قال الملا علىالقاري [((ذكر الصلاة يوماً)): قال الطيبي: أي أراد أن يذكر فضلها وشرفها (فقال): الفاء للتفسير (من حافظ عليها): أي: ان يقع زيغ في فرائها وسننها وآدابها ودوام عليها ولم يفتر عنها (كانت):أي: صلاته أو محافظته عليها (له نوراً وبرهاناً): تقدم معناهما قاله الطيبي أو نوراً بين يديه مغنياً عن سؤاله عنها، وبرهاناً أي دليلاً على محافظته على سائر الطاعات، فالترتيب الذكري للتدلي، وقال أبن حجر: أي زيادة في نور إيمانه واضحة على كمال عرفانه (ونجاة) أي: ذات نجاة أو جعلت نفسها نجاة مبالغة كرجل عدل (يوم القيامة) لان الصلاة أول ما يسأل عنه من العبادات، وكذلك نور وبرهان ونجاة له في القبر، كما ورد في الأحاديث، فإن من مات فقد قامت قيامته (ومن لم يحافظ عليها):أي: على شرائطها وأركانها، فمن تركها بالكلية فهو أولى بالمحرومية (لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة، وكان يوم القيامة): محشوراً أو محبوساً أو معذباً في الجملة مع (قارون):الذي منعه ماله عن الطاعة (وفرعون وهامان):وزيره الذين حملهما على المعصية (وأبي بن خلف): عدو النبي ( f) الذي قتله النبي ( f) بيده يوم أحد، وهو مشرك، قاله الطيبي، وقال: وفيه تعريض بأن من حافظ عليها كان مع (النبيين والصديقين والشهداء والصالحين] ().
قال الشوكانى [الحديث أخرجه أيضاً الطبراني في ((الكبير)) و ((الوسط)).قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)):رجال أحمد ثقات. وفيه أنه لا انتفاع للمصلي بصلاته إلا إذا كان محافظاً عليها لأنه إذا انتفى كونها نوراً وبرهاناً ونجاة مع عدم المحافظة انتهى نفعها.قوله (وكان يوم القيامة مع قارون) إلخ يدل على ان تركها كفر متبالغ لان هؤلاء المذكورين هم اشد أهل النار عذاباً وعلى تخليد تاركها في النار كتخليد من جعل منهم في العذاب فيكون هذا الحديث مع صلاحتيه للاحتجاج مخصصاً لاحاديث خروج الموحدين وقد ورد من هذا الجنس شيء كثير في السنة ويمكن أن يقال مجرد المعية والمصاحبة لا يدل على الإستمراروالتأبيد لصدق المعنى اللغوي بلبثه معهم مدة لكن لا يخفى أن مقام المبالغة يأبى ذلك) ().
الثالث عشر: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ c قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ( f) فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ] ().
قال ابن القيم [ووجه الأستدلال به انه اخير ان الصلاة من الإسلام بمنزله العمود الذي تقوم عليه الخيمة، فكما تسقط الخيمة بسقوط عمودها، فهكذا يذهب الإسلام بذهاب الصلاة وقد احتج احمد بهذا بعينه] ().
يقول الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) (الست تعلم ان الفسطاط إذا سقط عموده، سقط الفسطاط، ولم تنتفع بالطنب ولا بالأوتاد، وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد] ().
(يُتْبَعُ)
(/)
الرابع عشر: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( f) بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ] ().
وقال إبن القيم [وفي بعض الفاظه ((الإسلام خمس)) فذكره، ووجه الاستدلال به من وجوه: أحدها: انه جعل الإسلام كالقبة المبنية على خمسة أركان فإذا وقع ركنها الأعظم وقعت قبة الإسلام، الثاني: أنه جعل هذه الأركان في كونها أركاناً لقبة الإسلام قرينة الشهادتين، فهما ركن و الصلاة ركن، والزكاة ركن، فما بال قبة الإسلام تبقى بعد سقوط أحد أركانها دون بقية أركانها؟، الثالث: انه جعل هذه الأركان نفس الإسلام، وداخلة في مسمى إسمه وما كان إسما المجموع الأمور، وإذا ذهب بعضها ذهب ذلك المسمى، ولا سيما إذا كان من أركانه لا من أجزائه التي ليست بركن كالحائط للبيت، فإنه إذا سقط، سقط البيت، بخلاف العود والخشبة واللبنة ونحوها] ().
الخامس عشر: عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ عَنْ أَبِيهِ مِحْجَنٍ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( f) فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ( f) فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( f) مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( f) إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ] ()
قال إبن القيم [فجعل الفارق بين المسلم والكافر الصلاة، وأنت تجد تحت ألفاظ الحديث انك لو كنت مسلماً لصليت، وهذا كما تقول: مالك لا تتكلم: ألست بناطق؟ ومالك لا تتحرك الست بحي؟ ولو كان الإسلام يثبت مع عدم الصلاة، لما قال لمن رآه لا يصي: ألست برجل مسلم؟] ().
يقول إبن عبدالبر ((في هذا الحديث وجوه من الفقه: أحدهما قوله ( f) لمحجن الديلمي: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ وفي هذا والله أعلم- دليل على أن من لا يصلي ليس بمسلم، وإن كان موحداً، وهذا موضع إختلاف أهل العلم، وتقرير هذا الخطاب في هذا الحديث: أن أحداً لا يكون مسلماً إلا أن يصلي، فمن لم يصل فليس بمسلم)) ()
السادس عشر: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( c) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( f)(( مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ)) ()
(وهذا دليل على أن من لم يصل صلاتنا ويستقبل قبلتنا فليس بمسلم) ()
قال إبن القيم ((ووجه الدلالة فيه من وجهين: أحدها: أنه إنما جعله مسلماً بهذه الثلاثة، فلا يكون مسلماً بدونها. الثاني: أنه إذا صلى إلى الشرق، لم يكن مسلماً، حتى يصلى إلى قبلة المسلمين، فكيف إذا ترك الصلاة بالكلية)) ()
السابع عشر: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُا بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَالَ خَالِدٌ وَكَمْ مِنْ مُصَلٍ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍ فَقَالَ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ)) ()
قال عبدالعزيز بن محمد بن علي ((وفي الحديث الآخر قال ( f) ( إني نهيت عن قتل المصلين) (). فجعل النبي ( f) إقامة الصلاة مانعاً من قتل من همَّ الصحابة بقتلهم لما رأوا فيهم من إحتمال كفرهم، ولولم يكونوا مقيمين للصلاة لم يمنع الصحابة من ذلك، كما هو ظاهر الحديثين، ولا يقال هنا أن تارك الصلاة يقتل حداً لا كفراً، بدلالة هذين الحديثين السابقين، فإنهما لا يدلان على ذلك، وإنما يدلان على خلافه، والذي يبين ذلك أن الرسول ( f) قال L
تعلم عقيدتك
يقول ابن تيميه] إن الإيمان و إن كان يتضمن التصديق، وإنما هو الإقرار و الطمأنينة، و ذلك لان التصديق إنما يعرض للخبر فقط، فأما الأمر فليس فيه تصديق من حيث هو أمر، و كلام الله خبر و أمر. فالخبر يستوجب تصديق المخبر، و الأمر يستوجب الانقياد له و الاستسلام، و هو عمل في القلب، جماعه الخضوع و الانقياد للأمر، و إن لم يفعل المأمور به، فإذا قوبل الخبر بالتصديق، و الأمر بالانقياد فقد حصل اصل الإيمان في القلب، و هو الطمأنينة و الإقرار، فان اشتقاقه من الأمن الذي هو القرار و الطمأنينة، و ذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق و الانقياد [.
يقول ابن القيم] و من تأمل الشريعة في مصادرها و مواردها، علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، و إنها لا تنفع بدونها، و إن أعمال القلوب افرض على العبد من أعمال الجوارح فعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح، و أكثر و أدوم، فهي واجبة في كل وقت [.
يقول عبدالعزيز بن محمد] إن الإيمان المتعلق بالقلب قائم على اصلين: التصديق بالحق و اعتقاده، و محبة هذا الحق و أرادته فالأول اصل القول و الثاني اصل العمل، و إن التصديق بحد ذاته لا يعد إيمانا شرعياً، بل لابد من الانقياد و الخضوع لشريعة الله، و إلا فمن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام إن الكثير من أهل الكتاب و المشركين قديماً و حديثاً يعرفون أن محمداً ( f) رسول الله، و انه صادق، و مع ذلك فهم كفار، لأنهم لم يعلموا بما يوجبه هذا التصديق من الحب (التعظيم و الانقياد و للرسول ? [( f) .
يقول ابن تيميه] من الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه، بان الله فرض عليه الصلاة و الزكاة و الصيام، و الحج و يعيش دهره لا يسجد لله سجدة، و لا يصوم من رمضان، و لا يؤدي لله زكاة، و لا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع و لا يصدر هذا إلا مع نفاق في قلبه و زندقة، ولا مع إيمان صحيح، و لهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع من سجود الكفار، كقوله تعالى (يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى السجود و هم سالمون [.
يقول عبدالعزيز بن محمد] غلط الجهمية الذي زعموا أن الإيمان مجرد معرفة قلبية بالله تعالى: وإن لم يكن هناك قول و ولا عمل، وقد رد بالله أبو عبيد القاسم بن سلام هذا القول، و وصفه بأنه (منسلخ من قول أهل الملل الحنفية، لمعارضتة لكلام الله ورسوله ( f) بالرد والتكذيب & ثم قال- ولو كان أمر الله ودينه على ما يقول هؤلاء ما عرف الإسلام من الجاهلية، ولا فرقت الملل بعضها من بعض، إذا كان يرضى منهم بالدعوى في قلوبهم، غير إظهار الإقرار بما جاءت به النبوة& [.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول أيضاً] غلط عموم المرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، حتى قال قائلهم (من حصل له حقيقة التصديق، فسواء أتى بالطاعات، أو ارتكب المعاصي، فتصديقه باق على حاله، ولا تغير فيه أصلاً) حيث أن هؤلاء المرجئة لم يفرقوا بين جنس العمل- والذي يعد شرطاً في صحة الإيمان عند أهل السنة - وبين آحاد العمل وأفراده والذي يعد تاركه غير مستكمل للإيمان [.
قال ابن تيمية: (فإن الله لما بعث محمدا رسولا إلى الخلق تصديقه في ما أخبر،وطاعته في ما أمر، ولم يأمرهم حينئذ بالصلوات الخمس،ولا صيام شهر رمضان، ولا حج البيت،ولا حرم الخمر والربا،ونحو ذلك، ولا كان أكثر القرآن قد نزل،فمن صدقه حينئذ في ما نزل من القرآن وأقر بما أمر به من الشهادتين وتوابع ذلك،كان الشخص حينئذ مؤمنا تام الإيمان الذي وجب عليه،وإن كان مثل ذلك الإيمان لو أتى به بعد الهجرة لم يقبل منه،ولو اقتصر عليه لكان كافرا)
شبهات المرجئة
أولاً/ قوله تعالى) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء (.
1. قال لعبد العزيز بن محمد بن علي [أما استدلالهم بقوله تعالى) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (فقد تقرر بالأدلة أن ترك الصلاة كفر وشرك، كما جاء في حديث جابر مرفوعاً) بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (فيكون ترك الصلاة داخلاً في عموم الآية من جهة الدلالة على أن ذلك مما لا يغفره الله تعالى، وبهذا نصدق بجميع تلك النصوص، ويتحقق إعمالها دون إهمالها (
2. قال الشنقيطي) حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه قال) بايعنا رسول الله ( f) على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان (فدل مجموع الأحاديث المذكورة أن ترك الصلاة كفر بواح عليه من الله برهان (
3. قال محمد بن صالح العثيمين) مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (، فإن معنى قوله تعالى:) ما دون ذلك (ما هو أقل من ذلك وليس معناه ما سوى ذلك، بدليل أن من كذب بما أخبر الله ورسوله، فهو كافر كفراً لا يغفر وليس من ذنبه منه الشرك (
الشبهة الثانية
1. عن عبادة بن صامت t قال سمعت رسول الله ( f) يقول:) خمس صلوات افترضهنَّ الله، من أحسن وضوئهنَّ وصلاهنَّ لوقتهنَّ، وأتم ركوعهنَّ وسجودهنَّ وخشوعهنَّ كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه (
2. عن عبادة بن الصامت t قال سمعت رسول الله ( f) يقول:) خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن، ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهنَّ، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة (
جواب الشبهة الثانية
1. قال ابن تيمية) وأجود ما اعتمدوا عليه قوله ( f) ) خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليهنَّ كان له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة (قالوا فقد جعل غير المحافظ تحت المشيئة، والكافر لا يكون تحت المشيئة، ولا دلالة في هذا، فإن الوعد بالمحافظة عليها، والمحافظة فعلها في أوقاتها كما أمر، كما قال تعالى) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (وعدم المحافظة يكون مع فعلها بعد الوقت، كما أخر النبي ( f) صلاة العصر يوم الخندق، فأنزل الله آية الأمر بالمحافظة عليها وعلى غيرها من الصلوات وقد قال تعالى) فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسيلقون غياً (،فقيل لابن مسعود وغيره ما إضاعتها؟ فقال: تأخيرها عن وقتها، فقالوا: ما كنا نظن ذلك إلا تركتها فقال: لو تركوها لكانوا كفاراً (
2. قال محمد بن تصر المروزي:) فمن أتى بذلك كله كاملاً على ما أمر به فهو الذي له العهد عند الله تعالى بأن يدخله الجنة، ومن أتى بهنَّ لم يتركهنَّ، وقد انتقص من حقوقهنَّ شيئاً، فهو الذي لا عهد له عند الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، فهذا بعيد الشبه من الذي يتركها أصلاً لا يصليها (
(يُتْبَعُ)
(/)
3. وقال ابن تيميه أيضاً) وإذا عرف الفرق بينا الأمرين، فالنبي ( f) إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها، لا من ترك، ونفس المحافظة يقتضي أنهم صلّوا ولم يحافظوا عليها، ولا يتناول من لم يحافظ، فإنه لو تناول قتلوا كفاراً مرتدين بلا ريب، ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي ( f) وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع، حتى بقتل ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن لا يكون إلا كافراً، ولو قال: أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان مع هذا القول مع هذه الحال- كذباً منه (
4. قال عبد الرزاق بن محمد بن علي) أما حديث عبادة بن الصامت) خمس صلوات. & ((الحديث) فهذا الوعد الكريم إنما هو بالمحافظة عليها، والمحافظة فعلها في أوقاتها كما أمر قال تعالى) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (وعدم المحافظة يكون مع فعلها بعد الوقت، كما أخر النبي ( f) صلاة العصر يوم الخندق، فأنزل الله آية الأمر بالمحافظة عليها وعلى غيرها من الصلوات. وقد دل الكتاب والسنة، واتفاق السلف على الفرق بين من يضيع الصلاة فيصليها بعد الوقت، والفرق بين من يتركها، ولو كانت بعد الوقت لا تصح بحال، لكان الجميع سواء. فالنبي ( f) إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها لا من ترك، ونفي المحافظة يقتضي أنهم صلّوا ولم يحافظوا عليها، وقوله ( f) ) ومن لم يفعل فليس له عهد على الله & (معناه: أنه لم يأت بهنَّ على الكمال، وإنما أتى بهنَّ ناقصات من حقوقهنَّ، كما جاء مفسراُ في بعض الروايات:) ومن جاء بهنَّ، وقد انتقص من حقهنَّ شيئاً، جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء رحمه (
أود أن أشير إلى أن الأحاديث) صلوات الخمس (له روايات أخرى له صلة بهذه الأحاديث لابد أن ينتبه له الناس وهذه الأحاديث:
1. عن عبادة بن الصامت t قال: سمعت رسول الله ( f) يقول:) خمس صلوات افترضهنَّ الله، من أحسن وضوئهن بوقتهنَّ، وأتم ركوعهنَّ، وسجودهنَّ، وخشوعهنَّ،كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل، فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه (
2. قال سعيد بن المسيب إن أبا قتادة بن ربعي أخبره قال: قال رسول الله ( f) ) قال الله إن فرضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهنَّ لوقتهنَّ أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهنَّ فلا عهد له عندي (
3. عن عبادة بن الصامت t قال: قال رسول الله ( f)) خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة، من حافظ عليهنَّ، كان له عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهنَّ لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له (
4. عن كعب بن عجرة ( f) قال:) خرج علينا رسول الله ( f)، ونحن سبعة نفر أربعة من موالينا وثلاثة من عربنا، مسندي ظهورنا مسجده، فقال ما أجلسكم؟ قلنا جلسنا ننتظر الصلاة، قال فأرمّ قليلاً، ثن أقبل علينا فقال:) هل تدرون ما يقول ربكم؟ (قلنا: لا، قال: فإن ربكم يقول من الصلاة لوقتها وحافظ عليها، ولم يضيعها استخفافاً بحقها، فله علي عهد أن أدخله الجنة ومن لم يصلها لوقتها، ولم يحافظ عليها وضيعها استخفافاً بحقها، فلا عهد له علي، إن شئت عذبته، وإن شئت غفرت له (
5. عن أبي الدرداء t قال: قال رسول الله ( f) ) خمس من جاء بهنَّ مع الإيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهنَّ، وركوعهنَّ، وسجودهنَّ، ومواقيتهنَّ، وصام رمضان، وحج البيت، إن استطاع إليه سبيلاً، وآتى الزكاة طيبة بها نفسهُ، وأدى الأمانة؟ قيل يا رسول الله وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة، إن الله لم يأمن ابن آدم على شيءٍ من دينه غيرها (
6. عن حنظلة الكاتب ( c) قال سمعت رسول الله ( f) يقول:) من حافظ على الصلوات الخمس، و ركوعهنَّ، وسجودهنَّ،
ومواقيتهنَّ، وعلم أنهنَّ حق من عند الله دخل الجنة، أو قال وجبت له الجنة، أو قال حرمَّ على النار (
7. عن عبد الله بن مسعود ( c) أن النبي ( f) مر على أصحابه يوماً فقال لهم) هل تدرون ما يقول ربكم تبارك وتعالى؟ (قالوا: الله ورسوله أعلم (قالها ثلاثاً).قال:) وعزتي و جلالي، لا يصليها أحد لوقتها إلا أدخلته الجنة ومن صلاها بغير وقتها إن شئت رحمته وإن شئت عذبتهُ (
(يُتْبَعُ)
(/)
8. عن أبي هريرة t قال سمعت رسول الله ( f) يقول:) إن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة، لعله يتم الركوع ولا يتم السجود، ويتم السجود ولا يتم الركوع (
9. عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ( f) ) الصلاة ثلاثة أثلاث، الطهور ثلث، والركوع ثلث، والسجود ثلث، فمن أداها بحقها قبلت منه، وقبل منه سائر عمله، ومن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله (
10. عن علي بن شيبان t قال) خرجنا حتى قدمنا على رسول الله ( f) فبايعناه وصلَّينا خلفه، فلمح بمؤخر عينه رجلاً لا يقيم صلاته (يعني صلبه) في الركوع، فلنا قضى النبي ( f) صلاته قال: يا معشر المسلمين! لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (
دلالة الإجماع على كفر تارك الصلاة
أولاً: عن عبدالله بن شقيق العقيلي c قال: ((كان أصحاب محمد ( f) لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة))
قال الشوكاني: (والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة إجتمع عليها الصحابة لأن قوله ((كان أصحاب رسول الله)) جمع مضاف وهو من المشعرات بذلك)
قال إبن قدامة: (ولأنها عبادة يدخل بها في الإسلام فيخرج بتركها)
ثانياً: قال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق (بن راهويه الإمام المعروف) يقول (صح عن النبي ( f) أن تارك الصلاة:كافر، وكذلك كان رأي اهل العلم من لدن النبي ( f) أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر)
ثالثاً: عن مجاهد أبي الحجاج: عن جابر بن عبداللله قال:قلت له: ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الألأعمال على عهد رسول الله ( f) ؟ قال: الصلاة)
رابعاً: عن أبي هريرة c قال: (كان أصحاب رسول الله ( f) لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة)
خامساً: عن الحسن: قال بلغني أن أصحاب رسول الله ( f) كانوا يقولون: بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يدع الصلاة من غيرعذر)
سادساً:عن أبي الزبير: عن جابر وسأله: هل كنتم تعدون الذنب فيكم كفراً؟ قال: لا، وما بين العبدوالكفر إلا ترك الصلاة)
سابعاً: عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة وسليمان بن يسار عن: المسور بن مخرمة أنه دخل هو وإبن عباس على عمر بن الخطاب v فقالا: الصلاة يا أمير المؤمنين بعدما أسفر- فقال: نعم لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى والجرح يثقب دماً))
قال محمد بن نصر المروزي: (ذكرنا الأخبار المروية عن النبي ( f) في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتل من إمتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة v مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك)
أقوال الصحابة والتابعين والعلماء في أهمية الصلاة
أولاً: عن إبن مسعود c قال: (من ترك الصلاة فلا دين له)
ثانياً: قال علي بن أبي طالب c ( من لم يصل فهو كافر)
ثالثاً: عن أبي الدرداء c قال: (لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له)
رابعاً: عن سعيد بن جبير c قال: (من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر، ومن أفطر يوماً من رمضان متعمداً فقد كفر (ومن ترك الحج متعمداً فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر)
خامساً: وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق (إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها، حفظ دينه، ومن ضيعها، فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. قال: فكل مستخف بالصلاة مستهين بها، فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم في الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام، وعلى قدر رغبتهم في الصلاة، فإعرف نفسك يا عبدالله، (وإعلم إن حظك من الإسلام، وقدر الإسلام عندك بقدر حظك من من الصلاة وقدرها عندك) وإحذر أن تلقى الله، ولا قدر لللإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك) ()
سادساً: عن عبدالله بن خراش عن أبيه قال: نزل عمر بالجابية قال: فمر بمعاذ بن جبل وهو في مجلس قال: فقال له: يا معاذ إيتني ولا يأتني معك من القوم أحد، قال: فجاءه معاذ فقال: يا معاذ ما قيام هذا الأمر؟، قال: الصلاة وهي الملة.قال: ثم مه؟ قال: الطاعة وسيكون إختلاف) ()
(هل الصلاة من الإيمان أم من العمل)
عن موسى بن عمران – وكان قد كتب عن شريك – قال: إستأذن شريك عن المهدي وعنده أبويوسف القاضي وإمتريا،
فقال المهدي: الصلاة من الإيمان
وقال أبو يوسف: الصلاة ليس منم الإيمان
(يُتْبَعُ)
(/)
وإستأذن شريك فقال المهدي قد جاء من يفصل بيننا
قال: فلما دخل سلم
قال: فرد عليه.
فقال: يا أباعبدالله ما تقول في رجلين إمتريا
فقال: أحدهما:الصلاة من الإيمان وقال الآخر الصلاة من العمل؟
قال: أصاب الذي قال: الصلاة من الإيمان وأخطأ الذي قال الصلاة من العمل.
فقال أبويوسف: من أين قلت ذي؟!
فقال: حدثني أبوإسحاق: عن البراء بن عازب في قوله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) (البقرة:143) قال: صلاتكم نحو بيت المقدس)) ()
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ ( f) كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( f) قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) ()
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ cأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( f) صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوْ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ قَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ( f) قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَ الَّذِي مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) ()
عن السدي: لما توجه رسول الله ( f) قبل المسجد الحرام، قال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس، هل تقبل الله منا ومنهم أم لا؟ فأنزل الله جل ثناؤه فيهم (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) قال: صلاتكم قبل بيت المقدس، يقول: إن تلك طاعة وهذه طاعة) ()
عن إبن عباس v في قوله تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) يقول: (صلاتكم التي صليتموها من قبل أن تكون القبلة، فكان المؤمنون قد أشفقوا على من صلى منهم أن لا تقبل منهم صلاتهم)) ()
قال الإمام الطبري ((فإن قال قائل: وكيف قال الله جل ثناؤه (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) فأضاف الإيمان إلى الأحياء المخاطبين، والقوم مخاطبون بذلك، وغنما كانوا أشفقوا على إخوانهم الذين كانوا ماتوا وهم يصلون نحو بيت المقدس، وفي ذلك من أمرهم أنزلت هذه الآية؟ قيل إن القوم وإن كانوا قد أشفقوا من ذلك فإنهم أيضاً قد كانوا مشفقين من حبوط ثواب صلاتهم التي صلوها إلى بيت المقدس قبل التحويل إلى الكعبة، وظنوا أن عملهم ذلك قد بَطُلَ وذهب ضياعاً، فأنزل الله جل ثناؤه هذه الآية حينئذ فوجه الخطاب بها إلى الأحياء، ودخل فيهم الموتى منهم، لأن من شأن العرب إذا إجتمع في الخبر المخاطب، فيدخل الغائب في الخطاب، فيقولوا لرجل خاطبوه على وجه الخبر عنه وعن آخر غائب غير حاضر: فعلنا بكما، وصنعنا بكما، كهيئة خطابهم لهما وهما حاضران)) ()
قال الحكم بن عيينة: من ترك الصلاة مُتعمداً فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر، ومن ترك الحج مُتعمداً فقد كفر، ومن ترك صوم رمضان متعمداً فقد كفر.
وقال سعيد بن جبير: من ترك الصلاة مُتعمداً فقد كفر بالله ومن ترك الزكاة مُتعمداً فقد كفر بالله، ومن ترك صوم رمضان فقد كفر بالله.
وقال الضَّحاك: لا تُرفع الصلاة إلا بالزكاة ((……….
وجاء في الحديث:)) إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تُقُبِّلت منه صلاته، تُقُبِّل منه سائر عمله، وإن رُدَّت عليه صلاته، رُدَّ سائر عمله ((.
فصلاتنا آخر ديننا، وهي أول ما نُسال عنه غداً من أعمالنا يوم القيامة.
فليس بعد ذهاب الصلاة إسلامٌ ولا دينٌ، إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام، (1) هذا كله كلام أحمد.
والصلاة أول فروض الإسلام،وهي آخر ما يُفْقَد من الدين، فهي أول الإسلام وآخره، فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه، وكل شيء ذهب أوله وآخره، فقد ذهب جميعه.
قال الإمام أحمد: كلُّ شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه ((.(/)
كيف يستقيم الأمر؟ أن تكون السنة التفسيرية حجةو يكون حمل المفسرالآية على الحديث اجتهاد
ـ[العرباض]ــــــــ[19 Mar 2005, 05:40 م]ـ
المرجو من الإخوة المشاركة في الحديث عن هذا الإشكال الذي عرض لي و هو: إذا كانت السنة النبوية تفسر القرآن، فكيف يستقيم هذا مع أن حمل المفسر الآية على الحديث عمل اجتهادي، بحيث يمكن أن يختلف مفسران أو أكثر في تفسير آية ما تبعا لاختلاف الحديث الذي رآى كل واحد منهما أنه مفسر للآية، ألا يجر ذلك إلى التخلص من السنة النبوية التفسيرية بحجة أنها في نفسها و إن كانت حجة فإن في التفسير بها مدخلا للاحتهاد و الرأي.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[20 Mar 2005, 08:31 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم - أنا لست عالما - و هذا رأي و ليست فتوى:)
لا أعتقد بأن السنة النبوية هي تفسر القرآن الكريم كما قلت
بل أن السنة النبوية مساعدة لفهم بعض آيات
فمثلا - آية " يا ايها النبي لم تحرم ما احل .........
لولا السنة النبوية - لما عرفنا ما هو الشيء الذي حرمه النبي عليه الصلاة والسلام على نفسه
و لكن الآية واضحة بأن التحريم حصل - و لكن التفاصيل جاءت بها السنة النبوية
ثم أن هناك الكثير من الأحاديث النبويه - لم تتطرق الي تفسير الآيات القرآنية
فلا أعتقد بصحة هذا القول او الزعم " السنة النبوية تفسر القرآن " أو تعميمه على القرآن كله
و مثال على ذلك - أن السنة النبوية لم تبين لنا ما هي الحروف المقطعة!!!!
بل أن العلماء يجتهدون لمعرفة حقيقتها. و الله أعلم
/////////////////////////////////////
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Mar 2005, 09:41 ص]ـ
السلام عليكم الجواب ليس كما قال الاخ السابق فالسنة النبوية تفسر القران الكريم لكن ليس معنى ذلك ان القران كله مفسر بالسنة لكن وردت احاديث كثيرة تفسر اي القران الكريم كما هو معلوم لدى اهل العم لكن الاشكال الذي طرحه صاحب المسالة مرده الى الخلط بين تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الايات وبين ما يلوح للمفسر ان الحديث الفلاني هو تفسير للاية اجتهادا من عنده وهي مسالة لم ار من نبه اليها الا مولانا العلامة فضل حسن عباس والدكتور مساعد الطيار في كتابه القيم دراسات في اصول التفسير وعلوم القران فليرجع الاخ السائل اليه وسيجد بغيته ان شاء الله
ـ[العرباض]ــــــــ[21 Mar 2005, 05:24 م]ـ
جزى الله تعالى الأخ الفاضل على مشاركته. و أحيطك علما أن الإشكال الذي طرحته ليس مرده إلى عدم تمييزي بين التفسير بالسنة و التفسير النبوي فأنا و لله الحمد أميز بينهما و قد اطلعت قبل ذلك على ما كتبه الشيخ مساعد بمجلة البيان حول موضوع مصادر التفسير، و هذا المقال هو الذي طبع ضمن الكتاب الذي كما أخبرني هو بذلك مشكورا قبل عرض الكتاب في الأسواق. و قد نبه على هذا التفريق فضلا عن العلامة فضل حسن عباس و الشيخ مساعد، الدكتور حسن علي -فيما أذكر من اسمه- في كتابه الذي طبع مؤخرا حول كتاب التفسير من مستدرك الحاكم، لكنه فرق بين التفسير المباشر - و هو التفسير النبوي- و التفسير غير المباشر - و هو التفسير بالسنة. كما نببه على نفس الأمر د. زيد بوشعراء في مقال نشره بمجلة الهدى المغربيةع 15 - 1986 قبل أن تتوقف عن الصدور، و قد ميز بين تفسير السنة للقرآن -و هو التفسير النبوي- و تفسير القرآن بالسنة والأمر واضح. فالذي أردت أن أنبه الدكتور أبا حسان عليه أني على دراية بالأمر، و أن الإشكال الذي حصل لي لم يكن بسبب خلطي بين الأمرين و إنما بسسب إشكال حقيقي شرحته في التدخل السابق باختصار و على عجلة من أمري و إن كنت قد أوضحته.فالتفسير النبوي لا إشكال في حجيته و إلزاميته لكل مفسر بل لكل مسلم، لكن الإشكال في التفسير بالسنة و ما يطرحه من إشكال حول تعين الأخذ به، خاصة و أن الخلاف في التفسير به منقول عن الصحابة رضوان عنهم، كما وردعن ابن مسعود و بعض الصحابة (لعله ابن عباس) من الخلاف في تفسير الدخان الوارد في قوله تعالى: (فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين) فكل واحد منهما فسر الآية بحديث، و كما ادعى بعضهم أن أبا هريرة رضي الله عنه أخطأ في تفسير آية بحديث و ذلك في قوله تعالى: (و إني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم) حيث فسرها بقول النبي صلى الله عليه و سلم: (كل ابن آدم يؤزه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا إلا مريم و ابنها) ثم قال أبو هريرة: و اقرأوا إن شئتم .. ) ثم قرأ الآية. حيث قال هذا المعترض: الآية تتحدث عن دعاء امرأة عمران لمريم و ذريتها أن يقيها من الشيطان بعد ولادتها (فلما وضعتها .. ) الآية و الحديث يجعل هذه الوقاية لمريم و ابنها عليهما السلام عند الولادة. فكيف يصح تفسير الآية بالحديث.
و يمكن أن آتي بأمثلة أخرى في مناسبة أخرى، فالذي أردت أن أنبه عليه و أن أثير همم الإخوة المشاركين في المنتدى لإثراء الحوار حوله هو أن القول أن التفسير بالسنة عمل اجتهادي محض يفضي إلى التخلص من حجيته و التملص من إلزاميته. و لهذا فالأمر يحتاج في رأيي إلى تفصيل و إقامة الحجة على أنواع من التفسير بالسنة لا مرد لها و لا مطعن عليها، بدلا من إطلاق القول: إن السنة النبوية التفسيرية حجة.
و أطلب من الأخ الدكتور جمال أن يحيلني على المكان الذي نبه فيه العلامة فضل حسن عباس على التفريق المذكور مع توثيقه لأنني قد أحتاج إلى الآحالة عليه في بعض البحوث، فهو يهمني، و جزاك الله تعالى خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 Mar 2005, 07:36 م]ـ
الاخ العرباض .....
الاشكال الذي طرحته ... هو أم الاشكالات ... اي ضوابط فهم النص الديني .... فالقول بالعودة الى القرآن والسنة ... قول حسن لا ريب ... ولكن الواقع .... ان قائل هذا الكلام لا يعود الى القرآن والسنة .... ولكن الى ما يعتقده قرآنا وسنة .... وهنا لا بد من الاحتراس:
فالقول بأنه لا يوجد الا تصوراتنا عن القرآن .... يقود الى السفسطة لا محالة ...... وهذا ما يروجه اليوم دعاة الحداثة ..... تحت عنوان قراءة النص الديني ... والهدف هو الغاء القرآن ذاته .... بدعوى ان كلامك عن القرآن واستنباطك منه لا يعدو ان يكون قراءة خاصة بك لا تلزم غيرك .... ويكونون قد نصبوا لك فخا عظيما ....
لكن الحمد لله ..... قيض لهذا الدين ..... ائمة وعلماء ... نقحوا ضوابط وقواعد .... موضوعية .. يحتكم اليها .... لكي لا يتطرف فى التأويل ... وهنا اقول ... كل من لا يعتبر هذه الضوابط .. سقط فى الفخ العلماني والحداثي ..... وهذه الضوابط موجودة فى كتب اصول الفقه .. واصول التفسير ... اذكر منها على سبيل التمثيل ضابط "الكلام يحمل على ظاهره" ... فمن أخل بهذا الضابط ... شرد وضل ... كما وقع للقرامطة والصوفية والشيعة .... وبعض اهل الكلام ...
بعد هذه المقدمة اعود الى استشكالك .. :
هنا آية ....
هناك حديث ....
المفسر اعتقد ان تفسير هذه الآية بذاك الحديث ممكن ... بل متعين .. وهذا منه اجتهاد .... بمعنى ان تفسير ه ظني ...
هنا ينظر فى ضوابط الاجتهاد ... وفى تطبيقها على الفهم ... فإن لم يكن هناك خلل ... قبل تفسيره ... كما يقبل الظن الراجح ... والعدول عن تفسيره الى تفسير مرجوح .... ليس الا اتباعا للهوى .....
بل ان الاشكال الذي طرحته ... اخي العرباض .. يقع حتى على تفسير القرآن بالقرآن .... فاعتقاد ان هذه الآية تفسيرها آية أخرى ... هو من جنس ما طرحته ..
عصمنى الله واياك من الشبهات واتباع الهوى والله اعلم ..
ـ[العرباض]ــــــــ[02 Apr 2005, 06:04 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا المعز على مشاركتك التي أضاءت لي طريق البحث أكثر في هذا الموضوع و إذا كان عند الإخوة المزيد فليتفضلوا به مشكورين. والسلام عليكم(/)
من يحتسب ويجيبني على هذا التساؤل حول هذه الآية (اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)؟؟
ـ[ابواحمد]ــــــــ[20 Mar 2005, 12:04 ص]ـ
سألني أحد الاخوة عن هذه الآية فقلت أحيل هذا السؤال على الاخوة في هذا الملتقى المبارك لعلي أجد الجواب:
قال تعالى (وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا).
السؤال: هل هناك حكمة بلاغية في ذكر لفظ (القرآن) بدلاً من لفظ (الكتاب)؟؟ وهل تطرق أحد من المفسرين الى هذه اللطيفة؟؟
علماً انني قرأت تفاسير عديدة حول هذه الآية ولم أجد شيئاً ..
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Mar 2005, 01:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تسمية القرآن بالكتاب روعي فيها كونه مكتوباً في اللوح المحفوظ، وفي الصحف المكرمة، وفي المصاحف الشريفة.
وأما تسميته بالقرآن فقد روعي فيها كونه مقروءاً بالألسنة.
والذي يتعلق به فعل المكلفين هو القراءة والتلاوة؛ ومن هنا ناسب ذكر هذا الاسم في الآية الكريمة. لأن هجر القرآن إنما يكون من هذا الجانب وتوابعه من الاستماع والعمل بما فيه وتطبيق أحكامه.
والله أعلم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 Mar 2005, 07:05 ص]ـ
ربما كون الآية مكية أشكل علي جوابك أخي وشيخي الدكتور العبيدي
قال الرازي ((ذكروا في المهجور قولين: الأول: أنه من الهجران أي تركوا الإيمان به ولم يقبلوه وأعرضوا عن استماعه الثاني: أنه من أهجر أي مهجورا فيه ثم حذف الجار ويؤكده قوله تعالى:
{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَـ?مِراً تَهْجُرُونَ}
[المؤمنون: 67] ثم هجرهم فيه أنهم كانوا يقولون إنه سحر وشعر وكذب وهجر أي هذيان،))
فمعنى المهجور كما ورد عنده لم يربطه بالتلاوة والقراءة--ولم يكن حينها تكاليف على المرء غير قبول الهدى
ـ[ابواحمد]ــــــــ[20 Mar 2005, 11:23 م]ـ
أشكر للأخوة تفاعلهم واتطلع الى المزيد من التوجيه من بقية الاخوة وجزاكم الله خيرا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 Mar 2005, 11:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فبارك الله في الأخوين الفقيهين (تعريباً لكلمة دكتور) على ما أورداه، ولي إضافة متواضعة لما جاء في كلامهما، أقتبسها من مؤلَّفين جليلين، الأول: "تدبّر سورة الفرقان في وحدة موضوع" لفضيلة الشيخ عبد الرحمن حسن الميداني. والثاني: " سر الإعجاز " لفضيلة الدكتور عودة الله منيع القيسي.
ولنبدأ ببيان ما جاء في لفظ " مهجوراً "، فيقول فضيلة الشيخ الميداني: "مهجوراً" إسم مفعول من "هجر الشيء" إذا تركه وتباعد عنه، ومعلوم أن المتباعد عن الشيء الهاجر له لا يبحث عنه، ولا ينظر إليه. فإذا كان المهجور كتاباً يُتلى فإن الهاجر لا يخطر على باله أن يفكر فيما جاء فيه من علم أو بيانات أو مواعظ أو أوامر ونواهي، ولو تُلي عليه. والهجر ضد الوصل ففيه معنى التباعد والترك بعد اللقاء والمخالطة.
فدلّت جملة " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو لربه من تولّي الذين كفروا من كبراء قومه في مكة عن متابعة التفكر في القرآن لتدبّر وتفهّم آياته، حتى جعلوه مهجوراً بعد أن استمعوا ابتداءً له وعرفوا ما فيه من إعجاز. هذا ما يفيده معنى الهجر، إذ الهجر إنما يكون بعد اللقاء والمخالطة.
هكذا شكى الرسول صلى الله عليه وسلم شكوى تتعلّق بهجر كفار قومه للقرآن ...
وهذه الشكوى أُلحقت بشكوى ثانية، في قولهم: " لولا نُزّل عليه القرآن جملة واحدة .. الآية 32 ".
يقول الشيخ عبد الرحمن الميداني: التفكّر في مجمل الفقرة التي نتدبّرها من السورة يرجّح لدينا أن جملة " وقال الذين كفروا لولا نُزّل عليه القرآن جملة واحدة " معطوفة على جملة " إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً "، فهي على هذا مما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لربّه في شكواه، وهي الشكوى الثانية التي اشتكاها الرسول صلى الله عليه وسلم لربه بشأن القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون في هذه الشكوى الأخيرة وربطها بالأولى جواب للأخ السائل .. ذلك أن كبراء كفار القوم في مكة ومن اتبعهم اعترضوا على تنزيل القرآن منجماً، وأرادوا بهذا: أن تنزيله منجماً يدعو إلى الشك في أنه كلام الله. أليس الله عليماً بكل شيء، قديراً على أن ينزّل القرآن كله في وقت واحد كما أنزل كتباً سابقة على رسل سابقين دفعة واحدة؟
وعقب هذا جاء الردّ الرباني ببيان الحكمة من تنزيله منجّماً مفرّقاً، فقال الله عزّ وجلّ: " كذلك لنثبّت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً. ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً ".
والذي يهمنا هنا هو ما أشار إليه الأخ السائل: هل هناك حكمة بلاغية في ذكر لفظ (القرآن) بدلاً من لفظ (الكتاب)؟
وبالربط بين الآيتين الكريمتين المذكورتين أعلاه، مع ورود الفعل (نزّل)، يمكن الكشف عن سبب مجيء "القرآن" بدلاً من "الكتاب" في هذا الموطن .. فقد جاء في "سر الإعجاز " للدكتور القيسي:
إن لفظ (نزّل) يقتضي التكرار، لأجل التضعيف، تقول: (ضرب) - مخففاً، لمن وقع عليه ذلك مرة واحدة، ويحتمل الزيادة، والتقليل أقوى وأنسب. أما إذا قلنا (ضرّب) بتشديد الراء، فلا يقال إلا لمن كثر ذلك منه، فقوله تعالى: " نزّل عليك الكتاب " (آل عمران:3) مشير إلى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدعاوي، وأنه لم ينزّل دفعة واحدة.
أما (أنزل) فتدلّ - على الأقوى - على النزول دفعة واحدة. كما قال تعالى في التوراة: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء، موعظة وتفصيلاً لكل شيء، فخذها بقوة " (الأعراف: 145). فإذا ورد أي من هذه الكتب وحده .. فيمكن أن يأتي بـ (أنزل) أو (نزّل) لأنهما يكونان بمعنى واحد عند عدم المقارنة، كقوله تعالى: " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " (الكهف: 1).
ولم يرد التضعيف (نزّل) مع التوراة إلا في قوله تعالى: " من قبل أن تُنزّل التوراة " (آل عمران: 93)، لأن المراد بالتوراة هنا أحكام التوراة، وأحكام التوراة باقية ...
فصيغة (نزّل) مضعّفة تأتي مع القرآن، وصيغة (أنزل) متعدّية بالألف تأتي مع الكتب الأخرى، ثم يكون تفريغ .. وحاصل الأمر أن (نزّل) فيها من التوكيد أكثر مما في (أنزل) .. وهذا كالأفعال (نجّى وأنجى، ونبّأ وأنبأ .. وهكذا) .. ولهذا كان ورود (نزّل) أصلاً مع القرآن، لأن القرآن تأكّد بالتنجيم أي تقوى عن طريق الحفظ بالصدور، إذ كان المسلمون يحفظون ما ينزل منه قبل أن ينزل نصّ آخر، فتتابع نزوله وحفظه على مدى ثلاث وعشرين سنة، وتأكّد دون سائر الكتب المنزلة بحفظ نصه من التغيير أو التحريف ..
والله تعالى أعلم
ـ[موراني]ــــــــ[21 Mar 2005, 01:25 ص]ـ
عفوا: قد ذكرت أعلاه:
فدلّت جملة " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً
أقول:ليس هذا (بجملة) و بل هي آية.
لقد وقعت مرة في هذا الخطأ وقلت (هذه الجملة ..... وذكرت آية) , فقيل لي: لا تقل: جملة , بل قل: آية.
وأنا شخصيا أخذت بهذا الاقتراح. فلا أظنه الا وهو الصواب في رأيي.
بتحياتي
ـ[علي جاسم]ــــــــ[24 Mar 2005, 09:30 ص]ـ
أخي الفاضل .. هنالك تناسق بين لفضين إن أدركناه عرفنا - والله أعلم - لماذا قال تعالى القرآن ولم يقل الكتاب .. اللفضين هما (قومي) و (القرآن) إذ القرآن أنزل كمنهج سماوي للناس كافة عرب وعجم وغيرهم .. ولكن هنالك خصوصية بين القرآن والعرب الذين أرسل إليهم تجعل من هجرانهم للقرآن أشد عجبا من هجران غير العرب .. ذلك لأن القرآن معجز باللفظ والبلاغة وهذا ما امتازت به العرب دون غيرهم أي النبوغ والإبداع في البلاغة .. فهم بهذا أجدر أن لا يهجروا القرآن باعتبار إدراكهم لمافيه من البلاغة .. وبالتالي صار لفظ الكتاب يحمل معنى الدستور السماوي أو المنهج الإلهي بينما لفظ القرآن تعدى هذا المعنى لمعنى القراءة أي المقروء المسموع وهذا يحمل معنى التأمل والتفكر في لفظه بالإضافة لمنهجيته فقال النبي {القرآن} ولم يقل الكتاب وقال قبلها {قومي} ولم يقل الناس ... والله أعلم ..(/)
علوم القرآن في كتب القراءات / كتاب الروضة أنموذجًا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 Mar 2005, 01:28 م]ـ
الروضة في القراءات الإحدى عشرة، لأبي علي الحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي المالكي (ت: 438)، تحقيق الدكتور مصطفى عدنان محمد سلمان، نشر مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة.
......................
إن مما يدعو للابتهاج أن تقف على كتاب لا تظنُّه مظنَّة معلومات تعتني بها، فإذا بك تقف على كنز دفين في هذا الكتاب، ومثل ذلك ما وقع في كتاب الروضة في القراءات الإحدى عشر، وسأسرد لكم بعض ما في هذا الكتاب:
1 ـ قال في سورة البقرة: ((مدنية إلا آية منها نزلت يوم النحر بمنى (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) ... ))، ثم ذكر بعدها الخلاف في عدِّ الآي.
2 ـ قال في سورة المائدة ((مدنية إلا آية منها نزلت في عرفة (اليوم اكملت لكم دينكم) ... ))، ثم ذكر عدَّ الآي.
3 ـ وقال في سورة النحل: ((مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت بين المدينة وبين أحد في قصة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهنَّ قوله تعالى: (وإن عاقبتم) إلى آخر السورة)).
4 ـ وقال في سورة الحج: ((وهي من أعاجيب القرآن؛ لأن فيها مكيًّا ومدنيًّا وحضريًّا وسفريًّا، وليليًّا ونهاريًّا ... )) ثم شرع في ذكر هذه الأنواع وآياتها من السورة.
ومن هذه الأمثلة يظهر الآتي:
1 ـ أن المؤلف سار على مكان النزول، ولم يعتمد زمن النزول.
2 ـ أنه ذكر جملة من انواع علوم القرآن وهي الحضري والسفري والليلي والنهاري، وهو متقدم على نقل السيوطي لهذه الأنواع عن ابن العربي (ت: 543)، وهذا يفيد في معرفة أول من نصَّ على هذه الأنواع من علوم القرآن.
3 ـ عنايتة بالاختلاف في عدِّ الآية، وهو بهذا يُعدُّ مرجعًا من مراجع هذا العلم.
4 ـ مما تميز به الكتاب في فنِّه ذكر اختيار الأعمش، وهو القارئ الحادي عشر الذي أضافه المؤلف.
والمقصود من هذا النقل أن الباحث قد يقع في مثل هذه الكتب على معلومات مهمة في علوم القرآن، فلو تصدَّى لها باحث وجمعها من هذه الكتب لظفر بأنواع علوم القرآن عند هؤلاء الأعلام المتقدمين، ولأضاف هذا البحث إلى علوم القرآن خدمة جليلة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Mar 2005, 02:31 م]ـ
بارك الله في الاخ الدكتور الطيار على اسهاماته النافعة
ـ[المنصور]ــــــــ[23 Mar 2005, 11:10 ص]ـ
ذكرني ماكتبه شيخنا الفاضل: د. مساعد الطيار بالفوائد العلمية المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن في مؤلفات الداني، وهي تحتاج ‘لى دراسة مستقلة كذلك.
ـ[د على رمضان]ــــــــ[07 Dec 2010, 10:46 م]ـ
بارك الله فى علمكم شيخنا الكريم وهو بحق موضوع يحتاج لدراسة علمية نرجو أن ينهض بها أحد من الباحثين فى الدراسات القرآنية، ولكنه يحتاج إلى مواصفات خاصة من الدأب والصبر على البحث والدقة فى النظر والعمق فى التناول، وشكراً
ـ[الدرة]ــــــــ[09 Dec 2010, 12:59 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك(/)
نداء الى السادة العلماء والباحثين
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Mar 2005, 02:48 م]ـ
نداء الى الاخوة الباحثين الكرام
السلام عليكم ورحمة الله
ستقيم جامعة الزرقاء الاهلية بالاردن مؤتمرا علميا حول اعجاز القران ضمن محاور متعددة وقد تفضل كثير من اهل الفضل والعلم بابداء الرغبة في المشاركة وقدمت لنا اوراق عدة لكن بقي من محاور المؤتمر محور حول نظرية الصرفة في الاعجاز لم يتقدم احد بابداء رغبة للكتابة فيه وكذلك محور اعجاز القران في دراسات البيانيين واعجاز القران في دراسات المتكلمين فالمرجو من الاخوة الكرام اصحاب التخصصات المختلفة ان يشاركونا الكتابة في هذه المحاور
ومن خلال هذا المنبر اوجه النداء للدكتور فهد الرومي والاخ الكريم الدكتور الشهري المشرف على هذا المنتدى ان يشاركونا وان يحفزا هما والدكتور الكريم مساعد الطيار الباحثين من حولهم للكتابة
جعلنا الله تعالى من خدم كتابه ومن اهل دينه الذين رضي عنهم وارضاهم(/)
سؤال عن الاستنباط من قصص القرآن وحدوده.
ـ[علي جاسم]ــــــــ[21 Mar 2005, 10:32 ص]ـ
هنالك جانب في الآيات القصصية في القرآن .. كم وددت لو أجد من يتفضل علي برأي فيه .. فأنا لا أجد فيه ما يتنافى مع الشرع من جانب، ومن جانب آخر أراني أتجنب الخوض فيه لا لسبب معين .. لكن أحسبها قدسية القرآن التي جعلت من حدود المحظور محظور، ولا زال ذاك ديدني بين القبول والطعن مذبذب بين ذلك .. فأفيدونا أثابكم الله ..
لنأخذ من الآيات القصصية مثلا قوله تعالى {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فضن أن لن نقدر عليه فنادا في الضلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الضالمين فاستجبنا له فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} الأنبياء .. الخطوط العريضة لهذه الآية تشتمل على أربعة مراحل " ابتعاد عن منهج الله وهو قوله تعالى {إذ ذهب مغاضبا} ثم ابتلاع الحوت له {فالتقمه الحوت} ثم رجوع إلى الله {أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} ثم النجاة لبر الأمان {فنجيناه من الغم} ماذا يمكن أن نفهم من هذه الخطوط أو هذه المراحل؟؟؟
أن يا إنسان إن ابتعدت عن منهج الله تعالى فقد يلتقمك حوت من حيتان الدنيا وانت بعد خائض في لججها!! وقد تقول وما حيتان الدنيا؟؟ قلنا الشهوة حوت، فإن انحرفت عن منهج الله تعالى ابتلعك حوتها، وما الحل حينها .. الرجوع إلى الله {لا إله إلا أنت سبحانك} لتنجو من بطن هذا الحوت لبر الأمان .. ثم هل هنالك حيتان أخر .. نعم هنالك حوت الهوى، وحوت الدنيا بزخاريها وزينتها، وحوت غرور العقل الإنساني، وهذا الأخير أدهى وأمر .. وهكذا فإن خرجت عن منهج الله فأنت لا محال صائر لبطن حوت من هذه الحيتان وليس لك بعده إلا الرجوع لله كما فعل يونس ..
ولنأخذ مثالا آخر .. وهو قصة موسى مع السحرة .. فما المانع إن اعتبرنا أن السحرة هم أصحاب البدع في المجتمعات وأن ثعابينهم هي فتنهم التي تلقي سمومها في جسم المجتمع فتخلب ألبابهم وبصائرهم كما فعلت حبال السحرة في الملأ وأن عصى موسى هي حجة الله الدامغة التي يظهرها الله على يد عبد من عباده الذي يصطفيهم لإزهاق الباطل فتنهي هذه الحجة أباطيلهم وتعيد الناس لجادة الصواب بإذن الله كما فعلت عصى موسى، وهكذا .. على أن هذا الكلام لا يعني – بطريقة أو بأخرى – أن المقصود من هذه القصص هذا الأمر أو بمعنى آخر " أن هذا الجانب الذي ذكرناه يندرج ضمن الاستنباطات المتحصلة من القصة القرآنية بالإضافة إلى جوانبها العقائدية والتربوية وجانب التخفيف على النبي {كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك}
فإن كان فيما أسلفت ما ينافي الشرع فأفيدونا أثابكم الله .. على أن الجرجاني يذكر في تعريفاته " التأويل هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقا للكتاب والسنة .. والحمد لله رب العالمين
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Mar 2005, 01:26 ص]ـ
الأخ الكريم علي جاسم بارك الله فيه، اسمح لي بالجواب على السؤال في النقاط التالية:
1 - الاستنباط من القرآن شامل لجميع الآيات ولا يقتصر على آيات الأحكام، فيستنبط من آيات القصص والوعظ والتذكير والأمثال والصفات وغير ذلك. وأما حصر الأئمة رحمهم الله آيات الأحكام بخمسمائة آية فالمقصود ما دل بطريق مباشر أي الأحكام الظاهرة.
قال الطوفي (ت: 716): " وكأن هؤلاء الذين حصروها في خمس مئة آية إنما نظروا إلى ما قُصد منه بيان الأحكام، دون ما استفيدت منه، ولم يُقْصَدْ بيانُها" [شرح مختصر الروضة: (3/ 578)].
2 - آيات القصص على وجه الخصوص مجال واسع للاستنباط بأكثر من طريق: كالاستنباط بشرع من قبلنا، والاستنباط بإقرار الله تعالى وبفعله بهم من نعيم أو عذاب وغير ذلك.
قال القرافي (ت: 684): " وقال بعض العلماء: كُلُّ قصةٍ مذكورةٍ في كتاب الله تعالى فالمراد بذكرها: الانزجارُ عما في تلك القصة من المفاسد التي لابَسَها أولئك الرَّهْط، والأمر بتلك المصالح التي لابسها المحكي عنه ". [نفائس الأصول 9/ 3832].
قال الزركشي (ت: 794): " فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام ". [البرهان]
وقال ابن عاشور (ت: 1393): " إن في تلك القصص لعبراً جمة، وفوائد للأمة " [التحرير والتنوير: 1/ 64].
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - يشترط لصحة الاستنباط أن يكون بعد فهم صحيح للآية، أي بعد تفسير صحيح لها، وإذا بني الاستنباط على تفسير باطل فهو باطل.
4 - ينبغي التفريق بين استنباط المعنى من الآية وبين الأسلوب الذي يعبر به عن ذلك المعنى: فإذا كان المعنى المستنبط صحيحاً فالتعبير عنه يتوقف على القدرة البلاغية واللغوية للشخص، وأما تسمية المعاني المستنبطة باسم موجود في القرآن كقولك بورك فيك: (حوت الهوى ... الخ). فقد استعمله بعض السلف كابن القيم رحمه الله وغيره.
5 - يتبقى بعد ذلك الحذر من استعمال الرموز والإغراق في ذلك كما هو عند كثير من الباطنية وككثير مما يسمى بالتفسير الإشاري الذي يروى عن مثل أبي عبد الرحمن السلمي وغيره، فإن ذلك ليس تفسيراً ولا استنباطاً صحيحاً بل هو من باب الاعتبار وحكمه حكم القياس الفقهي.
6 - فيما ذكرت وفقك الله في المثال الأول: ينبغي أن يعلم أن الاستنباط المذكور انبنى على تفسير مختلف فيه.
فالعلماء قد اختلفوا في معنى: (فظن أن لن نقدر عليه) على قولين: الأول: أنه وقع في ظنه أن الله تعالى لا يقدر على معاقبته.
قال الشوكاني: " وهو قول مردود، فإن هذا الظن بالله كفر، ومثل هذا لا يقع من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ".
والثاني: فظن أن لن نضيق عليه كقوله: (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) [الرعد: 26] أي: يضيق. وعلى هذا القول جمهور العلماء واختاره ابن جرير.
قال الطوفي: " أي: يضيق: تنزيهاً لنبي الله يونس عن أن يعتقد نفي قدرة الله ـ عز وجل ـ عن شيء، وهو أليق بحال الأنبياء، بل المتعين في حقهم، إذ لا يجوز أن يكون نبياً من يجهل صفات ربه، وما يجوز عليه وما يمتنع ". الإشارات الإلهية: (3/ 32).
وأما قوله: (مغاضباً) أي: مغاضباً ربه: والمعنى: مغاضباً من أجل ربه. وقيل: مغاضباً لقومه. وقيل: للملك.
وعلى هذا يُعلم أن الاستنباط لا يصح وجهه على المعنى الأول، وأما على المعنى الثاني فمحل نظر. ومحل النظر هو علاقة الاستنباط بالآية لا صحة المعنى في نفسه إذ قد يصح المعنى لكن من غير هذه الآية.
7 - وأما المثال الثاني: فلم تذكر علاقة المعنى المستنبط بالآية. والمعنى كما سبق قد يصح لكن من غير هذه الآية. ومحل اللبس هو أن المسلم قد يتذكر خلال قراءته للآية بمعاني فلا يلزم أن يربطها بالآية، وربطها بالآية إذا لم يكن له وجه لا يجوز بل قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن ذلك افتراء على الله ولو صح المعنى بلا ربط.
8 - أخيراً المقام لا يسمح بالزيادة وقد حاولت الاختصار مع إيضاح الفكرة أرجو من الله تعالى العلم النافع والعمل الصالح ...
أخوك
ـ[علي جاسم]ــــــــ[27 Mar 2005, 11:02 ص]ـ
الحمد لله الوتر والصلاة والسلام على حبيبنا محمد الطيب الذكر ما أاضائت شمس وما أنار بدر وعلى آله واصحابه أولي الدين والفكر وبعد .. أخي الكريم أما قولك -جزاك الله خيرا - في المثال الأول .. فأنا إنما قصدت بأن يونس قد خالف منهج الله تعالى فلأن الأنبياء على وجه الخصوص محكومون بحركتهم خصوصا فيما يتعلق برسالة النبي محكوموم لأمر الله تعالى في افعل ولا تفعل وذا النون قد ذهب مغاضبا والله لم يقل له افعل وهذه مخالفة لمنهجية الله تعالى لا في المنهج بل في تلقي الأمر الإلهي .. وعلى هذا الأساس اصار ذا النون مخطئا إن صح قول الشوكاني أو الطوفي وهذا هو الأصل الذي أردت .. أما الآية الثانية - تربت يداك ولا فظ الله فوك أخي الحبيب - فأنا ما ألزمت المعنى بالآية إلزام العلة للمعلول والسبب للمسبب بل أردت أن هذا المعنى يمكن أن يستنبط من هذه الآية .. نعم .. قد يستحصل هذا المعنى دون الآية .. لكن- ولا أحسبك تخالفني في هذا الامر - إذا ما اتصل معنى ما بالقرآن أو فلنقل إذا ما أحسسنا أن هذا المعنى مستوحى من القرآن فسوف لن تقدح هواجس الريبة والتوجس من هذه الفكرة على عكس ما لو صدرت أو انبجست من قريحة كاتب أو مجّها عقل مفكر قد يتوهم الخيال فيه الخطأ والخداج مما سيجعل حاجزا شفيفا بين الفكرة ومحلها من القلب .. أمّا وقد صدرت من القرآن ففي هذه الميزة ما يقطع دابر الريبة ودخائل الهوى .. وجزاك الله خير الجزاء ..(/)
المراد بـ (النفاثات) بين شيخي الإسلام: ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله و رضي عنهما
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[21 Mar 2005, 12:01 م]ـ
المراد بالنفاثات بين شيخي الإسلام: ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله و رضي عنهما
قال شيخ الإسلام التقيّ أحمد: (الثالث: شر النفاثات في العقد، و هنَّ السواحر اللواتي يتصورن بأفعال في أجسام .. ) المجموع 17/ 536
و قال في تفسير سورة الفلق 17/ 507: " ثم خص بالذكر السحر و الحسد، فالسحر يكون من الأنفس الخبيثة؛ لكن بالإستعانة بالأشياء، كالنفث في العقد، و الحسد يكون من الأنفس الخبيثة أيضا؛ إما بالعين و إما بالظلم باللسان و اليد.
و خص من السحر النفاثات في العقد، و هن النساء، و الحاسد الرجال في العادة، و يكون من الرجال و من النساء ".
و أما ابن القيم فقال: " الشر الثالث: شر النفاثات في العقد، و هذا الشر هو شر السحر، فإن النفاثات في العقد هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط و ينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر، ....
فإن قيل: فالسحر يكون من الذكور والإناث، فلِم خص الاستعاذة من الإناث دون الذكور؟
قيل في جوابه: إن هذا خرج على السبب الواقع، و هو أن بنات لبيد بن الأعصم سحرن النبي صلى الله عليه و سلم، هذا جواب أبي عبيدة وغيره، و ليس هذا بسديد؛ فإن الذي سحر النبي صلى الله عليه و سلم هو لبيد بن الأعصم كما جاء في الصحيح.
و الجواب المحقَّق: أن النفاثات هنا = هنَّ الأرواح و الأنفس النفاثات،لا النساء النفاثات؛ لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة و الأرواح الشريرة، وسلطانه إنما يظهر منها، فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث دون التذكير، والله أعلم) البدائع 2/ 221 - 222.
قلت: و ما ذهب إليه ابن القيم: سبقه إليه إشارة القاضي البيضاوي في تفسيره فقال: " ومن شر النفوس أو النساء السواحر .. " ثم ساق حديث لبيد في الإشارة لترجيح الأول.
قال الشهاب الخفاجي في حاشيته عليه 9/ 604:" (ومن شر النفوس) جعله صفة للنفوس ليصح تأنيثه، و قوله (أو النساء) أخره إشارة لترجيح الأول، و أنه أولى ليشمل الرجال و يطابق سبب النزول - كما سيأتي - و السواحر صفة لكل من النفوس و السواحر على البدل .... )
ثم ساق كلام أبي عبيدة المشار إليه في كلام ابن القيم، و قال: " و رد بأن الصحيح رواية غيره، فالحق أنه أنث؛ لأنه صفة للأنفس؛ لأن تأثير السحر .. ".
وساق كلام ابن القيم المتقدم في التعليل، من غير إشارة إليه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=143592#post143592(/)
دراسات إسلامية وعربية مهداة للأستاذ الدكتور فضل حسن عباس (عناوين البحوث)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Mar 2005, 02:12 ص]ـ
أشار الدكتور الفاضل جمال أبو حسان في مشاركة سابقة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3157) في هذا الملتقى إلى كتاب (دراسات إسلامية وعربية مهداة إلى العلامة الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس بمناسبة بلوغه السبعين). والكتاب الذي أشار إليه الدكتور جمال أبوحسان – وفقه الله – كتابٌ ثَمينٌ، ويدل على وفاء الدكتور جمال لأستاذه وشيخه الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس وفقه الله ومتعه بالصحة. وقد كنت اشتريت هذا الكتاب قبل مدة طويلة من أحد معارض الكتب في الرياض، فقد صدرت طبعته الأولى عام 1423هـ. وهو يقع في ما يقارب السبعمائة صفحة، ويشتمل على كثير من البحوث القيمة التي تدور حول شخصية الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس، وبحوث مختصة بالدراسات القرآنية والبلاغية، وتحقيق لبعض المخطوطات.
وهو يبدأ بالمقدمة التي كتبها المشرف على إعداد هذا الكتاب الدكتور جمال أبوحسان بعنوان (قصة هذا الكتاب). ثم البحوث والدراسات التي اشتمل عليها على ترتيب الكتاب وهي كالتالي:
1 - العلامة الأستاذ فضل حسن عباس كيف عرفته؟ للدكتور جمال أبوحسان (الأردن).
2 - من أعلام البلاغة القرآنية في العصر الحديث، للأستاذ الدكتور محمدبركات أبوعلي (الأردن).
3 - دراسة في بعض مؤلفات العلامة الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس، للأستاذ الدكتور نور الدين محمد عتر (الأردن).
4 - تحقيق رصف الفريد في وصف البريد، للأستاذ إبراهيم صالح (سوريا).
5 - حول ترتيب نزول السور القرآنية، للأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالرحمن خليفة (مصر).
6 - نسخ التلاوة بين النفي والإثبات، للدكتور أحمد إسماعيل نوفل (الأردن)
7 - هيمنة القرآن وخلوده وخاتميته وعالميته، للأستاذ الدكتور أحمد علي الإمام (السودان).
8 - تهذيب كتاب المدرسة القرآنية، للدكتور أحمد محمد القضاة (الأردن). وكتاب المدرسة القرآنية لمحمدباقر الصدر أحد علماء النجف.
9 - التعليق على المرقاة شرح العلاقات، للدكتور أكرم عبدالوهاب محمد أمين (العراق).
10 - من بلاغة القرآن عند الشريفين المرتضى والرضي، للأستاذ الدكتور زكريا سعيد علي (مصر).
11 - اتجاهات تعليم اللغة العربية في الأقسام الجامعية وممارساته، للأستاذ الدكتور سليمان بن إبراهيم العايد (السعودية).
12 - روافد البلاغة، للأستاذ الدكتور سمير شريف استيتية (الأردن)
13 - الأمر عن طريق الاستفهام مواقعه وأسراره في القرآن الكريم، للأستاذ الدكتور الشحات محمد أبوستيت (مصر).
14 - معالم التجربة الأدبية في ظلخصائص التصور الإسلامي، للدكتور صابر عبدالدايم (مصر).
15 - أسس بلاغية تطبيقها على القرآن محظور، للأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني (مصر).
16 - المنهج المقارن في اللغات السامية واللغة العربية، للأستاذ الدكتور عبدالغفار حامد هلال (مصر).
17 - من تعقبات ابن المنير على الزمخشري، للأستاذ الدكتور عبدالفتاح لاشين السيد لاشين (مصر).
18 - بين مفهوم المعجزة وإعجاز القرآن للأستاذ الدكتور عدنان زرزور (سوريا).
19 - بين التقييم والتقويم، للأستاذ الدكتور عدنان سليمان الدليمي (العراق).
20 - الكتاب والقرآن، دراسة دلالية في السياق القرآني، للدكتور عودة أبوعودة (الأردن).
21 - أصل الكلام للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي (العراق).
22 - دراسة تحليلية لهائية الغزالي في النفس الإنسانية، للأستاذ الدكتور مجاهد مصطفى بهجت (العراق).
23 - المنهج الغائب في تراث عبدالقاهر الجرجاني، للأستاذ الدكتور محمد محمد أبوموسى (مصر).
24 - الترجيح الفقهي في تفسير الشيخ الإمام ابن عاشور، للأستاذ الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان (تونس).
25 - حرف الاستعلاء في تفسير التحرير والتنوير: عرض ومناقشة، للأستاذ محمود إبراهيم الرضواني (مصر).
26 - من دلالات الألفاظ في القرآن الكريم، للدكتور مصطفى إبراهيم المشني (الأردن).
27 - في الكلم النبوي البليغ، للأستاذ الدكتور مصطفى الصاوي الجويني (مصر).
28 - الخطاب النبوي الشريف في الدعاء، للأستاذ الدكتور مصطفى عليان (الأردن).
(يُتْبَعُ)
(/)
** ** **وفي الحق إن هذه الطريقة في تكريم العلماء والمصلحين طريقة رائعة، تثري العلم والبحث من جهة، وتكون أثراً حسناً يدل على بلاء هذا العالم في سبيل العلم من جهة أخرى. وأظن أول من فعل هذا الأمر هو الأستاذ أيمن فؤاد السيد وزملائه عندما أشرفوا على إعداد كتاب: (دراسات عربية وإسلامية). مهداة إلى أديب العربية الكبير أبي فهر محمود محمد شاكر رحمه الله بمناسبة بلوغه السبعين. وذلك عام 1397هـ، وقد شارك في تحرير بحوث ذلك الكتاب عدد من العلماء والباحثين جزاهم الله خيراً. ثم استمرت هذه السنة الحسنة بعد ذلك، فصدر كتاب (في محراب المعرفة – دراسات مهداة إلى إحسان عباس)، وصدر كتاب مماثل أهديت دراساته للأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد صاحب كتاب (مصادر الشعر الجاهلي)، وغير هذه الكتب، التي اشتملت على البحوث القيمة، والدراسات الماتعة، وخلدت ذكر هؤلاء العلماء والأدباء. وهي أثمن وأبقى من تكريمهم بشهادة تقدير مع أهميتها، أو بجائزة نقدية مع ضرورتها، لبقاء الكتاب، وذهاب المال. وكل هذه الكتب قام بها التلاميذ البَرَرةُ باساتذتهم من أمثال الدكتور جمال أبوحسان وفقه الله، في زمن قل فيه الوفاء، وغاض فيه البِرُّ بالعلماء والمعلمين. كما قال الدكتور جمال في مقدمة الكتاب: (في هذه الدنيا حيف كبير، وأسوأ أنواع الحيف والظلم ذلك الذي يصدر من الهيئات العلمية، أو من أهل العلم وطلابه على الخصوص، ذلك أن هؤلاء مما ينبغي أن يكونوا أبعد الناس عن هذا الظلم لأنهم أكثر من يعرف أوزاره).
والعجيب أن كثيرين يكرمون من أفراد المجتمع، ولكن قل أن ترى بينهم العلماء العاملين الصادقين الذين بذلوا أعمارهم في خدمة العلم، ولا سيما علوم الشرع وما يدور في فلكه، ولذلك قال الدكتور جمال: (ولقد رأيت في هذه الدنيا ناساً كثيرين يكرمون من هيئات وجهات حكومية وأهلية، وعلى مستوى جماعي أو فردي. وفي مقابل هذا رأيت أعلاماً عظاماً يغض الطرف عنهم وعن تكريمهم، ويراد لهم أن يطمس وجودهم في أتون هذه الحياة من غير ضجيج). فجزى الله الدكتور جمال أبو حسان وأمثاله خير الجزاء على هذا العمل الموفق، ونسأل الله أن يبارك لهم في العلم والوقت.
** ** **
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[22 Mar 2005, 09:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا فقد والله ابكتني كلماتك البليغة المؤثرة
واعلم ايها الفاضل اني ما كتبت هذا الكتاب واشرفت على بحوثه الا ابتغاء وجه الله تعالى ولاشير الى الناس ان الوفاء بحمد الله تعالى لم ينقطع في هذه الدنيا
وقد ذكرت في مقدمة الكتاب اني ارغب للباحثين ان تكون هذه من محامد سنن التاليف تكريما لاهل الفضل
مرة اخرى اشكرك على هذا الثناء الذي لا استحقه ولكن الكرماء امثالك يتصرفون بدوافع اخلاقهم
وفقك الله لكل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Mar 2005, 09:35 م]ـ
حيَّاكم اللهُ يا دكتور جَمال، وجُهدك مشكورٌ - وفقك الله- في هذا الكتاب وفي غيره، وما شهدنا إلا بما علمنا، ولا غرابة من تحمل النابهين من أمثالك لأمانة العلم، وشكر أهله، ولا سيما في هذا الزمان الذي قلَّ فيه تعظيمُ قَدْرِ العِلْمِ وأَهلِهِ، والله المستعان.
وقد ذكر أهلُ تراجم علماء الأندلس قصةً طريفةً لها صلةٌ بِما تقدَّم - من حقِّ الوفاء للعلماء، وتقديرهم، وأنَّ التقصيرَ في هذا الحقِّ داءٌ قديمٌ - وهي أَنَّ أحد علماء الأندلس وهو عبد الملك بن حبيب السُّلَميُّ المتوفى سنة 238هـ وعمره أربع وستون سنةً، وكان جامعاً لفنون العلم، روى عنه العلماء، وكان ذا صيتٍ بالأندلسِ - سَمِعَ أَنَّ زِرْيابَ (1) المُغَنِّي قدمَ الأَندلسَ في عهده، فاحتفى الناسُ بهِ، وبَذَلَ له الرؤساءُ الأموالَ، حتى بلغَ من ذلك أَنَّه غَنَّى يوماً بين يدي الأميرِ، فَطرِبَ الأميرُ لذلك طرباً شديداً لحُسنِ صوتهِ وعذوبتهِ، فأعطاه ألفَ دينار دفعةً واحدةً، وكان عبدالملك بن حبيب فَقِيْر الحالِ، لا يكادُ يَجِدُ مَنْ يُعينُه على العَيشِ، فقال شاكياً لحاله، وعاتباً على أهل زمانه:
صلاحُ أَمرى والذي أَبْتَغي=سَهْلٌ على الرحْمنِ في قُدرتِهْ
أَلْفٌ مِنْ الحُمْرِ وأَقْلِلْ بِها= لِعالمٍ أَوْفَى على بُغْيَتِهْ
(يُتْبَعُ)
(/)
زِرْيابُ قَدْ يأَخُذُها دَفْعةً= وصَنْعَتي أَشْرَفُ مِنْ صَنْعَتِهْوصدقَ رحمه الله، فإِنَّ صنعتَهُ وهي العلمُ، أَشرفُ من صنعةِ زريابٍ وهي الغِناء، ولكن عند مَنْ يعرفُ قَدْرَ العلم وأهله، لا عند عامة الناس الذين يبحثون عن الشهوات، ويتطلبونها كما يتطلب الراعي مواضع الخصبِ، ومَساقطَ الغيثِ.
وليت شِعري ماذا سيقولُ عبدُالملك بن حبيبٍ لو رأَى زمانَنا هذا، وما يبلغهُ شأنُ المُغَنِّينَ من الغِنى والجاهِ عندَ أهلِ زمانِنا، ومن تكاثرهم لا كَثَّرَهم الله، ما بينَ فَنَّانٍ وفَنَّانةٍ، حتى فاقوا بذلك فيروسات الكمبيوتر! وقد قلتُ يوماً قصيدةً أوحت لي بِها نغمةُ جوالٍ سَمعتها في الصلاة، بعد أن كَبَّرَ الإمامُ تكبيرةَ الإحرامِ، بدأ هاتفُ أحد المأمومين بالرنين، فكانت نغمةً موسيقيةً صادحةً سمعها كلُّ مَنْ في المسجدِ، حيث بدأت في وقت سكونٍ يترقب فيه المأمومون شروع الإمام في الفاتحة، وجعلت الإمامَ يتأَنَّى قليلاً في قراءة الفاتحة لعل صاحبنا يغلق هاتفه، وصاحبنا لا يوقف النغمة سامحه الله حتى أصبح الموقف محرجاً للجميع، وبعد الخروج من المسجد عاتبت صاحب الهاتف، وسألتُه - وكان شاباً مِن جيراني- عن ذلك النغم الرخيم! فقال على استحياء: هذه أغنيةٌ جديدةٌ لفلان! فقلت: ومن هو فلان؟ قال: فنان جديد!
فانصرفتُ إلى بيتي وأنا أقول في نفسي: سبحان الله! لا تزالُ هناك مسافةٌ طويلة يَجبُ على الأمةِ أَنْ تقطعها حتى تنتصرَ على شَهَواتِها، وأعدائِها، وعجبتُ مِما آلتْ إليهِ حالُ كثيرٍ مِن أحبابِنا الشبابِ هداهم الله، وهذا نذير لأهل العلم، والمصلحين، أنهم إن لم يقوموا بدورهم الإصلاحي والدعوي على وجهه، فأهل الشهوات لن يتركوهم حتى في صلاتهم، وإلا من أين لي بهذا الفنان الذي لم أسمع به قط؟! وقلتُ في ذلك:
يا أُمَّةً سُبِقَتْ في كُلِّ مَيدانِ = في كُلِّ يومٍ تُوافِينا بِفَنَّانِ!
لم تَكْفِهِ مهرجاناتٌ وأَنْدِيَةٌ= فحالَ ما بَيْنِ تسبيحٍ وقُرآنِ
وضايق النَّاسَ حتى في مَساجِدِهِمْ = وأذهلَ الجيلَ عن (طَهْ) و (لُقمانِ)
يكادُ مِنْ رِقَّةٍ يَذوي، ومِنْ هَيَفٍ= يذوبُ ما بَيْنَ أنغامٍ وأَلْحانِ
ويُرسلُ الشَّوقَ آهاتٍ معذبةً = عَبْرَ الأَثِيْرِ لتُشجي المُغرمَ العاني
في كُلِّ يومٍ لَهُ لحنٌ وأُغنيةٌ= جديدةٌ، تُرسلُ الشكوى إِلى الثَّاني
لا يترك العود إلا ريث يحمله= ولست أفقده إلا ويلقاني
إلى أن قلت:
قل للذينَ بِبَحْرِ الوهمِ قد ركبوا = للوَهمِ بَحرٌ بلا ماءٍ وشُطآنِ
هو السرابُ فهل يروي لكم ظمأً= وهو العذابُ بآهاتٍ وأحزانِ
يا أمةً قد تَولَّى عن مرابِعِها= عِزُّ القيادةِ مِنْ أزمانِ أزمانِ
وسَلَّمَتْ أمرَها للاعبينَ بِهِ= واستحلَت النومَ فافرَح أيُّها الشاني
ما دام صوتُ أذانِ الفجرِ يُزعِجُنا= ويُطربُ السمعَ (فيروزٌ) و (حلاَّني)
فالدَّربُ رَهْوٌ، وعينُ الخَصمِ ترمُقُنا= والجيلُ ضاعَ بيا دانِ ويا دانِ
فهوَ الخَبِيْرُ بفيروزٍ وزُمْرَتِها = وهو الجَهولُ بـ (عمَّارٍ) و (سلمانِ)!
الخ ...
لست أدري ما الذي جعلني أستطرد في هذا التعقيب إلى هذا، ولكنه واقع نعيشه بتفاصيله كل يوم وليلة، ونرجو من الله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، فقد اشتد البلاء لأهل الإسلام، وعسى أن يكونَ وراءه فَرَجٌ قريبُ! ولعل أخاً أديباً من أعضاء الملتقى يكون لهذا صدى في نفسه، فيذكر مما يشاكل هذه القصص التي تدل على أن الذين يعرفون قدر العلم – من أمثال الدكتور جمال أبو حسان - قِلَّةٌ في المُجتمعات، بل قلة في طلبة العلم فيما بينهم، ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي فقدشكى مراراً مما يلقاه العلماء والأدباء من إعراض الناس، وما يلقاه المغنون واللاعبون من الحفاوة والإكرام.
ولو قام أهل كل بلدة وناحية بحق أهل العلم والفضل فيهم، من الإشادة بعلمهم، والترجمة لهم، لحفظوا حقوق هؤلاء العلماء، وعرفهم المسلمون وانتفعوا بعلمهم. وتحضرني كلمة قالها الشوكاني رحمه الله في كتابه البدر الطالع 1/ 59 في ترجمة أحمد بن صالح بن أبي الرجال، وتأليفه كتاب (مطلع البدورومجمع البحور). قال الشوكاني: (ترجم فيه لأعيان الزيدية، فجاء كتاباً حافلاً، ولولا كمال عنايته، واتساع اطلاعه لما تيسر له جمع ذلك الكتاب؛ لأن الزيدية - مع كثرة فضلائهم، ووجود أعيان منهم في كل مكرمة، على تعاقب الأعصار - لهم عناية كاملة، ورغبة وافرة في دفن محاسن أكابرهم، وطمس آثار مفاخرهم، فلا يرفعون إلى ما يصدر عن أعيانهم من نظم أونثر أوتصنيف راساً، وهذا مع توفر رغباتهم إلى الاطلاع على ما يصدر من غيرهم، والاشتغال الكامل بمعرفة أحوال سائر الطوائف، والإكباب على كتبهم التاريخية وغيرها.
وإني لأكثر التعجب من اختصاص المذكورين بهذه الخصلة التي كانت سبباً لدفن سابقهم ولا حقهم، وغمط رفيع قدر عالمهم وفاضلهم، وشاعرهم وسائر أكابرهم، ولهذا أهملهم المصنفون في التاريخ على العموم، كمن يترجم لأهل قرن من القرون أو عصر من العصور، وإن ذكروا النادر منهم ترجموه ترجمة مغسولة عن الفائدة، عاطلة عن بعض ما يستحقه، ليس فيها ذكر مولد ولا وفاة ولا شيوخ ولا مسموعات ولا مقروءات ولا أشعار ولا أخبار؛ لأن الذين ينقلون أحوال الشخص إلى غيره هم معارفه وأهل بلده، فإذا أهملوه أهمله غيرهم وجهلوا أمره). أهـ.
وكلام الشوكاني نفيس، والتعليق عليه متروك لكم وفقكم الله.
----------
(1) هو علي بن نافع المتوفى سنة 230هـ، مولى الخليفة المهدي العباسي، وأحد المغنين المطبوعين، والموسيقيين المشهورين وله إضافة لأوتار العود تعرف به، سافر إلى الأندلس عام 210 هـ تقريباً، وقد سبقته شهرته إليها، فاستقبله عبدالرحمن بن الحكم الخليفة، وفيه يقول المسعودي في موشحته:
رُتَّعاً نَشوى وَمَهما سُئِما= وَتَرُ العودِ الشَجيِّ التونِسي
حَرّكوا الطارَ وَغَنّوا نَغَماً= صاغَها زِريابُ في الأَندَلُسِ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[25 Oct 2005, 04:20 م]ـ
نفع الله بك د. عبد الرحمن, وزادكم علماً على علم, وأدباً على أدب.
وأدعو الله أن يكتب لكم القبول في الأرض.
ـ[الميموني]ــــــــ[25 Oct 2005, 04:53 م]ـ
لقد شوقتنا إلى قراءة الكتاب و اقتنائه
جزاكم الله خيرا
الدهر دهر الجاهلين وأمر أهل العلم فاتر
لا سوق أكسد فيه من سوق المحابر و الفاتر
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Oct 2005, 09:08 م]ـ
شكواك أبا عبد الله في محلها، ولأبي عبيد القاسم بن سلام قصة طريفة مع عبد الله بن طاهر، تدل على احترام عقلاء الأمراء لعقول العلماء، فإنه لما وضع أبو عبيد القاسم بن سلام كتاب غريب الحديث عرضه على عبد الله بن طاهر فاستحسنه وقال: ((إن عقلاً بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب حقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش، وأجرى له كل شهر عشرة آلاف درهم)) إنباه الرواة (3: 16).
وهذا باب في تفريغ طلاب العلم وإجراء الراتب لهم، وتفريغ العلماء لتعليم الناس والتأليف، لكن متى نجد الاهتمام بالعلماء من كل جنس أكثر من الاهتمام بمثل من ذكرتم؟!
نسأل الله لطفه وتيسيره.(/)
قراءة في تفسير الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[23 Mar 2005, 04:55 م]ـ
قراءة في تفسير الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
ويتضمن:
1 - التعريف بالمؤلف.
2 - السمات والملامح لتفسير الشيخ.
3 - نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله.
نبذة مختصرة من ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
هو الشيخ المجدد أبو الحسين محمد بن عبد الوهاب بن سليمان الوهيبي التميمي.
ولد بالعيينة سنة 115هـ، ونشأ في بيت علم وفضل ودين،فقد كان أبوه وجده وعمه من علماء نجد وقضاتها، ثم إنه رحل لطلب العلم إلى العراق والحجاز والأحساء وأخذ عن علمائها، حتى غدا إماما داعيا لعقيدة التوحيد ومنهج السلف الصالح، خارجا عن كثير من المعتقدات الشركية السائدة في زمانه، مماجعله يتعرض للكثير من المحن والأذى،إلى أن فتح الله عليه وكتب له القبول في الأرض.
ألف كتاب التوحيد وكشف الشبهات وثلاثة الأصول ومسائل الجاهلية وآداب المشي إلى الصلاة، وغيرها.
توفي رحمه الله سنة1206هـ عن إحدى وتسعين سنة ودفن بمقبرة الدرعية.
السمات والملامح لتفسير الشيخ رحمه الله:
لم يكتب الشيخ-فيما أعلم-تفسيرا كاملا للقرآن، وإنما هي مواضع يسيرة متفرقة من سورة الفاتحة والبقرة والأنعام والأعراف والأنفال ويونس والحجر والنحل والكهف وطه والمؤمنون والنور والقصص والزمر والحجرات والجن والمدثر والعلق والمسد والإخلاص والفلق والناس.
لم يعتن الشيخ بالأسلوب العلمي المتبع عادة لدى المفسرين بقدر اعتنائه بسرد الفوائد والمسائل المستنبطة من الآيات، عقدية سلفية، وأصولية وفقهية وحديثية وأخلاقية وإيمانية، مما يجلي رسوخ الشيخ في العلم.
لم ينقل الشيخ عن غيره في الغالب، وإنما هي استنباطاته وتقريراته بينها في ثنايا تفسيره القيم.
وبالجملة فما كتبه الشيخ إنما هو استنباط وإضاءة وفائدة لخصها بأوجز الأساليب واعتنى بتعدادها بعد كل مقطع فسره، وإن كان لم يعتن بنقل المأثور وشرح الآيات، وبيان أسباب النزول، بل هي شذرات قلم ونكت سطرها عرضاً-لاعلى أنها ستجمع في كتاب تفسير- على ماتيسر من آيات الذكر الحكيم، فرحمه الله وأجزل له الأجر والمثوبة.
نماذج من تفسير الشيخ رحمه الله:
• وأما قوله {الصراط المستقيم} والصراط الطريق الواضح، والمستقيم: الذي لاعوج فيه، والمراد بذلك: الدين الذي أنزله الله على رسوله r ، وهو {صراط الذين أنعمت عليهم} وهم رسول الله r وأصحابه.
================
{وما أنزل على الملكين} فيه مسائل ... السادسة: أن ذلك مما تتلوا الشياطين على زمان الأنبياء، كما وقع أشياء في زمن النبي r ؛ السابعة: أن الشياطين مزجت به الحق في زمن سليمان؛ الثامنة: بيان ضلال من ضل ممن يدعي العلم في شأن سليمان، ممن نسب ذلك إليه واستحسنه؛ أو قدح في سليمان كما ضل أناس كثير في عليّ لمّا قُتل عثمان؛ التاسعة: أن من فعل السحر كفر ولو عرف أنه باطل؛ العاشرة: أن الشياطين يعلمونه الناس؛ الحادية عشرة: أن العبد لو بلغ ما بلغ في العلم فلا يأمن مكر الله؛ الثانية عشرة: لاينبغي له التعرض للفتن وثوقا بنفسه بل يسأل الله العافية.
==================
{الصمد} والصمد الذي تصمد الخلائق كلها إليه في جمع الحاجات، وهو الكامل في صفات السؤدد، فقوله {أحد} نفي النظير والأمثال، وقوله {الصمد} إثبات صفات الكمال، وقوله {لم يلد ولم يولد} نفي الصاحبة والعيال، {ولم يكن له كفوا أحد} نفي الشركاء لذي الجلال.
=================
المراجع:
1 - تفسير آيات من القرآن لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، جمعه محمد بن رياض السلفي؛ مكتبة الرشد.
2 - مقدمة كتاب فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد، بتحقيق الوليد آل فريان.(/)
إشكال فلسفي
ـ[علي جاسم]ــــــــ[24 Mar 2005, 09:51 ص]ـ
يذكر الإمام الجرجاني في تعريفاته ما نصه " الأبد هو استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب المستقبل كما أن الأزل هو استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب الماضي مدة لا يتصور انتهائها بالفكر والتأمل البتة وهو الشيء الذي لا نهاية له " ثم يقول بعد ذلك " واعلم أن الموجود أقسام ثلاث لا رابع لها فإنه إما أزلي وأبدي وهو الله سبحانه وتعالى أو لا أزلي ولا أبدي وهي الدنيا أو أبدي غير أزلي وهي الآخرة وعكسه محال فما ثبت قدمه امتنع عدمه " ..
على أن الأزلية والأبدية كما يقول الغزالي في مقصده الأسنى مضافان من حيث اللفظ لله تعالى إذ الله لا يجري عليه زمان والأزل والأبد متعلقان بالزمن والزمن مخلوق ..
ولنرجع لشيخنا الجرجاني .. فقد اتفق فلاسفة الإسلام وسبقهم بها الفلاسفة اليونان قديما .. على أن ما ثبت قدمه استحال عدمه .. والقدم هو الأزل باعتبار الامتداد اللامتناهي في الماضي .. ومن مسلمات العقل أن إثبات الشيء إثبات لما يقابله، أي أن الأزلية كالأبدية من حيث متعلقات كل منهما وما يترتب عليهما ولو من حيث اللفظ
وهنا يظهر لنا الإشكال .. لأن الجرجاني نفى أن ينعدم القديم أي (الأزلي) من حيث أنه أشار لحدوث الأبدي (الآخرة) .. فكيف ذلك .. كيف أثبتنا نفي العدمية على ما كان أزليا لأنه قديم ولم ننفي الحدوث لما أثبتنا أبديته .. بل وأثبتنا الحدوث للأبدي .. كيف صارت الآخرة حادثة من حيث الابتداء وفي نفس الوقت أبدية لا منتهية من حيث البقاء في المستقبل اللامتناهي .. أليست الأبدية كالأزلية .. فإن قيل نعم الأبدية كالأزلية .. قلنا إذن ينطبق على الأبدية ما ينطبق على الأزلية .. فإن سلّمنا باستحالة عدم الأزلي أثبتنا – بدعوى المقابلة -نفي حدوث الأبدي .. فإن قيل الأزلية ليست كالأبدية!!!
قلنا فواحدة منهما لا يليق أن نطلقها على الله وهذا القول باطل .. فهو الأزلي الأبدي كما أسلفنا من كلام الجرجاني ..
ويبقى الإشكال قائما في هذه المسألة -بالنسبة لي على الأقل- فلربما أسأت فهمها على النحو الصحيح .. فهل عندكم من علم فتخرجوه لنا .. وجزاكم الله خيرا ..
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Mar 2005, 04:45 م]ـ
لاحظ قول الجرجاني رحمه الله (أزمنة مقدرة) فهي أزمنة تقديرية أي غير حقيقية .. و معنى الكلام أنه لو قدرنا زمنًا لكان لانهائيًا في مقداره، و ليس أن الله يخضع للزمن .. و الله أعلم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:09 م]ـ
أخي علي جاسم وفقه الله ..
حل المسألة أن المقصود من قولهم: (ما ثبت قدمه استحال عدمه): أن ما ثبت قدمه فهو غير حادث، أي: ليس بمخلوق، وهذه صفة الخالق جل وعلا، فالله ليس بمخلوق وهو الأول الذي ليس قبله شيء.
إذا عُلم ذلك فما ثبت قدمه (إن صح التعبير) فإنه أبدي وهو الله تعالى وهي الصفة المذكورة بقولنا: (الآخر الذي ليس بعده شيء).
وهذا لا إشكال فيه أن ما ثبت كونه خالقاً فإنه لا يفنى بل هو باقٍ كما قال تعالى: (كل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
وأما ما ثبت حدوثه فهو مخلوق وكل مخلوق فانٍ كما قال جل وعلا: (كل من عليها فان). وعلى ذلك فما لم يثبت قدمه فإنه يستحيل أزله أي بقاءه لكونه مخلوقاً.
والأمر واضح جلي والخفاء فيه من جهة ألفاظ الفلاسفة.
ولفظ القرآن أوضح وأصدق وأدل والله كما قال: (الأول والآخر والظاهر والباطن).
ملحوظة: وصف الله بالقدم محل خلاف والصحيح ثبوت المعنى المدلول عليه بقوله تعالى: (الآخر) وعدم إطلاق اللفظ لعدم وروده والصفات توقيفية وتوسع فيه بعضهم من باب الإخبار وهو أوسع من الصفات.
والله تعالى أعلم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:51 م]ـ
أحسب أن الإشكال في التسليم بأن ما ثبت قدمه استحال عدمه .. و استحالة العدم هنا ليس لاعتبار القدم، بل لاعتبار وجوب الوجود .. فمن كان واجب الوجود ثبتت له الأزلية و الأبدية، بخلاف غيره من الموجودات التي يجري عليها الحدوث و الفناء.
ـ[علي جاسم]ــــــــ[27 Mar 2005, 10:41 ص]ـ
الأخوة الأفاضل جزاكم الله خيرا .. ولكن .. أنا لا أتكلم عن الله أو عن طبيعة الوجود الإلهي فهذا أمر مسلّم به أن الله واجب الوجود وما دونه ممكن الوجود .. ولا أحسبني أردت بسؤالي هذا الأمر .. ويبدو أني أسأت إيضاح الإشكال الفلسفي الذي اسلفت ... على أن الجملة التي ذكرها أخي الحبيب فهد الوهبي فيها خطأ بسيط فقد قال (الآخر الذي ليس بعده شيء) والصحيح (الآخر الذي ليس قبله شيء) .. أما (ما ثبت قدمه استحال عدمه) إنما أريد بها الله فلأن العقل ما تصورموجودا غير الله ثبت قدمه فقالوا أريد بها الله ولو هداهم فكرهم وخيالهم لموجود غير (الله تعالى) ثبت قدمه لانطبقت عليه القاعدة ولسلّم العقل باستحالة عدمه وأعني استحالة حدوثه فما لايخلو من الحادث فهو حادث بل ما لا يخلو من الحدث فهو حادث .. ولنعد للإشكال .. أنا إنما أردت أن الآخرة أبدية وهذا أمر نص عليه القرآن {خالدين فيها أبدا} إذن فهو أمر مسلّم به .. فإن قيل أنها ليست كالأبدية التي تطلق على الإله قلنا إذن هي ليست أبدية اصلا لأن الأبدية كمفهوم لا يمكن أن تأخذ صورتين مختلفتين وتعطيان دلالة واحدة .. فإن قيل أبدية الأخرة كأبدية الله تعالى قلنا باستحالة حدوثها وهي كما أورد الجرجاني حادثة .. والمشكلة كما قلت لا تتعلق بالله تعالى بقدر ما تتعلق بأبدية الآخرة من حيث الانتهاء وحدوثها من حيث الابتداء ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[27 Mar 2005, 05:34 م]ـ
أخي علي وفقه الله ..
أما الجملة التي نبهت عليها فهي ليست خطأ بل هي الصواب وهي المذكورة في ما رواه أبو هريرة قال أتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً فقال لها ما عندي ما أعطيك فرجعت فأتاها بعد ذلك فقال الذي سألت أحب إليك أو ما هو خير منه فقال لها علي قولي لا بل ما هو خير منه فقالت فقال قولي اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والقرآن العظيم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
وأما الإشكال فالأبدية ثابتة لله تعالى فهو حي لا يموت وإن كان لا يسمى بالأبدي كما تعلم، وهي كذلك ثابتة للجنة، وليس الثبوت كالثبوت، وصفات الخالق ليست كصفات المخلوق، فأبدية المخلوق ليست كأبدية الخالق تبارك وتعالى وتقدس، والقاعدة أن اختلاف الذوات يستلزم اختلاف الصفات.
وعلى هذا لا إشكال في ثبوت الأبدية للمخلوق وإن كانت ثابتة للخالق تعالى، كما أن السمع والبصر والحياة والوجود ثابتة للخالق، وهي ثابتة للمخلوق وليست الصفات كالصفات.
وعند التأمل نجد أنه لا إشكال في ثبوت أبدية تليق بالمخلوق الذي لم تثبت له الأزلية كما هو معلوم.
والله أعلم
ـ[علي جاسم]ــــــــ[30 Mar 2005, 11:41 ص]ـ
أخي الحبيب فهد الوهبي .. قولك حق وأنا مخطئ في مسألة الآخر الذي ليس بعد شيء إذ يبدو أني قد انشغلت بتلك اللحظة بالأزلية والأبدية فاختلط علي بين الأول والآخر .. ولا أخفي عليك أني قد أدركت خطاي بعد مرور عشرين ثانية من إرسالي الرد فقرأته وأنا أعرف أني قد اخطأت .. وعلى كل حال جزاك الله خيرا .. وشكرا على الرد فهو أقرب للقبول - بالنسبة لي على الأقل -
أخوكم علي جاسم محمد
طويلب علم(/)
{وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة} البقرة: 195.
ـ[ tafza] ــــــــ[25 Mar 2005, 10:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم;
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مما لا شك فيه انه يترتب على الجهاد، العزة للامة والكرامة، تأمل كيف اثنى الله على المجاهدين ..
وعلى رأسهم النبي (صلى الله عليه وسلم)
بقوله تعالى:
{لكن الرسول والذين امنوا معه جاهدوا باموالهم وانفسهم واولئك لهم الخيرات واولئك هم المفلحون} التوبة: 88.
ويذم الله الذين يتثاقلون عن الجهاد مبينا لهم ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة ..
لقوله تعالى:
{ياايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض، ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة في الاخرة الا قليل، الا تنفروا يعذبكم عذابا اليما ويستبدل قوما غيركم} التوبة 38، 37.
ففي هاتين الايتين يخاطب الله المؤمنين الذين يتقاعسون عن الجهاد حبا في متاع الدنيا:
وخوفا على ارواحهم، واستمرارا لشهواتهم كما هم غالب على الشعوب المستذلة، لهؤلاء يقول الله سبحانه:
ان هذا الذي تتمتعون به في الحياة الدنيا لا يساوي شيئا بجانب ما في الاخرة من النعم المقيم، ثم يبين الله لهم عاقبة تقاعسهم عن الجهاد واحجامهم عن التضحية بالمال بانه يؤدي الى سيطرة عدوهم عليهم واستعبادهم ونهب ممتلكاتهم وافنائهم تدريجيا، ويؤدي الى ان يستبدل الله بهم قوما اخرين يسكنون ديارهم ويكونون اجدر بالمحافظة عليها ورعايتها ..
ويصرح القرآن في موضع اخر بأن عدم انفاق الاموال في سبيل الله وفي الاستعداد للقتال لهو من اسباب التهلكة،
قال سبحانه:
{وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة} البقرة: 195.
وعن ابي ايوب قال:
انما انزلت هذه الاية فينا معشر الانصار لما نصر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم واظهر الاسلام، قلنا:
هل نقيم في اموالنا ونصلحها؟ فأنزل الله تعالى:
{وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة}،
فالالقاء بأيدينا الى التهلكة ان نقيم في اموالنا ونصلحها وندع الجهاد ..
