سبقتها اكتفى بالإشارة إلى أنها سبق تناول ما فيها من متشابه دون ذكر مكان تناولها، أو ذكر اسم الآية التي تشابهت معها.
بل نجده أحيانا ينص على اسم السورة مكتفيا بالإشارة إلى أنه سبق أن تناول ما فيها، دون تحديد أي آياتها وقع فيه المتشابه.
وبالنسبة لطريقته في توجيه الآيات فإنه يذكر الآية الأم في السورة التي هو بصددها، ثم يلحقها بما شابهها من الآيات من نفس السورة أو من غيرها.
وانتهج في توجيهاته نهج البسط والتوسع؛ فقد يستغرق الحديث عن الآية الواحدة عددا من الصفحات، كما فعل في الآيتين الحادية عشرة والثامنة والأربعين من سورة آل عمران؛ حيث ساق في كل واحدة أكثر من خمس صفحات، وفي مواضع أخرى كثيرة.
بل إنه قد يستغرق في بيان الكلمة الواحدة أو الحرف بضع صفحات؛ وعادة ما يبدأ في توجيه الآية بفرض بعض الأسئلة؛ لتنبيه القارئ، وبيان المواطن التي سيعالجها منها، ثم يشرع في الإجابة عنها واحدا تلو الآخر، وفي ثنايا الإجابة نفسها يفترض بعض المداخلات من القارئ، إما بالسؤال أو الاستفسار عن بعض ما يتعلق بجوابه، فيرد عليه آخذا القارئ من سؤال إلى سؤال، ومن جواب إلى آخر، حتى ينتهي به وقد بين له كل ما يتعلق بالآية التي يوجهها، كل ذلك دون أن يمل منه القارئ، ودون أن يخرج به من إجابة إلى أخرى وهو غير مقتنع بشيء مما قاله، فهو يقنعه بأدلته القاطعة، وأسلوبه الجميل، وآرائه القيِّمة.
وبهذه الطريقة تعمق ابن الزبير في توجيه المتشابه وتأويله، وسد الثغرات أمام الملحدين والمعطلين، وأحاط بجوانب موضوعه إحاطة كاملة.
كذلك دأب ابن الزبير أن يصدِّر إجاباته أو يختمها بإحالة العلم إلى الله تعالى قائلا: (والله أعلم)، أو: (والله أعلم بما أراد)، ولعله بذلك يتبرأ مما قد يقع فيه من خطأِ التأويل، واضعا نصب عينيه حديث رسول الله ? الذي يرويه الترمذي عن ابن عباس? عَنِ النَّبِيِّ ? قَال: (اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار)
وكثيرا ما يعرب ابن الزبير عن براعته في علم من العلوم أثناء توجيهه للمتشابه، فيعقد فصلا تكميليا، أو تمهيدا لجواب، أو إيضاحا لقضية تعرض لها.
فكلما وجد أن الأمر يحتاج إلى زيادة بيان وإيضاح، ثم رأى أنه يخرج عن موضوع الكتاب، عقد له فصلا خاصا صدَّره بقوله: فصل، أو: تمهيد.
وتجدر الإشارة إلى أن ابن الزبير أحيانا يعرض للسؤال الواحد جوابين.
ويُأْخَذ على ابن الزبير أنه قد يحيل القارئ إلى مكان لاحق في كتابه يقول إنه سيزيد الأمر فيه بيانا في نفس القضية التي يتحدث فيها، ثم يذهب القارئ إلى نفس الموضع الذي حدده فلا يجد أي ذكر لما قاله.
ويكتفي ابن الزبير بإحالة القارئ إلى كتب التفسير، أو كتب علم الكلام، أو غيرها إذا وجد أن الموضوع الذي يتحدث فيه يحتاج إلي زيادة شرح، أو بيان يخرج عن موضوعه، مستغنيا بذلك عن الإطالة، ومتحاشيا لكسر القاعدة التي بنى عليها كتابه.
وفي أحيان قليلة يشذ ابن الزبير عن هذه القاعدة، فيخرج عن الموضوع مستطردا في شرح كلمة، أو توضيح قضية، أو شرح دليل قرآني، أو شاهد شعري، ثم يرى أنه قد يطول به ويخرجه عن موضوعه، فيستدرك أمره، ويرجع إلى توجيه الآيات.
وكثيرا ما يحيل ابن الزبير القارئ إلى كتابه"البرهان في ترتيب سور القرآن"، مصرحا باسمه تارة، وأخرى بالإشارة إليه.
إلى جانب ذلك اعتنى ابن الزبير بمناقشة الآراء، والتعليق عليها، وشرح الأبيات الشعرية التي يستشهد بها، وبيان موقع الشاهد فيها.
هذا وبالله التوفيق،،،
د / ياسر عطية الصعيدي
أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية المشارك
كلية الاداب - جامعة المنيا - مصر
كلية التربية والآداب- جامعة الحدود الشمالية - السعودية(/)
صدرحديثاً (المبنى والمعنى في الآيات المتشابهات في القرآن الكريم) لـ د. عبدالمجيد ياسين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 07:30 م]ـ
صدر حديثاً عن دار ابن حزم في بيروت، الطبعة الأولى (1426هـ) من كتاب:
المبنى والمعنى في الآيات المتشابهات في القرآن الكريم
للدكتور عبدالمجيد ياسين المجيد
http://www.tafsir.net/images/mabna.jpg
ويقع الكتاب في 455 صفحة من القطع العادي، وقد اشتمل الكتاب على:
- المقدمة.
- التمهيد.
- الفصل الأول: المحكم والمتشابه.
- الفصل الثاني: الآيات المتشابهات بالحروف.
- الفصل الثالث: الآيات المتشابهات بالأفعال.
- الفصل الرابع: الآيات المتشابهات بالأسماء.
- الفصل الخامس: الآيات المتشابهات بالتقديم والتأخير والذكر والحذف.
- الفصل السادس: الآيات المتشابهات.
والكتاب دراسة تفسيرية موجزة للآيات المتشابهة لفظياً، وقد اعتمد فيه على المصنفات التي سبقته في هذا، مثل كتاب الخطيب الإسكافي (درة التنزيل) وكتاب الغرناطي (ملاك التأويل).(/)
ما رأيكم فى تفسير الكشاف للزمخشري؟
ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[02 Feb 2006, 09:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأى أخوانى الأفاضل وأساتذتى الكرام ومشايخى الأجلاء فى تفسير الكشاف للزمخشري؟
أفيدونا أفادكم الله.
ـ[إبراهيم منصور]ــــــــ[04 Feb 2006, 04:26 ص]ـ
هو تفسير الإمام: محمود بن عمر الزمخشري المفسر النحوي
كان في غاية المعرفة بفنون البلاغة وتصرف الكلام وكتابه أساس البلاغة من أحاسن الكتب وقد أجاد فيه وبين الحقيقة من المجاز في الألفاظ المستعملة أفرادا وتركيبا وكتابه الفائق في غريب الحديث من أنفس الكتب لجمعه المتفرق في مكان واحد مع حسن الاختصار وصحة النقل وله كتاب الفصل في النحو مشهور ورأيت له مصنفا في المشتبه في مجلد واحدا وفيه فوائد جليلة وأما التفسير فقد أولع الناس به وبحثوا عليه وبينوا دسائسه وأفردوها بالتصنيف ومن رسخت قدمه في السنة وقرأ طرفا من اختلاف المقالات انتفع بتفسيره ولم يضره ما يخشى من دسائسه وكانت وفاة الزمخشري عفى الله عنه سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وعاش أحدى وسبعين سنة
قال ابن السمعاني كان ممن برع في الأدب والنحو واللغة لقى الكبار وصنف التصانيف ودخل خراسان عدة نوب وما دخل بلدا إلا وإجتمعوا عليه وتلمذوا له وكان علامة الأدب ونسابة العرب تضرب إليه أكباد الإبل
وقال ابن خلكان كان إمام عصره وكان متظاهرا بالاعتزال داعية إليه
له التصانيف البديعة منها الكشاف في التفسير والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة وربيع الأبرار ونصوص الأخبار في الحكايات ومتشابه أسماء الرواة و الرائض في الفرائض والمنهاج في الأصول و المفصل في النحو والأنموذج فيه مختصر والأحاجي النحوية وغير ذلك اهـ نقلا عن لسان الميزان
يتميز تفسيره بفرائد منها:
1 - المعانى اللغوية الدقيقة للفظة القرآنية
2 - الإشارة إلى الفروق اللفظية بين الكلمات
3 - الإشارة إلى ما فى الآية من وجوه بلاغية
4 - اظهار اوجه القراءات والمعنى والتوجية لكل قراءة
5 - اظهار بعض الغوامض التى لم يسبقه اليها غيره
مثل: تفريقه بين إلى أجل ولاجل قال:
فإن قلت يجري لأجل مسمى ويجري إلى أجل مسمى أهو من تعاقب الحرفين قلت كلا ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع ضيق العطن ولكن المعنيين أعني الانتهاء والاختصاص كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن قولك يجري إلى أجل مسمى معناه يبلغه وينتهي كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن قولك يجري إلى أجل مسمى معناه يبلغه وينتهي إليه وقولك يجري لأجل مسمى تريد يجري لإدراك أجل مسمى تجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمى ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة وجري القمر مختص بآخر الشهر فكلا المعنيين غير ناب به موضعه
انظر تفسير الكشاف للزمخشري ج:3 ص:510
6 - عليه يعول كثير من المفسرين منهم:
1) الإمام الرازي فى كتابه التفسير الكبيرت 604هـ
*قال الزمخشري (جعل فتنة الناس صارفة عن الإيمان كما أن عذاب الله صارف عن الكفر) التفسير الكبير - الرازي ج25/ص38
*قال الزمخشري (فيه فائدتان إحداهما أن الاستثناء يدل على التحقيق وتركه قد يظن به التقريب فإن من قال عاش فلان ألف سنة يمكن أن يتوهم أن يقول ألف سنة تقريبا لا تحقيقا فإذا قال إلا شهرا أو إلا سنة يزول ذلك التوهم ويفهم منه التحقيق الثانية هي أن ذكر لبث نوح عليه السلام في قومه كان لبيان أنه صبر كثيرا فالنبي عليه السلام أولى بالصبر مع قصر مدة دعائه وإذا كان كذلك فذكر العدد الذي في أعلى مراتب الأعداد التي لها اسم مفرد موضوع فإن مراتب الأعداء هي الآحاد إلى العشرة والعشرات إلى المائة والمئات إلى الألف ثم بعد ذلك يكون التكثير بالتكرير فيقال عشرة آلاف ومائة ألف وألف ألف)
التفسير الكبير - الرازي ج25/ص41
*قال الزمخشري (قال لا يملكون لكم رزقا نكرة في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلا وقال معرفة عند الإثبات عند الله أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه وفيه وجه آخر وهو أن الرزق من الله معروف بقوله وما من دابة في الارض إلا على الله رزقها (هود 6) والرزق من الأوثان غير معلوم فقال لا يملكون لكم رزقا لعدم حصول العلم به)
2) الإمام الكلبي فى كتابه التسهيل لعلوم التنزيل ت 741هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الزمخشري (إن قلت أي فرق بين قوله فانظروا وبين قوله ثم انظروا قلت جعل النظر سببا عن السير في قوله فانظروا كأنه قال سيروا لأجل النظر) التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص68
قال الزمخشري (الرباط اسم للخيل التي تربط في سبيل الله وقال ابن عطية رباط الخيل جمع ربط أو مصدر عدو الله وعدوكم يعني الكفار)
التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص95
قال الزمخشري (إن قلت لم قدمت الأرض على السماء بخلاف سورة سبأ فالجواب أن السماء تقدمت في سبأ لأن حقها التقديم وقدمت الأرض هنا لما ذكرت الشهادة على أهل الأرض) التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبى ج2/ص108
قال الزمخشري (أنه وقع ذلك في قصة صالح ولوط بعد الوعيد فجيء بالفاء التي تقتضي التسبيب كما تقول وعدته فلما جاء الميعاد بخلاف قصة هود وشعيب فإنه لم يتقدم ذلك فيهما)
3) الإمام ابن كثير فى تفسيره ت 774 هـ
وقوله تعالى (لاتعبدون إلا الله) قال الزمخشري خبر بمعنى الطلب وهو آكد
4) الحافظ (ابن حجر فى فتح الباري ت 858 هـ
قال الزمخشري (لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الإفك بأوجز عبارة وأشبعها لاشتماله على الوعيد الشديد والعتاب البليغ) فتح الباري (الجزء الخاص بالقرآن) ج8/ص477
وللحافظ (ابن حجر) كتاب (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) لخصه من تخريج (الزيلعي) وزاد عليه ما أغفله من الأحاديث المرفوعة التي ذكرها (الزمخشري) بطريق الإشارة والآثار الموقوفة فإنه ترك تخريجها إما عمدا وإما سهوا
5) -الإمام القرطبي فى كتابه الجامع لأحكام القرآن
*قال الزمخشري فإن قلت كيف حل لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها قلت ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع ولكنه مال حربي تأخذه على وجه الإستباحة
تفسير القرطبي ج13/ص262
*قال الزمخشري قوله تعالى بما أنعمت علي يجوز أن يكون قسما جوابه محذوف تقديره أقسم بإنعامك علي بالمغفرة لأتوبن (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) وأن يكون استعطافا كأنه قال رب اعصمني بحق ما أنعمت علي من المغفرة فلن أكون إن عصمتني ظهيرا للمجرمين
6) الامام الشوكانى فى كتابه فتح القدير ت 1250هـ
قال الزمخشري في الكشاف بعد ذكره لهذا إنه مما لفقته المجبرة ويا لله العجب من رجل لا يفرق بين أصح الصحيح وبين كذب الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-يتعرض للكلام على ما لا يعرفه ولا يدرى ما هو وقد واترت الأحاديث تواترا لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلم الرواية بأن عصاة الموحدين يخرجون من النار فمن نكر هذا فليس بأهل للمناظرة لأنه أنكر ما هو من ضروريات الشريعة اللهم غفرا
7) الإمام الألوسي فى كتابه روح المعاني ت 1270هـ
*قال الزمخشري تنبيه لقومه على أن من اتخذ القمر إلها وهو نظير الكواكب في الأفول فهو ضال والتعريض بضلالهم هنا
روح المعاني - الألوسي ج8/ص148
لقد أرسلنا الخ واطرد استعمال هذه اللام مع قد في الماضي على ما قال الزمخشري وقل الاكتفاء بها
روح المعاني - الألوسي ج12/ص41
(بطارد) بالتنوين قال الزمخشري على الأصل يعني أن إسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الإستقبال فأصله أن يعمل ولا يضاف
التبيان
في تفسير غريب القرآن - الشافعي ج1/ص59
فما ربحت تجارتهم (الربح الزيادة على رأس المال والتجارة قال الزمخشري هي صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح وناقة تاجرة كأنها من حسنها وسمنها تبيع نفسها انتهى
8) الإمام الشنقيطي- فى كتابه أضواء البيان ت 1393 هـ
*وقيل هي أسماء للسور التي افتتحت بها وممن قال بهذا القول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ويروى ما يدل لهذا القول عن مجاهد وقتادة وزيد بن أسلم
قال الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر
أضواء البيان - الشنقيطي ج2/ص388
* (قال الزمخشري ويجوز في ما فيما يشتهون الرفع على الابتداء والنصب على أن يكون معطوفا على البنات أي وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون من الذكور انتهى) أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص8
*واختلف العلماء في النكتة البلاغية التي نكر من أجلها) ليلا (في هذه الآية الكريمة
قال الزمخشري في الكشاف أراد بقوله) ليلا (بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص203
*قال الزمخشري في معنى هذه الآية الكريمة ما عليها يعني ما على الأرض مما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها
أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص342
*قال الزمخشري في تفسير هذه الآية قال هذا رحمة من ربي هو إشارة إلى السد أي هذا السد نعمة من الله ورحمة على عباده أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته أضواء البيان - الشنقيطي ج3/ص411
*قال الزمخشري في الكشاف من الأولى والثانية لابتداء الغاية أي أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة و) من الشجرة (بدل من قوله) من شاطىء الوادى (بدل اشتمال لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء كقوله) لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم
يوخذ عليه
أنه كان داعية إلى الاعتزال فكن حذرا عند القراءة فى كشافه
قال الإمام أبو محمد بن أبي حمزة في شرح البخاري له لما ذكر قوما من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من السادة كابن عطية ويسمى كتابه الكشاف تعظيما له
قال: والمناظر في الكشاف أن كان عارفا بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائس وهو لا يشعر أو يحمل الجهال بنظره فيه على تعظيم وأيضا فهو مقدم مرجوحا على راجح
وقد قال صلى الله عليه وسلم لا تقولوا المنافق سيدا فإن ذلك يسخطه الله وإن كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر فيصير معتزليا مرجئا والله الموفق اهـ نقلا عن لسان الميزان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Feb 2006, 12:23 م]ـ
ومن رحمة الله تعالى بنا أن قيَّض للكشاف الإمام الجليل ابن المنيَّر لبيان ما فيه من دقائق الاعتزاليات ...
حيث كان الزمخشري ـ رحمه الله وأحسن إليه ـ يُدخِلُ في تفسيره كثيراً من عقائد المعتزلة بعبارات يظن العامي وكثير من طلبة العلم أنها عادية.
لذا ينبغي لكل من يقرأ الكشاف أن يحرص على النظر إلى تعليق ابن المنير، وإن فاته التعليق على بعض الأمور .. اكتفاءً منه بنقدها فيما سبق.
وأدعوك لقراءة الكلام الجميل للشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله عن حادثة قطع رجل الزمخشري بسبب سيره على الثلج طلباً للعلم وذلك في كتابه الماتع، والذي غير منهج حياتي 180 درجة: " صفحات من صبر العلماء ".
وأختم بما ختم به الذهبي ترجمة جار الله الزمخشري في سير أعلام النبلاء: " الله يسامحه ".
ـ[المنصور]ــــــــ[04 Feb 2006, 10:57 م]ـ
ولكن ابن المنير من أعلام الأشاعرة كذلك.
وأسأل الله تعالى أن يقيض للكشاف من أهل السنة من يحققه ويعلق على اعتزالياته
ـ[سالم خميس اليعقوبي]ــــــــ[05 Feb 2006, 10:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فقد أردت أن أضيف هذه المشاركة المتواضعة وإن كانت متأخره:
قال الامام ابن حجر: [معتزلي داعياً الى بدعته فكن حذراً من كشافه]،كما ألف الامام السبكي ورقة سماها الانكفاف عن قرأة الكشاف لما وجد في الكشاف من التعرض لشخص النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين من كشافة [في قوله تعالى عفا الله عنك ... التوبة] وفي قوله تعالى [يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ... [التحريم] ... أنظر الكشاف وإذا أردنا أن ننصف الرجل فلنرجع الى تفسيره في حادثة الإفك وكلامه في تبرئه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-
وكان الزمخشري معتزلي الاعتقاد متظاهرا به حتى نقل عنه أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الإذن قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب
عندما بدأ بتأليف كشافه كما ذكر ذلك ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان): استفتح الخطبة بقوله الحمد لله الذي خلق القرآن، فقيل أنه قيل متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ولا يرغب أحد فيه، فغيره بقوله: "الحمد لله الذي جعل القرآن"، وجعل عندهم بمعنى خلق، ورأيت في كثير من النسخ "الحمد لله الذي أنزل القرآن"، وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المصنف. (وفيات الاعيان)
وقد استطاع العلماء التغلب على اعتزالياته بأمرين أحدهما: بوضع الحواشي عليه كحاشية أحمد ابن المنير، وكذلك تجريد الكشاف من الاعتزال؛ كما وضع الإمام النسفي في تفسيره "مدراك التنزيل" حيث جعل فكر الزمخشري البلاغي، وحذف منه كلمة الفنقلة، والذي يقرأ للنسفي يقرأه خالياً من الاعتزال.
، ومع ذلك فإنه إمتاز بالجانب البلاغي والبياني في القرآن الكريم فهو فارس الميدان في هذا المجال ولقد أفاد منه كثيراً من المفسرين واللغويين، ولقد إعتنى به طلاب اللغة العربية أكثر من غيرهم.
ومن مزايا هذا التفسير خلوه من الحشو والتطويل، وعناية بجانبي البلاغة والبيان وإظهارهما في تفسريه، والإقلال من الاسرائليات وإن لم يخلو منها فهو يعتمد على العقل ...
وأخيراً أقول بما بدأته من نقل كلام ابن حجر في لسان الميزان: هو معتزلي داعياً الى بدعته فكن حذراً من كشافه
ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[12 Feb 2006, 06:19 م]ـ
أخوانى الكرام
إبراهيم منصور
عبدالرحيم
سالم خميس اليعقوبى
جزاكم الله خير الجزاء لما قدمتموه لى من مساعدة وإفادات بليغة حقاً
وما أشار إليه الأخ عبدالرحيم هو ما قصدته حقاً بل أحاور جاهداً أن أجعل تفسير الكشاف هذا مصاغاً بشكل جديد يتوفق مع عقيدة أهل السنة والجماعة
وطبعاً هذا يحتاج إلى جهد ووقت بل وإلى إعداد كبير لمن يقوم بهذه المهمة الشاقة.
وأدعو الله تعالى أن يخصنى بهذا الفضل لما لهذا التفسير من أهمية كبيرة نحتاجها فى فهم القرآن وكذا فى رد الشبات والأباطيل حوله.
بارك الله فيكم جميعاً
وجعله فى ميزان حسناتكم
آمين(/)
تساؤل .. 4
ـ[فاروق]ــــــــ[03 Feb 2006, 09:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
يقول الله تعالى في سورة الممتحنة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
بالنسبة للمؤمنات لماذا جاء التحليل بالصيغة الإسمية "حل" وبالنسبة للمؤمنين جاءت بالصيغة الفعلية"يحلون"؟؟
يقول الله تعالى في نفس السورة:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12)
ما الحكمة من ذكر السرقة قبل الزنا والقتل رغم أن عقوبتهما أشد من عقوبة السرقة؟؟
ـ[روضة]ــــــــ[04 Feb 2006, 12:44 ص]ـ
مما تقرر في علم البلاغة أن لكلٍ من الجملة الاسمية والجملة الفعلية غرضاً ومعنى تؤديه لا تصلح له الأخرى، وقد عقد الشيخ عبد القاهر الجرجاني فصلاً في (دلائل الإعجاز) سمّاه (القول على فروق في الخبر)، تحدث فيه عن الخبر حين يأتي اسماً وحين يأتي فعلاً، وبيّن أن موضوع الاسم على أن يثبت به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجددَّه شيئاً بعد شيء، أما الفعل فموضوع على أن يقتضي تجدد المعنى المثبت به شيئاً بعد شيء.
وضرب لهذا أمثلة، فإذا قلت: (زيد منطلق)، فقد أثبت الانطلاق فعلاً له، من غير أن تجعله يتجدد ويحدث منه شيئاً فشيئاً، بل توجبه وتثبته فقط، وتقضي بوجوده على الإطلاق.
وأما الفعل فإنه يُقصد فيه إلى ذلك (يقصد: التجدد والحدوث)، فإذا قلتَ: زيد ها هو ذا ينطلق، فقد زعمت أن الانطلاق يقع منه جزءاً فجزءاً، وجعلتَه يزاوله ويزجِّيه.
ثم جاء بمثالين آخرين ليجلّي ما قال.
وبعدها خصص الكلام في الخبر حين يكون صفة مشبهة، فقال: ومتى اعتبرت الحال في الصفات المشبهة وجدت الفرق ظاهراً بيّناً ولم يعترضك الشك في أن أحدهما لا يصلح في موضعه صاحبه، فإذا قلتَ: (زيد طويل)، و (عمرو قصير)، لم يصلح مكانه (يطول) و (يقصر)، وإنما تقول: (يطول) و (يقصر)، إذا كان الحديث عن شيء يزيد وينمو كالشجر والنبات والصبي ونحو ذلك، مما يتجدد فيه الطول أو يحدث فيه القصر، فأما وأنت تتحدث عن هيئة ثابتة، وعن شيء قد استقرّ طوله، ولم يكن ثمَّ تزايدٌ وتجدد، فلا يصلح فيه إلا الاسم.
هذه مقدمة عن الفرق بين الخبر حين يكون فعلاً وحين يكون اسماً، وبالأخص إذا كان الاسم صفة مشبهة، لننطلق منها إلى الآية الكريمة: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فنجد المفسرين قد طبّقوا هذه القاعدة في بيان السر البياني وراء اختلاف النظم في الجملتين الكريمتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ): جاء الخبر صفة مشبهة، والمعنى أن المؤمناتِ لسن حلالاً للمشركين.
(وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ): جاء الخبر جملة فعلية، والمعنى أن المشركين لا يحلون للمؤمنات.
والخطاب في الجملتين لولاة الأمور بعدم جواز التخلية بين المسلمة وزوجها المشرك، وليس الكلام هنا يتعلق بالمؤمنين وبحكم زواجهم من الكافرات، كما ظهر لي من سؤال الأخ الفاضل فاروق: بالنسبة للمؤمنات لماذا جاء التحليل بالصيغة الإسمية"حل"وبالنسبة للمؤمنين جاءت بالصيغة الفعلية"يحلون"؟؟
،،،،،،،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
المعنى في الجملتين الكريمتين واحد وهو تحريم زواج المسلمات من الكفار، ولكن مجيء الخبر مرة أخرى بشكل آخر (الفعل) كان بهدف المبالغة في التحريم، والتأكيد، حيث قال أبو حيان إن التحريم انعقد بالجملة الأولى: (لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ)، وجاء قوله: {ولا هم يحلون لهن} على سبيل التأكيد وتشديد الحرمة، لأنه إذا لم تحل المؤمنة للكافر، علم أنه لا حل بينهما البتة. وقيل: أفاد قوله: {ولا هم يحلون لهن} استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل، كما هو في الحال ما داموا على الإشراك وهن على الإيمان.
وقال البقاعي: {لا هن} أي الأزواج ـ المسلمات ـ {حل} أي موضع حل ثابت {لهم} أي للكفار باستمتاع ولا غيره. ولما كان نفي الحل الثابت غير مانع من تجدد حل الرجال لهن ولو على تقدير من التقادير وفرض من الفروض، قال معيداً لذلك ومؤكداً لقطع العلاقة من كل جانب: {ولا هم} أي رجال الكفار {يحلون} أي يتجدد في وقت من الأوقات أن يحلوا {لهن} أي للمؤمنات حتى لو تصور أن يكون رجالهن نساء وهن ذكوراً ما حلوا لهن.
ورحم الله أبا السعود الذي لا يشقّ له غبار في كشف مكامن الآيات بكلمات موجزة دقيقة، قال: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فإنَّه تعليلٌ للنهي عن رجعهنَّ إليهمِ، والتكريرُ إما لتأكيدِ الحرمةِ أو لأنَّ الأولَ لبيانِ زوالِ النكاحِ الأولِ والثانيَ لبيانِ امتناعِ النِّكاحِ الجديدِ.
وقال الألوسي مثله ثم أضاف: ويشعر بذلك التعبير بالاسم في الأولى والفعل في الثانية.
ثم نقل عن الطيبي قوله: إنه أسندت الصفة المشبهة إلى ضمير المؤمنات في الجملة الأولى إعلاماً بأن هذا الحكم يعني نفي الحل ثابت فيهن لا يجوز فيه الإخلال والتغيير من جانبهن، وأسند الفعل إلى ضمير الكفار إيذاناً بأن ذلك الحكم مستمر الامتناع في الأزمنة المستقبلة لكنه قابل للتغيير باستبدال الهدى بالضلال، وجوز أن يكون ذلك تكريراً للتأكيد والمبالغة في الحرمة وقطع العلاقة.
وفيه من أنواع البديع ما سماه بعضهم بالعكس والتبديل كالذي في قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة: 187]. ولعل الأول أولى.
وفطن ابن عاشور لوجه آخر، فقال:
إن رجوع المرأة المؤمنة إلى الزوج الكافر يقع على صورتين:
إحداهما: أن ترجع المرأة المؤمنة إلى زوجها في بلاد الكفر، وذلك هو ما ألح الكفار في طلبه لمّا جاءت بعض المؤمنات مهاجرات.
والثانية: أن ترجع إلى زوجها في بلاد الإِسلام بأن يخلى بينها وبين زوجها الكافر يقيم معها في بلاد الإِسلام إذا جاء يطلبها ومُنع من تسلمها. وكلتا الصورتين غير حلال للمرأة المسلمة فلا يجيزها ولاة الأمور، وقد عبر عن الصورة الأولى بجملة {لا هن حل لهم} إذ جعل فيها وصف حل خبراً عن ضمير النساء وأدخلت اللام على ضمير الرجال، وهي لام تعدية الحلّ وأصلها لام الملك فأفاد أن لا يملك الرجال الكفار عصمة أزواجهم المؤمنات وذلك يستلزم أن بقاء النساء المؤمنات في عصمة أزواجهن الكافرين غير حلال، أي لم يحللهن الإِسلام لهم.
وقدم {لا هن حل لهم} لأنه راجع إلى الصورة الأكثر أهمية عند المشركين إذ كانوا يَسألون إرجاع النساء إليهم ويرسلون الوسائط في ذلك بقصد الرد عليهم بهذا.
وجيء في الجملة الأولى بالصفة المشبهة وهي {حل} المفيدة لثبوت الوصف إذ كان الرجال الكافرون يظنون أن العصمة التي لهم على أزواجهم المؤمنات مثبتة أنهم حلّ لهم.
وعبّر عن الثانية بجملة {ولا هم يحلون لهن} فعُكس الإِخبار بالحل إذ جعل خبراً عن ضمير الرجال، وعدي الفعل إلى المحلَّل باللام داخلة على ضمير النساء فأفاد أنهم لا يحلّ لهن أزواجهن الكافرون ولو بقي الزوج في بلاد الإِسلام.
ولهذا ذكرت الجملة الثانية {ولا هم يحلون لهن} كالتتمة لحكم الجملة الأولى، وجيء في الجملة الثانية بالمسند فعلاً مضارعاً لدلالته على التجدد لإِفادة نفي الطماعية في التحليل ولو بتجدده في الحال بعقد جديد أو اتفاق جديد على البقاء في دار الإِسلام خلافاً لأبي حنيفة إذ قال: إن موجب الفرقة هو اختلاف الدارين لا اختلاف الدين.
****************************
أما قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّايُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَأَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّوَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْلَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 12
{على أن لا يشركن} أي يوقعن الإشراك لأحد من الموجودات في وقت من الأوقات {بالله} أي المَلِك الذي لا كفؤ له {شيئاً} أي من إشراك على الإطلاق.
ولما كان الشرك بَذْلَ حق المُلْكِ لمن لا يستحقه، أتبعه أخذ مال المالك بغير حق لاقتضاء الحال لذلك بتمكن المرأة من اختلاس مال الزوج وعسر تحفظه منها فقال: {ولا يسرقن} أي يأخذن مال الغير بغير استحقاق في خفية، وأتبع ذلك بَذْلَ حق الغير لغير أهله فقال: {ولا يزنين} أي يُمَكِّنَّ أحداً من وطئهن بغير عقد صحيح.
ولما كان الزنى قد يكون سبباً في إيجاد أو إعدام نسمة بغير حقها، أتبعه إعدام نسمة بغير حقه فقال: {ولا يقتلن أولادهن} أي بالوأد، ولما ذكر إعدام نسمة بغير حق ولا وجه شرعي أتبعه ما يشمل إيجاد نسمة بغير حل، فقال مقبحاً له على سبيل الكناية عنه بالبهتان وما معه بالتصوير له بلوازمه وآثاره لأن استحضار القبيح وتصوير صورته أزجر عنه فقال: {ولا يأتين ببهتان} أي ولد من غير الزوج يبهت من إلحاقه به حيرة في نفيه عنه {يفترينه} أي يتعمدن كذبه. [البقاعي]
والله تعالى أعلم بالصواب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فاروق]ــــــــ[04 Feb 2006, 12:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة "باحثة" وفيت وكفيت .. اتضحت الصورة بجلاء ..
وأرجو في المرة القادمة أن يكون الخط بحجم أصغرفمثلا 4 كاف لأنه يملأ الشاشة بشكل كبير ..
وجزاك الله خيرا ..
دائما في انتظارالرد عن آيات "النسخ"
ـ[روضة]ــــــــ[04 Feb 2006, 01:28 م]ـ
وجزاك خيراً كذلك، إن شاء الله سأصغر الخط في المرات القادمة.
بالنسبة لموضوع النسخ أرجو أن تعذرني للتأخير الذي تم والذي لا أعلم إلى متى سيستمر، ولكن إن شاء الله سأجد الوقت لإنهائه بأسرع ما يمكن.
أسأل الله لنا جميعاً أن يبارك لنا في أوقاتنا لتتسع لمشاغلنا.(/)
دفع الشبهه للذين قالوا النصارى للذين آمنوا أقربهم مودة
ـ[المعتصم بالله]ــــــــ[04 Feb 2006, 05:14 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين وقدوة الناس أجمعين الذي قال الله تعالى فيه (وإنك على خلق عظيم) فكمَّله وزكَّاه من فوق سبع سماوات وأراضين, وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين, وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ... أما بعد:
فلقد آلمنا ما سمعناه في وسائل الإعلام وما تردد على ألسن المسلمين لاسيما الخطباء منهم والدعاة وما عرضته الصحفية الدنماركية من صور كاركاتيريه تُسيء للحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو الهادي البشير, السراج المنير, أرسل الله رحمة للعالمين فليس للمسلمين فحسب بل للعالم أجمع, وعلى حين غفلة و بدون مقدمات يكشف الأعداء عن أنيابهم, ويفصحوا عما تُكِنُّه قلوبهم-قد بدت البغضاء من أفوههم وما تخفي صدورهم أكبر- فلم يكفهم قتل أبرياء المسلمين, وهتك أعراض المؤمنات الغافلات فأخذوا يسبون الإسلام وأهله فبدأ أعداء الله بإهانة المصحف الشريف وتمزيقه .. ثم أتبعوا ذلك سبَ نبي المسلمين .. ألا جُفت أقلام, وشُلت سواعد, وأُخرست ألسن, تعرضت إلى حبيب رب العالمين وخليله, وصفيه وخيرته من خلقه .. وقد توعد الله جل وعلا أن يكفيه المستهزئين وأن يعصمه من الناس .. فنسأل الله جلت قدرته أن يرينا فيهم ما يشف صدور قومٍ مؤمنين ... وهب المسلمون على إثر ذلك نصرة لنبيهم ودفاعاً عن حبيبهم صلى الله عليه وسلم في شتى الوسائل والمجالات فكان مما يتداوله بعض الدعاة في هذه الأزمة قوله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين إنا نصارى .. ) فظن بعض الناس أن فيها تزكية للنصارى من جهة المسلمين وأنهم ليسوا أعداء للإسلام والمسلمين والأمر ليس كذلك .. فنظرت -ولا أدعيه- ما تيسر لي من كتب أهل العلم على عُجَالة .. فإليك ما نظرت فيه والشروع في المقصود:
قال البغوي -رحمه الله- في تفسيره (مطلع الجزء السابع من سورة المائدة):
(لم يرد به جميع النصارى لأنهم في عداوتهم المسلمين كاليهود في قتلهم المسلمين, وأسرهم, وتخريب بلادهم, وهدم مساجدهم, وإحراق مصاحفهم, لا .. ولا كرامة لهم بل الآية فيمن أسلم منهم مثل النجاشي وأصحابه) اهـ.
وقال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره:
(قال علي بن أبي صلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن بكوا حتى أخضلوا لحاهم. وهذا القول فيه نظر لأن هذه الآية مدنية, وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة .. )
ثم قال رحمه الله:
(أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة وما ذاك إلا لِما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة كما قال تعالى: (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) , وفي كتابهم: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر , وليس القتال مشروعاً في ملتهم .. ) اهـ.
ويقول سيد –رحمه الله- في كلامٍ نفيس فتأمله .. (في ظلال القرآن -بتصرف بسيط- (2/ 964,963,962)):
] إن هذه الآية تُصور حالة, وتُقَرر حكماً في الحالة .. تصور من فريق أتباع عيسى -عليه السلام- الذين قالوا إنا نصارى, وتقرر أنهم أقرب مودة للذين آمنوا .. ومع متابعة مجموع الآيات التي لا تدع مجالاً للشك في أنها تصور حالة معينه هي التي ينطبق عليها هذا التقرير المعين فإن كثيرين يخطئون فهم مدلولها .. لذلك ند من الضروري –في ظلال القرآن- أن نتابع بالدقة تصوير هذه الآيات لهذه الحالة التي ينطبق عليها الحكم الخاص:
إن الحالة التي تصورها هذه الآيات هي حالة فئة من الناس قالوا إنا نصارى هم أقرب مودة للذين آمنوا (ذلك بأن منهم قسيسن ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) .. فمنهم من يعرفون حقيقة دين النصارى فلا يستكبرون على الحق حين يتبين لهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن السياق القرآني لا يقف عند هذا الحد ولا يدع الأمر مجملاً ومعمماً على كل من قالوا إنا نصارى إنما هو يمضي يُصوِّر موقف هذه الفئة التي يعينها فقال: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق .. ) فمن صفاتهم أنهم إذا سمعوا الآيات القرآنية اهتزت مشاعرهم ولانت قلوبهم وفاضت أعينهم بالدمع تعبيراً عن التأثير العميق العنيف بالحق الذي سمعوه.
وأنهم لا يقفون موقف المتأثر ثم ينتهي أمره مع هذا الحق؛ بل يقولون ((ربنا آمنا فاكتبا مع الشاهدين *) فهم أولاً يعلنون لربهم إيمانهم بهذا الحق الذي عرفوه ثم يدعونه إلى أن يضمهم إلى قائمة الشاهدين-والشاهدون هم الذين شهدوا لله بالتوحيد ولرسله بالرسالة- وأن يسلكهم في سلك الأمة القائمة عليه في الأرض .. الأمة المسلمة الشاهدة لهذا الدين بالحق والتي تؤدي الشهادة بلسانها وبعملها وبحركتها لإقرار هذا الحق في حياة البشر ..
ولا يقف السياق القرآني هنا عند بيان من هم الذين آمنوا يعينهم بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا من الذين قالوا إنا نصارى وعند بيان سلوكهم في مواجهة ما أنزل الله إلى الرسول من الحق في اتخاذ موقف إيجابي صريح بالإيمان المعلن, والانضمام إلى الصف المسلم والاستعداد لأداء الشهادة بالنفس والجهد والمال ..
ولا يقف السياق القرآني عند هذا الحد في بيان أمر هؤلاء الذين يقررون أنهم أقرب للذين آمنوا بل يتابع خطاه لتكملة الصورة و رسم المصير الذي انتهوا إليه فعلاً (فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين وذلك جزاء المحسنين) ..
لقد علم الله صدق قلوبهم وألسنتهم وصدق عزيمتهم على المضي في الطريق ..
ولا يقف السياق القرآني عند هذا الحد في تحديد ملامح هذا الطريق المقصود من الناس الذين تجدهم أقرب مودة للذين آمنوا بل إنه ليمضي فيميزه من الفريق الآخر من الذين قالوا إنا نصارى عمن يسمعون هذا الحق فيكفرون به ويكذبون ولا يستجيبون ولا ينضمون إلى صفوف الشاهدين فقال: (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) .. ) اهـ.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره:
(" ولتجدن أقربهم مودة للذين آمونا الذين آمنوا قالوا إنا نصارى .. " وذكر تعالى لذلك أسباب منها أن منهم قسيسين ورهبانا أي علما متزهدين وعباداً في الصوامع متعبدين – والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققه ويزل ما فيه من الجفاء والغلظة .. ومنها: أنهم " إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول" محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به ويشهدون للأمم السابقة بالتصديق والتكذيب .. الخ) اهـ.
وقال العلَّامة ابن القيم رحمه الله (بدائع الفوائد-186,185,184):
(وجه تفسير المغضوب عليهم باليهود, والضالين بالنصارى مع تلازم وصفي الغضب والضلال .. فالجواب أن يقال: هذا ليس بتخصيص نفي كل صفة عن أصحاب الصفة الأخرى فإن كل مغضوب عليه ضال وكل ضال مغضوب عليه, لكن ذكر كل طائفة بأشهر وصيفها وأحقها به وألصقه بها وذلك هو الوصف الغالب عليهما .. )
وقال في موضع آخر: (وأما وصف النصارى بالضلال ففي قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) فهذا خطاب للنصارى ..
ثم قال: وإنما سر الآية أنها اقتضت تكرار الضلال في النصارى ضلالاً بعد ضلال لفرط جهلهم بالحق .. ووجه تكرار هذا الضلال أن الضلال قد أخطأ نفس المقصود فيكون ضالاً فيه فيقصد ما لا ينبغي أن يقصده ويعبده وقد يصيب مقصوداً حقاً لكن يضل في طريق طلبه والسبيل الموصلة إليه
فالأول: ضلال في الغاية.
والثانية ضلال في الوسيلة.
ثم إذا دعا غيره إلى ذلك فقد أضله , أسلاف النصارى اجتمعت لهم الأنواع الثلاثة فضلوا عن مقصودهم حيث لم يصيبوه .. إلخ كلامه النفيس الماتع [اهـ.
هذا ما تيسر جمعه وتسطيره هنا فإن كان من زلل فمني والشيطان, وإن كان شيئاً حالفه الصواب فلله الفضل والمنة .. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[04 Feb 2006, 08:33 ص]ـ
.......
فلقد آلمنا ما سمعناه في وسائل الإعلام وما تردد على ألسن المسلمين لاسيما الخطباء منهم والدعاة وما عرضته الصحفية الدنماركية من صور كاركاتيريه تُسيء للحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو الهادي البشير, السراج المنير,
...............
فكان مما يتداوله بعض الدعاة في هذه الأزمة قوله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين إنا نصارى .. ) فظن بعض الناس أن فيها تزكية للنصارى من جهة المسلمين وأنهم ليسوا أعداء للإسلام والمسلمين والأمر ليس كذلك .. فنظرت -ولا أدعيه- ما تيسر لي من كتب أهل العلم على عُجَالة .. فإليك ما نظرت فيه والشروع في المقصود: ............................
.
-------------------------------------------------------
أحدث هذا؟
أين سمعت هذا الادعاء العجيب، و من قال ذلك الكلام المريب الآن، و بخاصة ((في هذه الأزمة)) - كما قلت؟؟؟
نعم قد يقولها النصارى المخادعون، و لكن ليس الآن عقلا،
و لا يقولها مسلم صادق الإيمان من العوام قبل العلماء - ((في هذه الأزمة)) بالذات، و ليس الآن قطعا، فضلا عن أن يتداولها ((بعض الدعاة)) - كما قلت؟؟؟
* * * * * * *
- هذا، و قد سبق الرد على هذه الشبهة الواهية في الملتقى فيما مضى، و تجده في هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3898
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Feb 2006, 10:02 ص]ـ
بسم الله والحمد لله. . .
يبدو أن الأخ الكريم يقصد بالدعاة والخطباء دعاة تقريب الأديان وغيرهم من زبانية الدعوات المشبوهة، ولا يقصد بالطبع أهل العلم الحقيقيين؛ فهذا أبعد ما يكون عنهم.
أما هذه الآية فهي نزلت في قوم معروفون وهم النجاشي وأصحابه، وهي أصح رواية في سبب نزول الآية .. يقول العلامة مقبل الوادعي في (الصحيح المسند من أسباب النزول): ((الحديث رجاله رجال الصحيح إلا محمد بن إدريس والد ابن أبي حاتم وهو حافظ كبير وقد ساقه النسائي بهذا السند عازيًا له للنسائي وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص419 رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عثمان بن بحر وهو ثقة)) ص98.(/)
التوجيه البلاغي عند المفسرين
ـ[رحمة]ــــــــ[04 Feb 2006, 02:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ‘النبي المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه ومن سارعلى نهجه إلى يوم الدين
وبعد
فإني أشكركم جزيل الشكر على قبولكم انضمامي للملتقى،وكما أشكركم على ما قدمتموه من مواضيع لخدمة هدا الدين الحنيف فجزاكم الله خيرا
أما فيما يتعلق بالموضوع فنرجو منكم اطلاعنا على جهود العلماء المفسرين الأجلاء في توجيههم للمعنى البلاغي في التفسير،وكما نرجو منكم عرض الكتب والرسائل المتناولة هدا الموضوع أعانكم الله على خدمة ديننا الحنيف
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[11 Feb 2006, 02:56 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد،
فيجمع العلماء الباحثون في إعجاز القرآن -ما عدا من يقول بالصرفة وحدها وجهاً للإعجاز- أن البلاغة وجه من وجوه الإعجاز، بل هو الوجه الذي يلازم القرآن في كل سوره. لذا عني العلماء الذين درسوا الإعجاز بهذا الجانب أكثر من غيره، حتى أصبح معظم الكتب المؤلفة في الإعجاز القرآني مصادر بلاغية، ثم صار البلاغيون يؤلفون مؤلفاتهم البلاغية لتكون وسيلة لفهم الإعجاز القرآني.
• والمفسرون منذ نشأة التدوين وهم يعنون بهذا الجانب، وأذكر بإيجاز من عنايتهم:
أولاً: في مقدمات تفاسيرهم التي غالباً ما يذكرون فيها شيئاً مما يتعلق بإعجاز القرآن وعلومه وأصول تفسيره ينبهون إلى الوجه البلاغي في الإعجاز القرآني، وانظر مثلاً مقدمات تفاسير "المحرر الوجيز" لابن عطية (ت 546)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (ت 671هـ)، و"التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي (741هـ)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (ت 745هـ)، و"التقييد الكبير" للبسيلي (ت 830هـ)، و"محاسن التأويل" للقاسمي (ت 1332هـ)، و"التحرير والتنوير" للطاهر ابن عاشور (ت1393هـ)، وغيرها.
ثانياً: كذلك في المقدمات يؤكدون على أهمية العلم ببلاغة العرب لتفسير القرآن الكريم، وينظر مثلاً: تفسير "البسيط" للواحدي (ت 468هـ)، ومما قاله: (إن طريق معرفة تفسير كلام الله تعالى تعلم النحو والأدب، فإنهما عمدتاه، وإحكام أصولهما، وتتبع مناهج لغات العرب فيما تحويه من الاستعارات الباهرة، والأمثال النادرة، والتشبيهات البديعة، والملاحن الغريبة، والدلالة باللفظ اليسير على المعنى الكثير، مما لا يوجد مثله في سائر اللغات…)، وتفسير "الكشاف" للزمخشري (ت 538هـ)، وتفسير أبي حيان (ت 745هـ)، وتفسير البسيلي (ت 830هـ)، وتفسير القاسمي (ت 1332هـ)، وتفسير ابن عاشور (ت1393هـ)، وغيرها.
ثالثاً: في تفسيرهم لآيات القرآن الكريم لا يغفلون البلاغة على اختلاف بينهم في العناية بها، لكننا نجد عناية فائقة لدى عدد منهم كابن جرير الطبري (ت 310هـ) في تفسيره "جامع البيان عن تأويل أي القرآن"، وقد صرح بعنايته في مقدمته حيث قال: (بيِّنٌ –إذ كان موجوداً في كلام العرب الإيجاز والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وبالقلة من الكثرة في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار، والترداد والتكرار، وإظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها، والإسرار في بعض الأوقات، والخبر عن الخاص في المراد بالعام الظاهر، وعن العام في المراد بالخاص الظاهر، وعن الكناية والمراد منه المصرح، وعن الصفة والمراد الموصوف، وعن الموصوف والمراد الصفة، وتقديم ما هو في المعنى مؤخر، وتأخير ما هو في المعنى مقدم، والاكتفاء ببعض من بعض، وبما يظهر عما يحذف، وإظهار ما حظه الحذف- أن يكون ما في كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك في كل ذلك له نظيراً، وله مثلاً وشبيهاً) ثم قال: (ونحن مبينو جميع ذلك في أماكنه إن شاء الله ذلك وأمد منه بعون وقوة)، وابن عطية (ت 546هـ)، والزمخشري (ت 5هـ)، وابن جزي (ت 741هـ)، وقال في مقدمة تفسيره عن أنواع البديع ومباحث البلاغة: (ونبهنا على كل نوع في المواضع التي وقع فيها من القرآن ... )، وأبي حيان (ت 745هـ) وقال في مقدمة تفسيره مبيناً منهجه: (ثم أختتم الكلام في جملة من ألايات التي فسرتها إفراداً وتركيباً بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع ملخصاً)، والبيضاوي
(يُتْبَعُ)
(/)
(ت) في تفسيره ""، والبسيلي (ت 830هـ)، وأبي السعود (ت) في تفسيره ""، والشوكاني (ت 1250هـ) وقال في تفسيره "فتح القدير" مبيناً منهجه: (وأخذي من بيان المعنى العربي والإعرابي والبياني بأوفر نصيب)، والقاسمي (ت 1332هـ)،وابن عاشور (ت 1393هـ) وهو من أكثر المفسرين عناية بالبلاغة.
وهناك محاولات للاتجاه البياني في التفسير لإخراج تفسير بياني للقرآن الكريم، خرج منها فيما أعلم جزءان للدكتورة عائشة عبد الرحمن، تناولت عدداً من قصار السور، وينظر في هذا الاتجاه "اتجاهات ااتفسير في القرن الرابع عشر" للدكتور فهد الرومي.
وقد كُتبت رسائل في دراسة البحث البلاغي عند عدد من المفسرين، ومما رأيته مطبوعاً: "البلاغة عند المفسرين حتى نهاية القرن الرابع الهجري" للدكتور رابح دوب، و"البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري" للدكتور محمد أبو موسى، و"المقاييس البلاغية في تفسير التحرير والتنوير" للدكتور حواس بري، وغيرها.
• من الأهمية التنبيه إلى أن كثيراً ممن كتب في التفسير وكان له عناية بالبلاغة ينتمون إلى مذاهب عقدية تخالف منهج أهل السنة والجماعة، فعلى القارئ أن يتفطن لدقة بعض هؤلاء في الإفادة من البلاغة لتوجيه الرأي العقدي المخالف.
ولعل أوضح من يمثل ذلك الزمخشري في تفسيره ”الكشاف“، حتى قال عنه البلقيني [عن الإتقان4/ 213]: (استخرجت من الكشاف اعتزالاً بالمناقيش…)، وقال ابن تيمية [مقدمة التفسير: ضمن مجموع الفتاوى13/ 358]: (ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً، ويدس البدع في كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله، وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك)، وقال ابن خلدون متحدثاً عن البلاغة [مقدمة ابن خلدون2/ 256، وانظر: 2/ 123]: (وأكثر تفاسير المتقدمين غفل عنه حتى ظهر جار الله الزمخشري، ووضع كتابه في التفسير، وتتبع آي القرآن بأحكام هذا الفن، بما يبدي البعض من إعجازه، فانفرد بهذا الفضل على جميع التفاسير، لولا أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلاغة). وانظر أيضاً إلى تفاسير الماتريدية كـ”تأويلات أهل السنة“ لأبي منصور الماتريدي، و”مدارك التنزيل“ للنسفي، وإلى تفاسير الأشاعرة كـ”مفاتيح الغيب“ للرازي، و”أنوار التنزيل“ للبيضاوي، و”إرشاد العقل السليم“ لأبي السعود، وغيرها من تفاسير المبتدعة، لتدرك كيف يطوع هؤلاء الأساليب البلاغية لخدمة مذاهبهم العقدية.
ويحسن في هذه المسألة الرجوع إلى كتاب "المدخل إلى دراسة بلاغة أهل السنة" للدكتور محمد الصامل، فإنه كتاب قيم لدارسي التفسير والبلاغة واللغة. ويمكن النظر في هذين الرابطين:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2430
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4466
هذه لمحات موجزة حول الموضوع، أرجو أن يكون فيها ما يفيد الأخت رحمة وغيرها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[13 Feb 2006, 03:32 م]ـ
إضافة متميزة ... شكر الله لكم أبا عبدالله.
ـ[محمد مطني]ــــــــ[13 Feb 2006, 07:00 م]ـ
بأمكان الاخ اللذي يريد شيء عن الاعجاز البلاغي للقرآن الرجوع الى موقع الدكتور حسام النعيمي والدكتور محمد فاضل السامرائي والدكتور احمد الكبيسي
1 - التعبير القرآني
2 - لمسات بيانية
3 - الكلمة واخواتها في القرآن الكريم
مع التقدير
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Feb 2006, 06:24 ص]ـ
الأخ محمد مطني: لعلك تقصد (نعمان فاضل السامرائي)؟
وليتك أكملت الإفادة بوضع الرابط الإلكتروني.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:48 م]ـ
عرض موجز دقيق أشكرك عليه أخي يوسف العليوي، وهذا الذي نريده دوماً في الأجوبة كما تعودنا في هذا الملتقى الحبيب، وفي الروابط التي أحلتم عليها فوائد قيمة بارك الله فيكم.
لعل الأستاذ محمد مطني يعني الدكتور فاضل بن صالح السامرائي. وكتبه معروفة، وقد سبق ذكره في الملتقى لو بحثت عنه. وأضم صوتي لأخي عمر المقبل: وليتك أكملت الإفادة بوضع الرابط الإلكتروني.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[15 Feb 2006, 11:11 ص]ـ
أعتقد أن هذا هو الرابط الذي ذكره الأخ:
http://www.islamiyyat.com
ـ[رحمة]ــــــــ[16 Dec 2006, 01:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد ـ صلى الله وعليه وسلم ـ وعلى آله ومن سار تهجه إلى يوم الدين
أما بعد
فأشكر الله ـ عز وجل ـ ثم أشكركم جزيل الشكر على إثرائكم للموضوع وإفادتكم لي عظيم الفائدة فبفضل الله وفضلكم أساتذتي الكرام من مشرفين وأعضاء تمكنت من اختيار الموضوع والسير في البحث فوضعت خطة البحث بعد نضج فكرة الموضوع وكما أوجه شكري الخالص للأستاذ الفاضل يوسف بن عبد الله العليوي على هذه اللمحات الموجزة ففيها ما أفادني الموضوع إلا أنني لم يقع بين يدي مما أشرت من دراسات في البحث البلاغي عند المفسرين أهمها كتاب المدخل إلى دراسة بلاغة أهل السنة للدكتور محمد الصامل و البلاغة عند المفسرين حتى نهاية القرن الرابع الهجري للدكتور رابح دوب، والبلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري للدكتور محمد أبو موسى أكون شاكرة لكم الأساتذة الأفاضل والأعضاء في الملتقى بإتمامكم ما اجتمعتم من أجله في هذا الملتقى المبارك وإفادتي كيفية العثور على هذه الكتب كإرشادي إلى رابط ما قد طبعت فيه هذه الكتب ويمكن تحميلها أو الدور النشر التي قامت بالنشر باختصار أين أجد هذه الكتب؟ جزاكم الله لو وافيتموني بمعلومات كاملة عن كل كتاب أو حتى موضوع يفيدني في البحث فيما يتعلق بالتفسير البلاغي للقرآن الكريم
جزاكم الله خيراً وأعانكم على ديننا الحنيف(/)
سؤال يحتاج إلى جواب؟؟؟؟
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[04 Feb 2006, 07:02 م]ـ
المشايخ الأفاضل:
أنا طالبة دراسات عليا كتبت عدد من المباحث بما أفهمه من الموضوع مع الإستفادة من كتب التفسير. ولا أرجع لكتب الغير إلا فيما نذر فهل هذا صحيح؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Feb 2006, 12:10 ص]ـ
السؤال غير واضح، فما المقصود بكتب الغير؟
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[05 Feb 2006, 11:59 ص]ـ
الشيخ الفاضل ... أقصد من السؤال اعتمادي الكامل على فهمي الخاص وكتب التخصص (كتب التفسير) ولا أرجع إلى غيرها إلا فيما ندر.(/)
دعوة للباحثين: مؤتمر بالكويت وآخر بماليزيا
ـ[عرفات محمد]ــــــــ[04 Feb 2006, 11:48 م]ـ
تقيم الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة مؤتمرها الثامن بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت.
في الفترة من: 26 - 29 شوال 1427هـ الموافق 18 - 21 نوفمبر 2006
ولمعرفة التفاصيل ادخل على هذا الرابط
http://www.nooran.org/L/KW.htm
كما تقيم كلية معارف الوحى والعلوم الإنسانية التابعة للجامعة الإسلامية بماليزيا مؤتمرا عالميا عن مناهج تفسير القرآن الكريم والحديث الشريف، وذلك يومي الاثنين - الثلاثاء 21 - 22 جمادى الآخرة 1427هـ.
ولمعرفة التفاصيل انقر هنا:
http://www.manahij.such.info/
د/عرفات محمد. كلية المعلمين بالمدينة المنورة(/)
كيف نجمع بين الآيتين؟
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[05 Feb 2006, 12:37 م]ـ
المشايخ الأفاضل:
هل من أبى حمل الأمانة كما في قوله تعالى" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) الأحزاب. كان مقهوراً على طاعة الله؟
وإن كان كذلك فكيف نجمع بين آية حمل الأمانة وهذه الآية قال تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت.؟
ـ[المقاتل7]ــــــــ[07 Feb 2006, 09:37 ص]ـ
من المحال أن يتوافق وقت عرض الأمانة مع الأمر في الآية الثانية، فالأحداث تتوالى و لا تحدث في وقت واحد!.
والظاهر أن عرض الأمانة على السموات و الأرض كان بعد أن قال الله تعالى لهما ائتيا طوعا أو كرها، هذا وجه للتوفيق.
والوجه الآخرأن حمل الأمانة يعني التخيير بين الطاعة و المعصية،و الآية الثانية لم تتضمن التخييربينهما بل كان التخيير في الوسيلة و الله أعلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Feb 2006, 07:47 م]ـ
المشايخ الأفاضل:
هل من أبى حمل الأمانة كما في قوله تعالى" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) الأحزاب. كان مقهوراً على طاعة الله؟
................
................
----------------------------------------------------------------------
استفسار:
- كيف يكون من ((أبى)) - ها هنا - ((مقهورا))؟؟
* حبذا لو بيَنت موضع الشبهة أو الإشكال، ليوافق الجواب محل السؤال.
ـ[روضة]ــــــــ[07 Feb 2006, 08:24 م]ـ
يبدو أن السؤال يتضمن إشكالاً في فهم الآيتين بتعارضٍ ظاهريٍّ بينهما، فكيف تأبى السموات والأرض والجبال حمل الأمانة، ثم في آية أخرى يخبرنا الله عز وجل أن الأرض والسماء قالتا أتينا طائعين.
إذا كان كذلك، فرفع الإشكال يكون في فهم معنى كلٍّ من الآيتين الكريمتين.
************
قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا ?لأَمَانَةَ عَلَى ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضِ وَ?لْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا}:
"لما بيّن تعالى في هذه السورة من الأحكام ما بيّن، أمر بالتزام أوامره. والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور .... فالأمانة هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد ... عرضها الله عز وجل على السموات والأرض والجبال، إن أدَّوْها أثابهم، وإن ضيّعوها عذّبهم. فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيماً لدين الله عز وجل ألا يقوموا به". [القرطبي].
قال الإمام الرازي: " قوله: {فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا} لم يكن إباؤهن كإباء إبليس في قوله تعالى:
{أَبَى? أَن يَكُونَ مَعَ ?لسَّـ?جِدِينَ} [الحجر: 31] من وجهين أحدهما: أن هناك السجود كان فرضاً، وههنا الأمانة كانت عرضاً وثانيهما: أن الإباء كان هناك استكباراً وههنا استصغاراً استصغرن أنفسهن، بدليل قوله: {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} ".
وذكر القاضي البيضاوي أن {?لأَمَانَةَ} قد تأتي "بمعنى العقل أو التكليف، وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن، وبإبائهن الإِباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد، وبحمل الإنسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوماً جهولاً لما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية، وعلى هذا يحسن أن يكون علة للحمل عليه فإن من فوائد العقل أن يكون مهيمناً على القوتين حافظاً لهما عن التعدي ومجاوزة الحد، ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما".
قال القاضي ابن عطية: "وقال قوم: إن الآية من المجاز، أي إنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السماوات والأرض والجبال رأينا أنها لا تطيقها وأنها لو تكلمت لأبتها وأشفقت فعبر عن هذا المعنى بقوله {إنا عرضنا} الآية، وهذا كما تقول عرضت الحمل على البعير فأباه وأنت تريد بذلك قايست قوته بثقل الحمل فرأيت أنها تقصر عنه".
***************
قوله تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ?ئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً}: " أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع والمصالح وأخرجاها لخلقي .... وقيل: معنى هذا الأمر التسخير؛ أي كونا فكانتا كما قال تعالى:
{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ". [القرطبي]
" {طَوْعاً أَوْ كَرْهاً}: شئتما ذلك أو أبيتما، والمراد إظهار كمال قدرته ووجوب وقوع مراده لا إثبات الطوع والكره لهما ... {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} منقادين بالذات، والأظهر أن المراد تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما بالذات عنها، وتمثيلهما بأمر المطاع وإجابة المطيع الطائع كقوله:
{كُنْ فَيَكُونُ} ". [البيضاوي]
قال القاضي ابن عطية: "واختلف الناس في هذه المقالة من السماء والأرض، فقالت فرقة: نطقت حقيقة، وجعل الله تعالى لها حياة وإدراكاً يقتضي نطقها. وقالت فرقة: هذا مجاز، وإنما المعنى أنها ظهر منها من اختيار الطاعة والخضوع والتذلل ما هو بمنزلة القول {أتينا طائعين} والقول الأول أحسن، لأنه لا شيء يدفعه وإنما العبرة به أتم والقدرة فيه أظهر". [المحرر الوجيز]
*************
مما تقدم يظهر أن كلاً من الآيتين الكريمتين مختصة بأمر مغاير لما جاءت به الآية الأخرى، فلا تعارضَ بينهما.
والله تعالى اعلم بالصواب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Feb 2006, 09:51 م]ـ
أكرمك الله، هذا ما أردت من الأخ السائل بيان ما أشكل عليه أو اشتبه
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[11 Feb 2006, 06:55 ص]ـ
الشكر الجزيل للجميع
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[11 Feb 2006, 06:56 ص]ـ
ورفع الله قدركم في الدنيا والآخرة(/)
ما معنى قوله تعالى أو لامستم النساء وما هو الراجح في معنى اللمس هنا
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[06 Feb 2006, 07:30 ص]ـ
ما معنى قوله تعالى أو لامستم النساء وما هو الراجح في معنى اللمس هنا وجزاكم الله خيراً
ـ[ابواحمد]ــــــــ[06 Feb 2006, 09:56 م]ـ
معنى اللمس: الجماع كما يروى عن ابن عباس.
ويدل لهذا المعنى أن مريم قالت (أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر) فان مجرد المس لايكون منه الولد فتبين بذلك ان المقصود من اللمس او المس: أي الجماع.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[06 Feb 2006, 11:11 م]ـ
معنى اللمس هو الجماع ... وقد رُوِيَ عن حبر الأمة ابن عبّاس- رضى الله عنه - كما ذكر الأخ الكريم " أبو أحمد " ...
والراجح - والله أعلم - أنّ معنى اللمس في هذه الآية الكريمة هو (الجماع) ... وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في فتاواه.
والله أعلم ...
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[07 Feb 2006, 03:33 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وما هي مذاهب العلماء في نقض الوضوء بلمس المرأة سواء بشهوة أو بغير شهوة، وجزاكم الله خيراً، ونفع بعلمكم.
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[09 Feb 2006, 02:17 ص]ـ
هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟
أولاً / تحرير موضع النزاع
صور اللمس:
1 - لمس بشهوة مع خروج المني أو المذي. وهو محل اتفاق بين الفقهاء على نقضه للوضوء.
2 - لمس بشهوة بدون خروج ما ينقض. وفيه خلاف.
3 - لمس بغير شهوة وبدون خروج ما ينقض. وفيه أيضاً خلاف.
ثانياً/ عرض الأقوال بالأدلة
القول الأول: أن اللمس لا ينقض الوضوء مطلقاً.
وهو قول الحنفية [بدائع الصنائع 1/ 46] ورواية عن أحمد وروي ذلك عن علي وابن عباس وعطاء وطاوس والحسن ومسروق [المغني 1/ 257]، واستدلوا بالتالي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ. رواه الأربعة وصححه الألباني [المشكاة 1/ 105]
2 - حديث عائشة رضي الله عنها: " فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فجعلت أطلبه بيدي فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو .... " الحديث رواه النسائي وصححه الألباني [صحيح سنن النسائي 1/ 37 ح163].
3 - أن الوجوب من الشرع ولم يرد بالنقض شرعٌ ولا هو في معنى ما ورد به الشرع. [المغني 1/ 257]
القول الثاني: أن اللمس ينقض الوضوء مطلقاً.
وهو قول الشافعية [الأم 1/ 63، روضة الطالبين 1/ 185، المجموع 1/ 29] ورواية عن أحمد [المغني 1/ 257]، واستدلوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: (أو لامستم النساء ... )، قالوا: الآية مطلقة، وحقيقة اللمس: ملاقاة البشرتين [انظر المجموع 1/ 35 – 36]، وهو يقع على ما دون الجماع. وعضدوا ذلك بقوله تعالى: (وأنا لمسنا السماء)، وبقول الشاعر: لمست بكفي كفه أطلب الغنى .. ، وبحديث ماعز الأسلمي وقول الرسول صلى الله عليه وسلم له: (لعلك قبلت أو لامست) .. ففرقٌ بين الملامسة والجماع. [انظر المغني 1/ 257]
2 - حديث معاذ رضي الله عنه عن ذلك الرجل لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أتيت امرأة لا أعرفها وإني قبلتها وفعلت ما يفعل الرجل مع زوجته إلا أني لم أجامع) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة. رواه الترمذي وأحمد والدارقطني وضعفه الألباني [السلسلة الضعيفة 2/ 428 ح1000].
3 - ما رواه مالك بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأة أو جسها بيده فعليه الوضوء). [الموطأ 1/ 43 ح64] قالوا وهذا الأثر له حكم الرفع.
القول الثالث: التفصيل، فإن كان اللمس بشهوة فهو ينقض الوضوء، وإن كان بغير شهوة لا ينقض الوضوء.
وهو قول المالكية [مواهب الجليل 1/ 429] والحنابلة [الإنصاف 1/ 211] وهو قول علقمة وأبي عبيدة والنخعي والحكم وحماد والثوري وإسحاق والشعبي [المغني 1/ 256]. واستدلوا بما يلي:
1 - قوله تعالى (أو لامستم النساء) قالوا: اللمس باليد مطلقاً، ثم قُيّد هذا اللمس بالشهوة، بالسنة، ومنها:
• حديثا عائشة رضي الله عنها السابقان.
• حديث عائشة رضي الله عنها أيضاً قالت: (كنت أكون نائمة ورجلاي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل فإذا أراد أن يسجد ضرب رجليّ فقبضتهما فسجد). متفق عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - استدلوا بالمعقول، فقالوا: إن اللمس ليس بحدثٍ بذاته، وإنما هو ناقض لأنه يفضي للحدث، فاعتبرت الحالة التي تفضي للحدث وهي حالة الشهوة. [المغني 1/ 260]
3 - استدلوا أيضاً بنفي الحرج، وذلك أن اللمس مطلقاً لو كان ناقضاً للوضوء لشق ذلك، فهو يقع للرجل وزوجته، وكذلك في شدة الزحام كما في الطواف، وفي هذا حرج ومشقة، والله سبحانه نفى الحرج (ما جعل عليكم في الدين من حرج).
ثالثاً/ مناقشة الأقوال
* مناقشة الحنفية للجمهور:
1 - قولهم في الآية (أو لامستم النساء) أن اللمس باليد، فهو مردود. لأن معناه: الجماع كما قاله حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، وتفسير ابن عباس أرجح من غيره لمزية دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بعلم التأويل [انظر نيل الأوطار 1/ 246]، ويعضد تفسيره قوله تعالى (من قبل أن تمسوهن) أي قبل الجماع.
2 - أما الاستدلال بحديث معاذ رضي الله عنه فلا يصح لضعف الحديث، ثم إنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر السائل بالوضوء لأجل المعصية، وقد ورد أن الوضوء من مكفرات الذنوب، و يحتمل أن الحال التي وصفها: مظنة خروج المذي، أو يحتمل أنه طلبٌ لشرط الصلاة المذكورة في الآية من غير نظر لانتقاض الوضوء وعدمه [انظر نيل الأوطار 1/ 246].
3 - أما قولهم بأن القبلة فيها الوضوء فلا حجة في قول الصحابي إذا وقع معارضاً لما ورد عن الشارع [انظر نيل الأوطار 1/ 247] ..
4 - أما استدلالهم بأحاديث عائشة رضي الله عنها فيجاب عنها بأنها أدلة لنا لأنها تدل على أن اللمس لا ينقض، وكذا القبلة .. كما أن حديث عائشة في القبلة ذكر أن فيه ضعفاً وأنه مرسل. لكن يرد بأن الضعف منجبر بكثرة رواته وشواهده [انظر نيل الأوطار 1/ 246].
* مناقشة الشافعية للجمهور:
1 - استدلالهم بحديث عائشة في القبلة معلول ... وقد سبق. ولو صح لحمل على القبلة فوق حائل جمعاً بين الأدلة [المجموع 1/ 37] ..
2 - أما استدلالهم بتفسير ابن عباس رضي الله عنهما (أو لامستم النساء) أنه الجماع فيجاب عنه بأن ابن مسعود رضي الله عنه قرأها (أو لمستم). وهي قراءة حمزة والكسائي [تفسير القرطبي 5/ 145]. واللمس يكون باليد، ثم إن الآية مطلقة لم تفرق بين الشهوة وغير الشهوة.
3 - وقولهم: أن الوجوب من الشرع ولم يرد بالنقض شرع ولا ما هو في معناه فمردود بالآية على تفسيرنا. ويرد بترجيح تفسير ابن عباس كما سبق.
4 - أحاديث عائشة رضي الله عنها في وقوع يدها على قدم النبي صلى الله عليه وسلم ولمسه إياها وهو يصلي، يحتمل كونه فوق حائل. وهذا هو الظاهر في من هو نائم في فراشه [المجموع 1/ 37]. وردّ بأن في هذه التأويلات تكلف لا يحتاج إليه [انظر نيل الأوطار 1/ 246].
5 - ثم إن أكثر الحنفية سلّم أن الرجل والمرأة إذا تجردا وتعانقا وانتشر له وجب الوضوء [شرح فتح القدير 1/ 56]؛ فيقال لهم: بم نقضتم الوضوء في الملامسة الفاحشة؟ فإن قالوا: بالقياس، لم يقبل. وإن قالوا: لقربه من الحدث، قلنا: القرب من الحدث ليس حدثاً بالاتفاق. . ولا يرد علينا بالنائم، فإنه إنما انتقض بالسنّة، لكونه لا يشعر بالخارج، فلم يبق لهم ما يوجب الوضوء في الملامسة الفاحشة إلا ظاهر الآية (أو لامستم) وليس فيه فرق بين الملامسة الفاحشة وغيرها [المجموع 1/ 36].
رابعاً / الترجيح
من عرض الأقوال والأدلة السابقة ومناقشتها يترجح قول الحنفية، لقوة أدلتهم وسلامتها، كما أن عمدة قول الشافعية هو تفسير (أو لامستم النساء) بحقيقة اللمس مردود بتفسير ابن عباس رضي الله عنهما بأنه الجماع.
وممن رجحه من المحققين شيخ الإسلام ابن تيمية [الفتاوى 21/ 242]. ومن المعاصرين سماحة الشيخ ابن باز [مجموع الفتاوى 10/ 135] والشيخ ابن عثيمين [الشرح الممتع 1/ 240] رحم الله الجميع.
وأستغفر الله عن أي خطأٍ يتعلق بالمضمون أو الأسلوب.
والله أعلم.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[12 Feb 2006, 08:12 ص]ـ
جزاك الله خيراً ونفع بعلمك
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[17 Feb 2006, 09:37 م]ـ
والعجيب أن سورة المائدة على طولها ليس فيها منسوخ [إعلام الموقعين 2/ 172].(/)
ذكر القاسمي كلاما لابن القيم في نفي الخلاف في كون إبليس من الجن أو الملائكة فمن يدلني
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Feb 2006, 10:06 ص]ـ
من يدلني أين ذكر ابن القيم وشيخ الإسلام هذا الكلام الذي حكاه القاسمي
قال القاسمي " قال ابن القيم: الصواب التفصيل في هذه المسألة وأن القولين في الحقيقة قول واحد فإن إبليس كان مع الملائكة بصورته وليس منهم بمادته وأصله، كان أصله من نار وأصل الملائكة من نور، فالنافي كونه من الملائكة والمثبت لم يتواردا على محل واحد " وكذاك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية "
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Feb 2006, 07:39 م]ـ
قد وقفت بفضل الله على كلام شيخ الإسلام فقد قال " ومذهب المسلمين واليهود والنصارى ما أخبر الله به في القرآن ولم يكن في المأمورين بالسجود أحد من الشياطين لكن أبوهم إبليس هو كان مأمورا فامتنع وعصى وجعله بعض الناس من الملائكة لدخوله في الأمر بالسجود وبعضهم من الجن لأن له قبيلا وذرية ولكونه خلق من نار والملائكة خلقوا من نور
والتحقيق أنه كان منهم باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله ولم يخرج من السجود لآدم أحد من الملائكة لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا غيرهما" مجموع الفتاوى 4/ 346
فهل من دال على كلام ابن القيم(/)
من المقصود بـ ((أبو الشيخ)) الذي ينقل عنه الشوكاني في فتح القدير؟؟
ـ[ابواحمد]ــــــــ[06 Feb 2006, 09:37 م]ـ
وهل هو نفسه (ابو الشيخ) الذي ينقل عنه بقية المفسرين؟؟
أم أنه شيخ آخر؟؟؟؟
وجزاكم الله خيراَ
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[06 Feb 2006, 11:12 م]ـ
هو الإمام الحافظ محدث أصبهان: أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني.
ومن أشهر كتبه:
1 - التفسير، وهو مفقود، وينقل عنه كثير من المفسرين.
2 - العظمة، وهو مطبوع في (6) مجلدات.
3 - أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مطبوع.
وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (16/ 276).
ـ[ابواحمد]ــــــــ[07 Feb 2006, 12:23 ص]ـ
شكر الله لكم تفاعلكم اخي الكريم ...........
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[09 Feb 2006, 03:09 ص]ـ
أخي أبو أحمد وأخي احمد سالم أحسن الله اليكما والله لقد استفدت كثير مما كتبتما
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[12 Feb 2006, 04:27 م]ـ
السلام عليكم:
تجد ترجمته هنا:
http://204.97.230.60/SubMosanfeen.aspx?FileID=mosanefo&ID=143
ومعظم كتبه موجودة مطبوعة وهنا عرض لبعض كتبه في موقع جامع الحديث:
http://204.97.230.60/AuthorBooks.aspx?Auther= أبو%20الشيخ%20الأصبهاني
وأتمنى على الإخوة أن يدلونا أين نجد مخطوطة تفسيره؟؟
أخوكم.(/)
إلى السادة العلماء وأهل الإختصاص .... بارك الله فيهم
ـ[المتدبر]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:12 ص]ـ
أليس الله يقول في محكم التنزيل: {ماننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها اومثلها} ,وصح عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب انه خطب الناس وذكر ان من كتاب الله آية الرجم، وانهم تلوها مع رسول اله صلى الله عليه وسلم ورجم رسول الله ورجموا بعده، وآية الرجم اليوم قطعا ليست من كتاب الله وليست من الذكر الذي تكفل الله بحفظه، هذا أولا، وثانيا:وعد الله في الآية التي معنا أنه ما ينسخ من آيه او ينسيها رسوله صلى الله عليه وسلم إلا ويأتي بمثلها أو خيرا منها، وثالثا: نظرنا في كتاب الله فلم نجد فيه مثل آية الرجم في الثواب او العقاب بل ولم نجد خيرا منها إلا ماذكره الحق تبارك وتعالى من الحبس أو الأذى أو الجلد في حق الزاني وماكان ربك نسيا، ورابعا: هل إذا نسخ الله آية أبقى حكمها؟ وهل يصح هذا القول؟ أليس النسخ عاما للحكم والتلاوة؟ وهل يضل الله قوما بعد إذ هداهم؟ وهل يعقل أن الله يبقي حد السارق الذي ينتهك الأموال وحد القاذف الذي ينتهك الأعراض؟ ولا يبقي حد الزاني الثيب الذي ينتهك الأعراض والأنساب؟ ألا يدل ذلك على نسخ آية الرجم لفظا وحكما؟ وما صح عنه صلى الله عليه وسلم من رجمه للزاني الثيب ألا يحمل على أنه كان قبل نسخ الآية؟ ألا يحمل رجم الصحابة للزاني الثيب على توهم بقاء حكم الآية؟
أفيدونا مأجورين فوالله الذي لا إله غيره ماأردت إلا الحق .. والله من وراء القصد ......
خريج كلية الشريعة-جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ـ[المتدبر]ــــــــ[08 Feb 2006, 01:30 م]ـ
هل من إيضاح فإنا منتظرون؟ وفق الله الجميع .....
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[08 Feb 2006, 01:59 م]ـ
أخي الكريم:
لعلك تنظر في هذه الروابط:
تساؤل حول قوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4507&highlight=%C7%E1%E4%D3%CE)
أحاديث نسخ التلاوة رواية ودراية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4607&highlight=%C7%E1%E4%D3%CE)
مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=25&highlight=%C7%E1%E4%D3%CE)
وغيرها من الروابط , وفقك الله.(/)
أرجو الرد في أسرع وقت " اعجاز القرآن في المقاطعة
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[08 Feb 2006, 08:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا))
هذه الآية رقم (57)
من سورة الاحزاب
وهو الرقم التسلسلي التجاري لجميع المنتجات الدانماركية!!!
فهل بعد القرآن من بيان واعجاز!!!
أرجو بيان هذا الأمر وفقكم الله
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[08 Feb 2006, 10:14 ص]ـ
أخي الكريم
سأحيلك فوراً لمقال ماتع لفضيلة الشيخ خالد السبت حفظه الله حول الإعجاز العددي في القرآن، رداً على دعوى الإعجاز القرآني في حادثة مركز التجارة في أمريكا ...
http://www.islamselect.com/index.php?ref=838&pg=mat&CR=20&ln=1
وأنقله بكامله هنا للتسهيل:
دعوى الإعجاز القرآني في حادثة مركز التجارة في أمريكا
خالد بن عثمان السبت
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد،،،
فقد كثر السؤال عن ورقة تداولها الناس، كما نشر مضمونها في الشبكة العنكبوتية، وحاصلها: الربط بين آية من سورة براءة، وبين ما حدث لبرجي التجارة في أمريكا، ومع تهافت محتوى تلك الورقة في ميزان العلم الصحيح إلا أن كثيراً من الناس اغتروا بها، واعتبروا ذلك من أدلة إعجاز القرآن حيث أخبر عن هذا الأمر قبل وقوعه بما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان!!! وفي آخر الورقة حث على تصويرها ونشرها!
وقد عجبت من جرأة كاتبها على الله، وعلى كتابه، والله يقول:} قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) {[سورة الأعراف]. وقال:} قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) {[سورة يونس]. وقال:} إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) {[سورة النحل].
ولما كان إيمان السلف رضي الله عنهم وافراً وعلومهم راسخة؛ اشتد تحرجهم من القول على الله بلا علم، وكانوا أبعد الناس عن التكلف:
? فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ على المنبر:} وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) {[سورة عبس]. فقال:" هذه الفاكهة عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال:" إن هذا لهو التكلف يا عمر!! " [إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور في تفسيره، والحاكم والبيهقي في الشعب]. وفي رواية عن أنس رضي الله عنهم قال:" كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع، فقرأ:} وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) {[سورة عبس]. فقال: فما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف!! فما عليك أن لا تدريه؟ " [إسناده صحيح. أخرجه عبد بن حميد في تفسيره، وابن سعد، وابن جرير، والبيهقي في الشعب، وأصله في البخاري-مختصرا-].
? وهذا ابن عباس حَبْر الأمة وترجمان القرآن – كما روى عنه ابن أبي مليكة – أنه:" سُئِل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها" [إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير]. وسأله رجل عن:} يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) {[سورة السجدة]. فقال له ابن عباس: فما:} يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) {[سورة المعارج] فقال له الرجل: إنما سألتك لتحدثني!! فقال ابن عباس:" هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما" [إسناده صحيح.أخرجه أبو عبيد، وابن جرير].
? وهذا جندب بن عبدالله رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه طلق بن حبيب، فيسأله عن آية من القرآن، فقال:" أُحَرِّج عليك إن كنت مسلماً لَمَا قمت عني – أو قال – أن تُجالسنى" [إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير، ولعل السائل أورد عليه مسألة مُتَكَلَّفة وإلا فمن المعلوم أن السؤال عما يعني في التفسير وغيره أمر غير مٌستنكر].
ولم يكن هذا الورع والتحرز مقتصراً على الصحابة رضي الله عنهم بل كان خٌلقاً لمن جاء بعدهم من أهل الرسوخ والتٌقى:
(يُتْبَعُ)
(/)
? فهذا سعيد بن المسيب رحمه الله- وهو من خيار علماء التابعين- يٌسئل عن تفسير آية من القرآن فيقول:" إنا لا نقول في القرآن شيئاً" [إسناده صحيح. أخرجه أبن جرير وابن سعد]. وذكر عنه يحي بن سعيد أنه:" كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن" [إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد وابن جرير]. وسأله رجل عن آية من القرآن، فقال:" لاتسألني عن القرآن ... " [إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد وابن جرير وابن أبي شبية].
? وقال يزيد بن أبي يزيد:: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحرام والحلال وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأنه لم يسمع" [إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير].
? وأخرج ابن جرير عن عبيد الله بن عمر قال:" أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبيد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع" [إسناده صحيح].
? وقال هشام بن عروة بن الزبير:" ما سمعت أبي يؤول آية من كتاب الله قط" [إسناده جيد. أخرجه أبو عبيد].
? وسأل محمد بن سيرين عَبِيْدة السلماني عن آية من القرآن، فأجابه بقوله:" ذهب الذين كانوا يعلمون فِيْم أُنزل القرآن، فاتق الله وعليك بالسَّداد" [إسناده صحيح أخرجه أبو عبيد وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب].
? هذا إبراهيم النخعي يقول:"كان أصحابنا – يعنى أصحاب ابن مسعود كعلقمة والأسود وغيرهم من أصحاب ابن مسعود – يتقون التفسير ويهابونه" [إسناده صحيح. أخرجه ابن أبي شبية، والبيهقي في الشعب، وأبو نعيم في الحلية].
? قال الشعبي رحمه الله:"والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله عز وجل" [إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير].
? قال مسروق:"اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله" [إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد].
? هذا شيخ الاسلام ابن تيمية مع تبحره في العلم، وسعة اطلاعه حتى أنه إذا سُئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحَكَم بأن لا يعرفه أحد مثله، وله يد طولى في التفسير، مع قوة عجيبة في استحضار الأدلة من الكتاب والسنة [انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ص 706]. مع هذا كله، كان يرحمه الله يقول:"ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب، وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني" [العقود الدرية ص26، وهو في الكواكب ص 78].
? هذا طرف يسير من شدة تحرزهم في الكلام على التفسير، وأما ما ورد عنهم من عظيم الورع في الفتيا والجواب على المسائل الموجهة إليهم؛ فهذا أمر يطول وصفه، ولا تحتمله هذه المقدمة. [للتوسع انظر على سبيل المثال: سنن الدرامي 1/ 53 فما بعدها، الموافقات 4/ 286].
?وبعد هذا أقول: أين حال هؤلاء المجترئين على الله تعالى من حال هؤلاء السلف رضي الله عنهم؟
أما الرد على مضمون تلك الورقة المشار إليها فمن ثمانية أوجه، هي:
الأول: أن مدار هذه الفرية يعود إلى ما يسمونه بـ:" الإعجاز العددي في القرآن ". وهذا النوع من الإعجاز باطل جملة وتفصيلاً، إذ لم يكن معهوداً لدى المخاطبن بالقرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الأمة بكتاب الله، وأبرها قلوباً، وأكثرها صواباً، فلم ينُقل عن أحد منهم بإسناد صحيح شئ من هذا القبيل إطلاقاً، ولو كان هذا من العلم المعتبر لكانوا أسبق الناس إليه، وأعلم الأمة به، وذلك أن هذا الأمر لا يتطلب آلات وتقنيات حتى يتمكن الإنسان من اكتشافه، وإنما هو مجرد إحصاء وعدد، وهذا أمر لا يُعْوِز أحداً، وقد عدَّ السلف جميع كلمات القرآن، وجميع حروفه، وعرفوا بذلك أعشاره، وأرباعه، وأثلاثه، وأخماسه، وأسداسه، وأسباعه وأثمانه وأنصاف ذلك كله، وغير ذلك بدقه متناهية كما هو معروف في محله [انظر في ذلك على سبيل المثال: فنون الأفنان لابن الجوزي، البرهان للزركشي، الاتقان للسيوطي 1/ 197، جمال القراء للسخاوي 1/ 231].
(يُتْبَعُ)
(/)
فكيف خفي عليهم هذا العلم جملة وتفصيلاً وعرفه من بعدهم؟ هذا لا يكون أبداً، وما يذكره بعضهم من أمثلة على هذا الإعجاز المزعوم كثير منه لا يصح فيه العد أصلاً – كما في موضوعنا هذا كما سيأتي – وما كان العد فيه صحيحاً فإنه ما يُذكر معه إنما هو من باب الموافقة والمصادفة، ولا يعجز الإنسان إذا أحصى أموراً كثيرة مما ورد في القرآن – مثلاً – كعدد المرات التي ذكرت فيها الجنة، والنار، والبر، والأبرار، والخير، والشر، والنعيم، والجزاء، والعذاب، والمحبة، والبغض، والكفار، وأصحاب الجنة، وأصحاب النار، والمؤمنون، والكفار، والمنافقون، والكفر، والإيمان، والنفاق ... الخ.
فإذا أحصيت ذلك كله ستجد أشياء منه تستطيع أن تلفق منها بعض الفِرَى، فقد تتساوى بعض الأعداد، أو يكون بعضها على النصف بالنسبة لغيره، وهكذا مما لا يعجز معه أهل التلبيس من إيجاد وجوه للربط بينها، يطرب لها بعض السذج والمغفلين. وليس المقصود هنا التفصيل فيما يٌسمى بـ (الإعجاز العددي) [ورأيت بعضم يحتج له بأن الله جعل خزنة النار تسعة عشر، وهذا الحكمة يعلمها الله تعالى ولكن ما وجه الإعجاز في ذلك؟ وهكذا سائر الأعداد المذكورة في القرآن كأبواب النار وغير ذلك وسيكون بيان ذلك كله – ان شاء الله – في غير هذه الورقات عند الكلام على التفسير العلمي للقرآن]. وإنما المقصود الإشارة الى بطلان هذا الأمر الذي تدور حوله تلك الورقة المشار إليها.
الثاني: زعم هذا الكاتب أن رقم السورة – وهو تسعة – موافق للشهر الذي وقع فيه الحدث، وهو الشهر التاسع. والجواب عن هذا لا يخفي إذ إن ترتيب السور في المصحف لم يكن عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان عن اجتهاد صدر عن الصحابة رضي الله عنهم في زمن عثمان رضي الله حينما جمع الناس على مصحف واحد. [مع أننا نقول في الوقت نفسه: إن هذا الترتيب وقع عليه إجماع الصحابة رضي عنهم في زمن عثمان رضي الله عنه، فينبغي اتباعه في طباعة المصاحف ولا تصح مخالفته].
وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز أن يٌرتب على هذا الترتيب للسور استنباطات في المعاني ولا غيرها، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم قبل جمع عثمان رضي الله عنه للمصاحف كانوا يتفاوتون في ترتيب مصاحفهم، فبعضهم كان يرتب السور حسب النزول، وبعضهم على غير ذلك، وبهذا تعرف قيمة ما بناه ذلك الكاتب على هذا الرقم (9).
الثالث: زعم كاتب الورقة أن سورة براءة تقع في الجزء الحادي عشر من أجزاء القرآن الكريم، وأن هذ يوافق اليوم الذي وقع فيه الحدث، وهو اليوم الحادي عشر.
والجواب عن هذا يتبين مما قبله، إذ لو لم تٌرتب السور في المصحف على هذا الترتيب الذي أجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم زمن عثمان رضي الله عنه لما وقعت السورة في الجزء المشار إليه. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى نقول: إن تجزئة القرآن على ثلاثين جزءاً لم تكن معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة، ولا في زمن عثمان رضي الله عنه ولا قبله ولا بعده، وإنما وقع ذلك بعدهم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يحزبون القرآن بطريقة أخرى حسب السور على النحو الآتي:
1 - السبع الطوال. 2 - المئتين. 3 - المثاني. 4 - المفصل.
ولا شك أن هذا الترتيب الذي كانوا عليه أدق وأفضل، إذ إن ترتيب القرآن على الأجزاء يفضي إلى انتهاء الجزء قبل تمام المعنى، حيث يفصل بين أجزاء الموضوع الواحد، أما طريقة الصحابة رضي الله عنهم فهي – كما سبق – على السور، وبناء على ذلك تكون المعاني تامة.
وإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يتمسك برقم الجزء الذي وقعت فيه السورة ليربط بينه وبين أمر آخر ليخرج لنا بمعنى كهذا.
الرابع: في البداية كانت الآية التي تعلق بها الكاتب هي الآية رقم (110) من سورة التوبة، وهي قولة تعالى:} لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) {وإنما تعلق بهذة الآية لتوافق عدد الأدوار في الأبراج حيث تبلغ هذا العدد، ولكن مضمون الآية لا يساعده، وإنما المناسب ان تكون الآية التي قبلها وهي (109) وذلك قوله تعالى:} أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا
(يُتْبَعُ)
(/)
جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ (109) {ثم رأيت في الأوراق المنشورة مؤخراً الإحالة إلى هذه الآية (109) لكن هذه يتطلب كذبة إضافية لحبك الدعوى، ولم يتطلب هذا من الكتاب كبير جهد حيث زعم أن عدد الأدوار (109) فأسقط دوراً ليوافق ذلك مدَّعاه، وهذا من أعجب الأمور!! ولا أدري كيف يسمح الناس لمثل هذا أن يستخف بعقولهم إلى هذا الحد؟
الخامس: أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي، وهو حساب متوارث عن أمم وثنية، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة، وهو الأدق والأضبط، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ] أخرجه أحمد والبيهقي في الشعب، وإسناده حسن، وذكره الألباني في الصحيحة، وصحيح الجامع.
وهذا لا يعُرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهله، ويدل عليه أيضاً الحديث المخرج في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى. . . " وقد صرح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس [انظر: الفتح 4/ 291، وانظر 7/ 323].
وقال ابن القيم رحمه الله تعليقا على قوله تعالى:} هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ (5) {[سورة يونس].
وقوله تعالى:} وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) {[سورة يس].ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط، وأصح للضبط من الحساب الشمسي، ويشترك فيه الناس دون الحساب، ولهذا قال تعالى في القمر} وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ (5) {[سورة يونس].
ولم يقل ذلك في الشمس، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب القمر وسيره ونزوله في منازله لا على حساب الشمس وسيرها حكمة من الله ورحمة وحفظاً لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب، وتعذر الغلط والخطأ فيه، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب. [مفتاح دار السعادة ص 538 - 539].
وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب الشمسي، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله برده بعد أن نسبة لابن القيم [انظر الفتح 7/ 323].
الواقع أنه لم يكن معتبراً في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم، ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:" ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقوله الناس، إنما كان يوم تٌستر فيه الكعبة، وكان يدور في السنة وكانوا يأتون فلاناً اليهودي – يعني ليحسب لهم – فلما مات أتوا زيد ين ثابت فسألوه" [قال في الفتح: وسنده حسن 4/ 248].
وقد فسره الحافظ رحمه الله بما نقله من كتاب "الأثار القديمة "للبيروني، ما حاصله:"أن جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم، فالسنة عندهم شمسية لا هلالية، قال الحافظ: فمن ثم احتاجوا إلى من يعرف الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك " [السابق، وللتوسع في هذا الحساب راجع: صحيح الأعشى 2/ 382 - 401].
(يُتْبَعُ)
(/)
السادس: أن الآية المشار إليها تتحدث مع ما قبلها وبعدها عن مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، وربطها بالحدث الجديد تلاعب بكتاب الله تعالى، وتحميل له ما لا يحتمل إطلاقاً من أي وجه من وجوه الدلالة المعروفه لدى العلماء وهذا أمر أوضح من أن يشرح.
السابع: زعم كاتب الورقة أن عدد الحروف من بداية السورة إلى الآية (109) = (2001) حرفاً. وهذا إضافة الى الأوجه السابقة الدالة على عدم الاعتداد به فإنه كذب محض، ذلك أن كل وجهين (صفحتين) من المصحف الكريم تحويان ما يقرب من ألف حرف، وعد الأوجه من أول السورة إلى الأية المشار اليها يبلغ (7.5) تقريباً، فإذا اعتبرت هذا العدد عرفت البون الشاسع بين ما ذكره الكاتب وبين الحقيقه، ولذا رأيت في بعض طبعات تلك الورقه المعدلة أن هذا الرقم (2001) هو عدد الكلمات من أول السورة إلى الآية المشار اليها، وهذا أيضاً غير صحيح ذلك أن العدد الحقيقي للكلمات هناك يزيد على (2920) كلمة. وإذا أحسنَا الظن بالكاتب قلنا إنه لا يحسن العد، ذلك أن الكلمة عند أهل العربية ثلاثة أقسام: 1 - الاسم. 2 - الفعل. 3 - الحرف الذي جاء لمعنى نحو: من، على، إلى، والباء وغيرها من حروف الجر وما في حكمها، وهكذا الضمائر سواء كانت متصلة أو منفصلة فإنها تٌعد كلمات أيضاً.
الثامن: زعم الكاتب أن المركز المشار إليه يقع على شارع اسمه: (جرف هار). وهكذا كذب مٌلفق، وقد سألت من يعرفون تلك البلاد فلم يعرفوا هذا الاسم، كما اطلعت على بعض المعلومات والخرائط التي توضح الموقع وما حوله عبر الشبكة العنكبوتية، وليس لهذا الاسم الحقيقي للشارع فنقول: إن هذا الاسم أعجمي، والقرآن بلسان عربي مبين، ومعلوم أن الألفاظ قوالب المعاني، وإنما تفٌسر الألفاظ بحسب ما وٌضعت له من المعاني في اللغة التي تضاف إليها، فكم من لفظة أعجمية توافق لفظاً كلمة عربية وتناقضها في معناها ومدلولها، ولا يقول أحد له أدنى مسكة من عقل بأن هذه الألفاظ المتوافقة في مجرد اللفظ أنها تٌحمل على مدلول واحد. ومعلوم أن (الجرف) في العربية هو المكان الذي يأكله السيل [انظر: المفردات للراغب (مادة: جرف)]. وأما (الهار) فإن أصل هذه الكلمة يدور على معنى واحد هو السقوط والانهدام [انظر المقاييس في اللغة، كتاب الهاء، باب الهاء والواو].
ولا يبعد على هذا الكاتب وأمثاله أن يخرج علينا باستنباط جديد بعد أن عرف معنى هاتين اللفظين في لغة العرب، وهو أن يقول بأن المبنى المشار إليه يمر بجانبه نهر، فهو يقع على ضفافه بالتالي فهو على جرف هار!!!! والدجل ليس له حد يتنهي إليه.
في الختام أنبه القارئ الكريم أن المقصود الأهم من كتابة هذه الورقات إنما هو التبيه على حال هذه المٌختلقات وهي كثيرة ومتنوعة وذلك بعرضها على ميزان العلم فينكشف أمرها، وهذا الذي بين يديك يمكنك أن تعتبر به حال كثير مما يمر بك مما قد يستهوي بعض السذج والبسطاء،،، والله الموفق.
انتهى كلامه حفظه الله.
وفقك الله وسددك.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[08 Feb 2006, 10:23 ص]ـ
الأخ الفاضل: أبو خطاب - حفظه الله -
أنا أعلم أنك أقدر على رد مثل هذا مني ولكنك تطلب رأي الأعضاء حتى تتضح الصورة أكثر، فهذه كلمات كتبتها على عجل لست أقصدك بها وإنما أقصد بها المشغولين بمثل هذه الأمور.
أظن مثل هذا الأمر صار خطأه بينا لكل منصف وإلا فعلى العجل:
ماذا عن الرقم التسلسلي لمنتجات إسرائيل؟ ّ!
وماذا عن الرقم التسلسلي لمنتجات أمريكا؟!
وماذا عن الرقم التسلسلي لمنتجات النرويج؟!
وهلم جرا، ألم يقم كل هؤلاء بإيذاء الرسول؟!
إن مثل هذا الهراء هو - والله أعلم - من تحريف الكلم عن مواضعه
فالقرآن أرفع من أن يشير ولو مجرد إشارة إلى مثل هذا العبث، وهذه الطريقة إحدى الطرق الشيطانية لتفريغ القرآن من مضمونه، وأمتنا في هذه الأيام لما ملئت حياتها بالتفاهات والفراغ صار هذا حالها مع القرآن وإلا فإعمال الفكر في مثل هذا أليس أولى منه إعماله في معنى آية أو في فائدة مهمة
إن كل هذا يفعل بدافع إظهار إعجاز القرآن وليس في هذا أي إعجاز بل هو شيء ترضى به العقول الضعيفة فمثل هذا لا يتطلب التنقيب في كتب ولا الجلوس في حلق العلم ولا حتى كثرة كد للذهن ولا إتعاب بل هو شيء من الممكن أن يقوله أي إنسان مهما كان
(يُتْبَعُ)
(/)
ينبغي علينا أن نتعلم منهج القرآن في كل حال وفي كل أزمة حتى نعرف ماذا نصنع وكيف نعمل؟ وهذا الذي قال هذا الكلام ليته يستثمر وقته في تعلم المنهج القرآني عند إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا في مراحل ضعف المسلمين فليست هذه أول مرة ولا آخر مرة ينال من رسول الله لكن المهم أن نعرف من أين أوتينا وكيف نتصرف
لقد أرشد الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى كيفية مواجهة الأذى في حال الضعف فقال
" إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ "
ولما وصم المشركون رسول الله بأنه أبتر لم تنزل الآيات بنفي التهمة عن رسول الله أولا بل أرشدت رسول الله ماذا يصنع ثم نفت التهمة " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " فأرشدته أولا إلى الطاعة ثم نفت عنه اتهام المشركين
فبطاعة الله أولا ندفع عن ديننا وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أنفسنا كل أذى فما تجرأ الأعداء إلا بسبب بعدنا عن الطاعات وانهماكنا في الذنوب
فالحل الأساسي واضح في هذه الآيات لمن أراد
وسأنقل كلام شيخنا الدكتور مساعد في الربط بين الأحداث وبين آيات القرآن فهو مفيدا جدا بخصوص سؤالك
قال - حفظه الله - " " لقد كتبت في هذا الموضوع رسالة أرجو أن ييسر الله أمرها، وقد كنت أتحاشى الكتابة في هذا الموضوع لما فيه من كثرة المطروح، وبعد أن قرأت في بعض هذه الكتب التي تتحدث عن الإعجاز العلمي، ظهر لي أن الأمر يحتاج إلى إيضاح لهذا الموضوع، وضبطٍ لما يُفسَّر به القرآن من هذه القضايا التي أنتجها البحث التجريبي المعاصر، وظهر لي أن في تسميته بهذا الاسم خللاً، وأنه يصدق عليه أن يكون " دلائل صدق القرآن "، وليس الإعجاز، كما في نسبته إلى " العلمي " خللاً آخر؛ لأنه يُفهم منه أن التفسيرات غيره ليست علميه، مع ملاحظة أن هذه التسمية فيها آثار التغريب الذي يجعل العلوم الدنيوية توسم بالعلم، وغيرها من العلوم الأدبية والاجتماعية والشرعية على وجه الخصوص لا توسم بذلك، والموضوع ذو شجون، وإنما أشرت إليه هنا لأخلص إلى سؤالين طُرحا عليَّ بشأن مسألتين متعلقتين بما يُسمى الإعجاز:
السؤال الأول: فيما ظهر لبعض الناس من توافق عددي بين ماحصل من الحدث العظيم الذي عاقب الله به الكفار ف (11: 9: 2001) مع آية في سورة التوبة، فقد ظهر لذلك القارىء أن الآية العاشرة بعد المائة (110) تشير إلى أحد البرجين الذي تتكون طوابقه من هذا العدد، وأن عدد السورة في ترتيب المصحف هي التاسعة تشير إلى الشهر الميلادي، وأن الجزء الذي فيه هذه الآية هو الحادي عشر تشير إلى اليوم الذي وقع فيه هذا الحدث، فزعم أن هذا من إعجاز القرآن؛ لأنه ـ بزعمه ـ أشار إلى هذا الحدث المستفبلي!.
ولا أدري لِمَ لَم ينظر إلى العدّ بالحساب القمري، ولا ذكر البرج الثاني الذي لا يتوافق مع العدد الذي ظهر له؟!.
وهذا بلا شك موافقة إلى غير مقصودة، والآية نازلة في مسجد الضرار، وليس هنا علاقة بينها وبين ما حدث لا من قريب ولا من بعيد، ومن قال: إن هذا البرج من مباني الضرار، فأين موقع الآخر من الآية، وإذا كان يعد هذين البرجين من مباني الضرار، قياسا عل مسجد الضرار، فإنه يدخل في الآية كل مباني الضرار التي يعملون بها ضد العالم، وضد المسلمين بالذات.
ثم ما الحاجة الداعية إلى هذا الربط الغريب العجيب، ومن ذا الذي يجزم بأن هذا مراد الله. إن هذا مما يحل في الرأي المذموم؛ لأنه قول على الله بغير علم، ما أكثر مايقع من أصحاب مايسمى بالإعجاز العلمي، أو التفسير العلمي.
وهل يعتمد صاحب هذا القول على أن هذا الترتيب جاء بالتوفيق، أم يرى أنه على ما جاء من مصادفة الترتيب هذه.
فإن كان جاء مصادفة، فما أكثر المصادفات التي يمكن أن تظهر لك، فقد تظهر لك مصادفات متعلقة بالأرقام وأ، ت تقرأ كتاب تاريخ، أو غيره، فهل هذه المصادفات من قبيل الأعجاز؟!.
وإن كان يزعم أن هذا مراد، وأنه ليس من قبيل المصادفة، فقوله منقوض بأمور:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: أن ترتيب الأجزاء من عمل المتأخرين، وليس فيه توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، فهو عمل اجتهادي.
الثاني: أن في ترتيب السور قولين: قيل: إنه اجتهادي، وقيل: إنه توقيفي، ولعل من ظهر له ذها التوافق العجيب لا يعلم بهذا، وإن علم فهل حرر مسألة التوقيف والاجتهاد في ترتيب السور ليجعل ما توصل إليه من هذا التوافق صحيحا.
الثالث: هل يعلم قائل هذا القول علما يسمى " علم عدِّ الآي " وهل يعلم أنه مختلف في عدد آي السورة على قولين: الجمهور على أنها مائة وثلاثون آية، وفي العد الكوفي الذي عليه عدُّ المصحف الذي بين يديك عدد آياتها مائة وتسع وعشرون آية. وعلى قول الجمهور ينتقض عدد الآية؛ لأنه يكون عددها على قولهم آية 111، فهل دري بهذا، وحرر هذه المسألة؟.
وكأني بك القريء الكريم تقول: قد أطالت في هذا، وهو مما لايحتاج إلى إطالة في بطلانه، فأقول لك معتذرا: إن عصرك عصر يسود فيه من يأتي بالغرائب، ويبرز فيه من يحسن جلبها ن فأحببت أن أرد من يتعرض لكتاب الله بما لا يقبله عقل العقلاء؟ ولكي يعلم أن العلم له باب من أراده من غير بابه خرج بما لا تقبله العقول، وجاء بما لا ينطلي إلا على قلوب الأغرار، ولو كانوا يٌعدون عند الناس من الكبار.
وإني أخبرك بأنك لست بحاجة للإثبات عظمة القرآن وصدقه إلى هذا السبيل، وهو ما يسمى بالإعجاز، إذ أنه ليس هو السبيل الوحيد لإثبات عظمة هذا القرآن، بل هو أحد هذه السبل، واعلم أن العلم وحده قد لا يكفي ما لم يكن له قوة تحميه، وإن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن، فافهم عني ما قلت، والله الموفق إلى سواء السبيل.
السؤال الثاني: قال السائل سمعت في شريط الإعجاز العلمي للدكتور زغلول النجار حديثه عن ما يتعلق بقوله تعالى: " وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ " [حديد: 25] وكان مما قاله في هذا ما نصه: " كنت أٌ لقي هذه المحاضرة في جامعة ملبورن في أستراليا من أربع سنوات، فوقف لي أستاذ كيمياء في الجامعة، وقال لي: ياسيدي، هل حاولت أن تقارن بين رقم سورة الحديد في القرآن الكريم والوزن الذري للحديد، ورقم الآية في السورة والعدد الذري للحديد؟.
قلت له: لا، موضوع الأرقام موضوع حرج للغاية، إذا لم يدخله الإنسان بحذر شديد يدمِّر نفسه.
قال: ارجوك، حينما تعود إلى بلدك أن تتحقق من هذه القضية ...
أتيت بالمصحف الشريف، وبالجدول الدوري للعناصر، وكتاب في الكيمياء غير العضوية، فأذهلني أن رقم سورة الحديد سبع وخمسون، والحديد له ثلاث نظائر (54، 56، 57) ورقم الآية في السورة (25)، والعدد الذري للحديد (26)، فقلت: إن هذا القرب الشديد لا بدَّ أن له تفسيرا، فألهمني ربي آية قرآنية مبهرة، يقول فيها الحق تبارك وتعالى مخاطبا هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ... " وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ " [الحجر: 87]، فالقرآن بنصه يفصل الفاتحة عن بقية بنصه يفصل الفاتحة عن بقية القرآن الكريم، ويعتبر الفاتحة مقدمة للقرآن، فقلت: إذا فصلنا الفاتحة عن بقية سور القرآن الكريم يصبح رقم سورة الحديد (56)، ولو بقيت (57)، ففيه نظير للحديد (57)، لكن أكثر النظائر انتشارا للحديد (56).
الآية رقم (25)، والعدد الذري للحديد (26)، ووجدت القرآن الكريم يصف الفاتحة بأنها سبع من المثاني، وآياتها ستٌّ، فالبسملة آية من الفاتحة وآية من كل سورة قرآنية ذكرت فيها البسملة ما عدا سورة التوبة، فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد يصبح رقم الآية (26)، ويعجب الإنسان إلى هذه اللفتة المبهرة، من الذي علَّم المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك قبل ألف واربع مئة سنة، لم يكن أحد يعلم شيئا عن الأوزان الذرية، ولا لأعدادها الذرية، ولكن هذه معجزة هذا الكتاب الخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذه الومضات القرآنية المبهرة تبقى دائما شهادة صدق على أن القرآن كلام الله، وأن هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم كان موصولا بالوحي " (محاضرة الإعجاز العلمي في القرآن الكرم، للدكتور زغلول النجار، تسجيلات أحد).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا أرى أنه يخفى غلى العامي قبل المتعلم ذلك التكلف الذي قام به الدكتور الفاضل لإثبات قضية لا شأن لها في ذاتها، فضلا عن أن تكون معجزة من معجزات القرآن، ولا يخفى على طالب العلم ما وقع له في تفسير الآية، ولا أدري هل يعرف الدكتور الفاضل التفسير النبوي لهذه الآية؟! فالوارد عنه صلى الله عليه وسلم يجعل السبع المثاني والقرآن العظيم وصفين للفاتحة، والعطف هنا من باب عطف الصفات لا عطف الذوات، فقد روى البخاري وغيره جملة من الأحاديث في هذا المعنى، ومنها:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ: السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
رواه البخاري برقم (4704)، وقال ابن كثير معلقا على هذه الروايات: " فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقران العظيم ". تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تحقيق: سامي السلامة (547:1)، وما دام ثبت النص عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، فإن غيره من الأقوال تسقط، ويكون تفسير الآية ما قاله صلى الله عليه وسلم.
كما لا يخفى ما وقع منه في جزمه بأن البسملة آية من كل سورة، بلا تحقيق في هذه المسائل، ولا رجوع إلى أهل العلم الذين يُعرفُ كلامهم فيها، بل اختار ما يناسب ما يريد أن يذهب إليه، وهو معرض عن ما لا يناسبه، بلا تحقيق علميٍّ، كما عوده البحث في العلوم التجريبية، وهل يصح هذا الاختيار بلا تحقيق؟!
وكذلك لا يسعفه علم عدِّ الآي فعدد آيات السورة في العدِّ الكوفي والبصري (29)، وفي عد الباقين (28)؛ وبهذا تكون الآية (24) بدلا من أن تكون (25)، ولو جعل البسملة آية على هذا القول، لصارت الآية (25) ولا نتقض ما بناه أيضا.
وكل هذا التكلف في محاولة ربط مثل هذه القضايا بالقرآن إنما يصدر ممن يأتي إلى القرآن بمقررات سابقة ويريد أن يطوِّع القرآن لمقرراته، ضاربا بكل ما خالفها عُرض الحائط، ولوكان ما خالف قوله هو العلم الصحيح، وفي هذه المحاضرة في الإعجاز العلمي أخطاء أخرى ليس هذا محل عرضها. " مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر ص: 7
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Feb 2006, 10:45 ص]ـ
قوله تعالى {إن الذين يؤذون ... }: عام في كل من يؤذون الله و رسوله، لمجيئه بلفظ من ألفاظ العموم، و هو الاسم الموصول: " الذين "،
و ذلك الرقم التسلسلي التجاري خاص بجميع المنتجات الدانماركية وحدها،
- فالوعيد في تلك الآية الكريمة يعم من صدر عنه الأذى، و ليس خاصا بمن انطبق على منتجاتهم رقم الآية: (57)،
و إلا خرج عن ذلك الوعيد بقية الأرقام " الكودية " للبلاد الأخرى التي صدر عنها مثل ذلك الأذى كالنرويج و غيرها،
و قطعا الأرقام " الكودية " تختلف باختلاف البلاد،
فينبغي علينا صون القرآن الكريم عن أمثال تلك الدعاوى، كالقول ب " الإعجاز العددي "، مما لا وجه له من الحقيقه إلا بتعسف و تكلف،
... نعم: القرآن الكريم معجز لكل البشر، و الإعجاز فيه قائم و دائم إلى آخر الدهر، لا ريب في ذلك أبدا،
و لكن هذا شيء و تلك الدعاوى شيء آخر
- و وجوه إعجاز القرآن الكريم أسمى من ذلك، و لفظ " الإعجاز " يعنى: عجز البشر كافة عن الإتيان بمثل أي وجه من وجوهه،
و بهذا يمكن الحكم على صحة قول ما بوجه للإعجاز
و دعوى " الإعجاز العددي " في القرآن الكريم دعوى غير صحيحة على تلك الصورة المذكورة،
و يجري استخدامها لأغراض مريبة، مثل الرقم (19) لتأييد المظاهر و الدعاوى الماسونية و البهائية
فلنحذر ذلك، و لنحكم معنى الإعجاز في كل ما يعرض علينا من قول
{و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
صدق الله العظيم
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:42 م]ـ
أخي الكريم أبا خطاب حفظك الله:
مع تأكيدي على ما قاله أخي أبو عبد العزيز وأخي أبو صفوت والأخ د أبو بكر، فإني أضيف أيضاً فأقول: لا نجعل من العاطفة سبباً لأن نتمسك بقشة ندعي فيها النجاة من الغرق ونعتبر مثل هذه الأمور مرهماً شافياً ونسوق له، فنحن الآن أمام تداع دولي على المسلمين، فالمشكلة ليست مشكلة الدنمارك وإنما هي مشكلة دول تنصر بعضها في الإساءة إلى المسلمين بنبيها الرؤوف الرحيم، ولا نريد أن نحول القرآن إلى أرقام وننسى ما فيه من الإعجاز والبيان ومنهج الحياة وفقني الله وإياك.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:55 م]ـ
قال مسروق: ((اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Feb 2006, 12:28 ص]ـ
لو سلمنا بدعوى الإعجاز في مثل هذه الأمور التي لا يمكن أن نلحظ غياب التعسف الفاضح والتكلف الواضح فيها ألا يشكل علينا الخلاف في عد الآي بين العلماء (إن وجد)؟؟
ولو كانت هذه الآية ذات رقم آخر يوافق منتجات دولة أخرى هل سنسمع من يتعظ ويقول أن من ثمرة الخلاف في عدالآي شمول أرقام الآيات لأرقام منتجات الغرب؟؟؟
لا شك أن ماسبق هو محل خلاف بين الناس ..
لكن ما يتفق عليه المسلمون هو أن كلام الله إنما أنزل للعظة والتدبر وليس هذ التعسف من ذلك في شيئ ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الطبيب]ــــــــ[11 Feb 2006, 03:53 م]ـ
كلام المشائخ الفضلاء والإخوة الأكارم كافٍ شافٍ في هذه القضية.
و ورد إلى ذهني هذا التساؤل:
لو سلمنا بأن رقم الآية بالفعل من الإعجاز العددي في القرآن، فماذا نقول لو تراجعت الدنمارك واعتذرت وعاد الناس لمنتجاتها؟
أو ماذا نقول لو عدّلت منظمة التجارة نظام ترقيم المنتجات الدولي هذا فتغير رقم منتجات الدنمارك؟
هل سيفقد القرآن خصيصة من خصائصه حينئذٍ؟؟
الحق أبلج والباطل لجلج ...
ودمتم
ـ[سلسبيل]ــــــــ[12 Feb 2006, 12:12 م]ـ
لا نملك إلا ان نشكر هذا الملتقى المبارك ومشايخنا الكرام بارك الله فيهم وفي علمهم
ـ[فاروق]ــــــــ[14 Feb 2006, 06:33 م]ـ
http://www.3e6r.net/data/media/19/jewelst-r7eb1.gif
جزاكم الله خيرا ..
القرآن الكريم أجل وأسمى من هذا ..
[ line]
ملئ الفؤاد محبة وتلهفا
توقا و شوقا للحبيب المصطفى
إنا لتهفو للرسول قلوبنا
والقلب تتبعه الجوارح إن هفا
ليس الذي أبدى هواه مغاليا
كلا و من ذاب حبا مسرفا
إن المحب لمن يحب لتابع
فإذا رأى أثرا لمن يهوى اقتفى
مدت أيادينا لهدي محمد
وتلقفت ما جاء منه تلقفا
هو من نحب ومن أحب نحبه
صدقا وليس تنطعا وتكلفا
جئنا جميعا نستقي من ورده
ونرد عنا ما يكون مخالفا
ونورث الأجيال حب نبينا
من جاء فينا رحمة وتعطفا
حبيبي يا رسول الله
يا من ملأت الفؤاد حبا ..
يا رسول الله .. أنت الحبيب .. يا محمد
http://portal.wahati.com/up/uploading/33099.gif(/)
الفقه المكي في سورة يس
ـ[حليمة ساسوي]ــــــــ[08 Feb 2006, 11:33 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أساتذتي الكرام رواد ملتقى أهل التفسير المبارك أرجو إفادتي بخصوص هذا الموضوع:
سألني أحد الأساتذة الأفاضل -وهو دكتور في مادة الفقه المقارن- إن كنت تنبهت للفقه المكي الخفي بسورة يس، و الحقيقة أني لا أعلم شيئا عن الموضوع لأن تخصصي في التفسير وليس الفقه، لذلك أتوجه إليكم بهذا السؤال، فأفيدوني أفادكم الله.
أيضا أتساءل هل هناك فقه خفي و آخر جلي؟ و إن كان موجوداً فما هي ضوابطه؟
جزاكم الله خيراً، و السلام عليكم و رحمة الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 01:59 م]ـ
لعل السائل - بارك الله فيكم - يقصد بالفقه المكي معنى أوسع من الفقه الاصطلاحي، الذي هو معرفة الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وإنما يقصد فقه السيرة والدعوة طيلة مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل هجرته إلى المدينة النبوية، ويتناول ذلك من خلال هذه السورة الكريمة، وهذا الموضوع قد تناوله الباحثون في كتب فقه السيرة النبوية على تفاوت بينهم، ولكن ليس في سورة بعينها.
أو أن الدكتور يقصد دقائق فقهية يمكن استنباطها من سورة يس باعتبارها إحدى السور المكية، وهذا مجاله أوسع، مع ملاحظة أنه ينبغي موازنة ما ورد في هذه السورة بما ورد في غيرها، حتى لا يؤخذ بمطلق فيها جاء تقييده في غيرها، أو عام فيها خصص في غيرها وهكذا، ولعل السائل الكريم أعرف بما يريد منا، وإنما هي مشاركة في مناقشة الفكرة كما طرحت من قبلكم وفقكم الله.
وأما الفقه الخفي، فهو الأحكام الفقهية التي تحتاج إلى دقة نظر في استنباطها، فكأنها خفية على أكثر الناس، إلا على من رزق حظاً من العلم، والفقه والتدبر في كلام الله، هذا ما فهمته من هذا اللفظ والله أعلم.
ـ[حليمة ساسوي]ــــــــ[12 Feb 2006, 11:28 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أستاذي الفاضل شكرا لكم على التوضيح، وفقكم الله و نفع المسلمين بعلمكم.(/)
علم اللغة النفسي ولغة القرآن ... وقفات وتأملات
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Feb 2006, 12:43 ص]ـ
ما هي أسرار التراكيب النحوية و التآلفات الصوتية على الحالة النفسية لقاريء القرآن؟
لست بأول من أشار إلى "طرف" من هذه القضية المهمة - في نظري - فممن أشار إلى بعض هذه الآثار ابن جني "الخصائص" في مبحث مناسبة الخصائص الصوتية لدلالة الكلمة. وكأني به يلمح إلى أن العلاقة بين "الصوت" و "المعنى" ليست علاقة "اعتباطية"، أي علاقة عفوية فرضها القول بأن اللغة في أصلها "اصطلاحية". وهذه معضلة يتوقف عندها من انكر أن اللغة في أصلها "توقيف" (مع أني أرى في ضوء علم اللغة النفسي بجانب سائر فروع حقل فقه اللغة أنها توقيف واصطلاح، وهو ما أرجحه في رسالة علمية آمل أن ترى النور قريباً في المكتبات).
ومما أشير إليه إشارة عابرة هنا هو فرع عن علم اللغة النفسي يقرر أهمية الثراء اللغوي لتوطيد الشكبات العصبية بين أجزاء الدماغ، أو فصيه الأيمن والأيسر ( left and right hemisphere). فالدراسات الحديثة في علم اللغة النفسي تبرز أهمية الفص الأيسر في عملية "إنتاج" و "فهم" اللغة. أي أن لها مكان يعزز الانتاج وهي منطقة "بروكا" و مكان يعزز الفهم وهي منطقة "فرنيك". وحصول عطب لأحدهما يسبب فقدان نوع معين من انواع الكلمة، وانواع الكلمة كما لا يخفى عليكم ثلاثة: اسم، فعل، حرف.
فالعطب في منطقة بروكا، يسبب فقدان كبير للأحرف! (والحرف على المشهور في حده هو ما دل على معنى في غيره) فتنعدم العلاقات المنطقية بين كلمات المتحدث.
والعطب في منطقة فرنيك، يسبب فقدان كبير للأسماء والأفعال! (والاسم على المشهور في حده مادل على معنى في نفسه مجرداً عن دلالته على زمن من الأزمنة الثلاثة، وأما الفعل فيشترك مع الاسم ويخالفه في الدلالة على زمن معين من لأزمنة الثلاثة) فيبقى حديث المتحدث مشحونا بأحرف تدل على معان مقدرة لا وجود لها إلا في ذهنه. وهي بالفعل معاناة، عافانا الله منها.
ولكن الشيء الجميل المتعلق بهذا الموضوع هو أن نوع المادة "المقروءة" ونوع "التركيب" المعبر عن هذه المادة يزيد ويعزز الأعصاب الشعرية بين المنطقتين خاصة، وسائر المناطق عامة، فيسبب ذلك جودة عالية في سرعة الاستحضار والفهم. وكما يقول علماء الأصول في مباحثهم عن "العلم": العلم يتفاوت بتفاوت المعلوم. ولما كان القرآن أشرف العلوم وأبجلها، على أكثر من مستوى، كان له أثراً بالغاً في صناعة الوعي المتكامل عند من أدمن قراءته وتدبر معانيه، وأما على المستوى العضوي، فإن له أثراً كبيراً في ااختصار زمن الاستحضار وتقليل النسيان ليس فقط لآيات القرآن وإنما لأي معلومة أخرى. وهذا بسبب الأجزاء المخصصة لأنواع الكلمة في الدماغ، ووصف القرآن بأنه "متشابه" وأنه "مثاني" هو في غاية الأهمية لما يترتب عليه من تكييف الآيات على هيئة لغوية معينة تفي بهاتين الصفتين ومن ثم انسحاب ذلك على أسلوب التفكير والمعالجة في الدماغ (والحديث هنا عن الدماغ لا العقل إذ أن مكانه القلب نصاً ولكن له تعلق بالدماغ كما رجح ذلك ابن القيم وابن تيمية وهو المشهور عن أحمد رحمهم الله، كما أنه ما بدأت تشير إليه الدراسات الحديثة ولله الحمد والمنة). وللحديث بقية بعون الله.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Feb 2006, 06:34 ص]ـ
كنت قد تحدثت عن أهمية وصف القرآن بكونه "متشابها" و أنه "مثاني"، قال الله تعالى (الله أنزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) الآية.
ثم أشرت على عجل إلى أهمية علاقة ذلك بالمراكز اللغوية في الدماغ وما يستتبع ذلك من أثر على النفس وعمليات التفكير. وفي ذها السياق أود الحديث عن ما يسمى بالمدرسة "الاتصالية"، وهي غير الاتصال اللغوي، فالمراد هنا "الاتصال العصبي" وهي من قولهم ( connectionist) وليس ( cummunicational). هذه المدرسة تركز على أهمية نشوء شبكة ثرية ومتقاطعة من الأعصاب الدماغية، وترى الدرسات في هذا المجال أنه يمكن أن يحدث ذلك بكثرة القراءة "الواعية" والاستماع "الواعي" للغة من حولنا، ثم تشير إلى أن هذا يساعد على تقوية الذاكرة بقوة الاسترجاع ( recollect) ويساعد على ما نسميه تنمية "البرنامج التشابهي" في
(يُتْبَعُ)
(/)
العقل (لنسميه العقل، مؤقتاً لما درجنا عليه). وهذا البرنامج التشابهي مهم جداً في عملية التدبر العقلي، فهو مهم في كشف الروابط المنطقية بين المعاني واستظهار الترابط بين المفاهيم العميقة للدلالات المختلفة. فلما كان القرآن "متشابهاً" أي يشهد بعضه لبعض وتأتي آياته متشابهة من موضع لآخر، ولما كانت آياته "مثاني" أي تثنى فيه المعاني إما بالترادف أو ذكر الأضداد، من موضع لآخر، كان هذا من أعظم ما ينمي هذا البرنامج العقلي التشابهي الذي ذكرناه، وبسببه يحصل خير عظيم في التدبر والاستنتاج، كما انه مهم جداً في استخراج المواعظ عن طريق "القياس" ( dedactic thinking through analogy) ، ولولا اتصاف القرآن بهاتين الصفتين، لتعذر استفادة هذا الأسلوب من التفكير من آياته. وقد أشار العلماء إلى أن التشابه بين كثير من آيات القرآن ليس عبثاً بل هو من أعظم ما يؤدي إلى حسن التدبر، لماذا؟ كيف يكون التشابه مفيداً ونحن نعلم ان التشابه لا يعني شيئا أكثر من التكرار؟ أشار علماء التفسير إلى أن التشابه يغري العقل بالبحث عن الفروقات الدقيقة بين الآيات المتشابهات، وفي هذا استرعاء قوي لهذه الملكة، ولذلك كنت قد طرحت سؤالاً عن القيمة العلمية لكتاب "ملاك التأويل" لابن الزبير الغرناطي، وهو من التفاسير المهمة التي عالجت هذه القضية بأسلوب جميل فذ، وذلك انه لابد من نسبة فرق بين الآيات المتشابهات تعطي كل آية معنى خاصا تتميز به، فيظهر بذلك معان مدفونة وأسرار بديعة، وبهذا النوع من التدبر والتمعن تتضافر الأعصاب الدماغية في اتصال مكثف، لما يترتب على قراءة آيات القرآن المتصفة بالصفات المذكورة من تحفيز على إدراك التشابه من جهة ووملاحظة الفروقات اللطيفة فيما بينها من جهة أخرى. ولذلك هناك فرضية للتعلم تقول (افضل الناس تعلماً أكثرهم قدرة على ملاحظة الفروق). وتأتي البقية إن بعون الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 06:23 ص]ـ
شكر الله لكم أخي عبدالله هذه الوقفات والتأملات، وليتك تستمر في إبرازها، فمع أن أصول ما تفضلت بطرحه مطروقة في كتب اللغة المتقدمة كالخصائص الذي أشرتم إليه، إلا أن طريقة طرحكم وإضافاتكم التي تفضلتم بها تسترعي الانتباه الدقيق، وتستوقف الباحث المتدبر، وأرجو أن نرى في مشاركاتكم ووقفاتكم القادمة ما يزيد الأمر وضوحاً عندنا معشر القراء الذين لم يطلعوا على تفاصيل هذا الفرع الدقيق من فروع علم اللغة.
