أما إذا زادت الكتلة الابتدائية للنجم علي خمسة أضعاف كتلة الشمس فلا يتمكن أي من الإليكترونات أو النيوترونات من مقاومة عملية التقلص التثاقلي للنجم فتستمرحتي يصل النجم إلي مرحلة الثقب الأسود , وهذه المرحلة لا يمكن إدراكها بصورة مباشرة , ولكن يمكن تحديد مواقعها بعدد من الملاحظات غير المباشرة من مثل صدور موجات شديدة من الأشعة السينية من الأجرام الواقعة تحت تأثيرها , واختفاء كل الأجرام السماوية بمجرد الاقتراب من مجال جاذبيتها.
ومع إدراكنا لانتهاء حياة النجوم بالانفجار علي هيئة نجم مستعر أو نجم مستعر أعظم , أو بفقدانه للطبقات الخارجية منه وتحوله إلي مادة عظيمة الكثافة شديدة الجاذبية مثل النجوم النيوترونية أو الثقوب السود , إلا أن طبيعة تلك الثقوب السود وطريقة فنائها تبقي معضلة كبري أمام كل من علماء الفلك والطبيعة الفلكية , فحسب قوانين الفيزياء التقليدية لا يستطيع الثقب الأسود فقد أي قدر من كتلته مهما تضاءل , ولكن حسب قوانين فيزياء الكم فإنه يتمكن من الإشعاع وفقدان كل من الطاقة والكتلة وهي سنة الله الحاكمة في جميع خلقه , ولكن تبقي كيفية تبخر مادة الثقب الأسود بغير جواب , وتبقي كتلته , وحجمه , وكثافته , وطبيعة كل من المادة والطاقة فيه , وشدة حركته الزاوية , وشحناته الكهربية والمغناطيسية من الأسرار التي يكافح العلماء إلي يومنا هذا من أجل استجلائها.
فسبحان الذي خلق النجوم وقدر لها مراحل حياتها ...
وسبحان الذي أوصلها إلي مرحلة الثقب الأسود , وجعله من أسرارالكون المبهرة ...
وسبحان الذي أقسم بتلك النجوم المستترة , الحالكة السواد , الغارقة بالظلمة ... وجعل لها من الظواهر مايعين الإنسان علي إدراك وجودها علي الرغم من تسترها واختفائها , وسبحان الذي مكنها من كنس مادة السماء وابتلاعها وتكديسها , ثم وصفها لنا من قبل أن نكتشفها بقرون متطاولة بهذا الوصف القرآني المعجز فقال (عز من قائل)
فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس.
ولا أجد وصفا لتلك المرحلة من حياة النجوم المعروفة باسم الثقوب السود أبلغ من وصف الخالق (سبحانه وتعالي) لها بالخنس الكنس فهي خانسة أي دائمة الاختفاء والاستتار بذاتها , وهي كانسة لصفحة السماء , تبتلع كل ما تمربه من المادة المنتشرة بين النجوم , وكل ما يدخل في نطاق جاذبيتها من أجرام السماء , وهي جارية في أفلاكها المحددة لها , فهي خنس جوار كنس وهو تعبير أبلغ بكثيرمن تعبير الثقوب السود الذي اشتهر وذاع بين المشتغلين بعلم الفلك ..
ومن أصدق من الله قيلا
(النساء:122)
ومن العجيب أن العلماء الغربيين يسمون هذه الثقوب السود تسمية مجازية عجيبة حين يسمونها بالمكانس العملاقة التي تبتلع (أو تشفط) كل شيء يقترب منها إلي داخلها:
( Giant Vaccum Cleanersthat Suckineverythinginsight)
وتبقي الثقوب السود صورة مصغرة للجرم الأول الذي تجمعت فيه مادة الكون ثم انفجر ليتحول إلي سحابة من الدخان , وأن من هذا الدخان خلقت السموات والأرض , وتتكرر العملية اليوم أمام أنظار المراقبين من الفلكيين حيث تتخلق النجوم الابتدائية من تركز المادة في داخل السدم عبر دوامات تركيز المادة
( Accretionwhirls)
أو
( Accretion Vertigos)
ومنها تتكون النجوم الرئيسية
( Main Sequeence Stars)
والتي قد تنفجر حسب كتلتها إلي عمالقة حمر
( Red Giants)
أو نجوم مستعرة
( Novae)
أو فوق مستعرة
( Supernovae),
وقد يؤدي انفجار العمالقة الحمر إلي تكون سدم كوكبية
( Planetary Nebulae)
والتي تنتهي إلي تكون الأقزام البيض
( White Dwarfs)
والتي تستمر في التبرد حتي تنتهي إلي مايعرف باسم الأقزام السود
Black Dwarfs)
وهي من النجوم المنكدرة , كما قد يؤدي انفجار فوق المستعرات الي تكون نجوم نيوترونية نابضة أو غير نابضة
( Non-Pulsating or Pulsating Neutron Stars or Pulsars)
أو ثقوب سود
( Black Holes)
حسب كتلتها الابتدائية , وقد تفقد الثقوب السود كتلتها إلي دخان السماء عن طريق تبخر تلك المادة علي هيئة أشباه النجوم المرسلة لموجات راديوية عبر مراحل متوسطة عديدة
ثم تتفكك هذه لتعود مرة أخري إلي دخان السماء مباشرة أو عبر هيئة كهيئة السدم حتي تشهد لله الخالق بالقدرة الفائقة علي أنه وحده الذي يبدأ الخلق ثم يعيده , وأنه وحده علي كل شيء قدير. ومن المبهر حقا أن يشهد علماء الفلك بأن 90% من مادة الكون المنظور (ممثلة بمادة المجرات العادية) هي مواد خفية لا يمكن للإنسان رؤيتها بطريقة مباشرة , وأن من هذه المواد الخفية: الثقوب السود , والأقزام البنية غير المدركة
( Undetected Brown Dwarfs),
والمادة الداكنة
( Dark Matter)
واللبنات الأولية للمادة
( Subatomic Particles)
وغيرها , وأن كتلة الجزء المدرك من الكون تقدر بأكثر من مائة ضعف الكتلة الظاهرة.
أما عن القسم التالي في السورة والذي يقول فيه الحق (تبارك وتعالي): والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس فهما قضيتان مستقلتان عن الخنس الجوار الكنس سنعرض لهما إن شاء الله تعالي في مقام آخر وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمد]ــــــــ[18 Jul 2009, 03:00 م]ـ
لم يتضح لي.
هل المقصود بالخنّس: المذنبات أم النجوم؟
من تفسير الطبري:
28214ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا هوذة بن خليفة, قال: حدثنا عوف, عن بكر بن عبد الله, في قوله: فَلا أُقْسِمُ بالخُنّس الجَوَارِ الْكُنّسِ قال: هي النجوم الدراريّ, التي تجري تستقبل المشرق.(/)
تأثير القرآن على وظائف أعضاء الجسم البشري وقياسه بواسطة أجهزة المراقبة الإلكترونية
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[05 Oct 2005, 10:58 ص]ـ
تأثير القرآن
على وظائف أعضاء الجسم البشري
وقياسه بواسطة أجهزة المراقبة الإلكترونية
(دراسة مقارنة)
بقلم: الدكتور أحمد القاضي
عضو مجلس أمناء المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية
مدير معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث - أمريكا
aabed@ju.edu.jo
حتى وقت قريب لم يكن هناك اهتمام زائد بالقوة الشفائية للقرآن، والتي وردت الإشارة اليها في القرآن، وفي تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم. كيف يحقق القرآن تأثيره، وهل هذا التأثير عضوي أو روحي أو خليط من الاثنين معاً؟
ولمحاولة الإجابة على هذا السؤال بدأنا بإجراء البحوث القرآنية في عيادات " أكبر" في مدينة (بنما سيتي) بولاية (فلوريدا). وكان هدف المرحلة الأولى من البحث هو إثبات ما إذا كان للقرآن أي أثر على وظائف أعضاء الجسد، وقياس هذا الأثر إن وجد. واستعملت أجهزة المراقبة الإلكترونية المزودة بالكمبيوتر لقياس أية تغيرات فسيولوجية عند عدد من المتطوعين الصُّم أثناء استماعهم لتلاوات قرآنية. وقد تم تسجيل وقياس أثر القرآن عند عدد من المسلمين المتحدثين بالعربية وغير المتحدثين بالعربية، وكذلك عند عدد من غير المسلمين. وبالنسبة للمتحدثين بغير العربية، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، فقد تليت عليهم مقاطع من القرآن باللغة العربية ثم تليت عليهم ترجمة هذه المقاطع باللغة الإنجليزية.
وفي كل هذه المجموعات أثبتت التجارب المبدئية وجود أثر مهدئ مؤكَّد للقرآن في 97 % من التجارب المجراة. وهذا الأثر ظهر في شكل تغيرات فسيولوجية تدل على تخفيف درجة توتر الجهاز العصبي التلقائي. وتفاصيل هذه النتائج المبدئية عرضت على المؤتمر السنوي السابع عشر للجمعية الطبية الإسلامية في أمريكا الشمالية، والذي عقد في مدينة (سانت لويس) بولاية (ميزوري).
وقد ظهر من الدراسات المبدئية أن تأثير القرآن المهدئ للتوتر يمكن أن يُعزى إلى عاملين: العامل الأول هو صوت الكلمات القرآنية باللغة العربية، بغض النظر عما إذا كان المستمع قد فهمها أو لم يفهمها، وبغض النظر عن إيمان المستمع. أما العامل الثاني فهو معنى المقاطع القرآنية التي تليت حتى ولو كانت مقتصرة على الترجمة الإنجليزية بدون الاستماع إلى الكلمات القرآنية باللغة العربية.
أما المرحلة الثانية لبحوثنا القرآنية في عيادات " أكبر" فتضمنت دراسات مقارنة لمعرفة ما إذا كان أثر القرآن المهدئ للتوتر وما يصاحبه من تغيرات فسيولوجية عائداً فعلاً للتلاوة القرآنية وليس لعوامل أخرى غير قرآنية مثل صوت أو رنة القراءة القرآنية العربية أو لمعرفة السامع بأن ما يقرأ عليه هو جزء من كتاب مقدس. وبعبارة أخرى فإن هدف هذه الدراسة المقارنة هو تحقيق الافتراض القائل بأن الكلمات القرآنية في حد ذاتها لها تأثير فسيولوجي، بغض النظر عما إذا كانت مفهومة لدى السامع. وهذا المقال يضم تفاصيل ونتائج هذه الدراسة.
المعدات:
استعمل جهاز قياس ومعالجة التوتر المزود بالكمبيوتر ونوعه ميداك 2002 (ميديكال داتا أكويزين)، والذي ابتكره وطوّره المركز الطبي لجامعة (بوسطن) وشركة (دافيكون) في (بوسطن). وهذا الجهاز يقيس ردود الفعل الدالة على التوتر بوسيلتين: إحداهما الفحص النفسي المباشر عن طريق الكمبيوتر، والأخرى بمراقبة وقياس التغيرات الفسيولوجية في الجسد. وهذا الجهاز متكامل ويضم المقومات التالية:
- برنامج للكمبيوتر يشمل الفحص النفساني ومراقبة وقياس التغيرات الفسيولوجية وطباعة تقرير النتائج.
- كمبيوتر من نوع (أبل 2) أي مزود بقرصين متحركين وشاشة عرض وطابع.
- أجهزة مراقبة إلكترونية مكونة من أربع قنوات: قناتان لقياس التيارات الكهربائية في العضلات معبرة عن ردود الفعل العصبية العضلية، وقناة لقياس قابلية التوصيل الكهربائي للجلد، وقناة لقياس كمية الدورة الدموية في الجلد وعدد ضربات القلب ودرجة حرارة الجلد.
وبالنسبة للتيارات الكهربائية في العضلات فإنها تزداد مع ازدياد التوتر الذي يسبب بدوره ازدياداً في انقباض العضلات. ولقياس هذه التغيرات يستعمل موصل كهربائي سطحي يوضع فوق عضلة الجبهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما قابلية التوصيل للجلد فإنها تتأثر بدرجة إفراز العرق في الجلد فتزداد بازدياده وتقل بقلته، والتوتر يزيد من إفراز العرق في الجلد، وأما الهدوء وإزالة التوتر فيؤديان إلى نقصان الرطوبة في الجلد وبالتالي نقصان قابليته للتوصيل الكهربائي. ولقياس هذه التغيرات يستعمل موصل كهربائي حول طرف أحد الأصابع.
أما قياس كمية الدم التي تمر في الجلد إضافة إلى قياس درجة حرارة الجلد فيدل على مدى توسع شرايين الجلد أو انقباضها. ويستعمل لقياس هذه التغيرات موصل كهربائي حساس يربط حول طرف أحد الأصابع وأية تغيرات في كمية الدم الجاري في الجلد تظهر مباشرة على شاشة العرض إضافة إلى سرعة القلب. ومع زيادة التوتر تنقبض الشرايين فتنخفض كمية الدم الجاري في شرايين الجلد، وتنخفض درجة حرارة الجلد، وتسرع ضربات القلب. ومع الهدوء أو نقصان التوتر تتسع الشرايين وتزداد كمية الدم الجاري في الجلد، ويتبع ذلك ارتفاع في درجة حرارة الجلد، ونقصان في ضربات القلب.
الطريقة والحالات المستعملة:
أجريت (210) تجارب على خمسة متطوعين صُمّ من الذكور والإناث، تتراوح أعمارهم بين (17) و (40) سنة، ومتوسط أعمارهم (22) سنة. وكلهم كانوا من غير المسلمين، ومن غير الناطقين بالعربية.
وقد أجريت هذه التجارب خلال (42) جلسة علاجية، تضمنت كل جلسة خمس تجارب؛ وبذلك كان المجموع الكلي للتجارب: (210). وتليت على المتطوعين قراءات قرآنية باللغة العربية الموجودة خلال (85) تجربة، وتليت عليهم قراءات عربية غير قرآنية خلال (85) تجربة أخرى، وقد روعي في هذه القراءات غير القرآنية أن تكون باللغة العربية المجودة بحيث تكون مطابقة للقراءات القرآنية من حيث الصوت واللفظ والوقع على الأذن. ولم يستمع المتطوعون لأية قراءة خلال (40) تجربة أخرى. وخلال تجارب الصمت كان المتطوعون جالسين جلسة مريحة وأعينهم مغمضة، وهي نفس الحالة التي كانوا عليها في أثناء المئة وسبعين تجربة الأخرى التي استمعوا فيها للقراءات العربية غير القرآنية.
ولقد استعملت القراءات العربية غير القرآنية كدواء خال من المادة العلاجية (بلاسيبو) مشابه للقرآن؛ حيث إنه لم يكن في استطاعة المتطوعين المستمعين أن يميزوا بين القرآن وبين القراءات غير القرآنية. وكان الهدف من ذلك هو معرفة ما إذا كان للفظ القرآني أي أثر فسيولوجي على من لا يفهم معناه. وإذا كان هذا الأثر موجوداً فهو فعلاً أثر لفظ القرآن وليس أثراً لوقع اللغة العربية المرتلة وهي غريبة على أذن السامع.
أما التجارب التي لم يستمع فيها المتطوعون لأية قراءة فكانت لمعرفة ما إذا كان الأثر الفسيولوجي نتيجة للوضع الجسدي المسترخي أثناء الجلسة المريحة والأعين مغمضة.
ولقد ظهر بوضوح منذ التجارب الأولى أن الجلسات الصامتة التي لم يستمع فيها المتطوع لأية قراءات لم يكن لها أي تأثير مهدئ للتوتر، ولذلك اقتصرت التجارب في المرحلة المتأخرة من الدراسة على القراءات القرآنية وغير القرآنية للمقارنة.
ولقد روعي تغيير ترتيب القراءات القرآنية بالنسبة للقراءات الأخرى باستمرار، فمرة تكون القراءة القرآنية سابقة للقراءة الأخرى، ثم تكون تالية لها في الجلسة التالية أو العكس.
وكان المتطوعون على علم بأن إحدى القراءات قرآنية والأخرى غير قرآنية، ولكنهم لم يتمكنوا من التعرف على نوعية أيٍّ من القراءات في أية تجربة.
أما طريقة المراقبة في كل تجارب هذه الدراسة فاقتصرت على استعمال قناة قياس التيارات الكهربائية في العضلات وهي جزء من جهاز "ميداك" الموصوف آنفاً، مستخدمين في ذلك موصلاً كهربائيّاً سطحيّاً مثبتاً فوق عضلة الجبهة.
و المعايير التي تم قياسها وتسجيلها خلال هذه التجارب تضمنت متوسط الجهد الكهربائي في العضلة، إضافة إلى درجة التذبذب في التيار الكهربائي في أي وقت أثناء القياس، ومدى حساسية العضلة للإنارة والنسبة المئوية للجهد الكهربائي في نهاية كل تجربة بالنسبة إلى أولها. وقد تم قياس وتسجيل كل هذه المعايير إلكترونيّاً بواسطة الكمبيوتر.
والسبب في تفضيل هذه الطريقة للمراقبة هو أنها تنتج أرقاماً فعلية دقيقة تصلح للمقارنة وللتقويم الكمي للنتائج.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي أية تجربة و أية مجموعة من التجارب المقارنة اعتبرت النتيجة إيجابية لنوع العلاج الذي أدى إلى أقل جهد كهربائي للعضلة، لأن هذا اعتبر مؤشراً لفعالية أفضل في تهدئة التوتر أو إنقاصه مقارناً بأنواع العلاج الأخرى المستعملة مع نفس المتطوع في نفس الجلسة.
النتائج:
كانت النتائج إيجابية في 65% من تجارب القراءات القرآنية. وهذا يعني أن الجهد الكهربائي للعضلات كان أكثر انخفاضاً في هذه التجارب مما يدل على أثر مهدئ للتوتر، بينما ظهر هذا الأثر في 33% فقط من تجارب القراءات غير القرآنية.
وفي عدد من المتطوعين أمكن تكرار هذه النتائج كالإيجابية للقراءات القرآنية بالرغم من إعادة تغيير ترتيبها بالنسبة للقراءات الأخرى مما أكد الثقة في هذه النتائج.
مناقشة النتائج والاستنتاج من الدراسة:
لقد أظهرت النتائج المبدئية لبحوثنا القرآنية في دراسة سابقة أن للقرآن أثراً إيجابيّاً مؤكداً لتهدئة التوتر، وأمكن تسجيل هذا الأثر نوعاً وكمّاً. وظهر هذا الأثر على شكل تغيرات في التيار الكهربائي في العضلات، وتغيرات في قابلية الجلد للتوصيل الكهربائي، وتغيرات في الدورة الدموية وما يصحب ذلك من تغير في عدد ضربات القلب وكمية الدم الجاري في الجلد ودرجة حرارة الجلد.
وكل هذه التغيرات تدل على تغير في وظائف الجهاز العصبي التلقائي والذي بدوره يؤثر على أعضاء الجسد الأخرى ووظائفها. ولذلك فإنه توجد احتمالات لا نهاية لها للتأثيرات الفسيولوجية التي يمكن أن يحدثها القرآن.
وكذلك فإن من المعروف أن التوتر يؤدي إلى نقص المناعة في الجسم واحتمال أن يكون ذلك عن طريق إفراز (الكورتيزول) أو غير ذلك من ردود الفعل بين الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء ولذلك فإنه ومن المنطق افتراض أن الأثر القرآني المهدئ للتوتر يمكن أن يؤدي إلى تنشيط وظائف المناعة في الجسم، والتي بدورها ستحسن من قابلية الجسم على مقاومة الأمراض أو الشفاء منها. وهذا ينطبق على الأمراض المعدية والأورام السرطانية وغيرها.
كما أن نتائج هذه التجارب المقارنة تشير إلى أن كلمات القرآن بذاتها وبغض النظر عن مفهوم معناها لها أثر فسيولوجي مهدئ للتوتر في الجسم البشري.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن هذه النتائج المذكورة هي النتائج المبدئية لعدد محدود من التجارب المجراة على عدد صغير من المتطوعين.
وبرنامج البحوث القرآنية مازال مستمرّاً لتحقيق عدد من الأهداف نذكر منها التالي:
ا- إجراء عدد أكبر من التجارب على عدد أكبر من المتطوعين لتأكيد النتائج الحالية.
2 - مقارنة أثر الكلمات القرآنية بأثر المعاني القرآنية سواء باللغة العربية أو المترجمة.
3 - مقارنة تأثير الآيات المختلفة من القرآن مثل آيات الترغيب وآيات الترهيب.
4 - مقارنة تأثير القرآن بتأثير الوسائل العلاجية الأخرى المستعملة حاليّاً لتهدئة التوتر.
5 - اختبار أثر القرآن العلاجي الطويل المدى على وظائف المناعة في الجسم سواء منها المتعلق بالخلايا أو الأجسام المضادة في الدم.
6 - اختبار أثر القرآن العلاجي في حالات مرضية معينة وخاصة الحالات البدنية منها، وتمحيص هذا الأثر بالطرق العلمية الدقيقة.
ويتضح مما سبق أن هذا البرنامج للبحوث القرآنية برنامج طويل ومعقد وسيتطلب عدداً من الدراسات المستقلة وسيستغرق عدداً من السنين لإتمامه. ولكنه كذلك موضوع في غاية من الأهمية ويبشر بنتائج طيبة نرجو أن تكون لها فائدة عملية مجزية.
المصدر: http://www.hoffaz.org/
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[05 Oct 2005, 04:11 م]ـ
بارك الله فيكم. نقل جميل ومفيد.(/)
سؤال عن كتاب وتعليقات ودرس الشيخ خالد السبت
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[05 Oct 2005, 11:36 م]ـ
اخواني اين اجد كتاب قواعد التفسير للشيخ خالد السبت
وسمعت الشيخ يقول في احد اشرطته ان تعليقاته على تفسير سورة البقرة من مختصر تفسير بن كثير ستخرج قريبا فهل خرجت
وماذا عن دروسه حفظه الله وهل له درس شهري لمن اراد المجيء من خارج المنطقة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Oct 2005, 09:32 ص]ـ
كتاب (قواعد التفسير) للدكتور الفاضل خالد بن عثمان السبت - وفقه الله - متوفر في معظم المكتبات في الرياض وجدة ومكة وأبها وغيرها، وقد نشرته دار ابن عفان في مجلدين، ومعهما كتيب صغير جرد فيه المؤلف القواعد ليسهل حفظها.
وأما دروسه فله درس يومي في التفسير في التعليق على مختصر المصباح المنير من تفسير ابن كثير، وتجد كثيراً من حلقاته في موقع البث الإسلامي ( http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&tid=31).
وأما عن طباعة ما أنجزه من التعليقات في دروسه، فلا علم لي بذلك، ولعل طلابه كأخي أبي معاذ البخيت يتكرم بالجواب فهو أدرى بشيخه وفقهما الله لكل خير.
ـ[تابع الأثر]ــــــــ[08 Oct 2005, 10:54 م]ـ
سمعت ذلك من الشيخ الفاضل خالد السبت في درسه قواعد التفسير الذي عقد في جامع البلوي بالفيصلية بالمدينة لهذا العام وهو درس نافع ماتع أنصح الأخوة بالأستماع إليه. ولكن إلى الآن لم أجد شيئا. فلعل طلاب الشيخ يفيدوننا في ذلك.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[09 Oct 2005, 06:16 م]ـ
هناك كتاب مناهل العرفان للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني رحمه الله
بتحقيق وتعليق: الشيخ خالد بن عثمان السبت(/)
التعريف بسورة الفرقان
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[07 Oct 2005, 09:03 م]ـ
أقول بعون الله:
سورة الفُرْقَان
سبب التسمية:
سُميت بهذا الاسم لأن الله تعالى ذكر فيها هذا الكتاب المجيد الذي أنزله على عبده محمد وكان النعمة الكبرى على الإنسانية لأنه النور الساطع والء المبين،الذي فرق الله به بين الحق والباطل،والنور والظلام،والكفر والإيمان،ولهذا كان جديرا بأن يسمى الفرقان
التعريف بالسورة:
1) مكية.ماعدا الآيات 68،69،70 فمدنية.
2) من المثاني.
3) آياتها 77.
4) ترتيبها الخامسة والعشرون.
5) نزلت بعد سورة " يس ".
6) بدأت باسلوب الثناء " تبارك "، السورة بها سجدة في الآية 60، الفرقان هو اسم من أسماء القرآن.
7) الجزء "19"، الحزب "36،37"، الربع "1،2".
محور مواضيع السورة:
محور السورة يدور حول إثبات صدق القران وصحة الرسالة المحمدية وحول عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء وفيها بعض القصص للعظة والاعتبار.
سبب نزول السورة:
عن ابن عباس قال لما عَيَّر المشركون رسول اللهبالفاقة قالوا ما لهذا الرسول ياكل الطعام ويمشى في الاسواق حزن رسول الله فنزل جبريل عليه السلام من عند ربه مُعَزِّيا له فقال السلام عليك يا رسول الله رب العزة يقرئك السلام ويقول لك (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) أي يبتغون المعاش في الدنيا قال فبينا جبريل والنبي يتحدثان إذ ذاب جبريل حتى صار مثل الهذرة قيل يا رسول الله وما الهذرة قال العدسة فقال رسول الله مالك ذبت حتى صرت مثل الهذرة قال يا محمد فُتِحَ باب من أبواب السماء ولم يكن فتح قبل ذلك اليوم وإني أخاف أن يعذب قومك عند تعييرهم إياك بالفاقة واقبل النبي وجبريل عليهما السلام يبكيان اذ عاد جبريل إلى حاله فقال أَبْشِرْ يا محمد هذا رضوان خازن الجنة قد أتاك بالرضا من ربك فاقبل رضوان حتى سَلَّم ثم قال يا محمد رب العزة يقرئك السلام ومعه سفط من نور يتلالأويقول لك ربك هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عنده في الآخرة مثل جناح بعوضة فنظر النبي إلى جبريل كالمستشير به فضرب جبريل بيده إلى الارض فقال تواضع لله فقال يا رضوان لا حاجة لي فيها الفقر أحب إليّ وأن أكون عبدا صابرا شكورا فقال رضوان اصبت اصاب الله بك وجاء نداء من السماء فرفع جبريلرأسه فإذا السموات قد فتحت أبوابها إلى العرش وأَوْحَى الله تعالى إلى جنة عدن أن تُدَلِّي غصنا من أغصانها عليه عذق عليه غرفة من زبرجدة خضراء لها سبعون الف باب من ياقوته حمراء فقال جبريل يا محمد ارفع بصرك فرفع فرأى منازل الانبياء وغرفهم فإذا منازله فوق منازل الانبياء فضلا له خاصة ومناد ينادي أَرَضِيتَ يا محمد فقال النبي رضيت فاجعل ما اردت ان تعطيني في الدنيا ذخيرة عندك في الشفاعة يوم القيامة ويرون ان هذه الآية انزلها رضوان (تبارك الذي ان شاء جعل لك خير من ذلك جنات تجري من تحتها الانهار ويجعل لك قصورا).
1) قال ابن عباس في رواية عطاء الخراساني كان أبي بن خلف يحضر النبيويجالسه ويسمع إلى كلامه من غير أن يؤمن به فزجره عقبة بن أبي معيط عن ذلك فنزلت هذه الآية.
2) قال الشعبي وكان عقبة خليلا لأمية بن خلف فأسلم عقبة فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا، وكفر وارتد لرضا أمية فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.
3) وقال آخرون أن أُبي بن خلف وعقبة بن ابي معيط كانا متحالفين وكان عقبة لا يقدم من سفر الا صنع طعاما فدعا اليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسه النبيفقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاما فدعا الناس ودعا رسول الله إلى طعامه فلما قرب الطعام قال رسول الله: ماأنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ فأكل رسول الله من طعامه وكان أبي بن خلف غائبا فلما أُخْبِرَ بقصته قال:صبأت يا عقبة فقال والله ما صبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحيت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت فطعم فقال اُبيّ: ما أنا بالذي رضي منك أبدا إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه؛ ففعل ذلك عقبة فأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه فقال رسول الله: لا ألقاك خارجا من مكة إلاعلوت رأسك بالسيف؛ فقتل عقبة يوم بدر صبرا وأما أبيّ بن خلف فقتله النبي يوم أحد في المبارزة فأنزل الله تعالى فيهما هذه الآية وقال الضحاك: لما بزق عقبة في وجه رسول الله عاد بزاقه في وجه فتشعب شعبتين فأحرق خديه وكان أثر ذلك فيه حتى الموت.
فضل السورة:
عن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله فكدت أساوره في الصلاة فتبصرت حتى سلّم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال:أقرأنيها رسول الله فقلت كذبت فإن رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله لهشام اقرأ فقرأ فقال رسول الله كذلك أُنزِلَتْ ثم قال اقرأ يا عمر فقرأت فقال رسول الله كذلك أنزلت إن هذا القرآن أُنِزلَ على سبعة أحرف فاقرأوا ما تَيَسَّرَ منه.
تنبيه: العبد لله لم يتحر الصحة في الأحاديث المذكورة .. إنما جمعت فقط, لذا لزم التنويه
والله من وراء القصد.
أخوكم
(أبو صلاح الدين)(/)
هذه لنا وليست لكم: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول)
ـ[القلم]ــــــــ[08 Oct 2005, 12:06 ص]ـ
من أفضل ما قرأت في الرد على من يجوز التوسل بهذه الآيه رد الشيخ الفاضل / أحمد ولد الكوري العلوي الشنقيطي.
في كتابه (بلوغ غاية الأماني في الرد على مفتاح التجاني).
قال سلمه الله:-
قال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما [النساء 64].
أ - قال ابن كثير:" يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن ياتوا إلى الرسول فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم " اهـ
ب - قال الشوكاني: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بترك طاعتك والتحاكم إلى غيرك جاءوك متوسلين إليك متنصلين من جناياتهم ومخالفتهم فاستغفروا الله لذنوبهم وتضرعوا إليك حتى قمت شفيعا لهم واستغفرت لهم ولهذا قال لوجدوا الله توابا رحيما " اهـ
ج - قال الرازي:" يعني لو أنهم عندما ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت والفرار من التحاكم إلى الرسول جاءوا الرسول فأظهروا الندم على ما فعلوه وتابوا عنه واستغفروا منه واستغفر لهم الرسول بأن يسأل الله أن يغفر لهم عند توبتهم لوجدوا الله توابا رحيما " اهـ
د - قال أبو السعود: " جاءوك من غير تأخير كما يفصح عنه تقديم الظرف متوسلين بك في التنصل عن جناياتهم القديمة والحادثة ولم يزدادوا جناية على جناية بالقصد إلى سترها بالإعتذار الباطل والأيمان الفاجرة فاستغفروا الله بالتوبة والإخلاص وبالغوا في التضرع إليك حتى انتصبت شفيعا لهم إلى الله تعالى واستغفرت لهم " اهـ
* فتلخص مما سبق أنه يرد على استدلالهم بهذه الآية من عشرة أجه:
1 - الآية خطاب لقوم معينين وليس فيها لفظ عموم حتى نقول العبرة بعموم اللفظ وإنما فيها ضمائر والضمائر لا عموم لها.
2 - أما المجيء إلى القبر لا يتناوله المجيء إلى الشخص لا شرعا ولا لغة ولا عرفا فالمجيء إليه إنما يكون في حياته فقط.
3 - أن الاستغفار عمل وفي الحديث ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلى من ثلاثة: صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له)).
4 - لو استقام استدلالهم بهذه الآية لكان قوله تعالى ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم [الحجرات 5] أولى، فما كان ردهم على هذه الآية فهو ردنا على الاستدلال بتلك.
5 - ثم المتوسل به بعد موته لا بد أن يناديه من وراء الحجرة والله يقول إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون [الحجرات 4].
6 - لو جاز الاستدلال بهذه الآية بعد موته لجاز الاستدلال على بيعته بعد موته لقوله تعالى يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا الآية [الممتحنة 10].
7 - هذا الأمر لم يفعله أحد من السلف الصالح ولا من تبعهم بإحسان من أئمة الإسلام وهداة الأنام بل أجمعوا على تركه.
8 - لو سلمنا جدلا أنه يسمع الشخص الآن فيستغفر له لكان هذا من التوسل بدعاء عباد الله الصالحين.
9 - لو كان يسمع ويتكلم ما سكت عن الصحابة في الفتن العظيمة ولما ترك الدعوة والجهاد في سبيل الله.
10 - الآية تعني المنافقين الذين امتنعوا عن حكم الله ورسوله فلا بد لهم من استغفار الله واستغفار الرسول الذي تحدوه بامتناعهم عن حكمه كما دل على ذلك سياق الآيات وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ... الآيات [النساء 61 - 63]. انتهى.
* أرجو التعليق (إضافة - استدراك - تصحيح).
ولكم الأجر.
ـ[العامر]ــــــــ[10 Oct 2005, 07:03 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الايضاح ...
وهذه اضافة ايضاً من كلام ابن عثيمين رحمه الله:
القسم الثالث أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته لأنه ليس وسيلة إذ أنه لا يوصل الإنسان إلى مقصوده لأنه ليس من عمله فإذا قال قائل لو جئت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام عند قبره وسألته أن يستغفر لي أو أن يشفع لي عند الله هل يجوز ذلك أو لا قلنا لا يجوز فإذا قال أليس الله يقول (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما) قلنا بلى إن الله يقول ذلك ولكنه يقول ولو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك وإذ هذه ظرف لما مضى وليس ظرفاً للمستقبل لم يقل الله تعالى ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول بل قال إذ ظلموا فالآية تتحدث عن أمر وقع في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وحصل من بعض القوم مخالفة وظلم لأنفسهم فقال الله تعالى ولو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول واستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مماته أمر متعذر لأنه إذا مات العبد انقطع عمله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له) فلا يمكن للإنسان بعد موته أن يستغفر لأحد بل ولا يستغفر لنفسه أيضاً لأن العمل انقطع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القلم]ــــــــ[10 Oct 2005, 09:56 م]ـ
مشاركة موفقة أخي العامر وجزاك الله خير
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 Oct 2005, 04:43 ص]ـ
فائدة:
روى أبو دَاودَ في سُنَنِهِ مِنْ حَديثِ أبي هُريرةَ قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍَ يُسَلِّمُ عَلىَّ إلَّا رَدَّ اللهُ عَلىَّ رُوُحِي حتَّى أَرُدَّ عليْهِ السَّلام». (2041) وغيره.
وهو حديث حسن.
هذا الحديثُ دَلَّ عَلى بُلُوغِ السَّلامِ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنَّه يَردّ عليهم السَّلام، وهو في قَبْرِهِ؛ لأنَّه حيٌ، وهذا ما صرَّح به الدَّليلُ، ثُمَّ لا يُشترط في السلام عليه زيارتُهُ، فإنَّه صلاتَنا وسلامَنا عليه يَبْلُغَانِهِ حيثُ ما كُنَّا، كما نَطَقَتْ بهذا السنُّة النبويَّة، إذا يقول صلى الله عليه وسلم: (وصَلُّوا عليَّ فإنَّ صَلاتَكُمْ تَبلُغُنِي حَيْث كنْتُمْ) رواه أبو داود في المناسك، باب زيارة القبور (2042) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الحافظ في الفتح (6/ 488): (سنده صحيح).
وهذا خاصٌ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليه فقط، وليس فيه طَلَبُ شيءٍ أو مَغْفِرةٍ أو سُؤْلٍ، أو مَنْفَعةٍ، فإنَّ هذا ممنوعٌ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، أما في حالِ حياتِهِ فلا بَأس، يقول شيخُ الإسلامِ ابن تيميَّة رحمه الله: (وقد مضتْ السُّنَّةُ أنَّ الحيَّ يُطلب منه الدُّعاء كما يُطلبُ منه سائرَ ما يَقْدِرُ عليه. وأمَّا المخلوق الغائب والميِّت فلا يُطلبُ منه شَيْءٌ) قاعدة جليلة صـ (165).
وهنا لابُدَّ أنّْ يُعلم الفَرْقُ بين الاستغاثة الشرعية والممنوعة:
فالأولى: لا بَأْسَ بها إذا كانت في مَقْدُورِ الإنْسَان الحاضِر وَوُسْعِهِ، مثال ذلك: قصة موسى عليه السلام كما حكاه الله عنه في سورة القصص بقوله: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ} (15) سورة القصص [سورة القصص: 15] وهذا جائز بلا ريب.
والثانية: ممنوعةٌ وشركٌ أكبر، كأنْ يُسْتَغَاثُ بمخلوقٍ ميِّتٍ أو غائبٍ لا يَقْدِرُ على شيءٍ، فكيف يُغِيْثُهُ؟ أو يَنْصُره؟ أو يَغْفِرَ لَهُ؟ أو يَرْزُقُهُ ما يُحِبُّ؟ أو يَشْفي مَرَضَهُ أو مريضَه؟ وهذا فعل أصحاب القبور وأهل المقامات المزعومة التي لا تنفع ولا تَضُرُّ من دون الله تعالى.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على قول: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور، أو فاستعينوا بأهل القبور) من كتاب الدعاء للشيخ محمد الحمد (108): (فإنَّ الاستعانة بأصحاب القبور، والاستعانة بهم من أعظم أنواع الشرك بإجماع أهل العلم والإيمان. وبذلك يعلم أن هذا الحديث من وضع عبَّاد القبور، قبَّح الله واضعه، وعامله بما يستحق)
ومن العَجيبُ أنّ يَسْتَدِلُّ البعضُ من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (64) سورة النساء [سورة النساء: 64]، فيقولون: بأنَّ مَنْ أَخْطَأ وأَذْنَبَ يُنْدَبُ له أنْ يأتيَ قبرَ النَّبيِّ ? ويخاطبُهُ ويَطلُبُهُ أنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ!! وهذا _ لعَمْرُ الله _ إنه ضلالٌ في الفَهْمِ، وبُعدٌ عن التوحيد، فلو كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَيَّاً لَصَحَّ ذلك، ولكن بعد وفاته لا يجوز ذلك ألبتة، وهذا داخلٌ في الشرك الأكبر، ومن التوسُّل الممنوع _ والعياذ بالله _ ولَمْ يفعله الصحابة، ولا التابعون، ولَمْ يستغيثوا به بعد موته، بل لمَّا أَجدبوا اسْتَسْقَوْا بعَمِّه العباس رضي الله عنه، فلو كان دعاءُ الميِّتِ والاستغاثةِ به جائزاً لهَرَعُوا إلى قبره، ولَمَا طلبوا عمَّه للاستسقاء، فعُلم بذلك _ وغيره _ أنَّ دعاءَ الأمواتِ وطلب التَّوسل بذاتهم وبجاههم _ ولو من الأنبياء _
(يُتْبَعُ)
(/)
من الشرك الأكبر الذي يجب على المسلم البعد عنه والحذر من الوقوع فيه كل الحذر، وما يذكر من الأحاديث بجواز الاستغاثة فلا ترتقي للصحة بل هي ضعاف. كقصة العتبي، والضرير الذي زعموا انه أمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله بجاهه! فهذا كله من الزعم الباطل، لا يُلتفتُ إليه ولو ذكر بعضُ العلماء ذلك في كتبهم ومصنَّفاتهم فبعضهم ينقل عن بعض _ فسامحهم الله _ فالعبرة بما جاء في كتاب ربنا عز وجل وما جاءت به السُّنَّة الصحيحة الصريحة. وأما غيرهما فكلٌّ يُأخذ من قوله ويرد إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله الحصيِّن رحمه الله في الدرر السنيَّة (2/ 192 _ 193): (وقد اتفق الصحابةُ، والتابعون لهم بإحسان، على أنَّ النبي ? لا يُسْأَلُ بعد موته، لا استغفاراً، ولا دعاءً، ولا غيرهما؛ فإنَّ الدعاءَ عبادةٌ، مَبْنَاها على التوقيف والإتِّباع، لا على الهوى، والابتداع، ولو كان هذا من العبادة، لَسَنَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولكان أَصْحابُهُ أعلمَ بذلك وأَتْبَعَ لَهُ.
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (64) سورة النساء [سورة النساء: 64] فإتيانهم له صلى الله عليه وسلم للاستغفار، مخصوص بوجوده في الدنيا، ولهذا لَمْ يفعلهُ أحدٌ من الصحابة، ولا التابعين، مع شدَّة احتياجهم، وكثرةِ مُدْلَهَمَّاتِهِم، وهم أعلمُ بمعاني كتاب الله، وسنَّة رسوله، وأحرصُ إتِّباعاً لمِلَّتِهِ من غيرهم؛ بلْ كانوا ينهون عنه، وعن الوقوف عند القبر للدعاء عنده؛ منهم الإمام مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعي؛ وهم من خير القرون، التي قد نَصَّ صلى الله عليه وسلم عليها في قوله: " خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " قال عمران: لا أدري أذكر اثنتين أو ثلاثاً بعد قرنه، رواه البخاري في صحيحه).
وقال الشيخُ السعدي رحمه الله في تفسيره (1/ 319): (وهذا المجيءُ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مُخْتَصٌ بحياتِهِ؛ لأنَّ السِّياقَ يدُلُّ على ذلك لكون الاستغفار من الرَّسول لا يكون إلا في حياته، وأمَّا بعد موته فإنَّه لا يُطْلبُ منْهُ شيءٌ بلَ ذلك شِرْكٌ) والله أعلم
أتمنى التوجيه من المشايخ الفضلاء، فقد أكون جانبتُ الصواب، فما لنا إلَّا الرجوع والمآب.
محبكم
ـ[القلم]ــــــــ[12 Oct 2005, 01:24 ص]ـ
جزاك الله خير يا أبا العالية على هذه الفوائد ونفع بك.
ـ[القلم]ــــــــ[12 Oct 2005, 01:26 ص]ـ
هل هذا القاعدة التي ذكرها الشيخ الشنقيطي صحيحة أم لا؟
(الآية خطاب لقوم معينين وليس فيها لفظ عموم حتى نقول العبرة بعموم اللفظ وإنما فيها ضمائر والضمائر لا عموم لها).
أرجو التوضيح.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[13 Oct 2005, 03:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله المبعوث رحمة للعالمين،سيدنا و حبيبنا و شفيعنا يوم الدين، سيد ولد آدم أجمعين محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه تسليما كثيرا.
أما بعد:
فقد اختص نبينا عليه الصلاة و السلام بخصوصيات لم يحصل عليها خلق من خلق الله - سواء في ذلك النبيون و الملائكة المقربون - و من ذلك معراجه الشريف إلى قرب سدرة المنتهى وحده، و الملك جبريل عليهما السلام توقف إلى ما دون ذلك؟ فتأمله، ترى دلالته.
و كذا ذكر اسمه الشريف مقرونا باسم الخالق العظيم - الله - في الأذان للصلاة، و في الإقامة لها، و في آي القرآن، و الصلاة بها، و في التشهد، و كل ذلك من العبادات، بل من أعظم العبادات،
و كل ذلك بأمر من الله لعباده المؤمنين، و بفضل منه على رسوله الكريم، و هذا من المعلوم من الدين بالضرورة، و يكفر منكره و جاحده، و على ذلك إجماع المسلمين. و هو ثابت بالقرآن الكريم، و بالحديث الشريف.
(يُتْبَعُ)
(/)
و هو صاحب المقام المحمود - يوم الحساب - و صاحب الشفاعة العظمى في ذلك اليوم العصيب، فمنزلته صلى الله عليه و سلم عند رب العباد منزلة عالية، و هكذا يجب أن تكون عند العباد المؤمنين، و لذا ينبغي الحرص و الحيطة في كل ما قد يكون فيه أدنى مساس بتلك المكانة السامية الشريفة.
**************
أقدم ما سبق - لكلامي التالي - تبصرة و تذكرة لي و لغيري من الخائضين في الكلام في الشأن الشريف، منبها على ألا يدفعنا جهل الجاهلين - و ما أحدثوه من بدع و مناكير -إلى أن نجهل مثلهم أو فوقهم، فننكر على رسولنا الكريم ما أثبته له رب العالمين من خصوصيات، اللهم إلا بيقين برفع واحدة منها في حال ما أو حين.
- أقول هذا، لما نشر هنا من مشاركة معنونة ب: " هذه لنا وليست لكم: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) "، جاء فيها ما ظاهره إنكار التوسل برسول الله صلى الله عليه و سلم بعد وفاته، و قد ذكر قائلها: [* أرجو التعليق (إضافة - استدراك - تصحيح).
ولكم الأجر]. و هأنذا ألبي مطلبه بعون الله و توفيقه.
----------------
ذكر كاتبها أن:
" من أفضل ما قرأت في الرد على من يجوز التوسل بهذه الآيه رد الشيخ الفاضل / أحمد ولد الكوري العلوي الشنقيطي.
في كتابه (بلوغ غاية الأماني في الرد على مفتاح التجاني) "
- و كان مما استشهد به الشنقيطي على رد استدلالهم بهذه الآية أقوال عدد من العلماء المفسرين - نقل أقوالهم - و لكن ما نقله عنهم لا ينفي وجود أدلة أخرى تثبته، و من ذلك:
* 1 - أن أصل التوسل برسول الله صلى الله عليه و سلم ثابت بالحديث الصحيح، الذي صححه الإمام الترمذي، و كذا ابن ماجه، و لا يوجد ما يرفع حكمه، و لا ما يقيده بحياته عليه الصلاة و السلام:
أولا:
جاء في " سنن ابن ماجه "، ج1/ص441
باب ما جاء في صلاة الحاجة:
ح 1385 حدثنا أحمد بن منصور بن يسار ثنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن أبي جعفر المدني عن عمارة بن خزيمة بن ثابت (عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني. فقال: إن شئت أخرت لك وهو خير، وإن شئت دعوت. فقال: ادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء:
" اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى،اللهم فشفعه في "
قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح).
ثانيا:
جاء في " سنن الترمذي "، ج5/ص569: 119 باب
ح 3578 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت (عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء:
" اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، لي اللهم فشفعه في "
قال هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي، وعثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف).
- و عليه، فأصل التوسل برسول الله صلى عليه و سلم - عند الله عز و جل - في قضاء حاجات العباد صحيح، و ثابت بالحديث الصحيح، الذي رواه الترمذي، و ابن ماجه، و غيرهما،
** و هو و إن كان في حياته عليه الصلاة و السلام ثابت بيقين، فلا يرتفع حكمه بعد وفاته إلا بيقين مثله، على ما هو مقرر في أصول الفقه، و هو ما لم يوجد، و المماري عليه الدليل، كما لا يوجد دليل علي تقييده بحياته - دون مماته - صلى الله عليه و سلم، هذا من ناحية،
- و من ناحية ثانية: فقد احتج منكره - بعد الوفاة النبوية الشريفة - بما ذكره الإمام الشوكاني، قال:
((ب - قال الشوكاني: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بترك طاعتك والتحاكم إلى غيرك جاءوك متوسلين إليك متنصلين من جناياتهم ومخالفتهم فاستغفروا الله لذنوبهم وتضرعوا إليك حتى قمت شفيعا لهم واستغفرت لهم ولهذا قال لوجدوا الله توابا رحيما " اهـ)).انتهى الاقتباس
************
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا الاستشهاد لا حجة فيه لمن استشهد بالآية على جواز التوسل به بعد وفاته صلى الله عليه و سلم، و كذا - و بنفس القدر - لا حجة فيه لمنكره و نافيه، و ذلك لوجود أدلة كثيرة و قوية في إثباته، سنوردها فيما بعد إن شاء الله تعالى،
*2 - و سأذكر منها ما قاله الشوكاني نفسه، و الذي استشهد الشنقيطي بكلامه و تفسيره فيما تقدم،
- قال في التوسل به عليه الصلاة و السلام: [ .... والقول الثاني أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه]،
**********************
* ذكر ما تقدم و نقله الإمام الحافظ المباركفوري في كتابه " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي "، و إليكم بيانه:
((وقال الشوكاني في " تحفة الذاكرين ": وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله إلى الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى،وأنه المعطي المانع،ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. انتهى
وقال فيها _[أي في " تحفة الذاكرين "]- في شرح قول صاحب العمدة ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين - ما لفظه: ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى النبي فذكر الحديث ثم قال وأما التوسل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله وقال عمر رضي الله عنه اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا الخ. انتهى
وقال في رسالته " الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ": وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي إن صح الحديث فيه،
ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه بن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى النبي فذكر الحديث،
قال وللناس في معنى هذا قولان:
أحدهما: أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا وهو في صحيح البخاري
وغيره فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم قي حياته في الاستسقاء ثم توسل بعمه العباس بعد موته وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى والنبي كان في مثل هذا شافعا وداعيا لهم،
والقول الثاني: أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه،
ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعا سكوتيا لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في توسله بالعباس رضي الله عنه .... )).
انتهى النقل عن صاحب " تحفة الأحوذي "
*****************
و المسألة و تقريرها و تحقيقها تحتاج إلى مزيد بسط و بيان، و لكني آثرت سرعة الإجابة لما طلبه كاتب المشاركة الأصلية،
** و أود أن يكون الرد بروية و علم، مع الالتزام بأدب الخلاف.
كتبه
الراجي عفو ربه، و شفاعة رسوله
د. أبو بكر بن عبد الستار آل خليل
ـ[القلم]ــــــــ[17 Oct 2005, 03:43 م]ـ
وكذلك من أفضل ما قرأت في الرد على من يجوز التوسل بهذ الحديث رد الشيخ الفاضل / أحمد ولد الكوري العلوي الشنقيطي.
في كتابه (بلوغ غاية الأماني في الرد على مفتاح التجاني).
حديث الأعمى
والرد عليه من سبعة عشر وجها:
قال عبد الله بن أحمد حدثني أبي، وقال الترمذي والنسائي حدثنا محمود بن غيلان، وقال ابن ماجه حدثنا أحمد بن محمد بن منصور وقال الحاكم حدثنا أحمد بن سليمان الفقيه عن الحسن بن مكرم.
أربعتهم عن عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف عنه "أن رجلا ضرير البصر أتى النبي فقال ادع الله أن يعافيني، قال: ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك)) قال: فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في)) هذا لفظ النسائي وللترمذي نحوه".
الرد: -
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - إضطراب إسناده فقد رواه شعبة وحماد عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف؛ قال النسائي: خالفهما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فقالا عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن خراشة عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان بن حنيف اهـ
ومن كان مثل أبي جعفر لا يحتمل منه هذا الإختلاف لأنه لم يوصف بالحفظ والضبط وإنما وصف بالصدق فقط.
2 - اضطراب متنه: فبعضهم زاد " يصلي ركعتين"وأكثرهم لا يذكرها وبعضهم يقول " فشق علي ذهاب بصري"وعامتهم يحذفونها وبعضهم يقول "شفعني في نفسي"وبعضهم يحذفها وبعضهم يقول:" فرجع وقد كشف له عن بصره" وأكثرهم لا يذكر ذلك وفي رواية بعضهم "إني توجهت بك يا محمد "وغيره يحذفها، وفي بعض الطرق " أن يقضي حاجتي أو حاجتي إلى فلان أو حاجتي في كذا وكذا " وعند بعضهم " وشفعني فيه "وفي رواية "ثم ما كانت حاجة فافعل مثل ذلك " وفي بعض الطرق " فكان يقول هذا مرارا " وفي رواية " وإن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك " كل هذه الألفاظ المختلفة مدارها على أبي جعفر وهذا مما يؤكد عدم ضبطه للحديث.
3 - نكارة متنها لأن الصحابي لن يعرض عليه رسول الله أمران ويقول له إن أحدهما خير له في الآخرة ثم يتركه أبدا وفي رواية أحمد أنه قال للأعمى ((إن شئت أخرت ذلك وهو أفضل لآخرتك)) ومما يؤيد ذلك قصة المرأة التي كانت تصرع وقال لها النبي ((إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت أصبر…الحديث.
خاصة أن الصحابي يسمع الأجر العظيم الذي ورد في الصبر على فقد البصر لحديث أنس بن مالك أن رسول الله قال: ((إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)) يريد عينيه.
فهذا يدل على أن الخير الذي وعد به رسول الله الأعمى إذا صبر هو الجنة أو ما هو أعم منها.
وعلى تقدير صحته فهو واضح وضوح الشمس في الدلالة على التوسل بالدعاء لا غير يدل على ذلك:
4 - مجيء الأعمى إلى رسول الله صريح في أن المقصود هو التوسل بالدعاء لأنه لو قصد التوسل بالجاه لما تجشم عناء المجيء إليه.
5 - قول الأعمى:" ادعو الله أن يعافيني " نص صريح في أنه إنما يريد دعاءه.
6 - قوله في الرد على الأعمى ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك)) فخيره بين الدعاء والصبر على البلاء فلم يذكر له التوسل بالجاه ولا بالذات من قريب ولا بعيد.
7 - قول الأعمى: " ادع " وفي رواية النسائي من طريق حماد "ادع الله لي " مرتين أو ثلاثا وفي رواية أحمد " لا بل ادع الله لي " فهذا واضح في أن مقصود الأعمى هو الدعاء.
8 - قول الصحابي "فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء " يدل على أن المسالة متعلقة بالدعاء ليس إلا ولا علاقة لها بجاه ولا غيره.
9 - قال الأعمى: "إني توجهت بك" بعد قوله "أتوجه إليك " فيه معنى قوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فيكون خطابا لحاضر معاين في قلبه مرتبط بما توجه به عند ربه من سؤال نبيه بدعائه الذي هو عين شفاعته ولذلك أتى بصغة الماضوية بعد الصغة المضارعية المفيد كل ذلك: أن هذا الداعي قد توسل بشفاعة نبيه في دعائه فكأنه استحضره وقت ندائه.
10 - قوله في الحديث " اللهم شفعه في " صريح في أن هنالك داعيان هما رسول الله والأعمى حتى يكون العدد شفعا قال في اللسان: " وتشفعت إليه في فلان فشفعني فيه تشفيعا قال حاتم يخاطب النعمان:
فككت عديا كلها من إسارها =فأفضل وشفعني بقيس بن جحدرقوله في الحديث " وشفعني فيه " وفيه أوضح دليل على أن المقصود هو الدعاء منهما فلذلك يطلب من الله قبول تلك الشفاعة لأن معنى شفع قبل شفاعته قال في القاموس:" وشفعته فيه تشفيعا حين شفع كمنع شفاعة قبلت شفاعته ".
وعلى هذا يكون المعنى اللهم اقبل دعائي في أن تقبل شفاعته في.
12 - هذا لو صح من معجزاته وخصائصه ولذلك رواه أصحاب دلائل النبوة كالبيهقي وأبو نعيم وابن كثير وغيره.
13 - لو صح لكان خاصا بحال حياة النبي لأنه لا يتصور منه الدعاء بعد موته.
14 - المستدلون بهذا الحديث يقيسون جاه صاليحهم بجاه رسول الله وشتان ما بين اليزيدين.
15 - لو كان الحديث صحيحا لورد أن بعض الصحابة فعله مع كثرة العميان فيهم كابن أم مكتوم وابن عباس وجابر وغيرهم.
16 - لوصحت هذه القصة لتواتر نقلها وكثر ذكرها واشتهر أمرها ولما تفرد بها صحابي واحد مع أنها معجزة عظيمة وآية باهرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
في رواية الطبراني " فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط ".
17 - وقد روى الطبراني هذا الحديث فذكر في أوله قصة منكرة وهي أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك ورح إلي حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال ما حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فاتنا ثم إن الرجل خرج من عندي فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله وأتاه رجل ضرير ... " الحديث.
وإنما قلت إنها منكرة لأمور:
أ - قوله "وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته " وقوله في آخر القصة " ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في ... " فهذا باطل قطعا لأنه يدل على مداومة عثمان لذلك.
ولعل محمد مفتاح لم يلتفت إلى هذا اللفظ عمدا لحاجة في نفسه! فراح يرد على اتخاذ الحاجب وأغمض عينيه عن هاتين الجملتين الصريحتين فأين الأمانة العلمية!!!
ب - الحديث من رواية روح بن صلاح وهو غير معروف بالصلاح يقال له بن سبابة ويكنى أبا الحارث ضعفه الجمهور قال بن يونس رويت عنه مناكير قال ابن عدي بعد أن أخرج له حديثين:" له أحاديث كثيرة في بعضها نكارة وقد ضعفه الدار قطني وابن عدي وغيرهما.
ج - وبهذا تعلم أن هذه الزيادة منكرة لأن روح معروف برواية المناكير كما قال ابن عدي وابن يونس.
د- وجاءت هذه القصة عند الطبراني في الصغير ص 184 من طريق ابن وهب عن شبيب بن سعيد عن أبي جعفر، لكن هذه الطريق لا يفرح بها أن رواية ابن وهب عن شبيب فيها مناكير كثيرة وقد بين ابن عدي سبب ذلك فقال:" لعل شبيبا لما قدم مصر في تجارته كتب عنه ابن وهب من حفظه فغلط ووهم وأرجو أن لا يتعمد الكذب" وقال الذهبي عن شبيب:" صدوق يغرب" وقال ابن حجر لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب عنه " اهـ
د - لو صحت القصة لتسابق الناس إلى فعل ذلك لأن النفوس مولعة بقضاء حوائجها فتتشبث بكل ما تقدر عليه. انتهى.
* * ** وأخيراً لابد أن يعلم أن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم معروفة معلومة وهي مقدمة على المال والأهل والولد، ورأسها وقطب رحاها هو اتباع سنته وسلوك طريقته وطريقة أصحابه من بعده، فموضوعي هذا لا يمس مقامه الكريم ولا ينقص منه والعياذ بالله.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[19 Oct 2005, 01:52 ص]ـ
التضعيف لما صححه أئمة علوم الحديث - المتقدمون و المقدمون في هذا الشأن من الثقات المشاهير من علماء الإسلا م - لا يقبل من المتأخرين المعاصر ين، إذ لا وجه للمقارنة بينهما و لا للمقاربة في العلم و الإحاطة بدقائقه و غوامضه، و نقول لفاعله ألك إمام متقدم ثبت سبق فيما زعمت؟
فإن أتى به فينظر في ترجيح أي القولين و أي الحكمين، مع اعتبار الأفضلية في العلم و التثبت،
أما إن كان من بنات أفكار و أوهام المتأخرين - الذين لا يدانونهم في العلم بهذا الشأن - فهو كلام لغو،لا يلتفت إليه و لا يعرج عليه، و يقال له ما قاله الإمام الحافظ ابن حجر - في كتابه " هدي الساري " - فيمن رد تصحيح الأئمة الأعلام للأحاديث، قال: (و لنشرع الآن في الكلام عليها، و نبين ما خفي على بعض من لم يمعن النظر فاعترض عليه اعتراض شاب غر على شيخ مجرب أو مكتهل و أوردها إيراد سعد و سعد مشتمل " ما هكذا تورد يا سعد الإبل ").
* و هو ما نقوله لمن ضعف حديث توسل الضر ير برسول الله - صلى الله عليه و سلم - مع بعد ما قيل فيه قول ابن حجرمن ذلك المتأخر بعد ما بين المشرقين و بين المغربين، بل بعد ما بين الثرى و الثريا،
(يُتْبَعُ)
(/)
- فأين علم أحمد الشنقيطي هذا من علم إمام كالترمذي أو كالنسائي، و قد قالوا بصحة الحديث المتقدم ذكره؟ لا شيء ثم لا شيء، و إنما هي بدعة سيئة محدثة للتملص و التهرب من الأحكام الشرعية التي لا توافق هوى البعض مع استنادها لأحاديث نبوية شريفة لا يملكون معارضتها و معارضة ما فيها، فلا يجدون امامهم إلا الطعن في رواتها بأي قول قيل هنا أو هناك، انتصارا لرأي معين، و هم الذين عناهم الإمام الشاطبي بقوله أنهم يبحثون في الأدلة للاستظهار و ليس للاستبصار، و هؤلاء المتأخرون المتجرءون لا دليل صحيح معهم،
*********************
- و إليك ما ذكره الإمام الحافظ المباركفوري - صاحب كتاب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " - قال في شرح الحديث المعترض على صحته هنا من متأخري المعاصرين:
** { ... وزاد في روايةا بن ماجه ويصلي ركعتين: " اللهم إني أسألك " أي أطلبك مقصودي فالمفعول مقدر، " وأتوجه إليك بنبيك " الباء للتعدية " محمد نبي الرحمة " أي المبعوث رحمة للعالمين " إني توجهت بك " أي استشفعت بك والخطاب للنبي، ففي رواية بن ماجه: " يا محمد إني قد توجهت بك لتقضي لي " بصيغة المجهول أي لتقضي لي حاجتي بشفاعتك " فشفعه " بتشديد الفاء أي اقبل شفاعته " في " أي في حقي،
... قوله (يعني الترمذي): هذا حديث حسن صحيح غريب، وأخرجه النسائي - وزاد في آخره فرجع وقد كشف الله عن بصره - وأخرجه أيضاا بن ماجه، و ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين،وزاد فيه فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر، وأخرجه الطبراني وذكر في أوله قصة وهي أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف ... الحديث] انتهى النقل عن المباركفوري من " تحفة الأحوذي "، ج 10 / ص 24.
- فإن لم يكف تصحيح ذلك الحديث من كل من الأئمة: الترمذي، و النسائي، و ابن ماجه، و ابن خزيمه في " صحيحه " - الذي قال الإمام الحافظ ابن الصلاح أن مجرد وجود الحديث فيه كاف في تصحيحه - فلن يصح كل أو جل الأحاديث، و هذا باطل و ساقط الاعتبار.
ـ[القلم]ــــــــ[19 Oct 2005, 03:37 ص]ـ
كان في الأمر سعة لو أنك تلطفت بالعبارة وأحسنت الظن ... ولكن!!
H...
( و إنما هي بدعة سيئة محدثة للتملص و التهرب من الأحكام الشرعية التي لا توافق هوى البعض).
* لي عودة بإذن الله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Oct 2005, 04:16 ص]ـ
إخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
فلا يخفاكم أنكم قد دخلتم حلبت نقاش فيها ما فيها من حب الانتصار، والظهور على الخصم بحجة: (إن الحق معي)، وويم الله، إن الدخول إليها بهذا الأساس ليبعدنا عن الوصول إلى الحق، فالقصد القصد في النقاش، والالتزام الالتزام بأدب الجدل، لكي نستفيد، ويتبصَّر من كان عنده الشبهة، ولا زالت ـ ولله الحمد ـ نقاشاتكم في محلٍّ سامي، فلا تفسدوها بما تفسد به كثير من النقاشات في المنتديات، فمن أراد إظهار الحق يفرح بظهوره عند غيره أحب من إظهاره هو له بنفسه؛ لأ، قصده ظهور الحق، لا ظهور قوله هو، وتفوقه على خصمه.
أقول هذا تذكرة، والذكرى تنفع المؤمنين، خشية أن يدخل في النقاش من يجره إلى مالا نحب.
واحب أن أذكر أخي الدكتور أبو بكر خليل بأمرين:
الأول: قوله (و لذا ينبغي الحرص و الحيطة في كل ما قد يكون فيه أدنى مساس بتلك المكانة السامية الشريفة)، وهذا قول لا غبار عليه، ولا يخالفه مسلم في قلبه ذرة من إيمان، لكن إلصاق ما ليس بحق للنبي صلى الله عليه وسلم به، وهو ليس له فإنه يدخل في تنبيهه هذا، فمن حقه علينا أن نذبَّ عنه ما زُعِم أنه من حقوقه، وهو ليس كذلك؛ مثل ما ادخله من أدخله من الجهلة الذين أفرطوا في حق النبي فرفعوه فوق مرتبته.
الثانية: (تضعيف الأحاديث التي حكم بصحتها الأئمة الأثبات لا يقبل من المتأخرين الأغرار)، فأقول: الاعتراض بكون هذا مما صححه عالم متقدم دون النظر والتحليل في أقوالهم، التي قد يظهر لمتاخر عنهم ما لم يظهر لهم أمر مشكل من جهات، منها:
الأول:أن يكون أمر التصحيح والتضعيف لا يؤخذ إلا منهم في مثل هذا الأحاديث المشكلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن تُدعى لهم العصمة ـ من طرف خفي ـ لهؤلاء، دون حجة ظاهرة، سوى أنهم صححوا الحديث.
وأنت على بَصَرٍ ـ يا أخي الفاضل ـ بأن العلم مسائل، تناقش من حيث هي، ويستأنس بعلم فلان وغيره من الجهابذة المتقدمين والمتأخرين، وإلا لعدنا إلى التقليد، وتوقفت التحقيقات والتدقيقات في العلوم الإسلامية.
وكلما ابتعدنا عن وصف من لا يقول بقولنا بمثل هذه الأوصاف (المتأخرين الأغرار)، وناقشنا المسألة من حيث هي مسألة علمية كان أولى وأحسن للوصل للحق.
مع يقيني التام بأن بعض القضايا العلمية والعقدية لن تنفك الأمة عن الاختلاف فيها، بل هي سنة الله الماضية في وجود الاختلاف في الأمم السابقة وفي هذه الأمة، لكننا نحن أمة الرحمة، وقد قال الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ونحن اتباعه يجب أن نتصف بهذه الصفة لنكون دعاة خير، فإن كنا نُطالب بها مع الكافرين لأجل أن يسلموا، ويأمرنا الله بقوله (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وهذا مع غير المسلمين، فنحن أولى بهذا فيما بيننا، والله إننا لنحن الأحوج إليه من غيرنا، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى الرفق، فيقول ـ فيما ترويه عائشة ـ قالت: (دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقلت وعليكم السام واللعنة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله). فقلت يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد قلت وعليكم).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه ولا عزل عن شيء إلا شانه)، فالله الله بالرفق فيما بيننا.
وإني لأعتذر إليكم في هذا، لكني اهتبلت هذه الفرصة لأذكر أمرًا كنت أريد الكتابة فيه، ورأيت هذا المقام من النقاش العلمي يناسبه، فذكرت ما ذكرت، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله منه، وأسأله أن يديم المودة بيننا، وأن لا يحرمنا الوصول للحق بسبب ذنوبنا وتقصيرنا.
الث
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[19 Oct 2005, 07:35 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا التعقب، و ما كنت أحب الخوض في هذا الجدال - و أخي الفاضل الشيخ عبد الرحمن الشهري على علم بذلك - و لكن عندما طرح الموضوع للمراجعة وجدت أنه من الحق ألا أخفي ما أراه حقا، و ألا أخشى شيئا في سبيل ما يتعلق برسول الله صلى الله عليه و سلم ما دام لدي ما أعتقد ه دليلا قويا صحيحا، ألا و هو تصحيح أولئك الأئمة الأثبات للحديث،
و معذرة لما صدر من بعض القول، و لكن ألا تلتمسون لي العذر في ذلك لأجل من خطأ و خالف أئمة هذا العلم، و لعلكم على علم بما دار و يدور من أخذ و رد بخصوص ما سمي بمنهج المتأخرين في الاستقلال بتضعيف الأحاديث التي صححها الأئمة المتقدمون، و قد ذكروا أن الشيخ الألباني - رحمه الله - تراجع عن القول بتصحيح أو تضعيف ما يقرب من (500) خمسمائة حديث، و العهدة في هذا القول و هذا التتبع على الراوي، و ذلك في " ملتقى أهل الحديث "، و ليس هذا هو الحجة في الأمر، و إنما ما ذكرته من اتفاق أكثر من أربعة أئمة، معتد بتصحيحهم للأحاديث، و منهم ابن خزيمة، و قد اعتبر الحافظ ابن حجر مجرد وجود الحديث في " صحيحه " كاف في تصحيحه، و هذا فيما سوى ما شك فيه بقوله " إن صح الخبر " أو فيما توقف فيه،
و ذلك الحديث صححه ابن خزيمة و الترمذي و النسائي و الحاكم، و غيرهم،
فإذا ضرب بقولهم عرض الحائط في تصحيح أحاديث - لم ينقل عن واحد من الأئمة المتقدمين المعتبرين قول بتضعيفها - فلمن نحتكم، و ممن نأخذ في تلك الصناعة الحديثية؟
و إذا كان ذلك جائزا فلن يسلم لنا حديث واحد من الرد و الرفض للطعن المدعى في راو من رواته، أليس كذلك؟
* و قطعا وقفتم فضيلتكم على أجوبة الإمام ابن حجر على ما اعترض به الإمام الدارقطني على أحاديث غير قليلة أوردها الإمام الحجة البخاري في " صحيحه "، و فندها و رد عليها حديثا حديثا، و أثبت صحة ما حكم به الإمام البخاري، مع ما في ظاهر تلك الاعتراضات من صحة عند من لم يتمعن تمعن الإمام البخاري رحمه الله رحمة واسعة و أجزل له عظيم الأجر،
فبان من ذلك أن هؤلاء الأئمة عمد في التصحيح، فما بالنا بمن دون الدارقطني بما لا يقاس أو يذكر ممن ضعف - من المتأخرين - ما اتفق ثلاثة أو أربعة من الأئمة - المتقدمين في العلم و الفضل و الشهرة - على تصحيحه؟
** و كل غرضنا و همنا أن نحفظ للسنة النبوية الشريفة حجيتها في تقرير الأحكام الشرعية،
و لا يعقل اجتماع علماء الأمة على مدار الأعصار و في مختلف الأمصار على الخطأ، بتصحيح أحاديث ضعيفة، و لا ريب في بطلان ذلك القول،
- فإذا صح ذلك و تقرر فالملام على من اجترأ،لا على من رد، و قد قال رسولنا عليه الصلاة و السلام في صاحب حق اشتد في بعض القول: " دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا "
و أكرر تقبلى لقولكم، و بغيتي ظهور وجه الحق في أي جانب كان، و الله على ما أقول شهيد.
** و قد شغلنا هذا الرد عن الالتفات لأصل المسألة، الذي أصبح مسألتين:
الأولى: مشروعية التوسل برسول الله صلى الله عليه و سلم حيا و ميتا،
و الثانية: تضعيف المعاصرين لأحاديث صححها الأعلام من أئمة علوم الحديث، الثقات المشاهير من علماء الإسلام.
هذا،إن رغبتم في بيان وجه الحق في تلك القضية.
و الله يقول الحق، وهو يهدي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Oct 2005, 02:57 م]ـ
جزاكم الله خيرًا أخي الدكتور أبو بكر، وأسأل الله أن يجعلني وإياك ممن يقول فيُسدد، ويطلب الحق أينما كان، وأشكركم على حسن تلطفكم، وقبولكم لما أبديت، وإني أجد من مطارحاتكم في هذا الملتقى صدرًا رحبًا في تقبُّل النقاش، والأخذ والرد، فهذا من نعمة الله، ولله الحمد.
وأسأل الله أن تبقى سمة في هذا الملتقى الردود على المسائل العلمية دون التعريض بالأشخاص، وأن يبتعد المناقشون عما لايفيد في أصل المسألة التي يدور حولها النقاش، وما ردكم ـ الذي فرحت به ـ إلا أمارة مما يتسم به رواد هذا الملتقى من الحرص على الاستفادة واحترام الآخرين ممن يخالفونه، فلله الحمد والمنة.
ـ[القلم]ــــــــ[19 Oct 2005, 03:49 م]ـ
سمعاً وطاعة يا شيخ مساعد
ـ[القلم]ــــــــ[20 Oct 2005, 12:22 ص]ـ
ردي على كلامك السابق يتلخص في هذه النقاط ولعلها تكفي.
1/ ابن ماجه لم يصحح الحديث، ومجرد إيراده للحديث في السنن ليس تصحيحاً له.
2/ النسائي لم يخرج الحديث في السنن الصغرى، بل أخرجه في الكبرى ولم يصرح بصحته، وأنت يا دكتور سكت عن هذا لتوهم أنه رواه في الصغرى فيكون صحيحاً عنده.
وأنا أطلب منك أن تنقل تصحيح النسائي للحديث.
3/ لا بد من البحث في وجه الغرابة التي ذكرها الترمذي بقوله: "حسن صحيح غريب".
ما هو وجه الغرابة؟ وقد عزف كثير من الأئمة عن رواية هذا الحديث في كتبهم، فلعل في هذا ما يشعر بالريبة من صحة الحديث.
4/ هذا الحديث يا فضيلة الدكتور مهم جداً عند الصوفية، ويعتبرونه من شعائر الدين، فلماذا لم يروه الأئمة الحفاظ في كتبهم، ولماذا نجد الشيخين وغيرهما يهتمون بنقل سنّة قد توصف بأنها "صغيرة"، ثم يسكتون عن هذا الأمر العظيم؟!
5/ هذه النقطة (4) تجعل من حق الباحث المعاصر أن يبحث في صحة الحديث من ضعفه، كما ذكرتُ في الأوجه الـ 17، وأن يخرج عن حكم المتقدمين، ولا ينطبق عليه قولك إن أحكام المتقدمين ينبغي ألا تخالف من قبل متأخر.
6/ يبقى لك تصحيح ابن خزيمة، لكن هل تتلتزم بكل ما صححه ابن خزيمة!!، لأن البعض يا فضيلة الدكتور _ وأنت تعرف _ لا يسلمون بكل ما صححه ابن خزيمة، ويعتبرونه مجسماً ومبتدعاً، فلماذا يأخذون علينا أننا نخالفه في تصحيحه لهذا الحديث؟!
* * * * (لنفترض صحة الحديث)
وإن كان أغضبك تضعيف بعض (الأغمار) للحديث فإني أعيد لك ما نقلته لك من قبل.
فعلى تقدير صحة الحديث فهو واضح وضوح الشمس في الدلالة على التوسل بالدعاء لا غير يدل على ذلك:
1 - مجيء الأعمى إلى رسول الله صريح في أن المقصود هو التوسل بالدعاء لأنه لو قصد التوسل بالجاه لما تجشم عناء المجيء إليه.
2 - قول الأعمى:" ادعو الله أن يعافيني " نص صريح في أنه إنما يريد دعاءه.
3 - قوله في الرد على الأعمى ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خيرلك)) فخيره بين الدعاء والصبر على البلاء فلم يذكر له التوسل بالجاه ولا بالذات من قريب ولا بعيد.
4 - قول الأعمى: " ادع " وفي رواية النسائي من طريق حماد "ادع الله لي " مرتين أو ثلاثا وفي رواية أحمد " لا بل ادع الله لي " فهذا واضح في أن مقصود الأعمى هو الدعاء.
5 - قول الصحابي "فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء " يدل على أن المسالة متعلقة بالدعاء ليس إلا ولا علاقة لها بجاه ولا غيره.
6 - قال الأعمى: "إني توجهت بك" بعد قوله "أتوجه إليك " فيه معنى قوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فيكون خطابا لحاضر معاين في قلبه مرتبط بما توجه به عند ربه من سؤال نبيه بدعائه الذي هو عين شفاعته ولذلك أتى بصغة الماضوية بعد الصغة المضارعية المفيد كل ذلك: أن هذا الداعي قد توسل بشفاعة نبيه في دعائه فكأنه استحضره وقت ندائه.
7 - قوله في الحديث " اللهم شفعه في " صريح في أن هنالك داعيان هما رسول الله والأعمى حتى يكون العدد شفعا قال في اللسان: " وتشفعت إليه في فلان فشفعني فيه تشفيعا.
قوله في الحديث " وشفعني فيه " وفيه أوضح دليل على أن المقصود هو الدعاء منهما فلذلك يطلب من الله قبول تلك الشفاعة لأن معنى شفع قبل شفاعته قال في القاموس:" وشفعته فيه تشفيعا حين شفع كمنع شفاعة قبلت شفاعته ".
وعلى هذا يكون المعنى اللهم اقبل دعائي في أن تقبل شفاعته في.
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
كلام الشيخ الألباني رحمه الله حول الحديث
يرى المخالفون: أن هذا الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيراً.
وأما نحن فنرى ان هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلف فيه، وهو التوسل بالذات، بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه، لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه. والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي ليدعو له، وذلك قوله: (أدعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه، لأنه يعلم أن دعاءه أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلاً:
(اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن يشفيني، وتجعلني بصيراً).
ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم الموسَّل به، بل لابد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه له.
ثانياً: أن النبي وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله: (إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو خير لك). وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: (إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه – أي عينيه – فصبر، عوضته منهما الجنة).
ثالثاً: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: (فادع) فهذا يقتضي أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له، لأنه خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصرعليه، فإذن لا بد أنه صلى الله عليه وسلم دعا له، فثبت المراد، وقد وجه النبي الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمرهأن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء النبي له، وهي تدخل في قوله تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) كما سبق.
وهكذا فلم يكتف الرسول بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها
طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملاً من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء – كما هو ظاهر – وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون.
وقد غفل عن هذا الشيخ الغماري أو تغافل، فقال في "المصباح" (24): (وإن شئتَ دعوتُ). أي وإن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب ليتفق أول الحديث مع آخره. انتهى
قلت: هذا التأويل باطل لوجوه كثيرة منها: أن الأعمى إنما طلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، لا أن يعلمه دعاء، فإذا كان قوله له: (وإن شئت دعوت) جواباً على طلبه تعين أنه الدعاء له، ولابد، وهذا المعنى هو الذي يتفق مع آخر الحديث، ولذلك رأينا الغماري لم يتعرض لتفسير قوله في آخره: (اللهم فشفعه في، وشفعني فيه) لأنه صريح في أن التوسل كان بدعائه صلى الله عليه وسلم كما بيناه فيما سلف.
ثم قال: (ثم لو سلمنا أن النبي دعا للضرير فذلك لا يمنع من تعميم الحديث في غيره).
رابعاً: أن في الدعاء الذي علمه رسول الله إياه أن يقول: (اللهم فشفعه في) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته في، أي اقبل دعائه في أن ترد عليَّ بصري، والشفاعة لغة الدعاء، وهو المراد بالشفاعة الثابتة له صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة، وهذا يبين أن الشفاعة أخص من الدعاء، إذ لا تكون إلا إذا كان هناك اثنان يطلبان أمراً، فيكون أحدهما شفيعاً للآخر، بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره، قال في "لسان العرب": (الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره، والشافع الطالب لغيره، يتشفع به إلى المطلوب، يقال بشفعت بفلان إلى فلان، فشفعني فيه).
(يُتْبَعُ)
(/)
فثبت بهذا الوجه أيضاً أن توسل الأعمى إنما كان بدعائه لا بذاته.
خامساً: إن مما علم النبي الأعمى أن يقوله: (وشفعني فيه) أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم، أي دعاءه في أن ترد علي بصري. هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه.
ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأعمى مفهمومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة.
ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحداً منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلاً: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه.
سادساً: إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه بدعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره، ولذلك رواه المصنفون في "دلائل النبوة" كالبيهقي وغيره، فهذا يدل على ان السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي.
ويؤيده كل من دعا به من العميان مخلصاً إليه تعالى، منيباً إليه قد عوفي، بل على الأقل لعوفي واحد منهم، وهذا ما لم يكن ولعله لا يكون أبداً.
كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة، والإنس والجن أجمعين! ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا خلال القرون الطويلة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.
إذا تبين للقارىء الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم، وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات، فحينئذ يتبين له أن قول الأعمى في دعائه: (اللهم إني أسألك، وأتوسل إليك بنبيك محمد) إنما المراد به: أتوسل إليك بدعاء نبيك، أي على حذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة، كقوله تعالى: (واسأل القرية التي كنا فيها، والعير التي اقبلنا فيها) أي أهل القرية وأصحاب العير. ونحن والمخالفون متفقون على ذلك، أي على تقدير مضاف محذوف، وهو مثل ما رأينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس، فإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ (جاه) نبيك، ويا محمد إني توجهت
بـ (ذات) ك أو (مكانت) ك إلى ربي كما يزعمون، وإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك
بـ (دعاء) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ (دعاء) ك إلى ربي كما هو قولنا. ولا بد لترجيح احد التقديرين من دليل يدل عليه. فأما تقديرهم (بجاهه) فليس لهم عليه دليل لا من هذه الحديث ولا من غيره، إذ ليس في سياق الكلام ولا سباقه تصريح أو إشارة لذكر الجاه أو ما يدل عليه إطلاقاً، كما أنه ليس عندهم شيء من القرآن أو من السنة أو من فعل الصحابة يدل على التوسل بالجاه، فيبقى تقديرهم من غير مرجح، فسقط من الاعتبار، والحمد لله.
* أما تقديرنا فيقوم عليه أدلة كثيرة، تقدمت في الوجوه السابقة.
وثمة أمر آخر جدير بالذكر، وهو أنه لو حمل حديث الضرير على ظاهره، وهو التوسل بالذات لكان معطلاً لقوله فيما بعد: (اللهم فشفعه في، وشفعني فيه) وهذا لا يجوز كما لا يخفى، فوجب التوفيق بين هذه الجملة والتي قبلها. وليس ذلك إلا على ما حملناه من أن التوسل كان بالدعاء، فثبت المراد، وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات، والحمد لله .... والله الموفق للصواب.
دفع توهم:
هذا ولا بد من بيان ناحية هامة تتعلق بهذا الموضوع، وهي أننا حينما ننفي التوسل بجاه النبي، وجاه غيره من الأنبياء والصالحين فليس ذلك لأننا ننكر أن يكون لهم جاه، أو قدر أو مكانة عند الله، كما أنه ليس ذلك لأننا نبغضهم، وننكر قدرهم ومنزلتهم عند الله، ولا تشعر أفئدتنا بمحبتهم. انتهى بشيء من التصرف.
والسلام
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[21 Oct 2005, 12:16 ص]ـ
إخوة الكرام
(يُتْبَعُ)
(/)
أود التذكير بأمور لا بد من الاتفاق فيها أولا لتكون المراجعة و المذاكرة مثمرة و ذات فائدة، و من ذلك:
1 – أنه لا ينبغي لمسلم صحيح الإيمان أن يرد حديثا ثبتت و صحت نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لأي غرض كان،
2 – و أن الخلاف المذهبي لا يصح و لا يجوز أن يكون دافعا للإعراض أو الاعتراض على ما لا يوافقنا من الأحاديث الشريفة بتعسف الرد أو تلمس أوهى الأسباب، هذا إن وجدت أصلا،
4 – و أن الأحاديث التي اجتمع غير واحد، بل جمع من الأئمة الحفاظ على تصحيحها، و تلقاها علماء الأمة بعد ذلك بالقبول و التسليم على مدار الأزمنة و في مختلف الأمكنة من بلاد الإسلام، لا يصح و لايجوز القول بخلافها، لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة و لا على خطأ، و قد تعددت و تضافرت الأحاديث بلإخبار عن ذلك،
5 – و أنه إذا صح الحديث فهو مذهبي، كما قيل من قبل و نقل، و قد ذكر صاحب " تحفة الأحوذي " أن الربيع قال: إا رويت حديثا صحيحا فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.
6 – ينبغي علينا جميعا أن لا نضاهئ – مع الفارق – مسلك الوضاعين الذين ذكر أنهم وضعوا الأحاديث تأييدا لمذاهبهم، و بسبب التعصب المذهبي – فلا نفعل ما يقاربه في المآل فنرد الأحاديث الصحيحة بسبب التعصب المذهبي أيضا، فنشبههم في صنيعهم،
7 - و أنه ينبغي أن يكون بحثنا عن الأدلة و في الأدلة بغرض الاستبصار، و ليس بغرض الاستظهار لرأي لدينا
• فإن وقع الاتفاق أمكن تحرير و تحقيق محل النزاع، و إلا وجب تعيين مواضع الاتفاق، فإن وقع هذا فبها، و إلا فلا، و ما قدمته آنفا يقبل المراجعة بالطبع.
***************
- و بخصوص ما طلبه مني أخي، المكنى ب " القلم " من رد على أسئلة وجها لي، فأقول و بالله التوفيق و عليه التكلان:
- 1 - جاء في " سنن بن ماجه - عقب إيراد الحديث -: " قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح ".
- و هذا نقلته و ذكرته في أول مشاركة لي تعقيبا على مشاركتك الأصلية، و تلبية لطلبك التعليق بالاستدراك أو التصحيح، فارجع إليه أعلاه.
2 – و أما وجه الغرابة في حديث الترمذي: فقد ذكره هو، و نقلته عقب إيراد حديثه، و فيه " قال هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي، وعثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف.،
و قد وجدت في رواية (و هو غير الخطمي). و الشاهد هو تصحيح الترمذي، مع قوله نفسه بالغرلبة، فلا يعترض عليه بها، لأنه علمها و حكم بالصحة.
3 – و قد سهوت، فذكرت تصحيح النسائي، و قد جاء ذلك في آخ كلامي، و لم يكن في صلب احتجاجي الذي اقتصر في المشاركة الأصلية على تصحيح ابن ماجه و الترمذي، و " هذه لكم و ليست لنا "، و أشهد الله أني لم أرد بها إيهاما بشيء.
4 – أما قولكم إنه لم يتبق – لي – إلا ابن خزيمة. أي تصحيحه:
فقد نقلت فيه قول المباركفوري صاحب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " و كذا تصحيح الحاكم للحديث، و قد ذكر تصحيح الترمذي، و كذا تخريج ابن ماجه و النسائي، و لم يذكر تضعيفا لرواية النسائي و لا تعقبا لصحة رواية الترمذي، بل أقر تصحيحه المذكور، و كذا قال أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من غير تعقب، فيكون بمنزلة الإقرار بصحته، و كذلك لم يضعف رواية ابن ماجه – و الإمام المباركفوري إمام حافظ، هذا من ناحية،
5 – و من ناحية أخرى: لو لم يصححه إلا الإمام ابن خزيمة، الملقب بإمام الأئمة لكفى و شفى، و إليك ما قاله الإمام الحافظ ابن الصلاح في " مقدمته "، قال:
• [ ... ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين (يعني: صحيحي البخاري و مسلم) يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث ...... ثم قال:
• و يكفي مجرد كونه (يعني الحديث) موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب ابن خزيمة ... ].
(يُتْبَعُ)
(/)
6 – و يؤيد مشروعية التوسل برسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته و بعد وفاته عليه الصلاة و السلام ذكر الشوكاني لها – فيما حكاه صاحب " تحفة الأحوذي " – و قد تقدم – و هو نفسه الذي استشهد بتفسيره الشنقيطي في بيان رد الاستدلال بالآية: {و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك}، و فيه لم يذكر شيئا عن التوسل به، وهو استدلال في غير محله، بينما صرح أو أقر بمشروعيته، فقال: و للناس في معنى هذا قولان:
• [ ... والقول الثاني: أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه].
** فهذا ما جاء من تصحيح لابن ماجه و للترمذي و للحاكم و لابن خزيمة للحديث المحتج به، و حسبك بواحد منهم، فما بالك بأربعة؟
فإن لم يصح الحديث بتصحيحهم فلن يصح لنا حديث شريف
و حسبنا الله و نعم الوكيل
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[21 Oct 2005, 07:47 ص]ـ
أخي الكريم / المكنى ب " القلم "
كانت مشاركتي استجابة لمطلبكم بالتعليق (إضافة – استدراك – تصحيح)، كما جاء في ذيل مشاركتكم الأصلية، و تقبل من أخيك حرصه على حفظ حجية السنة النبوية الشريفة، بعدم توهين الأحاديث التي اجتمع على تصحيحها ثلاثة أئمة معتبرين أو أربعة.
1 – وقع لبس بين ما جاء في " سنن ابن ماجه " – عقب إيراده الحديث – من القول: " قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح " و بين قول المباركفوري في " تحفة الأحوذي "، قال: " و أخرجه النسائي " – و لم ينقل تصحيحه، و لكنه لم ينقل تضعيفا كذلك، و " هذه لكم، و ليست لنا " مشاكلة لعنوان مشاركتكم الأصلية.
2 – أحسب أن تصحيح ابن خزيمة – شيخ الإسلام، و إمام الأئمة، كما نقله المباركفوري في " تحفة الأحوذي " كاف وحده في التصحيح، و قد قال ابن الصلاح في " مقدمته ":
* [ ... ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين (يعني: صحيحي البخاري و مسلم) يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث ...... ثم قال:
• و يكفي مجرد كونه (يعني الحديث) موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب ابن خزيمة …]. و هذا فيما سوى ما توقف فيه ابن خزيمة.
3 – و قد قال الشوكاني: و للناس في هذا المعني [يعني التوسل بالرسول عليه الصلاة و السلام] قولان:
[ ..... والقول الثاني: أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه].
4 – فإذا تعضد ذلك التصحيح بتصحيح الترمذي و الحاكم و غيرهما كان ذلك أوكد و أوثق في التصحيح.
5 – و لم ينقل صاحب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " تضعيفا واحدا لذلك الحديث، و قد صححه السيوطي في " الجامع الصغير ".
و الله تعالى أعلم و أحكم، و هو الهادي إلى سواء السبيل.
وفقكم الله و إياي أخي الكريم إلى السداد و الرشاد في كل حال و حين.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[21 Oct 2005, 07:51 ص]ـ
أخي الكريم / المكنى ب " القلم "
كانت مشاركتي استجابة لمطلبكم بالتعليق (إضافة – استدراك – تصحيح)، كما جاء في ذيل مشاركتكم الأصلية، و تقبل من أخيك حرصه على حفظ حجية السنة النبوية الشريفة، بعدم توهين الأحاديث التي اجتمع على تصحيحها ثلاثة أئمة معتبرين أو أربعة.
1 – وقع لبس بين ما جاء في " سنن ابن ماجه " – عقب إيراده الحديث – من القول: " قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح " و بين قول المباركفوري في " تحفة الأحوذي "، قال: " و أخرجه النسائي " – و لم ينقل تصحيحه، و لكنه لم ينقل تضعيفا كذلك، و " هذه لكم، و ليست لنا " مشاكلة لعنوان مشاركتكم الأصلية.
2 – أحسب أن تصحيح ابن خزيمة – شيخ الإسلام، و إمام الأئمة، كما نقله المباركفوري في " تحفة الأحوذي " كاف وحده في التصحيح، و قد قال ابن الصلاح في " مقدمته ":
* [ ... ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين (يعني: صحيحي البخاري و مسلم) يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث ...... ثم قال:
• و يكفي مجرد كونه (يعني الحديث) موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب ابن خزيمة …]. و هذا فيما سوى ما توقف فيه ابن خزيمة.
3 – و قد قال الشوكاني: و للناس في هذا المعني [يعني التوسل بالرسول عليه الصلاة و السلام] قولان:
[ ..... والقول الثاني: أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه].
4 – فإذا تعضد ذلك التصحيح بتصحيح الترمذي و الحاكم و غيرهما كان ذلك أوكد و أوثق في التصحيح.
5 – و لم ينقل صاحب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " تضعيفا واحدا لذلك الحديث، و قد صححه السيوطي في " الجامع الصغير ".
و الله تعالى أعلم و أحكم، و هو الهادي إلى سواء السبيل.
وفقكم الله و إياي أخي الكريم إلى السداد و الرشاد في كل حال و حين.
ـ[القلم]ــــــــ[21 Oct 2005, 12:24 م]ـ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 Nov 2005, 08:53 ص]ـ
تساهل الترمذي
قال الذهبي ميزان الاعتدال (7\ 231): «فلا يُغتَرّ بتحسين الترمذي. فعند المحاقَقَةِ غالبُها ضعاف». وفي نصب الراية (2\ 217): قال ابنُ دِحْيَة في "العَلَم المشهور": «وكم حَسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية!». وقال الذهبي في السير (13\ 276) عن سنن الترمذي «"جامعه" قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه. ولكن يترخّص في قبول الأحاديث، ولا يُشدّد. و نفَسهُ في التضعيف رَخو».
وقال ابن القيم في "الفروسية" (ص243): «الترمذي يصحّح أحاديثَ لم يتابعه غيره على تصحيحها. بل يصحّح ما يضعّفه غيره أو ينكره»، ثم ضرب عدة أمثلة.
وأخرج الترمذي حديث: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حرماً». قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». لكن في إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه، وهو مُجمعٌ على ضعفه كما قال ابن عبد البر. وقال فيه الشافعي وأبو داود: هو ركنٌ من أركان الكذب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. وضرب أحمد على حديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني وغيره: متروك.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (5\ 493): «وأما الترمذي فروى من حديثه الصلح جائز بين المسلمين، وصحّحه. فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي». قلت: فقد نقل الذهبي عن جمهور العلماء عدم الاعتماد على تصحيح الترمذي، وهو الصواب إن شاء الله. وليس ذلك معناه إسقاط الإمام الترمذي وتجاهل أحكامه، بل المقصود أن تصحيحه في بعض التساهل، فيجب إعادة النظر فيه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 Nov 2005, 12:18 م]ـ
- 1 - جاء في " سنن بن ماجه - عقب إيراد الحديث -: " قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح ".
- و هذا نقلته و ذكرته في أول مشاركة لي تعقيبا على مشاركتك الأصلية، و تلبية لطلبك التعليق بالاستدراك أو التصحيح، فارجع إليه أعلاه.
أبو إسحاق ليس ابن ماجه ولعله لقب المحقق!
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[12 Nov 2005, 10:12 ص]ـ
الشيخ الكريم د. أبوبكر خليل وفقه الله والإخوة الفضلاء ..
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منكم، وبعد فأشكر لكم حرصكم جميعاً على السنة، وعلى حماية جناب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، أو جناب العقيدة وتوحيد رب العالمين سبحانه وتعالى.
ولي تعقيب أرجو أن تتسع له صدوركم.
إخواني أراكم انصرفتم إلى جدل حول حديث الترمذي وابن ماجة وغيرهما، ولعله ليس وراء هذا الانصراف كبير فائدة، فالحديث صححه أئمة معتبرون من سلف الأمة وخلفها، ولعل العلامة الألباني يصححه كما رأيته في غير موضع. ويصححه غيره من أئمة السنة في هذا العصر، ومثل من تبع هؤلاء لايثرب عليه خاصة وأن الأسانيد تحتمل القبول بل هو ظاهرها وليعذرني أخي الحبيب القلم -على مخالفة الشيخ الكريم الذي نقل عنه الحكم عليها بالاضطراب ولعله ليس من المناسب الاسترسال في بيانه.
ولو كان الجدل حول الزيادة التي أوردها الطبراني وغيره فيه لكان للجدل محله ومعناه المعتبر فإن فيها معان ينبغي أن تحقق بحق، كما أن بعض أئمة أهل العلم أشار إلى ضعفها.
وبالمقابل -وفقكم الله- أعرضتم عن لب المسألة ألا وهي دلالة النص على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته.
وقد وجدت الأخ الكريم (القلم) ذكر في رده الثامن ثلاثة عشر وجهاً يبين فيها عدم وجود دلالة في الحديث على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم ولعل اشتغال دكتورنا الحبيب أبوبكر خليل بإثبات صحة الأثر أنساه أو ألهاه عن مناقشة دلالته، على الرغم من أن الأخ القلم أعاد تلك الأوجه فنبه على سبعة منها ثم ذكر ستة نقلاً عن الألباني وكلها تفيد عدم صحة الاستدلال بذلك النص على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم. فحري بالدكتور أن يعلق عليها.
خاصة وأن الذي يظهر هو وجاهة تلك الأوجه أو بعضها فقد اجتمع للأعمى -رضي الله عنه- أمور:
الأول: طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
الثالث: استشفاعه وتوجهه بمحمد صلى الله عليه وسلم، وطلبه من الله أن يشفعه (يقبل شفاعته) فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق أن لفظ التوسل بالشخص والتوجه به والسؤال به فيه إجمال وإشتراك غلط بسببه من لم يفهم مقصود الصحابة، كما يقول الإمام ابن تيمية، فهذا اللفظ يراد به:
1 - التسبب به لكونه داعياً وشافعاً مثلا.
2 - أو لكون الداعي مجيباً له مطيعاً لأمره مقتدياً به فيكون التسبب إما بمحبة السائل له واتباعه له وإما بدعاء الوسيلة وشفاعته.
3 - ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته فلا يكون التوسل بشيء منه ولا بشيء من السائل بل بذاته أو لمجرد الإقسام به على الله.
أقول: فهذه معان ثلاثة يحتملها اللفظ الذي يستدل به من يستدل بالحديث على جواز التوسل، وإذا تبين أن هذا اللفظ محتمل فيبقى الاستدلال به محل نظر.
فكيف إذا انجمع إليه ما يدل على أن المراد بالتوسل توسله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له لما ذكر في 1و2 ولقوله (شفعه في) ولغيرها من الأوجه التي أشار إليها الأخ الكريم القلم في الرد الثامن والخامس عشر.
ويضاف إلى ما ذكر: هب أن في الحديث توسلاً بذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم -وقد أُبين أن في اللفظ إجمال- فمن أين أخذ جواز ذلك مطلقاً بغير الشروط التي جاءت في الحديث؟
كدعائه صلى الله عليه وسلم للمتوسل، وأمره بصلاة الركعتين ...
فإن التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم لو كان وحده كافياً لأجل حصول المراد، مشروعاً، لما أمره بغيره مقترناً به، ولأخبره بالأيسر مجرداً دون أن يقول لو شئت دعوت لك. أما وأنه قد ذكر الدعاء له وأمره بالصلاة في معرض بيان سبيل قضاء حاجته فهذا يدل على لزومهما مع التوسل لحصول المراد. ولهذا قال بعض أهل العلم: "والفرق ثابت شرعاً وقدراً بين من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وبين من لم يدع له (قوله وقدراً: يعني في واقع الناس ما يقضيه الله، فليس كل من دعا بنحو ما سبق استجيب له كما استجيب لعثمان رضي الله عنه)، فلا يجوز أن يجعل أحدهما كالآخر وهذا الأعمى شفع له النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال في دعائه الله فشفعه في فعلم أنه شفع فيه وكذلك قوله إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك قال ادع لي فدعا له وقد أمره أن يصلي ويدعو هو لنفسه أيضا فحصل الدعاء من الجهتين".
والحاصل أرجو من الدكتور الكريم أن يناقش الاستدلال، خاصة مع علمي بأن كثيرين -ولعلي منهم- يصححون الأثر المذكور بيد أنهم لايرون فيه دلالة على جواز التوسل بالذات الشريفة صلى الإله على صاحبها وسلم، بل في جزء منه إجمال يفسره شقه الأول.
هذا وأعلم -كما يعلم الإخوان- أن للقائلين بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، أدلة أخرى، ولامانع من أن تناقش سواء ما تعلق منها بهذا الحديث كالزيادات والقصص التي وردت في سياقه عند بعض الأئمة أو بغيره كنحو الآية -وإن كنت أفهم من كلام المتحاورين قولهم جميعاً بعدم وجود وجه صحيح في دلالتها وقد أشار إلى هذا الدكتور-، ولكن أرجو أن يكون الانتقال إلى تلك الزيادات أو إلى الأدلة الأخرى عقيب أن يتقرر لدى الباحثين:
هل النص المذكور والذي صححه الترمذي والحاكم وابن خزيمة وغيرهما بهذا اللفظ يدل على جواز التوسل؟ أم أن فهم الجواز مأخوذ من نص آخر أو زيادة أخرى ليست في هذا الذي صححوه؟
وبيان هذا يكون بالجواب على ما ذكر في الرد الثامن (آخر ثلاثة عشر وجهاً)، والخامس عشر (النصف الأخير من الرد)، وهذا الرد.
هداني الله وإياكم لمعرفة الحق والعمل به، ووفقنا جميعاً لسبل مرضاته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[12 Nov 2005, 11:52 م]ـ
الأخ الفاضل أكرمك الله، و وفقني و إياكم إلى السداد و الرشاد في كل حال و حين. اللهم آمين
و قد كنت عاقدا العزم على عدم العود للمناظرة أو المجادلة في هذه المسألة، لأني أعلم عمق الخلاف فيها بين المتأخرين المعاصرين، و لكن خشية ظن إعراضي عن رسالتكم الطيبة الرصينة، و كذا خشية الظن بعجزي عن الرد على ما ورد بها – جعلني أعيد هنا ما ذكرته من قبل في مشاركة أخرى لا أدري إن كنتم اطلعتم عليها أم لا؟
_ و قد أعجبني فيكم الإنصاف و الاعتدال في النظر في أقوال و نقول المتحاورين، و من ذلك قولكم أكرمكم الله:
(ولي تعقيب أرجو أن تتسع له صدوركم.
(يُتْبَعُ)
(/)
إخواني أراكم انصرفتم إلى جدل حول حديث الترمذي وابن ماجة وغيرهما، ولعله ليس وراء هذا الانصراف كبير فائدة، فالحديث صححه أئمة معتبرون من سلف الأمة وخلفها، ولعل العلامة الألباني يصححه كما رأيته في غير موضع. ويصححه غيره من أئمة السنة في هذا العصر، ومثل من تبع هؤلاء لايثرب عليه خاصة وأن الأسانيد تحتمل القبول بل هو ظاهرها وليعذرني أخي الحبيب القلم -على مخالفة الشيخ الكريم الذي نقل عنه الحكم عليها بالاضطراب ولعله ليس من المناسب الاسترسال في بيانه.
ولو كان الجدل حول الزيادة التي أوردها الطبراني وغيره فيه لكان للجدل محله ومعناه المعتبر فإن فيها معان ينبغي أن تحقق بحق، كما أن بعض أئمة أهل العلم أشار إلى ضعفها).
كلام طيب و جيد، و بقولك أقول أو بمثله قلت و أقول.
--------------------------------------------------------
_ و أما بخصوص الاستدلال به:
فلست مستقلا برأيى فيه – فأنا و كذا كثير منا مقلدون إن لم نكن من العوام في الفقه و غير الفقه، أو قل نحن مجرد نقلة عن المتقدمين من أئمة العلم، أو هكذا أرى نفسي،
و إنما استدللت بذلك الحديث بعد الرجوع إلى شروحه، و قد استدل به على ذلك التوسل به صلى الله عليه و سلم – فيما حكاه المباركفوري صاحب كتاب " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " – الشيخ عابد السندي شيخ الشيخ عبد الغني صاحب " إنجاح الحاجة "، و كذا الإمام الشوكاني في " تحفة الذاكرين "،
و ذلك نقلا عن " الموسوعة الفقهية الكويتية " – على ما ذكر في مشاركة في " ملتقى أهل الحديث "، و قد قال بذلك التوسل أئمة أثبات منهم: القسطلانيّ، و النوويّ، و العتبيّ، و العزّ بن عبد السّلام، و السّبكيّ، و ابن قدامة، و الكمال بن الهمام، و الطّحاويّ، و الشّوكانيّ، و عابد السّنديّ، و غيرهم، على ما جاء في تلك الموسوعة (نقلا عن موقع ملتقى أهل الحديث – و معذرة على عدم الرجوع للمصدر الأم لعطل في جهازي)،
و إليك نصها من غير تغيير سوى ما أضفته من أرقام للفقرات، جعلتها بين قوسين: () هكذا.
* [ما مدى صحة القول بجواز التوسل بذات الرسول قبل وفاته وبعدها؟
--------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية الجزء الرابع عشر
مانصّه:
د - التّوسّل بالنّبيّ بعد وفاته:
اختلف العلماء في مشروعيّة التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كقول القائل: اللّهمّ إنّي أسألك بنبيّك أو بجاه نبيّك أو بحقّ نبيّك، على أقوال:
القول الأوّل:
11 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة ومتأخّرو الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة - إلى جواز هذا النّوع من التّوسّل سواء في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته.
(1) قال القسطلانيّ: وقد روي أنّ مالكا لمّا سأله أبو جعفر المنصور العبّاسيّ - ثاني خلفاء بني العبّاس - يا أبا عبد اللّه أأستقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفّعه اللّه.
وقد روى هذه القصّة أبو الحسن عليّ بن فهر في كتابه " فضائل مالك " بإسناد لا بأس به وأخرجها القاضي عياض في الشّفاء من طريقه عن شيوخ عدّة من ثقات مشايخه.
(2) وقال النوويّ ّفي بيان آداب زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ثمّ يرجع الزّائر إلى موقف قبالة وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيتوسّل به ويستشفع به إلى ربّه،
(3) ومن أحسن ما يقول (الزّائر) ما حكاه الماورديّ والقاضي أبو الطّيّب وسائر أصحابنا عن العتبيّ مستحسنين له قال: كنت جالسا عند قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجاءه أعرابيّ فقال: السّلام عليك يا رسول اللّه. سمعت اللّه تعالى يقول: {وَلو أَنَّهُم إذْ ظَلَمُوا أنْفسَهم جَاءوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لهم الرَّسُولُ لَوَجدُوا اللَّهَ تَوَّابَاً رَحِيمَاً} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي. ثمّ أنشأ يقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه وطاب من طيبهنّ القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم،
(4) وقال العزّ بن عبد السّلام: ينبغي كون هذا مقصوراً على النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه سيّد ولد آدم، وأن لا يقسم على اللّه بغيره من الأنبياء والملائكة الأولياء، لأنّهم ليسوا في درجته، وأن يكون ممّا خصّ به تنبيهاً على علوّ رتبته.
(5) وقال السّبكيّ: ويحسن التّوسّل والاستغاثة والتّشفّع بالنّبيّ إلى ربّه.
(6) وفي إعانة الطّالبين:. . . وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي.
ما تقدّم أقوال المالكيّة والشّافعيّة
.
وأمّا الحنابلة
(6) فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصّة العتبيّ مع الأعرابيّ: ويستحبّ لمن دخل المسجد أن يقدّم رجله اليمنى. . . إلى أن قال: ثمّ تأتي القبر فتقول. . . وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربّي. . . ".
(7) ومثله في الشّرح الكبير.
وأمّا الحنفيّة
فقد صرّح متأخّروهم أيضاً بجواز التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم.
(8) قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: ثمّ يقول في موقفه: السّلام عليك يا رسول اللّه. . . ويسأل اللّه تعالى حاجته متوسّلا إلى اللّه بحضرة نبيّه عليه الصلاة والسلام.
(9) وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النّبيّ صلى الله عليه وسلم. . . جئناك من بلاد شاسعة. . . والاستشفاع بك إلى ربّنا. . . ثمّ يقول: مستشفعين بنبيّك إليك.
(10، و 11، و 12) ومثله في مراقي الفلاح والطّحاويّ على الدّرّ المختار والفتاوى الهنديّة.
ونصّ هؤلاء: عند زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّهمّ. . . وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيّك إليك.
(13) وقال الشّوكانيّ: ويتوسّل إلى اللّه بأنبيائه والصّالحين.
************************************************** *************
(هذا الفاصل بين ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية من كلام: هو من عندي، ليتميز كلام أولئك الأئمة المذكورين و يستقل عن بقية الأقوال و الاستدلالات لغيرهم، فليتنبَه إليه)
تكملة ما جاء في الموسوعة:
وقد استدلّوا لما ذهبوا إليه بما يأتي:
أ - قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إليه الوَسِيلةَ}.
ب - حديث الأعمى المتقدّم وفيه: «اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة». فقد توجّه الأعمى في دعائه بالنّبيّ عليه الصلاة والسلام أي بذاته.
ج - «قوله صلى الله عليه وسلم في الدّعاء لفاطمة بنت أسد: اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الّذين من قبلي فإنّك أرحم الرّاحمين».
د - توسّل آدم بنبيّنا محمّد عليهما الصلاة والسلام: روى البيهقيّ في " دلائل النّبوّة " والحاكم وصحّحه عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «لمّا اقترف آدم الخطيئة قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي فقال اللّه تعالى: يا آدم كيف عرفت محمّدا ولم أخلقه؟ قال: يا ربّ إنّك لمّا خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ الخلق إليك، فقال اللّه تعالى: صدقت يا آدم، إنّه لأحبّ الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرت لك، ولولا محمّد ما خلقتك».
هـ – حديث الرّجل الّذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفّان رضي الله عنه: روى الطّبرانيّ والبيهقيّ «أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه في زمن خلافته، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: ائت الميضأة فتوضّأ، ثمّ ائت المسجد فصلّ، ثمّ قل: اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، فانطلق الرّجل فصنع ذلك ثمّ أتى باب عثمان بن عفّان رضي الله عنه، فجاء البوّاب فأخذ بيده، فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه وقال له: اذكر حاجتك، فذكر حاجته فقضاها له، ثمّ قال: ما لك من حاجة فاذكرها ثمّ خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له: جزاك اللّه خيرا ما كان ينظر لحاجتي حتّى كلّمته لي، فقال ابن حنيف، واللّه ما كلّمته ولكن «شهدت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره».
إلى آخر حديث الأعمى المتقدّم.
(14) قال المباركفوري: قال الشّيخ عبد الغنيّ في إنجاح الحاجة: ذكر شيخنا عابد السّنديّ في رسالته: والحديث - حديث الأعمى - يدلّ على جواز التّوسّل والاستشفاع بذاته المكرّم في حياته، وأمّا بعد مماته فقد روى الطّبرانيّ في الكبير عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا كان يختلف إلى عثمان. . إلى آخر الحديث.
(13 مكرر) وقال الشّوكانيّ في تحفة الذّاكرين: وفي الحديث دليل على جواز التّوسّل برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى اللّه عزّ وجلّ مع اعتقاد أنّ الفاعل هو اللّه سبحانه وتعالى وأنّه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ((
انتهى الاقتباس.
... و للاطلاع على أصل الكلام في " ملتقى أهل الحديث "، و كذا بقيته: اضغط على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25357
و ما تقدم كان جزءا من مشاركة- لكاتب هذا – في " الملتقى المفتوح – ملتقى أهل التفسير "، و كانت بعنوان: (مشروعية التوسل برسول الله في المذاهب (عن الموسوعة الفقهية الكويتية)،
و للاطلاع عليها إليك هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4138
فهؤلاء أئمة الأمة، و تلك أقوالهم،
فإن كان هناك من يخالفهم لدليل صح عنده – فحسبنا بهؤلاء الأعلام فيما قالوا به استنادا لأدلة ثبتت و صحت عندهم، و اطمأنت قلوبنا لها،
و من القواعد الأصولية المقررة: " لا ينكر ما اختلف فيه، و إنما ينكر المجمع عليه "
أي ينكر خلاف المجمع عليه،
و لا ريب أن معظم القائلين بجوازه و استحبابه أئمة متقدمون و مقدمون على تلك القلة القائلة بمنعه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 Nov 2005, 07:46 ص]ـ
و لا ريب أن معظم القائلين بجوازه و استحبابه أئمة متقدمون و مقدمون على تلك القلة القائلة بمنعه
سبحانك ربي هذا بهتان عظيم. ما أبعد هذا القول عن الحقيقة، إذ لا يعرف أحد من السلف أجاز هذه البدعة الخبيثة، فلا عبرة بمخالفة من شذ من الخلف، فإن الأئمة المتقدمين كانوا أفقه منهم وأعرف وأصح إيماناً.
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[13 Nov 2005, 08:54 ص]ـ
شكر الله لكم حسن ردكم، وأسأل الله أن يبارك فيكم وفي علمكم، وقد سرني جوابكم وأخبركم بأنكم لو لم تجيبوا لما عددت ذلك -بل لما عده عاقل- عجز منكم، فما أسهل المراء والجدل ولاسيما الإلكتروني!
ولكني أحسب أن حرصكم على بيان ما تعتقدونه حقاً هو الدافع الذي حرككم نحو كتابة الرد، وتلك خلة تحمد لكم.
غير أني لا أوافقكم -بورك فيكم- على قولكم: "فأنا و كذا كثير منا مقلدون إن لم نكن من العوام في الفقه و غير الفقه" وأحسب أن هذا من تواضعكم، وتلك شيمة أهل الاختصاص من أمثالكم، ثم أنتم تعلمون فرض المقلد، وتعلمون ما ذكره أهل العلم في مسألة حكم إنكاره على غيره، بل شرعتم بعد الإنكار على الأخ كاتب الموضوع في نقاشه إلى أن اعتذر عن الإكمال لرأي بدا له.
وتعلمون كذلك أن المسائل المتعلقة بجناب التوحيد -وتوحيد القصد والطلب منه- قضية التقليد فيها شائكة.
وتعلمون أيضاً أن من كف عن هذا النوع من التوسل لأن اجتهاده أداه لمنعه فاكتفى في توسله إلى خالقه ومولاه بصفاته العليا وأسمائه الحسنى، وما وفقه إليه من عمل صالح كالإيمان بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبمحبته له، وبطاعته إياه، وبتعظيمه لأمره، وبحرصه على هديه وسنته، إلى غير ذلك فلا ينبغي أن ينكر عليه أو يثرب فهو سالم الجانب لم يقع في محظور ملتزما جانب التوقيف في العبادة، وغاية أمره أن يكون تاركاً لسنة.
بخلاف من يخرم جانب التوقيف في العبادات لمجرد اختلاف بين الأكابر لم يحرر، فلعل في بقاء مثل هذا على بر الأمان نظر وفي وقوفه على شاطئ السلامة شكك.
فلهذه الأسباب وغيرها ربما كان تحرير القول في المسألة عند كلينا من الأهمية بمكان.
وبعد تلك المقدمة فلعل استدلال بعض أهل العلم بالحديث المذكور على جواز التوسل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أمر يسلم بوقوعه الجميع، فهو واقع لايمكن إنكاره، بل هو أمر شائع بين المتأخرين كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية.
ولعله يفهم مما سبق شيء من هذا ولكن موضوع الحوار هل هذا الاستدلال والذي نحى إليه بعض أهل العلم -قدس الله أرواحهم- بهذا الحديث على جواز التوسل بذات النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم صحيح؟
أم الصحيح قول الأئمة الذين خالفوهم في المسألة، ونصوا على أن هذا الحديث ليس فيه دلالة على ذلك؟
بل نقلوه عن الجمهورخلافاً لما ذكر الباحث المنقول عنه في الموسوعة، قال الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر المعاني التي يحتملها لفظ التوسل أو التوجه المذكور في الحديث (فضلاً ينظر الرد 22): "ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته فلا يكون التوسل بشيء منه ولا بشيء من السائل بل بذاته أو لمجرد الإقسام به على الله. فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه" [اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 416].
فأنت -أحسن الله إليك- ترى الإمام ابن تيمية ينقل كراهتهم لهذا القسم الأخير ونهيهم عنه، ويقول أيضاً: "فأما التوسل بذاته فى حضوره أو مغيبه أو بعد موته مثل الإقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء أو السؤال بنفس ذواتهم لا بدعائهم فليس هذا مشهورا عند الصحابة والتابعين" [الفتاوى 1/ 318].
والحاصل -شيخنا الفاضل- إذا كان بعض الباحثين يزعم أن القول بجواز التوسل قول جماهير أهل العلم -وربما كان سبب ذلك نقول لم تتح له آلة نقدها- والإمام ابن تيمية ينقل كراهته والمنع منه عنهم وعن الصحابة والتابعين. فيلزم حينها التحري في المسألة من جهتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: ما وقع من خلاف في مشروعية الفعل، فطالما أن أهل العلم اختلفوا فالواجب باتفاق المسلمين وإجماع أئمة الدين هو رد الخلاف للكتاب والسنة وبيان الحكم منهما إما بالنص أو الاستنباط، وقد نقلتم وفقكم الله عن العلامة الشوكاني قوله في المسألة ورضيتم به، ونفس هذا العلم الجبل ينقل نصاً ثميناً قيماً يأمر فيه بالرجوع إلى ما ذكر عند الاختلاف فآمل أن ترضوا به، قال رحمه الله في أول رسالته شرح الصدور ما نصه: "فاعلم أنه إذا وقع الخلاف بين المسلمين في أن هذا الشيء بدعة أو غير بدعة، أو مكروه أو غير مكروه، أو محرم أو غير محرم، أو غير ذلك، فقد اتفق المسلمون ـ سلفهم وخلفهم ـ من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا ـ وهو القرن الثالث عشر منذ البعثة المحمدية ـ أن الواجب عند الاختلاف في أي أمر من أمور الدين بين الأمة المجتهدين هو الرد إلى كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. الناطق بذلك الكتاب العزيز (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) ومعنى الرد إلى الله سبحانه الرد إلى كتابه، ومعنى الرد إلى رسوله صلى الله عليه وسلم الرد إلى سنة بعد وفاته. وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين".
إلى أن قال في كلام طويل:
"وبهذا يتقرر لك أن ليس لأحد من العلماء المختلفين، أو من التابعين لهم والمقتدين بهم أن يقول: الحق ما قاله فلان دون فلان، أو فلان أولى بالحق من فلان. بل الواجب عليه- إن كان ممن له فهم وعلم وتمييز- أن يرد ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن كان دليل الكتاب والسنة معه فهو على الحق وهو الأولى بالحق. ومن كان دليل الكتاب والسنة عليه لا له كان هو المخطئ، بل هو معذور، بل مأجور، كما ثبت في الحديث الصحيح أنه (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر) فناهيك بخطأ يؤجر عليه فاعله، ولكن هذا إنما هو للمجتهد نفسه، إذا أخطأ، ولكن لا يجوز لغيره أن يتبعه في خطئه، ولا يعذر كعذره، ولا يؤجر كأجره، بل واجب على من عداه من المكلفين أن يترك الاقتداء به في الخطأ ويرجع إلى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة. وإذا وقع الرد لما اختلف فيه أهل العلم إلى الكتاب والسنة كان من معه دليل الكتاب والسنة هو الذي أصاب الحق ووافقه، وإن كان واحدا، والذي لم يكن معه دليل الكتاب والسنة هو الذي لم يصب الحق، بل أخطأه، وإن كان عددا كثيرا، فليس لعالم ولا لمتعلم ولا لمن يفهم- وإن كان مقصرا- أن يقول: إن الحق بيد من يقتدي به من العلماء، إن كان دليل الكتاب والسنة بيد غيره. فإن ذلك جهل عظيم، وتعصب ذميم، وخروج من دائرة الإنصاف بالمرة، لأن الحق لا يعرف بالرجال، بل الرجال يعرفون بالحق. وليس أحد من العلماء المجتهدين والأئمة المحققين بمعصوم، ومن لم يكن معصوما فإنه يجوز عليه الخطأ كما يجوز عليه الصواب، فيصيب تارة ويخطئ أخرى. ولا يتبين صوابه من خطئه إلا بالرجوع إلى دليل الكتاب والسنة، فإن وافقهما فهو مصيب، وإن خالفهما فهو مخطئ ولا خلاف في هذه الجملة بين جميع المسلمين أولهم وآخرهم، سابقهم ولاحقهم، كبيرهم وصغيرهم، وهذا يعرفه كل من له أدنى حظ من العلم، وأحقر نصيب من العرفان، ومن لم يفهم هذا ويعترف به فليتهم نفسه، ويعلم أنه قد جنى على نفسه بالخوض فيما ليس من شأنه، والدخول فيما لا تبلغ إليه قدرته، ولا ينفذ فيه فهمه. وعليه أن يمسك قلمه ولسانه، ويشتغل بطلب العلم، ويفرغ نفسه لطلب علوم الاجتهاد التي يتوصل بها إلى معرفة الكتاب والسنة وفهم معانيهما، والتمييز بين دلائلهما، ويجتهد في البحث في السنة وعلومها، حتى يتميز عنده صحيحها من سقيمها، ومقبولها من مردودها، وينظر في كلام الأئمة الكبار من سلف هذه الأمة وخلفها حتى يهتدي بكلامهم إلى الوصول إلى مطلوبه. فإنه إن لم يفعل هذا وقدم الاشتغال بما قدمنا، ندم على ما فرط منه قبل أن يتعلم هذه العلوم غاية الندم .. " إلى آخره.
أيها الشيخ الحبيب كانت تلك هي المسألة الأولى التي ينبغي تحريرها، وأما المسألة الثانية وهي فرعية هل حقاً الأمر على ما ذكر الباحث في الموسوعة الكويتية -القيمة النافعة بحق- من أن القول بجواز التوسل هو قول جماهير أهل العلم؟ وهل حقاً صح ما نقل عن بعض السلف والأئمة فيها أم الصحيح أنها أقوال ليس لها خطام أو زمام؟
لعل هذه مسألة أخرى توافق -أحسن الله إليك- على أهمية تحري الحق فيها طالما أن بعض أهل العلم -الإمام ابن تيمية مثلاً- ينقل فيها رأياً آخراً على ما نقل هنا.
وإذا كان الأمر كذلك فلنعد هنا للمسألة الأولى، طالما أن الخلاف في المسألة حاصل وبصرف النظر الآن عن تحقيق قول جمهور الأئمة والتابعين والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً في المسألة.
فمع من من المختلفين -تُرى- الصواب؟
وأقترح أن يكون سبيل تحرير ذلك هو ما بُدء نقاشه -بعد أن فرغ من الاستدلال بالآية التي شرع الموضوع لأجلها- من نص حديث الإمام الترمذي وابن ما جة وغيرهما والذي يستدل به بعض أهل العلم على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليهم وسلم، ويخالفهم آخرون في صحة ذلك الاستدلال.
فإن تقرر أن ذلك النص المحال عليه عند الترمذي ليست فيه دلالة فلا بأس أن نناقش ما ورد من زيادات تتعلق به عند الطبراني أو غيره ربما كانت ثابتة أو فيها دلالة عند بعض أهل العلم.
فإن فرغنا من هذه فأقترح أن ننتقل إلى الأدلة الأخرى التي ترون قوة دلالتها على جواز التوسل بذات نبينا صلى الله عليه وسلم.
وبعدها يحسن تحرير قول الأئمة في المسألة.
فهل ترون هذا كلاماً منصفاً أحسن الله إليكم أم لا؟
إن كان الكلام مقبولاً فأرى أن تبدأوا بالتعليق على ما ذكر في الرد (22) وفيه الإحالة على ما يبين عدم وجود دلالة صحيحة في الحديث المذكور -والذي بدء النقاش فيه- على صحة العبادة المذكورة.
وإن كنتم ترون أن هذا الكلام ليس منصفاً أو عليه ملاحظات فأرحب بها وتسرني الإستفادة منكم ومن تعليقاتكم وملاحظاتكم وتعقيباتكم.
هذا والله أسأل أن يجعل الحق مبتغاي ومبتغاك، وأن يوفقني للصواب وإياك، مع رجائي بأن تسأل الله لي الهداية والسداد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[13 Nov 2005, 10:11 ص]ـ
الأخ الفاضل حارث همام حفظكم الله و رعاكم
أكرمك الله، و أحسن إليك و إلينا
قلتم:
(فهل ترون هذا كلاماً منصفاً أحسن الله إليكم أم لا؟)
- و أقول لكم: أنصفت و أحسنت،
و هكذا خلق أهل العلم و طالبيه
و إلى عودة قريبة إن شاء الله تعالى،
فقد سررت بردكم الطيب، فآثرت سرعة مقابلته بمثله، و لكم السبق بحسن القول
ـ[القلم]ــــــــ[16 Nov 2005, 05:27 ص]ـ
بارك الله في الجميع! وخاصة أخي حارث الهمام وأخي محمد الأمين
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[18 Nov 2005, 03:36 ص]ـ
[ QUOTE= حارث الهمام] ولعله يفهم مما سبق شيء من هذا ولكن موضوع الحوار هل هذا الاستدلال والذي نحى إليه بعض أهل العلم -قدس الله أرواحهم- بهذا الحديث على جواز التوسل بذات النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم صحيح؟
أم الصحيح قول الأئمة الذين خالفوهم في المسألة، ونصوا على أن هذا الحديث ليس فيه دلالة على ذلك؟
بل نقلوه عن الجمهورخلافاً لما ذكر الباحث المنقول عنه في الموسوعة، قال الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر المعاني التي يحتملها لفظ التوسل أو التوجه المذكور في الحديث (فضلاً ينظر الرد 22): "ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته فلا يكون التوسل بشيء منه ولا بشيء من السائل بل بذاته أو لمجرد الإقسام به على الله. فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه" [اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 416].
فأنت -أحسن الله إليك- ترى الإمام ابن تيمية ينقل كراهتهم لهذا القسم الأخير ونهيهم عنه، ويقول أيضاً: "فأما التوسل بذاته فى حضوره أو مغيبه أو بعد موته مثل الإقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء أو السؤال بنفس ذواتهم لا بدعائهم فليس هذا مشهورا عند الصحابة والتابعين" [الفتاوى 1/ 318].
والحاصل -شيخنا الفاضل- إذا كان بعض الباحثين يزعم أن القول بجواز التوسل قول جماهير أهل العلم -وربما كان سبب ذلك نقول لم تتح له آلة نقدها- والإمام ابن تيمية ينقل كراهته والمنع منه عنهم وعن الصحابة والتابعين. فيلزم حينها التحري في المسألة من جهتين:
... ........................
.............................
.............................
أيها الشيخ الحبيب كانت تلك هي المسألة الأولى التي ينبغي تحريرها،
وأما المسألة الثانية وهي فرعية
هل حقاً الأمر على ما ذكر الباحث في الموسوعة الكويتية -القيمة النافعة بحق- من أن القول بجواز التوسل هو قول جماهير أهل العلم؟ وهل حقاً صح ما نقل عن بعض السلف والأئمة فيها أم الصحيح أنها أقوال ليس لها خطام أو زمام؟
-------------------------------------------------------------------------------
* أخي الفاضل
آثرت أن أبدأ هنا الرد على ما انتهيتم أنتم من طرحه على أخيكم القليل العلم،بذكر أقوال كوكبة كبيرة من أئمة العلم - المتقدمين منهم و المتأخرين - في ذلك التوسل:
1 - لتروا هل صحَ ما نقل من قول ابن تيمية - كراهية السلف للتوسل به صلى الله عليه و سلم - أم لم يصح؟
2 - وعليه: هل ما ذكر في " الموسوعة الفقهية الكويتية " صحيح أم غير صحيح؟
3 - و لعله يفيد فيما اقترحتموه في مسألتكم الأولى من كاتب هذا الكلام.
4 - و لنفرغ للنظر في دلالة ذلك الحديث على ما استدل به، و سأفرد لذلك مقالة أخرى إذا شاء الله و يسَرو أعان.
*برجاء الصبر على قراءة تلك الإطالة الآتية، فقد أخذت من صاحبها دهرا
* تنبيه
الآتي ذكره هنا منقول عما كتبه عضو الملتقى الأخ الكريم " الأزهري الأصلى "، الذي وضع رابط موضوعه هذا في مشاركة أخرى لي، متعلقة بذات المسألة - قال:
ما قول جمهور العلماء في مسألة التوسل؟ الإجابة هنا
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبعد:
فمنذ زمن وأنا أقرأ في موضوع التوسل وأجد شيئا عجيبا كلا الفريقين -مجيزي ومانعي التوسل- يقولان بأن رأيهما هو رأي جمهور العلماء فتحيرت بذلك تحيرا شديدا خاصة أنه لم تجمع أقوال العلماء في هذه المسألة حتى يحكم مع من رأي الجمهور؟!!
فأخذت على عاتقي أن أبحث في أمهات الكتب ووجدت مفاجأة لم تخطر على بالي قط وهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن جمهور العلماء والكثرة الساحقة منهم تجيز التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأردت أن أزيد في هذه النقولات ولكني أحسست بدنو أجلي وتذكرت قول الله تعالى:"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:"من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".
فكان هذا الموضوع.
وقبل أن أبدأ دعوني أذكركم أن هذا كله مع كثرته ما توافر لي من مراجع ولا أشك أن هناك المزيد في مراجع أخرى ولكنها لا تتوافر لدي. فتقبلوا جهد المقل.
وقد يأتي قائل فيقول: لقد فتحت موضوعا آخر ذكرت فيه أحاديث وآثار وضعفتها فأقول:
فتحت الموضوع الماضي لأني اعتقد أن هذه الأحاديث ضعيفة أو موضوعة خوفا من حديث النبي الكريم-صلى الله عليه وسلم-:"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" أما هذا الموضوع -الذي نحن فيه- فهو يناقش الموضوع فقهيا ويثبت أن جمهور العلماء قد قال بالجواز.
ولي رجاء أخير: عدم التنقص من العلماء المانعين للتوسل فغاية ما أرادوه هو سد الذريعة إلى ما وصل إليه الحال هذه الأيام عند المقامات والأضرحة مما حذر منه المجيزين للتوسل أنفسهم فقد قال الشيخ عبد الله الغماري في كتابه "الدر الثمين":
(رأيت أن أقوم بواجب النصيحة فأنبِّه على ما شاع بين كثير من الناس في توسلاتهم وزياراتهم للأولياء، فقد توسعوا في ذلك توسعاً غير مرضي، وخرجوا عن الحد المشروع وفاهوا بألفاظ منكرة مثل: يا سيد اشفعني سقت عليك النبي. الشكوى لأهل البصيرة عيب. العارف لا يعرف. خلِّ بالك معي، أنجحني في القضية الفلانية، أعطب عدوي، إلى ألفاظٍ من هذا القبيل ظاهرها يقتضي الكفر، مع ما ينضم إلى ذلك من تقبيل العتبات والأبواب والتمسح بالحديد والخشب والدخول إلى الضريح على هيئة الراكع الساجد مع تكيف الأيدي خلف الظهر.
وكل هذا ممنوع غير مشروع، والأولياء أنفسهم لا يرضون به.
فعلى المسلم الشحيح بدينه أن يكف عن كل لفظ موهم وكل تعظيم يؤدي به إلى المحظور الممنوع كتقبيل وتمسح وسجود وركوع، وإن كان أحمد بن حنبل أجاز تقبيل قبر النبي وقال لا بأس به. هذه نصيحتي إليك فاعمل بها واحرص عليها، والله يتولى هداك) انتهى كلامه رحمه الله.
والآن إلى الموضوع.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ج 14 ص 156:
اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي (ص) بعد وفاته كقول القائل:
اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك، على أقوال: القول الأول:
ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة) إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته. (1)
قال القسطلاني: وقد روي أن مالكا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي - ثاني خلفاء بني العباس - يا أبا عبد الله أأستقبل رسول الله وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.
وقد روى هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه (فضائل مالك) بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه. (2)
وقال النووي في بيان آداب زيارة قبر النبي (ص): ثم يرجع الزائر إلى موقف قبالة وجه رسول الله (ص) فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه، ومن أحسن ما يقول (الزائر) ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له، قال: كنت جالسا عند قبر النبي (ص) فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله تعالى يقول:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).
النساء / 64، وقد جئتك مستغفرا من ذنبي، مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * وطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وقال العز بن عبد السلام: (ينبغي كون هذا مقصورا على النبي (ص) لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته).
وقال السبكي: (ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي إعانة الطالبين: (وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي) (3) ما تقدم أقوال المالكية والشافعية.
وأما الحنابلة فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي:
(ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى ... ، إلى أن قال:
ثم تأتي القبر فتقول: ... وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي ... ). ومثله في الشرح الكبير. (4)
وأما الحنفية فقد صرح متأخروهم أيضا بجواز التوسل بالنبي (ص)، قال الكمال بن الهمام في فتح القدير:
(ثم يقول في موقفه: السلام عليك يا رسول الله ... ويسأل الله تعالى حاجته متوسلا إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام).
وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النبي (ص): (جئناك من بلاد شاسعة ... والاستشفاع بك إلى ربنا ... ثم يقول: مستشفعين بنبيك إليك).
ومثله في مراقي الفلاح والطحاوي على الدر المختار والفتاوى الهندية.
ونص هؤلاء عند زيارة قبر النبي (ص): (اللهم ... وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك).
وقال الشوكاني: (ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين). (5)
وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي: (6)
أ - قوله تعالى: وابتغوا إليه الوسيلة. سورة المائدة / 35
ب - حديث الأعمى (7) المتقدم وفيه: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ... ) فقد توجه الأعمى في دعائه بالنبي عليه الصلاة والسلام أي بذاته.
ج - قوله (ص) في الدعاء لفاطمة بنت أسد: إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين. (8)
د - توسل آدم بنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام: روى البيهقي في دلائل النبوة، والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (ص):
(لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي. فقال الله تعالى: يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟
قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب خلقك إليك. فقال الله تعالى: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك. (9)
هـ - حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان (رض):
روى الطبراني والبيهقي أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان (رض) في زمن خلافته، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: إئت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ذلك، ثم أتى باب عثمان بن عفان (رض)، فجاء البواب فأخذ بيده، فأدخله على عثمان (رض) فأجلسه معه، وقال له: اذكر حاجتك، فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما لك من حاجة فاذكرها. ثم خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر لحاجتي حتى كلمته لي، فقال ابن حنيف:
والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله (ص) وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره (10) إلى آخر حديث الأعمى المتقدم.
قال المباركفوري: قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة: ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث - حديث الأعمى - يدل على جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته، وأما بعد مماته فقد روى الطبراني
في الكبير عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان ... إلى آخر الحديث.
وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين: (وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله (ص) إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، وأنه المعطي والمانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن). (11)
القول الثاني في التوسل بالنبي بعد وفاته: جاء في التاترخانية معزيا للمنقى:
روى أبو يوسف عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به (أي بأسمائه وصفاته) والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. سورة الأعراف / 180
وعن أبي يوسف أنه لا بأس به، وبه أخذ أبو الليث للأثر.
وفي الدر: (والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد فيما يخالف القطعي، إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي). (12)
(يُتْبَعُ)
(/)
أما التوسل بمثل قول القائل: بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك، أو بحق البيت فقد ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى كراهته.
قال الحصكفي: (وإنما يخص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه).
قال ابن عابدين: قد يقال: إنه لا حق لهم وجوبا على الله تعالى لكن لله سبحانه وتعالى جعل لهم حقا من فضله، أو يراد بالحق الحرمة والعظمة، فيكون من باب الوسيلة، وقد قال تعالى: وابتغوا إليه الوسيلة. سورة المائدة / 35 وقد عد من آداب الدعاء التوسل على ما في (الحصن)، وجاء في رواية:
(اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي إليك، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا) (13) الحديث. ويحتمل أن يراد بحقهم علينا وجوب الإيمان بهم وتعظيمهم. وفي (اليعقوبية): (يحتمل أن يكون الحق مصدرا لا صفة مشبهة، فالمعنى بحقيقة رسلك، فليتأمل) ا ه. أي: المعنى بكونهم حقا لا بكونهم مستحقين.
أقول (أي ابن عابدين): لكن هذه احتمالات مخالفة لظاهر المتبادر من اللفظ، ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع ... فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع، على أن إرادة هذه المعاني مع هذا الإيهام فيها الإقسام بغير الله تعالى وهو مانع آخر، تأمل. (14)
هذا ولم نعثر في كتب الحنفية على رأي لأبي حنيفة وصاحبيه في التوسل إلى الله تعالى بالنبي (ص) في غير كلمة (بحق) وذلك كالتوسل بقوله:
(بنبيك) أو (بجاه نبيك) أو غير ذلك إلا ما ورد عن أبي حنيفة في رواية أبي يوسف قوله: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به.
القول الثالث في التوسل بالنبي بعد وفاته:
ذهب تقي الدين وبعض الحنابلة من المتأخرين إلى أن التوسل بذات النبي (ص) لا يجوز، وأما التوسل بغير الذات فقد قال ابن تيمية: ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور، أمران متفق عليهما بين المسلمين:
أحدهما: هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسل بالإيمان به (ص) وبطاعته.
والثاني: دعاؤه وشفاعته (ص) (أي في حال حياته) وهذا أيضا نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين.
ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدا.
ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة، فمن أنكر هذا المعنى فكفره ظاهر للخاصة والعامة.
وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو كافر أيضا، ولكن هذا أخفى من الأول، فمن أنكره عن جهل عرف ذلك، فإن أصر على إنكاره فهو مرتد.
أما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة، وأما الشفاعة يوم القيامة فمذهب أهل السنة والجماعة وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم أن له شفاعات خاصة وعامة.
والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به، كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقد فيه الصلاح.
وحينئذ فلفظ التوسل يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين، ويراد به معنى ثالث لم ترد به سنة.
ومن المعنى الجائز قول عمر بن الخطاب: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) أي بدعائه وشفاعته.
وقوله تعالى: وابتغوا إليه الوسيلة. سورة المائدة / 35. أي القربة بطاعته، وطاعة رسوله طاعته (15).
---------------------------------------------------------------------------------------
(1) شرح المواهب 8/ 304، والمجموع 8/ 274، والمدخل 1/ 248 وما بعدها، وابن عابدين 5/ 254، والفتاوى الهندية 1/ 266، 5/ 318، وفتح القدير 8/ 497 - 498، والفتوحات الربانية على الأذكار النووية 5/ 36.
(2) شرح المواهب 8/ 304 - 305، والمدخل 1/ 248، 252، ووفاء الوفاء 4/ 1371 وما بعدها، والفواكه الواني 2/ 466، وشرح أبي الحسن على رسالة القيرواني 2/ 478، والقوانين الفقهية 148.
(3) المجموع 8/ 274، وفيض القدير 2/ 134 - 135، وإعانة الطالبين 2/ 31، ومقدمة التجريد الصريح بتحقيق الدكتور مصطفى ديب البغاص.
(4) كشاف القناع 2/ 68، والمبدع 2/ 204، والفروع 2/ 159، والمغني مع الشرح 3/ 588 وما بعدها، والشرح الكبير مع المغني 3/ 494 - 495، والإنصاف 2/ 456.
(يُتْبَعُ)
(/)
(5) الاختيار 1/ 174 - 175، وفتح القدير 2/ 337 ومراقي الفلاح بحاشية الطحاوي ص 407، وحاشية الطحاوي على الدر المختار 1/ 562، والفتاوى الهندية 1/ 266، وتحفة الأحوذي 10/ 34، وتحفة الذاكرين للشوكاني (37).
(6) المراجع السابقة، المدخل 1/ 248 وما بعدها، وشرح المواهب 8/ 304، وجلاء العينين ص 433 وما بعدها، وقاعدة جليلة ص 65 وما بعدها، وحقيقة التوسل والوسيلة ص 38 وما بعدها لمؤلفه موسى محمد علي، والتوسل وأنواعه وأحكامه للألباني ص 51 وما بعدها.
(7) حديث الأعمى سبق تخريجه ف / 8. (وفي ص 154 الفرع 8 جاء ما يلي في الهامش: حديث عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي (ص) ... أخرجه الترمذي (5/ 569 - ط الحلبي)، وقال: حديث حسن صحيح).
(8) حديث دعاء النبي لفاطمة بنت أسد: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي (9/ 257 - ط القدسي)، وقال:
وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(9) حديث (لما اقترف آدم الخطيئة ... ) أخرجه الحاكم (2/ 615 - ط دائرة المعارف العثمانية)، وعنه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 489 - ط دار الكتب العلمية)، وقال البيهقي: (تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه، وهو ضعيف)، وتعقب الذهبي تصحيح الحاكم في تلخيص المستدرك بقوله: (بل موضوع، وعبد الرحمن واه).
(10) حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان أخرجه الطبراني في معجمه الصغير (1/ 183 - ط المكتبة السلفية)، وقد تكلم الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 262 - ط الحلبي) في رواية شعيب بن سعيد بما يقتضي تضعيف زيادته في هذا الحديث.
(11) تحفة الأحوذي 10/ 34.
(12) ابن عابدين 5/ 254، والفتاوى الهندية 1/ 266، 5/ 318، وفتح القدير 8/ 497 - 498، وحاشية الطحاوي على الدر المختار 4/ 199.
(13) حديث: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ... " سبق تخريجه ف / 7. (وجاء هناك ص 154 الهامش 2 ما يلي: حديث أبي سعيد الخدري: ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ... أخرجه ابن ماجة (1/ 256 - ط الحلبي)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 24 - ط دائرة المعارف العثمانية)، وقال البوصيري في الزوائد: (هذا إسناده مسلسل بالضعفاء).
(14) نفس مصادر الهامش رقم (12).
(15) قاعدة جليلة ص 51.
***********************************************
ذكر من أجازوا التوسل من علماء المذاهب المتبوعة:
----------------------------------------------------
أولا: المذهب الحنفي:
1 - وقال مجد الدين الموصلي الحنفي (ت:683 هـ) صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم (جئناك من بلاد شاسعة. . . والاستشفاع بك إلى ربنا) ثم يقول: مستشفعين بنبيك إليك.
ومثله في الطحاوي على الدر المختار.
2 - ابن أبي الوفاء القرشي الحنفي (ت:775 هـ): يتوسل "بجاه رسول الله" طبقات الحنفية (1/ 353).
3 - الإمام كمال الدين بن الهمام الحنفي رضى الله عنه (ت:861هـ) فتح القدير، ج2، ص332، كتاب الحج، باب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:
ويسأل الله حاجته متوسلا إلى الله بحضرة نبيه ثم قال يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة فيقول يا رسول الله أسألك الشفاعة يا رسول الله أتوسل بك إلى الله.
4 - وزاد الشيخ علي القاري المكي الحنفي (ت:1014هـ) في شرح الشمائل: "فليس لنا شفيع غيرك نؤمله، ولا رجاء غير بابك نصله، فاستغفر لنا واشفع لنا إلى ربك يا شفيع المذنبين، واسأله أن يجعلنا من عباده الصالحين".
5 - ذكر الشرنبلالي الحنفي (ت:1069 هـ) في مراقي الفلاح في آداب الزيارة:
يقف عند رأسه الشريف ويقول:
اللهم انك قلت وقولك الحق: (ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابا رحيما) وقد جئناك سامعين قولك، طائعين أمرك، مستشفعين بنبيك، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا انك رؤوف رحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد للّه رب العالمين.
ويدعو بما يحضره من الدعاء.
وفي مراقي الفلاح أيضا:
(يُتْبَعُ)
(/)
روى سعيد بن منصور وسمرة بن حبيب وحكم بن عمير قالوا: إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله ثلاث مرات يا فلان قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم اللهم إني أتوسل إليك بحبيبك المصطفى أن ترحم فاقتي بالموت على الإسلام والإيمان وأن تشفع فينا نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام.
6 - خاتمة اللغويين الحافظ مرتضى الزبيدي الحنفي (ت:1089هـ)، قال في خاتمة "تاج العروس" داعياً: "ولا يكلنا إلى أنفسنا فيما نعمله وننويه (((بمحمد وآله))) الكرام البررة".
7 - أبو الحسنات اللكنوي (ت:1264هـ): "متوسلا بنبيه" الرفع والتكميل ?27.
8 - العلامة الفقيه عبد الغني الغنيمي الحنفي (ت:1298هـ) صاحب "اللباب في شرح الكتاب"، قال في خاتمة كتابه "شرح العقيدة الطحاوية" داعياً: "وصلِّ وسلم على سيدنا محمد فإنه (((أقرب من يُتَوسل به إليك))) ".
9 - خاتمة المحققين الشيخ ابن عابدين الحنفي، قال في مقدمة حاشيته على الدر المختار داعياً: "وإني أسأله تعالى (((متوسلاً إليه بنبيه المكرم))) صلى الله عليه وسلم".
10 - الشيخ محمد علاء الدين ابن الشيخ ابن عابدين، قال في خاتمة تكملة حاشية والده داعياً: "كان الله له ولوالديه، وغفر له ولأولاده ولمشايخه ولمن له حق عليه (((بجاه سيد الأنبياء والمرسلين))) ".
11 - وقال العدوي الحمزاوي في كنز المطالب (ص 216):
ومن أحسن ما يقول بعد تجديد التوبة في ذلك الموقف الشريف، وتلاوة (ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول) الآية: نحن وفدك يا رسول اللّه وزوارك، جئناك لقضاء حقك وللتبرك بزيارتك والاستشفاع بك مما اثقل ظهورنا واظلم قلوبنا.
ويقول (ص 230): ويتوسل بهم إلى اللّه في بلوغ آماله، لان هذا المكان محل مهبط الرحمات الربانية، وقد قال خير البرية عليه الصلاة وأزكى التحية: إن لربكم في دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لنفحات ربكم. ولا شك ولا ريب أن هذا المكان محل هبوط الرحمات الإلهية، فينبغي للزائر أن يتعرض لهاتيك النفحات الاحسانية، كيف لا؟ وهم الأحبة والوسيلة العظمى إلى اللّه ورسوله، فجدير لمن توسل بهم أن يبلغ المنى وينال بهم الدرجات العلى، فانهم الكرام لا
يخيب قاصدهم وهم الأحياء، ولا يرد من غير إكرام زائرهم.
12 - أبو منصور الكرماني الحنفي: في آداب زيارة قبر النبي-صلى الله عليه وسلم-: "ويقول إن فلان وفلان يستشفع بك يا رسول الله".
13 - في كتاب الفتاوى الهندية (ج1/ 266) كتاب المناسك: باب: خاتمة في زيارة قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم، بعد أن ذكر كيفية وآداب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ذكر الأدعية التي يقولها الزائر فقال: "ثم يقف (أي الزائر) عند رأسه صلى اللّه عليه وسلم كالأوّل ويقول: اللهم إنك قلت وقولك الحق: "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ .. " الآية، وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك، (((مستشفعين بنبيك إليك))).
14 - أبو إسحاق الخجندي الكازروني: كان من شعره:
خافت النار إلاها فانتحت تتشفع لائذة بالرسول.
التحفة اللطيفة (1/ 83).
15 - وقال خليل أحمد سهارنبوري (المتوفي 1349 هـ) في كتابه المهند على المفند (? 86 - 87) وهو من كبار علماء أحناف ديوبند بالهند، في جواب هذا السؤال: هل للرجل أن يتوسل في دعوته بالنبي والصالحين والصديقين والشهداء والأولياء؟
"عندنا وعند مشايخنا يجوز التوسل بهم في حياتهم وبعد وفاتهم بأن يقول: "اللّهم إني أتوسل إليك بفلان أن تجيب دعوتي وتقضي حاجتي". كما صرح به الشاه محمد إسحاق الدهلوي والمهاجر المكي ورشيد أحمد الكنكومي. انتهى.
وأيد ووافق على هذا الكتاب حوالي 75 نفراً من علماء الأحناف الكبار في باكستان.
_
ذكر من منعه من الأحناف:
-- ---- ------ ----- ---
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شارح العقيدة الطحاوية: (وإن الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور لأن الإقسام بالمخلوق لا يجوز فكيف على الخالق؟! وقد قال: [من حلف بغير الله فقد أشرك] ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه: يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حق كره أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أن يقول الرجل: اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ولم يكرهه أبو يوسف رحمه الله لما بلغه الأثر (1) كما أن القول: بجاه فلان عندك أو نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك ومراده أن فلاناً عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعاءنا. وهذا أيضاً محذور فإنه لو كان هذا هو التوسل الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي لفعلوه بعد موته. وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه يطلبون منه أن يدعو لهم وهم يؤمنون على دعائه كما في الاستسقاء وغيره فلما مات رسول الله قال عمر - لما خرجوا يستسقون -: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. معناه: بدعائه الله لنا وشفاعته عنده وليس المراد أنا نقسم عليك/به/أو نسألك بجاهه عندك إذ لو كان ذلك مراداً لكان جاه النبي أعظم وأعظم من جاه العباس). اهـ
ويروي … أن داود عليه السلام قال: [اللهم إني أسألك بحق آبائي عليك فأوحى إليه: وما حق آبائك علي؟] (2).
وقال أبو الحسن القدوري في شرح كتاب الكرخي:
(قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول: أسألك بمعاقد العز من عرشك. وأن يقول: بحق فلان وأنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام)) قال أبو الحسن: أما المسألة بغير الله فمنكره لأنه لا حق لغير الله عليه وإنما الحق له على خلقه) وفي قول له: (المسألة بخلقه لا تجوز: لأنه لا حق للمخلوق على الخالق فلا يجوز يعني: وفاقاً).وقال ابن بلدجي في شرح المختار: (ويكره أن يدعو الله إلا به. ولا يقول: أسألك بملائكتك أو أنبيائك أو نحو ذلك لأنه لا حق للمخلوق على خالقه).
وقال نعمان خير الدين الحنفي في ((جلا العينين)) وذكر العلائي في شرح التنوير عن التتار خانية: أن أبا حنيفة قال: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به)) وجميع متون الحنفية أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء وبحق البيت الحرام مكروه كراهة تحريم، وهي كالحرام في العقوبة بالنار اهـ.
----------------------------
(1) قال الزيلعي في نصب الراية 4/ 273: هو حديث مرفوع موضوع.
(2) قيل أنه ضعيف وقد رويناه بصيغة التمريض للدلالة على ضعفه وذكرناه استئناساً للمناسبة مع بيان ضعفه.
********************************************
ثانيا: المذهب المالكي:
1 - القاضي عياض (ت:544 هـ) في كتابه الشهير الشفا.
2 - القرافي المالكي (ت:682 هـ): ذكر قصة العتيبي وأقرها في الذخيرة (3/ 375 - 376).
3 - شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن النعمان المالكي المتوفى (683 هـ)، في كتابه مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، قال الخالدي في صلح الإخوان: هو كتاب نفيس نحو عشرين كراسا، وينقل عنه كثيرا السيد نور الدين
السمهودي في وفاء الوفا , في الجزء الثاني في باب التوسل بالنبي الطاهر.
4 - قال الشيخ ابن الحاج المالكي (ت:737 هـ) المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل (ج1/ 259 - 260) ما نصه: " (((فالتوسل به عليه الصلاة والسلام))) هو محل حطّ أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا، لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعِظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ إنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى اللّه تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام ومَن لم يزره، اللهم لا تحرمنا شفاعته بحرمته عندك آمين يا رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم".
وقال أيضا في المدخل (1/ 254): وصفة السلام على الأموات أن يقول:
فان كان الميت المزار ممن ترجى بركته، فيتوسل إلى اللّه تعالى به وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي (ص)، بل يبدأ بالتوسل إلى اللّه تعالى بالنبي (ص)،إذ هو العمدة في التوسل والأصل في هذا كله والمشرع له، فيتوسل به (ص) وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - يقول ابن خلدون (ت:808 هـ) في تاريخه (6/ 43): (نسأله سبحانه وتعالى من فيض فضله العميم ونتوسل إليه بجاه نبيه الكريم أن يرزقنا إيمانا دائما وقلبا خاشعا وعلما نافعا .... ).
6 - أبو الطيب المكي الفاسي المالكي (ت:832 هـ) ذيل التقييد (1/ 69):"ونسأل الله أن يسعفه بمطلوبه بمحمد سيد المرسلين وأله وصحبة الصفوة الأكرمين".
7 - أحمد زروق المالكي (ت:899 هـ): له رد على ابن تيمية في موضوع التوسل وهو مذكور في مقدمة شرحه على حزب البحر نقلا عن شواهد الحق ص 452.
8 - إبراهيم اللقاني المالكي (صاحب جوهرة التوحيد) (ت:1041 هـ) قال:"ليس للشدائد مثل التوسل به صلى الله عليه وسلم" خلاصة الأثير للمحبي (1/ 8).
9 - الإمام محمد الزرقاني المالكي (ت:1122 هـ)، قال في خاتمة شرحه للموطأ داعياً: "وأسألك من فضلك (((متوسلاً إليك بأشرف رسلك))) أن تجعله (أي شرحه للموطأ) خالصاً لوجهك".
وقال أيضا في شرح المواهب (8/ 317): ونحو هذا في منسك العلامة خليل، وزاد: وليتوسل به (ص)،ويسال اللّه
تعالى بجاهه في التوسل به، إذ هو محط جبال الأوزار وأثقال الذنوب، لان بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس اللّه بصيرته، واضل سريرته، ألم يسمع قوله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اللّه) الآية
10 - أبو الحسن المالكي يقول:"بمحمد وآله وصحبه" كفاية الطالب (2/ 678).
11 - ابن عاشر المالكي:يقول:"بجاه سيد الأنام" في كتاب المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (2/ 300).
12 - ابن ميارة المالكي:يقول:"نتوسل إليك بجاه أحب الخلق" في كتاب الدر الثمين والمورد المعين (2/ 302).
13 - وكتب السيد محمد بن علوي الحسيني من علماء المالكية الكبار في مكة المكرمة، كتاباً باسم "مفاهيم يجب أن تصحح" وبيّن فيه التوسل المتفق عليه وحديث توسل آدم بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأثبت جواز التوسل بالنبي بعد وفاته والتبرك به، وفي نهاية البحث ذكر أشهر من يقول بالتوسل من كبار الأئمة وحفاظ السنة، مع مقدمة من فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية السابق وأيّد ذلك ووافق عليه حوالي 35 نفرا من كبار علماء العالم الإسلامي كفضيلة الأستاذ الشيخ أبو الوفاء التفتازاني. والسيد يد الله كنون الحسني رئيس رابطة علماء المغرب وعضو رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
***********************************************
المذهب الشافعي:
1 - البيهقي (ت:458 هـ) روى عنه ابن الجوزي في المنتظم (11/ 211) من مناقب أحمد بن حرب "استجابة الدعاء إذا توسل الداعي بقبره".
2 - الإمام الغزالي الشافعي رضى الله عنه (ت:505هـ) قال في إحياء العلوم، باب زيارة المدينة وآدابها، ج1، ص 360يقول الزائر، اللهم قصدنا نبيك مستشفعين به إليك في ذنوبنا وقال في آخره ونسألك بمنزلته عندك وحقه إليك.
3 - ابن عساكر الشافعي (ت:571 هـ):كتب في أربعينياته "يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي" تاريخ دمشق (6/ 443).
4 - قال الإمام النووي (ت: 676 هـ) في المجموع (ج8/ 274) كتاب صفة الحج، باب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم: "ثم يرجع إلى موقفه الأول قُبالة وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم (((ويتوسل به))) في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه".
واعتمد الإمام الحافظ النووي استحباب التوسل في مصنفاته، كما في حاشية الإيضاح على المناسك له ص 450 و498 من طبعة أخرى وفي الأذكار ص 307 من طبعة دار الفكر، في كتاب أذكار الحج، وص 184 من طبعة المكتبة العلمية.
5 - المحب الطبري الشافعي (ت:694 هـ):"بمحمد وآله وصحبه" ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (1/ 261).
6 - ابن الرفعة الشافعي (ت:716 هـ):له رد على ابن تيمية في هذا الموضوع وغيره.
7 - عماد الدين بن العطار (ت:724 هـ) تلميذ النووي قال:"وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه" عن مواهب الجليل (2/ 544).
8 - ابن الزملكاني الشافعي (ت:727 هـ):"يا صاحب الجاه" وقد ناظر ابن تيمية.
9 - تقي الدين أبو الفتح السبكي (ت:744 هـ):من أقواله:
(وارغب إليه بالنبي المصطفى % في كشف ضرك عل يأسو ما انجرح)
(تالله ما يرجو نداه مخلص % لسؤاله إلا تهلل وانشرح)
(فهو النبي الهاشمي ومن له % جاه علا وعلو قدر قد رجح)
نقلا عن طبقات الشافعية الكبرى (9/ 181).
(يُتْبَعُ)
(/)
10 - قال الفقيه علي السبكي (ت:756 هـ) في كتابه شفاء السقام ما نصه: " اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحُسْنُه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار ... " اهـ
11 - عبد الله بن أسعد المازني الشافعي (ت:767 هـ) له كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام.
12 - العفيف اليافعي الشافعي (ت:768 هـ): "وبرسوله" مرآة الجنان (4/ 362).
13 - ابن كثير (ت:774هـ) في البداية والنهاية (13/ 192) في أحداث عام 654 وفيها ذكر النار التي خرجت من أرض الحجاز يقول: ?ذه النار في أرض ذات حجر لا شجر فيها ولا نبت، وهي تأكل بعضها بعضاً إن لم تجد ما تأكله، وهي تحرق الحجارة وتذيبها، حتى تعود كالطين المبلول، ثم يضربه الهواء حتى يعود كخبث الحديد الذي يخرج من الكير، فالله يجعلها عبرة للمسلمين ورحمة للعالمين، بمحمد وآله الطاهرين.
14 - سعد الدين التفتازاني الشافعي (ت:791 هـ): "ولهذا ينتفع بزيارة القبور والاستعانة بمنفوس الأخيار من الأموات" شرح المقاصد (2/ 33).
15 - ابن الملقن (ت:804 هـ):"بمحمد وآله" خلاصة البدر المنير (1/ 5).
16 - تقي الدين الحصني (ت:829 هـ) له كتاب (الرد على من شبه وتمرد .. ) رد فيه على مانعي التوسل.
17 - شمس الدين الرملي (ت:894 هـ) الملقب بالشافعي الصغير، قال في مقدمة كتابه "غاية البيان في شرح زُبَد ابن رسلان" داعياً: "والله أسأل (((وبنبيه أتوسل))) أن يجعله (أي عمله في هذا الكتاب) خالصاً لوجهه الكريم".
18 - الحافظ السخاوي (ت:902 هـ)، قال في خاتمة شرح ألفية العراقي في الحديث (4/ 410): "سيدنا محمد سيد الأنام كلهم (((ووسيلتنا))) وسندنا وذخرنا في الشدائد والنوازل صلى اللّه عليه وسلم".
19 - ويقول السيوطي (ت:911 هـ) في تاريخ الخلفاء (1/ 452):
(وأسأل الله تعالى أن يقبضنا إلى رحمته قبل وقوع فتنة المائة التاسعة!! بجاه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه أجمعين آمين) وهذا بعد أن سرد فتنة كل قرن.
وفي الإتقان (2/ 502) له أيضا:"بمحمد وآله".
وفي آخر كتابه الدرر المنتثرة قال: علقه مؤلفه عفا اللّه عنه في يوم السبت خامس رجب سنة ثمانين وثمانمائة أحسن اللّه عقباها بمحمد وآله آمين.
20 - وللسمهودي الشافعي (ت:911 هـ) كتاب كامل اسمه (وفاء الوفا).
21 - زكريا الأنصاري (ت:919 هـ) (الشهير بشيخ الإسلام): يقول في كتاب فتح الوهاب (1/ 257):"ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه".
22 - قال القسطلاني (ت:923 هـ) في المواهب اللدنية (8/ 308): وينبغي للزائر له (ص) أن يكثر من الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به (ص)، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه اللّه فيه. قال: وإن الاستغاثة هي طلب الغوث فالمستغيث يطلب من المستغاث به إغاثته أن يحصل له الغوث، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ الاستغاثة، أو التوسل، أو التشفع، أو التوجه أو التجوه لأنهما من الجاه والوجاهة، ومعناهما علو القدر والمنزلة وقد يتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه. قال: ثم إن كلا من الاستغاثة، والتوسل والتشفع، والتوجه بالنبي (ص) كما ذكره في تحقيق مصباح الظلام واقع في كل حال: النصرة قبل خلقه وبعد خلقه، في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة.
ثم فصل ما وقع من التوسل والاستشفاع به (ص) في الحالات المذكورة.
23 - الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي (ت:973 هـ)، قال في خاتمة كتابه "تحفة الزوار إلى قبر المختار" داعياً: "ختم الله لنا ولمن رأى في هذا الكتاب بالسعادة والخير ورفعنا وإياهم في الجنة إلى المقام الأسنى (((بجاه سيد الأولين والآخرين))) ".
وفي حاشيته على الإيضاح وكتابه الجوهر المنظم في زيارة القبر النبوي.
24 - وقال الخطيب الشربيني (ت:977 هـ) في مغني المحتاج: 1 | 184:
(يُتْبَعُ)
(/)
خاتمة: سئل الشيخ عز الدين هل يكره أن يسأل الله بعظيم من خلقه كالنبي والملك والولي؟ فأجاب بأنه جاء عن النبي (ص) أنه علم بعض الناس: اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد نبي الرحمة .. الخ. فإن صح فينبغي أن يكون مقصوراً عليه عليه الصلاة والسلام، لأنه سيد ولد آدم، ولا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة، لأنهم ليسوا في درجته، ويكون هذا من خواصه. اهـ. والمشهور أنه لا يكره شيء من ذلك.
,ويقول في آخره:
وهذا آخر ما يسره الله تعالى من مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج فدونك مولفا كأنه سبيكة عسجد أو در منضد محررا لدلائل هذا الفن مظهرا لدقائق استعملنا الفكر فيها إذا الليل جن فإن ظفرت بفائدة فادع بالتجاوز والمغفرة أو بزلة قلم أو لسان فافتح لها باب التجاوز والمعذرة فلا بد من عيب فإن تجدنه فسامح وكن بالستر أعظم مفضل فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له ال محاسن قد تمت سوى خير مرسل فأسأل الله الكريم الذي به الضر والنفع ومنه الإعطاء والمنع أن يجعله لوجهه خالصا وأن يتداركني بألطافه إذا الظل أضحى في القيامة خالصا وأن يخفف عني كل تعب ومؤنة وأن يمدني بحسن المعونة وأن يرحم ضعفي كما علمه وأن يحشرني في زمرة من رحمه أنا ووالدي وأولادي وأقاربي ومشايخي وأحبابي وأحباني وجميع المسلمين بمحمد وآله وصحابته أجمعين.
25 - وأضاف الشرواني (ت:1310) في حواشيه: 2 |108:
وفي ع ش بعد ذكر كلام الشيخ عز الدين ما نصه: فإن قلت: هذا قد يعارض ما في البهجة وشرحها لشيخ الإسلام، والأفضل استسقاؤهم بالأتقياء لأن دعاءهم أرجى للإجابة. الخ.
قلت: لا تعارض لجواز أن ما ذكره العز مفروض فيما لو سأل بذلك على صورة الأزلام، كما يؤخذ من قوله: اللهم إني أقسم عليك .. الخ.
وما في البهجة وشرحها محصور بما إذا ورد على صورة الإستشفاع والسؤال، مثل أسألك ببركة فلان، أو بحرمته أو نحو ذلك. انتهى.
,ويقول أيضا: "بجاه محمد سيد الأنام" حواشي الشرواني (6/ 381).
26 - المحدث إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي الشافعي (ت:1162 هـ)، قال في كتابه "كشف الخفاء ومزيل الإلباس" (ج2/ 419) داعياً: "وَضعَ الله عنا سيئات أعمالنا بإفضاله الجاري، وختمها بالصالحات (((بجاه محمد صلى الله عليه وسلم))) سيد السادات".
ومما جاء في كشف الخفاء للعجلوني:
ومما يناسب إيراده هنا ما نسب لبعضهم
قرب الرحيل إلى ديار الآخرة فاجعل إلهي خير عمري آخره
فلئن رحمت فأنت أكرم راحم وبحار جودك يا إلهي زاخرة
آنس مبيتي في القبور ووحدتي وارحم عظامي حين تبقى ناخرة
فأنا المسيكين الذي أيامه ولت بأوزار غدت متواترة
يا رب فارحمني بجاه المصطفى كنز الوجود وذي الهبات الباهرة
وبخير خلقك لم أزل متوسلا ذي المعجزات وذي الهبات الفاخرة
27 - العزامي الشافعي القضاعي: في فرقان القرآن المطبوع مع الأسماء والصفات للبيهقي في (140) صحيفة.
28 - السيد البكري الدمياطي (ت:1310 هـ): "بجاه سيدنا محمد" إعانة الطالبين (4/ 344).
-جاء في إعانة الطالبين في ذاكرة القصد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
) بل يقصد أنه مفتقر له عليه الصلاة والسلام وأنه يتوسل به إلى ربه في نيل مطلوبه لأنه الواسطة العظمى في إيصال النعم إلينا) 1/ 171
29 - البجيرمي:"مع أنه أعظم وسيلة حيا وميتا" حاشية البجيرمي.
30 - وقال العز بن عبد السلام: (ينبغي كون هذا مقصورا على النبي (ص) لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته).
31 - عبد الرءوف المناوي في كثير من المواضع.
***********************************************
المذهب الحنبلي:
1 - قال برهان الدين بن مفلح (ت:803 هـ) في المبدع (2/ 204): ـ " قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي: إنه يتوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في دعائه , وجزم به في المستوعب وغيره ".
وقريب منه ما في الإقناع للعلامة الحجاوي (1/ 208) والفروع لشمس الدين ابن مفلح (ت:763 هـ) (2/ 159).
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - الإنصاف للمرداوي (ت:885 هـ) (ج2/ 456) في كتاب صلاة الاستسقاء: "ومنها (أي من الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب، وقيل: يُستحب، قال الإمام أحمد للمروذي: (((يَتَوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم))) في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره".
3 - قال الإمام علي بن عقيل الذي هو أحد أركان الحنابلة المتوفى 503 هـ في كتابه التذكرة وهو مخطوط في ظاهرية دمشق:
ويستحب له قدوم مدينة الرسول صلوات الله وسلامه عليه فيأتي مسجده فيقول عند دخوله: بسم الله اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لي أبواب رحمتك .. اللهم أني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم بنبي الرحمة يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك بحقه أن تغفر لي ذنوبي.
4 - الحافظ ابن الجوزي المتوفى (597 هـ)، في كتاب الوفا في فضائل المصطفى، جعل فيه بابين في المقام: باب التوسل
بالنبي، وباب الاستشفاء بقبره.
ويقول ابن الجوزي:"بحق النبي" زاد المسير (4/ 253).
5 - وقال أبو عبد الله محمد بن الحسين السامري الحنبلي (ت:616 هـ) في المستوعب " باب زيارة قبر النبي (ص) " وذكر آداب الزيارة، وقال: ثم يأتي حائط القبر فيقف ناحيته ويجعل القبر تلقاء وجهه، والقبلة خلف ظهره، والمنبر عن يساره، وذكر كيفية السلام والدعاء.
منه: اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك مستغفرا، فأسألك أن توجب لي المغفرة كم أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك (ص) وذكر دعاءا طويلا.
, ذكر من آداب الزيارة "يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي" شفاء الأسقام.
6 - قال ابن قدامه (ت:620 هـ) في المغني بعد أن نقل قصة العتبى مع الأعرابي: (ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى. . إلى أن قال: ثم تأتي القبر فتقول. . وقد أتيتك مستغفرا من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي. .) ومثله في الشرح الكبير.