وقد اثبتت وقائع التأريخ هذه الحقيقة، فالشعب الذي يتخلى عن الاستعداد للجهاد وتشغله زينة الحياة الدنيا يكون قد اعطى الفرصة لعدوه كي يسيطر على أرضه ويستعبده ..(/)
وبدأ العد ... فأتوا بمثل القرآن
ـ[أخوكم]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:23 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، ولا إله إلا الله الأحد الصمد الذي لم يكن له كفوا أحد، وصلى الله وسلم على العبد السيد الأمي العالم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ... اللهم ارزقنا الهدى والسداد
إن من آمن بأن القرآن هو كلام الله الذي خلق الأكوان، فسيصدق بجميع ما احتواه القرآن من تفاصيل غيبية، وسيخضع لكل أحكام الإسلام مهما كانت مخالفة لتفكيره وعاداته.
ولذا بذل الكفرة جهودا حثيثة ليل نهار، علَّهم أن يثبتوا أن القرآن ليس هو كلام رب الإنسانية، وتظاهروا بأنهم يحاولون إقناعنا وإقناع أنفسهم بأن هذا القرآن إنما هو كلام بشري اخترعه محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءهم التحدي من الله كما يلي:
"إن كان القرآن ليس بكلام خالق، وإنما هو كلام مخلوق، فأنتم أيضا مخلوقات فاخترعوا قرآنا مثلما اخترع محمد قرآنا كما زعمتم"
قال الله سبحانه:
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً
أما كفرة قريش فقد فهموا هذا التحدي، فعرفوا عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن، فوقفوا بائسين
يائسين
بالسين
كالحين
مشدوهين
مبهوتين
فقاموا باختيار الطريق الثاني الأسهل عليهم وهو مقاتلة الرسول صلى الله عليه وسلم
بعد أن ألقوا التهم على عواهنها كيفما اتفقت فزعموا أن القرآن سحر وبعضهم قال كهانة وبعضهم قال شعر وبعضهم وبعضهم ... الخ
ولم يشعروا بأن توالد أقوالهم وتكاثرها على هذا النحو ليس في صالحهم لأنهم بهذه الاختلاف سيشهدوا على أنفسهم بأنهم مكذبون لبعضهم البعض!
ثم جاءت بعد كفرة قريش _ وخاصة في عصرنا _ خلائق كثيرة قد كَثُرتْ عَجَمَة ُ ألسنتهم وقَلَّتْ فقه أفهامهم، فزعموا أنهم أكثر حذقا من الكفرة السابقين ... !
فأعلنوا قبولهم للتحدي من جديد قائلين: نحن سنأتي بمثل هذا القرآن ...
فدونكم أمثلة لما أوردوه من تحدٍ:
ـ[أخوكم]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:27 م]ـ
سُورَةُ الشَّجَرَةِ
سُبْحَانَ الّذِي خَلَقَ فَقَدَّرَ (1) وَ جَعَلَ الْقَلَمَ سُنَّةً لِلْعَالَمِينَ (2) وَ أَوْحَى إِلَى فَرِيقٍ مِنَ النَّاسِ لِيُؤْمِنُوا بِاللهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَلاَئِكَتِهِ وَ مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ (3) وَ فَرِيقاً صَدَّ عَنْ الهُدَى فَأَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ تِلْكَ مَشِيئَةُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينِ (4) فَمَنْ شَاءَ الهُدَى هَدَيْنَاهُ إِلَيْهِ وَ يَسَّرْنَا أَمْرَهُ وَ مَنْ رَغِبَ عَنْهُ فَالزَّيْغُ طَرِيقُهُ وَ مَا نَحْنُ بِظَالِمِينَ (5) سُنَّةُ اللهِ مُذْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ فَرِيقٌ إِلَى جَهَنَّمَ وَ فَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ مُكْرَمِينَ (6) وَ اذْكُرْ فِي الكِتَابِ ذَا الهِمَّةِ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلى بَني إِسْرَائيِلَ وَ أَيَّدْناهُ بِذِكْرٍ مُبِينٍ (7) فَكَذّبُوُهُ وَ قَالُوا إِنْ أَنْتَ إِلاَّ كَاهِنٌ مَجْنُونٌ (8) أَلاَ إِنَّهُم فِي ضَلالِهِم يُوغِلُونَ (9) فَفَجَّرْنَا مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِم مَاءًا حَتّى بَلَغَ الْحَنَاجِرَ فَقَالوُا هذا سِحْرٌ مَكِينٌ (10) وَ غَرِقُوُا فِي اليَمِّ أَوْ كَادُوا يَغْرَقُونَ (11) فَقَالُوا ادْعُ لَنَا الْلّهَ يَرْحَمنَا فَنَكُونُ مِنَ التَّابِعِين (12) فَغِيضَ الْمَاءُ إِلَى بَطْنِ الأَرْضِ لَعَلَّهُمْ يُؤْمِنُونَ (13) فَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ آَيةُ اللّهِ فَهَلْ أَنْتُم مُهْتَدُون (14) فَقَالُوا إِنَّا قَوْمٌ نَجُوعُ فَأَشْبِعْنَا أَبَدَ الدَّهْرِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِين (15) فَأَنْبَتْنَا لَهُمْ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ شَجَرَةً مُبَارَكَةً تَسْقِيهَا المَلاَئِكَةُ بُكْرَةً وَ عَشِيّةً مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ (16) وَ قُلْنَا لَهُمْ هَذِهِ شَجَرَةٌ مُبَارَكَةٌ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا لاَ يَجُوعُ أَبَداً عَلَّكُمْ تَشْكُرُونِ (17) فَأَكَلُوا مِنْهَا وَ لَمْ يَجُوعُوا أَبَداً وَ مَا كَانُوا مِن الشَّاكِرِينَ (18) فَقَالُوا يَا ذَا الْهِمَّةِ إِنَّا نَشْتَاقُ إِلَى الطَّعَامِ كَمَا يَشْتَاقُ الْعَاقِرُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ فَانْزَعْ عَنَّا الْشَّبَعَ نُعُودُ نَأْكُلُ فَكِهِينَ (19) فَنَزَعْنَا
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْهُمُ الْشَّبَعَ عَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (20) فَاتَّبَعُوهُ حِيناً مِنَ الْدَّهْرِ وَ أَقَامُوا الْصَّلاةَ وَ آتُوا الْزَّكَاةَ وَ رَكَعُوا مَعَ الْرَّاكِعِينَ (21) فَكَتَبْنَا عَلَيْهِم الْجِهَادَ سُنَّة اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (22) فَقَالُوا كَيْفَ نُجَاهِدُ مَعَكَ وَ فِينَا الْشُّيُوخُ وَ الْغِلْمَانُ وَ الْمَرْضَى وَ الْنِّسَاءُ (23) قُلْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنْ قَرُّوا فِي بُيُوتِهِمْ هَذا وَعْدُهُمْ مِنَ اللهِ الْغَفُورِ الْرَّحِيمِ (24) لَيْسَ عَلَى الْشُّيُوخِ وَ لاَ الْغِلْمَانِ وَ لاَ الْمَرْضَى وَ لاَ الْنِّسَاءِ قِتَالٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَ مَنْ جَاهَدَ عَنْ نَفْسِهِ بِالمَالِ فَقَدْ حَقَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْدِّينِ (25) قَالُوا وَ إِنْ تَظَاهَرَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءُ اللهِ مِنْ خَلْفِ ظُهُورِنَا فَمَاذَا نَحْنُ فَاعِلُونَ (26) فَأَنْزَلْنَا مَلاَئِكَةً مُسَوَّمِينَ يَحْرُسُونَهُمْ فِي الْلَّيْلِ وَ الْنَّهَارِ فَلاَ تَخَافُوا عَلَيْهِمْ وَ أَطِيعُونِِ (27) فَقَالَ قَائِلُهُمْ يَا ذَا الْهِمَّةِ كَيْفَ نُقَاتِلُ مَعَكَ وَ نَحْنُ قَوْمٌ نَجُوعُ حِيناً وَ نَشْبَعُ حِيناً فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُشْبِعْنَا أَبَدَ الْدَّهْرِ فَنَكُونُ لَكَ بِإِذْنِ اللهِ مِنَ الْنَّاصِرِينَ (28) فَارْبَدَّ وَجْهُ الْنَّبِيِّ وَ قَالَ بِئْسَ مَا أَنْتُمْ طَالِبُونَ (29) قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكُمْ وَ رَفَعَكُمْ دَرَجَاتٍ وَ أَمَدَّكُمْ بِالْخَيْرَاتِ وَ أَنْتُمْ أَخْزَيْتُمُونِ (30) هَذَا فِرَاق ٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ (31) وَ مَا تَبِعَهُ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (32) وَ تَرَبَّصُوا بِهِ عِنْدَ الْشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ وَ قَالُوا جِئْنَاكَ طَائِعِينَ (33) وَ أَحَاطُوا بِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ مِن الْمُؤْمِنِينَ (34) وَ انْدَفَعَ أَشْقَاهُمْ مِن خَلْفِهِ وَ طَعَنَهُ فَارْتَجَّت الأَرْضُ وَ كَادَتْ تَنْفَطِرُ الْسَّمَاءُ فَقُلْنَا لَهَا اعْقِلِي مَوْعِدُهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ المَآَلِ (35) وَ أَحَاطَهُمْ غَضَبٌ مِن اللهِ فَكَتَبْنَا عَلَيْهِم الْتِّيهَ فِي الأَرْضِ وَ كَتَمْنَا عَلَى أَفْوَاهِهِم وَ عُيُونِهِم وَ قَطَعْنَا نَسْلَهُم إِلاَّ فِئَةً قَلِيلَةً لِتَكُونَ شَاهِدَةً عَلَى سَخَطِ اللهَ وَ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِكُلِّ جَاحِدٍ أَثِيمٍ (36) يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اذْكُرُوا يَوْمَ تَقُومُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ تَجُرُّونَ خَطَايَاكُمْ لاَ يَخْفَى مِنْكُمْ قَوْلٌ وَ لاَ فِعْلٌ وَ لاَ خَاطِرٌ وَعَلَيْنَا تُعْرَضُونَ (37) فَمَنْ نَجَا مِنْكُمْ فَقَدْ آَبَ إِلَى دَارِ الْسَّكِينَةِ أَنْهَارُهَا طِيِبٌ وَ نِسَاؤُهَا أَبْكَارٌ لاَ تُشَارَكُونَ بِهِنَّ وَ إِلَيْهِنَّ تَخْلُدُونَ (38) وَ أَمَّا مَنْ سَقَطَ السَّقْطَةَ الْكُبْرَى فَأُولَئِكَ يُجَرُّونَ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَ آَذَانِهِمْ وَ عُيُونِهِمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ عَلَى بَلاَطِ جَهَنَّمَ يَغْلِي رُؤُوسَهُمْ وَ يُقَالُ لَهُمْ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَهْزِئُونَ (39) كَفَرُوا بِاللهِ وَ مَلاَئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ قَلَمِهِ وَ قَالُوا مَا لَنَا مِنْ مَآَبٍ بَعْدَ مَوْتِنَا وَ هَاؤُمُ الآَنَ يَبْكُونَ (40) وَ أَشْرَكُوا مَعَ اللهِ أَرْبَابَ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ وَ مَا لاَ يَضُرُّ وَ لاَ يَنْفَعُ يَدْعُونَهُمْ جَهْلاً وَ لاَ يُعْذَرُونَ (41) وَ لَمْ يَقُومُوا إِلَى الْصَّلاَةِ وَلَمْ يُؤْتُوا الْزَّكَاةَ وَ قَتَلُوا الْنَّفْسَ الْغَافِلَةََ أَلاَ بِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (42) وَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْفَاحِشَةِ كَمَا يَجْتَمِعُ الْذُّبَابُ عَلَى جِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ أُولَئِكَ حَطَبُ جَهَنَّمَ وَ أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (43) يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اذْكُرُوا يَوْمَ خَلَقْنَاكُمْ مِنْ عَدَمٍ وَ هَيَّئْنَا لّكُمْ الأَرْضَ لِتَعْمُرُوهَا وَ تَأْكُلُوا مِنْهَا أَنْتُمْ وَ أَنْعَامُكُمْ وَ تُوَارِي أَمْوَاتَكُمْ وَ سَوْآتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ حِكْمَةً وَ طَهَارَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (44)
(يُتْبَعُ)
(/)
وَ سَخَّرْنَا لَكُمْ الْهَوَاءَ يَحْمِلُكُمْ فِي الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَافِ الأَرْضِ لِتَعْمُرُوهَا بِإِذْنِ اللهِ وَ يَحْمِلُكُمْ فِي الْسَّمَاءِ لِتَرَوْا آَيَاتِنَا رَأْيَ الْعَيْنِ وَ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَ تَرْكَعُوا مَعَ الْرَّاكِعِينَ (45) وَ أَسْقَيْنَاكُمْ مَاءَاً عَذْبَاً جَارِيَاً يُذْهُبُ الظَّمَأَ قُلْ لَوْ كَانَ مِلْحَاً أُجَاجَاً أَوْ عَذْبَاً آَسِناً فَكَيْفَ مِنْهُ تَشْرَبُونَ (46) وَ جَعَلْنَا إِخْوَاناً لَكُمْ مِنْ آَبَائِكُمْ وَ مِنْ غَيْرِ آَبَائِكُمْ وَ أَبْنَاءً لَكُمْ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَ مِنْ غَيْرِ أصْلاَبِكُمْ يُؤْنِسُونَكُمْ وَ يُظَاهِرُونَكُمْ أَفَلاَ تَشْكُرُونَ (47) مَا ضَرَّ اللهَ لَوْ حَبَسَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ أَسْقَطَكُمْ مُضْغَةً فِإِذَا أَنْشَأَكُمْ وَ اشْتَدَّ بَأْسُكُمْ افْتَرَيْتُمْ عَلَى اللهِ وَ قُلْتُمْ مَا خَلَقَنَا غَيْرُ أُمَّهَاتِنَا قُلْ فَمَنْ خَلَقَ لَكُمْ أُمَّهَاتِكُمْ مِنْ قَبْلُ قَلِيلاً مَا تَعْقِلُونَ (48) وَ لَوْ شِئْنَا لَحَبَسْنَا عَنْكُمْ الْمَاءَ وَ الْهَوَاءَ وَ فَجَّرْنَا نَاراً مِنْ تَحْتِكُمْ وَ أَظْلَمْنَا الْسَّمَاءَ عَلَيْكُمْ وَ نَشَرْنَا فِيكُمْ الْمَرَضَ كَمَا فَعَلْنَا بالْكَافِرِينَ مِنْ قَبْلُ لَكِنَّا عَلِمْنَا أَنَّ فِيكُمْ مُؤْمِنِينَ فَانْتَظِرُوا يَوْمَ الْمَآَبِ (49) مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْنَا وَ أطَعْنَا وَ مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْنَا وَ عَقِلْنَا وَ مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يُجَادِلْ وَ هُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (50) فَإِنْ جَادَلُوكَ أَقِمْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةََ بِالْحَقِّ تَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى أَسْيَادِهِمْ أُسْقِطَ في أيديهِم وَ بَاتُوا بُكْماً كَأَهْلِ الْقُبُورِ (51) فَيقولُونَ شَاعِرٌ قُلْ هَاتُوا شُعَرَاءَكُمْ وَ مَنْ يَفْتَرِي فَلَهُ الْخِزْيُ أَبَداً لاَ يَسْتَطِيعُونَ لِهَذَا الْكِتَابِ رَدّاً وَلاَ شَبَهاً مَشِيئَةَ اللهِ الْقَدِيرِ الْحَكِيمِ (52) وَ يَقُولُونَ شَاعِرٌ قُلْ هَاتُوا شُعَرَاءَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ قَادِرِينَ (53) وَ إِنْ قَالُوا ائْتِنَا بِالسَّحَابِ مُسَيَّراً أَوْ اجْعَلْ لَنَا الْجِبَالَ ذَهَباً أَوْ طِرْ إِلَى الْقَمَرِ قُلْ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ اللهِ وَ مَا كُنْتُ سَاحِراً وَ لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَكُونَ (54) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْتَرِي عَلَيْنَا آَيَاتٍ خَدَاجٍ وَ يَقُولُ أُوتِيتُ كَمَا أُوتِيَ هَذَا الرَّجُلُ قُلْ هَلْ لَكَ أَنْ تَهْدِي بِهِ أَقْوَاماً إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (55) أُولَئِكَ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ الذِّلَّةَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا زَيَّنَتْ لَهُمْ أَهْوَاؤُهُمْ وَ فِي الآَخِرَةِ لَهُمْ شَرُّ الْعَذَابِ (56) هَذَا كِتَابُ اللهِ آَيَةً أَبَداً فَمَنْ شَاءَ الإِيمَانَ فَلَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ وَ مَنْ شَاءَ الْكُفْرَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَ مَا لَهُ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى اللهِ قَدَراً قَضَيْنَاهُ عَلَى الْعَالَمِينِ (57)
ـ[أخوكم]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:41 م]ـ
الجواب
وكدتُ أن أضع أكبر قدر من محاولاتهم تلك، ولكن لعل تلك الأمثلة كافية لتبيين عدم فهمهم أصلا لمعنى التحدي الذي تحداهم الله به
وأيضا مما يؤكد عدم فهمهم لمعنى التحدي أنهم يسألوننا مرة بعد مرة وبكل صراحة:
وأين وجه الإعجاز في سورة العاديات وفي سورة الكوثر وفي سورة كذا وكذا ... الخ
فسؤالهم ذلك ومحاولاتهم تلك لتدل بكل وضوح أن القوم فعلا لم يفهموا وجه الإعجاز القرآني برمته، فكيف سيجيبوا عن سؤال لم يفهموه!!؟
كيف يتحدَّوا شيئا لم يسبروا كنهه
لذا فنحن هنا سنبين لهم المقصود من التحدي ونبين لهم ما معنى المثلية في قول الله عز وجل:
(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)
وكما قيل بالمثال يتضح المقال:
فلو أن شخصا اسمه خالد قام باختراع جهاز كهرومغناطيسي جديد، ثم ذكر للناس كيف يمكن أن يصنعوا مثله
فعندها إذا أردنا أن نحث الناس على الابتكارات الجديدة سنقول لهم:
من منكم يخترع مثل خالد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فلو جاءنا شخص قام بتقليد خالد وجاء بمثل اختراع خالد الكهرومغناطيسي حذو القذة بالقذة ثم رفع عقيرته قائلا: اختراعي هذا مثل اختراع خالد ...
لقلنا له: هذا ليس اختراعا بل هذه سرقة علمية تكنولوجية ونسخة كربونية مكررة لاختراع خالد ....
فإن قال: ألم تقولوا نريد "مثل" اختراع خالد؟
فسنقول له:
إنما طلبنا مثلية تجديد وابتكار وإنشاء
ولم نطلب مثلية تقليد وتكرار واقتباس
نريد اختراعا وليس اقتباسا لشيء مخترع
فيا من أنكرتم أن القرآن رسائل ملك الأكوان، عندما طالبكم الخالق أن تحضروا مثل كلامه، فمن السذاجة أن تأتوا بنسخة كربونية أو مقاربة لألفاظ ومعاني القرآن، ثم تقولوا هذا مثل القرآن .. ! كما هو الحال في تأليفكم التي فرحتم بها، فكما تسخرون فإنا والله نسخر منكم
لأن مِثلية التحدي هنا ليست مثلية نسخة
ليست مثلية تقليد
ليست مثلية تكرار
... الخ
إنما المثلية المطلوبة
مثلية تجديد
وإبداع
واختلاق
واختراع
تضاهي القرآن
ربما سيبهتوا ثم ينغضوا رؤوسهم ثم ربما سيقولوا وضحوا لنا المثلية التجديدية التي جاء بها القرآن أصلا.
فدونهم جوابنا ...
جاء القرآن ليقرر عددا من المعاني ... منها:
أن الله إله واحد لا إله معه يشاركه، فوجب أن لا يُعبد غيره ...
ثم ذكر الله في كتابه أدلة عقلية نظرية تدل على ما تقدم ومن ذلك قوله سبحانه:
قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ
... الخ
فنحن لا نريد منكم أن تأتوا بمثلية تكرارية تقليدية، لأنكم لو أتيتم بنفس ذلك المعنى، فستصبحوا مؤمنون مثلنا بأن الله واحد لا شريك له ...
وعندها تنتهي الخصومة بيننا وبينكم
ولكن نريد منكم أن تأتوا بمثلية تجديدية إنشائية ابتكارية اختراعية ... الخ
فعلى سبيل المثال
اخترعوا كلاما تنفون فيه وجود إله
أو
اخترعوا كلاما تثبتون فيه وجود أكثر من إله
أو
اخترعوا كلاما تنفون فيه وجود إله واحد فقط
....
ثم بعد ذلك كله اذكروا ((أدلتكم العقلية النظرية)) على ما قررتموه من اختراعات جديدة ....
فهذه هي المثلية التي نتحداكم أن تأتوا بمثلها
ولن يكون تحديكم على المستوى المطلوب حتى تنظروا من سيقتنع بأن كلامكم من لدن ملك الأكوان ومن سيتابعكم على كلامكم
وسنزيدكم وضوحا، حتى لا يكون لديكم عذر بأنكم لم تفهموا المثلية المقصودة في الآيات التالية
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً
وقوله سبحانه:
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
وقوله سبحانه:
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فمن ضمن الأمور التي قررها القرآن
أو سموها
نظرية جديدة
أو سموها
قاعدة جديدة
أو سموها
أصلا جديدا
أو سموها
أسسا
أو سموها ما شئتم من المترادفات فالمهم أن القرآن جاء بشيء هو:
أن البشرية سيعيشوا في هذه الحياة ثم يموتوا ثم يحييهم الله من جديد لتبدأ حياة أخرى أخيرة دائمة باقية يجازى فيها المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته
لقد جاءكم القرآن بذلك المعنى، ثم أثبته بالأدلة العقلية النظرية
وسنزودكم فقط بمثال واحد من القرآن على كيفية إثبات الله ذلك الأمر بالأدلة العقلية فمثلا قوله سبحانه:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83))
ففي تلك الآيات المتتالية ثلاث أدلة عقلية ضخمة تثبت أن:
((البشرية سيعيشوا في هذه الحياة ثم يموتوا ثم يحييهم الله من جديد لتبدأ حياة أخرى أخيرة دائمة باقية يجازى فيها المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته))
فالدليل العقلي الأول:
أن الذي خلق أول مرة قادر على الإعادة
الدليل العقلي الثاني:
أن الذي خلق المعجزات فأخرج النار من النبات المملوء ماء قادر على أن يجمع ذرات البشر يوم القيامة
الدليل العقلي الثالث:
أن الذي خلق السماوات والأرض وهما أكبر حجما قادر على أن يخلق الأصغر منهما حجما كهؤلاء البشر
_ وطبعا كل ما تقدم على اعتبار أنكم معترفون بأن الله هو الخالق للكون، أما المنكرون فسنجيبهم بأدلة عقلية أخرى من القرآن تثبت لهم فساد تفكيرهم _
فمن خلال تلك الآيات السابقة نكرر عليكم أن تتذكروا جيدا بأن لا تأتونا بنفس المعاني التي جاء بها القرآن من إثبات اليوم الآخر وما فيه من الجزاء، فإن فعلتم ذلك فقد أتيتم بمثلية تكرارية، وسنلزمكم بها فتؤمنوا مثلنا باليوم الآخر وما فيه من الجزاء وهذا سيفض النزاع بيننا وبينكم فأنتم مؤمنون بما نحن مؤمنون به
ولكن لأنكم تنكرون أن القرآن كلام الله فنحن إنما نريد منكم مثلية التجديد فعليكم أن تأتوننا بمعانٍ جديدة تختلف في النتيجة عن معاني ونتائج القرآن ....
فعلى سبيل المثال اخترعوا كلاما تثبتون فيه عدم وجود يوم آخر
أو
عدم وجود الجزاء
ثم أثبتوا ذلك بالأدلة النظرية العقلية
وتذكروا جيدا أننا عندما نقول لكم هاتوا لنا مثل القرآن أو عشر سور مثل سور القرآن أو سورة مثل القرآن
فإياكم أن تنصرف أذهانكم إلى الإعجاز العلمي فكثير من هذا منشؤه استدلالات بشرية مسلمة قد تصيب وقد تخطيء
وحتى التي تصيب منها فكثير منها لا يعرفه إلا طبقة مثقفة في المجتمعات بينما القرآن يخاطب جميع طبقات المجتمع فينبغي أن يكون وجه الإعجاز الأكبر واضح لكل تلك الطبقات لا مختصا بطبقة دون طبقة
وأيضا تذكروا جيدا أننا عندما نقول لكم هاتوا لنا مثل القرآن أو عشر سور مثل سور القرآن أو سورة مثل القرآن
فإياكم أن تنصرف أذهانكم إلى فصاحة اللفظ وجزالته ورونقه ونحو ذلك
فهذا وإن كان فيه إعجاز _تجحدوه أحيانا_ ولكن لا يقدر على اكتشاف وجه التحدي اللغوي في القرآن إلا أهل التخصص في اللغة
بينما القرآن يخاطب كل أصناف البشر وليس أصحاب التخصصات فقط، فينبغي أن لا يكون الوجه الأكبر للإعجاز في اللغة
ومما يؤكد هذا الأمر أن كثيرا من الأنبياء وكثير من الناس أقاموا كل أمور دنياهم ودينهم خير قيام بدون اللغة العربية وذلك في عهود الكتب السماوية السابقة
وهذا يبين لنا بجلاء أن الهدف من نزول القرآن ليس نصر اللغة العربية فحسب وإنما هناك أهداف أكبر من هذا وبكثير
لذا فقد أخطأ من ظن أن وجه التحدي محصور في فصاحة وبلاغة القرآن فحسب
ثم حتى لو خففنا عليكم المهمة فطالبناكم بحصر التحدي فقط في جانب الأسلوب اللفظي للقرآن، فقد كشفتم عن عجز أضحك من حولكم عليكم.
فالعرب كانوا يعرفون أقسام الكلام من نثر ونظم وشعر ونحو ذلك، فجاء القرآن بطريقة جديدة في الكلام وهي طريقة البدء بأحرف في كثير من السور وطريقة فواصل الآيات المختومة بكلمات متقاربة الوزن.
فنحن نريد منكم أن تأتوا بأسلوب جديد في الكلام لا يعرفه الناس من قبل، لا أن تحاكوا أسلوب القرآن كما يفعل مؤلفيكم في محاولاتهم المثيرة للضحك، فيقلدون القرآن في البدء بأحرف مقطعة، ويقلدون القرآن في فواصل الآيات، وهلم جرا ...
(يُتْبَعُ)
(/)
فليس هذا إتيان بمثل القرآن وإنما هذا تقليد للقرآن، وستؤول نتيجة هذا التقليد إلى خنوس تحديكم
فضلا على أن ليس هناك ضير كبير في أن يختلف البشر في بعض الأمور المتعلقة باللغة والبيان وطريقة الكلام.
وإنما الضير كل الضير أن تختلفوا معنا فتزعموا أن مع الإله شريك
أو
ولد
أو
أن تصرفوا العبادة لغير الله
أو
أن تزعموا أن ليس هناك بعث وجزاء
ونحو ذلك من أركان الإيمان والإسلام
فهذه هي القضايا الكبرى التي نحن مختلفون معكم فيها والتي جاء بها القرآن
وهذه هي هي بعينها التي نتحداكم أن تأتوا بكتاب مثل القرآن يثبت خلافها
سموها نظريات أو قواعدا أو أصولا أو أسسا أو ما شئتم
فالمهم أنها أمور يتبناها الناس صغار وكبارا ذكورا وإناثا بيضا وسودا فقراء وأغنياء أفرادا وأمما
يحيون عليها ويستميتون لأجلها.
فنحن نريد منكم نظريات مثلها في قوة الثبوت واتساع التأثير
وفوق هذا فمن حقنا أن نطالبكم أن تثبتوا أنها تنشأ من مصدر علوي كما هو حال القرآن الذي يتكلم من جهة علوية
فهذه الطريقة التي لم تخطر ببال شاعر ولا فصيح ولا منظر مهما بعدت نظراتهم وخصبت خيالاتهم لتدل دلالة أكيدة اختلاف كلام القرآن عن بقية كلام البشر.
ولذا نجد حتى الذين لا يفهمون القرآن كيانهم يهتز لمجرد سماع القرآن،
لا لشيء سوى أن القرآن صادر من جهة علوية
وكم من شخص أسلم بعدما اقشعر جلده من كلمات القرآن ثم لانَ جلده وقلبه إلى ذكر الله
ولذا فالذين تحدوا القرآن فألفوا ما ألفوا عندما نسألهم قائلين:
هل هذا الذي ألفتموه هو من كلامكم أم هو من كلام الله؟
فسيقولون لنا وبكل سذاجة: لا، بل هو من "كلامنا" ولكن إنما أردنا التحدي كما طلبتم منا ..
فسنقول لهم: ها أنتم أول المعترفين بأن تأليفكم إنما هو من كلامكم وليس من كلام الله، بينما الرسول كان ليل نهار ينادي الناس بأن القرآن كلام الله.
فكم هو أمر مثير للسخرية والتهكم بكم أن تتحدوا شيئا وأنتم لا تعلموا وجه التحدي فيه!
فانظروا كيف مكر الله بكم من حيث لم تشعروا
وصدق الله إذ قال (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
فالنتيجة النهائية أن القرآن كلام خالق لا كلام مخلوق
عموما ... يا أيها المؤلفون الجدد اتحدوا كلكم بل واطلبوا مساعدة الجن وتذكروا أننا ننتظركم في كل مكان وزمان
وإن شئتم سنبدأ العد من تاريخ اليوم
بل سنضع لكم فراغا لتكتبوا تأريخ بداية محاولاتكم
(/ /)
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا
فاتقوا النار
واعلموا أن القرآن كلام خالق الكون، وقد أمركم فيه بأن تؤمنوا بالله وحده لا شريك له فتعبدوه كما أمركم ولا تشركوا معه أحدا
وتؤمنوا باليوم الآخر فالجنة للطائعين والنار للعاصين
وتؤمنوا بالملائكة وكتب الله ورسل الله وبالقدر خيره وشره
ثم تنفذوا ما أمركم الله به في القرآن من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ونحو ذلك
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 Mar 2005, 05:08 ص]ـ
أين التحدي يا أخي في هذه "السور"؟؟ أولئك قوم يهذرون و بالطعام متخمون و من سكرة الخمر يترنحون .. عافانا الله مما هم به مبتلون!
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[28 Mar 2005, 07:44 ص]ـ
بارك الله في كاتب الموضوع .. و لهذا الموضوع علاقة بموضوع الاخ الفاضل (ابو عبدالمعز) حول الاعجاز في القران و ضرورة ضبط المراد بالاعجاز بتعريف جامع يضع الضوابط و الحدود لهذا المصطلح ..
ـ[أخوكم]ــــــــ[29 Mar 2005, 07:20 ص]ـ
الأخ صاحب الفضل د. هشام عزمي حفظه الله
صدقتَ وبررتَ وابن القيم يؤيدك قائلا:
" ... حتى الذين راموا معارضته كان ما عارضوه من أقوى الأدلة على صدقه فإنهم أتوا بشيء يستحي العقلاء من سماعه ويحكمون بسماجته وقبح ركاكته وخسته فهو كمن أظهر طيبا لم يشم أحد مثل ريحه قط وتحدى الخلائق ملوكهم وسوقتهم بأن يأتوا بذرة طيب مثله، فاستحيى العقلاء وعرفوا عجزهم وجاء الحقمان بعذرة منتنة خبيثة وقالوا قد جئنا بمثل ما جئت به فهل يزيد هذا ما جاء به إلا قوة وبرهانا وعظمة وإجلالا ... "
==========
الأخ كريم السجايا عبد الله حسن حفظه الله
صدقت في التنبيه لأهمية البحث عن ضبط وجه الإعجاز
وجزى الله إخواني في كل مكان خيرا كثيرا كبيرا
ولكن لعلك تلحظ تركيز الكثير من الناس على جانب اللغة في القرآن
وهذا وسع رقعة الفهم الخاطيءعند الناس بأن إعجاز القرآن منحصر في اللغة!
وقد أجبتُ عن هذا الأمر في موضوعي الآنف
ولأن الموضوع موجه لغير المسلمين في المقام الاول، لذا حرصت أن لا أطيل فيه بسرد أقوال الأئمة، أما هنا في الردود فلعل الأمر أهون فدونك قول ابن القيم رحمه الله في هذا الجانب:
" ... وبعضهم قصر الإعجاز على مجرد فصاحته وبلاغته وبعضهم على مخالفة أسلوب نظمه لاساليب نظم الكلام وبعضهم على ما اشتمل عليه من الإخبار بالغيوب إلى غير ذلك من الأقوال القاصرة التي لا تشفي ولا تجدي وإعجازه فوق ذلك ووراء ذلك كله ... "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Apr 2005, 02:10 ص]ـ
أولاً: أشكرك يا أستاذنا الكريم المتخفي وراء (أخوكم)، وأسأل الله أن يجعل هذا الحرص والغيرة على القرآن والدين في موازين حسناتك.
ثانياً: أسأل الله أن يفضح كاتب هذه الخزعبلات التي سماها سوراً، وأن يهلكه. فقد فضح نفسه، وأظهر جهله. وهذه أول مرة أقرأ مثل هذا السخف. من مثل قوله قبحه الله ولعنه: (واقرأوا النساء والتحريم والأحزاب وما حوته أخريات مما يند له من الخجل الجبين). وهو يريد أن يقول (يندى) فقال (يند). حسبنا الله على هذه القمائم التي لا تدري ماذا تصفها به.
ثالثاً: أين نشرت مثل هذه المعارضات، وأخشى أن يكون في وضعها هنا ما يشكك بعض الضعفاء، وإن كان أمرها يضحك أقل الناس علماً، ويجعله يعرف قدر ومكانة كلام الله، من كلام هؤلاء المجانين. ووالله إنني أقرأ للدكتور إبراهيم عوض في ما يكتبه وأجده يتلفظ أحياناً بعبارات قاسية على مثل هؤلاء، ولكن ما دام يكتبون مثل هذا فلا والله إن كتاب الله أغلى عندنا وأعز من نفوسنا.
اللهم انصر أوليائك المخلصين يا رب العالمين، ورد كيد هؤلاء الحادقين الملاعين في نحورهم. وأكرر شكري لصاحب الموضوع بارك الله فيه.(/)
ما المقصود بالاستفزاز
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[26 Mar 2005, 10:13 م]ـ
الاخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استوقني تفسير المفسرين لمعنى الاستفزاز في قوله تعالى: " أَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا " في سورة الإسراء: 103
حيث اتفقوا على ان المقصود إخراجهم من مصر وقيل قتلهم.
مع ان هدف فرعون ابقاءهم في مصر لخدمته، وكل هم سيدنا موسى إخراج بني إسرائيل من مصر
ولما رجعت الى كتب اللغة وجدت المعنى نفسه
فهل هذا معقول؟!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Mar 2005, 11:30 ص]ـ
مادة (فزز) في اللغة العربية تأتي بمعنى الإزعاج والإفزاع كما ذكر أصحاب المعاجم كلسان العرب. وقد وردت هذه المادة في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، كلها في سورة الإسراء هي:
الأول: قوله تعالى: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) الإسراء 64
الثاني: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً) الإسراء 76
الثالث: (فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً) الإسراء 103
وهذا الفعل يتعدى بنفسه كما في قوله: ((واستفزز من استطعت منهم بصوتك).
ويتعدى بحرف (من) كما في قوله: (يستفزونك من الأرض) وقوله: (يستفزهم من الأرض).
فإن تعدى الفعل بنفسه كان بمعنى الإزعاج والاستخفاف للفؤاد. قال في لسان العرب: (استفزَّهُ: خَتَلَهُ حتى ألقاه في مهلكةٍ، واستفزَّه الخوفُ أي استخفَّهُ).
وإن تعدى بـ (من) كان بمعنى الإخراج والاستئصال بالقتل أو الطرد. قال في لسان العرب: (واستفزه من الشيء: أخرجه). وقال ابن عباس في تفسيرها: (يستأصلهم من الأرض)، فضمَّن الفعلَ (يستفز) معنى الاستئصال فعدَّاه بِمِن. وهذا الفعل (فزز) فيه معنى الاضطراب والخفة لشدة الخوف والفزع، حتى قال أبوعبيد: (أفززتُ القومَ وأَفزعتُهُم سواءٌ). والذي يظهر لي أن المعنى الأصلي والدقيق للاستفزاز هوالأول (الإزعاج والاستخفاف للفؤاد) وأَنَّ (الخوف والهرب وربما الموت من شدة الاضطراب والهلع) من نتائج المعنى الأول للكلمة. وهذا المعنى الأصلي هو معنى الاستفزاز في كلامنا اليوم، فإنه بمعنى الاستثارة، والإزعاج، مما يدعو للتحفز والتوثب للخوف أو الهرب أو الانتقام أو غير ذلك.
والآية التي وقع السؤال عنها، وهي قوله تعالى: {فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً} حسب التقعيد السابق تكون بمعنى الإخراج. وهذا صحيح أن فرعون بعد أن لحق بهم كان يريد طردهم على وجه الذلة والخزي، أو قتلهم أو استعبادهم على وجه أشد من ذي قبل، وإن كان قبل أن يتبعهم لم يوافق على طلب موسى بأن يأذن لهم في الخروج معه، ويريد بقاءهم لاستعبادهم وجعلهم في خدمته.
والمفسرون كما ذكرت أخي عبدالرحيم في سؤالك كلهم يفسرون الاستفزاز في الآية بمعنى الإخراج دون توقف عند المعنى الذي استوقفك والذي يدل على فقهك وفطنتك.
ولذلك لم يتوقف عندها الطبري فقال في تفسيرها: (فأراد فرعون أن يستفز موسى وبني إسرائيل من الأرض). ولم يزد على ذلك، فكأَنَّ (يستفزُّ) عنده بمعنى (يُخرجُ) فلم يشرحها. وقال القرطبي: (أي أراد فرعون أن يُخرجَ موسى وبني إسرائيل من أرض مصر بالقتلِ أوالإبعاد) 10/ 338. غير أن الاستفزاز ليس معنى مطابقاً للإخراج، بل هو أعم منه بدليل قوله تعالى: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً) فقد جعل الإخراج من مكة دون الرجوع إليها علةً للاستفزاز، فدل على أن الاستفزاز معنى أعم من الإخراج، وإنما هو الإخراج على وجه الخوف والاضطراب والهلع.
وأَما القاسميُّ فقد أَلْمَحَ إلى المعنى الذي ذكرته أعلاه للكلمة فقال: (أي يُفزعهم ويزعجهم بِما يَحملِهم على خِفَّةِ الهَرَبِ فَرَقاً منه. أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال). فالشطر الأول لكلامه يدل على أَنَّ المفردة تدل في أصلها على الإفزاع والإزعاج بما يحملهم على الهرب خوفاً منه ومن بطشه، وهذا المعنى تؤيده آية أخرى، وهي قوله تعالى: (فلما ترآءا الجمعان قال أصحاب موسى إِنَّا لمدركون) [الشعراء:61] ودخل الخوف نفوسهم من بطش فرعون.
وأختم بما يمكن أن يبدو في الآية التي وقع السؤال عنها من معنى الاستفزاز الذي وقع على فرعون نفسه، حيث دخله الاضطراب والانزعاج والخفة لَمَّا سَمِعَ بِخُروجِ موسى ببني إسرائيل، فخرج مسرعاً مستعجلاً لحتفه وهلاكه، فكأَنَّ الاستفزازَ (بمعنى الخفة والاضطراب) في حقه أصدقُ منه في حقِّ موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، بدليل تسرعه في اقتحام البحر مع خطورة هذا القرار الذي اتخذه، والذي كان فيه هلاكه وقومه، ولكنها حكمة الله وإرادته وانتقامه سبحانه وتعالى. فلعل التعبير بهذه اللفظة (يستفزهم) تشير إلى هذه الدلالات التي أحاطت بتلك الحادثة مجتمعة والله أعلم وأستغفر الله من الخطأ والزلل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Mar 2005, 04:44 م]ـ
أخي الفاضل
الاستفزاز وقع من فرعون إليهم ..
والشبهة هنا واضحة ..
ففرعون هو المستفِز لا المستفَز
هنا الإشكال
وهذا من شبهات المشككين في سلامة القرآن الكريم من الزلل فالأمر ليس بالسهل
ولا ينبغي التعامل معه ببساطة
مع محبتي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Mar 2005, 06:18 م]ـ
صدقت أخي الحبيب الأمر سهل والشبهة واضحة، ولا يشكل فهمها إلا على أعجمي لا يفهم لغة العرب. ولسنا في حاجة إلى بسط الواضحات لكل عجمي لا يفهم العربية. والأفعال في اللغة العربية ليست معانيها محصورة فيما قاله أصحاب المعاجم دائماً، فقد يقع في تعبيرهم التقصير في الشرح. والحجة في مثل هذه الآية هي السياق الظاهر للآية الذي يدل على المعنى دون تكلف، ولم أجد أحداً من المفسرين الذين يعنون بمثل هذه اللطائف وقف عندها، لوضوحها فيما يبدو لي.
فلعلك في بحثك تفيدنا بالجواب فتح الله عليك باعتبارك تكتب رسالتك الدكتوراه في مثل هذه الشبهات إن كانت. أسأل الله لك التوفيق السداد.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Mar 2005, 06:22 م]ـ
بإذن الله أخي الفاضل وشكرا لاهتمامك
أسأل الله أن يوفقنا لخدمة الإسلام
آمين
ـ[الخطيب]ــــــــ[28 Mar 2005, 02:16 ص]ـ
الأخوان الكريمان الشيخان عبد الرحمن الشهري وعبد الرحيم
السلام عليكماورحمة الله وبركاته
واسمحا لي أن أشارككما الرأي فيما وصلتما إليه
الاستفزاز أصل يدل على الفزع والإزعاج
ولما كان للفزع والإزعاج موارد يعسر تحديدها بمجرد اللفظ احتيج في السياق إلى ما يبين المراد
وعليه فلما قصد به الإزعاج بالصوت والإفزاع به قيل {واستفزز من استطعت منهم بصوتك) الإسراء 64
ولما قصد به الإخراج من الأرض قيل {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً} الإسراء 76
ثم تبقى هذه اللفظة محل الدراسة غفلا حيث لم تردف بما يوضح المقصود بالاستفزاز فيها {فأراد أن يستفزهم من الأرض}
ليخوض المفسرون في بيانها انطلاقا من معناها اللغوي المباشر أو تأويلا له بشيء من لوازمه كالإخراج أو القتل أو غير ذلك
لكن بتتبع موارد القصة في الكتاب العزيز نستطيع أن نقف على خصوصية معنى الاستفزاز هنا
وذلك أننا قد وعينا من تتبعنا لهذه القصة في سورة الإسراء وفي غيرها أن هناك مستفِزا هو فرعون ومستفَزا هو موسى وقومه وسياق القصة في سور القرآن الكريم يدل على أن هذا الاستفزاز لم يحدث إلا بعد أن علا شأن موسى عليه السلام عندما آمن به السحرة الذين كان فرعون قد أعدهم للتصدي لموسى عليه السلام فحدث ما لم يكن فرعون يتوقعه حيث آمن السحرة بعد أن بان لهم الحق في قصة معلومة قد قصها القرآن لا يحتاج أهل العلم إلى أن نذكرهم بها، ومن ثم سوف نقفز إلى محل الكلام مباشرة وهو المقصود بالاستفزاز الذي أراد فرعون أن يوقعه بموسى عليه السلام وبني إسرائيل بعد هزيمته وفضيحته أمام ملائه
أقول هذا الاستفزاز قد وضحه فرعون نفسه فيما حكاه القرآن عنه وهو أنه عزم على سبي نسائهم وقتل ذراريهم بعد أن استشعر خطرهم عليه وقد نبهه إلى ذلك بطانته السيئة وهذه الآية من سورة الأعراف تحكي ذلك:
{وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون} َ {الأعراف: 127}
ولأن مشهد الإيمان الرائع قد أثر على بني إسرائيل فمنهم من آمن بموسى كما حكت سورة يونس {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ {83
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد اغتاظ فرعون واشتد كيده وقد صورت آيات سورة الشعراء سيكولوجية فرعون وحالته النفسية السيئة التي اعترته بعد نجاح موسى عليه السلام وكيف أنه قد بلغ به الغيظ مبلغه فاتخذ قراره باستفزاز ببني إسرائيل وهو سبي نسائهم وذبح أبنائهم ولهذا اتبعهم بعد أن فروا منه - خوفا ووجلا - بقرار من موسى عليه أرشده إليه الوحي: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ {52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ {53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ {54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ {55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ {56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ {58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {59} فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ {60}
وتضيف لنا آية سورة إبراهيم التي جاءت في إطار الامتنان على بني إسرائيل لتضيف بعدا جديدا لمعنى الاستفزازوهو تعذيب فرعون رجال بني إسرائيل {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيم} لاحظ أن هذا البعد قد أضافه العطف بين هذه الجمل الثلاث {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ} وهو ما اقتضى المغايرة وهو ما ليس موجودا بآيتي البقرة () (49) والأعراف () (141)
وعلى هذا فلا محل للشبهة لأن محاولة فرعون ملاحقة بني إسرائيل سبيا لنسائهم وقتلا لذراريهم – وهو في نظري الاستفزاز المذكور – كان بعد قصة السحرة ونجاح موسى عليه السلام في ميدان التحدي والتباري حيث اغتاظ فرعون فعزم على الانتقام
وأما فكرة استعباد بني إسرائيل فهي الفكرة التي كانت مستقرة وقائمة قبل مجيء موسى وقبل قصة التباري حيث كان بنو إسرائيل بالفعل عبيدا لفرعون ولذلك قال له موسى عليه السلام مستفهما مستنكرا فيما نتصوره عن الدلالة الصوتية لهذه العبارة {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ {22} الشعراء
والحاصل أن قرار الاستعباد كان قبل مجيء موسى عليه السلام وإيمان السحرة وقرار الاستفزاز هو الطارئ بعد نجاح موسى عليه السلام وإيمان السحرة وخوف فرعون على زعزعة مكانته
وهو ما فهمناه بتتبع موارد القصة في القرآن الكريم، وعليه لا يكون للشبهة المذكورة موضع.
والله أعلم
أخي عبد الرحيم بارك الله فيك ووفقك في موضوعك وإني لمفتقدك منذ فترة وإني لسعيد بالاطمئنان عليك عبر الملتقى
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[28 Mar 2005, 03:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي وحبيبي الخطيب ... أشهد الله إني أحبك في الله
كنت أظن أن الأخ الجندي يطلعك على أخباري ..
على كل حال ..
عندي فهم جديد للمقصود بالاستفزاز في الآية الكريمة أرجو التكرم ببيان صوابه أو عدمه
فالموضوع مهم جدا وقد يكون محاولة لرسم معالم وآفاق جديدة
مقدمة:
قال تعالى في سورة الإسراء: " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) ".
تتحدث الآيات الكريمة عن تسع آيات (معجزات، ضربات) نزلت على فرعون وقومه ليسمحوا لبني إسرائيل بالخروج من مصر هاربين بدينهم ((ليتمكنوا)) من عبادة الله تعالى ويحقق الاستخلاف في الأرض كما أمرهم وأمر كل طائفة مؤمنة.
فقد كان بنو إسرائيل في ذلك الزمان وذاك المكان يمثلون الفئة المؤمنة.
فكان ذلك الخروج تحقيقاً لوعد الله باستخلاف الفئة المؤمنة والتمكين لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن فرعون (أراد) غير ذلك فقد عقد العزم على (استفزاز) بني إسرائيل ـ كما نجح في استفزاز قومه (استخفافهم) فأطاعوه ـ
ولكن أمر الله تعالى وتدبيره المحكم كان خيراً وأحكم من تدبير فرعون فأغرقه ولم يحقق له (الاستفزاز) الذي أراده وحلم به.
ما المقصود الاستفزاز الذي أراده فرعون؟
جل المفسرين ـ رحمهم الله تعالى وجمعنا بهم في مستقر رحمته ـ فسروا الاستفزاز بالإخراج من الأرض، إخراجاً حقيقياً إما بالطرد أو القتل.
وهذا تفسير مشكل، فإخراج بني إسرائيل من مصر أمنيتهم، وهو خلاف مراد فرعون الذي أرادهم مسخرين لخدمته وقومه، أتباعاً لهم، عبيداً .. فكيف ذلك؟
جواب ذلك: إن الاستفزاز في الآية الكريمة لا يمكن حمله على الطرد، بل العكس تماماً .. والشواهد تدل على ذلك،
ولذلك سيتم استقراء ما اشتق من الجذر (فزز) في القرآن الكريم والسنة وكلام العرب والمعاجم، ثم استنباط المعنى الأنسب إلى سياق الآيات الكريمة، والذي لا يخالف المسلمات التاريخية ويزيل احتمال التناقض بين الآيات الكريمة. كقوله تعالى مخاطباً موسى وهارون عليهما السلام ـ في سورة الشعراء ـ: " فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) ".
أولاً: مادة (فزز) في القرآن الكريم ... تكرر ما اشتق من (فزز) في القرآن الكريم ثلاث مرات جميعها في سورة الإسراء (وفي هذا إشارة ينبغي دراستها في مقابلة الوحدة الموضوعية لسورة الإسراء).
الأولى ـ في خطاب الله تعالى لإبليس ـ: " قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) ".
الثانية في بيان نعم الله تعالى على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ".
الثالثة ـ في سياق بيان ضعف مكر فرعون ـ: " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) ".
دراسة معنى الاستفزاز في الآية الأولى:
ذكر المفسرون ـ وحتى البخاري في صحيحه مرتين ـ في تفسير الآية الأولى أن المقصود باستفزاز إبليس: استخفافه.
فعلاقة الشيطان بأوليائه علاقة استخفاف السيد بأتباعه ..
ومثله استخفاف فرعون بقومه قال تعالى في سورة الزخرف: " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) ". وفسر العلماء استخفافه (((((بالاستفزاز))))) انظر القرطبي والجلالين.
هذا استفزاز (استخفاف) ناجح.
وذكر القرآن الكريم مثالاً على استفزاز غير ناجح بسبب توفيق الله تعالى.
قال تعالى في آخر آية من سورة الروم: " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) ".
قال النحاس في معاني القرآن: عن معنى لا يستخفنك: " لا يستفزنك ".
على هذا: الاستفزاز والاستخفاف بمعنى واحد.
دراسة معنى الاستفزاز في الآية الثانية والآية الثالثة:
تتحدث الآيتان عن إرادتين:
الأولى: إرادة الله تعالى الشرعية ثم إرادة عباده المؤمنين بنقل المؤمنين من مكان لا يستطيعون فيه تحقيق أمر الله تعالى بإقامة الخلافة المأمور بها شرعا وعمارة الأرض وفق حكم الله تعالى والتمكين لهم.
الإرادة الثانية: محاولة الشيطان وأتباعه استمالة المؤمنين إلى جانبهم والاستخفاف بهم ليطيعوهم كما أطاعهم كثير من (الأنعام).
هنا تتصارع الإرادتان: إرادة من لا يرضون الحكم إلا لله تعالى ويرفضون التبعية لمخلوق.
وإرادة تريد سلب عزة المؤمن واستمالته بأطماع الدنيا وشهواتها الرخيصة .. وقد عبر عنها القرآن الكريم بعبارات منفرة: استخفاف، استفزاز ...
ولكن الله تعالى وعد النبيَّين (موسى ومحمد عليهما السلام) بأن مكر أعدائهما سيزول وأن العاقبة لهما، وسيمكنان من الأرض .. ولن يتحقق للكفار أمنية (استفزازهم من الأرض) بل سيتحقق (تمكينهم في الأرض).
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كان المقصود بالاستفزاز (الإخراج) فالمقصود ليس الإخراج المادي (بالطرد)
فآخر ما كانت تريده قريش إخراج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة. ((كما ورد في الآية الثانية))
وآخر ما كان يريده فرعون، إخراج بني إسرائيل من مصر ((كما ورد في الثالثة))
بل كل ما أراده الفريقان: إخراج النبيين وأتباعهم من أن يكون للطائفة المؤمنة أي دور ريادي وسيادي في الأرض، بل كانوا يريدونهم أتباعاً يسهل سوقهم كالأنعام.
ويؤيد المعنى اللغوي ذلك:
جاء في الصحاح: استفزه الخوف: استخفه. ورجل فزّ: خفيف.
وفي تاج العروس: يستفزونك: يستخفونك، ويفزعونك ليحملوك على الهرب ..
وفي لسان العرب: فزه فزاً وأفزه: .. أفزعه وطيّر فؤاده.
قال أبو عبيد: أفززت القوم وأفزعتهم سواء.
وقد ورد في حديث صفية عن صفة النبي عليه السلام: " ولا يستفزه "
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: " ولا يستفزه: أي لا يستخفه ".
وقال ابن فارس في الاتباع والمزاوجة: قال الأصمعي: فزٌّ ونزٌّ وهو الخفيف.
وقال القالي في الأمالي: أفزَّته، استخفته.
وذكر أن أصلها من ولد البقر الذي يقال له (فز) لأنه يستخفه كل شيء رآه أو أحس به.
والمقصود البقر الوحشي .. قال النوري في نهاية الأرب: قالت العرب: ولد البقرة الوحشية ما دام يرضع فهو فز وفرقد وفرير .. ".
وأختم بقول ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: الفاء والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على خفّةٍ وما قاربَهَا. تقول: فَزَّهُ واستفزَّه، إذا استخفَّه. قال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض} [الإسراء 76]، أي يحملونك على أن تَخِفَّ عنها. وأفزَّه الخوفُ وأفْزَعَه بمعنىً. وقد استفَزَّ فُلاناً جهْلُه. ورجل فَزٌّ: خفيف. ويقولون: فزَّ عن الشيء: عدل. والفَزُّ: ولَد البقرة. ويُمكن أن يسمَّى بذلك لخفَّة جسمِه. قال:
كما استغَاثَ بسيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ ... خافَ العُيونَ ولم يُنظُرَ به الحَشَكُ
------------------
البيت لزهير في ديوانه 177 واللسان (سيأ، فزز، غطل، حشك). وسيء، يقال بفتح السين وكسرها، وهو اللبن قبل نزول الدرة يكون في طرف الأخلاف.
والغيطلة البقر الوحشي ..
=======================================
أما في كتب غريب القرآن فقد اتفقت ـ إن ذكرت معنى استخف واستفز ـ على أن معنى استفز: استخف.
واستخف: استفز.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\ \\\\\
في النهاية: تقرر الآيات الثلاث الكريمة في سورة الإسراء أهمية عزة المؤمن واستعلائه على الباطل (جناً كان أم إنساً). وتحقير من رضي لنفسه أن يكون (فزاً وفريراً ... )!!
وعدم الرضوخ إلى عصاه وجزرته فما هي إلا (استفزازات) و (استخفافات) لا تليق بالمؤمنين المخلصين الدعاة ولهذا حذرهم من أن يكون مصيرهم كمصير قوم فرعون الذي ..
" يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ " [هود: 98]
نسأل الله تعالى العفو والعافية ... آمين
إخوتي الأفاضل: أرجو قراءة الموضوع مرة أخرى والتكرم بتصويب ما فيه وبارك الله فيكم
مع محبتي
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Apr 2005, 11:58 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
أصل الشبهة هو أن قوم موسى كانوا خارجين هاربين من مصر و أن فرعون أراد أن يستفزهم (أي يخرجهم حسب كلام المفسرين) من أرض مصر، فكيف يكون هذا؟ كيف يخرجهم و هم أصلاً خارجين؟
هذه هي الشبهة ببساطة و الرد هو أن الاستفزاز ليس معنى مطابقًا للاخراج، فهو لا يدل على الاخراج عمومًا بل على كيفية معينة لهذا الاخراج.
و انسحاب بني إسرائيل من أرض مصر كان انسحابًا تكتيكيًا و من لديه خلفية عن العلوم العسكرية يعلم جيدًا أن أكبر خسائر الجيوش المنهزمة تكون أثناء الفرار لأن القوات المنتصرة ساعتها تركب ظهور و أعناق الهاربين و تمزقهم تمزيقًا و تلحق بهم خسائر جسيمة و هو المعروف بمطاردة فلول الهاربين، لهذا وجب أن يكون الانسحاب بالنسبة للفارين الهاربين مدروسًا و منظمًا.
لهذا السبب خرج فرعون بقواته ليحبط هذا الخروج المدروس لبني إسرائيل و أراد ان يكون خروجهم على نحو هروب الجيوش المنهزمة أمام المنتصرين الذين يمزقون ظهورهم و أعناقهم أثناء الفرار.
و هذا هو معنى الاستفزاز: أي خروجهم بهذه الكيفية المعينة و ليست الكيفية الرزينة المدروسة التي رسمها موسى لقومه.
و هذا دافع لنا لنتأمل و نتفكر في الانتقاء البديع للكلمات في القرآن العظيم، و أرجو أن يفهم القاريء براعة اختيار كلمة (يستفزهم) في هذا السياق، و هي كلمة بديعة تدل على الاخراج بكيفية معينة لا يمكن التعبير عنها إلا بهذه الكلمة الرائعة.
و تأمل قول الألوسي رحمه الله في روح المعاني: ((فأراد فرعون أن يستفزهم أي موسى وقومه وأصل الاستفزاز الإزعاج وكنى به عن إخراجهم من الأرض أي أرض مصر التي هم فيها أو من جميع الأرض ويلزم إخراجهم من ذلك قتلهم واستئصالهم وهو المراد .. {فأغرقناه ومن معه جميعا} أي فعكسنا عليه مكره حيث أراد ذلك لهم دونه فكان له دونهم فاستفز بالإغراق هو وقومه وهذا التعكيس أظهر من الشمس على الثاني وظاهر على الأول لأنه أراد إخراجه من مصر فأخرج هو أشد الإخراج بالإهلاك والزيادة لا تضر في التعكيس بل تؤيده)) روح المعاني ج15 ص186 .. و سبحان العزيز الجبار!
http://www.aljame3.com/forums/index.php?showtopic=6755
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[26 Apr 2005, 10:12 م]ـ
أخي المكرم د. هشام ...
أنا لا أتساءل كيف يخرجهم فرعون وهم خارجون أصلاً؟ بل السؤال الأصح: هل أراد أن يخرجهم؟!
لو أراد فرعون إخراجهم فما الداعي إلى الضربات التسع: الجراد والقمل والضفادع ...
بل تلك إرادة سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل أصلاً ...
حالها كحال القضية ذاتها في تفسير الاستفزاز في السورة الكريمة عينها: " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ".
هل فعلاً ((((أحب وأراد))) كفار قريش إخراج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة؟!
ألم يجلسوا في دار الندوة ويطرحوا ذلك الاقتراح ولكنهم رفضوه كي لا يجمع حوله الأتباع بلسانه الحكيم البليغ (بحسب وجهة نظرهم)؟
ثم لماذا بعثوا خلفه من يبحث عنه وأعدوا أكبر الجوائز .. (قصة سراقة بن مالك في حادثة الهجرة).
أليست الآية الكريمة نص في أن الاستفزاز غير الإخراج؟؟؟
أم هنا ترادف؟!
ما أرت قوله سهل:
فسر السادة الأفاضل العلماء، الاستفزاز في قوله تعالى: " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) ". بالاستخفاف بحسب أصل معنى الكلمة.
ولكنهم فسروه (بلازم) الكلمة بحسب فهمهم في الموضعين التاليين ..
وهنا الإشكال فالأولى حمل اللفظ على حقيقته إلا بوجود مسوغ ...
فلماذا لم يفسروه بحسب ظاهره وانتهى الأمر ..
وخاصة أن القرآن الكريم استعمل المعنى ذاته في موضعين منفصلين يخصان النبيين الكريمين صلى الله عليهما وسلم ..
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبر عن إرادة المشركين استخفافه في آخر آية من سورة الروم " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) ".
وفي الوقت ذاته عبر عن تلك الإرادة في سورة الإسراء: " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ".
أما سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام فقد نجح فرعون في الاستخفاف بقومه كما بينت سورة الزخرف " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) ".
ولكنه رأى هذا الاستخفاف ناقصا لأنه لم يشمل بني إسرائيل فأراد الاستخفاف بهم كما استخف بقومه: " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) ".
ومن عجيب الأمر أن المفسرين فسروا الاستخفاف في الزخرف والروم بالاستفزاز!!!
إذا:
الاستخفاف = الاستفزاز.
والاستفزاز = الاستخفاف.
وهذا لا يعني الترادف .. بل أحدهما مقدمة للآخر ..
ومن الممكن أن يكون الاستفزاز سابق للاستخفاف (الاستخفاف مرحلة متقدمة).
باختصار: المقصود بالاستفزاز في الآيات الثلاث: المنع من التمكين في الأرض، وإخراج المسلم من العزة إلى العبودية، ومن الاستعلاء على الباطل إلى الخضوع له.
يريد أهل الباطل الاستفزاز من الأرض
ليمنعوا التمكين في الأرض
هذا ما يقتضيه سياق الآيات الثلاث وتحتمله اللغة والموافق للتفسير بالمأثور (تفسير القرآن بالقرآن) ولم يرد نص شرعي في إثبات عكسه.
والله تعالى أعلم ...
ورحم الله السادة المفسرين العلماء الذين نتشرف بمسح الغبار عن أحذيتهم ..
وأسأله جل في علاه أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته إخوانا على سرر متقابلين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2005, 04:18 م]ـ
استنباط موفق، زادك الله توفيقاً أخي عبدالرحيم، وأعانك في بحثك.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[21 May 2005, 02:20 م]ـ
أخي الفاضل:
بقي سؤال يحيرني
سؤال أخير:
بحسب تفسيري للاستفزاز، ما معنى حرف الجر " من "
في قوله تعالى: " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ " هل من الممكن أن تكون بمعنى الظرفية (في)
بحسب نظرية تعاور معاني حروف الجر؟
وجزاكم الله كل خير
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[24 May 2005, 06:08 م]ـ
تعاور أو تناوب حروف الجر من المسائل الخلافية الكبرى بين النحويين البصريين والكوفيين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمنعه جماهير البصريين وقال به جماهير الكوفيين.
وهذا ما ينفيه بشدة علماء البلاغة والنظم القرآني المدافعين عن رأيهم ((الصحيح)) في نفي الترادف عن القرآن الكريم.
فإن كان الترادف منفياً، فإن تناوب الحروف منفي من باب أولى.
ولكنهم جوزوا القول بأن بعض حروف الجر، تفيد معانٍ عدة (منها معاني حروفٍ أخرى) تفهم من السياق، مع فرق دقيق بين معنى الحرف المراد من الآية.
كالفرق بين الريب والشك، في قوله تعالى: " لا ريب فيه " ... ومثله الفرق بين: مهطعين ومسرعين، الخوف والخشية، المكر والكيد، ... الخ
مثلاً الباء: تفيد معنى ..
في: كقوله تعالى: " ولقد نصركم الله ببدر ". آل عمران123.
عن: كقوله تعالى: " فاسأل به خبيراً ". الفرقان: 59.
على: كقوله تعالى: " ما أن تأمنه بقنطار ". آل عمران: 75.
مع: كقوله تعالى: " فأتبعهم فرعون بجنوده ". طه: 78.
من: كقوله تعالى: " عيناً يشرب بها عباد الله ". الإنسان: 6.
إلى: كقوله تعالى: " وقد أحسن بي ". يوسف: 100.
انظر: الجني الداني في معاني حروف المعاني للمرادي، ورصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي.
والآن إلى موضع الشاهد هنا:
قوله تعالى: " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ "
من معاني (مِن): الظرفية: (في)
ومن معاني (في): التبعيض أو البيان (مِن).
فمن الممكن أن يدل أحدهما على معنى الآخر ...
أولاً: " في " بمعنى " من ":
- قوله تعالى: " ويوم نبعث في كل أمة شهيداً ". النحل: 89.
أي: من كل أمة. انظر ما قبلها: " وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) ". والنساء: " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) ".
- وقول امرئ القيس: ألا أيها الليل الويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح فيك بأمثل
أراد: منك.
- وقوله: وهل يعمن من كان أحدث عهده ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال
أراد: من ثلاثة أحوال.
(انظر: البرهان للزركشي4/ 303، الأزهية في علم الحروف للهروي، ص289).
ثانياً: " مِن " بمعنى " في ":
- قوله تعالى: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ". الجمعة: 9.
أي: في يوم الجمعة.
(انظر: البرهان للزركشي4/ 421، ومغني اللبيب لابن هشام ص321، وشرح الأشموني على ألفية ابن مالك2/ 288، وشرح التصريح على التوضيح للأزهري 2/ 8).
- وقوله تعالى: " أروني ماذا خلقوا من الأرض ". فاطر: 40.
أي: في الأرض.
(انظر: المراجع السابقة والأزهية ص293، والجني الداني ص314).
- ومثله للشاعر الجاهلي أبي اللحام التغلبي ـ وقيل لعدي بن زيد ـ:
عَسى سائِلٌ ذُو حاجَةٍ إِن مَنَعتَهُ مِن اليَومِ سُؤلاً أَن يَكون لَهُ غَدُ
أي: في اليوم.
(انظر: رصف المباني ص314).
بهذا يتبين أنه يجوز لـ (من) أن تحمل معنى الظرفية (في) , بالإضافة إلى ما تتميز به من معان أخرى.
ومن اليسير نقد هذا الرأي أو ذاك، فكلها خاضعة للاجتهاد المأجور، سواء كان بأجر أو أجرين.
والله الميسر لما فيه الحق والسداد(/)
هل تدل هذه الآية على أن الأخلاق تورث؟
ـ[عطية الله]ــــــــ[27 Mar 2005, 11:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تدل هذه الآية على أن الأخلاق تورث؟
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً}
وقد أورد العلماء عندها الحديث المشهور -وصححه بعض العلماء- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته"
وأما حديث "فإن العرق دسّاسٌ" فهو ضعيف جداً، أو موضوع كما قاله الشيخ الألباني في سلسلة الضعيفة.
وقد ذكر العلماء في هذه المسألة خلافا للفلاسفة والحكماء قديما.
قال ابن الجوزي في زاد المسير عند قوله تعالى {خلق الإنسان من عجل}: فأما من قال: أريد به آدم، ففي معنى الكلام قولان: أحدهما: أنه خلق عجولا، قاله الأكثرون. فعلى هذا يقول: لما طبع آدم على هذا المعنى، وجد في أولاده، وأورثهم العجل. اهـ
ننتظر مشاركاتكم وإثراءكم.(/)
معالم ومميزات في تفسير ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ لسوره الكهف.
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[27 Mar 2005, 11:18 م]ـ
معالم ومميزات في تفسير ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ لسوره الكهف.
مميزات عامة:
1 ـ حرص الشيخ رحمه الله على تقرير عقيدة السلف الصالح من خلال تفسيره للآيات.
2 ـ استخدام أسلوب السؤال والجواب أثناء تفسيره , ولعل مرد ذلك الصبغة العامة في جميع شروحه: وهي أنها شروح علمية للطلاب , وليست مؤلفات مستقلة ابتداءً.
3 ـ للشيخ رحمه الله اهتمام بجانب التأمل والنظر , والتدقيق والتفكر , وظهر أثر ذلك في جوانب متعددة منها:
أ) ـ جمعه بين الآيات المتناظرة , ومن ثَمَّ إيراد ما قد يستشكل والجواب عنه , وتوجيه ذلك كله.
ب) ـ بروز الحس النقدي عند الشيخ رحمه الله.
ج) ـ ملاحظته وتدوينه لجملة من الأساليب القرآن المتنوعة.
د) باب الاستنباط باب عظيم , أوتي فيه نظراً ثاقباً , وفهماً واسعاً. ومردُّ ذلك والله أعلم الموسوعية في العلوم الشرعية المتنوعة.
4 ـ للشيخ رحمه الله اهتمام بارزٌ بنثر القواعد والضوابط والفوائد العلمية أثناء شروحه العامة عموماً: ومنها التفسير.
5 ـ التمسك بمنهج طلب الدليل في اختياراته وترجيحاته.
معالم في المنهج:
أولاً: تفسير القرآن بالقرآن.
ثانياً: تفسير القرآن بالسنة.
ويلاحظ هنا أن الشيخ رحمه الله يُكثر الاستفادة من هذين المصدرين في التفسير , وتفسيره بالقرآن أكثر منه بالسنة.
وقد تنوعت طرقه رحمه الله في الاستفادة من هذين المصدرين في التفسير.
ثالثاً:التفسير اللغوي في سورة الكهف:
1 ـ التحليل اللغوي للفظة القرآنية المفسرة.
2 ـ تفسير لفظي مباشر.
3 ـ تفسير بالمثال , أو بعموم اللفظ.
4 ـ عنايته رحمه الله بالتعليل. (تعليل تسمية , تعليل عدم الذكر , تعليل التخصيص , تعليل ذكر اللفظ بصورة معينة دون ما عداها , ... )
5 ـ الوجوه والنظائر.
6 ـ ملاحظة أساليب القرآن.
7 ـ السياق في التفسير. (استفاد منه في: تحديد نوع الأمر , تفسير لفظة , في الربط بين أطراف الآية الواحدة , الترجيح والاختيار , الاستدلال على أن المثل القرآني حقيقي)
8 ـ إيراده للمحتملات اللغوية في التفسير.
رابعاً: المبهمات: ربما جزم الشيخ رحمه الله بالتعيين فيما هو ثابت بالنقل , وما عداه له في ذلك طريقان: الأول: أن يقف عند ذلك ولا يخوض في التعيين. والثاني: أن يورد القول بالتعيين، مع القول بنسبة علم ذلك لله جل ثناؤه.
وربما ألمح الشيخ رحمه الله إلى أثر المعنى اللغوي في تعيين بعض الإبهام ولو على سبيل التقريب مثل قوله تعالى ـ عن السفينة ـ: (فكانت لمساكين) قال: المساكين جمع , والجمع أقله ثلاثة , وليس ضرورياً أن نعرف عددهم ".
خامساً: اهتمامه رحمه الله بذكر أحكام القرآن من خلال الآيات المفسرة.
فوائد وقواعد في التفسير:
1 ـ الأصل أن السور المكية مكية كلها , وأن المدنية مدنية كلها. فإذا رأيت استثناءً فلا بد من الدليل. صـ 7
2 ـ التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط , بل قد يكون مستحيلاً غاية الاستحالة. صـ14
3 ـ الواجب علينا جميعاً أن نجري الآيات على ظاهرها , وأن نعرف السياق لأنه يُعين المعنى. صـ81
4 ـإن الشيء يعرف بذكر قبيله المقابل له صـ10.
ـ[الراية]ــــــــ[28 Mar 2005, 08:58 م]ـ
بارك الله فيك
ومما له علاقة بالموضوع.
منهج الشيخ ابن عثيمين في التفسير .. بقلم واحدٍ من خاصة تلاميذه
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1250(/)
كتاب "الكامل" للهذلي من عنده علم به؟!
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Mar 2005, 10:06 م]ـ
السلام عليكم إخواني الكرام الرجاء موافاتي بكل ما تعلمون عن كتاب الكامل للهذلي في القراءات، فقد حدثني مهتم بكونه معد للتحقيق في شكل أطروحات علمية للماجيستر أو الدكتوراة، فما تم في هذا الشأن وأين نسخه الخطية، وهل تتوافر نسخ خطية منه في مكتبة جامعة المدينة المنورة .. الرجاء الاهتمام.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[29 Mar 2005, 03:52 م]ـ
الكتاب سمعت أنه يحقق الآن في جامعة أم القرى في رسائل علمية
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[29 Mar 2005, 05:27 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أستاذنا أحمد، هل يمكن الحصول على صورة من الخطوط!!!
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[29 Mar 2005, 10:23 م]ـ
يمكنك الحصول على المخطوط بمراسلة أحد القائمين على تحقيقه
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Mar 2005, 12:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا أحمد القصير
سأحاول مراسلة الجامعة أو شئون المكتبات بها .. ومن عنده علم فاليراسلني والله الموفق.
ـ[أبو الجود]ــــــــ[30 Mar 2005, 11:32 م]ـ
الكتاب له نسخة وحيدة جيدة الخط و أنا في الطريق إلى طباعته محققا قريبا جدا و إن كان له نسخ أخرى غير الموجودة في مصر أرجو البيان من الأخوة وههاكم جزء مكتوب على الورد من الكتاب
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Mar 2005, 11:54 م]ـ
جزاك الله خيرونفع بك أستاذنا أبا الجود فعلا ... فعلا متى نرى الكتاب مطبوعا!!
إن كنت من مصر فأنا إن شاء الله تعالى أساعدك بمدك بأدوات للرسم العثماني خيرا من تلك التي تستخدمها في الكتابة ...(/)
دليل الكتاب الإلكتروني (أضخم موسوعة للبرامج الشرعية)
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[30 Mar 2005, 12:38 ص]ـ
صدر حديثا كتاب: دليل الكتاب الإلكتروني.
وهو يباع الآن في جميع مكتبات المملكة، توزيع مؤسسة الجريسي
ويقوم الكتاب على فكرة فريدة من نوعها، وهي حصر جميع الكتب الموجودة في البرامج الشرعية المتوفرة في الأسواق، وتصنيف تلك الكتب بصورة علمية، وحسب المؤلف وحسب الشركة.
ويهتم الكتاب بالبرامج التي أنتجتها الشركات التالية:: (شركة التراث للبرمجيات، شركة حرف لتقنية المعلومات، شركة عبد اللطيف للمعلومات، شركة العريس للكمبيوتر)
ويقدم الكتاب خدمات متميزة إضافة إلى الفهرسة السابقة، ويقوم منهج الكتاب على ما يلي:
1 - الاستقراء التام للكتب الإلكترونية المتوفرة على الأقراص المدمجة لبرامج شركات (التراث للبرمجيات، حرف لتقنية المعلومات، عبد اللطيف للمعلومات، العريس للكمبيوتر).
2 - الإحالة على الإصدار الأخير من برامج تلك الشركات، وإذا كان الإصدار الذي قبل الأخير هو الأكثر تداولاً - كما هو شأن الإصدارات الثانية من برامج شركة التراث للبرمجيات - فإن المؤلف يذكر اسم الإصدارين الأول والثاني.
3 - عمل فهارس للكتب الإلكترونية حسب اسم الكتاب، ثم اسم المؤلف، ثم الموضوع، مع احتواء كل فهرس على معلومات الكتاب كاملة وهي: اسم الكتاب، اسم المؤلف، مكان وجود الكتاب، تصنيف الكتاب.
4 - عمل فصل للمفردات، وقد احتوى على الكتب الإلكترونية التي تفردت بها كل شركة.
5 - إذا كان الكتاب له أكثر من اسم، أو اشتهر بغير اسمه الأصلي فإن المؤلف يكتب الاسم الأول ويلحقه بالثاني بين قوسين، مع تكراره مرتين في فهرس أسماء الكتب، لكن مع رقم واحد يكون عند الاسم الأصلي دون ما اشتهر به.
6 - عمل كشاف لأسماء المؤلفين الذين اشتهروا بألقابهم أو بغير اسمهم الأول، وهو كشاف يخدم فهرس أسماء المؤلفين، وقد رتب المؤلف فيه الأسماء حسب اسم الشهرة.
7 - تضمين الخاتمة إحصائيات دقيقة تتعلق بعدد الكتب الإلكترونية، وكيفية توزيعها، ونصيب كل شركة منها، وبيان أكثر البرامج احتواء على الكتب الإلكترونية، ونحو ذلك من الإحصائيات الهامة.
8 - التنبيه على الأخطاء في نسبة الكتب وتسميتها كما يقع في برامج بعض الشركات، وتصحيح تلك الأخطاء والتنبيه عليها.
والبرامج مفيد لكل من يعمل على الكمبيوتر من طلبة العلم، حيث إنه يدلك على موضع الكتاب، وأين تجده في أي برنامج ولأي شركة، وهل يمكن أن تجده في أكثر من شركة.
ويمكنك عبر هذا الكتاب الخروج من مأزق شراء العديد من البرامج مع تكرار كثير من الكتب بينها، بحيث تشتري البرامج التي تحقق لك ما تريد من الكتب، مع تكلفة مالية مناسبة.
وبحق فإن الكتاب كما رأيته تحفه فريدة في نوعها، أنصح كل واحد أن يقتني نسخته منها.
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 01:47 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التنويه بهذا الكتاب. ولعلنا نحصل عليه بإذن الله.(/)
معنى انفصال اللفظ؟
ـ[خلود]ــــــــ[31 Mar 2005, 03:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
يقول ابن الجزري-رحمه الله-في التمهيد:
الوقف التام هو الذي انفصل مما بعده لفظا ومعنى.
ويقول عن الوقف الكافي: هو الذي انفصل مما بعده في اللفظ، وله تعلق في المعنى بوجه.
والسؤال ما المقصود بانفصال اللفظ؟ وكيف يُعْرَف؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Apr 2005, 10:45 م]ـ
يمكنك مراجعة هذا الرابط ففيه إشارة لهذه المسألة.
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=216&highlight=%C7%E1%E6%DE%DD+%C7%E1%CA%C7%E3
ـ[خلود]ــــــــ[01 Apr 2005, 11:21 م]ـ
جزيتم خيرا، بارك الله فيكم.(/)
عرضٌ لكتاب: آثار الحنابلة في علوم القرآن .. جمع: أ. د.سعود الفنيسان
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[31 Mar 2005, 09:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
آثار الحنابلة في علوم القرآن
الحمدلله رب العالمين والصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين أمّا بعد،،،
فبين يديَّ رسالةٌ موسومةٌ بـ: آثار الحنابلة في علوم القرآن.
تأليف: سعود بن عبدالله الفنيسان
الطبعة الأولى - كتب مقدّمتها عام 1409 - تقع في 233 صفحة - تباع بـ12ريالاً
وذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أنه التزم ألا يذكر في كتابه إلا من هو حنبليّ المذهب.
وطريقة المؤلف أن جمع ما توفّر لديه من كتبٍ لحنابلة في علوم القرآن، ورتب الأسماء حسب التسلسل الزمني، وبعد ذكره للاسم يعقبه بترجمةٍ موجزة ويهمّش لها بتوثيق ترجمته و أماكنها، وبعد ذلك يذكر نتاجه في علوم القرآن،
فإن كان مطبوعاً وضع بجانبه (مط)
و إن كان مخطوطاً وضع بجانبه (مخ)
وإن كان مفقوداً تركه مهملاً و ذكر من نسب له الكتاب
وسأقوم هنا بنشر بعض ما هو موجودٌ في الكتاب .. فليس لي إلا الانتقاء ولا طلب لي إلا الدعاء ..
ونبدأ باسم الله و على بركته باختيار بعض الحنابلة وما كان منهم من آثار في علوم القرآن:
1/ الإمام المبجّل أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - (164 - 241)
واسمه يغني عن ترجمته، له:
1 - التفسير. ذكره ابن النديم في الفهرست، وابن أبي يعلى.
2 - الناسخ و المنسوخ ذكره ابن النديم في الفهرست و الكتاني في الرسالة المستطرفة
3 - المقدّم و المؤخر في القرآن. ذكره الذهبي، والروداني في: صلة الخلف بموصول السلف
4 - جوابات القرآن. ذكره الذهبي
5 - بيان ما ضلّت به الزنادقة في متشابه القرآن. ذكره ابن النديم و عامة من ترجم له، وهو مخطوط في عدد من المكتبات. انظر تاريخ التراث لسزكين 2/ 103.
ويوجد مخطوطاً في المكتبة الظاهرية برقم 7659 ضمن مجموع، وقدطبعه الشيخ حامد الفقي في الجزء الأول من شذرات البلاتين عام 1375 ولكن هذه الطبعة تحتاج إلى تحقيق
2/ أبو عبيد القاسم بن سلام (150 - 227)
3/أبو داود (202 - 275)
صاحب السنن، له:
1 - الناسخ و المنسوخ. ذكره الذهبي وابن خير الأشبيلي في فهرسته، و الروداني في صلة الخلف، وصاحب كشف الظنون، ونقل منه السيوطي في تفسيره.
4/ أبوحاتم الرازي (151 - 277)
له: تفسير القرآن. ذكره البغدادي و الزركلي وكحالة وعادل نويهض، ويوجد الجزء الثالث منه مخطوطاً في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة برقم (49 تفسير)
5/أبو إسحاق الزجّاج (230 - 311)
له: معاني القرآن و إعرابه (مط) طبع أخيراً بتحقيق عبدالجليل شلبي
6/ عبدالله بن أبي داود (230 - 316)
له كتاب: المصاحف (مط)
7/ الوفاء بن عقيل (432 - 513)
له: مسألة الحرف و الصوت في القرآن ردّاً على الأشاعرة. ذكره ابن رجب و إسماعيل البغدادي ن وقد نشرت الرسالة في مجلة المعهد العلمي الفرنسي بدمشق - المجلد 24 عام 1971، نشرها: جورج مقدسي.
8/ أبو الفرج بن الجوزي (519 - 597)
1 - تذكرة الأريب في تفسير الغريب (مط) بتحقيق: د. علي الحسن البواب.
2 - زاد المسير (مط)
3 - فنون الأفنان في عيون علوم القرآن (مط) بتحقيق: د. حسن ضياء الدين عتر
4 - المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ و المنسوخ (مط) بتحقيق: د. حاتم الضامن
9/ أبو البقاء العكبري (538 - 616)
1 - التبيان في إعراب القرآن (مط) باسم: إملاء ما منَّ به الرحمن في إعراب القرآن.
10/ الموفّق ابن قدامة (541 - 620)
1 - البرهان في بيان القرآن (مط) بتحقيق: الفنيسان، في مجلة البحوث العلمية، عدد 19
2 - البيان في حروف القرآن (أو) الصراط المستقيم في بيان الحرف القديم (مخ)
3 - ذم التأويل (مط) بلا توثيق و لا تحقيق.
11/ الناصح ابن الحنبلي (554 - 634)
له: استخراج الجدل من القرآن الكريم (مط) بتحقيق د. زاهر الألمعي
12/ شعلة: أبوعبدالله أحمد بن محمد بن حسين الموصلي (623 - 656)
له: شرح الشاطبية في القراءات (مط) في دار التأليف ولكنها ضعيفة الطبع
13/ عبدالرزاق الرسعني (589 - 661)
(يُتْبَعُ)
(/)
له: تفسير القرآن (رمز الكنوز) (مخ) ويوجد مخطوطاً في جامعة أم القرى وجامعة الإمام، والكتاب - كما يقول محمد العثيمين مدير مركز البحث العلمي - أنه تام، ولا ينقصه سوى الفاتحة و البقرة
14/ محمد الاسفراييني (؟ - 684)
له: فاتحة الإعراب بإعراب الفاتحة (مط) بتحقيق حسين البدري.
15/ نجم الدين الطوفي (657 - 716)
1 - الإشارات الإلهية و المباحث الأصولية في التفسير (مخ) في دار الكتب المصرية، ومكتبة الحرم المكي
2 - الإكسير في قواعد التفسير (مط) باسم: الإكسير في علم التفسير، بتحقيق: عبدالقادر حسين
16/ أحمد بن تيمية (661 - 728)
1 - الإكليل في المتشابه و التأويل (مط) عدة طبعات
2 - تفسير سورة المعوّذتين (مخ) في جامعة برنستن
3 - جواب سؤال في قوله {إنما أمرنا لشئ .. إلخ} (مخ) في جامعة أم القرى
4 - مقدمة في أصول التفسير (مط) أكثر من مرة
17/ ابن هشام النحوي (708 - 761)
1 - إعراب مواضع من القرآن (مط) بتحقيق علي البواب
2 - رسالة في قوله تعالى {إنَّ رحمة الله قريب من المحسنين} (مط) بتحقيق الدكتور: عبدالفتاح الحموز، مطبوعة باسم: مسألة الحكمة في تذكير و تأنيث "إن رحمة الله قريب من المحسنين".
18/ عبدالرحمن بن رجب (736 - 795)
1 - تفسير سورة الإخلاص
2 - تفسير سورة الفلق
3 - تفسير سورة النصر
ولكها مطبوعة
19/ ابن عادل الحنبلي (كان حيّاً سنة 880)
له: اللباب في علوم الكتاب (مخ) في جامعة الإمام، وقد سجّل أول الكتاب في رسالة دكتوراه في اصول الدين في جامعة الإمام
20/ مرعي الكرمي (؟ - 1033)
1 - إتحاف ذوي الألباب في تفسير قوله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت و عنده أمّ الكتاب} (مخ) في الجامعة الإسلامية
2 - أقاويل الثقات في تأويل الأسماء و الصفات والآيات المحكمات و المتشابهات (مط) بتحقيق شعيب الأرناؤوط، ومنه مخطوطة مصورة في جامعة الملك سعود
3 - قلائد المرجان في الناسخ و المنسوخ من القرآن (مط) طبعة تجارية سيئة و محرفة، وقد حقق في رسالة ماجستير في جامعة الإمام.
وقد ذكر الشيخ سعود الفنيسان 120 حنبلياً كانت لهم آثار في علوم القرآن، وذكر آثارهم:
فإن كان مفقوداً أهمله،
وإن كان مخطوطاً ذكر نسخه و أماكن وجوده،
وإن كان مطبوعاً فيذكر من طبعه.
وختم كتابه بفهرسٍ قسمه إلى:
1 - فهرس الكتب المطبوعة
2 - فهرس الكتب المخطوطة
3 - فهرس الكتب المفقودة (وهذه الثلاثة على الفهرس الأبجدي)
4 - فهرس المؤلفين الحنابلة في علوم القرآن (بحسب ترتيبه و التسلسل الزمني)
5 - فهرس المراجع
و الكتاب فيه تجاوزٌ في عدّ الحنابلة و اختيارهم، خصوصاً في المعاصرين لأحمد، ولا أدري ما الضابط في عد (المتقدمين) في كونهم حنابلة أم لا!.
مثلما عدّ: أبو حاتم، وأبوعبيد من الحنابلة (و أنا لا أنفي ذلك، بل أستفسر) ..
ومن التجاوزات في عدّ الحنابلة حين قال [وما بين المعقوفتين منّي] في صفحة 183:
109 - أحمد الساعاتي (كان حيّا قبل 1342 هـ)
أحمد فوزي بن أحمد الساعاتي الدمشقي، باحث متكلم، له تأليف يدافع فيه عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب: (الإنصاف في دعوة الوهابية وخصومها بدفع الخلاف). لم أجد من ذكر مذهبه [!!!!]، ولكن من يدافع عن هذه الدعوة الإصلاحية الغالب على الظن [!!!] أنه حنبليّ المذهب [!!!].
له: البرهان في إعجاز القرآن (مط). اهـ
وعجبي كيف أدخله! ألأنه دافع عن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب!
عموماً .. الكتاب لطيفٌ و نافع .. وفيه جمعٌ حسن لأئمتنا الحنابلة، ومالهم من باع في خدمة هذا الفن (علوم القرآن) ...
جزى الله مؤلّفه خير الجزاء ..
ولا أدري: هل مؤلفه سيعيد طبعه أم لا؟
أرجو أن أكون قد وفّقتُ في عرض الكتاب، نفعني الله و إياكم
أخوكم
أحمد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 10:49 ص]ـ
نعم وفقت في عرض الكتاب وفقك الله لكل خير، وهذه باكورة تدل على عناية وحسن اختيار أخي العزيز أحمد العنزي وتبشر بما سيتلوها من بدائع الفوائد.
أما كتاب الأستاذ الدكتور سعود الفنيسان، فقد اجتهد وفقه الله بحسب طاقته في جمع هذه الآثار، وما استدركته عليه فيه مجال للخلاف بينه وبين من يقرأ كتابه، ولكن يبقى له فضل السبق في التنبيه على الكثير من آثار الحنابلة في علوم القرآن. ويبدو لي أنه قد ظهر بعد طباعة كتابه عدد كبير من مؤلفات وآثار الحنابلة، وطبع كثير من كتب التراجم أبانت عن مؤلفات أخرى لم تذكر. فلا أظنه إلا قد قيد مثل تلك الفوائد ليضيفها لكتابه في طبعة قادمة إن شاء الله. وشكر الله لك يا أخي العزيز هذه الفوائد.
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[03 Apr 2005, 12:18 ص]ـ
باركَ الله فيكَ سيّدي عبدالرحمن الشهري، وشكرَ الله مروركَ و تعليقكَ ..
إخوتي الأفاضل .. من عندهَ علمٌ حول (إعادة) طبع هذا الكتاب _بإضافاتٍ و زيادات_ من قبل الشيخ أ. د.سعود الفنيسان؟(/)
التجديد في التفسير- مادة ومنهاجا للدكتور جمال أبو حسان وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 02:04 م]ـ
كتب الدكتور الكريم جمال أبو حسان بحثاً ماتعاً بعنوان: (التجديد في التفسير مادة ومنهاجاً) قدمه لأحد المؤتمرات العلمية المتخصصة، وأهدى شبكة التفسير والدراسات القرآنية نسخة منه. وهو بحث جدير بالقراءة والنقاش. وفقه الله لكل خير وجميع العاملين المخلصين.
التجديد في التفسير- مادة ومنهاجا للدكتور جمال محمود أبو حسان ( http://www.tafsir.net/Bookstorge/tajdeedaltfseer.zip)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[31 Mar 2005, 10:58 م]ـ
بحث الدكتور الفاضل ... عن التجديد فى التفسير .... يثير اكثر من سؤال .... ويدعو الى أكثر من ملاحظة:
ولحصر جوانب التعليق والمناقشة .... انطلق من الانطباع التالي:
الدكتور الباحث .. نظر الى القضية ... من زوايا ثلاث:
-من الزاوية التربوية البداغوجية .... حيث اشار الى قضايا تدريس التفسير .... فى المعاهد والكليات ...
-من الزاوية المنهجية الابستملوجية ... حيث اشار الى ما يدخل فى التفسير وما لا يد خل فيه .. وكان الهاجس عنده تنقية "التفسير" مادة ومنهجا ......
-من الزاوية العملية .. وهو ما عبر عنه بقوله" هو مواكبة التفسير لحاجات العصر وإصلاحها بحيث لا يغدو التفسير حبيس الأوراق والكتب وإنما ينطلق لاصلاح واقع الناس وتلبية حاجاتهم الدينية والنفسية."
(اعتذر أولا عن استعمال هذه المصطلحات الاعجمية .. فاستعمالها ليست من باب التعالم .. ولكن من باب الضرورة .. ورحم الله الاستاذ علي طنطاوي حين قال: صرنا نفسر العربي بالافرنجي هذا والله العجب!)
لا نقاش عندي للاولى لان قضايا هذه الزاوية حلها على الصعيد السياسي والاداري
.... ولا نقاش للثانية ... لان البحث .... فيها اكاديمي صرف .. (كلمة اعجمية مرة اخرى) يجري بين المختصين وجل القضايا هنا ذات طابع ذهني رياضي ....
أما الزاوية الثالثة .... فهي مربط الفرس .... لأنها تتعلق .. بالممارسة اليومية .... للمسلم .... من حيث تدبره للقرآن كما أمره الله تعالى ..... وفهمه لآياته .... تمهيدا لتطبيقه ..... لذلك سأعزل هذه الزاوية عن الثانية .... باعتبار ما يدور فى ردهات واروقة الجامعات ..... قد يكون غير مفهوم لذلك المسلم .... العادي ... (ولى ملاحظة فى هذا الشأن سأذكرها فى محلها ان شاء الله)
أولى القضايا التى أود مناقشة الدكتور فيها: قضية مصطلح"التجديد" .....
وهي قضية محورية بلا ريب ... بني بحثه كله عليها .... فالدكتور ينطلق من تمييز واضح بين تفسير قديم .. وتفسير جديد .... ونص عليه فى اكثر من موضع فى بحثه ...... بل هو يدعو الى تجديد التفسير ... اي هو يميز بين ما هو كائن وما ينبغى ان يكون ..... ذلك شأنه ..... لكن .... مصطلح "تجديد"-نقولها بكل صراحة- مصطلح ملغوم .... فيه تلبيس شديد ...... بل فيه زخرفة مضلة ...
أذكر هنا ... ذلك التحليل العميق ... لكلمة "جديد"من قلم الغمراوي -رحمه الله تعالى-فى معرض نقضه التحليلي ... لكتاب طه حسين"فى الشعر الجاهلي"فقد بين -رحمه الله-ان كلمة جديد لها جاذبية خاصة ... لان الانسان يفهم اولا صفة "جديد"مقترنة بالاشياء المادية .... ومن ثم فهو يرتاح اليها .... ويفضلها على صفة "قديم ... "
فالمرء له تفضيل ... للبيت الجديد ..... والكرسي الجديد .... والمعطف الجديد .... ولا يقبل استبدال السيارة القديمة بالسيارة .... الجديدة ... وعلى كل حال .... الشراء من السوبر ماركت ليس كالشراء من سوق الخردة .....
إذن يجب تطهير كلمة"جديد"من هذه الايحاءات ... كلها ... اذا ما اردنا استعمالها فى مجال العقائد والافكار ...
فإن كانت الاشياء ... تخضع لثنائية قديم /جديد------فليست كذلك الافكار ...
الافكار -ايها الاخوة-تخضع لثنائية حق/باطل--------
ولا يضر الفكرة قدمها ..... ان كانت حقا
ولا ينفع الفكرة جدتها ان كانت باطلة ....
ولو ان الدكتور-حفظه الله-قسم التفسيرالى حق وباطل ... بدلا من تقسيمه اياه الى قديم وجديد .... لكان بحثه ... أفضل وأمثل .... ولربما تخلى قليلا عن تحمسه الشديد ... لتجديد التفسير .... إذ سيكون نصب عينه دائما .. ان التجديد قد يأتي بباطل .... ولا ازعم ان الدكتور -حفظه الله-يدعو الى كل جديد .. معاذ الله .. فلا بد انه يدعو الى جديد مقبول ... عقلا وشرعا ... لكن التخلص من مصطلح جديد متعين لتجنب كل التباس ..
ولو أخذ بثنائية حق/باطل---لتخلص مما قد يرد علي ثنائيته قديم /جديد ..... من اشكال كبير .... وهو: ما لجام الجديد لكي لا يكون بدعة؟؟ .... لأن المجدد يحوم حول البدعة شاء ام ابى ..... (أقول يحوم ولا اقول يسقط) ...
اذن .... ثنائية قديم/جديد ....... لا تصلح فى التفسير ... وأولى ان نقول .... حق/باطل ......... او سني/بدعي ...
(من هذا المنظور ... لا يقبل التفسير القديم كله ... ومنه التفسير بالاسرائليات .. كما لاحظ الدكتور نفسه ... ) ..
واترك المجال للاخوة ليدلوا بآرائهم .... ولى عودة الى الموضوع ... لمناقشة الدكتور .... فى مسألة .... خلطه بين المستوى الاكاديمي والمستوى العملي ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[02 Apr 2005, 06:17 ص]ـ
شكر الله هذا الجهد العظيم للدكتور جمال أبو حسان حفظه الله ونفعنا بعلمه ..
فالبحث ماتع حقا .. وفيه من الفوائد العظيمة التي يمكنها أن تعود على الأمة بخير كثير ..
وأعجبني ما جاء في نهايته من لطائف البيان لفضيلة الدكتور فضل حسن عباس - حفظه الله ..
وأما بالنسبة لتعليق الأخ أبي عبد المعز - وفّقه الله لكل خير - على مصطلح (التجديد) وسياقه لتحليل كلمة (جديد) من قلم الغمراوي - رحمه الله تعالى - والذي بيّن فيه أن هذه الكلمة لها جاذبية خاصة " لأن الإنسان يفهم أولا أن صفة (جديد) مقترنة بالأشياء المادية ومن ثم فهو يرتاح اليها، ويفضلها على صفة (قديم) " .. إلخ .. فأظنه يخلط هنا بين مصطلحي (التجديد) و (الحداثة) ..
فإن كل ما وصفه بتعبيره والربط بينه وبين (البدعة والإبتداع) .. يقودنا لا محالة إلى مصطلح (الحداثة والإحداث) ..
وإذا رجعنا إلى أصل هذا المصطلح في عصرنا "الحديث" .. نجد أنه أطلق على التحولات الفكرية التي حصلت في العصر الذي تلا النهضة الأوربية بعد الثورة الفرنسية .. والتي تكوّنت على أرجائها مدرسة عريضة شملت كل مجالات الحياة، فكراً وعقيدة، وثقافة وأدباً وفناً، وسلوكاً وسيرة، وقيماً ومفاهيم .. فهو بالتالي وليد ثورة الغرب على الفكر الديني عموماً بسبب تصرفات الكنيسة الغربية خصوصاً .. وهو "الدخيل" الذي أتاح الفرصة لمارتن لوثر للقيام ببعض "الإصلاحات" في "العقيدة" النصرانية ..
وهذا بمفهومنا الإسلامي يُسمى (ابتداعاً) ..
أما في الاسلام .. فإن ختم الرسالة الإلهية وإعلان اكتمال الدين يعني أن ليس هناك تطوّر في الإسلام ذاته كعقيدة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما بعد، فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد (صلى الله عليه وسلم) وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" صحيح مسلم .. ولهذا كان عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - يقول: سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا النظر في رأي من خالفها. من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا ".
وعلى هذا نتفق هنا على أن أية محاولة لأي تعديل من أي نوع في الإسلام كعقيدة .. فإن ذلك يُعدّ أنحرافاً ويدخل تحت باب (الإبتداع) .. الذي أشار إليه الأخ أبو عبد المعز ..
فنظرية (الحداثة) هذه وملازمتها لـ (الإبتداع) .. لا محل لها في الإسلام ..
أما (التجديد) - أخي الكريم أبو عبد المعز - فهو سُنّة من سنن الكون، وهو مضمون قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها)) رواه أبو داوود وصحّحه الحافظ العراقي والعلامة السخاوي - رحمهم الله جميعاً. ومن هذا قوله عليه الصلاة والسلام أيضاً: ((جدّدوا إيمانكم))، قيل: يا رسول الله، وكيف نجدّد إيماننا؟ قال: ((أكثروا من قول لا إله إلا الله)) رواه أحمد ..
فـ (التجديد) لم يغب عن الساحة الإسلامية أبداً .. وهو لا يختص بعصر دون آخر، ولا يحدّه مدى زمنياً يتوقف عنده .. ما دامت الأحكام يمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان، ضمن ما سمي بالثابت والمتغير في الأحكام .. وما دامت تضبطه موازين شرعية قررتها الأحكام الثابتة ورعاتها من الأئمة والفقهاء ..