وبخصوص كتابكم في الموضوع: ما عنوانه إن أمكن؟ وهل تراه يدرك معرض الكتاب القادم (23/ 1/1427هـ) حتى نضعه في الحسبان؟ ولكم جزيل الشكر.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 05:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا على حسن ظنكم، وجعلني الله وإياكم من عباده النافعين. نعم أخي، إن أصول "جزئية" معينة من حديثي قد تطرق لها علماءنا الأوائل (فالدماغ ومناطق اللغة فيه والشبكات العصبية اللغوية مستجدات لم يعرفوها)، وهم بدورهم عالة على القرآن الكريم لمّا تبينت لي دلالة مهمة في القرآن، يمكن أن تحسم خلافاً طويلاً حول حقيقة اللغة وأصلها (ولم يتفطن لها الأوائل - حسب علمي - من مفسرين ولغويين، وسأضمنها كتابي إن شاء الله تعالى لأنها من أهم ما وقفت عليه، فاسمحوا لي أن أميط اللثام عنها في أجلها المؤقت لها إن شاء الله). أما خروج الكتاب قبل معرض الكتاب فمستبعد، ولكني سأعلن عنه في هذا الملتقى عندما يخرج، سائلين المولى أن يجعله علما نافعا وعملا صالحا، و شكر الله لكم جهودكم المباركة في هذا الملتقى.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[12 Feb 2006, 07:18 م]ـ
لعل ذلك مما أطلق عليه " الإعجاز النفسي أو التأثيري للقرآن الكريم "،
و فيه نظر، إذ هو خاص - على وجه الحقيقة - بالذين يخشون ربهم من الذين آمنوا - بنص كلام الله - و ليس عاما في الناس كافة، و هو بهذا يخرج عن ضابط " الإعجاز " إلا بتكلف،
نعم له تأثير على ذوي العقول السليمة من غير المسلمين، و لكن في كونه إعجازا نظر.
* * *
و قريب من موضوع تلك المشاركة: مقالة للدكتور محمد عطا أحمد يوسف بعنوان: " نشأة الإعجاز التأثيري للقرآن وتطوره "، نشرتها مجلة الشريعة والدراسات الاسلامية /العدد 36/ 1998 م، جاء فيها ما يلي:
.........
.........
(يُتْبَعُ)
(/)
((ـ المرحلة الثانية: مرحلة التأصيل العلمي للإعجاز التأثيري:
سنقف في هذه المرحلة مع عدد من العلماء القدامى والمحدثين، ممن تحدثوا عن الإعجاز التأثيري: فمن العلماء القدامى: (الخطابي، والجرجاني، وابن القيم).
ومن العلماء المحدثين: (د. عبدالكريم الخطيب الإمام/ محمد الغزالي).
1 ـ الخطابي: (أبو سيلمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ـ ت 388هـ).
يبدأ الخطابي رسالته (بيان إعجاز القرآن) بالاعتراف بتعذر معرفة وجه الإعجاز في القرآن، ومعرفة الأمر في الوقوف على كيفيته، ثم بدأ في ذكر وجوه الإعجاز فحددها. وفي نهاية رسالته عاد الخطابي إلى تأكيد رأيه في الإعجاز القرآني، وذلك باختياره الإعجاز التأثيري كأهم وجه من وجوه الإعجاز. فقال: (قلت: في إعجاز القرآن وجه آخر، ذهب عنه الناس، فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ من آحادهم، وذلك صنيعه بالقلوب، وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاماً غير القرآن ـ منظوماً ولا منثوراً ـ إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس، وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذت حظها منه، عادت إليه مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق، وتغشاها الخوف والفرق، تقشعر منه الجلود، وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس ومضمراتها وعقائدها الراسخة فيها، فكم من عدو للرسول (ص) من رجال العرب وفتاكها أقبلوا يريدون اغتياله وقتله، فسمعوا آيات من القرآن فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عدواتهم موالاة، وكفرهم إيماناً.
خرج عمر بن الخطاب (رض) يريد رسول الله (ص) ويعمد إلى قتله، فسار إلى دار أخته وهي تقرأ (سورة طه)، فلما وقع في سمعه لم يلبث أن آمن.
وبعث الملأ من قريش عتبة بن ربيعة إلى رسول الله (ص) ليوقفوه على أمور أرسلوه بها، فقرأ عليه رسول الله (ص) آيات من (حم السجدة) فلما أقبل عتبة وأبصره الملأ من قريش قالوا: أقبل أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. ولما قرأ رسول الله (ص) القرآن في الموسم على النفر الذين حضروه من الأنصار آمنوا، وعادوا إلى المدينة فأظهروا الدين بها، فلم يبق بيت من بيوت الأنصار إلا وفيه قرآن. وقد روي عن بعضهم أنه قال: فتحت الأمصار بالسيوف، وفتحت المدينة بالقرآن.
ولما سمعته الجن لم تتمالك أن قالت: (إنّا سمعنا قرآناً عجباً * يهدي إلى الرشد فآمنّا به)، ومصداق ما وصفناه في أمر القرآن في قوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله)، وقوله تعالى: (الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)، وغير ذلك في آي ذوات عدد منه، وذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد، وهو من عظيم آياته، ودلائل معجزاته.)) انتهى الاقتباس
- و المقالة منشورة في موقع " بلاغ ": الموسوعة الإسلامية
http://www.balagh.com/mosoa/ejaz/as0vo20e.htm
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 10:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا، وكما ذكرتم الموضوع ليس له تعلق بالإعجاز كما هو معلوم، وإنما بالتأثير العضوي المترتب على التأثير النفسي، بعيداً عن الإعجاز وما شابهه. فالمقصود أن كون القرآن متشابه و مثاني على المعنى الذي قصدناه له ارتباط وثيق بتحفيز التفكير المنطقي الكامن في الفص الأيسر من الدماغ بشكل خاص، لما يترتب عليه من مقارنة الأضداد وكشف الفروقات اللطيفة بين الآيات المتشابهات. ولغة القرآن في هذا الجانب لا يدانيها شيء البتة، وهذه النتيجة لابد أن تحصل لأي شخص، فإذا حصلت وتجلت قامت الحجة على العبد، فإما أن يخضع للحق أو يعرض ويتولى فيطبع الله على قلبه.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[12 Feb 2006, 11:02 م]ـ
أكرمكم الله، و وفقكم للصواب،
فقد أردت الاستيثاق من مدى ذهابكم إلى القول بذلك الوجه غير المسلَم من وجوه الإعجاز، لفقده العموم في ذلك التأثير النفسي على كل البشر.
و محاولة ربط المعارف الحديثة - المكتسبة - بالقرآن الكريم مسألة دقيقة و عميقة ينبغي الخوض فيها بحذر و روية، لكيلا نحمّل الآيات ما لا تحتمله إلا بتعسف و تكلف،
و لكي نصون القرآن عن تقلبات النظريات التي تتغير من آن لآن
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[13 Feb 2006, 01:55 م]ـ
قبل الاستمرار في تفاريع الموضوع أود من القاريء الكريم أن يفرق بين نوعين من التأثر بالقرآن، الأول:
1 - التأثر اللغوي بالقرآن، ويمكنه أن يؤثر في كل شخص: المسلم والكافر، الموحد والملحد، المبتدع والسالك لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. والمراد بالتأثر اللغوي، اكتساب بعضاً من أسلوب من القرآن في إعراب الكلام وإخراجه على وجهه الذي عرفته العرب، وتحصيل الملكة اللغوية الأصيلة، المقومة "للتأتأة" وغيرها من عيوب الكلام، والتي يعتني بها علم تقويم العيوب النطقية ( pathology). ونحو هذا المعنى جاء الحديث (أخوف ما اخاف عليكم كل منافق عليم اللسان)، مما يدل أنه قد يكون الرجل مؤمنا إيماناً جازماً ولكنه يقرأ القرآن وهو عليه شاق، بل يتحدث مفتقراً إلى البلاغة والبيان، كما حصل مع نبي الله موسى عليه السلام، (واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي) الآية. وهذه المشقة هو صورة من صور العيوب الكلامية التي يعتني بعلاجها علم اللغة النفسي بالتظافر مع علم "الصوتيات" و علم "تقويم الكلام" (ولست أقصد تقويم مجرد النطق الظاهر والتلفظ بالحركات وإعطاء كل حرف حقه ومستحقه، الذي هو من اختصاص "التجويد" وإن كان داخلاً فيه، بل هو أبعد لأنه يتعلق بالحالة النفسية والعضوية التي تحجز المتكلم عن إعراب الكلام على وجهه السليم).
2 - التأثر النفسي بالقرآن، وهو على ضربين: التأثر النفسي الفكري، والتأثر النفسي العاطفي. فهذا النوع من التأثر يعد مشروطاً بحصول الشرط وزيادة. والشرط هنا هو "الفقه اللغوي" أي فقه لغة القرآن وسنن العرب في الكلام، واما الزيادة هنا، فهو أمر زائد عن مجرد فهم دلالات الكلام، ألا وهو تجاوز العلم بدلالات الألفاظ إلى المعرفة بمعانيها، مما يدفع المحصّل لذلك إلى الوقوف عند حدوده واستشعار قبح إتيان ما نهى عنه وحسن الإقبال على ما أمر به، ولذلك فلربما وجدت البارع في لغته، تأثراً بلغة القرآن، ولكنه غير مستفيد منه، ممنوع من التأثر بمفهومه المنطوق وغير المنطوق، وهذا لن ينتفع بأكثر من الفصاحة الظاهرة والبلاغة الساطعة.
ويمكن لعلم اللغة النفسي أن يساهم في تفسير شيء من هذه العملية. ومن هذه التفاسير، انعدام الدافعية الجاذبة ( motivation) وانعدمها يسمى اللادافعية ( amotivation) . وهذا متعلق بما يسمى المرشحات الشعورية ( affective filters). وصاحب المفهوم الأخير عالم اللغويات "كراشن". والفرضية الأخير تشير إلى أن مجموع إرادات الأنسان ونواياه وكذلك مجموع خبراته الماضية يساهم مساهمة عظيمة في فهم الدلالات اللغوية على صورة معينة، بسبب ما يصنعه ذلك من "حُجُب" مترادفة، منها ما يسمح بالمعنى الصحيح بالنفاذ إلى النفس ومنها ما يشوّه المعنى الصحيح فيدخل مشوهاً ومنها ما يصُد المعنى الصحيح فلا يدخل البتة ومنها – وهو أسوأها – ما لا يسمح إلا للمعاني الخاطئة بالدخول، ولذلك تختلف "الدوافع" كما أشرنا نحو الاستفادة من دلالات ألفاظ القرآن على مستويين: مستوى الاستفادة اللغوية والنفسية، مستوى الاستفادة اللغوية فحسب (مثل، كما أشرنا، جزالة ألفاظ المتحدث مع خلو قلبه من التفاعل مع معاني هذه الألفاظ). وكل هذا بدوره وثيق الصلة بما نسميه "الفقه السمعي" أو ( auditory comprehension). وهو جانب الاستفادة الشعورية والفكرية من دلالات اللغة، وفقه المعاني.
قال الله تعالى (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بعزيز)
وقال تعالى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
قال ابن كثير: وقوله تعالى" ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة " قال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر.
فهذا ومثله دليل على وجود "الحجب (المرشحات) الشعورية" التي تحجب الدلالات العميقة للألفاظ من مباشرة القلوب.
في المرة القادمة، سوف أتعرض للوسائل التي يقترحقها علم اللغة النفسي، لإصلاح هذه المرشحات الشعورية وتهيئتها، بما يساعد في الاستفادة من فهم دلالات الألفاظ قدر الإمكان.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:44 م]ـ
ما شاء الله. معلومات قيمة تدل على دقة فهم. ونرجو الاستمرار، وفي مداخلة الدكتور أبو بكر خليل بعد عن الموضوع في رأيي. والعناية بهذا الموضوع عند أهل اللغة ليست كبيرة، فلعل بحث الأستاذ عبدالله الشهري يعد إضافة جيدة للموضوع، نتمنى له التوفيق.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[18 Feb 2006, 12:10 م]ـ
فائدة عابرة: يتحدث النحويون عن قاعدة "زيادة المبنى تورث زيادة المعنى"، واعترض بعضهم - كابن هشام - وقال أنها ليست مطردة. فمثلاً: يقول البصريون "سوف" أوسع تنفيساً من "السين"، كقولنا "سوف تعلمون" وقولنا "ستعلمون"، فالأول "أوسع تنفيساً" من الثاني، أي أوسع في إخراج الفعل من زمن الحاضر إلى الزمن المستقبل. واعتراض ابن هشام وغيره صحيح، لوجود الأمثلة الكثيرة على خلاف القاعدة، ولكني أجد لها تفسيراً نفسياً مفيداً، وهو أن علم اللغة النفسي يبرر صحة هذه القاعدة من جانب آخر، وذلك من حيث أن أي خبرة إنسانية عبارة عن مجموعة من المعلومات "المركبة" من مفردات خبراتية، وحسب علم النفس "الجشتالي" فإن العقل بطبيعته يحب أن يعطي لكل خبرة مفردة مهما بدت صغيرة معنى خاصا وتفسيرا معينا، فزيادة المبنى في "سوف" وما ماثلها يصلح مثالاً هنا، إذ أن العقل ينجر لإسباغ المعنى على "حروف المباني" الزائدة، متوقعاً زيادة في المعنى لأنه يستبعد حصول زيادة اعتباطية لا معنى لها على الإطلاق، وهذا أيضاً يعود إلى طبيعة النفس البشرية التي تنأى عن المفاهيم الفارغة من المعاني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[19 Feb 2006, 05:28 م]ـ
أرى أن نتوقف عن قولنا: "لغة" القرآن ..
فهذا "الوصف" وإن سمعناه ممن سمعناه, إلا أننا لم نسمعه لا من ربنا ولا من حديث نبينا عليه الصلاة ولاسلام ...
وأرى -بما يملؤني من الجهل- أرى أن الجذر "لغو" لا يعين على استعماله بجنب كلمات الله القرآن ..
والحق والأولى أن ننزل على قول الله الأصدق الأحق, فنقول: "لسان القرآن"!.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[30 Jul 2007, 09:50 م]ـ
أرى أن نتوقف عن قولنا: "لغة" القرآن ..
فهذا "الوصف" وإن سمعناه ممن سمعناه, إلا أننا لم نسمعه لا من ربنا ولا من حديث نبينا عليه الصلاة ولاسلام ...
وأرى -بما يملؤني من الجهل- أرى أن الجذر "لغو" لا يعين على استعماله بجنب كلمات الله القرآن ..
والحق والأولى أن ننزل على قول الله الأصدق الأحق, فنقول: "لسان القرآن"!.
جزاك الله خيرا على هذا التنبيه، ولكن لا أدري إن كان له حظ من النظر.(/)
ما تفسيرقوله: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي ... الآية) وقوله: (ما نفدت كلمات الله)
ـ[تسنيم]ــــــــ[10 Feb 2006, 02:48 ص]ـ
قرأت في بعض كتب التفسير عن هذه الآيه ولكن هل لديكم تفسير واضح عنها لو تكرمتم
وجزاكم الله خيرا
قال تعالى ((قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولوجئنا بمثله مددا))
ما المقصود بكلمات ربي في هذه الآيه وهل يوجد فرق (كلمات ربي) في هذه الآية
و (كلمات الله) في آية ((ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم))
يقال هي كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته ام المقصود كلمات القران المنزلة من عند الله هي التي لا تنفد عندما قال المشركون ان هذا الكلام يوشك ان ينفذ فأنزل الله تعالى هذه الآية
الرجاء توضيح لي هذه المسألة وجزاكم الله خير ..
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[11 Feb 2006, 07:32 ص]ـ
يقول الشيخ السعدي رحمه الله:" قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا "
أي: قل لهم ـ مخبرا عن عظمة الباري، وسعة صفاته، وأنها لا يحيط العباد بشيء منها:
" لو كان البحر "
أي: هذه الأبحر الموجودة في العالم،
" مدادا لكلمات ربي "
أي: وأشجار الدنيا، من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان والبراري، والبحار، أقلام،
" لنفد البحر "
وتكسرت الأقلام
" قبل أن تنفد كلمات ربي "
وهذا شيء عظيم، لا يحيط به أحد. وفي الآية الأخرى
" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم "
. وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات، منقضية منتهية، وأما كلام الله، فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب، فالله فوق ذلك، وهكذا سائر صفات الله تعالى، كعلمه، وحكمته، وقدرته، ورحمته، فلو جمع علم الخلائق، من الأولين والآخرين، أهل السموات وأهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور، وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته، ذلك بأن الله، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، وأن إلى ربك المنتهى.
ـ[تسنيم]ــــــــ[12 Feb 2006, 12:06 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به.
وشكر الله لكم اهتمامكم
ـ[إبراهيم منصور]ــــــــ[16 Feb 2006, 03:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى – سيد ولد آدم وأفضلهم واتقاهم وأعدلهم, المتصف بكل كمال بشري- خلقا وخُلقا- ولو كره الكافرون ولو كره المشركون ولو كره الحاقدون
وبعد
للإجابة على هذا السؤال يجب أن يعلم كل ناظر في كتاب الله عز وجل أن كل لفظة قرآنية لا يمكن فهمها ولا معرفة معناها إلا بعد النظر إلى سباق الآية وسياقها ولحاقها فكل آية لها ارتباط بما قبلها من الآيات, بل لك آية ارتباط بالسورة التي تذكر فيها هذه الآية – على نحو ما تقرر في علم المناسبات
وبعد تأصيل هذه القاعدة يمكننا أن ننظر إلى الآيتين اللتين معنا فنجد أن الآية الأولى هي قوله تعالى {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ ربي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ ربي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} الكهف109 وبالنظر إلى ما تناولته السورة من قضايا نجد أن
التعرض لصفة الربوبية ورد صريحا في السورة فى مواضع عدة وهى هذه الآيات
1. {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا ربنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} الكهف10
2. {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِربهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} الكهف13
3. {وَربطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا ربنَا رب السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} الكهف14
(يُتْبَعُ)
(/)
4. {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ ربكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً} الكهف16
5. {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا ربكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} الكهف19
6. {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً ربهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً} الكهف21
7. {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل ربي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً} الكهف22
8. {إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر ربكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ ربي لِأَقْرب مِنْ هَذَا رَشَداً} الكهف24
9. 0 {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ ربكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً} الكهف27
10. {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ربهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} الكهف28
11. {وَقُلِ الْحَقُّ مِن ربكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} الكهف29
12. {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى ربي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً} الكهف36
13. {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ ربي وَلَا أُشْرِكُ بِربي أَحَداً} الكهف38
14. {فَعَسَى ربي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً} الكهف40
15. {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِربي أَحَداً} الكهف42
16. {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ ربكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} الكهف46
17. {وَعُرِضُوا عَلَى ربكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً} الكهف48
18. {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ ربكَ أَحَداً} الكهف49
19. {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ ربهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} الكهف50
20. {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا ربهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً} الكهف55
(يُتْبَعُ)
(/)
21. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ ربهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} الكهف57
22. {وَربكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً} الكهف58
23. {فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا ربهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرب رُحْماً} الكهف81
24. {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ ربكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن ربكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً} الكهف82
25. {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى ربهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} الكهف87
26. {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ ربي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً} الكهف95
27. {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن ربي فَإِذَا جَاء وَعْدُ ربي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ ربي حَقّاً} الكهف98
28. {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ ربهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} الكهف105
29. {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ ربي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ ربي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} الكهف109
30. {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ ربهِ أَحَداً} الكهف110
ويلاحظ أن التعرض لصفة الألوهية فى هذه السورة لم يزد عن بضع عشرة آية وهى:-
1 - {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} الكهف4
2 - {هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} الكهف15
3 - {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً} الكهف16
4 - {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً} الكهف17
5 - {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً} الكهف21
6 - {إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} الكهف24
7 - {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} الكهف26
8 - {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} الكهف38
9 - {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً} الكهف39
10 - {وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً} الكهف43
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً} الكهف45
12 - {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} الكهف69
*يقول الإمام البقاعي المتوفى: سنة خمس وثمانين وثمانمائة فى كتابه نظم الدرر [جزء 6 - صفحة 197]
"ولما تم الجواب عن أسئلتهم على أحسن الوجوه مخللاً بما تراه من الحجج البينة والنفائس الملزمة لهم بفصل النزاع، وأتبع ذلك بقص الأمر الذي بإغفاله تجرؤوا على الكفر، وهو أمر البعث إلى أن ختمه بما يقتضي أن معلوماته لا تحد، لأن مقدوراته في تنعيم أهل الجنة لا آخر لها فلا تعد، وكان اليهود قد اعترضوا على قوله في أولها {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85] بأنهم أوتوا التوراة، وكان لكل ما سألوا عنه من الفصول الطويلة الذيول أمور تهول، وكان ربما قال قائل: ما له لا يزيد ذلك شرحاً؟ قال تعالى آمراً بالجواب عن ذلك كله، معلماً لهم بأنهم لا يمكنهم الوقوف على تمام شرح شيء من معلوماته، وآخر استفصال شيء من مقدوراته، قطعاً لهم عن السؤال، وتقريباً إلى أفهامهم بضرب من المثال: {قل} أي يا أشرف الخلق لهم: {لو كان البحر} أي ماؤه على عظمته عندكم {مداداً} وهو اسم لما يمد به الدواة من الحبر {لكلمات} أي لكتب كلمات {ربي} أي المحسن إليّ في وصف ذكر وغيره مما تعنتموه في السؤال عما سألتم عنه أو غير ذلك {لنفد} أي فني مع الضعف فناء لا تدارك له {البحر} لأنه جسم متناه. ولما كانت المخلوقات - لكونها ممكنة - ليس لها من ذاتها إلا العدم، وكانت الكلمات من صفات الله، وصفات الله واجبة الوجود، فكان نفادها محالاً، فكان نفاد الممكن من البحر وما يمده بالنسبة إليها مستغرقاً للأزمنة كلها، جرد الظرف من حرف الجر فقال: {قبل أن تنفد} أي تفنى وتفرغ {كلمات ربي} لأنها لا تتناهى لأن معلوماته ومقدوراته لا تتناهى، وكل منها له شرح طويل، وخطب جليل؛ ولما لم يكن أحد غيره يقدر على إمداد البحر قال: {ولو جئنا} أي بما لنا من العظمة التي لا تكون لغيرنا {بمثله مدداً *} أي له يكتب منه لنفد أيضاً، وهذا كله كناية عن عدم النفاد، لأنه تعليق على محال عادة كقولهم: لا تزال على كذا ما بل بحر صوفة وما دجى الليل، ونحو هذا، ولعله عبر بجمع السلامة إشارة إلى أن قليلها بهذه الكثرة فكيف بما هو أكثر منه، وذلك أمر لا يدخل تحت وصف، وعبر بالقبل دون أن يقال " ولم تنفد " ونحوه، لأن ذلك كاف في قطعهم عن الاستقصاء في السؤال ولأن التعبير بمثل ذلك ربما فتح باباً من التعنت وهو أن يجعلوا الواو للحال فيجعلوا النفاد مقيداً بذلك، وأما سورة لقمان فاقتضى سياقها في تأسيس ما فيها على {الغني الحميد} [لقمان: 26] ومقصودها أن يكون التعبير فيها بغير ما ههنا، فما في كل سورة أبلغ بالنسبة إلى سياقه، مع أنه ليس في إفصاح واحدة منهما ما يدل على نفاد الكلمات ولا عدمه، وفي إفهام كل منهما بتدبر القرائن في السياق وغيره ما يقطع بعدم نفاذها، ولا تخالف بين الآيتين وإن كان التعبير في هذه السورة أدخل في التشابه، ويجاب عنه بما قالوا في مثل قول الشاعر " على لاحب لا يهتدى بمناره " من أن ما في حيز السلب لا يقتضي الوجود، ولعل التعبير بمثل ذلك من الفتن المميزة بين من في قلبه مرض وبين الراسخ الذي يرد المتشابه إلى المحكم، وهو ما دل عليه البرهان القاطع من أن الله تعالى لا نهاية لذاته، ولا لشيء من صفاته، بل هو الأول والآخر الباقي بلا زوال - والله أعلم". أهـ
*ويقول الطاهر بن عاشور – رحمه الله – فى تفسيره التحرير والتنوير [جزء 1 - صفحة 2581]
لما ابتدئت هذه السورة بالتنويه بشأن القرآن ثم أفيض فيها من أفانين الإرشاد والإنذار والوعد والوعيد وذكر فيها من أحسن القصص ما فيه غيره وموعظة وما هو خفي من أحوال الأمم حول الكلام إلى الإيذان بأن كل ذلك قليل من عظيم علم الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا استئناف ابتدائي وهو انتقال إلى التنويه بعلم الله تعالى مفيض العلم على رسوله صلى الله عليه وسلم لأن المشركين لما سألوه عن أشياء يظنونها مفحمة للرسول وأن لا قبل له بعلمها علمه الله إياها وأخبر عنها أصدق خبر وبينها بأقصى ما تقبله أفهامهم وبما يقصر عنه علم الذين أغروا المشركين بالسؤال عنها وكان آخرها خبر ذي القرنين أتبع ذلك بما يعلم منه سعة علم الله تعالى وسعة ما يجري على وفق علمه من الوحي إذا أراد إبلاغ بعض ما في علمه إلى أحد من رسله. وفي هذا رد عجز السورة على صدرها
وقيل: نزلت لأجل قول اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقول أي في سورة الإسراء (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وقد أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا. وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) في سورة الإسراء
وقال الترمذي عن ابن عباس: قال حيي بن أخطب اليهودي: في كتابكم (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) ثم تقرأون (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)؛ فنزل قوله تعالى (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ... ) الآية
وكلمات الله: ما يدل على شيء من علمه مما يوحي إلى رسله أن يبلغوه فكل معلوم يمكن أن يخبر به. فإذا أخبر به صار كلمة. ولذلك يطلق على المعلومات كلمات لأن الله أخبر بكثير منها ولو شاء لأخبر بغيره فإطلاق الكلمات عليها مجاز بعلاقة المآل. ونظيرها قوله تعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله). وفي هذا دليل لإثبات الكلام النفسي ولإثبات التعلق الصلوحي لصفة العلم. وقل من يتنبه لهذا التعلق
ولما كان شأن ما يخبر الله به على لسان أحد رسله أن يكتب حرصا على بقائه في الأمة شبهت معلومات الله المخبر بها والمطلق عليها كلمات بالمكتوبات ورمز إلى المشبه به بما هو من لوازمه وهو المداد الذي به الكتابة على طريقة المكنية وإثبات المداد تخييل كتخيل الأظفار للمنية. فيكون ما هنا مثل قوله تعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) فإن ذكر الأقلام إنما يناسب المداد بمعنى الحبر
ويجوز أن يكون هنا تشبيه كلمات الله بالسراج المضيء لأنه يهدي إلى المطلوب كما شبه نور الله وهديه بالمصباح في قوله تعالى (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) ويكون المداد تخييلا بالزيت الذي يمد به السراج
والمداد يطلق على الحبر لأنه تمد به الدواة أي يمد به ما كان فيها من نوعه ويطلق المداد على الزيت الذي يمد به السراج وغلب إطلاقه على الحبر. وهو في هذه الآية يحتمل المعنيين فتتضمن الآية مكنيتين على الاحتمالين
واللام في قوله (الكلمات) لام العلة أي لأجل كلمات ربي. والكلام يؤذن بمضاف محذوف تقديره: لكتابة كلمات ربي إذ المداد يراد للكتابة وليس البحر مما يكتب به ولكن الكلام بني على المفروض بواسطة " لو "
والمداد: اسم لما يمد به الشيء أي يزاد به على ما لديه. ولم يقل مدادا إذ ليس المقصود تشبيهه بالحبر لحصول ذلك بالتشبيه الذي قبله وإنما قصد هنا أن مثله يمده
والنفاد: الفناء والاضمحلال. ونفاد البحر ممكن عقلا
وأما نفاد كلمات الله بمعنى تعلقات علمه فمستحيل فلا يفهم من تقييد نفاد كلمات الله بقيد الظرف وهو (قبل) إمكان نفاد كلمات الله. ولكن لما بني الكلام على الفرض والتقدير بما يدل عليه (لو) كان المعنى لو كان البحر مدادا لكلمات ربي وكانت كلمات ربي مما ينفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي
وهذا الكلام كناية عن عدم تناهي معلومات الله تعالى التي منها تلك المسائل الثلاث التي سألوا عنها النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقتضي قوله (قبل أن تنفد كلمات ربي) أن لكلمات الله تعالى نفادا كما علمته
وجملة (ولو جئنا بمثله مددا) في موضع الحال
و (لو) وصلية وهي الدالة على حالة هي أجدر الأحوال بأن لا يتحقق معها مفاد الكلام السابق فينبه السامع على أنها متحقق معها مفاد الكلام السابق. وقد تقدم عند قوله تعالى (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به) في سورة آل عمران. وهذا مبالغة ثانية وانتصب (مددا) على التمييز المفسر للإبهام الذي في لفظ (مثله) أي مثل البحر في الإمداد.أهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو نظرنا إلى سورة لقمان لظهر لنا أن التعرض صفة الربوبية ورد فى مواضع عدة
1 - {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} لقمان6
2 - {خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} لقمان9
3 - {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} لقمان11
4 - {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} لقمان12
5 - {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان13
6 - {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} لقمان16
7 - {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} لقمان18
8 - {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} لقمان20
9 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} لقمان21
10 - {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} لقمان22
11 - {وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} لقمان23
12 - {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لقمان25
13 - {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} لقمان26
14 - {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لقمان27
15 - {مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} لقمان28
16 - {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} لقمان29
17 - {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} لقمان30
18 - {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} لقمان31
19 - {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} لقمان32
20 - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} لقمان33
(يُتْبَعُ)
(/)
21 - {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لقمان34
فناسب
بينما التعرض صفة الربوبية مصرحا به ورد في السورة فى موضعين لا ثالث لهما
1 - {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن ربهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} لقمان5
2 - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} لقمان33
يقول الطاهر بن عاشور فى تفسيره لقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لقمان27
"تكرر فيما سبق من هذه السورة وصف الله تعالى بإحاطة العلم بجميع الأشياء ظاهرة وخفية فقال فيما حكى من وصية لقمان (إنها إن تك مثقال حبة من خردل) إلى قوله (لطيف خبير) وقال بعد ذلك (فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور) فعقب ذلك بإثبات أن لعلم الله تعالى مظاهر يبلغ بعضها إلى من اصطفاه من رسله بالوحي مما تقتضي الحكمة إبلاغه وأنه يستأثر بعلم ما اقتضت حكمته عدم إبلاغه وأنه لو شاء أن يبلغ ما في علمه لما وفت به مخلوقاته الصالحة لتسجيل كلامه بالكناية فضلا على الوفاء بإبلاغ ذلك بواسطة القول. وقد سلك في هذا مسلك التقريب بصرب هذا المثل؛ وقد كان ما قص من أخبار الماضين موطئا لهذا فقد جرت قصة لقمان في هذه السورة كما جرت قصة أهل الكهف وذي القرنين في سورة الكهف فعقبتا بقوله في آخر السورة (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) وهي مشابهة للآية التي في سورة لقمان. فهذا وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من الآيات المتفرقة
ولما في اتصال الآية بما قبلها من الخفاء أخذ أصحاب التأويل من السلف من أصحاب ابن عباس في بيان إيقاع هذه الآية في هذا الموقع. فقيل: سبب نزولها ما ذكره الطبري وابن عطية والواحدي عن سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء بن يسار بروايات متقاربة: أن اليهود سألوا رسول الله أو أغروا قريشا بسؤاله لما سمعوا قول الله تعالى في شأنهم (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) فقالوا: كيف وأنت تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سألوه: هي في علم الله قليل ثم أنزل الله (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) الآيتين أو الآيات الثلاث
وعن السدي قالت قريش: ما أكثر كلام محمد! فنزلت (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) الآية
وعن قتادة قالت قريش: سيتم هذا الكلام لمحمد وينحسر " أي محمد صلى الله عليه وسلم فلا يقول بعده كلاما ". وفي رواية سنفد هذا الكلام. وهذه يرجع بعضها إلى أن هذه الآية نزلت بالمدينة فيلزم أن يكون وضعها في هذا الموضع في السورة بتوقيف نبوي للمناسبة التي ذكرناها آنفا وبعضها يرجع إلى أنها مكية فيقتضي أن تكون نزلت في أثناء نزول سورة لقمان على أن توضع عقب الآيات التي نزلت قبلها
و (كلمات) جمع كلمة بمعنى الكلام كما في قوله تعالى (كلا إنها كلمة هو قائلها) أي الكلام المنبئ عن مراد الله من بعض مخلوقاته مما يخاطب به ملائكته وغيرهم من المخلوقات والعناصر المعدودة للتكون التي يقال لها: كن فتكون ومن ذلك ما أنزله من الوحي إلى رسله وأنبيائه من أول أزمنة الأنبياء وما سينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم أي لو فرض إرادة الله أن يكتب كلامه كله صحفا ففرضت الأشجار كلها مقسمة أقلاما وفرض أن يكون البحر مدادا فكتب بتلك الأقلام وذلك المداد لنفد البحر ونفدت الأقلام وما نفدت كلمات الله في نفس الأمر
وأما قوله تعالى (وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا) فالتمام هنالك بمعنى التحقق والنفوذ وتقدم قوله تعالى: (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته) في سورة الأنفال
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نظمت هذه الآية بإيجاز بديع إذ ابتدئت بحرف " لو " فعلم أن مضمونها أمر مفروض وأن ل (لو) استعمالات كما حققه في مغنى اللبيب عن عبارة سيبويه. وقد تقدم عند قوله تعالى (ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) في سورة الأنفال
و (من شجرة) بيان ل (ما) الموصولة وهو في معنى التمييز فحقه الإفراد ولذلك لم يقل: من أشجار, والأقلام: جمع قلم وهو العود المشقوق ليرفع به المداد ويكتب به أي لو تصير كل شجرة أقلاما بمقدار ما فيها من أغصان صالحة لذلك. والأقلام هو الجمع الشائع لقلم فيرد للكثرة والقلة
و (يمده) بفتح الياء التحتية وضم الميم أي يزيده مدادا. والمداد بكسر الميم الحبر الذي يكتب به. يقال: مد الدواة يمدها. فكان قوله (يمده) متضمنا فرض أن يكون البحر مدادا ثم يزاد فيه إذا نشف مداده سبعة أبحر ولو قيل: يمده بضم الميم من أمد لفات هذا الإيجاز
والسبعة: تستعمل في الكناية عن كثرة كثيرا كقول النبي صلى الله عليه وسلم " والكافر يأكل في سبعة أمعاء " فليس لهذا العدد مفهوم أي والبحر يمده أبحر كثيرة
ومعنى (ما نفدت كلمات الله) ما انتهت أي فكيف تحسب اليهود ما في التوراة هو منتهى كلمات الله أو كيف يحسب المشركون أن ما نزل من القرآن أوشك أن يكون انتهاء القرآن فيكون المثل على هذا الوجه الآخر واردا مورد المبالغة في كثرة ما سينزل من القرآن إغاظة للمشركين فتكون (كلمات الله) هي القرآن لأن المشركين لا يعرفون كلمات الله التي لا يحاط بها
وجملة (إن الله عزيز حكيم) تذييل فهو لعزته لا يغلبه الذين يزعمون عدم الحاجة إلى القرآن ينتزرون انفحام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لحكمته لا تنحصر كلماته لأن الحكمة الحق لا نهاية لها. أهـ
ولهذا الذى ذكره العلماء ولما فتح الله به يتضح لنا أن كل لفظة تؤدي معناها من غير ما تكرار عار عن الفائدة , ويتأكد لكل ناظر فى كتاب الله أنه كتاب معجز فى لفظه ومعناه وأنه تنزيل من حكيم حميد غير أن ما فيه من الأسرار تحتاج إلى تحقيق قوله تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله ... , "نسأل الله ذلك وصلى الله على النبي الأمين محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[09 Oct 2006, 03:01 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
وتوضيح المسألة أن حرف " لو " وضع للملازمة بين أمرين يدل على أن الحرف الأول منهما ملزوم، والثاني لازم، وهي ترد في القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية المطهرة وفي كلام العرب على أربعة أحوال:
الأول: أن يلازم بين نفيين. ومثاله قوله تعالى: " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق." الثاني: أن يلازم بين ثبوتين. ومنه قول عمر رضي الله عنه:"] نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه."
الثالث: أن يلازم بين ملزوم مثبت ولازم منفي، ومثاله قول الله تعالى:" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله "
الرابع: أن يلازم بين ملزوم منفي ولازم ثابت. ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم:"لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم."
فالآية إذا من القسم الثالث، وقد تكفل ابن القيم يرحمه الله بدفع الاشكال الواقع في الآية بقوله: " فافهم نظير هذا المعنى في الآية، وهو عدم نفاد كلمات الله تعالى على تقدير أن الأشجار أقلام والبحار مداد يكتب بها. فإذا لم تنفد على هذا التقدير كان عدم نفادها لازماً له. فكيف بما دونه من التقديرات؟ "
ثم قال يرحمه الله: " فافهم هذه النكتة التي لا يسمح بمثلها كل وقت ولا تكاد تجدها في الكتب، وإنما هي من فتح الله وافضاله فله الحمد والمنة، ونسأله المزيد من فضله، فانظر كيف اتفقت القاعدة العقلية مع القاعدة النحوية. وجاءت النصوص بمقتضاهما معاً من غير خروج عن موجب عقل ولا لغة ولا تحريف لنص. "
ــــــــــــــ
(1) هذا من الأحاديث التي وضعها النحاة لبيان قاعدة "لو " قال العراقي وغيره:" لا أصل له ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث."
(2) رواه مسلم(/)
شرح مقدمة تفسير التسهيل لابن جزي الكلبي للدكتور مساعد الطيار: دورة علمية
ـ[بدر النفيعي]ــــــــ[10 Feb 2006, 03:34 ص]ـ
سيقوم الشيخ الدكتور مساعد الطيار -حفظه الله شرح مقدمة التسهيل للامام ابن جزي - رحمه الله -، والشرح سيكون في ثلاثة أيام في جامع البلوي بالمدينة، والدروس تُنقل بالبث الاسلامي www.liveislam.net
مواعيد الدروس:17 - 18 - 19 من هذا الشهر.
دمتم بخير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Feb 2006, 05:32 ص]ـ
بشرك الله بالجنة اخانا بدر والهمة ياطلبة العلم في تفريغ الشرح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:00 م]ـ
شرح مقدمة التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=21054)(/)
من تأويل: {وَمِن ثَمَرَاتِ ?لنَّخِيلِ وَ?لأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً}
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[10 Feb 2006, 05:40 م]ـ
قرأت الكلام الآتي بعد في أحد الملتقيات، فأحببت طرحه هنا و عرضه للمدارسة و المراجعة، تمحيصا للقول و إثراء للبحث، قال كاتبه أو نقل ما يلي:
[[ .... فالنسخ بمعناه الاصطلاحي مأخوذ من المعنى الثاني الذي ذكره لنا أئمة اللغة كما تقدم، يقول الامام ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
"فأما النسخ في الشرع فهو بمعنى الرفع والإزالة لا غير"
ثم يعرفه لنا فيقول:
"وحده رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه، ومعنى الرفع إزالة الشيء على وجه لولاه لبقي ثابتا" (روضة الناظر)
ودعني أوضح لك هذا التعريف:
• قوله "الحكم الثابت": اي ثبت من قبل بخطاب شرعي من كلام الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا يدخل فيه ما كان على أصله (البراءة الأصلية) ونزل فيه من بعد حكم شرعي، مثلا تحريم الربا لا يسمى نسخا لان حلها لم يثبت بخطاب شرعي قبلها وانما جاء الاسلام و الناس يأكلون الربا. أما تحريم الخمر فيسمى نسخا لانه قد ثبت اباحتها بنص كلام الله ثم حرم بعد ذلك.]]. انتهى قوله
* * *
- و قد سألت أحد الإخوة عن القول المذكور أعلاه: ((أما تحريم الخمر فيسمى نسخا لانه قد ثبت اباحتها بنص كلام الله ثم حرم بعد ذلك)) - فأجاب بما مفاده صحة هذا القول، مستشهدا بقول الله تعالى: {تتخذون منه سكرا و رزقا حسنا} أن السكر هنا: الخمر، و أن الله لا يمتن على عباده إلا بمباح.
- و هذا الجزء الأخير صحيح، و لكن القول إن الخمر قد ثبت إباحتها بنص كلام الله غير صحيح، و لا دلالة من الآية على ذلك،
و هناك فرق بين المباح بالنص عليه و بين المباح بالعفو عنه قبل نزول التحريم، على ما هو مقرر في علم الأصول.
فالخمر لم تثبت إباحتها بالنص أبدا، و لكن جاء الإسلام و وجد القوم يشربونها، فتدرج في التحريم. شأنها في ذلك شأن الربا،
و أما المغايرة بينهما في ذلك، فلا يبين لها وجه معتبرا، والقول في الخمر من هذه الناحية عين ما قيل في الربا: (تحريم الربا لا يسمى نسخا لان حلها لم يثبت بخطاب شرعي قبلها وانما جاء الاسلام و الناس يأكلون الربا)
- هذا و قد قال بعض المفسرين إن الآية منسوخة، و قال البعض الآخر إنها محكمة، و الثانى أولى، لأن الخمر وردت الأحاديث بالإخبار أنها: أم الكبائر، و أم الفواحش، و أم الخبائث،
و الأخبار الشرعية لا يدخلها النسخ، إذ هي إخبار عن حقيقة شرعية، فلا يدخلها النسخ، و لا ليست إخبارا عن حكم شرعي،
هذا من ناحية
و من ناحية أخرى: لا يصار إلى القول بالنسخ إلا إذا توارد الحكمين الشرعيين المتعارضين على محل واحد و موضوع واحد، أما إذا أمكن التوفيق بينهما و لو بتأويل يحتمله أحدهما فلا يقال بالنسخ، فإعمال النصين أولى من إهمال أحدهما، وفق القاعدة الأصولية المعروفة،
قال الإمام القرطبي في تفسيره:
""
الثانية ـ قوله تعالى: {سَكَراً} السَّكَر ما يُسْكِر؛ هذا هو المشهور في اللغة. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر. وأراد بالسَّكَر الخمر، وبالرزق الحسن جميعَ ما يؤكل ويشرب حلالاً من هاتين الشجرتين. وقال بهذا القول ابن جُبير والنَّخعِيّ والشَّعبِيّ وأبو ثور. وقد قيل: إن السَّكَر الخَلُّ بلغة الحبشة، والرزق الحسن الطعام. وقيل: السكر العصير الحلو الحلال، وسُمِّيَ سَكَراً لأنه قد يصير مسكراً إذا بقي، فإذا بلغ الإسكار حرم. قال ابن العربي: «أسَدّ هذه الأقوال قولُ ابن عباس، ويخرج ذلك على أحد معنيين، إما أن يكون ذلك قبل تحريم الخمر، وإما أن يكون المعنى: أنعم الله عليكم بثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه ما حرّم الله عليكم اعتداء منكم، وما أحل لكم اتفاقاً أو قصداً إلى منفعة أنفسكم. والصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر فتكون منسوخة؛ فإن هذه الآية مكية باتفاق من العلماء، وتحريم الخمر مدني».
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: فعلى أن السَّكَر الخَلُّ أو العصير الحلو لا نسخ، وتكون الآية محكمة وهو حسن. قال ابن عباس: الحبشة يسمّون الخلّ السَّكَر، إلا أن الجمهور على أن السكر الخمر، منهم ابن مسعود وابن عمر وأبو رزين والحسن ومجاهد وابن أبي لَيْلى والكَلْبِيّ وغيرهم ممن تقدّم ذكرهم، كلهم قالوا: السَّكر ما حرمه الله من ثمرتيهما. وكذا قال أهل اللغة: السكَر اسم للخمر وما يُسكر، وأنشدوا:
بئس الصُّحاة وبئس الشَّربُ شَربهُم إذا جرى فيهم المُزّاء والسّكَر
والرزق الحسن: ما أحله الله من ثمرتيهما. وقيل: إن قوله «تتخذُون مِنه سَكَراً» خبرٌ معناه الاستفهام بمعنى الإنكار؛ أي أتتخذون منه سكراً وتَدعون رزقاً حسناً الخلَّ والزبيبَ والتمر؛ كقوله: {فَهُمُ ?لْخَالِدُونَ} أي أفهم الخالدون. والله أعلم. وقال أبو عبيدة: السكَر الطُّعم، يقال: هذا سَكَر لك أي طُعم. وأنشد:
جعلتَ عَيْبَ الأكْرَمِين سَكَراً
أي جعلتَ ذمهم طُعماً. وهذا اختيار الطبري أن السّكَر ما يُطعم من الطعام وحَلّ شربه من ثمار النخيل والأعناب، وهو الرزق الحسن، فاللفظ مختلف والمعنى واحد؛ مثل
{إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ?للَّهِ}
[يوسف:86] وهذا حسن ولا نسخ .. ". انتهى
و بيان اختيار الإمام الطبري المذكور ما يلي:
" وقال آخرون: السَّكَرَ: هو كلّ ما كان حلالاً شربه، كالنبيذ الحلال والخلّ والرطَب. والرزق الحسن: التمر والزبيب. ذكر من قال ذلك:
حدثني داود الواسطيّ، قال: ثنا أبو أسامة، قال: أبو رَوْق: ثني قال: قلت للشعبيّ: أرأيت قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} أهو هذا السَّكَر الذي تصنعه النَّبَط؟ قال: لا، هذا خمر، إنما السكر الذي قال الله تعالى ذكره: النبيذ والخلّ والرزق الحسن: التمر والزبيب.
حدثني يحيى بن داود، قال: ثنا أبو أسامة، قال: وذكر مجالد، عن عامر، نحوه.
حدثني أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مندل، عن ليث، عن مجاهد: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} قال: ما كانوا يتخذون من النخل النَّبيذ، والرزق الحسن: ما كانوا يصنعون من الزبيب والتمر.
حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مندل، عن أبي رَوْق، عن الشعبيّ، قال: قلت له: ما تتخذون منه سَكَراً؟ قال: كانوا يصنعون من النبيذ والخلّ قلت: والرزق الحسن؟ قال: كانوا يصنعون من التمر والزبيب.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة وأحمد بن بشير، عن مجالد، عن الشعبيّ، قال: السَّكَر: النبيذ والرزق الحسن: التمر الذي كان يؤكل.
وعلى هذا التأويل، الآية غير منسوخة، بل حكمها ثابت.
وهذا التأويل عندي هو أولى الأقوال بتأويل هذه الآية، وذلك أن السكر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب. والثاني: ما طُعِم من الطعام، كما قال الشاعر:
جَعَلْتُ عَيْبَ الأكْرَمِينَ سَكَرَا
أي طعماً. والثالث: السُّكُون، من قول الشاعر:
جَعَلَتْ عينْ الحَرُورِ تَسْكُرُ
وقد بيَّنا ذلك فيما مضى. والرابع: المصدر من قولهم: سَكِرَ فلان يَسْكَرُ سُكْراً وسَكْراً وسَكَراً. فإذا كان ذلك كذلك، وكان ما يُسْكِر من الشراب حراماً بما قد دللنا عليه في كتابنا المسمى: «لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام» وكان غير جائز لنا أن نقول: هو منسوخ، إذ كان المنسوخ هو ما نَفَى حكمه الناسخ وما لا يجوز اجتماع الحكم به وناسخه، ولم يكن في حكم الله تعالى ذكره بتحريم الخمر دليل على أن السَّكَر الذي هو غير الخمر، وغير ما يسكر من الشراب، حرام إذ كان السكر أحد معانيه عند العرب، ومن نزل بلسانه القرآن هو كلّ ما طعم، ولم يكن مع ذلك، إذ لم يكن في نفس التنزيل دليل على أنه منسوخ، أو ورد بأنه منسوخ خبر من الرسول، ولا أجمعت عليه الأمة، فوجب القول بما قلنا من أن معنى السَّكَرَ في هذا الموضع: هو كلّ ما حلّ شربه مما يتخذ من ثمر النخل والكرم، وفسد أن يكون معناه الخمر أو ما يسكر من الشراب، وخرج من أن يكون معناه السَّكَر نفسه، إذ كان السَّكَر ليس مما يتخذ من النَّخْل والكَرْم، ومن أن يكون بمعنى السكون.
وقوله: {إنَّ فِي ذلكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يقول: فيما إن وصفنا لكم من نعمنا التي آتيناكم أيها الناس من الأنعام والنخل والكرم، لدلالة واضحة وآية بينة لقوم يعقلون عن الله حججه ويفهمون عنه مواعظه فيتعظون بها ". انتهى
* و كلمة " السكر " الواردة في الآية تحتمل ذلك المعنى، و تكون ألصق بالسياق، و أنسب لمعنى الامتنان المسوقة الآيات لبيان بعض وجوهه، و خروجا مما لا ضرورة القول به من النسخ،
* جاء في الْمَطَالِبُ الْعَالِيَةُ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ، كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، فَضْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:
" رَجُلًا جَلَبَ سَكَرًا إِلَى الْمَدِينَةَ فَكَسَدَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ
ح 4146 وقال مسدد: ثنا حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين: قال: إن " رجلا جلب سكرا إلى المدينة فكسد عليه، فقالوا له: ائت عبد الله بن جعفر، فأتاه فاشتراه منه بده دوازده وقال: من شاء أخذ فقال الرجل: آخذ معهم؟ قال: خذ " *
هذا و الله تعالى أعلم
و الموضوع الأصل: هل إباحة الخمر - قبل التحريم - ثبتت بنص كتاب الله عزَو جلَ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[10 Feb 2006, 08:40 م]ـ
تصويب و استدراك
وقعت بعض الأخطاء سهوا، و وجب تصحيحها:
فلا يبين لها وجه معتبرا: الصواب: معتبر
و لا ليست إخبارا عن حكم شرعي: الصواب: و ليست
إلا إذا توارد الحكمين الشرعيين المتعارضين: الصواب: الحكمان الشرعيان المتعارضان
و خروجا مما لا ضرورة القول به من النسخ: الصواب: للقول به
فمعذرة ثم معذرة
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[11 Feb 2006, 10:40 ص]ـ
يؤيد ما قال الدكتور (أبو بكر)، فهم عمر بن عبد العزيز رحمهما الله تعالى وغفر لهما.
قال عبدُ الملك بن عمرَ بن عبد العزيز لأبيه: يا أبتِ، مالك لا تنفذ الأمور؟ فوالله لا أبالي في الحق لو غلت بي وبك القُدور. فقال له: لا تَعجل يا بنيّ، فإن الله تعالى ذَم الخمر في القرآن مرتين وحَرَّمها في الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الحقّ على الناس جملةً، فيدعوه، وتكونَ فتنة. انظر: العقد الفريد، ابن عبد ربه 1/ 40.
فعمر هنا اعتبر أن النص في الآية الكريمة (في سورة النحل) ذم، وهو صحيح.
فالآية الكريمة تتحدث عن واقع حال الناس الذين كانوا يتخذون من النخيل والأعناب:
1. سكراً (الخمر بحسب من فسره بذلك).
2. رزقا ًحسناً (العنب والتمر ـ بحالات درجة نضجه ـ ونواه والدبس والخل والانتفاع بورق الشجر وساقه .. )
وفي الآية الكريمة تعريض بالخمر بحسب مفهوم المخالفة، والعطف الذي يفيد المغايرة ...
فهي ليست " رزقاً حسناً ".
والإشارة بأنها ليست رزقاً حسناً، ذمٌّ لها لا مدح (كما قال عمر).
وتستطيع بعد تقرير ذلك الاستشهاد بآيات وأحاديث تحث على التماس الرزق الطيب والابتعاد عما فيه حرمة أو حتى شبهة، وأنت أستاذنا في ذلك.(/)
هل من تعريف بكتاب المكتفى
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Feb 2006, 05:34 ص]ـ
احبتي طلبة العلم هل من تعريف بكتاب المكتفى في تفسير الايات للحافظ أبو عمرو الداني من حيث ماأحسن طبعة؟ وماأحسن تحقيق؟
ـ[الميموني]ــــــــ[11 Feb 2006, 02:16 م]ـ
المكتفى للإمام الداني: (ت: 444
ليس في التفسير و إنما في الوقف و الابتداء و لكنه يتعرض كثيرا لمعاني الآيات
و له طبعتان
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Feb 2006, 07:24 م]ـ
أحسن الله اليك ياشيخ عبدالله وغفر الله لنا ولك
ـ[الجكني]ــــــــ[19 Jun 2006, 01:05 ص]ـ
الكتاب المطبوع الآن والذي حققه المرعشلي هل هو:
1 - المكتفي
أو هو:
2 - الإكتفاء
فهيا يا حماة تراث علوم القرآن
المسألة تحتاج إلى بحث
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 Jun 2006, 11:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الكتاب له عدة أسماء: " المكتفى في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل " و" الاكتفاء "و" الوقف التام " و" الوقف الكافي والحسن في كتاب الله " انظر: المكتفى في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ص 43، ومؤلفه هو الإمام المقرئ أبوعمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي المتوفى سنة 444 هـ حققه الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي عدد صفحاته 704، وليس هو في التفسير و إنما هو في الوقف و الابتداء ولكنه يتعرض كثيرا لمعاني الآيات كما ذكره الأخ الميموني جزاه الله خيراً، والكتاب طبعته مؤسسة الرسالة بيروت عام 1407 هـ، الطبعة الثانية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[السائح]ــــــــ[19 Jun 2006, 04:36 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كتاب الاكتفاء لأبي عمرو الداني غير كتابه المكتفى.
واسمه: الاكتفاء في معرفة الوقف والابتداء.
وله كتاب آخر هو: الاكتفاء في الوقف على (كلاّ) و (بلى) واختلاف العلماء فيها (أو فيهما).
وقد شرح ذلك وأقام الأدلة عليه: الأستاذ عبد الهادي حميتو في كتابه معجم مؤلفات الحافظ أبي عمرو الداني (444) إمام القراء بالأندلس والمغرب وبيان الموجود منها والمفقود ص20.
ـ[الجكني]ــــــــ[19 Jun 2006, 05:20 م]ـ
وأضم صوتي لما ذكره الأخ السائح،مع أني والله يشهد علي لم أطلع حتي هذه اللحظة على بحث الدكتور حميتو، ولكن هي بتائج توصلت إليها بعد البحث وآمل بمن عنده كتاب د/ حميتو أن ينقل ما ذكره هنا حتي نطلع عليه،لأنها مسألة مهمة،وعندي مفاجأة أخري،وهي كتاب "التنبيه" الذي نسبه ابن الجزري رحمه الله تعالى للداني في النشر:1/ 398هل هو له أم لا؟
الهمة يا حماة تراث علوم القرآن
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 Jun 2006, 11:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ السائح لعلك تراجع مقدمة كتاب المكتفى فإن المحقق وهو الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ذكر له عدة أسماء: " المكتفى في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل " و" الاكتفاء "و" الوقف التام " و" الوقف الكافي والحسن في كتاب الله " انظر: المكتفى في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل ص 43، وذكر أيضاً في مقدمته عدة صورلعناوين أصول المخطوطات بتلك العناوين المذكورة وهي لكتاب واحد، وما دام مضمون الكتاب شيء واحد فالذي يتجه أنه كتاب واحد وله عدة أسماء كما قرره الدكتورالمرعشلي وأقام الأدلة على ذلك، قال حاجي خليفة: المكتفى في الوقف والابتداء للامام الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى سنة 444 أربع وأربعين وأربعمائة وهو وسط حسن كما ذكره الجعبري. كشف الظنون 2/ 1812
ولم يذكر الاكتفاء في الوقف والابتداء ولا بقية الأسماء التي ذكرها المرعشلي في مقدمة تحقيقه، فمن الجائز أن يكون الأستاذ عبد الهادي حميتو وهم في جعلهما كتابين، فكيف يكون كتابين وموضوعهما واحد؟ ألا يكون فيه شيء من البعد؟ والأخ الجكني الذي قال: وأضم صوتي لما ذكره الأخ السائح،مع أني والله يشهد علي لم أطلع حتى هذه اللحظة على بحث الدكتور حميتو، ولكن هي بنتائج توصلت إليها بعد البحث وآمل بمن عنده كتاب د/ حميتو أن ينقل ما ذكره هنا حتي نطلع عليه. وعندي سؤال ما هي النتائج توصلت إليها بعد البحث وحتى ضميت صوتك إلى الأخ السائح وقررتما بأن الاكتفاء في الوقف والابتداء غير المكتفى في الوقف والابتداء، فكان على الأخ الجكني أن ينتظر في ضم صوته وحتى ينقل إليه ما كتبه د حميتو ويطلع عليه على حسب طلبه، وأكرر القول لعلكما تراجعا مقدمة كتاب المكتفى وما قام به الدكتور المرعشلي من التوثيق لنسخ الكتاب المذكور، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[20 Jun 2006, 08:12 ص]ـ
إضافة إلى ما سبق في كتاب المكتفى في الوقف والابتداء ص 115 - 118 كتاب المكتفى في الوقف والابتداء هو صفحة العنوان في نسخة صنعاء اليمن، 531 هـ / 1136م، وفي نسخة حلب 712 هـ / 1312 م، ونسخة دمشق رقم (293) 806 هـ / 1403 م، ورقم (5804) 1240 هـ / 1824 م، وفي آلمانيا الشرقية بدون تاريخ، وفي ص 116 كتاب المكتفى في معرفة الوقف التام والكافي والحسن في كتاب الله عز وجل هو صفحة العنوان في نسخة دمشق رقم (294) (674 هـ / 1275 م، وفي نسخة برلين، وصفحة العنوان كتاب الاكتفاء، والوقف التام والحسن لأبي عمرو الداني في نسخة الجامعة الآمركية - بيروت بدون تاريخ وكل هذه العناوين المختلفة هي لكتاب واحد فقط وموضوعه واحد وصللى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[20 Jun 2006, 01:41 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي أبا عبد الله المصطفى وفقك الله.
هذا ما طلبتَه مني أرجو أن تتأمل فيه.
قال الأستاذ عبد الهادي حميتو في كتابه معجم مؤلفات الحافظ أبي عمرو الداني (444) إمام القراء بالأندلس والمغرب وبيان الموجود منها والمفقود ص 20 - 21:
كتاب الاكتفاء في معرفة الوقف والابتداء.
هو غير كتابه المعروف باسم " المكتفى " كما سيأتي.
وقد جاء ذكرهما معًا في الفهرست المنشور (1)؛ فدلّ على أنهما كتابان لا كتاب واحد.
ويدل على أنه غير كتاب المكتفى: ما نقله عنه الحافظ ابن الجزري في كتاب التمهيد عند ذكره للوقف على " كلاّ " ونقلِه في الاحتجاج لبعض مواضعها بيتًا للعجّاج الراجز قال فيه:
قد طلبتْ شيبانُ أن ننساكمُ ... كلاّ ولمّا تصطفق مآتمُ
قال ابن الجزري: هكذا أنشده أبو عمرو الداني في كتابه " الاكتفاء في الوقف والابتداء " (2).
ولا وجود لهذا الشاهد في (المكتفى)؛ مما يدل على أن كتاب الاكتفاء كتاب مستقل عنه (3).
وقد ذكر كتاب الاكتفاء بهذا الاسم: ولدُ ابنِ الجزري في شرحه لطيبة النشر لوالده (4).
وذكر الإمام الزركشي في البرهان أن ابن نافع ألّف كتابًا كبيرًا تعقّب فيه على صاحب الاكتفاء واستدرك عليه مواقف كثيرة (5).
وقال ابن الجزري في النشر عند ذكر قوله تعالى: (ألاّ يسجدوا لله) في سورة النمل:
قال أبو عمرو الداني في كتابه " الوقف والابتداء ":
كما حذفوها في قولهم: "يبنؤم " في (طه) على مراد ذلك.
ولا وجود في كتاب المكتفى لِما نقله ابن الجزري (7)؛ فدلّ هذا على أن النقل عن كتاب الاكتفاء المذكور أو عن غيره مما ألفه الداني في الموضوع، كما سيأتي عند ذكر كتاب الاهتداء له.
ولا شك أن هذا التفنن في ذكر أسماء كتب أبي عمرو من لدن المؤلفين والناقلين مما يزيد في الإشكال في نسبة النصوص إلى مصادرها الأصلية، لا سيما عند تعدد المؤلفات في الموضوع الواحد.
ثم ذكر:
كتاب الاكتفاء في الوقف على كلاّ وبلى واختلاف العلماء فيها.
قال: بهذا العنوان ورد ذكره في الفهرست المطبوع، ورقمه في مؤلفات أبي عمرو: 33.
وقد أشار إليه المؤلف نفسه في كتاب المكتفى دون أن يسمّيه " الاكتفاء "، فقال في سورة البقرة: وقد ذكرت الوقف على كلاّ وبلى مجرّدًا في كتاب أفردتُه لذلك (8).
كما أحال عليه في الكتاب نفسِه في سورة مريم (9).
أما النقل عنه؛ فقد وقفتُ عليه عند ابن القاضي في بعض كتبه (10) وعند الإمام علي النوري الصفاقسي في غيث النفع (11) دون تصريح منهما بالعنوان.
--------------------------
(1) ذكر كتاب الاكتفاء برقم: 21 ثم أتْبعه بكتاب المكتفى برقم: 22.
(2) ذكره في باب القول في كلاّ: التمهيد ص179 وذكر نحوًا من ذلك ص68.
(3) انظر كلام محقق التمهيد بهامش ص180، وانظر فهارس الأشعار والقوافي آخر المكتفى المطبوع ص684 للتأكد من عدم ورود الشاهد في كلام الداني في الكتاب.
(4) شرح طيبة النشر: 48.
(5) البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 347، ولم أقف على المراد بابن نافع.
(6) النشر 2/ 337.
(7) انظر سورة النمل من كتاب المكتفى: 429.
(8) المكتفى: 171.
(9) المكتفى: 377.
(10) انظر كتابه القول الفصل في اختلاف السبعة في الوقف والوصل عند قوله تعالى في سورة البقرة (قالوا الآن جئت بالحق).
(11) غيث النفع في القراءات السبع بهامش سراج القارئ المبتدي: 210.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[20 Jun 2006, 06:56 م]ـ
جزاك الله خيراً فهل ترى أن ما نقله الأستاذ عبد الهادي حميتو مسلم أم أنه قابل للنقاش؟ فإذا كان قابل للنقاش فالذي أراه أن الكتاب موضوعه واحد وهو الوقف والابتداء وهو كتاب واحد وله عدة أسماء وكون بعض النسخ فيها ما ليس في غيرها فهذا من اختلاف النسخ مثل موطإ مالك فهو كتاب واحد وبعدة روايات رواية يحي الليلثي، ورواية ابن زياد، ورواية ابن القاسم، ورواية القعنبي، ورواية محمد بن الحسن، ورواية أبي مصعب، ومثل روايات مسائل الإمام أحمد بن حنبل، وكذلك كتاب أبي عمرو الداني الوقف والابتداء له عدة أسماء كما سبق ذلك " المكتفى في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل " و" الاكتفاء "و" الوقف التام " و" الوقف الكافي والحسن في كتاب الله " فكل ما ذكره عبد الهادي حميتو غاية ما فيه أن كتاب الاكتفاء في الوقف والابتداء لأبي عمرو الداني وهذا بلا خلاف ولكن ما ذا قال عن بقية الأسماء " الوقف التام " و" الوقف الكافي والحسن في كتاب الله " هل هي نفس كتاب المكتفى أو الاكتفاء أم هي غيرهما؟ وعلى كل حال الذي أراه أنه كتاب واحد موضوعه واحد وله عدة أسماء فمن قال الاكتفاء، أو المكتفى، أو الوقف التام، أو الوقف الكافي الحسن، كل هذه الاسماء مؤداها واحد فهي لكتاب واحد موضوعه واحد ومؤلفه واحد، ومن أراد التفاصيل فليرجع إلى المصادر السابقة والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[20 Jun 2006, 08:30 م]ـ
وإياك فجزى الله خيرًا.
أخي الكريم الأمر لا يُحسم بما ذكرتَ وفقك الله.
ولا بد قبل الكلام عن أبي عمرو الداني وكتبه من استقراء كتبه وما كُتِب حولها، وهذا ما أحسب الأستاذ وثلّةً قليلةً من أهل عصرنا وُفِّقوا إليه توفيقًا عظيمًا.
ولا يخفى على الأستاذ عبد الهادي أن المكتفى قد سُمِّي بأسماء كثيرة، وقد نص في كتابه ص73 أن المكتفى قد ذُكِر في الفهرس المنشور باسم: المكتفى في الوقف التام والكافي والحسن
قال: وينحوه ذكره المنتوري.
وعلى كل حال الذي أراه أنه كتاب واحد موضوعه واحد وله عدة أسماء فمن قال الاكتفاء، أو المكتفى، أو الوقف التام، أو الوقف الكافي الحسن، كل هذه الاسماء مؤداها واحد فهي لكتاب واحد موضوعه واحد ومؤلفه واحد
قد سبق أن للداني غيرَ كتابٍ في الوقف والابتداء منها: الاكتفاء في الوقف على كلا وبلى واختلاف العلماء فيهما.
فهل ترى أنه اسم من أسماء كتاب المكتفى.
ولو تأملتَ في مقدمة المرعشلي بين يدي كتاب المكتفى لرأيته ذكر من كتب الداني: كتاب الاهتداء في الوقف والابتداء.
وفيما ذكره المرعشلي تجاذب أوضحه الأستاذ عبد الهادي ص21 - 22.
وقد نقل ص22 عن المكتفى:157 ما يدل على تعدد مؤلفات الداني في موضوع الوقف والابتداء، وهذا نص ما نقله:
" وقد ذكرتُ ما يُكره الوقف عليه من المُبْدَل منه دون البدل ... في كتاب الوقف والابتداء مُمَثَّلاً مشروحًا؛ فأغنى عن إعادته ههنا، وبالله التوفيق ".
ومن كتب أبي عمرو في خصوص الوقف على المرسوم: كتاب التحبير لمذاهب القراء في الوقف على المرسوم.
وقد أجاد الأستاذ عبد الهادي في الكلام عنه وأفاد ص29 - 30.
وذكر ص75 كتابه الذي أفرده في مسألة الوقف على الهمز.
والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.
ـ[الجكني]ــــــــ[20 Jun 2006, 09:08 م]ـ
أقول لأخي أبو عبد الله:وهل ترى أنت أن ما ذكره/ المرعشلي غير قابل للنقاش؟
لن أعيد ما ذكره د/ حميتو،بل سأضيف ما أراه قد يساعد على توضيح أن ادعاء أن هذه الأسماء الثلاثة إنما هي لكتاب واحد قول ينقصه شيء من التحقيق،فأقول وبالله تعالى التوفيق:
1 - قال د/ المرعشلي أثناء وصف النسخ:1 - اختلاف البداية في كل نسخة،علاوة على اختلاف تسمية الكتاب واسم المؤلف،فبعض النسخ يسمى الكتاب بالمكتفى وبعضها بالاكتفاء وبعضها بالوقف التام والوقف الكافي والحسن "ص104
قلت: أمن المعقول والمعروف في عالم التحقيق وقوع مثل هذا الاختلاف الجوهري بين نسخ الكتاب الواحد لو كان الموجود نسخاً قليلة منه،فما بالك والمحقق نفسه ذكر أنه "حصل على 29نسخة خطية "أليس هذا مدعاة للوقوف والاستفسار عن السبب؟ لكن يظهر أن المحقق في ذهنه مسبقاً أن كل هذه الأسماء لكتاب واحد فصار كل ما يأتى ذكر أحدها يقول "وهو الكتاب الذي بين أيدينا "
2 - وجود عناوين على بعض النسخ ليست هي أحد الأسماء الثلاثة، مثل ما ذكر المحقق في النسخ:4و8و11و18و27 علماً بأن النسخة رقم (4) عنوانها "كتاب الوقف لأبي عمرو " وخاتمتها "كتاب المكتفي "0
3 - وهنا سؤال آمل من أبو عبد الله التكرم بالإجابة عليه وهو: لماذا عدل المحقق عن اسم الكتاب الذي أشار إليه المؤلف في ديباجة كلامه وهو قوله رحمه الله:"أما بعد فهذا كتاب "الوقف التام والوقف الكافي والحسن في كتاب الله تعالى " فكان من الأولى علمياً جعل هذا هو عنوان الكتاب على الأقل للخروج من هذه المشاكل 0
4 - قال الداني رحمه الله تعالى:"وقد ذكرت ما يكره الوقف عليه من المبدل منه دون البدل ومن تقديم المنعوت دون النعت ومن المعطوف عليه دون العطف ومن المؤكد دون التوكيد وشبه ذلك في "كتاب الوقف والابتداء" ممثلاً مشروحاً فأغنى ذلك عن إعادته ههنا "ص: 157
وليس في الكتاب من بدايته إلى هنا ذكر لما أحال عليه،مع أننا لوسلمنا جدلياً بأنه كتاب واحد فليس من المتعارف عليه في التأليف الإحالة إلى نفس الكتاب بمثل هذا الأسلوب 0
والعجب أن المحقق أشار في الحاشية بقوله:انظر باب ذكر تفسير الوقف القبيح من مقدمة المؤلف ص148" وبالرجوع إلى ذلك لم أجد فيه شيئاً من المذكور إذ ليس فيه تعرض للمبدل منه دون البدل ولا المؤكد دون التوكيد 000،مما يدل دلالة واضحة أن المؤلف يشير إلى كتاب آخر من كتبه والله أعلم0
5 - وهناك نقل نقله ابن الجزري في النشر:1/ 257قال:قال - الداني - في كتابه الاكتفاء 0000الخ والنص موجود في هذا المطبوع بعنوان المكتفي 0
أما تشبيهك بالروايات لموطأ الإمام مالك رحمه الله، فلا قياس (تشبيه) مع وجود الفارق،تلك روايات مختلفة لاسم كتاب واحد،وهنا عدة أسامي لكتاب واحد0
وبعد كل هذه الملحوظات ألا يحق للباحثين أن يثيروا هذا الآشكال 0
والله من وراء القصد0
ـ[الجكني]ــــــــ[20 Jun 2006, 09:12 م]ـ
الأخ السائح: آمل التكرم بما ذكره د/ حميتو عن كتاب "التنبيه " المنسوب في النشر:1/ 398للداني حيث إني أشك في ذلك بدليل علمي عندى 0
واله من وراء القصد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[21 Jun 2006, 08:23 ص]ـ
إخوتي الأعزا فما المانع أن يكون كتاباً واحداً موضوعه واحداً وله عدة أسماء؟ وخير الكلام ما قل ودل، واختلاف عناوين النسخ أو مضمونها له مسوغات كثيرة منها أن يكون حصلت إضافات من المؤلف لبعض النسخ دون الأخرى، أوأن يكون غير عنوان بعض النسخ دون الأخرى بعد ما انتشرت النسخ الأخرى وصارت بها الركبات في الآفاق مع طول الزمن وعدم الطباعة في أيام المؤلف، ومما يدل على أنه كتاب واحد أنه لم يطبع حسب علمي إلا بسم المكتفى مع حرص دور النشر والباحثين على طباعة الكنب وخاصة الكتب التي يعتبرونها من النوادر ولعل ذلك لقناعتهم بأنه كتاب واجد بعدة عناوين، ومثله مثل الكتب التي تعددت أسماؤها واتحد مضمونها مثل تفسير الرازي يقال له (مفاتيح الغيب)، ويقال له (تفسير الرازي)، ويقال له (التفسير الكبير)، وتفسير الطبري، وتفسير القرطبي كلاهما متعدد الأسماء وهو كتاب واحد موضوعه واحد ومؤلفه واحد، وكذلك موطأ مالك كتاب واحد بعدة روايات كلها ثابتة عن الإمام مالك رحمه الله، بعضها يزيد عن الأخرى أو ينقص لأن بعض رواة تلك الروايات سمع من الشيخ ما لم يسمعه الآخر فروى عن الشيخ ما سمع منه وحدث بما سمع فلذك اختلفت روايات الكتاب وهو كتاب واحد، فلا فرق بينه وبين غيره من الكتب التي اختلفت عناوينها أو مضمونها وهي كتاب واحد، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه وبرضاه والسلام عليكم ورخمة الله وبركاته.
ـ[السائح]ــــــــ[22 Jun 2006, 08:15 ص]ـ
ومما يدل على أنه كتاب واحد أنه لم يطبع حسب علمي إلا بسم المكتفى مع حرص دور النشر والباحثين على طباعة الكنب وخاصة الكتب التي يعتبرونها من النوادر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لم يُطبع كتاب الاكتفاء لأنه لم يُوقَف عليه إلى الآن، وليس السبب في ذلك أنه نسخة من نسخ كتاب المكتفى، بل قد سبق ما يدل على أن نصَّيْن قد عُزِيَا إلى الاكتفاء لا يوجدان في نسخ المكتفى على كثرتها ووفرتها.
الأخ السائح: آمل التكرم بما ذكره د/ حميتو عن كتاب "التنبيه " المنسوب في النشر:1/ 398 للداني حيث إني أشك في ذلك بدليل علمي عندى 0
أخي الأستاذ الجكني، قد ذكر الكتابَ الذي أشرتَ إليه ص41 ولم يُطرِّق إليه شكًّا، بل نقل قول ابن الجزري: " وعند الداني في غير " التيسير ".
وقال في كتابه " التنبيه ": إنه قرأ بالوجهين ".
ثم قال: فهذا التشريك في الضمير والنسق بالعطف يفيد أن الكتابين معًا للداني.
وكان قد ذكر ص40 كتاب التنبيه على مذهب أبي عمرو في الفتح والإمالة بالعلل.
ثم ذكر كتاب التنبيه على النقْط والشكل، نقلاً عن صبح الأعشى 3/ 12 - 14 ومفتاح السعادة 1/ 74 وكشف الظنون 1/ 493.
وذكر أيضًا ص41 كتابه التنبيه على الخطإ والجهل والتمويه، وهو مطبوع.
وليتك تتكرم بذكر الدليل الذي جعلك تشك في صحة نسبة الكتاب الذي عزاه ابن الجزري إلى الداني.
والله ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم طريق.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[22 Jun 2006, 09:38 ص]ـ
جزاك الله خيراً قد ذكرنا في الموضوع ما فيه كفاية ولا داعي لتكرار الكلام فهو كتاب واحد وموضوعه واحد ومؤلفه واحد ولا داعي إلى التكلف في جعلهما كتابين، والوقت ثمين وغال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[السائح]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:18 ص]ـ
الخطب سهل لا يستحق هذا كله.
وعفا الله عني وعنك أتصف ما تقدم بالتكلف؟
والمسألة مطروحة للبحث، فإن لم يتسع صدرك فأرجو أن تنأى عن تلك العبارات التي لا يليق أن تصدر من مثلك.
ونعم الوقت غالٍ ثمين، لكنني أرجو أن تكْسُوَ ألفاظك أحاسنها.
والعلم رحمٌ بين طلبته.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:57 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاك الله خيراً أيها السائح أنا صدري متسع للكل ولن يضيق وأي شيء يضايقني، كونه كتاب واحد أو كتابين لايضيق ذلك صدري، وأي عبارة لا تليق؟ وقولك " تكْسُوَ ألفاظك أحاسنها " فالرجاء التأدب في الأقوال وأن تترك الخروج عن الموضوع بل تحبس كلامك على الموضوع الذي يهمك وهو موضوع الكتاب هل هو كتاب واحد أو كتابين فلا تخرج عنه إلا إلى خير منه، مع أنه علم لا يتفع وجهل لايضر إنما هو من باب فضول العلم وضياع الوقت وما هي الفائدة المرجوة وراء الجميع؟ ولعل ما سبق فيه الكفاية في الموضوع إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الجكني]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:29 م]ـ
الأخ السائح وكل من له اهتمام بتراث الإمام الداني رحمه الله تعالى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ذكر الإمام ابن الجزري رحمه الله في النشر:1/ 398مسألة عن ورش ونسبها للداني في كتابه (التنبيه) وقبل التعليق على هذا أنقل النص كاملاً كما هو في النشر،قال ابن الجزري رحمه الله:
"واختلف عن الأزرق عن ورش في كيفية تسهيلها- أرأيتكم وأمثالها - فروى عنه بعضهم إبدالها ألفاً خالصة وإذا أبدلها مدّلالتقاء الساكنين مدّاً مشبعاً على ما تقرر في باب المد،وهو أحد الوجهين في التبصرة والشاطبية والإعلان،وعند الداني في غير التيسير،وقال في كتابه "التنبيه " أنه قرأ بالوجهين 0انتهى
فهذا نص صريح منه رحمه الله على نسبة الكتاب للداني 0
لكن: هل هذه النسبة صحيحة،وهل كلام هذا الإمام الحافظ،أعني ابن الجزري،في محله؟
الذي اتضح بعد البحث والتحقيق أن ابن الجزري هنا وقع في (وهم) أوقعه فيه - والله أعلم -:
1 - إما الاعتماد على ذاكرته - والذاكرة دائما ما تخون - 0
2 - وإما خلل في المصدر الذي نقل عنه 0
والذي يظهر هو السبب الأول،لأن المصدر موجود وليس فيه هذا الوهم 0
الذي أريد قوله هو:
إن هذا الكتاب لاعلاقة للداني به،وليس هو له أصلاً،بل هو كتاب للإمام مكي بن أبي طالب رحمه الله تعالى،والدليل على ذلك:
1 - ابن الجزري نقل هذه المسألة برمتها من كتاب "الدر النثير والعذب المنير "للمالقي رحمه الله تعالى، وكعادة ابن الجزري لم يصرح بهذا،مع أنه نقل حرفي،بل تكرر منه هذا الفعل مرات،فكم من تحقيقات في النشر هي الآن منسوبة لابن الجزري وهي للمالقي رحمه الله، وهذه قضية أخري أحببت الإشارة إليها هنا 0
أقول:هذه المسألة برمتها في الكتاب المذكور، والذي حصل لابن الجزري هوأنه حاول الاختصار والتنويع في النقل عن طريق التقديم والتأخير فوقع في هذا (الوهم) 0،وأترك الإمام المالقي نفسه يبين ذلك،قال رحمه الله تعالى:
" ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في ترجمة (أرأيتكم):وقد قيل عن ورش أنه يبدلها ألفاً وهو أحري في الرواية،لأن النقل والمشافهة إنما هو بالمد عنه وتمكين المد إنما يكون مع البدل وجعلها بين بين على أصول العربية،وذكر في كتاب "التنبيه "أنه قرأ بالوجهين لورش،ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنما هو بين بين كقالون لا غير 0انتهى:2/ 231
ومعلوم باستقراء الكتاب أن "الشيخ " هو مكي،و"الحافظ " هو الداني،و"الإمام " هو ابن شريح،وأيضاً ذكر - المالقي - في خاتمة كتابه مصادره التي اعتمد عليها فقال:منها للشيخ أبي محمد مكي أربعة كتب وهي التبصرة والكشف والتذكرة والتنبيه 0انتهى:2/ 312 وعندما ذكر كتب الداني قال إنه أخذ من (عشرة) منها ولم يذكر (التنبيه) فيها 0
وأيضاً بالرجوع إلى كتب الداني المعتمدة في الإقراء كالتيسير وجامع البيان لم أجد التصريح منه بأنه قرأ بالوجهين 0
كل ذلك أكد عندي (وهم) ابن الجزري في نسبته هذا الكتاب للداني ‘مع أنه لمكي 0والله أعلم 0
والله من وراء القصد
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[23 Jun 2006, 01:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: أحمد الله تعالى على عودة الملتقى وكنت قد انقطعت عنه منذ أن انقطع هو، فمنعت عنه وعن الإنترنت بسبب تكالب الأمراض شفاكم الله وعافاكم
ثانيا: الأخ السالم أتمنى أن تكون بخير وعافية
ذكر الداني أنه قرأ بالوجهين في جامع البيان في أول باب الهمزتين من كلمة وكما ذكر في التعريف التسهيل فقط دون الإبدال
ثالثا: لعل كتاب التنبيه الذي ذكره الحافظ ابن الجزري يعني بها رسالة الداني في الرد على المهدوي
(يُتْبَعُ)
(/)
أو أنه تحرف اسم الكتاب في نسخ النشر
وإن كنت أميل إلى ما ذكرته - أنت حفظك الله - ودللتنا عليه، لكن تخطئة مثل ابن الجزري تحتاج إلى تروي ومراجعة.
وفقت وسددت للخير.
وأما الخلاف الدائر هنا على كتاب المكتفى فنصَّ الداني أنه ألف رسالة أو كتابا في كلا وبلى.
وأما النصُّ بأن اسمه الإكتفاء فلم يظهر من الأدلة التي ذكرها الإخوان هنا ما يشير إلى الجزم بذلك
والله الموفق
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jun 2006, 02:58 ص]ـ
أخي الشيخ عاصم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله على عودتك،وأدعو الله عز وجل أن يلبسني وإياك ثوب الصحة والعافية 0
أخي: لو تكرمتم علينا برقم الصفحةأو الورقة من جامع البيان ‘فإني لم أقف على ما ذكرتم، خاصة وأن المسألة يذكرها أهل القراءات في الفرش (سورة الأنعام) 0
وأما احتمال أن الداني ذكرها في كتاب "التنبيه" في الرد على المهدوي فيقدح فيه عندى أمور،أهمهاأنه ليس (مظنة) لتقرير مذهب الداني في القراءة،وليس من عادة ابن الجزري فعل ذلك 0
وأما مسألة تحريف اسم الكتاب في نسخ النشر فأقول:من نعم الله على العبد الضعيف أن وفقه لتحقبق النشر على (ثماني) نسخ خطية،قوية، ثلاثة منها لم تتوفر للشيخ دهمان،وواحدة منها قرئت على ابن الجزري نفسه في خمسين مجلساً وقيدت كل المجالس فيهابالقرب من بيت الله الحرام، وكلها ليس فيها ما يدل على التصحيف أو التحريف في اسم الكتاب 0
وأما موضوع تخطئة ابن الجزري،فلست ممن يخطيء العلماء وليس ذلك من مشربي، وإنما هي معلومة (وهم) فيها الشيخ،وشتان بين (التوهيم) و (التخطئة)،ومن يعرف ابن الجزري يجزم بأنه لايجهل أن كتاب (التنبيه) هو لمكي وليس للداني 0لكن الله تعالى لم يكتب العصمة إلا لكتابه 0
وبمناسبة الحديث عن ابن الجزري فإني أسأل سؤالاً عاماً:
هل شرح ابن الجزري "ألفية ابن مالك "؟
والله من وراء القصد0
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Jun 2006, 10:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الدكتور السالم الجكني حفظك الله أردت أن توسع دائرة البحث عن تراث أبي عمرو الداني من انتقالك من كتابه المكتفى إلى كتابه التنبيه ونفيت كتاب التنبيه عنه وقلت: لا علاقة لأبي عمرو الداني به وإنما هو لمكي بن أبي طالب وما ذكره ابن الجزري من نسبة الكتاب لأبي عمرو الداني غير صحيح إلى آخر كلامك ... والصحيح أن كتاب التنبيه هولأبي عمرو الداني كما ذكره ابن الجزري، واسمه بالكامل التنبيه على مذهب أبي عمرو في الفتح والإمالة (بالعلل) وهو من ضمن مؤلفاته، وما ذكره ابن الجزري من نسبة الكتاب إليه صحيح، ولعلك استعجلت في نفي الكتاب عن مؤلفه. انظر معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 328، وطبقات المفسرين 1/ 375، وفهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني تحقيق غانم قدوري الحمد ص 21 رقم التسلسل لكتاب التنبيه للداني (32)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبو عبد الله محمد مصطفى الشنقيطي إدارة التوجيه والإرشاد قسم الإفتاء والإرشاد بالمسجد النبوي.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Jun 2006, 12:24 م]ـ
إضافة إلى ما سبق لأبي عمرو الداني أيضاً كتاب (رسالة التنبيه) على الخطإ والجهل والتمويه. فهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني تحقيق الدكتور غانم قدوري الحمد ص 33.
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jun 2006, 01:30 م]ـ
أخي أبو عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
العبد الضعيف لم يقل "وما ذكره ابن الجزري غير صحيح " إنما قال:"وهم " بفتح الهاء أو سكونها،ولا زلت أقول ذلك حتي يأتي دليل علمي مجرد عن النقل دون تحقيق و عن العاطفة،فإنك يا أخي (تسرعت) في كلامك وحكمك بأن الكتاب الذي نتكلم فيه هنا هو كتاب (التنبيه على مذهب أبي عمرو) بل ووثقت معلومتك من كتابي معرفة القراء وطبقات المفسرين،فإن كنت تقصد اللذين للذهبي والداوودي فليس فيهما إلا تسمية الكتاب ب (الفتح والإمالة) ولم يسمياه ب (التنبيه) حتي ولو سمياه به فمن أين لك أن الكتاب المذكور في النشر هو هذا الكتاب ولم - بكسر اللام - لايكون الكتاب الآخر؟ وما علاقة مسألة لورش مهمة في قراءته يذكرها الداني في كتاب خصصه ل (الإمالة) لأبي عمرو ولا يذكرها في مظانها من كتبه في رواية ورش 0
أما توسيع البحث فأرجو أن يكون ذا فائدة 0
والله من وراء القصد0
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Jun 2006, 02:13 م]ـ
جزاك الله خيراً المهم بأن للداني كتابين اسمهما (التنبيه) كما سبق ذلك موثقاً وسأعيده لك ثانياً إن شاء الله تعالى، ولا ينبغي التسرع في نفي كتاب إلا بدليل والمثبت مقدم على النافي لأن المثبت علم ما لم يعلمه النافي، ومن علم حجة على من لمن يعلم، وإليك الكتابين مع توثيق مصادرهما: الأول التنبيه على مذهب أبي عمرو في الفتح والإمالة (بالعلل). انظر: فهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني تحقيق الدكتورغانم قدوري الحمد ص 21 رقم التسلسل لكتاب التنبيه للداني (32)، ونسبه لمعرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 328، وطبقات المفسرين 1/ 375، والثاني (رسالة التنبيه) على الخطإ والجهل والتمويه. انظر أيضاً: فهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني تحقيق الدكتور غانم قدوري الحمد ص 33، وتصنيفه في مكتبة المسجد النبوي في قاعة المطالعة 10 ح م ف ونسخة ثانية تصنيفها 10 ك وف، وأما كونه نسب إلى الكتاب ما لم يذكره في غيره من مؤلفاته، هذا موضوع آخر وما هو المانع منه أيضاً لأنه سائغ وجائز، ولكل مقام مقال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jun 2006, 04:38 م]ـ
يا أخي أبو عبد الله: من أنكر أن للداني كتاباً يسمى "التنبيه "سواء في الإمالة أو في الرد على المهدوي،؟
القضية هي: هل "التنبيه " المذكور في النشر هو للداني أم لا؟ وأي كلام خارج عن هذا لاعلاقة لي به، ولماذا الإصرار على أن كلام ابن الجزري هنا ليس فيه نظر، وما ذا تقول في كلام المالقي الذي هو أصل كلام ابن الجزري، وبالمناسبة قارن بين كلام الرجلين تجد المتأخر منهما نقل كلام سابقه حرفياً،وهذا كما أشرت سابقاً ليست المرة الوحيدة،بل تكررمنه عدة مرات0
يا أخي العبد الضعيف طرح إشكالاً علمياً - بغض النظر عن مكانة ابن الجزري وغيره من العلماء - فإما دفعه بأدلة علمية تنقضه وإما التسليم له وإما:"يا دار ما دخلك شر" كما يقول أهل المدينة 0
ولماذا لانعيد للإمام مكي حقه الأدبي وننسب كتابه إليه 0؟
والله من وراء القصد0
ـ[الميموني]ــــــــ[23 Jun 2006, 06:42 م]ـ
كتاب المكتفى للداني له ثلاث طبعات جيدة عموماً على ملاحظ فيها
و بالنسبة لاسمه فالمكتفى أصح و لا يوجد قطعاً للداني كتاب في الوقف باسمٍ قريب من هذا اللهم إلا مسألة الوقف على كلا و بلى وهي قضية جزئية من علم الوقف و الابتداء
و نشكر الجميع على تفاعلهم المفيد
و اختلاف نسخ المكتفى في تسمية كتاب المكتفى لا يكفي في الدلالة على إثبات كتاب مغاير
و معلوم أن النسخ المعروفة الصحيحة للكتاب تتفق في مضمونها
جزاكم الله خيرا
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jun 2006, 07:04 م]ـ
لكن بماذا نجيب عن المنقولات التي نسبها العلماء وليست فيه؟ أيعقل أن تسقط من (29) نسخة خطية؟
ما هذا يا محققون؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Jun 2006, 08:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الأخ الجكني قولك: بماذا نجيب عن المنقولات التي نسبها العلماء وليست فيه؟ لعل ذلك من باب اختلاف النسخ وهو سائغ ووارد ولا يدل على نفي كتاب ولا إثباته، وأما قولك أيضاً: ولماذا لانعيد للإمام مكي حقه الأدبي وننسب كتابه إليه؟ من الذي نفى كتابه عنه ونسبه لغيره؟ وهل يوجد تعارض بين نسبة كتاب التنبيه لمكي بن أبي طالب، ونسبة كتاب آخر بنفس الاسم لأيي عمرو الداني فمن الجائز أن يكون لكل منهما كتاب بنفس الاسم وهو الذي تدل عليه الأدلة السابقة الموثقة لمن تأملها بتأن وتفحص وتجرد من العواطف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الجكني]ــــــــ[23 Jun 2006, 08:57 م]ـ
سألتُ سؤالاً محددا ً وأجبتني عنه ب (لعل) و (من الجائز)؟؟
أما قولك " هل يوجد تعارض 00الخ" أقول: بالنسبة للمذكور في النشر نعم وألف نعم0
وقولك:"وهو الذي تدل عليه الأدلة 00الخ " أقول: أين الأدلة التي تثبت أن الذي في النشر - باستثناء كلام ابن الجزري - هو للداني؟ ولم تجب عن ما ذا نقول في كلام المالقي الذي هو أصل كلام ابن الجزري 0
أما قولك:"لمن تأمل بتأن وتفحص وتجرد من العواطف " فكلام صحيح يقال لمن لم يرد أن يقتنع بأن ابن الجزري (وهم) في نسبة الكتاب لغير مؤلفه 0
والله من وراء القصد0
ـ[السائح]ــــــــ[23 Jun 2006, 08:58 م]ـ
قد صنف الإمام مكي بن أبي طالب كتاب (التنبيه على أصول قراءة نافع وذكر الاختلاف عنه)، وقد جزم الأستاذ أحمد حسن فرحات في كتابه (مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن ص122) أنه مفقود.
ولو وقف عليه واقفٌ؛ لأمكنه التبين من صحة نقل ابن الجزري بموازنة نقله المتقدم بما في التنبيه.
والله أعلم.
ـ[يوسف حميتو]ــــــــ[07 Aug 2006, 05:27 م]ـ
وأضم صوتي لما ذكره الأخ السائح،مع أني والله يشهد علي لم أطلع حتي هذه اللحظة على بحث الدكتور حميتو، ولكن هي بتائج توصلت إليها بعد البحث وآمل بمن عنده كتاب د/ حميتو أن ينقل ما ذكره هنا حتي نطلع عليه،لأنها مسألة مهمة،وعندي مفاجأة أخري،وهي كتاب "التنبيه" الذي نسبه ابن الجزري رحمه الله تعالى للداني في النشر:1/ 398هل هو له أم لا؟
الهمة يا حماة تراث علوم القرآن
والله من وراء القصد
لا بأس أيها الإخوة:
سأطلع الدكتور عبد الهادي حميتو على ما كتبتموه هنا، وسأطلب منه الرد على كل التعليقات وأضعها لكم هنا على الملتقى إن شاء الله.
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Jun 2007, 11:08 م]ـ
لا بأس أيها الإخوة:
سأطلع الدكتور عبد الهادي حميتو على ما كتبتموه هنا، وسأطلب منه الرد على كل التعليقات وأضعها لكم هنا على الملتقى إن شاء الله.
لعلك نسيتنا أخي يوسف.؟؟؟(/)
ما قولكم في كلام ابن كثير رحمه الله
ـ[ابو حيان]ــــــــ[11 Feb 2006, 05:50 ص]ـ
قال ابن كثير في تفسير قوله (وما أنزل على الملكين)
"ثم شرع ابن جرير في رد هذا القول (أي القول بأن ما نافية) , وأن ما بمعنى الذي, وأطال القول في ذلك وادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختباراً لعباده وامتحاناً بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل, وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك , لأنهما امتثلا ما أمرا به, وهذا الذي سلكه غريب جداً,
السؤال: ما الغرابة في هذا مع انه قال بعد ذلك:
وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء, وأنهما أنزلا إلى الأرض, فكان من أمرهما ما كان, وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في مسنده رحمه الله كما سنورده إن شاء الله,
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Feb 2006, 11:54 ص]ـ
انما استغرب منه توجيه "ما" بانها بمعنى "الذي "لانه جعل الملكين مكلفان بتعليم الناس السحر امرا منه عز وجل لاختبار بني آدم ولم يكن استغرابه بكونهما مَلَكين هذا ما بينه ابن كثير:
"وادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختباراً لعباده وامتحاناً بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل, وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك , لأنهما امتثلا ما أمرا به, وهذا الذي سلكه غريب جداً" اي ان الملكين يعلمان الناس السحر بأمر الله عز وجل امتحانا للناس.
هذا كلام ابن جرير في ترجحه للوجه الذي اختاره:
" وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ وَجَّهَ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} إلَى مَعْنَى " الَّذِي " دُون مَعْنَى " مَا " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجَحْد. وَإِنَّمَا اخْتَرْت ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ " مَا " إنْ وُجِّهَتْ إلَى مَعْنَى الْجَحْد , فَتَنْفِي عَنْ الْمَلَكَيْنِ أَنْ يَكُونَا مُنَزَّلًا إلَيْهِمَا. وَلَمْ يَخْلُ الِاسْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدهمَا - أَعْنِي هَارُوت وَمَارُوت - مِنْ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا مِنْهُمَا وَتَرْجَمَة عَنْهُمَا , أَوْ بَدَلًا مِنْ النَّاس فِي قَوْله: {يُعَلِّمُونَ النَّاس السِّحْر} وَتَرْجَمَة عَنْهُمَا. فَإِنْ جُعِلَا بَدَلًا مِنْ الْمَلَكَيْنِ وَتَرْجَمَة عَنْهُمَا بَطَلَ مَعْنَى قَوْله: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة فَلَا تَكْفُر فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه} لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِمَا يُفَرَّق بِهِ بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه , فَمَا الَّذِي يَتَعَلَّم مِنْهُمَا مَنْ يُفَرِّق بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه؟ وَبَعْد , فَإِنَّ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} إنْ كَانَتْ فِي مَعْنَى الْجَحْد عَطْفًا عَلَى قَوْله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَان} فَإِنَّ اللَّه جَلّ ثَنَاؤُهُ نَفَى بِقَوْلِهِ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَان} عَنْ سُلَيْمَان أَنْ يَكُون السِّحْر مِنْ عَمَله , أَوْ مِنْ عِلْمه أَوْ تَعْلِيمه. فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَفَى عَنْ الْمَلَكَيْنِ مِنْ ذَلِكَ نَظِير الَّذِي نَفَى عَنْ سُلَيْمَان مِنْهُ , وَهَارُوت وَمَارُوت هُمَا الْمَلَكَانِ , فَمَنْ الْمُتَعَلَّمِ مِنْهُ إذًا مَا يُفَرَّق بِهِ بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه؟ وَعَمَّنْ الْخَبَر الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة فَلَا تَكْفُر}؟ إنَّ خَطَأ هَذَا الْقَوْل لَوَاضِح بَيِّن. وَإِنْ كَانَ قَوْله " هَارُوت وَمَارُوت " تَرْجَمَة مِنْ النَّاس الَّذِينَ فِي قَوْله: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِين كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاس السِّحْر} فَقَدْ وَجَبَ أَنْ تَكُون الشَّيَاطِين هِيَ الَّتِي تُعَلِّم هَارُوت وَمَارُوت السِّحْر , وَتَكُون السَّحَرَة إنَّمَا تَعَلَّمَتْ السِّحْر مِنْ هَارُوت وَمَارُوت عَنْ تَعْلِيم الشَّيَاطِين إيَّاهُمَا. فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَنْ يَخْلُو هَارُوت وَمَارُوت عِنْد
(يُتْبَعُ)
(/)
قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ أَحَد أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَا مَلَكَيْنِ , فَإِنْ كَانَا عِنْده مَلَكَيْنِ فَقَدْ أَوْجَبَ لَهُمَا مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَالْمَعْصِيَة لَهُ بِنِسْبَتِهِ إيَّاهُمَا إلَى أَنَّهُمَا يَتَعَلَّمَانِ مِنْ الشَّيَاطِين السِّحْر وَيُعَلِّمَانِهِ النَّاس , وَإِصْرَارهمَا عَلَى ذَلِكَ وَمَقَامهمَا عَلَيْهِ أَعْظَم مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا أَتَيَاهُ مِنْ الْمَعْصِيَة الَّتِي اسْتَحَقَّا عَلَيْهَا الْعِقَاب , وَفِي خَبَر اللَّه عَزَّ وَجَلّ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا لَا يُعَلِّمَانِ أَحَدًا مَا يَتَعَلَّم مِنْهُمَا حَتَّى يَقُولَا: {إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة فَلَا تَكْفُر} مَا يُغْنِي عَنْ الْإِكْثَار فِي الدَّلَالَة عَلَى خَطَأ هَذَا الْقَوْل. أَوْ أَنْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي آدَم ; فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ كَانَ يَجِب أَنْ يَكُون بِهَلَاكِهِمَا قَدْ ارْتَفَعَ السِّحْر وَالْعِلْم بِهِ وَالْعَمَل مِنْ بَنِي آدَم ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِلْم ذَلِكَ مِنْ قِبَلهمَا يُؤْخَذ وَمِنْهُمَا يُتَعَلَّم , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون بِهَلَاكِهِمَا وَعَدَم وُجُودهمَا عُدِمَ السَّبِيل إلَى الْوُصُول إلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ لَا يُوصَل إلَيْهِ إلَّا بِهِمَا ; وَفِي وُجُود السِّحْر فِي كُلّ زَمَان وَوَقْت أَبْيَن الدَّلَالَة عَلَى فَسَاد هَذَا الْقَوْل. وَقَدْ يَزْعُم قَائِل ذَلِكَ أَنَّهُمَا رَجُلَانِ مِنْ بَنِي آدَم , لَمْ يُعْدَمَا مِنْ الْأَرْض مُنْذُ خُلِقَتْ , وَلَا يُعْدَمَانِ بَعْد مَا وُجِدَ السِّحْر فِي النَّاس. فَيَدَّعِي مَا لَا يَخْفَى بِطُولِهِ. فَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْوُجُوه الَّتِي دَلَّلْنَا عَلَى فَسَادهَا , فَبَيِّن أَنَّ مَعْنَى: {مَا} الَّتِي فِي قَوْله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} بِمَعْنَى " الَّذِي " , وَأَنَّ هَارُوت وَمَارُوت مُتَرْجَم بِهِمَا عَنْ الْمَلَكَيْنِ ; وَلِذَلِك فُتِحَتْ أَوَاخِر أَسْمَائِهِمَا , لِأَنَّهُمَا فِي مَوْضِع خَفْض عَلَى الرَّدّ عَلَى الْمَلَكَيْنِ , وَلَكِنَّهُمَا لَمَّا كَانَا لَا يُجَرَّانِ فُتِحَتْ أَوَاخِر أَسْمَائِهِمَا. فَإِنْ الْتَبَسَ عَلَى ذِي غَبَاء مَا قُلْنَا , فَقَالَ: وَكَيْف يَجُوز لِمَلَائِكَةِ اللَّه أَنْ تُعَلِّم النَّاس التَّفْرِيق بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه؟ أَمْ كَيْف يَجُوز أَنْ يُضَاف إلَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنْزَال ذَلِكَ عَلَى الْمَلَائِكَة؟ قِيلَ لَهُ: إنَّ اللَّه جَلّ ثَنَاؤُهُ عَرَّفَ عِبَاده جَمِيع مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَجَمِيع مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ , ثُمَّ أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ بَعْد الْعِلْم مِنْهُمْ بِمَا يُؤْمَرُونَ بِهِ وَيُنْهَوْنَ عَنْهُ. وَلَوْ كَانَ الْأَمْر عَلَى غَيْر ذَلِكَ , لَمَا كَانَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي مَعْنَى مَفْهُوم ; فَالسِّحْر مِمَّا قَدْ نَهَى عِبَاده مِنْ بَنِي آدَم عَنْهُ , فَغَيْر مُنْكَر أَنْ يَكُون جَلّ ثَنَاؤُهُ عَلَّمَهُ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا فِي تَنْزِيله وَجَعَلَهُمَا فِتْنَة لِعِبَادِهِ مِنْ بَنِي آدَم كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا يَقُولَانِ لِمَنْ يَتَعَلَّم ذَلِكَ مِنْهُمَا: {إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة فَلَا تَكْفُر} لِيَخْتَبِر بِهِمَا عِبَاده الَّذِينَ نَهَاهُمْ عَنْ التَّفْرِيق بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه وَعَنْ السِّحْر , فَيُمَحِّص الْمُؤْمِن بِتَرْكِهِ التَّعَلُّم مِنْهُمَا , وَيُخْزِي الْكَافِر بِتَعَلُّمِهِ السِّحْر وَالْكُفْر مِنْهُمَا , وَيَكُون الْمَلَكَانِ فِي تَعْلِيمهمَا مَنْ عَلَّمَا ذَلِكَ لِلَّهِ مُطِيعِينَ , إذْ كَانَا عَنْ إذْن اللَّه لَهُمَا بِتَعْلِيمِ ذَلِكَ مَنْ عَلَّمَاهُ يَعْلَمَانِ. وَقَدْ عُبِدَ مِنْ دُون اللَّه جَمَاعَة مِنْ أَوْلِيَاء اللَّه , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ ضَائِرًا إذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِهِمْ إيَّاهُمْ بِهِ , بَلْ عَبَدَ بَعْضهمْ وَالْمَعْبُود عَنْهُ نَاهٍ , فَكَذَلِك الْمَلَكَانِ غَيْر ضَائِرهمَا سِحْر مَنْ سَحَرَ مِمَّنْ تَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بَعْد نَهْيهمَا إيَّاهُ عَنْهُ وَعِظَتهمَا لَهُ بِقَوْلِهِمَا: {إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة فَلَا تَكْفُر} إذْ كَانَا قَدْ أَدَّيَا مَا أُمِرَ بِهِ بِقَيْلِهِمَا ذَلِكَ "
ـ[ابو حيان]ــــــــ[15 Feb 2006, 05:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
لعل ابن كثيروالله اعلم استغرب من ابن جرير النص على أن الملكين أذن لهما شرعا في تعليم السحر وأنهما مطيعان في ذلك لأن ذلك لم ينص عليه أحد من السلف من الصحابة والتابعين وإنما الروايات عنهم تذكر ما كان من شأنهما مع الزهرة
أما كون ما بمعنى الذي فلا أظن ابن كثير يستغرب ذلك
ولعل الذي حدا ابن جرير على أن يقول ذلك هو قوله لفظ الإنزال الذي ينصرف ظاهره في مثل هذا السياق إلى الإنزال الشرعي لا الكوني
يأتي هنا سؤال آخر
هل يصح أن نستعين بما جاء من الروايات الكثيرة عن السلف في قصة الزهرة في ترجيح القول بأن ما بمعنى الذي وأنهما كانا ملكين أذن لهما في تعليم السحر-سواء شرعا أو قدرا- خصوصا وأنها رويت عن علي وابن عمر بأسانيد صححها ابن كثير
وقد قال ابن تيمية: عن الإسرائيليات في المقدمة المشهورة في أصول التفسير:
بعض وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منهأقوى ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب بما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Feb 2006, 11:34 ص]ـ
كلام ابن جرير الطبري رحمه الله في هذه الآية من أدل المواضع في تفسيره على فقهه وبصره بالقرآن وأساليب العرب في خطابها، وقدرته على الترجيح بين الأقوال. وفي رأيي لو تمكن أحدكما من بسط رأي ابن جرير في هذه الآية في الملتقى هنا بسطاً سهلاً ميسراً لكان في ذلك فائدة كبيرة للجميع.
وقد استنكر الأستاذ محمود محمد شاكر على ابن كثير استنكاره لكلام ابن جرير، وقال في تعليقه على هذا الموضع: (ولست أستنكر ما قاله أبو جعفر، كما استنكره ابن كثير، ولو أنت أنصفت وتتبعت كلام أبي جعفر، لرأيت فيه حجة بينة ساطعة على صواب مذهبه الذي ذهب إليه، ولرأيت دقة ولطفاً في تناول المعاني، وتدبير الألفاظ، لا تكاد تجدهما في غير هذا التفسير الجليل القدر) [تفسير الطبري بتحقيق محمود شاكر 2/ 422 الحاشية].
ولكن في بعض كلام الطبري عمقٌ في التعبير والدلالة، والتواءٌ على بعض من يقرأ عبارته، يحتاج في فهمها إلى مراجعة وطول تدبر، وكلامه في هذه الآية من هذا النوع، ولذلك أشكل كلامه على ابن كثير في تفسيره في غير ما موضع، فلم يستقم له معنى كلام الطبري. وقد اختار الطبري قولاً في هذه الآية - آية السحر -، وأيده بحجج قوية، جعلت محمود شاكر يعلق عليها بقوله: (هذه حجة رجل يبصر دقيق المعاني، ولا يغفل عن مواضع السقط في كلام من يتكلم وهو لا يضبط ما يقتضيه كلامه. وقد استخف به ابن كثير؛ لأنه لم يضبط ما ضبطه هذا الإمام المتمكن من عقله وفهمه). [تفسير الطبري بتحقيق محمود شاكر 2/ 427 الحاشية].
وليت الذين يكتبون في مناهج المفسرين يحللون لنا هذه المسالك العقلية الدقيقة في الفهم، في الترجيح وتطبيق القواعد النظرية على كلام أهل العلم، في فهمهم لكلام الله، حتى يتمرن الطالب على فهم الكلام المعجز، فهماً لا ينحرف به عن الجادة، فهذا أجدى وأنفع من الكتابات الوصفية التي درجنا عليها في دراسة مناهج المفسرين.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[15 Feb 2006, 12:27 م]ـ
نعم أخي جعل الملكين مكلفين بذلك هو ما استغربه ابن كثير لانك لو راجعت سبب ترجيح ابن جرير لتوجيه "ما" في الاية لعلمت انه يرجح ذلك لهذا السبب ولذلك وضعت لك خطا تحته. اي ان ابن جرير استغرب طريقة ابن جرير في ترجيح الدلالة, "وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ وَجَّهَ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} إلَى مَعْنَى " الَّذِي " دُون مَعْنَى " مَا " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجَحْد. وَإِنَّمَا اخْتَرْت ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ " مَا " إنْ وُجِّهَتْ إلَى مَعْنَى الْجَحْد بجعل الملكين .... "
فابن كثير استغرب توجيهه ل"ما" كلام ابن جرير قد علله بنفسه كما ذكره الشيخ د-عبد الرحمن الشهري جزاه الله خيرا.
يأتي هنا سؤال آخر
هل يصح أن نستعين بما جاء من الروايات الكثيرة عن السلف في قصة الزهرة في ترجيح القول بأن ما بمعنى الذي وأنهما كانا ملكين أذن لهما في تعليم السحر-سواء شرعا أو قدرا- خصوصا وأنها رويت عن علي وابن عمر بأسانيد صححها ابن كثير
تجد الكلام على ذلك في رأي آخر في الإسرائيليات في كتب التفسير-د. مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=150)
اما اسلوب ابن جرير رحمه الله في التفسير فانه يعتمد على وجود هذه الروايات سواء كانت اسرائيليات ام غيرها على دلالة اللفظ ولو دققت في كلام ابن جرير ستجد ان ذلك واضح فهو استدل بسؤال السائل وعدم ترجيح المسؤول لايهما مثلا: قال ابن جرير:
"وقال آخرون: جائز أن تكون"ما" بمعنى"الذي"، وجائز أن تكون"ما" بمعنى"لم".
* ذكر من قال ذلك:
1678 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد - وسأله رجل عن قول الله: (يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) فقال الرجل: يعلمان الناس ما أنزل عليهما، أم يعلمان الناس ما لم ينزل عليهما؟ قال القاسم: ما أبالي أيتهما كانت.
*
(يُتْبَعُ)
(/)
1679 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا أنس بن عياض، عن بعض أصحابه، أن القاسم بن محمد سئل عن قول الله تعالى ذكره: (وما أنزل على الملكين)، فقيل له: أنزل أو لم ينزل؟ فقال: لا أبالي أي ذلك كان، إلا أني آمنت به. "
وهذا الامر تكلم عنه محمود شاكر في الحاشية حيث قال:
"وهذه الأخبار، في قصة هاروت وماروت، وقصة الزهرة، وأنها كانت امرأة فمسخت كوكبا - أخبار أعلها أهل العلم بالحديث. وقد جاء هذا المعنى في حديث مرفوع، ورواه أحمد في المسند: 6178، من طريق موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر. وقد فصلت القول في تعليله في شرح المسند، ونقلت قول ابن كثير في التفسير 1: 255"وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم". واستدل بروايتي الطبري السالفتين: 1684، 1685 عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار.
وقد أشار ابن كثير أيضًا في التاريخ 1: 37 - 38 قال: "فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سيبل الحكاية والتحدث عن بني إسرائيل ":. وقال أيضًا، بعد الإشارة إلى أسانيد أخر: "وإذا أحسنا الظن قلنا: هذا من أخبار بني إسرائيل، كما تقدم من رواية ابن عمر عن كعب الأحبار. ويكون من خرافاتهم التي لا يعول عليها".
وقال في التفسير أيضًا 1: 260، بعد ذكر كثير من الروايات التي في الطبري وغيره: "وقد روى في قصة هاروت وماروت، عن جماعة من التابعين، كمجاهد، والسدي والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية، والزهري، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حيان، وغيرهم، وقصها خلق من المفسرين، من المتقدمين والمتأخرين. وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. وظاهر سياق القرآن إجمال القصة" من غير بسط ولا إطناب فيها. فنحن نؤمن بما ورد في القرآن، على ما أراده الله تعالى. والله أعلم بحقيقة الحال".
وهذا هو الحق، وفيه القول الفصل. والحمد لله." ج2 ص432 (نقلا عن المكتبة الشاملة)
ـ[ابو حيان]ــــــــ[15 Feb 2006, 05:45 م]ـ
جزاكما الله عني كل خير
وبارك لكما في علمكما وأعطاكما ما تأملان في الدنيا والآخرة(/)
الألفاظ التي اقترنت بمصطلح (الجاهلية) في القرآن الكريم، ودلالة الاقتران
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[11 Feb 2006, 06:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الألفاظ التي اقترنت بمصطلح (الجاهلية) في القرآن الكريم
مصطلح الجاهلية مصطلح إسلامي، يراد به عند الإطلاق: الحالة التي كان عليها البشر، قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث اندرست معالم النبوة، وامحت آثار الحنيفية.
بل نستطيع القول جازمين: إن مصطلح الجاهلية، يطلق على كل فترة تسبق مبعث نبي من الأنبياء، حيث انحراف الناس عن دين الله وبعدهم عن شريعته. يدل على هذا الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ـ الحديث وفيه ـ (فإنها لم تكون نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية) آخذين بعين الاعتبار؛ الاختلاف في نوع الانحراف، ودرجته.
ومما يلفت النظر أن هناك ألفاظاً بعينها، وردت في القرآن الكريم مقترنةً بمصطلح الجاهلية، وسأعرض بين أيديكم محاولةً للوقوف على دلالة هذا الاقتران، راجياً من أحبابنا الكرام أن يبدوا رأيهم، سائلا الله أن يعصمني من زلل الرأي وخطل القول.
الموضع الأول: في سورة آل عمران: قال تعالى: ((ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا))
هذه الآية الكريمة تتحدث عن موقف المنافقين في غزوة أحد حيث أنزل الله النعاس أمنة للمؤمنين، أما المنافقين فقد أهمتهم أنفسهم. يقول ابن جرير "قوله: (قد أهمتهم أنفسهم) يقول: هم المنافقون لا هم لهم غير أنفسهم، فهم من حذر القتل على أنفسهم وخوف المنية عليها، في شغل قد طار عن أعينهم الكرى، يظنون بالله الظنون الكاذبة ظن الجاهلية من أهل الشرك بالله، شكاً في أمر الله وتكذيباً لنبيه صلى الله عليه وسلم، ومَحْسَبة منهم أن الله خاذل نبيه ومعل عليه أهل الكفر به ... وقوله: (يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك) يقول: يخفي يا محمد هؤلاء المنافقون الذين وصفت لك صفتهم، في أنفسهم من الكفر والشك في الله ما لا يبدون لك، ثم أظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبراً عن قيلهم الكفر وإعلانهم النفاق بينهم: (يقولون لو كان لنا من الأمر من شيء ما قُتلنا هاهنا) يعني بذلك أن هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم ولا قتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد" (الطبري:3/ 485).
الموضع الثاني: في سورة المائدة: قال تعالى: ((فَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ))
في هذه الآية ينكر تعالى على اليهود إعراضهم عن حكم الله تعالى، وابتغاءهم ما سواه من حكم الجاهلية، قال ابن كثير "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم، المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل، إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يصنعونها بآرائهم وأهوائهم .. " (تفسير ابن كثير:2/ 207)
الموضع الثالث: في سورة الأحزاب: قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الآية الكريمة في جملة من الآيات، فيها وصايا من الله تعالى لأمهات المؤمنين، قال ابن سعدي " (وقرن في بيوتكن) أي أقررن فيها؛ لأنه أسلم وأحفظ لكن (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) أي لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى ... (إنما يريد الله) بأمركن بما أمركن به ونهيكن عما نهاكن عنه (ليذهب عنكم الرجس) أي الأذى والشر والخبث" (تفسير السعدي:6/ 219)
الموضع الرابع: في سورة الفتح: قال تعالى: ((إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً))
هذه الآية الكريمة في سورة تتحدث عن صلح الحديبية وما جرى فيه للمؤمنين، قال ابن سعدي "يقول تعالى: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) حيث أنفوا من كتابه: بسم الله الرحمن الرحيم، وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين إليهم في تلك السنة، لئلا يقول الناس: دخول مكة قاهرين لقريش، هذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم ما أوجبت من كثير من المعاصي: فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم الله والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ... وألزمهم كلمة التقوى وهي لا إله إلا الله" تفسير السعدي: 7/ 108)
هذه هي المواضع الأربعة:
ظن الجاهلية - حكم الجاهلية - تبرج الجاهلية - حمية الجاهلية.
والتأمل في هذه الألفاظ وما تشي به، يكشف لنا دلالة اقترانها بمصطلح الجاهلية، إذ أجملت هذه الآيات الأربع - على ما فيها من قصر - وصف المجتمع الجاهلي بشكل عجب حقاً، إنها تتحدث عن نظام كامل، بكل خصائصه ومختلف جوانبه، نظام مقابل تماماً لنظام الإسلام في شتى الجوانب، نظام له تصوراته الخاصة به، ونظمه المقابلة لنظم الإسلام وتصوراته.
كل آية من هذه الآيات الكريمة، تشير إلى جانب بارز في المجتمع الجاهلي، يتشكل بها جميعاً صورة كلية للمجتمع الجاهلي، يؤكد هذا: أن الآيات جميعها مدنية، نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقيام المجتمع الإسلامي، المتميز عن الجاهلية، والمختلف في كل القيم والتصورات.
فآية آل عمران ـ وفيها ذكر ظن الجاهلية ـ تلمح إلى الجانب العقدي عند أهل الجاهلية، المتمثل في الجهل بالله تعالى وصفاته، فهي تشير إلى تصور خاص بالجاهلية يخالف تماماً ما جاء به الإسلام في جانب الاعتقاد الذي أساسه المعرفة بالله عز وجل.
وآية المائدة وفيها ذكر حكم الجاهلية، تشير إلى الجانب القانوني الذي ساد المجتمع الجاهلي، القائم على الأهواء والميول الذاتية، حيث الناس طبقات في المسؤولية القانونية، بل وربما تحمل أحدهم جريرة غيره، وإثم سواه، بعيداً ـ في هذا كله ـ عن ميزان الحق والقسط المتمثل في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} وقوله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}، فالآية الكريمة تشير إلى طبيعة قانونية جاهلية، تخالف الإسلام.
وآية الأحزاب ـ وفيها ذكر تبرج الجاهلية ـ تشير إلى الجانب الخلقي الذي كان سائداً في الجاهلية، تمثل ذلك في الإشارة إلى أهم الجوانب الخلقية، حيث علاقة الرجل بالمرأة، إذ كانت تقوم على النظرة الحيوانية والمتعة الجسدية فحسب، وتبعات هذه النظرة على واقع الناس وحياتهم، وهي مصادمة للنظرة التي جاء بها الإسلام للعلاقة بين الجنسين.
وآية الفتح ـ وفيها ذكر حمية الجاهلية ـ وهي تشير إلى طبيعة العقلية الجاهلية، والأسس التي تحكم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، والقائمة على مبدأ العصبية والحمية، التي تولد عاطفة منحرفة، لا تحكمها عقلية موضوعية، وهي طبيعة لا تلتقي مع الأسس التي يقيمها الإسلام لعلاقة أفراد المجتمع فيه حيث تقوم على روابط الإيمان وإخوة الدين.
وبعد قد بان لنا، أن هذه المواضع الأربعة، التي ذكر فيها لفظ الجاهلية مقروناً بالظن، والحكم، والتبرج، والحمية، قد أجملت وصف الجاهلية في أهم خصائصها، العقدية والقانونية والخلقية والاجتماعية، لتشير على نحو بديع وبعبارة مجملة إلى أبرز خصائص المجتمع الجاهلي، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 10:50 م]ـ
بارك الله فيكم وفي علمكم، وهذا من فوائد التفسير الموضوعي، والعناية به، فهو يكشف عن جوانب الموضوع الواحد، ويربط مفرداتها المتفرقة، حتى تتضح صورة الموضوع لقارئ القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:30 م]ـ
ناصر الماجد المحترم
لدي سؤال ربما يعتبر جانبيا:
تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
ما هو معنى (الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) ... (الأولى) في نظركم على وجه التحديد؟
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[27 Feb 2006, 11:54 ص]ـ
الأستاذ الكريم موراني: تحية طيبة، وأشكر لك قراءتك لهذا الموضوع
مسألة المراد بالجاهلية الأولى وقع فيها خلاف قديم ـ كما تعلم ـ بين المفسرين حتى فيما نقل عن الصحابة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تقسيم الجاهلية باعتبار الفترة الزمنية إلى جاهليتين: الجاهلية الأولى، والجاهلية الأخرى.
فأما الجاهلية الأولى: فقد اختلفوا في تحديدها في أقوال كثيرة؛ منها: أنها بين آدم ونوح أو بين نوح وإبراهيم أو زمن داود وسليمان عليهم جميعاً السلام.
أما الجاهلية الأخرى: فجعلوا المراد بها الفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومستند تقسيمهم هذا؛ الإضافة في قوله تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) قال في البحر المحيط موجهاً هذا الرأي: " يدل على أن ثَمّ جاهلية متقدمة وأخرى متأخرة ".
والذي يظهر - والله أعلم - أن الجاهلية المشار إليها في الآية الكريمة، هي ما كان عليه العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن الله نهى أمهات المؤمنين عن تبرج نساء الجاهلية الأولى، ومن المسلَّم به: أن المرء لا ينهى عن مشابهة شيء إلا وهو على علم تام بصفة ما نهي عنه، وإذا صح هذا؛ فكيف ينهي أمهات المؤمنين عن شيء لم يدركنه؟ ويفصله عنهن مدة طويلة من الزمن -على نحو ما ذكر القائمون بهذا-!
قال ابن عطية: "والذي يظهر عندي، أنه إشارة للجاهلية التي لحقنها، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة".
يؤكد هذا، الاضطراب الواضح الذي نراه في تحديد زمن الجاهلية الأولى، عند أصحاب هذا الاتجاه؛ مما يُشْعِر أنها لم تكن مشهورة أو معروفة عند الصحابة، وإلا ما وقع هذا الاختلاف بينهم في تحديدها.
بقي أن يقال فما الجواب عن هذه الإضافة في قوله ((الجاهلية الأولى))؟
يتلخص كلام المفسرين في اتجاهين، جوابا عن هذه الإضافة وتوجيها لها:
الأول: إنما قيل: ((الجاهلية الأولى)) باعتبار تقدمها على الإسلام، قال الزجاج: " فإن قيل: لم قيل: الأولى؟ قيل: يقال لكل متقدم ومتقدمة: أول وأولى، وتأويله أنهم تقدموا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أولى وهم أول من أمة محمد"
قال ابن عاشور في تأييد هذا الوجه " ووصفها بالأولى وصف كاشف لأنها أولى قبل الإسلام وجاء الإسلام بعدها، كقوله تعالى: ((وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى)) وكقولهم: العشاء الآخرة. وليس ثمة جاهليتان: أولى، وثانية، ومن المفسرين من جعلوه وصفاً مقيداً، وجعلوا الجاهلية جاهليتين ... ووضعوا حكايات في ذلك مختلفة أو مبالغاً فيها أو في عمومها، وكل ذلك تكلف دعاهم إليه حمل الوصف على قصد التقييد"
الثاني: أن الجاهلية الأولى: جاهلية الكفر قبل الإسلام، والأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام قال الزمخشري موجهاً هذا القول: " فكأن المعنى ولا تحدثن بالتبرج جاهلية في الإسلام تتشبهن بها بأهل جاهلية الكفر"
قال ابن جرير: " فإن قال قائل: أوفي الإسلام جاهلية حتى يقال: عنى بقوله: ((الجاهلية الأولى)) التي قبل الإسلام؟ قيل: فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية".
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـ[موراني]ــــــــ[27 Feb 2006, 12:33 م]ـ
د. ناصر الماجد المحترم
لكم شكري الجزيل على هذه المعلومات المفيدة من خلال اعتمادكم على المصادر النافعة
في شرح مفهوم هذه العبارة المطروحة في الموضوع.
تفضل بقبول أطيب التحيات وأعطرها
موراني
ـ[الكشاف]ــــــــ[04 Mar 2006, 04:44 م]ـ
وردت مادة "جهل" في القرآن، وأساس معنى "الجهل" هو: الخفة والطيش. والجهل خلاف العلم، لأنه يدفع صاحبه إلى الخفة والطيش والاضطراب والقلق، والجاهل هو غير العالم وغير العارف، وهو مندفع خفيف طائش، لا حلم عنده ولا اتزان.
ولهذه المادة ثلاثة مصادر: المصادر القياسي: "جهل" على وزن: "فعل". تقول: جهل يجهل جهلاً. والمصدر السماعي: "جهالة"، على وزن "فعالة". والمصدر الصناعي: "جاهلية".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ورد في القرآن الاشتقاقات التالية من "جهل": الفعل المضارع المسند إلى واو الجماعة: "تجهلون" و"يجهلون"، واسم الفاعل المفرد: "جاهل"، وجمع المذكر السالم "جاهلون"، وصيغة المبالغة: "جهول"، والمصدر القياسي: "جهالة"، والمصدر الصناعي: "جاهلية". ومع أن كل صيغة من هذه الصيغ تحتاج إلى وقفة وتحليل، ومتابعة ورودها في آيات القرآن، إلا أننا سنقف مع صيغة "الجاهلية " فقط.
معنى الجاهلية:
قلنا إن "الجاهلية" مصدر صناعي، من الجذر الثلاثي: جهل. والمصدر الصناعي هو ما كان مختوماً بياء مشددة، تليها تاء مربوطة. مثل: الإنسانية والحرية والعاطفية والشاعرية ... ويتحقق في هذا المصطلح "الجاهلية" المعنى الأساسي لمادة "الجهل"، وهو الخفة والطيش. فالجاهلية هي الحالة العامة من الجهل والخفة، التي تصيب الشخص أو الأمة. وهي إما أن تكون بمعنى عدم العلم، وإما أن تكون بمعنى عدم الانضباط والالتزام، وهذا هو الغالب فيها ...
الجاهلية تعني الخفة والطيش، والتفلّت والتحلل، واتباع الهوى، وعدم الاتزان والانضباط، والقيام بتصرفات وسلوكيات باطلة، وعدم الالتزام بحكم الله وشرعه.