7 - وهناك بديعية للشيخ عز الدين الموصلي علي بن الحسين بن علي الحنبلي نزيل دمشق المتوفى سنة 789 هـ ثم شرحها وسماه التوصل بالبديع إلى التوسل بالشفيع.
8 - في كتاب كشاف القناع لمنصور بن يونس البيهوتي الحنبلي المتوفى سنه 1051هـ الجزء الثاني:
وقال السامري وصاحب التلخيص: لا بأس بالتوسل للاستقاء بالشيوخ والعلماء المتقين. وقال في المذهب: يجوز أن يستشفع إلى الله برجل صالح وقيل للمروذي: إنه يتوسل بالنبي في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره، ثم قال: قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الكرخي الترياق المجرب.
9 - ابن عماد الحنبلي (1089 هـ): في ترجمة السيد أحمد البخاري "وقبره يزار ويتبرك به" شذرات الذهب (10/ 152) وجمل كثيرة غيرها.
10 - عبد القادر الجيلاني:"يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي" مروية في شواهد الحق للنبهاني ص98.
***********************************************
المفسرون:
------------
1 - الثعالبي:"بجاه عين الرحمة" (4/ 458).
2 - القرطبي:"بحق محمد وآله" (8/ 240).
3 - الألوسي "بحرمة سيد الثقلين" روح المعاني (1/ 82).
ويقول تحت قول الله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة) أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائز بل مندوب. وأيضا فقال ويحسن التوسل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف والخلف.
4 - الرازي: قال الرازي في تفسيره: " إن الأرواح البشرية الخالية من العلائق الجسمانية المشتاقة إلى الإتصال بالعالم العلوي بعد خروجها من ظلمة الأجساد تذهب إلى عالم الملائكة ومنازل القدس, ويظهر منها آثار في أحوال هذا العالم، فهي المدبرات أمرا أليس الإنسان قد يرى أستاذه في المنام ويسأله عن مسألة فيرشده إليها.
وقال الرازي في " المطالب العالية " وهو من أمتع كتبه في أصول الدين: في الفصل العاشر من المقالة الثالثة من الكتاب السابع منه: إن الإنسان قد يرى أباه وأمه في المنام ويسألهما عن أشياء وهما يذكران أجوبة صحيحة، وربما أرشداه إلى دفين في موضع لا يعلمه أحد، ثم قال أنا كنت صبياً في أول التعلم، وكنت أقرأ " حوادث لا أول لها " فرأيت في المنام أبي فقال لي: أجود الدلائل أن يقال الحركة إنتقال من حالة إلى حالة فهي تقتضي بحسب ماهيتها مسبوقيتها بالغير، والأزل ينافي مسبوقاً بالغير، فوجب أن يكون الجمع بينهما محالاً ثم قال
(يُتْبَعُ)
(/)
المنصف والظاهر أن هذا الوجه أحسن من كل ما قيل في هذه المسألة.
وأيضاً سمعت أن الفردوسي الشاعر لمّاصنف كتابة المسمى " بشاهنامه " على اسم السلطان محمود بن سبكتكين ولم يقض حقه كما يجب، وما راعاه كما يليق بذلك الكتاب، ضاق قلب الفردوسي، فرأي في المنام " رستم " فقال له: قد مدحتني في هذا الكتاب، كثيراً وأنا في زمرة الأموات فلا أقدر على قضاء حقك، ولكن إذهب إلى الموضع الفلاني واحفره فإنك تجد فيه دفيناً فخذه. فكان الفردوسي يقول: أن رستم بعد موته أكثر كرماً من محمود حال حياته.
وقال أيضاً في الفصل الثامن عشر من تلك المقالة – والفصل الثامن عشر في بيان كيفية الإنتفاع بزيارة الموتى والقبور -: " ثم قال سألني بعض أكابر الملوك عن المسألة، وهو الملك محمد بن سالم بن الحسين الغوري – وكان رجلاً حسن السيرة مرضي الطريقة، شديد الميل إلى العلماء، قوي الرغبة في مجالسة أهل الدين والعقل – فكتبت فيها رسالة وأنا أذكر هنا ملخص ذلك فأقول للكلام فيه مقدمات. المقدمة الأولى: أنّا قد دللنا على أن النفوس البشرية باقية بعد موت الأبدان، وتلك النفوس التي فارقت أبدانها أقوى من هذه النفوس المتعلقة بالأبدان من بعض الوجوه. أما أن النفوس المفارقة أقوى من هذه النفوس من بعض الوجوه، فهو أن تلك النفوس لما فارقت أبدانها فقد زال الغطاء، وانكشف لها عالم الغيب، وأسرار منازل الأخرة، وصارت العلوم التي كانت برهانية عند التعلق بالأبدان ضرورية بعد مفارقة الأبدان، لأن النفوس في الأبدان كانت في عناء وغطاء، ولمّا زال البدن أشرفت تلك النفوس وتجلت وتلألأت، فحصل للنفوس المفارقة عن الأبدان بهذا الطريق نوع من الكمال. وأما أن النفوس المتعلقة بالأبدان أقوى من تلك النفوس المفارقة من وجه أخر فلأن آلات الكسب والطلب باقية لهذه النفوس بواسطة الأفكار المتلاحقة، والأنظار المتتالية تستفيد كل يوم علماً جديداً، وهذه الحالة غير حاصلة للنفوس المفارقة.
والمقدمة الثانية أن تعلق النفوس بأبدانها تعلق يشبه العشق الشديد، والحب التام،، ولهذا السبب كان كل شيء تطلب تحصيله في الدنيا فإنما تطلبه لتتوصل به إلى إيصال الخير والراحة إلى هذا البدن. فإذا مات الإنسان وفارقت النفس هذا البدن، فذلك الميل يبقى، وذلك العشق لا يزول وتبقى تلك النفوس عظيمة الميل إلى ذلك البدن, عظيمة الإنجذاب، على هذا المذهب الذي نصرناه من أن النفوس الناطقة مدركة للجزئيات، وأنها تبقى موصوفة بهذا الإدراك بعد موتها، إذا عرفت هذه المقدمات فنقول: إن الإنسان إذا ذهب إلى قبر إنسان قوي النفس، كامل الجوهر شديد التأثير، ووقف هناك ساعة، وتأثرت نفسه من تلك التربة – وقد عرفت أن لنفس ذلك الميت تعلقاً بتلك التربة أيضاً- فحينئذ يحصل لهذا الزائر الحي، ولنفس ذلك الميت ملاقاة بسبب إجتماعهما على تلك التربة، فصارت هاتان النفسان شبيهتين بمرآتين صقيلتين وضعتا بحيث ينعكس الشعاع من كل واحدة منهما إلى أخرى.
فكل ما حصل في نفس هذا الزائر الحي من المعارف البرهانية،والعلوم الكسبية، والأخلاق الفاضلة من الخضوع له، والرضا بقضاء الله ينعكس منه نور إلى روح ذلك الميت، وكل ما حصل ذلك الإنسان الميت من العلوم المشرقة الكاملة فإنه ينعكس منه نور إلى روح هذا الزائر الحي. وبهذا الطريق تكون تلك الزيارة سبباً لحصول المنفعة الكبرى، والبهجة العظمى لروح الزائر، ولروح المزور، وهذا هو السبب الأصلى في شرع الزيارة، ولا يبعد أن تحصل فيها أسرار أخرى أدق وأغمض مما ذكرنا. وتمام العلم بحقائق الأشياء ليس إلا عند الله اهـ.
***********************************************
اللغويون:
-----------
1 - ابن منظور في لسان العرب (11/ 78):" ?ِنا نرغب إِلى الله عز وجل ونتضرع إِليه في نصرة ملته وإِعْزاز أُمَّته وإِظهار شريعته، وأَن يُبْقِي لهم هِبَة تأْويل هذا المنام، وأَن يعيد عليهم بقوّته ما عدا عليه الكفَّار للإِسلام بمحمد وآله -عليهم الصلاة والسلام-".
2 - الهوريني "بجاه النبي" اصطلاحات القاموس على كتاب ترتيب القاموس المحيط.
3 - الأصفهاني "نسألك بحق الله وبحق رسوله" الأغاني (10/ 375).
4 - الأبشيهي:"سألتك بحق محمد" المستطرف (2/ 508) وله قصيدة طويلة (1/ 491 - 492) فيها التوسل الكثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - ابن حجة الحموي:"بمحمد وآله" خزانة الأدب (1/ 277).
6 - القلقشندي:"بمحمد وآله" صبح الأعشى (11/ 302).
7 - النابغة الجعدي روى عنه ابن عبد البر شعرا فيه توسل.
8 - المقري التلمساني:"بجاه نبينا" نفح الطيب (1/ 32).
9 - البوصيري شرف الدين في البردة.
10 - الصرصري له أبيات مذكورة في كتاب شواهد الحق للنبهاني ص 360.
***********************************************
المؤرخون:
--------------
1 - ابن خلكان:"بمحمد النبي وصحبه وذويه" وفيات الأعيان (6/ 132).
2 - ابن الأثير:"بمحمد وآله" الكامل (1/ 433).
3 - طاشكبري زاده "بحرمة نبيك" الشقائق النعمانية (1/ 233).
4 - ياقوت الحموي:"وبحق محمد وآله" معجم البلدان (5/ 87).
5 - ابن تغربردي:"بمحمد وآله" النجوم الزاهرة (11/ 103)
6 - العيدروسي:"إني أتوسل بالمصطفى" النور السافر (1/ 15).
7 - ابن العديم "ببركة سيد المرسلين وأهل بيته" بغية الطلب في تاريخ حلب (7/ 3242).
8 - البصروي"بمحمد وصحبه" تاريخ البصروي (1/ 157).
9 - ابن جبير "بحرمة الكريم وبلد الكريم" رحلة ابن جبير (1/ 98).
10 - ناصر خسرو:"بحق محمد وآله الطاهرين" سفر نامه (1/ 60).
11 - نظام الملك الطوسي:"بحق محمد وآله" سيات نامه (1/ 44).
12 - البريهي:"بمحمد وآله آمين" طبقات صلحاء اليمن (1/ 248).
13 - الجبرتي:"ويتوسل إليه في ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم" عجائب الآثار (1/ 344).
14 - الواقدي:"فادع الله وأتوسل إليه بمحمد" فتوح الشام (2/ 91).
15 - أبو العباس الناصري:"بجاه جده الرسول" الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (3/ 29).
16 - عبد الرحمن بن خلدون في شعره:"فبفضل جاهك".
17 - الصالحي الشامي جمع أبواب التوسل بالنبي في كتابه سبل الهدى والرشاد في سير خير العباد.
18 - حاجي خليفة:"بحرمة أمين وحيه" كشف الظنون (2/ 2056).
19 - المرادي:"فنتوجه اللهم إليك به صلى الله عليه وسلم إذ هو الوسيلة العظمى" سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (1/ 2).
***********************************************
متفرقات:
-------------
1 - العالم العلامة الفيومي، قال في خاتمة كتابه "المصباح المنير" داعياً: "ونسأل الله حسن العاقبة في الدنيا والآخرة وأن ينفع به طالبه والناظر فيه وأن يعاملنا بما هو أهله (((بمحمد وآله))) الأطهار وأصحابه الأبرار".
2 - وللعلامة محمد بن علي الشوكاني كلمة في جواز التوسل بالأنبياء وغيرهم من الصالحين رد فيها على من منعه وفند إيراداته، فقال رحمه الله في كتابه (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) ما نصه: أما التوسل الى الله سبحانه وتعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه، فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل الى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه. ولعله يشير الى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه، والترمذي وصححه، وابن ماجة، وغيرهم، أن أعمى أتى النبي ... وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين: الإول، ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم. والثاني، أن التوسل الى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة، إذ لا يكون فاضلاً إلا بأعماله، فإذا قال القائل: اللهم إني أتوسل اليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به (412) من العلم. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل ... فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز، أو كان شركاً كما زعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه، لم تحصل الاجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم! وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى (ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى) ونحو قوله تعالى (فلا تدعوا مع الله أحداً)، ونحو قوله تعالى (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء) ليس بوارد، بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه ... وهكذا الإستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى (وأنذر
(يُتْبَعُ)
(/)
عشيرتك الأقربين) يا فلان ابن فلان لا أملك لك من الله شيئاً، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئاً، فإن هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله. وهذا معلوم لكل مسلم، وليس فيه أنه لا يتوسل به الى الله، فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للاجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله. وقال الآلوسي: أنا لا أرى بأساً في التوسل الى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حياً وميتاً، ويراد بالجاه معنى يرجع الى صفة من صفاته تعالى مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته، فيكون معنى قول القائل: إلَهي أتوسل اليك بجاه نبيك صلى الله تعالى عليه وسلم أن تقضي لي حاجتي، الَهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي. (413) ولا فرق بين هذا وقولك: الَهي أتوسل اليك برحمتك أن تفعل كذا، إذ معناه أيضاً الَهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا. انتهى من جلاء العينين ص 572.
3 - موافقة العقول في التوسل بالرسول للشيخ الإمام نبيه الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد المهدي المراكشي المتوفى سنة1090 هـ وهو مختصر في فضائل النبي عليه الصلاة والسلام.
4 - ويقول صديق حسن القنوجي (ت:1307 هـ) في أبجد العلوم: (وأتوسل إلى الله تعالى بخاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة والسلام أن يرزقني وإياهم وجميع المسلمين حسن الختام آمين)
ويقول أيضا: "بجاه نبيه المصطفى خير البرية، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه كل بكرة وعشية " أبجد العلوم (3/ 280).
5 - ويقول صاحب (ذيل تذكرة الحفاظ) الحافظ الدمشقي المتوفى 765 هـ في ترجمة سبط ابن العجمي: (فالله تعالى يبقيه ويمتع الإسلام ويديم النفع به الأنام بجاه المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل صلى الله عليه وسلم ... )
وفي ترجمة ابن ناصر الدين يقول: (فالله تعالى يبقيه في خير ونعمة شاملة وأفراح بلا كدر كاملة بمحمد وآله).
6 - ويقول صاحب (خلاصة البدر المنير) عمر بن الملقن الأنصاري المتوفي 804 هـ في أول كتابه: (نفع الله بالجميع "يقصد كتبه" بمحمد وآله وجعلهم مقربين من رضوانه مبعدين من سخطه وحرمانه نافعين لكاتبهم وسامعهم نفعا شاملا في الحال والمآل إنه لما يشاء فعال لا رب سواه ولا مرجو إلا إياه).
7 - ياقوت الحموي (ت:626 هـ): والله يحسن لنا العافية ولا يحرمنا ثواب حسن النية في الإفادة والاستفادة بحق محمد وآله. معجم البلدان (5/ 87).
8 - تاريخ بغداد (1/ 120) يقول: أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الإستراباذي قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال (ت:242 هـ) يقول ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب.
9 - عبد الحق الإشبيلي في كتابه العاقبة في علم التذكير "ويسكن في جوارهم –أي قبور الصالحين-تبركا وتوسلا" نقلا عن فيض القدير (1/ 230).
10 - محمد بن موسى التلمساني (ت:683 هـ):له كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام ذيل التقييد (1/ 269).
11 - جمال الدين بن حسين الحصني له كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام ألفه (سنة 962 هـ) كشف الظنون (2/ 1706).
12 - أبو العباس أحمد الزبيدي (ت:893 هـ):"بجاه سيدنا محمد وآله" التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح ت 9.
13 - يقول ابن ماكولا (ت:475 هـ) في الإكمال (1/ 367) في ترجمة أبي علي بن بيان الزاهد:"قبره يتبرك به قد زرته".
14 - ويقول ابن نقطة (ت:629 هـ) في التقييد (1/ 370) في ترجمة أبي محمد المقدسي:"قبره بالقرافة يتبرك به".
15 - أبو زرعة العراقي كان يأتي قبر النبي ويقول:"أنا جائع" المنتظم (9/ 74 - 75).
16 - ابن أبي الدنيا (ت:281 هـ) يقول:"بحق النبي" قرى الضيف (5/ 225).
(يُتْبَعُ)
(/)
17 - قال المناوي في فيض القدير (4/ 489):فائدة في تاريخ نيسابور للحاكم أن عليا الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين لما دخل نيسابور كان في قبة مستورة على بغلة شهباء وقد شق بها السوق فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة الرازي وابن أسلم الطوسي ومعهما من أهل العلم والحديث من لا يحصى فقالا أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك نذكرك به ...
وفي كشف الخفا للعلجوني (1/ 22):
وفي مسند الفردوس لما دخل علي بن موسى الرضا نيسابور على بغلة شهباء فخرج علماء البلد في طلبه منهم يحيى بن يحيى واسحق بن راهوية وأحمد بن حرب ومحمد بن رافع فتعلقوا بلجام دابته فقال له اسحاق بحق آبائك حدثنا فقال حدثنا العبد الصالح أبي موسى بن جعفر الى آخر سنده عن أهل البيت
18 - أبو عبد الله القضاعي المعروف بابن الأبار (ت:658 هـ): "توسلوا به إلى الله" التكملة لكتاب الصلة (2/ 281).
ابن الأبار (يا شافع البرية أن تشفع فيها لبارئ النسم) الحلة السيراء (2/ 284).
19 - الكلاباذي (ت:380 هـ): "وبنبيه أتوسل" التعرف لمذهب أهل التصوف (1/ 21).
20 - المحاملي (ت:330 هـ) تاريخ بغداد (1/ 123):
يقول الخطيب البغدادي: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري قال سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع يقول سمعت أبا عبد الله بن المحاملي يقول اعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلا فرج الله همه.
21 - ابن الخطيب:"ومن توسل إليه بمحمد نجاه ونفعه" وسيلة الإسلام (1/ 31).
22 - ابن عجيبة الحسني "بجاه نبينا المصطفى" إيقاظ الهمم شرح الحكم ? 4.
23 - ابن عطاء الله السكندري (ت:709 هـ): "بجاه محمد" لطائف المنن 11,12.
24 - ابن غلان "بجاه نبيك سيد المرسلين" شرح الأذكار (2/ 29).
25 - الجاوي "بجاه النبي المختار" نهاية الزين (1/ 77).
26 - الخرشي أجاز التوسل في كتابه الشرح الكبير على متن خليل ص3.
27 - الشهاب الخفاجي:باب الزيارة وفضل النبي في كتابه نسيم الرياض شرح شفا القاضي عياض.
28 - الغزي:"بجاه سيد المرسلين" فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب ص71.
29 - ويقول أحد ناسخي (سير أعلام النبلاء) وهو تلميذ الذهبي كما يبدو من الكلام:
(كتبت هذه النسخة المباركة من نسخة بخط المصنف الشيخ الإمام الأوحد الحجة إمام المحدثين مؤرخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي فسح الله في مدته ونفع المسلمين ببركته بمحمد وآله وعترته).
30 - ويقول ناسخ كتاب (الحدود الأنيقة) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري المتوفي 926 هـ في مقدمة الكتاب:
(قال سيدنا ومولانا شيخ الإسلام ملك العلماء الأعلام سلطان الفقهاء والأصوليين زين الملة والدين أبو يحيى زكريا الأنصاري تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه فسيح جنانه بمحمد وآله وعترته وأصحابه صلى الله عليه وسلم آمين).
31 - ويقول ناسخ كتاب (المبسوط) للشيباني برواية أبي سليمان الجوزجاني:
تم المجلد الأول من كتاب الأصل للعلامة الجوزجاني تغمده الله برحمته وأدخله بحبوح جنته بمحمد وآله وصحبه وسلم.
32 - ويقول ناسخ كتاب (اللمع في أصول الفقه) لأبي إسحاق الشيرازي المتوفى سنة 476 هـ:
(وكتبه لنفسه العبد الفقير إلى/ رحمة الله أبو بكر بن نصر الله بن سلامة بن محمد -نفعه الله به- ولمحمد وآله الطيبين الطاهرين. آمين رب العالمين. قوبل وصحح على الأصل المنسوخ منه في مجالس آخرها يوم الإثنين، ثامن عشر ربيع الآخر سنة أربعة وسبعين وخمسمائة، بمدرسة منبج، عمرها الله بمحمد وآله الطيبين الطاهرين).
33 - وقال العلامة السيد الشريف الجرجاني في أوائل حاشية على (المطالع) عند بيان الشارح وجه الصلاة على النبي وآله عليه وعليهم الصلاة والسلام في أوائل الكتب، ووجه الحاجة إلى التوسل بهم في الاستفاضة: " فإن قيل هذا التوسل إنما يتصور إذا كانوا متعلقين بالأبدان، وأما إذا تجردوا عنها فلا، إذ لا وجهة مقتضية للمناسبة. قلنا يكفيه أنهم كانوا متعلقين بها متوجهين إلى تكميل النفوس الناقصة بهمة عالية، فإن أثر ذلك باق فيهم، وكذلك كانت زيارة مراقدهم معدة لفيضان أنوار كثيرة منهم على الزائرين كما يشاهده، أصحاب البصائر "
(يُتْبَعُ)
(/)
ا هـ.
************************************************
نقولات من سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي:
-------------------------------------------
1 - محمد بن المنكدر في سير أعلام النبلاء (5/ 359):
قال مصعب بن عبد الله حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - وذكر أيضا في ترجمة ابن عبيد الله (21/ 251 - 253): قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط مضر، فلما وضع على شفير القبر توسلوا به إلى الله في إغاثتهم فسقوا في تلك الليلة مطرا وابلا، وما اختلف الناس إلى قبره مدة الأسبوع إلا في الوحل والطين. انتهى
3 - الطبراني (ت:360) وابن المقرئ (ت:381) كما في سير أعلام النبلاء (16/ 400): وروى عن أبي بكر بن أبي علي قال كان ابن المقرئ يقول كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة فضاق بنا الوقت فواصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء حضرت القبر وقلت يا رسول الله الجوع فقال لي الطبراني اجلس فإما أن يكون الرزق أو الموت فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير وقال شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأيته في النوم فأمرني بحمل شيء إليكم.
4 - يقول الذهبي في السير (18/ 101) في ترجمة الذهلي:"وكان ورعا تقيا محتشما يتبرك بقبره".
الأزهري الأصلي
هذا معظم ما توافر لدي.
فإن أصبت فمن الله تعالى وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان الرجيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
================================================== ================================================== ====================================
للاطلاع على المقال و التعقبات و رده: انظر هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&p=16219
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[18 Nov 2005, 02:47 م]ـ
عفوا، صواب اسم الرابط المذكور أعلاه:
http://www.al-multaqa.net/archive/showthread.php?t=47440[U]
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[22 Nov 2005, 10:21 ص]ـ
...
وبعد تلك المقدمة فلعل استدلال بعض أهل العلم بالحديث المذكور على جواز التوسل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أمر يسلم بوقوعه الجميع، فهو واقع لايمكن إنكاره، بل هو أمر شائع بين المتأخرين كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية.
...
...
...
والحاصل -شيخنا الفاضل- إذا كان بعض الباحثين يزعم أن القول بجواز التوسل قول جماهير أهل العلم -وربما كان سبب ذلك نقول لم تتح له آلة نقدها- والإمام ابن تيمية ينقل كراهته والمنع منه عنهم وعن الصحابة والتابعين. فيلزم حينها التحري في المسألة من جهتين:
الأولى: ما وقع من خلاف في مشروعية الفعل، فطالما أن أهل العلم اختلفوا فالواجب باتفاق المسلمين وإجماع أئمة الدين هو رد الخلاف للكتاب والسنة وبيان الحكم منهما إما بالنص أو الاستنباط، ...
...
...
...
أيها الشيخ الحبيب كانت تلك هي المسألة الأولى التي ينبغي تحريرها، وأما المسألة الثانية وهي فرعية هل حقاً الأمر على ما ذكر الباحث في الموسوعة الكويتية -القيمة النافعة بحق- من أن القول بجواز التوسل هو قول جماهير أهل العلم؟ وهل حقاً صح ما نقل عن بعض السلف والأئمة فيها أم الصحيح أنها أقوال ليس لها خطام أو زمام؟
لعل هذه مسألة أخرى توافق -أحسن الله إليك- على أهمية تحري الحق فيها طالما أن بعض أهل العلم -الإمام ابن تيمية مثلاً- ينقل فيها رأياً آخراً على ما نقل هنا.
وإذا كان الأمر كذلك فلنعد هنا للمسألة الأولى، طالما أن الخلاف في المسألة حاصل وبصرف النظر الآن عن تحقيق قول جمهور الأئمة والتابعين والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً في المسألة.
فمع من من المختلفين -تُرى- الصواب؟
وأقترح أن يكون سبيل تحرير ذلك هو ما بُدء نقاشه -بعد أن فرغ من الاستدلال بالآية التي شرع الموضوع لأجلها- من نص حديث الإمام الترمذي وابن ما جة وغيرهما والذي يستدل به بعض أهل العلم على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليهم وسلم، ويخالفهم آخرون في صحة ذلك الاستدلال.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن تقرر أن ذلك النص المحال عليه عند الترمذي ليست فيه دلالة فلا بأس أن نناقش ما ورد من زيادات تتعلق به عند الطبراني أو غيره ربما كانت ثابتة أو فيها دلالة عند بعض أهل العلم.
فإن فرغنا من هذه فأقترح أن ننتقل إلى الأدلة الأخرى التي ترون قوة دلالتها على جواز التوسل بذات نبينا صلى الله عليه وسلم.
وبعدها يحسن تحرير قول الأئمة في المسألة.
فهل ترون هذا كلاماً منصفاً أحسن الله إليكم أم لا؟
إن كان الكلام مقبولاً فأرى أن تبدأوا بالتعليق على ما ذكر في الرد (22) وفيه الإحالة على ما يبين عدم وجود دلالة صحيحة في الحديث المذكور -والذي بدء النقاش فيه- على صحة العبادة المذكورة.
وإن كنتم ترون أن هذا الكلام ليس منصفاً أو عليه ملاحظات فأرحب بها وتسرني الإستفادة منكم ومن تعليقاتكم وملاحظاتكم وتعقيباتكم.
هذا والله أسأل أن يجعل الحق مبتغاي ومبتغاك، وأن يوفقني للصواب وإياك، مع رجائي بأن تسأل الله لي الهداية والسداد.
فقلتم ما نصه:
"الأخ الفاضل حارث همام حفظكم الله و رعاكم
أكرمك الله، و أحسن إليك و إلينا
قلتم:
(فهل ترون هذا كلاماً منصفاً أحسن الله إليكم أم لا؟)
- و أقول لكم: أنصفت و أحسنت،
و هكذا خلق أهل العلم و طالبيه
و إلى عودة قريبة إن شاء الله تعالى،
فقد سررت بردكم الطيب، فآثرت سرعة مقابلته بمثله، و لكم السبق بحسن القول"
ثم بدا لكم فيما يظهر أمر آخر وهو مناقشة المسألة التي ذكرت لكم أنها فرعية لا بأس ببحثها فأردتم أن تثبتو صواب قول باحث الموسوعة وخطأ قول شيخ الإسلام ابن تيمية في تحقيق قول جمهور أهل العلم.
وعلى هذا كان ردكم، وفي معرضه ذكرتم أدلة أخرى على جواز التوسل، وهنا أسئلة أرجو أن يتسع لها صدركم:
= بعد أن وافقتم على مناقشة الاستدلال بالحديث الأول ما بالكم انتقلتم إلى المسألة التي وافقتني على أنها فرعية وأن الحجة في الدليل عند الاختلاف كما نقل الشوكاني وغيره الإجامع عليه؟
= لا أفهم لماذا تطيل الردود -أحسن الله إليك- بذكر أدلة أخرى وأمور اتفقنا على مناقشتها تباعاً بعد الفراغ مما بدء؟ لا أظن أن دافعكم تشعيب الحواروتشتيته:
= فهل أفهم من هذا أنكم تقرون -بورك فيكم- بأن الاستدلال بالحديث الذي صححه الإمام الترمذي والحاكم محل نظر فعلاً، ولكن قامت لديكم أدالة أخرى تدل على ما ذهبتم إليه؟
=إذا كان الجواب بالنفي فأترقب مناقشتكم الموعودة في طريق الاستدلال به على المراد من لفظ مجمل كما بين شيخ الإسلام ثم الجواب عما مضت الإشارة إليه في الردود السابقة والتي تبين أنه لا دلالة فيه على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم من بضعة أوجه.
=إذا كانت الإجابة بالإيجاب فما هو الدليل الثاني الذي ترغبون في مناقشته بعد أن ظهر عدم وجود دلالة في الدليل الأول؟ أهي زيادة الطبراني؟ أم غيرها؟
= كيف تستدل بالنقول السابقة عن العلماء الذين ذكرتهم على أن قول جمهور أهل العلم هو القول بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم؟
= هب أنك نقلت عن مائة من أهل العلم -والعلم إذا أطلق فالمراد به علم الشريعة- جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا يدل على أن هذا القول هو قول جمهور أهل العلم؟ وكم تعدل نسبة مائة أو مئتين بل ألف إلى جمهور أهل العلم في القديم والحديث؟ بل كم هي نسبتهم إلى الصحابة والتابعين وحدهم وقد نُقل عنهم تركه كما أشير إليه في نص شيخ الإسلام؟
= هل هذه النقول تدل على أهذا القول هو قول الأئمة أصحاب المذاهب المتبعون، ومن قبلهم من تابعي التابعين والتابعين والصحابة المرضيين، أم أنها تدل على صحة قول شيخ الإسلام ابن تيمية من أنه قول شاع عند المتأخرين كما سبق وأن نقلت لكم.
= هل لو نقلت لكم عن مائة من أهل العلم المعاصرين -وليس ذلك بالمتعذر- خلاف هذا القول فهل ستعد قول الجمهور هو المنع من التوسل بذات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم؟
كلي أذن صاغية عفواً .. بل كلي عين رآئية:)، واسلم لمحبك.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Nov 2005, 08:14 م]ـ
ذكر الأخ همام مسألة التخصص, فهل بالإمكان معرفة تخصص الدكتور/ أبو بكر خليل؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[24 Nov 2005, 11:16 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
من أحسن من ألف في هذه المسائل العلامة المحدث السنسهوري رحمه الله في (صيانة الإنسان عن وساوس دحلان)
وهو كتاب بحق رائع ومفيد جدا! فقد نسف شبه القوم وبين علل الحاديث التي يحتجون بها.
وأيضاً: العلامة فوزان السابق الفوزان رحمه الله في رده الشهير على أحد رجالا عصره ومما يحضرني من اسمه (الرد والإعتبار ... )
وقدكم له فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
والله اعلم
ـ[القلم]ــــــــ[25 Nov 2005, 12:15 ص]ـ
جزاك الله خير أخي (أبو العالية) على هذه المشاركة، وبالنسبة لكتاب الشيخ فوزان السابق _ رحمه الله _ هو (البيان والإشهار في الرد على الملحد مختار).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[01 Dec 2005, 07:44 ص]ـ
ذكر الأخ همام مسألة التخصص, فهل بالإمكان معرفة تخصص الدكتور/ أبو بكر خليل؟
الأخ الفاضل الدكتورأبو بكر خليل
ليس متخصصا في العلوم الشرعية، وهذا ظاهر من كلامه السابق، وبيّن من مشاركاته. وفقه الله لكل خير.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[13 May 2009, 12:06 ص]ـ
الأصل أن يسأل الله بأسمائه الحسنى كما قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، وكما قال وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، وقال وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، والوسيلة الصحيحة المتفق عليها هي العمل الصالح كما قال تعالى اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ومن السيلة الصحيحة بالنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة باتباعه أو محبته أو الإيمان به كأن يقول أسألك بإيماني بنبيك أو اتباعي له أو محبتي له، ويحمل حديث عثمان بن حنيف الذي يعرف بحديث الأعمى بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دعا وقال للأعمى قل وعلمه الصيغة وهذا بحضرته صلى الله عليه وسلم وهذا لا إشكال فيه، ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم أسألك بكل اسم هو سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... إلى آخره والدعاء هو العبادة ويخلص لله عز وجل لأنه هو المتصرف هو العاطي هو المانع هو النافع هو الضار وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[01 Jun 2009, 01:22 ص]ـ
"ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما"
لا أدري علام كل هذه الضجة والآية في غاية الوضوح،،،
ليس في الآية ما يشير إلى التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم من قريب أو بعيد، الآية تتحدث عن قوم ظلموا أنفسهم إما بالكفر وهم اليهود أو النفاق وهم من أظهروا الإيمان بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم وأضمروا الكفر، فتنصح الآية هؤلاء وهؤلاء بأن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين به مبايعين له محتكمين إلى الوحي الذي أنزل إليه مستغفرين لذنوبهم في احتكامهم إلى الطاغوت وصدودهم عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فتنصحهم أن يأتوا الرسول صلى الله عليه سلم تائبين منيبين وأن يسألوا الله أن يصفح لهم عن ذنبهم، ثم تشير الآية إلى مبادرة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يسأل الله تعالى لهؤلاء القوم غفران الذنوب التي أسلفت وهذا هو عين استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم. ولم يرد في الآية طلب هؤلاء القوم من الرسول صلى الله عليه وسلم الاستغفار لهم كما لم يرد سؤالهم الله تعالى الغفران متوسلين بالرسول صلى الله عليه وسلم،
ومن ثم فكل هذا النقاش الدائر حول الآية لا يستقيم وخارج السياق، ومن استشهد بها في حجية التوسل فهو استشهاد باطل أقل ما يقال فيه أن الآية موضوع المدارسة تتحدث عن طائفتين من الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، الطائفة الأولى الكفار وهم اليهود، والطائفة الثانية المنافقين، ولا ظن أحدا ممن يستدل بهذه الآية على حجية التوسل يجرؤ على تشبيه المسلمين الذين آمنوا بالله ورسوله ونصروه واتبعوا الذي أنزل معه بالكفار أو المنافقين. وقد يقول قائل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر لمن آمن به بعد كفر أو نفاق فما بال من استقام على الإيمان، نقول أن استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم عن مبادرة منه هو لا عن طلب من أحد، كما أنه على فرض طلب الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا ليس حكرا عليه وحده صلوات ربي وتسليماته عليه، فقد ورد هذا الاستغفار بعينه وصيغته على لسان نبي الله موسى عليه السلام حيث قال "رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين" (الأعراف:151).
كما ورد على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام حيث قال: "ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب" (إبراهيم:41)، وأخيرا ورد على لسان نبي الله نوح عليه السلام حيث قال: "ربنا اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا" (نوح:28).
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعا من الرسل بل هو على هداهم، ولذا أثبت الرحمن مسارعة الرسول صلى الله عليه بسؤال الغفران لمن آمن به وصدقه وناصره واتبع النور الذي أنزل معه، وهذا سؤال منه هو وليس سؤالا به، والفرق بين واضح لكل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وفي قراءتنا للقرآن ومرورنا بهذه الآيات وجريانها على ألسنتنا نطلب نحن بالتبعية الاستغفار لكل من شملته ولنا و لأهلنا، ومن ثم ينصح بأمرين، استخدام هذه الآيات في أدعية الاستغفار، والتعقيب عليها بقولنا آمين.
والله الهدي إلى سبيل الرشاد(/)
جماليات المفردة القرآنية .... في كتب الإعجاز والتفسير
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Oct 2005, 12:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن مسالة الجمال وإدراكه قضية فطرية، فطر الله الخلق عليها، وخلق صفة الجمال .. وقد تذوق العرب جمال لغة القرآن وعلو أسلوبه وبيانه ..
وهنا أحب التعريف برسالة علمية في هذا الموضوع وهي:
جماليات المفردة القرآنية .. في كتب الإعجاز والتفسير
إعداد:
أحمد ياسوف
إشراف وتقديم:
الدكتور نور الدين عتر
قال الدكتور نور الدين عتر: " وقد استكمل الباحث دراسته، وأحاط بالموضوع في ضوء خطة شاملة جوانب الدراسة، فتناول فيها دراسة الجوانب الجمالية للمفردة القرآنية بصورة عامة، ثم درس إسهام المفردة القرآنية في الجمال البصري، ثم أتبعه بجمال المفردة السمعي، ثم أكمل الجوانب ببحث الظلال التي تضيفها المفردة على المعنى .. إلى آخر ما هناك من دراسات فنية جمعت بين القديم والحديث، بالإضافة إلى فنون البلاغة واللغة والإعراب، وغير ذلك مما يحتاج إلى مزيد من الصبر والثبات لتقديم دراسة مبتكرة تفيد من دراسات القدامى ومن نظريات المحدثين ". (ص: 3 ـ 4)
وهي رسالة قدمت لنيل درجة الماجستير في الآداب (الدراسات الأدبية).
- وقد اشتملت الرسالة على:
- مدخل: في مفهوم الجميل عند العلماء المسلمين.
- الفصل الأول: الجوانب الجمالية في المفردة القرآنية. وفيه:
1 - جمال المفردة في الأدب.
2 - المفردة والنظم في كتب الإعجاز.
3 - الترادف والفروق.
4 - الأثر الموسيقي لمفردات القرآن.
- الفصل الثاني: إسهام المفردة القرآنية في الجمال البصري. وفيه:
1 - إسهام المفردة في التجسيم.
2 - مفردات الطبيعة والأحياء.
3 - إسهام المفردة في التشخيص.
4 - جمالية الحركة في المفردة.
- الفصل الثالث: إسهام المفردة القرآنية في الجمال والسعي. وفيه:
1 - الانسجام بين المخارج.
2 - المفردات الطويلة في القرآن.
3 - مفهوم خفة المفردات.
4 - الحركات والمدود.
5 - مظاهر الأونوماتوبيا.
- الفصل الرابع: ظلال المفردة والمعنى. وفيه:
1 - دلائل صيغ مفردات القرآن.
2 - الدلائل التهذيبية في مفردات القرآن.
3 - سمة الاختزان في مفردات القرآن.
4 - مناسبة المقام.
5 - تمكن الفاصلة.
- الخاتمة والفهارس.
والكتاب يقع في 364 صفحة، وهو كتاب نفيس طبع في دار الكتبي الطبعة الأولى عام 1415هـ.
والله أعلم ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Oct 2005, 06:32 م]ـ
أحسن الله إليكم على هذا العرض، والكتاب كما تفضلتم يدور حول فكرة دقيقة جديرة بالتأمل من الباحث المتخصص، حيث إن الناس في زماننا هذا قد كثرت أسئلتهم عن الأمور الجمالية في المفردات القرآنية، وربما كان ذلك لكثرة عناية أهل زماننا بالجمال والذوقيات بصفة عامة. والكتاب قد حاول استقصاء الموضوع ولم يتمكن لسعته وحاجته إلى طول تأمل وتدبر، ورهافة حس وذوق على حد قول عبدالقاهر الجرجاني.
بارك الله فيكم أبا مبارك، ولا عدمنا فوائدكم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Oct 2005, 12:43 ص]ـ
ولكم جزيل الشكر والكاتب أحد أعضاء هيئة التدريس لدينا في الكلية
ـ[د على رمضان]ــــــــ[25 Dec 2010, 11:47 م]ـ
هل لأحد من أهل الفضل أن يتحفنا بهذا الكتاب؟؟؟
ـ[بنت اسكندراني]ــــــــ[26 Dec 2010, 01:55 ص]ـ
أضم صوتي لصوت الدكتور علي وأقول: هلا قام أحد من الإخوة والأخوات الأفاضل ـ مشكورا ـ بإعطاء نبذة سريعة عن فكرة كل فصل من فصول الكتاب , مع ما يشمله الفصل الواحد من تعداد , معززا ذلك بمثال أو أكثر , ليسهل إيصال مضمون الكتاب لأكبر عدد من القراء.
وإن كان ثمة صعوبات فليس أقل من أن نحظى بتحميل الكتاب من الملتقى , فموضوعه يبدو شيقا ومميزا.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[26 Dec 2010, 09:14 ص]ـ
الكتاب للأسف غير متوفر للتحميل المجاني على الانترنت ولكن هذا رابط شراء الكتاب لمن أراد ذلك:
http://www.furat.com/?Prog=book&Page=bookinfo&id=9399(/)
(خطوات في طريق تدبر القرآن الكريم)
ـ[أبو سليمان البدراني]ــــــــ[08 Oct 2005, 03:13 م]ـ
الإخوة و المشايخ الكرام أسعدهم الله بطاعته أستأذنكم في أن أنشر مشاركة لي سبق أن نشرت قبل أشهر في ملتقى أهل الحديث ...
الحمد لله رب العالمين، و صلى و سلم على المبعوث رحمة للعالمين، و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فإن تدبر القرآن هو غاية ما يحرص على تحصيله الموفقون من عباد الله منه، و ذلك لما يترتب على تحقيقه من غايات حميدة، و فوائد عزيزة، و عوائد نبيلة. يجدها من سلك هذا الطريق ...
و هذه خطوات تعين – بإذن الله – على تدبر القران الكريم، و النهل من معينه الصافي، و هي أشارت مختصرة، في عبارات موجزة، أسأل الله التوفيق فيها للصواب، و إلى الخطوات:
1 - استشعار أهمية تدبر القرآن، و أنه من أجل غايات إنزاله، و يحصل هذا من أمور؛ منها إدراك السر الذي لأجله جاء الحث على تدبر القرآن في غير ما موضع، قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا): [النساء82]، و قال: (أفلم يدبروا القول): [المؤمنون 68]، و قال: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب): [ص 29]، و قال: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها): [محمد 24]، و الكلام على هذه المواضع يطول، لكن تأمل في الآية الأخيرة منها: تجد أن الله – تبارك و تعالى – حصر الناس في قسمين: إما متدبر للقرآن – على طاقته – أو أن على قلبه قفل! و العياذ بالله. ثم انظر في الموضع الذي قبله تجد أن الله – تبارك و تعالى – علل إنزال القرآن بأمرين: أولهما تدبره، و ثانيهما ما يحصل لأولي العقول من تذكر به، و هو إنما ينشأ عن التدبر، فعاد الأمر إلى التدبر.
ومما يعين على استشعار أهمية التدبر، أن يعلم أن لا يمكن له الوقوف على كنوز القرآن إلا بسلوكه هذا الطريق، فبقدر ما يمن الله عليه من تدبر كتابه يكون وقوفه على كنوزه، و ظفره بها، و أي كنوز أحق من أن يبذل في نيلها نفيس أوقات العمر من كنوز القرآن، و ما الأمر إلا كما قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في المدارج: " سبحان الله! ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر؟ وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر؟ ": [1/ 22]، و من أعجب العجب أن ترى بعض المنتسبين للعلم يبذلون نفائس من أوقاتهم في تحصيل علوم أن لم تضرهم قل ما تنفعهم في حين يعرضون عن كنوز القرآن، و ينبغي للموفق أن يسأل الله الهداية، و يستعيذه من الحرمان، و رحم الله ابن القيم حين قال في نونيته:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
فما أعظم العجب ممن يطلب العلم، و لا يطلبه من كنوز القرآن و السنة ... ، و إذا علم الموفق عظيم ما يطلب استرخص فيه ما يبذل ... ، و تأمل هذه المعاني يتجلى لك عظيم حرمان من أعرض عن تدبر القرآن بالشكل المطلوب.
و مما يعين على إدراك أهمية التدبر أن يستشعر العبد عظيم العلوم و المعارف التي يتحصل عليها بالتدبر، و أنت ترى هذا جلياً في العلماء الذين أولوا هذا الأمر عناية هامة، كشيخ الإسلام – رحمه الله – و غيره.
2 - بعد استشعار أهمية تدبر القرآن؛ ينبغي لمن أراد التدبر أن يعلم أن من أعظم ما يستغل به الوقت، و من أعظم ما ينال به العلم هو التدبر، و من العجب أن ترى بعض طلبة العلم يظنون أن بذل الوقت في التدبر معيق عن التحصيل الجيد!
3 - أن يبذل في التدبر نفيس وقته، و من رام الوقوف على كنوز القرآن بجعله تدبر القرآن في أوقات الإرهاق و نحوها، فقد أخطأ الطريق، بل ينبغي أن يجعل ساعة التدبر و التأمل في القرآن في الوقت الذي ينشط فيه عقله، و تفارقه الصوارف، ثم يكون مستحضرا لهذا في باقي وقته ... و لهذا من جرب التأمل في القرآن في الاعتكاف لما يحصل فيه من انفراد القلب بالقرآن و خلوه عن الصوارف؛ فإنه يقف على كنوز و علوم لم تكن تخطر على باله من قبل، و لذلك ربما وجدت أن كثيرا من التأملات اللطيفة في القرآن التي يذكرها بعض أهل العلم حصلت لهم في أوقات الخلوة من سجنٍ، و غيره ...
4 - أن يعلم أنه ليس من حرف في القرآن فأكثر إلا و في ذكره فائدة أدركها من أدركها، و حرمها من حرمها؛ فالفوائد تأخذ منه بأنواع الدلالات الثلاث: المطابقة، و التضمن، و الإلتزام، و هذا لا يوجد في كلامٍ سواه، إلا ما ثبت بحروفه من كلام النبي – صلى الله عليه و سلم – لعصمته، و إنك لتعجب من أناس يتعمقون في فهم دلالات ألفاظ البشر تعمقاً لا يفعلونه مع القرآن الكريم! و إذا استحضر المتدبر هذا الملحوظ انفتح له باب واسع في التدبر ...
5 - أن يستشعر حال قراءته للقرآن الكريم أنه وحده المخاطب به، وأنه وحده المعني به، فما ظنك بمن هذه حاله حين قراءة القرآن الكريم! لا شك أنه سيقرؤه قراءة متدبر متأمل، و عليه فإنه سيتعظ بقصصه، و يأتمر بأوامره، و ينتهي عن نواهيه و يتأدب بآدابه و ينهل من معينه. و العجب كل العجب مِن مَن بين يديه كلام ملك الأملاك ثم ينشغل عنه بكلام مماليكه! و لا شك أن من استحضر هذه النكتة سيقف على كنوز عظيمة إذا صحت له النية ...
5 - أن يسجل المتدبر في دفتره نفيس ما يحصل له من استنباط من خلال تدبره، فإنه سيغتبط به، و عليه أن يعرضها على كلام أهل العلم، فربما رأى من وافقه فيحمد الله على فضله، أو يقف على من نبه على خطأ استنباطه، فيستفيد منه، و كذلك يذاكر بها أقرانه من المعتنين بهذا الجانب ...
و بعد فهذه إشارات على طريق التدبر أستغفر الله من ما كان بها من زلل، و الله المستعان، و عليه التكلان، و الحمدلله رب العالمين
ملاحضة: المأمل من الإخوة إثراء هذا الموضوع الهام ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سوسن]ــــــــ[10 Oct 2005, 09:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله يا أخي على هذا الموضوع الشيق
وياليتك ركزت فعلا على خطوات في طريق تدبر القرآن حتى نسير على نهجها ونستفيد بدلا من التركيز على خطوات في أهمية التدبر
وفقك الله لما يحب ويرضا(/)
دعوة لحضور درس (تدبر القرآن) للشيخ د. عبدالرحمن الشهري
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[08 Oct 2005, 07:24 م]ـ
يقام في هذا الشهر الكريم درس أسبوعي بعنوان (تدبر القرآن) للشيخ د. عبدالرحمن الشهري، وموعد الدرس: بعد صلاة العصر من كل سبت، في مسجد الأميرة شاهناز بنت فيصل بن فهد في حي التعاون – شمال الرياض -.
المسجد قريب من طريق الإمام سعود (الجامعة سابقا) مخرج 9 – شمال مدارس عهد.
وإنني أدعو الإخوة للحضور والاستفادة، فقد أتحفنا الشيخ وفقه الله هذا اليوم ببعض الوقفات واللفتات حول الموضوع، ونرجو أن يستمر الدرس بعد رمضان إن شاء الله.
والسلام عليكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Oct 2005, 02:41 م]ـ
كم أتمنى لو أتحفنا أخي عبد الرحمن بملخص لما يلقيه، فإن فاتنا سماع درسه هذا فأرجو أن لا يفوتنا ـ قراءةً ـ بعض لفتاته البديعة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[10 Oct 2005, 09:55 ص]ـ
اثني على ما قاله الاخ الفاضل الدكتور الطيار واضيف حتى يصلنا بعض التحف الشهرية (المنسوبة الى الشهري) ونحن خارج السعودية وارجو ان يكون هذا الامر في حسبان الاخوة الافاضل وهو ان يعمموا النفع مما عندهم ولا يجعلوه خاصا بقوم دون قوم خصوصا والوسائل متيسرة
وما هي اول بركاتكم يا شيخ عبد الرحمن
ـ[مسك]ــــــــ[10 Oct 2005, 04:11 م]ـ
بارك الله في الشيخ عبدالرحمن ونفع الله به وبجهوده ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Oct 2005, 07:40 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً، وشكر الله لأخي الكريم الشيخ خالد الباتلي الذي أحسن الظن بأخيه، وأظنه قد استسمن ذا ورم، والدرس جاء استجابة لبعض الجيران وفقهم الله، ومدته عشرون دقيقة فحسب، والغرض منه الوقوف مع بعض الفوائد في آيات مختارة ينتفع بها المصلون في هذا الشهر المبارك، وهي بعض ما عندكم وفقكم الله، ولا جديد فيها بالنسبة لكم. ولو رأيت فيها ما يمكن إفادتكم به لنقلته لكم إن شاء الله.
وقد أشرت في الدرس الماضي إلى أن من المفسرين من بنى كتابه في أصله على تدبر القرآن، فجاء تفسيراً متميزاً كما فعل الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله. فقد ألف كتابه وهو مسبوق بعدد كبير من كتب التفسير، غير أنه زاد على غيره بذكر فوائد دقيقة قل من وقف عندها، وربما استطرد في ذكر الفوائد مع أن كتابه بني على الاختصار والإيجاز.
وضربت لهم مثالاً فقرأت ما ذكره في فوائد الآية الرابعة من سورة المائدة، وكيف استنبط هذه الفوائد، وذكرت أيضاً أنه قد وقف مع الآية السادسة من سورة المائدة، فذكر أن فيها فوائد كثيرة، وذكر منها إحدى وخمسين فائدة. وفي نظري أن تدريب الطلاب على فهم هذه الفوائد، وكيف استنبطها المفسر يربي لدى الطلاب مع الوقت ملكة الاستنباط، وقد أخذ عنه تلميذه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله هذه الطريقة فأتى بما يمتع ويدهش رحمهما الله رحمة واسعة. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، نسأل الله أن يرزقنا إخلاص النية والقصد، وأن يتقبل منا ومنكم في هذا الشهر العظيم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Oct 2005, 09:53 ص]ـ
أحسنت أبا عبد الله النظر في قولكم (وفي نظري أن تدريب الطلاب على فهم هذه الفوائد، وكيف استنبطها المفسر يربي لدى الطلاب مع الوقت ملكة الاستنباط)
وإني أرى أن تربية المنهج في طلاب العلم أهم من ختم الكتب وقراءتها قراءة سريعة لغرض الانتهاء منها والانتقال إلى غيرها، خصوصًا أن كثيرًا من دروس اليوم صارت أسبوعية، فلا يتنخَّل منها في الفصل الدراسي الواحد سوى ثلاثة عشر درسًا على الأكثر، فكيف يمكن في أن تُختم الكتب الكبار قراءة وفكًّا في مثل هذا العدد من الدروس؟!
لذا فإن الانتقال إلى بناء المنهج العلمي الذي يسير عليه الطالب من خلال تدريبه على التطبيقات العلمية، ومباشرته لذلك بالمناقشة والاستفسار، وطرح السؤال عليه أثناء الدرس أولى من الحرص على فكِّ عبارات المؤلف، وشرح مسائل الكتاب فقط.
فإكساب الطالب مَلَكةً ودربة في المنهج العلمي الذي يسير عليه في كيفية الاستنباط أو كيفية التعامل مع الاختلاف أو كيفية عرض المسائل أو غيرها من قضايا العلم = أكثر ثمرة، وأجدى نفعًا، وإن كانت أعسر من التلقين والتلقي.
وأسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يسددك قولاً وعملاً.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[11 Oct 2005, 11:16 ص]ـ
بارك الله في الشيخ أبي عبد الله، ورمضانُ شهرٌ يُخرِج كثيرٌ من الناس فيه زكاتهم.
أوافق الإخوة في إتحافنا ببعض اللفتات منك يادكتور عبد الرحمن.(/)
آيات للسائلين
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[08 Oct 2005, 08:44 م]ـ
آيات للسائلين من سورة يوسف!!!
لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور ناصر بن سليمان العمر حفظه الله
------------------
الحلقة 1: أسباب اختيار سورة يوسف
http://www.almoslim.net/audio/ayats01.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats01.rm
الحلقة 2: تابع أسباب اختيار سورة يوسف
http://www.almoslim.net/audio/ayats02.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats02.rm
الحلقة 3: بدايات سورة يوسف
http://www.almoslim.net/audio/ayats03.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats03.rm
الحلقة 4 22/ 5/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats04.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats04.rm
الحلقة 5 29/ 5/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats05.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats05.rm
الحلقة 6 5/ 6/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats06.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats06.rm
الحلقة 7 13/ 6/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats07.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats07.rm
الحلقة 8 20/ 6/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats08.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats08.rm
الحلقة 9 27/ 6/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats09.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats09.rm
الحلقة 10 4/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats10.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats10.rm
الحلقة 11 11/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats11.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats11.rm
الحلقة 12 18/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats12.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats12.rm
الحلقة 13 25/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats13.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats13.rm
الحلقة 14 25/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats14.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats14.rm
الحلقة 15 25/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats15.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats15.rm
الحلقة 16 25/ 7/1425
http://www.almoslim.net/audio/ayats16.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats16.rm
الحلقة 17
http://www.almoslim.net/audio/ayats17.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats17.rm
الحلقة18
http://www.almoslim.net/audio/ayats18.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats18.rm
الحلقة19
http://www.almoslim.net/audio/ayats19.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats19.rm
الحلقة 20
http://www.almoslim.net/audio/ayats20.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats20.rm
الحلقة 21
http://www.almoslim.net/audio/ayats21.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats21.rm
الحلقة 22
http://www.almoslim.net/audio/ayats22.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats22.rm
الحلقة 23
http://www.almoslim.net/audio/ayats23.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats23.rm
الحلقة 24
http://www.almoslim.net/audio/ayats24.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats24.rm
الحلقة 25
http://www.almoslim.net/audio/ayats25.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats25.rm
الحلقة 26
http://www.almoslim.net/audio/ayats26.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats26.rm
الحلقة 27
http://www.almoslim.net/audio/ayats27.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats27.rm
الحلقة 28
http://www.almoslim.net/audio/ayats28.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats28.rm
الحلقة 29
http://www.almoslim.net/audio/ayats29.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats29.rm
الحلقة 30
http://www.almoslim.net/audio/ayats30.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats30.rm
الحلقة 31
http://www.almoslim.net/audio/ayats31.ram
للحفظ
http://www.almoslim.net/audio/ayats31.rm
الحلقة 32
http://www.almoslim.net/audio/ayats32.ram
للحفظ
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[08 Oct 2005, 10:48 م]ـ
شكر الله لكم، وفي الحقيقة فإن لشيخنا ناصر العمر لفتات جميلة، ووقفات تربوية مفيدة، يشق أن تلقاها إلاّ إشارات مبثوثة.
وللفائدة فإن كتابا يحمل نفس العنوان يعد للطباعة الآن.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[09 Oct 2005, 02:08 م]ـ
ولكم أخي الكريم.(/)
آية نُسخت بالسنة، وخصصت السنةَ - مثال عزيز قل من نبّه عليه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Oct 2005, 11:29 م]ـ
جاء في كتاب طرح التثريب للعراقي 7/ 266 - 277: في شرحه لحديث أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم {يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد}:
(- قوله {ويضع الجزية} قال النووي الصواب في معناه أنه لا يقبلها , ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام , ومن بذل منهم الجزية لم يكف عنه بها بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل هكذا قاله الخطابي , وغيره من العلماء , وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء معنى هذا ثم قال: وقد يكون فيض المال [هنا] من وضع الجزية , وهو ضربها على جميع الكفرة فإنه لا يقاتله أحد , وتضع الحرب أوزارها , وانقياد جميع الناس له إما بالإسلام , وإما بالقائد فيضع عليه الجزية , ويضربها هذا كلام القاضي قال النووي , وليس بمقبول , والصواب ما قدمناه , وهو أنه لا يقبل إلا الإسلام.
{السادسة} إن قلت: كيف يضع السيد عيسى عليه السلام الجزية مع أن حكم الشرع وجوب قبولها من أهل الكتاب قال الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} فكيف يحكم بغير هذه الشريعة , وهو خلاف ما قررتم من أنه لا يحكم إلا بهذه الشريعة؟
(قلت): قال النووي: جوابه أن هذا الحكم ليس مستمرا إلى يوم القيامة بل هو مقيد بما قبل نزول عيسى عليه السلام , وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه , وليس عيسى صلى الله عليه وسلم هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ فإن عيسى يحكم بشريعتنا فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى.
{السابعة} فإن قلت: ما المعنى في تغيير حكم الشرع عند نزول عيسى عليه السلام في قبول الجزية؟
(قلت) قال ابن بطال إنما قبلناها نحن لحاجتنا إلى المال , وليس يحتاج عيسى عند خروجه إلى مال لأنه يفيض في أيامه حتى لا يقبله أحد فلا يقبل إلا الإيمان بالله وحده انتهى.
(قلت) ويظهر لي أن قبول الجزية من اليهود والنصارى لشبهة ما بأيديهم من التوراة والإنجيل وتعلقهم بزعمهم بشرع قديم، فإذا نزل عيسى زالت تلك الشبهة لحصول معاينته فصاروا كعبدة الأوثان في انقطاع شبهتهم وانكشاف أمرهم فعوملوا معاملتهم في أنه لا يقبل منهم إلا الإسلام , والحكم يزول بزوال علته , وهذا معنى حسن مناسب لم أر من تعرض له , وهو أولى مما ذكره ابن بطال , والله أعلم.) انتهى كلام العراقي
قال أبو مجاهد: وهذه الآية أيضاً؛ فيها تخصيص القرآن للسنة:
وبيان ذلك ما ذكره الزركشي في البحر المحيط 4/ 502 بقوله في مبحث التخصيص – تخصيص المقطوع للمظنون: (وكذا قوله: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله} فإنه خص منه أهل الذمة بقوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد})
ونبه على ذلك أيضاً العراقي في طرح التثريب 7/ 183 بقوله في شرحه لهذا الحديث:
(المقاتلة إلى غاية الإسلام يستثنى منه أهل الكتاب فإنهم يقاتلون إلى إحدى غايتين إما الإسلام أو بذل الجزية قال الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.)
ـ[أبو عبد الله القلموني]ــــــــ[10 Oct 2005, 05:31 م]ـ
بارك الله فيكم على هذه الفائدة العزيزة
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[10 Oct 2005, 05:42 م]ـ
بارك الله فيكم .. فائدة جليلة رائعة قل من ينتبه إليها.
جعلكم الله ذخرا للإسلام والمسلمين, وزادكم بسطة في العلم والجسم.
وجمعني الله وإياك على خير ((إن شاء الله)) بمصر أو بالمملكة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[11 Oct 2005, 01:13 م]ـ
الذي اراه ان قول الامام النووي رحمه الله بحاجة الى اعادة نظر والحديث لا يدل على ان هذه الاية منسوخة به بل هو اخبار عما يقع في المستقبل لا ان الحديث قد نسخ الاية ولعلي ان انسا الله تعالى في الاجل وبارك في الصحة والوقت ان اقفي على هذا الكلام بما يزيده بيانا
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[11 Oct 2005, 04:27 م]ـ
هو إخبار بنسخ حكمها مستقبلا.
ونحن في انتظار دررك شيخنا د. جمال.
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[12 Oct 2005, 12:54 ص]ـ
لعل المسألة تحتاج مزيد تأمل وتحرير.(/)
ابن عادل ـ مولده ونشأته ووفاته
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Oct 2005, 11:46 م]ـ
ابن عادل ـ مولده ونشأته ووفاته:
تمهيد:
إن المصادر التي ترجمت لابن عادل لا تفيدنا شيئا عن مولد ابن عادل أو وفاته أو ما يخص حياته، بل إن أقصى ما في الأمر أن صاحب السحب الوابلة ذكر بأنه من أعيان القرن الثامن أو التاسع دون جزم منه لأحدهما ـ كما سيأتي نصه ـ وجعله صاحب طبقات المفسرين في فصل الأئمة والمشايخ المفسرين الذين لا يوجد تاريخ لوفاتهم ولا لمولدهم في الطبقات والتواريخ،ولكن من الممكن معرفة تاريخ تقريبي لمولده ووفاته من خلال استقراء شيوخه وتلامذته،ومعرفة تراجمهم.
أولاً ـ مولده ونشأته:
من خلال دراسة تراجم شيوخ ابن عادل؛يتبين أنه ولد في أواخر القرن السابع،وعلى وجه أقرب بعد سنة 675 هـ على الأقل، وبيان هذا في استعراض مولد ووفاة شيوخه:
ـ شيخه محمد بن علي بن ساعد ولد سنة 637 وتوفي سنة 714 هـ في القاهرة
ـشيخته وزيرة بنت عمر بن المُنجَّا ولدت سنة 624 وتوفيت سنة 716 في دمشق
ـ شيخه أحمد بن أبي طالب المعروف بابن الشحنة النجار توفي سنة 730 هـ، ولكن أظهر سماعه ورواياته في دمشق سنة 706 هـ.
فمن خلال عرض وفيات شيوخ ابن عادل يتبين أنه كان أهلاً لسماع الحديث في بداية القرن الثامن وعليه فتكون ولادته في آخر القرن السابع، وبما أن المسندة وزيرة توفيت في دمشق سنة 716، والحافظ ابن الشحنة توفي في دمشق سنة 730، فإن ذلك يدل على أن ابن عادل كانت نشأته ونشاطه العلمي في دمشق.
وأما ابن ساعد؛فأرى أن ابن عادل سمع منه في دمشق،لأن ولادة ابن ساعد كانت في حلب ـ كما سيأتي ـ ووفاته في القاهرة، فيكون ابن عادل سمع معجم الطبراني الكبير من ابن ساعد أثناء طريق رحلته إلى القاهرة ومروره بدمشق، وهذا يعني أيضاً أن ابن ساعد مكث في دمشق مدة، ممايدل على بعد خروج ابن عادل من دمشق والله أعلم.
ثانياً: وفاته:
كذلك نسلك في معرفة وفاة ابن عادل مسلكنا في معرفة ولادته، ولكن لا بد من الإشارة إلى ما قيل في وفاة ابن عادل ممن ترجم له،إذ أن بعض المصادر تذكر أنه كان حياً سنة 880 هـ،اعتماداً على أنه وجد مكتوب في آخر تفسير سورة طه أنه فرغ من تفسيرها في رمضان سنة 880 هـ كما في الأعلام،بل جعل صاحب نيل السائرين وفاته في سنة 880،ولكن الجزء الذي في الأحمدية الذي أوله سورة التغابن إلى آخر القرآن يقول إنه فرغ من كتابته سنة 876 هـ، وفي هدية العارفين ومعجم المؤلفين أنه فرغ من تفسيره كاملاً في رمضان 879 هـ.
وفي ما مر من الاضطراب ما يغني عن رد القول بأنه توفي سنة 880 أو بعد، بل أقول: إن ذلك دليل على أن ما وجد في أواخر النسخ؛ إنما هو تاريخ نسخ الكتاب من النساخ وفراغهم منه، و أما صاحب السحب الوابلة فقد تردد في تحديد عصر ابن عادل؛ أهو من القرن الثامن أم التاسع،ثم قال: (وهو من رجال أحدهما بلا شك)،ولم يذكر له تاريخ وفاة.
ونعود الآن إلى المنهج الذي سلكناه قبلُ في معرفة ولادة ابن عادل؛لنتعرف على تاريخ وفاته من خلال معرفة تلامذته، يذكر من تلامذة ابن عادل:
ـ علي بن أبي بكر الهيثمي،ولد سنة 735، وتوفي سنة 807،سمع من ابن عادل أجزاء من معجم الطبراني الكبير، ولا أشك في أنه سمع من ابن عادل أثناء رحلة الهيثمي إلى دمشق،ومما يؤكد ذلك أن الهيثمي صحب شيخه العراقي بالغاً، ولم يفارقه سفراً ولا حضراً،وهناك ما يفيد أن العراقي والهيثمي كانا في دمشق بعد سنة 750، ففي ترجمة عز الدين،أبي الفضل،محمد بن إسماعيل بن عمر ابن الحموي الدمشقي الثقة الصالح المتوفى سنة 757 هـ، ذكر الفاسي في ذيل التقييد أن العراقي زينَ الدين سمع من ابن الحموي في جامع دمشق كتاب السنن الكبير للبيهقي من أوله إلى آخركتاب الإيلاء،وأن الحافظين زين الدين العراقي ونور الدين الهيثمي أكثرا عنه،وبما أن الهيثمي صحب العراقي بالغا؛ فلا ضير أنه كان بالغاً بعد سنة 750 لأن ولادته سنة735؛وأنه كان مع شيخه العراقي في رحلته هذه؛وأنه سمع من ابن الحموي وأكثر عنه في هذه الرحلة؛ وأنه في أثناء هذه الرحلة ـ والله أعلم ـ التقى بابن عادل وسمع منه معجم الطبراني الكبير، وكان ذلك مابين سنة 750 وسنة 757، وأظن أنه لو كان هناك معجم لشيوخ العراقي لوجد ابن عادل من بينهم لأن شيوخ الهيثمي الذين سمع منهم هم أيضاً شيوخ العراقي.
ويضاف إلى ما مر أن ابن عادل نقل في تفسيره اللباب كتاب الدر المصون كاملاً،وقد فرغ السمين الحلبي (ت 756 هـ) من تأليفه في أواسط رجب سنة (734 هـ)،فلا بد أن يأخذ وصول الكتاب إلى ابن عادل وقراءته وقتاً،وكذلك جمع المعلومات ونسخها وتبييضها يأخذ وقتاً طويلاً أكثر من عشرين عاماً،وعليه فإنه يمكن القول أن ابن عادل كان حياً إلى سنة 750 هـ يقيناً،وأما وفاته فيغلب على الظن أنه توفي قبل سنة 775 هـ، فهو من أعيان القرن الثامن الهجري يقيناً، وأما ما ذكر أن التقي الفاسي من تلامذته؛ فإني ممن يستبعد ذلك،وسيأتي توضيح ذلك عند الكلام على تلامذته.
وعليه فتكون حياة ابن عادل محصورة بين عامي 675 هـ و775 هـ والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 05:49 م]ـ
هذا ملخص ما انتهيت إليه حول وفاته ابن عادل رحمه الله في رسالتي الماجستير (تحقيق جزء من مخطوط ابن عادل اللباب من علوم الكتاب سورة الحجر والنحل والإسراء) بإشراف الدكتور نور الدين عتر.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Jan 2008, 06:36 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب مرهفا
على هذا البحث القيم المفيد
ولكن
ألست معي مستغربا
لماذا لم يترجم له ابن حجر العسقلاني
في كتبه عن العصر الذي عاش فيه
وما تلاه بعدئذ؛ ولعله من شيوخ شيوخه
وأيضا لماذا لم يترجم له من ذيل على كتب العلامة
المؤرخ شمس الدين الذهبي
والله أمر هذا العالم الجليل يثير كثيرا من التساؤلات
وكان حقه من علماء عصره، ومن جاء بعدهم
أن يحبروا في ترجمته المطولات
ويوفوه ما يستحقه من الثناء والتقدير
وشكرا لك
ـ[مرهف]ــــــــ[15 Jan 2008, 03:18 ص]ـ
هذا السؤال كان هاجسنا أثناء البحث عن ترجمة ابن عادل، ولكن لم نجد جواباً شافياً لذلك، ولكني رأيت أن ابن عادل رحمه الله ليس وحيداً في ذلك، فهناك غيره من العلماء لم يلقوا حظاً وافياً لترجمتهم كمحمد بن محمد الأسدي صاحب كتاب الاعتبار وهو كتاب يوثق أسماء الوظائف والمراتب والمناصب وغير ذلك في حياة المماليك، ويظهر أن صاحبه كان كاتباً في السلطنة أيضاً وهو في مجلد واحد طبع في مصر، ومع ذلك فليست له ترجمة توضح سيرته، وليس ببعيد عنا أيضاً نجم الدين الطوفي فهو أيضاً لم يلق حظاً وافياً في الترجمة، ولكن ابن عادل ظهر الثناء عليه والاعتماد على تفسيره فيما بعد فقد كان أحد مراجع الشربيني الخطيب في تفسيره وهو قريب العهد منه، ونقل عن تفسيره القسطلاني في شرحه للبخاري والآلوسي في تفسيره أيضاً والله أعلم.
ـ[مرهف]ــــــــ[15 Jan 2008, 03:18 ص]ـ
هذا السؤال كان هاجسنا أثناء البحث عن ترجمة ابن عادل، ولكن لم نجد جواباً شافياً لذلك، ولكني رأيت أن ابن عادل رحمه الله ليس وحيداً في ذلك، فهناك غيره من العلماء لم يلقوا حظاً وافياً لترجمتهم كمحمد بن محمد الأسدي صاحب كتاب الاعتبار وهو كتاب يوثق أسماء الوظائف والمراتب والمناصب وغير ذلك في حياة المماليك، ويظهر أن صاحبه كان كاتباً في السلطنة أيضاً وهو في مجلد واحد طبع في مصر، ومع ذلك فليست له ترجمة توضح سيرته، وليس ببعيد عنا أيضاً نجم الدين الطوفي فهو أيضاً لم يلق حظاً وافياً في الترجمة، ولكن ابن عادل ظهر الثناء عليه والاعتماد على تفسيره فيما بعد فقد كان أحد مراجع الشربيني الخطيب في تفسيره وهو قريب العهد منه، ونقل عن تفسيره القسطلاني في شرحه للبخاري والآلوسي في تفسيره أيضاً والله أعلم.
ـ[النجدية]ــــــــ[15 Jan 2008, 11:46 ص]ـ
بسم الله ...
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد!!
و أذكر في هذا المقام أن هناك رسالة علمية، قدمت في منهج هذا المفسر -رحمه الله-:
منهج ابن عادل الحنبلي في تفسيره للقرآن الكريم اللباب في علوم الكتاب إعداد: محمود علي عثمان عثمان.
سنة: 2002.
الوصف الفيزيائي للرسالة: 234 ورقة.
رسالة جامعية (ماجستير) - الجامعة الاردنية، 2002.
اشراف: فريد مصطفى السلمان.
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[17 Jan 2008, 06:39 م]ـ
قبل أسبوع جرى حديث عن ابن عادل بيني وبين زميلي في الدكتوراه محمود عثمان -صاحب رسالة (منهج ابن عادل) التي ذكرتها الأخت النجدية- وقد أخبرني الأخ محمود أن تاريخ وفاة ابن عادل أخذ منه جهدا كبيرا في البحث، إلا أن كل ما توصل له هو أن وفاته كانت بعد (880) هـ
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[17 Jan 2008, 08:15 م]ـ
قبل أسبوع جرى حديث عن ابن عادل بيني وبين زميلي في الدكتوراه محمود عثمان -صاحب رسالة (منهج ابن عادل) التي ذكرتها الأخت النجدية- وقد أخبرني الأخ محمود أن تاريخ وفاة ابن عادل أخذ منه جهدا كبيرا في البحث، إلا أن كل ما توصل له هو أن وفاته كانت بعد (880) هـ
ليتك يا أخانا الحبيب زهيرا
تنشر لنا خلاصة هذا البحث
حتى نعرف النتيجة التي توصل إليها
الأخ الباحث ـ مشكورا ـ
وجزاكم الله خيرا
ـ[مرهف]ــــــــ[18 Jan 2008, 09:42 م]ـ
كل من كتب عن حياة ابن عادل من زملائي في الماجستير والدكتوراه عند تحقيقهم لأجزاء من تفسير ابن عادل خرجوا بالنتيجة التي خرج بها أخونا الأستاذ محمود عثمان، والسبب في ذلك هو اعتمادهم على النقل مما كتب في آخر بعض نسخ مخطوطات تفسيره و ممن ترجم لابن عادل وأبرزهم الأستاذ الجليل راغب النفاخ رحمه الله، ولكني في ما عرضته قبل من خلاصة ما انتهيت إليه اعتمدت طريقة المحدثين في السبر لأجل معرفة قرن ابن عادل ما استطعت وذلك بتتبع شيوخه وتلامذته، فإذاكان ابن عادل قد سمع من ابن ساعد وغيرهم في أول القرن الثامن أو آخر القرن السابع، وكان الهيثمي من تلامذته وسمع من ابن عادل سنة 750 هـ فيكون ابن عادل عاش على ذلك أكثر من 200 عاماً فهل يعقل هذا ولا أحد يعلم به ويترجم له!!
فحبذا أن يلبي الأخ الكريم الأستاذ زهير ما طلبه الدكتور مروان في خلاصة ما انتهى إليه الأخ الأستاذ محمود ليزداد الموضوع ثراء ويستطيع الأخوة الذين يكتبون عن ابن عادل أن يقارنوا ويحققوا فيصححوا أو يرجحوا والله الهادي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[18 Jan 2008, 11:37 م]ـ
أخي الكريم الحبيب مرهف السقا
ما زلت أبحث في كتب التراث الإسلامي
عن ترجمة وافية لابن عادل الحنبلي الدمشقي
ولا أكتمك، لقد أعياني البحث
وقد يكون لبعدي عن مكتبتي الخاصة
الأثر الكبير في هذا العناء
ولو أنني بت معتقدا بما توصلت إليه ـ مشكورا ـ
هو الأقرب للصحة والصواب
وجزاك الله خيرا
ـ[فداء]ــــــــ[02 Oct 2009, 03:00 م]ـ
جزاكم الله خيرًا
ولديّ استفسار:
من هو (شهاب الدين) الذي ينقل ابن عادل عنه كثيرًا في تفسيره؟
ـ[مرهف]ــــــــ[04 Oct 2009, 05:55 م]ـ
شهاب الدين أحمد بن يوسف،السمين الحلبي (756هـ)، صاحب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون.
ـ[فداء]ــــــــ[06 Oct 2009, 08:01 م]ـ
جزاك الله كل خيرٍ على الإفادة.(/)
(6 نظرات في المعرب) اللغة الأم لغة الاشتقاق / مهداة لابن الشجري
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Oct 2005, 09:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد كتبت حلقات تحت عنوان (نظرات في المعرب)، وهذه الحلقة ـ التي أهديها للأديب الفاضل ابن الشجري تقديرًا لطرائفه الأدبية التي أتحفنا بها في هذا الملتقى ـ أرى أن فيها بيانًا لفكرة الحلقات السابقة، ولقد حرصت فيها على إيضاح الفكرة قد المستطاع، وإني لأشكر مشرفنا الفاضل عبد الرحمن الشهري الذي قرأ هذه المقالة قبل نشرها، وأبدى بعض الملحوظات، واقترح عليِّ أن اكتب بعض المراجع التي تفيد في هذه الفكرة، ولعلي أخصص مقالة مستقلة أتكلم فيها عن بعض الكتب التي عُنيت بهذا الموضوع ليتكامل طرح هذه الفكرة مع مراجعها، والله أسأل أن يعيننا، وأن يبارك لنا في شهر رمضان المبارك قيامه وصيامه ودعاءه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللغة الأم لغة اشتقاق
لا يخفى على الباحث في أصل اللغات الخلاف بين العلماء هل هي بتوقيف أو هي بالمواضعة والاجتهاد؟ ولقد ذهب كل فريق من العلماء إلى رأيٍّ أيَّده بدلائل نقلية أو عقلية.والذي يظهر لي أن أصلها بتوقيف من الله، ثم إنها يدخلها المواضعة بين البشر.
أما التوقيف فدليله أن آدم أبا البشر كان في السماء يخاطب ربَّه، ويخاطب ملائكته، ويخاطب زوجه بكلام قد ألهمه الله إياه، كما يشير إليه قوله تعالى: (وعلَّم آدم الأسماء كلها)، إذ لا يمكن أن يكون ذلك إلا بأن يعبِّر عن هذه الأسماء بكلام يُفهم عنه، وهذا الكلام المركَّب من حروف إنما أُلهمه في أول الأمر.
وفي السنة النبوية ما يشير إلى هذا أيضًا، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله، فقال له ربه: يرحمك ربك. يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة ـ إلى ملأ منهم جلوس ـ فسلِّم عليهم، فقال: السلام عليكم فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم) رواه الترمذي وابن حبان وغيرهما بسند صحيح.
فهذا يدل على الإلهام لأول الكلام، إذ لا يعقل وجود حيين متقابلين بدون أن تكون بينهما لغة للتفاهم فيما بينهم؛ أيًّا كانت هذه اللغة التي يتفاهمون بها.
وإذا كان أصل اللغة إلهامًا فلا يعني هذا أن البشر لا يوَلِّدون كلامًا، ويفتعلون مصطلحات، بل الأمر كذلك من التوليد في اللغة التي يتكلمون بها.
واللغة فيها ما يُولَد وفيها ما يموت وفيها ما يُبعث بعد موته أو تناسيه، ولكل من هذه أسبابه التي يتسبب عنها.
فاختلاف البيئة ـ مثلاً ـ سبب في نشوء بعض الأسماء، فليس ما يُستخدم في بادية نجد كالذي يستخدم في حاضرتها، ولا الذي يستخدم في بادية نجد وحاضرتها كالذي يستخدم في جنوب الجزيرة أو شمالها أو شرقها أوغربها، فالبيئة لها أثر في إحداث الأسماء وتوليد بعض المعاني، وصرف بعض الدلالات إلى معنى خاص بها عند القوم يخالفهم فيها غيرهم، وهذا أمر ظاهر بالموازنة بين كلام القبائل ودلالاته.
واندثار بعض الآلات التي كانت تُستخدم سبب في موت بعض الأسماء، وهذا ما تشهده اليوم من موت أسماء كانت تُستعمل، فتُركت بسبب ترك الناس لتلك الآلات التي كانوا يستخدمونها. وقد تموت في منطقة وتبقى في منطقة، بل قد تموت في الجزيرة العربية وتبقى في شمالها. وكل هذا وغيره مما يحدث للغة إنما يقوم على التتبع والاستقراء للألفاظ التي يستخدمها الناس في كلامهم. أما اللغة الأم فكيف يمكن لها البقاء والاستمرار؟
وجواب هذا السؤال أن (لاشتقاق) هو أكبر عنصر في بقاء اللغة الأم التي تحدث بها أبونا آدم لما خلقه الله سبحانه، ثم نزل بها إلى الأرض لما نزل، وتكلم بها هو وبنوه من بعده.
واللغة العربية التي نزل بها القرآن وهي حاضرة بين يدي عرب الجزيرة تشهد أنها متولدة عن هذه اللغة الأم (لغة الاشتقاق) فالأحرف الثماني والعشرين الأصلية، وما عداها من الحروف الفرعية تشهد بثراء اللغة العربية من جهتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ عدد الحروف الذي يتولد عنه عدد من المعاني لا تكاد تُحصر، ففي العربية أحرف لا تكاد توجد في لغة من لغات العالم؛ كالحاء، الذال، الصاد، الضاد، الطاء، الظاء، وانظر كم من الكلمات التي تتولد في دخول هذه الأحرف في تركيب الكلمة.
ـ نماذج متكاثرة ومتناثرة من الصوتيات التي كان يؤديها العرب؛ كإشمام الكسرة الضمةَ في مثل (قِيل، غِيض)، والإمالة في مثل (والضحى) ... الخ من الأمور الصوتية التي يطول الحديث عنها.
ولا يبعد أن تكون هذه الصوتيات تولدة شيئًا فشيئًا حتى صارت إلى ما آلت إليه، واندثر منها ما اندثر بفعل عوامل عديدة.
ولأسوق لك مثالاً يتبين لك به ذلك:
لو أخذت مادة (ح ر م)، وقلَّبتها على الاشتقاق الأكبر، لظهر لك منها ستُّ مواد: (حرم، حمر، مرح،محر، رحم، رمح) وكل هذه المواد مستخدم في لغة العرب، فلو رجعت إلى أي معجم من معاجم العرب الكبرى؛ كلسان العرب لابن منظور، لوجدت لكل مادة من هذه المواد اشتقاقًا أصغر، فلو أخذت (حرم) لوجدت من الاشتقاق الأصغر لهذه المادة الشيء الكثير: (حرَّم، أحرم، يحرم، يحرِّم، إحرام، حرام، حُرمة، حرمات .... ).
وهنا تنبيهات:
الأول: أن الباحثين اختلفوا هل أصل الكلمات ثنائي أو ثلاثي، والخلاف لا يؤثر على الفكرة التي طرحتها لك؛ لأن الأصل الثلاثي كثير جدًّا، مما يجعل القول بأنه أصل في كثير من ألفاظ اللغة صحيح بلا ريب، ووجود بعض الكلمات يكون أصلها ثنائي لا يعني ان كل ألفاظ اللغة كذلك.
الثاني: أن بعض المواد أسعد من غيرها في كثرة الاشتقاق الأصغر، فلو نظرت إلى ما اشتقه العرب من (حرم) لوجدته أكثر من اشتقاقاتهم لمادة (محر).
الثالث: أن تقليب الكلمة على الاشتقاق الأكبر يُظهر أن بعض المواد لم تستخدمه العرب، وعدم استخدامها لا يلزم منه عدم وجوده في لغات سابقة لها، ولها علاقة بها.
الرابع: أن بعض المواد تُستخدم في منطقة أكثر من استخدامها في منطقة أخرى. وكل هذه الأمور تظهر بالاستقراء والموازنة.
والمقصود أنَّ البحث التاريخي في اللغات يثبت ثراء العربية بأحرفها، فهل هي امتداد لتلك (اللغة الاشتقاقية الأم)؟
لننظر المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في إثبات ذلك:
ـ القرآن الكريم.
ـ السنة النبوية.
ـ تاريخ العرب وأشعارها.
ـ تفسير السلف ومن جاء بعدهم من العلماء.
ـ أسفار بني إسرائيل.
ـ اللُّقى من أحافير وورق بردى وكتابات على جبال أو صخور أو غيرها.
ـ الدراسات اللغوية المعاصرة الموازنة بين اللغات القديمة، مع ما يشوب بعضها من جهل أو تحريف في بعض الأحيان، وقد يكون تحريفًا مقصودًا يُظهِر خبث طوية صاحبه.
والحق أن هذه الدراسات ـ على ما فيها ـ كانت من مفاتيح إثبات تلك اللغة الاشتقاقية من حيث لا يدري بعض من كتب في الموازنة بين تلك اللغات القديمة، وسيظهر جانب منه في بعض ما سأذكره في هذا الموضوع من معلومات.
ولست أريد في ذكر هذه المصادر أن أبيِّن مدى الاعتماد عليها، وكيف عددناها مصدرًا، وإنما مرادي التنبيه عليها هنا فحسب، مع ملاحظة أن كثيرًا من دارسي اللغات القديمة لا يعتمدون على القرآن والسنة وأخبار العرب (ومنها آثار السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم)، بل لا يرجعون إليها البتة؛ لأن كثيرًا من دارسي هذه اللغات ينطلقون من منطلقات توراتية صهيونية، يريدون بذلك إثبات صحة ما في أسفار بني إسرائيل، والانتصار للصهيونية العالمية فحسب، وليس البحث العلمي الجاد المحايد هو هدفهم الرئيس، وهذا ظاهر من طريقة بحوثهم التي يغلفونها بغلاف البحث العلمي، وفيها من المغالطات في البدهيات فضلا عن غيرها ما فيها.
وليس العجب من هؤلاء أن يكتبوا، فهم بين معتقد لهذه الأفكار مدافعٍ عنها، وبين مدفوع له حسابه، فاشتروه ليقوم بهذا الدور، لكن العجب ممن يملكون حضارة ضاربة بأوتادها في عمق التاريخ كيف ينطلي عليهم مثل هذه الترهات التي تُلبَّس بلباس البحث العلمي؟!
وإن الأمر في هذا لذو شجون، ولا أريد أن أستطرد فيه لكيلا أخرج عن صلب الموضوع الذي أريد أن أوقِّفك عليه.
* كيف سارت اللغة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لو نظرت إلى اللغة العربية التي نزل بها القرآن ـ والحديث في تفاريع ذلك يطول ـ لخرجت بفائدة مهمة، وهي ان القرآن ثبَّت اللغة المتداولة آنذاك، فوقفت اللغة العربية على أكمل صورها التي وصلت إليها، وتنادى العلماء لجمعها وحفظها، فكانت علوم العربية الأساسية من لغة ونحو وصرف، وصارت هذه اللغة معيارية يقاس عليها، ويوزن بها لمعرفة الصحيح من الضعيف من الباطل، وصار في مصطلحات العلماء اللغة الكثيرة، واللغة القليلة، واللغة الشاذة ... الخ.
ومع ثراء ما جمعه اهل اللغة إلا أنهم لم يستطيعوا جمع كل كلام العرب، بل ندَّ عنهم منه شيء بشهادة جمع من العلماء المعتنين بهذا الشأن؛ كأبي عمرو بن العلاء، والكسائي، أبي عبيد القاسم بن سلام، وغيرهم.
ولغة العرب إبَّان نزول القرآن لغة يقاس عليها ما قبلها وما بعدها من كلام العرب، فهي من أكبر الأدلة على أصول كثيرٍ من لغات المنطقة التي نُسبت إلى أقوام أو بلدان؛ كالكنعانيين أو الفينيقيين أو البابليين، أو الآشوريين أو الأكاديين أو الآراميين أو التدمريين أو النبطيين ... الخ من الألقاب التي اطلقت على أقوام عاشوا في شمال جزيرة العرب: عراقها وشامها، بل يتعدى إلى مصر وساحل البحر الأبيض المتوسط إلى بلاد المغرب كما هي جغرافية العرب اليوم.
وقد قام جمع من الباحثين بهذا العمل، فبيَّنوا أصول لغات بعض هذه الأقوام بالقياس على عربية التنزيل، فبرزت أبحاثٌ فائقة في الجدَّة والعلمية الموضوعية، وإن كان الإغراق في مثل هذه البحوث لا يخلو من تكلف إلا أن ثبوت أصل المسألة كافٍ في التدليل عليها.
ونحن اليوم نرى كلام عامة العرب في جميع أقطارهم، فيظهر للدارس ارتباط كثير من العامي بأصوله الفصحى، وإن اختلف من حيث أداؤه أو تصريفه وخلوه من الإعراب، وذلك أمر واضح عند من يقرأ في البحوث التي تُعنى بردِّ العامِّي إلى الأصيل من كلام العرب.
والمقصود أن لغة العرب التي حُفِظت لنا اليوم دليل واضح على ارتباطها بأم اللغات، وارتباط غيرها بها، على أنها مرحلة من مراحل تطور اللغة الأم وتفرعها في محيط الاشتقاق.
والحق: إن دراسة تلك الروابط يعوزها كثيرٌ من فقه اللغات التي تحدثت بها تلك الشعوب قديمًا، ولقد كُتِب في ذلك كتابات كثيرة، لكن شاب كثيرًا منها ما ذكرت لك سابقًا، ومن أكبر ذلك الشَّوب أنهم اخترعوا مصطلح (السامية) ليطلقوه على شعوب منطقتنا العربية، وعلى لغاتها، فجعلوا السامية أصلا تتفرع منه لغات شمالية وجنوبية، وجعلوا منها: العربية والعبرية والحبشية والأكادية والبابلية والآشورية والكنعانية ... الخ. وهذا التقسيم غير صحيح البتة، وقد نقده باحثون، وأظهروا زيفه وبطلان، وإن اغتر به آخرون أو رأى غيرهم أن لا أهمية تُذكر في هذا المصطلح، فساروا عليه (1).
* نظرة تحليلية لبعض المفردات الواردة في القرآن لأقوام عريقين في القِدم:
إذا جعلت اللغة المعيارية التي ارتضاها العلماء للقياس عليها، وكذا ما حُكي من لغات عربية استهجنوها؛ إذا جعلنا هذه اللغات (اللهجات) أصلاً نستفيد منه في تبيُّنِ مسار هذه اللغة وقِدمها (2)، فإننا سنجد ذلك واضحًا ساطعًا في أسماء نُقلت إلينا كان يتكلم بها أقوام يفصل بينهم وبين لغة العرب القرون الطويلة.
1 ـ نوح وقومه:
يقول الله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)
تأمَّل أسماء هذه الأصنام، ألا تظهر لك عربيتها واضحة بينة؟
أفي عروبة هذه الأسماء شكُّ؟ أكان قوم نوح سيسمون أصنامهم ـ التي هي أسماء رجال صالحين كانوا قبلهم ـ بغير لغتهم؟
ألا يدلك هذا على أنَّ قوم نوح كانوا يتكلمون العربية؟
لكن هذه العربية التي تكلموا بها لا يلزم أن تتفق مع اللغة المعيارية التي بين يديك اليوم، إذ قد تختلف في طريقة التصريف والإعراب وغيرها، لكن أصول الكلمات واحدٌ لا يتغير، أنها لغة الاشتقاق.
2 ـ عاد قوم هود
يقول تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) وقوم عاد لا خلاف في عروبتهم، ولفظ (عاد، وهود) واضح العروبة، وأصلهما من العَودِ والهَود.
3 ـ ثمود قوم صالح
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ)، وقوم ثمود لا خلاف في عروبتهم، واسم نبيهم واضح العروبة، وهو من مادة (صلح)، وكذا اسم القبيلة من مادة (ثمد) والثمد: الماء القليل.
4 ـ مدين قوم شعيب
ولا خلاف في عروبتهم، ولا زال اسم مدين شاهدًا إلى اليوم، مما يدل على عروبته، واسم (شعيب) واضح العروبة، وهو من مادة شعب.
وهذه الشعوب وأنبياؤها كانوا في جزيرة العرب ـ على خلاف في موطن نوح وقومه ـ وما ذكرته لك ـ مع قِلَّتِه ـ شاهد على اتصال لغة العرب المعيارية بهذه اللغات التي كانت قبلها، وأنها لا زالت تحتفظ بالاشتقاق من هذه اللغات القديمة، وانت على خُبر بما كان بين نوح وآدم من الزمن، وهو عشرة قرون، فانظرإلى أي زمن ارتقت لغة العرب من جهة الزمان، بل إنها لترقى إلى أكثر من هذا كما أشرت في مقالي (آدم في السماء).
هل في هذه النظرية هدم لباب العجمة الذي يعتمده النحويون واللغويون؟
فإن قلت: ألا ترى أن قولك هذا فيه إبطالٌ لباب العجمة الذي يذكره النحويون واللغويون، وأنك تركت ما ذكره بعض العلماء من حكاية العجمة لبعض هذه الأسماء؟
فالجواب: إني لا ألغي ذلك البتة؛ لأن قياس العجمة إنما هو بالنسبة للغة العربية إبان نزول القرآن، وهي اللغة المعيارية التي ارتضاها اللغويون وقاسوا عليها، فما كان خارجًا عن مقاييسها عدُّوه أعجميًا على التفصيل المعروف عندهم.
وإذا تأملت ما خرج عن هذه اللغة، وحُكِم بعجمته، فإنه لا يعدو الأمور الآتية:
1 ـ أن تكون أصوله عربية قد ماتت، فلم تُستخدم في لغة العرب الذين نزل القرآن بلغتهم (اللغة المعيارية).
2 ـ أن تكون أصول الكلمة عربية، لكنها تحوَّرت ثمَّ رجعت إلى اللغة المعيارية بما وصلت إليه من تحوير، فصارت عجمتها من هذا الباب.
3 ـ أن تكون الكلمة قد وُلِدت في غير العربية، فتكون عجمتها ظاهرة بلا ريب.
وما أحكيه هنا هو في النوعين الأولين، فالقول بعجمة الألفاظ لا ينفي الأصل العربي لها، ولعلي أحكي لك مثالاً يدلك على رحلة الكلمة من العربية إلى التعجيم إلى رجوعها إلى العرب معجمة.
اسم (إسحاق) هو بمعنى (يضحك) أو قد يكون أحد مشتقاته (كالضاحك، وإن كان على المبالغة فهو الضحاك) لكن ما علاقة اسمه بمدلول الضحك؟
1 ـ أصل الاسم (يضحك) على زِنة الفعل، وأنت تعلم أن زنة الفعل مستعمل في أسماء عربية في اللغة المعيارية، مثل (يزيد).
2 ـ السين منقلبة عن الصاد المنقلبة عن الضاد (يسحق ــــ يصحق ــــ يضحق)
3 ـ القاف منقلبة عن الكاف (يضحق ــــ يضحك).
4 ـ الألف زائدة (يسحاق).
5 ـ قلبت الياء إلى همزة (إسحاق).
ولو أنِست بقوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ) واعتبرته في هذه التسمية لما بعُد عنك الوصول إلى هذا المعنى، وإذا أضفت إلى ذلك ما تنبَّه إليه أصحاب (قاموس الكتاب المقدس ص: 66)، قالوا: ((إسحاق، ومعناه بالعبرية (يضحك)، وهو ابن إبراهيم وسارة ... )). وكذا أضاف هذا المعنى أصحاب (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص: 46) عند الحديث عن البشارة (تكوين: 17). وفي قولهم هذا إشارة إلى عربية هذا الاسم من حيث لا يعلمون.
وهذه الرحلة التي تَمُرُّ بها الكلمة ليست غريبة على من يقرأ في موضوع اللغات، ويتبين له ما يقع للكلمة من رحلة من لغة العرب حتى تعود إليها معجَّمة، ولا زلت أضرب بمثلين معاصرين مشهورين من الأسماء:
الأول: كرزاي، أصله: (قرضاي)، فحصل للقاف قلب إلى الكاف، وللضاد قلب إلى الزاي، وبعضهم يقلبها إلى الدال، وتجد هذا الاسم العربي الصريح في صحفنا بأحد الأسماء الثلاثة (قرضاي، كرزاي، قرداي) والاسم (قرضاي) هاجر إلى الغرب، ثمَّ رجع إلينا معجَّمًا بأحد لفظين (كرزاي) أو (قرداي)، وأصلهما ـ كما ترى ـ عربي صريح.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: مهاتير، أصله: (مُحاضِر)، وتراهم يجعلون الضمة فتحة، لجهلهم بأصل الاسم، والحاء قد قُلبت إلى (هاء)، والضاد قد قلبت إلى (تاء)، وزيدت كسرة الضاد لما قُلبت إلى (تاء) فصارت (ياءً)، كما ترى.
وتحليل الأسماء المتحوِّرة يحتاج إلى مبادئ ليتفق معي فيها القارئ، ويقبل ما أذكره له، لكني هنا ذكرت لك النتيجة فقط، وإلا فالأمر يرجع إلى (علم الصوتيات)، وذلك علم قَلَّ من يكتب فيه من المتخصصين مع أهميته البالغة في فهم قضايا مرتبطة بأصول اللغة.
* نظرة تحليلية لبعض الأسماء التي تسمَّى بها أقوام سابقون للعرب الذين نزل القرآن بلغتهم:
1 ـ إسماعيل، أصله (يسمع إيل)، فهو من مادة (سمع)، وإيل لفظ يُطلق على الله، فهو كقولك: يسمع الله، وهذا التركيب لا زال يستعمل إلى وقتنا الحاضر، فأنت تسمع أسماء مثل (جاد الله، جاد الحق) وغيرها من المصادر التي تضاف إليه، مثل (حبيب الرحمن، ولي الله)، وذلك أمر غير غريب.
وهذا الاسم قد أُخِذَ من الحَدَثِ الذي وقع لأم إسماعيل، حيث ورد في (سفر التكوين: 16): ((وأضاف ملاك الرب: هوذا أنت حامل، وستلدين ابنا تدعينه إسماعيل؛ لأن الرب قد سمع صوت شقائك)، وقد ورد في كتاب (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس / ص: 44) عبارة (ومعناه: الله يسمع) بين قوسين؛ تفسيرًا لاسم إسماعيل، وهذا تأصيل لعروبة هذا الاسم من حيث لا يشعرون.
2 ـ يعقوب: أصله من مادة (عقب)، وهو الذي يعقب، فهو العاقب، وقد وردت الإشارة بذلك في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) ألا تلاحظ كيف سُمِّي من الحدث الذي قام فيه، وهو كونه يخلف أباه (أي: يعقبه)، فقد بُشِّرت (سارة) ببشارتين: الولد وولد الولد.
3 ـ سليمان: أصله من مادة (سلم)، وكانوا ينطقونه بالشين، وهذا أحد التبديلات التي تقع في بعض اللغات العروبية القديمة، وقد ورد في (دائرة المعارف الكتابية 4: 419) ما نصه: ((سليمان: هو الملك الثالث لإسرائيل، واسم سليمان مشتق من (شالوم) العبرية، ومعناها (سلام أو مسالم) ... )).
وقد نبَّهوا في مادة (سلام ـ سلامه) (4: 409) إلى أنَّ كلمة (شالوم) تعني: سلام، وهي تُستخدم في التحية المألوفة بين الأصدقاء، والسؤال عن صحتهم، كما تستخدم عند الوداع.
ولعلك على ذُكْرٍ بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تَحِيَّتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله قال فزادوه ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن)). رواه مسلم 4: 2183.
وليس السين وحدها التي تنقلب إلى شين، بل في لغتهم أحرف اخرى تنقلب؛ كالحاء في الرحمن تكون (الرخمن)، وغيرها مما يُعرف بموازنة لغاتهم بلغة العرب.
مسألة: إذا كان الأمر على هذه الصورة، فلم لم ينتبه له المتقدمون؟
أقول: بل لقد كان في كلامهم إشارات، وكانت من باب العلم الظني،، ولم يكن عندهم ثمت أبحاث في تأصيل الموضوع أكثر من القول باشتراك اللغات في اللفظ، ولم يكن يدور في خلدهم أن هذا الاشتراك يقود إلى أصل واحدٍ، وأن العربية هي بقايا هذا الأصل، ومن أقرب مذاهبهم إلى ما ذكرت لك ما ذهب إليه الطبري في الباب الذي عقده في مقدمة تفسيره، وعنوانه: (القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم)، وخلاصة رأيه في ذلك: أن من نسب من السلف بعض الألفاظ إلى غير لغة العرب، فليس مراده أنها ليست من لغة العرب، بل هي ألفاظ نطقت بها العرب، ووافقها في نطقها غيرهم. (جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ط: دار هجر: 1: 13).
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن البحث الموازن بين اللغات اليوم أظهر حقيقة ارتباط اللغات القديمة في موطن الوطن العربي الذي نراه اليوم باللغة العربية التي نزل بها القرآن، لكن بعض هؤلاء الباحثين من المستشرقين والتوراتيين يُخفون هذه الحقيقة، فهم لا يريدون أن يذكروا للعرب أيَّ مَحمَدَة، فكيف يصفونهم بأنهم يملكون خصائص اللغة الأم؟.
ولو فتَّشت في مثل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) لوجدت بعض الكلمات التي يرجعونها إلى العربية، وفيها ما هو واضح التقارب معها،، وهي لا تختلف إلا في طريقة النطق فحسب وإليك هذا المثال:
1 ـ (ص: 192): ((بنيامين: اسم عبري، معناه (ابن اليد اليمين، أو ابن اليُمن)، وهو ابن يعقوب من امرأته راحيل، وكان أصغر إخوته)).
ولعل هذا الاسم لا يحتاج إلى كبير تحليل، كما أن طريقة نطقة قريبة جدًّا من طريقة اللغة المعيارية (لغة العرب وقت نزول القرآن).
2 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 201): ((بيت جامول: اسم عبري معناه (بين الجمل) مدينة في موآب)).
3 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 203): ((بيت صيدا: اسم آرامي معناه (بيت الصيد) ... )).
4 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 204): ((بيت عنيا: اسم آرامي معناه (بيت البؤس، البائس) ... )). عنيا = العني = العناء.
5 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 207): ((البيريون: اسم عبري معناه: (أهل الآبار)، وهو اسم عائلة)).
6 ـ (قاموس الكتاب المقدس ص: 226): ((تُوما: اسم آرامي معناه (توأم) ... )).
ولأقف مع هذه الفقرة، فأشرح ما فيها:
الآرامية كما ذكروا (ص: 43): ((إحدى اللغات السامية الشمالية))، وقد أشاروا إلى أن الكتاب المقدس كُتِب باللغة الآرامية، وفي (ص: 44) ذكروا ما نصه: ((وقد تكلم السيد المسيح اللغة الارامية، ووردت بعض أقواله في العهد الجديد في هذه اللغة، مثلاً: مرقس 5: 41 (طليثا قومي)، مرقس 7: 34 (أفثا)، مرقس: 15: 43 (الوي الوي لم شبقتني))).
وموضوع استخدام الآرامية يمكن الاطلاع عليه في كتب فقه اللغة وتاريخها، لكن تلاحظ ثبوت استخدامها في كتابهم، وعلى لسان المسيح عليه السلام، فما هي اللغة الآرامية؟
ألا تلاحظ ذلك التقارب الشديد بين ألفاظ الآرامية وما تعرفه من لغتك العربية الشريفة؟
إن اللغة الآرامية تمثِّل لهجة من لهجات هذه اللغة الاشتقاقية التي ذكرتها لك سابقًا، ولم تخرج عنها، وإنما وقع اختلاف في طريقة صيغة الكلمة.
ولننظر إلى لفظ (تُوما) كيف صار (توأم)، إن الألف التي في آخر (توما) إنما هي (أل) التعريف فيما تعرفه من لغتك اليوم، ولو تتبعت منطقة الشام بفروعها الأربع (سوريا، والأردن وفلسطين ولبنان) لوجدت كثيرًا من المواطن تنتهي بهذه الألف (حيفا، يافا، صيدا ... )، ولأذكر لك تفسيرًا من تفسيرات السلف أشار إلى هذا المعنى في تفسير قوله تعالى: (بأكواب وأباريق)، قال الضحاك: ((الأكواب: جرار ليست لها عرى، وهي بالنبطية كوبا))، والنبطية لغة من اللغات العربية الشمالية، وهي مرتبطة بالآرامية، وقد نبَّه أصحاب (قاموس الكتاب المقدس ص: 44) إلى ذلك، وسموها: الآرامية النبطية.
ولفظ (كوبا) الآرامي = الكوب، وهو لفظ عربي، وهذا يعني أن اللغة الآرامية والنبطية مرتبطة باللغة الاشتقاقية التي بقيت في لغة العرب التي نزل بها القرآن.
يقول الدكتور محمد بهجت قبيسي في كتابه (ملامح فقه اللهجات العروبيات / ص: 344) ـ ضمن فقرة ((أهم ملامح اللهجة العربية الآرامية): ((عَرَفت اللاحقة الألف كأداة تعريف؛ مثل (حرستا) بمعنى (الحارسة)، وقاديشا، بمعنى القادوس: التقديس)).
ولعلك إن استغربت وضع (أل) التعريف الذي جاء ألفًا لاحقة للاسم، فإنك لا تستغرب أن بعض العرب يجعل (ام) بدل (ال)، وفي هذه اللهجة جاء الحديث المشهور (ليس أم بر أم صيام في أم سفر)، وأصله في الصحيح بلفظ (ليس من البر الصيام في السفر) (3)، وهذه اللهجة لا زالت يُتحدَّث بها في بعض قبائل جنوب الجزيرة العربية، فإذا كان هناك أكثر من صيغة لأل التعريف، فلا تستبعد أن تكون تلك من الصيغ التاريخية لهذه اللغة، لكنها ماتت، فلا تُستعمل، وبقيت آثارها شاهدة عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كانت هذه الآرامية لغة المسيح، وقد قال: (الوي الوي لم شبقتني)، وهي بعربيتنا اليوم (إلهي إلهي لم سبقتني)، وفي (إنجيل متى 27): ((إيلي إيلي لم شبقتني ((أي: إلهي إلهي لماذا تركتني)))) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: 1968، وينظر تحليل عميق قوي لهذه العبارة في كتاب (العلم الأعجمي في القرآن)، للأستاذ رؤوف أبو سعدة (2: 283 ـ 285).
أقول: إذا كانت هذه لغته، وهي لغة عربية قديمة قبل لغة القرآن، أفلا يجوز أن تقول: إن اللغة التي تحدث بها عيسى عليه السلام منحدرة من تلك اللغة الاشتقاقية، وهي مرحلة من مراحل تلك اللغة التي وصلت إلى ما وصلت إليه من لغة القرآن.
يذكر الدكتور محمد بهجت قبيسي (ص: 344) أن كلمات اللغة الآرامية ومفرداتها بجذورها حافظت عليها العربية العدنانية نحو (2، 86 %) من كلماتها.
ولنرجع إلى قوله تعالى: (ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)، لقد قالها عيسى أمامهم، وسمعوا هذا الاسم، وعرفوا معناه؛ لأنه من لغتهم، والذي يدل على معرفتهم بمعناه دقَّة ترجمة المترجم من الآرامية إلى اليونانية، حيث ترجمها إلى (برقليطس= periqlytes) ، وبعضهم يحذف لاحقة التذكير اليونانية، فيقول: (برقليط) أو (فرقليط)، أو (الفارقليط) كلها بمعنى واحد، لكنك ـــ مع الأسف ـــ لا تجد هذه الكلمة في الطبعات العربية، وإنما تجد في بعضها (المُعَزِّي)، وفي بعضها (المعين)، وقد جاء في (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص: 2226): ((وعندما يأتي المعين الذي سأرسله لكم من عند الأب، روح الحق الذي ينبثق من الأب، فهو يشهد لي، وتشهدون لي أنتم أيضًا؛ لأنكم معي منذ البداية)).
يقول البروفسور عبد الأحد داود في كتابه النفيس (محمد صلى الله عليه وسلم كما في كتاب اليهود والنصارى/ ص: 197، 198): ((إن كلمة (برقليطوس) تعني من الناحية اللغوية البحته: (الأمجد والأشهر والمستحق للمديح) ... والاسم مركب من مقطعين:
الأول: peri ، الثاني: kleitos، ويكتب ( periqlytos) أو ( perqleitos) مما يعني تمامًا اسم أحمد باللغة العربية؛ أي: أكثر ثناءً وحمدًا، ولنا أن نتساءل ما هي الكلمة الأصلية التي استخدمها المسيح بلغته العبرية أو الآرامية ... ومن المدهش أن الوحي قد ميز بين صيغة أفعل التفضيل من غيرها؛ أي (أحمد) من (محمد)، ومن المدهش أيضًا أن هذا الاسم الفريد لم يُعط لأحد من قبل إذ حُجِز بصورة معجزة لخاتم الأنبياء والرسل وأجدرهم بالحمد والثناء، ذلك أن اسم (برقليطوس) لم يُطلق على أي يوناني قط، كما أن اسم أحمد لم يُطلق على أي عربي قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم)).
وأقف هنا لئلا يطول الموضوع، فيملَّ، ويخرج عن المقصود، وأعود فأختصرة الفكرة التي وصلت إليها فأقول:
إنَّ اللغة الأم التي تكلم بها آدم عليه السلام في السماء، ونزل بها إلى الأرض لغة تتميز بما يأتي:
1 ـ الاشتقاق (بنوعيه) الذي جعلها تتولد وتتنامى كما يتوالد الناس، ويقع فيها ولادة وموت وبعث، وما يستعمل في قوم قد يستعمل بمعنى آخر في آخرين، وما يموت عند قوم يبقى معروفًا عند آخرين.
2 ـ هذه اللغة تمتلك ثمانية وعشرين حرفًا أصليًّا، وهي التي بقيت في لغة العرب، ونزل بها القرآن، وأما أخوات اللغة العربية المعيارية من اللغات العربية القديمة، فإنها كلما ابتعدت عن موطنها الأصلي (جزيرة العرب) بدأت تفقد شيئًا من خصائصها، وكلما ابتعد قوم وانعزلوا على مرِّ السنين ابتعد لحنهم عن اللغة الاشتقاقية الأم، فتولدت عندهم لغات جديدة بعيدة عن اللغة الأم إلا من بقايا كلمات هنا وهناك.
3 ـ صارت منطقة العراق والشام ومصر منطقة صراع حضاري، فيأتيها من كان هاجر بعيدًا فابتعدت لغته عن اللغة الاشتقاقية الأم، ويأتي أصحاب هذه اللغة الاشتقاقية، ويقع صراع والغالب يحكم بلغته، وكانت الغلبة في كثير من الأحيان للعرب الخارجين من جزيرتهم العربية، وقد ذكر المؤرخون لهم خمس هجرات عربية كبرى، آخرها ما قام به الصحابة رضي الله عنهم من فتح بلاد فارس والروم.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 ـ في منطقة الصراع هذه بقيت ملامح اللغة الأم، وصار الأمر في لغة هذه المناطق على مرِّ العصور تعمد إلى القلب والإبدال بين بعض الحروف، والتبديل الصوتي لبعض الحروف، وصيغة الكلمة، وبقاء حروف المد او حذفها، وإشباع الحركات فيتولد منها أحرف مد ... الخ من القضايا اللغوية التي تُعرف من القراءة في كتب فقه اللغات القديمة.
.......................................
(1) ينظر عن السامية في هذا الملتقى:
- http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3741 ( نعم .. مصطلح السامية فرضية خرافية.
- http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3736 ( فرضيّةُ (الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة) فرضيّةٌ خرافيةٌ لا أصل لها.
(2) ينظر تحليل بعض الأسماء في مقالات (المعرب) السابقة:
- نظرات في المعرَّب (الطور) (1) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1788)
- نظرات في المعرب (موسى عليه السلام في مدين) (2) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1817)
- ( نظرات في المعرَّب) عربية في بيت فرعون (3) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1838).
- ( نظرات في المُعرَّب) آدم في السماء (4) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1898)
- ( نظرات في المعرب) العبرانيون وإبراهيم العبراني (5) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2050)
(3) قال الكتاني في نظم المتناثر: (وفي رواية لأحمد من حديث كعب بن عاصم المتقدم (ليس من أم بر أم صيام في أم سفر) وهذه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميما، فيحتمل أنه عليه السلام خاطب بها هذا الأشعري؛ لأنها لغته، ويحتمل أن يكون الأشعري نطق بها على ما أَلِف من لغته، فحُمِلَت عنه على ما نطق به. قال ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي: وهذا الثاني أوجه عندي، والله أعلم).
تنبيه: قرأ أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري هذا المقال قبل طرحه، وأضاف هذه الفائدة، فقال: (بخصوص لغة عيسى عليه السلام لو أشرت في الحاشية - لمن أراد التوسع - إلى ما كتبه الدكتور عبدالعزيز شهبر في بحثه (لغة المسيح عيسى بن مريم ورسالته» ضمن كتاب (لغات الرسال وأصول الرسالات» من ص 105 - 155، ولعله يتحفنا بشيء من مضمون هذه الصفحات، فالكتاب ليس عندي.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Oct 2005, 04:48 م]ـ
هذا رابط كتاب جيد, ربما يفيد في هذا الباب:
((التاريخ الكاذب للفراعنة في مصر))
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2802
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Oct 2005, 07:49 م]ـ
مقال بديع لكاتب متميز، بارك الله فيكم أبا عبد الملك
والدكتور مساعد صاحب لفتات لغوية جميلة، نسأله منها المزيد.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Oct 2005, 08:06 م]ـ
هذا نقل من كتاب لغات الرسل الذي أشار إاليه الدكتور مساعد:
==========================
الفصل الأول
معالم حول البلاغ الأصلي وتوثيقه
اللغة الشائعة في فلسطين زمن المسيح، عليه الصلاة والسلام
إن تلقي الخطاب من الله سبحانه وتعالى هو أمر يجري في مرتبة تسمو على المجرى العادي للأمور، والله سبحانه وتعالى يخاطب رسله عن طريق الوحي، ومنهم من كلَّمه الله دون وساطة مَلَكٍ، ولكن من وراء حجاب. وإذا سلَّمنا بأن الخطاب السماوي ينزل لهداية الناس، فيلزم عملاً أن يصلهم ذلك الخطاب على لسان الرسل بلغة يفهمونها (1).
ولما كان عيسى، عليه السلام، رسولاً مرسلاً من قبل الله، كان من اللازم أن يبلغ الناس الرسالة، وأن يكون بيانه بلغة هؤلاء الناس.
فما عساها تكون لغة عيسى، عليه السلام؟ هل تحدث المسيح عيسى ابن مريم بالآرامية؟ هل كان يتقن الإغريقية؟ هل كان ملماً باللاتينية؟
لقد ردد كثير من الباحثين المسيحيين هذه التساؤلات، خاصة في النصف الأول من القرن العشرين الذي شهد تطوراً ملموساً في علم الآثار التوراتية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان الغرض من إثارة تلك الأسئلة تحديد مدى تأثير عيسى، عليه السلام، في الساكنة الفلسطينية، والبحث في نسبة الأناجيل المدونة إليه. إذ كيف يمكن أن نتصور الإنجيل بصيغته الإغريقية إذا كان عيسى، عليه السلام، ألقى بشارته بالآرامية؟ وكيف نتصور إغريقية الإنجيل ونحن نعلم أن المسيح، عليه السلام، ما جاء لينقض الناموس، بل ليتممه، أي إنه بعث في سياق أنبياء بني إسرائيل، وفي سياق "العهد القديم"! وكيف نتصور كل ذلك حين نقرأ في كتب التاريخ أن فلسطين كانت في زمان عيسى، عليه السلام، خاضعة للحكم الروماني، مع ما يقتضيه ذلك الخضوع لزمن طويل من أن تصير اللغة اللاتينية هي لغة الغالبية من الناس.
يجمع الباحثون على أن فلسطين زمن بعثة عيسى، عليه السلام، كانت بمثابة لوحة فسيفسائية، كَوَّن سكانها خليطاً من كل أمة ولسان، وكانوا يتكلمون بدرجات متفاوتة، العبرانية، والآرامية بلهجاتها، والإغريقية واللاتينية. ولكن الاختلاف يقوم بين هؤلاء الباحثين حين يسعون إلى تلمس الحدود الجغرافية لكل واحدة من تلك اللغات، وحين يريدون حصر الخصائص المميزة لتلك اللغات وتحديد نسبة تأثر بعضها ببعض.
إن فرضية بلاغ عيسى، عليه السلام، بالإغريقية دافع عنها فوسيوس Vossius هنريش باولوس Heinrich Paulus وهوغ Hug في القرن التاسع عشر، وقد عرض آراء هؤلاء دييز ماتشو Diez Macho في بحثه عن اللغة التي تحدث بها عيسى المسيح. ولقد عزز موقف هؤلاء ما ثبت من خضوع فلسطين في تلك الآونة للتأثير الهليني.
ولكن الجدال انبعث حين أعلن أرجيل W. argyle أن عيسى، عليه السلام، كان يتحدث الإغريقية، وأن مستمعيه لم يكونوا يفهمون إلا الآرامية (2).
وإذا كان بعض الباحثين أمثال Russel J.K & R. Drapper قد تقبلوا هذا الزعم، فإن آخرين أمثال Mel Wilson عارضوه بشدة (3)، ولكنهم متفقون جميعاً على قوة تأثير الهلينية في فلسطين زمن بعثة المسيح، عليه السلام. ومرد هذا الاتفاق أن عدداً كبيراً من المكتوبات والنقوش التي عثر عليها هناك كتبت بالإغريقية، كما أن نتفاً من وثائق البحر الميت كتبت بتلك اللغة. ويدخل ضمن هذا التأثير الهليني ما يمكن ملاحظته من تأثيرات إغريقية في الأدب الربي، ومن شيوع ترجمات إغريقية للتوارة في القرن الثاني الميلادي.
وأبرزت دراسات ليبرمان. وسونتز. وميليك. . وغودناف. وغوندراي وسفنستر J. وسبيربير مظاهر متنوعة من التأثير الإغريقي في فلسطين في تلك المرحلة، وساعدت على تحديد مدى انتشار اللغة والثقافة الهلينية في فلسطين.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن اليهودية قاومت الهلينية في بعض المناطق، وأن الحواضر كانت أكثر هلينية من البوادي، ثم تغير الأمر بعد القومة اليهودية الثانية (135 ميلادية) حين تعاظم تيار الهلينية والرومانية (4).
أما اللاتينية، فقد ذكرنا أنها كانت لغة الغالب المحتل، وكانت لغة الإدارة هي الرومانية (5) التي تركت بصماتها في بعض المكتوبات وإهداءات المباني والمحلات العمومية، وبعض البرديات التي تم العثور عليها في البحر الميت. وبرز تأثير اللاتينية في اللغة العبرانية في مواضع ذات دلالة هامة.
أما الآرامية، فلا أحد يشك في انتشارها في الجهة السورية ـ الفلسطينية، ابتداء من النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد، واستمر انتشارها في المنطقة كـ Lingua Franca في القرن السابع الميلادي.
لقد استبدل سكان فلسطين آنذاك العبرانية بالآرامية في الفترة من 721 إلى 500 قبل الميلاد، كما شاع بين الدارسين أن عيسى، عليه السلام، كان يعرف الآرامية، وأن تلاميذه ومعاصريه كانوا يتحدثونها ويكتبونها، وأن المسيحية انتشرت في فلسطين وسوريا وكل منطقة ميزوبوتاميا اعتماداً على هذه اللغة السامية.
ويرى A. Meyer أن لغة عيسى كانت الآرامية، وأن جانباً كبيراً من الكتابات كتبت في الأصل بهذه اللغة، ثم ترجمت بعد ذلك (6).
ونجد من بين الباحثين من يؤكد شيوع اللغة الآرامية بين الطبقات الشعبية زمن عيسى، وأن هذه اللغة هي التي تحدث بها المسيح وغيره من الرسل (7). ويؤكد باحثون آخرون على أن الآرامية حلت محل العبرانية منذ بداية المرحلة الهلينية (8).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرى آخرون أن الآرامية انقسمت إلى لهجات متعددة انحصرت في آرامية وسيطة وآرامية متأخرة. ويدرج G.Y Kutsher ضمن لهجات الآرامية الوسيطة بعض المكتوبات التي عثر عليها في منطقة القدس، وبعض وثائق البحر الميت، أما الآرامية المتأخرة فقد انقسمت إلى الآرامية السامرية والآرامية الفلسطينية المسيحية.
وتكتسي آرامية الجليل مكانة خاصة بين لهجات الآرامية المتأخرة، فبها كتبت الأقسام الآرامية من التلمود الفلسطيني، وإليها ترجمت التوراة، وبها كتبت بعض كتب المدراس. وعلى العموم فالآرامية الفلسطينية وفقاً لهذا الاتجاه هي أقرب اللغات التي يعتقد أن تكون بشارة المسيح عيسى ابن مريم قد كتبت بها ابتداء. وقد كانت تلك اللغة شائعة شيوعاً واسعاً يفوق انتشار الإغريقية.
ويرى آخرون أمثال H. Birkeland أن الفئات الشعبية في فلسطين كانت تتحدث زمن عيسى بالعبرانية، وعبرانيتها لم تكن بالضرورة عبرانية ربية، بل كانت لهجة شعبية تطورت انطلاقاً من العبرانية التوراتية. ولقي هذا الرأي انتقاداً شديداً من قبل كثير من الدارسين (9).
أما العبرانية الرِّبِّيَّةُ فقد انتشرت كلغة أدبية في القرنين الأول والثاني الميلاديين، وقد بدأ تطور هذه اللغة، في إطار بانوراما اللغات المتحدث بها في فلسطين، بعد النفي وفي بدايات العصر المسيحي.
والخلاصة أن اللغات الثلاث، العبرانية والآرامية والإغريقية، تحدثت بها شرائح واسعة من الساكنة الفلسطينية، واختلفت حدود انتشارها وتقاطعت فيما بينها، وقد انتشرت اللاتينية إلى جانب تلك اللغات الثلاث. أما لغة الإدارة في فلسطين فكانت الرومانية.
وقد رجعنا إلى كتب "العهد الجديد" باحثين عن لغة عيسى وتلاميذه، فكان ما يلي:
جاء في إنجيل يوحنا:
>أما مريم، فوقفت عند القبر تبكي، وانحنت إلى القبر وهي تبكي، فرأت ملاكين في ثياب بيضاء جالسين حيث كان جسد يسوع، أحدهما عند الرأس والآخر عند القدمين. فقال لها الملاكان، لماذا تبكين يا امرأة؟ قالت لهما: إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه. ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فرأت يسوع واقفاً، وما عرفت أنه يسوع، فقال لها يسوع: لماذا تبكين يا امرأة، ومن تطلبين؟ فظنت أنه البستاني، فقالت له: يا سيد إن كنت أنت قد حملته، فقل لي أين وضعته وأنا آخذه. فقال لها يسوع: يا مريم. فعرفته وقالت له (بالعبرية) "ربوني" أي يا معلم ... < (10).
ونقرأ في إنجيل مرقس، في قصة عيسى، عليه السلام، مع ابنة يايروس رئيس المجمع:
> فأخذ بيدها وقال لها: طليثا قومي، أي يا صبية أقول لك قومي، فقامت في الحال وأخذت تمشي< (11).
ونقرأ في إنجيل يوحنا:
>وعلق بيلاطس على الصليب لوحة كُتِبَ فيها: "يسوع الناصري ملك اليهود". فقرأ هذا العنوان كثير من اليهود، وكان مكتوباً بالعبرية واللاتينية واليونانية، فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس: لا تكتب ملك اليهود، بل اكتب: إن ذاك قال: أنا ملك اليهود. فأجاب بيلاطس: ما كتبته قد كتبته< (12).
وفي إنجيل لوقا:
>وكان فوق رأسه لوحة مكتوب فيها: "هذا ملك اليهود"< (13).
وفي إنجيل مرقس:
>وألبسوه أرجواناً، وضفروا إكليلاً من الشوك ووضعوه على رأسه ... كتبوا في عنوان الحكم عليه: "ملك اليهود"< (14).
وفي إنجيل لوقا:
>وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود< (15).
ونقرأ في إنجيل متى:
>ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم، وقال: إيلي إيلي لما شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني، فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا: إنه ينادي إيليا< (16).
ونقرأ في أعمال الرسل، من الإصحاح الثاني:
>ولما حضر يوم الخميس كان الجميع معاً بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة، وملأ كُلَّ البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا. وكان يهود رجال أتقياء من كل أمة تحت السماء ساكنين في أورشليم. فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور وتحيروا لأن كل واحد منهم كان يسمعهم يتكلمون بلغته. فبهت الجميع وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض: أترى ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين، فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد
(يُتْبَعُ)
(/)
فيها! فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس وآسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون، يهود ودخلاء كريتيون، وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله. فتحير الجميع وارتابوا قائلين بعضهم لبعض: ما عسى أن يكون هذا! < (17).
ونقرأ كذلك في أعمال الرسل عن طلب بولس من قائد القلعة بأورشليم مخاطبة الشعب، وسؤال القائد له إن كان يعرف اليونانية، وجواب بولس بأنه يهودي من طرسوس. وحديثه إلى الشعب بالعبرية، حسب النص العربي لأعمال الرسل، وبالآرامية، حسب الترجمات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية (18).
ونقرأ أن شاول كان يخاطب اليهود المتكلمين باللغة اليونانية ويجادلهم: >وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه< (19).
هذه جملة من نصوص العهد الجديد وردت فيها إشارات إلى لغات ساكنة فلسطين زمن البعثة، وبعدها. ونحن حين نقرأ سيرة عيسى في الأناجيل الأربعة، نجده يخاطب فئات مختلفة من الناس، فقد خاطب عامة الناس من مختلف المدائن والبوادي، وخاطب أعضاء المجلس الأعلى ومعلمي الشريعة والقائمين على تسيير الهيكل وإدارة الشؤون الدينية اليهودية. كما خاطب الحاكم الروماني لفلسطين، وكانت لغة هذا الحاكم اللاتينية، وهو الذي كتب، حسب إنجيل يوحنا، عبارة "هذا ملك اليهود" باللاتينية واليونانية والعبرية على أعلى الصليب.
وقد خاطب أيضاً المرأة الكنعانية التي توسلت إليه أن يشفي ابنتها. وتوجه بالآرامية إلى ابنة رئيس المجمع قائلا: "طليثا قومي" أي يا صبية قومي، والطليثة الصبية الضعيفة (20).
كما خاطب الناس بالأمثال (21) مع ما يقتضيه هذا الفن من الحديث من دقة العبارة، وإلمام واسع باللغة لدى كل من المنشئ والمتلقي.
وحسب الرؤية الإنجيلية، توجه عيسى إلى ربه وهو على الصليب بالآرامية: >إيلي إيلي لما شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني< (22). كما خاطبته مريم المجدلية بالعبرانية.
هذه المعطيات جميعها تبين أن أغلب حديث عيسى كان باللغة الآرامية، وهي اللغة الشعبية التي كانت شائعة أكثر من غيرها. ثم يتلوه حديثه باللغة العبرانية، لغة العهد القديم، سيما وأنه هو القائل: "ما جئت لأنقض الناموس، بل لأكمله" (23). وقد جاءت الأناجيل الأربعة حافلة بإشاراته إلى كلام الأنبياء وبخاصة إشعياء وأرمياء.
كما يبدو أنه كان مثقفاً باللاتينية والإغريقية، وذلك من الشائع في عصره، وتدل على ذلك قصة ترجمة عبارة "هذا ملك اليهود" التي حرص بيلاطس على أن تكون بالعبرية (أو الآرامية، حسب بعض الترجمات).
أما قصة تعليم الروح القدس اللغات للرسل والتلاميذ ليكلموا الناس، كلاًّ بلغته الخاصة، فهي من قبيل الأسطورة. وإذا ما سلمنا جدلاً بصحتها، فسنفهم منها أن الناس، إذا كانوا حريصين على تدوين ما يسمعون من الرسل، فإن بشارة عيسى (إنجيل عيسى الأصلي) تكون قد دُوِّنت في سبعة عشر لساناً.
حقاً لقد خضعت المنطقة التي شهدت بعثه المسيح عيسى، عليه السلام، لتأثير هلينيٍ واضحٍ، أرسى قواعده هيرودس. ولكن عيسى أرسل إلى قوم محددين، قال: "لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (24).
وبالتالي فرسالته كانت بلسان قومه، وكذلك كان كلامه في المهد أيضاً بلغة قومه، لأن المقصود من ذلك الحدث إشهاد القوم معجزة، فلابد وأن يكون قد تكلم بلغة يفهمونها.
زمن البعثة
شاء الله تعالى أن يبعث عيسى، عليه السلام، رسولاً إلى بني إسرائيل، مبشراً ونذيراً، فقد كان بنو إسرائيل منقسمين آنذاك إلى طرائق قدداً، وأحدثوا في الشريعة وبدلوا كلام الله عن مواضعه، واستغل أحبارهم علوم الدين فاستثمروها لملء خزائنهم.
كانت بعثته، عليه السلام، في أرض فلسطين المباركة التي كانت في ذلك الحين مسرحاً تجاذبته تأثيرات الإمبراطوريات العظيمة. وكان من نتائج ذلك أن فقدت فلسطين استقلالها السياسي، فخضعت للمصريين في المائة الثانية قبل الميلاد، ثم استسلمت للحكم الروماني، حينما وطئت سنابك خيل "بومبي الروماني" القدس سنة 63 قبل الميلاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحت مظلة الحكم الروماني قامت دويلة يهودية، خضعت إدارياً للحاكم الروماني المقيم في قيصرية على البحر الأبيض المتوسط، بينما بقي ملكها مسيِّراً للشؤون الدينية فيها (25)، حتى إنه لما طلب القيصر وضع تمثاله داخل الهيكل والنسر على بابه، قام ملك اليهود بتهدئة الشعب الذي هاله هذا التدخل الروماني في أمر الديانة (26).
وتصف المصادر شخص هيرودس الأكبر، ملك هذه المملكة اليهودية زمن ميلاد عيسى، عليه السلام، أنه كان شديد الولع بالثقافة الهلينية، وأنه كان رجلاً محارباً لا يقدر أحد على مبارزته، وقد كبر في عين الإمبراطور أغسطس فأخذ يمده بالأقاليم إقليماً إقليماً. وكان أن عَظُمَ شأن هيرودس، فبنى مملكته على نموذج روماني وثقافة يونانية ونمط عيش هليني. وقد جعل من الهيكل المؤسسة الدينية الكبرى في مملكته، وأحاط بمجلسه الكهنة ورجال الدين من اليهود. ولكن افتتانه بالنموذج الأجنبي وتفضيله إياه على ثقافة اليهود، التي لم يعد لها مكان إلا في البوادي وفي قلوب الضعفاء، أثار عليه الأحقاد فكثرت محاولات اغتياله وكثرت الدسائس في قصره.
وبعد وفاته تنازع أبناؤه فيما بينهم، فجمعهم الإمبراطور الروماني وقَسَّمَ عليهم المملكة حسب وصية أبيهم، فكان أن: أخذ "انتباس" الجبل حيث الناصرة وطبرية وأزدريلا، وأخذ كذلك الأرض الواقعة وراء ظهر الأردن. وأخذ "فيليب" إقليم بنتانيا. وكانت لأرخيلاوس منطقة اليهودية، حيث القدس وبيت لحم وغزة وقيصرية ويافا، كما كانت له منطقة إيدومية.
واشتد الصراع بين مجتمعات هذه الأقاليم الثلاثة الواقعة تحت حكم أبناء هيرودس، وتباينت درجة ولائها للدين اليهودي، كما تباينت درجات هلينيتها وخضوعها للحاكم الروماني. ويبدو أن إقليم أرخيلاوس كان أهم هذه الأقاليم بالنسبة للرومان، فظلوا يوجهون الأمور الإدارية فيه انطلاقاً من مدينة قيصرية. إن وجود الهيكل الذي أنفق الملك هيردوس على إنشائه وتزيينه الكنوز التي لا تحصى، جعل من هذا الإقليم مركزاً تجارياً تهوي إليه أموال بني إسرائيل من كل حدب وصوب، وهو أمر له دلالته بالنسبة لروما.
وظل الهيكل تحت إشراف مجلس أعلى مكون من واحد وسبعين عضواً يمثلون السلطة الدينية لليهود، ولكن سلطتهم لم تكن هي العليا، فالأحكام الصادرة عن المجلس كانت لا تنفذ إلا بالتصديق عليها من الإدارة الرومانية.
وتباينت سلطة الفرق اليهودية (27)، فكان الصدوقيون منهم ينكرون العمل بالتلمود، وينكرون البعث واليوم الآخر، ويعتقدون أن الجزاء والعقاب دنيويان.
قال متى في إنجيله:
>وفي ذلك اليوم جاء إلى يسوع بعض الصدوقيين، وهم الذين ينكرون القيامة< وبعد أن سألوه سؤالاً، قال لهم: >أنتم في ضلال لأنكم لا تعرفون الكتب ولا قدرة الله< (28).
ونقرأ في أعمال الرسل، أن الصدوقيين >لايؤمنون بقيامة الأموات ولا بوجود الملائكة والأرواح< (29).
ولم تكن هذه الفرقة تهتم بأمور الديانة أكثر من اهتمامها بمركزها المؤثر داخل المجتمع اليهودي.
أما الفريسيون أو المنشقون، فهم، حسب فلافيوس يوسيفوس: شيعة من اليهود رأوا أنهم أكثر تمسكاً بالشريعة من غيرهم من أبناء ملتهم، وأنهم أكثرقدرة على تفسير شريعتهم. آمنوا بالتلمود، واعتقدوا في عصمة الكهنة، وآمنوا بالبعث، ولم يِؤمنوا بتقديم القرابين إلى المعابد، ورفضوا الإيمان بالأنبياء المتأخرين، وكانت للمسيح عيسى ابن مريم معهم أكثر من جولة. نقرأ في إنجيل مرقس:
>وأقبل إليه بعض الفريسيين، وأخذوا يجادلونه طالبين آية من السماء ليجربوه، فتنهد من أعماق قلبه وقال: "ما لهذا الجيل يطلب آية! الحق أقول لكم: لن يعطى هذا الجيل آية. ثم تركهم ورجع في القارب إلى الشاطىء المقابل"< (30).
وكانت فرقة الفريسيين من أكثر الفرق اليهودية احتكاكا بالشعب، فكانوا يُعَلِّمُونَهُ ويعظونه، ونالوا مكانة رفيعة في أوساط الطبقة المتوسطة اليهودية. وبعد تخريب الهيكل من قِبَلِ تيتوس سنة سبعين ميلادية، اضطلع الفريسيون بمهمة تعليم الشعب في المنافي وبقوا ينتظرون المسيح.
أما فرقة الحسيديين، فقد انحسر دورها في زمن بعثة عيسى، عليه السلام، وقد كانوا يُحَرِّمُونَ القرابين، ويحرصون على الطهارة، ويعملون بالزراعة، ويحرمون الرق.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما فرقة الأسينيين التي اهتم بها المؤرخون القدماء، أمثال بلين وصولينو ويوسيفوس، فقد تمسكوا بالتوراة المكتوبة والتوراة الشفهية (التلمود) وحققوا نوعا من شيوعية الأملاك، ومالوا إلى حياة الزهد.
وإلى الصدوقيين والفريسيين توجه يوحنا المعمدان قائلاً:
>يا أولاد الأفاعي، من عَلَّمَكُمْ أن تهربوا من الغضب الآتي. أَثْمِرُوا ثمراً يبرهن على توبتكم، ولا تقولوا لأنفسكم إن أبانا هو إبراهيم. أقول لكم: إن الله قادر أن يجعل من هذه الحجارة أبناءً لإبراهيم، ها هي الفأس على أصول الشجر، فكل شجرة لا تعطي ثمراً جيداً تقطع وترمى في النار< (31).
ومن هنا نقول إن زمن بعثة رسول الله عيسى ابن مريم إلى قومه، بني إسرائيل، كان زمناً استدعى رسالة وبياناً وإرشاداً، فكان أن أنزل الله عليه الإنجيل، بعد أن أشهدهم من قبل معجزة ميلاده من غير أب.
لقد عاش المسيح عيسى، عليه السلام، في أرض فلسطين في زمن خضعت فيه هذه الأرض المباركة للحكم الروماني. ورغم التغيير الذي أحدثته بعثته، عليه السلام، في الخريطة الدينية للشرق الأوسط في ذلك العصر، فإن تفاصيل حياته قليلة الورود في المصادر المعاصرة له، باستثناء حدث ميلاده المعجز وفترة صدوعه بالرسالة. ولم تهتم المصادر المسيحية بمرحلة شبابه، اللهم تلك الإشارة الخاطفة إلى أنه كان يعمل نَجَّاراً في الناصرة (32).
وعلى كثرة ما أُلِّفَ حول عيسى، عليه السلام، فإن كثيراً من حلقات سيرته بقيت مفقودة. لقد انصرفت أغلب سير حياته إلى الاهتمام بالقضايا العقدية الكنسية، سواء بتأكيدها أو بنفيها، أكثر من الاهتمام بشخصه، عليه السلام (33).
وينبغي الإشارة هنا إلى أن جانباً مما أُلِّفَ قد شكك في كل شيء، حتى في بعثة المسيح نفسه، عليه السلام (34).
مصادر سيرة المسيح، عليه الصلاة والسلام
وتنقسم المصادر التي تطرقت إلى حياة عيسى ابن مريم، عليه السلام، إلى قسمين اثنين:
القسم الأول: المصادر المسيحية:
وبصفة خاصة الأناجيل المتوافقة: متى، ولوقا، ومرقس. فقد عرضت هذه المصادر لحياة المسيح عيسى ابن مريم زمن البشارة، مع إشارة إلى ميلاده المعجز. وأغفلت إغفالاً يكاد يكون تاماً حياته في مصر، وعودته من أرض مصر بعد وفاة هيرودس، وحتى تبليغ الرسالة. وما عرض في هذه الأناجيل المتوافقة خضع للتطويع ليلائم اعتقادات الكنيسة الأولى والمجامع المتتالية التي خطت النهج العقدي للمسيحية، ومطت الروايات تبعاً لتطور اعتقاد المسيحيين في عيسى، عليه السلام.
القسم الثاني: المصادر غير المسيحية:
وهي تنقسم بدورها إلى قسمين:
أ) مصادر رومانية غير مسيحية: أشارت تلك المصادر إلى عيسى، عليه السلام، كشخصية من الشخصيات المؤثرة في عصرها، وكطرف في الأحداث التي عرفتها فلسطين تحت حكم الإمبراطور الروماني تيبيريوس وولاية بيلاطس. وعمدت هذه المصادر إلى التعريف به كلما تحدثت عن " المسيحية " أو عن تصرفات أتباعه، أتباع كريستوس Christus أو Chrestos. يقول بلين الأصغر (عاش حوالي 110م) في الرسالة العاشرة ما معناه:
كان المسيحيون يلتقون في أوقات محددة من كل يوم قبل الفجر، يرددون أناشيد للمسيح كما لو كانت موجهة إلى الله، ويذكرون أنفسهم بالموت ... (35).
إن ما كتبه بلين الأصغر هو استشارة لتراخان Trajan عن الأسلوب الذي ينبغي أن تتم به معاملة المسيحيين أتباع المسيح.
أما المؤرخ الروماني تاسيتس Tacitus فقد أشار في حولياته إلى ملاحقات الإمبراطور نيرون للمسيحيين. وهو في نفس السياق يردد أن المسيحيين هم أتباع المسيح الذي تمت معاقبته بشدة من طرف الحاكم بيلاطس في طبرية (36).
وهذه المصادر لم تهتم بتفاصيل الديانة التي دعا إليها المسيح عيسى، عليه السلام، ولم تول كبيرعناية للإصلاحات التي رام إحداثها في الشريعة الموسوية، بل اهتمت بذكره كطارئ سياسي جديد، طرح معادلة جديدة في منطقة حيوية بالنسبة للإمبراطورية الرومانية. وحتى في حديثها عنه لم تضعه في مرتبة الثوار الذين دعوا إلى الخروج عن إمرة الإمبراطورية الرومانية والذين شَقُّوا عصا الطاعة ضد القيصر، من أمثال يوغرطة. لقد أكدت هذه المصادر الرومانية على تنامي عدد المسيحيين وانتشارهم في كل مدن الإمبراطورية، بشكل يوحي بأنهم فصيل جديد في المجتمع الروماني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويبدو أن أباطرة الرومان وحكام أقاليم إمبراطوريتهم اختلفت مواقفهم من شخص عيسى، عليه السلام، والرسالة التي جاء بها. لقد عكست الأناجيل المتوافقة موقف بيلاطس من عيسى، فقد بدا هذا الحاكم متردداً في إصدار حكم على هذا الشخص الذي ترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله. ويبدو موقفه المتردد كذلك من جهود زوجته التي حاولت أن تثنيه عن أن يصدر حكماً قاسياً على هذا الرجل المسالم، فما كان منه إلا أن ترك أمره للمجمع اليهودي، واستصدر الحكم من استفتاء شعبي نقلت الأناجيل أخباره، ذلك أن بيلاطس لم يكن قادراً على مواجهة تيار من وسمهم المسيح بخراف بيت إسرائيل الضالة. ولكن هذا الموقف شبه المحايد تجاه شخص المسيح عيسى ابن مريم قد تغير عندما أصبحت المسيحية تياراً يحتضن موقفاً سياسياً، فقد أذكى ذلك نار الملاحقات التي طالت الأفراد والمذاهب المسيحية (37).
غير أن ندرة ما كتبه الرومان عن المسيح في عصره يرجع إلى أن الحاكم الروماني، الذي كان يقيم في القيصرية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، كان يدير منطقتي اليهودية والسامرة، بينما كان تحرك عيسى، عليه السلام، في الفترة الأولى من الدعوة في منطقة الجليل. كما أن مرامي دعوته لم تتضح للرومان إلا عندما دخل القدس وواجه القائمين على الشريعة اليهودية من سدنة الهيكل. وحينما بدا احتمال أن تجذب دعوته ساكنة فلسطين في شكل معارضة سياسية ضد الرومان والحاكم اليهودي الموالي لهم، فعندئذ اهتم الرومان بأخباره.
ب) مصادر يهودية: قُدِّمَ المسيح عيسى ابن مريم، عليه السلام، في المصادر اليهودية بصور مختلفة، فهو في قسم منها لقيط "ممزير" ابن زنا، وأن الخوارق التي تحققت على يديه ليست معجزات، بل هي مما تَعلَّمَهُ من السحر في أرض مصر، وأن إدانته كانت شعبية، وأن الإنجيل ليس إلا وثيقة كذب وخداع، وأن أمه مريم كانت مُصَفِّفَةَ ضفائر النساء، وأنه ليس المسيح الذي ينتظرونه، لأن المسيح المنتظر علامته معلومة لديهم، حيث ستطرح الأرض فطيراً وقمحاً حَبُّهُ بقدر كُلَى الثيران، وتخدمه كل الشعوب، وينقضي حكم الخارجين عن دين بني إسرائيل.
وفي التلمود البابلي ــ في باب السنهدرين 43 ــ نقرأ أن يشوع كان يزاول السحر وأنه انحرف بشعب إسرائيل. وفي كتاب الأضرار ــ سدر نزقين ــ الذي ضم القوانين الجنائية اليهودية، نقف على موقف اليهود من عيسى، فقد أمعن هذا السفر في الحط من شخصه، عليه السلام.
أما المؤرخ اليهودي ذو النزعة الهلينية والولاء الروماني "فلافيوس يوسيفوس" فقد تحدث عن عيسى ابن مريم في إشارات سريعة، بدا فيها تأثره بالموقف الروماني من عيسى، ولم يبد تأثراً بموقف اليهود، أهل دينه. ولعل ذلك ما دفع الدارسين إلى الاعتقاد بأن ما جاء في كتاب "الحروب اليهودية" هو من إنشاء كاتب مسيحي جاء من بعد يوسيفوس. ولكننا نرى في ذلك أمراً آخر، فيوسيفوس وإن كان يبدو مشايعاً للرومان، إلا أنه كان يحن إلى زمن ما قبل تعظيم الهيكل، فقد رجا أن يكون عيسى حقاً هو المسيح المخلص للشعب، يقول:
>وكان في هذا الوقت رجل صالح يدعى عيسى، وهو رجل صالح إذا حق أن نسميه كذلك، كان يأتي بأعمال عجيبة ويتلقى الحقيقة باغتباط، واجتمع حوله كثير من اليهود وكثير من الأمميين. لقد كان هو المسيح< (38).
وترسم الأناجيل مسيرة حياة المسيح عيسى ابن مريم، كما يلي:
1. ميلاد عيسى في بيت لحم.
2. رحيل يوسف النجار ومريم به إلى مصر، خوفاً من بطش هيرودوس.
3. الرجوع إلى فلسطين بعد وفاة هيرودوس، والاستقرار في الناصرة خوفاً من بطش أرخيلاوس.
4. انطلاق البعثة وظهور عيسى المعلم. وكان عمره ثلاثين سنة، حسب لوقا.
نقرأ في إنجيل متى:
>وكان يسوع في أنحاء الجليل يُعَلِّمُ في المجامع ويعلن إنجيل الملكوت، ويشفي الناس من كل مرض وداء<.
5. عيسى يتعمد على يد يوحنا المعمدان.
6. عيسى يدعو في الجليل وكفر ناحوم.
7. خبر عيسى ينتشر في كل بلاد فلسطين:
تبعته جموع كبيرة من الجليل والمدن العشر وأورشليم واليهودية وعبر الأردن.
8. عيسى يعلن موقفه من الشريعة: فقد جاء متمِّماً للناموس، جاء ليرشد خراف بيت إسرائيل الضالة.
9. عيسى يجمع حوارييه.
10. عيسى يأمر رسله أن يبشروا في كل المدن باقتراب ملكوت الرب.
11. الدعوة في الجليل ـ الناصرة ـ وكفرناحوم، ونابين ـ بيت صيدا ـ وفي المدن والقرى، وأريحا والقدس.
12. تفاصيل المعجزات وحوار الفرق اليهودية ورؤساء المجمع.
13. المحاكمة.
هذه محطات بارزة من حياة عيسى، عليه السلام، ودعوته. أما عن مواقفه من ظروف عصره، فقد كانت هي مواقف كل نبي. لقد كان عليه أن يبلغ الرسالة ضمن منهج مرسوم ومنضبط:
>وفي ذلك اليوم دنا بعض الفريسيين من يسوع وقالوا له: انصرف من هنا، لأن هيرودس يريد أن يقتلك، فقال لهم: اذهبوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أطرد الشياطين وأشفي المرضى اليوم وغداً، وفي اليوم الثالث أتمم كل شيء، ولكني يجب أن أسير في طريقي اليوم وغداً وبعد غد، لأنه لا ينبغي أن يهلك نبي في خارج أورشليم. أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أبناءك مثلما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، فما أردتم، وها هو بيتكم يترك لكم خراباً، لا تَرَوْنِي حتى يجىء يوم تهتفون فيه: تبارك الآتي باسم الرب< (39).
ونقرأ حين دخوله الهيكل:
>ودخل يسوع الهيكل وطرد جميع الذين يبيعون ويشترون فيه، فقلب مناضد الصيارفة ومقاعد باعة الحمام، وقال لهم: مكتوب أن يدعى بيتي بيت الصلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص< (40).
ونقرأ قوله ـ في جوابه للهيرودوسيين الذين سألوه بإيعاز من الفريسيين: هل يحل دفع الجزية للقيصر أم لا:
>لماذا تجربونني يا مراؤون؟ أروني نقد الجزية. فناولوه ديناراً.
فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟
قالوا: للقيصر.
فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للَّهِ للَّهِ< (41).
--------------------------------
وهذا رابط الكتاب لمن اراده
http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Langues/langues.htm(/)
ما أفضل طبعات البحر المحيط؟
ـ[خلود]ــــــــ[10 Oct 2005, 05:03 ص]ـ
ما هي أفضل طبعات تفسير "البحر المحيط"؟
ـ[مرهف]ــــــــ[10 Oct 2005, 01:45 م]ـ
إذا كان المراد بالبحر المحيط لأبي حيان في التفسير فعلى علمي أن أفضل طبعاته هي المصورة عن البولاقية المصرية تصوير دار إحياء التراث وما سوى غيرها من الطبعات فهي صف جديد للحروف لا يخلوا من الأخطاء وكان الكتاب يحقق كرسائل علمية لدرجة الماجستير والدكتوراه في سوريا ولكن لم يكمل
ـ[خلود]ــــــــ[10 Oct 2005, 06:48 م]ـ
وماذا عن طبعة دار الكتب، الواقعة في تسعة مجلدات، بتحقيق: د. زكريا الشنواني، وآخرون؟؟
ـ[مرهف]ــــــــ[10 Oct 2005, 10:16 م]ـ
إياك ثم إياك من طبعات دار الكتب العلمية إلا إذا كانت تصوير عن الكتب القديمة أما طبعاتها فهي من أسوأ الطبعات على ما أعلم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Oct 2005, 10:20 ص]ـ
مع الأسف، فإن هذا الكتاب العظيم لا تخلو طبعة من طبعاته من سوء، فالبولاقية التي ذكرها أخي مرهف هي أحسن الموجود فحسب، وإلا ففيها نقص في بعض المواطن، وقد بدأ أحد أعضاء هيئة التدريس تحقيق الكتاب، وصدر من جزءان فيما أعلم، ولا أدري عن مدى جودة التحقيق.
وياليت أمثال معالي الدكتور عبد الله التركي الذي نشر مجموعة من كتب التراث، أو اللجان العلمية ممن يعتنون به ينشطون على هذا الكتاب إخراجًا وتحقيقًا، فهو من أنفس كتب التفسير.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[11 Oct 2005, 11:44 ص]ـ
لكَم سمعنا كثرين يعملون في البحر المحيط، لكننا لم نرَ شيئًا.
المرء يحن إلى طبعته القديمة التي سهر معها لياليَ، وعلّق عليها.
يذكر المترجمون لأثير الدين قصيدة مليحة تزيد على مئة بيت، أولها:
هو العِلْمُ لا كالعلم شيءٌ يراوده ** لقد فاز باغيه وأنجَحَ قاصِدُهْ
يمدح فيها النحو، فهل أحدٌ يأتي بها؟
ـ[خلود]ــــــــ[13 Oct 2005, 04:06 ص]ـ
جزاكم الله كل خير
والعجب كل العجب من بقائه دون تحقيق جيد متكامل!
فعلى الرغم من كثرة طلاب العلم الباحثين عن تراث قيم يحققونه إلا ان لا يزال على هذا المستوى
ـ[د. محمد الجهني]ــــــــ[14 Oct 2005, 02:32 م]ـ
نعم هذه القصيدة موجودة في الإحاطة في أخبار غرناطة وغيرها من مطولات الأثير ومنها:
هو العلم لاكالعلم شىء يراوده = لقد فاز باغيه وأنجح قاصده
وما فضل الإنسان إلابعلمه = وماامتاز إلا ثاقب الذهن واقده
وقد قصرت أعمارنا وعلومنا = يطول علينا حصرها ونكابده
وفي كلها خير ولكن أصلها = هو النحو فاحذر من جهول يعانده
به يعرف القرآن والسنة التي = هما أصل دين الله ذو أنت عابده
وناهيك من علم على مشيد = مبانيه أعزز بالذي هو شايده
لقد حاز في الدنيا فخاراً وسودداً = أبو الأسود الديلي فللجر سانده
هو استنبط العلم الذي جل قدره = وطار به للعرب ذكر نعاوده
وساد عطا نجله ابن هرمز = ويحيى ونصر ثم ميمون ماهده
وعنبسة قد كان أبرع صحبه = فقد قلدت جيد المعالي قلايده
ومازال هذا العلم تنميه سادة = جهابذة تبلى به وتعاضده
إلى أن أتى الدهر العقيم بواحد = من الأزد تنميه إليه فرايده
إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد = أقرله بالسبق في العلم حاسده
وبالبصرة الغرا قد لاح فجره = فنارت أدانيه وضاءت أباعده
ياذكى الورى ذهناً وأصدق لهجة = إذا ظن أمراً قلت ماهو شاهده
وما أن يروى بل جميع علومه = بداية أعيت كل حبرٍ تجالده
هو الواضع الثاني الذي فاق أولا = ولاثالث في الناس تصمى قواصده
فقد كان ربانى أهل زمانه = صوم قوم راكع الليل ساجده
يقيم منه دهره في مثوبة = وثوقاً بأن الله حقاً مواعده
فعام إلى حج وعام لغزوة = فيعرفه البيت العتيق ووافده
ولم يثنه يوماً عن العلم والتقى = كواعب حسن تنثنى ونواهده
وأكثر سكناه بقفر بحيث لا = تناغيه إلا عفره وأوابده
وما قوته إلا شعير يسيغه = بماء قراح ليس تغشى موارده
عزوباً عن الدنيا وعن زهراتها = وشوقاً إلى المولى وما هو واعده
ولما رأى من سيبويه نجابة = وأيقن أن الحين أدناه باعده
تخيره إذ كان وارث علمه = ولا طفه حتى كأن هو والده
وعلمه شيئاً فشيئاً علومه = إلى أن بدت سيماه واشتد ساعده
فإذ ذاك وافاه من الله وعده = وراح وحيد العصر اذ جاء واحده
أتى سيبويه ناشراً لعلومه = فلولاه أضحى النحو عطلاً شواهده
(يُتْبَعُ)
(/)
وأبدى كتاباً كان فخراً وجوده = لحطان إذ كعب بن عمرو محاتده
وجمع فيه ما تفرق في الورى = فطارفه يعزى إليه وتالده
بعمرو بن عثمان بن قنبر الرضا = أطاعت عواصيه وتابت شوارده
عليك قرآن النحو نحو ابن قنبر = فآياته مشهودة وشواهده
كتاب أبي بشر فلا تلك قارياً = سواه فكل ذاهب الحسن فاقده
هم خلج بالعمل مدت فعندما = تناءت غدت تزهي وليست تشاهده
ولا تعد عما حازه إنه الفرا = وفي جوفه كل الذي أنت صائده
إذا كنت يوماً محكماً في كتابه = فإنك فينا نابه القدر ماجده
ولست تبالي إن فككت رموزه = أعضك دهر أم عرتك ثرايده
هو العضب إن تلق الهياج شهرته = وإن لاتصب حرباً فإنك غامده
تلقاه كل بالقبول وبالرضى = فذور الفهم من تبدو إليه مقاصده
ولم يعترض فيه سوى ابن طراوة = وكان طرياً لم تقادم معاهده
وجسره طعن الميرد قبله = وإن الثمالي بارد الذهن خامده
هما ماهما صارامدى الدهر ضحكة = يزيف ماقالا وتبدو مفاسده
تكون صحيح العقل حتى إذا ترى = تبارى أبا بشرٍ، إذا أنت فاسده
يقول امرؤ قد خامر الكبر رأسه = وقد ظن أن النحو سهل مقاصده
ولم يشتغل إلا بنزر مسايل من = الفقه وفي أوراقه هو راصده
وقد نال بين الناس جاهاً ورتبه = وألهاك عن نيل المعالي ولا بده
وما ذاق للآداب طعماً ولم = يبت يعنى بمنظوم ونثر يجاوده
فينكح أبكار المعاني ويبتغي لها = الكفو من لفظ بها هو عاقده
رأى سيبويه فيه بعض نكادة = وعجمة لفظ لا تحل معاقده
فقلت أتيت ما أنت أهل لفهمه = وما أنت إلا غايض الفكر راكده
لعمرك ماذو لحية وتسمت = وإطراق رأس والجهات تساعده
فيمشي على الأرض الهوينا كأنما = إلى الملإ الأعلى تناهت مراصده
وإبهامك الجهال أنك عالم = وأنك فرد في الوجود وزاهده
بأجلب للنحو الذي أنت هاجر = من الدرس بالليل الذي أنت هاجده
أصاح تجنب من غوى مخذل = وخذ في طريق النحو أنك راشده
لك الخير فادأب ساهراً في علومه= "فلم تشم"إلا ساهر الطرف ساهده
ولا ترج في الدنيا ثواباً فإنما = لدى الله حقاً أنت لاشك واجده
ذوو النحو في الدنيا قليل حظوظهم = وذو الجهل فيها وافر الحظ زايده
لهم أسوة فيها على لغدٍ مضى = ولم يلق في الدنيا صديقاً يساعده
مضى بعده عنها الخليل فلم = ينل كفافاً ولم يعدم حسوداً يناكده
ولاقي أبا بشرٍ سفيهها = غداة تمالت في ضلال يمادده
أتى نحو هارون يناظر شيخه = فنفحة حتى تبدت مناكده
فأطرق شيئاً ثم أبدى دوابه = بحق ولا كن أنكر الحق جاحده
وكاد على عمراً إذا صار حاكماً = وقد ما على كان عمرو يكايده
سقاه بكأس لم يفق من خمارها = وأورده الأمر الذي هو وارده
ولابن زياد شركة في مراده = ولابن رشيد بشرك للقلب رابده
هما جرعا إلى على وقنبر = أفاويق سم لم تنجد أساوده
أبكى على عمرو ولا عمر مثله = إذا مشكل أعيا وأعوز ناقده
قضى نحبه شرخ الشبيبة لم يرع = بشيب ولم تعلق بذام معاقده
لقد كان للناس اعتناء بعلمه = بشرقٍ وغربٍ تستنار فوايده
والآن فلا شخص على الأرض قارئ = كتاب أبي بشرٍ ولا هو رايده
سوى معثر بالغرب فيهم تلفت = إليه وشوق ليس يخبو مواقد
وما زال منا أهل أندلس له = جهابذ تبدى فضله وتناجده
وإني في مصر على ضعف ناصري = لناصره ما دمت حياً وعاضده
أثار أثير الغرب للنحو كامناً = وعالجه حتى تبدت قواعده
وأحيا أبو حيان ميت علومه = فأصبح علم النحو ينفق كاسده
إذا مغربي حط بالثغر رحله = تيقن أن النحو أخفاه لاحده
مبيد العدا قتلاً وقد عم شرهم = ومحي الندى فضلاً وقد رم هامده
منينا بقوم صدروا في مجالس = لإقراء علم ضل عنهم مراشده
لقد أخر التصدير عن مستحقه = وقدم غمر خامد الذهن جامده
وسوف يلاقي من سعى في جلوسهم = عقبى ما أكنت عقايده
علا عقله فيهم هواه فما ذرى = بأن هوى الإنسان للنار قايده
أقمنا بمصر عشرين حجة يشاهدنا = ذو أمرهم ونشاهده
فلما ننل منهم مدى الدهر طايلا = ولما نجد فيهم صديقاً نوادده
لنا سلوة فيمن سردنا حديثهم = وقد يتسلى بالذي قال سارده
أخي إن تصل يوماً وبلغت سالماً = لغرناطة فانفذ لما أنا عاهده
وقبل ثرى أرض بها حل ملكنا = وسلطاننا الشهم الجميل عوايده
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Oct 2005, 02:45 م]ـ
حياك الله يا دكتور محمد الجهني، لقد أثلج صدري خبر أخي عبد الرحمن بتسجيلكم في الملتقى، فلقد كسبنا شاعرًا ناقدًا، ولعله يتحفنا ببعض شعره في هذا الملتقى، ولا نُعدم أيضًا من بحوثه العلمية، وفوائده الدُّرِّية، فها نحن أمام باكورة طرحه العلمي، أسأل لله لنا ـ أعضاء الملتقى ـ وله التوفيق والسداد.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[14 Oct 2005, 05:15 م]ـ
أشكر الدكتور محمدًا على دلالتي على هذه القصيدة، وقد لحظت أن بعض أبياتها لا يستقيم، ووجدتها في نسختي من الإحاطة، تحقيق عنان، رحمه الله 3/ 50 - 56 ولا تخلو من أغلات، إلا أنها زادت عما ذكر الدكتور أبياتًا أثبِتها، مع إصلاحٍ سريع:
مبيدُ العدا قتلاً وقد عمَّ شرُّهم = ومحيي الندى فضلاً وقد رمَّ هامده
أفاض على الإسلام جوداً ونجدةً = فعزَّ مُواليه وذَلَّ معانده
وعم بها إخواننا بتحية = وخََّص بها الأستاذ لاعاش كايده
جزى الله عنا شيخنا وإمامنا = وأستاذنا الحبر الذي عم فايده
لقد أطلعت جيان أوحد عصره = فللغرب فخر أعجز الشرق خالده
مؤرخة نحوية وإمامة = محدثة جلت وصحت مسانده
وجاه عظيم من ثقيف وإنما = به استوثقت منه العرى ومساعده
وما أنسى لاأنسى سهادى ببابه = بسبقٍ وغيري نايم الليل راقده
فيجلو بنور العلم ظلمة جهلنا = ويفتح علماً مغلقاتٍ رصايده
وإني وإن شطت بنا غربة النوى = لشاكرُه في كل وقت وحامده
بغرناطةٍ روحي وفي مصرَ جثتي = ترى هل يثنى الفرد من هو فارده
أبا جعفر خذها قوافيَ من فتى = تتيه على غرالقوافي قصايده
يسير بلا إذن إلى الأذن حسنها = فيرتاح سَمّاعٌ لها ومناشده
غريبة شكل كم حوت من غرايب = مجيدة أصل أنتجتها أماجده
فلولاك يامولاى ما فاه مِقْوَلي = بمصر ولا حبرت ما أنا قاصده
لهذبتني حتى أحوك مُفَوّقاً = من النظم لايبلى مدى الدهر آبده
وأذكيت فكري بعد ما كان خامداً = وقُيِّدَ شعري بعد ما ند شارده
جَعَلتُ ختاماً فيه ذكرك إنه = هو المسك بل أعلى وإن عز ناشده
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[18 Oct 2005, 02:18 م]ـ
قد أخذت اختيارات أبي حيان في التفسير كرسائل دكتوراة قريبا في جامعة أم القرى
أعني دراسة اختياراته و تمت الموافقة على ذلك من قرابة سنة تقريبا
و فيه تلك المناقشات الفائقة للزمخشري و ذلك التحذير من بعض القصص و الأخبار على أنّ تلميذه السمين الحلبي لم يقصر في تلخيص ما يتعلق بالنحو و الإعراب منه في الدر المصون ...
و ما فيه من التوجيه في القراءات مثلا يصلح لدراسة مستقلة فهو يعتني بهذا و ينقل أيضا شواذ القراءات عن كتاب الثعلبي و عن المهدوي و ابن عطية ...
و مزاياه كما قلتم كثيرة.
ـ[مرهف]ــــــــ[22 Oct 2005, 02:55 م]ـ
على ما أعلم أن السمين الحلبي لم يثبت كونه تلميذاً لأبي حيان فهلا أفتدتمونا بالموضوع(/)
هل كتاب قواعد الترجيح عند المفسرين مطبوع
ـ[أبو عبد الله القلموني]ــــــــ[10 Oct 2005, 05:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الإخوة الأفاضل، إفادتي إن كان كتاب "قواعد الترجيح عند المفسرين" للدكتور حسين علي الحربي، قد طبع أم لا، وإن كان طبع فبأي دار نشر، ولكم جزيل الشكر. والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Oct 2005, 07:26 م]ـ
نعم هو مطبوع، وقد نشرته دار القاسم بالرياض في مجلدين.
دار القاسم للنشر والتوزيع ( http://www.dar-alqassem.com/AR/)
ـ[أبو عبد الله القلموني]ــــــــ[11 Oct 2005, 02:56 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم(/)
سؤال عن تفسير الآية 140 من سورة الأنعام
ـ[عماد الدين]ــــــــ[11 Oct 2005, 02:03 م]ـ
أورد الحافظ ابن كثير رحمه الله أثرا عن ابن عباس رضي الله عنهما، ملخصه:
إذا أردت أن تعرف جهل العرب فاقرأ الآية الثلاثين بعد المائة من سورة الأنعام وهي قوله تعالى (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم ... )
الإشكال: لماذا قال الآية الثلاثين بعد المائة، ورقم الآية 140؟
ـ[سوسن]ــــــــ[12 Oct 2005, 06:00 ص]ـ
#1 بالأمس, 02:03 PM
عماد الدين
عضو تاريخ التّسجيل: Jan 2004
المشاركات: 7
سؤال عن تفسير الآية 140 من سورة الأنعام
--------------------------------------------------------------------------------
يمكن يقصد
إذا أردت أن تعرف جهل العرب فاقرأ الآية الثلاثين بعد المائة من سورة الأنعام الى قوله تعالى (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم ... )
ـ[عماد الدين]ــــــــ[22 Oct 2005, 11:20 ص]ـ
شكرا للتوضيح.
ولكن ألا يحتمل أن رقم الآية قد تغير؟؟؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Oct 2005, 02:41 م]ـ
أخي الفاضل ...
هل بحثت في صحة سند الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما؟
ـ[صالح صواب]ــــــــ[24 Oct 2005, 05:30 ص]ـ
لا إشكال في قول ابن عباس – رضي الله عنهما – مطلقا، وليس هناك تغيير في رقم الآية، وقد رجعت إلى قول ابن عباس في أكثر من مرجع، من ذلك: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، وأحكام القرآن، للجصاص، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، والإتقان، والدر المنثور، كلاهما للسيوطي، وفتح القدير، للشوكاني، وفي جميع هذه المراجع جاءت النص كما يلي: عن ابن عباس: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام.
وقد عزاه السيوطي إلى البخاري ولم أرجع إليه.
وقد جاءت الآيات الدالة على جهل العرب ابتداء من الآية 136، وهي قوله تعالى: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ... ) الآيات، وهذه الآيات لا شك أنها فوق الثلاثين ومائة ..
وعلى ذلك فلا إشكال.
وأمر آخر، وهو أن ذكر ابن عباس – رضي الله عنهما – لقوله عز وجل: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الآية، لا يلزم أن يكون قد أراد هذه الآية، وإنما يمكن توجيه قول ابن عباس بأن أشار إلى الآيات السابقة: (ما فوق الثلاثين ومائة)، ثم استشهد بهذه الآية على خسرانهم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[24 Oct 2005, 10:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على رفع ذلك الإشكال، بل لا إشكال أصلا في قول عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - كما تفضلتم و ذكرتم، و قد نقل الإمام القرطبي نص ذلك القول بتمامه، مما أوضح المسألة و أغنى عن تأويل قوله،
- قال القرطبي - في تفسير الآية: {و جعلوا لله مما ذرأمن الحرث و الأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم و هذا لشركائنا} الآية - (قال شريح القاضي: إن لكل شيئ كنية و كنية الكذب: زعموا. و كانوا يكذبون في هذه الأشياء لأنه لم ينزل بذلك شرع.
* وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: " من أراد أن يعلم جهل العرب فليقرأ ما فوق الثلاثين و المائة من سورة الأنعام إلى قوله {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم}.) انتهى قوله
(الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، صفحة 2526، طبعة دار الشعب، القاهرة). و نسخة الكتاب بين يدي الآن.
** و منه يتبين أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ما فوق " الثلاثين و المائة من سورة الأنعام - ثم أكمل بقوله: - " إلى " قوله [تعالى]: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها} الآية.
... ولم يقل الآية (140)، كما ذكر الأخ السائل،نقلا عن بعض الكتب أو الاسطوانات المدمجة ( C D ) ، فما سقط من الكلام غيَر المعنى، فضلا عن تغيير القول
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:28 م]ـ
شكر الله لكم على هذا الجواب، وشكر خاص لأخي العزيز الدكتور صالح صواب، الذي له من اسمه نصيب وافر، ونحن أسعد ما نكون بمشاركته لنا في الملتقى، ونسأل الله له السداد والصواب دائماً.
ـ[عماد الدين]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:44 م]ـ
أشكر الإخوة الفضلاء على جهودهم لتوضيح المسألة.