وهذا ما تعرّض له وبيّنه فضيلة الدكتور جمال أبو حسان في بحثه ..
وكما أن للـ (التجديد) ضوابط وموازين، إلا أن له أيضاً متطلبات .. منها أنه يصبح ضرورة ملحّة عندما يتهاوى فكر ما من الداخل أو عندما تصيبه شيخوخة من داخله .. مما يتطلّب معه تدخلاً سريعا من أجل استئصال مواطن الضعف والمرض فيه بما يضمن له سلامة الإستمرار .. إن هذا إنما يصلح في مجال الفكر الذي هو في النهاية .. تصوّرات بشر ..
فـ (التجديد) في مجال الفكر لا يتعارض مع القواعد والأسس التي هي بمثابة السياج الذي يتيح له أن يتقدّم من خلاله ويحفظه في الوقت نفسه من الترنّح ذات اليمين وذات الشمال ..
و (التجديد) لا يتعارض مع (الإتباع) .. فالإتباع هو نقطة الإنطلاق وهو الركيزة الأساسية لكل تطور وإضافة .. أو لنقل هو بمثابة الجذور التي يستند إليها التجديد .. ولكن يتعارض الإتباع - ومن ثم التجديد - مع الإبتداع ..
إن (التجديد) لا يلغي أبداً الجذور والأصول ولا يتنكّر لها .. فهي عبارة عن عقائد أو قواعد تتبع وفي ضوئها وفي إطار منها يكون التجديد فكرًا لا عقيدة .. إن التجديد في الفكر هنا لم ينشأ من فراغ .. وإنما كانت له قواعد يسير على هديها ..
أما (الإبتداع) فهو يحاول جاهداً أن يتنكّر لجذوره محاولاً طمس معالمها والتقليل من شأنها وأن يستبدل بهاغيرها مما يظنّه جديداً حتى وإن كان غريبا ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 Apr 2005, 03:41 م]ـ
لدكتور فى بحثه مسكون بالهاجس الابستولوجي ....... فهو يريد تفسيرا خالصا نقيا ..... ومن ثم اخذ على من يسميهم بالقدماء ... اقحامهم مباحث لا صلة لها بالتفسير ...
فاستمع اليه وهو يقول:
لابد أن يختار للتفسير من هو أهله فلا يترك الباب مفتوحا لمن هب ودب، فإنا نجد اليوم كثيرا من الوعاظ والمدرسين في المساجد يأخذون بعض الآيات فيطوفون حولها ويتكلمون في كل شيء إلا التفسير، ويسمون ذلك تفسيرا كمن يأتي إلى قوله تعالى (وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) فيأخذ في شرح معنى البر والحض علية في الأحاديث وفوائده، وحقوق الوالدين، وأوزار العقوق، ثم ينتهي من هذا إلى القول انتهينا من تفسير الآية الكريمة دون أن ينبس ببنت شفة في تفسيرها. فلا بد من الأخذ على أيدي هؤلاء ومنعهم من الافتراء على كتاب الله تعالى إذ ليس كل مجلس للوعظ هو مجلس تفسير. ...
ليت شعري هل نزل القرآن الكريم ... ليتدبر .... ويوعظ به الناس ... ام نزل .. ليستجيب لقواعد منهجية يتفق عليها يبين قاعات الجامعة ... ويلزم بها كل متدبر لكلام الله .... والادهى من ذلك ..... يطالب الدكتور بالاخذ على الايدى والمنع .... لان هؤلاء الوعاظ فى زعمه لا يفهمون التفسير كما يفهمه هو .... اما الافتراء على الله ... فليس خاصا بهؤالء الوعاظ .... بل ان الافتراء يغلب على "المجددين"اكثر من غيرهم ... فقديما زعم المعتزلة انهم مجددون ... وفرضوا بدعتهم فى فهم آيات القرآن ... ومنعوا الناس من فهم السلف .... فى المحنة المشهورة .... فهل يريد الدكتور احياء هذا التاريخ الاسود .... بقوله". فلا بد من الأخذ على أيدي هؤلاء"
ثم ان ذلك الواعظ .... الذى تكلم عن البر بالوالدين .... واستطرد واسهب ... فقها وموعظة ... وضربا للامثال ... لهو انفع للناس .. وأولى بالقرآن ممن هاجسه الاول ... هو استقرار التفسير على قواعد ابستولوجية .....
ولو ان الدكتور -هذاه الله- تخلى عن نزعته التحقيبية جديد/قديم ..... لما قال ما قال .... فهذا الواعظ الذى مثل به الدكتور ..... مرفوض عنده
لانه من طينة القدماء ... الذين لم ينقحوا التفسير مادة وموضوعا .... نعم ان هذا الواعظ لم يصدر مما اتفق عليه بين ردهات الجامعات .... لكنه يقوم بوظيفته كما ينبغي .... يأخذ آية من آيات الله ... ويربي الناس عليها ..... ولا يهمنا منهجه أجد ام قدم ..... ولكن يهمنا ... ان يكون على الحق .....
اذن لا ينبغي ان نقحم .. الاعتبارات الابستملوجية الجامعية ...... فى متطلبات التفيبر العملي .... ولا ينبغي اقصاء هذا الثاني بدعوى انه لم يستجب .. للاول ....
فليس التفسير الاكاديمي ... سلطة تشريعية .... وليس التفسير العملى .... تنفيذا ....
ولى عودة الى الموضوع ان شاء الله ..
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 Apr 2005, 03:50 م]ـ
اكتب مباشرة على صفحة الملتقى ......... فلزم الاعتذار من سبق البنان .... واترك التصحيح لذكاء القارىء الكريم النبيه ..
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[04 Apr 2005, 12:36 م]ـ
ارجو من الاخ الكريم ان يعاود النظر في البحث فان الذي ينكره لم يخطر لي على بال والذي اقوله الان ان هناك فرقا كبيرا بين التدبر والتفسير
والكلام الذي ذكره الاخ لا اوافقه عليه لان التجديد الذي اريده ليس فيه اي هدم لما سبق ولا الاذعان لكل ما لحق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jul 2010, 03:20 م]ـ
الموضوع الذي أثاره أخي الدكتور جمال في هذا البحث موضوع دقيقٌ حقاًَ، وجدير بالعناية لاشتباه كثير من المصطلحات المرتبطة به، وكثرة المدَّعين له بحقٍّ وبباطل، وانتشار الكتب والمقالات والحوارات حوله.
مِمَّا يتطلب التفات المتخصصين له بجديَّة، والخروج فيه برأي ناضجٍ يكون هادياً وسط الزحام.
والنقاط التي أثارها أخي أبو عبدالمعز جديرة بالوقوف والتأمل حقاً جزاه الله خيراً.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Jul 2010, 04:27 م]ـ
الموضوع الذي أثاره أخي الدكتور جمال في هذا البحث موضوع دقيقٌ حقاًَ، وجدير بالعناية لاشتباه كثير من المصطلحات المرتبطة به، وكثرة المدَّعين له بحقٍّ وبباطل، وانتشار الكتب والمقالات والحوارات حوله.
مِمَّا يتطلب التفات المتخصصين له بجديَّة، والخروج فيه برأي ناضجٍ يكون هادياً وسط الزحام.
والنقاط التي أثارها أخي أبو عبدالمعز جديرة بالوقوف والتأمل حقاً جزاه الله خيراً.
يقول الدكتور جمال:
"ليس يقصد بهذا العنوان أن نأتي بتفسير لم يسبق إليه سابق مما يترتب عليه إلغاء التفسير السابق فإن هذا لا يعد من العلم في فتيل ولا قطمير، وإنما هو من هدم ما بناه الأقدمون دون مناسبة داعية لذلك ولكن الذي أعنيه بهذا العنوان هو مواكبة التفسير لحاجات العصر وإصلاحها بحيث لا يغدو التفسير حبيس الأوراق والكتب وإنما ينطلق لاصلاح واقع الناس وتلبية حاجاتهم الدينية والنفسية."
أقول: إذا كان هذا هو القصد من التجديد فلا إشكال وهذا ما يتمناه كل مسلم.
ولكن السؤال:
هل المشكلة في التفسير؟ أم المشكلة في المفسرين؟ أم هي في المجتمع؟
هذه الأسئلة لم أجد لها إجابة في بحث الدكتور
إن تحديد المشكلة هي نصف الحل كما يقولون
ولعلي أسأل سؤالا ربما إذا وجدنا الجواب عليه حددنا المشكلة ومن ثم توصلنا إلى الحل:
مالذي يمنع التفسير من أن ينطلق لاصلاح واقع الناس وتلبية حاجتهم الدينية والنفسية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[04 Jul 2010, 12:34 ص]ـ
قرأت بحت الدكتور جمال ... فأعجبتني الفكرة من حيث دقتها وأهميتها .. مع أنها في (كثير) من أجزائها ستكون نظرية
إذ في كل زمن يخرج تفسير فيه من الإبداع و (الخروج) عن النظائر الشيء الكثير، و (التحرير والتنوير) أنموذج بعد قرون كثيرة
وفي رايي (المتواضع جدا):
1ـ ليس بالضرورة أن نجمع تفاسير (العصر) على منهج وروح واحدة إذ حاجة الأمة (تستوعب) التنوع، والاختلاف بين
المؤلفين والعلماء (حاصل) في هذا الميدان.
2ـ في ظني: أن نفرق بين:
(تفسير السلف للقرآن) و بين (منهج السلف في تفسير القرآن) وهونتيجة للأول، والثاني هو الملزم.
وعموما: شكر الله للدكتور جمال هذه الأسطر الرائعة(/)
محاضرة بعنوان (تفسير القرآن الكريم بين العقل والنقل) لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 05:18 م]ـ
يسر مركز الملك فيصل للبحوث والدارسات الاسلامية بالرياض دعوتكم لحضور محاضرة بعنوان:
تفسير القرآن الكريم بين العقل والنقل
لفضيلة الشيخ / ابي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
رئيس معهد الدراسات الأفريقية بأكاديمية العلوم الروسية
وذلك في الساعة الثامنة والنصف مساء يوم الاثنين
25/ 02/1426هـ الموافق 04/ 04/2005م
في قاعة المحاضرات التابعة للمركز بمبنى مؤسسة الملك فيصل الخيرية. والدعوة عامة
المصدر ( http://www.kfcris.com/news/details.asp?num=48)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Apr 2005, 01:59 ص]ـ
شكراً لكم على هذا التنبيه. لكن هل المحاضر هو نفسه صاحب برنامج تفسير التفاسير الذي كان يبث في إذاعة الرياض أو إذاعة القرآن لست أذكر. وأذكر أنه كان يطيل جداً في التفسير، حتى سمعته مرة يقول: الوقفة العشرين بعد المائة في سورة الفاتحة. وهكذا ولست أدري هل انتهى من الفاتحة أم لا فعهدي به قديم ولم أعد أسمع بتفسيره عذا في الإذاعة، فهل انقطع أم أنا الذي انقطعت.
وإن كان هو صاحب البرنامج فما معنى (رئيس معهد الدراسات الأفريقية بأكاديمية العلوم الروسية؟) وهو يسكن في الرياض حسب علمي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2005, 12:36 م]ـ
نعم أخي فهد هو نفسه. ولا أدري عن البرنامج هل لا زال مستمراً أم لا، وأما المنصب الذي يشغله حالياً فلا أعلم عنه شيئاً، لكن لعل علاقته بالدراسات الإفريقية نابع من ظاهريته وعنايته بكتب ابن حزم الأندلسي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Apr 2005, 02:04 ص]ـ
كانت محاضرة قيمةً، قدمها الشيخ محمد بن عمر بن عقيل العقيل المعروف بأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، وقد قدم له الدكتور ناصر الرشيد، وذكر تعريفاً موجزاً به، وذكر أن للشيخ 200 مؤلف ما بين تأليف وتحقيق.
وأما المحاضرة فقد ارتجلها المحاضر وفقه الله، وقسم فيها مدارس التفسير تقسيماً موضوعياً بحسب اتجاهات المفسرين إلى:
1 - المدرسة النقلية، التي تعتمد على نقل التفسير دون تعليق أوتعقيب. وذكر أن هذه المدرسة قد تورد بعض الأحاديث الواهية والموضوعة فراراً من تبعة القول في التفسير، دون تمحيص الأسانيد.
2 - المدرسة النقلية العقلية، وهي التي يمثلها أئمة التفسير من ابن عباس وتلاميذه، ومن المفسرين ابن جرير الطبري وابن عطية والقرطبي وابن كثير وغيرهم. ممن فسروا القرآن بما صح من تفاسير الصحابة والتابعين والسلف، مع إعمال العقل في الترجيح والاستنباط، والتمكن من العلوم التي لا بد للمفسر منها. وهؤلاء هم الذين يصح أن يوصفوا بالعقلانيين الذين وضعوا العقل في موضعه الصحيح، ولم يجاوزوا به مكانه ووظيفته.
3 - المدرسة العقلية (ادعاءً). وهي تلك المدرسة التي اشتغلت بالكلام والفلسفة، ثم أرادت أن تعمل عقولها بغير هدى من الله في تفسير القرآن الكريم.فضلت وأضلت، وجعلت العقل في غير مكانه، وجاوزت به حدوده، فأوردهم ومن سار على نهجهم المهالك. وأعجبني لفته النظر إلى دراسة سير أئمة هؤلاء من المعتزلة والمتكلمين من أمثال إبراهيم بن سيار النظام والعلاف والجبائي وأمثالهم وما فيها من الفسق والتهتك، ورقة الدين، مما يجعل الاقتداء بهم، والسير في ركابهم حماقة قبل أن يكون خروجاً عن الهدى والصراط المستقيم، بخلاف أئمة الإسلام الذين عرف عنهم الزهد والعبادة الصادقة، والورع وطلب العلم وتبليغه لله وفي الله، مما يجعل الاقتداء بهم والسير في ركابهم بركة وتوفيق وحكمة. هذا فضلاً عن النظر في علم الفريقين، وما على علم الفريق الأول من الظلمة والغبش، وما فيه من الغموض، وما له من الوحشة، فكلامهم (منزوع الدسم) كحال كلام تلاميذهم من أهل الكلام المعاصرين، وما على علم الفريق الثاني من النور، وما له من القبول والبركة في نفوس طلاب الحق.
4 - المدرسة الباطنية. التي تفسر القرآن بغير ما يحتمله النص من المعنى، ولا يفهم من ألفاظ اللغة العربية، ادعاءً لعلوم باطنية من أئمتهم المعصومين، ورثوها عبر العصور، ومثل لهذه المدرسة بالشيعة وفرق الباطنية.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - المدرسة الصوفية. التي تفعل فعل المدرسة الباطنية من تفسير القرآن بما لا يدل عليه نصه ولا سياقه ولا قرائنه، ادعاء لكشفٍ، وأوهام لا حقيقة لها.
6 - المدرسة التحريفية التعمدية. وهم طرائق وفئات كثيرة، قديماً وحديثاً، همهم تفسير القرآن بما لا يدل عليه، وضرب آياته بعضها ببعض رغبة في إضلال المسلمين عن دينهم، وصرفهم عن فهم القرآن، ويدخل في هذه المدرسة كل من حاول وقام بتحريف القرآن قديماً كأفراد من اليهود والنصارى، وضرب مثلاً بإسماعيل بن النغرلة اليهودي المعروف الذي رد عليه ابن حزم، وابن كمونة وغيرهم. وحديثاً بما صنعه بعض المستشرقين الذين قاموا بالعمل نفسه بطريقة أو بأخرى.
ملحوظات خاصة:
- كان الوقت ضيقاُ، والموضوع واسعاً، فلم يتمكن المحاضر من الإجابة إلا عن سؤالين استهلكا الوقت وأطال فيهما، سألهما أحد الحضور من غير المتخصصين في التفسير فأعاد المحاضر توضيح بعض المسائل.
- غلب على المحاضرة الجانب العقلي لإجادة المحاضر لمنهج المناطقة وكلامهم عن العقل والحدود المنطقية ونحوها، فخف جانب التفسير الحقيقي في المحاضرة.
- قلت أو انعدمت الأمثلة التي اختلف فيها أهل المنهجين مما يوضح للمستمعين وهم عدد غير قليل المقصود بالموضوع بشكل أكبر.
- حضر عدد جيد من الأساتذة المتخصصين في الدراسات القرآنية، ولم تتح لهم الفرصة للمداخلة لضيق الوقت، ولا لأسئلتهم بالجواب للسبب نفسه، مما يمكن أن يستفاد منه مستقبلاً في أن تنظيم الندوات واللقاءات العلمية يحتاج قبل أي شيء إلى الوقت الكافي لإعطاء الموضوع حقه، وأما التعب والإنفاق وتكلف الحضور ثم لا يعطى الموضوع إلا ساعة أو ساعة ونصف فلا أرى هذا مناسباً، إلا إذا نضب ما عند المحاضر ولا أظنه فهذا أمر آخر.
- كنت أود من المحاضر أن يقف مع تفسير الرازي في بعض المواضع التي غلب فيها المنهج الكلامي، وكيف يفهم القارئ كلامه ومصطلحاته والكتب التي تعين على هذا.
- ذكر المحاضر تفريقاً دقيقاً بين منهج العلماء من أهل العقل والنقل، وأصحاب المنهج الذي يسمى العقلي. وهو أن العلماء من أهل النقل والعقل يقدمون المثال على القاعدة، بخلاف العقلانيين الذين يقدمون القاعدة على المثال. والذي فهمته منها أنه يعني أن العلماء كانوا يعملون عقولهم فيما جاء به الشرع من النصوص والأمثلة ويجتهدون في ضوئها، فيعطون للعقل دوره الحقيقي في فهم النصوص الشرعية.
بخلاف العقلانيين الذي يقعدون القواعد على ما توحي به عقولهم ثم يريدون حمل نصوص الشرع وأمثلته وجزئياته على مقتضى قواعدهم التي قعدوها هم. وهذا فرق جيد عند دراسة كتب هؤلاء وهؤلاء.
هذا ما علق بالذاكرة، من نقاط علقتها في قصاصةٍ فقدتها حيث كتبتها، وقدحضر عدد من الزملاء الكرام هذه المحاضرة، وحضر الدكتور محمد الشايع والدكتور فهد الرومي، وكنت أتوقع تعقيبه لتعلق الموضوع ببحوثه ولا سيما (منهج المدرسة العقلية في التفسير) ولكن ضاق الوقت على الجميع فلم يتيسر شيء من ذلك. فلعلهم يكملون ما سهوت عنه من الفوائد، ويقومون ما فهمته على غير وجهه منها وجزاهم الله خيراً.
ـ[الراية]ــــــــ[08 Apr 2005, 09:07 م]ـ
جزاك الله خيراً
ما قصرت
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 Sep 2005, 08:46 ص]ـ
جزاك الله كل خير شيخنا عبدالرحمن على هذا الملخص ..
لكن، هل هناك من تسجيل للمحاضرة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Sep 2005, 12:06 م]ـ
ربما يكون هناك تسجيل للمحاضرة لدى الصوتيات بمركز الملك فيصل للبحوث.(/)
مبتكرات القرآن. هل سبق ابن عاشور أحدٌ في الاهتمام بها؟!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Apr 2005, 10:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت انتباهي وأنا أقرأ في التحرير والتنوير لابن عاشور اهتمامه بالتنبيه على ما يسميه: مبتكرات القرآن. والمراد بهذا النوع: ما استعمله القرآن من الألفاظ والأساليب والتراكيب مما لم يرد في كلام العرب قبله.
وقد بنى ابن عاشور على هذه المبتكرات بعض النتائج العلمية، وخاصة في مجال عزو الأبيات الشعرية إلى قائليها.
وهذا النوع يصلح أن يكون بحثاً علمياً ماتعاً. فهل من مشمر.
وقد جمعت له ما يقارب ستة وعشرين مثالاً من تفسيره، وهذه أهمهما أوردها بعد ذكر الآية التي أردها عند تفسيره لها:
{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (آل عمران: من الآية73) قال ابن عاشور: (وأحسب أنّ وصف الله بصفة واسع في العربية من مبتكرات القرآن.)
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (لأنفال: من الآية1)
قال: (وأعلم أني لم أقف على استعمال (ذاتَ بين) في كلام العرب فأحسب أنها من مبتكرات القرآن.)
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} (ابراهيم: من الآية9)
قال: (وهذا التركيب لا أعهد سبق مثله في كلام العرب فلعله من مبتكرات القرآن.)
{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (الانبياء: من الآية33)
قال: (ومن بدائع الإعجاز في هذه الآية أن قوله تعالى: {كُلٌّ فِى فَلَكٍ} فيه محسّن بديعي فإن حروفه تُقرأ من آخرها على الترتيب كما تُقرأ من أولها مع خفة التركيب ووفرة الفائدة وجريانه مجرى المثل من غير تنافر ولا غرابة، ومثله قوله تعالى: {ربك فكبِّر} (المدّثر: 3) بطرح واو العطف، وكلتا الآيتين بني على سبعة أحرف، وهذا النوع سمّاه السكاكي «المقلوبَ المستوي» وجعله من أصناف نوع سمّاه القَلب. وخص هذا الصنف بما يتأتى القلب في حروف كلماته. وسمّاه الحريري في «المقامات» «ما لا يستحيل بالانعكاس» وبنَى عليه المقامة السادسة عشَرة ووضح أمثلة نثراً ونظماً، وفي معظم ما وضعه من الأمثلة تكلف وتنافر وغرابة، وكذلك ما وضعه غيره على تفاوتها في ذلك والشواهد مذكورة في كتب البديع فعليك بتتبعها، وكلما زادت طولاً زادت ثقلاً.
قال العلامة الشيرازي في «شرح المفتاح»: وهو نوع صعب المسلك قليل الاستعمال. قلت: ولم يذكروا منه شيئاً وقع في كلام العرب فهو من مبتكرات القرآن.)
{إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} (المؤمنون: من الآية100)
قال: (وقوله: {إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا} تركيب يجري مجرى المثل وهو من مبتكرات القرآن.)
{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (محمد: من الآية4)
قال: (والأوزار: الأثقال، ووضع الأوزار تمثيل لانتهاء العمل فشبهت حالة انتهاء القتال بحالة وضع الحمّال أو المسافر أثقاله، وهذا من مبتكرات القرآن.)
{ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (الحاقة:46) قال: (ولم أقف على أن العرب كانوا يكنّون عن الإِهلاك بقطع الوتين، فهذا من مبتكرات القرآن.)
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} (النبأ:16) قال: (فوصف الجنات بألفَاف مبنيّ على المجاز العقلي لأن الالتفاف في أشجارها ولكن لما كانت الأشجار لا يَلتفّ بعضها على بعض في الغالب إلا إذا جمعتها جنة أسند ألفاف إلى جنات بطريق الوصف. ولعله من مبتكرات القرآن إذ لم أر شاهداً عليه من كلام العرب قبل القرآن.)
{كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الشورى:3) قال (وإذ لم يتقدم في الكلام ما يحتمل أن يكون مشاراً إليه بـ {كَذَ?لِكَ} عُلم أن المشار إليه مقدر معلوم من الفعل الذي بعد اسم الإشارة وهو المصدر المأخوذ من الفعل، أي كذلك الإيحاء يوحي إليك الله. وهذا استعمال متّبع في نظائر هذا التركيب كما تقدم في قوله تعالى: {وَكَذَ?لِكَ جَعَلْنَـ?كُمْ أُمَّةً وَسَطًا} في سورة البقرة. وأحسب أنّه من مبتكرات القرآن إذ لم أقف على مثله في كلام العرب قبل القرآن. وما ذكره الخفاجي في سورة البقرة من تنظيره بقول زهير:
كذلك خِيمهم ولكلِّ قوم إذا مسَّتهم الضّراء خِيم
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يصحّ لأن بيْت زهير مسبوق بما يصلح أن يكون مشاراً إليه، وقد فاتني التنبيه على ذلك فيما تقدم من الآيات فعليك بضم ما هنا إلى ما هنالك.)
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً} (الفجر:19) قال: (والأكل: مستعار للانتفاع بالشيء انتفاعاً لا يُبقي منه شيئاً. وأحسب أن هذه الاستعارة من مبتكرات القرآن إذ لم أقف على مثلها في كلام العرب.)
{عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} (الانسان:18) قال: (و (سلسبيل): وصف قيل مشتق من السلاسة وهي السهولة واللين فيقال: ماء سلسل، أي عذب بارد. قيل: زيدت فيه الباء والياء (أي زيدتا في أصل الوضع على غير قياس).
قال التبريزي في «شرح الحماسة» في قول البعيث بن حُرَيْث:
خَيالٌ لأمِّ السَّلْسبيل ودُونَها مسيرة شهر للبريد المذبذب
قال أبو العلاء: السلسبيل الماء السهل المَساغ. وعندي أن هذا الوصف ركب من مادتي السلاسة والسَّبَالة، يقال: سبلت السماء، إذا أمطرت، فسبيل فعيل بمعنى مفعول، رُكب من كلمتي السلاسة والسبيل لإِرادة سهولة شربه ووفرة جريه. وهذا من الاشتقاق الأكبر وليس باشتقاق تصريفي.
فهذا وصف من لغة العرب عند محققي أهل اللغة. وقال ابن الأعرابي: لم أسمع هذه اللفظة إلاّ في القرآن، فهو عنده من مبتكرات القرآن الجارية على أساليب الكلام العربي، وفي «حاشية الهمذاني على الكشاف» نسبة بيت البعيث المذكور آنفاً مع بيتين بعده إلى أمية بن أبي الصلت وهو عزو غريب لم يقله غيره.)
وقال عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} (يوسف: من الآية23): (أي راودته مباعدة له عن نفسه، أي بأن يجعل نفسه لها. والظاهر أن هذا التركيب من مبتكرات القرآن، فالنفس هنا كناية عن غرض المواقعة، قاله ابن عطية، أي فالنفس أريد بها عفافه وتمكينها منه لما تريد، فكأنها تراوده عن أن يسلم إليها إرادته وحكمه في نفسه.)
وقال في بيان المثل في قول الله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} (لأعراف: من الآية176): (وهذا التمثيل من مبتكرات القرآن فإن اللهث حالة تؤذن بحرج الكلب من جراء عسر تنفسه عن اضطراب باطنه وإن لم يكن لاضطراب باطنه، سبب آت من غيره فمعنى {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ} إن تُطارده وتُهاجمه. مشتق من الحَمل الذي هو الهجوم على أحد لقتاله، يقال حمل فلانٌ على القوم حملة شعواء أو حملة منكرة. وقد أغفل المفسرون توضيحه، وأغفل الراغب في «مفردات القرآن» هذا المعنى لهذا الفعل.)
وكذلك حكم على المثل الذكور في قول الله عز وجل: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} (العنكبوت: من الآية41) بقوله: (وهو تمثيل بديع من مبتكرات القرآن.)
وقال عن وصف المسجد بالأقصى في صدر سورة الإسراء: (وأحسب أن هذا العلم له من مبتكرات القرآن فلم يكن العرب يصفونه بهذا الوصف ولكنهم لما سمعوا هذه الآية فهموا المراد منه أنه مسجد إيلياء. ولم يكن مسجد لدين إلهي غيرهما يومئذٍ.)
قال: (ووصف اليوم بأنه {يَجْعَلُ ?لْوِلْدَ?نَ شِيباً} وصف له باعتبار ما يقع فيه من الأهوال والأحزان، لأنه شاع أن الهم مما يسرع به الشيب فلما أريد وصف همّ ذلك اليوم بالشدة البالغة أقواها أسند إليه يشيب الولدان الذين شعرهم في أول سواده. وهذه مبالغة عجيبة وهي من مبتكرات القرآن فيما أحسب، لأني لم أر هذا المعنى في كلام العرب وأما البيت الذي يذكر في شواهد النحو وهو:
إذن والله نَرميهم بحرب تُشيب الطفل من قبل المشيب
فلا ثبوت لنسبته إلى من كانوا قبل نزول القرآن ولا يعرف قائله، ونسبه بعض المؤلفين إلى حسان بن ثابت. وقال العيني: لم أجده في ديوانه. وقد أخذ المعنى الصمّة ابن عبد الله القشيري في قوله:
دَعانيَ من نجدٍ فإن سنينه لَعِبْنَ بنا شِيباً وشيبننا مردا
وهو من شعراء الدولة الأموية.)
وقال مبيناً معاني الحسوم المذكورة في قول الله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} (الحاقة: من الآية7): (وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
ففرَّق بينَ بينِهمُ زمانٌ تتابع فيه أعوام حُسُومٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل: والحسوم مشتق من حسْم الداءِ بالمكواة إذ يكوى ويُتابع الكي أيّاماً، فيكون إطلاقه استعارة، ولعلها من مبتكرات القرآن، وبيت عبد العزيز الكلابي من الشعر الإِسلامي فهو متابع لاستعمال القرآن.)
{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} (آل عمران: من الآية154)
قال: (وأحسب أن لفظ الجاهلية من مبتكرات القرآن، وصف به أهل الشرك تنفيراً من الجهل، وترغيباً في العلم، ولذلك يذكره القرآن في مقامات الذمّ في نحو قوله: {أَفَحُكْمَ ?لْجَـ?هِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (المائدة: 50) {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ?لْجَـ?هِلِيَّةِ ?لاٍّولَى?} (الأحزاب: 33) {إِذْ جَعَلَ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلُوبِهِمُ ?لْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ?لْجَـ?هِلِيَّةِ} (الفتح: 26). وقال ابن عبَّاس: سمعت أبي في الجاهلية يقول: اسقنا كأساً دِهاقاً، وفي حديث حكيم بن حِزام: أنَّه سأل النَّبيء صلى الله عليه وسلم عن أشياء كان يتحنّث بها في الجاهلية من صدقة وعتاقة وصلة رحم. وقالوا: شعر الجاهلية، وأيَّامُ الجاهلية. ولم يسمع ذلك كُلّه إلاّ بعد نزول القرآن وفي كلام المسلمين.)
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (آل عمران: من الآية128)
قال: (وهذه الجملة تجري مجرى المثل إذ ركبت تركيباً وجيزاً محذوفاً منه بعض الكلمات، ولم أظفر، فيما حفظت من غير القرآن، بأنَّها كانت مستعملة عند العرب، فلعلّها من مبتكرات القرآن، وقريب منها قوله: {وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ?للَّهِ مِن شَىْءٍ} (الممتحنة: 4) وسيجيء قريب منها في قوله الآتي: {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ?لأٌّمْرِ مِن شَىْءٍ} (آل عمران: 154) و {يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا} (آل عمران: 154) فإن كانت حكاية قولهم بلفظه، فقد دلّ على أنّ هذه الكلمة مستعملة عند العرب، وإن كان حكاية بالمعنى فلا.)
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} (التكوير:26) قال: (واعلم أن جملة أين تذهبون قد أرسلت مثلاً، ولعله من مبتكرات القرآن.)
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (لأعراف:199) قال: (والأخذ حقيقته تناول شيء للانتفاع به أو لإضراره، كما يقال: أخذت العدو من تلابيبه، ولذلك يقال في الأسير أخيذ، ويقال للقوم إذا أسروا أخذوا واستعمل هنا مجازاً فاستعير للتلبس بالوصف والفعل من بين أفعال لو شاء لتلبس بها، فيُشبّه ذلك التلبسُ واختيارهُ على تلبس آخر بأخذ شيء من بين عدة أشياء، فمعنى (خذ العفو): عَامِل به واجْعله وصفاً ولا تتلبس بضده. وأحسب استعارة الأخذ للعرف من مبتكرات القرآن ولذلك ارجع أن البيت المشهور وهو:
خُذي العفوَ مني تَستديمي مَوَدتي ولا تَنْطِقي في سَوْرَتي حين أغْضَبُ
هو لأبي الأسود الدؤلي، وأنه اتبع استعمال القرآن، وأن نسبته إلى أسماء بن خارجة الفزاري أو إلى حاتم الطائي غير صحيحة.)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Apr 2005, 03:05 م]ـ
وفقك الله يا أبا مجاهد على هذه الفائدة النفيسة. وقد وقفت عند أحد هذه الأمثلة من قبل وهو ترجيح نسبة الشاهد الشعري لأبي الأسود الدؤلي دون غيره لهذه العلة، ولم أتنبه أن لها أخوات عند ابن عاشور رحمه الله. وفي الحق إنه كان ناقداً أدبياً فذاً فوق علمه بالعلوم الأخرى، فقد كان في شرحه للحماسة ولديوان بشار بن برد صاحب نفس أدبي فريد، وقد استطاع أن يوظف مجموع ما تعلمه في اللغة وعلوم الشرع أحسن توظيف في نقده الأدبي. رحمه الله رحمة واسعة.
وهذا مثال من قراطيسه في نقد الشعر كما سماها في مجلة الهداية الإسلامية عام 1357هـ.
قال أبو الطيب المتنبي في القصيدة التي مدح بها الحسين بن إسحاق التنوخي:
وقد صارت الأجفان قرحى من البكى*وصارت بهاراً في الخدود الشقابققال أبو الحسين علي الواحدي في «شرحه»: «قرحى يغير تنوين: جمع قريح مثل جرحى ومرضى، وروى ابن جني: قرحاً بالتنوين على أنه جمع قرحة، كما أنّ بهاراً جمع بهارة وهو الورد الأصفر، والمعنى أنّ الأجفان تقرّحت من كثرة البكاء وصارت حمرة الخدود صفرة لأجل البين» اهـ كلام الواحدي. وقد أشار إلى ما نقل عن أبي الفتح ابن جني، وكان من أصحاب أبي الطيب والآخذين عنه قال: سألت أبا الطيب هل هو قرحى مُمال أو قرحاً منوّن؟ فقال: قرحاً منوّن، ألا ترى أن بعده: وصارت بهاراً؟ قال
(يُتْبَعُ)
(/)
ابن جني: يعني أن بهاراً جمع بهارة وقرحاً جمع قرحة.
وحاصل كلامهم مع توجيهه: أنّ قرحى يرجح أن يكون منوّن الآخر، اسم جمع قرحة بفتح القاف، وهي مؤنث القَرح وهو الجرح، فهو جمع لاسم جامد ليوافق مقابله، وهو بهراً الذي هو جمع بهارة فتحصل المزاوجة في البيت بين الكلمتين المتقابلتين مزاوجة في المعنى إذ تكون كلتاهما اسم جمع لاسم جامد، ومزاوجة في اللفظ إذ تكون كلتاهما منوّنة. ولا يكون قرحى ممالاً لأنه حينئذ يكون جمع قريح مثل جرحى فيفوت التزاوج من الجهتين. قال أبو العلاء المعري في شرحه لديوان المتنبي الذي سمّاه «معجز أحمد»: «رُوي قرحى منوناً على الاسم، وقرحى غير منوّن صفة الأجفان والمعنى واحد» فصرح المعري بما لمح إليه كلام ابن جني والواحدي في كون المعنى واحداً على وجهي التنوين والإمالة، فيكون اختيار المتنبي للتنوين لمجرد إيفاد حق الصناعة اللفظية، والذي جرّأ المتنبي على هذا أن مزاوجة الألفاظ المتقارنة أو المتقاربة هي من أفانين الفصاحة العربية، ولذلك ترى العرب يعمدون إلى الكلمة فيغيرونها عن لفظها الأصلي إلى حالة أخرى لأجل وقوعها مع كلمة أخرى كما جاء في القرآن (إنّا أعتدنا للكافرين سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً) فنوّن (سلاسلاً) مع أنّ حقه عدم التنوين لوجود علة المنع من الصرف، وما تنوينه إلاّ لوقوعه مع (أغلالاً وسعيراً)، وقد جاء في حديث وفد عبد القيس أنّ رسول الله قال لهم: «مرحباً بالوافد غير خزايا ولا ندامى» أراد لا نادمين على قدومكم، والمشهور في جمع نادم أن يكون جمع سلامة فغُيّر جمعه هنا إلى ندامى، وهو جمع تكسير، وقد اشتهر جمعاً لندمان؛ وهو صاحب المنادمة أي المجالسة على الشراب، ولا موجب لهذا التغيير إلاّ قصد مزاوجته لخزايا، وكذلك قال ابن مقبل:
هتاك أخبيةٍ ولاّج أبوِبةٍ*يخالط البر منه الجد واللينافجمع باباً على أبوِبة، والمعروف أن يجمع على أبواب، وإنّما جمعه على أبوبة لمزاوجته لقوله أخبية.
أمّا أنا فأقول: إنّ أبا الطيب ما اختار أن يكون (قرحاً) منوّناً إلاّ لشيءٍ زائد على ما ذكره شُرّاح ديوانه الثلاثة، وهو شيء راجع إلى المعنى الشعري، وذلك أنّ إثبات مصير الأجفان أنفسها قروحاً أبلغ من وصفها بالتقرّح الذي يدلّ عليه (قرحى) بدون تنوين، لأنّ في إثبات صيرورتها قروحاً تخيّلاً لتبدل ذاتها بذات أخرى فكان مناسباً للتخيل الذي يستدعيه الشعر، فوافق إثبات مصير الشقائق (بهاراً) في تخيّل تغيّر الذات بذات أخرى، فيكون وِزانه وزان قول أبي تمام في مليح إصابته حمى:
لم تشِن وجهَهُ المليحَ ولكن*بدّلت ورد وجنتيه بهاراًأو قول المعتز:
لم تشِن شيئاً ولكنها *بدّلت التفاح بالياسمينِبخلاف الإخبار عن الأجفان بأنها صارت متقرحةً فذلك أمر شائع في الكلام غير الشعر يقولون: بكى فلان حتى تقرّحت جفونه. فكأنه أخبر عن الخدود بمصيرها صفراء بعد الاحمرار، وذلك يوازن قول عبد الصمد بن المعذَّل (1) في مليحٍ أصابته الحمى.
لم تشنه لما ألمحت ولكن * بدّلته بالاحمرار اصفرارافإذا جمعت هذا الوجه إلى الوجهين الذين أخذناهما من كلام شراحه صارت رواية (قرحاً) بفتح القاف وبالتنوين متعيّنة وليست راجحة فقط لما اشتملت عليه من اللطائف، ولذلك لم يسمح المتنبي برواية لفظ (قرحى) من بيته بلا تنوين، ولا جعله (قُرحاً) بضمّ القاف مع التنوين لأنّ في كلا هذين الأخيرين فوات نكتة لا يرضى المتنبي بفواتها.
وفي بيت المتنبي من حسن التشبيه معنى رقيق، إذْ قد أنبأ بأنّ محاسن الخدود لم تتغير بتغيّر لونها، ولكنها كانت زهرة حمراء فصارت زهرة صفراء لم يفارقها حسن الزهور. واعلم أنّ المناسب لمعاني الغرام أن يكون عنى بالأجفان أجفانه، وبالخدود خدود الحبيب، بشهادة قوله قبله:
وقفنا ومما زاد شوقاً وقوفنا*فريقي هوى منّا مشوقٌ وشائقُفالمشوق هو المحبّ، والشائق المحبوب، والبكاء من شأن المحب دون المحبوب، والروعة من البعد ومن مشاهدة حال المحب هي من شأن المحبوب، ولهذا لم يسلك في وصف الأجفان مسلك تحسينها بخلاف مسلكه في وصف الخدود.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[02 Apr 2005, 05:28 م]ـ
سيدار البحث حول هذه المبتكرات في جزء من رسالة للدكتوراة في التفسير يعدها احد طلاب جامعة اليرموك بالاردن بعنوان علوم القران عند ابن عاشور فان جد جديد حول الموضوع ساذكره علما انني عرضت للموضوع في رسالتي للماجستير عام 1991 حيث كانت بعنوان تفسير ابن عاشور دراسة منهجية ونقدية
ـ[الباجي]ــــــــ[12 Apr 2005, 05:12 م]ـ
علما انني عرضت للموضوع في رسالتي للماجستير عام 1991 حيث كانت بعنوان تفسير ابن عاشور دراسة منهجية ونقدية
هل طبعت رسالتك د: أبو حسان - نفع الله بك -؟ فقد كنت في انتظارها منذ رأيتها مرقومة، لا أدري الآن سنة 96 أم بعد ذلك بعمان.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[14 Apr 2005, 11:41 ص]ـ
الى السيد الباجي المحترم
ومن يطبع رسائل العلم الخاصة للفقراء مادياً أمثالي.
إن المطابع اليوم تطبع الكتاب على حساب صاحبه ثم تاكل ثمنه ولا يناله منها إلا الغم والهم.
ليتني أجد من يطبع رسالتي التي شغلتني أكثر من ثلاث سنوات.
واذا كانت النسخة التي رأيتها في مكتبة الجامعة الأردنية فهي نسخة مختصرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[03 May 2005, 11:48 ص]ـ
موضوع ممتع جداً. بارك الله فيك يا أبا مجاهد وفي الإخوة الكرام. وابن عاشور عالم قليل النظير فعلاً ولا سيما في أبواب اللغة. ولكن السؤال: هل يعد استقراء ابن عاشور للشعر حجة يمكن الاحتكام إليها؟ بمعنى إذا لم يقل هذا الكلام أحد من العلماء المتقدمين الذين كانوا أكثر إحاطة بالشعر من ابن عاشور فهل يسوغ له هو أن يقول هذا؟ لم أجد كذا في كلام العرب. أرجو التوضيح.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Oct 2005, 11:10 م]ـ
في تفسير قول الله تعالى: ? يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ? (النساء: من الآية176)
قال ابن عاشور: (والكلالةُ اسم للكلال وهو التعب والإعياء قال الأعشى:
فآليتُ لا أرثي لَها مِن كلالة ولا من حفى حتّى أُلاقي مُحَمَّدا
وهو اسم مصدر لا يثنيّ ولا يجمع.
ووصفت العرب بالكلالة القرابةَ غيرَ القربى، كأنّهم جعلوا وصوله لنسب قريبه عن بُعد، فأطلقوا عليه الكلالة على طريق الكناية واستشهدوا له بقول من لم يسمّوه:
فإنّ أبا المرءِ أحمى له ومَوْلى الكلالة لا يُغْضَبُ
وأحسب أنّ ذلك من مصطلح القرآن؛ إذ لم أره في كلام العرب إلاّ ما بعد نزول الآية.
قال الفرزدق:
ورثتم قَنَاةَ المجد لا عن كلالة عن ابنَيْ مناف عبدِ شمس وهاشمِ
ومنه قولهم: ورِث المجدَ لا عن كلالة.)
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[09 Oct 2005, 07:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Mar 2006, 01:22 م]ـ
وفي تفسير ابن عاشور لقول الله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} (الرحمن:31) قال: (و {الثقلان}: تثنية ثَقَل، وهذا المثنى اسم مفرد لمجموع الإِنس والجن.
وأحسب أن الثّقَل هو الإِنسان لأنه محمول على الأرض، فهو كالثقل على الدابة، وأن إطلاق هذا المثنى على الإنس والجن من باب التغليب، وقيل غير هذا مما لا يرتضيه المتأمل. وقد عد هذا اللفظ بهذا المعنى مما يستعمل إلا بصيغة التثنية فلا يطلق على نوع الإنسان بانفراده اسم الثقل ولذلك فهو مثنى اللفظ مفرد الإطلاق.
وأظن أن هذا اللفظ لم يطلق على مجموع النوعين قبل القرآن.)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[11 Mar 2006, 05:07 م]ـ
جزاكم الله خيراً ..
هل من ذلك كلمة " تفثهم " في الحج، وكلمة " الحيوان " في العنكبوت؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[11 Mar 2006, 07:15 م]ـ
في تفسير قول الله تعالى: ? يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ? (النساء: من الآية176)
قال ابن عاشور: (والكلالةُ اسم للكلال وهو التعب والإعياء قال الأعشى:
فآليتُ لا أرثي لَها مِن كلالة ولا من حفى حتّى أُلاقي مُحَمَّدا
وهو اسم مصدر لا يثنيّ ولا يجمع.
ووصفت العرب بالكلالة القرابةَ غيرَ القربى، كأنّهم جعلوا وصوله لنسب قريبه عن بُعد، فأطلقوا عليه الكلالة على طريق الكناية واستشهدوا له بقول من لم يسمّوه:
فإنّ أبا المرءِ أحمى له ومَوْلى الكلالة لا يُغْضَبُ
وأحسب أنّ ذلك من مصطلح القرآن؛ إذ لم أره في كلام العرب إلاّ ما بعد نزول الآية.
قال الفرزدق:
ورثتم قَنَاةَ المجد لا عن كلالة عن ابنَيْ مناف عبدِ شمس وهاشمِ
ومنه قولهم: ورِث المجدَ لا عن كلالة.)
---------------------------------------------------------------------------------------
نعم، القرآن الكريم - كلام رب العالمين - معجز في فصاحته و بلاغته، في نظمه و أسلوبه و جزالته،
و لكن وجه إعجازه هنا أن الله تحداهم به مع كونه بألفاظ لغتهم،
و القول إن تلك الألفاظ مبتكرة فيه تكلف، مثل ما قاله في " الكلالة "،
ففي تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " قال الإمام القرطبي:
(يُتْبَعُ)
(/)
في المسألة (السابعة والعشرون ـ قوله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو ?مْرَأَةٌ} الكلالة مصدر؛ مِن تكلّله النسب أي أحاط به. وبه سُمِّي الإكليل، وهي منزلة من منازل القمر لإحاطتها بالقمر إذا ?حتلّ بها. ومنه الإكليل أيضاً وهو التاج والعِصابة المحيطة بالرأس. فإذا مات الرجل وليس له ولد ولا والد فورثتُه كلالة. هذا قول أبي بكر الصديق وعمر وعليّ وجمهور أهل العلم. وذكر يحيى بن آدم عن شريك وزهير وأبي الأحوص عن أبي إسحاق عن سليمان بن عبْدٍ قال: ما رأيتهم إلا وقد تواطئوا وأجمعوا على أن الكلالة من مات ليس له ولد ولا والد. وهكذا قال صاحب كتاب العين وأبو منصور اللُّغوِيّ وابن عرفة والقتَبِيّ وأبو عبيد وابن الأنباري. فالأب والابن طرفان للرجل؛ فإذا ذهبا تكلله النسب.
ومنه قيل: روضة مكلّلة إذا حُفَّت بالنور. وأنشدوا:
مسكنُهُ روضةٌ مُكَلَّلَةٌ عمّ بها الأَيْهُقان والذُّرَق
يعني نبتين. وقال ?مرؤ القيس:
أصاحِ ترى بَرْقاً أُرِيك ومِيضَه كلمعِ اليَدينِ في حَبِيّ مُكَلّلِ
فسمُّوا القرابة كَلاَلَةً؛ لأنهم أطافوا بالميت من جوانبه وليسوا منه ولا هو منهم، وإحاطتهم به أنهم ينتسبون معه. كما قال أعرابيّ: مالي كثير ويرِثني كلالة متراخٍ نسبهم. وقال الفرزدق:
ورِثتم قناة المجد لا عن كلالةٍ عن ?بني منافٍ عبدِ شمسٍ وهاشمِ
وقال آخر:
وإنّ أبا المَرْءِ أحْمَى له ومَوْلَى الكلالة لا يغضَب
وقيل: إن الكلالة مأخوذة من الكَلاَل وهو الإعياء؛ فكأنه يصير الميراث إلى الوارث عن بُعد وإعياء. قال الأعشى:
فآليت لا أرثى لها من كلالةِ ولا من وَجَّى حتى تلاقِي محمّدا
وذكر أبو حاتم والأثرم عن أبي عبيدة قال: الكَلالة كل من لم يرثه أبٌ أو ?بن أو أخ فهو عند العرب كَلاَلة. قال أبو عمر: ذِكْر أبي عبيدة الأخَ هنا مع الأب والابن في شرط الكلالة غلط لا وجه له، ولم يذكره في شرط الكلالة غيره. ورُوي عن عمر بن الخطاب أن الكلاَلة من لا ولد له خاصّة؛ ورُوي عن أبي بكر ثم رجعا عنه. وقال ?بن زيد: الكَلالةُ الحيّ والميت جميعاً. وعن عطاء: الكلاَلة المال. قال ?بن العربيّ: وهذا قول طريف لا وجه له.
قلت: له وجْهٌ يتبيّن بالإعراب (آنفاً). وروي عن ابن الأعرابيّ أن الكلالة بنو العَمّ الأباعد. وعن السُّدِّي أن الكلالة الميت. وعنه مثل قول الجمهور. وهذه الأقوال تتبيّن وجوهها بالإعراب؛ فقرأ بعض الكوفين «يُورِّث كلالة» بكسر الراء وتشديدها. وقرأ الحسن وأيوب «يُورِث» بكسر الراء وتخفيفها، على اختلاف عنهما. وعلى هاتين القراءتين لا تكون الكلالة إلا الورثة أو المال. كذلك حكى أصحاب المعاني؛ فالأوّل من ورّث، والثاني من أورث. و «كلالة» مفعوله و «كان» بمعنى وقع. ومن قرأ «يُورَثُ» بفتح الراء احتمل أن تكون الكلالة المال، والتقدير: يورث وراثة كلالة، فتكون نعتاً لمصدر محذوف. ويجوز أن تكون الكلالة اسماً للورثة وهي خبر كان؛ فالتقدير: ذا ورثة. ويجوز أن تكون تامة بمعنى وقع، و «يُورَث» نعت لرجل، و «رَجُلٌ» رفع بكان، و «كلالةً» نصب على التفسير أو الحال؛ على أن الكلالة هو الميت، التقدير: وإن كان رجل يورث متكلل النسب إلى الميت). انتهى.
**************
* و الأمر كذلك في جلّ ما ذكر إن لم يكن في كله،
و القرآن في غنى عن دعاوى لم تثبت، كما يقال في كثير مما يسمى " الإعجاز العلمي ".
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Mar 2006, 09:20 م]ـ
ذهبت بعيداً أخي الكريم [أبوبكر خليل]
فليس في ذكر هذه المصطلحات على أنها من مبتكرات القرآن أي تكلف فيما أرى، وكلامك الذي نقلته عن القرطبي ليس فيه ما يدل على أنهم استعملوا هذا المصطلح بنفس اللفظ، مع العلم بأنه من لغتهم إلا أن هذا اللفظ لم ينقل عنهم قبل نزول القرآن - فيما علم ابن عاشور -.
وهذه الآراء التي ذكرها ابن عاشور ليست قطعية، وغنما هي اجتهادات منه، وتحتاج إلى دراسة لإثبات صحتها.
والله أعلم
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[12 Mar 2006, 08:18 ص]ـ
في تفسير قول الله تعالى: ? يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ? (النساء: من الآية176)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن عاشور: ( .................................................. .................................................. .ووصفت العرب بالكلالة القرابةَ غيرَ القربى، كأنّهم جعلوا وصوله لنسب قريبه عن بُعد، فأطلقوا عليه الكلالة على طريق الكناية واستشهدوا له بقول من لم يسمّوه:
فإنّ أبا المرءِ أحمى له ومَوْلى الكلالة لا يُغْضَبُ
وأحسب أنّ ذلك من مصطلح القرآن؛ إذ لم أره في كلام العرب إلاّ ما بعد نزول الآية.
.................................................. .......................... )
***********
أخي الكريم [أبا مجاهد العبيدي]
إذا كنت تريد مجرد الإطراء على عمل ابن عاشور فهذا أمر لا أنكره عليك،
و إن كنت تقصد النقد للحق و العلم، فهو ما نقلته من قول القرطبي - و كذا كثير من أئمة التفسير في تفاسيرهم، و ارجع إليها إن شئت -
* و ما أراني ذهبت بعيدا - كما عقَبت أنت - فقد أتبعت الرأي دليله، و هو ما ذكره الإمام القرطبي، الذي أورد شاهده من أشعار العرب قبل الإسلام،
و لا أراه قد ذهب بعيدا هو الآخر فيما استشهد به منها،
- و لماذا نذهب بعيدا و قد قاله ابن عاشور نفسه - من حيث لا يشعر - فقد قال: ((ووصفت العرب بالكلالة القرابةَ غيرَ القربى ... ))،
- و إنما يقال: قالت العرب، و وصفت العرب: ما كان منطوقا منهم و مسموعا وقت نزول القرآن و قبله.
- هذا ما أردت توضيحه.
* * *
- هذا من ناحية،
و أجدها من ناحية أخرى مناسبة جيدة لبيان بعض ما ذكر في معنى " الكلالة ":
ففي تفسير مفاتيح الغيب، التفسير الكبير، للإمام الرازي (ت 606 هـ):
(قوله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَـ?لَةً أو?مْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلّ و?حِدٍ مّنْهُمَا ?لسُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذ?لِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِى ?لثُّلُثِ مِن بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار وصية الله والله عليم حليم}. [سورة النساء: 12].
اعلم أن هذه الآية في شرح توريث القسم الثالث من أقسام الورثة وهم الكلالة وهم الذين ينسبون إلى الميت بواسطة. وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: كثر أقوال الصحابة في تفسير الكلالة، واختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنها عبارة عمن سوى الوالدين والولد، وهذا هو المختار والقول الصحيح، وأما عمر رضي الله عنه فانه كان يقول: الكلالة من سوى الولد، وروي أنه لما طعن قال: كنت أرى أن الكلالة من لا ولد له، وأنا أستحيى أن أخالف أبا بكر، الكلالة من عدا الوالد والولد، وعن عمر فيه رواية أخرى: وهي التوقف، وكان يقول: ثلاثة، لأن يكون بينها الرسول صلى الله عليه وسلم لنا أحب الي من الدنيا وما فيها: الكلالة، والخلافة، والربا.
والذي يدل على صحة قول الصديق رضي الله عنه وجوه: الأول: التمسك باشتقاق لفظ الكلالة وفيه وجوه: الأول: يقال: كلت الرحم بين فلان وفلان إذا تباعدت القرابة، وحمل فلان على فلان، ثم كل عنه إذا تباعد. فسميت القرابة البعيدة كلالة من هذا الوجه. الثاني: يقال: كل الرجل يكل كلا وكلالة إذا أعيا وذهبت قوته، ثم جعلوا هذا اللفظ استعارة من القرابة الحاصلة لا من جهة الولادة، وذلك لانا بينا أن هذه القرابة حاصلة بواسطة الغير فيكون فيها ضعف، وبهذا يظهر أنه يبعد ادخال الوالدين في الكلالة لأن انتسابهما إلى الميت بغير واسطة. الثالث: الكلالة في أصل اللغة عبارة عن الاحاطة، ومنه الاكليل لاحاطته بالرأس، ومنه الكل لاحاطته بما يدخل فيه، ويقال تكلل السحاب إذا صار محيطا بالجوانب، إذا عرفت هذا فنقول: من عدا الوالد والولد إنما سموا بالكلالة، لأنهم كالدائرة المحيطة بالانسان وكالاكليل المحيط برأسه: أما قرية الولادة فليست كذلك فان فيها يتفرع البعض عن البعض: ويتولد البعض من البعض، كالشيء الواحد الذي يتزايد على نسق واحد، ولهذا قال الشاعر:
نسب تتابع كابراً عن كابر كالرمح أنبوبا على أنبوب
فأما القرابة المغايرة لقرابة الولادة، وهي كالاخوة والأخوات والأعمام والعمات، فانما يحصل لنسبهم اتصال وإحاطة بالمنسوب اليه، فثبت بهذه الوجوه الاشتقاقية أن الكلالة عبارة عمن عدا الوالدين والولد.
(يُتْبَعُ)
(/)
الحجة الثانية: أنه تعالى ما ذكر لفظ الكلالة في كتابه إلا مرتين، في هذه السورة: أحدهما: في هذه الآية، والثاني: في آخر السورة وهو قوله:
{قُلِ ?للَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى ?لْكَلَـ?لَةِ إِن ?مْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}
[النساء: 176] واحتج عمر بن الخطاب بهذه الآية على أن الكلالة من لا ولد له فقط، قال: لأن المذكور ههنا في تفسير الكلالة: هو أنه ليس له ولد، إلا أنا نقول: هذه الآية تدل على أن الكلالة من لا ولد له ولا والد. وذلك لأن الله تعالى حكم بتوريث الاخوة والأخوات حال كون الميت كلالة، ولا شك أن الاخوة والأخوات لا يرثون حال وجود الأبوين، فوجب أن لا يكون الميت كلالة حال وجود الأبوين.
الحجة الثانية: انه تعالى ذكر حكم الولد والوالدين في الآيات المتقدمة ثم أتبعها بذكر الكلالة، وهذا الترتيب يقتضي أن تكون الكلالة من عدا الوالدين والولد.
الحجة الرابعة: قول الفرزدق:
ورثتم قناة الملك لا عن كلالة عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
دل هذا البيت على أنهم ما ورثوا الملك عن الكلالة، ودل على أنهم ورثوها عن آبائهم، وهذا يوجب أن لا يكون الأب داخلا في الكلالة والله أعلم.
المسألة الثانية: الكلالة قد تجعل وصفا للوارث وللمورث، فاذا جعلناها وصفا للوارث فالمراد من سوى الأولاد والوالدين، واذا جعلناها وصفا للمورث، فالمراد الذي يرثه من سوى الوالدين والأولاد، أما بيان أن هذا اللفظ مستعمل في الوارث فالدليل عليه ما روى جابر قال: مرضت مرضاً أشفيت منه على الموت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني رجل لا يرثني إلا كلالة، وأراد به أنه ليس له والد ولا ولد، وأما أنه مستعمل في المورث فالبيت الذي / رويناه عن الفرزدق، فان معناه أنكم ما ورثتم الملك عن الأعمام، بل عن الآباء فسمى العم كلالة وهو ههنا مورث لا وارث، اذا عرفت هذا فنقول: المراد من الكلالة في هذه الآية الميت، الذي لا يخلف الوالدين والولد، لأن هذا الوصف إنما كان معتبراً في الميت الذي هو المورث لا في الوارث الذي لا يختلف حاله بسب أن له ولدا أو والدا أم لا.
المسألة الثالثة: يقال رجل كلالة، وامرأة كلالة، وقوم كلالة، لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر كالدلالة والوكالة.
إذا عرفت هذا فنقول: إذا جعلناها صفة للوارث أو المورث كان بمعنى ذي كلالة، كما يقول: فلان من قرابتي يريد من ذوي قرابتي، قال صاحب «الكشاف»: ويجوز أن يكون صفة كالهجاجة والفقاقة للأحمق).
انتهى.
- و ختاما تقبل تقديري و مودتي و تحيني،
و سلام الله عليكم.
-
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Aug 2007, 07:50 ص]ـ
نسيت أن أنبه إلى أن ابن عاشور قد نبه على مبتكرات القرآن في أثناء كلامه في المقدمة العاشرة من مقدمات تفسيره، وهي في الحديث عن إعجاز القرآن.
فقد أفرد مبتكرات القرآن بعنوان في هذه المقدمة، وذكر شيئاً من مبتكراته من حيث الأسلوب والنظم والطريقة.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[23 Oct 2007, 11:39 ص]ـ
جزي الله الجميع خير الجزاءعلي تلك الفوائد(/)
متى كانت بداية تدوين القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[01 Apr 2005, 01:46 م]ـ
هذا السؤال عرض لي وأنا أحرر مراحل كتابة القرآن الكريم، فلاحظت أن مرحلة تدوينه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم تحرر تاريخياً، وأقصد أن هذه المسألة لم تناقش في كتب علوم القرآن، ولعل البعض وقف على بعض النصوص التي نستطيع من خلالها معرفة أول مرة كتب فيه القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Apr 2005, 03:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز أبا خالد وفقه الله ونفع به. هذا جواب قريب من هذا الموضوع كنت كتبته لأحد المواقع الإسلامية. فرأيت وضعه هنا مع الإشارة إلى أن الدكتور غانم قدوري الحمد قد عرض لهذا في (رسم المصحف) 95 - 100 ولم يجد نصوصاً كثيرة في الموضوع، غير أن المتفق عليه أن القرآن قد بدأت كتابته مع بداية نزول الوحي تقريباً. وأن القرآن الكريم كله كُتِبَ في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان ظهور الإسلام في مكة إيذاناً بنهضة كتابية عظيمة، تتمثل في حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تدوين القرآن الكريم منذ بدء نزوله، وتعلم الصحابة – رضي الله عنهم- للكتابة.
والأدلة على أن القرآن الكريم كتب كله بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة على ذلك منها:
1 - في قصة إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه ذهب لبيت أخته فاطمة بنت الخطاب وهي مع زوجها -رضي الله عنهما-، يقرأُ لهما سورة طه خباب بن الأرت رضي الله عنه من صحيفة مكتوبة، وهي صحيفة من صحف كثيرة كان يكتب فيها القرآن الكريم في أول الإسلام في مكة، ثم بعد ذلك في المدينة.
2 - نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كتابة غير القرآن في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (3004): "لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلاَّ الْقُرْآنَ فَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ " وهذا لفظ أحمد (11142). وهذا حث من النبي -صلى الله عليه وسلم -وأمر بكتابة القرآن، ودليل على عناية الصحابة – رضي الله عنهم- بكتابة الوحي، وأنهم قد تجاوزوا تدوين القرآن إلى تدوين كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- مما دعاه عليه الصلاة والسلام أن ينهاهم عن كتابة شيء غير القرآن.
3 - عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: قلت لعثمان بن عفان – رضي الله عنه- ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟
فقال عثمان- رضي الله عنه-: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا). أخرجه الترمذي (3086) وأبو داود (786) والنسائي في السنن الكبرى (8007) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 42) وأحمد (376). فهذا دليل على أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بكتابة كل ما ينزل عليه من القرآن مباشرة.
4 - أخرج أبو داود (2507) وغيره عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه- قال: (كنت إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سُرِّي عنه فقال:"اكتب". فكتبت في كتف: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" "والمجاهدون في سبيل الله ... " إلى آخر الآية [النساء:95]. فقام ابن أم مكتوم – رضي الله عنه- وكان رجلا أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم سُرِّي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"اقرأ يا زيد". فقرأت: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غير أولي الضرر .. " الآية كلها. قال زيد – رضي الله عنه- فأنزلها الله وحدها فألحقتها والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِف ... ).
وفي الصحيحين البخاري (2831)، ومسلم (1898) عن البراء بن عازب – رضي الله عنه- قال: " لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - زيدا – رضي الله عنه- فجاء بكتف فكتبها وشكا ابن أم مكتوم – رضي الله عنه- ضرارته فنزلت: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ... " الآية [النساء:95].
وهذا دليل صريح على أن القرآن كان يكتب مباشرة بعد نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم.
5 - آيات كثيرة تدل على معرفة العرب للكتابة وشيوعها بينهم، فقد وردت مادة كتب وما اشتق منها في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمائة مرة (300)، ووردت مادة قرأ وما اشتق منها نحواً من ثمانين مرة (80)، ووردت مادة خط وأسماء أدوات الكتابة: القلم، والصحف، والقرطاس، والرق. مما يعني أن كل هذه الأمور مما يعرفه العرب المخاطبون بالقرآن الكريم، وليست مجرد معرفة ساذجة كما يزعم بعض الباحثين، بل معرفة شائعة بينهم.
6 - بلغ عدد الذين يكتبون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة وأربعين كاتباً، وكان بعضهم منقطعاً لكتابة القرآن خاصة، ومن أشهرهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة بن الربيع -رضي الله عنهم جميعاً -. وكان أول من كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- من قريش هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح –رضي الله عنه- وأول من كتب له من الأنصار أبي بن كعب -رضي الله عنه -.
ويجب التفريق بين كتابة القرآن وتدوينه كله في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين جمعه في مصحف واحد بعد وفاته، أما عن التدوين فالقرآن كله كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وأما عدم تدوين القرآن الكريم في مصحف جامع فهذا يرجعه العلماء إلى عدم الحاجة إليه في هذا العصر لوجود النبي -صلى الله عليه وسلم- مرجعا للناس، إضافة إلى نزول القرآن مفرقاً منجماً بحسب الوقائع والأحداث، وما قد يعتريه من النسخ. وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن للصحابة – رضي الله عنهم- القراء مرجع سوى المحفوظ في صدر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأصل الذي يُرجع إليه عند التنازع، أما ما كان مكتوبًا في الرقاع وغيرها فلم يكن مما يرجع إليه الناس، مع وفرته وصحته وصوابه، وكذلك في عهدي أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما- كان الاعتماد على الحفظ في الصدور هو المعول عليه دون الكتابة؛ لأنها كانت مفرقة، ولم تكن مجموعة، ولذلك استنكر أبو بكر على عمر – رضي الله عنهما- عندما أشار عليه بجمع القرآن. وكانت حظوظ الصحابة- رضي الله عنهم-، من حفظ القرآن متفاوتة، فكان منهم من يحفظ القدر اليسير، ومنهم من يحفظ القدر الكثير، ومنهم من يحفظ القرآن كله. وهم جمع كثيرون مات منهم في موقعة اليمامة في خلافة أبي بكر – رضي الله عنه - سبعون حافظًا للقرآن- رضي الله عنهم-، وكانوا يسمون حفظة القرآن بـ (القُرَّاء).
ولما قتل سبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا في مصحف واحد في منتصف خلافة أبي بكر – رضي الله عنه - باقتراح من عمر -رضي الله عنه-.وبعد وفاة أبي بكر – رضي الله عنه - تسلم المصحف عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-، وبعد وفاته ظل المصحف في حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها-، وفي هذه الفترة كان حفظ القرآن في الصدور هو المتبع كذلك.وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة – رضي الله عنهم - بعد انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام - إلى الرفيق الأعلى، التابعون من الطبقة الأولى، وكانت علاقتهم بكتاب الله هي الحفظ بتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة، وحفظًا للقرآن كله، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآن كله التابعي الكبير الحسن البصري -رضي الله عنه- وآخرون.كان هذا أول جمع للقرآن، والذي تم فيه هو جمع الوثائق التي كتبها كتبة الوحي في حضرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-،بمعنى تنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها، ولا معنى لهذا الجمع إلا هذا، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازي. والغاية منه أن يكون مرجعًا موثوقًا به عند اختلاف الحفاظ.
ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع في عهد أبي بكر وعثمان –رضي الله عنهما - لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية، التي تم تدوينها في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين.فالجمع في عهد أبي بكر وعثمان – رضي الله عنهما- لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقها أي تعديل أو تغيير أو تبديل، وفي كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه في المصاحف، وبقي السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصور حتى الآن وإلى يوم الدين ومع كثرة انتشار الطباعة اليوم، وكثرة المصاحف، إلا أن هذا لا يغني عن الأخذ عن القراء المتقنين، وهذا من خصائص القرآن الكريم.
وينبغي أن ينبه إلى أن هذا التدوين أو الجمع المبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذي قامت على أساسه كل المصاحف فيما بعد، حتى عصرنا الحالي. وهذه الفترة الراشدة التي سبقت جمع القرآن في خلافة أبي بكر -رضى الله عنه-، لم تكن فترة إهمال للقرآن، كما يزعم بعض خصوم القرآن من المبشرين والمستشرقين والملحدين بل العكس هو الصحيح، كانت فترة عناية شديدة بالقرآن اعتمدوا فيها على السماع من الحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته، و الحفظ المتقن في الصدور والسماع هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز. وسيظلان هكذا إلى يوم الدين.والله أعلم.
من المصادر المهمة:
- (رسم المصحف) لغانم الحمد.
- العدد الرابع 1407هـ من مجلة المورد العراقية فقد خصص للخط العربي وتطوره وفيه مباحث عن كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأدواته.
- الخط العربي للخطاط محمد الكردي رحمه الله فيه حديث عن هذا.
- كتاب هلال ناجي عن الخط العربي في مجلد كبير تعرض لهذا الموضوع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[01 Apr 2005, 10:00 م]ـ
بارك الله فيك أبا عبد الله ولمزيد من المذاكرة أضيف فأقول:
هل هناك مزيد من النصوص تدل على وجود كتابة في العهد المكي كقصة إسلام عمر؟(/)
الألفاظ والأساليب المهجورة في القرآن الكريم.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[01 Apr 2005, 01:52 م]ـ
هذه الموضوع جدير بالدراسة
وأقصد به تلك الألفاظ والأساليب التي اشتُهر استعمالها عند العرب ولم ترد في القرآن الكريم، مع محاولة التعرف على سبب إهمالها من قبل القرآن.
ولا أدري هل كتب في هذا الموضوع أم لا؟
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Apr 2005, 02:21 ص]ـ
فكرة الموضوع ممتازة. وفائدتها تظهر في اطلاع الباحث على الأساليب العالية في لغة العرب قبل الإسلام، ثم موازنة ذلك بما جاء به القرآن منها، وما أهمله. ثم النظر بعد ذلك في سبب هذا الإهمال هل له أسباب محددة، أم أنه لم ترد له مناسبة فلم يذكر.
ويمكن يا أستاذ أحمد أن يضاف لذلك: الأساليب التي كانت مختارة عند العرب ثم جاء القرآن بخير منها، واندثار تلك الأساليب لهذا، من مثل (القتل أنفى للقتل) كان بلاغة عندهم. ثم لما نزلت (ولكم في الحياة قصاص) ذهبت تلك العبارة وأصبحت تاريخاً. وقس عليها مثلها.
رأيت كتاب التطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن للدكتور عودة أبو عودة فربما يكون عالج الموضوع أو بعضه. هذه مجرد خاطرة أردت المشاركة بها مع قلة البضاعة.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[04 Apr 2005, 10:56 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ فهد
أشكر لك مداخلتك وإضافتك
كنت اتأمل في الموضوع منذ زمن ولكني لم أنشط له، وقد يكون ذلك بسبب قلة بضاعتي في علوم اللغة والبلاغة، وهو بحق جدير بالدراسة، وسيكشف لوناً آخر من أسرار القرآن وبلاغته.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[07 Apr 2005, 04:05 ص]ـ
للفائدة فقط
(القتل أنفى للقتل) هذه المقولة وإن كانت حقا، إلا أنه كان للكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعي رحمه الله وقفة معها لايمكن إهمالها، في كلام طويل يجب الوقوف عليه من كلامه هو رحمه الله، من صفحة 397ـ 411 المجلد الثالث من وحي القلم
خلاصته: أن هذه المقولة مولدة من صنيع بعض الزنادقة، ولدها من ألآية الكريمة ليجريها في مجرى المعارضه.
رحم الله الرافعي
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Apr 2005, 01:44 م]ـ
فائدة مشكورة أخي ابن الشجري ولعلي أراجع كلام الرافعي إن شاء الله فليس بين يدي الآن كتابه.(/)
التعقيبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[01 Apr 2005, 08:59 م]ـ
للشيخ محمد بن عبدالرحمن الخميس - اضغط هنا للتحميل ( http://72.29.70.243/vb/attachment.php?attachmentid=7739)(/)
من عنده تحريرات علمية على الإتقان للسيوطي
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[02 Apr 2005, 04:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني الكرام هل توجد تحريرات علمية على كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي سواء كانت مطبوعة أو خاصة فالرجاء الإمداد بها والإرشاد إليهم.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[03 Apr 2005, 08:37 ص]ـ
اعتقد انك ستجد شيئا يسيرا مما طلبت في النسخة المححققة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف وهي قيد الطباعة الان
لكنك لن تجد بغيتك في كل ما تريد وقد حقق الدكتور فضل عباس شيئا منها في كتابه اتقان البرهان في علوم القران
وكتاب السيوطي يحتاج الى تحريرات كثيرة جدا يسر الله تعالى لها احد الغيورين على العلم واهله
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[03 Apr 2005, 06:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله. أشكر فضيلة الدكتور جمال لرده.
حبذا لو وضعنا مشروع ميسر لهذه التحريرات يشترك فيها الإخوة الباحثين في المنتدى.
وسوف أضع أولى هذه التحريرات بتحرير كافة الأحاديث الصحاح الواردة في أسباب النزول وذلك اعتمادا على كتاب الواحدي تحقيقي طبع دار الحديث سنة 1992، وكنت استدركت على الواحدي في كل ما فاته من أحاديث صحاح واردة في أسباب النزول، وكل هذه الاستدراكات صحيحة و التي بلغت قريبا من مئة. والله الموفق(/)
تعريف العرف يُقدم على التعريف اللغوي
ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2005, 06:33 م]ـ
قال ابن القيم في كتاب أعلام الموقعين المجلد الثالث صفحة 221
( ... المطلق من كلام الآدميين محمول على ما فسر به المطلق من كلام الشارع خصوصا في الأيمان، فإن الرجوع فيها على عرف الخطاب شرعا أو عادة أولى من الرجوع إلى موجب اللفظ في أصل اللغة ... )
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Apr 2005, 03:34 م]ـ
ومن كتاب البرهان في علوم القرآن 2/ 166، 167
قال الزركشي:
( ... وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه وعليهم اعتماد الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي، فإن كان أحد المعنيين أظهر وجب الحمل عليه إلا أن يقوم دليل علي أن المراد هو الخفي، وإن استويا والاستعمال فيهما حقيقة لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية وفي الآخر شرعية فالحمل علي الشرعية أولى إلا أن يدل دليل على إرادة اللغوية كما في قوله تعالى {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} ولو كان في أحدهما عرفية والآخر لغوية فالحمل على العرفية أولى لأن الشرع ألزم، فإن تنافى اجتماعهما ولم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كالقرء للحيض والطهر اجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه فما ظنه فهو مراد الله تعالى في حقه وإن لم يظهر له شيء فهل يتخير في الحمل علي أيهما شاء أو يأخذ بالأشد حكما أو بالأخف؟ أقوال، وإن لم يتنافيا وجب الحمل عليهما عند المحققين ويكون ذلك أبلغ في الإعجاز والفصاحة إلا إن دل دليل علي إرادة أحدهما ... )
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Apr 2005, 04:58 م]ـ
قال الشنقيطي الجكني في كتابه أضواء البيان عند تفسيره لبداية سورة الأحزاب:
( .. لأهل الأصول ثلاثة مذاهب، وهي في حكم ما إذا دار اللفظ بين الحقيقة العرفية والحقيقي اللغوية، على أيهما يحمل؟ والصحيح عند جماعات من الأصوليّين: أن اللفظ يحمل على الحقيقة الشرعية أوّلاً إن كانت له حقيقة شرعية، ثم إن لم تكن شرعية حمل على العرفية، ثم اللغوية. وعن أبي حنيفة: أنه يحمل على اللغوية قبل العرفية، قال: لأن العرفية، وإن ترجّحت بغلبة الاستعمال فإن الحقيقة اللغوية مترجحة بأصل الوضع.
والقول الثالث: أنهما لا تقدم إحداهما على الأخرى بل يحكم باستوائهما، فيكون اللفظ مجملاً لاستواء الاحتمالين فيهما، فيحتاج إلى بيان المقصود من الاحتمالين بنية أو دليل خارج، وإلى هذه المسألة أشار في «مراقي السعود»، بقوله:
واللفظ محمول على الشرعي o0o0oo0o00o إن لم يكن فمطلق العرفي
فاللغوي على الجلي ولم يجد o0o0oo0o00o بحث عن المجاز في الذي انتخب
ومذهب النعمان عكس ما مضى o0o0oo0o00o والقول بالإجمال فيه مرتضى .. )(/)
ماأصل خلقة الحيوانات؟.
ـ[ابنة الإسلام]ــــــــ[02 Apr 2005, 07:20 م]ـ
ماأصل خلقة الحيوانات؟
يقول الله عز وجل (والله خلق كل دآبة من ماء)
هل هذا هو بدأ خلق الحيوان أم غير هذا؟
لأن الله عز وجل خلق الملائكة من نور، وخلق الجن من نار، وخلق آدم من طين.
فما أساس خلقت الحيوان؟
وما المراجع المناسبة في هذا الموضوع؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Apr 2005, 10:08 م]ـ
الله خلق كل دابة من ماء ( http://www.55a.net/dabtee.htm)
وجاء في تفسير ابن كثير لآية الأنبياء: {أَوَلَمْ يَرَ ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّ ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ?لْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ}
(وقوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ ?لْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ} أي أصل كل الأحياء منه. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الجماهر، حدثنا سعيد بن بشير، حدثنا قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة أنه قال: يانبي الله إذا رأيتك قرت عيني وطابت نفسي، فأخبرني عن كل شيء قال: «كل شيء خلق من ماء». وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال: قلت يارسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال: «كل شيء خلق من ماء» قال: قلت أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة قال: «أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأحارم، وقم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام» ورواه أيضاً عن عبد الصمد وعفان وبهز عن همام، تفرد به أحمد، وهذا إسناد على شرط الصحيحين إلا أن أبا ميمونة من رجال السنن واسمه سليم، والترمذي يصحح له، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلاً، والله أعلم.)
ويمكنك الرجوع إلى كتب التفسير، ومنها تفسير الرازي وفقك الله
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[03 Apr 2005, 04:09 م]ـ
إضافة إلى ما ذكره الأخ (أبو مجاهد) هذا بيان للمراد من قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} (الأنبياء:30)، وقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء} (النور:45)، مع ذكر ما بينهما من فرق في المعنى، وبالله المستعان.
سر الحياة على هذه الأرض
وأما الحقيقة الثانية- وهي سرُّ الحياة- فقد أشار إليها الشق الثاني من الآية الكريمة؛ وهو قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} 0 أي: أوجدنا من الماء كل شيء حيٍّ، وكوَّناه بقدرتنا00 وإنما قال تعالى: {وجعلنا}، ولم يقل: {خلقنا}؛ لأن (جعل) لفظ عام في الأفعال0 ولمَّا كان قوله تعالى: {كل شيء حي} مرادًا به عموم المخلوقات، ناسب التعبير عنه بفعل يدلُّ على العموم0
وقال تعالى- هنا: {من الماء}، وقال في النور: {والله خلق كل دابة من ماء} (النور:45)، فعرف الماء في الأول، ونكَّره في الثاني00 أما تعريفه في الأول فلأن المعنى: أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس، الذي هو الماء0 فذكِر الماءُ- هنا- معرَّفًا بأل الجنسية؛ ليشمل أجناس المخلوقات المختلفة الأنواع0 وأما تنكيره في الثاني فلأن المعنى: أن الله سبحانه خلق كل دابة من نوع مخصوص من الماء؛ وهو النطفة، ثم خالف بين المخلوقات، بحسب اختلاف نطفها: فمنها هوامٌ، ومنها ناسٌ، ومنها بهائمٌ.
وتحرير الفرق بين القولين: أن الغرض من الأول إظهار الآية بأن أشياء متفقة في جنس الحياة، قد تكونت بالقدرة من جنس الماء المختلف الأنواع0 وأن الغرض من الثاني إظهار الآية بأن شيئًا واحدًا، قد تكونت منه بالقدرة أشياء مختلفة0
من مقال: (من أسرار الإعجاز في القرآن)
يمكن الرجوع إلى مقال: (مثل عيسى عند الله في الخلق)، ففيه جواب عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} (المؤمنون:12 - 13) .. والله تعالى أعلم!
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Apr 2005, 04:31 م]ـ
طلب من الأستاذ محمد إسماعيل: ما توجيه جملة "بالله المستعان"؟ وهل هي أفصح أم " الله المستعان"؟ لأني أراك تفضل استعمال الأسلوب الأول.مع أن الثاني هو استعمال القرآن:
(قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (الانبياء:112)
(وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 Apr 2005, 08:03 م]ـ
فى انتظار توجيه الاستاذ الفاضل محمد اسماعيل ... انا ايضا استشكل تعلق الجار والمجرور ........ "بالله الاستعانة"تعبير فصيح ... لكن اسم المفعول .... لا يصلح متعلقا للجار والمجرور .... لان المعنى يرجع الى القول الله بالله .... لان المستعان هو الله .... المستعان ينحل الى اسم موصول (اللام) وفعل (يستعان) .. فيقدر الكلام على النحو التالي: بالله الذى يستعان به .. فأن كان المستعان مجرورا ... على الصفة او البدلية ... احتاجنا الى تقدير المتعلق ... اما رفع "المستعان"فغير مقبول ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[03 Apr 2005, 09:57 م]ـ
العجب كل العجب من سؤالك يا أبا مجاهد. ولا أظن أنه يخفى عليك أن لكل مقام مقال. ألا ترى أن من استعان بالله على أمر جلل، قال: الله المستعان؛ كما ورد ذلك في الآيتين الكريمتين .. وأن من ابتدأ كلامًا قال: وبالله المستعان؟! وكم من فرق بين المقامين!
اقرأ إن شئت هذه العبارات، التي نقلتها لك من مصادرها لعلماء لا يشق لهم غبار في الفصاحة والبلاغة:
1 - (وقيل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}. وهذا هو الصحيح- كما سيأتي تقريره في موضعه- وبالله المستعان) (1 تفسير ابن كثير:/10).
2 - (وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار، فلنذكر منها ما تيسر .. وبالله المستعان) (1 تفسير ابن كثير:/495).
3 - (ذكر الكلام على معناها .. وبالله المستعان وعليه التكلان) (1تفسير ابن كثير:/594).
4 - (ونذكر هنا الأحاديث الواردة في ذلك والآثار .. وبالله المستعان، وعليه التكلان) (تفسير ابن كثير: (2/ 104).
5 - (ولنذكر الآن الأحاديث الواردة في المقام المحمود .. وبالله المستعان) (تفسير ابن كثير:3/ 56).
6 - (ولنذكر ملخص غزوة بني النضير على وجه الاختيار .. وبالله المستعان) (تفسير ابن كثير:4/ 332).
7 - (فهذا الذي قام بحقيقة {إياك نعبد وإياك نستعين} علمًا وحالاً .. وبالله المستعان) (مدارج السالكين:1/ 201).
8 - (فسلكنا هذا السبيل؛ ليكون قولهم مردودًا على كل قول من أقوال الأمة .. وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله) (مفتاح دار السعادة:1/ 14).
9 - (وما لم يستحضر هذا المعنى فهو واقف بين يديه بجسمه وقلبه يهيم في أودية الوساوس والخطرات .. وبالله المستعان) (حاشية ابن القيم:1/ 64).
(ويبقى التفاوت بينهم في العلم بذلك، والعلم بطريق حصوله، والتوصل إليه .. وبالله المستعان) (الطب النبوي:1/ 107).
10 - (ونحن نتبع ذلك بذكر فصول نافعة في هديه في الطب الذي تطيب به، ووصفه لغيره، ونبين ما فيه من الحكمة، التي تعجز عقول أكثر الأطباء عن الوصول إليها، وأن نسبة طبهم إليها طب العجائز إلى طبهم، فنقول .. وبالله المستعان) (زاد المعاد:4/ 5).
11 - (فالعاقل إذا علم أن هذا الخبر صادق، علم أن كل ما عارضه فهو كذب، ولم يحتج أن يعرف أعيان الأخبار المعارضة له، ولا وجوهها .. وبالله المستعان) (الصواعق المرسلة:3/ 1086).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Apr 2005, 11:32 م]ـ
ما زال في النفس شيء من هذا الأسلوب، وفرق بين: أستعين بالله، و"بالله المستعان"
فلو بينت لي المراد بالمستعان في هذا التركيب لكنت لك شاكراً. واعذرني على إلحاحي، فما أنا إلا سائل مسترشد.
من خلال معلوماتي المتواضعة في اللغة، أعلم أن المستعان: من يُطلب منه العون. وهو الله عز وجل.
ولو ذكرت وفقك الله - شواهد لغوية من عصر الاحتجاج لكان ذلك أفضل وأقوى حجة. مع تقديرنا لك حفظك الله، ولابن كثير وابن القيم رحمهما الله.
ـ[أخوكم]ــــــــ[04 Apr 2005, 12:55 ص]ـ
وماذا لو قيل بأن أصل خلقة الحيوانات من تراب؟
استدلال بالحديث الذي فيه اقتصاص الحيوانات من بعضها البعض
ثم يقال لها (كوني ترابا)
وكما انطبقت الآيات التالية على الإنسان:
(وجعلنا من الماء كل شيء حي)
(والله خلق كل دابة من ماء)
فكذلك تنطبق على الحيوان
فالإنسان والحيوان مخلوقون من تراب
والإنسان والحيوان يتناسلون من ماء
فلعل هذا الأقرب
والله أعلم بالاصوب
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[04 Apr 2005, 02:49 ص]ـ
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف:18)
قال الفخر الرازي في تفسير الآية الكريمة: (المعنى: أن إقدامه على الصبر لا يمكن إلا بمعونة الله تعالى؛ لأن الدواعي النفسانية تدعوه إلى إظهار الجزع، وهي قوية .. والدواعي الروحانية تدعوه إلى الصبر والرضا؛ فكأنه وقعت المحاربة بين الصنفين، فما لم تحصل إعانة الله تعالى، لم تحصل الغلبة.
فقوله تعالى {فصير جميل} يجري مجرى قوله: {إياك نعبد}، وقوله: {والله المستعان على ما يصفون} يجري مجرى قوله: {وإياك نستعين} .. ).
وقال السيوطي في الدر المنثور:
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك الكلمات، التي قالهن موسى حين انفلق البحر؟ قلت: بلى. قال: اللهم لك الحمد، وإليك المتكل، وبك المستغاث، وأنت المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال ابن مسعود: فما تركتهن منذ سمعتهن من النبي صلى الله عليه وسلم) (الدر المنثور:6/ 299).
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغفاري: (كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس لرب العالمين مقداره ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا، لا يأتيهم خبر من السماء، ولا يؤمر فيهم بأمر؟ قال بشير: المستعان بالله يا رسول الله!) (الدر المنثور:8/ 443).
وفي الناسخ والمنسوخ للكرمي (1/ 155): (قالوا: سئل الشعبي عن هذه الآية أمنسوخة هي؟ قال: لا، والله! فقيل له: إن الناس لا يعلمون بها، فقال: المستعان بالله).
والآية هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النور:58).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Apr 2005, 08:16 ص]ـ
أولاً: ما ذكرته في الأثر قبل الأخير: (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغفاري: (كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس لرب العالمين مقداره ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا، لا يأتيهم خبر من السماء، ولا يؤمر فيهم بأمر؟ قال بشير: المستعان بالله يا رسول الله!) (الدر المنثور:8/ 443).) مخالف لما في غيره من المصادر فلفظه في تفسير ابن جرير: (حدثني محمد بن إبراهيم السِّلِيْميِّ المعروف بابن صدران، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا عبد السلام بن عجلان، قال: ثنا يزيد المدني، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغِفَاريّ: «كَيْفَ أنْتَ صَانِعٌ فِي يَوْمٍ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ مِقْدَارَ ثَلاثِ مِئَةِ سَنَةٍ مِنْ أيَّامِ الدُّنيْا، لا يأتِيهِمْ خَبرٌ مِنَ السَّماءِ، وَلا يُؤْمَرُ فِيهِمْ بأمْرٍ؟» قال بشير: المستعان الله يا رسول الله، قال: «إذَا أنْتَ أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَتَعَوَّذْ باللّهِ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَسُوءِ الْحِسابِ».) وكذلك هو في تفسير ابن كثير.
وفي النسخة المحققة من الدر المنثور علق محققو الكتاب على اللفظ الذي نقلتَه: وفي الأصل، ص، ف1، ن: "الله") 15/ 292.
والأثر الأخير كذلك، فلفظه في تفسير الثعلبي والبغوي: (روى سفيان عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت الشعبي عن هذه الآية {لِيَسْتَأْذِنكُمُ ?لَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـ?نُكُمْ} أمنسوخة هي؟ قال: لا والله، قلت: إن الناس لا يعملون بها؟ قال: الله المستعان.)
ولفظه في كتاب الناسخ والمنسوخ للنحاس: (قال أبو جعفر هذا القول بأن الآية محكمة هو قول القاسم بن محمد وجابر بن زيد والشعبي كما قرىء على إبراهيم بن موسى الجوزي عن يعقوب الدورقي قال حدثنا وكيع عن سفيان عن موسى بن أبي عاثشة عن الشعبي) يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم (قال ليست بمنسوخة قلت إن الناس لا يعملون بها قال: الله - عز وجل- المستعان.) 2/ 557 قال المحقق: إسناده صحيح.
وكذلك هو في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام ص220.(/)
المرأة في القرآن:
ـ[ tafza] ــــــــ[03 Apr 2005, 12:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم؛
الحمدلله رب العالمين: اما بعد فللحق أعلام وللحقيقة نظام والوسيلة مطلوبة والقدرة على أقسامها موهوبة والسعادة بشموش الكمال مقرونة والخبرة الابدية باسعمال مناسك الشريعة موهوبة؛
وأعلى الدرجات في عليين درجة العاملين وأعلاها منزلة الهادين المحققين،
ولا منزلة لعالم في دين الله لا يفيد كما انه لا وجود حياة لحقيقة نفس لا تفيد؛
وأن أبعد الناس من السعادة من استهان بأحكام الملة؛ وأخل بشروط المحققين من اهل القبلة .. !!
المرأة في القرآن:
عندما كانت الحضارة الاسلامية شاهدة على عصرها، قوامة بالقسط والعلم على العالم، كان ذلك بفعل عمق التشابك بين المنجز الاسلامي وبين النصوص المؤسسة للعقل المسلم (القرآن والسنة) رؤية وفكرا وعقيدة وممارسة ذلك ان الحضارة الاسلامية هي الوحيدة بين حضارة العالم التي انبعثت من القرآن الكريم محققة احد معطياته المعرفية والمنهجية الا وهي وحدة الايمان والمعرفة بفضل تلق دقيق وواع للقرآن الكريم يقوم على اسساس الرؤية الكلية للقرآن، والابتعاد ـ الا قليلا عند بعض الفرق الكلامية مثل المرجئة والجبرية والقدرية ـ على القراءة العضينية للقرآن، وهي القراءة، التي تقسم القرآن الى موضوعات مبتسرة انسجاما مع رؤية ذاتية ومصلحية لموضوعات معينة مثل الجبر والارجاء والاختيار ,,, الخ دعما لمواقف سياسية او اجتماعية تفتقر الى العدل والشرعية وهي القراءة التي رفضها القرآن الكريم، وتوعد الله عز وجل ممارسيها بالعقاب ,,
(الذين جعلوا القرآن عضين * فوربك لنسألنهم اجمعين * عما كانوا يعملون) /92 ـ 94 ,
ذلك لان هذا القراءة تفتح بوابة اختلاط ما هو بشري بالنص الالهي تمهيدا لاحتوائه باسم الوصاية على الدين، ورعاية شؤون الناس القاصرين عن ادراك مضامين النص ,
لقد تعرض القرآن الكريم وشموليته وصفاؤه لمثل هذه القراءات فنتج عن ذلك تشوهات معرفية واجتماعية وسياسية اضرت بنقاء القرآن ورسالته الانسانية، وبجمال الحضارة الاسلامية انعكست في كل فكر الكثير من الناس وسلوكياتهم، اثارت شبهات كثيرة عمل اعداء الاسلام من خلالها على الطعن في الاسلام ومحاربته مثل شبهة اعتماد الاسلام القوة والغزو والسطو وسائل لنشره وكذلك شبهة احتقار الاسلام للمرأة والحط من شأنها والنظر اليها على انها اداة للمتعة ليس الا .. تابع للرجل وكائن تمكن قوته في اغرائه واحتيالاته المريبة.
لقد عانت المرأة المسلمة من اضطهادين اضطهاد من الداخل الاسلامي، واضطهاد من الخارج غير الاسلامي وتوابعه في الداخل الاسلامي فاما الذي من الداخل الاسلامي فكان بسبب التمسك بتلك التأويلات لكثير من نصوص القرآن والسنة التي تشكلت في اطار سياقات ثقافية واجتماعية معينة ولاسيما تلك التي تكونت في عصر الجمود والتقليد الذي اصاب الحضارة الاسلامية بعد القرن الثامن الهجري .. مضفية الشرعية على العلاقات القبلية التي حددت حركة المرأة داخل البيت بلا اي محتوى علمي او معرفي ,,
واما الذي من الخارج غير الاسلامي فكان بسبب عاملين: الاول، قراءتها المغلوطة وغير البريئة التي انحصرت في (الف ليلة واليلة) وعصر الجواري، والتأويلات الخاطئة لكثير من الكتابات الاسلامية القديمة والحديثة التي حددت مكانة المرأة في البيت وعزلتها عن المجتمع والحضارة ومؤسساتهما المتعددة والثاني عملية اغراقها بمعطيات الانموذج الغربي للمرأة، والدعوة الخبيثة لتحررها (من الدين طبعا) من دون اية اعتبارات لخصوصية النسق الحضاري ومكوناته العقائدية والاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية ,,
ان الرؤية للمرأة وقراءتها من كلا الجانبين لم تأت عن قراءة علمية دقيقة وبريئة، لنصوص الشريعة الاصلية (القرآن والسنة) فجاءت مصابة بغبش حضاري اساء للاسلام ثم للمرأة ثم للانسان بوصفها شقه الجميل، لتعم الاساءة للمجتمع كله ,,
(يُتْبَعُ)
(/)
ان النص القرآني خطاب للانسان وحديث عنه وهو يصنع الحضارة والتاريخ والمستقبل في ظل الهدي الالهي الذي اراده الله عز وجل رحمة للانسان وجمالا في الوجود، مستنهضا قواه الروحية والعقلية والمادية لاكتشاف الوجود وتحقيق السعادة عبر اجمل الممارسات الايمانية والمعرفية والاخلاقية، فكان النص القرآني بخطابه الظاهر ودلالاته المضمرة يتكون من مستويات عدة في خطابه للانسان والامة والعالم مرة يخاطب الانسان مفردا كشجيرة، ومرة يخاطبه جماعيا كغاية، ومرة يخاطبه نوعا، ومرة يخاطبه جنسا ذكرا مرة وانثى مرة اخرى .. ومرة يخاطب الانسان والامة والقوم عبر صفات الايمان والكفر، الفسق والفلاح، والشرك والتوحيد، والتقوى والظلم ...
وفي كل مستويات الخطاب، فان الانسان ذكرا او انثى، رجلا او امرأة والقوم هم ذكور واناث او رجال ونساء، والامة هي رجال ونساء، ذكور واناث.
وفي كل مستويات الخطاب فان الامر للانسان ذكرا او انثى، مرة بصيغة كلية تحدد المكانة الايمانية والاجتماعية والفكرية والسياسية والاخلاقية والاقتصادية للانسان في الوجود وهي مسؤوليات مشتركة للرجال والمرأة .. وفيما عدا ذلك يأتي الخطاب القرآني جزئيا خاصا بالمرأة من ناحية تكوينها البيولوجي، وشخصيتها، وما لها وما عليها في اطار هذه الخصوصية، وهي منتهى العدل والانصاف في دائرة الحقوق والواجبات التي تعد الاهتمام بها مبتغى حضارة اليوم ..
ومن اجل قراءة اخلاقية علمية للمرأة في القرآن لا تقارن ولا تقارب بين المطروح من مواقف وتحليلات تتناول المرأة، لابد من قراءة قرآنية صافية للنصوص المؤسسة للرؤية الاسلامية لها .. قراءة تنطلق من موقف القرآن من الانسان ومكانته الاستخلافية لله في الكون .. قراءة تفرق بين ما هو نص قرآني ونبوي قطعي الثبوث والدلالة، وبين ما هو اجتهاد بشري في اطار سياق ثقافي واجتماعي واقتصادي معين، قراءة تاخذ بعين الاعتبار مقاصد الشريعة وكلياتها في الربط بين النص والواقع انتصارا للانسان رجلا وامرأة اللذين تقف في مقدمة غايات وجودهما اعمار العالم بالعلم والحب والجمال ...
وبغية انجاز مثل هذه القراءة سنقدم نصوصا منتخبة من صيغ الخطاب القرآني في مستوياته
الكلية ...
خطاب بني آدم,
(يابني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير) الاعراف/26
(يابني آدام لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة) الاعراف/27
(يابني آدام خذوا زينتكم عند كل مسجد) الاعراف/31
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) الاسراء/70
(الم اعهد اليكم يابني آدم ان لا تعبدوا الشيطان) يس/60
** خطاب الناس ,
(ياايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم) البقرة/21
(ياايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا) البقرة/168
(ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) النساء/1
(ياايها الناس انما بغيكم على انفسكم) يونس/23
(شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس) البقرة/185
(كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) البقرة/187
(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) البقرة/204
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) البقرة/207
(ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) البقرة/221
(وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس) آل عمران/4
(ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين) آل عمران/97
(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين).
** خطاب الامة ,
(تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) البقرة/134
(وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) البقرة/143
(ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) آل عمران/104
(من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات) آل عمران/113
(كذلك زينا لكل امة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) الانعام/108
(وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون) الاعراف/181
(ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولاهم يستعتبون) النحل/84
(لكل امة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينزعنك في الامر وادع الى ربك انك لعلى هدى مستقيم) الحج/67
(يُتْبَعُ)
(/)
(كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون) الجاثية/28
** خطاب (القوم) ,
(كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون) الحشر/4
(قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهو الذي انشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) الانعام/97
(هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) الاعراف/203
(هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقو يوقنون) الجاثية/20
(كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون) الاعراف/58
** خطاب (الانسان) ,
(واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) /12
(ان الشيطان للانسان عدو مبين) يونس/5
(وكان الانسان اكثر شيء جدلا) الكهف/54
(ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير) لقمان/ 14
(وان ليس للانسان الا ما سعى) النجم/ 39
(ينبأ الانسان يومئذ بما قدم واخر) القيامة/13
(ياايها الانسان انك كادح الى ربك كادحا فملاقيه) الانشقاق/6
(لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم) التين/4
(علم الانسان ما لم يعلم) العلق/5
(والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) العصر
** خطاب الجنس (الذكر والانثى)
(فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الواب) النساء/97
(ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) النساء/124
(من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحس ما كانوا يعلمون) النحل/97
(ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) الحجرات/13
** خطاب الصفة (الايمان، الكفر، العقل)
(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) المجادلة/11
(ياايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) البقرة/208
(ياايها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) البقرة/254
(ياايها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمة ما زكا منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) النور/21
(ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) الاحزاب/70
(ان الله يدافع عن الذين آمنوا ان الله لا يحب كل خوان كفور) الحج/38
(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا لهم عذاب مهين) /الحج57
(كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون) البقرة/242
هذه نماذج من كتاب الله في خطابه للبشر الرجال منهم والنساء .. وفي كل مستويات الخطاب القرآني هذه فالمرأة حاضرة بوصفها من بني آدم فالقرآن حريص على بنائها مثل الرجل تماما، يريد لها لباس التقوى مثلما للرجل كذلك، ويحذرها من فتنة الشيطان كالرجل تمام .. ويأمرها ان تأخذ زينتها عند كل مسجد، فالوقوف في حضرة الله جمال ليس على مستوى الروح فقط انما على مستوى المادة والهيأة كذلك، وهي مكرمة مثل الرجل ولهذا سخر لها الكون مثلما هو مسخر للرجل كذلك.