ويمكنك أن تقول: "الجاهلية" حالة نفسية سيئة، تصيب صاحبها، فيرفض الالتزام بحكم الله، والالتزام بشرعه، ويتمرد عليه، ويتّبع الباطل، ويعيش حياته على هواه، بما لا يتفق مع إنسانيته وكرامته. وقد أحسن المفكر الإسلامي الأستاذ محمد قطب وأجاد وأفاد في كتابه "جاهلية القرن العشرين" الذي نحيل عليه، ونوصي الإخوة والأخوات بقراءته والاستفادة منه.
ونؤكد على أن "الجاهلية" ليست مقابِلة للعلم والمعرفة والثقافة، بمعنى أنه لا يوصف بها إلا الإنسان الجاهل، الذي لا علم ولا معرفة عنده، أو المجتمع المتخلف البدائي، الخالي من الاختراعات والصناعات، فهذه الحالة توصف بالجهل وليس بالجاهلية؛ فيقال: هذا إنسان جاهل. أي: غير عالم. وهذا مجتمع جاهل. أي: مجتمع بدائي متخلف، لا علم عنده ولا صناعة.
أما الجاهلية فإنها مقابِلة للهدى والإيمان، والاستقامة والتقوى، والاتزان والانضباط، والجدية والموضوعية، فيوصف بها من فقد هذه الصفات الإيجابية، فرداً كان أو مجتمعاً، وقد توجد مع العلم والمعرفة، وقد تكون مع الصناعة والتكنولوجيا، وقد تتحقق عند إنسان حمل أرقى الشهادات العلمية، وعند مجتمع بلغ الذروة في تكنولوجيا الصناعة والاختراع، حتى وصل إلى القمر والمريخ.
وبمعنى آخر: الجاهلي هو: الكافر، وهو المذنب العاصي، وهو الخاضع لغير الله، وهو المتبع لهواه، وهو الذي يعيش حياته بعيداً عن شرع الله، والمسرف على نفسه بالشهوات والملذات المحرمة.
والمجتمع الجاهلي هو الذي لا يخضع لحكم الله وشرعه، ولا ينظم حياته ومناهجه ومؤسساته على أساس منهج الله. وقد يكون هذا المجتمع متقدماً في الماديات والاختراعات والصناعات التكنولوجية، كما هو الحاصل الآن في القرن الحادي والعشرين.
وقد يكون عند المسلم بعض الممارسات والتصرفات والنظرات الجاهلية، وهي تلك التي تختلف مع الإسلام، مع أنه ملتزم بالإسلام في معظم حياته، ودليل هذا ما حصل من أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، فقد كان من أصدق الصحابة إيماناً وكلاماً، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث قال: "ما أقلَّت الغبراء، ولا أظلّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر". ومع ذلك أخطأ في حق أخيه بلال الحبشي رضي الله عنه. قال: حصل بيني وبين بلال كلام، فعيّرته بأمه، وقلت له: يا ابن السوداء؛ فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " أعيّرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية! ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى". لم يكن أبوذر رضي الله عنه كافراً، بل كان من أصدق الصحابة إيماناً، ومع هذا أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيه جاهلية، ولم يقل له: أنت جاهلي. وهذا معناه أن الجاهلية ليست كفراً دائماً، وكل من أذنب وعصى ففيه جاهلية بمقدار ذنبه ومعصيته، مع أنه مسلم صالح؛ فكل كفر جاهلية، وليست كل جاهلية كفراً، وكل كافر جاهلي، وليس كل جاهلي كافراً.
وقد وردت "الجاهلية" أربع مرات في القرآن، وكانت في المرات كلها "مضافة" لما قبلها، وفيما يلي بيان مواضع "الجاهلية" في القرآن:
أولاً: ظن الجاهلية:
(يُتْبَعُ)
(/)
أضيفت الجاهلية إلى "الظن" في آية تتحدث عن المنافقين، وتذمهم لسوء فعلهم في غزوة أحد. قال تعالى: (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم، وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، يقولون هل لنا من الأمر من شيء، قل إن الأمر كله لله، يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك، يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا) (آل عمران: 154).
منَّ الله على الصحابة الصادقين المجاهدين في غزوة أحد بأن أنزل عليهم نعاساً غشيهم، فأمنوا واطمأنوا، وزال غمّهم. أما المنافقون والذين في قلوبهم مرض فقد كانوا قلقين مضطربين، لأنهم أهمتهم أنفسهم، ولم يهتموا بالمصلحة العامة، وهؤلاء المنافقون كانوا يظنون بالله ظنّاً باطلاً، وهو ظن أهل الجاهلية، كانوا يظنون أن الله لن ينصر رسوله ولا دينه، ويخسر المسلمون المعركة في أحد، ولذلك دعوا إلى عدم الاشتراك في المعركة لأنه لا فائدة منها، ودعوا إلى عدم الخروج من المدينة، وهذا ما أشار به زعيم المنافقين عبدالله بن أبي، عندما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة عند الخروج إلى أحد، فلما خالفهم الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج إلى أحد غضبوا، وقالوا: هل لنا من الأمر من شيء؟! ولو كان لنا من الأمر من شيء ما قتلنا ها هنا، ولكن النبي لم يسمع كلامنا، ولم يأخذ برأينا.
وقد وصفت الآية ظن المنافقين بوصفين قبيحين: (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية)؛ إنه ظن غير الحق، أي أنه ظن الباطل، ثم هو ظن الجاهلية، لأن كل ظن باطل هو ظن الجاهلية.
"غير" صفة لموصوف محذوف هو المفعول المطلق. والتقدير: " يظنون بالله ظنّاً غير الحق. و "الجاهلية" مضاف إليه لمضاف محذوف، هو نفسه مضاف إليه للمصدر "ظن". والتقدير: ظن أهل الجاهلية؛ لأن الجاهلية لا تظن، وإنما يظن أهلها، فوصفت الآية الظن الباطل بأنه ظن أهل الجاهلية. والتقدير: يظنون بالله ظنّاً باطلاً غير حق، هو ظن أهل الجاهلية.
وظن أهل الجاهلية الباطل يتعلق بالعقيدة؛ لأنه ظن بالله باطل. وكل ظن باطل ظن جاهلي، وكل نظرة باطلة بالله نظرة جاهلية، وكل عقيدة باطلة عقيدة جاهلية. والجاهلية هنا جاهلية ظن وعقيدة، وتصور ونظرة.
ثانياً: حكم الجاهلية:
قال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" (المائدة: 50). تذم الآية الذين يرفضون حكم الله، وهو الحكم الصحيح الصادق العادل، ويختارون حكم أهل الجاهلية عوضاً عنه، فكيف يبغون حكم أهل الجاهلية، ويتركون حكم الله الأحسن؟!
الهمزة للاستفهام الإنكاري، والفاء حرف عطف، و"حكم": مفعول به مقدم، فِعْله "يبغون". و"الجاهلية": مضاف إليه لمضاف محذوف، والتقدير: أيبغون حكم أهل الجاهلية؟!
تدعو الآية إلى المقارنة والمقابلة بين نوعين من أنواع الحكم: حكم الله، وحكم أهل الجاهلية. وتدعو إلى اختيار حكم الله، وتزكّيه قائلة: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)؟! والاستفهام هنا تقريري، يقرر حقيقة بدهية أنه لا أحد أحسن حكماً من الله.
ومن لطائف الآية أنها مكونة من جملتين: الأولى: (أفحكم الجاهلية يبغون)، والثانية: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون). الأولى: جملة فعلية. والثانية: جملة اسمية. وفي كلٍّ جملة استفهام. لكنّ الاستفهام الأول بحرف، وهو "الهمزة"، والاستفهام الثاني باسم، وهو "مَنْ". والاستفهام الأول إنكاري، والاستفهام الثاني تقريري. والحكم مذكور في الجملتين، وكان فيهما منصوباً لكنه في الأولى مفعول به مقدم: (أفحكم الجاهلية يبغون)، وفي الثانية تمييز منصوب: (ومن أحسن من الله حكماً). والحكم في الأولى أضيف إلى مضاف إليه محذوف "حكم أهل الجاهلية"، مقيد به للتقبيح والذم، والحكم في الثانية مطلق (مَنْ أحسن من الله حكماً). وهذا الإطلاق للتكريم لأنه تمييز لحكم الله بأنه الأحسن!
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل حكم غير حكم الله باطل، وكل شرع يتعارض مع شرع الله منكر مردود ظالم قبيح. والمجتمع الإسلامي لا يقرّ أي حكم جاهلي؛ لأنه ملتزم بحكم الله. والمسلمون الصالحون لا يتحاكمون إلى حكم يتعارض مع حكم الله لأنه حكم أهل الجاهلية، ويستحيل على مؤمن أن يساوي بين حكم الله وحكم أهل الجاهلية، كما أنه يستحيل على مؤمن أن يترك حكم الله، ويطلب حكم أهل الجاهلية، وأن يظن أن حكم أهل الجاهلية أفضل أو أعدل أو أنسب من حكم الله، ويستحيل على الدولة المسلمة أن تقرر في قوانينها حكماً جاهليّاً، وتشريعاً جاهليّاً، متعارضاً مع حكم الله.
الجاهلية في هذه الآية جاهلية حكم وتشريع، وجاهلية قانون ونظام. وتقرر بصراحة أن الحكم نوعان لا ثالث لهما: حكم الله في مقابل حكم الجاهلية، ومن لم يشرع أو يطبق حكم الله، فقد شرع أو طبق الحكم الجاهلي لا محالة. وماذا بعد الحق إلا الضلال؟!
ثالثاً: تبرج الجاهلية:
وردت "تبرج الجاهلية" في سياق توجيه المسلمات إلى الفضائل، ونهيهن عن الرذائل. قال تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولكل المسلمات من بعدهن: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) (الأحزاب: 33).
ينهى الله المؤمنات عن أن يتبرجن كما كانت تتبرج النساء في الجاهلية الأولى. (تبرجن): فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، وهو في محل جزم بلا الناهية وأصله بتاءين: "ولا تتبرجن"، فحذفت تاء المضارعة للتسهيل، وصار الفعل: (تبرجن). و (تبرج): مفعول مطلق و (الجاهلية): مضاف إليه لمضاف محذوف، والتقدير: ولا تتبرجن تبرج نساء الجاهلية الأولى.
والتبرج: إظهار المرأة لعورتها، عند خروجها من بيتها، بأن تسير في الشارع أو تجلس في الأماكن العامة وهي تكشف شعرها، أو تضع المساحيق على وجهها، أو تكشف عن عنقها أو عضدها أو صدرها أو رجلها أو بطنها أوسرّتها ...
واعتبرت الآية خروج النساء متبرجات كاشفات لعوراتهن من فعل النساء في الجاهلية الأولى، ودلَّ هذا على أن خروج النساء متبرجات سلوك جاهلي بدائي، لا تفعله المرأة الجادة الواعية العفيفة. والجديد في الآية أنها وصفت الجاهلية بالجاهلية الأولى، والمراد بالأولى الأولية الزمنية، أي: الجاهلية السابقة، التي كانت عليها النساء في القرون القديمة، حيث كانت تخرج كاشفة عن مفاتنها.
ووصف الجاهلية بالأولى يدل على أن هناك جاهلية ثانية وثالثة ورابعة، تمر بها النساء في أزيائهن وملابسهن، وفي تبرجهن وتعرّيهن. كما أن وصف جاهلية التبرج والأزياء بالأولى يدل على أن التبرج والتعري ليس فنّاً ولا تقدماً، ولا حضارة ولا "شياكة"، وإنما هو "رجعية" وانحطاط، وتأخّر وتخلّف، لأنه عودة بالمرأة إلى عصور التخلف والبدائية والظلام!
إن المرأة التي ترضى لنفسها أن تقدم جسدها للرجال متخلفة، والتي تكشف أمامهم من جسمها أكثر مما تستر رجعية، تعود إلى البدائية الأولى للبشرية، ولا يتفق هذا مع كرامة المرأة وعفتها وطهارتها. وإن التبرج والتعري سلوك جاهلي طائش، وإن كل امرأة تقوم بهذا التصرف إنما هي جاهلية رجعية متخلفة، أما العفيفة المتسترة فهي المتحضرة المتمدنة الواعية المتزنة.
رابعاً: حمّية الجاهلية:
وردت "حمية الجاهلية" في سياق المقارنة بين ما عليه الكفار من حمية واعتزاز، في مقابل ما عليه المؤمنون من سكينة وهدوء. قال تعالى: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى، وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً) (الفتح: 26).
تتحدث الآية عن ما فعلته قريش بالمسلمين، عندما منعت الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الدخول إلى مكة معتمرين، وأوقفتهم في سهل "الحديبية"، وأدت المفاوضات في النهاية إلى عقد صلح "الحديبية" في نهاية السنة السادسة من الهجرة.
لماذا منع الكفار دخول المسلمين الحرم معتمرين مع أنه مفتوح لكل من أتاه حاجّاً أو معتمراً؟! لماذا يُمنع منه المسلمون مع أنهم أهله الأصلاء؟! إن الذي دفعهم إلى هذا هو "حمية الجاهلية". والحمية هي الأنفة والإباء، مأخوذة من "الحمي"، وهو القوة المحركة التي تحمي وتسخن، وتولد الحرارة المعنوية. هذه الحمية الغضبية هي التي حركتهم وسخّنتهم، ودفعتهم إلى أن يخالفوا المنطق والعقل، ويمنعوا المسلمين من دخول الحرم، بدون ذنب ارتكبوه، إلا أنهم مسلمون! ومنَّ الله على رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فأنزل السكينة عليهم، وملأت عليهم حياتهم، ودفعتهم إلى حسن التصرف، ومقابلة حمية قريش الجاهلية بتلك السكينة الإيمانية.
و"الجاهلية" في الآية مضاف إليه لمضاف محذوف تقديره:"حمية أهل الجاهلية". فالجاهلية هنا جاهلية انتماء سياسي وقومي، وتصرف قيادي؛ لأنها صفة للحالة العامة التي كان عليها زعماء قريش، عندما أصدروا قرارهم القيادي السيادي بمنع المسلمين من أداء العمرة. والجاهلية حالة يكون عليها الزعماء والمسؤولون، عندما يتخذون قراراً جائراً ظالماً خاطئاً، لأن الذي دفعهم إلى هذا القرار "حمية الجاهلية".
فالجاهليات المذكورة في القرآن أربعة: جاهلية عقيدة وظن، وجاهلية حُكْم وتشريع، وجاهلية تبرُّج وسلوك، وجاهلية حميَّة واندفاع!
المصدر ( http://www.hoffaz.org/forqan/F2005/F46/furqan46-05.htm)(/)
سؤال عن طبعات تفسير الجلالين؟
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Feb 2006, 07:33 م]ـ
الى أحبتي طلبة العلم: ماأحسن طبعة لتفسير الجلالين؟ وماأحسن تحقيق؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 02:13 م]ـ
هناك طبعة محققة للدكتور فخر الدين قباوة، تعد أوفى تحقيقات تفسير الجلالين. لو استطعت الحصول عليها فلا تعدل بها غيرها.
وقد طبع الكتاب طبعة جيدة أخرى، مع تعليقات نافعة للقاضي الشيخ محمد بن أحمد كنعان سماها (قرة العينين على تفسير الجلالين). وقد طبعته دار البشائر الإسلامية في بيروت، وعندي من طبعاته الطبعة السادسة 1418هـ. وهي في مجلد واحد كبير. على هامش المصحف، المطبوع طباعة بالرسم العثماني، ولو وفقوا لوضع متن المصحف بخط عثمان طه الذي أصدره مجمع الملك فهد، لكان أجمل من حيث الإخراج، ولصغرت المساحة التي للنص القرآني، واتسعت الهوامش للتفسير، وصغر حجم الكتاب، ولكن لعل لهم عذراً ونحن نلومُ.
وقد تميزت هذه الطبعة بـ:
- مقابلتها على نسختين مخطوطتين نادرتين للتفسير، من مقتنيات الشيخ الجليل زهير الشاويش وفقه الله.
- مراجعتها على طبعات التفسير القديمة وهي:
طبعتي بولاق عام 1280هـ، وعام 1298، والطبعة الميمنية لعام 1312هـ، وطبعة المكتبة التجارية الكبرى مع حاشية الصاوي لعام 1375هـ، وطبعة المكتبة التجارية الكبرى مع حاشية سليمان الجمل لعام 1377هـ.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[12 Feb 2006, 09:09 م]ـ
أيضاً هناك طبعتان ينبغي الاستفادة منهما:
1/ طبعة دار الوطن وعليها تعليقات الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - وضعها على مقرر المعاهد العلمية وتبدأ من سورة غافر إلى آخر القرآن.
2/ طبعة دار السلام في الرياض وعليها تعليقات الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[13 Feb 2006, 03:49 ص]ـ
من هو القاضي محمد كنعان؟
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[13 Feb 2006, 03:50 ص]ـ
تعليقات الشيخ عبدالرزاق عفيفي لماذا تبدأ من سورة غافر
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[13 Feb 2006, 09:21 م]ـ
لأنه وضعها على المقرر في المعاهد في ذلك الوقت فقط، وللعلم فالشيخ -رحمه الله - ليس له اهتمام بالتأليف بل يرى العناية بما كتبه السلف.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[27 Mar 2006, 12:08 م]ـ
كذلك هناك طبعة جيدة نشرتها دار إيلاف الدولية بتعليق أبي عبيدة الحاج، قدم لها الدكتور سيد العفاني.
ـ[المتعلم]ــــــــ[13 Apr 2006, 03:15 ص]ـ
هناك طبعة لتفسير الجلالين طبعت قبل نحو عامين بعنوان "تفسير الجلالين الميسر" تحقيق الدكتور فخر الدين قبَاوَة
يقول انه عمل على تحقيق هذا الكتاب على مدار خمسة عشر عامًا!
وقال انه اعتمد على خمس نسخ خطيّة وكلها قديمة اضافةً للمطبوع وذكر أكثر من 15 طبعة قارن بينهم
ما رأي طلبة العلم في هذا العمل؟
بوركتم
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[20 Jun 2009, 07:15 ص]ـ
تحقيق قباوة متميز جدا من عدة جهات من أبرزها:
1 - الرجوع إلى المصادر الأربعة التي اعتمد عليها الجلالان وهي:
البيضاوي والوجيز وابن كثير وتفسير الكواشي - وهو مخطوط، وقدحقق أو جزء منه في الجامعة الإسلامية بالمدينة -ن وقد أتاح له هذا الرجوع إلى المصادر التفطن إلى ما لم يتفطن له المحشون على الجلالين.
2 - العناية الشديدة بحروف المعاني.
ثم أخرج الدكتور قباوة نفسه تحقيقاً أوسع سماه: التفسير المفصل للقرآن الكريم المسمى بتفسير الجلالين، وقد تميز بما تميز به سابقه مع:
1 - اهتمام واضح ببيان أوهام المفسريْن وغيرهما حتى إنه وضع فهرساً في آخره بعنوان فهرس أوهام وهنات المفسرين.
2 - فهارس أخرى مفيدة
ـ[سالمين]ــــــــ[20 Jun 2009, 11:08 ص]ـ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5202
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[23 Jun 2009, 10:12 م]ـ
تعديل فيما كتبته قبل 3 أيام:
1 - قلتُ إن د - قباوة اعتنى بحروف المعاني في تفسير الجلالين الميسر والصواب أنه اعتنى بها في التفسير المفصل - وهو تحقيقه الموسع للجلالين -
2 - قلتُ إنه عمل فهرساً بأوهام المفسرين في التفسير المفصل والصواب أنه قام بعمل الفهرس في كلا الكتابين
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[16 Jul 2009, 12:17 ص]ـ
بالمقارنة مع بعض الأخوة بين طبعة القاضي كنعان للجلالين وبين تحقيق قباوة (المختصر) لنفس الكتاب - وقد تمت المقارنة بينهما في أول ثلاثة أجزاء ونصف من القرآن- يبدو أن كلا الطبعتين فيه اعتناء بالنص والأخطاء واقعة بنسبة ليست قليلة في كليهما، وتتميز طبعة قباوة بحسن الإخراج بينما تتميز طبعة كنعان بنفاسة التعليقات والإضافات وتنوع تلك الإضافات والتعليقات في العلوم المختلفة، أما طبعة الحاج بتقديم الدكتور: سيد عفاني فهي مليئة بالأخطاء المطبعية - حيث تمت مقارنتها بقباوة وكنعان- وفيها تنبيهات في العقيدة وحكم على الأحاديث أو بعض الأحاديث
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[16 Jul 2009, 06:06 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
وفكرة المقارنة بين الطبعات المختلفة للكتاب الواحد مهمة، حيث يحتاج إليها في نسبة الأقوال بدقة ودون تخليط، وتزاد أهميتها بحسب المؤلف -بفتح اللام-، فتفسير الجلالين -مثلا- تتعين فيه مثل هذه المقارنة لشدة اختصاره، ودقة عبارة، وكثرة تداوله ..
فأرجو أن تستمر هذه المقارنة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بمقابلة المطبوعات سويا، وتدوين الفروقات الجوهرية، حتى يتم الخروج بالفائدة المرجوة.
سؤال:
هل ما امتازت به طبعة كنعان من كثرة التعليقات تفوق عليها طبعة قباوة الموسعة؟
حيث إن المقارنة هنا كانت مع الطبعة المختصرة.
وشكرا.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[16 Jul 2009, 10:45 م]ـ
لم أستطع حتى الآن الحصول على طبعة قباوة ذات التعليق الموسع، ولذلك لم أستطع المقارنة(/)
مؤلف كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) والرأي الفطير!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 01:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدرت عن مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 2002م الطبعة الأولى من كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) الذي كتبه سعد بن عبدالمطلب العدل.
http://www.tafsir.net/images/heroghleef.jpg
وقد أثار هذا الكتاب استياء عدد كبير من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية واللغة المصرية القديمة على حد سواء؛ لجناية مؤلفه على التخصصين، وتطفله عليهما، فلا هو من أهل التخصص في الدراسات القرآنية المجيدين لأصول التعامل معها، ولا هو من أهل التخصص في اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) التي يزعم أنها تفسر القرآن الكريم. وإِنَّما حَمَله على تأليف هذا الكتاب - كما يَحملُ غيَرَهُ من المشككين في القرآن، والمتنقصين للغة القرآن، ولسان العرب – الرغبةُ في الطعن في القرآن تحت ستار التجديد، ومحاولة إعادة قراءة القرآن قراءة جديدة، أو العبث بالعلم، وقلة المبالاة به ولا بأهله، وليس أضر على العلوم من الواغلين والمتطفلين على موائدها وهم من غير أهلها.
ولا ينقضي عجبي من تطاول أمثال مؤلف هذا الكتاب، وكثرة مراوغته لمن يناقشه من العلماء والباحثين، مع ضعف حجته، وقلة علمه، وضعف لغته العربية كما ظهر من كتابه وفهمه للنصوص، وما يدعيه من اللغات الأخرى بشهادة أهل الاختصاص. ولا أراه إلا كغيره من الأدعياء الذين أفسدوا العلوم، وأثاروا حولها الجدل والمراء، وأطلقوا دعوات عريضة للتجديد لا يقومون بحقها، مع بعدهم عن التخصص في هذا العلم الشريف وهو التفسير، وعدم قيامهم بأدواته حق القيام، وتذرعهم بحرية البحث العلمي، والتعبير عن الرأي، التي أصبحت عصاً غليظة يرفعها أهل الجهل في وجوه حماة العلم، وأهل التخصص في كل الفنون، وهم ليسوا إلا أهل ثَرْثرةٍ وتَرْترةٍ وبَرْبَرةٍ، ولكنها ثرثرة مزعجة، وجعجعة وصياح ينذران إن سكت أهل العلم عنها بفساد وبيل في ثقافتنا الإسلامية، ولوثة خطيرة في لغتنا العربية، وما أُشبِّهُ هذه الدعواتِ المشبوهةِ، والدراسات العابثة إلا بأفعي أبي محمد الفقعسي:
كشيشُ أَفعى أَجمعتْ لِعَضِّ * فهي تحكُّ بعضَها ببعضِّ
وقد عرض المؤلف كتابه هذا على عدد من أهل العلم والتخصص، فأما أهل الثقة والعدالة منهم فقد ردوه، وانتقدوه، وبينوا للمؤلف خطأه، ولكنه كابر وعاند، ورد عليهم بردود تدل على مبلغه من العلم. وأما من لم يفهم الفكرة- إن أحسنَّا الظن -، أو لم يقرأ الكتاب، فقد قرظ الكتاب ومدح صاحبه.
وقد أرفق الناشر مع الكتاب صورة خطاب موجه من شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور سيد طنطاوي عفا الله عنه، يثني فيه على جهد الكاتب في كتابه، وأنا أشكك في هذا الخطاب، أو أن الشيخ لم يقرأ الكتاب وإنما كلف به بعض الباحثين فلم يتنبه لخطره. وقد أنصفت مكتبة مدبولي عندما نشرت الكتاب، ونشرت معه الملاحق التي تختلف مع الكتاب فيما ذهب إليه.
وقد تناول الكتابَ عددٌ من العلماء والباحثين، في الصحف والمجلات والإذاعة، تناولوه بالنقد، والرد، ولم أطلع على كاتبٍ متخصص يثني على الكتاب، ولعل في طرح الموضوع للحوار في ملتقى أهل التفسير ما يثري هذا الجانب.
وممن تعرض للكتاب بالنقد والرد الأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني وفقه الله، حيث تناوله في عدد من المقالات، وفي حلقات إذاعية في إذاعة القرآن الكريم المصرية.
وإني لأعجب من الأستاذ الجليل الدكتور محمد رجب البيومي وفقه الله، وهو العالم والناقد، كيف قدَّم لهذا الكتاب؟ مع أنه تحفظ في عبارات التقديم، ودعا إلى نقد الكتاب، وأكاد أجزم أنه لم يستوف قراءة الكتاب، ولو فعل لما كتب ذلك التقديم على ذلك الوجه، لدقته في النقد، ودراساته المعروفة الواسعة التي تتبع فيها كثيراً من الأدباء والكتاب، وهو مجتهد في تقديمه على كل حال.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد عُرِضَ هذا الكتابُ على مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة، وكلفوا أحد أعضاء المجمع بكتابة تقرير عنه، فكتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد وفقه الله، وخلص فيه إلى رد هذا الكتاب جملة وتفصيلاً، وقال في خاتمة تقريره الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي الإسلامي في عددها العشرين الصادر 1426هـ (327 - 394):
(والخلاصة في شأن الكتاب وصاحبه:
أولاً: أن الكتاب يقوم على فكرةٍ باطلةٍ، ومنهاجٍ فاسدٍ، وتطبيقٍ يُلحدُ في آيات الله إلحاداً مبيناً.
ثانياً: أَنَّ المؤلف ينبغي أن يُدعى إلى التوبةِ النصوحِ، والبراءةِ مِمَّا كتبهُ، وجادلَ به، إنْ كان يريد الخيرَ والنجاة لنفسه.
ثالثاً: أَنَّ المؤلفَ والكتابَ بِمعزلٍ تامٍّ عن الوفاء بشروطِ الاجتهاد الصحيح، والمُجتهدِ الملتزمِ بالأصولِ والقواعدِ العلميَّةِ والدينية التي أجمعَ عليها المُحققونَ من علماءِ الأمةِ والمفسرين خاصة طوال التاريخ.
رابعاً: ندعو المفكرين والأدباء والباحثين إلى الاجتهاد النافع الذي يجمع أمة الإسلام، ولا يفرقها، وتحاشى الطعن في دينها وتاريخها المجيد، وهذه مهمتهم الجليلة، التي يسألون عنها عند الله يوم القيامة.
خامساً: لا ينبغي للمؤسسات الإسلامية تبني مثل هذه الكتب لا بالنشر، ولا بالتقريظ، ولا بالتساهل ولا المجامىت بحجة حرية الفكر والاجتهاد ونحوهما؛ فإن في ذلك فساداً عظيماً، يخدع جمهور الأمة، ويوقع الفتنة بين الناس.
ولذلك أقترح على رابطة العالم الإسلامي – بما لها من ثقة في مجال الدعوة الصحيحة – أن تكاتب الأزهر الشريف في شأن هذا الكتاب حتى لا يستغل المؤلف موقفهم منه في نشر أفكاره الضالة. وينبغي أيضاً نشر كتاب في الرد عليه تفصيلاً، فإن هذا التقرير – مع طوله – لم يتسع لذلك، وإلا جاء أضعافاً مضاعفة) أ. هـ.
وقد عُرِضَ الكتابُ على الأستاذ الدكتور عبدالحليم نور الدين – أستاذ اللغة المصرية القديمة، ورئيس قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة، فبين استنكاره لما جاء في هذا الكتاب، وأبان عن علمٍ جمٍ في مجال تخصصه، ومنهج علمي دقيق في تناول المسائل، وعقل منصف في الوقوف عند حدود التخصص، ومما قاله:
(أرى أنه لا بد من وجود لجان متخصصة تطرح عليها مثل هذه الكتب قبل التصريح بطبعها وتداولها، وبالنسبة لهذا الكتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) فإنني أرى أن الأزهر الشريف أخطأ في حق القرآن الكريم قبل أن يخطئ في حق اللغة المصرية القديمة، فمع كل التقدير والإجلال لعلماء الدين فقد كان من الضروري أن يطلب الأزهر من المؤلف أن يعرض كتابه أولاً على أساتذة اللغة المصرية القديمة لمناقشتها، والتحقق مما جاء في الكتاب؛ لأنه يتعرض لسر من أسرار الله تعالى، أراد الباحث أن يخوض في تفسيره دون دراية كافية بالأدوات التي استخدمها، وهي مفردات اللغة المصرية التي عاشت أكثر من أربعة الآف عام، ومرت بمراحل مختلفة، اعتمد الكاتب على مرحلة واحدة منها في تفسيره، وهي العصر الوسيط، مما جعله يخوض فيما لا نستطيع – بعلمنا المتواضع – أن نخوض فيه). انظر الرد في ملاحق الكتاب ص 187 - 196.
ولا غرابة في تواضع هذا العالم الجليل المتخصص في اللغة المصرية القديمة، فهذا دأبُ العلماءِ، وأَدبُ الباحثين، والشيء من معدنه لا يُستَغربُ، بل إنه يقول في أثناء حديثه (إنني على الرغم من تخصصي في الآثار لا أجرؤ على الحديث في الآثار الإسلامية أو المسيحية، لأنني متخصص في الآثار المصرية).
وهذا كلام عالم عرفَ حَدَّهُ، ووقفَ عندَهُ، فاستحقَّ التقدير مِنّا جَميعاً، وفقه الله ونفع به. وهذا أدب يجب علينا جميعاً احتذائه، واحترام تخصصات الآخرين، وعدم التقدم بين يدي أهل التخصص، فهذا أدعى للثقة بما نحمله من العلم، وأدل على عقل الباحث، وحسن تربيته وذوقه العلمي والأدبي. بخلاف من يخوض في كل علم، ويكتب في كل فن، بغير علم ولا هدى، فإنه لا يحظى بالتقدير والثقة. وحتى تعرف مدى علم مؤلف الكتاب، تأمل رده على عبارات الدكتور عبدالحليم نور الدين المتواضعة التي تدل على عقله وأدبه. [انظر: ص197 - 206]
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي دفعني إلى كتابة هذه المشاركة هو اطلاعي على الكتاب نفسه قديماً، ثم اطلاعي على التقرير الذي كتبه الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة أم القرى، وعضو مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة الذي نشرته مجلة المجمع الفقهي مؤخراً، ثم أخيراً ملاحظة كثرة الطاعنين في القرآن من كل جهة، بغير علم، ولا أدب، ولا مراعاة لتخصص، ولا لقداسة القرآن، ولا لحرمة التفسير والتقول على الله بغير علم.
وقد رغبت من وراء طرحه في الملتقى إطلاع الإخوة على فكرة هذا الكتاب، وبيان الردود التي صدرت حوله.
وقبل نشري للمشاركة بحثت في الانترنت (عن طريق جوجل) عن هذا الكتاب، فأسعدني وجود بحث قيم للأستاذ الكريم علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز بعنوان (الرد على كتاب الهيروغليفية تفسّر القرآن الكريم)، لعله أحد بحوث الدراسة التمهيدية لمرحلة الماجستير أو الدكتوراه بكلية التربية بجامعة الملك سعود، وقد نقلت البحث إلى مكتبة شبكة التفسير لفائدته، وحتى ينتفع به القراء في هذا الموقع إن شاء الله.
فكرة كتاب الهيروغليفية الأساسية:
ردُّ القول بأَنَّ الحروف المقطعة التي في أوائل السور هي حروفٌ هجائيَّةٌ، والذهاب إلى أَنَّها كلماتٌ وجُمَلٌ لها معانٍ في اللغة المصرية القديمة المعروفة باللغة الهيروغليفية.
أما المنهج الذي استخدمه الكاتب:
يقول المؤلف: (المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو: تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة، ثم التأكد من صحة معناها في السياق، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه.
وهدف هذا الكتاب:
1. تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة): الأسد، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني: (رامي الحربة). فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية.
2. لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج.
3. لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن- ذَكَّرني هذا الكلام بصاحب موقع أسرار القرآن! -، من أسرار الله وعلوم وتاريخ. . . إلخ.
4. واخيراً ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل.
5. لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه.
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل) [ص 31 - 32]
وأدعو في ختام هذا المقال الإخوةَ القراء الفضلاء إلى الاطلاع على:
- مجلة المجمع الفقهي الإسلامي، العدد العشرون 1426، تقرير علمي عن كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد 327 - 394
- بحث (الرد على كتاب (الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم)) للباحث علي بن عبد الرحمن القضيب العويشز، وهو في المرفقات.
- قراءة الكتاب نفسه والملاحق التي ذيل بها الكتاب.
ـ[المنصور]ــــــــ[13 Feb 2006, 08:18 ص]ـ
وفقك الله لكل خير
وجعل تعبك فيما تكتبه في ميزان حسناتك يوم القيامة
اللهم ارفع قدر كل من ذب ودافع عن كتابك الكريم
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:50 م]ـ
مقال ماتع كعادتك، بوركت وبورك علمك. وهذه أول مرة أسمع بهذا الكتاب، فالله المستعان على هؤلاء الأغرار.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jan 2009, 04:19 م]ـ
وهنا بحث بعنوان (الحروف المقطعة هل تفسرها الهيروغليفية؟) وهو قراءة نقدية لكتاب “الهيروغليفية تفسر القرآن “ قدمته الأستاذة أسماء بنت محمد الحميضي المحاضرة في قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود خلال دراستها لمرحلة الدكتوراه. أرجو أن يكون فيه إضافة لما كتب حول هذا الكتاب.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[03 Jan 2009, 08:37 م]ـ
على هذا الرابط نقاش بين مؤلف الكتاب واحد الاعضاء
http://www.alkashf.net/vb/showthread.php?t=763
وهنا رأي المجمع الفقهي التابع لرابط العالم الاسلامي
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=17&article=212344&issueno=9177
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Jan 2009, 11:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ما نبهتنا إليه.
يبقى علماء الأمه يينفون عن القرآن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وعبث العابثين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Mar 2009, 10:52 ص]ـ
القاهرة - نفى مجمع البحوث الإسلامية موافقته على تداول كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" للمؤلف سعد عبد المطلب العدل، وأفادت الإدارة العامة للتأليف والبحوث والترجمة بالمجمع -وهي الجهة المختصة بإعطاء تصريحات على تداول الكتب المتعلقة بالجوانب الشرعية- أن هذا الكتاب لم يرد إليها وأنها لم تسمع عنه من قبل.
فيما أوضح مصدر مسئول بالأزهر أن قطاع المعاهد الأزهرية، ليس متخصصًا بنظر كتب لإجازتها أو تقييمها، كما ذكر المؤلف في كتابه بأن هناك لجنة شكلها الشيخ علي فتح الله رئيس المعاهد الأزهرية الأسبق من علماء القطاع، وأن موافقات الأزهر على أي كتاب يكون بتقرير رسمي مفصل وموقع ومختوم من مجمع البحوث الإسلامية.
وكان موقع المصريون قد نشر 24 سبتمبر 2007 أن هناك خلافًا بين شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي و"جبهة علماء الأزهر"؛ بسبب كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" الذي يزعم مؤلفه أن القرآن الكريم كتاب أعجمي، وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يجهل معاني ما يوحى إليه من القرآن، وأنه كان مثل الكفار في شك وارتياب.
وسبب الخلاف أن خطابًا مذيلاً بتوقيع شيخ الأزهر وضعه المؤلف في مقدمة الكتاب، يتضمن ثناءً وإشادة به، وردت الجبهة بإصدار بيان شديد اللهجة على الشيخ طنطاوي، وعلى الكتاب الذي يتضمن كذبًا بصريح القرآن الكريم وتطاولاً على مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقد استندت الجبهة -حسب ما ذكره موقع المصريون- في بيانها إلى تقرير أعده الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر، بتكليف من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عن الكتاب المشار إليه، وكذلك إلى تصريحات الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس قسم الآثار المصرية وأمين عام المجلس للآثار السابق التي ندّد فيها بالخزعبلات التي جاءت بالكتاب، وندّد بإشادة شيخ الأزهر بمؤلفه واتهمه بالإساءة للقرآن الكريم.
كتاب خرب
وبالرجوع إلى الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس قسم الآثار بجامعة القاهرة، اعتبر أن هذا الكتاب خرب، وقال: "إن قضايا التفسير بها اجتهاد، ولكن هناك قضايا تُعَدّ سرًّا من أسرار الله، ومنها الحروف المقطعة؛ ولذلك قال المفسرون إنها إعجاز قرآني؛ لذلك لا ينبغي التعرض لها بدون علم.
ويتساءل مستنكرًا ما جاء في كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" "لماذا اختص الله 29 سورة لتبدأ بكلمات هيروغليفية؟، وما صلتها بالقرآن الكريم؟، وهل عندما نزل القرآن نزل بالهيروغليفية؟، وبالقطع لا".
ويضيف أن مؤلف هذا الكتاب ليس أستاذًا في اللغة المصرية القديمة، وما فعله من محاولة تفسير القرآن باللغة الهيروغليفية تُعَدّ جرأة في التعامل مع هذه القضايا، خاصة في القرآن، كما لا توجد له أدلة فيما ذكره عن الحروف المقطعة وأنها من اللغة المصرية القديمة.
وكشف الدكتور عبد الحليم أن مؤلف الكتاب طلب منه عمل مقدمة لكتابه "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" وأنه رفض، وأوضح أن شيخ الأزهر كتب خطابًا يدل على أنه غير مُلِم بالمسألة.
وشدد على ضرورة أن يكون المنهج الفرعوني بعيدًا عن الكتب المقدسة، ورفض الربط المتعمد والذي قام به مؤلف الكتاب في كتب أخرى بين الأنبياء وملوك مصر، مطالبًا مجمع البحوث الإسلامية بفحص كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم"؛ لإنهاء مهزلة هذا الكتاب، وتوضيح خطره للناس.
رد شرعي
أما الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد فقد أكد أنه أعد تقريره للرد على كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" بناء على طلب رابطة العالم الإسلامي بذلك، وشدد على أن زعم مؤلف الكتاب بأن القرآن الكريم يضم ألفاظًا هيروغليفية هو طعن في القرآن، وتكذيب لخبر الله تعالى بأنه أنزله "بلسان عربي مبين".
وأوضح الدكتور عبد الستار أن المؤلف خاض خوضًا عنيفًا في غير تخصصه وميدانه، وأنه بنى منهجه على خواطر نظرية ظنية، كما أن افتراضه بأن الحروف المقطعة بعض الكلمات ليس لها معنى في اللغة العربية افتراض باطل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأضاف أن المفسرون منذ الصحابة أجمعوا على عربية هذه الألفاظ، وفسروها في إطارها الشرعي، فمنهم من قال إن هذا من المكنون الذي استأثر الله بعلمه، ومنهم من قال إن معناها أقسام، أو رموز لأسماء الله وصفاته، أو إنها لإثبات إعجاز القرآن الكريم؛ ولذلك كان إنكار المؤلف لكل ما قاله الصحابة والمفسرون وأن الكلمات المقطعة لا تؤدي لمعنى في اللغة العربية دعوى باطلة تستهدف الفتنة والتأويل الفاسد.
وأشار إلى أن قول المؤلف بأن اللغة المصرية القديمة كانت لغة عالمية، وكانت لسان العصر لكل من أراد أن يعبر ربما حتى بعثة النبي يُعَدّ من الدعاوى الباطلة وقد أسقطها المؤلف بنفسه حين قال "لو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن كلمة يثرب لغة مصرية قديمة وتعني "مهاجر نبي" ربما لم يكن يفكر في تغيير اسم البلد"؛ لأن يثرب ذكرت في القرآن الكريم.
وألمح إلى أن الكتاب يفسر القرآن بلغة بائدة، ويطابق بين الحروف المقطعة والرسوم الهيروغليفية؛ ليوجد معاني تؤدي إلى تغيير النص القرآني وتحديد المعنى الذي يريده المؤلف، وذلك بالزيادة والنقصان من اللفظ القرآني مثل ما قاله في قول الله تعالى "حم"، وقال إن "حامي" تعني كائن سماوي، و"يم" تعني بواسطة أو عن طريق، وينكر على المفسرين أن يجعلوا هذه الفواتح حروفًا أو أسماء للقسم.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/649b0d62ae2699.jpg
وأوضح أن ما ذكره المؤلف من عرض كتابه على لجنة من علماء الزهر، ووافقوا عليه لم يقدم عليه أي موافقة مكتوبة؛ ولذلك ينسب لهم ما يشاء مثل استحسانهم الفكرة وتأييدهم لها، فالرجل الذي ملأ كتابه بالكذب على الله وعلى القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أسهل شيء عليه أن يكذب على بعض شيوخ الأزهر.
وكان شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي قد أرسل خطابًا للمؤلف على هذا الكتاب كان نصه: "فقد تسلمت بالشكر والتقدير كتابكم الأول والذي عنوانه "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم"، أوضحتم فيه أن تفسير الحروف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن الكريم تدل على معان في اللغة الهيروغليفية .. والكتاب فيه جهد يحمد فيشكر، وندعو الله أن ينفع به، ويجعله في ميزان حسناتك يوم القيامة".
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Mar 2009, 01:26 م]ـ
... ولسعد العدل في التفسير آراء تثير الشكوك، من ذلك نفيه أن تكون فلسطين أرض مباركة، وان يكون المسجد الأقصى كذلك .. وقد رددت عليه في مقالة منشورة في موقع الأرقام، هي التالية ...
فلسطين أرض مباركة ..
فلسطين مباركة رغم أنف العدل. .
يستدل الباحث سعد العدل على ما ذهب إليه من عجيب الرأي فيقول: انه على طول مراحل التاريخ المعروف لم تظهر على أرض فلسطين أي بوادر للبركة , فالحروب والفتن هي السائدة في هذه البقعة إلى يومنا هذا ..
هكذا يرى الباحث المحترم أرض فلسطين " أرض الحروب والفتن ". فهل فلسطين كذلك؟ هل ما يجري في فلسطين مما يمكن أن نسميه " بالفتن "؟ لماذا لا تكون أرض فلسطين أرض الحشد والرباط؟ أرض المجاهدين ومقاومة الظلم ومواجهة أعداء الله؟
وكيف تخلو أرض فلسطين طول تاريخها من بوادر للبركة؟ ليت الكاتب قد فسر لنا ما معنى البركة التي بحث عنها فلم يجدها على أرض فلسطين. ألا يعني المسيح بن مريم شيئا؟ والمسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى , ألا يعني شيئا؟ وصلاح الدين الأيوبي , ومعارك الإسلام الخالدة , أليس في أي من هذه المعالم بادرة بركة؟ ماذا إذن؟ ويفسر الباحث الآية الأولى في سورة الإسراء تفسيرا عجيبا:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء
يقول: إن المسجد الأقصى المبارك حوله لا يستتبع بالضرورة أن تكون الأرض التي يقع عليها مباركة بالضرورة!
فالمبارك هو حوله وليس هو. يريد أن يقول: إن المسجد الأقصى ليس مباركا كما أن الأرض التي يقع عليها ليست مباركة هي الأخرى , المبارك هو ما حول الأقصى.
(يُتْبَعُ)
(/)
لماذا يريد الكاتب أن ينفي صفة البركة عن المسجد الأقصى وعن أرض فلسطين؟ هل ليثبت أن الأرض المباركة هي ارض الحجاز؟ وأن إثبات ذلك لا يكون إلا إذا نفينا صفة البركة عن أرض فلسطين وعن المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
لم يبق إلا أن يقول: إن المبارك إذن هو حائط المبكى.
وبالتالي فلماذا هذه الضجة التي يفتعلها المسلمون كلما تعرض المسجد الأقصى للعبث والتخريب ومحاولات الهدم؟ ولماذا كل هذه التضحيات الجمة التي يقدمها أبناء فلسطين كل يوم دفاعا عن مكان لا حظ له من بركة أو قداسة؟ ويتجاهل الباحث معجزة الإسراء والمعراج .. ألا تكفي هذه لتعطي أرض فلسطين بادرة واحدة من البركة؟ وإذا لم يكن للأقصى ولا للأرض التي يقع عليها حظ من البركة , فلماذا اختارها الله لتكون محطة يتوقف عندها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل عروجه إلى السماء؟ بل لماذا تتم حادثة الإسراء والمعراج من أرض الحجاز إلى ارض فلسطين؟ أليس في هذا دليل على أن أرض فلسطين مباركة كما أن ارض الحجاز مباركة؟.
وإذا كانت الآية لم تصف المسجد الأقصى مباشرة بأنه مبارك ووصفت ما حوله , فليس معنى ذلك نفي هذه الصفة عنه , ذلك انه بالضرورة مبارك , والعلم بذلك يغني عن الوصف بما هو لازم ومعروف , فمادام ما حوله مباركا فهو أي المسجد الأقصى أكثر بركة " مركز البركة ".
ونوضح ذلك بالمثال التالي: إذا قلنا أن المنطقة حول مركز الكرة الأرضية شديدة الحرارة , فهل يعني ذلك أن مركز الأرض بارد وليس بالضرورة أن يكون شديد الحرارة , أم أننا نفهم أنه الأشد حرارة؟
إن نفي البركة عن ارض فلسطين وعن المسجد الأقصى ووصفها بأرض الحروب والفتن أمر غريب لا يمكننا القبول به.
ويعيد الباحث تفسير الآية 81 من سورة الأنبياء وهي قوله تعالى:
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} (81) سورة الأنبياء
.. فيقول: فالبديهي انه حينما تجري الريح مسخرة بأمره (أمر سليمان) يكون اتجاهها إلى مكان آخر وليس إلى حيث يقيم , لأن حرف الجر إلى يفيد الإرسال في اتجاه آخر .. يستنتج الباحث أن ذلك الاتجاه هو ارض الحجاز.
هنا يجب أن نلاحظ التالي: حينما سخر الله الريح لسليمان: خرجت حركة الريح عن قوانينها الطبيعية التي أودعها الله فيها إلى قوانين استثنائية جديدة تمكنها من الاستجابة لأوامر سليمان ومشيئته , ولن تكون في هذه الحالة محكومة بحرف الجر إلى ولا بالاتجاه المعاكس .. مثل ما حدث مع سيدنا موسى عليه السلام حينما شق البحر بعصاه , فالقوانين التي تضبط حركة المياه تعطلت هنا لتحل محلها قوانين جديدة مؤقتة حتى تستجيب للحالة الطارئة ثم تعود بعد ذلك إلى قوانينها الأولى.
فالاستدلال بالريح هنا وحركتها لا يكفي لإثبات ما يريده الباحث العدل. هذا على افتراض أن كلمة الريح الواردة في الآية تعني ما نفهمه من حركة الهواء ولا تعني شيئا آخر , فالريح هنا قد تعني الجيوش السريعة الحركة التي تشبه الريح الجاهزة تحت أمرة سليمان يوجهها حيث يشاء فتطيعه.
وعلى افتراض أن الأرض المباركة هي أرض الحجاز , فما المانع أن تكون أرض فلسطين – أرض الحشد والرباط – أرض مباركة؟
إن سلب هذه الصفة المختفي تحت ستار الدين وتصحيح التفسير وتصويب عثرات المفسرين , ليس أكثر من دعوة إلى التخلي عن أرض فلسطين والتي تم الاكتشاف أخيرا أنها أرض الفتن – كما وصفها الكاتب – وبالتالي فهي لا تستحق كل هذه الدماء التي تبذل رخيصة في سبيل الذود عنها وعن مقدساتها , والخطورة هنا أننا بذلك نسلب المسلم الذي يعيش على أرض فلسطين الدافع الأقوى والمحرك الذي يقوده إلى مواجهة عدوه والتضحية بروحه رخيصة في سبيل الله ودفاعا عن أرضه المباركة , كما نسلب المسلم خارج الأرض الرابط " بالمقدس " والدور الذي يؤديه في جمع كلمة المسلمين نحو الهدف الواحد.
ومن المؤسف أن يأتي مثل هذا التفسير في هذا الوقت , وعلى نحو مغاير تماما لما تقوم به اليهودية من استغلال للجانب الديني وتوظيفه على نحو يجعل الهجرة إلى الأرض المباركة أرض فلسطين هدفا وسببا لاكتمال الدين.
Date: Sun, 24 Apr 2005 06:50:58 -0700 (PDT)
From: "abdullah jalghoum" <abd_jalghoum@yahoo.com> Add to Address Book
Subject: فلسطين أرض مباركة
To: alargam777@yahoo.com
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[06 Mar 2009, 10:16 م]ـ
يا سلام يا سلام، جزى الله تعالى كل من شارك في هذا الموضوع ودافع عن القرآن العظيم ضد هذا الزبد الذي سوف يذهبه الله جفاء على أيدي هولاء الفضلاء وأمثالهم، وما أكثر هذا الزبد في زماننا، واقترح أن يكشف داخل هذا المنتدى المبارك زيف كل من قال في القرآن ما شاء بلا ضابط ولا دليل ممن يسمون مفكرين معاصرين وهم أبعد الناس عن التفكير الصحيح والرؤية السليمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Mar 2009, 10:36 م]ـ
أحسنت أخي عبد الله ..
والحديث بالحديث يذكر ..
فقد اطلعت قريبا على كتاب ضخم يؤكد فيه مؤلفه على أن أرض التوراة هي اليمن وليست فلسطين، وأن اعتقاد أن فلسطين هي الأرض التي نزلت فيها التوراة على موسى -عليه السلام- إنما جاء من قِبل من ترجم التوراة ولا يمت للحقيقة بصلة، فهم -برأيه- أنشئوا "فلسطين متخيلة" جرت فوقها أحداث التوراة!
ومع أن هذا الرأي لا يناقض في ظاهره أن تكون فلسطين أرضا مباركة، فقد باركها الله واختارها أرضا لأنبيائه، ومسرى لخير خلقه، وقبلة أولى للمسلمين ... مع هذا فإن هذا الكتاب جدير بالقراءة والنقد في نظري.
رابط تعريفي بالكتاب ( http://www.fikr.com/?Prog=book&Page=bookinfo&id=19990)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Mar 2009, 10:51 م]ـ
وما أكثر هذا الزبد في زماننا، واقترح أن يكشف داخل هذا المنتدى المبارك زيف كل من قال في القرآن ما شاء بلا ضابط ولا دليل ممن يسمون مفكرين معاصرين وهم أبعد الناس عن التفكير الصحيح والرؤية السليمة.
أحسنتم ..
ومن العجيب -وعجائب زماننا كثيرة- أن تجد المكتبات لاتفتأ تقذف بين الحين والآخر كتبا يدعي أصاحبها الدعوة إلى القرآن والدفاع عنه، تحت مسميات التجديد، وكل ما فيها انقلاب على كل تراثنا المجيد الذي تركه لنا أسلافنا، وبنوا به صلاح العباد وحضارة البلاد، انقلاب وانتكاسة ظاهرها العودة إلى القرآن وإعماله في الحياة، وباطنه سلخ الناس من مصدر قوتهم وإبدالهم بفهم فطير سقيم يهدم ولا يبني .. يخرب ولا يصلح ..
والله المستعان.(/)
النكتة العلمية التي لم يذكرها ابن عاشور إلا في آخر تفسيره!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[12 Feb 2006, 11:42 م]ـ
قال الطاهر ابن عاشور في تفسيره 30/ 500 ـ تفسير سورة الماعون في تفسير الآيات 4 - 7 ـ (فويل للمصلين ... ويمنعون الماعون):
"واعلم أنه إذا أراد الله إنزال شيء من القرآن ملحقاً بشيء قبله، جعل نظمَ الملحقِ مناسباً لما هو متصل به، فتكون الفاء للتفريع،وهذه نكتة لم يسبق لنا إظهارها،فعليك بملاحظتها في كل ما ثبت أنه نزل من القرآن ملحقاً بشيء نزل قبله منه ".
ـ[نياف]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:10 ص]ـ
بارك الله فيك وغفر لك ورزقك الفردوس الأعلى
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Mar 2006, 12:28 ص]ـ
بارك الله فيك وغفر لك ورزقك الفردوس الأعلى
وإياك أخي الكريم نياف ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2006, 12:24 ص]ـ
معنى كلام ابن عاشور هذا الذي تفضل أخونا العزيز الدكتور عمر المقبل بالإشارة إليه يظهر بمعرفة أن مقصود ابن عاشور أن الآيات الثلاث الأولى من سورة الماعون نزلت منفصلة قبل بقية الآيات، سواء كانت مكية كلها أوكانت الثلاث فقط مكية. وهي (أرأيت الذي يكذب بالدين* فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين).
والأيات التي بعدها نزلت فيما بعد، وساء كانت مكية أو مدنية نزلت في بعض المنافقين (فويل للمصلين ... الآيات).
فلما جاءت الآيات الأخيرة التي قد تكون مدنية متصلة ومرتبطة بالآيات المكية السابقة لها جيء بالفاء التي للتفريع، ليكون نظمُ الآيات التالية مناسباً لما هو متصل به.
وهذه نكتة بديعة، لو تتبعها باحثٌ جاد لكان حسناً، وهذا بحث مرتبط بمبحث نزول الآيات وترتيب نزولها، ومرتبط بمعرفة نظم الكلام وبلاغته.
بارك الله فيكم أبا عبدالله على هذه التأملات والفوائد التي تتحفوننا بها في الملتقى وغيره، وزادكم الله علماً بكتابه، وفقهاً بوحيه.
ـ[أبو إسحاق]ــــــــ[09 Apr 2006, 02:18 ص]ـ
السلام عليكم
إن الآيات الثلاث الاولى تذكر صفات مستحق الويل (أرأيت الذي يكذب بالدين *فذلك الذي يدع اليتيم *ولا يحض على طعام المسكين) ,فمعنى الآية عطفُ صفتي: دَع اليتيم، وعدم إطعام المسكين على جزم التكذيب بالدين, والذي فيه هذه الصفات ليس بمسلم ولهذا فإن وصفهم بـ «المصلين» إِذَنْ تهكم، والمراد عدمه، أي الذين لا يصلون، أي ليسوا بمسلمين كقوله تعالى:" قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين " [المدثر: 43، 44] وقرينة التهكم وصفهم بـ " الذين هم عن صلاتهم ساهون ".
فهذا يرجح أن السورة مكية وانها نزلت في حق الكفار.
هذا والله اعلم.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 Oct 2008, 04:42 م]ـ
السلام عليكم
إن الآيات الثلاث الاولى تذكر صفات مستحق الويل (أرأيت الذي يكذب بالدين *فذلك الذي يدع اليتيم *ولا يحض على طعام المسكين) ,فمعنى الآية عطفُ صفتي: دَع اليتيم، وعدم إطعام المسكين على جزم التكذيب بالدين, والذي فيه هذه الصفات ليس بمسلم ولهذا فإن وصفهم بـ «المصلين» إِذَنْ تهكم، والمراد عدمه، أي الذين لا يصلون، أي ليسوا بمسلمين كقوله تعالى:" قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين " [المدثر: 43، 44] وقرينة التهكم وصفهم بـ " الذين هم عن صلاتهم ساهون ".
فهذا يرجح أن السورة مكية وانها نزلت في حق الكفار.
هذا والله اعلم.
ورد في تفسير ابن كثير:
قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} قال ابن عباس، وغيره: يعني المنافقين، الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر.
وقال ابن كثير:
هذا حال المنافقين والمرائين، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا} [النساء: 142]، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4 - 7]."أهـ
فكيف تكون الآية نزلت في حق الكفار.؟
هل الكفار: يرآءون!
والله أعلم وأحكم.
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[02 Oct 2008, 08:46 م]ـ
الله يزيدكم من فضلة ويمن علينا بما من عليكم
..
وهو اهل للفضل والإنعام سبحااااانة ربي
ـ[إيمان]ــــــــ[04 Oct 2008, 02:32 ص]ـ
جزى الله خيراً الدكتور عمر على لفت الإنتباه لهذه النكة العلمية والشكر موصول للدكتور عبدالرحمن على بيانها وشرحها ... أسأل الله أن يجعلهما مباركين أينما كانا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Oct 2008, 06:13 ص]ـ
بارك الله يا دكتور عمر على هذه الإفادة ..
ـ[عصام العويد]ــــــــ[05 Oct 2008, 03:06 ص]ـ
شكر الله لشيخي وقرة عيني أبي عبد الله على هذه الفائدة الجليلة اللطيفة وليس هذا بغريب عليه.
أما ما أورده أخي المبارك أبو إسحاق نفع الله به؛ فالأمر ليس كذلك،
بل السورة في نهي المؤمنين عن التخلق بأخلاق الكافرين أو المنافقين، فجاءت لتأمر بمكارم الأخلاق الواجبة على المؤمنين، وأن من انتقص شيئاً منها فقد ترك شيئاً من واجبات الدين، وأن من اتصف بالصفات التي نهت عنها؛ فقد اتصف بصفات الذين يكذبون بيوم الدين، سواء كان المكذبون من الكافرين أو المنافقين،
فليس ذكر السهو عن الصلاة من قبيل التهكم، وإنما لأنها من أخلاق المنافقين الذين يكذبون بيوم الدين، ولا يخفى على لطيف فهمك أنه لا يلزم: أنّ من تخلق ببعض أخلاق المكذبين أن يكون منهم.
والله أعلم،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هبة المنان]ــــــــ[05 Oct 2008, 04:58 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم جميعاً
ـ[ابن رجب]ــــــــ[06 Oct 2008, 02:09 ص]ـ
كلام ونقل جميل زادكم الله علماً وعملاً وثباتاً.
نقل ابن كثير رحمه الله عن عطاء بن دينار رحمه الله قال (الحمد لله الذي قال {عن صلاتهم} ولم يقل: في صلاتهم ساهون) اهـ
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 Oct 2008, 05:47 ص]ـ
نكتة مفيدة للغاية، فجزاكم الله خير الجزاء.(/)
من حكايا الناس في كتب التفسير وعلوم القرآن / بين القصة والعبرة
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[13 Feb 2006, 07:12 م]ـ
قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى: " من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ":
وقال علماؤنا رضي الله تعالى عنهم: وقد يفضي الرياء بصاحبه إلى استهزاء الناس به، كما يُحكى أن طاهر بن الحسين قال لأبي عبد الله المروزي: منذ كم صرت إلى العراق يا أبا عبد الله؟ قال: دخلت العراق منذ عشرين سنة، وأنا منذ ثلاثين سنة صائم. فقال: يا أبا عبد الله، سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين.
وحكى الأصمعي أن أعرابياً صلى فأطال وإلى جانبه قوم، فقالوا: ما أحسن صلاتك؟! فقال: وأنا مع ذلك صائم.
أين هذا من قول الأشعث بن قيس ـ وقد صلى فخفف ـ فقيل له: إنك خففت. فقال: إنه لم يخالطها رياء
فخلص من تنقصهم بنفي الرياء عن نفسه، والتصنع من صلاته!!!
والإمام الآلوسي رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ":
صلى الموفق العباسي خلف الإمام فقرأ هذه الآية، فغشي عليه فلما أفاق قيل له، فقال: هذا فيمن ركن إلى مَن ظلم، فكيف الظالم؟!!
وفي تفسيره لقوله تعالى: " وجاهدوا في الله حق جهاده .. ".
سأل هولاكو أصحابه: من الملِك؟
فقالوا: له أنت الذي دوَّخت البلاد، وملكت الأرض، وطاعتك الملوك ـ وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن ـ.
فقال: لا، الملِك هذا الذي له أزيَد من ستمائة سنة قد مات، وهو يُذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات.
يريد محمداً رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
- والزركشي في البرهان:
سأل بعض الزنادقة الحسن بن علي رضي الله عنه ـ عن سورة (الكافرون) ـ فقال: إني أجد في القرآن تكراراً
فأجابه الحسن بما حاصله: إن الكفار قالوا نعبد إلهك شهراً ونُعبِّدك آلهتنا شهراً، فجاء النفي متوجهاً إلى ذلك.
والمقصود أن هذه ليست من التكرار في شيء، بل هي بالحذف والاختصار أليق؛ وذلك لأن:
- قوله: " لا أعبد ما تعبدون " أي لا أعبد في المستقبل، ما تعبدون في المستقبل.
- وقوله: " ولا أنا عابد ما عبدتم " أي ولا أنا عابد في الحال ما عبدتم في المستقبل.
- " ولا أنتم عابدون " في الحال ما أعبد في المستقبل
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:37 م]ـ
متى تخبِر الأول بشخصية الثاني؟
ذكر الفخر الرازي في تفسير سورة الفاتحة:
صارع أحد الأستاذين في المصارعة رستاقياً جلِفاً، فصرع الرستاقي ذلك الأستاذ مراراً. فقيل للرستاقي: إنه فلان الأستاذ.
فانصرعَ في الحال منه، وما ذاك إلا لاحتشامه منه.
----------
* الرستاق: مدينة بفارس من ناحية كرمان / معجم البلدان لياقوت.
====================
وذكر قصة مخالفة في تفسير سورة العلق:
بعث أبو حنيفة زُفراً إلى البصرة لتقرير مذهبه، فلما ذكر: " أبو حنيفة "، زيَّفوه ولم يلتفتوا إليه، فرجع إلى أبي حنيفة وأخبره بذلك، فقال: إنك لم تعرف طريق التبليغ، لكن ارجع إليهم، واذكر في المسألة أقاويل أئمتهم ثم بيِّن ضعفها، ثم قل بعد ذلك: ههنا قول آخر، واذكر قولي وحجتي، فإذا تمكن ذلك في قلبهم، فقل: هذا قول أبي حنيفة؛ لأنهم حينئذ يستحيون فلا يردون.
فكذا ههنا أن الحق سبحانه يقول: إن هؤلاء عباد الأوثان، فلو أثنيت عليَّ وأعرضت عن الأوثان لأبوا ذلك.
لكن، اذكر لهم أنهم هم الذين خلقوا من العلقة فلا يمكنهم إنكاره، ثم قل: ولا بد للفعل من فاعل، فلا يمكنهم أن يضيفوا ذلك إلى الوثن لعلمهم بأنهم نحتوه ..
فبهذا التدريج يقرون بأني أنا المستحق للثناء دون الأوثان.
قلت: سبحان الله، لكل مقام مقال!!
============
============
جاء في تفسير النيسابوري لقوله تعالى: " وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ملك السماوات والأرض .. ":
قال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لبعض النصارى: لولا تمرد عيسى عن عبادة الله تعالى لصرت على دينه.
فقال النصراني: كيف يجوز أن ينسب ذلك إلى عيسى مع جِده في طاعة الله؟
فقال علي: إن كان عيسى إلهاً فالإله كيف يعبد غيره؟! وإنما العبد هو الذي يليق به العبادة.
فانقطع النصراني وبهت.
===================
وفي تفسيره لقوله تعالى: " الذي جعل لكم الأرض فراشاً .. ":
قال الجاحظ: إذا تأملت في هذا العالم وجدته كالبيت المعدّ فيه كل ما يحتاج إليه = فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والإنسان كمالك البيت المتصرف فيه، وضروب النبات مهيآت لمنافعه، وصنوف الحيوان متصرفة في مصالحه.
فهذه جملة واضحة دالة على أن العالم مخلوق بتدبير كامل، وتقدير شامل، وحكمة بالغة، وقدرة غير متناهية.
===================
وفي تفسيره لقوله تعالى: " وهو يتولى الصالحين ":
كان عمر بن عبد العزيز لا يدخر لأولاده شيئاً فقيل له في ذلك فقال: إما أن يكون ولدي من الصالحين، فوليُّه الله، ولا حاجة له إلى مالي.
وإما أن يكون من المجرمين وقد قال تعالى " فلن أكون ظهيراً للمجرمين "، ومن ردَّه الله، لم أشتغل بإصلاح مهماته.
================
وفي تفسيره لقوله تعالى: " لمن المُلك اليوم لله الواحد القهار ":
لما دخل نصر بن أحمد نيسابور، وضع التاج على رأسه، ودخل عليه الناس فخطر بباله شيء فقال: هل فيكم من يقرأ آية؟
فقرأ رجل روّاس " رفيع الدرجات ذو العرش " فلما بلغ قوله " لمن الملك اليوم " نزل الأمير عن سريره، ورفع التاج عن رأسه، وسجد لله تعالى وقال: لكَ المُلك لا لي.
فلما توفي الروّاس، رؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟
فقال: غفر لي، وقال لي: إنك عظَّمت مُلكي في عين عبدي فلان يوم قرأت تلك الآية، فغفرت لك وله.(/)
سؤال عن تفسير الشعراوي رحمه الله
ـ[المتدبر]ــــــــ[13 Feb 2006, 10:22 م]ـ
ما رأي أهل الإختصاص في تفسير الشيخ محمد متولى الشعراوي -رحمه الله-المطبوع من حيث المزايا والعيوب؟
أفتونا مأجورين ................ والله يحفظكم
ـ[روضة]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:18 ص]ـ
الأخ الفاضل المتدبر،
هذا مختصر لمزايا وسلبيات تفسير الشيخ الشعراوي حسب رؤيتي وتقييمي:
جاء في اثني عشر مجلداً، إلى الآية (47) من سورة الحجر ـ فيما أعلم ـ، وقد وافقت الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة في مجمع البحوث الإسلامية على نشر هذا التفسير في عام 1991
وهو تفسير إجمالي وليس تحليلياً، وهو عبارة عن خواطر كما قال عنه صاحبه الشيخ الشعراوي في المقدمة وفي أكثر من موضع من التفسير (إن صحت التسمية)، قال:
"خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن، وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يُفسر لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره، لأنه عليه نزل وبه انفعل، وله بُلِّغ، وبه علم وعمل، وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى أن بيّن للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبيّن لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي افعل ولا تفعل".
فيمكن للقراء على اختلاف مستوياتهم أن يفهموه وليس الأمر مقتصراً على المتخصصين في مجال التفسير، وذلك لأن أسلوبه سهل ميسر، وعباراته واضحة، ولغته قريبة إلى الأفهام، وهو يحاول تقريب المعاني إلى الأذهان بأكثر من وسيلة، منها: ضرب الأمثلة، والتمثيل بالأمثال الشعبية، وتكرار المعنى بأكثر من طريقة.
من أبرز حسنات هذا التفسير اهتمامه بكثير من القضايا اللغوية، كبيان معاني المفردات بإعادة الكلمات إلى أصولها اللغوية، والتنبيه على المعنى المشترك الذي يظهر في الكلمات ذات الأحرف المتشابهة، وشرحه لبعض القواعد النحوية، كما أنه يشير إلى لطائف بلاغية في ثنايا تفسيره.
ويُمدح الشيخ ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ باهتمامه بالمناسبات بين الآيات، ويؤخذ عليه إغفاله هذا الأمر بالنسبة للسور، وإغفاله الحديث عن الوحدة الموضوعية الذي تميزت به التفاسير المعاصرة.
يُسجَّل للشيخ ردّه القول بالزيادة في القرآن الكريم، والتصدي لمن يتبنى هذا الرأي.
لم يكن ينقل عن المفسرين إلا قليلاً، ولم يهتم باختلافاتهم إلا نادراً، وإن فعل فإنه يرجح ويذكر رأيه، ويحترم آراء الآخرين، ويقول بأن الاختلاف ناشئ عن أن كل عالم ينظر إلى الموضوع من جهةٍ غير التي ينظر منها العالم الآخر، والكل هدفه خدمة الدين.
ومن مصادره التي ينقل عنها أحياناً: الكشاف، الظلال، كلمات القرآن - لمخلوف، فلم يكن تفسيره تكراراً للتفاسير السابقة، وإنما كان له طابع شخصي وأسلوب خاص.
يلاحظ في تفسيره بكثرة، أنه يفترض أسئلة ويجيب عليها: (قد يتساءل إنسان ... ، نقول: ..... ).
كان الشيخ حريصاً على إظهار حكمة الله عز وجل في كل ما يأمر وينهى، فهو يلفت الانتباه دائماً إلى أن لله تعالى حكمة في كل ما يصدر عنه، قد نفهمها وقد نغفل عنها.
كان معتدلاً في تفسير الآيات تفسيراً علمياً، وحملها على الحقائق العلمية، فقد اتبع في ذلك منهجاً وسطاً، وكان كثيراً ما يشير إلى قدرة الله وعظمته من خلال الاكتشافات العلمية والآيات الكونية.
ظهرت عنايته بوضوح بتفسير القرآن بالقرآن، وربطه بين الآيات، ليس فقط لاشتراكها في لفظة، وإنما لاشتراكها في أمور قد تخفى على غير المتأمِّل.
لكنه لم يلتفت إلى تفسير القرآن بالحديث الشريف، وإذا ذكر حديثاً ـ وهو قليل ـ لم يعتن بها من حيث بيان درجتها من الصحة وتخريجها، وكذلك فعل بالنسبة لأسباب النزول، ولعل هذا لأنه جعل كتابه هذا خواطر لا تفسيراً.
برزت نزعة الشيخ الإصلاحية، فقد اهتم بمشكلات العصر الاجتماعية والفكرية والاقتصادية، وأظنه أغفل مشكلاته السياسية.
وقع في الإسرائيليات وفي ذكر ما لا فائدة منه في تفسيره للقصص القرآني، على الرغم من تنبيهه على هذا الأمر وتحذيره منه.
لم يلتزم بمذهب فقهي معين، ولم يتعصب لأيٍّ، وكان اهتمامه بجانب الفقه بالقدر الذي يوضّح مفهوم الآية التي يتناولها.
ردّ على اليهودية والنصرانية وعلى شبهات المستشرقين بما يقيم الحجة عليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يعتنِ ببيان القراءات إلا قليلاً.
كثر التكرار في هذا التفسير، فلم يكن الشيخ يحيل على مواضع سابقة، كما كثرت الاستطرادات،
وكان كثيراً ما يبسط المعلومات إلى درجة كبيرة، حتى إن القارئ قد ينسى ما هي الآية التي هو بصددها.
كانت اللغة التي كتب بها التفسير قريبة إلى لغة العوام، خصوصاً مع تلك الأمثال الشعبية، والأمثلة التي كان يذكرها خلال حديثه.
رحم الله الشيخ الشعراوي وأسكنه فسيح جناته
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[14 Feb 2006, 03:03 ص]ـ
كانت أقواله تلك – رحمه الله – هي " خواطره " حول القرآن الكريم، كما أسماها هو، و كانت على شكل " حلقات "متتابعة مترابطة، أقرب إلى حلق العلم و دروسه، و كانت كلها أو جلها في المساجد، عقب الصلوات و بين روادها المصلين،
و منهجه فيها: قول الله عزّ و جلّ: {و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكرّ}، و لذا كانت لغة الخطاب فيها قريبة من كلام و أفهام عامة الناس، من غير ابتذال للغة - مع تمكنه من ناصية اللغة الفصحى و أساليب البلاغة و البيان، إذ هو لغوي التخصص أصلا – و قد آثر تلك اللغة البسيطة مراعاة لأفهام عامة الناس، مما كان لها من تأثير كبير في شدة الإقبال على سماع دروسه التفسيرية تلك، سواء بالحضور أو السماع من خلال الإذاعات و محطات التلفاز، و أشرطة التسجيل و نحوها، و قد طاف بكثير من محافظات و مدن و قرى مصر
لإيصال فهم كلام الله لجمهرة الناس، و كان بسيطا بشوشا محبوبا من الناس، محبا للخير، شجاعا في الحق،
و كان رحمه الله نبعا للعلم القرآني في وقت كان الناس فيه عطشى لا يجدون ما يروي ظمأهم لعلوم الدين، بعد تلك الحقبة المظلمة من تاريخ مصر، التي ساد فيها تلامذة ماركس و لينين - من الشيوعيين المصريين و كهنة الاتحاد الاشتراكي و التنظيم الطليعي السري – و سيطروا على الإذاعة و التلفاز و الإعلام و الثقافة بوجه عام و عات،
فكانت دروس الشيخ رحمه الله سببا في عودة الناس إلى معرفة دينهم و شعائره و شرائعه، و الرجوع إلى القرآن الكريم و تفسيره فيما يعرض لهم من شئون حياتهم و سائر أحوالهم،
فكان واحدا من أكبر جنود الصحوة الإسلامية الشعبية المعاصرة – في مصر و خارجها - مع إخوان له سبقوه و عاصروه و خلفوه، جزاهم الله جميعا خير الجزاء.
و قد كانت بداية شهرته عندما استضافه الإذاعي اللامع الأستاذ أحمد فراج في برنامجه التلفازي " نور على نور " في العام 1973 م على ما أتذكر، و كان الشيخ وقتها معارا للتدريس في المعاهد الدينية بالمملكة العربية السعودية، و بعدها استقر في بلده مصر، متفرغا للدعوة و الدرس.
• و بخصوص تفسيره أو " خواطره " حول القرآن الكريم: فقد قيل فيها إنها " تسمع و لا تقرأ "،
• لأنها كانت في أصلها دروسا تخاطب كافة مدارك و أفهام المستمعين لها، ثم أعيد " تفريغها " و صياغتها بلغة الكتابة
رحم الله الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة واسعة، و جزاه خير الجزاء على ما قدم من تفسير و تقريب للقرآن لأفهام الناس، عامتهم و خاصتهم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2006, 11:05 ص]ـ
شكر الله لكم جميعاً.
سبق الحديث حول الموضوع.
سؤال عن تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=290)
حتى لا يكرر الكلام والبحث، وتجتمع حواشي الالكلام.
ـ[المتدبر]ــــــــ[14 Feb 2006, 06:54 م]ـ
من لا يشكر الناس لا يشكر الله .....
فالشكر موصول للباحثة ... وللدكتور أبوبكر خليل فلقد أرويتم الغليل وأشفيتم العليل ........ جزاكم الله خير الجزاء ..
وتحياتي للمشرف العام،د. عبد الرحمن الشهري
والله يحفظكم ويسدد على الحق خطاكم ...
ـ[محمد الهيتمي]ــــــــ[16 Feb 2006, 09:30 م]ـ
كل التحية للشيخ الجليل محمد (الامين) الشعراوي فلقد حل بتفسيرة العديد من الغوامض والاشارت التي لم يكن احد يعرفها، وكتابه وان سمي خواطر فهو تفسير كامل للقران ولكنه يعتمد على الاسلوب البسيط والقصصي في الكلام ويدخل بعض الامور الشخصية له في الكتا ب، والكتاب على قيمته الكبيرة، يوجد به بعض المتكرر ولم تحذف المتكررات قبل الطباعة ..
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[01 May 2009, 06:25 م]ـ
الله المستعان،،
الاخوة الافاضل،، لكم كنت احترم وأجل الشيخ رحمه الله،، بل وأدافع عنه،،
لكن أن يصل الامر الى سبّ اهل السنة!
وتحقيرهم،،! واتهمامهم بالغباء!
فهنا يقف شعر الرأس،، وتفتح العينان،، وتنصت الاذنان!
كيف؟ ولماذا؟؟
من أجل القبوريين!
لا أريد أن ازيد،، إنما اترككم مع الرابط حمّلوه واسمعوا،، وأنصفوا بارك الله فيكم،،
رحم الله الشيخ الشعراوي،، وغفر الله لنا وله،،
من هنا اااااا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=66893&d=1241190378)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 May 2009, 10:43 م]ـ
الله المستعان،،
الاخوة الافاضل،، لكم كنت احترم وأجل الشيخ رحمه الله،، بل وأدافع عنه،،
لكن أن يصل الامر الى سبّ اهل السنة!
وتحقيرهم،،! واتهمامهم بالغباء!
فهنا يقف شعر الرأس،، وتفتح العينان،، وتنصت الاذنان!
كيف؟ ولماذا؟؟
من أجل القبوريين!
لا أريد أن ازيد،، إنما اترككم مع الرابط حمّلوه واسمعوا،، وأنصفوا بارك الله فيكم،،
رحم الله الشيخ الشعراوي،، وغفر الله لنا وله،،
من هنا اااااا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=66893&d=1241190378)
رحم الله الشعراوي
لقد أفضى إلى ما قدم
فلا حاجة إلى نبش القبور
وأما أن الشيخ رحمه الله قال ما قال من أجل القبوريين فلا أظن ذلك، وإنما قال ما يدين الله به بناء على فهمه للنصوص ونسأل الله له ولجميع موتى المسلمين المغفرة والرحمة.
ـ[محمد الجعبة]ــــــــ[01 May 2009, 10:51 م]ـ
اي نعم،، بارك الله فيك،،
الحق أحق ان يتبع،، استغفر الله،،
أرجو من المشرفين،، حذف هذه العبارة،،
من أجل القبوريين!
بارك الله فيكم(/)
تفسير سهل التستري.
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[14 Feb 2006, 07:13 ص]ـ
إخواني لقد بحثت في كتاب (تفسير القرآن العظيم) لسهل التستري. وحاولت جمع معلومات عن حياة الشيخ وكتابه. ولم يُقوم عملي. فمن كان مهتم بهذا الكتاب وأراد نسخة فليطلب، ومن يريد تقويم ماكتبت فأنا على استعداد لعرضه ... ولكن هل يمكن عرضه كاملا في هذا الملتقى؟ وللعلم البحث صغير مكون من 20 صفحة.
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2006, 10:14 ص]ـ
لا بأس من عرض البحث، وفقك الله.
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[14 Feb 2006, 02:26 م]ـ
الباب الأول: دراسة حول المؤلف
أولاً: حياته:
أ) اسمه ونسبه:
هو أبو محمد، سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رافع التستري، أحد أئمة الصوفية وعلمائهم المتكلمين في علوم الإخلاص والرياضيات وعيوب الأفعال.
قال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "حلية الأولياء": عامة كلام سهل في تصفية الأعمال، وتنقية الأحوال عن المعايب والأعلال.
ب) ولادته:
وُلد في تستر في سنة مائتين وقيل إحدى ومائتين للهجرة، وإلى هذه المدينة ترجع نسبته (التستري)، وهذه المدينة من أعظم مدن خوزستان، (وتفرد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز، وبعضهم يجعلها مع البصرة، وجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها).
ج) صفاته:
كان رحمه الله زاهداً، عابداً، ولم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع، حتى أنه ليكتفي بوزن أوقية من خبز الشعير لطعام يوم كامل. كما أنه كان صواماً حتى أنه ليصوم الوصال، ويتفادى إثم الوصال بالإفطار على الماء القراح (الخالص) أحياناً، أما تهجده فقد كان يقوم الليل كله في الصلاة.
وذكر الإمام القشيري في رسالته عن سهل أنه قال:" جعلت قوتي اقتصاراً على أن يُشترى لي بدرهم من الشعير فيطحن ويخبز لي، فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بحتاً، بغير ملح ولا إدام، فكان يكفيني ذلك الدرهم سنة. ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال، ثم أفطر ليلة، ثم خمساً، ثم سبعاً، ثم خمساً وعشرين ليلة. وكنت عليه عشرين سنة. ثم خرجت أسيح في الأرض سنين، ثم رجعت إلى تستر، وكنت أقوم الليل كله.
وكان التستري رحمه الله سخياً بطبعه ينفق ماله في طاعة الله، وبالغ في ذلك حتى أن أمه وأخوته شكوه إلى بعض الزهاد، فأفهمهم أن من يرغب في الآخرة لا يترك في الدنيا شيئاً.
د) كراماته:
سئل سهل عن قوله تعالى: {?للَّهُ لاَ إِلَـ?هَ إِلاَّ هُوَ ?لْحَيُّ ?لْقَيُّومُ} [البقرة255] فقال: هذه أعظم آية في كتاب الله تعالى، وفيها اسم الله الأعظم، وهو مكتوب بالنور الأخضر في السماء سطراً واحداً من المشرق إلى المغرب، كنت رأيته كذلك في ليلة القدر مكتوباً، وأنا بعبادان لا إله إلا هو الحي القيوم.
وذُكر في تفسير التستري أن سهل دخل على رجل من عباد البصرة، فرأى عنده بلبلة في قفص، فقال: لمن هذه البلبلة؟ فقال: لهذا الصبي، كان ابناً له، قال: فأخرج سهل من كمه دينار فقال: بُني أيما أحب إليك الدينار أم البلبلة؟ فقال: الدينار. فدفع إليه الدينار وأطلق البلبلة. قال: فقعد البلبل على حائط الدار حتى خرج سهل، فجعل يرفرف فوق رأسه حتى دخل سهل داره، وكان في داره سدرة فسكنت البلبلة السدرة، فلم تزل فيها حتى مات، فلما رفعوا جنازته جعلت ترفرف فوق جنازته والناس يبكون، حتى جاءوا بها إلى قبره، فوقفت في ناحية حتى دُفن وتفرق الناس عن قبره، فلم تزل تضطرب على قبره حتى ماتت، فدفنت بجنبه.
هـ) نشأته وتصوفه: نشأ سهل التستري في تستر، وكانت بدايات اتجاهه إلى التصوف في سن مبكرة جداً. وقد مر في نشأته بعدة مراحل أثرت في تفكيره واتجاهه يمكن تلخيصها فيما يلي:
-أولاً: خاله محمد بن سوار:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان لخاله الأثر الكبير في تصوفه، كما قال هو عن نفسه:" كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، وكان يقوم بالليل، وكان يقول: يا سهل، اذهب ونم، فقد شغلت قلبي، وقال لي يوماً خالي: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده لا يعصيه، إياك والمعصية.
-ثانياً: خلوته وحفظه القرآن: ظهر ميله للخلوة في مرحلة جد مبكرة من عمره، يدل على ذلك موقفه من الذهاب إلى الكتاب للتعلم، فهو لم يوافق على ذهابه إلى الكتاب إلا بعد أن اشترط شروطاً على المعلم تتعلق بأن يتركه وشأنه بعد فترة من الوقت لحياة العزلة والتهجد والتأمل.
كما أنه حفظ القرآن في سن مبكرة وكان يصوم الدهر كما قال عن نفسه: "حفظت القرآن وأنا ابن ست أو سبع، وكنت أصوم الدهر، وقوتي خبز الشعير اثنتي عشرة سنة".
-ثالثاً: لقائه مع الزاهد العباداني: استمر سهل في حياته رتيبة: ذكر، وعبادة، وصوم إلى أن بلغ الثالثة عشرة من عمره. وفي هذا السن وقعت في ذهنه مسالة أذهلته، مسالة لم يدر لها تعليلاً، ولم يفهم لها تفسيراً، لقد حيرته فسأل أهله أن يبعثوه إلى البصرة عله يجد عند أحد من عارفيها تفسيراً لها، يقول سهل: "وقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أن يبعثوا بي إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة، وسألت علماؤها، فلم يشفني ما سمعت، فخرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العبادي، فسألته عنها فأجابني. وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بأدبه. ثم رجعت إلى تستر ".
-رابعاً: عصره الذي عاش فيه:
لقد رأى التستري في حياته هزات سياسية واجتماعية عنيفة، هزات أطاحت بالكثير من المبادئ والقيم، واستحدثت مبادئ وقيماً أخرى. وهذه الهزات كانت نتيجة لتقلب الأحوال السياسية والاقتصادية في الدولة العباسية بعد تسلط الموالي من الفرس والترك على الحكم حتى كانوا في وقت من الأوقات هم الحكام الحقيقيون، والخليفة العباسي مجرد رمز للدولة. ولهذه الظروف انتشرت عدة تيارات فكرية وروحية كان للتصوف والزهد النصيب الأكبر منها، وكان هذا التيار رد فعل طبيعي لما اشتهر في البلاط العباسي من بذخ ومظاهر ترف ملأت حاضرة الخلافة آنذاك، وظهر عدد من الزهاد ينسبون لهذا العصر، واشتهرت مدن بأسرها، كعبادان بلجوء المتصوفة إليها.
و (خروجه من تستر إلى البصرة: لقد كانت هناك عوامل وأسباب كثيرة ذكرت حول خروج سهل رحمه الله من تستر، أو طرده، وقد يكون أحد هذه العوامل والأسباب صحيحاً، أو قد تكون تعاونت مع بعضها فأدت إلى هذه الحادثة المعروفة تاريخياً. ومن هذه العوامل والأسباب:
1) فرضية التوبة على كل إنسان: قال سهل: "ليس شيء في الدنيا من الحقوق أوجب على الخلق من التوبة، فهي واجبة في كل لمحة ولحظة، ولا عقوبة عليهم أشد من فقد علم التوبة، فقيل: ما التوبة؟ فقال: أن لا تنسى ذنبك".
قال الدكتور محمد كمال جعفر: إن القول بأن التوبة أمر لازم، وفرض ثابت، ليس قولاً فريداً أو غريباً أو مثار لكل هذه الضجة التي أحاطت بالتستري احتجاجاً ونفياً من البلاد فإن هذا القول في الحقيقة ليس إلا ترديداً لموقف صوفية كثيرون.
2) اتهامه بالإلحاد:
ذكر فريد الدين العطار في كتابه "تذكرة الأولياء" أن سبب خروجه من تستر هو اتهامه بالإلحاد من أحد علماء أهل بلدته.
3) كرامات سهل، وخوارق أفعاله: قصة وجوده بمكة بعد وجوده بتستر بيوم واحد، مما أثار حفيظة رجال الدين في موطنه، وجعل الناس يتجمعون عليه يسألونه عن صحة ذلك. فلم ينف ولم يثبت واضطر إلى الهروب إلى جزيرة بين عبادان وتستر، بحيث لا يمكن الاتصال به إلا بواسطة قارب.
(يُتْبَعُ)
(/)
4) بيت السباع، واتصال سهل بالجن: ذاع خبر منزل سهل بأنه بيت السباع، وذلك أن أهالي تستر أجمعوا على أن كثيراً من الحيوانات المفترسة اعتادت أن تأتي إلى سهل ليطعمها، ثم تنصرف بعد أن تكون قد سدت جوعها. وقد شاع أيضاَ اتصال سهل بالجن، وقد يثبت ذلك ما قاله ابن الجوزي: " حكى رجل عن سهل أنه يقول: "أن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه، وإنه يتكلم إليهم، فأنكر ذلك عليه العوام، حتى نسبوه إلى القبائح، فخرج إلى البصرة، فمات بها".
5) عباراته الصوفية ذات المدلالوت المعقدة: كقوله: "مولاي لا ينام، وأنا لا أنام". وقوله: "أنا حجة الله عليكم خاصة وعلى الناس عامة".
ومما قد يدفع ما يُفهم منه التسوية بين الخالق والمخلوق في عبارة سهل الأولى، هو ما قاله سهل نفسه: "بأن عيون الأنبياء تنام ولكن قلوبهم تظل يقظة"، وقد ذكر أيضاً في موضع آخر: "أن عيون الأنبياء تنام ولا ينام موضع الوحي فيهم وعيون الأولياء تنام ولا ينام موضع حالهم". وفهم العبارة بهذه الطريقة فيه تزكية سهل لنفسه وأنه من أولياء الله. وكون العبارة تفهم بأنه من أولياء الله خير من أن تفهم بأنه مساوي لخالقه.
أما عبارة سهل الثانية فقد أثارت العلماء أيما إثارة مما حدا ببعضهم إلى اقتحام دار التستري صائحاً في وجهه هل أنت نبي أم ولي؟! وقد أجاب التستري: بأنه لم يقصد إلى شيء من ذلك، ولكنه أراد أن يبين أنه قد صحح قوانين تناول الحلال ونفذها بكل دقة، متحرجاً من أدنى شبهات، محترساً من أخفى أنواع الزلل حتى في المباح.
6) حملته على القراء والفقهاء: يسهب سهل في نقده لطائفة خاصة من طوائف العلماء، وقد سمى أهلها بعلماء السوء، الذين لا يهتمون إلا بالمشاكل والشبهات والجدليات ويجدون لذة عظيمة في تصنيف الأقوال، ويصفهم التستري بالإهمال في الواجب وعدم الحرص في الحق، وهم في نظره يستغلون الخلافات، غافلين تماماً عن الروح الأصيلة للدين نفسه. ويحكي التستري عن الواحد من هؤلاء بأنه "لو يُعطى جميع الدنيا لأخذها في هلاك دينه ولا يبالي". أما القراء فمعظمهم في نظر التستري يحاكون المغنين في ترديد الأنغام والألحان، مما يصرف عن الهدف وهو الاتعاظ وتطهير السلوك.
والواقع أن التستري يرسم صورة سوداء لمعاصريه من العلماء، ويصفهم بأنهم مجرد نقلة وحفظة لعلم لا يعرفون قيمته، وكانت نظرته للمستقبل أكثر سواداً حيث أنه يتوقع شيوع الفساد، وقد ذكر أن هناك أمارات إذا ظهرت في مجتمع فليكف الفرد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليقتصر على إصلاح نفسه ومن هو أقرب إليه.
أما هذه الأمارات فهي ظلم الحاكم، وقبوله الرشوة، واتباع العلماء له، وعدم مراجعتهم إياه معتزين بجاهه وقوته.
وقد يكون الدافع لحملة سهل على العلماء: هو رؤيته لصور من علماء السوء الذين وصفهم في كلامه السابق، ولا يمنع أن يكون هناك علماء أجلاء هم محل تقدير وتبجيل من سهل. ومن ذلك موقفه مع الإمام أبي داود السجستاني، حينما أتاه فقال له: "أخرج لي لسانك الذي حدثت به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله"، فأخرج له لسانه فقبله.
وفاته: كانت وفاته رحمه الله سنة ثلاث وثمانين ومائتين في المحرم، وقيل سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل إحدى ومائتين بتستر. وقد رجح الدكتور محمد جعفر، أن وفاته سنة ثلاث وثمانين ومائتين للهجرة.
وقد ذكر القشيري في رسالته: "أنه لما مات سهل بن عبد الله انكب الناس على جنازته، وكان في البلد يهودي نيف على السبعين فسمع الضجة فخرج لينظر ما كان، فلما نظر إلى الجنازة صاح وقال: "أترون ما أرى؟ " فقالوا: لا، ماذا ترى؟ فقال: "أرى أقواماً ينزلون من السماء يتمسحون بالجنازة". ثم إنه تشهد وأسلم، وحسن إسلامه.
ثانياً: أصدقاء سهل وتلاميذه:
1) ذو النون المصري: صوفي من مصر، يسجل المؤرخين لقاءهما بمكة أثناء الحج. ويُذكر أن هناك علاقة وثيقة بين سهل وذي النون، لدرجة تنبئ عن تلاقي روحي تام، والقصة المأثورة عن بدء تصدر سهل للحديث في مسائل التصوف تشير في نهايتها إلى إحساس سهل بوفاة ذي النون قبل أن يذاع الخبر في البصرة وبغداد.
2) أبو عبد الله، محمد بن أحمد سالم البصري: ظل في خدمة سهل وصحبته ما يقرب من ستين سنة، وخدمه في جميع شئونه الخاصة والعامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
3) الحلاج: الحسين بن منصور الحلاج، من تلاميذ التستري الذين حظوا بإشرافه منذ صغره، ويبدو أن تعليمات التستري بدت للحلاج غير متكافئة لآماله ومطامحه فتركه، وصحب الجنيد ببغداد.
4) أبو محمد، الحسن بن علي بن خلف البربهاري: شيخ الحنابلة في عصره. ولقد حفظ بعض أقوال سهل وكان يرددها على تلامذته وصحابه كالمعجب المستدل.
5) أبو يعقوب السوسي الصوفي: الأستاذ العظيم الذي أشرف على أبي يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري، ومن هنا نشأت علاقة الود بين النهرجوري و التستري.
6) أبو حمزة الصوفي، محمد بن إبراهيم: صديق آخر من أصدقاء سهل، وهو الصوفي الزاهد العظيم الذي اعتاد أن يلقي المواعظ والخطب بمسجد الرصافة، ثم بالحرم النبوي الشريف، وقد توفي عام 269هـ.
7) أبو الحسن البغدادي، علي بن محمد المزين: توفي سنة 328هـ، صحب سهل
و الجنيد.
8) أبو محمد الجريري، أحمد بن محمد بن الحسين: من كبار أصحاب الجنيد، صحب أيضاً سهل، من علماء مشايخ القوم، أقعد بعد الجنيد في مجلسه لتمام حاله، وصحة علمه. مات سنة 311هـ.
9) أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الضرير الصوفي البغدادي: صحب سهل التستري.
10) أبو الحسن، عمر بن واصل العنبري: ورد اسمه في تفسير التستري حوالي عشر مرات.
ثالثاً: ثقافته ومؤلفاته:
ثقافته:
قد يتصور البعض من نفور سهل من التعليم النظامي في الكتاب، وميله إلى العزلة والخلوة، أنه لم يكن ملم بالعلوم والمعارف الدائرة في عصره. والحقيقة أنه تعلم فروعاً كثيرة من العلوم ومنها:
-علم الحديث الذي تلقاه عن خاله، وأظهر حباً عميقاً وإجلالاً فائقاً له ولرجاله.
-علم الكلام والفلسفة، ويقول المستشرق الذي كتب مادة (سهل التستري) في دائرة المعارف الإسلامية: "متكلم وصوفي من أهل السنة .... كان زاهداً لا يحيد قيد أنملة عن قواعد الحق، كما كان متكلماً تزود من العلوم العقلية بزاد وافر".
-تصور بعض الروايات أن سهل كان طبيباً وكيماوياً يصنع الدواء ويمنحه للناس.
مؤلفاته:
أغلب الظن أن الكتب والرسائل التي نُسبت للتستري هي خلاصة انتقاها ونقلها تلاميذه من بعده، خاصة ابن سالم. أما أسباب عدم مباشرة سهل التستري للكتابة والتأليف، فلأنه كان يثق ثقة كلية في التجربة الشخصية واللقاء المباشر، وكان يؤمن بأن التربية عن طريق القدوة والمحاكاة. وهو حريص على عدم إنفاق وقت كثير في القراءة والكتابة والجهد النظري.
وكانت كتبه كما يلي:
أولاً: المفقود منها: 1) دقائق المحبين (أو رقائق).
2) مواعظ العارفين.
3) جوابات أهل اليقين.
4) كتاب الميثاق.
5) قصص الأنبياء.
6) زايرجة.
7) الغاية لأهل النهاية.
ثانياً: المخطوطة منها:
1) رسالة في الحروف.
2) رسالة في الحكم والتصوف.
3) مقالة في المنهيات.
4) كلام سهل.
ثالثاً: المحقق منها:
1) تفسير القرآن العظيم.
ولم أقف إلا على تحقيقين هما:
-تحقيق محمد عيون السود.
-تحقيق محمود جبيرة الله.
2) كتاب المعارضة والرد على أهل الفرق وأهل الدعاوى في الأحوال.
تحقيق/ محمد كمال جعفر.
رابعاً: عقيدته:
كان سهل رحمه الله على مذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد، فقد روى الإمام اللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بإسناده إلى سهل، أنه سئل: متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ فقال: إذا عرف من نفسه عشر خصال: لا يترك الجماعة، ولا يسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يخرج على هذه الأمة بالسيف، ولا يكذب بالقدر، ولا يشك في الإيمان، ولا يماري في الدين، ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب، ولا يترك المسح على الخفين، ولا يترك الجماعة خلف كل والٍ جارِ أو عدل.
وقد ذكر الإمام اللالكائي، سهل بن عبد الله، في باب (سياق ذكر من رسم بالإمامة في السنة والدعوة والهداية إلى طريق الاستقامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة).
وقد رد سهل على القدرية، حيث روى اللالكائي عنه، وقد سئل عن القدر فقال:الإيمان بالقدر فرض، والتكذيب به كفر، والكلام فيه بدعة، والسكوت عنه سنة. وقال: من قال: إن الله لا يعلم الشيء حتى يكون فهو كافر، ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر بالربوبية لا كافر بالنعمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أشاد شيخ الإسلام ابن تيمية بسهل وأمثاله في الاعتقاد فقال: كلام سهل بن عبد الله في السنة وأصول الاعتقاد أسد، وأصوب من كلام غيره، وكذلك الفضيل بن عياض ونحوه فإن الذين كانوا من المشايخ اعلم بالحديث والسنة وأتبع لذلك هم أعظم علما وإيمانا وأجل قدراً في ذلك من غيرهم.
خامساً: شذرات من حكم هذا الإمام
• أصولنا سبعة: التمسك بالقرآن، والاقتداء بالسنة، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق.
• علامة حب الله حب القرآن، وعلامة حب النبي صلى الله عليه وسلم حب سنته، وعلامة حبها حب الآخرة، وعلامة حبها بغض الدنيا، وعلامة بغضها أن لا يتناول منها إلا البلغة.
• الأنفس معدودة، فكل نفس يخرج بغير ذكر الله فهي ميتة، وكل نفس يخرج بذكر الله فهي موصولة بذكر الله.
• أصل الدنيا الجهل، وفرعها الأكل والشرب واللباس والطيب والنساء والمال والتفاخر والتكاثر، وثمرتها المعاصي، وعقوبة المعاصي الإصرار، وثمرة الإصرار الغفلة، وثمرة الغفلة الاستجراء على الله.
• أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام، والحج، والجمعة، والعيدين، والجهاد. وإذا نهى السلطان العالم أن يفتي، فإن أفتى فهو عاص، وإن كان أميراً جائراً.
الباب الثاني: دراسة حول الكتاب
أولاً: التعريف بالكتاب:
اسم الكتاب:
عُرف الكتاب بتفسير التستري، وطبع في كتاب متوسط الحجم، باسم "تفسير القرآن العظيم".
وقد طُبع هذا التفسير بمصر، سنة 1326هـ/1908م.
مدى وثاقة الكتاب:
كسائر مؤلفات سهل رحمه الله، فإن هذا الكتاب عبارة عن أقوال لسهل، جمعها أبو بكر، محمد بن أحمد البلدي، المذكور في أول الكتاب، الذي يقول كثيراً، قال أبو بكر، سُئل سهل عن معنى كذا. فقال: كذا. ثم ضمنها هذا الكتاب، ونسبها إليه. ويرى الدكتور محمد كمال جعفر أن دور أبي بكر بالنسبة للتفسير هو الرواية عن طريق والده أبي النصر. ولما كان التفسير مجرد تعليقات مقتضبة على بعض آيات القرآن في مناسبات مختلفة فلا يستبعد أن يكون أبو بكر قد بوبه ورتبه حسب السور، مطعماً إياه ببعض الروايات التاريخية، أو السيرة الشخصية لسهل.
ومما يؤكد أن سهلاً لم يباشر كتابة التفسير بنفسه وجود بعض الروايات التاريخية، أو السيرة الشخصية لسهل، مثل خبر احتضاره، "قيل لسهل حين احتضر فيما تكفن؟ وأين تقبر؟ ومن يصلي عليك بعد موتك؟ فقال أُدبر أمري حياً وميتاً، وقد كُفيت عنه بسابق تدبير الله تعالى لعبده"، وذلك عند ذكر تفسير قوله تعالى:} يدبر الأمر {.
وذُكر في تفسيره أيضاً: " كان من طريقه وسيرته أنه كثير الشكر والذكر، دائم الصمت والفكر، قليل الخلاف سخي النفس، قد ساد الناس بحسن الخلق والرحمة والشفقة عليهم والنصيحة لهم، متمسكاً بالأصل، عاملاً بالفرع، قد حشى الله قلبه نوراً، وانطلق لسانه بالحكمة، وكان من خير الأبدال، وإن قلنا من الأوتاد فقد كان القطب الذي يدور عليه الرحى، ولولا أن الصحابة لا يقاس بهم أحد لصحبتهم و رؤيتهم لكان كأحدهم، عاش حميدا ًومات غريباً بالبصرة رحمه الله ".
وذكر صفاته ومكان وفاته في تفسيره دليل قوي على عدم مباشرة سهل لكتابة تفسيره بنفسه.
وأيضاً وجود شرح لبعض أقواله، قال سهل: "فلابد للعبد من مولاه، ولابد له من كتابه، ولابد له من نبيه صلى الله عليه وسلم، إذ قلبه معدن توحيده، وصدره نور من جوهره، أخذ قواه من معدنه إلى هيكله .... ".
قوله: "صدره نور" أي موضع النور. "من جوهره" وهو أصل محل النور في الصدر، الذي منه ينتشر النور في جميع الصدر، وإضافة الجوهر إلى الله تعالى ليس المراد ذاته، وإنما هي على طريق الملك .... ".
أضف إلى ذلك وجود أقوال مثل: سئل سهل، قيل لسهل، قلت لسهل، سمعته يقول.
ولا يمنع كل ذلك صحة الحكم بأن ما به من أقوال يمثل في أمانة أراء سهل وأقواله، ذلك أن أسرة أبي بكر -جامع التفسير- ذاع صيتها في العالم الإسلامي من حيث اهتمامها بجمع ورواية الحديث وما تتصل بها من العلوم الدينية. ويعتبر أبو بكر ووالده من الثقات الذين يُعتد بروايتهم لشهرتهم بالضبط والتحري، ومن بين ما رواه الجامع الصحيح البخاري.
وإلى جانب ذلك فإن معظم ما ورد في التفسير من أقوال سهل، موثقة في مصادر أخرى، مثل الرسالة القشيرية، وحلية الأولياء، وشذرات الذهب.
(يُتْبَعُ)
(/)
خدمات قدمت للكتاب ودراسات حوله:
وقفت على طبعتين للكتاب:
الأولى: تحقيق محمود جيرة الله، تم طباعتها بالدار القافية للنشر- مصر، سنة 1422هـ-2002م.
الثانية: تحقيق محمد باسل عيون السود، تم طباعتها بدار الكتب العلمية-بيروت، سنة 1423هـ-2002م.
أما الدراسات التي كانت حول الكتاب فهي كالتالي:
الأولى: "من التراث الصوفي" لسهل بن عبد الله التستري، دراسة وتحقيق الدكتور محمد كمال جعفر.
الثانية: "التفسير والمفسرون" للدكتور محمد حسين الذهبي.
الثالثة: "من مناهج التفسير" للدكتور الشحات السيد زغلول.
الرابعة: "مناهج المفسرين" للدكتور منيع عبد الحليم محمود.
الخامسة: "التفسير بالرأي قواعده وضوابطه وأعلامه" للدكتور محمد حمد زغلول.
السادسة: "مناهل العرفان" للزرقاني.
وهذا ما تيسر لي الوقوف والإطلاع عليه من الكتب التي خصت الكتاب بالدراسة، أو تطرقت للحديث عنه. ومعظم هذه الكتب اعتمدت على كتاب "التفسير والمفسرون" للدكتور الذهبي.
ثانياً: منهج المؤلف في الكتاب
لم يتعرض سهل التستري رحمه الله لتفسير القرآن آية أية، بل تكلم عن آيات محدودة ومتفرقة من جميع سور القرآن، وكان معظم هذه التفاسير إجابة عن أسئلة وُجهت إليه من أصحابه أو جلسائه. وقد افتتح جامع تفسير التستري بمقدمة احتوت على ما يلي:
أولاً) مبادئ أولية في فهم القرآن في نظر سهل،مثال قال سهل: "وما من آية في القرآن إلا ولها أربعة معان، ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر التلاوة، والباطن الفهم، والحد حلالها وحرامها، والمطلع إشراف القلب على المراد بها فقهاً من الله عز وجل. فالعلم الظاهر علم عام، والفهم لباطنه، والمراد به خاص، قال تعالى: {فَمَا لِهَ?ؤُلا?ءِ ?لْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً}] النساء78 [أي لا يفقهون خطاباً.
ومن هذه العبارة يتبين لنا أن سهل يرى أن الظاهر هو المعنى اللغوي الذي يعرفه الإنسان العربي، أما المعاني الباطنة فلا يعرفها إلا أهل الله بتعليم الله إياهم وإرشادهم. وحا ل سهل في ذلك حال كثير من الصوفية الذين قاموا بتفسير القرآن، معتمدين في ذلك على ما يسمى بعلم الإشارة. وهو علم ما في القران من أسرار عن طريق العمل به، وتأويل القران الكريم بغير ظاهر عباراته لإشارات خفية لا تظهر إلا لأرباب السلوك والتصوف وأهل الحقيقة أو المشاهدة، ويمكن الجمع بين هذه الإشارات وبين ظاهر الآية.
وقد اختلف العلماء في حكم التفسير الإشاري على قولين: الأول: المنع. والثاني: الإجازة بشروط، وهي كما يلي:
أ) أن لا يكون منافيا للظاهر من النظم القرآني. ب) أن يكون له شاهد شرعي يؤيده ج) أن لا يكون له معارض شرعي أو عقلي. د) أن لا يدعي أن التفسير الإشاري هو المراد وحده دون الظاهر.
ويوجد عدة مقالات لعدد من العلماء تحدثت عن حكم التفسير الإشاري لا يحتمل المقام لذكرها الآن.
ثانياً) باب صفات طلاب فهم القرآن، وذكر فيها أقوال لسهل، وأحاديث عن رسول الله صلى رواها سهل، مثال ذلك قال سهل: "العجب كل العجب لمن قرأ القرآن ولم يعمل به، ولم يجتنب ما نهاه الله عنه، أما استحيا من الله ومحاربته ومخالفته وأمره ونهيه بعد علمه به؟ فأي شيء أعظم من هذه المحاربة؟ ألم يسمع وعده ووعيده؟ ألم يسمع ما وعد الله به من النكال فيرحم نفسه ويتوب؟ ألم يسمع قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ ?للَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ?لْمُحْسِنِينَ}] الأعراف56 [فيجتهد في الإحسان؟ ألم يسمع قوله: "ورحمتي سبقت عذابي" فيرغب في رحمته.
ثالثاً) فصل في (قول بسم الله الرحمن الرحيم): قال أبو بكر: سئل سهل عن معنى "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال: "الباء بهاء الله عز وجل. والسين سناء الله عز وجل. والميم مجد الله عز وجل .... ".
أما التفسير فقد ابتدأه بتفسير سورة الفاتحة كاملة، ما عدا قوله تعالى:} الرحمن الرحيم {حيث سبق شرحها في مقدمة الكتاب، وأختتمه بتفسير ثلاث آيات من سورة الناس.
وكان منهج سهل رحمه الله في التفسير كما سنوضحه في التالي:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: لم يقتصر سهل رحمه الله في تفسيره على المعاني الإشارية وحدها، بل نجده يذكر أحياناً المعاني الظاهرة ثم يعقبها بالمعاني الإشارية. مثال تفسير قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ ?لْكَلِمُ ?لطَّيِّبُ و َ?لْعَمَلُ ?لصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}] فاطر10 [قال: ظاهرها الدعاء والصدقة، وباطنها الذكر، عملاً بالعلم، وإقبالاً بالسنة، يرفعه أي يوصله بالإخلاص فيه لله تعالى.
ويقول في تفسير قوله تعالى: {و َ?عْبُدُواْ ?للَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً و َبِ?لْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ?لْقُرْبَى? و َ?لْيَتَامَى? و َ?لْمَسَاكِينِ و َ?لْجَارِ ذِي ?لْقُرْبَى? و َ?لْجَارِ ?لْجُنُبِ و َ?لصَّاحِبِ بِ?لجَنْبِ و َ?بْنِ ?لسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ?للَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}] النساء36 [. "وأما ظاهرها فالجار الجنب البعيد الأجنبي. والصاحب بالجنب هو الرفيق في السفر، وقد قيل الزوجة، وابن السبيل الضيف. وأما باطنها فالجار ذو القربى هو القلب، والجار الجنب هو الطبيعة، والصاحب بالجنب هو العقل المقتدى بالشريعة، وابن السبيل هو الجوارح المطيعة لله".
وتعتبر مثل هذه التفاسير كلاماً صحيحاً في ذاتها، إلا أنها لا تعد تفسيراً وبياناً لمعاني الآيات ومراد الله، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاويه قوله: "أما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعانٍ صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها".
ويعد هذا التفسير من قبيل ذكر منهم لنظير ما ورد في القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، كما بين ابن الصلاح رحمه الله ذلك في مقالته.
ثانياً: ويصرح أحياناً بالمعنى الباطن وحده، دون أن يذكر المعنى الظاهر، مثل قوله تعالى:} وَهُوَ يُحْيِي ?لْمَوْتَى? {[الشورى9] باطنها قلوب كل أهل الحق يحييها بذكره ومشاهدته.
ثالثاً: قليلاً ما كان يقتصر على المعنى الظاهر. مثال قال تعالى: {وَلاَ تَجَسَّسُواْ} [سورة الحجرات آية12] قال: أي لا تبحث عن المعايب التي ٍسترها الله على عباده، فإنك ربما تُبتلى بذلك.
رابعاً: ويصرح أحياناً بلفظ الإشارة، مثال قوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُو?اْ إِنَّ فِي ذ?لِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل52]. قال: "الإشارة في البيوت إلى القلب، فمنها ما هو عامر بالذكر، ومنها ما هو خرب بالغفلة، ومن ألهمه الله عز وجل بالذكر فقد خلصه من الظلم".
خامساً: حين يعرض سهل للمعاني الإشارية لا يكون واضحاً في كل ما يقوله، بل تارة يأتي بالمعاني الغريبة التي نستبعد أن تكون مرادة لله تعالى، وذلك كالمعاني التي ذكرناها في فصل (قول بسم الله الرحمن الرحيم). ومثل تفسيره لفاتحة البقرة {ال?م?} حيث قال سهل: "فأما هذه الحروف إذا انفردت، فالألف تأليف الله عز وجل ألف الأشياء كما شاء، واللام لطفه القديم، والميم مجده العظيم".
وهذه الأمثلة يتضح فيها شطط هذا الاتجاه، والمغالاة فيه. وقد ذكر ابن تيمية في مجموع فتاويه، عن تفسير الصوفية قوله: "وإن كان فيما ذكروه ما هو معانٍ باطلة فإن ذلك يدخل في القسم الأول، وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعاً، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسداً".
سادساً: قد يأتي التستري رحمه الله بمعانٍ غريبة يمكن أن تكون من مدلول اللفظ، أو مما يشير إليه، ولا يذكر أنها من قبيل الباطن أو الظاهر. مثل تفسيره لقوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة23] أي أضدادا. ً فأكبر الأضداد النفس الأمارة بالسوء المتطلعة إلى حظوظها ومناها بغير هدىً من الله.
ومن المعلوم أن الأنداد في هذه الآية المقصود بها الأصنام، ولكن رحمه الله جعل النفس الأمارة بالسوء داخلة تحت عموم الأنداد. وقد يكون لهذا التفسير وجه من الصحة، حيث أن النفس الأمارة قد تقود صاحبها للهلاك، وتصبح إلهه الذي يوجهه، كما قال تعالى:} أفرأيت من اتخذ إلهه هواه {. ومن المهم أن لا نعتبر بمثل ذلك تفسيراً لمراد الله بعينه، وإنما يُقصد به ذكر النظير.
(يُتْبَعُ)
(/)
سابعاً: لم يخلو تفسير التستري رحمه الله من القول بالمأثور، فقد ذكر فيه كثير من النقول عن الصحابة والتابعين، مثال قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل72] قال: روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: الحفدة الأختان. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: البنون الصغار الصغار، والحفدة الذين يعينون الوالد على عمله. وعن الضحاك قال: الحفدة الخدمة لله إيجاباً بغير سؤال منهم غيره.
ثامناً: أن تفسير التستري يختلف اختلافا كاملاً عن تفسيرات المدارس الكلامية، وتفسيرات الباطنية، ويمكن الاستدلال على ذلك بأن التستري لا يؤول الآيات القرآنية المشيرة إلى ما قد يفهم من تشبيه كآيات الوجه واليدين تلك الآيات التي اضطرت العقليين إلى تأويلها وصرفها عن معناها الظاهر. مثال قوله تعالى: {يَدُ ?للَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمًْ} [الفتح10] أي حول الله وقوته فوق قوتهم وحركتهم، وهو قولهم للرسول صلى الله عليه وسلم عند البيعة: "بايعناك على أن لا نفر ونقاتل لك". وفيها وجه آخر أي منة الله عليهم في الهداية لبيعتهم وثوابه لهم فوق بيعتهم وطاعتهم لك.
ولقد سُئل عن ذات الله سبحانه، فقال: "ذات موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالإبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا حلول، وتراه العيون في العقبى ظاهراً في ملكه وقدرته. وقد حجب سبحانه وتعالى الخلق عن معرفة كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه، والأبصار لا تدركه، ينظر إليه المؤمنون بالأبصار من غير إحاطة ولا إدراك نهاية".
كما أن التستري لا ينفي قواعد الشريعة، ولا يحول الآيات المتعلقة بها إلى معاني رمزية أو مجازية، كما أنه لا يجعل للمعاني المباشرة التي يشهد لها النص مركزاً ثانوياً، أو تابعاً لمعناها الإشاري، بل يجعل المعنى الأصلي أساسا ً. مثال قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى ?لصَّلَوَاتِ} [البقرة238] أي داوموا على إقامتها.
تاسعاً: تعلو نغمة الوعظ، وتطهير القلوب، وتزكية النفوس، والتحلي بالأخلاق والفضائل، منهج سهل في تفسيره. مثال ذلك تصديره بكلمة اعلموا في كثير من كلامه، قال تعالى: {و َ?لْمُؤْمِنُونَ و َ?لْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} [التوبة71] قال: موالاته مع المؤمنين، كف الأذى عنهم. قال: واعلموا أن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يكون لعباد الله كالأرض، إذ هم عليها ومنافعهم منها.
ومنه أيضاً ذكر حكايات الصالحين وأخبارهم، مثال عند تفسيره لسورة العصر، ذكر: "أن رجلاً لحق أويس القرني رحمه الله فسمعه يقول: اللهم إني أعتذر إليك اليوم من كل كبد جائعة وبدن عاري، فإنه ليس في بيتي من الطعام إلا ما في بطني، وليس شيء من الدنيا إلا ما على ظهري. قال: وعلى ظهره خريقة قد تردى بها.
عاشراً: يسلم سهل بالحادثة التاريخية التي تتصل بالأحداث الماضية، بل ربما استغلها في تأسيس معنى يهدف إلى مواطن العبرة والعظة للنفس الإنسانية، من ذلك تفسيره لقوله تعالى: {و َ?تَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى? مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ} [الأعراف148] قال: عجل كل إنسان ما أقبل عليه، فأعرض به عن الله من أهل وولد، ولا يتخلص من ذلك إلا بعد إفناء جميع حظوظه من أسبابه، كما لم يتخلص عبدة العجل من عبادته إلا بعد قتل النفوس.
الحادي عشر: قد يحيل بعض الموضوعات والظواهر الكونية إلى حالات أو مبادئ نفسية بغية ترقيق القلوب، وشحذ روحانيتها، باستخدام رموز معينة، فالبحر وأم القرى والبيت المعمور تشير إلى القلب. مثال قوله تعالى: {مَرَجَ ?لْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن19] قال: أحد البحرين القلب، فيه أنواع الجواهر: جوهر الإيمان وجوهر المعرفة وجوهر التوحيد وجوهر الرضى وجوهر المحبة وجوهر الشوق وجوهر الحزن وجوهر الفقر وغيرها، والبحر الآخر النفس.
الثاني عشر: يستمد من اللغويين ما يرتضيه من معان، وخاصة من أبي عمرو بن العلاء، أحد القراء السبعة، ومن أئمة اللغة والأدب. مثال ذلك قوله تعالى: {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود91] قال: حكى محمد بن سوار عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: الرهط الملأ، والنفر الرجال من غير أن تكون فيهم امرأة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث عشر: يستشهد سهل رحمه الله أحياناً بالشعر، مثال تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذ نَتَقْنَا ?لْجَبَلَ} [الأعراف171] قال: يعنى فتقنا وقد زعزعنا، كما قال العجاج:
قد رببوا أحلامنا الجلائلا وفتقوا أحلامنا الأثاقلا
الرابع عشر: كان دائم التحذير من البدع وأهلها، مثال عند تأويله لقوله تعالى: {وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ?لْكَوَافِرِ} [الممتحنة10] قال: لا توافقوا أهل البدع على شيء من أهوائهم وآرائهم.
وقال عند تفسير آخر آية من سورة المجادلة: كل من صح إيمانه فإنه لا يأنس بمبتدع ويجابهه، ولا يؤاكله ولا يشاربه ولا يصاحبه، ويظهر له من نفسه العداوة والبغضاء، ومن داهن مبتدعاً سلبه الله حلاوة السنن، ومن تحبب إلى مبتدع نزع الله نور الإيمان من قلبه، ومن لم يصدق فليجرب.
ثالثاً: كلمة حول تفسير التستري
إن كتاب التستري الذي بين أيدينا فهو في مجمله كتاب اشتمل على الكثير من الرقائق والمواعظ، ونسبته إلى كتب التفسير من باب التجاوز. وقد ذكر السيوطي في كتابه الإتقان قوله: "وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير".
أما كلام ابن الصلاح الذي سبق الإشارة إليه، وهو أن تفسير الصوفية من باب ذكر النظير بالنظير، فقد أعقبه بقوله: "ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك، لما فيه من الإيهام والإلباس". ومن كلامه يتبين لنا أنه حتى إذا جاز ذكر النظير بالنظير فإنه في القرآن يكون من الأولى تركه.
والكتاب لا يزود طالب العلم بالكثير من المعارف المتعلقة بتفسير آيات الله، أو علوم اللغة. إلا أنه يشتمل على المواعظ والرقائق التي يمكن التزود منها.
وبعمل استقراء بسيط حول كتب التفسير (الطبري /ابن كثير/القرطبي)، لم أجد استشهاداً بأقوال سهل رحمه الله سوى في كتاب الإمام القرطبي رحمه الله. والذي استشهد بأقوال سهل في عشرة مواضع فقط. وقد وجدت فيه أقوالاً للتستري في تفسير آيات لم ترد في تفسيره. مثل تفسير الآية رقم (59) من سورة النساء، وتفسير الآية رقم (97) من سورة النحل، وتفسير الآية رقم (23) من سورة الجاثية، وغيره.
مميزات ومآخذ على تفسير التستري
أولاً: المميزات:
1/ حجم الكتاب اللطيف يساعد طلبة العلم على قراءته.
2/ احتوائه على رقائق وحكم ومواعظ كثيرة.
3/ تقديمه بمقدمة تبين فيها منهجه في التفسير.
4/ استشهاده برأي السلف والصحابة في تفسير بعض الآيات.
5/ إن سهل رحمه الله لم يرد في تفسيره ما يدعم مذهب سياسياً أو باطنياً، كما يظهر ذلك من تفسيره. بل منعه اعتقاده مذهب أهل السنة والجماعة عن تأويل الصفات كما فعل بعض المفسرين. ذكر العلامة محمد صديق خان في كتابه "قطف الثمر": فمذهبنا مذهب السلف، إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك، والشافعي، والثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وهو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم، كالفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، وسهل بن عبدالله التستري، وغيرهم. فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين".
6/ تفسير التستري يعتبر خير من كثير من تفاسير الصوفية. وقد ذكر ابن تيمية في منهاج السنة النبوية قوله: وكذلك شيوخ الزهد إذا أراد الرجل أن يقدح في بعض الشيوخ ويعظم آخر فأولئك أولى بالتعظيم وأبعد عن القدح، كمن يفضل أبا يزيد الشلبي وغيرهما ممن يحكى عنه نوع من الشطح على مثل الجنيد وسهل التستري وغيرهما ممن هو أولى بالاستقامة وأعظم قدرا.
ثانياً: المآخذ:
1/ عند استشهاده بالحديث لم يكن سهل من المسندين، لذلك غالباً ما نراه يأتي بأحاديث وأخبار مما اشتهر على ألسنة الناس، بغض النظر عن كونه ضعيف، أو ما هو دون ذلك في الدرجة.
2/ أقواله دائماً في غاية الإيجاز بل الإلغاز أحياناً مما يجعل القارئ لا يستطيع فهمها مباشرة.
3/ عدم تفسيره للقرآن كاملاً.
4/ كما ذكرنا سابقاً فإن تفسيره بهذه الطريقة يؤدي إلى اللبس والإيهام حيث يُظن أن تفسيره هو مراد الله.
تم بحمد الله وتوفيقه
المراجع
1) تفسير التستري-تحقيق محمد باسل عيون السود.
2) شيخ العارفين سهل بن عبدالله التستري-تحقيق محمد جيرة الله.
3) من التراث الصوفي-لسهل بن عبدالله التستري-تحقيق محمد كمال جعفر.
4) التفسير والمفسرون-للإمام الذهبي.
5) التفسير بالرأي قواعده وضوابطه وأعلامه-محمد حمد زغلول.
6) نشأة التفسير ومذاهبه في ضوء المذاهب الإسلامية-للدكتور محمود بسيوني فودة.
7) مناهج المفسرين-للدكتور منيع عبد الحليم محمود.
8) من مناهج التفسير-للدكتور الشحات السيد زغلول.
9) الاتجاهات الفكرية في التفسير- للدكتور الشحات السيد زغلول.
10) مناهل العرفان-للزرقاني.
11) مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية-جمع وترتيب عبد الرحمن النجدي الحنبلي.
12) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة-للشيخ اللالكائي.
13) الأعلام-لخير الدين الزركشي.
14) شذرات الذهب في أخبار من ذهب-لابن العماد.
15) الرسالة القشيرية-للإمام أبي القاسم القشيري-تحقيق عبد الحليم محمود و محمود بن شريف.
16) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان-لابن خلكان-تحقيق الدكتور إحسان عباس.
17) الاستقامة-لابن تيمية-تحقيق محمد رشاد سالم.
18) معجم المؤلفين-عمر رضا كحالة.
19) حلية الأولياء-لأبي نعيم الأصبهاني.
20) معجم البلدان-لياقوت الحموي.
21) العارف بالله سهل بن عبدالله التستري حياته وآراؤه-للدكتور عبد الحليم محمود.
22) قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر-للعلامة الشريف محمد صديق خان-تحقيق الدكتور عاصم القريوني.
23) منهاج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة القدرية-لابن تيمية-تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم.
ملاحظة:
لم تظهر الحاشية في البحث هل من طريقة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إيمان البحر]ــــــــ[21 Feb 2006, 06:54 ص]ـ
المشايخ الأفاضل هل من مقيم للموضوع؟
وجزاكم الله خيراً(/)
أخبار مؤتمر (التطورات الحديثة في دراسة القرآن الكريم) الذي عقد في بيروت.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[14 Feb 2006, 12:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الأكارم
لقد أنهى المؤتمر الذي عُقد في مدينة بيروت قبل يومين 10 - 12 من شباط أعماله، حيث كان تحت عنوان:
التطورات الحديثة في دراسة القرآن الكريم
وذلك بالاشتراك بين المعهد العالمي للفكرالاسلامي والملتقى الفكري للإبداع. حيث شارك فيه نخبة من العلماء والمفكرين.
وقد قدمت قيه قرابة 50 ورقة، أرجو أن أتمكن من تزويدكم بخلاصتها في الأيام القريبة، وقد شاركت فيها بورقة كانت بعنوان:
تطور البحث العلمي في العصر الحديث من خلال الرسائل الجامعية (الدراسات القرآنية نموذجا)
وسأعمل إن شاء الله تعالى على تزويدكم بها وبملخصها إن رغب الإخوة في ذلك إلا إنني سأرفق لكم برنامج المؤتمر وأسماء الذين شاركوا فيه في هذه المشاركة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:01 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا البراء على هذه الفوائد، وقد اطلعت على جدول المؤتمر، وفيه أوراق مهمة نريد الحصول عليها أو ملخصها على الأقل. ومنها إضافة إلى بحثكم الذي شاركتم به فهو مهم، وأعرف عنايتك بتتبع هذه الدراسات وفقك الله:
- الدراسات الاستشراقية المعاصرة، رضوان السيد.
- تجديد التجويد في ضوء الدرس الصوتي الحديث مع مراجعة أحكام الضاد، د. غانم قدوري الحمد. ولعله إن شاء الله ينشر بحثه في الملتقى وسأراسله من أجل ذلك.
- تجديد مناهج التفسير: أطروحة أبو القاسم الحاج حمد أنموذجاً، أحميدة النيفر.
- القرآن الكريم والتأويلية العلمانية، د. أحمد إدريس الطعان. ولعله يتفضل كذلك بنشره هنا، وسأراسله من أجل هذا.
- التفسير الموضوعي مفهوماً ومنهجاً. الطاهر الميساوي.