والأمر يبدو سببه كما ذكر (د. أبو بكر خليل) النقل من أحد مختصرات تفسير ابن كثير .. وهذا مثال على تغيّر المعنى بسبب (عدم) الدقة في الاختصار أحيانا. والله المستعان(/)
رسالة دكتوراه عن (أقوال ابن عباس في التفسير): أرجو المساعدة؟
ـ[إلهام سيد أحمد]ــــــــ[12 Oct 2005, 11:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
انا اختكم من السودان واعمل بحث لنيل اجازة الدكتوراة فى التفسير وعنوانه الاقوال المتعددة لإبن عباس (رضى الله عنه) فى التفسير, واشكل على مبحث الترجيح فأرجو منكم مساعدتى بذكر كتب فى هذا الموضوع او رسالة دكتوراة او ماجستير او اى شىء عن موضوع بحثى هذا يمكن ان يساعدنى واذا ارفقتموه مع الرد على شكل ملف كمبيوتر يكون افضل وذلك لشح المراجع عندنا وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Oct 2005, 06:13 م]ـ
حياكم الله أختي الكريمة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد في بحثك.
وأما موضوع (أقوال ابن عباس في التفسير) فهو - ولله الحمد - موضوع مطروق من أكثر من وجه، وفيه دراسات وكتب وبحوث كثيرة، لعلك تجدين فيها ما ينفع، وقد سبقت الإشارة إلى كثير من هذه الدراسات على صفحات هذا الملتقى العلمي، فابحثي في صفحاته وستجدين ما يسرك.
وأما مبحث الترجيح، فكذلك كتبت فيه دراسات أكاديمية، مثل دراسة الدكتور حسين الحربي بعنوان (قواعد الترجيح عند المفسرين) وهو مطبوع في مجلدين عن دار القاسم بالرياض، وقد كتب عدد من الباحثين في ترجيحات الإمام الطبري في تفسيره عدداً من رسائل الدكتوراه، وكتب في ترجيحات ابن عطية في تفسيره، وغير ذلك من الدراسات المتخصصة في موضوع ترجيحات المفسرين. وما دام بحثك بحث دكتوراه فلا بد لك من الصبر والبحث عن المراجع ولو كلفك الأمر جهداً، لأن المرحلة تستحق ذلك. ولعل في تعقيبات الإخوة الفضلاء في الملتقى ما يزيد الأمر بياناً إن شاء الله.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 Oct 2005, 01:07 م]ـ
السلام عليكم
لعل الباحثة الفاضلة تقارن بين الأقوال المنسوبة لإبن عبّاس عند الشيعة ممثلين بالطبرسي وعند السنّة ممثلين بالطبري
ـ[إلهام سيد أحمد]ــــــــ[14 Oct 2005, 03:26 ص]ـ
جزاكما الله خيرا ولكن هلا زدتمونى توضيح(/)
حكم قول: موسيقى القرآن
ـ[المنصور]ــــــــ[12 Oct 2005, 12:50 م]ـ
ما حكم قول: موسيقى القرآن؟
وقد وجدت الكلام عليها في موضعين:
المورد الزلال / للدويش
معجم المناهي / بكر أبو زيد
فهل هناك مواطن غيرها؟
وشكراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Oct 2005, 11:31 م]ـ
تحرج العلماء من بعض الإطلاقات التي تختص بالشعر والغناء أن يطلقوها على القرآن الكريم، حماية لجنابه، وإجلالاً له، فمنعوا من إطلاق لفظة السجع على خواتم آياته، لا رتباط السجع بغير القرآن من ألوان النثر. قال الخفاجي: (وأظن أن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعاً رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم، وهذا غرض في التسمية قريب).
ومثله لفظة الجرس والموسيقى، فقد تركها العلماء مع دقتها ولا سيما لفظة الجرس لارتباطها بالغناء، وذهاب جمهور العلماء إلى تحريمه، ونفور فضلاء الناس ونبلائهم منه، فلم يستخدمها العلماء في وصف ألفاظ القرآن، واستخدموا بدلاً منها في البلاغة لفظة الفصاحة، وهي مشتملة على معنى جرس اللفظة.
وقد كان للنصارى وغيرهم عناية بالبحث في موسيقى الألفاظ لدخول الموسيقى في شعائرهم، وأماكن عبادتهم، فلا تكاد تجد لهم عبادة إلا على أنغام الموسيقى، ومن هنا عنوا بدراسة موسيقى الألفاظ وجرسها، وكتبوا في ذلك كتباً، وأما المسلمون فقد تناولوا هذه المسألة تحت مصطلحات أخرى كالفصاحة والانسجام.
غير أن بعض الباحثين المتأخرين لم يروا بأساً من استخدام هذه العبارات في وصف ألفاظ وتراكيب القرآن الكريم، لشيوع هذه الألفاظ ومعرفة دلالاتها عند المعاصرين. وقد استخدمها سيد قطب في كتاباته، وانتقدت عليه، والأمر في التسمية قريب - كما قال ابن سنان الخفاجي، والعبرة بالمعاني التي يقصدها الكُتَّابُ من هذه العبارات، وغالبُ مَن استعمل هذه الأوصاف من أهل النقد الأدبي والدراسات البلاغية.
ولا بد من ملاحظة التطور الدلالي للمفردات، فقد تكون المفردة تحمل من ضمن معانيها معنى سيئاً، فينهى عن استعمالها في بعض المواقف حتى لا يذهب ذهن السامع إلى ذلك المعنى دون غيره. كما في قوله تعالى: (لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا .. ).
وربما يتجوز في بعض الألفاظ لفهم السامع للمقصود، كما في تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صور إتيان الوحي بصلصلة الجرس.
فالذي يظهر أن الأمر في استخدام مثل هذه العبارات إذا فهمت على وجهها لا حرج فيه إن شاء الله، طالما أن الأمر يحمل على وجهه الحسن في التعبير والفهم معاً، ولو تتبعت مطاعن العبارات والألفاظ التي يتكلم بها الناس لما سلم لك إلا القليل، وإنني لأعجب ممن يؤاخذ المؤلفين بلوازم ألفاظهم وعباراتهم، وهم بشر يكتبون ما يكتبون في أحيان كثيرة، وهم غافلون عما يلزمهم من بعض العبارات مع حسن النية، وطيب السيرة، ولم يقصدوا بهذه العبارة أو تلك ما حملها عليه منتقدوهم، فيطول الحديث حول هذا الأمر، والأمر فيه سعة ويسر لمن أراد الوصول للحق، والتماس الأعذار للمؤمنين من صفات المؤمنين. وفي ظني أن المصنفين في (المناهي اللفظية) قد توسعوا في النهي عن ألفاظ كثيرة في استخدامها سعة، ولم يستدلوا على منعها بدليل يمنع منها، وفي هذا تضييق على الناس في حديثهم وكلامهم.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[30 Oct 2005, 11:39 ص]ـ
ما اجمل هذه المشاركة
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[02 Jan 2007, 12:17 م]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء
ـ[رشا الزيد]ــــــــ[03 Jan 2007, 05:19 ص]ـ
أذكر بأني قرأت مرةً في كتاب (النظم القرآني في آيات الجهاد) للدكتور ناصر الخنين, كلاماً يبدي فيه وجة نظره عن
تلك الموسيقى, وقد كانت نظرته مقبولة - في نظري -؛ ففي أثناء حديثه عن جرس الكلم وإيقاعها, أثنى الدكتور على
رأي متقدمٍ سابق- وأظنه للدكتور فهد الرومي , في كتابه خصائص القرآن الكريم , - على رفضه إطلاق " الموسيقى "
على الصوت المنبعث من ألفاظ القرآن في أثناء التلاوة , وقد علل رفضه هذا بتعليلين مقنعين:
الأول / أن كلمة (موسيقى) لفظة يونانية , وفي لغة العرب متسع لصفات القرآن الكريم.
الثاني / أن الموسيقى عَلَم على اللهو والطرب , والخفَّة والسَّفه , ونحن نربأ بكتاب الله عز وجل أن نهبط به إلى ما
ينهى عنه , والعلة الأخيرة هي التي عليها مناط الحكم , والله تعالى أعلم.
ـ[الجكني]ــــــــ[03 Jan 2007, 05:40 ص]ـ
ما أجمل هذه العبارة الأخيرة وأكثر دقتها:"
"والعلة الأخيرة هي التي عليها مناط الحكم " 0
وعندي سؤال وهو:
من يقول بهذا المصطلح ما موقفه لو اضطر إلى استخدامه مع غير العرب أو أراد ترجمته للإنجليزية،ما ذا سيقول؟
هل سيقول:
؟ music of the holy quran
مع اعتذاري لأهل اللغات والترجمات 0
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رشا الزيد]ــــــــ[04 Jan 2007, 08:31 م]ـ
هل سيقول:
؟ music of the holy quran
مع اعتذاري لأهل اللغات والترجمات 0
وهذا ما يجعلنا نعيب عليهم استخدام تلك اللفظة , لئلا نضطر لاستخدامها أثنا الترجمة , فيكون المأخذ علينا مأخذين:
الأول / أن عجزنا أن نرى لها مثيلاً في لغتنا الثرية.
والثاني / أن أعطينا القرآن لفظة كانت - وما زالت - تُعطى للفنون الخبيثة , وحاشا للقرآن أن يماثل غيره , ناهيك عن
الخبيث منها.(/)
اليقين الديني واليقين التجريبي
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[12 Oct 2005, 03:51 م]ـ
الموضوع لأستاذنا الجليل وشيخنا الكبير العلامة: أد. محمد بلتاجي رحمه الله
اليقين الديني واليقين التجريبي
1 ـ هناك فارق كبير بين العلوم ذات الطابع التجريبي ـ التي يقوم اليقين فيها على التجربة المادية ـ والعلوم ذات الطابع الإنساني، التي يُعرض فيها لقضايا الدين والوحي، ذلك أن قضايا العلوم التجربية تمثل ـ عند الوصول إليها بصورة يقينية حقائق خارجية، لها وجود يمكن الرجوع إليه خارج الذات التي توصلت إليها، وخارج كل ذوات البشر، بحيث يكون من اليقيني أن تتكرر النتيجة التجريبية كلما توفرت شروطها، وظروفها، بصرف النظر عن المكونات الذاتية والوجدانية لمن يقوم بها ومن يشاهدها. فإذا كانت إضافة عنصر ما إلى عنصر آخر ـ في ظروف خاصة ـ تنتج تركيباً معيناً، فإنه كلما أضيف العنصرات ـ في نفس الظروف المطلوبة ـ فإن الإضافة لابدّ أن تنتهي إلى نفس النتيجة اليقينية التي سبق التوصل إليها، بحيث لا تتخلف النتيجة أبداً إلا إذا كان التخلف راجعاً إلى تغير شيء من شروط التجربة وظروفها. ومهما تكن عقيدة القائم بالتجربة، وجنسه، وسنّه، وتكوينه الوجداني والنفسي، فلابدّ أن تنتهي تجربته بنفس نتيجتها ما دام قد التزم بكافة شروطها وتيسرت له موادها.
وهنا يمكن الفصل حقاً بين (ذاتية القائم بالتجربة ومكوناته الشخصية الخاصة) وبين (موضوع هذه التجربة)، وذلك لأن التجربة، مرجعاً يقينياً خارجاً عن ذوات البشر جميعاً، غير متأثر بعقائدهم وصفاتهم الخاصة. وهذا المرجع اليقيني الخارجي الذي لا يتخلف هو (الطبيعة والوجود المادي). ومن هنا نستطيع تكرار التجربة دون حدود واثقين من أنها ـ عند توفر كل شروطها ـ لابدّ أن تنتهي إلى نفس النتيجة، أياً كان القائم بها.
أما المعارف ذات الطابع الإنساني المتداخل مع ذات الإنسان ووجوده الباطني والنفسي بصورة ما ـ فإن اليقين فيها مختلف عن اليقين الذي عرضنا له في التجريبيات الموضوعية، ذلك أن الأمر في الإنسانيات ـ وإن اعتمد على شواهد الطبيعة والوجود المادي الخارج عن الذات ـ فإن مرجع اليقين، والتوقف، والرفض فيه إلى الذات الإنسانية التي تُعرض عليها هذه الشواهد الخارجية، فتمزجها بمكوناتها الخاصة، تنظر إليها من خلال تجاربها الذاتية وخصوصياتها النفسية والوجدانية، وتنتهي فيها إلى نتيجة ما لا تستطيع نقلها إلى الآخرين، كما ينقل العالم التجريبي يقينه، ونتيجته في التجربة المادية إلى الآخرين، بوصفها وصفاً مادياً دقيقاً، وتكرارها أمامهم إلى أن يقوموا بها هم أنفسهم ليصلوا فيها إلى نفس يقينه، ذلك أن المعرفة البشرية التي تدخل خصوصيات الذات في تكوينها ترجع إلى أمور واعتبارات يستحيل نقلها والبرهنة عليها خارج الذات بصورة كاملة قاطعة، كما يتيسر ذلك في التجريبيات الموضوعية.
فللإيمان بصدق الدين مثلاً شواهد موضوعية خارج الذات، لكن وجهة النظر الخاصة إليها ويقين الإنسان فيها ترجع في الحقيقة إلى مكونات الذات الخاصة، بحيث تكون هذه الشواهد ملائمة بالنسبة لشخص ما لأن تنتهي به إلى يقين ثابت في أن الدين والوحي حق، وأن مقولاتهما من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر ـ حق.
لكن هذه الشواهد المادية نفسها حينما تعرض على شخص آخر يختلف عن السابق في مكوناته الذاتية وتجاربه وظروفه ـ فإن هذه الشواهد يمكن أن تنتهي به إلى نقيض النتيجة السابقة من رفض دعوى صدق الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وتفسير الوجود تفسيراً مادياً مطلقاً، بما في ذلك ظواهر (النبوة) و (الوحي) و (نشأة التدين) وكل القضايا العقدية والتاريخية المتصلة بذلك.
وحينئذ، هل يستطيع أي الرجلين أن ينقل يقينه الباطن إلى الآخر كما هو عنده تماماً؟ وهل يستطيع أن يبرهن ـ ببرهان خارج عن ذاتهما معاً، أي ذوات البشر جميعاً ـ على صحة معتقده بصورة تجريبية يقينية لا يملك الآخر معها إلا التسليم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لو أن هذا الأمر كان ممكناً حقاً لكان الناس منذ ظهرت قضية الدين قد انحازوا فيها جميعاً ـ وهم على يقين لا يتزعزع ـ إلى قول واحد لا سبيل لعاقل إلى مخالفته ورفضه ـ كما يحدث عادة في مجال النتائج اليقينية للعلم التجريبي بشتى فروعه ـ لأن صاحب اليقين الديني عندئذ كان سيدلل على يقينه الباطني بأدلة خارجة عن ذاته وذات معارضه وذوات البشر جميعاً، كما يدلل صاحب التجربة العلمية على صحة تجربته بدعوة الناس إلى تكرارها بشروطها وظروفها مرات عديدة ليروا أن نتيجتها لا تتخلف مرة واحدة إذا ما توفرت هذه الشروط والظروف، بصرف النظر عن شخص القائم بها ومكوناته النفسية والوجدانية الخاصة وجنسه وسنه وكافة خصوصياته.
لكن ذلك لم يحدث، ويبدو أنه لن يحدث، ما دام أمر الاعتقاد البشري ـ في المعرفة التي تتداخل فيها والذات البشرية على السابق ـ ليس مرجعه الأخير خارج الذات، بحيث يمكن تكرار التجربة فيه مرات لا حصر لها كلما توفرت ظروفها، وبحيث تنتهي التجربة في كل مرة ـ دون تخلف ـ إلى نفس النتيجة التي لا يملك العاقل إلا التسليم بها.
2 ـ ولا شك أن الأنبياء الذين عاينوا تجربة الوحي وعايشوها بأنفسهم كانوا أكثر المؤمنين بها يقيناً، ومع هذا لم يستطيع واحد منهم أن ينقل يقينه الباطن هذا إلى البشر جميعاً بحيث لا يتخلف واحد منهم عن التسليم بصحته، ولا إلى كل مَن لقيهم ولقوه من معاصري كل نبي.
وفي النصوص والتواريخ الدينية نماذج متعددة لم يستطيع فيها النبي أن ينقل شيئاً من يقينه إلى أفراد من أقرب الناس إليه بينما يستطيع أصغر الباحثين التجريبيين ـ حين يصل إلى نتيجة يقينية ـ أن ينقل يقينه المكتشف فيها إلى الناس جميعاً، حيث يرجع فيها إلى أمور خارجة عن ذوات البشر، بحيث تتكرر النتيجة كلما توفرت نفس ظروف اكتشافها، فلا يكون أمام العاقل إلا التسليم بصحتها.
وقد يثير شيئاً من العجب لدى بعض الناس أن يعرفوا أن بعض آيات القرآن الكريم قد عرضت لتقرير هذه الحقيقة فيما يختص بأثر النصوص الدينية ـ بما تتضمنه من دلائل وشواهد للإيمان ـ في قلوب الناس وعقولهم، حيث تبين بصورة صريحة أن الآيات التي تزيد الإيمان في قلوب بعض الناس وتهديهم إلى اليقين هي نفسها التي لا تزيد بعضهم الآخر إلا جحوداً واصراراً على الرفض، فهي تحدث تأثيرين متناقضين تجاهها وتجاه قضية (الدين) بعامة، وذلك تبعاً لاختلاف الخصوصية الذاتية لدى نوعين من البشر، يقول تعالى: (وتنزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الإسراء: 82.
3 ـ وقد يأتي إلى الذهن في هذا المجال موضوع (المعجزات الدينية) باعتبارها أمراً يصدر عن الأنبياء خارقاً للعادات والقوانين الطبيعية، بحيث يكون من شأنها أن تحمل مشاهديها ـ وكل مَن يصلهم خبرها اليقيني ـ على التسليم بصدورها عن قوة أعلى من البشر، فما يتضمن التسليم بقضية الدين الأساسية، وهي أن الوحي من الله سبحانه وتعالى ولا يمكن أن يكون صادراً عن ذات النبي أو غيره من البشر.
وقد يقال بناء على ذلك إن المعجزة في هذا تؤدي ـ من حيث أثرها ـ نفس دور التجربة العلمية التي سبق أن أشرنا إليها، لأن كلا منهما تؤدي ضرورة إلى تسليم المشاهدين بها ويقينهم فيها، وإن كانت التجربة العلمية كشفاً لقانون مطرد من قوانين الطبيعة، يكشف العقل عنه فلا تتخلف نتائجه إذا توفرت شروطها، أما المعجزة الدينية فهي في حقيقتها كسر للقوانين المطردة في الطبيعة لا يستطيع الإنسان له تفسيراً إلا بالتسليم بصدوره عما وراء هذه الطبيعة حيث يستحيل تفسيرها في نطاقها.
لكن استقراء تواريخ النبوات يدلنا في وضوح على أن (المعجزة الدينية) لم تقم في تاريخ النبوة بنفس الدور الذي قامت ـ وتقوم به ـ (التجربة العلمية) في تاريخ العلم والتطور التجريبي المادي. وقد بدا الفارق بينهما أكثر وضوحاً في القرون الأخيرة على وجه الخصوص، منذ أخذ الناس يتقبلون نتائج العلوم التجريبية باليقين والتصديق، متى توفرت لهم الدلائل المادية على صدفها، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر كان يصدهم من قبل عن هذا التصديق. ولست تجد الآن إنساناً عاقلاً ينازع في أية نتيجة أو قانون علمي ثبتت صحته بطريق المنهج التجريبي في الطبيعة وموادها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالاكتشاف في مجال التجريبيات يحمل طابع الإلزام لجميع البشر، لأن دلائل اليقين فيه والاستدلال عليه ترجع في النهاية ـ كما سبق ـ إلى الوجود المادي الخارج عن الذات البشرية في خصوصها وعمومها.
فمتى توصل العلماء التجريبيون إلى اكتشاف قانون ما من قوانين الوجود، في الطبيعة، أو الكيمياء، أو الطب، أو العلوم الرياضية، أو غيرها من مختلف العلوم التي تعتمد قوانينها أساساً على التجربة الموضوعية ـ فلن تجد إنساناً عاقلاً يحكِّم (ذوقه الخاص) أو (مكونات وجدانه الباطني) أو غيرهما من خصوصيات وجوده الذاتي، في قبوله أو رفضه، لأن مرجع اليقين فيه خارج الذات. وحتى (الفرض العلمي) الذي لا يرقى إلى مستوى القانون اليقيني، فإن موقف العلماء من قبوله أو رفضه أو التوقف فيه لا يرجع إلى شيء من خصوصيات الذات (أو الذوق الباطني) أو (مكونات وخصائص الوجدان)، إنما يرجع إلى اعتبارات وحقائق مادية تدركها عقول العلماء في مواد الطبيعة وقوانينها الأخرى التي حظيت منهم جميعاً بالقبول.
أما فيما يتصل بأثر (المعجزة الدينية) في تاريخ النبوات فإن الأمر يختلف عن ذلك، حيث لم تؤد معجزات الأنبياء إلى تصديق معاصريهم جميعاً، بل لم تؤد إلى إيمان كل مَن عاينوا المعجزة بأنفسهم.
وفيما يتصل بموسى وأخيه هارون (ع)، فإننا نجد في العهد القديم أنه بعد أن تحققت معجزة العصا أمام فرعون والمصريين، اشتدّ قلب فرعون فلم يسمع لهما، ولم يؤمن بهما رغم حدوث المعجزة أمامه، وكلم الرب موسى وهارون قائلاً: إذا كلمكما فرعون قائلاً هاتيا عجيبة تقول لهارون: خذ عصاك واطرحها أمام فرعون فنصير ثعباناً. فدخل موسى وهارون إلى فرعون وفعلا هكذا كما أمر الرب. طرح هارون عصاه أمام فرعون وأمام عبيده فصارت ثعباناً. فدعا فرعون أيضاً الحكماء والسحرة. ففعل عرافو مصر أيضاً بسحرهم كذلك. طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصى ثعابين. ولكن عصا هارون ابتلعت عصيهم. فاشتد قلب فرعون فلم يسمع لهما كما تكلم الرب» (سفر الخروج، الاصحاح السابع، 8 ـ 13).
وفيما يتصل بالمسيح (ع) فإننا نجد في إنجيل يوحنا عن إحيائه لليعازر أن المسيح (ع) جاء إلى قبره «وكان مغارة وقد وضع عليه حجر، قال يسوع: ارفعوا الحجر. قالت له مرثا أخت الميت: يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام. قال لها يسوع: ألم أقل لك إن آمنت ترين بحد الله. فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعاً ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي. ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم: لعازر هلم خارجاً. فخرج الميت ويداه ورجلاً مربوطات بأقمطة ووجهه ملفوف بمنديل. فقال لهم يسوع: حلوه ودعوه يذهب.
فكثيرون من اليهود الذين جاؤوا إلى مريم ونظروا ما فعل يسوع آمنوا به وأما قوم منهم فمضوا إلى الفريسيين وقالوا لهم عما فعل يسوع. فجمع رؤوساء الكهنة والفريسيون تجمعاً وقالوا: ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا» (يوحنا، الاصحاح الحادي عشر، 29 ـ 40).
وبعد أن أبرأ المسيح (ع) الأكمه فجعله يبصر، حدث أيضاً الشقاق بين اليهود بسبب ذلك، وانقسم رأيهم فيه بين مصدق لنبوته ومكذب لها على رغم المعجزة (انظر: يوحنا، الاصحاح التاسع).
فهانحن نرى أن المشاهدين الذين كان لهم دين سماوي سابق يعرف المعجزة الدينية قد انقسموا أمام المعجزات الخارقة للعادات الطبيعية المادية التي حدثت على يد المسيح (ع)، فبعضهم آمن، ولم يؤمن بعضهم الآخر.
وقد حدث مثل هذا أيضاً بالنسبة لرسولنا محمد (ص)، فلم يؤمن به كل مَن وصلته أنباء معجزاته أو عاصرها.
ومما لا شك فيه أن (القرآن الكريم) أعظم معجزاته وأبقاها على مر الزمن ومع هذا أن بعض آياته تذكر بوضوح أن قارئي القرآن وسامعيه لا يستوون من حيث أثره فيهم، فمنهم مَن يؤمن به ويستقر في قلبه أنه اليقين والحق وأن فيه شفاء القلوب مما تجد من هواجس الشك والريبة، ومنهم مَن لا يزيده إلا خساراً وكفراناً وجحوداً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن خرق نواميس الطبيعة المادية بالمعجزات الإلهية ـ مهما بلغت في الإعجاز ـ يمكن أن يؤدي ببعض الناس إلى الإصرار على الجحود والكفر ومحاولة تفسير المعجزة بصورة تبعدهم عن الالتزام بالإيمان بصدق الدين والوحي. يقول تعالى: (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعجرون. لقالوا: إنما سكِّرت أبصارنا، بل نحن قوم مسحورون) الحجر: 14 ـ 25. وذلك أن الأمر في الإيمان يرجع إلى اعتبارات باطنة في قلب الانسان من الهداية والضلال، تمتزج فيها المشيئة الإلهية بالاختيار البشري في صورة لا يتوقف الإيمان فيها على مجرد الشواهد المادية الخارجية التي تحدث في الطبيعة المادية كما هو الحال في العلم المادي التجريبي وقوانينه الملزمة للناس جميعاً بيقينها، كرجوع أمر اليقين فيها إلى أمور التجربة المادية وحدها دون أن تتداخل فيها الاعتبارات والخصوصيات الذاتية.
يقول الله تعالى في ذلك عن بعض الكافرين: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها، قل إنما الآيات عند الله، وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون؟ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أولى مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون) الأنعام: 109 ـ 110، ثم يفصل ذلك بقوله تعالى: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة، وكلمهم الموتى، وحشرنا لعيهم كل شيء قبلا، ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله، ولكن أكثرهم يجهلون) الأنعام: 111.
وقد أحالت هذه الآية أمر الإيمان إلى مشيئة الله تعالى، هذه المشيئة التي تتداخل في قلب الإنسان من حيث الهداية والإضلال، فتهدي إلى سبل اليقين قوماً اختاروا الإيمان واتجهوا إليه، كما تضل عن هذه السبل قوماً آخرين اختاروا الكفر واتجهت إليه قلوبهم وأعمالهم، كما قال تعالى في آيات أخرى: (يضل به كثيراً، ويهدي به كثيراً، وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) البقرة: 26 ـ 27.
وكما قال تعالى عن الاختيار البشري الذي تيسر له المشيئة الإلهية. السبل إلى ما اتجه إليه اختياره (والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى. إن سعيكم لشتى. فأما مَن أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره اليسرى. وأما مَن بخل واستغنى. وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى. وما يُغنى عنه ماله إذا تردى. إن علينا الهدى. وإن لنا للآخرة والأولى) سورة الليل: 1 ـ 3.
4 ـ هل هذا الاختلاف بين طبيعة العلم التجريبي في الماديات، والعلم في المجالات التي تتداخل فيها خصوصيات الذات البشرية بالتقويم والنظر والتوجيه ـ يتضمن نوعان من الغض من قيمة ذلك العلم الذي لا يمكن البرهنة الخارجية على اليقين فيه بصورة موضوعية خالصة لا تتدخل فيها الذات ولا يملك العقل إلا التسليم أمامها؟
قد يقول بعض الناس ذلك، وقد يبنون عليه أنه ينبغي قصر مفهوم كلمة (العلم) على النوع الذي يمكن البرهنة اليقينية عليه خارج الذات كلما توفرت شروطها المادية. وقد يدعون ـ وقد حدث بالفعل ـ إلى طرح النوع الآخر من دائرة (العلم البشري). وهم ينتهون من ذلك كله إلى الدعوة إلى تفسير الوجود تفسيراً مادياً لا يؤمنون فيه إلا بالمعرفة التجريبية التي يكون مرجعها النهائي خارج الذات البشرية وخصائصها ومكوناتها النفسية والعقلية والوجدانية.
وقد يرد عليهم بأن الحياة البشرية لن يتيسر لها أبداً طرح كل ما تتداخل الذات في تقويمه، وما تكون الخصائص والمكونات الوجدانية والنفسية دخل كبير في قبوله ورفضه، ذلك أن تقويم الإنتاج الأدبي والفني، أو النظرة الخاصة إلى القيم الجمالية في الطبيعة أو في الفن، أمور لابدّ أن يتدخل فيها (الذوق الخاص) و (خصوصية التكوين النفسي والوجداني)، مهما حاول النقاد أن يقعدوا لها قواعد موضوعية مضبطة خارج الذات.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبالرغم من أنه يمكن فعلاً وضع قواعد موضوعية منهجية لتقويم الأعمال الأدبية والفنية، ومقاييس للجمال والجودة فيها، وفي الطبيعة أيضاً، بحيث يتفق عليها جمهور الناس ـ إلا أنه من المقطوع به أن يظل هناك في مجال تقويم مثل هذه الأعمال ـ إلى جوار هذه القواعد المنضبطة الخارجة عن خصوصيات الذات ـ جانب ينبع مباشرة من المكونات النفسية والعقلية والوجدانية الخاصة لذات الإنسان الذي يطالع العمل الأدبي أو الفني ويقومه. أعني أنه سيظل هناك جانب ينبع عن (الذوق الخاص) وخصوصية التكوين النفسي والوجداني، وهو جانب من العسير جداً على عقل الناقد أن يرصده، ويخلص إلى مصادره الأساسية في نفسه وخبراته ومكوناته الشعورية واللاشعورية، بحيث يستطيع بعد ذلك أن يعبر عنه في وضوح. وحتى إذا فرضنا أن ذلك أمر ميسور له، فإن نقل اليقين، أو النفور، الصادر عنه، إلى الناس أمر عسير جداً، بل نظن أنه غير مستطاع بصورة كاملة، لما في ذلك الجانب من خصوصية شديدة.
وأيضاً فإن الحجة التي يستند إليها القائلون بوجوب قصر مجال (العلم البشري) على ما يمكن البرهنة اليقينية عليه تجريبياً خارج الذات ـ لا تكفي الوصول إلى هذه النتيجة، لأن عدم استطاعتنا البرهنة على قضايا الاعتقاد بصورة تجريبية مباشرة ـ كتلك التي تجري في علوم الطبيعة أو الكيمياء مثلاً ـ لا يلزم منه بالضرورة أن مضمون هذه القضايا الاعتقادية باطل، لأن الحياة المادية نفسها ـ وفي نطاق التجريبيات التي يتعلقون بها ـ أمور كثيرة جداً ينحصر مجال العلم البشري بها ـ حتى الآن على الأقل ـ في فروض ونظريات لا يستطيع أصحابها البرهنة اليقينية عليها بصورة تجريبية قاطعة حاسمة كتلك التي يطلبونها وينادون باشتراطها في كل ما يصح إطلاق (العلم) عليه عندهم، ذلك أن مثل هذه البرهنة اليقينية على هذه الفروض لم تتح لأصحابها الدين يتقدمون بها كفروض واحتمالات فحسب.
ولا يكاد يخلو مجال من مجالات المعرفة البشرية من هذه الأمور التي يقوم العلم البشري فيها على مجرد (الافتراض)، حتى يصل الافتراض إلى أكبر القضايا وأخطرها مثل (الأصل المادي للكون): كيف تكوّن؟ وممّ؟ وما المراحل التي مر بها؟ وكتصوير لشيء من الأسئلة التي لا تجد لها في دائرة العلم البشري حتى الآن أجوبة يقينية أو أدلة تجريبية قاطعة نجد العالم ب. ي. ليفين بعد أن تناول بعض النظريات في (تركيب المجموعة الشمسية) و (تكوين الكواكب) و (عمر الأرض) وما يتصل بذلك من قضايا.
يقول في خاتمة دراسته: «وما زال هناك الكثير الذي يجب إنجازه لنحصل على صورة كاملة عن أصل المجموعة الشمسية.
فبعض المشاكل لم تدرس بالمرة، وبعضها الآخر يجب أن يتم بعضه بتفصيل أكبر. فمثلاً، لماذا لا تكاد كتلة تابع الأرض (القمر) Moon تبلغ إلا 82 مرة أقل من كتلة الأرض نفسها، بينما للكواكب الأخرى نوابع ذوات كتل أصغر آلاف وملايين المرات من كواكبها؟ وكيف تشكل سطح القمر؟ ولماذا ليس للمريخ جبال عالية أو سلاسل جبال؟ وما هو أصل هذا الحشد الهائل من المذنبات التي أنت منها المذنبات التي نراها اليوم؟ وما هو أصل الغضاريف Chondrukes هذه الكرات الدقيقة التي هي إحدى المكونات الهامة لمعظم الشهب؟.
كل هذه الأسئلة، وعديد غيرها، إما ينتظر الجواب، وإما أن الإجابة عليه ما زالت عامة ذات طبيعة تقريبية» (أصل الأرض والكواكب).
فالقول بأن مجال (العلم التجريبي) كله، وما ينبني عليه من قضايا أساسية، يمكن البرهنة عليه تجريبياً بصورة قاطعة ينتفي فيها (التساؤل) أو (الفرض) أو (عدم اليقين) ـ قول يتضمن كثيراً من الخداع والبطلان. ومن ثم ليس لأحد أن يحاول قصر (المعرفة البشرية) على العلم التجريبي، وعد كل ما عداه خرافة أو أسطورة، بحجة أنه غير مستوف لشروط اليقين التجريبي القاطع، لأنه يبدو أيضاً أنه مكتوب على البشر أن تظل أمامهم دائماً ـ مهما تقدموا في شتى مجالات المعرفة ـ أمور لا يتيسر لهم فيها اليقين القاطع الذي يطلبونه، ويتحقق لهم فعلاً في بعض القضايا التجريبية.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا نادى أحد بوجوب طرح كل ما لا يمكن البرهنة المادية عليه تجريبياً ـ وبصورة مباشرة متكررة ـ من مجال المعرفة والاعتقاد البشري، فإنه يجاب عليه بأن ذلك نفسه يؤدي إلى طرح كثير من القضايا التي تدخل في صميم بحث العلم التجريبي، والتي لا يستطاع ـ حتى الآن على الأقل ـ البرهنة اليقينية عليها تجريبياً، أو حتى الوصول فيها إلى ظن راجح بأدلة.
فإن قيل: إن العلم التجريبي سوف يصل في وقت ما ـ بطريق البحث المتتابع جيلاً بعد جيل ـ إلى اليقين العلمي في هذه القضايا.
فإنه يقال أيضاً: إن وصول البشرية إلى إجابات يقينية عن كل شيء في الوجود المادي ـ دون أي استثناء ـ إنما هو، حتى الآن، مجرد (فرض) تجد له هو الآخر معارضة قوية فيما يذكره كثير من العلماء التجريبيين من أن حل كثير من مشكلات الوجود المادي بإجابات مقنعة، كثيراً ما يقودنا إلى أسئلة أخرى لا تجد جواباً، فإذا بحثنا عن إجابة لها، ووصلنا إلى حل ألغاز بعضها، فإن هذا الحل نفسه كثيراً ما يقودنا هو الآخر إلى تساؤلات أخرى تتطلب الجواب ... وهكذا، حتى يدرك العقل البشري أن محاولاته المستمرة لتعليل الظواهر المادية، وتعليل العلة، وعلة العلة، أمر لن يقوده في النهاية إلى العلم الشامل الكامل الذي ينكشف معه كل شيء بإطلاق دونما أي خفاء، لأن أسرار الوجود المادي وعلله تبدو أكبر بكثير جداً مما يمكن العقل البشري أن يحيط به بشمول.
وحتى إن يحقق ذلك الفرض، وأصبحت البشرية عالمة علماً شاملاً محيطاً بكل جوانب الوجود المادي من أصغر ذرة في الأرض إلى أبعد نجم وكوكب من الكون، فإن ذلك كله لا يكفي ـ في ذاته ـ للبرهنة على بطلان قضية الدين ومضمونها، لا بعد أن يصل البشر إلى السيطرة الكاملة على كل قوانين الخلق والوجود المادي، بحيث يصبح في مقدورهم خلق الحياة من العدم، والإحاطة القاطعة بكنه (الروح)، والقضاء على ظاهرة (الموت)، وغير ذلك من الأمور التي قطعت النصوص الدينية بعجز البشر المؤبد عن الوصول إليها أو الإحاطة بأسرارها.
أما قبل ذلك، فإن الدعوة إلى طرح قضايا الاعتقاد الديني من مجال (العلم البشري) بحجة أنه لا يمكن البرهنة على صحتها بصورة تجريبية مادية مباشرة قابلة للتكرار، دعوة تتضمن شيئاً كثيراً من ترتيب النتائج على مقدمات لا تؤدي إليها لما سبق أن عرضنا له ـ ثم هي أيضاً دعوة تخالف ـ في نظري ـ الأسلوب العلمي المتبع في العلوم التجريبية ذاتها، حيث لا يُطرح احتمال ما من ماجل البحث ـ بصورة نهائية ـ إلا بعد أن تقوم أدلة قاطعة على وجوب طرحه لأنه لا احتمال لليقين فيه. ومثل هذه الأدلة القاطعة لم تقم أبداً بالنسبة لبطلان قضايا الدين ومضامينه على وجه العموم، بل إن النقيض هو الذي يحدث دائماً بالنسبة للباحث المحايد حيث تقوم أدلة بالغة القوة على صدق قضية الدين.
5 ـ لكن، ألا يقودنا ذلك كله إلى تساؤل هام:
ولِمَ لَمْ تكن معجزات الدين ونصوصه وبراهينه، بالنسبة لكل من تعرض عليه، في قطعية التجربة المادية اليقينية التي سبق أن عرضنا لها، بحيث لا يملك الإنسان أمامها إلا التسليم بصحتها، دون احتمال منه لرفض أو رد وبحيث يمكن تكرر البرهنة المادية عليها ـ عند توفر شروطها ـ أمام كل مَن تعرض عليه؟
إن القرآن الكريم يعرض وجهة الدين في الإجابة عن هذا التساؤل الهام حين يقول الله تعالى لرسوله الذي كان الحزن يملأ قلبه لعدم إيمان الناس جميعاً بصدق القرآن: (لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) الشعراء: 3 ـ 4. يعني ـ كما يقول ابن كثير وغيره ـ: لو شئنا لأنزلنا آية تضطر الخلق جميعاً إلى الإيمان بها قهراً، بحيث لا يكون أمام واحد منهم أدنى احتمال لتكذيب أو رفض، ولكنا لا نفعل ذلك، لأنا لا نريد من أحد إلا الإيمان الاختياري، الذي يعطى فيه شيء من حرية الإرادة والاختيار الحقيقي الذي سيحاسب الإنسان على أساسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعرض القرآن الكريم لخلق الكون والإنسان فيقول: (الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون. يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون. ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم. الذي أحسن كل شيء خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون) السجدة: 4 ـ 9. ثم يرسل الله إليهم رسله بالكتب، والبينات، والمعجزات، فيختار كثير منهم الكفر والجحود لأنهم لا يصدقون بإمكان بعث الأجساد بعد موتها وانحلالها واختلاطها بالأرض (وقالوا: أإذا ضللنا في الأرض أننا لي خلق جديد؟ بل هم بلقاء ربهم كافرون) السجدة: 10. ثم يصور الله الموت وما بعده بالنسبة لهم فيقول: (قل: يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، ثم إلى ربكم ترجعون ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم: ربنا أبصرنا وسمعنا فأرجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون) السجدة: 11 ـ 12. فعندئذ فحسب يستيقن الذي جحدوا في الدنيا بصحة ما أتى به إليهم الدين. فيطالبون الرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا، وذلك لن يكون. ويعقب الله سبحانه وتعالى على ذلك كله بقوله: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) السجدة: 13. أي لو شئنا لأجبرنا الخلق على الهداية، لكنا أردنا أن يكون منهم اختيار، وعلمنا أن منهم مَن يختار الكفر ومنهم مَن يختار الإيمان.
فموجز التفسير الديني في هذه القضية ـ كما يستخلص من نصوص القرآن الكريم ـ أن الخالق سبحانه وتعالى لو شاء لفطر الخلق جميعاً على طبيعة مؤمنة لا تتأثر بدواعي الجحود وليس معها احتمال لكفر، ولو شاء لجعل معجزات الأنبياء ونصوص الدين في صورة تحمل ـ بذاتها ـ الالزام واليقين إلى الناس جميعاً، بحيث تخضع أعناق الخلق لها، فلا يملك واد منهم أمامها تكذيباً أو رفضاً. لكنه لو فعل ذلك لكان معناه (جرّ الخلق جميعاً على الإيمان) مما تنتفي معه عند كل منهم أية خصوصية للنظر والاختيار بين الإيمان والكفر وبهذا الجبر الشامل للخلق جميعاً تُلغي الخصوصيات الفردية، ومكونات الذات الخاصة التي هي مناط الحرية والاختيار. وإذا آمن الناس جميعاً بهذا الإلزام الجبري فإن حكمة الله من خلق الكون وخلافة الإنسان في الأرض لم تكن لتتحقق لأنه (خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) المُلك: 2. وهذا الابتلاء والتمايز في العمل يقتضي قسطاً من الحرية وخصوصية الذات في النظر والاخيار، مما يتناقض معه جبر الخلق جميعاً على الإيمان بحكم طبيعة خلقهم، أو بآية تنزل عليهم من السماء متضمنة إلزام الخلق جميعاً على الإيمان الجبري عبر عنه بخضوع الأعناق.
فالحاصل أن الله سبحانه وتعالى لا يُعصى ولا يُكفر به قسراً، لأنه لو شاء لما كفر به مخلوق، إنما اقتضت مشيئته في الخلق أن يعطي لكل منهم شيئاً من خصوصية الذات في النظر والاختيار حتى يكون للحساب معنى ومجال، ومن هنا لم يضمن آياته ـ في ذاتها ـ معنى الالزام القسري لكل مَن تعرض عليه دون إفساح لخصوصية ذاته في النظر والاختيار.
ويضاف إلى ذلك أيضاً أن آيات القرآن الكريم تبين ـ في آيات متعددة ـ أنه رغم إفساح المجال لخصوصية كل ذات في النظر في قضية الدين ـ فإن آيات الله ـ سواء في الطبيعة المادية أو في النصوص الدينية ـ وإن لم تتضمن بذاتها ضرورة معنى الإلزام للخلق، إلا أنها آيات محكمة، من شأنها أن الإنسان إذا جرد ذاته من هوى النفس الذي يميل إلى إسقاط التكاليف أو التخفف منها، واتجه إلى البحث عن الحقيقة في ذاتها، مهما وافقت هوى النفس أو خالفته، فإنه لابدّ أن يفتي ـ بنظره الخاص وحريته واختياره ـ إلى الإيمان بصدق الدين والوحي، لأن الله قد بثَّ في الكون ـ وفي نفس الانسان ذاتها ـ ما يهديه إلى الحق واليقين إن طلبه بروح خالصة غير ملتبسة بهوى النفس.
(يُتْبَعُ)
(/)
فنظرية القرآن في هذا المجال أن الله تعالى قد أنصف الإنسان حين أعطاه شيئاً من حريته وخصوصية ذاته في النظر والاختيار حسب تكوينه الخاص، ثم أنصفه حين بث في نفسه وفي كل مجالات الكون المخلوق دلائل واضحة على صدق الدين والوحي (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فصلت: 53. فمن يتجه إليها بضمير مستقيم يوجهه الله إلى اليقين، أما من يتجه ابتداء إلى طريق الجحود والإنكار، أو من لم يُعن أصلاً بقضية الدين واستغرقته شهواته ومطالبه في الحياة الدنيا واكتفى بها، فسوف يجحد الطريق ميسراً أيضاً للمضي فيما اختاره، ومن ثم ينبني على ذلك الحساب.
6 ـ وبعد، فسوف تظل قضايا الدين والوحي والقرآن والغيب مجالاً للنظر والبحث والدراسة والجدل، وسوف يظل موقف الناس منها ـ كما كان دائماً ـ مختلفاً بين التصديق والتكذيب، واليقين والجحود، والتوقف العاجز عن أي منهما، والانصراف عن الموضوع أصلاً بالاستغراق في مطالب الحياة الدنيا المادية والصراع على وسائلها لكن الأمر الذي لا ريب فيه أنها ستظل قضية حية ماثلة في ضمائر الخلق على نحو ما، أما المؤمنون فبحكم إيمانهم بها ومعايشتهم المتجددة لها، وأما غيرهم فلأن واحداً من الناس، سواء كان جاحداً، أم متوقفاً أم منصرفاً جاحداً، لن يستطيع أبداً ـ وهذا ما يبدو لنا حتى الآن ـ أن يجد أدلة يقينية على كذب قضية الدين والوحي. وحتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون أن يتجاهلوها وينصرفوا عها بصورة نهائية، فسوف يظل لهذه القضية ـ على الرغم من إراداتهم الواعية ـ وجود كامن في غور من أعماق وجودهم. وربما كان ذلك الوجود الكامن أثراً للميثاق الأزلي الذي واثق الله الخلق جميعاً به قبل أن يوجدوا في الحياة الدنيا، كما يقول تعالى: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى. شهدنا، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) الأعراف: 172. وكثيراً ما تحدثنا وقائع الحياة عن أفراد استغرقتهم حياتهم المادية، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وحصروا وجودهم وتفكيرهم وإرادتهم فيها، وظنوا وقتاً ما أن قضية (الدين) لم تعد شيئاً مذكوراً بالنسبة لهم، ثم فجأهم بعد ذلك اكتشافهم ـ بصورة أو بأخرى ـ. ذلك الوجدو الكامن الذي لم يمت قط رغم استتاره الطويل العميق في غور مجهول من أعماق النفس، سوءا ملهم ذلك الاكتشاف المفاجئ على طر القضية على مجال التفكير والنظر مرة أخرى، أو عاد إلى كونه القديم وغلبته الإرادة الواعية المتجهة بكليتها إلى الحياة الدنيا وحدها.
وغاية ما يتبعه غير المؤمن بالدين إنما هو الشك في الصدق، القائم على ظنون وتفسيرات الكون والحياة تخالف التفسير الديني، فهو يفسر نشأة الدين مثلاً بخوف الإنسان البدائي من ظواهر الطبيعة التي لم يفهمها فهماً علمياً صحيحاً، ولم يرجعها إلى أسبابها المادية الحقيقية، بسبب عدم توفر وسائل المعرفة التجريبية له عندئذ، مما حمله على الاعتقاد في أن هناك كائنات أعلى من الإنسان متحكمة فيه، وفي هذه الظواهر التي هالته، ومن ثم يسعى إلى إرضائها بالقرابين والصلوات والأدعية، التي تتطور بدورها ـ وبتدخل عوامل كثيرة ـ حتى تنتهي إلى الأديان الأخيرة في تاريخ البشرية.
وهناك نظرية أخرى تقول إن نشأة الدين كانت رد فعل ضد هذا الخوف من ظواهر الطبيعة. كما يقول الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون Henri Bergson (1859 ـ 1941م):
«وثمة نظرية أصبت الآن قديمة، تقول إن الدين قد نشأ عن الخوف الذي تبعثه فينا الطبيعة في مثل هذه الحالات: فالخوف أول مَن أوجد الآلهة في العالم. ومن الشطط في الواقع أن رفض بعضهم هذه النظرية رفضاً تاماً. فمما لا شك فيه أن انفعال الإنسان بإزاء الطبيعة أصل من أصول الأديان. ولكن نعود فنقول: إن الدين ليس خوفاً بقدر ما هو رد فعل ضد الخوف، ولم يصبح إيماناً بآلهة فوراً» ومن ثم يقول إنه وجد أن أصل المعتقدات التي درسها «إنما هو رد فعل دفاعي تقوم به الطبيعة محاربة لتثبيط مصدره العقل. ورد الفعل هذا يثير في العقل ذاته صوراً وآراء تُفني التصور المثبط، أو تمنعه من أن يصير إلى فعل، فنرى كائنات تنبثق، وليس من الضروري أن تكون شخصيات تامة، بل يكفي أن تكون لها نيات، بل أن تكون هي نيات.
فالاعتقاد إذن يعني في جوهره الثقة، واصله الأول ليس هو الخوف، بل الأمان من الخوف».
لكن ذلك كله وما يماثله لا يعدو في الحقيقة باب الظن الذي لا يستطاع البرهنة عليه بصورة يقينية مباشرة، كتلك التي يطلبها الباحث في العلم التجريبي، إنما هي ظنون وتفسيرات تعتمد ـ بصورة أساسية ـ على التجميع العقلي المجرد لبعض الظواهر المرصودة، ومحاولة سلكها في إطار عقلي منطقي موحد، لكن لا سبيل إلى البرهنة اليقينية عليه بصورة حاسمة. وإن لم يمنع ذلك بالطبع من حماس بعض الناس له واعتقادهم الذاتي في صحته.
ومن ثم يبقى التفسير الديني للكون ـ كما هو في الكتب المقدمة عامة، وفي القرآن بصفة خاصة ـ قائماً لم يُنقض لأن الاحتمال العقلي المجرد ـ بصرف النظر حتى عن الدواعي القوية للإيمان ـ يتسع له، كما يتسع لتلك الظنون والتفسيرات المناقضة له، ومن ثم تبقى القضية قائمة وحية وماثلة ـ كما كانت دائماً على مر العصور ـ ثم هي محتاجة إلى البحث والدراسة والحوار بين الآراء والتفسيرات المتعارضة، كما كانت أيضاً على مر العصور.
-----------------------------
* مدخل الى الدراسات القرانية(/)
في المكتبات الآن
ـ[أبو حسن]ــــــــ[12 Oct 2005, 05:16 م]ـ
نزل مؤخرا شرح مقدمة التفسير
للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله
بشرح فضيلة الشيخ الدكتور / سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
باعتناء: عبد المجيد الغيث و عبد العزيز الصديقي
طبع دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع بالرياض
ولما في كتاب من الكثير من الفوائد أحببت الإشارة إليه(/)
حتى نستفيد من قراءة صلاة التراويح
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[12 Oct 2005, 09:30 م]ـ
الحمد لله وبعد:
الإخوة الفضلاء رواد منهل الملتقى، بشهودنا لإقبال أنفسنا وإخوانناالمسلمين على كتاب الله، أتمنى على إخواني الأفاضل من أهل القران القيام بجزءٍ من واجبننا تجاه كتاب الله؛ لنحيا بالقران ونجعل الناس تعيش مع كتاب الله فهماً وتدبراً، خاصة وأنه يتيسر لكثير من المسلمين في هذا الشهرمالم يحصل في غيره من الاتصال بكتاب الله قراءة فردية أوسماعاً من خلال صلاة التراويح.
ولعلي أضيف على ماذكره الإخوة الكرام مقترحاً لبرنامج من خلال تجربتي المتواضعة لمست أثره عليَّ أولاً، ثم على إخواني المصلين، وهويتعلق بصلاة التراويح.
وهو أن نساعد أنفسنا وإخواننا في صلاة التراويح على الحياة بهذه الصلاة والأنس بسماع القران، والانتقال من سماع التلذذ إلى سماع الانتفاع، فمن الغبن أن يسمع المسلم كلَّ ليلةٍ من كلام ربه مايقرب من نصف جزء وهو يجهل كثيرا مما سمعه.
نعم أيها الإخوة، إن الله أنزل كتابه للتدبرِ، وأول خطوة على هذا الطريق هو أن يفهم القارئ مايقرأ فحال كثيرٍ ممن يقرأ أو يسمع القرأنَ منا كالمثل الذي ضربه إياس بن معاوية - فيمن يقرأالقران وهو لايفهمه - حيث قال (مثل الذين يقرءون القراءن وهم لايعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس لديهم مصباح، فتداخلتهم روعة ولا يدرون ما في الكتاب ..... )
أعود فأقول ياأيها الإخوة لنساعد الناس في أن يتدبروا القران وهذه طريقة جربتها منذ سنين في مسجدي وأحس بأثرها علي، وألمس تفاعل جماعة المسجد معها، وملخصها:
أنني أقوم بسلسلة دروس بعنوان (حتى نستفيد من قراءة صلاة التراويح) قبل صلاة العشاء جزء منها في أسباب نظرية كأهمية فهم المسلم لكلام ربه .... وذلك في بداية رمضان في عدة لقاءات محدودة، وبعد ذلك أ لفت الانتباه الى بعض الكلمات الغريبة وبعض ما يساعد على التفسير كذكرأسباب النزول وبعض أقوال المفسرين في بعض الايات التي فيها موعظة أوترغيب ... في مدة لاتتجاوز عشر دقائق ولهذا أثره في التهيئة لما سيسمعه المسلم في قراءة التراويح، ثم بعد نهاية الصلاة أقف وقفات مختصرة مع بعض الايات وأثرها في الإيمان أو التشريع مع محاولة لربط ذلك بالواقع الذي نعيشه.
وأعود وأقول لاشك أن سماع الناس للقران كاملاً أمر محمود في هذا الشهر وكثير من الناس يحرص عليه في رمضان، ولكن لذلك متطلباته من الاسراع في القراءة وكثرة المقدار المقروء والاكتفاء بالقراءة من غير تطرق لتفسير، ولذلك أرى أن قراءةً بترتيل بمقدارٍ قليل مع فهم الانسان لشيئ مما يسمعه وتفسير لبعض الايات أكثر أثرا وأعظم تأثيرا وقد جربت الطريقتين في عدة رمضانات مع المصلين ولاحظت تفاعل الناس مع القراءة المرتلة التي لايستحثها طلب الختم والمصحوبة بشيئ يسير من التفسير.
اسأل الله ان يوفقنا لفهم كتابه والعمل به وان ييسر لنا أن نساعد اخواننا للعيش مع القران تدبرا وفهما
واعتذر لتأخر هذه المشاركة التي كنت أنوي طرحها من بداية الشهر اضافة الى انهاكحال من يبيع التمر عند أهل هجر
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[12 Oct 2005, 09:40 م]ـ
بارك الله فيكم, وهو اقتراح قيم ندعو الله أن ينتشر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Oct 2005, 03:55 م]ـ
بارك الله فيكم أبا عبدالمحسن على هذه التنبيهات الدقيقة الموفقة، ولا شك أن كثيراً من رواد هذا الملتقى العلمي من أئمة المساجد، وسينتفعون بإذن الله منها، ولعل لبعضهم طرقاً أخرى في رمضان يسيرون عليها في تدبر القرآن وتلاوته وتفسيره، ربما يكون طرحها نافعاً في هذا المكان إن شاء الله.
ـ[معاذ صفوت محمود]ــــــــ[13 Oct 2005, 05:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا، وهذا والله هو ما أراه الأنسب ولقد سرت على هذه الطريقة في هذه السنة وأرى فيها نضجا وفهما أوسع للدين، ولكني أجد الفرصة سانحة لأقول يمكن الجمع بين القراءة المرتلة مما تيسر وبين الختم في آن واحد وهو ما أفعله في هذه السنة كإمام تراويح.
كل الأئمة على يقين بأن كل المصلين خلفهم لا يدركون معهم كامل الختمة، من أولها إلى آخرها دون أن يفوتهم منها حرف واحد باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وإنما قد يذهب أحد منهم للعمرة يوما ما مثلا، أو ينشغل انشغالا ما، أو حتى قد تفوته بعض الركعات لظرف طارئ.
والغرض الشرعي من قراءة القرآن إنما هو التدبر والخشوع، لا التعب وتحميل الأكثر من الناس ما لا يطيقون.
إذن فإن الشخص الوحيد الذي يختم في المسجد إنما هو الإمام.
وإذا كان الإمر كذلك فما المانع أن يقرأ الإمام ما تيسر من القرآن في التراويح كصفحة في الركعة مثلا، ومن ثم إذا رجع إلى بيته قام ركعتين أو أربعا ليتم ما فاته من الورد أو الكمية اليومية، وهكذا ثم إذا جاءت العشر الأواخر من الشهر دمج التراويح مع التهجد وقرأ القراءة متصلة بدون أي ضغط على الناس ولا على صوته وفي هذا تيسير على الناس ورفع للحرج عن كثير منهم، وإعانة لهم على الصلاة كاملة مع الإمام حتى ينصرف والله تعالى أعلم.
وهذه مجرد وجهة نظر جدَّت لي هذه السنة ولا أفرضها على أحد، ولكن المهم أن يكون هناك من يقرأ كامل القرآن على الناس في بعض المساجد جمعا لطرق الخير والله أعلم.
ومن كانت لديه أية وجهة نظر أخرى فليخبر بها عل الله تعالى أن ينفع بها.
وشكرا لكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك البكاري]ــــــــ[21 Oct 2005, 04:32 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
جميل ما طرحته أبا عبدالمحسن في هذه التجربة النافعة الواقعية ..
التي تدل على مدى الحرص على التأثير في الناس ودعوتهم بأعظم كلام وأنفعه ألا وهو كلام الله ..
و (عبير القرآن في رمضان) .. يفوح شذاه ليصل إلى القلوب
لا نعدم - إن شاء الله - أن نجد قلوبا ترق لآياته منطلقة من اليسر الذي يحمله القرآن لمن ألقى السمع وهو شهيد (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)
ولا نعدم - إن شاء الله- قلبا تلسعه الآية الخاشعة يسمعها من إمام متدبر خاشع فيستيقظ قلبه وتسمو روحه ويرتفع إيمانه!
ولا نعدم - إن شاء الله- قلوبا رغم قسوتها ورغم انشغالها بملذات الدنيا .. وبمواظتها مع الإمام في التراويح ومع طرق الآيات بدأت تلك القسوة تهتز وتتكسر طبقات من الران والغفلة فتتفجر أنهار الإيمان وتهبط حجارة الغفلة وتتشقق غشاوة المعصية فاسحة المجال للنور الذي يغمر الروح بفيضه وعطائه
إنها بشارات أراها هنا وهناك حيث الأمل الذي يحفزنا دائما إلى أن نكون نحن الذين قد نصبنا أنفسنا أئمة للناس عند المسئولية العظيمة التي تريد منا زيادة اجتهاد وزيادة عطاء نوراني نستلهمه من كتاب الله العزيز
هذه خاطرة جالت بلحظتها هنا
أحببت أن أشارك بها
ومع تسجيلي بهذا الملتقي الرائع
أرى أني دخلت في جو القرآن وتفسيره
فشكرا لك أخي الكريم ومربي الفاضل على إطلالتك البهية
ومشاركتك الصافية النقية من قلبك النقي إن شاء الله
لك تحياتي وسلامي
أخوك: أبومالك البكاري
ـ[محب القراءات]ــــــــ[20 Aug 2008, 02:07 ص]ـ
تذكير بهذه الفكرة النافعة لقرب شهر رمضان 1429
حرر بتاريخ 19/ 8 / 1429(/)
أضواء على تفسير سورة البقرة للدكتور صبحي الصالح رحمه الله
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[12 Oct 2005, 09:42 م]ـ
الكاتب: د. صبحي الصالح
المصدر: مجلة الفكر الإسلامي-العدد2
أضواء على تفسير سورة البقرة
تمهيد عام:
سورة البقرة هي أطول سور القرآن كلها، فتعداد آياتها في المصاحف المشهورة مئتان وست وثمانون آية، وهي مدنيّة بالإجماع، نزل معظمها في أول الهجرة النبوية، وفيها آية نزلت في حجة الوداع، قَدْ عدّها كثير من العلماء آخِرَ ما نزل من القرآن، وهي قوله تعالى: "واتقوا يوماً تُرْجَعون فيه إلى الله ثم تُوَفّى كلّ نفسٍ ما كسبَتْ، وهم لا يُظْلَمون" الآية 281.
ولقد تضمّنت هذه السورة – بسبب طولها – مقاطع كثيرة فيها قواعد كلية وفروع تفصيلية لابدّ من الإشارة إليها إجمالاً قبل الخوض في شرح مفرداتها وتفسير معانيها. وما في مستهلّها من حروف مقطّعة (الم) يُلْجِئنا فوق ذلك إلى تِبْيان الحكمة من فواتح السور ولو ظللنا عاجزين عن تأويل كُنْهها وحقيقتها.
إن أعجب ما في هذه السورة أنها – رغم طولها وإسهابها وتنوّع أغراضها – تدور حول محور أساسي يكاد يكون ثابتاً: وهو هدى القرآن تتبايَنُ إزاءه مواقفُ الناس، من متّقين مفلحين، وكَفَرةٍ خاسرين، ومنافقين مُفْسِدين. وعلى رسم هذه المواقف وتحليل سماتها، انطوى من أول السورة مقطع غير قليل.
وترغيباً للناس في اتّباع سبيل المتقين المهتدين، تتمهّل السورة في عرض نماذج من الوصايا الدينية، وصور من التكاليف الشرعية: فمن دعوة إلى التحلي بخصال العابدين، وانتظار البشارة بما وعد الله أولئك السعداء من النعيم المقيم، إلى افتراض الفرائض، وتحديد الأوامر، وإلقاء التبعات على عواتق المؤمنين.
ففي سورة البقرة نتلو آيات تحضّنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، وآيات أخرى تحرّم علينا الخمر والميسر، وأكل أموال الناس بالباطل، وأكل الربا ومزاولة السحر، ومقاربة النساء في ظروف معينة، ونكاح المؤمنين المشركات وتزويج المشركين المؤمنات، وإثارة الفتن بتهديد الحرّيّات والإكراه في الدين، ومقاطع تتفاوت إطناباً وإيجازاًَ توضح أحكام القتال والقصاص في القتلى، والوصيّة للوالدين والأقربين، معاملة اليتامى ومخالطتهم في المعيشة، والنفقات والمستحقين لها من الناس، وقضايا الزوجية والطلاق والرضاعة والعدّة وخِطْبة المعتدّة ونفقتها ومتعة المطلّقة والإيلاء من النساء، وكتابة الدّيْن والإشهاد عليه، وأداء الرهان، ومسائل الأَيْمان والعفو عن يمين اللغو ... كل ذلك بأسلوب يجمع إلى دقة الفقه والتشريع أجملَ التوجيه وأحلاه، في قصة تُحْكَى أو واقعة تُرْوَى، أو موعظة مؤثّرة تمسّ شغاف القلوب.
ولكي يتمّ التناسق بين البدء والختام، انتهت السورة بمثل ما استُهِلّت به من عرض تحليلي لخصال المؤمنين المتقين الذين وُصفوا في المطلع بأنهم يؤمنون بما أنزل إلى محمد r وما أنزل من قبله، وبالآخرة هم يوقنون، ثم وُصفوا في الخاتمة بأنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله، ولا يفرّقون بين أحد من رسله، ويقولون: "سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا، وإليك المصير". ويبتهلون إلى الله في دعاء ضارع مستغيث: أن يخفّف عنها التكاليف والآصار، ويكتب لها النصر على القوم الكافرين. وهكذا دارت السورة بدءاً ووسطاً وختاماً حول موضوع واحد منسجم متناغم، يصوّر بوجه عام مواقفَ الناس إزاء هداية القرآن، ويعتني بوجه خاص بتصوير أدق اللمحات للمتقين الذين اهتدوا بوحي القرآن، وآمنوا بالله أخلص الإيمان، وتحملوا تكاليف الدين في خضوع وإذعان.
تلك لمحة عابرة عن محتوى السورة، آثرنا بها أن نلقي أضواء تعيننا على تفسيرها، وتعين القارئ على استيعاب كلياتها العامة، وتَرَقّب بعض جزئياتها التفصيلية، التي ستتعاقب في مواضعها المناسبة شرحاً وتحليلاً وبياناً.
فواتح السور:
على أنّ في مستهلّ السورة حروفاً ثلاثة مقطعة ((ألفْ – لامْ – ميمْ))، فما هي حقيقتها. وإن تكُ سراً استأثر الله بعلمه فما حكمة تنزيلها وعدّها هي ونظائرها في بعض السور آيات تتلى وترتّلُ ترتيلاً؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لعلّ من المفيد – ونحن نواجه أول استهلال بالحروف المقطّعة حسب ترتيب المصاحف – أن نتكلم على هذه الحروف بصورة عامة، تمهيداً لاستخلاص حكمة تستسيغها عقولنا في افتتاح سورٍ من كتاب الله بحروف نماثلها في التقطيع.
إن صيغ هذه الحروف مختلفة، فمنها البسيطة المؤلفة من حرف واحد، مثل: (ص) و (ق)، ومنها المؤلفة من حرفين، مثل: ((حم)) و (الر) و ((طسم))، ومنها المؤلفة من أربعة أحرف، وهي في سورتين إحداهما الأعراف التي في أولها ((المص)) والأخرى سورة الرعد التي في مستهلها ((المر)) وليس في القرآن سورة تفتتح بخمسة حروف مقطّعة إلا سورة مريم التي في أولها ((كهيعص)).
ولقد مضى السلف الصالح يعتقدون بأنّ هذه الفواتحُ نظِمت في القرآن على هذا النمط منذ الأزل لتعجز البشر عن الإِتيان بمثل هذا الكتاب المجيد لو كان بعضهم لبعض ظهيراً. وآثروا – رغم خوضهم في حكمة ورودها – أن يحيطوها بِجوّ من التورع عن تفسيرها، والتخوّف من إبداء رأي صريح فيها، فهي من المتشابه الذي لا يعلم تأويلَه إلا الله، وهي سرّ هذا القرآن.
والاعتقاد بأزلية هذه الحروف قد أحاطها بالسرّية، وسرّيّتها قد أحاطتها بالتفسيرات الباطنية، وتفسيراتها الباطنية خلعت عليها ثوباً من الغموض لا داعي إليه، ولا معوّل عليه.
وأدخَلُ تلك الآراء معنى الغموض قولُ مَنْ عدّ هذه الحروف على حساب ((الحُمّل)) ليستنبط منها مدة بقاء هذه الأمة، أو التنبيه على كرامة شخص أو شيعة معينة: زعم بعضهم مثلاً أن عدد هذه الحروف – مع حذف المكرّر – للإشارة إلى بقاء هذه الأمة، وزعم آخرون أن بعض الأئمة استخرج من قوله تعالى (الم. غُلبت الروم) أنّ بيت المقدس يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، وأن الأمر وقع كما قال!
وهذا الضرب من الاستخراج الحسابي يعرف باسم (عدّ أبي جاد)، وقد شدّد العلماء في إنكاره والزجر عنه، وأكدوا أنه من جملة السحر، وأنه لا أصل له في الشريعة، وللمتصوفة في هذا المجال آراء أبعد شطحاً، وأغرب لفظاً، وأغمض معنى، تستمدّ سرّيّتها من مصطلحاتهم وأسرارهم، وتنبئ عن مدى توغّلهم في الشطحات الغامضة البعيدة.
ورأى بعضهم أنّ هذه الفواتح حروف مقطّعة كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى، أو يكتفى به عن كلمة تؤلف مع سواها جُملاً يتصل معناها بما بعدها أو يشير إلى الغرض من السورة المفتتحة بها، كقولهم في (ألر): أنا الله أرى، وفي (طسم): طور سيناء وموسى، لأن السورتين اللتين تفتتحان بهذه الحروف تقصّان خبر صاحب التوراة عليه السلام في طور سيناء.
ولا يخفى على أحد ما في هذه الآراء كلها من التخرصات والظنون: فقد قيل في كل مما ذكرنا أقوال مختلفة يذهب فيها الباحثون مذاهب شتى. وأمثال هذه التأويلات لا تتناهى ولا تقف عند حدّ، وما هي إلا آراء شخصية مردّها هوى كل مفسّر وميله.
وآثر قوم أن يقولوا: إن الفواتح برمّتها، وعلى اختلاف صيغها، اسم الله الأعظم، عُبّر عنه تعبيرات مختلفة تباين ما عهدناه في تأليف كلامنا.
وشبيه بهذا رأي من قال: إن أوائل السور قَسَم أقسم الله فيه بنفسه، لأن كل فاتحة منها اسم من أسماء الله، ولا يبعد عن هذا التأويل اعتبار هذه الحروف أسماءً علَمية للقرآن بوجه عام، أو لبعض سور القرآن المفتتحة بها بوجه خاص.
ما الذي نختاره إذن لتفسير هذه الفواتح أو لتبيان الحكمة من إيرادها في بعض السور على الأقل؟
يخيّل إلينا – ونسأل الله ألا نكون مخطئين – أن رأي الإمام السيد رشيد رضا في هذه الفواتح هو أقربها إلى الصواب. ونرى لزاماً علينا أن ننقل عبارته بنصها من تفسير المنار: ((من حسن البيان وبلاغة التعبير، التي غايتها إفهام المراد مع الإقناع والتأثير، أن ينبّه المتكلمُ المخاطبَ إلى مهمّات كلامه والمقاصد الأولى بها، ويحرص على أن يحيط علمه بما يريده هو منها، ويجتهد في إنزالها من نفسه في أفضل منازلها. ومن ذلك التنبيه لها قبل البدء بها لكيلا يفوته شيء منها. وقد جعلت العرب منه هاء التنبيه وأداة الاستفتاح، فأيّ غرابة في أن يزيد عليها القرآن الذي بلغ حد الإعجاز في البلاغة وحسن البيان، ويجب أن يكون الإمام المقتدى، كما أنه هو الإمام في الإصلاح والهدى؟! ومنه ما يقع في أثناء الخطاب من رفع الصوت وتكييفه ما تقتضيه الحال من صيحة التخويف والزجر، أو غُنّة الاسترحام والعطف، أو رنّة النعي وإثارة الحزن، أو نغمة التشويق والشجو، أو هيعة الاستصراخ عند الفزع، أو صخب التهويش وقت الجدل، ومنه الاستعانة بالإشارات وتصوير المعاني بالحركات، ومنه كتابة بعض الكلمات أو الجمل بحروف كبيرة أو وضع خط فوقها أو تحتها ... )) إلى آخر ما ذكره رحمه الله.
وإن إنطباق هذه الحكمة على الواقع النفسي لمن كان القرآن موجهاً إليهم حين نزول الوحي، لا يزيدنا إلا استمساكاً بهذا الرأي. ولأمر ما افتتحت جميع السور التي في أولها حروف مقطّعة بذكر الكتاب، وهذا ينطبق حتى على سور: مريم، والعنكبوت، والروم، ون، لأنها – وإن لم تفتتح بذكر الكتاب – قد اشتملت على معان تتعلق بإثبات الوحي والنبوة.
ومن المعلوم أن هذه السور كلها مكية إلا البقرة التي نفسرها وآل عمران التي تليها. فأما المكية فلدعوة المشركين إلى إثبات النبوة والوحي، وأما الزَهّرَاوَان (أي البقرة وآل عمران) فلمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، وتحريك دواعي النظر عندهم للإيمان بالدين الحنيف. ويزداد هذا الرأي وضوحاً إذا سلّمنا بأن الزَهْرَاوَيْن كانتا من أوائل السور نزولاً في المدينة كما هو المشهور، وبنزولهما مفتتحتَيْن بهذه الحروف المقطّعة تمّت الحكمة الإلهية من تنبيه اليهود إلى الدعوة الجديدة وإثارة اهتمامهم بها، فلم يعد في استمرار الإفتتاح بتلك الحروف بعد الزهرواوَيْن حكمة ظاهرة باهرة، ولذلك نزل الوحي بعدهما خالياً من تلك الفواتح.
فإذا استُهلّت سورة البقرة بهذه الحروف المقطّعة (الم) فالحكمة – والله أعلم وأحكم – إثارةُ أهل المدينة، ولا سيما اليهود وبعض العرب الذين لمَّا يعتنقوا الإسلام، إلى الاهتمام بما يوحيه الله إلى نبيّه في القرآن "ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين".(/)
طرح تساؤل (هل من جوانب يمكن بحثها في تفسير ابن كثير؟)
ـ[شعلة]ــــــــ[13 Oct 2005, 05:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أخفيكم سراً بأنه قد بهرني بل أعجبني موقعكم الرائع وطرحكم العلمي الذي يدل على سعة أفق القائمين عليه فلهم منا خالص الدعوات في ظهر الغيب.
وأستأذنكم بطرح تسائلي التالي: هل تفسير ابن كثير خدم خدمة عظيمة بحيث لايمكنني أن أسجل أي رسالة علمية فيه، لأني كلما حاولت البحث في إحدى جوانبه وجدت من أنبرى وتصدى لهذا المجال؟ وما هي مراحل طباعة هذا التفسير؟ وهل يوجد له أختصارات أخرى غير أختصار أحمد شاكر، والرفاعي،والصابوني.
أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء
ولا عدمنا تواصلكم وفكركم النيّر
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Oct 2005, 06:51 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم: شعلة,
وأسأل الله تعالى أن تكون شعلة في هذا الملتقى بين إخوانك وأصحابك.
أما تفسير ابن كثير فعلى كثرة ما كُتِبَ فيه إلا أنه لا تزال هناك جوانب متميزة في أنحاءه تنتظر من يكشفها ويجليها, ولا يخفى على مثلك أن بعض ما كُتِبَ عن تفسير ابن كثير ضعيف وغير مُجدٍ, ويحتاج إلى إعادة الكتابة فيه.
ومختصرات ابن كثير كثيرة, وأذكر أن أوَّل من اختصره أحد تلامذته وهو: أبو المحامد الكازروني. ومن مختصراته الجيدة تهذيب كنعان له, وقد زادت مختصراته المطبوعة عن عشرة.
وبخصوص طبعاته فقد ذُكرت في موضوع وافٍ في الملتقى لعلك تبحث عنه, وفي نظري طبعة البنا, في دار ابن حزم, وقد لا يقل غيرها عنها في الجودة.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 Oct 2005, 12:59 م]ـ
السلام عليكم
دعني أقترح عليك موضوعا هو (العلاقة بين فكر ابن كثير وفكر ابن تيمية من خلال التفسير)(/)
ما أفضل الكتب التي تحدثت عن قصص الأنبياء؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Oct 2005, 06:38 ص]ـ
ما أفضل الكتب التي تحدثت عن قصص الأنبياء من القرآن والسنة؟
أعلم أنه كُتِبَ في هذا الموضوع كثيراً قديماً وحديثاً, ولكني أسأل أساتذتنا وإخواننا عن تجربتهم, وأفضل كتاب في هذا الباب تحقيقاً وتوضيحاً. والله يحفظكم.
ـ[محمد السيلاوي]ــــــــ[13 Oct 2005, 12:07 م]ـ
من اجود الكتب في القصص القرآني:
- القصص القرآني، عرض وقائع، وتحليل أحداث.
- مع قصص السابقين في القرآن.
- مواقف الأنبياء في القرآن تحليل وتوجيه.
ثلاثتهم للدكتور العلامة صلاح الخالدي حفظه الله ونفع بعلمه.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[14 Oct 2005, 12:49 م]ـ
كتاب قصص الأنبياء لابن كثير
قصص الأنبياء للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2005, 10:18 م]ـ
ما أفضل كتاب عن قصص القران؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3157)(/)
اقتراح: عمل ملصقات لكتب التفسير
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Oct 2005, 07:21 ص]ـ
كم يُعاني الباحث حتى يجد السورة أو الآية التي يبحث عنها, في أي جزء هي؟ وفي أي مجلد تكون؟
وبجوار هذا التعب البدني, يجد ألماً نفسياً من طول انقطاعه عن الفكرة التي وقف قلمه عندها, ليرى ماذا قال المفسرون عن هذه الآية؟
وألمٌ آخرُ يجده من فوات هذه الأوقات النفيسة التي يتأخر فيها باحثاً عن المجلد والجزء المطلوب.
قد يرى البعض أنه وقتٌ يسير, وجهدٌ قليل, ولكنه ليس كذلك عند الباحث الجاد, خاصةً في المراحل الأكاديمية المتخصصة.
واقتراحي أيها الكرام:
أن نقوم بعمل فهارس لكتب التفسير وما يلحق بها (ككتب الغريب, والمشكل, وأحكام القرآن, ومعاني القرآن, ومتشابه القرآن) , بحيث تصلح هذه الفهارس أن تكون ملصقات على كعب المجلد, فيكون حجمها صغيراً, وكتابتها واضحة, وحبذا أن تكون محاطة بحدود, ويكتب فيها السور والآيات التي في المجلد باختصار, نحو:
الفاتحة - البقرة 150
البقرة 151 - آل عمران 200
وهكذا.
والجميل في هذا الاقتراح أن فائدته جليله, وعمله يسير, فيستطيع القيام به أي راغبٍ من الإخوة الكرام المتخصصين وغيرهم, وكل ما عليه أن يقصد إلى مكتبة شاملة لكتب التفسير, ويكتب هذه المعلومة لكل مجلد, ثم يهتم بكتابة طبعة التفسير وعدد مجلداته, وينسقها في ملف يسهل تصويرها منه للراغبين.
أرجو أن يتولى هذه المهمة, أو يتعاون فيها من أحب من الإخوة, وأنا أعلم أن هذا الملتقى يزخر بالكثير ممن يحب هذه الأعمال؛ لما فيها من المنفعة العامة والأجر العظيم. وبالله التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Oct 2005, 09:41 ص]ـ
فكرة جيدة ونافعة. وقد قامت إحدى المكتبات في جدة قديماً بعمل كثير من الملصقات للكتب المهمة في مختلف الفنون ومنها بعض كتب التفسير كابن كثير والبغوي وغيرها. ولكن يعيب هذه الملصقات أنها لا تثبت مدة طويلة على كعب المجلد، فاستعضت عن بعضها بالكتابة على كعب المجلد، لكن هذا يقتضي إيصال الكتب لمن يقوم بالتجليد ليكتب على الكعب وهذا مكلف.
وهناك طريقة أخرى مجربة وغير مكلفة، وهي عمل جداول للكتب المهمة التي يكثر الباحث الرجوع إليها مثل تفسير القرطبي (ط. دار الكتب المصرية) والطبري (ط. البابي - شاكر) مثلاَ يتضمن هذا الجدول الجزء وبداية السورة. وتكون هذه الجداول في مكان قريب ومناسب، بحيث ينظر الباحث للجدول ثم يتناول الجزء المطلوب دون مشقة، ولو أبدع في تصميم هذه الجداول بالفوتوشوب ثم صنع منها أوراقاً ملونة كإعلانات الدروس المكبرة في المساجد، لكانت في غاية الجمال والنفع.(/)
هل بحثت (قواعد الترجيح عند الشيخ محمد رشيد رضا)؟
ـ[أبو عبد الله القلموني]ــــــــ[14 Oct 2005, 06:03 ص]ـ
هل لكم أن تفيدوني إن كان أحد كتب عن قواعد الترجيح بين أوجه التفسير عند صاحب المنار. حيث أرغب بالكتابة في هذا الموضوع، محاولاً من خلاله استقراء القواعد التي اعتمدها الشيخ محمد رشيد رضا في الترجيح بين أقوال المفسرين، ومقارنة هذه القواعد بعمل المفسرين السابقين والللاحقين.
أفيدوني، وجزاكم الله خيراً(/)
مفهوم الأمية
ـ[د. محمد الجهني]ــــــــ[14 Oct 2005, 01:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد احتج القائلون بالحساب الفلكي بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا ... " فقالوا إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- علل "أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنه من أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين. وهذا ما فهمه شراح الحديث من هذا النص."2 والقائلون بهذا القول جعلوا من أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- أمتين, أمة أمية وأمة غير أمية. والسؤال الذي نطرحه الآن, هل كان الصحابة بعد بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أميين؟ وهل ارتفعت الأمية عن المسلمين اليوم لأنهم أصبحوا يعرفون الحساب الفلكي؟. ثم نسال سؤالا آخر, هل يمكن أن يكون الخطاب في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خاصا للأمة الأمية التي لاتعرف الحساب الفلكي؟ أما متى عرفت الحساب فيجوز لها أن تلغي هذا الحديث وتسقط اعتباره لأن المكلف به الأمة الأمية.
أقول وبالله التوفيق إن الأمي في معاجم اللغة كاللسان وغيره هو الذي لايكتب وتأتي بمعنى الذي على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب فهو على جبلته والأميون جمع أمي. ومعنى "إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب" أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى. ومعنى الحديث "بعثت إلى أمة أمية" قيل للعرب الأميين لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أوعديمة. وقيل لسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- , الأمي لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب, وبعثه الله رسولا وهو لايكتب ولا يقرأ من كتاب.
أما معنى الأمة في معاجم اللغة فقد وردت لها معان مختلفة منها أن كل قوم في دينهم من أمتهم وتفسير الآية "إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" والآية "إن هذه أمتكم أمة واحدة" أي دين واحد. وورد أيضا أن كل من مات على دين واحد مخالفا لسائر الأديان فهو أمة على حدة كما كان إبراهيم عليه السلام أمة. وكل قوم نسبوا إلى نبي وأضيفوا إليه فهم أمة وقد يجئ في بعض الكلام أن أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- هم المسلمون خاصة وجاء أيضا أن أمته من أرسل إليه ممن آمن به أو كفر به فهم أمته في اسم ألأمة لا الملة. وكل جيل وكل جنس من السباع والحيوان أمة كما ورد في قوله تعالى " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أُمم أمثالكم" وقوله –صلى الله عليه وسلم- "لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم" وتأتي الأمة بمعنى الجماعة والطريقة والدين.
والأمية في كتب التفاسير كابن كثير والقرطبي لاتختلف كثيرا عنها في كتب اللغة فالأميون في الأية الكريمة "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (البقرة 78) هم أهل الكتاب الذين لايعلمونه إلا تخرصا وظنونا والأمي هو الذي لايحسن الكتابة. والأية "فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد" (آل عمران 20) فرقت بين الذين أوتوا الكتاب والأميين فقال بعض المفسرين أن الأميين هم العرب. وقال بعضهم إن العرب نسبت من لايكتب ولايخط من الرجال إلى أمه في جهله بالكتاب دون أبيه. أما قول أهل الكتاب في الآية "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (آل عمران 75) ليس علينا في الأميين سبيل يعني العرب.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما النبي الأمي في الآيتين الكريمتين "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الأعراف 157) و " (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُم" (الأعراف 158). هو محمد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-, ووصف الله له بالأمي لأنه لايحسن الكتابة كما قال عنه سبحانه "وَمَا كُنْت تَتْلُوا مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " (العنكبوت 48).
أما قوله تعالى"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (الجمعة2) يعني الذي بعث في العرب وتخصيص الأميين بالذكر لاينفي من عداهم. و قوله تعالى في الآية التي تليها "وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (الجمعة 3) فقد روى البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة " وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ " قَالُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّه؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُمْ حَتَّى سُئِلَ ثَلَاثًا وَفِينَا سَلْمَان الْفَارِسِي فَوَضَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده عَلَى سَلْمَان الْفَارِسِيّ ثُمَّ قَالَ " لَوْ كَانَ الْإِيمَان عِنْد الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَال أَوْ رَجُل مِنْ هَؤُلَاءِ " وفسر ابن جَرِير قَوْله تَعَالَى " وَآخَرِينَ مِنْهُمْ " بِفَارِسَ. وقيلَ هُمْ الْأَعَاجِم وَكُلّ مَنْ صَدَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْر الْعَرَب كما أورد أيضا أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قالَ " إِنَّ فِي أَصْلَاب أَصْلَاب أَصْلَاب رِجَال وَنِسَاء مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب " ثُمَّ قَرَأَ" وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ " يَعْنِي بَقِيَّة مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّة مُحَمَّد –صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْله تَعَالَى " وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم " أَيْ ذُو الْعِزَّة وَالْحِكْمَة فِي شَرْعه وَقَدَره.
والذي يظهر لي - والله أعلم- أن للأمية معنى خاصاً ومعنى عاماً، أما المعنى العام فيعني الجهل والضلالة والظلام، وأما المعنى الخاص فهو عدمُ معرفة الكتابة. ولا ترتفع الأمية عن أحد بمعناها الخاص إلا متى عرف الكتابة كما أنها لاترتفع عن أمة بمفهومها العام إلا متى خرجت من الجهل والضلالة والظلام إلى العلم والهدى والنور ولا يخرجها من هذا إلا نبي وكتاب.
والآية الكريمة "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" تدل على أن أهل الكتاب لما أصبحوا لايعرفونه إلا أماني وظنونا وتخرصا عادت إليهم أميتهم بمفهومها العام لا الخاص على الرغم من معرفتهم بالكتابة كما أنهم لو بقوا متمسكين بكتبهم وعلموها كما أنزلت على أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام لبقيت الأمية بمفهومها العام مرتفعة عنهم. ولذلك نجد أن الأمية بمعناها العام ارتفعت عن اليهود والنصارى ببعثة موسى وعيسى عليهما السلام بالتوراة والإنجيل وبقي اليهود والنصارى ينظرون إلى أنفسهم أنهم غير أميين وينظرون إلى أمة العرب على أنها أمة أمية حتى قالوا " ليس علينا في الأميين سبيل" لأن العرب لم يبعث فيهم نبي ولم ينزل
(يُتْبَعُ)
(/)
عليهم كتاب وفي هذه الآية دليل واضح على أن الأمية نقيصة لافضيلة.
والمشترك بين معنى الأميين في الآية "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" والأميين في الآية "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"لا يمكن أن يكون إلا الجهل والضلال.
والدليل على أن الأمية بمعناها العام ضلال قوله تعالى "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" فالتزكية ومعرفة الكتاب والحكمة رفعت عن الأميين الضلال المبين والذي هو الأمية بمعناها العام.
كما أن الدليل على أن الأمية ظلام قوله تعالى "الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " (إبراهيم 1) والناس هنا هم الأميون وقوله تعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ" (إبراهيم 4) وقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (الحديد 9).
والعرب قبل البعثة النبوية كانوا أميين بالمعنى الخاص للأمية وذلك لعدم تفشي الكتابة بينهم كما أنهم كانوا أميين بالمعنى العام لعدم وجود نبي وكتاب فيهم. وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أمياً بالمعنيين أيضا ودليل ذلك قوله تعالى "وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى" (الضحى 7). ولكن الأمية بمعناها العام ارتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه كما أن الأمية بمعناها الخاص بقيت ملازمة له لأنه لايعرف الكتابة ولكن ملازمة الأمية لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال وفي غيره نقيصة.
وإذا كانت الأمية بمعناها العام لاترتفع عن نبي يوحى إليه من ربه الهدى والحكمة والعلم فما الذي يرفعها إذن؟. وكيف لاترتفع الأمية عن سيد الأولين والأخرين –صلى الله عليه وسلم- والذي اختصه الله بالرسالة الخالدة من بين بلايين البشر من عرب وعجم وأنبياء ورسل.
وخلاصة القول أن الأمية بمفهومها العام ارتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ارتفاعاً لم ترتفعه عن أحدٍ من قبله ولا بعده ذلك أنه أعلم الناس بالله وملائكته وكتابه كما أن علمه بالله وملائكته وكتابه علم يقيني لايخالطه شك أو ريب فكيف يصبح أمياً بعد ذلك.
ومما يدلل على أن ألأمية في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال أنه استغنى عن الكتابة والقراءة بالوحي الذي يوحيه إليه ربه، وإنما يحتاج إلى القراءة والكتابة من لايوحى إليه فكم كشف الله له من الحجب التي لايمكن أن تكشف لكاتب أوقارئ ومنها ماكشفه سبحانه وتعالى له في الإسراء والمعراج، ومنها عندما ضرب على الصخرة فقال الله أكبرفتحت فارس، والذي نفسي بيده، إني لأرى قصور المدائن الحمراء الساعة. الله أكبر فتحت الروم، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور بصرى البيضاء الساعة. الله أكبر فتحت اليمن، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور صنعاء الساعة. ومنها عندما بشر سراقة رضي الله عنه بسواري كسرى وكيف يحتاج إلى الكتابة من سمع حنين الجذع ومن اشتكى له الجمل وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره. ومن كانت هذه صفاته فهو مستغن عن الكتابة، والكتابة غير مستغنية عنه كما أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد استغنى بالقرآن عن الشعر ذلك أن الكامل مستغن عن الناقص.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة" فيه دلالة واضحة على أن أعلى درجات الشعر الحكمة كما أن أعلى درجات البيان السحر. كما أن الحكمة الموجودة في القرآن وسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حكمة بالغة غير ناقصة والحكمة الموجودة في الشعر حكمة ناقصة. أما كتاب الله سبحانه وتعالى فقد بلغ منزلة بهرت أساطين البلاغة من قريش وقصة الوليد بن المغيرة مشهورة عندما ذهب ليستمع إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم عاد وهو يقول "والله ما في قريش من رجل أعلم بالشعر أو رجزه أو قصيده مني، ولا والله ما يشبه الذي يقول محمد شيئاً من هذا الشعر أو ذلك الرجز والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه يحطم ما تحته فأنكر عليه أبو جهل وقال له لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، ففكر طويلا فقال هذا سحر يؤثر"
ومما يروى عن المأمون أنه قال لرجل عنده "بلغني أنك أُمِّيّ، وأنك لا تقيم الشِّعر، وأنك تَلحن في كلامك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، أمّا الَّلحن فربما سَبَقني لساني بالشيء منه، وأما الأمِّيَّة وكَسْر الشعر فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أًمّياً وكان لا يُنشد الشعر؟ قال المأمون: سألتُك عن ثلاثة عيوب فيك فزدْتني عَيباً رابعاً، وهو الجهل، ياجاهل، إنّ ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة، وفيك وفي أمثالك نَقيصة، وإنما مُنع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لنَفْي الظِّنَّة عنه، لا لِعَيب في الشِّعر والكتاب، وقد قال تبارك وتعالى: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذَا لارْتَابَ اْلمُبْطِلُونَ ".
والذي يفهم من قوله تعالى "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" أي ماينبغي لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- النقص وإنما ينبغي له الكمال ذلك أن الكمال في الوحي بشقيه من قرآن وسنة والنقص في الشعر في أعلى درجات حكمته وصدقه. ومما لايخفى على أهل اللغة والأدب أن الشعر يدخله الباطل بل إن غالبه كذلك ويدخله التناقض والاضطراب والكذب وتحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق ولا أجد أبلغ من قول دعبل في وصف الشاعر عندما قال "من فضل الله على الشاعر أَنَّهُ ما مِن أَحدٍ يكذبُ إلا اجتواهُ الناسُ إِلا الشاعرُ فإنه كلما إزداد كذبهُ كلما ازداد المديحُ له ولا يكتفى له بذلك حتى يقال أحسنت والله فما يشهد له بشهادة زور إلا وكان معها يَمين بالله" ويشهد الله لو كان هذا الموقف مع غير القرآن والسنة لانتصرت للشعر ولكني لا أستطيع الانتصار لقول مخلوق ضعيف معظمه كذب وتزويرعلى قول خالق قوله حق مبين لايأيتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومعلوم عند أهل اللغة أنه مامن قصيدة في دواويين الشعر القديم والحديث تخلو من عيب نحوي أو صرفي أو اضطراب واختلاف أو معنى مبتذل وصدق الله القائل " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" (النساء 82). وإذا كان الشعر الجاهلي لم يخل من ذلك فكيف يخلو منه ماهو دونه في اللغة والبيان فهذا طرفة في قوله:
قد رُفِعَ الفخُّ فماذا تَحذري
قد حذف النونَ. وهذا الراعي النميري في قوله:
تأبى قُضاعةُ أَن تَعْرِفْ لكمْ نَسبا * وابنا نزارٍ وأنتم بيضةُ البَلَدِ
فسَكَّن تَعْرِف ضرورةً. وهذا شاعرُ الجاهلية أمرؤ القيس في قوله:
لها متنتان خظاتا كما*أكب على ساعديه النمر
حذف النون. وقول زياد الأعجم:
عجبتُ والدهرٌ كثيرٌ عَجَبُهْ * مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّني لَم أَضْرِبُهْ
فرفع أَضربُه. وقول الفرزدق:
وعَضُّ زمانٍ يابن مروانَ لم يَدَعْ *مِن المالِ إِلاَّ مِسحتاً أَو مُجلفُ
فضم مجلفا. وهذه أمثلة قليلة جداً ذكرناها لبيان نقصان الشعر وعدم كماله عند أساطينه وسادته، ولذلك لم يرد الله لرسوله –صلى الله عليه وسلم- إلا الكمال فعصمه من الشعر لنفي الظنة ولتطهير فمه وقلبه من قول ناقص وبيان غير مكتمل فوهبه الوحي الكامل وجنبه قول الشعر لما ذكرناه وليبقى مثال الفصاحة والبيان إلى قيام الساعة، فلو كان شاعراً لوقع فيما وقع فيه الشعراء العظام من لحن وزلل واضطرار وإسناد وإقواء وإكفاء وإجازة وإيطاء وتفاوتات البيوت ولذلك أصبح –صلى الله عليه وسلم- مستغنيا بالكامل عن الناقص.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم لو جاز له أن يكون شاعراً معصوماً من ذلك كله لأصبح مشتركاً مع الشعراء في الاسم وذلك مالم يرده له سبحانه وتعالى. ومما ذكره الأزهري في تهذيب اللغة " وقيل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: الأمي، لأن أُمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب، بعثه الله رسولاً وهو لا يكتب من كتاب، وكانت هذه الخلة إحدى آياته المعجزة، لأنه صلى الله عليه وسلم تلا عليهم كتاب الله منظوماً مع أميته بآيات مفصلات، وقصص مؤتلفات، ومواعظ حكيمات، تارة بعد أخرى، بالنظم الذي أنزل عليه، فلم يغيره ولم يبدل ألفاظه. وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص، فحَفِظه الله عز وجل على نَبيِّه كما أَنْزلَه، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه وبينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: "وما كنتَ تَتْلُو من قَبْلِه من كِتاب ولا تَخُطُّه بِيَمِينِك إذا لارْتابَ المُبْطِلون" الذين كفروا، ولَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب."
وخلاصة القول في هذه المسالة أن الأمة المسلمة قد ارتفعت عنها الأمية بمعناها العام بعد بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكيف لاترتفع عنها وهي التي علمت العالم جميعه مكارم الأخلاق من حقوق الوالدين والأبناء والجار وإكرام الضيف وغض البصر وإغاثة الملهوف وكثيرا مما لايتسع المقام لذكره ومن نافلة القول أن أمة تتصارع حضارتها مع هذه القيم والأخلاق لفي خسران عظيم. وكيف يقال عن هذه الأمة أنها أمة أمية وقد أنجبت الصديق والفاروق وعثمان وعلي وسائر أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رضوان الله عليهم أجمعين وأنجبت ربيعة الرأي وأبا حنيفة ومالكا والشافعي وابن حنبل والخليل وسيبويه وكثيرا ممن لايحصى.
كما أن الأمية لا يمكن أن تعود إلى هذه الأمة إلا متى عادت إلى جاهليتها الأولى وتركت كتاب ربها وراءها وتنكرت لدينها ونبيها ومكارم أخلاقها التي تممها رسولها عليه أفضل الصلاة والتسليم.
أما الأمية بمعناها الخاص, عدم معرفة الكتابة, فما مات رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلا وقد رفعها عن أمته بما يكفي لنقل هذا الدين كاملا غير منقوص من جيل الصحابة إلى جيل التابعين ودليل ذلك قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" ولا يمكن أن يكمل الدين إلا بمعرفة الكتابة والقراءة وإلا كيف تتواصل الأمة مع كتاب ربها وسنة نبيها – صلى الله عليه وسلم- من غير معرفة لقراءة وكتابة وقصة مفاداة أسرى بدر خير دليل على ذلك. وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إنما بعثت معلما" فيه دلالة واضحة على أن رسالته جاءت إلى الناس لترفع عنهم الأمية بمعناه العام والخاص.
ومن المنطق, أن ارتفاع الأمية بمعناها العام عن الأمة يرفع الأمية عنها بمعناها الخاص لأنه لايمكن للأمة التي لاتعرف الكتابة أن تتواصل مع رسالة ربها لتبلغها إلى الأمم والأجيال التي بعدها.
ومن فرض القول أنه بعد بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ارتفعت الأمية بمعناها العام عن الأمة المسلمة وانتقلت إلى ماعداها من الأمم التي لم ترض بدين الله فأصبحت الأمة المسلمة غير أمية وأصبحت كل أمة غيرها أمية.
ومما يدلل على ذلك قوله تعالى "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا" وليس ذلك مقصورا على اليهود وحدهم بل إن كل أُمةٍ تُحمَّلُ كتاباً ثم لاتَحملهُ هي كمثلِ الحمار يحمل أسفاراً وهذه منزلة أدنى من منازل الأمية بمفهوميها العام والخاص حتى وإن كانت أمة كاتبة قارئة. ويدلل على ذلك قوله تعالى " أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ " وقوله جل وعلا " بِئْسَ مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ "
(يُتْبَعُ)
(/)
أما أمية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الأيات السابقات فإنما هي على اعتبار ماضيه – صلى الله عليه وسلم- كما أنها حجة لدحض كل تهمة عنه لأن كفار قريش يعلمون حق العلم أنه لايكتب ولا يقراء. ومما يدلل على ذلك أن القرآ ن الكريم في أسلوبه يتحدث أحيانا على إعتبار الماضي فمعلوم أن الصحبة بين رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وبين كفار قريش قد انفكت بعد إيمانه وتوحيده لله جل وعلا وبعد إصرارهم على الكفر والعناد وانتقل حق الصحبة إلى من آمن به ولذلك يقال عن الذين آمنوا برسول الله –صلى الله عليه وسلم- ورأوه صحابته ولا يقال ذلك عن المشركين. ومع ذلك خاطب الله سبحانه وتعالى كفار قريش قائلا " ماضلَّ صاحبكم وما غوى" وذلك على اعتبار ماكان بينهم من صحبة.
أما الأمة في كتب التفسير فقد وردت في آيات كثيرة منها قوله تعالى " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة 143) وتفسيرها في قوله – صلى الله عليه وسلم- "يُدْعَى نُوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ هَلْ بَلَّغْت؟ فَيَقُول نَعَمْ فَيُدْعَى قَوْمه فَيُقَال لَهُمْ هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِير وَمَا أَتَانَا مِنْ أَحَد فَيُقَال لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَد لَك فَيَقُول مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْله " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" قَالَ وَالْوَسَط الْعَدْل فَتُدْعَوْنَ فَتَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلَاغِ ثُمَّ أَشْهَد عَلَيْكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ.
وفي هذا الحديث دلالة واضحة أن المقصود بالأمة الوسط أمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جميعها وليس صحابته فحسب ودليل ذلك قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الحديث نفسه "فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم" ومن المعلوم أن شهادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على أمته جميعها وقوله فتشهدون له بالبلاغ في صيغة الجمع تقابله صيغة جمع أخرى وهي ثم أشهد عليكم. فإن قال قائل إن صيغتي الجمع خاصة بالصحابه قلنا هذا يخالف قول الله تعالى "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا" (النساء 41) لأن شهادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عامة على أمته جميعها كما أنه يخالف قوله تعالى "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (يونس 47).ويخالف قوله "وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ" (النحل 84) وقوله تعالى "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل 89) ويخالف قوله "وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" (القصص75) ويخالف قوله تعالى "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " (الجاثية 28)
ومن هذه الآيات الكريمة يتبين لنا ان المقصود بالأمة الوسط أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- التي آمنت به وصدقته وسارت على هداه ونهجه وليس ذلك مقصورا على صحابته.
كما أن اسلوب القرآن الكريم في غاية الوضوح عندما يريد تخصيص الأمة بمعنى الجماعة ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (ال عمران 104). ومما هو معلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على المسلمين وعدم قيام بعض المسلمين بذلك لايخرجهم من الملة ويعتبرون مقصرين في هذا الجانب مع بقائهم من أمة محمد ودليل ذلك أن الذين يأمرون بالمعروف في كل جيل من بعد بعثته –صلى الله عليه وسلم- جماعة من الأمة المسلمة وليست الأمة المسلمة كلها وهذه الجماعة
(يُتْبَعُ)
(/)
(الأمة) هي المفلحة وما صنعه الفاروق رضي الله تعالى عنه عندما أنشأ نظام الحسبة خير دليل على ذلك.
كما أن تخصيص الأمة في الجماعة في الآية "لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ" (ال عمران 113) واضح ايضا. وهذه الآية نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب الذين أسلموا وأنهم ليسوا كمن لم يسلم فوصفهم الله بأنهم أمة يعني جماعة من أهل الكتاب. ومن الآيات التي خصصت الأمة بالجماعة قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ " (المائدة 66) وقوله تعالى " وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " (الأعراف159) وقوله تعالى " وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " (الأعراف 164) وقوله تعالى "وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ" (النمل 83)
أما قوله تعالى " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " (آل عمران 110) فهو عام لكل أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- وليس مقصوراً على عهد الصحابة أوغيرهم مادامت الأمة محققة لشرطي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع اعتقادنا بأن اصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هم أفضل هذه الأمة وخيرها بدليل قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"
وكذلك قوله تعالى " كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ " (الرعد 30) عام لأمة محمد –صلى الله عليه وسلم- جميعها ومعنى "لتتلو الذي أوحينا إليك" أي تبلغهم رسالة الله إليهم.
وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ... " عام ايضا وليس مقصورا على صحابته. كما أن قوله –صلى الله عليه وسلم- " ... وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" دليل آخر على أن أمته ممتدة إلى قيام الساعة.
وقوله " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة"وقوله " إن بعدي من أمتي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه هم شر الخلق. قال السندي في حاشيته على سنن النسائي " قوله (أمية) أي منسوبة إلى الأم باعتبار البقاء على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنافي عدم معرفة الكتابة والحساب فلذلك ما كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم ولا بالشهور الشمسية الخفية بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لكنها مختلفة كما بين بالإشارة مرتين كما في كثير من الروايات فالعبرة حينئذ للرؤية والله تعالى أعلم"
وإجابة على السؤالين اللذين طرحناهما في بداية هذا البحث نقول إن أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- لايمكن أن تكون أمتين وإنما هي أمة واحدة ارتفعت عنها الأمية بعد بعثة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من قبل معرفتها للحساب الفلكي. كما أنه لا يمكن أن يكون الحديث " إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب ... " خاصا بمن لا يعرف الحساب الفلكي ولا يجوز لأحد أن يلغيه أو يسقط اعتباره والتكليف به لاينتهي مادامت السموات والأرض.
(يُتْبَعُ)
(/)
وخلاصة القول أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعث إلى جميع الأمم وأن أمته هي التي أمنت به وصدقته وسارت على نهجه القويم وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "وستفترق أمتي" اي أن أمته التي كانت مومنة به سوف تنقسم إلى ثلاث وسبعين فرقة وقوله أمته على اعتبار ماضيهم لاحاضرهم وكذلك الحال بالنسبة لأحاديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
ومن هنا يتبين لنا أن ألأمة في الحديث "إنا أمة أمية ... " أي أمة محمد جميعها ولا يمكن الفصل بين جيل وجيل أو جماعة وجماعة إلا بدليل أو قرينة واضحة ولا قرينة في الحديث تقتضي التفريق.
ونعود بعد هذا الاستطراد إلى حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والذي هو سبب الاختلاف بين القائلين بعدم جواز الأخذ بالحساب الفلكي والقائلين بجوازه أو وجوبه"إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا" وكما ذكرنا من قبل إن حجة المنتصرين للحساب الفلكي هي أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد علل أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنه من أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين.
أقول وبالله التوفيق: إن حجة القائلين بتعليل الحديث غير صحيحة من عدة وجوه:
1 - لقد بينا أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يمت إلا بعد أن رفع الأمية بمفهومها العام والخاص عن الأمة بما يكفل نقل الدين من جيل إلى جيل كاملا غير منقوص. وبينا أيضا أن معنى "أمية" في الحديث, أي منسوبة إلى الأم باعتبار البقاء على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب.
2 - القول بالتعليل يقسم أمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى قسمين أمة أمية وأمة غير أمية وتخصيص الأمة التي كانت في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالأمية دون غيرها يحتاج إلى دليل ولقد مرت بنا الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- التي تثبت أن أمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- واحدة ولا يمكن الفصل بين أمة وأمة.
3 - ليس من المعقول أن يختص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جماعة من أمته دون جماعة في حديث عن ركن من أركان الإسلام وكأن الجماعات الأخرى من أمته غير معنية بهذا الركن.
4 - لقد بينا أيضا معنى الأمية الخاص وهو عدم معرفة الكتابة ولا علاقة للأمية من بعيد أو قريب بالحساب ذلك أنني لم أجد تعريفا للأمية فيما اطلعت عليه من كتب اللغة والتفسير يدل على أن من لايعرف الحساب أمي, إذن, لماذا ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الحساب؟. والذي أعتقده أن الإنسان يخرج من بطن أمه غير حاسب ولا كاتب ولكنه يتعلم الحساب من خلال بيئته ذلك أنه يحتاج إلى البيع والشراء وعد الأشياء وتلك مهارة يكتسبها من غير معاناة ومشقة ومن هنا ترتفع أمية الحساب عن كل إنسان بعد مدة من ولادته. أما أمية الكتابة فتبقى ملازمة للإنسان حتى يتعلم الكتابة. ومن هنا يتبين لنا أن ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للحساب, مع علمه أن الأمة حاسبة, تأكيد على أنه يجب علينا أن نبقى بخصوص دخول الأشهر القمرية على الحال التي ولدتنا عليها أمهاتنا.
5 - كما أن المتأمل في الحديث يجد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال "لانكتب ولا نحسب" بالنون وليس بالتاء ولو كان الحديث لاتحسب ولا تكتب لعاد الضمير على الأمة وفي هذا إشارة إلى نفي الأمية عن الأمة.
6 - ثم إن الحديث فيه حساب وإلا كيف عرف أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم أن الشهر 29 يوما أو 30 يوما. كما أن الأمة في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تعرف الحساب ودليل ذلك أن الناس في عهده –صلى الله عليه وسلم- كانوا يتبايعون بالدرهم والدينار ولو لم يكونوا يعرفون الحساب لما تبايعوا. والأعظم من ذلك معرفتهم بعلم الفرائض والذي هو في غاية التعقيد ويحتاج إلى معرفة السدس والربع وعلم الزكاة كربع العشر وما سواه. وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أفرضكم زيد فيه دلالة على أنه يوجد من الصحابة من يعرف هذا العلم غير زيد وبقيت الأمة بعده صلوات الله وسلامه عليه عالمة بعلمي الفرائض والزكاة فما من فقيه مر على هذه الأمة إلا ويعرف هذين العلمين معرفة وافية. كما أن العرب
(يُتْبَعُ)
(/)
في أيام الجاهلية كانت تعرف الحساب وتعد الشاء والنوق والإبل والنجوم.
7 - ثم لو فرضنا أن عدم معرفة الحساب أمية, ما الحساب الذي ترتفع به الأمية عن الأمة؟ هل هو حساب جدول الضرب أو حساب الفرائض أو حساب الفلك. والحساب أنواع كثيرة جدا فمنه الجبر والجبر ينقسم إلى خطي وغير خطي ومنه الهندسة الفراغية وحساب المثلثات و المعادلات التفاضلية الخطية وغير الخطية و الفئات والحساب المالي والاقتصادي والهندسي والإحصاء والتحليل العددي وكثير مما لانستطيع بسطه إلا في كتاب مستقل. ونسأل القائلين بالتعليل, أي حساب ترتفع به الأمية عن الأمة؟ وهل يجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بجميع أنواع الحساب حتى ترتفع عنها الأمية؟ أم يكفي علمها ببعض أنواعه وإذا كان لايجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بالحساب فما هو الحد الأدنى للعالمين به حتى ترتفع عن الأمة الأمية.
8 - ثم هل الأمية محصورة بعدم معرفة الحساب والكتابة أم أنها تتعدى إلى غيرها مما لاتعرفه الأمة اليوم من صناعة سيارات وطائرات وصواريخ فمتى قسنا أمتنا اليوم بباقي الأمم سوف نحكم عليها بالجهل لا بالأمية فحسب لعدم إحاطتها بكثير مما يحيط به الغرب.
9 - وإذا كانت معرفة فئة قليلة من الأمة بالحساب الفلكي ترفع عن الأمة المسلمة الأمية فإن معرفة بعض الصحابة بالكتابة والحساب ترفع عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الأمية أيضا. ولا يخالجني شك أن نسبة الكاتبين الحاسبين من الصحابة أكثر بكثير من نسبة العارفين بالحساب الفلكي من الأمة المسلمة اليوم.
10 - ثم ماذا يقول القائلون بالحساب متى علموا أن دراسة مقارنة استندت عليها الإليسكو اظهرت أن نسبة الأمية في العالم العربي ستصبح الأولى في العالم بعد أن كانت الثانية بعد أفريقيا وليس هذا فحسب بل إن متوسط عدد الأميين في العالم العربي اقترب من ضعف المتوسط العالمي. وكيف لو علموا أن نسبة العاملين في البحث العلمي في العالم العربي لاتتجاوز 300 عالم لكل مليون عربي بينما هي في أمريكا تتجاوز 4000 وفي أوربا تزيد عن 2000 وكيف لو علموا أيضا أن عدد الكتب المنشورة في العالم العربي أقل من ثلث الكتب المنشورة في إسرائيل على الرغم من أن اليهود في فلسطين 7 ملايين والعالم العربي تجاوز 320 مليون. وإنه ليجوز لنا بعد هذا كله أن نسأل بعد هذه الأمية التي لاتعادلها أمية في العالم هل يعتبرنا القائلون بالحساب غير أميين وتصبح علة الأمية مرتفعة عنا.
ومن هنا يتبين لنا أن قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا" أنه يجب أن نكون على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب حيال صومنا وفطرنا.
كما أن تعليل النصوص الشرعية بهذه الطريقة يجيز لمن يريد من أهل الهوى أن يجعل من بعضها خاصا بفترة النبوة دون غيرها ليهدم ما أراد من أصول الدين وفروعه. ولن يعدم صاحب الهوى قرينة يتأولها للوصول إلى مايريد وهذا يفتح المجال لكل متلاعب وعابث يريد أن يعبث في هذا الدين والذي يقول بتعليل النصوص بهذه الطريقة كأنه ينفي شمول هذا الدين وصلاحه لكل زمان ومكان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2005, 02:25 م]ـ
أرحب بالأخ العزيز، والأديب البارع، الدكتور محمد بن صبيان الجهني رئيس قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز. وهو أديبٌ ذواقة، وشاعر مفلقٌ، وفوق ذلك له نظراته العلمية الدقيقة مثل هذا البحث الدقيق الذي أفادنا به في هذه المشاركة الأولى له في ملتقى أهل التفسير، وأنا أعلم أن لها أخوات مثلها في العمق العلمي، ودقة الاستنباط.
أسأل الله أن يوفق أبا عبدالرحمن لكل خير، ومرحباً به مرة أخرى.
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[16 Oct 2005, 09:29 م]ـ
لقد سعدت كثيراً بهذه المشاركة يا دكتور محمد , وأتمنى أن تتحفنا دائماً بهذه الدراسات في هذا الملتقى المبارك ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Oct 2005, 02:08 ص]ـ
وهذا موضوع له صلة للدكتور محمد بن صبيان الجهني أيضاً ..
الحساب الفلكي بين القطعية والاضطراب ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=24&catid=183&artid=6059)(/)
بلاغة الإشارة بين النظرية والتطبيق
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[14 Oct 2005, 03:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي وهب إبراهيم "علي الكبر" إسماعيل وإسحاق، إن ربي لسميع الدعاء ,وأصلي وأسلم علي المبعوث بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد: فإن الأصل المعتمد في البيان عن المراد هو اللفظ , والبلاغة العربية ما قامت إلا علي الكلام، وآلة ذلك اللسان؛ ولذا كان كل نبي مبلغاً رسالة ربه – في المقام الأول – بلسانه،
ليتم البيان، ويكتمل الإفهام؛ فلا يكون عذر لمعتذر ...
يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم:4)
[فمدار الأمر على البيان والتبيين, وعلى الإفهام والتفهيم, وكلما كان اللسان أبين كان أحمد] (1)
ولما كان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ذا عقدة في لسانه فصار لا يكاد يبين عن مراد الله – سبحانه – دعا ربه قائلاً: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:28,27)
فكانت الإجابة من رب العالمين: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:36).
وإذا كان اللفظ المنطوق قد حاز هذا القدر من الأهمية في البيان , فمما لا شك فيه أن هناك وسائل بيانية أخرى يعمد إليه البلغاء، ولها من القدر والأهمية ما يقارب قدر اللفظ، أو تساويه
وذلك كالبيان بالإشارة، والبيان بالخط، وبالعقد، وبالحال.
والذي يقلب في البيان العربي كله , نثره وشعره، يلحظ ذلك جيدا ً، وعلي رأس هذا البيان حديث النبي – صلي الله عليه وسلم –
حيث يلحظ حرص الرواة علي نقل ألفاظه وإشاراته وأحواله ..
تري الراوي مثلاً يقول:
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – كذا – وأشار بإصبعيه، أو أشار إلي الأرض، أو وأشار إلي جهة كذا ...... إلخ.
وهذه النصوص التي حرص الرواة علي نقلها ليست من العبث , كما أنها ليست من النوافل في عالم البيان، بل إن لها دوراً فاعلاً في الدلالة وبلاغتها قد لا يقل عن دور الكلمة، لذلك نقلها الرواة كما هي.
ولأجل كل هذا:
يحاول هذا البحث الكشف عن بلاغة الإشارة في اللغة وبخاصة في بيان النبي – صلي الله عليه وسلم - .......
وهل يمكن الاكتفاء بها في البيان أو أنها تحتاج إلي وقوف اللفظ بجوارها؟
وفي أي الأساليب تكثر؟ وفي أي الأغراض تبرز؟
وهل من الممكن اصطناع بلاغة للإشارة , خاصة بها؟
هذا – وقد اختط البحث لنفسه منهجاً ذا شقين:
الأول: منهج نظري نقدي يقف عل الإشارة عند علماء البلاغة وكيفية تناولهم لها.
والآخر: منهج تحليلي موجز يصطفي من حديث – النبي صلي الله عليه وسلم – بعضاً منها
ليبين فيها قدرة الإشارة علي حمل المعاني البلاغية كالتشبيه والحذف والتعريف والطباق وغير ذلك.
ومن خلال المنهجين يحاول البحث الخلوص إلى هذه الدلالة – دلالة الإشارة – وأثرها في البلاغة العربية.
ولعلها تكون لبنة في بنيانها الشامخ.
أما خطة البحث:
فتبدأ بمقدمة تكشف عن موضوع البحث , ومنهجه،وخطته.
ثم تمهيد أعرض فيه لمعني الإشارة في اللغة العربية، ثم في القرآن الكريم.
من خلال عدة آيات قرآنية.
ثم فصلين ........ في الفصل الأول الإشارة في تراث العلماء وفيه مبحثان.
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ – وفيها:
1 - مصادر الدلالة عند الجاحظ.
2 - توافق اللفظ والإِشارة.
3 - موقف الجاحظ من هذه الدلالة.
4 - الإشارة أبعد بلاغاً من الصوت.
5 - هل الإشارة عيٌ؟
أما المبحث الثاني في الفصل الأول فهو: الإشارة بعد الجاحظ وفيها:
1 - الإشارة عند قدامة بن جعفر.
2 - الإشارة عند ابن رشيق وأبي هلال.
3 - الإشارة عند ابن حجة الحموي.
4 - الإشارة عند ابن أبي الإصبع.
5 - ثم وقفة علي ما سبق.
الفصل الثاني: بلاغة الإشارة في بيان النبي صلي الله عليه وسلم – في حديث مسلم وفيه:
1 - التوكيد بالإشارة.
2 - التعريف بالإشارة.
3 - دلالة الإشارة علي المحذوف.
4 - الاختصاص بالإشارة.
5 - دلالة الإشارة علي التشبيه.
6 - إخراج المعنوي في صورة المحسوس من خلال الإشارة.
7 - الطباق بالإشارة.
ثم خاتمة – أوضح فيها بعضا مما كشف عنه البحث وبعضا من الوصايا , ثم الهوامش. والله الهادي إلي سواء الصراط.
التمهيد
(يُتْبَعُ)
(/)
مفهوم الإشارة في اللغة العربية:
أصل الإشارة من قولهم: شار العسل يشوره شورا وشيارا وشيارة ومشارا ومشارة: استخرجه من الوقبة واجتناه.
قال أبو عبيد: شرت العسل واشترته: اجتنته، وأخذته من موضعه (2).
وقالوا: شار الدابة يشورها شورا: إذا عرضها لتباع (3).
والشارة عند العرب والشورة: الهيئة واللباس (4).
ومنه الحديث " أن رجلا أتاه وعليه شارة حسنة " (5).
واستنادا إلي استعمال العرب يلاحظ أن أصول مادة " شار " تدل علي عدة معان منها:
[عرض الشيء , وإظهاره , والإيماء إليه]
ولهذا قالوا: رجل حسن الشارة حلو الإشارة ,وفلان صير شير: حسن الصورة والشارة (6)
ولما كان اللباس والهيئة عرَضَين يعرف الإنسان بهما.
قالوا: الشوار والشارة: اللباس والهيئة. قال زهير: من البسيط:
مقورة تتبارى لا شوار لها إلا القطوع علي الأكوار والورك (7).
وتتطور مادة " شور " التي تحمل في ثناياها معني إبداء الشيء وإظهاره وعرضه , من دلالة ظاهرية سطحية، تستند إلي هيئة الشيء إلي دلالة باطنه عميقة تعتمد علي ما في غور النفس؛ فتعبر عنها، وتحكي مضامينها عن طريق الإشارة.
جاء في حديث إسلام عمرو بن العاص: " فدخل أبو هريرة فتشايره الناس " أي: اشتهروه بأبصارهم , كأنه من الشارة وهي الهيئة " اللباس (8).
وترتقي الإشارة من البصر إلي الإصبع التي تحكي بإشارتها , وتعبر بحركتها فأسموها:
" المشيرة " قالوا:. وأومأ إليه بالمشيرة أي: بالإصبع السبابة (9).
-------
وتكتسب الإشارة آلية الكلام منذ عهود الإنسانية الأولي، أو ربما كانت مصاحبة له , وبناء عليه يظهر مصطلح الإشارة الذي يدل علي الكلام , قالت العرب: أشار الرجل يشير إشارة إذا أومأ بيديه (10).
والإيماءة تدل علي معني من أمر ونهي أو سواهما مما يقتضيه المقام.
وفي الحديث:" أنه – صلي الله عليه وسلم – كان يشير في الصلاة " أي: يوميء باليد والرأس ,
يعني: يأمر وينهي بالإشارة (11).
-------
ثم تتطور دلالة الإشارة حيث تقترن بالكلام، ويطلق علي الكلام إشارة , ولذلك سمّت العرب الخطبة (مشوارا) ولقد جاء عنهم " إياك والخطب فإنها مشوار كثير العثار " (12).
وتلتصق كثير من الدلالات بالأصابع فالعرب تقول: " ما فارقتك شبرا ولا فترا ولا عتبا ولا رتبا ولا بصما، - والبصم ما بين الخنصر والبنصر , والعامة تستخدمه الآن في إقرار الأمي علي العقد.
أما العتب والرتب فما بين الوسط والسبابة.
والفتر ما بين السبابة والإبهام.
والشبر ما بين الإبهام والخنصر.
والفوت بين كل إصبعين طولا (13).
وفي حديث النبي – صلي الله عليه وسلم – للرجل الذي كان يشير في الدعاء: أحّد أحّد .... أراد أن إشارته كلها مختلفة فما كان منها في ذكر التوحيد والتشهد فإنه كان يشير بالمسبحة وحدها , وما كان في غير ذلك كان يشير بكفة كلها ليكون بين الإشارتين فرق.
ومنه: إذا تحدث اتصل بها أي: وصل حديثه بإشارته تؤكده) (14).
وهذا الالتصاق بين الإشارة والمعاني له أصول قديمة يذكرها ابن جني فيقول في حديثة عن أصل اللغة وأن منها ما نشأ من المواضعة:
" فكأنهم جاءوا إلي واحد من بني آدم فأومئوا إليه، وقالوا: إنسان , إنسان , إنسان، فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق.
وإن أرادوا سمة عينة، أو يده، أشاروا إلي ذلك , فقالوا: يد، عين، رأس ..... " (15)
وهذا يعني أن للإشارة صلة بالفطرة الإنسانية.
ولا يكاد الإنسان يستغني عنها، لأنها إن لم تكن وسيلة بيان فهي معينة عليه، ومنبهة إليه، يقول شمس الحق العظيم أبادي [دأب الوعاظ، والقصاصون أنهم يحركون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون السامعين علي الاستماع ..... ] (16).
وقد لحظ شراح الحديث النبوي هذا الأمر فجعلوا له باباً خاصاً فتراهم يقولون مثلاً " باب الإشارة في الخطبة ... وباب الرجل يشير بيده ... وباب رفع اليدين علي المنبر ... الخ.
كل ذلك دليل ساطع علي مكانة الإشارة في البيان العربي.
-----------
الإشارة في بيان القرآن الكريم
لم يرد ذكر للفظ الإشارة في القرآن الكريم إلا في موضع واحد،في سورة مريم.
وذلك قوله تعالي: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً) (مريم:29)
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان الداعي إلي الإشارة هو التزام الأمر الصادر إليها من قبل، وذلك قوله تعالي (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) (مريم:26).
وقد ظن أهلها أنها تستهزئ بهم.
يقول القرطبي: " التزمت مريم عليها السلام –ما أمرت به من ترك الكلام، ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت بـ (إني نذرت للرحمن صوما) وإنما ورد أنها أشارت.
فيقوي بهذا القول من قال: إن أمرها بـ " قولي " إنما أريد به الإشارة، ويروي أنها لما أشارت إلي الطفل قالوا: استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها علي جهة التقرير: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) " (17).
ففهمهم الاستهزاء من إشارتها دليل علي أن للإشارة دلالات تفهم منها، ولذلك يضيف القرطبي رحمه الله ويقول: " الإشارة بمنزلة الكلام؛ وُتفهم ما يُفهم القول، وكيف لا، وقد أخبر الله تعالي عن مريم فقال: " فأشارت إليه "؟ وفهم منها القوم مقصودها وغرضها، فقالوا: " كيف نكلم .... إلخ " (18).
وقد ورد ذكر للإشارة في سورة آل عمران ,لكنها جاءت في صوره الرمز وذلك قوله تعالى
لزكريا عليه السلام: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) (آل عمران:41)
فقوله " إلا رمزا " أي: " إلا إشارة بيد أو رأس أو غيرهما " (19).
وأصل الرمز الحركة. يقال: ارتمز إذا تحرك.
ومنه قيل للبحر: الراموز ثم اختلفوا في المراد بالرمز ههنا علي أقوال:
الأول: أنه عبارة عن الإشارة كيف كانت؛ باليد , أو الرأس , أو الحاجب , أو العين , أو الشفة.
والثاني: أنه عبارة عن تحريك الشفتين باللفظ من غير نطق , وصوت.
قالوا: وحمل الرمز على هذا المعنى أولى؛ لأن الإشارة بالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركات الشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتها عند النطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات على المعاني الذهنية أسهل.
الثالث: وهو انه كان يمكنه أن يتكلم بالكلام , وأما رفع الصوت بالكلام فكان ممنوعاً منه.
فإن قيل: الرمز ليس من جنس الكلام , فكيف استثني منه؟
قلنا: لما أدى ما هو مقصود من الكلام سمي كلاماً, ويجوز أيضاً أن يكون استثناءً منقطعاً , فاما إن حملنا الرمز على الكلام الخفي فإن الإشكال زائل] (20)
وقد ذهب القرطبي – رحمه الله –على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام حيث يقول: [في هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام , وذلك موجود في كثير من نصوص السنة , وآكد الإشارات ما حكم به النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمر السوداء حين قال لها: وأين الله؟
فأشارت برأسها إلى السماء.
فقال: إعتقها؛ فإنها مؤمنة.
فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة , الذي يحرز الدم والمال , وتُستحق به الجنة , وينجى به من النار , وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك , فيجب أن تكون الإشالاة عاملة في سائر الديانة , وهو قول عامة الفقهاء] (21)
ولقد تحدث القرآم الكريم عن الإشارة , وذكرها بلفظ الوحي , وذلك كما جاء في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
يقول الزمخشري – رحمه الله – [أوحى: أشار , ويشهد له: إلا رمزا] (22).
[ولا يجوز أن يكون المراد من قوله " أوحى إليهم " الكلام؛ لأن الكلام كان ممتنعاً عليه , فكان المراد غير الكلام , وهو أن يعرّفهم ذلك إما بالإشارة , أو برمز مخصوص , أو بكتابة؛ لأن كل ذلك يفهم منه المراد ....
واعلم أن الأشبه بالآية هو الإشارة لقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران:41). والرمز لا يكون كناية للكلام] (23).
وعليه , فإن الإشارة في القرآن الكريم قد وردت تحت عدة أسماء:
الأول:لفظها الصريح , كما في: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً)
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: الرمز , كما في قوله تعالى: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)
الثالث: الوحي , كما في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن ْسَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
وهذا الأخير هو ما نبه عليه قدامة بن جعفر في الكتاب المنسوب إليه – نقد النثر -, حيث عقد باباً بعنوان: باب من الوحي , وقال فيه: [وأما الوحي فإنه الإبانة عما في النفس بغير المشافهة , على أي معنى وقعت: من إيماء , ورسالة , وإشارة , ومكاتبة.
ولذلك قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى:51).
وهو على وجوه كثيرة , فمنه الإشارة باليد , والغمز بالحاجب , والإيماض بالعين , كما قال الشاعر:
وتوحي إليك باللحاظ سلامها ***** مخافة واش حاضر ورقيب (24).
فالوحي هنا هو الإشارة بالعين , وهذا يفتح الباب أمام الإشارة فلا يجعلها مقصورة على حركة اليد بل يندرج تحتها ألوان كثيرة من التعابير بأي جزء من أجزاء الجسد.
وهذا ينقلنا إلى البحث في تراث علمائنا عن هذه الدلالة , وكيف عبروا عنها , وهل لفظ [الإشارة] عندهم يحمل دلالة الحركة؟ لنر.
الفصل الأول
الإشارة في تراث العلماء
---------------
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ ت/ 255 هـ
يُعد الجاحظ أول من لفت الأنظار إلى هذا النوع من البيان , وحدّ حدوده , وفصل أنواعه , وقال فيه ما لم يُسبق إليه.
والعجيب في الأمر أن علماء البيان بعد الجاحظ أعرضوا عن هذه الدلالة , وانحرفوا بها عن طريقها الذي رسمه , والأعجب منه أن بعضهم عاب على المتكلم أن يستصحب مع اللفظ إشارة باليد , أو بغيرها , وظنوا أن في ذلك عجزاً وعياً عن البيان , وتقصيراً عن امتلاك اللفظ الحامل للمراد , مع أنه شيء مركوز في الفطرة , ولذلك يقول الجاحظ: [زعمت الأوائل أن الإنسان إنما قيل له: العالم الصغير , سليل العالم الكبير؛ لأنه يصور بيده كل صورة , ويحكي بفمه كل حكاية] (25).
فتصوير المعاني باليد فطرة فطر الله الناس عليها , عند إرادة التعبير عما في النفس , ولا يمكن أن تكون الفطرة عجزاً , بل هي عون للفظ , وموافقة له , بل لا بد من صحبتها حتى لا يلتبس الأمر عند المتلقي.
توافق اللفظ والإشارة:
يرى الجاحظ أن الإشارة منها الصواب , ومنها الخطأ , وأن ذلك مرجعه إلى توافق الإشارة مع اللفظ , أو تعارضها معه.
فإذا وافقت الإشارة اللفظ صارت صحيحة , وتم للمراد أركانه , وصار المعنى بليغاً , ووصل إلى القلب في صورة بهية.
أما إذا خالفت الإشارة اللفظ , فإن المعنى يكتنفه الغموض , ويلتبس على المتلقي المراد , ويأتيه المتكلم من الباب الخطأ , فيقع في اضطراب , ويظل المعنى مطموراً؛ لأن صاحبه لم يحسن إخراجه , والإعراب عنه؛ لما بين اللفظ والإشارة من تنافر , وذاك عيب أي عيب؟!
والجاحظ يقول: [إن المعاني مستورة خفية , وبعيدة وحشية , ومحجوبة مكنونة , وإنما تحيا تلك المعاني في ذكرهم لها , وإخبارهم عنها , واستعمالهم إياها.
وهذه الخصال هي التي تقربها من الفهم , وتجليها للعقل , وتجعل الخفي منها ظاهراً , والغائب شاهداً , والبعيد قريباً ....
وعلى قدر وضوح الدلالة , وصواب الإشارة – الحظ هذا – وحسن الاختصار , ودقة المدخل يكون إظهار المعنى .... ] (26).
ولقد نقل الجاحظ – رحمه الله – عن [اسحق بن حسان بن قومة أنه قال: لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع أحد قط.
سئل: ما البلاغة؟
قال: اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة , فمنها ما يكون في السكوت , ومنها ما يكون في الاستماع , ومنها ما يكون في الإشارة , ومنها ما يكون في الحديث] (27).
وهذا نص صريح في أن البلاغة تكون في الإشارة كما هي في الكلام.
وهذا البحث لا ينكر أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولكنه ينبه على الوسائل الأخرى , ومن أعلاها الإشارة , فهي وإن لم تكن تستقل - غالباً - بالدلالة , فهي عون للفظ في البيان , وإذا توارى اللفظ لسبب أو لآخر برزت هي لتنوب عنه ,لأنها رديفته ,وتالية له في تصوير المراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الجاحظ: [والإشارة واللفظ شريكان , ونعم العون هي له , ونعم الترجمان هي عنه , وما أكثر ما تنوب عن اللفظ , وما تُغني عن الخط ..... ولولا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص , ولجهلوا هذا الباب ألبتة] (28).
أعضاء الإشارة:
يقول الجاحظ: [فأما الإشارة فباليد , وبالرأس , وبالعين , وبالحاجب , والمنكب ..
وإذا تباعد الشخصان فبالثوب , وبالسيف] (29).
لكن التراث حمل لنا أمثلة كثيرة كانت العناية فيها بإشارة العين , ولعل السر في ذلك أن العين هي أسرع الأعضاء حركة , والأكثر دلالة , حتى نقل ابن حزم "رحمه الله " في كتابه (طوق الحمامة) ما تعارف عليه الناس في بيئة من إشارات العين , وعقد لذلك باباً اسمه:
باب الإشارة بالعين.
قال فيه: ثم يتلو التعريض بالقبول - إذا وقع القبول والموافقة - الإشارة بلحظ العين , وإنه ليقوم في هذا المعنى المقام المحمود , ويبلغ المبلغ العجيب , ويقطع به ويتواصل , ويوعد ويهدد, ويقبض ويبسط , ويؤمر وينهى , وتضرب به الوعود , وينبه على الرقيب , ويضحك ويحزن , ويسأل ويجاب , ويمنع ويعطى.
ولكل واحد من هذه المعاني ضرب من هيئة اللحظ, لا يوقف على تحديده إلا بالرؤية .. وأنا واصف ما تيسر من هذه المعاني:
فالإشارة بمؤخر العين الواحدة: نهي عن الأمر.
وتفتيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع والأسف.
وكسر نظرها: آية الفرح.
والإشارة إلى إطباقها: دليل على التهديد.
وقلب الحدقة إلى جهة ما , ثم صرفها بسرعة: تنبيه على مشار إليه.
والإشارة الخلفية بمؤخر العين: سؤال.
وقلب الحدقة من وسط العين إلى المؤق بسرعة: شاهد المنع.
وترعيد الحدقتين من وسط العينين: نهي عام.
وسائر ذلك لايدرك إلا بالمشاهدة.
ثم يقول: والحواس الأربع أبواب إلى القلب ... والعين أبلغها] (30)
ونيابة العين عن اللفظ أمر ثابت لاشك فيه , ولعل السبب في تواري اللفظ, وبروز الإشارة هو الخوف من النطق , أو عجز المبين عن الكلام , أو غير ذلك من الأسباب , وانظر مثلاً إلى قول الشاعر:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها* إشارة مذعور ولم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً * وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم
وقال آخر:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها * وتعرف عيني ما به الوحي يرجع
وقال ثالث:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها * من المحبة أو بغضاً إذا كانا
والعين تنطق والأفواه صامتة * حتى ترى من ضمير القلب تبيانا
إن كل هذه الشواهد دامغة على أن هناك للحواس لغة معروفة بين الناس , ولذلك تسمع من يقول " لغة العيون , ولغة الأيدي , ولغة الحواجب , ولغة الشفاه .... إلخ
وهذه اللغات تعارف عليها الناس , وإن لم يكن لها قواعد , أو مفردات , ولكن يبقى الأهم وهو أنها لغة مفهومة.
الإشارة أبعد بلاغا ً من الصوت:
لا شك أن مدى الصوت - مهما كانت قوة صاحبه – مدى محدود , ولو أن رجلا وقف ليحدث آخر عن بعد لما فهم منه شيئاً, وهنا يبرز دور الإشارة؛ لأنها تصل حيث لا يصل الصوت , وتحمل المراد حيث يعجز اللفظ عن حمله.
ولقد جاء في الأمثال العربية قولهم: " رفع عقيرته " وهو مثل يضرب لمن صاح صياحاً شديداً حتى أسمع القاصي والداني , وهذا المثل لا صوت فيه , لكن فيه الحركة.
ومورد هذا المثل: أن رجلاً قطعت رجله فبلغ به الألم مبلغة فرفعها على يديه , وأخذ يصيح حتى أسمع الجميع.
والعرب حين أرادت أن تعبر عن هذا الأمر تركت الصوت الذي صاح به الرجل؛ لأنه مهما علا فلن يصل إلى تصوير شدة الألم الذي أحاط به , ولكنهم التقطوا هذه الحركة التي فعلها الرجل , وهي رفع القدم المقطوع , وجعلوها مضرباً للمثل في شدة رفع الصوت.
وحكمة العرب جعلتها تفطن إلى أن رفع العقيرة أبلغ في تصوير علو الصوت من غيره , فكان التعبير هنا بالإشارة بدلاً من اللفظ , ولذلك يقول الجاحظ:
[ومبلغ الإشارة أبعد من مبلغ الصوت , فهذا أيضاً باب تتقدم فيه الإشارة الصوت , والصوت هو آلة اللفظ , وهو الجوهر الذي يقوم به , وبه يوجد التأليف , ولن تكون حركات اللسان لفظاً ولا كلاماً موزوناً, ولا منثوراً إلا بظهور الصوت , ولا تكون الحروف كلاماً إلا بالتقطيع والتأليف] (32).
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن مع هذا يقرر الجاحظ أن الإشارة من تمام اللفظ حيث يقول: [وحسن الإشارة باليد والرأس من تمام حسن البيان باللسان مع الذي يكون مع الإشارة من الدل والشكل , والتفتل والتثني , واستدعاء الشهوة , وغير ذلك من الأمور] (33)
ولعل ذلك كان سبباً في عدم وصف الإشارة بالبلاغة عند العلماء؛ لأنها لا تستقل بالبيان لمن يستطيع الكلام , أو أن يكون في لغة غير لغة العرب [كما قيل للهندي: ما البلاغة؟
قال: وضوح الدلالة , وانتهاز الفرصة , وحسن الإشارة] (34).
هل الإشارة عند الكلام عيّ:
يرى البعض أن الإشارة مع الكلام دليل العي , والعجز عن امتلاك اللفظ المعبر , وأن البليغ هو الذي يمتلك ناصية البيان , فإذا حرك يده , أو التفت بوجهه, أو غمز بعينه , أو نحو ذلك فإنما عجز عن اللفظ فاستدعى غيره ليفصح به عن مكنون صدره , وكان بعضهم يفاخر بأنه عند بيانه لا يحرك من جسده ساكناً , ولا يشغل سامعه بغير لفظه , ولذلك عدوا الإشارة عيباً وخروجاً عن دائرة البيان العالي.
أما البلاغة التامة عندهم فهي أنْ تحمّل اللفظ كل ما تريد , وأنت ساكن الجوارح ... [قال أبو الأشعث: لقيت صحيفة هندية فإذا فيها: أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة , وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش , ساكن الجوارح , قليل اللحظ متخيراًً اللفظ ...
وكان أبو شمر إذا نازع لم يحرك يديه , ولا منكبيه , ولم يقلب عينيه , ولم يحرك رأسه حتى كأن كلامه إنما يخرج من صدع صخرة.
وكان يقضي على صاحب الإشارة بالافتقار إلى ذلك , وبالعجز عن بلوغ إرادته , وكان يقول: ليس من المنطق أن نستعين عليه بغيره .... حتى كلّمه إبراهيم بن سيار النظام عند أيوب بن جعفر , فاضطره بالحجة , وبالزيادة في المسألة حتى حرك يديه , وحل حبوته , وحبا إليه حتى أخذ بيديه] (35)
وهكذا دلل الجاحظ على خطأ من ظن أن الإشارة عيّ , وأنها عجز عن الكلام , كما بين بعد ذلك أن من أكابر البلغاء من كان يُشير عند بيانه .. قال ثمامة بن الأشرس: كان جعفر بن يحيى أنطق الناس , قد جمع الهدوء والتمهل , والجزالة والحلاوة , وإفهاماً يغنيه عن الإعادة , ولو كان في الأرض ناطق يستغني بمنطقه عن الإشارة لاستغنى جعفر عن الإشارة , كما استغنى عن الإعادة] (36)
ويقول الجاحظ أيضاً عن ثمامة بن الأشرس
[وما علمت أنه كان في زمانه قروي , ولا بلدي كان بلغ من حسن الإفهام مع قلة الحروف ’ ولا من سهولة المخرج مع السلامة عن التكلف ما كان بلغه , وكان لفظه في وزن إشارته , ومعناه في طبقة لفظه , ولم يكن لفظه إلى سمعك بأسرع من معناه إلى قلبك] (37).
ولعل كل هذا تبيان على أن الإشارة ليست عياً, ولا نقصاً في المبين , بل هي من أدواته التي لا يستغني عنها , وإذا كان هؤلاء الذين استشهد بهم الجاحظ قد أشاروا عند بيانهم , فحسبنا أ ن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كثيراً ما أشار عند بيانه , وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا. ً
ومع أن الجاحظ قد فصل هذا التفصيل , وأعطى الإشارة حقها في عالم البيان , وجعلها إحدى وسائله , بل هي النائبة عن اللفظ , والكاشفة عن مقداره , والمؤكدة له , والمعربة عن المعاني الخاصة , أو خاصة الخاصة ...
أقول: على الرغم من هذا كله إلا أن اغلب من جاء بعده من علماء البيان وضعوا عنها هذا القدر , وجردوها من هذه المكانة , وأعادوها إلى اللفظ لتدور في فلكه , وصار مستقى دلالة الإشارة مأخوذاً من اللفظ , فتاهت الدلالة وانمحت معالمها , ولم نعد نفرق بينها وبين غيرها من الدلالات.
وأول من يلقانا على هذا الدرب صاحب أول أثر نقدي علمي مشهور: قدامة بن جعفر.
المبحث الثاني: الإشارة بعد الجاحظ:
أولاً: الإشارة عند قدامة بن جعفر ت 327 هـ:
لقد تحدث قدامه عن ائتلاف اللفظ والمعني ,وجعل من هذه الأنواع الإشارة، ثم عرفها فقال:
[الإشارة: أن يكون اللفظ القليل مشتملاً علي معاني كثيرة بإيماء إليها، أو لمحة تدل عليها ,
كما قال بعضهم، وقد وصف البلاغة فقال: [هي لمحة دالة] (38) وهذا التعريف يحوي ما يلي:
أولاً: أن مصدر الدلالة اللفظ وليس الإشارة - كما يري -.
ثانياً: أن دلالة هذا اللفظ القليل على المعنى دلالة اشتمال , أعني: أنها دلالة مفهومة, وليست منطوقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً أن الإشارة تقوم بمساعدة اللفظ في تكوين الدلالة , لكنه عند استشهاده عمد إلى اللفظ ليأخذ منه دلالة الإشارة , وابتعد عن الحركة والإيحاء , ويقول مستشهداً على الإشارة:
فإن تهلك شنوءة أو تبدل فسيري إن في غسان خالا
لعزهم عززت وإن يذلوا فذلهم أنالك ما أنالا
ثم قال: [فينبه هذا الشعر على أن ألفاظه مع قصرها قد أشير بها إلى معان طوال , فمن ذلك: " تهلك أو تبدل " ... ومنه قوله: " إن في غسان خالا " ..... ومنه ما تحته معان كثيرة , وشرح , وهو قوله " أنالك ما أنالا ".] (39)
وقدامة بهذا التعليق يبعد عن دور الإشارة الحقيقية في تكوين المعنى , بل إن الشعر الذي استشهد به لا إشارة فيه , ولا ما يدل عليها من قريب أو بعيد , اللهم إلا إذا عددنا الكناية والرمز من قبيل الإشارة.
وظل قدامة -رحمه الله -يتابع شواهده , وجميعها تدور في فلك الإيجاز , أو الكناية , أو التمثيل , ولعل الذي دفع به إلى هذا العدول أنه معني ببيان دروب المعاني الشعرية , من حيث مساواتها مع اللفظ أو زيادتها عليه.
فلقد جعل الإشارة نوعاً من أنواع ائتلاف اللفظ مع المعنى ,وهذا الائتلاف قد يكون اللفظ فيه مساويا , أو زائداً عليه , كما هو الحال في باب الإشارة , وهذا يعني أنها عنده قسيم للمساواة.
ًومع أنه عند التعريف جعل مصدر ومستقى هذه الزيادة من الإشارة والإيماء واللمحة الدالة , إلا أنه عند الشرح , والتفصيل أعرض عن هذه اللمحة , وذاك الإيماء , وحصر شواهده في اللفظ, مما أحدث بعده لبساً ففُهمت الإشارة مرة على أنها نتاج الحركة , ومرة أخرى على أنها نتاج اللفظ.
*******
دلالة الإشارة عند ابن رشيق: ت 456 هـ
عقد ابن رشيق القيرواني في كتابة العمدة بابا كبيرا للإشارة بدأ بإبراز جمال هذه الدلالة فقال:
[والإشارة من غرائب الشعر وملحه، وبلاغة عجيبة، تدل علي بعد المرمي , وفرط المقدرة،
وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز، والحاذق الماهر، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة، واختصار وتلويح يعرف مجملا، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه فمن ذلك قول زهير
فإني لو لقيتك واتجهنا لكان لكل منكرة كفاء
فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه , وهذا عند قدامة أفضل بيت في الإشارة] (40).
ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام من إغراب وبعد عن دلالة الإشارة الحقيقية , حتى بيت الشعر الذي استشهد به.
وكأن دلالة الإشارة هي كل ما يحمله الكلام من معان , سواء جاء في صورة كناية , أو تشبيه , أو استعارة ....
وهذا بلا شك عجيب , لأن كل دلالة في علم البلاغة لها مصطلح متفق عليه , أما أن أجعل هذه الدلالات كلها دلالات إشارية فهذا بعيد.
والأصل: أن دلالة الإشارة تستقى من حركة اليد , أو العين , أو الرأس , أو سائر الجسد سواء صاحبت اللفظ , أم جاءت وحدها , وأنا هنا أتحث عن دلالة الإشارة في علم البلاغة , لأن هناك في علم أصول الفقه مفهوماً آخر لدلالة الإشارة.
وأعود إلى ابن رشيق حيث يقول عن البيت السابق: [فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه]
ثم حكم على هذا البيت بأنه أفضل بيت في الإشارة , مع أن ابن قدامة لم يعلق على هذا البيت بقليل , ولا بكثير.
وفي بيت آخر يقول الشاعر فيه:
جعلت يدي وشاحاً له وبعض الفوارس لا يعتنق
يقول ابن رشيق: [وهذا النوع من الشعر هو الوحي عندهم ... ] (41)
لقد جعل ابن رشيق كل ما يستعذبه من الشعر , وكل ما لطف , ودق في المعنى , جعله من باب الإشارة؛ ولأجل هذا فتح الباب لكل ألوان البيان.
فهذه إشارة على معنى التشبيه , ويمثل لها بقول الشاعر:
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
وهذه إشارة على معنى الاستفهام ,ويمثل لها بقول الله تعالى (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ) (القارعة ا:2)
وهذه إشارة على معنى التعريض كقوله تعالى: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (الدخان:49).,
وإشارة على معنى الكناية , وإشارة على معنى التمثيل , وإشارة على معنى الرمز , وأخرى على معنى اللحن ..... إلخ
وغير ذلك كثير مما يعني أن دلالة الإشارة قد تاهت , وأصبح كل معنى مفهوم معنىً إشارياً!!
ثم يعود ابن رشيق لينتصر للدلالة الحقيقية للإشارة فيعرض رأي من يزعم أن الإشارة حشو , ويستدلون على ذلك بقول أبي نواس:
قال إبراهيم بالما ل كذا غرباً وشرقاً
(يُتْبَعُ)
(/)
فزعموا أن قوله [كذا] حشو, وعجز عن اللفظ الدال على الإشارة.
ثم ينتصر لأبي نواس , ولدلالة الإشارة , فيقول: [ولم يأت بها أبو نواس حشواً , ولكن شطارة , وإن شئت قلت: بياناً وتثقيفاً , كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: " وكيف بك إذا بقيت في حثالة الناس , قد مرجت عهودهم وأماناتهم , واختلفوا ... وكانوا هكذا .. ؟ وشبك بين أصابع يديه ".
ولا أحد أفصح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولا أبعد كلاماً منه من الحشو , والتكلف] (42).
وهذا الكلام يناقض كلامه السابق , فهو هنا يحدد مستقى الدلالة , ويبرز أهمية الحركة في تكوين المعنى , بل إنه بعد ذلك ذكر من لطائف هذه الدلالة ما لا يكاد اللفظ يقوم به , ومن ذلك: [أن معاوية - رضي الله عنه - أقام الخطباء لبيعة ولده يزيد , فقام رجل من ذي الكلاع فقال:
هذا أمير المؤمنين ............... وأشار بيده إلى معاوية.
فإن مات فهذا ................... وأشار إلى يزيد.
فمن أبى فهذا .................... وأشار إلى السيف.
ثم قال:
معاوية الخليفة لا نماري +++ فإن يهلك فسائسنا يزيد
فمن غلب الشقاء عليه جهلاً +++ تحكم في مفارقه الحديد (43)
فابن رشيق بهذا لا يترك مجالاً لأحد أن يتهمه بالانتقاص من دلالة الإشارة , أو تغييبها داخل الدلالات الأخرى.
لكن ... أين هذا مما قاله أولاً؟ أليس هذا عجيباً؟
ولو أنك أردت أن تبرز ما في الإشارة من دلالات في البيتين السابقين لوجدت اللفظ منك يطول؛ لأن الشاعر أراد أن يبرهن على أحقية سيدنا معاوية , وولده يزيد بالخلافة , وكان لزاماً عليه أن يذكر صفات كل واحد منهما التي تؤهله لهذا المنصب , ولما كان هذا يطول دعاك أن تنظر بإشارته بيده إلى معاوية ليتحقق لديك بما لا يدع مجالاً للشك في أحقيتهما للخلافة.
ألا ترى أن إشارته بيده جمعت من المعاني ما لا حد له؟
فإن اقتنعت بذلك فاعلم أن هذا هو سر الجمال , ولب الإبداع وموطن الفن في هذه الإشارة , فهي لا تذكر لك المعنى , بل تضع عينك عليه لتراه , وفرق بين الأمرين كبير.
ثم يتابع ابن رشيق كلامه في هذه الدلالة , وكأنه يريد منك ألا تلتفت إلى كلامه الأول؛ لأن الإشارة عنده لها قدرة فائقة على تصوير المعنى , بل وتستطيع أن تستقل بالدلالة , ومن ذلك ما حكاه عن أبي نواس , حيث يقول:
[وقد جاء أبو نواس بإشارات أخر لم تجر العادة بمثلها , وذلك أن الأمير بن زبيدة قال له مرة: هل تصنع شعراً لا قافية له؟ قال: نعم , وصنع من فوره ارتجالاً:
ولقد قلت للمليحة قولي من بعيد لمن يحبك ..... " إشارة: قبلة "
فأشارت بمعصم ثم قالت من بعيد خلاف قولي ..... " إشارة: لا , لا "
فتنفست ساعة ثم إني قلت للبغل عند ذلك ....... " إشارة: امش "
فتعجب جميع من حضر المجلس من اهتدائه, وحسن تأتيه, وأعطاه الأمين صلة شريفة] (44)
فلا شك أن صنيع أبي نواس في غاية الإبداع والبيان , حتى أكاد أزعم أن اللفظ لا يقوم مقام الإشارة هنا , من أين لنا بلفظ يعبر عن صوت القبلة , وكم من أصوات لا بيان لها؟
ومن كل ما سبق عند ابن رشيق يتبين لنا أنه في بداية كلامه خلط بين دلالة الإشارة , ودلالة الصور البيانية , حتى التبس الأمر على القارئ .. , ثم في آخر كلامه حرر الدلالة , واستشهد عليها بشواهد تبرهن على أثر الحركة المشاهدة في المعنى.
********
الإشارة عند عبد القاهر ت 471
الناظر في كتابي عبد القاهر لا يلحظ عناية بهذا النوع من البيان: لأنه - رحمه الله -كان مشغولاً بقضية الإعجاز القرآني،وأنها في نظم الكلام، وهذا الهم شغله عن التعريج علي
وسائل البيان الأخرى، إلا بعض اللفتات القصيرة , وذلك مثل تعليقه علي ما لحق البيان من الضيم: لأن البعض [لا يري معني أكثر مما يري للإشارة بالرأس والعين. وما يجده للخط والعقد]. (45)
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا قوله لمن أعرض عن الشعر بسبب وزنه أن ينظر إلي ما فيه من [حسن تمثيل، واستعارة، وإلي التلويح والإشارة، وإلي صنعة تعمد إلي معني الخسيس فتشرفه ... ] (46) وكذا كلامه عن المزية، وأنها من حيز المعاني حيث يقول: [وينبغي أن تأخذ الآن في تفصيل أمر المزية وبيان الجهات التي منها تعرض، وأنه لمرام صعب، ومطلب عسير، ولولا أنه علي ذلك لما وجدت الناس بين منكر من أصله , متخيل له علي غير وجهه ومعتقد أنه باب لا تقوي عليه العبارة. ولا يملك فيه إلا الإشارة] (47).
ولقد سار الإمام - رحمه الله - علي هذا الضرب. يبين دقائق البيان، ووجوه الإعجاز في نظم الكلام، وهذه الغاية جعلته لايعتني إلا بها.
وهذا يعني إن الإمام , مع أنه أقر، وذكر الإشارة في كلامه، لكنه شغل عنها بغايته التي عقد كتابيه - الدلائل والإسرار - عليها , وهي بيان وجه الإعجاز في القرآن الكريم.
الإشارة عند ابن أبي الإصبع (تـ 654 هـ)
عقد ابن أبي الإصبع بابا للإشارة ونقل نقلا عن غيره، ولكنه زاد في هذه الدلالة زيادات جليلة جعلته يمثل مرحلة من مراحل تطور دلالة الإشارة.
فلقد نقل عن [هند بن أبي هالة في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه" كان يشير بكفه كلها , وإذا تعجب قلبها , وإذا حدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ".
فوصفه ببلاغة اليد , كما وصفه ببلاغة اللسان , يعني أنه يشير بيده في الموضع الذي تكون فيه الإشارة أولى من العبارة , وهذا حذق لمواضع المخاطبات] (48).
ثم راح ابن أبي الإصبع يشرح هذا , فقال: [يشير بكفه كلها. أي: يُفهم بها المخاطب كل ما أراده بسهولة , فإن الإشارة ببعض الكف تصعب , وبكل الكف تسهل.
فأعلمنا هذا الوصف أنه صلى الله عليه وسلم كان سهل الإشارة كما كان سهل العبارة.
" فإذا تعجب بها قلبها"
يعني: أنه أتى بها على وجهها إذا كان المعنى الذي يشير إليه على وجهه ليس فيه ما يستغرب فيعجب منه , فإن الشيء المعجب إنما يكون معجباً لكونه غير معهود.
فكأن الأمر فيه قد قُلب لمخالفته المعهود، فلذلك يجعل قلب يده في وقت الإشارة إشارة إلى أن هذا الأمر قد جاء على خلاف المعهود , ولذلك تعجب منه.
وقوله: " وإذا تحدث اتصل بها "
يعني: اتصل حديثه بها , فيكون المعنى متصلاً , والمفهوم بالعبارة والإشارة متلاحماً , آخذ بعضه بحجز بعض.
وقوله: " فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى "
يعني: أنه عند انتهاء إشارته يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى , مشيراً إلى أنه ختم إشارته , ومعناه , ولذلك عطف هذه الجملة بالفاء , ولم يأت بها معطوفةً بالواو , كما أتى بما قبلها من الجمل , لكونها آخر إشارته.
والواو لكونها غير مقتضية للترتيب يجوز أن يكون المتأخر بها متقدماً ولا كذلك الفاء , إذ لا بد أن يكون المعطوف بها متأخراً؛ لكونها موضوعة للتعقيب.
وأما اقتصاره على باطن الإبهام دون ظاهرها "
فمعناه: أنه جعل آخر الإشارة متصلاً بأول العبارة اتصالاً متلائماً كملاءمة باطن الكف التي ضرب بها باطن الإبهام التي ضرب عليها , وهذا أيضاً من بلاغة الواصف. (49)
وهذا الكلام كلام نفيس لأنه يضع أصولاً لقواعد هذه الدلالة وهذه الأصول لابد من تعليمها حتى يستطيع كل مبين أن يخرج مراده ويختار له ما يناسبه من ألوان البيان لفظا كان أو إشارة ...
ومع أن هذا الكلام صريح في قدره الإشارة علي حمل المعاني، وتكوين الدلالات، إلا أن العجيب أن ابن أبي الإصبع حين اسشهد أعرض عن كلامه، وأتي بشواهد بعيدة عما قال ...
شواهد كل ما فيها أن اللفظ القليل يحمل المعاني الكثير، وهذا أشبه بالانفصام بين القاعدة والمثال، وهو ما وقع فيه الكثيرون.
ولعل السبب في ذلك، أن علماء البلاغة حين يكتبون في العلم يأتون في كلامهم وقواعدهم الجديد، وحاول كل منهم أن يضيف إلي كلام السابقين شيئا فإذا جاءوا إلي التمثيل أخذوا من السابقين شواهدهم وسطورها، ولذلك تجد أغلب الشعر المستشهد به في دلالة الإشارات واحدا، إلا ما نذر.
الإشارة عند ابن حجة الحموي:
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد إضاف ابن حجة الحموي إلى هذه الدلالة إضافة ينبغي ذكرها هنا , حيث قال: [هذا النوع " أعني الإشارة " مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى , وشرح ذلك فقال: هو أن يكون اللفظ القليل مشتملاً على المعنى الكثير , بإيحاء ولمحة تدل عليه , كما قيل في صفة البلاغة: هي لمحة دالة.
وتلخيص ذلك: أنه إشارة المتكلم إلى المعاني الكثيرة بلفظ يشبه لقلته واختصاره إشارة اليد , فإن المشير بيده يشير دفعة واحدة إلى أشياء لو عبر عنها بلفظ لاحتاج إلى ألفاظ كثيرة.
ولابد في الإشارة من اعتبار صحة الدلالة , وحسن البيان مع الاختصار؛ لأن المشير بيده إن لم يفهم المتلقي معنى إشارته فإشارته معدودة من العبث , وكان النبي صلى الله عليه وسلم سهل الإشارة كما كان سهل العبارة , وهذا ضرب من البلاغة يمتدح به] (50)
وفي كلام ابن حجة تنبيهات ينبغي الوقوف عليها , فهي مرحلة من مراحل تطور هذه الدلالة , ومنها:
أولاً: أن دلالة الإشارة مع كونها من اللفظ لكنها سميت كذلك تشبيهاً بحركة اليد التي تفهم منها معان كثيرة دفعة واحدة , فكذلك اللفظ إذا فهم منه معان كثيرة دفعة واحدة كان فيه دلالة إشارة كما يقول.
ثانياً: يشترط ابن حجة صحة هذه الدلالات حتى لا يدعي كل أحد أن في اللفظ دلالة كذا , واللفظ لا يحتملها.
يقول: [فلابد في الإشارة من اعتبار الصحة , وحسن البيان مع الاختصار] (51).
ثالثاً: أن من الإشارة ما يوصف بالسهولة , ومنها ما يوصف بالتعقيد , وسهولة الإشارة تعني: وصول المراد إلى القلب دون وسائط.
ومع كل هذا إلا أنك تراه يقول: [والإشارة قسمان: قسم للسان , وقسم لليد] (51) لكنك إن بحثت عن القسم الذي لليد فلن تجد له شاهداً في كتابه, فجميع شواهده في دلالة اللفظ القليل على المعنى الكثير, وهذا بلا شك دلالة إيجاز وليست دلالة إشارة باليد كما نص هو" رحمه الله ".
الإشارة عند الفقهاء:
حظيت دلالة الإشارة لدى الفقهاء بعناية فائقة , وبنوا عليها أحكاماً, حتى وإن وردت وحدها دون مصاحبة اللفظ , مما يعني إمكانية استقلالها بالدلالة , ومن ذلك ما جاء في كثير من أبواب الفقه ,يقول المهلب: [قد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام , مثل قوله " صلى الله عليه وسلم ": بعثت أنا والساعة كهاتين (52) فعرّف قرب ما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة.
وفي اجتماع العقول على أن العِيان أقوى من الخبر دليل على أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام] (53).
ومن الأفكار التي بنيت على الإشارة عند الفقهاء:
أنهم [كرهوا للرجل التكلم والإمام يخطب , وإن تكلم غيره فلا ينكر عليه إلا بالإشارة] (54)
[واشترطوا لحل الذبيحة شروطا , منهاً:
أن يقول باسم الله عند حركة يده بالذبح ...... فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء , وأشار إشارة تدل على التسمية , بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية , وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس.
وفي حكم البدء بالسلام قالوا:
وإذا قال: السلام عليك , وأشار على محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين , فإن الفرض يسقط؛ لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً , وكذا إذا قال: السلام عليك , بدون إشارة , فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين؛ لأنه يصح أن يخاطب الجماعة بخطاب الواحد .....
وفي مبحث اليمين قالوا:
وإذا حلف ألا يأكل هذا وأشار إلى قمح بدون أن يذكره , فإنه يحنث إذا أكل منه على هيئته, أو أكل من دقيقه , أو خبزه , أو أي شيء يتولد منه ...
وفي كتاب النكاح قالوا:
وإذا تزوجها على (هذا الفرس ,أو هذا الفرس) وأشار لها إلى فرسين , وكان أحدهما أقل من الآخر حكم بمهر المثل.
وفي باب القذف قالوا:
إن القذف لا يصح إلا بالتصريح ....
قال ابن القصار: وهذا باطل , وقد نص مالك على أن شهادة الأخرس مقبولة , إذا فهمت
إشارته , وأنها تقوم مقام اللفظ بالشهادة ... ] (55)
أما علماء الأصول , فإنهم ذكروا من أنواع الدلالات: دلالة الإشارة؛ لكنهم لم يخرجوا بها عن التركيب ونظمه , وجعلوها ثمرة للفظ وإيماءاته , فقالوا عنها: إنها [دلالة النظم على معنى لم يسق لأجله , لعدم قصد المتكلم له في نفسه , لكن السامع يعلمه بالتأمل في معنى النظم من غير زيادة عليه ولا نقصان] (56)
(يُتْبَعُ)
(/)
[وجوهر هذه الدلالة عندهم ماثل في أمرين:
أنها دلالة نظمية , وأنها دلالة غير مقصودة للمتكلم بهذا النظم.
ووجه تسمية هذه الدلالة إشارة عندهم أن المتكلم قد يفهم بإشارته , وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة] (57)
وكل ذلك كما ترى متولد عن اللفظ , ولا علاقة له بدلالة الحركة , وإن كان الأصل في اصطلاح لفظ الإشارة هو الحركة , لكنهم عند تحديد الدلالة نظروا إلى اللفظ , وأغفلوا الحركة المصاحبة له.
ولذلك يرى بعضهم أنها دلالة التزاميه تستقى من اللفظ غير الصريح , ويرى آخرون أنها تفهم من اللفظ , ولا يدل اللفظ عليها , ومن ذلك مثلاً ما يقوله الجصاص في أحكام القرآن حول قول الله تعالى: " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " يقول: [يؤخذ منه بطريق الإشارة: أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه , وليس هو الذي لا يملك البتة, فإنه لا يحسبه الجاهل به غنياً من أجل تعففه إلا إذا كان ظاهر حاله ساتراً حقيقته , وذلك لا يكون مع العدم المحض] (58).
[ويؤخذ منه أيضاً بطريق الإشارة أن على الفقير ألا يظهر حاله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً , فقد جاءت الآية في معرض المدح.
ويؤخذ منه أيضاً: أن على أهل الفضل أن ينقبوا عن أولئك المتعففين , ويعينوهم على استتارهم ببذل ما يحفظ ماء الحياء في وجوههم] (59).
وكل هذه المعانى مرتشفه من اللفظ وسياقه،لكن لا يوجد ذكر هنا لحركه أو إشارة، مما يعني أن الأصوليين ـ أيضاً عدلوا بالإشارة عن حقيقتها، وعمدوا إلى اللفظ وإشارته أي: دلالته.
ولم تقف أهمية هذه الدلالة عند الفقهاء والبلاغيين فقط، بل إن الناس كانوا يتعارفون علي إشارات فيما بينهم ومن ذلك ما ذكره شمس الدين العظيم أبادي في شرحه لسنن أبي داود.
يقول: [جاء عن ابن سيرين أنه قال:
كانوا يستأذنون الإمام - وهو علي المنبر - فلما كان زياد , وكثر ذلك بينهم، قال: من وضع يده علي أنفه فهو إذنه] (60).
وهذا اصطلاح بين هؤلاء فقط، مما يعني أن الجميع كان يأوي إلي الإشارة , إن صرفه صارف عن اللفظ.
وقفه علي ما سبق.
هذا مما سطّرهُ علماؤنا عن الإشارة، ولقد تبين لي بعض الأمور أوجزها فيما يلي:
أولاً: اتفق الجميع على أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولم يختلفوا حول الإشارة , وكونها ضرباً من البيان أيضاً.
ثانياً: أن أول من كشف اللثام عن هذه الدلالة , وفصل غوامضها الجاحظ , ومع ذلك لم يسر خلفه الباقون بل حارت الدلالة عندهم وضوحاً وغموضاً, وإن كان لهم إضافات لا تنكر.
ثالثاً: أن للإشارة دلائل واضحة وناطقة في بيان الوحي , كما أن لها دلائل في بيان العرب قديماً شعراً ونثراً.
رابعاً: أنهم اختلفوا في وصف الإشارة بالبلاغة , فمنهم من وصفها بالبلاغة كابن المقفع , وابن حجة الحموي , وابن أبي الإصبع , ومنهم من قصر البلاغة على اللفظ.
خامساً: أن دلالة الإشارة مركوزة في فطرة الإنسان , وعليه لا يجوز وصف البليغ إذا أشار بالقصور , أو العيب , أو العي.
سادساً: لابد في الإشارة من موافقة اللفظ حتى يسهل المعنى على المتلقي , أما إذا كان اللفظ في جانب , والإشارة في جانب مغاير أدى الأمر إلى التعقيد المذموم.
سابعاً: إن حقل البيان ما زال في حاجة ماسة إلى الكشف عن وسائل البيان الأخرى غير اللفظ
ثامناً: للإشارة مقامات لا يستطيع اللفظ القيام بها , كالبيان للبعيد , وبيان الخائف , والبيان عن أمور لا لفظ لها في العربية , كما في بعض الأصوات.
تاسعاً: أن لكل حركة دلالة ينبغي تمييزها عن غيرها , وتحديد دورها في تكوين المراد.
ووددت لو تم اصطناع معجم لدلالة الإشارات في بيان السابقين , وعلى رأس ذلك بيان الوحي , ثم بيان العرب القديم.
ولقد ألمح على مثل ذلك ابن حزم حيث قال::
الإشارة بمؤخرة العين الواحدة , تعني: النهي.
وتقصيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع.
وقبض اليد يعني: القوة.
وغير ذلك كثير في التراث , ومن الممكن جمعه , ووضعه في معجم يستعين به كل مبين.
الفصل الثاني
دلالة الإشارة في بيان النبي
" صلى الله عليه وسلم "
دراسة في صحيح مسلم
---------
تقديم
لا شك أن كل بيان يحمل صفات قائله , فالبيان القرآني يحمل كل كمال , وكل تنزيه وإحاطة , وكل ما يليق بالله تعالى من صفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان الحكماء من البشر يملكون ناصية البيان أعلاه، وأصفاه، وأحلاه، وأتقنه، وأرقاه، فما أبان أحد كبيان النبي- عليه السلام -، فالبيان النبوي يقف على قمة البيان البشري , ولم لا وهو قبس من بيان القرآن الكريم، بل هو الوجه الآخر لهذا البيان.
وللإشارة في بيان المعصوم صلي الله عليه وسلم مقام رفيع لا يقل عن مقام اللفظ ولقد حرص الرواة جميعاً حين سمعوا رسول الله عليه السلام يقول: " بلغوا عني " حرصوا علي نقل هذا البيان كاملاً غير منقوص، بما فيه من لفظ وخط، وإشارة، وعقد وحال،لأنهم يعلمون أن هذه الوسائل ليست حشوا، أو كمّا مهملا، بل لها دور في بناء المعني , وتكوين الدلالات , وعسى أن يكون خلف الإشارة حكم , أو تكليف , أو وصية , أو نحو ذلك من تعاليم الدين , فيغيب عن الناس فيتحملوا وزره؛ لأجل ذلك نقلوا إلينا كل شيء.
تسمعهم يقولون: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كذا وأشار بالسبابة والوسطى , أو قال كذا وجمع بين أصابعه , أو شبك بين أصابعه.