والمرأة حاضرة في (خطاب الناس)، الذين دعاهم الله لعبادته، الرجال والنساء على السواء، وان تبني صحتها مثل الرجل تماما لذلك امرها ان تأكل من طيبات الارض مثل الرجل تماما، وهي مطالبة بان تهتدي بهدي القرآن الذي انزل في شهر رمضان، ذلك الكتاب الذي بين الله آياته للرجل والمرأة بوصفها من الناس (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو الد الخصام) وما اكثر الرجال الذين يضمرون الخبث لغيرهم عبر الكلام الجميل، وكذلك من النساء.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد عبرت المرأة المسلمة الانموذج (ام سلمة رضي الله عنها) عن عقلية رائعة باستيعابها للخطاب القرآني فقد كانت في غرفتها عندما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على النبر ويقول ايها الناس فتقدمت ام سلمة نحو نافذة حتى تقترب وتستمع الى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لها من كانت بالعقلية الجاهلية (انما يخاطب الرجال) فقالت ام سلمة قولتها الرائعة (اني من الناس) هكذا ادركت المرأة الانموذج مسؤولياتها في المجتمع.
لم تكن هناك امة الا هي من رجال ونساء تعيش مسؤولياتها وتواجه مصيرها المشترك .. يخبرنا القرآن الكريم ان الحساب يكون للامم مجتمعة عامة قدمت واخرت والامة تقف برجالها ونسائها متحملين مسؤولية حياتهم واعمالهم ..
وفي (خطاب الانسان) الذي لا تفرق اللغة العربية فيه بين الذكر والانثى فكلاهما انسان الرجل انسان، والمرأة انسان وليس انسانة فكلاهما اذا مسه الضر يدعو الله قائما او قاعدا فكلاهما مسكونان بعبادة الله حتى لو كانت على حرف .. وكلاهما هدف لغواية الشيطان، لذلك عليهما الرجل والمرأة ان يتخذاه عدوا .. وكلاهما يتحملان مسؤولية الحسنى بالوالدين، وكلاهما تتحدد قيمتهما عند الله بسعيهما في الحياة وحسن الاداء .. فكلاهما كادح الى ربه فملاقيه انها الغاية الانسانية والوجودية للرجل والمرأة الكدح سعيا وجهدا للقاء الله ... وكلاهما خلق في احسن تقويم عقلا وروحا وبدنا وكلاهما علمهما الله ما لم يعلما.
يقسم الله بالعصر مؤكدا ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، انها منظومة من العلاقات الايمانية والعلمية والعملية والاخلاقية متشابكة متداخلة هي التي تؤدي الى الفلاح الفردي والحضاري .. وهي منظومة مسؤول عن انجازها الانسان الرجل والانسان المرأة وهم الذين يرفعهم الله درجات، وهم الذين يقولون قولا سديدا ... ولذلك فان الله يدافع عنهم الرجل منهم والمرأة على السواء.
مرة سمعت الصحابية الجليلة فاطمة بنت قيس المنادي يقول (الصلاة جامعة) بناء على امر النبي وكان اذا قال المؤذن مع الاذان (الصلاة جامعة) يعني ان الدعوة ليست للصلاة فقط، وانما هناك امر يدعو اليه رسول الله بعد الصلاة.
تقول فاطمة بنت قيس: (انما سمعت المنادي يقول الصلاة جامعة مضيت فيمن مضى من الناس الى المسجد) هكذا كانت المرأة تعيش مسؤوليتها الحضارية ... وعنما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مقيل عند صاحبية تدعى (ام حرام) (فريقا من اصحابه يغزون البحر كأنهم الملوك على الاسرة) تقول له (ام حرام): (ادع الله ان اكون معهم) لم يقل لها الرسول صلى الله عليه وسلم انك امرأة عليك الخروج مع الرجال بل استجاب لها وقال لها (انت من الاولين) أي مع غزاة البحر.
فاذا الامر كذلك في اصعب موقف هو الجهاد، فما حال القضية في مشاركتها الاجتماعية الاخرى.
لا فرق عند الله بين الرجل والمرأة انسانيا وحقوقيا وعلما واخلاقيا وايمانيا وجهادا الا ما يتعلق بخصوصية (جنس الانثى) وتكوينها الذي بدونه لا يكتمل العالم.
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Apr 2005, 05:30 م]ـ
كما يجب علينا أن نتبع النصوص الشرعية العامة التي لا تفرق بين الرجل والمرأة في أحوال معينة
فكذلك يجب علينا أن نتبع النصوص الشرعية الخاصة التي فرقت بين الرجل والمرأة في أحوال معينة
فالهدى في الاستمساك بالنصوص الشرعية العامة والخاصة
والضلال في ترك أحدهما أو كليهما(/)
من بدائع التحرير و التنوير: الحلقة الثالثة.
ـ[أبو زينب]ــــــــ[03 Apr 2005, 02:04 م]ـ
يقول الله سبحانه و تعالى في الآية 101 من سورة النحل:
{وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَ?للَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُو?اْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}
و قد اتفق المفسرون على أن التبديل هنا هو النسخ و استدلوا بالآية:" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " (البقرة -106).
و أنقل هنا أنموذجا لتلك الآراء من تفسير الخازن (لباب التأويل في معاني التنزيل). يقول رحمه الله:
وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكماً آخر والله أعلم بما ينزل اعتراض دخل في الكلام، والمعنى والله أعلم بما ينزل من الناسخ وبما هو أصلح لخلقه، وبما يغير ويبدل من أحكامه أي هو أعلم بجميع ذلك مما هو من مصالح عباده، وهذا نوع من توبيخ وتقريع للكفار على قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى {قالوا إنما أنت مفتر} أي تختلقه من عندك، والمعنى: إذا كان الله تعالى أعلم بما ينزل فما بالهم ينسبون محمداً إلى الافتراء والكذب لأجل التبديل والنسخ؟ وإنما فائدة ذلك ترجع إلى مصالح العباد، كما يقال: إن الطبيب يأمر المريض بشرب دواء ثم بعد ذلك ينهاه عنه ويأمر بغيره لما يرى فيه من المصلحة.
أما الشيخ ابن عاشور فقد فسر التبديل بـ:
" مطلقُ التغاير بين الأغراض والمقامات، أو التغاير في المعاني واختلافها باختلاف المقاصد والمقامات مع وضوح الجمع بين محاملها ".
ثم بين سبب نزول الآية عندما وصف تعمد المشركين " التّمويه فيما يأتي من آيات القرآن مخالفاً لآيات أخرى لاختلاف المقتضي والمقام. والمغايرة باللين والشدّة، أو بالتعميم والتخصيص، ونحو ذلك مما يتبع اختلافه اختلاف المقامات واختلاف الأغراض واختلاف الأحوال التي يتعلّق بها، فيتّخذون من ظاهر ذلك دون وضعه مواضعه وحمله محاملهُ مغامز يتشدّقون بها في نواديهم، يجعلون ذلك اضطراباً من القول ويزعمونه شاهداً باقتداء قائله في إحدى المقالتين أو كلتيهما. وبعض ذلك ناشىء عن قصور مداركهم عن إدراك مرامي القرآن وسموّ معانيه، وبعضه ناشىء عن تعمّد للتجاهل تعلّقاً بظواهر الكلام يلبّسون بذلك على ضعفاء الإدراك من أتباعهم، ولذلك قال تعالى: {بل أكثرهم لا يعلمون}، أي ومنهم من يعلمون ولكنهم يكابرون.
روي عن ابن عباس أنه قال: «كان إذا نزلت آية فيها شدّة ثم نزلت آية ألين منها يقول كفار قريش: والله ما محمد إلا يسخر بأصحابه، اليوم يأمر بأمرٍ وغداً ينهى عنه، وأنه لا يقول هذه الأشياء إلا من عند نفسه».
وهذه الكلمة أحسن ما قالهُ المفسّرون في حاصل معنى هذه الآية ".
و عمد إلى تقسيم التبديل إلى قسمين موضحا كل قسم بالأمثلة:
القسم الأول: نسخ الأحكام , مثل نسخ قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [سورة الإسراء: 110] بقوله تعالى:
{فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} [سورة الحجر: 94]. وهذا قليل في القرآن الذي يقرأ على المشركين لأن نسخ الأحكام إنما كثر بعد الهجرة حين تكوّنت الجامعة الإسلامية، وأما نسخُ التلاوة فلم يرد من الآثار ما يقتضي وقوعه في مكّة فمن فسّر به الآية كما نقل عن مجاهد فهو مشكل.
القسم الثاني: التعارض بالعموم والخصوص ونحو ذلك من التعارض الذي يحمل بعضه على بعض، فيفسّر بعضه بعضاً ويؤوّل بعضه بعضاً، كقوله تعالى: {والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض} في سورة الشورى (5) مع قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا} في سورة المؤمن (7)، فيأخذون بعموم {ويستغفرون لمن في الأرض} [سورة الشورى: 5] فيجعلونه مكذّباً لخصوص {ويستغفرون للذين آمنوا} [سورة غافر: 7] فيزعمونه إعراضاً عن أحد الأمرين إلى الأخير منهما.
وكذلك قوله تعالى: {واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً} [سورة المزمل: 10] يأخذون من ظاهره أنه أمر بمتاركتهم فإذا جاءت آيات بعد ذلك لدعوتهم وتهديدهم زعموا أنه انتقض كلامه وبدا له ما لم يكن يبدو له من قبل.
وكذلك قوله تعالى: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} [سورة الأحقاف: 9] مع آيات وصف عذاب المشركين وثواب المؤمنين.
وكذلك قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الإسراء: 15] مع قوله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} [سورة النحل: 25]
ومن هذا ما يبدو من تخالف بادىء الأمر كقوله بعد ذكر خلق الأرض {ثم استوى إلى السماء} في [سورة فصلت: 11] مع قوله تعالى: {والأرض بعد ذلك دحاها} من سورة النازعات (30)، فيحسبونه تناقضاً مع الغفلة عن محمل بعد ذلك من جعل (بعد) بمعنى (مع) وهو استعمال كثير، فهم يتوهّمون التناقض مع جهلهم أو تجاهلهم بالوَحَدات الثمانية المقرّرة في المنطق.
و لزيادة إيضاخ معنى التبديل في الآية يضيف - رحمه الله - قائلا: " فالتبديل .... هو التعويض ببدل، أي عوض. والتعويض لا يقتضي إبطال المعوّض ـ بفتح الواو ـ بل يقتضي أن يجعل شيء عوضاً عن شيء. وقد يبدو للسامع أن مثل لفظ المعوّض ـ بفتح الواو ـ جعل عِوضاً عن مثل لفظ العوض ـ بالكسر ـ في آيات مختلفة باختلاف الأغراض من تبشير وإنذار، أو ترغيب وترهيب، أو إجمال وبيان، فيجعله الطاعنون اضطراباً لأن مثله قد كان بُدل ولا يتأملون في اختلاف الأغراض ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Apr 2005, 01:40 ص]ـ
نفع الله بكم يا أبا زينب، وأنعم وأكرم بهذه البدائع والتحريرات. وابن عاشور عالم يصنف مع أئمة العلماء المتقدمين رحمه الله، فله نفس علمي جامع موسوعي يكاد يستوعب علوم الشرع والبلاغة بذهن صاف، وقلب واعٍ، وتشعر وأنت تقرأ له أنك أمام عقل يعرف ما يأخذ وما يدع، وهو في تفسيره يكاد يفوق كثيراً من المفسرين المتقدمين رحمهم الله. وأشكرك على هذه الوقفات والاختيارات من تفسيره. وقد لفت نظري مقالة للطاهر بن عاشور نشرت في شبكة التفسير على هذا الرابط:
http://www.tafsir.net/index.php?subaction=showfull&id=1101729731&archive=1110783259&start_from=&ucat=1&do=maqalat
ومكتوب في المصدر أسفل المقالة:
منقول من كتاب (الجمهرة) وهومجموعة مقالات الشيخ الطاهر بن عاشور للأخ الفاضل علي باوزير
فكيف نحصل على هذا الكتاب؟ هل عندكم يا أبا زينب من علم فتخرجوه لنا مشكورين؟ أتمنى ذلك.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[11 Apr 2005, 04:40 م]ـ
جزاك اله خيراً وبارك الله فيك
ـ[أبو زينب]ــــــــ[13 Apr 2005, 09:07 ص]ـ
و إياك أخي الفاضل يا ابن الجزيرة.
أما أخي فهد - حفظك الله - فليس لي علم بذلك الكتاب. ربما يقوم أخونا عبدالرحمن الشهري - أنعم الله - بمدك بالتفاصيل حول كتاب الجمهرة. فهو ناقل الموضوع بالمنتدى. على ما أظن.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته(/)
ما حكمة الترتيب في قوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه
ـ[محمد أبو معاذ]ــــــــ[03 Apr 2005, 02:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الفضلاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
ما حكمة الترتيب في قوله تعالى ((يوم يفر المرء من أخيه ووأمه وأبيه)) الآية.
فالترتيب له حكمة هل من متأمل ومتدبر يفيدنا
والله يرعاكم ويحفظكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم أبو معاذ
ـ[أبو زينب]ــــــــ[03 Apr 2005, 07:52 م]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله وبركاته
المراد أن الذين كان المرء في دار الدنيا يفر إليهم و يستجير بهم فإنه يفر منهم في دار الآخرة و فائدة الترتيب واضحة و هي الفرار من الأبعد وهو الأخ ثم من الأبوين ثم من الزوجة و الولد من قبيل الترقي إلى الأحب عادة و الأقرب. قال الزمخشري: بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه ثم الصاحبة و البنين لأنهم أقرب و أحب. كأنه قال: يفر من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته و بنيه و أيده الرازي في هذا.
أما النيسابوري فقد قال في غرائب القرآن و رغائب الفرقان::
قال جار الله: إنما بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه، والفرار إنما يقع من الأبعد ثم من الأقرب، وأخر الصاحبة والبنين لأن البنين أقرب وأحب فكأنه قيل: يفر من أخيه بل من أبيه بل من صاحبته وبنيه.
وأقول: هذا القول يستلزم أن تكون الصاحبة أقرب وأحب من الأبوين ولعله خلاف العقل والشرع، والأصوب أن يقال: أراد أن يذكر بعض من هو مطيف بالمرء في الدنيا من أقاربه في طرفي الصعود والنزول فبدأ بطرف الصعود لأن تقديم الأصل أولى من تقديم الفرع، وذكر أوّلاً في كل من الطرفين من هو معه في درجة واحدة وهو الأخ في الأول، والصاحبة في الثاني على أن وجود البنين موقوف على وجود الصاحبة فكانت بالتقديم أولى. اهـ
و أختم بالتحرير و التنوير إذ يعطي ابن عاشور للترتيب معنى آخر. يقول:
ورتبت أصناف القرابة في الآية حسب الصعود من الصنف إلى من هو أقوى منه تدرجاً في تهويل ذلك اليوم.
فابتدىء بالأخ لشدة اتصاله بأخيه من زمن الصبا فينشأ بذلك إلف بينهما يستمر طول الحياة، ثم ارتُقي من الأخ إلى الأبوين وهما أشد قرباً لابْنيهما، وقدمت الأم في الذكر لأن إلْفَ ابنها بها أقوى منه بأبيه وللرعي على الفاصلة، وانتقل إلى الزوجة والبنين وهما مُجتمع عائلة الإِنسان وأشد الناس قرباً به وملازمة. اهـ
و الله أعلم.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 Apr 2005, 08:26 م]ـ
الاخ ابو زينب ....
نحس اضطرابا فى تعليل المفسرين ... ابن عاشور مثلا يرى الترتيب"حسب الصعود من الصنف إلى من هو أقوى منه " ... لكن ترتيب الوالدين لا يسير على القاعدة ... قال".وقدمت الأم في الذكر لأن إلْفَ ابنها بها أقوى منه بأبيه"وهذا كما ترى مخالف .. لمبدأ الصعود ... اما التذرع برعاية الفاصلة .. فضعيف جذا .. فلا نحسب القرآن ... يتخلى عن البلاغة لمصلحة الايقاع .. ' (.ومسألة الفاصلة ورعاتيها عند بعض المفسرين .. كادت تصل الىشيء شبيه بمسألة الضرورة الشعرية ... )
اما قول النيسابوري: هذا القول يستلزم أن تكون الصاحبة أقرب وأحب من الأبوين ولعله خلاف العقل والشرع، ...
لا اظن الشرع يجرم او يكره .. حب الصاحبة .. ان كان اكثر من حب الوالدين .... لكن الشرع نص على البر .. وعدم العقوق ..... وشتان بين الامرين ..
اما خلاف العقل ... فهذا غير صحيح ... فالعادة ... هو شكوى الامهات من ... تفضيل الزوجات عليهن لا العكس ...
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[03 Apr 2005, 10:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم،
لمعرفة اللمسة البيانية في هذا الترتيب، نقارن بين ما جاء من ترتيب في سورة عبس وسورة المعارج:
قال تعالى في سورة عبس: ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ {34} وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ {35} وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {36})).
وقال تعالى في سورة المعارج: ((يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ {11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ {12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ {13} وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ {14})).
فلاحظ أن هذا الترتيب في الأهل يتناسب مع سياق الآيات في السورتين. وإليك بيان ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
بدأ في سورة (عبس) في ذكر بذكر الأخ فالأم فالأب فالصاحبة ثم الأبناء في الأخير. وفي سورة (المعارج) على عكس ذلك، فقد بدأ بالأبناء فالصاحبة فالأخ فالفصيلة ثم انتهى بأهل الأرض أجمعين.
وسبب ذلك والله أعلم أن المقام في (عبس) مقام الفرار والهرب، قال تعالى: ((يوم يفرّ المرء))، والإنسان يفرّ من الأباعد أولاً، ثم ينتهي بألصق الناس به وأقربهم إليه، فيكونون آخر من يفرّ منهم. والأخ أبعد المذكورين في الآية من المرء. وأن ألصقهم به زوجه وأبناؤه، فنحن ملتصقون في حياتنا بأزواجنا وأبنائنا أكثر من التصاقنا بإخواننا وآبائنا وأمهاتنا. فقد تمرّ شهور بل ربما أعوام ونحن لا نرى إخواننا في حين نأوي كل يوم إلى أزواجنا وأبنائنا.
والإنسان قد يترك أمه وأباه ليعيش مع زوجه وأبنائه وهو ألصق بأبنائه من زوجه، فقد يفارق زوجه ويسرحها ولكن لا يترك ابنه. فالأبناء آخر من يفرّ منهم المرء ويهرب.
وهكذا رتّب المذكورين في الفرار بحسب العلائق، فأقواهم به علاقة هو آخر من يفرّ منه، فبدأ بالأخ ثم الأم ثم الأب. وقدّم الأم على الأب، ذلك أن الأب أقدر على النصر والمعاونة من الأم، وهو أقدر منها على الإعانة في الرأي والمشورة، وأقدر منها على النفع والدفع. فالأم في الغالب ضعيفة تحتاج غلى الإعانة بخلاف الأب. والإنسان هنا في موقف خوف وفرار وهرب. فهو أكثر التصاقاً في مثل هذه الظروف بالأب لحاجته إليه، ولذا قدم الفرار من الأم على الفرار من الأب، وقدم الفرار من الأب على الفرار من الزوجة، لمكانة الزوجة من قلب الرجل وشدّة علاقته بها، فهي حافظة سرّه وشريكته في حياته، ثم ذكر الفرار من الأبناء في آخر المطاف، ذلك لأنه ألصق بهم وهم مرجوون لنصرته ودفع السوء عنه أكثر من كل المذكورين.
هذا هو السياق في (عبس) سياق الفرار من المعارف وأصحاب العلائق أجمعين للخلو إلى النفس، فإن لكل امريء شأناً يشغله وهمّاً يغنيه.
أما السياق في سورة (المعارج)، فهو مختلف عما في (عبس) ذلك أنه مشهد من مشاهد العذاب الذي لا يطاق، فقد جيء بالمجرم، ليقذف به في هذا الجحيم المستعر، وهذا المجرم يودّ النجاة بكل سبيل ولو أدى ذلك إلى أن يبدأ بابنه، فيضعه في دركات لظى. فرتب المذكورين ترتيباً آخر يقتضيه السياق، وهو البدء بالأقرب إلى القلب والأعلق بالنفس فيفتدي به فضلاً عن الآخرين.
وإن البدء بأقرب الناس وأحبهم إلى هذا المجرم وألصقهم بقلبه ليفتدي به، يدلّ على أن العذاب فوق التصوّر، وهوله أبعد من الخيال، بحيث جعله يبدأ باقرب الناس إليه، وأن يتخلّى عن كل مساومة، فيبدأ يفدي نفسه بالأقرب إلى قلبه ثم الأبعد لذا بدأ ببنيه أعز ما عنده ثم صاحبته وأخيه ثم فصيلته ثم من في الأرض جميعاً والملاحظ أنه في حالة الفداء هذه لم يذكر الأم والأب وهذا لأن الله تعالى أمر بإكرام الأب والأم ويمنع الإفتداء بالأم أو الأب من العذاب إكراماً لهما.
المصدر: لمسات بيانية في نصوص من التنزل، الدكتور فاضل السامرائي، ص193 - 196
ـ[محمد أبو معاذ]ــــــــ[04 Apr 2005, 08:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الأخوة الفضلاء بارك الله فيكم وجعلكم مباركين أينما كنتم فقد بذلتم جهداُ تشكرون عليه وهذا من باب المدارسة في العلم الذي يبقى في الذاكرة إن شاء الله تعالى فلكم مني الدعاء بالعلم النافع والعمل الصالح والفوز بالجنة والنجاة من النار اللهم آمين.
محبكم/ أبومعاذ [/ B]
ـ[عبد الله السلوم]ــــــــ[07 Nov 2010, 12:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
قال تعالى في سورة عبس: ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ {34} وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ {35} وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {36})).
لمعرفة اللمسة البيانية في هذا الترتيب
والله اعلم: ان الترتيب .. كما فهمت ذلك من تفسير الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ
كل انسان سوف يفر يوم القيامة من اخيه لان جميع الناس لهم اخوة في الدين او في العرق وان كان يجهل امه او ابيه.
ثم جاء الترتيب بعد الاخ للام لانه هناك من له اخ وام وليس له اب (مثل عيسى بن مريم عليه السلام)
ثم جاء الترييب للاب بعد الام .. للشاب الذي له اخ (وإن كان اخوة الدين او العرق) وام واب ولم يتزوج.
ثم جاء الترتيب للصاحبه .. لمن تزوج ولم يرزق بالذرية
ثم جاء الترتيب للابناء. لمن تزوج ورزق بالابناء.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[07 Nov 2010, 01:07 ص]ـ
كل ما تقدم مبني على أن الواو للترتيب والراجح أنها ليست له.
والأولى - والله تعالى أعلم - أن يكون الله تعالى ذكر هذه القرابات في الموضعين لبيان هول ذلك اليوم الذي يجعل المرء يفر عن أقرب الملاصقين له "الأخ، الأم، الأب، الصاحبة، والأولاد"، وأنه لهول العذاب يود المجرم لو يفتدي بهم.
ولكن يبقى سؤال مهم، وهو لماذا لم يذكر الوالدين في الذين يتمنى المجرم أن يفتدي بهم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[08 Nov 2010, 12:18 ص]ـ
انظر هذا الرابط للفائدة
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=20197
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Nov 2010, 02:06 م]ـ
لم أجد في الرابط جوابا مقنعا لعدم ذكر الوالدين في المعارج.
فمن عنده وقت للبحث في كلام أهل العلم عن ذلك فليفدنا به مشكورا مأجورا.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[08 Nov 2010, 08:50 م]ـ
لم أجد في الرابط جوابا مقنعا لعدم ذكر الوالدين في المعارج.
جاء في التحرير والتنوير نقلاً عن ابن العربي أن الأبوين دخلان ضمناً في قوله تعالى: (وفصيلته التي تؤويه) .. ونقل عن مالك أن فصيلته هي أمه.
قال ابن العربي: قال أشهب: سألت مالكاً عن قوله تعالى: (وفصيلته التي تؤويه)، فقال: هي أمه اهـ.
أي ويفهم منها الأب بطريق لحن الخطاب.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[09 Nov 2010, 01:02 ص]ـ
جاء في التحرير والتنوير نقلاً عن ابن العربي أن الأبوين دخلان ضمناً في قوله تعالى: (وفصيلته التي تؤويه) .. ونقل عن مالك أن فصيلته هي أمه.
قال ابن العربي: قال أشهب: سألت مالكاً عن قوله تعالى: (وفصيلته التي تؤويه)، فقال: هي أمه اهـ.
أي ويفهم منها الأب بطريق لحن الخطاب.
دخول الأبوين ضمنا ليس هو ما نريد؛ فمعلوم أنهما داخلان في فصيلته وداخلان في قوله تعالى: "ومن في الأرض جميعا"
لكن السؤال محدد وهو لماذا لم يفردا بالذكر هنا كما أفردا بالذكر في عبس؟
أما قوله تعالى: "وفصيلته التي تؤويه" فللعلماء فيها أقوال تصل إلى خمسة أو أكثر أصحها أن الفصيلة هي المعروفة وهي أقل من الفخذ كبني العباس بالنسبة لبني هاشم؛ فالعباس فصيلة وهاشم فخذ.(/)
من أسرار البيان في أمثال القرآن
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[03 Apr 2005, 04:02 م]ـ
? مثل عيسى عند الله في الخلق ?
قال الله تبارك وتعالى: ? إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ? (آل عمران:59)
ذكر الله تبارك وتعالى هذه الآية الكريمة في ضمن الآيات، التي أنزلها في شأن النصارى، لمَّا قدِم على النبي صلى الله عليه وسلم وفدٌ من نصارى نجران، وناظروه، في المسيح- عليه السلام- وأنزل الله تعالى فيه ما أنزل، فبين فيه قول الحق، الذي اختلفت فيه اليهود، والنصارى؛ وذلك قوله تعالى:
{ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} (مريم:34).
أما اليهود فقد ارتضوا الجريمة مركبًا، فقتلوا أنفسهم، وقتلوا الحق معهم، وقالوا في المسيح: إنه ولِدَ- كما يولَد الناس- من ذكر وأنثى، وإن ميلاده كان على فراش الإثم والفاحشة، مع قولهم: إنه ساحرٌ وكذاب.
وأما النصارى فقد قصُرَت مداركهم عن إدراك قدرة الله تعالى، فلم تحتمل عقولهم تلك الحقيقة؛ وهي أن الله قدير على كل شيء، يخلق ممَّا يشاء، وكيف يشاء ما يشاء، ومن يشاء! فقالوا في المسيح: إنه ابن الله؛ كما قالت اليهود: عزيْر بن الله، فردَّ الله تعالى عليهم قولهم، ووبخهم على افترائهم وكذبهم، فقال سبحانه: {ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التوبة:30).
وقالوا أيضًا: إن الله هو المسيح، تجسَّد بشرًا، في جسد عذراء، وإنه ثالث ثلاثة، وإلى ذلك الإشارة بقوله سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (المائدة:72 - 73).
وقد نهى الله سبحانه النصارى عن الغلوِّ في دينهم، وأن يقولوا على الله تعالى غير الحق، وبين في أكثر من آية أن المسيح بن مريم رسول؛ كغيره من الرسل، خلقه بكلمة منه، وبنفحة من روحه؛ كما خلق هذا الوجود كله بنور من نوره، وفيض من فيضه.
وأقرب مثل لذلك، عند الله تعالى، خلق آدم- عليه السلام- فمثله في خلقه، كمثل آدم، في خلقه .. فخلق عيسى مثلٌ، وخلق آدم مثلٌ آخر، وبين المثلين تشابه، في هذا الخلق، لا تماثل. ولو كان ما بينهما تماثلاً، لوجب أن يقال: إن مثل عيسى عند الله مثلُ آدم .. ولكن دخول الكاف على لفظ المثل أفاد أن ما بين الخَلقين تشابه، وهو ما يسمَّى بوجه الشَّبَه.
أما آدم- عليه السلام- فقد خلقه الله تعالى من طين. أي: من تراب وماء، ثم جعل الطين صلصالا، ثم {قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}؛ وهو حين نفخ الروح فيه، صار بشرًا تامًّا، لم يحتج بعد ذلك إلى ما احتاج إليه أولاده بعد نفخ الروح. فإن الجنين، بعد نفخ الروح، يكمل خلق جسده في بطن أمه، فيبقى في بطنها نحو خمسة أشهر، ثم يخرج طفلاً يرتضع، ثم يكبر شيئًا بعد شيء. وآدم- عليه السلام- حين خلق الله تعالى جسده، قال له: {كُنْ}، فكان بشرًا تامًّا، بنفخ الروح فيه.
وقد بين الله تعالى ذلك بقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} (المؤمنون:12 - 13). فالمخلوق من سلالة من طين آدم- عليه السلام- والمجعول نطفة في قرار مكين ذريته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (ص:71 - 72)، فبين سبحانه أنه خلق آدم- عليه السلام- من طين، وأتم خلقه، ونفخ فيه من روحه، ثم أمر الملائكة بالسجود له. ولم يأمرهم قبل ذلك، أو في الأزل؛ كما يذهب إليه بعضهم .. ومثل هذا الخبر في القرآن كثير، يخبر أنه تكلم في وقت معين، ونادى في وقت معين.
وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:82)، فبين جلَّ جلاله، أنه قال لآدم- عليه السلام- بعد أن خلقه من طين، وأتمَّ خلقه: كُنْ، فَكَانَ بشرًا بنفخ الروح فيه .. هكذا كان خلق آدم عليه السلام.
وأما المسيح- عليه السلام- فخلق جسده كان خلقًا إبداعيًا، بنفس نفخ روح القدُس في أمه. قيل له: كُنْ، فَكَانَ .. فكان له من الاختصاص، بكونه خلق بكلمة الله، ما لم يكن لغيره من البشر.
وقد بيَّن الله تعالى ذلك في قوله: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (التحريم:12)، وقوله سبحانه وتعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (آل عمران:47).
فأخبر سبحانه وتعالى أنه نفخ في مريم من روحه؛ كما أخبر أنه نفخ في آدم من روحه، ثم أخبر أن عيسى مخلوق بكلمة: (كن)؛ كما أخبر أن آدم مخلوق بكلمة: (كن).
ولكن آدم- عليه السلام- لم يُسَمَّ: (روح الله) و (كلمة الله)؛ كما سمِّيَ بهما عيسى- عليه السلام- لأن جسده خلق من التراب، وبقي هكذا مدة طويلة، يقال: أربعين سنة. فلم يكن خلْقُ جسده إبداعيًّا، في وقت واحد؛ كما كان خلق عيسى؛ بل كان خلقه شيئًا، فشيئًا. ولهذا شُبِّه به خلق عيسى .. وإن كان قد شبه به لكونه خلق من تراب، فلأن خلقهما يرجع، في الحقيقة، إلى التراب. وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:” كلكم لآدم وآدم من تراب “.
وهذا ما أكدَّه القرطبي بقوله:” التشبيه واقع على أن عيسى خلق من غير أب؛ كآدم، لا على أنه خلق من تراب .. والشيء قد يشبه بالشيء، وإن كان بينهما فرق كبير، بعد أن يجتمعا في وصف واحد. فإن آدم قد خلق من تراب، ولم يخلق عيسى من تراب، فكان بينهما فرق من هذه الجهة؛ ولكنْ شَبَهُ ما بينهما: أنهما خلقا من غير أب؛ ولأن أصل خلقهما كان من تراب؛ لأن آدم، لم يخلق من نفس التراب؛ ولكنه جعل التراب طينًا، ثم جعله صلصالا، ثم خلقه منه .. فكذلك عيسى حوله من حال إلى حال، ثم جعله بشرًا من غير أب“.
فإن جاز ادعاء البُنُوة والإلهيَّة في عيسى لكونه مخلوقًا من غير أب، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى .. ومعلوم بالاتفاق أن ذلك باطل. وإذا كان ذلك باطلاً، فدَعْواه في عيسى أشدُّ بطلانًا، وأظهر فسادًا؛ ولكنَّ الرب جل جلاله أراد أن يظهر قدرته لخلقه، وأن يبين عموم هذه القدرة في خلق النوع البشري على هذه الأقسام الممكنة، فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق زوجته حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق المسيح من أنثى بلا ذكر، وخلق سائر الخلق من ذكر وأنثى. فكان خلق آدم، وحواء أعجب من خلق المسيح، وكان خلق حواء أعجب من خلق المسيح في بطن أمه مريم، وخلق آدم أعجب من هذا، وهذا، وهو أصل خلقهما، وخلق الناس أجمعهم.
وقال الزركشي في البرهان:” وأما قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} فهو من تشبيه الغريب بالأغرب؛ لأن خلق آدم من خلق عيسى؛ ليكون أقطع للخصم، وأوقع في النفس، وفيه دليل على جواز القياس، وهو رد فرع إلى أصل لشبهٍ ما؛ لأن عيسى رُدَّ إلى آدم لشبه بينهما “.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسمَّى ابن قيِّم الجوزيَّة- في كتابه: إعلام الموقعين- هذا النوع من القياس: قياسَ العلة، وكان قد ذكر أن الأقيسة المستعملة في الاستدلال ثلاثة: قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه، ثم قال:” فأما قياس العلة فقد جاء في كتاب الله عز وجل في مواضع؛ منها قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، فأخبر أن عيسى نظير آدم في التكوين بجامع ما يشتركان فيه من المعنى، الذي تعلق به وجود سائر المخلوقات؛ وهو مجيئها طوعًا لمشيئته وتكوينه. فكيف يَسْتنكر وجودَ عيسى من غير أب مَنْ يُقِرُّ بوجود آدم من غير أب، ولا أم، ووجود حواء من غير أم؟! فآدم وعيسى مثيلان، يجمعهما المعنى، الذي يصح تعليق الإيجاد والخلق به.
وفي قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} إشارة إلى البشرية المأخوذة من مريم الطاهرة؛ لأنه تعالى لم يذكر- هنا- اسم المسيح، إنما ذكر عيسى فقط .. وقوله تعالى: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} تفصيلٌ لما أجمِل في المثل، وتفسيرٌ لما أبهم فيه، ببيان وجه الشبه.
ولقائل أن يقول: لمَ قال سبحانه: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، ولم يقل: خلقه من طين؛ كما أخبر سبحانه في غير موضع؟
والجواب عن ذلك- كما قال الزركشي في البرهان-: إنما عدل عن الطين، الذي هو مجموع الماء والتراب، إلى ذكر مجرَّد التراب، لمعنى لطيف؛ وذلك أنه أدنى العنصرين، وأكثفهما. فلما كان المقصود مقابلة من ادَّعى في المسيح الإلهية، أتى بما يصَغِّر من أمر خلقه عند من ادَّعى ذلك .. فلهذا كان الإتيان بلفظ التراب أمسَّ في المعنى من غيره من العناصر.
ولما أراد سبحانه الامتنان على بني إسرائيل، أخبرهم أن يخلق لهم من الطين؛ كهيئة الطير، تعظيمًا لأمر ما يخلقه بإذنه؛ إذ كان المطلوب الاعتداد عليهم بخلقه؛ ليعظموا قدر النعمة به.
ومن الأول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ .. الآية} (الحج:5) .. ومن الثاني قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة:7 - 8).
وفي ذلك من مشاكلة اللفظ للمعنى ما لا يخفى. ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء} (الرعد:45). فإنه سبحانه، إنما اقتصر على ذكر (الماء) دون بقية العناصر؛ لأنه أتى بصيغة الاستغراق، وليس في العناصر الأربع ما يعمُّ جميع المخلوقات إلا الماء؛ ليدخل الحيوان البحري فيها .. فتأمل.
وفي قوله تعالى: {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ما يُسأل عنه؛ وهو: كيف يقول الله تعالى للشيء: {كُنْ}، ثم لا يكون واقعًا في الحال؛ كما يدل على ذلك قوله تعالى: {فَيَكُونُ}، الذي يدل على المستقبل المتراخي، ولو كان ما أمر الله به واقعًا في الحال، لكانت صياغة الآية هكذا: (ثم قال له كن فكان)، فكيف يكون هذا؟ وهل أمام قدرة القادر العظيم حواجز وحوائل، تحول بين القدرة، وبين إمضاء ما قدرت على الفور وفي الحال؟
وقد اضطربت أقوال المفسرين في الإجابة عن ذلك، وكادوا يجمعون على القول بأن المراد بقوله تعالى {فيكون}: حكاية حال ماضية. أي: ثم قال له كن فكان.
وقال البغوي في تفسيره:” فإن قيل: ما معنى قوله: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، ولا تكوين بعد الخلق؟ قيل: معناه: خلقه، ثم أخبركم أني قلت له: كن، فكان، من غير ترتيب في الخلق؛ كما يكون في الولادة؛ وهو مثل قول الرجل: أعطيتك اليوم درهمًا، ثم أعطيتك أمس درهمًا. أي: ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهمًا “ .. فتأمل!!
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب السديد عن ذلك- كما قال عبد الكريم الخطيب في تفسير القرآن للقرآن- هو:” أن قول الله تعالى للشيء: {كُنْ}، لا يقتضي وقوع هذا الشيء في الحال؛ إذ قد يكون الأمر موقوتًا بوقت، أو متعلقًا بأسباب لا بدَّ أن يقترن حدوثه بها. وهذه الأسباب لا متعلَّق لها بقدرة الله؛ وإنما مُتعلَّقُها بالشيء ذاته، الذي دعته القدرة إلى الظهور، والذي قضت حكمة الله ألا يظهر؛ إلا بعد أن يستكمل أسبابه المقترنة به. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:82) “.
وذلك الشيء- كما قال الشيخ ابن تيميَّة- هو معلوم، قبل إبداعه وقبل توجيه هذا الخطاب إليه؛ وبذلك كان مقدَّرًا مقضِيًّا. فإن سبحانه وتعالى يقول ويكتب مما يعلمه ما شاء؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، الذي رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر: ” إن الله قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة“.
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:” كان الله، ولم يكن شيء معه، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض “.
وفي سنن أبي داود، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:” أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة“.
إلى أمثال ذلك من النصوص، التي تبين أن المخلوق قبل أن يخلق، كان معلومًا، مخبَرًا عنه، مكتوبًا فيه شيء، باعتبار وجوده العلمي الكلامي الكتابي؛ وإن كانت حقيقته، التي هي وجوده العيني، ليس ثابتًا في الخارج؛ بل هو عدم مَحضٌ، ونَفْيٌ صِرفٌ.
وهذه المراتب الأربعة المشهورة موجودات، وقد ذكرها الله سبحانه في أول سورة أنزلها على نبيه في قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:1 - 5).
وإذا كان كذلك، كان الخطاب موجهًا إلى من توجهت إليه الإرادة، وتعلقت به القدرة، وخُلِق، وكُوِّن؛ كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (النحل:40).
فالذي يُقال له: {كُنْ} هو الذي يُراد. وهو حين يُراد، قبل أن يُخلَق، له ثبوت وتميُّزٌ في العلم والتقدير. ولولا ذلك لما تميَّز المُرَاد المخلوق، من غيره.
فثبت بذلك أن الله تعالى إذا أراد أن يْكوِّن شيئًا معلومًا لديه، توجَّه سبحانه إلى ذلك الشيء بالخطاب، بقوله: {كُنْ}، {فَيَكُونُ}. أي: يوجد ذلك المكوَّن عقِب التكوين والتخليق، لا مع ذلك في الزمان، ولا متراخيًا عنه؛ ولهذا أتى سبحانه بصيغة الاستقبال مسبوقة بالفاء. وكون الفاء للتعقيب يوجب أن يكون الثاني عقب الأول، لا معه، ولا متراخيًا عنه.
وقد تكون الفاء لترتيب الكلام في اللفظ، فلا تفيد معنى التعقيب؛ نحو قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} (الأعراف:4). دخلت الفاء- هنا- لترتيب اللفظ؛ لأن الهلاك يجب تقديمه في الذكر؛ لأن لاهتمام به أولى، وإن كان مجيء البأس قبله في الوجود. وهذا معنى قول النحاة:” إنها تأتي للترتيب في الخبر، لا المخبر“. والله تعالى أعلم بأسرار خلقه، وبيانه!
محمد إسماعيل عتوك
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Apr 2005, 01:31 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله. منذ مدة وأنا أقرأ موضوعاتكم القيمة في ملتقى التفسير، وأتساءل عن سبب انقطاع هذا النفس العلمي الماتع، فالحمد لله على عودتكم وتنشيطكم للملتقى العلمي الذي يضم نخبة من طلاب العلم بارك الله فيهم.
يظهر لي يا أستاذ محمد عتوك تضلعكم من علمي البلاغة والنحو، والذي كان لعبدالقاهر الجرجاني دور في المزج بينهما في ما سماه معاني النحو، ثم سماه الزمخشري بعد ذلك علم المعاني، وبنى عليه تفسيره الكشاف. ولدي سؤال يا أستاذ محمد:
- ما رأيك في قيمة تفسير الكشاف البيانية؟ هل هو كما يصوره الدارسون يمثل مرحلة متميزة في دراسة البلاغة وتطبيقها على القرآن الكريم؟ وهل كان لاتجاهه الاعتزالي أثر كبير في آراءه البلاغية في التفسير؟
أتمنى أسمع ردك مع علمي بحاجته إلى كتابة طويلة من مثلكم جزاكم الله خيراً. ولكن ثق بأننا نثمن ما تكتبه ونترقبه ودمتم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2005, 03:49 ص]ـ
تحية وتقدير للأستاذ الكريم أبي الهيثم وفقه الله على هذا الموضوع الممتاز كعادته، لا عدمنا فوائدكم.(/)
المفسر ابن عاشور .. الوجه الآخر: شهادة تلميذ ...
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 Apr 2005, 04:11 م]ـ
رأيت شدة احتفاء الاخوة -اساتذة وطلبة علم-بالمفسر المشهور الطاهر بن عاشور ... وكثرة الرجوع الى تفسيره التحرير والتنوير .... وهو تفسير -والحق يقال-لا يستغنى عنه ... ان كنا نبحث فى القرآن الكريم عن النكت البلاغية والوجوه البيانية .. لكن ابن عاشور غفر الله له .... روج لمذهب المتكلمين ... وحمل آيات الصفات ... على مقتضيات المذهب الاشعري .... فهو أشعري جلد ... يقترب احيانا من الاعتزال ... وأخشى ان يخفي اشراق المظهر الاول سواد المظهر الثاني ... لذلك انبه قراء التحرير والتنوير الى هذه الآفة ... من باب النصيحة لكتاب الله ...
وأنا استغل هنا هذه المناسبة .... لايراد مقال نفيس للعلامة السلفي المجاهد عبد الحميد بن باديس .. يكشف فيه عن الوجه الآخر للعلامة ابن عاشور .. ولفتة الى منهجه فى التفسير ... وعبرة للدعاة ... من حيث تأثير المنصب والوظيفة على المنهج .....
ملاحظة: مآخذ ابن باديس على شيخه ابن عاشور .. تتعلق بمسألة القراءة فى الجنائز ..
قال ابن باديس (نقلا من كتاب ابن باديس حياته وآثاره-جمع ودراسة د. عمار الطالبي. الجزء الثالث. دار الغرب الاسلامي. بيروت. ص ص 73 - 74 - 75
( ... شيخ الاسلام يقاوم السنة-ويؤيد البدعة-ويغري (السلطة) بالمسلمين هذا -والله -عظيم .. وان كان القارىء يود ان يعرف من هو هذا الذي تحلى بهذا اللقب وأتى بهذه الشنع التي لا يأتي بها من ينتمي انتماءا صادقا للاسلام من عامة المسلمين فكيف بشيخ الاسلام. ويزيد كاتب هذه السطورعجبا آخرفوق عجب كل أحد ان شيخه وأستاذه وصديقه الشيخ الطاهر بن عاشور هو الذي يأتي بهذا الباطل ويرتكب هذا الذنب ....
انني امرؤ جبلت على حب شيوخي واساتذتي وعلى احترامهم الى حد بعيد وخصوصا بعضهم واستاذي هذا من ذلك الخصوص ... ولكن ماذا اصنع اذا ابتليت بهم فى ميدان الدفاعىعن الحق ونصرته؟ لا يسعنى وانا مسلم أدين بقول الله تعالى:
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (24) سورة التوبة
الا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق واهله ....
دعوني -يا قرائي الافاضل-احدثكم عن شىء من حقيقة هذا الرجل كما عرفته وعن علا قتي به وأثره في حياتي فإن هذا وفاء لحق تلك الصحبة والاستاذية يهون على ما أجابهه به بعد.
عرفت هذا الاستاذ فى جامع الزيتونة وهو ثاني الرجلين اللذين يشار اليهما بالرسوخ فى العلم والتحقيق فى النظر والسمو والاتساع فى التفكير اولهما العلامة الاستاذ شيخنا (محمد النخلي) القيرواني -رحمه الله -وثانيهما العلامة الاستاذ شيخنا (الطاهر بن عاشور) وكانا كما يشار اليهما بالصفات التي ذكرنا يشار اليهما بالضلال والبدعة وما هو اكثر من ذلك لانهما كانا يحبذان آراء الاستاذ (محمد عبده) فى الاصلاح ويناضلان عنها ويبثانها فيمن يقرأ عليهما وكان هذا مما استطاع به الوسط الزيتوني ان يصرفني عنهما وما تخلصت من تلك البيئة الجامدة واتصلت بهما حتى حصلت على شهادة العالمية ووجدت لنفسي حرية الاختيار. فاتصلت بهما عامين كاملين كان لهما فى حياتي العلمية اعظم الاثر على ان الاستاذ ابن عاشور اتصلت به قبل نيل الشهادة بسنة فكان ذلك تمهيدا لاتصالى الوثيق بالاستاذ النخلي.
وان انس فلا انسى دروسا قرأتها من ديوان الحماسة على الاستاذ ابن عاشور وكانت من اول ما قرأت عليه فقد حببتني فى الادب والتفقه فى كلام العرب وبثت فى روحا جديدا فى فهم المنظوم والمنثور وأحيت منتى الشعور بعز العروبة والاعتزاز بها كما اعتز بالاسلام ..
مات الاستاذ النخلي على ما عاش عليه ..... وبقى الاستاذ ابن عاشور حتى دخل سلك القضاء فخبت تلك الشعلة وتبدلت تلك الروح فحدثني من حضر دروسه فى التفسيرأنه-وهو من أعرف انكاره على الطرق اللفظية وأساليبها- قد أصبح لا يخرج عن المألوف فى الجامع من المناقشات اللفظية على طريقة عبد الحكيم فى مماحكاته وطرائق أمثاله وبقي حتى تقلد خطة شيخ الاسلام ووقف هو وزميله الحنفي في مسألة التجنيس المعروفة من بضع سنين ذلك الموقف حتى اصبح اسمه لا يذكر عند الامة التونسية الا بما يذكر به مثله ... وهاهو اليوم يتقدم بمقال نشره بجريدة (الزهرة) فى عدد يوم الاثنين الرابع عشر من هذا الشهر المحرم يقاوم فيه السنة-ويؤيد فيه البدعة-ويغري (السلطة) بالمسلمين ....
فهل ابن عاشور هذا الملقب بشيخ الاسلام هو ابن عاشور استاذى الذى اعرف؟
لا ... ذلك شخص آخر مضى .. قضى عليه القضاء وأقبرته المشيخة ... وقد اديت له حقه بما ذكرته به. وهذا مخلوق آخر ليس موقفه اليوم أول مواقفه ولا احسبه يكون آخرها .. وإننى لا اود ان يكون آخرها .. فإن المسلمين اليوم بأشد الحاجة الى معرفة ما ينطوي عليه مثله ممن ينتحلون القابا مخترعة فى الاسلام ولا يفضحهم مثل مقال هذا الرجل ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2005, 04:56 م]ـ
أخي أبا عبدالمعز حفظه الله ورعاه، وجزاه الله خيراً على غيرته على الحق.
العلامة ابن عاشور رحمه الله ليس معصوماً كما تعلم، والمناصب التي تقلدها كثيرة، وقد بلغ غايتها في تونس، ولا شك أن للمنصب من الأثقال ما يصرف العالم عن علمه مهما كان حريصاً، فإن للعلم روحاً وجواً خاصاً لا يظفر به من اشتغل بالدنيا ولو قلت، ولا شك أن كتب ابن عاشور المتقدمة ككتابه (أليس الصبح بقريب) و (مقاصد الشريعة) و (أصول النظام الاجتماعي) و (شرحه لديوان بشار) و (تعليقاته على ديوان الحماسة) ونحوها تعد من نفائس كتبه، ونفسه فيها نفس عالم محقق مدقق، وتفسيره (التحرير والتنوير) لضخامته اجتمع فيه الجانبان، فينشط في بعض المواضع فيأتي بالدرر والنفائس، ويختصر في بعض المواضع فلا يختلف قوله فيها عن قول من سبقه من المفسرين، وقد مكث في تصنيف تفسيره سنوات طويلة. وما ذكره تلميذه في مقالته الآنفة لا يقدح في علم ابن عاشور إن شاء الله، والمسألة التي ذكرها (وهي فتوى التجنس) مسألة اتهم بها ابن عاشور رحمه الله وهي غير صحيحة إطلاقاً بل الصواب أنه أفتى ومعه ثلة من علماء المالكية خاصة بأنه يجب على من تجنس بالجنسية الفرنسية أن يعلن دخوله في الإسلام، وأن يتخلى عن الامتيازات التي أعطيت له مقابل حصوله على تلك الجنسية. ولكن لهذه القضية ملابسات خفيت على الناس حينها، وشوهت بسبب ذلك سمعة ابن عاشور رحمه الله، وياليتكم يا ابا عبدالمعز وفقكم الله تتكرمون علينا بإيراد تفاصيل فتوى (ردة المتجنس) ليتضح أمر هذه الفتوى للأعضاء الكرام.
والشيخ عبدالحميد بن باديس العالم الجزائري المعروف (1309 - 1360هـ) رحمه الله قد تتلمذ على ابن عاشور، وأثنى عليه، وحاوره وخالفه في بعض آرائه كشأن أهل العلم في كل زمان، وكان بينه وبين ابن عاشور لقاءات علمية كثيرة جمع أكثر ما كتبه ابن باديس حولها في الكتاب الذي أشرتم إليه في مقالكم.
وأما ما ذكره الشيخ ابن باديس رحمه الله عن حال دروس ابن عاشور في مجالسه في التفسير في الجامع فهو نقل لحال بعض الدروس التي يقل فيها نشاط الشيخ ابن عاشور وهذا أمر طبعي لا حرج فيه ولا مذمة إن شاء الله، ولا شك أنه كان يستعمل أساليب المتكلمين وأهل المنطق في بعض المواضع، ودونك تفسيره وسائر مؤلفاته الآن فهي الحكم والفيصل، وهي زبدة علم ابن عاشور قد بقي خالصاً لطلاب العلم،وأما بعض المواقف الخاصة التي تعرض لها في حياته العملية والعلمية فندعها، فقد قدم رحمه الله إلى ربه، ونسأل الله أن يغفر له وأن يجزيه خير الجزاء على انتصابه للتعليم والإصلاح ما يزيد عن ستين سنة أو تزيد. ومن الذي سلم من الخطأ أو التقصير؟ لا ابن عاشور ولا غيره ممن سبقه من أئمة العلم، وقادة الفكر، وقد كان لتلك المواقف ظروفها وملابساتها الخاصة التي تخفى على الناس والله وحده هو المطلع على ما تكن السرائر. فإذا لم يكن لمثل تلك المواقف آثار سلبية على العلم المدون في كتبه، فلا عبرة بها، بل تركها أولى إن شاء الله.
ولعل أخي الكريم أبا زينب وهو بلدي ابن عاشور ومن المحبين لكتبه أن يزيد هذا الأمر إيضاحاً لنستفيد ونتعلم شيئاً من سيرة ابن عاشور وطرفاً من أخباره رحمه الله، ولكم جزيل الشكر يا أبا عبدالمعز على هذه الفائدة رعاكم الله.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 Apr 2005, 05:54 م]ـ
أخي عبد الرحمن ...
لا أريد والله ... الانتقاص من العلماء بل انني أكره من شأنه أن يتتبع زلات العلماء بدعوى النصيحة او الجرح والتعديل ... لكنني فى المقابل اكره الافتتان بهم .... وما اوردت كلام ابن باديس الا لتكملة صورة العلامة ابن عاشور ... فيعامل كما ينبغي ان يعامل كل انسان .... له ما له وعليه ما عليه ....
وتفسير التحرير والتنوير ... عندي .... وضعته قريبا من متناول يدي ... لاني كثير الرجوع اليه .. ان لم يكن أول ما أرجع اليه ... لكن الحق احب الينا ..
أما بخصوص مسألة التجنيس ..... فيفهم من كلام ابن باديس الذى انقله الآن .... ان ابن عاشور لم يصدر فتوى ... لكنه سكت ... ويرى فى سكوته نوعا من الاقرار للباطل قال:
لقد ارتفعت الشكوى فى الصحف التونسية هذه المدة الاخيرة من بلدان عديدة من القطر التونسي الشقيق بالبدع والمناكر التي يأتيها الطرقيون [يقصد الصوفية] به. والفضائح التى ارتكبها بعضهم وسيق من اجلها الى العدلية كما يساق المجرمون .... ووجهت سؤالات صريحة الى العلماء فى حكم الاسلام فى ذلك كله ... وعلماء الزيتونة وشيوخ الفتوى فيه وشيخا الاسلام منهم-واجمون ساكتون كأن الامر لا يعنيهم وكأن آيات الله لم تطرق آذانهم .. فأين انتم ايها الشيوخ .. واين ايمانكم؟
لقد سئلتم عن رفض الشريعة بسبب التجنس ذلك الرفض المخرج من دين الاسلام فسكتم وقال الناس انكم خفتم على مناصبكم ..... وها انتم اولاء تسأ لون اليوم عن البدع ......... فهل انتم اليوم ساكتون ... وبالتخويف على مناصبكم معتذرون؟
انتهى كلام ابن باديس ....
لا تعارض اخي عبد الرحمن .. بين قولك وموقف ابن باديس .... فاللوم ليس على اصدار فتوى ولكن على السكوت .....
فإن كان السكوت خوفا على المنصب ...... ذريعة غير مقبولة ......
فإن السكوت بدون عذر إقرار ... وقبول ....
على العموم .. لا يخرج العلامة ابن عاشور رحمه الله ... عن منطق الضعف الانساني .... فغفر الله له ولتلميذه ابن باديس ... وجعلهما فى الجنة اخوانا على سرر متقابلين ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Apr 2005, 08:46 ص]ـ
قد رجعت انا الى مجلة البصائر التي كانت تصدر في ذلك الوقت في الجزائر واخرجت منها ما يتعلق بالموضوع وتحدثت عن هذه الفتوى في كتابي تفسير ابن عاشور دراسة منهجية ونقدية ولعلي ان شاء الله اذكر في فسحة قادمة خلاصة ما ذكرته هناك
واشكر الدكتور الشهري على غيرته العلمية وارجو ان لا يستمر هذا الملتقى في ذم المتكلمين فليس كل ما عندهم مذموما والحكم الذي ذكره ابوعبد المعز تحت مسمى (سواد الثاني) حكم جائر فهل كل ما جاء به المتكلمون في المسالة المسماة بالصفات خطا انا احسب ان القضية تحتاج الى دراسة علمية غير متعصبة نترك فيها الاشخاص ونتحاور حول ما قالوه
والله تعالى الهادي
ـ[أبو زينب]ــــــــ[05 Apr 2005, 09:08 ص]ـ
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إليكم ما وقع فعلا في تلك الفترة حول ما يسمى بـ " مسألة التجنيس".
كانت فرنسا ترغب في ضم تونس لها. فشجعت تجنيس التونسيين و أغرتهم بالامتيازات التي سيتمتعون بها إذا فعلوا ذلك.و تصدى التونسيون لهذه الخدعة و لكن أصحاب النفوس الضعيفة اغتروا بالفتات فتجنسوا.و بدأت تطهر أزمة في الأفق إذ أصبح الناس ينفرون من المتجنسين: لا كلام و لا معاملات و لا صلاة بجوارهم و لا دفن في مقابر المسلمين. فعمدت فرنسا إلى الحيلة , إذ أوعزت إلى أحد المترجمين لديها – يدعى بلخوجة – إلى طرح السؤال التالي على المجلس الشرعي: هل تقبل توبة المرتد؟
لم يكن السؤال متعلقا بالتجنيس أبدا. و كان المجلس الشرعي يتألف من 10 أعضاء مناصفة بين المالكية (و على رأسهم الشيخ ابن عاشور) و الحنفية (و على رأسهم الشيخ ابن يوسف). و أصدر المجلس فتواه بالإجماع بجواز قبول توبة المرتد (انظر رسالة ابن أبي زيد القيرواني).
في هذا الظرف استغل بورقيبة تلك الفتوى و كان معروفا أنه داهية و كذاب و كذوب. إذ عمد إلى صحيفة حزبه و نشر ما يشير إلى أن ابن عاشور أفتى بجواز توبة المتجنس. و هذا ما لم يحدث و من عنده نص هذه الفتوى المزعومة فليخرجه لنا.
و رغم ذلك شاع الخبر حتى صدقه عامة الناس بل خاصتهم. و هذا لا يستغرب من ماكر مثل بورقيبة الذي كان لا يترك أي فرصة للتخلص من أي زعيم شعبي (خاصة من الزيتونيين مثل عبد العزيز الثعالبي , فرحات حشاد , الفاضل بن عاشور ... ).
و كانت فتنة عظيمة خاصة لطلبة الزيتونة.إذ أشاع بورقيبة وأتباعه أن الطلبة الزيتونيين قد تجنسوا.مما جعل الأولياء ينزعون ثياب أبناءهم ليتأكدوا من عدم حملهم الصليب على صدورهم. بل ذهب الأمر إلى قتل الأخ أخاه.
و لم يكن ابن عاشور من علماء السلاطين الذين يلهثون وراء المناصب بل يشهد له التاريخ موقفا بطوليا حين أراد بورقيبة سنة 1961 فرض إفطار رمضان بدعوى زيادة الإنتاج. فطلب من ابن عاشور أن يذيع فتوى تبيح الإفطار. فما كان من الشيخ بعد أن تلى قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ... " إلا أن أضاف " صدق الله و كذب بورقيبة ".
هذا ما ذكره لي بالأمس أحد الباقين على قيد الحياة من العلماء الزيتونيين و الذين عاصروا تلك الأحداث. و قد حز في نفسه أن يتهم العلماء الأفاضل بتهم زائفة لا دليل فيها و لا برهان إلا أقوال الصحافة وهو يتحدى أي إنسان أن يمده بنص هذه الفتوى المكذوبة.
وكما ذكرت أنت يا أخي أبا عبد المعز – حفظك الله – " الحق أحب إلينا ". و ما ذكرتُه هنا ليس دفاعا عن ابن عاشور بقدر ما هو دفاع عن الإسلام و أتباعه حتى يتبين الحق.و أشكر الأخ الكريم عبد الرحمن – رعاه الله – على تعليقه الطيب و المناسب. و أخيرا أضم صوتي إلى أخينا جمال أبو حسان – جمل الله صورته و حسن منطقه – فليس الأشاعرة من الكفار أو المنافقين حتى ينعتوا بذوي الوجهين.
وفقنا الله إلى ما فيه صلاحنا و أعاننا على اتباع هديه.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Apr 2005, 05:29 م]ـ
صدق الله وكذب بورقيبه
أبورقيبه فلا امتدت له رقبه ... لأنه لم يتق الله يوما ولارقبه
رحمك الله يابن عاشور ورحم ابن باديس والابراهيمي، فمازالت كتبكم بين الناس، تسير بها الركبان، وتسامرها أعين أهل القرآن.
وقد أجدتم يامعاشر الإخوة في كثير مما كتبتم، وإن كان قد برق أمام ناظري دعاوى لا أحبذ ذكرها تناسيا لها، وخوفا من إثارتها في هذا الملتقى، فإن أردتم الوقوف عند هذا الحد بعد أن كشف لنا الكاتب الكريم، الشبهة التي أحاطت بالأمر فهذا ما أحب، وإن أردتم المواصلة فإني أرى خلل الرماد وميض نار، أدعو الله أن يخمد شررها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Apr 2005, 01:22 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً. والأمر الذي قصده الأستاذ الجليل أبو عبدالمعز ليس أكثر مما ذكره في رأس مشاركته، لكي يؤكد بارك الله فيه على أن الكمال عزيز، وأن النقص ملازم للبشر، وإلا فمقام ابن عاشور رحمه الله رفيع، وعلمه نافع للجميع. وكل من كتب تعقيباً في هذه المشاركة - ما خلا صاحبك - صاحب عقلٍ واعٍ، وذهنٍ حاضرٍ، وبُعْدِ نظر فيما يأتي ويذر من مسائل، وصدق وإخلاص إن شاء الله. فلا تخش يا ابن الشجري ضِرام النار، كما خشي نصر بن سيار (1)، وأتفق معك في الاكتفاء بهذا في هذه المسألة فقد وضحت ولله الحمد، فمن زاد أو استزاد فالله يغفر له ويوفقه، وليعذرنا.
--------
(1) هو نصر بن سيار بن رافع الكناني، تولى خراسان عام 120هـ، وكان من دهاة الرجال، وأهل الشجاعة والبأس، بدأت الدعوة العباسية في عهده تقوى، فراسل خلفاء الأمويين يحذرهم، ومن قوله في ذلك قصيدته السائرة التي ضمن منها الأستاذ ابن الشجري قوله (أرى خلل الرماد وميض نار) وهي قوله:
أرى خلل الرماد وميض جمرٍ= ويوشك أن يكون له ضرامُ
فإنّ النار بالعودين تذكى= وإن الحرب مبدؤهاُ كلام
فإن لم يطفئوها تجن حربا= مشمّرة يشيب لها الغلامُ
وقلت من التعجب ليت شعري= أأيقاظٌ أميّة أم نيام؟!(/)
ألإقصاء--داء العصر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 Apr 2005, 06:02 ص]ـ
السلام عليكم
صار الإقصاء داء العصر عند بعض الإسلاميين--صار السلفي لا يقرأ للاشعري لأنه يؤول أو يفوض في الصفات --وينصح أحبائه بعد القراءة لهم--وكذلك يفعل الآخرون
ولو أعطيتكم المثال التالي لفهمتم مرادي
أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي
له كتاب في البلاغة يسمى ((الخصائص))
طالعت بحث المجاز فيه فوجدته يقول
((وكذلك أفعال القديم سبحانه نحو خلق الله السماء والأرض وما كان مثله ألا ترى أنه عز اسمه لم يكن منه بذلك خلق أفعالنا ولو كان حقيقة لا مجازا لكان خالقاً للكفر والعدوان وغيرهما من أفعالنا عز وعلا.
وكذلك علم الله قيام زيد مجاز أيضاً لأنه لست الحال التي علم عليها قيام زيد هي الحال التي علم عليها قعود عمرو.
ولسنا نثبت له سبحانه علما لأنه عالم بنفسه إلا أنا مع ذلك نعلم أنه ليست حال علمه بقيام زيد هي حال علمه بجلوس عمرو ونحو ذلك.))
فكتابه هذا من أهم كتب العربية ولا ابالغ--أفنتخذ إعتزاله الذي أوحت به عبارته كمسوغ لنا لهجر أبحاثه اللغوية؟؟
وعلى ذلك قس
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Apr 2005, 04:56 م]ـ
الأخ جمال كساه الله جمال الستر والعافيه
ليس الإقصاء داء بحد ذاته إذا ماعرفت مسبباته، وليس هو من سمة من وسمتهم (بالا سلاميين)، على قولك واصطلاحك، مع أني لا أعرف لهذه التسمية أصلا ترتكز عليه، فهي مصطلح حادث براق، ظهر مع غربة الدين وتغريب المسلمين، فلا تعجب إن أظهرت لنا ألأيام راقصا إسلاميا , أو مغن إسلاميا، كما أصبحنا نسمع اليوم بالزواج الاسلامي، والنشيد الاسلامي ...
ولماذا يتزبب المرء قبل أن يتحصرم، أترانا قد أهملنا هذا المثل السائر، وهذه العبارة المبتكرة، والتي تحكي كتب الأمثال أن أول من قالها هو شيخ ابن جني الفارسي المعتزلي.
لا أعرف لقولك معاضدا ونصيرا، تعال معي لكتب شيخ الاسلام رحمه الله، تجده قد أكثر النقل عن ابن جني في مواطن عدة من كتبه، بل أثنى عليه في ثناياها، وقد وقعت قبل مدة وأنا اطالع الفتاوى على عبارة مدح، إن اسعفني الوقت نقلتها، فهذا شيخ الإسلام، فكيف بمن دونه.
وكيف توهمت يارعاك الله أن هذا الكتاب وماحواه من درر ومبتكرات، ومؤلفه ومنزلته الراسخة في علم اللغة والاشتقاق، مهجوران من أهل العلم وطلابه، ليس الأمر كما تظن،فلو حثثت السير ولو فواق ناقةلانقلب إليك البصر وهو حسير.
ومازال العلماء منذ القدم يعرفون لأهل الفضل فضلهم، ويقرون لهم بماعندهم،وإن خالفوهم في بعض أصولهم، فكم مرة سمعت بالزمخشري وكشافه، والرازي ومفتاحه، والغزالي وإحيائه ... ، في ثنايا كتب أهل العلم، بل وفي هذا الملتقى العلمي.
إن أهل السنة بحمد الله هم أعدل القوم وأقومهم طريقة ومنهاجا، يقبلون الحق ممن قاله، ويقيسونه به، فيرتفع عندهم بقدر ماعنده من الحق، فهو ميزانهم، بل ميزان الشريعة.
أما عن نصح السلفي لأخيه السلفي عن الداء المستشري في كتب الأشاعرة أو غيرهم, فنعم الناصح وما نصح به، أليست هذه نصيحة ألأول للأخر نتناقلها صاغرا عن كابر، منذ الصدر الأول حتى يومنا هذا، ألا تخشى على غمر ناشئ في العلم من أن تلوط كلمة مرسلة مسمومة من كشاف الزمخشري بنياط قلبه، أو من كتب الغزالي وأمثالهم من أشاعرة ومعتزلة ومتصوفة ... , فمن لها حينئذ ياأخي جمال.
أوماعلمت أن الشبه خطافه، وأن القوم اصحاب لسان حداد يسرقون اللب ويسحرونه، لبلاغتهم وقوة حجتهم , وهذه العبارة التي ذكرتها نقلا من الخصائص خير شاهد، قل لي بربك لو قرأها من وسمت لك؟ هل ستكون بجواره تبين له زللها وضلالها.
فألامر أخي الكريم أمر نسبي، نقبل ماعند القوم من حق ونرد الباطل بل ندمغه بالحجج الواضحات، كما فعل ابن المنير مع الكشاف، وننصح بأن لايقرأ صغار طلاب العلم في كتب أهل الزيغ والبدع حتى تقوى شوكتهم , ويستد ساعدهم.
أما من تعلم أصول العقيده وتخرج على أيدي العلماء، فنحن معك نناديه بأن لايغفل عن مثل هذه الكتب التي حوت خرائد مبتكرات، وكم مرة يقول فيها صاحب اللسان في لسانه (ولا أعلم هذا القول من غير ابن جني) غفر الله للجميع
ومعذرة لترك النقل والاستشهاد من كتب السلف لضيق الوقت، وتجلي الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[05 Apr 2005, 09:33 م]ـ
صار الإقصاء داء العصر عند بعض الإسلاميين--صار السلفي لا يقرأ للاشعري لأنه يؤول أو يفوض في الصفات - وينصح أحبائه بعد القراءة لهم--وكذلك يفعل الآخرون
لماذا لم يكن التصدير: صار الاشعري والصوفي لا يقرأ للسلفي لأنه يثبت الصفات -وينصح أحبائه بعد القراءة لهم - وكذلك يفعل الآخرون.
وكما تفضل الفاضل ابن الشجري بأنه ليس بداء .. بل التحذير من المبتدعة وكتبهم من الأمر بالمعروف و النصح للدين وللمسلمين خصوصا للمبتدئين .. وأما أهل العلم فيعرفون الغث من السمين.
والمسألة كما لا يخفى ليست عصرية، فلو قرأت ـ مثلا ـ ما كتب الشيخ عبد الوهاب السبكي الصوفي الأشعري ـ وغيره ممن سار على دربه ـ عن السلفيين كشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي = لرأيت من ذلك ألوانا عجيبة من ما سميته.
أعود لابن جني فأقول: ابن القيم رحمه الله أيضا نقل عنه في مواضع عديدة من كتبه كالبدائع وغيره، وأفاد منه .. ورد عليه في الصواعق وبين زيغه هو وشيخه الفارسي قال رحمه الله:
أحدها: أن تعلم أن هذا الرجل ـ ابن جني ـ وشيخه أبا علي من كبار أهل البدع والاعتزال المنكرين لكلام الله تعالى وتكليمه [ .. وذكر بعض طوامه .. إلى أن قال]: فمن كان هذا خطؤه وضلاله في أصل دينه ومعتقده في ربه وإلهه فما الظن بخطئه وضلاله في الفاظ القرآن ولغة العرب فحقيق بمن هذا مبلغ علمه ونهاية فهمه أن يدعي أن أكثر اللغة مجاز ويأتي بهذا الهذيان ولكن سنة الله جارية أن يفضح من استهزاء بحزبه وجنده وكان الرجل وشيخه كانا في زمن قوة شوكة المعتزلة وكان الدولة دولة رفض واعتزال وكان السلطان عضد الدولة بن بويه وله صنف أبو علي "الإيضاح" وكان الوزير إسماعيل بن عباد معتزليا، وقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد معتزليا، وأول من عرف منه تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز هم المعتزلة والجهمية .. مختصر الصواعق المرسلة 2/ 821 ط أضواء السلف.
ومما استجاده منه ابن القيم وعرضه على شيخ الإسلام ما جاء في البدائع:
وقد قدمنا أن الألفاظ مشاكلة للمعاني التي أرواحها يتفرس الفطن فيها حقيقة المعنى بطبعه وحسه كما يتعرف الصادق الفراسة صفات الأرواح في الأجساد من قوالبها بفطنته، وقلت يوما لشيخنا أبي العباس بن تيمية ـ قدس الله روحه ـ قال ابن جني:
مكثت برهة إذا ورد علي لفظ آخذ معناه من نفس حروفه وصفاتها وجرسه وكيفية تركيبه ثم أكشفه فإذا هو كما ظننته أو قريبا منه؟
فقال لي ـ رحمه الله ـ: وهذا كثيرا ما يقع لي، وتأمل حرف (لا) كيف تجد في نهايته ألفا يمتد بها الصوت ما لم يقطعه ضيق النفس فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها.
ولن بعكس ذلك فتأمله فإنه معنى بديع
وانظر كيف جاء في أفصح الكلام كلام الله، (ولا يتمنونه أبدا) بحرف لا في الموضع الذي اقترن به حرف الشرط بالفعل= فصار من صيغ العموم؛ فانسحب على جميع الأزمنة، وهو قوله عز وجل (إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت)
كأنه يقول: متى زعموا ذلك لوقت من الأوقات أو زمن من الأزمان، وقيل لهم: تمنوا الموت = فلا يتمنونه أبدا، وحرف الشرط دل على هذا المعنى، وحرف لا في الجواب بإزاء صيغة العموم لاتساع معنى النفي فيها [بقيته هناك] بدائع الفوائد 1/ 102
ولأخينا الشيخ الفاضل سليمان الخراشي كلام نحو هذا الموضوع ينظر في هذا الرابط:
http://www.alkashf.net/moshrf/5/10.htm(/)
خذها بقوة
ـ[علي جاسم]ــــــــ[08 Apr 2005, 03:00 م]ـ
" يا يحيى خذ الكتاب بقوة "
إيمان ..
ما يأت بقوة لا ينتزع بهوان وما يأت بهوان لا ينتزع بقوة .. وهذه هي قاعدة الإيمان السليمة .. وهذه هي مشكلة المسلم اليوم، بل هذه مشكلة كل فكرة أو عقيدة عرفتها الإنسانية، فبقائها وديمومتها مناطة بقوة الأخذ بها وقوة الإيمان بها ..
مشكلتنا هي بمساحة الدين من حياتنا اليومية، وفي استعدادنا للتضحية من أجل الدين، مشكلتنا في كم الاهتمام والانشغال بالدين والانصراف والاستغراق للدعوة ..
أقول هذا القول وبين يدي كتاب يذكر بين طياته حالة مشرقة جميلة وهي أن الإمام مالك وأقصد به جمال الدين محمد بن عبد الله إمام النحاة في وقته وصاحب الألفية، يروى عنه أنه كان حريصا على العلم حتى أنه حفظ يوم موته ثمانية شواهد شعرية لقنه ابنه إياها تلقينا ..
بمثل هذه النماذج المشرقة وبمثل هذا النفوس المتفانية لأجل العلم والدين يقوم المبدأ ويتنفس الإيمان نسيم الحياة وتنهض العقيدة والدين على قدم وساق ..
لا يمكن لعقيدة أن تحيى في ضمير الإنسانية ما لم تجد أرضا خصبة تثمر فيها، ما لم تتهيأ لها أعمار وتفنى بسبيلها زهرة الشباب، ما لم تجد شوكة تحفظ لها ديمومتها وعزتها، ما لم تجد فتية ورجالا يغذونها بدمائهم ويؤثرونها على أنفسهم كما فعل الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ الدين كان عندهم أعز وآثر من أنفسهم، فماذا كانت النتيجة، خيول المسلمين وطئت حدود باريس، وقصور كسرى ترتج لصوت المؤذن وهو يكبر الله في أروقتها ((الله أكبر)) ..
وما كان للدعوة المحمدية في فجرها السني أن تقوم على قدم وساق لولا أن هيأ الله لها رجال قد صدقوا ما عاهدوا الله عليه أحيوها بأرواحهم ودمائهم وأموالهم وأنفسهم فأعزها الله على أيديهم وجعلهم ظاهرين على الأمم {ويأبى الله إلا أن يتم نوره} ..
تحيى العقيدة برجالها، وتشيخ وتضمحل برجالها أيضا، تحيى بقوة الروح التي تنبض فيها وقوة السواعد التي تحمل لوائها، تحيى بقوة الأخذ بها وقوة الإيمان بها، وتنتهي وتبلى إن ألقينا بها لحواشي الحياة المتحيزة عن لبابها، وتموت وتنتهي إن فصلنا بينها وبين حركة حياتنا، إن فصلنا بينها وبين حركة الأمة وتوجه الكتلة البشرية ..
ومن ينظر حال المسلمين اليوم يدرك أن ما أصابنا مردود على هوان الدين على أبنائه وهذا بدوره مردود على ضعف الأخذ بالمنهج، وهوان المنهج يعني هوان المتمنهج .. فبعد خمسة عشر قرنا على ديننا ولا زلنا نغالب أنفسنا في صلاة الفجر، فتغلبنا يوما .. و .. وتغلبنا يوما ..
ولو أنا أقمنا الجماعة كما أقامها رسول الله وكما أمر الله، ولو أنا حفظنا صلاتنا، وفقهنا قرآننا، واقتطعنا لديننا حصة من وقتنا، ولو أنا لم نداهن في ديننا خشية الناس والله أحق أن نخشاه، ولو أنا عدلنا في قولنا ولو كانوا آبائنا أو أبناءنا أو إخواننا، ولو ألزمنا أنفسنا التزالم منهج الله وصدقنا الله وصدقناها، ولو حملت قلوبنا من الحرص على الدين ولو بما يوازي نصيف حرصنا على دنيانا، ولو أن الإيمان أشرب في قلوبنا كما أشرب في قلوب سلفنا، لو أنا كنا كذلك لما آلت حال المسلمين إلى ما هي عليه اليوم ولما آلت حال أعدائنا إلى ما هي عليه اليوم أيضا ..
وقد صدق – والله – القائل " بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى " ..
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[08 Apr 2005, 09:07 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وقد قيل:
لأستسهلن الصعب وأدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر(/)
زيارة خاصة للدكتور عدنان محمد زرزور، وعرض لكتابه في علوم القرآن في طبعته الجديدة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Apr 2005, 04:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في حي هادئ من أحياء مدينة عيسى بِمَملكةِ البحرين أظنه حي (الرفاع الشرقي)، وعلى مقربةٍ من جامع الأَحْمدي يقعُ مَنْزلُ الدكتور عدنان محمد زرزور حفظه الله، وهو الآن أستاذ بجامعة البحرين يُدَرِّسُ علومَ القرآنِ الكريمِ والتفسير وما يتعلق بذلك، وهو من الأساتذة السوريين الأوائل الذين طَوَّحَ بِهمُ الاغترابُ، وأحسبهُ الآنَ قد جاوزَ الستين مد الله في عمره على الخير والعلم والطاعة. وقد عرض علي الأخ العزيز الدكتور مساعد الطيار وفقه الله زيارةَ الدكتور عدنان للحديث معه حول بعض القضايا العلمية، التي تعرَّض لها الدكتور عدنان في مؤلفاته، والاستفادة من خِبْرتهِ بكتب المُعتزلةِ بعد كتابته لرسالته الدكتوراه عن (الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير) وهو من تفاسير المعتزلة التي لم تطبع بعدُ، والذي ذهب المؤلف فيه إلى أن الزمخشري قد اتكأ عليه في تصنيفه للكشاف دون إشارةٍ إلى ذلك، مع كونهِ نقلَ كثيراً من القضايا البلاغيةِ منهُ، كما حققَّ الدكتور عدنان كتابين من كتب المعتزلةِ المُهمِّةِ وهُما كتاب (تَنْزِيه القرآن عن المطاعن)، وكتاب (متشابه القرآن) كلاهما للقاضي عبدالجبار المعتزلي صاحب كتاب المغني وهو من كتب المعتزلة الكبار المشهورة.
وقد يسَّر الله تلك الزيارة قبل ستة أشهر ليلة الجمعة 24/ 8/1425هـ وبصحبتنا الأخ الكريم الشيخ عبدالعزيز الضامر الطالب بالدراسات العليا بجامعة أم القرى، والمدرس بوزارة المعارف بمدينة المُبَرَّز بمنطقة الأحساء، ومعنا كذلك الأستاذ العزيز خليفة بن عربي المُحاضر بِجامعةِ البحرين، في تخصص الأدب العربي وهو شاعرٌ مطبوعٌ، وراويةٌ مُدهش.
وكان لقاءً ماتعاً تحدثنا فيه عن عدد من القضايا العلمية المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن وكتب المعتزلة والشيعة التي تعرضت للقرآن الكريم، غير أَنَّ طول العهد بِها قد أنساني مُعظم تفاصيلها، وكنتُ أَنوي تسجيلها في حينها غَيْرَ أَنَّ الموقفَ لم يكن مناسباً، والحديثَ كان متشعباً، فآثرتُ أَنْ أتدارك الوقت، وأشير إلى بعض الفوائد العلمية التي ينتفع بها القارئ الكريم، ومن ذلك ما وعد به الدكتور عدنان من البدءِ في تَحقيقِ تفسيرِ الحاكم الجُشَميِّ المُسمَّى (التهذيب في التفسير)، والذي درس الدكتور عدنان في رسالته للدكتوراه منهج مؤلفه في التفسير.
كما أخبرنا أنه بصدد إصدار طبعة جديدة لكتابه في علوم القرآن بعنوان (علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه)، وقد صدر هذا الكتاب وسأقف معه في مشاركةٍ تاليةٍ.
ومن مؤلفات الدكتور غير ما تقدم، كتابه (المدخل في تفسير القرآن)، وتحقيق (مقدمة شيخ الإسلام بن تيمية في التفسير) وهو أجود تحقيقاتها، وحقق كتاب (ملاك التأويل القاطع لذوي الإلحاد والتعطيل) لابن الزبير الغرناطي ولم يتيسر طبعه بعد، وله من المؤلفات كتاب (متشابه القرآن: دراسة موضوعية) ط. مكتبة دار الفتح بدمشق 1390هـ. وكتاب (جذور الفكر القومي والعلماني) ط. المكتب الإسلامي 1419هـ. وغيرها من المؤلفات والبحوث المنشورة.
والدكتور عدنان زرزور – حفظه الله – لا يزال في نشاطٍ وصحةٍ متَّعهُ الله بالعافيةِ، ولا يزال لديه من الهمة للتصنيف والتأليف ما لا تجده عند طلاب الدراسات العليا المقبلين على البحث العلمي، ولا أشك في أنه قد ذاق حلاوة البحث العلمي، والتحقيق بمعناه الدقيق، فلم يزده ذلك إلا إقبالاً على العلم رغم وطأة الغربةِ، وألم الفراق. ولله در أحد الشعراءِ المُحبينَ للدكتور عدنان حيث قال فيه يذكر علمه وصبره على أَلَمِ النَّوى، وقَهْرِ الغُربة:
نسائِمُ الخُلْدِ هَبَّتْ أَمْ صَبا بَرَدى؟! = أَمْ نَفحةُ المِسْكِ شَعَّتْ مِنْ دَمِ الشُّهَدا؟
خِصالكَ الغُرُّ يا عَدنانُ حافِلَةٌ = لو شِئتُ تَعدادَها لَمْ أُحْصِها عَددا
إِنْ كانَ في العِلْمِ سَعْيُ النَّاسِ مُشتَركاً= فقد بدا بالعَميقِ الخِصْبِ مُنْفَرِدا
عِشرونَ سِفْراً بِها شَعَّتْ قَريحتهُ = كالنَّارِ يَلْقى عليها التائِهونَ هُدَى
لَمْ يَفْقِدِ الكوكبُ الهادي تَأَلُّقَهُ = ليتَ الحَصَى للنُّجومِ النَّيّراتِ فِدى
(يُتْبَعُ)
(/)
حَمَلتمُ العِبءَ ما هَانَ الصمودُ بِكمْ = ولا اليقينُ بكمْ عَنْ حَمْلهِ قَعَدا
أَنِيْنُ بيتكَ في (الفَيحاءِ) مُتَّصلٌ= يُذكيهِ هَجْرُ أَحبَّاءٍ وغَصبُ عِدَى
وحُجرةُ الكُتْبِ اشتاقَتْ لِصاحبِها= وفَيحُ أَشجانِها كالجَمْرِ ما خَمَدا
أَقولُها ضَوءَ مِشكاةٍ لَدى غَسَقٍ = رُوحي لِمَنْ سَلكُوا النَّهجَ القَويمِ فِدَى
الواهِبِيْنَ لِدِينِ اللهِ أَنْفُسَهُمْ= والواقِفِيْنَ عليهِ المالَ والوَلَدا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Apr 2005, 04:50 م]ـ
لا يزال الدكتور عندنا زرزور وفقه الله يواصل بحثه العلمي حول القرآن الكريم وعلومه، وقد سبقت الإشارة إلى أنه بصدد إعادة إصدار كتابه في علوم القرآن طبعة جديدة منقحة، وقد صدرت هذه الطبعة وبعث لي بنسخة عليها إهداء بخطه الكريم، فأحببت أن أشكره أولاً على هديته، وأعرض للإخوة القراء طرفاً من خبر هذا الكتاب لما فيه من الفائدة والطرافة.
وقد صدر كتابه هذا في طبعته الأولى بعنوان (علوم القرآن – مدخل إلى تفسير القرآن وبيان إعجازه) وصدر عن المكتب الإسلامي في طبعته الثانية عام 1404هـ. ثم صدر بعنوان (مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه) عن دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت عام 1416هـ. ثم صدر بعد إضافة عدد كبير من المباحث إليه هذا العام 1426هـ بعنوان (علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه).
http://www.tafsir.net/images/ejaz.jpg
وقد صدر عن دار الإعلام بعمَّان الأردن. ويقع في 688 صفحة من القطع العادي. وقد ناقش المؤلف في كتابه معظم مسائل علوم القرآن بطريقة تحليلية تعتمد على التحليل أكثر من اعتمادها على النقل، وظهرت في كتابه هذا آثار خبرته الطويلة في التحقيق والتدريس والبحث، ولذا فإن هذا الكتاب جدير بالقراءة من قبل المتخصصين، والمدارسة حول كثير من القضايا والمقدمات العلمية التي اشتمل عليها. ولعلنا نناقش كثير من القضايا التي أثارها في كتابه وتستحق التقدير. ومن أمثلة هذه القضايا والإشارات:
1 - استخدام القرآن لعبارة (اللسان – الألسن) للدلالة على اللغة، (ومن مزايا التعبير القرآني باللسان الإشارة إلى الجانب الصوتي مع الجانب الدلالي، الأمر الذي يدع الباب مفتوحاً لدراسة الألسنيات، أو الانتفاع بها في دراسة العربية، أما الاستعانة بها في تفسير القرآن أو دراسة (النص الديني) – كما يقال – فندع مناقشته والبحث فيه إلى مناسبة أخرى) ص 13
2 - اعتراضه على تصنيف الكتب باسم (تاريخ القرآن) كما صنع عدد من المستشرقين وغيرهم، واستخدام عبارة (توثيق القرآن) أو (قطعية النص القرآني وتاريخ توثيقه) لما تحتمله العبارة الأولى من إيهام تعرض القرآن للتحريف شأن القضايا التاريخية التي تدرس في ظل نصوص مختلفة من حيث الثقة.
3 - حديثه عن كتابة المصحف، ولا سيما عن (المصاحف في طور التحسين والتجويد) وإشارته إلى أن معظم من تولى خط المصحف في عصر الطباعة الحديث اسمه عثمان: مولاي عثمان، الحافظ عثمان، وعثمان طه (ورضي الله عن ذي النورين عثمان بن عفان الذي نسخ في عهده القرآن، وبعثت نسخ منه إلى الأمصار، فقد شاء الله تعالى أن تكون معظم نسخ المصاحف التي بلغت الآفاق – منذ عصر الطباعة حتى الآن – قد خطها من يتسمون باسمه، ورحم الله الشيخ عامر بن السيد عثمان شيخ عموم المقارئ المصرية، الذي كان له أيضاً من هذا الاسم نصيب، والذي كان أبرز أعضاء اللجنة التي راجعت مصحف المدينة النبوية) ص 159
هناك عدد من الإشارات العلمية الطريفة في مباحث المحكم والمتشابه، والإعجاز القرآني وغيرها جديرة بالقراءة، فلا تغني هذه الإشارة المختصرة عن العودة للكتاب، والاطلاع عليه كاملاً، والإفادة مما تضمنه من المباحث والتحريرات النفيسة، وفق الله المؤلف للاستمرار في خدمة القرآن الكريم وعلومه، وبارك في وقته وعلمه.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[21 Feb 2006, 01:40 م]ـ
بحثت عن كتابه (الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير) ولم أجده في المكتبات، وكذلك بقية تحقيقاته التي ذكرتم. فكيف يمكننا الحصول عليها لو تكرمتم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Feb 2006, 02:03 م]ـ
أخي الكريم فهد.
كتابه عن الحاكم الجشمي طبع قديماً، ولعلك - إن كنت ستزور الرياض قريباً - تبحث عنه في مكتبة دار عالم الكتب، فقد رأيت عدداً من النسخ هناك قبل مدة قريبة. وأما تحقيقه لكتب القاضي عبدالجبار فأتفق معك أنها أصبحت نادرة الوجود في المكتبات. وأما كتابه (علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه) فهو متوفر الآن في المكتبات، ولعلك تجده في معرض الكتاب القادم في الرياض (23/ 1/1427هـ) إن شاء الله، إن كنت ستزوره.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[22 Feb 2006, 12:30 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الرحمن ولا حرمنا من بركاتكم
متى حقق الدكتور عدنان كتاب تنزيه القران عن المطاعن وهل طبع واين فانا عندي النسخة القديمة غير المحققة ويا ليتني اظفر بذات التحقيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2006, 02:36 م]ـ
حياكم الله أبا محمد، وكتاب تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبدالجبار الهمذاني، قد حققه الدكتور عدنان زرزور قديماً، وطبعته دار التراث بالقاهرة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Nov 2006, 10:26 م]ـ
هل كتاب الدكتور في علوم القرآن متوفر في مكتبات السعودية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Nov 2006, 02:39 م]ـ
نعم يا أبا مجاهد. عهدي بالكتاب يباع في التدمرية والرشد، ولعلك تجده في مكتبة الرشد.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[19 Nov 2006, 05:01 م]ـ
بإمكانك البحث عن الكتاب في موقع " مكتبة الرشد " على الرابط التالي:
www.rushd.com
ـ[أبو محمد نائل]ــــــــ[19 Nov 2006, 05:16 م]ـ
صدور طبعة جديدة من (علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه) للدكتور عدنان زرزور.
ــــــــــ
نشكركم وجزاكم الله خيراً، ولا بد من عودة.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[20 Nov 2006, 12:07 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.ز
جزاك الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن على هذه النسمةاللطيفة،و النصح الجميل.
والدكتور عدنان من أمتع من أقرأ له في علوم القرآن ولا شك في تحقيقة وتعليقه على مقدمة شيخ الاسلام رحمه الله
جزاه الله خيراً.
ونفع به وبكم
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[21 Nov 2006, 12:21 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الراية]ــــــــ[20 Jul 2007, 02:41 م]ـ
[ align=center]
وحقق كتاب (ملاك التأويل القاطع لذوي الإلحاد والتعطيل) لابن الزبير الغرناطي ولم يتيسر طبعه بعد،
[/ poem]
الكتاب حققه الدكتور سعيد الفلاّح في رسالة جامعية.
وهو مطبوع في مجلدين.
الناشر: دار الغرب الإسلامي
تاريخ النشر: 01/ 01/1983
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/hard/136/136708.gif
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jul 2007, 05:22 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الراية. كتاب ملاك التأويل له تحقيقان للفلاح ولآخر، ولكن له تحقيق ثالث للدكتور عدنان زرزور لم يطبع، وهذا الذي أعنيه لا أن كتاب ملاك التأويل نفسه لم يطبع. وفقكم الله ونفع بكم.
ـ[الراية]ــــــــ[21 Jul 2007, 04:18 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الراية. كتاب ملاك التأويل له تحقيقان للفلاح ولآخر، ولكن له تحقيق ثالث للدكتور عدنان زرزور لم يطبع، وهذا الذي أعنيه لا أن كتاب ملاك التأويل نفسه لم يطبع. وفقكم الله ونفع بكم.
جزاكم الله خير
وشكر الله لكم هذا اللقاء المفيد مع الدكتور عدنان زرزور
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[19 Nov 2010, 08:38 ص]ـ
الأخ الكريم فهد كتاب: الحاكم الجشمي موجود لديَّ وأنا على استعداد لإعارتك إياه -إينما كنت- إن كان إلى ذلك من سبيل وأرجو التواصل معي على الخاص إن لم تحظ به بعد
ولي حديث عن الدكتور عدنان إن يسر الله تعالى حديث الطالب عن أستاذه بعدما انقضى العام الثلاثون على آخر لقاء في جامعة دمشق في مكتبه في كلية الشريعة والذي كان حول دراستي وإعدادي للدراسات العليا فسقى الله تلك الأيام التي ما تزال تبض حية وكأني فيها ولما تنقضي
فجزاك الله عنا شيخنا أبا حسان كل خير بما عَلَّمتنا وأَرشَدتنا وسددتنا وبما قدَّمتَ لهذا الدين وتُقَدِّمُ
وحقاً إخوتني ما رأيت أستاذاً تنفتح له القلوب والعقول كما الدكتور عدنان حفظه الله ورعاه وأمد في عمره وأنا في بصيرته
ـ[محمد كالو]ــــــــ[19 Nov 2010, 10:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[ align=justify]
وقد عرض علي الأخ العزيز الدكتور مساعد الطيار وفقه الله زيارةَ الدكتور عدنان للحديث معه حول بعض القضايا العلمية، التي تعرَّض لها الدكتور عدنان في مؤلفاته، والاستفادة من خِبْرتهِ بكتب المُعتزلةِ بعد كتابته لرسالته الدكتوراه عن (الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير) وهو من تفاسير المعتزلة التي لم تطبع بعدُ، والذي ذهب المؤلف فيه إلى أن الزمخشري قد اتكأ عليه في تصنيفه للكشاف دون إشارةٍ إلى ذلك، مع كونهِ نقلَ كثيراً من القضايا البلاغيةِ منهُ، [/ poem]
كتاب (الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن) للدكتور عدنان زرزور، طبع في مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع منذ عام 1986 م، ويقع في 510 صفحات.
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/hard/102/102195.gif
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[19 Nov 2010, 02:31 م]ـ
أخي الكريم محمد كالو الكتاب طبع في مؤسسة الرسالة في دمشق في عام 1971 م ونوقش أطروحة لنيل درجة الدكتوراة في القاهرة عام 1968 بإشراف العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رح1 بعد أن أقعد المرض الدكتور مصطفى زيد رح1 عن متابعة الإشراف والنظر فيها
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Nov 2010, 08:25 ص]ـ
الأخ الكريم فهد كتاب: الحاكم الجشمي موجود لديَّ وأنا على استعداد لإعارتك إياه -إينما كنت- إن كان إلى ذلك من سبيل وأرجو التواصل معي على الخاص إن لم تحظ به بعد
شكرا بارك الله فيكم يا أستاذ طارق على عرضك الطيب.
لقد دلني الشيخ عبدالرحمن الشهري على مكان بيعه وقد اشتريت نسخة منه منذ مدة طويلة وقرأته جزاكم الله خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[20 Nov 2010, 11:04 م]ـ
ذكر الشيخ الدكتور / محمد بن صالح المديفر ... حفظه الله
في رسالته العلمية الموسومة بـ ((تفاسير الزيدية - عرض ودراسة - ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=23307) )) 1412 هـ
رأيه في كتاب: التهذيب في التفسير للحاكم الجُشمي (ت494هـ) قائلاً:
"أرى أن يبقى التهذيب للحاكم الجُشمي مخطوطاً ولا تصرف الجهود لتحقيقه وإخراجه، وذلك لأمرين:
الأول: غلبة قضايا الإعتزال فيه، فما من آية فسرها الجُشمي إلا واستدل بها على صحة ما تعتقده المعتزلة في واحد من أصولهم الخمسة.
الثاني: كثرة الملحوظات عليه، فقيمته العلمية لا تكاد تذكر إذا ما قورنت بالملحوظات الكثيرة التي ينتقد عليها، وهي ملحوظات في أصل المنهج الذي سلكه الجُشمي في التهذيب من سلوكه منحى المعتزلة، واعتماده على أهل الأهواء في تفسيره للقرآن بالرأي، وعلى المتهمين والوضاعين في تفسيره للقرآن بالمأثور".
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[21 Nov 2010, 09:49 ص]ـ
السيرة الذاتية
للأستاذ الدكتور/ عدنان محمد زرزور
• من مواليد مدينة دمشق عام 1358هـ – 1939م.
• تلقى تعليمه في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس الجمعية الغراء بدمشق التي كانت تعنى بالعلوم العربية والشرعية (كان معهدها الإعدادي والثانوي يدعى: معهد العلوم الشرعية)، وبعد حصوله على الثانوية الشرعية من هذا المعهد، حصل على الثانوية العامة: القسم الأدبي (فرع الاجتماعيات).
• درس الشريعة والحقوق، وتخرج في الشريعة من جامعة دمشق في حزيران "يونيو" 1960م، وكان أول خريج يحصل في كلية الشريعة على درجة الليسانس بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف الثانية، ولم يتابع الدراسة في كلية الحقوق بعد أن اجتاز بعض مقررات السنة الرابعة.
• عمل مدرساً في المدارس الإعدادية والثانوية في بعض المحافظات السورية عامي 60/ 1961م و 61/ 1962م وكان في العام الثاني مديراً لثانوية فيق الرسمية في الجولان - محافظة درعا).
• عين معيداً في كلية الشريعة بجامعة دمشق لعام 62/ 1963م، تفرغ خلالها للعمل في موسوعة الفقه الإسلامي، ثم أوفد للدراسة العليا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة في مطلع عام 1964م حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية، وكان موضوع رسالة الماجستير: (متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار: تحقيق وتقديم ودراسة مقارنة) وموضوع رسالة الدكتوراه (الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن)، وقد ناقش رسالة الدكتوراه بتاريخ 10/ 5/1969م وكان على رأس المناقشين العلامة الشيخ محمد أبوزهرة – رحمه الله – وأجيزت بمرتبة الشرف الأولى بإجماع الآراء.
• عين مدرساً بكلية الشريعة بجامعة دمشق بدءاً من العام الجامعي 69/ 1970م بعد أن قررت اللجنة العلمية التي أعادت قراءة إنتاجه العلمي (كما تقضي بذلك الأعراف العلمية بالجامعة) أهليته للتعيين في قسمين من أقسام الكلية: قسم العقائد والأديان، وقسم التفسير والحديث، فاختار صاحب الإنتاج العلمي التعيين في قسم العقائد والأديان، حيث نهض بتدريس مقررات العقيدة والأديان، ونظام الإسلام وحاضر العالم الإسلامي، وعلم الاجتماع والأخلاق، ثم أسندت إليه الكلية بالتنسيق مع كلية الآداب تدريس التفسير والحديث بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، بدءاً من عام 1973م حتى عام 1980 حيث استقال من جامعة دمشق، والتحق بجامعة الإمارات العربية المتحدة.
• عمل خلال هذه الفترة محاضراً غير متفرغ في الجامعة الأردنية في الأعوام من 1973 – 1975م وكان انتدابه لتدريس مقرري " حاضر العالم الإسلامي" و " مقارنة الأديان" على وجه الخصوص.
• رقي إلى درجة أستاذ مساعد في شهر آيار (مايو) 1975م، وإلى مرتبة أستاذ في شهر آب (أغسطس) 1980م.
• شغل في الفترة الأخيرة من 77 إلى عام 1980م منصب رئيس قسم العقائد والأديان ووكيل كلية الشريعة لشؤون الطلاب والإدارة، ثم للشؤون العلمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
• عمل أستاذاً في جامعة الإمارات من عام 80/ 1981م حتى عام 85/ 1986م وكان خلالها رئيساً لقسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب (من 81/ 82 - 85/ 1986م) ورئيساً للجنة الثقافية – على مستوى الجامعة – لمدة ثلاث سنوات، ومقرراً للجنة الترقيات – على المستوي الجامعي أيضاً – في عام 1986م، كما شغل في الفصل الصيفي وشطر من الفصل الدراسي الأول من عام 1986م منصب عميد كلية الآداب وعميد الدراسات العليا والبحث العلمي بالإنابة.