شكر الله لكم مرة أخرى أبا البراء، وبارك في علمكم، وليتكم تزودوننا برابط موقع المؤتمر على الانترنت إن كان له رابط.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:06 م]ـ
وجدت هذا التعريف بالمؤتمر وأهدافه، على موقع مجلة إسلامية المعرفة التي تصدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي. فأحببت نقله للفائدة.
يعتزم المعهد العالمي للفكر الإسلامي - بالتنسيق مع الملتقى الفكري للإبداع تنظيم مؤتمر في بيروت حول: "التطورات الحديثة في دراسة القرآن الكريم"، وذلك أيام: 5 - 7 شباط/فبراير 2006م، وحرصاً على استقطاب جهود الباحثين والمهتمين بموضوع المؤتمر، فإن اللجنة المنظمة للمؤتمر تدعو الراغبين بالمشاركة البحثية في أي محاور المؤتمر المرفقة أن يرسلوا رغبتهم بالمشاركة مرفقة بعناوينهم وملخصاً عن الموضوع الذي يرغبون الكتابة فيه في أجل لا يتجاوز 30/ 9/2005، آملين أن تشكل مشاركات الباحثين إضافة نوعية في مجال خدمة المعارف القرآنية الحديثة.
مقدمة:
كان القرآن الكريم ولا يزال النص المؤسس للحضارة الإسلامية، ومحور البناء الأول للمعارف والعلوم التي نشأت أو ارتقت في السياق المعرفي الحضاري الإسلامي؛ ولهذا السبب تحتل علوم القرآن وفي مقدمتها تفسير القرآن وتأويله موقع العمود الفقري لمشاريع النهضة الإسلامية وتطلعاتها الإصلاحية. ثم إن استمرارية القرآن محفوظاً من غير تحريف أو تبديل جعلت منه مركزاً يجتمع حوله المسلمون بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم، كما جعله موضوعاً للدرس من قبل المسلمين وغير المسلمين. لكن ما أصاب العلوم الشرعية من انقطاع الاجتهاد لفترات طويلة أثّر أكثر ما أثر على دراسة القرآن وتدبّره واكتشاف أسراره ونبعيَّة معانيه التي لا تخلَق على كثرة الرد، فضلاً عن بروز نزعات سادت في تفاسير القرآن، فصنفت التفاسير بين مأثورة أو رأيية أو معتزلية أو إشارية أو فقهية ... ، وكلها تصنيفات تعكس مذهبية حكمت التعامل مع القرآن الكريم، وهي أثر لما ساد من تيارات في التاريخ الإسلامي.
هذه المنهجية في التعامل مع القرآن تركت مساحة كبيرة من خصائص القرآن ودلالاته الكلية التي لا يمكن التمكُّن منها من خلال تفسيره الجزئي. وقد أدرك الباحثون في القرن العشرين العجز عن الاستفادة من القرآن الكريم في معالجة القضايا الملحة وقصور المنهجية السائدة في دراسته، فحاولوا التطوير في هذا المجال ولا تزال الجهود في هذا المجال مستمرة حتى يومنا هذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورغم ذلك فإن بناء مناهج "التعامل" مع القرآن الكريم وتدبره ماتزال في تطور مستمر، وتتطلب الكثير من الجهد، ولكن هذا لا يمنع من ملاحظة التطورات الحاصلة في دراسة القرآن الكريم ومناهجه، في العقود الأخيرة، حيث حصلت تغيرات كبرى كان لها أثر واضح في نمو البحث والدرس العلمي بعيداً عن الصراع الأيديولوجي الذي استنزف الجهود طيلة ما يقارب أربعة عقود من القرن الفائت، رافق ذلك تعمق في التواصل مع المعارف الغربية التي كانت قد تطورت بشكل هائل خلال تلك المدة، (وخصوصاً اللسانيات)؛ فتطورت حركة الترجمة وتتصاعد وتيرتها، كل هذا جعل مناخ العقود الأخيرة مختلفاً، فاستقبلت المعرفة الغربية في التسعينات بنوع من التقدير وبحفاوة في بعض الأحيان، صحيح أن ذلك كان شاملاً لنخب قليلة، لكنه صار ظاهرة واضحة آخذة بالاتساع، يكفي دليلاً على ذلك الرسائل الجامعية في الدراسات القرآنية في مختلف الجامعات العربية والإسلامية.
كما ظهرت في العقود الأخيرة مشروعات جديدة مستفزة في دراسة القرآن الكريم، كانت سبباً آخر للدفع باتجاه اكتشاف المعرفة الغربية والتحقق منها، وكان من آثار ذلك تطور التفكير في التفسير الموضوعي والمفردات القرآنية، وفي الوقت نفسه طبقت نظريات النقد الأدبي (على نحو متفاوت من الوعي بطبيعة النص أو بتجاهل لهذه الطبيعة)، وجرت دراسات عديدة في الأسلوبية (أسلوبية القرآن الكريم)، واستخدم علم الدلالة في دراسات القرآن الكريم، كما بدأ التساؤل عن المناهج الجديدة في التفسير، ويمكن ملاحظة أعمال كثيرة أخرى.
لابد أن ما سبق ذكره سيكون له أثرٌ عميقٌ في تراكم مباحث التعامل مع القرآن الكريم، ولأن الحقبة الحديثة لم تحظ بالدرس والفحص بعد؛ فإن المؤتمر يأخذ على عاتقه طرح التساؤلات حول منجزات هذه الحقبة معرفياً ما أثارته أو عمقته من أسئلة حول القضايا المنهجية المتعلقة بدراسة القرآن الكريم.
أهداف المؤتمر:
يهدف المؤتمر إلى رصد الإنجازات المعرفية الحديثة حول القرآن، وربط الجهود المبذولة في هذا المجال بغية الإسهام في دفع البحث العلمي في القرآن نحو مزيد من التقدم؛ مع إجراء مراجعة نقدية لهذه المعطيات تمهيداً لاستكشاف آفاق البحث القرآني بالمعارف الحديثة، ويركز المؤتمر التراكم في الدراسات القرآنية.
محاور المؤتمر:
يتناول المؤتمر ثلاثة محاور تغطي التساؤلات والتجارب المعاصرة في الدراسات القرآنية، وذلك من خلال العناوين التالية وما تشتمل عليه من عناصر أساسية هي موضوع الأوراق المقترح الكتابة فيها من قبل الراغبين بالمشاركة:
المحور الأول: التطورات المنهجية في دراسة القرآن الكريم: (نقد المناهج، التفسير الموضوعي، المفردة القرآنية، قواعد وأصول التفسير، قضية التأويل وأبعادها، الدراسات الدلالية والأسلوبية).
المحور الثاني: قضايا إشكالية في التعامل مع القرآن الكريم (التاريخي والمطلق في النص، اللغة والتطور الدلالي، القرآن والسنة وحدود العلاقة بينهما، القواعد اللغوية واللسانيات).
المحور الثالث: رصد الاتجاهات الحديثة والدراسات التطبيقية المعاصرة للقرآن الكريم: (جغرافياً: العالم العربي والإسلامي والغربي/ نماذج: القراءات المعاصرة للقرآن، تجربة توشيكو إيزوتسو، دراسة كريستوفر لوكسمبورغ حول لغة القرآن، جديد الاستشراق عموماً، مسألة النظم أو الحجاج، تقييم القراءة المعاصرة لقضايا: الحرية والمرأة والتاريخ والحضارة من خلال القرآن الكريم).
مواصفات البحوث المطلوبة للحلقة الدراسية
1. يتصف البحث بما هو متعارف عليه من التحديد الدقيق للموضوع والأصالة العلمية والمنهجية الواضحة والتوثيق الكامل للمراجع والمصادر في مواقعها من صلب البحث، وليس على شكل قائمة ببليوغرافية.
2. يتضمن البحث تحليلاً ناقداً وتقويمياً وأميناً للحالة الراهنة لموضوع البحث ويستوعب المصادر التراثية والمعاصرة المتنوعة بما في ذلك الدوريات والعلمية والأطروحات الجامعية والكتب المنهجية وبحوث المؤتمرات والندوات العلمية.
3. يضع الباحث الهدف من بحثه ويصوغ نتائجه وتوصياته بشكل محدد.
4. يكون حجم البحث حوالي عشرة آلاف كلمة.
5. آخر أجل لتأكيد الرغبة بالمشاركة والمحور الذي تودون الكتابة فيه هو: 30/ 7/2005.
6. آخر أجل لتحديد الموضوع الدقيق الذي تودون المشاركة فيه مع إرسال لمحة عنه لا تقل عن (500) كلمة هو 15/ 9/2005.
7. آخر أجل لتسليم البحوث جاهزة مطبوعة على ورق A4 ومرفقة بقرص مغناطيسي مدمج هو 30/ 11/2005.
المصدر ( http://www.eiiit.org/article_read.asp?articleID=749&catID=266&adad=297)
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[18 Feb 2006, 12:07 م]ـ
السلام عليكم
فيما يخص اوراق الملتقى لم نحصل على نسخة اليكترونية بعد وقد وعدنا بان تصلنا عبر الاميل، واعدكم ان شاء الله تعالى بارسالها حال وصولها، وعموما موقع الملتقى على الانترنت هو هذا الرابط
http://almultaka.net
وعندى الاوراق التي قدمت، لكن نسخة ورقية وانا على استعداد لتزويدكم بما تريدون
، وفيما يخص ورقتي التي قدمتها سوف ازودكم بها قريبا ان شاء الله تعالى ان رغبتم
لدي استفسار حول موعد ندوة الملك فهد عن الاستشراق ان كان لديكم علم بذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[18 Feb 2006, 11:46 م]ـ
جزاك الله خيرا د. عبدالله بن محمد الجيوسي ونآمل تزويدنا ولو بملخص عن بحثكم وبعض البحوث الاخرى ولكم الشكر
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[19 Feb 2006, 12:38 ص]ـ
الأخ عبد الله الجيوسي
تحية طيبة ..
بالنسبة لبحثي الذي شاركت به في المؤتمر فقد نشرته في ملتقانا هذا ... شكراً على مراسلتك وتواصلك
والسلام عليكم ..(/)
دعوة للمشاركة في الملتقى الثالث لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[14 Feb 2006, 06:52 م]ـ
تنظم الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض الملتقى الثالث لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم،وذلك في شهر شوال من عام 1427 هـ بإذن الله ويحمل عنوان (الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم والمجتمع).
محاورالملتقى:
1. آثار تعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع.
أ- الأثر الإيماني.
ب- الأثر النفسي.
ج-الأثرالتربوي والأخلاقي.
د- الأثر الاجتماعي.
هـ- الأثر الأمني.
و- الأثر العلمي.
2. جهود جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في العناية بالقرآن الكريم.
أ-عناية المجتمعات بالقرآن الكريم عبر التاريخ.
ب- تجارب مميزة لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم.
ج- البرامج التعليمية والتقنية وطرق التدريس.
د- جهود أخرى.
3. إسهام جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في تنمية المجتمع (الواقع والمأمول).
أ- بناء الأجيال.
ب- رفع جودة مخرجات التعليم.
ج- بناء المرأة وتفعيل مساهماتها في المجتمع.
د- تأهيل المدرسي والمدرسات.
هـ- رعاية الموهوبين.
و-تعليمالكبار
ز- إصلاح السجناء.
ح- إسهامات أخرى.
4. إسهامات المجتمع في دعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم (الواقع و المأمول).
أ- إسهامات الأفراد.
ب- إسهامات مؤسسات المجتمع.
ج- إسهامات أخرى.
ولمزيد من المعلومات انظر موقع الجمعية.الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض ( http://www.qk.org.sa/nawah.php?tid=1044)(/)
الدكتور محمد أمين المصري والتربية القرآنية في سورة الأنفال
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2006, 02:06 م]ـ
الدكتور محمد أمين المصري والتربية القرآنية في سورة الأنفال
للشيخ محمد أمين المصري رحمه الله كتاب أسماه (من هدي سورة الأنفال) ..
وهو كتاب يجل عن الوصف ولكاتبه رؤى حول الاستفادة من القرآن عجيبة ..
والشيخ من العلماء الدعاة الأتقياء الشجعان، نحسبه كذلك والله حسيبه.
وكان يركز في دروسه ومحاضراته على سورة الأنفال .. حتى ظن الظانون أنه لا يحسن غير سورة الأنفال، وكان يمازح من يعرفه ويقول: " أنا لا أعرف إلا تفسير سورة الأنفال".
كان – رحمه الله – يركز على التربية القرآنية .. على العيش مع القرآن وأجواء القرآن، والتفاعل مع القرآن، كما تفاعل معه الجيل الأول. [كتاب علماء الشام في القرن العشرين 193 – 199].
يقول، رحمه الله في الكتاب المذكور ص63:
(والملاحظة الثانية أن التربية القرآنية كانت تربية عملية في ميدان الجهاد. لم تتنزل الآيات والأصحاب في قاعة محاضرات يستمعون كما يستمع شبابنا وقلوبهم لاهية يحتل سويداءها شغلها ومهامها خارج القاعات، ولم تكن تتنزل الآيات الكريمة والأصحاب في خلواتهم مشغولون بجهاد نفوسهم وتربيتها تربية سلبية انعزالية ولكن الآيات الكريمة تنزلت وقلوبهم منصهرة بحوادث المعركة وهي معركة موت واستشهاد ونصر وغلبة وبيع للأنفس في سبيل الله.
إن ساعة في مثل هذه المواقف تعدل عشرات الساعات ومئات السنين في مواقف أخرى لا يطل فيها شبح الموت ولا يخيم سلطانه).
وأترككم لكثير من التأملات ..(/)
لقاء مع الدكتور زغلول النجار فى منتدى التوحيد
ـ[الجندى]ــــــــ[15 Feb 2006, 11:53 م]ـ
تجدون اللقاء على هذا الرابط:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4448(/)
كتاب (الموضِّح في التفسير) المطبوع المنسوب للحدادي ليس له!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2006, 02:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عام 1408هـ صدر عن دار القلم بدمشق كتابان منسوبان للإمام أبي نصر أحمد بن محمد السمرقندي الحدادي، والحدادي نسبة إلى عمل الحديد، أو إلى قرية اسمها حدادة. وذكر ياقوت الحموي أنها قرية كبيرة بين دامغان وبسطام على جادة الري، وهي تابعة لإيران اليوم، من أعلام القرن الرابع الهجري، الذي برز في علم القراءات والتفسير، ووصفه ابن الجزري بقوله: (وكان شيخ القراء بسمرقند، انتهى إليه التحقيق والرواية، وبقي إلى بعد الأربعمائة). [غاية النهاية 1/ 105]، ومن شيوخه الذين ذكرهم ابن الجزري أبو سعيد السيرافي النحوي (ت368هـ) وأبو بكر بن مهران الأصفهاني النيسابوري (ت381هـ)، مؤلف كتاب (الغاية في العشر)، وهبة الله بن سلامة البغدادي (ت410هـ)، صاحب (الناسخ والمنسوخ). وغيرهم من الشيوخ.
وكان ابنه نصر من شيوخ الإمام أبي القاسم الهذلي (ت465هـ) صاحب كتاب (الكامل في القراءات الخمسين).
وقد ذكر ابن الجزري للحدادي كتاباً في القراءات عنوانه (الغنية في القراءات)، وقد وقف عليه، وكان من مصادره في (غاية النهاية). ثم لا تجد بعد هذا للحدادي ذكراً كبيراً في كتب التراجم الأخرى.
وكنت قد درست مسائل نافع بن الأزرق دراسة مستوعبة لجوانبها في بحثي عن الشاهد الشعري في تفسير القرآن، ولفت نظري تشابهٌ بين هذه المسائل، ومسلك الحدادي في كتابه الذي طبع بتحقيق صفوان عدنان داوودي، ونشرته دار القلم بدمشق عام 1408هـ. بعنوان (الموَضِّحُ في التفسير) لشيخ القراء بسمرقند أبي النصر أحمد بن محمد بن أحمد السمرقندي المعروف بالحدادي والمتوفى بعد الأربعمائة.
http://www.tafsir.net/images/modheh.jpg
وكان مما قلته في بحثي للمسائل:
(مِنْ أكثرِ من رأيتهُ نَسَجَ على مِنوالِ هذه المسائلِ دونَ الإشارةِ إليها أَدنى إشارةٍ أبو النَّصر أَحْمدُ بنُ مُحمدٍ السَّمْرَقَنْدِيُّ المعروفُ بالحَدَّاديِ في كتابه الذي طبع باسم «المُوضِّح في التفسير»، وهو كتاب مُختصر لا يمكن اعتباره تفسيراً للقرآن، وإنما شرح لمفردات قليلة في تفسير الغريب من ألفاظ القرآنِ وأساليبه، يكتفي فيه بِبَيانِ اللفظةِ الغريبة، أو التركيبِ المُشكلِ في الآيةِ بأَوجزِ عبارةٍ، ثُم يستشهدُ على ذلك بشاهدٍ من الشِّعرِ أو أكثر، على غرار مسائل نافع بن الأزرق، ويقع الكتاب في (113) مائة وثلاث عشرة صفحة، فسَّر فيها (200) مائتي لفظةٍ غريبةٍ، وأسلوبٍ من أساليب القرآنِ الكريم، واستشهد على تفسيره بِمائتين وخَمسةَ عشر شاهداً من الشعرِ الجيّدِ المُحتجِّ به عند المفسرين، ولم ينسب منها لقائله إلا ثلاثة وعشرين شاهداً، في حين استطاع المُحقق نسبة مائة وثلاثة وستين شاهداً، وبقي تسعة وعشرون شاهداً غير منسوبة، والشعراء الذين استشهد بشعرهم من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين، ولم يستشهد بشعر المُحدثين إلا في موضع واحدٍ، فقد استشهد ببيت لأبي نواس، معتمداً على إنشاد الفراء له. [انظر: الموضح في التفسير 120] ويظهر من منهجه أنه لم يكن يُعنى بنسبة الشواهد الشعرية إذا ثبتت لديه صحتها، والثقة بها، وقد كان هذا نهجاً عند العلماء، وسيأتي بيان ذلك).أ. هـ
انتهى ما قلته في رسالتي عن (الشاهد الشعري في تفسير القرآن) عن هذا الكتاب. وكنت منذ زمن أنتقد إخراج المحقق عدنان صفوان داوودي وفقه الله لكتابي الحدادي دون وصف للمخطوطات التي اعتمد عليها، ونشره للكتابين على مخطوطة وحيدة، دون وضع صورة لبعض صفحاتها للاطمئنان إلى صحة الكتاب، ونسبته إلى مؤلفه. لكنني لم أتوقف عند هذا الأمر، وألحقته بمسائل دراستي لمسائل نافع بن الأزرق للشبه المنهجي بينهما، مع تشكيكي بصحة كونه تفسيراً للقرآن.
وفي شهر ذي الحجة 1426هـ الفائت زارني أخي العزيز الدكتور محمد أجمل أيوب الإصلاحي، وهو أستاذ في اللغة العربية بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية سابقاً، وهو محقق دقيق، حقق عدداً من كتب العلامة عبدالحميد الفراهي التي نشرتها دار القلم ودار الغرب الإسلامي مؤخراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد دار الحديث حول كتاب (الموضح) هذا، ومنهجه الغريب، فأخبرني أنه قد تنبه قديماً لهذه المسألة، وأنه قد ناقش المحققَ ودعاه إلى زيارته في منزله في المدينة المنورة عندما كان الدكتور محمد أستاذاً بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية هناك، وبَيَّنَ له خطأه في نسبة هذا الكتاب للحدداي، وطلب منه صورةَ المخطوطة التي اعتمد عليها، فاتضح للدكتور محمد أَنَّ الخطأ الذي وقع فيه المحقق، هو أَنَّه لَفَّقَ هذا الكتابَ، وأضاف إليه من عنده أموراً ولم يبين ذلك للقارئ. وأن الكتاب في حقيقته لرجلٍ قام بتجريد الشواهد الشعرية وموضع الاستشهاد من تفسير الحدادي الكبير المسمى بالموضح في التفسير.
وأخبرني الدكتور محمد أجمل الإصلاحي أنه كتب مقالة طويلة نشرها في ملحق التراث الذي يصدر عن جريدة المدينة في العدد 34، السنة 15، بتاريخ 6/ 6/1412هـ الموافق 12/ 10/1991م.
فطلبت منه تزويدي بهذا المقال، فتفضل به مشكوراً، وهو بعنوان:
أهذا كتاب الموضح لعلم القرآن للحدادي!
وهذا نص المقال بعد مقدمة تعريفية بالحدادي:
لحسن حظنا تحتفظ مكتبة تشستربيتي – فيما تحتفظ به من نوادر التراث الإسلامي – بمجموع يحتوي على عدة كتب قيمة، منها كتاب في علوم القرآن للحدادي، رقم المجموع 3883، والكتاب المذكور فيه من ق246 إلى ق368، وقد فقدت الورقة الأولى التي فيها عنوان الكتاب، غير أن المفهرس سماه (المدخل في علم تفسير القرآن)، ولعله اعتمد في هذه التسمية على ما ورد في مقدمة المؤلف: (وجعلته مدخلاً لعلم تفسير كتاب الله تعالى ومعانيه).
وقد صدر هذا الكتاب عن دار القلم بدمشق سنة 1408هـ، بتحقيق الأخ الشيخ صفوان عدنان داودي، باسم (المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى).
http://www.tafsir.net/images/madkhal.jpg
والظاهر أن الاسم مأخوذٌ من المقدمة، ولكن الأخ المحقق أعرض كل الإعراض، في مقدمته الطويلة التي جاءت في 48 صفحة، عن قضية عنوان الكتاب، كأنه أمر مسلم لا نزاع فيه، وكأن الكتاب كان مشهوراً بهذا الاسم بين العلماء والباحثين.
وجدير بالذكر بهذا الصدد أن في دار الكتب المصرية نسخة مصورة من كتاب (المنتخب من تحفة الولد للإمام المفسر أحمد بن محمد الحدادي)، وصاحبه أبو محمد علي بن القاسم البامياني، وذكر في فهرس دار الكتب (3/ 114) أنه (في علم الوجوه والنظائر الواردة في القرآن الكريم، مرتب على 127 باباً).
وإنني أرجح أن المراد من (تحفة الولد) كتاب (المدخل) هذا، فإن الحدادي صرح في مقدمته بذلك قائلاً: (صنفت كتابي هذا تحفة مني لولدي محمد ... ). وفي آخر الكتاب أبواب من الوجوه والنظائر، فلعل البامياني اختار هذه الأبواب في المنتخب.
والأمر الذي يثير التساؤل هو اسم الكتاب (تحفة الولد. أهذا هو الاسم الذي سماه به مؤلفه، أم استخرجه البامياني من مقدمة المؤلف، كما فعل مفهرس مكتبة تشستربيتي، ومحقق الكتاب؟
وقد ذكر أبو النصر الحدادي في مقدمة كتابه هذا (ص51) كتاباً آخر له صنفه قبل هذا الكتاب، وسَمَّاه (الموضح لعلم القرآن). ومن هنا ذكره محقق المدخل في ترجمة الحدادي، ثم بشرنا بوجود نسخة منه عنده، وعزمه على نشره، ولكن الغريب أنه لما نشره عام 1408هـ خالف المؤلف في تسمية كتابه، وسماه (الموضح في التفسير)! ولا ندري ما الذي حمله على ذلك؟ ومرةً أخرى، لم يتناول قضية العنوان في مقدمته، كأنه أمر تأباه صناعة التحقيق.
أما مخطوطة الموضح فأشار إليها المحقق في مقدمته (ص20) بأنها (في مكتبة تشستربيتي ضمن مجموع)، كما ذكر من قبل عن نسخة كتاب المدخل في مقدمته (ص45) أنها (مخطوطة في مكتبة تشستربيتي في إيرلندا) واكتفى بذلك، فلم يذكر هنا ولا هناك رقم هذه ولا تلك. مع أن الكتابين جزء من مجموع واحد، وهو المجموع الذي أشرتُ إليه من قبل، وكان يحسن بالأخ المحقق أن يصرح بذلك في مقدمة الكتابين.
وليس من غرضي هنا نقد عمل المحقق في إخراج الكتابين، إلا أنني أحب أن أؤكد حاجة الباحثين إلى نشرة جديدة أمينة لكتاب (المدخل) روعيت فيها قواعد النشر المتفق عليها، ليصح الاعتماد عليها في الدراسة والبحث.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الأمر الذي قصدت إليه بهذه الكلمة فهو التنبيه على أن الرسالة التي نشرها الشيخ الداودي باسم (الموضح في التفسير) ليست بكتاب الموضح، وقد غُمَّ عليه أمرها، مع أن خاتمتها تكشف عن حقيقتها.
وبيان ذلك أن الأوراق (229 - 244) من المجموع المذكور تتضمن رسالتين لمؤلف مجهول، وكلتاهما خالية، مثل معظم كتب المجموع، من ورقة العنوان، ولكنهما تامتان، وآخرهما يدل على محتواهما. فورد في آخر الرسالة الثانية، وهي في ثلاث ورقات (242/أ-244/ب): (تمت الأشعار الشواهد من الطريقة الرضوية).
http://www.tafsir.net/images/radaweeh.jpg
والعبارة واضحة، فهي تفيد أن صاحب الرسالة جمع فيها الشواهد الشعرية التي وردت في كتاب (الطريقة الرضوية)، وهو كتاب معروف، في الخلاف، من تأليف الإمام رضي الدين أبي الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي النيسابوري الحنفي (524 - 617هـ) وهو في ثلاث مجلدات، كما قال صاحب كشف الظنون (1113).
وهكذا جاء في آخر الرسالة الأولى: (تمت الأشعار الشواهد في التفسير الموضح الحدادي (كذا)).
http://www.tafsir.net/images/makhtoot.jpg
وهذه الخاتمة – كما ترى – مثل خاتمة الرسالة السابقة، فكما جرد المؤلف في تلك شواهد الطريقة الرضوية ذات المجلدات الثلاث في ثلاث ورقات، جرد في هذه شواهد كتاب الموضح في ثلاث عشرة ورقة.
وجرى المؤلف في الرسالتين على سنن واحد:
فهما خاليتان من المقدمة، ولا يشير المؤلف إلى أبواب الطريقة الرضوية أو فصولها ومباحثها في الرسالة الثانية، ولا إلى السور والآيات في الرسالة الأولى، وإنما يلتقط المسألة النحوية أو التفسير اللغوي الذي استشهد عليه المؤلف، ثم يسوق الشاهد.
وإليكم بداية الرسالة الثانية:
(التقديم والتأخير جائز في كلام العرب. قال الشاعر:
إِنِّي إذا ما كَلْبُ قومٍ فَغَرا * أَلقمتُ فاه فا تَّقاني الحَجَرا
أي: ألقمت فاه حجراً.
أراد بالكسب المكسوب، قال الشاعر:
إذا كانت الأموالُ اكتسابَ مَعشر* فمالي من كسبٍ سوى المجدِ والفخرِ).
[كذا في المخطوط، ولعل الصواب في صدر البيت: كسب معاشرٍ]
فلا يعرف من هذا السياق المبحث الذي أورد فيه مؤلف الطريقة الشاهدين.
أما الرسالة الأولى فبدايتها هكذا:
(ذلك بمعنى هذا، قال القائل:
أقول له والرمح يأطر متنه* تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا
أي: هذا.
- الواحد يذكر، ويراد به الجماعة، قال تعالى: ?والملك على أرجائها? أي الملائكة. قال الشاعر:
فقلنا أسلموا إنا أخوكم* فقد برئت من الإحن الصدور
ولم يقل: إخوانكم.
الغشاوة وهي الغطاء، قال الشاعر:
صحبتك إذ عيني عليها غشاوة *فلما انجلت قطعت نفسي أذيمها).
ولما كانت هذه الرسالة تتعلق بكتاب في تفسير القرآن، كان سهلاً على القارئ معرفة الآيات والسور التي وردت في تفسيرها هذه الشواهد.
فظاهرٌ من العبارة التي نقلناها أن أول شاهد من الشعر ورد في كتاب الموضح للحدادي هو في تفسير الآية الثانية من سورة البقرة ?ذلك الكتاب لا ريب فيه?. والشاهدان الثاني والثالث في تفسير قوله تعالى: ?ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة? فالسمع واحد أريد به الجمع عند المؤلف.
وهذه الرسالة هي التي وقعت في يد الشيخ داوودي، فزاد فيها من عنده أسماء السور، وزاد الآيات، من غير أن ينبه على ما فعل، ثم سماها (الموضح في التفسير) ونسبها إلى الحدادي!
ومما يلاحظ أن المحقق لما أخبرنا في مقدمة كتاب (المدخل) بأنه يملك نسخة من الموضح قال (ص26): (هو عندي مخطوط في 32 ورقة) بينما هو في 13 ورقة فقط! فهل كان يعني عدد أوراق نسخته التي نسخها هو من الأصل؟
إنني أعتقد أن كتاب (الموضح لعلم القرآن) كان كتاباً كبيراً في التفسير، واستظهرت ذلك من كلام المؤلف في مقدمة (المدخل). وهو قوله: (إني لما فرغت من تصنيف كتاب الموضح لعلم القرآن صنفت كتابي هذا ... وجعلته مدخلاً لعلم تفسير كتاب الله تعالى ومعانيه، وتنبيهاً على ما غمض من طرقه ومبانيه، ورداً على الملحدين الطاعنين في كتاب الله، لقصور علمهم عن افتنان لطائف لغة العرب وفصاحتها ومذاهبها ... ).
أما هذا التعليق الذي توهمه الناشر كتاب الموضح فلا يصدق عليه لفظ التصنيف بأي وجه من الوجوه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم الكتاب الذي جعله المؤلف مدخلاً لعلم التفسير جاءت نسخته في أكثر من مائة وعشرين ورقة، فهل يكون تفسيره في ثلاث عشرة ورقة فحسب؟
وقد زعم الأخ المحقق أنه كتاب مختصر في غريب القرآن، وهيهات أن يكون كذلك، فهل يعقل أن يقدم عالم من العلماء على تصنيف كتاب مختصر في غريب القرآن – مهما بالغ في اختصاره المخل – فيقتصر في سورة الواقعة مثلاً على تفسير ?فسلام لك? فيقول:
(أي سلامة. والسلام والسلامة واحد. قال الشاعر:
نحيي بالسلامة أم بكر* وهل لك بعد رهطك من سلام).
ثم يغفل تفسير الألفاظ الآتية من السورة نفسها:
رجت الأرض - بست الجبال - هباء منبثاً - المشأمة – ثلة – موضونة – سدر مخضود – طلح منضود – عرباً – يحموم – شرب الهيم – تفكهون – تورون – المقوين – مدهنون – تجعلون رزقكم أنكم تكذبون – روح وريحان.
ألم تكن هذه الألفاظ كلها أولى بالتفسير من لفظة ?سلام?؟
وهكذا أيرى المؤلف قراء كتابه بحاجة إلى شرح كلمة (عَجَل) في قوله تعالى في سورة الأنبياء 37 ?خلق الإنسان من عجل? ويعتقد أنهم في غنى عن شرح ?أضغاث أحلام? و ?قصمنا? و ?كانتا رتقاً ففتقناهما? و ?نفشت? و ?ينسلون? و ?حصب جهنم?و ?حسيس? وغيرها من مفردات السورة؟
أفقراء كتاب الحدادي في القرن الرابع كانوا أعلم من قراء كتب أبي عبيدة واليزيدي وابن قتيبة الذين تجشموا تفسير الألفاظ المذكورة، في القرنين الثاني والثالث؟
ثم هناك سور كثيرة لم يفسر شيء من مفرداتها في هذه الرسالة. نحو الفاتحة، والمؤمنون، والنمل، ولقمان، والأحزاب، وفاطر، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، والقتال، والفتح، والحجرات، والذاريات، والطور وغيرها. فهل وجدهنَّ المؤلفُ خلواً من الغريب (حسب اصطلاح القوم)؟
وأخيراً نرى الحدادي يحيل في كتابه (المدخل) على كتاب الموضح الذي صنفه من قبل، فقال في باب (ما جاء عن أهل التفسير ولا يوجد له أصل عند النحويين ولا في اللغة):
(في قوله تعالى: ?عيناً تسمى سلسبيلا? .. عن علي بن أبي طالب في معناها: سل إلى ربك سبيلاً. فأول ما قرع سمعي هذه المقالة كنت أبدي عجباً، وقلت: ليس هذا من قيل علي رضي الله عنه مع فصاحته وفضله. وأين خبر (تسمى)؟ وذكرت في كتابي الموضح هذا القول، وقلت: ليس هذا من علي رضي الله عنه، حتى وجدته في بعض كتب المتقدمين أن هذا من قيل علي رضي الله عنه، فسلمت، وعددته من جملة ما ورد عن أهل التفسير مما لا أصل له في اللغة). [المدخل 107].
وهذا الموضع الوحيد الذي أحال فيه الحدادي على كتاب الموضح، وكان على الأخ المحقق أن يرجع إلى الرسالة التي زعمها نسخةً من كتاب الموضح، وهي عنده، ثم يشير في الحاشية إلى الموضع الذي ورد فيه هذا النص، ولكنه لم يفعل. ولو رجع إلى تلك الرسالة لم يجد فيها النص المذكور، ولخالجه شك فيما زعم، ولكنه مضى كمضي القائل:
فَمَضيتُ، ثُمَّتَ قُلتُ: لا يَعنيني!
وخلو الرسالة من النص المشار إليه يؤيد ما سبق من أنها ليست بكتاب (الموضح في علم القرآن) للحدادي، وإنما هي تجريد للشواهد الشعرية الواردة فيه، قام به عالم مجهول، وقد صرح بذلك في خاتمة الرسالة كما سبق، والله أعلم بالصواب).
انتهى ما كتبه الدكتور محمد أجمل الإصلاحي وفقه الله في مقالته الماتعة. وقد انتفعت بها أولاً في تصحيح ما ذكرته في بحثي عن هذا الكتاب، وأحببت تعميم الفائدة للجميع بنشر هذه المقالة مرة أخرى على صفحات الملتقى، مع وضع الصور الموضحة. وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Feb 2006, 11:43 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبد الله,
وحسبنا الله ونعم الوكيل, ورحم الله الحدادي, وعَوَّضه فيما كتب خيراً.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Feb 2006, 10:04 م]ـ
شكر الله لك أبا عبد الله هذه الفائدة، ولعلك تتعهد الملتقى ببحوث الشيخ محمد أجمل الإصلاحي إن كان عنده بحوث في التفسير وعلوم القرآن.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هذه رسالة ماتعة جدا وفيها من القضايا التي تحوج الى توجيه سؤال للدكتور الداوودي لعله يتحف السادة القراء بما عنده لاسيما وهذه الرسالة اعتراض على عمله فهل من يوصل هذه الرسالة اليه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 03:01 م]ـ
هذه المقالة قد نشرت قبل خمسة عشر عاماً في جريدة المدينة، والشيخ صفوان داوودي قد قرأها في ذلك الوقت، وعرف الصواب، ولكن الكتاب قد نشر، ولعله في طبعة قادمة يصوب ذلك إن شاء الله. هذا ما حدثني به الدكتور محمد أجمل الإصلاحي بنفسه، وقد قابله وناقشه حينها في الأمر. وذكر لي بأن المحقق الأستاذ صفوان داوودي طالب علم جيد، وله عناية بالتتلمذ على أيدي العلماء الشناقطة في المدينة المنورة، وتأثره ظاهر بهم في حواشي تحقيقه لكتاب المفردات للراغب الأصفهاني، فكثيراً ما ينقل ضوابط علمية في أبيات مفردة لبعض الشناقطة. ولكن قراءة المخطوطات، وفن إخراجها ليس من الأمور التي اشتغل بها ومهر، ولذلك وقع فيما وقع فيه جزاه الله خيراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2006, 01:44 م]ـ
أحببت لفت انتباه الباحثين إلى الالتفات إلى مخطوطات كتاب المدخل للحدادي مرة أخرى، وإن أمكن إعادة نشره مرة أخرى على نسخ خطية موثوقة فهذا أدعى للوثوق به.
وقد أشار إلى هذا الدكتور محمد الإصلاحي بقوله: (أحب أن أؤكد حاجة الباحثين إلى نشرة جديدة أمينة لكتاب (المدخل) روعيت فيها قواعد النشر المتفق عليها، ليصح الاعتماد عليها في الدراسة والبحث)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Dec 2007, 08:11 م]ـ
صدرت مقالات وبحوث الدكتور محمد أجمل الإصلاحي مؤخراً عن دار الغرب الإسلامي هذا العام 1428هـ.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6477138e6d0318.jpg
ومن الطريف أن المؤلف قد أشار في مقدمته للمقالات إلى أن ما دار بيني وبينه من حوار حول كتاب الموضح للحدادي هذا، كان دافعاً له إلى نشر مقالاته مجموعة في كتاب حتى يسهل الاطلاع عليها لمن لم يطلع على المجلات والصحف التي نشرت فيها.
وأنا أنصح بالاطلاع على هذه البحوث والمقالات لنفاستها وما فيها من الفوائد والتحقيقات العلمية.
في 16/ 12/1428هـ
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[26 Dec 2007, 02:41 ص]ـ
سبحان الله
كنت اقتنيت هذا الكتاب في الماضي ثم ضاع مني لسبب لا أذكره.
شيخنا الفاضل عبد الرحمن ... لقد رجوت دوما ان تكون لي نسخة من كتاب الحدادي المدخل في تفسير كتاب الله ... فهل هذا الكتاب مطبوع ... وأرجو المعذرة فقد قرأت الموضوع بشيء من العجلة ... ولعلي أعود اليه ...
كما احب ان اعرف رايكم عن تحقيق الاخ عدنان الداودي لمفردات الراغب.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Dec 2007, 08:50 ص]ـ
نعم أخي العزيز: كتاب المدخل مطبوع كما هو مبين أعلاه، وهو متوافر في المكتبات في السعودية وخارجها لأنه من مشنورات دار القلم بسوريا ومطبوعاتها منتشرة في العالم العربي بسهولة وفي المغرب توجد كذلك، ورأيت الدكتور فاروق حمادة وفقه الله ينشر كتبه مؤخراً لديها وهو من أساتذة الجامعات المغربية المعروفين.
وأما تحقيق الأستاذ صفوات داوودي لمفردات الراغب فهو أجود التحقيقات الموجودة، وليس عندي غيره، وأستفيد منه دوماً، ولم أتحقق من جودة التحقيق بموازنته بالمخطوطات فهذا شأن له أهله ولستُ منهم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[27 Dec 2007, 02:43 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
فائدة نفيسة، وتصحيح مجوَّد.
نفع الله بالجميع خيراً
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[31 Dec 2007, 10:33 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالله،،
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[10 Jul 2010, 07:42 م]ـ
يرى بعض الباحثين أن (المدخل في علم تفسير القرآن) للحدادي أقدم كتاب في علم أصول التفسير، و هذا غير صحيح، فليس الكتاب في أصول التفسير، وإنما هو نظرات وقواعد نحوية وبلاغية في بعض آيات القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2010, 07:57 ص]ـ
حياك الله يا أبا سلمان، ومرحبا بك في هذا الموضوع الذي طواه الزمن عني فأضحى مزاره بعيداً على قربٍ، قريباً على بُعدِ كما يقول ابن الرومي.
أما الكتاب فليس من كتب اصول التفسير قطعاً كما تفضلتم، ومن عده كذلك فقد يكون غره عنوان الكتاب (المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى)، وإلا فحقيقته كما تفضلتم، وفيه تأثر بكتاب ابن قتيبة (تأويل مشكل القرآن) وتأثر كذلك بكتاب ابن فارس الرازي (الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها)، وليس فيه تحرير لأي مسألة مهمة من مسائل أصول التفسير، إلا عنايته باللغة التي تعتبر مصدراً مهماً من مصادر التفسير، ولكن قيمة الكتاب لقدم مؤلفه، وغزارة مادته اللغوية وشواهده الشعرية، فهو من المكثرين من إيراد الشواهد الشعرية.
ـ[السلامي]ــــــــ[14 Aug 2010, 02:47 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة وقد قابلت الاستاذ صفوان داوودي وأخبرني انه يشتغل بتحقيق بعض أجزاء التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة للسخاوي منذ فترة وأظنهم فرغوا من الكتاب .. وكان يعجبني في تحقيقة نقولاته عن بعض الشناقطة في حواشيه والله المستعان ....(/)
كلمات نفيسة لابن عطية توضح كيفية الاستفادة من الإسرائيليات؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 Feb 2006, 05:29 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
قال ابن عطية بعد ذكره لبعض القصص في قتل داود جالوت
" وقد أكثر الناس في قصص هذه الآية وذلك كله لين الأسانيد فلذلك انتقيت منه ما تنفك به الآية وتعلم به مناقل النازلة واختصرت سائر ذلك " المحرر الوجيز 1/ 337
فهذه الكلمة من هذا الإمام تدل دلالة صريحة على الاستفادة من الإسرائيليات في نطاق ما وأن النص الإسرائيلي ربما يحتوي على الغث والسمين فيورد المفسر النص وغرضه الاستفادة من جزئية منه، وهذا لا يعني إقراره لكل ما في النص. وأظن العبارة واضحة جدا لا تحتاج إلى تفصيل
وقد فصل الدكتور مساعد والأخ الفاضل أبو بيان حول هذا الموضوع وقررا نحوا من هذا فجزاهما الله خيرا، ولعل مريد المزيد يرجع إليهما، وقد آثرت نقل هذا النص هنا في موضوع مستقل حتى ينتبه له وإن كان جديرا ينقل في موضوع الإسرائيليات الذي كتباه
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=150&highlight=%C7%E1%C5%D3%D1%C7%C6%ED%E1%ED%C7%CA
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=143&highlight=%C7%E1%C5%D3%D1%C7%C6%ED%E1%ED%C7%CA
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اولسنا اليوم في امس الحاجة الى استقلال كياننا العلمي وبخاصة في التفسير عن هذه الاسرائيليات التي يكفينا ان يكون اسمها كذلك صارفا عنها
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[21 Feb 2006, 02:40 م]ـ
أستاذنا الفاضل / جمال
سعدت بمروركم على هذه المشاركة وأسأل الله أن ينفعنا بعلمكم
لكن من باب المطارحة العلمية للاستفادة منكم
هل يعني استقلال كياننا العلمي أن نقطع نسبتنا بالأوائل من العلماء الذين أسسوا هذه الفنون وأقاموا بناءها أم يكون استقلالنا أن نبدأ من حيث انتهوا
ثم إن هؤلاء العلماء قد حصل الواحد منهم من العلوم والفنون والمعرفة بكتاب الله وسنة رسوله ما لم يتسن لنا في العصور المتأخرة تحصيله أو مقاربته
لا يعني هذا تقديس العلماء ولا ادعاء عصمتهم لكننا في هذا العصر بحاجة أن نقرأ ونتفهم مناهجهم أكثر من حاجتنا أن نكتب ونتكلم فضلا عن أن نعترض عليهم ونتهمهم بالخطأ
ثم إن قولكم - رعاكم الله - " الإسرائيليات التي يكفينا أن يكون اسمها كذلك صارفا عنها "
لا أظنه يخفى عليكم ما فيه لذلك فأنا اتهم فهمي راجيا منكم توضيح مرادكم بهذه العبارة
فإن الشعور بالنفرة والاشمئزاز عند ذكر هذا المصطلح يجعل كل الإسرائيليات - بما فيها من غث وثمين - في طي النسيان وهو ما أظنه غير سديد
هذا ما عندي لقصور فهمي فأرجو أن لا تجد نفسك علي وأن تحاول إزالة اللبس عندي
وفقك الله وأعانك وسدد على الخير خطاك(/)
طلب من أعضاء هذا المنتدى
ـ[ماجد الجندبي]ــــــــ[17 Feb 2006, 12:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
لو سمحتم لدي طلب في موضوع وحبيت أحد يجيب عليه
وهو تقريرعن علوم القرآن الكريم بمعناه الأضافي
الرجاء الرد حالا أو غدا
وشكرا وجزاكم الله خيرا .......................................
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Feb 2006, 09:25 ص]ـ
علوم القرآن مركب إضافي، يتضح معناه ببيان معنى جزأيه، وهما "علوم" و "قرآن".
ف"علوم" جمع علم، والعلم في اللغة: مصدر بمعنى الفهم والمعرفة، يُقال علمت الشيء أعلمه علماً:عرفته) كما في لسان العرب. والعلم ضد الجهل.
وأما في الإصطلاح؛ فقد اختلفت في تعريفه عبارات العلماء باختلاف الإعتبارات.
فعلماء الشريعة يعرفونه بتعريف، وأهل الكلام يعرفونه بتعريف آخر،وله عند الفلاسفة والحكماء تعريف ثالث.
وليس شيء من تعريفات هؤلاء بمراد هنا؛ وإنما المراد: العلم في اصطلاح أهل التدوين، فهم يطلقونه على مجموعة مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة، كعلم التفسير، وعلم الفقه، وعلم الطب ..... ، وهكذا، وجمعه:علوم. فعلوم العربية: العلوم المتعلقة باللغة العربية، كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والشعر والخطابة وغيرها. هذا ما يتعلق بلفظ "علوم".
وأما لفظ " القرآن" فقد اختلفوا فيه، فقيل: إنه اسم غير مشتق، وقيل: إنه مشتق، والقائلون باشتقاقه اختلفوا أيضاً، فمنهم من قال: إنه مهموز مشتق من "قرأ"، ومنهم من قال: إنه غير مهموز مشتق من "القَري"، أو من "قرن" على خلاف بينهم ليس هذا محل تفصيله.
ولعل أرجح الأقوال وأقواها في معنى القرآن في اللغة: أنه مصدر مشتق مهموز من قرأ يقرأ قراءة وقرآناً، فهو مصدر من قول القائل: قرأت، كالغفران من "غفر الله لك"، والكفران من "كفرتك"، والفرقان من "فرّق الله بين الحق والباطل".
وأما تعريف القرآن في الإصطلاح فهو: كلام الله تعالى، المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، المتعبد بتلاوته
وأما تعريف " علوم القرآن" كمركب إضافي، فله معنيان:
أحدهما: لغوي يُفهم من هذا التركيب الإضافي بين "علوم" و "القرآن" وهو أنها العلوم والمعارف المتصلة بالقرآن الكريم، سواء كانت خادمة للقرآن بمسائلها أو أحكامها أو مفرداتها، أو أن القرآن دل على مسائلها، أو أرشد إلى أحكامها.
فالمعنى اللغوي لعلوم القرآن يشمل كل علم خدم القرآن، أو أُخذ من القرآن، كعلم التفسير، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم الفقه، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة وغير ذلك.
والثاني: اصطلاحي خاص بعلم مدون؛ ويُعرّف "علوم القرآن" عَلَماً على علم مدون بأنه: علم يضم أبحاثاً كليةً هامةً، تتصل بالقرآن العظيم من نواحٍ شتى، يمكن اعتبار كل منها علماً متميزاً.
وهذا التعريف _في نظري _ أجود تعريف لعلوم القرآن من بين التعاريف الأخرى التي ذكرها من عرف هذا العلم. والله الموفق والهادي إلى سواء سبيل.
من المراجع التي أفدت منها فيما ذكرته سابقاً:
1 - كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم للشيخ المحقق محمد محمد أبو شهبة.
2 - كتاب:دراسات في علوم القرآن للدكتور فهد الرومي.
3 - كتاب:القراءات وأثرها في التفسير والأحكام للشيخ محمد بن عمر بازمول.
4 - مذكرة علوم القرآن لطلاب الدراسات العليا بقسم القرآن وعلومه في كلية أصول الدين في الرياض للشيخ مناع القطان.
وغير ذلك من مراجع علوم القرآن المعروفة.
انظر: مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الأول: مقدمات) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=370&highlight=%CA%DA%D1%ED%DD+%DA%E1%E6%E3+%C7%E1%DE%D 1%C2%E4)(/)
الدراسة الدلالية السياقية
ـ[أم رحمة]ــــــــ[17 Feb 2006, 11:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أريد أن أشكركم على هذا المنتدى المفيد فمع أن هذا أول مشاركة لي معكم فإني أقرأ ما تقولونه دواما. فجزاكم الله جميعا بكل خير وحسنة ... آمين.
عندي سؤال أيها الإخوة والأخوات عن فوائد الدراسات الدلالية السياقية للقرآن. فلو أخذنا موضوعا قرآنيا مثل موضوع الهداية والضلال وأردنا دراسة الموضوع دراسة دلالية سياقية فماذا سيفيدنا هذا النوع من الدراسة وما المتوقع الحصول عليه بشكل عام؟
وهل يمكنكم إرشادي إلى المزيد من المعلومات عن هذا النوع من الدراسة أو إلى دراسات قد جريت سابقا على هذا المنهج.
أرجو المساعدة العاجلة منكم وشكرا لكم على حسن استماعكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[روضة]ــــــــ[18 Feb 2006, 01:21 ص]ـ
الأخت أم رحمة حفظها الله،
ما ذكرتِه من جمع الآيات المتحدثة عن موضوع معين، هو ما يسمى بـ (التفسير الموضوعي)، وهو طريقة من طرق التفسير التي يتبعها المفسرون، فهناك التفسير التحليلي، والتفسير الإجمالي، والتفسير المقارن، بالإضافة إلى التفسير الموضوعي.
وقد عرّفه د. عبد الستار فتح الله سعيد، في كتابه (المدخل إلى التفسير الموضوعي)، فقال: "هو علم يبحث في قضايا القرآن الكريم المتحدة معنى أو غاية، عن طريق جمع آياتها المتفرقة والنظر فيها، على هيئة مخصوصة، بشروط مخصوصة، لبيان معناها، واستخراج عناصرها، وربطها برباط جامع".
فالباحث يجمع الآيات المتحدثة عن الهداية والضلال مثلاُ، وينظر فيها مجتمعة، ويربط بينها، فيشكل منها موضوعاً متكاملاً، ولهذا النوع من التفسير منهج خاص للبحث، يتمثل في خطوات يجب على الباحث اتباعها، ليصل إلى نتيجة دقيقة، وبناء متكامل للموضوع بنظرة قرآنية شاملة.
من هذه الخطوات أن يفهم الآيات التي جمعها بخصوص موضوع ما فهماً جيداً، ليستطيع الاستفادة منها، ولن يستطيع فهمها بعيداً عن سياقها.
إذن معرفة دلالة السياق ضرورية للوقوف على المعنى الدقيق للآية، ومن ثَمَّ توظيفها في إعداد موضوع تام الجوانب من خلال باقي آيات القرآن الكريم المتحدثة عن الموضوع نفسه.
* أهمية التفسير الموضوعي: [بتصرف عن الكتاب السابق]
1. إبراز إعجاز القرآن الكريم، على وجه يلائم العصر، من خلال شموله لكل هذه الموضوعات المتكاثرة مع وجازة لفظه، ومن خلال إظهار كمال كل موضع فيه على حدة، فمع أن القرآن الكريم نزل منجماً إلا أننا حين نجمع (نجوم الموضوع) معاً نجدها في غاية التوافق والتناسق.
2. الوفاء بحاجات هذا العصر إلى الدين: فالتفسير الموضوعي يقدم للبشرية بشكل عام حلولاً للمشكلات النفسية والاجتماعية والمعضلات الأخلاقية والاقتصادية، فهذا يتحقق بدراسات علمية جادة لموضوعات القرآن الكريم.
3. تأصيل الدراسات القرآنية والعلمية: إن جمع الآيات الكريمة جمعاً موضوعياً، وتفسيرها على هذا النمط، مع إحصاء الألفاظ، واستقصاء المعاني وتتبع تعدد الدلالات القرآنية في مواضعها وموضوعاتها، هذا اللون حين تنضج مباحثه، سيكون له أعظم الأثر في إبراز علوم قرآنية جديدة، ودفعها نحو التأصيل والاكتمال بإذن الله تعالى.
4. تصحيح مسار الدراسات القائمة: للتفسير الموضوعي مهمة بالغة في تصحيح الدراسات الدينية والعربية القائمة فعلاً، وإصلاح مسارها، وضبطها على معايير قرآنية جامعة.
* من الأمثلة على كتب ألفت في التفسير الموضوعي:
- الصبر في القرآن، د. يوسف القرضاوي.
- اليهود في القرآن الكريم، د. محمد عزة دروزة.
********
هل أجبت عن سؤالِك؟ أم أني لم أفهمه؟
ـ[أم رحمة]ــــــــ[18 Feb 2006, 07:22 ص]ـ
الأخت الباحثة،
أشكر لك على ردك فقد أفدتيني كثيرا والحمد لله فأسأل الله أن يجزيك جزيل الثواب ويرفع درجتك عنده - آمين.
فالآن لم يبق عندي أسئلة أخرى عن الموضوع ولكن سأنظر إلى الكتاب الذي ذكرتيه وأرجو أن تجيبي على أسئلة أخرى إذا ظهرت.
فبارك الله فيك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[روضة]ــــــــ[18 Feb 2006, 10:18 ص]ـ
الأخت الفاضلة أم رحمة،
هذا من فضل الله، فله الحمد وحده، وأسأل الله لك ولجميع أهل هذا الملتقى التوفيق والثبات.
وسأبذل جهدي للإجابة على أي سؤال يخطر لك، فلا تترددي، حفظك الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Feb 2006, 08:04 م]ـ
شكراً للباحثة الكريمة روضة على مبادرتها للجواب المسدد. وأرغب في إضافة أخرى وهي أن هناك الآن فوق العناية بالتفسير الموضوعي الذي أشارت إليه الأخت باحثة ما يسمى بالدراسات السياقية التأصيلية والتطبيقية للقرآن الكريم. ومن الدراسات التي كتبت في هذا:
- رسالة ماجستير بعنوان (دلالة السياق في تفسير ابن جرير). وقد عنيت بتأصيل هذا الجانب عند الطبري.
- رسالة دكتوراه للأخ العزيز محمد بن عبدالله الربيعة بعنوان (السياق وأثره في التفسير) كدراسة تأصيلية مع التطبيق على تفسير سورة البقرة تفسيراً سياقياً يعنى ببيان دلالة السياق وأثره في التفسير. وقد حدثني بوصوله لنتائج رائعة في بحثه، ولعله إن شاء الله يتكرم بالتعقيب على هذا الموضوع إن شاء الله.
وللموضوع ذيول وتفصيلات لعلنا نعود إليها إن شاء الله، بارك الله فيكم جميعاً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك رسالة دكتوراة قدمها الاخ مثنى عبد الفتاح حول الدلالة السياقية في تفسير الطبري في جامعة اليرموك في العام المنصرم
ـ[أم رحمة]ــــــــ[21 Feb 2006, 02:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أعتذر للأخت الباحثة على سوء الطباعة وسأحرص على عدم تكرار الخطأ في المستقبل إن شاء الله!
وأشكر الأخ عبدالرحمن الشهري والأخ د. جمال أبو حسان على المعلموات ولكن كيف الحصول على هذه الرسائل؟ هل هي لديكم لأن نحملها؟
وهل يعرف أحد إذا قد جري دراسة على دلالة السياق في الآيات المتشابهات (أي المتماثلات لفظا) أم لا؟ فأنا أفكر في البحث في هذا الموضوع لرسالة الماجستير. وإن بُحث فهل عندكم اقتراحات لدراسة لغوية حول هذه الآيات؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2006, 11:30 م]ـ
بالنسبة للرسائل التي أشرت إليها فهي محفوظة في مكتبات الجامعة، ولم تطبع بعد. والحصول عليها يحتاج إلى جهد.
وأما دراسة الآيات المتشابهات، فهناك دراسة حولها أشرت إليها هنا.
صدرحديثاً (المبنى والمعنى في الآيات المتشابهات في القرآن الكريم) لـ د. عبدالمجيد ياسين ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4629)
وربما لا تكون دراسة سياقية مختصة، لكنها ليست بعيدة عن الموضوع.
وقد اطلعت على رسالة جيدة، في تأصيل دلالة السياق عند أهل اللغة وأهل التفسير بعنوان:
دلالة السياق
إعداد
د. ردة الله بن ردة بن ضيف الله الطلحي
وقد صدرت عام 1424هـ، ضمن سلسلة الرسائل العلمية الموصى بطبعها في جامعة أم القرى. وقد خصص الفصل الأول من الباب الأول لدراسة السياق في التراث العربي عند اللغويين، والبلاغيين، والمفسرين، والأصوليين. وهي دراسة تأصيلية جيدة في هذا الموضوع.(/)
حكم المداومة على قرأة القرآن فى بداية الإجتماعات و الأفراح وما شابه
ـ[أبو حفص السكندري]ــــــــ[17 Feb 2006, 04:29 م]ـ
حكم المداومة على قراءة القرآن فى بداية الاجتماعات
والمناسبات المختلفة كالأفراح و غيرها
بسم الله والحمد لله الذى لا إله سواه والصلاة والسلام على مصطفاه و مجتباه محمد و على آله و صحبه والتابعين المهديين الهداة ... ثم أما بعد اخوتى فى الله
اعتاد المسلمون فى مشارق الأرض و مغاربها أن يفتتحوا اجتماعاتهم و مناسباتهم الرسمية وغير الرسمية بقراءة القرآن الكريم تبركا به، درج على ذلك العامة والخاصة وأهل الديانة والتقوى وحتى غيرهم من أهل الغفلة والعياذ بالله، الكل يفعل ذلك تبركا بالقرآن، حتى نحن أهل المنهج السلفي نداوم على ذلك فى أفراحنا التى نقيمها فى المساجد وقد اعتدنا هذا حتى أنه لو بدء أحدنا فرحه من غير قراءة القرآن لأنكر عليه الحاضرون أو بعضهم و تهجنوا فعله.
وهذا فيه من الخير ما فيه فهو يعكس صورة من صور تمسك الناس بكتاب الله وارتباطهم به.
إلا أنه لا يخفى عليكم أن فعل ذلك بهذه الرتابة والمداومة عليه يفتقر إلى دليل شرعى ينص على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدء مجالسه بقراءة القرآن.
ولابد لنا من دليل فهذه و لاشك عبادة و القاعدة عند العلماء والتى نعرفها جميعا أن العبادات توقيفية لا تشرع إلا بدليل من الكتاب أومن السنة و ما لم يشرع فهو بدعة مردودة على صاحبها كائنا من كان قال الله تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
وقد طرحت هذه المسألة فى (ملتقى أهل الحديث) فجاءتني الردود من مشايخنا و إخواننا الأفاضل تحتوى على أقوال لكبار علماء الأمة فى هذه المسألة تؤكد ما قررت أنفا.
فجاء رد الشيخ الفاضل أبا خالد وليد بن إدريس السلمي حفظه الله قال:
حدثني شيخنا العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله أن هيئة كبار العلماء بالمملكة في بداية تأسيسها كانت تفتتح اجتماعاتها بتلاوة القرآن الكريم على حسب العادة المتعارف عليها وكان الشيخ عبد الرزاق يرى بدعية ذلك وأشار عليهم بتركه فوافقوه ومنعوا هذه العادة.
وجاء الرد من أحد الاخوة بما نصه: سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله
هل يجوز افتتاح الحفلات والندوات والمحاضرات بالقران الكريم؟
الجواب: لا أعلم في هذا سنة عن رسول الله صلى الله عليه سلم، أما اتخاذ افتتاح الندوات المحاضرات بآيات من القران الكريم دائما كأنها سنة مشروعة فهذا لا ينبغي. البدع والمحدثات ص 540.
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله:
ومن المحدثات التي لم تكن في هدي من مضى من صالح سلف هذه الأمة التزام افتتاح المؤتمرات والاجتماعات والمجالس والمحاضرات والندوات بآيات من القرآن الكريم،ولا أعلم
حدوث هذه في تاريخ المسلمين إلا بعد عام 1342 هـ. تصحيح الدعاء ص 98.
هذا ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويرزقنا العزيمة على الرشد وهو المستعان وعليه التكلان
وكل خير فى اتباع من سلف ****** وكل شر فى ابتداع من خلف
كتبه: أبوحفص أحمد بن عبد السلام
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[18 Feb 2006, 03:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد،
و إنه لجميل ما ذكرت، و قد أحسن من انتهي إلي ما سمع
و لكن هو فيما يبدوا أنك في البداية كنت مترددا بعض الشيء في وضع ضوابط لهذه المسألة، حتى أخبرك الإخوة الأفاضل بفتاوى علمائنا الكرام، بارك الله في الجميع، وإن كنا لا نختلف على أن المسألة موضع اجتهاد و تفصيل و تحتاج إلى بحث دقيق يلتزمه أهل العلم و التحقيق:
و لذلك أعرض عليك بعض النقاط الهامة:
1) أن مسألة التبديع لا تعتمد فقط عن كون غياب النص، ولكن لابد من تحقيق المناط، و النظر في العلل
لاسيما بأوجه الأقيسة و النظر و الإستدلال.
2) و في هذا الصدد لابد من النظر هل مسألة الإجتماع تختلف من حالة إلى أخرى أم لا؟؟
فهل هناك فرق بين إجتماع الناس (قبل صلاة الجمعة، أو أجتماعهم عند أهل الميت)، و إجتماعهم على (حفل زواج، أو على أمر مباح)؟؟؟، و المعني بذلك يتضح بقول الشاطبي في الإعتصام (الإبتداع: هل يدخل في الأمور العادية أم يختص بالأمور العبادية) و كذلك قوله فرق بين البدع و المصالح المرسلة و الإستحسان
3) في الأفراح التي تقام في المساجد على سبيل المثال، فإن أغلبها تكون مليئة بالكلمات الوعظية و النصائح من المشايخ الأفاضل، فهي أشبه بحلق العلم أو الخطب العامة، بل تتخذ فرصة لنصح ذي الغفلة من العوام،
ثم إنه أليس كلام الملك، ملك الكلام، و قوله صلى الله عليه و سلم (فإن خير الحديث كتاب الله) و كان أحيانا يصدر خطبته كلها صلى الله عليه و سلم بقراءة سورة (قّ) فهل سنعتبر قراءة القرآن في هذه المواضع على سبيل (بلغوا عني و لو أية)، أي من باب هداية الخلق و استرقاق قلوبهم، و صرف هموم الدنيا عن شواغلهم، و إصلاحهم مع الله تبارك و تعالى، أم المسألة على سبيل التزيين الأعمي أو المجرد أو أنها عادة مثلا أم هي على سبيل التبرك، فالمسألة تختلف.
4) وقد ذكر ابن تيمية كما في الفتاوي الكبرى في كتاب الذكر و الدعاء في مسألة (الرجل ينكر علي من يجهر بالذكر) فقال رحمه الله " كان الصحابة رضي الله عنهم يجتمعون أحيانا يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون"
و "خرج صلى الله عليه و سلم على الصحابة من أهل الصفة و فيهم قارئ يقرأ فجلس معهم يستمع"
فأنا لا أجزم القول في المسألة "سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا " و لكن هذا من قبيل النقاش و البحث العلمي الجميل و المفيد وايضا كان هذا من هدي السلف الصالح في مذاكرتهم للمسائل.
وفقك الله لكل خير، و بارك الله في الإسكندرية عروس البحر الأبيض السلفي التي جمعتنا على أرضها.
أخوك أبوالهيثم
abulhaitham@gmail.com
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[18 Feb 2006, 09:19 م]ـ
لا يقال فيه بدعة إلا إذا قيل بالوجوب، و إلا فلا.
و أليس ذكر الله مستحب في كل الأحوال؟
و أليس القرآن الكريم من أجلّ الذكر؟
و إنما يصان عن مجالس و مجامع اللهو، " فمن حرمته ألا يقرأ في الأسواق و لا في مواطن اللغط و اللغو و مجمع السفهاء، ألا ترى أن الله تعالى ذكر عباد الرحمن و أأثنى عليهم بأنهم إذا مروا باللغو مروا كراما، فكيف إذا مرّ بالقرآن الكريم تلاوة بين ظهراني أهل اللغو و مجمع السفهاء "، ذكره الإمام القرطبي في (باب ما يلزم قارئ القرآن و حامله من تعظيم القرآن و حرمته) من تفسيره " الجامع لأحكام القرآن ".
* و هل الأصل في تلاوة القرآن الكريم: الاستحباب، أم الإباحة، أم الحظر حتى يأتي الدليل المغيّر؟
و في جواب هذا جواب المسألة المعروضة
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:32 ص]ـ
أخي الفاضل
من أين جئت بقولك " لا يقال فيه بدعة إلا إذا قيل بالوجوب، و إلا فلا "
ثم إن المسألة المطروحة الأن للمناقشة ليست عن التلاوة بشكل عام ولكن عن مواضعها
وإنما أذكر ذلك حتى لا نخرج عن حيثيات المسألة موضوع البحث ألا و هي "هل يجوز افتتاح الحفلات والندوات والمحاضرات بتلاوة القرآن على وجه الإعتياد، و كأن التلاوة على الوجوب أو الإستحباب أم لا؟؟؟
إذا المقصود في البحث: هل هو واجب أم مستحب أم مشروع أم بدعة (أي افتتاح المجالس بتلاوة القرآن)؟؟؟ و ليس بالطبع هل تلاوة القرآن مستحبة أم لا؟
لماذا هذا المقصود؟؟؟؟
البدعة نوعان: بدعة أصلية (ليس لها دليل من شرعي) وبدعة إضافية (أي لها أصل مشروع و لكن تتخذ بطريقة غير مشروعة)
و مناقشتنا تدور حول النوع الثاني هل تدخل فيه أم لا؟؟؟
على سبيل المثال و التوضيح:
معلوم أن قراءة القرآن مستحبة (دون الفاتحة في الصلاة و فيها تفصيل)
و لما كانت مستحبة فهل يجوز قراءة القرآن في مواضع السجود أو الركوع؟؟
فإن قلنا لا
نقول فهل يجوز قراءة القرآن جهرا قبل الجمعة أو قبل صلاة العصرأو الفجر كما هو حادث في بعض مساجد الأوقاف في مصر
وهل يجوز في السرادقات؟؟
و كذلك هل يلزم إفتتاح كل إجتماع أو ندوة أو حفلة بالتلاوة أم لا؟؟
هذا موضوع البحث و المناقشة
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[19 Feb 2006, 04:56 م]ـ
أما عن سؤالك الأول: فأقرب ما يجاب عنه ما نقله - هنا - الأخ أبو حفص: (وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله:
ومن المحدثات التي لم تكن في هدي من مضى من صالح سلف هذه الأمة التزام افتتاح المؤتمرات والاجتماعات والمجالس والمحاضرات والندوات بآيات من القرآن الكريم،ولا أعلم
حدوث هذه في تاريخ المسلمين إلا بعد عام 1342 هـ. تصحيح الدعاء ص 98.).انتهى الاقتباس.
- فهو تكلم عن " الالتزام "، و قيّد القول بالبدعة - ضمنا و تلويحا، لا تصريحا - ب " التزام " (افتتاح المؤتمرات والاجتماعات والمجالس والمحاضرات والندوات بآيات من القرآن الكريم)،
- و أما عن سؤالك الثاني: فأقرب ما يجاب عنه ما نقلته - هنا - عن الإمام القرطبي: (" فمن حرمته ألا يقرأ في الأسواق و لا في مواطن اللغط و اللغو و مجمع السفهاء ... )،
فقيد الحرمة بقراءته في مواطن اللهو و اللغو،
و يفهم من القولين إطلاق إباحة ما عداهما و مشروعيته في غير ما ذكر.
و اعذرني في ذلك التبسيط في الرد، فمن المسلمات ما لا يحتاج إلى بسط الأدلة،
ذلك رأيي و فهمي
ـ[أبو حفص السكندري]ــــــــ[19 Feb 2006, 06:44 م]ـ
الأخ الكريم أبى الهيثم
أحب اولا أن أوضح أن الأمر كان مستقرا عندى من قبل أن أعرضه على أحد و ذلك لوضوحه و لكنى كنت أتحرد من الفتيا به لأننى لست أهلا لها أما و قد و جدت لى فيها سلف ـ و أى سلف ـ الشيخ عبد الرزاق عفيفي و الشيخ بن العثيمين و الشيخ بكر أبو زيد فقد زال ذلك الحرج وأصبحت ناقلا لا مفتيا.
و أما عن نقاش المسألة علميا فنقول بحمد الله و توفيقه:
أنت ذكرت أربع نقاط تحتج بها كما فهمت على إبطال دعوى التبديع و هذه الحجج الأربع على الإجمال:
1ـ فضل القرآن و أنه أحسن الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
2ـ ما نقلته من كلام شيخ الإسلام رحمه الله " كان الصحابة رضي الله عنهم يجتمعون أحيانا يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون"و "خرج صلى الله عليه و سلم على الصحابة من أهل الصفة و فيهم قارئ يقرأ فجلس معهم يستمع".
3ـ أن مسألة التبديع لا تعتمد فقط عن كون غياب النص ... إلخ
4ـ التفريق بين اجتماع الناس لأمور عادية و أمور عبادية.
و للرد عليها نحتكم أولا لتعريف البدعة كما عرفه الإمام الشاطبي رحمه الله و الذى أرتضيت أنت تأصيله عن البدع
قال رحمه الله (البدعة طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله تعالى)
فهى فى الدين
مخترعة
لها مثال شرعى تضاهى أو يحاول المبتدع أن يجد لها ذلك المثال
يتعبد بها لله
فهل هذه القيود التى ذكرت فى التعريف موجودة فيما حكمنا ببدعيته أم لا؟
الجواب عمليا (و نحن نتكلم عن المداومة)
أولا:هل كان يفتتح النبى صلى الله عليه وسلم و أصحابه كل مجلس ذى شأن بتلاوة القرآن
و مجلس ذى شأن كما هو مفهوم كمجالس عقود الزواج مثلا أو مجالس يبحث فيها أمر الأمة (كالمؤتمرات حاليا) أو إفتتاح لشىء مثلا ..
الجواب: لم يثبت ذلك و لم يرد.
إذا ففعل ذلك هو طريقة فى الدين مخترعة و إن كان له أصل فى تلاوتة القرآن عامة و مشروعيته و لكن كما تعلم لو إستدللنا بالنصوص العامة على مشروعية عبادات خاصة بهيئات و ترتيبات خاصة صار لكل مبتدع فى الدين دليل معتبر
فالذى يصلى على النبى خلف الأذان يستدل بقوله تعالى (صلوا عليه و سلموا تسليما)
و الذى يتمسح بالقبور يستدل بقوله تعالى (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون)
وفى موضوعنا هذا ـ إذا كنت من مصر ـ فأنت تعلم من يقرأ سورة الإخلاص بين ركعات التروايح و يستدل بأنها ثلث القرآن و أن قرأة القرآن مشروعة فى كل وقت و أنه أنزل من أجل الذكر و كل هذه العمومات
لذك فهذه البدع تدخل فى باب البدع الإضافية كما تفضلت و ذكرت أنت
فهى بدع من حيث إلتزام هيئة أو وقت أو عدد معين لم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم
ثانيا: هل قرأة القرآن فى بدايات الإجتماعات و المناسبات و المداومة على ذلك يقصد به التعبد لله أم لا؟
لو قال أحد لا يقصد به التعبد و إنما نحن نقرأ القرآن على سبيل العادة لكان مستهزئا بكتاب رب العالمين إذ أن القرآن لم ينزل إلا للتعبد به بتلاوته و تدبر أياته و العمل بما فيه و ليس لتكون تلاوته عادة بين الناس
ولا يمكن أن يتصور أن أحدا يقرأ القرآن على سبيل غير التعبد
إما للتعبد بمجرد التلاوة و إما للتعبد بتدبره و إما لتعلمه وحفظه و إما لتعليمه و إما للإسترقاء به و إما للتبرك به و كل هذه عبادات و لا توجد صورة لتلاوة القرآن على سبيل العادة فهذا عبث بالدين أن نجعل العبادات عادات
أرأيت رجلا يقول أنا أصلى على سبيل العادة
أو رجلا يطوف على سبيل العادة
غير متصور
إذا هذه التلاوة فى بداية مثل هذه الإجتماعات يقصد بها التعبد لله حتما
فهى تدخل فى التعريف السابق بلا ريب
فنحن أمام عمل لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم و يقصد به العبادة فما حكمه؟
و أما عن قولكم: فهل هناك فرق بين إجتماع الناس (قبل صلاة الجمعة، أو أجتماعهم عند أهل الميت)، و إجتماعهم على (حفل زواج، أو على أمر مباح)؟؟؟
فالعبرة ليس فى نية الإجتماع و الحكم لا يتعلق بها بل يتعلق بنوع الإجتماع هل كان هذا النوع من الإجتماعات يفتتح بالقرآن على الدوام أم لا؟
هذا هو ما يهمنا هنا.
و على هذا فلا فرق بين الإجتماع للعزاء و الإجتماع للفرح
فإن قلت أن الإول ليس عليه دليل بل هو من النياحة و أما الثانى فهو مباح
قلنا فالإجتماع لصلاة الجمعة ليس من المباح فقط بل من الواجب ومع ذلك لم يؤثر هذا فى حكم قرأة القرآن فيه
إذ أن العبرة بذات القرأة فى مثل هذا المجلس لا بمشروعية المجلس
فإن كان المجلس مشروعا نظرنا فى هيئته على عهد الرسول صلى الله عليه و سلم.
و إن كان المجلس فى الأصل غير مشروع فالأمر منتهى.
و أما ما ذكرتم من كلا شيخ الإسلام فلا يغيب عنكم أنه لا يستدل به هنا إذا أن الكلام على من ينكر على من يجهر بالذكر و نحن ننكر على من رتب الذكر على هيئة معينة لا على من جهر بالقرآن
أيضا سماع النبى صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه لا يشغب به علينا هنا لأننا نتحدث عن الرتابة و الإنتظام و المداومة وبدء المجالس به ذلك كله الذى حول القرآة من مباحة إلى بدعة إضافية
و أما عن قول الأخ الكريم أبى بكر " لا يقال فيه بدعة إلا إذا قيل بالوجوب، و إلا فلا "
فلا أعلم من أين أتى به و عن إحتجاجه عليه بقول الشيخ بكر أبو زيد: (ومن المحدثات التي لم تكن في هدي من مضى من صالح سلف هذه الأمة التزام افتتاح المؤتمرات والاجتماعات)
فكلمة الإلتزام هنا تعنى المداومة كما بينا لا الإلزام و هناك فرق واضح و أحسب أن هناك لبث حدث عند شيخنا الجليل بكر خليل
و أما عن الإستدلال بعموم فضل القرآن و قوله (و أليس ذكر الله مستحب في كل الأحوال؟
و أليس القرآن الكريم من أجلّ الذكر؟)
فالجواب عليه فى التفريق بين البدعة الأصلية و الإضافية
و جواب ذلك بإختصار:
إستحباب قرأة القرآن عمل بها النبى صلى الله عليه و سلم أم لم يعمل؟
الجواب: عمل بها بالتأكيد
فهل عمل بها على هذا النحو
الجواب: لا
إذا لا خير فيها و لو كانت خيرا لفعلها النبى صلى لله عليه و سلم و للو كانت خيرا لسبقونا إليه
و النبى صلى الله عليه و سلم يقول (ما تركت شيئا يقربكم من الله و يبعدكم عن النار إلا و أمرتكم به و ما تركت شيئا يبعدكم عن الله و يقربكم من النار إلا و نهيتكم عنه) (و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم) (و كل بدعة ضلالة) و لاحظ أخى أن ـ كل ـ هنا تفيد العموم فليس هناك بدعة حسنة أو بدعة مستثناة.
و بارك الله فيكما
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[20 Feb 2006, 02:09 ص]ـ
.................................................. .................. و أما عن قول الأخ الكريم أبى بكر " لا يقال فيه بدعة إلا إذا قيل بالوجوب، و إلا فلا "
فلا أعلم من أين أتى به و عن إحتجاجه عليه بقول الشيخ بكر أبو زيد: (ومن المحدثات التي لم تكن في هدي من مضى من صالح سلف هذه الأمة التزام افتتاح المؤتمرات والاجتماعات)
فكلمة الإلتزام هنا تعنى المداومة كما بينا لا الإلزام و هناك فرق واضح و أحسب أن هناك لبث حدث عند شيخنا الجليل بكر خليل
.................................................. ............
____________________________________________
لو تريثت قليلا أخي الكريم، و رجعت إلى أحد معاجم اللغة، لعلمت أنني لم يلتبس عليّ اللفظ، فقد جاء في " المعجم الوسيط " – الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة – ما يلي:
(التزم) الشئ أو الأمر: أوجبه على نفسه.
و عليه، فالالتزام: الإيجاب (الوجوب). أليس كذلك؟
- و عليه فقولك: (كلمة الإلتزام هنا تعنى المداومة كما بينا) غير صحيح. أليس كذلك؟
* بينما: الإلزام هو الذي يحتمل المعنيين، حسب ما جاء في المعجم المذكور:
(ألزم) الشئ: أثبته و أدامه. و – فلانا الشئ: أوجبه عليه.
(" الوسيط "، 2/ 856).
• و معذرة على كتابة الأرقام بهذا الشكل الإفرنجي، إذ لم تعد لوحة المفاتيح عندي تكتب إلا بذلك الشكل؟؟
و عليه، فكلام الشيخ بكر بن زيد عن البدعة فيمن " أوجبه "، إن كان قاصدا المعنى اللغوي الصحيح لكلمة الالتزام.
هذا من ناحية،
و من ناحية أخرى: فقولك: (و أحسب أن هناك لبث حدث عند ... ) فيه لبس، حيث خلطت بين اللبس و بين اللبث. أليس كذلك؟
و كلنا أو جلنا يقع منه ذلك، و جلَ من لا يسهو، سبحانه جلَ شأنه،
و لكن لا تسارع في تلمس الأخطاء لإخوانك إلا عن تبصر و تحقق.
* * * * * *
أما عن أصل مسألتك:
فأولا: ذكر الله تعالى مستحب في كل الأحوال، و على سبيل العموم، إلا ما خصه دليل بالنهي، لمفهوم قوله تعالى: {?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى? جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. [آل عمران: 191].
و الذكر هنا يشمل تلاوة القرآن، قال ابن جريج، قوله: {?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَـ?ماً وَقُعُوداً} ... الآية، قال: هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة، وقراءة القرآن.
1 - حكاه الإمام الطبري (ت 310) في كتابه " جامع البيان في تفسير القران "، قال:
(وقوله: {?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَـ?ماً وَقُعُوداً} من نعت «أولي الألباب»، و «الذين» في موضع خفض ردّاً على قوله: «لأولي الألباب».
ومعنى الآية: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذاكرين الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، يعني بذلك: قياماً في صلاتهم وقعوداً في تشهدهم وفي غير صلاتهم وعلى جنوبهم نياماً. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: {?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَـ?ماً وَقُعُوداً} ... الآية، قال: هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة، وقراءة القرآن).
2 - و جاء في " تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل"،للبيضاوي (ت 685 هـ):
{?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَـ?ماً وَقُعُوداً وَعَلَى? جُنُوبِهِمْ} أي يذكرونه دائماً على الحالات كلها قائمين وقاعدين ومضطجعين، وعنه عليه الصلاة والسلام " من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله ". وقيل معناه يصلون على الهيئات الثلاث حسب طاقتهم لقوله عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين: " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب تومىء إيماء ". فهو حجة للشافعي رضي الله عنه في أن المريض يصلي مضطجعاً على جنبه الأيمن مستقبلاً بمقاديم بدنه).
3 - و جاء في " تفسير مفاتيح الغيب، التفسير الكبير" للرازي (ت 606 هـ):
(و نقول في الآية مسائل:
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة الأولى: للمفسرين في هذه الآية قولان: الأول: أن يكون المراد منه كون الانسان دائم الذكر لربه، فإن الأحوال ليست إلا هذه الثلاثة، ثم لما وصفهم بكونهم ذاكرين فيها كان ذلك دليلا على كونهم مواظبين على الذكر غير فاترين عنه ألبتة.
والقول الثاني: أن المراد من الذكر الصلاة، والمعنى أنهم يصلون في حال القيام، فإن عجزوا ففي حال القعود، فإن عجزوا ففي حال الاضطجاع، والمعنى أنهم لا يتركون الصلاة في شيء من الأحوال،
والحمل على الأول أولى لأن الآيات الكثيرة ناطقة بفضيلة الذكر، وقال عليه الصلاة والسلام: " من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله ").
و ثانيا: حكم المداومة على أعمال الدين مندوب إليها شرعا، و في ذلك وردت الأحاديث، منها ما جاء في:
صَحِيحُ مُسْلِمٍ >> كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا >> بَابُ فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الدَّائِمِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهِ >>
عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ:
1354 وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي، حدثنا عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة، عن عائشة، أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير، وكان يحجره من الليل فيصلي فيه، فجعل الناس يصلون بصلاته، ويبسطه بالنهار، فثابوا ذات ليلة، فقال: " يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه، وإن قل ". وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه.
مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ >> مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ >> الْمُلْحَقُ الْمُسْتَدْرَكُ مِنْ مُسْنَدِ الْأَنْصَارِ >> حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا >>
أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: " أَدْوَمُهُ وَإِنْ قلَ
24870 حدثنا محمد بن جعفر، وبهز، قالا: حدثنا شعبة، قال بهز: أخبرني سعد بن إبراهيم، أنه سمع أبا سلمة، يحدث: عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: " أدومه وإن قل " قال بهز: " ما دووم عليه " وقال: " اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ".
مُسْتَخْرَجُ أَبِي عَوَانَةَ >> مُبْتَدَأُ كِتَابِ الصِّيَامِ >> بَابُ بَيَانِ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِهِ بِاللَّيْلِ >>
عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ:
2462 حدثنا علي بن عثمان، حدثنا بكر بن خلف، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن عبد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة،، عن عائشة أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير، فكان محتجره في الليل، فيصلي فيه، ويبسطه بالنهار، فجعل الناس يصلون بصلاته، فباتوا ذات ليلة فقال: " يا أيها الناس، عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل " فكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه.
مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ >> مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ >> الْمُلْحَقُ الْمُسْتَدْرَكُ مِنْ مُسْنَدِ الْأَنْصَارِ >> حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا >>
أَحَبَّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ:
23644 حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت امرأة تدخل عليها تذكر من اجتهادها قال: فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن أحب الدين إلى الله عز وجل ما دووم عليه، وإن قل ".
... و قد ترجم الإمام البخاري (باب أحب الدين إلى الله أدومه)، من كتاب الإيمان من " صحيحه "،
قال الإمام ابن حجر في " فتح الباري ": المراد بالدين هنا العمل.
_ فالمداومة على الأعمال الدينية مستحبة و مندوب إليها، بنص الحديث الصحيح،
و قد تقدم بيان استحباب الذكر في كل الأحوال - إلا ما خصَه الدليل - و كذا تقدم بيان أن قراءة القرآن داخلة فيه،
* فبان أن المداومة على تلاوة القرآن الكريم مندوب إليها في افتتاح المؤتمرات و الندوات و نحوهما، و الاستفتاح بذكر الله خير في كل أمر،
و المماري عليه الدليل
هذا و الله تعالى أعلم و أحكم
*************
هذا تفصيل ما ذكرته مجملا في ردي الأول، و كنت أحسبه كافيا، و أكتفي بهذا، و أعتذر عن الاسترسال في الجدال، إذ ليس لدي مزيد بيان.
و الله وليّ التوفيق
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[20 Feb 2006, 07:43 ص]ـ
أخي الحبيب الدكتور أبوبكر، لم اعتبرت هذا جدال، واعتذرت منه، سبحان الله، نحن نتناقش و نتذاكر المسألة،، وفي هذا خيرات و بركات و تثبيت للعلم ومراجعته، فلا حرج،، بل زد واعرض من أقولك والكل إن شاء مستفيد
ثانيا: جزى الله أخانا أبا حفص، على تفصيله و توضيحه
وإن كانت المسألة لم تنتهي و تحتاج وقت للبحث
بارك الله في الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حفص السكندري]ــــــــ[20 Feb 2006, 07:54 م]ـ
أخى الدكتور أبو بكر خليل
أولا: يؤسفنى أن بدا من كلامى تصيدا للأخطاء و أنا أعتذر عن ذلك
ثانيا:رغم ما ذكرت عن الإلتزام إلا أن القول بأن العمل لا يكون بدعة إلا إذا أوجب مازال قول غريب لا أعرف عليه دليلا و لا أعلم لك فيه سلف فأرجوا أن تذكر الدليل عليه.
ثالثا: مسألة الإستدلال بإستحباب المداومة على العمل لا يستدل به هنا يا رجل إذ أن العمل الذى يستحب المداومة عليه هو العمل المشروع و نحن لم نحدد بعد هل هذا العمل شرعه الله و علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟
رابعا: يؤسفنى جدا أن إعتبرت هذه المدارسة الرائقة جدالا و هى فى نظرى و كما قال الأخ الكريم أبى الهيثم فرصة لتثبيت العلم ومراجعته و الإستفادة
و يكفى مثلا إستفادتى منكم بتصحيح كتابة كلمة (لبس) ـ إبتسامة عريضة ـ
خامسا: عن الأدلة التى ذكرتها فى فضل القرآن أرجوا أولا أن تجيبنى عن هذا السؤال:
ماذا تقول فى قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات بصوت جماعى بعد كل أربع ركعات فى صلاة التراويح (و هى منتشرة عندنا فى مصر)؟
أو ماذا تقول فى صلاة المؤذن بعد الأذان معلنا ذلك فى الميكرفون؟
أدعوك للمدارسة و أرجوا أن لا تردنى.(/)
مخطوط (تفسير ينبوع الحياة)؟ أفيدونا مشكورين
ـ[سعودالعكوز]ــــــــ[18 Feb 2006, 02:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله
رواد ملتقى أهل التفسيرالأفاضل
أعضاء وزوارا
أريد أن اسأل عن مخطوط في التفسير سمعت أنه موجود في القصيم، و بدأ مجموعة من الطلبة في تبيضه أو تحقيقه ..
يحمل اسم: ينبوع الحياة ...
للأسف لم اضبط اسم المؤلف ..
كل ما أريده مزيد من المعلومات عنه وعن طريقته في التفسير ومن هو صاحبه ..
كل المعلومت، بدون أي اختصار ..
محبكم
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[12 Mar 2006, 12:42 ص]ـ
كتاب ينبوع الحياة لابن ظفر الصقلي رحمه الله كتاب جليل عظيم القدر كثير النفع وقد قام الدكتور صالح الفايز بدراسة منهج الكتاب في مرحلة الماجستير واحضر جميع نسخه الخطية المتفرقة في العالم وقد اشار به على عدد من الباحثين وفعلا تم ذلك فقد سجل الكتاب من الفاتحة حتى سورة الانعام وبقي من الكتاب قطعة كبيرة جداً إلا ان المتبقي لا يخلو من سقط ولو رجعت إلى رسالة الدكتور صالح لتبين لك الأمر فقد بين جميع ما في الكتاب من طمس أو سقط أو بياض
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[15 Mar 2006, 12:50 ص]ـ
استدراك
الذي سجل من الكتاب من سورة الناس حتى سورة الأنعام
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[22 Apr 2006, 10:33 م]ـ
بل سجل حتى نهاية سورة آل عمران(/)
علام يعود لفظ ذلك في الآية القرآنية {ومن يفعل ذلك يلق أثاماً}
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[19 Feb 2006, 03:29 م]ـ
علام يعود لفظ ذلك في الآية القرآنية {ومن يفعل ذلك يلق أثاماً}
ـ[مرهف]ــــــــ[19 Feb 2006, 04:57 م]ـ
يغود على جميع الأوصاف التي ذكرت في الآيات قبلها من قتل النفس بغير الحق والشرك والزنا، أي ومن يفعل هذه الكبائر يلق أثاماً والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 08:57 م]ـ
تتيميم لجواب أخي الكريم الأستاذ مرهف.
الضمير في قوله تعالى: {ذلك} يعود على الأفعال التي تقدم ذكرها والنهي عنها، وهي الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، والزنا.
قال الطبري: (قول تعالى ذكره: والذين لا يعبدون مع الله إلها آخر، فيشركون في عبادتهم إياه، ولكنهم يخلصون له العبادة ويفردونه بالطاعة (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) قتلها (إِلا بِالْحَقِّ) إما بكفر بالله بعد إسلامها، أو زنا بعد إحصانها، أو قتل نفس، فتقتل بها (وَلا يَزْنُونَ) فيأتون ما حرم الله عليهم إتيانه من الفروج (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) يقول: ومن يأت هذه الأفعال، فدعا مع الله إلها آخر، وقتل النفس التي حرّم الله بغير الحق، وزنى (يَلْقَ أَثَامًا) يقول: يلق من عقاب الله عقوبة ونكالا).
وقال ابن عاشور: (والإشارة بـ {ذلك} إلى ما ذكر من الكبائر على تأويله بالمذكور، كما تقدم في نظيره آنفاً. والمتبادر من الإشارة أنها إلى المجموع، أي من يفعل مجموع الثلاث. ويُعلم أن جزاء من يفعل بعضها ويترك بعضاً عدا الإشراك دون جزاء من يفعل جميعها، وأنَّ البعض أيضاً مراتب، وليس المراد من يفعل كل واحدة مما ذكر يلقَ آثاماً لأن لُقِيَّ الآثام بُيّن هنا بمضاعفة العذاب والخلودِ فيه).
ـ[طالب العلم1]ــــــــ[23 Feb 2006, 08:01 م]ـ
الجواب قاعدة أصولية هي: التقييد بعد الجمل الإخبارية المتعاقبة هل يعود إلى آخر مذكور أم يشمل الكل؟
وجمهور الأصوليين من الحنابلة والشافعية على عوده إلى الكل إلا إذا دل دليل أوقرينة على عوده إلى آخر مذكور
والكبائر المتعافبة من شرك بالله و قتل النفس وغيرها مما سبق الزنا كلها مستوجبة للإثم ومضاعفة العذاب , فكان ذلك دليلا على عود القيد للكل .... والله أعلم
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[13 Sep 2006, 11:47 ص]ـ
فيه عموميات في اللغة (وبعضها يختلف فيه) وفيه مأثور وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالكثير يقول بالعموميات التي يتصورها ولا يكون نظر في المأثور.
وهذا بعض المأثور:
في البخاري (14/ 419) (ترقيم الموسوعة)
بَاب قَوْلِهِ
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}
الْعُقُوبَةَ
4389 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ح قَالَ وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
سَأَلْتُ أَوْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}(/)
تطور البحث العلمي في العصر الحديث من خلال الرسائل الجامعية [الدراسات القرآنية نموذجاً]
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[20 Feb 2006, 09:16 ص]ـ
هذا هو ملخص بحثي وسأوافيكم بتمامه قريبا ان شاء الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
تطور البحث العلمي في العصر الحديث من خلال الرسائل الجامعية
(الدراسات القرآنية نموذجاً)
تقدم هذه الورقة تصورا واضحا للدور الذي تلعبه الرسائل الجامعية في قضايا البحث العلمي، حيث تتخذ من ميدان الدراسات القرآنية نموذجا للدراسة، فهي تبين بداية أهمية أبحاث هذا النوع والقيمة العلمية لها، والمكانة التي تتخذها أبحاث هذا النوع، كما تسلط الضوء على المعوقات التي تواجه البحث العلمي، وتكشف عن حجم العلاقة بين البحث العلمي وبين الرسائل الجامعية،
كما تقدم الورقة تفسيرا علميا واضحا لأسباب الضعف الذي أدى إلى تدني المستوى العلمي للرسائل التي تنتجها الجامعات، وتوضح أسباب هذه المحنة، ثم تبين كيفية التغلب عليها.
ويمثل القسم الثاني من الدراسة توضيحا عمليا للنسب التي تنتجها الجامعات من الرسائل العلمية ومدى مقاربة العناوين للمضامين، كما تعطي تصورا واضحا وترسم صورة إجمالية لهذا النتاج ضمن خريطة ترسم الخطوط العامة للجامعات، وتكشف عما إذا كانت الجامعات تسير وفق خطط مدروسة أم هي العشوائية التي أفضت إلى محنة في البحث العلمي، وتقدم الدراسة أخيرا مقترحات تعين في الخروج من أزمة البحث العلمي التي تنتج عن هذا الموروث بدلا من إثرائه.
جعلتها في المطالب الآتية:
1. الرسائل الجامعية وصلتها بالبحث العلمي (أهمية أبحاث هذا النوع والقيمة العلمية لها، والمكانة التي تتخذها أبحاث هذا النوع.
2. المعوقات التي تواجه البحث العلمي، وتكشف عن حجم العلاقة بين البحث العلمي وبين الرسائل الجامعية.
3. أسباب الضعف الذي أدى إلى تدني المستوى العلمي للرسائل التي تنتجها الجامعات.
4. توضيح عملي للنسب التي تنتجها الجامعات من الرسائل العلمية.
ومدى مقاربة العناوين للمضامين.
5. صورة إجمالية لهذا النتاج ضمن خريطة ترسم الخطوط العامة للجامعات.
6. مقترحات تعين في الخروج من أزمة البحث العلمي.
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[20 Feb 2006, 04:44 م]ـ
حيا الله الدكتور عبد الله الجيوسي
موضوعك رائع
وهكذا دوما تتحفنا بالجديد المفيد
نفع الله بك
ولا تنسانا من الدعاء(/)
لقاء د: مساعد بن سليمان الطيار على قناة المجد العلمية
ـ[سلسبيل]ــــــــ[20 Feb 2006, 07:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فهذه هي الحلقة القادمة من البرنامج العلمي التأصيلي: ((مبادئ العلوم)).
* ضيف البرنامج: هو الشيخ.د: مساعد بن سليمان الطيار،عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض (حفظه الله تعالى).
* موضوع الحلقه: ((مبادئ علم التفسير)).
* تاريخ البث: يوم الخميس: (24: 1: 1427).
* وقت البث: الساعة (30: 9) عشاء.
* تاريخ الإعادة ووقتها:
- يوم الجمعة التالي، الساعة: (30: 1) صباحاً.
- ويوم الإثنين: الذي يليه = الساعة: (00: 11) مساء.
ويسرنا أن نستقبل أسئلتكم ومشاركاتكم حول البرنامج من خلال الوسائل التالية ..
1 - منتدى البرنامج: ((منتدى مبادئ العلوم)) ...
2 - البريد الإلكتروني (الإيميل)، وسيتم من خلاله تلقى مشاركات الإنترنت.
وسيُعلن عنه قريباً، بإذن الله تعالى.
ومن باب المبادرة (وخير البر عاجله)، أضع لكم مؤقتاً إيميل مقدم البرنامج، ومعده، إلى أن يتم وضع إيميل خاص للبرنامج:
- MAG1395@hotmail.com
-alqasimabs@maktoob.com
3 - الهاتف الثابت: (2607555/ 01)، (2607672/ 01).
على أن يتم الاتصال في وقت التسجيل، بين الظهر والعصر من كل يوم أربعاء.
4 - فاكس البرنامج: (2607552/ 01)، (4633776/ 01).
داعين لكم بالتوفيق والتسديد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول من منتديات الصفوة (الأكاديمية الإسلامية المفتوحة)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 Feb 2006, 10:49 ص]ـ
أسأل الله ان يفتح عليه وينفع المسلمين بعلمه.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[22 Feb 2006, 03:41 م]ـ
تم تسجيل الحلقة الأولى من مبادئ (علم التفسير) مع فضيلة الشيخ د. مساعد الطيار حفظه الله.
وعرضت مع فضيلته أربعة مبادئ؛ التعريف، والاسم، والموضوع، ولا زلنا في الواضع والنشأة وأتممنا الحديث عن التفسير في العهد النبوي ... وسنكمل بقية المبادئ الحلقة القادمة، وأسعد بتواصلكم مع البرنامج من خلال هذه الصفحة التي يمكن أن تسطروا فيها ما تشاؤن عرضه على الشيخ من أسئلة واستفسارات.
وستأتيكم الحلقة في المواعيد التالية:
* تاريخ البث: يوم الخميس: (24: 1: 1427).
* وقت البث: الساعة (30: 9) عشاء.
* تاريخ الإعادة ووقتها:
- يوم الجمعة التالي، الساعة: (30: 1) صباحاً.
- ويوم الإثنين: الذي يليه = الساعة: (00: 11) مساء.
قد تتأخر الإعادة قليلا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2006, 03:49 م]ـ
الحمد لله رب العالمين.
وفقكم الله وسددكم، وهذه خطوة موفقة، تتبعها خطوات إن شاء الله.
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[23 Feb 2006, 09:45 م]ـ
كيف نصل إلى قناة المجد العلمية حفظكم الله ..
وهل هي المجد التي نعرفها عموما؟؟.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[23 Feb 2006, 11:22 م]ـ
ويرجى ذكر تاريخ الإعادة بالضبط فقد ذكر أن الإعادة قد تتأخر قليلا
ـ[معمر العمري]ــــــــ[25 Feb 2006, 07:05 ص]ـ
أشكر لكم مروركم.
وأما أوقات الإعادة فهي في الأيام المحددة أعلاه لكن أقصد قد يتأخر وقتها دقايق معدودة.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[25 Feb 2006, 09:49 م]ـ
كيف نصل إلى قناة المجد العلمية حفظكم الله ..
وهل هي المجد التي نعرفها عموما؟؟.
الجواب:
قناة المجد فيها عدة قنوات:
المجد الأساسية وهذه متاحة للجميع غير مشفرة
المجد العلمية والوثائقية وقناة القرآن الكريم وقناة الأطفال وهذه مشفرة حسب علمي(/)
تعليقات لغوية على مقتطفات علمية من أجوبة الدكتور غانم قدوري الحمد
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 Feb 2006, 01:20 م]ـ
كنت قد سمعت قديماً بالأستاذ الدكتور غانم عن طريق أحد الإخوة المتخرجين من قسم اللغات بجامعة الإمام محمد بن سعود، ولكني لم أطلع على شيء من أعماله حتى فاجأنا الإخوة في ملتقى أهل التفسير بثروة علمية وبحوث مؤصلة لهذا العالم، ورأيت في أجوبته بعض النقولات والفوائد التي لا أملك مراجعها وأصولها، وأردت التعليق على بعضها، لمجرد الفائدة وطرح الخواطر العلمية، على حسب ما يسنح به الخاطر وتجود به الذاكرة، بعيداً عن التعمق،ورغبة في التيسير والإفادة العامة.
************************************
أقول وبالله أستعين:: جميل أن نرى الإشارات اللطيفات من علماءنا الأوائل لبعض المباحث اللغوية التي لم تتنبه لها الدارسات الغربية إلا في عصور متأخرة. ومن هذه الإشارات كلام أبي شامة – الذي نقله الأستاذ الدكتور غانم وفقه الله – وفيه أنه قال "الواضح من ذلك يكون أن الله تعالى أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرؤوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلفهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك فتأخذه العزة، فجعلهم يقرؤون على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم مَنّاً منه – عزّ وجلّ – لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان" أ. هـ.
والشاهد هنا هو قوله " ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك فتأخذه العزة، فجعلهم يقرؤون على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم مَنّاً منه – عزّ وجلّ – لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان".
وهذا صحيح، ومسألة الحمية اللغوية – إن صح التعبير – ظاهرة لغوية أفردت لها الدراسات الغربية أبحاثاً كثيرة، ويسمى التخصص الذي يدرسها "علم اللغة الاجتماعي " ( sociolinguistics) ، والظاهرة المذكورة تتعلق بنوعين من التفاعل اللغوي الاجتماعي، وهو موجود في لهجات كل اللغات تقريباً، النوع الأول: الامتياز الظاهر ( overt prestige) والنوع الثاني: الامتياز الخفي ( covert prestige). ففي النوع الأول يقف المتحدث بلهجته الأصلية موقفاً يتمسك فيه بخصائص لهجته وتراكيبها، حتى ولو كان يعيش بين أصحاب لهجة غريبة عليه، مختلفة عنه، وهذه رسالة لا واعية للطرف "بأني أيها المستمع، صاحب اللهجة الأخرى، معتز بأصلي، مفتخر بلهجة قومي لا أحيد عنها! ". ويمكن ملاحظة أمارات هذه الحمية اللغوية والاعتداد باللهجة المحلية في قول أبي عمرو بن العلاء "ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم عربيتنا".
وأما في النوع الثاني – الامتياز الخفي – فالمتحدث بلهجة ما ينساق لمجاراة لهجة المستمع، وخاصة إذا كان يمثل الشريحة الاجتماعية الغالبة آنذاك، فيقوم المتحدث بتقمص خصائص اللهجة المقابلة ويتنازل عن بعض خصائص لهجته الأصلية. وهذه الأخيرة لا تعني الاستسلام والخضوع – وإن احتمله - بقدر ما تعني حصافة لغوية لكسب ألفة أصحاب اللهجة الأخرى، وفطنة لسانية يزيل بها الوحشة اللاواعية بينه وبين أصحاب ا للهجة المقابلة، ويتخلل هذه ظواهر لغوية متعددة، من الأمثلة عليها ظاهرة "الاستبدال"، كأن يستعمل الآتي من منطقة بني شهر (بجنوب المملكة) إلى مدينة الرياض كلمة "قطه هناك" بدلاً من "إزق به هناك " و "إزق به" في اللهجة الشهرية تعني "إرمه" أو "ألق به".
وبناء عليه يمكن أن نقرر فائدة وهي أنه نظراً لما يغلب على طبع الإنسان العربي في عهد التنزيل من الأنفة والحمية (الامتياز الظاهر)، وضعف قوة (الامتياز الخفي) لديه، كان من المناسب الترخيص في تعدد أوجه القراءات (لا القراءات) على أحرف مختلفة، استيعابا لأمرين:
1 - طبيعة وسحنة الإنسان العربي آنذاك (ولابن خلدون كلامٌ حسنٌ في هذا، وإن كان لا يوافق على بعضه).
2 - اختلاف اللهجات الموزعة في أرض الجزيرة العربية، الأمر الذي يقلل مشقة تعلم القرآن.
وللحديث بقية إن شاء الله.
ـ[الكشاف]ــــــــ[23 Feb 2006, 12:41 ص]ـ
ملاحظات قيمة أشكرك عليها.
ولم يتبين لي وجه الحمية اللغوية في قولكم: (ويمكن ملاحظة أمارات هذه الحمية اللغوية والاعتداد باللهجة المحلية في قول أبي عمرو بن العلاء "ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم عربيتنا").
فالذي أفهمه من قول أبي عمرو أن الصلة منقطعة بين اللغتين، والاختلاف كبير. فكيف نلحظ هذه الحمية اللغوية التي تفضلتم بالإشارة إليها. ودمتم موفقين.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 Feb 2006, 12:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا، وقد فهمت ما أردت، وكلامك صحيح وكذلك كلام عمرو، وكما ذكرت فالاختلاف بين اللغتين كبير ولكن الصلة ليست منقطعة تماماً، إذا لانقول لما ليس بينهما علاقة البتة أن الاختلاف بينهما كبير كما لا يخفى عليك، ولذلك فحمية عمرو نفت أي اتصال وأي اشتراك بين اللغتين، مع أنه بينهما نوع علاقة في الخصائص، بل سماها - أي لغة حمير - عمرو بن العلاء "عربية". والحمية اللغوية في عبارة عمرو السابقة لم تترك مجالاً للإلتقاء كما ترى. وهو فرق دقيق لطيف يظهر لك من تأمل عبارته. والله يرعاك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Mar 2006, 06:55 ص]ـ
شكراً جزيلاً يا أبا سعيد على هذه اللفتات العلمية الدقيقة الرائعة، وقد استفدت من إشارتك الثمينة إلى مسألة الحمية اللغوية، وكنت تنبهت يوماً تنبهاً عفوياً لها، لكنني لم أستحضر تسميتها بالحمية اللغوية، ولم أدر أنها تدرس دراسة علمية هكذا، وليتك تتكرم بدلالتي على مرجع أتوسع من خلاله في أمثلتها وأبعادها أحسن الله إليك. وليتك تواصل الوقوف مع أجوبة الأستاذ الدكتور غانم الحمد على هذا الوجه، ففي أجوبته نفائس علمية لم نتوقف عندها كما ينبغي بعدُ. وعبارة أبي عمرو بن العلاء مشهورة نحفظها من سنوات، ولم أتنبه لهذا الاستنباط إلا من هذه المشاركة، وقد اتضح لي وجه استنباطها بعد جوابك للأخ الكشاف بارك الله فيكما.
اللهم علمنا ما ينفعنا، واشكر سعي من علمنا حرفاً ننتفع به.
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[28 Mar 2006, 04:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك ادلة كثيرة من اقوال الصحابة وافعالهم تدل على الحمية اللغوية التي ذكرها الدكتور عبدالله متعنا الله به ونفعنا بعلمه وهو أمر تطرق إليه بعض من صنف في القراءات وتوجيهها
لكن يشكل كثيرا - على نظرية اختلاف القراءات لتعدد اللهجات - حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع هشام بن حكيم وأثر تكليف زيد بن ثابت لجمع المصحف وكتابته وهو كما هو معلوم أنصاري وليس بقرشي ومن ثمَّ شكلت معه لجنة علمية للتصحيح.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[30 Mar 2006, 07:53 ص]ـ
موضوع قيم، وموضوع الحمية اللغوية موضوع طريف، يستحق التتبع في كتب اللغة العربية عموماً، والمعاجم على وجه الخصوص. وليت الإخوة يدلوننا على مصادر توسعت في هذا الموضوع من كتب القراءات أو اللغة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 Mar 2006, 11:37 م]ـ
لا أملك إلا أن أشكر الله تعالى ثم الإخوة الفضلاء هنا على حسن ظنهم بي، ولم أر هذه الردود إلا الساعة نظرا لبعدي وانقطاعي بسبب كثرة العلائق أعانني على التخفف منها للوفاء بما أستطيع. وكان قد سئل الإمام أبي حنيفة بم يجمع الهم فقال بقطع العلائق، ونسأله تعالى ألا يجعل الدنيا أكبرهمنا.(/)
بحوث عن تفسير المحرر الوجيز لابن عطية
ـ[رحمة]ــــــــ[21 Feb 2006, 02:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أكرمكم الله وجزاكم خيرا ونفع بكم الامة
ماأهم البحوث التي كتبت عن تفسير المحرر الوجيز لابن عطية؟
هل يوجد بحوث عن المسائل الفقهية لتفسير ابن عطية؟
أرجو إفادتنا أكرمكم الله.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[22 Feb 2006, 12:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
كتبت رسالة نفيسة عن ابن عطية بعنوان ابن عطية ومنهجه في التفسير للدكتور محمود فايد وطبعت في مصر وهي من الرسائل العلمية الجادة وهناك رسالتا دكتوراة عرضت كلتاهما لابن عطية في ثنايا البحوث فيهما وهما تحت عنوان مدرسة الاندلس في التفسير للدكتور مصطفى المشني وقد طبعت بمكتبة الرسالة ببيروت والثانية اظنها بنفس العنوان ان لم تخني ذاكرتي وهي للدكتور زيد عمر ولا اعلم ان كانت طبعت ام لا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2006, 02:44 م]ـ
* يمكن الاطلاع على هذه الموضوعات عن تفسير المحرر الوجيز لابن عطية:
* نبذة يسيرة عن تفسير ابن عطية. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2342).
* سؤال عن المحرر الوجيز لابن عطية. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=858).(/)
من أحسن ما قيل في (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[21 Feb 2006, 06:19 م]ـ
من أحسن ما قيل فبها ..
ما نقله القرطبي عن أبي جعفر النحاس، قال: (فيقال: إن هذه كانت خطيئة داود عليه السلام؛ لأنه قال: لقد ظلمك من غير تثبت ببينة، ولا إقرار من الخصم؛ هل كان هذا أو لم يكن ...
فأما قول العلماء الذين لايُدفع قولهم؛ منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس، فإنهم قالوا: مازاد داود صلى الله على نبينا وعليه على أن قال للرجل: انزل لي عن امرأتك. قال أبو جعفر: فعاتبه الله عز وجل على ذلك ونبهه عليه، وليس بكبير من المعاصي، ومن تخطى إلى غير هذا فإنما يأتي بما لا يصح عن عالم، ويلحقه فيه إثم عظيم).
قال القرطبي: كذا قال في كتاب معاني القرآن. [الجامع15/ 115].(/)
ما الفرق بين القرآن والمصحف؟
ـ[ابو حيان.]ــــــــ[21 Feb 2006, 06:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أمابعد
يوجد تسأول عند بعض الناس مالفرق بين القران و المصحف ... ؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[21 Feb 2006, 07:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
القرآن هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بواسطة جبريل عليه السلام المتعبد بتلاوته والآيات التي نقرأها في الصلاة وفيما سواها
أما المصحف فهي الأوراق والمداد الذي تكتب به هذه الآيات وعليه
فالقرآن الكريم لا يمكن لكائن من كان أن يدنسه أو يحرفه فهو محفوظ بحفظ الله له
أما المصحف فقد تتعرض نسخة منه للإعتداء من قبل من ختم الله على قلوبهم وأعمى أفئدتهم
ـ[فاروق]ــــــــ[22 Feb 2006, 08:22 م]ـ
بسم الله ..
جزاك الله خيرا أخي سلسبيل على ردك على أخينا أبوحيا ن .. ولكن عندي ملاحظة بسيطة على توقيعك المذيل لمشاركتك: أتحب أن يهان رسول الله؟
كان الأحرى أن يقال على ما أظن: أتحب أن يساء إلى رسول الله؟
لأنه لن يستطيع بشر أن يهينه صلى الله عليه وسلم ..
[ line]
http://www.shm4net.net/pics/uploads/45fc3848f2.gif
http://www.shm4net.net/pics/uploads/5716111238.jpg
ملئ الفؤاد محبة وتلهفا
توقا و شوقا للحبيب المصطفى
إنا لتهفو للرسول قلوبنا
والقلب تتبعه الجوارح إن هفا
ليس الذي أبدى هواه مغاليا
كلا و من ذاب حبا مسرفا
إن المحب لمن يحب لتابع
فإذا رأى أثرا لمن يهوى اقتفى
مدت أيادينا لهدي محمد
وتلقفت ما جاء منه تلقفا
هو من نحب ومن أحب نحبه
صدقا وليس تنطعا وتكلفا
جئنا جميعا نستقي من ورده
ونرد عنا ما يكون مخالفا
ونورث الأجيال حب نبينا
من جاء فينا رحمة وتعطفا
حبيبي يا رسول الله
يا من ملأت الفؤاد حبا ..
يا رسول الله .. أنت الحبيب .. يا محمد
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[22 Feb 2006, 09:06 م]ـ
في لسان العرب:
(صحف) الصحيفة التي يكتب فيها والجمع صَحائفُ وصُحُفٌ وصُحْفٌ وفي التنزيل إن هذا لفي الصُّحُفِ الأُولى صُحُفِ إبراهيم وموسى يعني الكتب المنزلة عليهما صلوات اللّه على نبينا وعليهما قال سيبويه أَما صَحائِفُ فعلى بابه وصُحُفٌ داخل عليه لأَن فُعُلاً في مثل هذا قليل وإنما شبّهوه بقَلِيبٍ وقُلُبٍ وقَضِيبٍ وقُضُبٍ كأَنهم جمعوا صَحِيفاً حين علموا أَن الهاء ذاهبة شبهوها بحفرةٍ وحِفارٍ حين أَجْروها مُجْرى جُمْدٍ وجِماد قال الأَزهري الصُّحُفُ جمع الصحيفة من النوادر وهو أَن تَجْمع فَعِيلةً على فُعُل قال ومثله سَفينة وسُفُنٌ قال وكان قياسهما صَحائف وسفائِنَ وصَحِيفةُ الوجْه بَشَرَةُ جلده وقيل هي ما أَقبل عليك منه والجمع صَحِيفٌ وقوله إذا بَدا منْ وجْهِك الصَّحيفُ يجوز أَن يكون جمع صحيفة التي هي بشرة جلده ويجوز أَن يكون أَراد بالصحيف الصحيفة والصَّحيف وجْه الأَرض قال بل مَهْمَه مُنْجَرِد الصَّحيفِ وكلاهما على التشبيه بالصحيفة التي يكتب فيها والمُصْحَفُ والمِصْحَفُ الجامع للصُّحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْنِ كأَنه أُصْحِفَ والكسر والفتح فيه لغة قال أَبو عبيد تميم تكسرها وقيس تضمها ولم يذكر من يفتحها ولا أَنها تفتح إنما ذلك عن اللحياني عن الكسائي قال الأَزهري وإنما سمي المصحف مصحفاً لأَنه أُصحِف أَي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدفتين قال الفراء يقال مُصْحَفٌ ومِصْحَفٌ كما يقال مُطْرَفٌ ومِطْرَفٌ قال وقوله مُصْحف من أُصْحِفَ أَي جُمِعَتْ فيه الصحف وأُطْرِفَ جُعِلَ في طَرَفَيْه العَلَمان استثقلت العرب الضمة في حروف فكسرت الميم وأَصلها الضمّ فمن ضَمَّ جاء به على أَصله ومن كسره فلاستثقاله الضِمة وكذلك قالوا في المُغْزَل مِغْزَلا والأَصل مُغْزَلٌ من أُغْزِلَ أَي أُديرَ وفُتِلَ والمُخْدَعِ والمُجْسَدِ قال أَبو زيد تميم تقول المِغْزلُ والمِطْرفُ والمِصْحَفُ وقيس تقول المُطْرَفُ والمُغْزَلُ والمُصْحَفُ
وفي تاج العروس:
وقال الفَرَّاءُ: قد اسْتَثْقَلَتِ العربُ الضَّمَّةَ في حُروفٍ وكَسَرُوا ميمَها وأَصْلُها الضَّمُّ من ذلك: مِصْحَفٌ ومِخْدَعٌ ومِطْرَفٌ ومِجْسَدٌ لأَنَّها في المعنَي مَأْخُوذَةٌ من أُصْحِفَ بالضَّمِّ: أَيْ جُعلَتْ فيه الصُّحُفُ المكْتُوبةُ بين الدَّفَّتَيْن وجُمعَتْ فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Feb 2006, 12:53 ص]ـ
أرجو ان يكون ما أذكره في هذه المسألة فيه تفصيل لما اجمل في جواب بعض الأعضاء، وسأذكر نقولاً مطولة، ثم أعقب على ذلك:
1 ـ قال مالك: بَاب النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
قَالَ مَالِك وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
2 ـ قال البخاري: بَاب السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَافَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
3 ـ وفي ابواب صحيح مسلم: بَاب النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْمُصْحَفِ إِلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ إِذَا خِيفَ وُقُوعُهُ بِأَيْدِيهِمْ
قال مسلم: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
وقال: و حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
وقال مسلم: و حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
قَالَ أَيُّوبُ فَقَدْ نَالَهُ الْعَدُوُّ وَخَاصَمُوكُمْ بِهِ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَالثَّقَفِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ أَيُّوبَ ح و حَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ وَالثَّقَفِيِّ فَإِنِّي أَخَافُ وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَحَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
4 ـ قال أبو داود: بَاب فِي الْمُصْحَفِ يُسَافَرُ بِهِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
قَالَ مَالِكٌ أُرَاهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
5 ـ وقال ابن ماجة: بَاب النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ وَأَبُو عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
وهذه التبويبات ت كما ترى ـ اختلفت، فبعضها على لفظ القرآن كما ورد في الحديث، وغيرها على المصحف على انه هو المراد بالقرآن، وتفصيل ذلك ما يأتي:
إن القرآن من حيث هو كلام الله لا يتصور منع السفر به، لذا كان المراد بالقرآن في الحديث هو المصحف الذي يحتوي على القرآن، فيكون من عبَّر بالنهي عن السفر بالمصحف شرح معنى المراد بالنهي عن السفر بالقرآن.
لكن لا يعني هذا أنه لا يوجد فرقٌ مطلقًا، بل الفرق كما في مشاركة سلسبيل، ويمكن القول:
إن القرآن والمصحف قد يطلق أدهما على الاخر من باب التوسع في التعبير، لكن إذا اجتمعا افترقا، كان يقول قائل: كُتِبَ القرآن في المصحف، فالقرآن غير المصحف.
ومما يلاحظ في الفرق: ان المصحف يجمع على مصاحف، والقرآن لا يجمع؛ لأنه واحد لا تعدد فيه.
كما انك لا تكاد تجد عبارة (بيع القرآن)، وإنما تجد (بيع المصحف)؛ لأن القرآن لا يتصور بيعه، بخلاف المصحف الذي هو من عمل البشر.
والمختصر في هذا أن يقال: إن بين المصحف والقرآن فرقًا، لكن قد يطلق على المصحف القرآن؛ لأن المصحف هو محل لهذا المقروء، وهو القرآن، والله اعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد صفاء حقي]ــــــــ[23 Feb 2006, 04:16 ص]ـ
أجاد الإخوة الأعزاء وشكراً لما يقدمونه، والذي يظهر لي - والله أعلم- أن القرآن يطلق على كلام الله المقروء منه والمكتوب مهما كان مقداره، فإذا اكتمل القرآن مدوناً أومكتوباً أو مسجلاً سُمِّي مصحفاً. فيقال: المصحف، ويقال: المصحف المرتل .. وإلا يبقى قرآناً، فلا يقال لصحيفةٍ أو صحف فيها شيء من القرآن مصحفاً إذا تضمن بعض كلام الله إنه مصحف، وتقول إذا كان معك صحيفة مكتوب فيها سورة الفاتحة تقول: معي قرآن. وتقول:هذا قرآن، ولا تقول معي مصحف إلا إذا كان مكتوباً من الفاتحة إلى الناس.
ولهذا يقولون: القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته والموجود بين دفتي المصحف من الفاتحة إلى الناس ... وأعتقد أن هذا يظهر حين يتحدث العلماء في الرد على الضالين من القائلين بالزيادة والنقصان في كلام الله.والله أعلم
ـ[سلسبيل]ــــــــ[23 Feb 2006, 09:29 ص]ـ
جزى الله المشائخ الكرام على هذه الإجابات الشافيه الوافيه وبارك الله في علمهم
::::::::::::::::::::
ولكن عندي ملاحظة بسيطة على توقيعك المذيل لمشاركتك: أتحب أن يهان رسول الله؟
كان الأحرى أن يقال على ما أظن: أتحب أن يساء إلى رسول الله؟
لأنه لن يستطيع بشر أن يهينه صلى الله عليه وسلم ..
صدقت .. لا يستطيع بشر أن يهينه وكيف له ذلك وقد قال تعالى (ورفعنا لك ذكرك)
وسيتم تغيير التوقيع بإذن الله تعالى وجزاكم الله خيرا
ومما لفت نظري في ذلك أيضا عنوانا في أحد المواقع للدفاع عن الرسول الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم
وكان هذا العنوان بصيغة (أمة يشتم نبيها لا خير فيها) لم يعجبني العنوان لذا لم أقرأ الموضوع وربما كان محاضره أو ما شابه للدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام
فتعرض النبي عليه الصلاة والسلام لمحاولات لتشويه صورته في اذهاننا لا يجعل ذلك الأمر واقعا مفروضا علينا بمعنى أن النبي عليه الصلاة و السلام مقامه سامي ومكانته رفيعه ومهمما حاول هؤلاء أن يزعزعوا هذه المكانه فلن يتستطيعوا لأن الله هو من حفظ له هذه المكانه السامية وعليه فلا يتعامل مع تراهاتهم وسفاسفهم على أنها حقائق
والعبارة السابقة (امة يشتم نبيها،،،) فيها من السلبيات الشئ الكثير مما لايخفى على عاقل والأولى تجنب ذلك
أختكم:: سلسبيل
ـ[طالب العلم1]ــــــــ[23 Feb 2006, 08:19 م]ـ
الفرق بينهما
1 - القرآن كلام الله المسموع ولايسمى كلام الله مصحفا حتى يكتب
2 - المصحف هو الكتاب الورقي أو الجلدي الذي كتب فيه كلام الله
3 - وجود الفواصل التحزيبية والأشكال الجديدة والحركات والنقاط والمدود المتعلقة بالخط العربي وتطوره والتي ليست من القرآن وهي داخلة في المصحف
4 - حرمت لمس المصحف على الكافر عكس سماعه أو النطق به
5 - حرمة مس المصحف على المحدث حدثا أصغر دون القراءة
والخلاصة أن القرآن هو الكلام المسموع المتعبد بتلاوته المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بوساطة جبريل
أما المصحف فهو الكتاب الذي يحفظ كلام الله مكتوبا دون زيادة أونقصان(/)
(وَأَخَذَ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ ?لصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)
ـ[روضة]ــــــــ[21 Feb 2006, 08:42 م]ـ
قال تعالى:
(وَأَخَذَ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ ?لصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [هود:67].
وقال:
(وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَ?لَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [هود:94]
السؤال: لماذا في الآية الأولى: (أخذ)، وفي الثانية: (أخذت)؟
وجدت جواباً في ملاك التأويل، ولكنه لم يشفِ غليلي، قال:
"التأنيث على ضربين: حقيقي وغير حقيقي، فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالباً، إلا أن يقع فصل، نحو: قام اليوم هند، وكلما كثر الفصل حسن الحذف، ومن كلامهم: حضر القاضي اليوم امرأة، والإثبات مع الحقيقي أولى ما لم يكن جمعاً، وأما التأنيث غير الحقيقي، فالحذف فيه مع الفصل حسن، قال تعالى: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى)، وهو كثير، فإن كثر الفصل ازداد حسناً، ومنه: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة)، فالحذف والإثبات هنا جائزان، والحذف أحسن، فجاء الفعل في الآية الأولى على الأَوْلى، ثم ورد في قصة شعيب، وهي الثانية بإثبات علامة التأنيث على الوجه الثاني، جمعاً بين الوجهين؛ إذ الآيتان في سورة واحدة، وتقدمها الأولى على ما ينبغي، والله أعلم". أ. هـ.
هلا أرشدتموني إلى سبب آخر لمجيء الفعل على صورتين .. أظن أن هناك ما هو أعمق مما ذكره الشيخ ابن الزبير رحمه الله تعالى.
وبارك الله فيكم
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[22 Feb 2006, 11:26 ص]ـ
بارك الله فيك.
سؤال رائع؟ له منطقه ..
وقد لا أملك له جواباً، إلا أن التفكير في طبيعة ذنب كل من قوم صالح وقوم مدين، قد يشير إلى فارق ما، يرشدنا إلى الفرق بين أخذ و اخذت!!
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[09 Mar 2006, 03:37 ص]ـ
الأخت الكريمة روضة
السلام عليكم ورحمة الله
لعلّك تجدين في جواب الخطيب الإسكافي - رحمه الله - ما يشفي غليلك إن شاء الله ..
جاء في كتابه (غرّة التنزيل):
للسائل أن يسأل عن اختلاف الفعلين في اتصال علامة التأنيث بأحدهما وسقوطها من الآخر مع أن الفاعل في الموضعين شيء واحد وهو "الصيحة" مع أن الحاجز بين الفعل والفاعل في المكانين حاجز واحد وهو "الذين ظلموا".
الجواب عن هذا الموضع هو أن يُقال: إن الله تعالى أخبر عن العذاب الذي أهلك به قوم شعيب عليه السلام بثلاثة ألفاظ منها الرجفة في سورة الأعراف في قوله: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الآيتان: 90 - 92]، وذكر ذلك قبله في مكان آخر. ومنها الصيحة في سورة هود في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [الآيتان: 94 - 95]. ومنها الظلّة في سورة الشعراء في قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الآية: 189].
وفي التفسير أن هذه الثلاث جُمعت لهم لإهلاكهم واحدة بعد أخرى. لأن الرجفة بدأت بهم فانزعجوا لها عن الكن إلى البراح، فلما أصحروا نال منهم حرّ الشمس وظهرت لهم ظلّة تبادروا إليها، وهي سحابة سكنوا إلى روح تحت ظلّها، فجاءتهم الصيحة فهمدوا لها.
فلما اجتمعت ثلاث أشياء مؤنّثة الألفاظ في العبارة عن العذاب الذي أهلكوا به غلب التأنيث في هذا المكان على المكان الذي لم تتوال فيه هذه المؤنّثات، فلذلك جاء في قصة شعيب {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ}.
ـ[روضة]ــــــــ[09 Mar 2006, 07:02 ص]ـ
الأخ الفاضل لؤي،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
شكراً على اهتمامك، ما نقلته عن الخطيب الإسكافي رحمه الله جميل جداً ... ومقنع ..
جزاك الله خيراً كثيراً ...
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[10 Mar 2006, 03:44 م]ـ
وأبدى الشيخ السهيلي- رحمه الله- لحذف التاء في الآية الأولى، وإثباتها في الآية الثانية معنى حسنًا، فقال: (إنما حذفت منها؛ لأن الصيحة فيها بمعنى العذاب والخزي؛ إذ كانت منتظمة بقوله تعالى: (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) (هود/66)، فقوي التذكير، بخلاف قصة شعيب؛ فإنه لم يذكر فيها ذلك).(/)
" لا تكن كصاحب الحوت ": رحلة الخروج من بطن الحوت
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[22 Feb 2006, 06:09 م]ـ
نزلت اول اشارة الى الايجابية في القرآن الكريم مبكرا جدا في سورة القلم-ثاني ما انزل من القرآن الكريم (فأصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم. لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم) القلم 49.
صاحب الحوت؟ اصبر لحكم ربك؟.
القصة معروفة اليوم طبعاً – ولا شيء قط يمنع أن تكون معروفة حتى في مكة الجاهلية، وسط بيئة تجارية مزدحمة بديانات مختلفة وتشكل محطاً للقوافل الغادية والرائحة.