وتراهم يقولون: خط رسول الله خطوطاً في الأرض ... ثم قال كذا ...
وهذا كله دليل قاطع , وبرهان ساطع على منزلة هذه الوسائل البيانية في حمل المراد إلى
المتلقي.
بل إنهم أطلقوا على الإشارة لفظ (القول): تسمعهم يقولون: قال بأصبعه كذا ....
والأوراق القادمة تكشف بعضاً من علاقة البيان بالإشارة , وكيف تحمل حركة الجسد تشبيهاً أو توكيداً , أو غير ذلك من ألوان البلاغة , وكأن الإشارة فيها من علم المعاني والبيان والبديع ..... وهذه نماذج تبين كل نوع.
التوكيد بالإشارة
لا شك أن توكيد المسند , أو المسند إليه إنما هو تقرير لكل منهما , وتحقيق لمفهومهما؛ رغبة في [جعله مستقراً محققاً ثابتاً بحيث لا يظن به غيره] (61) والإشارة تقوم بهذا الدور خير قيام.
ولقد جاءت أحاديث كثيرة ترى فيها الإشارة مؤكدة للفظ , ومدعمة له , وكأن وصول المعنى إلى القلب عن طريق السمع لا يكفي , فأريد استصحاب طريق إضافي , فإذا وجد القلب أن المعنى قد وصله من طريقين مختلفين , وكل منهما يؤكد الآخر، فتح للمعنى الباب ليستقر فيه.
ولا شك أن العلماء كانوا يستعينون علي المعني الواحد بعدة طرق لفظية مثل التوكيد اللفظي والمعنوي، وغير ذلك - لأنهم كانوا يرون في المعني فخامة تحتاج إلي هذا الحشد.
فما المانع أن تؤازر الإشارة اللفظ في المعاني الشريفة، والمقامات العالية التي تحتاج إلي ألوان أخرى من المؤكدات سوي المؤكدات اللفظية، حتى تستقر النفوس، ويزول ما فيها من ريب.
ومن هذا الباب ما جاء في فتح خيبر من حديث سلمة بن الأكوع.
أنه قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا ً شديداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، وشكّوا فيه: رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره.
قال سلمة: فقفل رسول الله صلي الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول، قال، فقلت:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " صدقت "
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
قال: قلما قضيت رَجَزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال هذا "؟
قلت: قاله أخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحمه الله "
فقلت: يارسول الله! إن ناساً ليهابون الصلاة عليه , يقولون رجل مات بسلاحه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مات جاهداً مجاهداً " , وفي رواية " كذبوا , مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين , وأشار بأصبعيه " (62)
فقوله: مرتين , ثم يشير بإصبعيه إنما هي توكيد لفظي لأن المقام في حاجة إلى ذلك , وانظر إلى ما أصاب سيدنا سلمة بن الأكوع من غم حين رأى إعراض الصحابة عن الصلاة على
أخيه , حتى ارتاب في الأمر , ودخله ما دخله من الشك في عاقبة أخيه , ومن هنا كان من الأولى إزالة هذا الشك من عنده , ومن عند جميع الصحابة , فأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالإشارة , لتكون الإشارة توكيداً لا يبقى معه لبس , ولا غموض في فوز أخي سلمة بالجنة , والشهادة في سبيل الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالآذان ستظل تذكر كلام النبي , والعيون كذلك ستظل ترى هذه الإشارة المصاحبة للفظ لتكون بياناً توكيدياً لها.
ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق , حتى تكون منهم بمقدار ميل, قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض , أم الميل الذي تكتحل به العين؟
قال: " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق , فمنهم من يكون إلى كعبيه , ومنهم من يكون إلى ركبتيه , ومنهم من يكون إلى حقويه , ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً "
قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه. (63)
فقوله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً, يفهم منه أن العرق قد وصل إلى الفم , هذا منطوق العبارة , والذهن يتصور ذلك , لا شك ,.
إذن , ما الإضافة التي أضافها رسول الله إلى المعنى بإشارته؟ وهل قصّر اللفظ عن أداء المراد حتى تأتي الإشارة؟
إن الإضافة التي أتت بها الإشارة , كما أفهم , هي استحضار الصورة لتشاهدها العيون , فوضعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يده على فيه نقل المعنى من عالم الغيب إلى عالم الشهادة , وهذا من أرفع صور التوكيد فالناس الآن لا يسمعون الكلام , بل يرون صورة هذا الرجل الذي ألجمه عرقه , يرونه الآن أمام عيونهم , وهو يحاول النجاة , أو التخلص من هذا العرق بعد أن وصل إلى فيه , وأخذ بخناقه , ويكاد يسد أنفاسه , هكذا ينظر السامع إلى المعنى بعد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما اصطفاء هذا الصنف , أعني: الذي يلجمه العرق , لتصويره دون غيره ممن وصل العرق إلى كعبيه , أو ركبتيه ... الخ , فلأنه الأشد كرباً , والمقام مقام ترهيب من يوم القيامة , والسياق سياق زجر , فالشمس تدنو من الرؤوس , والكل في ضيق ووجل , فكان الأبلغ استخلاص أشد الصور نفوراً فكان من يلجمه العرق إلجاماً هو الأليق بالمقام فوقع التصوير بالإشارة عليه , لأن من رأى ليس كمن سمع.
التعريف بالإشارة
تحدث البلاغيون عن التعريف باسم الإشارة , وجعلوا لذلك أغراضاً كثيرة , منها: تمييز المشار إليه أكمل تمييز , ومنها المدح , أو الذم , أو لبيان حاله في القرب أو البعد , أو التوسط , وقد يكون التعريف باسم الإشارة غرضه التنبيه على ما سبق ذكره في الكلام .. وغير ذلك.
ولقد بين العلماء أن التعريف بالإشارة يرقى إلى مرتبة عالية في مجال وسائل التعريف , وذلك بسبب مصاحبة الإشارة الحسية للفظ المسموع.
يقول السبكي في عروس الأفراح: [يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة لأحد أمور:
الأول: أن يقصد تميزه لإحضاره في ذهن السامع حساً ... فالإشارة أكمل ما يكون من التمييز كقول ابن الرومي:
هذا أبو الصقر فرداً في محاسنه من نسل شيبان بين الضال والعلم (64)
انظر إلى قوله: " لإحضاره في ذهن السامع حساً " فهذا يعني مصاحبة الحركة للفظ.
ويقول الدسوقي في حاشيته على السعد: [والتمييز الأكمل هو ما كان بالعين والقلب , فإنه لا تمييز أكمل منه , ولا يحصل ذلك التمييز إلا باسم الإشارة ....
ودلالة اسم الإشارة على أكملية التمييز لأن معه إشارة حسية , ولا يتأتى معه اشتباه ..
واسم الإشارة إذا كان المشار إليه حاضراً محسوساً للسامع بحاسة البصر كان أقوي.] (65)
وكل هذا يدل على قدرة الإشارة الحسية على حمل المعاني , بل إن أسماء الإشارة لا تتخيل إلا إذا صاحبتها حركات حسية , يلفت بها المتكلم نظر السامع إلى ما يريد.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: [كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ...
قال: قلت: من هم يا رسول الله؟
فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً , وفينا سلمان الفارسي , فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان , ثم قال: " لو كان الإيمان عند الثريا
لناله رجال من هؤلاء "] (66)
فقوله " لناله رجال من هؤلاء " صاحبه وضع يده على سلمان الفارسي , حتى يكون التمييز في أكمل صورة , وبخاصة أن السائل صار في شوق إلى معرفة هذه الطائفة التي تلحق بالسابقين الأولين.
ووضع اليد على سيدنا سلمان قصد به رجال من أهل فارس , وهذا يفسره رواية أبي هريرة في صحيح مسلم: " لو كان الدين عند الثريا لذهب رجال من فارس حتى يتناولوه "
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس المقصود اختصاص أهل فارس بسبب فارسيتهم , وإنما المقصود ما يتحلون به من طاعة والتزام.
ولقد نقل ابن حجر بعضاً مما جاء في أسباب نيل هؤلاء هذه الدرجة , ومنها:
ما جاء زيادةً في إحدى الروايات " برقة قلوبهم " ,
وفي أخرى " يتبعون سنتي , ويكثرون الصلاة علي " (67).
وعلى هذا فالإشارة الحسية تلفت انتباه الناس إلى صفات هذه الطائفة , التي تتحلى بالإيمان , ولو كان عند الثريا.
ووضع اليد على سيدنا سلمان يعني أنه كان متحلياً بهذه الصفات فجاءت الإشارة الحسية لينظر الجميع إليه , وإلى صفاته فيكون ذلك دافعاً إلى التشبه به.
*****
دلالة الإشارة على المحذوف
قد تأتي الإشارة لتدل على لفظ محذوف لكنه مراد في المعنى , وعدم التصريح بهذا اللفظ له أسباب كثيرة: مثل: الاختصار , والاحتراز عن العبث بناءً على الظاهر , أو ضيق المقام ... الخ (68).
ولا شك أن للحذف مكانة عالية في البلاغة.
ويكفي هنا ما ذكره الإمام عبد القهر من أن الحذف [باب رقيق المسلك لطيف المأخذ،عجيب الأمر شبيه بالسحر , فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر , والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن] (69).
وقد يعمد المبين إلي الإيماء , وإلي المحذوف بإشارته، وعندها تكون هذه الإشارة هي الدليل علي المحذوف فتكسبه وضوحا وبيانا قد لا يتوفران في ذكره.
ومن ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد علي سبعة أعظم. الجبهة وأشار بيده علي أنفه واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين، ولا تكفت الثياب ولا الشعر (70).
والحديث حذف منه لفظ " الأنف وإن كان أشير إليه باليد , ذلك لأن الأصل في الرأس الجبهة، فالسجود عليها هو الفرض ويتبع ذلك الأنف.
وكان التصريح بالجبهة، وحذف الأنف يعني أن كلا منهما ليسا علي درجة واحدة في السجود. [قال القرطبي: هذا يدل علي أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع .... وقال ابن دقيق العيد: قيل: معناه أنهما جعلا كعضو واحد، وإلا لكانت الأعضاء ثمانية، وقال: وفيه نظر: لأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود علي الأنف، كما يكتفي بالسجود علي بعض الجبهة ..... والحق: أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد فذاك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دل عليه الأمر] (71).
وقد تفيد الإشارة أن الجبهة والأنف ملتصقين فهما عضو واحد كما جاء عند النسائي:
"ووضع يده علي جبهته وأمرها علي الأنف, قال: هذا واحد] (72).
وأري أن حذف لفظ " الأنف " هنا لا يعني أنها تالية للجبهة وتابعة لها في الأهمية، بل إن الإشارة إلي الأنف يعني كما أري أهمية السجود عليها لدرجة قد تفوق غيرها، ولذلك وضع البخاري (رحمه الله) هذا الحديث تحت عنوان " باب السجود علي الأنف والطين ".
ذلك لأن السجود علي الأنف أقرب إلي الذل والانكسار والخشوع من غيره، ويعلق ابن حجر رحمه الله علي عنوان البخاري فيقول:
" كأن البخاري يشير إلي تأكد أمر السجود علي الأنف , بأنه لم يترك مع وجود عذر الطين الذي أثر فبه، ولا حجة فيه لمن استدل به علي جواز الاكتفاء بالأنف، لأنه في سياقه أنه سجد علي جبهته وأرنبته، فوضح انه إنما قصد بالترجمة ما قدمناه، وهو دال علي وجوب السجود عليهما، ولولا ذلك لصانهما عن لوث الطين " (73).
وعليه فإن الحذف هنا لا يقل درجة عن الذكر لأن الإشارة نبهت على المحذوف، وزادته إيضاحاً فوق اللفظ.
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال " اشتكي سعد ابن عبادة شكوي له، فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوده، مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله ابن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيه.
فقال: أقد قضي؟ قالوا: لا يا رسول الله: فبكي، فلما رأي القوم بكاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا " وأشار إلي لسانه " أو يرحم (74).
وأول ما يلحظ هنا: البداية بـ " ألا تسمعون " وهذا تمهيد لما سيقوله لأهميته حتى لا يتحرج أحد من البكاء، أو يظن أن فيه معصية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن ما الفرق بين (أن الله يعذب بهذا أو يرحم) وبين (إن الله يعذب باللسان أو يرحم)؟
الفرق أن في أحد الخبرين إشارة وفي الأخر تصريح باللفظ، ولا شك أن في حذف اللفظ والاكتفاء بالإشارة التي تراها العين توكيداً للمعني، وبخاصة أن في الكلام تشريعاً يترتب عليه حرام وحلال،كما أن في حذف لفظ [اللسان] تهويلاً وترهيبا ًمن عواقبه , لأنه إما أن يرفع صاحبه إلى عليين , أو يهوي به إلى أسفل سافلين , وهنا ترى كلام الإمام عبد القاهر قد تمثل أمامك , وذلك قوله: " وترى ترك الذكر أفصح من الذكر ... "
******
الاختصاص بالإشارة
الاختصاص في البلاغة العربية له أدواته المعروفة مثل (إلا, وإنما, والعطف بلا وبل ولكن) ...
ويمكن أن يضاف إلى ذلك الإشارة؛ لأنها تصحب اللفظ فتخصص جزءه , أو نوعه , أو أفضله , أو أدناه.
ومن هذا الباب ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال:
أشار النبي صلى الله عليه وسلم نحو اليمن فقال:
" ألا إن الإيمان ههنا , وأن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر (75)
فالحديث يختص أهل اليمن بعلو القدر في الإيمان وسبقهم في ذلك غيرهم , ولقد كان الاختصاص بأداة بيانية واضحة تراها العيون , وهي الإشارة باليد , يقول ابن حجر: [قوله أشار رسول الله بيده نحو اليمن فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله " يمان " الأنصار ,
لكون أصلهم من أهل اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على المراد به أهلها حينئذٍ, لا الذين كان أصلهم منها ,وسبب الثناء على أهل اليمن هو إسراعهم إلى الإيمان] (76)
وهذا يعني أن الإشارة أفادت خصوصية في المراد , وهو أن الفضل الإيماني في أهل اليمن الذين كانوا في عهد رسول الله خاصة , وليس الأمر متعلقاً بمن سبقوا منهم , أو من جاءوا من بعدهم , ولذلك جاء في رواية " جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة , الإيمان يمان , والفقه يمان , والحكمة يمانية " (77)
فالإشارة في الحديث خصصت الوقت , وليس الأمر على إطلاقه , فالفضل إذن للأنصار الذين آووا ونصروا , فهم أرق أفئدة , وأهل فقه وإيمان , ولذلك كان الاعتراض على من ظن أن اللفظ على إطلاقه فقيل [أما ما ذكر من نسبة الإيمان إلى أهل اليمن فقد صرفوه عن ظاهره من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة] (78)
بل غالى البعض فقال إنه أراد بذلك مكة , ومكة من تهامة , وتهامة من أرض اليمن , أو أراد مكة والمدينة معاً ... حيث جاءت الرواية بأنه صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو في تبوك , ومكة والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن , فأشار إلى ناحية اليمن , وهو يريد مكة والمدينة , فقال الإيمان يمان ونسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذٍ من ناحية اليمن , كما قالوا الركن اليماني , وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن.
لكن الأحسن - كما قال أبو عبيدة: أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل , فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره] (79)
ولعل هذا القول هو الذي يفسر الجمع بين الإشارة واللفظ في رواية البخاري حيث جاء فيها:
[الإيمان يمان ههنا]
فقوله: " يمان " إشارة إلى أهل اليمن.
وقوله: " ههنا" أراد بها الأنصار.
وذلك لأن اسم الإشارة " هنا " يدل على القرب كما قال ابن مالك:
وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا
أي: يشار إلى المكان القريب بـ " هنا " ويتقدمها هاء التنبيه فيقال: " ههنا " (80)
وعلى هذا فالحديث مدح للأوس والخزرج , فهم الأرض التي اشتد فيها عود الإسلام , واستوى على سوقه , وبيعتي العقبة دليل ذلك.
أما ما قاله بعضهم من صرف المعنى عن ظاهره , وأنه صلى الله عليه وسلم أراد مكة فإنه يخالف الروايات الكثيرة والصريحة في أنهم أهل اليمن , نحو: أتاكم أهل اليمن , وجاءكم أهل اليمن , ثم جاءت الإشارة في روايات أخرى لتؤكد هذه الأمور , وقد اختار النووي هذا الرأي , وحسنه أبو عبيدة.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة , فقال: " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه "
وزاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقللها.
وفي رواية أخرى: " وقال بيده يقللها يزهدها " (81)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه الإشارة استنبط منها الصحابة معنى القلة , كما نص على ذلك الراوي , مما يعني أنهم مصطلحون ضمناً على إشارات يفهمون منها معاني خاصة , ولذلك [جاء في رواية سلمة بن علقمة .... ووضع أنمله على بطن الوسطى , أو الخنصر يزهدها.
وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع أنمله هو بشر بن المفضل رواية عن سلمة بن علقمة , وكأنه فسر الإشارة بذلك , وأنها ساعة لطيفة تنتقل بين وسط النهار إلى قرب آخره , وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله " يزهدها " أي: يقللها.
ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة [وهي ساعة خفيفة].
وللطبراني في الأوسط من حديث أنس [وهي قدر هذا] يعني: قبضة.
قال الزبير بن المنير: الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها , والحض عليها ليسارة وقتها , وغزارة فضلها ...
و فائدة الإبهام لهذه الساعة , ولليلة القدر , بعث الداعي على الإكثار من الصلاة والدعاء , ولو بيَّن لاتكل الناس على ذلك , وتركوا ما عداها , فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها] (82)
ولا شك أن الاختصاص بالإشارة هنا لا يراد منه ساعة دون أخرى , ولكن يراد منه التنبيه على قلة وقت الإجابة كما فسر العلماء , حيث قالوا: أن هذه الإشارة تعني أنها يسيرة , أو تعني أنها ساعة خفيفة.
وقيل إنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.
وقيل: عند الشروق.
وقيل قبل الغروب ...
وكل ذلك تفسير للإشارة بالقلة؛ حتى يجتهد المسلم في كل وقت , لعله يدركها.
دلالة الإشارة على التشبيه
للتشبيه في البيان العربي منزلة عالية , قال عنها الإمام عبد القاهر: [وهل تشك في أنه يعمل عمل السحر في تأليف المتباينين , حتى يختصر ما بين المشرق والمغرب , ويجمع ما بين المشئم والمعرق , وهو يريك للمعاني الممثلة بالأوهام شبهاً في الأشخاص الماثلة ,والأشباح القائمة , ويُنطق لك الأخرص , ويعطيك البيان من الأعجم , ويريك الحياة في الجماد , ويريك التئام عين الأضاد , فيأتيك بالحياة والموت مجموعين , والماء والنار مجتمعين ... ] (83)
وظهور الإشارة في دائرة البيان , وولوجها في تصاويره الكثيرة دليل على قدرة الإشارة على حمل المعاني , وأدائها على أتم وجه , ولذا يستعان بالإشارة في الصورة التشبيهية , لأن بينهما علاقة وصلة رحم فالغرض الأول من التشبيه هو البيان والإيضاح , وليس هناك أقوى من الإشارة في إبراز المعاني في صور مشاهدة محسوسة تراها العيون , وتتلمسها الأيادي.
ومن هذا ما رواه سيدنا عمار بن ياسر قال: " بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت , فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة , ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فقال: " إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا " ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة , ثم مسح الشمال باليمين وظاهر كفيه ووجهه " (84)
ولا شك أن صنيع سيدنا عمار إنما كان بعد سماعه قول الله تعالى: " (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة:6) لأنه لن يفعل شيئاً دون دليل , لكن الآية لم تبين كيفية التطهر , ولا مقداره .. , لذلك بالغ سيدنا عمار فعم الجسد بالتراب.
وكان تعليمه من الصورة الإشارية التشبيهية , فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه عملياً , وهو ينظر , ولو افترضنا لفظاً يقوم مقام الإشارة , لما وفى بالبيان العملي لكيفية الضرب للأرض , وعدد المرات وما الذي يبدأ به من الأعضاء؟ , وإلى أي مدى يكون المسح؟
وغير ذلك كثير , ولقد كانت الإشارة وافية بجميع هذه الأسئلة , فما تركت في النفس شيئاً , فالتعليم هنا تعليم بالمشاهدة , فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يتشبه بأفعاله , وعليه ففي الكلام تشبيه.
ولكن كيف نكوّن هذه الصورة التشبيهية؟
المشبه هنا سيكون تيمم سيدنا عمار.
والمشبه به هو تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووجه الشبه هو الإتيان بأركان التيمم على الوجه الصحيح.
ولقد تم كل ذلك من خلال الإشارة التي دلت على المعاني الكثيرة بحركات يسيرة , ولذلك سكت اللسان , وقامت اليدان لتقول بحركاتها , وتقلباتها ليرى الجميع فيحصل المراد.
ومن باب دلالة الإشارة على التشبيه ما رواه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة
(يُتْبَعُ)
(/)
" وأشار مالك بالسبابة والوسطى. (85)
وهنا أيضاً قامت الإشارة بدور المشبه به؛ لأنها أكمل في البيان من المشبه , ولو أردنا أن ندلل باللفظ عن هذه الصورة لقلنا: رسول الله وكافل اليتيم متجاورين في الجنة كثيراً.
فهل ترى لهذه العبارة من الرونق والبهاء والأريحية ماتجده في قوله: " أنا وهو كهاتين "؟.
إن الإشارة جعلت الجميع ينظر إلى هذين الأصبعين ويفكر فيما فيهما من معان , كالالتصاق , ودوام الصحبة , ووحدة الدرجة , وشمول النعيم , وحسن الجوار , .... الخ.
فالإشارة هنا زادت من عمق التشبيه , ووضعت له كثيرا من الأضواء البيانية , وفتحت له الباب ليجمع كل معاني الود , والألفة والاقتران , والوحدة وغير ذلك.
ولا يخفى عليك أن الغاية من وراء كل هذا هو حث المؤمنين على كفالة الأيتام , والإحسان إليهم , واستنهاض الهمم حتى لا يبقى في الأمة يتيم غير مكفول.
وقد تحمل الإشارة معنى التمثيل الذي يأتي في أعقاب المعاني , فتزيد الصورة أنساً وألفة , بالإضافة إلى قيام الإشارة مقام الدليل على صحة التشبيه , وهذا ما يفعله التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني , ومن ذلك:
ما رواه المسور بن شداد , قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم:
" والله مالدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه , وأشار بالسبابة , في اليم فلينظر بم يرجع؟ (86)
إن الصورة التشبيهية قد كملت عند قوله: ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم.
ثم جاءت الحركة , حركة وضع السبابة في اليم؛ لينظر الجميع , ويستحضر اليم وأنه جالس على شاطئه , ثم هاهو يضع أصبعه في اليم , ثم ينظر فلا يجد فيه من الماء إلا البلل.
إن هذه الإشارة أعطت التشبيه قوة , لأنها قامت بدور الدليل , والبرهان على صدق الصورة , وأن من يفعل ذلك يرجع فارغ اليد إلا من الحسرة.
أرأيت كيف تدعم الإشارة التشبيه؟ , وكيف توضح المراد منه؟ وكيف أكسبته الأنس والألفة كما قال الإمام عبد القاهر (86).
_________
إخراج المعنوي في صورة المحسوس
تحدث البلاغيون عن إخراج المعنوي في صورة المحسوس , وذلك في باب البيان عن طريق التشبيه , أو الاستعارة , أو التعبير بالمضارع , وغير ذلك.
لكن الإشارة كما أرى أقوى أثراً من كل ذلك لأن الإشارة لا تكتفي بإخراج المعنوي في صورة المحسوس , وإنما تقوم بتصويره وتجسيده , فيتحول الأمر إلى صور حية مشاهدة تراها العيون , ومن ثم يتفاعل معها المتلقي؛ فيرسخ المعنى في القلب رسوخاً لا مزيد عليه.
وأول ما يلقانا من هذا ما رواه عبد الله بن عمر , قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه , وهو يمسح الدم عن وجهه, ويقول: " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " (88)
فجملة " يمسح الدم عن وجهه " فهم منها المراد , لكن قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتجسيد هذه الحركة زادت المعنى شخوصاً؛ لأنها عمدت إلى المتلقي , ونبهت عينه إلى أن ينظر إلى المعنى وهو يتحرك أمامه.
كما أن في هذه الإشارة بعضاً من التخفيف والترويح عن الصحابة الذين ضاقوا بتعذيب الكفار لهم , فكان في هذه الصورة التي حكاها النبي تأنيساً وترويحاً عنهم من شدة ما لاقوه. فالأمر كما قال ابن حجر كان [تطييباً لقلوب الصحابة] (89)
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها , قال حما: فذكر من طيب ريحها , وذكر المسك , قال , ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض , صلى الله عليك , وعلى جسد كنت تعمرينه , فينطلق به إلى ربه عز وجل , ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل ....
قال: وإن الكافر إذا خرجت روحه , ذكر حماد , وذكر من نتنها , وذكر لعناً , ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض , قال فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل ...
قال أبو هريرة: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه ... (90)
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا تجسيد لهيئة من شم رائحة كريهة منتنة , حتى اضطرته إلى وضع ردائه على أنفه , مما يعني أنه استشعر هذه الرائحة , وأحس بنتنها , فأراد أن يشرك الصحابة معه في هذا الشعور , فغطى أنفه بالملاءة ليستشعروا هم الآخرون نفس الرائحة , فيكون التنفير من هذا النموذج قد وصل إلى منتهاه.
ومن هذا الباب ما رواه أبو رافع عن أبي هريرة قال: كان جريج يتعبد في صومعة , فجاءت أمه ... قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه تدعوه , فقالت ياجريج , أنا أمك كلمني , فصادفته يصلى , فقال اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فرجعت ثم عادت في الثانية , فقالت: ياجريج أنا أمك فكلمني , قال: اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فقالت اللهم إن هذا جريج , وهو ابني , وإني كلمته فأبى أن يكلمني , اللهم لاتمته حتى تريه وجوه المومسات.
قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن .. (91)
والإشارة هنا أنها جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه , وهذا التصوير يبين عدة معان:
الأول: أنها وقت طلوع الشمس , واشتداد الحر.
الثاني: أنها امرأة عجوز ضعيفة.
الثالث: أنها جاءت من بعيد , لأن هؤلاء كانوا يتخذون صوامعهم في الصحاري بعيداً عن الحضر رغبة في الخلوة.
رابعاً: أن الدافع لمجيئها دافع قوي , فلقد جاءته مرة ومرتين وكل ذلك ولم تظفر منه بالإجابة , إلا أنه لم يقدر هذه الأحوال؛ولا شك أن هذه الدلالات مستقاة من إشارتها التي تناقلها الرواة , واحدا بعد الآخر .. وتلك لفتة لا ينبغي أن تمر دون تدبر.
أعني أن الرواة , بداية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلوا إلينا حركة أم جريج , وهي تضع يدها على حاجبها , وترفع رأسها , وكأن هذه الحركة جزء من الدلالة , ولا يمكن نقل جزء من البيان , وترك جزء آخر , فلم يكن المقصود من النقل الإخبار عن أم دعت على ولدها , وإنما المقصود الإخبار عن أم هذا حالها , وتلك ظروفها , ولذلك دعت على ولدها. والفرق واضح بين الأمرين.
ووصول المعنى إلى المتلقي لابد أن يكون بالجمع بين إشارتها ولفظها , ولو أن راويا حكى كلامها , ولم يحك إشارتها وفعلها فقد قصر في النقل , وأساء في التبليغ , ولذلك انظر:
حكى النبي صلى الله عليه وسلم اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو هريرة اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو رافع اللفظ والحركة.
وهكذا ينبغي على كل ناقل وحاك.
ولا أبالغ إذا قلت إن كثيراً من الشعر قد ضاعت معانيه لا لشيء إلا لأن الرواة نقلوا لنا اللفظ فقط.
إن شعراءنا لم يقولوا الشعر وهم ساكنون سكون الحجارة , بل قالوه وهم يشيرون بأيديهم , أو بغيرها في مواضع كثيرة , فأين هي هذه الإشارات؟
لقد ضاعت , كما ضاع أغلب الشعر.
وهنا يمكن القول بأن هناك تقصيراً كبيراً من رواة الشعر في نقل الحركات والإشارات, والالتفاتات التي صاحبت اللفظ فهي ذات دلالات لا ينبغي التغافل عنها.
وأرى أن هناك بلاغة غائبة عن البيان العربي , وهي تلك البلاغة الكامنة في إشارات الفصحاء , وحركات المتكلمين الذين علكنا ألفاظهم وتركنا إشاراتهم لتضيع في الهواء.
الطباق بالإشارة
الطباق عند العلماء هو [الجمع بين المتضادين , أي بين معنيين متقابلين في الجملة ... ولو في بعض الصور , سواء كان التقابل حقيقياً , أو اعتبارياً] (92)
وعلى هذا يمكن اعتبار بعض مقامات الإشارة دالة على هذا الطباق , ومثال ذلك ما ورد في حجة الوداع عن سيدنا جابر بن عبد الله , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه قال: ... وأنتم تسألون عني , فما أنتم قائلون؟
قالوا نشهد أنك قد بلغت , وأديت , ونصحت , فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء , وينكتها إلى الناس: " اللهم اشهد اللهم اشهد .. ثلاثاً " (93)
فرفع اليد إلى السماء , ثم نكتها إلى الناس صورة تقابلية لها دلالة ولا شك.
وهذه الإشارة المتقابلة جاءت في أعقاب قولهم: نشهد أنك قد بلغت وأديت , ونصحت.
فهل تفيد الإشارة أن السماء تشهد كذلك كما تشهدون؟
أم أن المقصود الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يسجل عليهم شهاداتهم؟
أم أن الإشارة تعني أن الملائكة في السماء , وسكان الأرض , والجميع يشهد , فاللهم فاشهد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذه المعاني كلها قد تكون مرادة , لكن الشاهد هو هذه الحركة باليد أو بالأصبع , مرة إلى السماء , وأخرى إلى الناس , وأن الغرض منها تأكيد الشهادة , أو الإلحاح على الله تعالى بالشهادة عليهم.
ومن هذا الباب أيضاً ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه , أو كانت به قرحة أو جرح , قال: بإصبعه هكذا .. ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ,: " باسم الله تربة أرضنا , بريقة بعضنا , يشفي به سقيمنا , بإذن ربنا" (94)
وهذه الحركة عكس حركة الحديث السابق , فهنا وضع أصبعه على الأرض ثم رفعه إلى السماء , وهناك أشار أولاً إلى السماء ثم أشار إلى الناس.
وكلا الحديثين فيه دعاء:
الأول: دعاء بأن يشهد الله تعالى عليهم لاعترافهم أنه بلغ الرسالة.
والآخر: دعاء بأن يشفي الله تعالى المريض.
وهنا أتساءل: هل هناك علاقة بين الإشارات إلى السماء والأرض وبين الدعاء؟ ربما ...
يقول القرطبي: [وأما وضع الأصبع بالأرض فلعله لخاصية في ذلك , أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة ....
وقيل: كأنه تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب , ثم أبدعته منه من ماء مهين , فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته] (95)
وقد يفهم من هذه الإشارة المتقابلة معنى التوسل , أعني: توسل العبد الذي خلق من تراب الأرض إلى الله تعالى بقبول دعائه.
لكن اللافت للنظر هو أنه أسند فعل القول إلى اليد.
واسمعه وهو يقول: " فقال بيده "
فالدعاء هنا ليس من اللسان وإنما من اليدين , فالأيدي تدعو , وتتوسل , وتطلب , كما أن اللسان يدعو , ويتوسل , ويطلب.
وأنا هنا لا أجزم بهذه الدلالات , وإنما أحاول فهم الإشارة , وعلاقتها باللفظ.
الخاتمة
وبعد:
فلقد تناولت في هذا البحث أثر الإشارة في البلاغة العربية , ودورها في حمل المراد إلى الناس , وذلك من خلال دراسة نظرية ثم تطبيق على بعض الأحاديث الصحيحة.
وفي الشق النظري تعرضت لما أثبته علماؤنا من دور الإشارة , وعلى رأسهم الجاحظ , الذي جعلها رديفة للفظ ونائبة عنه.
ثم من جاء من بعده كقدامة بن جعفر , وابن أبي الأصبع , وابن حجة الحموي , وقد ظهر من خلال كلامهم عنايتهم بالإشارة ودلالتها , لكنهم خالفوا عند التطبيق , فنحوا بالإشارة عند التطبيق إلى ما يفهم من اللفظ.
وقد ثبت بعد هذا عن مقصود كلام الجاحظ , وعن مقصود هذا البحث , فالبحث يحاول الكشف عن دلالة الحركة المصاحبة للفظ , وأثرها في بناء المعنى.
وقد بينت أن القرآن الكريم أثبت هذه الإشارات ودلالاتها.
أما الشق التطبيقي فلقد بينت فيه إمكانية إدراج الإشارة في جميع أبواب البلاغة , وعلومها , وألقيت الضوء من خلال بعض الأحاديث على دلالة الحذف , والتوكيد , والتعريف , من خلال الإشارة.
وكذلك دلالة الإشارة على التشبيه.
ودلالة الإشارة على الطباق.
وما أردت هنا الاستقصاء , وإنما أردت فتح الباب لدراسة تراثنا العربي , وهو زاخر , شعراً ونثراً من خلال الإشارات المصاحبة له؛ لأن ذلك سيعيد إلينا دلالات ومعاني وقعت منا في الطريق؛ لقلة اهتمامنا بهذه الدلالة.
كما تبين من البحث أن الإشارة لا تقوى على حمل المعنى وحدها غالباً فالأصل أن تكون في صحبة اللفظ , ورديفة له.
أما إذا عجز اللسان فهي النائبة عنه.
كما تبين أن للإشارة سياقات تكثر فيها , ومنها الأساليب الخبرية.
كما ظهر من خلال البحث إمكانية الدلالة بالإشارة على علوم البلاغة المتنوعة , المعاني والبيان والبديع , وأنها لا تقتصر على لون دون لون.
وإني بعد ذلك أوصي كل من سار على الدرب أن يلتفت إلى هذه الدلالة في تراثنا العربي , ويستخرج ما وراءها من أغراض؛ فإن في ذلك فتحاً جديداً للبلاغة العربية.
هذا , وصلى الله على سيدنا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم.
الهوامش
1 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 7 طبعة دار الكتب العلمية بيروت.
2 - كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي. تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السمرائي ط1 ج5 منشورات مؤسسة
ا الأعلمي للمطبوعات - بيروت - 1408 هـ ص 280 باب الشين والراء والواو.
وانظر لسان العرب لابن منظور طبعة دار المعارف مصر والقاموس المحيط للفيروزبادي
2/ 434 شور دار الفكر بيروت 1398 هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين ابن الأثير , تحقيق طه الزاوي ومحمود الطناحي 2/ 508 (شور)
المكتبة العلمية بيروت.
4 - اللسان (شور).
5 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508.
6 - أساس البلاغة للزمخشري (شور) دار صادر بيروت 1399 هـ ص 340.
7 - زهير بن ابي سلمي الديوان شرح الإمام ثعلب الدار القومية للطباعة والنشر مصر ص 168 1384 هـ.
8 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508 لابن الأثير
9 - العين للخليل بن أحمد 6/ 281 باب الشين والراء والواو.
10 - لسان العرب مادة (شور)
11 - النهاية في غريب الحديث والثر 2/ 518
12 - أساس البلاغة ص 340.
13 - لسان العرب مادة (بصم).
14 - السابق (شور)
51 - الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني 1/ 45 الهيئة العامة للكتاب.
16 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود 3/ 318 شمس الحق العظيم ابادي دار الكتب العلمية بيروت
17 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 4273 دار الغد العربي.
18 - السابق 6/ 4276.
19 - الكشاف 1/ 361 دار التراث العربي.
20 - مفاتيح الغيب للفخر الرازي 7/ 204 دار الفكر العربي القاهرة.
21 - القرطبي 2/ 143 دار الغد العربي القاهرة.
22 - الكشاف 3/ 7 , والقرطبي 6/ 4257.
23 - الفخر الرازي 2/ 413 دار الغد العربي القاهرة.
24 - نقد النثر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 54 ت / طه حسين و عبد الحميد العبادي دار الكتب المصرية القاهرة 1351 هـ 1933م
25 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 39 دار الكتب العلمية بيروت.
26 - السابق 1/ 42
27 - السابق 1/ 64
28 - السابق 1/ 64.
29 - السابق 1/ 43
30 - طوق الحمامة في الألفة والآلاف ت / فاروق سعد ص 105 منشورات دار مكتبة الحياة بيروت لبنان.
31 - لسان العرب (عقر) ط / دار الشعب.
32 - البيان والتبيين 1/ 48
33 - السابق 1/ 43 - 45
34 - السابق 1/ 49.
35 - السابق 1/ 52.
36 - السابق 1/ 58.
37 - السابق 1/ 61.
38 - نقد الشعر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 155.
ا 39 - السابق ص 155.
40 - العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق القيرواني 1/ 302 دار الجيل.
41 - العمدة لابن رشيق ص 307.
42 - السابق ص 309.
43 - السابق ص 310
44 - السابق ص 310
45 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص6 أبو فهر محمود شاكر مكتبة الخاجي القاهرة.
46 - السابق ص 24.
47 - السابق ص 65.
48 - تحرير التحبير لابن أبي الأصبع ص 200 ت / حفني شرف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
49 - السابق ص 200 - 202
50 - خزانة الأدب لابن حجة الحموي 2/ 258 شرح عصام شعيتو دار مكتبة الهلال بيروت.
51 - السابق 2/ 258.
52 - أخرجه البخاري في كتاب الرقائق رقم 29 , ومسلم في كتاب الجمعة رقم 43.
53 - الجامع لأحكام القرآن 6/ 4276.
54 - الدين الخالص لمحمود خطاب السبكي 4/ 139
55 - الفقه على المذاهب الأربعة 1/ 4 دار الكتب العلمية.
56 - أصول الفقه للرضي 1/ 236 ت / أبو الوفا الأفغاني ط / دار الكتاب العربي 1372 هـ
57 - سبل الاستنباط من الكتاب والسنة لمحمود توفيق سعد ط / الأمانة 1413 هـ ص 182.
58 - أحكام القرآن للجصاص 4/ 323 ت / محمد صادق القمحاوي دار إحياء التراث بيروت.
59 - سبل الاستنباط ص 184
60 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود لشمس الدين العظيم أبادي 3/ 220 ط / دار الكتب العلمي بيروت.
61 - مختصر السعد على تلخيص المفتاح شروح التلخيص 1/ 368 ط / دار السرور بيروت.
62 - رواه مسلم 4588 وأبو داوود 2538.
63 - رواه مسلم 7066 والترمذي 2421.
64 - شروح التلخيص عروس الأفراح للسبكي 1/ 313.
65 - حاشية الدسوقي علي شرح السعد 1/ 313.
66 - البخاري رقم 4897 والترمذي 3310 والنسائي 9/ 460.
67 - فتح الباري 8/ 511.
68 - شروح التلخيص 1/ 273 , 277.
69 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص 146.
70 - رواه مسلم 1077 والبخاري 809 وأبو داوود والترمذي 273
71 - فتح الباري 2/ 348
72 - السابق 2/ 348
73 - السابق 2/ 348
74 - رواه البخاري 1304 , ومسلم 2102
75 - رواه البخاري 2/ 33 ومسلم 178
76 - فتح البري 6/ 406
77 - رواه مسلم 179
78 0 - شرح النووي لصحيح مسلم 1/ 570 ط / دار الغد العربي.
79 - السابق1/ 570.
80 - شرح ابن عقيل ص 48.
81 - رواه مسلم 1936 والبخاري 935
82 - فتح الباري 2/ 481 , 489
83 - رواه البخاري 345 و مسلم 796 وأبو داوود 321
84 - رواه الخاري 345 ومسلم 796 وأبو داوود 321
85 - رواه مسلم 2983
86 - رواه مسلم 2858
87 - أسرار البلاغة لعبد القاهر 101 , 102
88 - رواه البخاري 3477 ومسلم 4565
89 - فتح الباري 6/ 206
90 - رواه مسلم 7081
91 - رواه مسلم 7081
92 - شروح التلخيص , مختصر السعد 4/ 286
93 شروح التلخيص مختصر السعد 4/ 286
94 - فتح الباري 10/ 219
*************
الرابع من شهر رمضان 1426 هـ(/)
سؤال حول مخطوطة ((درر المعاني في حقائق السبع المثاني))
ـ[د. أحمد القيسي]ــــــــ[14 Oct 2005, 04:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه واتباعه الى يوم الدين
وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وانتم بالف خير ونسال الله المغفرة والرضا
سؤالي اريد ان احقق مخطوطة ((درر المعاني في مفتتح السبع المثاني)) للشيخ محمد بن سعيد السلماني فاذا كان المخطوط قد حقق فارجو افادتي بذلك واذا لم يحقق وتملكون نسخة مصورة للمخطوط او تعلمون موقعا عنده نسخة من المخطوط فانا ممتن لكم بارسالها لي ولكم الاجر والرضا من الله عز وجل خدمة لديننا الحنيف.الدكتور احمد القيسي استاذ في الجامعة الاسلامية في بغداد الاسيرة فك الله اسرها امين
ـ[د. محمد الجهني]ــــــــ[14 Oct 2005, 05:29 م]ـ
الأخ الدكتور أحمد
فيما أعتقد أن المخطوط لم يحقق بعد وعلى الأغلب تجده في مجمع الملك فهد في المدينة المنورة
محمد الجهني(/)
سؤال عن الكتب المعاصرة للرافضة في التفسير
ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[14 Oct 2005, 07:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أعرض على الإخوة طلباً، وهو: كيف أحصل على الكتب المعاصرة للرافضة في التفسير؟؟
وكذلك، هل هناك كتاباتٌ خاصة عن الاتجاه الرافضي المعاصر في التفسير؟؟
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ....
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 Oct 2005, 08:47 م]ـ
السلام عليكم
من أهم كتبهم المعاصرة هو كتاب الميزان للطابطبائي
وأحب أن أنقل لك منه مدي تحامله في تفسيره لآية
((إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً) ... 32 الأحزاب---فهو يدّعي أنّها مقحمة إقحاما في سياق آيات نساء النبي
قال (فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي و لا متصلة بها و إنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة، و يؤيده أن آية «و قرن في بيوتكن» على انسجامها و اتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها،)
والآيات بتمامها هي (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) الأحزاب
ويمكن أن أضع لك رابطه في رسالة خاصة منعا لنشر أقوال أهل الرفض
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2005, 10:14 م]ـ
يمكنك الحصول على عدد من كتب هذا المذهب في التفسير عن طريق مكتبات البحرين. فقد رأيت كل أو معظم كتبهم في التفسير وعلوم القرآن هناك، ولهم مواقع على الانترنت بها أشهر كتبهم في التفسير أيضاً.
ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[15 Oct 2005, 12:11 ص]ـ
أشكر أ/جمال، ود/ عبد الرحمن .. ولكن إن أمكن ذكر بعض الروابط، أو أسماء المواقع، ولو كان عن طريق البريد الخاص ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Oct 2005, 12:26 م]ـ
تفضل:
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 Oct 2005, 05:42 م]ـ
هل لدى أحدكم معرفة لم لا أاستطيع النسخ من موقع التفسير الأردني
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp
ـ[أبو زينب]ــــــــ[16 Oct 2005, 01:45 ص]ـ
أخي المفضال جمال
فعلا منذ مدة لاحظت عدم إمكانية نسخ النصوص من موقع مؤسسة آل البيت. يبدو أن السبب هو حماية الأعمال من السرقات.
على كل يمكنك أن تنسخ - رغم منعهم - و ذلك بحفظ الصفحة المعنية في جهازك أولا. ثم فتح تلك الصفحة المحفوظة من جديد و ستجد أن الإشكال قد زال.
هذا ما يمكنني أن أقدمه لك كَََحَلِِ لتلكم العقبة. ربما هناك حل أيسر من أهل الإختصاص .. ؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 Oct 2005, 07:46 م]ـ
الأخ الصديق العزيز " أبو زينب"
لقد سعدت باقتراحك إلّا أنني قمت بأمر بديل
# هذا الموقع فيه تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والسعدي
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/Tafseer.asp?nSora=7&t=saady&l=arb&nAya=201#7_201
# هذا الموقع فيه القرطبي
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=KORTOBY&nType=1&nSora=1&nAya=1
# هذا الموقع فيه الكشّاف
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=244
وأتمنى أن يرشدنا الزملاء إلى مواقع بديلة غير تلك الخاصة بالرافضة
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[29 Oct 2005, 03:05 ص]ـ
أخي الكريم
بارك الله فيك،
من أفضل المواقع في هذا الشأن و أكثرها ثراء: موقع " مشكاة الإسلامية "،
حيث تنشر " مكتبة مشكاة الإسلامية " كتبا كثيرة في كل العلوم الشرعية قد لا تتوفر في موقع آخر، فجزاهم الله خير الجزاء، و يوجد بهذا الموقع أربعون كتابا (40 كتاب) لتفسير القرآن الكريم، و كذا الحال في بقية تلك العلوم
* و إليك الرابط لذلك الموقع، بخصوص قسم التفسير، فاضغط لتتصفحه:
http://www.almeshkat.net/books/list.php?cat=6&PHPSESSID=cf064139b4ddb304517dc6de88fc8f28
و نسألكم خالص الدعوات لإخيكم بظهر الغيب
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 Oct 2005, 03:18 م]ـ
أخي الدكتور الفاضل
بارك الله بك
لم يكن الهدف من استفساري البحث عن مواقع لتنزيل الكتب ---فأنا أعرف موقع المشكاة--إنّما كان الهدف مواقع تمكن المرء من التصفح و البحث
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[30 Oct 2005, 12:40 ص]ـ
جعلكم الله مفتاحا للخير، فقد يستفيد مما ذكرت أناس آخرون قد لا تكون عندهم معرفة به، و من ناحيتي - بخصوص موقع " مكتبة مشكاة الإسلامية " استفيد منه في التصفح و البحث بطريقة أوضحها هنا ربما تفيد البعض:
فأنا انقر على مربع " للقراءة " - و ذلك بعد اختيار اسم الكتاب - فيتحول الكتاب إلى ملف " وورد word " أتصفح فيه ما أريد - من غير " تحميل " - و كذلك أبحث عما أريد في ذلك الملف " الوورد " عن طريق لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر بالضغط على حرف ( F ) : فتظهر بطاقة حوارية أكتب فيها نص البحث، ثم أنقر على ( find أو find now ثم find next إن كانت هناك مواضع أخرى)، و هو أمر لا يأخذ وقتا و لا يشغل مساحة في الجهاز.
و لعل ذلك التفصيل يفيد بعض المبتدئين و أنا منهم في ذلك المجال
أخوكم
د. أبو بكر خليل
ـ[عبد الله]ــــــــ[30 Oct 2005, 01:41 م]ـ
تفسير من وحي القرآن للسيد محمد حسين فضل الله
انظره على موقع بينات
http://arabic.bayynat.org.lb/books/quran/
عبد الله إبراهيم(/)
هل طبع تفسير أبي سليمان المهدوي ?
ـ[طويلب]ــــــــ[15 Oct 2005, 12:47 ص]ـ
إخواني مشرفي المنتدى ورواده:
هل طبع تفسير أبي سليمان المهدوي؟؟
واين يمكن أن أجده؟
ـ[أبو إياد]ــــــــ[12 Aug 2009, 05:05 م]ـ
هل من جديد في تفسير المهدوي؟
في موضوع آخر طرح عام 2004م في سؤال عن مكان وجود المخطوط، أجاب بعضهم بأنه قد اخبره بعض الباحثين بأنه سيطبع قريباً، فهل ظهر للنور؟(/)
طلب صغيّر.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Oct 2005, 10:41 ص]ـ
أريد من الأفاضل بعض الأقول القصيرة من أئمة التفسير أو غيره عن أهمية التفسير وتدارُس الكتاب العزيز.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 Oct 2005, 07:08 م]ـ
جميل جدا قول الطبري في مقدمة تفسيره
(اعلموا عبادَ الله، رحمكم الله، أن أحقَّ ما صُرِفت إلى علمه العناية، وبُلِغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضًى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مِرْية فيه، الفائزُ بجزيل الذخر وسنىّ الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد.)
ما رأيك؟؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Oct 2005, 10:56 م]ـ
أستاذ جمال:
أشكرك على ردك، لكنْ هل كلام ابن جرير - رحمه الله - عبارة قصيرة؟
أريد نحو ما ساقه أبو نُعَيم في الحلية 9/ 123 من قول الشافعي للربيع بن سليمان، رحمهما الله: " اعلم أنّ مَن تعلّم القرآن جَلَّ في عيون الناس".
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Oct 2005, 01:29 ص]ـ
قال الأصفهاني (ت:749هـ): (أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان: تفسير القرآن).
مقدمات تفسير الأصفهاني (ص:256).
ـ[أبو زينب]ــــــــ[20 Oct 2005, 08:16 ص]ـ
يقول ابن الجوزي في مقدمة " زاد المسير في علم التفسير":
لما كان القرآن العزيزأشرف العلوم , كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم ,لأن شرف العلم بشرف المعلوم.
ص 29 - ط. المكتب الإسلامي.(/)
يوسف عليه السلام لا ولد له
ـ[شاهد]ــــــــ[15 Oct 2005, 02:29 م]ـ
أرجوا من الأخوة الكرام تزويدنا بأقوال العلماء أن يوسف عليه الصلاة والسلام لا ولد له
*ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب*غافر34
ـ[شاهد]ــــــــ[17 Oct 2005, 01:34 ص]ـ
من قال وماذا قيل بخصوص هذا الموضوع؟
هل أجد من يساعد؟
بارك الله فيكم
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Oct 2005, 02:15 ص]ـ
أخي شاهد:
ذكر ابن حجر في الإصابة 4716 في ترجمة عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أنه من ذرية يوسف النبي، عليه السلام.
وقال في الفتح 6/ 493 في أحاديث الأنبياء الباب 23 (باب وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ... ):"واختلف في اسم هذا الرجل، فقيل هو يوشع بن نون، وبه جزم ابن التين، وهو بعيد، لأن يوشع كان من ذرية يوسف، عليه السلام، ولم يكن من آل فرعون"
"
ويقال إن له ولدين: أفراييم ومنسي. ذكره ابن حزم في الفِصَل.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 Oct 2005, 06:27 ص]ـ
فقط أخبرني أخي خالد
لماذا كتبتها (ذكره ابن حزم في الفِصَل)
أليست هي الفصل بتسكين الصاد---
حقيقة أنا لا أعرف --فالكتاب عندي وأقرأ اسمه كما ذكرت لك
ـ[شاهد]ــــــــ[17 Oct 2005, 03:47 م]ـ
بارك الله فيك أخي خالد الشبل
أخي جمال كي لا نبتعد عن الموضوع هل أجد عندك شيء من أقوال العلماء بهذا الخصوص
من قال بأن يوسف عليه الصلاة والسلام ليس له ولد؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 Oct 2005, 07:34 م]ـ
السلام عليكم
لا تحرمنا الإستفادة من معلومة من أستاذي اللغوي خالد يا أخي---أمّا بالنسبة لذريّة يوسف فإنّك تجد عندي قولا واحدا هو--أيّ خبر ليس فيه آية من كتاب الله أو ليس فيه حديثا من هدي رسوله عليه الصلاة والسلام لا أثق به
ودمت أخي
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Oct 2005, 10:23 م]ـ
أخي جمال:
انظر الجزء الخامس منه. (المعاني التي يسميها أهل الكلام اللطائف، والكلام في السحر).
رَه ثَمَّ ( http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/hard/78/78960.gif).:)
ـ[شاهد]ــــــــ[18 Oct 2005, 01:14 ص]ـ
أمّا بالنسبة لذريّة يوسف فإنّك تجد عندي قولا واحدا هو--أيّ خبر ليس فيه آية من كتاب الله أو ليس فيه حديثا من هدي رسوله عليه الصلاة والسلام لا أثق به
أخي جمال سؤالي واضح وحتى الآن لا أجد المساعدة
ألا يوجد من بين العلماء من قال أن يوسف النبي لا ولد له؟ وماذا قيل بذلك؟
أرجوا من أهل العلم أن يسعفونا مما عندهم بهذا الخصوص
ـ[شاهد]ــــــــ[22 Oct 2005, 09:21 م]ـ
ألا يوجد من بين العلماء من قال أن يوسف النبي لا ولد له؟ وماذا قيل بذلك؟
أرجوا من أهل العلم أن يسعفونا مما عندهم بهذا الخصوص
(((((((((للرفع))))))))
ـ[شاهد]ــــــــ[18 Nov 2005, 02:16 ص]ـ
هل توجد جهة أخرى يمكن التوجه إليها بخصوص سؤالي؟!
من قال من العلماء أن يوسف عليه السلام لا ولد له؟ وماذا قيل بذلك؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[18 Nov 2005, 04:41 م]ـ
أخي الكريم شاهد:
ما المصلحة المترتبة على اقتناص هذه المعلومة؟
ـ[شاهد]ــــــــ[19 Nov 2005, 11:50 م]ـ
أخي الكريم خالد الشبل:
أخوك يعظم حكمة الله وينتظر جواباً ولا يجد من يساعده من أهل العلم في موقع تفسير القرآن!
ولماذا تسألني عن المصلحة؟
أهي معلومة أخطأ بها من اجتهد في قولها من العلماء أم هي عيب بحق أتقى الناس!
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم قال: "أكرمهم عند الله أتقاهم" قالوا ليس عن هذا نسألك قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله" ..
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[20 Nov 2005, 04:34 م]ـ
أخي الموفق شاهد:
بدءًا أحيي فيك روح البحث الجاد، والإلحاح في طلب العلم، فذاك شأن عظيم، إخالُ أنني دونه.
أما الضنُّ بالعلم فالظنُّ أنْ لا سبيلَ له في هذا الملتقى المبارك، وأحسب أن مَن فيه جِلة تحرص على نفع الخَلق، وأكرِمْ بهم من معشر صُلحاء.
ما عنيتُه - أخي العزيز - ألا يفنى الوقت في معلومة ليس من ورائها كبير فائدة، ولا يتوقف عليها أمر ذو بال.
أسال الله أن يوفقنا جميعًا إلى العلم النافع والعمل به.
دمتَ بعز.
ـ[شاهد]ــــــــ[20 Nov 2005, 07:54 م]ـ
مشكور أخي الكريم على مشاركاتك وما لهذا فتحت الموضوع!
أما قولك (ألا يفنى الوقت في معلومة ليس من ورائها كبير فائدة، ولا يتوقف عليها أمر ذو بال)
فأقول: هذا بالنسبة لك أخي الكريم بارك الله فيك وزادك علما
وما عدت أنتظر جوابا سأحاول البحث في موقع آخر.(/)
هل ترشحون زاد المسير في التفسير ليكون مشروع قراءة يداوم عليه طالب العلم؟
ـ[تلميذ البخاري]ــــــــ[16 Oct 2005, 04:07 ص]ـ
المشائخ الكرام: هل ترشحون كتاب زاد المسير في التفسير لابن الجوزي أن يكون كتاب أصل لطالب العلم يكرر قراءته ويعكف عليه؟؟؟
وأتمنى من لديه أي شئ عن هذا الكتاب من سلب أو إيجاب أن يفيدني وما أحسن الطبعات للكتاب فأنا معجب بهذا الكتاب كثيراً
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Oct 2005, 04:22 م]ـ
تلميذ البخاري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد أحسنت الاختيار، والكتاب من الكتب النفيسة التي يمكن جعلها أصلا لطالب العلم يقرأ فيها، ويديم مطالعتها.
والكتاب لا يحتوي على كل ما يريده من يقرأ التفسير، فذلك يكاد يكون متعسرًا اجتماعه في كتاب وسط سهل العبارة، لكن هذا الكتاب قد جمع ما يحتاج إليه طالب العلم من معرفة الأقوال في الآية، ومعرفة الناسخ والمنسوخ فيها، ومعرفة جملة من الاحكام، مع مراعة قول الحنابلة في ذلك، ومعرفة ما في الآية من قصص ... الخ مما لا يخلو منه تفسير.
وأقول: إن من كانت له عناية بمعرفة أقوال السلف في التفسير على وجه الإيجاز والسرعة، فإنه يمكنه الاعتماد على هذا التفسير.
وأحب أن أؤكد على حسن طرحك في أن يضع طالب العلم له أصلاً من كتب التفسير يقرأه ويكرره ليتقن التفسير من خلاله، فهذا منهج حسن جدًّا.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Oct 2005, 07:19 م]ـ
انظر للفائدة:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3371
ـ[تلميذ البخاري]ــــــــ[16 Oct 2005, 07:23 م]ـ
لقد سعدت جداً بردكم وشجعني كثيراً وجاء في الوقت المناسب وأشكر لكم سرعة الرد وهذا من توفيق الله عز وجل
وجزاكم الله خيراً ....
محبكم في الله تلميذ البخاري
ـ[مرهف]ــــــــ[17 Oct 2005, 04:04 م]ـ
أقول إني من المدمنين على قراءة زاد المسير فوجدته كتاباً جمع ما ورد من الأقوال المأثورة عن السلف الصالح بل أخالف فضيلة الدكتور مساعد في ناحية نسبية وهي عدم احتواء الكتاب كل ما يريده طالب فما من كتاب من كتب التفسير فيها هذا الشرط ولكن زاد المسير ألفه ابن الجوزي ـ كما بين في كتابه الذي ألفه وصية واسمه لفتة الكبد ـ ألفه ليحفظ طالب العلم الأقوال الواردة في التفسير بل إني وجدت فيه أقوالاً ما ذكرها غيره وهذه ميزة فيه ولو أن الكتاب بين يدي الآن لذكرت أمثلة من ذلك ولكن تفسير ابن الجوزي حقاً زاد يكفي
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Oct 2005, 05:02 م]ـ
أشكرك أخي مرهف على هذه المداخلة، لكن هذه الفائدة دين عليك، فإذا وصلت إلى نسختك، فأفدنا بالأمثلة.
ـ[مرهف]ــــــــ[17 Oct 2005, 05:09 م]ـ
أعانني الله على وفاء هذا الدين ولكن أعدك بأنني إذا وصلت إلى نسختي في سوريا سأسدد ديني وجزاك الله خيراً
ـ[تلميذ البخاري]ــــــــ[18 Oct 2005, 04:15 ص]ـ
الأخ مرهف وفقك الله أنا بإنتظاروشوق وأتمنى أن يكون قريباً أسأل الله أن تصل سالماً غانماً إلى أهلك.
وأتنمنى من فضيلة الشيخ د. مساعد حفظه أن يذكر ما ينبه عليه طالب العلم ويحتاج إلى تحريره والتدقيق فيه عند قراءة الكتاب غير مسألة التأويل التي خالف فيها المؤلف رحمه الله مذهب السلف
وهل يوجد رسائل جامعية في هذا التفسير؟؟
محبكم في الله تلميذ البخاري
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 Oct 2005, 10:17 م]ـ
الإخوة الفضلاء ..
ألا ترون أن التفصيل أولى،بحيث يفرق بين طالب مبتدئ،وطالب متوسط،وطالب متقدم في هذا الفن؟
هذا من جهة،ومن جهة أخرى (وهي الناحية المنهجية في الطلب):
فإن الجادة المسلوكة في جعل كتابٍ ما، أصلاً في أي فن ألا يكون كتاباً كبيراً،حتى لا يتشتت ذهن القارئ،وأظنني أنني لست بحاجة للتمثيل على ذلك في الفنون الأخرى كالفقه،والعقائد،والمصطلح،وأصول الفقه.
ومادام أن (زاد المسير) طُرِحَ مثالاً،فالسؤال:
متى يخرج القارئ له بالقول المحرر،أو المختار في تفسير الآية،إذا كان يذكر في الآية الواحدة إلى ست أقوال،وربما أكثر (أنا أكتب من ذاكرتي)؟!
هذان تساؤلان أطرحهما باختصار،منتظرا كريم مداخلات الإخوة التي ستثري البحث.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Oct 2005, 11:23 م]ـ
لا شك أن زاد المسير يحمل بين طياته مادة تفسيرية ضخمة فهو من المراجع المهمة لكن السؤال هو هل يصلح أن يكون عمدة , ولذا فأنا أتفق مع الشيخ عمر فيما طرحه ,أضف إلى ذلك أنه لا بد من معرفة حال من سيجعله عمدة له واهتماماته , ثم إن ابن الجوزي من المقلين جداً من الترجيح بين الأقوال التفسيرية الكثيرة التي يذكرها , نعم غالبها من قبيل اختلاف التنوع لكن ليس كل من اطلع عليها أدرك ذلك.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[19 Oct 2005, 01:42 ص]ـ
لن تجد كتابا من كتب التفسير سليما من المآخذ، وأفضلها على الإطلاق - في رأيي- تفسير ابن جرير، وكل من جاء بعده استفاد منه، ولكنه كتاب واسع وقد ضعفت الهمم.
أما تفسير ابن الجوزي فهو من التفاسير القيمة ولاشك، وقد امتاز بجمع أقوال السلف في التفسير وترتيبها , ولكنه لا يستوعب جميع الأقوال , ومن قال بها من السلف في بعض الأحيان , وقد يشقِّق بعض الأقوال مع أن مؤداها واحد، كما هو صنيع الماوردي، وقد استفاد الأول من الثاني في هذا الباب كما هو معلوم.
وقد أكثر شيخ الإسلام ابن تيمية من الرجوع إليه، بل اعتمد عليه في حصر الأقوال في بعض المواضع، وكأنه يحفظ الكتاب عن ظهر قلب ,وهو أحياناً يصَّرح بذكره , وأحياناً يسوق كلامه بنصَّه ولا يشير إلى ذلك، ولعل هذا الكتاب كان له رواج كبير في عصره.
ويا ليت أحد أهل العلم الأكفاء يقوم بتهذيبه، فيجمع بين الأقوال التي بمعنى واحد، ويرجح الراجح منها، ويسد ما يجد فيه من الخلل.
أما الحواشي فأخشى أن تؤدي إلى تضخم الكتاب، ومن ثم عدم صلاحيته ليكون عمدة، وعلى كل حال أوافق ما ذكره أخواي الشيخان عمر وأحمد من أنه قد يصلح لفلان ما لا يصلح للآخر للأسباب متعددة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[19 Oct 2005, 02:10 ص]ـ
الكلام في المستويات والكتاب المناسب لطالب العلم المبتدء في التفسير يحتاج لتحديد السن والأهلية واختبار المدارك، ولكن ألا يمكن أن نجعل من زاد المسير كتاباً معتمداً لتدريب طالب العلم على الجمع بين الأقوال والتنسيق بينها وإظهار المعاني المتكاثرة من تعدد الأقوال،وتمريسهم على مناسبتها لسياق الآية وغير ذلك من الفوائد التفسيرية فما رأيكم
ـ[أبو لبابة]ــــــــ[19 Oct 2005, 12:03 م]ـ
إخواني الأفاضل
ماذا تقولون بطالب علم مستور الحال يقتني من التفاسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي وتفسير ابن عاشور والظلال
ألا يكفيه ذلك قنية تغنيه عن زاد المسير؟
أرجو الإفادة بالمقارنة وبيان أوجه النقص في بعضها دون الآخر
جزاكم الله خيرا
ـ[صالح صواب]ــــــــ[19 Oct 2005, 09:48 م]ـ
أعتقد أنه ليس بالإمكان أن يغني كتاب في التفسير عن كتاب آخر.
واختيار الكتاب يختلف باختلاف الغاية من قراءته، ففي حين يصلح تفسير ابن كثير - مثلا - أو تفسير السعدي أو الجزائري أو ما شابهها للمبتدئين وللعامة، فربما لا يجد الباحث بغيته في هذه الكتب، وهكذا.
وكتاب ابن الجوزي (زاد المسير) امتاز بالسهولة والاختصار، وجمع الأقوال المتعددة بصورة موجزة، وهذا مفيد جدا للباحث الذي يريد أن يتتبع الأقوال الواردة في معنى الآية دون إطالة بحث (كما هو الحاصل عند الطبري أو غيره)، وإنما يجدها في بضعة أسطر، إلا أن ذلك قد لا يكون مناسبا لطالب العلم الذي يسعى إلى توسيع معارفه في التفسير، لأن الكتاب لا يناقش الأقوال، ولا يستطرد في ذكر الأدلة.
وخلاصة القول أن الكتاب مفيد جدا، ولكن لا ينبغي أن يعتمد القارئ عليه وحده، بل يضيف إليه كتبا أخرى.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Oct 2005, 11:36 م]ـ
مرحباً بأخينا الكريم الدكتور/ صالح بن يحيى صواب, ضيفاً كريماً عزيزاً, وقد كنا بانتظار إطلالته المفيدة المباركة بإذن الله على الملتقى منذ أن جمع الله بيننا في خير مجلس من مجالس القرآن وعلومه, فحيَّاك الله يا شيخ صالح, ونتمنى أن نرى من كتاباتك, ومشاركاتك العلمية ما نزداد به خيراً وفائدة بإذن الله.
* ومن خلال تجربة محدودة أقترح لأخي أبي لبابة ثلاثة تفاسير هي الشَّهْدُ واللُّبَاب:
جامع البيان, للطبري - والمحرر الوجيز, لابن عطية - وتفسير القرآن العظيم, لابن كثير.
هذا إن أردت النفسير بأصله وفرعه, وظاهره وباطنه, ولفظه ومعناه, وحقيقته ومجازه, وكُلِّه.
ثُمَّ بعد ذلك لكلِّ كتابٍ طعمه الخاص, ونكهته المميزة.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[19 Oct 2005, 11:59 م]ـ
أخي الكريم / نايف الزهراني ... أشكرك على ترحيبك الجميل، ونسأل الله تعالى أن ينفع بك ..
وما دمت قد أفدت القارئ بنصيحتك فإني أضيف إلى ما ذكرت كتابين هامين، الأول: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ... فقد جمع المؤلف فيه نتفا متفرقة من التفسير؛ وجمع كثيرا أقوال السابقين في كتابه هذا.
والثاني: التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور، وهو غني عن التعريف، وفيه من الفوائد ما لا يوجد في غيره.
وفقك الله ..
ـ[تلميذ البخاري]ــــــــ[20 Oct 2005, 01:27 ص]ـ
الإخوة الكرام شكر الله لكم وبارك فيكم لاشك أن الحديث ذو شجون والفوائد والخواطرتتدفق وكل هذا مفيد ولكن .... ما تقولون لو كان هناك نوع من التقيد أثناء الكتابة في الملتقى بحيث يراعى الموضوع المطروح فهنا طرح سؤال عن كتاب زاد المسير وحدد السؤال وكان في:
1 - السلبيات والإيجابيات في الكتاب (وهو مهم جداً)
2 - هل يرشح أن يكون عمدة (أي أصل) يعتمد عليه طالب العلم ثم يتفرع منه إلى غيره وغير متصور أن طالب العلم سوف يأخذه ويدع غيره
بنظري أن التركيز على أي موضوع يناقش دون إستطراد سوف يخرج لنا مادة علمية قيمه
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[21 Oct 2005, 02:01 ص]ـ
أخي الكريم: تلميذ البخاري
رأيك سديدٌ وفقك الله في التركيز على الموضوع لتتمَّ فائدته, ولكنا أحببنا أن نوفي أبا لبابةَ نصيبه وقد اعتكف ببابك, وتَحَرَّمَ بجنابك.
وبالنسبة لطلبك فهو منحصرٌ في أمرين كما ذكرتَهُما:
الأول: السلبيات والإيجابيات في الكتاب (وهو مهم جداً).
وهذا قد أشار إليه الشيخ مساعد في أول الموضوع, وكذلك في هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3371
والأمر الثاني: هل يرشح أن يكون عمدة (أي أصل) يعتمد عليه طالب العلم ثم يتفرع منه إلى غيره.
فجوابه راجعٌ إلى تحديد مُرادِكَ بالعمدة والأصل:
- فإن أردت بكونه عمدةً أي: في معرفة الأقوال في الآية واستيعابها, فهو أصيلٌ في هذا الجانب ومعتَمَدٌ فيه.
- وإن أردت بكونه عمدَةً لطالب العلم أي: في معرفة الراجح في معنى الآية, وأولى الأقوال فيها بالصواب, فلن تجد فيه بغيتك؛ لأنه لم يقصد إلى ذلك, وإنما قصد جمع ما قيل في الآية مع الاختصار, ولم يقصد الاختيار.
ولذا فأقترح لك عمدةً على المعنى الثاني: الوجيز, للواحدي, ففيه الصنعةُ التفسيرية كما ينبغي أن تكون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الراية]ــــــــ[20 Aug 2006, 03:35 ص]ـ
هل هناك دراسات حول هذا التفسير
حول موارده ومنهج مؤلفه فيه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2009, 12:28 ص]ـ
هل هناك دراسات حول هذا التفسير
حول موارده ومنهج مؤلفه فيه.
انظر هنا: هل هناك رسالة عن منهج ابن الجوزي في زاد المسير؟؟ ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10995)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[11 Nov 2009, 03:24 م]ـ
من ضمن الملاحظات التي لم اجدها في كلام المشايخ الفضلاء أن في زاد المسير كثير من الإسرائيليات ينبغي تجنبها والحذر منها.
وبالنسبة لترجيح كتاب معين في التفسير فأفضل ما قيل فيه أنه بحسب حال طالب العلم.
والله تعالى أعلم.(/)
أسباب نزول القرآن، للواحدي، تحقيق جديد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Oct 2005, 11:14 م]ـ
صدر عن دار الميمان كتاب أسباب النزول للواحدي، تحقيق ماهر الفحل مخطوط يطبع لأول مرة برواية الأرغياني.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Oct 2005, 09:50 ص]ـ
بشارة طيبة وفقكم الله، والكتاب يستحق عناية حديثية أكثر مما لقيه في النشرات السابقة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[17 Oct 2005, 09:54 ص]ـ
ليت نسخة تطير الي فاجد فيها ما يروي عطشي بعد ظمأ شديد
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[17 Oct 2005, 07:51 م]ـ
بوركت شيخنا الكريم
ـ[أبو العالية]ــــــــ[17 Oct 2005, 10:56 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،
جزاك الله خيراً أيُّها الشيخ الكريم على هذه البشرى.
ولأستاذي د. جمال _ حفظه الله _ يبدو أن عطشكم كبير! وكبير جداً.
ولكن لا أقول إلا:
لئن لم ترتو في الدنيا، فأسألُ الله لنا ولك ولمن نحب أن يروينا من نهر الكوثر، ومن كنوز الكتاب والسنة النقية.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[17 Oct 2005, 11:44 م]ـ
السلام عليكم ... بشرى طيبة جزاكم الله خيرا لكني حققت الكتاب على نفس النسخة المذكورة وهي من مقتنيات مكتبة سراي باشا بتركيا على ما أذكر سنة 1992 وطبع الكتاب بتحقيقي سنة 1993 ط دار الحديث القاهرة. في نحو 400 صفحة وذيلت على الكتاب ما فات المؤلف من أسباب النزول واشترطت صحة الخبر فجمعت قريبا من مئة حديثا صحيحا في هذا الباب وبوبت لسورة إبراهيم وقد خل كتاب الواحدي من أخبار عنها.
ومن عجائب ما وقع في التحقيق وهم الحافظ الذهبي في ترجمة الأرغياني وتابعه السيوطي في الطبقات ... !!!!
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[18 Oct 2005, 01:21 ص]ـ
http://www.darelhadith.com/main.aspx?cid=1&dest=proddesc&pid=6
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Oct 2005, 10:51 ص]ـ
هذا خبر طيب أخي أيمن، ولم أطلع على تحقيقكم هذا، ولعل في التحقيقين من المواطأة، وكذا التنبه لما يغفل عنه الآخر ما يفيد القارئ، ولعلي أجد تحقيقكم في السعودية، لنستفيد منه.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[18 Oct 2005, 11:39 م]ـ
السلام عليكم ....
ولعلي أجد تحقيقكم في السعودية، لنستفيد منه. (مساعد الطيار)
بل أنا في غاية الشوق للاستفادة من توجيهاتكم الفاضلة وفي انتظار تقييم فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري؟!!!!!.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Oct 2005, 09:51 ص]ـ
انا اطلعت على عمل السيد ايمن شعبان فلم اجدفيه شيئا سوى تخريجه للاحاديث بطريقة ربما انا اختلف مع كثير من نتائجهاواما تحقيق النص فلم اجده في ذلك العمل البتة ولا ادري الان ماذا يقصدون بالتحقيق ان كان السيد ايمن يقول عن عمله تحقيقا واني لارجو له التوفيق
ـ[الراية]ــــــــ[20 Oct 2005, 02:45 م]ـ
أسباب النزول
للواحدي
رواية الارغياني
تحقيق د. ماهر ياسين الفحل
(مخطوط يطبع لاول مرة)
محقق الكتاب من طلبة العلم العراقيين أهل السنة المعروفين بالحرص على العلم والتعليم والتحقيق وله عدة تحقيقات سابقة وأخرى تحت الطبع.
(وهو يشارك الكتابة في ملتقى أهل الحديث.)
صدر الكتاب في 848 صفحة، في مجلد واحد،
السعر 38ريال
عن دار الميمان.
*ذكر في مقدمة التحقيق أنه مكث في العمل على الكتاب قرابة أربع سنوات (صفحة78 تعليق1)
*اعتمد في تحقيقه على ثلاث نسخ خطية، ومطبوعتين.
*كتب مقدمة عن الواحدي وكتابه اسباب النزول.
ويذكر المحقق ان مما يميز رواية الارغياني أن ابن حجر اعتمدها في كتاب "العجاب في بيان الاسباب"
وقد أشار إلى هذه المسألة في تعليقه بالمقدمة على كلام د. عبدالحكيم الأنيس الذي حقق كتاب ابن حجر "العجاب في بيان الاسباب" حيث انتقد د. الانيس ابن حجر بأنه يتساهل في النصوص ويغير فيها.
فأوضح د. ماهر أن د. الانيس كان يعتمد على الطبعة الملفقة من كتاب اسباب النزول للواحدي، وعند تتبع د. ماهر وجد ان جميع ما انتقص به د. الانيس ابن حجر موافق لرواية الارغياني، التي اعتدمها ابن حجر في كتابه العجاب.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[20 Oct 2005, 10:39 م]ـ
السلام عليكم
فضيلة الدكتور جمال أبو حسان حفظه الله:
قلتَ سيادتكم:
ربما انا اختلف مع كثير من نتائجهاواما تحقيق النص فلم اجده في ذلك العمل البتة ولا ادري الان ماذا يقصدون بالتحقيق.
لم ترد مثالا واحدًا لهذا النقض:
وكان غاية مشاركتي هي بيان أن الرواية المذكورة مطبوعة قبل ذالك.والكتاب المذكور هو أول تحقيق قمت به منذ أكثر من 15 سنة.
الاختلاف في نتائج الحكم على الأحاديث مرده للمدرسة الحديثية التي تلقيت فيها علم المصطلح ولا إعيب على أحد الاختلاف في الحكم .. الرجاء ذكر بعض الأمثلة التي تختلف معي فيها.
أم عملي في التحقيق لم يتسن لي سوى العثور على مخطوط واحدا للكتاب وهو أقدمها ويعود لعصر المؤلف نفسه. وذكرت كل هذا في التقديم والنسخة بين يديك كما ذكر فضيلتكم. وميزت زيادات النسخة على المطبوع بوضعه بين معكوفين دون الإشارة في الهامش .. وربما أشرت في النادر جدًا.
ثم أين كبير الاختلاف في النسخ والموضوع مقتول في طيات كتب الأمهات التي نهل منها المؤلف رحمه الله نفسه ولا يعزب عنها إلا في النادر.
بالنسبة لعمل فضيلة الدكتور ماهر حفظه الله فهو لا شك أفضل مني فأنا جليس القوم لكني سبقت بالاعتناء بهذه النسخة.
_______
إن كان النسخة التي بين سيادتكم مطبوعة قبل سنة 2002 ستجد مكتوب عليها إعتناء أيمن صالح شعبان (وهذا أكبر ما أنشده العناية لا التحقيق) وإن كانت بعد هذا التأريخ فهو مما تصرف فيه الناشر .. ولا سلطان لي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[20 Oct 2005, 10:49 م]ـ
قال فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري - حفظه الله:
والكتاب يستحق عناية حديثية أكثر مما لقيه في النشرات السابقة.
والله إنه لرأي ناقد بصير .... وهذه ما تفطنت إليه في الاعتناء بالكتاب بعد إقامة النص على النسخة المذكورة ... أرجو أن يتسع صدر فضيلة الدكتور جمال للرد
محبكم في الله
ـ[الراية]ــــــــ[21 Oct 2005, 01:00 م]ـ
روابط للمحقق الشيخ الدكتور ماهر ياسين الفحل، ذات صلة بالموضوع
نماذج من تحقيقي أسباب نزول القرآن للواحدي رواية الأرغياني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3760&highlight=%E4%D2%E6%E1
مصادر الواحدي في كتابه " أسباب نزول القرآن "
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3376&highlight=%C7%E1%E6%C7%CD%CF%ED
جوهرة نفيسة رواية الأرغياني لكتاب أسباب نزول القرآن
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3088&highlight=%E4%D2%E6%E1
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Oct 2005, 04:44 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً.
كتاب (أسباب نزول القرآن) للواحدي، جدير بعناية الباحثين، وشكر الله لكل من بذل جهداً في تحقيقه قديماً وحديثاً. وجهد أخي الكريم أيمن صالح شعبان جهد مشكور، وبحسب المحقق أن يحافظ على النص الأصلي، فإن زاد على ذلك تحقيق الروايات فهذا الذي نطمح إليه، وإلا فهو مشكور على عمله، ومأجور إن شاء الله.
وقد وفق الله الدكتور ماهر ياسين الفحل للعناية بهذا الكتاب، وخرج في مجلد فاخر الطباعة عن دار الميمان في 848 صفحة من القطع العادي.
http://www.tafsir.net/images/nzool.jpg
وقد حكم المحقق على كثير من أسانيده، واكتفى بعزو بعضها دون حكم، ووفق للعثور على نسخة جيدة جعلها أصلاً هي رواية بدر الدين محمد بن عبدالله الأرغياني، وهذه الرواية هي التي اعتمد عليها ابن حجر في تصنيفه كتابه (العجاب في بيان الأسباب). والحمد لله رب العالمين.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:06 م]ـ
جزى الله خيراً القائمين على هذا الموقع المبارك، وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا جميعاً في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ....
كتاب أسباب نزول القرآن من الكتب المهمة يحتاجه المشتغل بالفقه والحديث والتفسير، ويوجد في الكتاب من الأحاديث الضعيفة والمنكرة والتخاليط الشئ الكثير، فكانت العناية به من الواجبات المتعينات.
وقد عشت مع الكتب سنوات عديدة، وكنت في عام 1420 أقضي غالب وقتي في تخريجه وتصحيحه والعمل به، حتى أني في شعبان من ذلك العام صار لدي رعاف شديد لمدة إسبوع من شدة الجهد الذي كنت أقضيه مع الكتاب، وقد خرج الكتاب بفضل الله تعالى ولعله يصلنا قريباً إن شاء الله تعالى، وأسأله تعالى أن ينفعني به يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:14 م]ـ
مرحباً بالأخ العزيز الدكتور ماهر ياسين الفحل بين إخوانه في الملتقى العلمي للتفسير، وأسأل الله أن يوفقه لكل خير، وأن ينفعنا بعلومه. وقد قطعت شوطاً في قراءة الكتاب، بتحقيقه البديع الذي أسأل الله أن يجعله في موازين حسناته، كما خرج ولله الحمد في حلة رائقة يستحقها الكتاب، ويغري بالقراءة والمراجعة فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ولعله يعلق القارئ الكريم ما قد يجده من ملحوظات، لينتفع بها المحقق الكريم مستقبلاً بإذن الله، ومرحباً بكم يا دكتور ماهر مرة أخرى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:17 م]ـ
إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
جزى الله خيراً كل من سعى في خدمة كتاب الله عز وجل، ونشر العلم النافع بإخلاص وصدق.
ومرحباً بك يا دكتور ماهر بين إخوانك، ونسأل الله تعالى أن يبارك في علمكم؛ فقد سمعنا عنك ما يسر.
وفي انتظار مشاركاتك المحررة، وتعليقاتك المجودة - التي تليق بمستوى هذا الملتقى -.
ـ[الراية]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:40 م]ـ
مرحباً بالشيخ الدكتور ماهر الفحل بين إخوانه.
وحياه الله وبارك فيه
وأسأل الله تعالى أن ينفع بعلمه وبعمله.
وأسأل الله ان يفرج عنكم كربكم ويكشف همكم
اللهم آمين
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:59 م]ـ
جزى الله أخونا الدكتور ماهر الفحل خير الجزاء و بارك فيه، و حفظه الله و آله و بلاده - العراق الشقيق المجاهد - من كل بلاء و سوء، و أعزهم و نصرهم على أعدائهم الفجرة الكفرة أعداء الحق و الدين، اللهم آمين آمين،
و للشيخ الدكتور ماهر الفحل كتابات جيدة و طيبة، قرأت بعضها في ملتقى أهل الحديث، و سؤالي: كيف يمكن الحصول على نسخة من هذا السفر الكبير القدر في بلدي مصر؟
و إن لم يمكن، فما الطريق إلى ذلك من خارجها؟
ـ[الميموني]ــــــــ[26 Oct 2005, 05:09 م]ـ
هل و صل الكتاب إلى مكة و المدينة
ثم هذا الموضوع متسع فيمكن أن تتظافر عليه عدة جهود
جزاكم الله خيرا د/ ماهر الفحل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[29 Oct 2005, 12:21 م]ـ
جزاكم الله خيراً كثيراً، ولا أملك لكم شيئاً على هذا الترحيب العطر إلا الدعاء لكم بالعافية والعمر المديد والعطاء الدائم، وأن يكمل الله لكم طريق الوصول إلى مرضاته ويجزل لكم المثوبة.
لي الرغبة الكبيرة في الكتابة في هذا الملتقى المبارك، لكن ظروف مدينتنا الحبيبة الرمادي - حرسها الله - ساخنة جداً، وصباح اليوم 26/ رمضان/ 1246 ضرب دار الحديث أشد الضرب من قبل شرذمة الكافرين عباد الصليب، وهذه المرة السابعة التي يضرب فيها الدار، والحمد لله رب العالمين، لكن الدار وجد من أجل الدعوة إلى الله، ونحن نحسن الظن بالله أنه يحفظه ويحميه؛ لأن الدار ما وجد إلا لنشر الحديث والدعوة إلى الله والتدريس، وقد تمت فيه دورات حديثية عديدة، والحمد لله. وفي 15 شوال سنبدأ بدورة علمية جديدة تشمل جميع العلوم الشرعية، أسأل الله أن يعيننا على ذلك وأن يرزقنا النية الحسنة.
والسلام عليكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Oct 2005, 01:47 م]ـ
في هذه الأيام المباركة الفاضلة نسأل الله لكم التوفيق والسداد، والعون على الأعداء، وأن ينصر بأهل العراق الإسلام، وأن يكبت عدوهم من الخارج والداخل.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[29 Oct 2005, 05:10 م]ـ
اللهم انصر أهل العراق على أهل الطغيان والإلحاد، واجمع كلمتهم على الحق ووحد صفوفهم،
نسأل الله أن يجزي الشيخ ماهرا خير الجزاء على ما بذله من خدمة للعلم وهو في بلد الفتن والحروب
فماذا قدمنا للإسلام ونحن نرفل في ثوب الأمن والأمان تحت قيادة راشدة ساسها عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، وأبناؤه من بعده سائرون على الطريق الصواب بإذن الله
ـ[عبد الله]ــــــــ[30 Oct 2005, 01:08 م]ـ
مرحبا بالأخ الفاضل الدكتور ماهر الفحل
وجزاك ربي خيرا على خدمة هذه النسخة من كتاب أسباب النزول للواحدي، وقد كنت متلهفا لظهور هذا العمل للنور منذ أن قرأت عنه في ملتقى أهل الحديث، ورأيت نماذج من تحقيقه، أسأل الله لكم السداد ودوام التوفيق.
أخوكم عبد الله إبراهيم
ـ[المحرر]ــــــــ[04 Nov 2005, 06:01 ص]ـ
حياك الله يا شيخنا الكريم،
وقد فرحت بتعليقكم هنا،
سائلاً المولى أن يكبت عدوكم، وأن يوفقكم لما فيه خير.
محبكم
أبو زرعة
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[10 Nov 2005, 10:11 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً، وأسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل سوء، وأن ينفع بكم البلاد والعباد.
ـ[الراية]ــــــــ[23 Mar 2006, 11:35 ص]ـ
النسخ المعتمدة في تحقيق الدكتور ماهر ياسين الفحل:
اعتمد المحقق في تحقيق هذا الكتاب عل ثلاث نسخ فيما يأتي وصف لكل منها:
1 - نسخة خطية من محفوظات مكتبة الأوقاف العامة في بغداد تحت الرقم [2374] وهي نسخة واضحة ومقروءة خطها نسخي عادي، تقع [243] ورقة، نسخت في القرن السادس الهجري، وهي نسخة جيدة، إلا أن ناسخها أهمل بعض الأسانيد اختصاراً، وهي من موقوفات الوزير سليمان باشا، وهي مخرومة الآمر تنتهي بأول سورة الزلزلة.
2 - نسخة خطية من محفوظات مكتبة الأوقاف العامة في بغداد تحت الرقم [2369]، تقع في (124) ورقة، بمعدل (22) سطراً في الصفحة وبواقع (15) كلمة في السطر الواحد خطها نسخي واضح ومقروء، مشكولة في بعض المواطن، وعليها آثار المقابلة والتصحيح، انمحى منها قرابة ثلاثة أسطر من مقدمتها فأتمت بخط مغاير قبل صفحة العنوان، أصابت النسخة رطوبة ابتداءً من الورقة (119) فانمحت بعض الكلمات إلى الورقة (122) فما بعدها فهي غير مقروءة تماماً.
3 - نسخة خطية ثالثة تحتفظ بها مكتبة الأوقاف العامة في بغداد أيضاً، ورقمها [2/ 2410]، تقع في (128) ورقة، خطها نسخي عادي واضح ومقروء، وهي نسخة ناقصة تنتهي عند سورة الزلزلة، وهي نسخة فيها خطأ غير قليل.
نبذة عن هذا التحقيق:
أخذ محققها على عاتقه تتبع الروايات الواردة في الكتاب ونقدها جميعاً،
كما أنه حقق الكتاب على أحسن رواياته، وهي رواية الأرغياني، فهي سماع كامل من الإمام الواحدي، أخذها عنه جماعة،
ومما يدل على أفضليتها وجودتها اعتماد الحافظ ابن حجر عليها في كتابه "العجاب في بيان الأسباب".
وقد قدم المحقق بين يدي الكتاب دراسة ضمنها أربعة فصول:
الفصل الأول: تضمن الكلام على اسمه ونسبه وولادته ووفاته وأسرته وطلبه للعلم ورحلاته
وتكلم في الفصل الثاني: عن ثقافته وشيوخه وتلاميذه وعلومه ومصنفاته ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
وفي الفصل الثالث: تكلم عن سبب النزول وتناول تعريفه وأنواعه والحكمة من معرفته، وكيفية معرفة أسباب النزول وصيغه، والكلام في تعدد السبب والنازل واحد وتعدد النازل والسبب واحد،
وقد تكلم في الفصل الرابع: عن دراسة الكتاب وتناول الكلام فيه عن أهمية الكتاب، ومنهج الواحدي في كتابه، ومصادره، ثم شرح عمله في تحقيق الكتاب ومنهج التحقيق، وتناول فيه اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى مؤلفه ووصف النسخة المعتمدة في التحقيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[24 Mar 2006, 01:48 ص]ـ
السلام عليكم
الرواية التي اعتمد عليها ابن حجر رحمه الله هي رواية أبي العباس عمر بن عبدالله بن محمد الأرغياني وليس أبي نصر محمد بن عبدالله بن محمد الأرغياني. وهما أخوان، والأول هو الأكبر، وهو الذي رَوى من طريقه الحفاظ ابن عساكر والسمعاني وابن حجر كتاب أسباب النزول، فيلاحظ ذلك، والمحققُ وهِمَ في نسبة ذلك إلى الحافظ.
مع أنَّ المحقق جزاهُ الله خيراً ووفقهُ اجتهدَ في الكتابِ، وبذلَ جهداً عَوَّضهُ الله به الجنةَ مع ما في بلدهِ من البلاءِ رفع الله عنهم.
ثم إن السيد أحمد صقر في تحقيقه اعتمد على نسخةٍ هي من روايةِ الأرغياني الكبير الذي روى الحافظُ من طريقه الأسباب.
فللمحققِ ماهر نصيحةٌ مني كأخٍ أن لا يتعود على نقدِ مَنْ سبقه بعملٍ، فكلٌّ إِن شاء اللهُ يريدُ الخيرَ، وإن بَيَّن خطأَهُ برفقٍ فجزاه الله ألف خيرٍ.
وعندي نُسخٌ من الأسباب من روايةِ الأخوين، كُلٍّ على حدة، وإحدى هذه النسخ برواية ابن عساكر عن الأرغياني الكبير أبي العباس، وكتبت في القرن التاسع تقريباً.
أثاب الله الجميعَ، وعَنِّي كمسلمٍ أشكرُ الأخوين الذين قاما بتحقيق الكتابِ كُلٍّ على قدر طاقته في وقت تحقيقهِ، فجزاهم الله عني كل خير.
ـ[الراية]ــــــــ[24 Mar 2006, 01:25 م]ـ
جزاك الله خيرا
أخي الكريم عاصم
والعلم رحم بين أهله
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[26 Mar 2006, 04:40 م]ـ
أخي عاصم جزاك الله خيرالجزاء على هذا التنبيه وعلى هذا الأسلوب الطيب، وأسأل الله أن ينفع بك وبعلمك.
وأعتذر عن تأخر الشكر فوالله لم أر الموضوع إلا هذا الوقت، أسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن ينفع بك.
أخي الراية جزيت الجنة على حسن متابعاتك الطيبة.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
والسلام عليكم
د. ماهر ياسين الفحل
رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية
جامعة الأنبار - حرسها الله(/)
مشروع جمع الروايات التفسيرية من كتب اللغة والأدب والوعظ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Oct 2005, 07:44 م]ـ
حين تقرأ "تهذيب اللغة" للأزهري, أو "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري, أو "التبصرة" في الوعظ لابن الجوزي, أو غيرها من كتب اللغة والأدب والوعظ المسندة, تُفَاجَأُ بعشرات الروايات التفسيرية في ثنايا هذه الكتب, وبأسانيدها إلى أصحابها, بل احتوى كثيرٌ منها على نُسَخٍ تفسيرية, وتفاسير مفقودة, وروايات ليست في كتب التفسير المطبوعة والمتداولة بين المتخصصين.
وطالب علم التفسير, والباحثون فيه, في أمسِّ الحاجة إلى جمع هذه الروايات من هذه المصادر المعتبرة, وسَدِّ بعض الثغرات في بناء علم التفسير على مدى قرون.
لا أظن هذه المصادر الثانوية في علم التفسير بغائبة عن أنظار علمائنا وأساتذتنا, ولكن هل تم التفكير في مشروع كهذا؟
وهل تداوله أهل الفن في اجتماعاتهم, ولقاءاتهم, ومناقشاتهم؟
وهل دار يوماً في أروقة الجمعيات العلمية المتخصصة في التفسير وعلوم القرآن؟
** إن فوائد هذا المشروع جليلة عظيمة, لا تخفى على من له أدنى ممارسة لهذا العلم, وكم جنيت شيئاً كثيراً من ذلك في تجربة خاصة, وكنت كلما أطعت نفسي وجمعت شيئاً من ذلك أثناء مطالعات محدودة, اتسعَ الأفق, وتشعبت السبل, (وطالَ الطريقُ على واحدِ).
أرجو أن نسعد بخبر في هذا الشأن, أو أن نعقد في هذا الملتقى مشروعاً جديراً بأعضاءه ومرتاديه, ممن يشدو العلم ويقصد إليه.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 Oct 2005, 07:52 م]ـ
إقتراح ذو قيمة عالية أخي---
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Oct 2005, 09:10 م]ـ
أبشركم أبا بيان والإخوة الكرام أنه قد بُدئ العمل بجمع الرويات التفسيرية المسندة في هذه الكتب وغيرها، وستكون ـ بحول الله ـ كمية من الروايات التي تعين الباحثين في الروايات التفسيرية.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[17 Oct 2005, 09:27 م]ـ
اقتراح رائع قيم.
ما تفاصيل ه>ا العمل د. مساعد؟
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[19 Oct 2005, 07:24 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الأفكار النيرة، ولكن أرى في البداية أن يتم تحديد المظان التي نجد فيها الروايات التفسسيرية مسندة، ونجعلها عملاً جماعياً تراكمياً فلعل البعض يدل على كتب لم يتنبه إليها غيره.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Oct 2005, 03:15 م]ـ
أبشركم أيها الإخوة بان مؤسسة علمية قد انتهت من جمع كل الكتب المسندة، وهذه المرحلة الاولى من العمل على جمع الروايات المسندة، وسيبدأون بالمرحلة الثانية، وهي إخراج الروايات التفسيرية التي فيها، وعندهم في ذلك أفكار، لكن الأمر لا زال في بدايته، ولا يحبون نشر ما لم يتمَّ، فادعو الله لهم أن يبارك الله لهم في عملهم، ليخرج هذا العمل العظيم، أسأل الله لي ولكم ولهم التوفيق والسداد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Oct 2005, 11:15 م]ـ
وفقهم الله ونفع بهم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 Sep 2010, 05:07 م]ـ
وكذلك أيضا جمع الملح والفوائد التفسيرية في هذه الكتب، فأحيانا تجد إشارات وتنبيهات لا تكاد تجدها في كتب التفسير.
وقد قابلني كثير من هذا عند قراءة (البصائر والذخائر) لأبي حيان، ففكرت عند الختم في جمعها.
ولعلي أوافيكم بموضوع مفرد عن الفوائد التفسيرية والقرآنية فيه، فادعوا لأخيكم بالبركة في الوقت.
ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[22 Sep 2010, 06:44 م]ـ
الاخوة الكرام،
لقد أثرتم موضوعا له أهميته العلمية الكبيرة، ففهرسة الموجود من الكتب المطبوعة، وتحقيق المخطوط، والبحث عن المفقود، لجميع العلوم الشرعية وليس فقط التفسيرية، أمر ضروري لبناء الذات المسلمة القوية في شتى مناحي الحياة. وقد شرعتُ في مثل هذا العمل منذ سنة:1406هـ، ببحث تحت عنوان:" فهرسة كتاب الدر المنثور للسيوطي، حيث اكتشفت نقله من مئات المظان منها المطبوع والمخطوط والمفقود، -وأرجو أن يطلع على الدراسة التي قدمتها في الملتقى تحت عنوان:" النص الأثري التفسيري ومنهاج قراءته بين الموجود والمقصود"، فهو يجيب عن هذه النقطة بكل تفصيل،
حيث بينت فيه من خلال فهرسة كتب التراث عدد كتب التفسير وغيرها من المصادر التي نقل عنها، والتي نحن في أمس الحاجة للاتصال بها من أجل التحقيق والدراسة والبناء.
كما أني قمت سابقا بفهرسة كتابي مصنف ابن ابي شيبة ومصنف عبد الرزاق الصنعاني، بعنوان:" فهرسة الرواة الأوائل من خلال الكتابين".وكل الأعمال مرقونة مع الأسف الشديد منذ تلك السنة. ووجدت بهما من النصوص التفسيرية ما ليس في غيرهما.
كما اشتغلت في بحثي لرسالة الدكتوراة، حول تفسير مدرسة مكة " وبحثت عن النصوص التفسيرية في كل كتاب موجود في المكتبة، واكتشفت ما تقدم به الأخ الكريم نايف الزهراني حفظه الله من سؤال " المشروع"، بأن النص التفسيري قد يوجد في كتاب لا علاقة له بالتفسير البتة، وقد دونت هذه الملاحظات في المقدمة العامة للبحث،
تبقى الاشارة ضرورية الى أن بعض الجامعات العربية الاسلامية مهتمة بمشاريع جمع الآثارالتفسيرية أو الحديثية للقرون الاولى، في شخص بعض أساتذتها مثل الدكتور حسين محمد نصار من جامعة القاهرة وغيره، وهو المشرف على الرسالة القيمة المعنونة بتفسير ابن مسعود جمع وتحقيق ودراسة.
كما اهتم بالمجال الأستاذ الدكتور الشاهد البوشيخي الذي وجه طلبته منه سنة 1400هـ، للاهتمام بالبحث عن النص من بطون المظان العلمية، وتحقيقه قبل القيام بدراسته. لأنه مما لا جدال فيه أن النصوص تعد من أهم المشاكل التي تواجه الباحثين، وتتحداهم من عدة زوايا. فأماكن وجودها غير معروفة، والجهود المبذولة من أجل تقصي أماكنها غير منظمة وغير ممنهجة، وأغلب شيوخ القرون الأولى لم يصلنا من عملهم المكتوب شيء يذكر إلا ما وصل مشتتا ومفرقا عبر تآليف التلاميذ وتلاميذهم، لهذا يأتي هذا العمل الذي طالب به الأخ الكريم للاسهام في حل مشكلة النص، والنص التفسيري على الخصوص، بالتكشيف في عديد من المصنفات الفقهية والأصولية وكتب الطبقات والآداب والمعاجم وغيرها ....
وهو مشروع يحتاج الى مؤسسات علمية، كالجامعات المتخصصة التي توجه طلبتها نحو هذ الميدان المعرفي الهام.(/)
لكل آية ظهر و بطن صحيح و توجيه الأئمة له
ـ[الميموني]ــــــــ[18 Oct 2005, 02:30 م]ـ
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه و سلَّم أنه قال: (أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر و بطن و لكل حرف حدٌّ و لكل حد مطّلَعٌ).
هذا الحديث من الأخبار المشهورة في كتب التفاسير و علوم القرآن - وهو حديث صحيح كما سيأتي - و قد ضعفه بعض أهل العلم و الباحثين من المعاصرين.
و له توجيه و تفسير صحيح يخالف تأويل الباطنية و المبتدعة كمثل ما وجهه به ابن المبارك و أبو عبيد و الطبري وغيرهم من أئمة أهل السنة.
و قد اختلفوا في تفسير ذلك فأشبه الأقاويل بالصواب عند الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام: (أنّ الله عز وجل قد قصّ عليك من نبأ عاد وثمود وغيرهما من القرون الظالمة لأنفسها فأخبر بذنوبهم وما عاقبهم بها فهذا هو الظاهر إنّما هو حديث حدَّثك به عن قوم فهو في الظاهر خبر وأما الباطن منه فكأنه صير ذلك الخبر عظة لك وتنبيها وتحذيرا أن تفعل فعلهم فيحل بك ما حل بهم من عقوبته ... ) اهـ. غريب الحديث لابن سلام:2/ 13 و معنى ذلك أنّ القصص ظاهرها الإخبار بهلاك الأوّلين وباطنها عظة للآخرين. و رجحه الزركشي: 2/ 476 و السيوطي: 2/ 169 وقال الطبري: ظهره التلاوة و بطنه ما بطن من تأويله. وقال الإمام ابن المبارك: (سمعت غير واحد يقول في معنى في هذا الحديث ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن يقول لها معنى ظاهر وتفسير خفي): الزهد لابن المبارك:1/ 27 و هو بمعنى قول الطبري و هذا القول هو أرجحها عندي.
وسأبيّن تخريجه و طرقه فإنني رأيتُ عددا من أهل العلم المعاصرين و من الباحثين وهم في تخريجه و اقتصر على بعض طرقه الضعيفة كما صنع محققوا تفسير البغوي و محقق الموافقات الشيخ مشهور سلمان و غيرهم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 Oct 2005, 10:06 م]ـ
السلام عليكم
أرغب أن أفهم قولا ورد في مقالك (وقال الإمام ابن المبارك: (سمعت غير واحد يقول في معنى في هذا الحديث ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن يقول لها معنى ظاهر وتفسير خفي): الزهد لابن المبارك:1/ 27 و هو بمعنى قول الطبري و هذا القول هو أرجحها عندي.)
فهل في آية (وأحل الله البيع وحرم الربا) ظاهر وباطن مثلا
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Oct 2005, 11:29 م]ـ
لقد ناقش د عبد الرحمن الدهش هذا الحديث وحكم عليه في رسالته الماتعة:الأقوال الشاذة في التفسير من ص 30 حتى ص 42 بكلام جيد أحيل الأخوة عليه.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Oct 2005, 09:55 ص]ـ
هل من طالب علم أو أخ كريم يرسل لي نسخة من هذا الكتاب المسمى الاقوال الشاذة وله علي ان ارسل له ثمن الكتاب باي طريقة يرغب
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Oct 2005, 01:33 م]ـ
د. جمال وفقه الله: الكتاب من إصدارات مجلة الحكمة وللحصول عليه ولبقية إصداراتهم الاتصال على الرقم التالي 0096655816043
أو البريد الالكتروني alhikma59@hotmail.com
ـ[الميموني]ــــــــ[20 Oct 2005, 07:09 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
- هنا تنبيه مهم كنت أريد تأخيره:
- من المتفق عليه أنه لا يكون الظاهر أبدا مناقضا للباطن بمعنى أن ينهى الله عن الزنى مثلا فيكون ظاهر النهي التحريم و باطنه الإباحة أو يأمر بالنفقة والصدقة و يكون باطنه الحض على الإمساك هذا ما لا يقبله عقله و لا يصحّ في لغة و لا يدعيه من عنده مُسكة فهم أو ذرّة دينٍ إنما قد يقول هذا من لا خلاق له و لا دين له من كفرة الباطنية ليموِّهوا به على جهلة أتباعهم مع علمهم بوضوح بطلانه و شدة ضلاله فهذا نوع من الهذيان و السفسطة ليس يأبه له العقلاء و لا يلتفت إليه العلماء ..
- أما معنى كلامي فواضح لكني لم أذكر عبارة الطبري لأنّ مقصدي أن أبين صحة الحديث و أنه له توجيها مّا يصح أن يحمل عليه مع اختلافهم في توجيهه و بعض الأمور إذا فسِّرت ابتداء تشعبت الاحتمالات في تفسيرها واختلفت الآراء في ترجيحها مع أن أقوال المجتهدين قد يجمعها أحيانا نطاق واحد ...
(يُتْبَعُ)
(/)
- أما عبارة الإمام الطبري رحمه الله فقد قال: (فظهره الظاهر في التلاوة و بطنه ما بطن من تأويله) اهـ. جامع البيان للطبري: 1/ 32 طبعة دار هجر. و تذكروا معي أن الطبري يستعمل التأويل بمعنى التفسير و بهذا المعنى وقريب منه فسّره من حكى قولهم ابن المبارك و كما قال الطبري قال أبو القاسم القشيري والبغوي و غيرهم.
- و يزيد ذلك و ضوحا أن نقول: إن من القرآن ما تفهمه العرب بظاهر لغتها و منه ما يعرفه العلماء باجتهادهم و حسن نظرهم فالألفاظ القرآنية لها معنى يتبادر من ظاهرها و له معان أخرى تزيد عليه لا تخالف الظاهر لكن يحتاج في فهمها إلى تدقيق النّظر و الاجتهاد ممّن هو أهلٌ لذلك فليس الظاهر بمخالف لما يستبطنه أهل الفهم من معانيها ألا ترون معي كيف استنبط ابن عباس و عمر رضي الله عنهما من سورة (إذا جاء نصر الله و الفتح) أنها علامة اقتراب أجل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فهذا معنى كان باطنا أي خفيا من تفسيرها استدل عليه عمر رضي الله عنه و ابن عباس بأمور أخرى و بقرائن ... الخ
و مثل ذلك قول ابن عبّاس رضي الله عنه في عدة أصحاب الكهف أنا ممن يعلم عدتهم الخ القصة المعروفة في التفاسير.
و قد يكون أحيانا المراد بالباطن ما في الخبر و القصة من معنى التذكير و العظة كما هو قول الإمام أبي عبيد فظاهرها أنها أخبار و قصص عن أقوام مضوا و باطنها تذكير وتخويف لغيرهم.
فهذا الباطن متفاوت في القرب و البعد و السهولة في فهمه و العسر ..
و قد قيل تفسيرها: أنّه ما من آية إلا عمل بها قوم ولها قوم سيعملون بها يروى ذلك عن ابن مسعود. ذكره الزركشي و السيوطي. و هذه الأقوال كلها صحيحة لا يناقض بعضها بعضا.
و أنا لم أقصد لجمع كلام أهل العلم من أهل السنة في معناها أنما أردت ما قدّمت فمن أراد الاستزادة فمّما لم أذكره من المصادر: فضائل القرآن: 98 و فهم القرآن للحارث المحاسبي: ص328 وقانون التأويل لابن العربي: 196 و شرح السنة للبغوي: 1/ 262 و غيرها.
مع التنبيه إلى أنه لن ينفع أهل الضلال استعماله له في ضلالهم لأنه حتى لو تنزلنا أنه قد يُفهم منه بعض ما يتوهّمون فنقول هو خبر تتحكم فيه القواعد و البراهين النيرات التي لا يختلف في صحتها ولا تأويلها كالاختلاف في هذا الخبر صحة و معنى.
و أرجو ممن له ملاحظة أو تعقيب أو غير ذلك مما هو مفيد أن يتكرّم بوضعه هنا فقد أردت أن أجعل من هذا الموضوع مع مداخلاتكم مرجعا عسى أن يستفيد منه إخواننا و كل طالب علم. علما أنني لم أجد عنه في هذا المنتدى شيئا عن هذا الموضوع و قد بحثت عنه في الشبكة العنكبوتية بحثا عجلا فلم أجد شيئا يذكر.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[20 Oct 2005, 03:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
أخي الميموني
بَيَّنَ الله جل وعلا في مواضع متعددة من كتابه كونَ هذا القرآن عربياً فقال: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) [يوسف: 2]، ولذا فإن الأصل في فَهْمِ كتاب الله تعالى هو اللسان العربي، قال الإمام مجاهد بن جبر (ت: 104 هـ): " لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب " (1).
وقال الشافعي (ت: 204): " فإنما الله خاطب بكتابه العربَ بلسانها، على ما تعرف من معانيها " (2).
ولذلك فإن ادعاء معنى لم يصح له وجه في لسان العرب يعد أمراً مردوداً في تفسيركتاب الله تعالى.
قال ابن جرير الطبري (ت: 310): " وغير جائز إحالة ظاهر التنزيل إلى باطن من التأويل لا دلالة عليه من نص كتاب، ولا خبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إجماع من الأمة ولا دلالة من بعض هذه الوجوه" (3).
وإن من مآخذ أهل البدع في الاستدلال بناء ظواهر النصوص على تأويلات لا تعقل ـ يدعون أنها هي المقصود والمراد ـ لا ما يفهمه العربي، فقالوا بأن للنصوص بواطن هي المقصودة، وأن الظواهر المفهومة باللغة غير مرادة، فقالوا: كل ما وَرَدَ في الشرع من الظواهر في التكاليف والحشر والنشر والأمور الإلهية؛ فهي أمثلة ورموز إلى بواطن (4).
وقد ولج كثير من الفرق من باب إثبات أن للقرآن باطناً وظاهراً وفسروا ذلك بتفسيرات منحرفة باطلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجُلُّ ما يعتمد عليه أصحاب القول بأن للقرآن ظهراً وبطناً ما روي عن عبد الله بن مسعود (ت: 32 هـ) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُنْزِلَ القرآنُ على سَبْعَةِ أحرف، لكل حرف منها ظهرٌ وبطنٌ، ولكل حرفٍ حدٌّ، ولكل حدٍّ مطَّلَعٌ" (5).
وما جاء عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة تحت العرش يوم القيامة، القرآن يحاجُّ العباد، له ظهرٌ وبطنٌ، والأمانة والرحم تنادي: ألا من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله " (6).
وما جاء عن الحسن البصري رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أَنْزَلَ الله ـ عز وجل ـ آيةً إلا لها ظهرٌ وبطنٌ، ولكل حرفٍ حدٌّ، وكل حدٍّ مطَّلَعٌ" (7).
وهذه الأحاديث لا تصح طرقها وإن جوّز تحسينها بعض الباحثين بمجموع طرقها (8)، وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) رحمه الله عن حديث: " للقرآن باطن وللباطن باطن إلى سبعة أبطن " فقال: " أما الحديث المذكور فمن الأحاديث المختلقة التي لم يروها أحد من أهل العلم ولا يوجد في شيء من كتب الحديث ولكن يروى عن الحسن البصري موقوفاً أو مرسلاً أن لكل آية ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً " (9).
وعلى فرض صحتها فقد بين العلماء المعنى الصحيح الذي ينبغي تفسير الحديث به حيث ذكروا في المراد عدة أقوال منها:
• أن المراد بالظهر اللفظ وبالبطن المعنى.
• أن المراد بالظهر ما ظهر تأويله وعرف معناه، وبالبطن ما بطن تفسيره.
• أن المراد أن قصصه في الظاهر أخبار، وفي الباطن عِبَرٌ وتنبيه وتحذيرٌ وغير ذلك.
• أن المراد بالظهر التلاوة، وبالبطن: التَّفهُّم والتَّعْظِيم (10).
• ما قاله الطبري (ت: 310): " فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه ما بطن من تأويله" (11).
• وقد ذكر الشاطبي (ت: 790) المعنى الثاني بقوله: " وحاصل هذا الكلام أن المراد بالظاهر: هو المفهوم العربي، والباطن: هو مراد الله تعالى من كلامه وخطابه، فإن كان مراد من أطلق هذه العبارة ما فسر فصحيح ولا نزاع فيه، وإن أرادوا غير ذلك فهو إثبات أمرٍ زائد على ما كان معلوماً عند الصحابة ومن بعدهم، فلا بد من دليل قطعي يثبت هذه الدعوى، لأنها أصل يحكم به على تفسير الكتاب، فلا يكون ظنياً، وما استدل به إنما غايته إذا صح سندُه أن ينتظم في سلك المراسيل ". ثم مثل عليه بقصة عمر (ت: 23هـ) مع ابن عباس (ت: 68هـ) رضي الله عنهم في تفسير سورة النصر وقال: " فظاهر هذه السورة أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسبح بحمد ربه، ويستغفره إذا نصره الله وفتح عليه، وباطنها أن الله نعى إليه نفسه" (12).
وقد اشترط لصحة المعنى الباطن شرطين هما:
أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ويجري على المقاصد العربية.
وأن يكون له شاهد نصاً أو ظاهراً في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض.
وقال في سبب اشتراطه للثاني: " فلأنه إن لم يكن له شاهد في محل آخر أو كان له معارض صار من جملة الدعاوى التي تدعى على القرآن، والدعوى المجردة غير مقبولة باتفاق العلماء " (13).
والله أعلم ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: البرهان: (1/ 292).
(2) الرسالة: (51 ـ 52).
(3) جامع البيان: (5/ 44).
(4) انظر: الاعتصام للشاطبي: (1/ 205).
(5) رواه ابن جرير في تفسيره من طريقين ضعيفين: (1/ 35 ـ 36)، قال أحمد شاكر: " هو حديث واحد بإسنادين ضعيفين أما أحدهما فلانقطاعه بجهالة راويه عمن ذكره عن أبي الأحوص، وأما الآخر فمن أجل إبراهيم الهجري راويه عن أبي الأحوص".
ورواه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ: " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله، وأنزل القرآن على سبعة أحرف، ولكل آية منها ظهر وبطن". المعجم الكبير: (10/ 105) برقم (10107).
ورواه أيضاً ابن حبان في صحيحه: (1/ 276) برقم (75)، والبزار في مسنده: (7/ 152)، والطبراني في المعجم والأوسط: (1/ 236) برقم (773)، وأبو يعلى في مسنده: (9/ 278) برقم (5403).
(6) رواه العقيلي في الضعفاء: (4/ 5)، وقال: " ولا يصح إسناده ". والبغوي في شرح السنة: (13/ 22). وانظر: نوادر الأصول للحكيم الترمذي: (4/ 168) والفردوس بمأثور الخطاب لأبي شجاع: (3/ 228) برقم (4673).
(7) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن: (42، 43)، وعبد الرزاق في مصنفه: (3/ 358) برقم (5965). وابن المبارك في الزهد: (1/ 23) برقم (94).
(8) انظر: الأقوال الشاذة للدهش: (33) حيث قال بعد إيراد هذه الشواهد للحديث: " وبعد هذا فقد يرتقي الحديث بهذا السياق إلى أن يكون حسناً ".
(9) مجموع الفتاوى: (13/ 231 ـ 232).
(10) انظر في الأقوال السابقة: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: (3/ 166).
(11) جامع البيان: (1/ 55). وعلق عليه أحمد شاكر بقوله: " الظاهر: ما تعرفه العرب من كلامها وما لا يعذر أحدٌ بجهالته من حلال وحرام. والباطن: هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط والفقه، ولم يُرِد الطبري ما تفعله طائفة الصوفية وأشباههم في التلعب بكتاب الله وسنة رسوله والعبث بدلالات ألفاظ القرآن وادعائهم أن لألفاظه ظهراً هو الذي يعلمه علماء المسلمين وباطناً يعلمه أهل الحقيقة فيما يزعمون ". جامع البيان بتحقيقه: (1/ 72) حاشية رقم (2).
(12) الموافقات: (3/ 287). وقد ذكر أمثلة أخرى لهذا المعنى. وقد اعتبر الشاطبي رحمه الله أن كل ما كان من المعاني العربية التي لا ينبني فهم القرآن إلا عليها فهو داخل تحت الظاهر، وكل ما كان من المعاني التي تقتضي تحقيق المخاطب بوصفه العبودية والإقرار لله بالربوبية فذلك هو الباطن المراد والمقصود الذي أنزل القرآن لأجله. انظر الموافقات: (3/ 289، 290).
(13) الموافقات: (3/ 295).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[20 Oct 2005, 05:24 م]ـ
أما كتاب الدكتور الدهش فلم أطلع عليه
تخريج الحديث:
أخرجه أبو يعلى (5149)، والطحاوي في المشكل (3095)، والطبراني في الكبير (10107)، وفي الأوسط (773)، و ابن خالويه في إعراب السبع: 1/ 20 وابن عساكر: 30/ 235 و 236 من طرق والبغوي في تفسيره 1/ 46 و في بعض ألفاظ الحديث: (لو كنت متخذا أحدا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله وإن القرآن أنزل على سبعة أحرف ولكن لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مُطّلَعٌ). كلهم من طريق جرير عن المغيرة بن مِقسَم الضَّبِّي عن واصل بن حيان عن ابن أبي الهُذَيل عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود به، و قد رواه مسلم من هذا الوجه واختصره مقتصرا على ما فيه من ذكر فضل أبي بكر الصديق و لذا ساقه ابن عساكر من طريق إسحاق بن إبراهيم عن جرير التي عند مسلم ثم قال أخرجه مسلم مع كون مسلم لم يخرج قوله: (لكل آية ظهر و بطن). (ينظر: صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة: باب فضل الصديق (ح 6125)
وله طريق أخرى: فقد رواه البزار من طريق سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بزيادة في آخره في النهي عن أن يستلقي الرجل في المسجد و يضع إحدى رجليه على الأخرى وقال هذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من حديث الهَجَريّ (يعني أبا إسحاق الذي في سنده جعله الهجري) عن أبي الأحوص عن عبد الله و لا نعلم أنّ ابن عجلان روى عن الهجري غير هذا الحديث) اهـ. مسند البزار: (ح 28081) و من طريق سليمان بن بلال هذهِ رواه أبو يعلى مختصرا (ح 5403) و الطحاوي: 4/ 172 و الطبراني في الكبير: 10/ 125
ورواه الطبري: 1/ 22 و الخطيب في الموضح: 1/ 381 من طريق سفيان عن إبراهيم الهجري و هو أبو إسحاق لكن الهجري ضعيفٌ ضعفه ابن معين و النسائي و أبو حاتم (تهذيب الكمال: 2/ 203 و ميزان الاعتدال: 1/ 65 وتهذيب التهذيب: 1/ 164).
ولكن قد تقوّى بالطريق السابقة و صحَّ أيضا مرسلا من حديث الحسن البصري رواه ابن المبارك: 1/ 23 و أبو عبيد في فضائل القرآن: صـ 97، 98 و عبد الرزاق في مصنفه: (ح9565) و ابن حزم (الإحكام في أصول الأحكام: 3/ 281)، و صح أيضا موقوفا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخرجه الطبراني في الكبير: (8667 و 8668) من طريق شعبة و من طريق سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفا بلفظ: إنّ القرآنَ ليس منه حرفٌ إلا له حدٌّ ولكل حدٌّ مطّلع.
و أما قول ابن حزم: (إنّها مرسلاتٌ لا تقومُ بها حُجّة) فيقال قد ثبت موقوفا و تقوّى بالمرفوع. وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (1338). و لكنّ الحديث صحيح لهذه الشواهد و لأنّ أصله في صحيح مسلم و رجاله في الطريق الأولى على شرط الصحيح و إنْ كان مسلم رحمه الله اختصره إما لاقتصاره على موضع الشاهد منه و هو فضل أبي بكر رضي الله عنه و إما لغرابة تلك الألفاظ فإن المرفوع منه فيه غرابة لكن لا يلزم منها ضعفه فليس كل غريب ضعيفا و عليه فالحديث صحيح وله وجه صحيح عند أئمة أهل السنة كالذي و جهه به ابن المبارك وأبي عبيد و الطبري و البغوي وغيرهم.
ـ[الميموني]ــــــــ[26 Oct 2005, 04:56 م]ـ
للفائدة
ـ[الميموني]ــــــــ[14 Nov 2005, 01:57 م]ـ
صححت الحديث بمجموع طرقه
و مع هذا ففي نفسي شيء من ترك أصحاب الكتب الستة له
مع أنهم لم يستوعبوا ما صح كما هو معلوم و لكن تركهم لخبر ما مع شهرته لا يكون في الغالب إلا لعلة ما
ـ[د. أنمار]ــــــــ[18 Apr 2008, 10:33 ص]ـ
بعض الطرق الآخرى
قال الفرياني: حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع.
وأخرج الديلمي من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العباد.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: إن القرآن ذوشجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف هوى: أخبار وأمثال وحلال وحرام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التلاوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء.
اهـ من الإتقان ج: 2 ص: 486
وليراجع تفسير ابن أبي حاتم فلعل بعضه مدرج(/)
ما الفرق بين نصيب وكفل في آية سورة النساء؟
ـ[شاهد]ــــــــ[18 Oct 2005, 03:01 م]ـ
*من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا*النساء85
ما الفرق بين النصيب والكفل؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 Oct 2005, 06:00 م]ـ
السلام عليكم
ربما تجد فائدة في هذه النقول
قال الرازي في تفسيره
(فان قيل: لم قال في الشفاعة الحسنة: {يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا} وقال في الشفاعة السيئة: {يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا} وهل لاختلاف هذين اللفظين فائدة؟
قلنا: الكفل اسم للنصيب الذي عليه يكون اعتماد الناس، وإنما يقال كفل البعير لأنك حميت ظهر البعير بذلك الكساء عن الآفة، وحمي الراكب بدنه بذلك الكساء عن ارتماس ظهر البعير فيتأذى به، ويقال للضامن: كفيل.
(وقال عليه الصلاة والسلام: " أنا وكافل اليتيم كهاتين " فثبت أن الكفل هو النصيب الذي عليه يعتمد الانسان في تحصيل المصالح لنفسه ودفع المفاسد عن نفسه، إذا ثبت هذا فنقول: {وَمَن يَشْفَعْ شَفَـ?عَةً سَيّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا} أي يحصل له منها نصيب يكون ذلك النصيب ذخيرة له في معاشه ومعاده، والمقصود حصول ضد ذلك
{فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
[آل عمران: 21] والغرض منه التنبيه على أن الشفاعة المؤدية إلى سقوط الحق وقوة الباطل تكون عظيمة العقاب عند الله تعالى.
قال الخليل في العين
(والكِفْلُ من الأجر، ومن الإثم: الضعف، قال الله عز وجل: "يؤتكم كِفلَينِ من رحمته". و"يكن له كفل منها"، ولا يقال: هذا كِفْلُ فلان حتى تكون قد هيأت مثله لغيره كالنصيب، فإذا أفردت فلا تقل: كِفْل ولا نصيب.)
--ذكر ابن الجوزي في المنتظم (أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عبد اللّه بن مرة، عن مسروق، عن عبد اللّه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها"، لأنه كان أول من سن القتل.
أخرجاه في الصحيحين.)
وإن رغبت تحاورنا
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[19 Oct 2005, 01:33 ص]ـ
قال تعالى في سورة النساء:" مَن يَشفَعْ شفاعَةً حَسَنةً يكن له نصيبٌ منها ومَن يَشفَعْ شفاعَة سيئة يكن له كِفْلٌ منها وكان الله على كلِّ شيء مقيتًا "
لم قال عن الشفاعة الحسنة (يكن له نصيب منها) وعن الشفاعة السيئة (يكن له كفل منها)؟
أولاً- جواب الدكتور فاضل السامرائي:
من معاني (الكِفل) في اللغة: النصيب المساوي، المثل. والكفيل يضمن بقدر ما كفل ليس أكثر00 أما (النصيب) فمطلق غير محدد بشيء معين0
لذلك قال الله عز وجل عن السيئة (يكن له كفل منها)؛ لأن السيئة تجازى بقدرها " من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها " غافر:40
أما الحَسَنة فتضاعف كما قال تعالى:" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " الأنعام: 160. وقال عز وجل:" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا " القصص: 84
فقال عن حامل السيئة أن له الكفل. أي: المثل، أما صاحب الشفاعة الحسنة فله نصيب منها0 والنصيب لا تشترط فيه المماثلة0 وهذا من عظيم فضل الله عز وجل.
وورد في الحديث الشريف أنه عليه الصلاة والسلام قال فيما يرويه عن ربه: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك: فمن هَمّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة".
ثانيًا- جواب الأستاذ محمد إسماعيل عتوك:
(يُتْبَعُ)
(/)
النصيب في اللغة هو الحظ الجيد المعيَّن من الشيء. تقول: هذا نصيبي. أي: حظي. واشتقاقه من النصْب، بإسكان الصاد. والنصْب: هو إقامة الشيء في استواء، وإهداف، ووضعه موضعًا ناتئًا؛ كنصب الرمح، والحجر في الأرض. والنصْب، والنصيب حجر كان ينصَب، فيعبَد، فهو منصوب. قال الراغب في مفرداته: " النصيب: الحظ المنصوب. أي: المعيَّن ". وهو المراد من قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء:11]، لقوله تعالى قبله: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا} [النساء:7] 0
أما الكفل فيستعمل في اللغة لمعان كثيرة؛ أشهرها: النصيب والحظ0 وهذا قول الجمهور. ونقل عن المؤَرِّج قوله:" الكفل: النصيب بلغة هذيل ". وقال غيره:" بل بلغة الحبشة ". وذكر أبو حيَّان صاحب تفسير (البحر المحيط) أن أكثر استعماله في الشر .. ولهذا استعمل في الشفاعة السيئة. وقد يستعمل في الخير؛ كقوله تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد:28] .. وكان أبو حيَّان قد نقل عن إبَّان بن تغلب أن الكفل بمعنى: المِثل، ونقل عن الحسن وقتادة أنه بمعنى: الوزر والإثم .. وذكر الفيروز آبادي من معاني الكفل: الضِّعف. واشتقاق ذلك كله من كفل البعير. قال الكسائيُّ:" أصل الكفل مركَب يهيَّأ على ظهر البعير ". وقال ابن فارس:" الكاف والفاء واللام أصل صحيح يدل على تضمن الشيء للشيء. من ذلك الكفل: وهو كساء يدار حول سنام البعير"
وأضاف ابن فارس قائلاً:" والكفل في بعض اللغات: الضعف من الأجر، وأصله ما ذكرنا أولاً؛ كأنه شيء يحمله حامله على الكفل الذي يحمله البعير، ويقال ذلك في الإثم " 0
وعلى هذا المعنى يحمل قول الله تعالى: {يكن له كفل منها} 0 بمعنى: أنه يناله من شفاعته السيئة ضعف من الأجر الرديء؛ لأنه آثم بهذه الشفاعة0
والخلاصة: أن الشفاعة إما أن تكون حسنة، أو تكون سيئة. والشفاعة الحسنة هي التي يراعى بها حق المسلم، فيدفع بها عنه شر، أو يجلب بها إليه خير، ولا يبتغى بها إلا وجه الله تعالى .. والشفاعة السيئة ما كانت بخلاف ذلك. فإذا كانت الشفاعة في حق، كان لصاحبها من أجرها الذي يستحقه المُشفَّع أجرٌ حسن. وهذا ما عبَّر عنه بالنصيب. وإذا كانت الشفاعة في باطل، كان لصاحبها من أجرها الذي يستحقه المُشفَّع ضعفٌ من الأجر الرديء. وهذا ما عبِّر عنه بالكفل، تنبيهًا على أن الشفاعة المؤدية إلى إحقاق الحق تكون عظيمة الثواب عند الله تعالى، وأن الشفاعة المؤدية إلى إسقاط الحق تكون عظيمة العقاب عند الله تعالى.
ثالثًا- جواب الدكتور عماد:
أولاً- ذهب الألوسي إلى أن النصيب بمعنى الحظ الوافر، وأن الكفل بمعنى النصيب من الوزر، فقال:" من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها- أي: حظ وافر من ثوابها00 ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها- أي: نصيب من وزرها0 وبذلك فسره السدي، والربيع، وابن الزبير، وكثير من أهل اللغة "0
ثم علل الألوسي للمغايرة بين اللفظين، فقال:" فالتعبير بالنصيب في الشفاعة الحسنة، وبالكفل في الشفاعة السيئة للتفنُّن "0
وأضاف الألوسي قائلاً:" وفرَّق بينهما بعض المحققين بأن النصيب يشمل الزيادة، والكفل هو المثل المساوي، فاختار النصيب أولاً؛ لأن جزاء الحسنة يضاعف، والكفل ثانيًا؛ لأن من جاء بالسيئة، لا يجزى إلا مثلها0 ففي الآية إشارة إلى لطف الله تعالى بعباده "0 (روح المعاني للألوسي:5/ 97)
هذا ما حكاه الألو سي عن بعض المحققين0 و هذا القول لا يصح إلا على اعتبار (من) للسبب0 فيكون المعنى: من يشفع شفاعة حسنة، يكن له نصيب من الأجر بسببها، ومن يشفع شفاعة سيئة، يكن له كفل من العقاب بسببها0
وهذا خلاف ما نصَّت عليه الآية الكريمة من المعنى؛ لأن المراد بـ (منها) الأولى: من ثوابها، وبـ (منها) الثانية: من عقابها، كما قال الألوسي0 ويؤكد ذلك أن (من) في الموضعين للتبعيض00 وهذا مذهب الجمهور0
ثانيًا- مذهب الجمهور أن النصيب، والكفل بمعنى واحد، إلا أن الثاني أكثر ما يستعمل في الشر0 وبهذا قال أبو حيان، ثم علل للمغايرة بينهما بقوله:" وغاير في النصيب، فذكره بلفظ الكفل في الشفاعة السيئة؛ لأنه أكثر ما يستعمل في الشر "0 (البحر المحيط:3/ 733)
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر الرازي- أيضًا- أن النصيب والكفل بمعنى واحد، وحكى عن أهل اللغة قولهم: إن الكفل هو الحظ، ثم قال:" والغرض منه التنبيه على أن الشفاعة المؤدية إلى سقوط الحق، وقوة الباطل، تكون عظيمة العقاب عند الله تعالى"0 (تفسير الرازي:10/ 158) 0
ثالثًا- قول الألوسي الذي ابتدأنا به، وهو قوله: النصيب بمعنى الحظ الوافر. والكفل هو النصيب من الوزر، يعني أن كلا من النصيب، والكفل بمعنى: الحظ الوافر0 وهذا الحظ الوافر هو حظ معين، ومعلوم0 وقد فسر الراغب في مفرداته النصيب بأنه:" الحظ المنصوب. أي: المعيَّن ".
والدليل على كونه وافرًا قوله تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) 0 والدليل على كونه معينًا قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا) 0 وقوله تعالى على لسان إبليس: (لأتخذن من عبادك نصيبًا مفروضًا) 0
ثالثًا- ذكر الفيروز آبادي من معاني الكفل: الضعف، والنصيب، والحظ00 وذكر ابن منظور من معاني الكفل: الحظ، والضعف من الأجر والإثم، ثم قال: والكفل أيضًا: المثل0 ونقل عن الفرَّاء قوله: إن الكفل هو الحظ0
وقال ابن فارس:" والكفل في بعض اللغات: الضعف من الأجر"0
وذكر الخليل من معاني الكفل: النصيب، ثم قال: والكفل من الأجر والإثم: الضعف0
وأقرب الأقوال إلى الصواب في تفسير الكفل هو: الضعف من الوزر، أو الإثم0
رابعًا- اختلف المفسرون في المراد من الشفاعة الحسنة، والشفاعة السيئة على أقوال، ولكنهم اتفقوا على أن الحسنة منها ما كانت في البر والطاعة ابتغاء مرضاة الله0 وأن السيئة منها ما كانت في معصية الله ابتغاء لجاه أو غيره0 ومنها الشفاعة في حد من حدود الله تعالى0 قال الألوسي:" وفي الخبر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضادَّ الله تعالى في ملكه، ومن أعان على خصومة بغير علم، كان في سخط الله تعالى حتى ينزع، واستثني من الحدود القصاص0 فالشفاعة في إسقاطه إلى الديَّة غير محرمة "0 (روح المعاني للألوسي:5/ 97 (
وقال الثعالبي:" روى أبو داود عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يشفع لأحد شفاعة، فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا " (تفسير الثعالبي:1/ 371 (
ولهذا كانت عقوبة الشفاعة السيئة عظيمة عند الله تعالى تتناسب مع المعنى الذي يؤديه لفظ الكفل، وليس كذلك السيئة، التي تجزى بمثلها0
ـ[شاهد]ــــــــ[22 Oct 2005, 09:19 م]ـ
بارك الله فيك أخي عبدالقادر يثرب
أشكركم على المساعدة(/)
رمضان شهر القرآن
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[18 Oct 2005, 10:19 م]ـ
رمضان شهر القرآن
إن القرآن الكريم: كلام الله، ورسالته الأخيرة للبشرية، وهو آخر الكتب السماوية، وخاتمَها، وأطولُها، وأشملها؛ فيه نبأ السابقين، وخبر اللاحقين، وفيه الحُكْم، والحِكمة، والأحكام.
والقرآن الكريم: هو المهيمن على الكتب السابقة، والحكَم عليها؛ فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما حكم عليه بالرد فهو مردود قد دخله التحريف والتبديل.
والقرآنُ محفوظٌ من الزيادة والنقص، والتحريف والتبديل؛ فلقد أنزله الله وتكفل بحفظه، قال -عز وجل-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
والقرآن جاء في الذروة من البلاغة والإعجاز؛ فهو معجزٌ في لفظه ومعناه، معجزٌ في إخباره عن الغيوب السابقة واللاحقة؛ معجزٌ في حِكَمِه وأحكامه وكلِّ ما جاء به.
بل هو معجز في تأثيره في القلوب؛ فما يسمعه أحد وهو مُلْقٍ سمعَه إلا ويأخذ بمجامع قلبه، ويستحوذ على نياط فؤاده؛ فتشهد كلُّ ذرة في كيان جسده: أن هذا كلام رب العالمين الذي تَنَزَّه عن شوائب اللبس وخَلُصَ من أكدار الشبهات، وتجافى عن مضاجع القلق، وبَرِىء من وَصْمَة التعقيد، وسَلِمَ من معرَّة اللغو والخطأ.
والقرآنُ الكريمُ مشتملٌ على أعدل الأحكام، وأعظمها، وأشرفها، وأشملها، فلم يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا وأحاط بها إجمالاً وتفصيلاً، يشهد بذلك كلُّ منصف ولو لم يكن مسلماً.
ومن خصائص القرآن الكريم: أن قارئه لا يَمَلُّ قراءته، وأن سامعه لا يسأمه، ولا يمجّه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديدُه يوجب له محبةً، وغيرُه من الكلام يُعادىَ إذا أعيد، ويُملُّ من كثرة الترديد.
ورحم الله الإمام الشاطبي إذ يقول:
وإنَّ كِتَابَ اللهِ أوثقُ شَافِعٍ = وأغنى غَناءًا واهباً مُتَفَضِّلا
وخيرُ جليسٍ لا يُمَلُّ حديثُهُ = وتَرْدَادُه يزدادُ فيه تَجَمُّلا
فيا أيُّهَا القَارِي بهِ مُتمسِّكاً = مُجِلاً له في كلِّ حالٍ مُبَجِّلا
هنيئاً مريئاً والداكَ عليهِما = مَلابسُ أنوارٍ مِن التَّاجِ والحُلى
هذا القرآن هو: طريق السعادة، وسبيل العزة للفرد والأمة، قال-سبحانه وتعالى-: (طه {1} مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)، وقال: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)، وقال: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ).
القرآن الكريم: نور الصدور، وجلاء الهم والغم، وفرح الفؤاد، وقرة العين.
وكتابُ ربِّك إن في نفحاتِه = مِن كلَّ خيرٍ فوقَ ما يُتَوقّعُ
نورُ الوجودِ وأنسُ كلِّ مُرَوَّعٍ = بكروبِه ضاق الفضاءُ الأوسعُ
والعاكفون عليه هم جلساءُ مَن = ْلجلاله كلُّ العوالم تخشعُ
فادفن همومَك في ظِلال بيانِهِ = تَحْلُ الحياةُ وتطمئنَّ الأضلعُ
فبكل حرفٍِ من عجائب وحيه = نبأٌ يبشر أو نذيرٌ يقرعُ
القرآن الكريم: حبل الله المتين، وصراطُه المستقيم، سمّاه الله نوراً وتبياناً، وموعظة ورحمةً، وشفاءً لما في الصدور، لا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ عنه كثرة الردّ، لا يعوجّ فيقوَّم، ولا يزيغ فيُستعتَب، فيه القصص العجيبة، ودلائل التوحيد والنبوة، فيه المواعظ الحسنة، وفيه البراهين الجلية القاطعة، التي تسبق إلى الأفهام ببادئ الرأي، وأول النظر، ويشترك كافةُ الخلق في إدراكها؛ فهو مثل الغذاء ينتفع به كلُّ إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الصبي، والرضيع، والرجل القوي والضعيف.
في القرآن حثٌّ على كل خلق جميل، وفيه التنفير من كل خلق ساقط رذيل (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
هذا القرآن: هو الذي أحرزت به الأمةُ السعادةَ، وهو الذي اجتثَّ منها عروقَ الذِّلة والاستكانة، وهو الذي رباها وأدَّبها، فزكَّى منها النفوسَ، وصفَّى القرائحَ، وأذكى الفِطَنَ، وجلا المواهبَ، وأعلا الهممَ، وأرهف الحسَّ، وقوّى العزائم، واستثار العقول.
وهو الذي غرس الإيمان في الأفئدة، وملأ القلوبَ بالرحمة، وحفز الأيديَ للعملِ النافعِ، والأرجلَ للسعيِ المثمرِ، ثم ساق تلك القوى-على ما في الأرض من شرِّ وباطَلٍ وفسادٍ- فطهرها منه تطهيراً، وعمَّرها بالحق والإصلاح تعميراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا القرآن: هو الذي أنار العقول بالنور الإلهي؛ فأصبحت كشافةً عن الحقائق العليا، وطهَّر النفوس من أدران السقوط والإسفاف؛ فأصبحت نزاعةً إلى المعالي، مُقْدِمَةً على العظائم.
وبهذه الروح القرآنية اندفعت تلك النفوس بأصحابها تفتحُ الآذانَ قبل البلدان، وتمتلك بالعدل، والإحسانِ الأرواحَ قبل الأشباح.
هذا القرآن: هو الذي أخرج الله به من رعاة الغنم رعاةَ الأمم، ومن خمول الجهل أعلام الحكمة والعدل والعلم.
الله أكبر إن دينَ محمدٍ = وكتابه أقوى وأقومُ قِيلا
طلعت به شمسُ الهدايةِ للورى = وأبى لها وصفُ الكمال أفُولا
والحقُّ أبلجُ في شريعته التي = جمعت فروعاً للهدى وأصولا
لا تذكر الكتب السوالف عنده = طلع الصباحُ فأطفئوا القِنديلا
هذا هو القرآن، وها نحن في شهر القرآن، قال الله -سبحانه وتعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
فقوله -عز وجل-: (أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) يحتمل عدة معانٍ تدور حول هذا الشهر، ومَيْزةِ إنزال القرآن فيه:
- فقد يكون المرادُ إنزالَ القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في رمضان، كما جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
- وقد يكون المرادُ أن ابتداءَ إنزالِ القرآن على محمد – صلى الله عليه وسلم - كان في شهر رمضان.
- وقد يكون المراد أن القرآن قد نزل في مدح رمضان، والثناء عليه، والتنويه بشأنه.
ما أحرانا في هذا الشهر أن نجدد العهد بالقرآن، وأن نكثر من تلاوته وتدبره، وعقله، والتخلّق بأخلاقه، والامتثال بأوامره، والانتهاء عن نواهيه، وأن يكون ذلك دأباً لنا في بقية أعمارنا؛ لنسعد في دنيانا وآخرتنا، ولِننال الثواب الجزيل من ربنا -عز وجل-.
ولقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة في فضل تلاوة القرآن الكريم؛ فالله -عز وجل- أمر بتلاوة كتابه، وبين أن هذا هو دَأَبُ الصالحين، فقال -عز وجل-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29} لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم.
فقراءة القرآن خير وأجر وبركة في كل وقت، وهي في رمضان أعظم وأكبر.
ولقد كان جبريل -عليه السلام- يأتي النبي– صلى الله عليه وسلم - في رمضان؛ فيدارسه القرآن كل ليلة، كما في الصحيحين عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله – صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة".
وفي العام الذي تُوفي فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عارضه جبريل القرآن مرتين، رواه البخاري.
فيا لسعادة من أحب القرآن، وأقبل عليه تعلماً، وتعليماً، وتلاوة، وبذلاً، وعملاً لأجل نشره، والدعوة إليه؛ فيا لسعادة ذلك، ويا لعزته في الدنيا والآخرة، ويا لِحرمان من حُرم ذلك الخير، وصُدّ عن ذلك النور.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Oct 2005, 11:08 م]ـ
شكر الله لك د محمد هذه اللفتة الطيبة ولا غرابة فهي لفتة يسيرة من كتابكم الرائع في أحاديث رمضان والذي آمل من فضيلتكم أن تواصل في طرح شيئ من أفكاره , نفع الله بكم.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[19 Oct 2005, 02:41 م]ـ
مرحباً بالشيخ محمد، لقد ازداد الملتقى جمالاً وبهاءً بانضمامه إليه، والشيخ من أهل العلم والدعاة المعروفين، ومن المكثرين من التأليف؛ حيث ناهزت مؤلفاته القيمة الماتعة الثمانين، في فنون متنوعه، وهو المشرف العام على موقع دعوة الإسلام، وله عناية كبيرة بمؤلفات المفسر الكبير الشيخ محمد الطاهر بن عاشور فياليته يتحفنا بشيء من أخباره وطرائفه العلمية.
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[19 Oct 2005, 09:59 م]ـ
أشكر الأخ الدكتور أحمد البريدي على مروره الكريم.
كما أشكر الأخ الفاضل الدكتور إبراهيم الحميضي على مشاعره الطيبة واستجابة لطلبه سأزود الملتقى بنبذ عن سيرة ابن عاشور وبمقالات نادرة له – بإذن الله -.
وإن أردتم الخيار من هذه المقالات فلكم ذلك:
1 - اللذة مع الحكمة.
2 - احترام الأفكار.
3 - مجلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
4 - الإنسان على الأرض.
5 - عمر الإنسان.
6 - أثر الدعوة المحمدية في الحرية والمساواة.
7 - المدينة الفاضلة.
8 - من يجدد لهذه الأمة أمر ديتها.
9 - العلم عند الله.
وللمعلومية فإن هذه المقالات تبين عن علم جم، وعبقرية فذة، وعن جدة في الطرح، وعن عمق في التفكير.
وقد لا تظفر بتلك المعلومات في غير تلك المقالات مع العلم أن بعضها كتبها قبل مائة سنة أي لما كان عمره 25 سنة.
وهذه المقالات نشرت في مجلات قديمة.
وإن أردتم نبذة عن الصداقة العظيمة التي جمعت بينه وبين العلامة الشيخ محمد الخضر حسين فإن ذلك كله قريب ميسور.
ولكم ولرواد الملتقى تحياتي ودعواتي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Oct 2005, 11:10 م]ـ
الشيخ الكريم محمد الحمد وفقه الله
نرحب بك معنا في هذا الملتقى أحسن ترحيب,
فحَيَّاك الله,
وكُلُّ ذلك نريد,
وقد استمتعت وكثيرٌ من إخواني بمقالاتك المُختارة لكبار كُتَّاب العربية,
وما أجمل أن نراها بين مقالات الملتقى ليستمتع بها من لم يرها من إخواننا القراء.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[20 Oct 2005, 12:52 ص]ـ
مرحبا بكم شيخنا الفاضل وأسأل الله أن ينفع بعلمكم ونرجو منك ياشيخ ألا تبخل علينا بالمشاركة والتفاعل في هذا المنتدى فنحن منكم نستفيد
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[21 Oct 2005, 11:09 م]ـ
شكراً لك ياشيخ محمد على تلبية الطلب، وقد مرّ ذكر شيء من سيرته في هذا الملتقى، ولعلنا نظفر منك بالمزيد، كيف حصّل الشيخ محمد الطاهر هذه العلوم الغزيرة في هذا العصر، حتى إنه سبق عصره بقرون؟ ثم هات المقالة الأولى، بارك الله فيك.
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[23 Oct 2005, 06:33 ص]ـ
نزولاً عند رغبة الأخ الفاضل الشيخ د. إبراهيم الحميضي، فقد أضفت مقال اللذة مع الحكمة للعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور - رحمه الله -
وهذا رابط المقال .. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4135)(/)
لطائف قرآنية من قصة موسى في سورة القصص (1)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Oct 2005, 04:20 م]ـ
قوله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)
1 ـ إن من فطنة العدو أو الحاكم الظالم الجائر أن يجعل أهل الدولة التي يتسلط عليها شيعًا، يستعين بإحداهن على الأخرى، وذلك الديدن تجده اليوم في تسلط العدو على العراق، وكيف استفاد من جعل أهلها شيعًا، فاستضعفوا طائفة على حساب قوة طوائف أخرى.
2 ـ عبَّر عن الذبح بالفعل المضارع المضعَّف، وفي ذلك فائدتان:
الأولى: أن المضارع يفيد حدوث هذا الذبح وتجدده مرة بعد مرة، كلما جاء موجبه، وهو ولادة المولود الذكر من بني إسرائيل.
الثانية: أن في التضعيف إفادة التكثير، أو المبالغة في هذا الفعل.
3 ـ قابل الأبناء بالنساء، وفي ذلك سرٌّ لطيف، فإنه إنما يستفاد من إبقاء البنات إلى أن يكبرن، ويصرن نساءً يستطعن الخدمة عند فرعون وقومه، أما في حال صغرهن فلا يُستفاد منهن، وقد تنبَّه إلى هذا المعنى ابن جريج المكي (ت: 150) ففسَّر هذا المعنى فقال: ((قوله: {ويستحيون نساءكم} قال: يسترقون نساءكم))، فذهب إلى لازم إبقائهن احياء كما أشار إليه قوله تعالى (نساءكم)
3 ـ إن الفساد في فرعون متأصل ومستمرٌّ؛ لذا جاء التعبير عن إفساده بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والاستقرار (إنه كان من المفسدين)، وأكِّدت هذه الجملة بحرف التأكيد (إنَّ).
قوله تعالى (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُون)
1 ـ جاءت الأفعال: (نريد، نمن، نجعلهم، نمكن لهم) على صيغة واحدة، وهي الفعل المضارع المبدوء بنون العظمة، والدال على الاستقبال، وفيها إشارة إلى الاختيار الإلهي المحض لهؤلاء القوم في أن ينصرهم الله ويمكنهم ممن اضطهدهم وآذاهم، لكن متى حصل لهم؟
لقد عاشوا أول أمرهم مضطهدين من فرعون وقومه، ثمَّ أنقذهم الله بموسى وهارون، ولكن ذلك الجيل الذي عاش حياة الذل لمَّا يتأدب بأدب النبوة، ويتربَّى بترتبية الرسالة الموسوية؛ إذ لما طُلِب منهم ـ بعد خروجهم من مصر ـ أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم ترددوا، وراجعوا موسى في ذلك، حتى انتهى بهم الأمر إلى أن يقولوا: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون). يا للخزي والعار لقوم يقولون لنبيهم هذا القول.
إن هذا الجيل المهزوم لم يكن له شرف حمل الرسالة، والحصول على الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم فترة من الزمن، فضرب الله عليهم عقوبته بالتيه في صحراء سيناء أربعين سنة، عاشوا فيها، فمات من مات من جيل الهزيمة، ووُلِد جيل عاش شظف العيش، ومارس شدائد الحياة الصحراوية، فكان الفتح على يديه بعد أن انتقل موسى وهارون إلى الرفيق الأعلى في زمن التيه، فانظر؛ كم الفرق بين الوعد وتحقيقه؟ ولكن الناس يستعجلون النصر.
وإذا تأملت واقعنا اليوم وجدتنا نعيش شيئًا من واقع تلك الأمة المخذولة التي ضُرب عليها التيه، واستكانت للراحة والدعة، وكرهت معالي الأمور التي لا تأتي إلا بعد الكدِّ والجدِّ والتعب، فلا ترانا نزاحم على القوة العظمى، ونقنع بالدون والهوان، فأخشى أن نكون ـ ونحن بهذا الحال ـ لسنا جيل النصر، والله غالب على أمره، والأمر كما قال تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)، ولن يأتي ذلك إلا بالتغيير (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فإذا حصل ذلك جاء الجيل الذي أشار اله إليه بقوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، فأسأل الله العظيم أن لا يحرمنا فضله، وأن يجعلنا ممن
(يُتْبَعُ)
(/)
يُؤتاه.
2 ـ في الفعل (نُري) من قوله تعالى (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) قراءتان: (نُري) (يَرى)، ومؤدى المعنيين في القراءتين واحد، فهو سبحانه يريهم فيرون، فالفعل من الله ابتداء تقدير، ومنهم تحقق وحدوث.
3 ـ في قضاء الله لطف وخفاء عجيب لا يمكن إدراكه إلا بعد وقوعه، فانظر كيف توعَّد فرعون وهامان وجنودهما، فقال: (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)، فقدَّر الله ـ من حيث لا يشعرون، ولا يستطيعون ردَّ قضائه مهما بلغوا من قوة أو علم ـ أن يكون بيت فرعون حاضنًا لعدوِّه الذي سينهي أمره، فبالله عليك، أترى قوة في الأرض تستطيع إدراك هذا القدر قبل وقوعه، فتتقيه، وتأمل ما يقال ـ بغض النظر عن دقته وصحته ـ من مساعدة أمريكا للأفغان في حربهم على الروس، وكيف انتهى الأمر بأولئك أن حاربوا أمريكا التي كانت تمدهم بالسلاح، ولله فيما يقدر أسرار ولطائف.
ولو قرأت في التاريخ، ونظرت في قصص من حولك، لوجدت مثل تلك الصورة، فكم من امرئ أنعم على عبد من عباد الله، وكان ذلك العبد سببًا في هلاكه وزوال أمره وموته؟
قوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)
1 ـ لقد جاء الولد المختار من بني إسرائيل الذي سيكون هلاك فرعون وقومه على يديه، جاء وهم يقتلون الأبناء، فانظر لطف الله، ورعايته، ودقيق قدره في تخليص موسى عليه السلام من القتل؟
2 ـ أرأيت لو كنت متجرِّدًا من معرفة ذا الخبر، وقيل لك: إن امرأة وضعت ابنها في تابوت، وألقته في النهر، تريد له الأمان، أفكنت ترى ذلك من العقل والحكمة في شيء؟!
إن هذا الموضوع لو كان عُرِض عليَّ وعليك، لقلنا: إنه مجانب للعقل والحكمة.
لكن الذي أمر بذلك هو من يعلم السرَّ وأخفى، ألقته في اليمِّ، وسار التابوت برعاية الله له، فهو الذي أمر، فأنَّى لمخلوق أن يؤذي هذا الرضيع، وتابوته يتهادى بين مياه النهر؟!
3 ـ إن في إرضاعها لموسى أول الأمر سرًا لطيفًا، وهو أن هذا الطفل سيتذكر ذلك الثدي الذي أرضعه الحليب أول مرة، فإذا عُرض على المراضع لم يأنس بها، وانتظر ما بقي في ذاكرته الطفولية من ذلك الثدي الأول؛ إنه إلهام الله، وتقديره الخفي الذي لَطُف فدقَّ، ولَطَفَ فرفق.
4 ـ اشتملت الآية على لطائف من تنويع الخطاب، ففيها أمران (أرضعيه، فألقيه)، وفيها نهيان (لا تخافي، ولا تحزني)، وفيها بشارتان (رادُّه، وجاعلوه).
5 ـ اشتمل النهيان على الماضي والمستقبل، فقوله: (لا تخافي) أي عليه فيما يستقبله من قدر، وقوله (ولا تحزني) على فقده.
6 ـ تأمَّل البشارتين كيف جاءتا مؤكَّدتين تأكيدًا بليغًا يتناسبان مع موقف تلك الأم المفطورة في ولدها (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) فإن للتوكيد، ومجيء (رادوه، وجاعلوه) على اسم الفاعل بدلاً من الفعل لتكون الجملة اسمية، فتدل على الثبوت.
يالَ قلب تلك الأم المسكينة، ألقت ابنها في اليم، وأصبح قلبها خاليًا من كل شيء سوى ذكر موسى، فكادت ـ ولم تفعل ـ أن تخبر بأنه ابنها، وليكن ما يكن، لكنَّ لله أمرًا لابدَّ أن يمضي على تقديره، فربط على قلب الأم؛ ثبَّتها وصبَّرها حين لات صبر، ثم بدأت تفعل الأسباب، فقالت لأخته: اتبعي أثره، وانظري أمره، فكان ما كان من رجوعه، وتحقق وعد الله لها، فيالها من فرحة عاشتها أم موسى، وهنيئًا لها البشارة الثانية بالرسالة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Oct 2005, 04:24 م]ـ
بارك الله فيكم أبا عبدالملك على هذه اللطائف والفوائد. ومما ظهر لي أيضاً في هذه الآيات.
1 - في قوله تعالى: (يستضعف طائفة منهم .. ) إشارة إلى أن هناك من لم يقع عليه الاستضعاف، ولم ينله تأثير هذا الإرهاب الذي مارسه فرعون على بني إسرائيل، إما لقوة يقينهم وصبرهم، وإما لأسباب أخرى، وهؤلاء هم الذين يحفظ الله بهم توازن المجتمع من الانهيار، والهزيمة النفسية. وهذا من رحمة الله بالمؤمنين، وحفظه لهم، فلو تمكن العدو والظالم من هزيمة الجميع نفسياً لما كان هناك بقية للقيام والنهوض والمقاومة، ولله الحكمة البالغة، ولعل تربية موسى عليه الصلاة والسلام في بيت فرعون قد أبعدت عنه ذلك الشعور بالضعف والهزيمة النفسية، مما مهد لقيامه بأمر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك.
2 - في قوله تعالى: (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) دلالة على أن نصر الله للمؤمنين، ومكره بالكافرين، لا يمنعه ما يدعيه الأعداء من اتخاذ التدابير اللازمة لردع العدوان، والحذر الشديد، وسد كل الثغرات التي قد ينفذ منها المؤمنون. فهم يتوقعون ويحذرون ويدرسون ويضعون الخطط المستقبلية لمنع وقوع أي اختراقات لصفوفهم، ولكن الله يريهم فوق هذا كله من أوليائه المؤمنين ما كانوا يحذرونه منهم، ويظنون أنهم لا يصلون إليه، وقد وقع بالفعل ما كان يحذره فرعون، فهلك ومن معه على يد من كانوا يتوقعون منه ذلك وهم بنو إسرائيل، ونصر الله موسى ومن معه، وكذلك ينصر الله أوليائه في كل زمان ومكان.
3 - في قوله تعالى: (ونري فرعون وهامان وجنودهما ... ) دلالة على أن الظالم الطاغية لا يصنع شيئاً بمفرده، وأنه لا يصل إلى ظلم الناس، والتسلط عليهم إلا بمعونة ومظاهرة من بطانة تعينه على الظلم، وتزين له الباطل، كما فعل هامان وزيره، وجنوده الذين يستجيبون له في ظلم الناس وقهرهم، والتسلط عليهم. وهذا حال الطغاة في كل زمان ومكان، فلو وجد الظالم من يمتنع عن الاستجابة لأمره بالباطل، ومن ينصحه ويرده للصواب، لما وصل لكثير مما يحصل له. وقديماً قالت العامة في أمثالها: قيل لفرعون: ما الذي فرعنك؟ قال: لم أجد من يردعني!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح صواب]ــــــــ[25 Oct 2005, 05:23 ص]ـ
جزاكما الله خير الجزاء وأثابكما على ذلك ونفعنا بعلمكما .. ولكن ..
أولا: ألا ترى يا شيخ / عبدالرحمن – حفظك الله – أن الطائفة المشار إليها، هم بنو إسرائيل، فإن الله سبحانه قد قال: (علا في الأرض وجعل أهلها شيعا)، فقد مايز فرعون بين أهل الأرض، فاستضعف بعضهم فقتّل أبناءهم، واستحيا نساءهم، وهم بنو إسرائيل، وطائفة أخرى – وهم قومه – لم يستضعفهم، ولم يصنع بهم مثل ما صنع بغيرهم، فلم يكن ذلك لقوتهم أو إيمانهم، وإنما نتيجة للسياسة التي اتخذها.
وتقسيم الحكام للشعوب إلى شيع وطوائف حاصل اليوم لدى كثير من الطغاة المعاصرين، فطائفة يرجى منها خدمة الطاغية، سواء كانوا من قرابته أو معاونيه، وهؤلاء لهم عناية ورعاية خاصة، وهم ممكنون مخدومون .. وطائفة أخرى يخشى منها على الطاغية فيلجأ الطاغية لاستضعافهم وجعلهم في الخدمة.
ثانيا: بدا لي بعض الفوائد من خلال النظر في الآيات:
1 - أن الطغاة يبذلون كل ما في وسعهم للحفاظ على كراسيهم، فلا يتورعون عن أي فعل، ولا يتحرجون من أي جريمة في سبيل ذلك، حتى ولو أدى ذلك إلى سفك دماء الأبرياء دون أي ذنب ارتكبوه، بل دون أي شبهة، ولا يوجد في قاموس الطغاة (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، بل إنهم يعاملون الإنسان على الظن، وإن كان هذا الظن بنسبة ضئيلة جدا، وهذا ما صنعه فرعون: (يقتل أبناءهم)، فهاهو فرعون يقتل الصبيان، خشية أن يكون في بني إسرائيل من يكون زوال ملكه على يديه، دون أن يميز بين شخص وآخر، فقتل أعدادا كبيرة، لخشيته من شخص واحد.
كما أنه لا يوجد في قاموس الحكم الذي لا يلتزم بالمنهج الإسلامي، لا يوجد في قاموسه أمور محرمة، فكل الوسائل مباحة ما دامت لحماية الحاكم، وقد قال فرعون: (ذروني أقتل موسى).
2 - إذا كان في مقابلة الأبناء بالنساء سر لطيف، ذكره الدكتور/ مساعد حفظه الله، فلعل في ذلك سر آخر، في ذكر لفظ الأبناء، ففرعون لم يقتّل ذكورهم، ولم يقتّل رجالهم، وإنما قتل وذبح أبناءهم، وفي ذلك زيادة تشنيع عليه، وتأكيد للجرم الذي ارتكبه بحق أبناء صغار مواليد، وليس بحق بني إسرائيل عموما.
3 - قوله سبحانه: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) لم يذكر الله سبحانه مَن سيمن عليهم ويمكنهم في الأرض بأسمائهم، وإنما ذكرهم بوصفهم (الذين استضعفوا)، وفي هذا سر لطيف، فإنه من الطبيعي أن ينتقل الملك من قبيلة إلى أخرى، ومن شخص إلى شخص، ولكن أن ينتقل الملك إلى الطبقة المستضعفة المغلوب على أمرها فذلك أمر لا يتوقعه البشر بعلمهم القاصر، فالتمكين سيكون للمستضعفين في الأرض.
وفي هذا بيان حكمة الله سبحانه في نزع الملك من طائفة إلى طائفة، وعبرة في تحول الملك وزواله من قوم إلى قوم، ويشهد لذلك قوله سبحانه: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء)، وقوله سبحانه: (وتلك الأيام نداولها بين الناس).
4 - قوله سبحانه: (ونري فرعون وهامان وجنودهما) فيه دليل على أن الذل الذي يلحق بالحاكم الظالم، لا يسلم منه أعوانه وجنوده، فكل من كان عونا للظالم فهو زائل بزوال الظالم.
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:21 م]ـ
أصبت في استدراكك يا دكتور صالح، ووفقت للصواب، فالضمير في قوله: (يستضعف طائفة منهم) يعود على سكان مصر جميعاً، والاستنباط بني على أنه يعود على بني إسرائيل فقط، فأحسن الله إليك، ووفقك لكل خير على حسن تعليمك. وظهر لي ..
- في قوله تعالى: (ونري فرعون وهامان ... ) إشارة إلى أن من الإهانة للطاغية الظالم وأعوانه، أن يبقيهم الله حتى يروا بأعينهم نهايتهم وذلهم، وتمكن أهل الحق من الأمر، واستخلافهم في الأرض. وهذا أبلغ في إهانتهم وعذابهم من إهلاكهم قبل تمكين جنود الله من زمام الأمور، وليس الخَبَرُ كالمعاينة.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Oct 2005, 04:57 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
و قد أجاد صاحب " في ظلال القرآن " الشهيد سيد قطب – رحمه الله و جزاه خير الجزاء - تنزيل آي الذكر الحكيم على واقع الأمة الإسلامية المعيش، و استخلاص الدروس و العبر منها، و يعد تفسيره هذا من أفضل ما كتنب في هذا الشأن، و إلحاقا لما تقدم بيانه من الأكارم الأفاضل – أكرمهم الله – أنقل بعض ما كنت اقتطفته من تفسير " الظلال " مما له تعلق بالموضوع، قال رحمه الله – بعد أن ذكر أن الله عز و جل قد حكى في القرآن الكريم عن بني إسرائيل - و ما وقع لهم و كذا ما وقع منهم - أكثر مما حكى عن غيرهم من الأمم الماضية -:
• (ليحذر الأمة المسلمة من الوقوع في مثله، حتى لا تسلب منهم الخلافة في الأرض، و الأمانة التي ناطها بهم، فلما فعلوا ما وقع فيه بنو إسرائيل، و طرحوا منهج الله و شريعته، و حكَموا أهواءهم و شهواتهم: ضربهم الله بما ضرب به بني إسرائيل من قبل من الفرقة و الضعف و الذلة و الهوان، و الشقاء و التعاسة – إلا أن يستجيبوا لله و رسوله، و إلا أن يخضعوا لشريعته و كتابه، و إلا أن يفوا بعهد الله و يذكروا ما فيه لعلهم يهتدون).
•.
• و معذرة على الخلو من رقم الصفحة و الجزء، فقد سهوت عن إثباته في حينه، و لعلي أرجع إليه و أثبته،
• و هذا الذي ذكره هو حال أمتنا اليوم في مشارق الأرض و مغاربها: فرقة و ضعف، و ذلة و هوان، حتي استبيحت أرضنا و بلادنا – و ما فلسطين و البوسنة و العراق و الشيشان و كشمير و غيرهم منا ببعيد – كما اسبيحت مقدساتنا، بل أحد أعز مقدساتنا – المسجد الأقصى المبارك، و غيره مما لايعد و لايحصى، و كذا استبيحت و انتهكت أعراض نسائنا و أخواتنا و بناتنا، بل و أمهاتنا بل جداتنا في البوسنة و في العراق وكشمير و غيرهم – و أصبح اليهود أذل خلق الله سادة علينا و يحتلون أرضنا و يغزون بلادنا متى شاءوا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
و في مثل ذلك قال رحمه الله:
** (حتى إذا انتفعت الأمة بالبلاء، و جازت الابتلاء، و خافت فطلبت الأمن، و ذلت فطلبت العزة، و تخلفت فطلبت الاستخلاف - كل ذلك بالوسائل التي أرادها الله و بشروطه التي قررها - تحقق وعد الله الذي لا يتخلف، و لا تقف في طريقه قوة من قوى الأرض جميعا). انتهى
- {و لينصرن الله من ينصره}
ألا إن الوعد قائم، و الشرط واضح و قائم كذلك،
فلنف بالشرط ليتحقق الوعد، و إلا فلا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 Nov 2005, 09:24 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[20 Feb 2007, 07:35 م]ـ
2 - إذا كان في مقابلة الأبناء بالنساء سر لطيف، ذكره الدكتور/ مساعد حفظه الله، فلعل في ذلك سر آخر، في ذكر لفظ الأبناء، ففرعون لم يقتّل ذكورهم، ولم يقتّل رجالهم، وإنما قتل وذبح أبناءهم، وفي ذلك زيادة تشنيع عليه، وتأكيد للجرم الذي ارتكبه بحق أبناء صغار مواليد، وليس بحق بني إسرائيل عموما.
ذكر السُّدِّي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس وعن مُرَّةَ عن ابنِ مسعودٍ وعن أُناسٍ من الصحابة: أنَّ فرعونَ رأى في منامهِ كأنَّ نارًا قد أقبلتْ من نحو بيتِ المقدس، فأحرقت دورَ مِصْرَ وجَميع القبط، ولم تَضُر بني إسرائيل، فلما استيقظ هالَهُ ذلك فجمعَ الكهنةَ والحذَقَة والسحرةَ, وسألَهُم عن ذلك, فقالوا: هذا غلامٌ يُولَدُ من هؤلاء يكونُ سببُ هلاكِ أهلِ مصر على يديْه، فلهذا أمرَ بقتلِ الغلمانِ وتركِ النساءِ ..
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[21 Feb 2007, 10:18 ص]ـ
بمثل هذه التقارير المتآلفة نرتقي بالعلم الحاضر
جزاكم الله خيرا اجمعين
ـ[لطفي الحسيني]ــــــــ[22 Sep 2010, 05:12 م]ـ
ذكر السُّدِّي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس وعن مُرَّةَ عن ابنِ مسعودٍ وعن أُناسٍ من الصحابة: أنَّ فرعونَ رأى في منامهِ كأنَّ نارًا قد أقبلتْ من نحو بيتِ المقدس، فأحرقت دورَ مِصْرَ وجَميع القبط، ولم تَضُر بني إسرائيل، فلما استيقظ هالَهُ ذلك فجمعَ الكهنةَ والحذَقَة والسحرةَ, وسألَهُم عن ذلك, فقالوا: هذا غلامٌ يُولَدُ من هؤلاء يكونُ سببُ هلاكِ أهلِ مصر على يديْه، فلهذا أمرَ بقتلِ الغلمانِ وتركِ النساءِ ..
لكن هذا الأثر لا يصح سنده، هل من سبب آخر لأمره بقتل الأطفال؟
- لعل السبب هو شعوره بالخطر المحدق بملكه جراء تزايد أعداد بني إسرائيل فأمر بقتلهم.
- أو لعله كان بعد إرسال موسى صل1 واتباعهم له، فيكون هو المقصود عينه في قوله تعالى (((فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين ءامنوا معه واستحيوا نساءهم))) في يونس، ومثله في الأعراف، وتكون هذه الآيات مقدمة لقصة فرعون معرفة بجرائمه، وليس بالضرورة أن يكون الترتيب مقصودا لمجرد أنها وردت قبل الآيات التي تقص علينا مولد موسى صل1، وهذا أسلوب قصصي بديع معروف.
- ولا يخفى أنا إذا قلنا بالأول، صار لدينا فترتان للذبح:
قبل مولد موسى صل1، وبعدها توقف الذبح كذلك، إما لزوال السبب الذي كان يخشاه، أو بتأثير من موسى صل1 ...
ثم تجدد بعد بعثته.
إشارات طيبة بارك الله فيكم أجمعين، وصدق من قال " لا تنقضي عجائبه "(/)
تدرج المعاني
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[21 Oct 2005, 02:05 ص]ـ
تَدَرّج المعاني ـ صلاح الدين الزعبلاوي
من النقاد من يتعلق بظاهر النص المدرج في المعاجم، على اختصار وجمود، وعلى قصد وإجمال، وفي غير بسط أو إحاطة أو استيعاب. والكشف عن دلالات الكلم مرهون بتبين أصول اشتقاقها أو اجتلاء مدارجها في المجاز والنقل، وتعرّف مساريها في أداء أغراضها والتعبير عن قصودها، واستشفاف قرائنها في متباين مواقعها في الاستعمال والتركيب.