• التحق بجامعة قطر منذ مطلع العام الجامعي 86/ 1987م أستاذاً بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية حتى عام 93/ 1994م ثم أستاذاً ورئيساً لقسم التفسير والحديث (قسم أصول الدين فيما بعد) عام 94/ 1995م حتى 1999 - 2000م.
• التحق بجامعة البحرين أستاذاً بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب منذ مطلع العام الدراسي الجامعي 2001 - 2002م.
كتبه وبحوثه المنشوره:
أولاً: الكتب
أطروحات الدراسة العليا:
• متشابه القرآن: دراسة موضوعية: 195 صفحة – دار الفتح بدمشق 1970.
• متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار: مجلدان: تحقيق: 800 صفحة – دار التراث القاهرة 1969.
• الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن: 500 صفحة مؤسسة الرسالة – بيروت 1970م.
الكتب الأخرى:
• الجمان في تشبيهات القرآن لابن ناقيا البغدادي: تحقيق بالاشتراك (كتاب في بلاغة القرآن) وزارة الأوقاف: الكويت 1968م.
• مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية - 130 صفحة (تحقيق) دار القرآن الكريم بيروت 1971.
• البيان النبوي (مدخل ونصوص) 142 صفحة دار الفتح بدمشق 1393هـ.
• مقالة في المعرفة: مقدمة لدراسة العقيدة الإسلامية: 100 صفحة (قطع صغير) دار الفتح بدمشق 1975م.
• المختصر في تفسير القرآن الكريم (طبع على هامش المصحف) مؤسسة الرسالة بيروت 1979م.
• إنسانية الثقافة الإسلامية: 95 صفحة (قطع صغير) المكتب الإسلامي بيروت 1980م.
• علوم القرآن: مدخل إلى تفسير القرآن وبيان إعجازه: 460 صفحة: المكتب الإسلامي: الطبعة الأولى 1981م وطبع عدة طبعات وجرى تدريسه في أكثر من معهد و جامعة.
• الثقافة الإسلامية في الجامعات: 76 صفحة (ق. ص) المكتب الإسلامي بيروت 1990م.
• نحو عقيدة إسلامية فاعلة: منهج بحث وطريقة تعليم: 80 صفحة (ق. ص) المكتب الإسلامي بيروت 1994م.
• في الفكر والثقافة الإسلامية: المدخل والأساس العقائدي: 230 صفحة – الطبعة الرابعة (المشروعة) المكتب الإسلامي 1994 بيروت.
• فصول في علوم القرآن: 250 صفحة المكتب الإسلامي 1998م.
• مدخل إلى القرآن والحديث: 350 صفحة المكتب الإسلامي 1999م.
• علوم القرآن وإعجازه: دار الأعلام – عمان 2004م (جمع فيه الكتابان السابقان مع تعديل وتنقيح واسعين وزيادات كبيرة، ويقع في نحو 700 صفحة.
• جذور الفكر القومي والعلماني: 210 صفحات: المكتب الإسلامي 1999 (الطبعة الثالثة).
• مصطفي السباعى: الداعية المجاهد والفقيه المجدد - 582 صفحة - دار القلم بدمشق 2003م (الطبعة الثانية).
• تداول الأيام لا نهاية - 104 صفحات (ق. ص) 1998: دار البشير عمان.
• الفجوة بين جانبي الأطلسي والحروب الحضارية: 108 صفحات (ق. ص) 1998م: دار البشير عمان.
• التطرف والإرهاب وحقوق الإنسان: دار البشير عمان. (تحت الطبع).
• شخصيات وأفكار: 2007 دار الأعلام – عمان. (تحت الطبع).
• الثقافة الإسلامية وطبيعة التفكير والتجديد: 130 صفحة دار الأعلام - عمان.
• السنة النبوية وعلومها بين أهل السنة والشيعة الإمامية: مدخل ومقارنات: 640 صفحة دار الأعلام – عمان 2008
ثانياً: البحوث العلمية:
بحوث الدوريات والحوليات
• مدخل إلى تفسير الظلال: مجلة حضارة الإسلام: العدد الأول من عام 1979م دمشق.
• عالمان اثنان لا ثلاثة: حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد السابع عام 1990م.
• التاريخ بين ثقافتين: حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد الثامن 1991م.
• التوجيه الإسلامي للعلوم: مفهومه وأهدافه: حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد التاسع 1991م.
• سمات البلاغة النبوية بين الجاحظ والرافعي والعقاد: مجلة مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر العدد الخامس 1991م.
• التأويل عند ابن تيمية في سياقه التاريخي: مجلة مركز بحوث السنة والسيرة العدد السابع 1993م.
(يُتْبَعُ)
(/)
• منهجية التعامل مع علوم الشريعة في ضوء التحديات المعاصرة – حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد الثاني عشر 1994م.
• خصائص الخطاب الحصري (للأقوام والشعوب التي سبقت) ومقارنته بخصائص الخطاب العالمي في القرآن الكريم: حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد الثالث عشر 1996م.
• تكريم الإنسان في النظام التربوي في القرآن: مجلة (الأحمدية) العدد الثاني آب (أغسطس) 1998م دبي.
• بين مفهوم المعجزة وإعجاز القرآن: نظرات نقدية: حولية كلية الشريعة بجامعة قطر: العدد السابع عشر 1999م.
• مفهوم (البدعة) في الثقافة الإسلامية: مجلة (آفاق): جامعة الزرقاء الأهلية العدد الثاني 2000م.
• نظرات في البعد الزماني لنزول القرآن: مجلة مركز بحوث السنة والسيرة العدد العاشر 2001م.
• سلامة القرآن من التحريف وتنزيهه عن الباطل. منشور في العدد (19) من حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر. 1422هـ = 2001م.
• الإعجاز العلمي للقرآن وصرفة العصر. مقبول للنشر في حولية مركز بحوث السنة والسيرة.
ب- بحوث ومقدمات لبعض الكتب:
• مقدمة لكتاب: (من روائع حضارتنا) للدكتور مصطفى السباعي: الصفحات (21 - 44). وتقع في ست فقرات. ط. المكتب الإسلامي – الطبعة الخامسة 1987م
• مقدمة لكتاب: (عظماؤنا في التاريخ) للدكتور مصطفى السباعي. وتقع في نحو أربعين صفحة (ق. ص) وتقع في سبع عشرة فقرة. ط. المكتب الإسلامي – الطبعة الرابعة 1985م.
• مقدمة لكتاب: (رجال الفكر والدعوة في الإٍسلام) للأستاذ أبي الحسن علي الحسني الندوي. وتقع في (70) صفحة. وقد تناولت جوانب من شخصية المؤلف رحمه الله، كما تناولت بالنقد والتحليل جوانب من هذا الكتاب بأجزائه الأربعة التي بلغت ألفا وخمسمائة صفحة. وجاءت هذه المقدمة في ست وعشرين فقرة. دار القلم بدمشق 2002م.
• بحث عن الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي بعنوان: (المجدد الموفق .. فقيه العصر) نُشر في كتاب تكريمي للشيخ بمناسبة بلوغه السبعين طُبع عام 2003م. الصفحات (493 - 509).
• مقدمة (لموسوعة ثقافية) بعنوان: التحديات وحركات التجديد والإصلاح حتى القرن الخامس عشر الهجري. وتناولت هذه المقدمة مناهج التجديد في ضوء العقل والنص والتاريخ. آذار (مارس) 2005. طبع دمشق.
ج - بحوث الندوات والمؤتمرات:
• الجسور ونقاط الاتصال بين الحضارتين الإسلامية والأوربية: منهج ومثال. قًدم هذا البحث إلى ندوة التراث العربي – الأوربي المشترك: دبي 1980.
• الصورة الأدبية للقرآن بين الفرق الإسلامية:
o الندوة العالمية للأدب الإسلامي: لكنو – الهند 1981م.
• شبهات حول جمع القرآن وتدوينه:
o المؤتمر الدولي للقرآن الكريم: المعهد الهندي للدراسات الإسلامية: نيودلهي: ديسمبر 1982م.
• إمام الحرمين: ملامح عصره، وبيئته الثقافية:
o ندوة الذكرى الألفية لإمام الحرمين: جامعة قطر: نيسان (أبريل) 1999م.
• رِفد عقدي وثقافي لحضارة العصر:
o طبع ضمن بحوث خمسة وثلاثين باحثا ومفكرا من مختلف دول العالم، استكتبهم مركز البحوث بوزارة الأوقاف في دولة قطر حول " الدور الحضاري للأمة المسلمة في عالم الغد " في كتاب أعدّه المركز – باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية – وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة التاسع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة في 12/ 11/2000م.
• الوسطية الإسلامية مدخل إلى الحوار الحضاري:
o قدم هذا البحث إلى المؤتمر الأول لمنتدى الوسطية للفكر والثقافة الذي عقد في العاصمة الأردنية / عمان في (26 - 28 حزيران "يونيه" 2004) تحت عنوان: (وسطية الإسلام بين الفكر والممارسة)
• الإسلام وحوارالحضارات: منتدى كلية الآداب - جامعة البحرين 10/ 4/2005 م
• الأستاذ الشيخ محمد عبده معاصرا: منتدى كلية الآداب – جامعة البحرين نوفمبر 2005 م.
• ابن خلدون وفقه السنن: مؤتمر الفكر الخلدوني وخطاب الإصلاح: جامعة البحرين مايو 2006 م.
• المناخ العقلي والعلمي وأثره في الحضارة الإسلامية: المؤتمر الثالث لمنتدى الوسطية للفكر والثقافة – عمان أيلول (سبتمبر) 2007 م.
• الأخطار التي تهدد الأمن الاجتماعي: مؤتمر الأمن الاجتماعي تنظيم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مملكة البحرين اكتوبر 2007 م.
ثالثا: الإشراف والتحكيم والجوائز العلمية:
(يُتْبَعُ)
(/)
• أشرف على رسالتين علميتين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإٍسلامية (من خارج المملكة): الأولى رسالة ماجستير بعنوان: (مرويات الربيع بن أنس في تفسير القرآن الكريم) – كلية أصول الدين، وقد أُجيزت عام 1408هـ (1987م) بتقدير امتياز. والثانية رسالة دكتوراه بعنوان: (العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية) – كلية الشريعة – وقد أجيزت عام 1409هـ (1988م) بمرتبة الشرف الأولى.
وكان محكما في قراءة أكثر من ثلاثمائة بحث وكتاب للنشر الجامعي وللترقيات العلمية في أكثر من جامعة عربية: (الجامعة الأردنية – جامعة قطر – جامعة الملك سعود – جامعة مؤتة – جامعة اليرموك – الجامعة الإسلامية بغزة – كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي – المعهد العالمي للفكر الإسلامي - جامعة الكويت (وشارك فيها في تقييم مشاريع الأبحاث العلمية، وبرنامج الماجستير في التفسير وعلوم القرآن).
وكان نحو مائة من هذه البحوث والكتب في حقل التفسير وعلوم القرآن، وسائرها في علوم الحديث، والعقيدة، والفرق، والأديان، والدعوة، والثقافة الإسلامية.
كما كان محكما في قراءة الكتب والبحوث التي تناولت (التفسير الموضوعي للقرآن الكريم) في جائزة الملك فيصل العالمية لعام 1415هـ
• شارك في تأسيس جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم عام 1983 بعجمان (دولة الإمارات العربية المتحدة)، ورفدها لبضع سنوات ببعض موضوعات الجائزة في حقل الدراسات الإسلامية، وبعض الحقول الثقافية الأخرى، وشارك في تقويم أعمال المتسابقين.
• حصل – بالاشتراك – على جائزة السلطان حسن بلقية لعام 1996م التي ينظمها ويشرف عليها معهد أكسفورد للدراسات الإٍسلامية. وقد جاء في خطاب مدير المركز – لصاحب السيرة – أن " لجنة المحكمين قررت منحكم هذه الجائزة تقديرا لإنجازاتكم البارزة، وتميّز أنتاجكم في الدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه".
المصدر
http://www.islamsyria.com/cvs.php?action=details&CVID=106
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Nov 2010, 10:01 ص]ـ
وفقك الله يا أبا خطاب وسائر الزملاء المشاركين في الموضوع الذي طال العهد بكتابته، وأرجو أن يكون الدكتور عدنان زرزور بخير وسلامة حفظه الله ورعاه ونفع بعلمه.
استوقفني ضمن ترجمة الدكتور عدنان وفقه الله التي أوردها أبو خطاب العوضي وفقه الله بحث بعنوان:
الإعجاز العلمي للقرآن وصرفة العصر وهو مقبول للنشر في حولية مركز بحوث السنة والسيرة.
فهل يستطيع أحد الفضلاء مساعدتي في الحصول على هذا البحث فأنا متشوق لقراءته والإفادة منه؟
أرجو ذلك وفقكم الله جميعاً لكل خير.(/)
سائلكم عن كتاب اصول في التفسير للشيخ مساعد الطيار -حفظه الله -
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[09 Apr 2005, 03:54 ص]ـ
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم يا قوم ? اسال الله ان تكونوا بخير
سائلكم عن كتاب اصول في التفسير للشيخ مساعد الطيار واصله مذكرة للطلبة في كلية المعلمين واذكر ان الكتاب كان موجودا في مكتبكم فما باله اختفى?
هذا فيما اذكره والله المستعان
بانتظاركم ردكم يا اخوتي الكرام
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2005, 01:23 م]ـ
حياكم الله أخي طلال، ومرحباً بكم مرة أخرى.
الكتاب ليس في مكتبة الشبكة، وإنما كتب أخرى للدكتور مساعد الطيار. ولعله إن شاء الله إن كان متوفراً لديه على هيئة الكترونية أن يهديه لمكتبة الشبكة وفقه الله.(/)
هل هناك حاشية للبيضاوي تفكك ألفاظه فالمشاهد زيادة الغموض غموضاً
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[09 Apr 2005, 10:04 م]ـ
عندما يتصفح المرءُ تفسير البيضاوي ـ رحمه الله ـ خاصة المبتدئ يتعثر كثيراً بين الألفاظ الصعبة والقراءات الشاذة والنواحي الأعرابية الغامضة وغيرها ثم إذا تصفح الحواشي عليه خاصة الحاشيتين للخفاجي وزاده اللتين يثنى عليهما يجد العلة قد أنتقلت اليهما تقريباً؛ فهل هناك حاشية تعين الطالب على هذا التفسير المبارك رحم الله مؤلفه وأسكنه فسيح جناته والمسلمين أجمعين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Apr 2005, 05:31 م]ـ
الأمر كما ذكرت أخي الكريم ابن الجزيرة. وحاشية الشهاب الخفاجي على البيضاوي، وحاشية محي الدين محمد زاده (ت951هـ)، وحاشية إسماعيل وهبي بن محمد القونوي (ت1195هـ) تعد أشهر الحواشي، وقد طبعت جميعاً كما تعلم. وكل هذه الحواشي مبنية على النقل في غالبها من كتب التفسير المتقدمة، مما يظهر في عدم ترابط الكلام في مواضع كثيرة، كما تلحظ ذلك أيضاً في حاشية الجمل على الجلالين. والسبب فيما يظهر لي - والله أعلم - أن المصنفين لهذه الحواشي غالبهم من العجم، من بلاد تركيا وما حولها،وهناك حواش كتبها مغربيون. ومعظم هذه الحواشي كتبت في عصر علمي أولع أهله بالتنميق، والتشقيق، وغلب على المصنفات التي صنفت فيه الجمع والنقل. كما ظهرت في هذه الحواشي المسائل اللغوية والنحوية والأصولية والمنطقية. وخلا من روح التفسير التي ظهرت في تفسير الطبري وابن عطية وأمثالهما.
والسبب في ذلك أن تفسير البيضاوي كان مقرراً دراسياً في عهد العثمانيين، وكان من شروط الإجازة بالتدريس في بعض الأزمنة أن يكتب من يريد الحصول على الإجازة حاشية على هذا التفسير، ولذلك كثرت حواشيه، منها المكتملة والناقصة، فزادت على مائة وعشرين حاشية، وقد ذكر صاحب كشف الظنون بعضاً من حواشيه فعدد منها اثنتين وأربعين حاشية.
والذي أشير به أخي الكريم ابن الجزيرة - وأنت أبصر - أن ترجع في فهم ما يشكل عليك من تفسيره إلى الأصول التي اختصر منها البيضاوي تفسيره، أو معظم كتابه، وهي الكشاف للزمخشري، وتفسير الرازي، ومفردات الراغب الأصفهاني فيما يتعلق بالغريب، وما انفرد به البيضاوي في المسائل الأصولية يمكن قراءتها في منهاجه في الأصول أو غيره من مطولات الأصول. وفي الجملة فإنك لو رجعت إلى ما يشكل عليك في المطولات، فمثلاً الإعراب ترجع إلى الدر المصون للسمين، وفي التفسير ترجع للطبري، وفي الفقهيات ترجع للقرطبي. لما احتجت إن شاء الله إلى غيرها. وهذا هو الذي صنعه أصحاب الحواشي أنفسهم، وربما كانت عباراتهم في الاختصار تفتقر إلى الدقة، وحسن الربط بين الأقوال رحمهم الله وجزاهم خيراً وأستغفر الله العظيم من الزلل، هذه مجرد إشارات أحببت المشاركة بها ترحيباً بكم أخي الكريم ابن الجزيرة في ملتقى أهل التفسير أولاً، وفتحاً لباب الإفادة من الزملاء الكرام.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[19 Apr 2005, 01:30 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخنا على هذا البيان , وبارك الله في جهودك المباركه في الرقي في هذا الملتقى المبارك , وجعله في ميزان حسناتك.(/)
الاختلاف في القراءات القرآنية وأثره في اتساع المعاني
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[10 Apr 2005, 12:03 ص]ـ
الاختلاف في القراءات القرآنية وأثره في اتساع المعاني
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، ورضي الله عن آله وأصحابه والتابعين إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد حظيت القراءات القرآنية باهتمام المسلمين منذ نهضتهم الأولى على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام إلى يومنا هذا، فلقد تجرد عدد كبير من علماء المسلمين لخدمة هذا الكتاب، وافنوا أعمارهم بتتبع كل صغيرة وكبيرة حول هذا العلم، وسطروا كل ما جادت به عقولهم وأفكارهم في مؤلفات أصبحت مفخرة المسلمين ومضان الدارسين من بعدهم في الدرس والتأليف.
والمتأمل في الدرس اللغوي العربي يجد أن الدرس العربي قد تأثر تأثراً واضحاً بهذه المؤلفات، إذ لا يكاد يخلو كتابٌ في أصوات العربية وصرفها ونحوها من جملة كبيرة من القراءات وما يتصل بها من مسائل مثلت القواعد والضوابط التي أصلت ورفدت مفردات هذه العلوم التي سطرها علماء المسلمين.
وكان من بين المهتمين بتأريخ القرآن والقراءات طائفة كبيرة من المستشرقين، درسوا تأريخ القرآن والقراءات، وكتبوا في ذلك كتباً وأبحاثاً كثيرة، كان بعضها يتسم بالجدية والنظرة العلمية، وكثير منها لا يخلو من الطعن والتشكيك في القرآن وقراءاته، وكانت مسألة الاختلاف في القراءات القرآنية من المسائل التي اتخذها عدد من المستشرقين مسوغاً للطعن في القرآن الكريم، وراحوا يصفون القرآن وقراءاته بالتناقض والاضطراب وعدم الثبات، وحاولوا تشكيك المسلمين في ذلك، وكان وراء ذلك كله نفي النبوة والوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنكار أن يكون القرآن بقراءاته من الله سبحانه وتعالى.
من أجل هذا كله حاولت أن أبين حقيقة هذا الاختلاف، وموقف علماء المسلمين منه، ومفهومهم له، ومقاصد الاختلاف في القراءات القرآنية، وكيف ساهم الاختلاف في القراءات القرآنية في تعدد المعاني واتساعها.
فجاء هذا البحث ليلقي الضوء على جزء من هذا الموضوع، ويكشف عن شيءٍ من أسرارهِ وذلك من خلال مباحثه الثلاثة:-
المبحث الأول: نشأة القراءات القرآنية والمراحل التي مرت بها.
المبحث الثاني: مفهوم الاختلاف في القراءات القرآنية عند العلماء.
المبحث الثالث: القراءات والمعنى.
إنَّ هذا البحث هو إسهامه متواضعة لخدمة القرآن الكريم ولغته، من خلال بيان مفهوم الاختلاف في القراءات القرآنية ومقاصد هذا الاختلاف، والله اسأل أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه، والله من وراء القصد.
[ line]
المبحث الأول
نشأة القراءات القرآنية والمراحل التي مرت بها
الحديث عن القراءات القرآنية يرتبط بالمراحل الأولى التي تلقى فيها النبي صلى الله عليه وسلم آيات التنزيل، ومن ثم تبليغها للصحابة صلى الله عليه وسلم، وكيف تلقى الصحابة الكرام آيات هذا الكتاب وجهودهم في نشر معاني هذه الآيات ومراد الله منها مع العناية بالحفاظ على نقلها للناس كافة كما تلقوها من فم النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذه المعاني وهذا اللسان سار عدد كبير من الصحابة ومَن بعدهم من التابعين يعلمون الناس قراءة القرآن وأحكامه، هذا المشهد يصوره لنا عطاء بن السائب فيما حدث به حماد بن زيد وغيره إنَّ أبا عبد الرحمن السلمي قال: إنا أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يتجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا مافيهن فكنا نتعلم القرآن والعمل به. (1)
ومن هذا يترتب الحديث بشكل موجز عن مراحل نقل القرآن وجمعه قبل الحديث عن القراءات والمراحل التي مرت بها، لان علم القراءات القرآنية ثمرة من تلكم البذور المباركة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد جاءت الآيات كثيرة تبين كيف كان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يتلقى هذا القرآن وحاله مع هذا التلقي، وتؤكد أمر تكفل الله المطلق بحفظ هذا القرآن وجمعه وبيانه للناس، ومن هذه الآيات التي تشير إلى هذه المعاني والتي سنقف عندها بالدرس والتحليل، قوله تعالى:صلى الله عليه وسلملَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ صلى الله عليه وسلم [القيامة: 16 - 19].
فقد روي في الأثر تفسيراً لهذه الآيات في الصحيحين وغيرهما، ولفظ الحديث للبخاري في صحيحه، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدةً وكان مما يحرك شفتيه فقال ابن عباس فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، وقال سعيد أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه فأنزل الله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* قال جمعه لك في صدرك وتقرأه * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال فاستمع له وأنصت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثم إن علينا أن تقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه. (2)
يقول ابن حجر (ت852 هـ): ((وكان النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الأمر إذا لقن القرآن نازع جبريل القراءة ولم يصبر حتى يتمها مسارعة إلى الحفظ لئلا ينفلت منه شيء، قاله الحسن وغيره، ووقع في رواية للترمذي (يحرك به لسانه يريد أن يحفظ)، وللنسائي (يعجل بقراءته ليحفظه) ولابن أبي حاتم (يتلقى أوله، ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره)، وفي رواية الطبري عن الشعبي (عجل يتكلم به من حبه إياه) وكلا الأمرين مراد، ولا تنافي بين محبته إياه والشدة التي تلحقه في ذلك، فأمر بأن ينصت حتى يقضى إليه وحيه، ووعد بأنه آمن من تفلته منه بالنسيان أو غيره، ونحوه قوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114] أي بالقراءة.)) (3)
فهذه الآيات والأحاديث تؤكد أمراً هاماً، وهو أن ليس للرسول صلى الله عليه وسلم من أمر هذا القرآن إلاَّ تبليغه للناس كما سمعه، دون أي تغيير، وهذا ما أشار إليه الحديث بدقة بقوله: (فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه جبريل) فقد تكفل الله عز وجل بحفظ آيات هذا الكتاب وجمعه وبيانه للناس، إذاً ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ اتباع الوحي في تبليغ آيات التنزيل دون أي زيادة أو نقصان أو تغيير، ثم تأتي مرحلة تلقي الصحابة لهذه الآيات بعدما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنزل إليه من ربه، وقرأ القرآن الكريم على أصحابه، فحفظه منهم من حفظ، وكتبه منهم من كتب، قال أبو شامة (ت 665هـ): ((وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر.)) (4)
وكان من أشهر حُفَّاظ القرآن ومعلميه من الصحابة جماعة منهم بعد الخلفاء الراشدين: معاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبيّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وغيرهم. (5)
يقول ابن الجزري (ت 833هـ): ((ولما خص الله تعالى بحفظه من شاء من أهله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي? حرفاً حرفاً لم يهملوا منه حركة ولا سكوناً ولا إثباتاً ولا حذفاً، ولا دخل عليهم في شيء منه شك ولا وهم وكان منهم من حفظه كله ومنهم من حفظ أكثره ومنهم من حفظ بعضه كل ذلك في زمن النبي?.)) (6)
وما أنتقل رسول الله ? إلى الرفيق الأعلى إلاَّ والقرآن مجموعاً ومكتوباً عند جمع من الصحابة، ولكن لم يجمع في مصحف منظم في حياته ?، وذلك لأنَّ القرآن كان ينزل مفرقاً، ثم جمع في عهد الصديق ? بين لوحين عقب معركة اليمامة حين استحر القتل بالمسلمين، ولاسيما حملة القرآن، وتفاصيل هذه المرحلة من جمع القرآن معروفة مشهورة في كتب الحديث والتأريخ وعلوم القرآن. (7)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا تلقى الصحابة القرآن من رسول الله ? بغاية الإتقان والضبط، وكان النبي ? قد وجَّه بعضهم إلى البلدان ليعلموا الناس تلاوة القرآن وأحكام الدين، (8) وظهر في قراءة الصحابة للقران تباين في نطق بعض الكلمات، يرجع ذلك إلى ما أباح لهم به رسول الله? وأقرهم عليه، بسب أن الله ? لم يجعل على عباده حرجاً في دينهم ولا ضيَّق عليهم فيما افترض عليهم، إذ كانت لغات من أنزل عليهم القرآن مختلفة، ولسان كلِّ صاحب لغة لا يقدر على ردِّه إلى لغةٍ أخرى إلاَّ بعد تكلُّفٍ ومئونةٍ شديدة، ولو أن كل فريق من هؤلاء أمر أن يزول عن لغته لاشتد ذلك عليه وعظمت المحنة فيه، فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل مُتسعاً في اللغات ومتصرفاً في الحركات، فأمر رسوله بأن يقرىء كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عاداتهم، فقوم جرت عاداتهم بالهمز وقوم بالتخفيف وقوم بالفتح وقوم بالإمالة وهكذا الإعراب واختلافه في لغاتهم وغير ذلك. (9)
فلاجل هذا أباح الله لنبيه أن ييسر على الناس ويقرئهم القرآن ما تيسر منه، وهذا يدل عليه حديث أُبيّ بن كعب أنه قال:لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل، فقال: يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ والكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط، قال: يا محمد إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف. (10)، وفي رواية لمسلم أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، فقال: أسال الله معافاته ومغفرته، وإنَّ أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال إنَّ الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين، فقال أسال الله معافاته ومغفرته وإنَّ أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال إنَّ الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإنَّ أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال إنَّ الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا. (11)
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة قراءة القرآن ويسمع منهم، ويقرهم على قراءتهم، تخفيفاً وتوسعة من الله تعالى عليهم، ولم يحملهم أمام ذلك الوضع اللغوي المعقد على تعلم نطق لغة قريش ـ التي نزل بها القرآن ـ لقراءة القرآن بها، وإنما أذن وأباح لهم بقراءة القرآن بوجوه من النطق التي اعتادوها و ألفوها ونشأوا عليها، التي لاتضاد فيها بالمعني وتباين، فالقراءات القرآنية ترتبط بهذا الأصل الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذن للصحابة معه بتلك القراءات وأقرهم عليها. (12)، ومن ثم أخذ التابعون قراءة القرآن من أكابر علماء الصحابة بالقراءة، وحملوا عنهم قراءاتهم التي أخذوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إما مشافهةً أو إقراراً، وانطلقوا بها في أرجاء البلاد الإسلامية خارج الجزيرة العربية التي فتحت على أيدي المسلمين، فكان الصحابة الذين نزلوا في الأمصار الإسلامية حريصين على تعليم المسلمين في تلك الأمصار أحكام الدين وتلاوة القرآن على ضوء ما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا ذاع صيت العشرات من التابعين ممن عرف بالقراءة والتلقي من أفواه الصحابة، وأخذ المسلمون يتلقون عنهم القراءة بشكل كبير في تلك الأمصار ودارت معها حلقات قراءة القرآن، مع ما فيها من تيسير مما يطيقه أهل تلك الأمصار التي دخلت تحت لواء الإسلام في محيط ما أباحه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه واقرَّهم عليه بإذن الله، وكانت مظاهر التنوع في القراءات بلغت أشدها في زمن خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى خرجت عن إطارها العام والهدف الذي من اجله كان هذا التنوع في القراءات، إذ اختلف عوام الناس في القرآن فصار أحدهم يقول للآخر: قراءتي خير من قراءتك أو اصح من قراءتك، أو قراءتنا أولى من قراءتكم، حتى كاد أن يكفر بعضهم بعضا، وهذا ما أدركه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عندما حضر فتح أرمينية وأذربيجان فرأى وسمع من الناس ما أفزعه، فقدم على عثمان و أشار إليه بأن يتدارك هذا الأمر ويجمع الكلمة قبل تفاقم الأمر، والواقعة كما يرويها كثير من المحدِّثين والمؤرخين وأصحاب كتب علوم القرآن هي: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في
(يُتْبَعُ)
(/)
فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالمصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. (13)
وكان هذا الأمر على ملأ من جمع الصحابة تلقوه بالرضى والقبول والاستحسان، فعن سويد بن غفلة قال: ((والله لا أحدثكم إلاَّ شيئاً سمعته من علي بن أبي طالب، سمعته يقول: يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلاَّ خيراً ـ أو قولوا له خيراً ـ في المصاحف، وإحراق المصاحف، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاَّ من ملأ منا جميعاً، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفراً،قلنا: فما ترى؟ قال: نرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت، قال: فقيل أي الناس أفصح، وأي الناس أقرأ؟ قالوا: أفصح الناس سعيد بن العاص، و أقرؤهم زيد بن ثابت، فقال: ليكتب أحدهما ويملي الآخر، ففعلا، وجمع الناس على مصحف، قال: قال علي والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل.)) (14)
وهكذا أدرك الخليفة الراشد عثمان بن عفان الخلاف الذي كاد أن يتسع بين المسلمين في قراءة القرآن فالزمهم على قراءة القرآن بما يوافق خط المصحف، والذي كتب على ما أنزل عليه القرآن وهو لسان قريش، وساعد شكل المصحف في ذلك الوقت من عدم النقط والشكل على بقاء جملة من القراءات مما لا تخالف خط المصحف، فتعددت قراءة أهل الأمصار لذلك بما لا يخالف الخط، وسقط من قراءتهم ما يخالف الخط.
يقول مكي (ت 437هـ): ((فلما كتب عثمان المصاحف وجَّهها إلى الأمصار وحملهم على ما فيها وأمرهم بترك ما خالفها، قرأ أهل كل مصر مصحفهم الذي وجه إليهم على ما كانوا يقرؤون قبل وصول المصحف إليهم مما يوافق خط المصحف، وتركوا من قراءتهم التي كانوا عليها مما يخالف خط المصحف، فاختلفت قراءة أهل الأمصار لذلك بما لا يخالف الخط، وسقط من قراءتهم كلهم ما يخالف الخط.
ونقل ذلك الآخر عن الأول في كل مصر، فاختلف النقل لذلك، حتى وصل النقل إلى هؤلاء الأئمة السبعة على ذلك فاختلفوا فيما نقلوا على حسب اختلاف أهل الأمصار، لم يخرج واحد منهم عن خط المصحف فيما نقل، كما لم يخرج واحد من أهل الأمصار عن خط المصحف الذي وجِّه إليهم.)) (15)
وقد يعرض لبعض المطلعين على تأريخ القرآن والقراءات إشكالاً يكمن في حرص عثمان بن عفان على كتابة القران بلسان قريش، وتأكيده أن هذا القرآن أنزل بلسانهم هذا من جانب، والأحاديث النبوية التي أوردناها سابقاً والتي تنص على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف من جانب أخر، فكيف يمكن التوفيق بين هذين الأمرين؟
المتتبع للأحاديث والنصوص الواردة بخصوص نزول القرآن يجد أن نزول القرآن على سبعة أحرف لم يكن من أول وهلة، بل الظاهر أنه نزل أولاً بلغة قريش وهذا ما قصده عثمان بن عفان حين أمر القرشيين الثلاثة بكتابة المصاحف بلسان قريش في حال حصول خلاف بينهم وبين زيد بن ثابت، لأنَّه بلسان قريش نزل، وبهذا صرح أبو شامة في المرشد الوجيز بقوله: ((يعني: أول نزوله قبل الرخصة في قراءته على سبعة أحرف.)) (16)، ومن بعد ذلك جاءت الرخصة بقراءة القرآن على سبعة أحرف، وهذا يعني أن القرآن تكرر نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم وبالأحرف السبعة، وهذا ما يجليه بوضوح الحافظ بن حجر بقوله: ((أن يقال: إنه نزل أولاً بلسان قريش أحد الأحرف السبعة ثم نزل بالأحرف السبعة المأذون في قراءتها تسهيلاً وتيسيراً كما سيأتي بيانه، فلما جمع عثمان الناس على حرف واحد رأى أن الحرف الذي نزل القرآن أولاً بلسانه أولى الأحرف فحمل الناس عليه لكونه لسان
(يُتْبَعُ)
(/)
النبي صلى الله عليه وسلم ولما له من الأولية المذكورة.)) (17)، ثم يقول في موطن آخر وهو يدلل على كلام أبي شامة المتقدم: ((ويدل على ما قرره أنه أنزل أولاً بلسان قريش ثم سهل على الأمة أن يقرؤوه بغير لسان قريش، وذلك بعد أن كثر دخول العرب في الإسلام، فقد ثبت أن ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة كما في حديث أبي بن كعب أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بني غِفار فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرف، فقال: أسال الله معافاته مغفرته، فإن أمتي لا تطيق …)) (18).
وأضاة بني غِفار هي موضع بالمدينة النبوية ينسب إلى بني غِفار، فالتنوع في القراءات لم يعرف في العهد المكي، وإنما كان التنوع بعد الهجرة النبوية المباركة، لأنَّ الحاجة لم تكن قائمة لأن تتعدد القراءات في العهد المكي والقرآن أنزل بلسانهم وعلى ما جرت عليه عاداتهم في النطق الذي هو افصح ما انتهت إليه لغات العرب جميعاً، ومع أن تعدد وجوه القراءات جاء لييسر القراءة للناس، وحتى يستطيع كل عربي أن يقرأ القرآن بأحرفه وكلماته التي اعتاد عليها من لحن قومه، فإنها تضمنت أيضاً ضرباً من ضروب الإعجاز، وهو أن التحدي في معارضة هذا القرآن كان عامة لكل العرب، فلو اقتصر إنزال القرآن على لغة واحدة هي أفصح لغات العرب جميعاً وأعلاها، ما كان يستقيم التحدي للعربي من أهل غير قريش التي لغته أدنى من اللغة التي نزل بها القرآن أن يتحدى بها، فكان من تمام إعجازه أن ينزل القرآن على أكثر من حرف، ليعجز العرب كافة عن معارضته والإتيان بمثله، بل بآية من مثله، وفي هذا يقول الرافعي ـ رحمه الله ـ: ((وإذا تم هذا النظم للقرآن مع بقاء الإعجاز الذي تحدى به، ومع اليأس من معارضته على ما يكون في نظمه من تقلب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات بحسب ما يلائم الأحوال في مناطق العرب، فقد تم له التمام كله، وصار إعجازه إعجازاً للفطرة اللغوية في نفسها حيث كانت وكيف ظهرت ومهما يكن من أمرها.)) (19)
ومن هذا يتحصل أن عمل عثمان بن عفان يتلخص في حمل الناس على القراءة بوجه واحد على ضوء ما نزل به القرآن أول نزول ووافقه عليه الصحابة، وترك للصحابة حرية القراءة فيما يخالف خط المصحف، وذلك إذا تأكد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يكون التعليم العام للمسلمين إلاَّ من المصحف الذي أجمع على ما فيه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وبهذا لم يلغِ عثمان بن عفان سائر الحروف إنما ترك الباب مفتوحاً لكل من كان يؤكد من الصحابة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بقراءة معينة أن يقرأ بها بحرية تامة، ولكن بشكل خاص ونطاق ضيق، ولذلك لم تحظ القراءات المخالفة لمصحف عثمان إلاّ بنقل الآحاد، لأنه ألزم العامة بالقراءة بالمصحف الذي اختار حروفه ووافقه عليه إجماع الصحابة، وبهذا يقول مكي: ((وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خطَّ المصحف، فكأنها منسوخة بالإجماع على خطِّ المصحف.
والنسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف، فلذلك تمادى بعض الناس على القراءة بما يخالف خط المصحف مما ثبت نقله، وليس ذلك بجيد ولا بصواب، لأن فيه مخالفة الجماعة، وفيه أخذ القرآن بأخبار الآحاد، وذلك غير جائز عند أحدٍ من الناس.)) (20)
وبهذا العمل المنظم والدقيق، ومن خلال هذا الجهد العظيم اختزلت القراءات التي اتسعت وتنوعت في زمن عثمان وسقطت القراءة بكثير من القراءات لأنها خالفت خط المصحف الذي صار إليه الإجماع من قبل الصحابة، ومضى المسلمون يتلقون القرآن بقراءاته من علماء التابعين وتابعي التابعين جيلاً بعد جيل متحرين الدقة في الرواية، معتمدين في ذلك على المشافهة والسماع لا على الدراية والاجتهاد والاكتفاء بالمصاحف، يقول ابن مجاهد (ت 324 هـ): ((والقراءة التي عليها الناس بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوَّليهم تلقِّياً، وقام بها في كل مصر من هذه الأمصار رجل ممن أخذ عن التابعين، أجمعت الخاصة والعامة على قراءته وسلكوا فيها طريقه وتمسَّكوا بمذهبه على مارُوِي عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، ومحمد بن المنكدر، وعمر بن عبد العزيز، وعامر الشعبي.)) (21)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا سارت مرحلة القراءة في مطلع القرن الأول الهجري في الاعتماد على الرواية المشافهة من أفواه الصحابة الذين أخذوا القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقروا في الأمصار الإسلامية التي بعثهم إليها الخليفة الراشد عثمان بن عفان مع المصاحف، وقد توخى عثمان في اختيار هؤلاء الموفدين أن يكون مع كل مصحف قارىء توافق قراءة أهل ذلك المصر في الأكثر الأغلب. (22)
وبعد تلك المرحلة انتقلت القراءات من طور الرواية المجردة إلى طور التدوين والتأليف في القراءات، وأول من ينسب إليه مؤلف في القراءات هو يحيى بن يعمر (ت89 هـ) ثم توالت المؤلفات في تدوين القراءات، وكان ممن ألَّف في هذا المجال أبان بن تغلب (ت 141 هـ)، ومقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)، وزائدة بن قدامة الثقفي (ت 161 هـ)، وغيرهم ممن ألفوا الكتب في هذا المجال وكان اشهرها كتاب أبي عبيد القاسم بن سلاَّم (ت 224 هـ) الذي جعل القراء خمسة وعشرين قارءاً. (23)
وهكذا تتابعت المؤلفات في هذا العلم حتى عصر ابن مجاهد (ت 324 هـ) الذي كان له الأثر الكبير في توجيه الاهتمام والتأليف في القراءات القرآنية.
[ line]
المبحث الثاني
مفهوم الاختلاف في القراءات القرآنية عند العلماء
نالت مسألة الأحرف السبعة والأحاديث النبوية التي ذكرت الأحرف السبعة اهتمام علماء المسلمين، ولا يكاد كتاب تناول القراءات أو علوم القرآن إلاَّ وقد عرض لهذا الموضوع بالبسط والتفصيل، لهذا سوف أكون في منأى عن الخوض في هذه المسألة، لانَّ الموضوع أُشبع بالدرس والتأليف، كما أن هذا المبحث منعقد حول بيان موقف العلماء من اختلاف القراءات القرآنية ومفهومهم لهذا الاختلاف، فهذا الموضوع من الأهمية بمكان، ويحتاج إلى شيء من التفصيل والبيان، لأنَّه أمر يتعلق بجانب اعتقادي في حياة المسلم، إذ يجب على المسلم أن ينفي عن القرآن وقراءاته التناقض والاختلاف والتدافع، وإن هذا الجانب من الموضوع تعرض للطعن والتشكيك من قبل بعض المستشرقين المغرضين، وراحوا يصفون القرآن وقراءاته بالتناقض والاضطراب.
وكان من أجرئهم المستشرق جولد تسيهر (24)، الذي وصف القرآن والقراءات بالاضطراب وعدم الثبات، إذ يقول: ((لا يوجد كتاب تشريعي اعترفت به طائفة دينية اعترافاً عقدياً أنه نص منزل أو موحى به يقدم نصه في أقدم عصور تداوله مثل هذه الصورة من الاضطراب وعدم الثبات كما نجد في نص القرآن.)) (25)
وهو يقصد هنا اختلاف القراءات كما صرح في كلامه بعد ذلك، ويقول في موطن آخر وهو يعرض للقراءات الواردة في قوله تعالى: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم: 1 - 3]، ويشير للاختلاف في قراءة (غلب الروم و سيغلبون) بالبناء للمعلوم والمجهول فيهما، واخذ يصف القراءتين بالتناقض، إذ يقول: ((إنَّ القراءتين متناقضتان في المعني، المغلوبون في القراءة المشهورة هم الغالبون في القراءة الأخرى.)) (26)، ولا غرابة من هذا المستشرق الذي صرح بأقبح من ذلك واسفه، مما يدل عن جهله في هذا الموضوع إنْ لم نقل فساد نيته وقصده السيء في الطعن بالقرآن والقراءات، إذ يقول: ((وقد رأى قتادة أن الأمر بقتل النفس أو قتل العصاة في قوله تعالى: {فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة:54]، هو من القسوة والشدة بحيث لا يتناسب مع الفعل فقرأ (فاقْيُّلُوا أنفسكم)، أي: حققوا الرجوع والتوبة من الفعل بالندم، وفي هذا المثال نرى وجهة نظر موضوعية كانت سبباً أدى إلى القراءة المخالفة.)) (27)
فهو يطعن بالقراءة المشهورة، ويصف قراءة قتادة ـ مع أنها شاذة (28) ـ بالموضوعية، وهو من جانب آخر يتهم القراء بالقراءة بالتشهي والاجتهاد، وكأن القراءة ليست سنة متبعة الأصل فيها التلقي والمشافهة لا الرأي والاجتهاد.
من أجل هذا كله كان بيان وجهة نظر علماء المسلمين حول هذه القضية له أهميته البالغة في الدراسات القرآنية والعربية، لذا سوف أعرض بشيء من الإجمال أقوال العلماء في هذه القضية مما يضع القاريء المهتم بالدرس القرآني في تصور صحيح لهذا الموضوع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ذهب جمهور علماء المسلمين إلى أن الاختلاف في القراءات هو اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض، وأن الاختلاف حاصل في الألفاظ المسموعة وليس في المعاني المفهومة، وبهذا صرح المهدوي (ت في حدود 440هـ) حين عرض لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل القرآن على سبعة أحرف، إذ قال: ((واختلف الناسُ في معنى الحديث اختلافاً كثيراً، فأكثرهم على أن معناه في الألفاظ المسموعة لا في المعاني المفهومة.)) (29)
وقوله (أكثرهم) لا يعني أن القلة من العلماء قائلون بالتناقض أو التضاد أو التنافر في القراءات، بل لهم تفسيرات مغايرة حول معنى الحديث، فبعضهم فسر الأحرف السبعة باللغات، وبعضهم فسرها بالحلال والحرام والمحكم والمتشابه وغيرها. (30)
وبين الداني (ت 444هـ) ما ينبغي اعتقاده في القراءات، إذ يقول: ((وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأليفه وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره فإن القرآن منزل على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ وحق وصواب وأن الله تعالى قد خير القراء في جميعها وصوبهم إذا قرؤوا بشيء منها وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضاد ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد.)) (31)، وكان الداني من قبل هذا قد فصل القول في تعدد القراءات وبين المعاني التي تشتمل عليه اختلاف القراءات، حيث قال: ((وأما على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف فإنه يشتمل على ثلاثة معانٍ يحيط بها كلها
أحدها:- اختلاف اللفظ والمعنى الواحد.
والثاني:- اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضاد اجتماعهما فيه. والثالث:- اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه ونحن نبين ذلك إن شاء الله.)) (32)، ثم ساق من بعد ذلك القراءات ودلل على القواعد التي أصل لها حول هذا الموضوع. (33)
وأفاد من هذا التأصيل الإمام ابن الجزري (ت 833 هـ) ولكن بشيء من التفصيل والبيان والاستقراء الأوسع، فيقول: ((وأما حقيقة اختلاف هذه السبعة الأحرف المنصوص عليها من النبي? وفائدته فإن الاختلاف المشار إليه في ذلك اختلاف تنوع وتغاير، لاختلاف تضاد وتناقض، فإن هذا محال أن يكون في كلام الله تعالى، قال تعالى:? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ? [النساء: 82]،وقد تدبرنا اختلاف القراءات كلها فوجدناه لا يخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها:- اختلاف اللفظ والمعنى واحد.
الثاني:- اختلافهما جميعاً مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
الثالث:- اختلافهما جميعاً مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.
فأما الأول فكالاختلاف في (الصراط، وعليهم، ويؤده، والقدس، ويحسب) ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط. (34)
وأما الثاني فنحو (مالك، وملك) في الفاتحة، لأن المراد في القراءتين هو الله تعالى، لأنه مالك يوم الدين وملكه، وكذلك (يَكْذِبون، ويُكَذِّبون) لأن المراد بهما هم المنافقون، لأنهم يُكذِّبون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويَكْذِبون في أخبارهم …
وأما الثالث فنحو (وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ) بالتشديد والتخفيف، وكذا (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بفتح اللام الأولى ورفع الأخرى،وبكسر الأولى وفتح الثانية … فإن ذلك كله وإن اختلف لفظاً ومعنى وامتنع اجتماعه في شيء واحد فإنه يجتمع من وجه آخر يمتنع فيه التضاد والتناقض.)) (35)
فحاصل ما ذكره ابن الجزري ومن قبله الداني أن اختلاف القراءات لا يلزم تناقض وتضاد واضطراب، وهذا ما قرره علماء المسلمين، بل ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728 هـ) أن إجماع المسلمين منعقد على عدم تناقض القراءات أو تضادها، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً من أن المهدوي لا يقصد بقوله: (فأكثرهم) أن غيرهم يقول بالتناقض والتضاد، بل لا نزاع بين علماء المسلمين في أن القراءات لا تتضمن تناقض في المعنى ولا تضاد كما يقول ابن تيمية: ((ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون
(يُتْبَعُ)
(/)
معناها متفقا أو متقاربا كما قال عبد الله بن مسعود إنما هو كقول أحدكم أقبل وهلم وتعال، وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر لكن كلا المعنيين حق وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف إن قلت غفورا رحيما أو قلت عزيزا حكيما فالله كذلك ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة، وهذا كما في القراءات المشهورة …
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه متباينا من وجه كقوله: (يَخْدَعُون ويُخَادِعون)، و (يَكْذِبون ويُكَذِّبون)،و (لَمَسْتُم ولامَسْتُم)،و (حتى يَطْهُرْن ويَطَّهَرْن) ونحو ذلك فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظناً أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.)) (36)، ثم يشير بعد ذلك إلى أن أئمة علماء السلف وطوائف من أهل الكلام والقراء متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضاً خلافاً يتضاد فيه المعنى ويتناقض، بل يصدق بعضها بعضاً كما تصدق الآيات بعضها بعضاً. (37)
ونقل جملة من هذه الأقوال الإمام الزركشي (ت794 هـ) في البرهان والإمام السيوطي (ت911 هـ) في الإتقان (38)،مما يدل على أن المراد بالاختلاف في القراءات القرآنية هو اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تناقض وتضاد، بل رجح الإمام ابن حجر العسقلاني هذا المعنى وقواه على غيره، إذ قال في شرح قوله تعالى: (فاقرؤوا ما تيسر منه): ((أي من المنزل، وفيه إشارة إلى الحكمة في التعدد المذكور، وأنه للتيسير على القارىء، وهذا يقوي قول من قال: المراد بالأحرف تأدية المعنى باللفظ المرادف، ولو كان من لغة واحدة، لأنَّ لغة هشام بلسان قريش وكذلك عمر، ومع ذلك فقد اختلفت قراءتهما، نبه على ذلك ابن عبد البر، ونقل عن أكثر أهل العلم أن هذا هو المراد بالأحرف السبعة.)) (39)
معنى هذا أن نزول القرآن باختلاف قراءاته لا يلزم منه تناقض ولا تضاد ولا تدافع بين مدلولات معانيه يسبب اضطراباً واختلافاً بين آيات القرآن، بل كل قراءة منها مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب قبولها والإيمان بها والعمل بمقتضاها، وفي ذلك يقول ابن الجزري: ((كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقد وجب قبوله، ولم يسع أحد من الأمة رده ولزم الإيمان به، وأن كله منزل من عند الله إذ كل قراءة منها مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علماً وعملاً، لا يجوز ترك موجب إحداهما لا جل الأخرى ظناً أن ذلك تعارض.)) (40)
فمفهوم مصطلح (الاختلاف) في القراءات لا يعني التعارض والتباين كما يفهم هذا المعنى من المصطلح عند علماء الفقه، فالقراءات على اختلافها وتنوعها لم يتطرق إليها تضاد ولا تناقض، ولا تعارض وتباين كما يحصل ذلك في اختلاف وتنوع الفقهاء، وإلى هذا نبه الإمام الجليل ابن الجزري ـ رحمه الله ـ وفرق بين اختلاف القراء واختلاف الفقهاء، إذ يقول: ((وبهذا افترق اختلاف القراء من اختلاف الفقهاء، فإن اختلاف القراء كله حق وصواب نزل من عند الله وهو كلامه لا شك فيه، واختلاف الفقهاء اختلاف اجتهادي، والحق في نفس الأمر واحد، فكل مذهب بالنسبة إلى الآخر صواب يحتمل الخطأ، وكل قراءة بالنسبة إلى الأخرى حق وصواب في نفس الأمر، نقطع بذلك ونؤمن به.)) (41)
فالاختلاف في القراءات حق لا تضاد فيه ولا تدافع بين معاني الآيات، وهذا ما دل عليه قوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء:82]، وما دل عليه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للمختلفين في القراءة بقوله: أصبتم، أو كلاكما محسن، أو أي ذلك قرأتم أصبتم، وما دلت عليه نقولات علماء المسلمين من أن إحدى مقاصد القراءات الشاذة تفسير القراءات المشهورة وتبيين معانيها، يقول الزركشي: ((قال أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن إن القصد من
(يُتْبَعُ)
(/)
القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها وذلك كقراءة عائشة وحفصة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر) وكقراءة ابن مسعود (والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما) ومثل قراءة أبى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن) وكقراءة سعد بن أبى وقاص (وإن كان له أخ أو أخت من أم فلكل) وكما قرأ ابن عباس (لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج) قلت وكذا قراءته (وأيقن أنه الفراق وقال ذهب الظن) قال أبو الفتح: يريد أنه ذهب اللفظ الذي يصلح للشك وجاء اللفظ الذي هو مصرح باليقين انتهى،وكقراءة جابر (فإن الله من بعد إكراههن له غفور رحيم)،فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك فكيف إذا روى عن كبار الصحابة ثم صار في نفس القراءة فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله إنما يعرف ذلك العلماء ولذلك يعتبر بهما وجه القرآن.)) (42)
فإذا كانت القراءات الشاذة لا تقتضي تضاداً ولا تناقضاً، إنما هي مفسرة ومبينة للقراءات المشهورة، فكيف بالقراءات الصحيحة التي تلقتها الأمة بالرضى والقبول، فهل من المعقول أن تتضمن تناقضاً واختلافاً يقتضي التضاد يكون بها القرآن مضطرباً متبايناً؟!.
إنَّ هذا الكلام لا يصدر إلاَّ من رجلٍ ساءت نيته وفسدت عقيدته، لانَّ القرآن لا تناقض فيه ولا تباين ولا اضطراب، إنما هو آيات محكمات يصدق بعضها بعضاً، وإن تنوع القراءات يقوم مقام تعدد الآيات من دون تناقض وتضاد، وفي هذا يقول الشيخ الزرقاني (ت 1367هـ): ((إن تنوع القراءات يقوم مقام تعدد الآيات وذلك ضرب من ضروب البلاغة يبتدىء من جمال هذا الإيجاز وينتهي إلى كمال الإعجاز، أضف إلى ذلك ما في تنوع القراءات من البراهين الساطعة والأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله، فإن هذه الاختلافات في القراءة على كثرتها لا تؤدي إلى تناقض في المقروء وتضاد ولا إلى تهافت وتخاذل، بل القرآن كله على تنوع قراءاته يصدق بعضه بعضا ويبين بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض على نمط واحد في علو الأسلوب والتعبير وهدف واحد من سمو الهداية والتعليم، وذلك من غير شك يفيد تعدد الإعجاز بتعدد القراءات والحروف، ومعنى هذا أن القرآن يعجز إذا قرىء بهذه القراءة ويعجز أيضا إذا قرىء بهذه القراءة الثانية ويعجز أيضا إذا قرىء بهذه القراءة الثالثة وهلم جرا، ومن هنا تتعدد المعجزات بتعدد تلك الوجوه والحروف ولا ريب أن ذلك أدل على صدق محمد لأنه أعظم في اشتمال القرآن على مناح جمة في الإعجاز وفي البيان على كل حرف ووجه وبكل لهجة ولسان ? لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ? [الأنفال:42].)) (43)
إنَّ الاختلاف والتنوع في القراءات يقوم مقام تعدد الآيات، وهو ضرب من ضروب الإعجاز انفرد به هذا الكتاب الكريم، وسنبين في المبحث اللاحق جانب واحد من جوانب إعجازه في تعدد القراءات،وما فيها من البراهين الساطعة والأدلة القاطعة على أن هذا القرآن بقراءاته كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه ((سلسلة واحدة متصلة الحلقات محكمة السور والآيات متآخذة المبادىء والغايات مهما تعددت طرق قراءته ومهما تنوعت فنون أدائه.)) (44)
[ line]
المبحث الثالث
القراءات والمعنى
من المعلوم أن الهدف الرئيس من تعدد القراءات واختلافها هو التيسير ورفع الحرج عن الأمة في قراءة كتاب ربها عز وجل، ولكن إلى جانب هذا الهدف احتوت ظاهرة التنوع في القراءات جوانب أخرى أعطت للنص القرآني تميزه وسموه على الكتب السماوية الأخرى وعلى النصوص البشرية النثرية والشعرية على حدٍ سواء، مما استحق أن يتصف هذا القرآن بالإعجاز.
وكان من بين هذه الجوانب جانب تعدد المعاني بتعدد القراءات،إذ كل قراءة زادت معنى جديداً لم تبينه أو توضحه القراءة الأخرى، وبهذا اتسعت المعاني بتعدد القراءات، إذ تعدد القراءات يقوم مقام تعدد الآيات القرآنية.
(يُتْبَعُ)
(/)
والاختلاف والتنوع في القراءات القرآنية يشبه إلى حدٍ كبير ظاهرة تكرار القصص القرآني، فكل آية أو واقعة تبين معنى جديداً لم تبينه الآية أو الواقعة السابقة، ففي قصة سيدنا إبراهيم مع ضيوفه ما يجلي هذا المقصد، فقد ذكر الله عز وجل في سورة هود رسله وأنهم قدموا على إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) [هود: 69]، وقال في سورة الذاريات: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ) [الذاريات: 24 - 26].
فنلحظ أن الله تعالى يخبر في سورة هود أنه أرسل رسله إلى إبراهيم، بينما نرى في سورة الذاريات أنه يبين جنس هؤلاء الرسل وهم الملائكة وأنهم منكرون لدى إبراهيم عليه السلام، كما نرى في المشهد الأول أن إبراهيم عليه السلام يقدم لهم عجلاً يصفه الله بالحنيذ، والحنيذ هو العجل المشوي على الرَّصف بحر الحجارة من غير أن تمسه النار مما يجعل شحمه يتقاطر حتى تنضجها (45)، بينما نرى المشهد الثاني الذي صورته سورة الذاريات يبين أن العجل كان سميناً فهو ليس بالهزيل، وهذا قمة إكرام الضيف، فكل آية أعطت معنى جديداً لم تبينه الآية الأخرى.
وكذلك الأمر في قصة سيدنا موسى، فقد ذُكِرَت في مواطن كثيرة من القرآن، ومن هذه المواطن قوله تعالى: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) [الأعراف: 107]، وفي موطن آخر قال:
(وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) [النمل: 10]، فالجان الصغير من الحيات، والثعبان الكبير منها، فهل تعارضت هاتان الآيتان؟
لقد ذكر العلماء تفسيراً لهذا مما قد يظنه بعض المشككين أنه اختلاف وتعارض في آيات القرآن، يقول الزركشي: ((وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته.)) (46)
فآية الأعراف بينت شكلها وهيئتها وخلقتها، وآية النمل بينت حال تحركها واهتزازها، فكل آية أعطت معنى جديداً لم تبينه الآية الأخرى،وعلى هذا كثير من الآيات والقصص القرآني،لا اختلاف ولا تناقض بين الآيات، إنما لكل آية مقصد وهدف وغاية يقتضيه السياق وجو السورة العام.
والاختلاف في القراءات القرآنية لا يختلف عن هذا المقصد، إذ كل قراءة توضح وتبين معنى جديداً لم تبينه القراءة السابقة، وبذلك تتسع المعاني وتتعدد بتعدد القراءات، إذ كل قراءة بمقام آية، وفي ذلك يقول ابن عاشور (ت 1393هـ): ((على أنه لا مانع من أن يكون مجيء ألفاظ القرآن على ما يحتمل تلك الوجوه مراداً لله تعالى، ليقرأ القراء بوجوه فتكثر من ذلك المعاني، فيكون وجود الوجهين فأكثر في مختلف القراءات مجزءاً عن آيتين فاكثر، وهذا نظير التضمين في استعمال العرب، ونظير التورية والتوجيه في البديع …)) (47)، وبهذا يكون من مقاصد الاختلاف في القراءات القرآنية تكثير المعاني واتساعها، ولكن من غير تناقض أو تباين في المعاني، وسوف ندلل على هذا الأمر بما سنعرضه من بعض القراءات، لأن هذا المقام لا يتسع لذكر القراءات جميعها، فالأمر يتطلب دراسة أشمل وأكبر من هذا البحث، ولكن هذه القراءات التي سنختارها ونبين المعاني التي تضمنتها سوف ترسم ملامح واضحة للموضوع يكون الدارس معها على ركيزة ثابتة يمكن أن ينطلق من خلالها ويوجه جميع الاختلاف في القراءات القرآنية من غير تناقض أو تضاد.
1 - قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة:10].
فقرأ عاصم وحمزة والكسائي (يَكْذِبُونَ) بفتح الياء وتسكين الكاف وتخفيف الذال، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (يُكَذِّبونَ) بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال. (48)
فالقراءة بالتخفيف معناها أنهم استحقوا العذاب الأليم بسبب كَذِبَهم في إظهار الإسلام والإيمان وهم في باطنهم كافرون، فهم كاذبون في قولهم: (آمنا بالله وباليوم الآخر).
(يُتْبَعُ)
(/)
والقراءة بالتشديد معناها أنهم استحقوا العذاب الأليم بسبب تكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الزجاج (ت 311 هـ): ((ويقرأ (يُكَذِّبونَ)، فمن قرأ (يَكْذِبُونَ) بالتخفيف فإنَّ كَذِبَهُم قولهم أنهم مؤمنون، قال عز وجل: (وما هم بمؤمنين)، وأما يُكَذِّبونَ بالتثقيل فمعناه بتكذيبهم النبي ?.)) (49)
فحاصل القراءتين أن المنافقين سيعذبون العذاب الأليم بسبب كذبهم وتكذيبهم، ففي القراءتين تنوع في المعاني، إذ بينت إحدى القراءتين أنهم كاذبون في أخبارهم، وبينت القراءة الأخرى بأنهم يُكَذِّبون النبي وما جاء به من عند الله تعالى، ومع هذا لا يقتضي هذا الاختلاف التضاد في المعنى، لأن المراد بهما هم المنافقون، يقول مكي ابن أبي طالب القيسي: ((والقراءتان متداخلتان ترجع إلى معنى واحد، لأنَّ من كذب رسالة الرسل وحجة النبوة فهو كاذب على الله، ومن كذب الله وجحد تنزيله فهو مكذب بما أنزل الله.)) (50)، ونحو هذا ذهب الداني في باب اختلاف اللفظ والمعنى جميعاً مع جواز اجتماع القراءتين في شيء واحد من اجل عدم تضاد اجتماعهما فيه، إذ يقول: ((وكذا (بما كانوا يكذبون) بتخفيف الذال وبتشديدها، لأنَّ المراد بهاتين القراءتين جميعاً هم المنافقون، وذلك أنهم كانوا يَكذِبون في أخبارهم، ويُكذِّبون النبي فيما جاء به من عند الله تعالى، فالأمران جميعاً مجتمعان لهم، فأخبر الله تعالى بذلك عنهم وأعلمنا أنه معذبهم بهما.)) (51)،وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((في (يكذبون) قراءتان مشهورتان، فإنهم كذبوا في قولهم (آمنا بالله وباليوم الآخر) وكذبوا الرسول في الباطن وإن صدقوه في الظاهر.)) (52)، ويقول ابن كثير (ت 774 هـ): ((وقولهم ? بما كانوا يَكذِبون) وقرىء (يُكَذِّبون) وقد كانوا متصفين بهذا وهذا، فإنهم كانوا كذبة ويكذبون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا.)) (53)
وبهذا فإن كل قراءة زادت معنى جديداً لم تبينه القراءة الأخرى مع عدم التناقض والتضاد بينهما.
2 - قوله تعالى: ?يسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ? [البقرة: 219].
فقرأ حمزة والكسائي (فيهما إثم كثير) بالثاء، وقرأ الباقون (إثم كبير) بالباء. (54)
فمعنى قراءة حمزة والكسائي (إثم كثير) من الكثرة، وذلك لأن شرب الخمر يحدث معه آثام كثيرة من لغط وتخليط وسب وأيمان وعداوة وخيانة وتفريط في الفرائض وفي غير ذلك، فوصف بالكثرة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ? إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ? [المائدة:91]، فذكر أشياء من الإثم. (55)
يقول أبو حيان (ت 745 هـ): ((ووصف الإثم بالكثرة إما باعتبار الآثمين فكأنه قيل فيه: للناس آثام، أي كل واحد من متعاطيها آثم، أو باعتبار ما يترتب على شربها مما يصدر من شاربها من الأفعال والأقوال المحرفة، أو باعتبار من زاولها من لدن كانت إلى أن بيعت وشريت فقد لعن رسول الله ? الخمر ولعن معها عشرة بائعها ومبتاعها والمشتراة له وعاصرها ومعتصرها والمعصورة له وساقيها وشاربها وحاملها والمحمولة له وآكل ثمنها، فناسب وصف الإثم بالكثرة بهذا الاعتبار.)) (56)
أما معنى قراءة (إثم كبير) فهو من الكبر والعظم أ ي: فيها إثم عظيم، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:? وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ? [الشورى: 37]، فكذلك ينبغي أن يكون (إثم كبير) لأنَّ شرب الخمر والميسر من الكير، وفي هذا يقول الزجاج: ((فأما الإثم الكبير الذي في الخمر فبين، لأنها توقع العداوة والبغضاء، وتحول بين المرءٍ وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه.)) (57)، ويقول مكي: ((أجمعوا على أن شرب الخمر من الكبائر فوجب أن يوصف لإثمه بالكبر.)) (58)
(يُتْبَعُ)
(/)
فحاصل القراءتين هو التأكيد على تحريم الخمر وذمها لعظيم إثمها وعقوبتها، وكذلك لكثرة آثامها، فلا تناقض بين القراءتين، لأنهما في ذم الخمر وتقبيح شاربها، فكل قراءة بينت أمراً هو فيها، وهو من باب الاتساع في المعاني الذي لا يقتضي التضاد والتباين، وكلتا القراءتين مراد الله عز وجل، وفي ذلك يقول أبو حيان: ((ذكر بعض الناس ترجيحاً لكل قراءة من هاتين القراءتين على الأخرى وهذا خطأ، لأنَّ كلاً من القراءتين كلام الله تعالى، فلا يجوز تفضيل شيء منه على شيء من قبل أنفسنا إذ كله كلام الله تعالى.)) (59)
3 - قوله تعالى: ? أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? [البقرة: 259].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (ننشرها) بالراء، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي (ننشزها) بالزاي. (60)
فمعنى قراءة (ننشرها) أي: إحياؤها وبعثها بعد موتها، أما قراءة (ننشزها) فمعناها نرفعها والإنشاز نقلها إلى موضعها برفع بعضها إلى بعض وتركبه على حالته الأولى، فترفع العظام وتركب للإحياء، ومنه نشوز المرأة وهو ارتفاعها على زوجها، ومنه قوله تعالى: ?وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ? [المجادلة:11]، أي ارتفعوا.
يقول الفراء: ((الإنشاز نقلها إلى موضعها، وقرأها ابن عباس (ننشرها)، إنشاءها: إحياؤها، واحتجَّ بقوله: ?ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ ? [عبس: 22].)) (61)
وقال الزجاج: ((يقرا (نٌنْشِزُها) بالزاي و (نُنْشِرُها، ونَنْشُرُها) بالراء فمن قرأ نُنشزها كان معناه نجعلها بعد بِلاها وهجودها ناشزة ينشز بعضها إلى بعض، أي يرتفع، والنشز في اللغة ما أرتفع عن الأرض، ومن قرأ (نُنْشِرُها، ونَنْشُرُها) فهو من أنشر الله الموتى ونشرهم، وقد يقال نَشَرهم الله أي بعثهم، كما قال: ? وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ? [الملك: 18].)) (62)
فحاصل القراءتين أن الله بين كيفية إحياء الموتى، وذلك بإحياء العظام وبعثها من موتها التي كانت فيها كما دلت عليه القراءة بالراء، وبينت القراءة بالزاي كيفية إحياء العظام، وذلك برفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فضمن الله تعالى المعنيين في القراءتين، وفي هذا يقول الداني: ((المراد بهاتين القراءتين جميعاً هي العظم، وذلك أن الله تعالى أنشرها أي أحياها، وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فأخبر سبحانه أنه جمع لها هذين الأمرين من إحيائها بعد الممات ورفع بعضها إلى بعض لتلتئم فضمن تعالى المعنيين في القراءتين تنبيهاً على عظيم قدرته.)) (63)
فدل بالقراءتين على عظيم قدرته سبحانه في البعث والإحياء والتركيب من غير تناقضٍ أو تباينٍ أو تضادٍ فيهما.
4 - قوله تعالى: ? وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ? [الأنعام: 61].
قرأ عامة العشرة (وهم لا يُفَرِّطُون) بتشديد الراء، وقرأ الأعرج (وهم لا يُفْرِطُون) بتخفيف الراء وسكون الفاء. (64)
(يُتْبَعُ)
(/)
فمعنى قراءة العامة أن الملائكة لا يقصرون فيما يؤمرون به من توفي من تحضره المنية ولا يغفلون ولا يتوانون، أما قراءة الأعرج (لا يُفْرِطُون) فهو من الإفراط أي الزيادة، فهم لا يزيدون ولا يتوفون إلاَّ من أمروا بتوفيه لا يتجاوزن الحد في ذلك، قال ابن جني (ت 392 هـ): ((يقال أفرط في الأمر إذا زاد فيه، وفرَّط فيه إذا قصَّر، فكما أن قراءة العامة (لا يُفَرِّطُون) لا يقصرون فيما يؤمرون به من توفِّي من تحضر منيته، فكذلك أيضاً لا يزيدون، ولا يَتَوَفَّون إلاَّ من أُمِرُوا بتَوَفِّيه، ونظيره قوله جل وعز: ? وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ? [الرعد: 8].)) (65)
فدل بالقراءتين على أن الملائكة يفعلون ما يؤمرون به دون زيادة أو نقصان فكل قراءة وضحت معنى هو من مراد الله عز وجل دون تضاد أو تناقض، وهو من باب التوسع في المعاني من غير تباين في معاني القراءات. (66)، وفي هذا يقول الزمخشري (ت538 هـ): ((و (يفرطون) بالتشديد والتخفيف، فالتفريط التواني والتأخير عن الحدِّ، والإفراط مجاوزة الحدِّ، أي لا ينقصون مما أمروا به ولا يزيدون فيه.)) (67)
5 - قوله تعالى: ? وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ، وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ? [التكوير: 22 - 25].
قرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة (بِضنين) بالضاد، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس (بظنين) بالظاء. (68)
فالقراءة بالضاد (بضنين) فمن الضنة وهي البخل، أي معناها ما هو على الغيب ببخيل، أما القراءة بالظاء (بظنين) فمن الظنة وهي الاتهام، أي ما هو على الغيب بمتهم.
يقول الفراء: ((حدثني قيس بن الربيع عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أنتم تقرءون (بضنين) ببخيل، ونحن تقرأ (بظنين) بمتهم، وقرأ عاصم وأهل الحجاز وزيد بن ثابت (بضنين) وهو حسن، يقول: يأتيه غيب السماء وهو منفوس فيه فلا يضن به عنكم، فلو كان مكان على، عن صلح أو الباء كما تقول: ما هو بضنين بالغيب، والذين قالوا: بظنين احتجوا بأن على تقوي قولهم، كما تقول: ما أنت على فلان بمتهم.)) (69)، ونحو هذا ذهب الزجاج بقوله: ((فمن قرأ بظنين فمعناه ما هو على الغيب بمتهم وهو الثقة فيما أداه عن الله جل وعز، يقال ظننت زيداً في معنى اتهمت زيداً، ومن قرأ (بضنين) فمعناه ما هو على الغيب ببخيل، أي هو ? يؤدي عن الله ويُعَلِّمُ كتاب الله.)) (70)
ويقول ابن خالويه (ت 370 هـ): ((قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي (بظنين) بالظاء، أي: بمتهم، يقال: بئرٌ ظنينٌ، إذا كان لا يُوثَقُ بها.
وقرأ الباقون (بضنين) بالضاد، أي: ببخيل، أي ليس بخيل بالوحي بما أنزل الله من القرآن فلا يكتمه أحداً، تقول العرب: ضننت بالشيء أضن به: إذا بخلت به، ويُنشد:
مَهْلاً أعَاذِلُ قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقِي * إنِّي أجُوْدُ لأقوامٍ وإنْ ضَنَنُوا.)) (71)
ولم يشذ عن هذه المعاني جمهور المفسرين وأصحاب كتب علل القراءات (72)،كما أورد أصحاب كتب النظائر بين الظاء والضاد ما يؤكد ما ذهب إليه أصحاب كتب التفسير، ومعاني القرآن، وعلل القراءات، لكن المفيد في الكتب التي اختصت بالحديث عن الظاء والضاد هو انفرادها برواية النظائر بشيء من التوسع والشمول والاعتماد على ما قرره علماء اللغة في معجماتهم، كما أنها أصبحت مضان الدارسين في هذا الباب، لأنها عالجت ما أصاب بعض المتأخرين من الخلط بين الحرفين في النطق مع أن معناهما مختلف في بناء الكلمة، فوضعت هذه الكتب الضوابط للتفريق بين الحرفين مع ذكر المعاني التي تدل عليها هذه الألفاظ.
يقول السرقوسي (ت نهاية القرن السادس): ((ويكون الظَّنُّ بمعنى الشكَ والتهمة، قال الله تعالى: ?مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ? [النساء:157]، ? إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا ? [الجاثية: 32].
واختلف في سورة التكوير في قوله: ? وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ?، فقُرىء بالظاء على معنى التهمة، وقُرىء بالضاد على معنى البخيل (وما هو على الغيب بضنين) أي: ببخيل.)) (73)
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول ابن مالك (ت 672 هـ): ((فأما (الضنُّ) بالضاد فمصدرُ ضنَّ بالشيء ضَنّاً وضِنّاً وضَنَانَةً إذا بَخِلَ به وشَحَّ، واضنينُ: البخيلُ، وقُرِىء: (وما هو على الغيب بضنين) …
وأما (الظنُّ) بالظاء: التُهمةُ، وقُرىء (وما هو على الغيب بظنين) أي بمتهم، وكلاهما بالظاء والضاد متوجهان في حقِّ النبي ?، لأنه ليس ببخيل ولا بمتهم.)) (74)
وبهذا يتحصل أن القراءتين وإن اختلف لفظهما فلم يتناقض أو يتضاد معناهما، بل تصدق بعضهما بعضاً، وكل قراءة تزيد معنى جديداً تكمل به القراءة الأخرى، فالمراد بهاتين القراءتين جميعاً هو النبي ?، وذلك أنه كان غير متهم فيما أخبر به عن الله تعالى وغير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه فقد انتفى عنه الأمران جميعاً، فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين. (75)
من خلال ما تقدم يتبين بشكل جلي أن الاختلاف في القراءات القرآنية هو اختلاف تنوع وتغاير، وليس اختلاف تناقض أو تضاد، إذ ليس في شيء من القراءات تنافٍ ولا تضاد ولا تناقض ولا تباين، وإن من مقاصد هذا الاختلاف هو التكثير من المعاني في الآية الواحدة، فكانت كل قراءة تلقي الضوء على جانب معين لم تبينه القراءة الأخرى، وكأن الموضوع مجموعة صور لمسجد أو بيت كل صورة تبين أو تزيد شياً جديداً لم تبينه الصورة الأخرى، مع أن جميع الصور هي لمكانٍ واحد.
[ line]
الخاتمة والنتائج
لن أطوي صفحات هذا البحث حتى أجمل بعض الحقائق التي خرجتُ بها من خلال دراسة هذا الموضوع والتي تتلخص في الأمور الآتية: -
(1) إنَّ موضوع القراءات القرآنية من الموضوعات المهمة في الدرس اللغوي العربي، لأنَّ دراسة هذا الموضوع يكشف الكثير من القضايا اللغوية المهمة (الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية)، ويلقي الضوء على الكثير من الخصائص اللهجية التي اتسمت بها القبائل العربية، وبهذا تعد مادة القراءات القرآنية وما يتعلق بها من قضايا رافداً مهماً من روافد الدرس اللغوي العربي لا يمكن تجاهله أو التقصير فيه،ولاسيما دارس العربية.
(2) تبين من خلال البحث أن علماء المسلمين أجمعوا على أن الاختلاف في القراءات إنما هو اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض، ودللنا على ذلك بجملة من أقوال علماء المسلمين والتي تثبت ذلك، وتوضح بشكل قاطع جهل بعض المستشرقين في هذا الموضوع وهم يصفون الاختلاف في القراءات القرآنية بالاضطراب.
(3) اتضح من خلال عرض بعض الاختلاف في القراءات القرآنية اثر القراءات في تعدد المعاني واتساعها، وإن الإكثار من المعاني في الآية الواحدة هو مقصد من مقاصد الاختلاف في القراءات القرآنية، وهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعاني علماً وعملاً.
وهذا الموضوع لم يغفل عنه علماء المسلمين، فكتب التفسير وتوجيه القراءات احتوت على جوانب كثيرة من هذا الموضوع إلاَّ أنها لم تدرس هذا الموضوع بالشكل الذي عرضناه دراسة استقصائية، وإنما كانت توضح حجة أو علة كل قراءة وتورد بعض الأقوال مبثوثة هنا أو هناك، كأنها ترجح قراءة على أخرى أو تبين العلة من القراءة بهذه اللفظة متجاهلة ـ في الأعم الأغلب ـ الفوائد واللطائف التي تتحقق من خلال الاختلاف في القراءات القرآنية، لذا أرى من المفيد جمع كل ما يتعلق بهذا الموضوع وإفراده بتصنيف يبين المعاني والفوائد واللطائف التي تضمنتها القراءات ويبرز جانب الإعجاز في النص القرآني بكونه غير قابل للتناقض والتباين والاضطراب على الرغم من تعدد القراءات وتنوعها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[ line]
الهوامش
(1) ينظر: معرفة القراء الكبار 1/ 54.
(2) صحيح البخاري 1/ 6 و6/ 2736. والحديث في: مسند الإمام أحمد 1/ 343،وصحيح مسلم 1/ 330،وسنن الترمذي 5/ 430، وسنن النسائي 1/ 324و6/ 503.
(3) فتح الباري 1/ 30.
(4) المرشد الوجيز 33.
(5) ينظر: جمال القراء 2/ 424.
(6) النشر 1/ 6.
(7) ينظر:مسند الإمام أحمد 1/ 10و13، وصحيح البخاري 4/ 1720و1907و6/ 2629، وسنن الترمذي 5/ 283،والنسائي 5/ 7، وكتاب المصاحف 1/ 170، والإبانة 23 - 25، و محاضرات في علوم القرآن 55 - 56.
(8) ينظر: الإبانة 15.
(يُتْبَعُ)
(/)
(9) ينظر: تأويل مشكل القرآن 39، والإبانة 42 - 43.
(01) الحديث في سنن الترمذي 5/ 194 رقم 2944.
(11) صحيح مسلم 1/ 562.
(21) ينظر: محاضرات في علوم القرآن 109.
(31) ينظر تمام الواقعة في: صحيح البخاري 4/ 1908، وسنن الترمذي 5/ 284، وسسن النسائي5/ 6، والإتقان 1/ 169 - 172.
(41) كتاب المصاحف 1/ 214. وينظر الإتقان 1/ 170 - 171.
(51) الإبانة 16.
(61) المرشد الوجيز 92.
(71) الفتح 9/ 9.
(81) المصدر السابق 9/ 28.
(91) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية 41.
(02) الإبانة 10.
(12) السبعة 49.
(22) ينظر: مناهل العرفان 1/ 279و285.
(32) ينظر: القراءات القرآنية تاريخ وتعريف 27 - 32.
(42) هو مستشرق يهودي مجري الأصل، له العديد من المصنفات رحل إلى سورية وفلسطين ومصر، وعين أستاذاً في جامعة بودابست (عاصمة المجر)، توفي سنة 1921م. ينظر: الأعلام 1/ 84.
(52) مذاهب التفسير الإسلامي 4.
(62) المصدر السابق 18.
(72) المصدر السابق 5.
(82) ينظر: مختصر في شواذ القراءات 6.
(92) بيان السبب الموجب لاختلاف القراءات 240.
(03) ينظر: الأحرف السبعة للداني 57 - 59، و الإتقان 1/ 131 - 141، والقراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية 24 - 29.
(13) الأحرف السبعة 60.
(23) المصدر السابق 47.
(33) ينظر: المصدر السابق 50 - 51.
(43) في الأحرف السبعة للداني47 - 48: (((السراط) بالسين و (الصراط) بالصاد و (الزراط) بالزاي و (عليهم، و إليهم، ولديهم) بضم الهاء مع إسكان الميم وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها و (فيه هدى، و عليه كنز، و منه ءايت، وعنه ماله) بصلة الهاء وبغير صلتها و (يؤده إليك، ونؤته منها، وفألقه إليهم) بإسكان الهاء وبكسرها مع صلتها واختلاسها، و (أكلها، وفي الأكل) بإسكان الكاف وبضمها، و (إلى ميسرة) بضم السين وبفتحها، و (يعرشون) بكسر الراء وبضمها وكذلك ما أشبهه ونحو ذلك البيان والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة وتحقيق الهمز وتخفيفه وشبهه مما يطلق عليه أنه لغات فقط.))
(53) النشر 1/ 51.
(63) مجموعة الفتاوى 13/ 391 - 392.
(73) ينظر: المصدر السابق 13/ 401.
(83) ينظر: البرهان 1/ 221، و الإتقان 1/ 132 - 135.
(93) فتح الباري 9/ 26.
(04) النشر 1/ 51.
(14) المصدر السابق 1/ 52.
(24) البرهان 1/ 336 - 338.
(34) مناهل العرفان 1/ 105 - 106. وينظر: مقدمة تفسير التحرير والتنوير 1/ 54.
(44) مناهل العرفان 1/ 130.
(54) ينظر: تفسير القرطبي 9/ 23.
(64) البرهان 2/ 55.
(74) التحرير والتنوير 1/ 54.
(84) ينظر: السبعة 143، والتذكرة 2/ 310، والتيسير 72، والإقناع 2/ 597، والكنز 2/ 404، والنشر 2/ 207.
(94) معاني القران وإعرابه 1/ 87. وينظر: معاني القراءات 42، وإعراب القراءات السبع وعللها 1/ 66، والحجة لأبي علي 1/ 255 - 257، والكشف 1/ 228، والموضح في تعليل وجوه القراءات 257 - 258.
(05) الكشف 1/ 229.
(15) الأحرف السبعة 48 - 49. وينظر: النشر 1/ 50.
(25) مجموعة الفتاوى 7/ 182.
(35) تفسير القرآن العظيم 1/ 88.
(45) ينظر: السبعة 182، والتذكرة 2/ 333، والتيسير 80، والإقناع 2/ 608، والكنز 2/ 424، والنشر 2/ 227.
(55) ينظر: حجة القراءات 133،والكشف 1/ 261، والموضح في تعليل وجوه القراءات 302.
(65) البحر المحيط 2/ 157 - 158.
(75) معاني القرآن وإعرابه 1/ 292.
(85) الكشف 1/ 291. وينظر الموضح في تعليل وجوه القراءات 302.
(95) البحر المحيط 2/ 185.
(06) ينظر: السبعة 189، ووالتذكرة2/ 339، والتيسير 82، والإقناع 2/ 611، والكنز 2/ 429، والنشر 2/ 231.
(16) معاني القرآن 1/ 173.
(26) معاني القرآن وإعرابه 1/ 344. وينظر: حجة القراءات 144، وإعراب القراءات السبع 1/ 97، ومعاني القراءات 86، والكشف 1/ 310 - 311، والموضح في تعليل وجوه القراءات 311 - 312.
(36) الأحرف السبعة 49. وينظر: النشر 1/ 50.
(46) ينظر: المحتسب 1/ 223.
(56) المصدر السابق.
(66) ينظر: إعراب القراءات الشواذ 1/ 483 - 484.
(76) الكشاف 2/ 32.
(86) ينظر: السبعة 673، والتذكرة 2/ 756، والتيسير 220، والإقناع 2/ 805، والكنز 2/ 707، والنشر 2/ 398.
(96) معاني القرآن 3/ 243.
(07) معاني القرآن وإعرابه 5/ 293.
(17) إعراب القراءات السبع 2/ 446.
(يُتْبَعُ)
(/)
(27) ينظر: معاني القراءات 531، وحجة القراءات 752، والكشف 2/ 364، والموضح في تعليل وجوه القراءات 705، والكشاف 4/ 713، وتفسير القاسمي 9/ 342 - 343.
(37) ظاءات القرآن 317.
(47) الاعتماد في نظائر الظاء والضاد 38 - 39.
(57) الأحرف السبعة 49.
[ line]
قائمة المصادر والمراجع
1 - الإبانة عن معاني القراءات ـ لمكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ) تحقيق: الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي ـ مطبعة نهضة مصر ـ القاهرة (د0 ت) 0
2 - الإتقان في علوم القرآن ـ لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ـ المكتبة العصرية ـ بيروت ـ (1408هـ = 1988م) 0
3 - الأحرف السبعة – لأبي عمرو الداني (ت 444هـ) تحقيق: عبد المهيمن طحان ـ مكتبة المنارة ـ مكة المكرمة ـ الطبعة الأولى (1408هـ = 1988م) 0
4 - الإعتماد في نظائر الظاء والضاد ـ لجمال الدين محمد بن مالك (ت 672هـ) تحقيق: الدكتور حاتم الضامن – مؤسسة الرسالة – بيروت ت الطبعة الثالثة (1406هـ = 1985م) 0
5 - إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ـ لمصطفى صادق الرافعي، راجعه واعتنى به نجوى عباس ـ مؤسسة المختار ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى (1423هـ=2003) 0
6 - إعراب القراءات السبع وعللها – لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370 هـ)، حققه وقدم له: الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين – مكتبة الخانجي بالقاهرة – الطبعة الأولى (1413هـ = 1992م) 0
7 - إعراب القراءات الشواذ – لأبي البقاء العكبري (ت616هـ)، دراسة وتحقيق: محمد السيد أحمد عزوز – عالم الكتب – بيروت – الطبعة الأولى (1417هـ = 1996) 0
8 - الأعلام ـ لخير الدين الزركلي (ت1396هـ) دار العلم للملايين ـ بيروت ـ الطبعة الخامسة (1400هـ =1980م) 0
9 - الإقناع في القراءات السبع – لأبي جعفر أحمد بن علي المعروف بابن الباذش (ت540 هـ)، حققه وقدم له: الدكتور عبد المجيد قطامش – منشورات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى – مطبعة دار الفكر – دمشق – الطبعة الأولى (1403هـ = 1983م) 0
01 - البحر المحيط في التفسير- لأبي حيان الأندلسي (ت745هـ) دار الفكر – بيروت ـ الطبعة الثانية (1403هـ = 1983م) 0
11 - البرهان في علوم القرآن ـ لمحمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي (ت 794 هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ الطبعة الأولى (1391هـ = 1972م) 0
21 - بيان السبب الموجب لاختلاف القراءات ـ لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت في حدود 440هـ) ضمن كتاب نصوص محققة في علوم القرآن الكريم ـ تحقيق: الدكتور حاتم الضامن ـ بغداد (1411هـ =1991م) 0
31 - تأويل مشكل القرآن ـ لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت 276هـ) تحقيق: سيد أحمد صقر ـ دار التراث ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية (1393هـ= 1973م) 0
41 - التحرير والتنوير (تفسير ابن عاشور التونسي) لمحمد الطاهر بن عاشور (ت1392هـ) – مؤسسة التأريخ – بيروت – الطبعة الأولى (1420هـ = 2000م) 0
51 - التذكرة في القراءات ـ لأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون (ت 399 هت) ـ تحقيق: الدكتور عبد الفتاح بحيري إبراهيم ـ الناشر ـ الزهراء للإعلام العربي ـ القاهرة ت الطبعة الثانية (1411هـ = 1991م).
61 - تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) – لإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (ت774هـ)، تخريخ وتعليق: أبو معاوية مازن بن عبد الرحمن الجصلي ـ جمعية إحياء التراث الإسلامي ـ الكويت ـ الطبعة الأولى (1425= 2004) 0
71 - تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ـ لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت671هـ) – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى (1408هـ =1988م) 0
81 - التيسير في القراءات السبع – لأبي عمرو الداني (ت444 هـ) عنى بتصحيحه اوتو برتزل – استانبول – مطبعة الدولة (1350هـ = 1930م) أعادت طبعه مكتبة المثنى – بغداد 0
91 - جمال القراء وكمال الإقراء ـ لعلم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي (ت 643 هـ)، تحقيق: علي حسين البواب ـع مكتبة التراث ـ مكة ـ الطبعة الأولى (1408هت = 1988م) 0
(يُتْبَعُ)
(/)
02 - الحُجَّة في علل القراءات السبع – لأبي علي الفارسي – ج1 تحقيق: علي النجدي ناصف، والدكتور عبد الحليم النجار، والدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي دار الكتاب العربي بمصر (1385هـ = 1965م) 0
12 - حجة القراءات – لأبي زُرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة (ت أواخر 400هـ)، تحقيق: سعيد الأفغاني – مؤسسة الرسالة – بيروت – الطبعة الخامسة (1422هـ = 2001م) 0
22 - السبعة في القراءات – لأبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد (ت 324 هـ)، تحقيق: الدكتور شوقي ضيف – دار المعارف بمصر – الطبعة الثالثة (1408هـ= 1988م) 0
32 - سنن أبي داود ـ لسليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني (ت 275 هـ) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ـ دار الفكر ـ بيروت (د. ت) 0
42 - سنن الترمذي – لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت297هـ)، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وآخرين – دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى (1408 هـ = 1987م) 0
52 - سنن النسائي ـ لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الغفار سليمان البنداري، وسيد كسروي حسن ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولى (1411هـ = 1991م) 0
62 - صحيح البخاري – لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ)، تحقيق: الدكتور مصطفى البغا ـ دار ابن كثير واليمامة ـ بيروت ـ الطبعة الثانية (1407هـ = 1987م) 0
72 - صحيح مسلم ـ لأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت 261 هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت (د. ت) 0
82 - ظاءات القرآن ـ لأبي الربيع سلمان بن أبي القاسم السرقوسي (ت أوآخر السادس الهجري) ضمن كتاب نصوص محققة في علوم القرآن الكريم، تحقيق: الدكتور حاتم الضامن ـ بغداد (1411هـ = 1991م) 0
92 - فتح الباري ـ لأحمد بن علي بن حجر العسقلني (ت 852هـ)، تحقيق: محب الدين الخطيب ـ دار المعرفة ـ بيروت (د. ت) 0
03 - القراءات القرآنية تأريخ وتعريف ـ للدكتور عبد الهادي الفضلي ـ دار القلم بيروت ـ الطبعة الثالثة (1405هـ = 1985م) 0
13 - القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية ـ للدكتور عبد العال سالم مكرم مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الثالثة (1417هـ = 1996م) 0
23 - كتاب المصاحف – لأبي بكر عبد الله بن سليمان بن الاشعث السجستاني (ت316هـ)، دراسة وتحقيق ونقد: الدكتور محب الدين عبد السبحان واعظ ـ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – قطر – الطبعة الأولى (1416هـ= 1995م) 0
33 - الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل – لأبي القاسم محمد بن عمر الزمخشري (ت538هـ)، تحقيق وتخريج وتعليق: عبد الرزاق المهدي – دار إحياء التراث العربي – بيروت – الطبعة الثانية (1421هـ= 2001م) 0
43 - الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها – لمكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق: الدكتور محيي الدين رمضان – مؤسسة الرسالة – بيروت – الطبعة الثانية (1401هـ = 1981م) 0
53 - الكنز في القراءات العشر ـ لعبد الله بن عبد المؤمن الواسطي (ت740 هـ) دراسة وتحقيق: الدكتور خالد احمد المشهداني ـ مكتبة الثقافة الدينية ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى (1425هـ = 2004م) 0
63 - مجموعة الفتاوى ـ لابن تيمية (ت 728 هـ)، جمع: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ـ مطبعة الرسالة ـ سورية ـ الطبعة الأولى (1398هـ = 1978م) 0
73 - محاضرات في علوم القرآن ـ لغانم قدوري الحمد ـ دار الكتاب للطباعة ـ بغداد ـ الطبعة الأولى (1401هـ = 1981م) 0
83 - المُحتَسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها ـ لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392هـ)، تحقيق: علي النجدي ناصف، والدكتور عبد الحليم النجار، والدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي ـ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة (1424هـ =2004م) 0
93 - مختصر في شواذ القراءات من كتاب البديع لابن خالويه – عنى بنشره: ج0 برجشتراسر – دار الهجرة (د0ت) 0
04 - مذاهب التفسير الإسلامي ـ لجولد تسيهر، ترجمة: الدكتور عبد الحليم النجار ـ مطبعة السنة المحمدية ـ القاهرة (1375هـ = 1955م) 0
14 - المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز ـ لأبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي (ت 665 هـ)، تحقيق: طيار آلتي قولاج ـ دار صادر بيروت (1395هـ = 1975م) 0
24 - مسند الإمام أحمد بن حنبل ـ لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني (ت 241 هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى (1415هـ = 1995م) 0
34 - معاني القراءات – لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت370هـ)، حققه وعلق عليه – الشيخ أحمد فريد المزيدي – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى (1420 هـ = 1999م) 0
44 - معاني القرآن – لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت207هـ)، تحقيق: محمد علي النجار، وأحمد يوسف نجاتي – عالم الكتب – بيروت – الطبعة الثانية (1400هـ = 1980م) 0
54 - معاني القرآن وإعرابه – لأبي إسحاق الزجاج (ت311هـ)، شرح وتحقيق: الدكتور عبد الجليل عبده شلبي – عالم الكتب – بيروت – الطبعة الأولى (1408هـ = 1988م) 0
64 - معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار – للذهبي، تحقيق: بشار عواد معروف، وشعيب الأرناؤوط، وصالح مهدي عباس – مؤسسة الرسالة- بيروت الطبعة الأولى (1984م = 1404هـ) 0
74 - مناهل العرفان في علوم القرآن ـ لمحمد عبد العظيم الزرقاني (ت 1367 هـ) ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الأولى (1417 هـ = 1996م) 0
84 - الموضح في تعليل وجوه القراءات السبع – لأبي العباس المهدوي (ت440هـ)، دراسة وتحقيق: سالم قدوري الحمد – رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الآداب – جامعة بغداد – تحت إشراف الدكتور حاتم صالح الضامن (1988م = 1408هـ) 0
94 - النشر في القراءات العشر – لابن الجزري، تصحيح ومراجعة: علي محمد الضباع – دار الفكر – بيروت (د0ت).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Apr 2005, 01:27 م]ـ
حياك الله أستاذ إياد في ملتقى التفسير
ويسعدنا انضمامك إلينا، ومشاركتك معنا
ـ[الكشاف]ــــــــ[14 Apr 2006, 03:46 م]ـ
بحث ممتاز يستحق التدبر، وفيه فوائد مهمة.
شكراً جزيلاً للأستاذ إياد السامرأئي
ـ[الجكني]ــــــــ[20 Apr 2006, 01:26 ص]ـ
جزى الله كاتب هذا البحث خير الجزاء،لكن عندى ملاحظة وهي أن الصواب فى كتاب أبى عبيد (القراءات) أنه فى الخمسة عشر،وليس فى الخمسة والعشرين كما ذكر ابن الجزرى رحمه الله ونقلها عنه من جاء بعده،ومصدري فى هذه المعلومة هو الرسالة العلمية للماجستير التى أشرف عليها أستاذى الدكتور إبراهيم الدوسرى حفظه الله لطالب افريقي فى قسم القرآن وعلومه سنة 1421،ومع الأسف لايحضرنى الآن عنوانها ولا اسم الباحث لكنها فى صميم كتاب أبى عبيد هذا،ويا حبذا لو أفادنا شيخنا إبراهيم بذلك والله يحفظ الجميع 0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2006, 04:30 ص]ـ
جزاكم الله خيراً. لعلك تعني رسالة (اختيارات أبي عبيد في القراءات) للزميل الفاضل عبدالباقي سيسي.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Apr 2006, 08:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الموضوع قد طرقه شيخنا العلامة فضل عباس من قديم في بحث له بعنوان القراءات القرانية من الوجهة البلاغية وهو فيما اعتقد يستحق القراءة والنظر
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[23 Apr 2006, 11:03 ص]ـ
القراءات القرآنية
من الوجهة البلاغية
بقلم: أ. د. فضل حسن عباس
أستاذ الدراسات العليا
في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية/ جامعة اليرموك
__________________________________________________ _
أراد بعض النحويين -وقد جعلوا من قواعدهم أصولاً لا ينبغي أن تخالف- أن يخضعوا القراءات المتواترة لأصولهم وقواعدهم، فإذا رأوا قراءة تتعارض مع هذه القواعد والأصول، ردّوها أو حكموا عليها بالضعف. ومن توفيق الله ومن حسن الحظ أنهم لم يجمعوا على قاعدة، فما يراه البصريون ملزماً ينقضه الكوفيون، وما يرتئيه الأخفش لا يجيزه غيره. ومن رحمة الله أن هيّأَ لهذه القراءات من يذبّ عن قدسيتها، ويدافع عن حماها. وكان هؤلاء الذابّون المدافعون فئات كثيرة منهم المفسرون والمتكلمون والأصوليون، بل وجدنا من اللغويين والنحويين أنفسهم من ينبري لهذا الواجب.
ولم تقتصر اعتراضات المعترضين على القضايا الإعرابية، بل وجدناها تتعدى ذلك إلى اللهجات والأمور اللغوية المتعلقة بمتن اللغة كذلك. وأمام كل هذه الشقشقات وجدنا الأئمة ينبرون لرد هذه التخرصات. وصار ذلك ديدن العلماء فيما بعد، أن يذبوا عن هذه القراءات. وإذا كان بعض النحاة اقتحموا أسوار قدسية القراءات المتواترة، من حيث القواعد النحوية واللغوية، فإننا قد وجدنا بعض الأئمة يقتحم أسوار هذه القدسية، ولكن من جانب آخر، ذلك هو جانب المعنى، فقد تصح عنده القراءة من حيث اللغة والنحو ولكنها لا تصح من حيث المعنى، ولحسن الحظ فإن هذا الصنف من الناس لم يبلغ من الكثرة ما بلغه الصنف الأول. وكان جلّ ما كتبه العلماء منصبّاً على الناحية الأولى، وهي الدفاع عن القراءات لغة ونحواً. حتى المحدثون من ذوي الغيرة على هذا الكتاب وقراءاته المتواترة كانت عنايتهم بهذه الجهة كذلك.
هذا كله جعلني منساقاً برغبة ملحة أن أخوض غمار هذا الموضوع الشاق الشائق، محاولاً أن أجلي ما استطعت، وأبرز دقة هذه القراءات وإحكامها من حيث معانيها وغاياتها.
وإذا كانت الأحرف السبعة كما يرى كثير من العلماء قد اشتملت عليها المصاحف العثمانية، وكان ما لا يحتمله الرسم موزعاً على هذه المصاحف، إذا كان الأمر كذلك فإن إعجاز هذا القرآن لا بد أن يكون في هذه القراءات جميعها، فليست قراءة أَولى بهذا الإعجاز من قراءة ما دام الكل متواتراً وما دام الكل قرآناً من عند الله.
وقد رأيت أن أتتبع بعض أوجه الخلاف التي فسرت بها الأحرف السبعة عند الجمهور، كالاختلاف من حيث الحروف والتنقيط، ومن حيث الحركات والإعراب، ومن حيث الحذف والذكر. مراعياً الإيجاز والاختصار.