وعلينا ان نتذكر هنا ان ورقة ابن نوفل – ابن عم خديجة – الذي رأى في (اقرأ) .. الناموس كله، والذي اخبر الرسول أن قومه سيخرجونه – كما في حديث السيدة عائشة الذي رواه البخاري – كان على الأغلب لا يزال على قيد الحياة في هذه المرحلة المكية المبكرة مما يعني انه لا يزال على الساحة، كما فعل مع أول نزول الوحي بـ أقرأ، - فأذا كان الرسول قد أشكل عليه أمر (صاحب الحوت) – الذي يأمره الوحي إن لا يكون مثله في جزئية معينة – فأن ورقة الذي كان يقرأ من التوراة بالعبرانية – كما يشير البخاري بالذات كان ولا بد سيسعف محمداً بتفاصيل قصة صاحب الحوت: يونس ..
وبغض النظر عن التفاصيل المسهبة في القراءة التوراتية لقصة يونس – او يونان – فان عقل محمد وقلبه كان له ولا شك فهم خاص لمغزى القصة: فهم شخصي وحميم – فهم ينطلق من واقع تجربته النبوية التي يمر بها، ومن تفصيل دقيق فيها، ذاك الذي يجعل الوحي الإلهي يتنزل فيقول: ولا تكن كصاحب الحوت ..
فمحمد – كان في هذه المرحلة بالذات، ولا بد يعاني مما عاناه صاحب الحوت، يونس فنزلت عليه الآيات: اصبر … لا تكن كصاحب الحوت …
من هذا التفصيل المحوري الدقيق كان ولا بد فهم محمد لقصة يونس.
ومن هذه النقطة يبدء فهمنا لها.
* * *
الخروج من بطن الحوت
لا يقدم الخطاب القرآني صاحب الحوت، يونس، الا في اللحظات الأزمة، بعد خروجه من نينوى، - ولا يرد أي ذكر لما قبل الخروج في المواضع الثلاث التي تطرق لها الخطاب القرآني إلى قصة يونس وهي: الأنبياء (87 – 88) – الصافات (139 – 148)، والقلم (48 – 50) – وكل السور بالمناسبة مكية مثل كل الأمثلة القرآنية السابقة.
والتركيز على يونس بعد خروجه من نينوى له دلالات تتكشف بالتدريج عبر الغوص في القصة – والسياق العام الوارد عبر الخطاب القرآني لا يعارض شيئا من التفاصيل التوراتية لما قبل الخروج ..
وتركيز الخطاب القرآني ابتداء على الطرح (الشخصي) لمسالة صاحب الحوت يجعل من قصة يونس بأكملها ذات طابع مختلف ومرتبط بالشخصية النبوية مباشرة – بل ان هذا الارتباط الشخصي سيجعلها مهيمنة على نواحي كثيرة من فهمنا للخطاب القرآني – فقد مر الرسول بها – بقصة يونس وتجربته المماثلة ليونس، وبالأمر الإلهي الهائل (لا تكن كصاحب الحوت) – وهضم كل ذلك وتمثله – ثم انطلق بعد ان أضافت له هذه التجربة وهذا الفهم في تلقي الخطاب القرآني ولكن بروحية جديدة – روحية مختلفة عن روحية صاحب الحوت.
يقدم لنا الخطاب القرآني يونس – او يونان بن متي كما تسميه التوراة – في لحظة مواجهة صعبة مع الواقع والمجتمع ومفرداتهما – لكنها لحظة مواجهة تنتهي بالفرار من المواجهة. فقد أمر الله يونس بان يدعو قومه، وكانت تلك الدعوة هي تغيير المجتمع الوثني الذي عاش فيه يونس. وكان يونس وحيداً. وكان مجتمعه في نينوى عريق الجذور في حضارة ذات طبيعة مادية هي الحضارة الآشورية – وكانت نينوى وقراها نموذجا لكل مظالم الوثنية والجاهلية ومباذلها – كانت نموذجا للحضارة الطاغية التي ينسحق الإنسان تحت قواعدها دون رحمة او شفقة ..
أمام معابد نينوى الشاهقة، وتماثيلها الهائلة الحجم، وثيرانها المجنحة، لا بد أن يونس وقف مذهولا حائرا مرتبكا، وسؤال واحد يتردد في باله: ماذا بوسعه ان يفعل امام كل ذلك؟ ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ وإذا كان لا بد وإيصال الرسالة هل سيجدي الأمر شيئا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
سال يونس هذه الأسئلة – وكان كغيره من البشر معرضا لليأس والإحباط] ذلك إن الأنبياء أيضا بشر رغم إننا ننسى ذلك! [وخرج من نينوى فارا من الأجوبة على تساؤلاته اكثر مما كان هاربا من مواجهة الواقع. والجزء الذي ركز عليه الخطاب القرآني هو هذا الجزء بالذات: فالقران يصور يونس وهو في ذروة يأسه وإحباطه: ترك مجتمعه وهجره لا ليرسي قواعد مجتمع جديد كما سيفعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد – ولكن هجره ياسا، احباطا، هجره، وقد هجر معه قيم العمل والتغيير وحلم الأنبياء والدعاة عبر العصور – أي كما يهجر معظمنا معظم مجتمعاتهم ..
وركب يونس البحر – وهو يتصور انه ترك مجتمعه إلى غير رجعة. لكنه اصطدم بنفس القيم الجاهلية والخرافية التي هرب منها حيث كان يجب ان يحاربها. فالمجتمع الجاهلي ليس مدينة وأصنام وحكام مستبدون فحسب – بل هو مجموعة القيم التي تساهم في ذلك أو ترافقه أو تنتج عنه ..
وعندما هبت العاصفة في البحر – على السفينة التي تقل يونس كما تقل غيره – لجا الركاب إلى طريقتهم الخرافية الجاهلية في مواجهة العواصف وأزمات البحر – فقد كانت عقائد الخرافة والجهل التي تسيطر على عقولهم تصور لهم ان (إلها ما) من عشرات الإلهة التي كانوا يعتقدون بوجودها قد غضب على البحر والسفينة، بسبب وجود شخص معين غير مرغوب به على ظهر السفينة. والحل؟ الحل ببساطة يكمن في رمي هذا الشخص إلى البحر – وبهذه السهولة- من اجل استرضاء اله ما واستعطافه على بقية الموجودين في السفينة.
اما كيف يتم تحديد هذا الشخص غير المرغوب فيه فبكيفية التحديد تتجسد في لقطة واحدة سريعة كل القيم الجاهلية السائدة: القرعة هي التي تحدد هذا الشخص العاثر الحظ الذي عليه ان يكون ضحية لقيم الخرافة والتواكل والجهل. وهكذا وبدون ذنب وبناء على احكام اعتباطية تعتمد على محض الصدفة يقدم شخص برئ كأضحية لاله مجهول الهوية ومجهول سبب الغضب ..
وتكمن ذروة المفارقة في ان الاقتراع رسى على يونس باعتباره الشخص غير المرغوب به والذي سبب أزمة السفينة] والحقيقة ان نتيجة القرعة كانت صائبة بطريقة ما، فلو كان لتلك الآلهة وجود لاعتبرت يونس غير مرغوب به باعتباره يمثل خطرا مباشرا عليها – لكن ذلك لا علاقة له على الاطلاق بأزمة السفينة [المهم هنا ان يونس وجد نفسه محاصرا بكل المفاهيم والعادات والقيم المستندة على مجتمع الجهل والخرافة، محاصرا لا بالمعنى المجازي – بل بمعنى مباشر، بمعنى يتهدد حياته مباشرة هو الذي هرب من نينوى فرارا من مسؤولية المواجهة والتغيير فوجد نفسه في البحر – في المكان الذي تصوره آمنا من المسؤولية – محاصرا بالقيم التي هرب من مواجهتها – فأين المفر؟.
لا مفر هناك. انك ان لم تحارب، فانهم سيحاربونك في كل الأحوال.
وستكون مهزوما في كل الأحوال لانك لم تحارب أصلا. كانت هذه الرسالة الواضحة عبر الموقف لا لصاحب الحوت فحسب ولكن ربما لنبي اخر، مثل يونس، ربما مر بذلك الشعور الذي ساور يونس: الرغبة في الهروب - والخوف من المسؤولية – فنزل عليه الوحي: لا تكن كصاحب الحوت ..
والرسالة مفتوحة أيضا لنا أيضا: الهروب ليس حلا، انه جزء من المشكلة التي تتكرر في كل زمان ومكان عبر العصور والازمان ..
وواجه يونس المصير الذي سبق ان واجهه عشرات الضحايا، ضحايا الخرافة والجهل والاستبداد – فألتقمه الحوت كما جاء في نص الخطاب القرآني (وان يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فألتقمه الحوت وهو مليم) الصافات 139 - 142.
وفي بطن الحوت كان يونس وحيدا. بطن الظلمة وأحشاء الحوت الساخنة الملتهبة تلتصق به تضيق عليه وتتقلص – وهو في ذلك الحيز الضيق – هل نستطيع ان نتخيل شعوره؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كان يونس في أقاصي اليأس. أي أمل يمتلكه شخص التقمه الحوت – ولأي سبب من الأسباب لم يمت بعد؟ أي نور وهو في عمق الظلمة في قاعها في دركها الأسفل بين أمعاء الحوت وأنيابه – وفي صورة الأنياب المشرعة أمام يونس والأحشاء التي حبس بداخلها رأى أيضا نفس القيم التي هرب من مواجهتها وتغييرها: أي مكان آخر غير بطن الحوت يتجسد فيه قيم الغابة المتوحشة: الكبير يأكل الصغير. القوي يلتهم الضعيف أي مكان آخر غير بطن الحوت يتجسم فيه ذلك كله بطريقة مباشرة، بينما الحوت يلتهم سمكة متوسطة الحجم كانت قد فرغت للتو ربما من التهام سمكة اصغر منها. أي ظلم. وأي ظلم ان تكون هذه القيم وهذا المنطق سائدا على البشر أيضا، حيث يلتهم السمك الكبير السمك الصغير، ويلتهم القوي الضعيف.
وأي ظلم – ربما اكبر من هذا كله – أن يستسلم السردين البشري لحيتان الظلم والطغيان والخرافة والاستبداد دون ان يحاولوا تغيير هذا الواقع .. دون أن يقفوا بوجه الحوت ليصرخوا ليحتجوا. وأي ظلم بعد ذلك كله ان يهرب من المواجهة من هو أهل لها. أي ظلم هو اليأس أي ظلم هو الهروب.
وفي لحظات كهذه تراءى ليونس الظلم الحقيقي لهذا الوضع كله. ليس الجلاد ظالما فحسب. الضحية ظالمة أيضاً. ظالمة باستسلامها للجلاد ظالمة لنفسها ولقوافل الضحايا السابقين واللاحقين. ليست القرعة وأسلوبها ظالمين. الظلم أيضا في استسلام المقترعين لواقع الخرافة والصدفة المتحكمة. ليست قيم الجاهلية ظالمة وحدها: الظلم هو في استمرارها دون تغيير. دون تمرد. دون ثورة. الظلم هو اليأس الإحباط، الهروب. الظلم هو السلبية التي تشل الإرادة وتعطل الأعصاب.الظلم هو أسئلة كهذه: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟.
.. وبزغ النور.
من بطن الحوت: ذروة الياس ودرك الواقع المظلم حالك السواد، بزغ النور.
وكان الدعاء (لا اله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين)] الأنبياء 87 [الظالمين؟. هو من الظالمين!. هو الذي القي في البحر بعد قرعة ظالمة؟ لكن – معنى الظلم تغير بعد ان استقر في بطن الحوت – وشاهد اوجها مختلفا للظلم ..
(فلولا ان كان من المسبحين. للبث في بطنه إلى يوم تبعثون) (الصافات 143 - 144) ليس التسبيح هو مجرد قول باللسان كما تعودنا ان نتصور – بل هو رؤية كاملة تغيرت – فكرة جديدة نبتت .. وعي جديد لمعنى الظلم والمسؤولية تجاه ذلك. هذا الوعي والرؤية والفكرة هي التي أعطت ليونس فرصة جديدة ولولا ذلك للبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، بطن الياس والظلمة والسواد الحالك ..
لكن ذلك لم يكن يكفي: الوعي والرؤية النظرية المجردة لا يكفيان وحدهما. المهم هو الايمان الداخلي بإمكانية التغيير. الإيمان بجدوى العمل. المهم هو جذوة الأمل المشتعلة في الأعماق حتى ولو ببصيص شمعة في البداية ..
وفي العراء: تجسم الامل في شجرة نبتت امام يونس. (فنبذناه في العراء وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من يقطين) الصافات (145 - 146) في العراء المتخوم جدبا وقحطا كنفس الانسان اليائس، تنبت شجرة أمام يونس فجأة لتعطيه درسا يمحو الياس من أعماقه ويزهر نبتة الأمل في نفسه التي كانت قبل ذلك صحراء عارية.
انه اليقطين المثمر الذي انتصر على حوت الظلمة واليأس في نفس يونس. انه اليقطين الذي اثمر في عراء نفسية يونس في صحرائه في جروده العارية وأعطاه الإشارة- الإيحاء بان التغيير ممكن .. وان باستطاعة رجل واحد ان يفعل الكثير فقط إذا سمح لشجرة اليقطين ان تنبت في أعماقه: بالعمل والجهد المخلص.تسلح يونس بشجرة اليقطين الأمل والأيمان بجدوى العمل – (وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون) الصافات 147 – حيث صار بإمكانية رجل واحد الكثير .. انه يونس نفسه الذي ترك نينوى فارا من تحمل المسؤولية – لكنه يونس مختلف الان انه صاحب الحوت الذي مر بالتجربة وتجاوزها – انه يونس الذي أثمر في عرائه نبتة الأمل وشجرة الأيمان بالقدرة على التغيير. انه يونس الذي تغيرت رؤيته للعالم بعد ان دخل في بطن الحوت، وخرج منه شخصا اخر متحملا لمسؤولية الدعوة والتغيير والتحدي ..
ولولا ذلك للبث في بطنه إلى يوم يبعثون. بطن الياس والظلمة والنسيان.
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي لحظة من اللحظات الصعبة في بداية الدعوة ونزول الوحي مر بمحمد (عليه افضل الصلاة والسلام) ما مر بيونس – كانت قريش ذات سطوة وتجبر تشكل هما جاثما أمام دعوة محمد وكان تحالف المصالح الاقتصادية – العشائرية الذي يشكله الملأ القريشي لا يمكن ان يترك مجالا لدعوة محمد ان تقضي – ضمن ما تقضي عليه – على كل راس مال قريش التجاري: أصنام العرب المتجمعة في الكعبة .. والتي يريد محمد ان يلغيها دفعة واحدة والى الأبد ..
فضلا عن ذلك كان القانون العشائري العام في جزيرة العرب لا يسمح لفرد - أي فرد - بالخروج عن التقاليد والأعراف العشائرية مهما كانت. فالفرد – لا وجود له في العشيرة اصلا – فمادام الفرد لا يستطيع العيش منفردا في الصحراء مهما كانت قوته – فيجب ان ينضم إلى كيان يحميه ويضمن وجوده وبقائه. هو كيان يطلب بالمقابل الطاعة المطلقة – بل الجبر] على تعبير د. محمد عابد الجابري [المطلق من الأفراد الذين لا يتحقق وجودهم الا بهذا الكيان العشائري .. وقد شهدت الجزيرة أفرادا خرجوا عن طاعة العشيرة لسبب او لاخر لكنهم بالمقابل خسروا مكانتهم الاجتماعية وبالتالي أدوارا أرادوا ان يلعبوها: مثل الصعاليك او الشعراء المتمردين الذن انتهوا إلى ان يكونوا (في كل واد يهيمون) ..
واكثر من ذلك لم يكن العرب أهل كتاب وتراث ديني نبوي يجعلهم مؤهلين لقبول فكرة النبوة والرسالة بصورة عامة كما عند اليهود او غيرهم – فالعرب لم تعرف في تاريخها القريب للدعوة أنبياء ممكن ان يمهدوا الطريق لمحمد ورسالته النبوية .. رغم ان جذورا للدعوة الإبراهيمية التوحيدية كانت ولا بد لها بقية باقية بشكل او بأخر ..
كل ذلك كان أمام محمد والوحي يتنزل عليه. ان وجود أربعة أشخاص معه – واحد منهم صبي صغير والأخر شيخ كبير والثالث امرأة – لم يغير حقيقة انه وحده بطريقة او بأخرى. أمام المسؤولية الكبيرة الملقاة عليه كان يمكن ان يتردد عليه ذلك السؤال الذي ساور يونس قبله – وساور ربما كل الأنبياء والدعاة عبر العصور – ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟.
أمام قريش: ذلك التحالف العشائري المعقد القوي الممتزج بالمصالح الاقتصادية التجارية التي تشكل (كل) ما تستقتل قريش في الدفاع عنه – أمام ذلك كان يمكن ان يطرح السؤال: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ ..
وأمام الكعبة – وفيها 360 صنما يمثل كل منها رمزا عشائريا واقتصاديا يمتد بفروعه من شمال الجزيرة إلى جنوبها وبجذورها إلى عمق تاريخي بعيد وتمثل بمجموعها ارثا وثنيا ضخما هائل الحجم. وأمام تلك الأوثان كان يمكن لأشارة الاستفهام ان تبرز: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ ..
وأمام أعراف وتقاليد أهل مكة الظالمة: الربا الفاحش الذي ينتهي بان يتملك الدائن المدين (حرفيا) – والوأد الظالم للبنات – وتلك البيوع الظالمة العشوائية التي انخرط فيها أهل مكة .. وقف محمد ليتأمل: ماذا بوسع رجل واحد…؟.
ان محمدا – المكي العريق – كان اعرف من غيره بصعوبة مهمته – بل وباستحالتها لو نظرنا كما نظر الكثيرون وقتها – لذلك كان يمكن ان تساوره تلك التساؤلات – ويتمنى لو ان تلك المسؤولية لم تلق على كتفيه هو ..
بل انه – على فرضية انه في تلك المرحلة المبكرة جدا كان يعرف ان رسالته ستكون موجهة للعالم اجمع لا للعرب بالخصوص – فانه ولابد كان سيمتلئ رعبا من تلك المسؤولية: الروم؟ وفارس؟ هو الذي لا يزال وحيدا ولا يعرف كيف يمكن له ان يهزم ويغير قريشا – فإذا بمسئوليته تتعدى ذلك إلى الروم وفارس والعالم اجمع من بعدهما؟ ..
.. كان ذلك قولا ثقيلا فعلا. ولابد انه كبشر – كان يمكن لليأس ان يتملكه من قدرته على تغيير العالم: شخص أمي رغم كونه كريم النسب، في الأربعين دونما عقب من أولاد ذكور، فقير تقريبا الا من ما تملكه زوجته – وكانت تلك مؤهلات اقل من عادية في مجتمع مثل مجتمع مكة – فإذا بصاحب تلك المؤهلات الأقل من العادية يجد نفسه أمام مهمة ضخمة: التغيير. لا مجتمعه فحسب – على صعوبة تلك المهمة وحدها بل العالم اجمع وكان ذلك كثيرا جدا ذلك ان محمدا كان قبل كل شئ وبعد كل شئ أنسانا – مثلما كان يونس، إنسان يمكن لليأس ان يغزوه – يشله، يوحي له بالفرار من المسؤولية كما فعل يونس .. كان يمكن لكل ذلك ان يحدث ..
ولكن: نزل الوحي: (فاصبر لحكم ربك. ولا تكن كصاحب الحوت)
منقول من كتاب البوصلة القرآنية للدكتور احمد خيري العمري الصادر عن دار الفكر دمشق
ـ[فاروق]ــــــــ[25 Feb 2006, 01:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أخي الكريم لاحظت أنه يذكر محمد دون الصلاة عليه ..
صلى الله عليه وسلم ..
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Feb 2006, 03:43 م]ـ
طريقة كلامه شبيهة بطريقة المستشرقين،
و قد ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة - لعلها من أخي كاتب المشاركة هنا - و أغفلها أو أسقطها في بقية المرات، و كذا ذكر سيدنا يونس عليه السلام مجردا منها، قائلا: (يونس ... )
- و كذا كلامه: (فأن ورقة الذي كان يقرأ من التوراة بالعبرانية – كما يشير البخاري بالذات كان ولا بد سيسعف محمداً بتفاصيل قصة صاحب الحوت: يونس .. ): فيه إيهام بإمكان قيام الرسول عليه الصلاة و السلام باستقاء علمه فيما ينزل عليه من القرآن من بشر عنده علم بكتب أهل الكتاب،
و هو خبث خفيّ، يضاهي قول المشركين - قديما - و المستشرقين - حديثا -: {إنما يعلمه بشر}.
- و الكلام المنقول أعلاه بعيد عن كلام أهل العلم المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[25 Feb 2006, 03:45 م]ـ
نعم اخي الكريم، حصل خطأ في القص و اللصق و كانت " الصلوات" موجودة بشكل لم يأخذ في اللصق و حاولت التعديل بعد الوضع في الموقع دون جدوى
بارك الله فيك اخي
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Feb 2006, 03:50 م]ـ
نعم اخي الكريم، حصل خطأ في القص و اللصق و كانت " الصلوات" موجودة بشكل لم يأخذ في اللصق بارك الله فيك اخي .....
---------------------------------------------------------------------------------------
؟؟؟
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[25 Feb 2006, 04:05 م]ـ
للتوضيح - كانت لفظة " عليه افضل الصلاة و السلام " موجودة يشكلها الحركي الذي لم] اخذ بسبب خطأ فني، هل يمكن لأحد من الاخوة تعديلها ان امكن
غفر الله لي و لكم ..
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[25 Feb 2006, 04:16 م]ـ
السلام عليكم
الاية التي اشرت اليها حضرتك (انما يعلمه بشر) تخص القرآن الكريم فقط و ليس اي معلومات اخرى يمكن ان يكون ورقة قد قالها للنبي الكريم عليه افضل الصلاة و السلام .. و قد ورد في حديث السيدة عائشة انه قال للرسول الكريم عليه افضل الصلاة و اتم التسليم ان قومه سيخرجونه ...
و المقطع المذكور يصف نفاعل النبي الكريم صلى الله عليه و سلم مع بدايات الوحي، و هو امر لا يعترف به المستشرقون لأنهم - ببساطة- لا يؤمنون بنزول الوحي عليه ..
ارى عدم الاسراع في توزيع الاتهامات و هناك ايات اخرى يعرفها اخي المعلق جيدا تأمر بالتحقق قبل الحكم على موضوع " انه خبث خفي" ...
ـ[دمعة الم]ــــــــ[25 Feb 2006, 08:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف الصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين
حياك الله اخي الفاضل عزام عز الدين
جزاك الله خيرا على ما كتبته لنا
وقد قرات جميع ردود الاخوة الافاضل جزاهم الله خيرا
اخوتي الافاضل
جل ما يسهو
ان الله سبحانه وتعالى معصوم من الغلط ونحن بشر
واكيد نغلط في كثير من الكلمات وذلك حين نقوم بالقص واللصق في الموضوع
وتكون الصلاة والسلام على النبي حركية هنا لا تظهر
او عليه السلام نبي يونس
ولكن لا يجب ان نتهم من يغلط باغلاط املائية او يقع سهوا ونتهمه بالمستشرق
او واو والخ ____-
اخوتي هنا صحيح هذه اول مشاركة لي في هذا المنتدى القييم
ولكنني وجدت في ردود حضراتكم عدم التشجيع للكاتب
وبما ان الاخ عزام عز الدين عزام ناقل الموضوع وناقله من الكاتب الاصلي الدكتور احمد خيري العمري
وان كان مشرف القسم مشرفا نشيطا كان المفروض ان يعدل في الموضوع حين لم يجد الصلاة على النبي
هنا ردودنا هي كغذاء روحي لاي كاتب مهما كان قلما صغيرا ومن هذا القلم بردودنا وبتعديل المشرف لربما سياتي اليوم الذي نرى هذا القلم انه قلم ذهبي ومبدع والفضل يعود لله ولردودنا وتعديل المشرف
اخوتي لا تتعجبوا من دفاعي عن اخ لا اعرفه ولنه اخي في الدين
وانا اعمل مشرفة عامة في العديد من المنتديات ومراقبة عامة
ولم اجد ردا بهذه القساوة ابدا مثل هذه الردود ان هذا المنتدى هو منتى ملتقى اهل التفسير
اذن هنا نحن نريد من اهل دارنا الثاني ان يرشدوننا على الطريق الصحيح في الكتابة
ولا يردوا بهذه الردود التي تحبط عزم كل كاتب
انا اسفة جدا بان اقول لحضراتكم
ان الموضوع جدا راقي ولو قراتموه وتمعنتم بمعانيه وكلماته ستجدون كل شيء وكل كلمة هي صحيحة
اخوتي في الله لا تنزعجوا من جراتي بهذا الرد
لانني بالفعل داعية صغيرة ولم اصل الى مستوى داعية كبيرة لاصحح الاغلاط
وان ازعجكم ردي احذفوه وانا شاكرة لكم
ولكن قبل كل شيء انها بدايتي معكم ومنكم اما التشجيع او الهروب
ودمت على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Feb 2006, 09:24 م]ـ
الحال هنا أختاه إبداء الرأي، بضابط العلم و الحلم معا،
و ما يكون فيه ريب من القول: فلا تثريب على من أبدى ارتيابه فيه،
و أي ريب أكثر من تكرار - أقول تكرار - ذكر الأنبياء عليهم السلام بأسمائهم المجردة،
و هو أمر لا يغيب عن عوام المسلمين قبل علمائهم،
* و هل يليق مثل هذا القول بحق و منزلة الأنبياء عليهم الصلاة و السلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
((وتكمن ذروة المفارقة في ان الاقتراع رسى على يونس باعتباره الشخص غير المرغوب به والذي سبب أزمة السفينة] والحقيقة ان نتيجة القرعة كانت صائبة بطريقة ما، فلو كان لتلك الآلهة وجود لاعتبرت يونس غير مرغوب به باعتباره يمثل خطرا مباشرا عليها – لكن ذلك لا علاقة له على الاطلاق بأزمة السفينة [المهم هنا ان يونس وجد نفسه محاصرا بكل المفاهيم والعادات والقيم المستندة على مجتمع الجهل والخرافة، محاصرا لا بالمعنى المجازي – بل بمعنى مباشر، بمعنى يتهدد حياته مباشرة هو الذي هرب من نينوى فرارا من مسؤولية المواجهة والتغيير فوجد نفسه في البحر – في المكان الذي تصوره آمنا من المسؤولية – محاصرا بالقيم التي هرب من مواجهتها – فأين المفر؟.
لا مفر هناك. انك ان لم تحارب، فانهم سيحاربونك في كل الأحوال.
وستكون مهزوما في كل الأحوال لانك لم تحارب أصلا. كانت هذه الرسالة الواضحة عبر الموقف لا لصاحب الحوت فحسب ولكن ربما لنبي اخر، مثل يونس، ربما مر بذلك الشعور الذي ساور يونس: الرغبة في الهروب - والخوف من المسؤولية – فنزل عليه الوحي: لا تكن كصاحب الحوت .. ))؟،
* و كذا و هل يليق مثل هذا القول بحق و منزلة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام:
((ان محمدا – المكي العريق – كان اعرف من غيره بصعوبة مهمته – بل وباستحالتها لو نظرنا كما نظر الكثيرون وقتها – لذلك كان يمكن ان تساوره تلك التساؤلات – ويتمنى لو ان تلك المسؤولية لم تلق على كتفيه هو ..
بل انه – على فرضية انه في تلك المرحلة المبكرة جدا كان يعرف ان رسالته ستكون موجهة للعالم اجمع لا للعرب بالخصوص – فانه ولابد كان سيمتلئ رعبا من تلك المسؤولية: الروم؟ وفارس؟ هو الذي لا يزال وحيدا ولا يعرف كيف يمكن له ان يهزم ويغير قريشا – فإذا بمسئوليته تتعدى ذلك إلى الروم وفارس والعالم اجمع من بعدهما؟ ..
.. كان ذلك قولا ثقيلا فعلا. ولابد انه كبشر – كان يمكن لليأس ان يتملكه من قدرته على تغيير العالم: شخص أمي رغم كونه كريم النسب، في الأربعين دونما عقب من أولاد ذكور، فقير تقريبا الا من ما تملكه زوجته – وكانت تلك مؤهلات اقل من عادية في مجتمع مثل مجتمع مكة – فإذا بصاحب تلك المؤهلات الأقل من العادية يجد نفسه أمام مهمة ضخمة: التغيير. لا مجتمعه فحسب – على صعوبة تلك المهمة وحدها بل العالم اجمع وكان ذلك كثيرا جدا ذلك ان محمدا كان قبل كل شئ وبعد كل شئ أنسانا – مثلما كان يونس، إنسان يمكن لليأس ان يغزوه – يشله، يوحي له بالفرار من المسؤولية كما فعل يونس .. كان يمكن لكل ذلك ان يحدث ..
ولكن: نزل الوحي: (فاصبر لحكم ربك. ولا تكن كصاحب الحوت).)).؟
* * * * *
- و لم يكن العتاب على الأخ الناقل للكلام المذكور، و لكن كان الاعتراض و اللوم كاتبه،
فما وجه الملام علينا إذن،
و هل نلتزم الصمت فيما يمسّ نبينا الكريم لنشجع غيرنا على المشاركة و الكتابة؟
- أحسب أنك لا تقولين بهذا.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[25 Feb 2006, 09:53 م]ـ
لا باس في النقاش، سواء مع كاتب الموضع او ناقله الذي هو انا.
هل للأخ الدكتور ان يبين لي شخصيا مالخطأ في هذا الامر؟
اليست انسانية الرسول هي من اعظم مميزات ديننا الذي ابتعد عن الغلو و الافراط في الانبياء - صلوات الله عليهم-مع حفظ كامل الاحترام لهم و لمكانتهم؟
اليس في وجود الامر الموجه الى الرسول الكريم صلوات الله و سلامه عليه -بأن لا يكون مثل صاحب الحوت دلالة معينة يبنغي علينا فهمها و اخذ العبرة منها؟
و هل فقر النبي عليه الصلاة و السلام و كونه بلا اولاد ذكور عيبا علينا ان نخفيه؟
لقد كانت تلك مفاهيم جاهلية و كانت عيوبا حسب الاعراف الجاهلية التي غيرها الاسلام و نسفها من جذورها.
ان اعظم ما في ديننا هو ان رسولنا الكريم ليس "ايقونة" نغلو فيها كما فعل البعض، و لكنه بدلا من ذلك" قدوة" لنا ..
و اهم ما في هذه القدوة هو انها بشر بكل ما في الكلمة من معنى ايجابي و قابل للتمثل و الاقتداء.
" ما كنت الا بشرا رسولا"
بشرا بأكل الطعام و يمشي في الاسواق و كما قال عليه افضل الصلاة و السلام:
ما انا الا ابن امرأة كانت تأكل القديد في بطن مكة ..
الذين يغلون في النبي عليه الصلاة و السلام هم الذين أجدر بأن ننصحهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و الذين يجلون لنا تفاعله مع الوحي المنزل هم الاجدر بأن نصغي لهم ..
و تقبل اخي الكريم فائق الشكر و الاحترام.
ـ[دمعة الم]ــــــــ[26 Feb 2006, 05:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله اخي الفاضل د. ابو بكر الخطيب
لا باس يا اخي الفاضل نحن حين نسجل واي عضو حين يسجل في اي منتدى
يكون من اجل الاستفادة والافادة واكيد حضرتك معي في هذا الكلام
طيب ولكن حين يسجل اي عضو جديد مثلا اكيد لا يكون ململ كل الالمام بكل شيء ان كانت مواضيع دينية او علمية او ثقافية
وحين شاهدت مشاركة الاخ عزام عز الدين كانت مشاركته الاولى وكان موضوعه منقولا من الاخ الدكتور احمد خيري العمري وانني مطلعة على كتابات الاخ الدكتور المذكور وكلها مشهود لها بروعتها
منها كش ملك ومنها ليلة سقوط بغداد ويا ليتك تتطلع على كتبه
والمهم نحن هنا بصدد هذا الموضوع وان كان في اي اخطاء وبما انه عضو جديد وكان يجب ان ننظر لعدد مشاركاته وحينها كنا ننتقده
انها المشاركة الاولى كانت وجل من لا يسهو
والبشر معرض دوما للغلط ولكن ان القدامى في هذا المنتدى كان من المفروض ان لا ينتقدون نقدا جارحا ويتهمون
وانما كان الواجب علينا نحن جميعا ان ننقده نقدا بناء ونضع الاخطاء والمصححات امامه ليستفيد منها وكلنا نستفيد منها
وان كنت قاسية قليلا في ردي الاول ولكن اعذرني ايها الاخ الكريم لانني لا احب النقد الجارح وانما احب النقد البناء والذي هو يبني ويجعل كل مسلم ملما بما هو عليه وبما هو فيه
وحين نسجل في المنتدى البعض منا يعلم بانه سيتعرض الى النقد والنقد الجارح او البناء ويتقبل ذلك ولكن الاغلبية حين يسجل ويجد اول نقد من غير تفسير وجارح هنا سيحبط بالطبع ونكون نحن سبب هذا الاحباط لديه
نعم اخي الفاضل تعرضت للكثير من النقد والنقد الجارح والذي اذا ذكرته لن يتقبله اي منكم ولكنني تقبلته برحابة صدر وبكل طيب خاطر ولماذا؟
اكيد ستسالني لماذا لانني حين سجلت في المنتديات كنت انا ايضا عضوة صغيرة لا افهم شيئا من المنتديات ولكن حين اطلعت على المواضيع واخذت الدرس منها
هنا تعلمت الكثير ليس من المفترض ان نقدنا نقدا جارحا ان نهرب ونترك المتتدى او ناقدنا ولكن علينا ان نبين له الحقيقة او هو يبين لنا الحقيقة لنكون على بينة من امرنا
والنقاش يكون دوما اما مقنعين او مقتنعين
والمفروض هنا في هذا المنتدى الراقي ان يكون مثل هذه الردود وانما يجب ان يبين الخطا ويصحح لنكون جميعا على البينة الصحيحة
واعلم انني اطلت على حضرتك الرد واسفة
والف شكر لك لتقبلك نقدي برحابة وسعة صدرك
ودمت على طاعة الرحمن وعلى طريق الخير نلتقي دوما
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[26 Feb 2006, 06:36 م]ـ
أرهق عينيي خفوت لون الخط، و لم أستطع القراءة بوضوح،
و ما كان كلامي عن الأخ الناقل، و لكن على الكاتب الأصلي، كما أوضحت من قبل،
و كلامه فيه خطأ أو أخطاء، سأذكرها بعد إن شاء الله ببعض التفصيل، بعد أن ذكرتها غير معقَب عليها.
و الله الموفق
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[26 Feb 2006, 06:59 م]ـ
اخي الكريم / كلام الكاتب الاصلي قد يكون فيه ما تقول و قد لا يكون، فكل انسان معرض للخطأ ..
لكن لاحظ انك عقبت على كلام الاخت و لم تعقب على ردي انا الذي يتعلق بالدرس العظيم في عدم الغلو في الانبياء و عدم تحويلهم الى ايقونات بل جعلهم قدوة لكل البشر تتعرض لما يتعرض له البشر ..
و اذا لم يكن كلام الكاتب الاصلي صحيحا فهات ما عندك من رؤية لهذه الاية العظيمة ..
و لا تقف عند جملة هنا تشك بها او عبارة هنا لم تعجبك.
و تقبل فائق احترامي.
ـ[الكشاف]ــــــــ[26 Feb 2006, 07:33 م]ـ
قرأت كلام الدكتور أحمد خيري العمري. ولم أجد فيه ما يُنتقَدُ سوى بعض الأساليب التي لا تمس جوهر الموضوع، والذيذهب إليه قد سبقه إليه علماء التفسير قديماً وحديثاً. ولكن سأجعل كلامي في نقاط:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - إدراك ورقة ابن نوفل لنُزولِ سورةِ القلمِ يَحتاجُ إلى دليلٍ. لأن الوحي قد انقطع عن النبي صلى الله عليه وسلم فترة ثم عاد بعد وفاة ورقة؛ لِما ورد أن خديجة رضي الله عنها ذهبت بالنبي صلى الله عليه وسلم لابن عمها ورقة بعد نزول المدثر، وقالت له: اسمع من ابن أخيك، فقال وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَ لَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟
قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلا أُوذِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا كله قبل نزول سورة القلم والله أعلم، وهذا يحتاج إلى بحث، لكن هذا مجرد طرح للمسألة للنقاش فحسب، دون جزم برأي قاطع.
2 - قول المؤلف: (ليس التسبيح هو مجرد قول باللسان كما تعودنا ان نتصور – بل هو رؤية كاملة تغيرت – فكرة جديدة نبتت .. وعي جديد لمعنى الظلم والمسؤولية تجاه ذلك. هذا الوعي والرؤية والفكرة هي التي أعطت ليونس فرصة جديدة ولولا ذلك للبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، بطن الياس والظلمة والسواد الحالك .. ). كأنه يقصد أن المقصود بالتسبيح هو هذه الرؤية الجديدة التي جدت ليونس عليه السلام. في حين أن المقصود بالتسبيح كما قال الطبري وغيره: (فَلَوْلا أَنَّهُ) يعني يونس (كَانَ مِنَ) المُصَلِّينَ لله قبل البلاء الذي ابتُلي به من العقوبة بالحبس في بطن الحوت (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يقول: لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، يوم يبعث الله فيه خلقه محبوسا، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء، فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه).
وفسره قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله فقال: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) كان كثير الصَّلاةِ في الرّخاء، فنجَّاه الله بذلك; قال: وقد كان يقال في الحكمة: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا ما عَثَر، فإذا صُرع وجد متكئا).
3 - أجاد العلامة الطاهر بن عاشور في عرض تفسير هذه الآيات من سورة الصافات، وقال معقباً بكلام فيه معنى كلام خيري بفلظ أوفى وأدق:
(واعلم أن الغرض من ذكر يونس هنا تسلية النبي صلى الله عليه وسلم فيما يلقاه من ثقل الرسالة بأن ذلك قد أثقل الرسل من قبله فظهرت مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم في صبره على ذلك وعدم تذمّره ولإِعلام جميع الناس بأنه مأمور من الله تعالى بمداومة الدعوة للدين لأن المشركين كانوا يلومونه على إلحاحِه عليهم ودعوته إياهم في مختلف الأزمان والأحوال ويقولون: لا تَغْشنَا في مجالسنا فمن جاءك فمنّا فاسمعه، كما قال عبد الله بن أُبيّ قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته} [المائدة: 67] فلذكر قصة يونس أثر من موعظة التحذير من الوقوع فيما وقع فيه يونس من غضب ربه ألاَ ترى إلى قوله تعالى: {فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم} [القلم: 48 - 49]. وليعلم الناس أن الله إذا اصطفى أحداً للرسالة لا يرخص له في الفتور عنها ولا ينسخ أمره بذلك لأن الله أعلم حيث يجعل رسالاته). التحرير والتنوير (منقول من الموسوعة الشالمة (2)).
4 - في تعقيب الأخ فاروق والدكتور أبو بكر خليل نقاش لنقاط جانبية في تصوري أنها أبعدت الموضوع عن طريقه وهدفه، وليتهما ركزا على جوهر الموضوع ثم نبها على مسألة عدم إتباع أسماء الأنبياء بالصلاة، وغاية ما فيه أنه بخل وسوء أدب مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهنا أختلف مع الأخ عزام في قوله أنهم بشر فحسب وأيقونات ولا أدري معنى أيقونات فهذا من عبارات النصارى في كتبهم، لكن كأنه يعني بهم أشخاصاً مقدسين. فالأنبياء ليسوا كبقية البشر من حيث حقهم وتوقيرهم. بل لهم مكانة خاصة، وتوقير خاص.
وأما الأخت دمعة ألم فكلامها صواب في مجمله، ولكن يبدو لي أنها مبتدئة في الكتابة في الملتقى، ولذلك سأعذرها في كثرة الأخطاء الأسلوبية، واللون المختار المتعب في القراءة. حيث إن الكتابة في الملتقى لا بد أن تكون بأسلوب عربي فصيح، وإلا هبطنا بمستوى الملتقى، مع تقديري لفكرتها وحرصها على تشجيع الجميع.
ودمتم ولعل في تعقيبات المشرفين والأعضاء الكرام ما يُقوِّمُ ما كتبته هنا مشكورين.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[26 Feb 2006, 07:46 م]ـ
شكرا اخي الكريم فالحق احق ان يتبع كما تقول.
انبه فقط الى امرين اولهما ان سورة القلم هي ثاني ما انزل من القرآن الكريم، و ان العمري لم يجزم ان ورقة قال، و انما هو قال لا يمنع.
اما الامر الثاني فهو تعقيب على ما تفضلت فيه من ان هذا الكلام سبقه اليه غيره من العلماء. صحيح جدا ما تقول. و لكن لماذا استفز اذن الاخ ابي بكر من هذا الكلام؟
اما الايقونة فهي الرمز المطلق الغارق في التجريد دون ارتباط في الواقع المحسوس, و هذا للأسف ما يحدث الان مع سيرة الرسول الكريم عليه افضل الصلاة و السلام. يتغنون و ينشدون بحبه عليه افضل الصلاة و السلام، و يتركون تفاعله الحقيقي مع القرآن و من ضمنه تفاعله في لحظة صعبة جدا مع هذه الاية الكريمة.
اتحفظ على ما قلته من وجود سوء الادب مع الانبياء و احترم حقك في قول ذلك لكن السياق الادبي - المميز- الذي وضع الامر كله يبرر ذلك و يجيزه ..
كل التقدير لك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[26 Feb 2006, 09:45 م]ـ
حياك الله أخ عزام ودمت موفقاً.
ـ[دمعة الم]ــــــــ[26 Feb 2006, 10:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله اخي الفاضل د. ابو بكر الخطيب
اسفة على اللون الذي اخترته وان شاء الله سيكون هنا ردي واضحا
لا باس يا اخي الفاضل نحن حين نسجل واي عضو حين يسجل في اي منتدى
يكون من اجل الاستفادة والافادة واكيد حضرتك معي في هذا الكلام
طيب ولكن حين يسجل اي عضو جديد مثلا اكيد لا يكون ململ كل الالمام بكل شيء ان كانت مواضيع دينية او علمية او ثقافية
وحين شاهدت مشاركة الاخ عزام عز الدين كانت مشاركته الاولى وكان موضوعه منقولا من الاخ الدكتور احمد خيري العمري وانني مطلعة على كتابات الاخ الدكتور المذكور وكلها مشهود لها بروعتها
منها كش ملك ومنها ليلة سقوط بغداد ويا ليتك تتطلع على كتبه
والمهم نحن هنا بصدد هذا الموضوع وان كان في اي اخطاء وبما انه عضو جديد وكان يجب ان ننظر لعدد مشاركاته وحينها كنا ننتقده
انها المشاركة الاولى كانت وجل من لا يسهو
والبشر معرض دوما للغلط ولكن ان القدامى في هذا المنتدى كان من المفروض ان لا ينتقدون نقدا جارحا ويتهمون
وانما كان الواجب علينا نحن جميعا ان ننقده نقدا بناء ونضع الاخطاء والمصححات امامه ليستفيد منها وكلنا نستفيد منها
وان كنت قاسية قليلا في ردي الاول ولكن اعذرني ايها الاخ الكريم لانني لا احب النقد الجارح وانما احب النقد البناء والذي هو يبني ويجعل كل مسلم ملما بما هو عليه وبما هو فيه
وحين نسجل في المنتدى البعض منا يعلم بانه سيتعرض الى النقد والنقد الجارح او البناء ويتقبل ذلك ولكن الاغلبية حين يسجل ويجد اول نقد من غير تفسير وجارح هنا سيحبط بالطبع ونكون نحن سبب هذا الاحباط لديه
نعم اخي الفاضل تعرضت للكثير من النقد والنقد الجارح والذي اذا ذكرته لن يتقبله اي منكم ولكنني تقبلته برحابة صدر وبكل طيب خاطر ولماذا؟
اكيد ستسالني لماذا لانني حين سجلت في المنتديات كنت انا ايضا عضوة صغيرة لا افهم شيئا من المنتديات ولكن حين اطلعت على المواضيع واخذت الدرس منها
هنا تعلمت الكثير ليس من المفترض ان نقدنا نقدا جارحا ان نهرب ونترك المتتدى او ناقدنا ولكن علينا ان نبين له الحقيقة او هو يبين لنا الحقيقة لنكون على بينة من امرنا
والنقاش يكون دوما اما مقنعين او مقتنعين
والمفروض هنا في هذا المنتدى الراقي ان يكون مثل هذه الردود وانما يجب ان يبين الخطا ويصحح لنكون جميعا على البينة الصحيحة
واعلم انني اطلت على حضرتك الرد واسفة
والف شكر لك لتقبلك نقدي برحابة وسعة صدرك
ودمت على طاعة الرحمن وعلى طريق الخير نلتقي دوما
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 Feb 2006, 08:26 م]ـ
القصة معروفة اليوم طبعاً – ولا شيء قط يمنع أن تكون معروفة حتى في مكة الجاهلية، وسط بيئة تجارية مزدحمة بديانات مختلفة وتشكل محطاً للقوافل الغادية والرائحة
لا لم تكن معروفة فلعلك تعرف قصة عداس وهي في دلائل النبوة عند البيهقي وفي دلائل النبوة عند ابي نعيم وفي تاريخ الرسل والملوك للطبري وهذا لفظ ابي نعيم:
" فأرسلا إليه غلامهما عداسا بعنب وهو نصراني من أهل نينوى فلما أتاه وضع العنب بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله فعجب عداس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أي أرض أنت يا عداس؟ قال: أنا من أهل نينوى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أهل مدينة الرجل الصالح يونس بن متى؟ فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن يونس ما عرف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحدا يبلغه رسالات الله تعالى قال: يا رسول الله أخبرني خبر يونس بن متى فلما أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن يونس بن متى ما أوحي إليه من شأنه خر ساجدا للرسول صلى الله عليه وسلم ثم جعل يقبل قدميه وهما تسيلان الدماء فلما أبصر عتبة وأخوه شيبة ما فعل غلامهما سكتا فلما أتاهما قالا له: ما شأنك سجدت لمحمد وقبلت قدميه ولم نرك فعلت هذا بأحد منا؟ قال: هذا رجل صالح حدثني عن أشياء عرفتها من شأن رسول بعثه الله تعالى إلينا يدعى يونس بن متى فأخبرني أنه رسول الله فضحكا وقالا: لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يفتنك عن نصرانيتك إنه رجل يخدع ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة"
فهذا دليل ان القصة لم تكن معلومة. وانما زعم المستشرقون ان النبي صلى الله عليه وسلم انما علم أخبار الانبياء عليهم صلوات الله وسلامه من اختلاطهم باليهود والنصارى.
فان قيل عن سند القصة نذكر بما أخبر عنه ربنا عز وجل. قال ابن كثير في تفسيره:
"""وَقَوْله تَعَالَى " إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " أَيْ لَوْ كُنْت تُحْسِنهَا لَارْتَابَ بَعْض الْجَهَلَة مِنْ النَّاس فَيَقُول إِنَّمَا تَعَلَّمَ هَذَا مِنْ كُتُب قَبْله مَأْثُورَة عَنْ الْأَنْبِيَاء مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُ أُمِّيّ لَا يُحْسِن الْكِتَابَة " وَقَالُوا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا ".""".
فأَسَاطِير الْأَوَّلِينَ انما قال قريش عن قصص القران انه اساطير ولو كانت القصة معروفة عندهم لما كان ذلك الرد.
فلم تكن مكة متعددة الديانات بل كان اهلها مشروكون بربهم وان كان قليلا منهم على دين ابراهيم عليه السلام وقليل مثل ورقة.
فأذا كان الرسول قد أشكل عليه أمر (صاحب الحوت) – الذي يأمره الوحي إن لا يكون مثله في جزئية معينة – فأن ورقة الذي كان يقرأ من التوراة بالعبرانية – كما يشير البخاري بالذات كان ولا بد سيسعف محمداً بتفاصيل قصة صاحب الحوت: يونس .. كيف أشكل عليه؟ اعطنا دليلك؟
ورقة توفي قبل ان تنزل الايات التي ذكرتها كما هو في البخاري "عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}
فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ إِلَى قَوْلِهِ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}
فَحَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو صَالِحٍ وَتَابَعَهُ هِلَالُ بْنُ رَدَّادٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ بَوَادِرُهُ"
(خارج الموضوع _ في الحديث فائدة: ثاني ما انزل من القران يا ايها المدثروليس المزمل)
الشاهد هنا:"ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ"فهات برهانك. ام انك تبحث في التوراة لتعلم!!!!
وبغض النظر عن التفاصيل المسهبة في القراءة التوراتية لقصة يونس – او يونان –
يا من اسخطنا بجهده ... قد سرنا الله بغير حمده
اتعبت نفسك بالبحث في التوراة! الم يخبركم ربنا عز وجل انهم بدلوا وغيروا!؟!
فان عقل محمد وقلبه كان له ولا شك فهم خاص لمغزى القصة: فهم شخصي وحميم – فهم ينطلق من واقع تجربته النبوية التي يمر بها، ومن تفصيل دقيق فيها، ذاك الذي يجعل الوحي الإلهي يتنزل فيقول: ولا تكن كصاحب الحوت ..
هذا الكلام يكتب في قصة روائية في قصص التلفاز والسينما اما ان يكتبه عن نبينا فليس له بذلك حق. انه من وحي افكراره او اقتباسا عن كلمات مستشرقين او من تأثر بهم. والا نن اين استدل على ان النبي فهم شيء الامر الذي جعل " الوحي الإلهي يتنزل فيقول: ولا تكن كصاحب الحوت "!!!!
فمحمد – كان في هذه المرحلة بالذات، ولا بد يعاني مما عاناه صاحب الحوت، يونس فنزلت عليه الآيات: اصبر … لا تكن كصاحب الحوت …
كيف؟ الم يقل النبي كما في سنن أحمد والترمذي , وهذا لفظ الترمذي:
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الرَّسُولُ أَجَبْتُ ثُمَّ قَرَأَ
{فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}
قَالَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ إِذْ قَالَ
{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}
فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ نَبِيًّا إِلَّا فِي ذِرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ.
فان قيل فما وجه قوله تعالى:"ولا تكن كصاحب الحوت " نقول هي كقوله تعاى "فان كنت في شك" وقوله تعالى "وان كان كبر عليك اعراضهم"
استغرب ايضا من كلمات في المقال:
أمام معابد نينوى الشاهقة، وتماثيلها الهائلة الحجم، وثيرانها المجنحة، لا بد أن يونس وقف مذهولا حائرا مرتبكا، وسؤال واحد يتردد في باله: ماذا بوسعه ان يفعل امام كل ذلك؟ ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ وإذا كان لا بد وإيصال الرسالة هل سيجدي الأمر شيئا؟ لو كان الأمر كذلك لما تقدم لدعوتهم يوما!!!
وركب يونس البحر – وهو يتصور انه ترك مجتمعه إلى غير رجعة. لكنه اصطدم بنفس القيم الجاهلية والخرافية التي هرب منها حيث كان يجب ان يحاربها. فالمجتمع الجاهلي ليس مدينة وأصنام وحكام مستبدون فحسب – بل هو مجموعة القيم التي تساهم في ذلك أو ترافقه أو تنتج عنه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وعندما هبت العاصفة في البحر – على السفينة التي تقل يونس كما تقل غيره – لجا الركاب إلى طريقتهم الخرافية الجاهلية في مواجهة العواصف وأزمات البحر – فقد كانت عقائد الخرافة والجهل التي تسيطر على عقولهم تصور لهم ان (إلها ما) من عشرات الإلهة التي كانوا يعتقدون بوجودها قد غضب على البحر والسفينة، بسبب وجود شخص معين غير مرغوب به على ظهر السفينة. والحل؟ الحل ببساطة يكمن في رمي هذا الشخص إلى البحر – وبهذه السهولة- من اجل استرضاء اله ما واستعطافه على بقية الموجودين في السفينة. من أين لك هذا؟؟ وهل أشرك يونس عليه السلام؟ اليس هو من المساهمين؟ " فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ" اليكم تفسير ابن جرير:
وَقَوْله: {فَسَاهَمَ} يَقُول: فَقَارَعَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 22701 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ: ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ: ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله: {فَسَاهَمَ} يَقُول أَقْرَع. 22702 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ: ثنا يَزِيد , قَالَ: ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} قَالَ: فَاحْتَبَسَتْ السَّفِينَة , فَعَلِمَ الْقَوْم أَنَّمَا اِحْتَبَسَتْ مِنْ حَدَث أَحْدَثُوهُ , فَتَسَاهَمُوا , فَقَرَعَ يُونُس , فَرَمَى بِنَفْسِهِ , فَالْتَقَمَهُ الْحُوت. 22703 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ: ثنا أَحْمَد , قَالَ: ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله: {فَسَاهَمَ} قَالَ: قَارَعَ. وَقَوْله: {فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} يَعْنِي: فَكَانَ مِنْ الْمَسْهُومِينَ الْمَغْلُوبِينَ , يُقَال مِنْهُ: أَدْحَضَ اللَّه حُجَّة فُلَان فَدُحِضَتْ: أَيْ أَبْطَلَهَا فَبَطَلَتْ , وَالدَّحْض: أَصْله الزَّلَق فِي الْمَاء وَالطِّين , وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُمْ: دَحَضَ اللَّه حُجَّته , وَهِيَ قَلِيلَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 22704 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ: ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ: ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله: {فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} يَقُول: مِنْ الْمَقْرُوعِينَ. 22705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ: ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ: ثنا الْحَسَن , قَالَ: ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله: {مِنْ الْمُدْحَضِينَ} قَالَ: مِنْ الْمَسْهُومِينَ. 22706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ: ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ: ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله: {فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ} قَالَ: مِنْ الْمَقْرُوعِينَ فمن اين الاعتقاد بوجود الهة الا الله فيمن كان على السفينة؟
وكان الدعاء (لا اله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين)] الأنبياء 87 [الظالمين؟. هو من الظالمين!. هو الذي القي في البحر بعد قرعة ظالمة؟ لكن – معنى الظلم تغير بعد ان استقر في بطن الحوت – وشاهد اوجها مختلفا للظلم .. هذا الذي يقال عنه سيئات الأخيار حسنات الاشرار.
ثم ان المفسرين اختلفوا هل أمن قوم يونس الذين أخبر عنهم انه متعهم الى حين هل هو قبل الحوت او بعده ام انهم قومين او أكثر. دلالة على عدم وجود نص من معصوم يستند اليه.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 08:49 م]ـ
اعيدك الى تعليق الاخ الكشاف. و لا ازيد عليه كثيرا. و انتبه الى ان سورة القلم هي ثاني ما نزل من القرآن الكريم، و لا شئ قط يثبت ان ورقة قد مات قبلها, اما ما تقول عن عداس فأن الاسانيد التي اوردتها دليل ضعفها، فضلا عن عدم وجود اي تعارض بين ما قال الكاتب و بين ما تقول، فلا شئ في النص المذكور على ضعفه، يشير الى ان القصة لم تكن معروفة. و لقد ذكر كاتب المقال "اما لو اشكل عليه " - بصيغة تقليل - و بنيت عليها اساسات و الامرلا يحتمل ..
وردت ايضا في ردك تفسيرات لأيات معينة تحتمل هذا و غيره، و اعيدك مرة اخرى الى تعليق الكشاف.
و لم يتعب الكاتب نفسه ابدا في التوراة لمجرد انه ذكر ان القصة موجودة فيه ..
الا اذا كانت القراءة متعبة!!
مع فائق الاحترام.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:36 م]ـ
أخي الكريم اما ذكرك بان سورة القلم هو ثاني ما انزل فهو كلام غير صحيح لان سورة القلم كما تعلم فيها ما يدل انها نزلت بعدما كذبته قريش. اي انه بلغ الدعوة ولا أظن ان من يقرأ سورة المدثر سيظنها بعد سورة القلم. وان كان هذا القول ذكر. لان في المدثر الامر بالتبليغ وفي القلم تسلية النبي بعد تكذيب قريش له.
اما ما تقول عن عداس فأن الاسانيد التي اوردتها دليل ضعفها،
أخي لم أذكر اسانيد!!!!
و لم يتعب الكاتب نفسه ابدا في التوراة لمجرد انه ذكر ان القصة موجودة فيه ..
الا اذا كانت القراءة متعبة!! ليس هذا ما يقال. بل ان ما في التوراة ان كان موافقا للكتاب او للثابت عن النبي فتصديقنا ايه تبعا لتصديق الاصل الذي هو شرعنا. وان خالفه كذبناه تبعل للاصل ايضا. وان كان لا هذا ولا ذاك توقفنا به فلا نكذبه ولا نصدقه ولكن في المقال ان يونس اقترع وساهم عملا بالشرك. وهذا لا يقوله الا أهل الكتاب فهم الذين وصفوا الانبياء بما لا يجوز اصلا.
لاحظ رواية البخاري هي صحيحة وفيها الفائدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:43 م]ـ
سورة القلم فيها ما يدل ... اقتباس
رغم ذلك:سورة القلم ثاني ما انزل!
اما رواية عداس فهي موجودة في كتب انت ادرى مني بها و تستطيع ان تراجعها و تكتشف ذلك و رغم ذلك فأنا اقول ان قصة عداس بكاملها لا تناقض اي شئ من المقال - بل تسندها كما سابين في نقل قادم.
و اخيرا ..
" فساهم فكان من المدحضين "- فيها تفسيرات اخرى فلا داعي لرفض كل ما هو غير الطبري ..
و ارجو ان يتسع صدرك لي ..
و مرة اخرى مع فائق الاحترام ..
علما اني مستمتع بالنقاش معك.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:56 م]ـ
يا أخي هذه العبارة:وعندما هبت العاصفة في البحر – على السفينة التي تقل يونس كما تقل غيره – لجا الركاب إلى طريقتهم الخرافية الجاهلية في مواجهة العواصف وأزمات البحر – فقد كانت عقائد الخرافة والجهل التي تسيطر على عقولهم تصور لهم ان (إلها ما) من عشرات الإلهة التي كانوا يعتقدون بوجودها قد غضب على البحر والسفينة، بسبب وجود شخص معين غير مرغوب به على ظهر السفينة. والحل؟ الحل ببساطة يكمن في رمي هذا الشخص إلى البحر – وبهذه السهولة- من اجل استرضاء اله ما واستعطافه على بقية الموجودين في السفينة.
اليس يونس عليه السلام قد ساهم معهم؟
ـ[الكشاف]ــــــــ[27 Feb 2006, 10:20 م]ـ
بخصوص المساهمة والاقتراع بين الراكبين في السفينة، فقد تحدث المفسرون عن هذا، ومن أفضلهم ابن عاشور حيث قال:
(وكانت القرعة طريقاً من طرق القضاء عند التباس الحق أو عند استواء عدد في استحقاق شيء. وقد تقدم في سورة آل عمران (44) عند قوله: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} وهي طريقة إقناعية كان البشر يصيرون إليها لفصل التنازع يزعمون أنها دالة على إرادة الله تعالى عند الأمم المتدينة، أو إرادة الأصنام عند الأمم التي تعبد الأصنام تمييزَ صاحب الحق عند التنازع. ولعلها من مخترعات الكهنة وسَدنة الأصنام. فلما شاعت في البشر أقرتها الشرائع لما فيها من قطع الخصام والقتال، ولكن الشرائع الحقَّ لما أقرتها اقتصدت في استعمالها بحيث لا يُصار إليها إلا عند التساوي في الحقّ وفقداننِ المرجِّح، الذي هو مؤثر في نوع ما يختلفون فيه، فهي من بقايا الأوهام. وقد اقتصرت الشريعة الإِسلامية في اعتبارها على أقل ما تعتبر فيه. مثل تعيين أحد الأقسام المتساوية لأحد المتقاسِمين إذ تشاحوا في أحدها، قال ابن رشد في المقدمات}: «والقرعة إنما جعلت تطييباً لأنفس المتقاسمين وأصلها قائم في كتاب الله لقوله تعالى في قصة يونس: {فساهم فكان من المدحضين.
وعندي: أن ليس في الآية دليل على مشروعية القرعة في الفصل بين المتساويين لأنها لم تحك شرعاً صحيحاً كان قبل الإِسلام إذ لا يعرف دين أهل السفينة الذين أجرَوْا الاستهام على يونس، على أن ما أُجري الاستهام عليه قد أجمع المسلمون على أنه لا يجري في مثله استهام. فلو صح أن ذلك كان شرعاً لمن قبلنا فقد نسخه إجماع علماء أمتنا.
قال ابن العربي: الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز فكيف المسلم فإنه لا يجوز فيمن كان عاصياً أن يقتل ولا أن يرمَى به في النار والبحر. وإنما تجري عليه الحدود والتعزيرُ على مقدار جنايته. وظَنّ بعض الناس أن البحر إذا هال على القوم فاضطروا إلى تخفيف السفينة أن القرعة تضرب عليهم فيطرح بعضهم تخفيفاً، وهذا فاسد فلا تُخفَّف برَمْي بعض الرجال وإنما ذلك في الأموال وإنما يصبِرون على قضاء الله. وكانت في شريعة من قبلنا القرعة جائزة في كل شيء على العموم). انتهى.
قال الكشاف: وفي الرجوع إلى التوراة في كلام الدكتور العمري لا غبار عليه في رأيي، وقد صنع مثله ابن عاشور وغيره، وهم يعرفون كيف يأخذون من هذه الكتب، ولا داعٍ أراه لضيق الأفق في التعامل العلمي المنضبط مع كتب أهل الكتاب في مثل هذه المسائل، ومثلها التعامل مع الإسرائيليات في التفسير، فالأمر في التعامل معها منضبط عند أهل التفسير، وليس كما يشيعه بعض الغيورين على القرآن.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Feb 2006, 11:56 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الكشاف بارك الله فيه. لم ارى في اي تفسير ينقل القصة بالصورة التي ذكرها صاحب الموضوع , فابن عاشور رحمه الله انما قال:"وعندي: أن ليس في الآية دليل على مشروعية القرعة في الفصل بين المتساويين لأنها لم تحك شرعاً صحيحاً كان قبل الإِسلام إذ لا يعرف دين أهل السفينة الذين أجرَوْا الاستهام على يونس، على أن ما أُجري الاستهام عليه قد أجمع المسلمون على أنه لا يجري في مثله استهام. فلو صح أن ذلك كان شرعاً لمن قبلنا فقد نسخه إجماع علماء أمتنا."
وفارق كبير بين كلام ابن عاشور رحمه الله عن القرعة وجوازها وهو الذي يتكلم عنه وبين هذه الكلمات:
"وعندما هبت العاصفة في البحر – على السفينة التي تقل يونس كما تقل غيره – لجا الركاب إلى طريقتهم الخرافية الجاهلية في مواجهة العواصف وأزمات البحر – فقد كانت عقائد الخرافة والجهل التي تسيطر على عقولهم تصور لهم ان (إلها ما) من عشرات الإلهة التي كانوا يعتقدون بوجودها قد غضب على البحر والسفينة، بسبب وجود شخص معين غير مرغوب به على ظهر السفينة. والحل؟ الحل ببساطة يكمن في رمي هذا الشخص إلى البحر – وبهذه السهولة- من اجل استرضاء اله ما واستعطافه على بقية الموجودين في السفينة."
هذه الكلمات التي تحتها خط تشير الى امر مختلف. ولا أحب ان نخوض في المساهمة وشرع من قبلنا ولكن الذي يهم هذه الجزئية.
فالمفسرين انما نقلوا قصصا ليس فيها من هذا شيء.
قال الكشاف: وفي الرجوع إلى التوراة في كلام الدكتور العمري لا غبار عليه في رأيي، وقد صنع مثله ابن عاشور وغيره، وهم يعرفون كيف يأخذون من هذه الكتب، نعم أخي ولكن لم يكن أحد منهم ينقل تفاهات التحريف.
اليك النص الذي في كتب أهل الكتاب:
1 وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ قَائِلاً:
2 «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي» 3 فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ، فَدَفَعَ أُجْرَتَهَا وَنَزَلَ فِيهَا، لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ.4 فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ، فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ.5 فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلهِهِ، وَطَرَحُوا الأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ إِلَى الْبَحْرِ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ. وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَى جَوْفِ السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْمًا ثَقِيلاً. 6 فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئِيسُ النُّوتِيَّةِ وَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ نَائِمًا؟ قُمِ اصْرُخْ إِلَى إِلهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ الإِلهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ».
7 وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعًا لِنَعْرِفَ بِسَبَبِ مَنْ هذِهِ الْبَلِيَّةُ». فَأَلْقَوا قُرَعًا، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونَانَ.8 فَقَالُوا لَهُ: «أَخْبِرْنَا بِسَبَبِ مَنْ هذِهِ الْمُصِيبَةُ عَلَيْنَا؟ مَا هُوَ عَمَلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ مَا هِيَ أَرْضُكَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَعْبٍ أَنْتَ؟» 9 فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا عِبْرَانِيٌّ، وَأَنَا خَائِفٌ مِنَ الرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ». 10 فَخَافَ الرِّجَالُ خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هذَا؟» فَإِنَّ الرِّجَالَ عَرَفُوا أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ. 11 فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَصْنَعُ بِكَ لِيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنَّا؟» لأَنَّ الْبَحْرَ كَانَ يَزْدَادُ اضْطِرَابًا. 12 فَقَالَ لَهُمْ: «خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ، لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ».13 وَلكِنَّ الرِّجَالَ جَذَفُوا لِيُرَجِّعُوا السَّفِينَةَ إِلَى الْبَرِّ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا، لأَنَّ الْبَحْرَ كَانَ يَزْدَادُ اضْطِرَابًا عَلَيْهِمْ. 14 فَصَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ وَقَالُوا: «آهِ يَا رَبُّ، لاَ نَهْلِكْ مِنْ أَجْلِ نَفْسِ هذَا الرَّجُلِ، وَلاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا دَمًا بَرِيئًا، لأَنَّكَ يَا رَبُّ فَعَلْتَ كَمَا شِئْتَ». 15 ثُمَّ أَخَذُوا يُونَانَ وَطَرَحُوهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَقَفَ الْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِهِ. 16 فَخَافَ الرِّجَالُ مِنَ الرَّبِّ خَوْفًا عَظِيمًا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَةً لِلرَّبِّ وَنَذَرُوا نُذُورًا. 17 وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال.
بالطبع القصة بداية فيها مخالفة للقران لانك لو نظرت ستجد ان يونس عليه السلام هو من أمرهم بألقائه في البحر!.وان المساهمة لمعرفة سبب المشكلة.ثم لاحظ كيف في اول القصة انهم مشركون وفي آخرها انهم موحدون!!!
على اي حال القصة المطروحة في المقال لاهي من كتب المسلمين ولا من كتب النصارى , فهل هذا اسلوب روائي للتشويق؟.
الأمر الاهم انه لو أراد الله لنا اكثر من هذه التفاصيل لأعلمنا بها. ولا أعيب على نقل الاسرائيليات وانما يجب الانتباه جيدا للمنقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[28 Feb 2006, 12:36 م]ـ
اقدر كثيرا نقاش الاخوين الكريمين. اقول ذلك صادقا بلا مجاملة، ما دام النقاش جادا و بلا تجريح ..
كل ما اتمناه من الاخ مجدي، ان يوضح لي، السبب - في رأيه -وراء النزول المبكر لهذه الاية بالذات؟
لم ارى في كلامه الا الرد على جملة هنا او لفظ هناك.
لكن: مالسبب وراء هذه الاية؟؟
ارجو ملاحظة المشاركة الاخرى، و هي اسقاط معاصر على الاية الكريمة.
و تفضلا بقبول الاحترام ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Feb 2006, 06:33 م]ـ
بالنسبة لوقت نزول الايات فلا أعرف شيئا صحيحا في ذلك.
اما الحكمة من الايات فقد أخبرتك به سابقا الا وهو تسلية النبي صلى الله عليه وسلم , وحثه على الصبر هو تثبيت فؤاده عليه الصلاة والسلام. وهو اخبار له بظهوره عليهم ووعد منه عز وجل وهو امر قد قضاه عز وجل.فهي حث له على الصبر , وتحمل مشقة التبليغ حتى لو تأخر.
يقول سيد قطب في آخر تفسيره للسورة:"إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم الله، حتى يأتي موعده، في الوقت الذي يريده بحكمته. في الطريق مشقات كثيرة. مشقات التكذيب والتعذيب. ومشقات الالتواء والعناد. ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه. ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون. ثم مشقات إمساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق، لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق، مهما تكن مشقات الطريق." اليس هذا نفس قصد المؤلف وفقه الله؟
فلماذا نتعرض للانبياء بصورة لا دليل عليها. والواقع يدل ان صبر النبي صلى الله عليه وسلم قد فاق ما يتصوره اي انسان وان اليأس لا يدخل قلوب الانبياء.
"حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ" اما يونس عليه السلام فقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى" وهو في الصحيحين. والبطش الذي فعله أهل الكفر بأنبيائهم انهم هموا بقتلهم " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه".
القصد أخي ان عدم دخول اليأس الى قلوبنا امر مطلوب والبحث عن اثبات الكيان الاسلامي هو امر مطلوب وعدم الركون الى اليأس للفرد هو ايضا امر مرغوب , ولكن الكتابة في الشرع ليست كالكتابة الروائية لدور التلفاز والسينما.وان كان هذا الخطاب وللاسف الاسرع دخولا لقلوب الناس ولكنه يفسد دينهم.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[28 Feb 2006, 07:21 م]ـ
اقتباس .. فلماذا نتعرض للانبياء بصورة لا دليل عليها؟
اخي الكريم، ليس كل ما نقلته من اقوال لأهل العلم مسنود بدليل، و بعض هذه النقولات، و انت ادرى مني بذلك،هي محض اجتهادات شخصية - اشدد انهم مأجورين عليها بأذن الله، لكنها تظل رؤى بشرية تصيب و تخطئ، و لا يقويها انها تنتمي للقرن الخامس او السادس او العاشر، ما دامت ليست مسنودة بقول ذلك الذي لا يكذب ابدا - عليه الصلاة و السلام- او صحبه الكرام ..
اقتباس .. ولكن الكتابة في الشرع ليست كالكتابة الروائية لدور التلفاز والسينما.
نعم، لكن ما نقلته لم يكن سيناريو لمسلسل درامي، و ان كنت تقصد الاسلوب الادبي الذي لا اجادل ان المقال قد استخدمه، فأنا اذكرك هنا، انك تنقلت بين اقوال المفسرين الافاضل، لكنك ختمت عندما سألتك سؤالا شاملا، ختمت بسيد رحمة الله عليه، و انت ادرى بسيد و بقلم سيد و بأسلوب سيد،بل انك ادرى ان اسلوبه الفذ، هو الذي جعل كلماته تغزو القلوب قبل العقول، و هو الذي جعلنا نتفيأ فيظلاله المميزة، بل انه اسلوبه الادبي هو الذي يجعلنا نقرأه اليوم فيخيل لنا انه يحدثنا من تلك الجنة العالية التي يذهب اليها الشهداء من امثاله ..
اقتباس .. وان كان هذا الخطاب وللاسف الاسرع دخولا لقلوب الناس ولكنه يفسد دينهم.
رأيك هذا احترمه و اقدره، و لكن لي راي آخر: انما يفسد الدين على الناس جمود علمائهم و اساليب التكرار التي ملها الناس و التي يصر العلماء على التمسك بها كما لو كانت اصلا من اصول الدين ..
تفضل بقبول فائق احترمي ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Feb 2006, 09:32 م]ـ
أخي لعلك فهمت امرا آخر من عبارتي الأخيرة سأوضحها لك.
أحيانا قد يتكلم الكاتب عن النبي او عن الشرع بأسلوب ليقربه للناس ولكنه لا يلتزم بأصل النص بل يلتزم بتوصيل فكرة معينة او هدف معين , في المقالة السابقة كان الغرض الاساسي هو اثارة الهمم وعدم اليأس والبحث عن الافضل والسعي له. هنا أظن الصورة وصلت. ولكن اذا ظن الناس ان هؤلاء الانبياء كانوا بمثل هذه الصورة ,فهل يستغرب منا ان نفعل شبيهها!؟ هذا الذي اقصده بأفساد الدين على الناس. وأوضح مثال على ذلك تصوير أهل الكتاب ان الانبياء يعصون الله بالكبائر ويشركوا به. ومع قولهم بالتوبة بطريقتهم افسدوا على الناس صلاح دينهم وجعلوا للشيطان ابوبا مفتوحة لا تغلق.
لكن لي راي آخر: انما يفسد الدين على الناس جمود علمائهم و اساليب التكرار التي ملها الناس و التي يصر العلماء على التمسك بها كما لو كانت اصلا من اصول الدين ..
بالطبع الجمود في موضع اللين كالين في موضع الجمود افراط وتفريط.
ولكن تذكر ان اسقاط رأي على الاية بفهم خاص لا يعبر عن الاية وانما يعبر عن رأي صاحب الرأي وللأسف فقد اسرف الكثير من الناس في هذه الامور كتفسير بعض الناس للثابت من الشرع بأهوائهم
تحت اسم التجديد كما فعل شحرور وغيره وبالطبع لا مجال لمقارنة الدكتور العمري بشحرور فشتان بين الثرا والثريا بالطبع امثال شحرور هم الثرى , وانما ننبه هنا على امر كما قال الشاعر:
لا تحقر الرأي يأتيك الحقير به ... فالنحل وهو ذباب طائر العسل
فليس نقد كلام لاحد هو وضع لمكانته المنتقد ولا رفعا في مكانت الناقد واعرف الحق تعرف الرجال وليس كما يفعل الناس اليوم بتعرفهم على الحق من الرجال وان كان الثاني هو الغالب على من كان على الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 03:10 ص]ـ
نقاشنا بدأ يتخذ منحى اكثر جدية و اقل تشنجا. اتفهم جدا ان تكالب اعداء الدين و مناهجهم الضالة على قرآننا العظيم يجعلنا نتشنج امام اي اسلوب جديد و نحن نشكك انه يخفي وراءه ما وراءه ..
اقتباس .. الغرض الاساسي هو اثارة الهمم وعدم اليأس والبحث عن الافضل والسعي له
ليس هذا هو الغرض الاساسي كما افهمه شخصيا، بل الغرض هو ازالة ما ركم من جمود على اية كريمة و محاولة استشعار التفاعل النبوي معها و بالتالي اعادة استثمار هذا الاستشعار في نفوسنا نحن،الذين نمر بظروف صعبة و امامنا مسؤليات جسام كالتي كانت امام يونس بن متى ..
اقتباس .. و لكن اذا ظن الناس ان الانبياء كانوا بمثل هذه الصورة، فهل يستغرب ان نكون شبيهها؟؟
ماذا تقصد اخي بعبارة -هذه الصورة -"الياس؟ - او امكانيته على الاقل؟ " ليس في النقل ايحاء آخرعلى ما اتصور. و نحن ننتمي الى دين عظيم ازال كل هالات التقديس المبالغ بها حول الانبياء, نحن ننتمي الى دين لا ناسوت و لاهوت فيه، ولا طبيعة الهية داخل نبينا .. كما عند غيرنا.
قل انما كنت بشرا رسولا ..
و هل الشعور باليأس ومن ثم تخطيه ما يعيب بحق اي نبي؟ كل المقال كان يتحدث عن تخطي هذا اليأس و ليس عن السقوط فيه، و هو امر تسنده ايات اخرى ايضا، تشد من ازر النبي عليه الصلاة و السلام و تقوي عزمه، الا يفهم من هذا انه كان يحتاج الى اسناد معنوي اذن؟ هل "صورته" و هو يحتاج هذا الاسناد معيبة في اذهان متبعيه؟
و ما دمنا قد فتحنا هذا الموضوع: هل تعتقد حقا اننا بعيدون عن هذا اليأس و اشداء اولي بأس، لدرجة ان مجرد ذكر ان نبيا من الانبياء قد ساوره نوع من اليأس في بداية دعوته، سيجعل صورة هذا النبي معيبة في اذهاننا،و يجعل ذلك مدخلا للضعف و اليأس فينا بعد ان كنا محصنين؟
في بطن الحوت نحن يا اخي. في ظلمته و دركه، و سيكون مهما جدا، و باعثا للأمل فينا ان نعلم اننا لم نكن وحدنا من مررنا به، و ان ثمة سبيل للخروج ..
بارك الله فيك.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[01 Mar 2006, 11:22 ص]ـ
أخي الحبيب الأشكال انك جعلت هذه الصورة هي الصواب!!
يا اخي ان الله عز وجل أخبرنا من قصة يونس ما يكفينا. اما القصة فان العلماء قد اختلفوا هل كانت قصة الحوت قبل بعثت يونس الى قومه ام بعدها واختلف فيمن أخبر الله عنهم انهم نفعهم ايمانهم , هل هم نفس القوم ام انهم غيرهم.
وحاصل الخلاف انه لا يبنى عليه مسألة ولا علم لانه ليس بالمعلوم الثابت او النقل الصحيح. بل ان أهل الكتاب ايضا اختلفوا فيه اصلا. وانما هذا من باب القصص وليس من باب التشريع. ولهذا قال الامام أحمد ثلاث علوم لا أصل (وفي رواية اسناد) لها التفسير والملاحم والمغازي , وانما قصد ما ينقل فيها من أخبار انها يغلب عليها الارسال والانقطاع , وحتى بدون السند.
نحن لا نتشنج امام كتاب الله وانما نعرف ان خواطرنا وفهمنا لا يحيط بكتاب الله. واننا اذا رفضنا القصص التي لم تثبت على النبي بل ونفينها كقصة الغرانيق وبعض ما يروى في قصة زينب ام المؤمنين في قوله تعالى "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " كان طرح روايات أهل الكتاب من باب اولى , وانت تعلم اختلاف نسخ أهل الكتاب وتحريفهم لكتبهم فلذلك نستغني عنما اغنانا الله عنه فقد كفل الله عز وجل بيان القران وحفظه.
اما بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد اوردت لك دلالة على عزمه وصبره , والقول للصابر اصبر هو حث على التمسك بما هو عليه وتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
و نحن ننتمي الى دين عظيم ازال كل هالات التقديس المبالغ بها حول الانبياء, نحن ننتمي الى دين لا ناسوت و لاهوت فيه، ولا طبيعة الهية داخل نبينا .. كما عند غيرنا. الانبياء بشرا هذا امر يعرفه الجميع. ولكن الانبياء هم من اصطفاهم الله من بين البشر وهم افضل البشر على الاطلاق والله عز وجل أخذ ميثاقهم وبين انهم أهل لما وكلوا به. اما اليأس فهو اشكال. ان كان من رحمة الله فهو كفر به , وان كان من الناس فهو مطلوب. اقصد أخي ان يونس عليه السلام لم يترك ما كلفه الله به من رسالة يأسا من نصر الله له على قومه. وقصص أهل الكتاب فيها كلام لا أحب ان اذكره هنا في قصة يونس عليه السلام. ولم ينقلها أحد من المفسرين لمعرفتهم كيف يجب
(يُتْبَعُ)
(/)
التعامل معها. الاعتراض هنا على ما يقال ان القرعة جاهلية لارضاء شركاء اهل السفينة بغير علم السنا بغنى عن ذلك؟
قد تكون القصة حصلت قبل بعثته عليه السلام والله وصف الفلك بالمشحون , ومن معاني المشحون الممتليء. فلما اضطرب البحر وظنوا الغرق ساهمو بان يلقوا من السفينة ما يخفف حملها. ولا يتصور انهم استهموا على القاء بعضهم وكانوا يملكوا امتعة وابقوا عليها. فلما كان قبل البعثة كان مثلهم في القرعة. وهذا ان نظرنا الى الخبر ببعثته في نفس الايات نجده لاحقا على الخبر بقصة الحوت:
قال العزيز الحكيم
"وإن يونس لمن المرسلين ?139? إذ أبق إلى الفلك المشحون ?140? فساهم فكان من المدحضين ?141? فالتقمه الحوت وهو مليم ?142? فلولا أنه كان من المسبحين ?143? للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ?144? فنبذناه بالعراء وهو سقيم ?145? وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ?146? وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون ?147? فآمنوا فمتعناهم إلى حين ?148?"
واخبر عن قومه بعدما أخبر عن اهلاك القرى فقال عز وجل "فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ"
هذا انسب لسياق الاية والله اعلم , لانه يجوز ايضا ان يكون وأرسلناه على سبيل الخبر دون الترتيب بالحدث.
اما لماذا اقول انه لا خير في بحث التفاصيل عن القصة فهو ما أخبر الله عز وجل:
"سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) " الان العبرة بالقصة لا بالعدد وهؤلاء اصبح علمهم وخلوطا بأهوائهم وبدلوا وحرفوا.
اما يأس الناس فهذا امر خاص بحالهم وتبعا لايمانهم و علمهم:"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب".
اما اليأس من رحمة الله عز وجل فهو امر لا ينبغي لمؤمن بربه:
"يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"
اما اليأس المطلوب فهو مما في يد الناس.
عندي ملاحظة وهي قولك:"نحن ننتمي الى دين لا ناسوت و لاهوت فيه، ولا طبيعة الهية داخل نبينا .. كما عند غيرنا." محمد صلى الله عليه وسلم بشر. وكذا الانبياء عليهم الصلاة والسلام وانما أهل الكتاب عندهم الانبياء بصورة كاذبة ودون قدرهم تذكر دائما ان الله اصطفاهم من بين النا فانظر الى اصلح من ترى واعلم ان الانبياء خير منهم:
قال عز وجل:"أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى".
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 12:35 م]ـ
للأسف انت تعامل النص القرآني بطريقة كما لو انه انزل بطريقة تجعلنا لا نفهمه. و من ثم تقول ان يأس الناس شأنهم، لا يا سيدي، يأس الناس امر يخصهم لو اننا عاملنا القرآن بطريقة تجعله كتابا على الرف، او زينة على الصدور، اما القرآن الذي يتفاعل مع مشاكل الناس و احوالهم، فهو القرآن الحقيقي، و هو الصواب الحق بالتأكيد، لقد انزل هذا القرآن لنا و لكل زمان، و اصرار الاخوة على حصره برؤية معينة -تنتمي لقرون بعيدة - يكاد يقتل التفاعل معه.
اصرارك اخي على ان ما يقوله المؤلف هو مستند على الاسرائيليات لا اساس له اصلا، فالمؤلف تابع بوضح كل الايات التي تتابع قصة يونس و جمع بينها و انتج بناء متماسكا اكثر بكثير من هذه (اللاادرية) التي ادخلتنا فيها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و بالمناسبة: الواقدي - الذي استندت عليه في التعليق على عداس في الرسالة الخاصة- ليس اقوى على الاطلاق من الاسرائيليات التي تقول ان المؤلف استند عليها و هو لم يفعل.
استنادك على ان اليائس كافر و ان المؤمن لا يتعرض ليأس، و يحتاج منك الى ان تراجع حديثا معينا في صحيح البخاري، و ليس الواقدي!، و يتعلق الرسول الكريم - افضل خلق الله- و مشاعره عندما فتر عنه الوحي ..
فهل عرفت الحديث؟؟
و تقبل احترامي لك و لما تعتقد انه الصواب ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[01 Mar 2006, 06:27 م]ـ
أولا أخي الكريم ما بعثته لك في الرسالة الخاصة انما بعثته لك على الخاصة لاني أحببت ان انبهك على خطأ وقع به المؤلف ولم أضعه على العام. ولكن بما انك اشرت لذلك فسأبينه لك:
.. لكن التاريخ لم يذكر لنا شيئا عن هروب عداس والتحاقه بالرسول – بل لم يذكر لنا شيئا على الإطلاق عدا هذه الواقعة. لقد قدم للرسول عنقودا من العنب ثم اختفى تماما.
ايضا من البوصلة القرآنية ...
الذي نقلته لك هو كلام ابن حجر ومن ضمن كلام ابن حجر نقل كلاما عن الواقدي فقد قال ابن حجر العسقلاني في كتابه الموسوم بالاصابة في معرفة الصحابة في ترجمة عداس قال:
عداس مولى شيبة بن ربيعة: كان نصرانيا من أهل نينوى: قرية من قرى الموصل ولقي النبي صلى الله عليه وسلم بالطائف في قصة ذكرها ابن إسحاق في السيرة وفيها أن شيبة وعتبة كانا بالطائف فشاهدا ما رد أهل الطائف على النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الإسلام فقالا لعداس: خذ هذا القطف العنب فضعه بين يدي ذلك الرجل ففعل فلما وضع يده فيه قال: باسم الله فتعجب عداس وقال له: هذا الكلام ما يقوله أحد من أهل هذه البلاد فذكر له أنه رسول الله فعرف صفته فانكب عليه يقبله فلما رجع عداس قالا له ويحك يا عداس لا يصرفك عن دينك.
وذكر سليمان التيمي في السيرة له أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أنك عبد الله ورسوله.
وقد ذكرها سليمان التيمي أيضا قال: بلغنا أن أول شيء اختص الله به محمدا صلى الله عليه وسلم أنه رأى رؤيا في حراء كان يخرج إليه فرارا مما يفعل بآلهتهم فنزل عليه جبرائيل فدنا منه فخافه فذكر الحديث فقالت له خديجة: أبشر فإنك نبي هذه الأمة قد أخبرني به قبل أن أتزوج ناصح غلامي وبحيرا الراهب ثم خرجت من عنده الى الراهب فقال لها: إن جبرائيل رسول الله وامينه الى الرسل ثم أقبلت من عنده حتى تأتي عبدا لعتبة بن ربيعة نصرانيا من أهل نينوى يقال له عداس فقالت له فقال لها مثل ذلك ثم أتت ورقة.
وذكر هذه القصة أيضا موسى بن عقبة وقال فيه عداس: هو أمين الله بينه وبين النبيين وصاحب موسى وعيسى.
وذكر ابن عائذ في المغازي من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس نحوه بطوله.
وذكر الواقدي في قصة بدر من طريق أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن حكيم بن حزام قال: فإذا عداس جالس على الثنية البيضاء والناس يمرون عليها فوثب لما رأى شيبة وعتبة وأخذ بأرجلهما يقول: بابي وأمي أنتما والله إنه لرسول الله وما تساقان إلا إلى مصارعكما قال: ومر به العاص بن شيبة فوجده يبكي فقال: مالك فقال: يبكيني سيداي وسيدا هذا الوادي فيخرجان ويقاتلان رسول الله فقال له العاص: إنه لرسول الله فانتفض عداس انتفاضة شديدة واقشعر جلده وبكى وقال: إي والله إنه لرسول الله إلى الناس كافة.
وذكر الواقدي من وجه آخر أنه نهاهما عن الخروج وهما بمكة فخالفاه فخرج معهما فقتل ببدر قال: ويقال: أنه لم يقتل بها بل رجع فمات.
فما هو الامر الذي تلومني فيه؟
أخي الحبيب. الواقدي وان كان فيه ما فيه فانه اورع من أهل الكتاب. وقد نقلت لك سابقا كلام الامام أحمد. و للأسف عدم فهم الكثير من القراء للتفاسير او للمنقول فيها وعدم فهمهم للتواريخ والمغازي هو نفس الشيء. وفي المنتدى مناقشة طيبة عن موضوع الاسرائيليات يمكن ان ترجع له وهو في الربط التالي:
رأي آخر في الإسرائيليات في كتب التفسيرللدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=150)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 08:14 م]ـ
لم يتغير شئ في القصة، فلم يذكر التاريخ شيئا اخرا عن عداس الاواقعة العنب، بأستثناء ما ذكره الواقدي عن يوم بدر، و انت تعرف ان عداسا لو كان قد شهد بدرا لكنا عرفنا ذلك من طرق اخرى و اقوى غير الواقدي. البدريون معروفون، و ما لا يفهمه البعض، ان فئة من الحكواتية اخذوا يؤلفون و ينحلون تارة من اجل اسباب سياسية لدعم عشيرة معينة و نسب صحبة قوية لها، و تارة من اجل التأليف لا غير، و للأسف يتساهل البعض مع ذلك دون وجه حق ... و لو اننا قبلنا بكل ما يقال لصدقنا ماقالوه ان السيدة خديجة قد ذهبت الى عداس قبل ان تذهب الى ورقة بن نوفل كما تشير واحدة من الروايات التي لا تصدق ..
و هكذا فلو جمعنا هذه الروايات كلها لوجدنا شيئا واحدا فقط عداس في الطائف، و عنقود العنب، و ذكر يونس في تلك اللحظة الصعبة ..
فقط احب ان انبه الى ان العمري قد قال ان الواقعة كلها قد لا تصمد للنقد الاسنادي
مع فائق الاحترام ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[01 Mar 2006, 10:06 م]ـ
أخي الحبيب فارق كبير بين ذكر الرواية وصحتها فلو ثبتت رواية لما وسعنا ان نتركها لغيرها.
اما بالنسبة لقصة عداس فانا اتكلم فقط عن ورودها وانت تعلم ان جامعا واحدا بين القصص المتعددة الا وهو الضعف , بل وفيها علة يمكنك معرفتها من حديث صحيح الا وهوعُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ
أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"رواه الشيخان
هذه الرواية الصحيحة اذا تمعنتبها ستعرف ان قصة عداس لا تصح والله اعلم.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[02 Mar 2006, 01:58 ص]ـ
نعم و العمري ذكر ذلك ابتداء، حيث قال انها لن تصمد للنقد الاسنادي او الحديثي كما اسماه. وانا لم انقل عنه ما قال في عداس الا بعد ان ذكرت انت عداس في معرض تعليقك على الاية، فأحببت ان ابين لك ان الذي انقل عنه مدرك لذلك.
مع الشكر ...
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[02 Mar 2006, 11:31 ص]ـ
أخي بارك الله فيك.
القصة ليست شخصية بالدكتور العمري ارجع بداية ستجد ان اعتراضي هو بطريقة الكلام عن يونس عليه السلام. وعن الرجوع الى كتب أهل الكتاب لبيان الامر. ذكر امور عن النبي ليست صحيحة اصلا.
القران كلام الله والذي يتكلم عن التفسير فانه يتكلم عن كلام الله , لذا يجب ان لا نغلب فكرة آنية تخطر ببال احدنا لنجعلها تفسيرا لكلام الله عز وجل , بل يجب ان تكون الفكرة موافقة لكلام الله عز وجل.
وانت تظن ان كلامي رفضا للخوض في التفسير الا فيما تكلم به المفسرون من قبل , والامر ليس كذلك وانما يجب ان تكون ضوابط للتفسير , وهذه الضوابط موجودة ولكنها للاسف لم تؤصل في علم التفسير بشكل جيد كما هي في الحديث والفقه , وهذا الذي فتح الباب امام التفسيرات العصرية التي هي ثورة على الماضي , واطفاء الصور الغربية عليه كما فعل بعضهم بتفسير ايات الحجاب وأخر بأيات الميراث وحديثا نسمع بعدد الصلوات , فالشر كل الشر في الخوض في كتاب الله دون ضوابط علمية. وابن بطة رحمه الله تكلم كلاما عن أختلافه واتفاقه مع الناس في امور ,وبين أثر ذلك على تعاملهم معه فقال كما نقله الشاطبي رحمه الله في كتاب الاعتصام "فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة الحافظ مع أهل زمانه إذ حكى عن نفسه فقال: عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين، والعارفين والمنكرين، فإني وجدت بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقاً أو مخالفاً، دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله والشهادة له، فإن كنت صدقته فيما يقول وأجزت له ذلك كما يفعله أهل هذا الزمان ـ سماني موافقاً وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله ـ سماني مخالفاً، وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد، سماني خارجياً، وإن قرأت عليه حديثاً في التوحيد سماني مشبهاً، وإن كان في الرؤية سماني سالمياً، وإن كان في الإيمان سماني مرجئياً، وإن كان في الأعمال، سماني قدرياً، وإن كان في المعرفة سماني كرامياً، وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر، سماني ناصبياً، وإن كان في فضائل أهل البيت سماني رافضياً، وإن سكت عن تفسير آية أو حديث فلم أجب فيهما إلا بهما، سماني ظاهرياً، وإن أجبت بغيرهما، سماني باطنياً، وإن أجبت بتأويل، سماني أشعرياً وإن جحدتهما، سماني معتزلياً، وإن كان في السنن مثل القراءة، سماني شفعوياً، وإن كان في القنوت، سماني حنفياً، وإن كان في القرآن، سماني حنبلياً، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخبار ـ إذ ليس في الحكم والحديث محاباة ـ قالوا: طعن في تزكيتهم، ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرؤون علي من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشتهون من هذه الأسامي، ومهما وافقت بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطت الله تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئاً. وإني مستمسك بالكتاب والسنة وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو وهو الغفور الرحيم. "
هذا الامر لم يخلوا زمان منه , فانظر رحمك الله الى الكلام , وانصحك ان لا تطلق الاتهامات قبل ان تعرف جيدا ما يقوله الذي تحاوره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[02 Mar 2006, 12:31 م]ـ
الأخ مجدي أبو عيشة. أرجو ألا تغضب من كلامي هذا، فالمجاملة في العلم مضرة به وبأهله، أنت تجادل بغير علم، عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء، فناقش بعلم، أو اصمت تغنم وتسلم رحمك الله.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[02 Mar 2006, 01:07 م]ـ
اثبت ذلك ولك ان أصمت!!
ردودي امامك اثبت اين الجهل؟
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[02 Mar 2006, 01:42 م]ـ
اخي الكريم مجدي، قلت آنفا موجها كلامك لي"وانصحك ان لا تطلق الاتهامات قبل ان تعرف جيدا ما يقوله الذي تحاوره."
انا اطلقت الاتهامات؟ و بحقك؟.لست متأكدا من صحة ذلك ,لكني اعتذر بكل الاحوالان كنت قلت شيئا فسرته انت انه "اطلاق اتهامات".
على العموم، انا اؤيدك فيما قلت في ضرورة ايجاد قواعد حديثة للتفسير، و اعتقد ان العمري لم يخرج عنها، و ان تعامله مع الايات الكريمة التي قصت سورة يونس كان متماسكا، ومعتمدا على الايات التي يفسر بعضها بعضا .. و ما ذكرته عن الاسرائيليات لم يكن الا مجرد اشارة عابرة ..
و انما اعتمد على وضوح البيان في كل آية و في مجمل الايات ..
و قد سبق و نوهت ان هناك حديثا معينا في صحيح البخاري، يشرح تفاعله عليه افضل الصلاة و السلام مع مسألة فتور الوحي، و الحديث لا يسند ابدا استدلالك الانف عن اليأس و سواه، و لم احب ان اورد الحديث لأعتبارات معينة ... اظنك تدركها ان كنت تعرف الحديث.
الاقتباس الطويل من الامام الشاطبي لا اعرف هدفه بصراحة. و لعلك توضحه لي ..
اخي الكشاف، بارك الله في متابعتك، و زادك بصيرة في كشوفاتك ..
و تقبلوا فائق الاحترام.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[03 Mar 2006, 09:51 ص]ـ
ثلاث ملاحظات جديرة بان تدون هنا على هامش قصة صاحب الحوت ومكانتها في الخطاب القرآني:
1 - إنها ليست مبكرة جدا فحسب – اعتمادا على الترتيب المعروف لنزول سور القران – بل إنها أول إشارة لنبي بالتحديد فأول إشارة في الخطاب القرآني لنبي أو رسول كانت لصاحب الحوت – قبل أن ترد إشارة لإبراهيم – الجد، صاحب الملة الحنفية او لموسى الذي شكلت قصته فيما بعد جزءا كبيرا من الخطاب القرآني. وهذه الأولوية لقصة او ذكر يونس – صاحب الحوت – لها دلالات حتمية لا يمكن الا تأويلها ومحور هذه الدلالات هو الوضع النفسي للرسول (صلى الله عليه و سلم) أمام حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فكان ان تنزل الخطاب القرآني ليكون يونس – صاحب الحوت – هو المقدمة التمهيدية لفهم دور الإنبياء والرسل. بالضبط ان نقطة الإيجابية في قصة صاحب الحوت هي المسالة المركزية المهمة في تلك المقدمة التمهيدية لدور الرسل. الإيجابية: مواجهة اليأس و القدرة على التغيير والعمل حتى لو بدء العمل برجل واحد. والدلالة المغزوية الأكثر تحديدا هي أولا. ان الياس والخوف من المواجهة وعدم القدرة على التغيير ليس نهاية العالم فقد مر بها حتى الأنبياء والرسل كما غيرهم من الدعاة والبشر حتى في مواجهة حياتهم الخاصة
ثانياً: ان المهم هو العبور، عبور اليأس والخروج من بطن الحوت بمفاهيم جديدة ورؤية جديدة وأيمان جديد: كما فعل يونس .. الذي ذهب إلى مائة ألف أو يزيدون بعد ما كان عاجزا عن مواجهة مجتمعه .. ولولا تلك المفاهيم التي أخرجته من بطن الحوت للبث في بطنه إلى يوم يبعثون.
2 - لقد وجد الرسول (صلى الله عليه و سلم) فيما بعد المناسبة ليعلن انه ليس افضل من يونس بن متي بالذات ورغم ان كتب الحديث بأسانيدها المختلفة لم تنقل لنا المناسبة التي قال فيها هذا القول الا ان سياق الحديث نفسه يعلن ان مجموعة من المسلمين قد علقت ان الرسول (صلى الله عليه و سلم) خير من يونس بن متي (و هو خير بالتأكيد لكن هذا موضوع آخر) فجاء الحديث صارما (لا يقولن أحدكم أني خير من يونس) (3231 البخاري) – وفي صيغة أخرى (ما ينبغي لاحد ان يقول أنا خير من يونس بن متي) (4320 البخاري) – وفي سياق اكثر صرامة (من قال أنا خير من يونس بن متي فقد كذب) (4327 البخاري) وفي سياق اكثر عمومية (ما ينبغي لاحد ان يكون خيرا من يونس بن متي) (4526 البخاري) والحديث بصيغه المختلفة – المتشابهة في الوقت نفسه نقل عن طريق ثلاثة من الصحابة: عبد الله بن جعفر، ابن عباس، ابو هريرة، وفي حوالي 39 طريق في كتب الحديث هذه بعضها] 3231، 3232، 4327،
(يُتْبَعُ)
(/)
4320، 4526، 215، 3234، 4328، 4354، 4355، 4526، 4527، 7101 (البخاري)، 2376، 2377 (مسلم)، 4669، 6670 (أبو داود)، 2298، 3179،3252، 3703، 4196، 4227، 9244 (مسند الأمام احمد) … وغيرها [. ورغم ان المؤسسة الدينية التقليدية استطاعت تدجين وتحويل المعنى المرتبط بهذا الإعلان إلا انه من الواضح ان الرسول (صلى الله عليه و سلم) كان يقصد ما مر به من مشاعر وأحاسيس سبق ان مر بها يونس ودفعته إلى الفرار والهرب - وربما دفعته هو الآخر إلى الهرب لولا ان عصمه الوحي (لا تكن كصاحب الحوت) الأمر الذي أخرجه من بطن الحوت نحو شجرة الأمل التي نبتت في أعماقه ونصب عينه تجربة يونس في الخروج من بطن الحوت.
3 - ولقد حفظت لنا السيرة وكتبها حادثة أخرى تجلت فيها قصة يونس بن متي وأثرها في رفع معنويات الرسول (ص) – فثقل الدعوة لم يكن مقتصرا على بدايتها – بل مر الرسول بلحظات اشد سوادا وحلكة وعندما توجه إلى الطائف لدعوة الناس هناك إلى دينه، لم يجد أعراض الناس والهزؤ والسخرية فحسب بل كان في كل خطوة يجد الناس يرمونه بالحجارة – وكانت تلك الفترة صعبة عموما بعد وفاة خديجة: سنده المعنوي والمادي الأول وعمه ابي طالب الذي وفر له نوعا من الحماية العشائرية – وبينما هو يستريح في ظل حائط وحالته هي ماهي عليه اذا بعناقيد العنب تعطي له الامل بالثمر والخصب – وإذا بذكر يونس بن متي المفاجئ أمامه يذكره بالقصة كلها وبـ (لا تكن كصاحب الحوت) فقد جاءه عدّاس – وهو غلام نصراني لعتبة بن ربيعه وشيبة أخيه، بالعنب فسأله الرسول (ص) (والدعوة هاجسه) من أي ارض أنت يا عدّاس؟ فقال من نينوى – وإذا بذكر يطرق باله ويذكره بيونس بن متي فقال له النبي من مدينة الرجل الصالح يونس بن متي؟ .. إلى آخر القصة المعروفة وسواء صمدت الواقعة للنقد الحديثي أم لم تصمد فهي تحمل في ثناياها ذلك الصدق والواقعية – التي لا تخلو منها الوقائع الصحيحة – وكانت الواقعة في موقعها المناسب تماما: العنب بموازاة اليقطين وذكر يونس في تلك اللحظة السوداء الحرجة: يذكر الرسول (ص) بخروج من بطن الحوت .. وبعد ذلك بفترة ليست طويلة جدا ولعلها اكثر قليلا من عشرة أعوام، عندما حاصر (عليه افضل الصلاة والسلام) الطائف ثم فض الحصار معلنا ان من تبعه من العبيد في الطائف حر طليق فلعله كان يفكر بعداس – ذلك الغلام النصراني الذي اتاه بعنقود العنب وبذكر يونس وبحفنة امل – في ظهيرة سوداء حارة – في ظل حائط من حوائط الطائف – لكن التاريخ لم يذكر لنا شيئا عن هروب عداس والتحاقه بالرسول – بل لم يذكر لنا شيئا على الإطلاق عدا هذه الواقعة. لقد قدم للرسول عنقودا من العنب ثم اختفى تماما.
* * *
من البوصلة القرآنية ...
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[03 Mar 2006, 02:54 م]ـ
الإخوة ...
أزعمُ أنَّ الأهم مما جاء في كل ما ذكِرَ أعلاه
هو قول الإمام السيوطي في تدريب الراوي2/ 22: " ويُكرَه الرمز إليهما [أي: الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم] في الكتابة بحرف أو حرفين ـ كمن يكتب صلعم ـ بل يكتبهما بكمالهما، ويقال: إن أول من رمزهما بـ (صلعم) قطعت يده ".
وإن قيل: هذا من القشور ..
أجبت: بل قصة عداس والاستعانة بما كتب اليهود والنصارى لتفسير كتابنا هي القشور، والقشور المضرة التي كانت إحدى الثغرات التي يسلكها المبطلون للانتقاص من القرآن الكريم.
لقد فتحت الإسرائيليات ثغراً يصعب إغلاقه، والحكمة محاولة إغلاقه لا توسيع فتحه.
وتكريم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الأصل، الأصل الذي تتفرع منه باقي الأمور ..
ولا عذر فيه لكاتب أصلي أو ناقل عن موقع البوصلة وغيرها ..
================
عودة إلى موضوع الإسرائيليات،،
أشد على يديَّ الأخ مجدي، فلو قام عاميٌّ بالاطلاع على تلك القصة في الكتاب الموجود في الأسواق، هل يستطيع تمييز القصة القرآنية الصحيحة من قصص كتب اليهود والنصارى المحرفة؟!!
تخيل لو أن أحد (الشباب) أخذ ذاك الكتاب وأخذ يدرسه لطلبة القرآن الكريم في المسجد ـ وحصل مثل هذا كثيراً ـ فليست كل الدول الإسلامية كبلاد الحرمين الشريفين ..
ويكفي العوام ما يتلقوه يومياً عبر الفضائيات من تشويش الدعاة (الموديرن) وما أكثرهم!
ولبيان المقصود بكلمة (عوام) ..
سألني أحد الحاصلين على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية وتجاوز الستين من عمره، ويصلي جميع الصلوات في المسجد .. عن جواب شبهة لأحد طلابه النصارى ..
فقلت له: إن الحديث المستشهَد به موضوع.
قال: ولماذا قام أحد الصحابة الكرام بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
مع خالص محبتي
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[03 Mar 2006, 03:06 م]ـ
البوصلة ليس موقعا كما ذكرت و انما هو كتاب و يبدو ان" عدم الدقة" ليست في هذه فقط.
فبينما تشد على يد الاخ مجدي نسيت انه هو الذي ذكر عداس اولا، و ان كاتب البوصلة قد اشار الى ضعف الرواية، بينما الاخ مجدي لم يقل ذلك الابعدما نقل الاخ عزام ذلك.
ما تقوله عن قطع اليد لا تقوله لأحد رجاء، لا نقلا عن السيوطي و لا عن اي احد، ابحث عن تأصيل آخر لتكريم الرسول عليه الصلاة و السلام -الذي لا يحتاج الى مثل هذا التهديد لنصل عليه افضل صلاة و اتم سليم ..
(مر علينا لا نسمع فتوى بدون البحث عن دليل يسندها، فهل اتجرؤ بسؤالك عن دليل السيوطي في هذا؟؟ ام انني سأعتبر ....... )
و عودة ايضا الى القشور و عدم الدقة.من اصلا قال ان الامر " قشور"؟ لم يأت على ذكر هذا الامر احد من المتناقشين، و انما قيل بوضوح ان الامر كان سهوا، فهل تفترض امورا معينة لترد عليها و تبين وجهة نظرك؟ ارجو الانصاف اخي الكريم، و هو ليس صعبا على من كان في علمك و مكانتك ..
و ريثما يحدث ذلك اشد على يدك و اطلب منك المزيد من التواصل ..
مع فائق الاحترام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[04 Mar 2006, 08:32 ص]ـ
الاخوة الكرام، ارجو عدم الغضب من الملاحظات و الانتقادات فنحن في ملتقى علمي و يجب ان نتجرد قدر الامكان. مع الاحترام ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[04 Mar 2006, 03:05 م]ـ
الاخ عزام. ارجوا ان تفرق بين ذكر الشيء او الاستدلال به.
فبينما تشد على يد الاخ مجدي نسيت انه هو الذي ذكر عداس اولا
يا أخي قصة عداس انما ذكرتها لأمر خاص بالكتاب الذي تنقل منه هذا من ناحية , وقد بينت لك اني لم أذكر اسانيدها عندما قلت لي ان الاسانبيد التي ذكرتها واهية.
، و ان كاتب البوصلة قد اشار الى ضعف الرواية، بينما الاخ مجدي لم يقل ذلك الابعدما نقل الاخ عزام ذلك. سواء اصحت الرواية ام لم تصح فهي دليل على من يأخذ بكتب أهل الكتاب. لتكافوء القوة. بل ان قصة عداس هي من التواريخ و قد اودرت عبارة الامام أحمد أكثر من مرة عن التفاسير والمغازي والملاحم ان اغلبها لا يستقيم سندها فيجب ان تكون هذه المعلومة اصلا معروفة عند من يقرأ كتب التوزاريخ والمغازي والتفاسير. .
على كل حال هذه الامور غير مهمة ولم أكن لأعقب عليها الا لايرادك كلاما بهذا الخصوص. وهذا الامر هو تماما ما حصل في الرسالة الخاصة التي تقتبست جزء مبتورا منها. ارجوك المسألة ليست شخصية. ارجوا منك ومن الاخ الكشاف الذي نسأل الله ان يجعل كشوفاته في محلها.ان تبينوا النقطة الاساسية الا وهي التعدي على نبي الله يونس عليه السلام في الكتابة بحجة انه بشر! - وكأننا نتكلم عنه انه ملك- , على اي حال أحب هنا ان اذكر ما قاله ابن جرير رحمه الله عن تأويل قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} من سورة الانبياء , فلاحظ يرحمك الله كيف تعامل المفسرون مع الاية ولماذا قال اناس انه ذهبا مغاضبا قومه , لاي علة قالوا هذا , ولماذا رده ابن جرير , بالطبع انا لاأكلمك عن ترجيح قول على أخر ولا أريد النقاش عن الأقول الواردة ولا عن اسانيدها وانما اريد الجزئية الخاصة بالنبي يونس عليه السلام: قال ابن جرير رحمه الله:
واختلف أهل التأويل في معنى ذهابه مغاضبا، وعمن كان ذهابه، وعلى من كان غضبه، فقال بعضهم: كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب.
*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا) يقول: غضب على قومه.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا) أما غضبه فكان على قومه.
وقال آخرون: ذهب عن قومه مغاضبا لربه، إذ كشف عنهم العذاب بعدما وعدهموه.
*ذكر من قال ذلك: وذكر سبب مغاضبته ربه في قولهم:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن زياد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بعثه الله، يعني يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه: إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا، فاخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعده الله من عذابه إياهم، فقالوا: ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وُعدوا بالعذاب في صبحها أدلج ورآه القوم، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كل دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، فاستقالوه، فأقالهم، وتنظّر يونس الخبر عن القرية وأهلها، حتى مر به مار، فقال: ما فعل أهل القرية؟ فقال: فعلوا أن نبيهم خرج من بين أظهرهم، عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها، وعجُّوا إلى الله وتابوا إليه، فقبل منهم، وأخَّر عنهم العذاب، قال: فقال يونس عند ذلك وغضب: والله لا أرجع إليهم كذّابا أبدا، وعدتهم العذاب في يوم ثم رُدّ عنهم، ومضى على وجهه مغاضبا.
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: بلغني أن يونس لما أصاب الذنب، انطلق مغاضبا لربه، واستزله الشيطان،
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، في قوله (إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا) قال: مغاضبا لربه.
حدثنا الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن سعيد بن جبير، فذكر نحو حديث ابن حميد، عن سلمة، وزاد فيه: قال: فخرج يونس ينظر العذاب، فلم ير شيئا، قال: جرّبوا عليّ كذبا، فذهب مغاضبا لربه حتى أتى البحر.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن وهب بن منبه اليماني، قال: سمعته يقول: إن يونس بن متى كان عبدا صالحا، وكان في خلقه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوّة، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل، فقذفها بين يديه، وخرج هاربا منها، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ): أي لا تلق أمري كما ألقاه، وهذا القول، أعني قول من قال: ذهب عن قومه مغاضبا لربه، أشبه بتأويل الآية، وذلك لدلالة قوله (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) على ذلك، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك إلى أنه ذهب مغاضبا لقومه، إنما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبيّ من الأنبياء ربه، واستعظاما له، وهم بقيلهم أنه ذهب مغاضبا لقومه قد دخلوا في أمر أعظم ما أنكروا، وذلك أن الذين قالوا: ذهب مغاضبا لربه اختلفوا في سبب ذهابه كذلك، فقال بعضهم: إنما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما وعدهم، واستحيا منهم، ولم يعلم السبب الذي دفع به عنهم البلاء، وقال بعض من قال هذا القول: كان من أخلاق قومه الذين فارقهم قتل من جرّبوا عليه الكذب، عسى أن يقتلوه من أجل أنه وعدهم العذاب، فلم ينزل بهم ما وعدهم من ذلك، وقد ذكرنا الرواية بذلك في سوره يونس، فكرهنا إعادته في هذا الموضع.
وقال آخرون: بل إنما غاضب ربه من أجل أنه أمر بالمصير إلى قوم لينذرهم بأسه، ويدعوهم إليه، فسأل ربه أن ينظره، ليتأهب للشخوص إليهم، فقيل له: الأمر أسرع من ذلك، ولم ينظر حتى شاء أن ينظر إلى أن يأخذ نعلا ليلبسها، فقيل له نحو القول الأول، وكان رجلا في خلقه ضيق، فقال: أعجلني ربي أن آخذ نعلا فذهب مغاضبا.
*وممن ذُكر هذا القول عنه: الحسن البصري، حدثني بذلك الحارث، قال: ثنا الحسن بن موسى، عن أبي هلال، عن شهر بن حوشب، عنه.
قال أبو جعفر: وليس في واحد من هذين القولين من وصف نبيّ الله يونس صلوات الله عليه شيء إلا وهو دون ما وصفه بما وصفه الذين قالوا: ذهب مغاضبا لقومه، لأن ذهابه عن قومه مغاضبا لهم، وقد أمره الله تعالى بالمقام بين أظهرهم، ليبلغهم رسالته، ويحذّرهم بأسه، وعقوبته على تركهم الإيمان به، والعمل بطاعتك لا شك أن فيه ما فيه، ولولا أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أتى ما قاله الذين وصفوه بإتيان الخطيئة، لم يكن الله تعالى ذكره ليعاقبه العقوبة التي ذكرها في كتابه، ويصفه بالصفة التي وصفه بها، فيقول لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ) وَيَقُولُ (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
واذا راجعت كلام الرازي في تفسيره ستجد انه يخالف ابن جرير لنفس العلة الا وهي ما يلزم القول من مغاضبا لربه.
الامر الأخر هو الزعم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه ما أصاب يونس عليه السلام -بالطبع حسب فهمه لقصة يونس-:فمحمد – كان في هذه المرحلة بالذات، ولا بد يعاني مما عاناه صاحب الحوت، يونس فنزلت عليه الآيات: اصبر … لا تكن كصاحب الحوت …
من هذا التفصيل المحوري الدقيق كان ولا بد فهم محمد لقصة يونس.
ومن هذه النقطة يبدء فهمنا لها. تعني ان النبي كان سيترك قومه ويترك الدعوة اليس كذلك؟ ولكن قوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت نزلت فثبتته.
لذلك وضعت لك قول النبي صلى الله عليه وسلم عن لوط ويونس عليهما السلام.
الذي أطلبه ان تبين لي كيف يكون اي نبي عليه السلام بهذه الحالة التي ذكر؟
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[04 Mar 2006, 06:56 م]ـ
سبحان الله. كأن الكتاب يتحدث معك يا اخ مجدي، هذا نقل آخر منه، لن ارد على كل ما كتبت لأن الاقتباسات الطويلة التي اوردتها لا ارى فيها فائدة، لكن سأجعل هذا النقل يرد على سؤالك ...
و احب ان اؤكد على كامل احترامي لك و لكل الاخوة، لا شئ شخصيا بالمرة ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[04 Mar 2006, 07:00 م]ـ
على هامش التفاعل النبوي ..
هذه النظرة إلى التفاعل المحمدي مع آيات الخطاب القرآني قد تصدم الرؤية التقليدية التي تتعامل مع الرسول عليه افضل الصلاة والسلام بطريقة هي ابعد ما تكون عن سياقات القران الكريم والسنة النبوية. هذه الرؤية تستبعد بل وتستنكر تماما ان الرسول (صلى الله عليه و سلم) كان يمكن ان يحتار ان يتردد او يخاف. وهي بذلك تسلب من الإسلام واحدة من اهم قيمه – الواقعية – ومن الرسول واحدة من أهم صفاته (الإنسانية)! وتوغل المؤسسة صاحبة هذه الرؤية فيما يشبه اللاهوت الهجين الذي هو ابعد ما يكون عن الحقيقة القرآنية لكنه صار بالتدريج جزءً أساسيا من أساسيات العقيدة المتوارثة.
والحقيقة الشاخصة التي لا تستطيع المؤسسة أن تماري فيها هي أن القران الكريم وفي مواضع مختلفة. ارشد واصلح ونبه وقوى من عزم الرسول (صلى الله عليه و سلم) و لا يحدث ذلك الى اذا كانت هناك حاجة لذلك.
والحقيقة الأخرى التي تتجاهلها المؤسسة رغم ثبوتها في صحيح البخاري (6581) – أن الرسول (صلى الله عليه و سلم) عندما فتر عنه الوحي حاول ان يتردى بنفسه من شواهق الجبال –. وهي حقيقة يجب ان نفخر بها نحن المسلمون لأنها تدلل على إنسانية الرسول (صلى الله عليه و سلم) وواقعية وصدق نقلة الحادث اللذين لم يكترثوا لتجميل الصورة او تجاهلها ونقلوها كما حصلت.
ان تكامل الشخصية المحمدية كان عبر تفاعلها المتتابع المستمر مع الوحي الإلهي وليس قبل ذلك. نعم! لقد امتلك محمد (صلى الله عليه و سلم) المؤهلات غير العادية التي جعلته مستعداً لتحمل دور الرسالة – لكن تكامل شخصيته لم يحصل الا بتفاعل مؤهلاته الأصلية مع مفردات الخطاب القرآني.
لذلك عندما ينزل الوحي – في بداية تزوله – يقول للرسول (صلى الله عليه و سلم) (لاتكن كصاحب الحوت). ونحن نعرف قصة صاحب الحوت. ونعرف تشابه الظروف والأوضاع في نينوى ومكة – وعندما ينزل الوحي ليقول (لاتكن) فأننا نعرف أيضاً انه كان يمكن ان يكون (كصاحب الحوت) لولا نزول الوحي امراً. ناهياً عاصماً.
ببساطة وبوضوح: كان يمكن أن يكون. لكن تفاعله مع الوحي – عصمه – هل من مشكلة في ذلك؟.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[04 Mar 2006, 10:09 م]ـ
أخي عزام اذا راجعت رواية البخاري ستجد فيه:
حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ
يوجد أكثر من ملاحظة يجب ان نتنبه لها:
* هذه الزيادة هي من كلام معمر.
** لم يلقي النبي نفسه ليقتل نفسه وجبريل حماه (اقصد ليس هذا واقع الرواية) وانما لم هم بالفعل ولم يفعل ,. وتثبيت الله عز وجل له وللنبين وللمؤمنين.
... الطرح يقول ان يونس ترك تبليغ الرسالة راجع اول مداخلة بتمعن ويقول انه يأس وأخرى ان حال النبي قريب منها!!!.
افضل ان نناقش هذه النقاط قبل ان اثير باقيها.
ـ[السائح]ــــــــ[05 Mar 2006, 12:54 ص]ـ
* هذه الزيادة هي من كلام معمر.
أخي الفاضل، الصواب أن هذه الزيادة المنكرة من بلاغات شيخه الزهري.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[05 Mar 2006, 03:16 ص]ـ
اخي العزيز مجدي لم اقل ان الرسول عليه افضل الصلاة و السلام - و لم يقل من نقلت عنه- القى نفسه و جبرييل حماه و لا ادري ان كان هناك من قال ذلك اصلا فمن الواضح جدا حسب السياق ان الامر يتعلق بتثبيت الله عز و جل له كي لا يفعل.
مسألة الزيادة و كونها من كلام معمر او غيره مسألة خارج الصدد تماما، انها، في النهاية، في البخاري، و السياق ورد كله في البخاري. و ليس هناك اشارة الى تضعيف الزيادة، و اعتقد ان تضعيفها قد يفتح بابا لا يريد احد ان يلجه ...
تأمل معي في تعليق الاخ السائح الذي قال ان هذه الزيادة "المنكرة" هي من الزهري.المنكرة!! لم ينكرها الزهري و لا معمر و لا البخاري و لا الاجيال الاولى التي تعاملت مع " الزيادة" بشكل واقعي تماما، لكننا اليوم نخفي الامر و نتعلل و نبحث عن اسم معين لنلقي عليه "الزيادة".
لم يا ترى؟. اعتقد ان الجواب موجود اصلا في النقل الذي اخذته من البوصلة. و اعتقد ان موقف الاخ السائح، مع كل احترامي له، يدلل على صحة ما ذهب اليه العمري، اننا ننكر الامر الذي يجب ان نفخر به ...
و تقبل فائق احترامي ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:13 ص]ـ
أخي عز الدين، لا يخفى عليك أن من شروط صحة أيّ حديث أن يكون متّصل السند، وهذه الزيادة لم تصح، وقد صرح الزهري رحمه الله أن هذا مما بلغه، ولم يذكر من بلّغه إيّاه، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نقبل خبرا كهذا بسند لم يتّصل بحال، بل هو منقطع الأوصال.
وعجيبٌ عَدُّ هذا الخبر المنكر مما يُفخر به.
أرجو أن تتأمل مليّاَ في الخبر.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:02 ص]ـ
اخي الكريم السائح. بارك الله فيك.و ارجو ان يتسع صدرك لي. بينما تعجب انت من عد الخبر مما يفخر به، فأني اعجب من اعتبارك له منكرا رغم ان رواته من السلف - سواء كان الزهري او معمر- لم يعدوه كذلك ..
على من نزايد هنا يا ترى؟ على معمر او على الزهرى او على البخاري؟
سأعيد التأمل مليا في الخبركما طلبت، و لكن ارجو منك ايضا ان تتأمل مليا ايضا - لا في الخبر وحده كما لو كان غير متصل بوضع نفسي معين -و لكن اعادة قراءة الموضوع كله .. مع الشكر و الامتنان.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[05 Mar 2006, 01:47 م]ـ
أخي السائح. بارك الله فيك أخي قيل ذلك ولكن انا ارجح كلام الحافظ ابن حجر في الفتح لان الزيادة لم تعرف الا من رواية معمر عن الزهري.اما القول بانها منكرة فهل تدلني على ذلك؟
اخي العزيز مجدي لم اقل ان الرسول عليه افضل الصلاة و السلام - و لم يقل من نقلت عنه- القى نفسه و جبرييل حماه و لا ادري ان كان هناك من قال ذلك اصلا فمن الواضح جدا حسب السياق ان الامر يتعلق بتثبيت الله عز و جل له كي لا يفعل.
اخي الكريم عزام. اذا هذا ليس دليلا ان الانبياء يقترفوا الكبائر , او يتركوا امرهم الله عز وجل من تبليغ رسالاته كما تكلم عن يونس عليه السلام.وانت رحمك الله انما وضعت لي الرد وقلت كانه يتكلم عن مثل من يقول بمقالتي:"كأن الكتاب يتحدث معك يا اخ مجدي ".
خلاصة الامر ان يونس عليه السلام ذهب غاضبا بطبع بشريته ولكنه لم يترك الدعوة فيهم. والله عز وجل أخبر انه كشف عن قومه العذاب لما آمنوا.
اما تحليل الدكتور العمري للأية "ولا تكن كصاحب الحوت" فانه تكلم عن نبي الله يونس عليه السلام بشكل مباشر انظر الى العبارة وأخبرني ان كان يفهم الامر الا على هذا النحوا من بين السطور قال:لذلك عندما ينزل الوحي – في بداية تزوله – يقول للرسول (صلى الله عليه و سلم) (لاتكن كصاحب الحوت). ونحن نعرف قصة صاحب الحوت. ونعرف تشابه الظروف والأوضاع في نينوى ومكة – وعندما ينزل الوحي ليقول (لاتكن) فأننا نعرف أيضاً انه كان يمكن ان يكون (كصاحب الحوت) لولا نزول الوحي امراً. ناهياً عاصماً اذا فصاحب الحوت لم يعصم من الخطيئة!!
أخي الحبيب لو قلت لك لا تكن مثل فلان بهذا. فهذا يعني أمر مؤكد وأخر محتمل.
************ اما المؤكد فهو الحث بان يكون تصرفك او حالك في الامر المطلوب هو افضل من حاله او تصرفك. وهذا هنا يذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الرَّسُولُ أَجَبْتُ ثُمَّ قَرَأَ
{فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}
قَالَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ إِذْ قَالَ
{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}
فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ نَبِيًّا إِلَّا فِي ذِرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ." رواه أحمد والترمذي
فليس في تأخر يوسف عليه السلام أثم وانما هو اجتهاد والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم هو من باب الأفضل.
وكون النبيين بعضهم اكثر عزما من بعض بالدعوة والصبر, لا يعني ان الأقل عزما بلا عزم وهذا امر معروف , وبذلك يكون سياق الحديث وكلام ربنا في الاية بيان ان كون النبي صلى الله عليه وسلم طلب الله منه ان يكون أفضل من صاحب الحوت في الصبر ,لا يعني ان صاحب الحوت عليه السلام لم يصبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة الزيادة و كونها من كلام معمر او غيره مسألة خارج الصدد تماما، انها، في النهاية، في البخاري، و السياق ورد كله في البخاري. و ليس هناك اشارة الى تضعيف الزيادة، و اعتقد ان تضعيفها قد يفتح بابا لا يريد احد ان يلجه ...
أخي الحبيب ليس كل ما في البخاري أحاديث مسندة للنبي بل فيه كما تعلم ايات بينات وفيه أحاديث مسندة للنبي وفيه بلاغات وتعليقات.
اعيد مرة أخرى كون النبي صلى الله عليه وسلم يمرض ويتعب ويغضب فهذا أمر لم لا يختلف عليه , ولكن للأسف البعض تكلم بالعصمة بنفي او اثبات أكثر مما هي. هنا أحب ان أذكرك بأية في كتاب الله هي في مقابل هذه الاية:
قال تعالى:"لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ **عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ **لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ "
فهذا ايضا من باب تفضيل عمل على الاخر.
**********اما الامر المحتمل " من قولك لا تكن مثل فلان بذلك" فهو ان فلان جانب الصواب , ولم ترد في القران الا مقرونة بالعقوبة او النتيجة:
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ**إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ"
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ **وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ"
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"
فكل هذه الايات شملت على عقوبة او ذكر ذنب والذي لا نجده الا بالذنب في قصة يونس بقوله تعلى "وهو مليم "
"فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ"
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[05 Mar 2006, 07:40 م]ـ
اخي الكريم مجدي، بارك الله في جهدك و وقتك، ارجو ان يكون صدرك متسعا لي و لملاحظاتي ..
ملاحظتك الاخيرة عن اقتران " لا تكونوا " بالذنب او العقوبة او النتيجة اراها دليلا يساند ما يقوله العمري لا دليلا ضد ما يقوله ..