فمن الخطأ أن يظن ظان أن معاجم اللغة وما إليها من أسفار النحو وحواشيها، وكتب الصرف وشروحها، هي عدة اللغوي وحدها، وأن نقولها معوّل تحقيقه وغاية بحثه وحكمه دون سواها. والصحيح أن مراجع اللغوي، إلى ذلك، كتب التفسير والأدب ودواوين الشعر وصحف الرسائل والرقاع، ومصنفات القوم في التاريخ والأخبار والأسفار، بل مؤلفاتهم في مختلف العلوم والصناعات ووضائعهم في الحكم والأمثال.
وقد دأب الأئمة الأوائل في كثير مما دونوه وألّفوه على البحث عن أصل اللفظ، لما تواضعوا عليه من أنه لابد للكلم في كل مادة أن يشتق بعضها من بعض فترد إلى جنس من المعنى يعد أصلاً لما يشتق منها جميعاً. بل تابع بعضهم البحث في تدرج معناه وفي تقلبه وتنقله وتجدد دلالاته في مراحل حياته، ولكنهم لم يستوفوه فيتخذوه منهجاً وسنناً.
وقد عني علم اللغة الحديث بهذا منذ القرن الماضي وأسمى العلماء أصول البحث فيه: علم معاني الأسماء Science de Sémantique واللفظ مستعار من اليونانية Sêmantikos أي المعنى ولعل أول رسالة ألفّت في ذلك رسالة العالم اللغوي الفرنسي (ميكال بريال: Michel Bréal عام 1897، وعنوانها Essai de Sémantique و (بريال) هذا من العلماء المحققين في علم اللغة التاريخي، وقد توفي 1915م (1).
يقول العالم الإنكليزي (سكيت ولتر وليم) المتوفى عام 1914: (يُنصح المؤلف بتحقق طبيعة استعمال اللفظ في أول نشأته. ويُعين في هذا التحقق ملاحظة النصوص المنقولة التي جرى اللفظ في أثنائها منذ نشأته الأولى) (2). ويقول الأستاذ عبد الرحمن الحاج صالح في مقاله الطريف (مدخل إلى علم اللسان الحديث) (3): (اللسان لا يحدد مضمونه المادي والصوري إلا على أساس المواقع التي تقع فيها وتتعاقب عليها عناصره، إما في درج الكلام فيما يخص الوحدات الدالة، وإما في مدارج الجهاز الصوتي فيما يخص العناصر غير الدالة (4)، وذلك مثل مدلولات الألفاظ فإنها لا تحدد إلا بسياقاتها، لا بما تذكره المعاجم من معانيها، لأن المعاجم تكتفي غالباً بذكر بعض المعاني بالاعتماد على بعض السياقات. وإنما يكون المعجم هو أساس في تحديدها إذا لم يرد اللفظ في أي نص إلا في الذي يذكره هو وحده) ويردف (فبتلك المواقع التي يشاهدها اللغوي في الكلام المسموع يستطيع أن يعرف، بالموضوعية المطلقة، أنواع الأداء وتشعبات المعاني الجزئية. ثم بالنظر في كيفية تقابلها بعضها ببعض وتعاقبها على الموضع الواحد، ودخول هذه على تلك، يستطيع أيضاً أن يكشف عن وضعها ونظامها .. ). فعلى الناقد إذاً ألا يتلمس معاني الكلم في نصوص معاجمنا وما يتصل بها وحسب، بل عليه أن يبتغيها في معالمها الأخرى، ويتطلبها من مآتيها المتعددة. ويؤديه هذا إلى البحث عن أوجه تصرف الكلم في متنوع النصوص المحكية، وصور دلالاتها في سائر الموضوعات المطروحة، كما يقتاده إلى التماس وجوه التقلب التي تلحق بها وصور تجدد أغراضها ومراميها، وانحرافها عن أصولها وتشعبها عن جذورها وذلك بتبدل الموضوعات والبيئات وتغير الأفكار والأحكام واختلاف العصور والأزمان. والأصل في اللفظ أن تتباين شعاب معانيه فيكون له من تدرجه وتقلب دلالاته مجال بسيط ومذهب فسيح.
* * *
هذا والسبيل إلى تدرج المعاني هو المجاز والنقل. والذي نريده ها هنا بالمجاز معناه اللغوي الشامل الذي أخذ به المبرّد في كامله (2/ 301) وابن جنيّ في خصائصه (2/ 446) وابن رشيق في عمدته. وهو طريق القول ومأخذه على حد تعبير ابن رشيق، أي كل ما جزت به الأصل لمناسبة في التركيب والاستعمال فاحتاج في إعادته إليه، إلى تأويل بإظهار مواضع الحذف أو الزيادة أو التقديم أو التأخير أو غير ذلك. فهو لا يقتصر على استعارة أو مجاز كما فعل أصحاب البيان. فقد ذهب هؤلاء إلى أن المجاز هو انتقال اللفظ من المعنى الذي وضع له إلى المعنى الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
انتهى إليه بمناسبة أو علاقة تبنى على مجرد التشبيه كالاستعارة أو غير التشبيه كسببية أو مجاورة كما هو المجاز المرسل أو تشبيه تمثيل كما هو المجاز المركب. ولم يتعدوا به هذا الحد إلى ما يتناوله علم البيان وهو يشمل التشبيه والمجاز والكناية جميعاً، أو ينطوي عليه البديع من وجوه تحسين الكلام.
قال المبرّد: (من الآيات التي ربما يغلط في مجازها النحويون قوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه، والشهر لا يغيب عنه أحد، ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهد بلده في الشهر فليصمه. والتقدير فمن كان شاهداً في شهر رمضان فليصمه. ونصب الشهر للظرف لا نصب المفعول). كما حكا الثعالبي في فقه اللغة (546). وأوضح المبرد كلامه فقال (أي أن نصب الشهر نصب الظروف لا نصب المفعول به).
وقال ابن جني: (أبواب الحذف والزيادات والتقديم والتأخير والحمل على المعنى والتحريف كلها من المجاز).
ومهما يكن من أمر فإنه إذا أريد باللفظ ما وضع له أصلاً، في التقدير، فإنه الحقيقة، وإذا جازوا به موضعه الأول هذا في اللغة فأوقعوه موقعاً آخر بسبب يصل ما انتقل منه بما انتقل إليه، فإنه المجاز. فلابد أن يكون ثمة سبب يصل المجاز بالحقيقة. وقد جاء في المزهر (1/ 211): (المجاز كل كلام تجوز به عن موضوعه الأصلي إلى غير موضوعه الأصلي لنوع مقارنة بينهما في الذات أو المعنى). وقال الشريف الجرجاني في تعريفاته: (المجاز ما تعدى محله الموضوع له إلى غيره بمناسبة بينهما، أما من حيث الصورة أو من حيث المعنى اللازم المشهور، أو من حيث القرب أو المجاورة). ومن ثم كان لابد لكل مجاز من حقيقة. قال صاحب الكليات (50): (الأصل أن يكون لكل مجاز حقيقة).
هذا وليس يبعد أن يعتد المجاز بكثرة استعماله أصلاً فيتفرع عليه مجاز آخر، لكنه لا يخرج عن كونه مجازاً. ولابد هنا من وضوح العلاقة بينه وبين الأصل الأول على كل حال. قال الزمخشري في الأساس: (ومن مجاز المجاز تداعت إبل بني فلان هُزلت أو هلكت)، وأصله الأول (تداعى القوم لمهم) إذا دعا بعضهم بعضاً فاجتمعوا لأمر مهم. وقد بُني على هذا قولهم (تداعت الحيطان للخراب) كأن بعضها دعا بعضاً للسقوط والانهيار. ثم تفرع على هذا قولهم (تداعت عليه الحيطان) إذا تهدمت و (تداعى البنيان) إذا تصدع، وتداعت الإبل إذا هزلت أو هلكت. فليس ينكر، على هذا، أن يتفرع مجاز على مجاز، بتعاقب الحقب والأجيال، وأن يختلف القول بالأصلية والفرعية بتباين وجهات النظر والاعتبار.
* * *
هذا ويكون تدرج المعنى بالنقل، وذلك بأن يغلب على لفظ معناه المجازي حتى يشتهر به ويُعرف بلا قرينة. وهو ما أسماه أصحاب البيان المجاز الراجح، فيدعى كسب اللفظ معناه الجديد هذا نقلاً. ومن ذلك غلبة الألفاظ الإسلامية كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها، على ما قُصد بها شرعاً، ومنه شهرة ألفاظ بمعانيها المستحدثة في موضوعات وعلوم وصناعات شتى، كمصطلحات النحو والصرف والوضع والمعاني والبديع والبيان والعروض والحكمة والعقائد والأصول، ومصطلح الحديث والتفسير، وسواها من مواضعات الطبيعة والفلك والعلوم الرياضية .. قال الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في كتابه (توجيه النظر إلى أصول الأثر): (الاصطلاح اتفاق القوم على استعمال لفظ في معنى غير المعنى الذي وضع له في أصل اللغة. وذلك كلفظ الواجب فإنه في أصل اللغة بمعنى الثابت واللازم. وقد اصطلح الفقهاء على وضعه لما يثاب على فعله ويعاقب على تركه .. )، ثم قال: (واللفظ إذا استعمل في المعنى الذي وضعه له المصطلحون يكون حقيقة بالنسبة إليهم ومجازاً بالنسبة إلى غيرهم. قال في المفتاح: الحقيقة هي الكلمة المستعملة في معناها بالتحقيق. والحقيقة تنقسم عند العلماء إلى لغوية وشرعية وعرفية ... فقلت لغوية إن كان صاحب وضعها واضع اللغة، وقلت شرعية إن كان صاحب وضعها الشارع، ومتى لم يتعين قلت عرفية. وهذا المأخذ يعرفك أن انقسام الحقيقة إلى أكثر مما هي منقسمة إليه، غير ممتنع في نفس الأمر).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويدخل في النقل ما وضع لمعنى خاص فاستعمل عاماً. وقد مثل صاحب المزهر لهذا بـ (النجعة) فأصلها طلب الغيث، ثم صار كل طلب انتجاعاً. و (المنيحة) وأصلها الناقة أو الشاة تعطى الرجل ليشرب لبنها ثم أصبحت كل عطية منيحة. ونقل المزهر (1/ 253) قول ابن فارس في فقه اللغة) كان الأصمعي يقول أصل الورد إتيان الماء، ثم صار إتيان كل شيء ورداً). ونظيره (الصَدر) فإن أصله الانصراف عن الماء ثم أصبح كل انصراف صدراً. قال صاحب المفردات (يومئذ يصدر الناس أشتاتاً –الآية- والصدر في الحقيقة صدر عن الماء). وقال الجوهري في الصحاح (وطريق صادر أي صدر بأهله عن الماء) ثم قال (والصَدر بالتحريك الاسم من قولك صادرت عن الماء وعن البلاد)، وأردف (وفي المثل تركته على مثل ليلة الصدر، يعني حين يصدر الناس من حجهم). فأورده خاصاً ثم عممه.
و (المجلة) وضعت لمعنى خاص فقيل إنها الصحيفة التي تكون فيها الحِكم، كما قال الجرجاني في تعريفاته، لكنها استعملت لكل كتاب. ففي الصحاح (والمجلة الصحيفة فيها الحكمة. قال أبو عبيد: كل كتاب عند العرب مجلة).
ومما اجتهد فيه أحمد فارس الشدياق في كتابه سر الليال في القلب والإبدال (551) قوله: (ألا ترى لفظة الدار مثلاً في الأصل من دار يدور، فحقيقة معناها الأصلي ربع مستدير، ثم أطلق على كلّ شكل من البناء)، وقوله (بل الأمر نفسه من هذا القبيل لأنه في الأصل ما يؤمر به ثم عمم، وكذلك الشيء فإنه في الأصل مصدر شاء).
ومن النقل أن يوضع اللفظ لمعنى عام ثم يخصص. وقد عرّفوا التخصيص فقالوا أنه قصر العام على بعض ما يتناوله، كلفظ (الدابة). قال الجواهري في الصحاح (دبّ على الأرض يدبّ دبيباً، وكل ماشٍ على الأرض دابة ... ) فجاء بمعنى الدابة عاماً، ثم قال (والدابة التي تُركت) فخصص. وقال صاحب المصباح: (وكل حيوان في الأرض دابة ... وهو قوله تعالى: والله خلق كلّ دابة من ماء. قالوا أي خلق الله كل حيوان مميزاً كان أو غير مميز) ثم قال: (وأما تخصيص الفرس والبغل، عند الإطلاق، فعرف طارئ).
ومما نقل من العام إلى الخاص الصفات الغالبة، وهي التي أفردت عن موصوفها فخصّت بدلالة وغلبت عليها الاسمية. فـ (نكباء) في قولك (ريح نكباء) صفة لها عموم الدلالة لأنها جارية على الفعل فهي تصف (ريحاً) بأنها تتنكب. وهي لا تختص في الأصل بالريح. أما (النكباء) في قول المرزوقي في شرح الحماسة (806): (والنكباء ريح تنكبت عن الرياح الأربع) فإنها صفة غالبة أُفردت عن موصوفها وخُصت بنوع من الرياح، فأنزلت لذلك منزلة الأسماء وجمعت جمعها على (نكباوات). قال المرزوقي (وإذا كثرت النكباوات واشتد هبوبها شمل القحط).
و (الخضراء) في الأصل صفة للبقلة، لكنها استغنت عن موصوفها فخصصت دلالتها فقيل (ليس في الخضراوات صدقة) أي في البقول، فأنزلت منزلة أسماء الجنس. فالخضراء الصفة الغالبة تدل على البقلة دون النظر إلى اللون، وتجمع على الخضراوات لا على الخُضْر.
و (الدكّاء) صفة (للأرض) إذا انبسطت، ولكنها قُطعت عن موصوفها وخُصصت فعُدَّت اسماً للرابية، وجمعت جمع الأسماء على (دكاوات).
و (الدنيا) في الأصل صفة (للحياة) أو (للدار). ثم أفردت عن موصوفها فقيل (الدنيا)، كما قيل (الأولى)، وهما بمقابل (الآخرة). قال تعالى (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة –النساء/ 133)، وقال (وللآخرة خير لك من الأولى- الضحى/4) وقال (ولدار الآخرة خير للذين اتقوا .. يوسف /109). فالدنيا اشتقاقها من (الأدنى) وهو الأقرب. قال الشيخ أبو حاتم الرازي في كتابه الطريف (الزينة في الكلمات الإسلامية العربية 2/ 143): (أي أن هذه الحياة الآخرة هي الحياة الأخرى، وكل شيء له طرفان فالأدنى منهما إليك الدنيا والأبعد هو الآخرة). وقال صاحب المفردات (ويعبر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية كما يعبر بالدار الدنيا عن نشأة الأولى)، وقال (وقد توصف الدار بالآخرة تارة، ويضاف إليها تارة أخرى .. ). وقال الفراء في هذه الإضافة (هذا كثير في كلامهم أن يضيفوا الشيء إلى نعته إذا اختلف فيه اللفظان كقوله: ولدار الآخرة، وكقوله حق اليقين).
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر (الرائد) فيما كان عاماً فخصص. قال ابن الأثير في النهاية (وفي حديث علي –رضي الله عنه- في صفة الصحابة، رضي الله عنهم: يدخلون رواداً ويخرجون أدلة، أي يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين ما عنده، ويخرجون أدلة للناس). ثم قال: (وأصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث). وقد اعتمد هذا الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتاب علم اللغة (229) فقال: (والرائد في الأصل طالب الكلأ ثم صار طالب كل حاجة رائداً). وجرى على ذلك الأستاذ محمد المبارك عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، في كتابه (فقه اللغة).
أقول إن هذا وإن صح، لا يمنع أن يكون لكل من (رائد الكلأ) و (رائد القوم) دلالة خاصة كما هو شأن الصفة الغالبة. ويتبين ذلك إذا رُدّوا إلى معنى الفعل في الأصل فـ (راد) على ما جاء في مفردات الراعب (تردد بطلب الشيء برفق). فالرائد الصفة إذاً المتردد لطلب الشيء برفق، أما الرائد الصفة الغالبة التي أفردت عن موصوفها فإن بها خصوصاً. فليس (رائد الكلأ) أو (رائد القوم) الطالب للشيء يبتغيه وحسب. وما أظن قول الدكتور عبد الواحد (ثم صار طالب كل حاجة رائداً) هو الوجه، وإلا كان كل من احتاج فابتغى حاجته رائداً. بل ما إخال قول الأستاذ المبارك (ثم عمم لكل من يتقدم القوم بطلب شيء) قد أحاط بالدلالة المقصودة واستوفى ملامحها. ذلك أن الرائد هو متقدم قومه الصادق في حديث علي (يدخلون روّاداً ويخرجون أدلة) وحديث عبد القيس (لكنا قوم رادة أي نرود الخير والدين لأهلنا). وقد تفرع على هذا ما جاء في الحديث
(الحمى رائد الموت). قال ابن الأثير (أي رسوله الذي يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه) أقول بل هي رسوله الصادق الجاد في طلبه.
ومما يدخل في الصفات الغالبة: السائبة للناقة إذا تركت راغدة لا تُهاج ولا تمنع من ماء أو مرعى، والراحلة للإبل إذا صلحت للرحيل، والسارية لكل ما دب بليل من الهوام، وللسحابة تمطر ليلاً، والسابغة للدرع الواسعة، والصاعقة للنار تسقط من السماء، والجارية للسفينة والأمَة. قال صاحب المصباح (والجارية السفينة سميت بذلك لجريها في البحر، ومنه قيل للأمَة جارية على التشبيه لجريها مستسخرة في أشغال مواليها). ولفظ (الدابة) الذي أتوا به مثالاً متعارفاً لانتقال العام إلى الخاص، ليس إلا صفة غالبة، وكذلك (الماشية) على أنها من مشت المرأة إذا كثر أولادها. ففي الأساس: (وناقة ماشية: ولاّدة، ومنه الماشية والمواشي على التفاؤل).
* * *
هذا ولابد أن نأتي بأمثلة نكشف بها عن وجه اشتقاق الكلم بعضه من بعض، وسبل تجدد معانيها وتدرّج دلالاتها وتحولها بالنقل من حال إلى حال. وقد يسلُس الأمر ويستيسر فيبدو داني القطوف قريب النجعة، وقد يصعب وينبو فيبدو شديد المطلب وعث المبتغى فيلجئك أن تتلطف له وتتأتى، وتسلك إليه كل سبيل.
قالوا (لا أبالي) ومعناه لا أهتم، فما هو أصل اشتقاقه؟
قال جماعة المبالاة من البلاء بالفتح. والبلاء في الأصل الاختبار. قال المرزوقي في شرح الحماسة (71): (فلان لا يبالي العواقب، يقال ما باليته بالة وبالية ومبالاة وبلاء وما باليت به، وكأنه أخذ من البلاء). ونحو من ذلك في اللسان والتاج. ففي الأول والبلاء الاختبار، وفي الثاني أصل الابتلاء الاختبار.
وليس بعيداً عن هذا قولهم (المبالاة) من (البِلاء) وهو الهم كما حكاه صاحب المصباح عن أبي زيد، وأوردوا البلاء مصدراً لبالَى كما جاء في اللسان والتاج.
وعلل المرزوقي كيف انتهى (بالى) من معنى البلاء وهو الاختبار إلى المفاخرة فكان الامتناع من مفاخرة القِرن استهانة به واستخفافاً، فقال (وقوله لا يبالي العواقب .. كأنه أخذ من البلاء واستعمل في المفاخرة وتعداد الخصال الحسنة عند المنافرة، ثم كثر استعماله حتى صار يقال في الاستهانة بالشيء).
واستشهد بقول الشاعر (مالي أراك قائماً تبالي) أي تفاخر. وقال في موضع آخر: (وقوله تبالي تفاعل من البلاء فإذا قال لا أباليه كأنه أراد لا أحتفل به فأُعادّه بلائي وبلاءه وأفاخره، هذا أصله). أي أن تبادل الاختبار يقود إلى المفاخرة والمنافرة، فإذا أبيت أن تفاخر خصماً أو تنافره أو تكاثره فقد استخففت به.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأحسب دون ما ذكرناه قول آخرين أن المبالاة من البال وهو الروع والخاطر، انتقل فيه حرف العلة بالقلب فكان وسطاً فأصبح طرفاً، كما قال ابن فارس في مجمله والمزمخشري في أساسه، وقول جماعة أن أصله المبادرة إلى الاستقاء فمعنى لا أبالي لا أبادر إهمالاً له، كما ارتآه ابن فارس في مجمله، وقد انتهى إلى رده إلى (البال) في مقاييسه، وذكره الفيومي في مصباحه.
ولعله قولهم (لا أباليه) متعدياً، إنما يدل على أصله في التعدية لأنه مفاعلة من البلاء، وهو الاختبار، وقولهم (لا أبالي به) محمول على ما انتهى إليه من معنى، وهو لا أحتفل به ولا أعتد.
* * *
وتقول في معنى ما أباليه وما أبالي به، ما أكترث له. وقد جاء في اللغة كرَثه وأكرثه وكرّثه فاكترث. فما معناه الأول؟ أقول دلّ على ذلك الزمخشري فقال في الأساس: (كرّثه الأمر إذا حركه، وأراك لا تكترث لذلك ولا تنوص: لا تتحرك له ولا تعبأ به، وكرّثته الكوارث أقلقته). فالكرث والإكراث والتكريث هو التحريك في الأصل. وكذلك الإقلاق والإزعاج فحقيقتهما التحريك. فإذا كرثك الشيء فقد جعلك تضطرب حقيقة أو مجازاً، ومن ثم قيل كرثه: ساءه، كما حكاه اللسان.
وتأسيساً على ذلك كان اكتراث في الأصل كتحرك واضطرب، وكاستاء واغتم واهتم في المجاز. وعندي أن قولك (ما اكترث له) متعدياً باللام بني على أصل معناه، أي لا أتحرك له ولا أقلق من أجله. ولكن هل يقال (ما اكترث به) متعدياً بالباء؟ أقول قد جاء ذلك نصاً، وأرى أنه محمول على قولك لا أغتم به ولا أهتم ولا أُعنى، وهو ما انتهى إليه معناه.
على أن من المعاجم ما خطّأ قول القائل (ما اكترث به) كالتاج، فقد جعل صوابه (ما أكترث له) ونسب الخطأ في الأصل إلى الصحاح. وأخذ بهذا الأستاذ محمد العدناني في معجم الأخطاء الشائعة. أقول لم يخطئ الجوهري حين قال (ما اكترث به)، فقد قال الراغب في مفرداته وقد عايش صاحب الصحاح. قال الراغب الأصبهاني (البال الحال التي يكترث بها، ولذلك يقال ما باليت بكذا بالة، أي ما اكترثت به). وقد قاله صاحب النهاية في موضعين وحكاه عنه ابن منظور في غير مجال.
* * *
وقيل في نحو ما أكترث له (ما آبه له). ففي المعاجم (أبهِ) بالكسر كفرح، و (أبَه) بالفتح كمنع، وقد عدوا الأول باللام والباء فقالوا ما أبهت له وما أبهت به، وعدوا الثاني باللام دون الباء فقالوا ما أبهت له، كما حكاه ابن القوطية والجوهري وصاحب النهاية واللسان. فما أصل معناه؟
يعتد ابن القوطية (أبه) مما جاء على فعَل وفَعِل بمعنى واحد. ويجعل معناه (تنبّه). فإذا استقر هذا فأبِه له بالكسر والفتح تنبه له. وكذلك ما جاء في الصحاح. ولما كان ما يتنبه له في الغالب هو الجليل، فالذي لا ينتبه له ولا يؤبه هو التافه الحقير. ومن ثم قيل فلان لا يؤبه له أي لا يلتفت إليه لحقارته. وعلى ذلك ما جاء في النهاية. وقد عُدّي الفعل بالباء لما انتهى إليه معناه، في السلب، من الاستهانة.
ولكن لِمَ خصت التعدية بالباء هذه بأبه المكسور العين في الماضي دون المفتوح؟ أقول قد يكون ذلك لأن الغالب في اللازم أن يكون كـ (أبِه يأبَه) مثل نَبِه ينبَه الذي هو معناه، من باب فرح يفرح، فهو الأصل. وقد اتَسعوا بتعديته بالباء كما اقتضاه الاستعمال لما آل إليه معناه من الاستهانة. أما (آبَه يأبَه) من باب منع يمنع فلم يتجاوزوا به تعديته الأولى باللام، فليس هو الأصل، لأنه لا يكثر في اللزوم. ولا يُقطع في هذا بيقين على كل حال. على أني رأيت الشدياق في (سر الليال) يسوي بين البابين في التعدية فيقول (وأبه له وبه كمنع وفرح أبْها وتحرك، فطن أو نسيه ثم فطن له) فهل وقف فيه على نص؟
* * *
ويستعمل (التنزه) لترويح النفس بالخروج إلى المكان النزه. أما أصل معناه فكما قال صاحب النهاية (نزه نزاهة وتنزه تنزهاً إذا بَعُد). وقد منعه ابن السكيت على ما حكاه المصباح وجعله فيما تضعه العامة في غير موضعه. وصححه ابن قتيبة فقال: (ذهب بعض أهل العلم في قول الناس خرجوا يتنزهون إلى البساتين أنه غلط، وهو عندي ليس بغلط. لأن البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد. فإذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت، ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان). وأكد الزمخشري هذا فقال في الأساس (خرجوا يتنزهون يطلبون الأماكن النزهة، وهي
(يُتْبَعُ)
(/)
النزهة والنزه مثل غرفة وغرف). كما أيده علي بن حمزة البصري اللغوي في التنبيهات (298) رداً على ابن السكيت فقال: (فلما كانت الروضة إذا بعدت عن الناس كان أحسن .. وجب على المتنزه أن يقصدها ويعتمدها بنزهة. وهو لا يصل إليها حتى يبعد كل البعد عن الناس والمياه فقالوا لمن قصد ذلك تنزه فوافق قولهم الحق ووضعوه في موضعه ثم نقلوه إلى من أراد مثل ذلك فيما هو على المياه وبقربها .. ).
* * *
ويقال (رُشّح فلان للرئاسة) إذا أُهّل لها. قال الجوهري في الصحاح (والترشيح أن ترشّح الأم ولدها باللبن القليل تجعله في فيه شيئاً بعد شيء إلى أن يقوى على المص. وتقول فلان يرشّح للوزارة أي يربى ويؤهل لها). وقال المرزوقي في شرح الحماسة (1/ 73): (والترشيح أصله التنبيت والتربية.
ومنه قيل رشحت المرأة ولدها إذا درّجته في اللبن. ثم قيل رشح فلان لكذا توسعاً). ولا يخفى أن تنبيت الشجر غرسه، ومنه تنبيت الصبي تربيته. ونحو من ذلك في الأساس للمزمخشري.
* * *
وقال صاحب المصباح في (تعالى): (وتعالى تعالياً من الارتفاع أيضاً. وتعالَ فعل أمر من ذلك. وأصله أن الرجل العالي كان ينادي السافل فيقول: تعالَ، ثم كثر في كلامهم حتى استعمل بمعنى هلمَّ مطلقاً، سواء كان موضع المدعو أعلى أو أسفل أو مساوياً، فهو في الأصل لمعنى خاص ثم استعمل في معنى عام). وفي كتاب الفروق لإسماعيل حقي نحو من ذلك. وكذلك في شرح الحماسة للمرزوقي (56).
* * *
وهكذا (عثر) فأصل معنى العثور أن تزلّ القدم بشيء كحفرة فيسقط صاحبها، ومثله (تعثر). ومن ثم كان (العاثور) هو الحفرة، ففي اللسان ( .. ومن هذا يقال فلان وقع في عاثور شرٍّ إذا وقع في ورطة لم يحتسبها ولا شعر بها، وأصله الرجل يمشي في ظلمة الليل فيتعثر بعاثور المسيل أو في خدخد سيل المطر .. ). وعلى هذا فأنت تقول عثر فلان بعاثور أي بحفرة، على الأصل، كما تقول عثر بعاثور شر أي مكيدة أو ورطة على المجاز.
وقد تدرج معنى العثور من الكبو والسقوط إلى الخطأ في العمل والنطق، تقول عثر فلان أو عثر لسانه إذا تعثر. قال الزمخشري (ومن المجاز عثر في كلامه وتعثر).
وقد آل به التوسع فقيل عثر الحظ إذا خاب صاحبه، وعثر جده إذا تعس، وأعثره الله أتعسه، وفي الأساس (وعثر الزمان به وجدّ عثور وأعثر به عند السلطان إذا قدح فيه وطلب توريطه وأن يقع في عاثور).
بل قيل (عثر عليه) إذا اطلع. قال صاحب المقاييس (وقال بعض أهل العلم إنما قيل عثر من الاطلاع وذلك لأن كل عاثر لابد أن ينظر إلى موضع عثرته).
وعندي أن الفعل قد عُدّي بعلى بطريق التضمين. فكأن قولك عثرت عليه، على تقدير عثرت به فاطلعت عليه. ثم شاع أمره. وفي العربية مالا يحصى من الأفعال تجاوزوا بها الأصل إلى المجاز فعدّوها بحرف غير حرفها، ثم شاع استعمالها بهذا الحرف وكأنه الأصل. وقد عقدت لذلك فصلاً في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق (المجلد 55، الجزء الأول، عام 1980). فأنت تقول مثلاً (أنس به). قال ابن القوطية (وأهلت بالشيء وأنست به) ونحو من ذلك في الصحاح وغيره من المظان. لكنهم عدوا الفعل بـ (إلى) فقالوا (أنست إليه) كما قالوا (استأنست إليه)، ذكره الزمخشري في أساسه. وكان من حقه أن يفرد فيسلكه في المجاز كما فعل في (سكن إليه واطمأن إليه وركن إليه وانبسط إليه) لكنه لم يفعل، إذ قال: (وأنست به واستأنست به وأنست غليه واستأنست إليه). ولعل عذره هو اشتهار تعديته بـ (إلى). وقل مثل ذلك في (استأنس له وتأنس) فلم يلحقه بالمجاز واكتفى بأن قال (واستأنس له وتأنس: تسمّع) وقد يكون تسمَّح به أيضاً وكثيراً ما قرن المجاز بالحقيقة متى اشتهر وشاع. وعندي أن (أنس إليه) على تضمين الفعل معنى (مال) أو نحوه.
* * *
وانظر إلى تدرج معنى (تفقد)، فقد جاء في معجم الأخطاء الشائعة للأستاذ محمد العدناني أن قول القائل (تفقد مزرعته) خطأ .. ، صوابه (زارها ودرس أحوالها) لأن تفقد معناه (طلب الشيء عند الغيبة). ثم استدرك فأدرك ما أتى به المعجم الوسيط (تفقد أحوال القوم ودقق النظر فيها ليعرفها حق المعرفة)، وقال (وأنا أؤيده على أن يفوز بموافقة المجمع) ! أقول إذا كان أصل (التفقد) تطلب الشيء عند الفقد، فقد تجاوز الفعل هذا المعنى إلى تتبع الشيء وتعرّف أحواله، ثم تعدى هذا إلى متابعة النظر في كل ما يستقيم به حال الشيء أو الشخص الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
تتفقده. فقد جاء في مفردات الراغب (التفقد التعهد، ولكن حقيقة التفقد تعرّف فقدان الشيء)، وهذا يعني أن أصل التفقد تعرّف الفقدان لكنه آل بالمجاز إلى التعهد أو إلى ما انتهى إليه التعهد. ففي المصباح (وتعهدت الشيء ترددت إليه وأصلحته، وحقيقته تجديد العهد به، وتعهدته حفظته).
وقد جاء في نهج البلاغة (ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما -3/ 102) و (تفقد أمر الخراج بما يصلح أهله –3/ 106)، وقول ابن قتيبة في أدب الكاتب (فإن رأيت الكتاب قد تركوا تفقد هذا من أنفسهم .. )، وقول أبي حيان في البحر (10/ 64): في قوله تفقد الطير –أي قوله تعالى: وتفقَّد الطير –النمل/ 20 - دلالة على تفقد الإمام أحوال رعيته والمحافظة عليهم).
وهكذا صح (التفقد) في التعبير عن الرعاية والتربية والعناية والبر. قال المرزوقي (لم أزل أجري في تربيته وتفقده) إلى أن استكمل شبابه /757) وقال (لحسن توفره وجميل تفقده لأصحابه /923)، وقال (واستصلاح الرعية وتفقد مصالحهم /1091).
بل نحوا بالتفقد فعنوا به الإنعام والإفضال وكأنهم ضمنوه هذا المعنى. قال المرزوقي (بل قد وصّى بها وبأمثالها فيُتفقدون بأوفر الأنصباء عند قسمة الجذور/1050). وقال أبو حيان التوحيدي في (أخلاق الوزيرين/ 336): (فإن كان قد كتب بخطه: يُتفقد فلان بكذا أو يسأل عن فلاه لينظر في مصلحته).
فأين هذا كله من قول العدناني (التفقد طلب الشيء عند الغيبة) ولزومه هذا المعنى، وتعلقه بظاهر النص المدرج في المعاجم على قصد وإجمال، بل سكونه إليه لا يبرحه ولا يتحول عنه. وقد استبان بهذا أن قول الكتاب (تفقد مزرعته) بمعنى تعهدها ورعاها وتوفر عليها، صحيح مستقيم، غني عن أن يجيزه مجمع لغوي أو يقر صحته. وقد قالوا قديماً (فلان يتعهد ضيعته) المغني 2/ 113.
فيتضح بما قدمنا وفصّلنا القول فيه أن لا وجه لجمود المعنى في اللفظ كما يبدو ذلك حيناً في كثير من المعاجم العربية، وإن اعتماد كثير من المحدثين على ظاهر النص والتعويل عليه في التخطئة والتصويب مخالف لأصول ارتقاء اللغة وسنن تحول معانيها وطرائق تعبيرها بتحول العصور والأجيال. ولو كانت تؤلف في العربية معاجم حديثة على مثال ما يؤلف في اللغات الحية الأخرى، دقة وأحكاماً واستقصاء لأنست بالتجدد والتدرج والتوالد في معاني الكلم، ولمست بمعارضة النصوص المحكية بعضها ببعض ترجمة لحياة كل كلمة تظهرك على قصة حالها وتقفك على مسالك تحولها ودروب تنقلها والتدرج بها حالاً بعد حال. وأنت لو لم تطف بمراحل التقلب جفا عليك وجه الاعتداد به البتة. يقول العالم النفسي السوفييتي ل. س.فيجوتسكي المتوفى عام 1934، أنه لا سبيل إلى احتساب معنى الكلمة أمراً ثابتاً، بل لابد من تصوره في نمو مطرد وتحول مستمر دائب (4). والبحث في تاريخ معاني الكلم وأصول اشتقاقها موضوع شائق له في اللغات الحية الأخرى شأن أي شأن. وأحوج ما يكون إليه المشتغلون بتاريخ الأدب وفقه اللغات. وليست معالجة هذه المسألة في العربية وتدارك ما فات من أمرها بعدما كان من الإغفال، على شيء من اليسر والسهولة. ولا ننسَ ما انتحاه المستشرق الأستاذ فيشر وقد أمضى أكثر عمره (بين سنة 1907 و 1950م) في إعداد معجم تاريخي للغة الآداب العربية حتى نهاية القرن الثالث الهجري، أي حتى منتهى ما وصلت إليه اللغة الفصحى من الكمال كما يقول، فلم يخلّف بعد جهد جاهد ونصب ناصب وطول عناء، غير جذاذات لهذا الذي بذل الطوق في إعداده. ولابد أن تضطلع المجامع اللغوية باستتمامه واستفراغ الوسع في إصداره فلا تدخر دون ذلك سعياً. ولكن هل يمم أئمتنا قديماً مثل هذا السمت من البحث وحاولوا ارتياده والجري على منهاجه؟ أقول لاشك أن كتاب (الزينة) قد استن بهذه السنة ونهج هذا السبيل فإن به لوناً طريفاً من ألوان البحث اللغوي التاريخي. فقد وضع الشيخ أبو حاتم أحمد بن حمدان الرازي المتوفى 322هـ كتاباً جامعاً في أوائل القرن الرابع الهجري كان أول مرجع يستفتى في الأسماء العربية التي نطق بها القرآن الكريم فكانت من مصطلحات الإسلام، كما أشار إليه الدكتور حسين الهمداني في مقدمة الكتاب. وقد حاول مؤلف الكتاب أن يجمع بين ألفاظ عربية شتى تغيرت مدلولاتها ومعانيها في العصر الإسلامي عما كانت عليه في العصر الجاهلي، ففات أقرانه في وضع اللبنة الأولى في علم معاني
(يُتْبَعُ)
(/)
الأسماء العربية والمصطلحات الإسلامية وكان رائداً متأنقاً في هذا المضمار بل إماماً بارعاً في هذا الركن: Arabic Islamic Sémantics.
فانظر إلى ما ذكره الرازي مثلاً في (الإثم 225)، فقد أتى بأصل معناه فقال (قال أبو سعيد سمي الإثم إثماً لأن الآثم يُبطئ عن طاعة ربه، ويقال أثِمَ إذا أبطأ والآثم المبطئ. ويقال أثمت الناقة إذا أبطأت). ثم تحول إلى ما تدرج إليه معناه فقال: (فالإثم ضد الأجر يقال فلان مأثوم وفلان مأجور، لأن المأجور يسعى في الطاعة .. وذلك الثواب هو أجر له بعمله. والآثم لم يعمل وأبطأ عن الطاعة فلا أجر له فهو آثم أي مبطئ عن الطاعة). فحاول الربط بين الأصل والمجاز. ثم تابع البحث عن تدرج آخر فذكر أن الإثم ضد البر، وأتى بالحديث (البر ما سكنت إليه القلوب واطمأنت إليه النفوس، والإثم ما حك في صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه) وهكذا ..
وقد ذهب الأستاذ عبد العزيز الميمني إلى أن المفضّل بن سَلَمة المتوفى 291هـ قد ضرب على هذا القالب في كتابه (الفاخر)، وكذلك فعل أبو بكر بن الأنباري المتوفى (328هـ) في كتابه (الزاهر). أقول أما كتاب الفاخر فإن مضامينه تدور كما ذكر مؤلفه في مقدمة الكتاب حول (معاني ما يجري على ألسن العامة في أمثالهم ومحاوراتهم من كلام العرب وهم لا يدرون معنى ما يتكلمون به من ذلك). وأردف المؤلف يقول (فبينّاه من وجوه اختلاف العلماء في تفسيره ليكون مَنْ نظر في هذا الكلام عالماً بما يجري من لفظه ويدور في كلامه). وقد عمد صاحب الفاخر في تحقيق ذلك إلى حكاية ما روي من أحداث دفعت إلى النطق بالأمثال مما كانت تطوع به ألسنة الناس في محاوراتهم ومخاطباتهم، وذكر أول من نطق بها، وبحث في اشتقاق ما جاء بها من ألفاظ وردها إلى أصلها وفصّل القول في معانيها. وقد أفاد أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري في كتابه (الزاهر) من كتاب الفاخر هذا وبسط ما جاء فيه وكثّره بالشواهد كما قال مختصر الكتاب أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي. قال الزجاجي (وكان المفضل بن سلمة صاحب الفراء قد أنشأ كتاباً في هذا المعنى سماه ... فعمد أبو بكر محمد بن القاسم لذلك الكتاب فنقله نقلاً ... وبسطه وكثّره بالشواهد). ولا يزال كتاب (الزاهر) مخطوطاً لم يطبع.
هذا وليس كتاب الفاخر والزاهر ولو أفادا في إصابة الغرض الذي ابتغيناه ككتاب الزينة في تحقيق النهج اللغوي التاريخي والجري على أسلوبه.
يقول الدكتور داود حلمي السيد في كتابه (المعجم الإنكليزي بين الماضي والحاضر): (فليس بخاف أن معجميي العربية المحدثين تشدهم تجربة ضاربة في أعماق التاريخ وتقيد حركتهم تقاليد معجمية راسخة تجعلهم دائماً يتلفتون إلى الوراء حين يقررون أي المناهج يتبعون كلما شرعوا في وضع معجم حديث للغة العربية، أهو المنهج التقليدي برمته، أم المنهج الغربي في وضع معجم حديث للغة العربية، أهو المنهج التقليدي برمته، أم المنهج الغربي الحديث برمته. أم يأخذون من هذا وذاك ما يتفق مع طبيعة اللغة العربية). وقال: (ولم أجد أمامي إلا المعاجم العربية القديمة التي مضى على أحدثها أكثر من قرن ونصف من الزمان، أو بعض المحاولات المعجمية الحديثة التي لا ترقى إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه معاجم اللغة العربية في العالم المعاصر، والتي سنعرض لها .. ). ثم عَرّف المعجم الحديث فقال: (فالمعجم بالدرجة الأولى كتاب كلمات. فهو يحتوي بين غلافيه على مفردات اللغة مصحوبة بمعلومات عن اتيومولوجيتها- أي أصول اشتقاقها الأولى- ومعانيها ومدلولاتها واستعمالاتها). أقول لا شك في أن الطريقة النشوئية في القرن التاسع عشر قد أدت إلى ازدهار المباحث اللغوية التاريخية، وإلى وضع معاجم تكشف عن أصول الكلم وتدرج معانيها، وتأكيد اعتقاد أن –الظاهرة اللغوية- لا تتسم بسمة الوضوح أو الجلاء الذي يراد لها ما لم تدرج في سياقها التاريخي (6). وقد ألّف (سكيت ولتر وليم) العالم الإنكليزي المتوفى عام 1912 معجمه الشهير الذي عول فيه على اللون التاريخي من التسجيل اللغوي، فذكر أصول الكلم وألقى الضوء على هذه الأصول بالرجوع إلى جملة من النصوص التاريخية التي عرضت بها هذه الكلم ليظهر القارئ على أصولها الصحيحة ودلالاتها الأولى، وتدرّج هذه الدلالات من عصر إلى عصر، كما أشار إليه الدكتور السيد الخلوي، وقد أومأنا إليه في
(يُتْبَعُ)
(/)
موضع آخر.
ولكن إذا كان قد أدى اشتغال علماء اللغة الفرنسيين مثلاً إلى تأليف معاجم في تاريخ الكلم وأصولها وتسنى ذلك بالعودة إلى الأصول التي تحدرت منها لغتهم يونانية كانت أو لاتينية أو غير هذه وتلك، فليس كذلك حال العربية التي لا يصح ردها إلى ما أسموه باللغة السامية الأولى التي تصوروا أنها أم اللغات السامية، كما كانت اللاتينية مثلاً أُمّاً للفرنسية والإيطالية والإسبانية، إذ لم يقف البحث العلمي التاريخي على لغة من هذا القبيل، وإنما يعوّل على الأصول العربية وحدها. ولكن أليس يصح في العربية الاستعانة في تقرير أصول الكلم وتاريخها حيناً، والكشف عن ظلال معانيها بالعودة إلى بعض اللغات السامية؟
يقول الدكتور داود الحلبي في كتابه (الآثار الآرامية في لغة الموصل العامية) المطبوع عام 1935: (إن تمييز الكلمات الآرامية من الكلمات العربية صعب جداً. وما سبب هذه الصعوبة إلا كون اللغتين شقيقتين، أي فرعين من اللغة السامية الأم. حتى إن نحو أربعة أخماس الكلمات الآرامية تشترك والعربية إما حرفاً أو باختلاف يسير في التلفظ أو تبديل بعض الحروف .. ). وقال: (على أني وجدت بعض كلمات مشتركة معانيها، واضحة كل الوضوح في المعاجم الآرامية، ولكنها في المعاجم العربية مضطربة لم يبت لغويو العرب فيها وذهب كل منهم فيها مذهباً. حتى أن بعضهم أتى في صدد إيضاح أصلها بتأويلات غريبة .. ). ثم قال (ولو كان للغويين العرب القدماء وقوف على الآرامية لما وقعوا في حيص بيص عند بيان معاني أمثال هذه الكلمات. إذ لا يشك في أن معرفة الآرامية وغيرها من اللغات السامية يكون وسيطاً لحل مشاكل لغوية كثيرة في العربية. كما أن معرفة اللغة العربية تحل مشاكل أخواتها اللغات السامية).
أقول ذلك ما بحثه الدكتور محمد حسني قنطر في مقاله حول العربية واللغات السامية (من دراسات الملتقى الرابع لابن منظور في قفصة، في آب 1976). قال الدكتور قنطر: (إنه من واجب الباحث عن كنه الكلمات العربية وعن تاريخها شكلاً ومضموناً، أي عن التطور الذي اعتراها من حيث هي ظرف ومظروف أن يتجه إلى أخوات اللغة العربية ويستنطقها بالدرس والمقابلة والمقارنة عله يدرك الغاية ويجدحل المشكلة ويتمكن من الإجابة عن الأسئلة التي قد تثيرها الكلمة لديه). وقال: (فإذا عُدت للعبرية مثلاً لفهم كلمة عربية وتعرّف حالها تاريخاً واشتقاقاً، فذلك لا يعني أن اللفظة العربية تولدت من لفظة عبرية، بل حدثتك بالعبرية فعرّفتك بالعربية والعكس بالعكس).
وقد أتى الدكتور قنطر بأمثلة فأخذ على معجم اللسان أنه لم يوضح مثلاً معنى (لأك) الذي اشتق منه لفظ (الملَك والملائكة) فقال ولعل الباحث لا يوفق إلى المعنى للمادة، وهو معنى الرسالة. فلأك يعني أرسل، والملَك بالفتح المرسل). وأردف: (فالعودة إلى اللغات السامية القديمة التي عرفت هذه المادة تيسِّر إدراك الحقيقة اللغوية).
أقول إن معجم اللسان قد أشار إلى معنى المادة، ولو أن التعويل على معجم عربي واحد في القطع بحرف ومعناه وأصل اشتقاقه ليس بالوجه. فقد جاء في اللسان (فالملك من الملائكة واحد وجمع. قال الكسائي أصله مألك بتقديم الهمزة من الألوك وهي الرسالة) وفي اللسان أيضاً (قال ابن بري ملأك مقلوب من مألك، ومالك وزنه مفعل في الأصل من الألوك. قال وحقه أن يذكر في فصل ألك، لا فصل ملك). فابن بري وسواه قد جعلوا الأصل (ألك) ثم قلب فأصبح (لأك)، فما الذي قالته المعاجم في (ألك) .. قال الجوهري (الألوك الرسالة .. وكذلك المألك والمألكة بضم الميم فيهما). وقال ابن القوطية (وألك بين القوم ألْكاً وألوكاً ترسّل والألوك الرسالة منه، والملائكة أيضاً). وقال ابن دريد في الاشتقاق (ومنه قولهم ألكني إلى فلان أي كن رسولي إليه). بل في اللسان ألك بمعنى ترسل. أفليس في هذا ما يجزي لإيضاح معنى الفعل واشتقاقه؟ وقد تصرف العرب في (ألك) فقالوا (استألك). فانظر ما جاء في الأساس (ألِكْني إلى فلان واحمل إليه ألوكي ومألُكتي وهي الرسالة. قال:
ألِكني إليها عمرك الله يا فتى
: بآية ما جاءت إلينا تهادياً
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن يستألك لي إليه أي من يحمل رسالتي. وجاء فلان فاستألك ألوكته). أفليس هذا واضحاً جلياً. ومن الطريف أن يكون قائل هذا البيت سحيماً وهو عبد بني الحسحاس، وهو حبشي اشتراه أبو سعيد فشبب بابنته عميرة. وقد نسب لفظ (ألك) فيما نسب إلى الحبشية.
هذا ولا يخفى أن في المظان اللغوية العربية أن (الملائكة) من (ألك بين القول)، وأن أصل المادة عبري أو سرياني أو حبشي. وليس يعني هذا بالطبع أن ثمة تبعية لغوية بين سامية وأخرى. بل ليس في لغات الأسرة أمهات وأخرى بنات كما يقول الأستاذ (فندريس) في كتابه (اللغة) (7). ولا يمنع هذا أن يكون بين الألفاظ السامية المشتركة ما هو أعلق بلغة، منه بلغة أخرى. ولا يُقطع بهذا حتى يوقف على اشتقاق الكلمة. فقد تكون في لغة أظهر وأبرز منها في لغة أخرى أي أكثر تصرفاً. أو تكون واضحة الأصل في إحداها فريدة غريبة يتيمة في سواها. أو تكون الكلمة في المعنى الشائع للزنة التي جاءت بها في لغة ولا تكون كذلك في غيرها وهكذا ..
وقد عُني الأب أنستاس ماري الكرملي برد بعض الألفاظ العربية إلى السامية والاستعانة بالأصول السامية في استبانة معانيها وفك مُشكلها وإظهار مكنوناتها على نحو ما فعل في مجلة الثقافة القاهرية، وسواها.
هذا ما وددت الكشف عنه والتمثيل له في سبل تدرج المعاني في الكلم العربية وما تشعب عن ذلك من وجوه الرأي. وأرجو أن أكون قد وفقت إلى إيضاح المنهاج وجلاء الغامض والإفصاح عن المضمون فيما حاولت تحريره من المسائل في هذا القصد.
دمشق 10/ 2/1982
صلاح الدين الزعبلاوي
* * *
الحواشي:
(1) الدكتور حسين الهمداني في (مقدمة كتاب الزينة للشيخ أبي حاتم الرازي) والدكتور بدر الدين القاسم في ترجمة (تاريخ علم اللغة لجورج مونين).
(2) سكيت واتجاهاته في اللسانيات للدكتور شكري السيد الخلوي في (مجلة اللسانيات لمعهد العلوم اللسانية والصوتية بجامعة الجزائر)، العدد الرابع 73/ 1974.
(3) المصدر السابق.
(4) في علم اللغة الحديث تقسم البنية اللغوية إلى وحدات لغوية دالة، وأخرى غير دالة. ويقصد بغير الدالة حروف المباني أي حروف الهجاء، وهي أصغر صورة معتمدة، ويدعونها بالفونام. ويقصد بالدالة أصغر وحدة لغوية ذات معنى كالأسماء والأفعال وحروف المعاني ويدعونها بالمورفام، فالفونام أصغر وحدة للأصوات والمورفام أصغر وحدة للمعاني. وقد ميز العالم البولوني بودوان كورتناي المتوفى عام 1929، بين مفهوم الصوت اللغوي وبين الفونام الذي هو وحدة لغوية أساسية. ذلك أن الفونام لا يتضمن أصواتاً لغوية وإنما يتألف من صور صوتية هي وحدات نفسية لا مادية. ومن ثم فرّق كورتناي بين العلم الصوتي الفيزيائي، وهو علم الصوت نفسه، وعلم الصوت النفسي الذي سيغدو بارتقائه وتقدمه علم الأصوات الشفهية. ولكن ما حد الكلمة عند النحاة وحد المورفام في علم اللغة الحديث؟.
قال الإمام جلال الدين السيوطي في الهمع: (وقد اختلفت عباراتهم في حد الكلمة اصطلاحاً. وأحسن حدودها: القول المفرد المستقل أو المنوي معه- كالضمير المستكن وجوباً. فخرج بتصدير الحد بالقول غير ذلك من الدوال كالإشارة والخط .. وبالمفرد، وهو ما يدل جزؤه على جزء معناه، المركب كغلام زيد فهما كلمتان. وبالمستقل أبعاض الكلمات الدالة على معنى كحروف المضارعة وياء النسب وتاء التأنيث وألف ضارب، فليست كلمات لعدم استقلالها).
فتبين بهذا أن ما يدخل في حد المورفام من حروف المضارعة وياء النسب وتاء التأنيث وغيرها مما سمي أبعاض الكلمة لا يدخل في حد الكلمة، على ما اختاره السيوطي، لأنه ليس مستقلاً. على أنه استدرك فقال (ومن أسقط هذا القيد، قيد استقلال اللفظ، رأى ما جنح إليه الرضي، من أنها مع ما هي فيه كلمتان .. ). وهكذا أشبه حد المورفام في علم اللغة الحديث حد الكلمة عند الرضي، وبدأ هذا العلم مؤيداً لما جاء به بعض النحاة في إبراز البنية اللغوية. قال الرضي في شرح الكافية: (إن قيل إن في قولك مسلمان ومسلمون وبصري وجميع الأفعال المضارعة جزء لفظ كل واحد منها يدل على جزء معناه، إذ الواو تدل على الجمعية والألف على التثنية، والياء على النسبة، وحروف المضارعة على معنى في المضارع، وعلى حال الفاعل أيضاً، وكذا تاء التأنيث في قائمة، والتنوين ولام التعريف وألف التأنيث، فيجب أن يكون لفظ كل واحد منها مركباً، وكذا المعنى، فلا يكون كلمة بل كلمتين، فالجواب أن جميع ما ذكر كلمتان صارتا من شدة الامتزاج ككلمة واحدة، فأعرب المركب إعراب الكلمة .. ).
وأنت ترى أن الحكم في ذلك اعتباري. ولكن أليس فيما ذهب إليه الرضي من إبراز البنية اللغوية للفظ جلاء لشأن هذه الدوال في تأليف هذه البنية وتحديد معناها؟ والرضي مع ذلك لم يخرج في تصوره لحد الكلمة ورسم نطاقها عن حدود الأوائل في تعريف الكلمة والاقتباس بها. فإذا كانت هذه الدوال قد دلت على ما دلت عليه من المعاني، فكيف تعتد من حروف المبالي أي حروف الهجاء، كما فعل الآخرون، وحروف الهجاء لا تعني غير الأصوات لا تختلف إلا باختلاف مقاطعها؟ ألم يقل سيبويه في فاتحة الكتاب (فالكلم اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل)، والدوال المذكورة حروف جاءت لمعان، وليس هي بأسماء ولا أفعال، فهي على هذا الحد، كلم، كما ذهب إليه الرضي وغيره.
(5) التفكير واللغة لفيجوتسكي ترجمة الدكتور طلعة منصور المعرفة 178 لعام 976.
(6) البنوية والعقلانية لأنطون شاهين –المعرفة 136 لعام 1971.
(7) ترجمة الأستاذ عبد الحميد الدواخلي والأستاذ محمد القصاص.
----------------
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد الثامن- السنة الثانية- تموز "يوليو" 1982.
** وللمزيد من المقالات ينظر: * * المنتقى من مقالات العربية * * ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=15710#post15710)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 Jul 2007, 09:19 م]ـ
موضوع رائع جزاك الله خيرا
رحم الله الزعبلاوي فقد قضى عمره الطويل في خدمة هذه اللغة الشريفة(/)
سؤال حول الكتب المعاصرة في علوم القرآن
ـ[أبو حسن]ــــــــ[21 Oct 2005, 02:49 م]ـ
ما أهم الكتب المعاصرة في علوم القرآن التي تعتمد على التحقيق العلمي؟
ـ[أبو حسن]ــــــــ[21 Oct 2005, 03:03 م]ـ
وما رأيكم في كتاب محاضرات في علوم القرآن للدكتور غانم قدوري الحمد
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Oct 2005, 04:36 م]ـ
من الكتب المعاصرة التي تميزت بالتدقيق كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن تأليف عبد الله بن يوسف الجديع
أما كتاب محاضرات في علوم القرآن للدكتور غانم قدوري الحمد فلم اطلع عليه لكن تميزت كتابات مؤلفه بالتحقيق فلعل أحد الأخوة ممن اطلع عليه يفيدنا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Oct 2005, 04:48 م]ـ
معظم الكتب المعاصرة في علوم القرآن سبق الحديث عنها وقيمتها العلمية في الملتقى قديماً، فليت أخي أبا حسن يتجول قليلاً في صفحات الملتقى السابقة قبل طرح السؤال، ويعقب على المشاركات القديمة دون فتح موضوع جديد.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[21 Oct 2005, 09:17 م]ـ
(علوم القرآن بين البرهان والإتقان دراسة مقارنة) للدكتور حازم سعيد حيدر، فيه تحريرات نفيسة ينبغي الاستفادة منها، وليت الدكتور حازما يشاركنا في هذا الملتقى ...
ـ[أبو حسن]ــــــــ[21 Oct 2005, 10:10 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخنا
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[28 Dec 2005, 11:02 ص]ـ
كتاب محاضرات في علوم القرآن من الكتب الممتازة ومؤلفه - كما عرفته - يمتاز بالاتقان وهو استاذ في هذا الفن، والكتاب منهج اكاديمي يدرس في كثير من جامعات العراق ويمتاز بخطة بحث شاملة ولي مع الكتاب ومؤلفه ذكريات جميلة.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Dec 2005, 02:17 م]ـ
ما هي الدار التي تولت نشر كتاب الدكتور غانم
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[14 Jan 2006, 10:29 ص]ـ
ما هي الدار التي تولت نشر كتاب الدكتور غانم
معظمها صدر عن دار عمار في الأردن ..(/)
المنطق السديد
ـ[الميموني]ــــــــ[21 Oct 2005, 05:09 م]ـ
سلسلة آية و حكمة:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم) (الأحزاب:70) في الآية إرشادٌ كريمٌ لخلُقٍ عظيم فما معنى القول السَّدِيد الذي وعد الله عليه بإصلاح الأعمال و مغفرة الذنوب؟. السَّداد في الآية معناه عند المفسّرين و في ظاهر اللّغة أَن يكون الكلام عدلا صواباً و ذلك باستقامته بلا كذب و لا ظلمٍ يُقال سَدِّد أي استقم، و يقال سدَّدَ السَّهم نحو الرّمية إذا لم يعدل به عن سَمتها (أي جهتها) و قصدها. وفي الآية تأكيدٌ على الاهتمام بما يخرج من الّلسان فإنه رائد القلوب و المعبِّر عما تشتمل عليه فهو كالعنوان يدلّ على ما في النفوس.
رأيتُ لسان المرء رائدَ قلبه * وعنوانَه فانظر بماذا تُعنوِنُ
الصدق مقام الإسلام الأعظم به يتمايز المؤمنون في درجاتهم و الفاسقون في دركاتهم وهو برهان صحة الدين .... والتحرّي في المنطق منهج الصادقين و طريقة المؤمنين الصالحين، و متى كان المتكلّم متحرّياً الصدق في أخباره و نقله لا يزيد و لا ينقص و للعدل في أمره و نهيه لا يغلو و لا يجحِف، فهو حريٌّ بأن يكون ممن يتحقَّقُ فيهم و عد الله في قوله: (يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم). وفي صفات نبينا صلَّى الله عليه و سلَّم أنه كان يحفظ لسانه عن الفحش و التفحّش و أنه كان أصدق الخلق لهجة فكان مأمونا عند قومه في قوله مشتهرا بصدقه و في الأحاديث الثابتة في شمائله و أخباره ما يرشد المستزيد.
و من أعظم ما يعين على بلوغ مرتبة السداد تحرّي الصدق، فالصدق أساس الدين و منبع الأخلاق الكريمة، و في الكتاب و السنة من الدلالة على فضله و التنبيه على خطر ضده الكذب شيء كثير ... ومما يعين على السَّداد حفظ اللسان بالتحفّظ من فضول الكلام و بخاصة ما يخشى ضرره فإن حفظ اللسان عن ما لا ينبغي رأس كل خير و ربّ بلية في الدين أو الدنيا كان سببها الاستهتار بما يخرج من اللسان ... و قد وعدَ الله من يقول السداد أي العدل و الصواب و الصدق أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه أجزل الثواب بأن يصلح لهم أعمالهم أي يهديهم و يوفقهم للأعمال الصالحة وأن يغفر لهم الذنوب. وقوله (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) أي ظفر بالخير كله. و مما يتعلّق بالقول السديد في الكتاب الحكيم قوله: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (النساء:9) فقوله (وليقولوا قولا سديدا) أي عدلا وهو أن يأمره بأن يتصدق بما دون الثلث ويخلِّف الباقي لورثته فينصحوا من حضرته الوفاة -ممن يريد أن يوصي - أن تكون وصَّيته حكيمة فيوصي بمن له عليه دين أو حق ثم يوصي لمن شاء لكن من غير أن يترك ورثته عالةً فقراء. قال ابن عباس رضي الله عنه: (هذا في الرجل يحضره الموت فيسمعه يوصي بوصية تضر بورثته فأمر الله سبحانه الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفِّقه ويسدِّده للصواب ولينظر لورثته - أي ورثة من حضرته الوفاة - كما كان يحب أن يصنع لورثته إذا خشي عليهم الضَّيعة) اهـ. (تفسير الطبري: 4/ 269). وقيل إن سبب نزول الآية أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلّم كان الرجل منهم إذا حضره الموت يأتون إليه، ويقولون له: انظر لنفسك أيها الرجل وأوصي بمالك وإن ورثتك لا يغنون عنك من الله شيئا وربما يحملونه على أن يوصي بجميع المال فنزلت الآية: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم) أي إن تركوا من خلفهم (ذرية ضعافا) أي أولاداً صغاراً (خافوا عليهم) أي على أولادهم فليخافوا على أولاد الناس كما يخافون على أولادهم فإن أولاد الميت أحق بماله من الأجانب.
الصمت:-
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمُتْ)).
رأيتُ الكلام يزينُ الفتى = والصَّمتُ خير لمن قد صَمَتْ
فكم من حروفٍ تجرُّ الحتوفَ = ومن ناطقٍ ودّ أن لو سَكَتْ
وقيل لذي النون المصري: من أصون الناس لنفسه؟ قال: أملكُهم للسانه. وقال بعض الحكماء: إنما خلق للإنسان لسان واحد وعينان وأذنان ليسمع ويبصر أكثر مما يقول. ويقول الفضيل بن عياض: من عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه - أي فيما يحتاج إليه-.
حكمة:
من علامات فضل الإنسان و صلاحه: صلاحُ قوله و فعله و من لم يعتنِ بما يقول و يعاتب نفسه على زلات لسانه فهو ناقص الدين و العقل و التجربة.
تنبيه:
(قال بعض المفسرين منهم قتادة: يعني قولوا قولا سديداً في شأن زينب وزيد ولا تنسُبوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يحل فهذا الذي قاله بعض المفسرين لا يقصدون به أن الآية خاصة فيه، فالأمر بالسداد في القول يشمل كل ما يدخل تحت عموم الكلمة من تحري الصدق و العدل في كل قول).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Nov 2005, 05:33 م]ـ
أحسن الله إليك أبا محمد. وما أجمل حفظ اللسان إلا فيما ينفع، فإنه استجابة لأمر الله وأمر رسوله، بل وأقوال الحكماء وأهل التجربة. وهو فوق ذلك علامة من علامات الوقار والرزانة. نسأل الله أن يعيننا على حفظ ألسنتنا، والاشتغال بالعمل عن كثرة الكلام.
ـ[الميموني]ــــــــ[02 Nov 2005, 05:43 م]ـ
و جزاكم الله خيرا أنتم ياشيخ عبد الرحمن
من هداه الله لحفظ لسانه هداه لأعظم الخير(/)
صدر حديثاً: تفسير أبي منصور الماتريدي (ت333هـ) (تأويلات أهل السنة) كاملاً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Oct 2005, 05:24 م]ـ
صدر عن دار الكتب العلمية في بيروت تفسير (تأويلات أهل السنة) المعروف بتفسير الماتريدي، وهو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي المتوفى سنة 333هـ. في عشرة مجلدات كبار، من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس. بتحقيق الدكتور مجدي باسلوم.
وقد قدم لتحقيقه بمدراسة وافية في 345 صفحة، فيها فوائد كثيرة، ثم بدأ في تحقيق الكتاب، مع تعليقات كثيرة وجيدة في مجملها في الأجزاء الأولى، دون بقية الأجزاء.
وتفسير الماتريدي سبق أن حقق منه جزء صغير اشتمل على أوائل القرآن.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:57 م]ـ
ولمن أراده من أهل مصر: هو موجود بمؤسسة الرسالة بشارع الجمهورية بالعتبة.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[23 Oct 2005, 02:57 م]ـ
ما مدى سلامة هذا الكتاب من الأخطاء العقدية؟
الذي أعرفه أن أبا منصور رحمه الله تنسب إليه الفرقة الماتريدية وعندها أخطاء في باب الصفات.
وهل للكتاب قيمة علمية تذكر؟
أقصد هل فيه زيادة فائدة على ما عندنا من كتب التفسير المنتشرة في الأقطار؟
سؤالي هذا سؤال مستفيد لا سؤال منتقد.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Oct 2005, 04:19 م]ـ
تأويلات اهل السنة، لأبي منصور محمد بن محمد الماتريدي (ت: 333)
(نظرة في كتابه)
هذه بعض الأفكار حول تفسير أبي منصور، كنت جمعتها تذكرة لي أثنا إلقائي لدورة في التعريف بكتب التفسير، ولعل فيها فائدة لمن يريد قراءة الكتاب، وإن كانت لا تغني عن استقراء منهجه؛ لأني كتبتها من خلال الجزء المطبوع بتحقيق الدكتور إبراهيم عوضين والسيد عوضين، وهو في سورة البقرة فقط.
أولاً: ليس فيه عناية بآثار السلف في التفسير.
ومن ذلك أن حكى الاختلاف في تفسير (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، فقال: (ثم اختُلف في: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
منهم من قال: هو واحد، إذ كلُّ ضال قد استحق الغضب عليه، وكلُّ مغضوب عليه استحقَّ الوصف بالضلال.
ومنهم من قال: المغضوب عليهم هم اليهود، وإنما خُصُّوا بهذا بما كان منهم من فضلِ تمرُّدٍ وعُتُوٍ لم يكن ذلك من النصارى؛ نحو: إنكارهم بعيسى، وقصدهم قتله مما لم يكن ذلك من النصارى.
ثمَّ قولهم في الله: (يد الله مغلولة)، وقولهم: (لقد سمع الله الذين قالوا إن الله فقير) الآية، وقول الله فيهم: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) الآية.
وكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد استفتاحهم. وشدة تعنتهم. وظهور النفاق، فاستحقوا بذلك اسم الغضب عليهم، وإن كانوا شركاء غيرهم في اسم الضلال، وبالله التوفيق
وفي هذا وجه آخر: أن يُحمل الذنوب على وجهين: منها ما يوجب الغضب، وهو الكفر، ومنها ما يوجب اسم الضلال، وهو ما دونه؛ كقول موسى: (فعلتها إذًا وأنا من الضالين) (1: 26 ـ 27).
ولم يذكر هنا ما ورد من التفسير النبوي، ولا ما أجمع عليه المفسرون من السلف، بل حكى خلافًا غير واردٍ عند هؤلاء المفسرين، ولو كان يعتني بأقوالهم ويعتمدها لما وقع منه ذلك، وبالله التوفيق.
وهذا المنهج الذي لا يعتمد الآثار لا تجده عند الطبري (ت: 310)، ولا عند معاصره ابن أبي حاتم (ت: 327)، وإليك ما قاله الطبري ليظهر لك الفرق في الاستدلال واعتماد الآثار، قال الطبري: ((فإن قال لنا قائل فمن هؤلاء المغضوب عليهم الذين أمرنا الله جل ثناؤه بمسألته أن لا يجعلنا منهم قيل هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه في تنزيله فقال: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل)، فأعلمنا جل ذكره بمنه ما أحل بهم من عقوبته بمعصيتهم إياه ثم علمنا منة منه علينا وجه السبيل إلى النجاة من أن يحل بنا مثل الذي حل بهم من المثلات ورأفة منه بنا.
فإن قال: وما الدليل على أنهم أولاء الذين وصفهم الله وذكر نبأهم في تنزيله على ما وصفت؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل حدثني أحمد بن الوليد الرملي قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله المغضوب عليهم اليهود ... ). طبعة الحلبي (1: 79).
ثم ساق الآثار الأخرى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن مفسري السلف، وليس فيها أيُّ اختلاف، ولذا قال ابن أبي حاتم: (ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافًا) فسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم، تحقيق د / أحمد الزهراني (القسم الأول: 23).
ثانيًا: اعتمد على العقل المجرد، وذكر في كتابه استدلالات كلامية قائمة على العقل الكلامي، والكتاب يظهر فيه أثر علم الكلام من عنوانه ومن المسائل التي يتطرق إليها الماتريدي.
ويظهر أن لهذا سببًا، لك أتبينه بوضوح، ولعلَّه أنشأه للردِّ على استدلالات المعتزلة بالقرآن، فأراد أن يبيِّن تأويلات أهل السنة، وأنها خلاف ما تذهب إليه المعتزلة، وإنما قلت ذلك؛ لكثرة إقحامه الردَّ عليهم.
ولقد كان من نتاج اعتماد العقل المجرد ردُّ الإجماع الذي حكاه في قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة)، قال: (أجمع أهل التفسير والكلام على صرف الأيام المعدودة المذكورة في هذه الآية إلى أيام عبادة العجل، وذلك لا معنى له؛ لوجهين:
أحدها: أن هؤلاء لم يعبدوا العجل، وإنما عبد آباؤهم، فلا معنى لصرف ذك إلى هؤلاء.
والثاني: لو صرفت ذلك إلى آبائهم الذين عبدوا العجل لم يحتمل أيضًا؛ لأنهم قد تابوا ورجعوا عن ذلك، فلا معنى للتعذيب على عبادة العجل بعد التوبة والرجوع إلى عبادة الله؛ كقوله: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف)، وتصرف الأيام المعدودة إلى العمر الذي عصوا فيه) تأويلات أهل السنة (1: 204).
وأنت ترى أنه قد حكى الإجماع، ثمَّ صرَّح بمخالفته، فما فائدة هذا الإجماع إذًا؟!
هذا مع أنَّ هذا الإجماع منتقضٌ بما رواه الطبري عن ابن عباس ومجاهد من أنَّ اليهود يزعمون أنهم يُعذَّبون سبعة أيام.
والقول الذي زعم أن الإجماع منعقد عليه هو قول الجمهور، وقد رواه الطبري عن ابن عباس، وأبي العالية، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسدي، وزيد بن أسلم تفسير الطبري طبعة الحلبي (1: 381 ـ 382).
ومن عنوان كتابه (تأويلات أهل السنة) يظهر أنه سيورد ما يحتمله النص القرآني من التأويل، وقد كان، لذا يكثر في كتابه لفظ (ويحتمل)، ومن ذلك كثرت المحتملات عنده حتى ظهرت في كتابه محتملات تأويلية ضعيفة أو باطلة، وقد يترك الصحيح ويعمد إلى ما هو أقلَّ منه، وقد يذكر الصحيح ويذكر معه ما هو ضعيفٌ لا يُحتملُ، وإنما قاده إلى ذلك اعتماده إبراز التأويلات الواردة على النصِّ، والله أعلم.
ومن أمثلة ذلك، ما ورد في تفسير قوله تعالى: (ويقيمون الصلاة)، قال: (يحتمل وجهين:
يحتمل الصلاة المعروفة، يقيمونها بتمام ركوعها وسجودها، والخشوع والخضوع له فيها، وإخلاص القلب في النية؛ على ما جاء في الخبر (انظر من تناجي).
ويحتمل الحمد والثناء عليه.
فإن كان المراد هذا فه لا يحتمل النسخ ولا الرفع في الدني والآخرة) تأويلات أهل السنة (1: 40).
وإقامة الصلاة في القرآن يراد بها الصلاة الشرعية، ولا معنى للقول الآخر الذي ذكره، ولا يظهر من كلامه هل هو ناقلٌ أم قائل، وأيًّا ما كان الأمر، فهو قول لا دليل عليه، وليس كل ما احتمله اللفظ مجرَّدًا جاز حمل القرآن عليه.
ثالثًا: مكثرٌ من الردِّ على المعتزلة.
رابعًا: نحى في المسائل الفقهية إلى مذهب أبي حنيفة.
خامسًا: قلَّ فيه تفسيره الاستشهاد بالشعر.
سادسًا: ينقل عن أهل الكلام، وقد يعتمد تفسيرهم ويقدمه على تفسير السلف، ومن ذلك قوله: (ثم اختلف أهل التفسير في العالمين:
فمنهم من ردَّ إلى كلِّ ذي روح ودبَّ على الأرض.
ومنهم من ردَّ إلى كل ذي روح في الأرض وغيرها.
ومنهم من قال: لله كذا وكذا عالم.
والتأويل عندنا: ما أجمع عليه أهل الكلام: أنَّ العالمين اسم لجميع الأنام والخلق جميعًا.
وقول أهل التفسير يرجع إلى مثله، إلا أنهم ذكروا أسماء أعلام، وأهل الكلام ما يجمع ذلك وغيرهم) تأويلات أهل السنة 1: 16.
(يُتْبَعُ)
(/)
سابعًا: وقع عنده مخالفة لما كان عليه السلف في بعض القضايا العقدية:
ومن ذلك قوله في مفهوم الإيمان: ( ... وإن كان في أهل الكتاب، ففيه الأمر بالإيمان الذي هو إيمان، وهو التصديق.
والإيمان عندنا هو التصديق بالقلب؛ دليله قول جميع أهل التأويل والأدب: أنهم فسروا آمنوا: صدَّقوا في جميع القرآن) تأويلات اهل السنة (1: 74).
وقال: (وقوله: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية تنقض قول من جعل جميع الطاعات إيمانًا، لما أثبت لهم اسم الإيمان دون الأعمال الصالحات، غير أنَّ البشارة لهم، وذهاب الخوف عنهم = إنما أُثبت بالأعمال الصالحات.
ويحتمل الأعمال الصالحات: عمل القلب، وهو أن يأتي بإيمان خالص لله، لا كإيمان المنافق بالقول دون القلب) تاويلات اهل السنة (1: 74 ـ 75).
وفي هذا الكلام نظر واضح؛ لأنَّ فيه إدعاء الإجماع، والسلف على خلاف ما زعمه، ويظهر أنه ما قال مثل هذا إلا لقلة عنايته بقول السلف الذين يرون الإيمان قول وعمل.
وقد أورد الطبري (ت: 310) في تفسير قوله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب أقوال السلف كما يأتي:
قال عبد الله بن مسعود: الإيمان: التصديق.
وقال ابن عباس: يؤمنون: يصدقون.
وقال الربيع بن أنس: يؤمنون: يخشون.
وقال الزهري: الإيمان: العمل.
ثمَّ قال الطبري: ومعنى الإيمان عند العرب: التصديق، فيُدعَى المصدِّق بالشيء قولا مؤمنًا به، ويُدعَى المصدِّقُ قولَه بفعلِه مؤمنًا، ومن ذلك قول الله جل ثناؤه: (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين)؛ يعني: وما أنت بمصدق لنا في قولنا.
وقد تدخل الخشية لله في معنى الإيمان الذي هو تصديق القول بالعمل.
والإيمان كلمة جامعة للإقرار بالله وكتبه ورسله وتصديق الإقرار بالفعل.
وإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الآية وأشبه بصفة القوم: أن يكونوا موصوفين بالتصديق بالغيب قولا واعتقادا وعملا؛ إذ كان ـ جل ثناؤه ـ لم يحصرهم من معنى الإيمان على معنى دون معنى، بل أجمل وصفهم به من غير خصوص شيء من معانية أخرجه من صفتهم بخبر ولا عقل) تفسير الطبري طبعة الحلبي (1: 101).
فهذا نقلٌ عند الطبري فقط، فأين ذلك الإجماع المزعوم؟!
ثامنًا: له عناية بالاستدلال والاستنباط من الآيات، سواءً أكانت استدلالات عقدية، أم غيرها:
ومن أمثلة ذلك، قوله: ((وقوله: (أعدت للكافرين)، في الآية دلالة على أنها لم تُعدَّ لغير الكافرين)) تاويلات اهل السنة (1: 73).
وفي قوله تعالى: (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)، قال: (وفي الآية منع التكلم بالشيء إلا بعد العلم به، والفزعُ به إلى الله عن القول به إلا بعلم، وهذا هو الحق الذي يلزم كل من عرف الله. وبه أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام، فقال: (ولا تقف ما ليس لك به علم) تأويلات اهل السنة (1: 99).
حالة الاستفادة من الكتاب:
1 ـ يعد الكتاب مرجعًا لمعرفة أقوال أبي منصور الماتريدي (ت: 333)، خصوصًا الأقوال العقدية.
2 ـ يمكن الاستفادة منه في معرفة أقوال المعتزلة في الآيات، لما فيه من الردود عليهم.
3 ـ ويمكن بحث الأثر الكلامي على التفسير من خلال تفسير الماتريدي (ت: 333).
ـ[الميموني]ــــــــ[24 Oct 2005, 02:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أبا عبد اللك
و الكتاب مفيد مع ما عليه من ملاحظ وهو قد أنشأه للقصد الذي ذكرتموه كما هو ظاهر من عنوانه و له فيه لفتات جيدة في الرد على المعتزلة و غيرهم و يذكر أجوبة مفيدة على بعض الاستشكالات. و عصره متقدم فيستفاد منه.
و ممن يكثر النقل عنه و يؤيد آراءه العلامة نجم الدين النسفي الحنفي (ت: 537هـ) صاحب تاريخ سمرقند محدث و فقيه مشهور هو غير النسفي المشهور ..
له كتاب اسمه التيسير أثنوا عليه حقق بعضه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:09 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على هذه التعقيبات النافعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والغرض من الإشارة إلى نشر مثل هذه التفاسير، هو استفادة أهل العناية بالبحوث والتخصص للالتفات إلى مناهج هؤلاء المفسرين، ومعرفة اتجاهاتهم بناء على قراءة كاملة لكتبهم، وذلك لأن معظم من يتصفح هذا الملتقى هم من أهل هذا الشأن، دون عامة المسلمين الذين لا ينصحون بالاطلاع على هذه التفاسير لما فيها من أخطاء قد لا يدركونها.
وفق الله الجميع للعلم النافع، والعمل الصالح.
ـ[مرهف]ــــــــ[28 Oct 2005, 12:32 ص]ـ
فضيلة الدكتور مساعد جزاك الله خيراً على هذا التعريف ولكن لي مداخلة سريعة فيها وهي أننا عند دراسة أي كتاب ندرس حياة المؤلف ونجعل في دراسة ترجمة المؤلف دراسة أخرى ولو إجمالية عن عصره الذي عاش فيه والحالة السياسية والعلمية السائدة في هذا العصر، وكتاب الماتريدي لا ينبغي أن يدرس بعيداً عن هذا الإطار أيضاً لمعرفة دوافع هذا التفسير وأهميته يومئذ، والحقيقة أنني ألاحظ أكثر الأخوة في الملتقى عندما يتكلمون أو يدرسون تفاسير الرأي يعتبرون أهم انتقاد لهذه التفاسير أن مؤلفها أشعري أو ماتريدي أو من أهل الكلام حتى صرت أشعر ـ وبكل صراحة ـ أن الأشاعرة والماتريدية أو أهل الكلام أعداء للإسلام يريدون إخراج المسلمين عن عقيدة السلف وتعطيل الشريعة بل وبعض الأخوة ـ بحسن نية والله أعلم ـ يصل بهم إلى الضلالة والعياذ بالله مع أننا نجد في بعض تفاسير المأثور استخدام علم الكلام في توجيه كلام السلف الصالح فانظر مثلاً كلام ابن جرير في تفسير قوله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) من سورة الإسراء وكيف وجه ابن جرير رحمه الله كلام مجاهد في المقام المحمود بذكر مذاهب أهل الكلام في ذلك مع أن عامة المفسرين ـ إن صحت العبارة ـ على هجر كلام مجاهد في تفسير هذه الآية، بل ونقل الرازي عن الواحدي رده لمجاهد من وجوه نقلها الرازي والألوسي في تفسيرهما،وإذا تسنى لي الوقت ورجعت إلى المراجع وجمعت أقوالهم سأعرضها إن شاء الله، ولكن المقصد من هذه المداخلة أن نضع الأمور في نصابها ولا نتعامل مع هذه الكتب على ما فيها من صحيح وخطأ بهذا الإسلوب فنردها جملة أو نقبلها جملة ففي ذلك تجنٍ علمي لا يستسيغه منطق البحث المنصف، فعسى أن لا أكون أسأت وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Nov 2005, 04:29 م]ـ
هناك طبعة أخرى قديمة للدكتور مستفيض الرحمن - فيما أذكر -، فقد نشر الفاتحة والبقرة، وطبع في العراق قبل عشرين سنة عام 1405هـ تقريباً. وقد ذكر أن للتفسير مخطوطات كثيرة جداً في مكتبات تركيا والعراق وغيرها.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Jul 2010, 06:19 ص]ـ
وهناك طبعة في خمسة مجلدات نشرتها الرسالة منذ زمن وهي غير طبعة دار الكتب العلمية ..(/)
تدبر القرآن
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Oct 2005, 06:34 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فيكثر في شهر رمضان الحديث عن تدبر القرآن، وقد سمعت في هذا الشهر أحاديث عنه، فرأيت أن أطرح بعض اللفتات في هذا الموضوع، فأقول مستعينًا بالله.
1 ـ يغفل بعض الناس عن أن تطلُّب فهم الآية على وجهها الصحيح نوع من التدبر، والحقيقة أنه أصل من أصول تدبر القرآن إذ على الفهم السليم تُبنى الفوائد والاستنباطات السليمة في الغالب.
2 ـ إن استنباط الفوائد العلمية بعمومها هو نوع من تدبر القرآن، وهذا مما قد يغفل بعض الناس عن إدخاله في التدبر، ولو قرأت لمثل السهيلي (ت: 581) في كتابه (نتائج الفكر) لوقفت على عجب من العجب في استنباط دقائق المعاني من كتاب الله تعالى، يطرب لها الباحثون عن لطائف الآيات ودقائقها.
ولعلي أسوق لك من كتابه هذا ما يشجعك على اقتناء كتب هذا العلم الفذِّ، فمن فوائده الماتعة:
ــ قال السهيلي: (فإن قيل: كيف جاز (سبح اسم ربك الأعلى) (واذكر اسم ربك)، والمقصود بالذكر والتسبيح هو الرب تبارك وتعالى، لا اللفظ الدال عليه؟
قيل: هذا سؤال قد كعَّ (جبن وضعف) عنه أكثر المحصلين، ونكتة عجز عنها أكثر المتأولين ... والقول السديد في ذلك ـ والله المستعان ـ أن نقول: الذكر على الحقيقة محله القلب؛ لأنه ضد النسيان، والتسبيح نوع من الذكر، فلو أطلق التسبيح والذكر لما فهم منه إلا ذلك، والله ـ عز وجل ـ إنما تعبدنا بالأمرين جميعًا، ولم يتقبل من الإيمان إلا ما كان قولا باللسان، واعتقادًا بالجنان، فصار معنى الآيتين على هذا: اذكر ربك، وسبح ربك بقلبك ولسانك، ولذا أقحم الاسم تنبيهًا على هذا المعنى حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان، لأن الذكر بالقلب متعلَّقه المسمى المدلول عليه بالاسم دون سواه، والذكر باللسان متعلَّقه اللفظ مع ما يدل عليه؛ لأن اللفظ لا يراد لنفسه، فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبَّح دون ما يدل عليه من المعنى، هذا ما لا يذهب إليه خاطر، ولا يتوهمه ضمير، فقد وضحت تلك الحكمة التي من أجلها أقحم ذكر الاسم، وأنه به كملت الفائدة، وظهر الإعجاز في النظم، والبلاغة في الخطاب، فهذه نكتة لمن تدبرها خير من الدنيا بحذافيرها، والحمد لله على ما فهَّم وعلَّم)) نتائج الفكر، تحقيق: محمد إبراهيم البنا (ص: 44 ـ 45).
3 ـ يفهم بعض الناس أن التدبر هو تنزيل الآيات على واقعه، وأنه متى وجد مصداق معنى الآية أو شيئًا مما يشير إلى واقعه في الآية، قال: هذا التدبر، ولعمر الله إنه لمحقٌّ، لكن من دون قصر التدبر على هذه الصورة.
وقد وجدت أن هذه الصورة تقوم على القياس والمثال، فالمتدبر الذي يربط الآية التي لا ينتبه كثيرون إلى مرماها الذي وصل إليه، المستخرج من القرآن أحكام واقعه اليومي = مما يَمُرُّ به أو بإخوانه المؤمنين أو غيرهم من الكافرين في شرق الأرض وغربها، = إنما يقوم بنوع من أعلى أنواع التدبر.
وبهذا النوع يولع كثير من الناس، ولا ملامة في ذلك، بل ذلك عين ما يريده المسلم المصدق بكتاب ربه، المتفهم لمعاني كلامه ومراميه العظام، وإليه يشمر الكاتبون في التدبر، وإنما أردت التنبيه على كونه يقوم على قياس الواقع بالآية، ثم ربطه بها على انه مثال مما تتحدث عنه الآية أو تشير إليه، وقد سقت في هذا الملتقى مثالاً من أول سورة القصص، وقد علق عليه أخي عبد الرحمن الشهري بمثل ذلك، وكل ذلك داخل في باب القياس والتمثيل.
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4114
4 ـ قد يختلط على المتأمل مرحلة التأثر بالقرآن، ويظنها من التدبر، وهي في الحقيقة ليس كذلك، لأن التدبر ـ في حقيقته ـ عملية عقلية بحته، يجريها المتدبر لكلام الله، فيخرج ببعض الفوائد والاستنباطات.
أما التأثر بالقرآن الذي حكاه الله تعالى في قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)، فإن هذا له أسباب متعددة منها التدبر، وفهم المعنى، والحالة التي يكون عليها التالي لكتاب الله، والحالة التي يكون عليها السامع وغير ذلك.
وأخيرًا، أحذر نفسي وإخواني من أن الكلام في الآيات تفهمًا وتدبرًا على غير المنهاج الصحيح هو من القول على الله بغير علم، وقد قال الله تعالى في هذا (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) فالحذر الحذر من الكلام في القرآن بلا علم، لئلا ندخل في ما حرَّم الله.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يفتح لنا من كتابه الكريم ما انغلق علينا حفظًا، وفهمًا، وتدبرًا، وعملاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخنا الفاضل،
وعندي سؤال لو سمحت: إذا ظهر لي معنى في الآية ولم أجد المفسرين تعرضوا له فهل هذا يدل على أن ما ظهر لي غير صحيح لمخالفته لإجماع المفسرين أو نقول ما دامت الآية تحتمل هذا المعنى وكان صحيحا دلت عليه آيات أخر فلا مانع من حمل الآية عليه؟
وبارك الله فيكم شيخنا الفاضل(/)
من الطبري الوارد في كلام القرطبي في هذا الموضع؟
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[22 Oct 2005, 06:58 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخي وعلمائي الكرام في ملتقى أهل التفسير
هذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى وأرجو ألا أثقل عليكم
بينما أنا أطالع في تفسير قوله تعالى: (النجم والشجر يسجدان) في فتح القدير وجدته قال ما يلي: (وقال الحسن ومجاهد: المراد بالنجم نجم السماء، وسجوده طلوعه، ورجح هذا ابن جرير)، وعندما رجعت إلى تفسير ابن جرير رحمه الله وجدته رجح أن المراد بالنجم مالاساق له من النبات.
وأذكر أني سمعت شيخنا الشيخ ناصر الحميد لما درسنا في جامعة الإمام سابقا (جامعة القصيم حاليا) ذكر أن تفسير الشوكاني قسم الدراية فيه مختصر في الجملة من تفسير القرطبي، وأن قسم الرواية فيه قريب من الدر المنثور.
فلذلك رجعت إلى تفسير القرطبي فوجدته عزا قول الحسن ومجاهد أن المراد بالنجم نجم السماء إلى الطبري قال: (وهو اختيار الطبري حكاه المهدوي)
فهل المراد بالطبري هنا هو ابن جرير كما ذكره الشوكاني رحمه الله، أو المراد به شخص آخر بدليل أن القرطبي رحمه الله أخذه عن المهدوي والظاهر أن تفسير ابن جرير متوفر عنده، بدليل أنه أكثر من النقل منه بدون عزو
أرجو الإفادة ياإخواني ومشايخي.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:18 ص]ـ
الذي يظهر أن القرطبي وهم في ذكر اختيار الطبري، وتبعه على ذلك الشوكاني.
فالطبري أوابن جرير عند الإطلاق إنما يراد به في التفسير: محمد بن جرير شيخ المفسرين.
ومرحباً بك أخي عبدالله بين إخوانك
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:22 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخنا أبا مجاهد
جعلك الله غصة في حلوق الأعداء، من المهدوي الوارد في كلام القرطبي الذي نقل عنه اختيار الطبري
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:28 ص]ـ
هو: أحمد بن عمّار بن أبي العباس المهدوي التميمي، أبو العباس، مقرئ أندلسي، له مصنفات في التفسير والقراءات، منها: شرح الهداية في توجيه القراءات، والتحصيل لما في التفصيل الجامع لعلوم التنزيل. مات سنة 440 هـ. انظر: طبقات المفسرين للداوودي 1/ 56 - 57، والأعلام للزركلي 1/ 184.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:41 ص]ـ
المهدوي: أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت: 440)، له كتب نفيسه، منها: التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل، وهو يحقق في رسائل علمية، يسر الله خروجه.
ومن باب تداعي المعاني فيما ذكر أخي ابو مجاهد من وهم القرطبي ـ رحمه الله ـ فإني كنت أقف على بعض اوهامه في العزو فاتهم نفسي، حتى تذاكرت مع بعض طلبة العلم في ذلك، فذكر لي ما ما وقع في نفسي من وهم القرطبي في بعض النقول، وتمنيت لو أني جمعت ذلك.
لذا أهيب بمن سيعمل على القرطبي أن يفيدنا في هذه المسألة نفيًا أو إثباتًا، وليس ذلك من باب التهمة له، حاشاه ـ لكن المرء لا يسلم من الغفلة والشرود والنسيان. أسأل الله لنا وله المغفرة والرضوان على ما قدم من خدمة لكتابه في مؤلفه العظيم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Oct 2005, 11:28 ص]ـ
ومن أكثر أوهام الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره ما ينسبه للنحويين كسيبويه والفارسي وابن السراج، وأحيانا إلى البصريين أو الكوفيين. فهو غير دقيق في نسبة الأقوال إليهم، وكم مرة نسب قولاً إلى سيبويه وعندما تراجع كتاب سيبويه تجد القول بخلاف ما نقل القرطبي رحمه الله وجزاه خيراً.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 Oct 2005, 04:54 م]ـ
السلام عليكم
معذرة فقد وجدت نص الإمام القرطبي كما يلي (وقال الحسن ومجاهد: النجم نجم السماء، وسجوده في قول مجاهد دوران ظله، وهو اختيار الطبري، حكاه المهدوي)
وهذا يعني أنّ عزوه القول للطبري ليس عزوا مباشرا إنّما بواسطة المهدوي--فلا يمكن بناء على هذا الكلام أن يقال عنه أنّه قد وهم في النقل أو العزو للأمام الطبري---ومن المحتمل أنّ كتاب الطبري لم يكن متوفرا في الأندلس فيطلّع عليه مباشرة
معذرة فأنا أخشى أن يؤدي كلامكم هذا إلى عزوف طلبة العلم عن جواهر تفسيره
تلميذكم جمال
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Oct 2005, 05:03 م]ـ
البعض يتحرجون من نسبة الأوهام إلى إمام ما ... ولا محل لذلك؛ فقد قال الله تعالى: ? أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ? (النساء:82)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Oct 2005, 06:24 م]ـ
الأستاذ جمال
لا تخش ذلك، فالإمام القرطبي في محل رفيع في هذا الشان، وإثبات خطئه في العزو لا يلزم منه الزهد فيه.
واحب ان تلاحظ أن بعض المفسرين يكون عنده قضية تُنتقد عليه، ولا ينجر نقده في قضية معينة على عموم كتابه أو علمه، فالواحدي في بسيطه قد اعتمد منهج النقل، وأفاض فيه، فتراه ـ كما أشار الدكتور محمد الفوزان في تحقيقه للجزء الأول منه ـ ينقل الصفحة والصفحتين من كتاب تهذيب اللغة للأزهري، ومن كتاب الحجة لأبي علي الفارسي، ومن غيرهما، ومع ذلك لا يمكن انتقاصه، ولا نسيان فضله في كتابه البسيط.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:40 م]ـ
بارك الله بكم جميعا من أساتذة كرام منصفين
معذرة ما زلت لا أرى أنّه أخطأ في العزو لأنه ناقل عمن نقل عن الطبري
ودمتم بخير
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Oct 2005, 08:43 م]ـ
صدقت، فقد نسب نقله للمهدوي، وما قلته صحيح، ولعل من عنده كتاب المهدوي أن يذكر نص المهدوي.
لكن ـ بارك الله في عمرك ـ ما قيل في القرطبي لا يخالف ما لاحظته.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 Oct 2005, 10:42 م]ـ
لا عدمناك أيها الطيّار
ـ[مرهف]ــــــــ[23 Oct 2005, 04:08 م]ـ
لي نظرة أخرى في بعض الأوهام التي في القرطبي فإني أرى والله أعلم أن القرطبي يحتاج إلى تحقيق على جميع المخطوطات الموجودة، إضافة لمقارنة نصوصه بالكتب التي أكثرت من النقل عنه، لأني أرى أن تفسير القرطبي فيه تقص ببعض نصوصه وربما هذا الوهم الموجود منه والله أعلم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Oct 2005, 05:13 م]ـ
أرى أن لا نستعجل بنسبة الوهم إلى الائمة مع أنه وارد في كتب لم تحقق تحقيقاً علمياً , بل تحقيقاً تجارياً ومن جرب تحقيق مخطوط ورأى التفاوت في النسخ تبين له ذلك بجلاء , فكم من معلومة موهمة تتضح وتتبين عند الاطلاع على نسخة أخرى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Oct 2005, 06:13 م]ـ
أخي مرهف، واخي احمد، احسنتما، فما أحسن الاعتذار للأئمة الكرام، أسأل الله أن يغفر لهم، وأن يُلحقنا بهم في دار كرامته.
ونحن بانتظار تحقيق معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، ولعه يجلِّي ما استشكلته مع بعض الإخوة الكرام الذين ذهبوا إلى وقوع الوهم، ومع كل ذلك، فإني أعلم أنني وإياكم لا ندعي له العصمة من الخطأ، وإني لأرجو أن نكون من أهل هذه الآية (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
ـ[المنصور]ــــــــ[24 Oct 2005, 11:24 ص]ـ
الإخوة الفضلاء:
هذا ماحصل لي ويحصل باستمرار:
لقد تكررت الإشارة إلى ترجيحات ابن جرير عند عدد من المفسرين، ومع ذلك لم أجدها في المطبوع، وفي تفسير ابن كثير شئ من ذلك، وقد كنت أشرت إشارة عابرة لأخي الفاضل الدكتور: عبد الرحمن الشهري، إلى هذا الموضوع عند زيارتي له، وإني أدعو لدراسة هذه الظاهرة باهتمام، والاحتمالات كثيرة.
والله من وراء القصد،،،
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[24 Oct 2005, 01:38 م]ـ
إلى الشيخ مساعد الطيار:
هل الشيخ عبدالله التركي وفقه الله يعمل على تحقيق تفسير القرطبي كما هو ظاهر كلامك، أو هي مجرد أمنية؟
أرجو إخبارنا بما يسر وجزاك الله خيرا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Oct 2005, 01:56 م]ـ
أخي عبد الله الميمان، سبق أن طرح أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري أمر هذا التحقيق، فانظره تكرمًا في الرابط الآتي:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2565&highlight=%CA%DD%D3%ED%D1+%C7%E1%DE%D1%D8%C8%ED
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[25 Oct 2005, 12:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا على ما أفرحتني به من هذا الخبر السار، وإن غدا لناظريه قريب(/)
ما رأيكم بتفسير البحر المديد لـ ابن عجيبه
ـ[مسك]ــــــــ[22 Oct 2005, 04:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ما رأي الأخوة المشائخ الفضلاء في تفسير ابن عجينة المسمى (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد) ما قيمة هذا التفسير وما منهج مؤلفه , وما هي محاسنه ومثالبه (أي التفسير)
وهل ينصح بنشره؟ كباقي التفاسير المنشورة على أختلاف مؤلفيها من حيث العقيدة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:39 م]ـ
لم أطلع على هذا التفسير، ورأيت كتاباً منشوراً عن وزارة الأوقاف المغربية في مجلدين يتحدث عن منهجه في التفسير، فابتعته ولم أنظر فيه بعد. ولعل الإخوة الذين يعرفون عنه شيئاً يفيدوننا وفقهم الله. وقد رأيت تعقيباً لأخي أبي عبدالمعز حوله في ملتقى الكتب والبحوث، والأستاذ أبو عبدالمعز من أهل المغرب، وله معرفة بكتبهم وفقه الله فلعله يجلي لنا الأمر.
ـ[مسك]ــــــــ[25 Oct 2005, 03:57 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبدالرحمن وزادك الله علماً ..
كنت قد سألت الشيخ الفاضل مساعد الطيار حول هذا التفسير فأجاب:
أخي الكريم مسك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اما بعد:
فأشكر لك حسن ظنك، والكتاب الذي تسأل عنه من كتب الصوفية، وهو ككتاب الألوسي في الجمع بين التفسير التحليلي على منهج المفسرين، وذكر كلام اهل الإشارة، وهو كلام مغرق في الرمزية، كما هو الحال في كلام الصوفية.
وهو يبدأ عبارته في ذكر تفسيرهم بقوله: (قال أهل الإشارة)، ومن امثلة ذلك هذا المثال:
(الإشاره: فإن خفتم يا مَنْ غلبت عليهم الأحوال أو المقامات، أَلاَّ تُقسطوا في يتامى العلوم التي اختص بها غيركم، فانكحوا ما طاب لكم من ثيبات الأحوال وأبكار الحقائق، كثيرة أو قليلة، فإن خفتم أن تغلبكم الأحوال، أو التنزل في المقامات، ولا تعدلوا فيها، فالزموا حالة واحدة ومقامًا واحدًا، وهو المقام الذي ملكه وتحقق به، فإن أقرب ألا ينحرف عن الاعتدال؛ لأن كثرة الأحوال تضر بالمريد كما هو مقرر في فنه. والله تعالى أعلم).
وتفسير أهل الإشارة هذا ليس فيه كبير فائدة، بخلاف تفسيره العام الذي مشى فيه على منهاج المفسرين.
أما عن نشره، فيحبذ التنبيه على منهجه الصوفي، فهو من اصحاب الطرق الصوفية كما جاء في ترجمة محقق الكتاب، والله يحفظكم ويرعاكم، ويشكر سعيكم.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[26 Oct 2005, 08:35 م]ـ
هذا بحث الدكتور الطرهوني -حفظه الله- عن منهج ابن عجيبة في التفسير مستل من رسالته عن التفسير والمفسرين في غرب افريقيا ... وهو بحث كامل وصلكم بهوامشه كاملة.
تفسير ابن عجيبة الصوفي
من خلال كتابه البحر المديد
الدكتور الطرهوني.
...
مؤلف هذا التفسير هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي ابن عجيبة الأنجري الصوفي الفاسي ت 1224هـ من أهل المنطقة وتوفي ببلدته أنجرة ([1]).
التعريف بالتفسير:
وتفسيره هذا المسمى "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" من التفاسير المخطوطة وقد طبع قديما بدار الثناء للطباعة بمصر سنة 1373هـ جزء من أوله ينتهي عند قوله تعالى] إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [([2]). والكتاب تحت الطبع الآن في دار الكتب المصرية. وقد اعتمدت في هذه الدراسة الجزء المطبوع.
المنهج العام للتفسير:
وتفسير البحر المديد تفسير صوفي إشاري لايغفل التفسير بالظاهر وطريقة مؤلفه فيه أنه يقسم السورة إلى مقاطع ثم يقوم بتفسير كل مقطع حسب مايقنضيه الظاهر ويتبع ذلك بالنفسير الإشاري.
وقد ذكرت في ترجمة المصنف السبب الباعث له على تأليف هذا التفسير، ومما قاله في مقدمته:
... فإن علم تفسير القرآن من أجل العلوم، وأفضل ما ينفق فيه نتائج الأفكار وقرائح الفهوم ولكن لايتقدم لهذا الخطر الكبير إلا العالم النحرير، الذي رسخت أقدامه في العلوم الظاهره عربية وتصريفا، ولغة وبيانا وفقها وحديثا وتاريخا يكون أخذ ذلك من أفواه الرجال ثم غاص في علوم التصوف ذوقًا وحالا ومقالا، بصحبة أهل الأذواق من أهل الكمال، وإلا فسكوته عن هذا الأمر العظيم أسلم، واشتغاله بما يقدر عليه من علم الشريعة الظاهرة أتم، واعلم أن القرآن العظيم له ظاهر لأهل الظاهر وباطن من لأهل الباطن، وتفسير أهل الباطن لا يذوقه إلا أهل الباطن،
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يفهمه غيرهم ولا يذوقه سواهم، ولا يصح ذكره إلا بعد تقدير الظاهر ثم يشير إلى علم الباطن بعبارة رقيقه وإشارة دقيقة، فمن لم يبلغ فهمه لذوق تلك الأسرار، فليسلم ولا يبادر بالإنكار، فإن علم الأذواق من وراء طور العقول، ولا يدرك بتواتر النقول. قال في لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة – يعنى الصوفية – لكلام الله وكلام رسوله r بالمعاني الغريبة ليس إحالة للظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جاءت الآية له عليه في حرف اللسان وثم أفهام باطنه تفهم من الآية والحديث لمن فتح الله قلبه. وقد جاء أنه عليه السلام قال: لكل آيه ظاهر وباطن، وحد ومطلع – فلا يصدنك عن تلقى المعاني الغربية منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة: هذا إحالة لكلام الله عز وجل وكلام رسوله r فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لكلام الله لو قالوا لا معنى للآية إلا هذا، وهم لا يقولون ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها ومراداتها وموضوعاتها ويفهمون عن الله ماأفهمهم. ([3])
وهو ينقل في هذا التفسير عن أساتذة التصوف ومشاهيره مثل أبي العباس المرسي ([4]) والقشيري ([5]) وأبي الحسن النوري ([6])، وابن الفارض ويقول t ([7]) ، والحلاج ويقول t ([8]) ، وأبي يزيد البسطامي ([9])، وشيخ المشايخ القطب الجيلاني ([10])، وأبي الحسن الشاذلي ([11])، ومحي الدين ابن عربي ([12])، والجنيد ([13])، وذي النون ([14])، وابن الفارض ([15])، ورابعة العدوية ([16])، والحارث المحاسبي ([17])،ابن أبي مدين ([18])، صاحب الحكم العطائية ([19])، الششتري ([20])، وغيرهم.
ومن المصادر التي يحيل عليها من التفاسير تفسير الفاتحة الكبير له ([21]) وينقل عن الرازي ([22])، والبيضاوي ([23]) والواحدي والإقليشي ([24]) وابن جزي ([25])، والمحشي الفاسي ([26])، والزمخشري ([27])، وابن عطية ([28])، والثعلبي ([29])، والسيوطي ([30]). كما ينقل عن الغزالي ([31])، وابن البنا ([32])، وغيرهما
المنهج التفصيلي للمؤلف:
أولا: أسماء السور وعدد الآيات والوقوف وبيان المناسبات:
يتعرض ابن عجيبة لعد الآي قوله: قال سيدنا علي كرم الله وجهه: أول سورة نزلت بالمدينة سورة البقرة،وفيها ستة آلاف ومائة وإحدى وعشرون كلمة، ومائتان وستة وثمانون آية، وقيل سبع وثمانون. ([33])
وقد ذكر أسماء الفاتحة وعدد الآيات عند الشافعي ومالك. وهو يحاول الربط بين الآيات بمناسبات مختصرة مثل قوله:
ولما أراد الله تعالى أن يتكلم على الحج قدم الكلام على الأحوال لأنها سبب في وجوبه والوصول إليه. ([34])
وقال: ولما أراد الحق تعالى أن يتكلم عن أحكام الحج قدم الكلام على الهلال لأنه معتبر في الحج أداء وقضاء ([35])
ثانيا: موقفه من العقيدة: هذا هو الباب الأساسي في زيغ هذا التفسير فانظر مثلا إلى قوله في حديثه عن الفاتحة:
حمد نفسه بنفسه، ومجد نفسه بنفسه، وعظم نفسه بنفسه، ووحد نفسه بنفسه، ولله در السعدوى حيث قال:
ما وحد الواحد من واحد= إذ كل من وحده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته= عارية أبطلها الواحد
توحيده إياه توحيده= ونعت من ينعته لاحد
فقال في تمجيد نفسه بنفسه مترجما نفسه بنفسه:] الحمد لله رب العالمين [([36]). ([37]) وهذا انحراف عقدي خطير إن لم يكن كفرا والعياذ بالله لأن "ما" النافية مع "من" تفيد الاستغراق وتنكير لفظة "واحد" تدل على شمول ذلك للرسل صلوات الله عليهم وهم قد وحدوا الله حق توحيده. أما توحيد هؤلاء فلاشك أن الرسل لم يوحدوا به الله لأنه عين الشرك وقد قال تعالى] ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين [([38]) وقال تعالى عن رسله] أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [([39])
وقال أيضا مما يوحي بتأثره بوحدة الوجود وهو مايظهر كثيرا في كلامه وإن خالفه غيره:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا عبرة بظواهر الأشياء وإنما العبرة بالسر المكنون وليس ذلك إلا بظهور الحق وارتفاع عطاياه، وزوارل أستاره وخفاياه، فإذا تحقق ذلك التجلى والظهور، استولى على الأشياء الفناء والدثور، وانقشعت الظلمات بإشراق النور، فهناك يبدو عين اليقين، ويحق الحق المبين، وعند ذلك تبطل دعوى المدعين، كما يفهم العامة بطلان ذلك يوم الدين، حين يكون الملك لله رب العالمين. وليت شعرى أي وقت كان الملك لسواه حتى يقع التقييد] الملك يومئذ لله [([40]) وقوله:] والأمر يومئذ لله [([41]) لولا الدعاوي العريضة من القلوب المريضة. ([42])
ويقول:الطريق المستقيم الذي أمرنا الحق بطلبه، هو طريق الوصول إلى الحضرة، التي هي العلم بالله على نعت الشهود والعيان، وهو مقام التوحيد الخاص الذي هو أعلى درجات في التوحيد، وليس فوقه إلا مقام توحيد الأنبياء والرسل، ولابد فيه من تربية على يد شيخ كامل عارف بطريقة السير، قد سلك المقامات تذوقا وكشفا، وجاز مقام الفناء والبقاء، وجمع بين الجذب والسلوك، لأن الطريق عويص، قليل خطاره، كثير قطاعه، وشيطان هذه الطريق فقيه بمقاماته ونوازله، فلا بد فيه من دليل وإلا ضل سالكه عن سواء السبيل. ([43])
أقول: والحمد لله الدليل هو كتاب الله وسنة رسوله r ، والصراط الذي أمرنا بطلبه هو صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، لا الأقطاب والأغواث والمجاذيب!!!
ويقول:ثم افتتح السورة برموز رمز بها بينه وبين حبيبه فقال:] الم [([44]) وقد حارت العقول في رموز الحكماء، فكيف بالأنبياء؟ فكيف بالمرسلين؟ فكيف بسيد المرسلين؟ فكيف يطمع أحد في إدراك حقائق رموز رب العالمين؟ قال الصديق رضي الله عنه: في كل كتاب سر وسر القرآن فواتح السور اهـ فمعرفة أسرار هذه الحروف لا يقف عليها إلا الصفوة من أكابر الأولياء، وكل واحد يلمع له على قدر صفاء شربه.
قال: قلت: والأظهر أنه حروف تشير للعوالم الثلاثة: فالألف لوحدة الذات في عالم الجبروت، واللام لظهور أسرارها في عالم الملكوت، والميم لسريان أمدادها في عالم الرحموت، والصاد لظهور تصرفها في عالم الملك وكل حرف من هذه الرموز يدل على ظهور أثر تصرف الذات في عالم الشهادة فالألف يشير إلى سريان الوحدة في مظاهر الكوان، واللام يشير إلى فيضان أنوار الملكوت من بحر الجبروت، والميم يشير والميم يشير إلى تصرف الملك في عالم الملك.
قال جعفر الصادق: لقد تجلى الله تعالى لخلقه في كلامه ولكن لا يشعرون. وقال أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه، فلما سرى عنه قيل له في ذلك فقال: مازلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته اهـ فدرجات القراءة ثلاث: أدناها: أن يقرأ العبد كأنه يقرأ على الله تعالى واقفا بين يديه، وهو ناظر له ومستمع منه فيكون حاله السؤال والتملق والتضرع والابتهال، والثانية: أن يشهد بقلبه كأن الله تعالى يخاطبه بألفاظه، ويناجيه بإنعامه وإحسانه، فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم، والثالثة: أن يرى في كلام المتكلم، فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته، بل يكون فانيا عن نفسه، غائبا في شهود ربه، لم يبق له عن نفسه إخبار، ولا مع الله غير قرار. فالأولى لأهل الفناء في الأفعال، والثانية في أهل الفناء في الصفات، والثالثة لأهل الفناء في الذات، رضي الله تعالى عنهم، وحشرنا على مناجيهم، آمين.
فلا ترضى بغير الله حبا = وكن أبدا بعشق واشتياق
ترى الأمر المغيب ذا عيان = وتحظى بالوصول وبالتلاقي
يامن غرق في بحر الذات وتيار الصفات، ذلك الكتاب الذي تسمعه من أنوار ملوكتنا وأسرار جبروتنا، لا ريب فيه أنه من عندنا، فلا تسمعه من غيرنا] فإذا قرأناه فاتبع قرآنه [([45]) فهو هاد لشهود ذاتنا، ومرشد للوصول إلى حضرتنا لمن اتقى شهود غيرنا، وغرق في بحر وحدتنا. ([46])
ويقول:وقيل لأبي الحسن النوري: ماهذه الأماكن والمخلوقات الظاهرة؟ فقال: عز ظاهر، وملك قاهر، ومخلوقات ظاهرة به، وصادرة عنه، لا هي متصلة به، ولا منفصلة عنه، فرغ من الأشياء ولم تفرغ منه، لأنها تحتاج إليه وهو لا يحتاج إليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف تنكرون ظهور نور الحق في الأكوان وتبعدون عن حضرة الشهود والعيان، وقد كنتم أمواتا بالغفلة وغم الحجاب، فأحياكم باليقظة والإياب، ثم يميتكم بالفناء عن شهود ماسواه، ثم يحييكم بالرجوع إلى شهود أثره بالله، ثم إليه ترجعون في كل شيء، لشهود نوره في كل شيء، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، وعند كل شيء، كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان.
وفي بعض الكتب المنزلة يقول الله تعالى يا عبدي إنما منحتك صفاتي لتعرفني بها فإن أدعيتها لنفسك سلبتك الولاية ولم أسلبك صفاتي، يا عبدي أنت صفتي وأنا صفتك فارجع إلي أرجع إليك، ياعبدي فيك للعلوم باب مفتاحه أنا، وفيك للجهل باب مفتاحه أنت فاقصد أي البابين شئت … الخ.
ويقول: اعلم أن الروح القائمة بهذا الآدمي، هي قطعة من الروح الأعظم، التي هي المعاني القائمة بالأواني، وهي آدم الأكبر، والأب الأقدم، وفي ذلك يقول ابن الفارض:
وإني وإن كنت ابن آدم صورة = فلي فيه معنى شاهد بأبوتي
ويقول:وقال بعض العارفين: الحق تعالى منزه عن الأين والجهة والكيف والمادة والصورة ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان ولا كم ولا كيف ولا جسم ولا جوهر ولا عرض لأنه للطفة سار في كل شيء، ولنوريته ظاهر في كل شيء ولإطلاقه وإحاطته متكيف بكل كيف غير متقيد بذلك فمن لم يعرف هذا ولم يذقه ولم يشهده فهو أعمى البصيرة، محروم من مشاهدة الحق تعالى
وهذه الإشارات لا يفهمها إلا أهل الأذواق من أهل المعاني تذوق أسرارهم وتفهم إشاراتهم وإلا فحسبك أن تعتقد كمال التنزيه وبطلان التشبيه وتمسك بقوله تعالى:] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [([47]) وسلم للرجال في كل حال.
وأقول: الأولى أن يقول: وسلم للمحال بكل حال، ومن هم هؤلاء الرجال؟ وما الضابط الذي يضبط لنا من نسلم له ممن لا نسلم له؟ أهو السير عريانا في الشوارع أمثال سيدهم إبراهيم العريان؟ ([48]) أم إتيان الحمارة على قارعة الطريق بمرأى الناس أمثال سيدهم علي وحيش؟ ([49])
ويقول:اعلم أن الأماكن والجهات وكل ماظهر من الكائنات قائمة بأنوار الصفات ممحوة بأحدية الذات كان الله محق الآثار بإجلاء الأنوار وامتحت الأنوار بأحدية الأسرار وانفرد بالوجود الواحد القهار ولله در القائل:
مذ عرفت الإله لم أر غيرا وكذا الغير عندنا ممنوع
فمن كحل عين بصيرته بإثمد الخاص لم يقع بصره إلا على الحق ولا يعرف إلا إياه، ورأى الأشياء كلها قائمة بالله، بل لا وجود لها مع الله ومن فتح الله سمع قلبه، لم يسمع إلا من الحق ولا يسمع إلا به كما قال القائل:
أنا بالله أنطق * ومن الله أسمع
وقال الجنيد t : لي أربعين سنة أناجي الحق، والناس يرون أني أناجي الخلق فالخلق محذوفون عند أهل العلم بالتحقيق، مثبتون عند أهل الجهل والتفريق يقولون:] لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية [([50]) مع أنه يكلمهم في كل وقت وساعة.
وينقل عن ابن عربي قوله:من رأي الخلق لا فعل لهم فقد فاز ومن رآهم لا صورة لهم فقد جاز ومن رآهم بين العدم فقد وصل ([51]) وانظر أيضا ([52]) وقال: قال بعض العارفين: لو كلفت أن أرى غيره لم أستطع فإنه لا غير معه حتى أشهده. ([53])
ويقول في مقامات التوحيد التي ذكرها تحت قوله تعالى] وإلهكم إله واحد [([54]):
واعلم أن توحيد الخلق لله تعالى على قدرته درجات، الأولى توحيد العامة وهو الذي يعصم النفس والمال وينجو به من الخلود في النار وهو نفي الشركاء والأنداد والصاحبة والأولاد والأشباه والأضداد، الثانية توحيد الخاصة وهو أن يرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده ويشاهد ذلك بطريق الكشف لا بطريق الاستدلال فإن ذلك حاصل لكل مؤمن وإنما مقام الخاصة يقين في القلب بعلم ضروري لا يحتاج إلى دليل وثمرة هذا العلم الانقطاع إلى الله والتوكل عليه وحده فلا يرجو إلا الله ولا يخاف أحدا سواه إذ ليس يرى فاعلا إلا الله فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب الدرجة الثالثة ألا يرى في الوجود إلا الله ولا يشهد معه سواه، فيغيب عن النظر إلى الأكوان في شهود المكون وهذا هو مقام الفناء فإن رد إلى شهود الأثر بالله سمى مقام البقاء. ([55])
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يلحظ في هذا التفسير استخدام اسم الحق لله سبحانه وتعالى عند الكلام على التفسير سواء في الظاهر وفي الباطن وأخشى أن يكون ذلك تأثرًا بالاتحادية الصوفية فإنهم يعتبرون أن كل ما في الوجود باطل والحق هو الله وحده ولم ألحظ استخدام هذا الاسم من أحد المفسرين المتقدمين. ([56])
وهو يقول بأن الإنسان خليفة لله في الأرض فيقول في قوله تعالى:] إني جاعل في الأرض خليفة [([57]): يخلفني في أرضي وتنفيذ أحكامي. ([58])
وانظر في وحدة الوجود ([59]) وذكره الشعر في ذلك. ([60])
ومن غلوه في طريقته يقول تحت قوله تعالى] لتكونوا شهداء على الناس [([61]):ثم إن العلماء بأحكام الله، إذا لم يحصل لهم الكشف عن ذات الله يكونون حجة على العامة يشهدون على الناس، والأولياء يشهدون على العلماء فيزكون من يستحق التزكية، ويردون من لا يستحقها لأن العارفين بالله عالمون بمقامات العلماء أهل الظاهر. لا يخفي عليهم شيء من أحوالهم ومقاماتهم بخلاف العلماء لا يعرفون مقامات الأولياء ولا يشمون لها رائحة كما قال القائل:
تركنا البحور الزاخرات وراءنا فمن أين يدري الناس أين توجهنا. ([62])
وله ردود سريعة على بعض الفرق ومن ذلك:
قوله في] إياك نعبد وإياك نستعين [([63]) قال: قال ابن جزي: أي نطلب العون منك على العبادة وعلى جميع أمورنا فهذا دليل على بطلان قول القدرية والجبرية وأن الحق بين ذلك. ([64])
ويقول: أما القرآن العظيم فلا بد من الإيمان أنه منزل على نبينا محمد r فمن اعتقد أنه منزل على غيره كالروافص فإنه كافر بالإجماع ([65]).
ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:
ومن تفسيره القرآن بالقرآن وهو قليل قوله:
] فتلقى [([66]) أي أخذ] آدم من ربه كلمات [وهي] ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفرلنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين [([67])
رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:
وهو يذكر الأحاديث بكثرة إلا أنه لايعتني بصحة الحديث من عدمها ومن ذلك ذكره أحاديث كثيرة في التأمين ومن مصادره ابن ماجه وابن خزيمة وأبو داود ([68])
وقوله: وروى الترمذي الحكيم عن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه إلى رسول الله r قال: “أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره”. ([69])
وفي قوله تعالى] فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم [([70]) قال: وقد كتب على اليهود القصاص وحده وعلى النصارى العفو مطلقا وخيركم أيها الأمة المحمدية بين أخذ الدية والقصاص فمن اعتدى بعد أخذ الدية وقتل فله عذاب أليم في الدنيا والآخرة في الدنيا بأن يقتل لا محالة لقوله عليه السلام: “لا أعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية” ([71]).
ومن الأحاديث التي يذكرها بدون تخريج: “أولياء الله إذا رءوا ذكر الله”. ([72])
وانظر مثالا لحديث أخطأ فيه. ([73])
وانظر أمثلة أخرى للأحاديث ([74])
ومن الأحاديث الموضوعة التي ذكرها قوله:
وفي حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها في قصة الحولاء امرأة من الأنصار قال لها رسول الله r : “ مامن امرأة حملت من زوجها حين تحمل إلا لها من الأجر مثل القائم ليله الصائم نهاره والغازي في سبيل الله وما من امرأة يأتيها الطلق إلا كان لها بكل طلقة عتق نسمة وبكل رضعة عتق رقبة، فإذا فطمت ولدها ناداها مناد من السماء قد كفيت العمل فيما مضى، فاستأنفي العمل فيما بقي ” قالت عائشة رضي الله عنها: قد أعطى النساء خيرا كثيرا، فمالكم يامعشر الرجال، فضحك النبي r ثم قال: “مامن رجل مؤمن يأخذ بيد امرأته يراودها إلا كتب الله له حسنة، وإن عانقها فعشر حسنات، وإن ضاجعها فعشرون حسنة، وإن أتاها كان خيرا من الدنيا وما فيها، فإذا قام ليغتسل لم يمس الماء شعرة من على جسده إلا محي عنه سيئة، ويعطى له درجة، ومايعطى بغسله خير من الدنيا وما فيها، وإن الله تعالى يباهي الملائكة فيقول: انظروا إلى عبدي قام في ليلة قرة يغتسل من الجنابة يتيقن بأني ربه، اشهدوا أني قد غفرت له” ([75]).
وقوله:روي عن علي كرم الله وجهه عن النبي r أنه قال: “عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس وإنه يرقق القلب ويكثر الدمعة، وإنه بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى ابن مريم” ([76]).
وانظر أمثلة أخرى للأحاديث الضعيفة والموضوعة. ([77])
(يُتْبَعُ)
(/)
وربما ذكر لفظ الحديث ولا ينص على أنه حديث مثل قوله: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي أمروا به وقالوا مكان حطة: حنطة حبة في شعرة. ([78])
وهو يذكر أسباب النزول بدون دقة ولا عزو في كثير من المواضع. ([79])
ويتعرض لفضائل السور والآبات ومن ذلك قوله:
وقال رسول الله r : “ إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن البقرة، من قرأها في بيته نهارا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام، ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله شيطان ثلاث، وفيها سيدة القرآن وهي آية الكرسي” ([80]) وإنما كانت سنام القرآن أي ذروته لأنها اشتملت على جملة مافيه من أحوال الإيمان وفروع الإسلام.
وقال r : “ أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش” ([81]).
خامسا: موقفه من تفسير القرآن بأقوال السلف:
لا يتعرض ابن عجيبة لسوق الآثار إلا قليلا وفيها بواطيل مثل ماتقدم عن علي وأبي بكر وجعفر الصادق.
وقد نقل عن ابن عباس نقولا كثيرة منها قوله:] إياك نعبد [([82]) نعبدك ولا نعبد غيرك ([83])
وذكر آثارا عن علي، والنخعي،و الزهري، وعائشة. ([84])
وعن الحسن ([85])، وابن زيد ([86])، ومالك ([87])، وعبد الواحد بن زياد ([88]) ومقاتل ([89])
سادسا: موقفه من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات:
نظرا لكون القسم المطبوع محدود لم أقف إلا على شيء يسير من تعرض المصنف للسيرة ومن ذلك ذكره لسرية عبد الله بن جحش في شهر جمادى وقتلهم لعمرو بن الحضرمي في أول يوم من رجب وماحصل بناء على ذلك تحت قوله تعالى] يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه [([90]).
كما ذكر عن الواقدي قصة خروجه r إلى أحد وبعض الأحداث تحت قوله تعالى] وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال [([91])، واسترسل في ذكر أحداث الغزوة في الآيات التالية. ([92])
سابعا: موقفه من الإسرائيليات ([93]):
وابن عجيبة من المفسرين الذين يذكرون الإسرائليات بغير تمحيص ويتزيدون في ذكرها ومن ذلك:
ما نقله تحت قوله] العالمين [عن الفخر الرازي قال: روي أن بني آدم عشر الجن، وبنى آدم والجن عشرحيوانات البر، وهؤلاء كلهم عشر الطيور وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحار، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين ببني آدم، وهؤلاء عشر ملائكة السماء الدنيا، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة السماء الثانية، ثم على هذا الترتيب إلى ملائكة السماء السابعة، ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل، ثم هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد في سرادقات العرش التي عددها مائة ألف، طول كل سرادق وعرضه كذلك إذا قبلت السماوات والأرض وما فيها وما بينها يكون شيئا يسيرا ونزرا قليلا، وما من موضع شير إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم وله زجل بالتسبيح والتهليل، ثم هؤلاء في مقابلة الذين يحولون حول العرش كالقطرة من البحر ولا يعلم عددهم إلا الله تعالى. ([94])
وقال وهب بن منبه t: قوائم العرش ثلاثمائة وست وستون قائمة، وبين كل قائمة وقائمة ستون ألف صحراء، وفي كل صحراء ستون ألف عالم، وكل عالم قدر الثقلين. ([95])
وقد ذكر قصة هاروت وماروت وقال: ذكرها المنذري في شرب الخمر وقال في حديثها: رواه أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق زهير بن محمد وقد قيل إن الصحيح وقفه على كعب وقال ابن حجر: قصة هاروت وماروت بسند حسن خلافا لمن زعم بطلانها كعياض ومن تبعه. ([96])
ثم قال فإن قلت: الملائكة معصومون فكيف يصح هذا مع هاروت وماروت قلنا: لما ركب الله فيما الشهوة انتسخا من حكم الملائكة لحكم البشرية ابتلاء من الله تعالى لهما فلم يبق لهما حكم الملائكة من العصمة. ([97])
وقال أيضا: والأسباط أولاد يعقوب عليه السلام وهم: روبين وشمعون ولاوى ويهودا ويشسوخور وزبزلزن وزوانا وأمهم ليا ثم خلف على أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين. وولد له من سريتين تفثونا وكوذا وأوشير. قال ابن حجر اختلف في نبوتهم فقيل كانوا أنبياء وقيل لم يكن فيهم نبي وإنما المراد بالأسباط قبائل بني إسرائيل. فقد كان منهم من الأنبياء كثير وممن صرح بنفي تبوتهم عياض وجمهور المفسرين. انظر المحشي الفاسي.
وفي تفسير المبهمات يقول] ولا تقربا هذه الشجرة [([98]) العنب أو التين أو الحنطة
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول: فدخل إبليس خفية أو في فم الحية. ([99])
ويقول: واسم فرعون الذي كان في زمن موسى مصعب بن ريان وقيل اسمه الوليد ([100])
ثامنا: موقفه من اللغة:
أما معاني المفردات فهو يتعرض لها بدون عزو كلما بدأ تفسير أحد المقاطع مثل قوله:
اللقاء: المصادفة بلا قصد.
والخلو بالشيء أو معه: الإنفراد به
والشيطان: فيعال من شطن إذا بعد أو فعلان من شاط إذا بطل.
والاستهزاء بشيء: الاستخفاف بحقه
والعمه في البصيرة: كالعمى في البصر. ([101])
ويتعرض أيضا للغويات مثل اشتقاق اسم وتعلق الباء ومذهب البصريين والكوفيين. ([102])
ومن ذلك أيضا كلامه عن أصل كلمة رب واشتقاقها. ([103])
وأحيانا يتعرض للإعراب مثل قوله] الحمد لله [([104]): قلت الحمد مبتدأ ولله خبر وأصله النصب وقرئ به ([105])
ويقول:] سواء [([106]) خبر مقدم. و] ءأنذرتهم [مبتدأ لسبقه بهمزة التسوية، أي
الإنذار وعدمه سواء في حق هؤلاء الكفرة، والجملة خبر إن و] غشاوة [([107]) مبتدأ والجار قبله خبره، والغشاوة ما يغشى الشيء ويغطيه كنى به عن تعاميهم عن الإيمان.
ويقول:] استوقد [([108]) السين والتاء يحتمل أن يكون للطلب، أو زائدة بمعنى أوقد ولما شرطية. وذهب جواب، وإذا كان لفظ الموصول مفردا واقعا على جماعة يصح في الضمير مراعاة لفظه فيفرد ومعناه فجمع، فأفرد في الآية أولا وأجمع ثانيا، ويقال: أضاء يضيء، ضاء يضوء: ضوءا. ([109])
والصيب المطر فيفعل من صاب المطر إذا نزل، وهو على حذف مضاف أي أو كذا صيب، وأصله صيوب كسيد، قلبت الواو ياء وأدغمت، ولا يوجد هذا إلا في المعتل كهيب ولين وضيق وطيب بالتشديد.
وربما استدل عل وجوه الإعراب من ألفية ابن مالك. ([110])
وهو يكثر من الاستدلال بالشعر وجله في الإشارات وقد تقدم طرف من ذلك وعندما استدل في التفسير الظاهر أتى بيتين صوفيين وهما قول الشاعر:
ياتائها في مهمه عن سره انظر تجد فيك الوجود بأسره
أنت الكمال طريقة وحقيقة ياجامعا سر الإله بأسره ([111])
ومن الأشعار أيضًا في تفسيره للظاهر قوله:
فلا ترضى بغير الله حبا وكن أبدا بعشق واشتياق
ترى الأمر المغيب ذا عيان وتحظى بالوصول وبالتلاقي
وهي صوفيات أيضا ([112]).
ومن استدلالاته القليلة بالشعر على المعاني ([113]) قوله والفوم قيل الحنطة والأصح أنه الثوم قال الشاعر:
وأنتم أناس لئام الأصول طعامكم الفوم والحوقل ([114])
وهو يتعرض لأساليب البلاغة أحيانا وينبه على النكات التفسيرية ومن ذلك:
قوله: لم قدم الرحمن على الرحيم والقياس الترقي من الأدنى للأعلى؟ فقال: لتقدم رحمة الدنيا ولأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره. ([115])
وقوله] إياك نعبد وإياك نستعين [([116]):
قال: وكرر الضمير ولم يقل إياك نعبد ونستعين 0لأن إظهاره أبلغ في إظهار الاعتماد على الله، وأمدح ألا ترى أن قولك بك أنتصر وبك أحتمي وبك أنال مأربي، أبلغ وأمدح من قولك بك أنتصر وأحتمى الخ. وقدم العبادة على الاستعانه لتوافق رءوس الآي، وليعلم منه أن تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة، فإن من تلبى لخدمة الملك وشرع فيها بحسب وسعه، ثم طلب منه الإعانة عليها أجيب إلى مطلبه، بخلاف من كلفه الملك بخدمته فقال: أعطنى ما يعينني عليها، فهو سوء أدب، وأيضا من استحضر الأوصاف العظام ما أمكنه إلا المسارعة إلى الخضوع والعبادة وأيضا لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه، أوهم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله: وإياك نستعين دفعا لذلك التوهم. ([117])
ومن كلامه عن الالتفات قوله:
ومن عادة العرب التفنن في الكلام والعدول عن أسلوب إلى آخر تطرية وتنشيطا للسامع، فتعدل من الخطاب إلى الغيبة إلى التكلم قوله تعالى:] حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح [([118]) ولم يقل بكم وقوله:] أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد [([119]) أي ولم يقل فساقه ... ، والالتفات هنا في قوله إياك نعبد ولم يقل إياه نعبد لأن الظاهر من قبل الغيبة، وحسنه أن الموصوف تعين وصار حاضرا.
وقال أيضا: فإن قلت: الريب في القرآن قد وقع من الكفار قطعا فكيف عبر بإن الدالة على الشك والتردد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: لما كان ريبهم واقعا في غي محله، إذ لو تأملوا أدنى تأمل لزال ريبهم لوضوح الأمر وسطوع البرهان كان ريبهم كأنه مشكوك فيه ومتردد في وقوعه. ([120])
تاسعا: موقفه من القراءات ([121]):
وهو يتعرض للقراءات وتوجيهها وربما ذكر القراءات الشاذة ومن ذلك:
قوله: وقرئ الحمد لله باتباع الدال للام وبالعكس ([122]).
وقال:] مالك [قراءة الجماعة بغير ألف من الملك بالضم وقرأ عاصم والكساني بالألف من الملك بالكسر ثم أخذ يوجهها. ([123])
ومن ذلك قوله: وجبرئيل فيه ثمان لغات أربع قرئ بهن وهي: جبرئيل كسلسبيل، وجبرئل كجحمرش، وجبريل بفتح الجيم بلا همز، وجبريل بكسرها. وأربع شواذ جبرال وجبرائيل وجبرائل وجبرين بالنون. ([124])
وقوله:] واتخذوا [([125]) على قراءة الأمر محكى بقول محذوف أي: وقلنا اتخذوا وعلى قراءة الماضي معطوف على جعلنا أي جعلناه مثابة واتخذه الناس مصلى.
] فإنما يقول له كن فيكون [([126]) قال: وقرأ ابن عامر بنصب المضارع ولحنه بعضهم لأن المنصوب في جواب الأمر لا بد أن يصح جوابا لشرطه تقول اضرب زيدا فيستقيم أي إن تضربه يستقم ولا يصح أن تقول إن يكن يكن وقد يجاب لعله على المعنى والتقدير إن قلت كن يكن. ([127])
ويتعرض للرسم مثل قوله في بسم: حذفت الألف لكثرة الاستعمال ([128])
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:
وأما تعرضه للفقهيات فضئيل جدا وليس هناك نقول عن المذاهب واختلافات الفقهاء ومن ذلك:
كلامه عن البسملة، وهل هي آية من كل سورة أم لا وحكمها في الصلاة. ([129]) وقال] وعلى الذين يطيقونه… [([130])
وعلى الذين يطيقونه بلا مشقة إن أرادوا أن يفطروا فدية …… وأن تصوموا أيها المطيقون للصيام خير لكم إن كنتم تعلمون مافي الصيام من الأسرار والخير المدرار ثم نسخ بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه ([131])
] ولتكبروا الله على ماهداكم [([132]) ووقت التكبير عند مالك من حيث يخرج إلى المصلى بعد الطلوع إلى مجيء الإمام إلى الصلاة. ([133])
وقال في تفسير قوله تعالى] ولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام [([134]) ابتداءا] حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم [فيه] فاقتلوهم [فيه وفي غيره] كذلك جزاء الكافرين [. ([135])
هكذا اقتصر في تفسير الآية مع مافيها من كلام كثير لأهل العلم.
وكذلك قال في قوله] فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [([136]) فإن أحصرتم ومنعتم من إتمامها فتحللوا منهما وعليكم مااستيسر من الهدي وذلك شاة] ولا تحلقوا رؤوسكم [أي لا تتحللوا] حتى يبلغ الهدي محله [أي حيث يحل ذبحه وهو محل الإحصار عند الشافعي فيذبح فيه بنية التحلل ويفرق، ومنى أو مكة عند مالك فيرسله فإذا تحقق أنه وصل وذُبح حل وحلق. ([137])
وقوله تحت تفسير] يسألونك عن الخمر والميسر [([138]) والميسر قال ابن عباس والحسن: كل قمار ميسر من شطرنج ونرد ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إذا كان بالفلوس وسمي ميسرا ليسر صاحبه بالمال الذي يأخذه وأما إذا كان بغير عوض إنما هو لعب فقط فلا بأس قاله ابن عرفة ([139]).
ويقول:
يقول الحق جل جلاله: ياأيها المؤمنون] كتب عليكم القصاص [([140]) في شأن القتلى في العمد فاستسلموا للقصاص فالحر يقتل بالحر ولا يقتل بالعبد بل يغرم قيمته لسيده ودليله قوله عليه السلام: “لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد ”والعبد يقتل بالعبد إن أراد سيد المقتول قتله فإن استحياه خير سيده بين إسلامه وفدائه بقيمة العبد وكذلك إن قتل الحر، خير أولياؤه بين قتله أو استرقاقه فإن استحيوه خير سيده بين إسلامه وفدائه بدية الحر العمد والأنثى تقتل بالأنثى والذكر بالذكر يقتل بالأنثى وتخصيص الآية بالمساوي قال مالك: أحسن ماسمعت في هذه الآية أنه يراد بها الجنس أي جنس الحر والذكر والأنثى فيه سواء، وأعاد ذكر الأنثى تأكيدا لرد ماكان يفعله الجاهلية من عدم القود فيها ثم قال الحق جل جلاله:] فمن عفي له [من دم] أخيه شيء [ولو قل فقد سقط القتل فالواجب اتباع القاتل بالدية بالمعروف من غير تعنيف ولا تعنيت وأداء من القاتل بإحسان من غير مطل ولا بخس ذلك الذي شرعت لكم من أمر العفو والدية تخفيف من ربكم ورحمة بكم. ([141])
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن دعوة أهل التصوف إلى ترك الجهاد وسائر العبادات يفيض علينا مفسرنا ببعض فيوضاته في تفسيره لقوله تعالى] كتب عليكم القتال [([142])
فيصف القتال بأنه جهاد أصغر وأن مجاهدة النفس جهاد أكبر ويبين أن المراد هو تجلي الحق لهم وهذا هو ثمرة الجهاد الأكبر.
وبقول: أما الجهاد الأصغر فلا يحصل شيئا من هذا، فلذلك كان مفضولا عند أهل الجهاد الأكبر فيتركونه لما هو أرجح منه كما قال الششتري t :
دع السيف والسبحة والسجاد واعقد سكيرة من خمرة الإفراد ([143])
وربما تعرض لشيء من الأصول ومن ذلك:
كلامة عن تأخير البيان عن وقت الحاجة والفرق بينه وبين تأخير البيان لوقت الحاجة. ([144])
وقال عند قوله تعالى] وإذ قتلتم نفسا [([145])
واستدلت المالكية بالقصة على التدمية الحمراء وهي قبول قول القتيل قبل موته بأن فلانا قتله، وفيه نظر لأن هذا حيي بعد موته فلا يتطرقه الكذب، واستدلت أيضا على حرمان القاتل من الإرث، وفيه نظر لأن هذه شريعة من قبلنا يطرقها النسخ لكن ثبت في الحديث أنه لا يرث. ([146])
ومن كلامه في النسخ قوله في آية الوصية:
وهذه الآية منسوخة في وصية الوالدين محكمة في الأقربين غير الوارثين، فإذا كان
الوالدين غير وارثين كالكافرين أو العبدين فهي محكمة. ([147])
وقوله:
والنسخ إنما يكون في الأوامر والنواهي دون الأخبار، لأنه يكون كذبا ومعنى النسخ انتهاء العمل بذلك الحكم، ونقل العباد من حكم إلى حكم لمصلحة فلم يلزم عليه البدء كما قالت اليهود – والنسخ عندنا ثلاثة أقسام: نسخ اللفظ والمعنى كما كان يقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم نسخ – ونسخ اللفظ دون المعنى كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ثم نسخ لفظه وبقي حكمه وهو الرجم – ونسخ المعنى دون اللفظ كآية السيف بعد الأمر بالمهادنة مع الكفار، والله تعالى أعلم. ([148])
حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:
لا يتعرض لشيء من ذلك سوى الفلسفة وهي فلسفة التصوف الكامنة في كلام ابن عربي وابن الفارض ونحوهما وقد قدمنا شيئا من ذلك عند الحديث عن موقف المصنف من العقيدة وسوف يأتي تكميل لنفس الموضوع في الفقرة التالية.
ثاني عشر: موقفه من المواعظ والآداب:
نظرا لكون الكتاب صوفي إشاري فإنه يتضمن شيئا من الزهديات والوعظ مع مايحمل في طياته من انحراف منهجي واضح ولذا فسوف أتكلم في هذه الفقرة عن صوفيات هذا التفسير ومظاهر انحرافه.
فمن الصوفبات التي أقحمها المصنف في تفسير الظاهر على الرغم من كون ذلك مخالفا لمنهجه الذي ذكره قوله:
] اهدنا الصراط المستقيم [([149]) فإن قلت: إذا كان العبد ذاهبا على هذا المنهاج المستقيم، فكيف يطلب ماهو حاصل؟ فالجواب: أنه طلب التثبت على ماهو حاصل، والإرشاد إلى ماهو ليس بحاصل، فأهل مقام الإسلام الذي هو حاصل، يطليون الترقي إلى مقام الإيمان الذي ليس بحاصل، على طريق الصوفية الذين يخصون العمل الظاهر بمقام الإسلام، والعمل الباطن بمقام الإيمان، وأهل الإيمان يطلبون الثبات على الإيمان الذي هو حاصل، والترقي إلى مقام الإحسان الذي ليس بحاصل، وأهل مقام الإحسان يطلبون الثبات على الإحسان والترقي إلى مالا نهاية له من كشوفات العرفان] وفوق كل ذي علم عليم [([150]) وقال الشيخ أبو العباس المرسي t : ] اهدنا الصراط المستقيم [بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد بما ليس بحاصل. ثم قال: عموم المؤمنين يقولون اهدنا الصراط المستقيم أي بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد لما ليس بحاصل، فإنه حصل لهم التوحيد، وفاتهم درجات الصالحين والصالحون يقولون:] اهدنا الصراط المستقيم [معناه نسألك التثبت فيما هو حاصل، والإرشاد إلى ماليس بحاصل فإنهم حصل لهم الصلاح وفاتهم درجات الشهداء. والشهداء يقولون:] اهدنا الصراط المستقيم [أى بالتثبت فيما هو حاصل، والإرشاد ماليس بحاصل، فإنهم حصلت لهم الشهادة، وفاتهم درجات الصديقين. والصديقون يقولون:] اهدنا الصراط المستقيم [أي بالتثبت فيما هو حاصل والإرشاد إلى ماليس بحاصل، فإنهم حصل لهم درجات الصديقين، وفاتهم درجات القطب. والقطب يقول:] اهدنا الصراط المستقيم [بالتثبت فيما هو حاصل، والإرشاد إلى ماليس بحاصل، فإنه حصل له رتبة القطبانية وفاته علم ما
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا شاء الله أن يطلعه عليه.
وليت شعري في أي آية في كتاب الله ذكرت درجة القطب هذه أم في أي حدبث صحبح؟ وليس بعد الصديقين إلا الأنبياء، وهل كان أبو بكر قطبا أم كان عمر أم عثمان أم علي؟ وهل أخفى ذلك عنا رسول الله r أم الصحابة رضي الله عنهم؟
ويقول:
والشكر على ثلاث درجات: درجة العوام الشكر على النعم ودرجة الخواص الشكر على النعم والنقم وعلى كل حال، ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن رؤية النعم بمشاهدة المنعم. قال رجل لإبراهيم بن أدهم t : الفقراء إذا أعطوا شكروا، وإذا منعوا صبروا، فقال إبراهيم: هذه أخلاق الكلاب ولكن القوم إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا.
وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام منزل الكتاب؟ قال تعالى] الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وأنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [([151]) وقال:] والصابرين على ماأصابهم [([152]) وقال:] والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون [([153]) وقال] واصبر على ماأصابك إن ذلك من عزم الأمور [([154]) ولم يقل: شكروا، والشاكرين، واشكر!!
وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام الذي أنزل عليه الكتاب من رب الأرباب؟ يقول النبي r : “ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له”. ([155])
فهل هو مؤمن بنص حديث رسول الله r : أم كلب من الكلاب بنص ... ؟
ولاشك أن هذا منهج سلوكي مصادم للفطرة، فإن الذي يشكر على المصيبة إنسان غير سوي، ويتضمن هذا الكلام نفي أصل العبادة وأمها وهو الدعاء لأن الذي يشكر على المصاب كيف يدعو برفعه؟ وفي ذلك حط من شأن الأنبياء الذين جابهوا المصائب بالدعاء بكشفها لا بالشكر عليها، وهذا التنطع معارضة للشريعة السمحة التي أعطت كل ذي حق حقه.
أما الإيثار فهو من دلائل الشكر على النعمة فليس ثمة تعارض أصلا.
وأما إشارياته فنتركها تتحدث عن نفسها وهي جلها منصبة على أهل خصوصية والمنكرين عليهم من أهل العلم أو العوام فهو يجعل فريق المؤمنين يراد به أهل الخصوصية وفريق الكافرين أو المنافقين يراد به أهل العلم أو عوام الناس. ([156])
وقد صرح بذلك في قوله:
اعلم أن قاعدة تفسير أهل الإشارة هي أن كل عقاب توجه لمن ترك طريق الإيمان وأنكر على أهله، يتوجه مثله لمن ترك طريق مقام الإحسان وأنكر على أهله وكل وعيد توعد به أهل الكفر حسي بدني، وعذاب أهل الحجاب معنوي قلبي، فنقول فيمن رضي بعيبه، وأقام على مرض قلبه، وأنكر الأطباء ووجود أهل التربية: بئسما اشتروا به أنفسهم وهو كفرهم بما أنزل الله من الخصوصية على قلوب أوليائه بغيا وحسدا، أو جهلا وسوء ظن أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب الحجاب على غضب البعد والارتياب، أو بغضب سقم القلوب، على غضب الإصرار على المساويء والعيوب من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصرا على الكبائر وهو لا يشعر كما قال الشاذلي t ولا يصح يتغلغل فيه إلا بصحبة أهله وللكافرين بالخصوصية عذاب الطمع وسجن الأكوان وهما شجرتا الذل والهوان، وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله من أسرار الحقيقة وأنوار الطريقة، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا من ظواهر الشريعة، ويكفرون بما وراءه من أسرار ككشف أسرار الذات، وأنوار الصفات. ([157])
أقول: وقد شابه هؤلاء في منهجهم ذلك الرافضة الذين جعلوا كل آية ذم في أبي بكر وعمر والصحابة رضوان الله عليهم، وكل آية ثناء في علي وآل البيت، فبئس الشبيه وبئس المشبه به.
قال:
والأحسن أن يقال:] غير المغضوب عليهم [([158]) هم الذين أوقف بهم عن السير أتباع الحظوظ والشهوات، فأوقعتهم في مهاوي العصيان والمخالفات] ولا الضالين [الذين حبسهم الجهل والتقليد، فلم تنفذ بصائرهم إلى إخلاص التوحيد، فنكصوا عن توحيد العيان إلى توحيد الدليل والبرهان، وهو ضلال عند أهل الشهود والعيان، ولو بلغ في الصلاح غاية.
وما أسوأ أحسنه!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول في قوله:] سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [([159]): فسبحان من حجب العالمين بصلاحهم عن مصلحهم، وحجب العلماء بعلمهم عن معلومهم، واختص قوما بنفوذ غرائبهم إلى مشاهدة ذات محبوبهم، فهم في رياض ملوكته يتنزهون، وفي بحار جبروته يسبحون] لمثل هذا فليعمل العاملون [([160]).
ويقول في قوله:] وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون [([161]) وإذا قيل لمن يشتغل بالتعويق عن طريق الله، والإنكار على أولياء الله: أقصر من هذا الإفساد، وارجع عن هذا الغي والعناد، فقد ظهرت معالم الإرشاد لأهل المحبة والوداد، قال: إنما أنا مصلح ناصح، وفي أحوالي كلها صالح، يقول الحق جل جلاله: بل أفسدت قلوب عبادي. ورددتهم عن طريق محبتي وودادي، وعوقتهم عن دخول حضرتي، وحضرتهم شهود ذاتي وصفاتي، سددت بأحبائي، آيستهم من وجود التربية، وتحكمت على القدرة الأزلية، ولكنك لا تشعر بما أنت فيه من البلية،ولقد صدق من سبقت له العناية، وأتحف بالرعاية والهداية حيث يقول:
فهذه طريقة الإشراق كانت وتبقى ما الوجود باق
وأنكروه ملأ عوام لم يفهموا مقصوده فهاموا
فتب أيها المنكر قبل الفوات واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات لئلا تلقي الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله الحظ الأوفر في الدنيا والآخرة، آمين. ([162])
ويقول:
اعلم أن كثيرا من الناس يعتمدون على صحبة الأولياء، ويطلقون عنان أنفسهم في المعاصي والشهوات، ويقولون:سمعنا من سيدي فلان يقول: من رآنا لا تمسه النار، وهذا غلط وغرور، وقد قال عليه السلام لبنته: يافاطمة بنت محمد، لا أغنى عنك من الله شيئا، اشتري نفسك من الله، وقال للذي قال: ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال له: أعني على نفسك بكثرة السجود. نعم هذه المقالة إن صدرت من ولي متمكن مع الله فهي حق، لكن بشرط العمل ممن رآه بالمأمورات، وترك المحرمات، فإن المأمول من فضل الله ببركة أوليائه، أن يستقبل الله منه أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته، فإن الولياء المتمكنين اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده، وهو أن من تعلق بهم وتمسك بالشريعة شفعوا فيه والغالب على من صحب الأولياء المتمكنين الحفظ وعدم الإصرار، فمن كان كذلك لا تمسه النار، وفي الحديث إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب – يعني يلهم التوبة سريعا كما قيل لأهل بدر: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وقال في القصد: يبلغ الولي مبلغا يقال له: أصحبناك السلامة، وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ما شئت، ومصداقه قوله تعالى في حق سليمان عليه السلام:] هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب [([163]) هذا إن كان نبيا لأجل العصمة، فمن كان من الأولياء في مقام الإمامة قسط من أجل الحفظ، والله تعالى أعلم، ولا يتخذ عند الله العهد إلا أهل الفناء والبقاء، لأنهم بالله فيما يقولون، فليس لهم عند نفسهم إخبار، ولا مع الله قرار. ([164])
وأقول: سبحان الله! ما هذه الجرأة الوقحة التي توصل صاحبها إلى أن يقول: من رآنا لاتمسه النار.
ولا أظن رجلا صالحا فضلا عن ولي لله بقول: من رآني لاتمسه النار، بل لايقول ذلك إلا فاسق جريء على ربه وقد وصف الله عباده الصالحين بقوله] إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون [([165]) ... إلى أن قال:] والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون [([166]) وقال:] فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون [([167]) وكان أبو بكر الصديق سيد الأولياء والعارفين يقول: لو أن إحدى قدمي بالجنة والأخرى خارجها ماأمنت مكر الله. وكان سميه عمر يقول: لو نادى مناد يوم القيامة أن ادخلوا جميعا الجنة إلا واحدا لفرقت أن أكون هو. بل إن سيد الخلق r قال: “والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي” ([168]). وهو مصداق لقوله تعالى] وما أدري مايفعل بي ولا يكم [([169])
وقد غفل صاحبنا عن مصيبة وليه واشتغل بالمريد المسكين الملبس عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليت شعري من الذي يقول للولي: أصحبناك السلامة وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ماشئت أهو رسول موحى إليه مثل الذي قال لأهل بدر ماقال؟ أم أنه هو عين القائل لسليمان] فامنن أو أمسك بغير حساب [([170]) وما أظن الذي قال للولي المزعوم ذلك إلا إبليس عليه لعنة الله.
ومن إشارته النادرة المقبولة لا لكونها تفسيرا إشاريا إنما لكونها يشملها عموم اللفظ قوله تحت آية] أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم [([171]):
كل من أشار إلى مقام لم يبلغ قدمه إليه، فهذا التوبيخ متوجه إليه وكل من ذكر غيره بعيب لم يتخلص منه، قيل له: أتأمر الناس بالبر وتنسى نفسك خالية منه، فلا يسلم من توبيخ هذه الآية إلا النادر في الصفاء والوفاء. قال البيضاوي: المراد بها حث الواعظ على تزكية النفس، والإقبال عليها بالتكميل ليقوم فيقيم غيره، لا منع الفاسق عن الوعظ، فإن الإخلال بأحد الأمرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالآخر فانظر. وتأمل قول القائل:
ياأيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذى السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا نصحا وأنت من الرشاد عديم
ابدأ بنفسك فإنهما عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم ([172])
وأردف هذه الإشارة بإشارة أخرى وبدون تعليق إلا أن أقول: اشتهر عن هذه الطائفة قولهم: إذا رأيت شيخك على فاحشة فظن به خيرا، وقد ذكر صاحب سلوة الأنفاس فيما ذكر من الكرامات أن فلانا من الأولياء كان يفعل في حمارة في الطريق فقيل له في ذلك فقال: أصلح السفينة ... ويسوق القصة التي تدلل على إصلاح سفينة معطلة في عرض البحر فجأة بعد أن أعيت أصحابها في نفس اللحظة الجنسية الشاذة. ([173])
قال مفسرنا تحت قوله] أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم [([174]) بعد أن قرر عدم جواز حل المريد عقدته مع شيخه لينتقل إلى شيخ آخر: وصحب تلميذ شيخا فرآه يوما قد زنا بامرأة!! فلم يتغير من خدمته، ولا أخل في شيء من مرسومات شيخه، ولا ظهر منه نقص احترامه وقد عرف الشيخ أنه رآه فقال له يوما: يابني قد عرفت أنك رأيتني حين فسقت بتلك المرأة!! وكنت أنتظر فراقك عني من أجل ذلك فقال له التلميذ: ياسيدي إن الإنسان معرض لمجاري أقدار الله عليه، وإني من الوقت الذي دخلت فيه إلى خدمتك ما خدمتك على أنك معصوم وإنما خدمتك على أنك عارف بكيفية السلوك عليه الذي هو طلبي وكونك تعصي شيء بينك وبين الله عز وجل لا يرجع شيء من ذلك علي، فما وقع منك ياسيدي شيء يوجب نفاري وزوالي عنك وهذا هو عقدي فقال له الشيخ: هكذا وإلا فلا، فربح ذلك التلميذ وجاء منه ماتقر به العين من حسن الحال وعلو المقام. ([175])
ومن الفوائد التي تضمنها التفسير وهي استطراد منه على كل حال قوله:
] وبشر الصابرين [([176]) قال ابن جزي: فائدة ورد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعا وذلك لعظم موقفه في الدين قال بعض العلماء كل الحسنات لها أجر معلوم إلا الصبر فإنه لا يحصر أجره لقوله تعالى:] إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [([177]) وذكر الله للصابرين ثمان من الكرامات …فذكرها ([178]).
-----------
([1]) تقدمت ترجمته في أهل المنطقة برقم 38
([2]) آل عمران:190
([3]) ص4 - 5
([4]) ص12،14،23،53،91.
([5]) ص12،18، 36،75، 112،116.
([6]) ص38،41،54.
([7]) ص51.
([8]) ص53.
([9]) ص56.
([10]) ص56.
([11]) ص78،92،133.
([12]) ص85.
([13]) ص10،85.
([14]) ص90.
([15]) ص132.
([16]) ص133.
([17]) ص134.
([18]) 18،175.
([19]) ص23.
([20]) ص137.
([21]) ص5،6.
([22]) ص8.
([23]) ص8،11، 97، 110، 115، 118، 137.
([24]) ص6
([25]) ص7،،12،127.
([26]) ص112.
([27]) ص 152.
([28]) ص157، 177.
([29]) ص 152.
([30]) ص153.
([31]) ص7.
([32]) ص68.
([33]) ص20.
([34]) ص154.
([35]) ص155.
([36]) الفاتحة:2
([37]) ص10
([38]) الزمر:65 - 66
([39]) الأنعام:90
([40]) الحج:56
([41]) الإنفطار:19
([42]) ص10
([43]) ص17
([44]) البقرة:1
([45]) القيامة:18
([46]) ص20،21،22،23
([47]) الشورى:11
([48]) انظر ترجمته وماجاء فيها في الطبقات الكبرى ص595
(يُتْبَعُ)
(/)
([49]) انظر ترجمته وماجاء فيها في الطبقات الكبرى ص606 - 607
([50]) البقرة:118
([51]) ص100.
([52]) ص101.
([53]) ص156.
([54]) البقرة:163
([55]) ص131.
([56]) انظر كمثال: ص8،9، 12،13،28،29.
([57]) البقرة:30
([58]) ص40.
([59]) ص97.
([60]) ص98
([61]) البقرة:143
([62]) ص116.
([63]) الفاتحة:4
([64]) ص12.
([65]) ص24
([66]) البقرة:37
([67]) ص43، الأعراف:23
([68]) ص19.
([69]) ص92. والحديث أخرجه الترمذي (وهو غير الحكيم) – كتاب الأمثال 5/ 152 بنحوه عن أنس وقال: حسن غريب. وأما حديث ابن عمر فهو عند الطبراني وانظر (المقاصد الحسنة رقم997)
[70]) البقرة:178
([71]) سبق تخريجه.
([72]) الحديث أخرجه الحكيم الترمذي عن أنس بلفظ: “أفضلكم الذين إذا …” وقال الألباني: ضعيف (ضعيف الجامع رقم1148). وانظر أيضا ص65، 126.
([73]) انظر ص131.
([74]) ص70،81،83، 138، 142، 143، 179.
[75]) أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 270، وذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/ 169
([76]) أخرجه السيوطي في اللآلئ المصنوعة 2/ 212 ونقل عن ابن المبارك قوله لما سئل عنه: لا ولا على لسان نبي واحد وإنه لمؤذ ينفخ.
([77]) ص19، 32، 59، 120، 152.
([78]) ص56.
([79]) وانظر: ص 29،84، 89، 93،95، 138، 152، 153، 157،158، 179.
([80]) أخرجه ابن حبان 2/ 109 والعقيلي في الضعفاء 2/ 6 وله شواهد وقد صححه ابن حبان. وانظر موسوعة فضائل سور وآيات القرآن 1/ 106 - 109
([81]) سبق تخريجه.
([82]) الفاتحة:4
([83]) ص10، وانظر أيضا ص 32،81، 107،137.
([84]) ص 146،147.
([85]) ص166.
([86]) ص96.
([87]) ص 108.
([88]) ص88.
([89]) ص 137.
([90]) البقرة:217
([91]) آل عمران:121
([92]) ص322 - 325، 332 - 336،341 - 343
([93]) وانظر في الإسرائيليات أيضا ص39، 112.
([94]) ص8.
([95]) ص9.
([96]) ص87.
([97]) ص88.
([98]) البقرة:35
([99]) ص42.
([100]) ص50.
([101]) ص29.
([102]) ص6.
([103]) ص7.
([104]) الفاتحة:1
([105]) ص6.
([106]) البقرة:6
([107]) البقرة:7
([108]) البقرة:17
([109]) ص31.
([110]) انظر ص136، 140.
([111]) ص7.
([112]) ص23.
([113]) وفي استدلاله بالشعر على معاني الكلمات: انظر 135، 152. وانظر أيضا في الشعر ص 17،34، 48.
([114]) ص58.
([115]) ص7.
([116]) الفاتحة:4
([117]) ص10.
([118]) يونس:22
([119]) فاطر:9
([120]) ص12.
([121]) وانظر في القراءات أيضا ص104، 135، 137، 140، 148، 179.
([122]) ص6.
([123]) ص8.
([124]) ص83.
([125]) البقرة:125
([126]) مريم:35
([127]) ص99.
([128]) ص6.
([129]) ص5.
([130]) البقرة:184
([131]) 148 - 149.
([132]) البقرة:185
([133]) 149.
([134]) البقرة:191
([135]) ص158.
([136]) البقرة:196
([137]) ص160.
([138]) البقرة:219
([139]) ص179.
([140]) البقرة:178
([141]) ص145.
([142]) البقرة:216
([143]) ص177.
([144]) ص 152.
([145]) البقرة:72
([146]) ص64.
([147]) ص147.
([148]) ص91.
([149]) الفاتحة:6
([150]) يوسف:76
([151]) البقرة:156 - 157
([152]) الحج:35
([153]) البقرة:177
([154]) لقمان:17
([155]) أخرجه مسلم – كتاب الزهد والرقائق – باب المؤمن أمره كله خير 4/ 2295 عن صهيب مرفوعا.
([156]) انظر كمثال ص29،30،33،68،69،77،79،90، 120،172.
([157]) ص78.
([158]) الفاتحة:7
([159]) البقرة:6
([160]) الصافات:61
([161]) البقرة:11
([162]) ص27.
([163]) ص:39
([164]) ص70.
([165]) المؤمنون:57
([166]) المؤمنون:60
([167]) الأعراف:99
([168]) أخرجه البخاري – كتاب مناقب الأنصار – باب مقدم النبي r وأصحابه المدينة 7/ 264 عن أم العلاء.
([169]) الأحقاف:9
([170]) ص:39
([171]) البقرة:44
([172]) ص47.
([173]) ذكر الشعراني نحو هذه القصة بدون سفينة ثم قال: وقد أخبرت عنه سيدي محمد عنان رضي الله عنه فقال: هؤلاء يخيلون للناس هذه الأفعال وليس لها حقيقة. انظر الطبقات الكبرى ص607
([174]) البقرة:100
([175]) ص85.
([176]) البقرة:155
([177]) الزمر:10
([178]) ص127.(/)
تساؤلات حول موضوع (الحوار في القرآن)
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[22 Oct 2005, 10:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المشائخ والأساتذة الأفاضل رواد هذا الملتقى العلمي ...... بارك الله فيهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
أرادت إحدى الأخوات تقديم بحث يتعلق ببعض جوانب الحوار القرآني, ودراستها من ناحية تربوية.
لكن استوقفتها بعض الأسئلة التي هي بأمس الحاجة للجواب عنها لما يترتب على ذلك من تحديد مسار البحث وخطته.
ومن هذه الأسئلة:
1 ـ إذا علمنا التعريف اللغوي للحوار وأنه مأخوذ من المحاورة والمراجعة. فهل النصوص القرآنية التي اشتملت على ردٍّ واحدٍ فقط تدخل تحت مسمى الحوار؟ أو لابد حتى تصح التسمية أن يكون هناك أكثر من ردٍّ؟
مثال الرد الواحد: قول إبراهيم عليه السلام (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ... ) الآية, فكان جواب إسماعيل عليه السلام: (يا أبت افعل ما تؤمر ... ). فهل يمكن دراسة هذا المثال على أنه حوار قرآني؟
2 ـ في بعض القصص القرآني اختصار في السياق, فهل يمكن اعتبار هذه الآية (وقالت لأخته قصيه) حواراً على تقديرنا للرد بامتثال الأمر , واستجابتها لطلب الأم؟
أو بمعنى آخر: النصوص التي جاء الرد فيها مقدراً بامتثال الأمر والاستجابة للطلب , من دون ردٍّ قولي , فهل تعتبر من الحوار؟
ثم أتمنى من الإخوة أن يمدوني بأفضل الكتب التي تحدثت عن الحوار في القرآن من ناحية تأصيلية أو تطبيقية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:33 م]ـ
كتبت في الموضوع كتب متفاوتة، منها رسائل علمية جامعية، وهي مطبوعة. وقد تناولت الجانب التربوي فيه، ولكن لست على يقين من استيعابها لجوانبه التربوية. وأما إدخال مثل الأمثلة التي تفضلتم بها في الحوار، فقد يتجوز في ذلك من باب استكمال جميع الآيات التي تعرضت للموضوع ولو من بعيد، وهذا شأن كثير من دراسات التفسير الموضوعي، وإن كان قد يختلف مع هذه الطريقة عدد من الباحثين النقاد. ومعذرة على عدم ذكر عناوين الكتب فليست بين يدي الآن، ولكنها قريبة. وأذكر منها كتاب شيخي الأستاذ الدكتور زاهر بن عواض الألمعي (مناهج الجدل في القرآن الكريم) وهو رسالته للدكتوراه قبل حوالي أربعين عاماً، وهو حول موضوع الحوار وإن لم يكن به.(/)
مشروع خدمي لترجمة معاني القرآن الكريم
ـ[الزهري للبرمجيات]ــــــــ[23 Oct 2005, 07:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخواة الكرام
نحن نعمل في برنامج قرآن كريم موجه لغير الناطقين بالعربية وكذلك للناطقين بالعربية
إنتهينا حتى الآن من اللغات التالية الإنجليزية - الفرنسية - الألمانية - الماليزية - الأردية - الفارسية
فرجاء من يتقن لغة غير هذه اللغات يحمل الملف التالي ويترجمة (هو يحتوي على 120 عبارة وكلمة) نرغب في ترجمتها ويذكر لنا أي لغة يترجم لها.
حتى يتم عمل واجه إستخدام لهذه اللغة
نحن نحتاج حالياً لمترجمين
لغة إيطالي - أسباني - تايواني - صيني - ياباني - هولندي - روسي .... الخ
ولكم جزيل الشكر
www.elzohry.net
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 02:25 م]ـ
بارك الله في عملكم، ورزقكم التوفيق. ولا بد من أخذ الحيطة والحذر، واستشارة أهل الاختصاص والمعرفة بهذه اللغات، حتى لا يقع خطأ في ترجمة معنى من معاني القرآن وفقكم الله وسدد خطاكم.
ـ[الزهري للبرمجيات]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:08 ص]ـ
بارك الله فيك يا دكتور عبد الرحمن على نصحك وردك ...
أحب أن أوضح أنا لا أقصد ترجمة معاني القرآن الكريم إنما ترجمة واجهة البرنامج وهي جمل وكلمات مثل بحث - تفسير - سابق - تالي - هل ترغب في الخروج من البرنامج - عن البرنامج - القرآن الكريم - آية - سورة - حزب - تلاوة ومثل هذه العبارات.حمل ملف الكلمات والجمل المراد ترجمتها ( http://www.elzohry.net/quranwords.zip)
ولكم جزيل الشكر
أما بخصوص التفسير فأعمل على تفسير معاني القرآن الذي قام به مجمع الملك فهد ...
ولكم جزيل الشكر
مرفق طيه الكلمات المراد ترجمتها على العموم حتى تتضح الصورة.(/)
سؤال عن توجيه إثبات الإيمان للشخص مع الحكم بنفاقه؟
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[24 Oct 2005, 10:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم .. والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ...
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..
فى قوله تعالى:
"وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ {65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ {66} الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {67" ..
هناك أمر ما لا أفهمه فى تلك الآيات المباركات ..
تلك الآيات تتحدث عن المنافقين .. والمنافق هو الذى يبطن الكفرويظهر الإيمان ...
بينما يخبرنا ربنا تبارك وتعالى عنهم قائلا " قد كفرتم بعد إيمانكم " فكيف إذا أنهم كانوا مؤمنين؟؟ بينما هم منافقون؟؟؟
أرجو الإفادة ... وجزاكم الله عنى خيرا كثيرا ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
فى رحاب الله ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Oct 2005, 02:17 م]ـ
الذي يظهر في أمر المنافقين أنهم أنواع:
النوع الأول: من يبطن الكفر ويظهر الإسلام ابتداءً، وهذا هو المشهور بين الناس في تعريف المنافق.
النوع الثاني: المتردد المتحيَّر، فهو يؤمن، ثم يكفر، وذلك حسب ما يلوح له من بوارق الإيمان، أو ما يطغى عليه من تكاثر ظلمات الكفر في قلبه، فهو في شك وتردد، لا يكاد يستقر على حال، فهذا تراه يؤمن مرة، ويكفر مرة، ويدل على هذه الحالة الآيات المذكورة في النفاق في سورة النساء، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا).
ويدل عليه أيضا ما ورد في سورة المنافقين من قوله تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ).
وهذا النوع هو احد انواع النفاق التي ضرب فيه المثل المذكور في سورة البفرة، وهو قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح صواب]ــــــــ[25 Oct 2005, 01:17 ص]ـ
أكتفي بنقل بعض أقوال المفسرين في المراد بالآية ...
قال الفخر الرازي: "ولقائل أن يقول: القوم لما كانوا منافقين فكيف يصح وصفهم بذلك؟
قلنا: قال الحسن: المراد كفرتم بعد إيمانكم الذي أظهرتموه، وقال آخرون: ظهر كفركم للمؤمنين بعد أن كنتم عندهم مسلمين، والقولان متقاربان". اهـ.
وقال الزمخشري: "فإن قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، فما معنى قوله: (ثم كفروا ثم ... ) قلت فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: آمنوا أي نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات، ونحوه قوله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) أي: وظهر كفرهم بعد أن أسلموا، ونحوه قوله تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
والثاني: (آمنوا) أي نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى: (وإذا لقوا الذين ءامنوا) إلى قوله تعالى: (إنما نحن).
والثالث أن يراد أهل الردة منهم.
وقال ابن عطية رحمه الله: "ثم حكم عليهم بالكفر فقال لهم: (قد كفرتم بعد إيمانكم) الذي زعمتموه ونطقتم به.