- قوله تعالى: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) (البقرة: 51): قرأ أبو عمرو بن العلاء البصري: (وعدنا) بدون ألف، وقرأها الباقون بألف (واعدنا).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقراءة الجمهور فيها معنى المفاعلة، فالمواعدة تكون بين اثنين، فهناك وعد من الله لموسى بإعطائه التوراة، ووعد من موسى بالتنفيذ والالتزام والحضور. أما قراءة أبي عمرو فإنها تدل على أن الوعد كان من الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام، فهو من جهة واحدة، فإذا كانت قراءة الجمهور دالة على ما كان يطمح إليه كليم الله تبارك وتعالى من فرحة اللقاء، ونور المؤانسة التي ذاق حلاوتها من قبل وهو عائد من مدين حينما خوطب: (إني أنا ربك)، وحين سئل: (وما تلك بيمينك يا موسى) فأطال القول: (هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) (طه: 18). أقول إذا كانت قراءة الجمهور دالة على ذلك كله فإن قراءة أبي عمرو تدل على أن الوعد كان فيه إكرام وتكليف لموسى عليه السلام.
- ولنتدبر ما قصّه علينا القرآن حديثاً عن نوح عليه السلام: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعُمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (هود: 28)، وقوله سبحانه: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين. فَعَمِيَت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون) (القصص: 65 - 66). فلقد تعددت القراءات في الآية الأولى، فقرأ حفص وحمزة والكسائي (فعمّيت) بالتشديد على بناء الفعل للمفعول، وقرأ الباقون بالتخفيف وبناء الفعل للفاعل، ولكنهم أجمعوا على قراءة آية القصص بالتخفيف، ولو كانت القراءة اجتهاداً لاختلفوا في القراءتين أو اتفقوا عليهما.
ونحن إذا أنعمنا النظر في الآيتين الكريمتين أدركنا حكمة الاختلاف والاتفاق، فآية سورة هود التي اختلفت فيها القراءات يصح توجيهها على كلتا القراءتين، فقراءة التشديد تبين أن الرحمة قد عمّيت، وقد يكون الذي عمّاها عليهم هو الله تبارك وتعالى لأن قلوبهم غلف، فأضلهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم، وقد يكون غيره سبحانه، وهو خلاف مشهور بين المفسرين. قال تعالى: (زيّن للناس حب الشهوات) (آل عمران: 14)، وقال: (زيّن للذين كفروا الحياة الدنيا) (البقرة: 212)، فقد قيل إن المزيّن هو الله سبحانه، وقيل إن المزيّن هو الشيطان، ولكلٍّ وجهة فيما ذهب إليه. وهذا يصدق على الآية التي نتحدث عنها.
وقراءة التخفيف تدل على أن الرحمة هي التي عميت عليهم وهو أسلوب في العربية شائع مشتهر، يقال: أدخلت الأصبع في الخاتم، وأدخلت الخاتم في الإصبع. فمعنى عميت عليهم الرحمة أنهم هم عموا عنها، أو تكون عميت بمعنى خفيت، ويكون ذلك من باب المجاز. قال الشيخ زاده رحمه الله: "وقرأ الباقون بفتح العين وتخفيف الميم. والمعنى فعميت عليكم البينة فلم تهدكم كما لو عمى دليل القوم عليهم في المفازة فإن الحجة كما توصف بالإبصار إذا كانت معلومة لأنها هادية كالبصر. قال تعالى: (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة). كذلك توصف بالعمى إذا كانت مجهولة خفية لكونها غير هادية. قال الله تعالى: (فعميت عليهم الأنباء) " ([1]).
أما آية القصص وقد اتفقوا على قراءتها بالتخفيف، فإن التشديد فيها غير ممكن من جهة المعنى، فإنها تتحدث عن يوم القيامة، وهو اليوم الذي تجزى فيه كل نفس بما كسبت، وهو اليوم الذي تتحقق فيه العدالة (لا ظلم اليوم). وعلى هذا فلا يعقل ولا يصح أن يعمى على هؤلاء شيء، فإن التعمية لا تتفق ولا تنسجم مع العدل المطلق الذي يتحقق في ذلك اليوم كيف وهم لا يظلمون فتيلاً، ويعلم الله أن تدبر هاتين الآيتين فيه رد حاسم وتقرير جازم على كل أولئك الذين أرادوا أن يثيروا زوبعة حول هذه القراءات، وهو مع ذلك برهان ساطع على مظهر الإعجاز لتلك القراءات المتواترة.
- قوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم. ذي قوة عند ذي العرش مكين. مطاع ثَمّ أمين. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبين. وما هو على الغيب بضنين ... ) ([2]) (التكوير: 19 - 24). فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظاء (بظنين) ومعناه (بمتهم)، وقرأ الباقون بالضاد ومعناه ببخيل. فقراءة الظاء منسجمة مع الوصف السابق وهو قوله سبحانه (أمين)، أما قراءة الضاد فمعناها أنه ليس بخيلاً بما أمر بتبليغه فلا يكتم ما عنده تلقاء أجر يتلقاه، كما يفعل الكهّان. وعلى هذا فهذه القراءة منسجمة مع ما بعدها من قوله: (وما صاحبكم بمجنون)؛ فإن نفي الكهانة والجنون جاء في مثل قوله سبحانه: (فذكّر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون). وهكذا
(يُتْبَعُ)
(/)
تتفق القراءة الأولى مع ما قبلها، وتنسجم الثانية مع ما بعدها.
وهناك أمر آخر يظهر لي من اختلاف القراءتين وهو أن هذه الآيات الكريمة اختلف فيها المفسرون، فبعضهم ذهب إلى أن المقصود جبريل عليه السلام، وآخرون قالوا إن المقصود هو النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان الأمر كذلك وكان كلٌّ من المعنيين صحيحاً، فإن الذي أراه أن قراءة الضاد ترجح أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي ليس بخيلاً بوحي الله كما هو شأن الكهان الذين يبخلون بتخرصات الشياطين، وقراءة الظاء ترجح أنه جبريل عليه السلام الذي اتهمه اليهود، كما حكى لنا القرآن المدني فيما بعد: (قل من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزّله على قلبك بإذن الله). هذا ما يبدو لي في توجيه هاتين القراءتين من حيث النظم، ولله درّ التنزيل!
- قوله تعالى: (ليس البر أن تولّوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب) (البقرة: 177): قرأ حمزة وحفص بنصب البر، وقرأ الباقون برفعه. ونستطيع أن نفهم القراءتين من الجهة البلاغية إذا نظرنا في سبب النزول، فقد قال قتادة والربيع ومقاتل وعوف الأعرابي: إنها نزلت في اليهود حينما اعترضوا على المسلمين يوم أن حُوّلت القبلة. وقال ابن عباس وعطاء والضحاك وجماعة: إنها نزلت في المؤمنين؛ فقد سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ عن البر فنزلت ([3]).
ولا ريب أن السبب الأول يتفق اتفاقاً تامّاً ويتسق اتساقاً كاملاً مع قراءة النصب؛ لأن نظم الآية على هذا يكون هكذا: ليست توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر، فـ (أن) والفعل موّل بمصدر هو اسم ليس. أما السبب الآخر فهو منسجم مع القراءة الثانية وهو أن يكون البر مبتدأ، والمعنى: ليس البر توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب، وهذا يتفق مع السؤال عن البر.
ولكي نقرب هذا المعنى يجمل أن نتصور الفرق بين قولنا: أخو زيد أحمد، وقولنا: أحمد أخو زيد. فأخو زيد في الجملة الأولى هو المبتدأ، وأحمد هو المبتدأ في الجملة الثانية. وبين الجملتين فرق شاسع؛ لأن المبتدأ لا بد أن يكون معروفاً للمخاطَب، ففي الجملة الأولى يَعْرِف المخاطب أخا زيد، ولكنه لا يعرف أنه أحمد، وفي الجملة الثانية يعرف المخاطب أحمد، ولكنه لا يعرف أنه أخو زيد. فتولية المشرق والمغرب كانت هي الأساس عند أولئك الذين أثاروا ضجة على المسلمين يوم أن تحولت القبلة، فكانت هذه التولية عندهم هي الجوهر والمرتكز، فناسب أن تكون مبتدأً، فجعلت اسم ليس. أما في السبب الثاني فالبر هو الركيزة وهو المسؤول عنه فناسب أن يكون هو المبتدأ.
هكذا أعطت كلٌّ من القراءتين معنى بيانيّاً منسجماً مع ما قيل في الآية من أسباب النزول. أما ما أثاره النحويون من أولوية لأحد الوجهين من حيث الإعراب فغير مسلّم لهم، وليس من غرضنا الخوض فيه كذلك.
- يقول سبحانه: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) (النساء: 1): قرأ حمزة بجر الأرحام، والباقون بنصبها. ولقد أثار بعض النحويين والمفسرين إثارات كثيرة حول قراءة حمزة، وردّوها بحجة مخالفتها القواعد العربية، وبأن العرب لا تنسق اسماً ظاهراً على ضمير -كما يقول الطبري ([4]) - أي لا تعطف. وذهب بعضهم يفتّش وينقّب عن أبيات من شعر ليصحح بها قراءة حمزة، ولم يحسنوا صنعاً فلا يجوز أن نردّ قراءة متواترة من أجل قاعدة قعّدها بعض النحويين.
ولقد ردّ كثير من العلماء والأئمة والمفسرين واللغويين على هذه الإثارات مبينين أن حمزة بن حبيب لم يقرأها لحناً وإنما نقلها مشافهة نقلاً ثَبُت تواتره. ومن هؤلاء: الفخر الرازي والآلوسي وصاحب المنار، ونثبت هنا كلمة الآلوسي، يقول: "وقرأ حمزة بالجر، وخرجت في المشهور على العطف على الضمير المجرور، وضعّف ذلك أكثر النحويين بأن الضمير المجرور كبعض الكلمة لشدة اتصاله بها، فكما لا يعطف على جزء الكلمة لا يعطف عليه.
وأول من شنّع على حمزة في هذه القراءة أبو العباس المبرد حتى قال: لا تحل القراءة بها، وتبعه في ذلك جماعة -منهم ابن عطية-، وزعم أنه يردّها وجهان: أحدهما أن ذكر أن الأرحام مما يتساءل بها، وهذا مما يغضّ من الفصاحة، والثاني أن في ذكرها على ذلك تقرير التساؤل بها، والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يردّ ذلك، فقد أخرج الشيخان عنه صلى الله تعالى عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله تعالى أو ليصمت).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنت تعلم أن حمزة لم يقرأ كذلك من نفسه ولكن أخذ ذلك بل جميع القرآن عن سليمان بن مهران الأعمش، والإمام بن أعين، ومحمد بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد الصادق -وكان صالحاً ورعاً ثقة في الحديث- من الطبقة الثالثة.
وقد قال الإمام أبو حنيفة والثوري ويحيى بن آدم في حقه: غلب حمزة الناس على القراءة والفرائض، وأخذ عنه جماعة وتلمذوا عليه، منهم إمام الكوفة -قراءةً وعربيةً- أبو الحسن الكسائي، وهو أحد القراء السبعة الذين قال أساطين الدين: إن قراءتهم متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع هذا لم يقرأ بذلك وحده بل قرأ به جماعة من غير السبعة كابن مسعود وابن عباس وإبراهيم النخعي والحسن البصري وقتادة، ومجاهد وغيرهم -كما نقله ابن يعيش- فالتشنيع على هذا الإمام في غاية الشناعة ونهاية الجسارة والبشاعة، وربما يخشى من الكفر، وما ذكر من امتناع العطف على الضمير المجرور وهو مذهب البصريين ولسنا متعبدين باتباعهم. وقد أطال أبو حيان في "البحر" الكلام في الرد عليهم، وادعى أن ما ذهبوا إليه غير صحيح، بل الصحيح ما ذهب إليه الكوفيون من الجواز، وورد ذلك في لسان العرب نثراً ونظماً، وإلى ذلك ذهب ابن مالك، وحديث أن ذكر الأرحام -حينئذ لا معنى له في الحض على تقوى الله تعالى- ساقط من القول لأن التقوى إن أريد بها تقوى خاصة -وهي التي في حقوق العباد التي من جملتها صلة الرحم- فالتساؤل بالأرحام مما يقتضيه بلا ريب، وإن أريد الأعم فلدخوله فيها. وأما شبهة أن في ذكرها تقرير التساؤل بها، والقسم بحرمتها، والحديث يرد ذلك للنهي فيه عن الحلف بغير الله تعالى، فقد قيل في جوابها: لا نسلّم أن الحلف بغير الله تعالى مطلقاً منهي عنه، بل المنهي عنه ما كان مع اعتقاد وجوب البر، وأما الحلف على سبيل التأكيد مثلاً فممّا لا بأس به، ففي الخبر: (أفلح وأبيه إن صدق)، وقد ذكر بعضهم أن قول الشخص الآخر: أسألك بالرحم أن تفعل كذا ليس الغرض منه سوى الاستعطاف. وليس هو كقول القائل: والرحم لأفعلنّ كذا، ولقد فعلت كذا. فلا يكون متعلق النهي في شيء" ([5]). وأما صاحب المنار فلقد أطال النفس، وصال وجال ([6])، ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن السؤال بالرحم ليس قسماً واستشهد على ذلك بشواهد كثيرة.
قراءة حمزة -إذن- مستقيمة من حيث اللغة ومن حيث المعنى، من الوجهة النحوية والوجهة البلاغية، فقراءة النصب تحث على صلة الأرحام وتحذّر من قطعها؛ إذ أكثر اللغويين على أن التقدير: واتقوا الله، واتقوا الأرحام. وليس معنى اتقائها إلا صلتها وعدم قطعها والإحسان إليها. وأما قراءة الجر ففيها رفعٌ من شأن الرحم وتذكير لهم بصنيعهم إذ كانوا في عظائم أمورهم يتساءلون بالأرحام. "وقد ثبت عن علي كرم الله وجهه أن ابن أخيه عبد الله بن جعفر كان إذا سأله بحق جعفر أعطاه. وليس هذا من باب الأقسام، فإن الأقسام بغير جعفر أعظم، بل من باب حق الرحم؛ لأن حق الله إنما وجب بسبب جعفر، وجعفر حقه على علي" ([7]).
- ونختم بهذه الآية الكريمة: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون): قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بالإضافة، وقرأ الباقون بالتنوين ونصب (نوره). وربما يظن لأول وهلة أن القراءتين شيء واحد، إلا أن من يدرك أسرار العربية في إحكامها وأحكامها ودقتها تتشوّف نفسه إلى ما تعطيه هذه الحركات من فروق بين المعاني ناتجة عن الفروق بين الألفاظ.
إن من روعة العربية أنها تفرق بين المعنيين بالحركة تارة فيقولون: ضُحْكَة وضُحَكَة، فبإسكان الحاء هو الذي يُضحَك منه, وبفتحها هو الذي يَضحك من غيره. وقد يكون التفريق بحرف من حروف المعاني كتفريقهم بين (اللام) و (إلى)، فشتّان بين قولنا: أحمد أحبّ لأبيه. و: أحمد أحبّ إلى أبيه. قال تعالى: (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منّا) (يوسف: 8).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون التفريق بحرف من حروف المعجم فقد فرّقوا بين النضج والنضح، والقبص والقبض، وقد يكون التفريق بالتنوين. يقال: هذا ضاربُ زيدٍ. وضاربٌ زيداً، والأول يفيد تحقق الضرب ووقوعه. قال ابن قتيبة: "ولها الإعراب الذي جعله الله وشياً لكلامها وحلية لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين المختلفين كالفاعل والمفعول لا يفرق بينهما إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما بالإعراب، ولو أن قائلاً قال: هذا قاتلٌ أخي -بالتنوين-، وقال آخر: هذا قاتلُ أخي -بالإضافة-؛ لدلّ التنوين على أنه لم يقتله، ودلّ حذف التنوين على أنه قد قتله" ([8]).
وعلى هذا يجب أن نفهم الآية الكريمة، فقراءة الإضافة ترشد إلى أن الله تبارك وتعالى قد أتم نوره، وقد يكون هذا الإتمام بإكمال الدين، وقد يكون بنصر أهله والتمكين لهم ودحر أعدائهم.
قراءة الإضافة -إذن- فيها المنة الإلهية على نبيه والمؤمنين معه بما أكرمهم الله به من إتمام هذا النور، ولكن القرآن الكريم ليس لهذه الفئة وحدها، بل هو للمسلمين جميعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإذا كانت قراءة الإضافة فيها منّة إلهية، فإن قراءة التنوين فيها عدة ربانية ووعد الله لا يتخلف، فيها طمأنينة للمؤمنين عندما تَدْلَهِمُّ ظلمة، ويُوحش ليل، ويستنسر بغاث، بأن حالاً مثل هذا لن يدوم أبداً، ولا بد أن يتم الله نوره كما أتمه من قبل (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) (النور: 55). فما أسدّ كلاًّ من القراءتين في معناها، وما أصدق كل قراءة فيما ترشد إليه!
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
[1] الشيخ زاده: محمد عبد الوهاب بن عبد الكريم (ت 975هـ (1568م)، حاشية زاده على البيضاوي (أربعة أجزاء)، دار الطباعة الباهرة ببولاق مصر، 1263هـ، جـ3، ص 42.
[2] يمكن أن تكون هذه الآية الكريمة مثالاً لاختلاف الأحرف من حيث التبديل والتغيير.
[3] أبوحيان: البحر المحيط: جـ2، ص2.
[4] الطبري: جامع البيان جـ4، ص 152.
[5] الآلوسي: روح المعاني: 4/ 184 - 185.
[6] محمد رشيد رضا: تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، 12 جزءاً، مكتبة القاهرة، جـ4، ص332، وسيشار إليه عند وروده هكذا: رشيد رضا: المنار.
[7] رشيد رضا: المنار جـ4/ 332.
[8] ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم (ت276هـ - 889م) تأويل مشكل القرآن، تحقيق السيد أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربية ص11.
ـ[أبو محمد نائل]ــــــــ[26 Apr 2006, 08:03 ص]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
ـ[د. ظافر القرني]ــــــــ[13 Jun 2006, 12:44 ص]ـ
بارك الله في الباحث الكريم،
لعلّي أن أعود إلى قراءة البحث قراءة متأنية للاستفادة منه؛ ولكنّي لاحظت في منتصف المقدمة عبارة قد لا يستقيم معناها. أرجو من الباحث مراجعتها، وتصحيحها إن كان الأمر كما فهمتها. والعبارة المقصودة مبينة في الأسطر التالية المقتبسة من المقدّمة:
"وراحوا يصفون القرآن وقراءاته بالتناقض والاضطراب وعدم الثبات، وحاولوا تشكيك المسلمين في ذلك، وكان وراء ذلك كله نفي النبوة والوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنكار أن يكون القرآن بقراءاته من الله صلى الله عليه وسلم".
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jun 2006, 09:40 ص]ـ
أرحب بأخي الكريم الأستاذ الدكتور ظافر بن علي القرني في ملتقى أهل التفسير، وأشكره على هذا التصويب وهو وهم ظاهر أصلحته نيابة عن أخي الكريم الأستاذ إياد السامرائي، ونحن في انتظار مشاركاتكم يا أبا ماجد في الملتقى وفقكم الله ونفع بكم.
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[14 Jun 2006, 02:31 م]ـ
بارك الله فيكم وفى مداخلاتكم القيمة
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[20 Apr 2010, 08:41 م]ـ
الأستاذ الكريم أياد سالم السامرائي
جزاك الله خير الجزاء على هذا الإيضاح أيها الأخ الكريم
ووفقك لما يحب ويرضى(/)
تقرير عن كتاب الوجوه والنظائر للدامغاني
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[10 Apr 2005, 11:04 ص]ـ
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية
منهجية الماجستير في قسم التفسير
تقرير عن:
كتاب الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز
للإمام أبي عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني
إشراف الأستاذ الدكتور/
حكمت بن بشير ياسين
حفظه الله
إعداد الطالب/
أحمد بن صالح النقيب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب بأفصح اللغات على خير من نطق بالضاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين. وبعد ...
فهذا تقرير عن كتاب الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز للإمام أبي عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني يشتمل على تمهيد ميسر فيه تعريف علم الوجوه والنظائر وما ألف فيه مع ترجمة لمؤلف كتابنا المنشود وإيضاح لطريقته ومنهجه فيه وأتبع ذلك ببيان ما وقفت عليه من طبعات الكتاب وأسأل الله لي الإعانة فيما توخيت من الإبانة.
تمهيد
(تعريف علم الوجوه والنظائر وما ألف في ذلك)
أولاً: تعريف علم الوجوه والنظائر:
كان أول من عرف الوجوه والنظائر ابن الجوزي –رحمه الله- في كتابه (نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم حيث قال:
(واعلم أن معنى الوجوه والنظائر أن تكون الكلمة الواحدة قد ذكرت في مواضع من القرآن الكريم على لفظ واحد وحركة واحدة وأريد بكل مكان معنى للكلمة غير معناها في المكان الآخر, وتفسير كل كلمة بمعنى يناسبها غير معنى الكلمة الأخرى هذا ما يسمى الوجوه أما النظائر فهو اسم للألفاظ وعلى هذا تكون الوجوه اسما للمعاني ومن هنا كان الأصل في وضع كتب الوجوه والنظائر) وهناك تعاريف أخرى قد يكون فيها شيء من الاختلاف لم أذكرها لأن الغرض من إيراد التعريف هنا تقريب الصورة فقط.
ثانياً: مما ألف في ذلك:
أ ـ المؤلفات المطبوعة:
1. كتاب الأشباه والنظائر في القرآن الكريم, لمقاتل بن سليمان البلخي ت (150هـ)
2. ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد, للمبرد.
3. الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز, للدامغاني.
4. نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم, لابن الجوزي.
5. منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر في القرآن الكريم, لابن الجوزي (وهو مختصر من الذي قبله).
6. كشف السرائر في معنى الوجوه والأشباه والنظائر, لابن العماد.
7. الوجوه والنظائر في القرآن الكريم, للدكتور سليمان بن صالح القرعاوي.
ب ـ المؤلفات المخطوطة:
1. الوجوه والنظائر في القرآن الكريم, لهارون بن موسى.
2. الأشباه والنظائر, للثعالبي.
ج ـ المؤلفات المفقودة:
1. الأفراد لأحمد بن فارس الرازي.
ترجمة المؤلف:
هناك اختلاف في اسم الؤلف واسم أبيه وأقرب الأقوال للصواب إن شاء الله أنه: أبو عبدالله الحسين بن محمد الدامغاني , نسبة إلى دامغان مدينة من بلاد قومس في ذيل جبل طبرستان, ولد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة من الهجرة المباركة, وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة للهجرة.
منهج الدامغاني في كتابه:
أ - قدم لكتابه بمقدمة يسيرة بين فيها سبب تأليفه وهو كما قال (إني تأملت كتاب وجوه القرآن لمقاتل بن سليمان وغيره, فوجدتهم أغفلوا أحرفا من القرآن لها وجوه كثيرة, فعمدت إلى عمل كتاب مشتمل على ما صنعوا وما تركوا منه)،وطريقة ترتيبه والغرض من ذلك الترتيب.
ب - أنه رتب أبوابه على حروف المعجم, وغرضه من ذلك أن يسهل على الناظر مطالعته وعلى المتعلم حفظه.
ت - طريقته في التبويب:
يجعل كل حرف من حروف المعجم بابا (باب الألف ـ باب الباء ... ).
يورد تحت كل باب الألفاظ المندرجة فيه إجمالا غير مرتبة على الحرف الثاني.
ثم يشرع في تفسير الألفاظ كلمة كلمة على النحو التالي: يضع لكل كلمة عنوان هكذا:
تفسير (ويذكر اللفظة) على (ويذكر عدد الوجوه فيها)
ثم يسرد تحت هذا العنوان المعاني (الوجوه) إجمالاً, ثم يفصلها واحدة واحدة ويذكر مواضعها في القرآن قائلا: " فوجه منها " ويذكر الوجه الأول منها والآيات التي ورد فيها بهذا الوجه من المعاني ثم يقول " الوجه الثاني " ويعدد الوجوه هكذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ث - قال الدكتور القرعاوي: "امتاز أنه أفرد كل لفظ تكرر في أكثر من آية برسمه وشكله فإن اختلف رسمه وشكله لم يجعله لفظا واحدا وإنما جعله ألفاظا بقدر ما تغير رسمه وشكله مبتدئا في ذلك بالحروف الهجائية "
جـ – وقال أيضا: " أما من جهة عدد الألفاظ والوجوه فنجد أن الكتاب قد اشتمل على أربعمائة وثمانين لفظا ضمتها ألفين وثلاثمائة وأربعين وجها" وقد قمت بإحصاء عدد الألفاظ والوجوه فوجدت أن عدد الألفاظ إحدى وثلاثين وخمسمائة وعدد الوجوه ألفين وأربعمائة وثمان وستين تقريبا ولا أدري ما سبب هذا الاختلاف الكبير.
حـ- بلغ أكبر عدد من الوجوه في اللفظ الواحد عشرين وجها وذلك في باب الألف عند تفسير كلمة "الإنسان" وأقل عدد من الأوجه وجهين في مواضع كثيرة ومنها كلمة " الأواب"
خـ- عزا محقق الكتاب المعاني إلى كتب التفسير التي ذكرتها وبنظرة سريعة فيها يتبين أن أغلب المعاني موجودة عند الإمام الطبري في تفسيره, ثم في المرتبة الثانية عند الإمام البغوي , ثم في الكشاف للزمخشري, فلعل هذه من أبرز مصادره مع العلم أنه قد ذكر في المقدمة أنه قد اطلع على كتاب الوجوه والنظائر لمقاتل بن سليمان وغيره.
مثال من كتابه:
باب الظاء
الظلم ـ الظلمات ـ الظلمات والنور ـ الظالمين ـ الظهور والإظهار ـ الظِل ـ ظَلّ ـ الظن
تفسير الظلم على أربعة أوجه:
الشرك ـ فعل الذنب من غير شرك ـ القتل ـ النقص
فوجه منها: الظلم يعني الشرك, قوله تعالى في سورة الأنعام {الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} (82) يعني: بشرك, وكقوله تعالى في سورة لقمان {إن الشرك لظلم عظيم} (13) يعني لذنب عظيم.
والوجه الثاني: الظلم, فعل الذنب من غير شرك, يعني: ظلم العبد نفسه بذنب يصيبه من غيرشرك, قوله تعالى في سورة الطلاق {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} (1) مثلها في سورة البقرة (231) , وكقوله تعالى في سورة الملائكة {فمنهم ظالم لنفس} (فاطر:32) يعني أصحاب الكبائر ظلموا أنفسهم من غير شرك ...
وهكذا الوجه الثالث والوجه الرابع, مع ملاحظة أن أرقام الآيات ليت من وضع المؤلف.
طبعات الكتاب:
• طبع بتقديم وتحقيق محمد حسن أبو العزم في القاهرة عام 1412هـ - 1992م على ستة نسخ خطية.
• وطبع بدراسة وتحقيق فاطمة يوسف الخيمي عام 1419هـ - 1998م على أربعة نسخ خطية.
• وطبع بتحقيق وتقديم عربي عبد الحميد علي من منشورات ابن بيضون في بيروت عام 1424هـ - 2003م على نسخة خطية واحدة.
• وطبع باسم " قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم" بتحقيق وترتيب وإكمال وإصلاح عبد العزيز سيد الأهل على نسخة خطية واحدة, وهذه النسخة فيها ترتيب للمحقق وزيادات له.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آ’له وصحبه أجمعين(/)
تقرير عن كتاب (غريب القرآن) لابن عزيز السجستاني
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[10 Apr 2005, 11:14 ص]ـ
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية
منهجية الماجستير في قسم التفسير
تقرير عن كتاب:
غريب القرآن المسمَّى نزهة القلوب
للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني رحمه الله
بتوجيه الأستاذ فضيلة الدكتور/
حكمت بشير ياسين حفظه الله
تقديم الطالب /
عبده ديق حسن
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: ـ
فإنني سأكتب إن شاء الله تعالى في هذه السطور بحثا أوبحيثا عن كتاب غريب القرآن لابن عزيز رحمه الله تعالى وسيكون بحثه عن الجوانب التالية:
أ ـ ترجمة موجزة عن المؤلف رحمه الله تعالى.
ب ـ منهج المؤلف في كتابه مع التمثيل لذلك.
ج ـ مصادر المؤلف مع ملحوظات أخذت عليه.
أولا: ترجمة موجزة عن المؤلف رحمه الله تعالى:
هو أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي , كان أديبا فاضلا متواضعا, أخذ عن أبي بكر بن الأنباري رحمه الله , وصنف غريب القرآن المشهور فجوده, ويقال إنه صنفه فسي خمس عشرة سنة, وكان يقرأ على شيخه ابن الأنباري, ويصلح فيه مواضع, ورواه عنه ابن حسنون وغيره , مات سنة (330هـ) وقال ابن النجار في ترجمته: كان عبدا صالحا , روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطة العكبري, وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزان, وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقرئ وغيرهم. قال: والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء هكذا بخط ابن ناصر الحافظ, وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين, قال: وذكر لي شيخنا أبو محمد بن الأخضر أنه نسخه لغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها وكتب محمد بن عزير بالراء المهملة. انتهى كلامه.
ثانيا: منهج المؤلف في كتابه مع التمثيل لذلك:
ولقد كان ممن سبق ابن عزيز في تفسير غريب القرآن يتتبع ألفاظ كل سورة من القرآن على ترتيب المصحف, أما ابن عزيز فيتمثل منهجه فيما يأتي:
1ـ أنه رتب كتابه على حروف المعجم ألف بائيا, ويعتبر أول من فع لذلك من كتب غريب القرآن لأن غالب من سبقه يرتبه على ترتيب سور القرآن, ويذكر تحت كل سورة الألفاظ التي سيفسرها حسب ترتيبها في السورة, وهذا منهج مبتكر.
2ـ أنه جعل كل حرف ثلاثة أقسام, فبدأ بالمفتوح ثم المضموم ثم المكسور.
3ـ أنه أدخل حروف الزوائد في مواد الكلمات دون إرجاعها إلى أصل اشتقاقها. فمثلا كلمة (أدبار) نجدها في باب الهمزة المفتوحة ولو كان يسير على الأصل الاشتقاقي لكانت تحت مادة (دبر) من حرف الدال.
4ـ توجيهه للقراءات: كان لتوجيه القراءات التي لها أثر في المعنى نصيب لا بأس به ومن ذلك قال في قوله تعالى ((فصرهن إليك)) أي ضمهن إليك ويقال أمهلهن إليك, و ((فصِرهن)) بكسر الصاد قطعهن والمعنى: فخذ أربعة من الطير إليك فصرهن أي قطعهن.
5ـ استشهاده بالشعر: كان استشهاد ابن عزيز بالشعر في بيان الألفاظ القرآنية يعتبر قليلا بالنسبة لمن سبقه, واعتمد عليه كأبي عبيدة الذي تميز بكثرة الشواهد الشعرية وغيره , ومن الأمثلة في استخدامه للشواهد الشعرية ما يلي: عند تفسيره لقوله تعالى ((أرسله معنا غدا نرتع ونلعب)) قال: ويقال نرتع: نأكل ومنه قول الشاعر:
ويحيي إذا لاقيته وإذا يخلو له الحمى رتع
6ـ استشهاده بمنثور كلام العرب من حديث للنبي صلى اله عليه وسلم أو كلام للجاهليين الأقدمين أو كلام للمسلمين قليلا أيضا, ومن أمثلة استشهاده لحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه عند تفسيره لقوله تعالى ((ثجاجا)) قال أي متدفقا, ويقال: ثجاجا: سيالا ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحب العمل إلى الله تعالى العج والثج" فالعج التلبية والثج إسالة الدماء من الذبح والنحر. ومن أمثلة استشهاده لكلام العرب قوله ( ... والأماني: الأكاذيب ومنه قول عثمان رضي الله عنه: ما تمنيت منذ أسلمت. أي ما كذبت. وقول بعض العرب لابن دأب: وهو يحدث أهذا شيء رويته أم شيء تمنيته. أي افتعلته , والأماني أيضا: ما يتمناه الإنسان ويشتهيه, وقال في قوله تعالى ((نرتع ونلعب)) أي ننعم ونلهوا ومنه القيد
(يُتْبَعُ)
(/)
والرتعة تضرب مثلا في الخصب والجدب.
7ـ اهتمامه بالوجوه والنظائر: كان ابن عزيز يهتم بالوجوه والنظائر في بعض الألفاظ القرآنية وكان نفسه طويلا بالقياس مع مصنفي الوجوه والنظائر
ومن ذلك قال ابن عزيز: أمة على ثمانية وجوه:
1/ أمة: جماعة كقوله عز وجل ((أمة من الناس يسقون)).
2/ أمة: أتباع الأنبياء عليهم السلام كما تقول: نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
3/ وأمة: رجل جامع للخير يقتدى به كقوله ((إن إبراهيم كان أمة قانتا لله)).
4/ وأمة دين وملة كقوله عز وجل ((إنا وجدنا آبائنا على أمة))
5/ وأمة: حين وزمان كقوله عز وجل ((إلى أمة معدودة)) وقوله ((وادكر بعد أمة)).
6/ وأمة أي قامة يقال فلان حسن الأمة أي القامة.
7/ وأمة: رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم يبعث زيد بن عمرو بن نفيل وحده.
8/ وأمة: أم يقال هذه أمة زيد أي أمه.
ثالثا: مصادر المؤلف رحمه الله مع ملحوظات أخذت عليه:
ولما كان ابن عزيز قد سبق في التأليف في غريب القرآن فإنه قد استفاد من سابقيه وخاصة أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن حيث كان معتمده الأول وهذا ظاهر بالموازنة بين أقوال أبي عبيدة وأقوال ابن عزيز ولا يصرح بذكره في كل موضع وإنما صرح باسمه ثلاثة عشرة مرة وهو أكثر من صرح باسمه ثم يليه الفراء في كتابه معاني القرآن وقد ورد ذكره تسع مرات ثم ابن عباس حيث ورد ذكره خمس مرات.
ملحوظات أخذت على ابن عزيز منها:
1/ يلاحظ عليه أنه في نقله أقوال هؤلاء العلماء وغيرهم لا يعترض عليهم ولا يرجح بين أقوالهم عند الاختلاف بل يكتفي بحكاية الخلاف عنهم.
2/ أنه مع كونه إخترع مسلكا جديدا في كتابه غريب القرآن وهو ترتيبه على حروف المعجم إلا أنه لم يتقن هذا العمل وهذا طبيعة أكثر المبتكرين مما أدى أن يستفيد ممن كتب من بعده غريب القرآن مرتبا على حروف المعجم حسب أصل الكلمة كما هو معروف في كتب المعاجم اللغوية ومن أمثلة من كتب على هذه الطريقة الراغب الأصفهاني حيث يعتبر كتابه المفردات في غريب القرآن من أوسع كتب غريب القرآن وأحسنها , ولابن عزيز ميزة جيدة ذكرناها ونكررها وهي ترتيبه في كتابه على حروف المعجم من دون أن يسبقه أحد من مصنفي غريب القرآن على هذه الطريقة.
وبعد: فهذا ما تيسر لي من أمر هذا البحث وأسأل الله العلي العظيم أن ينفعني به ولغيري وأخيرا أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ الدكتور/ حكمت بشير ياسين حفظه الله.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Apr 2005, 02:43 م]ـ
شكر الله لك ابا معاذ هذا العمل , والذي كنت انادي به منذ فترة عندما كتبت موضوعاً بعنوان " التعريف بكتب التخصص " والذي تجده على هذا الرابط هنا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=1566&highlight=%C7%E1%CA%DA%D1%ED%DD+%C8%DF%CA%C8)
والذي اقترحه عليك مواصلة ما بدأت به , وأن تنقل ما كتبته تحت العنوان المتقدم ,فهو أفضل من تفريقه في عناوين منفصلة , وسأقوم بتثبيته ان شاء الله , وعندما يجتمع عدداً لا بأس به يتم وضعه في قسم مستقل بمشيئة الله تعالى , كما أدعو الأخوة جميعاً لإتحافنا بما عندهم في هذا الموضوع , وسنرى أثره الطيب مستقبلاً بمشيئة الله تعالى فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[11 Apr 2005, 01:45 م]ـ
شكر الله لك - يا شيخنا الفاضل- اهتمامك ومتابعتك وتشجيعك
ونسأل الله أن ييسر لنا المتابعة والسير في خدمة العلم وطلابه
ـ[محب شيخ الإسلام]ــــــــ[29 Sep 2006, 01:19 م]ـ
ألا يوجد الكتاب مطبوعاً مع المصحف؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Sep 2006, 02:05 م]ـ
الكتاب مطبوع عدة طبعات على حاشية المصحف.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[26 Nov 2006, 07:31 ص]ـ
هل حقق الكتاب تحقيقا علميا؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Nov 2006, 10:11 ص]ـ
نعم هو محقق، وانظر تفصيل ذلك هنا ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=5864)(/)
الفصول والغايات ليس في محاذاة السوروالآيات
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[10 Apr 2005, 05:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلم هداني الله وإياك للحق من الجدل، وجنبنا مزالق القول والعمل، ووفقنا للقيام بالأمر الجلل، وجنبنا موقف المعرة والندم، ورزقنا حسن التأدب مع أزكى الكلم، وعصمنا من هذر القول مع فشو القلم.
أني لست في هذه المقالة بصدد التعريف بأبي العلاء،أو التصدي لترجمته أو الدفاع عنه فذاك من البلاء، فالحديث معه وعنه حديث طويل الذيل كبيرالنيل، ولاتلازم بين حبك لأدب أديب وما يعتقده أو ينتهجه في حياته، فمن يكابرويزعم أن مثل رهين المحبسين، ومصنف أخلاق الوزيرين، وصاحب التبيين ذو العينين الجاحظتين، ومن هو على شاكلتهم أو سار سيرتهم، ممن امتار الناس في أمرهم، وتباروا في حكمهم، لم يكونوا من أفراد الدهر وأذكياء الزمان، وكبار الكتاب وأساطين الأدب، حتى ملأو الدنيا وشغلوا الناس.
إن الحديث عن صاحب المعرة حديث ذو طعم خاص، وحقا إنك لتصاب بالذهول من قوة حافظته، وسعة علمه، و حدة ذكائه، وبليغ عبارته، وكثرة مصنفاته، حتى عد من أذكياء الدنيا، وفرسان الشعر* والأدب.
لقد كتب عنه الكثير، وطبعت بعض كتبه ورسائله في فترة متأخرة، وكان من بينها كتاب يتذرع به للطعن فيه وفي دينه، واتهامه بالإلحاد والزندقة لأمور كان من أعظمها هذا الكتاب، وما قيل حول سبب تصنيفه له، وهو كتاب (الفصول والغايات) بزعمهم أنه صنعه في محاذاة السور والآيات، وقد صدقت الأمر في أوله وقلت: والله لقد أتى عظيمة وبتك من القلائد نظيمة، وذكروا في ترجمته أنه قيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربع مئة سنة، فإن كان حقا ماقيل: فما يغني البكاء ولا العويل، وإن قامت له هنا المعاذير فلن تغنيه يوم النذير، ومن الطريف مانقله ياقوت في ترجمة شيخه ابن الدهان، أن خازن دار الكتب برباط المأمونية غسل كتاب الفصول وتبجح بصنيعه هذا بحضرته فخطأه ابن الدهان، محتجا بأنه إن كان خيرا من القرآن ـ وحاش لله أن يكون ـ فلا يجب أن يفرط في مثله وإن كان دونه فتركه معجزة للقرآن.
مرت الأيام وأنا أفكر في هذا الكتاب الخطير، الذي كان في عداد المفقود من كتبه، وكان لا يمر بي شئ يتعلق بصاحب المعرة إلا تذكرت كتابه هذا، ولكن لم أكلف نفسي عناء البحث أو السؤال عنه، لما علق بذهني من فقدانه، فقلت: حيل بين العير ونزوانه.
وشاء الله أن يقع بين يدي كتاب فيه تعريف بأبي العلاء (1)، للعلامة الكبير عبد العزيز الميمني الراجكوتي الهندي رحمه الله، فأخذت الكتاب وتصفحته، فإذا فيه تحقيق يليق بعلم الرجل رحمه الله، وانتقلت سريعا للنظر في ما كتبه عن كتاب الفصول , فوجدت الإنصاف وحديث العقل وتجنب الفضول، فماكان رهين المحبسين بدرجة من الغباء تكفي أن يفكر في مثل هذا ألأمر، مع حفظه لكتاب الله وفهم معانيه، وتبحره في لغة العرب ومعرفة أساليبها، وعجز البلغاء الأقحاح أرباب الفصاحة واللسن من قبله وفي زمن التحدي، عن أن يأتوا بسورة أو آية من مثله، خاصة وأن النقول في ترجمته تتدامغ، وأهل الفضل في زمنه على بابه تتدافع.
إزداد تشوفي للكتاب، وخشيت من السؤال عنه وماسيعود به من العتاب، وفي يوم من ألأيام وأثناء مطالعتي لأرفف بعض المكتبات، وإذ بهذا العنوان يلوح أمام ناظري (الفصول والغايات) لأبي العلاء المعري صاحب اللزوميات، فأخذت كل النسخ الموجودة، وقلت: والله هذه ساعة محمودة، لأنظر الكفر المزعوم، وأغسل يدي من هذا الرجل المشؤم، وأقبلت على الكتاب أنظر فيه وأتصفحه،وأحضنه من كل أنحائه الأربعة، وويح أمه من كان يحوي هذا العلم أجمعه، فما وجدت إلا وعظ وإرشاد ولغة وأدب وفقه وفلسفه، كتاب أدب ولغة نعم، لكن لا ككل الكتب المدونة، لاحتطاب ليل أو دردعة، أوتشبع بالقول أو هذرمة، فأين الثرى من الثريا، وأين من يفرد ومن يأتي في الحمد ثنيا، ثم أعدت الكرة، وقلت لن تسلم الجرة، لعلي أظفر بشئ من المحاذاة التي قد تكون أخف من المعارضة، فرأيت فرقا بين الكلامين، كما بين المخلوق وخالق القمرين، تعالى الله العظيم وتعالت صفاته، فتيقنت من أن هناك ثلة لم ينصفها الناس، وعند الله تجتمع الخصوم. .
(يُتْبَعُ)
(/)
واستمع له بالله وهو يقول: (علم ربنا ماعلم، أني الفت الكلم،آمل رضاه المسلم، واتقي سخطه المؤلم، فهب لي ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب. غاية.
ما تصنع أيه الإنسان، بالسنان، إنك لمغتر بالغرار، كفت المنية ثائرا ماأراد، ليت قناتك بسيف عمان، وحسامك ما ولج حديده النار، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار، ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب. غاية.
مالك عن الصلاة وانيا، قم إن كنت ممانيا، فشم البارق يمانيا، سار لتهامة مدانيا، يجتذب عارضا سانيا، سبح لربه عانيا، وهطل بإذنه سبعا أو ثمانيا، واقترب وهو لماع الأقراب. غاية.) أهـ (2)
إن العرانين تلقاها محسدة ... ولاترى للئام الناس حساد
لقد كان الرجل موضع الرمية من أهل عصره ومصره، رموه عن قوس واحدة، وقالوا من جرف إلى هاوية، ذاعوا بكثير من البهتان والزور، وإن كانوا قد أقذعوا القول فما جانبوا الحق في بعض المزبور، لقد اختط لحياته مسلكا مباينا لبني جنسه، في أكله ونومه وعبادته وزهده وتقشفه ولبسه وفرشه ... فكان كالخطيطة في كل أمره، وكان لابد أن يجد من ينتجع لرأيه، ويحيد عن خطيطته التي ألزمها نفسه، ويبقى بين قيعانه مبتهلا أن يلزمها إلى يوم رمسه.
ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل
فهذا كتاب الفصول، وهذه غايته، كتاب رتبه على حروف المعجم، وقد طبع ماوجد منه من أثناء حرف الهمزة حتى منتهى حرف الخاء، ملأه بالتالد والطريف من لغة وأدب ونحو وفلسفة وفقه وتاريخ، فيه مواعظ وأذكار وآيات وأخبار ... سلك فيه مسلكا غريبا بديعا لا أعلم له نظيرا، ذلك أنه يملي الفقرة منه على طلابه ثم يختم ما أملاه بالغاية، وهي عنده بمنزلة القافية من الشعر، ثم يملي تفسيرا لما لعله خفي معناه عليهم مما أملاه من غاية، فإذا انتهى من التفسير، وأراد العودة إلى ما كان فيه من غاية، قال: رجع، فليس فيه معارضة للقرآن أو مناقضته أومجاراته من قبيل ولادبير.
ولعلي أجمل القول بتلخيص ماذكره الميمني رحمه الله في نقاط:
1ـ أن الموجود في ثبت مصنفاته إنما هو كتاب الفصول والغايات فقط.
2ـ هذه الزيادة إنما وردت عند بعض من ترجم له بصيغة التمريض والزعم.
3ـالذي يظهر أنها كانت من أعدائه وحساده الذين حاولوا تشويه صورته وإلصاق تهمة الزندقة به.
4ـ إن صحت هذ الزيادة فلا تفيد أكثر من المحاذاة لا المعارضة، أي عمل شئ حذاء شي كماصنع الشريف كتابا في محاذاة الآثار النبوية!.
وأقول:هاهو الكتاب بين أيدينا، أو الجز الموجود منه والذي يبلغ في المطبوع منه ما يناهز الخمس مئة صفحة، ليس فيه مايوحي بما زعم عنه، بل النقيض من ذلك، من تسبيح الله وتمجيده , والثناء عليه، بل ولاعتراف بإعجاز كتابه.
ولعل صاحب المعرة بنفسه يخبرنا عن موقفه من إعجاز القرآن قائلا: (وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بهر بالإعجاز، ولقي عدوه بالإرجاز، ماحذي على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ماهو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولاشاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة ذوي الأرب وجاء كالشمس اللائحة، نور للمسرة والبائحة، لوفهمه الضب الراكد لتصدع، أو الوعول المعصمة لراق الفادرة والصدع، (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون) وإن ألآية منه أو بعض الأية، لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق) أهـ (3)
هذه مقالتي ياساده، وأعوذ بالله من جعلها وساده، كتبتها على عجل، ظنا بأن الأمر جلل، وإن نقصها التحبير، فالعذر من سيد التحرير، أسوقها مختومة، كالناقة المخطومة، إلى الكريم البار، مساعد الطيار.
ـ الحواشي ــــ
1ـ كتاب أبو العلاء وماإليه، كتاب قيم، فيه إنصاف وتحقيق لكثير من المسائل المتعلقة بالمترجم له، خاصة في مايتعلق بدينه ومعتقده، وقد قرض من كبارعلماء عصره كالمحدث الكبير محمد شاكر رحمه الله، والعلامة محمد الخضر حسين، وكل كتب العلامة الميمني وتحقيقاته مضرب المثل رحم الله الجميع.
2ـ الفصول والغايات 62ـ63
3ـ رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ 472ـ473
*وشعره في الذروة، بل له منه مسكتات كقصيدته التي مطلعها:
ياساهر البرق أيقظ راقد السمر * لعل بالجزع أعوانا على السهر
قصيدة طويلة بديعة،أفردها الشيخ المتفنن أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري برسالة مستقلة مع تعليقه عليها، وإن كان في شعره كذلك مايصعب الاعتذار معه، فإلى الله مرجعنا ومرجعه.
ـ[أخوكم]ــــــــ[10 Apr 2005, 11:44 م]ـ
جزاك الله كل خير
أخي الكريم إن كان فعلا ما كتبتَه عن أبي العلاء صحيح
فذب الله النارَ عن وجهك كما ذببتَ عن أخيك
ولستُ أدري هل من المناسب أن تذكر لنا مَنْ مِن العلماء منْ اتهمه بتلك التهمة؟
عموما مقالك لوحده غاية في الإمتاع
وكدتُ أن أتجاوزَ خطأ وقع المعري فيه، ولكن نظرا لأنه يتعلق بآية قرآنية فأحببت التنبيه إليها
وهي (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون)
فقد اختلطت عليه آيتين _وبالتأكيد قد سبقه القلم_
الآية الأولى:
(وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (ابراهيم: من الآية25)
الآية الثانية:
( ... وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: من الآية21)
وأختمُ بما بدأتُ به
فجزاك الله كل خير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:19 م]ـ
شكراً لصاحب الموضوع. وقد أفاض الأستاذ محمد سليم الجندي - رحمه الله - في نفي هذه التهمة عن أبي العلاء المعري في كتابه القيم (الجامع في أخبار أبي العلاء المعري وآثاره) 2/ 779 فليراجع.
ـ[الكشاف]ــــــــ[05 Mar 2006, 08:45 م]ـ
أحسنت يا ابن الشجري، فتح الله عليك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Mar 2006, 03:49 م]ـ
أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي، المعروف بأبي العلاء المعرِّي، المولود سنة 363هـ، والمتوفى سنة 449هـ. شاعرٌ عباسي كبيرٌ، وعالمٌ لغويٌّ متبحرٌ، وقد تعرض في حياته وبعدها إلى كثير من التُّهمِ والطعون والمضايقات، ومبعث هذه التهم في الغالب ثلاثة أمور:
أولها: مسلك المعري في حياته، ونسكه، وزهده وترهبه، فقد كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره، وكان يحرم إيلام الحيوان وأكل لحمه، ولم يأكل اللحم خَمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب.
وثانيها: كتاب (الفصول والغايات) الذي أشار إليه أستاذنا ابن الشجري متعه الله بالعافية والعلم، وهو كتاب أملاه المعري بأسلوبه المنمق المعروف في تمجيد الله وحمده، فزعم خصومه أنه أراد به معارضة القرآن، وقد نشرت بعض أقسام هذا الكتاب منذ سنين فقضى نشرها على هذه المزاعم الواهية.
وثالثها وهو الأهم ديوانه المشهور (لزوم ما لا يلزم)، وما ورد فيه من أقوالٍ لا يخلو بعضها من جرأة وعنفٍ ونقدٍ قاسٍ لرجال الأديان وأصحاب المذاهب والطرق من كل ملة وطائفة، كما لا يخلو بعضها الآخر من غموض يبعث على التساؤل والاستفسار، وهذه الأقوال في كلتا الحالين في حاجة إلى توضيح يبين حقيقة المقصود منها.
وقد حاول أبو العلاء المعري راضياً حيناً، وكارهاً أحياناً أن يدفع عن نفسه هذه التهم، واضطر إلى أن يزج نفسه في مناظرات مع عدد من خصومه، ومن أشهر هذه المناظرات تلك الرسائل التي تبادلها المعري في أواخر حياته مع داعي الدعاة الفاطمي، وقد ذكر ياقوت الحموي جزء كبيراً من هذه الرسائل في معجم الأدباء (3/ 176 - 213)، ونشرها كاملة بعد ذلك محب الدين الخطيب رحمه الله في المطبعة السلفية بالقاهرة عام 1349هـ، تحت عنوان (بين أبي العلاء وداعي الدعاة الفاطمي)، وكل من قرأ هذه الرسائل المشهورة، ووازن فيها بين لهجة داعي الدعاة الفاطمي حين يهاجم بعنفٍ، ولهجة أبي العلاء المعري وهو يداري خصمه بلطفٍ، أدرك مدى شقاء المعري بهذا الجدل العقيم، وكان محور هذه الرسائل قصيدة المعري التي يذكر فيها مسلكه الانعزالي الذي ارتضاه لنفسه، ومطلعها:
غدوتَ مريضَ العَقلِ والدينِ فالقَنِي * لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصَّحائحِ
وفي ديوانه (لزوم ما لا يلزم) أبياتٌ أخرى في هذه القصيدة وغيرها، كانت مثار جدلٍ كثير، أتهم بسببها في عقيدته ودينه، ويبدو لي أن المعري آثر التزام الصمت تجاه من طعن عليه في هذه الأبيات، لولا أن بعض أصدقائه ومحبيه ألحوا عليه أن يدفع عن نفسه التهم. فأملى في الرد على الطاعن عليه في دينه كتاباً سَمَّاه (زَجْرُ النّابح) يرد فيه على الطاعن عليه في أبيات متفرقة من ديوانه (لزوم ما لا يلزم)، وقد وضح المعري في كتابه هذا بعبارة صريحةٍ براءته مما اتهم به في دينه ومعتقده، وأرى أن هذا الكتاب أبلغ في تبرئة المعري مما اتُّهِم به، ولا أظنُّ هذا الكتاب يخفى خبره عن الأستاذ الكريم ابن الشجري رعاه الله فلعله يبسط لنا خَبَرهُ، وقد نشرَ مقتطفات مهمةٍ منه في مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتورُ أمجد الطرابلسي عام 1385هـ.
ـ الحواشي ــ
* انظر ما كتبه الأخ العزيز نايف الزهراني حول الموضوع أيضاً تحت عنوان تبرئة أبي العلاء من معارضة القرآن ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3434) ففيه فوائد أخرى.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 Mar 2006, 06:04 م]ـ
أفضل ما قيل في ابو العلاء ما وجدته في كتاب" بغية الطلب في تاريخ حلب ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=13&book=1635)" لكمال الدِّين بن العديم والذي ذكر فيه ""وقد أفردت كتاباً جامعاً في ذكره، وشرحت فيه أحواله وتبينت وجه الصواب في أمره، وسمته بدفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري فمن أراد معرفة حقيقة حاله فلينظر في ذلك الكتاب فإن فيه غنية في بيان أمره، وتحقيق صحة اعتقاده، وعلو قدره إن شاء الله تعالى.""
اما دفع الظلم والتحري فلم أجده.
ووضعت مرفقا لحال ابي العلاء من بغية الطلب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Mar 2006, 11:25 م]ـ
كتاب (الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري) لكمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم المتوفى سنة 660هـ طبع، ونشر ضمن كتاب (تعريف القدماء بأبي العلاء 1/ 483 - 878) قال فيه في مقدمته وهو يذكر طعن الطاعنين على المعري وتصنيفه كتاب زجر النابح للرد عليهم:
(وقد وضع أبو العلاء كتاباً وسمه بزجر النابح، أبطل فيه طعن المزري عليه والقادح، وبين فيه عذره الصحيح، وإيمانه الصريح، ووجهَ كلامه الفصيح. ثم أتبع ذلك بكتاب وسمه بنجر الزجر، بين مواضع طعنوا بها عليه بيانَ الفجر. فلم يمنعهم زجره، ولا اتضح لهم عذره، بل تحقق عندهم كفره، وتجرأوا على ذلك وداموا، وعنفوا من انتصروا له ولاموا، وقعدوا في أمره وقاموا، فلم يرعوا له حرمة، ولا أكرموا علمه، ولا راقبوا إلا ولا ذمة، حتى حكوا كفره بالأسانيد، وشددوا في ذلك غاية التشديد، وكَفَّره من جاء بعدهم بالتقليد). [الإنصاف والتحري 485]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[14 Mar 2006, 01:20 ص]ـ
السلام عليكم
وقول مثل الذهبي في الميزان (له شعر يدل على الزندقة) وقبل الذهبي قاله بمعناه السلفي وابن تيمية رحمهم الله وبعدهم ابن حجر.
لا اقول انهم معصومون من الغلط لكن اجتماع مثل هؤلاء على طعن احدهم فهل يندمل جرحه؟
وعن نفسي لا ارى غير الادب والعربية التي نحتاجها من شعره واما غير ذلك فالرجل اراحنا ولم يدخل في شئ من العلوم تصنيفا ولا تدريسا وان كان وصف بانه قد برع في عدد من العلوم
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[14 Mar 2006, 10:51 ص]ـ
أخي الحبيب: الحكم على الشخص وعلى كلامه شيء والحكم عليه شيء آخر فكيف الحكم بما ينسب اليه.
ما ذكرته عن السلفي في الملف الذي ارفقته تجد معظم الدفاع عنه من طريق ابوا طاهر السلفي. اما ما ذكره ابن تيمية وابن القيم وابن حجر فهو حكم على الكلام المنسوب له لا على شخصه لان القاعدة بالحكم على المعين انه لا يجوز الا اذا ورد نص صريح لمعين او اذا تيقنا من حاله على الكفر. هذا الذي عليه ابن تيمية وابن القيم وابن حجر رحمهم الله.
والكلام على المعري هنا من باب الانصاف. والا فان بعض ما نسب اليه فيه الكفر والزندقة.
فاذا تكلم علم من الاعلام عن انسان فانه يتكلم عما ظهر له من حاله. والحكم دائما ليس لذات ابو العلاء الا تبعا لأقواله.
فكتابه ليس بمحاذات الايات والسور كما زعم عليه. ولو سؤل اي عالم عن انسان الف فيمعارضة القران لنسب الى الكفر. فما بالك بما ينسب الى ابو العلاء؟ ولكن اذا نظرنا بما قيل عنه وقعت الحيرة في امره اهو الذي قال بالتناقض في الشرع ام انه ينسب اليه؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Mar 2006, 12:05 م]ـ
كنت قد قرأت كتابا من تأليف يوسف البديعي عنوانه (أوج التحري عن حيثية أبي العلاء المعري) حققه العالم الجليل إبراهيم الكيلاني، وطبعه في مطبعة الترقي بدمشق سنة 1944 م ضمن منشورات المعهد الافرنسي بدمشق، وتكمن قيمة هذا الكتاب في أن مؤلفه أتى من كل كتاب أو رسالة أو ديوان لأبي العلاء - فجمع المنثور والمنظوم - بمقدارٍ يتبين منه القارئ الغرض المقصود من الكتاب، وأسلوب المعري فيه، ومكانته في هذا الفن، وجعل الأمثلة من كل كتاب منفردة لأجل التمييز بين الكتب. وللكتاب قيمة أخرى ذلك أن البديعي أورد فيه نصوصا من (الفصول والعايات) لم ترد في المطبوعة وقد تزيدنا طمأنينة إلى سلامة معتقد المعري وتنفي عنه تهمة معارضة القرآن بكتاب الفصول، ثم إن كتاب البديعي وصل إلينا مخروما في عدة مواضع فحرمنا من بعض فوائده فوق فائدة حفظ بعض النصوص المفقودة وقد كانت غنما بنشر هذه (الحيثية).
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[15 Mar 2006, 05:12 ص]ـ
السلام عليكم
اخي الكريم يقول الذهبي (له شعر)
وجزاك الله خيرا
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[15 Mar 2006, 11:05 ص]ـ
أخي الكريم: اول شيء ثبوت الشعر او القول عليه فاليك ما نقله في لسان الميزان عن ابي العلاء من حال:قال السلفي ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النميري سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد السروجي سمعت أخي أبا الفتح دخلت على أبي العلاء بالمعرة في وقت خلوة بغير علم منه فسمعته ينشد شيئاً ثم تأوه مرات وتلا آيات ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال سبحان من تكلم بهذا في القدم فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد وقال متى أتيت فقلت الساعة فقلت أرى في وجهك أثر غيظ فقال يا أبا الفتح تلوت شيئاً من كلام الخالق وأنشدت شيئاً من كلام المخلوق فلحقني ما ترى فتحققت صحة دينه وقوة يقينه وقال السلفي وسمعت أبا المكارم بأبهر وكان من إفراد الزمان ثقة مالكي المذهب قال لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعراً وختم في أسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة قال السلفي سمعت أبا زكريا التبريزي يقول لما قرأت على أبي العلاء بالمعرة قوله:
يد بخمس ميء من عسجد فديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار
(يُتْبَعُ)
(/)
سألته عن معناه فقال هذا مثل قول الفقهاء عبارة لا يعقل معناه وقال السلفي ان كان قال هذا الشعر معتقداً معناه فالنار مأواه وليس له في الإسلام نصيب هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب الفصول والغايات وكأنه معارضة منه للسور والآيات فقيل له ليس هذا مثل القرآن فقال لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة.
قال السلفي وفي الجملة كان من أهل الفضل الوافي والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب قرأ القرآن بروايات وسمع الحديث بالشام على ثقات وله في التوحيد وإثبات النبوة وما يحض على الزهد شعر كثير والمشكل منه على زعمه له تفسير
روى عنه أبو القاسم التنوخي وهو من أقرانه والخطيب أبو زكريا التبريزي وغالب بن عيسى الأنصاري والخليل بن عبد الجبار القزويني وأبو ظاهر بن أبي الصقر وآخرون وقال ابن الجوزي حدث عن أبي زكريا التبريزي قال: قال لي المعري مرة ما الذي تعتقد قال فقلت اليوم يظهر ما يخفيه فقلت له ما أنا إلا شاك قال وهكذا شيخك وقال أبو يوسف عبد السلام القزويني اجتمعت به مرة فقال لي لم أهج أحداً قط قال فقلت له صدقت إلا الأنبياء فتغير وجهه
الثاني الحكم على كتاب هو انصاف لكتابة كاتب والكتاب المذكور يناقش ما فيه فان ثبت اي شيء مخالف نبه عليه والا فليس من العدل الكلام عليه بما ليس فيه , فقد طعن على ابي العلاء في هذا الكتاب انه وضعه ليعارض القران والواضح من الكتاب انه ليس كذلك , فالحكم على الكتاب هو غير الحكم على صاحبه. واغلب من قال عن هذا الكتاب قد علم كتابه كما قال ابن الجوزي عنه:
وقد رأيت لابي العلاء المعري كتابا سماه الفصول والغايات، في معارضة السور والآيات، على حروف المعجم في آخر كلماته وهو في غاية الركاكة والبرودة، فسبحان من أعمى بصره وبصيرته. اي انهم كانوا يعلموا بان هذا الكتاب ليس مما يقارن بالقران وانما قيل انه الف ذلك ليعارض القران.ولكن هل كان القسم الثاني من العنوان مع الكتاب ام قاله ابن الجوزي على انه المشهور بذلك؟
الأمر الثالث: ليس عندنا شيء يبين نهايته وكيف مات. فابوا حامد الغزالي له كلام في الاحياء لايقال. وقد مات على ما مات عليه من صحة الايمان , فايهم اولى ذ كر محاسن الشخص مع ذم ما ينسب اليه ان كان مشتهرا ام ذمه مطلقا ونحن لا نعلم نهاية حاله؟ قال الشاعر عن المال:
وان عندي الخطا بالجود احسن من****اصابة حصلة بالمنع والبخل.
الرابع اغرب ما في الامر هو حاله التي ذكرها ابن كثير كما في البداية والنهاية:
ومن الناس من يعتذر عنه ويقول: إنه إنما كان يقول ذلك مجونا ولعبا، ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، وقد كان باطنه مسلما. قال ابن عقيل لما بلغه: وما الذي ألجأه أن يقول في دار الاسلام ما يكفره به الناس؟ قال: والمنافقون مع قلة عقلهم وعلمهم أجود سياسة منه، لانهم حافظوا على قبائحهم في الدنيا وستروها، وهذا أظهر الكفر الذي تسلط عليه به الناس وزندقوه، والله يعلم أن ظاهره كباطنه.
ومدار كلام ابن عقيل هو الذي جعل أغلب العلماء يعتبروه من الزنادقة.
اما الامر الآخر فقد ذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري انه كان نباتيا وكانت طريقة الفلاسفة البراهمة انهم لا يأكلون الحيوانات. وقد سأله احد الناس مرة عن ذلك فقال:رأفة بهم.
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[15 Mar 2006, 10:37 م]ـ
اخي الكريم السلام عليكم
الموقع لم يوضع لمناقشة حال ابي العلاء والا لاخذت معك في النقاش حتى نفيم اوده
عموما مثل الذهبي لا يقول له شعر جزافا
راجع الميزان وليس لسان الميزان لتدقيق كلامه
واعتقد اني ان اخطات فمني ومن الشيطان والله يغفر للجميع وان اصبت فهو جهد الذهبي رحمه الله
وانت واخوانك جزاكم الله خيرا لحسن قصدكم
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[16 Mar 2006, 11:18 ص]ـ
اخي الحبيب لم اضع لك فقط ما يدافع عن اببي العلاء, وانما ما يقال عنه لاحظ أخي ان المقال يتكلم عن كتاب الفصول والغايات. وقد تكلم الأخوة وصاحب الموضوع ان هذا الكتاب ليس فيه معرضة للقران. وقد بينت لك في أخر الكلام ان الذين قالوا انه الف لمعارضة القران انما عرفوا الكتاب حقا كما قال ابن الجوزي:وقد رأيت لابي العلاء المعري كتابا سماه الفصول والغايات، في معارضة السور والآيات، على حروف المعجم في آخر كلماته وهو في غاية الركاكة والبرودة، فسبحان من أعمى بصره وبصيرته. وكلام ابن عقيل: وما الذي ألجأه أن يقول في دار الاسلام ما يكفره به الناس؟ قال: والمنافقون مع قلة عقلهم وعلمهم أجود سياسة منه، لانهم حافظوا على قبائحهم في الدنيا وستروها، وهذا أظهر الكفر الذي تسلط عليه به الناس وزندقوه، والله يعلم أن ظاهره كباطنه. انما نقلته كي لا تظن بالطريقة التي وضعت فيها ردك الأخير.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[24 Mar 2006, 05:46 ص]ـ
كلام الأخ الجنيدالله منصف، وليس لنا من أبي العلاء إلا شعره، بل بعض شعره، حيث لا ينتقى له إلا بعض شعره، وسقط الزند في رأيي يكفي من سائر شعره.
ومثله بقية الشعراء الذين طعن في عقائدهم كبشار وصالح بن عبدالقدوس وغيرهم، لنا الشعر المنتقى الجيد، وأما المعتقد فله مصادره المعروفة والله أعلم.(/)
لماذا رفض ابن تيمية المجاز .... (حلقات)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[12 Apr 2005, 12:15 ص]ـ
لماذا أنكر شيخ الاسلام المجاز فى اللغة؟
معظم الذين نقدوا رأي ابن تيمية ذهبوا الى ان شيخ الاسلام يصدر فى رأيه هذا من منطلقات عقدية .... فيرون انكاره المجاز من باب سد الذريعة .... فقط: فلما كان ابن تيمية لا يقبل تأويل الاسماء والصفات الالهية .. فقد ضحى فى سبيل ذلك بالمجاز نفسه ... بمعنى ان انكار المجاز ليس بالقصد الاول بل بالقصد الثاني .....
هذا الرأي فى نظري بعيد من الصواب .... بل ان شيخ الاسلام كان يصدر من منطلقات لغوية .... وفى نقاشه للمجاز .. كان فى قلب البحث اللغوي ... بغض النظر عن نتائجه العقدية ... وهذا ما سنعرض له فى هذا البحث .....
اولا: رفض ابن تيمية لنظرية المجاز ..... بسبب هشاشتها .. وعدم وضوح مسلماتها ...
نظرية المجاز رهينة بنظرية الوضع .... فإن سلمت الاخيرة سلمت معها الاولى .... لكن هيهات ... فمسلمة "الوضع"تضرب فى اعماق الغيب .... ولا يمكن الاستدلال عليها ... وهذا القدر وحده يكفي للتشكيك فى مصداقية المجاز .... عند علماء المناهج .... وفقهاء العلم .. وهذا بيان ذلك:
عرف صاحب الايضاح: الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح به التخاطب
...... والمجاز وهو ما استعمل فيما لم يكن موضوعا له لا في اصطلاح به التخاطب ولا في غيره ...
قال ابن جني في الخصائص: الحقيقة ما أُقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة والمجازُ: ما كان بضدّ ذلك ......
يلاحظ ان مفهوم"الوضع"ضروري لقيام المجاز ... واصل له ... فلا يصبح المجاز ممكنا .. الا إذا ثبت وضع سابق ..... لكن الوضع السابق هو مجرد دعوى .... فكيف تصمد نظرية المجاز؟
فلنستمع الى الامام ابن القيم .... وهو يقول:" ... وهذا كله انما يصح إذا علم ان الالفاظ العربية وضعت اولا لمعان ثم استعملت فيها ..... ثم وضعت لمعان اخر بعد الوضع الاول والاستعمال بعده ... ولا تتم لكم دعوى المجاز الا بهذه المقامات الاربع ...... "
فالقول بأن"الاسد"يرادبه الانسان ... مجاز ........ يفترض ما يلي:
وضع اول لكلمة "اسد"يراد بها الحيوان المعروف .....
استعمالها للدلالة عليه ... دلالة حقيقية
وضع ثان لكلمة اسد يراد بها الانسان ..
استعمالها للدلالة عليه ... دلالة مجازية ..
هذا الترتيب .. لا يرتضيه ابن القيم ... ويرى -عن حق-انه قول بلا علم .. وهو حرام فى حق المخلوق فكيف فى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... فمن يمكنه من بني آدم ان يثبت ذلك؟
وقد ينكر الوضع الثاني ... فيقال بل هنا وضع واحد واستعمالان ... لكن هذا لا يغير من القضية شيئا ... فالمشكلة فى الوضع الاول ....
لكن لماذا كان "الوضع" مشكلا؟
لاننا مهما نظرنا الى الوضع ... ومهما غيرنا ادوات الاستفهام ... لا نجد جوابا قطعيا شافيا:
متى كان الوضع؟
من الواضع؟
كيف كان الوضع؟
اين تم الوضع؟
لا سبيل الا طرح دعاوى .... والتيه فى نظريات ميتافزيقية ... متكافئة ...
فالواضع .... هو الله تعالى فى نظرية ..... وهو الانسان فى نظرية اخرى .... وهو الالهام فى نظرية ثالثة ...
كيف تم الوضع .... قيل اتفقت مجموعة انسانية ... على وضع الفاظ بعينها لمسميات بخصوصها ... وهذا التعليل متهافت ... لان كلمة "اتفقت"تفترض لغة سابقة ... وهذا تناقض ...
وقيل وضعت الالفاظ محاكاة لاصوات الحيوانات ... وهذا غير مقبول ... فالانسان ارقى من الحيوان ... فلا يقلد الاعلى الادنى ... فضلا على ان الاسلام لا يقبل ابدا مفهوم" الانسان البدائي ... "فهذا المفهوم نشأ فى بيئة ملحدة ... تقوم على خرافة التطور .... وقيل وضعت الالفاظ محاكاة لاصوات الطبيعة ... كما نجد فى بعض الفاظ العربية ما يحاكي اصوات الشيء المعبر عنه ... من قبيل "عواء" و"مواء"و "قضم" و"حفيف" ..... لكن الكثرة الكاثرة من الالفاظ لا تقلد صوتا ولا صدى ... بل ان لغويي اليوم يرون العلاقة اعتباطية بين الدال والمدلول ....
ثم يأتي الاشكال الاكبر .... اين النقل الصحيح؟؟؟ لان مسألة المواضعة مسألة نقلية لا دخل للعقل فيها ...
بعد هذا .... الم يكن شيخ الاسلام اولى بالحصافة المنهجية من غيره ... عندما رفض فكرة الوضع ... وأبى ان يستخدمها فى نظريته اللغوية .....
ولكن ما الحل البديل لنظرية"الوضع"؟
هذا هو موضوع الحلقة الثانية من هذا العرض ... ان شاء الله تعالى ...
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[12 Apr 2005, 02:21 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لما كان مفهوم "الوضع" ظنيا لم يجز اعتماده لبناء نظرية لغوية سليمة .... فأقصى من قبل ابن تيمية .. واعتمد على مفهوم واضح اجرائي:"الاستعمال"
فإن كان من المجازفة ان نقول ان العرب وضعت اسم" الاسد" للحيوان اولا ثم استعمل بعد ذلك فى الانسان .. فإنه من المؤكد انهم استعملوا اسم "الاسد" فى المعنيين ... معا ... وهذا يمكن التحقق منه بالرجوع الى كلامهم ...
قال ابن تيمية فى الايمان الكبير:"والمقصود هنا أنه لا يمكن أحدا أن ينقل عن العرب بل ولا عن أمة من الأمم أنه اجتمع جماعة فوضعوا جميع هذه الأسماء الموجودة فى اللغة ثم استعملوها بعد الوضع وانما المعروف المنقول بالتواتر استعمال هذه الألفاظ فيما عنوه بها من المعانى فان ادعى مدع أنه يعلم وضعا يتقدم ذلك فهو مبطل فان هذا لم ينقله أحد من الناس ... "
وكأني بشيخ الاسلام هنا يطبق القاعدة الشرعية .... اليقين لا يزول بشك .... فلا يجوز لفرضية الوضع المشكوك فيها ان تشوش على" الاستعمال "المقطوع به ...
وينتج عن هذا الاعتبار .... تساوي الاستعمالات ... فليس استعمال "الاسد" فى الحيوان اولى من استعمال "الاسد" فى الانسان من حيث القيمة .... وبطل بالتالي التصنيف الى اصل وفرع ...
والى هذا المذهب ... مال ابو اسحق الاسفراييني .... كما عرضه د. لطفي عبد البديع .. فى كتابه "فلسفة المجاز":
" ..... ومن اجل ما قدمنا ....... كان ما ذهب اليه ابو اسحق الاسفراييني من انه لا مجاز فى لغة العرب وعمدته ان حد المجاز عند مثبتيه انه كل كلام تجوز به عن موضوعه الاصلي الى غير موضوعه الاصلي للنوع مقارنة بينهما فى الذات او فى المعنى ... اما المقارنة فى المعنى فكوصف الشجاعة والبلادة ..... واما فى الذات فكتسمية المطر سماء ........ وهذا يستدعي منقولا عنه متقدما ومنقولا اليه متاخرا ... وليس فى لغة العرب تقديم وتاخير بل كل زمان قدر ان العرب قد نطقت فيه بالحقيقة فقد نطقت فيه بالمجاز .......... والعرب نطقت بالحقيقة و المجاز على وجه واحد .. فجعل هذا حقيقة وهذا مجازا ضرب من التحكم فان اسم السبع وضع للاسد كما وضع للرجل الشجاع ..
وما قيل فى الجواب عن هذا من ان الجهل بتاريخ تقدم الحقيقة على المجاز لا يدل على عدم التقديم والتاخير منقوض بعدم وجود تاريخ لذلك ... الا ان هذا التاريخ مبني على افتراض التقديم والتاخير ... وهو فى الترتيب الزمني بمنزلة الاصل والفرع فى الترتيب العقلي .. وكلاهما لا وجه له فى الظاهرة اللغوية ... وحسبنا ان نقول ان اللفظة الواحدة قد تتوارد على معان شتى دون
ان يعرف اي هذه المعاني مقدم على الآخر لانه لا سبليل الى ذلك .... انتهى كلام عبد البديع.
ومن النتائج الجليلة ... عن اعتبار الاستعمال لا الوضع .. تغير تصورنا للغة ... فلن تكون بعد هذا "مجموعة من "المفردات "المخزونة-المحنطة- فى المعاجم ..... بل هي مجموعة من "الجمل"المتداولة فى الحياة .... ولهذا التصور غور عظيم ... سيكون هو موضوع حديثنا القادم ان شاء الله .....
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:29 ص]ـ
ان المتتبع لتراث شيخ الاسلام ... سيجد عنده احتفاء قويا .. بمبدأ الواقعية ... وهو المعبر عنه ب"نفس الأمر" ... وهو المقابل للتقدير الذهني ... لذلك كان مناوئا لنهج المتكلمين .. بسبب انبناء كثير من نظرياتهم على .... مجرد تقديرات ذهنية .... والعبرة عند ابن تيمية لا بما تقدر بذهنك .... ولكن .. بما يوجد فى "نفس الامر" .. اي فى الخارج ...
هذا النزوع المنهجي الواقعي .. ظل ابن تيمية وفيا له ... وطبقه بكل لوازمه فى نظريته اللغوية ..
وهكذا .... طوح بمفهوم "المواضعة"وسلكه فى سلك التقديرات الذهنية ..... واعتبر ان جوهر اللغة .. هي استعمال "فى نفس الأمر" .... فأين ما وجهت وجهك ... لن تجد الا من يستعمل اللغة ... وقد يقال على سبيل الاعتراض ... فما بال هذه المصطلحات الجديدة ... فى كل العلوم .. أليست نتاج المواضعة ... ثم اليس من الممكن .. ان نخترع فى كل لحظة اعرافا لغوية ... غير مسبوقة ... هذا الاعتراض يبدو قويا (وهو عمدة من اعترض على ابن تيمية) ... لان شيخ الاسلام لا يمكن ان يتغاضى .. على انه فى كل علم .... تولدت مصطلحات ... بعضها مرتجل وبعضها منقول ...
لكن قوة هذا الاعتراض لبادي الرأي فقط .... لأن شيخ الاسلام سيزيحه بضربة واحدة ..
ألم تستعمل اللغة فى هذه المواضعة .... ؟ بلى ...
إذن هذا الاعتراض يقوي نظرية ابن تيمية .. ولا يقوضها .... فالرجوع الى الخارج اي الى "نفس الامر" ... لا نجد الا الاستعمال الذى نوظف به الكلمات" القديمة "ونضع به الكلمات" الجديدة" ... اما الوضع السابق للاستعمال ... فلا يشهد له الا التقدير الذهني ..... وقد قلنا آنفا انه لا سبيل الى البرهنة عليه ...
قال -رضي الله عنه-فى الايمان الكبير: نعم قد يضع الناس الاسم لما يحدث مما لم يكن من قبلهم يعرفه فيسميه كما يولد لأحدهم ولد فيسميه اسما إما منقولا واما مرتجلا وقد يكون المسمى واحدا لم يصطلح مع غيره وقد يستوون فيما يسمونه وكذلك قد يحدث للرجل آلة من صناعة أو يصنف كتابا أو يبنى مدينة ونحو ذلك فيسمى ذلك باسم لأنه ليس من الأجناس المعروفة حتى يكون له اسم فى اللغة العامة ....
فلا مجال للتشغيب عليه ... فالرجل واع بامكان الاصطلاح بين الناس ... ويقر به .. ويقبله ... وهذه الوظيفة اللغوية .. هي التي سماها علماء اللغة المعاصرون .. "الوظيفة الميتا لغوية "وادرجوها ضمن وظائف اخرى كالوظيفة الانفعالية والتعبيرية .. واللغوية (بالسكون) والاحالية .. (ينظر مثلا ما كتبه رومان ياكبسون .. احد الشكلانيين البنيويين .... )
انظر الى قوله: فيسميه اسما ... اي يستعمل اللغة ليفهم الناس ان ابنه منذ اليوم يسمى زيد .. او بكر ...
لكن اين هذا من ذاك .. فالوضع الاولي ثبتت به اللغة .. الوضع الميتالغوي ثبت باللغة ... فليتأمل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Apr 2005, 01:13 م]ـ
والآن نصل الى منعرج حاسم في نظرية ابن تيمية اللغوية .. فالجزم بالاستعمال ... وحده ... وعدم التعويل على فرضية الوضع .... يفضي لا محالة ... الى اعادة النظر فى طبيعة اللغة ... فلن يعود تعريف ابن جني مقبولا عند ما قال: أمّا حدّها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ...
بل حتى القول بأنها كلمات ... حد قاصر ...
وليس الصواب الا ان نقول "اللغة جمل .... وتراكيب"
لماذا ذلك؟ ...
لان الناس فى استعمالهم اليومي .... يتخاطبون بالتراكيب لا بالاصوات ...
قال ابن القيم -رضي الله عنه-:
الوجه التاسع عشر: انكم فرقتم ايضا بينهما ان المجاز ما يتبادر غيره الى الذهن فالمدلول ان تبادر الى الذهن عند الاطلاق كان حقيقة وكان غيرالمتبادر مجازا .. فإن الاسد اذا اطلق تبادر منه الحيوان المفترس دون الرجل الشجاع ... فهذا الفرق مبنى على دعوى باطلة وهو تجريد اللفظ عن القرائن بالكلية والنطق به وحده .. وحينئذ فيتبادر منه الحقيقة عند التجرد ... وهذا الفرض هو الذي اوقعكم فى الوهم .... فإن اللفظ بدون القيد والتركيب بمنزلة الاصوات التي ينعق بها .. لا تفيد فائدة وانما يفيد تركيبه مع غيره تركيبا اسناديا يصح السكوت عليه ... "
لله دره ... كأن ابن القيم تبعا لشيخه ... يقرر ان الوحدة الاولى فى اللغة هي الجملة .. وما قبل الجملة ... اصوات ينعق بها .... ك"غاق" ... فيكون المسلمون قد سبقوا "شومسكي" وامثاله .... الى اعتبار اللغة ... تراكيب وان القدرة اللغوية الانسانية هي قدرة على انتاج عدد لا نهائي من الجمل ...
ومن ثم ظهر ضعف حد ابن جني .. عندما ارجع اللغة الى الاصوات ...
فمن المؤكد ان" حمحمة "الفرس .. و"غاق" الغراب ... ليس من قبيل اللغة ...
فإن قيل ... لكن تلك التراكيب أليست مكونة من "اصوات" و"كلمات"
... أليس البسيط متقدما على المركب؟؟
قلنا بلى .... بشرط ان نتبنى التحليل المنطقي ... ذلك التحليل المهووس بارجاع كل شيء الى الماهيات المجردة ... وقد مر ان الشأن مناط ليس بتقدير المنطق الذهني بل ... بما هو موجود فى الخارج .. فلتكن الجمل من الكلمات ولتكن الكلمات من الاصوات ولكن الناس فى تدوالهم اليومي ... لا يقولون ... "عندى اصوات اريد ان اوصلها الى سمعك"
وحتى عندما يقولون "هل تسمح لى بكلمة" ... فهم يقصدون "جملة" ...
هذا الاعتراض على التصور المنطقي وجيه ... فإن كان لا بد من ارجاع المركب الى البسيط ..... فلم الوقوف عند حدود الصوت ... اليس هو نفسه مركب .... من تموجات وذبذبات ... أفتكون اللغة فى نهاية المطاف ..
ذرات والكترونات ..... ؟؟؟؟
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:16 م]ـ
عرض جيد، ويحتاج إلى المناقشة بعد اكتمال حلقاته إن شاء الله. شكراً جزيلاً للأستاذ أبي عبدالمعز على هذا الموضوع.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Apr 2005, 11:13 م]ـ
بعد هذه الجولة القصيرة .. بين المواضعة والاستعمال .. وهما مفهومان لا لا بد من تصورهما لفهم المجاز ... نعود الى ما بني على المواضعة من افتراض "المجاز" .... فقد يقال .. هب المواضعة مجرد افتراض .. فهل هذا مدعاة الى انكار المجاز ... لاننا نجد فى كل العلوم .. مباديء ومسلمات ... بعضها غير مبرهن عليها ... فقد بنيت هندسة اقليدس مثلا على افتراض المكان مستويا ... وبنى غيره هندسة اخرى على افتراض المكان مقعرا .... فهلا تعاملتم مع انصار المجاز .... كما تعامل "ريمان" و"لو باتشفسكي"مع اقليدس ... لا احد ينكر على الآخر ... قلنا هيهات ... لان الشرط المعتبر عند فقهاء العلم هو انسجام النظرية الداخلي ..... وهذا مفقود فى نظرية المجاز ...... واليكم التفصيل:
القول بالمجاز .. فرع عن القول بالحقيقة ... عند القائلين بالمجاز .. :فقال بعضهم الحقيقة اصل للمجاز وقال بعضهم هي كالاصل للمجاز .. ولكنهم اتفقوا جميعا على ثنائية حقيقة/مجاز ...
لكن الكارثة ... ان القول بالمجاز يلغي الحقيقة فى آخر المطاف ... فيكر الفرع على الاصل بالابطال ...
(يُتْبَعُ)
(/)
وبتعبير آخر يصبح المجاز"غولا"يلتهم كل اللغة ... بحقائقها وغيرحقائقها ... وممن انتبه الى هذه الآفة ابن جني .. فى كتابه الخصائص .... مع التنبيه الى ان ما سميناه نحن "آفة" ليست عند ابن جني .. الا امرا طبيعيا .. لذلك صرح بكل شجاعة .. جل اللغة مجاز ... ومع ان رأيه هذا لم يتابعه عليه احد ... بل عده البيانيون رأيا متطرفا .. كتطرف من ينفى المجاز اصلا ... لكن الحقيقة ان رأي ابن جني لازم للجميع .... شاؤوا ام ابوا .... فلنقف بعض الوقفات مع هذا النص المشهور لابن جني -رحمه الله-:
اعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة. وذلك عامة الأفعال نحو قام زيد وقعد عمرو وانطلق بشر وجاء الصيف وانهزم الشتاء. ألا ترى أن الفعل يفاد منه معنى الجنسية فقولك: قام زيد معناه: كان منه القيام أي هذاجنس من الفعل ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام وكيف يكون ذلك وهو جنس والجنس يُطبق جميع الماضى وجميع الحاضر وجميع الآتى الكائنات مِن كل مَن وُجد منه القيام. ومعلوم أنه لا يجتمع لإنسان واحد (في وقت واحد) ولا في مائة ألف سنةٍ مضاعفةٍ القيام كله الداخل تحت الوهم هذا محال عند كل ذى لبّ. فإذا كان كذلك علمت أن (قام زيد) مجاز لا حقيقة وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير. ويدل على انتظام ذلك لجميع جنسه أنك تُعمله في جميع أجزاء ذلك الفعل فتقول: قمت قومة وقومتين ومائة قومةٍ وقياما حسنا وقياما قبيحا. فإعمالك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها. وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليل ألا تراك لا تقول: قمت جلوسا ولا ذهبت مجيئا ولا نحو ذلك لما لم تكن فيه دلالة عليه ألا ترى إلى قوله:
(لعمرى لقد أحببتك الحبَّ كله ... وزدتِك حبَّا لم يكن قبل يعرف)
فانتظامه لجميعه يدل على وضعه على اغتراقه واستيعابه وكذلك قول الآخر:
(فقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا)
فقوله (كل الظن) يدل على صحة ما ذهبنا إليه. قال لى أبو علي: قولنا: قام زيد بمنزلة قولنا خرجت فإذا الأسد ومعناه أن قولهم: خرجت فإذا الأسد تعريفه هنا تعريف الجنس كقولك: الأسد أشد من الذئب وأنت لا تريد أنك (خرجت وجميع الاسد) التي يتناولها الوهم على الباب. هذا محال واعتقاده اختلال. وإنما أردت: خرجت فإذا واحد من هذا الجنس بالباب. فوضعت لفظ الجماعة على الواحد مجازا لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه. أما الاتساع فإنك وضعت اللفظ المعتاد للجماعة على الواحد. وأما التوكيد فلأنك عظمت قدر ذلك الواحد بأن جئت بلفظه على اللفظ المعتاد للجماعة. وأما التشبيه فلأنك شبهت الواحد بالجماعة لأن كل واحد منها مثله في كونه أسدا
وإذا كان كذلك فمثله قعد جعفر وانطلق محمد وجاء الليل وانصرم النهار. وكذلك أفعال القديم سبحانه نحو خلق الله السماء والأرض وما كان مثله ألا ترى - أنه عز اسمه - لم يكن منه بذلك خلق أفعالنا ولو كان حقيقة لا مجازا لكان خالقا للكفر والعدوان وغيرهما من أفعالنا عز وعلا. وكذلك علم الله قيام زيد مجاز أيضا لأنه ليست الحال التي علم
عليها قيام زيد هي الحال التي علم عليها قعود عمرو ... "انتهى كلامه.
(بعد نقل هذا الكلام بدا لى ان اصحح قولى ان" المجاز غول يلتهم اللغة كلها"مستدركا: والعقيدة ايضا ..... )
قلت: ينبغي للمجازيين ان يتحملوا هذا النص رغم بشاعته ... فالاكتفاء بوصفه "فيه غلو" لا يكفي ... لانني لم ار من رد على حجج ابن جني ...
ولا سبيل الى الرد عليه الا بقفل الباب الذى خرج منه الوحش ... كما كان صنيع الاسفراييني ... وداود الظاهري وابنه .. والبلوطي .. وجل الظاهرية .... وخويز منداد وابن تيمية وابن القيم والشنقيطي ... رحمهم الله جميع وعفا عن مخالفيهم ...
ما يعجبني فى نص ابن جني ان صاحبه يقر بما يلزم عن القول بالمجاز ... ويتبنى اللوازم .. بدون مواربة ... ويصل الى النتيجة التي يفر منها الآخرون:
انظر مثلا الى تحليله لمقولة" الفعل"من حيث الوضع والاستعمال .... فالفعل ان وضع لا بد ان يوضع للمعنى المطلق .... وان استعمل فلا بد ان يستعمل فى المعنى المقيد ... اي لا بد ان يستعمل فى غير ما وضع له ...... وهذا هو المجاز فى تعريف الناس .... ولو شئنا استعمال الفعل فى" الحقيقة" تعذرالامر ....
(يُتْبَعُ)
(/)
"ضرب"يجب ان تكون موضوعة للضرب المطلق ... ويستحيل ان تكون موضوعة لخصوصية كل ضرب ... لكننا عندما نريد استعمال .... هذا الفعل فإننا ... نسنده الى فاعل خاص .... ونعبر به عن ضرب مخصوص .. وقع فى مكان وزمان مخصوصين .... فتحتم المجاز ... لاننا استعملنا ما وضع للعموم .. للدلالة على الخصوص ... او ما وضع للمطلق للدلالة على المقيد .. فثبت فى كلتا الحالتين استعمال كلمة فى غير ما وضعت له .... وهذا مشهور متداول عند اهل البيان ... ويسمونه "المجاز المرسل"علاقته الاطلاق او التقييد ..
ففي قولهم "مشفر الرجل" .... يقترحون التأويل التالي: المشفر موضوع لشفة البعير .... وهنا اسند الى الرجل .... فمشفر مجاز ... ثم يفصلون:ان كان المستعمل لهذا التعبير قد قصد تشبيه شفة الانسان بمشفر البعير ... من حيث الغلظ .. والتشقق .. فهنا استعارة تصريحية .... وان لم يعتبر علاقة المشابهة ... بل اراد الشفة .. فعبر عن الجنس بالنوع ...... فسيكون عندنا مجاز مرسل .....
هذا هو تحليل ابن جني ... لمقولة الفعل بدون فرق ... فعنده الضرب موضوع للجنس فان استعملناه فى النوع او الافراد .... فقد حصل المجاز ...
بل يمكن ان نضيف الى تحليله امرا آخر ....... فصيغة ضرب تدل على الماضي .. والصيغ الصرفية عند المحققين من اهل البلاغة ... موضوعة "بالوضع النوعي" ... لا الشخصي ... صيغة فعل-بالفتح- .. تدل على مطلق الماضي ... ونحن عندما نقول .. كتب .. نقصد حيزا فى الماضي خاصا-وقوع الكتابة يوم الجمعة مثلا-فصرنا الى المجاز مرة اخرى .... اي باعتبار المادة وباعتبار الصيغة ...
ويأبى ابن جني .. الا ان يطم المجازعلى كل مساحات اللغة فيقول اثر ما نقلناه عنه آنفا:
وكذلك قولك: ضربت عمرا مجاز أيضا من غير جهة التجوز في الفعل - وذلك أنك إنما فعلت بعض الضرب لا جميعه - ولكن من جهة أخرى وهو أنك إنما ضربت بعضه لا جميعه ألا تراك تقول: ضربت زيدا ولعلك إنما ضربت يده أو إصبعه أو ناحية من نواحى جسده ولهذا إذا احتاط الانسان واستظهر جاء ببدل البعض فقال: ضربت زيدا وجهه أو رأسه. نعم ثم إنه مع ذلك متجوز الا (تراه قد يقول): ضربت زيدا رأسه فيبدل للاحتياط وهو إنما ضرب ناحية من رأسه لا رأسه كله. ولهذا ما يحتاط بعضهم في نحو هذا فيقول: ضربت زيدا جانب وجهه الأيمن أو ضربته أعلى رأسه الأسمق لأن أعلى رأسه قد تختلف أحواله فيكون بعضه أرفع من بعض ... "انتهى.
باختصار يبدو انه لا سبيل الى الحقيقة .. الا بتعيين عدد الخلايا .. التي وقع عليها ذلك القسط من الضرب .. مع تحديد عدد الذرات التى تلامست ..
ووقع فيها الاحتكاك. وهذا فوق طاقة البشر كما لا يخفى .....
ويأبى ابن القيم الا ان يثخن من جراح المجاز ... فيحول الانظار الى ما تبقى فى اللغة وهو الحروف .... فيلزم المجازيين ... بأمور قريبة مما ... سبق مع ابن جني ...... فيقول فى الصواعق: وهذه الروابط-اي الحروف-لها دلالتها على معناها الافرادي مشروط بذكر متعلقاتها ... وهو القرينة المبينة لمعناها ... وذلك امارة المجاز عندهم ..
فهم بين امرين ... اما ان يدعوا ان الحروف كلها مجاز فهذا غلط .. لو كان المجاز ثابتا فإنها لم يسبق لها موضوع غير موضوعها الذى هي مستعملة فيه ... واما ان يقول ان توقف فهم معناها على القرينة لا يوجب لها ان تكون مجازا ... (كذا فى النسخة التى انقل منها .. ولعل الصواب يوجب لها ان تكون مجازا ... او لا يوجب لها ان تكون حقيقة ... والمعنى مفهوم بلا ريب) فيقال لهم: هكذا الاسماء والافعال التي لها دلالة عند الاقتران ودلالة عند التجرد لا يؤدي توقف فهم معناها عند الاقتران على القرينة ان تكون مجازا .. وهل الفرق الا تحكم محض.؟
وعلى العموم فنظرية وضع الحروف .... تخبط فيها اللغويون والاصوليون كثيرا ......
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 Apr 2005, 02:52 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الاعتبارات كافية لاضعاف نظرية المجاز فى اللغة ... لكن عندما ندخل فى حسباننا النصوص الشرعية ... سيكون نفي المجاز واجبا شرعيا- ومن ثم اصبح البحث فى مسألة المجاز ليس من قبيل الترف او الرياضة الذهنية ... بل هو مطلوب شرعا - ... فالقول بأن "لا مجاز فى القرآن"يستجيب فى الحقيقة ... لنوعين من الاكراه: اكراه عام ... يتمثل فى اللوازم الباطلة من افتراض المجاز- وقد ذكرنا بعضها -واكراه خاص يتعلق ... بمسلمات المؤمن بالقرآن ..... من كونه لا يأتيه الباطل من اية جهة من الجهات ... والمجاز يحمل فى طياته "الكذب"لذا يتعين ابعاده عن النصوص الشرعية بكل قوة ....
وقبل الاستدلال على طبيعة المجاز من حيث الصدق والكذب ... نورد ادلة من يرى المجاز موجودا فى القرآن:
عمدة هؤلاء .... دليلان:
القرآن نزل بلغة العرب ... والمجاز اسلوب موجود فى العربية .... فلاضير من وجوده فى القرآن ....
اما الدليل الثاني .... فقد صاغه جلال الدين السيوطي فى "اتقانه "على الشكل التالي:
وأما المجاز فالجمهور أيضا على وقوعه فيه وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى
وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد إتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها ... "
لقد تصدى الشيخ الامين الشنقيطي .. للدليل الاول .. فنقضه فى رسالته "منع جواز المجاز":
"فإن قيل كل ما جاز فى اللغة العربية جاز فى القرآن لانه بلسان عربي مبين.
فالجواب: ان هذه كلية لا تصدق الا جزئية .... وقد اجمع النظار على ان المسورة تكذب لكذب سورها كما تكذب الموجهة لكذب جهتها. وايضاح هذا على طريقة المناظرة ان القائل به يقول المجاز جائز فى اللغة العربية فهو جائز فى القرآن .. ينتج من الشكل الاول المجاز جائز فى القرآن.
فنقول: سلمنا المقدمة الصغرى تسليما جدليا لان الكلام على فرض صدقها وهي قولنا المجاز جائز فى اللغة العربية .... ولكن لا نسلم الكبرى التى هى قوله: وكل جائز فى اللغة العربية جائز فى القرآن .. بل نقول بنقيضها ..... وهي قولنا بعض ما يجوز فى اللغة ليس بجائز فى القرآن فإذا تحقق صدق هذه الجزئية السالبة تحقق نفي الكلية الموجبة ...
فمن ذلك ما يسميه علماء البلاغة "الرجوع"وهو نوع من انواع البديع المعنوي ..... وحده الناظم بقوله:
وسم نقض سابق بلاحق*******لسر الرجوع دوم ما حق
فإنه بديع المعنى فى اللغة عندهم وهو ممنوع فى القرآن العظيم لأن نقض السابق فيه باللاحق انما هو لاظهار المتكلم الوله والحيرة من امر كالحب مثلا ثم ظهر انه ثاب له عقله وراجع رشده فينقض كلامه الاول الذي قاله فى وقت حيرته غير مطابق للحق كقول زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم ..... بلى وغيرها الارواح والديم
يقصد الشنقيطي-رحمه الله-ان "الرجوع "يقوم على ارتكاب خطإ ما ثم الرجوع عليه بالتصحيح ... ويرى ان مثل هذا لا يجوز فى القرآن ضرورة. وان استحسن فى كلام الشعراء ..
ومن هذا المشرب ايضا ... ما يسمى عندهم ب"حسن التعليل"ومعناه ايراد معنى وتفسيره تفسيرا طريفا شعريا مخالفا للواقع ولكنه مستحب للنفوس .. وحسن التعليل هذا ... انواع ضرب له الشنقيطى امثلة وحسبنا منها مثالا واحدا يبين المقصود .. قول ابي هلال العسكري:
زعم البنفسج انه كعذاره
حسنا فسلوا من قفاه لسانه ..
فعلل الشاعر خروج ورقة البنفسج الى الخلف .. باعتباره عقوبة له على افترائه .. عندما زعم انه يشبه المحبوب المتغزل به ...
ولا ريب ان هذا الكذب"الشعري" لا يجوز فى القرآن ....
ومن هذا السبيل ايضا .... ما سماه اهل البديع .. ب"تجاهل العارف"ومعلوم انه لا يجوز فى القرآن لاستحالة التجاهل على الله تعالى ..
وقد فطن الامام الشنقيطي الى ان السكاكي فطن لهذا فعدل عن لفظ التجاهل وسماه "سوق المعلوم مساق غيره لنكتة"ليدخل فيه مواضع من القرآن زعم انها منه ...
وعبارة الجمهور بلفظ التجاهل ولا تخفى استحالته على الله تعالى ... (الا تصل احيانا رغبة الانتصار للمذهب الى حدود الاقتراب من اقتراف الغش .. فهل كان المظنون عند السكاكي ان تغيير التسمية يكفي لتسويغ الباطل؟؟؟)
ثم ساق الشنقيطى وجوها اخرى من البلاغة مطلوبة عند الشعراء والادباء .. لكنها لا تقبل فى القرآن ... فثبتت سقوط دعوى ان كل ما يجوز فى اللغة العربية جاز فى القرآن العظيم ....