موضوع الكبائر و عدم اقتراف الانبياء لها: اسمح لي ان اقول ان هذا الموضوع مقحم على ما يقوله العمري، و بالذات على السياق الذي نقلته، و قد يقرأ قارئ ما قلت فيتخيل الامر مختلفا عما جاء، لم يأت ذكر الكبائر في كل النقل الذي ذكرته، انما الامر كله يتحدث عن الايجابية التي غرسها القرآن الكريم في نفس الرسول عليه الصلاة و السلام بينما هو يستلم مسؤلية الرسالة الشاملة و تغيير العالم في وقت مبكر جدا من بدء الدعوة ...
ان يكون هناك نبي قد ساوره الارهاق و التعب و تصور انه لن يمكن من اداء مهمته الدعوية صعبة، ليس كبيرة على الاطلاق , و لا قدحا في اي من الانبياء .. و تصعيد الالفاظ - ان سمحت لي - بقولك " اذن صاحب الحوت لم يعصم من الخطيئة" امر يكاد يخرج نقاشنا عن مساره: لفظة الخطيئة لم ترد على الاطلاق فيما كتبه العمري، و القفز بالاستنتاج الى هذا امر يشوش نقاشنا، هل ستفترض شيئا لم يقله العمري و ترد عليه، ثم ارد انا على ردك الافتراضي .. - على ما لم يقله العمري-؟؟
لا حديث عن كبيرة او خطيئة عند العمري، الحديث عن الثبات عند المواجهة الدعوية، الاصرار على الدعوة،تحمل مسئولية التغيير الى اقصى حد ..
اصر على ان رؤيتك للايات التي تتحدث عن صاحب الحوت - يجردها عن الايات الاخرى التي تتحدث عن النبي في المواضع القرآنية الاخرى .. لو جمعت الايات سوية لوجدتها تقدم رؤية متماسكة هي ذاتها التي قدمها العمري .. اما التحليل اللغوي لكل آية على حدة و فصلها عن بقية الايات فسيقدم لنا ما لا استطيع ان اسميه رؤية ...
قلت هذا بالذات من اجل قولك ان معنى الاية هو كن افضل من صاحب الحوت في الصبر ..
اخي الكريم: الاية هي من اوائل ما انزل من القرآن، و في مرحلة تأسيسة مبكرة، و قبل ان يرد اي ذكر لأي نبي و اي قصة عن نبي .. ثم يكون المعنى: كان صاحب الحوت صبورا، و لكن كن افضل منه ..
هل يستقيم هذا مع سياق نزول الاية؟؟
اتساءل في النهاية عن مغزى سؤالك للأخ السائح: دلني عن من قال انها منكرة؟
هل هي منكرة ام لا؟ -هل تراها انت انها منكرة؟ و هل تعتقد ان معناها منكر .. ؟
اما قولك لي بأن ليس كل ما في صحيح البخاري متصل و الخ، الحقيقة لم اذكرانا و لا العمري ان هذه الزيادة صحيحة، انما قلنا انها في البخاري، و القصد انها لو كانت منكرة - كما اشار الاخ السائح- او لو كان معناها شاذا - لما كانت نجت من تدقيق البخاري ..
كل الاحترام لك و اكرر شكري لسعة صدرك ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:34 م]ـ
أخي الكريم اما الاقتران فان يونس عليه السلام لم يذكر له الا ما أخبرتك به عن الذنب. ولاحظ الفرق بين قوله تعلى عن يونس عليه السلام (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) وبين ذكره القوم الأخرين بالعقوبة وافساد العمل.
انما الامر كله يتحدث عن الايجابية التي غرسها القرآن الكريم في نفس الرسول عليه الصلاة و السلام بينما هو يستلم مسؤلية الرسالة الشاملة و تغيير العالم في وقت مبكر جدا من بدء الدعوة ... اعرف هذا وهذا جميل لو لم نتعرض ليونس عليه السلام بشيء ليس عليه دليل اصلا.
اقصد انه يجب انزال الناس منازلهم. فان كان الله أصطفاهم من بين البشر لحمل رسالاته فهو أعلم منا بهم. وقولك:ان يكون هناك نبي قد ساوره الارهاق و التعب و تصور انه لن يمكن من اداء مهمته الدعوية صعبة، ليس كبيرة على الاطلاق , و لا قدحا في اي من الانبياء.فهذا نتفق عليه ايضا ولكن الا يجب ان تكون عباراتنا الطف معهم؟
الا ترى هذه العبارات:
يقدم لنا الخطاب القرآني يونس – او يونان بن متي كما تسميه التوراة – في لحظة مواجهة صعبة مع الواقع والمجتمع ومفرداتهما – لكنها لحظة مواجهة تنتهي بالفرار من المواجهة. فقد أمر الله يونس بان يدعو قومه، وكانت تلك الدعوة هي تغيير المجتمع الوثني الذي عاش فيه يونس. وكان يونس وحيداً. وكان مجتمعه في نينوى عريق الجذور في حضارة ذات طبيعة مادية هي الحضارة الآشورية – وكانت نينوى وقراها نموذجا لكل مظالم الوثنية والجاهلية ومباذلها – كانت نموذجا للحضارة الطاغية التي ينسحق الإنسان تحت قواعدها دون رحمة او شفقة ..
اليس هذا يعني انه هرب من تبليغ الرسالة عاصيا لله عز وجل اليس هذا هو الهروب من المواجهة؟
وهذه العبارة ايضا الا تعني نفس الكلام: فالقران يصور يونس وهو في ذروة يأسه وإحباطه: ترك مجتمعه وهجره لا ليرسي قواعد مجتمع جديد كما سيفعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد – ولكن هجره ياسا، احباطا، هجره، وقد هجر معه قيم العمل والتغيير وحلم الأنبياء والدعاة عبر العصور – أي كما يهجر معظمنا معظم مجتمعاتهم .. فالدكتور العمري صور الصورة التي استقاها من قصة التوراة انها هي الصورة التي يقدمها القران! لهذا السبب اقتبست لك كلام أهل الكتاب من كتبهم. والذي اقوله لك هو عكس قولك: .. لو جمعت الايات سوية لوجدتها تقدم رؤية متماسكة هي ذاتها التي قدمها العمري هنا أختلف معك بانك لو جمعت الايات كلها لما وجدت هذه الصورة التي تتصورها اذا سمعت كلام الدكتور العمري , وهذا الامر ذكره العمري في مداخلته عندما تكلم عن الايات التي ذكر فيها يونس عليه السلام فيها ولهذا قال:
لا يقدم الخطاب القرآني صاحب الحوت، يونس، الا في اللحظات الأزمة، بعد خروجه من نينوى، - ولا يرد أي ذكر لما قبل الخروج في المواضع الثلاث التي تطرق لها الخطاب القرآني إلى قصة يونس وهي: الأنبياء (87 – 88) – الصافات (139 – 148)، والقلم (48 – 50) – وكل السور بالمناسبة مكية مثل كل الأمثلة القرآنية السابقة.
والتركيز على يونس بعد خروجه من نينوى له دلالات تتكشف بالتدريج عبر الغوص في القصة – والسياق العام الوارد عبر الخطاب القرآني لا يعارض شيئا من التفاصيل التوراتية لما قبل الخروج .. انا ارى ان شخصية يونس عليه السلام في القران تختلف كثيرا عن الكلام المزعوم في التوراة المحرفة والذي لا يقبله احد خصوصا عن زعمهم على الله عز وجل في القصة.
اتساءل في النهاية عن مغزى سؤالك للأخ السائح: دلني عن من قال انها منكرة؟
هل هي منكرة ام لا؟ -هل تراها انت انها منكرة؟ و هل تعتقد ان معناها منكر .. ؟
هنا تجد الجواب:
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=9&ID=25225&SearchText= ورقة& SearchType=root&Scope=0,9&Offset=0&SearchLevel=QBE
(يُتْبَعُ)
(/)
اما عن سند الروايات التي تتكلم عن التردي فتجدها فاليك بيانها من سلسلة الاحاديث الضعيفة منقول من الشاملة الاصدار الثاني: - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل، فحزن حزنا شديدا فكى كان يغدو إلى (ثبير) مرة، و إلى (حراء) مرة، يريد أن يلقي بنفسه منه، فبيناهو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء و الأرض متربعا عليه يقول: يا محمد أنت رسول الله حقا، و أنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد أقر الله عينه، و ربط جأشه ".قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (3/ 160): ضعيف. رواه ابن سعد في " الطبقات " (1/ 1/130 ـ 131): أخبرنا محمد بن عمر ; قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي .. إلخ.قلت: و هذا سند واه جدا، محمد بن عمر هو الواقدي و هو متهم بالكذب على علمه بالمغازي و السير، و شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه، و لكني أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو معروف و لكن بالكذب، و هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، كذبه جماعة. و يرجح أنه هو ; كونه من هذه الطبقة و كون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا أيضا، و قد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء و المتروكون " (ص 57): " و الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة:
1 - ابن أبي يحيى بالمدينة.
2 - و الواقدي ببغداد.
3 - و مقاتل بن سليمان بخراسان.
4 - و محمد بن سعيد بالشام، يعرف بالمصلوب.
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا، و لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من حديث عائشة في صحيح البخاري و غيره، بيد أن له علة خفية، فلابد من بيانها فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (رقم 22 ـ ترتيب الفارسي) من طريق ابن أبي السري: حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة
قالت: أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب له الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فجأة الحق و هو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارىء ... الحديث إلى قوله: قال (يعني ورقة): نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا عودي، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر الوحي فترة، و زاد: حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل، فقال له جبريل، فقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل، فيقول له مثل ذلك. و ابن أبي السري هو محمد بن المتوكل و هو ضعيف حتى اتهمه بعضهم، و قد خولف في إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " (6/ 232 ـ 233): حدثنا عبد الرزاق به. إلا أنه قال:حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه .. إلخ، فزاد هنا في قصة التردي قوله:" فيما بلغنا ".و هكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " (12/ 311 ـ 317) من طريق عبد الله بن محمد و هو أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرزاق به بهذه الزيادة، و أخرجه مسلم (1/ 97 ـ 98) من طريق محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق به، إلا أنه لم يسق لفظه، و إنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن شهاب، و ليس فيه عنده قصة التردي مطلقا، و هذه الرواية عند البخاري أيضا في " التفسير " (8/ 549 ـ 554) ليس فيها القصة، فعزو الحافظ ابن كثير في تفسيره الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين، نعم قد جاءت القصة في الرواية المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " (1/ 110 ـ 111): حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد به، و
(يُتْبَعُ)
(/)
فيه قوله: " فيما بلغنا "، فهذه الرواية مثل رواية أحمد و ابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله: " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، و هي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة المذكورة أعلاه، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر، و فاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة، قال: ثم إن القائل: " فيما بلغنا " هو الزهري، و معنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، و هو من بلاغات الزهري، و ليس موصولا، و قال الكرماني: هذا هو الظاهر و يحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور، و وقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: " فيما بلغنا "، و لفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري و عن عروة عن عائشة، و الأول هو المعتمد. و أشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير " و اعتمده، و محمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الغلط. و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال: ضعفه أحمد.
قلت: فمثله لا يحتج به، إذا لم يخالف، فكيف مع المخالفة، فكيف و من خالفهم ثقتان عبد الرزاق و يونس بن يزيد، و معهما زيادة؟!
و خلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس و لا عن عائشة،
و لذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " (1/ 5) على أن بلاغ
الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في "
الصحيح ". والله الموفق.
وانما اعترضت على قوله منكرة لان النكارة لها مدلول يختلف عن الضعف من حيث الراوي والمعنى. وأظن أن السائح بارك الله فيه لم يقصد ذلك لذا سألته.
ـ[السائح]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:52 م]ـ
بسم الله، والحمد لله.
أخي عز الدين، حفظك الله.
نكارة الحديث آتيةٌ من ناحيتين:
1 - عدم وروده بسند صحيح متّصل، ولو كان عند الزهري - رحمه الله - عن ثقة؛ لصاح بذلك إن شاء الله تعالى، ولو لا أن المجال هنا يَضيق؛ لنقلتُ من أقوال الأئمة الجهابذة توهينَهم وتوهيَتهم مراسيل الزهري، والزهري من كبار الحفّاظ، ولو كان أخَذَ الحديث عن صحابيّ، أو تابعيّ ثقة؛ لبادر إلى ذلك وسارع؛ لذلك فالأرجح الأشبه بالصواب أن هذا الحديث معضل، كما يَظهر للمتأمّل المُْنعم النظر.
2 - فيه نسبة همّ النبي صلى الله عليه وسلم بالتردّي من رؤوس شواهق الجبال مرارا وتكرارا، وهذا لا يليق بأشرف خلق الله تعالى، وأقربهم إليه زُلفى.
نعم؛ قد تأثّر النبي صلى الله عليه وسلم من فترة الوحي؛ حتى أنزل الله تعالى عليه سورة الضحى، لكن لم يبلغ به الأمر صلى الله عليه وسلم إلى همّه بالتردّي من رؤوس شواهق الجبال مرارا، وقد عُلم الوعيد الشديد، والتحذير الأكيد الوارد في النهي عن قتل النفس بأنواعه.
وأدعو كلّ ناصح لنفسه، مُتحرّ في أمور دينه، أن ينأى عن كلّ ما لم يثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، خاصة في أمر يتشبّث به ذوُو الضغن والإحن، ويتوسلون ويتوصلون - وما أبعدهم عن ذلك - إلى الطعن في نبيّنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ونحن نُعاني الآن من حملة مُعبّأة مُركّزة قائمة على قدم وساق للنيل من النبي العظيم صلى الله عليه وسلم؛ فاللهَ اللهَ، لا يُؤتََينّ دينُنا من قبلنا.
وقد قيّض الله جلّ وعزّ لسُنة نبيّه الكريم صلى الله عليه وسلم جهابذةً حُفّاظاً، ونُقّاداً أيقاظاً، وصيارفةً أفذاذاً، توفّروا على حفظ السنة وتحريرها، وتنقيتها مما شابَها من أُخلوقات كدّرتْ صفوَها، وأصّلوا قواعد وأركانا عليها تقوم، وبها تحيا وتبقى صافية نقيّة، وسُقيا لمن قال: الإسناد من الدين، ولو لا الإسناد؛ لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدّثك؛ بقي!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو وقع الهمّ منه؛ لنقله الحّفاظ الأيقاظ بالأسانيد الوثيقة، والطرق المتينة، وعدم وروده بالأسانيد الصحيحة المُتّصلة قرينة قويّة على نكارته وعدم صحّته، ولا ريب أن أوثق من روى قصة بدء الوحي بتفصيل وتطويل: أم المؤنين عائشة رضي الله عنها، ورواه عنها أثبت الناس فيها ابنُ أختها الحافظُ الإمام الفقيه عروة بن الزبير، وعنه روى الزهري أصل الحديث، وبالتأمل وإنعام النظر يظهر لك أن مُبلّغ الزهري - وهو مُبْهَمٌ لم يوقف على عينه ولا على حاله - قد شذّ بهذا الخبر الغريب المُنكر، ثمّ لم يظهر أنه مسند متّصل، ولو وقع الهمّ منه صلى الله عليه وسلم؛ لكان عروة أولى بحفظه وروايته، والحمد لله الحافظ لدينه أن وفّق لنا أئمة أسّسوا قواعدَ وأصولاً تُمَكّننا من دفع الأُخلوقات المُلصقة بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
والتساهل في أمر قَبول المراسيل والمعاضيل يُوردنا موارد خطيرة، دينُنا في غنى عن إقحامه فيها، وأُخلُوقة الغرانيق قد رُويت من طُرق مرسلة أقوى من حديث الهمّ، ومع ذلك تتابع كثيرٌ من المُحقّقين على إبطالها، وعفا الله عمّن قوّاها بمجموع طّرقها الواهية، ولم يَنفُذ إلى ما تحويه من كوائن تقلّدها الملاحدة للطعن في الوحي، والسعي الحثيث في تشكيك الناس في دينهم.
والأمر - والله - بحاجة شديدة إلى فقه ونفوذ وغَوْص في فقه علل المرويّات، وذَوق يكاد يّلْحق من حصّل أدَواته بصحبة أولئك الأفذاذ، واستشعار أنفاسهم، وهذه المَلكة لن يُؤتاها إلاّ من لم يكن له شأنٌ إلاّ هذا الشأن.
والحاصل أنني أنصح كلّ مؤمن يرجو يوم الحساب أن يحترم الاختصاصات، وأن يعلم أن الأعداء يتربّصون بنا الدوائر، وأنهم ينتهزون كلّ فرصة للنيل من ديننا ونبيّنا صلى الله عليه وسلم.
ووالله لست مُهَوّلا مُبالغا، بل أنا مُنطلق من واقع مَرير، بعد وقوف على مُخطّطات الأعداء وتآمراتهم، وتقفُّرهم لهاتيك الأُخلوقات الباطلات.
أسأل الله أن ينصر دينه وكتابه وسنة نبيّه، وأن يُبطل كيد الأعداء، وأن يوفّقنا لأن نكون في مستوى التحدّيات والتآمرات التي تُحاك لحرب ديننا، ومن أعظم ما بُلينا به أننا نلدغ من جُحُور الكفار مرات وكرات.
أخي مجدي، وفّقك الله.
قد تُوبع معمرُ، تابعَهُ: يونس بن يزيد الأيلي عند أبي عوانة في مستخرجه 1/ 274 ح: 245.
وفّقكم الله وبارك فيكم.
ـ[السائح]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:55 م]ـ
أخي الفاضل مجدي، علم الله أنني كتبتُ المشاركة المتقدّمة قبل الاطّلاع على نقلك.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[06 Mar 2006, 05:07 ص]ـ
اخي الكريم السائح. بارك الله فيك ..
كلمة اخرى و تصير هذه الزيادة جزءا من حملة الاساءة للرسول الكريم، و يصير الزهري متواطئا مع الحملة ..
اخي الكريم، هذه الحملة لا يجب ان تجعل رد فعلنا معاكسا بحيث يخرجنا من ثوابتنا الى منطقة " الغلو" المنهي عنها .. الا ترى ان حملة الاساءة قد قوبلت بكم من الاغاني و الاناشيد و القصائد المغناة التي تترنم بحب النبي عبيه افضل الصلاة و السلام بطريقة ما كانت الا ستثيرغضبه و استهجانه عليه الصلاة و السلام .. هل سينسحب ذلك الى حملة لنتقية البخاري مما صرنا نعده اليوم منكرا و ما لم يعده البخاري كذلك؟ و الا ما كان اورده اساسا؟
قولك عن " امر الهم" و تناقضه مع النصوص التي تنهى عن قتل النفس يجعلني اتوقف لأسالك سؤالا: هل تدرك ان كل ما نزل من القرآن -آنذاك- لم يكن سوى بضع ايات؟ و ان ما تتحدث عنه لم يكن قد تنزل بعد؟ هل ينبغي الحكم بأثر رجعي على امر تقول الزيادة - ان الرسول الركيم عليه الصلاة و السلام قد هم به؟؟
نفس الشي ينسحب على توقعك ان لو يكون " الهم قد حدث " فلكان نقل لنا عبر الحفاظ الثقاة، و لا اخالك الا تقصد انه لو كان حدث لكان اتصل السند!
لكنها فترة مبكرة يا اخي. و المسلمون كانوا قلة قليلة، و لولا حديث السيدة عائشة رضي الله عنها لكانت ظلت الفترة مبهمة .. و هي طبعا لم تعاصر الفترة و انما نقلت ذلك لاحقا بينما كان سيد البشر عليه الصلاة و السلام يجيبها عن سؤال محدد لها عن اول نزول الوحي .. و لذلك فعدم قول السيدة عائشة لا ينفي الامر كما لا يثبته ..
اما عن تصعيد الامر الى ما تسميه اولا "اخلوقة " الغرانيق، ثم تعود فتقويه و تجعله اقوى من هذه الزيادة الموجودة في صحيح البخاري فهو امر بمثل ما قد تقودنا ردود افعالنا له .. انك لكي تنسف امر الهم شبهتة بقصة الغرانيق، ثم عدت و قويت قصة الغرانيق!! بقولك انها اتت بطرق اقوى ..
هل يستقيم هذا اخي الكريم؟ لا اود فتح باب الغرانيق في النقاش لكن الزيادة في الحديث سواء اتت من معمر او من الزهري فهي منظبطة مع معايير بخارية معينة .. و لا يمكن حذفها بهذه السهولة و لو حصل و حذفت فأن معيار الحذف يجب ان يكون متسقا مع بنية الحديث و فترته الزمنية و ليس مع مجموعة احكام مسبقة اتت من احكام و نصوص لاحقة نحاكم بها هذه الزيادة ..
بالمناسبة: حذف هذه الزيادة بالمعيارالاسنادي الذي ذكرته حضرتك يجب ان يقودنا الى حذف كل زيادة مماثلة في البخاري و غيره، و ليس فقط لأن معناها كان - حسب ما تتصوره بناء على نصوص لاحقة- منكرا ..
اخي الركيم، اتفهم الواقع المرير الذي تنطلق منه لتقول ما قلت، لكن هذا ايضا خارج الصدد، لا يجب ان يقودنا اليأس الى غلو و تطرف نهانا عنه افضل الصلاة و السلام .. بل اني اهمس في اذنك لأقول انك - في هذا الواقع المرير- يجب ان تنظر اليه عليه افضل الصلاة و السلام في تلك الفترة: كان الواقع مريرا ايضا، مريرا جدا، و كانت المسؤلية على عاتقه ضخمة، كما هي علينا اليوم،و كان الامر انه كاد ان يكون في بطن حوت مظلم - الذي نحن فيه اليوم فعلا- لكن نزل الوحي ... لا تكن كصاحب الحوت ..
لذلك افخر بالزيادة. سيدى و رسولي كان بشرا. مر بما يمر به البشر مما قد يكون يفسر انه يأس، لكنه عبر بأتجاه الضوء و خرج من بطن الحوت، و لذلك فهو قدوتي، و ذلك كله سيجعلني اخرج من واقعي المرير ..
القدوة لا يمكن الا ان تكون ذلك. اي قدوة "ليست بشرية" هي ليست قدوة اصلا ..
بارك الله فيك اخي الكريم .. و سدد الله رأيك و جزاك الله عن غيرتك على دينه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نور الهداية]ــــــــ[06 Mar 2006, 10:16 م]ـ
ارجو من الاخوة المشاركين فى موضوع لاتكن كصاحب الحوت ان يعلقوا على مفهموه من النص نفسه او ماوجدوا فيه من مخالفات اما عن كونه قصر فى الصلاة على النبى عند ذكره عليه السلام فممكن تجاوز هذا التقصير بأن نصلى نحن القراء عليه عند ورود اسمه عليه السلام
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[07 Mar 2006, 03:19 ص]ـ
اخي الكريم مجدي، السلام عليكم: الرابط الذي اوردته عن الحديث و الذي قلت لي ان فيه الجواب على سؤالي لك في كون الزيادة منكرة -لم ار فيه اي رد على سؤالي بل اني وجدت السياق العام في فتح الباري يؤيد الزيادة الى حد كبير ...
الدخول في النقاش حول الاسانيد و خصوصا النقل الذي اوردته من الشيخ الالباني يخرجنا عن نقاشنا،خصوصا ان جل النقد يوجه الى طرق اخرى للزيادة غير هذه .. اما القول ان الزيادة في البخاري" فيها علة خفية" فهو لا يجعلها مثل الطرق الاخرى ..
و القول ان لو كان الزهري عرف الزيادة من تابعي ثقة لقال ذلك يسوغ لي ان اقول لو ان الزهري- او معمر-او كائنا من كان في السند- قد عرف ان هناك معنى منكرفي الزيادة لما وصلت الينا اصلا ...
و قولك انه ان العبارات المستعملة مع الانبياء يجب ان تكون الطف، عبارة فيها تطور كبير، اذن صار الامر الان، بعد كل هذا، مجرد تلطيف للعبارات؟
لكن الاترى معي ان التلطيف و التشديد هو امر غير معياري، يختلف من معيارك الشخصي للطف الى معيار شخص آخر له؟ ممكن جدا انك ترى العبارات تحتاج الى تلطيف و يراها آخر عبارات لطيفة اصلا ..
بالمناسبة اخي مجدي .. انا ادرك تماما انك احببت النص، و انك تأثرت به جدا ... و لولا انك ذلك ما كنت ناقشت بعض تحفظاتك عليه ..
ريثما اسمع ردك، اؤكد لك انه سيكون هناك نقاش آخر في نقل آخر من البوصلة ..
و السلام عليكم ..
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 Mar 2006, 10:42 ص]ـ
اخي الكريم مجدي، السلام عليكم: الرابط الذي اوردته عن الحديث و الذي قلت لي ان فيه الجواب على سؤالي لك في كون الزيادة منكرة -لم ار فيه اي رد على سؤالي بل اني وجدت السياق العام في فتح الباري يؤيد الزيادة الى حد كبير ...
الدخول في النقاش حول الاسانيد و خصوصا النقل الذي اوردته من الشيخ الالباني يخرجنا عن نقاشنا،خصوصا ان جل النقد يوجه الى طرق اخرى للزيادة غير هذه .. اما القول ان الزيادة في البخاري" فيها علة خفية" فهو لا يجعلها مثل الطرق الاخرى ..
..
أخي أظن ان كلامي التبس عليك فانا لم أقل انها منكرة انا قلت انها مدرجة في الحديث من كلام الزهري والذي ادرجها هو معمر وهذا واضح في كلام الحافظ ابن حجر في كلامه عليها.
والبلاغات تعتبر ضعيفة لانها لا تعتبر مسندة , وفي البخاري العديد من الأحاديث المعلقة , وللحافظ ابن حجر كتاب في كتاب تغليق التعليق.
اما بالنسبة للنكارة فقد أعترضت على السائح وفقه الله القول بالنكارة وعللت سبب اعتراضي وهي آخر سطرين في مداخلتي الاخيرة وقلت:
وانما اعترضت على قوله منكرة لان النكارة لها مدلول يختلف عن الضعف من حيث الراوي والمعنى. وأظن أن السائح بارك الله فيه لم يقصد ذلك لذا سألته.
اما كلام الالباني فقد وضعته لك كاملا لأكثر من سبب الاول ان الحديث قد يكون بلاغا في البخاري ويصله غيره الى النبي صلى الله عليه وسلم. اما قوله عن العلة فهي الكلام الذي وضعته لك بالربط والذي تكلم عليه الاسماعيلي رحمه الله.
فلم اقل ان هذا المعلق صحيح ولا قلت انه منكر وانما أشرت الى حاله بأنه بلاغ للزهري رحمه الله الذي ادرجه في حديث عائشة ام المؤمنين هو معمر على الأغلب.
و القول ان لو كان الزهري عرف الزيادة من تابعي ثقة لقال ذلك يسوغ لي ان اقول لو ان الزهري- او معمر-او كائنا من كان في السند- قد عرف ان هناك معنى منكرفي الزيادة لما وصلت الينا اصلا ... كلامك صحيح ولكنه ليس شرطا لذا سألت الأخ السائح من قال انها منكرة. لان النكارة هي مخالفة الضعيف للثقة اما مخالفة الثقة لمن هو ثقة احفظ منه او اتقن فهذا يسمى شاذا. ولو كان منكرا لما تكلم عنه الاسماعيلي بتلك الطريقة.
و قولك انه ان العبارات المستعملة مع الانبياء يجب ان تكون الطف، عبارة فيها تطور كبير، اذن صار الامر الان، بعد كل هذا، مجرد تلطيف للعبارات؟
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم أخي هو يعبر بكلمات أحيانا لا ينبغي ان يقولها كاليأس والهروب من الرسالة وحملها والقول بان القرعة لأرضاء شركاء الكفار هذه يجب ان لا تكون كذلك يجب ان تستبدل بعبارات لا يوهم السامع العامي بأمر قد لا يقصده المؤلف , وكذلك الامر بالنسبة للتوراة والرجوع اليها وجعلها اساسا لتفسير الايات. اذاخي لو راجعت كل التفاسير التي نقلت هذه الاسرائيليات ستجد ان أصحابها طرحوا العبارات المنكرة منها فلم يقل أحد انه ترك الرسالة وهرب كما في كتب اليهود بالطبع هذه القصة هي فيما يسميه النصارى العهد القديم ولكنها ليست في التوراة اصلا فكما تعرف يونس عليه السلام بعد موسى عليه السلام.
اما المعاير فالامر ليس خاصا بي ولا بك ولا بالدكتور العمري. الامر يجب ان يقيد بالشرع. فلو كنا نتكلم عن انسان عادي مثل "جحا "الذي جعله الناس مثالا للسخافة يجب انصافه وعدم التكلم عليه الا بحق. وجحا ليس الا تابعيا فكيف الامر بنبي , بالطبع لا أقصد الا كيفية التعامل. فالكلام عن يونس عليه السلام يجب ان يكون وفق الضابط " لا ينبغي لأحد ان يقول انا خير من يونس ابن متى" فان كان لا ينبغي القول بذلك فلنوقر هذا النبي عليه السلام. ولا نفعل مثلما فعل بنوا اسرائيل بانبيائهم حتى جعلوهم مثالا للفساق والله المستعان.
اما بالنسبة لكلمات الدكتور العمري , فما اوردت لك كلام ابن بطة الا لتعلم ان المخالفة في بعض الكلام لا يجب ان تتخذ طريقا للعداوة , ولا للظن بان من ينتقد كلمات انه ينتقد كل الكتاب, فسيد قطب صاحب الظلال رحمه الله كتب عبارات من مثل هذه في مواضع انتقدت عليه.وليس منا أحد معصوم ,لذا فان كنا نطلب العلم , ونسعى للأفضل يجب ان يتسع صدرنا للانتقادات وننظر فيها ونأخذ ما ينفعنا ونترك ما لا فائدة منه ونجتنب الضرر ايمنا كان , فان كان المنتقد محقا أخذنا بكلامه , وان كان غير ذلك علمناه وهديناه للحق , والمؤمل من النقاش ان نعرف الأخطاء ونزداد علما لا ان نسب بعضنا او نتجه لايذائهم كما يحب البعض. فلا يبين الخطأ ليستفيد من يكتب له ويكسب الاثم من ايذاء أخيه.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[08 Mar 2006, 03:20 ص]ـ
اخي الكريم مجدي بارك الله فيك، هناك امور لن تنتهي في النقاش و لذلك لا جدوى من استمرار تكرارها، هناك هامش مقبول للخلاف في الاراء، و هناك ايضا مصطلحات و مفاهيم مختلفة و لا اظن انها يمكن ان تلتقي بسهولة، و ان كان اختلافها لا يعني تضادها على الاطلاق، معيار الشرع مثلا افهمه مثلا - و هذا فهمي انا- ان يكون مرتبطا بنص قرآني او نبوي واضح و ليس بالضرورة ان يرتبط باقوال علماء مهما علت هامتهماو تراكمات افهام معينة على اجلالي و تقديري لهذا كله ..
اكرر في النهاية ان الذب عن الرسول الكريم لا يكون بالغلو فيما امرنا بتركه، و بالذات لا يكون في ان نرى المؤامرة في كل ما يقال، و طبعا انا اتفهم حساسية الوضع دقة الموقف الذي نمر به، و ان كنت اتصور ان هذا يجب ان يجعلنا ملتصقين بقيمنا اكثر - ان نكون انفسنا اكثر- اي ان نترك الغلو و المبالغات الى الصورة الواقعية المتوازنة التي امرنا بها ..
لقد كان نقاشا جادا مثمرا اخي الكريم و انا اكبر فيك و في كل الاخوة المستوى العالي من الاخلاق في النقاش .. و ارجو ان نلتقي في المشاركة الاخرى بعنوان" يونس هود و يوسف: الثلاثية القرآنية و اشياء اخرى " و هي ايضا مستلة من البوصلة ..
مع عظيم الشكر ..(/)
سؤال لطلبة العلم حول القلقلة؟
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[22 Feb 2006, 08:24 م]ـ
هل الأولى أن يكون اهتزاز الطاء والقاف نحو الفتح والضم، والباء والجيم والدال نحو الكسر عند القلقة؟
أم أن أحرف القلقلة لا تميل إلى كسر أو فتح أو ضم على الإطلاق؟
وهل هنالك خلاف بين القراء المتقدمين والمتأخرين في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيرا(/)
سؤال عن مخطوطة (درج الدرر في تفسير الآي والسور) للإمام عبد القاهر الجرجاني
ـ[أبو زياد محمد]ــــــــ[22 Feb 2006, 10:55 م]ـ
الإخوة الأفاضل رواد ملتقى أهل التفسير أحييكم بتحية الإسلام وبارك الله فيكم وجعل الجنة مثواكم. أرجو منكم المعاونة في إيجاد مخطوط بعنوان درج الدرر في تفسير الآي والسور للإمام عبد القاهر الجرجاني , أين أجد نسخ هذا المخطوط. وجزاكم الله خيرا.
ـ[روضة]ــــــــ[22 Feb 2006, 11:01 م]ـ
الأخ أبو زياد،
على ما أذكر .. هذه المخطوطة موجودة في مكتبة الجامعة الأردنية، وإن لم تخني الذاكرة فقد تم تحقيقها من قبل إحدى طالبات الدراسات العليا (الماجستير)، فإذا كان الأمر يهمك فسأتحرى لك عنه.
ـ[أبو زياد محمد]ــــــــ[22 Feb 2006, 11:13 م]ـ
الأخت روضة جزاك الله خيرا وأتمنى إفادتك حول نسخة المخطوطة في الأردن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2006, 11:47 م]ـ
يمكنك الاطلاع على هذا الموضوع.
تفسير جديد للعلامة البلاغي عبدالقاهر الجرجاني (471هـ)
(درج الدرر في تفسير الآي والسور) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3129)
ـ[روضة]ــــــــ[23 Feb 2006, 07:48 م]ـ
هناك أربع نسخ لهذا المخطوط ذكرتها الباحثة: حنان لطفي ذياب، في رسالة ماجستير قدمتها في الجامعة الأردنية، قامت فيها بتحقيق المخطوط ودراسته من سورة الفاتحة إلى آية 142 من سورة البقرة، وفيما يلي وصف ملخص للمخطوطات:
1. النسخة الأولى محفوظة في مكتبة (كوبريلي) بتركيا تحت رقم (95)، ومنها صورة ميكروفلمية في مكتبة الجامعة الأردنية، رقم الشريط (1169)، وهي في (69) صفحة.
عانت النسخة من طمس في مواضع منها، ومع ذلك فهي أكمل نص للمخطوط، حظيت بتعليقات في بعض هوامشها، ثم هي نسخة مقابلة بما فيه من عبارات، نحو: بلغ، وصح ..
كتبت النسخة بخط مقروء، ونهج الناسخ فيها طريقة معينة في كتابة بعض الكلمات والحروف، مثلاً: الألف من أل التعريف كتبت مرتبطة باللام، فمثلاً: (الحث)، تكتب (للحث) .. [وذكرت أموراً أخرى على طريقة الناسخ].
2. النسخة الثانية محفوظة في مكتبة (كوبريلي) أيضاً تحت رقم (94)، ومنها نسخة ميكروفلمية في مكتبة الجامعة الأردنية برقم (1168)، تقع في (61) صفحة، كتبت الآيات فيها بمداد أحمر، والكلام محصور بين قائمين.
3. النسخة الثالثة محفوظة في مكتبة (نورعثمانية) بتركيا، تحت رقم (96)، ومنها نسخة ميكروفلمية في الجامعة الأردنية، رقم (1173)، وتقع في (46) صفحة، خطها مقروء واضح، والكلام محصور بين قائمين، وكتبت الآيات فيها بمداد أحمر.
4. النسخة الرابعة محفوظة في دير الاسكوريال بإسبانيا، تحت رقم (1400)، وهي في (83) صفحة، وقد كثر في هذه النسخة السقط؛ إذ سقط منها ما يعادل ورقتين، إضافة لذهاب أسطر وكلمات، وبل أحياناً كثيرة جزء من الكلمة.
وتجدر الإشارة إلى أن النسخ الأربع كاملة، فُسِّر فيها القرآن الكريم من أوله إلى آخره، إضافة إلى أنها جميعاً تخلو من مقدمة للتفسير فيها.
ـ[روضة]ــــــــ[24 Feb 2006, 12:50 م]ـ
عنوان هذه المخطوطة على ما جاء في رسالة الأخت الباحثة حنان لطفي: (درج الدرر في تفسير القرآن العظيم)، وليس (درج الدرر في تفسير الآي والسور)، فأيهما أصحّ؟؟؟؟؟
ـ[أبو زياد محمد]ــــــــ[25 Feb 2006, 05:09 م]ـ
الأخت روضة جزاك الله خيرا على اهتمامك بالأمر وعلى حسب علمي أن اسم المخطوط درج الدرر في تفسير الآي والسور وهل من الممكن إذا احتجت جزءا من المخطوط أ ن تقومي بتوفيره وجزاك الله خيرا
ـ[روضة]ــــــــ[26 Feb 2006, 01:51 ص]ـ
على الرحب والسعة، أخي الكريم.
وبارك الله فيك.
ـ[أبو زياد محمد]ــــــــ[26 Feb 2006, 11:34 م]ـ
الأخت الكريمة روضة أرسلت لك رسالة على صنوق رسائلك على الملتقى أرجو قراءتها(/)
أسئلة متعلقة بتعلم التفسير
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[23 Feb 2006, 05:06 م]ـ
هل هناك طريقة مرحلية لتعلم التفسير من خلال كتب التفسير بماذا يُبدأ؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Feb 2006, 07:47 م]ـ
سبق نقاش هذا الموضوع هنا ..
كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن [مهم] ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=26)(/)
تعليل كثرة ورود الجملة الاسمية ومركباتها في سورة الأنفال؟
ـ[رحيل]ــــــــ[23 Feb 2006, 05:25 م]ـ
السلام عليكم
أرجوا أن تسمحوا لي بطلب مساعدة ممن له القدرة على تعليل ورود الجملة الاسمية ومركباتها في سورة الأنفال، أي تعليل الكثرة والقلة لورود المبتدأ الصريح أكثر مثلا، وربط ذلك بمعاني الآيات في السورة، لأني بصراحة لا أملك الجرأة ولا القدرة على ذلك، أرجوا أن أجد في الملتقى من يفيدني وفي أقرب وقت ممكن، وسأكون ممتنة له كثيرا وله من الله الثواب الجزيل بإذنه تعالى، وصل اللهم وبارك على أفضل خلقك محمدا عليه أفضل الصلاة والتسليم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Feb 2006, 07:43 م]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة.
أنا لا أدري عن سبب سؤالك، هل هو بحث علمي تريدين القيام به، وما زلت في بداية الطريق، وتريدين من يدلك على كيفية السير في البحث؟ أم هو مجرد سؤال خطر على ذهنك عند قراءتك لسورة الأنفال فأردت الاستفسار؟
فإن كان الأول فلا بد أن هناك خطة علمية للبحث، ومشرف يوجهك أثناء البحث، للسير على منهج علمي صحيح. وعلى هذا لا يجدي الجواب المختصر، ولا بد من مراجعة ما كتب عن الجملة العربية. مثل كتاب الدكتور فاضل السامرائي (الجملة العربية والمعنى) وغيره ممن كتب حول هذا الموضوع في الدراسات النحوية والبلاغية.
وإن كان الثاني، فبيني لنا مشكورة، نجتهد في الجواب إن شاء الله.
ـ[رحيل]ــــــــ[24 Feb 2006, 12:45 م]ـ
السلام عليكم
أخي وأستاذي الفاضل أشكرك في البداية عن الرد وثانيا أنا مكلفة بإنجاز بحث علمي لكن على مستوى فوجي في الجامعة والأستاذ لم يقم بإعطائنا خطة أو منهج لنسير عليه كل ما فعله طلب منا انجاز الإحصائيات الخاصة بالجملة الاسمية ومركباتها في السورة ثم التعليق عليها أي تبريرها وتعليلها وهذا في نظري من اختصاص الراسخين في العلم، حان موعد تسليم العمل واحترت في أمري، فأرجوك أستاذي الكريم إن كان بإمكانك مساعدتي فتكرم بفعل ذلك، وبخصوص الإحصائيات فإن سمحت لي يمكنني تزويدك بها، لا أملك إلا أن أقول جزاك الله خيرا وأدع لي بالتوفيق.
ـ[روضة]ــــــــ[24 Feb 2006, 02:11 م]ـ
الأخت الكريمة رحيل،
السلام عليكم،
يسعدني أن أبذل جهدي لتقديم المساعدة لك في بحثك المذكور، ولكن هذا يحتاج إلى بعض الوقت، بضعة أيام، وكنت قد كتبت أثناء دراستي في الجامعة بحثاً عن أسباب النصر في ضوء سورة الأنفال، لمادة (التفسير الموضوعي)، وكانت نتيجة البحث أن موضوع السورة الرئيس والمحوري هو (قانون النصر والهزيمة).
ومعلوم أن من أغراض الجملة الاسمية الدلالة على الثبات والدوام، وهذا يتناسب مع القانون الثابت الذي لا يتغير ..
هذا كلام مبدأي إلى حين الانتهاء من النظر في السورة الكريمة والبحث بدقة عن دلالة ورود الجمل الاسمية فيها بكثرة، ويمكنك الاطلاع على الرابط التالي، لتتبيني أغراض الجملة الاسمية:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4635 (http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4635)
وأرجو أن تعلمينا بالموعد النهائي المحدد لتقديم بحثك.
ـ[رحيل]ــــــــ[24 Feb 2006, 05:17 م]ـ
السلام عليكم
أختي روضة لا تتصوري مدى سعادتي أن أجد من يفكر في مد يد المساعدة لي فألف ألف شكر وجزاك الله خيرا، فعلا لقد بدأت تتوضح معالم الصورة لدي فما ذكرته مهم جدا وأرجوا أن تتكرمي وتفيديني بالمزيد، وبالنسبة للموعد النهائي المفروض لتقديم البحث هو يوم الاربعاء المقبل انشاء الله فلو استطعتي أن تقدمي لي المساعدة قبل الموعد ولو بساعات تكوني قد أسديتي لي معروفا لن أنساه، وإن لم يكن الأمر كذلك فسأبقى بإنتظار المعلومات لسببين أولا لرغبتي في الاطلاع والمعرفة وثانيا لعل الله يحدث أمرا ويتأجل الموعد، أكرر شكري وامتناني وأنا في انتظار الرد ومن أسعد الفرص في حياتي أن أتلقى ردا من أخت فاضلة سأظل أذكرها ما حييت
ـ[روضة]ــــــــ[24 Feb 2006, 09:12 م]ـ
أكرمك الله أختي رحيل، وعلمنا وإياك التأويل والفقه في كتابه العزيز ..
هل يمكنك تزويدي بالإحصائيات التي قمتِ بها؛ اختصاراً للوقت؟
ـ[روضة]ــــــــ[27 Feb 2006, 11:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
نزلت سورة الأنفال عقب أول غزوة وأعظم غزوة شهدتها الجماعة المسلمة التي كانت في طور النشوء والتكوين، فتضمنت السورة عرضاً لأحداث المعركة، وبينت قواعد وأصولاً تمثل في مجموعها قانون النصر الذي اقتضى نصر المسلمين على المشركين دون وجود تكافؤ بينهما، والموضوعات الأخرى التي اشتملت عليها السورة الكريمة مردّها إلى هذا الموضوع المحوري، بل هي مرتبطة به بشكل واضح، وتدور في فلكه، وليس هذا مكان الحديث عنها.
وقانون النصر المستخلَص من السورة مبني على توجيهات، إنْ التزمها المؤمنون ينالون النصر الذي وُعدوا به، من هذه التوجيهات ما جاء بجمل فعلية، وهناك أيضاً جمل إسمية، يمكن استخراج قواعد النصر منها، وبناء على هذا يمكن القول إن دلالة الجمل الاسمية في سورة الأنفال هو (السننية) ـ إنْ صح التعبير ـ، والثبات والحتمية، من خلال ربطها بالموضوع المحوري.
**********
أما عوامل النصر وأصوله المُصاغة بجمل اسمية والتي تؤدي إلى النصر، فأذكر منها:
* الثقة: من عوامل النصر في المعركة الثقة: ثقة القائد بالله تعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم أعظم قائد تظهر فيه هذه الصفة، فهو واثق بربه أنه ناصره، متيقن أنه مجيب الدعاء، فاجتهد في ذلك معلماً جندَه ـ والمسلمين من بعد ـ أن الله لا يخيب دعاء المخلصين، ولا يخلف وعده: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)، فالثقة نتجت من استمرار إمداد الله تعالى ما دام المسلمون على هذه الحالة من الاستغاثة والدعاء.
وتظهر أهمية هذه الصفة في القيادة حين نعلم أن الجنود يتأثرون بمعنويات القائد: "فالنواحي المعنوية والنفسية تسري إلى النفوس كما يسري الماء من المكان العالي إلى ما دونه، فيتقدم الجند طائعين واثقين مطمئنين؛ لأن وجدانهم يتبع وجدانه، فهم خاضعون لنفسه ونزوعه إلى الخير والفضيلة الإنسانية قبل أن يخضعوا لما يأمر وينهى". [بين العقيدة والقيادة، محمود شيت خطاب، ص12].
ويمكن استخراج عامل آخر من هذه الآية الكريمة، وهو:
* القوة المعنوية: وهذه من أهم العوامل الحاسمة في إحراز النصر، لأنها تؤثر بشكل مباشر على أداء المقاتل، وقد كان عون الله المستمر للمسلمين ـ على تنوع أشكاله ـ عاملاً أساسياً في رفع معنوياتهم، فقد استجاب الله لدعاء المسلمين واستغاثتهم، وأمدهم بالملائكة: أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)، وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)، وهذا غرس للطمأنينة في قلوبهم، إذ إن المعلوم أن عدة المسلمين كانت ثلث عدة الكافرين، ولذلك فإن النظرة المادية إلى هذا تجعل الكفة راجحة لصالح الكفار، وهذا قد يجعل اليأس يتسلل إلى قلوبهم، فيفقدون حماسهم للقتال، فكان الإمداد بالملائكة لتثبيت القلوب، ورفع الروح المعنوية.
قال الشيخ محمد رشيد رضا: "بيّن الله تعالى أن هذا الإمداد أمر روحاني يؤثر في القلوب، فيزيد قوتها المعنوية، فقال: (وما جعله الله إلا بشرى)، أي: وما جعل عز شأنه هذا الإمداد إلا بشرى لكم بأنه ينصركم كما وعدكم، (ولتطمئن به قلوبكم)، أي تسكن بعد ذلك الزلزال والخوف الذي عرض لكم في جملته، فكان من مجادلتكم للرسول صلى الله عليه وسلم في أمر القتال ما كان". [المنار: (613:9)].
* الصبر (أو إثبات معية الله للصابرين): (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46): "إن الله مع الصابرين بالمعونة والتأييد، وربط الجأش والتثبيت، ومن كان الله معه، فلا يغلبه شيء، فالله غالب على أمره، وهو القوي العزيز الذي لا يغالب". [المنار:25:10].
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن آيات سورة الأنفال التي تحدثت عن الصبر بجملة اسمية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ (65)
الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)، وعد الله المؤمنين أن يغلب الواحد الإثنين، ولكن هذا الوعد قُيِّد بالصبر، ثم ختمت الآية بما يثبت معية الله للصابرين.
وأيضاً هذه الآية نفيد منها عاملاً آخر من عوامل النصر، وهو:
* التعبئة النفسية والتحريض: وهي من أهم مهمات القيادة الواعية، وهذا التحريض قد يكون له أكثر من شكل: كنزع الخوف من قلوب المقاتلين، وأنهم قادرون على قتال ضِعف عددهم.
* وتذكيرهم بمعية الله تعالى، والتوكل عليه: وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) / إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)، ودور القيادة يكمن هنا في التعبئة النفسية للجنود ضد محاولات الأعداء، وإعدادهم إعداداً نفسياً: "حتى لا تصل الأمة إلى اليأس الذي يريد عدوها أن تصل إليه، والإعداد النفسي أن يشعر كل فرد مسلم يعيش فترة التأهب للجهاد، وأنه يقول كما قال آباؤه وأجداده من قبل حينما قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل". [خماسيات مختارة، أ. د. فضل عباس، ص315].
وقد جمع صاحب المنار الآيات التي تثبت معية الله للمؤمنين، فقال: "وفي معناها ـ (يقصد آية12) ـ قوله تعالى في بيان أن كثرة العُدَد وحدها لا تقتضي النصر في الحرب، بل هناك قوة معنوية إلهية قد ينصر بها الفئة القليلة على الكثيرة: "وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) "، وقوله عز وجل بعد الأمر بأسباب النصر المعنوية كالثبات في القتال وذكره وطاعته وطاعة رسوله والنهي عن التنازع: " وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) "، ومثله قوله بعد جعل المؤمنين حقيقين بالنصر على عشرة أضعافهم من المشركين في حال القوة والعزيمة، وعلى مثليهم في حال الضعف والرخصة بشروطه: "وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) " " [المنار: (119:10)] (ملاحظة: الآية الأخيرة التي ذكرها تنسجم مع نفيه النسخ عن هذه الآية، وهو بهذا يخالف الجمهور في إثبات نسخها).
أقول: ومن الملاحظ أن هذه الجمل التي تثبت معية الله للمؤمنين، جاءت على شكل جمل اسمية، تفيد الثبات والدوام، ومُصّدَّرة بحرف التوكيد (إنّ) إلا الآية الأخيرة، وذلك للتأكيد على هذا المعنى وتقريره، ومن كان الله معه فلن يغلبه أحد، فهو المتصف بالقدرة والقوة، وهذا خيط بارز كذلك في السورة، وهو التذكير بصفات الله تعالى التي تقتضي أن من يتصف بها قادر على منح النصر لمن أراد، وتسيير المعركة كما يشاء، وليس بينه وبين ما يريد حائل: إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) / فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) / إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) / وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67).
"فهو تعالى بمقتضى عزته وحكمته عند إيمانهم به وتوكلهم عليه يكفيهم ما أهمهم، وينصرهم على أعدائهم، وإنْ كثر عددهم وعظُم استعدادهم، لأنه عزيز غالب على أمره، حكيم يضع كل أمر موضعه، على ما جرى عليه النظام والتقدير في سننه، ومنه نصر الحق على الباطل، بل كثيراً ما تدخل عنايته بالمتوكلين عليه باب الآيات وخوارق العادات، كما حصل في غزوة بدر، وآيات الله لا نهاية لها". [المنار: (31:10)].
إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) / وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42): تذكير بأن الله عز وجل سميع لدعاء المؤمنين واستغاثتهم، فيؤيدهم بالنصر والغلبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) / وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) / وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) / إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52): هذه الآيات تذكر بقوة الله وبأسه، وأن عقابه شديد يستحقه من وقف خصماً لله، وحارب دينه، والحق الذي جاء له رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومعرفة صفات الله القوي تقوي في المؤمنين شعور الثقة بأنه سينتصر للحق، وسيدمر الباطل، وأنه مهما عظمت القوة المادية للأعداء، فإن الله غالب على أمره لا يقف في وجهه شيء.
فعقيدة التوحيد إذن هي سر قوة المجاهدين يوم بدر، وسبب نجاحهم، وهي سبب كل نصر.
* الطاعة: وهي تمثل علاقة القاعدة بالقيادة، والطاعة تعكس مدى إيمان الجندي بقيادته، لأنها سلوك عملي محسوس يترجم الاعتقاد القلبي غير المحسوس، فيُعلم من سلوك الطاعة الصادق من الكاذب، ويظهر أثر الطاعة واضحاً حين نعلم أنها تؤثر على نتيجة المعركة بشكل مباشر، حيث إن القائد لن يستطيع أن يشرع في تنفيذ خططه إذا لم يكن متأكداً من طاعة جنوده، وقد نعت الآية التالية على الذين لا يسمعون سمع إذعان وطاعة، ووصفتهم بأنهم شر الدواب: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22).
* روح الجماعة: بدأت السورة المتحدثة عن أعظم غزوة شهدها التاريخ ـ بدأت بالأمر بإصلاح ذات البين (آية 1)، إيذاناً بأهمية هذا الأمر عاملاً من عوامل النصر، حيث إنه يجب أن تحل علاقة الألفة والمحبة والتماسك بين الجنود بدلاً من أي علاقة أخرى يشوبها البغض أو الفرقة، لأن الجنود في خط الدفاع الأول والأهم أمام الأعداء، فإن كان هذا الخط مهزوزاً مفككاً، يسهل عندئذٍ القضاء عليه، ويبقى الوطن عارياً من وسائل الدفاع:
وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)
الفضل في زرع الألفة في قلوب المؤمنين يعود لمن يملك القلوب، حيث نزع الله تعالى التباغض من قلوبهم، فاتحدت كلمتهم، وأخذوا يرمون عن قوس واحدة، فنالوا النصر الذي لا يُنال إلا بالأسباب.
* معرفة سنن الله تبارك وتعالى: إن الأحداث التي تجري في العالم لا تجري صدفة ولا خبط عشواء، بل للعالم قانون يحكم الأحداث التاريخية، ويخضع له البشر في تصرفاتهم وأفعالهم، هذا القانون أطلق عليه اسم: (السنن الإلهية)، ومعرفة السنن ذات قيمة عظيمة في إحراز النصر، وتؤثر على سلوك الجنود في المعركة، ومن فوائد هذه المعرفة أن المجاهد حين يعلم أن السنة الإلهية لا تتخلف (ثابتة)، حيث إنها تعبر عن إرادة الله وحكمته، وحكمة الله نصر عباده المؤمنين ... حين يعلم المقاتل هذا فإنه سيقاتل وهو مطمئن أن الله سينصره؛ لأن من سنته نصر الحق: إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) / ومن سنته تعالى أن يحطم من يقف في وجه عباده: ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18):
"قاعدة وسنة، لا فلتة ولا مصادفة .. قاعدة وسنة أنه حيثما انطلقت العصبة المسلمة في الأرض لتقرير ألوهية الله وحده، وإقامة منهج الله وحده، ثم وقف منها عدو لها موقف المشاقة لله وللرسول، كان التثبيت والنصر للعصبة المسلمة، وكان الرعب والهزيمة للذين يشاقون الله ورسوله، ما استقامت العصبة المسلمة على الطريق، واطمأنت إلى ربها، وتوكلت عليه وحده، وهي تقطع الطريق". [في ظلال القرآن، سيد قطب، (820:3)].
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكرت السورة الكريمة نموذجاً من التاريخ يؤكد مصداقية السنة، وشُبّه أمر قريش بأمره: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) / ................ / كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54)، وهاتان الآيتان أحاطتا بآية هي قانون عام تخضع له البشرية على مر العصور: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)، وفي هذه الآية الكريمة تنبيه على أهمية عامل (الإخلاص) في إحراز النصر، لأن الرياء من أهم أسباب زوال النصر وجلب الهزيمة.
* العقيدة الراسخة بأن الله تعالى هو الذي يتولى زمام المعركة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) / هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)، الله عز وجل وحده هو الذي أيده بنصره، على معنى القصر المستفاد من المسند والمسند إليه، فليس الفضل في هذا النصر إلا لله تعالى، ومن هذا: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)، وأيضاً: وَلَكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)، وكذلك: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2).
* الولاية: وهي النصرة، ونقيضها الخيانة، وخطر الخائن أكبر من خطر العدو الظاهر، لأنه مأمون الجانب بناء على ما يُظهر، والخيانة من أخطر ما يعرض الأمة للهزيمة، لذلك كان التركيز في ختام سورة الأنفال على الإيمان والهجرة والجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله والنصرة، وما يتبع ذلك من الولاية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73).
إذا أصيب عامل (الولاية) بخلل، فإن القوات المحاربة تصاب في تماسكها وقوتها، وكيف ينتصر جيش من الجيوش على عدوه وولاء أفراده موزع ذات اليمين وذات الشمال!
* العنصر الفكري: يتمثل هذا العنصر بوجود هدف لكل طرف من أطراف المعركة يسعى لتحقيقه، وهدف الطرف الأول يختلف عن الثاني، فيحدث التصادم والصراع، وهو ما يسمى بحتمية التدافع.
وفي نهاية السورة عاتب الله نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في قضية الأسرى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)، وهو عتاب ونهي عن أخذ الأسرى طلباً لعرض الدنيا، فجاء التوجيه الإلهي للمسلمين ليرتفعوا بأهدافهم، وليرتفعوا عن أعراض الدنيا، وينظروا إلى ما هو أسمى من هذا، فيجعلوا الآخرة نصب عيونهم، حتى لا تجذبهم الدنيا إلى الأرض، وتمنعهم من العلو والرفعة.
* العنصر الطبيعي: المقصود بالعنصر الطبيعي هو ما يحيط بالمعركة من عناصر طبيعية جغرافية لا دخل لكلا الجيشين بها، ومن المعروف أن العمليات تتأثر تأثراً كبيراً بطبيعة الأرض التي تدور عليها المعركة، وقد أشارت سورة الأنفال إلى موقع معركة بدر: إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42).
لقد كانت الأرض التي نزل بها المسلمون سبباً من أسباب نصرهم لصلابتها، والأرض التي نزل بها المشركون سبباً من أسباب هزيمتهم لليونتها وصعوبة المسير عليها، وهكذا تكون الأرض سبباً من أسباب النصر والهزيمة.
والله تعالى أعلم بالصواب .. وأحكم ..
**********
أختي رحيل ... حفظها الله،
هذه ومضات أسأل الله أن تضيء لك سبيلَ إعداد بحثك، تستطيعين بالاعتماد عليها ـ إنْ أعجبتك ـ بناء بحثك وَفق طبيعة المادة التي تطلبت هذا البحث، فإن كانت مادة (نحو) فبإمكانك صياغة البحث بحيث تبرز فيه الصبغة النحوية، ولا بد من تشكيل المعلومات لتصب في هذا الاتجاه.
ولا بد من الانتباه إلى هذه الجمل الاسمية حين يأتي خبرها اسماً وحين يكون فعلاً، وبيان دلالة ذلك، كما تم بيانه في الرابط المذكور سابقاً.
**********
مع تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رحيل]ــــــــ[01 Mar 2006, 01:45 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك أختي الكريمة روضة، وجعله الله في ميزان حسناتك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2006, 02:14 م]ـ
جواب مسدد، وبحث موفق انتفعت به كثيراً، أحسن الله إليك، ونفع بك، ولعل الأخت رحيل تتدبر الطريقة التي صيغ بها البحث، حتى تنتفع وتبني عليها ما يستجد مستقبلاً من أبحاث تنطلق من القرآن الكريم.(/)
هل يوجد شرح لتفسير ابن كثير؟
ـ[نائلة بنت الإسلام]ــــــــ[25 Feb 2006, 02:07 م]ـ
إلى كل من في الموقع من مشرفين وأعضاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
يسرني أن أنهل من علمكم جزاكم الله خير لكن في الحقيقة لي وقت ليس بالبسيط أبحث فيه عن شرح لتفسير ابن كثير رحمه الله جزء عم لكن للأسف لم أجد إذ أنني مدرسة لإحدى الحلقات من السنة الماضية ولقد وجدت متعة كبيرة في هذا التفسير لكن للأسف يحتاج إلى شرح.فأرجو المساعدة في إيجاده لي بأسرع وقت بارك الله فيكم، وجزاكم الله عني كل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2006, 11:36 م]ـ
لا أعرف شرحاً مطبوعاً لتفسير ابن كثير، ربما هناك أشرطة سمعية لشرح بعض مواضعه، لكن يمكنك الاستعانة بتفاسير أخرى في هذا الجانب. وأنصحك بكتاب الدكتور مساعد الطيار (تفسير جزء عم) وهو في مجلد واحد، وعرضه بأسلوب سهل ميسر، مع حواشٍ فيها تفصيلان نافعة لمن أراد التوسع. وهو من منشورات دار ابن الجوزي. وهناك تفاسير أخرى لجزء عم مثل (المعين على فهم الجزء الأربعين) للدكتور زيد عمر عبدالله.من منشورات المنتدى الإسلامي.
ـ[روضة]ــــــــ[27 Feb 2006, 12:53 ص]ـ
إضافة لما تفضل به فضيلة الدكتور عبد الرحمن، هناك (تفسير جزء عم) للإمام محمد عبده.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:57 ص]ـ
السلام عليكم وهناك تفسير لفضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى مستمد من تفسيره يمكن تنزله من رابط http://www.ibnothaimeen.com
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Feb 2006, 12:46 م]ـ
للعلامة أحمد شاكر ـ رحمه الله تعالى ـ شرح تفسير ابن كثير
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Feb 2006, 01:04 م]ـ
الأخ عبد الرحيم
هذه المعلوم التي ذكرتموها غريبة جدًّا، والمعروف أنه اختصر تفسيرابن كثير، وسماه (عمدة التفسير)، فياليتك تتحقق منها.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Feb 2006, 04:51 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذي
فقد وقع سبق قلم
أنا قصدت التقريب والتهذيب سواء كان بمعنى الاختصار أم الشرح
وأحيانا يكون التهذيب أكبر من الأصل
كما في تهذيب الكمال للمزي
أما عنوان كتابه
عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير
انظر مثلا
جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران: 133]ـ قال: " النهار إذا تغشَّى وجه العالم من هذا الجانب، فإن الليل يكون من الجانب الآخر ".
قال العلامة أحمد شاكر في تفسيره: " عمدة التفسير " 3/ 39 معلِّقاً: " هذا أحد الدلائل على أن كروية الأرض كانت معروفة عند علماء الإسلام، قبل أن تخطر ببال الإفرنج ومن يشايعهم. ليخزي الله المستهترين بالطعن في علوم الإسلام وعلمائه، جهلاً منه وتقليدًا ".
نصيحة للأخت ..
أرجو التعود والمران على فهم كلام ابن كثير، وخاصة للطلبة (دراسة نصية). فقد يأتي وقت يحتاج فيه كلام أحمد شاكر لمن يشرحه!!
ـ[منصور مهران]ــــــــ[28 Feb 2006, 01:01 م]ـ
كان الشيخ أحمد محمد شاكر - رحمه الله - يختصر تفسير ابن كثير أثناء متابعة القراءة التي تبثها الإذاعة المصرية، وكان المتبع في برنامج الإذاعة أن تكون القراءة نصف ساعة يوميا بين الثامنة والثامنة والنصف مساءً ولكل قارئ يوم محدد ولكن القراءة من جميع القراء حسب ترتيب المصحف، فكان الشيخ إذا سمع الآية المتلوة خط بقلمه على ما أراد اختصاره في نسخة من تفسير ابن كثير كان قد أعدها لذلك، هكذا سمعته من أخيه الأستاذ محمود محمد شاكر - رحمه الله - ولما كان الشيخ أحمد شاكر عضوا في لجنة إصدار (ذخائرالعرب) و سلسلة (تراث الإسلام) في دار المعارف بمصر؛ فقد عرض فكرة اختصار تفسير ابن كثير على اللجنة لتكون بذلك قدمت للعالم الإسلامي تفسيرا مبسوطا هو تفسير الطبري، وتفسيرا موجزا هو مختصر تفسير ابن كثير، فأصدر من هذا المختصر خمسة أجزاء لطيفة الحجم وعلق عليها تعليقات ذات أهمية بالغة لقراء تفسير ابن كثير بلا إسهاب ومع ذلك فهي محدودة فبعضها لتخريج أحاديث وبعضها للربط بتفسير الطبري وبعضها لمسألة فقهية وغير ذلك مما لا يوصف بأنه (شرح)، وانتهى الجزء الخامس وقوفا عند تفسير قوله تبارك وتعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
(إذ تستغيثون ربكم) الآية التاسعة من سورة الأنفال يفتتح بها الجزء السادس، ولكن توفاه الله قبل أن يتم عمله في التعليق على باقي التفسير وإن كانت نسخته التي تحمل خطوط الضرب على ما يُحْذف، و رسوم الأقواس التي تضم النصوص المنتقاة التي أرادها للمختصر؛ قلت: هذه النسخة كانت بحيازة أسرة االشيخ وليس معها أي تعليق سوى كلمات معدودات هنا وهناك مما يرد على خاطره أثناء سماع القراءة ويرجئ التحقق منه والتعليق عليه إلى وقت آخر، وكان أخوه الشيخ محمود - رحمهما الله جميعا - يعرف هذه النسخة جيدا ويظن ظنا ليس بالراجح أن الشيخ أحمد أتم الاختصارتهيئة في نسخته و لكنه لم يعلق عليه لأنه كان إذا انتهى من الجزء دفع به إلى المطبعة ليشرع في إعداد الجزء الذي يليه وهكذا، وكان يباشر تصحيح تجارب الطباعة في مراحلها الأخيرة ويجعل تصحيحاته على طرة أوراق التجارب بخط دقيق جدا يكتبها بخط التعليق (الفارسي) ويستخدم في كتابتها أحيانا اللون الأحمر وهو الغالب وأحيانا اللون الأخضر. وخلاصة القول أنه لا يمكن وصف عمل الشيخ بأنه شرح لتفسير ابن كثير كما أنه لم يؤلف شرحا لهذا التفسير بكل تأكيد، فلعل من نسب شرحا إلى الشيخ وقع في وهم، وقد آن أوان تصحيحه. هذا، وبعد وفاة الشيخ أحمد شاكر بنحو خمس وأربعين سنة أطلت على القراء طبعة تحمل وصف الاختصار الكامل كما سطره الشيخ أحمد شاكر بقلمه، وصدرت في ثلاث مجلدات، وإنك لتلحظ ما ذكرته آنفا بوضوح إذا وازنت بين ما أصدره الشيخ في حياته وما أبقاه مسودا في نسخته - رحم الله آباءنا ومشايخنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وألحقنا بهم على الإيمان والإسلام آمين - هذا، ولقد رأيت في كتاب (جامع الشروح والحواشي) ج1 ص616 أن هناك حاشية على تفسير ابن كثير تسمى (العلم الغزير في تفسير ابن كثير) انظر بياناتها هنالك، وفي الفهرس الشامل 859 - كما أشار إليه المؤلف / عبد الله محمد الحبشي -. وبالله التوفيق.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[28 Feb 2006, 02:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا
عبد الله محمد الحبشي
هل هو ذاته الهرري صاحب جمعية المشاريع؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[01 Mar 2006, 01:24 ص]ـ
بل هو اليمني ألف وحقق نحو مائة كتاب أجلها (معجم الموضوعات المطروقة) في مجلدين، وكتاب (جامع الشروح والحواشي) الذي أشرت إليه في تعليقي السابق يقع في ثلاثة أجزاء ومطبوع في المجمع الثقافي بأبو ظبي سنة 2004 م.(/)
مركز العناية بالمصاحف المستعملة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Feb 2006, 04:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلني على بريدي هذه الرسالة، من أخي الكريم الدكتور محمد بن تركي التركي وفقه الله.
[ line]
المملكة العربية السعودية
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض- فرع الخرج
بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والأرشاد
ترخيص 454/ 19/2
مركز العناية بالمصاحف المستعملة
بسم الله الرحمن الرحيم
نستقبل المصاحف المستعملة ونقوم بتجديدها ونهديها لمن هم في أمس الحاجة إليها
كما نستقبل الكتب والمطويات والأشرطة الإسلامية والكروت الدعوية
ويتم التوزيع داخل السعودية وخارجها
يا باغي الخير إليك الغنيمة الباردة (خدمة كتاب الله) ,
ساهم معنا في جمع المصاحف المستعملة والمستغنى عنها وأوصلها إلى أحد مواقعنا التالية:
----------------
المنطقة الوسطى
الرياض
: جميع فروع مؤسسة مكة الخيرية - المكتب الرئيسي: حي الروضة 4932200
فرع الخليج 2491420، فرع العليا 4632338، فرع السلي 2421942، فرع السويدي 4249191
حي البديعة: إدارة المساجد والمشاريع الخيرية، حي العريجا: فرع الجمعية الخيرية
حي السلام: قرطاسية دار كندة ج/ 0505263740
حي النظيم: المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات أو الأتصال على: تلفاكس 2303282، ج 0505223250
محافظة الخرج
المركز الرئيسي - مركز العناية المصاحف المستعملة بحي السهباء تلفاكس 5452286، ج 0506446104
محافظة وادي الدواسر
مركز الدعوة والأرشاد. /2/ خلف مفلح العمور، ج / 0503165017
محافظة شقراء
التربية والتعليم (التوعية الإسلامية، 2/ المستودع الخيري
محافظة الدرعية
مركز الدعوة والإرشاد
محافظة القويعية
الجمعية الخيرية / ت 6520704
محافظة الزلفي
فرع مؤسسة مكة الخيرية
محافظة الدوادمي
تسجيلات الجمش الإسلامية، ج 0504123175
--------------------------
المنطقة الغربية
مكة المكرمة
فرع مؤسسة مكة المكرمة الخيرية
محافظة جدة
مندوبية الدعوة بحي العزيزية، ج 0504602244 فرع مؤسسة مكة الخيرية
محافظة الطائف
إدارة المساجد والمشاريع الخيرية، فرع مؤسسة مكة الخيرية
محافظة تربة
مكتب الدعوة والأرشاد
-------------------------------
المنطقة الشرقية
مدينة الدمام
ج 0503807800
محافظة الجبيل
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالصناعية
إدارة المساجد والمشاريع الخيرية
محافظة الأحساء
ج/ 0503472292، 0503849575، 0504939858
محافظة الخفجي
خالد البلوي 0504852506
--------------------------
المنطقة الجنوبية
محافظة نجران
مبرة ابا السعود الخيرية / ت 5432000
محافظة احد رفيدة
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، جمعية البر الخيرية
------------------------------
المنطقة الشمالية
مدينة تبوك
مركز الدعوة والإرشاد 0504557435 ت 044279046
مدينة حائل
ابوسفيان 0503054890
مدينة عرعر
حمدان العنزي 0502599869
------------------------------
من أراد زيادة معلومات أو التعاون معنا الأتصال على
إدارة المركز: تلفاكس 015452286، ج 0506446104
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[26 Feb 2006, 07:03 م]ـ
فكرة طيبة، و مقترح طيب،
ليته ينتشر في بلادنا كلها، فنحصل على فائدتين، و نحقق هدفين:
1 - صيانة المصاحف من الحرق و الطمر و القطع،
2 - الاستفادة منها بعد تجديدها و إصلاحها،
فكم من إخوة لنا مسلمين في أمس الحاجة إلى أي مصاحف في بلدان أفريقيا و آسيا.
* كتب الله ذلك في ميزان حسنات كل من شارك في هذا الخير.(/)
جمع (تفسير الإمام الشافعي) في رسالة علمية لأول مرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2006, 12:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر عن دار التدمرية بالرياض، الطبعة الأولى 1427هـ من كتاب:
تفسير الإمام الشافعي
جمع وتحقيق ودراسة
الدكتور أحمد بن مصطفى الفرَّان
http://www.tafsir.net/images/shafee.jpg
وأصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن نوقشت في جامعة القرآن الكريم والدراسات الإسلامية – كلية الدراسات الإسلامية والبحث العلمي بالخرطوم، صيف عام 2004م، ونال المؤلف درجة ممتاز، مع التوصية بالطباعة والتبادل بين الجامعات.
ويقع الكتاب في ثلاثة مجلدات من القطع العادي. وهو أول محاولة علمية لجمع تفسير الإمام الشافعي، وترتيبه بحسب ترتيب السور.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[26 Feb 2006, 02:54 م]ـ
في جامعة أم القرى، قسم الكتاب والسنة ثلاث رسائل لجمع المأثور من تفسير الشافعي. تمت مناقشة رسالة واحدة منها وهي من سورة آل عمران إلى سورة الأنعام.
ـ[الكشاف]ــــــــ[26 Feb 2006, 07:39 م]ـ
هذا من عدم التنسيق بين الجامعات، وأظن الأقسام في السعودية لا تشترط على الطالب أن يتأكد من عدم بحث الموضوع خارج السعودية، ولذلك يتكرر مثل هذا الأمر. لكن لا ضير إن شاء الله من تعاقب الباحثين على ذات الموضوع، فلكلٍ نظرةٌ.
ـ[أحمد مصطفى الفران]ــــــــ[08 Apr 2006, 06:09 م]ـ
جزى الله خيراً الأخ الدكتور/عبدالرحمن بن معاضة الشهري، على تعريفه بكتابنا:
((تفسير الإمام الشافعي))
وجعل ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة والله أسأل أن يوفقه ويوفقنا لكل خير، وأن ينفع بكتابنا طلبة العلم وأهله.
----------------------------------------
د. أحمد مصطفى الفرَّان
دكتوراة في التفسير وعلوم القرآن
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Apr 2006, 08:03 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب وجعل ما تعمله في ميزان حسناتك يوم القيامة
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Apr 2006, 09:11 م]ـ
أحسن الله إليك على هذه الخدمة العلمية فهي خدمة للمذهب الشافعي كما هي خدمة للتفسيرسلمت يداك وتقبل منك.
ـ[أحمد مصطفى الفران]ــــــــ[18 Apr 2006, 01:40 م]ـ
أرحب بملاحظات وآراء الإخوة القراء لكتابنا (تفسير الإمام الشافعي) لنتداركها في الطبعة الثانية ان شاء الله تعالى, واللة أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
المحقق / د. أحمد مصطفى الفران
ـ[أبو المهند]ــــــــ[18 Apr 2006, 03:51 م]ـ
وأحب أن أضيف أن موضوع الزميل الدكتور علي جابر الأستاذ المشارك بكلية التربية جامعة الأزهر والذي عنوانه جهود الإمام الشافعي في التفسير وعلوم القرآن والذي كان عنوانا لرسالتة لنيل درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن من كلية أصول الدين قد خدم جانبا هاما من الدراسات القرآنية التي نحن بصدد الحديث عنها فلله در الكاتبين عن التفسير بعامة وعن الإمام الشافعي وكل المخلصين من علماء الأمة بصفة خاصة
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[20 Apr 2006, 11:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأضيف أن الاستاذ مجدي الشورى جمع تفسير الشافعي رحمه الله وطبعته دار الكتب العلمية عام 1416هـ.
http://www.tafsir.net/images/shaaafi.jpg
وأوافق أخي الكشاف أنه لا ضير أن يتعاقب الباحثون في بعض الموضوعات، والأقسام في السعودية وغيرها في العالم لاتشترط أن يثبت الطالب أن الموضوع لم يبحث، والأمر متروك لخبرة أعضاء القسم، إلا في كليات البنات فيطلب من الباحثة إحضار خطابات من الجامعات، ومركز الملك فيصل بأن الموضوع لم يبحث.
وكم رأينا من موضوعٍ قتله صاحبُهُ، فلا هو بالذي وفَّى الموضوع حقه، ولا الجامعات بالتي تسمح بطرحة مرة أخرى.
وكم وددت أن لايكون الأمرُ منوطاً بعدم تسجيل الموضوع، بل بدراسةٍ خاصةٍ، والتأكد أن الموضوع أخذ حقه، وحينئذ لايسمح بتسجيله، وكم رأيت من بحوث تمنيت أن يُعاد تسجيلها، ومن مخطوطات أن يعاد تحقيقها.
وكم حَزَّ في نفسي حين طلبتُ من أحد المشايخ الفضلاء تصوير رسالة علمية في تحقيق تفسير قيم فبلغني اعتراضه على إعادة تحقيقها مع أن منهج التحقيق عندهم لايعدو كثيرا إخراج النص.
وأختم بشكري الجزيل للدكتور أحمد الفران على مبادرته لطبع رسالته في الوقت الذي نرى فيه كثيراً من الرسائل تقبع على أرفف الأقسام، ولايكاد يسمح للطلاب حتى بتصويرها أسأل الله التوفيق للجميع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2006, 02:00 م]ـ
الحمد لله رب العالمين.
أشكر أخي الكريم الدكتور أحمد الفران على تفضله بالانضمام للملتقى، وأسأل الله أن ينفعنا بعلمه، وأن نرى بحوثه وأجوبته النافعة في الملتقى على كثير من الأسئلة التي تنتظر الأجوبة.
كما أرحب أجمل ترحيب بأستاذي الجليل وشيخي الفاضل الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي في ملتقى أهل التفسير مشاركاً ومُقوِّماً لما يكتبه طلابه وتلاميذه من أمثالي في الملتقى، بعد أن ظل متابعاً للملتقى طيلة السنوات الماضية، وقد انتفعنا كثيراً بتوجيهاته وتشجيعه لنا على الاستمرار في هذا المشروع العلمي كلما لقيناه حفظه الله ورعاه. ولعل من بركات هذا الموضوع أن دفع شيخنا أبا خالد للتعقيب والمشاركة فالحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Apr 2006, 03:00 م]ـ
كل الترحيب بالاستاذ الدكتور فهد الرومي حفظه الله وانا لم اطلع له الا على هذه المشاركة في هذا الملتقى ولعل هذا من قصور العبد الضعيف واني لارجو ان ينتفع الملتقى واهله بهذا العالم الجليل كما وارجو ان يتحفنا الفاضل ببركاته مما اعطاه الله تعالى من الادب والعلم
كل التحيه للدكتور الفاضل
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[20 Apr 2006, 03:22 م]ـ
وأضم صوتي إلى من سبقني ترحيبا بالاستاذ الدكتور فهد ونرجو ان يتحف الملتقى بمزيد من مشاركاته
ـ[الكشاف]ــــــــ[20 Apr 2006, 03:49 م]ـ
حياكم الله يا دكتور فهد. وجودكم هنا يشرفنا، وتأييدك لرأيي يمنحني ثقة أسعد بها، وليت الأقسام العلمية تأخذ برأيكم السديد.
ـ[مرهف]ــــــــ[24 Apr 2006, 01:36 ص]ـ
كذلك أضم قلبي مع صوتي في الترحيب بفضيلة الدكتور فهد نفع الله به المسلمين وطلاب العلم
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[25 Apr 2006, 01:15 م]ـ
نعم، بكامل الترحيب والتقديريحصل لنا الشرف أن نلتقي بأستاذنا وشيخنا الفاضل الدكتورفهد الرومي في هذا الملتقى المبارك .... والدكتور فهد الرومي حفظه الله أستاذ لأهل المشرق والمغرب، وكيف لا وأهل المغرب سمعوا منه وجلسوا معه وأخذوا عنه خاصة في إطار البحث العلمي، والمتمثلة أساساً في مناقشة الأطاريح الجامعية، والمشاركة في عدة ندوات ومؤتمرات (بالمغرب طبعاً) ... حفظكم الله الله ياشيخنا الدكتور فهد الرومي.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[25 Apr 2006, 01:28 م]ـ
جزيتم خيراً ياشيخنا على هذا الخبر السار حول تفسير الإمام الشافعي رحمه، .... وهنيئا للدكتور أحمد بن مصطفى الفرَّان على مجهوده القيم الذي سُررنا به غاية السرور.
ونتمنى من الله عز وجل أن يصل هذا التفسير إلى أهل المغرب، ... وسنبقى في انتظاره.، وهنيئاً للملتقى بهذا العمل الجليل ... مشرفين، وإداريين، ومشاركين.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[28 Apr 2006, 10:58 م]ـ
أشكر أخي الدكتور عبدالرحمن على ترحيبه وحسن ظنه بأخيه.
كما أشكر أخي د. جمال على كريم مشاعره، وعلى ما أتحفني به من بحوثه المتميزة، وأذكر له ولجامعة الزرقاء جهودهم المتميزة في تنظيم المؤتمرالأخير عن إعجاز القران.
وللدكتور الموسوعي الجيوسي أيضاً عظيم شكري على ترحيبه بي، وعلى ما أتحفني به من كشافه القيم عن المقالات في الدراسات القرانيه، وهو كشاف أحسب مثله ينوء بالعصبة من الباحثين.
وأقول لأخي الكشاف: وحياك الله وبياك، ووفقك وسدد في سبيل الخير خطاك.
ولأخي مرهف: سلمت، وسلم قلبك، ودمت للعلم راعياً.
أما أخي برعدي الذي وصفني بما لاأستحق، فلاعجب فهو من أهل المغرب، ذوي الخلق السامي، واحترام العلم وأهله، والحرص على طلبهِ. وقد رأيت في زياراتي العلمية لكليات الآداب في تطوان، وفاس، ومكناس، والرباط، والدار البيضاء، وفي طنجة وحرص الطلاب على حضور المحاضرات، وامتلاء القاعات على سعتها ما يثلج الصدر، ويبهج النفس، وكم تمنيت أن يقوم أحد الباحثين بفهرسة مئات البحوث التي رأيتها في قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب بتطوان، ففي عناوينها ما يفتح الباب لموضوعات جمة، والحديث عن ما رأيت منها ذو شجون. وسأقوم في الفصل القادم إن شاء الله بإجراء بعض البحوث في المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية الإسلامية في المدرسة العليا للأساتذة.
بقي أن أعتذر للأخوة عن زجي بهذا الحديث في غير موضعه وماحملني على هذا إلا أنَّ هذا هو موضع أول مشاركة لي فكان الترحيب الذي عَزَّ عليَّ أن لا أستجيب له.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[28 Apr 2006, 11:31 م]ـ
أضم صوتي لأصواتكم مرحبا بشيخنا الكريم أ. د. فهد الرومي , والذي شرفت باستضافته في حلقتين من حلقات برنامج (مبادئ العلوم) فتحدث حديث المتبحر , وسلب الألباب بموسوعيته.
وأحمد الله أن شرفني الشيخ بقبول الدعوة , ويعلم الله أني على قدر الاستفادة مما عرضه , إلا أني استفدت كثيرا من أدبه الجم , وتواضعه , وكريم خلقه. وأنا أجزم أنه سيوافقني على هذا كل من تعامل مع فضيلة الشيخ ... بارك الله له ولنا في علمه , وفي كل مشايخنا.
ــــــــــــــــــــــــــ
معمر العمري
محاضر بالكلية الأمنية
وباحث دكتوراة بجامعة الإمام(/)
الاية الاولى: اقرأ ....
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 04:03 ص]ـ
المكان: مكة،شعابها بالتحديد.
الزمان: القرن السادس الميلادي. قرن نموذجي للأوضاع السيئة التي تسقط فيها الإنسانية بين عصر وآخر. قرن غارق في ظلمة حالكة. الاستغلال يضرب بإطنابه في العلاقات بين البشر.
والحروب تصبغ وجه العالم بلون الدم. والأديان السماوية لم تعد سماوية بأي شكل من الأشكال وسقطت بين فكي الإفراط والتفريط ولم تنج من مظاهر الوثنية والشرك التي اقتبستها من المدنيات الأخرى ….
والمعادلة القديمة إياها: الأغنياء يزدادون غنى. والفقراء يزدادون فقراً.
والظلم. الظلم. الظلم.
المناسبة: فرصة البشرية الاخيرة، لتغيير ذلك كله.
* * *
وذلك الرجل، ينسحب من مجتمعه الجاهلي بكل تقاليده وعاداته ومكرساته، ليدخل الغار، متأملاً في ذلك كله، ومتعبداً دون طقس معين …
وذلك الغار: حفرة في الجبل، ظلمة ورطبة. تعطي لذلك الرجل ما يريده: عزلته السرية وتأملاته الخاصة. في ظلمة الغار يجد عزاء ومواساة للظلمات الأخرى التي يغرق فيها المجتمع … وفي رطوبته ما ينسي ولو مؤقتاً ذاك الجفاف الذي يطغي على العالم في طبيعة علاقاته وعاداته ….
ولم يكن هذا الرجل بدعاً من هؤلاء الرجال المنسحبين …
ففي كل مكان من أرجاء المعمورة كان هناك رجال يأبى رصيد فطرتهم الانخراط فيما انخرطت فيه مجتمعاتهم، فينسحبون إلى الخلاء، في غار او صومعة او كهف او دير، ينسجون لحياتهم نسيجا خاصا من الزهد والتعبد والابتعاد عن المجتمع.
وكان كل منهم يستحيل كوكباً منفصلاً يدور في مداره الخاص بعيداً عن المجتمع، عن الواقع، وعن الزمن، …
.. وحتى تلك اللحظة، كان يبدو لظاهر العيان أن ذلك الرجل المتعبد في غار حراء مرشح ليكون واحداً من هؤلاء الرجال المنسحبين اللذين تصير حياتهم فيما بعد مداراً خاصة لا علاقة لها بما حولها ..
حتى تلك اللحظة: بدا ذلك الرجل أنهُ سيكون واحداً من تلك الأقلية المستنكرة، مثل الأحناف أو بعض النصارى من العرب، ممن لا يصل استنكارهم إلى درجة التمرد، وبالذات لا يصل لدرجة محاولة تغيير الأوضاع ..
* * *
حتى تلك اللحظة، كان كل شيء يسير بشكل يسر الشيطان لأنه يحقق قسمهُ العتيق " فبعزتك لأغوينهم أجمعين ".
كانت الأديان قد فقدت محتواها الإنساني والروحي معاً. وصارت مجرد طقوس وشعائر لا تغني شيئاً فضلاً عن انحرافاتها الوثنية.
وهؤلاء الزهاد المنسحبون: لا صوت لهم ولا دعوة. مجرد أناس على هامش المجتمع .. والمجتمعات البشرية تسير في خطاها المحمومة نحو هاويتها، لاهيةً عن مصيرها بحروبها وعبثها وشهواتها.
.. كانت السماء صامتة – مكفهرة.
.. وكانت الصحراء خرساء كما لو كانت تخفي في أعماقها سراً دفيناً.
* * *
كل ذلك كان قبل لحظات، وكان يمكن أن يستمر دهوراً أخرى.
لكن حدث – خلال لحظة – ما غير ذلك كله ..
لم يعد ذلك الأنسحاب هروباً وعزلة: بل صار إنفتاحاً نحو العالم كله ..
الغار، من ظلمته أنبعث نور غطى وجه العالم أجمع ..
.. وذلك الرجل الذي كان مرشحاً ليصير واحداً من أولئك الزهاد المنفصلين عن المجتمع والواقع والتأريخ .. ذلك الرجل صار أمة.
عندما جاءت تلك اللحظة.
اللحظة – الذروة.
* * *
من الصعب أن نطبق نظرية بحذافيرها على تلك اللحظة. من الصعب أن نجد مصطلحاً محدداً، يتلبس تلك الذروة أو يتقمصها ..
منعطف؟ منحنى؟. ولادة جديدة؟
كل تلك كلمات. تناور وتدور حول المعاني. تصف ولا تصف. تنجح وتفشل ..
كل ما نستطيع قوله هو أن أساساً جديداً للعلاقات قد بدء. العلاقات بين الإنسان والمجتمع.
والإنسان والكون. الإنسان وخالقه …
بالضبط: ان وعياً جديداً قد بذرت بذرته في تلك اللحظة.
ولادة للوعي الإنساني؟ ربما!
* * *
كل ذلك حدث عندما جاء الملك للغار وقال لذلك الرجل تلك الكلمة الهائلة الرهيبة: إقرأ …
* * *
إقرأ …
بعد صمت طويل – دام حوالي خمسة قرون. جاءت كلمة السماء: إقرأ.
إقرأ: إنها أول كلمة اختارها الله ليعرف نفسه الى نبيه. بل الى آخر أنبيائه … وهي لا تشبه ابداً الكلمات الأخرى التي قيلت للأنبياء الآخرين …
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي كل الرسالات السابقة كان الخطاب الإلهي يعتمد على أعجاز (حسي). عصا تسعى، يد بيضاء، طير يعود إلى الحياة …
في كل الرسالات السابقة كان الله يخاطب في الإنسان حواسه …
لكنه في هذه المرة، ربما لأنها المرة الأخيرة، اختار – عز وجل – طريقة اخرى. مضمون آخر، وصيغة أخرى …
انه يخاطب أول ما يخاطب العقل الإنساني هذه المرة. دونما اعتماد على الحواس الإنسانية. انه يؤسس للغة جديدة في العلاقة بين الله والإنسان. لغة تعتمد على العقل ..
بعدما ثبت للبشر فشل اللغات الأخرى في العلاقة بينهم وبين الله.
لذلك تأتي إقرأ: صيغة ورمز لعلاقة جديدة. بطاقة مختلفة لتعريف مختلف يقدم بها الله وحيه الالهي.
واي كلمة، تلك هي إقرأ.
* * *
إقرأ: كلمة السر – الذي لم يعد سراً بل صار جهراً في العقيدة الجديدة، دونما ابهار او اساطير او معجزات تشبه القصص الخرافية …
…. وبينما تنام شعوب على خيالات كلمة السر التي تفتح مغارات الكنوز،فأن كلمة السر هذه قيلت في الغار ثلاث مرات لرجل أمي ولأمته من بعده ففتحت أبواب العلم وافاق المعرفة، وجنيت كنوز وكنوز للانسانية عبر القرون التي سادت فيها حضارة إقرأ.
ولا يدري احد على وجه التحديد في أي مرحلة من مراحل العلم سنكون اليوم لو لم تقال تلك الكلمة – السر …
لكن الذي حدث ان تلك الكلمة التي قيلت في الغار همساً، صارت شعاراً لحضارة، ومنهاجاً لحياة، واول ما انزل من كتاب سيتخذ من الفعل ذاته (قرأ) اسماً يتلى ويتعبد به في صور وعقول اتباعه …
* * *
وكلمة إقرأ لم تكن أول كلمة أنزلت من الوحي فحسب.
بل كانت أول فعل أمر أصدره الله إلي رسوله الأخير، والى أمته من بعده، بطبيعة الحال.أي إنها كانت ببساطة شديدة. ودونما تشنجات فقهيه – اول فرض فُرِضَ على محمد (صلى الله عليه وسلم).
القراءة: أول فرض في الإسلام، قبل الصلاة والصوم والزكاة والحج.
وبعبارة أخرى: كانت كلمة (إقرأ) الشاملة هي المدخل الذي فُرِضَتْ عبره كل الفرائض الأخرى …
وبعبارة أوضح و أدق: كان العلم – بمعناه الشمولي والواسع هو الإطار الذي من خلاله أخذت كل الفرائض الإسلامية موقعها الذي حددته الشريعة فيما بعد …
والحديث عن علاقة الإسلام بالعلم بات حديثاً مكرراً استهلكت فيه المعاني ونفذت وهو حديث يرتكز على الاستشهاد بعدد من الآيات القرآنية التي تشيد بالعلم والعلماء، وعلى كثرة تكرار لفظة علم ومشتقاتها (البالغة حوالي 439 مرة) في القران الكريم – ليستنتج ان الإسلام (حث) على العلم، وان هذا الحث هو التغيير المنطقي للطفرة العلمية التي أنجزتها الحضارة الإسلامية …
للوهلة الأولى، تبدو مقدمات الاستشهاد ونتائجه صحيحة. لكن عندما يفكر المرء ان الوحي الإلهي بدء باقرأ، فانه يقر ان الأمر اكثر من مجرد حث، وان الطفرة العلمية الإسلامية اكثر من مجرد استجابة لهذا الحث …
عندما يبتدئ الوحي باقرا، فالأمر اكثر من الاستحباب واكثر حتى من الوجوب. انه يقع في منطقة خارج التقسيمات الاصطلاحية التقليدية – ويقع في منطقة عميقة جدا في البناء الإسلامي: في الأساس، في الأركان، في القاعدة.
وهذا ما كان واضحا، دونما تنظير فكري – بل كواقع يومي معاش لأفراد الجيل الأول، وهو الذي شكل الدفعة العلمية الكبيرة التي أنجزتها الحضارة الإسلامية ….
أما أن نتصور ان (الحث) والأوامر الإسلامية بطلب العلم قد حققت ذلك الوثوب وتلك الطفرة – فهو أمر اقرب الى السذاجة منه الى النظر والتحقيق العلمي …
لقد كان الإسلام لغة جديدة. روحاً جديدة. مضموناً جديداً بصياغة جديدة للعلاقات الإنسانية مع بعضها ومع الله ….
وكانت المفردة الاولى التي تكونت في هذه اللغه الجديدة – بالابجدية الجديدة – هي كلمة إقرأ.
* * *
لكن الرجل الذي أنزلت عليه إقرأ كان امياً.
وقد ظل علماؤنا لفترة طويلة يفسرون ذلك انه من ادلة النبوة واوجه الاعجاز – في مواجهة المشككين بصدق نبوة محمد (عليه الصلاة والسلام) …
لكن الانطلاق من أرضية التصديق بالنبوة يمنح ذلك التناقض الظاهري بين إقرأ وبين أمية النبي أفقا واسعا للتأمل وفضاءاً رحباً للتعليق …
(يُتْبَعُ)
(/)
انه يحرر القراءة من أسوارها الأبجدية وحدودها اللغوية – على سعتها – ليطلقها في عالم المعاني شديدة الثراء والخصوبة …
انه يحرر القراءة من المفاهيم الجامدة للتلقين الغبي الى قراءة ما هو غير مكتوب في بطون الكتب …
انه دعوة لقراءة كتاب الكون المفتوح، المتمثل في كل ذرة من ذرات الخليقة …والمتجسد في كل حبة رمل ونسمة هواء وثمرة شجر …
انه دعوة للقراءة في كتاب النفس الإنسانية: في كل نزعة خير ونزوة شر، وعاطفة حب تهف بها النفس نحو الجمال والسمو او تسقط بها نحو الرذيلة او الانحدار …
والمتأمل في اللفظ المجرد (إقرأ) في اللغة العربية يجد في ثراء المعاني المرتبطة بها زوايا جديدة للنظر نحو الأمر الأول بل الفرض الأول الذي نزل في الغار …
فمشتقات قرأ ترد بمعاني: الحمل. الجمع، من المجموع. الفقه. المدة الزمنية. وكل واحدة من هذه المعاني تمنح (إقرأ) بعداً جديداً يوضح رؤيتنا لما حدث في الغار يومها …
فالقراءة – بمعنى " ما – هي حمل أيضاً "، وهو حمل ينتج من اللقاء الخصيب بين العقل الإنساني والواقع الإنساني، ذلك اللقاء الذي ينتج بذرة الوعي وجنين الأمل … في حمل قد يدوم عقوداً او قرون …او يجهض …
وهي ترتبط بالجمع – قراءة شمولية متوازنة تنظر الى العالم كله برؤية تكاملية غير تجزيئية …
وهي عين الفقه – الفهم – الذي يغوص عميقاً بحثاً عن الجذور، والذي يبحث عن الأسباب لا عن الظواهر، ويشخص الأمراض ولا يحدد الأعراض فقط …ومرتبطة بالفترة الزمنية – لأنها ليست مطلقة، خارج الزمان والمكان وذات صلاحية غير منتهية بل – وبسبب ارتباطها بالواقع ومتغيراته – تحتاج إلى عين بشرية جديدة وعقل بشري جديد باستمرار، ليقرأ من جديد …
وهكذا فإقراْ هي دعوة لقراءة الكون بأجمعه. الخليقة بأجمعها. والتاريخ. والنفس البشرية …
إنها دعوة استقراء واستنباط وتبحر عميق في العلاقة الحتمية بين الأسباب والمسببات وهي ذات الدعوة التي تمخضت فيما بعد بما يسمى اليوم بالمنهج التجريبي في العلوم – والتي كانت من أهم ركائز الانطلاقة الإسلامية في الحركة العلمية. والتي تعتمد على الملاحظة والاستنتاج لكنها بدأت حقا في الواقع اليومي المعاش، من (إقرأ) التي بدأت بملاحظة الظواهر البسيطة المحيطة بالفرد البسيط ولا تنتهي حتى بالكون العميق …
إنها فتح لأبواب العقل نحو الجهات الأربع: شمال وجنوب، شرق وغرب. تتخطى الأبعاد الثلاثة بل وحتى البعد الرابع: الزمن.
الكلمة الأولى: إقرأ. في العمق. في العمق جداً. مثل حقنة في العضلة للوعي الإنساني، للعقل الإنساني. بل للنوع الإنساني كله …
* * *
ولو تابعنا الحديث الذي روته السيدة عائشة والذي أورده البخاري في صحيحه لوجدنا نصا شديد الخصوبة يحدثنا فيه الرجل نفسه عن تجربته الهائلة الأولى مع الوحي …والذي يتضح من متابعة الحديث، ان النبي عليه افضل الصلاة والسلام كان يعي- وان كان بغموض- منذ اللحظة الأولى ضخامة الكلمة التي أنزلت عليه. كان يعلم إنها تتجاوز حدود القراءة الاعتيادية إلى أفق غير منظور، فهو ينكر الطلب "ما أنا بقارئ " –ثلاثا– وهو يرجع بها و يرجف بها فؤاده ويقول " لقد خشيت على نفسي " – وقبلها يطلب " زملوني زملوني " فزملوه حتى " ذهب عنه الروع ".
كل ذلك يؤكد بشكل قاطع انه عليه افضل الصلاة والسلام كان يدرك منذ اللحظات الأولى لرسالته أهمية ما جرى له وأهمية ما نزل به الوحي. ولم ينقل عنه أبداً انه استشكل أمر القراءة وهو الأمي – وهذا يعني انه كان يعي ان أمر القراءة يتجاوز الشكل الحرفي – الأبجدي – الى معنى الوعي والاستقراء كله ثم اكد له ورقة بن نوفل ما كان يدور في وعيه: " هذا الناموس الذي نزل الله على موسى" ولم تكن سوى ثلاث آيات لكن ورقة وجد فيها الناموس، ووجدها سحيقة القدم عميقة الجذر تتصل بموسى – بعمق التاريخ. ثم قال منبهاً: " ليتني اكون حياً اذ يخرجك قومك " ولعل محمداً كان يعلم الجواب – او يخالجه – اذ سأل: او مخرجيَّ هم؟ لضخامة الكلمة – الناموس التي ألقيت عليه، فيجيبه ورقة ما يجيبه، وضمن الجواب ً نعم …ً.
* * *
وعندما نزل وحي السماء: إقرأ، بعد ذلك الصمت الطويل لم يحدث شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تنطفئ الشمس. لم ينشق القمر. لم تتعطل قوانين الفيزياء ولا لحظة واحدة.لم تسقط الشهب والنجوم ولم يتصدع إيوان كسرى ولا عرش قيصر.
… لم يحدث شيء على الإطلاق.
ولم يسمع أحد خارج الغار هذه الكلمة الهمسة التي جاء بها الملك إلى محمد ولو انه لم ينقل الخبر لما عرف أحد.
.. لم يحدث شيء غير طبيعي بتاتا، ً فقط كلمات قيلت في أذن الرجل وقلبه في غار مظلم في شعاب مكة.
ظل الحال على ما هو عليه: الشمس تشرق وتغيب في مواعيدها والكون كله سائر على الخطة المحكمة المرسومة له بإتقان دون ان يتأثر بما حدث.
.. هذه المرة- وهي المرة الأخيرة بالمناسبة- لن يكون هناك أي داع لتحدي قوانين الفيزياء… الأكثر من ذلك ان هذه الرسالة ستكون في حقيقتها صلحاً مع هذه القوانين لا تحدياً.
هذه المرة سيكون التغيير في الداخل، في العقل، في القلب، في الوعي، سيكون التغيير في الإنسان وهو الذي سيفعل الباقي.
ماذا كان سيفيد لو انشق القمر او تصدع إيوان كسرى او انطفأت الشمس؟.
المهم ان ينشأ وعي جديد لمفاهيم جديدة ليكون مجتمعاً اخراً هو الذي يصدع إيوان كسرى او عرش قيصر.
لذلك نقول بفخر: لم يحدث شيء بتاتاً.
وكان ذلك منسجماً اشد الانسجام مع فحوى ومضمون الكلمة الاولى.
إقرأ.
* * *
كانت تلك هي الولادة الجديدة للوعي الإنساني. وللعقل الإنساني التي حدثت في غار حراء.
اما المخاض – مخاض الوعي – فسيستمر فترة طويلة تتجاوز حتى الـ 23 عاما التي كونت عمر الدعوة …
وعبر القرون سيعاني المخاض كثيرون، أولئك يجددون الوعي المسلم والفكر المسلم، بل يبعثون للامة دينها (كما جاء في الحديث الصحيح …) انهم يمنحون للقراءة أبعادها المتجددة المتفاعلة مع إرهاصات الواقع وتراكمات الخبرة الإنسانية …
من جاهلية مشركي مكة الى نظام العولمة المهيمنة، يظل جوهر المخاض واحداً. إنها (إقرأ).حتى وان غفلنا عنها لقرون، تخفت أحياناً ويكون صوت الضجيج أعلى من همسة الغار، لكنها هناك موجودة، في الأعماق، وإذا أنصتنا قليلاً لنبض الوعي، فستكون همسة الغار أعلى من كل الأصوات، أقوى من كل الأصوات … ابلغ من كل الأصوات ….
* * *
رغم سعة الافق الذي انطلقت فيه تلك الكلمة – إقرأ- الا إنها مع ذلك مبنية على قواعد وأسس متينة، والاهم من ذلك: ثابتة.
ولعلنا هنا يجب ان نسجل ان الثبات ليس عيبا نخجل منه ونتجاهله – كما هو المعتاد اليوم في عصر يفخر بانه عصر المتغيرات السريعة. نعم. هناك متغيرات، ولكن هناك ايضا ثوابت. ونحن لا نخجل اذ نقر: في ديننا ثوابت. في عقيدتنا ثوابت. في حضارتنا ثوابت وفي مفاهيمنا ثوابت.
ولذلك فقرائتنا أيضاً مستندة الى ثوابت. وهذه الثوابت هي قاعدة رؤية واساس لنظر، انها العصب البصري الذي يغذي العين التي تقرأ، والبصيرة التي تستوعب … وهذه الثوابت لا تمارس دوراً انتقائياً سلطوياً فوقياً على موضوع القراءة – او النظر …
فالعالم كله، الخليقة كلها، بل تفاصيلها وكل تدرجاتها، تظل ميداناً مفتوحاً لإقرأ …
لكن الانطلاق نحو ذلك يظل محكوماً بالقواعد القرآنية. بالرؤية القرآنية.
بالمقاصد الثابتة للشريعة التي تتوجه نحو ما هو ثابت – وهي مقاصد مستقاة من القران نفسه … فاقرأ تتكامل وتتحد – بالقران –عبر القران تتوضح زوايا الرؤية ويصير القران نفسه قراءة للعالم والخليقة والكون ككل …
* * *
حسب أحدث الإحصاءات: 40 % من المسلمين ممن فوق سن الـ 15 عاماً هم أميون. أي ان هناك اليوم اكثر من ربع مليار مسلم بالغ ويعاني من الأمية. والامية هنا هي الأمية الأبجدية – والتي هي أمية فك الخط. والـ 60 % البالغين الذين يفكون الخط هم في اغلب الأحوال – لا يفكون اكثر من الخط، و (إقرأ) بالنسبة لهم ليست اكثر من أحرف أبجدية لا تعني اكثر من الأصوات التي تترجمها …
ونسبة الامية هذه مصحوبة بارقام اخرى مفزعة توثق اوضاع التخلف والتردي التي يعيش فيها مسلمو اليوم .. ولعلنا لا نحتاج الى ارقام واحصائيات لنعرف اننا متخلفون. لعل نظرة واحدة حولنا تكفي لاستيعاب ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
اننا متخلفون. نعرف هذا ونقر به. ولكن اعترافنا هذا لا يلغي تخلفنا ولا يوضح اسبابه ولا يقلل من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا.مسؤولية المفارقة المتولدة من اننا ندين بدين كان اول ما انزل منه: إقرأ.
* * *
لكن اكثر جوانب المأساة بروزا هي موقف حملة القران والدعاة من اول كلمة انزلها عز وجل على الرسول الكريم …
فرغم انتشار الصحوة الإسلامية – كما يسمونها اليوم – فان هناك قصورا واضحا في علاقتها مع إقرأ… وهو القصور الذي ينعكس على علاقتها بالمجتمع والواقع والتاريخ والمستقبل، بل على علاقتها مع نفسها كظاهرة صحوة، وعلى علاقتها بالإسلام، ككل …
إنها نقطة الخلل المركزية التي تمحورت حولها كل مشاكل الرؤية والتطبيق التي تعاني منها الصحوة … ويعاني منها الفكر الإسلامي …
ذلك ان مفهوم إقرأ ظل مفهوماً ثانوياً ومرتبطاً بالقراءة التقليدية الجاهزة للمجلدات والكتب التي سطرها الاولون فحسب. وكانت هذه القراءة – الا فيما ندر – تلقيناً تقليدياً، لا حواراً بين الاجيال وبين الواقع الحاضر – والماضي، بل كانت قراءة تحاول اقسار الماضي على الحاضر ولو بالقوة. وتفرض فهم رجال وعلماء عاشوا في القرن الخامس او السادس الهجري على ظروف القرن الخامس عشر …
وكان ذلك تحجيراً لواسع. وتقزيما لمارد. واغتيالاً لروح الإبداع. لصحوة الأمل في النفوس …
ومن هذا الخلل الكبير لفهم (إقرأ) نتجت ظواهراً فكرية مؤسفة في الصحوة – الأمل. رغم ان هذا الخلل نفسه نتج عن مجموعة ظروف وملابسات تاريخية واجتماعية قديمة تعود الى عصر الانحطاط لكن النتيجة النهائية للفهم الجامد لكلمة إقرأ كانت استمرار التكريس لقيم ومفاهيم عصر الانحطاط بل تحويلها الى بديهيات، مسلمات لا غنى عنها ….
* * *
نفس الآيات الثلاثة التي أنزلت أول مرة في الغار كانت تحمل إشارة الى خلق الإنسان من علق. والعلق مضغة الدم، وهي طور من الأطوار الجنينية التي يمر بها الإنسان، وقد ذُكِرتْ هذه الأطوار بتفصيل اكبر في آيات أخرى من سور مختلفة.لكن موقعها هنا بعد إقرأ مباشرة، وقبل إقرأ مباشرة، يثير الانتباه والتأمل، للوهلة الأولى – على الأقل.
لكن لا عجب، فالعلقة دور من أدوار التطور التي يمر بها الإنسان – إلى ان يصير أنساناً، بالضبط كما تمر بقية المخلوقات بأدوار وأطوار تختلف او تتشابه مع الأطوار الإنسانية بحسب موقعها من خارطة الخليقة:القطة والكلب والفيل والنملة وحتى الديناصور مروا جميعا باطوار معينة – مثلما مر الانسان …
لكن تطور الإنسان لا ينتهي بانتهاء هذه الأدوار الجنينية كما ينتهي تطور بقية الحيوانات. انه لا يكتمل انساناً الا بخطوة أخرى … بطور آخر … وبينما يمر الإنسان بتلك الأطوار السابقة رغماً عنه – كما تمر الحيوانات الاخرى بها. فان هذا الطور الاخير لا يمر الا بإرادته ووعيه انه يختاره او لا يختاره. يكمل درب التطور، او يظل حيث هو …
وهذا الطور، بل هذه الحرية في الاختيار، وتسليم الوعي والارادة لهذه المسؤولية هو أول ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات ….
وهذا الطور هو الوعي ذاته. انه " إقرأ " التي تحاصر الإنسان – العلقة في الآيات الثلاثة الأولى التي أنزلت في الغار …
" إقرأ " هي الطور الإنساني الأخير الذي به يكتمل تطور الإنسان – ويتميز عن بقية المخلوقات …
انها الحلقة المفقودة التي طال البحث عنها – في تطور الإنسان – وهي موجودة لا في الحفريات وعظام الجماجم القديمة وبحوث الانثروبولوجيا. إنها موجودة في وعيه. في عقله. في قراره بان يكون إنساناً … والذي لا بد وان يمر باقرأ…
إقرأ هي تلك الطفرة النوعية التي يختار الإنسان ان يقفزها ليتخطى الحواجز والعقبات التي تعوقه عن إنسانيته. عن وعي المعاني العميقة الكامنة في كل ذرة من ذرات الكون وكل حركة من حركات التاريخ، عن ان يكون كما اراده الله ان يكون: خليفة على الأرض … ..
يقف الإنسان – بعد ان اكمل تطوره الطبيعي الخارج عن إرادته – ليقرر هل يكمل، ويستجيب لهمسة الغار، ويصعد ذلك السلم المضيء الملون – سلم التطور الإنساني الحقيقي.سلم إقرأ، وكل درجة من درجات السلم يصعدها تغوص به الى عمق الحقيقة والوعي والإرادة , وتزيده اقتراباً من دوره ومسؤوليته الحقيقيين.
او ان يقف – مكتفيا بتطوره الجنيني – فيقف على حافة السلم، قدر الطحالب والدواب.
* * *
…. و (إقرأ) تمثلت في منجزات حضارية مختلفة ومتنوعة – كانت في حقيقتها جوهر الحضارة التي ارتكزت على همسة الغار …
فمرة تمثلت في فقه متجدد – قائد- يتجدد مع تطورات المجتمع والظروف. ومرة تمثلت في عدالة اجتماعية شملت كل مواطنيها في البلدان المفتوحة ايضاً …
وتمثلت في صراع متأجج بين قوى متناحرة، ومتنافرة: الأولى التزمت بـ (إقرأ) المتجددة الفهم للمقاصد والثانية حاولت الزام قراءة واحدة – جاهلية غالباً- على الواقع والمجتمع …ورغم اختلاف الشعارات، وتبدلها بين الحين والاخر … فان إقرأ، كانت دوماً هناك في العمق، خلف الكواليس وخلف الستار.
وعندما اختفت (إقرأ)، صارت مجرد كلمة دون المعاني والافاق والمقاصد، صار الصراع يمثل – رؤى جامدة ومتوارثة: دون ذلك الفهم، دون ذلك التجدد، دون تلك المقاصد أي باختصار: دون ذلك الاسلام – الحقيقي.
* * *
في البدء كانت إقرأ؟
لا. ليس في البدء فقط. انها في البداية والنهاية وفيما بينهما.
إنها الأمر الأول – الفرض الأول غير القابل للاستئناف او النسخ. والذي لا يكسب فعاليته وحيويته الا باستمراره على كل الأوامر التالية – بل كل الأمور التالية – والتي لا تكتسب – هي الأخرى – فعاليتها الا بالتعامل مع الأمر الأول: إقرأ…
لذلك فان إقرأ ليست مجرد بداية تاريخية لنزول الوحي. إنها البداية والنهاية وما بينهما. إنها جوهر الحكاية بأكملها. الحكاية التي لم تنته بعد …
* * *
مقتبس من كتاب البوصلة القرآنية-للدكتور احمد خيري العمري الصادر عن دار الفكر دمشق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 04:07 ص]ـ
الاخ الكريم ابو بكر خليل. هل هذا كلام مستشرقين؟
ـ[الكشاف]ــــــــ[27 Feb 2006, 08:15 ص]ـ
يبدو أن الأخ عزام عز الدين = أحمد خيري العمري صاحب البوصلة القرآنية.
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 01:25 م]ـ
يبدو ان الاخ كشاف يعتقد انه كشاف فعلا.
للأسف هذه المرة لم يصب هدفه.
و ان كنت اتمنى .. ان يكون كذلك.
لكن عندي نسخة الكترونية من الكتاب ..
على العموم اتشرف بذلك و لاادري ما اهمية هذا الكشف حتى لو كان صحيحا.(/)
ما هو جواب الشرط في هذه الآية
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[27 Feb 2006, 07:21 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه
يقول تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [يس: 45]
ما هو جواب الشرط في هذه الآية.
هل هناك آيات أخرى في القرآن الكريم لم يكن فيها جواب الشرط مباشرا.
وجزاكم الله خيرا
ـ[روضة]ــــــــ[27 Feb 2006, 08:17 م]ـ
جاء في البحر المحيط، ومثله في الدر المصون:
جواب إذا محذوف يدل عليه ما بعده، أي أعرضوا.
قال الشيخ أبو السعود رحمه الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ?تَّقُواْ} بيانٌ لإعراضِهم عن الآياتِ التَّنزيليةِ بعد بيانِ إعراضِهم عن الآياتِ الآفاقيةِ التي كانُوا يشاهدونَها وعدم تأمُّلِهم فيها أيْ إذَا قيل لهم بطريقِ الإنذارِ بما نزل من الآيات أو بغيره اتَّقوا {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} من الآفاتِ والنَّوازلِ فإنَّها محيطة بكم أو ما يصيبكم من المكاره مِن حيثُ تحتسبون ومن حيثُ لا تحتسبون أو من الوقائع النَّازلةِ على الأُمم الخالية قبلكم والعذاب المعدِّ لكم في الآخرة أو من نوازل السَّماءِ ونوائب الأرض أو من عذاب الدُّنيا وعذاب الآخرةِ أو ما تقدَّم من الذُّنوبِ وما تأخَّر. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} إمَّا حال من واوِ واتَّقوا أو غايةٌ له أي راجين أنْ تُرحموا أو كي تُرحموا فتنجُوا من ذلك لما عرفتُم أنَّ مناط النَّجاةِ ليس إلاَّ رحمةَ الله تعالى. وجوابُ إذا محذوف ثقةً بانفهامِه من قوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـ?تِ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} انفهاماً بيِّناً أمَّا إذا كان الإنذارُ بالآيةِ الكريمة فبعبارةِ النَّصِّ وأمَّا إذا كان بغيرها فبدلالته لأنَّهم حين أعرضوا عن آياتِ ربِّهم فلأنْ يُعرضوا عن غيرِها بطريق الأولويَّةِ كأنَّه قيل: وإذا قيل لهم اتَّقوا العذاب أعرضُوا حسبما اعتادُوه. أ.هـ.
وقد جاء جواب الشرط محذوفاً في كثير من الآيات الكريمة، من ذلك ما جاء في قوله تعالى:
{وَلَوْلاَ فَضْلُ ?للَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ?للَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور:10]، وقوله: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ?للَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ?للَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [النور: 20].
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[06 Mar 2006, 01:40 ص]ـ
هل هناك آيات أخرى في القرآن الكريم لم يكن فيها جواب الشرط مباشرا؟
قوله تعالى في سورة الزمر: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الآية 73].
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[06 Mar 2006, 06:25 م]ـ
الأخ الفاضل لؤي الطيبي!
هل قرأت ما كتب عن آية الزمر السابقة على هذا الرابط؟
وما رأيك فيه؟
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1543&highlight=%DA%CA%E6%DF
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 Mar 2006, 03:15 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي المفضال عبد القادر يثرب ..
لقد قرأت مقالة الأستاذ إسماعيل عتوك – حفظه الله – للتوّ ..
ولا يخفى عليك أن ما جاء في بحثه الكريم، إنّما هو من مسائل الخلاف ..
وفي هذه المسائل تجد المؤيّد والمعارض والمحايد ..
ولا أخفيك أنني أرجّح ما ذهب إليه سيبويه – رحمه الله - من أن الجواب في هذا الموضع محذوف ..
علماً بأن الفرّاء – رحمه الله - أقرّ بنفسه أن ترك الجواب في القرآن كثير ..
ولقد عجبت من ادّعاء أستاذنا الكريم إسماعيل عتوك في قوله: ((إذا ثبت حذف جواب (إذا) و (لو) في بعض المواضع، فإن حذف جواب (حتى إذا) لم يثبت أبداً في أيٍّ من تلك المواضع))!
فماذا يقول – وفقّه الله – في قول الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قُتائدةٍ ===== شلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدا.
حيث إنه حذف هنا جواب (حتى إذا)، ولم يأت به، وذلك لأن هذا البيت هو آخر القصيدة؟ وكما هو بيّن، فإن جواب (حتى إذا) في هذا البيت لم يقترن بالواو!
ولعلّ الأصل في هذا كله - أخي الكريم - أن جواب الشرط لا يتمّ المشروط دونه، فإذا حُذف كان أهول وأعظم للكلام، فيكون إضمار الجواب في مواضعه أحسن من إظهاره.
فالمسيء مثلاً إذا علم ما يُعاقَب به، فكأنّ نفسه تسكن إليه، فيكون الحذف أولى، لأنه حينها يقدّر كلّ ضرب من العذاب. وكذلك الأمر بالنسبة للمحسن، فإنه إذا لم يعرف قدر النّعمة التي وُعد بها، ذهب وهمه إلى ما هو الأعلى من ذلك.
ثم أنَّى للّغة نفسها أن تصف الجنة، وهي التي " فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"؟ ولذلك يقول الدكتور فاضل السامرائي في بيانه لآية الزمر (ما معناه): أنه عندما حذف جواب الشرط هنا، كان في ذلك إشارة خفيّة إلى أن اللغة نفسها لا يمكنها أن تصف ما فيها من نعيم ..
والله أعلم بمراده
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[07 Mar 2006, 09:55 ص]ـ
الأخ الفاضل لؤي:
أولاً- الفراء لم يصرح بحذف جواب حتى إذا، وكلامه واضح في التفريق بين جواب (حتى إذا)، وجواب (إذا).
ثانيًا- العجب يا أخي لؤي ليس مما قاله الأستاذ محمد إسماعيل عتوك؛ لأن ما قاله لا يخرج عن قول الفراء في إثبات الجواب، دون القول بزيادة الواو.
ثالثًا- إن كان ثمَّة عجب، فينبغي أن يكون من بناء قاعدة على بيت واحد من الشعر، مختلف في روايته، ومختلف في تخريجه، ثم تطبيق هذه القاعدة على كلام الله سبحانه، وإخضاعه لها، وكلام الله سبحانه منزَّه من ذلك.
1 - أبو عبيدة، والميداني، وابن فارس في فقه اللغة قالوا بزيادة (إذا) في البيت السابق. والمعنى عندهم: حتى أسلكوهم ...
2 - الطبري قال: جواب (إذا) محذوف تقديره: (سلكوهم)، والمعنى:
حتى إذا أسلكوهم .. سلكوا شلاًّ ...
3 - وذهب جماعة منهم: الأصمعي، وأبو علي الفارسي، وابن الشجري، وابن الأنباري إلى أن قوله: (شلاًّ) هو الجواب؛ لأن التقدير: شلوهم شلاًّ، فاستغني بذكر المصدر عن الفعل لدلالته عليه. وعلى هذا القول لا يكون الجواب محذوفًا.
رابعًا- ما ذكرته من كلام الدكتور فاضل حفظه الله في تعليله لحذف الجواب في الآية الكريمة، لا دليل له عليه. ولا أرى أنه يوجد أية علاقة بين حذف الجواب، وما قاله فضيلته .. وإلا فما معنى قوله: (عندما حذف جواب الشرط هنا، كان في ذلك إشارة خفيّة إلى أن اللغة نفسها لا يمكنها أن تصف ما فيها من نعيم .. ).
ولو كان هذا القول صحيحًا، لوجب أن يقال مثله في آية أهل النار، فاللغة أيضًا لا يمكنها أن تصف ما في النار من عذاب.
ولكن الآية الكريمة لا تتحدث عما في الجنة من نعيم؛ وإنما تتحدث عن فتح الجنة أبوابها للمؤمنين. وقد أخبرت أن فتح الجنة أبوابها للمؤمنين يقع مع مجيئهم إليها في وقت واحد، لا قبله، ولا بعده. وهذا ما دلت عليه واو الجمع، بخلاف أهل النار. ولو أنك عدت إلى مقال الأستاذ محمد، وما أجاب به عن تساؤلات عقب المقال، وقرأته جيدًا، لوجدت فيه من الأدلة ما يكفي لصحة ما ذهب إليه.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 Mar 2006, 04:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أولأً: ألم أقل لك - أخي الفاضل عبد القادر - أن هذه القضية تُعدّ من المسائل الخلافية، وأنك تجد فيها المخالف والمؤيّد والمحايد؟
وثانياً: أنا لم أدعّ ما جاء في قولك: " الفراء لم يصرح بحذف جواب حتى إذا، وكلامه واضح في التفريق بين جواب (حتى إذا)، وجواب (إذا) "!
ولكن قلت: " علماً بأن الفرّاء – رحمه الله - أقرّ بنفسه أن ترك الجواب في القرآن كثير ".
وفرق بين هذا وذاك .. (انظر معاني القرآن 1\ 97)!
شكر الله لكم تعقيبكم الكريم
وجزاكم الله خيراً
ـ[البحر الرائق]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:50 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخوانى الأعزاء
بالنسبة لجواب الشرط،فإن الامام ابن كثير رحمه الله تعالى قال فى سياق تفسيره للأية الكريمة (حتى إذا جاؤها) اى وصلواإلى ابواب الجنة بعد مجاوزة الصراطحبسوا على قنطرة بين الجنة و النار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم فى الدنياحتى إذا هذبوا و نقوا اذن لهم فى دخول الجنة. ثم قال بعد ذلك لم يذكر الجواب ههنا و تقديرهحتى اذاجاؤهاو كانت هذه الامور من فتح الابواب لهم إكراما و تعظيما و تلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة و السلام و الثناء، إذا كان هذا سعدوا و طابوا و فرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم واذا حذف الجواب ههنا ذهب الذهن كل مذهب فى الرجاء و الأمل
انتهى كلامه رحمه الله
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[12 Mar 2006, 05:59 م]ـ
الأخ الفاضل البحر الرائق!
السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
لماذا حذف جواب الشرط في آية أهل الجنة، ولم يحذف في آية أهل النار، لتذهب النفس في تقديره كل مذهب في اليأس والقتوط من النجاة؟؟؟ وما الدليل على حذفه؟؟؟ الحذف لا يكون إلا بدليل يدل عليه .... فأين الدليل؟؟؟
ألا ترى أن التركيب في الآيتين هو تركيب واحد، ولا فرق بينهما إلا بزيادة الواو؟؟؟ فكيف يكون محذوفًا في واحدة، ومثبتًا في أخرى؟؟؟
ـ[خالد- طالب علم]ــــــــ[26 Mar 2006, 06:43 م]ـ
كان المنتظر من الأستاذ لؤي الطيبي أن يتراجع عن قوله ((ولقد عجبت من ادّعاء أستاذنا الكريم إسماعيل عتوك في قوله: ((إذا ثبت حذف جواب (إذا) و (لو) في بعض المواضع، فإن حذف جواب (حتى إذا) لم يثبت أبداً في أيٍّ من تلك المواضع))!
فماذا يقول – وفقّه الله – في قول الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قُتائدةٍ ===== شلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدا.
حيث إنه حذف هنا جواب (حتى إذا)، ولم يأت به، وذلك لأن هذا البيت هو آخر القصيدة؟ وكما هو بيّن، فإن جواب (حتى إذا) في هذا البيت لم يقترن بالواو!
))، وذلك بعد أن ردَّ عليه الأستاذ عبد القادر، أو يأتي بقول آخر يؤيد به رأيه؛ ليثبت أنه على صواب، وأن غيره على خطأ .. ولست أدري إن كان قد قرأ ما دار من حوار على هذا الرابط، أم لا؟
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3474&highlight=%DA%CA%E6%DF(/)
اسقاط معاصر على آية" لا تكن كصاحب الحوت .. "
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:11 م]ـ
.. لا مفر من إسقاط معاصر.
فالخطاب القرآني يستفزنا دوماً من اجل ان نقرأ الحاضر والمستقبل.
وقصة يونس وخروجه من بطن الحوت، والتي جرت في القرن الثامن قبل الميلاد تقريباً، كانت مثلاً جيداً لمحمد (صلى الله عليه و سلم) في القرن السادس بعد الميلاد، أي بعد 15 قرناً من وقوعها – وهي لا تزال تحمل الكثير، بل ان إيحاءاتها زادت بعد أن رأينا ارتباطاتها بالوضع النفسي للرسول (صلى الله عليه و سلم) في البداية المبكرة للدعوة.
وإيحاءاتها وأمثلتها تزيد عندما نكون في وضع مشابه: في بطن الحوت. في درك الظلمة واليأس.
واليوم – يواجه المسلمون عموماً – واقعاً مظلماً ومستقبلاً اشد إظلاماً. وللحقيقة والأنصاف فليس المسلمون وحدهم من يواجهون هذا الواقع المظلم والمستقبل الأشد إظلاماً، فمعظم شعوب الجنوب – ونسبة كبيرة منها مسلمة – تواجه هذا الواقع. انهم يعيشون في ظل نظام عالمي يستغلهم ويسحقهم ويهمشهم على كافة المستويات: الاقتصادية أساساً، والاجتماعية والثقافية والسياسية تباعاً – وهو نظام لا يخدم حتى مواطنيه – فهو لا يخدم غير طبقة النخبة، الملأ الاحتكاري الذي لا يتجاوز الـ5% من السكان – والذي قد يتقلص حتى الـ 1% في غضون سنوات – لكنه مع ذلك يمارس اشد انواع الظلم ضد شعوب كاملة: يستغل مواردها بأبخس الأثمان، ويستغل بطالتها ليحول عمالتها البشرية إلى رقيق رخيص مهدد في أي وقت بالطرد والموت جوعاً – وفوق ذلك كله يمسخ هويتها الحضارية ويحولها إلى تابع استهلاكي لحضارة الغرب، حضارة الرجل الأبيض الخالدة.
وخلال ذلك كله، وبسبب تعقد الأوضاع الاقتصادية العالمية، فأن الحصار يبدو مطبقاً من جميع الجهات. فوصايا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على سبيل المثال – وهما الملجأ الوحيد للدولة الهاربة من الفقر وهاوية الأفلاس – لا تؤدي إلا إلى تكريس هيمنة النظام العالمي الجديد وتسهيل حركته وانتقال الأموال عبر هذه الدولة أو تلك – والقروض التي تمنح عادة، تكون فخاً منصوباً بإحكام للسقوط في دورة العولمة المهيمنة – فلكي تسدد الدولة المدينة القروض وفوائدها المتراكمة لابد لها ان تتبع مجموعة من الإرشادات تجعلها دائرة تماماً في فلك العولمة: تخفيض الضرائب على القطط الكبار وزيادتها على المواطن العادي. زيادة الفوائد في البنوك. إلغاء القطاع العام بما في ذلك خدمات البنية التحتية من ماء وكهرباء وحتى تعليم وصحة. ولا تؤدي هذه الإرشادات الى تحسين الوضع الاقتصادي أبداً – لكن طبقة معينة، طبقة ال] 5%مثلاً [ستنشأ وترتبط مصالحها بالطبقات المتعولمة في كل مكان – الملأ الاحتكاري الذي صار يمثل طبقة عابرة الحدود والقارات، انتماؤها الحقيقي يتجاوز حدود الأوطان والقوميات والأديان التقليدية إلى عقيدة دين جديد أسماؤه متعددة: وحدانية السوق. الدولار. العولمة … الخ. أما المواطن العادي فسينسحق اكثر واكثر ويتهمش اكثر فأكثر .. ويضيق أفق أحلامه اكثر فأكثر: فلا يصير اكثر من لقمة الغد وكسوة الشتاء القادم ..