وقال البغوي: "فإن قيل كيف قال: (أكفرتم بعد إيمانكم) وهم لم يكونوا مؤمنين؟ قيل معناه: أظهرتم الكفر بعدما أظهرتم الإيمان.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 Nov 2005, 01:02 ص]ـ
ألا يمكن أن يقال أنهم كانوا مؤمنين ثم كفروا باستهزائهم واستمروا بإظهار الإسلام فصحت تسميتهم بالمنافقين
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[04 Nov 2005, 03:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا وجعله فى ميزان حسناتكم ..(/)
السلام عليكم من يجيب على هذا الاستفسار بارك الله فيكم
ـ[رصد]ــــــــ[25 Oct 2005, 05:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني لدي استفسار حيث طرح هذا الامر احد المخالفين فقال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي استسفار عن معلومة بارك الله فيك
سمعت احدهم قال
انظر إلى شيوخ السلفية كيف يقرؤون قوله تعالى: (إنَّ الإنسان لفي خسر).
فهم يغنون نون (إن) ونون (الإنسان) بمقدار حركتين، كما أنهم يخفون نون الإنسان، وهذه كلها أغلاط في القراءة.
فالصحيح هو قراءة نوني (إنَّ) و (الإنسان) من دون حاجة إلى أن تغن بمقدار حركتين، وكذلك يلزم إظهار النون في الإنسان لا أخفاؤها.
فما هو الرد بارك الله فيكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Oct 2005, 06:20 م]ـ
أخي الكريم
أكلما صرخ صارخ وقفت تنظر ما يقول، ثم ترد عليه؟!
إذا لن تتحرك من مكانك، وهذا الكلام الذي تذكره عن المخالف كلام من لا يعلم في التجويد قيد أنملة.
ثم متى كانت القراءة مرتبطة بالسلفية، ألا نتقي الله ونرجع إلى ما أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونترك هذه الألقاب التي جعلناها موطن ولاء وبراء.
إن عندنا أوصافًا من طبقها كان متبعًا، ومن خالفها كان مبتدعًا، وهذه الأوصاف إنما تؤخذ عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وليس هذا الاتباع حكرًا على قوم دون قوم من أجل مسميات يتسمون بها، وإني لأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، والبعد عن الغي والعناد.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[25 Oct 2005, 06:36 م]ـ
الرجاء المعذرة فلست مخولا بالرد على مثل هذا الاستفسار، ففي هذا الملتقى من هم أهل لمثل نسفه أو إقراره.
لكن لدي أمر واحد أبت شفتاي إلا تحدثا به، ألا وهو: هل يلزمنا الرد على كل قول، أو مناظرة كل مبطل؟ خاصة عندما يكون قوله عاطلا من دليل أو شبهة لبس على فكره بها.
أما محدثك فخطأ السلفية وشيوخ السلفية وأهل السنة أحب إليه من صواب غيرهم ـ على حد قول بعضهم ـ ولم أتلق هذه الآية إلا على هذا الوجه من القرآء ة.
ولعل أهل الاختصاص يبينون لنا ولكم.(/)
افتراع المعاني (مقالة مهداة إلى المشرف العام بمناسبة حصوله على الدكتوراه)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[25 Oct 2005, 06:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وآله وسلم وبعد
فإن العلم نور من الله يهبه لمن يشاء من عباده المؤمنين، ولاشك أن من أشرف العلوم علوم كتابه تعالى لشرف المعلوم، وكم يغبط من فتح الله عليه في باب التفسير وفهم كلام العزيز الخبير، فمع كثرة كتب التفسير وتنوع أساليبها، إلا أن الكتب التي تقرأ فيها وتشعر أنك تقرأ تفسير كلام الله قليلة جدا، ومن يكتب في بيان علوم هذا العلم ويقربها للناس ويحاول تجديد ما درس من رسومها أقل من القليل، ولاحول ولا قوة إلا بالله.
ومن نعم الله علينا التي يكل الذهن عن تصورها وحصرها، نعمة الحاسوب وهذه الشبكة العنكبوتية التي تقرب لك البعيد، وتدنيك من الشارد الغريب، فتتناول أي كتاب أردته في أي مكان عرفته أو لم تعرفه بنقرة صغيرة من أنملة ضعيفة في أقل من طرفة عين، لا أقول فواق ناقة أو ناقتين.
فسبحان الله العظيم، والحمد لله رب العالمين، حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيد فضله، على ما سخره لنا، ووهبه وفتح به على الناس، ولكن أكثر الناس لايشكرون.
أرأيتم هذا الملتقى العلمي وغيره من المنتديات والملتقيات، وكيف تكتب فيها ماشئت في أي ساعة أردت، دون حاجة لحبر أو قرطاس، أو ناسخ أو ناشر، يوم كانت الناس تفتقد اللخاف والكاغد، والجلد والعظم، لتسطير كلامها، ورصف منثورها و منظومها، اللهم إني لنعمك من المقرين فاجعلني بمنك لها من الشاكرين، وجنبني مزالق الطلبة والكاتبين.
لقد انتفعت كما انتفع سواي بكثير مما يكتب في هذا الملتقى، من علماء فضلاء، وأدباء نبلاء، فأراه كل يوم ينمو ويكبر، عهدي به في المهد رضيعا ففطيماً، وإذ به مع الأيام يافعاً حزوَّراً، وقريبا يبلغ الأشد، وتكثر فيه الأسد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ومع هذا كله فإني أرى أقلاماً تريد أن تشب عن الطوق، وتتزبب قبل أن تتحصرم، وتخترع الرأي الفطيرَ، والكلام المبتسر، وإنه لأمر جلل مع كلام الله رب العالمين.
سمعنا عن فقهاء قالوا بما لم يقل به قبلهم أحد من العالمين، فما هالنا الأمر وما استعظمناه لما للرأي من مجال واسع ومسلك وعر تزل فيه الأقدام، وتتفاوت فيه القرائح والأفهام، فكم من رأي إذا سمعته طنت منك الأذنان وقلس الخاطر وانقبضت الوجنتان، كقول من قال بوجوب غسل السواد والبياض من العينين، وجواز أكل الثلج للصائم لأنه ليس أحد المطعومين، وجواز سماع المعازف وطرق الدف باليدين ... ، ثم لا تتمالك إلا أن تترحم على القائل وتستغفر له.
وقد نقبل هذا من محدث نحرير يضعف ماصححه البخاري أو يصحح ما ضعفه أبو زرعة الرازي، نعم ... فمازال مجال التصحيح والتضعيف ذا سعة، وإن خالف في هذا ابن الصلاح رحمه الله ومن معه، فالأمر لم يصل بعد للتعرض للوحين، وإنما كان هذا لتفوات النقل عن حال الراوي وما ينظر به كلا الفريقين، كما فعل الدارقطني رحمه الله، في إلزاما ته وتتبعا ته لما في الصحيحين.
وكم نطرب ونهتز لشاعر مفلق يفترع الأبكار من المعاني، ويصوغها لنا في أجمل المباني، ونأنس بهدير خطيب مصقع يحيي أصوا ت المنابر ويستحلب الدمع من المحاجر والمآقي، ونسعد بكاتب أو ناثر يوشي حديثه بخرائد الألفاظ وبديع المعاني.
مع أن الجم الغفير من النقاد لايعولون كثيرا على المعاني السائرة، أكثر من تعويلهم على ماصيغت فيه من حلل مبتكرة باهرة، وإليك ما قال أبوهلال رحمه الله في الصناعتين: (وليس الشأن في إيراد المعاني، لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي والقروي والبدوي، وإنما هو في جودة اللفظ وصفائه، وحسنه وبهائه، ونزاهته ونقائه، وكثرة طلاوته ومائه، مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أود النظم والتأليف، وليس يطلب من المعنى إلا أن يكون صوابا، ولايقنع من اللفظ بذلك حتى يكون على ما وصفناه من نعوته التي تقدمت) أهـ (1)
(يُتْبَعُ)
(/)
فأنت ترى في هذا النص من كلام العسكري رحمه الله، ومن قال بمثل قوله كالجاحظ من قبله، وهو رأي الجمهور من أهل البيان من بعده، أنهم في بابي النثر والشعر لا يعولون في النقد على المعنى أكثر من تعويلهم على اللفظ، وهي قضية محل بحث ودرس بين الأدباء من عصور متقدمة حتى يومنا هذا. (2)
وكم تطالعنا كتب التاريخ ودواوين الأدب وتحدثنا عن عزيز النظم ومنثور الكلم، فكم بنا بيت من الشعر بيوتا من مدر، وكم من حكمة أومثل سائر نثر الدر في جيب كثير من البشر، وكم أعتق به من الرقاب، واستنزلت به الكرام كما يستنزل القطر من السحاب،ولاتعجب ... ، فلربما نكست الأعلام بالأقلام وملكت الأصقاع بالرقاع.
وليس مرادي تقرير أي الرأيين أصوب في هذا الباب، إنما أردت أن أبين أن احتفال أهل اللسان بالمعاني لايعدل احتفالهم بجودة اللفظ وحسن سبكه ورصفه، فكيف يحفل من يحفل بالمعنى الخطير في تفسير آية، أو ابتكار معنى لها لم يسبق إليه؟.
لا ياسادة ياكرام، قد نقبل هذا في أي باب من أبواب العلم، أما مع كلام الله وتفسيره فلا وألف لا.
أترى الف عام مرت لاتفي بهذا؟، أم أن الأمة قد قصرت في تفسير كلام ربها وخالقها؟، لست مع الجمود وعدم التجديد في أي فن، فلايقول بهذا إلا بارد الطبع بليد الذهن، لكن أقول: أن كتاب الله ليس مجال التلاعب بالعبارات وتفخيم العناوين،أو سرور بسبق علمي في فهم مفردة أو تفسير آية، أومرتع للفكر في الكتابة واكتشاف المواهب الذهنية والقدرات العقلية واللسانية، لا أيه الإخوة الكرام.
فكلام الله يجب أن يصان عن مثل هذا، فلا يفرح بسبق علمي لغوي أوبلاغي أو نحوي تفسيري في كلام الله إلا من اختلط ذهنه وأيس منه أهله، ومن رام تجديدا في هذا قلنا له:
ماذا بعشك ياحمامة فادرجي!.
وقديما ذم تفسير القرآن بالرأي، فكيف بابتكار مالم يسمع به الرازي أو الزمخشري ومن على شاكلتهم، أو سار سيرتهم، اللهم إلا رجل أتانا على قوله بشاهد صدق وحجة دامغة أوسلطان مبين.
كم مرة تمر علي وأنا أفكر في توقف كبار الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، عن تفسير مفردة قرآنية، كما يذكر عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهل سائر الصحابة إلا من بعدهم، مع أنهم أهل القرآن واللسان، بل في اللسان يحتج بهم لا لهم، فما نزل القرآن إلا بلغتهم وعلى سمعهم، ودونك أول مفردة قرآنية في أي معجم لغوي، ستجد أنها خير شاهد لي على ما ذكرت.
وسار من بعدهم أئمة كبار هالهم الإقدام على أقل مما ترانا نهجم عليه اليوم هجوما، ونفتخر بفض خاتمه للناس، ودونكم إمام العربية وراوي أيامها وأشعارها عبد الملك بن قريب الأصمعي رحمه الله، مع دماثة خلقه ولين طبعه، واسترساله للمجالس ومخالطة الناس، إلا أن عجبك لا ينقضي إذا علمت أنه كان من أبعد الناس عن تفسير مفردة قرآنية، وهل المعاجم العربية إلا عالة على ما روي عنه في باب أخبار العرب وأيامها وأشعارها وكلامها، رحمه الله وبرد مضجعه.
ألا تقرأ ون يا قوم ترجمة هذا الحبر محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي رحمه الله، فما من آية في كتبا الله إلا وقد درسها على حدة، وما من آية إلا وقد جمع لها كل كلام من تقدم قبله من أهل التفسير، ثم ماذا؟.
هل أشتهر بقول فطير أو رأي تفسيري مبتسر، سبحانك ما علمنا هذا عنه، وما شهدنا إلا بما علمنا من تفسيره للقرآن بالقرآن، وخوفه من أن يشذ بما لم يعهد من قول مسبوق خطير الشأن، وأمثاله بحمد الله من أهل العلم في كل زمان.
فهلا حاسب كل كاتب نفسه في اختياره لعنوان مكتوبه، وهلا وقف مع نفسه قبل طرحه في هذه الصفحات وعلى مشهد من الناس فطيرمكنونه، وهلا حاسب نفسه قبل أن يتشدق بابتكاره لهذا المعنى أو ذاك، وبحث له عن إمام معتبر يستأنس به وإن كان قولا مرذولا منسيا، فربك يحي الموتى وهو على كل شئ قدير.
صدقوني ليست القضية هي النقد هنا، لكن القضية هي السؤال غدا (هناك)!.
ألا لايظنن ظان بي مالست به، من تنفير من التجديد في ماهو من بابه، لكن ليأت هذا الأمر من بابته، فحسبنا ماوسع من قبلنا، وليتنا نأتي على شئ مما أتوا عليه وتركوه لنا، ولانفرح بمالم يعرجوا عليه، والله لايحب الفرحين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإني أضرب لكم مثلا برجل رشيد، أحسبه والله حسيبه ممن لديه محاولات ولمسات تجديدية لما درس من علم التفسير وعلومه، لمست هذا في جوانب عديدة في بعض ماكتبت يداه، وفي مايحاول به من انتصابه لتعليم كتاب الله في حمله عصا تسياره هنا وهناك، ألا وهو الشيخ د / مساعد الطيار، وإني أدعو الله أن يحيي على يديه وإخوانه من علماء التفسير كالشيخ د/ عبدالرحمن البكري، مادرس من رسوم هذا العلم، فكفى به تجديدا، وكفى به شرفا مجيدا.
ومازلنا ونحن بالمغرب نسمع أن هناك رجل بالمشرق يقال له د/خالد السبت، يحاول كذلك شق هذا الطريق، وإن نسيت فلن أنسى العالم الفذ د/ فاضل السامرائي، فلله هو وإخوانه ما أعظم أثرهم على الخلق، وما أجمل سيرتهم بين الناس، ومن نسيت ذكره من أهل الفضل فلن يضره بحمد الله نسياني.
ففي محدود علمي أن علم التفسير خاصة، لا يحتاج في هذا الزمن أكثر من السعي لنشره بين الناس، والتصدر لتعليمه وتقريب علومه، وإحياء درسه بين طلاب العلم، وإزالة النفرة الشديدة بين الناس وكتب التفسير.
ألا إن في إقبال الناس وطلاب العلم خاصة على تعلم علم التفسير وعلومه، لفتحا وتجديدا لما درس من معالمه مع الأيام والليالي. ومن رام تجديدا فليحاول في هذا الباب لعل وعسى.
ليس على الله بمستكثر ... أن يجمع العالم في واحد
*أين هم أساتذة التفسير وكراسيه الذين أثقلوا تلك الكراسي، ولم نرهم خلف سارية أو في زاوية من بيوت الله يعلمون كتاب الله؟، أم أن الأمر كما قال لي أحد الأخوة التلاد، لطالما هالنا ونحن نجلس على كراسي الدرس أيام الطلب، ونسمع ممن كان وظيفه لتعليم التفسير وعلومه ما يهول العقل، من أسماء طنانة رنانة، كالأخفش والزجاج والنحاس وقتادة ... ، حتى إذا عدلت بأحدهم عن مقرر التعليم، أخذ بك ذات اليمين وذات الشمال، وعلمت أنه ليس له من علمه إلا حرف الدال، ومثلهم أساتذة في النحو والأدب والفقه والحديث، اللهم إلا ثلة قليلة ألقت معاطفها وألقابها التي أثقلتها وأعمتها فنفعها الله ونفع بها.
وإني لأعد مثل هذا الملتقى التفسيري، من المشاريع التي يجب أن تتكاتف لها الجهود، وتتظافر لها الطاقات والهمم، حتى يتم المبتغي وينال المراد من إحياء هذا العلم الشريف، فهذه دعوة صادقة أشد بها يدي إخواني من طلاب العلم، لسقي هذه البذرة الطيبة، التي نبتت في أرض صالحة تتلاقح فيها العقول وتتقادح , فلعل الله يهيئ من ذلك ثمرة يقطف جناها الناس ولو بعد حين، وما يدريك فالله ذو الفضل العظيم.
ومع أن الكلام له ذيول طويلة، إلا أني آثرت الإيجاز حياء من أهل التفسير وظنا بوقتهم الخطير، وللحر كان طرق العصا، فماكتبت إلا تذكيرا لي ولإخواني الذين نأنس بما أبدعته لنا أناملهم في جوانب عديدة في هذا الملتقى، وقد فضلت عدم التعرض بتصريح أو تلويح لبعض الأسماء التي دعتني لكتابة ماكتبت، لعلمي أن الكمال عزيز وأن الناقد بصير، وأن ماذكرته ماهو إلا زلة مغمورة في بحر ما سطروه، وما أنا إلا منهم وبهم، ومن كان لك أكثره فليكن في هذا مايدعوك للتغاضي عن أيسره، فليتقبلوا ماذكرته بصدر رحب، ولهم غنمه وعلي غرمه.
وفق الله الجميع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتاب الصناعتين للعسكري رحمه الله.
(2) ينظر (قضية اللفظ والمعنى ونظرية الشعر عند العرب) للدكتور أحمد الودرني.
*********
إهداء
وختاما فإني أسوق هذا المقال على عوره تهنئة لزينة الملتقى وقرة عينه، لحصوله على إجازة العالمية العالية (الدكتوراة)، ولقد زورت في نفسي وحبرت مقالا بهذه المناسبة، وشيته بحلل القريض والتقريض، ثم عدلت عن ذلك وماكان عدولي بحمد لله لعجز أو فتور، إنما خشية من عتاب أو نفور، وصدقوني جميعا إن من دواعي تأخرنا كأمة عربية مسلمة، عدم قولنا للمحسن أحسنت حتى يعلم إحسانه، وللمسيئ أسأت فيحذر الغمر إساءته، حتى أصبحت الدنيا كلها حظوظ وفتون، فقصر المبدع واستشرى من كان دون.
لقد أحسنت أباعبدالله ثم أحسنت ثم أحسنت، حتى لم تدع لمستزيد أو مزيد مايزيد.
أحسنت أولا: في اختيار الموضوع وهذا العنوان الفخم الذي هو لك وأنت له.
وأحسنت ثانيا: في هذا الإتقان العجيب في خطة البحث واستقصاء كل جوانبه.
وأحسنت ثالثا: في هذا الأدب الجم الذي بلغنا عن جلسة المناقشة، وكم كان يحف نسيمها من علم وافر وأدب عال.
فلا أقول: إلا أحسن الله إلى تلك الأقلام كما أحسنت إليك وقدرت جهدك وثمنت رسالتك، فأعطتها ما تستحقه من تشريف وامتياز.
حتى كان حديثكم كله إحسان مع إحسان، وكاد يختلط على جليسه الحبلان، و يتيه سامعه في التفريق بين من هو الباحث والمناقش والمشرفان، لحسن ماكان في ذاك المجلس من درر وفوائد مستغربة عن مثل هذا الميدان، وهذا والله مايغبط له أهل القرآن، فبارك الله لك فيما أعطاك وجعله سبب رفعتك في دنياك وأخراك.
هذا ولو كنت أملك من الأبل هنيدة أو مدفئة لسقت إليك أبا عبدالله كرامها، وأراك في قبولها صاحب الفضل، ولكن أحسب القائل: أكرم الهدايا علم نافع، ونصيحة موثوق بها، ومدحة صادقة، قد أحسن لي بجميل العذر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2005, 01:58 م]ـ
اللهم اغفر لأخي ابن الشجري، وأجزل عطائه على حسن ظنه بأخيه، وإن كان قد بالغ فأثنى عليه بما ليس فيه، وقد سرني هذا المقال لما فيه من الدرر والعيون، وأثقلني هَمُّ الرد عليه لِكثرةِ ما عليَّ من الديون، غير أنَّ فرحي بهِ غلبَ همَّ جوابهِ، لعلمي بكثرة طلابه، فقد عزَّ في زماننا هذا ذاك المقال الذي يُحتفلُ به، ويُحرص عليه، بعد أن كانت المجلات في منتصف القرن المنصرم تحفل بنفائس المقالات، ودرر الأنفاس، من أناس أعطوا الأدب والعلم حقهما، فجاءت كتاباتهم صُوىً هاديةً على طريق الأدب، يدرسها شداة الأدب نبراسا، ويجعلها طالب الأدب لكتابته أساسا، فحياك الله يا ابن الشجري، وحيا تلك المعاهد والطروس التي راشت سهامك فأصابت مواقعها، كما أصابت قطرات الماء مواقعها من ذي الغلة، على حد قول القُطاميِّ:
فَهُنَّ يَنبِذنَ مِن قَولٍ يُصبِنَ به=مواقعَ الماءِ مِنْ ذي الغُلَّةِ الصّادي
وقد عزمتُ على الجواب على هذه القطعة المحبرة منذ قرأتها، غير أن شواغل الزمان، وخلطة الإخوان، قد أخذت بي حتى تراخى الزمان، وجاء رمضان، فلم أبح لنفسي أن أشتغل بالتنميق والتوشيح، وملاحقة الأشجان والتباريح، ويشتغل المشمرون من المؤمنين بالتهليل والتسبيح، وصلاة القيام والتراويح، غير أنه ربما سمحت القريحة في وقت الانشغال، وشحت في وقت جمام النفس وهدوء البال، والأمر فيها لا يدرك بالقياس، ولا يكاد يطرد فيها ما يقوله كثير من الناس، فأما ما ذكرته عن الباحث المتفنن مساعد الطيار، وعن صاحبه المدقق خالد السبت، فقد أصبت الحقيقة، ووضعت قدم طالب العلم على الطريقة، وهناك غيرهما من العلماء والباحثين الذين بذلوا وكتبوا وحرروا في مسائل متفرقة من علوم القرآن والتفسير، وتصدوا للتدريس في حلقات العلم في المساجد، فنفع الله بهم طلاب العلم، ولهم من الله أجزل الأجر والثواب، وأسال الله أن يوفقهم للحق والصواب.
وأما ما ذكرته عن أخيك، وأملته فيه، فقد نظرت – رحمك الله – إلى عملي بعين الرضا، وأغضيت عما تعلمه من ضعفي معرضا، وقد أَهَمَّني حسنُ ظنِّكِ، وأعدك أن أسعى لتحقيقه بما أقدر عليه، وقد فزعت إلى الشعر طلباً للجواب، لعلمي بتفضيله عند أهل الآداب:
أين يا صاحبي افتراعُ المعاني؟! = وفُؤادي في غُربَةٍ من زماني
كلُّ يومٍ يحثُّ للسَّفرِ المضـ=ـني رِكاباً، ويسْتَقِلُّ الأماني
إنما يُبدِعُ الجديدَ خليُّ=من هُمومٍ ومُترعٌ من أَمانِ
وضليعٌ من العلوم، وقلبٌ=عاش في عمره مع الفرقانِ
أدرك الأولونَ سِرَّ المعالي=فاستبانَتْ شَوارِدُ القُرآنِ
وأتينا على زمانٍ بخيلٍ=فبِخَلنا، والمرءُ مثلُ الزَّمانِ
أُشغِلَ الطالبُ الحريصُ بما لا=ينفعُ العقلَ في ابتكارِ المعَاني
فركنَّا إلى حياةٍ من الزُّورِ=وعُدْنا بِحسرةِ الظمآنِ
ورضينا بالضعفِ في كُلِّ عِلمٍ=وفَرَرْنا من البُحوثِ السِّمانِ
وعرفنا الألقابَ، لكنْ رَضينا=مِنْ بُحُورِ العُلومِ بالشُطآنِ
إيهِ يا «دالُ» كم سعينا، ولكنْ=يَبْرُدُ الشوقُ بعد فوتِ الأَوَانِ
كم أَقَمْنا لها صُدورَ المَطايَا=وبَذَلْنا عُصارةَ الأَذهانِ
وانصرفنَا عن الجميعِ اضطراراً=وخَلَونا كَخَلْوَةِ الرُّهبَانِ
أَيُّها الكاتبُ الأديبُ ترفَّقْ=بفؤادٍ مُوكَّلٍ بالأماني
لا تلُمني وقد أَثَرتَ بِنفسي=ثَورةً مِنْ لَواعجِ الأَشجانِ
وهَزَزْتَ الفُؤادَ هَزَّاً رفيقاً=مثلَ ما هَزَّتِ الصَّبا عُودَ بانِ
فانبعثنا للشِّعْرِ لمَا سُقِينا=مِنْ أَديبٍ كأَنَّهُ الهَمَذاني
وإني أعتذر إليك، فالقريحة - ولو كانت صحيحة- لا تفي بحق حسن ظنك، ولكن خذ ما سمح به الخاطر المكدود، والجود من الموجود.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:05 م]ـ
أردنا التخفيف من بعض ما سطره الإخوة الفضلاء تعقيباً على هذه المقالة الماتعة لأخي العزيز ابن الشجري فحذفت المشاركة برمتها، فلما رجعت لكمبيوتري المحمول عثرت على المشاركة وليس فيها إلا هاتين المشاركتين، وأعتذر أشد الاعتذار لإخواني النبلاء الذين عقبوا على هذه المطارحة العلمية الأدبية وهم د. سعيد بن متعب، و د. خالد الشبل، و د. أبو بكر خليل، والأخ أبو صلاح الدين، والأخ حسام الزهري. فمعذرة. وأسأل الله أن يجزيكم على مشاعركم النبيلة خير الجزاء، وقد أخذنا هذا الباب مدخلاً للمطارحة الأدبية على عادة أهل الأدب، فإننا نجد فيها متنفساً لتلك الروح الأدبية التي نحبها، ولا نجد في واقعنا ما يشبعها، فقد غلب على مجالس طلاب العلم حديث الحياة، واختفى حديث الأدب والشعر مع ما اختفى من لذائذ الحياة العقلية. وقد كان عقب أخي الدكتور خالد الشبل بقوله (حين قرأتُ ما سطرَتْه يراعةُ أستاذنا الأديب ابن الشجري في أخينا الأريب د. عبد الرحمن وردَّه عليه تذكرت القصة التي ساقها أبو البركات في (نزهة الألباء) في ترجمة أبي القاسم محمود ولقائه بشيخِ الكمال، سَمِيّ أستاذنا، الشريف أبي السعادات بن الشجري، رحمهم الله، وعفا عنهم).
وما زلت أطمع من أبي عبدالله أن يضع بين أيدينا تلك القصة إن أسعفه الوقت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Oct 2005, 05:12 م]ـ
يبدو أن الأخ خالد مشغول بإنهاء أطروحته، أسأل الله له التوفيق والسداد، ولا تنسوه من دعائكم، لذا أنقل لكم ما تمناه عليه أبو عبد الله مما كان بين الزمخشري وابن الشجري.
قال أبو البركات الأنباري في ترجمة الزمخشري: (( ... وقدِم بغداد للحج، فجاءه شيخنا الشريف ابن الشجري مهنئًا له بقدومه، فلما جالسه أنشده الشريف:
كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن أحمد بن دؤاد أطيب الخبر
حتى ألتقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري
وأنشد أيضًَا:
استكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما اتقينا صغَّر الخَبَرَ الخُبرُ
وأثنى عليه، فلم ينطق الزمخشري حتى فرغ الشريف من كلامه، فلما فرغ، شكر الشريف وعظَّمه وتصاغر له، وقال له: إن زيد الخيل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحين بصر بالنبي صلى الله عليه وسلم رفع صوته بالشهادتين، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: يا زيد الخيل، كل رجل وُصِف لي وجدته دون الصفة إلا أنت، فإنك فوق ما وُصِفت، وكذلك الشريف، ودعا له، وأثنى عليه.
قال: فتعجب الحاضرون من كلامهما؛ لأن الخبر أليق بالشريف، والشعر أليق بالزمخشري)).
نزهة الأباء في طبقات الأدباء (ص: 290 ـ 291).
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[01 Mar 2008, 10:23 م]ـ
وأنا أتصفح المشاركات القديمة في الموقع عثرت على هذه المشاركة. وتعجبني هذه اللفتات الأدبية في الملتقى ونفتقدها كثيراً مؤخراً فليتها تستمر ولو في الملتقى المفتوح، وتحياتي للأدباء ابن الشجري والدكتور عبدالرحمن زادهما الله بياناً وحسن أدب.
ـ[ابوبنان]ــــــــ[02 Mar 2008, 01:25 ص]ـ
جزيت خيرا أخي فهد لرفعك لهذا الموضوع القيم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[02 Mar 2008, 10:22 م]ـ
لأول مرة تقع عيني على هذه الخرائد .. !
فجزيل الشكر والامتنان لمن أعاد ذكراها وبعثها بعد السبات!
مهم وأي مهم ألا نُعدم مثل هذه الكتابات ..
وأن نحييها بين حين وآخر ..
سقيا لما جفّ، واسبقاءً لما بقي، من المعاني والأساليب وبديع الكلام ..
وإلا لم يعُد لكلامنا طعم، ولا لحديثنا طلاوة ..
وأولى الناس بهذا هم أهل القرآن؛ الكتابِ الذي بلغ الغاية بلاغةً وبياناً.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[02 Mar 2008, 11:20 م]ـ
وبمناسبة ماأورده الأخ الحبيب الشيخ مساعد ـ حفظه الله ـ
من أخبار ابن الشجري والزمخشري؛
جاء في كتاب:
صبح الأعشى؛ للقلقشنديّ:
((فأوجز في هذا المعنى غاية الإيجاز؛ ومنه قول أبي تمام يمدح أحمد بن سعيد:
كانت مساءلة الركبان تخبرني = عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت = أذني بأحسن مما قد رأى بصري
أخذه أبو الطيب، فأوجز في أخذه، فقال:
واستكبر الأخبار قبل لقائه = فلما التقينا صغر الخبر الخبر)).
وقال ابن معصوم، في أنوار الربيع في أنواع البديع:
((وقال أبو تمام:
كانت مساءلة الركبان تخبرني = عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت = أذني بأحسن مما قد رأى بصري
فأحسن أبو الطيب اتّباعه، فقال:
واستكبر الأخبار قبل لقائه = فلما التقينا صدق الخبر الخبر
فبالغ وأوجز، وجاء بالطباق والجناس)).
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[04 Mar 2008, 10:37 م]ـ
لئن كانت قد مضت السنون على هذا المقال، وطوته الأيام بأحمالها الثقال، فإن مضمونه مازالت تغذيه سود الليالي، وتروي جذوره شرذمة متعالمة لا تبالي، وما عقبتم به جميعا يستحق الإشادة فأجركم على الله.
وما أجمل هذا اللقاء وأروع دلالته، والذي جمع بين علمين من أعلام العربية والأدب.
ولي هنا وقفة على مانقله الأنباري وتابعه عليه السيوطي في البغية وغيره.
وهو ماجاء في عجز البيت القائل: ...... عن أحمد بن دؤاد أحسن الخبر
فهذان البيتان على شهرتهما يعتورهما إشكال لم أطلع على من حققه، فأحببت أن أجر القلم مشاركة بقليل بما عندي لعل كريما يحسن الإفادة.
هذان البيتان أختلف في نسبتهما فنسبا لغير واحد من الشعراء من بينهم: أبو تمام وابن هانئ الأندلسي.
وهو موجود ضمن ديوان ابن هانئ برقم (52) ص 180 ط دار الغرب.
كما يلي:
مازلت أسمع والركبان تخبرني =عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر
حتى رأيتك لا والله ماسمعت =أذني ببعض الذي عاينت بالنظر
(يُتْبَعُ)
(/)
وجعفر بن فلاح هذا له ترجمة تعرف من مصادرها في كتب التراجم، حيث تذكر أنه كان قائدا محل تبجيل وتقدير الكثير في عصره ومصره، ت عام 360 مما يفيد معاصرته للشاعر.
ومن هاهنا ينقدح الإشكال وهو بين جعفر بن فلاح وابن أبي دؤاد وابن دؤاد وأحمد بن سعيد، فهؤلاء أربعة جرى ذكرهم في هذا العجز على اختلاف في النقل والقائل، ومن المعلوم أن الثاني منهم توفي عام 240، وهو صاحب الفتنة المشهورة المكسورة بسيف القرآن والسنة علي يد من اصطفاهم الله للتصدي لها، على رأسهم الإمام أحمد برد الله مضجعه، وأبو تمام كانت وفاته عام 231 وقد وفد لبلاط المعتصم وأخصبت أرضه هناك، وفي تلك الفترة أنشأ قصيدته الشهيرة فتح عمورية، ولعله التقى في هذه الفترة بابن أبي دؤاد.
وكم يعجبني قول شاعر السنة الشاعر الفحل علي بن الجهم، في هجاء ابن أبي دؤاد:
يا أحمد بن أبي دؤاد دعوة = بعثت إليك جنادلا وحديدا
ماهذه البدع التي سميتها = بالجهل منك العدل والتوحيدا
أفسدت أمرالدين حين وليته= ورميته بأبي الوليد وليدا
لامحكما جزلا ولا مستطرفا = كهلا ولا مستحدثا محمودا
شرها إذا ذكر المكارم والعلا = ذكر القلايا مبدئا ومعيدا
ويود لو مسخت ربيعة كلها = وبنو إياد صفحة وثريدا
وإذا تربع في المجالس خلته = ضبعا وخلت بني أبيه قرودا
وإذا تبسم ضاحكا شبهته = شرقا تعجل شربه مزؤودا
لا أصبحت عين أبصرت = تلك المناخر والثنايا السودا
وشاعرنا ابن هانئ شاعر المغرب على الإطلاق، وقد كان عند أهل المغرب بمنزلة المتنبه الكندي عند أهل المشرق ـ هكذا كان يسمى في بعض أرجاء العراق كما ذكر ذلك صاحب أدب الخواص ـ والمطالع لديوان ابن هانئ يرى أن لديه نزعة فلسفية يسير بها وتسير به كسيرة شاعر المعرة.
والحق أن له أبياتا ماكنت أظنها بهذا الرقي حتى عدت من قريب وتصفحت ديوانه، فرأيت شاعرا مفلقا أضاعه قومه، ولعل مما ساعد على ذلك خذلان الله له بأبيات تخرج إلى حد الكفر نسأل الله العافية، والمتأمل لها يصعب عليه أن يتلمس لها المخارج، وقد أعرضنا عن إيراد بعضها صونا لهذا الملتقى الميمون وما يحويه من مضمون.
وهو صاحب البيتين المشهورين:
وبالهمة العليا يرقى إلى العلى = فمن كان أعلى همة كان أظهرا
ولم يتأخر من يريد تقدما =ولم يتقدم من يريد تأخرا
أقول: بأن الإشكال في نسبة البيتين مازال قائما، سواء من جهة القائل ومن قيل بحقه، وحله يحتاج إلى تحقيق ونفس طويل في البحث والتفتيش في الدواوين وكتب الأدب والتراجم، وربما يصل الباحث بعدها إلى غير طائل، والوقت لا يساعد في ذلك، وكنت كلما توصلت إلى نتيجة نقضت بعد مطالعة أخرى، حتى هممت بالعزوف عن هذا التعقيب جملة، إلى أن وقعت على كلام قريب من النفس استحسنته، ولعل ما ساعد على ذلك هو فتور الهمة، وعلى كل حال هو ما وقعت عليه في وفيات الأعيان لأبي العباس ابن خلكان ـ رحمه الله ـ فقد جاء في معرض كلامه في ترجمة جعفر بن فلاح مايلي:
(أبو علي جعفر بن فلاح كان أحد قواد المعز أبي تميم معد بن المنصور العبيدي صاحب إفريقية، جهزه مع القائد جوهر لما توجه لفتح الديار المصرية، فلما أخذ مصر بعثه جوهر إلى الشام، فغلب على الرملة في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ثم غلب على دمشق فملكها في المحرم سنة تسع وخمسين بعد أن قاتل أهلها، ثم أقام بها إلى سنة ستين ونزل إلى الدكة فوق نهر يزيد بظاهر دمشق، فقصده الحسن بن أحمد القرمطي المعروف بالأعصم، فخرج إليه جعفر المذكور وهو عليل فظفر به القرمطي فقتله وقتل من أصحابه خلقا كثيرا، وذلك في يوم الخميس لست خلون من ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة، رحمه الله تعالى.
وقال بعضهم: قرأت على باب قصر القائد جعفر بن فلاح المذكور بعد قتله مكتوبا:
يا منزلا عبث الزمان بأهله =فأبادهم بتفرق لا يجمع
أين الذين عهدتهم بك مرة =كان الزمان بهم يضر وينفع
وكان جعفر المذكور رئيسا جليل القدر ممدوحا، وفيه يقول أبو القاسم محمد بن هانئ الأندلسي الشاعر المشهور:
كانت مساءلة الركبان تخبرني = عن جعفر بن فلاح أطيب الخبري
حتى التقينا فلا والله ما سمعت =أذني بأحسن مما قد رأى بصري
والناس يروون هذين البيتين لأبي تمام في القاضي أحمد بن أبي دؤاد، وهو غلط، لأن البيتين ليسا لأبي تمام، وهم يروونهما عن أحمد بن دؤاد وهو ليس بابن دؤاد، بل ابن أبي دؤاد، ولو قال ذلك لما استقام الوزن).
أقول: هكذا قال القاضي رحمه الله وفي كلامه ما أراني أول الطريق، إلا أن طريق التحقيق أطول من هذا، فلعل متزودا بعدته يأتي فيكمله، والأمر واسع بحمد الله يحتمل القولان والوجهان والروايتان، ولا يؤثر على المعنى معرفة قائله، كما لا يعنينا من قيل بحقه.
ونختم مشاركتنا هذه بقول أبي تمام وإن لم يكن من متخير شعره، بل هو مما يجرى مجرى الحكم:
ينال الفتى من عيشه وهو جاهل = ويكدى الفتى في دهر وهو عالم
ولو كانت الأرزاق تجري على الحجى = هلكن إذًا من جهلن البهائم
ولم تجتمع شرق وغرب لقاصد = ولا المجد في كف امرئ والدراهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2008, 05:11 م]ـ
ما أجمل هذه الذكريات، وأحسن هذه المذاكرات، أكرر شكري على هذه الهدية يا ابن الشجري.
يا طائراً غَنَّى على غُصُنٍ = والشوقُ يسقي ذلك الغُصنا
زدني وهِجْ ما شئتَ مِن شَجَني = إن كنتَ مثلي تعرفُ الشَّجنا
أذكرتَني ما لستُ ناسيَه = ولربُّ ذكرى جَدَّدتْ حَزَنا
كم ذا أُغالِبهُ ويغلبُني = دمع إذا كفكفتهُ هَتَنا
لي ذكرياتٌ في ربوعهمُ = هنّ الحياةَ تألقاً وسنا
وأرجو أن تستمر مثل هذه المشاركات الأدبية بين الحين والآخر، وكم من القضايا الأدبية الجديرة بالنقاش والحديث، نسأل الله أن ييسر طرحها والحديث حولها.
ـ[النورس]ــــــــ[05 Apr 2008, 01:53 ص]ـ
يستاهل كل الخير شيخنا الفاضل(/)
إطلالة أولى: سؤال عن أفضل طبعة لكشاف الزمخشري
ـ[طارق الفريدي]ــــــــ[25 Oct 2005, 07:06 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ......
أولاً أشكر الإخوة القائمين على هذا الملتقى الفذ و أسأل الله أن ينفع بهم، فأنا من ضيوف الملتقى منذ عدة أشهر و لكن لم يتسن لي التسجيل إلا هذه اللحظة.
هذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى و هي عبارة عن استفسار أضعه بين المتخصصين في طبعات الكتب المتعلقة بالتفسير وهو:
ما أفضل طبعة لتفسير (الكشاف) للزمخشري، فلدي رغبة في شرائه لارتباطه الوثيق برسالتي، فقد تجولت في المكتبات فوجدت عدة طبعات مختلفة، الأمر الذي جعلني أتريث في شرائه.
فأفيدونا بارك الله فيكم ..........
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Oct 2005, 08:39 م]ـ
حياك الله اخي طارق، ومن النسخ المعتمدة للكشاف نسخة مصورة، صورتها دار المعرفة في لبنان، وعليها حاشية الجرجاني وابن المنير، وفي آخرها تنزيل الآيات على الشواهد.
وهناك نسخة اخرى فيها تخريج أحاديث الكشاف، وكلها مصورات عن طبعات قديمة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2005, 01:45 م]ـ
مرحباً بك أخي العزيز طارق، وأسأل الله لك التوفيق. وفي انتظار فوائدكم.
أما طبعات الكشاف فالمعتمدة التي عليها معظم إحالات الباحثين هي التي ذكرها الدكتور مساعد، وهناك طبعة أخرى أخرجتها مكتبة العبيكان في ستة مجلدات، أوضح وأجمل من حيث الخط. وليس في طبعات الكشاف ما يشفي الغليل من حيث التحقيق العلمي المعروف حتى الآن.
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Oct 2005, 04:42 م]ـ
هناك تحقيق للكشاف لعبد الرحمن المهدي طباعة بيروت دار المعرفة ولكنه لم يحسن بدمج تخريجه للحديث مع تخريج ابن حجر وحكمه عليها وهو على كل الأحول يعتمد على الطبعة المصورة المشار إليها وإن كنت ممن يرغب في الطبعة المصورة لأنها أسلم والله أعلم والعجيب أن عبد الرحمن مهدي أخرج خلال سنتين عدة تفاسير محققة؟؟؟! كتفسير القرطبي والكشاف مع بعض الكتب الأخرى التي لا يحضرني اسمها(/)
في تفسير الرازي
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[25 Oct 2005, 09:18 م]ـ
هل هناك كتاب او رسالة جامعية عن
القراءات القرآنية في تفسير الرازي؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Oct 2005, 04:38 م]ـ
ينظر كتاب الرازي مفسراً للدكتور محسن عبد الحميد رسالة دكتوراه في العراق فرج الله عن أهله وهو مطبوع
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[28 Oct 2005, 07:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
بعد السؤال والاستفسار
عرفت أن الموضوع كتب فيه في الجامعه الاردنية
وباشراف الدكتور أحمد شكري
وبارك الله فيكم(/)
إرشاد القارئ الكريم إلى أحكام سجدات القرآن العظيم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Oct 2005, 12:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سجدات القرآن الكريم
[منقولة من بحثي للماجستير: جهود ابن عبدالبر في علوم القرآن - دراسة وموازنة]
وفيه تمهيد وخمسة مباحث:
المبحث الأول: حكم سجود التلاوة
المبحث الثاني: عدد سجدات القرآن
المبحث الثالث: الطهارة لسجود التلاوة
المبحث الرابع: صفة سجود التلاوة
المبحث الخامس: قراءة السجدة في الصلاة
التمهيد:
سجدات القرآن هي السجدات التي يشرع لمن قرأ آية فيها سجدة أو سمعها أن يسجدها، وهي العبادة الموسومة عند أهل العلم بـ {سجود التلاوة}، وهي عبادة مشروعة بإجماع العلماء، دلّ على مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ? (لأعراف:206).
وقال جل وعلا: ? إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ? (السجدة:15).
وقال تبارك اسمه: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ? (مريم:58).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد، ونسجد، حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته. رواه البخاري ومسلم ([1]).
وفي لفظ للبخاري: فيسجد ونسجد معه، فنزدحم، حتى ما يجد أحدنا لجبهته موضعاً يسجد عليه ([2]).
وزاد مسلم: في غير صلاة.
وأمَّا الإجماع فقد حكاه غير واحد من العلماء، ومنهم النووي الذي قال في شرحه لحديث ابن عمر السابق: (وفيه إثبات سجود التلاوة وقد أجمع العلماء عليه) ([3]).
وقد ورد في الكتاب والسنة ما يدل على فضيلة هذا السجود وأهميته، وأنه من أعمال الأنبياء وأولي العلم الصالحين الذين يؤمنون بآيات الله، ولايستكبرون عن عبادة ربهم - سبحانه وتعالى -.
قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ? (لأعراف:206).
وقال جلّ وعلا: ? قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا. وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ? (الإسراء: 107 - 109).
وفي سجود التلاوة إرضاء للرحمن وترغيم للشيطان؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله (وفي رواية: يا ويلي) أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجَنَّة، وأمرتُ بالسجود فأبيتُ فَلِيَ النَّار} ([4]).
وقد اهتم العلماء بدراسة أحكام هذا السجود، ودراسة الأحاديث التي وردت فيه، واستنبطوا الفوائد والأحكام ([5])، ومن هؤلاء العلماء ابن عبدالبر - رحمه الله - الذي شرح أحاديث الموطأ، واهتم بها في كثير من كتبه.
وقد عقد الإمام مالك - رحمه الله تعالى - باباً في كتابه الموطأ في كتاب القرآن، وهو باب ماجاء في سجود التلاوة ([6])، وذكر تحته مجموعة من الأحاديث والآثار المتعلقة به؛ وقام ابن عبدالبر بشرح هذه الأحاديث والآثار بتوسع في كتابه الاستذكار، وَذَكَرَ أقاويل العلماء في المسائل المستفادة من هذه الأحاديث.
وقد قرأتُ ما كتبه في هذا الباب، فرأيته طويلاً متداخلَ المسائل، فقسمته إلى خمسة مباحث جامعة لجميع المسائل التي ذكرها - رحمه الله -، ذكرتُ في كل مبحث ما يتعلق به من مسائل، ثُمَّ قمتُ بدراسة هذه المسائل وبيان أقوال العلماء فيها وبيان الراجح منها، فإلى مباحث هذا الموضوع:
المبحث الأول
حكم سجود التلاوة
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن عبد البر - رحمه الله -: (واختلفوا في سجود التلاوة، فقال أبو حنيفة وأصحابه: هو واجب.
وقال مالك، والشافعي، والأوزاعي، والليث: هو مسنون وليس بواجب.
وذكر مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل وسجد وسجد الناس معه، ثُمَّ قرأها الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رِسْلِكُم، إن الله لم يكتبها علينا إلاَّ أن نشاء، فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا ([7]).
وذكر عبدالرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة عن عثمان بن عبدالرحمن، عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير، أنه حضر عمرَ ابن الخطاب يوم الجمعة، فقرأ على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة سجد وسجد الناس معه، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأها، حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس، إنَّا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب وأحسن، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وقال: ولم يسجد عُمَرُ ([8]).
قال: وأخبرنا ابن جُريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: لم يفرض علينا السجود إلاَّ أن نشاء ([9]).
قال أبو عمر: هذا عمر وابن عمر ولا مخالف لهما من الصحابة، فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضاً؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، ولا اتفق العلماء على وجوبه، والفرائض لاتثبت إلاَّ من الوجوه التي ذكرنا أو ما كان في معناها، وبالله توفيقنا) ([10]) ا هـ.
وقال في كتاب الكافي في فقه أهل المدينة: (والسجود سنة للتالي وللسامع إذا كان جالساً إليه، وليس بواجب على واحد منهما وجوب فرض، ولكنه سنة كما ذكرنا، وهو على التالي أوكد من المستمع إلاَّ أن يكون التالي إماماً في الصلاة فيشتركان في ذلك) ([11]) ا هـ.
الدراسة:
بعد اتفاق العلماء على مشروعية سجود التلاوة - كما سبق بيانه - اختلفوا في حكمه، فمنهم من قال بوجوبه، وذهب الجمهور إلى سُنيَّته وعدم وجوبه ([12]).
وقد رجح الإمام ابن عبدالبر أنه مسنون غير واجب، وقال: (فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضاً؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، ولا اتفق العلماء على وجوبه) ا هـ.
وما رجحه ابن عبدالبر هو الراجح، بل هو الصحيح الذي لاينبغي التعويل على غيره، فهو القول الذي تنصره الأدلة، وتقويّه وترجحه القواعد العلمية.
وقد بيّن ابن عبد البر هذه الأدلة، ورجح هذا القول بمقتضى القواعد العلمية الشرعية.
فأمَّا الأدلة؛ فقد ذكر منها ما ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قرأ سورة النحل على المنبر يوم الجمعة، حتى إذا جاء السجدة سجد وسجد الناس معه، ثُمَّ لَمَّا قرأها في الجمعة الأخرى، وجاء السجدة قال: أيها الناس، إنَّا نَمُرُّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد - رضي الله عنه ([13]) -.
ووجه الاستدلال بهذا الدليل أن (القول من عمر رضي الله عنه في هذا الموطن والمجمع العظيم دليلٌ ظاهر في إجماع الصحابة وغيرهم أن سجود القرآن ليس بواجب) ([14]).
وجميلٌ ما قاله ابن القيم - رحمه الله تعالى - حيث قال: (ومِن المحال أن يكون الخطأ في مسألة أفتى بها مَن جعل الله الحق على لسانه وقلبه حظّه ولاينكره عليه أحدٌ من الصحابة، ويكون الصواب فيها حظّ من بعده، هذا مِن أبين المحال!!) ([15]).
ومن الأدلة الصحيحة الصريحة في هذه المسألة ما رواه البخاري في صحيحه، عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {والنجم} فلم يسجد فيها ([16]).
ووجه دلالة هذا الحديث على عدم الوجوب، أن سجود التلاوة في سورة النجم ثابت شرعاً، كما في الأحاديث الصحيحة، ومع ثبوتها فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد، ولم يأمر زيداً - رضي الله عنه - أن يسجد لَمَّا قرأها، ولو كان السجود واجباً لأمره به؛ لأن من القواعد المقررة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد عبّر ابن خزيمة ([17]) - رحمه الله - على وجه الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب السجود بقوله في صحيحه: (باب: ذكر الدليل على أن السجود عند قراءة السجدة فضيلة لا فريضة، إذ النبي صلى الله عليه وسلم سجد وسجد المسلمون معه والمشركون جميعاً؛ إلاَّ الرجلين اللذين أرادا الشهرة، وقد قرأ زيد بن ثابت عند النبي صلى الله عليه وسلم {النجم} فلم يسجد، ولم يأمره عليه السلام، ولو كان السجود فريضة؛ لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بها، ولولم تكن في {النجم} سجدة؛ كما توهم بعض الناس ... لما سجد النبي صلى الله عليه وسلم في {النجم}) ([18]) ا هـ.
وقال البغوي - رحمه الله - بعد أن ذكر حديث زيد السابق: (فيه دليلٌ على أن سجود التلاوة غيرُ واجب، إذ لو كان واجباً لم يتركِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيداً حتى يسجد) ([19]) ا هـ.
وأمَّا القواعد العلمية التي ترجح القول بعدم الوجوب، فقد أشار إليها ابن عبدالبر بقوله: (فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضاً؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله ولا اتفق العلماء على وجوبه، والفرائض لاتثبت إلاَّ من الوجوه التي ذكرنا، أو ماكان في معناها، وبالله توفيقنا) ([20]) ا هـ.
وقال في موضع آخر - بعد ذكره للأثرين عن عمر وابنه -: (أي شيء أبين من هذا عن عمر، وابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة فيما علمت، وليس قول من أوجبهما بشيء، والفرائض لاتجب إلاَّ بحجة لا معارض لها - وبالله التوفيق) ([21]) ا هـ.
وإذا تقرر هذا علمنا أن القول الراجح في حكم سجود التلاوة هو الاستحباب، فسجود التلاوة مسنون وليس واجباً، وهذا هو قول جمهور العلماء - والله تعالى أعلم -.
ويتعلق بهذا المبحث مسألتان:
المسألة الأولى: هل يلزم المستمع السجود إذا سجد القارئ؟:
قال ابن عبدالبر في الكافي: (والسجود سنة للتالي وللسامع إذا كان جالساً إليه، وليس بواجب على واحد منهما وجوب فرض، ولكن سنة كما ذكرنا، وهو على التالي أوكد من المستمع إلاَّ أن يكون التالي إماماً فيشتركان في ذلك) ([22]) ا هـ.
مِمَّا سبق يتبين أن ابن عبدالبر يرى أن السجود سنة للتالي والسامع إذا كان جالساً إليه، أي إذا كان قاصداً للسماع، وهو من يعبر عنه العلماء بالمستمع.
وهذا الذي ذكره ابن عبدالبر هو مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية.
وذهب الحنفية إلى وجوب ذلك على القارئ وعلى من سمعها، سواء قصد ذلك أم لا ([23]).
واحتج من قال بأن المستمع يسجد إذا سجد القارئ بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته ([24]).
هذا إذا سجد التالي، أمَّا إذا لم يسجد التالي فإن المستمع لايسجد؛ لأن سجودَ المستمع تبع لسجود القارئ، فالقارئ أصل والمستمع فرع ([25]).
قال البخاري في صحيحه: (باب: من سجد لسجود القارئ. وقال ابن مسعود: لتميم بن حَذْلَم، وهو غلام، فقرأ عليه سجدة، فقال: اسجد فإنك إمامنا فيها) ([26]) ثُمَّ ذكر حديث ابن عمر السابق.
قال ابن حجر: (وفي الترجمة إشارة إلى أن القارئ إذا لم يسجد لم يسجد السامع) ([27]) ا هـ.
وقال البغوي في شرح السنة: (والسنة للمستمع أن يسجد بسجود التالي، فإن لم يسجد التالي فلايتأكد في حقه. قال مالك والشافعي: إذا لم يكن قعد لاستماع القرآن، فإن شاء سجد، وإن شاء لم يسجد) ([28]) ا هـ.
قال عثمان - رضي الله عنه -: إنَّما السجدة على من استمعها ([29]).
وقولُ ابن عبدالبر: (وهو على التالي أوكد من المستمع، إلاَّ أن يكون التالي إماماً فيشتركان في ذلك) فيه نظر؛ لأن التالي إذا كان إماماً في الصلاة وسجد فإنه يتعين على المستمع أن يسجد وجوباً متابعة لإمامه؛ لأن متابعة الإمام واجبة ([30]).
وبهذا نعلم أن سجود المستمع في هذه الحال أوكد من سجود التالي، فسجود التالي سنة، وسجود المستمع في الصلاة واجب.
المسألة الثانية: حكم سجود التلاوة في أوقات النهي:
قال ابن عبدالبر - رحمه الله - وهو يشرح قول مالك في الموطأ: (وأمَّا قوله: لاينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح، ولا بعد صلاة العصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والسجدة من الصلاة، فلاينبغي لأحد أن يقرأ سجدة في تينِكَ الساعتين ([31]). فقولٌ صحيح وحجة واضحة.
وأمَّا اختلافهم في سجود التلاوة بعد الصبح وبعد العصر فقد ذكرنا ما ذكره مالك في الموطأ.
وقال ابن القاسم عنه: يسجد في هذين الوقتين ما لم تتغير الشمس أو يُسفر، فإذا أسفر أو اصفرت الشمس لم يسجد، وهذه الرواية قياس على مذهبه في صلاة الجنائز.
وقال الثوري مثلَ قول مالك في الموطأ.
وكان أبو حنيفة لايسجد عند الطلوع ولا عند الزوال ولا عند الغروب، ويسجدها بعد العصر وبعد الفجر.
قال أبو عمر: وهكذا مذهبه في الصلاة على الجنائز.
وقال زُفَرُ ([32]): إن سجد عند طلوع الشمس أو غروبها أو عند استوائها أجزأه إذا تلاها في ذلك الوقت.
وقال الأوزاعي والليث والحسن بن صالح ([33]): لايسجد في الأوقات التي تكره فيها الصلاة.
وقال الشافعي: جائز أن يسجد بعد الصبح وبعد العصر) ([34]) ا هـ.
هذا ما ذكره ابن عبدالبر في هذه المسألة، وقد ذكر أقوال أهل المذاهب فيها، ولم يبق إلاَّ قول الإمام أحمد.
فذهب أحمد في رواية عنه إلى أنه يسجد في كل وقت، والرواية الثانية أنه لايسجد في أوقات النهي مطلقاً، وهي المذهب ([35]).
فهذه خلاصة أقوال أئمة المذاهب في هذه المسألة ([36]).
وأمَّا رأى ابن عبدالبر فيها فهو ما ذكره الإمام مالك في الموطأ وهو أنه لاينبغي لأحدٍ أن يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة العصر، وبعد صلاة الصبح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذين الوقتين، والسجدة من الصلاة، فلاينبغي لأحدٍ أن يقرأ سجدة في تينك الساعتين.
قال ابن عبدالبر: هذا قولٌ صحيحٌ وحجةٌ واضحةٌ.
وأقول: قول ابن عبدالبر صحيح إذا اعتبرنا سجود التلاوة صلاةً - كما هو قول جمهور أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة وأصحابهم - ولكن الصحيح أن سجود التلاوة لايعتبر صلاةً - كما ذهب إلى ذلك ابن جرير وابن حزم وابن تيمية، وهو قول الشعبي، وسعيد بن المسيب ([37]) ([38]) -.
وإذا تقرّر أن سجود التلاوة ليس بصلاة فإنه لاينهى عنه في أوقات النهي؛ لأن النهي إنَّما هو عن الصلاة، ولا صلاة.
قال الشوكاني - رحمه الله -: (روى عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة في الأوقات المكروهة، والظاهرُ عدم الكراهة؛ لأن السجود المذكور ليس بصلاة، والأحاديث الواردة في النهي مختصة بالصلاة) ([39]) ا هـ.
يتبع إن شاء الله
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: من يسجد لسجود القارئ رقم [1075] ص 214 (ط: الأفكار الدولية)، ومسلم في كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة رقم [575] ص 230 (ط: الأفكار الدولية).
([2]) رقم [1076] باب: ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة.
([3]) شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 78.
([4]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة رقم [81] 60، 61 (ط: بيت الأفكار الدولية).
([5]) من الكتب المؤلف في أحكام سجود التلاوة - وقد استفدت منها كثيراً في مسائل هذا الموضوع:
1 - إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن، تأليف أبي عبدالرحمن محمود الجزائري.
2 - التبيان في سجدات القرآن، جمع وتحقيق عبدالعزيز بن محمد السدحان.
3 - سجود التلاوة وأحكامه، للدكتور صالح بن عبد الله اللاحم.
وهذا الكتاب الأخير يدرس أحكام سجود التلاوة، دراسة فقهية مقارنة بشيء من التوسع.
([6]) انظر: موطأ الإمام مالك 1/ 181 - 183.
([7]) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب: ماجاء في سجود القرآن ص 182، وسأتي تخريجه في التعليق التالي بالتفصيل.
([8]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: مَن رأى أن الله عزوجل لم يوجب السجود رقم [1077] ص 214 (ط: بيت الأفكار الدولية).
([9]) أخرجه البخاري في الموضع السابق بلفظ: (وزاد نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: إن الله لم يفرض السجود إلاَّ أن نشاء).
([10]) الاستذكار 8/ 107 - 109.
(يُتْبَعُ)
(/)
([11]) الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبدالبر ص 76، 77.
([12]) انظر أقوال العلماء في حكم سجود التلاوة ومناقشتها في المجموع للنووي 4/ 61، 62، وفي كتاب سجود التلاوة وأحكامه للدكتور صالح بن عبد الله اللاحم ص 12 - 27.
([13]) سبق تخريجه قريباً.
([14]) المجموع للنووي 4/ 62.
([15]) إعلام الموقعين لابن القيم 4/ 178، 179، 180، حيث قرر هذا الكلام وأكّده أكثر من مرة.
([16]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة ولم يسجد رقم [1072] ص 213 وأخرجه مسلم برقم [577] مطوّلاً.
([17]) هو: الحافظ الثبت، إمام الأئمة، وشيخ الإسلام، أبو بكر، محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير. سئل عنه عبدالرحمن بن أبي حاتم، فقال: وَيْحَكُم، هو يُسألُ عَنَّا ولانُسْألُ عنه، هو إمام يقتدى به. مناقبه كثيرة - رحمه الله - توفي سنة 311 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 2/ 441 - 446، وسير أعلام النبلاء 14/ 365 - 382.
([18]) صحيح ابن خزيمة 1/ 284.
([19]) شرح السنة للبغوي 3/ 310.
([20]) الاستذكار 8/ 109.
([21]) التمهيد 19/ 133.
([22]) الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبدالبر ص 77.
([23]) انظر تفصيل الخلاف في هذه المسألة في كتاب: أحكام سجود التلاوة للدكتور صالح اللاحم ص 28 - 34.
([24]) سبق تخريجه ص 379.
([25]) انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين 4/ 133.
([26]) صحيح البخاري ص 214، وفتح الباري 2/ 647.
([27]) فتح الباري لابن حجر 2/ 647.
([28]) شرح السنة للبغوي 3/ 315.
([29]) صحيح البخاري كتاب سجود القرآن، باب: من رَأى أن الله لم يوجب السجود ص 214.
([30]) انظر: المعتمد في فقه الإمام أحمد 1/ 165.
([31]) موطأ الإمام مالك كتاب القرآن، باب: ماجاء في سجود القرآن ص 182.
([32]) هو: زُفَرُ بن الهذيل العنبري، الفقيه المجتهد الرباني، العلاّمة، أبو الهذيل، كان من بحور الفقه، وأذكياء الوقت، تفقه بأبي حنيفة، وهو أكبر تلامذته، وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وكان يدري الحديث ويتقنه. مات سنة 158 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 8/ 38 - 41.
([33]) هو: الحسن بن صالح بن حي، الإمام القدوة، أبو عبد الله الهمداني الكوفي، الفقيه العابد، كان من كبار المحدثين، ثقةً حافظاً متقناً عابداً زاهداً. كان وكيع يشبهه بسعيد بن جبير. مات - رحمه الله - سنة 167 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 2/ 320 - 322.
([34]) الاستذكار 8/ 109 - 110.
([35]) انظر: المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة 1/ 687.
([36]) انظر تفصيل هذه المسألة وأقوال العلماء فيها في كتاب أحكام سجود التلاوة للدكتور صالح اللاحم ص 102 - 107.
([37]) هو: الإمام، شيخ الإسلام، وفقيه المدينة، وسيد التابعين، سعيد بن المسَيِّبْ، أبو محمد المخزومي، أعلم التابعين على الإطلاق، وكان قد سمع من كثير من الصحابة. وكان من أعبد الناس، مناقبه كثيرة - رحمه الله تعالى - مات سنة 94 هـ على الأرجح الأقوال في تاريخ وفاته. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 112 - 113، وسير أعلام النبلاء 4/ 227 - 246.
([38]) انظر: أقوال العلماء في اعتبار سجود التلاوة صلاة في كتاب أحكام سجود التلاوة للدكتور صالح اللاحم ص 96 - 101، وكتاب التبيان في سجدات القرآن لعبدالعزيز السدحان ص 21 - 28.
([39]) نيل الأوطار للشوكاني 3/ 126.
ـ[الراية]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:47 م]ـ
شيخنا الكريم
أبا مجاهدالعبيدي
بارك الله فيكم ونفع بعلمك
وجزاك الله خيراً على هذه الافادة.
وبانتظار اكتمال فرحتنا بطبع هذه الرسالة
بارك الله فيكم
محبكم في الله
الرايه
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[06 Nov 2005, 07:41 م]ـ
أخي الكريم/ أبا مجاهد حفظه الله
جزاك الله خيرا على هذه التحفة المفيدة، وماهي بأول بركاتكم في هذا الملتقى، واسمح لي أن أشارك ببعض الفوائد حول هذا الموضوع:
الفائدة الأولى: من الكتب المعاصرة في هذا الموضوع – إضافة إلى ما ذكرت -:
1. (تحريرالبيان في سجود القرآن) للشيخ المحقق المتفنن عبد الله الجديع حفظه الله، وقد أشار إليه في كتابه (المقدمات الأساسية) فقال ص536 عند مبحث سجود التلاوة: " هذا باب جليل ينبغي لصاحب القرآن أن يعتني بمعرفته، وهو السجود عند تلاوة آيات مخصوصة، كان التالي في صلاة أو خارجها.
وتفصيل ذلك لا يحتمله هذا المقام، وقد استوعبته قدر طاقتي في كتابي (تحريرالبيان في سجود القرآن) ".
فائدة: كتب أخونا الشيخ عبدالرحمن الشهري ترجمة حافلة للشيخ الجديع، وقد استقصى فيها كتبه المطبوعة والتي أشار إليها في ثنايا كتبه، فجزاه الله خيرا.
2. (الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن الكريم) للشيخ عبد العزيز الحجيلان، وهو وإن لم يكن خاصا بهذه المسألة إلا أنه بحث أحكام سجود التلاوة فيما يقارب 230 صفحة، والكتاب يقع في جزئين (1660) صفحة.
وبانتظار إكمال الموضوع حتى أكمل ما عندي، والسلام عليكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[16 Jan 2006, 07:12 ص]ـ
موضوع قيم، وليته يكتمل جزى الله الشيخين أبا مجاهد العبيدي وخالد الباتلي خيراً.
سؤال للشيخ خالد الباتلي: هل كتاب (تحريرالبيان في سجود القرآن) للشيخ الجديع مطبوعٌ؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jan 2006, 07:32 م]ـ
المبحث الثاني
عدد سجدات القرآن ومواضعها
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (واختلفوا في جملة سجود القرآن، ذهب مالك وأصحابه إلى أنها إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصل منها شيء.
وروى ذلك عن عمر، وابن عباس على اختلاف عنه ... .
وقال أبو حنيفة وأصحابه: أربع عشرة سجدة فيها الأولى من الحج.
وقال الشافعي: أربع عشرة سجدة ليس فيها سجدة {ص} فإنها سجدة شكر. وفي الحج عنده سجدتان.
وقال أبو ثور: أربع عشرة سجدة، فيها الثانية من الحج وسجدة {ص} وأسقط سجدة النجم.
وقال أحمد وإسحاق: خمس عشرة سجدة. في الحج سجدتان، وسجدة {ص}.
وهو قول ابن وهب، ورواه عن مالك.
وقال الطبري: خمس عشرة سجدة، ويدخل في السجدة بتكبير، ويخرج منها بتسليم.
وقال الليث بن سعد: يستحب أن يسجد في القرآن كله، في المفصّل وغيره) ([1]) ا هـ.
الدراسة:
يتبين لنا من عرض ابن عبدالبر السابق لأقوال العلماء في عدد سجدات القرآن أن عدد هذه السجدات بالجملة خمس عشرة سجدة، على خلاف بين العلماء في بعضها - كما سيأتي تفصيله إن شاء الله -.
وتفصيل هذه السجدات كالتالي:
1 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُو؛ َ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206].
2 - قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15].
3 - قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ. يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 49، 50].
4 - قوله تعالى: ? قُلْ ءَامِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ? [الإسراء: 107 - 109].
5 - قوله تعالى: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيم وَإِسْرَاءِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَآ" إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ? [مريم: 58].
6 - قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ , مَن فِي السَّمَوَ! تِ وَمَن فِي ا؟ لأَرْضِ وَا؟ لشَّمْسُ وَا؟ لْقَمَرُ وَا؟ لنُّجُومُ وَا؟ لْجِبَالُ وَا؟ لشَّجَرُ وَا؟ لدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ا؟ لنَّاسِ (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ا؟ لْعَذَابُ) وَمَن يُهِنِ ا؟ للَّهُ فَمَا لَهُ , مِّن مُّكْرِمٍ" إِنَّ ا؟ للَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ = 18} [الحج: 18].
7 - قوله تعالى: {يَـ! ـــ%ــأَيُّهَا ا؟ لَّذِيـ، َ ءَامَنُوا ا؟ رْكَعُوا وَا؟ سْجُدُوا وَا؟ عْبُدُوا رَبَّكُمْ وَا؟ فْعَلُوا ا؟ لْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ = 77} [الحج: 77].
8 - قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ا؟ سْجُدُوا لِلرَّحْمَـ! ـنِ قَالُوا وَمَا ا؟ لرَّحْمَـ! ـنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60].
9 - قوله تعالى: {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ ا؟ لَّذِي يُخْرِجُ ا؟ لْخَبْءَ فِي ا؟ لسَّمَـ! ــوَ! تِ وَا؟ لأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ = 25 ا؟ للَّهُ لاَ إِلَـ! ـهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ا؟ لْعَرْشِ ا؟ لْعَظِيمِ} [النمل: 25، 26].
(يُتْبَعُ)
(/)
10 - قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـ: ـَايَـ! ــتِنَا ا؟ لَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ = 15} [السجدة: 15].
11 - قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ÷ (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ا؟ لْخُلَطَآءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ ا؟ لَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا ا؟ لصَّـ! ــلِحَـ! ـتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ) وَظَنَّ دَاوُ , دُ أَنَّمَا فَتَنَّـ! ــهُ فَا؟ سْتَغْفَرَ رَبَّهُ , وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ = 24} [ص: 24].
12 - قوله تعالى: {وَمِنْ ءَايَـ! ـــتِهِ ا؟ لَّيْلُ وَا؟ لنَّهَارُ وَا؟ لشَّمْسُ وَا؟ لْقَمَرُ" لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَا؟ سْجُدُوا لِلَّهِ ا؟ لَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ = 37 فَإِنِ ا؟ سْتَكْبَرُوا فَا؟ لَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ , بِا؟ لَّيْلِ وَا؟ لنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْـ: ــَمُونَ = 38} [فصلت: 37، 38].
13 - قوله تعالى: {فَا؟ سْجُدُوا لِلَّهِ وَا؟ عْبُدُوا = 62} [النجم: 62].
14 - قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ ا؟ لْقُرْءَانُ لاَ يَسْجُدُونَ = 21} [الانشقاق: 21].
15 - قوله تعالى: {كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَا؟ سْجُدْ وَا؟ قْتَرِبْ = 19} [العلق: 19].
وقد اتفق العلماء على مشروعية السجود في عشرة مواضع من هذه المواضع الخمسة عشر، وهي التي في السور التالية: الأعراف، الرعد، النحل، الإسراء، مريم، الأولى من الحج، والفرقان، النمل، السجدة، فصلت.
قال العلاّمة ابن حزم - رحمه الله -: (واتفقوا أنه ليس في القرآن أكثر من خمس عشرة سجدة، واتفقوا منها على عشر، واختلفوا في التي في {ص}، وفي الآخرة التي في الحج، وفي الثلاث اللواتي في المفصل) ([2]) ا هـ.
وقد بيّن ابن عبدالبر خلاف العلماء في المواضع التي حصل فيها خلاف، وإليك ما ذكره - رحمه الله - في هذا:
أولاً: السجدة الثانية من الحج:
قال ابن عبدالبر: (وذكر مالك في هذا الباب أيضاً عن نافع، مولى ابن عمر، أن رجلاً من أهل مصر، أخبره أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج، فسجد فيها سجدتين. ثُمَّ قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين ([3]).
وعن عبد الله بن دينار، أنه قال: رأيت عبدَ الله بن عمر يسجد في سورة الحج سجدتين ([4]).
وهذه السجدة الثانية من الحج، اختلف فيها الخلف والسلف، وأجمعوا على أن الأولى يسجد فيها.
وقال الطحاوي: كل سجدة جاءت بلفظ الخبر فلم يختلفوا في أنه يسجد فيها، واختلفوا فيما جاءت بلفظ الأمر ([5]).
وأمَّا اختلافهم في السجدة الأخيرة من الحج، فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: ليس في الحج سجدةٌ إلاَّ واحدة وهي الأولى.
وروى ذلك عن سعيد بن جبير، والحسن البصري، وجابر بن زيد ([6]) واختلف فيها عن ابن عباس.
وقال الشافعي وأصحابه، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، والطبري: في الحج سجدتان.
وهو قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبي الدرداء، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس على اختلاف عنه، وأبي عبدالرحمن السلمي ([7])، وأبي العالية الرياحي.
وقال أبو إسحاق السبيعي ([8]): أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين.
وقال الأثرم ([9]): سمعتُ أحمد بن حنبل يُسأل: كم في الحج من سجدة؟ فقال: سجدتان. قيل له: حدّث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {في الحج سجدتان؟} قال: نعم. رواه ابن لهيعة عن مِشْرَح، عن عقبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {في الحج سجدتان، ومَن لم يسجدهما فلايقرأهما} ([10]) يريد فلايقرأهما إلاَّ وهو طاهر ([11]).
قال: وهذا يؤكد قول عُمر، وابن عمر، وابن عباس أنهم قالوا: فضلت سورة الحج بسجدتين ([12]).
وذكر عبدالرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع: أن عمر وابن عمر كانا يسجدان في الحج سجدتين ([13]).
قال: وقال ابن عمر: لو سجدت فيها واحدة كانت السجدة الآخرة أحب إليَّ) ([14]).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومِمَّا سبق يُمكن القول بأن السجدة الثانية في سورة الحج ثبتت عن عدد من الصحابة - كما ذكر ابن عبدالبر رحمه الله - وغيره، وكان العمل على السجود في الحج سجدتين كما يفهم ذلك من قول أبي إسحاق السبيعي التابعي الكبير: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين.
فإذا كان الأمر كذلك فلا مناص من القول بثبوت تلك السجدة خاصة وأنه لم يُعرف لمن قال بثبوتها وسجدها من الصحابة مخالف في عصرهم فكان إجماعاً كما قال ابن قدامة في المغني ([15]).
وأمَّا الأحاديث التي جاءت بإثبات هذه السجدة فكلها لايخلو من مقال، وقد ضعفها العلماء كحديث عقبة بن عامر السابق، وحديث عمر بن العاص - رحمه الله ([16]) -.
وهذه الأحاديث - وإن كان فيها مقال - إلاَّ أن بعضها يعضد بعضاً ويقويه، ولذلك فقد ذكر ابن كثير هذه الأحاديث، وذكر معها أثر عمر السابق ثُمَّ قال: (فهذه شواهد يشد بعضها بعضاً) ([17]) ا هـ.
وقد قال الإمام أبو بكر بن العربي ([18]) - وهو من أئمة المالكية ومحققيها - بثبوت هذه السجدة، حيث ذكر أقوال العلماء فيها، ثُمَّ قال: (وإني لأسجد بها وأراها كذلك) ثُمَّ ذكر أنه رجح القول بثبوتها لثبوت ذلك عن عمر، وابن عمر، وذكر الأثرين الذين أوردهما مالك في موطأه عنهما، ثُمَّ قال بعد ذكر أثر ابن عمر: (وكان ابن عمر أكثر الخلق بالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة) ([19]).
(فالقول الراجح، المعوّل عليه أن في سورة الحج سجدتين، والله تعالى أعلم) ([20]).
ثانياً: سجدة {ص~}:
قال ابن عبدالبر: (واختلفوا في سجدة {ص~}: فذهب مالكٌ والثوري وأبو حنيفة إلى أن فيها سجوداً.
وروي ذلك عن عمر، وابن عمر، وعثمان، وجماعة من التابعين، وبه قال إسحاق، وأحمد، وأبو ثور.
واخْتُلف في ذلك عن ابن عباس.
وذهب الشافعي إلى أن لا سجود في {ص}، وهو قولُ ابن مسعود وعلقمة.
وذكر عبدالرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود: إنَّما هي توبة نبي ذكرت. وكان لايسجد فيها ([21]).
وقال ابن عباس: ليست سجدة {ص} من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ([22])) ([23]) ا هـ.
هذا ما ذكره ابن عبدالبر من خلاف في سجدة {ص}، والذي يترجح في هذه المسألة، وهو مِمَّا لاشك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في هذا الموضع كما صحت بذلك الأحاديث، وصحت كذلك آثار عن الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يسجدون عند هذه الآية من سورة {ص} { ... وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24].
فعن ابن عباس رضي الله عنهما - قال: {(ص) ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها} ([24]).
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في {ص}، وقال: {سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً} ([25]).
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر {ص}، فلما بلغ السجدة؛ نزل فسجد، وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر؛ قرأها، فلما بلغ السجدة، تشزَّن ([26]) الناس للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّما هي توبة نبي، ولكن رأيتكم تشزّنتم للسجود}، فنزل فسجد وسجدوا} ([27]).
وعن أبي رافع قال: صليت مع عمر الصبح فقرأ بـ {ص} فسجد فيها ([28]).
وقال ابن عمر - رضي الله عنه وعن أبيه -: في {ص%} سجدة ([29]).
وكان ابن عباس يسجد في {ص} ويتلو هذه الآية {أُولَـ! ــ%ـئِكَ ا؟ لَّذِينَ هَدَى ا؟ للَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ا؟ قْتَدِهْ)} ([30]) [الأنعام: 90].
وثبت عن الحسن ومسروق أنهما كانا يسجدان في {ص} ([31]).
ولكن هل هذه سجدة تلاوة، أو أنها سجدة شكر، وتفعل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؟.
قال أبو بكر الجصاص الحنفي: (ولما سجد النبي صلى الله عليه وسلم فيها كما سجد في غيرها من مواضع السجود، دلّ على أنه لا فرق بينها وبين سائر مواضع السجود) ([32]) ا هـ.
وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: (والذي عندي أنها ليست موضع سجود، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها، فسجدنا للاقتداء به) ([33]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال النووي الشافعي - رحمه الله -: (وقال أصحابنا [يقصد الشافعية] سجدة {ص} ليست من عزائم السجود. معناه: ليست سجدة تلاوة، ولكنها سجدة شكر، هذا هو المنصوص، وبه قطع الجمهور) ([34]) ا هـ.
والمعتمد في مذهب الإمام أحمد أنها سجدة شكر ([35]).
والصحيح أن سجدة {ص} سجدة تلاوة لارتباطها بتلاوة الآية، ولكنها ليست من عزائم السجود كما قال ابن عباس ([36]).
(والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلاً، بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لايقول بالوجوب) ([37]).
ثالثاً: السجود في المفصل:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قرأ: {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1] فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها ([38]).
ذكر ابن عبدالبر هذا الحديث في التمهيد، ثُمَّ قال - بعد أن بيّن أنه حديث صحيح: (وفي هذا الحديث السجود في المفصّل، وهو أمر مختلف فيه، فأمَّا مالك وأصحابه، وطائفة من أهل المدينة، فإنهم لايرون السجود في المفصل، وهو قول ابن عمر وابن عباس، وروي ذلك عن أبي بن كعب، وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وطاووس، وعطاء؛ كل هؤلاء يقول: ليس في المفصل سجود بالأسانيد الصحاح عنهم، وقال يحيى بن سعيد: أدركنا القراء لايسجدون في شيء من المفصّل، وكان أيوب السختياني لايسجد في شيء من المفصّل ... .
وحجة من لم يرَ السجود ما حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا أزهر بن القاسم - رأيته بمكة - قال: حدثنا أبو قدامة، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة ([39]).
قال أبو عمر: هذا عندي حديث منكر، يرده قول أبي هريرة سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1] ولم يصحبه أبو هريرة إلاَّ بالمدينة.
قال أبو داود ([40]): هذا حديث لايحفظ عن غير أبي قدامة هذا بإسناده.
قال أبو داود: وقد روى من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة، وإسناده واهٍ ([41]).
قال أبو عمر: رواه عمر الدمشقي مجهول، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.
قال أبو عمر: في حديث أبي الدرداء إحدى عشرة سجدة، منها: النجم.
واحتجوا أيضاً بحديث زيد بن ثابت ... ، قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم، فلم يسجد فيها ([42]).
وليس فيه حجة إلاَّ على من زعم أن السجود واجب.
وقد قيل: إن معناه أن زيد بن ثابت كان القارئ، فلما لم يسجد، لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المستمع تبع للتالي، وهذا يدل على صحة قول عمر: إن الله لم يكتبها علينا، فإنَّما حديث زيد ابن ثابت هذا حجة على من أوجب سجود التلاوة لا غير.
وقال جماعة من أهل العلم: السجود في المفصّل في {والنجم} و {إذا السماء انشقت} و {اقرأ باسم ربك}.
هذا قول الشافعي والثوري وأبي حنيفة، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور؛ وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وعثمان، وأبي هريرة، وابن عمر، على اختلاف عنه؛ وعن عمر بن عبدالعزيز، وجماعة من التابعين.
وحجة من رأى السجود في المفصل حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في {إذا السماء انشقت} و {اقرأ باسم ربك} ... عن أبي هريرة، قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1]، و {ا؟ قْرَأْ بِا؟ سْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1].
وفي رواية عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} فسجد، قلتُ: ما هذه السجدة؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه ([43]).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عمر: هذا حديث ثابت أيضاً صحيح، لايختلف في صحة إسناده، وكذلك الذي قبله صحيح أيضاً، وفيه السجود في المفصل، والسجود في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} معينة، والسجود في الفريضة؛ وهذه فصول كلها مختلف فيها، وهذا الحديث حجة لمن قال به، وحجة على من خالف ما فيه ... .
عن أبي سلمة بن أبي عبدالرحمن، أنه رأى أبا هريرة - وهو يصلي - فسجد في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} قال أبو سلمة حين انصرف: لقد سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيهما، قال: إني لولم أرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها لم أسجد ([44]) ... .
قال أبو عمر: احتج من أنكر السجود في المفصل بقول أبي سلمة لأبي هريرة: لقد سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها. قالوا: فهذا دليل على أن السجود في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} كان قد تركه الناس، وجرى العمل بتركه في المدينة؛ فلهذا كان اعتراض أبي سلمة لأبي هريرة في ذلك.
واحتج من رأى السجود في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} وفي سائر المفصل، بأن أبا هريرة رأى الحجة في السنة لا فيما خالفها، ورأى أن من خالفها محجوج بها؛ وكذلك أبو سلمة لما أخبره أبو هريرة بما أخذه به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت لما لزمه من الحجة؛ ولم يقل له الحجة في عمل الناس، لا فيما تحكي أنت عن رسول الله بل علم أن الحجة فيما نزع به أبو هريرة، فسلم وسكت.
وقد ثبت عن أبي بكر، وعمر، والخلفاء بعدهما السجود في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} فأيّ عمل يدعى في خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده؟!.
... عن أبي هريرة، قال: سجد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما - في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} ومن هو خير منهما ([45]).
... فهذا ما في سجود المفصل من الآثار الصحاح، واختلاف العلماء من الصحابة ومن بعدهم - رضوان الله عليهم -) ([46]) ا هـ.
وبعد هذا الكلام المحقق المجوّد الواضح؛ يتبين لنا أن ابن عبدالبر، يميل إلى القول بثبوت السجود في المفصل مخالفاً في ذلك إمام مذهبه الإمام مالكاً - رحمة الله على الجميع - وإن كان لم يبين ذلك بصراحة.
والقول بثبوت السجود في المفصل هو القول الصحيح الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة من السنة النبوية، وأقوالُ الصحابة والتابعين وفعلُهم.
ولقوة أدلته وصراحتها فقد رجحه بعض محققي المالكية، ومنهم الإمام أبو بكر ابن العربي، فقد قرّر في عدة مواضع ثبوت السجود في المفصل، وأن ذلك هو القول الصحيح الذي تشهد له الأدلة.
قال - رحمه الله -: (ثبت في الصحيح أن أبا هريرة قرأ: {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
وقد قال مالك: إنها ليست من عزائم السجود، والصحيح أنها منه، وهي رواية المدنيين عنه، وقد اعتضد فيها القرآن والسنة.
قال ابن العربي: لَمَّا أمَمْتُ بالناس تركت قراءتها لأني إن سجدت أنكروه، وإن تركتها كان تقصيراً مني، فاجتنبتها إلاَّ إذا صليت وحدي) ([47]) ا هـ.
وبعد هذا كله فالقول الصحيح المعوّل عليه أن عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم خمس عشرة سجدة، منها السجدة الثانية في الحج، وسجدة {ص} وثلاث في المفصل ([48]).
ويشهد لهذا حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان}.
فهذا الحديث أشملُ حديث في بيان عدد سجدات القرآن، وهو وإن كان في إسناده ضعف فله من الشواهد المرفوعة والموقوفة ما ينهض به عن درجة الضعف ([49])؛ ولذلك فقد حسنه النووي - رحمه الله ([50]) -.
تنبيه:
سبب اختلاف العلماء في عدد سجدات القرآن يعود إلى اختلاف النقل في الأحاديث والعمل، واختلافهم في الأمر المجرد بالسجود في القرآن هل المراد به سجود التلاوة أو سجود الفرض في الصلاة. أفاد ذلك القرطبي ([51]).
الحواشي السفلية:
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الاستذكار 8/ 106 - 107 باختصار يسير جداً. وانظر: التمهيد 19/ 131، 132.
(يُتْبَعُ)
(/)
([2]) مراتب الإجماع ص 37، نقلاً عن كتاب: إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن، لمحمود الجزائري ص 27.
([3]) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب: ماجاء في سجود القرآن ص 181، وفي سنده جهالة رجل من أهل مصر، ولكن له شواهد بمعناه يتقوى بها. انظر: جامع الأصول لابن الأثير 5/ 55 حاشية.
([4]) أخرجه مالك في الموضع السابق ص 182، وإسناده صحيح كما قال عبدالقادر الأرناؤوط في تحقيقه لأحاديث جامع الأصول لابن الأثير 5/ 556 حاشية.
([5]) انظر قوله هذا في شرح معاني الآثار 1/ 361.
([6]) هو: جابر بن زيد الأزدي البصري، أبو الشعثاء، أحد الأعلام، وصاحب ابن عباس. قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحداً أعلم بالفتيا من جابر بن زيد. مات سنة 93 هـ في الجمعة التي مات فيها أنس بن مالك - رضي الله عنه -. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 142 - 143، وسير أعلام النبلاء 4/ 481 - 483.
([7]) هو: أبو عبدالرحمن السلمي، مقرئ الكوفة وعالمها، عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي، قرأ على عثمان وعلي وابن مسعود، وسمع منهم ومن غيرهم من الصحابة، تصدّر للإقراء في خلافة عثمان إلى أن مات في سنة 73 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 107، وسير أعلام النبلاء 4/ 267 - 272.
([8]) هو: أبو إسحاق السبيعي، عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي الحافظ، أحدُ الأعلام. قال أبو حاتم: ثقة، يشبه الزهري في الكثرة. وقد كان صوّاماً قوّاماً متبتلاً كثير الحديث، ومناقبه كثيرة، توفي سنة 127 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 185 - 187، وسير أعلام النبلاء 5/ 392 - 401.
([9]) هو: الإمام الحافظ العلاّمة، أبو بكر، أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الأثرم الطائي، أحد الأعلام ومصنّف السنن، وتلميذ الإمام أحمد. وكان جليل القدر حافظاً. مات - رحمه الله - في حدود 360 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 12/ 623 - 628.
([10]) أخرجه أحمد في المسند 4/ 151، 155 في مسند عقبة بن عامر رضي الله عنه، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: ماجاء في السجدة في سورة الحج رقم [578] 2/ 470، 471، وأخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب: ماجاء في السجدة في سورة الحج رقم [578] 2/ 470، 471. وقال: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي.
وتعقبه محقق الكتاب أحمد شاكر بقوله: بل هو حديث صحيح. وصححه أيضاً محقق جامع الأصول لابن الأثير 5/ 555.
وأكثر الأئمة والحفاظ من المحدثين يضعفون هذا الحديث، فقد ضعفه الترمذي نفسه، والنووي في المجموع 4/ 63، والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص 87 رقم [324] وكذا الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم [398] ص 580.
([11]) قال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي: (ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالحديث ظاهر اللفظ وأن من أتى على آية السجدة ولم يرد السجود ترك الآية ... وهذا كله عندي غير جيّد، بل هو خطأ، لأن = =
= = هذا الكلام من كلام العرب لايراد به ظاهره، إنَّما هو تقريع وزجر، كقوله e : { إذا لم تستح فاصنع ما شئت} وأمثال ذلك مِمَّا يعرفه من فقه كلام العرب ومناحيهم. وإنَّما يريد e - في هذا الحديث -: أن يحض القارئ على السجود في الآيتين، فكما أنه لاينبغي له أن يترك قراءتهما: لاينبغي له إذا قرأهما أن يدع السجود فيهما) ا هـ سنن الترمذي بتحقيق أحمد شاكر 2/ 471 حاشية.
([12]) انظر: مصنّف عبدالرزاق 3/ 342 وسبق تخريج قول عمر قريباً. وانظر: المستدرك للحاكم كتاب التفسير، باب: فضلت سورة الحج بسجدتين 3/ 149 - 151.
([13]) مصنّف عبدالرزاق 3/ 341.
([14]) الاستذكار 8/ 101 - 104، وانظر: التمهيد أيضاً 19/ 130، 131.
([15]) المغني لابن قدامة 1/ 685 مع الشرح الكبير.
([16]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن رقم [1401] 2/ 120 ولفظه عنده: عن عمرو بن العاص، أن رسول الله e أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان. = =
(يُتْبَعُ)
(/)
= = وأخرجه ابن ماجة في إقامة الصلاة، باب: عدد سجدات القرآن حديث [1057] وأورده البغوي في شرح السنة 3/ 303 بصيغة التمريض {رُوِيَ} إشارة إلى ضعفه، وهو في ضعيف ابن ماجه للألباني رقم [218]، وانظر الكلام عليه بتوسع في كتاب التبيان في سجدات القرآن لعبدالعزيز السدحان ص 64 - 67، وانظر كذلك تمام المنة للألباني ص 269، 270.
وسيأتي ذكره مرة أخرى - إن شاء الله - وبيان من حسّنه من العلماء.
([17]) تفسير ابن كثير 3/ 205 - 206.
([18]) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد، الإمام أبو بكر بن العربي المعافريّ الأندلسي الإشبيلي، الحافظ، ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها، أحد الأعلام، وله مصنفات كثيرة حسنة مفيدة منها: أحكام القرآن، وعارضة الأحوذي على كتاب الترمذي والقواصم والعواصم وغيرها كثير. توفي سنة 543 هـ. انظر: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 167 - 171.
([19]) انظر: كتابه أحكام القرآن 3/ 307، 308 و 2/ 371.
([20]) تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي للمباركفوري 3/ 145.
([21]) انظر: مصنّف عبدالرزاق 3/ 338 رقم [5873].
([22]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: سجدة {ص%} رقم [1069].
([23]) الاستذكار 8/ 104 - 105.
([24]) سبق تخريجه قريباً.
([25]) أخرجه النسائي في كتاب الافتتاح، باب: سجود القرآن السجود في (ص) 2/ 159 مع شرح السيوطي، وهو في صحيح سنن النسائي للألباني رقم [917] 1/ 208، 209.
([26]) تشزّن: تأهب وتهيأ، والتشزّن: التأهب والتهيؤ للشيء، والاستعداد له. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/ 470، 471.
([27]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: السجود في (ص) رقم [410] 2/ 124، وصححه النووي في المجموع 4/ 61 حيث قال: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري. ا هـ.
وانظر: صحيح سنن أبي داود للألباني رقم [1253] 1/ 265 حيث قال: صحيح، وهو في صحيح الجامع الصغير رقم [2378] بلفظ: {إنَّما هي توبة نبي يعني سجدة (ص)} 1/ 468.
([28]) رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار بإسناد حسن كما قال صاحب كتاب التبيان في سجدات القرآن عبدالعزيز السدحان ص 108.
([29]) أخرجه عبدالرزاق في المصنّف 3/ 338، وابن أبي شيبة 2/ 8، وإسناده صحيح كما قال صاحب التبيان في سجدات القرآن ص 112.
([30]) أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 9 وإسناده صحيح كما في المرجع السابق ص 112.
([31]) انظر ذكر الآثار عنهما في كتاب التبيان في سجدات القرآن ص 110.
([32]) أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص 3/ 500.
([33]) أحكام القرآن لابن العربي 4/ 58.
([34]) المجموع للنووي 4/ 61.
([35]) المعتمد في فقه الإمام أحمد 1/ 166.
([36]) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين 4/ 140.
([37]) فتح الباري لابن حجر 2/ 643.
([38]) أخرجه بهذا اللفظ مالك في الموطأ كتاب القرآن، باب: ماجاء في سجود القرآن ص 181، ومسلم في كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة رقم [578] ص 230، وأخرجه البخاري بألفاظ أخرى ستأتي - إن شاء الله - قريباً.
([39]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: من لم ير السجود في المفصّل رقم [1403] 2/ 121، وهو حديث ضعيف الإسناد منكر المتن. انظر: إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن ص 34، والتبيان في سجدات القرآن ص 9، 10.
([40]) هو: أبو داود، الإمام الثبت، سيّد الحفاظ، سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني، صاحب السنن، قال الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة. مات سنة 275 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 2/ 290 - 292، وسير أعلام النبلاء 13/ 203 - 220.
([41]) حديث أبي الدرداء أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب: ماجاء في سجود القرآن رقم [568] 2/ 457، 458، وقال: حديث أبي الدرداء حديث غريب. وانظر قول أبي داود في سننه 2/ 120.
([42]) سبق تخريجه ص 384.
([43]) أخرج هذه الرواية البخاري في صحيحه في كتاب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها رقم [1078] ص 214، 215 (ط: بيت الأفكار الدولية)، ومسلم في كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة رقم [578] ص 231.
([44]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: سجدة {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} رقم [1074] ص 214.
([45]) أخرجه النسائي في كتاب الافتتاح، باب: السجود في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} 2/ 161، وهو صحيح كما في صحيح سنن النسائي للألباني رقم [924] 1/ 210.
([46]) التمهيد 19/ 118 - 128 باختصار وتصرف يسير جداً. وانظر: الاستذكار 8/ 92 - 100.
([47]) أحكام القرآن لابن العربي 4/ 369، وانظر: الكتاب نفسه أيضاً 2/ 373.
([48]) انظر الأحاديث والآثار التي تدل على كل سجدة من هذه السجدات بالتفصيل في كتاب التبيان في سجدات القرآن لعبدالعزيز السدحان، حيث عقد لكل موضع من هذه المواضع باباً يذكر فيه ما يدل على السجود فيها من الأحاديث والآثار من ص 64 إلى ص 48.
([49]) انظر: الكلام على هذا الحديث في كتاب التبيان في سجدات القرآن لعبدالعزيز السدحان ص 64 - 67، وكتاب تمام المنة في التعليق على فقه السنة للألباني ص 269، 270.
([50]) المجموع للنووي 4/ 60 قال: (حديث عمرو رواه أبو داود والحاكم بإسناد حسن).
([51]) انظر: تفسير القرطبي 7/ 357.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[21 Jan 2006, 02:38 م]ـ
الفائدة الثانية: مواضع سجود التلاوة من القرآن.
ويتعلق بهذه المسألة أمران:
1. إثبات سجود التلاوة في آية ما من القرآن.
2. تعيين موضع السجود فيها بعد إثباته.
ويتحصل من ذلك – بالنظر إلى مجموع مواضع السجود في القرآن – أربع صور:
أ. ما وقع الاتفاق على السجود فيه، وعلى موضعه. وهي سبعة مواطن: الأعراف والرعد والنحل والإسراء ومريم والفرقان والسجدة.
ب. ما وقع الاتفاق على السجود فيه، واختلف في موضعه. وهو موضعان: 1. النمل، عند (رب العرش العظيم) أو ( .. وما تعلنون).
2. فصلت، عند (لا يسأمون) أو (إياه تعبدون).
ج. ما اختلف في السجود فيه، لكن اتفق في موضعه. وهي أربعة مواضع: سجدتي الحج، والنجم والعلق.
د. ما اختلف في السجود فيه، واختلف في موضعه. وهي موضعان: ص والانشقاق.
ينظر: (الموسوعة الفقهية) 24/ 215، (الأحكام الفقهية) للحجيلان.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[21 Jan 2006, 03:57 م]ـ
الأخ الكشاف /
كتاب الشيخ الجديع لم يطبع بعد حسب علمي.
والسلام عليكم,,,
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Apr 2006, 08:37 ص]ـ
المبحث الثالث
الطهارة لسجود التلاوة
سئل مالك: عمّن قرأ سجدة، وامرأةٌ حائض تسمع، هل لها أن تسجد؟ قال مالك: لايسجد الرجل، ولا المرأة إلاَّ وهما طاهران ([1]).
قال ابن عبدالبر معلقاً على قول مالك هذا: (وأمَّا قوله: {لايسجد الرجل والمرأة إلاَّ وهما طاهران} فإجماع من الفقهاء أنه لايسجد أحدٌ سجدة تلاوة إلى على طهارة) ([2]) ا هـ.
وقال في كتاب الكافي في فقه أهل المدينة: (ولايسجد أحدٌ للتلاوة إلاَّ على طهارة، ومستقبل القبلة) ([3]).
الدراسة:
هكذا قال ابن عبدالبر: (فإجماع من الفقهاء أنه لايسجد أحدٌ سجدة تلاوة إلاَّ على طهارة).
وهكذا قال بعض العلماء كالقرطبي في تفسيره، حيث قال: (ولا خلاف في أن سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة من طهارة حدث ونجسٍ ونية واستقبال قبلة ووقت) ([4]) ا هـ.
والنووي، حيث ذكر أن سجود التلاوة له حكم صلاة النافلة في اشتراط الطهارة وغيرها، وذكر أن ذلك من المتفق عليه الذي لا خلاف فيه ([5]).
وكذلك ابن قدامة ذكر أنه لايعلم خلافاً في اشتراط الطهارة لسجود التلاوة ([6]).
واشتراط الطهارة لسجود التلاوة مبني على مسألة أخرى سبق ذكرها، وهي: هل سجود التلاوة صلاة؟ وذكرنا أن الصحيح أن سجود التلاوة لايعتبر صلاة.
وإذا تقرر أن سجود التلاوة لايعتبر صلاة، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لايشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة من طهارة الحدث والطهارة عن النجس في البدن والثوب والمكان، وستر العورة، واستقبال القبلة، فهذه الشروط لاتشترط لسجود التلاوة.
وقد ذهب الكثير من المحققين إلى عدم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة، ومنهم ابن حزم ([7])، وشيخ الإسلام ابن تيمية ([8])، وابن القيم ([9])، والشوكاني ([10]) - رحمهم الله - وغيرهم من العلماء.
وقد فصّل القول في هذه المسألة صاحب كتاب: إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن، فأجاد وأفاد؛ ولذا رأيت أن أنقل ما ذكره في هذه المسألة. قال ما نصه: (ما اشترطه الفقهاء لسجود التلاوة من طهارة واستقبال لا دليل عليه!.
فليس معهم باشتراط الطهارة وغيرها له كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح؛ بل الأدلة الشرعية من الأثر والنظر متضافرة على عدم الاشتراط:
1 - فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بـ {النجم} وسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس) ([11]).
قال بعض المحققين ([12]): ومعلوم أن الكافر لا وضوء له.
قالوا: وأيضاً؛ فالمسلمون الذين سجدوا معه صلى الله عليه وسلم لم يُنقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالطهارة، ولا سألهم: هل كنتم متطهرين أم لا؟ ولو كانت الطهارة شرطاً فيه؛ للزم أحد الأمرين:
- إمَّا أن يتقدم أمره لهم بالطهارة.
- وإمَّا أن يسألهم بعد السجود؛ ليبين لهم الاشتراط.
ولم ينقل مسلمٌ واحداً منهما.
قالوا: وأيضاً؛ فيبعد جداً أن يكون المسلمون كلهم إذ ذاك على وضوء ([13]).
2 - وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يسجد على غير وضوء ([14]).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (ومن المعلوم أنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه أن السجود لايكون إلاَّ على وضوء؛ لكان هذا مِمَّا يعلمه عامتهم؛ لأنهم كلهم كانوا يسجدون معه، وكان هذا شائعاً في الصحابة، فإذا لم يُعرف عن أحد منهم أنه أوجب الطهارة لسجود التلاوة، وكان ابن عمر من أعلمهم وأفقههم وأتبعهم للسنّة، وقد بقي إلى آخر الأمر ويسجد للتلاوة على غير طهارة؛ كان هذا مِمَّا يبيّن أنه لم يكن معروفاً بينهم أن الطهارة واجبة لها، ولو كان هذا مِمَّا أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم لكان ذلك شائعاً بينهم، كشياع وجوب الطهارة للصلاة، وصلاة الجنازة.
وابن عمر لم يُعرف أن غيره من الصحابة أوجب الطهارة فيها ([15])، ولكن سجودها على الطهارة أفضل باتفاق المسلمين) ([16]) ا هـ.
4 - أن السجود من جنس ذكر الله وقراءة القرآن والدعاء، ولهذا شُرع في الصلاة وخارجها، فكما لايشترط الوضوء لهذه الأمور، وإن كانت من أجزاء الصلاة - فكذا لايشترط للسجود ([17]).
6 - وعن أبي عبدالرحمن السلمي، أنه كان يقرأ السجدة، ثُمَّ يسجد وهو على غير وضوء، إلى غير القبلة، وهو يمشي يومئ إيماءً ([18]).
وعن الشعبي في الرجل يقرأ السجدة على غير وضوء؟ قال: يسجد حيث كان وجهه ([19])) ([20]) ا هـ.
وأمَّا الموجبون للطهارة لسجود التلاوة فقالوا: إنه صلاة وله تحريم وتحليل، وكل ما تحريمه التكبير وتحليله التسليم فمفتاحه الطهور للحديث الصحيح المشهور: {مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم} ([21]).
وسجود التلاوة سجود، والسجود من الصلاة، وبعض الصلاة له حكم الصلاة.
وكذلك القياس يقتضي إلحاقه بالصلاة في مثل هذا الحكم.
وقد روى البيهقي من حديث الليث، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: لايسجد الرجل إلاَّ وهو طاهر ([22]). وهذا يخالف ما رويتموه عن ابن عمر، مع أن في بعض الروايات: وكان ابن عمر يسجد على وضوء، وهذا هو اللائق به، لأجل رواية الليث.
والجواب على هذه الاستدلالات:
1 - أمَّا استدلالكم بقوله: {تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم} فهو من أقوى ما يحتج به عليكم، فإن أئمة الحديث والفقه ليس منهم أحد قط نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه سلم من سجود التلاوة، وأمَّا التكبير فالحديث المروي فيه ضعيف لايحتج به ([23]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وسجود القرآن لايشرع فيه تحريم ولا تحليل، هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عامة السلف، وهو المنصوص عن الأئمة المشهورين، وعلى هذا فليست صلاة، فلاتشترط لها شروط الصلاة، بل تجوز على غير طهارة ... ) ([24]) ا هـ.
2 - وأمَّا قولكم: إن السجود من الصلاة، وبعض الصلاة صلاة؛ فيُجاب عنه من وجهين:
أحدهما: أنه لايكون بعض الصلاة صلاة إلاَّ إذا تمت كما أُمر بها المصلي، ولو أن أحداً كبّر وقرأ وركع ثُمَّ قطع عمداً؛ لما قال أحدٌ من أهل الإسلام إنه صلى شيئاً، بل يقولون كلهم: إنه لم يصل، ولو أتمها ركعة في الوتر أو ركعتين في الجمعة والصبح والسفر والتطوع لكان قد صلى بلا خلاف ([25]).
والوجه الثاني: يقال لكم من طريق الإلزام: إن القيام بعض الصلاة، والتكبير بعض الصلاة، وقراءة الإمام بعض الصلاة، والجلوس بعض الصلاة، والسلام بعض الصلاة؛ فيلزمكم على هذا أن لاتجيزوا لأحدٍ أن يقوم ولا أن يكبر ولا أن يقرأ أم القرآن ولايجلس ولايسلم إلاَّ على وضوء؛ وهذا ما لاتقولونه فبطل احتجاجكم ([26])، واللهُ يقول الحق وهو يهدي السبيل.
3 - وأمَّا قياس سجود التلاوة على الصلاة فممتنع لوجهين:
أحدهما: أن الفارق بينه وبين الصلاة أكثر وأظهر من الجامع؛ إذ لا قراءة فيه ولا ركوع لا فرضاً ولا سنة، ولا مُصَّافة فيه، فليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق.
(يُتْبَعُ)
(/)
والثاني: أن هذا القياس غير صحيح أصلاً حتى يمتنع؛ إذ من شرط القياس الصحيح عدمُ فعل الشيء المقيس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حدثت حادثة لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإن المجتهد ينظر في هذه الحادثة ويلحقها بما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الحوادث المشابهة التي جاء فيها نص. فإذا كانت الحادثة الواقعة قد وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا قياس فيها أصلاً؛ وكذلك سجود التلاوة، فإنه قد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسجد وسجد الصحابة معه ولم يأمرهم بالوضوء له، فلا قياس إذن في هذه المسألة والله تعالى أعلم ([27]).
4 - وأمَّا أثر الليث؛ فقد أجاب عنه العلماء بأمرين:
الأول: قيل: إنه ضعيف ([28]).
والثاني: حمله على الأفضل جمعاً بينه وبين ما ثبت أنه - رضي الله عنه - سجد على غير وضوء.
وأمَّا رواية مَن روى: كان يسجد على وضوء؛ فغلط؛ لأن تبويب البخاري واستدلاله وقوله: (والمشرك ليس على وضوء) يدلُّ على أن الرواية بلفظ {على غير وضوء} وعليها أكثر الرواة.
قال ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري: (قوله: {وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء} كذا للأكثر، وفي رواية الأصيلي بحذف {غير} والأول أولى، فقد روى ابن أبي شيبة ([29]) من طريق عبيد بن الحسن عن رجل زعم أنه كنفسه عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثُمَّ يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ. وأمَّا ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن ابن عمر: لايسجد الرجل إلاَّ وهو طاهر. فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله: {طاهر} الطهارة الكبرى، أو الثاني على حالة الاختيار والأول على الضرورة) ([30]) ا هـ.
وبعد هذا كله؛ يتبين أن الصواب في هذه المسألة أنه لاتشترط الطهارة لسجود التلاوة، وهذا ما رجحه العلاّمة الشيخ عبدالعزيز بن باز ([31])، حيث قال: (والصواب أنه لايشترط له الطهارة ولا غيرها من شروط الصلاة كما قال ابن حزم) ([32]) ا هـ.
ومع ذلك فإن الأفضل والأكمل أن يكون الساجد للتلاوة على طهارة، وهذا باتفاق المسلمين ([33]).
الحواشي والتعليقات:
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) موطأ الإمام مالك، كتاب القرآن، باب: ماجاء في سجود القرآن ص 182.
([2]) الاستذكار 8/ 110.
([3]) الكافي في فقه أهل المدينة ص 76، 77.
([4]) تفسير القرطبي 7/ 358.
([5]) التبيان في آداب حملة القرآن ص 118، 119، والمجموع شرح المهذب 4/ 63.
([6]) المغني مع الشرح الكبير 1/ 685.
([7]) انظر: المحلى لابن حزم 1/ 105، 5/ 165.
([8]) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 23/ 165 ومابعدها.
([9]) انظر: تهذيب السنن لابن القيم 1/ 54، 55.
([10]) انظر: نيل الأوطار للشوكاني 3/ 125.
([11]) أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء رقم [1071] ص 213.
([12]) لعله يقصد ابن القيم - رحمه الله -.
([13]) انظر: تهذيب السنن لابن القيم 1/ 54.
([14]) أخرجه البخاري في الموضع السابق معلقاً بصيغة الجزم ص 213.
([15]) هذا خلاف ما ذهب إليه ابن حجر، حيث ذكر أنه لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلاَّ الشعبي وأبو عبدالرحمن السلمي. انظر: فتح الباري 2/ 645.
([16]) مجموع الفتاوى 21/ 278 - 279.
([17]) انظر: تهذيب السنن لابن القيم 1/ 54 - 55.
([18]) أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن كما قال الحافظ في فتح الباري 2/ 645.
([19]) أخرجه ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح 2/ 645.
([20]) إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن لأبي عبدالرحمن محمود الجزائري ص 41 - 43 باختصار.
([21]) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب: فرض الوضوء رقم [61] 1/ 49، 50، والترمذي في كتاب الطهارة، باب: ماجاء أن مفتاح الصلاة الطهور رقم [3] 1/ 8، 9، وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.
والحديث صحيح. وانظر تخريجه بالتفصيل والحكم عليه في إرواء الغليل للألباني رقم [301] 2/ 8 - 10.
([22]) رواه البيهقي بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح 2/ 644.
([23]) سيأتي ذكره وتخريجه في مبحث صفة سجود التلاوة - إن شاء الله -.
([24]) مجموع الفتاوى لابن تيمية 23/ 170، 171، 165.
([25]) انظر: كتاب إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن ص 45.
([26]) انظر: المرجع السابق ص 45، والمحلى لابن حزم 1/ 80.
([27]) انظر: إتحاف أهل الإيمان بأحكام سجود القرآن ص 45، 46، وتهذيب السنن لابن القيم 1/ 55.
([28]) تهذيب السنن لابن القيم 1/ 56.
([29]) هو: عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة العبسي مولاهم الكوفي، أبو بكر، صاحب {المسند} و {المصنّف} وغير ذلك. أخذ عنه البخاري ومسلم وغيرهما كثير، قال الخطيب: كان أبو بكر متقناً حافظاً، صنّف المسند، والأحكام والتفسير. مات - رحمه الله - سنة 235 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 2/ 84، 85.
([30]) فتح الباري لابن حجر العسقلاني 2/ 644.
([31]) هو: الشيخ العلاّمة عبدالعزيز بن عبد الله بن باز، رئيس هيئة الإفتاء بالمملكة العربيَّة السعوديَّة وأحد كبار العلماء، مشهور بعلمه الغزير، وخلقه الجَمّ، واهتمامه بأمور المسلمين، معاصر - بارك الله في عمره -. انظر: كتاب علماؤنا لفهد البدراني وفهد البراك ص 28 - 33.
([32]) من كتاب التبيان في سجدات القرآن لعبدالعزيز السدحان ص 32.
([33]) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 21/ 279.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2006, 03:20 م]ـ
المبحث الرابع
صفة سجود التلاوة
قال ابن عبدالبر وهو يذكر أحكام سجود التلاوة: (ويكبّر لها إن شاء، ولا تشهد فيها ولا تسليم) ([1]) ا هـ.
وقال - رحمه الله -: (وأمَّا اختلافهم في التكبير لسجود التلاوة والتسليم منها، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة: يكبر التالي إذا سجد، ويكبر إذا رفع رأسه في الصلاة وفي غير الصلاة.
وروى ذلك عن جماعة من التابعين، وكذلك قال مالك إذا كان في صلاة، واختلف عنه إذا كان في غير صلاة.
وكان الشافعي وأحمد يقولان: يرفع يديه إذا أراد أن يسجد.
قال الأثرم: وأُخبرت عن أحمد أنه كان يرفع يديه في سجود القرآن خلف الإمام في التراويح في رمضان، قال: وكان ابن سيرين ([2]) ومسلمُ بن يسار ([3])، يرفعان أيديهما في سجود التلاوة إذا كبرا.
وقال أحمد: يدخل هذا في حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير ([4]).
ثُمَّ قال: مَن شاء رفع، ومن شاء لم يرفع يديه ههنا.
وقال أبو الأحوص ([5]) وأبو قلابة ([6]) وابن سيرين وأبو عبدالرحمن السلمي: يسلّم إذا رفع رأسه من السجود، وبه قال إسحاق، قال: يسلم عن يمينه فقط: السلام عليكم.
وقال إبراهيم النخعي والحسن البصري وسعيد بن جبير، ويحيى ابن وثاب ([7]): ليس في سجود القرآن تسليم، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم.
وقال أحمد بن حنبل: أمَّا التسليم، فلا أدري ما هو؟) ([8]).
الدراسة:
ذكر ابن عبدالبر - رحمه الله - أقوال العلماء في التكبير لسجود التلاوة والتسليم منها، ويُمكن تقسيم ذلك إلى مسألتين:
المسألة الأولى: التكبير لسجود التلاوة:
يرى ابن عبدالبر أن الساجد للتلاوة له أن يكبر إن شاء، وليس ذلك بلازم، هذا ما يفهم من قوله: (ويكبّر لها إن شاء).
وقد ورد في التكبير لسجود التلاوة حديث رواه أبو داود عن ابن عمر أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مرّ بالسجدة كبّر وسجد وسجدنا ([9]).
قال البغوي: (السنّة إذا أراد السجود للتلاوة أن يكبر، روي عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مرّ بالسجدة كبّر وسجد وسجدنا معه. وهو قول أكثر أهل العلم) ([10]) ا هـ.
والقول بمشروعية التكبير لسجود التلاوة متوقف على ثبوت هذا الحديث. فإن ثبت فهو فاصل في هذه المسألة، وإن لم يثبت فلايقال بمشروعية التكبير؛ إلاَّ إذا دلّ عليه دليل صحيح.
وقد ضعّف هذا الحديث جماعة من العلماء كالنووي، وابن تيمية، وغيرهما - كما سبق في تخريج هذا الحديث - وعليه فلايُقال بمشروعية هذا التكبير.
قال المحدّث الألباني ([11]): (وقد روى جماعة من الصحابة سجوده صلى الله عليه وسلم للتلاوة في كثير من الآيات في مناسبات مختلفة، فلم يذكر أحد منهم تكبيره عليه السلام للسجود؛ ولذلك نميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير، وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله) ([12]) ا هـ.
هذا إذا كان السجود للتلاوة خارج الصلاة، (وأمَّا إذا كان السجود للتلاوة في الصلاة فإن حكمه فيها كحكم باقي سجداتها يكبّر عند الخفض ويكبّر عند الرفع في داخل الصلاة) ([13]).
وهل يرفع يديه إذا كبّر لسجود التلاوة في الصلاة؟:
الجواب: يُؤخذ من قول ابن عبدالبر: (قال الأثرم: وأُخبرت عن أحمد أنه كان يرفع يديه في سجود القرآن خلف الإمام في التراويح في رمضان، قال: وكان ابن سيرين ومسلم بن يسار يرفعان أيديهما في سجود التلاوة إذا كبّرا.
وقال أحمد: يدخل هذا في حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير.
ثُمَّ قال: مَن شاء رفع، ومَن شاء لم يرفع يديه ههنا) ا هـ.
والخلاصة: أن الأمر في هذا واسع، فمن شاء رفع، ومن شاء لم يرفع، والحمد لله.
المسألة الثانية: التسليم من سجود التلاوة:
قال ابن عبدالبر: (ولا تشهد فيها ولا تسليم) ا هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا هو الصحيح، وهو قول أكثر أهل العلم كما يفهم ذلك مِمَّا ذكره ابن عبدالبر في هذه المسألة، قال: (وقال إبراهيم النخعي والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ويحيى بن وثاب: ليس في سجود القرآن تسليم، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم.
وقال أحمد بن حنبل: أمَّا التسليم فلا أدري ما هو؟) ا هـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فإن أئمة الحديث والفقه ليس فيهم أحد قط نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه سلّم منه) ([14]) ا هـ.
ومثل التسليم التشهد، فلا تشهُّد بعد سجدة التلاوة كما قال أكثر أهل العلم ([15]).
وبعد هذا العرض، يتبين لنا أن صفة سجود التلاوة تكون كالتالي:
إذا مرّ القارئ للقرآن بسجدة تلاوة فيشرع له ولمن استمع إليه أن يخرّ ساجداً بدون تكبير ويقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين ([16]). اللهم احْطُطْ عني بها وزراً، واكتب لي بها أجراً، واجعلها لي عندك ذُخراً، وتقبَّلْها مني كما تقبلتها من عبدك داود ([17]).
وإن قال فيها ما يقوله في سجود الصلاة جاز ([18]).
ثُمَّ يرفع رأسه بلا تكبير، ولا يتشهد بعد السجود ولا يسلّم.
هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سجود القرآن، وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم ([19]).
الحواشي والتعليقات --------------------------------------------------------------------------------
([1]) الكافي في فقه أهل المدينة ص 76، 77.
([2]) هو: محمد بن سيرين، الإمام الرباني، أبو بكر، مولى أنس بن مالك - رضي الله عنه - كان إماماً غزير العلم، ثبتاً، علاّمة في التعبير، رأساً في الورع، رأى ثلاثين من أصحاب رسول الله r ، مات سنة 110 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 151 - 152، وسير أعلام النبلاء 4/ 606 - 622.
([3]) هو: مسلم بن يسار، القدوة، الفقيه، الزاهد، أبو عبد الله البصري، مولى بني أمية، كان يضرب به المثل في حسن صلاته، كان إذا صلّى كأنه ثوبٌ ملقى فلايسمع من حوله، مات - رحمه الله - سنة 100 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 4/ 510 - 514.
([4]) أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 316 عن وائل بن حجر قال: (رأيت رسول الله e يرفع يديه مع التكبير) وهو حديث حسن كما قال الألباني في إرواء الغليل رقم [641] 3/ 113 - 114.
([5]) هو: سلاّم بن سليم الثقفي مولاهم الكوفي، أبو الأحوص، الحافظ الثبت، قال ابن معين: ثقة متقن. وكان صاحب سنة واتباع. مات - رحمه الله - سنة 179 هـ مع مالك وحمّاد - رحمهم الله جميعاً -. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 368 - 369، وسير أعلام النبلاء 8/ 281 - 284.
([6]) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمِيُّ البصريّ، أبو قلابة، أحد الأئمة الأعلام، روى عن جماعة من الصحابة، وكان ممن ابتُلي في دينه وبدنه حيث فقد يديه ورجليه وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر. وكان من عبّاد التابعين وزهادهم. مات بمصر سنة 104 هـ أو 107 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 164 - 166، وسير أعلام النبلاء 4/ 468 - 475.
([7]) هو: يحيى بن وثّاب، الإمام القدوة، المقرئ، الفقيه، شيخ القرّاء الأسدي الكاهلي، مولاهم، الكوفي، أحد الأئمة الأعلام. كان - رحمه الله - من أحسن الناس قراءة، حتى إنه إذا قرأ في المسجد أنصت الناس فلاتُسمع في المسجد حركة. مات سنة 103 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 4/ 379 - 382.
([8]) التمهيد 19/ 133 - 134.
([9]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة رقم [1413] 2/ 125 - 126 في سنده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم وهو ضعيف كما في التقريب رقم [3513] ص 528، ولذا فقد ضعفه جماعة من العلماء كابن تيمية في مجموع الفتاوى 23/ 170، والنووي في المجموع 4/ 64، والألباني في الإرواء 2/ 224، 225.
([10]) شرح السنة للبغوي 3/ 315.
([11]) هو: أبو عبدالرحمن، محمد ناصر الدين بن نوح الألباني، ولد سنة 1333 هـ، واشتغل بدراسة الحديث منذ أن كان في العشرين من عمره، وأصبح الحديث شغله الشاغل حتى صار أكبر محدثي العصر بلا منازع كما يشهد لذلك مؤلفاته الكثيرة المشهورة على حدّة فيه وشدّة في الرد على مخالفيه - عفا الله عنه - وهو معاصر حفظه الله. انظر: كتاب علماؤنا، إعداد فهد البدراني وفهد البراك ص 38 - 41.
([12]) تمام المنة للألباني ص 269.
([13]) من كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز بتصرف، يسير نقلاً عن كتاب التبيان في سجدات القرآن ص 41.
([14]) مجموع الفتاوى 23/ 170.
([15]) انظر: كتاب سجود التلاوة وأحكامه للدكتور صالح اللاحم ص 138 - 139.
([16]) ثبت هذا الدعاء بهذا اللفظ في مستدرك الحاكم 1/ 480 رقم [833]، وأخرجه بدون زيادة {فتبارك الله أحسن الخالقين} أبو داود في كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا سجد، رقم [1414] 2/ 126، 127، والترمذي في أبواب الصلاة، باب: ما يقول في سجود القرآن رقم [580] 2/ 474 وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في الافتتاح، باب: الدعاء في السجود 2/ 222، وهو حديث صحيح. انظر: صحيح سنن أبي داود رقم [1255] 1/ 265، وصحيح سنن النسائي رقم [1081] 1/ 242.
([17]) أخرج هذا الدعاء الترمذي في أبواب الصلاة، باب: ما يقول في سجود القرآن رقم [579] 2/ 472، 473، وقال: هذا حديث حسن غريب. وانظر: صحيح سنن الترمذي رقم [473] 1/ 180 حيث قال: حسن. وقد حسّنه النووي في المجموع 4/ 64.
([18]) انظر: المجموع للنووي 4/ 64، والشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 4/ 144 - 145.
([19]) انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 1/ 362 - 363.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jun 2006, 06:12 م]ـ
قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: (ولابأس بقراءة السجدة في النافلة والمكتوبة إذا لم يخف أن يخلط على من خلفه، وقد روى عنه كراهة ذلك للمنفرد، وليس بشيء؛ لأنه لايُخشى عليه أن يخلط على غيره.
وروى أشهب وابن نافع عن مالك أنه إن كان خلفه قليل من الناس فلابأس أن يقرأ بسورة فيها سجدة في المكتوبة ويسجد، قال يحيى بن عمر ([1]): وهو أحبّ إلي) ([2]) ا هـ.
الدراسة:
التالي في الصلاة إمَّا أن يكون منفرداً أو إماماً.
فإذا كان منفرداً فله أن يقرأ السجدة في صلاة سواء كانت سرية أم جهرية، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأنه لايُخشى عليه أن يخلط أو يُلبّس على غيره، كما نبّه على ذلك ابن عبدالبر.
وإذا كان إماماً، فلايخلو من أن تكون الصلاة جهرية أو سرية. فإذا كانت جهرية فلابأس بقراءة آية السجدة في الصلاة سواء كانت مفروضة أم نافلة، ويدلّ على ذلك أحاديث:
منها: حديث أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ: {إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] فسجد، فقلتُ: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه. ([3])
قال ابن عبدالبر في ذكر فوائد هذا الحديث: (وفيه السجود في المفصل، والسجود في {إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] معينة، والسجود في الفريضة، وهذه فصول كلها مختلف فيها، وهذا الحديث حجة لمن قال به، وحجة على من خالف ما فيه) ([4]).
ومنها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر {ألم تنزيل السجدة} و {هل أتى على الإنسان} [الإنسان: 1] متفق عليه ([5]).
وإذا كانت الصلاة سرية، فلاينبغي للإمام أن يقرأ آية فيها سجدة ثُمَّ يسجد؛ لئلا يخلط على الناس، فقد يتوهم المقتدون به أنه سها عندما يخر للسجود لعدم سماعهم تلاوته، فتنقلب الصلاة إلى فوضى، ولهذا لاينبغي للإمام في السرية أن يقرأ آية فيها سجدة تلاوة ثُمَّ يسجد إلاَّ إذا أَمِنَ من حصول المفسدة المترتبة على عدم سماعهم لتلاوته، وذلك بأن يخبرهم بأنه سوف يقرأ آية فيها سجدة، أو يكون العدد قليلاً فيسمعهم تلاوته لآية السجدة.
فعلّة كراهة قراءة آية السجدة هي خوف التشويش على المصلين، فإذا انتفت هذه العلة ارتفعت الكراهة، فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً كما تقرر في علم الأصول.
وهذا معنى قول ابن عبدالبر: (ولابأس بقراءة السجدة في النافلة والمكتوبة إذا لم يخف أن يخلط على من خلفه) ا هـ.
وهذا عام في كلا صلاة، سواء كانت نافلة أم مكتوبة، وسواء كانت سرية أم جهرية، وهذا هو الرأي الصواب فيما أعلم. ([6]).
--------------------------------------------------------------------------------
التعليقات والحواشي:
([1]) هو: يحيى بن عمر بن يوسف الكتاني الأندلسي، أبو زكريا، فقيه مالكي عالم بالحديث. نشأ بقرطبة القيروان، ورحل إلى المشرق ثُمَّ استوطن سوسه، ومات بها، كانت الرحلة إليه في وقته، وله نحو 40 جزءاً من المصنفات، مات سنة 289 هـ. انظر: الأعلام للزركلي 8/ 160.
([2]) الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبدالبر ص 77.
([3]) أخرج هذه الرواية البخاري في صحيحه في كتاب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها رقم [1078] ص 214، 215 (ط: بيت الأفكار الدولية)، ومسلم في كتاب المساجد، باب: سجود التلاوة رقم [578] ص 231.
([4]) التمهيد 19/ 122.
([5]) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة رقم [891] ص 179 ومسلم في كتاب الجمعة، باب: ما يقرأ في يوم الجمعة رقم [880] ص 339 (ط: بيت الأفكار الدولية).
([6]) انظر تفصيل هذه المسألة وأقوال أصحاب المذاهب فيها في كتاب: سجود التلاوة وأحكامه للدكتور صالح اللاحم ص 73 - 82.
ـ[الراية]ــــــــ[16 Jun 2006, 06:51 م]ـ
هنا بحث
سجدات القرآن
أحكام وتوجيهات
للدكتور \ فهد بن عبد العزيز الفاضل
الاستاذ بكلية الملك عبدالعزيز الحربية
نشر في مجلة البحوث الاسلامية
العدد الحادي والسبعون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1424هـ
http://www.alifta.com/sites/iftaa/Re2asa/fatawaDetailselbo7os.aspx?View=Page&PageID=10312&PageNo=1&BookID=2P92
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Aug 2006, 06:34 ص]ـ
جاء في تفسير ابن أبي حاتم: حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن حُمْران، حدثنا ابن عَوْن قال: سألت الشعبي قلت: الرجل يرى القوم سجوداً ولم يسمع ما سجدوا، أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان:73].
قال ابن كثير معلقاً على هذا الأثر: (يعني: أنه لا يسجد معهم لأنه لم يتدبر آية السجدة؛ فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمعة، بل يكون على بصيرة من أمره، ويقين واضح بَيِّن.).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[18 Aug 2006, 07:07 ص]ـ
العضو الكريم الراية ان رابطك لا يعمل بارك الله فيك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Sep 2006, 06:52 ص]ـ
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الرَّجُلِ إذَا كَانَ يَتْلُو الْكِتَابَ الْعَزِيزَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَقَرَأَ سَجْدَةً فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَسَجَدَ. فَهَلْ قِيَامُهُ أَفْضَلُ مِنْ سُجُودِهِ. وَهُوَ قَاعِدٌ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: بَلْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ قَائِمًا أَفْضَلُ مِنْهُ قَاعِدًا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا وَكَمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ بَلْ وَكَذَلِكَ سُجُودُ الشُّكْرِ كَمَا رَوَى أَبُو داود فِي سُنَنِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُجُودِهِ لِلشُّكْرِ قَائِمًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الِاعْتِبَارِ فَإِنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ. وَقَدْ ثَبَتَ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِذَا قَرُبَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَائِمٌ وَأَحْيَانًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَاعِدٌ} فَهَذَا قَدْ يَكُونُ لِلْعُذْرِ أَوْ لِلْجَوَازِ وَلَكِنْ تَحَرِّيهِ مَعَ قُعُودِهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَيَسْجُدَ وَهُوَ قَائِمٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ. إذْ هُوَ أَكْمَلُ وَأَعْظَمُ خُشُوعًا لِمَا فِيهِ مِنْ هُبُوطِ رَأْسِهِ وَأَعْضَائِهِ السَّاجِدَةِ لِلَّهِ مِنْ الْقِيَامِ .... )
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 300)
ـ[الراية]ــــــــ[29 Sep 2006, 01:52 م]ـ
العضو الكريم الراية ان رابطك لا يعمل بارك الله فيك
يمكن الدخول للبحث من الصفحة الرئيسية في موقع رئاسة الافتاء ثم الدخول الى مجلة البحوث من خلال العدد المذكور والسنة.
ـ[ابن جرير العربي]ــــــــ[14 Jun 2007, 07:20 ص]ـ
وجدت بحثاً حول نفس الموضوع فرأيت أن أضيف رابطه هنا للفائده
تيسير الرحمن في أحكام سجود التلاوة في القرآن ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=7&book=1365)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Feb 2009, 07:41 ص]ـ
في عام 1428هـ صدرت الطبعة الأولى من كتاب: "سجدات القرآن – فوائدها وأسرارها" للدكتور نصر بن سعيد بن عبدالمقصود.
وقد اطلعت على هذا الكتاب الذي يقع 168 صفحة، فوجدته كتاباً طيباً نافعاً في هذا الباب، وقد جعله مؤلفه في مقدمة وستة مباحث وخاتمة.
المبحث الأول: السجود وفوائده.
المبحث الثاني: موضوعات آيات السجدة. وذكر في هذا المبحث اثني عشر مطلباً، ذكر فيها أربعة عشر موضوعاً لسجدات القرآن، وهي:
1. سجود الملائكة المقربين.
2. سجود الرعد وتسبيحه.
3. سجود الظلال للكبير المتعال.
4. سجود مؤمني أهل الكتاب.
5. سجود الذين أنعم الله عليهم.
6. سجود المخلوقات عامة والمؤمنين خاصة.
7. السجود للرحمن من خلال سورة الفرقان.
8. طائر يغضب لله ويدعو إلى السجود لمولاه.
9. برهان الإيمان في سجود القرآن.
10. توبة نبي الله داود عليه السلام.
11. السجود للخالق لا للمخلوق.
12. خضوع الكافر لله كرهاً.
13. سجود من يتلى عليه القرآن.
14. سجود أول العابدين (مسك الختام وختام المسك.)
المبحث الثالث: سجدات القرآن وفوائدها.
المبحث الرابع: دلالات السجدات القرآنية وأسرارها.
المبحث الخامس: علاقة اسم السورة بآية السجدة فيها.
المبحث السابع: خصوصية سورة الحج بسجدتين.
الخاتمة وأهم النتائج.
وفي الكتاب فوائد متنوعة، وتنبيهات متفرقة، ولطائف مستحسنة. ومن أحسن ما أعجبني فيه حرص المؤلف على الإيمانيات، وربط المؤمن برب الأرض والسموات، من خلال فهم معاني هذه السجدات.
"فالوصول إلى الفردوس الأعلى صعب المنال، وطريقه هو السجود لله الكبير المتعال."
"ومن هنا فإن سمو الروح لا يكون إلا بكثرة السجود"
"فالكون من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه ساجد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد زلم يكن له كفوا أحد."
"فإذا وصلت إلى قدر معين من القراءة، وعرضت لك آية سجدة، فاعلم أن الله عز وجل أرد وصلك ومكافأتك، فاسجد لربك فإن السجدة جائزتك."
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 Dec 2009, 12:43 ص]ـ
قال الشيخ بكر أبو زيد- رحمه الله-:
"المحدثات في سجود التلاوة:
الاقتصار في سجود التلاوة على قول (الَّلهَُّم لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَليْكَ تَوَكَّلْتُ ... ) والمشروع قول (سُبْحَانَ رَبِي الْأَعْلَى) كسائر السجود, وإن زاد ما ذكر فحسن"ا. هـ.
[تصحيح الدعاء, ص293,ط دار العاصمة]
قال الشيخ محمد بن عثيمين- رحمه الله-:
"لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- (لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قَالَ: اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُمْ) وهذا يشمل السجود في الصلاة وسجود التلاوة.
ويقول أيضا:"سُبَحَانَكَ الَّلَهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ الَّلَهُمَّ اغْفِرْ لِي"لدليلين:
الدليل الأول: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} السجدة15,وهذه أية سجدة.
الدليل الثاني: حديث عائشة- رضي الله عنها- (كَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبَحَانَكَ الَّلَهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ الَّلَهُمَّ اغْفِرْ لِي) ... "ا. هـ.
[الشرح الممتع,3/ 144,ط مؤسسة آسام]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 Dec 2009, 12:49 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إذا مر الإنسان بآية السجدة في صلاة الكسوف هل يسجد ويطيل السجدة، أو يسجد سجدة خفيفة كالعادة؟ الظاهر الأول: أنه إذا سجد للتلاوة يطيل سجدة التلاوة كما أطال سجدة الصلاة؛ وذلك من أجل أن تكون الصلاة متناسبةً؛ لأن سجود التلاوة داخل الصلاة حكمه حكم سجود الصلاة، فينبغي أن يكون طويلاً متناسباً.)(/)
وجه من وجوه إعجاز القرآن العظيم.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[26 Oct 2005, 05:21 ص]ـ
من الدلائل الإجمالية لإعجاز القرآن الكريم تحقق الجمع الأسلوبي في السورة القرآنية بين النهايتين المتضادتين, ووجه الإعجاز ينجلي بوضوح لو تمثلنا ذلك في صورة من يطلب منه أن يخطو خطوة إلى جهة المشرق على شرط أن تكون تلك الخطوة عينها تدنيه من جهة الغرب .... هذا خارج طوق البشر قطعا.
وقد تنبه الدكتور عبد الله دراز –رحمه الله-إلى هذ ا الوجه الإعجازي فصاغ تلك النهايات المتضادة المتحققة في القرآن في صورة ثنائيات عددها أربع:
1 - "القصد في اللفظ" و "الوفاء بحق المعنى".
2 - "خطاب العامة " و "خطاب الخاصة".
3 - "إقناع العقل" و "إمتاع العاطفة"
4 - "البيان" و "الإجمال".
وقد فصل -رحمه الله –في هذه الثنائيات بما لا مزيد عليه وكل ذلك مزبور في كتابه "النبأ العظيم" لمن شاء منكم الاطلاع عن كثب ... وحسبي هنا أن أشير إلى أن من شأن طرفي الثنائية التنافر والتخاصم:فلا يمكن –مثلا- "الوفاء بحق المعنى" في الوقت الذي نخطط فيه ل"القصد في اللفظ".لأن الطرف منهما لا يتحقق إلا بنقيض مقابله. وعلى هذا يقاس باقي الثنائيات.
ومقصودي-في ذا المقال- هو إضافة ثنائية أخرى مستدركة أطمع إلى تفصيلها دون أن أدعي الاقتراب من شأو الدكتور دراز فضلا عن أن أساويه ..
5 - "التجانس" و "التميز".
هذه الثنائية-إن صحت-تقوم على ادعائين:
-دعوى أن القرآن كله متجانس في أسلوبه متشابه فى نسجه.
-دعوى أن كل سورة في القرآن تتميز عن أخواتها أسلوبا ونسجا.
فيكون الوجه الإعجازي جليا: اقتراب متزامن من نهايتين متضادتين: تميز الأفراد بحيث يتجانس المجموع ..... !! ويتشابه المجموع في حين ينزع كل فرد إلى التفرد ... !! وقبل ذلك لا بد من تفحص الادعائين.
لعل الدعوى الأولى مسلمة وليست كذلك الثانية ....
وقولي "مسلمة" يستند إلى ما هو ملحوظ –بصورة تكاد تكون تجريبية- من قدرة العربي المتوسط على التعرف على أسلوب القرآن بيسر شديد .... فلا يختلط عنده بغيره. فلو أدمجنا بعض القرآن وسط نص للجاحظ –مثلا- لاستطاع العربي أن يدرك طبقتين من الفصاحة متميزتين داخل ذلك النص.تميز لا تخطئه الأذن ولا يخفى عن الذوق وإنكاره من قبيل المكابرة لا غير ... وفي المقابل لو أشربنا نص"الجاحظ" بعضا من كلام "عبد الحميد الكاتب" أو أقحمنا جملا من مقامة "همذانية" في مقامة "حريرية" فلا ينتظر أن يشعر القاريء بالتفاوت نعم قد يحدس بعض الفرق-إن كان من ذوي التخصص العالي في أساليب الادباء- لكن دون أن يصل به الأمر إلى لمس طبقتين من الكلام متباينتين إحداهما أعلى بكثير من الأخرى ...
لكن شأن الدعوى الثانية مختلف ......
فالتعويل على الحدس هنا لا يكفي .... صحيح أن التالي للقرآن قد يجد في نفسه شيئا من اختلاف سورة عن أختها لكن الدعوى لا تثبت إلا بتمحيص تفصيلي لأن الشأن يتعلق بالاختلاف ولا سبيل الى ادراكه إلا بالتنصيص عليه .... ومع ذلك فليس في وسعنا استقراء كل سور القرآن العظيم والتنبيه على "شخصية" كل سورة منه .....
ليس في الطاقة إلا" النمذجة " مع ترك الفرضية مفتوحة لمن شاء أن ينصرها أو شاء أن يدحضها.
نموذج: سورة الأحزاب:
أنا زعيم بأن السورة المباركة تتميز عن أخواتها بظاهرة أسلوبية يسهل التقاطها بمجرد قراءة السورة وقد لا تتكرر في أية سورة أخرى بالوتيرة ذاتها .... وأعنى ظاهرة "التعدد والتعداد".
ومن الطريف أن نلاحظ بدءا أن اسم السورة –الأحزاب-مؤشر قوي على معنىالتعدد والتعداد ..
كما أن مطلع السورة الندائي الذي يقرع الأذن يدخل القاريء إلى فضاء سيستأنس فيه بتكرار النداءات وتعددها على نحو لا يجده في سورة أخرى. لقد أحصيت 13 نداء:
1. -يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّه.
2. -يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
3. -يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ.
4. يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ
5. -يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء.
6. -يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا.
7. -يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
8. -يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ.
9. -يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَك.
10. -يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ.
11. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ-
12. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى.
13. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً.
تعدد المنادى: النبي خمس مرات ,المؤمنون ست مرات, ونساء النبي مرتين.
ومابين نداء ونداء يمر التالي بسلسلة من "التعدادات" حتى يتيقن أن التعداد هي ميزة السورة بلا ريب ........ أليس في سورة الأحزاب:
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {35}
تعداد مبارك لأهل البر ذكورا وإناثا بلغ عشرين – أوعشرة أزواج-
أليس في سورة الأحزاب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.
تعداد لما أحل الله لرسوله.-سبع أصناف-
وهذا تعداد في سياق آخر:
لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً {55}.
-سبع أصناف –
وهذه آيتان هما أجمع لصفات النبي صلى الله عليه وسلم وهما من "الأحزاب"طبعا:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً {45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً {46}
-سبع صفات أيضا: النبوة والرسالة والشهادة والبشارة والنذارة والدعوة إلى الله والهدى-
وهذه سلسلة من أدب المؤمنين مع نبيهم ونسائه معدودة في كل الأحوال:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً {53}.
وهذا تعداد لأولي العزم من الرسل وهم خمسة من صفوة خلق الله:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً.
ثم تمضي السورة المباركة في تعداد أنواع المشركين والمنافقين وتعداد ما أفاء الله على المؤمنين في غزوتهم ...... إلى ان تصل إلى التعداد الختامي:
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {73}.(/)
مالكتاب المناسب؟؟
ـ[أبو حسن]ــــــــ[27 Oct 2005, 12:40 م]ـ
أيه الأحبة
هل هناك كتاب مختصر يناسب تدريسة لطلاب حلقات القرآن الكريم
في علوم القرآن؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[27 Oct 2005, 02:19 م]ـ
يمكن ان يعتمد كتاب علوم القران للمرحوم الدكتور سيد احمد الكومي والدكتور محمد القاسم فهو مختصر نافع ومفيد والله اعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Oct 2005, 02:30 م]ـ
عليك بأحد هذين الكتابين: أصول في التفسير للشيخ محمد بن صالح العثيمين
أو: الوجيز في علوم القرآن العزيز للدكتور مشعل الحداري.
ويمكنك مطالعة هذا الموضوع:
كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=26&highlight=%C7%E1%E6%CC%ED%D2)
ـ[أبو حسن]ــــــــ[27 Oct 2005, 05:59 م]ـ
نرد المزيد من الآراء
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Nov 2005, 03:05 م]ـ
كم سن طلاب الحلقة وما المستوى الدراسي؟
ـ[أبو حسن]ــــــــ[05 Nov 2005, 06:38 م]ـ
المتوسطة والابتدائية
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Nov 2005, 06:41 م]ـ
برأيي أنه لا يوجد كتاب يتناسب مع هذا المستوى، والأفضل أن يلخص المدرس للحلقة بما يراه متناسب مع مستوى الذي أمامه بعبارات سهلة بسيطة ويلقن للطلاب وعلى مرور الزمن تتكون معلومات جيدة تتناسب مع هذا السن يمكن اعتماده بعد التعديلات والمراجعات ثم تصيغه بإسلوب منهجي يعتبر فيه القياس والتقويم وفاعلية الأسئلة والله أعلم(/)
طلب القراءة من حسن الصوت من عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Oct 2005, 06:09 ص]ـ
قال النووي رحمه الله في المجموع: (يسن تحسين الصوت بالقراءة , للأحاديث الصحيحة المشهورة فيه ... ويسن طلب القراءة من حسن الصوت والإصغاء إليها ; وهذا متفق على استحبابه , وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين. وفي الصحيحين {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود , اقرأ علي القرآن فإني أحب أن أسمعه من غيري , فقرأ عليه من سورة النساء حتى بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}. والآثار فيه كثيرة مشهورة).
قال ابن العربي المالكي رحمه الله عند ذكره للمسائل التي دل عليها قول الله تعالى: ? وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ? (سبأ:10):
(المسألة الثانية: وفيه دليل الإعجاب بحسن الصوت , وقد روى عبد الله بن مغفل قال: {رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته أو جمله وهي تسير به , وهو يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع , ويقول آه} , واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع , وكرهه مالك. وهو جائز {لقول أبي موسى للنبي عليه السلام: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا} ; يريد لجعلته لك أنواعا حسانا , وهو التلحين , مأخوذ من الثوب المحبر , وهو المخطط بالألوان. وقد سمعت تاج القراء ابن لفتة بجامع عمرو يقرأ: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك}. فكأني ما سمعت الآية قط. وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ , وأنا حاضر بالقرافة: فكأني ما سمعتها قط. وسمعت بمدينة السلام شيخ القراء البصريين يقرأ في دار بها الملك: {والسماء ذات البروج} فكأني ما سمعتها قط حتى بلغ إلى قوله تعالى: {فعال لما يريد} فكأن الإيوان قد سقط علينا. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن , وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر وأقرب إلى لين القلوب وذهاب القسوة منها. وكان ابن الكازروني يأوي إلى المسجد الأقصى , ثم تمتعنا به ثلاث سنوات , ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيسمع من الطور , فلا يقدر أحد أن يصنع شيئا طول قراءته إلا الاستماع إليه. وكان صاحب مصر الملقب بالأفضل قد دخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وحولها عن أيدي العباسية , وهو حنق عليها وعلى أهلها بحصاره لهم وقتالهم له , فلما صار فيها , وتدانى بالمسجد الأقصى منها , وصلى ركعتين تصدى له ابن الكازروني , وقرأ: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} فما ملك نفسه حين سمعه أن قال للناس على عظم ذنبهم عنده , وكثرة حقده عليهم: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}. والأصوات الحسنة نعمة من الله تعالى , وزيادة في الخلق ومنة. وأحق ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله ; فنعم الله إذا صرفت في الطاعة فقد قضي بها حق النعمة.)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Oct 2005, 11:59 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد على هذه النادرة.
وقد مر معي أثناء قراءتي للبداية والنهاية لابن كثير وصفه لكثير من المترجمين والقراء بحسن الصوت، وذكره لقصص من هذا الباب. ومن ذلك قوله في ترجمة محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة: (أبو بكر الأدمي صاحب الألحان كان حسن الصوت بتلاوة القرآن، وربما سمع صوته من بُعدٍ في الليل. وحج مرة مع أبي القاسم البغوي، فلما كانوا بالمدينة دخلوا المسجد النبوي، فوجدوا شيخا أعمى يقص على الناس أخباراً موضوعة مكذوبة، فقال البغوي: ينبغي الإنكار عليه. فقال له بعض أصحابه: إنك لست ببغداد يعرفك الناس إذا أنكرت عليه، ومن يعرفك هنا قليلٌ، والجمع كثير، ولكن نرى أن تأمر أبا بكر الأدمي فيقرأ.
فأمره فاستفتح، فقرأ، فلم يتم الاستعاذةَ حتى انجفل الناسُ عن ذلك الأعمى وتركوه، وجاؤا إلى أبي بكر، ولم يبق عند الضرير أحد، فأخذ الأعمى بيد قائده وقال له: اذهب بنا فهكذا تزول النعم) وفي هذا دلالة على حسن صوته، وجماله. ونسأل الله الإخلاص لنا ولجميع المسلمين، فإن كثيراً من القراء ذوي الصوت الحسن، يكثر عليهم الناس، ويجتمع ورائهم خلائق لا يحصون، مما قد يكون مدخلاً للشيطان عند بعضهم عصمهم الله ووفقهم، وقد شهدت وصليت وراء عدد من أولئك القراء المتقنين ذوي الأصوات الحسنة، وإن لتجد للقرآن لذة ورائهم، لما للصوت الحسن من التأثير في تدبر القرآن، والإنصات له. وقد ذكر ابن كثير في ترجمة القارئ السالف أنه (رآه بعضهم في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟
قال: وقفني بين يديه، وقاسيت شدائد وأهوالا.
فقلت له: فتلك القراءة الحسنة؟ وذلك الصوت الحسن؟ وتلك المواقف؟
فقال: ما كان شيء أضر علي من ذلك؛ لأنها كانت للدنيا.
فقلت: إلى أي شيء انتهي أمرك؟
فقال: قال الله عز وجل: آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين).
أسأل الله للجميع التوفيق والقبول في هذه الليالي المباركة (العشر الأواخر من رمضان 1426).(/)
إنتاج مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي (منقول)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Oct 2005, 09:16 م]ـ
بتوجيهات وزير الشؤون الإسلامية
إنتاج مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي
* الرياض - الجزيرة:
أتم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة مشروع إنتاج أحد البرامج الحاسوبية المتميزة، التي تخدم الباحثين وطلبة العلم وغيرهم، بعنوان (مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي).
أوضح ذلك الأمين العام للمجمع الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي، وقال - في تصريح له -: إن هذا البرنامج سيستخدم في البحث عن نصوص الآيات القرآنية في المصحف، وكتابتها بخط الرسم العثماني (المطابق للرسم المستخدم في مصحف المدينة النبوية) في برنامج النشر المكتبي.
واستعرض العوفي مزايا البرنامج، منها إمكانية كتابة وإدراج الآيات القرآنية مباشرة في برنامج تحرير النصوص (مايكروسوفت وورد MS- Word)؛ وذلك على هيئة خط True type font ( مطابق لخط اليد المستخدم في كتابة مصحف المدينة النبوية)، مما يسهل أعمال التحرير والتنسيق، وإمكانية كتابة وإدراج الآيات القرآنية مباشرة في عدد من برامج الرسم والنشر المكتبي المشهورة، وهي: فوتوشوب PhotoShop، وإن ديزاين InDesign، وإليستريتور ILLustrator، ويتم إدراج الآيات أيضا على هيئة خط True Type Font ( مطابق لخط اليد المستخدم في كتابة مصحف المدينة النبوية)، وهذه خدمة مهمة، وغير متوافرة في كثير من البرامج الأخرى المماثلة.
سرعة وإتقان
ومن المزايا الأخرى للبرنامج - أضاف الدكتور العوفي قائلا - سرعة ودقة نتائج البحث، حيث يمكن الوصول إلى الآيات المقصودة والبحث في المصحف بكامله في ثوان معدودة، والسهولة والمرونة في استخدام البرنامج والتعامل معه حتى من قبل غير ذوي الاختصاص، مع المحافظة على البساطة وأناقة التصميم، وتوافر العديد من الخيارات الخاصة التي تتيح للمستخدم التحكم في حجم ولون الخط، ومكان كتابة تخريج الآية، وإحاطة النص القرآني مزخرفة وغير ذلك الخدمات الأخرى.
كذلك يتوافر في البرنامج خاصية الاتصال بموقع المجمع على شبكة الانترنت؛ وذلك لتحديث الخدمات والخط المستخدم في كتابة الآيات القرآنية؛ مما يساعد علىالتحسين المستمر للبرنامج وخدماته وسهولة تلافي ما قد يظهر من أخطاء أو مشاكل فنية مستقبلاً، إلى جانب توافر نسخة أخرى من البرنامج مخصصة للعمل على بيئة أجهزة الماكنتوش Mac operating systems تتضمن معظم الخصائص الموجودة في نسخة الويندوز، وذلك لندرة البرامج الحاسوبية التي تقدم خدمة كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني في نظام الماكنتوش.
عمل دؤوب
وأبان الأمين العام للمجمع أن برنامج مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي هو نتاج عمل دؤوب استمر لأكثر من ثلاث سنوات تحت إشراف إدارة الحاسب الآلي والجهات العلمية في المجمع بالتعاون مع شركة حرف لتقنية المعلومات، وذلك بناءً على توجيهات معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ بشأن الاستفادة من التقنيات الحديثة والبرامج الحاسوبية في أعمال المجمع، وتسخيرها لخدمة القرآن الكريم وعلومه، والسنة النبوية المطهرة.
المصدر:
http://www.al-jazirah.com/
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Oct 2005, 09:41 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه البشرى فضيلة الدكتور مساعد
وفقني الله تعالى للإطلاع على هذا المشروع أثناء زيارتي لشركة حرف الرائدة في الإسلاميات والعمل متقن جدا لكن هناك عدة ملاحظات لا أدري قامت الشركة المنفذة بتلافيها أم وقعت فيها أهمها أنه استخدموا نوع من الخطوط يعرف بالتقنية Nsu وهي تدعم اللغة العربية توفر الكتابة في المستندات التي تقبل دمج الخطوط داخل المستند مثل winword ونظام العمل عبارة عن الترميز (توظيف لوحة المفاتيح الكيبورد وعدد المفاتيح 254 مفتاحا) لكل مفتاح رمز
بداية الرقم 32 الذي يعني المسافة ثم الكود 33 يعني كلمة وهكذا
فمثلا لو كتبت
الم (1) ذالك الكتاب لا ريب فيه
الم هي رمز 33 من لوحة المفاتيح من خط معين،
ذالك هي رمز 34 من لوحة المفاتيح من نفس الخط، لحين نهاية الصفحة وحيث لم تتجوز كلمات الصفحة الواحدة من مصحف المدينة أكثر من 160 كلمة كان هناك وفرة
عيوب هذه الطريقة:
فرضا أن الباحث قام بتحرير مستندًا ثم قام بتحديد النص كليا وقام بتغيره لأي نوع خط من خطوط الجهاز فورا يتحول النص القرءاني المكتوب من البرنامج لرموز مجهولة لا من نفس طبيعة الكود ...
ثانيا:
قام القائمون على المشروع بجعل علامات الوصل والوقف في كود مخصص من الخط فبطبيعة الحال لو أراد المستخدم استخدام مسافة داخل النص وصادف أن علامة الوقف أو الوصل نهاية السطر سيجد المستخدم أن علامة الوصل أو الوقف تحولت لأول السطر!!!.
بالإضافة لتحميل النظام أكثر من 604 خطا لكل صفحة خط الأمر الذي يهدد بحدوث مشاكل لا أدري كيف تم التغلب على ذاالك كله ...
غدا نرى من الممكن أن أكون تسرعت في هذا أرجو من الله أن يستدرك كل ما ذكرته فهو غير لائق بعمل جيد جدا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[15 Nov 2005, 02:05 ص]ـ
متى نراه في الأسواق يا دكتور مساعد بارك الله فيك.
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[12 Mar 2006, 02:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
أريد معرفة إن كان "مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي " متوفر في الأسواق وكيف يمكن اقتنائه من خارج المملكة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Mar 2006, 10:53 ص]ـ
البرنامج اكتمل الآن في المجمع، وبقي طور إعداده للتوزيع والبيع، وأرجو أن يوفق القائمون على المجمع لتسويقه بسعر مناسب ليعم نفعه، لأن العبرة بصحته، ودقته، وإفادة الباحثين منه على وجه مقبول موثوق. وقد اطلعت على بعض جوانب المشروع وأرجو له النجاح والانتشار إن شاء الله كما حدث للمصحف المطبوع الذي أصدره المجمع.
http://www.qurancomplex.com/News/Images/5394404_epub.JPG.
http://www.qurancomplex.com/Images/help/Hint.jpg
http://www.qurancomplex.com/Images/help/Scope.jpg
http://www.qurancomplex.com/Images/help/additions.jpg
http://www.qurancomplex.com/Images/help/Quran-Text.jpg
http://www.qurancomplex.com/Images/help/Options.jpg
http://www.qurancomplex.com/Images/help/Default.jpg
وفيه ميزة أنه يمكنك تثبيت الخيارات.
ـ[طالب]ــــــــ[26 Mar 2006, 12:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
لا أحسب ــ بل إني متيقن ــ أني لا أرقي لمنزلة طالب العلم، إلا أنني أعمل في مجال فني دعوي، ومن طبيعة عملي تنسيق الكتب والبحوث والدراسات، وقد أرهقتني البرامج التي تستخدم لإقحام نصوص المصحف، فهي إما بالنص العادي، أو بخط (ملفق!) وغير جميل، حتى حصلت على برنامج شركة العريس (مصحف النشر المكتبي)، قبل عدة سنوات، فبقيت استخدمه على علاته، فهو ــ كما تعلمون ــ ثقيل جداً، ولا يمكن عمل نسخة احتياطية منه، ولا يعمل إلا من القرص، فبقيت أحمله حالاً ومرتحلاً، حتى تلف القرص ذات غداة، فاشتريت الإصدار الجديد مرة أخرى بـ 200 ريال عداً نقداً، ولم استفد منه حرفاً، إذ ازدادت العيوب فيه، فبقيت حائراً أياماً وليالي، حتى منَّ الله بالاطلاع على أحد موضوعات ملتقى التفسير عن مصحف المدينة هذا، فبقيت أبحث ولم أجده .. فأنزلت الخطوط التي تعمل معه من موقع مجمع الملك فهد، واهتديت إلى الترميز الذي يعمل به، فجربت شيئاً منه ..... فكان عجباً من العجب .. إلا ما ذكر (الشيخ أيمن صالح شعبان) من العيوب. وإن أحببتم أريناكم نماذج من ذلك ..
الجهد مشكور ومميز وغير مسبوق، إذ اعتمد طريقة الرسوميات المتجهية vector، وهي المقابلة للرسوميات النقطية rastor المستخدمة في برنامج العريس، فالأولى أقل حجماً وأكثر جودة. لكن تبقي مشكلات التحرير التي أشار إليها (الشيخ أيمن صالح شعبان)، ومنها تغيير الخطوط وعمليات البحث.
أما علامات الوقف فقد وضعت في رموز منفصلة كما قيل، فلعلهم فعلوا ذلك مراعين للتطوير الذي قد يلحق، فتكون سهلة التعديل في المستقبل ..
المشكلة الكبرى هي حجم الخطوط (عددها أكثر من 600، أي بعدد صفحات المصحف وزيادة)، فهذا العدد منها كفيل بتكبيل النظام أو شلله التام، أو تعطيل بعض البرامج على الأقل ..
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[29 Mar 2006, 03:55 م]ـ
بشرك الله بالخير يا شيخ مساعد .. لقد أفرحتني بهذ الخبر السار .. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
ـ[الكشاف]ــــــــ[29 Mar 2006, 06:01 م]ـ
لعلهم إن شاء الله يكتبون على غلافه بخط عثمان طه عبارة مهمة، كتبت على المصاحف وهي:
(هدية من خادم الحرمين الشريفين يوزع مجاناً ولا يباع)
ـ[کوثر]ــــــــ[29 Mar 2006, 07:09 م]ـ
رائع جدا والله يوفقهم أكثر فأكثر
و لعلهم يسمعون ما قاله الدكتور الكشاف
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 Mar 2006, 06:24 م]ـ
ارجوا من الله ان يوفق العاملين في المجمع وكل من له يد خير فيه.
وارجوا من العالملين على البرنامج ان يراعى اختلاف برامج التشغيل على الحاسبات ,ووضع متطلبات التشغيل.
ـ[طالب]ــــــــ[05 Apr 2006, 10:56 م]ـ
هذه صفحة واحدة من تجربة على مصحف النشر الحاسوبي .. وبقليل من التدقيق وتكبير الصورة تتضح الدقة غير المسبوقة في نص المصحف.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[06 Apr 2006, 05:09 م]ـ
بارك الله فيك يا دكتور مساعد على هذا الخبر الطيب، وأسأل الله ان ينفع به الاخوة الباحثين في الاقتباس والبحث
وبهذه المناسبة اود السؤال عما إذا كان احد يعرف من لديه نسخة الكترونية من طبعات قديمة للمصحف
عليها كنت احفظ، وافتقد الآن لها حيث املك نسخةمطبوعة منها واخشى أن افتقدها، طبعة الحرمين، وقد طبعت ثانية وعرفت بطبعة الشمرلي، أرجو ممن عنده علم بها ان يفيدنا
بارك الله فيكم
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[07 Apr 2006, 05:14 م]ـ
فضيلة الدكتور عبد الله الجيوسي حفظه الله
ذكرت سيادتكم طبعة الشمرلي والمتبادر للذهن عدد الصفحات522 وهوعدد صفحات المصحف الإميري المصري فهل هذا ما تريد أما تريد مصحفا 604 المعروف الرجاء التحديد فكل المصاحف متوفرة في مصر وأظن طبعة السحار القديمة أو طبعة دار المنارالقديمة وغيرهما تتوافقان مع عدد 522.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو إسحاق المدني]ــــــــ[09 Apr 2006, 02:44 م]ـ
الأخوة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله أن تنبهت إدارة المجمع لإصدار مثل ذلك
فالعتب عليها شديد وكنا ننتظر منها ذلك المشروع من زمان
فالتجهيزات التي أولتها حكومة المملكة ضخمة بل وضخمة جدا
لا نتصور أن يصدر من المجمع سوى المصحف المطبوع فقط!!! فهذا أصدرته دور نشر أقل إمكانات ومكانة من المجمع!!
فخلال هذه السنوات ألا ترون إن إدارة المجمع مقصرة في خدمة المصحف
مهلا مهلا اسألوني لماذا
وأنا أجيب:
فكل هذه الإمكانات والتخصص في خدمة المصحف ولا يوجد في المجمع إصدار للقرآن الكريم بلغة (براي) أي التي يقرأها المكفوفون؟؟؟
بل فازت بها وزارة التربية.
ألا ترون أن ادارة المجمع خلال هذه السنوات الطويلة والدعم الهائل من الدولة ولم يصدر أي تفسير مأثور معتمد
ولا ترجمة للغة أجنبية خاصة بالمجمع
ألا ترون ذلك معي .. أتمنى من الله أن يوفق الجميع لخدمة الدين بالوجه الي يرضاه
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[10 Apr 2006, 11:23 ص]ـ
الأخ الفاضل ايمن
باك الله فيكم على هذا الاهتمام
بالنسبة للمصحف
هو المصحف (522) ورقة، واعتقد كما تفضلت انه يوافق الطبعة المصرية، فلو تفضلتم بإعلامنا عن مكان وجوده على النت ونحن لكم من الشاكرين
ـ[عماد الدين]ــــــــ[10 Apr 2006, 01:57 م]ـ
أخي أبو إسحاق المدني
وأزيدك من الشعر بيت - فليتك ترى ما يحدث في معارض الكتب
المكان المخصص للمجمع فارغ مع الأسف والعاملين فيه شكلهم مستأجرين من خارج المجمع، تتعجب عندما تسألهم عن شيء منهم من يضحك ومنهم من يحك رأسه ومنهم من يوهمك أنه لم يفهم كلامك
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[11 Jan 2007, 03:24 ص]ـ
الان بإمكان جميع الإخوة تحميل البرنامج مجانا من خلال موقع المجمع على النت
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[17 Jan 2007, 12:27 ص]ـ
ما هو الرابط أخي، بحثت عنه و لم أجده.
و جزك الله خيرا
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[17 Jan 2007, 11:08 ص]ـ
سعر الإسطوانة من قسم المبيعات بمجمع مطبعة المصحف (8 ريالات فقط)
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[18 Jan 2007, 03:15 ص]ـ
ما هو الرابط أخي، بحثت عنه و لم أجده.
و جزك الله خيرا
تفضل:
http://www.qurancomplex.com/MaterialCMS/viewSection.asp?matId=134&id=135&l=arb&matLang=arb&SecOrder=15&SubSecOrder=2
ـ[أبو العالية]ــــــــ[18 Jan 2007, 11:48 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع جداً جداً
جزاكم الله خيراً
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[18 Apr 2007, 10:37 ص]ـ
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=11&book=1402
ـ[أبو المهند]ــــــــ[13 Jun 2007, 01:53 م]ـ
صرح علمي كبير يسطع في سماء الدنيا ويستقر ثوابه لمؤسسه والعاملين
عليه اسمه مجمع الملك فهد ـ رحمه الله وأثابه ـ
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[02 Nov 2007, 02:28 ص]ـ
أولا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
بفضل الله تمنن الله علي وأشركني في هذا المنتدى الطيب
وهذه أول مشاركة لي وأسأل الله الكريم ان ينفعني به ويزيدني من فضله
بخصوص مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي فلله الحمد أولا وأخيرا قد نزل في المكتبات ووجدته بجده في مكتبة دار المؤيد بـ 10 ريالات
ـ[موراني]ــــــــ[02 Nov 2007, 10:52 ص]ـ
وأنا ما زلت في انتظار الى البرنامج للخط العثماني للحاسوب Mac
لنقل الخط الى النص المحقق
فهل من المساعدة؟
موراني
ـ[إيمان]ــــــــ[02 Nov 2007, 09:17 م]ـ
شكر الله لك يادكتور مساعد ما أبهجتنا به من أخبار سارة عن تقنية المصحف للنشر المكتبي، وجعل ما سطرته أناملك في ميزان حسناتك .....(/)
تنبيه هام لمستخدمي برنامج العريس للنشر المصحفي
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Oct 2005, 09:52 م]ـ
السلام عليكم إخواني الكرام كنت وضعت سابقا كافة الأخطاء التي وقعت في برنامج العريس للنشر المصحف الذي يستخدمه كثير منا في هذا الرابط
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3184&highlight=%C7%E1%DA%D1%ED%D3
وأثناء عملي في بعض الموضيع اتضح الآتي:
قام منفذو البرنامج بفصل كلمة (أَوَ) في صورة مستقلة عن التي هي موصولة معها كما في قوله تعالى (أَوَلم) كذا في كافة الكلمات التي بدأت بهذا الفظ ومن ثمَّ يجب التنبه عند تحرير المستند أن هذه الكلمة غير موجودة في نهاية السطروباقي الكلمة في السطر الذي يليه مثل كلمة (بن) يعاب كونها أول السطر من غير وضع ألف الصلة (ا). لكن هذه أطم حيث (أَوَ) ليست من المفصل أو الموصول ولا يصح الوقف عليها عند كافة علماء الرسم فيجب التحذير والله من وراء القصد(/)
طلب ترشيح أفضل حوار ((علمي)) في الملتقى
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[30 Oct 2005, 12:42 م]ـ
أخوتي الأفاضل ...
أرجو مساعدتي في إيجاد حوار ((علمي)) بين رأيين متخالفين أو أكثر في هذا الملتقى المبارك ..
ولو كان قبل شهور وسنوات.
وذلك لأضمنه في أطروحتي.
وبارك الله بكم.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[09 Nov 2005, 07:02 ص]ـ
أخي الكريم/ عبدالرحيم وفقه الله
هذا حوار جرى مع فضيلة الشيخ الدكتور / مساعد الطيار وفقه الله، أرجو أن تجد فيه مايفيدك في بحثك
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1028
وفقك الله
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[09 Nov 2005, 03:07 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل
نقاش جميل من أكابر أكارم ما شاء الله
وإن كنت أفضل مناظرة أو نقاشا في موضوع ذي أهمية أكبر وبخاصة فيما يتعلق بعلوم القرآن الكريم
ولكن إن لم أجد سوى هذا فأسثبته في دراستي
وشكراً أخي المكرم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Nov 2005, 05:59 ص]ـ
لعلك تنظر في هذا الحوار:
حوار علمي في تفسير آية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=537&highlight=%CD%E6%C7%D1+%DA%E1%E3%ED)
ثم تتحفنا برأيك في المسألة وفقك الله.(/)
تفسيرالخازن
ـ[ shroq] ــــــــ[30 Oct 2005, 10:59 م]ـ
تفسير الخازن
أتمنى أن أحصل على نسخة أليكترونية من تفسير الخازن ولو على الوورد
جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[01 Nov 2005, 07:58 ص]ـ
أرجو أن يكون هذا الموقع مفيدا لك:
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=18&tSoraNo=1&tAyahNo=1&tDisplay=yes&UserProfile=0
ـ[نور الدين سنان]ــــــــ[17 Nov 2005, 08:24 م]ـ
تفسير الخازن
أتمنى أن أحصل على نسخة أليكترونية من تفسير الخازن ولو على الوورد
جزاكم الله خيرا.(/)
ما أفضل شرح لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
ـ[أبو حسن]ــــــــ[02 Nov 2005, 04:04 ص]ـ
س: ما أفضل شرح لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[02 Nov 2005, 05:02 م]ـ
هذا الكتاب له شروح عديدة طبع منها شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله , والباقي مذكرات تتداول بين طلبة العلم ,وقد أطلعني الدكتور مساعد الطيار على مسودة شرحه لها , وهو في طريقه للنور ,والشيخ عرف عنه التدقيق والتحقيق من خلال كتبه المتعددة وكتاباته , وقد مر ذكر لهذا الشرح في إحدى مشاركات الملتقى.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Nov 2005, 11:31 ص]ـ
وللشيخ صالح آل الشيخ شرح للمقدمة عالي القيمة وموجود على الشبكة
وكذلك الشيخ بازمول له شرح للمقدمة ممتاز وموجود أيضاً على الشبكة
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[05 Nov 2005, 02:29 م]ـ
وللشيخ ابن قاسم حاشية عليه
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Nov 2005, 03:40 م]ـ
أخي أبو عبد الرحمن
حاشية ابن قاسم على كتاب وضعه هو تحت عنوان (مقدمة في التفسير)، وقد انتخبها من كتاب الإتقان للسيوطي، ومقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، ثم قام بشرح كتابه تحت عنوان (حاشية مقدمة في التفسير).