أما الدليل الثاني الذى اورده السيوطي ... فلم اجد من رد عليه ... لكن الحقيقة حجته ضعيفة جدا .... فقوله:"وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن."هو نفسه شبهة باطلة ...
ونرد عليه بما يلي: انت نفسك لا تنكر وجود الحقيقة فى القرآن ... فيلزم على رأيك ان يكون فيه شطر غير حسن ... وهذا هو مفهوم قوله بلا ريب ...
ويلاحظ ايضا ان السيوطي -غفرالله له-تحاشى فى النص السابق الرد على من قال ان المجاز كذب ... واورد شبهته تلك مع ضعفها ... فبقيت دعوى الكذب قائمة ... وان حاول غيره الرد عليها ولكن الحقيقة لم يأتوا بشيء ....
وسنعرض لهذه المسألة بعد حين ان شاء الله تعالى ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 Apr 2005, 09:53 م]ـ
تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز .... يثير الشك فى المجاز بالنظر المجرد الى الاصطلاح .... فهو قسيم اي مقابل للحقيقة .... ومما يقابل الحقيقة ... الباطل ... والكذب ... والبهرج .. والزيف ... فيكو ن المجاز .. منتميا لا محالة الى هذا الحقل الدلالي ... الذي ينفر منه الانسان السوي ... ومن ثم يدرك تهافت تعبير السيوطي ... السابق .. عندما جعل المجاز مقترنا بالحسن .... وهو فى الوقت ذاته ضد الحقيقة ... الا ان يكون المجاز له وجه داخلي هو الباطل او الكذب .... او اي معنى يقترح ضدا للحقيقة .. ووجه خارجي هو الحسن والبلاغة والرونق الخ .... فيكون وضع المجاز .. قلق جدا ... متنازع فيه اشد التنازع ... فبينا هو من وجهة نظر اخلاقية .. كذب ممجوج .... اذا هو من وجهة نظر جمالية حسن منشود ... والفصل بين وجهتي النظر هاتين .... هو من شأن العلمانيين ...
لا من ديدن المسلمين .... ف"خضراء الدمن .... "مستقبحة شرعا ... رغم الاعتراف بلونها وظاهرها البهيج .... وكذلك المجاز .. يستحق ان يوصف ب"خضراء الدمن" .... كما استحق من قبل اسم "الغول" ...
ولكن علينا ان نثبت اولا ان المجاز كذب ....
اولا:ان وضع المجاز فى مقابل الحقيقة .... فيه اقرار بمعنى الكذب ... والا فماهذا الذي يكون ضد الحق ...... ولهذا الامر انشغل البلاغيون ... بمصطلح "حقيقة" لكنهم لم يوردوا كل معانيها .. لحاجة فى انفسهم قال الخطيب فى الايضاح:"الحقيقة إما فعيل بمعنى مفعول من قولك حققت الشيء أحقه إذا أثبته أو فعيل بمعنى فاعل من قولك حق الشيء يحق إذا ثبت أي المثبتة أو الثابتة في موضعها الأصلي ..... "
فلاحظ ايها اللبيب .. ان الخطيب جعل معنى الحق .. هو الثبات .. ولم يشر الى غيره ... بينما صاحب اللسان ... جاء تعريفه الاول لمادة [(حقق) الحَقُّ نقيض الباطل وجمعه حُقوقٌ وحِقاقٌ وليس له بِناء أدنى عدَد وفي حديث التلبية لبَّيْك حَقّاً حقّاً أي غير باطل] ثم ذكر من معانيه الثبات والصدق والوجوب .. ونحن لا ننكر معنى الثبوت للحق ولكن نقول من عادة المصنفين من المحققين .. عندما يتعرضون لمصطلح ان يشيروا الى جل معانيه فى اللغة .... وليس هذا صنيع الخطيب ... رحمه الله.
وافضل من صاحب اللسان .... صاحب التاج. عندما بدأبقوله: الحَقُّ: من أسماء اللهِ تَعالَى أو من صفاتِه قالَ ابنُ الأثِيرِ: هو المَوجُودُ حقيقةً المُتحَققُ وجُودُه وإلهِيته وقال الراغِبُ: أصلُ الحَقِّ: المُطابقةُ والمُوافَقَة كمُطابَقَةِ رِجلِ الباب في حُقهِ لدَوَرانِه على الاستِقامَةِ والحَقًّ: يقالُ لمُوجدِ الشيءَ. بحَسَب ما تَقْتَضِيه الحِكمَةُ ولِذلِكَ يُقال: فِعلُ اللهٍ كُله حَق وللاعْتقادِ في الشيء التطابِقِ لما عَلَيه ذلِكَ الشَّيء في نَفْسِه ..
والحَق: خِلاف الباطِل جَمعُه: حُقُوق وحقاقٌ وليسَ له بِناءُ أَدنَى عدَد ..
والحَق: المَوْجُودُ الثابِتُ الذي لا يَسُوغُ إِنْكارُه ......
وفي شَرْح العَقائدِ: الحَق عُرْفاً: الحُكْمُ المُطابِقُ للواقِع يُطلَقُ على الأقوالِ والعَقائدِ والأدْيانِ والمَذاهِبِ باعتِبار اشْتِمالِها عَلَى ذلِك ويُقابِلُه الباطِلُ وأَمَّا الصِّدْقُ فشاعَ في الأَقْوالِ فَقَط ويُقابِلُه الكَذِبُ وفُرِّقَ بينَهُما بأنَّ المُطابَقَةَ تُعْتَبَرُ في الحَقِّ من جانِبِ الواقِع وفي الصِّدق من جانِبِ الحُكْم فمَتَى صَدَق الحُكمُ صَدَقَ مطابَقَتُه للواقِع ومَعْنَى حَقِّيَّتِه: حَقِّيَّة مُطابَقَةِ الواقِع إيّاه. والحَقُّ: واحِدُ الحُقُوقِ والحَقَّةُ: أَخَص منه يُقالُ: هذِه حَقَّتِي أي: حَقِّي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. والحَقَّةُ أيْضاً: حَقِيقَة الأمْرِ يُقال: لمّا عَرَفَ الحَقَّةَ مِنِّي هَرَب نَقَله الجَوْهَرِي. وحَقِيقَةُ الأمْرِ: ما يَصيرُ إِليه حَقُّ الأمْرِ ووُجُوبُه يُقال: بَلَغَ حَقِيقَةَ الأمْرِ أي: يَقِينَ شَأنِه. انتهى بعض كلام الزبيدي رحمه الله ....
ومما يستفاد من كلامه ... ان الحقيقة هي المطابقة للواقع .... فغيرها وهو المجاز غير مطابق للواقع فهو باطل ... وليس من المجازيين من ينكر هذا الامر فهم يقولون .... "الاسد"فى المجاز ليس اسدا حقيقيا ... ففي الواقع لم يأتك اسد ... ولكن اتاك غيره .... وهذا هو الباطل ....
اما إذا اعتبرنا ... حيثية الاخبار عن الواقع .... فالمجاز كذب ... ولا يخلو المجاز من الوصفين .... : باطل باعتبار مطابقة الوقائع ... او كاذب باعتبار علاقة اللغة بالواقع ..
وحتى عند التسليم ... بان الحقيقة هي الثبات .... نصطدم .. بكون" كلمة حقيقة"لا تعبر حتى عن نفسها بهذا المعنى .. فى ادبيات المجازيين ...
قال الدكتور لطفى عبد البديع ... فى كتابه "فلسفة المجاز بين البلاغة العربية والفكر الحديث":"فالمعول عليه عندهم فى المجاز النقل خلافا للحقيقة التي تقوم على الثبات ... ولكن هل نجت الحقيقة من النقل الذي ظلوا يلاحقون به المجاز؟ والجواب عن ذلك بالسلب ... فظاهر صنيعهم فى تصور الحقيقة يؤخذ منه انها نقل ايضا على ما ذكره صاحب" الكشف " [يقصد البزدوي] إذ نقل اولا اللفظ الى الاعتقاد المطابق للواقع لأنه اولى بالثبوت من غيره .. ثم نقل منه الى القول المطابق لذلك الاعتقاد .... ثم نقل منه الى ذلك المصطلح عليه ... اي اللفظ المستعمل فى موضوعه الاصلي ... قال: فظهر ان اطلاق لفظ الحقيقة على هذا المعنى المعروف مجاز واقع فى المرتبة الثالثة بحسب اللغة ...
ولا يملك المرء الا ان يتعجب من هذه المفارقة .. فالحقيقة التي هي اصل المجاز ... تحتاج الى المجاز نفسه لتسمي نفسها ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Apr 2005, 09:16 م]ـ
كان لا بد لأنصار ثبوت المجاز من التصدي .... لهذه الدعوى الخطيرة ... دعوى ان المجاز اخو الكذب ... لأنها ان سلمت ... اصبح القرآن بريئا من المجاز ... وفاقا ...
بل السنة ايضا ... لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نفي عن الانبياء ان تكون لهم خائنة الاعين فضلا عن الكذب ....
لكن مهمة البلاغيين صعبة جدا .... لان بنية المجاز الداخلية مبنية على الادعاء .... والادعاء شكل من اشكال الكذب لا ريب ... فكيف يقول مسلم .. ان الله سبحانه ادعى ... ان الصبح يتنفس .... وان الجدار يريد ان ينقض .. وان القرية لها سمع ووعي ... ؟؟؟
فلننظر اولا .. الى اعتراف المجازيين ..... بدخول الادعاء فى قلب المجاز .. وخاصة الاستعارة منه .... :
قال الخطيب القزويبي فى الايضاح:
"وقيل الاستعارة مجاز عقلي بمعنى أن التصرف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لا تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به. لأن نقل الاسم وحده لو كان استعارة لكانت الأعلام المنقولة كيزيد ويشكر استعارة.ولما كانت الاستعارة أبلغ من الحقيقة لأنه لا بلاغة في إطلاق الاسم المجرد عاريا عن معناه ولما صح أن يقال لمن قال رأيت أسدا يعني زيدا أنه جعله أسدا كما لا يقال لمن سمى ولده أسدا إنه جعله أسدا لأن جعل إذا تعدى إلى مفعولين كان بمعنى صير فأفاد إثبات صفة للشيء فلا تقول جعلته أميرا إلا على معنى أنك أثبت له صفة الإمارة "
جاء هذا النص فى سياق اختلاف البيانيين فى طبيعة الاستعارة ... أهي مجاز لغوي .. ام عقلي ..
فمعنى ان تكون الاستعارة مجازا لغويا ...... هو ان التصرف الذى حصل لغوي بحت ... فالاسم الذى اعطي للسبع ... "اسد"استعير منه ... وسمي به انسان .. فنكون قد اخذنا لفظا من جهة ما .... وجعلناه لجهة اخرى .. فمادة التعامل هنا هي اللفظ اي اللغة ... فالاستعارة اذن مجاز لغوي ..
لكن هذا التصور للاستعارة لم يرض الفريق الآخر ... واحتجوا ... بما اورده الخطيب القزويني .. من الزام: فمن سمىولده "سيفا" او" فهدا" او " شمسا" .....
فقد استعار .... فهذه الاعلام مجاز على مذهبكم .... ولا تقولون به .. وهذا تناقض ...
وقالوا بل الاستعارة مجاز عقلي .... ومعنى ذلك .... ان عقولنا تصرفت بالقدرة التخييلية .... فتوهمت ان هذا الانسان الماثل امامنا ... ليس انسانا ... بل دخل فى جنس السباع ... فأطلقنا عليه اسم "اسد" بعد ذلك .... وليست البلاغة فى استعارة الفاظ ... بل فى استعارة المعاني ... والمعاني عقلية ... فثبت ان الاستعارة مجاز عقلي وهذا هو المطلوب ...
ورد الفريق الاول: لكن اسم "اسد" وضع فى الاصل للسبع ... واستعمل هنا فى غير ما وضع له ... والوضع والاستعمال امور لغوية ...
لكن الامر الحرج فى اعتبار الاستعارة مجازا عقليا .. هوخروج الاستعارة الى الحقيقة ... فلن تعود مجازا ..
قال ابن يعقوب المغربي .... فى "مواهب الفتاح"وهو احد شراح التلخيص ... وهو يعلق على تعريف الحقيقة عند السكاكي .. باعتبارها "الكلمة المستعملة فيما وضعت له":
"ولما كانت الاستعارة موضوعة قطعا على كل قول وانما الخلاف فى انها مجاز لغوي أو عقلي على ما تقدم بيانه ... (في شرحه) ... فعلى انها مجاز عقلي فهي حقيقة لغوية لا يصح اخراجها [يقصد اخراجها من تعريف الحقيقة ... ] وانما يخرج المجاز المرسل .. وعلى انها مجاز لغوي يحتاج الى اخراجها إذ لا تخرج بالوضع للاتفاق على وضعها لكن وضعها للمشبه بتأويل اي ادعاء انه من جنس المشبه به الذي وضع له اللفظ أصالة احتاج الى زيادة قيد لاخراجها إذ هي مجاز لغوي على هذا وذلك القيد هو ان وضع الحقيقة لا تأويل فيه ولا ادعاء ووضع الاستعارة فيه تأويل وادعاء لذلك زاد قيد قوله (من غير تأويل فى الوضع) ... انتهى.
وهكذا يلاحظ .. ان الادعاء لازم لمعنى الاستعارة ... سواء أتبنينا التصور الاول ... ام الثاني .... مع ان جل البيانيين ... يذهبون الى المجاز اللغوي .... فى تعريف الاستعارة ...... لان القول بالمجاز العقلي قد يلحق الاستعارة بالحقيقة ... ويفقد المجاز رافدا هاما جدا هو الاستعارة ...
قال ابن يعقوب:
(يُتْبَعُ)
(/)
(على اصح القولين) وهو القول بأن الاستعارة مجاز لغوي كما ذكرنا لأنها- ولو بولغ فى التشبيه فيها حتى ادعي دخول المشبه فى جنس المشبه به على ما تقدم-لا يقتضي ذلك كونها مستعملة فيما وضعت له حقيقة وانما استعملت فى غير ما وضعت له بالاصالة فاحتيج الى الاحتراز عنها كما بيننا لتخرج إذ هي مجاز لغوي فلو دخلت فى الحقيقة فسد حدها وأما ان بنينا على القول بأنها حقيقة لغوية بناء على انها استعملت فيما وضعت له حقيقة لأن التصرف وقع اولا في أمر عقلي بأن جعل المشبه نفس المشبه به فلما جعل نفسه أطلق اللفظ على ذلك المشبه لا على انه مشبه بل على انه نفس المشبه به فقد استعملت فى معناها الاصلي فكانت حقيقة لغوية .. "
القاريء غير المختص سيشعر عند فراغه من نص ابن يعقوب ... ان هناك "أزمة" ما ... تتعلق بتصور الاستعارة ... لكنه قد لا يعي جذور الازمة .... فلا بد من توضيح .... (يستغني عنه المهتمون بالبلاغة):
القول الاول ... الذي ينص على ان الاستعارة مجاز عقلي ... يصر على اننا لم نطلق اسم اسد على الفرد ... الا بعد ان جعلناه بأذهاننا اسدا .... لأن نقل الاسم بدون صورة الاسد ليس بليغا ... كما لو سميت ابنك "اسد" ... فيكون الاسم علما محضا لا استعارة باتفاق ...
إذن جاءت التسمية بعد ان اعتبر العقل الشخص اسدا .... وهنا تأتي المفاجأة: لا مجاز هنا ... لاننا استعملنا الكلمة فيما وضعت له ... فهي حقيقة .....
وهذا مثال يوضح ذلك ... :الطفلة الصغيرة عندما تسمي دميتها عروس ... لا تستعمل المجاز .. كلا .. فالدمية فى نظرها عروس حقيقية ... وليس مجرد شيء مشبه بالعروس ... فقد تخيلت الدمية عروسا .. وسمتها كذلك ... فالدمية فى تصورها ليست خشبا او بلاستيك تمثل العروس .. بل هي عروس .. لا اقل ولا اكثر ...
وجاء القول الثاني للبيانيين ... لإنقاذ الاستعارة ... فرأوا ان ذلك الادعاء لتوحد المشبه والمشبه به ... لا يقتضي الحقيقة ... لإن "اسد" وضع للاسد الحقيقي لا للاسد الادعائي ..... ونقله من الاول الى الثاني استعارة لغوية ..
وقد حاول بعض البلاغيين التوفيق بين التصورين .. فقال مثلا محقق كتاب "كتاب جامع العبارات فى تحقيق الاستعارات"د. محمد رمضان الجربي:
"والظاهر فى نظري ان الخلاف لفظي .. فمن نظر الى الاصل ونفس الامر .... جعلها مجازا لغويا .. ومن نظر الى الادعاء جعلها مجازا عقليا .. وفى عروس الافراح مع شروح التلخيص:"وهذا الادعاء لا ينكره من جعله لغويا ... وكون اللفظ اطلق على غير معناه الحقيقي لا ينكره من جعله عقليا .. وانما النزاع فى انه هل يسمى بالاول نظرا للاطلاق على غير المعنى الاصلي .. او بالثاني .. نظرا لذلك الادعاء ... فصار الخلاف لفظيا اصطلاحيا ... [انتهى كلام صاحب العروس وكلام حاشية المحقق .. ]
تلخيص الشارح جيد .. وفق فيه بين المتنازعين ... واستفدنا منه نحن ان الادعاء ... مجمع عليه فى تصور الاستعارة .....
وبقيت مسألة الادعاء هل هي كذب ام لا ....
وهو بحثنا القادم ان شاء الله تعالى ....
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 Apr 2005, 06:17 م]ـ
تقوم الاستعارة على مقومين اساسين لا تتصور الاستعارة بدونهما:
الادعاء.
المبالغة.
وقد تكلمنا من قبل عن مفهوم الادعاء .. وانه يقول به كل البيانيين على المذهبين معا: مذهب من يرى الاستعارة مجازا لغويا .. ومذهب من يراها مجازا عقليا .. وقد لخص الامام يحيى العلوي فى كتابه "الطراز"
تلخيصا جامعا وجهة نظر الفريقين فقال:"قولكم فى حد المجاز انه "ما افاد معنى غير مصطلح عليه فى اصل تلك المواضعة "يؤدى الى خروج الاستعارة عن حد المجاز وبيانه انا اذا قلنا على جهة الاستعارة رأيت اسدا فالتعظيم والمبالغة الحاصلان من هذه اللفظة المستعارة ليس لانا سميناه باسم الاسد ولهذا فإنه لو جعلناه علما لم يحصل التعظيم والمبالغة بذلك بل انما حصلا لأنا قدرنا فى ذلك الشخص صيرورته فى نفسه على حقيقة الاسد لبلوغه فى الشجاعة التي هي خاصة الاسد الغاية القصوى ومتى قدرنا حصوله على صفة الاسدية وحقيقتها اطلقنا عليه الاسم وبهذا التقدير يكون اسم الاسد مستعملا فى نفس موضوعه الاصلي ويبطل المجاز ...
والجواب .... انه يكفي فى حصول المبالغة والتعظيم ان يُقدر انه حصل له من القوة ما كان للاسد وعلى هذا يكون استعمال لفظ الاسد فى معنى يخالف موضوعه الاصلي وبهذا التقرير يحسن وجه الاستعارة وتتضح حثيقة المجاز ..... "
(يُتْبَعُ)
(/)
ويستفاد من هذا النص .. المقوم الآخر للاستعارة وهو المبالغة .... فبدون المبالغة ... تصبح الاستعارة "باردة"لا يحتاج اليها ... لأن فى الحقيقة غنى عنها حينئذ ... وما ادخلت الاستعارة فى سلك البلاغة الا لذلك القدر الزائد من المعنى الذي تضيفه الى الحقيقة ...
قال الدسوقي فى حاشيته على السعد:
(قوله ولما كانت الاستعارة ابلغ من الحقيقة) أي انه يلزم لو لم تراع المبالغة المقتضية لادخال المشبه فى جنس المشبه به الذي بني عليه كون الاستعارة مجازا عقليا ان لا تكون الاستعارة ابلغ من الحقيقة بل تكون مساوية له مع انهم جازمون بأ ن الاستعارة ابلغ من الحقيقة (قوله اذ لا مبالغة فى اطلاق الاسم المجرد) اي عن الادعاء وقوله عاريا عن معناه اي الحقيقي ولو بحسب الادعاء والمعنى ان الاسم إذا نقل الى معنى ولم يصحبه اعتبار معناه الاصلي فى ذلك المعنى المنقول اليه لم يكن فى اطلاق ذلك الاسم على ذلك المعنى المنقول اليه مبالغة فى جعله كصاحب ذلك الاسم كما فى الحقيقة المشتركة والمنقولة فإنه لما لم يصحبها معناها الاصلي انتفت المبالغة فى الحاق المعنى المنقول اليه بالغير .. (شروح التلخيص المجلد 4 ص61) ..
الآن ... لا بد للبحث ان ينتقل الى الصعيد العقدي والفقهي .... فالقول بأن فى القرآن استعارة ... معناه ان فى القرآن ... مبالغة ..... والمبالغة زيادة وتضخيم للواقع ...
فهل يليق هذا بالقرآن ... ؟
هل يتصور ان يقدم القرآن الكريم شيئا فيه زيادة او نقصان عن حقيقته ... ؟
وتمسك المتمسكين بأن القرآن قد نزل على المعهود من كلام العرب واساليبها لا يعد تبريرا لأن يكون فى القرآن باطل .. كما استدل على ذلك الشيخ الشنقيطي رحمه الله ..
وعلى فرض ان المجاز موجود ومستحب .. فهذا يليق بالشعر ...... ولا يليق بالقرآن .. لأن الشعر ينبني على مقولة "أعذب الكلام أكذبه"حيث يغتفر فيه الكذب والمبالغات والادعاءات والمحالات ... لكن القرآن ... مبني على قاعدة: {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} الطارق.14.وعلى قاعدة تنزيه كلام الله ان يشبه كلام الشعراء: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} الحاقة41.
وفى الحقيقة ... ان الانسان الممؤمن ليجد حرجا عقديا كبيرا عندما يقول ..... ان الله سبحانه "يبالغ"عندما يقول كذا وكذا ... او عندما يقول ان النبى صلى الله عليه وسلم ... "زاد على الحقيقة" عندما قال ... كيت وكيت .... ولكن لم لا يتحرجون من القول بوجود الاستعارة فى كلام الله ورسوله ... مع انهم يرون الاستعارة لا تنفصل عن المبالغة بشهادة البيانيين انفسهم؟؟ والعبرة بالمعاني لا بالالفاظ ...
فى الزوائد:
حدثنا العباس بن الفضل ثنا محمد بن عبد الله التميمي قال أخبرني الحسن بن عبيد الله قال حدثني من سمع النابغة الجعدي يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فانشدته قولي ...
وانا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا ...
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وانا لنبغي فوق ذلك مظهرا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم الى أين قال قلت الى جنة قال نعم ان شاء الله ..
ولعل فى سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم الى اين ..... معنى الانكار ... من ظاهر مبالغة النابغة رضى الله عنه ... فلما تبين ان الامر حقيقة .... اقره صلى الله عليه وسلم ... هذه والامر يتعلق بالشعر الذي يغتفر فيه ما يغتفر .... فكيف يليق هذا بالنصوص الشرعية ...
وعموما فان الاحاديث التى تنهى عن الاطراء والمدح اشهر من ان تذكر ...
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:06 ص]ـ
حاول الامام عبد القاهر الجرجاني التخفيف من حدة "أزمة المبالغة"فذهب الى ان المبالغة ليست زيادة فى المعنى بل زيادة فى تقرير المعنى فى نفوس السامعين ... ويمكن ان نصوغ رايه على النحو التالي ...... : ليست المبالغة اثبات الزيادة بل زيادة الاثبات ..... ولتفسير ذلك قال فى "دلائل الاعجاز ":
(يُتْبَعُ)
(/)
"أعلمْ أنَّ سبيلك أوّلاً أن تعلم أنْ ليستِ المزيّةُ التي تُثبتُها لهذه الأجناس على الكلام المتروك على ظاهرِه والمبالغةُ التي تدَّعي لها في أنفسِ المعاني التي يقصدُ المتكلمُ إليها بخبرِه ولكنّها في طريق إثباتِه لها وتقريرِه إيّاها. تفسيرُ هذا أنْ ليس المعنى إذا قلنا: " إن الكنايَة أبلغُ منَ التَّصريح " أنّك لمّا كنيتَ عن المعنى زدتَ في ذاته بل المعنى أنّك زدتَ في إثباتهِ فجعلتَه أبلغَ وآكد وأشدَّ. فليستِ المزيّةُ في قولهم: " جمُّ الرماد " أنّهُ دلَّ على قِرًى أكثرَ بل المعنى أنك أثبتَّ له القِرى الكثيرَ من وجهٍ وهو أبلغُ. وأوجبْتَهُ إيجاباً هو أشدُّ وادَّعيته دعْوى أنتَ بها أنطقُ وبصحَّتها أوثق. وكذلك ليست المزيّةُ التي تراها لقولك: " رأيتُ أسداً " على قولك: " رأيتُ رجلاً لا يتميَّزُ منَ الأسد في شجاعته وجُرأته " أنّك قد أفدتَ بالأول زيادةً في مُساواته الأسدَ بل أنَّك أفدتَ تأكيداً وتشديداً وقوّة في إثباتك له هذه المساواةَ وفي تقريرِك لها. فليس تأثيرُ الاستعارةِ إذاً في ذاتِ المعنى وحقيقتِه بل في إيجابهِ والحكمِ به وهكذا قياسُ التّمثيل ترى المزيَّةَ أبداً في ذلك تقعُ في طريقِ إثباتِ المعنى دون امعنى نفسه. فإِذا سمعْتَهم يقولون: إنَّ من شأنِ هذه الأجناسِ أن تُكسِبَ المعاني نُبلاً وفضلاً وتوجِبَ لها شَرفاً وأن تفخمَها في نفوسِ السّامعين وترفَعَ أقدارَها عند المُخاطَبينَ فإِنّهم لا يُريدون الشَّجاعةَ والقِرى وأشباهَ ذلك من مَعاني الكلِم المُفردةِ وإنّما يَعْنون إثباتَ معاني هذه الكلِم لمَنْ تثبتُ له ويُخَبَّرُ بها عنه .... "
لكن يبدو ان البلاغيين بعد الجرجاني لم يقتنعوا بهذا المسلك فتعقب الخطيب قول الجرجاني السابق قائلا:
ولقائل أن يقول قد تقدم أن الاستعارة أصلها التشبيه وأن الأصل في وجه الشبه أن يكون الشبه به أتم منه في المشبه وأظهر فقولنا رأيت أسدا يفيد للمرء شجاعة أتم مما يفيدها قولنا رأيت رجلا كالأسد لأن الأول يفيد شجاعة الأسد والثاني شجاعة دون شجاعة الأسد ويمكن أن يجاب بحمل كلام الشيخ على أن السبب في كل صورة ليس هو ذلك لا أن ذلك ليس بسبب في شيء من الصور أصلا ...
ويتلخص من كلام الخطيب .. ان المبالغة فى الاقناع والتأثير على المخاطب وان كانت واردة ومطلوبة فإنه لا ينبغي ان تخفي المبالغة الاخرى التى أنكرها الشيخ الجرجاني .... وعلى هذا النهج سار ابن يعقوب المغربي عندما شرح كلام الخطيب المتعلق بالمفاضلة بين التشبيه والاستعارة فقال:" ...... فيستشعر من ذلك أنه بالغ فى التشبيه حتى سوى بينهما وصيرهما من جنس واحد بحيث يشملهما الاسم على ما تقدم فى الاستعارة ففهم من ذلك مساواتهما عند المتكلم فى الشجاعة الجامعة لهما فهنا مبالغة فى التسوية أفادها التعبير عن المشبه بلفظ المشبه به لأن ذلك يشعر باتحادهما وكونهما شيئا واحدا وهذه المبالغة لا توجد فى الحقيقة التي هي التشبيه كأن يقال زيد كالاسد لأن اصل التشبيه الاشعار بكون الوجه فى المشبه به أقوى فلا مساواة فقد ظهر أن الاستعارة تفيد المبالغة فى تسوية الشبيهين فى الوجه والمبالغة فى تقرير اللازم فى الذهن .... "
ويستفاد من آخر كلام ابن يعقوب ... ما تقرر عند الخطيب من ان المبالغة فى الاستعارة مزدوجة ... مبالغة فى زيادة المعنى فى الخارج ... وزيادة فى تقرير المعنى فى الذهن .... فيعود الاشكال من جديد:
هل يمكن للنص الديني .... ان يزيد على معاني الاشياء .... فالاحمر الباهت مثلا هل يمكن ان ندعي فيه بأنه احمر قان .... أليس هذا كذبا؟
وهذا اوان التفصيل فى مسألة الكذب هذه:
قال صاحب الايضاح:
اختلف الناس في انحصار الخبر في الصادق والكاذب فذهب الجمهور إلى أنه منحصر فيهما ... ثم اختلفوا ..
فقال الأكثر منهم صدقه مطابقة حكمه للواقع وكذبه عدم مطابقة حكمه له .. هذا هو المشهور وعليه التعويل.
وقال بعض الناس صدقه مطابقة حكمه الاعتقاد المخبر صوابا كان أو خطأ وكذبه عدم مطابقة حكمه له .. واحتج بوجهين أحدهما: أن من اعتقد أمرا فأخبره به ثم ظهر خبره بخلاف الواقع يقال ما كذب ولكنه أخطأ كما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت فيمن شأنه كذلك ما كذب ولكنه وهم .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ورد بأن المنفي تعمد الكذب لا الكذب بدليل تكذيب الكافر كاليهودي إذا قال الإسلام باطل وتصديقه إذا قال الإسلام حق فقولها ما كذب متأول بما كذب عمدا.
الثاني قوله تعالى (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) كذبهم في قولهم إنك لرسول الله وإن كان مطابقا للواقع لأنهم لم يعتقدوه وأجيب عنه بوجوه
أحدها أن المعنى نشهد شهادة واطأت فيها قلوبنا ألسنتنا كما يترجم عنه أن واللام وكون الجملة اسمية في قولهم إنك لرسول الله فالتكذيب في قولهم نشهد وادعائهم فيه المواطأة لا في قولهم إنك لرسول الله
وثانيها أن التكذيب في تسميتهم إخبارهم شهادة لأن الإخبار إذ خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة.
وثالثها أن المعنى لكاذبون في قولهم إنك لرسول الله عند أنفسهم لاعتقادهم أنه خبر على خلاف ما عليه المخبر عنه ...
وأنكر الجاحظ انحصار الخبر في القسمين وزعم أنه ثلاثة أقسام صادق وكاذب وغير صادق ولا كاذب لأن الحكم إما مطابق للواقع مع اعتقاد المخبر له أو عدمه وإما غير مطابق مع الاعتقاد أو عدمه: فالأول أي المطابق مع الاعتقاد هو الصادق ... والثالث أي غير المطابق مع عدم الاعتقاد هو الكاذب ..... والثاني والرابع أي المطابق مع عدم الاعتقاد وغير المطابق مع عدم الاعتقاد كل منهما ليس بصادق ولا كاذب فالصدق عنده مطابقة الحكم للواقع مع اعتقاده والكذب عدم مطابقته مع اعتقاده وغيرهما ضربان مطابقته مع عدم اعتقاده وعدم مطابقته مع عدم اعتقاده واحتج بقوله تعالى (افترى على الله كذبا أم به جنة) فإنهم حصروا دعوى النبي الرسالة في الافتراء والإخبار حال الجنون بمعنى امتناع الخلو وليس إخباره حال الجنون كذبا لجعلهم الافتراء في مقابلته ولا صدقا لأنهم لم يعتقدوا صدقه فثبت أن من ا لخبر ما ليس بصادق ولا كاذب ...
وأجيب عنه بأن الافتراء هو الكذب عن عمد فهو نوع من الكذب فلا يمتنع أن يكون الإخبار حال الجنون كذبا أيضا لجواز أن يكون نوعا آخر من الكذب وهو الكذب لا عن عمد فيكون التقسيم للخبر الكاذب لا للخبر مطلقا والمعنى افترى أم لم يفتر وعبر عن الثاني بقوله أم به جنة لأن المجنون لا افتراء له ....
وقد نقلت النص بطوله ... لاننا سنعود اليه لاحقا لنثبت اضطرابهم فى تعريف الخبر الكاذب ... وحسبنا الآن الاشارة الى ان عمدة المدافعين عن المجاز هو التأويل بنصب القرينة ... وإلا فالمصير الى الكذب حتمي.
قال الصبان فى الرسالة البيانية:
الفرق بين المجاز أعني الكلام المشتمل عليه والكذب بالتاويل .. اي ارادة خلاف ظاهر اللفظ وبنصب القرينة على ان الظن الذى هو المعنى الحقيقي غير مراد فالمتجوز مؤول كلامه وناصب قرينة على ان الظن غير مراد له بخلاف الكاذب ... فإنه يدعي الظن ويريده ويصرف همته الىاثباته مع كونه غير ثابت فى نفس الامر .... مثلا إذا قال قائل:جاءني اسد مع ان الاسد الحقيقي لم يجيء اليه فإن لم يرد ظاهر اللفظ بل اراد الرجل الشجاع الذي يشبه الاسد الحقيقي ونصب على ذلك قرينة .. فالكلام استعارة وإذا اراد ظاهره ولم ينصب قرينة على خلافه فهو كذب .... كذا ذكره القوم ونظر فيه العصام فى رسالته الفارسية من وجوه:
أحدها: كما يشتبه المجاز بالكذب والفارق بينهما ما ذكر كذلك يشتبه المجاز بالخطأ كما اذا كان المجاز فى كلام طلبي مثل قول القائل آمرا الآخر فى مقام لا يتصور فيه الاسد الحقيقي "قاتل الاسد" فالاشتباه هنا ليس بالكذب لكون الكلام غير خبري بل بالخطأ لأن القائل لو اراد الظن كان مخطئا لأنه يكون آمرا بمحال فلا وجه للتخصيص بالكذب.
الثاني:
ان كلامهم هنا يشعر بان المجاز صدق دائما فإنهم قابلوه بالكذب ... وليس كذلك بل هو كسائر الاخبار فى احتمال الصدق والكذب. ..
الثالث:
ان كلامهم هذا يقتضي ان يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة وليس كذلك إذ يجوز ان يجيء اليه الحيوان المفترس مثلا ايضا ... لكن مجيئه ليس مقصودا بالافادة من الكلام بل المقصود إفادة مجيء الرجل الشجاع ....
(يُتْبَعُ)
(/)
وأجاب "المولوي" عن الاول بأن الذي يجب تنزيه الكلام البليغ عن تهمة الاشتباه هو الكذب ولذلك خصوه بالذكر .... وعن الثاني بأن معنى كلامهم أن التأويل ونصب القرينة يدفعان عن المجاز كونه قطعي الكذب .. لا انهما يجعلانه قطعي الصدق .. حتى يرد عليهم ما اورد ........ وعن الثالث بأن القوم إنما حكموا بأن قرينة المجاز إنما تمنع من ارادة المعنى الحقيقي من اللفظ أي تمنع السامع ان يذهب ذهنه الى المعنى الحقيقي .. هو مراد المتكلم من هذا اللفظ لا انها تمنع المعنى الحقيقي من ان يوجد جائيا فى نفس الامر .. فقولك:"يرمي" إنما يمنع ان يكون مراد المتكلم من الاسد الحيوان المفترس لا من يوجد جائيا للمتكلم فى نفس الامر .... "
لا يخفى ان الجواب على الاعتراض الثالث ضعيف ... فمن قال "جاء الاسد يرمي"فقد قصد الاخبار بخبر واحد يتضمن ثلاثة امور: اسد هو انسان ... جاء منتقلا من مكان الى مكان .... وهو فى حالة رمي ...
وجواب المولوي يقتضي فصل الفعل عن الفاعل والحال عن صاحبها ... وليس هذا مراد المتكلم أبدا ... فذهن المستمع يدرك الجملة كلا ... فيفهم ان رجلا شبه بالاسد جاء يرمي ..... ولا يفهم ان اسدا حقيقيا جاء بسبب القرينة ... ولكن لو ثبت ان الاسد الحقيقي هو الذي جاء بدل الشجاع من الناس لكان الخبر كذبا لا محالة .... فلا يزول اعتراض العصام .... عندما قال: ان كلامهم هذا يقتضي ان يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة وليس كذلك إذ يجوز ان يجيء اليه الحيوان المفترس مثلا ايضا.
ونزيد المسالة تفصيلا فنقول .. :"جاء أسد يرمي"تعبير يلقيه المتكلم للمخاطب .. وقصده ان ينصرف ذهن المتلقي عن الاسد الحقيقي ... بقرينة الاستعارة التصريحية .. وهي فعل "يرمي"فكأن المتكلم قال: افهم أن اي شيء جاء جائز ... لكن الاسد الحقيقي ممنوع من المجيء .... وهذا صحيح على مذهبهم لانهم يزعمون ان القرينة مانعة لا معينة ... لكن احتمال مجيء الاسد ممكن قطعا ... فجاء اضطراب القوم .... وقد تعمدنا الوقوف عند هذه النقطة من البحث .. لما لها من ذيول فى مسالة الاسماء والصفات .... فعندما يثبت الله لنفسه "يدا"يزعم المخالف ان هذا مجاز ... ويقول فى اجرائه ... لقد قامت القرينة العقلية وانتصبت لتعلن ... ان اليد الحقيقية ممنوعة لرب العالمين ... ولك مسلكان: ان تكتفي بالقرينة المانعة ولا تعين معنى وراء ذلك .. وهذا هو التفويض .. أو تجتهد لايجاد معنى يعادل اليد ويليق بالرب جل فى علاه ..... اما الاتفاق على ان المعنى الحقيقي غير مراد فهو قطعي عند الفريقين ....
ويقال للفريقين ... ولكن الاسد الحقيقي يجوز ان يأتي .... فلم لا يجوز للمعنى! الحقيقي لليد ان يكون مرادا ايضا ....
وقد حاول الصبان ان يحوم حول الاشكال فقال:"لا يخفى ان هذا الجواب -يقصد جواب المولوي-لا يلاقي الاعتراض الثالث ولا يدفعه .. ويمكن دفعه بأن كلام القوم مفروض فيما إذا كان المعنى الحقيقي منتفيا بدليل قولهم فى التمثيل: إذا قال قائل:"جاءني اسد" مع ان الاسد الحقيقي لم يجىء اليه .. وبفرض ذلك يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة فافهم ... "
ولكن ماذا يفهم؟
فقولهم "مع ان الاسد الحقيقي لم يجىء اليه .. "هل عرفوه من قول القائل "جاءني اسد" ام من مصدر آخر ......
فإن لم يفهم من الكلام .. كان الخطاب عبثا ... سواء أكان حقيقة ام مجازا ولأصبح نصب القرينة لا معنى له لان القطع بعدم مجيء الاسد ثبت من غير كلام المتكلم ...
وان فهم منه ... بقي الاعتراض السابق ...
فلم يأت الصبان بدافع .... وللدكتور لطفى عبد البديع ان يعلق قائلا:" ... فإن الاعتراض الثالث لا يقوم دونه شيء لأنه يضيق الخناق على كلام القوم بحيث يتهاوى معه ما قالوه فى بيان الفرق من أن المجاز يراد به خلاف الظاهر .. لأن الظاهر فى اللفظ المجازي هو المعنى الحقيقي .. وهذا المعنى فى نفس الامر مما يصح له أن يثبت له المجيء وعدمه ... فإذا ثبت له المجيء فهل تكون ارادة الظاهر فى هذه الحالة الا الصدق؟؟؟
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[29 Apr 2005, 10:49 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقبل متابعة مسألة الكذب .. نشير عرضا الى تمسكهم بمفهوم "القرينة" كفيصل بين ما يريد المتكلم وما لا يريد ... فإن كانت القرينة عقلية ... فالمرجع الى الكتاب العظيم لابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل"وما احسب هذا الكتاب الا كتابا فى البلاغة أراد به شيخ الاسلام .. تفنيد دعوى القرينة العقلية ... التى لهج بها مؤولو الاسماء والصفات ... واعتبروها مانعة من ارادة المعنى الحقيقي ... ولعل الكلام فى هذا يطول .. وحسبي ان ابين عيوب القرينة فى حالة كونها "لفظية" لنبقى داخل دائرة البلاغة فذلك هو مقصودنا الاصلي ....
قال الطرودي التونسي المتوفى سنة1167ه فى شرحه "جامع العبارات فى تحقيق الاستعارات":
القرينة: ما يفصح عن المراد لا بالوضع .. هذا التعريف ذكره الجامي وغيره فى اوائل المرفوعات .. وعللوا بالتقييد بعدم الوضع بأنه لم يعهد ان يطلق على ما وضع بإزائه شيء أنه قرينة .. فقوله: على المراد .. اي مراد المتكلم بقرينة تعريفها أولا .... بما نصبه المتكلم للدلالة على قصده ... واعلم ان نصب المتكلم وقصده مما لا يطلع عليه ... فجعلوا قيام القرينة دليل النصب والاقامة عند انتفاء المانع من السهو .. ولذا قالوا فى مقامات الحذف "لقيام قرينة" دون "إقامة قرينة" ...... (مانعة من ارادته) اي ارادة ما وضع له .... وهذا تمام التعريف .....
وفى بعض مؤلفات الشارح لا بد من قيد آخر وهو ان تكون قرينة على المراد .. فإنه لو لوحظ علاقة ونصب قرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي ولم تنصب قريبة معينة للمعنى المستعمل فيه لا يكون مجازا ...
إلا ان يناقش ويقال: القرينة المعينة شرط دلالة المجاز لا تحققه .. انتهى قاله المحشي (يقصد حفيد العصام)
وفي شرح الشمسية للمحقق التفتازاني القرينة المانعة عن ارادة الموضوع له .. وهي التي لا بد للمجاز منها وهي غير المعينة-بتشديد الياء مع كسرها-
وفى الرسالة الفارسية للشارح: واعلم ان المجاز يكفي فى تحققه القرينة المانعة عن ارادة المعنى الحقيقي وأما القرينة المعينة للمراد فليست شرطا فى التحقق بل فى استعماله وقبوله عند البلغاء .. فإن فقدت كان مردودا الا ان يتعلق بعدم ذكر المعينة غرض .... كالتعميم لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن فيكون مقبولا حسنا فليحرر ...... (انتهى كلام الطرودي بطوله واحالاته .... )
هنا لا بد من سؤال: لماذا اصر جمهور البلاغيين ...... على ان القرينة مانعة فقط وليست معينة ... ففى قولهم:أسد يرمي ... يرون القرينة وظيفتها منع فهم الاسد ... وليس من وظيفتها تعيين الانسان الشجاع ... فلو ان الانسان فهم ان الاسد غير مقصود ومع ذلك لم يستطع ان يفهم من هذا الذي جاء ... فالاستعارة تحققت .. ولو لم ندر من هذا الاسد المجازي .....
لا ارى الا جوابا واحدا مقنعا .... لكنه مع الاسف يجعل الشك يحوم حول مصداقية علم البيان كله ... على الاقل من الناحية الابستملوجية ..... :
مرادهم الحقيقي ... تصحيح مذهبي التفويض والتأويل .. وهما مذهبان معتبران معا عند الاشاعرة والماتريدية .. وهم جل من اشتغل بالبلاغة ...
فالمفوض يقول .... يد الله ليست حقيقة قطعا .... فإن قيل له وما المراد منها سكت وفوض ... وفصل البلاغيون قاعدة القرينة ارضاء له .... فالقرينة تمنع ولا تعين .... وهذا هو التفويض ... فلو انهم قالوا بوجوب تعيين القرينة للمعنى المراد لوقع المفوضون فى الحرج ......
افيكون علم البيان علما تبريريا .... واسمحوا لي باستعمال كلمات غريبة: هل البلاغة علم ام اديولوجيا؟
هل جاء هذا العلم ليفسر الظواهر اللغوية تفسيرا علميا موضوعيا ام جاء ليسند المذهب الاشعري؟
وعندي مثال آخر صارخ ... قالوا يجوز ان يكون المجاز ولا حقيقة له ..... ومع ان هذا الكلام اقرب الى المحال ... نصروه وأيدوه ..... وتداولوه فيما بينهم لحاجة فى نفس يعقوب .... قال ابن القيم فى مختصر الصواعق:"لو لم يكن المجاز مستلزما للحقيقة لعري وضع اللفظ للمعنى عن الفائدة ... "
فما معنى ان يوضع اللفظ ولا يستعمل فى الحقيقة ابدا بل يستعمل فى المجاز فقط؟؟
ثم ما الذي ورط البيانيين فى هذا وهم يقولون المجاز فرع عن الحقيقة ... فكيف بفرع ولا اصل له؟؟
الجواب: ان هؤلاء كانوا يفكرون فى اسم الله "الرحمن" ... فالرحمن على مذهبهم "مجاز" ... لان الرحمة رقة تعتري الخ الخ ..... ولكن هل استعمل الرحمن حقيقة؟ يعني هل وجد مخلوق انطبق عليه "رحمن" حقيقة ...
الجواب لا .... إذن فليكن المجاز ولا حقيقة له .... وأضافوا الى هذا ما يشبه الخداع ... فقالوا الدليل على ان المجاز قد لا يكون مسبوقا بالاستعمال الحقيقي ... اسم الله "الرحمن" ... فلبسوا الاسباب والنتائج ... فأوهموا انهم خرجوا الاسم على القاعدة وما كان الا العكس اخترعوا القاعدة لتبرير الفهم الاشعري لاسم الله الرحمن .... فكن على حذر ...
بعد هذا الاستطراد ..... نعود الى مسألة القرينة:
قالوا: "الاسد يرمي .... "الاسد استعارة للانسان الشجاع .. لمه؟ لأن الرمي لا يناسب السبع ... ويمنع فهم "الرمي"الا مسندا للانسان ... لكن ماذا لو كانت قرينتكم "استعارة "اخرى .... ؟ فهل يتسلسل الامر ام يدور؟
هذا الاعتراض ليس افتراضيا .... بل هو حقيقي ... فهم يقررونه ولا ينتبهون الى الدور فى استدلالهم كما سنأخذ من أقوالهم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jul 2005, 06:51 ص]ـ
الأخ الكريم أبا عبدالمعز
أرجو الاطلاع على هذا المقال:
مناقشة مثبتي المجاز لمنكريه ( http://toislam.net/files.asp?order=3&num=591&per=556)
وفي آخره نقل عن ابن تيمية يدل على أن له موقفاً معتدلاً من المجاز
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[20 Jul 2005, 04:40 م]ـ
شيخنا أبا مجاهد ......
ما أرى مداخلتك إلا تنبيها لي على ترك موضوع كنت قد بدأته ثم تركته منذ زمن ..... فجزاك الله خيرا.والحقيقة أنني لم أهجر الموضوع وساستأنفه قريبا .... وتوقفي الراهن بسبب البحث والتقصي فى الموضوع .... فلا يخفى عليك أن معالجة مثل هذا الموضوع لا تكون بالخطابات الانشائية ..... وتقليد الناس ..
قرات الموضوع الذي أحلت اليه ...
وهذه بعض الملاحظات:
قال الكاتب:
أن القول بأن كل مجاز كذب يجوز نفيه ليس صحيحاً: وإنما يكون المجاز كذباً لو أثبت المعنى على التحقيق لا على المجاز، أي أنه إذا أطلق القمر - مثلاً - على إنسان بهي الطلعة يكون كذباً لو ادُّعي أنه القمر الذي في السماء حقاً.
تعليق:
الكاتب جمع بين أمرين مختلفين معتقدا أن بينهما علاقة لزوم.
فالقول إن المجاز كذب أمر. وأن كل مجاز قابل لنفيه أمر آخر.
أما الأول فقد بينت في ما سبق أن المجاز- ولا سيما الاستعارة منه-لا تنفصل عن الادعاء.
انظر الى قول ابن العميد
(قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز علي من نفسي)
(قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس)
مم تعجب ابن العميد؟
أي عجب في أن تظلل امرأة رجلا من الشمس؟
لكن متعة الفكرة كامنة فى الحاق المرأة بالشمس وادعاء التماهي بين الجنسين. وهذا ما عبر عنه القدماء بقولهم: "بناء الاستعارة على تناسي التشبيه قضاء لحق المبالغة."
وقد بينت سابقا وجوب دخول "الادعاء" و "المبالغة" في بنية المجاز وهذا مجمع عليه عند القائلين بالمجاز انفسهم. واعتبار هذا كذبا أو غير كذب أمر لفظي ولا مشاحة فى الاصطلاح. بيد أن الادعاء والمبالغة ممنوعان في النصوص الشرعية تحت أي اسم جاءا.
-أما امكان نفي المجاز فهذا ضابط يؤتى به للتفرقة بين الحقيقة والمجازمع ضوابط أخرى يذكرون منها: التبادر والاطراد وغيرها ....
والمعروف أن الضابط أمر عقلي يفترضه الحاد للتميز بين أشياء تبدو متداخلة فهو شكلي لا جوهري ... وصاحب المقال لم يحمل هذا الضابط على محمله الصحيح ...
فمثلا:
"جاءني أسد"
يقال في شأنه ما الدليل على أن أسد هنا مجاز.الجواب لأننا يمكن أن ننقض التعبير بالنفي ومع ذلك تبقى الجملة "معقولة" (أو "مقروءة"بتعبير المعاصرين.)
"جاءني أسد ولم يجئني أسد. " .... يقصد جاءه أسد (انسان) ولم يجئه أسد (حيوان).والجملة معقولة كما ترى.
لكن لو قصد ب"أسد"الحيوان في الاستعمالين معا لكان الكلام متهافتا. فتسقط العبارة في" اللامعنى". باختصار مرادهم بصحة النفي علامة على المجاز احتفاظ الجملة ب"المقبولية"رغم التناقض الظاهري.
قال:
-، ثم أن البلاغيين حرصوا في مصنفاتهم على أن يبينوا الفرق بين المجاز والكذب؛ فهم متفقون على أن المجاز ليس كذباً؛ لأن التجوُّز يضع بين يدي المجاز قرينة تصرف عن إرادة المعنى الأصلي للفظ.
قلت:
ادعاء أن المجاز ليس كذبا دعوى تحتاج الى دليل. وأهل البلاغة أنفسهم شعروا بالتناقض الكامن فى الجمع بين الادعاء ونصب القرينة.
قال الخطيب فى الايضاح:
"فإن قيل إصرار المتكلم على ادعاء الأسدية للرجل ينافي نصبه قرينة مانعة من أن يراد به السبع المخصوص قلنا لا منافاة ووجه التوفيق ما ذكره السكاكي وهو أن تبنى دعوى الأسدية للرجل على ادعاء أن أفرادجنس الأسد قسمان بطريق التأويل متعارف وهو الذي له غاية الجراءة ونهاية قوة البطش مع الصورة المخصوصة وغير متعارف وهو الذي له تلك الجراءة وتلك القوة لا مع تلك الصورة بل مع صورة أخرى."
واقتراح السكاكي فى الحقيقة "بارد" مع ما فيه من تهافت: فكأنه قال:ليس فى الاستعارة كذب لأنها ادعاء. فهل هناك فرق بين الأمرين؟
قوله:
ولقد عني البلاغيون بالقرائن عناية بالغة، واستنبطوها من كلام العرب، وفصلوا فيها القول تفصيلاً؛ فإذا خلا المجاز من القرائن كان الكلام فاسداً لعدم دلالته.
قلت:
(يُتْبَعُ)
(/)
العجب أن ما قاله هذا الكاتب هو جوهر نظرية ابن تيمية في اللغة بل هي عمدة شيخ الاسلام في انكار المجاز ... فابن تيمية يرى أنه لا حاجة الى تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز وافتراض طبقتين فيها .. فالقرائن كفيلة بإظهار مراد المتكلم فقولك " جاء أسد "يفهم منه الرجل الشجاع باعتبارقرائن.ويفهم منه الحيوان باعتبار قرائن ... فأي ضرورة للقول بأن هذا أصيل وهذا طاريء مع أن القرائن هي الموجهة.
وهذه النظرية متينة وقد تبناها معظم اللغويين المعاصرين.
قول الكاتب:
أن القول: بأن المجاز ذريعة إلى نفي الصفات الإلهية، وتأويلها ليس مسوغاً لنفي المجاز.
قلت:
نفي المجاز يستجيب لاعتبارات موضوعية. فإن انضاف اليها عامل "سد الذريعة"كان النفي أوكد.
قوله:
أما القول بأن الألفاظ كلها حقيقة أو أن تقسيمها إلى حقيقة ومجاز تقسيم حادث لم تعرفه العرب - فذلك يحتاج إلي نظر.
فإن أريد بذلك أن العرب لم يضعوا هذا المصطلح فنعم.
وإن أريد أنه لا يوجد في كلامهم مجاز فهذا غير صحيح، بل الشواهد من كلامهم على استعمال المجاز أكثر من أن تحصر، وذلك مما استفاض به النقل عن علماء اللغة.
قلت:
ابن تيمية لا ينكر هذه الاستعمالات-وأنى له ذلك-بل ينكر التفسير البلاغي لها. وقريب من هذا ما حصل لابن مضاء القرطبي عندما انكر أن يكون الفعل عاملا في الفاعل ... فليس مراد ابن مضاء ان يقول " جاء زيد " ليس من كلام العرب بل مراده أن تعليل الرفع عند النحاة لا دليل عليه ويمكن استبدال تعليل آخر به.
فأهل البلاغة يقولون بالعلاقة في المجاز بمعنى ما أن تقرأ كلمة مستعملة مجازا إلا استحضرذهنك المعنى الحقيقي فتكتشف من خلال المقارنة الآلية بين الحاضر والغائب معنى التشابه أو الجزئية او الكلية الى غير ذلك من العلاقات. فبدون هذه المقارنة لا مجاز لذلك يميزون بين المجاز والخطأ .. فقولك "خذ الفرس" وانت تقصد" الكتاب" ليس مجازا لغياب العلاقة.
وقد انتبه الإمام ابن تيمية الى خطورة المسألة عقديا في موضوع"الاسماء والصفات":
فقولنا" يد الله" مجاز يستدعي استحضار المعنى الحقيقي ل"يد".وليس الحقيقة الا الجارحة المكونة من لحم ودم وأعصاب. هنا يصاب المسلم بالهلع فيفر الى التعطيل.
أما شيخ الاسلام فيرى أن استحضار يد الانسان في هذا المقام خطأ. لأن القرائن تشير الى "يد الله" لا يد الانسان. ويوظف مفهوما اجرائيا يسمى "القدر المشترك"وبه ينسف نظرية المجاز-سأوضح هذا إن شاء الله عندما أستأنف كلامي فى الموضوع-
كل هذا يهون لكن اقرأ ما يلي:
وبعد أن نقل الشيخ العسكر هذه الفتوى قال: " ومع أنني لم أهتد إلى هذه الفتوى في مظانها من المطبوع من مؤلفات شيخ الإسلام وفتاواه - فإن عدم اهتدائي هذا لا ينفي وجودها في كتابات الشيخ مطلقاً.
بَيْدَ أني مطمئن غير مرتاب في نسبة هذا الكلام إلى شيخ الإسلام.
قلت:لا أظن منهج البحث العلمي يسوغ هذا الكلام.-أخي ابا مجاهد هل تقبل هذا الكلام مني لو كنت مشرفا على بحث لي؟ -
وتبريره:
أن المطبوع من أعمال شيخ الإسلام لا يمثل إلا القليل مما كتب في حياته كلها.
وأنت خبير أنه صاحب قلم سيال، ومكثر من الكتابة جداً، حتى قال الذهبي: " جاوزت فتاوى ابن تيمية ثلاثمائة مجلد "
قلت:
هذا التبرير شر مستطير .... فإن كان لابن تيمية نظرية معتدلة في المجاز استنادا الى نص غير موجود .... فلتكن له نظرية فى الاسماء والصفات "معتدلة"قريبة من الاشاعرة استنادا الى نصوص مفقودة ....... وهكذا ..... الحاصل فقدان الثقة في أقوال ابن تيمية كلها بسبب أقوال اخرى له معارضة موجودة في ضمن المفقود ...... هذا اقرب الى الوسوسة منه الى الاحتياط ......
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jul 2005, 06:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اطلع الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد على تعليق الأخ أبي عبد المعز على المقال المشار إليه في التعليق رقم 13 وأرسل إلي رسالة جميلة هادئة قال فيها:
(بإمكانك قراءة الحديث عن المجاز في هذا الملف المرفق ففيه زيادة.
وأو أن تشير إلى أن الشيخ د. عبدالمحسن العسكر متخصص في اللغة بل في البلاغة فلا داعي لوصف كلامه بأنه سطحي.)
والملف مرفق مع هذه المشاركة.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[20 Jul 2005, 10:00 م]ـ
الاخ أبا مجاهد ....
بلغ تحياتي الى الشيخين الجليلين: محمد بن إبراهيم الحمد والشيخ د. عبدالمحسن العسكر .... وأعتذر عن استعمالي الخشن لكلمة "سطحية" وارجو من المشرف حذفها والسطر الموجودة فيها ......
ومع ذلك فإن دعوى قولين لا بن تيمية في المجاز لا يغير من الأمر شيئا. وذلك لما يلي:
-إن صح قوله بالمجاز فذلك في بداية أمره .... واستقرأمره على النفي كما فصل فيه فى كتاب الايمان الكبير والرسالة المدنية وردوده على الآمدي .....
-احتمال الرجوع الى قوله الأول مستبعد جدا .... وإلا كيف يكتب بعده ابن القيم رده القوي للمجاز واصفا له بالطاغوت ومسلحا بأكثر من خمسين وجها .... تجدها في مختصر الصواعق وبعضها مأخوذ أصلا من كتب شيخه.
-نفي المجاز هو المنسجم مع نظرية ابن تيمية فى اللغة-وهذا سأوضحه فيما بعد-
-اعتراف ابن تيمية بوجود المجاز-إن صح عنه- يفهم على أساس مجاراة الناس في اصطلاحهم .... وليس اعترافا بصواب تصورهم وتفسيرهم للمجاز ...
فلو قلنا لابن تيمية ما تقول في "رمى الأسد بالقوس" لربما قال مجاز مجاراة للاصطلاح الشائع ... لكنه يرفض بقوة ما يتصوره المتكلمون والبلاغيون تحت مسمى المجاز ...
ختاما أقول لست إلا من طبقة تلاميذ الشيخين الكريمين ...... أو أدنى من ذلك .... وأرجو أن يتحملا مشاكسة تلميذ قد يكون تستر بالمشاكسة ليخفي عدم نجابته.
والسلام عليكم ورحمة الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[17 Aug 2005, 05:14 م]ـ
الأخ الكريم أبا عبدالمعز
بل أكمل ثم أكمل فلكلامك فوائد لا تنضب وخاصة في موضوع حساس كهذا
وحتى على الفرضية المستبعدة جدا بأن ابن تيمية تراجع عن قوله فهذا لن يغير من المسألة شيئا
فالحق هو المراد في المقام الأول وليس الانتصار لذات ابن تيمية رحمه الله ورفع منزلته في أعلى عليين
ـ[ديم]ــــــــ[19 Aug 2005, 08:45 ص]ـ
السلام عليكم00
ينبغي التنبه لهذه المسألة وهي القول بأن لشيخ الاسلام رأي اخر في المجاز00
لأنه قد ظهر من ينشر هذه المقالة بل ويشكك في رأي شيخ الاسلام بسبب نقل للقاسمي في تفسيره ان
لشيخ الاسلام رأي اخر في المسالة0
والحق أن يتبع في ذلك رأيه الواضح في الفتاوى وغيرها من كتبه00
وكتب تلميذه ابن القيم0
وعجب ان يترك تصريح شيخ الاسلام في المجاز الى ظنون وتخرصات لعله في كتبه المفقودة قد ذكر ذلك0
ومتى يعدل عن قول الامام بسبب ظنون؟؟
ومادعاني للتدخل في هذه المسألةهو عجبي ممن صار يقرر لدى بعض طلاب الجامعة ان هذا هو رأي شيخ الاسلام00
ولايرضى بقول غير القول الجديد المخترع؟؟
ولايظن بي المبالغة فقد وقع لي هذا00
والقول بالمجاز اوعدمه مسألة اجتهادية لكن التقول على العلماء بسبب الظنون هومايتعجب منه؟؟؟
المعذرة على التعدي على موضوعكم ياابا عبدالمعز00
وجزيت خيرا على هذا الجهد المبارك000
----------------------
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[22 Aug 2005, 02:53 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع جميل جدا
جزاكم الله خيرا
/////////////////////////////////////////////////
ـ[نبيه المنسي]ــــــــ[16 Sep 2006, 10:23 م]ـ
أثابك الله
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 08:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
النكت على الإتقان في علوم القرآن
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Apr 2005, 02:52 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين المبعوث للثقلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغرِّ الميامين، وعلى تابعيهم ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد كان يُلحُّ عليَّ بعض الأصحاب في فتح درس في علوم القرآن؛ نظرًا لخلوِّ مدارس المساجد من هذه المادة الهامَّة، وكنت أقدِّم رجلاً وأُأخِّر أخرى؛ تهيُّبًا لهذا الموضوع، وخشية من ازدحام الوقت فيضعف التحضير لهذه المادة العلمية، وما زلت أُمنِّي النفس به، وأرجو أن يحصل، حتى كان ما كان، إذ ألحَّ عليَّ أخوين كريمين من أهل مكة في أن أفتح درسًا شهريًّا في الإتقان يكون في يوم واحد منه بواقع ثلاثة دروس، فاستجبت لهما تحت إلحاحهما، وتركت الأمر لله يفعل ما يشاء.
ولما رأيت الأمر يتوجَّه عمدت إلى جلسة التفسير التي أعقدها في تفسير الطبري، فاقترحت على من يحضر معي أن نجعل نصف ساعة للإتقان نتدارسه ونعلق عليه بما يمُنُّ الله به، فكان ولله الحمد نافعًا مفيدًا. واستمر الحال كذلك حتى بدأت بإلقاء هذه الدروس في مكة المكرمة، فكانت بدايتها في شهر محرم من سنة 1426، حيث ألقيت ثلاثة دروس في مقدمة تشمل (علوم القرآن .. المصطلح ومراحل النشأة والكتب)، وقد ظهر لي في ألقائها فوائد جديدة تتعلق بعلوم القرآن، فلله الحمد والمنَّة، ثم ألقيت في شهر صفر من هذا العام ثلاثة دروس، وقد شملت مقدمة كتاب الإتقان، والنوع الأول من أنواع علوم القرآن (المكي والمدني)، وقد رأيت ـ بعد الاستشارة ـ أن أطرح في الملتقى خلاصة ما ألقيه من هذه الدروس على أسلوب التعليق والنُّكت، فأذكر ذلك في نقاطٍ لتكون أيسر وأضبط.
وإني إذ أطرح ذلك لأرجو أن يُتحفني إخواني باقتراحاتهم حول دراسة هذا الكتاب الذي صار أصلاً من أصول كُتب علوم القرآن، وأتمنى أن يسددوا ما يرون من نقص فيما أكتب، والله أسأل لي ولكم التوفيق والسداد.
هذا، وقد سمَّيت هذه التعليقات بهذا العنوان:
النكت على الإتقان في علوم القرآن
تيمُّنًا بفعل أسلافنا من العلماء، ولأنَّ المقصود ليس شرح الكتاب بحذافيره، وإنما التعليق على ما يحتاج إلى تعليق، والتنبيه على لطائف وفوائد ومستدركات، فأسأل الله في ذلك المعونة التوفيق، إنه سميع مجيب.
قال السيوطي:
(1:4) ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتابا في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث فسمعت شيخنا أستاذ الأستاذين وإنسان عين الناظرين خلاصة الوجود علامة الزمان فخر العصر وعين الأوان أبا عبد الله محيي الدين الكافيجي مد الله في أجله وأسبغ عليه ظله يقول:» قد دونت في علوم التفسير كتابا لم أسبق إليه «، فكتبته عنه، فإذا هو صغير الحجم جدا وحاصل ما فيه بابان الأول في ذكر معنى التفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية والثاني في شروط القول فيه بالرأي وبعدهما خاتمة في آداب العالم والمتعلم فلم يشف لي ذلك غليلا ولم يهدني إلى المقصود سبيلا.
التعليق:
1 ـ الكافيجي: محمد بن سليمان (ت: 879) لُقِّب بذلك لكثرة اشتغالة بالكافية في النحو لابن الحاجب.
2 ـ يُفهم من قوله:» مد الله في أجله وأسبغ عليه ظله «يشير إلى أن السيوطي كتب كتابة قبل وفاة شيخه؛ أي قبل سنة 879، والله أعلم.
3 ـ جاء عنوان كتاب الكافيجي في أحد النسخ التي اعتمد عليها محقق الكتاب ناصر بن محمد المطرودي (التيسير في قواعد علم التفسير).
4 ـ استفاد السيوطي من كتاب الكافيجي ـ على صغر حجمه ـ في كتابية التحبير والإتقان.
5 ـ اختزل السيوطي ذكر عناوين كتاب شيخة، وكذا ذكر أنواع العلوم التي تطرَّق إليها، أو أشار إليها، ويظهر هذا بقراءة ما دوَّنه الكافيَجي، وموازنته بعرض السيوطي لكتاب (التيسير في قواعد علم التفسير).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالباب الأول: الذي قال عنه السيوطي:» الأول في ذكر معنى التفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية «فيه عدد من المسائل المتعلقة بعلوم القرآن، منها: حكم التفسير بالرأي، والعلوم التي يحتاج إليها المفسر، وإعجاز القرآن، ووجوب التواتر في نقل القرآن، وشروط القراءة الصحيحة، والمحكم والمتشابه، ونزول القرآن، وأسباب النُّزول «. أفاده محقق كتاب التيسير.
قال السيوطي:
(1: 4) قال:» ثم أوقفني شيخنا شيخ مشايخ الإسلام قاضي القضاة وخلاصة الأنام حامل لواء المذهب المطلبي علم الدين البلقيني رحمه الله تعالى على كتاب في ذلك لأخيه قاضي القضاة جلال الدين سماه (مواقع العلوم من مواقع النجوم) فرأيته تأليفا لطيفا ومجموعا ظريفا ذا ترتيب وتقرير وتنويع وتحبير.
قال في خطبته قد اشتهرت عن الإمام الشافعي رضي الله عنه مخاطبة لبعض خلفاء بني العباس فيها ذكر بعض أنواع القرآن يحصل منها لمقصدنا الاقتباس وقد صنف في علوم الحديث جماعة في القديم والحديث وتلك الأنواع في سنده دون متنه وفي مسنديه وأهل فنه وأنواع القرآن شاملة وعلومه كاملة فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف وينحصر في أمور
الأمر الأول مواطن النزول وأوقاته ووقائعه وفي ذلك اثنا عشر نوعا المكي المدني السفري الحضري الليلي النهاري الصيفي الشتائي الفراشي النومي أسباب النزول أول ما نزل آخر ما نزل
الأمر الثاني السند وهو ستة أنواع المتواتر الآحاد الشاذ قراءات النبي e الرواة الحفاظ
الأمر الثالث الأداء وهو ستة أنواع الوقف الابتداء الإمالة المد تخفيف الهمزة الإدغام
الأمر الرابع: الألفاظ وهو سبعة أنواع الغريب المعرب المجاز المشترك المترادف الاستعارة التشبيه.
الأمر الخامس المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشر نوعا العام الباقي على عمومه العام المخصوص العام الذي أريد به الخصوص ما خص فيه الكتاب السنة ما خصصت فيه السنة الكتاب المجمل المبين المؤول المفهوم المطلق المقيد الناسخ والمنسوخ نوع من الناسخ والمنسوخ وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين
الأمر السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ وهو خمسة أنواع الفصل الوصل الإيجاز الإطناب القصر.
وبذلك تكملت الأنواع خمسين ومن الأنواع ما لا يدخل تحت الحصر الأسماء الكنى الألقاب المبهمات فهذا نهاية ما حصر من الأنواع هذا آخر ما ذكره القاضي جلال الدين في الخطبة ثم تكلم في كل نوع منها بكلام مختصر يحتاج إلى تحرير وتتمات وزوائد مهمات فصنفت في ذلك كتابا سميته التحبير في علوم التفسير ضمنته ما ذكر البلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها وأضفت إليه فوائد سمحت القريحة بنقلها
التعليق:
1 ـ علم الدين البلقيني: صالح بن عمر بن رسلان (ت: 868).
2 ـ جلال الدين البلقيني: عبد الرحمن بن عمر بن رسلان (ت: 824).
3 ـ تقسيم البلقيني (ت: 824) من أنفس التقاسيم، حيث عمدَ إلى نوعٍ كلي ثم ذكر ما يندرج تحته.
4 ـ يظهر أثر التصنيف في العلوم على تقسيم البلقيني (ت: 824) لأنواع علوم القرآن في أمرين
الأول: أنه أراد أن يناظر بعلوم الحديث، فيجعل كتابًا يحتوي على علوم القرآن كما هو الواقع في علوم الحديث.
وهذا الأمر قد سبق إليه الزركشي (ت: 794) كما سيأتي، و أشار إليه السيوطي في خطبة كتابه الإتقان بقوله:» ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتابا في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث «.
كما أشار إلى ذلك في مقدمة كتابه التحبير فقال:» وإن مما أهمل المتقدمون تدوينه حتى تحلى في آخر الزمان بأحسن زينة علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث فلم يدونه أحد لا في القديم ولا في الحديث حتى جاء شيخ الإسلام وعمدة الأنام علامة العصر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني رحمه الله تعالى فعمل فيه كتابه مواقع العلوم من مواقع النجوم «.
الثاني: أنَّ من الأقسام الستة ما هو من علوم مشاركة، وليس من صلب علوم القرآن، وقد أخذ من هذه العلوم مصطلحاتها، فذكرها، وإليك التفصيل:
قوله:» الأمر الثاني السند وهو ستة أنواع المتواتر الآحاد الشاذ قراءات النبي الرواة الحفاظ «هذا التقسيم مأخوذ من مصطلح الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله:» الأمر الرابع: الألفاظ وهو سبعة أنواع الغريب المعرب المجاز المشترك المترادف الاستعارة التشبيه «. هذا مأخوذ من علوم اللغة.
قوله:» الأمر الخامس المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشر نوعا العام الباقي على عمومه العام المخصوص العام الذي أريد به الخصوص ما خص فيه الكتاب السنة ما خصصت فيه السنة الكتاب المجمل المبين المؤول المفهوم المطلق المقيد الناسخ والمنسوخ نوع من الناسخ والمنسوخ وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين «. هذا مأخوذ من علم أصول الفقه.
قوله:» الأمر السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ وهو خمسة أنواع الفصل الوصل الإيجاز الإطناب القصر «. هذا مأخوذ من علم البلاغة.
5 ـ قول البلقيني في الأمر الرابع:» المعاني المتعلقة بالأحكام «، يمكن الاصطلاح عليها بعبارة (عوارض الألفاظ).
6 ـ قول البلقيني في الأمر السادس:» المعاني المتعلقة بالألفاظ «يمكن الاصطلاح عليها بعلم البلاغة، أو ينبَّه أنها من جهة البلاغة × لأنه مرَّ في الأمر الرابع قوله:» الألفاظ، وهي سبعة أنواع ... «.
قال السيوطي:
(1: 6):» هذا آخر ما ذكره القاضي جلال الدين في الخطبة ثم تكلم في كل نوع منها بكلام مختصر يحتاج إلى تحرير وتتمات وزوائد مهمات فصنفت في ذلك كتابا سميته (التحبير في علوم التفسير) ضمنته ما ذكر البلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها وأضفت إليه فوائد سمحت القريحة بنقلها
وقلت في خطبته أما بعد فإن العلوم وإن كثر عددها وانتشر في الخافقين مددها فغايتها بحر قعره لا يدرك ونهايتها طود شامخ لا يستطاع إلى ذروته أن يسلك ولهذا يفتح لعالم بعد آخر من الأبواب ما لم يتطرق إليه من المتقدمين الأسباب وإن مما أهمل المتقدمون تدوينه حتى تحلى في آخر الزمان بأحسن زينة علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث فلم يدونه أحد لا في القديم ولا في الحديث حتى جاء شيخ الإسلام وعمدة الأنام علامة العصر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني رحمه الله تعالى فعمل فيه كتابه مواقع العلوم من مواقع النجوم فنقحه وهذبه وقسم أنواعه ورتبه ولم يسبق إلى هذه المرتبة فإنه جعله نيفا وخمسين نوعا منقسمة إلى ستة أقسام وتكلم في كل نوع منها بالمتين من الكلام فكان كما قال الإمام أبو السعادات ابن الأثير في مقدمة نهايته كل مبتدئ لشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمرا لم يتقدم فيه عليه فإنه يكون قليلا ثم يكثر وصغيرا ثم يكبر
فظهر لي استخراج أنواع لم يسبق إليها وزيادة مهمات لم يستوف الكلام عليها فجردت الهمة إلى وضع كتاب في هذا العلم وأجمع به إن شاء الله تعالى شوارده وأضم إليه فوائده وأنظم في سلكه فرائده لأكون في إيجاد هذا العلم ثاني اثنين وواحدا في جمع الشتيت منه كألف أو كألفين ومصيرا فني التفسير والحديث في استكمال التقاسيم إلفين وإذ برز نور كمامه وفاح وطلع بدر كماله ولاح وأذن فجره بالصباح ونادى داعيه بالفلاح سميته (التحبير في علوم التفسير).
ثمَّ ذكر فهرس الأنواع التي كتبها في التحبير، ثم قال (1: 10):» وهذا آخر ما ذكرته في خطبة التحبير وقد تم هذا الكتاب ولله الحمد من سنة اثنتين وسبعين وكتبه من هو في طبقة أشياخي من أولي التحقيق «.
التعليق:
1 ـ أن السيوطي جعل كتاب البُلقيني أصلاً لكتابه التحبير، وزاد عليه زيادات.
2 ـ أن اطلاع السيوطي على كتاب البلقيني كان متقدِّمًا جدًّا، حيث اعتمده في التحبير، وهو قبل الإتقان.
وقد ذكر سنة الانتهاء من كتاب التحبير، وهي (872)، ويلاحظ أن شيخه الكافيجي توفي سنة (879)، وقد قال عنه:» مد الله في أجله «مما يعني أنَّ تأليف الإتقان كان بين سنة (872) وسنة (879).
3 ـ كان المقصد من تأليف التحبير ما ذكره في قوله (1: 6):» فظهر لي استخراج أنواع لم يَسبِق إليها وزيادة مهمات لم يستوف الكلام عليها فجردت الهمة إلى وضع كتاب في هذا العلم وأجمع به إن شاء الله تعالى شوارده وأضم إليه فوائده وأنظم في سلكه فرائده «.
وهذا يعني أنه يريد تكميل كتاب البلقيني فقط، ولم يدَّعِ أنه سبق سبقًا مطلقًا إلى ما زاده على البلقيني، بل هو ـ في أغلب زياداته ـ ناقلٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وردت عبارة:» لم يسبق «في التحبير على النحو الآتي:» لم أُسبق «، ويظهر لي أن ما في الإتقان أدق؛ لأنه بنى كتابه على كتاب البلقيني، فهو يوازن زياداته وسبقه به، وليس بمطلق سبقه غيره من العلماء، والله أعلم.
4 ـ يلاحظ أنه في مقدمته للتحبير، وذكره للأنواع نصَّ على الزيادات التي زادها على البلقيني، ولما نقلها إلى الإتقان لم ينصَّ على هذه الزيادات.
5 ـ يمكن القول بأن أغلب كتاب البلقيني بين يدينا، وذلك بتجريد زيادات السيوطي التي نصَّ عليها.
6 ـ كما اعتمد السيوطي على كتاب البلقيني وزاد عليه في التحبير، فإنه اعتمد عليه اعتمادًا كليًّا في كتابه (النُّقاية)، فذكر أنواع البلقيني نفسها، ولم يزد عليها، وبهذا يمكن موازنة الأنواع وأمثلتها بين ما ذكره في التحبير وما ذكره في رسالة أصول التفسير من كتاب النُّقاية.
قال السيوطي:
(1: 10):» ثم خطر لي بعد ذلك أن أؤلف كتابا مبسوطا ومجموعا مضبوطا أسلك فيه طريق الإحصاء وأمشي فيه على منهاج الاستقصاء هذا كله وأنا أظن أني متفرد بذلك غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك فبينا أنا أجيل في ذلك فكرا أقدم رجلا وأؤخر أخرى إذ بلغني أن الشيخ الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي أحد متأخري أصحابنا الشافعيين ألف كتابا في ذلك حافلا يسمى البرهان في علوم القرآن فتطلبته حتى وقفت عليه فوجدته قال في خطبته:
لما كانت علوم القرآن لا تحصى ومعانيه لا تستقصى وجبت العناية بالقدر الممكن ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث فاستخرت الله تعالى وله الحمد في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلم الناس في فنونه وخاضوا في نكته وعيونه وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما بهر القلوب عجبا ليكون مفتاحا لأبوابه عنوانا على كتابه معينا للمفسر على حقائقه مطلعا على بعض أسراره ودقائقه وسميته البرهان في علوم القرآن وهذه فهرست أنواعه ... «.
ثم ذكر سبعة وأربعين نوعًا ثم قال:» واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستفرغ عمره ثم لم يحكم أمره ولكن اقتصرنا من كل نوع على أصوله والرمز إلى بعض فصوله فإن الصناعة طويلة والعمر قصير وماذا عسى أن يبلغ لسان التقصير.
هذا آخر كلام الزركشي في خطبته
التعليق:
1 ـ أنه حين تصنيف كتابه التحبير لم يكن اطلع على برهان الزركشي (ت: 794).
2 ـ من تقدم وفاة الزركشي على شيخ شيوخ السيوطي جلال الدين البلقيني (ت: 824)، وعلى شيخ السيوطي الكافيجي (ت: 879)، وادعاؤهما عدم الاطلاع على مؤلف سابق في هذا العلم = ما يدل على عدم اطلاعهما على كتاب الزركشي، والله أعلم.
3 ـ أنه قصد تأليف الإتقان بعد انتهائه من التحبير، وبعد اطلاعه على البرهان للزركشي.
4 ـ أن الزركشي لم يذكر سابقًا له ابتدع هذا التصنيف، وبهذا يكون أول من قصد جمع علوم القرآن جمعًا مستوعبًا.
5 ـ توافق الزركشي والبلقيني وكذا السيوطي في التنظير بعلوم الحديث في التأليف.
6 ـ من أهداف تأليف كتاب البرهان أن يكون معينًا للمفسر على حقائقه، ومطلعًا على بعض أسراره ودقائقه.
قال السيوطي (1: 14):» ولما وقفت على هذا الكتاب ازددت به سرورا وحمدت الله كثيرا وقوي العزم على إبراز ما أضمرته وشددت الحزم في إنشاء التصنيف الذي قصدته فوضعت هذا الكتاب العلي الشان الجلي البرهان الكثير الفوائد والإتقان ورتبت أنواعه ترتيبا أنسب من ترتيب البرهان وأدمجت بعض الأنواع في بعض وفصلت ما حقه أن يبان وزدته على ما فيه من الفوائد والفرائد والقواعد والشوارد ما يشنف الآذان وسميته ب الإتقان في علوم القرآن وسترى في كل نوع منه إن شاء الله تعالى ما يصلح أن يكون بالتصنيف مفردا وستروى من مناهله العذبة ريا لا ظمأ بعده أبدا وقد جعلته مقدمة للتفسير الكبير الذي شرعت فيه وسميته ب مجمع البحرين ومطلع البدرين الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية ومن الله استمد التوفيق والهداية والمعونة والرعاية إنه قريب مجيب وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهذه فهرست أنواعه ... «.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال بعد أن عدَّها (1: 17 ـ 18):» فهذه ثمانون نوعا على سبيل الإدماج ولو نوعت باعتبار ما أدمجته في ضمنها لزادت على الثلاثمائة «.
التعليق:
1 ـ الفرح بالمواطأة من دأب العلماء، فإنَّ ذلك يدل على صحة السلوك في العلم، وعدم الانفراد والشذوذ.
2 ـ ترتيب الإتقان جاء نتيجة لعدد من ترتيبات سابقة له، وذلك في ترتيب البلقيني والزركشي وترتيبه هو في التحبير.
3 ـ عمل السيوطي في الترتيب ـ فيما يراه أنسب من البرهان ـ على:
ـ إدماج بعض الأنواع في بعض.
ـ فصل ما حقُّه أن يُبان.
ـ الزيادة على ما عند الزركشي.
وبهذا صارت الأنواع عنده ثمانين نوعًا، وعند البلقيني خمسين نوعًا، وعنده في التحبير مائة واثنين، وعند الزركشي سبعة وأربعين نوعًا.
4 ـ صلاحية كل نوع من الأنواع بالإفراد في التأليف، مما يعني ثراء هذه الأنواع، وإمكانية التفصيل والزيادة عليها.
5 ـ كما أنه يمكن بفصل هذه الأنواع وتشقيقها أن تصل إلى أكثر من الثلاثمائة، وكذا عمد ابن عقيلة المكي في كتابه الزيادة والإحسان حيث شقَّق وفرَّق ما جمعه السيوطي.
6 ـ أن السيوطي جعل كتابه هذا مقدمة لتفسيره الكبير (مجمع البحرين ومطلع البدرين الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية)، وكأنه يشير بهذا إلى علاقة علوم القرآن بما يطرحه المفسرون في كتبهم كما مضت إشارة الزركشي له، والله أعلم.
وهذا يقودنا إلى معرفة ما يحتاجه المفسر في صلب التفسير، وإدراك المعنى المراد من الخطاب، وما يحتاجه في مسائل التفسير من علوم تتعلق بالسورة أو بالآية، وإن لم يٌبنَ عليها فهم مباشرٌ في المعنى؛ إلا أنها تُعدُّ من علوم القرآن.
قال السيوطي (1: 18):» وغالب هذه الأنواع فيها تصانيف مفردة وقفت على كثير منها.
ومن المصنفات في مثل هذا النمط وليس في الحقيقة مثله ولا قريبا منه وإنما هي طائفة يسيرة ونبذة قصيرة فنون الأفنان في علوم القرآن لابن الجوزي وجمال القراء للشيخ علم الدين السخاوي والمرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز لأبي شامة والبرهان في مشكلات القرآن لأبي المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيذلة وكلها بالنسبة إلى نوع من هذا الكتاب كحبة رمل في جنب رمل عالج ونقطة قطر في حيال بحر زاخر
وهذه أسماء الكتب التي نظرتها على هذا الكتاب ولخصته منها «.
وذكر أنواعها، وهي: الكتب النقلية، وكتب جوامع الحديث والمسانيد، وكتب القراءات وتعلقات الأداء، وكتب اللغات والغريب والعربية وإعراب، وكتب الأحكام ومتعلقاتها، وكتب الإعجاز وفنون البلاغة، وكتب الرسم، وكتب جامعة، وتفاسير غير المحدِّثين.
التعليق:
1 ـ قوله:» وغالب هذه الأنواع فيها تصانيف مفردة وقفت على كثير منها «. سيذكرها عند كل نوع من هذه الأنواع، وهذا يدل على سعة اطلاعه على الكتب المفردة في هذا العلم الذي قصد جمعه.
2 ـ ذكر بعض الكتب التي جمعت بعض أنواع علوم القرآن، لكنها لم تستوعب، وهذه الكتب هي:
ـ فنون الأفنان لابن الجوزي (ت: 597).
ـ جمال القراء للسخاوي (ت: 643).
ـ المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز لأبي شامة (ت: 665).
ـ البرهان في مشكلات القرآن لأبي المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيذلة (ت: 494).
وهذه الكتب سبق طرحها في اللقاءات السابقة تحت عنوان (الجمع الجزئي)، وقد فات السيوطي منها بعضها وقد سبق ذكر بعضها في الدروس السابقة.
3 ـ هذه المراجع المتنوعة تدلُّ على أنَّ جمع علوم القرآن جمعًا كليًّا لم يطرأ إلا متأخِّرًا، وكانت تلك المراجع زادًا يتزود به السيوطي لتنظيم أنواع علوم القرآن، وإبراز موضوعاتها ومسائلها.
4 ـ يلاحظ أنه لم يذكر كتب أصول الفقه مع رجوعه إليها في تقرير المباحث المتعلقة بعوارض الألفاظ من تخصيص العام وتقييد المطلق وغيرها.
ملحوظات عامة على السيوطي ومنهجه في كتاب الإتقان:
أولاً: يلاحظ أنه لم يُعن ـ كما لم يُعن غيره من المتقدمين ـ بتعريف علوم القرآن كفنٍّ مدوَّنٍ.
ثانيًا: غلب على السيوطي في كتابه الجمع دون التحرير، فالتحرير الموجودقٌليل بالنسبة للمنقول.
ثالثًا: وقع في تشقيق بعض أنواع علوم القرآن مما يمكن أن يكون تحت مسمى واحدٍ.
رابعًا: ذكر بعض أنواع العلوم التي هي من جنس واحدٍ، ولم يستوعب ما يماثلها في الباب.
خامسًا: اختلاف المصطلح الذي استخدمه السيوطي في كتبه الثلاثة:
1 ـ علم التفسير في كتابه (التحبير في علم التفسير)، وكتابه (النُّقاية).
2 ـ علوم القرآن في كتابه (الإتقان في علوم القرآن).
سادسًا: مما يحمد للسيوطي في كتابه هذا:
1 ـ جمع المتفرق، وهذا مقصد من مقاصد التصنيف.
2 ـ في هذا الجمع حفظ نصوص من كتب مفقودة.
3 ـ ذكر المؤلفات في أنواع علوم القرآن.
4 ـ نسب الكتب إلى مؤلفيها، بحيث يستفاد منه في إثبات الكتاب إلى مؤلفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Apr 2005, 02:07 م]ـ
عرض موفق، ونكت حسان؛ فواصل وفقك الله للإتقان، وأعانك على التمام
وهذه الطريقة من وجهة نظري نافعة جداً، وخاصة في عرض مثل هذه الكتب الموسعة ....
وحبذا يا شيخنا الكريم لو ختمت كل موضوع بالدرر والنفائس التي ترى أنها مهمة، وتجعلها تحت عنوان مستقل في آخر كل حلقة من الحلقات، أو درس من الدروس.
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[12 Apr 2005, 05:42 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور مساعد وجعل ماتقدمون في ميزان حسناتكم ...... ونفعنا الله والقراء بماتقولون ..
قلتم (عمدت إلى جلسة التفسير التي أعقدها في تفسير الطبري) أين هذه الجلسة وهل هي درس عام؟؟؟؟ ومتى؟
نتمنى أن نجد لك تعليقات على تفسير الطاهر بن عاشور ...
وبارك الله فيكم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Apr 2005, 09:27 م]ـ
شكر الله لك شيخنا أبا عبد الملك, وزادك من فضله.
ـ[خلود]ــــــــ[13 Apr 2005, 02:23 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل، وزادكم علما وتوفيقا، ونفع بكم.
لكن ما حال كتاب البلقيني "مواقع العلوم من مواقع النجوم" هل هو مفقود؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Apr 2005, 08:07 م]ـ
أشكر الإخوة على تعقيباتهم، ولا زلت أتمنى ان يوجهوني إلى طريقة دراسة هذا الكتاب، فالقراءة التحليلية تطول، ولا أراها تصلح لمثل هذا الدرس الشهري، فأرجو أن لا أُعدم من توجيهاتكم.
اما بشأن السؤال عن درس الطبري، فهو بعد صلاة العشاء من يوم السبت في مدينة الرياض في مسجد طيبة (مخرج 15) شارع سعد بن عبد الرحمن.
واما كتاب البُلقيني، فلا أعلم أنه موجودٌ مخطوطًا، والله أعلم.
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[01 Jun 2005, 10:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ الطيار وفقكم الله
كتاب الإتقان يتضمن ثمانين نوعاً من أنواع علوم القرآن حسب ترتيب السيوطي وطبعاً لو حاولتم أن تدرس نوعاً واحداُ كل شهر لاستغرق ذلك سبع سنين.
ولكن يمكن أن تجمع كثيراً من هذه الأنواع تحت موضوع واحد فمثلاً النوع الأول إلى النوع التاسع يتعلق كله بمكان وزمان النزول فلعله من الممكن أن تدرسه على أنه موضوع واحد وتتناول أهم المسائل المذكورة تحت هذه الأنواع التي تحتاج إلى تحليل ودراسة فتقرأ من الكتاب بعض المواضع المتعلقة بتلك المسائل. وأيضاً يمكن أن تتناول دراسة كل نوع من الأنواع تحت هذا الموضوع بطريقة مختصرة فمثلاً تبين مراد السيوطي بالحضري والسفري وتذكر مثالاً له مما ذكره السيوطي وإن كان في معرفة هذا النوع فائدة أو فوائد فاذكروها.
وبطريقة مثل هذه يمكن أن تدرس الكتاب من أوله إلى آخره في سنتين تقريباً مع التعليق على أهم المسائل وتحليلها وذكر الفوائد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2005, 10:47 ص]ـ
في سلوك الدكتور مساعد الطيار منهج التنكيت على كتاب الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي رحمه الله إحياء لمنهج علمي غائب عن كثير من دروس العلماء في هذا الزمان، وهو منهج سلكه كبار الحفاظ والعلماء قديماً كما صنع ابن حجر وغيره، وهذا لا يكون إلا للمصنفات السائرة التي حظيت بالقبول في فنونها. وليس مثلي من يوجه الدكتور مساعد الطيار في كيفية السير في هذا الدرس أو غيره، فلم أتجاوز موضع َالتلميذ بين يديه وأمثاله من العلماء وفقهم الله وسددهم، ولكنني أحببت أن أشكر الطلاب الذين ألحوا على فضيلته للبدء في هذا الدرس على رغم الشواغل المتكاثرة، والصوارف المتجددة التي تعرض للشيخ، وأن أؤكد لهؤلاء الطلاب أنهم لا يظفرون بمثل فضيلته إلا نادراً، ولولا خشيتي من غضبه عليَّ لأنصفته، ولكن حسبي أن أقول لهم كما قال الإمام أحمد عندما عوتب على جلوسه في حلقة الشافعي وتركه من هم أعلى إسناداً منه: إن فاتك حديث بعلو أدركته بنزول، وأما إن فاتك عقل هذا القرشي فلن تجد مثله!
وأنا أقول: إن فاتكم عقل هذا القرشي فلن تجدوا مثله!
كما أشكر فضيلته على أن أشركنا مع من يحضر الدرس في إطلاعنا على هذه النكت والفوائد، ونرجو ألا تنقطع إن شاء الله. سدد الله رأيكم، وأعانكم على الانتهاء منه على خير.
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[03 Dec 2007, 01:30 ص]ـ
أثابك الله وأسعدك في الدنيا والآخرة
شيخنا: ليتك تواصل الكتابة حول الموضوع
وإن كان وقتك يضيق عن ذلك فليتك تعهد إلى أحد الطلاب الذين حضروا هذه الدروس بكتابتها هنا أو على ملف وورد لنستفيد جزاك الله خيرا وأعانك
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[05 Mar 2008, 08:57 م]ـ
أحسن الله لكم شيخنا
ألن تكمل ما بدأت؟!
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Mar 2008, 10:43 ص]ـ
أشكر الإخوة على حرصهم على هذه التعليقات، وقد رزقني الله بأخ فاضل: الأخ بدر الجبر؛ اجتهد في إخراج التعليقات، وقد بدأ بذلك في مواطن متأخرة من التعليقات، ولعله يتيسر له الرجوع إليها من أولها ويسطرها في الملتقى بعد مراجعتي لها إن شاء الله تعالى، وإليك هذه المشاركات في الموضوع:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10960
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10681
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10537
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إيمان]ــــــــ[17 Mar 2008, 10:21 م]ـ
سدد الله خطاك شيخنا الفاضل على هذه النكت العلمية المفيدة، وأتمنى بعد الإنتهاء من هذه الفوائد العلمية أن يط
بع الكتاب لتعم الفائدة الجميع ....
وفقكم الله لما يحب ويرضى ........
ـ[البهيجي]ــــــــ[18 Mar 2008, 07:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله تعالى الأستاذ الشيخ مساعد خيرا وبارك به وبوقته لكي يرفد هذا الملتقى الطيب بكل نافع ومفيد .... وشكرا لجميع المساهمين بهذا الموضوع المهم ..... وأرجو الأشارة أن بين يدي كتاب بعنوان المختار من كتاب الاتقان في علوم القرآن أختيار عامر محمد بحيري مراجعة عبد الوهاب حمودة من منشورات وزارة الثقافة المصرية عام 1960 يقول الأستاذ
عامر محمد: قرأت كتاب الاتقان مرة بعد مرة ثم شرعت في تيسيره على أصل فصوله الثمانين فحذفت بعض هذه الفصول
جملة ونقحت بعضها الآخر فحذفت أسانيده وأستبعدت منه ما لافائدة في عرضه لتشعب الرأي حوله وأبقيت من الفصول
المختارة اللباب النافع والشفاء الناجع ثم قمت بتبويب الكتاب تويباً جديداً مناسبا لتبويب الكتب الحديثه زيادة في تقريبه
للقراء.
فمن الفصول المحذوفة فصول في صدر الكتاب تتصل بنزول القرآن في الأوقات المختلفة ليلا ونهارا صيفا وشتاء وغير
ذلك مما لايعد ذا غناء كبير كالقول بأن بعض الآيات نزل مشيعا أي يصحبه في نزوله عدد من الملائكة وأن آية كذا نزلت
من كنز تحت العرش .... وأن القرآن نزل جملة الى بيت العزة في السماء الأولى ثم نزل بعد ذلك منجما حسب الحوادث
والأحوال وأمثال ذلك ..... أنتهى
وأن كتاب المختار في 230 صفحة من الحجم المتوسط وأرجو بيان رأي الأستاذ مساعد فيه اذا كان قد أطلع عليه ورأي
الجميع ..... وجزاكم الله خيرا
البهيجي
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[19 Mar 2008, 12:31 ص]ـ
وأتمنى بعد الإنتهاء من هذه الفوائد العلمية أن يط
بع الكتاب لتعم الفائدة الجميع ....
أضم صوتي لصوت الأخت الفاضلة، فمثل هذه التعليقات القيمة، والنكت البديعة بحاجة إلى جمعها في كتاب يسهل تناوله لطلاب العلم جميعا.
زادك الله من واسع فضله، وبارك لك في عمرك وعلمك، ونفعك ونفع بك.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[19 Mar 2008, 01:14 ص]ـ
نكت قيمة لا غنى لطالب علوم القرآن عنها. وفي انتظار التمام إن شاء الله.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[19 Mar 2008, 08:37 ص]ـ
واصل ياشيخ مساعد بارك الله فيك
ـ[البهيجي]ــــــــ[21 Mar 2008, 11:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم .... سأعرض بأذن الله تعالى بعض المعلومات عن كتاب المختار ومنها أن الكتاب يحتوي على سبعة أبواب
لكل جزء فيحتوي الباب الأول من الجزء الأول -وهو بعنوان في نزول القرآن- على ثمانية فصول الأول في معرفة المكي
والمدني والثاني في معرفة الحضري والسفري والثالث في أول ما نزل من القرآن والرابع في آخرمانزل من القرآن والخامس في سبب النزول والسادس فيما تأخر حكمه عن نزوله وماتأخر نزوله عن حكمه والسابع فيما نزل مفرقا ومانزل
جمعا والثامن في كيفية انزاله ........ ويحتوي الباب الثاني -وهو بعنوان في جمع القرآن- على ثلاثة فصول الأول في أسمائه وأسماء سوره والثاني في جمعه وترتيبه والثالث في عدد سوره وآياته .... والباب الثالث وهو بعنوان في رواية
القرآن ويحتوي على فصلين الأول في حفاظه ورواته والثاني في المتواتر والمشهور والآحاد والشاذ والموضوع والمدرج ...... والباب الرابع وهو في قرآءات القرآن ويحتوي على فصلين الأول في الوقف والأبتداء والثاني في بيان
الموصول لفظا المفصول معنى ...... والباب الخامس في تلاوة القرآن ويحتوي على فصلين الأول في كيفية تحمله والثاني
في آداب تلاوته وتاليه ... والباب السادس وهو في غريب القرآن ويتضمن أربعة فصول الأول في غريبه والثاني فيما وقع
فيه بغير لغة الحجاز والثالث فيما وقع فيه بغير لغة العرب والرابع في الوجوه والنظائر ..... والباب السابع في اعراب
القرآن ويحتوي علىثلاثة فصول الأول في معنى الأدوات التي يحتاج اليها المفسر والثاني في اعرابه والثالث في
قواعد مهمة يحتاج المفسر الى معرفتها ........ وسنذكر ان شاء الله تعالى محتويات الجزء الثاني في الأيام القادمة
البهيجي
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[22 Mar 2008, 05:02 م]ـ
جزيت خيرا على هذه الفوائد
ـ[البهيجي]ــــــــ[30 Mar 2008, 12:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم .... وجزاك الله تعالى خيرا أخي أبا يعقوب ..... ونستمر في بيان الجزء الثاني من كتاب المختار من
كتاب الاتقان ....... وهويحتوي على سبعة أبواب الأول منها بعنوان في محكم القرآن ويتضمن تسعة فصول الأول
:في المحكم والمتشابه .... والثاني: في مقدمه ومؤخره .. والثالث: في عامه وخاصه ... والرابع: في مجمله ومبينه ..
والخامس: في ناسخه ومنسوخه .. والسادس: في مشكله؛ وموهم الأختلاف والتناقض .. والسابع: في مطلقه ومقيده
والثامن: في منطوقه ومفهومه ... والتاسع: في وجوه مخاطباته.