وبسبب الحذق الإعلامي المحترف الذي تمارسه مؤسسات العولمة الإعلامية المتسلطة على وسائل الإعلام بكافة أشكالها، فان شعوب الجنوب – اللاهثة وراء اللقمة وسداد الدين ووسائل العيش البيولوجي البحت، تكون في الوقت نفسه مهشمة الهوية مزدوجة الانتماء –فالمؤسسة الإعلامية العالمية من تلفزيون وسينما وإذاعة تسوق " نمط الحياة " الغربية – بالضبط كما تسوق لكل منتجاتها الاستهلاكية الأخرى: السيارة، والهاتف النقال، ومسّرح الشعر - وتسويق نمط الحياة عبر الصورة الإعلامية الجذابة هو اخطر ما في عملية التسويق: معها يصير الهامبرغر اكثر من مجرد أكلة سريعة. والجينز اكثر من مجرد ثوب عملي، والبيبسى كولا اكثر من شراب منعش، كل هذه تصير رموزاً لحياة أخرى واختيار اخر، تركض شعوب الجنوب خلفها بحثاً عن رفاهية ذلك العالم "الآخر" – ارض الأحلام كما يسميها مسوقو الحلم الأمريكي .. وخلال ذلك الركض – الذي غالباً ما يصيب المنتجات الاستهلاكية وحدها، تستمر عجلة الاستهلاك – محور الحضارة الغربية المعاصرة – في الدوران، ويستمر المدينون في الاقتراض لشراء ما يتغير
(يُتْبَعُ)
(/)
باستمرار، تستمر الفوائد في التصاعد، وجيوب الملأ العالمي في الانتفاخ .. وخلال ذلك، يصير الهامبرغر والبيبسى والجينز اكثر من مجرد حاجات استهلاكية، بل ان مظاهر نمط الحياة الأخرى، يحمل ولا بد، قيم تلك الحياة – وللأسف فان القيم التي تأتي دوماً تكون أسوء ما في الحياة الغربية: القيم الفردية والتحلل والإباحية والتفكك الأسرى والعنف والجريمة والمخدرات ..
ويحدث ذلك كله وسط (زفة) إعلامية هائلة تروج لما يدور كما لو كان منتهى الأمل والمنى، وهي (زفة) تتابع أحياناً بدقة حتى ابشع العمليات العسكرية التي تثبت فيها الحضارة الغربية (العبرة) و (الدرس) لكل من تسول له نفسه ان يقول لا لهيمنتها على شؤون العالم اجمع …
وسط ذلك كله. يسأل الفرد المسلم نفسه: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟. وهو سؤال منطقي وبديهي. انه يجد نفسه محاصراً تماماً. قيمه وكتابه وبقايا هاجسه الديني يقول شيئاً، لكن حياته – كلها – تقول أشياء أخرى مضادة .. فماذا بوسعه حقاً ان يفعل؟.
بمواجهة هذا التنين هائل الحجم، متعدد الرؤوس، عابر القارات، ماذا بوسعه ان يفعل؟.
هذا التنين الذي احتل بيته واستغل ثرواته – بطريقة او بأخرى، ويكاد حتى ان يحتل رأسه او رؤوس باقي أفراد عائلته .. ماذا بوسعه ان يفعل في مواجهته.
انه اليأس. فقدان المناعة أمام كل شيء. اليأس القاتل- الانتحار، في هذه الحالة – ببساطة: لاشيء يفعله يمكن ان يغير شيئاً من نتيجة المواجهة.
انه اليأس.
الانخراط في الزفة والركض خلف سلع الاستهلاك ودورة الإنتاج وحضارة العولمة، يأس ورفض الانخراط عبر التقوقع على الذات والاقتصار على الشعائر والعبادات وبعض الأناشيد والتسابيح هنا وهناك، يأس أيضاً.
انه اليأس: مرض قاتل، بل وباء مستشري فتاك، ينتشر كما الإيدز، يسلب مناعة الأفراد كما المجتمعات – فيجعلها عرضة للموت والاندحار في اقل ضربة .. او هزة، انه اليأس. السلبية العميقة التي تصيب حتى أصحاب الشهادات والأفكار فيفرون بشهاداتهم إلى الخارج – او بأفكارهم الى الداخل -، تاركين في كل الأحوال مجتمعاً وواقعاً جديدين بالتغيير ..
انه اليأس. الذي يهاجر مجتمعه وقيمة إلى ارض الأحلام – (التي قد تتحول إلى كوابيس). والاوهام والفرص، يائس، يائس من قدرته على تحويل مجتمعه وارضه إلى مجتمع ملائم وارض احلام اخرى ..
والذي يبقى اما ان يتقوقع على ذاته وكتبه وشعاراته وعباداته وبقايا قيمه – ليكون وامثاله جالية منفصلة عن الواقع مغتربة عن المجتمع ركيزتها الاساسية ياسها المستفحل من القدرة على التغيير والاستسلام المهين لقدر النوم والتثاؤب .. او .. ان ينخرط الفرد مع بقية افراد المجتمع في درب التغريب – وبالذات في التطبع في اسؤ ما في الغرب من قيم – ولا يمنع ذلك من بعض الشعائر والطقوس – مفرغة تماما من القيم والوظائف الاجتماعية – ولا تفعل غير تلطيف الجو الاستهلاكي الذي يمجد السيارة الحديثة الفارهة ومقتنيات تكنلوجيا التسلية بكل انواعها – وتظل العين دوما هناك على تاشيرة الدخول الـ ( Visa) والبطاقة الخضراء الـ ( Green Card).. وماذا سوى الياس امام جداره القائم في النفوس والعقول والواقع المظلم وخندق السلبية والاستسلام المحفور بضراوة في دهاليز نفسيته.؟. ماذا بامكانه ان يفعل امام التنين الهائل الذي دخل بيته واحتل سريره وراسه وصار جزء منه.؟.
ماذا بامكانه ان يفعل وهو يائس حتى من امكانية المواجهة؟.
ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟.
* * *
هناك كتاب، في الكتاب آية، في الاية مثل، وامر، وحكاية.
ويمكن ان تظل الحكاية مجرد حكاية اخرى – مثل حكايا التوراة مسلية وتاريخية فقط – او تصير للحكاية بعدا اخر: ملحمة، رؤية، رؤيا.
وبين الحكاية المسلية – والملحمة الفاعلة فارق كبير لكنه يتعلق بنا – لا بالكتاب – يتعلق بفهمنا له، برؤيتنا لدوره، لكن لنعد للموضوع: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ ..
مرة اخرى هناك كتاب في الكتاب اية في الاية مثل وامر وحكاية.
وعندما سال محمد (صلى الله عليه وسلم) ذلك السؤال لنفسه: ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل؟ – نزلت تلك الاية بالذات (فأصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت).
ولم تكن مجرد حكاية بل صارت ملحمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان الخروج من بطن الحوت بالرؤية المختلفة والمشروع المغاير والنفسية المستعدة للمواجهة وبثمرة الامل في العراء – هو الدرس والعبرة التي استوعبها عليه افضل الصلاة والسلام مبكرا في مرحلة شبيهة بمرحلة بطن الحوت: الياس، الوحدة والظلمة ..
وكان الخروج من بطن الحوت يعني شطب كلمة الياس من معجمه واقتلاع جذور السلبية من نفسيته وكان العبور بالنسبة له هو ايمانه بقدرته على التغيير،على التحدي، على ان تنبت الثمرة فيه .. في داخله.
لكن اليوم ماذا بوسع رجل واحد ان يفعل حقا؟.
واليوم نستطيع ان تكون حكاية صاحب الحوت مجرد حكاية اخرى تروى للاطفال عن معجزة الرجل الصالح الذي ابتلعه الحوت ولم يمت. او ان تكون ملحمة تحمل في ثناياها مفتاحا لنا للخروج من بطن الحوت. او شمعة تضئ الظلمة ولو ببصيص صغير ..
نستطيع ان نختار: في بطن الحوت الذي انزلقنا اليه: حوت العولمة والهيمنة الامريكية والشركات عابرة القارات وصندوق النقد الدولي ووحدانية السوق ومؤسسات الاعلام الحاذق الذي ينتقل عبر الاقمار الصناعية دونما تأشيرة او رقابة – في بطن هذا الحوت الذي التقمنا – علينا ان نختار البقاء فيه – إلى يوم يرجعون – او الخروج منه ..
البقاء في بطن الحوت؟. انه يعني قطعا الموت. بل لعل الانقراض هو التعبير الادق والمطبلون في زفة العولمة الحالمون بدولة الرفاهية بجنة الاستهلاك وبارض الاحلام – لا يدركون ان المضي بالزفة إلى نهايتها لن يجعلهم مواطنين في دولة الحلم الامريكي كما يريدون – بل سيجعلهم في احسن الاحوال رقم اخر في سلسلة البطالة بنسبتها المتزايدة – بسبب التغييرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي المصاحب للعولمة – وهي النسبة التي ستبلغ 80% - حتى في الدول الغربية – وسيعيش هؤلاء الـ80% في احسن الاحوال على فتات الصدقة التي تتبرع بها طبقة الملأ الاحتكاري ..
لكن ليس كل الباقين في بطن الحوت مطبلين في زفة العولمة بل هناك من يرفضها لكن يرفض مواجهتها. ياسا طبعا ويفضل الانكفاء على ذاته الممزقة وهويته الضائعة وبضعة كتب ومجلدات وطقوس وشعائر مفرغة من وظيفتها الاجتماعية .. وانتظار ليوم اخر ينتصفون فيه ممن ظلمهم. وهؤلاء ايضا باقون في بطن الحوت إلى يوم يبعثون.
اما الخروج من بطن الحوت فيبدأ من ذلك الخط الفاصل بين الخيط الابيض من الاسود من الفجر.
يبدء من الايمان في الداخل بالقدرة على التغيير – القدرة على العمل – على المواجهة. يبدء من اقتلاع جذور السلبية والكسل والتواكل، .. غرس جذور بديلة لقيم بديلة: قيم الايجابية والعمل والثقة بالنفس ..
يبدء من الايمان ان بامكان رجل واحد الكثير: ان يدعو مائة ألف او يزيدون
من الايمان اذن من نقطة محورية جدا في الايمان تبدء عملية الخروج من بطن الحوت.
وهي نقطة محورية وتتعلق بخيارنا وقرارنا في جزء منها.
ان نبقى في بطن الحوت: الظلمة والهيمنة الاحتكارية والبطالة والتخلف وقيم السلبية او ان نخرج إلى فضاء الله الرحب: الايجابية والعمل والتحدي – مهما كانت الصعوبات.
باختصار: هامبرغر أم يقطين؟
ولا مفر من الاختيار.
من كتاب: البوصلة القرآنية احمد خيري العمري دار الفكر دمشق
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 03:12 ص]ـ
يرجى متابعة الموضوع الاصلي: لا تكن كصاحب الحوت، الاية الاولى: اقرأ، عداس .. !(/)
أسئلة في سورة التوبة.
ـ[لطيفة بنت محمد]ــــــــ[27 Feb 2006, 09:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أورد الإمام البخاري في تفسيره عند قوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) رواية البخاري عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر, فقلت له: ما انزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم فاختلفت أنا و معاوية في (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم, وكان بيني وبينه في ذلك. فكتب إلى عثمان يشكوني, فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة, فقدمتها فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك, فذكرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت فكنتَ قريبا, فذاك الذي أنزلني هذا المنزل, ولو أمّروا عليّ حبشيا لسمعت وأطعت ..
السؤال: ما معنى عبارة عثمان رضي الله عنه وأبي ذر رضي الله عنه بعدها.
***********
سؤال: ذَكر الله جل جلاله في سورة التوبة صفات للمنافقين كالبخل والتثاقل عن الطاعات وغيرها, فهل من كانت فيه من هذه الصفات كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها, أم هذا خاص بالصفات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه
وتكون أشدها؟
***********
سؤال: قال الله جل اسمه: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم)
كيف نجزم بالنفاق على أحد حتى نجاهده باللسان؟
***** سددكم الباري تعالى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2006, 12:54 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جواب السؤال الأول:
يتضح معنى السؤال بمعرفة تفاصيل قصة أبي ذر رضي الله عنه. فقد كان أبو ذر ربما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أمراً، وجاء بعده ما ينسخه ولا يعلم به من النبي صلى الله عليه وسلم، فيبقى على ما سمع. وقد ذكر عن شداد بن أوس أنه قال: كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه ثم يرخص فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمع الرخصة، ويتعلق بالأمر الأول. اهـ.
ولذلك خالف جمهور الصحابة في فهمه لهذه الآية الكريمة، وهي آية الكنز التي في سورة التوبة. فكان يذهب إلى أَنَّ كلَّ ما فَضَلَ عن القوت كنزٌ يُحاسبُ عليه كانزه من المسلمين وغيرهم. في حين ذهب الجميع إلى أن الكنز هو ما لم يؤد كانزه زكاته، فإن أدى الزكاة فليس بكنز. وقد كان أبو ذر رضي الله عنه ينشر قوله هذا في الناس فشق عليهم ذلك، وهو مقيم في دمشق زمن ولاية معاوية عليها، في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين. فطلب معاوية من عثمان رضي الله عنه أن ينظر في أمر أبي ذر بأن يطلب منه الخروج من دمشق حتى لا يشق على الناس برأيه في هذا، وقد استجاب أبو ذر رضي الله عنه لأمر عثمان بالقدوم للمدينة مع إصراره على رأيه في فهم الآية. وجاء أبو ذر رضي الله عنه للمدينة، فاجتمع الناس عليه يسألونه عن سبب خروجه من دمشق وعودته للمدينة، فكان يخبرهم برأيه في الآية وأنه سبب خروجه. فخشي عثمان رضي الله عنه على أهل المدينة مما خشي منه معاوية رضي الله عنه على أهل دمشق، فطلب من أبي ذر رضي الله عنه ما دام مصراً على قوله ونشره بين الناس أن يتكرم بالخروج إلى مكان قريب من المدينة يكون تأثيره فيه على الرأي العام أقل. ففعل وخرج إلى الربذة رضي الله عنه، وبقي بها حتى مات.
وهاك نقولاً مختارة حول هذا تزيدك ثقة بما تقدم إن شاء الله، فإن النقل عن الكبار يشعر بالثقة والطمأنينة رحمهم الله وجزاهم عنا خيراً.
[ line]
قال ابن حجر في (فتح الباري): (الرَّبَذَة بِفَتْحِ الرَّاء وَالْمُوَحَّدَة وَالْمُعْجَمَة مَكَان مَعْرُوف بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة، نَزَلَ بِهِ أَبُو ذَرّ فِي عَهْد عُثْمَان وَمَاتَ بِهِ. وَإِنَّمَا سَأَلَهُ زَيْد بْن وَهْب عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مُبْغِضِي عُثْمَان كَانُوا يُشَنِّعُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَفَى أَبَا ذَرّ، وَقَدْ بَيَّنَ أَبُو ذَرّ أَنَّ نُزُوله فِي ذَلِكَ الْمَكَان كَانَ بِاخْتِيَارِهِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
نَعَمْ أَمَرَهُ عُثْمَان بِالتَّنَحِّي عَنْ الْمَدِينَة لِدَفْعِ الْمَفْسَدَة الَّتِي خَافَهَا عَلَى غَيْره مِنْ مَذْهَبه الْمَذْكُور فَاخْتَارَ الرَّبَذَة، وَقَدْ كَانَ يَغْدُو إِلَيْهَا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ، وَفِيهِ قِصَّة لَهُ فِي التَّيَمُّم.
وَفِي " طَبَقَات اِبْن سَعْد " مِنْ وَجْه آخَر " أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل الْكُوفَة قَالُوا لِأَبِي ذَرّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ: إِنَّ هَذَا الرَّجُل فَعَلَ بِك وَفَعَلَ، هَلْ أَنْتَ نَاصِب لَنَا رَايَة - يَعْنِي فَنُقَاتِلهُ - فَقَالَ: لا، لَوْ أَنَّ عُثْمَان سَيَّرَنِي مِنْ الْمَشْرِق إِلَى الْمَغْرِب لَسَمِعْت وَأَطَعْت ".
قَوْله: (كُنْت بِالشَّامِ) يَعْنِي بِدِمَشْق، وَمُعَاوِيَة إِذْ ذَاكَ عَامِل عُثْمَان عَلَيْهَا. وَقَدْ بَيَّنَ السَّبَب فِي سُكْنَاهُ الشَّام مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ زَيْد بْن وَهْب " حَدَّثَنِي أَبُو ذَرّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا بَلَغَ الْبِنَاء - أَيْ بِالْمَدِينَةِ سَلْعًا تَرْتَحِل إِلَى الشَّام. فَلَمَّا بَلَغَ الْبِنَاء سَلْعًا قَدِمْت الشَّام فَسَكَنْت بِهَا " فَذَكَرَ الْحَدِيث نَحْوه.
وَعِنْده أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْف عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " اِسْتَأْذَنَ أَبُو ذَرّ عَلَى عُثْمَان فَقَالَ. إِنَّهُ يُؤْذِينَا، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ عُثْمَان: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُم أَنَّك خَيْر مِنْ أَبِي بَكْر وَعُمَر؟ قَالَ. لا، وَلَكِنْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبكُمْ مِنِّي مَنْ بَقِيَ عَلَى الْعَهْد الَّذِي عَاهَدْته عَلَيْهِ، وَأَنَا بَاقٍ عَلَى عَهْده ".
قَالَ فَأَمَرَ أَنْ يَلْحَق بِالشَّامِ. وَكَانَ يُحَدِّثهُمْ وَيَقُول: لَا يَبِيتَن عِنْد أَحَدكُمْ دِينَار وَلَا دِرْهَم إِلا مَا يُنْفِقهُ فِي سَبِيل اللَّه أَوْ يَعُدّهُ لِغَرِيمٍ.
فَكَتَبَ مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان: إِنْ كَانَ لَك بِالشَّامِ حَاجَة فَابْعَثْ إِلَى أَبِي ذَرّ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَان أَنْ اِقْدَمْ عَلَيَّ، فَقَدِمَ.
قَوْله: (فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاس حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي) فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ. أَنَّهُمْ كَثُرُوا عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ سَبَب خُرُوجه مِنْ الشَّام، قَالَ فَخَشِيَ عُثْمَان عَلَى أَهْل الْمَدِينَة مَا خَشِيَهُ مُعَاوِيَة عَلَى أَهْل الشَّام.
قَوْله: (إِنْ شِئْت تَنَحَّيْت)
وَعِنْد أَحْمَد أَيْضًا مِنْ طَرِيق شَهْر بْن حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاء بِنْت يَزِيد عَنْ أَبِي ذَرّ نَحْوه، وَالصَّحِيح أَنَّ إِنْكَار أَبِي ذَرّ كَانَ عَلَى السَّلَاطِين الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْمَال لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يُنْفِقُونَهُ فِي وَجْهه. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِالْإِبْطَالِ. لِأَنَّ السَّلَاطِين حِينَئِذٍ كَانُوا مِثْل أَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَخُونُوا. قُلْت. لِقَوْلِهِ مَحْمَل. وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَد حِينَئِذٍ مَنْ يَفْعَلهُ).
قال الشوكاني: (قوله: {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة} قيل: هم المتقدّم ذكرهم من الأحبار والرهبان، وإنهم كانوا يصنعون هذا الصنع. وقيل: هم من يفعل ذلك من المسلمين، والأولى حمل الآية على عموم اللفظ، فهو أوسع من ذلك).
وقال الشنقيطي: (قوله تعالى: {والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله} الآية. أظهر الأقوال وأقربها للصواب في معنى {يَكْنِزُونَ} في هذه الآية الكريمة، أن المراد بكنزهم الذهب والفضة وعدم إنفاقهم لها في سبيل الله، أنهم لا يؤدون زكاتهما).
قال ابن حجر في (فتح الباري): (قال ابن عبد البر: وردت عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش. فهو كنز يذم فاعله. وأن آية الوعيد نزلت في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وحملوا الوعيد على مانع الزكاة، إلى أن قال: فكان ذلك واجباً في أول الأمر، ثم نسخ، ثم ذكر عن شداد بن أوس أنه قال: كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه ثم يرخص فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمع الرخصة، ويتعلق بالأمر الأول. اهـ).
وقال الطاهر بن عاشور بعد أن بين معنى الكَنْز وأقوال المفسرين فيه: (وشذَّ أبو ذرٍّ فحمل الآيةَ على عموم الكانزين في جميع أحوال الكنز، وعلى عموم الإنفاق، وحَمَل سبيل الله على وجوه البرّ، فقال بتحريم كَنز المال، وكأنّه تأول {ولا ينفقونها} على معنى ما يسمّى عطف التفسير، أي على معنى العطف لمجرّد القرن بين اللفظين، فكان أبو ذرّ بالشام ينهى الناس عن الكنز ويقول: بشّر الكانزين بِمكاوٍ من نار تكْوَى بها جباههم وجُنوبهم وظهورهم، فقال له معاوية: وهو أمير الشام، في خلافة عثمان: إنّما نزلت الآية في أهل الكتاب، فقال أبو ذرّ: نزلت فيهم وفينا، واشتدّ قول أبي ذرّ على الناس ورأوه قولاً لم يقله أحد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فشكاه معاويةُ إلى عثمان، فاستجلبه من الشام وخشي أبو ذَر الفتنةَ في المدينة فاعتزلها وسكن الربذة وثبت على رأيه وقوله).
قال ابن حجر في (فتح الباري):وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ:
1 - أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة لِاتِّفَاقِ أَبِي ذَرّ وَمُعَاوِيَة عَلَى أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب.
2 - وَفِيهِ مُلَاطَفَة الْأَئِمَّة لِلْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مُعَاوِيَة لَمْ يَجْسُر عَلَى الْإِنْكَار عَلَيْهِ حَتَّى كَاتَبَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي أَمْره، وَعُثْمَان لَمْ يَحْنَق عَلَى أَبِي ذَرّ مَعَ كَوْنه كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي تَأْوِيله.
3 - وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الشِّقَاق وَالْخُرُوج عَلَى الْأَئِمَّة، وَالتَّرْغِيب فِي الطَّاعَة لِأُولِي الْأَمْر وَأَمْر الْأَفْضَل بِطَاعَةِ الْمَفْضُول خَشْيَة الْمَفْسَدَة.
4 - وَجَوَاز الِاخْتِلَاف فِي الِاجْتِهَاد.
5 - وَالْأَخْذ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فِرَاق الْوَطَن.
6 - وَتَقْدِيم دَفْع الْمَفْسَدَة عَلَى جَلْب الْمَصْلَحَة لِأَنَّ فِي بَقَاء أَبِي ذَرّ بِالْمَدِينَةِ مَصْلَحَة كَبِيرَة مِنْ بَثّ عِلْمه فِي طَالِب الْعِلْم، وَمَعَ ذَلِكَ فَرَجَحَ عِنْد عُثْمَان دَفْع مَا يُتَوَقَّع مِنْ الْمَفْسَدَة مِنْ الْأَخْذ بِمَذْهَبِهِ الشَّدِيد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة، وَلَمْ يَأْمُرهُ بَعْد ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُجْتَهِدًا.
ـ[الكشاف]ــــــــ[04 Mar 2006, 03:49 م]ـ
سؤال: ذَكر الله جل جلاله في سورة التوبة صفات للمنافقين كالبخل والتثاقل عن الطاعات وغيرها, فهل من كانت فيه من هذه الصفات كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها, أم هذا خاص بالصفات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه، وتكون أشدها؟
جواب: قسم العلماء النفاق إلى قسمين:
1 - اعتقادي. وهو إبطان الكفر، وإظهار الإسلام. وهذا مخرج من الملة. وإذا ثبت على صاحبه وأظهره، واستتيب فلم يتب حكم بردته. ولا أظن هذا يخفى على السائلة.
2 - عملي. وشعبه كثيرة جداً، منها ما ذكره الله في سورة التوبة وسورة المنافقين وغيرهما، وذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه. ويكون أشد المنافقين أكثرهم اتصافاً بها، ويزيد النفاق وينقص بحسب الاتصاف بهذه الصفات، وبحسب درجة هذا الاتصاف أيضاً، فالذي يكذب فيه صفة من صفات النفاق، ولكن ليس الكذابون سواء في الكذب وهكذا بقية الصفات. فيكون الجواب إن شاء الله ما جاء في خاتمة السؤال من أن من كان فيه خصلة من هذه الخصال كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها كما جاء في الحديث. والله أعلم.
وأما معرفة المنافقين فمن صفاتهم التي أطلعنا الله عليها، وهي كثيرة. قال الله تعالى: (ولتعرفنَّهمْ في لحنِ القولِ). والذين يدعون صباح مساء إلى مخالفة شرائع الدين الثابتة، والتخلي عن العقائد الصحيحة، مسايرة للكافرين، وتقرباً إلى أعداء المسلمين، فهل يخفى على المسلم إن هذه الصفة من صفات المنافقين؟ ويقاس على ذلك بقية الصفات التي وصف الله بها أهل النفاق والعياذ بالله. ولا شك أن الاقتصار على بيان صفات المنافقين، أدل عليهم من بيان أعيانهم. والله أعلم.
وهذا موضوع طويل، يسمح ببيان أشفى، دعاني إليه الرغبة في المشاركة والاستفادة من التعقيب والتصحيح.
ـ[لطيفة بنت محمد]ــــــــ[11 Mar 2006, 07:03 م]ـ
جزاكما الله خيرا ..
وبارك في علمكما .. آمين(/)
سؤال عن مدرسة ابن عباس في التفسير وتلاميذه؟
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[28 Feb 2006, 07:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته أما بعد:
أريد معلومات عن مدرسة ابن عباس رضى الله عنهما في مكة , عن صاحبها وتلاميذه ونبذة بسيطة عن كل من سعيد بن جبير , ومجاهد بن جبر , وعكرمة مولى ابن عباس , وطاوس , وعطاء بن أبي رباح. وما الذي اشتهرت به هذه المدرسة؟
وجزاكم الله خيرا
ماجد
ـ[روضة]ــــــــ[28 Feb 2006, 08:21 م]ـ
أخي الكريم،
هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات طويلة جداً، بإمكانك مراجعة الجزء الأول من كتاب (التفسير والمفسرون)، للدكتور محمد حسين الذهبي.
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[28 Feb 2006, 10:31 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكن أنا لا أريد الأ نبذة بسيطه عن هذه المدرسة وشكرا
ـ[الكشاف]ــــــــ[01 Mar 2006, 12:12 ص]ـ
مثل هذه الأسئلة تحتاج كما تفضلت الدكتورة روضة إلى رجوع للكتب مثل كتاب التفسير والمفسرون وغيره، وفي تصوري أنها لا تصلح لمثل الملتقى العلمي، لكونها أساسيات يبنى الحوار عليها. لكنني بحثت لك عن جواب أرجو أن يكون فيه سداد من عوز.
وجدت في موقع الشبكة الإسلامية ما يلي:
1 - عبد الله بن عباس رضي الله عنه من أشهر مفسري الصحابة:
عاصر الصحابة رضي الله عنهم نزول القرآن الكريم، وشهدوا من أسباب نزوله وتنزيله على وقائع الحياة ما لم يشهده من جاء بعدهم، فكانوا بحق أعلم هذه الأمة بتفسير هذا الكتاب، وأبصرهم بمقاصده وغاياته.
ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم على درجة واحدة بعلم تفسير القرآن الكريم، فقد امتاز بعضهم عن بعض، وعلم بعضهم ما لم يعلمه غيره، لأسباب لا يعنينا في هذا المقام الخوض فيها.
وكان ابن عباس رضي الله عنه من أشهر مفسري الصحابة، مع أنه كان أصغرهم سناً، فقد ولد رضي الله عنه قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنوات، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ نعومة أظفاره، وذلك لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرابته من ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ولازم ابن عباس - إضافة لملازمته رسول الله صلى الله عليه وسلم - كبار الصحابة، أمثال أبي بكر، وعمر، وأخذ عنهم ما فاته في صغره. وقد شهد له الجميع بسعة علمه، ورجاحة عقله، حتى لقبوه بألقاب عدة: فلُقِّب بـ"البحر" و"الحبر" و "ترجمان القرآن". يقول ابن مسعود رضي الله عنه في حقه: " نِعْم ترجمان القرآن ابن عباس" رواه الحاكم في "المستدرك".
وفي "المستدرك" أيضًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس) وكيف لا يكون كذلك وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري بقوله: (اللهم فقهه في الدين) وفي رواية عند أحمد: (وعلِّمه التأويل).
وكان عمر رضي الله عنه - وهو صاحب فراسة - يدنيه من مجلسه، ويستأنس برأيه وعلمه، والقصة التالية تسلط الضوء على ذلك: روى البخاري في "صحيحه"عن ابن عباس قال: (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لِمَ تُدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممن قد علمتم - يشير بذلك إلى قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلى معرفته وفطنته - قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما أَرَيْته دعاني يومئذ إلا لِيُرِيَهُم مني، فقال: ما تقولون في قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح} (النصر:1) فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، أو لم يقل شيئاً، فقال لي: يا ابن عباس، أكذاك تقول، قلت: لا، قال: فما تقول، قلت: هو أَجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له ... قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم).
وكان يُفتي الناس في عهد عثمان، كما كان يفعل ذلك في عهد عمر رضي الله عن الجميع، وكان علي رضي الله عنه يدنيه منه ويعمل برأيه، ومما قاله فيه: (أقرَّ الله عين من له ابن عم مثل هذا).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان من منهج ابن عباس في تفسيره لكتاب الله أن يرجع إلى ما سمعه من رسول الله، وما سمعه من الصحابة، فإن لم يجد في ذلك شيئاً اجتهد رأيه، وهو أَهْلٌ لذلك، وكان - رضي الله عنه - يرجع أحيانًا إلى أخبار أهل الكتاب، ويقف منها موقف الناقد البصير، والممحِّص الخبير، فلا يقبل منها إلا ما وافق الحق، ولا يُعوِّل على شيء وراء ذلك.
وقد نُسب لـ ابن عباس تفسير سُمِّي "تنوير المقابيس" طُبع مراراً في مصر، وتدور روايات الكتاب على طريق واحد، هو طريق السدي الصغير، عن محمد بن السائب الكلبي، عن ابن صالح؛ وهذه السلسلة تعرف بسلسلة الكذب. يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمئة حديث " وعلى هذا فلا عبرة بهذا التفسير، ولا تصح نسبته إلى ابن عباس، فهو مقول ومختلق عليه.
عاش صحابينا الجليل حياة مليئة بالجِدِّ والعمل، فلم يترك طريقاً من العلم إلا سلكه، ولا بابًا من الخير إلا طرقه؛ وكان مَقْصَد أهل العلم ومبتغاهم، ولما توفي رضي الله عنه، قال في حقه محمد بن الحنفية: مات والله حبر هذه الأمة. وكانت وفاته سنة 68 هـ بالطائف. فالحمد لله الذي أكرم هذه الأمة بأمثال هؤلاء الأفذاذ، ونسأل الله أن يجمعنا معهم تحت لوائه، وفي مستقر رحمته آمين.
2 - سعيد بن جبير أعلم التابعين بالتفسير:
كان سعيد بن جبير من كبار التابعين، الذين ساروا على سنن الهدى، واقتفوا أثر المصطفى، وباعوا الدنيا طلبًا للأخرى. وقد وثقه أهل العلم كافة، حتى قالوا في وصفه: ثقة إمام حجة على المسلمين.
كان الناس يرونه - منذ نعومة أظفاره - إما عاكفًا على كتاب يتعلم، أو قائمًا في محراب يتعبد، فهو بين طلب العلم والعبادة، إما في حالة تعلم، أو في حالة تعبد.
أخذ سعيد العلم عن طائفة من كبار الصحابة، من أمثال أبي سعيد الخدري، و أبي موسى الأشعري، وعبد الله بن عمر، رضي اللَّه عنهم أجمعين، لكن يبقى عبد الله بن عباس - حبر هذه الأمة - هو المعلم الأول له.
لازم سعيد بن جبير عبد الله بن عباس لزوم الظل لصاحبه، فأخذ عنه القرآن وتفسيره، وتلقى عنه القراءات القرآنية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ بها، وتفقّه على يديه في الدين، وتعلم منه علم التأويل، حتى أصبح من المكانة ما جعل بعض معاصريه يقول فيه: مات سعيد بن جبير، وما على ظهر الأرض أحد من أهل زمانه إلا وهو محتاج إلى علمه.
وعندما كانت إقامته في الكوفة، كان هو المرجع الأول في الفتوى، وعليه المعول في علم التفسير، لدرجة أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يحيل إليه من يستفتيه، ويقول لأهل الكوفة إذا ما أتوه ليسألوه عن شيء: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير - وكان حبشي الأصل -.
وعلى الرغم من مكانته العلمية التي كان يحظى بها، وخاصة معرفته الواسعة بتفسير كتاب الله، إلا أنه - رحمه الله - كان يتورع عن القول في التفسير برأيه - كما هو شأن السلف من الصحابة رضوان الله عليهم - ومما يروى عنه في هذا الشأن: أن رجلاً سأله أن يكتب له تفسيرًا للقرآن، فغضب، وقال له: لأن يسقط شِقِّي، أحب إليَّ من أن أفعل ذلك.
ولأجل ملازمة سعيد ابن جبير لـ ابن عباس رضي الله عنهما، ومكانته العلمية بين التابعين، فقد كانت أقواله مرجعًا أساسًا، ومنهلاً عذبًا لأهل التفسير، يرجعون إليها، ويغترفون من معينها في تفسير كثير من آيات الذكر الحكيم.
وقد وَثَّقَ علماء الجرح والتعديل سعيداً، وروى عنه أصحاب الكتب الستة وغيرهم من أصحاب الحديث. قال ابن حبان في كتاب (الثقات): كان فقيهًا، عابدًا، فاضلاً، ورعًا.
ومما يُروى عن سعيد وتعلقه بالقرآن، ما ذكره أبو نعيم في (الحلية) قال: (كان سعيد بن جبير يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في شهر رمضان) وفي رواية ثانية: (أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين).
وقد كانت له - رحمه الله - مواقف مشهورة ومآثر مشهودة مع الحجاج، الذي قتله صبراً في شعبان سنة خمس وتسعين، وهو ابن تسع وأربعين سنة.
3 - مجاهد بن جبر ومكانته العالية في تفسير القرآن الكريم:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان أحد الأعلام الأثبات، والعباد الزهاد، مع فقه في الدين، وورع مملوء باليقين. وهو أحد أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما، وأوثقهم رواية عنه، وإن كان أقلهم رواية عنه، وأكثرهم دراية في تفسير كتاب الله. حتى وصفه بعض من أخذ العلم عنه وعاصره، بقوله: كان أعلمهم بالتفسير.
لقي الإمام مجاهد الأكابر من الصحابة؛ حيث روى عن ابن عباس، و ابن عمر، و جابر بن عبد الله، و أبي سعيد الخدري، و أبي هريرة، و رافع بن خديج رضي الله عنهم أجمعين، وحدث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، إلا أن حديثه عنها مرسل؛ لأنه لم يسمع منها. وقد حدث عنه أعلام من كبار التابعين، منهم: عطاء، و طاوس، و عكرمة وغيرهم كثير.
وقد لازم الإمام مجاهد ابن عباس رضي الله عنهما مدة ليست بالقصيرة، وأخذ التفسير عنه رواية ودراية، لهذا وجدنا الإمام البخاري في "صحيحه" يعتمد عليه، وينقل عنه كثيراً من تفسير القرآن الكريم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة الإمام مجاهد وعدالته عند أهل العلم وقبوله عندهم.
ومما يدل أيضًا على علو كعب أبي الحجاج - كما كان يكنى - وطول باعه في تفسير كتاب الله وفهمه له، ما رواه أبان بن صالح، عن مجاهد، أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث عرضات، أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟.
وروى ابن أبي مليكة، قال: رأيت مجاهداً سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله.
وروى أبو نعيم في (حلية الأولياء) عن الفضل بن ميمون، قال: سمعت مجاهدًا يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين عرضة.
وقد أجمع معاصروه على مكانته العالية في معرفته بتفسير كتاب الله، حتى روي القول عن بعضهم: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به؛ وهذا ما دفع الإمام الذهبي أن يقول في آخر ترجمة مجاهد: أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به. ويكفي لبيان مكانته ما ذكرناه من اعتماد الإمام البخاري على رواية مجاهد في كتاب التفسير من كتابه (الجامع الصحيح) وكذلك رواية أصحاب الكتب الستة عنه في كتبهم.
ونرى من المناسب أن ننقل بعضًا مما أُثر من أقوال هذا الإمام في التفسير؛ فمن ذلك قوله في قول الله تعالى: {وتبتل إليه تبتيلا} (المزمل:8) قال: أخلص له إخلاصًا. وفي قوله تعالى: {وثيابك فطهر} (المدثر:4) قال: وعملك فأصلح. وفي قوله سبحانه: {واسألوا الله من فضله} (النساء:32) قال: ليس بعَرَض الدنيا. وفي قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} (الزمر:33) قال: هم الذين يجيئون بالقرآن، يقولون: هذا الذي قد أعطيتمونا، قد اتبعنا ما فيه. أما قوله سبحانه: {ولا تنس نصيبك من الدنيا} (القصص:77) فقال في تفسيره: خذ من دنياك لآخرتك، أن تعمل فيها بطاعته. وقوله سبحانه: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} (التكاثر:8) قال: عن كل شيء من لذه الدنيا. وفي قوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} (البقرة:238) قال: القنوت: الركوع، والخشوع، وغض البصر، وخفض الجناح من رهبة الله تعالى. قال: وكانت العلماء إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن عز وجل أن يشذ نظره، أو يلتفت، أو يقلب الحصى، أو يعبث بشيء، أو يحدث نفسه بشيء من الدنيا، إلا ناسيًا ما دام في الصلاة. وفي قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} (مريم:59) قال: عند قيام الساعة، وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم {واتبعوا الشهوات} قال: ينزوا بعضهم على بعض زناة في الأزقة. وقوله سبحانه: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته} (البقرة:81) قال في تفسير هذه الآية: الذنوب تحيط بالقلوب، كلما عمل ذنبًا ارتفعت حتى تغشى القلب، وحتى يكون هكذا، ثم قبض يده، ثم قال: هو الران. وفي قوله تعالى: {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب} (الشرح:7 - 8) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا، فقمت إلى الصلاة، فاجعل رغبتك إليه، ونيتك له. وقوله تعالى: {وتقطعت بهم الأسباب} (البقرة:166) قال في معناها: الأوصال التي كانت بينهم في الدنيا. أما قوله تعالى: {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (الأنعام:153) فقال في معناها: إنها البدع والشبهات. وقوله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة} (لقمان:20) قال: أما (الظاهرة) فالإسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
والرزق، وأما (الباطنة) فما ستر من العيوب والذنوب. وفي قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن} (فصلت:34) قال: هو السلام عليه إذا لقيته؛ وفي قول آخر له في معنى الآية نفسها، قال: المصافحة.
وتتبع أقوال هذا الإمام لا يمكن حصرها في مقال كهذا، وفي الأمثلة التي ذكرناها ما يدل على مكانة هذا الإمام، ومنزلته في علم التفسير.
على أن بعض أهل العلم قد لاحظ على منهج التفسير عند الإمام مجاهد أمرين:
أولهما: أنه كان يسأل أهل الكتاب عن تفسير بعض الآيات التي لم يثبت فيها نَقْل لديه.
والثاني: اعتماده الرأي أحياناً في فهم بعض نصوص القرآن الكريم؛ ولا يسعنا أن نفهم هذين المنهجين إلا على وفق ما يليق بمكانة هذا الإمام.
فسؤاله أهل الكتاب كان في حدود ما هو جائز ومشروع، ولم يتعدَّ ذلك إلى ما هو محظور وممنوع. كيف لا، وهو تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما، الذي كان يشدد النكير على من يأخذ عن أهل الكتاب، أو يصدقهم فيما يقولونه، إلا ما شهد له شاهد من الشرع.
وأما مسألة إعماله العقل في تفسير بعض الآيات، فحاصل القول فيها: إن كل الناس يؤخذ منه ويُرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عصمه الله عن الخطأ، وعلى هذا فإن هذا المنهج من مجاهد لا يقلل من القيمة العلمية لهذا الإمام، الذي أجمع الناس على إمامته في التفسير من غير منازع ولا مدافع.
ثم إن كتب التراجم قد ذكرت أن مولد هذا الإمام كان سنة إحدى وعشرين للهجرة، وتوفي بمكة سنة اثنتين ومائة، وتوفي وهو ساجد رحمه الله. قال ابن جريج: بلغ مجاهد يوم مات ثلاثًا وثمانين سنة.
بعد هذا نقول: إن من بين التفاسير التي كُتب لها أن تصل إلينا تفسير الإمام مجاهد، وهو تفسير مطبوع ومتداول بين أهل العلم، وهو أيضًا يدل على مكانة هذا الإمام؛ فما هذا التفسير وغيره من التفاسير، إلا أثر من آثار السلف الصالح، التي تدلنا على سيرهم المتواصل في حقل تبيينهم لكتاب ربهم، وتدعونا إلى أن لا نألوا جهدًا في تدبر القرآن، ولا ندخر وسعًا لتفهم آياته، ونجتهد غاية الاجتهاد في سبيل هذا التبيان؛ قصدًا مخلصًا إلى الحق، فرب مبلغ أوعى من سامع.
4 - عطاء بن أبي رباح وورعه في التفسير:
علو الهمة صفة ملازمة لعلماء هذه الأمة، وقد قيل فيما قيل: رجل ذو همة يحيي أمة. وعلو الهمة لا تحتاج إلى جمال منظر، ولا إلى كثرة مال، ولا إلى منصب رفيع، بل تحتاج إلى إخلاص نية، وحسن طوية، وصدق عزيمة، وتوكل على الله.
هذه الصفات التي أتينا على ذكرها كانت صفات التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح الذي انتهت إليه الفتوى في مكة؛ كان ثقة، فقيهًا، عالمًا، كثير الحديث. حدث عن نفسه فقال: أدركت مائتين من الصحابة. فقد سمع من ابن عباس، و ابن عمر، و ابن الزبير، و عبد الله بن عمرو، و أبي هريرة، و أبي سعيد، و زيد بن خالد رضي الله عنهم أجمعين؛ وروى عنه من التابعين جمع؛ منهم: عمرو بن دينار، و الزهري، و أبو الزبير، و قتادة، و مالك بن دينار، وغيرهم.
و عطاء هذا، هو الذي خاطب فيه ابن عباس رضي الله عنهما أهل مكة، بقوله: " تجتمعون إليَّ يا أهل مكة وعندكم عطاء "؛ وهو الذي قال فيه ابن عمر رضي الله عنهما، وقد سئل في مسألة - وكان بمكة - فقال: تجمعون لي المسائل، وفيكم عطاء بن أبي رباح!؛ وهو الذي قال في حقه الإمام الأوزاعي: مات عطاء وهو أرضى أهل الأرض؛ ثم - أخيرًا وليس آخرًا - هو الذي قال فيه أبو حنيفة: " ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء " حتى إنه كان ينادى في موسم الحج: " لا يفتى الناس إلا عطاء ".
كل هذا - وغيره كثير - يشهد للمكانة العلمية التي كان عليها عطاء بن أبي رباح؛ وليس أدل على ذلك من شهادة أستاذه ابن عباس رضي الله عنهما، الذي لازمه فترة طويلة، وأخذ عنه علم التفسير؛ وعلى الرغم من مكانته العلمية، وملازمته لـ ابن عباس رضي الله عنهما إلا أنه لم يرو عنه الكثير من التفسير، بل نجد أن مجاهدًا و سعيد بن جبير يسبقانه من ناحية العلم بتفسير كتاب الله. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى كثرة تورعه عن القول في كتاب الله برأيه؛ وقد رُويَ أنه سئل عن مسألة، فقال: لا أدري، فقيل له: ألا تقول فيها برأيك؟ قال: إن لأستحي من الله أن يُدان في الأرض برأيي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع ذلك، فإن هذا الموقف من عطاء لم يكن ليقلل من أهمية هذا العَلَم بين علماء التفسير، يدلك على هذه المعرفة التفسيرية التي كان عليها، ما روى عنه أهل العلم من التفاسير والأقوال؛ فمن ذلك قوله في قول الله تعالى: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} (النور:37) قال: لا يلهيهم بيع ولا شراء عن مواضع حقوق الله، التي فرضها الله تعالى عليهم أن يؤدوها في أوقاتها؛ ويقول في قوله تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} (النور:2) قال: ذلك في إقامة الحد عليه؛ وقال أيضًا: ما قال عبد قط: يا رب، يا رب، يا رب، ثلاث مرات، إلا نظر الله إليه؛ فذُكر ذلك لـ لحسن، فقال: أما تقرؤن القرآن: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار * ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد * فاستجاب لهم ربهم ... } (آل عمران:193 - 195)؛ وقيل لـ عطاء: إن ههنا قومًا يزعمون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فقال: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} (محمد:17) فما هذا الهدى الذي زادهم الله؟ وقيل له أيضًا: ويزعمون أن الصلاة والزكاة ليستا من دين الله، فتلا قول الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} (البينة:5).
وقد روي عنه أنه قال يومًا مخاطبًا بعض جلسائه: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يُقرأ، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو تنطق في حاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون أن {عليكم لحافظين * كراما كاتبين} (الانفطار:10 - 11) وأن {عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (ق:17 - 18) أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته، التي أملاها صدر نهاره، أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.
روى أبو نعيم في (حلية الأولياء) بسنده عن عطاء، قال: كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم يُخيل إلينا أنه يُؤيد. وعن ابن جريج، قال: كان عطاء، بعدما كبر وضعف، يقوم إلى الصلاة، فيقرأ مائتي آية من سورة البقرة وهو قائم، لا يزول منه شيء، ولا يتحرك.
لقد كان أبو محمد - كما كان يكنى - عازفًا عن الدنيا وزخارفها، مقبلاً على الله بقلبه وجوارحه؛ ليس له حاجة إلى سلطان ولا إلى غيره، وكان كل ما يرجوه رحمة ربه في كل أمره، دعاه الخلفاء والأمراء إليهم فأبى أن يبيع دينه بدنياه، وأغدقوا عليه في العطاء فلم يقبل منهم عطاء، وآثر على عطائهم عطاء الله سبحانه.
وقد أكبَّ - رحمه الله - على طلب العلم وتعليمه كدأب العلماء المخلصين، وأخلص في كل ذلك لله سبحانه - نحسبه كذلك والله حسيبه - فلم يكن ينتظر من الناس جزاء ولا شكورًا ... وبهذا نفع الله به المسلمين، ووقع عندهم موقع القبول، حتى وجدنا أصحاب الكتب الستة يُوثِّقونه ويروون عنه، وهو عندهم من المنزلة بمكان.
لقد كان لـ عطاء من اسمه نصيب أي نصيب، كان معطاءً للخير بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. توفي رحمه الله سنة (114هـ) بعد أن أمدَّ الله له في العمر، وبارك له في العلم، فكان مثالاً يحتذى للعلماء العاملين المخلصين، فنفع الله به كثيرًا، ورحل عن هذه الدار والناس أحوج ما يكونون إلى علمه وعطائه. فرحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا وإياه تحت ظل عرشه، يوم لا ظلَّ إلا ظله.
للاطلاع على المزيد عن منهج الصحابة في التفسير باختصار:
http://www.islamweb.net/ver2/archive/index2.php?vPart=163&startno=1&thelang=A
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[01 Mar 2006, 01:16 م]ـ
يعطيك العافية ياخوي على هذه المعلومات وجعله في ميزان حسناتك
وشكرا ...........................
ـ[الكشاف]ــــــــ[04 Mar 2006, 03:31 م]ـ
عفواً.(/)
من ليس عليها عدة هل يستطيع زوجها أرجاعها
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[28 Feb 2006, 07:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل السلام عليكم
وبعد رجل عقد على فتاة ولم يدخل بها ثم طلقها، فليس له عليها عدة وتستطيع أن تتزوج بعد إصدار طلاقها.
هل هنا له موضوع الطلاق مرتان. أم أنه مع إصدار طلاقها ليس له أن يراجعها
أرجو الرد سريعاً لتعلق الفتوى بفتاة يتيمة تزوجها شاب خبيث.
والسلام عليكم
ـ[روضة]ــــــــ[28 Feb 2006, 08:49 م]ـ
{ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ آمَنُو?اْ إِذَا نَكَحْتُمُ ?لْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}
قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري:
فهذا في الرجل يتزوّج المرأة، ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة بانت منه، ولا عدّة عليها، تتزوّج من شاءت.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Feb 2006, 08:59 م]ـ
أخي الكريم:
إن كان الرجل طلق المرأة قبل أن يمسها فقد بانت منه بينونة صغرى بمعنى أنه أراد أن يتزوجها فإنها لا تحل له إلا بمهر جديد وعقد جديد ويبقى له طلقتان،
والمرأة في مثل هذا مخيرة بين أن ترضى به أو لا
أما إن كان قد دخل بها فعدتها كعدة المدخول بها، وظاهر سؤالك أنه لم يدخل بها
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[01 Mar 2006, 12:07 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ما حدث أن هذا الشاب الخبيث كتب لبعض أهله بالهاتف النقال أنه طلقها، ثم مع حديث أخو الفتاة قال له أنت نويت إيه وسجله الحديث معه بالهاتف فقال له الطلاق.
وعند الاجتماع مع والد الشاب والشاب حاولوا إتمام الزواج لأجل عدم دفع نصف الصداق، وطبعاً أهل الفتاة مع الفتاة رفضوا ذلك فالشاب لا يصوم رمضان وتبين أنه له علاقة بالمخدرات.
فساوموهم على ترك معظم نصف الصداق حتى ينهوا الموضوع الآن بدلاً من المحاكم، فطبعاً اضطروا إلى الموافقة.
وأنا أرى أنه بما حدث فقد وقع الطلاق فيكون لها بذلك نصف الصداق، وأن العلاقة انتهت بذلك، وليست العلاقة منتظرة مراسم المأذون حتى يحكم بأنه بذلط طلقها.
يعني أنه لو كانت طلقت عن طريق اللهاتف فقد وجب حقها.
أما الطرف الثاني فريه أن يجب حقها عندما يصرح المأذون بطلاقها. ولن يرضوا هم بططلاقها الرسمي إلا إذا رضي الطرف الثاني بقبول التنازل عن معظم حقها ليصدروا لفظ الطلاق عن طريق المأذون.
فأرجو المساعد بالتدقيقات التي ذكرتها.
علماً بأن الفتاة والدها كبير في السن وهي يتيمة الأم بعد ولادتها بفترة قليلة، كما أن إخوتها الذكور فقراء جداً
وجزاكم الله تعالى خيراً(/)
عداس .. !
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[01 Mar 2006, 02:48 ص]ـ
.. ولقد حفظت لنا السيرة وكتبها حادثة أخرى تجلت فيها قصة يونس بن متي وأثرها في رفع معنويات الرسول (صلى الله عليه و سلم) – فثقل الدعوة لم يكن مقتصرا على بدايتها – بل مر الرسول عليه الصلاة و السلام بلحظات اشد سوادا وحلكة وعندما توجه إلى الطائف لدعوة الناس هناك إلى دينه، لم يجد أعراض الناس والاستهزاء والسخرية فحسب بل كان في كل خطوة يجد الناس يرمونه بالحجارة – وكانت تلك الفترة صعبة عموما بعد وفاة خديجة: سنده المعنوي والمادي الأول وعمه ابي طالب الذي وفر له نوعا من الحماية العشائرية – وبينما هو يستريح في ظل حائط وحالته هي ماهي عليه اذا بعناقيد العنب تعطي له الامل بالثمر والخصب – وإذا بذكر يونس بن متي المفاجئ أمامه يذكره بالقصة كلها وبـ (لا تكن كصاحب الحوت) فقد جاءه عدّاس – وهو غلام نصراني لعتبة بن ربيعه وشيبة أخيه، بالعنب فسأله الرسول (ص) (والدعوة هاجسه) من أي ارض أنت يا عدّاس؟ فقال من نينوى – وإذا بذكر يطرق باله ويذكره بيونس بن متي فقال له عليه افضل الصلاة و اتم التسليم من مدينة الرجل الصالح يونس بن متي؟ .. إلى آخر القصة المعروفة وسواء صمدت الواقعة و اسانيدها للنقد الحديثي أم لم تصمد فهي تحمل في ثناياها ذلك الصدق والواقعية – التي لا تخلو منها الوقائع الصحيحة – وكانت الواقعة في موقعها المناسب تماما: العنب بموازاة اليقطين وذكر يونس في تلك اللحظة السوداء الحرجة: يذكر الرسول الكريم بالخروج من بطن الحوت .. وبعد ذلك بفترة ليست طويلة جدا ولعلها اكثر قليلا من عشرة أعوام، عندما حاصر (عليه افضل الصلاة والسلام) الطائف ثم فض الحصار معلنا ان من تبعه من العبيد في الطائف حر طليق فلعله كان يفكر بعداس – ذلك الغلام النصراني الذي اتاه بعنقود العنب وبذكر يونس وبحفنة امل – في ظهيرة سوداء حارة – في ظل حائط من حوائط الطائف – لكن التاريخ لم يذكر لنا شيئا عن هروب عداس والتحاقه بالرسول – بل لم يذكر لنا شيئا على الإطلاق عدا هذه الواقعة. لقد قدم للرسول عنقودا من العنب ثم اختفى تماما.
ايضا من البوصلة القرآنية ...(/)
ما مدلول الروح والنفس في القرأن؟
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[01 Mar 2006, 07:27 ص]ـ
سؤال أريد اجابته من الأساتذة الكرام
ما مدلول الروح والنفس في القرأن الكريم؟
المعروف أن الروح لها معان كثيرة ومدلولات كثيرة على حسب الخطاب في الأيات
ولكن هل النفس هي الروح؟
أم أن النفس شيء والروح شيء أخر
أريد الإجابة
وإن كان هناك كتب لهذا التوصيف دلوني عليه أثابكم الله
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 Mar 2006, 04:05 م]ـ
السلام عليكم
أنقل لك هذا الجواب من كلام الدكتور حسام النعيمي - حفظه الله.
لماذا لم يقل الأرواح بدل الأنفس؟
قلنا أن كلمة نفس أخصّ من كلمة روح حقيقة لكن شيء آخر أن كلمة الروح استعملها القرآن الكريم أولاً مفردة ولم يستعملها مجموعة (أرواح) وإنما عندنا كلمة (نفس – أنفس – نفوس) لأنها خفيفة ومعاني كلمة الروح في القرآن جاءت في قضايا الغيب في المسائل الغيبية:
أولاً جاءت في معنى الكيان المجهول في الانسان في ثلاثة مواضع (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) الاسراء) (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ (171) النساء) يفسرونها يقولون عيسى هو ذو روح كما نقول هو فضل وهو كرم وهو علم أي ذو فضل وذو كرم وذو عِلم.
هو روح أي ذو روح هذا المجهول، والموضوع الثاني الوحي أو الرسول أو الملِك الذي نزل به إما الملك أو الكلمات الموحى بها وهي تنزل غيباً الى أن تكون شهادة بعد ذلك (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) النبأ) الروح جبريل. وردت مفردة في 21 موضعاً إذ وردت مرتين في آية واحدة الكيان المجهول إما وسيلة الوحي في 14 موضعاً (جبريل) يعبّر عنها إما روح القدس أو الروح (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) مريم) (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) النحل)، أو كلمات الوحي (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) القدر) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا (52) الشورى) المقصود الكتاب.
بينما النفس معانيها كثيرة جداً ومن معانيها الروح ولذلك استعملها القرآن الكريم لأنها خفيفة وزنها خفيف ومعانيها في الأصل في لغة العرب متعددة وأراد أن يخصص كلمة روح لهذا الغيب. استخدم كلمة النفس والأنفس والنفوس يعني مع وجود نوع من التقارب بالحقيقة هذا يتعلق باللغة العربية واختيار القرآن الكريم لها وليس عبثاً أن الله تعالى جعل هذه اللغة لآخر كتبه.
لاحظ ارتباط النفس بالنَفَس: النفس والنَفَس والروح والريح هناك تقارب في هذين اللفظين. الروح لا ندري ماهيتها ولا يستطيع أحد أن يفقهها أو يتحدث فيها (قل الروح من أمر ربي). والنَفَس ريح والروح ريح لكن لا نقول أن الروح هي ريح، الروح تُنفخ والنفخ للريح (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) الحجر) (من روحي) أي عن طريق الملك الذي هو الروح وليس من روح الله. من روحي أي من طريق الملك الذي أنسبه لنفسي تشريفاً وتكريماً عندما آمره أن يفعل هذا.
لاحظ (وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعاً منه) منه: أي من أمره وليس منه يعني من ذاته تعالى الله عما يقولون. (ونفخت فيه من روحي) أي ونفخت فيه من طريق الملك الذي نسبه الى نفسه تشريفاً له كجبريل u أو غيره من الملائكة لكن النص الوارد يُراد به جبريل فالراجح أن الذن نفخ هو جبريل. (من روحي) أي من فعل الملك. حتى نفخة عيسى u العلماء يقولون بناء على ما ورد في الحديث أنه نفخ في جيبها أي في شق ثوبها (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) وصار منه عيسى u وهو معجزة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ينبغي أن نفهم اللغة على وجهها ولا ينبغي أن يُنسب الى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق أن يُنسب اليه. القرآن الكريم كان منظوراً إليه بل أول آياته كان منظوراً إليها من أعداء فصحاء في غاية الفصاحة وكانوا يتسقطون له الخلل أو الخطأ حتى يقولون لمحمد r هذا من عندك مع هذا لم يؤثر على أحد من العرب من فصحائهم أنه اعترض على جملة من القرآن معناه أنهم كانوا يفهمون لكن المشكل في هذا الزمن الطويل المتطاول الذي بيننا وبين أيام نزول القرآن يعني لما كان القرآن الكريم يتنزل والشعر العربي يُنظم كان البشر في إيطاليا وفرنسا ورومانيا واسبانيا والبرتغال كانت لديهم لغة أدبية واحدة والقصيدة التي تكتب في إيطاليا يفهمها القارئ في فرنسا ورومانيا والعكس صحيح. الآن تطاول الزمن والقصيدة التي تكتب أيام تنزل القرآن في ايطاليا لا يفهمها الايطالي ولا الآخرون ونحن بعُد ما بيننا وبين وقت تنزّل القرآن، وهذه اللمسات هي نوع من التنبيه على شيء مما استشعره العربي في ذلك الوقت فآمن أو أخذته العزة بالاثم فقال: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه.
التنويع في استخدام الكلمات: كل كلمة مستعملة في موضعها وذكرنا أمثلة وفيما يأتي ستأتي أمثلة (قلنا: قال نفوس وأنفس) وبيّنا أنه لو قال أنفس لضعف المعنى.
(يسألونك عن الروح) ما المقصود بها؟
عندما ننظر في أسباب النزول: أصل الفكرة أن أهل الكتاب قالوا للمشركين سلوه مجموعة من الأسئلة فإن أجابكم عنها فهو ليس بنبي وإن لم يجبكم فهو نبي. ومن ضمنها كان السؤال عن الروح فلما سألوه عن الروح تلا r الآية (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) فهو في الأصل تحرّش من أهل الكتاب لمعرفة صدق النبوة ومع ذلك لم يؤمنوا هذا الذي تأخذه العزة بالاثم. نقول لقرّاء القرآن الكريم من المسلمين وغيرهم يتذكروا أنه دائماً كان في موضع مجابهة وأن المسلمين سجلوا كل شيء فيما يتعلق بحياة الرسول r فقال العلماء: الروح هي من أمر الله تعالى لأن الله تعالى قال (الروح من أمر ربي).
الآن بعد التقدم التقني العجيب، ماذا يقولون؟ الانسان يموت فماذا يفقد؟ والانسان ينام فماذا يفقد؟ يقولون تعطلت الأجهزة ولكن عندما ينام لا تتعطل الأجهزة لكن بعضها يعمل وبعضها يخفت فالعين إذا أُغمضت لا ترى أما المعدة والدماغ وخلاياه تعمل وكل شيء يشتغل فماذا فقد الانسان؟ هذا نوع من التحدي المستقبلي الى قيام الساعة أن الانسان لن يستطيع أن يدرك ماهية الشيء المجهول الذي يغادر جسم الانسان.
هناك فرق بين الحياة والروح لا تستطيع أن تقول أن الجنين في بطن أمه وهو ابن مئة يوم أو خمسين يوماً ليس حيّاً هو حيّ والنائم حيّ. الجنين حيّ ثم تُبثّ فيه الروح، يُرسل الملك فينفخ فيه الروح وهي أمر لا نعرفه والله تعالى اختص به نفسه والذي يريد أن يُتعِب نفسه فليحاول أن يعرف ما هي ومهما بذل الانسان من محاولات لن يصل اليها لأننا واثقون حقيقة أن هناك أمور تثبت صدق الاسلام والنبوة: لما قال تعالى (تبت يدا ابي لهب وتب) هذه مغامرة فما هو موقف محمد r لو أسلم أبو لهب؟ أو لو خطر في باله أنه حتى أكذّب محمداً سأُعلن أني أسلمت. حتى هذا لم يخطر بباله وهذا من أدلة النبوة.
النفس من معاني الروح والنفس أشمل ولها معاني متعددة قلنا (فاقتلوا أنفسكم) أي اقتلوا بعضكم (لا تخرجوا أنفسكم) أي بعضكم، (النفس بالنفس) أي القتل. ونقول جاء زيدٌ نفسَه أي ذاته. الروح فقط للمجهول والوحي والملك.
المصدر:
http://www.islamiyyat.com/lamasat%20questions%20and%20answers.htm# ما_الفرق_ب ين_الموت_والوفاة
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Mar 2006, 06:52 م]ـ
هناك أبحاث متعددة في هذا الشأن فمنها على سبيل المثال ـ مما يحضرني الآن ـ كتاب الروح في القرآن الكريم تأليف الشيخ محمد نبهان خباز مطبوع في سوريا وقد تعرض للروح والنفس والفرق بين كلام الفلاسفة والقرآن، وتستطيع أن تجد مثل هذا المبحث في إحياء علوم الدين للغزالي
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[09 Mar 2006, 12:15 م]ـ
لفظ النفْسُ في القرآن يطلق على النفس الناطقة تارة، ويطلق على القوة الداعية إلى الشرور، والموقعة صاحبها في المحذور تارة أخرى. ويطلق على الروح تارة ثالثة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والأول هو المعبر عنه بـ (الأنا)، وهو المراد بقوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (المائدة/45). وقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) (الأنعام/151).
والثاني هو المراد بقوله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (يوسف/53).
وقد يطلق لفظ النفس، ويراد به تارة: العقل باعتبار تعلقه بالبدن. وقد يراد به تارة أخرى: الدم. يقال: سالت نفسه. أي: سال دمه. قال إبراهيم النخعي:” ما ليس له نفس سائلة، فإنه لا ينجس الماء، إذا مات فيه “.
والنفَس بفتح الفاء: هو الريح الداخل، والخارج في البدن من الفم والمِنخَر، وهو كالغذاء للنفْس، وبانقطاع النفَس يكون بطلانها. والنفْس هي التي تموت. قال تعالى:? كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ? (عمران:185). والموت نقيض الحياة، وكلاهما مخلوق لله تعالى. قال سبحانه:? الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ? (الملك:2).
أما لفظ الروح فهو اسم للنفَس- بفتح الفاء- وقد ورد في القرآن على عدة أوجه:.
أحدها: الوحي؛ كقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا) (الشورى/52)، وقوله تعالى: (يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) (النحل/2).
والثاني: القوة والثبات والنصرة، التي يؤيد بها من شاء من عباده المؤمنين؛ كما قال: (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ) (المجادلة/22).
والثالث: جبريل عليه السلام؛ كقوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء:193 - 194).
والرابع: الروح التي سأل عنها اليهود، فأجيبوا بأنها من أمر الله (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء/85)، وهو ملك عظيم. وقد قيل: إنه الروح المذكور في قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً) (النبأ/38).
والخامس: المسيح بن مريم عليه السلام. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) (النساء/171).
وأما أرواح بني آدم فلم تقع في القرآن إلا بلفظ النفْس؛ كما في قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (الفجر/27). وقوله تعالى: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ) (الأنعام/93). وقد وقعت في السنة بلفظ النفس، والروح.
ومن الأدلة على أن المراد بالنفس: الروح قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ? (الزمر:42). المراد: الله يتوفى الأرواح، في قول جماعة من أهل التأويل.
وهذا واضح في قول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن شهاب:” أخذ بنفسي يا رسول الله الذي أخذ بنفسك “، وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث زيد بن أسلم:” إن الله قبض أرواحنا. ولو شاء، لردها إلينا “.
وقال بعض المفسرين في تفسير الآية السابقة:” إن التوفي مستعمل في الأول حقيقة، وفي الثاني مجازًا. والتي تتوفى عند الموت هي نفس الحياة، التي إذا زالت، زالت معها النفس. والتي تتوفى عند النوم هي النفس، التي بها العقل، والتمييز، وهي التي تفارق النائم فلا يعقل. والفرق بين قبض النوم، وقبض الموت: أن قبض النوم يضاد اليقظة، وقبض الموت يضاد الحياة “ (اللغات).
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[12 Mar 2006, 03:26 م]ـ
بارك الله فيك أخي لؤى الطيبي
بارك الله فيك أخي مرهف
بارك الله فيك أخي عبد القادر يثرب
عذرا للتأخير في الرد لعطل النت
وسأقرأ كل كلمة مما تفضلتم به لأن الرد لا يمكن أن يكون إلا بعد فحص كل كلمة لكي أستطيع أن أخرج بمفهوم كامل عما تفضلتم به في ردودكم التي أسعدتني
شاكرا لكم جميعا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Mar 2006, 02:31 م]ـ
القول بأن دلالة لفظة الروح أعم من دلالة لفظة النفس صحيح.
وما نقله الأستاذ عبدالقادر من القول: (وأما أرواح بني آدم فلم تقع في القرآن إلا بلفظ النفْس؛ كما في قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (الفجر/27). وقوله تعالى: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ) (الأنعام/93). وقد وقعت في السنة بلفظ النفس، والروح). فهذا قول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح (370). وقد ذكر ذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} [الإسراء 85].
وما ذكره من اتفاق السلف على أن المقصود بالروح في هذه الآية ليست أرواح بني آدم، بل المراد بذلك الروح الذي أخبر الله عنه في كتابه أنه يقوم مع الملائكة يوم القيامة وهو ملك عظيم. أنظر: الروح لابن القيم 363.
وقد نقل عن مفسري السلف غير ما ذكر ابن القيم اتفاقهم عليه رحمه الله، فقد نقل عن ابن عباس وقتادة غير ذلك. بل إن الشوكاني نقل عن أكثر المفسرين القول بأن المراد بالروح في هذه الآية: الروح التي يحيا بها البدن، وقدمه على سائر الأقوال.
ولعل أخي الكريم أبا مجاهد العبيدي يشير إلى دراسته لهذا الاختيار عند ابن القيم رحمه الله إن كان قد تعرض له.
وهناك كتاب قيم تناول معاني الروح في القرآن الكريم للدكتور عبدالعزيز بن علي الحربي الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى. سماه: (معاني الروح في القرآن الكريم) وقد نشرته مكتبة ودار ابن حزم للنشر والتوزيع، ويقع في 70 صفحة من القطع الصغير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله الفقيه]ــــــــ[15 Mar 2006, 04:41 م]ـ
صدر كتيب قيم في معاني الروح في القرآن للدكتور العالم عبد العزيز الحربي
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[16 Mar 2006, 07:26 م]ـ
شاكرا لك أستاذنا الدكتور عبد الرحمن الشهري
وشاكرا لك ردك واهتمامك
وسأبحث عن هذا الكتاب انشاء الله تعالى قد يفيدنا في بحثنا
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[16 Mar 2006, 07:28 م]ـ
شاكرا لك أخي العويدى على اهتمامك وردك(/)
سؤال للشيخ الدكتور: مساعد الطيار حفظه الله عن كتب غريب القرآن
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[03 Mar 2006, 01:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ذكر الشيخ مساعد وفقه الله أثناء حديثه عن التدرج في دراسة التفاسير
1 - البدء بالمختصرات
2 - ثم كتب غريب القرآن
والسؤال هنا: ما أهم كتب غريب القرآن التي ينصح بقراءتها؟؟؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Mar 2006, 06:32 م]ـ
أخي طالب المعالي
يمكنك الرجوع إلى هذه الروابط:
الأول: http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1477&highlight=%E3%E4%E5%CC+%DE%D1%C7%C1%C9+%C7%E1%CA%D D%D3%ED%D1
الثاني: http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=26&highlight=%DB%D1%ED%C8+%C7%E1%DE%D1%C2%E4(/)
الفرق بين قولي الله تعالى: يحرفون الكلم عن مواضعه، و: يحرفون الكلم من بعد مواضعه؟
ـ[البنهاوي]ــــــــ[03 Mar 2006, 05:28 م]ـ
ما هو الفرق بين قولي الله تعالى: يحرفون الكلم عن مواضعه، و: يحرفون الكلم من بعد مواضعه؟
ـ[روضة]ــــــــ[03 Mar 2006, 09:20 م]ـ
النساء ( http://javascript<b></b>:getAyah('4','46'))
46 (http://javascript<b></b>:getAyah('4','46'))
مِّنَ ?لَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ?لْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَ?سْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ?لدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَ?سْمَعْ وَ?نْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ?للَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
قال ابن عاشور رحمه الله:
التحريف هنا مستعمل في الميل عن سواء المعنى وصريحه إلى التأويل الباطل، كما يقال: تنكَّب عن الصراط، وعن الطريق، إذا أخطأ الصواب وصار إلى سوء الفهم أو التضليل، فهو على هذا تحريفُ مراد الله في التوراة إلى تأويلات باطلة، كما يفعل أهل الأهواء في تحريف معاني القرآن بالتأويلات الفاسدة. ويجوز أن يكون التحريف مشتقّاً من الحرف وهو الكلمة والكتابة، فيكون مراداً به تغيير كلمات التوراة وتبديلها بكلمات أخرى لتُوافِق أهواء أهل الشهوات في تأييد ما هم عليه من فاسد الأعمال. والظاهر أنّ كلا الأمرين قد ارتكبه اليهود في كتابهم. وما ينقل عن ابن عبّاس أنّ التحريف فساد التأويل ولا يعمد قوم على تغيير كتابهم، ناظرٌ إلى غالب أحوالهم، فعلى الاحتمال الأول يَكون استعمال {عن} في قوله: {عن مواضعه} مجازاً، ولا مجاوزة ولا مواضِعَ، وعلى الثاني يكون حقيقة إذ التحريف حينئذٍ نقل وإزالة.
المائدة ( http://javascript<b></b>:getAyah('5','41'))
41 (http://javascript<b></b>:getAyah('5','41'))
ي?أَيُّهَا ?لرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ?لَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ?لْكُفْرِ مِنَ ?لَّذِينَ قَالُو?اْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ?لَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ?لْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـ?ذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَ?حْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ?للَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ?للَّهِ شَيْئاً أُوْلَـ?ئِكَ ?لَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ?للَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ?لدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ?لآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
وقال هنا {مِن بعد مواضعه}، وفي سورة النساء (46) {عَن مواضعه}، لأنّ آية سورة النّساء في وصف اليهود كلّهم وتحريفهم في التّوراة. فهو تغيير كلام التّوراة بكلام آخر عن جهل أو قصد أو خطأ في تأويل معاني التّوراة أو في ألفاظها. فكان إبعاداً للكلام عن مواضعه، أي إزالة للكلام الأصلي سواء عوّض بغيره أو لم يعوّض. وأمّا هاته الآية ففي ذكر طائفة معيّنة أبطلوا العمل بكلام ثابتٍ في التّوراة إذْ ألغوا حكم الرّجم الثّابت فيها دون تعويضه بغيره من الكلام، فهذا أشدّ جرأة من التّحريف الآخر، فكان قوله: {من بعد مواضعه} أبلغَ في تحريف الكلام، لأنّ لفظ (بعد) يقتضي أنّ مواضع الكلم مستقرّة وأنّه أبطل العمل بها مع بقائها قائمة في كتاب التّوراة.
أ. هـ. من التحرير والتنوير.
وما قاله ابن عاشور مخالف لما ورد عن أبي حيان، فكل منهما نظر إلى جهة تختلف عن الآخر ... حيث راعى ابن عاشور ألفاظ الآيتين، بينما التفت أبو حيان إلى السياق ..
حيث قال:
الذي يظهر أنهما سياقان، فحيث وصفوا بشدة التمرد والطغيان، وإظهار العداوة، واشترائهم الضلالة، ونقض الميثاق، جاء يحرفون الكلم عن مواضعه. ألا ترى إلى قوله: {ويقولون سمعنا وعصينا} وقوله:
{فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه}
فكأنهم لم يتركوا الكلم من التحريف عن ما يراد بها، ولم تستقر في مواضعها، فيكون التحريف بعد استقرارها، بل بادروا إلى تحريفها بأول وهلة. وحيث وصفوا ببعض لين وترديد وتحكيم للرسول في بعض الأمر، جاء من بعد مواضعه. ألا ترى إلى قوله:
{يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا}
وقوله بعد:
{فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}
فكأنهم لم يبادروا بالتحريف، بل عرض لهم التحريف بعد استقرار الكلم في مواضعها. وقد يقال: أنهما شيئان، لكنه حذف هنا. وفي أول المائدة: من بعد مواضعه، لأن قوله: عن مواضعه يدل على استقرار مواضع له، وحذف في ثاني المائدة عن مواضعه. لأن التحريف من بعد مواضعه يدل على أنه تحريف عن مواضعه، فالأصل يحرفون الكلم من بعد مواضعه. فحذف هنا البعدية، وهناك حذف عنها. كل ذلك توسع في العبارة، وكانت البداءة هنا بقوله: عن مواضعه، لأنه أخصر. وفيه تنصيص باللفظ على عن، وعلى المواضع، وإشارة إلى البعدية. أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Mar 2006, 03:47 م]ـ
نبه النسفي والرازي للفرق بينهما في التفسير، فيمكن العودة لهما.
والله أعلم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Mar 2006, 04:09 م]ـ
قال النسفي رحمه الله:
{يُحَرِّفُونَ الكلم عَن مواضعه} يميلونه عنها ويزيلونه لأنهم إذا بدلوه ووضعوا مكانه كلماً غيره فقد أمالوه عن مواضعه في التوراة التي وضعه الله تعالى فيها وأزالوه عنها مقامه وذلك نحو تحريفهم «أسمر ربعة» عن موضعه في التوراة بوضعهم «آدم طوال» مكانه. ثم ذكر هنا «عن مواضعه» وفي المائدة {مِن بَعْدِ مواضعه} [المائدة: 41] فمعنى «عن مواضعه» على ما بينا من إزالته عن مواضعه التي أوجبت حكمة الله وضعه فيها بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه، ومعنى {مِن بَعْدِ مواضعه} أنه كانت له مواضع هو جدير بأن يكون فيها، فحين حرفوه تركوه كالغريب الذي لا موضع له بعد مواضعه ومقاره والمعنيان متقاربان.
مدارك التنزيل وحقائق التأويل ج1 ص256 طبعة دار الكتب العلمية.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Mar 2006, 04:16 م]ـ
ثم وجدت النسفي رحمه الله يفرق بين اللفظتين في التفسير فينسب الأولى إلى التحريف المعنوى والتأويل الباطل الفاسد والثانية إلى التحريف اللفظي وهذا في تفسير سورة المائدة.
قال النسفي في تفسير {يحرفون الكلم عن مواضعه} المائدة آية 13: ((يفسرونه على غير ما أنزل)) تفسير النسفي ج1 ص312.
وفرّق رحمه الله بين الآية السابقة وبين قوله تعالى {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} المائدة آية 41 فقال: ((أي يزيلونه ويميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها فيهملونه بغير مواضع بعد أن كان ذا موضع)) المصدر السابق ص322.
وانتصب الرازي رحمه الله لهذة المسألة فقال في تفسيره لسورة النساء آية 46: ((المسألة الرابعة: ذكر الله تعالى ههنا: {عَن مواضعه} وفي المائدة {مِن بَعْدِ مواضعه} [المائدة: 41] والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة، فههنا قوله: {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} معناه: أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، فههنا قوله: {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} معناه: أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب. وأما الآية المذكورة في سورة المائدة، فهي دالة على أنهم جمعوا بين الأمرين، فكانوا يذكرون التأويلات الفاسدة، وكانوا يخرجون اللفظ أيضا من الكتاب، فقوله: {يُحَرّفُونَ الكلم} إشارة إلى التأويل الباطل وقوله: {مِن بَعْدِ مواضعه} إشارة إلى إخراجه عن الكتاب)) منقول من الموسوعة الشاملة.
والله أعلم.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[05 Mar 2006, 04:11 م]ـ
لتقريب المراد:
يرى أبو حيان ـ رحمه الله تعالى ـ اختلاف التعبير لاختلاف الترتيب الزمني للمحرِّفين.
" عن مواضعه ": تحريف بني إسرائيل قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم (وهو لفظي غالباً)
" بعد مواضعه ": تحريف بني إسرائيل زمن النبوة الشريفة (وهو تحريف المعنى غالباً)؛ لأن ألفاظ التوراة استقرت (على التحريف اللفظي الأول السابق).
والحكم في بيان أي المعنيين مراد، هو السياق.
بعد فهم هذا، تبين ما جاء في البحر المحيط:
" والذي يظهر أنهما سياقان، فحيث وصفوا بشدة التمرد والطغيان، وإظهار العداوة، واشترائهم الضلالة، ونقض الميثاق، جاء يحرفون الكلم عن مواضعه.
ألا ترى إلى قوله: " ويقولون سمعنا وعصينا " وقوله: " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه " فكأنهم لم يتركوا الكلم من التحريف عن ما يراد بها، ولم تستقر في مواضعها، فيكون التحريف بعد استقرارها، بل بادروا إلى تحريفها بأول وهلة.
وحيث وصفوا ببعض لين وترديد وتحكيم للرسول في بعض الأمر، جاء من بعد مواضعه. ألا ترى إلى قوله: " يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا " وقوله بعد: " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " فكأنهم لم يبادروا بالتحريف، بل عرض لهم التحريف بعد استقرار الكلم في مواضعها ".
والله تعالى أعلم(/)
تفسير آية قرآنية يحل إشكالات فى أقوال المذاهب الأربعة في ربا العملة
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[04 Mar 2006, 12:35 م]ـ
إشكالات فى أقوال المذاهب الأربعة في ربا العملة
مذهب الحنفية ـ رغم كون العلة فى الربا فيه هي الوزن ـ إلا أنهم أجرواالربا في الفلوس إذا كانت نافقة ـ أي رائجة ـ كما هو المعتمد لديهم، و لذلك فقد نسبوا للتناقض و قيل لهم / هلا جعلتم العلة هي الثمنية و الأمر منتهي في العملات الورقية لكون الصفة فيها أوضح و أولى، و في مذهب المالكية و الشافعية فالعلة هي غلبة الثمنية، و هي متوفرة في النقود الورقية المعاصرة بخلاف الفلوس النحاسية،فلا تقاس النقود الورقية على الفلوس النحاسية لفارق هو غلبة الثمنية.
و لكن الإشكال حقا كان في مذهب الحنابلة، حيث يتفقون ـ حسب الرواية المعتمدة عن أحمد ـمع الحنفية في التعليل بالوزن، إلا أنهم ساروا على أصلهم، فلم يجروا الربا في الفلوس النحاسية لكونها معدودة غير موزونة، فلم تتوفر فيها علة تحريم الربا.
و هذا يحدث إشكالا ـ لدى الحنابلة ـ في الأوراق النقدية المعاصرة، حيث يلزم من مذهبهم عدم جريان الربا فيها لانتفاء الوزن.
إذن علة الوزن التي بني عليها قياس الأجناس التي يجري عليها الربا خطأ، فمن تعلق بهذه العلة سيجد نفسه مضطرا إلى تحليل ربا الأوراق النقدية!
فالإشكال في مسألة الربا بشكل عام يتحقق حتى في المذاهب الثلاثة الباقية وليس فقط عند الحنبليين ..
والسبب في ذلك ..
أن فقهاء هذه المذاهب تستعمل القياس في مسألة العملات الورقية ..
وتقارن وتطبق أحكام الذهب أو الفضة عليها ..
..
فالإشكال عندهم أن هذه العملات الورقية لا تقاس على الذهب والفضة ..
ومن قاسها بشكلها الحالي فهو قياس فاسد الاعتبار ..
والسبب في ذلك .. أن هذه العملات الورقية أول ما ظهرت كان يقابلها ذهب أو فضة في البنك الذي يصدرها ..
بحيث يقسم الأوراق النقدية على كمية الذهب لديه ..
فإن كان يريد مثلاً ألف ورقة ولديه 100 غرام فيقسم هذا الرقم على كمية الذهب فيعرف أن غطاء كل ورقة يساوي كذا من الذهب ..
وكانت أول ما صدرت في حدود سنة 1937 أو 1936 تسمى نقود ..
فإن توجهت للبنك تستطيع أن تستبدل هذه الورقة بما قابلها من الذهب والفضة تماماً دون نقص منها ..
واستمر العمل هكذا وتحددت قوة الدول الاقتصادية بناء على ما تملكه من ذهب أو فضة مقّسم على عملتها الورقية ..
إلا أن احتاجت هذه البنوك إلى زيادة هذه العملات ولا ذهب عندها إضافي ..
فطبعت هذه الأوراق دون غطاء لها من ذهب أو فضة وسميت نقود الثقة ..
أي بناء على ثقة الناس بهذه الدولة فإنهم يشترونها ..
وبعد سنين طويلة أوقفت بريطانيا وأمريكا إبدال هذه الأوراق بالذهب لأنه بدأ يستهلك مخزونها الذهبي ..
ثم بدأت هذه الدول تصدر هذه العملات دون غطاء البتة ..
والآن نادراً ما تجد غطاء للعملات الورقية للدول الاقتصادية والعملات المشهورة ..
وحتى عملات بعض الدول الإسلامية الغنية فإن الغطاء بالنسبة لها سلة من العملات القوية هذه والتي لا غطاء ذهبي لها ..
فبعد أن كانت العملة الورقية تعتبر صك بدين من مقدار معين في البنك ..
أصبح مجرد ورقة لا قيمة لها إن طرأ على الدولة المصدرة أمر ما ..
فعلى سبيل المثال ..
الكويت تعتبر من أقوى الدول في صرف عملتها ..
إذ يقابل الدينار الكويتي 3 دولار أمريكي تقريباً، و2 جنيه استرليني ..
فعندما ذهبت الدولة في غزو العراق سنة 1990 م بطلت هذه العملة ..
وصار ما بين يدي صاحب الملايين منها مجرد مالك لأطنان من الورق المستعمل .. !
فهنا يقع الإشكال عند أهل القياس ..
الذهب معلوم أنه لا يبطل وإن كان مسكوكاً بعملة من العملات ..
لأن قيمة الذهب موجودة بهذا الشكل الدائري ويمكن إعادة إذابته واستخدامه كذهب خالص غير مسكوك ..
فإن زالت الدولة أو أبطلت هذه العملة أو غيرها من الأمور فتبقى هذه العملة الذهبية على ما كانت عليه من قيمة ..
وأما هذه العملات فلا يتحقق فيها هذا ..
وهذا فارق كبير بين الذهب والعملات الورقية ..
وحتى عند من قال بالثمنية ومن دار مداره يقعون بإشكال أعظم من ذلك ..
فى دولة مثل روسيا .. ؟!
هذا البلد فيه مناطق كثيرة يتم صرف رواتب للموظفين كغيرهم من الدول ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا أن رواتب هؤلاء هي زجاجات الخمر (فودكا) ..
فكل موظف يأخذ عدد من الزجاجات بحسب عمله ..
وإذا ذهب هذا الموظف إلى البقال أو السوق فإنه يشتري ويبيع والثمن هو هذا الخمر .. !
فسألت أخت من روسيا وهي مسلمة عن حكم زكاتها لمن يملك منها مقدار الزكاة عندهم ..
والعجب أنها لم تسأل عن حكم أخذها كراتب .. !
المهم أفتاها شيخ ..
بوجوب إخراج زكاتها ويدخل فيها ربا الفضل ..
باعتبار الثمنية وأنها ثمن ..
فلا أدري لمن تخرج الزكاة ههنا ..
هل تخرج في سبيل إبليس .. ؟!
لكن بناء على ما سبق أن هذه العملات الورقية من المال ..
وما دامت من المال ففيها الزكاة وفيها ربا الفضل إن بيعت بمثلها ..
فقد يرد عليه بعض الإشكالات ..
فالمال معناه يدور حول ما يتمول ويقتنى غالباً ..
وما دامت من المال ففيها الزكاة وفيها ربا الفضل إن بيعت بمثلها
و الرجوع إلى النص كفيل بحسم هذا الإشكال، و لكن بعض الفقهاء تركوا الرجوع إلى النص مباشرة، و أجهدوا أنفسهم، و أهدروا أوقاتهم في البحث عن أشياء لا أصل لها في دين الله!
و سأبين كيف يمكن بالرجوع إلى النص حل هذا الإشكال، .... .
و الربا كما نعلم هي الزيادة بصورتيها (الفضل و النسيئة)، و قد قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، و نعلم أن ما يؤكل يأتي بمعنى ما يؤخذ من المال على إطلاقه، كما في قوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، ولذا قال الله تعالى (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)
فكلمة (أموال) دلت على جريان الربا في كل أنواع المال، و المال لفظ عام يُطلق على كل ما يملكه الإنسان من متاع أو نقد أو أراض أو عقارات أو دواب و غير ذلك
بعد ذلك يبقى أمامنا ثلاثة احتمالات:
الأول أن يكون هذا النص مطلقا و يُرد إلى نص آخر مقيد له يحدد الربا في أجناس معينة من المال، و الثاني أن يكون عاما و يُرد إلى نص آخر يخصص أجناس معينة لا يجري فيها الربا. و الأخير أن يبقى النص على إطلاقه و عمومه دون تقييد أو تخصيص
الاحتمال الأول (وهو رأى بعض الظاهرية) حصر الربا في الأصناف الستة الواردة في الحديث (الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و البر بالبر و الملح بالملح و الشعير بالشعير و التمر بالتمر، سواء بسواء، يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد).
النص لا يفيد الحصر، فلم يقل محمد صلى الله عليه وسلم (لا ربا إلا في هذه الأصناف) و يؤيد ذلك حديث رواه مسلم في صحيحه (إنه نهي عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل)، فعم كل أنواع الطعام و ليس الأصناف المذكورة وحدها.
فنستطيع بذلك أن نستبعد هذا الاحتمال.
الاحتمال الثاني يحتاج إلى تحقيق، و لسنا بحاجة إلى طرحه الآن فلن يفيدنا في مسألة الأوراق النقدية، لأنه من المحال تخصيصها بعدم سريان الربا عليها بنص لعدم وجودها في زمن التشريع.
و ما دمنا قد استبعدنا احتمال التقييد، و تيقنا من عدم استثناء الأوراق النقدية من جريان الربا بالتخصيص، فيبقى الأصل و هو سريان الربا عليها مادامت داخلة في مسمى المال وهو الاحتمال الأخير.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[05 Mar 2006, 07:52 م]ـ
لا إشكال في أقوال الفقهاء أئمة المذاهب الفقهية الأربعة، التي تلقتها الأمة بالقبول على مدى العصور و في مختلف المصور،
فكلامهم هذا كان في البيوع، و لم يكن في القروض.
قال الإمام ابن رشد – في كتابه " بداية المجتهد و كفاية المقتصد " -: " و اتفق العلماء على أن الربا يوجد في شيئين:
في البيع،
و فيما تقرر في الذمة من بيع، أو سلف أو غير ذلك ".
- و ما ذكره الأئمة الفقهاء - أعلاه - كان في مفهوم علة التفاضل المنهي عنه في ربا البيوع – و لا شك في أن لكل منهم وجها فيما قال - و لم يكن في ربا القروض (السلف) أبدا،
والمسألة المذكورة تدخل في باب القرض الذي يجرّ نفعا، و هي مما لم ينقل فيها خلاف،
فلم يقع خلاف بين الأئمة الفقهاء في تحريم القرض الذي يجرّ منفعة،
فقد قال الإمام القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القرآن " – في تفسيره قول الله عز و جل: * {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة و الله يقبض و يبسط و إليه ترجعون}. [سورة البقرة: 245]- ما يلي:
" وأجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف رِباً، ولو كان قبضة من علَفٍ ـ كما قال ابن مسعود ـ أو حبّة واحدة. ويجوز أن يردّ أفضل مما يستلِف إذا لم يشترط ذلك عليه؛ لأن ذلك من باب المعروف؛ استدلالاً بحديث أبي هريرة في البكْر: " إنّ خِياركم أحسنكم قضاء " رواه الأئمة: البخاريّ ومسلم وغيرهما. فأثنى صلى الله عليه وسلم على من أحسن القضاء، وأطلق ذلك ولم يقيده بصفة ". انتهى كلامه.
- فأي زيادة مشروطة في أي سلف - و لو حبة من شعير، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه - هي ربا إجماعا.(/)
الأصول العامّة لتحليل النص القرآني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر في العدد الأخير من مجلة العرب (محرم وصفر 1427هـ) مقال بعنوان:
الأصول العامّة لتحليل النص القرآني
للدكتور قاصد ياسر الزيدي. الأستاذ بكلية التربية للبنات بجامعة بغداد بالعراق. وبحثت عنه في موقع المجلة الالكتروني فوجدته، فأحببت نقله للفائدة.
[ line]
لا بدّ للباحث المحلل للنص القرآني من اعتماد أصول عامّة منوّعة، تعينه على فهم النص الكريم فهمًا دقيقًا شاملاً، يتناول أطُرَه المختلفة وصوره المتعددة، بما فيها من معان وجمال وأساليب. ويمكن إجمال هذه الأصول العامّة بما يأتي:
(1) وجوب فهم النص المراد تحليله فهمًا جيّدًا أوّلاً، في ضوء كتب التفسير ومعاني القرآن، وكتب مفردات القرآن، والوجوه والنظائر في القرآن، وكتب البلاغة، وكتب إعجاز القرآن، وما إليها.
(2) ملاحظة (علوم القرآن) المختلفة المتعلقة بالنص الكريم المراد تحليله، من أجل فهمه فهمًا سليمًا متكاملاً، وذلك بالرجوع إلى (أسباب النزول)، من حيث إنها تلقي ضوءًا على النص المراد تحليله، وتكشف عن ظروفه التي صحبته عند نزوله، من حيث الزمان والمكان والأحداث.
وينبغي الرجوع أيضًا إلى علم (المكي والمدني)؛ إذ إنّ أسلوب السُّوَر المكية يختلف في كثير من الأحيان عن أسلوب السُّوَر المدنية، في صفات وخصائص عدّة، من حيث إنّ المكية تُعنى قبل كل شيء بأصول العقيدة الإسلامية: من توحيد الله تعالى، وإيمان بكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر، وما يتعلق به من بعث ونشور، وما إلى ذلك. على حين تُعنى السُّوَر المدنية كثيرًا بالتشريع والأحكام، وبالجوانب الاقتصادية، كالزكاة والخمُس والصدقات والدِّيات والكفّارات والإرث، وما إليها. هذا إلى جانب عنايتها بالنواحي العبادية العملية: من صلاة وصوم وحجّ وعمرة ونذور ... كما تُعنى هذه السُّوَر بالقضايا الاجتماعية: من زواج وطلاق وعِدّة وصداق، وما إليها.
ومن علوم القرآن التي ينبغي على المحلل أن يلتفت إليها، معرفة (الْمُحْكَم والمتشابه) ولاسيما (متشابه الصفات)، صفات الله تعالى، لئلاّ يحملها المحلل للنص الكريم على غير المراد.
وينبغي على المحلل للنص الكريم الالتفات إلى (الناسخ والمنسوخ) من نصوص القرآن؛ لئلاّ يقع في وَهْم الأخذ بما هو منسوخ من الآيات، ولاسيما ما يتعلق منها بالتشريع؛ إذ لا خلاف بين أهل العلم في أنّ المنسوخ لا يجوز العمل به، بل يعمل بالناسخ له.
(3) دراسة النص المراد تحليله من جانبه اللغوي، بحيث يتناول المحلل ابتداء تفسير (الألفاظ القرآنية الغريبة)، وهي الألفاظ التي تحتاج إلى شرح وبيان، وهو ما يعرف الاصطلاح بـ (غريب القرآن)، مثل: الرحمن، ويوم الدين، والصراط، والصّمد، والقارعة، والواقعة، وثُلَّة، وما إليها.
وقد أُلِّفتْ في هذا العلم كتب كثيرة قديمًا وحديثًا، من أشهرها "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة الدينوري (ت276هـ)، و"تفسير غريب القرآن" المسمى نزهة القلوب، لمحمد بن عزيز السجستاني (ت330هـ)، و"مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ت 420هـ)، وهو أفضلها؛ وذلك لما فيه من إبداع في تفسير أغلب الألفاظ القرآنية الغريبة؛ إذ كان مؤلفه يلحظ السياق عند ذلك، فامتاز بذلك ممن سبقه من أصحاب غريب القرآن (1).
(4) ملاحظة أثر النص القرآني الكريم في دقة استعمال غريب الألفاظ، كاستعمال (المائدة) للخُوان الذي عليه طعام، وإلاّ سُمِّي (خوانًا)، ولم يُسمَّ (مائدة)، كما في قوله ? على لسان عيسى ?: ? اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ? [المائدة 114]. ومثله استعمال (صكَّ) للضرب الشديد، بدل (ضرب)،كما في قوله تعالى: ? فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ?، في قصة امرأة إبراهيم ?، مستغربة بذلك ومتعجبة من خبر حملها بولد، وهي عجوز عقيم، وغير ذلك من استعمالات دقيقة في تعبير القرآن.
(5) الإشارة إلى (اللهجات العربية)، ذات الصلة بالنص القرآني المراد تحليله وربطه قدر الإمكان بالمعنى المراد، وبالبيئة العربية القديمة التي نطق بها، كالحجاز ونجد، وتهامة، واليمن، وما إليها. وذلك نحو تسهيل الهمز أو تحقيقه، والإمالة، والمدّ والقصر، ونحوها من لهجات (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
(6) بيان ماهية دلالة اللفظ أو التركيب، إن كانت (أصلية)، أم (إسلامية)، أحدثها الإسلام بعد ظهوره، مثل (الزكاة)، فإنّ في أصل اللغة: النماء والزيادة؛ إذ يقال: زكاة الزرعُ: إذا كثُر ونما. ثم استعملت في القرآن والحديث للدلالة على مال معيّن معلوم، يُدفَع إلى بيت مال المسلمين عند توفّر الشروط بالمال؛ إذ ينبغي أن يبلغ أصل المال مقدارًا مُعيَّنًا يسمى (النصاب) كي تؤخذ منه الزكاة. ومثلها (الربا)؛ إذ أصله الزيادة من ربا يربو: إذا زاد، ثم استعمل في الاصطلاح الإسلامي، للمال الذي يؤخذ زائدًا على القرض، وهو ما حرّمه الإسلام بنص القرآن والحديث بشِدّة. ومن هذه الألفاظ الإسلامية (الكَلالة) في الإرث، وغير ذلك.
(7) ملاحظة العلاقات الدلالية بين الألفاظ التي في النص القرآني المراد تحليله، مثل: (الاشتراك)، و (التضادّ)، و (التقابل) بنوعيه: تقابل الضد والنقيض، وتقابل الخلاف (3)، وكذلك علاقة (الترادف)، سواء أكان ترادفًا تامًّا، كما بين (البعل) و (الزّوج)، أم ترادفًا غير تامٍّ، كما بين (اليمين) و (الحِلْف)، و (الرُّؤيا) و (الحُلُم)، وغير ذلك.
(8) بيان (الدلالة الإيحائية) للألفاظ والتراكيب والتعابير القرآنية، وهي الدلالة التي يسمّيها المعاصرون (الإضافية)، أو (ظل المعنى) " shade of meaning "، وهي من الدلالات ذات القيمة المعنوية العالية الدقيقة في تعبير القرآن، كإيحاء (البَغْتة)، فإنه لا يستعمل في القرآن إلاّ في سياق (العذاب). ومثله الإيحاء الصوتي متمثّلاً بجرس اللفظ، كما في (هزّ) و (أَمَّ)؛ إذ استعمل القرآن الأول لهزِّ النخلة، على حين استعمل الثاني لهزِّ الشياطين للكافرين؛ عقوبة من الله تعالى لهم على كفرهم. ولنا في (الدلالة الإيحائية) أكثر من بحث، (الجرْس والإيقاع في تعبير القرآن) (4)، و (الدلالة الإيحائية لطائفة من ألفاظ الزمان في القرآن الكريم) (5).
(9) بيان (الدلالة الرمزية) في التعبير القرآني، بصورها المتعددة، كرموز (الألوان) من بياض، وسواد، وخُضرة، وصُفرة، وزُرقة، بحسب ما ترمز إليه لدى العرب عند ظهور الإسلام، وكذلك رموز الحركات، كالعضّ على اليدين، وتقليب الكفَّين -في الرمز على الندم-، ورموز الأصوات عن مختلف الحالات النفسية، كالتأوُّه (آهٍ)، والتأفُّف (أُفٍّ)، في التعبير عن التحسُّر والتضجُّر، وما إلى ذلك من رموز صوتية.
(10) بيان (القرائن الدلالية) الثلاث: (اللفظية)، السياقية وغير السياقية، و (الحالية) " Context of situation"، و (العقلية) وهي التي سمّاها اللغوي المعاصر الشهير (جومسكي): " Competence"، أي (القُدرة).
(11) التأمّل في التراكيب المختلفة للنص المراد تحليله من (جانبها النحوي)، من اسمية، وفعلية، وحرفية، وظرفية، وما إليها، مع بيان علاقة ورودها بصورة أو أخرى -في هذه الصور- بالمعنى المراد التعبير عنه.
(12) الكشف عن (وجوه الصَّرْف)، وعلاقتها بالمعنى، ولاسيما ما يتعلق منها بالصيغ، كصيغ (الأفعال)، مثل دلالة (فعل) على مجرّد حدوث الفعل لمرة، و (فَعَّلَ) على التكثير والتكرير، و (فاعَلَ) على المشاركة، وكذلك الصيغ الأخرى، مثل (فَعْلَلَ)، و (اسْتَفْعَلَ) وغيرها من الصيغ؛ إذ لها دلالات معيّنة، كالدلالة على الاضطراب والحركة الشديدة للأولى، وطلب الشيء للثانية، وكذلك صيغ (الأسماء)، مثل (فَعِلٌ) للدلالة على المبالغة، و (فَعُولٌ) كذلك، و (فَعّال) للتكثير ... وغيرها من صيغ ذات دلالات معيّنة.
(13) بيان العلاقة بين (زيادة المبنى) و (زيادة المعنى)، كما بين (خَرْج) و (خراج) و (صَرَّ) و (صَرْصَرُ)؛ إذ الثانية منهما أبلغ من الأولى في المعنى، ولهذا قال سبحانه وتعالى مخاطبة النبي ?: ? أَمْ تَسْئَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ? [المؤمنون: 72]، فأضاف الأكثر والأعظم إليه سبحانه وهو (الخراج) دون الخرج.
(يُتْبَعُ)
(/)
(14) بيان (العلاقة الدلالية) بين الألفاظ والتراكيب في السياقات التعبيرية المختلفة، وفي السياق الواحد، من نواح متعددة، مثل (الإبهام) و (البيان) في سياقين مختلفين ومتباعدين، كقوله تعالى في [سورة النبأ: 12]: ? (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا?، وقوله في سورة [الْمُلْك: 3] ? الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا?. فأبهم في النص الأول بقوله: (سَبْعًا شِدَادًا)، ثم بيّن في النص الثاني ماهية السبع الشِّداد هذه، بأنها (سبْع سموات).
ومن هذا النوع المتعلق بالعلاقات الدلالية بين الألفاظ، علاقة (الإبهام)، ثم (البيان القائم على التفصيل) في سياق واحد متصل، كقوله تعالى في صفة فريق من المؤمنين: ? ... إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ. كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ? [الذاريات: 16 - 19]؛ إذ أبهم التعبير الكريم عملهم الصالح أوّلاً، مكتفيًا بوصفهم بأنهم كانوا محسنين في دنياهم قبل أن يقفوا بين يدي الله تعالى للحساب، ثم فصَّل في السياق بعده مباشرة، ماهية هذا الإحسان بثلاث صفات هي أنهم أوّلاً: كانوا يسهرون أكثر الليل في الصلاة، وذكر الله، وتلاوة القرآن. وثانيًا: أنهم كانوا في أوقات السَّحَر، أي قبيل الفجر، يستغفرون الله تعالى. وثالثًا: أنهم يجعلون جزءًا من أموالهم للفقراء والمساكين، بحسب ما تمليه شريعة ربّ العالمين.
ومن هذا النوع المتعلق بالعلاقات الدلالية بين الألفاظ والتراكيب في السياقات، عطف العامّ على الخاصّ، كعطف (كُلّ الثمرات) على ما تقدّمه، وهو ? الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ ? [النحل: 11].
(15) مراعاة الجانب النفسي في الخطاب القرآني، كالترقيق في مخاطبة لقمان لابنه وهو ينصحه بقوله: (يَبُنَيَّ) التي تُشعر بالحنان البالغ، وروح التحبُّب، التي أنبأ عنها هذا التصغير للفظة (ابن)، توخِّيًا للتأثير في هذا المتلقِّي الحبيب. وكذلك (يَأَبَتِ) في خطاب إبراهيم لأبيه، وهو يدعوه إلى التوحيد ونبذ الشِّرْك، وقول هارون لأخيه موسى ? حين عبد بنو إسرائيل العِجْل في غياب موسى: (يَبْنَؤُمَّ) دفعًا لغضبه عليه، ولم يقل له: (يا ابن أبي) أو (يا ابن والدي) مثلاً؛ وذلك لما في ذِكْر الأمّ هنا من أثر في نفس المتلقِّي، وهو موسى، منبعث من رِقّتها وحنانها على أولادها بكثرة. وهذا ونظائره من رائع ما عبّر به القرآن، مراعيًا الجانب النفسي فيه.
(16) ملاحظة النسق التعبيري في القرآن، ومحاولة فهمه وتحليله، كتقديم لفظ على آخر، كتقديم اليمين على الشمال في قوله ?: ? وَأَصْحَبُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَبُ الْيَمِينِ ?، ثم قوله بعد آيات ?وَأَصْحَبُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَبُ الشِّمَالِ?؟ [الواقعة: 27، 41]؛ إذ (أصحاب اليمين) هم أهل الجنّة والنّعيم، في حين أنّ (أصحاب الشِّمال) هم أهل النّار والجحيم. وقد سمّى التعبير القرآني الفريق الأوّل: (أَصْحَبُ الميْمَنَةِ)، وسمّى الفريق الثاني: (أَصْحَبُ المشْئَمَةِ). وهذا مبنيّ على التفاؤل والتشاؤم في عادات العرب؛ إذ كانوا يتفاءلون باليمين، ويتشاءمون بالشمال. وبقي هذا في العُرْف الاجتماعي الذي تجلّى كذلك في التعبير القرآني، سائدًا في حياة المسلمين. فكانوا يتيامنون في كل عمل، كالأكل باليمين، وتناول الشيء وغير ذلك. وقد أكد ذلك الحديث الشريف، إذ كان ? يحثّ على التيامن، كالأكل باليمين، والتختُّم باليمين، والصبّ عند الاغتسال باليمين (6).
(17) بين الفنّ التعبيري بظاهرة (التشخيص الفني) " Personification" التي تضفي على الشيء المتحدَّث عنه (صفة الإنسانية)، وهي البشرية، كتشخيص عدد من عناصر الطبيعة (7) (الصامتة)، مثل الشمس والقمر والكواكب، في رؤيا نبيّ الله يوسف ?؛ إذ رآها في منامه ساجدة له [يوسف: 4]. ومنه تشخيص الطبيعة (الحية)، كتشخيص النملة في خطابها للنمل الذي معها، بقوله تعالى: ?قَالَتْ نَمْلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَكِنَكُمْ? [النمل: 18] فقالت بصيغة جمع العقلاء (ادخلوا)، ولم تقل في هذا الخطاب التشخيصي ما لا يدلّ على ذلك. وقد نبّه على هذه الظاهرة عدد من كبار قدماء اللغويين، كأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت215هـ)، في
(يُتْبَعُ)
(/)
كتابه "مجاز القرآن" (8)، ونبّه عليه كذلك عبد القاهر الجرجاني (9) (ت 474هـ) واصفًا إياه بأنه "ضرب من المجاز كثير في القرآن". ونبّه عليه بعدهما جار الله الزمخشري (10) (ت 537هـ)، مجلّيًا ظاهرة التشخيص في آية السجود بقوله: " ... فلِمَ أُجرِيَتْ مجرى العقلاء في (رَأَيْتُهُمْ لِي سَجِدِينَ)؟ وأجاب عن ذلك بقوله: "لَمّا وصفوه بما هو خاصّ بالعقلاء وهو السجود، أجرى عليه حُكمَهُ، كأنها عاقلة". ثم وصف الزمخشري هذا اللون من التعبير بأنه "كثير شائع" في كلام العرب.
(18) بيان الفنّ التعبيري بظاهرة (التجسيم الفنّي)، سواء أكان تجسيمًا للحسِّيات -أي ما يدرك بإحدى الحواسّ- كالليل والنهار والصبح، أم كان تجسيمًا للمعنويات، عقلية كانت كالحق والباطل، أم نفسية، كالرُّعْب والخوف. فمن الأول قوله ?:? يُولِجُ الَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجَ النَّهَارَ فِي الَّيْلِ? [فاطر: 13]، أي: يُدخل أحدَهما في الآخر، فيكون بهذا وذاك نهارًا تارة وليلاً تارة أخرى. وهذا ضرب مما نسمِّيه (تجسيم الزمان)، وقد أشرفنا قبل سنوات على رسالة ماجستير فيه.
ومن الثاني وهو المتعلق بتجسيم المعنوي، قوله تعالى: ? بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ ? [الأنبياء: 18]، فجعل الحق -وهو معنويّ- جسمًا ثقيلاً مقذوفًا على الباطل، الذي صوّره التعبير القرآني كأنه جسم أيضًا. وهذا من رائع تصوير القرآن في تجسيم المعنويات.
(19) العناية (بالتحليل الصوتي) للتعبير القرآني المراد دراسته وتحليله، سواء تعلّق بالصوت المفرد (الفُونيم) Phoneme، كالباء، والميم، والنون، والهاء، أم تعلّق بـ (المقطع) المؤلَّف من صوتين أو ثلاثة، وسواء تعلّق بالصوت المفرد، أم بالمركّب، أم بالتعبير، مع ربط الصور الصوتية بالمعاني المختلفة في التعابير القرآنية، مع ضرورة التنبيه على ظاهرة الاستبدال الصوتي بين الوحدات الصوتية الصغيرة، وهي (الفونيمات)، وأثر ذلك في تحقيق الفروق الدلالية بين كثير من الألفاظ القرآنية المتقاربة الأصوات، ما بين سياق وآخر، كما في: هَزَّ وأَزَّ، وكتَمَ وكَظَمَ، وغَشَّى وغَطَّى.
(20) العناية (بالقراءات القرآنية) التي قُرِئ بها النص الكريم، سواء أكانت مشهورة، قرأ بها السبعة أو العشرة، أم غير مشهورة، وهي التي قرأ بها غيرهم، مع كشف أوجهها اللغوية والنحوية والصرفية والبلاغية، وذلك لتعلّق معنى النص بها، واختلاف بين قراءة وأخرى، أو لكشفها لظواهر اللغة المختلفة، كالهمز في (كُفُؤًا) وتسهيله في (كُفُوًا)، وكالإطباق الصوتي في صاد لفظة (الصِّراط)، وعدمه في سين (السِّراط)، وكالمدّ في (مَالِكِ) والقَصْر في (مَلِكِ)، إذ معنى (مَلِكِ) أبلغ من معنى (مَالِك)، من حيث إنّ كلَّ مَلِكٍ مالِكٌ، وليس كلُّ مالِكٍ مَلِكًا.
(21) العناية بعلوم البلاغة الثلاثة: المعاني، والبيان، والبديع؛ إذ يتعلّق بالعلم الأول، وهو (علم المعاني) ظواهر تعبيرية كثيرة، كالتقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والإيجاز بنوعيه: إيجاز لحذف وإيجاز لقِصَر، فمن الأول حذف المبتدأ من الجملة الاسمية، كما في قوله ?:?كِتَبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُه ? [هود:1]، ومن الثاني قوله تعالى: ? وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَوةٌ يَأُولِي الأَلْبَابِ ? [البقرة: 179].
ومن (علم البيان) ما يتعلّق بالحقيقة والمجاز. فمن المجاز: التشبيه، والاستعارة، والكناية، والمجاز المرسل، وما إليها. وتنبغي العناية بفنّ (الالتفات) كذلك، إذ هو فنّ رفيع في تعبير القرآن، وثيق الارتباط بالمعنى، وذلك بالانتقال من ضمير إلى آخر في السياق، كانتقاله من الغَيبة إلى الخطاب في قوله تعالى: ?مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ? [آل عمران: 179]، فالتفت بقوله (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من الغَيبة في الحديث عن المؤمنين إلى الخطاب.
ومن موضوعات (علم البديع)، الطِباق، والجِناس، والتَّوْرِية، والتقابل، وما إليها. فهذه كلها ينبغي على المحلل للنص القرآنيّ أن يعطيَها حقَّها من الدرس والفهم والتحليل والتعليل، لمعرفة معاني القرآن المجيد معرفة شاملة وافية، لا تقف عند جوانب دون أخرى، وإنما تتناول الجواب كلها (11).
(يُتْبَعُ)
(/)
(22) ضرورة بيان العلاقات الدلالية بين الآيات الكريمة، والكشف عن الوشائج التي تربط الجمل والألفاظ والتراكيب، وما يترتب على ذلك من ترابط وتلاؤم معنويّ، بحيث يُرَدّ المتأخر على المتقدّم عند التحليل ويُربَط به معنويًّا، أو يُشار إلى علاقة المتقدِّم بالمتأخِّر، أو تأثيره فيه لفظًا ودلالة، من خلال التأمّل في السياق، وهو مجرى الكلام، ليكشف المحلل بذلك عن حقيقة أنّ القرآن العظيم بناء متماسك لا نظير له، بل هو نسيج وحده. ولتحقيق ذلك، ينبغي على المحلل للنص الكريم أن يُحسِن التفهم؛ إذ إنّ الكتاب المجيد كلّما أكثر فيه الدارس التأمّل والسَّبْر، منح دارسه من المعاني والدلالات ما لا يحققه القارئ المتعجِّل، الذي لا يُحسِن إلاّ القراءة، دون عمق الفهم والتحليل.
ويذكر أهل العلم أنّ مَن فسَّر القرآن، وهو غير محيط بهذه العلوم التي تقدّم الحديث عنها وبيانها، في ما أوردناه منها، انطبق عليه (التفسير بالرأي) المنهي عنه، وإذا فسّره وهو محيط بها، لم يكن تفسيره من هذا النوع المنهيّ عنه في الشرع، بل هو من النوع المباح.
والله سبحانه الموفِّق للصواب، والهادي إلى سواء السبيل.
الهوامش:
* كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، العراق.
(1) ينظر: منهج الراغب في كتابه مفردات ألفاظ القرآن، رافع عبدالله مالو، رسالة ماجستير، جامعة الموصل، 1989م.
(2) ينظر: كتاب اللهجات العربية، للدكتور إبراهيم أنيس، مطبعة الرسالة، القاهرة؛ وكتابنا فقه اللغة العربية، ص210، دار الكتب، جامعة الموصل، 1987م.
(3) ينظر: التقابل الدلالي في القرآن الكريم، رسالة ماجستير، منال صلاح الدين الصفار، كلية الآداب، جامعة الموصل، 1993م، بإشرافنا.
(4) بحث ألقيته في "ندوة الدراسات الإسلامية للجامعات العربية" في جامعة الخرطوم في السودان، شباط 1978م.
(5) نشر في مجلة الدراسات اللغوية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، م2، ع 1، سنة 2000م.
(6) ينظر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، أ. ي.ونسنك ورفيقيه، مطبعة بريل، ليدن 1969م.
(7) ينظر في هذا بحثنا: التشخيص الفني لعناصر الطبيعة في القرآن الكريم، مجلة منار الإسلام، أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، العدد 9، سنة 2001م.
(8) ص 10، من الجزء الأول.
(9) أسرار البلاغة، ص431، تحقيق أحمد مصطفى المراغي، مطبعة الاستقامة، القاهرة.
(10) ينظر الكشاف لجار الله الزمخشري، 2/ 123، مطبعة القاهرة، 1948م.
(11) ينظر في بيان هذه الفنون البلاغية كلها: كتابنا منهج الشيخ أبي جعفر الطوسي في تفسير القرآن: دراسة لغوية نحوية بلاغية، ص247 وما بعدها.
المصدر ( http://www.hamadaljasser.com/article/article_detail.asp?articleid=236)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:10 م]ـ
بحث ممتع، ومركز، وقابل للبسط.
شكراً يا دكتور على هذه الفوائد.(/)
* الإيحاء الصوتي في تعبير القرآن للدكتور قاصد ياسر الزيدي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أصل الوحي في اللغة:
أصل الوحي والإيحاء في اللغة "الإشارة السريعة" (1)، وهو دال على الخفاء، ومنه (الوحي الإلهي) إلى الملائكة والأنبياء، ومنه (الإلهام) بنوعيه: البشري، وغير البشري. فمن الأول إلهام أمّ موسى عليه السلام بإرضاعه، وإلقائه بصندوق في النهر حين خافت عليه قتل فرعون له. وذلك قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمَِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) (2).
وأما الثاني من الإيحاء، وهو غير البشري، فهو "الإلهام الفطري الغريزي"، وهو (المستمر)، كإلهام النحل باتخاذ البيوت من الطبيعة (الطبيعية) من شجر وجبل، ومن الطبيعة (الصناعية)، وهي العرائش التي يبنيها الناس، ثم الأكل من أنواع الثمر لصنع العسل. فهذا أيضًا سماه القرآن الكريم (إيحاء)، فقال تعالى: ? وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ? (3). وهذا الشراب المختلف كناية بالصفة عن هذا الغذاء والدواء الذي هو (العسل)، الذي أثبت له الطب الحديث فوائد كثيرة، منها الفتك بأنواع الميكروبات المسببة للأدواء، كالتيفوئيد، والدوسنتاريا، والنزلات الشعبية وغيرها (4).
ويشعرنا بهذا الخفاء الذي يتّسم به الإيحاء، أنه مما وصف به شياطين الجنّ، ومعهم مَن وصفوا بشياطين الإنس، لتخلّقهم بخُلق الشياطين، في قول السوء والزور، فقال ? مصوِّرًا هذه الوشيجة التي بين الفريقين: ?شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا? (5).
(2)
الإيحاء والرمز:
وللإيحاء البشري وسيلتان في التعبير عن المراد: إحداهما: الكلام، والأخرى: الحركة. فهو بهذا الأخير يجري مجرى (الرمز). وربما مجرى ما يعرف قديمًا في البلاغة باسم (المعاريض)، الذي مفرده (مِعْراض) (6)، وهو (التورية). وقد يكون الإيحاء بصوت مجرّد من التركيب، ولكنه غير مجرّد من الدلالة، كالتحسّر مثلاً. وقد يكون بإشارة ببعض أعضاء الجسم، كاليدين، والأصابع، والشفتين، والرأس .. وقد ورد الإيحاء بأحد هذه الرموز الإيحائية في تصوير انعقاد لسان النبي زكريا ?، حين رُزق بالولد، فكان ذلك الانعقاد علامة وبشارة من الباري سبحانه على ذلك، وقد ورد في سياقين: الأول في قوله تعالى بعد انعقاد لسانه: ?فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا? (7)، والثاني في قوله تعالى: ?قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا? (8)، وذلك حين طلب علامة على رزقه بالولد.
ومِن اللغويين القدماء مَن يجعل (الرمز) ضمن مفهوم (الوحي)، على أساس أنّ الرمز خفاء مثلما الوحي خفاء. وهذا يصح ابتداء، إلاّ أنّ الذي تبيّن لي أنّ بينهما فارقًا، وهو أنّ الغالب على الإيحاء التعبير باللفظ، على حين تغلب على الرمز التعبير بالحركة. فمن ذلك "رمز الندم"، المعبَّر عنه في تعبير القرآن. وكذا في الواقع العملي غالبًا -بتقليب الكفّين. وقد ورد ذلك في ندم المنكِر لنِعَم الله عليه، في ما رزقه من جَنّة -أي بستان كثيف الأشجار غنيّ إذ صوّره البيان القرآني بقوله تعالى: ?فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا? (9). فهذا إيحاء الندم والرمز الدال عليه، وقد جمع له القرآن في هذا السياق بين الحركة والقول: الحركة بتقليب الكفّين، والقول بتمنّي عدم الشرك بالله وكفران النِّعَم. وأسمّي هذا النوع (التعبير المزدوج)، وهو ضرب مما سميته (المتباين)، لتباين ما دلّ على النِّعَم ما بين الحركة والقول.
(3)
الإيحاء في الدلالة الصوتية:
(يُتْبَعُ)
(/)
من إعجاز القرآن وتفرّده الرائع في الدلالة، ارتباط الصوت بمعانيه ارتباطًا وثيقًا. وقد تبيّن لغير واحد من القدماء والمعاصرين، أنّ الجانب الصوتي ركن أساس في بناء التعبير القرآني، في مواضع عدة من التنزيل. ولابن جنّي (ت392هـ)، ملاحظ دقيقة في هذا المضمار، جعلته -مع ملاحظ أخرى- جديرًا بلقب (العبقري)، الذي وسمه به العلاّمة اللغوي الدكتور مصطفى جواد، رحمه الله.
وكان الفارابي (339هـ) قد التفت إلى ما سمّاه بعض المحدثين "الحاسة الموسيقية"، وسمّاه هو "الهيئة الشعرية" (10)، وكونها مركوزة في الإنسان منذ تكوينه، أو على حدّ قوله: "مركوزة فيه من أول كونه". وهي في اللغة العربية وفي إحساس العربي أكثر ظهورًا، حتى إنّ كثيرًا من الباحثين يصف لغتنا بأنها لغة موسيقية، وأنها انحدرت إلينا وقد اكتسبت هذه الصفة منذ أقدم نصوصها (11). وتلك الخصيصة أكسبت سمع العربي قدرة عالية في التمييز بين الفروق الصوتية الدقيقة، فكان مرهفًا يستريح الحاضر من الكلام لحسن وقعه، وينفر من آخر لنبوّ جرسه (12). ولقد بلغ القرآن الكريم الذروة في التأثير في سمع العربي ووجدانه، وذلك بعذوبة جرسه وجمال إيقاعه ونغمه، وما لذلك من صلة بدلالته. وكأنّ الوليد بن المغيرة المخزومي -في جملة ما أراد- هذه الخصيصة الصوتية، حين سمع رسول الله ? يتلو عليه سورة (حم السجدة) فإذا به يدهشه أمر القرآن، فيقول من غير تردّد ولا كتمان: "إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أسفله لَمُغْدِق، وإنّ أعلاه لَمُثْمِر، وما يقول هذا بشر" (13).
وحين حلّل المعاصرون النص القرآني، لفتهم علاقة الصوت اللغوي بالمعنى في تعبير القرآن، على نحو ما صرّح به الدكتور إبراهيم أنيس، وسيّد قطب، وعبد الصبور شاهين وغيرهم.
وتهمّنا في هذا البحث هذه الوشيجة الصوتية بالمعنى، تلك التي لفتت القدماء والمحدثين، والتي ما تزال -في رأينا- بحاجة إلى مزيد من الكشف والبيان. ذلك أنّ "الإيحاء الصوتي" في القرآن ينهض به الصوت اللغوي وحده، مفردًا كان أو مركّبًا، فيصوّر المعنى الذي في السياق بدقّة، بحيث لا يسدّ آخر مسدَّه، وهو إما أن ينهض به صوت مفرد مؤدٍّ للمعنى، وإما أن ينهض به صوت مركَّب، أو مجموعة أصوات في لفظ واحد أو أكثر، وذلك:
1 - فمن الأصوات المفردة غير المركَّبة (الصوائت) Vowels، كألف المدّ وياء المدّ؛ إذ لهما إيحاءان صوتيان متغايران يستشعرهما السامع النابه المتأمّل، أحدهما (صاعد) بألف المدّ، والآخر (هابط) بياء المدّ، وكلاهما وردا في سياق واحد، هو قوله ?: ?وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبادِ? (14). فعند الوقوف في التلاوة على لفظة (بَاسِقَاتٍ)، تمدّ الألف فيها ستّ حركات، وهو المدّ العارض للسكون (15)؛ لتصور هذا الامتداد إلى علوّ في بُسوق النخلة وارتفاعها إلى الجوّ بتلك الرشاقة الجميلة، التي تنتهي في أعلاها بذلك السعف الجميل المتهدّل على جوانب قمّتها من كل جهة، حتى أنها لتبدو كالفتاة الفرعاء (16). فإذا تلا القارئ بعد ذلك لفظة (نضيد)، ووقف على الدال، استشعر السامع بهذا المدّ الهابط: (الياء) خلاف ما استشعره بذلك المدّ الصاعد، الذي قبله في (بَاسِقَاتٍ)؛ إذ يستشعر بسمعه قبل بصره، هذا التنضيد الذي في الطلع، وقد غُطِّي بغطائه الربّاني الجميل، ذي الرائحة الذكية العبقة.
فهذا ما لفتنا إليه هذا التعبير المزدوج في لفظتيه: (باسقات) و (نضيد)، من الناحية الصوتية الدالة على العلوّ والصعود، والدالة بعده على التراكم والهبوط. ولم نجد من التفت إلى ذلك صوتيًّا، وإنما وجدنا المفكر الإسلامي الفذّ سيّد قطب -نضّر الله وجهه- قد التفت إلى ملحظ يتعلق بفلسفة الجمال في هذا التصوير القرآني البديع، وهو "إبراز جمال الطلع النضيد في النخل الباسق، تماشيًا مع الحق وظلاله، الحقّ السامق الجميل" (17). فربط -بخيال أدبي- بين الجمال الحسِّيّ المرئي للطلع الأبيض الجميل المنضّد، وبين الجمال الروحي المعنوي الذي ينطق به هذا التنضيد؛ للتدليل على الخالق العظيم في هذا الخلق المنسّق الجميل، إلاّ أنه لم يشر إلى الجانب الصوتي الذي يلحظ عند التأمّل الدقيق فيه، ولعله عرفه ولم ينبّه عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - ومن إيحاء الأصوات المفردة (غير المركّبة) في تعبير القرآن، إيحاء (الهمزة)، وإيحاء (الهاء) في سياقيهما؛ إذ ورد كل منهما في سياق مغاير -دلاليًّا- لسياق الآخر. وهذا يعود إلى تغاير صفة كل منهما من الناحية الصوتية، وإن كانا من مخرج واحد هو (الحنجرة)؛ إذ الهزة صوت شديد، كما وصفه علماء الصوت العرب، بل هو أشدّ الأصوات اللغوية في العربية، ولهذا وصفه علماء الصوت الغربيون بأنه " Plosive"، أي (انفجاري) (18). على حين عُدّت الهاء من الأصوات (الرِّخوة) " Fricative"(19).
فإذا رجعنا إلى الكتاب المعجز المبين، القرآن الكريم، وجدنا الهمزة فيه قد وردت في سياق يوحي بالشدة، متمثّلاً بهذا التركيب الفعلي المؤكد بالمصدر: (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)، في قوله ?: ?أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا? (20). ووجدنا (الهاء) قد وردت في سياق مغاير له تمامًا، بل هو مضادّ له دلاليًّا من حيث الإيحاء؛ إذ وردت في تصوير ما أُمرت به مريم ابنة عمران عليها السلام، حين أتاها الطلق، فضاقت بذلك ذرعًا، إذ كيف يولد لها ولد وهي لم تتزوج بعدُ؟، فكان النداء الذي سمعته مُطَمئنًا لها من ناحية، وآمرًا إياها بهزّ جذع النخلة التي أوت إليها تستظل وتستتر بها. وذلك بقوله ?: ?أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا? (21).