والمقدمة لها شروح غير مطبوعة ولا متداولة، منها ما ذكره الإخوة، وكذا للشيخ عبد الله بن جبرين شرح لها، وللشيخ عبد الرحمن بن صالح الدهش شرح لطيف لها، ولعله يتيسر لأحد المكتبات أو غيرهم من المعتنين بإخراج تراث العلماء أن يجمعوا هذه الشروح ويخرجوها بطريقة معينة.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[06 Nov 2005, 04:18 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا مساعد الطيار ونفع بكم(/)
كم عدد كلمات القرآن الكريم من غير المكرر؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[02 Nov 2005, 12:05 م]ـ
إخي الفاضل ...
هل تعلم كم عدد كلمات القرآن الكريم من غير المكرر؟
وحتى الكلمات مع المكرر، فالأرقام تتضارب من مرجع إلى آخر ..
وهذا له أهمية كبرى في دراستي
وجزاكم الله خيراً
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[02 Nov 2005, 11:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي عبد الرحيم حفظه الله
الدراسة التقريبية التي قمت بها وانتهيت منها أمس تثبت أن عدد الكلمات قريبا من 17458 كلمة تمثل هذه القيمة الكلمات الموحدة متغيرة الإعراب ففيها مثلا:
اللهً بالرفع - الله بالنصب - الله بالجر- فلله- تالله - والله (متغير الإعراب) -
كذا: كنتم - فكنتم - وكنتم
كذا كل كلمة دخل عليها حرف العطف. وإن إردت الحصر دون هذه المدخلات على الكلمات فسوف أقوم بها ثاني يوم العيد إن شاء الله تعالى.
وعدد الكلمات بالمكررات فهي قريبا من 77685 كلمة بالرسم العثماني دون الإملائي حيث تعرف سيادتكم مسألة الوصل الفصل في بعد الكلمات كما في بئس ما وغيرها.
إن أردت قاعدة بيانات حصرية فسوف أقوم بوضعها لسيادتكم في القريب العاجل إن شاء الله
ـ[محمد علام]ــــــــ[04 Nov 2005, 01:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركتم وبارك بحثكم الرجا تحرى الدقه لعلها تكون معلومه جيده للجميع
اخيكم فى الله ...... ابونشـ محمدعلام ــــــات ...... بحبكم فى الله
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[04 Mar 2006, 05:44 ص]ـ
السلام عليكم أخي عبد الرحيم يمكنك مراجعة هذا الرابط
لفضيلة الدكتور محمد زكي خضير
http://www.al-mishkat.com/words/part1/01.htm
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[04 Mar 2006, 06:01 ص]ـ
من وضع الدكتور محمد زكي خضير
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[04 Mar 2006, 07:03 ص]ـ
أرجوا من الله تعالى أن ينفعك بهذا المبحث وتفضل وافر احترامي
ـ[روضة]ــــــــ[04 Mar 2006, 05:23 م]ـ
السلام عليكم،
أود الاستفسار عن فائدة معرفة عدد كلمات القرآن الكريم.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Mar 2006, 08:32 م]ـ
الأخت المكرمة
بارك الله فيك
أنا أحضر حالياً لأطروحة دكتوراة حول القرآن الكريم في مواقع الإنترنت التنصيرية / عرضاً ونقداً.
ومن الشبهات التي عرضتها ونقدتها: زعم وجود المعرب في القرآن الكريم، وعده دليلاً على:
1. تعدد مصادر القرآن الكريم البشرية: الفرس، الروم، الهنود، القبط ...
2. معرفة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللغات العالمية، حيث قرأ كتب الشعوب بلغاتها الأصلية.
3. تناقض ذلك مع كون القرآن نزل بلسان عربي مبين ...
الخ من تلك الشبهات.
وقد قام المنصرون بحصر الكلمات المزعوم أنها معربة ..
وكان من جملة نقدي لها، [النقد الخامس على ما أظن فهذا المبحث كتبته قبل سنة ونصف، شغلت بشبهات ومناظرات أخرى بعده]
المهم: النقد الخامس كان بعمل نسبة وتناسب بين كلمات القرآن الكريم العربية الأصيلة، والكلمات المعربة ..
ولعلي أعرض ما كتبته في هذا الموضوع في ملتقى الانتصار قريباً ..
ولكن الصورة لن تكتمل فيه إن لم أنقل الشبهات حرفياً، فهل يأذن المشرفون بنقل الشبهات حول المعرب في القرآن الكريم حرفيا، ثم نقدها؟!
ـ[روضة]ــــــــ[04 Mar 2006, 08:55 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يوفقكم في بحثكم أخي عبد الرحيم.
أذكر أن الدكتور أحمد فريد قد كتب بحثاً عن المعرب في القرآن .. شيء يتعلق بهذا الموضوع، لم أطلع عليه، ولكن ما أعرفه هو أنه قدمه من ضمن الأبحاث التي تُقدم للترفيع.
إذا لم يكن باستطاعتك الاطلاع عليه، وترغب بقراءته سأبحث لك عنه.
وشكراً على ردكم الكريم.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Mar 2006, 10:23 م]ـ
أكرمك الله ..
بفضل الله تعالى أنهيت موضوع " المعرب " منذ زمن ..
وهو لم يشكل 5 % من الشبهات المثارة.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[06 Mar 2006, 06:33 م]ـ
انظر
مطالب حول شبهة " اللفظ المعرب في القرآن الكريم " ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=19307#post19307)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[08 Mar 2006, 05:57 م]ـ
أخي الحبيب أيمن صالح شعبان ...
اعذرني لتأخري بشكرك على هديتك،،
فقد كنت أبحث عن الهدية المناسبة فلم أجد أنسب من هذه
http://www.arabspc.net/vb/showthread.php?t=19280
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[10 Mar 2006, 10:57 ص]ـ
السلام عليكم جزاك الله خيرا عن هذه الهدية الثمينة
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[10 Mar 2006, 11:15 ص]ـ
أخي الحبيب ..
نحن بحاجة لتقريب موضوع: " علل القراءات ".
بالنسبة لبرنامج القراءات، ما رأيك أن ترفقه بلمحة يسيرة عن وجه القراءة ..
مثلاً:
قراءة ...
تلونها بلون ما، وحين تضع المؤشر قربها يُكتب: " لغة لـ " قبيلة كذا.
أو: بمعنى كذا ..
دون توسع، وبحسب منهج الجلالين في تفسيرهما.
وإن كان في الأمر صعوبة حالياً، أرجو النظر إليه في الإصدارات التالية.
ووفقكم الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[13 Mar 2006, 02:50 ص]ـ
السلام عليكم أستاذنا المفضال عبد الرحيم حفظه الله تعالى
الاقتراح سديد فعلا فإن كان لسيادتكم توجيهات عن المادة العلمية الخاصة بهذا فالرجاء وضعها في المنتدى على إن سوف أقدم البرنامج بالرسم وإمكانية عقد المقارنة بين الروايات أولا ثم اتبعه بفروع هذا الفن إن شاء الله تعالى فالرجاء الدعاء وتفضل بقبول وافر الاحترام(/)
المنهجية في قراءة كتب التفسير
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 Nov 2005, 09:06 م]ـ
إخواني المشائخ وطلبة العلم ما هي الطريقة المثلى في قراءة كتب التفسير فقد جربت القراءة المجردة (مع تعليق الفوائد وحل الإشكالات) ولكن هذه الطريقة لم تفدني إذ مقصودي من القراءة أن أستطيع إذا قرأت في المصحف أعرف معاني الآيات وسبب النزول وغيرها من الأمور وكذلك التحدث مع الآخرين حول الآية ومعانيها فأرشدوني أرشدكم الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2005, 02:20 م]ـ
معا لكيفية القراءة في كتب التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=1477)(/)
هل هذا صحيح يا أهل خميس مشيط؟
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[04 Nov 2005, 07:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أولا: أهنئ الجميع بعيد الفطر المبارك، وأسأل الله تعالى أن يمن علينا ووالدينا جميعا بالقبول والعتق من النار.
وأما ثانيا: فقد حدثني أحد الإخوة بالأمس أن الشيخ الحواش وفقه الله – وهو إمام مسجد في خميس مشيط – قد ختم القرآن هذه السنة في الصلاة ثمان ختمات!!
فأردت التثبت من هذا الخبر ممن كان قريبا منه، وإن كان صحيحا فكيف كانت صلاته في التراويح والقيام؟.
وجزاكم الله خيرا
ـ[الباحث7]ــــــــ[04 Nov 2005, 02:06 م]ـ
في أول رمضان كان يختم كل خمس ليال أو ست مرة. وقد سمعته ليلة السادس من رمضان أو السابع يقرأ في سورة النساء - بعد أن ختم الختمة الأولى. وهو لا ينتهي من التراويح في العشرين الأولى إلا الساعة الثانية ليلاً، وأما في العشر فيواصل إلى قبل الفجر بقليل ولا يتوقف إلا قريبا من نصف ساعة في منتصف الليل.
ـ[الظافر]ــــــــ[06 Nov 2005, 02:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله - تعالى - وبركاته
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وتجاوز عن تقصيرنا برحمته فهو أرحم الراحمين. وبعد
فهذا الخبر صحيح فإن الشيخ ختم ثمان ختمات - ختم الله له بالحسنى والسعادة - وبدأ في الختمة التاسعة وبلغ فيها إلى سورة آل عمرآن ولم يكملها.
تقبل الله منا ومن الشيخ أحمد.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[06 Nov 2005, 07:47 ص]ـ
ما شاء الله، لقد ذكرّنا الشيخ بهذه الهمة العالية في ختم كتاب الله السابقين من الأئمة والعلماء الذين كانوا يكثرون الختمات ويتسابقون بالخيرات في شهر الرحمات فهم في حل أو ارتحال من فاتحة الكتاب إلى آخر المعوذات .. لم تشغلهم الدنيا عن مصاحبة الآيات ولم تلههم الملهيات،فجزى الله الشيخ خير الجزاء، وكتب له القبول ومضاعفة الحسنات، والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات.
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[07 Nov 2005, 06:37 م]ـ
الله أكبر والله إني لأغبطكم يا أهل خميس مشيط على إمام مسجدكم بارك الله لكم فيه ووفقكم لما يحبه ويرضاه(/)
حول آية " ولا متخذات أخدان " ... ارجو المساعدة ...
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[04 Nov 2005, 04:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على حبيبينا المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ..
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ....
استأذنكم اخوانى الأفاضل فى توضيح أمر طرحه أحد الإخوة فى إحدى المنتديات الخاصة بالجامعات ....
فى ذلك المنتدى فى القسم الاسلامى به يتم عرض العديد والعديد من الامور الخاصة بالشباب من منظور الإسلام ومدى شرعيتها ..
المهم فى الأمر انهم مرات عديدة طرحوا موضوعات خاصة بحدود العلاقة بين الشاب والفتاة فى الكلية والدراسة .. فقام الكثير من الإخوة والأخوات ممن نحسبهم على خير ولا نزكى على الله احدا .. بالرد عليهم رد توضيحى وكثير منهم استشهد بالآية الكريمة فى قوله تعالى " ولا متخذات أخدان " ...
فقام هذا الأخ الكريم بعمل موضوع خاص بقوله تعالى فى تلك الآية .. واستعان فيه بتفسير علمائنا الأجلاء من ابن كثير والطبرى وغيرهم من العلماء الثقات واوضح فيها المقصود ب " الأخدان " وان الموضوع متعلق فى ذلك الأمر بالزنا وليس " الصداقة " فى الكلية ...
وهو يرى انه لا مانع من وجود تلك " الصداقة " بين الشاب والفتاة طالما انها علاقة " بريئة " على حد قوله ولا تلوثها أى شهوات كمنت أو ظهرت ..
بالطبع لا استريح مطلقا لقوله هذا ...
وما أطلبه منكم إخوانى الأفاضل هو الدليل الشرعى الذى أسوقه إليه فى هذا الموضوع لأن من ردوا فى موضوعه برفض فكرته قال لهم انه يتحدث عن كيفية الاستشهاد بتلك الآية الكريمة فى موضوع حدود العلاقة بين الشاب والفتاة بالكلية بأنها غير خاصة بالموضوع ولا يمكن ان نستشهد بها فيه ........
أفيدونى أفادكم الله فوالله ان الباطل يتجمل ويتلون ...
بل ويُسنَد من بعض الأفوه إلى العلماء الثقات!!!!!
وهذا منتدى جامعى عليه كل الأنواع والفئات من الشباب .. منهم الملتزمين ومنهم غير ذلك ...
ونظام الجامعات بمصر انها مختلطة وتكثر تلك الأمور فيها للأسف!!!
أفيدونى رحمكم الله ... وجزاكم الله عنى خيرا كثيرا ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
فى رحاب الله ...
ـ[أبو زينب]ــــــــ[05 Nov 2005, 08:49 ص]ـ
و عليك السلام و رحمة الله و بركاته
أرجوك أن تراجعي هذه الروابط علك تجدين فيها بغيتك:
حكم اتخاذ الأخدان والخليلات ( http://63.175.194.25/index.php?cs=prn&ln=ara&QR=1114&dgn=4&dgn=2)
الحب الزائف والحب الحقيقي ( http://www.al-forqan.net/linkdesc.asp?id=1663&ino=350&pg=14)
الشباب والشات والعلاقات العاطفية ( http://www.islam-online.net/livedialogue/arabic/Browse.asp?hGuestID=Z45F21)
جاء في لسان العرب " (خدن) الخِدْنُ والخَدِين الصديقُ وفي المحكم الصاحبُ المُحدِّثُ والجمع أَخْدانٌ وخُدَناء والخِدْنُ والخَدِينُ الذي يُخَادِنُك فيكون معك في كل أَمر ظاهر وباطن وخِدْنُ الجارية مُحَدِّثُها وكانوا في الجاهلية لا يمتنعون من خِدْنٍ يُحَدِّثُ الجارية فجاء الإسلامُ بهدمه والمُخادَنة المُصاحبة يقال خادَنْتُ الرجلَ وفي حديث عليّ عليه السلام إن احْتاجَ إلى مَعُونتهم فشَرُّ خليلٍ وأَلأَمُ خَدِينٍ الخِدْنُ والخَدِينُ الصديق والأَخْدَنُ ذو الأَخْدانِ قال رؤبة وانْصَعْنَ أَخْداناً لذاكَ الأَخْدَنِ ومن ذلك خِدْنُ الجارية وفي التنزيل العزيز مُحْصَناتٍ غيرَ مُسافحاتٍ ولا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ يعني أَن يَتِّخِذْنَ أَصدقاء ورجل خُدَنةٌ يُخادِنُ الناسَ كثيراً " (ج13 ص 139).
يرى انه لا مانع من وجود تلك " الصداقة " بين الشاب والفتاة طالما انها علاقة " بريئة " على حد قوله ولا تلوثها أى شهوات كمنت أو ظهرت
ترى ما قول هذا " الأخ الكريم؟ " في الحديث الذي رواه أحمد و النسائي و البيهقي و ابن حبان و الطبراني و البزار و الذي يقول فيه الصادق الأمين " لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما "
وصدق أحمد شوقي في قوله:
نظرة فابتسامة فسلامٌ .... فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ ...
ففضيحة أو إجهاض ... ؟
ـ[أبو زينب]ــــــــ[06 Nov 2005, 09:21 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
عدت للموضوع لخطورته أولا و لأن ردي في مداخلتي السابقة كان في عجالة.
و أحيلك إلى هذه المقتطفات من فتاوى الشبكة الإسلامية:
1 - الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله سبحانه وتعالى حرم اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) [النساء:25] وفي خصوص الرجال: (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) [المائدة:5] واتخاذ الأخدان محرم سواء كان عبر الهاتف أو الدردشة في الإنترنت أو اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الرجل والمرأة.
وما يعرف اليوم بمواقع الدردشة فهي في معظمها أوكار فساد ومصايد للشيطان، أفسدت دين ودنيا كثير من أبناء وبنات المسلمين، فعلى المسلم أن يحذر منها، وأن يستغل وقته ويبذل جهده فيما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه،
2 - الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يعرف باتخاذ الرجل صديقة أو عشيقة لا يجوز في الإسلام، وهو من أعظم المنكرات، وهو لون من الفاحشة التي كانت تمارس في الجاهلية، وجاء الإسلام بالنهي والزجر عنها، قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنى، ويستحلون ما خفي، يقولون: ما ظهر منه لؤم، وما خفي فلا بأس بذلك، فأنزل الله تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) [الأنعام:151]
وقد حرم الله سبحانه وتعالى اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات، على كل من الرجال والنساء.
فقال في خصوص النساء: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) [النساء:25] أي أصدقاء.
وفي خصوص الرجال: (محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) [المائدة:5]
والسفاح هو: الإعلان بالزنى مع كل فاجرة. والمخادنة أن يكون للرجل امرأة قد خادنها وخادنته، واتخذها لنفسه صديقة يفجر بها، قاله ابن جرير الطبري في تفسيره.
ومن المعروف أن الإسلام يحرم كل علاقة بين الجنسين خارج نطاق الزواج. وليس في الإسلام ما يعرف بالحب بين الجنسين، وكم أحدثت تلك الصداقات من مفاسد عظيمة، لا يعلمها إلا الله تعالى، فضلاً عن ارتكاب معصية الله تعالى باستمتاع كل منهما بمن لا يحل له، والخلوة به، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: "لا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم" وفي مسند الإمام أحمد "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان."
3 - الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم الأخت السائلة أنه لا يوجد في الإسلام علاقة بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وقد نص القرآن الكريم على نهي النساء والرجال على السواء عن اتخاذ الأخدان بقوله: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة: 5].
وقوله: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25].
ولا شك أن تبادل الرسائل والمكالمات الهاتفية وغيرهما من وسائل الاتصال لا شك أنه يدخل ضمن نطاق المخادنة المحرمة، وذلك لما يترتب على وجود هذا النوع من العلاقة من مفاسد قد يفضي في نهاية الأمر إلى الوقوع فيما هو أعظم، وهذا ما يظهر جليا عندما ذكرت أن هذا الشاب طلب أن يلقاك وجهاً لوجه.
وملخص القول في هذا أنه يجب عليك قطع الاتصال بهذا الشاب وأن تتوبي إلى الله عز وجل مما مضى.
اهـ.
و أقول:
لم ينهنا الله سبحانه عن اتباع الشيطان بل نهانا عن اتباع خطوات الشيطان فقال " و لا تتبعوا خطوات الشيطان" لأن الشيطان لا يأتي لابن آدم و يأمره بالعصيان بل يزين له الأمر و يغريه و يغويه حتى يقع في الحرام. ألم يقل لآدم عليه السلام " هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى " فهو لم يأمره بالأكل من الشجرة المنهي الأكل منها. و هكذا يفعل مع ذرية آدم.
و هنا أذكر بواقعة رواها البيهقي في شعب الإيمان:
أخبرني عمربن عبد العزيز بن عمر بن قتادة أن أبو حامد أحمد بن الحسين الهمداني القاضي ببلخ ثنا محمد بن حاتم المروزي ثنا علي بن خشرم أنا ابن عيينة ثنا عمرو عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة الزرقي: يبلغ به أن امرأة كانت في بني إسرائيل فأخذها الشيطان (أي أصابها بالصرع) فألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند راهب كذا و كذا و كان الراهب في صومعته فلم يزالوا يكلمونه حتى قبلها ثم أتاها الشيطان فوسوس إليه حتى وقع بها فأحبلها ثم أتاه الشيطان فقال الآن تفتضح فاقتلها و ادفنها فإن أتوك فقل ماتت و دفنتها قال: فقتلها و دفنها فأتى أهلها فألقى في قلوبهم أنه قتلها و دفنها فأتوه فسألوه فقال: ماتت و دفنتها فأتاه الشيطان فقال: أنا الذي ألقيت في قلوب أهلها أن دواءها عندك و أنا الذي وسوست إليك حتى قتلتها و دفنتها و أنا ألقيت في قلوب أهلها أنك قتلتها و دفنتها فأطعني لتنجو اسجد لي سجدتين ففعل .....
هدانا الله و إياك و هذا الأخ " الكريم " إلى ما فيه الخير و الفلاح.(/)
متفرقات وفوائد متعلقة بالتفسير من دروس الأكاديمية الإسلامية
ـ[سلسبيل]ــــــــ[05 Nov 2005, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مجموعة متفرقات وفوائد متعلقة بالتفسير انتقيتها من دروس التفسير وغيرها من المواد الأخرى في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة وقد أوجزت في بعضها كلام الشيخ أوقدمت ما تأخر منه أو أضفت للتوضيح بعض الكلمات ثم انتقيت كذلك بعضا من أسئلة الطلاب
[ line]
قال تعالى ? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ?.
نعم الله - سبحانه وتعالى - عظيمة، وأعظمها على الإطلاق نعمة تنزيل الكتاب؛ فتنزيل الكتاب نعمة عظيمة جداً، يجب علينا أن نكثر من حمد الله - تبارك وتعالى -علينا، ولذلك حين ترى الله - سبحانه وتعالى - يمنُّ على عباده بنعمه، ويذكرهم بها، تراه يستفتح بذكر نعمة تنزيل الكتاب، في سورة الرحمن وهي سورة النعم، ذكّر الله - تبارك وتعالى - فيها الثقلين بآلائه وإنعامه، استفتح الله - تبارك وتعالى - بذكر نعمة التنزيل نعمة القرآن فقال - عزّ وجلّ - ? الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ? فقدم ذكر نعمة القرآن قبل نعمة الخلق؛ لأن الإنسان بلا قرآن لا قيمة له ولا وزن له، وإنما بالقرآن يرتفع قدر الإنسان، ويرتفع ذكره، ويكون له الذكر الحسن في الدنيا، والجزاء الحسن في الآخرة، ولذلك قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - ? وَإِنَّهُ ? أي القرآن ? لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ? [الزخرف:44].
وقال لمن أنزل عليهم ? لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ ? [الانبياء:10].
? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ? المراد بالعبد محمد - صلى الله عليه وسلم - وإضافة الاسم عبد إلى ضمير الله - عزّ وجلّ - ?عَلَى عَبْدِهِ? فيها من التكريم والتشريف للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما فيها، والعبودية لقب عظيم جداً لقب الله - سبحانه وتعالى - به نبيه - صلى الله عليه وسلم - في المقامات العظيمة الشريفة، لقبه به في مقام التنزيل فقال ? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ
? ولقبه به في مقام الدعوة فقال ? وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ? [الجن:19].
ولقبه به في مقام الإسراء فقال ? سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ?.
ولقبه به في مقام التحدي فقال: ? وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ? [البقرة:23] فالعبودية لله شرف عظيم جداًَ للعبد؛ ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب هذا اللقب، ويحب أن ينادى به، وكان يقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول (أيها الناس، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله - تبارك وتعالى - إن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبيا).
*? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ? والله - سبحانه وتعالى - حين أنزل على عبده محمد - صلى الله عليه وسلم - الكتاب إنما أنعم على
البشرية كلها بهذا الكتاب، فلماذا خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذكر في الحمد
? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ? ولم يقل: الحمد لله الذي أنزل الكتاب، وإن كان نزول الكتاب نعمة على الإنسانية كلها؟
إنما خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذكر؛ لأن نعمة الله عليه في اصطفائه واجتبائه لتنزيل الكتاب عليه أعظم من نعمة التنزيل على غيره، الكتاب نُزِّل على الناس كلهم، ولكنه هو الذي تلقاه، وأوحاه الله - تبارك وتعالى - إليه، فكانت نعمة الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في التنزيل أعظم من نعمة من نُزل عليهم الكتاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
*? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ? الكتاب هكذا معرف، وكأن هذا القرآن من العربية بمكان بحيث إذا قيل الكتاب انصرف الذهن إلى هذا القرآن الذي أنزله الله - تبارك وتعالى - على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم فهو كتاب معلوم، وكتاب معهود، وكتاب معروف، بحيث إذا قيل الكتاب علم السامع أن المراد به القرآن المجيد.
*? وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا* قَيِّماً ?
وصف الله تعالى الكتاب بوصفين: لم يجعل له عوجا، والوصف الثاني: قيما قال بعض العلماء: هذا الوصف الثاني قيم مستفاد من الوصف الأول وهو نفي العوج، لما نفى عنه العوج أفاد أنه قيم، لكن الله - سبحانه وتعالى - صرح بالوصف الثاني، قيما ? وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا ? لماذا جمع بين الوصف بالقيم ومع نفي العوج؟
قال العلماء: قد ترى الشيء فتظنه مستقيماً، فإذا دققت فيه النظر اطلعت فيه على عوج؛ فأراد
الله - سبحانه وتعالى - حين نفى العوج عن كتابه أن يقول: إنكم مهما دققتم النظر، وأعدتم النظر وكررتم النظر في هذا الكتاب، فستجدوه على هذه الاستقامة، ولن تجدوا فيه عوجاً أبداً؛ لأنه كلام الله رب العالمين، وليس كلام البشر المخلوقين؛ ولذلك الله - سبحانه وتعالى - لفت أنظارنا إلى إحكام خلقه في السماوات والأرض فقال ? الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ
كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ ? [الملك:3 - 4] فلعله فاتك في المرة الأولى ما تجده في المرة الثانية، النتيجة مع تكرار النظر إلى السماوات للحصول فيها على أي خلل ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير، وكذلك مهما قرأ أهل اللغة وأهل البلاغة القرآن الكريم لن يجدوا فيه عوجاً أبداً، لأن الله قال ? وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا ?.
ولذلك قال الله - تبارك وتعالى - في سورة طه ? طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ? فأراد الله - سبحانه وتعالى
أن يستدلوا على إحكام التنزيل بإحكام الخلق، قال: هذه السماوات أمامكم مرفوعة، وهذه
الأرض تحتكم موضوعة، انظروا هل تجدوا فيها من خلل؟ لن تجدوا في السماوات والأرض أي خلل، فهو خَلْقُ الله المحكم، وكذلك القرآن تنزيل الله المحكم؛ ولذلك قال تعالى ? كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لدن حكيم خبير َ".
*قال تعالى " لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ"
وقال تعالى " ? وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ?
الفرق بين الإنذار الأول، والإنذار الثاني، أن الإنذار الأول عام لينذر جميع الكافرين بأساً شديداً من عند الله - عزّ وجلّ -وأما الإنذار الثاني: ? وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ?فهذا خاص بالذين زعموا أن الله اتخذ ولدا.
*قال تعالى في بيان حكمة الخلق، الإيجاد ? إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلً?.
وقد تكرر ذكر هذه الحكمة من الخلق والإيجاد، في موضوعين آخرين غير هذا الموضع.
في سورة الملك قال الله - تبارك وتعالى - ? تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ? [الملك:1 - 2].
وفى سورة هود قال تعالى ? وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ? [هود:7].
وهنا في سورة الكهف قال تعالى ? إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا?.
فنص الله - تبارك وتعالى - في المواضع الثلاث على أن حكمة الخلق والإيجاد، ? لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ?.
ولم يقل ربنا - سبحانه وتعالى - لنبلوهم أيهم أكثر عملا، وإنما قال ? لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ? لأن الإسلام لا يهتم بالكم، وإنما يهتم الإسلام بالكيف.
(يُتْبَعُ)
(/)
*? إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلً?.
لما زين الله - تبارك وتعالى - الأرض بما عليها من زينة لا شك أن النفوس تعلقت بها وأن الأنظار انصرفت إليها فأراد الله - سبحانه وتعالى - أن يحذر عباده من التعلق بالدنيا، والركون إليها والحرص على زينتها، فقال - عزّ وجلّ - ? وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً ?.
*في الحديث عن أصحاب الكهف بدأ بمجمل، ثم أتي على المجمل بعد ذلك بالتفصيل، وهذه سنة الله - تبارك وتعالى - في القرآن الكريم، يذكر المجمل ثم يأتي بعد ذلك بالتفصيل، كذلك فعل الله - تبارك وتعالى - في القرآن كله، فاستفتحه بسورة الفاتحة وجعلها مجملة لما تضمنه القرآن الكريم كله، ثم جاء القرآن الكريم كله يفصل ما أجمله الله - تبارك وتعالى - في سورة الفاتحة، كذلك لما أراد الله - تبارك وتعالى - أن يقص علينا نبأ أصحاب الكهف، بدأ بمجمل فقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولكل من يصلح للخطاب ? أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ? [الكهف:9 - 12] هذا هو المجمل ثم أخذ في التفصيل فقال ? نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ? ثم قص الله - تبارك وتعالى - علينا من نبأهم ما قص في هذه السورة الكريمة المباركة
* ذكر كثير من المفسرين في تفسير هذه القصة
-قصة أصحاب الكهف- روايات طويلة وأخباراً كثيرة، لا تصح أبدا، ضربنا عن ذكرها صفحا؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - أغنانا عن هذه الروايات الباطلة، والقصص الواهية بقوله ? نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ? فماذا تبتغي بعد هذا الحق الذي قصه الله - تبارك وتعالى - عليك، والله - سبحانه وتعالى - لا يتتبع الاحداث فيسردها حدثاً، ولا يتتبع الوقائع فيسردها واقعة واقعة، وإنما الله - تبارك وتعالى - سنته في القصص القرآني أن يقص علينا ما فيه العبرة، والعظة والدرس، ولذلك سيأتي معنا في السورة الكريمة في قصة ذو القرنين ? وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ? [الكهف:83] سأتلوا عليكم من نبأ ذي القرنين ما فيه ذكرى وعبرة وعظة ودرس، وما ليس فيه عبرة ولا فائدة ولا منفعة لن أقصه عليكم ولن أذكره لكم، إذاً من هم أصحاب الكهف؟ كم كان عددهم؟ وكيف كان لون كلبهم؟ وما كان اسم كلبهم؟ وأين كانوا يعيشون؟ وفى أي زمان كانوا يعيشون؟ وهل كانوا قبل موسى عليه السلام أم بعده؟ كل هذا سكت الله - تبارك وتعالى - عنه؛ لأنه لا فائدة في تعيينه، ولا في ذكره، فلنسكت عما سكت الله - تبارك وتعالى - عنه.
* (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ?
أشار (الله تعالى) لنا بهذا اللفظ إلى قلة عدد أصحاب الكهف أنهم كانوا دون العشرة جمع قلة فتية دون العشرة ? إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ? وفى ذكرهم بالفتوة والشباب والقوة والصحة، ما يفيد الشباب إلى أنه يجب عليهم أن يعتبروا بقصة هؤلاء الفتية، وأن يعتبروا بها وأن يحرصوا على اغتنام شبابهم، وأن يقدموا لدينهم ما يستطعيون في وقت شبابهم، فإن الشباب هو أجمل سن العمر، الشباب هو زمن العطاء، وزمن البذل، والجهد والتضحية في وقت الشباب
*? إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ?
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما آمنوا زادهم الله هدى، فالإيمان سبب من أسباب الزيادة في الإيمان، والهدى سبب من أسباب الزيادة في الهدى. قال تعالى ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ? [يونس:9] الباء الداخلة على إيمانهم باء السببية ? يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ? فلما تقبل دعوة الرسل وتؤمن بالله - عزّ وجلّ - يزيدك الله إيماناً، ولما تتبع الهدى الذي جاء به الرسل يزيدك الله هدى ? إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ? ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ? ? وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ? [محمد:17].
*إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ?. فذكر هؤلاء الفتية في قولهم هذا توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الإلهية.
فإقرارك بتوحيد الربوبية يلزمك بالإقرار بتوحيد الألوهية؛ لذلك كثيراً ما يلزم الله - تبارك وتعالى - على مشركي العرب بتوحيد الألوهية بإقرارهم بتوحيد الربوبية.
فكما (أنه لا ند له في الربوبية فيجب أن تعلموا أنه لا ند له في الألوهية، فرب العالمين يجب أن يكون إله العالمين فلا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله.
أسئلة::::::
- هل قوله تعالى ? أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ ? فيه دليل على إثبات العلو لله - عزّ وجلّ - لأن العلو لا يكون إلا من فوق إلى تحت؟
لا شك في ذلك -وجزاه الله خيراً على سلامة عقيدته وصحة معتقده، أن الله - سبحانه
وتعالى - في السماء فوق العرش استوى، بائن من خلقه، فهكذا النزول لا يكون إلا من
أعلى لأسفل.
-حلّ (الله تعالى) للشباب والفتيات مشكلة الفراغ بآية واحدة من كتابه وهي قوله تعالى ? فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ? [الشرح:7] فقال العلماء إذا فرغت من العبادة فانصب في عمل الدنيا وإذا فرغت من عمل الدنيا فانصب في العبادة.
-ما الحكمة من إيراد قصة أهل الكهف مجملة في البداية ثم فصلها؟
هذا من باب التشويق والترغيب بدلاً من أن تعطي المستمع الشيء دفعة واحدة تشوقه وترغبه وتعطيه مجملاً فيشتاق بسماع هذا المجمل إلى تفصيله، فإذا جاء التفصيل أقبل عليه وحرص على الانتفاع به.
-سؤال أهل الكهف بينهم لا يدل على تغير أشكالهم، حيث كان السؤال كم لبثنا ولم تتغير أشكالهم، أوضح لنا؟
نحن أشرنا إلى أن الله - سبحانه وتعالى - حفظهم فلم يتغيروا بأي شيء ولذلك قال ? أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ? [الكهف:9].
قلنا أنك حين تسمع نفراً ناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، ثم قاموا ولم يتغير شكلهم تتعجب تقول سبحان الله، كيف ينامون هذا الزمن الطويل ويقومون ولم تبلى ثيابهم ولم تتعفن أجسادهم
نقول هذا شيء عجيب نعم، لكن في خلق الله ما هو أعجب من ذلك ? أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ? [الغاشية:17] إلى آخر ما ذكرنا.
[ line]
* ? وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ?
? وَمَا يَعْبُدُونَ ? معطوف على الضمير المفعول في قولهم ? وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ ? ? وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ ? اعتزلتم معبوداتهم التي يعبدونها إلا الله - سبحانه وتعالى - مما يدل على أن قومهم كانوا يعبدون الله ولكن كانوا به مشركين، يعبدون معه غيره، وهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله - تبارك وتعالى - فلما تبرأ الفتية الذين آمنوا بربهم من قومهم ومما يعبدون أثبتوا ولاءهم لله - سبحانه وتعالى - وحده ? وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ? أي إلا الله أي اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فهو وليكم وإلهكم الحق الذي تعبدونه، وقد
كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقرأها وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله،
وهذه القراءة كالتفسير للآية، وهذه ليست من القراءات الثابتة التي وجه من وجوه القراءات
الصحيحة، ولكن هذه القراءة كتفسير ابن مسعود لقولهم " إلا الله " وهذا اللفظ وهو من
(يُتْبَعُ)
(/)
دون الله، قد صرح به الخليل إبراهيم - عليه السلام - لأبيه حين قال له، ? وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً ?48? فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا
يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً ? [مريم: 48 - 49].
أسئلة:::::::
-السلام عليكم، عندي سؤالين، السؤال الأول: في قول الله - سبحانه وتعالى - ? وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ? هل يمكن أن يكون المعني هم لا يعبدون إلا الله جملة اعتراضية، السؤال الثاني: في مسألة نوم أصحاب الكهف وهم مفتوحي الأعين ما الحكمة منها؟
لا هذه ليست جملة اعتراضية ولكنها من ضمن كلام أهل الكهف
[ line]
*? سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ?
فالله سبحانه حكى الثلاثة أقوال وأشار إلى الباطل منها والراجح، فوصف رأيين بقوله رجما بالغيب، وسبعة ثامنهم كلبهم ولم يقل في ذلك رجما بالغيب، فكان ذلك إشارة إلى صحة
هذا القول، وأن عدة أصحاب الكهف كانوا سبعة وثامنهم كلبهم ومع ذلك يقول الله تعالى
لرسوله صلى الله عليه وسلم ? قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ? مع أن الله تعالى أشار إلى القول الراجح في عدتهم إلا أنه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يفوض الأمر في علم عدتهم إلى الله تبارك وتعالى? قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ? فيستفيد من هذا أنك إذا رجحت بين الآراء بلا حجة ولا برهان وإنما بالاجتهاد والاستنباط فيجب عليك أن تقول في قولك الله أعلم لأنك رجحت بناء على الظن لا على اليقين، فإذا رجحت بغير دليل تقول هذا هو الراجح والله أعلم
*? وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ?، والأمر بالتلاوة يأتي بمعنى الأمر بالقراءة ويأتي بمعنى الأمر بالاتباع،، أما الأمر بالقراءة التلاوة التي هي قراءة فمنه قوله ربنا عز وجل آمرا رسوله أن يقول ? إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ ? [النمل:91،92]، فالتلاوة هنا معناها القراءة،· ? وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ? [النمل: 92]،
-وتأتي التلاوة بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ? [فاطر: 29]، فالتلاوة هنا معناها الاتباع والعمل بما في هذا الكتاب، ولذلك لما ذكر التلاوة ذكر أهم الأعمال الصالحة وهي الصلاة وإيتاء الزكاة، فالتلاوة تأتي بمعنى القراءة وتأتي بمعني الاتباع.
أسئلة::::::
السؤال الثاني: أن يخبرنا الشيخ عن صحة هذه الرواية، من فوائد سورة الكهف يحكى أن
أحد العلماء كان يحث ابنه ويوصيه على قراءة القرآن منذ أن كان صغيرا وكان يعلمه حفظ
القرآن وطريقة تجويده، وفي يوم من الأيام دعا العالم ابنه وقال له سأخبرك بسر من أسرار سورة الكهف، إنها آيات إذا قرأتها قبل نومك فإنها توقظك عند أذان الفجر، شرط أن تغمض عينيك وتقرأ هذه الآيات وبعد ذلك تنام، استغرب الابن قول أبيه مع أنه لا غريب في القرآن، قرر الولد تجربة وصية أبيه، وعندما حل الظلام وحان وقت النوم قرأالولد تلك الآيات وبالفعل استيقظ عند أذان الفجر، فما كان من الابن إلا أن شكر والده وشكر ربه على هذه النعمة وهذه الآيات هي: ? إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ?107? خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ?108? قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَالْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ?109? قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ?110??.
-هكذا سمعنا هذه الرواية، ولم نقرأها في كتب ولكن سمعناها، وهي لا أصل لها ولا تصح
والتعبد بالقرآن الكريم لا يكون إلا بتوقيف من الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأدعية والأذكار والسور والآيات التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأها ورغب في قرأتها عند النوم صحيحة ثابتة معلومة، ولم نقرأ في صحيح السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – رغب في قراءة خواتيم سورة الكهف عند النوم.
-سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل قول عسى في اللفظ القرآني يفيد التحقيق؟
هي - إن شاء الله تعالى- من الله موجبة كما يقول المفسرون، ? إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ? [التوبة:18].
عسى في اللغة للترجي، لكن المفسرين قالوا: هي من الله إن شاء الله موجبة ولكن الله أتى بها حتى يقطع الإنسان نظره عن عمله ولا يتكل عليه يعني مع عملك الصالح عسى أن تكون من المفلحين وعسى أن تكون من المهتدين، حتى يكون الطمع في رحمة الله لا اتكالا على العلم؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال (لن يدخل أحدكم عمله الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل).
(جميع المتفرقات السابقة من تفسير سورة الكهف من الدرس الأول إلى الخامس للشيخ د. عبد العظيم بدوي)
يتبع إن شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[07 Nov 2005, 07:42 ص]ـ
* ? كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ?
جاء الله -تبارك وتعالى- بحرف الفاء الذي يفيد الترتيب مع التعقيب الذي يخالف ثم، فإن ثم تفيد الترتيب مع التراخي، أما الفاء تفيد الترتيب مع التعقيب. ليفيد سرعة الفناء وسرعة الزوال.
* ? وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ? لماذا شبه الله تعالى الحياة الدنيا بالماء؟
ذكر العلماء والمفسرون ومنهم القرطبي -رحمه الله- في تفسيره، لماذا شبهت الدنيا بالماء قالوا: هناك وجوه شبه كثيرة.
أولاً: لأن الماء لا يستقر في مكان، وكذلك الدنيا لا تستقر عند إنسان.
ثانياً: الماء لا يثبت على حال، وكذلك الدنيا، دوام الحال من المحال.
ثالثاً: من دخل الماء ابتل، وكذلك من دخل الدنيا لم يخرج منها سالما.
وأخيراً: الماء إذا كان بقدر نفع، وإذا زاد عن قدره ضر.
*? الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا? الباقيات الصالحات يجب إبقائها على إطلاقها وعمومها، كما أطلقها ربنا -سبحانه وتعالى-، لا يجوز تخصيص الباقيات الصالحات بأنها نوع من العبادة ولا الذكر.
أسئلة:::
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد أن أسأل عن أشياء أولها: الأولى في جواز الدعاء على الظالم، هل ? إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ?39? فَعَسَى رَبِّي? هل هذا جواب شرط وفيه صيغة دعاء لفظ ? فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ? بأن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهي عن الدعاء على الكافرين ? لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ?.
نعم، قلنا يجوز الدعاء على الظالم الطاغي الذي طغى بنعمة الله -عز وجل- وأساء بها إلى خلقه الله -سبحانه وتعالى- يجوز الدعاء عليه بزوال نعمته لعله يرجع إلى الله -تعالى- كما حدث مع ذلك الغني الكافر لما زالت النعمة ندم واستعتب وتمنى أن لم يكن أشرك بربه أحدا، وقد قلنا أن الله -سبحانه وتعالى- حكى عن موسى - عليه السلام - وهارون أنهما دعوا على فرعون وملأه بزوال النعمة، وأما قول الله -تعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم - ? لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ?، ونهي الله تعالى عن الدعاء عن الكافرين فهذه واقعة عين، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل خير أصحابه، كانوا يسمون بالقراء إلى جماعة من العرب يدعونهم إلى الإيمان فغاروا عليهم وقتلوهم فلم يتركوا منهم شيئا، فقنت النبي - صلى الله عليه وسلم -عليهم شهرا يدعوعليهم، وبعد شهر قال له الله -تعالى:- ? لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ?128? ? والقول بالجواز لا يستلزم الاستحباب فضلا عن الفرضية إنما هذا جواز، جواز الدعاء على الظالم نفسه بنعمة ما أن تزول لعله أن يتوب إلى الله؛ لأن الغنى أطغاه فلعله إذا زالت النعمة أن يرجع إلى الله - سبحانه وتعالى.
-السؤال الثالث: كان عن حديث الباقيات الصالحات، الأثر الوارد فيه أخرجه الشيخ أحمد شاكر في المسند بإسناد صحيح عن معنى الباقيات الصالحات
إذا صح حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الباقيات الصالحات: هي سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فليس هذا الحديث وإن صح يفيد الحصر كما قلت وإنما اللفظ عام، كل الأعمال الصالحة هي الباقيات الصالحات.
-كيف نحسن التوفيق بين قوله تعالى: ? وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ?46? ? وبين قوله تعالى: ?وَلَا تَنْس نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ? [القصص: 77]؟
لو أذن لنا أن نقول: بقول بعض السلف أن ?وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ? أن نصيبك من الدنيا هو ما ينفعك في الآخرة، وليس على ظاهره أنه حظوظك من الدنيا وشهواتك، لكن لو نزلنا نقول: احرص على ما ينفعك ولا تنس نصيبك من الدنيا، فالدعوة إلى الزهد والدعوة إلى إيثار الآخرة، ليست معناها دعوة إلى ترك الدنيا بالكلية والإعراض عنها.
(يُتْبَعُ)
(/)
-هل المقصود بالبنين الأولاد والبنات؟
لا، البنين المعلوم أن البنين هم الذكور وإنما خص الله -سبحانه وتعالى- اللفظ بالبنين؛ لأنه معلوم طبيعة الناس في حب الذكور من الجنسين، فالمال والبنون المراد بالبنين الذكور من الأولاد.
- هل هناك تعارض بين ما ذكرتم من شريف علمكم من أن إبليس جن، وبين قول الله - عزّ وجلّ - في سورة البقرة ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)
ليس هناك تعارض إنما هنا زيادة في الكهف فصل في القضية ? إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ? [الكهف: 50] (أي) لم يكن من الملائكة لاختلاف الأصلين كما ذكرنا حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار) فهو عالم آخر غير عالم الملائكة، وغير عالم الإنس.
[ line]
* ? وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ?. الكهف
*? وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً ? [الاسراء:94]. يقول العلماء: المانع من الإيمان نوعان:
مانع عادي، ومانع حقيقي، المانع العادي: هو المذكور في سورة الإسراء فهذا مانع منع الناس من الإيمان ولكنه، إذا زال دخل الناس في الإيمان فهذه شبهة عرضت للناس كلهم، أما المانع الحقيقي الذي منع الناس من الإيمان: فهو المذكور في سورة الكهف وهو أنه حقت عليهم كلمة العذاب، والذين حقت عليهم كلمة العذاب لا يمكن أن يؤمنوا أبداً كما قال تعالى ?إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُون ?96? وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ? [يونس:96 - 97].
فلا يؤمنون إلا أن تأتيهم سنة الأولين: أي يأخذهم الله بعذاب في الدنيا كما أخذ الذين من قلبهم، أو يأتيهم عذاب يوم القيامة قبلاً، أو مواجهة ومباشرة.
وإذا آتاهم عذاب الدنيا آمنوا ولا ينفعهم إيمانهم، وإذا آتاهم عذاب الآخرة آمنوا ولا ينفعهم أيضا إيمانهم، قال تعالى: ? فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ?84? فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ? [غافر:84 - 85].
* ما ذكره الحافظ ابن حجر -رحمه الله- من فوائد، في شرح قصة موسى والخضرعليهما السلام:
-استحباب الحرص على الازدياد من العلم.
-استحباب لقاء المشايخ، والخروج للقاء العلماء، وطلب العلم على أيديهم، فإن لطلب العلم طريقين: الطريق الأول: الأخذ من الكتب وهذا ليس نافعاً إلا بشروط ذكرها الإمام الشاطبي -رحمه الله- في مقدمة من المقدمات التي كتبها في كتابه الموافقات، وأما الطريق الثاني: فهو طريق المشافهة، وهذا هو أنفع الطرق في طلب العلم، طريق المشافهة: أن تأخذ العلم من أفواه المشايح.
قالوا: لأن الله - تبارك وتعالى - جعل بين العالم والطالب خاصية في سرعة الفهم.
-وإطلاق اسم الفتى على التابع أن يقال للخادم فتى واستخدام الحر، الحر ضد العبد، والعبد: هو الرقيق المملوك، فيجوز استخدام الحر فضلاً عن استخدام الرقيق، وطواعية
الخادم لمخدومه: أن الخادم يطيع مخدومه، وينفذ أوامره.
- عذر الناس؛ لأن الفتى نسي أن يخبر موسى بما فعله الحوت، فعذره موسى -عليه السلام لأن هذا شأن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بالنسبة لما مضى، ما كانوا يعنفون ولا يوبخون وإنما كانوايقولون: قدر الله وما شاء فعل.
-وفيه قبول الهدية من غير المسلم، فيجوز للمسلم أن يقبل الهدية من الكافر، والشاهد عليها أن أصحاب السفينة كانوا كافرين، ولما رأوا الخضر العبد الصالح حملوه بلا أجرة، وأقرهم الخضر على ذلك، ولم يلح عليهم في قبول الأجرة، ففيه جواز قبول الهدية من غير المسلم.
*? فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نّكْراً)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن بطال: قول الخضر: وأما الغلام فكان كافراً هو باعتبار ما يؤول إليه أمره: أن لو عاش حتى يبلغ؛ لأن الغلام صبي صغير لم يبلغ الحلم بعد، إذًا هو على إسلامه إسلام الفطره، ولكن كان كافراً هذا باعتبار ما سيؤول إليه أمره لو طالت حياته، واستحباب مثل هذا القتل أن يقتل غلام مخافة أن يكبر فيكفر، لا يعلم ذلك إلا الله - سبحانه وتعالى - ولله أن يحكم في خلقه بما يشاء قبل البلوغ وبعده.
ويحتمل أن يكون جواز تكليف الصبي المميز كان مشروعاً في شريعة من قبلنا، أي كان في شريعة من قبلنا يكلف الغلام ويجري عليه القلم، ويؤاخذ بأفعاله بالتمييز، يكون في سن سبع سنين أو ثمان سنين، أما في شريعتنا فقد رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم.
-قال: وفيه جواز الإخبار بالتعب، ويلحق به الألم من مرض ونحوه، موسى قال: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، نحن تعبنا جداً من هذا السفر، ففي هذا جواز الإخبار بالتعب, ويلحق به الألم من مرض ونحوه، شريطة إذا كان هذا الإخبار على غير سخط القدر.
-وفيه أن المتوجه إلى ربه يعان فلا يسرع إليه النصب والجوع، بخلاف المتوجه إلى غيره، كما في قصة موسى في توجهه لميقات ربه، وذلك في طاعة ربه، فلم ينقل عنه أنه تعب، ولا طلب غداءً، ولا رافق أحدا، وأما في توجهه إلى مدين فكان في حاجة نفسه فأصابه الجوع، وفى توجهه إلى الخضر، كان لحالة نفسه أيضاً فتعب وجاع، فكلما كان خروج الإنسان في سبيل الله، وابتغاء مرضات الله؛ يسر الله عليه الطريق، وهون عليه السفر، ولم يجد منه النصب، قال بعض العلماء: ولعل هذا التيسير لطالب العلم إنما هو بسبب وضع الملائكة أجنحتها كما في الحديث (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يصنع) فهذا مما يستفاد من قول موسى لفتاه ? لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا ? فاسم الإشارة يعود على السفر القريب بعدما نام عند الصخرة بمجمع البحرين، وجاوزها وجد التعب والنصب بعد تجاوزه.
- وفيه جواز طلب القوت، وطلب الضيافة؛ لأن موسى والخضرعرضا على أهل القرية أن يطعماهم، -وفيه قيام العذر بالمرة الواحدة، وقيام الحجة بالثانية؛ لأن موسى لما اعتذر عن أول مرة قبل الخضر عذره، وفى المرة الثانية قامت عليه الحجة.
-وفيه حسن الأدب مع الله، وألا يضاف إلى الله ما يستهجن لفظه، وإن كان الكل بتقدير الله وخلقه، والدليل على ذلك أن الخضر قال عن السفينة: ? فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ? فنسب العيب إليه، وقال عن الجدار ? فَأَرَادَ رَبُّكَ ? ومنه قول الخليل إبراهيم -عليه السلام- ? الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ?78? وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ?79? وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ?80)
-قال العلماء في طلب موسى – عليه السلام – من الغلام ? آَتِنَا غَدَاءَنَا ? في ذلك تواضع موسى – عليه السلام – حيث لم يقل: للفتى آتني غدائي فيستفاد من ذلك: أنه ينبغي لمن وَّسع الله تعالى عليه واتخذ الخادم في الحضر أو في السفر أنْ يُكرم هذا الخادم وأن يحسن صحبته وأن يطعمه مما يأكل وأن يكسوه مما يكسى
*هل كان الخضر نبياً يوحى إليه، أم كان ولياً؟
الراجح من أقوال العلماء أن العبد الصالح هو الخَضِر – عليه السلام – كان نبياً ولم يكن ولياً فقط لماذا؟
أولاً: لأن موسى – عليه السلام – جاء ليتعلم منه. موسى – عليه السلام – وهو كليم
الله ومن أولى العزم من الرسل الخمسة المعروفين، وما كان لنبي أن يتعلم من ولي، لأن النبى أفضل من الولي ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء.
2 - أن الله - سبحانه وتعالى – قال ? آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ? والمراد بالرحمة النبوة فإن الله - سبحانه وتعالى – سمى النبوة بالرحمة في مواضع من كتابه فقال في حق النبي – صلى الله عليه وسلم – ?وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ?31? فقال الله تعالى منكراً عليهم ? أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ?
(وقال تعالى أيضا) ? أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ? قال الله تعالى ? بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ?8? أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ? [صّ:8 - 9].
(يُتْبَعُ)
(/)
فهنا الله تعالى قال ? آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ? المراد بالرحمة هنا النبوة.
3 - قوله تعالى ? وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ? والعلم اللدني الذي يؤخذ من الله - سبحانه وتعالى – بلا اكتساب من الإنسان هذا لا يكون إلا للأنبياء، لا يكون أبداً لبشر - من غير أنبياء- أن يمسي جاهلاً، ويصبح عالماً لا يمكن أبداً.
كما قال الله تعالى لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – ? وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ? [النساء:113] حيث علمك ما لم تكن تعلم.
4 - أيضا مما يستدل على نبوة الخضر، قوله عن الغلام الذي قلته ? وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً ? [الكهف:80].
فهذا الغلام لم يبلغ الحُلُمَ بعد قتله الخضرُ، من أين لهذا العبد الصالح أنه علم أن هذا الغلام لو كبر يكفر بالله ويخشى على والديه منه أن يكفرا؟ هذا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله - عزّ وجلّ – ? قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ? [النمل:65].
لكن الله تعالى قال ? عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ? [الجن:26] ثم استثنى فقال ? إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ? [الجن:27].
فكون الخضر علم أن هذا الغلام لو كبر يكفر بالله - عزّ وجلّ – هذا من علم الغيب الذي أطلعه الله عليه والله لا يطلع على الغيب أوليائه، إنما يطلع على الغيب من ارتضى من رسول كما قال الله - سبحانه وتعالى.
5 - ثم إن الخضر – عليه السلام – صرح في نهاية القصة بقوله ? وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ? [الكهف: 82] إذا كان الأمر ممن؟ من الله - سبحانه وتعالى – لأنه لا يجوز عقلاً ولا شرعاً لأي بشر- مهما كان- أن يلقى غلاماً في الطريق فيقتله فإذا سُئلَ لما قتلته؟ يقول لقد علمت أنه لو كبر لكفر بالله - عزّ وجلّ – فأنا قتلته قبل أن يكفر هذا لا يجوز لأحد فعله إلا أن يكون رسولاً من الله يوحي الله - تبارك وتعالى – إليه.
فهذه أدلة تدل على أن الخضر كان نبياً من أنبياء الله ولم يكن مجرد ولي.
* هل ما زال الخضر حياً أم مات؟
الراجح أيضاً من أقوال العلماء أن الخضر – عليه السلام – قد مات وأنه مات قبل بعثة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – والدليل على أنه مات، قول الله لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – ? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ?34? كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ? [الانبياء:34 - 35].
فقوله ? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ? نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي، فتعم كل بشر كان قبل النبي – صلى الله عليه وسلم – والخضر بشر ممن كان قبل النبي –صلى الله عليه وسلم – والله لم يجعل الخلد لنبيه فمعنى ذلك أن الخضر مات، كما يموت البشر.
دليل ثاني: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – في يوم (اللهم إن تَهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض). فلو كان الخضر حياً لكان يعبد الله. والنبي - صلى الله عليه وسلم ثالثاً: من الأدلة التى يستدل على وفاة الخضر – عليه السلام – أن النبي –صلى الله عليه وسلم – صلى بأصحابه العشاء ذات ليلة متأخراً ثم قال لهم (أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة سنة لا يبقى ممن هوعلى ظهرها أحد).
رابعا: من الأدلة التي يستدل بها على وفاة الخضر أن الخضر كما دللنا كان نبياً، وقد أخذ الله تعالى من النبين ميثاقهم إذا جاءهم رسول من الله - عزّ وجلّ – أن يؤمنوا به ويتبعوه، فلو كان الخضر حياً إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم – للزمه أن يأتيه، ويبايعه على الإسلام، ويتبعه عليه، ويقاتل معه أعداء الله، ولم يثبت أبداً أن الخضر أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبايعه على الإسلام واتبعه عليه فمعنى ذلك: أن الخضر كان قد مات قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم –.
*? فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَه? [الكهف: من الآية77].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال المفسرون كيف أقامه هل هدمه ثم بناه قالوا لا إنما أشار إليه بيده هكذا أن اثبت مكانك فثبت الجدار مكانه بعد أن أراد أن ينقض أشار إليه الخضر بيده هكذا أن مكانك فثبت مكانه وهذه معجزة للخضر ولا نقول كرامة لأننا اتفقنا على أن الخضر عليه السلام كان نبيا والمعجزات تختص بالأنبياء أما الكرامات فتختص بالأولياء كونه يرى جدار يريد أن يقع فيشير إليه أن اثبت مكانك فيسمع الجدار كلامه ويثبت مكانه هذه معجزة للخضر عليه السلام
أسئلة::::
سؤال: الحديث الذي ورد فيه المسيح الدجال وبقاؤه حياً في الجزيرة هل يتنافى مع ما ذكره الشيخ في بقائه حياً؟ دل حديث الجساسة وغيره على أن المسيح الدجال مقيد بسلاسل في جزيرة إلى أن يأذن الله له بالخروج، فهنا تأتي شبهة. نحن استدللنا بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – (أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهرها أحد) فهنا كان المسيح الدجال موجوداً في هذه الليلة وهو موجود إلى أن يخرج فهنا يقول العلماء في هذا الحديث أنه من العام المخصوص، خرج المسيح الدجال من هذا العام بالأحاديث الصحيحة الثابتة، ولم يخرج الخضر لأنه لم يأتي أحاديث صحيحة تدل على حياته – عليه السلام -.
-سؤال: إرادة الجدار هل تدل على وجود المجاز في القرآن وما الأحكام المترتبة على ذلك؟ أجاب فضيلة الشيخ:
لا نحن فسرنا الإرادة على ظاهرها حتى نهرب من المجاز ومن أراد أن يقف على هذه الحقيقة فليراجع تفسير أضواء البيان للشيخ الشنقيطي رحمة الله عليه فله كلام طيب جدا في مسألة المجاز هذه فنحن فسرنا الإرادة على حقيقتها حتى نهرب من القول ووجود المجاز في القرآن الكريم
-هل يجوز أن نعبر بالعلم اللدني هذا أو لا؟
العلم اللدني خاص بالأنبياء لا يكون لغيرهم. الله تعالى يوحي إلى أنبياءه، معنى العلم اللدني يعني من لدن الله عن طريق الوحي إلى رسل الله هذا العلم من الله مباشرة بالوحي لا يكون إلا للأنبياء.
[ line]
* هل كان ذو القرنين نبيا أم ملكا صالحا؟
ذهب البعض إلى أن ذا القرنين كان نبياً ومما استدلوا به على نبوته قول الله - تبارك
وتعالى – ? إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ? [الكهف:84].
قالوا والتمكين يكون للدين ويكون في الدنيا. وأجلُّ نعم الله - سبحانه وتعالى –الدينية هي النبوة فقوله تعالى ? إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ? يدل على نبوته وكذلك استدلوا على نبوته بقول الله - تبارك وتعالى - ? قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ? [الكهف:86] قالوا: الله - سبحانه وتعالى – كلمه قال ? قُلْنَا يَا ذَاالْقَرْنَيْنِ ? فهذا الكلام من الله له يدل على نبوته.
والحقيقة أن هذه الأقوال ليست في القوة كالأدلة التي استدللنا بها على نبوة الخضر – عليه السلام -
أما الدليل الأول: وهو التمكين في الأرض، فالتمكين في الأرض لا يكون للأنبياء وحدهم بل يكون للأنبياء وأتباعهم من عباد الله المؤمنين الصالحين ولذلك قال الله تعالى ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ? [النور:55].
وأما الدليل الثاني: وهو قول الله - تبارك وتعالى – له ? قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ? فإن هذا القول لا يستلزم أن يكون الكلام مخاطبةً من الله - تعالى - لذي القرنين وإنما يحتمل أن يكون هذا القول من الله لذي القرنين عن طريق نبي ذلك الزمان الذي كان يعيش فيه ذو القرنين، كما قال الله - تبارك وتعالى – عن بني إسرائيل: ? وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ ? [النساء:154]. ولم يقل أحد: إن هذا القول من الله - تبارك وتعالى – لبني إسرائيل كان مواجهة من الله لهم، وإنما هذا القول قاله الله - تبارك وتعالى – لبني إسرائيل عن طريق موسى- كليمه ورسوله – عليه الصلاة والسلام -.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن أعلى ما يمكن أن يقال في قوله تعالى ? قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ? إن لم يكن بواسطة نبي ذلك الزمان، فإنه يكون بواسطة الإلهام، ألهمه الله - تبارك وتعالى –هذا القول. والإلهام لا ينتهض أن يكون دليلاً لمن ألهم هذا القول؛ فإن الله - سبحانه وتعالى – سمى الإلهام الذي ألهمه أم موسى وحياً ? وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي ? [القصص:7].
فهذا الوحي لم يكن وحي نبوة وإنما كان وحي إلهام ومع ذلك لم يقل أحد من الناس إن أم
موسى كانت نبية فالراجح من أقوال المفسرين: أن ذا القرنين لم يكن نبياً ولكن كان ملكاً صالحاً من أولياء الله الصالحين.
* ? وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ?88 ?
انتبه هنا للتقديم والتأخير في الجزائين، لما ذكر ذو القرنين الجزاء الأول جزاء من كفر وظلم نفسه بالكفر بدأ بعذابه هو وأخر ذكر عذاب الآخرة، ولما ذكر جزاء من آمن وعمل صالحاً قدم ذكر جزاء الآخرة وأخر ذكر جزاء نفسه هو ? قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ?87 ?
فبدأ ذو القرنين في ذكر الجزاء للظالمين بالعذاب الأدنى وأخر العذاب الأكبر وأما في جزاء المؤمنين الصالحين الذين قبلوا الدعوة واتبعوه على الإيمان بالله، وأسلموا معه لله - عزّ وجلّ – فبدأ بذكر الجزاء الأعظم جزاء الآخرة وأخر جزاءه هو.
* قال ? وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ?88 ?
وفى هذا الجواب من الملك الصالح - ذي القرنين - رضي الله عنه – تعليم للملوك إذا فتحوا البلاد أن يحترموا أهلها وأن ينصفوهم من أنفسهم وألا يسعوا في الأرض فساداً بالقتل والنهب والسلب وانتهاك الأعراض، كما قالت ملكة بلقيس ? قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ? وأقرها الله - عزّ وجلّ – على ذلك الوصف فقال ? وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ? [النمل:34].
*? قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ? [الكهف:78] بالتاء قبل الطاء، فلما نبأه بتأويل ما لم يستطع عليه صبرا قال: ? ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ? [الكهف:82] بدون تاء.
الفرق بين اللفظين: أن التاء قبل الطاء فيها ثقل في النطق يقابل ثقل الجهل الذي كان يعاني منه موسى – عليه السلام – لأنه كان جاهلاً بالأحوال التي دعت الخضر إلى فعل ما فعل فلما علمه زال الجهل وذهب هذا الثقل الذي كان على عاتقه فقال ? ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ? وهنا يقول: ? فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ?97 ? لأنهم إن يأتوا بسلم،فييضعونه على الجدار وينزلون من الناحية الثانية، هذا أسهل من أن ينقبوا؛ لأن النقب يحتاج إلى عمل دؤوب وشغل كثير لكنَّ الارتقاء بالسلم أسهل قال: ? فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ?.
أسئلة:::::
-قال الله - عزّ وجلّ – في كتابه الكريم على لسان ذي القرنين ? أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً ? وقال الله - عزّ وجلّ – في كتابه الكريم ? لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ? فهل هذا العذاب يقصد أما من ظلم أي أما من كفر بالله ولم يتبع الدعوة فهل هذا العذاب كان فيه شريعة من قبلنا؟ وكيف كان العذاب؟
كان في شريعة من قبلنا لا يقبل إما الإسلام وإما القتل وسيكون ذلك أيضاًَ في آخر زماننا في شريعتنا أيضاً كما سينزل عيسى بن مريم – عليه السلام – لا يقبل إلا الإسلام أو القتل لكن في عهد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – كان إما الإسلام وإما الجزية فإن أبوا الإثنين فالقتل.
[ line]
* مكان وجود السد:
*قد كثرت الأسئلة في الدرس السابق عن مكان وجودهم ومكان هذا السد وكيف لا يعرفه
(يُتْبَعُ)
(/)
الناس الآن مع أن العالم كله أصبح كالقرية الواحدة بوسائل الاتصالات الحديثة ووسائل
الاستطلاعات الحديثة والأقمار الصناعية ونحو ذلك نقول:
أولا: هذا كلام الله عز وجل أخبرنا عن وجودهم وراء السد ومن أصدق من الله قيلا، ومن أصدق من الله حديثا فنحن كمؤمنين بهذا القرآن أنه كلام الله عز وجل نؤمن بأن يأجوج ومأجوج وراء السد كما أخبرنا الله وإن لم نطلع عليهم وإن لم نعرف أين يقع هذا السد.
ثانيا: أنه ليس كل موجود يرى، فأقرب شيء إليك عقلك فهل ترى عقلك لا تراه ولا تستطيع أن تجزم بأنك غير عاقل فأنت تجزم بوجود عقلك وتزعم أنك عاقل ومع ذلك أنت لم ترى عقلك.
ثالثا: هناك عوالم من عوالم الغيب آمنا بوجودها لإخبار الله تبارك وتعالي لنا بوجودها ونحن لم نرها، أليس الملائكة موجودين، أليس الجن موجودين، فلماذا نقول أن الجن غير موجودين لأننا لا نراهم، الجن موجودون ونحن لا نراه والملائكة موجودون ونحن لا نراهم
رابعا: أن بني إسرائيل لما استعصوا على موسى عليه السلام وأبوا أن يدخلوا الأرض المقدسة قال الله تعالي (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) (المائدة: من الآية26)
فكانوا في صحراء سيناء تائهين في الأرض لا يهتدون سبيلا للخروج للعودة إلي مصر ولا لدخول فلسطين ومع ذلك كانت الرحلات التجارية والقوافل السفرية مستمرة السير لم يطلع الناس على بنى إسرائيل ولم يطلع بنوا إسرائيل على الناس حتى انتهى الأجل وهو (أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) (المائدة: من الآية26) فمكنهم الله تعالي من الاهتداء إلي الطريق ودخول الأرض المقدسة، كذلك ياجوج ومأجوج رحم الله تعالي الناس بحبسهم وراء السد (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ (أي جعل السد) دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّ) (الكهف:98)
* (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ) (الكهف: من الآية102) أوجه لتفسير هذه الآية:
1 - أفحسب الذين جعلوا مع الله إله أخر، أفحسب الذين عبدوا الملائكة من دون الله، أوعبدوا المسيح بن مريم من دون الله أو عبدوا أولياء الله الصالحين من دون الله، أنهم بعبادتهم إياهم يرضون عنهم ويتولونهم من دون الله، كلا، كلا (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّ) (مريم:82)
2 - وقال بعض المفسرين (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ) (الكهف: 102) ثم لا أعاقبهم على ذلك ولا أعذبهم.
3 - وقال بعض المفسرين: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ) (الكهف: 102) وأن ذلك نافعهم يوم القيامة.
أسئلة:::
-المفسرين المعاصرين يقولون في قول الله سبحانه وتعالي " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج " كلمة فتحت لا تحتمل لغة أن يكون من سيفتح هو السد جاء في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم استبقظ من نومه فزعا وقال ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من رمي يأجوج ومأجوج إلي أخر الحديث وهذا يشير إلي تزامن بدايات انهيار السد مع بداية مرحلة العالمية واختلاط الأمم التي جاء الإسلام ليحققها ولا شك أن كلمة يختلط لا تفي هنا بالغرض بل يموج لأن الاختلاط لا يدل على الكثرة الهائلة وكل ذلك بعض إيحاءات كلمة يموج أما كلمة تركنا في قوله تعالي (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) (الكهف: من الآية99) فتوحي بالمنع السابق تستمر مرحلة موج الأمم في بعضها إلي يوم القيامة (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْع) (الكهف:99)
ولكن هذا الموج لا يذهب بخصوصيات الأمم وتميزها بدليل أن يأجوج ومأجوج الذين أفسدوا في مرحلة تبلور شخصيات وخصوصيات الأمم سيعاودون الكرة فيكون الوقت الذي تقترب فيه وظيفة الدين الدنيوية من نهايتها تقترب نهاية وظيفة العرب أيضا، فما نصيحتكم لنا لمثل هذه التفسيرات؟
أجاب فضيلة الشيخ:
إحذروا مثل هذه التفسيرات فهذا تحريف للكلم عن مواضعه كما حرفوا الدجال وكما حرفوا
بعض أمارات الساعة الثابتة في القرآن والسنة فهذا من تحريف الكلم عن مواضعه فيجب
(يُتْبَعُ)
(/)
على المسلم أن يكون حذرا من مثل هذه التفسيرات، النصوص باقية على ظواهرها ولا يجوز تأويلها بغير تأويل السلف لها، السلف كانوا أعلم وعلمهم كان أحكم.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[15 Nov 2005, 01:37 م]ـ
* ?ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ? [مريم:2]
-ذكر مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا ذكر، "ذكر " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا ذكر رحمة ربك عبده زكريا، قال الإمام البغوي رحمه الله في تفسيره وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره هذا زكر ربك عبده زكريا برحمتى ?ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيا) َّ
-المراد بالرحمة هنا قبول الدعاء وإجابة السؤال
* ? إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي?فإذا كان الضعف الداخلي بدأ يبقي الضعف الظاهري أولي ثم أظهر عجزه وضعفه الظاهر ?وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا ?
* ?فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّا ?5?يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ فزكريا عليه إنما أراد يرثني في النبوة ويقوم في بني إسرائيل مقام الأنبياء يأمر
بالمعروف وينهي عن المنكر?وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ? [مريم: من الآية6] تؤكد لك ما ذكرته من أن المرادميراث النبوة لا ميراث المال لأن يعقوب هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام أبوا يوسف عليه السلام، وكم بين زكريا عليه السلام وبين يعقوب وزكريا يقول ?وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ? فليس يحيى من ورثة يعقوب في الدنيا.
* (إِنْ كُنْتَ تَقِياّ ? جملة شرطية جواب الشرط محذوف بعدها وليس هذا الشرط متعلقا بالاستعاذة ? إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ ? [مريم: من الآية18] هذه جملة تامة انتهت، وأما قولها ?إِنْ كُنْتَ تَقِياّ) فليس شرطا للاستعاذة لا وإنما هي تقول له ?إِنْ كُنْتَ تَقِياّ ? فارجع عما جئت له ولا تمسني بسوء فعلمت عليها السلام أن التقي ذو نُهية، فالتقوى تحول بين الإنسان وبين الوقوع في الحرام
*?فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ ? بشرت بالولد بعد البشارة حملته فانتبذت به فأجاءها المخاض ذهب بعض المفسرين إلي أن ولادة عيسى عليه السلام لم تكن كشأن ولادة سائر النساء لم يكن الحمل تسعة أشهر ولم تكن ولادة طبيعية ولكن ما إن بشرت حتى نفخ جبريل في درعها فذهبت النفخة إلي محل الولادة فكانت سببا للحمل فحملته فانتبذت فأجائها المخاض، مستدلين بأن الفاء العاطفة تفيد التعقيب في الترتيب بلا فاصل زمني والراجح أن الفاء هنا وفي بعض المواضع لا تفيد التعقيب في الترتيب فقد سبق معنا في سورة الكهف قول ربنا عز وجل ?وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ? [الكهف:45] ومعلوم أن بين نزول الماء من السماء على البذرة وبين خروج البذرة من الأرض زمن، وبين استواء العود على سوقه وحمله للحب زمن وبين حصاده زمن لكن جاء الترتيب بالفاء هنا لم تفد التعقيب، فكذلك الأمر في فاء الترتيب هنا لم تفد التعقيب وإنما الله سبحانه وتعالي قضى أن يكون الحمل حملا طبيعيا تسعة أشهر كما تحمل النساء بأولادهن، ولو كان الحمل مرة واحدة حملت فولدت لكانت هذه معجزة كبيرة خارقة للعادة فكانت أولى أن يصرح الله تبارك وتعالي بها في القرآن الكريم، فلما لم يصرح الله تبارك وتعالي بأن حمل عيسى لم يكن على خلاف العادة حملن الحمل على ما جرت به عادة النساء.
*?فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا ?- بكسر الميم في مِن وبكسر التاء في تحتِها على إن "من" حرف جر و"تحتها" مجرور وفي قراءة " فناداها مَن تحتَها " -بفتح الميم على إنها اسم موصول وفتح التاء في تحتها على أنها ظرف مكان ?فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَ) على القراءتين من تحتها ومن تحتها اختلف المفسرون في المنادي، من الذي نادى مريم عليها السلام ذهب بعض المفسرين أن المنادي هو جبريل عليه السلام وهذا قول مرجوح، والراجح أن الذي ناداها هو ابنها عيسى عليه السلام يدل على رجحان كون المنادي عيسى عليه السلام أن جبريل لم يذكر أو لم يرد له ذكر في هذا الخروج الثاني، جاء ذكر جبريل في الخروج ? فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّ ? [مريم: من الآية17] لكن في الخروج
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني ?فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيا ّ ? [مريم:22] لم يرد ذكر لجبريل هنا ثم إن الضمائر كلها في هذا السياق تعود على عيسى ?فحملته ? عيسى ? فَانْتَبَذَتْ بِهِ ? [مريم: من الآية22] عيسى ?فَنَادَاهَ ? [مريم: من الآية24] عيسى عليه السلام فالراجح أن الذي نادى مريم بعد وضعها هو ابنها عيسى، ناداها ساعة ولادته ليطمئنها أولا لأنه قال لها كما سمعنا ? فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِياّ ? [مريم: من الآية26، فكانت الحكمة تقتضي أن تسمع كلام المولود أولا حتى تكون على يقين تام أنها إذا أشارت إليه ليكلمهم تكون على يقين أنه قادر على كلامهم، فأنطق الله تعالي عيسى ساعة ولادته ?فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي ?
- سؤال:: هل يجوز تمني الموت عند نزول الفتنة كما قالت مريم عليها السلام؟
أجاب فضيلة الشيخ:
لا في شريعتهم ليس في شريعتنا قال: النبي صلى الله عليه وسلم "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي ".
[ line]
* ? يَا أُخْتَ هَارُونَ) ظن بعض الناس أن هارون المذكور في قصة ولادة مريم لعيسى هو أخو موسى عليهما السلام، فظنوا أن مريم أخت هارون يعني أخت موسى، وبين موسى وعيسى عليهما السلام مئات السنين، فإذن ليس هارون المذكور في هذه القصة هو أخا موسى عليهما السلام، ولكنَّ القوم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم، وكان هارون هذا رجلاً صالحاً في بني إسرائيل، وكانوا يشبهون به غيره في الصلاح والبر والتقوى.
، والعرب تطلق لفظ الأخ على النظير والشبيه فيقولون فلان ليس له أخ في صنعته يعني
، والله تبارك وتعالي أطلق الأخوة على النظير والشبيه فقال سبحانه وتعالي ?إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ? [الاسراء: من الآية27].
?وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ? [الزخرف: من الآية48]
*? آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّا) قال ذلك وهو لم يؤتي بعد الكتاب ولم ينبىء لكن لما كان تنبيهه أمرا محققا وتنزيل الكتاب عليه أمرا محققا عبر عنه بلفظ الماضي وكأنه حصل لأن كل ما يخبر الله به أنه سيكون فلابد أن يكون كما أخبر الله فإذا عبر عنه بالماضي فالمراد إفادة تحقق هذا الذي أخبر الله عنه كما قال الله تعالي ?اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) و ?أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ?
* وانتبه لهذه اللفتة الزكية من عيسى عليه السلام حين يقول لبني إسرائيل ?وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّ ? [مريم:33]
فأنا ولدت كما ولدتم وسأموت كما تموتون وسأبعث يوم القيامة حيا كما يبعث الله تبارك وتعالي جميع الناس يوم القيامة أحياء، فليس لي من الأمر شيء وإنما أنا كما قلت لكم ?إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ? [مريم: من الآية30]
*هذه الآيات من أول قوله ?ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ? [:34] ?مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ] [:35]
هاتان الآيتان كالجملة المعترضة في كلام عيسى بن مريم عليه السلام لأن قوله تعالي بعد ذلك ?وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ? هذا من تمام كلام عيسى بن مريم عليه السلام ?وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياّ ? [مريم:33]
* قال تعالي ?فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ? [الآية37]
ولم يقل فويل لهم، ولم يقل فويل للأحزاب وإنما قال ? فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُو ? [مريم: من الآية37] أي من الأحزاب لأن هناك حزبا آمن بعيسى بن مريم أنه عبد الله ورسوله ?فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ? [مريم: من الآية37]
* ?وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيا ّ ?
(يُتْبَعُ)
(/)
انتبه من هذا الترتيب في وصف الخليل إبراهيم عليه السلام ?إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّا ? وقد قلنا إن الصديقية مرتبة دون مرتبة النبوة، فالله تبارك وتعالي استعمل أسلوب الارتقاء في المدح من الأدنى إلي الأعلى.
*?إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ ? تكررت منه عدو مرات، انتبه لهذه اللفظة ? يَا أَبَتِ ? [مريم: من الآية42] التاء في كلمة يا أبت التاء عوض عن ياء الإضافة، ? يَا أَبَتِ) كلمة أب ثم اتصلت بها التاء، تقدير كلام يا أبي لكن لفظة ? يَا أَبَتِ فيها من الحنان والعطف والرفق واللين والرقة ما فيها.
* قال أهل السنة في هذه الآية دلالة على أن الله سميع بصير لأن إبراهيم عليه السلام أنكر على أبيه عبادة ما لا يسمع ولا يبصر فلم يرد آزر على ولده الإنكار،، ولم يقل له ما الفرق بيني وبينك أنا أعبد ما لا يسمع ولا يبصر وأنت كذلك تعبد ما لا يسمع ولا يبصر، لم يرد آزر على ابنه الإنكار لأنه كان يعلم أن الله سميع بصير.
قال أهل السنة فكان آزر مع كفره أعلم بالله وأسمائه وصفاته من المعطلة الذين عطلوا صفات الله تبارك وتعالي.
*يتلطف إبراهيم عليه السلام في دعوة أبيه ويرفق به فلا يغلو في مدح نفسه ولا يفرط في حق أبيه، فلا ينسب لنفسه العلم ولا ينسب إلي أبيه الجهل إنما قال: ?يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ) وإن كان قد آتاك شيء من العلم وإن كنت على حظ من العلم إلا أنني آتاني من الله تبارك وتعالي علم ليس عندك.
*العاصي لا يكون إلا جاهلا كما قال الله تعالي ?إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ? [النساء: 17] فكل من عصي الله فهو جاهل وإن كان عالما، العالم إذا عصي الله لم ينفعه علمه فهو جاهل فالعاصي لا يطاع والجاهل لا يطاع، ولذلك قال الله تبارك وتعالي لموسى وهارون عليه السلام وقد دعوا على فرعون ?قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ? وقال الله تعالي لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ?ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ? [الجاثية:18] وقال له في سورة الكهف كما سبق معنا ?وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطا ?
*?قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِياّ ?
وعده أن يستغفر الله له فاستغفر له في حياته، فلما مات على كفره وشركه وظهرت عداوته لله تبارك وتعالي تبرأ ابنه إبراهيم منه ولم يستغفر له. فلا يجوز لأحد أن يستغفر لأبية المشرك أو لأمه المشركة محتجا باستغفار إبراهيم لأبيه فإن الله قال ?وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُإِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ? [التوبة:114]
* ?وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّ ? [مريم: من الآية48]
انتبه في هذا الكلام تلميح لهم يقول أنا أدعو ربي ولن أكون بدعاء ربي شقيا وأنتم عبدتم غير الله ودعوتم غير الله فستكون عبادتكم لغير الله سببا لشقائكم في الدنيا وفي الآخرة، هذا معني الكلام ولكن الخليل إبراهيم عليه السلام يستعمل التلميح محل التصريح، ويستعمل التعريض محل المواجهة كما فعل موسى وهارون عليهما السلام حين أتيا فرعون: ?وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ? [طه:47] ?إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ? [طه:48]
انتبه وتعلم هذا الأسلوب في الدعوة لا تواجه الناس بإنذار وبالترهيب والتخويف، استخدم مع الناس دائما التلميح ما دام يغني عن التصريح.
* ?عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّ ? [مريم: من الآية48] وهذا منه هضم لنفسه وتفويض لربه سبحانه وتعالي لأنه يعلم أنه لا يجب على الله لأحد شيء.
* ?وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّا? [مريم:53]
(يُتْبَعُ)
(/)
وكانت هذه الهبة هبة النبوة لهارون بناء على سؤال موسى وشفاعته عند ربه لأخيه، ولذلك قال بعض السلف ما من شفاعة شفعها أحد لأحد مثل شفاعة موسى لهارون، وقال بعضهم ما نفع أخ أخاه مثل ما نفع موسى أخاه هارون ذلك أن الله سبحانه وتعالي نبأ هارون إكراما لأخيه موسى
* ?وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ?، قال العلماء إفراد الشيء عن جنسه بالذكر إنما يكون من باب التكريم، فالله سبحانه وتعالي ذكر إسحاق ويعقوب في سياق واحد ثم أخر ذكر إسماعيل وذكره وحده من باب التكريم والتشريف له.
*?وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ)
? [مريم: من الآية54] والصدق صفة من الصفات الواجبة للأنبياء والمرسلين أجمعين فلا يكون النبي إلا صادقا، إلا أن الله تبارك وتعالي خص إسماعيل عليه السلام بذكر صدقه لأنه عليه السلام بلغ في الصدق مرتبة عالية حيث إنه عليه السلام وعد أباه أن يسلم له نفسه ليذبحه طاعة لله تبارك وتعالي، ثم التزم كلمته وصدق في وعده ووفى بعهده لأبيه.
* بطلان قصة ترد في كتب التفسير:
وترد هذه الصة عند تفسير قوله تعالى: ?وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ? [التوبة:75] ?فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ? [التوبة:76] ?فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ? [التوبة:77] هناك قصة وهي ما سموها بقصة حمامة المسجد ونسبوها إلي ثعلبة بن أبي حاطب الأنصاري رضي الله عنه وقالوا إن ثعلبة كان فقيرا (ثم لما آتاه الله من فضله حتى ترك صلاة الجماعة ومنع الزكاة فنزلت فيه هذه الآيات ثم ندم وأتى يعرض زكاته على النبي فلم يقبلها منه وكذلك لم يقبلها منه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام)
هذه القصة باطلة سندا ومتنا، هذه القصة أولا نسبت إلي ثعلبه بن أبي حاطب الأنصاري، وهو من أفاضل الصحابة شهد بدرا واستشهد في أحد فكيف ينسب إليه هذا الفعل الذي لا يليق به رضي الله عنه، ثم إن القصة جعلت هذا الرجل عاش بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام لكنه مات شهيدا في غزوة أحد رضي الله عنه، ثم إن الله سبحانه وتعالي قال لنبيه عليه الصلاة والسلام ?قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ? [الأنفال:38] الكافر الأصلي الله يناديهم إلي الإسلام ويعدهم أن يغفر لهم ما قد سلف فكيف بالمسلم لو ارتد ثم تاب وعاد إلي دينه هو أولى بقبوله وأولى بتوبة الله تبارك وتعالي عليه.
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الزكاة من أعطاها مأتجرا فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا يعني من أعطاها مأتجرا فله اجرها ومن منعها فإنا آخذوها وسنعاقبه بعد أخذها بأخذ نصف ماله عقوبة على منعه الزكاة، فإذا كان هذا فكيف يترك النبي عليه الصلاة والسلام ثعلبه بن حاطب ولا يأخذ منه الزكاة قهرا، فهذه القصة التي وردت في تفسير آيات باطلة سندا ومنتا، لكنها في المنافقين ومنهم أي ومن المنافقين، والشاهد أن خلف الوعد وعدم الوفاء بالعهد من شيم المنافقين.
*أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ? [المائدة: من الآية105]
أي إذا كنتم مهتدين في أنفسكم ودعوتم غيركم إلي الهدى فضلوا لا يضركم من ضر ما دمتم أنتم دعوتموهم إلي الهدى، هذا هو معني الآية، ومن الخطأ أن يظن أن معني الآية أنه يكفي أن تكون مهتديا في نفسك ولا يضرك ضلال غيرك وإن لم تدعه إلي الهدى. لا إذا كنت مهتديا في نفسك ورأيت الضالين ولم تدعهم إلي الهدى ضرك ضلالهم.
*?أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ? [مريم:58]
(يُتْبَعُ)
(/)
ويأتي بالإشارة اسم الإشارة الذي يدل على البعد أولئك ليفيد ارتفاع شأنهم وعلو مكانتهم عند ربهم عز وجل وصلي الله وسلم عليهم أجمعين ?أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ ِ ? [مريم:58]
* فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ ? [مريم:59]
والمراد بإضاعة الصلاة هنا ليس تركها بالكلية ولكن التهاون بها وإخراجها عن وقتها (فويل للمصلين،الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ? [الماعون:5] فهم يصلون لا يتركون الصلاة أبدا، ولكن يسهون عن الصلاة أحيانا فلو كانوا تاركيها بالكلية ما سماهم مصلين إنما قال ?فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ? أما الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون، والذين لا يسجدون أبدا وهم قادرون على السجود فأولئك مأواهم سقر ?وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ? [المدثر:27]
سؤال::::
-هل يشترط لسجود التلاوة الطهارة واستقبال القبلة، وإذا لم يسجد القارئ هل يسجد المستمع أم لابد من سجود؟
سجود التلاوة ليس صلاة لأن جزء الصلاة لا يسمى صلاة، هذه سجدة هي جزء من الصلاة لكن لا تسمى صلاة.
الصلاة اصطلاحا عند الفقهاء: لا يطلق لفظ الصلاة على أقل من ركعة، ركعة الوتر هذا أقل ما يطلق عليه لفظ الصلاة من أول الله أكبر والقراءة والركوع والرفع منه والسجدتين وما يقال بينهما والتشهد هذا ركعة فهذا ما يسمى صلاة، جزء الصلاة لا يسمى صلاة، جزء الصلاة خارج الصلاة لا يسمي صلاة فسجدة التلاوة ليست صلاة فلذلك لا يشترط لها ما يشترط للصلاة من الطهارة واستقبال القبلة ونحو ذلك، إنما تجزأ بطهارة وبغير طهارة وإلي القبلة وإلي غير القبلة.
*? وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ?. للمفسرين في هذه الآية قولان:
لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ? القول الأول الله سبحانه وتعالى يعلم ما بين أيدينا من المستقبل ويعلم ما وراءنا من الماضي ويعلم ما بين ذلك من الحاضر الله سبحانه وتعالى أحاط علما بنا من كل ناحية ? لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ? من المستقبل ? وَمَا خَلْفَنَا ? من الماضي ? وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ? من الحاضر كما قال تعالى ? يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ? [طه: 110]. والقول الثاني ? لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ? أن لله تبارك وتعالى ملك السماوات والأرض وما بينهما لأن الله تبارك وتعالى قال في آية أخرى ? أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ? [سبأ: 9]. فقوله تعالى ? لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ? أي لله ملك السماوات والأرض وما بينهما كما قال تعالى ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) ? [طه: 5، 6]. وكما قال تعالى ?لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ?
* ? وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِياًّ ?· نفى الله تبارك وتعالى عن نفسه النسيان في حين أنه قال في آية أخرى ? نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ? [التوبة: 67] وقال تعالى ? وَلَوْ تَرَى إِذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ? [السجدة:12 - 14] فنسب الله تبارك وتعالى النسيان إليهما ونفاه في الآية الأخرى ولإزالة هذا التعارض الظاهر بين الآيات نقول: النسيان المنفي عن الله تبارك وتعالى هو الذي ضد الذكر فالله تعالى لا ينسى شيئا ولا يغفل عن شيء وأما قوله تعالى ? إِنَّا نَسِينَاكُمْ ? النسيان هنا معناه الترك والترك مستلزم النسيان لأنك إذا نسيت شيئا تركته
(يُتْبَعُ)
(/)
والمقصود به الطرد من رحمه الله عز وجل فلما طردتهم من رحمته صاروا كأنهم منسيون.
* ?ويقول الإنسان أأذا ما مت لسوف أخرج حيا ?المراد بالإنسان الكافر الذي ينكر البعث.
-أدلة البعث والرجوع إلى الله للحساب:
-أن البعث أسهل على الله وأهون من النشأة الأولى ? أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ? أفلا يستدل بالنشأة الأولى على النشأة الثانية كما قال تعالى ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ ?
? وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وهذا مثل ضربه الله للناس لعلهم يعقلون وإلا فليس على الله شيء أهون وشيء هين وشيء صعب وشيء أصعب كلا ? إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ? [يس: 82
- والدليل الثاني أن الله تبارك وتعالى خلق السماوات والأرض وهما أشد خلقا من الإنسان كما قال تعالى ? لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ? [غافر: 57]. وقال تعالى ? أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ ?. الجواب السماء فالله ? بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) ?
-دليل ثالث يستدل به على إمكان البعث وهو أنك أيها الإنسان تموت وتحيا في اليوم الواحد مرة أو مرتين الله سبحانه وتعالى سمى النوم وفاة وسمى اليقظة بعد النوم بعثا فقال عز وجل ? وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ? [الأنعام: 60].
-دليل رابع على إمكان البعث هو أن الله سبحانه وتعالى يحيي الأرض الميتة بالماء ينزل عليها كما قال تعالى ? مِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? [فصلت: 39]. فكما يحيي الله تبارك وتعالى الأرض الميتة بالماء ينزل عليها من السماء كذلك يحيي الله تبارك وتعالى الموتى يوم القيامة فهذه أربع براهين يستدل بها على أن الله يحيي الموتى ويبعث من القبور
* ? فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ? فأقسم الله تبارك وتعالى بربوبيته وأضافها إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم تكريما له وتشريفا ? فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ? فخبر الله صدق بغير يمين فكيف إذا أكده باليمين ومع ذلك أقسم ربنا على البعث وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربوبية ربه على البعث أيضا قال تعالى: (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ? [يونس: 53]. وقال تعالى ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ? [سبأ: 3]. وقال تعالى ? زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ? [التغابن: 7]. فأقسم الله تبارك وتعالى بربوبيته على أن البعث حق.
* (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ? ما معنى ورود النار ورود النار معناه دخولها ورود النار معناه دخولها وورود النار غير ورود الماء الله تبارك وتعالى قال في سورة القصص حكاية عن موسى عليه السلام ? وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ? [القصص: 23]. ورود الماء شيء وورود النار شيء آخر ورود الماء معروف ورد فلان البئر انتهى إلى شفا البئر فأدلى دلوه واستقى الماء الذي يريد أن يستقي الماء من البئر لا يدخل في البئر ولا ينزل فيه لكن ورود النار ما جاء في القرآن الكريم إلا بمعنى الدخول من ذلك قوله تعالى عن فرعون وملأه ? يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ ? [هود: 98]. الورود هنا معناه الدخول كما تقدم فرعون أمام ملأه في الدنيا فاقتحم بهم في البحر فتبعوه فأغرقوا أجمعون كذلك يوم القيامة يتقدمهم فيردهم النار يدخل هو أمامهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ويدخلون وراءه ? يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ ?. وقال تعالى لكفار قريش عبدة الأصنام والأوثان ? إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) ? [الأنبياء: 98، 99]. فالورود هنا معناه الدخول ? إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ?. يعني داخلون لو كان هؤلاء الحجارة والأصنام التي عبدتوها من دون الله لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها أي ما دخلوها وكل فيها خالدون فكل ورود للنار في القرآن فمعناه الدخول إذن فقوله تعالى هنا ? وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ?. أي داخلها وفي السياق نفسه ما يدل على أن الدخول الورود معناه الدخول وهو قوله تعالى ? ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ ?. فالكل ورد البر والفاجر والمسلم والكافر والظالم والعادل الكل ورد ثم يقول تعالى ?ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ?. فنخرجهم من النار ? وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ ?. فكلهم كانوا فيها لكن الله ينجي المتقين ? وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ ?
. لكن يردها الناس كلهم فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت في الدنيا على إبراهيم الخليل بردا وسلام
فعلى قدر صالح عمل الإنسان الوارد تكون سرعة خروجه من النار وعدم مس النار له وعدم إيذائها له وكلما كثرت ذنوب الإنسان والعياذ بالله كلما ذاق حر النار وأذاه لهيبها ومنهم من يكردس فيها فيعذب ثم يخرج بعد ذلك برحمة الله وشفاعة الشافعين أما الظالمون الكافرون فهم فيها خالدين أبدا وما هم منها بمخرجين.
* (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ?. ويزيد الله الذين اهتدوا واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم على ما جاء به من عند الله لما اهتدوا بقول الدعوة لما اهتدوا بقبول الإيمان واتباع القرآن يزيد الله الذين اهتدوا هدى فالهداية تزيد وتنقص ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى أن نسأله في كل ركعة من ركعات الصلاة الزيادة من الهداية ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ?. قال بعض المفسرين في قوله تعالى في الفاتحة ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ? قالوا الذين يصلون مهتدون فمعنى سؤالهم الهداية الثبات على ما هداهم الله إليه اهدنا أي ثبتنا على ما هديتنا إليه وهذا قول مرجوح والراجح أن سؤال الهداية هو طلب الزيادة منها ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ? أي زدنا يا رب هدى لأن ما فات الإنسان من الهداية أضعاف أضعاف ما حصله ما حصلته من الهداية جزء يسير وفاتك منه أو منها الكثير والكثير فأنت بحاجة إلى المزيد من الهداية.
أسئلة:
-هل الورود هو دخول النار بالفعل أم المرور على الصراط؟.
الصراط هو في وسط جهنم وهو الطريق إلى الجنة إذا أذن الله تبارك وتعالى لأهل الجنة في دخولها فالطريق إلى الجنة هو الصراط في وسط جهنم وليس فوقها كالجسر المعلق لا إنما هو في وسط جهنم فالكل يدخل أهل النار يدخلون حتى يمكثوا فيها وأهل الجنة يدخلون حتى يعبروها ويكون العبور على ما ذكرنا منهم السالم ومنهم المخدوش السالم ومنهم المكدس على وجهه في النار كما جاء في صفة الورود وصفة الصراط يوم القيامة.
(جميع المتفرقات السابقة من شرح د/ عبد العظيم بدوي في التفسير لسورتي الكهف ومريم)(/)
استعمال بعض الآيات القرآنية لضرب المثل
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Nov 2005, 11:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
استعمال بعض الآيات القرآنية لضرب المثل
السؤال: نسمع كثيرًا من الإخوان يستخدمون الآيات القرآنية؛ لضرب أمثلة كقوله -تعالى- (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)، وقوله مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ)، فهل هذا جائز أو لا؟ وإذا كان جائزًا، ففي أي الحالات، يمكن ذكرها وترديدها؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب:لا بأس بالتمثل بالقرآن الكريم، إذا كان ذلك لغرض صحيح، كأن يقول: هذا الشيء (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)، أو يقول: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ) إذا أراد التذكير بحالة الإنسان مع الأرض، وأنه خلق منها، ويعود إليها بعد الموت، ثم يبعثه الله منها، فالتمثل بالقرآن الكريم إذا لم يكن على وجه السخرية والاستهزاء، لا بأس به، إما إذا كان على وجه السخرية والاستهزاء، فهذا يعتبر ردة عن الإسلام؛ لأن من استهزأ بالقرآن الكريم، أو بشيء من ذكر الله - عز وجل - وهزل بشيء من ذلك، فإنه يرتد عن دين الإسلام كما قال -تعالى-
(قُلْ أبالله وآياتهِ ورسولهِ كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قَدْ كفرتم بعْد إيمانِكُم)
فيجب تعظيم القرآن واحترامه.
من فتاوى الشيخ صالح الفوزان.
فتاوى الفوزان - المنتقى - الجزء الأول، صفحة: 80،81(/)
سؤال عن كتاب (الملخص في إعراب القرآن) للخطيب التبريزي
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[07 Nov 2005, 03:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
طبع كتاب: الملخص في إعراب القرآن، لأبي زكريا يحي بن علي المعروف بالخطيب التبريزي (ت502) بتحقيق: د. يحي مراد، ونشر: دارالحديث، وسنة الطبع:1425.
سؤالي للإخوة- حفظهم الله-:
1 - هل للكتاب طبعة أخرى؟
2 - هل سبق تحقيق الكتاب تحقيقا علميا؟
3 - الكتاب بطبعته الموجودة، وتحقيقه الحالي، ماله وماعليه؟
نفع الله بكم، وشكرا لكم.
ـ[المنصور]ــــــــ[11 Nov 2005, 02:34 ص]ـ
إن لم تخني الذاكرة:
فالكتاب مطبوع باسم آخر ولمؤلف آخر
وقد حققته دكتوره
وتنبه عدد من الباحثين إلى الخطأ
والقدر المحقق عندها أظنه أكثر من القدر الموجود في طبعة مراد
هذا مالدي الآن
والوهم وارد
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[11 Nov 2005, 12:58 م]ـ
شكرا لتفاعلك أخي عبدالله،ولعلك تفيدني أكثر حول الموضوع، واسم المحققة، والخطأ الذي تنبه له عدد من الباحثين.
وشكرا.
ـ[المنصور]ــــــــ[12 Nov 2005, 10:20 ص]ـ
أظن أنه كان منسوباً لـ: قوام السنة الأصبهاني
وطبع باسم: إعراب القرآن
ـ[المنصور]ــــــــ[12 Nov 2005, 10:20 ص]ـ
وسامحني على كثرة الظنون
إنما أردت الإفادة بما عندي
وجزاك الله تعالى خيراً
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Nov 2005, 09:57 م]ـ
ينظر للفائدة: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3584
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[15 Nov 2005, 02:02 ص]ـ
هذا الكتاب مذكور في ترجمة الخطيب التبريزي في وفيات الأعيان لابن خلكان وغيره. ولا أعرفه مطبوعاً غير هذه الطبعة التي أشرتم إليها. ولعل الأخ المنصور ذهب ظنه إلى ما ذكره أبو بيان في مشاركته التي أحال عليها مشكوراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Nov 2005, 01:01 م]ـ
الأخ العزيز الدكتور عبدالرحمن اليوسف سلَّمه الله
كتاب (الملخص في إعراب القرآن) للإمام اللغوي الأديب أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي رحمه الله (ت502هـ) من الكتب التي نسبها له أصحاب التراجم، مثل ابن خلكان كما تفضل الأخ فهد الناصر، حيث قال فيه وهو يعدد مصنفاته: (وكتاب في إعراب القرآن سمَّاه (الملخص) رأيته في أربع مجلدات) [وفيات الأعيان6/ 192 ط. إحسان عباس]. وذكره أيضاً ياقوت الحموي وهو يعدد مصنفاته فقال: (وصنَّفَ شرحَ القصائد العشر ملكته بخطه، وتفسير القرآن، وإعراب القرآن) [معجم الأدباء 20/ 27 ط. دار المأمون] فسماه الحموي إعراب القرآن، وليس (تفسير القرآن وإعرابه) كما ذكر المحقق د. يحيى مراد (ص5).
http://www.tafsir.net/images/molakhas.jpg
والجزء المطبوع المحقق من الكتاب ليس إلا المجلد الثاني منه كما ذكر الدكتور يحيى مراد، وهو يبدأ بسورة يوسف ونتهي بالآية 125 من سورة طه كما هو مطبوع، مع إن المحقق يذكر أنه ينتهي هذا المجلد بسورة المؤمنون!
وقد نشره المحقق اعتماداً على مخطوطته الوحيدة التي عثر على صورتها ضمن مصورات معهد المخطوطات العربية، والأصل محفوظ بالمكتبة الوطنية بباريس، ولم يذكر المحقق رقم المخطوطة في المكتبتين، واكتفى بصورة الصفحة الأولى من المخطوطة.
والخطيب التبريزي من اللغويين الثقات، وقد بالغ في دراسة اللغة، وقراءة كتبها على العلماء الثقات الأثبات حتى فاق أقرانه، وله شروح على معظم اختيارات الشعر القديمة كالمفضليات، وحماسة أبي تمام له عليها ثلاثة شروح، وشرح ديوان المعري سقط الزند.
ومن أعجب قصص عنايته باللغة ودراستها، أنه ملك نسخة فريدة من كتاب (تهذيب اللغة) للأزهري رحمه الله، فعزم على أن يقصد أبا العلاء المعري الشاعر اللغوي في معرة النعمان ليقرأ عليه تهذيب اللغة، ولم يجد من السعة ما يركب به من تبريزإلى معرة النعمان، فحمل هذه النسخة في مخلاة على ظهره، وسافر بها إلى المعري، فنفذ العَرَقُ إلى هذه النسخة، فأصابها البلل من عرق الخطيب التبريزي، ولا زالت هذه النسخة إلى عهد ياقوت الحموي موقوفة في إحدى مكتبات بغداد، وبعض من يراها ولا يعلم خبرها يظنه قد أصابها الغرق وما هو إلا عرق الخطيب التبريزي (انظر القصة في معجم الأدباء 20/ 26).
والذي يتأمل في الجزء المطبوع من الكتاب، يجده تفسيراً مختصراً ممزوجاً بالإعراب، وربما يطيل في التفسير ولا يتعرض للإعراب. وأضرب مثالاً بتفسيره لأول سورة النحل حيث قال (ص129):
سورة النحل مكية
سوى ثلاث آيات من آخرها، نزلت في منصرفه من أحد، وقيل: إن قوله تعالى: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} [النحل 41]. وقوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا} [النحل 110] الآيتان مدنيتان.
بسم الله الرحمن الرحيم
{أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون * ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون * خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون} [1 - 3].
{أتى} بمعنى: يأتي، وحسن لفظ الماضي في موضع المستقبل لصدق إتيان الأمر، فصار أتى أنه لا بد أن يأتي، بمنزلة ما قد مضى. وكان يحسن الإخبار عنه بالماضي، وأكثر ما يكون هذا فيما يخبرنا الله به أن يكون، فلصحة وقوعه وصدق المخبر به صار كأنه شيء قد كان.
{أمر الله} عقابه لمن أقام على الشرك، وقيل: يعني به القيامة، وقيل: الأحكام والفرائض والحدود، والأول وجه التأويل؛ لأنهم استعجلوا فأعلموا أنه في قربه بمنزلة ما قد أتى، وفي الهاء وجهان:
- يجوز أن يكون الأمر.
-وأن يكون لله تعالى.
وتعالى عما يشركون، أي: ارتفع أن يكون له شريك .... الخ).
وأخيراً: شكر الله لأخي الدكتور عبدالرحمن اليوسف إشارته لهذا الكتاب، ودلالتي عليه، ولا زلنا ننتظر منه المزيد في هذا الملتقى العلمي لعنايته بكتب الدراسات القرآنية، ومعرفته بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[19 Nov 2005, 08:14 ص]ـ
اشكر ثم أشكر أخي الكريم الدكتورعبدالرحمن الشهري إجادته وإفادته، وليس بمستغرب على أبي عبدالله رصانة أسلوبه، وتقصيه البديع، وإلمامه الواسع بجوانب الموضوع، وماكتب فيه ...
أسأل الله له التوفيق والسداد، والعلم النافع، والعمل الصالح ...
وشكري موصول للمشايخ: المنصور، وأبي بيان، وفهد الناصر، سائلا المولى عزوجل لهم الأجر والمثوبة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Feb 2006, 12:06 ص]ـ
وجدت في أحد صناديق كتبي غير المرتبة - للأسف - طبعة أخرى لكتاب:
الملخص في إعراب القرآن
للخطيب التبريزي
بتحقيق الدكتورة فاطمة راشد الراجحي
الأستاذة المساعدة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الكويت
وقد نشرت هذه الطبعة عام 2001 م، أي أقدم من نشرة الدكتور يحيى مراد، وهو نفس القدر الذي حققه الدكتور يحيى مراد من سورة يوسف إلى سورة طه.
http://www.tafsir.net/images/molakhas2.jpg.
ويبدو أن ما تفطن له أخي عبدالله المنصور هو هذا، حيث ذكر أن التي حققته دكتورة، ولكن ليس هناك خلاف في نسبة الكتاب للتبريزي، والقدر الموجود متطابق. لكن لعلي أضيف هذه الفائدة، وهي أن الأستاذ أهيف سنو قام بتحقيق سورة الأنعام، وسورة مريم من كتاب (الملخص في إعراب القرآن) هذا، ونشرهما في حولية كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القديس يوسف في لبنان، المجلد الأول عام 1981م، والمجلد الرابع عام 1989م
ـ[خلف الجبوري]ــــــــ[12 Mar 2006, 09:23 ص]ـ
الأخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري وفقكم الله على هذه المعلومات القيمة، كيف لنا أن نتوصل إلى ما كتبه الأستاذ أهيف سنو ونشر في جامعة القديس يوسف؟
وإن (الملخص في إعراب القرآن) يقوم أحد طلبة العلم عندنا عليه دراسة، ونحن بانتظار ما تتحفوننا به من معلومات وفوائد قيمة.
د. خلف حسين صالح الجبوري
كلية التربية / جامعة تكريت / العراق
khalaf1952@yahoo.com
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Mar 2006, 03:05 م]ـ
أخي العزيز الدكتور خلف الجبوري وفقه الله
لم أطلع على هذا التحقيق لسورة الأنعام ومريم، ولكن الحصول على هذه الحولية المذكورة سهل في المكتبات العامة للجامعات وغيرها في لبنان والعراق والسعودية. وهي أعداد معروفة الرقم والتاريخ وليست موغلة في القدم. فإن أعيا الباحث البحث عنها، بحثت له عنها بحسب الطاقة إن شاء الله في المكتبات والمراكز العلمية في السعودية.
ـ[خلف الجبوري]ــــــــ[08 Jan 2007, 06:54 م]ـ
كتاب (الملخص في إعراب القرآن) هو للخطيب التبريزي
أبدى بعض الباحثين شكوكهم حول نسبة كتاب (الملخص في إعراب القرآن) إلى الخطيب التبريزي، وكان الغالب في رأيهم أنه ليس للتبريزي، ومن خلال النظر في كتاب (الملخص) وبعض المصادر الأخرى ظهر حسب ما يبدو لي أن كتاب (الملخص) هذا هو للتبريزي، واستند هذا الرأي إلى ما يأتي:
1ـ ذكر التبريزي في كتابه (الملخص ص 194) أنه تتلمذ على الشاعر أبي العلاء المعري وذلك في قوله: ((وذكر أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخي فيما قرأته عليه أن ? ??????? ? [الكهف 5] نصبها على التعجب، والتقدير: ما أكبرها كلمة)).
وكذلك ما أورده القفطي في (إنباه الرواة 1/ 104) من إقرار التبريزي نفسه بهذه التلمذة بقوله: ((قال الخطيب التبريزي: وكنت قرأت هذا الكتاب [غريب القرآن لأبي عبيد] سنة خمس وأربعين وأربعمئة على أبي العلاء أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي المعري)).
2ـ ما ذكره أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط) والآلوسي في تفسيره (روح المعاني) من أقوال للتبريزي، وردت في كتاب (الملخص) ومنها:
أ ــ قال التبريزي في قوله تعالى: ? ???? ????????????? ?????????? ???? ?????????????? ???????? ????? ?????????? ??????? ? [الكهف 12]: ((وفي أحصى قولان: أحدهما: أنه فعل ماضٍ، وانتصب (أمداً) على أنه مفعول به، والثاني: وهو الأجود أنه اسم على (أفعل)، وينصب (أمداً) على التمييز)) (الملخص 195).
وقال أبو حيان في البحر المحيط 7/ 146: واختار التبريزي أن يكون (أحصى) أفعل التفضيل، وينظر: روح المعاني للآلوسي 11/ 163.
ب ـ وقال التبريزي في قوله تعالى: ? ???? ??????? ??????? ???? ???????? ???????? ? [الكهف 22]: ((أي: لا تأت في أمرهم بغير ما أوحي إليك، أي: أفت قصتهم بالظاهر الذي أنزل عليك، وقيل: معناه إلاّ مراء زائلاً، يعني المراء الذي سبق كما قيل:
............................. وتلكَ شَكَاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها)) (الملخص 201).
وقال أبو حيان في البحر المحيط 7/ 162: ((قال التبريزي: ظاهراً: ذاهباً بحجة الخصم، وأنشد:
............................... وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها
أي: ذاهب))، و ينظر: روح المعاني 11/ 210.
وهذه النصوص كفيلة بإبعاد الشكوك في نسبة كتاب (الملخص) إلى التبريزي.
وتبقى هناك أمور أخرى لم أتحقق منها لعدم الوقوف على مصادر يمكن أن تفيد البحث، وليت بعض الأخوة الباحثين الأفاضل ممن لديهم هذه المصادر أو يستطيعون أن يقفوا عليها أن يتحفونا بما جاء فيها من معلومات تفيد البحث.
فقد جاء في مغني اللبيب لابن هشام (الباب الخامس: في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها) ص 514: ((قول التبريزي في قراءة يحيى بن يعمر ? ?•?????? ????? ???????? ???????? ? [الأنعام 154] بالرفع، إن أصله (أحسنوا)، فحذفت الواو اجتزاء عنها بالضمة، كما قال:
إذا ما شاءُ ضروا من أرادوا و لا يألوهم أحدٌ ضرارا)).
أراد (ما شاؤوا)، بحذف واو الجماعة.
فإعراب سورة الأنعام من كتاب (الملخص) حققه الأستاذ أهيف سنو، ونشره في (حولية كلية الآداب والعلوم الإنسانية) في جامعة القديس يوسف في لبنان (مجلد 1 سنة 1981، ومجلد 4 سنة 1989)، فإذا تحقق وجود هذا القول المنسوب إلى التبريزي في النص المحقق يكون تعضيداً لما ذكرنا.
د. خلف حسين صالح الجبوري
كلية التربية/ جامعة تكريت / العراق
khalaf1952@yahoo.com(/)
(بحر العلوم) ليس اسمًا صحيحًا لتفسير أبي الليث السمرقندي
ـ[صالح صواب]ــــــــ[07 Nov 2005, 04:21 م]ـ
ألف أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي، المتوفى سنة 373هـ كتابه القيم في التفسير.
وقد اشتهر هذا الكتاب باسم: (بحر العلوم)، وسار على ذلك عدد من طلاب العلم، ولعل من أشهر المراجع التي اعتمدت هذا الاسم، كتاب (التفسير والمفسرون) (1) للدكتور/ محمد حسين الذهبي رحمه الله، حيث ذكر كتاب أبي الليث – رحمه الله – بهذا الاسم، وكما هو معلوم فإن كتاب الذهبي كتاب منهجي يدرس في عدد من الجامعات، وربما كان ذلك سببا في شيوع هذا الاسم بين طلاب العلم.
وقد طبع تفسير أبي الليث السمرقندي، بتحقيق وتعليق: الشيخ علي محمد معوض، والشيخ عادل أحمد عبدالموجود، والدكتور/ زكريا عبدالمجيد النوتي، ونشرته/ دار الكتب العلمية، بيروت، بعنواِن: (تفسير السمرقندي، المسمى بحر العلوم).
وبالمناسبة ففي هذه النسخة المطبوعة مئات الأخطاء والتحريفات العلمية.
كما أنه ذُكِر في بعض فهارس المخطوطات - فهارس المكتبة الأزهرية - باسم: "بحر العلوم".
والصحيح أن (بحر العلوم) ليس اسما لكتاب أبي الليث، وأن أبا الليث السمرقندي – رحمه الله تعالى – لم يسمّ كتابه التفسير باسم خاص، بل هو تفسير القرآن، فيصح أن يطلق عليه تفسير القرآن العظيم، أو تفسير القرآن الكريم، أو تفسير القرآن.
وما جاء على غلاف الكتاب المطبوع أو ما صنعه الدكتور/ محمد حسين الذهبي رحمه الله، فيبدو أنه جاء استنادا إلى ما ورد في عنوان النسخ المخطوطة بالمكتبة الأزهرية.
ومما يجعلنا نجزم بأن هذا الاسم ليس لكتاب أبي الليث السمرقندي، أمور، منها:
1 – أن جميع من ترجم للمؤلف، أو ذكر الكتاب يقولون: "له: تفسير القرآن"، ولا يذكرون (بحر العلوم).
2 – أن المكتوب على سائر نسخ الكتاب (غير الأزهرية): "تفسير القرآن الكريم"، أو "تفسير القرآن العظيم"، أو "تفسير أبي الليث".
3 – أنه لم يرد في مقدمة المؤلف أو في كتبه الأخرى ما يشير إلى هذا الاسم.
4 - أن ما ورد على نُسخ المكتبة الأزهرية ليس مكتوبا بخطّ الناسخ، وإنما وضعه مُفَهرسو المكتبة، ولعل ذلك اشتباه بتفسير آخر، هو (بحر العلوم) للسمرقندي، وهو الشيخ/ علاء الدين، علي السمرقندي، من أبناء القرن التاسع.
5 – أشار عدد من المصنفين إلى ذلك الخطأ في كتبهم، ومن ذلك: ما ذكره حاجي خليفه، في كتابه كشف الظنون، حيث ذكر أن (بحر العلوم) من تأليف الشيخ/ علاء الدين علي السمرقندي، من أبناء القرن التاسع (2).
وأشار إلى ذلك الزركلي في كتابه "الأعلام" حيث قال في ترجمة أبي الليث السمرقندي في الحاشية:
"قلت: في بعض فهارس المكتبات: من تصنيفه: "بحر العلوم"، بضعة مجلدات في التفسير، والصواب أن "بحر العلوم" من تأليف سمرقندي آخر، اسمه "علي" من أبناء المائة التاسعة" (3).
ــــــــــــــــــــــ
(1) التفسير والمفسرون 1/ 224.
(2) كشف الظنون 1/ 225.
(3) الأعلام 8/ 28.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[08 Nov 2005, 09:50 ص]ـ
أحسن الله اليك يا دكتور صالح، وما هذه بأول بركاتكم.
ولكن قد حقق الدكتور عبد الرحيم الزقة هذا الكتاب من اوله الى نهاية تفسير سورة الانعام في رسالة دكتوراة قدمت في كلية دار العلوم بالقاهرة ونالت درجة الامتياز وفي حديثه عن اسم التفسير رفض هذا القول ورجح ان اسم التفسير هكذا بحسب ادلة ذكرها تحسن مطالعتها في هذه الرسالة وهي مطبوعة بمطبعة الارشاد ببغداد فك الله تعالى اسرها وسنة الطباعة هي1985علما ان الرسالة قدمت للامتحان في عام1983
ـ[صالح صواب]ــــــــ[09 Nov 2005, 06:15 م]ـ
أشكر أخي الكريم الدكتور/ جمال أبو حسان، نفعنا الله بعلمه ..
لا يتسير لنا الاطلاع على رسالة الأخ الدكتور/ عبدالرحيم الزقة، وكنت أتمنى أن أطلع على الأدلة التي ذكرها، وأرجو ممن يجد شيئا من الأدلة أن يفيدنا بذلك، إلا أنني أقول، قد حققت جزءا من الكتاب في رسالتي للدكتوراه، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين بالرياض، قسم القرآن وعلومه، من سورة الأحزاب إلى آخر القرآن الكريم.
وقد وقفت خلال البحث على نسخ عديدة، أبرزها: نسخة المكتبة الظاهرية، ونسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونسخ المكتبة الأزهرية، فلم أجد ما يدل على اسم الكتاب في هذه المخطوطات كلها، سوى ما كتب على الأزهرية بخط مغاير لخط الناسخ.
ولا أعتقد أن كتابة الاسم من مفهرسي المكتبة بخط غير خط الناسخ يكون دليلا على اسم الكتاب، وبخاصة أنه لا يوجد على أي من النسخ الأخرى.
ثم إن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد أثبت حاجي خليفة والزركلي أن (بحر العلوم) ليس لأبي الليث، وإنما هو لعلاء الدين علي السمرقندي.
ولا نستطيع أن نطلق (بحر العلوم) على كتاب أبي الليث حتى يثبت لنا ذلك، من خلال مؤلَّف من مؤلفات أبي الليث، أو الكتاب نفسه، أو إشارة من المؤلفين المتقدمين، أو نحو ذلك.
وأكرر لك أخي جمال شكري على هذه الفائدة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Nov 2005, 08:15 م]ـ
ما تفضل به أخي الدكتور صالح صواب ليس بعيداً عن الصواب، حيث إن الأخ الكريم الدكتور عبدالرحيم أحمد الزقة المدرس بكلية الشريعة بجامعة بغداد في تحقيقه لأوائل التفسير في رسالته للدكتوراه التي حصل عليها من دار العلوم بالقاهرة، لم يجزم بتسميته (بحر العلوم) ولم يورد أدلة قاطعة بهذه التسمية، بل نقل تشكيك صاحب كشف الظنون في تسميته بهذا، بواسطة كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي وهو قوله: (في بعض فهارس المكتبات من تصنيف أبي الليث تفسير (بحر العلوم - خ) بضعة مجلدات، والصواب أن (بحر العلوم) من تأليف سمرقندي آخر اسمه علي من أبناء المائة التاسعة كما في كشف الظنون 225) (1).
وأما تسمية تفسير أبي الليث السمرقندي بـ (بحر العلوم) فقال الدكتور عبدالرحيم بشأنها: (أما تسمية تفسير أبي الليث بـ (بحر العلوم) كما ذكر حاجي خليفة ونقله عند الزركلي، ومحقق كتاب: تنبيه الغافلين، وقولهم: إن بحر العلوم لسمرقندي آخر اسمه: علي، من علماء المائة التاسعة – كما أشرت سابقاً – فغير سديد؛ وذلك لأنني وجدت على النسخة التي صورتها من خزانة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد عبارة تفسير بحر العلوم، هذا بالإضافة إلى أنني لم أعثر على تفسير (علي) السمرقندي الآخر في فهارس المخطوطات التي اطلعت عليها، وإن وجد هذا التفسير فيكون تشابها في الاسم، ولا يعني أن تفسير (بحر العلوم) مقتصر على (علي السمرقندي) وكثيراً ما كان يعنون – وحتى عصرنا الحاضر- اسماً واحداً لعدة كتب ولمؤلفين مختلفين مثل مجاز القرآن، ومعاني القرآن، وغريب القرآن، والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك من الأسماء المتشابهة التي ألف فيها كثير من المؤلفين) (2).
غير أن الأخ الدكتور عبدالرحيم ترك له خط رجعة، فلم يجزم بتسميته بحر العلوم، وعقب على كلامه السابق بما يوافق ما ذهب إليه الدكتور صالح صواب فقال: (والحق أنني لم أجد عبارة تفسير (بحر العلوم) على النسخ الأخرى التي اطلعت عليها من هذا التفسير، مما يرجح عندي أن هذه التسمية أطلقت على التفسير بعد عصر المؤلف، ولا أجد مانعاً في إطلاقها على تفسير أبي الليث السمرقندي، كما أطلقها كثير من الباحثين والدارسين (3)، بالإضافة إلى ثبوتها على نسخة خزانة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد). (4)
والنسخة البغدادية التي أشار الباحث إلى تسمية التفسير فيها ببحر العلوم كتبت قبل 710هـ وهي مقابلة على نسخة أخرى، ولم يضع الباحث صورة الغلاف لها التي فيها التسمية، وإنما وضع صورة لوحة أخرى مكتوب عليها (المجلد الأول من التفسير، تصنيف الشيخ الفقيه الزاهد أبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي رحمه الله رحمة واسعة).
والأمر في هذا قريب ولله الحمد، ولكن الأدلة التي أوردها الدكتور عبدالرحيم ليست قاطعة بالتسمية، وعدم عثوره على تفسير علي السمرقندي في فهارس المخطوطات فليس كافياً في نفي وجوده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة تحقيق تفسير السمرقندي لعبدالرحيم الزقة 1/ 92
(2) انظر: 1/ 93
(3) انظر: التفسير والمفسرون 1/ 224، خزانة الفقه – المقدمة.
(4) 1/ 94
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[24 Jun 2009, 12:34 م]ـ
جاء في كشف الظنون:
بحر العلوم في التفسير
للشيخ الفاضل السيد علاء الدين: علي السمرقندي ثم القراماني تلميذ الشيخ: علاء الدين البخاري
المتوفى: في حدود سنة ستين وثمانمائة بلارنده
وهو كتاب كبير
فيه فوائد جليلة
انتخبها من: كتب التفاسير
وأضاف إليها: فوائد من عنده بعبارات فصيحة
وانتهى إلى: سورة المجادلة
أربع مجلدات. اهـ
قلت: وقد وقفت ـ بحمد الله تعالى ـ على الجزء الأول منه ..
ـ[المقشاش]ــــــــ[24 Jun 2010, 01:15 م]ـ
الشكر الجزيل لكل الإخوة على هذه المعلومات القيمة لكن هل يمكن أن نحصل على نسخة من الكتاب بصيغة pdf؟
أسأل الله ذلك.(/)
محاولات جمع تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[08 Nov 2005, 02:39 م]ـ
هناك عدد من الكتب اعتنت بجمع تفسير شيخ الإسلام وهي كما يلي:
1 - مجموعة تفسير شيخ الإسلام , من ست سور: الأعلى , والشمس , والليل , والعلق , والبينة , والكافرون , وهو مطبوع في مجلد واحد , جمعه، وعلَّق عليه: عبد الصمد شرف الدين. وهذه قطعة يسيرة من تفسير شيخ الإسلام عثر عليها المعتني بها ونشرها , وهي برمَّتها موجودة في مجموع ابن قاسم.
2 - تفسيرات شيخ الإسلام ابن تيمية , جمعها: إقبال أحمد الأعظمي , نقل فيه بعض تفسيرات الشيخ على أغلب السور وقد ذكر في مقدمته أنه لم يأخذ من مجموع الشيخ عبد الصمد شرف الدين، ولا من مجموع ابن قاسم، إلا الأجزاء المهمة التي صرَّح شيخ الإسلام بأهميتها، وأنها أشكلت على كثير من المفسرين ().
ويلاحظ عليه أمران:
أ – أنه فاته كثير من تفسير الشيخ غير ما استثناه.
ب – أنه أدخل فيه غير التفسير، ولا سيما استطرادات الشيخ في بعض المسائل الفقهية.
وهو مطبوع في مجلد واحد.
3 - كتاب التفسير , ضمن مجموعة الفتاوى التي جمعها الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم , ويشغل المجلدات: الرابع عشر , والخامس عشر , والسادس عشر , والسابع عشر , وقد جمع – رحمه الله – كثيراً من تفسيره , وأما كلام الشيخ على الآيات في سياق حديثه عن بعض القضايا فلم يدرج منه هنا إلا القليل , حتى ما يوجد منه في المجلدات الأخرى من المجموع , وعلى كل حال فإن هذا المجموع المبارك الذي قام عليه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم (ت 1392هـ) وساعده فيه ابنه محمد (ت 1421هـ) وأمضيا في جمعه وترتيبه أكثر من ثلاثين عاماً يعتبر " غُرَّةً في جبين الدهر " () وقد نفع الله به نفعاً عظيماً , ولا تكاد تخلو منه مكتبة , ومع هذا الجهد العظيم الذي بُذل فيه , والذي يعجز عن القيام به العشرات , فإنه يبقى كغيره من أعمال البشر , يعتريه النقص , والخلل , والتصحيف , ولعل ضخامة المشروع أدت إلى ذلك. وقد صنع الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم بعد وفاة أبيه مستدركاً عليه في خمس مجلدات , ضَمَّن الجزء الأول بعض التفسيرات التي عثر عليها فيما بعد.
4 - دقائق التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية , جمعه: الدكتور محمد السيد الجَلَيَنْد , مطبوع في ثلاثة مجلدات , وقد ذكر في مقدمته () , أنه قام باستقراء تراث الشيخ المطبوع والمخطوط , وجمع منه تفسيره للآيات المتفرقة المبثوثة في كتبه المختلفة .. واستطاع أن يشكل منها تفسيراً شبه كامل للقرآن باعتبار سوره كلها. وعند التأمل في الكتاب نجد أن كلام الجامع غير مطابق لمضمون الكتاب , وهذه بعض الملحوظات التي وجدتها عليه:
1 - أنه لم يستوعب كلام الشيخ في التفسير في جميع كتبه المطبوعة والمخطوطة كما زعم , بل لم يجمع النِّصف من ذلك.
2 - جُلُّ الكتاب موجود في مجموع الفتاوى لابن قاسم , وفيه زيادات يسيرة من غيره , وقد فاته شيء كثير من تفسير الشيخ في كتبه المطبوعة المختلفة.
3 - تصرَّف في النص بوضع بعض العناوين التي لا داعي لها أحياناً , وقد توقع اللبس عند القارئ.
4 - فيه بعض التعليقات التي جانب فيها الصواب , وكثير منها منقول من طبعة عبد الصمد شرف الدين الهندية.
5 - ذكر أن في طبعة ابن قاسم أخطاء كثيرة ونقص قام بإكماله من نسخ أخرى , والناظر في كتابه يجد أنه مليء بالأخطاء حتى في الآيات القرآنية , وهذا أمر ظاهر ().
6 - ادّعى أن بعض ما ذكره ليس موجوداً في طبعة ابن قاسم , والواقع أنه موجود لكن لم يقف عليه مع أنه ضمن قسم التفسير منها؛ ومن ذلك أنه ادَّعى أن سورة الليل غير موجودة فيها , وهي موجودة في أثناء تفسير سورة الحجر.
7 - نقل فيه استطراداتٍ طويلة للشيخ خارجة عن التفسير.
والحق أن جامعه بذل جهداً في جمعه , وانتفع به الناس , لكنْ ليس كما نعته في مقدمته.
5 - التفسير الكبير للإمام العلامة تقي الدين ابن تيمية، تحقيق وتعليق: الدكتور عبد الرحمن عميرة , وهو مطبوع في سبعة مجلدات , وقد لبَّس – هداه الله – على الناس وأوهم أنه أخرج لهم تفسيراً ليس له أي وجود في عالم المطبوعات، محققاً مضبوطاً، وادَّعى أن قلوب الملايين من أبناء الأمة الإسلامية بعامة ستغمرهم الفرحة بإبراز الكتاب بالصورة الجميلة , وقد جعل المجلد الأول وعامة الثاني في مقدمات في التفسير , والقرآن , وللأسف فإن هذا التفسير بنصه هو الموجود في مجموع الفتاوى لابن قاسم , وإنما زاد فيه بعض العناوين , ولم يكلَّف نفسه استدراك ما وقع في مجموع الفتاوى من تصحيف , أو ما قال عنه ابن قاسم: بياض في الأصل , بل إنه يتابع ابن قاسم فيما يزيده بين معقوفين , وهذا أمر ظاهر في الكتاب لا يخفى على الناظر فيه , ولذلك أعرض كثير من أهل العلم عن اقتنائه.
6 - تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية , جمعه: الشيخ إياد القيسي وزملاؤه , تحت إشراف مكتبة ابن الجوزي بالدمام , وقد أعارني الشيخ سعد الصميل صاحب المكتبة نسخة منه في أحد عشر مجلداً فقرأته , واستفدت منه , ووجدته خيرَ ما جُمع في تفسير شيخ الإسلام , حيث تتبع جامعوه تفسيره في جميع كتبه المطبوعة مع بعض المخطوطات، بالإضافة إلى كتب تلاميذه كابن القيم، وابن كثير وغيرهما , ولم يفتهم من تفسيره إلا القليل أو النادر , وعليه ملحوظات يسيرة بعثت بها إليهم , ووعدوا باستدراكها وغيرها قبل نشره , وإذا خرج هذا الكتاب إلى الأسواق يكون هو العمدة في هذا الموضوع.
هذه لمحة سريعة عن مظان تفسير شيخ الإسلام والجهود المبذولة في جمعه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Nov 2005, 04:27 م]ـ
شكر الله لك يا أخي إبراهيم على هذه المعلومات القيمة، ولعلنا نرى هذا الجمع الجديد قريبًا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Nov 2005, 10:48 م]ـ
صدر عن دار الفكر في بيروت عام 1423هـ كتاب (التفسير الكامل) وتحته كتب بخط أصغر منه (وهو تفسير آي القرآن الكريم) تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام الحراني الدمشقي المعروف بابن تيمية المتوفى سنة 728هـ رحمه الله تعالى.
جمع ودراسة وتحقيق وتخريج أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، والكتاب يقع في تسعة مجلدات كبار من القطع العادي، وقدم له بمقدمة تحدث فيها باختصار عن أهمية التفسير، وبعض كتب التفسير السابقة، أوردها على غير ترتيب، ثم ترجم لابن تيمية ترجمة مختصرة، وذكر كتابه (التفسير الكامل) هذا على أنه كتاب لابن تيمية، ثم ذكر عمله في الكتاب فقال:
عملي في التفسير:
أولاً: وقفت على الأجزاء الخمسة التي ضمت كثيراً من الآيات والسور، وجعلتها من أسس هذا الكتاب، فوجدت أن شيخ الإسلام قد فسر فيها ستاً وأربعين سورة فقط.
ثانياً: جمعت مؤلفات الإمام المطبوعة كافة وأخذت منها التفسير، وقمت بإعادة النظر في مجموع الفتاوى وقراءتها بروية وإمعان، فوجدت فيها كلها من التفسير ما يأخذ بلباب القلوب، فالإمام ابن تيمية – رحمه الله – تناول تفسير كثير من آيات السور فيها.
ثالثاً: اطلعت على مؤلفات الإمام المخطوطة في مكتبات وخزائن العالم وكان مما وجدت من مؤلفاته فيها:
1 - مكتبة برلين بألمانيا وفيها تفسير آيات أشكلت برقم (3968).
2 - دار الكتب المصرية وفيها نسختين أخريين برقم 330، 695
3 - المكتبة السعودية بالرياض وفيها نسخة رابعة برقم 572/ 86
4 - مجموع في المكتبة الظاهرية سوريا برقم 3874 مجموع.
5 - مكتبة كوبريلي استانبول برقم 1142 مجموع.
6 - مكتبة تشستربتي بريطانيا. مجموع.
7 - مكتبة عبدالله بن عباس بالطائف، مجموع.
8 - مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، مجموع.
9 - مكتبة جامعة ليدن بهولندا، مجموع.
10 - مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، مجموع.
11 - مكتبة الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن الحصين بالمدينة، مجموع.
12 - مجاميع مكتبتنا الخاصة.
ولست هنا بصدد الحصر والعد، لكن من باب العلم، وقد قابلت منها بما طبع، وأضفت ما لم يطبع، رغبة في استكمال تفسير الإمام كاملاً والحمد لله.
....
تاسعاً: أطلقت عليه اسم (التفسير الكامل) للإمام ابن تيمية، لأنه كمل إن شاء الله بهذا العمل). التفسير الكامل 1/ 27 – 28
ولم أطلع على الكتاب كاملاً، وهو في حاجة إلى قراءته كاملاً للحكم على العمل، وقد طلبت من أخي العزيز الدكتور إبراهيم الحميضي موافاتنا برأيه حول هذا الكتاب بعد الاطلاع عليه، وأخبرني أنه وضع هذه المشاركة في الملتقى حول محاولات جمع تفسير ابن تيمية، فألحقت به هذه المحاولة التي قام بها الأخ أبو سعيد عمر العمروي، وأرجو أن نرى الرأي العلمي فيها ممن يطلع عليها جيداً بتمعن. فإني قد قرأت فيها على عجل في مكتبة الأسدي في مكة المكرمة هذه الايام.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[09 Nov 2005, 01:29 م]ـ
شكرا لك يا دكتور عبد الرحمن على هذه الإفادة، وأعتذر عن عدم ظهور الحواشي في مقالي السابق، ولعل الإخوة في الدعم الفني يشرحون لنا طريقة تنزيل الحواشي في النصوص المنقولة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Nov 2005, 02:14 م]ـ
لإظهار الحواشي قم بالخطوات التالية:
1 - انسخ المشاركة من برنامج الطباعة ( Word)
2- افتح برنامج الآوتلوك اكسبرس الخاص بالبريد الالكتروني في الويندوز أو بريد الهوتميل على الانترنت كأنك تريد أن تبعث رسالة.
3 - الصق المشاركة في صفحة إرسال بريد جديد.
4 - ثم انسخها مرة أخرى من هناك وضعها في الملتقى وتظهر بحواشيها كاملة إن شاء الله.
وهناكطريقة أفضل لكن لعلنا نفعلها في الملتقى بحيث تظهر بدون المرور بهذه الخطوات.
ـ[الراية]ــــــــ[10 Nov 2005, 01:47 م]ـ
جهد جميل من د. ابراهيم الحميضي.
جزاك الله خيرا.
سؤال/ هل ادخل الشيخ اياد القيسي في مجموعه كتاب (آيات أشكلت على كثير من المفسرين)؟
وهل استفاد من الرسائل الجامعية (الماجستير والدكتوراه) التي لها علاقة بمشروعه؟
وشكراً لك
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[10 Nov 2005, 02:11 م]ـ
بلا شك أنه أدخل (آيات أشكلت) وأما الرسائل فقد أدخل منها ما له علاقة مباشرة بالمشروع وهي كتب الشيخ المحققة في رسائل علمية، وشكرا.
ـ[الراية]ــــــــ[10 Nov 2005, 07:22 م]ـ
بارك الله فيكم دكتور ابراهيم.
وفي الحقيقة ان مما يميز جودة امثال هذا المشروع أن يراجع قبل طبعه ونشره من قبل أهل الاختصاص أمثالكم وامثال الاخوة هنا أهل التخصص لإبداء الملحوظات والتوجيهات.
فهذا خبر يجعل المرء أكثر حرصاً في متابعة هذا المشروع واقتنائه.
أكرر شكري لكم دكتور ابراهيم
وبانتظار البشرى بصدور هذا العمل المبارك بمشيئة الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الراية]ــــــــ[06 Aug 2007, 10:26 م]ـ
فضيلة الدكتور ابراهيم الحميضي
هل من جديد حول طبع مشروع الشيخ اياد القيسي و زملائه؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[08 Aug 2007, 01:43 م]ـ
الحمد لله، وبعد.
هل من جديد عن هذا السفر المبارك.
فالشوق لا يتوقف أبداً عن هذا في النوم وفي اليقظة.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[08 Aug 2007, 02:34 م]ـ
منذ بضع سنين والإخوة في دار ابن الجوزي يقولون إنه على وشك الصدور ومازالوا، وقد اتصلت بالأخ المسؤول عن النشر في الدار في هذا اليوم 25/ 7/1428 هـ فأفادني بأنه في مراحله الأخيرة، فعسى الله أن يأذن له بالفرج العاجل.
ـ[الراية]ــــــــ[02 Nov 2007, 03:00 م]ـ
منذ بضع سنين والإخوة في دار ابن الجوزي يقولون إنه على وشك الصدور ومازالوا، وقد اتصلت بالأخ المسؤول عن النشر في الدار في هذا اليوم 25/ 7/1428 هـ فأفادني بأنه في مراحله الأخيرة، فعسى الله أن يأذن له بالفرج العاجل.
جزاكم الله خير
ويسر الله صدوره
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[08 Oct 2008, 03:20 م]ـ
إلى الشيخ إبراهيم الحميضي خصوصا وإلى مشايخ الملتقى المبارك عموما:
هل من جديد حول هذا المشروع المبارك الذي اشتد إليه شوقنا؟؟؟
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله القرشي]ــــــــ[12 Nov 2009, 12:05 م]ـ
لا جديد في إخراج تفسير ابن تيمية فقد اتصلت بمكتبة ابن الجوزي بتاريح 25/ 11/ 1430 فأخبروني بأن الكتاب لم يخرج بعد. والله المستعان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 07:49 ص]ـ
وهل دار ابن الجوزي سيخرجونه اليوم بعد أن صدرت اختيارات ابن تيمية للدكتور الزيلعي عن دار أخرى يا ترى؟(/)
ما أفضل طبعات تفسير ابن سعدي
ـ[أبو حسن]ــــــــ[08 Nov 2005, 05:05 م]ـ
أريد أن آخذ رأي الإخوة في أحسن طبعات تفسير ابن سعدي؟
هل هي طبعة اللويحق أم الصميل
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[09 Nov 2005, 04:00 ص]ـ
الأفضل طبعة الصميل.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[09 Nov 2005, 12:26 م]ـ
ما الذي يميزها عن غيرها
ـ[الراية]ــــــــ[09 Nov 2005, 09:14 م]ـ
ما الذي يميزها عن غيرها
اخي الحبيب
الاخ الصميل صاحب دار ابن الجوزي، وقد طبعت الدار مجموعة من مؤلفات السعدي محققة ومعتنى بها من طلاب السعدي ومن غيرهم.
وفي مقدمة تحقيق الصميل لتفسير السعدي، تكلم عن تحقيق د. اللويحق فارجع له ان شئت.
للفائدة:
تحقيق الصميل طبع في مجلد واحد، وطبع في أكثر من مجلد.
فاختر ماشئت(/)
السلام عليكم: اخواني واساتذتي من يجيبني على هذا السؤال؟؟
ـ[رصد]ــــــــ[09 Nov 2005, 05:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من اسس ووضع علم التجويد بهذه القواعد المتعارفه بيننا الان؟؟
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[10 Nov 2005, 02:01 م]ـ
ارجع إلى أجوبة الأستاذ الدكتور غانم الحمد تجد الجواب.
ـ[رصد]ــــــــ[11 Nov 2005, 02:41 م]ـ
بارك الله فيك
د. إبراهيم بن صالح الحميضي
لكن اين رابط موضوع الاجوبة؟؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[11 Nov 2005, 03:06 م]ـ
أخي رصد:
استعمل محرك بحث المنتدى. اذهب إلى (البحث) في الأعلى وسيفيدك في مبتغاك، إن شاء الله.
اكتب، مثلاً: قدوري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Nov 2005, 04:43 م]ـ
تجده هنا: صفحة اللقاءات العلمية في الشبكة ( http://www.tafsir.net/interviews.php)(/)
بشرى: طباعة رسالة الدكتوراه للشيخ أحمد البريدي
ـ[الراية]ــــــــ[09 Nov 2005, 09:20 م]ـ
تم طباعة رسالة الدكتوراه للشيخ أحمد البريدي
لدى مكتبة الرشد في مجلد واحد – 823 صفحة
بعنوان: جهود الشيخ ابن عثيمين وآراؤه في التفسير وعلوم القران
فالحمد لله على طباعتها.
وادعو الاخوة الى اقتنائها
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Nov 2005, 12:44 ص]ـ
أبارك للشيخ أحمد هذا الجهد العلمي، وأسأل الله أن يجعله في موازين حسناته، وأن يتقبله بقبول حسن، وأن يجعله باكورة خير وبركة للشيخ الفاضل.
ولقد اطلعت على رسالته، فألفيتها غنية بالأمثلة التي توضح الفكرة وتجليها، وتلك ميزة مهمة في كتابة العلم؛ إذ بالمثال يتبين المقال، وتبين الدعوى الواقعية من المفترضة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Nov 2005, 02:13 م]ـ
الحمد لله, ونسأل الله أن ينفع بها,
(لا تنس يا شيخ أحمد المشاركة الرابعة والسابعة في هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2693&highlight=%C7%C8%E4+%DA%CB%ED%E3%ED%E4)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[10 Nov 2005, 06:40 م]ـ
نبارك لأخينا الفاضل الشيخ أحمد على هذا النتاج، ونسأل الله أن يزيدنا وإياه من فضله.
ورحم الله الشيخ ابن عثيمين فقد كان علما وجبلا فقدته الأمة.
ـ[مرهف]ــــــــ[10 Nov 2005, 06:48 م]ـ
بارك الله لك أخانا الفاضل ونفع الله بك وبرسالتك الأمة وجعلها باكورة خير لأعمال علمية مستمرة
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[10 Nov 2005, 07:44 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخنا على هذا الجهد , ونسأل الله لك الأجر والمثوبة بأن ساهمت هذه المساهمة في نشر علم هذا الإمام رحمة الله عليه.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[11 Nov 2005, 07:12 م]ـ
شكر الله لكم جميعاً واسأل الله أن ينفع بها.
الأخ أبو بيان: أنا على الوعد ونسختك محفوظة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[14 Nov 2005, 10:08 ص]ـ
لماذا تحفظ النسخة لابي بيان ولا تحفظ لابي حسان سؤال والله بريء
ـ[محمد بن علي]ــــــــ[15 Nov 2005, 07:56 ص]ـ
مبارك للدكتور البريدي طباعة هذا السفر، وتقبل الله جهوده وجهود الشيخ بن عثيمين في نشر هذا العلم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Nov 2005, 07:54 م]ـ
ونسخة الدكتور جمال أبي حسان محفوظة على أن تسلم يداً بيد , لنرى طلتك فأنت ممن أحببناهم ولم نرهم , وفقك الله لكل خير.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[17 Nov 2005, 03:53 م]ـ
والله يا دكتور احمد اولا ابارك لك الدكتوراة واسال الله ان ينفعك وينفع بك وانا ما اردت هذا الذي كان انما هي مداعبة بين الاحبة عسى ان يجعلنا الله جميعا من الاخوة المتحابين على سرر متقابلين وعلى كل ما حصل يدل على كريم اخلاقكم ونبل صفاتكم اكرمكم الله(/)
هل طبعت هذه الحاشية؟ أرجوكم ساعوني في الحصول عليها.
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[10 Nov 2005, 09:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمو اللة تعالى و بركاته , و بعد:
أود أن أسألكم إخواني في أن تساعدوني في العثور على كتاب
(نواهد الأبكار و شوارد الأفكار) و هو حاشية على تفسير البيضاوي للإمام السيوطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة , فهل من مجيب؟
ـ[المنصور]ــــــــ[11 Nov 2005, 02:21 ص]ـ
لا تزال مخطوطة حسب علمي
وهناك مشاركة سابقة حولها في الملتقى هنا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2005, 02:21 م]ـ
حاشية الإمام السيوطي على تفسير الإمام البيضاوي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1368&highlight=%E4%E6%C7%E5%CF+%C7%E1%C3%C8%DF%C7%D1)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[14 Nov 2005, 03:14 م]ـ
اظن انه قد حصل التباس فهناك كتاب للسيوطي اسمه قطف الازهار وكشف الاسراروهو الذي يقول بعض الباحثين انه حاشية على اوائل البيضاوي فان كان هو المعني فهذا الكتاب طبع في وزارة الاوقاف القطرية محققا وفي جزاين والله اعلم
ـ[محمد بن علي]ــــــــ[21 Nov 2005, 08:31 ص]ـ
السلام عليكم ..
كسف الأزهار للسيوطي، طبع في قطر بتحقيق د محمد المحمدي. في مجلدين، كما تفضل د جمال.(/)
ماهي العلاقة بين سورة الكهف والعصمة من الدجال؟
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[12 Nov 2005, 05:31 ص]ـ
أرجو الإجابة ـ نفعنا الله بكم ـ
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[12 Nov 2005, 07:21 ص]ـ
قد تجد في هذا الموقع ما يفيدك:
http://www.amrkhaled.net/articles/articles1125.html(/)
تبارك من أحيا قلوب من شاء من عباده بفهم كلامه
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[13 Nov 2005, 04:13 م]ـ
عبارة من صاحب قلم سيال
قال الإمام ابن القيم بعد تعليق بديع في البدائع [ص147] على سورة الكافرون:
"فتبارك من أحيا قلوب من شاء من عباده بفهم كلامه.
وهذه المعاني ونحوها إذا تجلت للقلوب رافلة في حللها فإنها تسبى القلوب، وتأخذ بمجامعها، ومن لم يصادف من قلبه حياة فهي خود تزف إلى ضرير مقعد، فالحمد لله على مواهبه التي لا تنتهي ونسأله إتمام نعمته".
أما صاحبكم فيسأل الله الكور بعد الحور، وحديد البصر بعد العشي، وأن يجلي بصيرته، ويفتِّح ناظريه على عجائب كلامه، وأن يمن عليه بتدبره.
فقل آمين وللقارئين!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[11 Jun 2008, 11:18 م]ـ
آمين وللقارئين ..
شكر الله لك أيها الحارث الهمام ..
لهذه الكلمة ـ في كلام ابن القيم ـ نظائر،وخصوصاً في كتابه "مفتاح دار السعادة"،فعسى الله أن ييسر نقل بعضها.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[12 Jun 2008, 12:52 ص]ـ
آمين
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[12 Jun 2008, 04:53 ص]ـ
جزاك الله خيراً، وكلام ابن القيم رحمه الله في تدبر القرآن من أعذب الكلام وأجمله، رحمة الله عليه .. علم وعمل ..
آمين ..
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[13 Jun 2008, 02:02 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي حارث على هذا النقل القيم عن ابن القيم.
ومن يقرأ تفسير المعوذتين لهذا الرجل يتحسر، وامنيته رحمه الله أن يكون له تفسير تام للقرآن على منوال تفسيره لهما.
وما تمنيت إذ تمنيت وجود كتابين تامين كاملين لم يوجدا كتمني وجود تفسيرللقرآن بيد هذا الرجل، وشرح تام للبخاري من زميله ابن رجب ـ رحمة الله عليهما وعلى إخوانهما ومدرستهما وزمانهما وشيخهما ـ ولو وجدا لكانا أية في التمام والكمال الذي لن يوجد أصلا!.
أما أنا فدعوتي أخي حارث بأن نسأل الله الهداية والثبات عليها، فإن الكوربعد الحور ليس من الفأل الحسن في شئ، ففيه استشراف للأمر، كما ورد النهي عن مثله أو قريبا منه عند أبي داود بإسناد ضعيف من الدعاء بالصبرلأنه متضمن الدعاء بالبلاء وأن يرزق المرء عليه الصبر، ولو لم يوجد الحديث لكان فقه المسألة لايتوجه فيه غير هذا.
شكر الله لأخي همام ماهيج من أحزان، وأحيا هذا الملتقى بصريرالأقلام من الإخوان.(/)
صدر حديثاً: مختصر مقدمات تفسير (التحرير والتنوير لابن عاشور) لصالح العَوْد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Nov 2005, 12:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر عن دار ابن حزم:
مختصر مقدمات التفسير في علوم القرآن
لشيخ الإسلام محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة رحمه الله.
http://www.tafsir.net/images/mukhtaser.jpg
وقد اختصرها صالح بن علي العَوْد، وصدرت في كتاب من الحجم الصغير، في 112 صفحة. وقد حافظ المختَصِرُ على عبارة ابن عاشور. وهذه المقدمات قد أملاها ابن عاشور على طلابه بجامع الزيتونة ابتداء من عام 1317هـ، ثم بدأ في نشرها على صفحات المجلة الزيتونية التي كانت تصدر في تونس عام 1355هـ وما بعدها. ونشرت بعد ذلك مع التفسير، وعلى وجه الاستقلال، ثم رأى الأخ صالح العود اختصارها، لتقريبها لطلاب هذا الزمان فأجاد وفقه الله.
ومقدمات ابن عاشور تلك من الأعلاق النفيسة، التي يقل وجود مثلها، وهي كسائر مصنفات ابن عاشور، متينة، عميقة، لغزارة علم مؤلفها، وما آتاه الله من حظ في حسن التصنيف، وبارك له في مصنفاته، وأحسب ذلك لحسن نيته رحمه الله، وهي جديرة بعناية طالب العلم، وتكرار نظره فيها، وتأمله في معانيها.(/)
سؤال عن الإعجاز البلاغي في قوله تعالى: " أكله الذئب "
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Nov 2005, 04:08 م]ـ
إخوتي الأفاضل ...
أذكر أني قرأت مرة عن رد الإمام الخطابي على أحد الزنادقة الذين قالوا بوجود خطأ بلاغي في القرآن الكريم فالحيوان المفترس يفترس افتراسا ولا يأكل أكلا فالذي يأكل هو الإنسان.
فرد عليه الخطابي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنه لو قال افترسه الذئب لقال لهم أبوهم ـ سيدنا يعقوب عليه السلام ـ أحضروا لي بقاياه (عظامه .... )
فالأكل معناه أنه أكله كله بعظامه ....
السؤال هنا:
1. أين أجد هذا الرد؟
2. ألا يعارض هذا التوجيه قوله تعالى: " .... وما أكل السبع .. "؟
مع محبتي
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[16 Nov 2005, 10:04 ص]ـ
رد الخطابي تجده في رسالته في الاعجاز التي هي بعنوان بيان اعجاز القران والمطبوعة ضمن كتاب اسمه ثلاث رسائل في اعجاز القران بتحقيق الدكتور زغلول سلام ومحمد خلف الله من مطبوعات الهيئة العامة للكتاب بمصر حرسها الله
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Nov 2005, 04:38 ص]ـ
الأخ الكريم عبد الرحيم .....
دعوى أن "الحيوان المفترس يفترس افتراسا ولا يأكل أكلا فالذي يأكل هو الإنسان" منقوضة بنص القرآن وقد أشرت إلى الشاهد وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة.
فقد أثبت الله تعالى فعل الأكل لجنس السبع فلا كلام من هذه الجهة.
وعلى فرض الاختلاف بين أكل الانسان وافتراس السبع فالقول بالخطأ البلاغي محض جهالة ..... وقائل ذلك لم يشم رائحة البلاغة أبدا .... ولأهل البيان في مثل هذه الحالة مسلكان معروفان:
-مسلك الاستعارة على أن يشبه الافتراس بالاكل كما في توجيههم ل"مشفر زيد" أو "شفة الفرس".
-مسلك المجاز المرسل .... وهنا أيضا طريقان:
القول بالمجازالمرسل بمرتبة واحدة أي اعتبار الأكل مطلقا والافتراس مقيدا بأكل السبع ... فيكون هنا استعمال المطلق وإرادة المقيد والعلاقة هي الاطلاق.
أو القول بالمجاز المرسل بمرتبتين إذا اعتبر الأكل بخصوص الانسان .... بمعنى ان الافتراس الخاص بالسبع عبر عنه بالاكل المطلق –كما في الحالة السابقة- ثم قيد بخصوص الانسان بعد ذلك ... فتلك مرتبتان والمدار على علاقتي الاطلاق والتقييد.
وبعيدا عن هذا التوجيه المشهور عند البيانيين يظهر لي – والله اعلم-توجيه أقرب إلى علم المعاني: مفاده أن اسناد الأكل للذئب –بدل الافتراس المعهود-يكشف عن حالة الذهول وعدم قدرة الكاذب على إحكام كذبته مهما اجتهد ...... الا ترى إلى العطف الغريب بالفاء بين التعبيرين:
وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ.
الفاء أفادت أن الذئب أكل يوسف فورا .... بدون مقدمات ولا تمهيدات ... هم لم بقولوا مثلا: تركنا يوسف عند متاعنا وجاء ذئب فأكله .... بل إن روايتهم تشعر كأن هذا الذئب اسطوري ظهر فجأة –من السماء نزل أو من الأرض بعث- والتهم يوسف بسرعة: فلا صراخ ولا مقاومة ولا محاولة فرار .... ثم كان اسناد فعل الأكل للذئب لمسة غليظة شاهدة على مشهد مفتعل .......
ولعل هذا الافتعال-وقرائن أخرى- هو الذي جعل أباهم اسرائيل عليه السلام يشك في مصداقية روايتهم ... {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (18) سورة يوسف.
أما نحن فنستفيد من ذلك مغزى:أن الكاذب يعجز عن اتقان وحبك كذبه ..... ولو ظاهره عليه عصبة. ومن حكم العرب قولهم العميق: يكاد المريب أن يقول خذوني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن حماقة الملاحدة قولهم هذا القرآن مفترى .... وقد اسس القرآن أمة قائمة إلى يوم الدين ...... فأروني كاذبا نجح في بناء كوخ-كوخ فقط-
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[19 Nov 2005, 11:52 ص]ـ
شكراً لكما أخواي الكريمين ..
وكان أملي في أخي أبي حسان أن يتصل مستفهماً بشيخنا الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس فلن يرد طلب تلميذ نجيب له (مثل أفضالكم) كما سمعتُ منه ذات لقاء.
وأما أنت أبا عبد المعتز .. فقد نطقت بما كان يجول بخاطري
وذلك حين عقدت في أطروحتي مقارنة لقصة سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن الكريم، وقصة من زعموا أنه سيدنا يوسف عليه السلام في ما زعموا أنه التوراة.
وبما أنه: " من لا يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام .. ".
ففي قصة التوراة (المزعومة) تناقضات وثغرات واستشكالات كثيرة تهدم بناءها لا مجال لذكرها هنا إلا موضع الشاهد (أكله الذئب) منطلقاً من ختام ما ذهب إليه الأخ المكرم (أبو عبد المعتز).
ورد في الإصحاح السابع والثلاثين من سفر التكوين أن عمر سيدنا يوسف عندما طرحوه في البئر كان سبعة عشر عاماً (بزعمهم) ..
والسؤال هنا: كيف قدر إخوته عليه وألقوه في البئر ولم يخطر ببالهم أنه في سن اكتمال القوة العقلية البدنية، فيستطيع عندها إنقاذ نفسه من البئر .. وتوضيح الأمر لمن وجده في البئر .. والهروب منهم .. وفضح أمرهم في مصر .. كيف لم يخطر هذا الاحتمال على إخوته؟ فما أيسر أن يعود إلى أبيهم ويقص عليه الحقيقة.
كيف سيقتنع يعقوب أن ابنه الشاب القوي قد أكله ذئب؟ وهو الذي كان يتنقل بين نابلس والخليل وهو بعمر اثنتي عشرة سنة لوحده؟ (بزعمهم هم) [انظر: الإصحاح (31) من سفر التكوين.]
بينما ذكر القرآن الكريم أن سيدنا يوسف كان غلاماً حين وجدته القافلة، وأن المرأة راودته عن نفسه بعد أن أصبح شاباً مكتمل النمو.
من هنا كنت أريد الاستدلال بتوجيه الإمام الخطابي ـ رحمة الله عليه ـ للاستدلال به على ضعف بنية سيدنا يوسف (بحكم سنه) حين زعم إخوته أن الذئب أكله.
لذا لم يطلب سيدنا يعقوب عليه السلام ببقايا عظامه لدفنها
أو يسألهم لماذا لم يصرخ طالباً النجدة ..
فالذئب يأكل الأرنب بعظامه الطرية .. لكنه يفترس الغزال الكبير.
وقد يخطف الأرنب ويهرب به .. وكيف له ذلك مع الغزال؟
(هذا كله بغض النظر عن القميص ذي الدم الكذب)
كم كان هوايَ يتمنى أن يكون رد الإمام الخطابي محكماً .. فيكون نوراً على نور
ولكن الحق أحق أن يتبع .. ولا يؤمن من لم يكن هواه تبعاً لما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من نورَي الكتاب والسنة.
اللهم ارزقنا حسن الاتباع وحسن الفهم واستعملنا لخدمة دينك.
مع محبتي
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[21 Nov 2005, 01:00 م]ـ
ساكتب راي الاستاذ فضل عباس في فسحة اخرى وابشر يا شيخ عبد الرحيم(/)
وما نَزَلَتْ (كلاّ) بيثربَ فاعلَمَنْ ... وقفة مع هذا البيت.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Nov 2005, 06:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أورد الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان بيتاً من الشعر للديريني يدل على أن (كلا) لم تنزل في المدينة المنورة، ولم ترد في النصف الأول أو الأعلى من القرآن الكريم، وإنما وردت في النصف الثاني منه من سورة مريم (1)، وهذا البيت هو:
وما نَزَلَتْ (كَلاّ) بيثربَ فاعْلَمَنْ = وما وَردَتْ في الذِّكْرِ في نِصْفهِ الأَعلىوهذا البيتُ المُفرَدُ، من بحر الطويلِ، وعَروضهُ:
(فَعُولُنْ مَفاعِيْلُن فَعُولُنْ مَفاعِيْلُنْ) مكررة
وقد أشار بعض الباحثين إلى هذا البيت، وأشار بعده إلى أرجوزة عبدالعزيز الديريني (ت694هـ) (التيسير في علم التفسير) وهي منظومة طويلة في التفسير، تقع في ثلاثة آلاف بيت وخمسمائة تقريباً. وأولها:
يا رب أنت المستعان الكافي=الواحد الفرد الرحيم الشافي
إلى أن قال:
وبعدُ: فالتفسير أقوى سببِ= إلى العلوم وابتغاء الأرب
وكل علم فمن القرآن= وفيه أصل سائر المعاني
وعلم تفسير الكتاب أعلى= ما يعتني المرء به وأجلى
لأنه فهم كتاب المولى= فكان أوفى مطلب وأولى
ثم تعرض لتفسير غريب القرآن حتى أتى عليها كلها فطالت المنظومة جداً. يقول في آخرها:
نظمته في أربعين يوما= ميقات إتمام الكليم الصوما
وكنت أرجو أن يكون ألفا= فزاد ضعفاً ثم زاد ضعفا
وزاد حتى خفت أن أكثرا= فصرت أطوي نشره مقصِّرا
وما شفى لي نظمه غليلا= لأنني رأيته قليلا
لكن رجوت أن يكون بابا= موصلا يستفتح الأبوابا
الخ.
وهذا البيت المفرد ليس أحد أبيات هذه الأرجوزة لاختلاف البحر.
وقد تعرض الديريني في هذه الأرجوزة الطويلة لموضوع كلا، فقال:
كلا لها وجهانِ، معنى الزَّجْرِ = والرَّدعِ، فالوقفُ عليها يَجري
والابتدا بها بمعنى حَقَّا= أثبت بها ما بعدها تُلقَّا
وهي ثلاثٌ وثلاثونَ استمعْ= والكُلُّ في النِّصفِ الأخيرِ فاتَّبِعْ
وكلُّها في السُّورِ المكيَّةْ = وقسمةُ القَيسيْ هيَ المَرْضِيَّةْ
والقيسي هو مكي بن أبي طالب القيسي رحمه الله، وتقسيمه هذا ذكره في كتابه (كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل) الذي طبعته دار المأمون بتحقيق الدكتور أحمد حسن فرحات، وقد لخص الزركشي محتواه في البرهان (1/ 522 - 524).
والبيت الأخير في المطبوعة في مكتبة الباز (1/ 151) هو:
وكلُّها في السُّورِ المكيَّةْ = وقسمةُ الفَرَّا هيَ المَرْضِيَّةْ
ولعل كلام الفراء في معاني القرآن له، ولم اراجعه بعد.
والذي يظهر لي أن البيت الذي نقله الزركشي وتبعه غيره في نقله (2)، لا يخلو من احتمالين:
- الأول: أن يكون بيتاً مفرداً، من الأبيات التي ينظمها العلماء لضبط بعض المسائل العلمية، ولا زال العلماء حتى الآن يفعلون ذلك، وأمثلته كثيرة في الفنون المختلفة.
- الثاني: أن يكون هذا البيت أحد أبيات قصيدته أو منظومته في وجوه (كلا) في القرآن الكريم (3). غير أنه يشكل على هذا أن هذه المنظومة تذكر في كتب الفهارس باسم (أرجوزة في وجوه (كلا) في القرآن)، مما يعني أنها على بحر الرجز، وليس الطويل. وقد يكون هذا تساهلاً في إطلاق مسمى أرجوزة على القصيدة من المفهرسين. وأستبعد أن تكون هذه المنظومة في المكي والمدني كما ذكر بعض الباحثين. (4)
ولا يقطع الاحتمالَ إلا الاطلاعُ على هذه المنظومة كاملةً، فلعل أحد الإخوة الباحثين الذين اطلعوا على هذه المنظومة أن يفيدنا بذلك مشكوراً، خدمة للعلم وطلابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البرهان للزركشي 1/ 520، الإتقان 1/ 48
(2) البرهان للزركشي 1/ 520، الإتقان للسيوطي 1/ 48،الكليات للكفوي 1/ 754، التبيان في مباحث تتعق بالقرآن لطاهر الجزائري 36، مناهل العرفان للزرقاني 1/ 190، تهذيب وترتيب الإتقان لعمر بازمول 106.
(3) محفوظة بدار الكتب بمدينة المنصورة بمصر، كما في فهرس عبدالرحمن عبدالتواب (م. م.خ 4/ 2 (1958م) 2/ 32، فهرس مجمع آل البيت بالأردن الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط (علوم القرآن – مخطوطات التجويد) ص13
(4) انظر: المحرر في علوم القرآن للدكتور مساعد الطيار 74
*****
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Nov 2005, 08:53 م]ـ
الشيخ أبا عبد الله:
أشار الزركلي في ترجمة العزّ الديريني إلى أن أرجوزته (التيسير) مطبوعة، وأشار بعضهم إلى أنها مطبوعة في القاهرة عام 1310 هـ في 167 صفحة.
والديريني - رحمه الله - ناظم. ذكر ابن قاضي شهبة أنه نظم وجيز الغزالي في قريب من 5000 بيت على حرف الراء، ونظم السيرة النبوية، ونظم التنبيه، لأبي إسحاق، وشرع في نظم الوسيط. وأن له المصباح المنير في علم التفسير في مجلدين. ولا أعرف هل هو نظم أم لا.
وذكر السخاوي في الضوء أن له نظمًا في الفرق بين الضاد والظاء، ورائية في مرسوم الخط، ومخمسة في العربية، والقريبة في 685 بيتًا. والميزان الوفي في معرفة اللحن الخفي. ولا أعرف هل هو نظم أم لا.
وذكروا له قصيدة لامية، وأرجوزة وجيزة، أولها:
اللهَ أرجو ليس غير اللهِ ** اللهُ حسبُ الطالبِ الأوّاهِ
ذكر فيها مشايخه، ساقها السراج ابنُ الملقن في طبقات الأولياء.
وذكر السيوطي في معرفة المكي والمدني من إتقانه أن الديريني أفرده بالتأليف.
فلربما أن بيته هذا بيت منفرد، أو ضمن مقطوعة، أو أنه من أحد كتبه المنظومة على الطويل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Nov 2005, 01:08 م]ـ
أحسنت أبا عبدالله، والديريني كما تفضلتم ناظم مجيد، ونظمه من أمتن النظم وأسلسه رحمه الله.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Nov 2005, 07:44 ص]ـ
أحسنت الاستدراك أبا عبد الله، أسأل الله لي ولك المزيد من فضله ونعمه.
والمنظومة مع طولها جميلة جدًا، وهي تصلح للشرح والتدريس، ففيها ـ مع الغريب ـ الإشارة إلى القراءات وتوجيهها.
والدريني صاحب أبيات سائرة، ومنها ما يردد بعض الوعاظ، وهي قوله:
إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمه
وموت العادل الملك المرجى حكيم الحق منقصة ووصمه
وموت الصالح المرضي نقص ففي مرآه للإسلام نسمه
وموت الفارس الضرغام ضعف فكم شهدت له في النصر عزمه
وموت فتى كثير الجود مَحْل فإن بقاءه خصب ونعمه
فحسبك خمسة تبكي عليهم وموت الغير تخفيف ورحمه
هكذا ذكرها محقق كتاب التيسير الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ـ[مرهف]ــــــــ[20 Nov 2005, 07:01 م]ـ
عبد العزيز بن أحمد بن سعيد الديريني أبو محمد الدميري فقيه شافعي مفسر أديب (612 ـ 694 هـ) نسبته إلى ديرين بلدة من أعمال الغربية بمصر وله بالإضافة للتيسير في علم التفسير: (المصباح المنير في علم التفسير) وهو تفسير للقرآن، انظر طبقات المفسرين للداودي 1/ 304 ومعجم المفسرين لنويهض 1/ 285.
ـ[مرهف]ــــــــ[21 Nov 2005, 12:54 ص]ـ
وأضيف إلى مؤلفاته في علوم القرآن ما ذكره السيوطي في الإتقان 1/ 6 في النوع الأول: معرفة المكي والمدني قال: (أفرده بالتصنيف جماعة منهم مكي والعز الديريني)، ولعل من المناسبة أيضا أن أبين أن للديريني أيضاً مؤلفات في الحديث فقد ذكر العجلوني في كشف الخفاء 1/ 337 عند الكلام على حديث:
(البشاشة خير من القرى): (قال في المقاصد لا أعرفه .... ونظمه عبدالعزيز الديريني في أبيات:
بشاشة وجه المرء خير من القرى فكيف الذي يأتي به وهو ضاحك
وفي لفظ
فكيف إذا جاء القرى وهو يضحك).
وعند الكلام على حديث: من أكل مع مفغور له غفر له قال العلجلوني 2/ 302
(وأورده عبدالعزيز الديريني في الدرر الملتقطة وقال لا أصل له) فله إذن الدرر الملتقطة ويظهر أنه في بيان الأحاديث المشتهرة على الألسنة فحبذا من عنده الرسالة المستطرفة للكتاني أن ينظر فيها لمعرفة هذا الكتاب لأنه ليس في متناولي.
وفي 2/ 417 قال العجلوني عند الحديث على حديث (النبي لا يؤلف تحت الأرض): (لا أصل له وممن صرح ببطلانه الديريني في الدرر الملتقطة لكنه قال انه منقول عن علماء أهل الكتاب كعبدالله بن سلام وكعب الأحبار)
وفي 2/ 457 قال عند الكلام على: (الولد سر أبيه): (قال في المقاصد لا أصل له وكذا في الدرر تبعا للزركشي وقال الصغاني موضوع وقال الديريني في الدرر الملتقطه في توجيهه أن الولد اذا كبر ربما يتعلم من أوصاف أبيه ويسرق من طباعه بل قد تصحب رجلا فتسرق من طباعه في الخير والشر).
وقد ذكر المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير له قصة 1/ 126 ط المكتبة التجارية بمصر تصوير دار الفكر بيروت فلتنظر.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[21 Nov 2005, 09:01 ص]ـ
وذكر بعض أهل الطبقات أنه صوفي يتبع الطريقة الرفاعية، وذكروا له مصنفات في التصوف، منها: غاية التحرير، ولطائف القلوب، وأنوار المعارف.
رحمه الله، وعفا عنا وعنه.
ومن صيد الفوائد عن الطريقة الرفاعية ( http://saaid.net/feraq/sufyah/t/10.htm).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Sep 2006, 08:58 م]ـ
يقوم أحد الباحثين الآن بدراسة المنظومات التي نظمت في علوم القرآن مثل هذه المنظومة وغيرها. أسأل الله أن يوفقه لإتمام بحثه ونشره.
ـ[نور القرآن]ــــــــ[17 Sep 2006, 12:38 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أساتذتنا الأفاضل علىماتم طرحه في موضوع منظومة الديريني في التفسير والمعروفة (بالتيسير في علم التفسير) للإمام عبد العزيز الديريني المتوفي 694هـ
وقد كان هذا العالم الجليل موضوع بحثي في الماجستير هو ومنظومته الشهيرة وهي أرجوزة احتوت على ما يزيد على ثلاثة آلاف وثلاثمائة بيتا من الشعر على بحر الرجز وهو نفس ما عرضه أستاذنا الفاضل د/ عبد الرحمن الشهري فهي أرجوزة على بحر الرجز وليست على بحر الطويل وهي طريقة اتخذها علماء العصور الأولى في الإسلام لتيسير تلقى العلم على الطلاب خاصة وأن الإمام الديريني كان ممن يتلقى عنه العلم في أروقة مدارس الدولة الأيوبية مثل ألفية ابن مالك في النحو وألفية ابن معطي ومنظومة الشاطبي في القراءات وغيرها
كما أنها لاتعنى بالمكي والمدني فقط من مباحث علوم القرآن وإنما اشتملت على العديد من علوم القرآن
ولي تعليق أنه أثناء بحثي في تاريخ هذا العالم لم أجد له اهتمامات في الحديث أو علومه وإنما كان جل اهتمامه بالقرآن والفقه وأصوله
والكتاب الذي ذكره الأستاذ الفاضل (مرهف) وهو كتاب الدرر الملتقطة في المسائل المختلطة: كتاب فقهي على المذهب الشافعي حسب مذهب الديريني رحمه الله وموجود نسخة منه في دار الكتب المصرية ولكن مصورة علي ميكرو فيلم
وله ايضا كتاب مكاشفة القلوب في حضرة علام الغيوب وهو نفس مسمى كتاب الامام الغزالي وهو مطبوع مكتبة البابي الحلبي بالازهر
وله كتاب ارشاد الحيارى في الرد على النصارى وهو مصورمن ميكرو فيلم
وله كتاب المقصد الاسنى في معرفة الأسماء الحسنى
وللاسف لاتستحضرني الذاكرة لمزيد من المعلومات الآن فإذا أمهلتموني فإن شاء الله أزيد والله المستعان
وعموما لدي نسخة من أرجوزة الامام عبد العزيز الديريني نسخة خطية كتابة حجر من عام 1309هـ ونسخة أخرى محققة في وقت قريب من مكتبة الباز
ويشرفني أن أمد الموقع بما يريد من هذه الكتب للإفادة وجزاكم الله خيييييييييييييييييييرا
بموقعكم الموقر استعيد حيويتي العلمية
] [من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[17 Sep 2006, 05:32 م]ـ
منظومة التيسير في علوم التفسير للشيخ عبد العزيز بن أحمد الدميري الشهير بالديريني
وبهامشها ألفية الإمام أبي زرعة العراقي في تفسير غريب القرآن رتبها على حروف المعجم
والكتاب يقع في 161 صفحة
توجد منها نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف برقم 212 د ع ق
ورقم عام 8604
ـ[د. أنمار]ــــــــ[17 Sep 2006, 05:37 م]ـ
ويروى في خبر كلا قصة لا أظنها تصح أن الحجاج قالت له أسماء رضي الله عنها اللهم اقطعه كما قطعت كلا من النصف الأعلى فيقال أنه استعرض نصف القرآن قبل أن يغرز رجله في الركاب،
أو نحو هذا
وهو مما تظهر عليه آثار القصاصين
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 08:53 م]ـ
منظومة التيسير في علوم التفسير للشيخ عبد العزيز بن أحمد الدميري الشهير بالديريني
وبهامشها ألفية الإمام أبي زرعة العراقي في تفسير غريب القرآن رتبها على حروف المعجم
والكتاب يقع في 161 صفحة
توجد منها نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف برقم 212 د ع ق
ورقم عام 8604
جزاكم الله ألف خير .....
ـ[د. أنمار]ــــــــ[17 Sep 2006, 10:30 م]ـ
منظومة التيسير في علوم التفسير للشيخ عبد العزيز بن أحمد الدميري الشهير بالديريني
وبهامشها ألفية الإمام أبي زرعة العراقي في تفسير غريب القرآن رتبها على حروف المعجم
والكتاب يقع في 161 صفحة
توجد منها نسخة في مكتبة الحرم المكي الشريف برقم 212 د ع ق
ورقم عام 8604
وجدت في مكتبتي 6 صور من هذه المنظومة، فمن يرغب في نسخة منها فليراسلني على الخاص بعنوان بريده وسأرسل لأول 6 طلبات بإذن الله تعالى في أقرب فرصة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jul 2008, 02:34 ص]ـ
هنا مسألة أطرحها للنقاش، أفادنيها أخي الكريم محمد خربوش الجزائري وفقه الله أثناء شرحي لرسالة السيوطي في علوم القرآن بمكة هذا العام 1429هـ. حيث ذكر لي قول أبي بن كعب الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه - كما في صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب ما يتقى من فتنة المال. وهو قوله بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).
قال أبي: كنا نرى هذا من القرآن، حتى نزلت (ألهاكم التكاثر).
فهل يفهم من قول أبي بن كعب هذا أن سورة التكاثر مدنية وليست مكية، وبهذا ينخرم الضابط الذي ذكره الديريني وغيره من أن (كلا) لم ترد في السور المدنية؟
لم أجد مفسراً يقول بمدنية سورة التكاثر، ووجدت البيضاوي يقول: مختلف فيها أي في مكيتها أو مدنيتها ولم أتتبع كلام كل المفسرين.
وقلت: لعل هذا جارٍ من أبي بن كعب وأنس مجرى التفسير لمعنى التكاثر في الآية وأن منه التكاثر في المال. وقد أورد ابن عاشور كلاماً شبيهاً به في تفسيره لسورة التكاثر ولم يتعرض لحديث أنس هذا.
فمن لديه جواب حول هذا السؤال فليفدنا مشكوراً جزاه الله خيراً.
ـ[أبو تيمية محمد بن علي خرب]ــــــــ[29 Jul 2008, 06:44 م]ـ
شكرا لفضيلة شيخنا الشيخ عبد الرحمن على تواضعه ووفائه بوعده فجزاه الله خيرا، وتكملة للموضوع يقول الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في "الإتقان 1/ 46" سورة ألهاكم الأشهر أنها مكية. ويدل لكونها مدنية ـ وهوالمختار ـ ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن بريدة أنها نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار تفاخروا. الحديث. وأخرج عن قتادة أنها نزلت في اليهود. وأخرج البخاري عن أبيّ بن كعب قال: كنا نرى هذا من القرآن: يعني لوكان لابن آدم واد من ذهب حتى نزلت ألهاكم التكاثر. وأخرج الترمذي عن علي قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت، وعذاب القبر لم يذكر إلا بالمدينة كما في الصحيح في قصة اليهودية".
وقال الإمام أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن:"سُورَةُ التَّكَاثُرِ [فِيهَا آيَتَانِ] الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ}: فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إلَّا التُّرَابُ.
وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ}.
فَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: كُنَّا نَرَى هَذَا مِنْ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ}.
وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ مَلِيحٌ غَابَ عَنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، فَجَهِلُوا وَجَهَّلُوا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ.
وقال ابن أبي حاتم في تفسيره: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنِي، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ:" " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ "، قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ، فِي بَنِي حَارِثَةَ، وَبَنِي الْحَارِثِ، تَفَاخَرُوا وَتَكَاثَرُوا، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: فِيكُمْ مِثْلُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ وَفُلانٍ؟ وَقَالَ الْآخَرُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، تَفَاخَرُوا بِالْأَحْيَاءِ، ثُمَّ قَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْقُبُورِ، فَجَعَلَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَقُولُ: فِيكُمْ مِثْلُ فُلانٍ؟ يَشِيرُونَ إِلَى الْقَبْرِ، وَمِثْلُ فُلانٍ؟ وَفَعَلَ الْآخَرُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ "، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيمَا رَأَيْتُمْ عِبْرَةٌ وَشُغُلٌ"
والمتتبع لكتب التفاسير يجد أن أصح ما ورد في نزول هذه السورة ما رواه البخاري في صحيحه كتاب الرقاق عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب رضي الله عنهما. والله أعلم.
كتبه محمد بن علي خربوش.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Aug 2008, 06:20 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا تيمية على هذا الإيضاح والبيان.(/)
هل هناك دراسات عنيت بمؤلفات المجهولين؟؟؟؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[17 Nov 2005, 07:17 م]ـ
الإخوة الكرام في هذا الملتقى المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبعد
ففي أثناء بحثي تواجهني كثيرا مؤلفات للمجهولين
فهل هناك دراسة عنيت بمثل هذه المؤلفات، سيما ان بعضا منها يتبين من مسماه بعض الأهمية؟
وهل هناك دراسات تعنى بتحقيق تواريخ الوفيات للمؤلفين، سواء علمت اسماؤهم ام لم تعلم؟؟؟؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[18 Nov 2005, 04:49 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أرى أنه لو وُجّه بعضُ طلاب الدراسات العليا إلى محاولة نسبة الكتب المجهولة المؤلف لتوصلوا إلى نتائج جيدة. فالمفهرسون في خزائن المخطوطات يكتفون بالورقة الأولى والأخيرة من المخطوط، فقط.(/)
كاتب المصاحف: الخطاط عثمان طه ........ مع نماذج من أعماله (صور)
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[19 Nov 2005, 12:11 م]ـ
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos008c.jpg
" مصحف المدينة النبوية"
أحد إصدارات مجمع الملك فهد _ رحمه الله _ لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، تميز هذا المصحف بخط جميل، وترتيب رائع، وطريقة مبتكرة في ترتيب الآيات والسور. وبين دفتي المصحف نجد عبارة:
" نال شرف كتابته الخطاط عثمان طه وفقه الله"
فماذا تعرف عن الخطاط عثمان طه؟
هو أبو مروان عثمان بن عبده بن حسين بن طه, ولد في ريف مدينة حلب في سوريا عام 1934م متزوج وله سبعة أولاد، والده هو الشيخ "عبده حسين طه" إمام وخطيب المسجد وشيخ كتاب البلد، حاصل على ليسانس في الشريعة الإسلامية، ودرس اللغة العربية, والرسم, والزخارف الاسلامية. نال إجازة في حسن الخط من شيخ الخطاطين في العالم الإسلامي الأستاذ: حامد الآمدي رحمه الله عام 1973م، تتلمذ في الخط على يد كل من الخطاطين: محمد علي المولوي، وإبراهيم الرفاعي في حلب, ومحمد بدوي الديراني في دمشق, وهاشم البغدادي. عضو لجنة تحكيم مسابقة الخط العربي الدولية التي تقييمها رابطة العالم الاسلامي. كتب أول مصحف في عام 1970 م لوزارة الأوقاف السورية. في عام 1988م جاء للمملكة العربية السعودية وعين خطاطاً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة وكاتباً لمصاحف المدينة النبوية، وفي نفس العام عُين عضواً في هيئة التحكيم الدولية لمسابقة الخط العربي التي تجرى في إسطنبول كل ثلاث سنوات.
صورة الخطاط عثمان طه وهو يقوم بعمله
http://www.almujtamaa-mag.com/Images/AlMujtamaa/1659/P30_01_01.jpg
وعن رحلته مع الخط وكتابة المصحف برواياته المختلفة وجدت هذا الحوار في أحد المنتديات على الشبكة العنكبوتية:
• متى ظهرت موهبة الخط لديك؟
ظهرت موهبة الخط لدي منذ الطفولة، فقد أخذت مبادئ الخط عن والدي الذي كان يجيد خط الرقعة، وكنت أقلد ما في الكتب من خطوط، وأصبحت أقلد خط الطباعة تماماً، وكتبت نظماً في العقيدة ومتناً في النحو وعمري إذ ذاك لا يتجاوز ثماني سنوات، وهذا الخط موجود لدي أحتفظ به في مكتبتي. وعندما أرسلني والدي إلى مدينة حلب للدراسة في المرحلة الابتدائية، تعرفت على الخطاط الكبير محمد علي مولوي، وأخذت منه بعض مبادئ خط الرقعة والخط الفارسي والكتابة (بالدهان)، وخلال هذه الفترة تعرفت على كثير من الخطاطين، وأخذت عنهم بعض الفنون في خطيّ النسخ والرقعة، وقليلاً من الخط الفارسي، منهم حسين حسني الخطاط التركي في جامع المولوية، والخطاط إبراهيم الرفاعي. ثم انتقلت إلى مدينة دمشق بحكم وظيفتي حيث إنني عملت في حقل التربية والتعليم بعد حصولي على الشهادة الثانوية وإنهاء الدراسة في دار المعلمين بحلب، وهناك تعرفت على الخطاط الكبير (خطاط بلاد الشام) الأستاذ محمد بدوي الديراني وبقيت عنده مداوماً من عام 1960م إلى حين وفاته عام 1967م. وخلال وجودي في مدينة دمشق أنهيت دراستي الجامعية (كلية الشريعة عام 1964م) وسنة أخرى في كلية التربية. ثم تعرفت وأنا في دمشق على خطاط بلاد الرافدين الأستاذ الكبير (محمد هاشم البغدادي) وأخذت منه "مِشَقاً" في خط الثلث والنسخ. ثم درست الرسم بأنواعه على يد الأستاذ الكبير والفنان المشهور سامي برهان، والفنان المبدع نعيم إسماعيل يرحمه الله.
• ذكرت أنك درست الرسم، هل لذلك علاقة بالخط؟
نعم، فالرسم له علاقة وثيقة بالخط حيث يساعد الخطاط على حسن التوزيع والتركيب الجميل. والخطاط الرسام يكون أفقه أوسع في عمله، إلا أنني حصرت عملي في مجال الزخرفة الإسلامية، لكي أزين لوحاتي وخطوطي بالنقوش الإسلامية البديعة.
• ما هي أنواع الخطوط؟ وما هو الخط المناسب لكتابة المصحف؟
انحصر الخط العربي أخيراً في ستة أنواع تقريباً: الخط الكوفي، خط الثلث، خط النسخ، خط النستعليق (الفارسي)، الخط الديواني، خط الرقعة. والخط المناسب لكتابة المصحف هو: خط النسخ لوضوحه وبساطته وشهرته بين الناس.
• ما هو الرسم العثماني؟
(يُتْبَعُ)
(/)
هو الرسم الذي كتب به المصحف أيام أمير المؤمنين "عثمان بن عفان" رضي الله عنه، وأجمع المسلمون على التقيد بهذا الرسم توقيفياً، ولا يجوز كتابة المصاحف خلاف ذلك.
• ما الذي يجعل خطك متميزاً عن بقية الخطوط؟
أنا أعتمد في كتابة المصاحف أسلوباً متميزاً، وهو تبسيط الكلمة لكي تأتي الحركات فوق الأحرف التالية لها دون التباس، والتخلص من بعض التركيبات الخطية التي تعيق الضبط.
• ألا يمكن أن يحل الكمبيوتر محل الكتابة باليد؟
الكمبيوتر جهاز عجيب واختراع عملاق يحتاج إليه كل إنسان مثقف، فهو في الحقيقة معجزة القرن العشرين. آلة صماء كالمرآة يعكس ما يوضع فيه، ولكن لا نستطيع أن نقول: إن الكمبيوتر حلَّ محل الخطاط، لأن الخطاط هو المبدع، كما أن الكمبيوتر يعتمد على تركيب الأحرف، وتركيب الأحرف يعتمد على الخط الأفقي، وهذه تقلل من جمال الخط، وأفضل طريقة لكتابة القرآن الكريم هي الخط اليدوي، حيث إنه متماسك ومتناسق وله رونقه وروعته وجماله ولا يستغنى عنه.
• كيف تبدأ بالكتابة؟ وما هي المراحل التحضيرية لذلك؟
اختيار أدوات الكتابة كالورق الجيد والحبر الأسود والقلم المناسب، زخرفة الصفحة المعدة للكتابة والتسطير والترقيم ويكون حجم الصفحة (70 ×100) لكل المصاحف وكل صفحة مؤلفة من 15 سطراً.
• متى كتبت أول مصحف؟
كتبت أول مصحف لوزارة الأوقاف في سورية في عام 1970م، ثم كتبت مصحفاً آخر برواية حفص للدار الشامية، وبعدما أتيت للمدينة المنورة بدأت بكتابة مصحف برواية ورش بإشراف لجنة علمية للمراجعة مؤلفة من كبار علماء القراءات من مختلف البلدان الإسلامية، ثم أتبعته بكتابة مصحف حفص (صفحاته لا تنتهي بآية) على نمط المصحف المصري (الشمرلي). ثم خطر ببالي أن أكتب مصحف حفص من جديد أوليته جلَّ اهتمامي من حيث جودة الخط وحسن الترتيب، صفحاته تبدأ بآية وتنتهي بآية، وبفضل الله أتممت كتابته وهو آية في الجمال، خطاً وضبطاً وتنسيقاً ليكون بديلاً عن المصحف القديم والذي يطبع في المجمع باستمرار (والذي كتبته منذ 35 عاماً). وكتبت مصحفاً برواية قالون، حيث انتهت مراجعته وأصبح معداً للطبع، وقبله كنت قد كتبت مصحفاً برواية الدوري، حيث تم طبعه وتوزيعه بفضل الله، ثم تابعت كتابة المصاحف حتى تجاوز العدد عشرة مصاحف إلى يومنا هذا.
• كيف تم ترتيب المصحف الشريف بحيث تبدأ صفحاته بآية وتنتهي بآية؟
وجدت مصحفاً قديماً قد تم توزيع الآيات فيه بحيث تبدأ الصفحة بآية وتنتهي كذلك بآية وهذا المصحف من العهد التركي العثماني، وهو مكتوب بالرسم الإملائي فاستحسنت هذا النموذج، وكتبت المصحف بالرسم العثماني وفق ترتيب هذا المصحف التركي، وبفضل الله كنت أول من كتب المصحف على هذا النمط، وهي النسخة التي تطبع في المجمع منذ افتتاحه، فلقد وجدوا فيه _ بفضل الله _ التنظيم الجيد والترتيب الرائع فكل جزء عشرين صفحة من أول القرآن إلى آخره، ووجد الحفاظ في ذلك أسلوباً يساعدهم على الحفظ ولذلك يسمونه مصحف الحُفاظ.
• كم تستغرق كتابة نسخة من المصحف الشريف لديك؟
في حدود سنتين ونصف السنة تقريباً مع التصحيح المستمر المرافق للكتابة.
• ما شعورك حين كتابة المصحف؟
لا يمكن البدء بالكتابة إلا وأنا على طهارة، ولا أخالط الناس كثيراً كي يبقى ذهني صافياً، ولا أقع في الخطأ لأن الخطأ في القرآن مرفوض. أما شعوري أثناء الكتابة فأنا أرى نفسي في عالم الآيات الكريمات أقتبس منها علماً وأسمو بها روحاً، عالم غير عالم الناس المنشغلين في الحياة اليومية، آيات تبشر وآيات تنذر، قصص رائعات كقصص الأنبياء الكرام وقصص الأقوام البائدة، لا أشعر بمرور الوقت ولا أنتبه لما يجري حولي، فآيات القرآن تسيطر عليّ، أهيم في عالم نوراني، ولا أغتر بالدنيا، أتزود لآخرتي، وأنكب على الأعمال الصالحات لكي ألحق بالجنة التي وعد بها المتقون (برحمة الله وعفوه)، وأتجنب كل ما يوصلني إلى النار والعياذ بالله، شعور فيه الخوف والرجاء ودوماً أدعو الله أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم.
آخر مصحف خطته أنامل هذا المبدع
مصحف التجويد
http://www.n0f.net/uploads/11-13-05~125__12.JPG
نماذج من أعماله
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos001c.jpg
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos003c.jpg
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos010c.jpg
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos006c.jpg
http://www.qurancomplex.org/gallery/khotout/images/large/Solos004c.jpg
النسخة المطبوعة عام 1413هـ
http://www.n0f.net/uploads/11-15-05~1413H.jpg
النسخة المطبوعة عام 1421هـ
http://www.n0f.net/uploads/11-15-05~1421H.jpg
النسخة الأخيرة والمطبوعة عام 1425هـ
http://www.n0f.net/uploads/11-15-05~1425H.jpg
الموضوع منقول من الساحة المفتوحة - للعضو سلطان الأحمري - حفظه الله - ( http://alsaha2.fares.net/sahat?128@186.ZFDHusYRajh.1@.1dd8625d)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[23 Nov 2005, 01:57 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[31 Jan 2007, 06:15 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء.
وقد حدثني من قابل الخطاط / عثمان طه وفقه الله تعالى، وجلس معه بأنه قد عُرض عليه أن يكتب أحد الكتب للرافضة - قبحهم الله - مقابل شيكٍ مفتوح، يكتب فيه المبلغ الذي يريد، فرفض رفضا قاطعا، وقال:
يدٌ تشرفت بكتابة كتاب الله تعالى = لا تكتب غيره.
وفقه الله، وأطال عمره على طاعته.
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[01 Feb 2007, 10:29 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا أخي الحبيب " ابو خطاب العوضي " على هذا الموضوع الرائع
يدٌ تشرفت بكتابة كتاب الله تعالى = لا تكتب غيره.
و جزى الله هذا الخطاط خير الجزاء
اللهم أتمم عليه - اللهم آمين
/////////////////////////////////////////////////
ـ[نورة]ــــــــ[02 Feb 2007, 03:27 ص]ـ
ما شاء الله
أعماله في غاية الإتقان والروعة
زاده الله شرفا ومكانة(/)
لدي إشكال في حاشية مقدمة التفسير لابن قاسم
ـ[المدرس]ــــــــ[19 Nov 2005, 03:41 م]ـ
ورد في حاشية مقدمة التفسير لابن قاسم رحمه الله، في الصفحة: 135، تحت باب: (سبب الاختلاف) ما يلي:
سَبَبُ الاخْتِلاَفِ
مِنْهُ: مَا مُسْتَنَدُهُ النَّقْلُ، أَوِ الاِسْتِدلَالُ، والمَنْقُولُ: إمَّا عَنِ المعصومِ، أوْ لَا. فَالَمقْصُودُ: وَإذَا جَاءَ عَنهُ مِن جِهَتَيْنِ، أَو جِهَاتٍ، مِنْ غَيرِ تَواطُؤٍ، فَصَحِيحٌ، وَكَذا المَرَاسِيلُ، إذا تَعَدَدَتْ طُرُقُها، وَخَبَرُ الوَاحِدِ، إذا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبولِ، أَوْجَبَ العِلمَ.
فهل العبارة التي تحتها خط مستقيمة بهذا السياق؟
آمل من المشايخ الكرام الإيضاح بشيء من التفصيل، وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Nov 2005, 04:18 م]ـ
الشيخ ابن قاسم رحمه الله أختصر عبارة شيخ الإسلام في مقدمة التفسير من صفحة 55 وما بعدها , فإذا راجعت عبارة الأصل زال عنك الإشكال.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Nov 2005, 04:31 م]ـ
أخي الكريم
لفظة (فَالَمقْصُودُ:) ليست موجودة في الطبعة الأولى من المقدمة، والعبارة فيها: ( ... والمَنْقُولُ: إمَّا عَنِ المعصومِ، أوْ لَا. وَإذَا جَاءَ عَنهُ مِن جِهَتَيْنِ، أَو جِهَاتٍ، مِنْ غَيرِ تَواطُؤٍ، فَصَحِيحٌ ... ).
والعبارة بهذا واضحة، وأصل العبارة مستفادة من مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومقدمة ابن قاسم تنقسم إلى أقسام ثلاثة:
الأول: مسائل تتعلق بعلوم القرآن، وأصلها في الإتقان.
الثاني: مسائل تتعلق بأصول التفسير.وأصلها في مقدمة شيخ الإسلام.
الثالث: مسائل تتعلق بقراءة القرآن.
ـ[الراية]ــــــــ[19 Nov 2005, 05:05 م]ـ
الشيخ أحمد والشيخ مساعد
جزاكم الله خيراً
ولقد رجعت إلى شرح مقدمة ابن قاسم للشيخ سعد الشثري
صفحة 177 - 178
فوجدت لفظة ((فَالَمقْصُودُ:))
موجودة في المتن، لكن لم يشرحها الشيخ، فربما كان الشرح للطبعة الاولى من مقدمة ابن القاسم فأثبت الناشر الطبعة الثانية في المتن،
او ان الشيخ لم يشرحها.
والله أعلم
شرح د. سعد الشثري (طبع حديثا) ً
كنوز اشبيليا 1426هـ
ـ[المدرس]ــــــــ[21 Nov 2005, 04:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر للمشايخ الفضلاء تكرمهم بالرد، والتعقيب، والإفادة.
ويبدو أنه كما ذكر شيخنا: د. مساعد الطيار، يزول اللبس عند حذف كلمة (فالمقصود) وبالفعل فقد اتضح المعنى تمامًا بحذفها.
جزاكم الله خيرا.(/)
التأويل: مفهومه - معانيه - أمثلة عليه
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[20 Nov 2005, 04:56 م]ـ
التأويل
مفهومه – معانيه – أمثلة عليه
تعريف كلمة التأويل في اللغة: أصل هذه الكلمة مادة (أول).
وهذه المادة تدور حول معاني الرجوع، والعاقبة، والمصير، والتفسير.
وهذا يعني أن تأويل الكلام هو الرجوع به إلى مراد المتكلم، وإلى حقيقة ما أخبر به.
معاني التأويل في الاصطلاح: صار لفظ التأويل - بتعدد الاصطلاحات - مستعملاً في ثلاثة معانٍ [1]:
أحدها: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به.
وذلك مثل تأويل معنى (يد الله) بـ: النعمة، أو القدرة.
ومثل تأويل (استواء الله على عرشه) بـ: الاستيلاء، وهكذا ...
وهذا المعنى من معاني التأويل هو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وترك تأويلها، وهل هذا محمود أو مذموم، وحق أو باطل؟
قال ابن حزم -ر حمه الله - في هذا المعنى من معاني التأويل: (التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر؛ فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة - فهو حق.
وإن كان نقله بخلاف ذلك اطُّرح، ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل) [2].
شروط التأويل الصحيح: يشترط لصحة التأويل بمعناه عند المتأخرين شروط هي:
1 - أن يكون اللفظ المرادُ تأويله يحتمله المعنى المؤول لغة أو شرعا؛ فلا يصح -على هذا- تأويلات الباطنية التي لا مستند لها في اللغة أو الشرع، بل ولا العقل.
2 - أن يكون السياق محتملاً، مثل لفظ (النظر) فهو يَحْتَمل معانيَ في اللغة، ولكنه إذا عدِّي بـ: (إلى) لا يحتمل إلا الرؤية.
3 - أن يقوم الدليل على أن المراد هو المعنى المؤول.
4 - أن يسلم دليل التأويل من معارض أقوى؛ فإذا اختل شرط من الشروط فهو تأويل فاسد.
مثال للتأويل الصحيح:
قال الله - عز وجل -: [نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ] (التوبة: 67).
فقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النسيان هنا هو الترك.
وقد دل على هذا التأويل تصريحاً قوله - تعالى -: [وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً] (مريم: 64).
وقوله: [فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى] (طه: 52) [3].
حكم التأويل بمعناه الحادث عند المتأخرين:
1 - قد يكون صحيحاً إذا اجتمعت فيه الشروط - كما مر -.
2 - قد يكون خطأ كتأويلات بعض العلماء الذين أخطأوا في تأويل بعض نصوص الصفات.
3 - قد يكون بدعة كتأويلات الأشاعرة، والمعتزلة.
4 - قد يكون كفراً كتأويلات الباطنية.
سبب ظهور مصطلح التأويل:
يبدو أن ذلك كان إبان ظهور القول بالمجاز الذي هو قسيم الحقيقة.
ومن هنا فإن مصطلحي: التأويل والمجاز متلازمان.
المعنى الثاني من معاني التأويل: التفسير:
التفسير في اللغة: أصل هذه الكلمة مادة: (فسر).
وهذه المادة تدور في لغة العرب حول معنى البيان، والكشف، والوضوح [4].
التفسير في الاصطلاح: هو بيان المعنى الذي أراده الله بكلامه [5].
وعرفه ابن جُزي - ر حمه الله - بقوله: (معنى التفسير: شرح القرآن، وبيان معناه، والإفصاح عما يقتضيه بنصه، أو إشارته) [6].
وعرفه الزركشي -ر حمه الله - بقوله: (علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه " وبيان معانيه، واستخراج حكمه وأحكامه) [7].
وهذا المعنى من معاني التأويل معنى صحيح معروف عند السلف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - ر حمه الله - في معرض حديث له عن أنواع التأويل: (والثاني: أن التأويل بمعنى التفسير.
وهذا هو الغالب على اصطلاح مفسري القرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله من المصنفين في التفسير: (واختلف علماء التأويل).
ومجاهد إمام المفسرين، قال الثوري: إذا جاء التفسير عن مجاهد فحسبك به، وعلى تفسيره يعتمد الشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وغيرهم؛ فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره) [8].
والنصوص الواردة عن العلماء في هذا الصدد كثيرة لا تكاد تحصر، ومنها قول الشافعي في كتابه الأم في أكثر من موضع: (وذلك - والله أعلم - بيِّن في التنزيل مستغنىً به عن التأويل) [9].
المعنى الثالث من معاني التأويل:
(يُتْبَعُ)
(/)
الحقيقة التي يؤول إليها الكلام: كما قال - تعالى -: [هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ] (الأعراف: 53).
وهو معنى شرعي معروف عند السلف.
وهذا النوع من التأويل: هو عين ما هو موجود في الخارج، أي أن حقيقة الشيء الموجودة في الخارج - أي الواقع - هي تأويله خبراً كان أم إنشاءاً.
والكلام ينقسم إلى خبر أو إنشاء، وتأويل كلٍّ منهما يختلف عن الآخر - كما سيأتي في الفقرة التالية -.
تفصيل معنى التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان خبراً أو إنشاءاً:
قبل الدخول في ذلك يحسن بيان معنى الخبر والإنشاء بإيجاز.
فالكلام ينقسم باعتبار دلالته - عند المتكلمين، والأصوليين، واللغويين، وأهل المعاني من البلاغيين وغيرهم - إلى خبر وإنشاء، وبعضهم يقول: خبر وطلب.
وذلك إذا تكلموا على دلالات الألفاظ.
تعريف الخبر: هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته بقطع النظر عمن أضيف إليه؛ فإذا أضيف إلى الله ورسوله " قطع بصدقه.
والخبر يدور بين الإثبات مثل قوله -تعالى-: [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] (طه: 5).
والنفي مثل قوله -تعالى-: [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ] (الشورى: 11).
ومن أمثلة الخبر في الإثبات جاء زيد، وفي النفي ما جاء زيد، وهكذا ...
تعريف الطلب أو الإنشاء: هو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.
وذلك لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه.
ويدخل تحت الإنشاء أو الطلب أنواع عديدة أشهرها: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء.
فإذا قلت: قم، أو لا تقم، أو هل أنت قائم، أو ليتك تقوم، أو يا قائم - كان كلامك كله داخلاً في باب الإنشاء؛ لأنه لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.
بخلاف ما إذا قلت: جاء زيد، أو ما جاء؛ فذلك داخل في باب الخبر.
هذا وإن أشهر أنواع الإنشاء والطلب: الأمر والنهي.
هذه نبذة ميسرة عن الخبر والإنشاء والطلب.
وبعد هذا نأتي إلى التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان خبراً أو طلباً.
التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان خبراً: تأويل الأخبار: هو حقيقتها، ونفس وجودها.
فتأويل ما أخبر الله به عن نفسه المقدسة الغنية بما لها من حقائق الأسماء والصفات هو حقيقة نفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الأسماء والصفات.
وتأويل ما أخبر الله به من الوعد والوعيد هو نفس ما يكون من الوعد والوعيد.
وتأويل قيام الساعة، وما أخبر به في الجنة من الأكل والشرب، والنكاح، هو الحقائق الموجودة أنفسها [10].
وتأويل رؤيا يوسف -عليه السلام- هو وقوعها في الخارج، وتحققها، وهكذا ...
إلى غير ذلك من الأمثلة التي يصعب حصرها.
فهذا هو التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان خبراً.
التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان طلباً: الطلب: إما أن يكون أمراً، وإما أن يكون نهياً؛ فالأمر: طلب الفعل، والنهي: طلب الكف.
فإذا كان الطلب أمراً فتأويله: هو نفس الفعل المأمور به، أي امتثاله، والعمل به.
وإذا كان الطلب نهياً فتأويله: هو نفس اجتناب المنهي عنه، أي تركه.
أمثلة لتأويل الأمر:
1 - قالت عائشة - رضي الله عنها -: كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه، وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) يتأول القرآن [11].
وتعني بذلك قوله -تعالى-: [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً] (النصر:3).
وتريد بذلك أنه يعمل بأوامر القرآن، ويفعل ما أمر به فيه؛ حيث أمر في آخر حياته أن يسبح بحمد ربه ويستغفره، فكان يتأول القرآن، أي يعمل به، ويطبقه؛ فنفس فعله هذا هو تأويل الأمر، وهو قوله -عز وجل-: [فَسَبِّحْ] و [اسْتَغْفِرْهُ].
2 - وعن سعيد بن جبير -ر حمه الله - عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: (أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته، ويذكر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك، ويتأول هذه الآية: [فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ] (البقرة: 115)) [12].
ومعنى قوله: (يتأول): أي يطبق ويمتثل.
3 - ومن الأمثلة على ذلك ما روي عن الثوري -ر حمه الله - أنه بلغه أن أم ولد الربيع ابن خثيم قالت: (كان الربيع إذا جاءه السائل يقول لي: يا فلانة أعطي السائل سُكَّراً؛ فإن الربيع يحب السُّكَّر).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال سفيان: (يتأول قوله - عز وجل -: [لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ] (آل عمران: 92)) [13].
أي يمتثل أمر الله - عز وجل - في الإنفاق مما يحبه الإنسان.
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً مثل قوله - تعالى -: [وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ] (البقرة: 43).
فتأويل ذلك إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهكذا ...
فهذا - إذاً - هو تأويل الأمر بمعنى حقيقته.
أمثلة لتأويل النهي:
1 - قال الله - تعالى -: [وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى] (الإسراء: 32).
فتأويل ذلك البعد عن قربان الزنا.
2 - وقل مثل ذلك في قوله - عز وجل -: [وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ] (الأنعام: 151).
وهكذا ...
مثال يجمع بين تأويل الأمر والنهي والخبر: قال الله - تعالى - مخاطباً أم موسى -عليه السلام-: [وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ] (القصص:7).
فهذه الآية الكريمة اشتملت على أمرين، ونهيين، وخبرين؛ فالأمران في قوله -تعالى-: [أَرْضِعِيهِ]، وقوله: [فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ].
وتأويل الأمرين إرضاعها لموسى، وإلقاؤه في اليم.
والنهيان في قوله - تعالى -: [وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي].
وتأويلهما ترك الخوف، وترك الحزن.
وقد فعلت ما تستطيع وإن كان فؤادها قد أصبح فارغاً، وكادت أن تبدي به لولا أن ربط الله على قلبها.
والخبران في البشارتين في قوله - تعالى -: [إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ].
وتأويل هذين الخبرين وقوعهما في الخارج؛ حيث عاد موسى إلى أمه، وصار من المرسلين.
الفرق بين تأويل الخبر، وتأويل الطلب:
الفرق هو أن الخبر لا يلزم من تأويله -أي وقوعه- العلم به؛ فهو واقع وإن لم يُعْلم به؛ فأشراط الساعة وأحوالها ستقع وإن لم يُعْلم بها.
وكذلك حقائق أسماء الله وصفاته هي حقيقة وإن لم يُعْلم بها.
فلا يلزم -إذاً- من تأويل الخبر العلم به.
أما الطلب فلابد في تأويله من معرفته والعلم به؛ ليُفعل أو يُجتنب؛ فإن كان الطلب أمراً فلابد في إيقاعه وفعله وامتثاله من معرفة العلم به سواء كان واجباً كإقامة الصلاة، أو مستحباً كالسواك.
وإن كان الطلب نهياً فلابد من معرفته والعلم به؛ ليجتنب سواء كان النهي للتحريم أو الكراهة.
توجيه قراءتي آية آل عمرآن:
قال الله - عز وجل -: [هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ] (آل عمران: 7).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -ر حمه الله -: (وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف عند قوله: [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ].
وهذا هو المأثور عن أُبَي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.
وروي عن ابن عباس أنه قال: (التفسير على أربعة أوجه:
تفسير تعرفه العرب [14] من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته [15]، وتفسير يعلمه العلماء [16]، وتفسير لا يعلمه إلا الله [17] من ادعى علمه فهو كاذب).
وقد روي عن مجاهد وطائفة أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله، وقد قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقف عند كل آية فأسأله عن تفسيرها.
ولا منافاة بين القولين عند التحقيق) [18].
ويعني بالقولين القراءتين: الوقف على قوله [إِلاَّ اللّهُ] والوصل.
وقال في موضع آخر موجهاً كلتا القراءتين: (وكلا القولين حق باعتبار كما قد بسطناه في مواضع أُخَر، ولهذا نقل عن ابن عباس هذا وهذا وكلاهما حق) [19].
وخلاصة القول في توجيه القراءتين: أنه على قراءة الوقف يكون التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الشيء، وعلى قراءة الوصل يكون التأويل بمعنى التفسير؛ فمن قال: إنه لا يعلم تأويله إلا الله أراد الحقيقة، ومن قال: إنه يُعلم تأويله أراد التفسير.
وعلى قراءة الوقف تكون الواو في قوله: [وَالرَّسِخُوْنَ ... ] ابتدائية استئنافية.
وعلى قراءة الوصل تكون عاطفة.
18/ 10/1426هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر التدمرية لابن تيمية ص91 - 95.
[2] الإحكام لابن حزم 1/ 43.
[3] انظر إرشاد الفحول للشوكاني ص177، والتوضيحات الأثرية على متن الرسالة التدمرية للشيخ فخر الدين المحيسي ص185.
[4] انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/ 504.
[5] انظر مفهوم التفسير والتأويل د. مساعد الطيار ص54.
[6] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي 1/ 6.
[7] البرهان للزركشي 1/ 13.
[8] التدمرية ص92.
[9] الأم للشافعي 7/ 319، وانظر 2/ 28 و 4/ 242.
[10] انظر التدمرية ص96، والفتوى الحموية الكبرى لابن تيمية تحقيق د. عبدالمحسن التويجري ص290.
[11] رواه البخاري (817) ومسلم (484).
[12] تفسير الطبري 2/ 530.
[13] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/ 133.
[14] هو تفسير مفردات اللغة كمعرفة القرء، والنمارق، والناس، والليل، والنهار، والشمس، والقمر وغيرها.
[15]- هو تفسير الآيات المكلف بها اعتقاداً كمعرفة الله، وتوحيده، واليوم الآخر، والإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعملاً كمعرفة الطهارة، وكيفية الصلاة، وغيرها.
[16] هو مما يخفى على غير العلماء، مما يمكن الوصول إلى معرفته، كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعام والخاص، والمطلق والمقيد.
[17] هو حقائق ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر؛ فهذه الأشياء تفهم بمعناها، ولا تدرك حقيقة ما هي عليه في الواقع.
[18] التدمرية ص90 - 91.
[19] الفتوى الحموية الكبرى ص290.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[21 Nov 2005, 04:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد قراءة ما كتبته أخي الكريم حول التأويل أردت تسجيل بعض الملاحظات التي تحتاج لبيان فعسى الله يلهمك الصبر على قراءتها وحتى لا أطيل أقول:
مع ما حملته مشاركتك هذه من معلومات قيمة إلا أنها كانت قاصرة في عدة جوانب منها
في التعريف اللغوي جعلت في معنى التأويل الرجوع، ولكن هي في المعاجم اللغوية: الرجوع إلى الأصل،كما في المفردات للراغب واللسان مادة (أول)، ففرق بين مطلق الرجوع، والرجوع المقيد بالأصل، وذكرت المعاني الرئيسة للتأويل لغة، ولم تستوعب غيرها من المعاني المذكورة التي لها أثر أيضاً في دراسة التأويل من حيث مفهومه وحكمه،فيستخدم التأويل بمعنى رد الشيء إلى الغاية المرادة منه سواء كان الشيء علماً أو فعلاً، ففي العلم نحو قوله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ ? [آل عمران:7].أي ولا يعلم المراد الحقيقي مما تشابه من آيات القرآن إلا الله.
وفي الفعل نحو قوله تعالى:?هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ? [الأعراف:53]، أي يوم يأتي بيانه الذي هو غايته المقصودة منه.
ويأتي بمعنى التفسير والبيان،"فكأن التأويل: جمعُ معان مشكلة بلفظ واضح لا إشكال فيه، قال الليث (التأوّل والتأويل: تفسير الكلام الذي تختلف معانيه) ".
ويأتي بمعنى التدبير والتقدير، يقال: تأول الكلام تأويلاً وتأوله: دبره وقدره.
وقيل أصله من الإيالة وهي السياسة فكأن المؤول للكلام ساسه ووضع المعنى فيه موضعه.
وأما تعريف التأويل اصطلاحاً فإنما ذكرت من التعاريف ما قاله الأصوليون مع أن للتأويل اصطلاحاً تعاريف أخرى مثلاً: رد واحد الاحتمالين إلى ما يطابق الظاهر، وهذا التعريف أقرب إلى اصطلاح اللغويين.
وكذلك لو فتشت كتب علوم القرآن لوجدت تعاريف أخرى للتأويل، فالاقتصار على تعريف التأويل على جهة واحدة فيه إجحاف علمي يؤثر على النتيجة العلمية، وبرأيي أننا في التفسير لا ينبغي أن نخلط بين تعريف التأويل عند الأصوليين وأهل العقيدة وبين تعريف التأويل في التفسير، وهذا ما حصل في دراستك أخي الكريم ففي حكم التأويل ذكرت أنه يكون ضلالة وأنه بدعة وأنه .. ـ ولم تذكر أمثلة توضح هذه الأحكام ولا مرجعك فيها ـ بينما علماء التفسير وعلوم القرآن يذكرون أن التأويل إما أن يكون مقبولاً إما أن يكون مردوداً، ولكن دراستك واختصاصك في المذاهب والفرق والعقائد أثرت على ما كتبته، وهذا ما نعانيه في الدراسات العلمية بشكل عام، فالسجال الذي حصل بين العلماء في الفرق بين التأويل والتفسير ـ برأيي ـ سببه أن بعض المفسرين اعتمدوا تعريف الأصوليين للتأويل وأرادوا أن يقارنوه بمعنى التفسير عند المفسرين، ولو قارنوه بمعنى المفسر عند الأصوليين لوجدوا الفرق، وكذلك ما كتبته يتماشى مع دراسة التأويل عند علماء الكلام والعقيدة.
والملاحظة الثانية: جعلت ظهور التأويل إبان ظهور القول بالمجاز، وهذا يعني أن القول بالمجاز والتأويل لم يكن قبل ذلك،فأقول أن المجاز والتأويل قد يتفقان وقد يفترقان أي بينهما عموم وخصوص، مع أن استعمال المجاز كان يستخدم في تفاسير السلف الصالح عملياً وإن لم يكن اسمه مجاز في وقتها وما ذكرته أنت عن ابن عباس في التأويل الصحيح هذا نوع من المجاز، لأن المعنى الآخر المذكور في المجاز هو من وضع العرب أيضاً وليس معنى مخترعاً، فمصطلح المجاز ـ كما ذكرت تعريفه وهو كذلك عند البلاغيين ـ ظهر فيما بعد، وأما التأويل فاستخدامه بهذا الاسم والمعنى كان موجوداً عند الصحابة وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم بله في القرآن أيضاً، وقد ذكرت أنت أمثلة على ذلك وفيما تقدم من الكلام على معنى التأويل لغة أمثلة من القرآن،فما قلته بحاجة إلى نظر وتمحيص في تاريخ التأويل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما معنى التأويل بالحقيقة التي يؤول إليها الكلام فالأفضل أن يقال: المعنى الحقيقي الذي يراد بالكلام، وهذا تفسير لـ ((وما يعلم تأويله إلا الله)) آل عمران،وقد يأتي بمعنى حصول الشيء في الواقع،ففي تفسيره صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ? [الأنعام:65]، قال صلى الله عليه وسلم: (أما أنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد)، أي مصيرها و مآلها وحصولها في الواقع.وأقول أخيراً أن الخبر في كلام الله تعالى إنشاء وحبذا لو ذكرتم مرجعكم في التفريق بين تأويل الخبر وتأويل الطلب لأني أول مرة أسمع به
لا أدري لم لم تظهر الحواشي
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Nov 2005, 01:23 ص]ـ
الأخ الفاضل د. أحمد الحمد
و أقول كما قال أخي " مرهف ":
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد قراءة ما كتبته - أخي الكريم - حول التأويل أردت تسجيل بعض الملاحظات التي تحتاج لبيان فعسى الله يلهمك الصبر على قراءتها وحتى لا أطيل أقول:
مع ما حملته مشاركتك هذه من معلومات قيمة إلا أنه قد بدت لي تعقبات أذكر منها ما يلي:
اقتباس:
((معاني التأويل في الاصطلاح: صار لفظ التأويل - بتعدد الاصطلاحات - مستعملاً في ثلاثة معانٍ [1]:
أحدها: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به.
وذلك مثل تأويل معنى (يد الله) بـ: النعمة، أو القدرة.
ومثل تأويل (استواء الله على عرشه) بـ: الاستيلاء، وهكذا ...
وهذا المعنى من معاني التأويل هو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وترك تأويلها، وهل هذا محمود أو مذموم، وحق أو باطل؟
قال ابن حزم -ر حمه الله - في هذا المعنى من معاني التأويل: (التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر؛ فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة - فهو حق.
وإن كان نقله بخلاف ذلك اطُّرح، ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل) [2].)) انتهى
---------------------------------------------------------
نقلتم أو قلتم - أكرمكم الله - أن التأويل هو: "صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به "، و قلتم في هذا التعريف: " وهذا المعنى من معاني التأويل هو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله ".
1 - و في ذكر هذا و نقله نظر: فهل ذلك هو تعريف التأويل عندهم بلفظه أو بقريب من لفظه؟
و بوضوح أكثر: هل كلمة " المرجوح " الموصوف بها الاحتمال هي من ألفاظ تعريفهم هم له؟
أم من إضافة غيرهم من مخالفيهم؟
- فلو كان ذلك الصرف لللفظ إلى " المرجوح " عندهم هم من معناه، لناقضوا أنفسهم بأ - فسهم، و ذلك لعدولهم عن " الراجح " عندهم إلى " المرجوح " عندهم أيضا؟
- فلا يعقل أخذهم بالدليل الأضعف عندهم و نبذهم للدليل الأقوى.
2 – و إنما تعريف " التأويل " – عند المتأخرين و عند المتقدمين من الأصوليين – كما ذكر الشيخ عبد الوهاب خلاف في كتابه " علم أصول الفقه "، قال:
(و معناه في اصطلاح الأصوليين: " صرف اللفظ عن ظاهره بدليل "،
و من المقرر أن الأصل عدم صرف اللفظ عن ظاهره، و أن تأويله – أي صرفه عن ظاهره – لا يكون صحيحا إلا إذا بني على دليل شرعي من نص أو قياس، أو روح التشريع أو مبادئه العامة. و إذا لم يبن التأويل على دليل شرعي صحيح – بل بني على الأهواء و الأغراض و الانتصار لبعض الآراء – كان تأويلا غير صحيح) انتهى قوله.
3 – و كذا ذكر الشيخ محمد أبو زهرة – رحمهما الله – في كتابه " أصول الفقه "، قال:
" و أما التأويل: فهو إخراج اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر يحتمله و ليس هو الظاهر فيه ".
4 – و لا يختلف هذان التعريفان عما نقل في أعلاه (قال ابن حزم -ر حمه الله - في هذا المعنى من معاني التأويل):التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر؛ فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة - فهو حق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كان نقله بخلاف ذلك اطُّرح، ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل).
* و عليه، فالنقل لللفظ إنما كان للاحتمال الراجح، و لم يكن لذاك المرجوح، و بذا ستقيم التعريف للتأويل
هذا من ناحية
****************************
و من ناحية ثانية، فقدنقلتم أو قلتم: ((وذلك مثل تأويل معنى (يد الله) بـ: النعمة، أو القدرة.
ومثل تأويل (استواء الله على عرشه) بـ: الاستيلاء، وهكذا ...
وهذا المعنى من معاني التأويل هو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وترك تأويلها، وهل هذا محمود أو مذموم، وحق أو باطل؟)).انتهى
----------------------------------------------------------
- و مذهب " السلف " هو ترك تأويلها مع استحالة ظاهرها، كما ذكر الإمام أبو عبد الله القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القرآن " حكاية عن شيخه:
[[- السادسة: قوله تعالى: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ?بْتِغَاءَ ?لْفِتْنَةِ وَ?بْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} قال شيخنا أبو العباس رحمة الله عليه: متبِعو المتشابه لا يخلو أن يتبعوه ويجمعوه طلباً للتشكيك في القرآن وإضلالِ العوامّ، كما فعلته الزنادقة والقرامِطة الطاعنون في القرآن؛ أو طلباً لاعتقاد ظواهر المتشابه، كما فعلته المجسِّمة الذِين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظاهره الجِسمية حتى ?عتقدوا أن البارىء تعالى جسم مجسم وصورة مصوّرة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وأصبع، تعالى الله عن ذلك?؛ أو يتبعوه على جهة إبداء تأويلاتها وإيضاح معانيها، أو كما فعل صبِيغ حين أكثر على عمر فيه السؤال. فهذه أربعة أقسام:
الأوّل: لا شك في كفرهم، وأن حكم الله فيهم القتل من غير ?ستتابة.
الثاني: الصحيح القول بتكفيرهم، إذ لا فرق بينهم وبين عباد الأصنام والصور، ويستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كما يفعل بمن ?رتدّ.
- الثالث: ?ختلفوا في جواز ذلك بناء على الخلاف في جواز تأويلها. وقد عرف أنّ مذهب السلف ترك التعرّض لتأويلها مع قطعهم ب?ستحالة ظواهرها، فيقولون أمِرّوها كما جاءت. وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها وحملِها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين مجمل منها.
الرابع: الحكم فيه الأدب البليغ، كما فعله عمر بصبيغ ... ]]. - كان يسأل عن متشابه القرآن و يتتبعها - ("الجامع لأحكام القرآن "، للقرطبي).
**********************************
** فمذهب " السلف " في مسألة الذات و الصفات الإلهية كما قاله الإمامان القرطبيان المفسر منهما و المحدِث:
" وقد عرف أنّ مذهب السلف ترك التعرّض لتأويلها مع قطعهم ب?ستحالة ظواهرها، فيقولون أمِرّوها كما جاءت. وذهب بعضهم إلى إبداء تأويلاتها وحملِها على ما يصح حمله في اللسان عليها من غير قطع بتعيين مجمل منها ".
و هي مسألة خلافية،كما قال القرطبي، و لكن هذا هو ما ذهب إليه " السلف " رحمهم الله، و ألحقنا بهم في جنته و مستقر رحمته. اللَهم آمين(/)
ماذا قال القرآن عن "كاترينا" و" ريتا" وأخواتها ...
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[21 Nov 2005, 08:36 ص]ـ
1 -
كاترينا ...
ريتا .....
إعصاران سموهما بتسمية الأنثى ... ولعل التسمية انبثقت من عمق اللاوعي المشترك حيث تتحد صورة الأنثى بمعنى الفاجعة .... فعندنا –نحن العرب أيضا-تفضيل لتذييل أسماء وصفات الكوارث ب"تاء" الأنثى فنقول: كارثة وداهية ومصيبة ... كما نحب أن نبرز الحرب –في أشعارنا- في شخص عجوز شمطاء قد تسمى "حيزبون"أو "عيضموز" ولربما"خيتروع" ونادرا "جيثلوط" ... ونحب-نحن العرب أيضا-أن نذخر صورة الشيخ العجوز لتظهر في سياقات الوقار والرصانة والتأمل-جبل ابن خفاجة- بعيدا جدا عن صورة شواهي ذات الدواهي-حيزبون الليالي-
إعصاران ...... لكن بقدرين مختلفين.
فأما "كاترينا"فقد عاثت في القوم فسادا .... فقطعت قلوبا هناك ... وأشفت غيظ أخرى هنا.
وأما "ريتا" فمرت مرور الكرام ... فما سارت فيهم بسيرة أختها الكبرى ...
وهذا أوان السؤال:
لماذا تلك قد ... ؟
ولماذا هذه لم ... ؟
لم يدم مرض الحيرة طويلا ... فقد أسعفني دواء القرآن. فكان الجواب ناصعا:
-ولأنهم غفلوا عن كاترينا .... أخذوا عن غرة ....
ولأنهم أخذوا أهبتهم واستعدوا ل"ريتا" وتوقعوا شرها .... مرت بدون ضرر يذكر لا رأفة بالقوم الظالمين ولكن لتحق عليهم كلمات الله:" {أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (44) سورة الأنعام {فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (95) سورة الأعراف {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (107) سورة يوسف {بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} (40) سورة الأنبياء.
ذلكم هو القانون القرآني الساري في العباد: لا يأتي العذاب إلا من حيث لا يشعر الظالمون.
-2 -
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (8) سورة الجمعة
تبين الآية حالة عجيبة جدا مبنية على تعاقب ثلاث حركات:
-تفرون.
-ملاقيكم.
-تردون.
ولتنظر نفس إلى هذا الوضع المفاجيء للموت ... فبينا هو متصور من جهة الوراء إذ يصعق الفارين منه بمواجهتهم من جهة الأمام ...
كم سيفقد التعبير من قوته التأثيرية لو قيل مثلا: إن الموت الذي تفرون منه فإنه مدرككم.
لأن الفارين من الموت لا يتصورون الموت إلا خلفهم ويتوقعون في أي لحظة أن يدركهم .. وفي تصورهم أيضا أنهم كلما أمعنوا في التقدم إلى الأمام –وهي ضد جهة وجود الموت-كلما اقتربوا من جهة النجاة .... وللنفس الآن أن تتصور حجم الضربة البيانية-لا أقول اللمسة البيانية- في قوله "ملاقيكم" .... أي:جاءكم من أبعد جهة يتوقع أن يكون الموت فيها ... أي: من أمامكم.
حقت كلمة ربكم مرة أخرى: {وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} (26) سورة النحل
3 -
كان لوط –عليه السلام- في موقف عصيب جدا: {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (68) سورة الحجر
{وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} (78) سورة هود
فالأمر-ظاهريا- يستدعي تدخلا عاجلا ..... ومع ذلك فقد قدر رب العالمين أن يكون هلاكهم بعد حين {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (81) سورة هود.
وللسائل أن يسال: لماذا قدر الجبار أن يكون الصبح هو زمن العذاب لا قبله.
وقد يزداد السؤال إلحاحا عندما نلحظ - بصورة شبيهة بالاطراد-أن مهلك الظالمين يتم صباحا:
{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} (66) سورة الحجر
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} (83) سورة الحجر
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} (73) سورة الحجر
{فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ} (60) سورة الشعراء
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (78) سورة الأعراف
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (67) سورة هود
{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} (157) سورة الشعراء.
{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} (25) سورة الأحقاف
القرآن في هذه السياقات يختار من أفعال الصيرورة فعل "أصبح"الدال على ظرف الصباح.
قال ابن السراج في أصول النحو: فإذا قالوا (كان زيد قائماً) فإنما معناه: زيد قام فيما مضى من الزمان فإذا قالوا: أصبح عبد الله منطلقاً فإنما المعنى: أتى الصباح وعبد الله منطلق.
وقال أيضا: أَسْحَرْنَا وأَصْبَحْنا وأَهْجَرْنا وأَمْسَيْنا أَي: صِرنَا في هذِه الأوقات.
وقال في المفصل: أصبح وأمسى وأضحى على ثلاثة معان أحدها أن يقرن مضمون الجملة بالأوقات الخاصة التي هي الصباح والمساء والضحى على طريقة كان والثاني أن تفيد معنى الدخول في هذه الأوقات كأظهر وأعتم وهي في هذا الوجه تامة يسكت على مرفوعها ....
ومما يلحظ أيضا استعمال"أصبح" في معنى الهلاك - في غير سياق هلاك الأمم .... –كما في المثل القرآني عندما يبين نشأة الحياة ونهايتها وكثيرا ما تكون النهاية مدشنة بأصبح:
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} (45) سورة الكهف.
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (42) سورة الكهف
ولا تفوتنا الإشارة إلى العاديات المغيرات صبحا ...
فجاء السؤال مرة أخرى ..... لماذا الصبح؟
إذا تمثلنا السنة الإلهية في هلاك الأمم واعتبرنا عنصر المباغتة الذي أقره البيان القرآني أدركنا مناسبة الصبح – من الناحية النفسية- لهذا القصد ...
فالليل عادة-بسبب ظلامه- هو زمن الاحتراس وترقب الخطر فيصيخ سمع الإنسان لأدنى حركة لكن المراقبة تنتهي عند الصبح ومع شروق الشمس وانتشار الضوء يشعر الانسان وكأنه قد نجا من أخطار الليل ومن السوء المتخفي في الظلمة .... أما الآن فالصبح قد تنفس يعلن استئناف الحياة التي تعطلت بالليل .... ومع تنفس الصعداء يأتي أمر الله من حيث لا نحتسب:
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (8) سورة الجمعة(/)
ما هي الكتب التي عنيت بذكر أعلام المفسرين في اليمن والمغرب؟؟؟؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[21 Nov 2005, 09:52 م]ـ
السلام عليكم
ارجو من الاخوة الكرام افادتي بأهم الكتب التي ترجمت لأعلام المفسرين في اليمن والمغرب .........
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[25 Nov 2005, 12:05 م]ـ
ارجو اخوتي ان لم يكن ثمت اجابة
احالتي على بعض المواقع التي قد تفيدني بهذا الصدد وشكرا
ـ[الباجي]ــــــــ[25 Nov 2005, 01:47 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله.
وفقك الله وأعانك على ما أنت مقدم عليه.
في هذا الرابط رسالة علمية للشيخ محمد رزق الطرهوني تتضمن جزءا مما تبحث عنه، وأظن أن بإمكانك تنزيلها إن لم أخطئ.
http://www.tarhuni.com/p4a.htm
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Nov 2005, 02:33 م]ـ
ما تفضل به أخي العزيز الباجي وفقه الله يخص مفسري المغرب.
وأما مفسرو اليمن فقد بحث أخي الدكتور علي حسان - وهو طالب من طلاب العلم في اليمن - الموضوع بعنوان (التفسير في اليمن حتى العصر الحاضر) وهو رسالة دكتوراه بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض. وهي محفوظة بمكتبة القسم ومكتبة الرسائل الجامعية بمكتبة الجامعة.(/)
وقفات مع سورة الحديد 2
ـ[ماجد العريفي]ــــــــ[22 Nov 2005, 02:30 م]ـ
فبعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى من سورة الحديد أن السموات والأرض وما فيها تسبح بحمده وتقدسه، منقادة لعزته، قد بدت آثار حكمته،
يقول تعالى ممجدا نفسه حتى تلين القلوب لعظمته:
((له ملك السموات و الأرض يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير))
أي: أن تلك السماوات و الأرض التي تسبح له و تقدسه، وما فيها هي ملك له.
يتصرف بها كيفما شاء، يحي من يشاء إذا شاء، و يميت من يشاء متى شاء.
بماذا؟!!! ........ بقدرته.
و لهذا قال ((و هو على كل شيء قدير)).
تنبئ الكذاب الأسود العنسي في اليمن فأمر بأبي مسلم الخولاني فأحضر إليه، فقال له أتشهد أني رسول الله قال لا، قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم،_ فأراد أن يقتله حتى لا يفسد الناس عليه، ولكنه يريد أن يقتله بطريقة شنيعة حتى يخافه الناس فيطيعونه _ فأمر بنار عظيمة فأججت وخوفه أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده فأبى عليه فقذفه فيها،_ و لكن الذي يحي و يميت القادر على كل شيء لم يشئ ذلك، فجعل هذه النار التي تحرق كل شيئ بردا وسلاما على أبي مسلم الخولاني _. صحيح ابن حبان ج2/ 339 بتصرف
قبض على الوضاح بن خيثمة و أتيا به إلى والي إفريقيا يزيد بن أبي مسلم فقال له الوالي وقد امتلا قلبه حقدا عليه لسبب ما، و الله لأقتلنك و الله لأقتلنك و لو سابقني فيك ملك الموت، _ مسكين هذا الوالي الم يعلم أن الموت والحياة تفرد بها ملك الملوك فلا يشاركه فيها أحد _ ثم دعا بالسيف و النطع فأتي بهما _ وهو يقول والله لأقتلنك وإن سابقني فيك ملك الموت _ و أمر بالوضاح فأقيم على النطع و كتف و قام وراءه رجل بالسيف وأقيمت الصلاة فخرج يزيد إليها فلما سجد أخذته السيوف. ((ذكرالقصة ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان ج6 ص311)) بتصرف.
سبق الموت والي افريقيا فعاش بن خيثمة.
سبحانه له ملك السموات والأرض يحيي و يميت وهو على كل شيء قدير.
و ((القدير)) هو: كامل القدرة، بقدرته أوجد الموجودات، و بقدرته دبرها، و بقدرته سوّاها و أحكمها، و بقدرته يحي و يميت، و يبعث العباد للجزاء، و يجازي المحسن بإحسانه، و المسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئا قال له ((كن فيكون))، و بقدرته يقلب القلوب، و يصرفها على ما يشاء و يريد. ((قاله السعدي رحمه الله في تيسير الكريم ص 902))
فيا سبحان الله القدير على كل شيء، ولا يقدر عليه شيء.
(((فكيف بمن زعم أن الطبيعة قديرة على إنزال المطر واخراج الثمر، أو أن الدهر يهلك و يحي ويدبر ويقضي _تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا _))).تعليق الشيخ عبدالعزيز السدحان حفظه الله
******
سبحانه …. مدح نفسه قبل أن يمدحه المادحون، وأثنى على جلاله قبل أن يثني عليه المثنون، ووصف عظمته قبل أن يصفه الواصفون،
فتمتلئ القلوب بمحبته، والنفوس بعظمته، والأرواح بهيبته،
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.(/)
سؤال عاجل عن آيات قيل بنسخها
ـ[رجاء]ــــــــ[22 Nov 2005, 05:14 م]ـ
أعان الله من أعانني في ذكر آيات ادعي أنها منسوخة
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Nov 2005, 07:59 م]ـ
أختي الفاضلة
تفضلي هنا
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=3000&postcount=1
وأسأل الله أن يجيب دعاءك
ـ[رجاء]ــــــــ[23 Nov 2005, 06:45 م]ـ
جزاك الله خيرا ولكني أريد التي أدعي الاجماع على نسخها وهل صح ومامستنده ياحبذا من كان عنده علم أن يستعجل في الرد(/)
سؤال موجه إلى فضيلة الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
ـ[ garti] ــــــــ[22 Nov 2005, 07:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أثني على جهودك المتميزة في خدمة الدراسات القرءانية، وأرجو أن تفيدني في ضبط وإحصاء مواضع الوقف المتعانق في القرءان الكريم، فقد اطلعت في أحد المواقع على موضوع أطروحة علمية حول الوقف القرءاني أنجزتها للحصول على درجة الدكتوراه، ولك مني الشيخ الفاضل اسمى عبارات التقدير والاحترام.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Nov 2005, 10:09 م]ـ
أخي الكريم
أشكر لكم حسن ظنكم بي، وأسأل الله لي ولكم العون والتسديد.
أخي الكريم
الوقف المتعانق إنما هو في مصاحف المشارقة، وهي على قسمين:
الأول: من تبع وقوف السجاوندي بحذافيرها، وزاد عليها زيادات مستخرجة من كلامه على الوقوف.
الثاني: من جعلها أصلاً له، لكنه زاد عليها ونقص من جهة المواضع أو من جهة رموز الوقف.
وهذه المصاحف فيها خلاف في مواطن الوقف المتعانق، فمصحف المدينة النبوية لا يوجد فيه سوى ستة مواضع، والمصحف المصري يزيد عليه، وكذا المصحف الباكستاني الذي اعتمد وقوف السجاوندي بحذافيرها، وزاد عليها قليلاً.
وليس عندي جمع لها إلا في مصحف المدينة النبوية الذي كان جزءًا من دراستي لوقوف هذا المصحف، وهذه مواطنها:
البقرة، آية 2.
البقرة، آية 195.
المائدة، آية 26.
المائدة، آية: 41.
الأعراف، آية 172.
إبراهيم، آية 9.
ولعل كتاب (كنوز ألطاف البرهان في معرفة رموز أوقاف القرآن، لمحمد الصادق الهندي، يعود إليَّ بعد إعارته، فأذكر لك ما قيده من وقوف التعانق، وهي كثيرة.
ـ[ garti] ــــــــ[29 Nov 2005, 06:19 م]ـ
الشيخ الفاضل الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكرك كثيرا على عنايتك بسؤالي، وكانت رغبتي الاستفادة من تخصصكم في هذا الفن بمعرفة الفروق بين اختلاف المصاحف في الاعتداد بهذا النوع من الوقوف، لأني أشتغل على بحث صغير عبارة عن مقارنة بين الوقف في مصحف المدينة والوقف في المصاحف المغربية الوقف المتعانق نموذجا، وسأمدكم بنسخة منه حين الانتهاء من غنجازه أن شاء الله تعالى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Nov 2005, 09:19 م]ـ
اخي الكريم
أمدكم الله بعون من عنده.
الذي أعلمه أن مصاحف أهل المغرب تعتمد وقوف الهبطي، وله رمز واحد فقط، وهو يكتب هكذا (ص) أو هكذا (صه)، وليس عندهم وقف التعانق.
ووقوف التعانق من قسم الوقف الجائز، لكنه يتميز عنه بالمراقبة في الوقف، بحيث يكون في جملة التعانق احتمال أكثر من معنى، ولا يظهر المعنى إلا بالوقف على الموضع الأول مرة، وعلى الموضع الثاني مرة.
والذي يظهر لي أن وقوف الهبطي لا تحتمل غير الوقف الجائز فقط؛ لأن المراد من وقوفه بيان المواطن التي يصلح عليها الوقف فحسب، وليس عنده نوع آخر من الوقوف، وقد بدا لي أن المغاربة تبعوا شيخهم في القراءة نافع، حيث لم يكن عنده إلا وقف واحد، وهو التمام، وليس التمام عنده قبيل الكافي والحسن، بل مراده ما يصلح الوقف عليه فحسب، وهذا ظاهر باستقراء وقوفاته من خلال كتاب النحاس (القطع والائتناف)، وههنا بحث موازنة، وهو تتبع وقوف نافع والهبطي لمعرفة الموافقة والمخالفة بين وقوف المغاربة ووقف نافع.
وإن كانت بقية مواضع وقوف التعانق في المصاحف الأخرى تعنيك، فلعلي أرسلها لك إن شاء الله تعالى.
أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[30 Nov 2005, 09:59 ص]ـ
الشيخ الموقر أبا عبد الملك:
يبدو أن كتب المتقدمين في الوقف، أو مَن يشير إليه في مصنفه - حسب المتيسر عندي - لا تذكر لفظة (التعانق) وكأني فهمت من كلام ابن الجزري في النشر1/ 331 أنهم يعبِّرون عنه بالمراقبة على التضاد، وقد أشار هو إلى أن اول من نبّه على المراقبة الإمام الأستاذ أبو الفضل الرازي. قال: أخذه من المراقبة في العَروض.
والمراقبة في العروض أشار إليها المتقدمون، فنقل أبو منصورالأزهري (ت 370 هـ) في التهذيب 9/ 130 عن الليث: أن " المراقبة في أجزاء الشعر عند التجزئة بين حرفين، هو أن يسقط أحدُهما ويثبت الآخر، ولا يسقطان جميعًا ولا يثبتان جميعًا، وهو في (مفاعيلن) التي للمضارع لا يجوز أن يتم، وإنما هو مفاعيلُ أو مَفاعِلُنْ".
وقال الضياء الخزرجي في مقصورته الرامزة:
ومَنْعُكَ للضدّينِ مَبْدَأ شطرِ لم ** بأربعِها كلٌّ مراقبةً دعاقال البدر الدماميني في العيون الغامزة 93:
"المراقبة: هي ألا يزاحف السببان المجتمعان ولا يسلمان من الزحاف، بل لابد من مزاحفة أحدهما وسلامة الآخر، وهو مراد الناظم، وذلك أن الضدين هما مزاحفة السببين جميعًا، وسلامتهما جميعًا، فإذا امتنعا لزم مزاحفة أحدهما وسلامة الآخر".
وفي تفعيلة المقتضب (مَفْعُوْلات) يدخها إما الخَبْنُ (حذف الثاني الساكن) وإما الطَّيُّ (حذف الرابع الساكن) فيكون في الخبن: مَعُولات، وتُحوّل إلى: فَعُولات. وفي الطي: مَفْعُلات، فتحوّل إلى: فاعلات.
فمن أول من سمى مثل هذا الوقف المتعانق أو التعانق؟ وهل ذكره المتقدمون بهذا اللفظ؟
وفقكم الله، ونفع بكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Nov 2005, 01:20 م]ـ
أخي الكريم المفيد خالد
لقد قرأت ما كتبته، فنبهتني إلى أمر قد يُوهم، وهو قولهم (مراقبة التضاد)، وليس معناه أن المعنيين الناشئين عن الوقف متضادان، وإنما معناه امتناع الوقف على أحدهما إذا وُقف على الآخر؛ لأنه يكون فيه قطع لجملة من الآية فلا تكون متعلقة بما قبلها أو ما بعدها مع شدة تعلقها بأحدهما، وهذه صورتها:
(ذلك الكتاب لا ريب) وقفه.
(فيه) وقفه.
(هدى للمتقين) وقفه.
وبهذا تكون جملة التعانق أو لفظته منقطعة عما قبلها وما بعدها، وهي لا يمكن أن تكون كذلك.
والصورة الصحيحة كما تعلم:
(ذلك الكتاب لا ريب فيه) (هدى للمتقين)، أو (ذلك الكتاب لا ريب) (فيه هدى للمتقين).
أما أول من سماه وقف المعانقة، فلا أدري الآن، ولعلي أبحث عن ذلك، فكتبي في الوقف معارة، وليس عندي منها ما يشفي ويكفي، ولعلها تعود سريعًا، فأدلك إن كان فيها شيء، والله الموفق.(/)
كيف تُكتَب كلمة " السماوات "؟!!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Nov 2005, 07:38 م]ـ
إخوتي ..
اطلعت على الكثير من الكتب والأبحاث المحكمة التي لم تلتزم الرسم العثماني في كتابة آيات القرآن الكريم تُكتَب فيها كلمة " السَّمَاوَاتِ " هكذا: " السَّمَوَاتِ ".
وحتى منذ وقت قريب حضرت مناقشة أطروحة دكتوراة لأحد الإخوة أثناء المناقشة لم يعترض أحد من المشرفين على ذلك .. رغم أني أحصيت بعد المناقشة عشرات المواضع وبعد سؤاله قال إنه استخدم برنامج القرآن الكريم لشركة صخر (صار اسمها: العالمية ثم حرف) ....
لا أدري هل كل أولئك على حق وأنا مخطئ .. ؟!
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Nov 2005, 11:15 م]ـ
السلام عليكم أخي الكريم:
اسمح لي أن أوضح أمرا في المسألة المطروحة وهو:
الادعاء بأن الباحث الفاضل استخدم برنامج صخر هو يقصد بالطبع برنامج النشر المكتبي للمصحف الشريف وهذا أمر عاري عن الصحة تمامًا فكل ما كتب في هذا البرنامج موافق الرسم العثماني.!!!.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Dec 2005, 05:11 م]ـ
بارك الله بكم
سبحان الله كنت أحدث نفسي أن لا غيركم أخي الكريم سيرد على استفساري
لذا فكنت قد قررت إرسال رسالة بالبريد الخاص
أخي الفاضل ...
أنا أقصد خاصية نقل الآيات الكريمة بالرسم الإملائي الحديث لا الرسم العثماني
وجزاكم الله خيرا
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[02 Dec 2005, 11:32 ص]ـ
السلام عليكم أخي الفاضل جزاك الله خيرا لحسن ظنك بي جاوبتك في المسألة بما عندي فيها وبخصوص جاوز الكتابة بالوجه القياسي ففي المنتدى من هم أجدر مني بالإجابة.
لكن المستقر والمعمول به في إدارة البحوث والتأليف التابعة للأزهر عدم جوازاعتماد أي عمل به ءايات قرءانية غير مكتوبة بالرسم العثماني سواء كانت ءايات أو شواهد منها، على أنه يتساهل فيما لا يدعمه الحاسب الآلي حاليا في جواز كتابة بعض الكلمات الفرشية أو الأصولية من القراءات إملائيا.
هذا ما سمعته من شيخ عموم الإقراء بمصر ورئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف الدكتور أحمد عيسى المعصراوي.(/)
مالمقصود بغريب القرآن، وما الفرق بينه وبين علم التفسير؟؟؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[22 Nov 2005, 10:11 م]ـ
السلام عليكم
اجد كثيرا من المؤلفات التي تحمل اسم غريب القرآن، او تفسير غريب القرآن، وسؤالي هنا
هل هناك فرق بين علم غريب القرآن وعلم التفسير، ام هناك عموم وخصوص بينهما؟؟ ام لافرق فالمسمى لكليهما
ارجو الايضاح وشكر الله لكم؟؟؟
ـ[عبد اللطيف سالم]ــــــــ[22 Nov 2005, 11:25 م]ـ
بسم الله
الحمد لله
كتب الغريب تعنى بمعاني الكلمات المفردة من الناحية اللغوية، وأحيانا من الناحية الاصطلاحية.
أما كتب التفسير فتعني بالمعاني العامة للآيات كجمل مترابطة وتدرس ما ورد في معانيها من آثار.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Nov 2005, 02:03 م]ـ
اللفظُ القرآني ينقسم إلى مُفرداتٍ ومَعَانٍ؛ فالمفردات هي الخطْوة الأولى والمُهمَّةُ لِمعرفة المعاني؛ ولذا قالَ الزركشيُ:" وأولُ ما يجبُ البداءة به منها – أي العلوم اللفظية – تحقيق الألفاظ المفردة، فتحصيل معاني المفردات من ألفاظ القرآن من أوائل المعادن، لمن يريد أنْ يُدْركَ معانيه.
وقد يُطْلَقُ على علمِ مفردات ألفاظ القرآن " غريبُ القرآنِ " ولا يُقصدُ به ما كان غامضَ المعنى دون غيره؛ وإنما مرادهم: تفسير مفردات القرآن عموماً كما يتضحُ ذلك ممن كتَب في الغريب.
وقد أُفْرِدَ فيه المؤلفات ومن أحْسَنِها كتابُ: المفردات للراغب الأصفهاني، ومنْ أوسعها كتابُ: عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي.
وطريقة ترتيب الكتبِ المؤلَّفةِ فيه على نوعين:
إمّا على ترتيب سور القرآن؛ أو على ترتيب حروف المعجم.
كما ضُمِّنَ علمُ الغريبِ ضِمْنَ كُتُبِ المعاني وكتبِ التفسير إذْ لا بُدَّ كما أسْلفتُ لِمعرفَةِ المعنى منْ معرفة اللفظ؛ إذْ إنّ المركَّبَ لا يُعلمُ إلا بعدَ العلمِ بمفرداته.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Nov 2005, 04:30 م]ـ
طالب المعالي
الأمر كما ذكر لك الأخوان، فعلم غريب القرآن جزء من علم التفسير؛ لأن التفسير يقوم على عدد من المعلومات منها علم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم السنة، ... الخ.
وليس كل من علم غريب القرآن استطاع أن يفهم معاني القرآن كلها، وإن كان كثيرٌ منها يُعلم بمعرفة تفسير مفرداته، التي يطلق عليها العلماء مفهوم (غريب القرآن) كما أشار إلى ذلك اخي الدكتور احمد البريدي.
وانظر إلى قوله تعالى: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) لو فسرتها على ظاهرها المتبادر لقلت: يخبر الله أن القرآن المتلو في وقت الفجر مشهود. لكن أن يكون المراد بقرىن الفجر صلاة الفجر، وان يكون الشاهد الحاضر هم الملائكة، فذلك مما لا سبيل لك إلى معرفته إلا بالسنة، وقد ورد ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم (قال (فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح). يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}) رواه البخاري.
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[23 Nov 2005, 07:30 م]ـ
أثابكم الله جميعا وجزاكم خيرا
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 Nov 2005, 06:10 م]ـ
قال الأستاذ أحمد البريدي -وفقه الله-
وقد يُطْلَقُ على علمِ مفردات ألفاظ القرآن " غريبُ القرآنِ " ولا يُقصدُ به ما كان غامضَ المعنى دون غيره؛ وإنما مرادهم: تفسير مفردات القرآن عموماً كما يتضحُ ذلك ممن كتَب في الغريب.
هذه ملاحظة جيدة جدا ... تكشف عن اختلاف مفهوم"الغريب" بحسب اختلاف المجال التداولي:
-ففي المجال اللغوي الأدبي يقصدون ب"الغريب" واحدا من المستويات الثلاث التي تترقى من "السوقي"إلى "الغريب" بتوسط "الجزل" ومن مرادفات "الغريب" عندهم:الوحشي و البدوي ....
-وفي المجال التفسيري يقصدون بالغريب ما أشار إليه الأستاذ أحمد وهو هنا واحد من المستويات الثلاث التي تترقى من الصوتي فالمعجمي فالتركيبي ..... وغريب القرآن هو المعجم مطلقا سواء أكان مألوفا أم غريبا.
ووفق الله جميع الإخوة ....(/)
تقديم المعمول يفيد الحصر هل هي قاعدة مطردة
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[23 Nov 2005, 07:59 ص]ـ
يقول العلماء: تقديم المعمول يفيد الحصر
فهل هذه القاعدة مطردة في كل ما قدم فيه المعمول أم ماذا؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[23 Nov 2005, 10:06 ص]ـ
الذي اعتقده في هذا الجانب من خلال متابعتي لمادة البلاغة القرآنية أن مثل هذه القاعدة أغلبية ويتحكم السياق بالدرجة الاولى في تحديد الدلالة الحقيقية لذلك والله اعلم
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[23 Nov 2005, 07:21 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل
لكن لو كانت هناك قرائن تدفع الحصر المفهوم من تقديم المعمول
فأيهما يقدم؟ هل دلالة القرائن أم دلالة تقديم المعمول على الحصر
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[24 Nov 2005, 08:11 ص]ـ
؟؟؟؟؟؟؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[24 Nov 2005, 01:37 م]ـ
هذه المسألة ذكرها السيوطي - رحمه الله - في الإتقان، ولا أذكر موضعه الآن، لكنه نقل أقول الأئمة كابن الحاجب وأبي حيان وغيرهما في انتقاض القاعدة.
أما سيبويه فقد ذكرأنهم يقدمون ما يُعنون به.
ـ[مرهف]ــــــــ[27 Nov 2005, 05:04 م]ـ
كنت أود أن أنقل لك ما هو مكتوب في البرهان والإتقان ولكن سأنقل رقم الجزء والصفحة والعنوان في هذه المسألة وأنت تراجعها في محله وكلام السيوطي أوسع في هذه المسألة من كلام الزركشي مع أن السيوطي اعتمد على ما في البرهان مع التوسع
انظر النوع الخامس والخمسون في الحصر والاختصاص في الاتقان للسيوطي 2/ 97 في طبعتي التي لم يذكر فيها الدار الناشرة ولا تاريخ النشر
والنوع السادس والأربعون في أساليب القرآن وفنونه البليغة القول في التقديم والتأخيرفي البرهان للزركشي 3/من ص 303 إلى صـ 308.ط دار المعرفة(/)
سؤال عن: أصول التفسير عند الشيعة الإمامية؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[23 Nov 2005, 07:35 م]ـ
السلام عليكم
هل أحد من الأعضاء الكرام اطلع على تفاسير الشيعة؟؟؟
اريد اهم مبادئهم في التفسير، ومناهجهم فيه، مع التمثيل بمثال؟؟
وحبذا لو أفادنا أحد الإخوة بمنهج صاحب كتاب (الأصفى) والصافي للكاشاني في تفسيره؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Nov 2005, 09:31 م]ـ
أسئلتكم أخي الحبيب - ومنها هذا السؤال - تحتاج إلى بحث ودراسة طويلين، ولا يكفي فيها الجواب المبتسر المختصر. فليتك تراجع المراجع والمصادر التي عنيت بتفاسير الشيعة حتى تستفيد. فإن الجواب إذا جاءك دون عناء لم يكن له عندك قيمة، ولم يبق في ذهنك منه بقية على المدى الطويل، فابحث في كتب علوم القرآن عند الشيعة وهي كثيرة جداً وإن لم تكن متاحة للجميع، والمكتبات العامة توفر شيئاً منها في القاعات محدودة الاطلاع.
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[26 Nov 2005, 08:12 م]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم
هل هناك كتب تباع في المكتبات تخص هذا الصدد؟
وانا بانتظار ردك ولو بعد حين
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[26 Nov 2005, 09:00 م]ـ
انظر في التفسير والمفسرون للذهبي2/ 42 - 232
وقد نقل عن الخوانساري في روضاته في صاحب الصافي كلامًا تجده ثَمّ.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 10:11 م]ـ
من الكتب المفيدة التي يمكنك الاستفادة منها أخي العزيز طالب المعالي وفقك الله لكل خير كتاب:
منهج القمي في تفسيره: دراسة وتقويم
للأستاذ الدكتور زيد عمر عبدالله
الأستاذ بكلية التربية - جامعة الملك سعودفقد تناول فيه باختصار منهج الشيعة الإمامية في التفسير. وسأنقل لك بشيء من التصرف ما ذكره تحت عنوان:
أصول التفسير عند الشيعةللشيعة الإمامية منهج خاص في التفسير يقوم على عدد من الأصول المنبثقة من الأصول العامة للمذهب. ويمكن للباحث في كتب التفسير عند الشيعة، ومن يديم النظر فيها، أن يستخلص عدداً من الأصول والمرتكزات التي يقوم عليها تفسيرهم، وسأعرض لها بشيء من الاختصار:
الأصل الأول: حَصْرُ تفسير القرآن الكريم في الأئمة فقط.
فإن عامة مفسري الشيعة يرون أن تأويل القرآن محصور في الأئمة، كما كان كامل التنزيل محصوراً فيهم، والقرآن نزل في بيتهم، وأهل البيت أدرى بما فيه.
يقول صاحب تفسير الصافي في مقدمته مقرراً هذا الأصل: (ومَنْ عسى يبلغُ علمهم بمعالم التنزيل والتأويل وفي بيوتهم كان ينزل جبريل؟ وهي البيوت التي أذن الله أن ترفع، فعنهم يؤخذ، ومنهم يسمع، إذ أن أهل البيت بما في البيت أدرى، والمخاطبون بما خوطبوا به أوعى .. فكل ما لا يخرج من بيتهم فلا تعويل عليه) [تفسير الصافي ½ نقلاً عن التفسير والمفسرون 2/ 149 للذهبي].
وقد أشار القمي في تفسيره لهذا الأصل حين نسب إلى جعفر قوله: (والقرآن ضرب فيه الأمثال للناس وخاطب الله نبيه به ونحن، فليس يعلمه غيرنا) [تفسير القمي 2/ 424] وذكر صاحب التبيان أن الآثار المتواترة تدل على حصر التفسير في الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة [التبيان في تفسير القرآن للطوسي 1/ 4].
ويعلل كاشف الغطاء سبب هذا الحصر فيقول: (إن حكمة التشريع اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة، ولكنه سلام الله عليه أودعها عند أوصيائه، وكل وصي يعهد به إلى الآخر لينشره في الوقت المناسب) [أصل الشيعة وأصولها 76 - 77]
وهذا يستلزم أن لا يشاركهم أحد في فهم كتاب الله، ومحاولة استنباط الأحكام منه، لأنهم المكلفون من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان ما تضمنه القرآن من أحكام.
ويكشف أحد دعاة الإصلاح الشيعة عن شيء من التلازم القائم بين وجوب الرجوع لأقول الأئمة فقط، ومنها أقوالهم في التفسير وبين القول بعصمة الأئمة، فيقول: (إن العصمة التي نسبت إلى الأئمة كان الغرض منها تثبيت تلك الروايات الكاذبة التي تتنافى مع العقل والمنطق، والتي نسبت إلى الإمام كي يسد باب النقاش في محتواها على العقلاء والأذكياء، ويرغم الناس على قبولها لأنها صدرت من معصومٍ لا يخطئ) [الشيعة والتصحيح 81 - 82 للموسوي].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أن حصر تفسير القرآن في الأئمة، والقول بوجوب الأخذ بأقوالهم يستلزم الاعتقاد بعصمتهم، كما يؤدي إلى نسبة كثير من الروايات الواردة في التفسير إليهم لإضفاء الشرعية عليها، وسنرى هذا في دراستنا هذه.
الأصل الثاني:إسقاط أقوال الصحابة والتابعين في التفسير.
وهذا الأصل منبثق عن الأصل الأول وثمرة له، فما دام تفسير القرآن محصوراً في الأئمة فلا قيمة لتفسير غيرهم أياً كان، بخاصة إذا كان هؤلاء هم الصحابة الكرام المهتمين بتحريف القرآن عند الشيعة.
إن عامة مفسري الشيعة مجمعون على إسقاط أقوال الصحابة والتابعين في التفسير، وإن كانت قد اختلفت تعليلاتهم لهذا التوجه.
صاحب تفسير الصافي يعيد السبب إلى أن أكثر الصحابة كانوا يبطنون النفاق، في حين يسقط الطباطبائي صاحب (الميزان في تفسير القرآن) أقوال الصحابة والتابعين لكثرة ما فيها من الخلط والتناقش – كما يتوهم – إذ يقول: (وأما الروايات الواردة عن مفسري الصحابة والتابعين فإنها على ما فيها من الخلط والتناقش لا حجة فيها على مسلم) [الميزان في تفسير القرآن 1/ 13].
أما كاشف الغطاء فيرى أنها لا تساوي عندهم مقدار بعوضة [أصل الشيعة وأصولها 79] إلا في القليل النادر، ولهذا أسبابه التي يسهل تلمسها، فإذا كان القول المنسوب إليهم يخدم قضية متنازعاً عليها بين السنة والشيعة، وهذه الأقوال تؤيد قول الشيعة، أو قضية متفقاً عليها – على قلتها – مثل فضل عليّ، رأيت مفسري الشيعة يذكرون هذه الأقوال من باب (من فمك أدينك).
وقد فعل هذا غير واحد من، منهم الطباطبائي عندما ساق في تفسيره أقوال بعض الصحابة والتابعين في إباحة نكاح المتعة [الميزان 4/ 271] وهو الذي ذكر آنفاً أن ليس في أقوالهم حجة على أحد.
وقد يكون ذكر أقوال الصحابة والتابعين في تفاسير الشيعة من باب المداراة والتقية، بخاصة إذا كان صاحب هذا التفسير على صلة ببعض أعيان أهل السنة، كما هو الحال مع أبي جعفر الطوسي (ت460) [كان أبو جعفر الطوسي مقدماً عند حكام بغداد في عصره، ويعد من أعيانها]. صاحب (التبيان في تفسير القرآن)، الذي ذكرنا أنه يحصر التفسير في أهل العصمة فقط، مع أنه أورد أقوالاً للصحابة والتابعين في تفسيره.
يكشف النوري الطبرسي عن السبب الذي جعل الطوسي ينهج هذا المنهج المخالف للأصول التي يؤمن بها فيقول: (لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين، فإنك تراه اقتصر في تفسير الآيات على نقل كلام الحسن، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن جريج، والجبائي، والزجاج، وابن زيد، وأمثالهم، ولم ينقل من مفسري الإمامية، ولم يذكر خبراً عن أحد من الأئمة عليهم السلام إلا قليلاً) [فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ص 34].
فقد عد الطبرسي مجرد ذكر بعض أقوال التابعين في التفسير مداراة ومجاملة، بالرغم من أن كلامه عن تفسير التبيان فيه مبالغة واضحة، ويلحظ هذا من يقرأ في التبيان الذي لم يخرج صاحبه كثيراً عن أصول التفسير عندهم [فعلى سبيل المثال يرى الطوسي أن تحديد المراد باللفظ المشترك المتحمل للمعنيين لا يجوز إلا بقول نبي أو إمام معصوم، وهذا إهمال واضح لقول غيرهم، ومساواة لأقوال الأئمة بقول الرسول. انظر: التبيان 9/ 326] إلا أنه أورد – كما أسلفنا – بعض أقوال التابعين في التفسير.
وقد سار القمي على هذا المنهج فأهمل أقوال الصحابة والتابعين في التفسير ولم يعرض لأقوالهم بحال كما سنرى.
الأصل الثالث: القول بأن للقرآن ظهراً وبطناً.
لقد روى مفسرو الشيعة في هذا المعنى روايات كثيرة عن الأئمة تدل بمجموعها على أن للقرآن معنى ظاهراً ومعنى باطناً لا يعرفه إلا الأئمة، من أشهرها ما رواه جابر الجعفي عن أبي جعفر أنه قال: يا جابر إن للقرآن بطناً وللبطن بطن، وظهراً وللظهر ظهر [الميزان للطباطبائي 3/ 73].
وهناك تلازم واضح بين هذا الأصل والأصل الأول عندهم، فقد حصروا التفسير في الأئمة حتى لا يفتح المجال أمام الطوائف الأخرى، فتقول في بطن القرآن ما تشاء من أقوال، وعندها يصبح الشيعة وغيرهم في القول بالباطن سواء، فليس قولهم في باطن القرآن بأولى من قول غيرهم، وهذا يكشف عن التلازم بين أصول التفسير عند الشيعة.
الأصل الرابع: أسلوب الجَرْي.
(يُتْبَعُ)
(/)
من مرتكزات التفسير عند مفسري الشيعة قاطبة أن القرآن الكريم نزل في الأئمة وأعدائهم، وفي ضوء هذا المعتقد وجه مفسرو الشيعة الآيات القرآنية، فإن ذكرت قوماً سابقين بخير فالمراد بهم الأئمة وأتباعهم وهكذا.
وقد رووا عن أبي جعفر ما يسوغ لهم هذا المنهج حين نقلوا عنه قوله: (إذا سمعت الله ذكر قوماً من هذه الأمة بخير فنحن هم، وإذا سمعت الله ذكر قوماً بسوء ممن مضى فهم عدونا) [تفسير الصافي 1/ 6 نقلاً عن التفسير والمفسرون 1/ 156].
ويرى الطباطبائي المفسر أن الأئمة هم الذين وجهوا أتباعهم للعمل بهذا الأصل [الميزان1/ 41 - 42]، فقد قال في مقدمة تفسيره: (واعلم أنَّ الجَرْيَ – وكثيراً ما نستعمله في هذا الكتاب – اصطلاحٌ مأخوذٌ من قول أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأضاف أن روايات الجري في تطبيق الآيات على الأئمة وعلى أعدائهم كثيرة منتشرة في الأبواب المختلفة)، الذي فتح المجال أمام مفسري الشيعة ليوجهوا الآيات القرآنية حسب أهوائهم معتمدين على هذا الأصل.
لقد أخذ عامة مفسري الشيعة بهذا الأصل الذي يعد من ابتكاراتهم؛ إذ أني لم أر أحداً من مفسري الطوائف الأخرى أشار إليه، أو عمل به، والقمي في طليعته من نثره في تفسيره وتوسع في حمل الآيات عليه، فقد ذكره عند قوله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} [الجاثية 23] حيث قال: (نزلت في قريش وجرت بعد رسول الله عليه وسلم في الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام واتخذوا إماماً بأهوائهم) [تفسير القمي 2/ 269].
الأصل الخامس: القول بتحريف القرآن.
ويمكن أن نضيف إلى هذه الأصول أصلاً خامساً وهو القول بأن القرآن ناقص ومحرف، فإن غالبية مفسري الشيعة ذكروا هذا في مقدمات تفاسيرهم – وفي مقدمتهم القمي – وفسروا كثيراً من الآيات بناء على هذا المعتقد، وكان له أثر واضح في تفاسيرهم بعامة، وسأفرد مبحثاً مستقلاً لهذا الأصل عند الحديث عن منهج القمي.
ويذكرون أيضاً العقل في هذا المقام ويعدونه أصلاً من أصول التفسير عندهم [انظر: تفسير الكاشف لجواد مغنية 1/ 51]، ولا أخفي أنني لم أجد أثراً قط للعقل في تفسير القمي كما سنرى.
وقد تأثر مفسرو الشيعة بالجانب السلبي للعقل حين تابعوا المعتزلة في تحريف آيات الصفات.
هذه هي أصول التفسير عند الشيعة عرضت لها بما يتسع له المقام ويلحظها القارئ في تفاسيرهم مع شيء من التأمل على تفاوت بينها في الأسلوب والعرض.
انظر كتاب: منهج القمي في تفسيره للدكتور زيد عمر عبدالله 22 - 30
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[03 Dec 2005, 10:33 م]ـ
أثابك الله ونفع بعلمك
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[14 Aug 2006, 11:59 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن على هذه الإفادة.
وأضيف إلى ما سبق أصلاً مهماً - وإن لم يصرح به أكثرهم - هو تأويل ظاهر القرآن تأثراً بمناطاتهم العقدية. فمثلا، من العقائد الإمامية المهمة عصمة الأنبياء من كل الصغائر والكبائر حتى من الخطأ والسهو والنسيان (في غير الوحي وتبليغه)، وبرءاتهم من كل خارم للمروءة [1].
وتأثرا بهذا أولو آيات كثيرة منها قوله تعالى عن موسى (فوكزه موسى فقضى عليه) قالوا أي أن الله قضى على ذلك الموكوز بالموت، لا أن موسى قضى على الرجل لأن النبي لا يخطيء فضلاً عن أن يذنب. وقال بعضهم في قوله تعالى (فهم بها وهمت به) أي هم بها أن يضربها. والأمثلة كثيرة ومبعثها هنا مجموعة اعتقادات الإمامية فهي بمنزلة النافذة التي يرون بها الحقائق الوجودية، ولكن بئست النافذة ما أكثر الغبار والوسخ المتراكم عليها.
=================
[1] وهي مسألة مبسوطة في كتب الأصول، مبحث جواز وقوع الصغائر من الأنبياء.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[21 May 2009, 06:17 ص]ـ
يمكن الاستفادة من كتاب " قواعد التفسير لدى الشيعة والسنة " لمحمد فاكر الميبدي
وهو مطبوع في المجمع العلمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران
ويقع في 472 صفحة
وعليه نقد في موقع وكالة أنباء فارس على هذا الرابط
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=8802081170
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[21 May 2009, 08:09 ص]ـ
منزلة تفسيري "التبيان", و"مجمع البيان" بين تفاسير الشيعة ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=11707&mode=linear#post11707)
ـ[ناصر محمد حسان]ــــــــ[13 Aug 2009, 05:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نهتدي ونستعين
و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدي بهديه واستن بسنته الي يوم الدين ....... أما بعد
حيَ الله جميع الإخوة الفضلاء ومتعكم الله بالصحة والعافية
أولا أشكر أستاذنا الفاضل د / عبدالرحمن الشهري علي هذه المعلومات القيمه عن الشيعة ومنهجهم المحرف في التفسير وكذلك أشكر أخانا عبد الله الشهري
وأنبه علي خطأ أكيد غير مقصود في مشاركة أخونا عبد الله الشهري وهو: ـ
وقال بعضهم في قوله تعالى (فهم بها وهمت به) والصواب قوله تعالي: (ولقد همت به وهم بها للولا أن رأي برهان ربه .......... الآية
التوقيع / (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) ناصر محمد حسان(/)
المثل القرآني لتحقير معبودات الكافرين
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[24 Nov 2005, 01:37 م]ـ
جعفر السبحاني
المثل القرآني لتحقير معبودات الكافرين
قال سبحانه: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين * الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) البقرة/ 26 - 27.
- تفسير الآيات:
الحياء تغيّر وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يعاب به ويُذمّ، يقال: فلان يستحي أن يفعل كذا، أي أن نفسه تنقبض عن فعله.
فعلى هذا فالحياء من مقولة الانفعال، فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنه لا يجوز عليه التغير والخوف والذم؟
الجواب: ان إسناد الحياء كإسناد الغضب والرضا إلى الله سبحانه، فإنها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة، ويؤخذ بنتائجها، وقد اشتهر قولهم: (خذوا الغايات واتركوا المبادئ) فالحياء يصد الانسان عن إبراز ما يضمره من الكلام، والله سبحانه ينفي النتيجة، أي لا يمنعه شيء عن إبراز ما هو حق، قال سبحانه: (فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق) الأحزاب/ 53.
وأما ضرب المثل فهو أن لاستخدام كلمة (ضرب المثل) في التمثيل بالأمثال وجوهاً:
منها: أن ضرب المثل في الكلام يذكر لحال ما يناسبها، فيظهر من حسنها أو قبحها ما كان خفياً، وهو مأخوذ من ضرب الدراهم، وهو حدوث أثر خاص فيها، كأن ضرب المثل يقرع به أذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه، ولا يظهر التأثير في النفس بتحقير شيء وتقبيحه إلا بتشبيهه بما جرى العرف بتحقيره ونفور النفوس منه.
البعوضة: حيوان حقير يشبه خرطومه خرطوم الفيل، أجوف وله قوة ماصة تسحب الدم، وقد منح الله سبحانه هذا الحيوان قوة هضم ودفع كما منحه أذناً وأجنحة تتناسب تماماً مع وضع معيشته، وتتمتع بحساسية فائقة، فهي تفر بمهارة عجيبة حين شعورها بالخطر، وهي مع صغرها وضعفها يعجز عن دفعها كبار الحيوانات. وقد اكتشف علماء الحيوان مؤخراً ان البعوضة قادرة على تشخيص فريستها من مسافة تقرب عن 65 كيلومتراً.
يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) بشأن خلقة هذا الحيوان الصغير: (إنما ضرب الله المثل بالبعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين، فأراد الله سبحانه أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب صنعته).
إلى هنا تم تفسير مفردات الآية، وما تفسير الآية برمتها فقد نقل المفسرون في سبب نزولها وجهين:
الأول: ان الله تعالى لما ضرب المثلين قبل هذه الآية للمنافقين، أعني قوله: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً) وقوله: (أو كصيّب من السماء) قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
الثاني: انه سبحانه لما ضرب المثل بالذباب والعنكبوت تكلم فيه قوم من المشركين وعابوا ذكره، فأنزل الله هذه الآية.
ولا يخفى ضعف الوجه الأول، فإن المنافقين لم ينكروا ضرب المثل، وإنما أنكروا المثلين اللذين مثّل بهما سبحانه حال المنافقين، وعند ذلك لا يكون التمثيل بالبعوضة جواباً لرد استنكارهم، لأنهم أنكروا المثلين اللذين وردا في حقهما، فلا يكون عدم استحيائه سبحانه من التمثيل بالبعوضة رداً على اعتراضهم.
وأما الثاني، فقد ورد ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في مكة المكرمة، لأن الأول ورد في سورة الحج وهي سورة مكية، والآخر ورد في سورة العنكبوت وهي أيضاً كذلك. وهذه الآية نزلت في المدينة، فكيف تكون الآية النازلة في مهجر النبي (ص) جواباً على اعتراض المشركين في موطنه؟
وعلى كل تقدير فالآية بصدد بيان أن الملاك في صحة التمثيل ليس ثقل ما مثّل به أو كبره، فلا التمثيل بالبعوضة عيب ولا التمثيل بالإبل والفيل كمال، وإنما الكمال أن يكون المثل مبيناً لحقيقة وواقعة غفل عنها المخاطب من دون فرق بين كون الممثل صغيراً أو كبيراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعبارة أخرى: إذا كان الغرض التأثير فالبلاغة تقضي بأن تضرب الأمثال لما يراد تحقيره بحقيرها ولما يراد التنفير بما اعتادت النفوس النفور منها، فالملاك هو كون المثل مفيداً لما يريد المتكلم تحقيقه، من غير فرق بين حقير الأشياء وكبيرها، وهو سبحانه يشير إلى ذلك المعنى بقوله: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة) (بل) فوقها في الصغر كالجراثيم التي لا ترى إلا بالمجهر، كما تقول: فلان لا يبالي أن يبخل بنصف درهم فما فوقه أي مما فوقه في القلة.
ولو أريد ما فوقه في الكثرة يقول مكانه (فضلاً عن الدرهم والدرهمين).
فما في كلام بعض المستشرقين من أن الصحيح أن يقول (فما دونه) غير تام. للفرق بين قوله: (فما فوقه) وقوله (فضلاً) والأول بقرينة المقام بمعنى فما فوقه في الصغر والحقارة لا بمعنى (فضلاً).
وربما تفسر الآية بأنه لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها في الكبر، ولكن الأول هو الأوفق لمقصود المتكلم. كما يقال عند لوم المتجري: بأنك تقترف جريمة لأجل دينار بل فوقه، أي نصف دينار، والمراد من الفوقية هو الفوقية في الحقارة.
وقد أورد الزمخشري على نفسه سؤالاً، وهو: كيف يضرب الله المثل لما دون البعوضة وهي في النهاية في الصغر؟ ثم أجاب:
إن جناح البعوضة أقل منها وأصغر بدرجات، وقد ضربه رسول الله (ص) مثلاً للدنيا، وفي خلق الله حيوان أصغر منها ومن جناحها ربما رأيت في تضاعيف الكتب العتيقة دويبة لا يكاد يجليها للبصر الحاد إلا تحركها فإذا سكنت، فالسكون يواريها، ثم إذا لوحت لها بيدك حادت عنها وتجنبت مضرتها، فسبحان مَن يدرك صورة تلك وأعضاءها الظاهرة والباطنة، وتفاصيل خلقتها، ويبصر بصرها، ويطلع على ضميرها، ولعل في خلقه ما هو أصغر منها وأصغر سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون.
وقال البيضاوي: لما كانت الآيات السابقة متضمنة لأنواع من التمثيل عقب ذلك ببيان حسنه، وما هو الحق له والشرط فيه، وهو أن يكون على وفق الممثل له من الجهة التي تعلق بها التمثيل في العظم والصغر، والخسة والشرف، دون الممثل، فان التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعنى الممثل له، ورفع الحجاب عنه وإبرازه في صورة المشاهد المحسوس، ليساعد فيه الوهم العقل ويصالحه عليه، فان المعنى الصرف إنما يدركه العقل مع منازعة من الوهم، لأن من طبعه الميل إلى الحس وحب المحاكاة، ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية وفشت في عبارات البلغاء، وإشارات الحكماء، فيمثل الحقير بالحقير كما يمثل العظيم بالعظيم، وإن كان المثل أعظم من كل عظيم، كما مثل في الإنجيل على الصدور بالنخالة، والقلوب القاسية، بالحصاة، ومخاطبة السفهاء، بإثارة الزنابير، وجاء في كلام العرب: أسمع من قراد، وأطيش من فراشة، وأعز من مخ البعوض.
وربما يتصور أن التمثيل بالأشياء الحقيرة الخسيسة لا يليق بكلام الفصحاء، وعلى هذا فالقرآن المشتمل على النمل والذباب والعنكبوت والنحل لا يكون فصيحاً فضلاً عن كونه معجزاً.
وأجاب عنه صدر المتألهين الشيرازي (المتوفى عام 1050هـ) بقوله: إن الحقارة لا تنافي التمثيل بها، إذا شرط في المثال أن يكون على وفق الممثل له من الجهة التي يستدعي التمثيل به كالعظم والحقارة، والشرف والخساسة، لا على وفق مَن يوقع التمثيل ويضرب المثال لأن الغرض الأصلي منه إيضاح المعنى المعقول، وإزالة الخفاء عند إبرازه في صورة المشاهد الحسوس، ليساعد فيه الوهم العقل ولا يزاحمه، فان العقل الانساني ما دام تعلقه بهذه القوى الحسية لا يمكنه إدراك روح المعنى مجرداً عن مزاحمة الوهم ومحاكاته، لأن من طبعه كالشياطين الدعابة في التخييل وعدم الثبات على صورة.
ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية، وفشت في عبارات الفصحاء من العرب وغيرهم، وكثرت في إشارات الحكماء ومرموزاتهم، وصحف الأوائل ومسفوراتهم، تتميماً للتخيل بالحس، فهناك يضاعف في التمثيل، حيث يمثل أولاً المعقول بالمتخيل، ثم يمثل المتخيل بالمرسوم المحسوس المهندس المشكل.
ثم إنه سبحانه يذكر أن الناس أمام الأمثال على قسمين:
المؤمنون: وهم الذين قال سبحانه في حقهم: (فأما الذين آمنوا فيعلمون انه الحق من ربهم).
(يُتْبَعُ)
(/)
الكافرون: وهم الذين قال سبحانه في حقهم: (وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً). والظاهر أن قولهم (أراد الله) كان على سبيل الاستهزاء بادعاء الرسول أن المثل وحي منزل من الله، وإلا فان الكافرين والمنافقين كانوا ينكرون الوحي أصلاً.
ولا غرو في أن يكون شيء سبب الهداية لطائفة وسبب الضلال لطائفة أخرى، وما هذا إلا لأجل اختلاف القابليات، فمن استعد لقبول الحق والحقيقة فتصبح الآيات الإلهية سبب الهداية، وأما الطائفة الأخرى المعاندون الذين صمّوا مسامعهم عن سماع كلمة الحق وآياته فينكرون الآيات ويكفرون بذلك.
ثم إن الظاهر أن قوله سبحانه: (يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين) من كلامه سبحانه، ولا صلة له بكلام المنكرين، بل تم كلامه بقوله: (بها مثلاً) وهو ان الأمثال تؤثر في قوم دون قوم.
ثم إنه يعلل إضلال غير المؤمنين بفسقهم ويقول: (وما يضل به إلا الفاسقين)، والفسق: عبارة عن خروج النواة من التمر، وفي الاصطلاح: مَن خرج عن طاعة الله، سواء أكان مسلماً متجرياً أو كافراً فاسقاً.
وقد أطنب المفسرون الكلام في مفاد الجملة الأخيرة أعني: (يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً) فربما يتوهم أن الآية بصدد الاشارة إلى الخبر، فحاولوا تفسير الآية بشكل يتلاءم مع الاختيار، وقد عرفت أن الحق هو أن الآية بصدد بيان أن المواعظ الشافية والكلمات الحِكَمية لها تأثير معاكس فيؤثر في القلوب المستعدة تأثيراً إيجابياً وفي العقول المنتكسة تأثيراً سلبياً.
هذا هو تفسير الآية.
وربما يحتمل أن الآية ليست بصدد بيان ضرب المثل بالبعوضة كضربه بالعنكبوت والذباب، بل الآية خارجة عن نطاق ضرب المثل بالمعنى المصطلح، وإنما الآية بصدد بيان قدرته وعظمته وصفاته الجمالية والجلالية، والآية بصدد بيان أن الله سبحانه لا يستحيي أن يستدل على قدرته وكماله وجماله بخلق من مخلوقاته سواء أكان كبيراً وعظيماً كالسماوات والأرض، أو صغيراً وحقيراً كالبعوضة والذباب، فمعنى ضرب المثل هو وصفه سبحانه بصفات الجلال أو الكمال.
ويدل على ذلك أنه سبحانه استدل على جلاله وكماله بخلق السماوات والأرض وقال: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون) البقرة/ 21 - 22.
يلاحظ على تلك النظرية بأمرين:
أولاً: لو كان المراد من ضرب المثل وصفه سبحانه بالقدرة العظيمة لكان اللازم أن يأتي بالآية بعد هاتين الآيتين مع أنه فصل بينهما بآيات ثلاث تركز على إعجاز القرآن والتحدي به، ثم التركيز على الجنة وثمارها كما هو معلوم لمن راجع المصحف الكريم.
وثانياً: ان القرآن يفسر بعضه بعضاً، فقد جاء قوله: (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم) في سورة الرعد بعد تشبيه الحق والباطل بمثل رائع، قال سبحانه: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها .. ) إلى أن قال: (كذلك يضرب الله الأمثال) ثم قال: (أفمن يعلم إنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب * الذين يوفون بعهد اله ولا ينقضون الميثاق) الرعد/ 17 - 20.
تجد ان الآيات في سورتي البقرة والرعد كسبيكة واحدة يفسر بعضها البعض.
ففي سورة البقرة ذكر ضرب المثل بالبعوضة، كما ضرب في سورة الرعد مثلاً للحق والباطل.
ففي سورة البقرة قال سبحانه: (وأما الذين آمنوا فيعلمون انه الحق من ربهم).
وفي سورة الرعد قال سبحانه: (أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب).
وفي سورة البقرة قال: (وما يضل به إلا الفاسقين)، وفسّره بقوله: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه .. ) الخ.
وفي سورة الرعد، فسّر أولي الألباب بقوله: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) الرعد/ 20.
فبمقارنة هذه الآيات يعلم أن المراد من ضرب المثل هو المعنى المعروف أي التمثيل بالبعوضة لتحقير معبوداتهم أو ما يشبه ذلك.
نعم، ما نقلناه عن الإمام الصادق (ع) ربما يؤيد ذلك الوجه كما مرّ، فتدبّر.
*المصدر: الامثال في القران الكريم
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 Nov 2005, 08:22 ص]ـ
جعفر السبحاني: المثل القرآني لتحقير معبودات الكافرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: جعفر هذا شيعي وجائز الاستماع إليه مع وجوب الحذر منه.
قال الشيعي: الحياء تغيّر وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يعاب به ويُذمّ، ... فعلى هذا فالحياء من مقولة الانفعال، فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنه لا يجوز عليه التغير والخوف والذم؟
الجواب: ان إسناد الحياء كإسناد الغضب والرضا إلى الله سبحانه، فإنها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة، ويؤخذ بنتائجها، وقد اشتهر قولهم: (خذوا الغايات واتركوا المبادئ).
قلت: استشكاله وجوابه مخرجان على مذهب الشيعة في التعطيل.وقد اقترف الرجل الخطأ المعروف عند المعطلة في توجيههم لأسماء الله وصفاته وصورة الخطأ –المحتوي على أخطاء-على النحو التالي:
-فصل الفعل أو الصفة عن الفاعل المسند إليه ... هذا الخطأ أول مولد كل الأخطاء.
-إسناد ذلك الفعل المنتزع من سياقه أو الصفة إلى فاعل آخر (هو الانسان) هذا الثاني.
-الكر على الفعل أو الصفة بالتعطيل أو التحريف هذا الثالث تبعا للثاني.
هذا المسار ثابت عند جميعهم (شيعة ومعتزلة وأشعرية ...... )
تطبيقه عند الشيعي في تفسيره ل:" إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها":
عمد إلى جملة" يستحي" ففصل فعل استحيى عن الفاعل المسند إليه وهو الله تعالى. أطلقه وفهمه مطلقا فقال: الحياء تغيّر وانكسار. ثم خصصه ففهمه خاصا بالانسان فقال:" ... .. يعتري الانسان من تخوف ما يعاب به ويُذمّ، يقال: فلان يستحي أن يفعل كذا، ..... "
وكل هذا تحريف محض: فالله تعالى يفهمنا:"إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما ...... "وهم يفهمون:"إن الانسان لا يستحيي أن .... "
وبعد أن زور الشيعي المسند إليه ..... قفل راجعا ليزور المسند أيضا هروبا من حمأة التشبيه التي تلطخ فيها فقال:" فإنها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة، ويؤخذ بنتائجها، وقد اشتهر قولهم: (خذوا الغايات واتركوا المبادئ)." .... فالفعل عنده هو نتيجته وليس نفسه. ومعنىالسبب هو معنى الغاية (لا أدري ماذا يقول منطق المظفر في هذه النازلة) ....
ثم قال الشيعي: "فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنه لا يجوز عليه التغير ...... "
ولعله نسي أن قومه يقولون بالبداء وهو من أقبح صور التغير ...... وليس كلامنا فيه الآن.
قال جعفر السحباني:" وهو مأخوذ من ضرب الدراهم، وهو حدوث أثر خاص فيها، كأن ضرب المثل يقرع به أذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه، ..... "
قلت:قوله مأخوذ من ضرب الدراهم قريب بل جيد ..... لكن تعليله لوجه الشبه ضعيف. فضرب المثل في القرآن يقترن عند التعدية باللام كما في هذه الآيات:
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} (32) سورة الكهف
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ} (13) سورة يس
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (78) سورة يس
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17) سورة الزخرف
{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} (59) سورة الزخرف
فالملحوظ هو توجيه المثل" إلى" الانسان لا ترسيخه "في"ه. فضلا عن استحالة المعنى الذي فهمه المفسر الشيعي في آية يس 78 وآية الزخرف.تذكروا قوله: كأن ضرب المثل يقرع به أذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه، ..... " ..
لكن المعنى الراجح هو تشبيه المثل بالدرهم من حيث التعامل به لا من حيث ما ينتقش فيه. وهذا واضح في وظيفة المثل: يستفيد منه الإنسان ثم يأخذه غيره ليستفيد منه وهكذا يتداول وينتقل من جيل الى جيل تماما كالدرهم المضروب: يستفيد منه كل مع ثبات قيمته فيه.
قال جعفر السحباني: يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) بشأن خلقة هذا الحيوان الصغير: (إنما ضرب الله المثل بالبعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين)
قلت: علم ذلك عند ربي في كتاب.
قال الشيعي:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو سبحانه يشير إلى ذلك المعنى بقوله: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة) (بل) فوقها في الصغر كالجراثيم التي لا ترى إلا بالمجهر،.
قلت: كلامه يناقش في موضعين:
لقد فهم الشيعي "الفاء" مرادفة ل"بل" ...... وهذا خطأ محض لأن الأولى من الواصلات العطفية والثانية من الفاصلات .... فكيف ترادفتا؟؟
بل الصواب ما قاله الطبري:
دخول الفاء في ما الثانية .... كما قالت العرب: "مطرنا ما زبالة فالثعلبية "و" له عشرون ما ناقة فجملا" و" هي أحسن الناس ما قرنا فقدما" يعنون: ما بين قرنها إلى قدمها وكذلك يقولون في كل ما حسن فيه من الكلام دخول: ما بين كذا إلى كذا ينصبون الأول والثاني ليدل النصب فيهما على المحذوف من الكلام فكذلك ذلك في قوله: {ما بعوضة فما فوقها}
أما الموضع الثاني فهو فهمه أن "فما فوقها"تعني ما هو أصغر ... وقد وصف الطبري هذا الفهم ب"خلاف تأويل أهل العلم الذين ترتضى معرفتهم بتأويل القران" وهذا كلامه:
وأما تأويل قوله {فما فوقها}: فما هو أعظم منها عندي لما ذكرنا قبل من قول قتادة و ابن جريج: أن البعوضة أضعف خلق الله فإذ كانت أضعف خلق الله فهي نهاية في القلة والضعف وإذ كانت كذلك فلا شك أن ما فوق أضعف الأشياء لا يكون إلا أقوى منه فقد يجب أن يكون المعنى على ما قالاه فما فوقها في العظم والكبر إذ كانت البعوضة نهاية في الضعف والقلة.
وقيل في تأويل قوله {فما فوقها} في الصغر والقلة كما يقال في الرجل يذكره الذاكر فيصفه باللؤم والشح فيقول السامع: نعم وفوق ذاك يعني فوق الذي وصفت في الشح واللؤم وهذا قول خلاف تأويل أهل العلم الذين ترتضى معرفتهم بتأويل القران.
لكن للإنصاف نشير إلى أن غير الطبري من المفسرين ذكروا القولين معا بدون نكير:
قال ابن كثير:
قوله تعالى: {فما فوقها} فيه قولان: أحدهما فما دونها في الصغر والحقارة كما إذا وصف رجل باللؤم والشح فيقول السامع نعم وهو فوق ذلك ـ يعني فيما وصفت ـ وهذا قول الكسائي وأبي عبيد قاله الرازي وأكثر المحققين وفي الحديث [لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة لما سقى كافرا منها شربة ماء] والثاني: فما فوقها لما هو أكبر منها لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة وهذا قول قتادة بن دعامة واختيار ابن جرير فإنه يؤيده ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة] فأخبر أنه لا يستصغر شيئا يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة كما لا يستنكف عن خلقها كذلك لا يستنكف من ضرب المثل بها كما ضرب المثل بالذباب والعنكبوت.
قال البغوي:
{فما فوقها} يعنى الذباب والعنكبوت وقال أبو عبيدة أي فما دونها كما يقال وفوق ذلك أي وأجهل.
لكن ما يؤخذ على السحباني قوله:
ولو أريد ما فوقه في الكثرة يقول مكانه (فضلاً عن الدرهم والدرهمين).فلا حاجة الى هذه الفضلة لأن تعبير (فما فوقها) يفيد بنفسه الترتيب التصاعدي.(/)
التخييل الحسي والتجسيم في القرآن لسيد قطب
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[24 Nov 2005, 01:40 م]ـ
سيد قطب
التخييل الحسي والتجسيم
قليل من صور القرآن هو الذي يعرض صامتاً ساكناً ـ لغرض فني يقتضي الصمت والسكون ـ أما أغلب الصور ففيه حركة مضمرة أو ظاهرة، حركة يرتفع بها نبض الحياة، وتعلو بها حرارتها. وهذه الحركة ليست مقصورة على مشاهد القصص والحوادث، ولا على مشاهد القيامة، ولا صور النعيم والعذاب، أو صور البرهنة والجدل. بل إنها لتلحظ كذلك في مواضع أخرى لاينتظر أن تلحظ فيها.
ويجب أن ننبه إلى نوع هذه الحركة، فهي حركة حية مما تنبض به الحياة الظاهرة للعيان، أو الحياة المضمرة في الوجدان. هذه الحركة هي التي نسميها (التخييل الحسي)، وهي التي يسير عليها التصوير في القرآن لبث الحياة في شتى الصور، مع اختلاف الشيات والألوان.
وظاهرة أخرى تضح في تصوير القرآن وهي (التجسيم): تجسيم المعنويات المجردة، وإبرازها أجساماً أو محسوسات على العموم. إنه ليصل في هذا إلى مدى بعيد، حتى ليعبر به في مواضع حساسة جد الحساسية، يحرص الدين الاسلامي على تجريدها كل التجريد، كالذات الإلهية وصفاتها. ولهذا دلالته الحاسمة أكثر من كل دلالة أخرى، على أن طريقة (التجسيم) هي الأسلوب المفضل في تصوير القرآن، مع الاحتراس والتنبيه إلى خطورة التجسيم في الأوهام.
والآن نأخذ في ضرب الأمثال.
1 ـ لون من ألوان (التخييل) يمكن أن نسميه (التشخيص) يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة، والظواهر الطبيعية، والانفعالات الوجدانية. هذه الحياة التي قد ترتقي فتصبح حياة إنسانية، تشمل المواد والظواهر والانفعالات، وتهب لهذه الأشياء كلها عواطف آدمية، وخلجات إنسانية، تشارك بها الآدميين، وتأخذ منهم وتعطي، وتتبدى لهم في شتى الملابسات، وتجعلهم يحسون الحياة في كل شيء تقع عليه العين، أو يتلبس به الحس، فيأنسون بهذا الوجود أو يرهبونه، في توفز وحساسية وإرهاف.
هذا هو الصبح يتنفس: (والصبح إذا تنفس). فيخيل إليك هذه الحياة الوديعة الهادئة التي تنفرج عنها ثناياه، وهو يتنفس فتتنفس معه الحياة، ويدب النشاط في الأحياء، على وجه الأرض والسماء.
وهذا هو الليل يسرع في طلب النهار، فلا يستطيع له دركاً: (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً). ويدور الخيال مع هذه الدورة الدائبة، التي لا نهاية لها ولا ابتداء.
أو هذا هو الليل يسري: (والليل إذا يسر). فتحس سريانه في هذا الكون العريض، وتأنس بهذا الساري على هينة واتئاد!
وهاتان هما الأرض والسماء عاقلتين، يوجه إليهما الخطاب، فتسرعان بالجواب: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان، فقال لها وللأرض: ائتيا طوعاً أو كرهاً. قالتا: أتينا طائعين). والخيال شاخص إلى الأرض والسماء. تدعيان وتجيبان الدعاء.
وهذه هي الشمس والقمر والليل والنهار في سباق دائم ولكن:
(لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار). وإنه لسباق جبار، لا يني أو يفتر في ليل أو نهار.
وهذه هي الأرض (هامدة) مرة و (خاشعة) مرة، ينزل عليها الماء فتهتز وتحيا: (وترى الأرض هامدة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج). وهكذا تستحيل الأرض الجامدة، كائناً حياً بلمسة واحدة في لفظة واحدة.
وهذه جهنم. جهنم النهمة المتغيظة التي لا يفلت منها أحد، ولا تشبع بأحد! جهنم التي تدعو من كانوا يدعون إلى الهدى ويدبرون، وهم لدعوتها على الرغم منهم يجيبون: جهنم التي ترى المجرمين من بعيد فتتغيظ وتفور!
(يوم نقول لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟). (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً). (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور، تكاد تميز من الغيظ).
وهذا هو الظل الذي يلجأ إليه المجرمون: (وظل من يحموم. لا بارد ولا كريم). ففي نفسه كزازة وضيق، لايحسن استقبالهم، ولا يهش لهم هشاشة الكريم، فهو ليس فقط (لا بارد)، ولكن كذلك (ولا كريم)!
وهذه هي الرياح لواقح: (وأرسلنا الرياح لواقح) بما تحمل من ماء. ولكن التعبير عنها أكسبها حياة حيوانية، تلقح وتنتج!
وهذا هو الغضب، أو هذا هو الروع، أو هذه هي البشرى، تهيج وتسكن، وتوحي وتسكت، وتجيء وتذهب:
(ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح). (ولما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط) ...
(يُتْبَعُ)
(/)
2 ـ ولون من ألوان (التخييل) يتمثل في تلك الصور المتحركة التي يعبر بها عن حالة من الحالات أو معنى من المعاني. فصورة الذي يعبد الله على حرف (فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه). وصورة المسلمين قبل أن يسلموا، وهم 0على شفا حفرة من النار). وصورة الذي (أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم). كلها صور تخيل للحس حركة متوقعة في كل لحظة.
وقريب من هذه الصور في التخييل ولوج الجمل في سم الخياط، الموعد المضروب لدخول الكافرين الجنة بعد عمر طويل. فالخيال يظل عاكفاً على تمثل هذه الحركة العجيبة، التي لاتتم ولا تقف ما تابعها الخيال!
والصورة التي تخيلها الآية: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً).
فالخيال يظل يتصور تلك الحركة الدائبة: حركة الامتداد بماء البحر لكتابة كلمات الله، في غير ما توقف ولا انتهاء، غلا أن ينتهي البحر بالنفاد!
وشبيه بهذه الصور ما تخيله للحس هذه الآية: (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) والآية: (وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر) فلفظة الزحزحة ذاتها تخيل حركتها المعهودة. وهذه الحركة تخيل الموقف على شفا النار، ماثلاً للخيال والأبصار!
3 ـ ولون من ألوان التخييل) يتمثل في الحركة المتخيلة، التي تلقيها في النفس بعض التعبيرات مثل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل، فجعلناه هباء منثوراً). (فقدمنا) ذلك أنها تخيل للحس حركة القدوم التي سبقت نثر العمل كالهباء. وهذا التخييل يتوارى بكل تأكيد لو قيل: وجعلنا عملهم هباء منثوراً. حيث كانت تنفرد حركة النثر وصورة الهباء، دون الحركة التي تسبقها: حركة القدوم.
ومثلها: (قل أندعو من دون الله ما لاينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا). فكلمات (نرد على أعقابنا) تخيل حركة حسية للارتداد في موضع الارتداد المعنوي، وتمنح الصورة حياة محسوسة.
ومن هذا القبيل: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) في موضع: لاتطيعوا الشيطان. فإن كلمتي: تتبعوا، وخطوات، تخيلان حركة خاصة. هي حركة الشيطان يخطو والناس وراءه يتبعون خطواته. وهي صورة حين تجسم هكذا تبدو عجيبة من الآدميين، وبينهم وبين الشيطان الذي يسيرون وراءه، ما أخرج أباهم من الجنة!
وكذلك: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان). باختلاف يسير، هو أن الشيطان في هذه المرة هو الذي تبع هذا الضال ولازمه ليغويه: (فكان من الغاوين)!
ومن هذا الوادي: (ولا تقف ما ليس لك به علم) فحركة الاقتفاء تتهيأ للذهن، ويتمثلها الخيال (بالجسم والأقدام، لا يمجرد الذهن والجنان).
4 ـ ولو من (التخييل) يتمثل في الحركة الممنوحة لما من شأنه السكون كقوله: (واشتعل الرأس شيباً) فحركة الاشتعال هنا تخيل للشيب في الراس حركة كحركة اشتعال النار في الهشيم، فيها حياة وجمال.
وأما (التجسيم) فقد وردت له أمثلة كثيرة. ومنه كل التشبيهات التي جيء بها لا حالة المعاني والحالات صوراً وهيئات.
نذكر منها: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) و (يا أيها الذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل صفوان عليه تراب). و (مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله، وتثبيتاً من أنفسهم، كمثل جنة بربوة ... ) إلخ.
ولكن الذي نعنيه هنا بالتجسيم، ليس هو التشبيه بمحسوس، فهذا كثير معتاد، إنما نعني لوناً جديداً هو تجسيم المعنويات، لا على وجه التشبيه والتمثيل، بل على وجه التصيير والتحويل.
1 يقول: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً، وما عملت من سوء، تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً). (ووجدوا ما عملوا حاضراً، ولا يظلم ربك أحداً). أو (وما تقدموا لأنفسهم من خير تجدوه عند الله). فيجعل كأن هذا العمل المعنوي مادة محسوسة. تحضر (على وجه التجسيم) أو تحضر هي (على وجه التشخيص) أو توجد عند الله كأنها وديعة تسلم هنا فتتسلم هناك.
وقريب من هذا تجسيم الذنوب كأنها أحمال (تحمل على الظهور زيادة في التجسيم): (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم). (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن تجسيم المعنويات أمثال: (وتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى) فالتقوى زاد. أو صبغة الله. ومن أحسن من الله صبغة؟) فدين الله صبغة معلمة. أو (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) فالسلم مما يدخل فيه. أو (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) فالإثم مما له ظاهر وباطن. آخر هذا النحو من الاستعارات.
2 ـ ويحدث عن حالة نفسية معنوية هي حالة التضايق والضجر والحرج. فيجسمها كحركة جثمانية: ( ... وعلي الثلاثة الذين خلفوا، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه). فالأرض تضيق عليهم، ونفوسهم تضيق بهم كما تضيق الأرض، ويستحيل الضيق المعنوي في هذا التصوير ضيقاً حسياً أوضح وأوقع، وتتجسم حالة هؤلاء الذين تخلفوا عن الغزو مع الرسول (فأحسوا بهذا الضيق الخانق، وندموا على تخلفهم ذلك الندم المحرج، حتى لايجدون لهم ملجأ ولا مفراً، ولا يطيقون راحة إلى أن قبل الله توبتهم.
ومثله: (وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) فالقلوب كأنما تفارق مواضعها وتبلغ الحناجر حقاً من شدة الضيق.
ومنه: (فلولا إذا بلغت الحلقوم، وأنتم حينئذ تنظرون) كأنما الروح شيء مجسم، يبلغ الحلقوم في حركة محسوسة.
3 ـ ويصف حالة عقلية أو معنوية، وهي حالة عدم الاستفادة مما يسمعه بعضهم من الهدى، وكأنهم لم يسمعوا به، أو يتصلوا اتصالاً ما. فيجعل كأنما هناك حواجز مادية تفصل بينهم وبينه. مثل: (إنهم عن السمع لمعزولون). أو (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً). أو (أفلا يتدبرون القرآن؟ أم على قلوبهم أقفالها؟). أو (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، وجعلنا من بين أيديهم سداً، ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لايبصرون). أو ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة).
وكلها تجسم هذه الحواجز المعنوية، كأنما هي موانع حسية، لأنها في هذه الصورة أوقع وأظهر.
4 ـ ويكون الوصف حسياً بطبيعته، فيختار عن الوصف هيئة تجسمه. كقوله: (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم) في مكان: يأتيهم من كل جانب، أو يحيط بهم. لأن هيئة الغشيان من فوق ومن تحت أدخل في الحسية من الوصف بالاحاطة.
5 ـ ومن (التجسيم) وصف المعنوي بمحسوس: كوصف العذاب بأنه غليظ (ومن ورائهم عذاب غليظ). واليوم بأنه ثقيل: (ويذرفون وراءهم يوماً ثقيلاً).
فينتقل العذاب من معنى مجرد إلى شيء ذي غلظ وسمك، وينتقل اليوم من زمن لايمسك إلى شيء ذي كثافة ووزن!
6 ـ وضرب الأمثلة على المعنوي بمحسوس، كقوله: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) لبيان أن القلب الانساني لايتسع لاتجاهين.
7 ـ ثم لما كان هذا التجسيم خطة عامة، صوّر الحساب في الآخرة كما لو كان وزناً مجسماً للحسنات والسيئات: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة). (فأما من ثقلت موازينه ... وأما من خفت موازينه). وكل ذلك تمشياً مع تجسيم الميزان.
وكثيراً ما يجتمع التخييل والتجسيم في المثال الواحد في القرآن، فيصور المعنوي المجرد جسماً محسوساً، ويخيل حركة لهذا الجسم أو حوله من إشعاع التعبير.
1 ـ من ذلك: (بل نقذف بالحق على الباطل، فيدمغه، فإذا هو زاهق).
فكأنما الحق قذيفة خاطفة تصيب الباطل فتزهقه.
2 ـ ومن ذلك: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) و (ألا في الفتنة سقطوا). فبعد أن تصبح الخطيئة شيئاً مادياً، تتحرك حركة الاحاطة، وبعد أن تصبح الفتنة لجة، يتحركون هم بالسقوط فيها.
3 ـ ومنه: (ولا تلبسوا الحق بالباطل). (فاصدع بما تؤمر). ففي المثال الأول يصبح الحق والباطل مادتين تستر إحداهما بالأخرى. وفي المثال الثاني يصبح ما أمر به مادة يشق بها ويصدع، دلالة على القوة والنفاذ.
بهذه الطريقة المفضلة في التعبير عن المعاني المجردة، سار الاسلوب القرآني في أخص شأن يوجب فيه التجريد المطلق، والتنزيه الكامل: فقال: (يد الله فوق أيديهم). (وكان عرشه على الماء). (وسع كرسيه السماوات والأرض). (ثم استوى على العرش).
وثار ما ثار من الجدل حول هذه الكلمات حينما أصبح الجدل صناعة، والكلام زينة. وإن هي إلا جارية على نسق متبع في التعبير، يرمي إلى توضيح المعاني المجردة وتثبيتها، ويجري على سنن مطرد، لاتخلف فيه ولا عوج. سنن التخييل الحسي والتجسيم في كل عمل من أعمال التصوير.
ولكن تباع هذا السنن في هذا الموضع بالذات، قاطع في الدلالة ـ كما قلنا ـ على أن هذه الطريقة في القرآن أساسية في التصوير، كما أن (التصوير هو القاعدة الأولى في التعبير).(/)
حملوا منظومة الفرائد الحسان
ـ[الميموني]ــــــــ[24 Nov 2005, 05:00 م]ـ
إنّ علم معرفة الفواصل أي علم معرفة عدّ الآيات القرآنية و معرفة الخلاف الواقع بين علماء العدد فيما اختلفوا فيه مما عدّه بعضهم و ترك عده غيرهم هو من علوم الكتاب العزيز المفيدة ... و للعلماء فيه تصانيف جمة بين منظوم و منثور أجلُّها كتاب: البيان في عد آي القرآن للإمام أبي عمرو الداني (ت: 444هـ) و للجعبري و الشاطبي و غيرهم مصنفات في هذا ... و قد اشتهرت في عصرنا هذه المنظومة منظومة الفرائد الحسان في عدّ آي القرآن - و هي مقررة كمنهج دراسي في كلية القرآن بالجامعة الإسلامية و في قسم القراءات بكلية أصول الدين بجامعة أم القرى حرسها الله تعالى. و هي لشيخ مشايخنا عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي، العلامة المقرئ، المولود بمدينة دمنهور بمصر عام 1320هـ. الذي كان رئيسا للجنة تصحيح المصاحف بالأزهر، وعين عضوا في لجنة اختبار القراء بالإذاعة بجمهورية مصر العربية. وانتقل للتدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم عين رئيسا لقسم القراءات فيها. له مؤلفات مفيدة في العلوم الشرعية وبخاصة القراءات، منها هذا النظم وشرحه المسمى نفائس البيان. توفي رحمه الله بالقاهرة عام 1403هـ.
ـ[معاذ صفوت محمود]ــــــــ[25 Nov 2005, 01:50 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[26 Nov 2005, 08:31 ص]ـ
بارك الله فيك.
كتابه (البدور الزاهرة) دليل على علمه الرصين.
قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه.
ـ[الميموني]ــــــــ[27 Nov 2005, 07:52 م]ـ
الشيخ: معاذ صفوت
الشيخ خالد الشبل
جزاكم الله خيرا(/)
هل هذه الآية تدل على أن من تاب من الربا لا يتخلص منه؟؟؟
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[25 Nov 2005, 12:49 م]ـ
(َمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ)
كما هو اختيار ابن تيمية وابن عثيمين
فإن كان كذلك فكيف التوفيق بينها وبين الآية الأخرى: (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)
وجزاكم الله خيرا
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Nov 2005, 08:29 م]ـ
حبذا لو أوردت قوليهما بنصه، تيسيرا للاطلاع، و ضمانا لصحة العزو و كذا دقة النقل.
- و هي جزء من الآية:
{?لَّذِينَ يَأْكُلُونَ ?لرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ?لَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ?لشَّيْطَانُ مِنَ ?لْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُو?اْ إِنَّمَا ?لْبَيْعُ مِثْلُ ?لرِّبَا وَأَحَلَّ ?للَّهُ ?لْبَيْعَ وَحَرَّمَ ?لرِّبَا فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَ?نْتَهَى? فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ?للَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـ?ئِكَ أَصْحَابُ ?لنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} * [البقرة: 275]
و هذا تفسيرها، كما ذكره الإمام القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القرآن "، نجتزئ منه ما يخص مسألتنا تلك، قال:
(ومسائل هذا الباب حصرها علماؤنا في سبع وعشرين مسألة، ومدارها على ما ذكرناه، فاعلم.
...............
...............
..............
الرابعة والعشرون ـ قوله تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ}: أي من أمر الربا لا تِباعةً عليه منه في الدنيا ولا في الآخرة؛ قاله السُّدّي وغيره. وهذا حكم من الله تعالى لمن أسلم من كفار قريش وثَقِيف ومن كان يتّجر هنالك. وسلف: معناه تقدّم في الزمن وانقضى.
*********
الخامسة والعشرون ـ قوله تعالى: {وَأَمْرُهُ إِلَى ?للَّهِ} فيه أربع تأويلات:
أحدها: أن الضمير عائد إلى الربا، بمعنى وأمر الربا إلى الله في إمرار تحريمه أو غير ذلك.
والآخر: أن يكون الضمير عائداً على «ما سلف» أي أمره إلى الله تعالى في العفو عنه وإسقاط التَّبِعة فيه.
والثالث: أن يكون الضمير عائداً على ذي الربا، بمعنى أمره إلى الله في أن يثبته على الانتهاء أو يعيده* إلى المعصية في الربا. واختار هذا القول النحاس، قال: وهذا قول حسن بيِّن، أي وأمرُه إلى الله في المستقبل إن شاء ثبّته على التحريم وإن شاء أباحه*
.
والرابع: أن يعود الضمير على المنتهى؛ ولكن بمعنى التأنيس له وبسط أمله في الخير؛ كما تقول: وأمره إلى طاعة وخير، وكما تقول: وأمره في نموّ وإقبال إلى الله تعالى وإلى طاعته.
------------------------------
• * أي: المنتهي العاصي
==================================
و كذا ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره، قال:
(وهو العليم الحكيم الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده فيبيحه لهم، وما يضرهم فينهاهم عنه، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها الطفل، ولهذا قال: {فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَ?نتَهَى? فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ?للَّهِ}
أي: من بلغه نهي الله عن الربا، فانتهى حال وصول الشرع إليه، فله ما سلف من المعاملة، لقوله:
{عَفَا ?للَّهُ عَمَّا سَلَف}
[المائدة: 95] وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: " وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدميّ هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس " ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، بل عفا عما سلف، كما قال تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ?للَّهِ}
قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف: ما كان أكل من الربا قبل التحريم. وقال ابن أبي حاتم: قرىء على محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أم يونس، يعني: امرأته العالية بنت أيفع، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن أرقم: يا أم المؤمنين أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم، قالت: فإني بعته عبداً إلى العطاء بثمانمائة، فاحتاج إلى ثمنه، فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة، فقالت: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت، أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب، قال: فقلت: أرأيت إن تركت المائتين وأخذت الستمائة؟ قالت: نعم {فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَ?نتَهَى? فَلَهُ مَا سَلَفَ}. وهذا الأثر مشهور، وهو دليل لمن حرم مسألة العينة، مع ما جاء فيها من الأحاديث المذكورة المقررة في كتاب الأحكام، ولله الحمد والمنة، ثم قال تعالى: {وَمَنْ عَادَ} أي: إلى الربا، ففعله بعد بلوغه نهي الله له عنه، فقد استوجب العقوبة، وقامت عليه الحجة، ولهذا قال: {فَأُوْلَـ??ئِكَ أَصْحَـ?بُ ?لنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ?لِدُونَ}).(/)
خطوة جديدة على طريق التفسير البياني - الدكتور فاضل السامرائي
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 Nov 2005, 10:56 ص]ـ
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=217577
من المكتبة الاسلامية
خطوة جديدة على طريق التفسير البياني
يبدأ الدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من كتابه وهو الذي نستعرضه هنا بتعريف التفسير البياني، ويتبعه بمقدمة مهمة عن التفسير البياني تحت عنوان: “ما يحتاج إليه المتصدي للتفسير البياني”، ويفصل في هذه المقدمة الجليلة أهم ما يحتاج إليه المفسر، ويؤكد على ما لا بد منه لكل من يتصدى لهذا العمل المهم لئلا يقع في زلل يحسب على كتاب الله وهو منه بريء.
فالتفسير هو “علم يُعرَف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكَمه”. والتفسير البياني هو التفسير الذي يبين أسرار التركيب في التعبير القرآني، فهو جزء من التفسير العام تنصبّ فيه العنايةُ على بيان أسرار التعبير من الناحية البيانية كالتقديم والتأخير، والذكر والحذف، واختيار لفظة على أخرى وما إلى ذلك مما يتعلق بأحوال التعبير.
شروط التفسير البياني
يحدثنا الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي عما يحتاج إليه المتصدي للتفسير البياني، فنعرف أدواتِه المهمة والعلومَ التي ينبغي أن يملك نواصيها قبل أن يتصدى لهذا العمل الجليل.
إن الذي يتصدى للتفسير البياني يحتاج ما يحتاج إليه المتصدي للتفسير العام إلا أن به حاجة أكثر إلى أمور أخرى، منها:
1 - التبحرُ في علوم اللغة العربية من نحو وصرف ولغة وبلاغة. فلا تغني المعرفة اليسيرة بل ينبغي للمفسر البياني أن يكون على اطلاع واسع على علوم اللغة، وحاجةُ المفسر إلى هذه العلوم واضحةٌ لا تخفى.
2 - معرفةُ القراءات القرآنية، وأسباب النزول.
3 - النظرُ في السياق: فإن ذلك من ألزم الأمور للمفسر عموما، وللمفسر البياني على الخصوص. فبالسياق يتضح كثير من الأمور ويتضح سبب اختيار لفظةٍ على أخرى، وتعبير على آخر، ويتضح سببُ التقديمِ والتأخير والذكرِ والحذف ومعاني الألفاظِ المشتركة. فالسياق من أهم القرائن التي تدل على المعنى. وعدم النظر في السياق قد يوقع في الغلط أو عدم الدقة في الحكم.
4 - مراجعةُ المواطن القرآنية التي وردت فيها أمثال التعبير الذي يراد تبيينه لاستخلاص المعنى المقصود.
5 - مراجعةُ المواطن القرآنية التي وردت فيها المفردة التي يراد تفسيرها لمعرفة استعمالاتها ومعانيها ودلالاتها.
6 - أن يعلم المفسرُ أن هناك خصوصياتٍ في الاستعمال القرآني كاستعمال الريح للشر، والرياح للخير، والغيث للخير، والمطر للشر، والعيون لعيون الماء، والصوم للصمت، والصيام للعبادة المعروفة وغير ذلك.
7 - أن ينظرَ في الوقف والابتداء وأثر ذلك في الدلالة والتوسع في المعنى أو التقييد فيه وما إلى ذلك.
8 - أن يسترعي نظرَه أي تغيير في المفردة والعبارة ولو كان فيما يبدو له غيرَ ذي بال فإنه ذو بال، فإن وجد له تعليلا فذاك وإلا فسيأتي من ييسر الله له تعليلَه وتفسيرَه.
9 - إدامةُ التأمل والتدبر وهما من أهم ما يفتح على الإنسان من أسرار، ويهديه إلى معان جديدة.
كلمة الفلق
ثم يفسر الدكتور فاضل السامرائي بعض سور القرآن الكريم تفسيرا بيانيا دقيقا، وقد اختار أن يبدأ بتفسير المعوذتين الفلق والناس، ثم سور الإخلاص والكوثر وقريش والضحى والليل والإنسان والصف والحديد حيث يفسرها تفسيرا كاملا، متتبعا دقائقها باحثا عن أسرار تعبيرها، مجتهدا ما وسعه الجهد في التوصل إلى خفاياها واستخلاص معانيها الكامنة والظاهرة، وقد اخترنا لكم موجزا لتفسيره البياني لكلمة (الفلق) في سورة الفلق لكثرة تلاوة هذه الآية مما يجعل الحاجة أمس إلى معرفة بعض دقائق التعبير فيها:
قال تعالى: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) ”.
بحث المؤلف في سر اختيار هذه الكلمة، والسبب في استعمالها دون أي كلمة أخرى تحمل معناها كالصبح مثلا، وذلك يعود إلى أن أصل كلمة الفلْق هو الشق، ومعاني الفلَق في اللغة هي:
1 - الصبح وهو أشهر معنى له، وخُص به عرفا.
2 - جميع المخلوقات.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - بيان الحق بعدَ إشكال.
4 - كل ما فُلِق، أي كل ما شُقّ.
ونلحظ من تلك المعاني أنها ناشئة عن الشق والانفلاق، فالصبح ينشق عن الظلام، والخلْقُ كله نتيجةُ انفلاق، وانفلقَ المكان أي انشق، وتخصيص الفلَق بالذكر له أسباب ودواعٍ، منها: إن الفلَق وهو الصبح مُشعِرٌ بتبددِ ظلمةِ الليل، وزوال همومِه ومخاوفه، ومُشعر بمجيء الفرج، ولذا نسمع الشكوى من الليل وترقبَ المهموم للصبح، فإن المريض والمهموم والخائف يستطيل الليل ويتمنى ذهابه ومجيء الصبح، قال الشاعر:
وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَه * عليّ بأنواعِ الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطّى بصُلبِه * وأردفَ أعجازا وناءَ بكلكلِ
ألا أيها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ * بصبحٍ، وما الإصباحُ منك بأمثلِ
فذِكرُ الفلق هنا أنسب شيء خصوصا وأنه ذكر الغاسق إذا وقب بعده. وقيل إنه خص الصبح بالذكر لأنه أنموذج من يوم القيامة، لأن الخلقَ كالأموات، والدور كالقبور، والموت أخو النوم، والصبح كالبعث والنشور. كما أن الانفلاق والفلق مشعر بالتغير والحركة لأن معناه انشقاق ضوء الصبح عن ظلمة الليل، حيث يشرق النور ويطرد جيش الظلام ومَن يتستر فيه لخطيئة يريدها. وهذا يوحي أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضا أن يدفع عن العائذ كلَّ ما يخافه ويخشاه.
كما أن لفظة الفلَق أعم من لفظ الصبح، وللفلَق أكثر من معنى، ويمكن أن تكون معانيه كلُّها مرادة، فلفظ الفلَق يفيد توسعا في المعنى بخلاف كلمة الصبح، فاختيار لفظ الفلق أولى.
من سورة الحديد
وهذا مثال ثان من التفسير البياني لآية في سورة الحديد، قال الله عز وجل:
“يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) ”.
في هذه الآيات يتجلى إكرام المؤمنين وإبعاد النَصَب عنهم فإن مما يستفاد من هذه الكلمات القليلة عددا الكبيرة معنى.
1 - أنه تعالى قال “يسعى نورهم” ولم يقل “يمشي نورهم” للدلالة على الإسراع بهم إلى الجنة، وهذا إكرام فإن الإبطاء إلى السعادة ليس كالإسراع إليها.
2 - أنه تعالى أسند السعي إلى النور ولم يسنده إليهم فلم يقل “يسعون” لأن السعي قد يجهدهم، فأسنده إلى النور فدل على أنه يسعى بهم.
3 - قال “يسعى نورهم”، فذكر الفاعل ولم يقل “يُسعى بهم” بالبناء للمجهول وحذف الفاعل فلا يُدرى أيسعون في ظلمة أم في نور، فذكر أن لهم نورا يسعى.
4 - أضاف النور إليهم، وهذا فيه أمران: الأول الدلالة على أن هذا النور إنما هو نور المؤمن، وهو يدل على قدر عمله. كما إنه لم يقل “يسعى النور” فيجعله عاما يستضيء به المنافقون، فجعل لكل مؤمن نوره الذي يستضيء به فلا يشاركه فيه غيره، وهذا إكرام للمؤمنين وحسرة على غيرهم.
5 - قال “بين أيديهم” ومعناها أمامه، غير أنه لم يقل “أمامهم” لأن الأمام قد يكون بعيدا عن الشخص، فيكون النور أمامه ولكن لا يستضيء به.
6 - قال “بأيمانهم” ولم يقل “عن أيمانهم” لأن معنى بأيمانهم أنه ملتصق بالأيمان وليس مبتعدا عنها لأن الباء تفيد الإلصاق.
7 - قال “بشراكم”، ولم يقل “يقال لهم بشراكم” لأنه أراد أن يجعل المشهد حاضرا ليس غائبا، يُسمع فيه التبشير ولا يُنقل.
8 - وأضاف البشرى إلى ضمير المخاطبين لتنال البشرى كل واحد، ولم يقل “البشرى جنات” وهو إكرام آخر.
9 - وقال “بشراكم اليوم” للدلالة على قرب البشرى، وأنها ليست من الوعد البعيد الوقوع، والبشرى كلما كانت أقرب كانت أحب وأدعى إلى المسرة.
هذا غيض من فيض مما توحي به الآيات من إكرام المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين الذين ليس لهم إلا الإهانة والعذاب، وما قدمناه لكم هو أيضا غيض من فيض مما حواه هذا الكتاب النافع من دقائق التفسير البياني، بأسلوب أستاذنا الدكتور فاضل السامرائي في خطواته على طريق التفسير البياني في هذا الكتاب الصادر عن قسم البحث العلمي في جامعة الشارقة.
نسأل الله أن يؤتينا نورا، ويجعلنا من أهل النور في الدنيا والآخرة، وأن يفتح مغاليق القلوب لأنوار القرآن تنير نفوسنا العطشى وتسقي جفاف حياتنا بهدي الله.
ـ[ش. م]ــــــــ[12 Dec 2005, 11:15 م]ـ
أشكرك أخي الفاضل على نقل هذا الموضوع عن كتاب التفسير البياني وهو نشر ـ كما أشرت ـ في صحيفة الخليج في ملحق الدين للحياة في الإمارات
جزاكم الله خرا على نشر موضوعات عن الكتب القرآنية(/)
أرجو المساعدة في الحصول على نسخ من هذه المخطوطات لغرض البحث العلمي
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[26 Nov 2005, 12:26 م]ـ
أرجو المساعدة في الحصول على نسخ من هذه المخطوطات لغرض البحث العلمي
إلى الاخوة الأكارم في الملتقى الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو المساعدة في الحصول على نسخ من هذه المخطوطات لغرض البحث العلمي
وجزاكم الله خيرا
1 - التفسير المنثور
مجموعة منجانا/برمنجهام الرقم 33 (1374) الأوراق (ج1) تاريخ الكتابة قبل 1016هـ
(269)
الى الآية 32 من سورة المائدة
ملاحظة: توجد نسخة مصورة من هذا المخطوط في الجامعة الإسلامية_ ماليزيا
2 - تيسير التبيان في تفسير القرآن (ورد في مرجع آخر أن اسمه " التفسير المنظوم الكبير")
وهذا التفسير له ثلاث مخطوطات:
1 - الظاهرية/ دمشق (علوم القرآن) الرقم (4698) الأوراق: قطعة منه تاريخ النسخ: قبل 984
(20) بخط المؤلف
2 - الظاهرية/ دمشق (علوم القرآن) الرقم (6942) الأوراق: قطعة منه
(49)
3 - الظاهرية/ دمشق (علوم القرآن) الرقم (9018) الأوراق: (ج 9،8)
(210)
من سورة النار إلى سورة فاطر
2 - التيسير في التفسير، أو البسيط في التفسير (ورد في مرجع آخر باسم " التفسير المنظوم الصغير")
وهذا التفسير له تسع مخطوطات
1 - جاريت (يهودا) /برنستون الرقم 410 (567) الأوراق (مج2) تاريخ الكتابة: 980
(250) بخط المؤلف
من سورة الأعراف إلى سورة الإسراء
2 - أوقاف الموصل (الخياط) الرقم 8/ 3 الأوراق (305) تاريخ الكتابة 981 وفي مصدر آخر"أوقاف الموصل- المدرسة الأحمدية"
يبدأ بسورة يس
3 - الظاهرية/ دمشق (علوم القرآن) الرقم (4699) الاوراق (218) تاريخ الكتابة: قبل 984
بخط المؤلف
4 الظاهرية/ دمشق (علوم القرآن) الرقم (4915) الأوراق (49) تاريخ الكتابة: القرن 11
من أول القرآن إلى الآية 195 من سورة البقرة
5 - الإسلامية/ يافا الرقم (67) الأوراق: (ج1)
(279)
6 - ايا صوفيا/ السليمانية/استانبول الرقم (98) الأوراق (مج 2)
7 - ايا صوفيا/ السليمانية/استانبول الرقم (99) الأوراق (مج 2) تاريخ الكتابة ـــــــ
8 - جامعة استانبول الرقم (606 a 2102) الأوراق (301) تاريخ الكتابة ـــــــ
9 فاتح / السليمانية / استانبول الرقم (632) الاوراق ـــــــــــــ تاريخ الكتابة ـــــــ
ملاحظة: هذه المعلومات اخذت من " الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط_ علوم القرآن_ مخطوطات التفسير" الجزء الثامن ص2302 - 2304
ـ[رشا الدغيثر]ــــــــ[11 Nov 2010, 08:03 م]ـ
عناوين مراكز المخطوطات والمكتبات العالمية
مواقع المكتبات
عنوانها على الانترنت اسم المكتبة
http://www.haydarya.com
مكتبة الروضة الحيدريّة
مكتبة الروضة الحسينيّة
http://www.auclib.edu.eg/Ar/departmentsH.html
المكتبة العلمية المركزية - جامعة الإسكندرية
http://www.bibalex.org/ARABIC/links.htm
مكتبة الاسكندرية
http://www.aqlibrary.ir/Arabic/main/index.aspx
المكتبة المركزية للعتبة الرضوية المقدسة
http://www.aqrazavi.org/astan/arabic/A520.htm
المكتبة المركزية و مركز الوثائق للروضة الرضوية
http://www.nl.gov.jo/arabic/index_a.html
دائرة المكتبة الوطنية
http://iraklib.ub.uni-bielefeld.de/arabic/index.html
شبكة المكتبات العراقية
http://www.libdirectory.idsc.gov.eg/
دليل المكتبات المصرية
http://www.manuscriptcenter.org/center/Arabic/
مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندريَّة
http://www.agu.edu.bh/arabic/index.htm
جامعة الخليج العربي
http://www.aqlibrary.org/Arabic/main/index.aspx
المكتبه المركزيه
http://www.calias.org/about.htm
قسم المكتبات والوثائق والمعلومات
http://www.shjlib.aov.ae.com/
مكتبة الشارقة العامة
http://www.agu.edu.bh/Arabic/library/index.htm
مكتبة الجامعة
http://catalog.mpl.org.eg/
مكتبة مبارك العامة
http://jacl.kuniv.edu.kw/mailing_list_a.php
مكتبة الملك جابر
http://www.library.idsc.gov.eg
مكتبة القاهرة الكبرى شبكة المكتبات المصرية
http://www.alkadhum.org/other/mktba/index.htm
مكتبة الفقه الاسلامية
http://www.cu.edu.eg
مكتبة كلية الآثار - جامعة القاهرة
http://www.libsector.idsc.gov.eg/
قطاع المكتبات (مركز المعلومات) ـ مصر
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.agu.edu.bh/
جامعة الخليج العربي
http://www.raqamiya.org/
مكتبة المدينة الرقمية
http://library.tebyan.net/
مكتبة تبيان
http://www.librariannet.com/
شبكة أخصائي المكتبات والمعلومات
http://www.library.iitb.ac.in/
المكتبة المركزية الهندية
http://www.loc.gov
مكتبة الكونغرس
http://home.birzeit.edu/librarya/ مكتبة يوسف أحمد الغانم
http://www.ziedan.com/index_o.asp د. يوسف زيدان للتراث والمخطوطات
http://www.elaegypt.com/CurrCourse.aspx الجمعية المصرية للمكتبات والمعلومات
http://www.kapl.org.sa/part.php?partid=107 مكتبة الملك عبدالعزيز العامة
http://www.calias.org/about.htm قسم المكتبات والوثائق ـ جامعة القاهرة
http://www.nlai.ir/ المكتبة الوطنية الإيرانية
http://www.kfnl.gov.sa مكتبة الملك فهد الوطنية
http://www.bibliotheque.nat.tn المكتبة الوطنية التونسية
http://www.bnrm.ma المكتبة الوطنية للمملكة المغربية
http://www.biblionat.dz المكتبة الوطنية الجزائرية
http://www.alassad-library.gov.sy مكتبة الأسد الوطنية
http://www.uqu.edu.sa/lib مكتبة عبد الله بن عبد العزيز الجامعية
www.maadilib.org.eg (http://www.maadilib.org.eg) مكتبة المعادي العامة
www.alaqsa.edu.ps (http://www.alaqsa.edu.ps) عمادة شئون المكتبات - جامعة الاقصى
www.alaqsa.edu.ps (http://www.alaqsa.edu.ps) مكتبة جامعة الاقصى
www.mpl.org.eg (http://www.mpl.org.eg) مكتبة مبارك العامة بدمياط
http://www.kfu.edu.sa/library/lib.asp مكتبة جامعة الملك فيصل
http://www.libs.uaeu.ac.ae/ مكتبة جامعة الإمارات العربية المتحدة
http://www.bau.edu.lb/librariesa.html مكتبة جامعة بيروت العربية
http://library.yu.edu.jo/about.asp مكتبة جامعة اليرموك
www.alazhar-gaza.edu (http://www.alazhar-gaza.edu) مكتبة جامعة الازهر
www.darelkotob.org.eg (http://www.darelkotob.org.eg) دار الكتب المصرية
www.yemen-nic.net (http://www.yemen-nic.net) المركز الوطني للمعلومات (اليمن)
www.najah.edu (http://www.najah.edu) جامعة النجاح الوطنية -مكتبة البيطرة والزراعة - طولكرم، مكتبة الحرم الجديد - الجنيد، مكتبة كلية حجاوي
http://www.mans.edu.eg/facmed/library/home.htm مكتبة كلية الطب - جامعة المنصورة
http://mansvu.mans.edu.eg/dlib/ المكتبة الرقمية بجامعة المنصورة
www.kfcris.com (http://www.kfcris.com) مكتبة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية
http://www.kfupm.edu.sa/library/ مكتبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
http://www.uqu.edu.sa/lib/ مكتبة جامعة أم القرى " مكتبة الأمير عبد الله بن عبد العزيز
www.uqu.edu.sa/lib/ (http://www.uqu.edu.sa/lib/) مكتبة جامعة أم القرى " مكتبة الأمير عبد الله بن عبد العزيز"
http://www.ksu.edu.sa/library/PrinceSalman.html مكتبة جامعة الملك سعود "مكتبة الأمير سلمان المركزية"
http://www.zu.ac.ae/library/ مكتبة جامعة زايد
http://www.sharjah.ac.ae/library/ مكتبة جامعة الشارقة
http://www.ajman.ac.ae/aust/index.htm مكتبة جامعة عجمان
http://aam.hct.ac.ae/aam/library/index.html مكتبة كلية العين للابنين
http://web.asu.edu.jo/facilities/library/index.htm مكتبة جامعة العلوم التطبيقية الأهلية
http://www.lau.edu.lb/libraries/index.html مكتبة الجامعة اللبنانية الامريكية
http://wwwlb.aub.edu.lb/~webjafet/ مكتبة جافت التذكارية بالجامعة الامريكية ببيروت
http://wwwlb.aub.edu.lb/~websml/ مكتبة جامعة بيروت العربية
http://libwebserver.uob.edu.bh/en/index.htm مكتبة جامعة البحرين
http://www.agu.edu.bh/arabic/library/index.htm مكتبة جامعة الخليج العربي
http://www.sudan.net/uk/libr.htm مكتبة جامعة الخرطوم
http://www.bethlehem.edu/centers/library.shtml مكتبة جامعة بيت لحم
http://www.lib.ed.ac.uk/ مكتبة جامعه ادنبرهع
http://www.lib.uci.edu/ مكتبات جامعة كاليفورنيا
http://www.lib.utexas.edu/ المكتبة الإلكترونية لجامعة تكساس
http://www.cardiff.ac.uk/index.html مكتبة جامعه كراديف
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.ibun.edu.tr/ مكتبة جامعة اسطنبول
http://library.aucegypt.edu/ مكتبة الجامعه الأمريكية في القاهرة
http://www.library.usyd.edu.au/Home.html مكتبة جامعة سيدني
http://www.library.dmu.ac.uk/ خدمات جامعة ديمونتفورد المكتبية والمعلوماتية
http://www.lib.cam.ac.uk/ مكتبة جامعة كمبريدج
http://www.aub.aau.dk/ مكتبة جامعة آلبورج
http://www-sul.stanford.edu/ مكتبات جامعة ستافورد
http://www.indiana.edu/~libweb/index.php3Yale مكتبات جامعة أنديانا
http://www.lib.cmich.edu/ مكتبات جامعة سنترال متشقن
http://www.library.wisc.edu/ مكتبات جامعة ويسكونسين ماديسون
http://www.manuscripts.idsc.gov.eg/Manuscript/ شبكة المخطوطات العربية
http://www.ala.org/ المكتبة الأمريكية الجامعة
http://www.bibliotheque.nat.tn/ دار الكتب الوطنية ـ تونس
http://www.cdlib.org/ مكتبة كاليفورنيا الرقمية
http://www.library.iitb.ac.in/ المكتبة المركزية الهندية ـ بومبي
http://www.nls.uk/digitallibrary/index.html المكتبة الرقمية الوطنية ـ اسكتلندا
http://www.persianbook.net/ الكتب الفارسية
http://www.ipl.org/ مكتبة الانترنت العامة
http://www.nlm.nih.gov/hmd/arabic/arabichome.html فهرس مخطوطات الطب الإسلامي
http://www.library.mun.ca/ مكتبة الذاكرة الجامعية
http://www.lib.uchicago.edu/e/su/mideast/#MEDOC مكتبة جامعة شكاغو
http://www.nlm.nih.gov/ المكتبة الوطنية الطبية الأمريكية
http://www.nypl.org/digital/ مكتبة نيويورك الرقمية العامة
http://library.tebyan.net/index2.htm مكتبة تبيان (عربي ـ فارسي)
http://mkutup.gov.tr/index-eng.html المكتبة الوطنية التركية
http://www.nla.gov.au/preserve/trainmat.html المكتبة الوطنية الاسترالية
http://www.mild-kw.net/ إدارة المخطوطات والمكتبات الإسلامية
http://www.collectionscanada.ca/ المكتبة والإرشيف الكندي
تنبيه: هذه المشاركة مقتبسة من مشاركة أخرى في ملتقى أهل التفسير.(/)
ما هو منهج الإمام البيضاوي في تفسيره؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[26 Nov 2005, 12:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطلب من سماحتكم المنهج المفصل الذي اختاره البيضاوي رحمه الله في تفسيره المسمى (أنوار التنزيل وأسرار التأويل).
أرجوا الإجابة السريعة
جزاكم الله خيرا
أخوكم في الله
حافظ عبدالمنان
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Nov 2005, 05:02 م]ـ
تفسير البيضاوي يعتبر من مختصرات تفسير الزمخشري ولكنه هذب المسائل الاعتزالية منه وينظر في منهجه رسالة الدكتوراه للدكتور عبد العزيز الحاجي البيضاوي مفسراً طبع في دمشق على ما أذكر دار الفاربي أو الرسالة
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[26 Nov 2005, 07:39 م]ـ
لك أن تنظر: المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات للمغراوي 2/ 95 - 107، و التفسير والمفسرون للذهبي1/ 296 - 304.
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[27 Nov 2005, 12:57 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Dec 2005, 09:40 م]ـ
كتب الزميل الفاضل الدكتور عبدالرحمن بن علي البشري رسالته للماجستير بعنوان (البيضاوي ومنهجه في التفسير) عام 1406هـ تقريباً، وأشرف على الرسالة شيخنا الدكتور محمد بسيوني فودة رحمه الله.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[30 Dec 2005, 02:17 ص]ـ
معرفة منهج البيضاوي رحمه الله في تفسيره موضوع كبير ولو حددت أسئلة معينة عن الكتاب وعرضتها لبادر الفضلاء بالإجابة عنها
ـ[الراية]ــــــــ[01 Jan 2006, 09:00 م]ـ
كتب الزميل الفاضل الدكتور عبدالرحمن بن علي البشري رسالته للماجستير بعنوان (البيضاوي ومنهجه في التفسير) عام 1406هـ تقريباً، وأشرف على الرسالة شيخنا الدكتور محمد بسيوني فودة رحمه الله.
هذا تعريف بالرسالة من موقع جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية
البيضاوي ومنهجه في التفسير
عبدالرحمن البشري علي ناشب
المشاركون: محمود بسيوني فودة: مشرف
الجامعة: جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية
الكلية: أصول الدين
القسم: القرآن وعلومه
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ المناقشة: 1404
الأبعاد: 275ص
المستخلص:
تحتوي الرسالة على مقدمة واربعة ابواب مقسمة الى عدة فصول وخاتمة,
في الباب الاول عصر الامام البيضاوي ثم اسمه ونسبه ونشأته وتلامذته ورحلاته العلمية ثم البيضاوي في الميزان ثم الحواش على البيضاوي وقيمته العلميه
وفي الباب الثاني مصادر البيضاوي في تفسيره والمنهج الذي سار عليه
وفي الباب الثالث منهج البيضاوي في التفسير بالمأثور والقراءات والايات الكونية واسباب النزول
وفي الباب الرابع موازنة ومقارنة بين البيضاوي والزمخشري وابوالسعود والقراءات عندهم ,
ثم الخاتمة والمصادر والفهرس
ـ[الراية]ــــــــ[22 Oct 2008, 08:31 م]ـ
البيضاوي ومنهجه في التفسير.
تأليف: يوسف أحمد علي.
رابط الرسالة:
http://www.mediafire.com/download.php?nzzcunzmoqz
رسالة دكتوراه
من جامعة أم القرى
إشراف
أ. د. محمد شوقي خضر السيد
ـ[يسري خضر]ــــــــ[22 Oct 2008, 11:47 م]ـ
كما كتب الدكتور حسن عبد الهادي شداد يرحمه الله رسالة عن البيضاوي ومنهجه في التفسيرنال بها درجة علمية من جامعة الازهر
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[01 Aug 2009, 05:55 م]ـ
السلام عليكم
كتب استاذنا الدكتور عبد العزيز حاجي موضعا حول الامام البيضاوي وعنوانه: البيضاوي مفسرا وهو رسالة ماجستير مقدمة في جامعة الفاتح بطرابلس
والكتاب مطبوع
والدكتزر عبد العزي حاجي هو عضو الهيئة التدريسية بكلية الشريعة جامعة دمشق - ورئيس الشؤون الادارية سابقا في الجامعة. وهو من موالد سورية: وأذكر هذا لتصحيح معلومات من ظن أنه مصري. أو اعتقد أن بحثه هذا قدم لنيل درجة الدكتوراة، وأما رسالته للدكتوراة فعنوانها: مناهج المفسرين في تفسير آيات العقيدة
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[01 Aug 2009, 06:01 م]ـ
فقط معلومات للحصول على نسخة من كتاب الدكتور عبد العزيز حاجي: البيضاوي مفسرا - دار حازم للطباعة والنشر - دمشق. وموقع نيل وفرات على النت يؤمن لكم هذا الكتاب. وحسب علمي من أستاذي الدكتور عبد العزيز حفظه الله أن طبعة الكتاب نفذت لكن ربما الموقع الذي ذكرته ربما يؤمن لكم ذلك الكتاب(/)