فقال سبحانه (هُزِّي) هنا، ولم يقل: (أُزِّي)، كما قال في آية إرسال الشياطين على الكافرين (تؤزُّهم)، ولم يقل: (تهزُّهم)، وذلك للفارق الدلالي بين السياقين: سياق الشدة والعنف، وسياق اللين والحنان. وهذا من رائع بيان القرآن ودلائل إعجازه.
وإذا كان إيحاء (الألف) هنا جميلاً باعثًا على التأمّل في ما فيه ذلك اللفظ وهو (النخلَ باسقاتٍ)، الذي هو تأمّل في عنصر من عناصر الطبيعة النباتية، وهو (النخل)، والذي يكون باعثًا على شكر المنعم -سبحانه- به، فإنّ للألف في غير هذا السياق إيحاء آخر؛ إذ نجدها في موضع تشعر فيه بالكِبْر والاستعلاء، في تصوير مشية كافر من قريش، غرّته مظاهر الدنيا الفانية، من مال، وجاه، وولد -قيل إنه أبو جهل بن هشام-؛ إذ وصفه التنزيل بصفتي رفض من لدنه لِلحقّ والإيمان، وهما عدم التصديق بالرسالة المحمدية وهذه صفة فكرية، وبعدم أداء الصلاة، وهي صفة سلوكية، منبثقة عن الصفة الفكرية. وقد قابلها التعبير القرآني بصفتين أخريين، وهما: التكذيب بما هو حق وصدق، والقولي عن سبيل الإيمان والخير، فقال سبحانه: ?فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى، وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى? (22)، فنفى عنه التعبير الكريم ما هو خير، وأثبت له ما هو شر.
ثم ذكر التعبير بعدهما مباشرة وفي سياقهما، صورة لمشية هذا الكافر المتغطرس، تفصح عن كبريائه، وتتمّ رسم صورة جهله وإعراضه، فقال: ?ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى? (23). فإيقاع الآية مشعر بمشية الكِبْر لدى هذا المشرك المتعالي، ولكن يهمّنا كثيرًا هنا هذه اللفظة التي وقعت فاصلة، وهي: (يتمطّى)؛ إذ وردت لامها ألفًا، وهي الطاء الثانية في أصل الكلمة؛ إذ أصلها: (يتمطّط)، ولكنّ التعبير القرآني عدل عن الطاء التي في آخر اللفظة، إلى الألف بدلاً منها، لا لمجرّد اتساق حروف الرويّ فيها مع سائر الفواصل التي تلتها، مثل (أَوْلَى)، و (سُدى)، و (يُمْنى)، و (سَوَّى) (24)؛ إذ إنّ هذا ملحظ شكلي ليس هو المراد هنا، وإن كان له قيمته الصوتية الإيقاعية المؤثرة في نفس المتلقِّي، وإنما ورد (يتمطَّى) معدولاً عن أصله الطائي (يتمطّط)، إلى الألف الواقعة حرف رويّ للفاصلة؛ إيحاء بتبختر صاحب هذه المشية، وإشعارًا بما في نفسه من الزهو والخيلاء الفارغين من بواعث الحق والخير؛ إذ معنى (يتمطَّى) في اللغة: يتبختر، وأصله: يتمطَّطُ، أي يتمدّد؛ لأنّ المتبختر يمدّ خطاه. وقيل: هو من المطا، وهو الظهر؛ لأنه يلويه (25)، عند سيره.
وأيًّا كان الأصل، فإنّ هذا اللفظ (يتمطَّى) رسم صورة عملية مرئية لكِبْر ذلك الكافر وخيلائه الفارغة، ولذلك ورد في الحديث الشريف أنه ? "نهى عن مشية المطَيطاء، وذلك أن يلقي الرجل يديه، مع التكفّي في مشيته"، في ما ذكر الطبرسي (ت548هـ) في تفسيره (26).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويهمنا هنا كيف رسم المدّ الصوتي بالألف هذه المشية المكروهة المنهيّ عنها. فإذا قرأنا (يتمطَّى) بأداء صوتي دقيق في التجويد، فأعطينا الطاء الشديدة المطبقة المكررة بالتشديد حقها من الأداء الصوتي، وأتبعناها مَدّة الألف واقفين عليها، حاكت الصورة الصوتية بذلك، تلك المشية الممقوته، مشية التلوِّي صعودًا إلى الأعلى ونزولاً. وذلك من رائع التصوير الفني في القرآن عن طريق الإيحاء الصوتي، مضافًا إلى الدلالة اللغوية الأصلية للفظة، التي تعرفها العرب في تحاورها.
3 - ومن الإيحاء الصوتي الإفرادي، المدّ بالألف الموحي بالندم والتوجّع النفسي، في مثل قول الكافر يوم القيامة، وقد وقف بين يدي ربه للحساب: ?يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ? (27). فقوله: (يا حسرتا) مشعر صوتيًّا بتوجّعه وندمه، بهذين المدّين اللذين اكتنفا التعبير، وهما مدُّ (يا) ومدُّ (تا)، مضاعفًا إحساس المتلقِّي بندم المُلقي المرير، فضلاً عما في نداء الحسرة بحرف النداء (يا)، من تشخيص استعاري للحسرة، حين جعلها تنادي كما ينادي العاقل، وهذا من بليغ بيان التنزيل.
4 - ومن الإيحاء الصوتي بالشعور بالندم، ما تحدثه (هاء السكت) في قول من فرّط في ما ينبغي عليه أداؤه إزاء ربه وأهله: ?يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ? (28). فهذه الهاء إذا وقف عليها القارئ، أشبهت الحسرة في انطلاقها من صدر المتحسّر لندمه. وحقق لها هذا المعنى ورودها (مكسوعة)، أي غير (لاحقة) في آخر هذه الأسماء، فأشبهت بذلك الحسرة.
5 - وقد يكون الإيحاء الصوتي في تعبير القرآن (مقطعيًّا)، وليس إفراديًّا كالذي في لفظة (دمْدَمَ) في قوله ? في (ثمود)، قوم النبيّ صالح ?، حين عقروا ناقة الله التي أُمِروا بألاّ يمسّوها بسوء، فغضب الله سبحانه عليهم، فدمّر قريتهم، فجاء التعبير بهذا اللفظ: (دَمْدَمَ)، بدلالة مزدوجة، إحداهما (لغوية)، وهي الأصلية، أو كما يسمّيها المعاصرون: (مركزية) أو (أساس). والدلالة الأخرى (إيحائية)، وهي لون من الدلالة الثانوية، أحدثها إيقاع اللفظة.
وأما وصف هذه اللفظة (دَمْدَم) بأنها مقطعية، فلأنها ذات مقطعين متماثلين هما: (دَمْ/دَمْ)، فلمّا التأما في اللفظة مكررين، أشعر جرسهما المدوّي بما يشبه القصف: (دَمْدَمَ). وهذه الدلالة الإضافية صعّدت استشعار الشدّة والغضب في تصوير هذه العقوبة الإلهية العادلة، بمن لم يرع لله حرمته، مصداقًا لقوله تعالى: ?إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ? (29)، الذي أكّد بمؤكّدين هما (إنّ) و (اللام). وقد تلت عقوبتهم قتل الناقة مباشرة بلا فاصل زمني كبير يعتدّ به؛ بدليل عطف تلك العقوبة بالفاء على فعل العقر، في قوله تعالى: ?فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا? (30).
(4)
الإيحاء الصوتي للتراكيب:
وقد ينهض التركيب الصوتي بإيحاء معيّن منبعث من خصائصه في صورته المركبة. ويتجلى ذلك في سياق قصة إبراهيم الخليل ?، حين بشّرته الملائكة بالولد، فأثار ذلك عجب واستغراب زوجته، لكونها عجوزًا غير قادرة -في ظنها- على الإنجاب، فلم تلبث أن لطمت وجهها بكفّيها من جهة خدّيها، فكان التعبير عن هذا الحدث بلفظ مغاير للفظ (الضرب) الذي استعمله القرآن في موضع أريد به تأديب الزوجة إذا نشزت على زوجها، بعد مرحلتين من مراحل الإصلاح، وهما: الوعظ بقوله (فَعِظُوهُنَّ)، والترك في المضجع بقوله: ?وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ? (31)، ثم قال سبحانه: ?وَاضْرِبُوهُنَّ ?. واشترطت السنّة النبوية وإجماع فقهاء الأمّة على ألاّ يكون ضربًا مبرّحًا. فهذا الضرب الذي أباح الإسلام مزاولته بعد الوعظ والهجر في الفراش، فما الضرب الذي عبّر به القرآن يا ترى في قصة زوجة أبي الأنبياء ?؟ الجواب: إنه عبّر بلفظ مركّب، دلّ إيحاؤه الصوتي على شدّة وقوّة ذلك الضرب، وهو الفعل (صكَّ)، في قوله تعالى: ? فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ? (32)، وهو اللفظ الذي تفرّد به هذا الموضع، دون لفظ (الضرب) الذي ورد في مواضع عدة من التنزيل، بدلالته الحسيّة لا المجازية، كقوله تعالى في نصح نساء المؤمنين بوجوب إخفاء الزينة التي في أرجلهنّ: ?وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ? (33)،
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى في الكافرين والفاسقين عند موتهم: ?فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ? (34)، وغير ذلك.
فإذا حلّلنا الفعل (صكّتْ) تحليلاً صوتيًّا مع ما لحقه من تاء دالّة على التأنيث، وجدناه يجمع بين الشدّة والتفخيم؛ إذ الصاد من أصوات الإطباق، والمطبق مفخّم، والكاف والتاء صوتان شديدان، وزاد من شدّة الكاف تضعيفها. وبهذا أدّت هذه اللفظة بهذه الأصوات صورة اللطمة الشديدة من جانبها الصوتي الإيحائي، فضلاً عن جانبها اللغوي، الدال على الضرب الشديد. وبذلك ضاعف الإيحاء الصوتي للصك من دلالته على الضرب الشديد.
ولا يزال الناس في أرياف العراق، ولا سيما أهل الوسط والجنوب منهم، يستعملون هذا اللفظ، للتعبير عن هذا المعنى القرآني الذي هو الضرب الشديد، فيقول أحدهم مثلاً: "صكّهْ بالصّخريَّهْ"، أي: ضربه بها، و (الصخريّة) عصا قصيرة في نهايتها حديدة، تكون غالبًا صفراء، تستعمل سلاحًا يحمله الرجل دفعًا للأذى عنه.
ومن لطف الباري ? ودقّة استعمال الألفاظ في التعبير القرآني، أنه تعالى لم يقل: (فصكّوهُنّ)، بل قال: ? اِضْرِبُوهُنَّ ?، وذلك في آخر مرحلة من مراحل تأديب الزوجات غير المطيعات، بعد المرحلتين اللتين ذكرناهما آنفًا، وهما: الوعظ، والهجر في الفراش، وذلك إذا نشزت إحداهنّ على زوجها؛ استعلاء أو مخالفة لما له عليها من حقّ قرّره الشرع.
فيتبيّن لنا مما أوردناه آنفًا من أمثلة في هذا البحث أنّ "الإيحاء الصوتي" في تعبير القرآن يختلف من حال إلى حال، ومن سياق إلى آخر، تحقيقًا للمعنى الدقيق الذي قصد إليه التعبير. وبذلك حقق القرآن الكريم في هذا المجال أيضًا أدلة على إعجازه المتمثّل -في إحدى صوره- بانتقاء الصوت الملائم للدلالة، المحقق لها، سواء أكان الصوت مفردًا، أم كان مركّبًا.
الهوامش:
* كلية التربية للبنات، جامعة بغداد.
(1) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق نديم مرعشلي.
(2) القصص: 7. (3) النحل: 68 - 69.
(4) ما يقال عن الإسلام: عباس محمود العقاد، 159. (5) الأنعام: 112.
(6) ينظر بحثنا: المعراض مصطلح بلاغي قديم، مجلة العرب، الرياض، ج1و2، س37، 2001م.
(7) مريم: 11. (8) آل عمران: 41. (9) الكهف: 42.
(10) كتاب الموسيقى الكبير للفارابي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 70.
(11) دلالة الألفاظ، د. إبراهيم أنيس، ط2، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة، 1963م، 195.
(12) المصدر نفسه.
(13) الجرجاني، الرسالة الشافية، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، القاهرة، 1968م، 125؛ ودلائل الإعجاز للجرجاني، تعليق خفاجي، القاهرة، 1969م. (14) ق:10و11.
(15) ينظر: تحفة الإخوان في بيان تجويد القرآن، حسن إبراهيم الشاعر، 13.
(16) الفارع: المرتفع، والتام الشعر، والمرأة فرعاء، ينظر القاموس المحيط للفيروزآبادي 3/ 62 (فرع)، دار العلم للملايين.
(17) ينظر: التصوير الفني في القرآن لسيد قطب؛ وبحثنا التشخيص الفني لعناصر الطبيعة في القرآن الكريم، مجلة منار الإسلام، أبوظبي، العدد 9، 2001م، ص24 وما بعدها.
(18) ينظر: الأصوات اللغوية، إبراهيم أنيس، ط5، القاهرة، 1975م، 23.
(19) ينظر: المصدر نفسه، 24. (20) مريم: 83.
(21) مريم: 24و 25. (22) القيامة: 31. (23) القيامة: 33.
(24) تنظر: فواصل الآيات: 35 و36 و37 و38 من سورة القيامة.
(25) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، ط2، بيروت، 29/ 132.
(26) نفس المرجع. (27) الزمر: 56. (28) الحاقة: 27 - 29.
(29) البروج: 14. (30) الشمس: 14. (31) النساء: 34.
(32) الذاريات: 29. (33) النور: 31. (34) محمد: 27.
المصدر ( http://www.hamadaljasser.com/article/article_detail.asp?articleid=154)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[09 Mar 2006, 05:47 ص]ـ
شيخنا الجليل عبد الرحمن الشهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء على هذا البحث الماتع القيّم، والذوق الأدبي الرفيع، الذي يشهد لعظمة القرآن المجيد، والذي يضيف بُعداً جمالياً ومتنوّعاً للفظة القرآنية ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد استوقفني في البحث ذلكم الحديث عن الألفاظ الواقعة في فواصل سورة القيامة، وكيف أنها استقلّت برسم صورة شاخصة ومرئية - لا بمجرّد المساعدة على إكمال معالم صورها. وهذه - بلا ريب - خطوة أخرى في تناسق التصوير القرآني المعجز. ولقد بيّنت جزءاً من هذه الظاهرة العجيبة في أول مشاركة لي في هذا الملتقى المبارك - على هذا الرابط:
من إعجاز القرآن في فواصل سورة القيامة ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3127)
واسمحوا لي - حفظكم الله - أن أسوق شواهد أخرى لهذه الظاهرة الجمالية العجيبة من كتاب (الظاهرة الجمالية في القرآن الكريم) للأستاذ نذير حمدان - والذي أظنّ أن كثيراً من شواهده إنما هي مقتبسة من كتاب التصوير الفني لسيد قطب - رحمه الله.
يقول: تقرأ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} [التوبة: 38]، فتسمع الأذن كلمة (اثّاقلتم)، فيتصوّر الخيال ذلك الجسم المثّاقل، يرفعه الرافعون في جهد، فيسقط من أيديهم في ثِقَل. إن في هذه الكلمة طنّاً على الأقلّ من الأثقال. ولو أنك قلت: تثاقلتم، لخفّ الجرس، ولضاع الأثر المنشود، ولتوارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ، واستقلّ برسمها ..
وتقرأ قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ} [النساء: 72]، فترتسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها، وفي جرس (ليبطئنّ) خاصّة. وإن اللسان ليكاد يتعثّر وهو يتخبّط فيها، حتى يصل ببطء إلى نهايتها ..
وتتلو حكاية قول هود: {أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]، فتحسّ أن كلمة (أنلزمكموها) تصوّر جوّ الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق، وشدّ بعضها إلى بعض، كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون، ويشدّون إليه وهم منه نافرون ..
وهكذا يبدو لون من التناسق أعلى من البلاغة الظاهرية، وأرفع من الفصاحة اللفظية، اللتين يحسبهما بعض الباحثين في القرآن أعظم مزايا القرآن.
وتسمع كلمة (يصطرخون) في الآية: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ " (فاطر: 36 - 37)، فيخيِّل إليك جرسها الغليظ، غِلَظ الصراخ المختلط المتجاوب من كل مكان، المنبعث من حناجر مكتظّة بالأصوات الخشنة .. كما تلقي إليك ظلّ الإهمال لهذا الاصطراخ الذي لا يجد من يهتمّ به أو يلبّيه .. وتلمح من وراء ذلك كله صورة ذلك العذاب الغليظ الذي هم فيه يصطرخون ..
وحين يستقلّ لفظ واحد بهذه الصورة كلها يكون ذلك فنّاً من التناسق الرفيع. ومثلها كلمة (عُتُلّ) في تمثيل الغليظ الجافي المتنطّع: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13].
فإذا سمعت: {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ} [البقرة: 96] صورت لكل كلمة (بمزحزحه) - المقدمة في التعبير على الفاعل لإبرازها - صورة الزحزحة المعروفة كاملة متحرّكة، من وراء هذه اللفظة المفردة.
وكذلك قوله: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 94 - 95]، فكلمة (كبكبوا) يحدث جرسها صوت الحركة التي تتمّ بها.
ومن الأوصاف التي اشتقّها القرآن ليوم القيامة: (الصاخّة) و (الطامّة). والصاخّة لفظة تكاد تخرق صماخ الأذن في ثقلها وعنف جرسها، وشقّه للهواء شقّاً، حتى يصل إلى الأذن صاخّاً مُلِحّاً. والطامّة لفظة ذات دويّ وطنين، تخيّل إليك بجرسها المدوّي أنها تطمّ وتعمّ، كالطوفان يغمر كل شيء ويطويه.
ضع هذه الألفاظ بجوار ذلك اللفظ المشرق الرشيق (تنفّس) (والصبح إذا تنفّس) تجد الإعجاز في اختيار الألفاظ لمواضعها، ونهوض هذه الألفاظ برسم الصورة على اختلافها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثلها التعبير عن النوم بالنعاس، وعن التنويم بغشية النعاس {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} [الأنفال: 11]، تجد جوّ النعاس الرقيق اللطيف، وكأنه غشاء شفيف، يغشي الحواس في لطف ولين: أمنة منه، فالجو كله أمن ودعة وهدوء.
ونوع آخر من تصوير الألفاظ بجرسها يبدو في الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ} [الناس: 1 - 6]. اقرأها متوالية تجد صوتك يحدث (وسوسة) كاملة تناسب جوّ السورة. جوّ وسوسة (الوسواس الخنّاس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنّة والناس).
ونوع من هذا - ولكن فيه عنه اختلافاً - ذلك قوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5]، فالمطلوب هنا هو تفظيع ما قالوا من أن الله سبحانه وتعالى اتّخذ ولداً، وتكبير هذه الفرية بكل طريقة. فقال (كبُرت) وأضمر الفاعل، ثم جعل هذه الكلمة تمييزاً منكراً، ليكون في الإضمار والتنكير معنى الاستنكار والتكبير (كبُرت كلمة). ثم جعلها تخرج من أفواههم خروجاً كأنها رمية من غير رام (تخرج من أفواههم)، وتنسيقاً لجوّ التكبير كله جاءت كلمة (أفواههم). وإنك لتحتاج في نطقها أن تفتح فاك بالواو الممدودة، وأن تخرج هاءين متواليين من الحلق في عُسر ومشقّة، قبل أن تطبق (فاهك) على الميم الأخيرة.
وهناك نوع من الألفاظ يرسم صورة الموضوع، ولكن لا بجرسه الذي يلقيه في الأذن، بل بظلّه الذي يلقيه في الخيال، وللألفاظ كما للعبارات ظلال خاصّة يلحظها الحسّ البصير، حينما يوجّه إليها انتباهه، وحينما يستدعي صورة مدلولها الحسيّة.
مثال ذلك: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: 175]، فالظلّ الذي تلقيه كلمة (انسلخ) يرسم صورة عنيفة للتملّص من هذه الآيات، لأن الانسلاخ حركة حسيّة قويّة.
ومثله: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 18]، فلفظة (يترقّب) ترسم هيئة الحذر المتلفّت. ولا نغفل هنا أنه خائف يترقّب في المدينة موضع الأمن والاطمئنان عادة، وإن كان هذا خاصّاً بالتعبير كله. ولكن العبارة هنا تبرز قيمة اللفظ المصوّر للفزع في موطن الأمان.
وهكذا .. يمضي الأستاذ نذير حمدان في بيانه لألوان الصور الجمالية العجيبة في المفردات القرآنية .. كتاب جدير بالقراءة.(/)
سؤال هل آيات القران تتفاضل؟
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[05 Mar 2006, 03:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته أما بعد:
أرجو من الأخوة الكرام أفادتني في هذا السؤال ولكم جزيل الشكر
سؤال / هل آيات القران تتفاضل؟
ماجد الخير ............................................. ................... وشكرا
ـ[ابو العزايم عبد الحميد]ــــــــ[05 Mar 2006, 04:04 م]ـ
أختلف الناس: هل في القرآن شيء أفضل من شيء فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان إلى المنع لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه وروى هذا القول عن مالك.
قال يحيى بن يحيى: تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ولذلك كره مالك أن تعاد سورة أوتردد دون غيرها.
وقال ابن حبان في حديث أبيّ بن كعب ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن إن الله لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن إذ الله سبحانه وتعالى بفضله فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه.
قال: وقوله أعظم سورة أراد به في الأجر لا أن بعض القرآن أفضل من بعض.
وذهب آخرون إلى التفضيل لظواهر الأحاديث منهم إسحاق بن راهويه وأبوبكر بن العربي والغزالي.
وقال القرطبي: إنه لحق ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين.
وقال الغزالي في جواهر القرآن: لعلك أن تقول قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض والكلام كلام الله فكيف يتفاوت بعضها بعضًا وكيف يكون بعضها أشرف ن بعض فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات وبين سورة الإخلاص وسورة تبت وترتاع على اعتقاد نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فهوالذي أنزل عليه القرآن.
وقال يس قلب القرآن وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن وآية الكرسي سيدة آي القرآن وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن.
والأخبار الواردة في فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى أه.
وقال ابن الحصار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب.
وقال الخويبي: كلام الله أبلغ من كلام المخلوقين. وهل يجوز أ يقال بعض كلامه أبلغ من بعض الكلام جوزه قوم لقصور نظرهم وينبغي أن تعلم أن معنى قول القائل هذا الكلام أبلغ من هذا: أن هذا في موضعه له حسن ولطف وذاك في موضعه له حسن وولطف وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه.
فإن من قال: إن قل هو الله أحد أبلغ من تبت يدا أبي لهب يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر وذلك غير صحيح بل ينبغي أن يقال تبت يدا أبي لهب دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه وكذلك في قل هو الله أحد لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها فالعالم إذا نظر إلى تبت يدا أبي لهب في باب الدعاء بالخسران ونظر إلى قل هو الله أحد في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر أه.
وقال غيره: اختلف القائلون فقال بعضهم: الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها وتدبرها وتكفرها عند ورود أوصاف العلي وقيل بل يرجع لذات اللفظ وأن ما تضمنه قوله تعالى وإلهكم إله واحد} الآية وآية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودًا مثلًا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها فالتفضيل إنما هوبالماني العجيبة وكثرتها.
وقال الحليمي ونقله عنه البيهقي: معنى التفضيل يرجع إلى أشياء.
أحدها: أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس وعلى هذا يقال: آية الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من آيات القصص لأنها إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتبشير ولا غنى بالناس عن هذه الأمور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هوأعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خيرًا لهم مما يجعل لهم تبعًا لما لا بد منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن يقال: الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته أفضل بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجل قدرًا.
الثالث: أن يقال: سورة خير من سورة أوآية خير من آية بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل ويتأدى منه بتلاوتها عبادة كقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله ويتأدى بتلاوتها عبادة الله لما فيها من ذكره سبحانه وتعالى بالصفات العلي على سبيل لاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل ذلك الذكر وبركته.
فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم وإنما يقع بها علم.
ثم لوقيل في الجملة إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور بمعنى أن التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها والثواب بحسب قراءته لا بقراءتها أوأنه من حيث الإعجاز حجة النبي المبعوث وتلك الكتب لم تكن حجة ولا كانت حجج أولئك الأنبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها وكان ذلك أيضًا نظير ما مضى.
وقد يقال: إن سورة أفضل من سورة لأن الله جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا كما يقال ا يومًا أفضل من يوم وشهرًا أفضل من شهر بمعنى العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره والذنب فيه أعظم من غيره وكما يقال ا الحرم أفضل من الحل لأنه يتأدى فيه من المناسك ما لا يتأدى في غيره والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيرها أه كلام الحليمي.
وقال ابن التين في حديث البخاري لأعلمنك سورة هي اعظم السور معناه أن ثوابها أعظم من غيرها.
وقال غيره: غنما كانت أعظم السور لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن ولذلك سميت أم القرآن.
وقال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.
أخرجه البيهقي وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على اله تعالى بما هوأهله وعلى التعبد والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخلوعن أحد هذه الأمور.
وقال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر لله تعالى. فقوله {الحمد لله رب العالمين} يدل على الإلهيات وقوله {مالك يوم الدين} يدل على المعاد وقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} يدل على نفي الخبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره وقوله {إهدنا الصراط المستقيم} إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات.
فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن.
وقال البيضاوي: هي مستملة على الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء.
وقال الطيبي: هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين.
أحدها: علم الأصول ومعاقدة الله تعالى وصفاته وإليها الإشارة بقوله {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوة وهي المراد بقوله {أنعمت عليهم} ومعرفة المعاد وهوالمومى إليه بقوله {مالك يوم الدين}.
وثانيها: علم الفروع وأسه العبادات وهوالمراد بقوله {إياك نعبد}. وثالثها: علم يحصل به الكمال وهوعلم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والالتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله {وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم}.
ورابعها: علم القصص والإخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والأشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم وهوالمراد بقوله {أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقال الغزالي: مقاصد القرآن ستة: ثلاثة مهمة وثلاثة متمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: تعريف المدعوإليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهوالآخرة كما أشير إليه بملك يوم الدين والأخرى تعريف أحوال المطيعين كما أشير إليه بقوله {الذين أنعمت عليهم وحكاية أقوال الجاحدين وقد أشير إليها بالمغضوب عليهم ولا الضالين وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} أه.
ولا ينافي هذا وضفها في الحديث الآخر بكونها ثلثي القرآن لأنه بعضهم وجهه بأن دلالات القرآن العظيم إما أن تكون بالمطابقة أوبالتضمن أوبالالتزام دون لمطابقة وهذه السورة تدل جميع مقاصد القرآن بالتضمن والالتزام دون المطابقة والاثنان من الثلاثة ثلثان ذكره الزركشي في شرح التنبيه.
وناصر الدين بن الميلق قال: وأيضًا الحقوق ثلاثة: حق الله على عباده وحق العباد على الله وحق بعض العباد على بعض وقد اشتملت الفاتحة صريحًا على الحقين الأولين فناسب كونها بصريحها ثلثين.
وحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين شاهد لذلك.
قلت: ولا تنافي أيضًا بين كون الفاتحة أعظم السور وبين الحديث الآخر أن البقرة أعظم السور لأن المراد به ما عدا الفاتحة من السور التي فصلت فيها الأحكام وضربت الأمثال وأقيمت الحجج إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القرآن.
قال ابن العربي في أحكامه: سمعت بعض أشياخي يقول فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر ولعظيم فقهها أقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها أخرجه مالك في الموطأ.
قال ابن العربي أيضا وإنما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فإن الشيء إنام يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وهي في أي القرآن كسورة الإخلاص في سوره إلا أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين.
أحدهما: أنها سورة وهذه آية والسورة أعظم لأنه وقع التحدي بها في أفضل من الآية التي لم يتحد بها.
والثاني: أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفًا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفًا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفًا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية. وقال ابن المنير: اشتملت آية الكرسي على ما لم تشتمل عليه آية من أسماء الله تعالى وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعًا فيها اسم الله تعالى ظاهرًا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله وهوالحي القيوم ضمير لا تأخذه وله وعنده وبأذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويؤوده ضمير حفظهما المستتر الذي هوفاعل المصدر وهوالعلي العظيم.
وإن عدت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل الحي على أحد الأعاريب صارت اثنين وعشرين.
وقال الغزالي: إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هو المقصود الأقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله الله إشارة إلى الذات لا إله إلا هو إشارة إلى توحيد الذات الحي القيوم إشارة إلى صفة الذات وجلاله فإن معنى القيوم الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة لا تأخذه سنة ولا نوم تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة له ما في السموات وما في الأرض إشارة إلى الأفعال كلها وأن جميعها منه وإليه من ذا الذي يشفع عنده إلا بأذنه إشارة إلى انفراده بالملك والحكم بالأمر وإن من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إياه والأذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والأمر يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم إلى قوله {شاء إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض العلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته وسع كرسيه السموات والأرض إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته ولا يؤوده حفظهما إشارة إلى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان وهوالعلي العظيم إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا تأملت هذه المعاني ثم تأملت هذه المعاني ثم تلوت جميع آي القرآن لم تجد جملتها مجموعة في آية واحدة فإن شهد الله ليس فيها إلا التوحيد والتقديس وقل اللهم مالك الملك ليس فيها إلا الأفعال والفاتحة فيها الثلاثة لكن غير مشروحة في آية الكرسي والذي يقرب منها في جمعها أخر الحشر وأول الحديد ولكنها آيات لا آية واحدة فإذا قابلت آية الكرسي بإحدى تلك الآيات وجتها أجمع للمقاصد فلذلك استحقت السيادة على الآي وكيف وفيها الحي القيوم وهوالاسم الأعظم كما ورد به الخبر اه كلام الغزالي.
ثم قال: إنما قال صلى الله عليه وسلم في الفاتحة أفضل وفي أية الكرسي سيدة لسر وهوان الجامع بين فنون الفضل وأنواعها الكثيرة يسمى أفضل فإن الفضل هو الزيادة والأفضل هو الأزيد.
وأما السؤود فهورسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المقصودة المتبوعة التي تتبعها سائر المعارف فكانت اسم السيد بها أليق. ثم قال في حديث قلب القرآن يس إن ذلك لأن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهومقرر في هذه السورة بأبلغ وجه فجعلت قلب القرآن لذلك واستحسنه الإمام فخر الدين.
وقال النسفي: يمكن أن يقال: إن هذه السورة ليس فيها إلا تقرير الأصول الثلاثة: الوحدانية والرسالة والحشر وهوالقدر الذي يتعلق بالقلب والجنان.
وأما الذي باللسان والأركان ففي غير هذه السورة فلما كان فيها أعمال القلب لا غير سماها قلبًا ولهذا أمر بقراءتها عند المحتضر لأن في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة والأعضاء ساقطة لكن القلب قد أقبل على الله تعالى ورجع عما سواه فيقرأ عنده ما يزداد به قوة في قلبه ويشتد تصديقه بالأصول الثلاثة اه.
واختلف الناس في معنى كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن فقيل كأنه صلى الله عليه وسلم سمع شخصًا يكررها تكرار من يقرأ ثلث القرآن فخرج الجواب على هذا وفيه بعد عن ظاهر الحديث وسائر طرق الحديث ترده.
وقيل لأن القرآن يشتمل على قصص وشرائع وصفات وسورة الإخلاص كلها صفات فكانت ثلثا بهذا الاعتبار.
وقال الغزالي في الجواهر: معارف القرآن المهمة ثلاثة: معرفة التوحيد والصراط المستقيم والآخرة وهي مشتملة على الأول فكانت ثلثًا.
وقال أيضًا فيما نقله عنه الرازي: القرآن يشتمل على البراهين القاطعة على وجود الله تعالى ووحدانيته وصفاته: إما صفات الحقيقة وإما صفات الفعل وإما صفات الحكم فهذه أمور ثلاثة وهذه السورة تشتمل على صفات الحقيقة فهي ثلث.
وقال الخويبي: المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة التي بها يصح الإسلام ويحصل الإيمان وهي معرفة الله والاعتراف بصدق رسوله واعتقاده القيام بين يدي الله تعالى فإن من عرف أن الله واحد وأن النبي صادق وأن الدين واقع صار مؤمنًا حقًا ومن أنكر شيئًا منها كفر قطعًا وهذه السورة تفيد الأصل الأول فهي ثلث القرآن من هذا الوجه.
وقال غيره: القرآن قسمان: خبر وإنشاء.
والخبر قسمان وخبر عن المخلوق فهي ثلاثة أثلاف.
وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث.
وقيل تعدل في الثواب وهوالذي يشهد له ظاهر الحديث والأحاديث الواردة في سورة الزلزلة والنصر والكافرون لكن ضعف ابن عقيل ذلك وقال: لا يجوز أن يكون المعنى فله ثلث القرآن لقوله من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات وقال ابن عبد البر: السكوت في هذه المسئلة: أفضل من الكلام فيها وأسلم ثم أسند إلى إسحاق بن منصور قلت لأحمد بن حنبل قوله صلى الله عليه وسلم قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ما وجهه فلم يقم لي فيها على أمر.
وقال لي إسحاق بن راهويه: معناه أن الله لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه أيضًا فضلًا في الثواب لمن قرأه تحريضًا على تعليمه لا أن من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات كان كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم ولوقرأها مائتي مرة.
وقال بن عبد البر: فهذان إمامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسئلة.
وقال ابن الميلق في حديث: إن الزلزلة نصف القرآن لأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة كلها إجمالًا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وتحديث الأخبار.
وأما تسميتها في الحديث الآخر ربعًا فلأن الإيمان بالبعث ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر فاقتضى هذا الحديث أن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان الكامل الذي دعا إليه القرآن.
وقال أيضًا في سر كون ألهاكم تعدل ألف آية: إن القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية وكسر فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرآن فإنها فيما ذكره الغزالي ستة: ثلاث مهمة وثلاث متمة وتقدمت وأحدها معرفة الآخرة المشتمل عليه السورة والتعبير عن هذا المعنى بألف آية أفخم وأجل وأضخم من التعبير بالسدس.
وقال أيضًا في سر كون سورة الكافرون ربعًا وسورة الإخلاص ثلثًا مع أن كلًا منهما يسمى الإخلاص: إن سورة الإخلاص اشتملت من صفات الله على ما لم تشتمل عليه الكافرون وأيضًا فالتوحيد إثبات إلهية المعبود وتقديسه ونفي إلهية ما سواه وقد صرحت الإخلاص بالإثبات والتقديس ولوحت إلى نفي عبادة غيره: والكافرون صرحت بالنفي ولوحت بالإثبات والتقديس فكان بين الرتبتين من التصريحين والتلوحين ما بين الثلث والربع أه.
تذنيب ذكر كثيرون في أثر أن اله جمع علوم الأولين والآخرين في الكتب الأربعة وعلومها في القرآن وعلومه في الفاتحة فزادوا: وعلوم الفاتحة في البسملة وعلوم البسملة في بائها ووجه بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب وهذه الباء باء الإلصاق فهي تلصق العبد بجناب الرب وذلك كمال المقصود ذكره الإمام الرازي وابن النقيب في تفسيرهما.
الإتقان في علوم القرآن النوع الثالث والسبعون في أفضل القرآن وفضائله للامام السيوطي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:26 م]ـ
يعطيك العافية أخوي أبو العزايم وماقصرت ومشكور على هذه المعلومات
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Mar 2006, 01:02 ص]ـ
انظر كذلك هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=978
ـ[ابو العزايم عبد الحميد]ــــــــ[07 Mar 2006, 04:17 م]ـ
اخوتي الأحباب أعضاء ملتقانا المبارك أولا إني احبكم في الله ثانيا أحببت أن انقل كلام الإمام السيوطي حتى أضع بين أيد ينا أقوال أهل العلم في هذا الموضوع حتى يكون نقاشنا في هذا الموضوع قائما علي أساس صحيح من العلم وفي رأيي انه حد ث خلط قديم بين العلماء عند تناولهم لهذا الموضوع بين الفرق بين الآية والآية باعتبارها كلام الله وبين موضوع كلا الآيتين فلاشك أن الموضوعين يتفاضلين وبهذا الوجه يمكن القول بالتفاضل وهذا ما عناه الإمام عز الدين بن عبد السلام بقوله كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب. وينبغى أن نفهم وجه التفاضل من هذا النحو ويمكن أن نفهم عدم التفاضل إذا نظرنا إلى جهة الكلام فقل هو الله أحد في بابها ابلغ آية أي في التوحيد وتبت يدا أبي لهب ابلغ آية في ذم عدو الله يقول الخويبي: كلام الله أبلغ من كلام المخلوقين. وهل يجوز أن يقال بعض كلامه أبلغ من بعض الكلام جوزه قوم لقصور نظرهم وينبغي أن تعلم أن معنى قول القائل هذا الكلام أبلغ من هذا: أن هذا في موضعه له حسن ولطف وذاك في موضعه له حسن ولطف وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه.
فإن من قال: إن قل هو الله أحد أبلغ من تبت يدا أبي لهب يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر وذلك غير صحيح بل ينبغي أن يقال تبت يدا أبي لهب دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه وكذلك في قل هو الله أحد لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها فالعالم إذا نظر إلى تبت يدا أبي لهب في باب الدعاء بالخسران ونظر إلى قل هو الله أحد في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر أه.
أقول إن الرأي القائل بان هناك بعض الآيات افضل من بعض فضلا عن افتقاره للأدلة فانه قد اثر سلبا في سياستنا نحو القران وجعلنا القران قراطيس نعتني ببعضها ونهمل الكثير وكثيرة هي الظواهر السلبية نتيجة هذا الرأي فآيات معينة هي التي تقرا في الصلاة والقران يتوزع فتطبع سورة يس منفردة والكهف منفردة وهكذا واصبح من الشائع أن تري تلك الأجزاء المتفرقة بأيدي الشباب واذكر أني تقدمت يوما للصلاة فقرات ولكم نصف ما ترك ازواجكم فلامني أحدهم قائلا مش تقرا آيات الرقائق افضل وكأني أقرا من القانون المدني وليس من القران ولقد كان من آثار هذه السياسة غير الرشيدة في التعامل مع القران أننا حرمنا أنفسنا وغيرنا من نعم كثيرة طالما تذوقها الذين عاشوا وتدبروا القران بطريقة صحيحةفالايةلها معنى وهى في موضعها من سورتها لها معنى وهى في موضعها من القران لها معنى وهكذا ولقد حرم هؤلاء أنفسهم من ثمرات علم المناسبة سواء بين السور أو الايات وهو موصوع آخر سنتحدث عنه ونطلب من الاخوة المشاركة
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 Mar 2006, 02:32 ص]ـ
بسم الله
بسم الله
السلام عليكم
وقد ذهب شيخ الإسلام، رحمه الله، إلى أن للكلام جهتان:
جهة المتكلم به، وهو الله، عز وجل، فلا يتفاضل من هذه الجهة لأن الكل كلام الله عز وجل.
وجهة المتكلم فيه، وهو من هذه الجهة متفاضل، فآيات الأسماء والصفات، على سبيل المثال، أفضل من هذه الجهة، من آيات الوعيد، والله أعلم(/)
عندي سؤال ومحتاج الاجابة بسرعة
ـ[* جنان *]ــــــــ[05 Mar 2006, 07:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هذي أول مرة أشارك بهذا المنتدى عندي سؤال ................
س _ إستدل بعض العلماء على صحة خلافة ابي بكر الصديق في آية من سورة الفاتحة فمن أين أخذ ذالك؟
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[الكشاف]ــــــــ[05 Mar 2006, 08:47 م]ـ
بحثت لك في الموسوعة الشاملة وغيرها، وفي بعض المصادر التي هي مظنة الجواب فلم أجد شيئاً. فهل تعرف قائل هذا القول من العلماء لعله يقرب الجواب؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:04 م]ـ
ذكر ذلك الشنقيطي رحمه الله تحت قوله تعالى " صراط الذين أنعمت عليهم " قال " تنبيهان:
الأول: يؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأنه داخل فيمن أمرنا الله في السبع المثاني والقرآن العظيم بأن نسأله أن يهدينا صراطهم فدل ذلك على أن صراطهم هو الصراط المستقيم. وذلك في قوله " اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم " وقد بين الذين أنعم عليهم فعد منهم الصديقين. وقد بين صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر رضي الله عنه من الصديقين، فاتضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية إلى صراطهم، فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الصراط المستقيم، وأن إمامته حق " أضواء البيان 1/ 34
وفقكم الله
ـ[روضة]ــــــــ[05 Mar 2006, 09:15 م]ـ
أليس في كلام الشيخ الشنقيطي ـ مع الإجلال له ـ تكلف وإخراج للآية عن ظاهرها؟
أليس باقي الصحابة من الذين أنعم الله عليهم، مثل سيدنا علي كرم الله وجهه؟
ألم يبقَ هناك أدلة على صحة إمامة سيدنا أبي بكر إلا هذه الطريقة في الاستدلال؟
ـ[الكشاف]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:06 م]ـ
شكراً يا أبا صفوت.
لقد وقعت أنا في وهم سبب لي الخطأ، فقد ظننت السؤال عن مدة خلافة أبي بكر لا عن صحتها.
شكراً جزيلاً لك على هذه الفائدة.
الدكتورة روضة: هذا دليل استنباطي يضم إلى غيره، كعادة الشنقيطي وغيره في محاولة استقصاء دلالات الألفاظ في الآيات القرآنية، لا أنه هو الدليل الوحيد، وهذا لا يخفى عليكم قطعاً.
ـ[روضة]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:35 م]ـ
أخي الكشاف،
جزاك الله خيراً، ولكن عندي ملاحظة كنت أود التنبيه عليها من قبل، ولكني نسيت، وهي: قولك "دكتورة"،
إذا كان هذا اللقب على اعتبار ما سيكون، فأرجو أن يكون ويتحقق بتيسير الله تعالى.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:36 م]ـ
هو لم يصرح بكون الآية دليلا على صحة إمامة أبي بكر بل قال يؤخذ منها
وباب الاستنباط واسع بخلاف التفسير، فالمستنبط لا ينفي المعنى الأصلي للنص
وفقكم الله ونفع بكم
ـ[* جنان *]ــــــــ[06 Mar 2006, 07:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخواني على تفاعلكم الله يعطيكم العافية(/)
انا جديد بينكم فألتمس اجابتكم
ـ[سيف العدل]ــــــــ[05 Mar 2006, 10:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية والسلام
عندي سؤال واريد الاجابة علية بإسرع مايمكن؟
هل آيات القرآن الكريم تتفاضل على بعضها مع الشرح والتفصيل ان امكن؟
والشكر لكم مقدما
أخوكم سيف العدل
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[05 Mar 2006, 11:29 م]ـ
السؤال سبق وأن طرح وتجد الإجابة عنه هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4821)(/)
سؤال حول الآية رقم 73 من سورة المائدة؟
ـ[البنهاوي]ــــــــ[06 Mar 2006, 08:19 م]ـ
السلام عليكم
يقول الله تعالى في سورة المائدة، الآية (73): {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. و ما من إله إلا إله واحد، و إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم."
السؤال: لماذا قال الله تعالى: {ليمسنَّ الذين كفروا منهم}؟ مع أَنَّ {هم} تعود هنا على من وصفهم تعالى بالكفر بدءاً: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}.
يعني لماذا لم تأت الآية مثلا هكذا: ليمسنهم عذاب أليم .. ؟
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Mar 2006, 09:56 م]ـ
قال ابو جعفر الطبري:
"فإن قال قائل: وإن كان الأمر على ما وصفت، فعلى مَنْ عادت"الهاء والميم" اللتان في قوله:"منهم"؟
قيل: على بني إسرائيل. تأويل الكلام، إذْ كان الأمر على ما وصفنا: وإن لم ينته هؤلاء الإسرائيليون عما يقولون في الله من عظيم القول، ليمسنَّ الذين يقولون منهم:"إن المسيح هو الله"، والذين يقولون:"إن الله ثالث ثلاثة"، وكل كافر سلك سبيلهم عذابٌ أليم، بكفرهم بالله"10\ 482 تفسير ابن جرير (الشاملة 2)
قال ابن عاشور:"والمراد ب {الّذين كفروا} عينُ المراد ب {الّذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة} فعُدل عن التّعبير عنهم بضميرهم إلى الصّلة المقرّرة لمعنى كفرهم المذكور آنفاً بقوله: {لقد كفر الّذين قالوا} إلخ، لقصد تكرير تسجيل كفرهم وليكون اسم الموصول مومئاً إلى سبب الحكم المخبر به عنه. وعلى هذا يكون قوله {مِنْهم} بياناً للّذين كفروا قصد منه الاحتراس عن أن يتوهّم السامع أنّ هذا وعيد لكفّار آخرين."4\ 206 التحرير والنوير (الشاملة 2)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[06 Mar 2006, 10:00 م]ـ
- قال ابن عاشور في تفسيره:
" المراد بـ " الذين كفروا " عينُ المراد بـ " الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة " فعُدل عن التّعبير عنهم بضميرهم إلى الصّلة المقرّرة لمعنى كفرهم المذكور آنفاً بقوله: " لقد كفر الّذين قالوا " الخ؛ لقصد تكرير تسجيل كفرهم وليكون اسم الموصول مومئاً إلى سبب الحكم المخبر به عنه. وعلى هذا يكون قوله " مِنْهم " بياناً للذين كفروا قصد منه الاحتراس عن أن يتوهّم السامع أنّ هذا وعيد لكفّار آخرين.
- مؤيداً ما قاله الزمخشري:
" فإن قلت: فهلا قيل: ليمسنهم عَذَابٌ أَلِيمٌ. قلت: في إقامة الظاهر مقام المضمر فائدة وهي تكرير الشهادة عليهم بالكفر ".
- ويرى البقاعي أن:
" " الذين كفروا ": أي داموا على الكفر، وبشر سبحانه بأنه يتوب على بعضهم بقوله: " منهم عذاب أليم " ".
- وفصَّل أبو الليث السمرقندي ما أشار إليه البقاعي فقال:
" ثم أوعدهم الوعيد إن لم يتوبوا فقال: " وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ " يعني: إن لم يتوبوا، ولم يرجعوا عن مقالتهم، " لَيَمَسَّنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ " فهذا لام القسم، فكأنه أقسم بأنه ليصيبهم " عَذَابٌ أَلِيمٌ " يعني: إن أقاموا على كفرهم.
ثم دعاهم إلى التوبة فقال: " أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله " من النصرانية، " وَيَسْتَغْفِرُونَهُ " عن مقالتهم الشرك، فإن فعلوا فإنَّ " والله غَفُورٌ " للذنوب " رَّحِيمٌ " بقبول التوبة، ويقال: قوله: " أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ " لفظه لفظ الاستفهام والمراد به الأمر فكأنه قال: توبوا إلى الله، وكذلك كل ما يشبه هذا في القرآن، مثل قوله: " أتصبرون " يعني: اصبروا ".
وجمع أبو السعود بين الرأيين خير جمع فقال:
" وإنما وُضع موضعَ ضميرِهم الموصولُ لتكرير الشهادة عليهم بالكفر (فمن)، في قوله تعالى: " مِنْهُمْ " بيانية، أي ليمسن الذين بقُوا منهم على ما كانوا عليه من الكفر فمن تبعيضية.
وإنما جيء بالفعل المنبىء عن الحدوث؛ تنبيهاً على أن الاستمرار عليه بعد ورود ما ينحى عليه بالقلع عن نص عيسى عليه السلام وغيره كفرٌ جديد وغلوٌّ زائد على ما كانوا عليه من أصل الكفر " عَذَابٌ أَلِيمٌ " أي نوع شديد الألم من العذاب ".
فالرأيان رأي واحد إن تأملت ..
رحم الله علماءنا الكرام، وجمعنا بهم في دار الخلد!
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Mar 2006, 10:10 م]ـ
أخي عبد الرحيم تفسير الكشاف هو من القول الاول (اقص مثل كلام ابن جرير) لانه قال:" و (من) في قوله: {لَيَمَسَّنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ} للبيان كالتي في قوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان} [الحج: 30] فإن قلت: فهلا قيل: ليمسنهم عَذَابٌ أَلِيمٌ. قلت: في إقامة الظاهر مقام المضمر فائدة وهي تكرير الشهادة عليهم بالكفر في قوله: {لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ} وفي البيان فائدة أخرى وهي الإعلام في تفسير (الذين كفروا منهم) أنهم بمكان من الكفر. والمعنى: ليمسنّ الذين كفروا من النصارى خاصة {عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي نوع شديد الألم من العذاب كما تقول: أعطني عشرين من الثياب، تريد من الثياب خاصة لا من غيرها من الأجناس التي يجوز أن يتناولها عشرون. ويجوز أن تكون للتبعيض، على معنى: ليمسنّ الذين بقوا على الكفر منهم، لأنّ كثيراً منهم تابوا من النصرانية"الكشاف 2\ 52 (الشاملة2)
وبالنسبة لتأكيد الكفر فهو متفق عليه بينهما كما أخبرت في مداخلتك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[البنهاوي]ــــــــ[06 Mar 2006, 11:47 م]ـ
جزاك الله خيرا و نفع بكم جميعا.
و عندي بعض أسئلة في نفس الموضوع للتوضيح و اطمئنان القلب ...
1 - ممكن مثال عن التكرار للتأكيد في مواضع أخرى في القرآن ... فهو شيئ جديد علي ... و هل هو مثل قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا ... "
2 - هل يفهم أن قول "الذين كفروا" هو لمن كفر بعدم الانتهاء عن القول بالثالوث بعد أن أقيمت عليه الحجة، و هو زيادة على الكفر بادعاء الثالوث؟
3 - ما حكم النصارى الذين كانوا قبل النبي صلى الله عليه و سلم، لكن ادعوا ما ادعوا على الله و المسيح، و هل يكون فرق بين الجاهل منهم و العالم؟
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[07 Mar 2006, 12:43 ص]ـ
ليس المراد بقوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ) عينُ المراد بقوله تعالى: (الَّذينَ قَالُواْ إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)، ولم يكن في الآية الكريمة عدول عن التّعبير عنهم بضميرهم إلى الصّلة؛ لأن (الّذينَ قَالُواْ إنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ) قد تاب كثير منهم، ورجع عن اعتقاده بأن الله سبحانه ثالث ثلاثة، وبقي منهم من ثبت على هذا الاعتقاد، وأقام على هذا الدين، يردد تلك المقالة الفاسدة. وهؤلاء الذين ثبتوا على هذا الاعتقاد، وأقاموا عليه هم الذين عناهم الله تعالى بقوله: (الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ)، وهؤلاء بعض من كل، ومن في قوله: (مِنْهُمْ) للتبعيض، لا للبيان .. والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[07 Mar 2006, 02:12 م]ـ
النصارى فِرَق وطوائف، وسبق أن بيَّنتُ أن القرآن الكريم حين ردَّ على النصارى ردَّ عليهم بطوائفهم كافة، جمعَ فيه بين الإيجاز (البلاغة) والشمول (استغراقهم جميعاً).
ولو ترك نصراني القول بـ " التثليث " ودخل فيما يسمى طائفة النصارى الموحدين، فهو ما زال " من الذين كفروا "؛ لأنه لم يؤمن بما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وكذا النصراني الذي ترك التثليث إلى العلمانية القريبة من الإلحاد، فقد ترك كفراً إلى كفرٍ آخر.
وسبقتهم فرق النصارى التي كانت أقرب إلى التوحيد وأبعد عن التثليث ـ وهي تنقسم إلى فرق أيضاً ـ كالأريسيين والنسطوريين .. الخ ولكنهم كلهم داخلون في " الذين كفروا منهم " .. خالدون مخلدون في النار.
إذاً: ليس شرط الإيمان ترك التثليث فقط .. بل اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى في سورة الأعراف: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) ".
ومن هنا يتبين كيف أن معنى " مِن " في الآية الكريمة يدور بين البيان والتبعيض، في نظم قرآني بديع، شمل النصارى بشتى فرقهم .. فلا يشاغِبُ مشاغِبٌ منهم بأن الآية الكريمة لم تتناوله!
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[07 Mar 2006, 03:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حكى الفخر الرازي عن الزجاج قوله في تفسير الآية (وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، قال: معناه: ليمسن الذين أقاموا على هذا الدين؛ لأن كثيرًا منهم تابوا عن النصرانية).
وقال أبو حيان في البحر المحيط: (ومن في مِنْهُمْ للتبعيض، أي كائناً منهم، والربط حاصل بالضمير، فكأنه قيل: كافرهم وليسوا كلهم بقوا على الكفر، بل قد تاب كثير منهم من النصرانية .. ومن أثبت أنّ (مِن) تكون لبيان الجنس، أجاز ذلك هنا).
فما رأيك يا شيخ عبد الرحيم؟؟؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[07 Mar 2006, 03:49 م]ـ
هنيئاً لنا بعودتكم أخي الحبيب
السادة العلماء على العين والرأس، وكيف لأمثالي أن يُعقِّبَ على قولهم!!
وجزاك الله خيراً(/)
جلاء الأبصار في مناقشة رأي الدكتور الطيار (في التفسير الموضوعي)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
جرت العادة في الناس أن يختلفوا، فلكل منهم مشربه، ولكل منه نمط تفكير يختلف عن الآخر، فإن كان الإختلاف ذلك لأجل الحق فأنعم به من إختلاف، لأنه لا يؤدي إلى خلاف، والحكمة ضالة المؤمن، والحوار العقلي مفيد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ولقد كانت العلوم الحديثة أكثر تعرضاً للاختلاف من القديمة، ومن هذه العلوم الحديثة مصطلحاً القديمة عملاً "علم التفسير الموضوعي".
ولقد درسنا على يد شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به هذه المادة ضمن مقرر كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، وعدنا معه حفظه الله ليدرسها إيانا في قسم الدراسات العليا بشكل أوسع وأشمل.
وبينما كان زميلي في الدراسة الأخ نايف قرموط يبحث في هذه المادة إذ وجد رأياً للدكتور مساعد الطيار حفظه الله ونفع به يناقش فيه التفسير الموضوعي من جهة التسمية والأغراض وغيرها، في موضوعه التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=566).
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي
ولا أزعم أنني أعلم من الدكتور مساعد الطيار، فلقد تبين لي أنه متمكن في ميدان علوم القرآن بشكل خاص، وذلك رأيي فيه مما طالعت له من رسائل وكتب، ولكننا تلامذة الشيخ عبد الكريم الدهشان قد أجمعنا رأياً يخالف رأيه، ولذلك عزمت أن أناقش الرأي لا الشخص وهذا ما تعودت عليه دوما وكان هذا البحث ولكل مجتهد نصيب.
فعزمت النية وتوكلت على الله جل جلاله، وأسأله تعالى أن يوفقني لخير القول والعمل، وأن يغفر لي الزلل، إنه ولي ذلك وهو خير من سُئل.
وما توفيقي إلا بالله
الباحث
عدنان أحمد البحيصي
الطالب في قسم الدراسات العليا
قسم التفسير وعلوم القرآن
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:28 ص]ـ
نشأة التفسير الموضوعي
في البداية ينبغي لي قبل البدء في الرد على رأي الأخ الدكتور مساعد الطيار ومناقشته أن أدلل أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.
نعم لم يظهر مصطلح " التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري إلا أن لبنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله ? (1)
وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه، ولكن العلماء والباحثين المعاصرين أقبلوا عليه يدرسونه ويقصدونه ويتحدثون عن قواعده وأسسه وكيفيته.
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة 150هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة 224هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا (2)
وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الك ريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات (3)
[ line]
(1) مصطفى مسلم مباحث في التفسير الموضوعي، دار القلم ص17
(2) مصطفى مسلم، مباحث في التفسير الموضوعي، دار القلم، دمشق، ص20.
(3) المرجع السابق، ص22.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:29 ص]ـ
المناقشة
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار "فلقد كثر القول من بعض المعاصرين في التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القديم، ورأوا أن عصر التفسير التحليلي_كما يسمونه_ قد أنتهى، وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حل المشكلات والإجابة عن المعضلات وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر وهذا ضرب من القول لا براهن له، بل هذا اللون من عرض الآيات والاستنباط منها مما يستفاد منه في المحاضرات والكلمات والتفسير على الأسلوب المعهود باق ولا يمكن إزالته والبعد عنه.
ولا أدري لماذا يذهب من يصل إلى فكرة جديدة إلى نقد السابق أو نقضه لكي يُثبِت حُسْنَ ما عنده؟!
لماذا لا يكون المجدِّدُ في مثل هذه العلوم بانيًا لا هادمًا، ويكون ذاكرًا لما فعله سلفه، مستوعبًا لما قدَّموه مستفيدًا مما طرحوه، ولا يكون ممن يرى إمكانية ترك السابق والإتيان بما لا يمتُّ لهم بصلةٍ؟ "
أقول: بل إنه لا يمكن الإستغناء عن التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القدم عوضاً عن إزالته والبعد عنه، فلا يفهم أبداً من أنصار طريقة التفسير الموضوعي أنهم يسعون إلى إنكار الآخر، بل إنهم يؤكدون على أهمية التفسير التحليلي والاغتراف منه قبل شروع أي باحث أو مفسر في الكتابة بطريقة التفسير الموضوعي، كما أكد لنا شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله في أكثر من مرة وقبل أن يصل رأيك إلينا، فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ألست معي في أن مجال العلم بالتفسير يسع المدارس الكثيرة المتعددة؟ فلم لا يسع هذا المجال الطريقة الموضوعية في التفسير؟؟ "
وانظر أخي حفظك الله إلى العلاقة بين التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير يتضح لك جلياً أن العلاقة علاقة تكامل لا علاقة تصادم.
(فإن التفسير مطلقاً_بصرف النظر عن مناهجه الأربعة_ غايته وهدفه واحد وهو البحث في كلام الله عز وجل والتنقيب عن معاني الوحي القرآني وبالتالي لا يمكن عملياً الفصل الحرفي والدقيق بين مناهج المفسرين أثناء عمليات الكشف عن مراد الله تعالى، فالإختلاف لا يصل إلى حد التباين والإنفصال والتضاد بل هو إختلاف تنوع وتعاضد) (1)
وحتى تتضح الصورة لديك أكثر أسمح لي أن استعرض لك ما يستفيده التفسير الموضوعي من باقي أنواع التفاسير:
(فمثلاً: يستفيد من المنهج التحليلي بأن خلاصة المعاني التحليلية تشكل مادة علمية تستعمل لتصوير معنى كلي وموضوعي
والتفسير الأجمالي هو قريب الصلة بالموضوعي من حيث أن التفسير الإجمالي بتعامل مع الأهداف والمفاهيم القرآنية الكلية، وهذت هو العمل التفسيري يملأ جزءاً لا بأس به في عمل التفسير الموضوعي وذلك في مرحلة الصياغة لمعاني النص القرآني من عناصر الموضوع الكلية.
والتفسير المقارن يغذي الباحث في التفسير الموضوعي ويعطيه لفتات هامة قيمة، سواء كانت لفتات منهجية أو علمية في مجال اللغة أو البلاغة أو موضوعات قرآنية آخرى ويستطيع الباحث من خلال هذه المقارنة أن يستفيد أقرب المعاني وأصحها لخدمة التفسير الموضوعي (2)
فلا أرى أن أنصار التفسير الموضوعي يحاولون أن ينقضوا القديم أبداً بل إنهم يفيدون منه جداً.
[ line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي د. عبد الكريم الدهشان و د. عبد السلام اللوح ص 8 الطبعة الأولى 2003م
(2) نفس المرجع السابق ص 8_9
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:29 ص]ـ
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:" لماذا يعرض بعض الباحثين فكرته التي وصل إليها بالتضخيم، والتعميم، وبدعوى أن سلوكها هو الذي ينفع الأمة الآن، وهو المنقذ لها من مشكلاتها وهمومها.
إن هذه النظرة التي قد تصدر من بعض الباحثين من غير قصد يجب التنبيه عليها، وتصحيحها، كما يجب أن يُعلم أن تصحيحها والاستدراك عليها لا يعني التشنيع على أصحابها وإخراجهم من دائرة البحث العلمي، لكن الأمر يرجع إلى نقطتين:
الأول: انفعالات لا يمكن أن ينفكَّ عنها الناقد حينما يرى مثل هذه الأخطاء التي صارت تسري، ولا يرى من يقاومها، وهذه الانفعالات ردَّةُ فعلٍ على ما يقع من تلك الأخطاء، وكل ذلك راجع إلى الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الإنسان.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أنَّ هذه الدعاوى كبيرة، وهي تُلزِم غيرها ـ فضلاً عن نفس طارحها ـ ما لا يلزم، بل قد تقام من أجل ذلك الندوات والمحاضرات، وتكتب الكتب والمقالات، وهي لا تستحقُّ هذا الزخم الهائل، ولو وُضِعت في مقامها لكان أولى.
ومن العجيب أنَّ بعض الأفكار المهمة، لا تلقى مثل هذا الاهتمام، وذلك من سرِّ من قدر الله الذي يقف المسلم بالتسليم.
إن التوازن والاعتدال في الطرح، وفي وضع الموضوعات في مواضعها مما يحسن أن نتناصح فيه، وأن لا يبخل بعضنا على بعض في ذلك؛ لأن من طبيعة البشر أنها إذا اتجهت إلى موضوع لا ترى غيره، وقد يراه غيرك، ويكون أولى مما أنت فيه، وهكذا.
التفسير الموضوعي نموذجًا
رأيت بعض الباحثين يرى أن دراسة القرآن على أسلوب التفسير الموضوعي ضرورة لازمة، ويقول ـ بعد ذكره لطريقة المفسرين السابقين ـ: (ولما كان ذلك كذلك كان السعي إلى منهج أشمل مطلوبًا، وأبلغ حجة، وأبين طريقًا؛ منهج يقضي بالتوقف عن عملية التجزئة في تفسير آيات هذا الكتاب، والاتجاه به اتجاهًا موضوعيًا ضرورة لازمة).
وقال في موطن آخر: ( ... غاية الأمر أنني أدعو إلى التوقف عن التعامل التجزيئي مع القرآن الكريم، والاتجاه إلى تفسير القرآن تفسيرًا موضوعيًا.
إنني أهدف إلى بيان أن التفسير الموضوعي للقرآن هو الأليق والأنسب والأولى بالاتباع في هذا العصر سواء في ذلك التفسير الذي يعالج وحدة الموضوع في القرآن، أو ذلك الذي يعالج وحدة الموضوع في السورة، وهو الأنسب للتدريس في المؤسسات والمعاهد العلمية ... )
ويقول: (وحينما نقول: إن التفسير الموضوعي يجلي الحقائق القرآنية، ونعلم أن هذه الحقائق هي التي تهيئ فكر المسلم وقلبه للصلاح ندرك حينئذ أهمية التفسير الموضوعي ودوره في إحداث الوثبة الحضارية ... ).
ويقول آخر: ( ... لذا لا يمكن أن نجابه مشاكل العصر ومعطيات الحضارة إلا بأسلوب الدراسات الموضوعية للقرآن الكريم، أو بأسلوب التفسير الموضوعي).
وهذه المقولات من هؤلاء الفضلاء فيها تزيُّدٌ ظاهر، ودعوى عريضة تحتاج إلى برهان قوي، وحجة واضحة، ولو قيل: إن التفسير الموضوعي يمثل لبنة من لبنات معالجة شيء من القضايا والمشكلات بطريقة القرآن لكان أقرب، لكن أن يكون هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل، والأولى، فذلك دونه خرط القتاد."
أقول: فهل تجعل أخي فعل البعض حجة على الكل، ولعلك تلاحظ أخي الكريم أن ما حدث في العالم الإسلامي من خلاف كبير بسبب عدم وجود النظرة الشمولية للإسلام، فترى من الناس من يأخذ المتشابه ليؤيد مذهبه المخالف، وهذا الذي يدفع البعض إلى
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:30 ص]ـ
المناداة بالتفسير الموضوعي الشامل لآيات القرآن الكريم، وأنت تعلم أخي الكريم أن القرآن يُعمل به جملة لا أجزاءاً، وفي اعتقادنا أنه لو عمل به على الوجه الصحيح لأنصلح حال الأمة كلها، وفي رأيي أن القرآن كما هو كتاب هداية هو كتاب إصلاح.
ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم، حتى لا ندع للمشككين ودعاة البدع الإنتصار لبدعهم بأدلة جزئية مقتطعة من الأدلة الكلية، وإنما بجب أن ترد آيات الله لبعضها البعض حتى يفهم مراده الله منها.
ولعلك تقول: ما دليلك؟ فأجيبك:دليلي في ذلك فعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "عندما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} (1) فشق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ فقال إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إن الشرك لظلم عظيم} (2) إنما هو الشرك (3) "
ونستفيد من هذا الحديث الصحيح فوائد منها:
1. أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من استخدم التفسير الموضوعي حيث رد ما أشكل على الناس فهمه إلى ما ليس فيه إشكال، ففسر القرآن بالقرآن بنظرة شمولية لمعنى الظلم في القرآن، وهذا لون من ألوان التفسير الموضوعي.
2. أن التفسير الموضوعي أصيل في ديننا وليس مبتدع ولا محدثـ، وأنه من ناحية العمل به من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما اعتراضك أخي الكريم على كتابة الكتابات وعقد الندوات و إلقاء المحاضرات في موضوع التفسير الموضوعي فأرى أنه اعتراض في غير محله، وزعمك أن هنالك مواضيعاً أهم من ذلك، فمن رأيي أنه لا أهم من كلام الله، ولا أهم من بيان مراد الله من كلامه، والتفسير الموضوعي وغيره من أنواع التفاسير يبحث في كلام الله جل جلاله.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار: " ملحوظات على التفسير الموضوعي
أولاً: إن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات، وليس من التفسير الذي هو بيان معني القرآن.
وبتأمُّلِ هذه الإضافة يظهر أن أمامك تفسير جديد، أي بيان معانٍ جديدة للقرآن من طريق موضوعاته.
لكن حينما تكشف عن ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي ستجدُ أنها ترجِع إلى فوائد واستنباطات، وليس فيها بيان معني جديدة لآيات القرآن، وعلى هذا فنسبتها للتفسير غير دقيقة. بل الصحيح أنها (موضوعات قرآنية)، وهذا العنوان أدق من تسمية هذا اللون بالتفسير الموضوعي.
وما ذكرته لك هنا أرجو أن لا تتعجَّل بردِّه قبل أن تحدِّدَ معنى التفسير، وأن تطَّلِع على الإضافة التي أضافها من كتب في موضوع من الموضوعات باسم التفسير الموضوعي، ولك أن تتأمل إضافته، هل هي من باب التفسير، أو من باب الفوائد والاستنباطات؟
وحقيقة التفسير الموضوعي كما يأتي:
1 ـ جمع متفرق من الآيات التي تتحدث عن موضوعٍ أو لفظة أو جملة [يخرج عن هذا دراسة موضوع من خلال سورة]
2 ـ دراسة هذا المجموع بعد تبويبه
3 ـ استنتاج الفوائد، واستخلاص الهدايات والعِبَر من هذا المجموع.
[ line]
(1) سورة الأنعام 82
(2) سورة لقمان13
(3) صحيح البخاري، كتاب التفسير6/ 20، وصحيح مسلم كتاب الإيمان 1/ 80
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:31 ص]ـ
ثانيًا: إن التفسير الموضوعي (بأنواعه الثلاثة) يُدرس من خلال القرآن، فهو بحث قرآني بحت، ولكن الملاحظ في دراسة الموضوع من خلال القرآن أن كثيرًا من الموضوعات لا يمكن بحثها من خلال القرآن فقط؛ لأنَّ صورة الموضوع لا تتمُّ بالنظر إلى القرآن فقط، بل لابدَّ من إضافة السنة وآثار السلف لبيان هذا الموضوع"
أقول: أما قولك أخي الكريم أن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات وليس من التفسير الذي هو بيان كلام الله ففيه تجن واضح على التفسير الموضوعي، ودعني أسألك أيها الكريم، هل ما يستنبطه المفسر بالمنهج الموضوعي إلا بما يفهمه من مراد الله تعالى؟ فإنه إن استنبط من غير فهم لكلام الله تعالى كان بذلك قد قال الله بغير علم، وها نحن نرى التفسير الفقهي، أليس هو استنباط للأحكام من آيات الله تعالى؟ أفلا يُعد تفسيراً؟
إن التفسير الموضوعي أيها الكريم لا يبتعد أبداً عن بيان مراد الله تعالى من كلامه، وإنما هو يغوص في تلك المعاني والكلمات بصورة إجمالية، ليستخلص منها نظرة كلية وموضوعية، إذن هو فهم عام لمعاني كلام الله تعالى وليس مجرد فوائد فقط.
والناظر لأي من كتب التفسير الموضوعي يظهر ذلك القول له جلياً واضحاً، ويتبين له أن التفسير الموضوعي هو نوع رابع وأصيل من أنواع التفسير.
ومن قال لك أخي الحبيب أن أي تفسير موضوعي يستغني عن السنة وأثار السلف؟
نعم هو يبحث في القرآن بشكل أساسي، لكنه لا يستغني ولا يمنع الإستفادة من السنة وأثار السلف.
ثم إن الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى وحيين هما "الكتاب والسنة "، ولا مانع من وجهة نظري أن يدعم المفسر قوله في كشف معاني كلام الله من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:" وعند تأمُّلِ بعض الموضوعات تجد أنها على ثلاثة أقسام:
الأول: قسم يمكن بحثه من خلال القرآن؛ لغزارة مادته، كإهلاك الأمم الكافرة من خلال القرآن.
الثاني: قسم لا يمكن بحثه من خلال القرآن لقلة مادته في القرآن؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الأسر وأحكامه، إذ الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن الأسير في القرآن قليل، وهو في السنة أكثر.
الثالث: قسم تكثر مادته في القرآن وفي السنة، ويكون في تخصيص دراسته في القرآن فقط قصور في تصوُّرِ الموضوع بشمولية، كموضوع العلم، وموضوع الجهاد، وغيرها كثير.
وقد يقول قائل: إن الغرض من دراسة الموضوع من خلال القرآن طرح طريقة القرآن فقط؟
فالجواب: ثُمَّ ماذا، أليس الباحث سيبني أحكامًا وفوائد؟
فإذا كان كذلك فلابدَّ أن يحتاج إلى مصادر أخرى في بحثه، ومن أهمها السنة النبوية، وإلا كان بحثًا ناقصًا بلا ريب."
أقول: أما عن الأقسام التي ذكرت، فنحن لا نزعم أصلاً أن كل الموضوعات يمكن دراستها من القرآن الكريم، بل و أنا اتفق معك أن بعض الموضوعات إذا تم دراستها من القرآن الكريم وحده كانت الدراسة قاصرة، وحينها أنا أؤيد أن تدعم الدراسة بالسنة، وإن كان ذلك الموضوع مما يكثر القول فيه من السنة فما المانع أن تكون الدراسة فيه دراسة حديثية؟
وإن كان مما يكثر القول فيه من السنة والكتاب فلما لا يكون دراسة مشتركة حديثية وقرآنية؟
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:32 ص]ـ
ولقد فعل ذلك شيخي الدكتور عبد الكريم الدهشان في كتابه "حقوق الإنسان في القرآن والسنة"، ولا شك أخي الكريم أن في الأمر سعة ويسر، فلا نمنع الإفادة من السنة لمن يفسر تفسيراً موضوعياً بحجة أن ذلك مخالف لأساسيات التفسير الموضوعي.
ولقد بين ذلك الأساتذة الكرام ذلك بقولهم (التقيد التام بصحيح المأثور في التفسير: عند عودة الباحث إلى الأحاديث وكلام الصحابة والتابعين بإعتباره شارحاً ومفسراً للقرآن) (1)
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار " ثالثًا: منْزلة السنة وأقوال السلف في التفسير الموضوعي:
لقد أثَّر عنوان هذا اللون، وهو التفسير الموضوعي على التعامل مع أهم مصدرين من مصادر التفسير، وإذا تأملت ما سطَّره منظرو التفسير الموضوعي، وجدتهم لا يمكن أن ينفكوا عن السنة أو آثار السلف، لكن ما مقامهما، وكيف بتعاملون معهما؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أما السنة، فقد جعلوها شارحة للقرآن، ولا يصحُّ أن يُنشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة.
وهذا التقييد من جهة الافتراض صحيح، لكنه سيُفقِد البحث في الموضوعات كثيرًا من الأمور المهمة بسبب الاقتصار على القرآن وحده، ولو رحتُ أضرب لك الأمثلة في ذلك لغدت كثيرةً لا حصر لها، ولأمثِّل لك بمثال واحدٍ يكون نبراسًا لغيره.
لو بحثت موضوع الصلاة، وقلت (الصلاة في القرآن) فإنك لا تستطيع أن تتحدَّث عن موضوع مهمٍّ في الصلاة، وهو زمن فرضية الصلوات الخمس ومكان ذلك الفرض؛ لأنك لا تجدُ في القرآن ما يشير إلى ذلك البتة. ومن ثَمَّ فأنك لو جعلت من عناصر بحثك:
(مكان فرض الصلاة) لكان خطأً عند أصحاب التفسير الموضوعي؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى هذا الموضوع، والعناوين لابدَّ أن تكون مستوحاة من الآيات لا من غيرها."
أقول: إذاً أخي لأعيد ما قلت سابقاً لنجعل ما لا يمكن دراسته دراسة كاملة من القرآن الكريم مشتركاً مع السنة، ولو أنك أخي أجلت النظر جيداً لعلمت أن أصحاب التفسير الموضوعي قد يستطيعون أن يبحثوا في الصلاة بعنوان آخر غير الذي ذكرت، مثلاً: "الصلاة ودلالاتها في القرآن الكريم" أو دوارنها في القرآن الكريم، فالقرآن لا يعجز أن يبحث في أي موضوع ولو في وجه واحد من وجوه وهذا من إعجازه، وأكرر قولي أن الأمر فيه سعة ويسر.
أما أنه لا يصح أن ينشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة، فهذا القول ليس بإطلاقه وإنما يتعلق بنوع الموضوع وكنهه، فمثلاً في موضوع الجهاد قد أكتب بحثاُ يكون عنوانه " أحاديث الجهاد وعلاقتها بآيات الجهاد" ألا أكون بذلك قد أثرت موضوعاً قرآنياً بعنصر من السنة؟.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:"ولقد ساق الاقتصار على دراسة الموضوع من خلال القرآن إلى خلل في التعبير يظهر من لوازمه أن الاعتماد على القرآن وحده يكفي في تصور موضوع من الموضوعات الإسلامية، يقول أحدهم: (إننا إذا أردنا أن نبني المجتمع المسلم، فيجب أن نقيمه على الأسس والأصول القرآنية. وأكثر الشعوب قد انحرفت ـ من حيث لا تدري ـ عن هذه الأسس والأصول في أكثر مجالات الحياة. ولن تتحقق لها السعادة إلا برجوعها إلى تلك الأسس والأصول التي بات الناس في غفلة عنها
[ line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي د. عبد السلام اللوح، د. عبد الكريم الدهشان ص73
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:32 ص]ـ
بقصد أو بغير قصد.
فلغياب كثير من أسس القرآن وأصوله عن فهم الناس وسلوكهم آثرنا أن يكون البحث في التفسير الموضوعي مقتصرًا على القرآن الكريم فحسب، فإنه الوسيلة الوحيدة التي تصحح المواقف والمفاهيم المتعلقة بالوجود ودور الإنسان فيه، وما يتصل بذلك من حقائق ومبادئ) انتهى.
إذا كان يستطيع أخذ هذه الأمور من القرآن مباشرة فأين دور السنة؟
وهل يعني قوله هذا الناس قد فهموا أسس وأصول السنة، فلم يحتاجوا إلى بين ذلك لهم، وبقي عليهم بيان أسس وأصول القرآن فقط؟! "
أقول: أما قول البعض أن الأمة يجب عليها أن تعلم أسس وأصول القرآن الكريم وترجع إليها فلا يعني ذلك أنها قد علمت أسس السنة ورجعت إليها، لكن الحقيقة أن من يعود إلى القرآن يفهم منه أنه ينبغي له أن يلتزم بسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، عندما يقرأوا آيات كهذه {أطيعوا الله ورسوله} و {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} و {ما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} وغيرها فإنها تلزمهم تباعاً بضرورة الرجوع إلى السنة والإقتباس من نورها.
وكلنا يعلم أن القرآن الكريم هو مصدر التشريع الأول، فلا غرابة أن تعود إليه الأمة أولاً وقبل كل شيء.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار: " ألا يمكن أن يرد على هذا الكلام: ما الفرق بين القرآنيين الذي لا يرون الأخذ بالسنة لاعتقادهم باكتفاء القرآن ببيان كل شيء؟
إنني أقول بكل ثقة: إن من سلك في دراسة بعض الموضوعات الإسلامية الكبيرة أسلوب التفسير الموضوعي قد ألزم نفسه بما لا يلزم، وادخلها في مضايق هو في غنى عنها، فلماذا هذا التجزئة لمتلازمين لا ينفكان: الكتاب والسنة؟!
أما أقوال السلف (الصحابة والتابعون وأتباع التابعين) عندهم فهي كالسنة من جهة عدم إضافة عنوان بسبب قول من أقوالهم.
لكن الموضوع الذي لم يبينه أحد ممن اطلعت على كلامه في التفسير الموضوعي هو: كيف سيفهم معنى الآيات؟ هل سيعتمد على مصادر التفسير المعروفة، أو سيجتهد اجتهادًا خاصًّا خارج إطار هذه المصادر؟
لقد جاء الحديث عن الإفادة من تفسير السلف عند أصحاب التفسير الموضوعي كلامًا مبهمًا مجملاً لا يدلُّ على الأسلوب الذي سيتعامل به هؤلاء مع أقوالهم التي لا يمكن لمفسِّر جاء بعدهم أن ينفك عنها البتة.
وقد جعلوا تفاسير السلف مادة للتوضيح لا يُستقى منها عناوين موضوعات في البحث، وهذا فيه انفكاك من أمر لا ينفك البتة، خصوصًا إذا كان البحث في دراسة (لفظة أو جملة من خلال القرآن)."
أقول: قلت لك في السابق وأعيد أن المفسرين الموضوعيين لم يدعوا أنهم يستغنون عن السنة،وأرد عليك قولك أنهم جزءوا بين متلازمين لا ينفكان الكتاب والسنة، لأنهم ما فعلوا ذلك حقيقة، بل إنهم يقرون بأهمية السنة في التفسير، ولا أعلم كاتباً في التفسير الموضوعي ينكر ضرورة الأخذ بتقييدات السنة وتخصيصاتها، فإن كان للسنة شرح ومقام وتقيد وتخصيص وشروط، فلا مانع من إيرادها ضمن ما يعرف بالتفسير الموضوعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:33 ص]ـ
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:"فمثلاً، لو كنت تبحث في موضوع (القنوت في القرآن)، وجعلت من عناوينك الرئيسة:
القنوت: الطاعة الدائمة
ثمَّ استدللت بقوله تعالى: ((كل له قانتون))، فإن السؤال الذي سيرد هنا: من أين استقيت عنوانك هذا؟
فالجواب: إما أن يكون من دلالة اللغة، وإما أن يكون من تفسير المفسرين، وكلا المصدرين عندهم لا يُبنى منه عنوان.
ففي مثل هذه الحال، هل يمكن الانفكاك من تفسير السلف؟!
أعود فأقول: إن طريقة التفسير الموضوعي هذه فيه إلزامٌ بما لا يلزم.
وهناك مسألة أخرى في تفسير السلف لم يبيِّنها أصحاب التفسير الموضوعي، وهي: كيف يتعامل مع اختلاف السلف في تفسير لفظة أو جملة من آية؟
هل سيُعرضُ عن الاختلاف ويختار ما يراه متوجِّهًا مع بحثه؟
هل سيناقش الاختلاف، ثمَّ يرجِّح ما يظهر له؟
وهل سيكون ترجيحه هذا موضوعيًا بحيث لا يكون للموضوع الذي اختاره تأثيرٌ على ترجيحه؟
وإذا كان الاختلاف من باب اختلاف التنوع الذي تحتمل الآية فيه الأقوال هل سيستدلُّ بها في مواضع متعدِّدة بحسب ما قيل في معناها من أقوال صحيحة؟
كل ذلك لم يُحرِّره أصحاب التفسير الموضوعي مع أنه لا يمكنهم أن ينفكَّوا عنه، وإنما اكتفوا من تفسير السلف بأن لا يضع عنوانًا مأخوذًا من تفسيرهم."
أقول: ومن قال أخي أننا دعاة إنسلاخ وإنفكاك من تفسير السلف؟، بل إننا نجعل عمدتنا قبل الشروع في التفسير الموضوعي زادنا من تفسير السلف، وقد أوضحت لك هذه النقطة في بياني لعلاقة التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير.
أما اختلاف السلف فإن أصحاب التفسير الموضوعي على ما أعلم يوردون منها الأرجح دون إطالة وإسهاب لأن إيراد الإختلاف ليس مقصد التفسير الموضوعي.
وأنصحك أخي الكريم أن تقرأ كتاب الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي "التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق" ففيه بإذن الله إجابات على تساؤلاتك وكذلك كتاب الدكتور عبد السلام اللوح والدكتور عبد الكريم الدهشان "مباحث في التفسير الموضوعي" ففيه منهجية البحث في التفسير الموضوعي.
وحتى أسهل عليك الأمر حفظك الله سأعرض لك الخطوات العامة لمنهجية البحث في التفسير الموضوعي لسورة واحدة وهي:
الخطوات المرحلية المتدرجة التي يراها للسير في التفسير الموضوعي لسورة واحدة (1):
1 - ذكر اسم السورة التوقيفي، وإذا كان لها أكثر من اسم توقيفي يذكرها، ويبين حكمة تسميتها بذلك الاسم، ويلاحظ الصلة بين اسمها التوقيفي وبين موضوعها العام.
[ line]
(1) د. عبد السلام اللوح وآخرون، مباحث في التفسير الموضوعي، مكتبة الجامعة الإسلامية، غزة، ص55 - 56 - 57
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:34 ص]ـ
2 - معرفة اسم السورة الاجتهادي سواء أطلقه عليها علماء سابقون، أو تمكن هو من إدراكه والربط بين اسمها الاجتهادي وبين موضوعها.
3 - تحديد زمان ومكان نزول السورة، وهل هي مكية أم مدنية؟.
4 - بيان جو نزول السورة، وهل نزلت في المرحلة المتقدمة أو المرحلة المتوسطة أو المتأخرة من مرحلة الدعوة الإسلامية في عهدها المكي أو المدني؟.
5 - تحديد أهداف السورة الأساسية ومقاصدها الرئيسة، واستخراج هذه الأهداف والمقاصد من خلال القراءة الواعية المتدبرة لآيات السور عدة مرات، والاستدلال على كل هدف أو مقصد يسجله بمجموعة من آيات السورة.
6 - التعرف على موضوع السورة الرئيس، ثم التعرف على محاور السورة وخطوطها الرئيسة وربط هذه المحاور والخطوط مع عمود السورة والاستشهاد على ذلك بآيات السورة.
7 - ربط السورة بما قبلها من السور حسب ترتيب المصحف من حيث التناسب في الموضوع العام لكل منها.
8 - تقسيم السور الطويلة والمتوسطة إلى أقسام وبيان مقدمة السورة وأقسامها وخاتمتها وتوزيع آياتها على الأقسام.
9 - إذا لم يتيسر تقسيمها إلى أقسام، تقسم إلى وحدات أساسية وذكر موضوع كل وحدة وآياتها وبيان الصلة بين تلك الوحدات.
10 - استخلاص أهم حقائق السورة والدلالات التي نقررها، والإشارة إلى أبعاد السور الواقعية وكيفية معالجتها لمشكلات الإنسان المعاصرة.
11 - الإطلاع على تفسير السور في أمهات الكتب كتفاسير، ابن كثير وسيد قطب و لمعرفة تفسيرها التحليلي في هذه التفاسير. (1)
(يُتْبَعُ)
(/)
فهل في ذلك إنكار لجهد السابقين أيها الأخ الكريم؟ أو تغافل عن السنة؟
إن منهجية البحث في كل ألوان التفسير الموضوعي قد بينت في الكتاب "مباحث في التفسير الموضوعي" (2)
[ line]
(1) نفس المرجع السابق55_56_57
(2) د. عبد السلام اللوح و د. عبد الكريم الدهشان، الطبعة الأولى 2003م من ص 40إلى ص74
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:34 ص]ـ
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"رابعًا: إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات.
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرًّا."
أقول:وهكذا كل علم أخي الكريم، فيه مجال للأخذ والرد، واختلاف العلماء على علم لا يعني أبداً عدم أهليته ليكون علماً، فالأحناف يستدركون كثيراً على علم الحنابلة مثلاً، لكنهم لا ينكرون أن ما يحمله الحنابلة إنما هو علم.
وكذلك علم التفسير الموضوعي، هو علم يستدرك عليه الكثير لكن ذلك لا يعني لنا عدم أهليته، وكم من علم عابه الناس على مر الزمان، فلما دارت الأيام تبين للناس ذاتهم خطأ حكمهم عليه، أما عدم وضوح هذا العلم فما أنفك علماؤنا ومشايخنا يبينون لنا وللناس مفاتح هذا العلم حتى صار عند كثير منا معلوماً وواضحاً، فعدم وضوح الشيء ليس عيباً فيه، إنما العيب في عين الناظر، وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم،
ولا يزال المرء فينا طالباً للعلم، يحاول أن يجلي منه ما يستطيع، فالكمال عزيز، والعلم بحر وافر واسع.
فحاول أخي الكريم أن تنظر بنظرة طالب العلم للموضوع، لا بنظرة الناقد التي نظرت، لعلك ترى الموضوع من جانب آخر.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"خامسًا: إن طريقة كتابة التفسير الموضوعي سواء أكان موضوعًا من خلال القرآن أم كان موضوعًا من خلال سورة غير متفقٍ عليها.
فبعضهم ينحى في الكتابة إلى الأسلوب الأدبي والخطابي، فتراه يقلِّب عبارته، ويبدي ويعيد في ألفاظ ينتقيها، ويطيل الكلام في موضوع يمكن إجماله في سطر ونصف السطر.
وقد اطَّلعت على رسائل سارت على هذا الأسلوب، فاستغربت القصد إلى هذا التطويل في العبارات لأجل إثبات قضية يمكن إثباتها وبيانها بأقل مما الحال عليه في هذه الرسائل، حتى ظهر لي أن هذا الأسلوب مقصودٌ لذاته، ولا تتمُّ الرسالة إلا به. وهذا ـ في الحقيقة ـ من الحشو الذي يمكن الاستغناء عنه.
وبعضهم ينحى إلى تقرير المسألة تقريرًا علميًا مباشرًا بلا حشو عبارات لا داعي لها، وهذا هو السبيل الأمثل في العلم، لأن الأساليب الخطابية والأدبية لا مدخل لها في إثبات المسائل العلمية، وإنما قد توجد فيها كوجود الملح في الطعام، فإذا زادت فسد الكلام كما يفسد بزيادة الملح الطعام."
أقول: وهل الأقدمون إلا كذلك، فترى لكل تفسير من تفسيراتهم وجهة خاصة، وطعماً حلواً في أغلبه رغم اختلافه، أفلا يوجد من الأقدمين من طول وأسهب؟، ألا يوجد من قصر واختصر؟.
وأرى أخي أنك تجنيت هنا على هذه الرسائل، فلقد قرأت بعضها فوجدتها موضوعية جداً، ولا تحمل في طياتها أي حشو، أما أن تتهم من بحث في هذا العلم أن التطويل والإسهاب والحشو مقصود في ذاته ولا تتم الدراسة إلا به فهذا عار عن الصحة، إذ أن كثيراً من الطلاب أعادوا صياغة رسائلهم في التفسير الموضوعي، نظراً لتعليق الأساتذة المشرفين عليها.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:35 ص]ـ
ولقد ذكر أساتذتنا من بين قواعد التفسير الموضوعي (تجنب الحشو والاستطراد في التعليق: لأن قصد الباحث في التفسير الموضوعي هو إبراز موقف القرآن الكريم من قضايا ومسائل موضوعة ... ) (1)
وأريد أن أطرح بين يديك رسائل منها " الشيطان خطواته وغاياته_دراسة قرآنية موضوعية " لشيخنا الأستاذ وائل بشير حفظه الله،
وهي منشورة في مكتبة مشكاة الإسلامية، فأطلب منك الإطلاع عليها، لعل منهج الشيخ يجعلك تعيد النظر في رأيك الآخير.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"سادسًا: من طرائف ما وقع لي فيما يتعلق بهذا الموضوع أني كنت أتحدث مع أستاذ من أساتذة الثقافة الإسلامية في كلية الشريعة بالرياض، فقلت له: ألا يوجد موضوعات علمية قدِّمت لكم وصار بينكم وبين قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام منازعة في الموضوع، هل هو من موضوعات الثقافة الإسلامية أو من موضوعات الدعوة الإسلامية؟
فقال لي بل قد تكون المنازعة بين ثلاثة أقسام، وهي قسم القرآن وقسم الثقافة وقسم الدعوة، حينما يكون من موضوعات التفسير الموضوعي."
أقول:فهل المنازعة في ذات الموضوع دلالة ذم؟، إني أعتبرها دلالة مدح، لأنها تدل على قيمة الدراسات القرآنية وشموليتها لكل نواحي الحياة الإنسانية، وهذا يبرز عظمة القرآن الكريم من جهة، ويبرز أهمية التمسك به كمنهج حياة من جهة أخرى.
ولا بأس بالمنازعة والمنافسة، خصوصاً أن إجابة الأستاذ كانت تتعلق بأقسام تتحد بعض مقاصدها وتوجهاتها.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"وأخيرًا أقول: إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي، لا من جهة الاصطلاح، ولا من جهة التنظير والتطبيق. وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة، لكن بعد ترشيده وتسديده.
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب، وأسأله أن يرينا ـ جميعًا ـ الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه."
أقول: بما أنك أقررت أن المسألة فيها مجال للاستدراك فلعلك تعيد النظر مرة آخرى إلى التفسير الموضوعي،وبارك الله فيك على نصحك الطيب.
[ line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي ص 73
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:36 ص]ـ
خاتمة
• لا مصادمة ولا ندية بين أنواع التفسير الأربعة، بل هي مكملة لبعضها، معتمدة على بعضها البعض.
• أن كل التفاسير تبحث في موضوع واحد ألا وهو كلام الله، وإن تعددت طرق التفسير ومدارسه.
• أن عدم وضوح الفكرة عند البعض ليس دليلاً على عدم صحتها.
• أن التفسير الموضوعي ليس مبتدعاً بل هو علم أصيل بدأه رسولنا صلى الله عليه وسلم وقد أوردت الأدلة على ذلك.
• أن التفسير الموضوعي لا يعني أبداً الإستغناء عن السنة وقد جئنا بالأدلة من تأصيل الأساتذة الكرام.
هذا والله أعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 02:45 ص]ـ
الاخ عدنان البحيصي ..... وفقك الله تعالى.
استوقفني في مقالك قولك:
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي .....
ما كان لك أن تذكر هذا الكلام فإنه ينطوي على إيحاءات قد يحملها القاريء معان مقصودة أو غير مقصودة ..... كنت تناقش الشيخ مساعدا بدون هذه المقدمات لكن الأمر الآن يختلف:
-فليس من اللائق أن يكلف شيخ تلميذه مناقشة شيخ آخر ..... فقد تقرر في علم المناظرة شرط التكافؤ كما هو مبسوط في كتب آداب البحث والمناظرة .... فإن اعتذر شيخك بكثرة الأعمال فلشيخنا أن يعتذر بالعذر نفسه ....
وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار-لتجميع الردود على الرد.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 03:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم .... والحمد لله رب العالمين .... والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .... نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد عزمت متوكلا على الله وحده أن أتفحص ما كتبه الأستاذ عدنان البحيصي في شأن التفسير الموضوعي وقد تقرر عندي الكلام على مرحلتين:
مرحلة التتبع التحليلي للمقال ... ثم سأشفعها بمرحلة التركيب الموضوعي.
-قال الأستاذ-وفقه الله-: ولقد كانت العلوم الحديثة أكثر تعرضاً للاختلاف من القديمة، ومن هذه العلوم الحديثة مصطلحاً القديمة عملاً "علم التفسير الموضوعي".
الاستاذ أطلق لقب العلم حيث لا ينبغي ... فليس ثمة علم تفسير موضوعي ... بل الصواب أن يقول" المنهج" الموضوعي في التفسير ,لأن التفسير علم واحد لا تعدد فيه وهو الموسوم ب" الكشف عن مراد الله بحسب الطاقة البشرية ... ".فلا تعدد من هذه الحيثية وإنما التعدد في وجهة النظر التي تسمى منهجا ..... فيقال المنهج البلاغي في التفسير ,والمنهج الفقهي في التفسير, والمنهج الكلامي في التفسير, والمنهج الإجتماعي في التفسير, والمنهج الحركي في التفسير .... ولا تسمى كل هذه علوما كما هو مقرر في فقه العلم.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 04:01 ص]ـ
قال الأستاذ:
ولقد درسنا على يد شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به هذه المادة ضمن مقرر كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، وعدنا معه حفظه الله ليدرسها إيانا في قسم الدراسات العليا بشكل أوسع وأشمل ....
هذه الفقرة لا فائدة منها-حفظك الله-فتدريس الشيخ الدكتور الدهشان –حفظه الله-لهذه المادة مرة او مرتين لا يعطي شرعية المادة وليس دليلا على نجاعة المادة أو صلاحيتها .... وإن قصدت اعتراف الشيخ الدهشان وتحمسه لما يسمى بالتفسير الموضوعي فلا شك أنك تعلم أن الأمر لا يعدو اجتهاد مجتهد ..... وقد علمت بلا شك أنه قد تقرر في علم الأصول وعلم البحث والمناظرة أن قول المجتهد ليس حجة على مجتهد آخر.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 04:13 ص]ـ
قال الأستاذ:
وبينما كان زميلي في الدراسة الأخ نايف قرموط يبحث في هذه المادة إذ وجد رأياً للدكتور مساعد الطيار حفظه الله ونفع به يناقش فيه التفسير الموضوعي من جهة التسمية والأغراض وغيرها، في موضوعه التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى.
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي.
هذه الفقرات لا فائدة منها مرة أخرى, إن لم تكن خالية من اللباقة-كما قلت في أول كلامي-فليس فيها دليل على صحة أو بطلان التفسير الموضوعي .... ثم لعلك -حفظك الله- قد لاحظت انك أسرفت قليلا في ذكر أسماء الأعلام والأشخاص مما قد يلقي ببعض الظلال على ما ذكرته بعدذلك من عزمك على مناقشة الأفكار لا الأشخاص.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 04:33 ص]ـ
قال الأستاذ:
في البداية ينبغي لي قبل البدء في الرد على رأي الأخ الدكتور مساعد الطيار ومناقشته أن أدلل أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.
قلت: إن المنهج العلمي يقتضي في البداية تحرير محل النزاع على قاعدة" اثبت وانقش"
كان ينبغي تحديد "التفسير الموضوعي" موضوعه وحدوده وغاياته قبل الحكم عن وجوده أو عدمه ... وقبل مناقشة الطيار أو غيره ... وعلى فرض أنك ستحدده لاحقا فهذا لا يمنع من حصول الخلل المنهجي والمنطقي:ولاشك حفظك الله تعلم ان الحكم على الشيء فرع عن تصوره ..
انظر مثلا إلى تبعات صنيعك:فقد تتهم بالتناقض عندما تقول: أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.
ثم تقول بعد ذلك: وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه، ..
فكيف عمل به السلف وقد ظهر حديثا ..... ؟؟؟
ثم كيف نتصور السلف يشتغلون بمنهج ولا يتكلمون عن قواعده وخطواته وألوانه .... ؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 04:51 ص]ـ
قال الأستاذ:
نعم لم يظهر مصطلح " التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري إلا أن لبنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله.
قلت: أين دليلك-حفظك الله-؟
قال الأستاذ-في مكان آخر-: ولعلك تقول: ما دليلك؟ فأجيبك:دليلي في ذلك فعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "عندما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} (1) فشق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ فقال إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إن الشرك لظلم عظيم} (2) إنما هو الشرك (3) "
ومضى الأستاذ يستخلص من الحدث فوائد .... لكني مضيت أسال نفسي: ما يقصد الأستاذ بالتفسير الموضوعي؟ وكيف يكون في الخبر الصحيح الذي أورده لبنة أو ما يشبه اللبنة في صرح التفسير الموضوعي؟
لم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا تفسير القرآن بالقرآن ... على قاعدة ما تشابه في مكان أحكم في مكان آخر وما أجمل في موضع فصل في موضع آخر ..... فإن كان هذا هو التفسير الموضوعي فهو تفسير كل المسلمين الذين يحترمون كتاب ربهم ..... وليس عندي أدنى ريب أن هذا هو منهج الشيخ الطيار ..... فعلى من يرد الأستاذ إذن؟
لو تكلف الأستاذ عناء تعريف" علم التفسير الموضوعي" وحرر محل النزاع لما وقعنا في هذا الالتباس.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 05:11 ص]ـ
قال الأستاذ مستدلا بما يراه تفسيرا موضوعيا أو شبيها به:
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة 150هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة 224هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا (2).
قلت: لا زلت أنتظر تعريف التفسير الموضوعي .... واشتغال اللغويين بدلالات الكلمات حسب اختلاف سياقاتها هو ديدنهم في كل زمان وفي كل مكان بين المسلمين وبين غيرهم ... وجل معاجم الدنيا مبنية على هذا النحو: مادة معجمية ومعاني بحسب السياق .... فكيف يكون في هذا السلوك البدهي في علم اللغة ما يدل على نشوء التفسير الموضوعي عند المسلمين ..
وما ذكرته-حفظك الله-من الناسخ والمنسوخ لا يدل على شيء مما نحن فيه .... -لكن أين نحن أولا لم نحدد بعد معنى التفسير الموضوعي-
الناسخ والمنسوخ علم من علوم القرآن كأسباب النزول والقراءات والخط والرسم وليس منهجا .. وهل القول بأن آية كذا نسختها آية كذا هو من التفسير الموضوعي؟ هذا التفسير لازم لكل مسلم ومن جملتهم الشيخ الطيار فعلى من ترد مرة أخرى؟
لا شك أن الالتباس راجع إلى معضلة تحرير محل النزاع .... فليحرر.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 05:38 ص]ـ
قال الأستاذ مبررا ضرورة التفسير الموضوعي:
وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الك ريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات (3)
الكلام في هذه المسالة لا يسعه المقام .... وإنما يكفي أن أشير إلى مبدإ عام-يجوز للاستاذ ألا يقول به-وهو أن القرآن مهيمن على الكتب الالهية السابقة وأولى أن يكون مهيمنا على كل فكر بشري كيفما سمي ذلك الفكر علم او فلسفة أو اقتصاد .... فليس من المعقول أن يحور القرآن أو منهج السلف في القرآن ليوافق ما استجد بل ينبغي تغيير ما استجد ليوافق القرآن .....
وما ذكرته –حفظك الله- من" توجيهات الآيات الكريمة" لا يليق بهيمنة القرآن ... ومآل هذا الرأي إلى القول بنسبية القرآن وفرضية القراءات المعاصرة ..... ولن اناقشك هنا بل ينبغي الانتقال إلى فرع الانتصار للقرآن من هذا المنتدى المبارك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وللمسلمين أن يتعظوا بما وقع لأهل الكتاب من النصارى خاصة فضائحهم في انعقاد مجامعهم ليغيروا العقيدة في كل قرن بسبب المستجدات .... وللمسلمين أن يتعظوا من أنفسهم فقد سمعنا قبل بضعة عقود عن الاشتراكية الاسلامية واشتراكية القرآن وماركسية أبي ذر ...... فلا ينبغي تكرر هذا العبث.
ـ[حسن عبدالله الخطيب]ــــــــ[08 Mar 2006, 12:09 م]ـ
الأخ الكريم أبو عبد المعز حفظك الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
كلنا أخي الكريم نطلب علما (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) رواه الترمذي
فإذا تكرمت أخي الكريم أن أضع لكم صورة ربما تلقى قبولا لديكم وفضيلة الدكتور مساعد الطيار؛ وإلا نكون كما قال الإمام الشافعي رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ
الله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رفعة الإسلام ونصرته ... وبعد
أخي الكريم بداية شرف عظيم أن يكون محورنا كتاب الله عز وجل، وشرف أعظم حمل أمانة تعلم القرآن وتعلمه، مما يزيد في عبء كواهلنا لأداء رسالة الإسلام العظيم، سائلين المولى عز وجل أن يخفف عنا ثقلها، بأن يعيننا على أدائها قدر استطاعتنا وعلى الوجه الذي يرضي ربنا.
على ما أعتقد أستاذنا الكريم ومن خلال قراءة رسالتكم المعنونة "التفسير الموضوعي وجهة نظر أخرى"؛ لقد تم الاطلاع علي ردودكم الطيبة وكذلك رسلة فضيبة الدكتور مساعد الطيار الطيبة لأضع أمامكم رد متواضع سبق أن أرسلته إلى فضيلة الدكتور مساعد الطيار الملاحظات التي أسطرها أمامكم أرجو أن يتسع صدركم لها إذا تكرمتم أخي الكريم:
• إن تطور التفسير الموضوعي قائم على الصلة بين النص والواقع.
• لا يوجد صراع بين فريقي التفسيرين التحليلي والموضوعي وخاصة أن طبيعة المسلمين القائمة على الإخلاص لله لا تستوجب ولا تستوعب هذا الصراع.
• إن للتفسير الموضوعي نشأة نبوية وجهد واضح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أن للسلف الصالح كان لهم سبق الفضل واليد الطولى في التأصيل لهذا الفن، من خلال إيجاد وحدة موضوعية لفكرة طرأت في ذهن صحابي استفسر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان منه صلى الله عليه وسلم التفسير لما أشكل عليهم رضي الله عنهم لحدث وقع. أو استفسار من تابعي لصحابي.
• وبالتالي فإن انطلاقة التفسير الموضوعي بداية كانت من التفسير التحليلي الذي كان وما زال له الفضل وهو الأساس للتفسير الموضوعي، الذي يرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير السنة بالقرآن وكذلك تفسير الصحابة للقرآن، والتابعين وعلماء الأمة. كما إن أنصار التفسير الموضوعي لم يعترضوا على من سبقوهم من مفسرين ومؤصلين للتفسير التحليلي، بل كان التفسير التحليلي منهلا ومنبعا لهم.
• من هنا ندرك نوعية العلاقة التكاملية والانسجام بين التفسير الموضوعي وبقية أنواع التفاسير الأخرى.
• إن شبهة الاسم أو تبديله لا تتوافق مع فكرة تطور العلوم وتخصصها، فمثلا كانت العلوم الإنسانية شمولية تشمل جميع العلوم، أما اليوم فعلم الطب الذي كان ضمن العلوم الإنسانية أصبح علما مستقلا بذاته بل أصبح الطب علوما تخصصية متعددة، وكذلك علم التفسير حتى بداية القرن الهجري الثالث كان مبوبا في علوم الحديث، وقس على ذلك إذا تكرمت فضيلة الدكتور.
• أي تفسير وأي علم لا بد له من فوائد واستنباطات نستخلصها، ولذلك كان لزاما التدبر والنظر لاستخلاص النتائج والعبر، فتطبيقنا لأوامر الله نابع من استفادتنا منه.
• ثم نضع بين فضيلتكم الخطوات التي يجب إتباعها للخوض في التفسير الموضوعي، والتي وضعها الدكتور صلاح الخالدي في كتابه (التفسير والتأويل في القرآن) وهي لا تخفى عليكم:
1 - إعادة الكلمة إلى جذرها الثلاثي
2 - نبحث في المعنى اللغوي الاشتقاقي لهذا الجذر الثلاثي في أمهات كتب اللغة.
3 - ننظر في معنى الكلمة في الكتب التي تبين معاني ألفاظ القرآن وكلماته.
4 - ننظر في اشتقاقات وتصريف الكلمة في القرآن ونطلع على هذه التصريفات في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
5 - نتابع كل صيغة أو تصريف منها في آيات القرآن ونسجل هذه الآيات ونرتبها وننظر في دلالا وإيحاءاتها.
6 - نربط بين الأصل الاشتقاقي اللغوي للكلمة الذي أخذناه من مقاييس اللغة ولسان العرب، والمفردات الكليات، ومن الاستعمال القرآني ونرى توفر المعنى اللغوي والأصل الاشتقاقي مع الآيات القرآنية وإنزال الأصل اللغوي على التصريف القرآني
7 - نذهب إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين مع تسجيل المزيد من الإشارات والفوائد.
8 - نطلع على تفسير الآيات التي استخدمت المصطلح القرآني في أمهات كتب التفسير لنعرف ماذا قالوا فيها.
9 - تسجيل اللطائف والإشارات والحقائق، وننقل ما نراه مناسبا وما يربطها بالواقع والحاضر مع اختلاف وتنوع هذه اللطائف. ثم نستخلص بعض ما وجدناه في رحلتنا مع هذا المصطلح القرآني ونستنتج بشيء من الاستنباط ما يوافق الماضي والحاضر.
أخي ا الكريم إذا كانت هذه بدايات التفسير الموضوعي والمرتبطة بالتفسير التحليلي والمنبثقة منه إلى ارتباط وثيق بمفردات التفسير وأسسه، وبالتالي فإن مسار التفسير الموضوعي لا يخالف قواعد التفسير التي اعتمد عليها التفسير التحليلي، إذاً ما المانع أن نسمى الفوائد المستنبطة والمتعلقة بالواقع المعاصر من كتاب الله والمختصة بموضوع معين "بالتفسير الموضوعي".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Mar 2006, 12:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الحبيب يا أبا عبد المعز
الحقيقة يبدو لي أنك لا تعرف ما أكنه للدكتور الطيار من حب وتقدير، وكذلك شيخي الدكتور عبد الكريم الدهشان، وإنما هو نقاش علمي وكل قول خلا قول الله ورسوله معرض للنقاش
أما أنك قلت:"ما كان لك أن تذكر هذا الكلام فإنه ينطوي على إيحاءات قد يحملها القاريء معان مقصودة أو غير مقصودة ..... كنت تناقش الشيخ مساعدا بدون هذه المقدمات لكن الأمر الآن يختلف:
-فليس من اللائق أن يكلف شيخ تلميذه مناقشة شيخ آخر ..... فقد تقرر في علم المناظرة شرط التكافؤ كما هو مبسوط في كتب آداب البحث والمناظرة .... فإن اعتذر شيخك بكثرة الأعمال فلشيخنا أن يعتذر بالعذر نفسه ....
وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار-لتجميع الردود على الرد.
والسلام عليكم ورحمة الله."
ففي ظني أنك أسأت الظن في وفي شيخي، فإن الشيخ ما تعذر بكثرة الأشغال وإنما أثناء توزيع المهام والتكاليف على الطلاب قلت له "دعني أناقش رأي الدكتور الطيار" فأجابني بالقبول وأدار النقاش قبلها وكنت اسجل ما يقوله الحاضرون، فما كتبته هنا ليس نتاج تفكيري لوحدي وإن كنت قد أضفت الكثير
أما طلبك مني أن أعرف التفسير الموضوعي فأنا متأكد أن الشيخ د. الطيار يعرفه ولا حاجة لنا بذكره، وقد أعددت رسالة موجزة أيضاً تتعلق بالتفسير الموضوعي وشارحة له سأنشرها بإذن الله تعالى
أما عن اللباقة فبارك الله فيك أن نبهتني
وللعلم شيخي الدهشان يحترم الشيخ د. الطيار جداً ويثني عليه خيراً
شكراً لك ووددت لو لم تكن بتلك الحدة
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Mar 2006, 12:27 م]ـ
أخي الحبيب أبا العلاء حسن الخطيب
بارك الله فيك على جهدك وشكراً لك
ملاحظة (أخي الكريم لقد بعثت لك برسالة خاصة هلاً تكرمت وقرأتها)
ـ[عراقي سلفي]ــــــــ[08 Mar 2006, 01:19 م]ـ
سبحان الله يا ابا عبد المعز!! انت تدافع عن الشيخ الطيار لانك تلميذه ام لانك مقتنع بأن رأي المخالف باطل؟!!. قليلا من التجرد غفر الله لنا ولك واياك والاندفاعيه والحماس الغير منضبط.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Mar 2006, 01:37 م]ـ
سبحان الله يا ابا عبد المعز!! انت تدافع عن الشيخ الطيار لانك تلميذه ام لانك مقتنع بأن رأي المخالف باطل؟!!. قليلا من التجرد غفر الله لنا ولك واياك والاندفاعيه والحماس الغير منضبط.
بارك الله فيك أخي عراقي سلفي
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 02:52 م]ـ
(سأكمل الكلام الذي زورته في نفسي ..... ثم انظر في ما جد من ردود الأستاذ وأصحابه)
قال الأستاذ يخاطب الشيخ الطيار:
فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ألست معي في أن مجال العلم بالتفسير يسع المدارس الكثيرة المتعددة؟ فلم لا يسع هذا المجال الطريقة الموضوعية في التفسير؟؟
آخذ على الأستاذ أسلوبه في القطع والتعميم المخالف لحصافة المنهج العلمي:
-فالحكم على قول بأنه عار من الصحة في مثل موضوعنا هذا و صادر عن شيخ محترم شهد له الأستاذ بالتمكن في مجاله لا تفسير له إلا الحمية العاطفية, وقد كان أهل العلم من أئمتنا يقولون" رأيي صحيح يحتمل الخطأ ورأي مخالفي خطأ يحتمل الصحة."وكانوا يقولون هذا وهم يتكلمون في الدين والأحكام والشرائع ويستندون إلى آيات وأحاديث .... فكيف وموضوعنا هذا مجرد اجتهاد في أمور منهجية.
-ثم إن الأستاذ يوهم القاريء أن التفسير الموضوعي مدرسة موحدة قائمة بذاتها لها رجالها وشيوخها وتلاميذهاوأن الأستاذ مفوض من قبل المعاصرين للكلام باسمهم نافيا عنهم جميعا ما نسب إليهم ..... فإن كان شيخ الاستاذ وتلميذاه لا يقولون بما نسب إليهم الشيخ الطيار ... فليقف عند هذا الحد ولا حاجة إلى الكلام على لسان المعاصرين ..
وقد نقل الأستاذ الباحث عن كتاب لشيخه صدر في 2003 .... بعنوان: مباحث في التفسير الموضوعي.وقد قرأت أنا منذ زمن طويل كتابات لافاضل من الشيعة تدعو إلى هذا المنهج الموضوعي ... أذكر منهم محمد باقر الصدر الذي اقترح هذا التجديد في المنهج قبل الشيخ الدهشان ... ويهمني الآن أن أعرف ما إذا كان الأستاذ يتحدث بلسان جميع المعاصرين ومنهم هؤلاء الشيعة أم يتكلم بلسان شيوخه وزملائه فقط ...... فإن اختار الثاني قلنا له فرق كبير من "معاصرين" و "المعاصرين" ... والاستاذ حلى من تكلم عنهم ب"اللام" وسواء أقصد الاستغراق أم الجنس فالتعميم حاصل. ويخبرنا فقهاء العلم أنه في مجال الرياضيات نفسها وهي قمة التحقيق والدقة لا يمكن التعميم المطلق فثمة دائما "حالات خاصة" غير مستوعبة .... فكيف وصل الموضوعيون إلى أن ينطقوا عن قلب واحد بلسان موحد.؟؟
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 03:32 م]ـ
قال الأستاذ:
فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ثم قال بعد ذالك:
أقول: فهل تجعل أخي فعل البعض حجة على الكل، ...
قلت: الاستاذ- حفظه الله -يعري كلام الشيخ الطيار من الصحة مع اعترافه بوجود معاصرين موضوعيين متطرفين ...... فليحمل كلام الشيخ الطيار على أنه يستهدف هذه الفئة ..... بدل القول الفج"عار من الصحة"
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبدالله الخطيب]ــــــــ[08 Mar 2006, 06:10 م]ـ
أخي الكريم أبو عبد المعز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
أخي الكريم هل أطمع منك برد على رسالتي المدونة في هذا الملتقى الطيب بأهله
المعنونة ب (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)
ختاما لك تحياتي
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Mar 2006, 10:57 م]ـ
يا أبا عبد المعز
لم تزل لي مهاجماً ولم أزل عليك صابراً وأراك تقتطع من كلامي ما تراه يسقطني، وإلا فناقشني بكل كلامي لا بأجزاء متفرقة منه لتوهم القارىء أني أتهجم على الشيخ الفاضل الدكتور مساعد الطيار
وإلا فلا نقاش بيني وبينك البتة وقد وعدني فضيلة الدكتور مساعد الطيار في رسالة خاصة له بعد أن أثنى على منهجي العلمي خيراً أن يناقشني فيه نقاشاً علمياً لا نقاشاً ذاتياً كما تفعل الآن
شكراً لك
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[08 Mar 2006, 11:27 م]ـ
أيها الأخوة الكرام:
إن منهجاً كمنهج التفسير الموضوعي حديث النشأة بالصورة الموجودة الآن , من الطبيعي أن تختلف فيه وجهات النظر , حتى يستوي على سوقه , ويكون أصلب عوداً , وهذا يتم بالمدارسة والمناقشة , ولذا أرى التركيز على البحث لا على الباحث , لنخرج برؤية جيدة حول الموضوع , وهذا ما يميز الملتقى بحمد الله.
وأخي الدكتور مساعد من أوسع الناس قلباً في تقبله لرأي المخالف , وهذا ما عهدته منه , بل لست مبالغاً إن قلت: إن تقبل الآراء المخالفة هي من شروط الباحث المحقق الذي تهمه المعلومة , وتعنيه , نفع الله بالجميع , وبارك في المسعى.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Mar 2006, 11:48 م]ـ
قال الأستاذ:
وحتى تتضح الصورة لديك أكثر أسمح لي أن استعرض لك ما يستفيده التفسير الموضوعي من باقي أنواع التفاسير:
فمثلاً: يستفيد من المنهج التحليلي بأن خلاصة المعاني التحليلية تشكل مادة علمية تستعمل لتصوير معنى كلي وموضوعي
والتفسير الأجمالي هو قريب الصلة بالموضوعي من حيث أن التفسير الإجمالي بتعامل مع الأهداف والمفاهيم القرآنية الكلية، وهذت هو العمل التفسيري يملأ جزءاً لا بأس به في عمل التفسير الموضوعي وذلك في مرحلة الصياغة لمعاني النص القرآني من عناصر الموضوع الكلية.
والتفسير المقارن يغذي الباحث في التفسير الموضوعي ويعطيه لفتات هامة قيمة، سواء كانت لفتات منهجية أو علمية في مجال اللغة أو البلاغة أو موضوعات قرآنية آخرى ويستطيع الباحث من خلال هذه المقارنة أن يستفيد أقرب المعاني وأصحها لخدمة التفسير الموضوعي (2)
أحال الأستاذ بعض هذا الكلام إلى شيخه الدهشان ..... ولي وقفات:
1 - هنا خلط بين الواقع والمتخيل .... فلكي يبرر الأستاذ منهجا هو مجادل فيه يلتجيء إلى افتراض مناهج أخرى متخيلة ويزعم أن المنهج الموضوعي يستند عليها .... فصدق عليه القول الماثور: تمسك غريق بغريق ..
فما هذا التفسير الإجمالي القريب الصلة من الموضوعي؟ من أسسه؟ وفي أي كتب موجود هو؟
وما أسسه؟ وما منطلقاته؟
فالمعهود أن الاجمال ضد التفصيل ..... ويمكن للآية الواحدة المعزولة عن غيرها أن تفسر إجمالا كما يمكن أن تفسر بتفصيل وإسهاب فأية صلة لهذا بالتفسير الموضوعي المزعوم؟
ثم ما هذا التفسير المقارن؟ أين تأسس ومن أسسه؟ وما خطوطه وألوانه؟ قد نعلم الأدب المقارن الذي يبحث في تشابه وتماثل الظواهر الأدبية عبر الثقافات والحضارات .... وقد نعلم علم الأديان المقارن الذي موضوعه تماثل واختلاف المفاهيم والأسس العقدية بين الديانات المختلفة .... لكن التفسير المقارن؟ لو وجد لكان موضوعه- قياسا على الأدب وعلم الأديان- مقارنة بين تفاسير النصوص المقدسة عند الشعوب كان نقارن مثلا تفسير الطبري بتفسير الفيدا السنسكريتية أو تفسير ابن كثير بتفسير أو غسطين النصراني إلخ .. فما علاقة هذا التفسير ولو في صورته الاحتمالية بالتفسير الموضوعي أو الموضوعاتي.
2 - هذا التفسير الموضوعاتي-من الآن سأستخدم هذا المصطلح لعله هو المقصود عند الأستاذ والذي يعني جمع المفردات المختلفة موضعيا بسبب اتفاقها موضوعا ومقابله الأجنبي thematique
وسأتحاشي مصطلح موضوعي لأنه قد يلتبس بمفهوم الموضوعية الذي يقابل الذاتية objective
وهذا غير مقصود قطعا-هذه الموضوعاتية يسأل بشأنها:
-أهي ترف فكري محض .... وتمرين منهجي ..... أم ضرورة؟
-إن كان الأول فلا نقاش .... فللمرء أن يلعب كما يشاء ولكن بعيدا عن كلام الله.
-وإن كان الثاني. طالبنا الأستاذ بأن يستدل على أمرين:
1 - قصور أو ضعف أو عقم المناهج التفسيرية الموروثة عن السلف ..... والحاجة إلى ما يعالج القصور والضعف والعقم.
2 - أن المنهج الموضوعاتي أتى بالعلاج .....
ولينتبه الأستاذ إلى زمن الفعل الماضي المتحقق ..... ولم أقل يأتي أو سياتي ..... ومع الأسف فكلام الأستاذ عن منهجه لا يخرج عن استشرافات مستقبلية .... ولا يعتقدن الأستاذ أن مجرد الرهان كاف للإقناع وللتخلي عما هو واقعي فعلا ....
وهنا أطالب الأستاذ ليس بحسن النوايا بل بنتائج:
-دلني على مسألة في القرآن حلت بالمنهج الموضوعاتي.
-أرني كتابا في التفسير الموضوعاتي اقترح تفسيرا افضل عقلا ونقلا وواقعا لمعضلة من معضلات النص القرآني في العقيدة والتشريع ..
-بين مفردة من مفردات القرآن لا تفهم بمنهج السلف وتفهم بمنهجك ......
قال الأستاذ:
ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم، حتى لا ندع للمشككين ودعاة البدع الإنتصار لبدعهم بأدلة جزئية مقتطعة من الأدلة الكلية، وإنما بجب أن ترد آيات الله لبعضها البعض حتى يفهم مراده الله منها.
قلت هنا مربط الفرس ...... والكلام على مسألة الأسماء والصفات سيطول .... سأخصص الفقرات القادمة لها بحول الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[08 Mar 2006, 11:59 م]ـ
قل ما تشاء فلن أناقشك
بما أنك لا تعرف ما هو التفسير المقارن
سبحان الله
ـ[حسن عبدالله الخطيب]ــــــــ[09 Mar 2006, 07:11 م]ـ
فضيلة الدكتور مساعد الطيار حفظك الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
كلنا أستاذنا الكريم نطلب علما (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) رواه الترمذي
فإذا تكرمت يا شيخنا الفاضل أن أضع أمامكم صورة ربما تلقى قبولا لديكم؛ وأن نكون كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ)
الله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رفعة الإسلام ونصرته ... وبعد
على ما أعتقد أستاذنا الكريم ومن خلال قراءة رسالتكم المعنونة "التفسير الموضوعي وجهة نظر أخرى"؛ أن أبدي بعض الملاحظات التي أسطرها أمامكم أرجو أن يتسع صدركم لها إذا تكرمتم:
• إن تطور التفسير الموضوعي قائم على الصلة بين النص والواقع.
• لا يوجد صراع بين فريقي التفسيرين التحليلي والموضوعي وخاصة أن طبيعة المسلمين القائمة على الإخلاص لله لا تستوجب ولا تستوعب هذا الصراع.
• إن للتفسير الموضوعي نشأة نبوية وجهد واضح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أن للسلف الصالح كان لهم سبق الفضل واليد الطولى في التأصيل لهذا الفن، من خلال إيجاد وحدة موضوعية لفكرة طرأت في ذهن صحابي استفسر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان منه صلى الله عليه وسلم التفسير لما أشكل عليهم رضي الله عنهم لحدث وقع. أو استفسار من تابعي لصحابي.
• وبالتالي فإن انطلاقة التفسير الموضوعي بداية كانت من التفسير التحليلي الذي كان وما زال له الفضل وهو الأساس للتفسير الموضوعي، الذي يرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير السنة بالقرآن وكذلك تفسير الصحابة للقرآن، والتابعين وعلماء الأمة. كما إن أنصار التفسير الموضوعي لم يعترضوا على من سبقوهم من مفسرين ومؤصلين للتفسير التحليلي، بل كان التفسير التحليلي منهلا ومنبعا لهم.
• من هنا ندرك نوعية العلاقة التكاملية والانسجام بين التفسير الموضوعي وبقية أنواع التفاسير الأخرى.
• إن شبهة الاسم أو تبديله لا تتوافق مع فكرة تطور العلوم وتخصصها، فمثلا كانت العلوم الإنسانية شمولية تشمل جميع العلوم، أما اليوم فعلم الطب الذي كان ضمن العلوم الإنسانية أصبح علما مستقلا بذاته بل أصبح الطب علوما تخصصية متعددة، وكذلك علم التفسير حتى بداية القرن الهجري الثالث كان مبوبا في علوم الحديث، وقس على ذلك إذا تكرمت فضيلة الدكتور.
• أي تفسير وأي علم لا بد له من فوائد واستنباطات نستخلصها، ولذلك كان لزاما التدبر والنظر لاستخلاص النتائج والعبر، فتطبيقنا لأوامر الله نابع من استفادتنا منه.
• ثم نضع بين فضيلتكم الخطوات التي يجب إتباعها للخوض في التفسير الموضوعي، والتي وضعها الدكتور صلاح الخالدي في كتابه (التفسير والتأويل في القرآن) وهي لا تخفى عليكم:
1 - إعادة الكلمة إلى جذرها الثلاثي
2 - نبحث في المعنى اللغوي الاشتقاقي لهذا الجذر الثلاثي في أمهات كتب اللغة.
3 - ننظر في معنى الكلمة في الكتب التي تبين معاني ألفاظ القرآن وكلماته.
4 - ننظر في اشتقاقات وتصريف الكلمة في القرآن ونطلع على هذه التصريفات في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
5 - نتابع كل صيغة أو تصريف منها في آيات القرآن ونسجل هذه الآيات ونرتبها وننظر في دلالا وإيحاءاتها.
6 - نربط بين الأصل الاشتقاقي اللغوي للكلمة الذي أخذناه من مقاييس اللغة ولسان العرب، والمفردات الكليات، ومن الاستعمال القرآني ونرى توفر المعنى اللغوي والأصل الاشتقاقي مع الآيات القرآنية وإنزال الأصل اللغوي على التصريف القرآني
7 - نذهب إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين مع تسجيل المزيد من الإشارات والفوائد.
8 - نطلع على تفسير الآيات التي استخدمت المصطلح القرآني في أمهات كتب التفسير لنعرف ماذا قالوا فيها.
9 - تسجيل اللطائف والإشارات والحقائق، وننقل ما نراه مناسبا وما يربطها بالواقع والحاضر مع اختلاف وتنوع هذه اللطائف. ثم نستخلص بعض ما وجدناه في رحلتنا مع هذا المصطلح القرآني ونستنتج بشيء من الاستنباط ما يوافق الماضي والحاضر.
شيخنا الفاضل إذا كانت هذه بدايات التفسير الموضوعي والمرتبطة بالتفسير التحليلي والمنبثقة منه إلى ارتباط وثيق بمفردات التفسير وأسسه، وبالتالي فإن مسار التفسير الموضوعي لا يخالف قواعد التفسير التي اعتمد عليها التفسير التحليلي، إذاً ما المانع أن نسمى الفوائد المستنبطة والمتعلقة بالواقع المعاصر من كتاب الله والمختصة بموضوع معين "بالتفسير الموضوعي".
أكتب رسالتي مرة أخرى علي أجد جوابا أو نتفق إنشاء الله لما يحب مولانا ويرضى
ـ[أبوعبيدة]ــــــــ[10 Mar 2006, 11:39 ص]ـ
الأخ/ عدنان البحيصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أعتقد أنه لا داعي للمُشَادّة في النقاش مع أي أحد كائناً من كان موافقاً أم مخالفاً، وكما قال الأخ/ أحمد البريدي جزاه الله خيراً:"إن تقبل الآراء المخالفة هي من شروط الباحث المحقق الذي تهمه المعلومة , وتعنيه".
وحتى لو أنك أرسلت إلى الدكتور/ مساعد الطيار ووعدك بالنقاش، فلا ضير من نقاش إخوانك في الملتقى لعلك تجد مزيد فائدة، ولعلك تستفيد من طريقة زميلك/ حسن الخطيب.
بارك الله فيكم جميعاً، وثبتنا الله وإياكم على الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)