والباب الثاني: في بلاغة القرآن
الفصل الأول: في حقيقته ومجازه
الثاني: في تشبيهه وأستعاراته
الثالث: في كناياته وتعريضه
الرابع: في الحصر والأختصاص
الخامس: في الايجاز والأطناب
السادس: في الخبر والانشاء
السابع: في بدائع القرآن
الباب الثالث: في نظم القرآن
الفصل الأول: في فواصل الآي
الثاني: في فواتح السور
الثالث: في خواتم السور
الرابع: في مناسبة الآيات والسور
الباب الرابع: في أعجاز القرآن
الفصل الأول: في أعجاز القرآن
الباب الخامس: في علوم القرآن
الفصل الأول: في العلوم المستنبطة من القرآن
الثاني: في أمثال القرآن
الثالث: في أقسام القرآن
الرابع: في جدل القرآن
الباب السادس: في فضائل القرآن
الفصل الأول: في فضائل القرآن
الثاني: في مفردات القرآن
الباب السابع: في تفسير القرآن
الفصل الأول: في تفسيره وتأويله وبيان شرفه والحاجة اليه
الثاني: في شروط المفسر وآدابه
الثالث: في طبقات المفسرين
البهيجي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[10 Apr 2008, 10:31 ص]ـ
بارك الله بكمك وزادكم علما
ـ[البهيجي]ــــــــ[15 Apr 2008, 09:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وجزاك الله تعالى خيرا د. معن الحيالي وأدعوك أخي الكريم الى المساهمة في هذا الموضوع ...... وكذلك
في الكتابة في مجلة مركز الدراسات والبحوث الأسلامية في هيئة الوقف السني فالعدد الأخير لايحتوي
على موضوع في علوم القرآن الكريم وسلمت يمينك ....
البهيجي(/)
سمط الدرر في محاور السور
ـ[المازني]ــــــــ[13 Apr 2005, 01:15 ص]ـ
إخوتي الكرام في ملتقى أهل التفسير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شدّني موضوع حول محاور السور من أحد العلماء في الأزهر الشريف في خطبة جمعة وهو الشيخ سمير عبده، وكان كلامه يدور حول محاور السور وهو أن كل سورة تدور حول محور معين ترتبط كل أجزائها به،وضرب لذلك مثلا بسورة البقرة وقال: رغم طول السورة وتنوع موضوعاتها إلا أنها تدور حول موضوع واحد هو التقوى وضرب لذلك أمثلة من السورة، وتتبعت آيات السورة فإذا هي كذلك وفعلت ذلك مع سور أخرى فوجدتها كذلك، فسورة آل عمران حسب فهمي القاصر تدور حول إثبات اختصاص الله بعلم الغيب فتجد أن رابطا مّا بهذا الموضوع يتصل بمعظم موضوعات السورة، وسورة النساء تدور حول احترام العلاقات في المجتمع المسلم على اختلافها وتنوعها وهكذا فما هو رأيكم في هذا الموضوع وهل هناك دراسات تفصيلية حوله نأمل المشاركة والإفادة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Apr 2005, 06:36 ص]ـ
أخي الكريم المازني
ما ذكرته يُسميه بعضهم بالوحدة الموضوعية للسور، وهو موضوع قد تكلم فيه العلماء من القديم، وقد ذكره ابن تيمية في بعض كتاباته في التفسير، كما ذكره الشاطبي في الموافقات، وفي الموضوع بعض التنبيهات:
الأول: أنَّ هذا من القول بالرأي، فيحسن ممن يريد الكلام فيه أن يكون على علم؛ لئلا يذهب به الرأي إلى القول على الله بغير علم، وذلك مما يدخل في قول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
والذيُ يُخشى منه في هذا المقام التَّكلفُ في هذا الموضوع، وافتراض ما لا وجود له، ولزوم ما لا يلزم.
الثاني: أن النظر في المحور يختلف من مجتهد إلى آخر، فقد يرى مجتهد أن محور سورة ما كذا، ويرى مجتهد آخر أن محورها غيره، وذلك أمر تفرضه طبيعة الاختلاف بين المجتهدين، والسؤال الذي يرد هنا: هل يمكن ان يكون للسورة أكثر من محور؟
الثالث: أن المعاصرين لهم عناية بهذا الموضوع، وقد طُرِح في أكثر من كتاب، كالوحدة الموضوعية في القرآن
الرابع: هل بين موضوع (مقاصد السور)، وموضوع (محور السورة) علاقة؟
الخامس:يحسن الحديث عن كيفية استخراج محور السورة، وهل هناك مقدمات علمية ينطلق منها الباحث لإظهارها؟(/)
التحقيق في مسألة اجتماع مد البدل بالمد العارض للسكون في رواية ورش عن نافع
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[13 Apr 2005, 05:03 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
ذهب الكثير من العلماء المتأخرين إلى أنّه إذا اجتمع بدل بالمدّ العارض للسكون نحو {وبالآخرة هم يوقنون} فإنّ في الآية ستة أوجه وهي قصر البدل مع تثليث العارض ثم توسط البدل مع التوسط والطول في العارض ثم مدّهما جميعاً بالطول وممن أخذ بهذا القول العلامة الطباخ وتبعه العلامة الخليجي في كتابه حلّ المشكلات حيث قال " وليس ذلك مخصوصاً بالعارض للسكون الذي فيه همز بل هو عام في جميع المد العارض للسكون لكونه أقوى من البدل كما علمت ونبّه على ذلك العلامة الطباخ " وممن أخذ بهذا القول الشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله في البدور الزاهرة وهذا الكلام فيه نظر ويحتاج إلى تحقيق فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: إننا لمّا رجعنا إلى الكتب المعتمدة كالنشر وشروح الشاطبية وغيث النفع ونجوم الطوالع للمارغني رحمه الله وإتحاف فضلاء البشر وكنز المعاني للجمزوري والإتحاف للحسيني وغيرها لم أجد من أخذ بهذا القول وإنّما ذكروا ذلك عند اجتماع بدل بالبدل العارض للسكون نحو {آمنوا} مع {مستهزءون} والأمر يختلف تماماً.
ثانيا: إنّ تعليل من ذهب إلى هذا القول بأنّ المدّ العارض للسكون أقوى من البدل غير صحيح لأنّه من المعلوم أنّ تقديم الأقوى يكون عند اجتماع سببين في حرف واحد نحو {مستهزءون} فاجتمع في الواو بدل ومدّ عارض للسكون وكذا {آمّين} فاجتمع في الألف بدل ومدّ لازم فإذاً يُقدّم الأقوى عند اجتماع سببين في حرف واحد، فتقديم الأقوى منوطٌ باجتماع سببسن. أمّا كلمة {يوقنون} ونحوها فليس فيها اجتماع سببين فالأمر يختلف.
ثالثاً: إن كان تعليلهم صحيحاً لماذا لم يمنع العلماء مثلاُ وجه قصر العارض للسكون مع مدّ المنفصل مع تواتر ذلك في القراءات المتواترة مع أنّ العارض أقوى من المدّ المنفصل، وهذا يؤكدّ أن تقديم الأقوى جائز ومتواتر إذا لم يجتمعا في حرف واحد.
وعلى ما ذكرنا فإنّه إذا اجتمع بدل بالمدّ العارض للسكون في رواية ورش عن نافع فتكون عدد الأوجه تسعة وهي تثليث العارض مع أوجه البدل الثلاثة والعلم عند الله.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
محمد يحي شريف الجزائري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:45 م]ـ
مرحباً بالأخ الكريم محمد بن يحيى الجزائري بين إخوانه في ملتقى أهل التفسير، وأشكرك على هذا التنبيه الدقيق في رواية ورش. ونرحب دائماً بمشاركاتكم وإفاداتكم وفقكم الله.(/)
سؤال عن قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ... )
ـ[زينب]ــــــــ[14 Apr 2005, 02:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ارجوا من الاخوه الكرام من يستطيع يجاوب واذا غير صحاح السته او شروح هذه الكتب تكون عندكم موجوده تكتبون لي بعضها
لكن سوال المهم هو ان هذه الايه ((فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضه ولا جناح ... ))
تدل علي ماذا وما الدليل
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[12 May 2005, 01:08 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي الفاضلة
الآية - سهلة التفسير إذا قرأناها دون النظر الي الأحاديث النبوية
اي أقصد
أن تقرئي الآيات التي قبلها ثم التي بعدها
دون أن يكون عندك أي محاولة للوي الآيات القرآنية و معانيها لتوافق بما يسمى "بالمتعة "
لعرفة أن الآية هذه لا تتكلم إلا عن الزواج
فالآيات التي قبلها - كانت عن المحرمات - أي التي لا يجوز نكاحهن
ثم بعد الإنتهاء من عدهن
بدأ بالنساء المسموح نكاحهن - فجاءت هذه الآية بعد آيات التحريم
ثم عندي - حوار في منتديات أخرى حول سبب نزول هذه الآية
فوجدت أن الآية - سبب نزولها لم يكن الحروب. و الله أعلم
فإن كان القصد هو البحث عن تأويل هذه الآية إذا ما كانت تتكلم عن المتعة
فسآتيك بالحورا و النقاط حول هذه النقطة
لكي أثبت بأنها لا تمت لا من قريب و لا من بعيد بشيء يسمى بـ " المتعة ". و الله أعلم
/////////////////////////////////////////////////
ـ[الجواب الكافي]ــــــــ[12 May 2005, 01:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير فتح القادير للشوكاني في هذا الاية
"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن" ما موصولة فيها معنى الشرط، والفاء في قوله "فآتوهن" لتضمن الموصول معنى الشرط، والعائد محذوف: أي فآتوهن أجورهن عليه. وقد اختلف أهل العلم في معنى الآية: فقال الحسن ومجاهد وغيرهما: المعنى فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي "فآتوهن أجورهن" أي مهورهن. وقال الجمهور: إن المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام، ويؤيد ذلك قراءة أبي بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما صح ذلك من حديث علي قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وهو في الصحيحين وغيرهما، وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، والله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً". وفي لفظ لمسلم أن ذلك كان في حجة الوداع، فهذا هو الناسخ. وقال سعيد بن جبير: نسختها آيات الميراث إذ المتعة لا ميراث فيها. وقالت عائشة والقاسم بن محمد: تحريمها ونسخها في القرآن، وذلك قوله تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين " وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم ولا مما ملكت أيمانهم، فإن من شأن الزوجة أن ترث وتورث، وليست المستمتع بها كذلك. وقد روي عن ابن عباس أنه قال بجواز المتعة وأنها باقية لم تنسخ. وروي عنه أنه رجع عن ذلك عند أن بلغه الناسخ. وقد قال بجوازها جماعة من الروافض ولا اعتبار بأقوالهم. وقد أتعب نفسه بعض المتأخرين بتكثير الكلام على هذه المسألة وتقوية ما قاله المجوزون لها، وليس هذا المقام مقام بيان بطلان كلامه. وقد طولنا البحث ودفعنا الشبه الباطلة التي تمسك بها المجوزون لها في شرحنا للمنتقى فليرجع إليه
-----------------------------------------------
تفسير الجامع لاحكام القرآن للقرطبي في هذا الاية
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" الاستمتاع التلذذ والأجور المهور؛ وسمي المهر أجرا لأنه أجر الاستمتاع، وهذا نص على أن المهر يسمى أجرا، وذلك دليل على أنه في مقابلة البضع؛ لأن ما يقابل المنفعة يسمى أجرا. وقد اختلف العلماء في المعقود عليه في النكاح ما هو: بدن المرأة أو منفعة البضع أو الحل؛ ثلاثة أقوال، والظاهر المجموع؛ فإن العقد يقتضي كل ذلك. والله أعلم.
@ واختلف العلماء في معنى الآية؛ فقال الحسن ومجاهد وغيرهما: المعنى فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الصحيح "فآتوهن أجورهن" أي مهورهن، فإذا جامعها مرة واحدة فقد وجب المهر كاملا إن كان مسمى، أو مهر مثلها إن لم يسم، فإن كان النكاح فاسدا فقد اختلفت الرواية عن مالك في النكاح الفاسد، هل تستحق به مهر المثل، أو المسمى إذا كان مهرا صحيحا؟ فقال مرة المهر المسمى، وهو ظاهر مذهبه؛ وذلك أن ما تراضوا عليه يقين، ومهر المثل اجتهاد فيجب أن يرجع إلى ما تيقناه؛ لأن الأموال لا تستحق بالشك. ووجه قوله: "مهر المثل" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها). قال ابن خويز منداد: ولا يجوز أن تحمل الآية على جواز المتعة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وحرمه؛ ولأن الله تعالى قال: "فأنكحوهن بإذن أهلهن "ومعلوم أن النكاح بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بولي وشاهدين، ونكاح المتعة ليس كذلك. وقال الجمهور: المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام. وقرأ ابن عباس وأبي وابن جبير "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فأتوهن أجورهن "ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سعيد بن المسيب: نسختها آية الميراث؛ إذ كانت المتعة لا ميراث فيها. وقالت عائشة والقاسم بن محمد: تحريمها ونسخها في القرآن؛ وذلك في قوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانكم فإنهم غير ملومين" [المؤمنون: 5]. وليست المتعة نكاحا ولا ملك يمين. وروى الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة، قال: وإنما كانت لمن لم يجد، فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت. وروى عن علي رضى الله عنه أنه قال: نسخ صوم رمضان كل صوم، ونسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الطلاق والعدة والميراث المتعة، ونسخت الأضحية كل ذبح. وعن ابن مسعود قال: المتعة منسوخة نسخها الطلاق والعدة والميراث. وروى عطاء عن ابن عباس قال: ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم بها عباده ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا شقي.
@ واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت؛ ففي صحيح مسلم عن عبدالله قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء؛ فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. قال أبو حاتم البستي في صحيحه: قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم "ألا نستخصي" دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع، ولو لم تكن محظوره لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهى عنها عام خيبر، ثم أذن فيها عام الفتح، ثم حرمها بعد ثلاث، فهي محرمة إلى يوم القيامة. وقال ابن العربي: وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة؛ لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس، ثم حرمت بعد ذلك واستقر الأمر على التحريم، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة، لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك. وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها: إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات؛ فروى ابن أبي عمرة أنها كانت في صدر الإسلام. وروى سلمة بن الأكوع أنها كانت عام أوطاس. ومن رواية علي تحريمها يوم خيبر. ومن رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وهذه الطرق كلها في صحيح مسلم؛ وفي غيره عن علي نهيه عنها في غزوة تبوك؛ رواه إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي، ولم يتابع إسحاق بن راشد على هذه الرواية عن ابن شهاب؛ قال أبو عمر رحمه الله. وفي مصنف أبي داود من حديث الربيع بن سبرة النهي عنها في حجة الوداع، وذهب أبو داود إلى أن هذا أصح ما روي في ذلك. وقال عمرو عن الحسن: ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ما حلت قبلها ولا بعدها. وروي هذا عن سبرة أيضا؛ فهذه سبعة مواطن أحلت فيها المتعة وحرمت. قال أبو جعفر الطحاوي: كل هؤلاء الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاقها أخبروا أنها كانت في سفر، وأن النهي لحقها في ذلك السفر بعد ذلك، فمنع منها، وليس أحد منهم يخبر أنها كانت في حضر؛ وكذلك روي عن ابن مسعود. فأما حديث سبرة الذي فيه إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لها في حجة الوداع فخارج عن معانيها كلها؛ وقد اعتبرنا هذا الحرف فلم نجده إلا في رواية عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز خاصة، وقد رواه إسماعيل بن عياش عن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز فذكر أن ذلك كان في فتح مكة وأنهم شكوا إليه العزبة فرخص لهم فيها، ومحال أن يشكوا إليه العزبة في حجة الوداع؛ لأنهم كانوا حجوا بالنساء، وكان تزويج النساء بمكة يمكنهم، ولم يكونوا حينئذ كما كانوا في الغزوات المتقدمة. ويحتمل أنه لما كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم تكرير مثل هذا في مغازيه وفي المواضع الجامعة، ذكر تحريمها في حجة الوداع؛ لاجتماع الناس حتى يسمعه من لم يكن سمعه، فأكد ذلك حتى لا تبقى شبهة لأحد يدعي تحليلها؛ ولأن أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا.
@ روى الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن عمار مولى الشريد قال: سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح؟ قال: لا سفاح ولا نكاح. قلت: فما هي؟ قال: المتعة كما قال الله تعالى. قلت: هل عليها عدة؟ قال: نعم حيضة. قلت: يتوارثان، قال: لا. قال أبو عمر: لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق. وقال ابن عطية: "وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى أجل مسمى؛ وعلى أن لا ميراث بينهما، ويعطيها ما اتفقا عليه؛ فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل ويستبرئ رحمها: لأن الولد لا حق فيه بلا شك، فإن لم تحمل حلت لغيره. وفي كتاب النحاس: في هذا خطأ وأن الولد لا يلحق في نكاح المتعة".
قلت: هذا هو المفهوم من عبارة النحاس؛ فإنه قال: وإنما المتعة أن يقول لها: أتزوجك يوما - أو ما أشبه ذلك - على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك؛ وهذا هو الزنى بعينه ولم يبح قط في الإسلام؛ ولذلك قال عمر: لا أوتى برجل تزوج متعة إلا غيبته تحت الحجارة.
@ وقد اختلف علماؤنا إذا دخل في نكاح المتعة هل يحد ولا يلحق به الولد أو يدفع الحد للشبهة ويلحق به الولد على قولين؛ ولكن يعذر ويعاقب. وإذا لحق اليوم الولد في نكاح المتعة في قول بعض العلماء مع القول بتحريمه، فكيف لا يلحق في ذلك الوقت الذي أبيح، فدل على أن نكاح المتعة كان على حكم النكاح الصحيح، ويفارقه في الأجل والميراث. وحكى المهدوي عن ابن عباس أن نكاح المتعة كان بلا ولي ولا شهود. وفيما حكاه ضعف؛ لما ذكرنا. قال ابن العربي: وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه عنها، فانعقد الإجماع على تحريمها؛ فإذا فعلها أحد رجم في مشهور المذهب. وفي رواية أخرى عن مالك: لا يرجم؛ لأن نكاح المتعة ليس بحرام، ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون سائر العلماء؛ وهو أن ما حرم بالسنة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا؟ فمن رواية بعض المدنيين عن مالك أنهما ليسا بسواء؛ وهذا ضعيف. وقال أبو بكر الطرطوسي: ولم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن حصين وابن عباس وبعض الصحابة وطائفة من أهل البيت. وفي قول ابن عباس يقول الشاعر:
أقول للركب إذ طال الثواء بنا يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
في بضة رخصة الأطراف ناعمة تكون مثواك حتى مرجع الناس
(يُتْبَعُ)
(/)
وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخة، وأن المتعة حرام. وقال أبو عمر: أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس. وقال معمر: قال الزهري: ازداد الناس لها مقتا حتى قال الشاعر:
قال المحدث لما طال مجلسه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
كما تقدم.
-----------------------------------------------
تفسير البحر المحيط لأبو حيان الأندلسي في هذه الاية
{فَمَا ?سْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وابن زيد، وغيرهم: المعنى فإذااستمتعتم بالزوجة ووقع الوطء، ولو مرة، فقد وجب إعطاء الأجر وهو المهر، ولفظة ما تدل على أن يسيرالوطء يوجب إيتاءالأجرة. وقال الزمخشر: فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو خلوة صحيحة، أو عقد عليهن، فآتوهن أجورهن عليه انتهى. وأدرج في الاستمتاع الخلوة الصحيحة على مذهب أبي حنيفة، إذ هو مذهبه. وقد فسر ابن عباس وغيره الاستمتاع هنا بالوطء، لأن إيتاء الأجر كاملاً لا يترتب إلا عليه، وذلك على مذهبه ومذهب من يرى ذلك. وقال ابن عباس أيضاًومجاهد، والسدي، وغيرهم: الآية في نكاح المتعة. وقرأ أبي، وابن عباس، وابن جبير: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمىفآتوهن أجورهن. وقال ابن عباس لأبي نضرة: هكذا أنزلها الله. وروي عن عليّ أنه قال: لولا أنّ عمر نهى عنالمتعة ما زنى إلا شقي. وروي عن ابن عباس: جواز نكاح المتعة مطلقاً. وقيل عنه: بجوازها عند الضرورة، والأصح عنهالرجوع إلى تحريمها. واتفق على تحريمها فقهاء الأمصار. وقال عمران بن حصين: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة، ومات بعدما أمرنا بها، ولم ينهنا عنه قال رجل بعده برأيه ما شاء. وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين. وقد ثبت تحريمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عليّ وغيره. وقد اختلفوا في ناسخ نكاح المتعة، وفي كيفيته، وفي شروطه، وفيما يترتب عليه من لحاق ولد أو حدّ بما هو مذكور في كتب الفقه، وكتب أحكامالقرآن، وما من قوله: فما استمتعتم به منهن، مبتدأ. ويجوز أن تكون شرطية، والخبر الفعل الذي يليها، والجواب: فآتوهن، ولابد إذ ذاك من راجع يعود على اسم الشرط. فإن كانت ما واقعة على الاستمتاع فالراجع محذوف تقديره: فأتوهن أجورهنمن أجله أي: من أجل ما استمتعتم به. وإن كانت ما واقعة على النوع المستمتع به من الأزواج، فالراجع هوالمفعول بآتوهن وهو الضمير، ويكون أعاد أولاً في به على لفظ ما، وأعاد على المعنى في: فآتوهن، ومن في: منهنعلى هذا يحتمل أن يكون تبعيضاً. وقيل: يحتمل أن يكون للبيان. ويجوز أن تكون ما موصولة، وخبرها إذ ذاك هو: فآتوهن، والعائد الضمير المنصب في: فآتوهن إن كانت واقعة على النساء، أو محذوف إن كانت واقعة على الاستمتاع على مابين قبل. والأجور: هي المهور. وهذا نص على أنّ المهر يسمى أجراً، إذ هو مقابل لما يستمتع به. وقداختلف في المعقود عليه بالنكاح ما هو؟ أهو بدن المرأة، أو منفعة العضو، أو الكل؟ وقال القرطبي: الظاهر المجموع، فإنالعقد يقتضي كل هذا. وإن كان الاستمتاع هنا المتعة، فالأجر هنا لا يراد به المهر بل العوض كقوله:
-----------------------------------------------------------------
تفسير زاد المسير لابن الجوزي في هذه الاية
قوله تعالى: {فَمَا ?سْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فيه قولان.
أحدهما: أنه الاستمتاع في النكاح بالمهور، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجمهور.
والثاني: أنه الاستمتاع إلى أجل مسمى من غير عقد نكاح. وقد روي عن ابن عباس: أنه كان يفتي بجواز المتعة، ثم رجع عن ذلك وقد تكلف قوم من مفسري القراء، فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلف لا يحتاج إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة، ثم منع منها فكان قوله منسوخا بقوله. وأما الآية، فانها لم تتضمن جواز المتعة. لأنه تعالى قال فيها: {أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْو?لِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَـ?فِحِينَ} فدل ذلك على النكاح الصحيح. قال الزجاج: ومعنى قوله:
{فَمَا ?سْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله {مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَـ?فِحِينَ} أي: عاقدين التزويج {وَ?لْمُحْصَنَـ?تُ مِنَ} أي: مهورهن. ومن ذهب في الآية إلى غير هذا، فقد أخطأ وجهل اللغة.
------------------------------------------------------------------
تفسير الجواهر الحسان للثعالبي في هذه الاية
وقوله سبحانه استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن قال ابن عباس وغيره المعنى فإذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء ولو مرة فقد وجب إعطاء الأجر وهو المهر كله وقال ابن عباس أيضا وغيره إن الآية نزلت في نكاح / صفحة 215 / المتعة قال ابن المسيب ثم نسخت قال ع وقد كانت المتعة في صدر الإسلام ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم
----------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجواب الكافي]ــــــــ[12 May 2005, 03:11 م]ـ
لا يستغرب القارئ هذا الموضوع، فأنا أكتبه لأني قد ناقشت أحد العلماء من أهل السنة ممن تأثر بالشيعة وأحلّ المتعة، معتمداً على تضعيف الحديث الصحيح الذي يحرّم المتعة. فأنا أنقل بعض ما أحتج به عليه إلى هذا المنتدى للفائدة، خاصة لمن يتناقش مع الشيعة.
الأدلة:
قال أبو نعيم: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة الجهني {أن أباه أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حتى نزلوا عسفان ; وذكر قصة أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بالإحلال بالطواف إلا من كان معه هدي ; قال: فلما أحللنا قال: استمتعوا من هذه النساء والاستمتاع التزويج عندنا , فعرضنا ذلك على النساء فأبين إلا أن نضرب بيننا وبينهن أجلا , فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: افعلوا.} فخرجت أنا وابن عمي وأنا أشب منه ومعي برد ومعه برد , فأتينا امرأة فأعجبها برده وأعجبها شبابي , فقالت: برد كبرد وهذا أشب ; وكان بيني وبينها عشر فبت عندها ليلة ثم أصبحت فخرجت إلى المسجد , فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الركن والمقام يقول: {يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء , ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة , فمن بقي عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.}
الحديث يدور حول عبد العزيز بن عمر
وهو ابن الخليفة الأموي الراشد عمر بن العزيز رحمه الله
وإليك أقوال العلماء فيه:
يحيى بن معين: ثقة. وفي رواية: ثبت، روى شيئا يسيراً.
أبو داود: ثقة.
محمد بن عبد الله بن عمار الموصلى: ثقة، ليس بين الناس فيه اختلاف.
أبو نعيم: هو ثقة.
أبو زرعة: لا بأس به.
أبو حاتم: يكتب حديثه.
أبو مسهر: ضعيف الحديث.
و ذكره ابن حبان فى "الثقات"، و قال: يخطىء. يعتبر حديثه إذا كان دونه ثقات. قلت: لقد احتج به ابن حبان في صحيحه وأخرج له هذا الحديث.
و حكى الخطابي (والله أعلم بالسند)، عن أحمد بن حنبل، قال: ليس هو من أهل الحفظ و الإتقان. قال ابن حجر: يعني بذلك سعة المحفوظ، وإلا فقد قال يحيى بن معين: هو ثبت روى شيئا يسيراً. وقال ابن حجر في مقدمة الفتح: لم يثبت عن أحمد تضعيفه. قلت: ولذلك لم يذكر الذهبي قول أحمد أصلاً.
وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ. وقول ابن حجر صدوق ليس بجرح. لأن له اصطلاح خاص بكلمة صدوق في كتابه التقريب. فقد قال: "الصدوق، الثبت الذي يهم أحيانا - وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا يحتج به".
وقال الذهبي في الكاشف: ثقة.
وروى عنه جمعٌ من الثقات ممن لا يروون إلا عن ثقة مثل شعبة ويحيى بن سعيد القطان.
وأخرج حديثه الجماعة.
قال الذهبي في الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب (ص128): "وثقوه، ولينه أبو مسهر فقط بلا حجة". وقال في الميزان (4\ 369): "صح عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي. وثقه جماعة، وضعفه أبو مسهر وحده".
أقول فلا يقبل الجرح المبهم غير المفسر مع توثيق الجماعة، خاصة أن توثيقهم قوي.
فقد وثقه يحيى بن معين وأبو داود والنسائي وأبو زرعة وابن عمار وأبو نعيم وشعبة ويحيى القطان، واحتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما. فهذا ثقة بلا ريب، والحديث صحيح.
أنقل لهنا بعض الآثار التي أحتج بها على الشيخ المومئ إليه. وقد تأثر بكتاب شيعي ينسب المتعة لكثير من الصحابة كعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين (مع أن كلامه كان عن متعة الحج وليس النساء!) بل حتى علي بن أبي طالب!!
++++++++
ينسب الشيعة الإمامية تحليل المتعة إلى كثيرٍ من الصحابة والتابعين، بعد نهي عمر. وهذا كذبٌ صريحٌ كما سنرى عند التحقيق.
أبو هريرة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الطحاوي شرح معاني الآثار (3\ 26): حدثنا أبو بكرة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل (ليّن) قال ثنا عكرمة بن عمار (جيد إلا في يحيى بن أبي كثير) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري (ثقة) عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله ? في غزوة تبوك فنزل ثنية الوداع. فرأى مصابيح ونساء يبكين، فقال: «ما هذا؟». فقيل: «نساء تمتع بهن أزواجهن وفارقوهن». فقال رسول الله ?: «إن الله حرم –أو هدر– المتعة بالطلاق والنكاح والعدة والميراث». وأخرجه البيهقي في سننه (7\ 207) من طريق مؤمل. والحديث حسّنه ابن حجر، وله شاهد عند الطبراني من حديث جابر من طريق صدقة بن عبد الله. ومذهبنا أن لا نحتج بالحديث الحسن.
عبد الله بن مسعود:
أخرج عبد الرزاق في مصنفه (7\ 506 #14048): عن ابن عيينة (الإمام الثبت المشهور) عن إسماعيل (بن أبي خالد، ثقة ثبت) عن قيس (بن أبي حازم، ثقة مخضرم احتج به الشيخان) عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا نغزو مع رسول الله ?، فتطول غزبتنا. فقلنا: "ألا نتخصي يا رسول الله؟ ". فنهانا، ثم رَخَّصَ أن نتزوج المرأة إلى أجلٍ بالشيء. ثم نهانا عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية».
قال محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة) في كتاب الآثار (1\ 152): باب المتعة (#698) حدثنا يوسف عن أبيه (قاضي القضاة) عن أبي حنيفة (الإمام) عن حَمَّاد (فقيه الكوفة) عن إبراهيم (النخعي، أعلم الناس بحديث ابن مسعود) عن عبد الله بن مسعود ? أنه قال: «شكونا العزوبة فأُحِلَّت لنا المتعة ثلاثا قط، ثم نسختها آية النكاح والعدة والميراث». قلت: هذا إسنادٌ رجاله كلهم أئمة فقهاء مشاهير.
جعفر الصادق:
أخرج البيهقي في سننه الكبرى (7\ 207): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو محمد الحسن بن سليمان الكوفي ببغداد ثنا محمد بن عبد الله (بن سليمان المطين الكوفي، ثقة) الحضرمي ثنا إسماعيل بن بهرام (جيد) ثنا الأشجعي (إمام ثبت) عن بسام الصيرفي (شيعي جيد) قال: سألت جعفر بن محمد (هو جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب) عن المتعة، فوصفتها. فقال لي: «ذلك الزنا».
معاوية بن أبي سفيان:
وأخرج عبد الرزاق (7\ 499): عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله ? يقول: «استمتع معاوية ابن أبي سفيان مقدمة من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي يقال لها معانة». قال جابر: «أدركت معناة خلافة معاوية حَيّة». قلت: فهذا صريحٌ أن استمتاع معاوية ? كان قبل التحريم وليس في عهد عمر (وهو من أسمع الناس له) ولا بعهد خلافته.
أبو سعيد الخدري:
وروى عبد الرزاق في مصنفه (7\ 498): عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: وأخبرني من شئت (رجل مجهول)، عن أبي سعيد الخدري قال: «لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سويقاً». قلت: إسناده ضعيف لأن عطاء يأخذ من الضعفاء، على أن الخبر لو صح ليس فيه دلالة على أن ذلك بعد التحريم.
ابن جريج:
روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج أنه قال لهم بالبصرة: «اشهدوا أني قد رجعت عنها»، بعد أن حدَّثهم بثمانية عشر حديثاً أنها لا بأس بها.
-يتبع إن شاء الله-
أمنا عائشة:
قال ابن عبد البر في التمهيد (10\ 116): «وأجمعوا أن المتعة نكاح لا إشهاد فيه ولا ولي، وأنه نكاحٌ إلى أجَلٍ تقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما. وهذا ليس حكم الزوجات في كتاب الله ولا سنة رسوله ?». ثم روى عن الحارث بن أبي أسامة (وهو في زوائده للهيثمي ص537) قال: حدثنا بشر بن عمر (ثقة) قال حدثنا نافع بن عمر (ثقة ثبت) عن ابن أبي مليكة (ثقة ثبت فقيه): أن عائشة كانت إذا سَئِلَت عن المتعة، قالت: «بيني وبينكم كتاب الله. قال الله –عز وجل–: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}. فمن ما زوجه الله أو ما ملكه فقد عدا».
--------------------------------
بقلم الاخ محمد الامين احد اعضاء ملتقى اهل الحديث
ـ[أبو لبابة]ــــــــ[12 May 2005, 03:30 م]ـ
السلام عيكم ورحمة الله
أضع بين أيديكم ما أفهمه من الآية ولم أرجع بعد إلى أي مرجع في هذا الشأن فأرجو تقييم فهمي من الناحية العلمية جزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد ما أورد السياق القرآني المحرمات من النساء - بسبب النسب أو المصاهرة - تابع ذلك في مستهل الآية التالية فذكر المحصنات - أي المتزوجات - فهن أيضا من المحرمات، قال جل شأنه:
(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما)
ما هنا مصدرية زمانية، بمعنى (آتوهن أجرهن المفروض عليكم مدة إحصانكم لهن أي طالما كن على عصمكم فآتوهن ما فرض الله لهن من أموالكم)
لكن ما هو الأجر المفروض؟
الغريب أن نحصر الأجر الوارد في هذا السياق بالمهر، بينما نجد فقهيا أن هناك واجبا أكبر وأثقل من المهر ألا وهو النفقة، ومما يرجح كونه النفقة التعبير بقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن) أي مدة استمتاعكم بهن التي يمكن أن تستمر عشرات السنين فهل يعقل أن يكون الأجر هو المهر الذي من الممكن ألا يتجاوز دراهم معدودة؟!
وهل المهر مقابل البضع؟ أم هو عطاء رمزي يستوي معناه مع المتعة التي تعطى للمرأة في حالة الطلاق (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)؟ الله أعلم
وإن لم يكن المهر مقابل البضع فماذا يقابل البضع إذن؟ أقول البضع استمتاع من الرجل حق للرجل يستوفيه من المرأة مقابل استمتاع من المرأة بالرجل تستوفيه منه أيضا وهذه فيما أرى هي المعاوضة الحقيقية في عقد النكاح، بدليل جواز طلب فسخ النكاح من قبل المرأة إن كان الرجل عنينا (حتى ولو ضاعف المهر والنفقة) وكذلك جواز طلب الفسخ من الرجل في حالة كون المرأة قرناء أو رتقاء إلخ ..
إذن النفقة مقابل ماذا؟
أقول والله أعلم الاستمتاع مقابل الاستمتاع والنفقة من الرجل مقابل انحباس المرأة للرجل فلا تتصرف بنفسها بحل أو ارتحال ولا في بيتها إلا بإذنه والله أعلم.
أما أن يدل الأجر في الآية على جواز نكاح المتعة فهذا ما لاتحتمل الآية الدلالة عليه لا بمنطوقها ولا بمفهومها والله أعلم.
أبو لبابة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 May 2005, 07:58 م]ـ
قلت يا أبا لبابة ((أقول والله أعلم الاستمتاع مقابل الاستمتاع والنفقة من الرجل مقابل انحباس المرأة للرجل فلا تتصرف بنفسها بحل أو ارتحال ولا في بيتها إلا بإذنه والله أعلم.))
أظن أنه يخالف القطعي في كون إستمتاع الرجل بالمرأة يقابله صداق ونفقة منه---لا يمكن أن نقبل قولك ونترك القطعي
ـ[أبو لبابة]ــــــــ[14 May 2005, 03:59 م]ـ
الأخ جمال
أي دليل قطعي تقصد؟
وهل هو قطعي الورود قطعي الدلالة حتى ينحسم الخلاف؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 May 2005, 04:51 م]ـ
لا ---- أقصد قطعي الثبوت
أما بالنسبة للدلالة فاعذرني لاستبعادي لإستدلالك(/)
ما منهج أبي بكر الصديق في تدوين القراءات؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[14 Apr 2005, 05:42 م]ـ
المشهور في كتب علوم القرآن أن الصحف التي أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بكتابتها كانت مشتملة على الأحرف السبعة، فهل من دليل على كونها كذلك؟ وما المنهج الذي اتبعه في الرسم عند تعدد القراءات في آية ما؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Apr 2005, 02:23 م]ـ
أخي الكريم أحمد القصير
سؤالك هذا من عويص مسائل علوم القرآن، وهو من المشكلات في جمع القرآن الكريم، وسأدلي لك ببعض الأفكار حول هذه المسألأة، وهي ليست نهائية، بل ما زالت قيد المدارسة والنقاش، وإن كنت أميل إليها، فأقول:
أولاً: هذا الحكم يُبنى على معنى الأحرف السبعة عند القائل به، وذلك ما لم أره قد تبيَّن عند من قال به.
ثانيًا: هل المراد بالكتابة حفظ النصِّ المقروء بجميع صورِه، أم حفظ أصل يُرجَعُ إليه في حال الاختلاف، ويكون مستندًا لمن يجيء بعد أبي بكر رضي الله عنه؟
وجواب ذلك أن كتابة النصِّ بجميع صوره المقروءة ممكنة عقلاً فيما يمكن رسم صورته، وممتنعة فيما يتعلق بالصوتيات؛ كالإمالة والإدغام والإشمام وغيرها.
لكن هل ثبت يقينًا أنه كتب جميع الصُّورِ المنطوق بها؟
الذي بين أيدينا من المصحف العثماني فيه بعض صور المرسوم التي استُغني عن كتابتها، وثبتت قراءته بوجهين، ومن ذلك (الصراط، ضنين، لأهب).
قال أبو داود سليمان بن نجاح في كتابه مختصر التبيين لهجاء التنْزيل (4: 828): ((وكتبوا في جميع المصاحف (لأهب) بلام ألف، وقرأ نافع من رواية ورش عنه، والحلواني وسالم بن هارون عن قالون، وأبو عمر بياء مفتوحة بين اللام والألف على إخبار المتكلم، وكذا روى إسماعيل والمسيبي عن نافع وأحمد بن صالح عن قالون عنه، وابن جبير عن أصحابه)).
وهذا يدلك على أنه لا يلزم كتابة جميع صور المقروء، بل الاعتماد على المحفوظ من المقروء هو المقدَّم في هذا الباب، لكن لا يوجد نقص في لفظة، بحيث تُقرأ ولا توجد لها صورة مرسومة.
وبهذا يمكن القول بأن كتابة المصحف في عهد أبي بكر حوت صورة المقروء، ولو أهملت بعض وجوه الاختلاف في المرسوم؛ لأنَّ المقصود الأكبر الاحتفاظ بالقرآن مكتوبًا، وما قام به أبو بكر ـ لو كان بوجه من وجوه المرسوم ـ متعيِّن في حفظ القرآن.
وفهم هذه المسألة ـ وهي علاقة الملفوظ بالمرسوم ـ تحلُّ إشكالات كثيرة فيما يتعلق بتدوين المصحف وجمعه.
ثالثًا: مما يمكن الاستناد إليه في هذا معرفة علاقة عمل عثمان في المصاحف بعمل أبي بكر قبله، وهذا مما دخله الاحتمال العقلي، حتى صارت هذه الاحتمالات ـ عند بعضهم ـ كاليقين، وليس الأمر كذلك، والذي يظهر ـ والله أعلم ـ ما يأتي:
أنَّ عثمان أراد بعمله هذا أن يكون بين المسلمين مرجعًا يرجعون إليه، ولا يختلفون فيه، وكان عمدته في هذا عمل أبي بكر، فأخذ ما في مصحف أبي بكر، وفرقه بين المصاحف ـ إن كان كتبه بوجوه مختلفة من الرسم، أو أضاف إليه رسم بعض الوجوه المقروءة ـ ولم يحذف منه شيئًا، ومن زعم غير ذلك فعليه الدليل.
كما أنه يظهر أنَّ عمل أبي بكر كان جمعًا لمتفرِّقٍ، حيث كان القرآن مكتوبًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدوات متفرقة كما هو معروف، فجمعه أبو بكر في مصحف واحدٍ، ثم جاء عثمان ففرَّق ما في مصحف أبي بكر، ولم يكتف بذلك، بل أرسل مع كل مصحفٍ قارئًا يقرئ الناس بما في هذا المصحف، وما ذاك إلا لأن القراءة قاضية على الرسم، لذا قرأ بعضهم (بظنين، السراط، ليهب) مع اتفاق المصاحف بكتابتها بغير هذه الصورة.
كما أنَّ الأصل الذي يدل عليه العقل أن يكون عين المكتوب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عين المكتوب في عهد أبي بكروعثمان، وإن كان ثمَّت اختلافٍ ففي طريقة كتابته، وهو ما يدخل في باب التنوع في الرسم فحسب، وإلا فالقرآن كاملٌ منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وما مات إلا وقد عُرِف ما هو قرآن باقٍ مما ليس بقرآن، وجهل بعض الصحابة بشيء من ذلك لا يعني صحة اختلافهم مع إجماع غيرهم على خلافهم.
هذه بعض أفكار حول الموضع، وإن لم تكن قد أجابة بعين ما نريد، لكنها صالحة للمدارسة والمناقشة، والله الموفق للصواب.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[17 Apr 2005, 12:05 ص]ـ
أستاذي الكريم:
لعلك تلاحظ معي أن الروايات التي اهتمت بنقل أحداث وتفاصيل كتابة القرآن في عهد أبي بكر لا تكاد تجد فيها تعرضاً وتفصيلاً لمشكلة الأحرف السبعة، أفلا يكون هذا دليلاً على أن أصل هذه المشكلة لم يكن حينئذ، وفي نظري أن اللجنة المختصة بالكتابة لم تتعرض لمسألة الأحرف السبعة وكيفية تدوينها، ولو فعلت لواجهت بعض المشكلات والتي ستكون محل نقاش بين الصحابة رضوان الله عليهم، وبالتالي فإن الروايات ستسلط الضوء على شيء من هذه النقاشات لتنقل إلينا بعضاً منها، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، أفلا يكون هذا دليلاً على أن أصل المشكلة لم يكن حينئذ.
ومما يقوي هذا الاحتمال أن الروايات نقلت لنا تفاصيل أخرى هي أقل من مشكلة الأحرف السبعة، كالآية التي في آخر سورة التوبة حيث لم توجد إلا مع أبي خزيمة الأنصاري، وهذا مما يقوي دعوى أن مشكلة الأحرف السبعة لم تطرح في مشروع كتابة القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2005, 07:59 ص]ـ
أخي الكريم أحمد
أحسنت الاستدلال، وأنا أوافقك في أنَّ مشكلة الأحرف السبعة لم تظهر لهم، إذ لم ترد إشارة ـ ولو جزئية ـ إليها؛ كما ذكرتَ ـ وفقك الله ـ في تعقيبك.
ومن الملاحظ أن كثيرًا ممن يناقش هذا الموضوع اليوم لا يؤمن بالمجملات، ولا يعتدُّ بالنهايات، فتراه ينقِّبُ عما لا يمكن وجوده، فالنتيجة عندنا اليوم هي وجود هذا المصحف الذي كُتِب فيه كل القرآن، وهو الذي أجمع عليه الصحابة ثمَّ تبعتهم الأمة، سوى شُذَّاذٍ من الرافضة لا عبرة بهم في هذا.
وأقصد من ذلك: أن عدم وجود تفاصيل لهذا الجمع لا يطعن عليه كما يذهب إلى هذا بعض المغرضين من أعداء الدين؛ سواءً من المنصرين أو المستشرقين التوراتيين أو ممن تبعهم من المستغربين.
وهذا الأمر قائم على علم الجدل، ويمكن نقض أقوالهم بدون وجود هذه التفاصيل التي يتَّكئون على عدم وجودها.
ولقد استطردت عن أصل موضوعك ههنا قصدًا؛ لأنبه أن بحثنا ـ نحن المسلمين ـ في هذه الأمور لا يعدو البحث العلمي للاستفادة والتحرير، وليس غرض مثلي ومثلك ـ ولله الحمد ـ كغرض أولئك المستغربين أو أسيادهم.
ولقد قرأت كتاب الفيلسوف الكبير عبد الرحمن بدوي (دفاع عن القرآن ضد منتقديه) الذي عرض فيه نقد بعض المستشرقين والمنصرين للقرآن، فإذا بي أزداد قناعة بتهافت ما عندهم من وجهات نظر، وبقلة عقلهم في هذا الموضوع، حتى إنهم ليتشبثون بسوء فهمهم فيكون لمن بعدهم حجة قوية ومنطقية، ويصير ما كان ظنًّا واحتمالاً حجة علمية، والموضوع ذو شجون، لكني أردت التنبيه على هذا الأمر، والله يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2005, 12:37 م]ـ
حرَّرَ الدكتور عبدالحي الفرماوي في كتابه (رسم المصحف ونقطه) هذه المسألة تَحريراً جيداً لولا ضيق الوقت لنَقلتهُ للمُدارسةِ (103 - 109)، وقد أشار إلى خطوات الكتابة في عهد الصديق رضي الله عنه، ووقف عند هذه النقطة التي أشرتم إليها فأَشارَ إِلى أَنَّ زيداً كان يكتب القراءاتِ المتواترةَ المتلوةَ برسمٍ واحدٍ إِنْ أَمكنَ، فإن لم يصلح رسمٌ واحدٌ لجميعِها كتبَ أَحدها في الأصل، وكتب ما يُخالِفُهُ تَحته أو فَوقه أو بِهامش الآية، أو بغير ذلك من الطرق التي يعرفون بِها أَنَّ للكلمة رسمين أو أكثر، ثُمَّ قال: (وهذا الاحتمالُ وإِنْ كان بغيرِ دليلٍ كما نرى، إِلاَّ أنَّه لا يوجد أيضاً ما يَمنعُ من قَبولهِ) ص 108
وكتب في الحاشية: (ويُبَرِّرُ لهم فعل ذلك أَنَّ هذه الصحف لم تكن مجموعةً لقراءة العامة فيها، وإنَّما جُمعت لحفظ القرآن بين دفتين، خشيةَ الضياع، فلا ضررَ في كتابةِ رَسْمين مع الإشارة التي يَعلَمُ بها أولو العلم أَنَّهما رَسْمان صحيحان، بِخلاف المصاحف العثمانية كما سنرى).
وربَّما يردُّ بعضُ الباحثين بعض الخطوات الدقيقة التي يُشِيْرُ إليها المؤرخون لجمع القرآن دون أن يكون لديهم رواية تاريخية يستندون إليها، بأَنَّ هذا نوعٌ من التحري الدقيق لا يوافق ما كان سائداً عند العرب في بداية الإسلام من التواضع في أدوات الكتابة وطريقتها ونحو ذلك، ولكنَّ المُدقِّق في أمرِ جَمعِ القرآن يَجدُ أَنَّ زيدَ بن ثابتٍ قد سارَ على خِطةٍ غايةٍ في الدقةِ والضبطِ والتحري، وأَنَّه قد احتشدَ لِهذا غايةَ الاحتشاد، وذلك على مرأى ومَسمعٍ مِن جَميعِ الصحابةِ، لو كان أهلُ زماننا هم الذين قاموا بِها لَما وسِعَهم أَكثر مِمَّا قام به زيد بن ثابت رضي الله عنه في ذلك، ثُمَّ إِنَّ الأمرَ قبل ذلك وبعدَه أمرُ حفظِ اللهِ سبحانهُ وتعالى للقرآن، وتَهيئتهِ وهدايتهِ مَنْ قامَ على هذا العملِ إلى أقومِ طريقةٍ، وأَسَدِّ سبيلٍ للنهوض بهذا الأمر، وهذا ما كان والحمد لله.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[20 Apr 2005, 11:02 ص]ـ
أحسنتم نضر الله وجوهكم
ومع فتوري عن الكتابة في الملتقى - دون المتابعة – إلا أن هذا الموضوع حركني للكتابة لأهميتة، وهو موضوع لما ينضج في علوم القرآن، وأرى أنه جدير برسالة علمية، أو بحث علمي محكم على الأقل، ليحرر تحريرا بالغا.
وأقترح أن يكون البحث عبر المراحل التالية:
1. جمع المرويات في الموضوع، والاستقصاء في ذلك ما أمكن.
2. النقد والتمحيص لتلك المرويات، وتمييز المقبول منها من المردود.
3. التحليل لتلك المرويات والربط فيما بينها، وضم النظير إلى نظيره، وتدقيق النظر والاستنباط منها.
4. النظر في الدراسات السابقة لهذا الموضوع، ونقدها، ومقارنته بما تم التوصل إليه.
5. النتائج.
فمن ينبري لها يا أهل القرآن؟
والسلام عليكم،،،(/)
التحقيق في مسألة اجتماع البدل مع {آلذكرين} في رواية ورش عن نافع
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[16 Apr 2005, 06:18 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
منع بعض أهل الأداء وجه التسهيل في كلمة {آلذكرين} في سورة الأنعام على قصر البدل. فعلى هذا القول تكون الأوجه خمسة وهي الإبدال في {آلذكرين} مع ثلاثة البدل والتسهيل في {آلذكرين} مع التوسط والطول في البدل فلذلك قال المتولي رحمه الله في فتح المعطي:
....... نبؤو قصرُه اهمِلا إذا ما بُعَيْدَ اثنينِ قل قد تسهّلاَ
فقوله رحمه الله {نبؤو قَصْرُهُ اهمِلا} أي اهمِل القصر في البدل من كلمة {نبؤني} إذا قرأت بالتسهيل في {آلذكرين} وقد عبّر عنها ببُعيد اثنين لأنها وقعت في الموضعين بعد كلمة {اثنين}. وإلى هذا جنح المحقق القاضي رحمه الله في البدور الزاهرة وكذا العلامة الضباع في هداية المريد وهو ظاهر كلام النشر. وهذه المسألة تحتاج إلى تحقيق وتفصيل من وجهين:
أوّلاً: إنّ منع وجه التسهيل مع قصر البدل قد تعقّبه العلامة الأزميري رحمه الله حيث قال " وأغربُ في النشر قصر نبؤني على التسهيل وهو في التذكرة -لابن غلبون - والحرز ولا وجه لمنعه ".ومعلوم أنّ في التذكرة لم يرد إلاّ القصر في البدل. ولمّا رجعنا إلى النشر وجدنا أنّ الإبدال هو المأخوذ به من التذكرة حيث قال ابن الجزري " وبه قرأنا -أي الإبدال - من طريق التذكرة والهادي ... " النشر (1/ 377).
ولمّا رجعنا إلى كتاب التذكرة وجدنا خلاف ما في النشر حيث قال صاحب التذكرة وهو يتكلّم على {آلذكرين} " فإنّ همزة الاستفهام تحقق فيها، وتسقط نبرة همزة الوصل من اللفظ وتمدّ همزة الاستفهام قليلاً فتصير في اللفظ همزة واحدة بعدها مدّة للفرق بين الاستفهام والخبر، لا خلاف في ذلك بين القراء أجمعين " التذكرة (1/ 115 تحقيق د أيمن رشدي سويد حفظه الله تعالى).
فقول صاحب التذكرة " وتسقط نبرة همزة الوصل من اللفظ " دلالة على التسهيل لا على الإبدال لأنّ أثر الهمزة باقٍ وإنّما حذفت نبرتها فقط بخلاف الإبدال فإنّ الهمزة تبدل ألفاً بحيث لا يبقى لها أثر. وقوله " وتمدّ همزة الاستفهام قليلاً " ولم يقل تمدّ همزة الوصل لأنّ همزة الوصل هي التي تُمدّ عند الإبدال. وقوله " فتصير في اللفظ همزة واحدة بعدها مدّة للفرق بين الاستفهام والخبر " لا يدلّ على الإبدال بل العكس فإنّ هذه العبارة تدلّ على التسهيل كما قال في الهمزتين المفتوحتين من كلمة " فقرأ الحرميان و ........ بتحقيق الهمزة الأولى وجعلوا الثانية بين بين، فصارت كالمدّة في اللفظ في جميع القرءان " نفس المصدر (1/ص111). فقوله بين بين دلالة التسهيل.
وعلى ما ذكرنا فقد تبيّن أنّ صاحب التذكرة قرأ بوجه التسهيل في {آلذكرين} وله في البدل القصر فكيف يمتنع وجه التسهيل على قصر البدل.
ثانياً: إنّ وجه التسهيل مع قصر البدل ثابت أيضاً من طريق الإعلان للصفراوي ومذهبه في البدل الأوجه الثلاثة، قال في النشر (وأثبت الثلاثة -أي ثلاثة البدل - أبو القسم الصفراوي في إعلانه " (النشر 1/ص340) وله الإبدل والتسهيل في {آلذكرين} حيث قال في النشر " والوجه الثاني - أي التسهيل - في التيسير والشاطبية والإعلان " (النشر 1/ص378).
فالحاصل إذاً أنّ وجه التسهيل في {آلذكرين} مع قصر البدل ثابت في التذكرة والشاطبية والإعلان ولا وجه لمنعه كما حققه العلاّمة الأزميري بخلاف من أخذ بظاهر النشر كالمتولّي والضباع وعبد الفتاح القاضي رحمهم الله تعالى أجمعين.وحينئذ يكون عدد الأوجه ستة وهي ثلاثة البدل على وجهي التسهيل والإبدال في {آلذكرين} والعلم عند الله.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألاّ إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك
محمد يحي شريف الجزائري(/)
استفسار حول البحوث التي كتبت عن ابن العربي وكتابه (أحكام القرآن)
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[16 Apr 2005, 08:25 م]ـ
الإخوة الفضلاء من مشرفي ومرتادي ملتقى أهل التفسير وفقكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد قام أحد المشايخ الفضلاء بتسجيل بحثٍ لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر وعنوان بحثه:
اختيارات ابن العربي الفقهية من خلال كتابه أحكام القرآن
وتضمن مخطط البحث ترجمة لذلك العالم رحمه الله وقد سالني عن ما يمكن ان يفيده في هذا البحث فايقنت انني سأجد مبتغاه في موقعكم بإذن الله ووعدته بمراسلتكم كونه لا يحسن التعامل جيداً مع الانترنت كما أن انشغاله في القضاء يحول بينه وبين ما يريد، ثم إنه قد حاول التسجيل في موقعكم فظهرت رسالة بالاعتذار وحاولت التسجيل له وتعذر ذلك.
ارجو منكم التكرم بالمساعدة فيما يعينه في بحثه، وكذلك تمكينه من التسجيل، كتب الله لكم الأجر، ورفع لكم المنزلة، وحرم الوجوه على النار وأحلكم دار الأبرار.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Apr 2005, 09:10 م]ـ
حياكم الله يا أبا عبدالمحسن.
أولاً: نهنئكم بالحصول على درجة الدكتوراه، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.
ثانياً: هناك عدد من البحوث حول ابن العربي رحمه الله منها المطبوع ومنه المخطوط:
- ابن العربي ومنهجه في أحكام القرآن لمصطفى إبراهيم المشني. مطبوع.
- ترجيحات الإمام ابن العربي في كتابه أحكام القرآن "من أول سورة المائدة إلى آخر سورة التوبة" - عرضا ودراسة للباحث آدم عثمان علي. رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية.
- ترجيحات ابن العربي في التفسير من خلال كتابه أحكام القرآن "من أول الفاتحة إلى آخر سورة النساء" -عرض ودراسة. للباحث محمد سيدي عبدالقادر. كالتي قبلها في الجامعة الإسلامية.
- منهج ابن العربي في كتابه: أحكام القرآن. للباحث صالح البليهي. رسالة ماجستير بقسم القرآن بالرياض. 1401هـ.
- جهود القاضي أبو بكر ابن العربي في الدراسات القرآنية. بحث منشور بمجلة دعوة الحق المغربية للباحث أحمد أمحرزي علوي العدد 329
- أبو بكر ابن العربي وتفسير الإمام مالك، بحث منشور بالمجلة نفسها للباحث المهدي السيني، العدد 300
- موازنة بين كتابي: أبو بكر ابن العربي ومكي القيسي في النسخ في القرآن الكريم. بحث منشور بمجلة كلية الدراسات الإسلامية بالإمارات للدكتور أحمد حسن فرحات. العدد 20
وغيرها كثير.
وأما التسجيل فأبشر، ابعث لي باسمه على بريدي وسأسجله الآن. وفقكم الله أبا عبدالمحسن وزادكم من فضله.
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[21 Apr 2005, 12:39 ص]ـ
السلام عليكم
وهناك كتاب متميز في الحديث عن أحكام القرآن لابن عربي بعنوان "لمحات عاجلة إلى أحكام القرآن لابن عربي" للدكتور محمد أبياط في كلية الشريعة في فاس وقد حصلت على نسخة هدية من المؤلف في زيارتي للمغرب قبل عدة أشهر.
والكتاب متميز في أبحاثه ويعطي صورة شاملة عن خصائص ابن العربي ومميزاته في تفسيره وعن طريقته في العرض والمناقشة مع مبحث أخير في إشكالات وصعوبات في الكتاب.
والسلام عليكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Apr 2005, 04:20 م]ـ
حقق الدكتور محمد السليماني كتاب (قانون التأويل) لابن العربي، وقد حلاَّه بمقدمة نفيسة جدًا عن حياة ابن العربي العلمية، وعن معتقده، وفيها دراسة تأريخية متميزة في تتبع آراء ابن العربي العقدية.
ومن المستحسن للباحث أن يتأمل الأسلوب العلمي العام لابن العربي، فله أثر كبير على اختياراته، كما أنَّ لتمذهبه بالمذهب المالكي أثر في الاختيار، كما له أثر في ردِّ أقوال المخالفين، بل التنقص منهم احينًا، عفا الله عنا وعنه.
وهناك ملحظ مهم ـ فيما ظهر لي ـ وهو ربطه للعربية بالاختيار النحوي، فهو كثيرًا ما ينبه على كتاب له بعنوان (ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين).
وأما عن ترجمته، فقد ذكر الإخوة عددًا منها، لكن يحسن به ان يتتبع ترجمة ابن العربي في كتبه، فهو يذكر عن نفسه حوادث وقعت له، وفيها نفائس ولطائف، وينظر على سبيل المثال (1: 182 ـ 183) من أحكام القرآن، فقد ذكر واقعة وقعت له مع أبي الفضل الجوهري من علماء القاهرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنصح الأخ بأن يجد سبيلاً إلى الاتصال بالدكتور محمد السليماني، فله عناية بتراث ابن العربي، وسيفيده في ذلك إن شاء الله.
فائدة:
أولاً ـ أبو الفضل الجوهري كان يخطب في جامع عمرو بن العاص بالقاهرة، وقد سمعه أبو القاضي ابن عطية، وقد نقل ابن عطية في تفسيره (المحرر الوجيز) من سماعات أبيه لطائف عن هذا الواعظ، منها:
1 ـ (( ... ثم حكى مقالة رجل مؤمن من آل فرعون وشرفه بالذكر وخلد ثناءه في الأمم سمعت أبي رضي الله عنه يقول سمعت أبا الفضل الجوهري على المنبر وقد سئل أن يتكلم في شيء من فضائل الصحابة فأطرق قليلا ثم رفع رأسه وأنشد عدي بن زيد
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرينه بالمقارن مقتد
ماذا تريدون من قوم قرنهم الله بنبيه صلى الله عليه وسلم وخصهم بمشاهدته وتلقي الوحي منه وقد أثنى الله على رجل مؤمن من آل فرعون كتم إيمانه وأسره فجعله الله تعالى في كتابه وأثبت ذكره في المصاحف لكلام قاله في مجلس من مجالس الكفر وأين هو من عمر بن الخطاب رضي الله عنه جرد سيفه بمكة وقال والله لا عبد الله سرا بعد اليوم))
2 ـ ((وحدثني أبي رضي الله عنه أنه سمع الواعظ أبا الفضل بن الجوهري يقول على المنبر بمصر ناهيك من صفقة البائع فيها رب العلى والثمن جنة المأوى والواسطة محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم)).
((وسمعت أبي رضي الله عنه يقول رأيت الواعظ أبا الفضل الجوهري في جامع عمرو بن العاص يعظ الناس في الوزن فقال في جملة كلامه إن هيئة اليد بالميزان عظة وذلك أن الأصابع تجيء منها صورة المكتوبة ألف ولامان وهاء فكأن الميزان يقول الله الله. # قال القاضي أبو محمد وهذا وعظ جميل والتأويل في هذه الآية المآل)).
ثانيًا ـ كلاهما كان قاضيًا، وكانا متعاصرين، وقد يكون بينهما شيء من النقاشات والمدارسات، وينظر في هذا الموازنة بين تفسيرهما لقوله تعالى: ( ... أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما) الشورى 42.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2005, 05:07 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا دكتور عيسى على هذه المعلومة. ولكن كيف السبيل إلى هذا الكتاب؟
جزاك الله خيراً أبا عبدالملك على هذه الإضافات الثمينة، وأرجو أن يستفيد الباحث من هذه المعلومات، ولعلكم إن شاء الله تفيدونه بعنوان الدكتور السليماني فأنت تعرفه وفقك الله.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[23 Apr 2005, 05:30 ص]ـ
لعل مما قد يفيد، الدراسة التي قام بها محقق كتاب الناسخ والمنسوخ لمن تمحور حوله الحديث القاضي رحمه الله، للدكتور/ عبدالكبير العلوي المدغري. فقد خصص المجلد الأول من الكتاب للدراسة فقط.
لكن الذي أعجب له، وهو مادعاني للمشاركة، عدم إخراج كتابه أحكام القرآن إخراجا يليق بالكتاب وكاتبه رحمه الله، مع منزلته العلمية العظيمة، فلا أعلم هل حقق الكتاب تحقيقا علميا في رسائل جامعية، ثم أخذها ما أخذ بعض ألرسائل من تخفيش، فلم يرق لها مكان إلا في غياهب مكتبات الجامعات، أم أن الكتاب قد طبع طبعة علمية جيدة في بلاد المغرب العربي ولم تصلنا. آمل ألإفادة فلدي طبعة تعد مضرب المثل في كثرة السقط والتحريف والتزوير، والكثير يعلم عزوف البعض عن جرد أو مطالعة الكتاب إذا كثرت فيه مثل هذه الأخطاء الفاضحة.
ـ[المزمل]ــــــــ[27 Apr 2005, 02:54 ص]ـ
وكذالك قدمت رسالتان علميتان بالجلمعة الأسلآمية كلاهما بعنوان ترجيحات ابن العربي للباحثان: صالح البدراني والباحث: محمد دخيل القشعمي.
والباحث الأول أخذ إلى آخر القرآن الكريم. والله أعلم
ـ[الباجي]ــــــــ[30 Apr 2005, 12:32 م]ـ
لكن الذي أعجب له، وهو مادعاني للمشاركة، عدم إخراج كتابه أحكام القرآن إخراجا يليق بالكتاب وكاتبه رحمه الله، مع منزلته العلمية العظيمة، فلا أعلم هل حقق الكتاب تحقيقا علميا في رسائل جامعية، ثم أخذها ما أخذ بعض ألرسائل من تخفيش، فلم يرق لها مكان إلا في غياهب مكتبات الجامعات، أم أن الكتاب قد طبع طبعة علمية جيدة في بلاد المغرب العربي ولم تصلنا. آمل ألإفادة فلدي طبعة تعد مضرب المثل في كثرة السقط والتحريف والتزوير، والكثير يعلم عزوف البعض عن جرد أو مطالعة الكتاب إذا كثرت فيه مثل هذه الأخطاء الفاضحة.
هل تقصد أخي ابن الشجري طبعة السعادة بمصر في مجلدين - 1331ه - أم طبعة البجاوي في أربعة أجزاء؟
بين يدي جزء صغير طبع بالدار البيضاء - المغرب - بعنوان (أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن) للشيخ علال الفاسي - رحمه الله -.
وفي آخره تعليقات على كتاب الأحكام. للشيخ علال الفاسي أيضا، كتبها على نسخته منه أثناء نفيه من قبل الفرنسيين إلى أفريقيا 1937 افرنجي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 May 2005, 12:46 م]ـ
وهناك رسالتان أخريان اطلعت عليهما في مكتبة الرسائل الجامعية بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض هما:
- اختيارات الإمام ابن العربي الفقهية في فقه الأسرة والجنايات والحدود (دراسة فقهية مقارنة) للباحث عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله الملحم. بحث تكميلي لنيل الماجستير. 1419هـ.
- اختيارات الإمام ابن العربي الفقهية في العبادات للباحث صقر بن عوضة آل كحلان الغامدي 1420/ 1421هـ. بحث تكميلي ااماجستير أيضاً. والباحث معيد بكلية المعلمين بالقنفذة يمكنكم الاتصال به.
إضافة إلى كتاب سعيد أعراب بعنوان (مع القاضي أبي بكر بن العربي) الذي أصدرته دار الغرب، ففيه طرف من سيرته، ونقاش لآرائه.
أرجو أن ينتفع الباحث - وفقه الله - بهذه البحوث والدراسات إن شاء الله.(/)
طريق القران (لا يفوتك)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[16 Apr 2005, 11:41 م]ـ
موقع طريق القران
www.quranway.net(/)
ما أحسنُ ما كتب في "الشجرة" التي نهي عنها آدم عليه السلام؟؟
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[17 Apr 2005, 12:21 ص]ـ
ما أحسنُ ما كتب في "الشجرة" التي نهي عنها آدم عليه السلام؟؟(/)
الردّ على من نسب إبدال الضاد ظاءاً للشيخ بن غانم المقدسي والشيخ المرعشي رحمهما الله
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[17 Apr 2005, 03:57 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
ما نسبه بعض الأساتذة والعلماء واخصّ منهم الأستاذ فرغلي عرباوي في كتابه المسمى (صوت الضاد الفصيحة التي نزل بها القرءان) إلى الشيخ بن غانم المقدسي والشيخ المرعشي رحمهما الله من إبدال صوت الضاد بصوت الظاء خطأ لا بدّ من تصحيحه بما يلي:
أولاً: ليس في كلامهما رحمهما الله تعالى ما يدلّ على ذلك، فأرجو لمن نسب إليهما هذا القول أن ينقل من كلامهما ما يدلّ على ذلك دلالة صريحة،
ثانياً: قد استعملا رحمهما الله في أدّلتهما عبارة التشابه بين الحرفين في الصوت وهذا لا يدلّ على إبدال الضاد ظاءاً لأنّ التشابه لا يعني المماثلة،
ثالثاً: قد أثبتا جميعاً حافّة اللسان مخرجاً والاستطالة صفة للضاد، فكيف تحصل المماثلة مع ما أثبتاه؟
رابعاً: قال بن غانم المقدسي " إنّ من ينطق بالضاد من مخرجها الخالص مع صفاتها المميّزة لها حتى عن الظاء فهو أعلى مراتب النطق بها من الفصاحة ودونه من ينطق بها من مخرجها مشوبة بالظاء لكن من مخرجها وبينهما نوع فرق ودونه من ينطق بها ظاءاً خالصة ". فالشاهد أنّ بن عانم المقدسي جعل إبدال الضاد ظاءاً في المرتبة الثالثة فكيف ينسب إليه الأستاذ إبدال الضاد ظاءاً مطلقاً. وأمّا المرعشي فقد قال " إنّ جعل الضاد المعجمة طاءاً مهملة مطلقاً أعني في المخرج والاستطالة لحن جليّ وخطأ محض كذا جعلها ظاءاً مطلقاً " فالشاهد أن المرعشي رحمه الله خطّأَ من جعل الضاد ظاءاً مطلقاً.وقال " فإن لفظت بالضاد المعجمة بأن جعلت مخرجها حافّة اللسان مع ما يليها من الأضراس بدون إكمال حصر الصوت، وأعطيت لها الإطباق والتفخيم الوسطين والرخاوة والجهر والاستطالة والتفشي القليل فهذا هو الحق المؤيّد لكلمات الأئمة في كتبهم، ويشبه صوتها صوت الظاء المعجمة بالضرورة ", وهذه الأقوال منقولة من كتاب الأستاذ وكتاب جهد المقلّ للمرعشي وكتاب الدراسات الصوتية عند علماء التجويد لغانم قدوري الحمد حفظه الله. أقول فهل كلام المرعشي رحمه الله يدلّ أنّه يقول بإبدال صوت الضاد بصوت الظاء فكيف ينسب إليهما الأستاذ هذا القول؟ وعلى أيّ أساس؟
خامساً: لماذا لا يقوم الأستاذ ومن سلك مسلكه بالردّ على أدلّة المرعشي والمقدسي المذكورة في كتابه، وقد ذكر هو وغيره أنّ إسماعيل الأزميري ردّ عليهما رداً مفحماً. فنقول إنّ كان هذا الردّ مفحماً حقاً لِمَ لم ينشر بين العلماء وطلبة العلم حتّى يستفيدوا من هذا الردّ المفحم. ولِمَ لم ينقله الأستاذ في كنابه؟ والجواب على ذلك أنّ الردّ غير موجود إذ لو موجوداً ومفحماً كما يقولون لبادر الأستاذ ومن أخذ بقوله إلى نشره من غير تردّد. وكيف يُحكم عليه أنّه مفحم دون أن يطلعوا عليه. ولو استطاعوا أن يردوا على أدلّة المرعشي والمقدسي لما احتاجوا أن ينسبوا الردّ إلى إسماعيل الأزميري رحمه الله.
سادساً: ومن الغرابة أنّ الأستاذ ينسب إلى المرعشي والمقدسي رحمهما الله ما لم يقولا، ويقوم بالردّ على ما تقوّل عليهما، وهو عاجز عن الردّ على ما قالا حقيقة.
وأنّي لست من الذين يحبّون الردّ على المشايخ ولكنّي لمّا رأيت خطأ ما نُسِب إلى الشيخين وجدتُ نفسي مجبرة على تصحيح المفاهيم وإن كان الأستاذ قد قام بجهودٍ جبارة في علم التجويد لايجوز لأحدٍ أن ينكرها إلاّ أنّ الأنسان لا يخلوا من التقصير والخطأ ولو بلغ من العلم ما بلغ إلاّ سيّد الخلق نبيّنا عليه الصلاة والسلام.
هذا ماعندي ما أقوله وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألاّ إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك
محمد يحي شريف الجزائري
ـ[الجندى]ــــــــ[18 Apr 2005, 01:51 ص]ـ
دار حوار طويل وممتع حول هذا الموضوع فى ملتقى أهل الحديث، وكان بعنوان: صوت الضاد بدون تعصب
الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=27516
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[30 Apr 2005, 06:14 م]ـ
للعلم:
كتاب الأزميري مخطوط، و مصورته عندي منذ زمن، و هو قيد الطبع في مؤسسة ابن المديني، مع رسائل أخرى في الباب لساجقلي زاده و غيره.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[03 May 2005, 11:39 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
بارك الله فيك ياأخي على هذه المعلومة وهو أنّ الكتاب المذكور تحت الطبع
وإنّي كنت أقصد من قولي غير موجود أي غير مطبوع وليس في متداول الناس اليوم وهناك الكثير من المراجع أثبتت أنّ الكتاب موجود ككتاب الدراسات الصوتية عند علماء التجويد لغانم قدوري الحمد حفظه الله وغيرذلك من الكتب وإنّما مرادي بأنّ الكتاب غير موجود أي غير مطبوع ولا يمكن لأحد أن يحكم على كتابٍ ما أنّه غير موجودٍ مطلقاً إلاّ إذا اطلع على جميع المخطوطات الإسلامية في العالم وهيهات.
وأرجو أن تخبرني جزاك الله خيراً عند طبع الكتاب بارك الله فيك
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(/)
سؤال عن الإعجاز التربوي في القرآن
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[18 Apr 2005, 09:59 ص]ـ
بسم الله
أعلم أن كثيرا من الباحثين قد كتبوا عن الأساليب التربوية في القرآن، واستنبطوا الكثير من الفوائد
ولكن السؤال
هل تم بحث موضوع الإعجاز التربوي في القرآن
أعني هل تم تداول هذا المصطلح
وهل تمت دراسته وفق المناهج التي تم من خلالها بحث الإعجاز العلمي في القرآن
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2005, 11:43 ص]ـ
كتب الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري بحثاً بعنوان (التفسير التربوي للقرآن الكريم) ثم نشره بعد ذلك في كتاب عن طريق دار الحضارة بالرياض.
وفيما كتبه الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في كتبه الكثيرة القيمة عن التربية تناول بعض جوانب هذا الموضوع من زوايا متعددة ولا أظن كتبه تخفى عليكم.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[18 Apr 2005, 01:51 م]ـ
فضيلة الشيخ عبدالرحمن
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به وشكر لكم
وليس لي أدنى اطلاع على ما ذكرتم من الكتب والله المستعان
ولذا فإني أطمع من فضيلتكم مزيداً من الكشف عن مصطلح (الإعجاز التربوي في القرآن).
أعنى أن كثيراً من النظريات التربوية التي لم يتم التوصل إليها إلا بعد جهودٍ علمية مكثفة على مدار قرون من الزمن، في مجالات كثيرة في التربية فهل يمكن من خلال منهجية الإعجاز العلمي إثبات تأييد أو نفي تلك النظريات الدقيقة؟ خاصة وأن القرآن يزكي النفوس ويربيها فلعل المجال التربوي والنفسي أرحب من المجال العلمي التجريبي في مجال الاعجاز.
عسى الله أن يمنحنكم بركة في الوقت وفرصة للإفادة مع علمي بازدحام عمركم بالمهمات
نفع الله بكم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Apr 2005, 08:36 ص]ـ
سيكون هذا الموضوع بحول الله تعالى احد محاور مؤتمر اعجاز القران المزمع اقامته في جامعة الزرقاء بالاردن ما بين 23 - 25/ 8/2005 واني لارجو ان يضيف هذا المؤتمر الموعود جديدا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Aug 2007, 06:00 م]ـ
لو وفق الله أحد الباحثين إلى تلمس الجوانب التربوية في آيات القرآن الكريم لخرج ببحث قيم، وقد كُتِبَت في ذلك كتبٌ قيمة تُعَدُّ لبناتٍ صالحة في بناء هذه الفكرة العلمية التربوية. وهي في حاجة إلى علم عميق بالدراسات القرآنية والأصول الصحيحة للتعامل مع القرآن الكريم، ومعرفة عميقة أيضاً بالتربية وأصولها، ولذلك فإنَّني أستفيد كثيراً من كتابات الدكتور الفاضل ماجد عرسان الكيلاني لعمقه العلمي، ودقة استنباطاته التربوية من الآيات القرآنية.
وهنا كتاب بعنوان (التفسير التربوي للقرآن الكريم) أشرتُ إليه قريباً في موضوع بعنوان:
صدر حديثاً (التفسير التربوي للقرآن الكريم) لأنور الباز ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9161)
سار فيه مؤلفه على منهج ذكرته هناك، وأغلب ظني بعد قراءة تفسير سورة الشعراء والقصص والعنكبوت وبعض قصار السور أن المؤلف من المعنيين بالتربية دون الدراسات القرآنية، ولذلك فهو يسترسل في النقل من بعض كتب التفسير المتأخرة كظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله، والأساس في التفسير لسعيد حوى رحمه الله، وغيرها دون عناية بنوعية ما ينقله، ولو كان احتشد لإنجاح فكرة كتابه لرجع إلى تفاسير السلف ولوجد فيها ما يثري كتابه كثيراً، ففي عبارات قصيرة تجدها لمجاهد وقتادة والحسن البصري وأمثالهم معاني تربوية في غاية الأهمية، لو انطلق منها ووسع معانيها وبحث عما يشهد لها في كتب التربية لجاء كتابه في غاية النفاسة، وهو قد بدأ طريقاً لعل غيره يتمه ويكمله إن شاء الله.
في 22/ 7/1428هـ
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Oct 2009, 06:38 م]ـ
للرفع والتذكير بهذا الموضوع المهم والحيوي ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Oct 2009, 09:07 م]ـ
الإعجاز التربوي في القرآن الكريم يجب أن لا يتوقف فيه مسلم فضلا عن عالم
ألم يرب النبي صلى الله عليه وسلم خير أمة أخرجت للناس بالقرآن؟
بالقرآن ربى النبي صلى الله عليه وسلم خير جيل عرفته الإنسانية
جيل أمتدحهم الحق تبارك وتعالى في أكثر من آية في كتابه:
"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " سورة محمد (29)
"لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" سورة الحشر (9)
هذه بعض صفاتهم في القرآن أما أفعالهم فقد سجلها التأريخ.
إنهم نتاج التربية النبوية بالقرآن.
الإعجاز التربوي ليس موضع نقاش لأن الله تعالى يقول:
"إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ "
ولكن الذي يحتاج إلى بحث هو كيف نربي بالقرآن كما ربى النبي صلى الله عليه وسلم الرعيل الأول من هذه الأمة.(/)
كتاب (دراسات في علوم القرآن الكريم) للأستاذ الدكتور فهد الرومي في طبعته الثالثة عشرة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2005, 10:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم في زيارة قريبة للأستاذ الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي حفظه الله الأستاذ بكلية المعلمين بالرياض، بصحبة أستاذي الكريم أ. د.محمد بن عبدالرحمن الشايع حفظه الله، أهداني نسخة من كتابه (دراسات في علوم القرآن الكريم) في طبعته الأخيرة، وهي الطبعة الثالثة عشرة للكتاب.
http://www.tafsir.net/images/alroomi144.jpg
وقد رجعت للمنزل وأخذت أقرأ الكتاب، فأعجبت بمنهجه، وسهولة طرحه لموضوعات علوم القرآن، ورجعت للطبعة القديمة التي أملكها من الكتاب وهي الطبعة الرابعة التي صدرت عام 1415هـ، أي قبل عشر سنوات، فوجدت فرقاً واضحاً بين الطبعتين، حيث زادت الطبعة الأخيرة كثيراً من المباحث التي لم تتعرض لها الطبعة الرابعة، وظهر في الطبعة الأخيرة أثر الخبرة الطويلة للمؤلف في التأليف والتدريس معاً. فقد اشتملت الطبعة الرابعة على الموضوعات التالية بعد المقدمة والتمهيد:
المعجزة الكبرى. تعريف علوم القرآن الكريم. نشأة علوم القرآن الكريم وتطورها. فضائل القرآن الكريم وآداب تلاوته. خصائص القرآن الكريم. جمع القرآن الكريم. ترتيب سور القرآن الكريم وآياته. المكي والمدني. أسباب النُّزول. التفسير بألماثور والتفسير بالرأي. شروط المفسر وآدابه. الوحي. نزول القرآن الكريم. أول مانزل وآخر ما نزل.
وأما الطبعة الأخيرة فقد زادت عليها من حيث العدد الموضوعات التالية:
إعجاز القرآن الكريم.
القراءات والقراء.
الأحرف السبعة.
النَّسْخُ في القرآن.
القَسَمُ في القرآن الكريم.
فواتح السور وخواتمها.
المناسبات بين الآيات والسور.
رسم المصحف.
المُحْكَمُ والمتشابه.
العام والخاص.
المطلق والمقيد.
المنطق والمقهوم.
الجَدَلُ في القرآن.
الأمثال في القرآن.
قَصَصُ القرآن الكريم.
ترجَمةُ القرآن الكريم.
هذا من حيث عدد الموضوعات، وأما من حيث المادة العلمية، فقد أضاف على المباحث السابقة عدداً كبيراً من المعلومات العلمية القيمة، حتى إنه أعاد كتابة بعض الموضوعات التي وردت في الطبعات السابقة تماماً، وقد ظهر هذا في حجم الكتاب، فبعد أن كانت الطبعة الرابعة تقع في 203 صفحات، جاءت الطبعة الثالثة عشرة في 666 صفحة، أي ثلاثة أضعاف الطبعة الرابعة. وقد أشار المؤلف إلى هذا فقال: (وقد تتابعت طبعات هذا الكتاب وفي بعضها تصحيحات، وإضافات يسيرة لا تتجاوز الصفحات المعدودة، وفي بعضها إضافة عدة أبواب، وقد اكتملت مباحثه في هذه الطبعة حتى شملت – كما أحسب – مقررات علوم القرآن الكريم في الجامعات وكليات المعلمين والمعلمات وكليات البنات في المملكة). ولذلك يعد هذا الكتاب من أفضل ما يقرر على الطلاب في الجامعات، حيث توخَّى المؤلِّفُ فيه السهولةَ في عرض موضوعات علوم القرآن، كما إِنَّ هذا من مقاصد تصنيف المؤلف لهذا الكتاب حيث أشار في مقدمته إلى أن عدداً من المشتغلين بالتعليم قد اقترح عليه التعرض لعدد من النقاط العلمية التي يحتاجها الطلاب، فقال: (ولا يفوتني أن اشكر الإخوة والأخوات الذين اقترحوا علي الكتابة في بعض مباحث علوم القرآن لتغطية المقررات التي يدرسونها لطلابهم وطالباتهم شاكراً ثقتهم بأخيهم) فجاء كتابه في طبعته الأخيرة ثمرةً يانعة لكثيرٍ من التنقيحات والجهودِ والاقتراحات. والكتاب مليء بالفوائد واللطائف، أقتطف منها هذه الفوائد العاجلة، ترغيباً في العودة للكتاب في هذه الطبعة الأخيرة:
أشار المؤلف على من يتخذ كتابه هذا مقرراً على طلابه أن له الاختيار من الموضوعات ما يناسب مستوى الطلاب، والاقتصار على المفردات المناسبة فقال (قد أتوسع في بعض المباحث بذكر مقدمة، أو تمهيد، أو زيادة أمثلة، أو تقسيمات، وللمعلم أو المعلمة الاقتصار على ما يراه مناسباً، وحذف ما يرى عدم ضرورته أو عدم الحاجة إليه في المقرر الذي يُدرِّسهُ) ص 7
(يُتْبَعُ)
(/)
عند الحديث عن أول كتب التفسير المستقلة، ذكر تفسير يحيى بن سلام البصري المتوفى سنة 200هـ فذكر أن الدكتورة هند شَلْبِي التونسية قامت بتحقيقه، وأنه في طريقه للطبع، وذكر أنه قام بتحقيقه أيضاً ثلاثة من الباحثين في رسائل علمية، وذكر أن هذا التفسير قد سقط منه نحو الثلث في مواضع متفرقة منه، وأن لهذا التفسير ثلاثة مختصرات هي: تفسير هود بن محكم، وتفسير أبي المطرف، وتفسير ابن أبي زمنين. (ص40)
أشار إلى نقطة مهمة في المؤلفات المعاصرة في علوم القرآن، فقال (هذه بعض المؤلفات في العصر الحديث في علوم القرآن كفن مدون، والمؤلفات غيرها كثير، ولعلك تلاحظ أن أغلبها قد ألفها أصحابها لطلابهم، وأحسب أن هذا يؤدي إلى الإجمال في الحديث، وتيسير المادة، وعدم الخوض في دقائق المسائل ووعر المسالك، واختيار السبيل الأسهل والأيسر، وهذا المنهج يحرم الباحثين المتخصصين من نيل مرادهم، والحصول على بغيتهم، كما يحرم المؤلفين من الإبداع في القول، ومن إعمال الذهن والتجديد في الآراء، بل أدى بهم ألى التسليم في كثير من المسائل والقضايا، ونقلها كما هي من غير تَمحيصٍ؛ خشيةً من الدخول في تفاصيل تخرج به عن هدفه من التأليف.
والحق أن كثيراً من المباحث في علوم القرآن لا تزال بحاجة إلى النظر في مسائلها، وإعادة الكتابة فيها، وعدم الاكتفاء والتسليم بما قاله فلان وفلان من غير دليل، وعلوم القرآن أوسع من أن يحيط بها أبناء جيل أو أجيال من البشر). ص 49
تعرض للجمع الصوتي للقرآن الكريم ص 106 وما بعدها، وأشار فيه إلى خلاصة ما ذكره الدكتور لبيب السعيد في كتابه وفكرته حول هذا الموضوع، وقد زاد عليه بذكر ما وصل إليه الأمر في عصرنا، وجهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف في هذا الأمر.
عند إشارته لتفسير الإمام الطبري، وتاريخ طباعته بعد الحصول عليه عند أحد أمراء آل رشيد بحائل، ذكر صواب اسم هذا الأمير وأنه حمود بن عبيد الرشيد، وليس عبدالرشيد كما ذكر جولد تسهر (ص109)، والذهبي في التفسير والمفسرون (1/ 207)، وذكر الدكتور فهد إلى أن لديه نسخة من الطبعة الأولى التي طبعت لتفسير الطبري عام 1319هـ فقال: (وفي مكتبتي نسخة من هذه الطبعة النادرة).
قلت: وأين هي تلك النسخة المخطوطة التي عثر عليها عند حمود الرشيد الآن يا ترى؟
عند كلامه عن رسم المصحف، وترجيحه القول بوجوب التزام الرسم العثماني في كتابة المصحف، أورد عدداً من أسباب القول بوجوب التزام الرسم وعدد منها أن الذين دعوا إلى كتابة المصحف بالرسم الإملائي ليسوا من القراء، ولا من العلماء المختصين بالرسم، وإنما عمادهم الرأي المجرد، بل إن بعضهم من المشهورين بالإلحاد وسوء المعتقد، وفيهم من دعا إلى ذلك بحسن نية، لكنها دعوة ينقصها العلم الشرعي والله المستعان. ثم قال: (ونحن حين نورد هذه الأدلة لا نستجدي موافقة، أو نلتمس تأييداً لإبقاء رسم المصحف العثماني، فهو أمر حسمه علماء السلف رحمهم الله تعالى، ولا خيار للمخالف، ولكنا نخشى أن يغتر ببريق هذه الدعوة مغتر، أو تنطلي شبهات هذه الدعوة على من لا يعلم الحكم الشرعي فيغرق في أوحالها). ص 493
من اللطائف في هذا الكتاب أنه عد ملتقى أهل التفسير ضمن مصادره، حيث أشار في أثناء بحثه للمقصود بالأحرف السبعة في القرآن الكريم إلى ما كتبه الدكتور مساعد الطيار في ملتقى أهل التفسير فقال في حاشية ص 98: (انظر في هذا ما كتبه د. مساعد الطيار في ملتقى أهل التفسير في الانترنت عن الأحرف السبعة ص 7 - من 17). والدكتور فهد كما حدثني من المتابعين لملتقى أهل التفسير منذ بدايته، ولعله إن شاء الله يبدأ المشاركة معنا قريباً بعد أن ابتاع كمبيوتراً محمولاً لهذا الغرض وفقه الله. والدكتور في إحالته للملتقى كان يطبع المشاركات، ثم تكون الإشارة إلى الصفحة ضمن الصفحات المطبوعة لديه. ولعله يقصد ما كتبه الدكتور مساعد الطيار وفقه الله تحت عنوان (الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة (1)) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=191)
هذه بعض النظرات السريعة جداً في هذا الكتاب القيم، بحسب ما تيسر من الوقت الضيق، وإلا فحق هذا الكتاب الثمين أكبر من هذا، وحق مؤلفه علينا أكبر من ذلك كله وفقه الله وزاده من فضله، لمتابعة التأليف في علوم القرآن الكريم وما يتعلق بها، فلمصنفاته قبول بين طلاب العلم ولله الحمد، وأذكر منها:
اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر في ثلاثة مجلدات. منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير. خصائص القرآن الكريم.
بحوث في أصول التفسير ومناهجه. تحقيق تفسير سورة الفاتحة والفلق والناس للشيخ محمد بن عبدالوهاب. وغير ذلك من البحوث والكتب.
الرياض - ليلة الاثنين 10/ 3/1426هـ
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[18 Apr 2005, 11:42 م]ـ
شكر الله لك فضيلة الدكتور هذا النقل والتعريف بالطبعة الجديدة، وكل دارس لعلوم القرآن لا بد أن يكون مر على أحد مؤلفات الدكتور فهد الرومي، ومما يتميز به الدكتور مع الجانب العلمي قلمه الأدبي الذي يجمل به فصول كتبه ويجعل القارئ يستلذ بتذوق كلامه.
اسأل الله تعالى لشيخنا الكريم التوفيق والسداد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Apr 2005, 08:40 ص]ـ
لماذا يندر وصول هذه الكتب القيمة الى بلادنا الاردن هل من سبيل الى هذا الكتاب واين هو مطبوع لعلنا نتمكن من مراسلة الدار الطابعة
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[24 Apr 2005, 03:47 ص]ـ
عرض ممتع، وأرجو أن نجد الكتاب في المكتبات. أنا عندي الطبعة الثالثة للكتاب ولكن يبدو أن الطبعة الأخيرة كتاب جديد تماماً. شكراً لكم يا أخ عبدالرحمن وبارك الله فيك وفي الدكتور فهد الرومي.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[23 Aug 2005, 12:24 ص]ـ
نشكركم على هذه الإفادة
ـ[الراية]ــــــــ[23 Aug 2005, 01:10 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو حسن]ــــــــ[23 Aug 2005, 06:30 ص]ـ
فضيلة الشيخ: لوتفضلتم بإعطائنا تاريخ نشر هذه الطبعة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Aug 2005, 07:03 ص]ـ
تاريخها 1425هـ
ـ[أم عاصم]ــــــــ[23 Aug 2005, 03:46 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري على هذا العرض الذي أتاح لنا فرصة التعرف على الطبعة الجديدة للكتاب.
عندي الطبعة السابعة وصدرت عام 1419هـ. وقد زادت على الطبعة الرابعة موضوعي إعجاز القرآن ورسم المصحف.
ويتبين من خلال الموضوعات التي اشتملت عليها الطبعة الأخيرة (الثالثة عشرة) أن الكتاب قيم ومفيد ويحتوي على مباحث مهمة في علوم القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Aug 2005, 10:58 م]ـ
وأنت بارك الله فيك أختي الكريمة. والكتاب قيم كما ذكرت، ويستحق القراءة والدرس، وفق الله مؤلفه لكل خير.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[29 Aug 2005, 05:29 م]ـ
هل بالإمكان أن تدلنا على أماكن بيع هذه النسخة للأنني بحثت عنها فلم أجدها في الرياض
ـ[الباحثة]ــــــــ[30 Aug 2005, 10:26 م]ـ
يبدوا أن الكتاب من الندرة بحيث ا ضطررتا في أثناء دراستنا لمادة علوم القرآن في السنة التحضيرية من الماجستير (تفسير وحديث) إلى تصويرة عدة نسخ كمرجع في بعض البحوث.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[01 Sep 2005, 11:44 م]ـ
فضيلة الشيخ: الرجاء التأكد هل الطبعة التي تقصد الثانية عشرة أم الثالثة عشرة؟ وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2005, 11:14 ص]ـ
الأخ الكريم أبا حسن: هي الطبعة الثالثة عشرة.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[02 Sep 2005, 01:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو حسن]ــــــــ[07 Sep 2005, 02:57 م]ـ
شيخنا عبد الرحمن: هل بالإمكان أن تدلنا على أماكن بيع هذه النسخة لأني بحثت عنها فلم أجدها في الرياض
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2005, 03:08 م]ـ
مؤلفات الأستاذ الدكتور فهد الرومي وفقه الله متوفرة في مكتبة الرشد بالرياض، والعبيكان، والتدمرية، وطيبة وغيرها. وقد تأكدت من هذا عن طريق المؤلف حفظه الله فأكد لي هذا، وذكر بالتحديد مكتبة بجوار كلية المعلمين بالرياض.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[07 Sep 2005, 06:05 م]ـ
جزاك الله خيرا وأثابك الله على تفاعلك ونشاطك
ـ[البلقيني]ــــــــ[08 Jan 2006, 01:11 ص]ـ
شيخنا الكريم هل بالإمكان تنزيل الكتاب على ملفات وورد للاستفادة منه أكثر فأنا بأمس الحاجة إليه على الوورد لغرض الدراسة والتدريس لمادة علوم القرآن
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Feb 2006, 01:50 م]ـ
صدرت الطبعة الرابعة عشرة للكتاب، في طبعة شعبية ذات غلاف ورقي أخضر. وليس فيها تغييرات عن الطبعة الثالثة عشرة من حيث المضمون فيما يظهر لي.
http://www.tafsir.net/images/alroomi15.jpg
أخي البلقيني: أرجو أن يوافق الأستاذ الدكتور فهد الرومي وفقه الله على طلبك، ونحن مستعدون لنشره على الشبكة إن وافق مشكوراً.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[15 Feb 2006, 03:18 م]ـ
كنت أتمنى أن يضيف المؤلف -وفقه الله -بعض المباحث المهمة مثل: الوجوه والنظائر، وأن يختصربعض الموضوعات؛ حيث تحدث عن بعض المباحث في أكثر من خمسين صفحة، وهذا التطويل لايناسب المقررات الدراسية التي أراد المؤلف سد الحاجة فيها، ولعل المؤلف - حفظه الله- يستدرك ذلك في الطبعات اللاحقة ويزيده تهذيباً وتحريراً ليكون هو المقرر المعتمد في المعاهد والجامعات.(/)
مسألة متعلّقة بالمدّ المتصل العارض للسكون
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[19 Apr 2005, 06:08 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
مقدّمة
من المعلوم أنّ المدّ العارض للسكون معناه وقوع سكون عارض للوقف بعد حروف المدّ واللين الثلاثة وهي الألف مطلقاً والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها نحو {مئاب}، {مؤمنون}، {نستعين} وإنّما سمّيَ السكون عارضاً لأنّه يَعْرضُ للحرف عند الوقف ويفارقه في الوصل. وحكمه عند القراء الجواز فورد فيه القصر-أي حركتان - أخذاً بالحركة الأصلية والطول - أي ستّ حركات - باعتبار السكون العارض ومرتبة بين المرتبتين وهو التوسّط -أي أربع حركات - جمعاً بين الحالة الأصلية والحالة العارضة.
ومن المعلوم أيضاً أنّ المدّ المتصل نحو {الماء}، {السفهاء} {سوء} {سيء} وهو وقوع الهمزة بعد حروف المدّ واللين في كلمة، فحكمه التوسّط وفويق التوسّط عند حفص من طريق الحرز- أي أربع حركات أو خمسة - فالتوسّط أخذاً بمذهب الإمام الشاطبيّ في المدود وأمّا فويق التوسّط فهو الوارد في كتاب التيسير لأبي عمرو الداني وهو أصل الشاطبية.
وقد يجتع المدّ المتصل والعارض في حرف واحدٍ وذلك عندما تكون الهمزة متطرّفةً كالوقف على {السفهاء} فقد اجتمع سببان في المدّ وهما المتصل والعارض. وعلى هذا فتكون عدد الأوجه ثلاثة عند الوقف على {السفهاء} وهي التوسط وفويق التوسّط على أنّه مدّ متصل. ويجوز المدّ بالطول أي ستّ حركات باعتباره عارضاً للسكون لكن بشرط وهو بيت القصيد.
بيت القصيد:
فبيت القصيد هو أنّ مدّ المتصل العارض للسكون بمقدار ستّ حركات ليس على إطلاقه بل لا بدّ له من قيد وهو أن يكون القارئ قد قرأ من قبل بطول المدّ العارض للسكون لتحصل التسوية بين المدود العارضة للسكون لقول بن الجزري " واللفظ في نظيره كمثلة " فإذا قرأنا المدّ المتصل العارض للسكون بالطول فحتماً يكون ذلك على أساس أنّه مدّ عارض فإن كان كذلك فلا بدّ من تسويته بالمدود العارضة للسكون.
فإذا وقفنا على قوله تعالى { ... في طغيانهم يعمهون} ثم ّ على {أولئك}، فعلى وجه القصر في {يعمهون} نقف على {السفهاء} بالتوسّط وفويق التوسّط على أنه متصل، وعلى وجه التوسّط في {يعمهون} جاز كذلك التوسّط وفويقه في {السفهاء} لنفس العلّة، وعلى وجه الطول في {يعمهون} جاز في هذه الحالة في {السفهاء} ثلاثة أوجه عند الوقف وهي: التوسّط وفويقه على أنّه متّصل والطول على أنّه عارضٌ للسكون بالتسوية مع {يعمهون}
فنكون بذلك جمعنا بين النصوص إذ لو قرأنا مثلاً بالطول في {السفهاء} وبالقصر في {يعمهون} نكون قد خالفنا نص بن الجزري الذي يقول " واللفظ في نظيره كمثلة " لأننا فرأنا {السفهاء} بالطول على أنّه عارض فحينئذ لا بدّ من التسوية.
هذه الجزئية التي أريد أن أعرضها على العلماء وطلبة العلم عسى الله أن يوفقنا لمعرفة الحق واتباعه، وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم وأخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
محمد يحي شريف الجزائري(/)
من غرائب التأويل!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2005, 06:30 ص]ـ
الباطنية يفسرون القرآن الكريم على وجهٍ لا علاقةَ لَهُ بلغةِ القرآنِ ولا سياقهِ، ولهم تأويلات غريبة، تَصِلُ بكَ إلى الضحكِ، وصنيعهم هذا قديم، وقد كان السَّلفُ يردونَ عليهم هذه التأويلات ويُبْطِلونَها، ومن طرائف التأويل وإن لم يكن تأويلاً للقرآن، إِلاَّ أَنَّهُ شبيهٌ به، وقد تذكرت هذه القصة عندما أوردها أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وفقه الله في مُحاضرتهِ عن (التفسير بين العقل والنقل) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3237) ، فرجعت للقصة كاملة وأحببت إيرادها للفائدة، والمشاركة في معرفة معاناة المتقدمين وردهم لمثل هذه التأويلات الغريبة للقرآن الكريم، ولعل الإخوة الفضلاء يذكرون طرائف مشابهة من تأويلات القرآن.
قال عامر الشعبي رحمه الله: ما أَشبهَ تأويلِ الرافضةِ للقرآنِ بتأويلِ رجلٍ مضعوفٍ مِن بَني مَخزوم مِن أهلِ مكةَ، وجَدتهُ قاعداً بفناءِ الكعبةِ، فقال للشعبيِّ:
ما عندك في تأويلِ هذا البيت؟ فإِنَّ بَني تَميم يَغلطونَ فيه، فيزعُمونَ أَنَّهُ مِمَّا قيلَ في رَجلٍ منهم، وهو قولُ الشاعرِ:
بيتٌ زُرَارَةٌ مُحْتَبٍ بِفِنائِهِ * ومُجاشِعٌ وأَبو الفَوارسِ نَهْشَلُفقلتُ له: فما تقولُ أنتَ؟
قال: البيتُ هو هذا البيتُ، وأشار بيده إلى الكعبة!
وزُرارة: الحِجْرُ، زُرِّرَ حول الكعبة!
فقلتُ له: فمُجاشع؟ قال: زَمزمُ، جشعت بالماء!
قلت: فأبو الفوارس؟ قال: هو أبو قُبَيسٍ، جَبَلٌ بِمكةَ!
قلت: فنَهْشلُ؟ ففكَّر فيه طويلاً، ثُمَّ قال: أصبتهُ، هو مصباحُ الكعبةِ، طويلٌ أسودُ، وهو النَّهشَلُ!
انظر: العقد الفريد لابن عبدربه1/ 269، عيون الأخبار لابن قتيبة 2/ 146
والبيت المذكور أحد أبيات قصيدة مشهورة للفرزدق يناقض بها قصيدة لجرير رحمه الله. ومن أبيات قصيدة الفرزدق:
إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنا= بَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ
بَيتاً بَناهُ لَنا المَليكُ وَما بَنى= حَكَمُ السَماءِ فَإِنَّهُ لا يُنقَلُ
بَيتاً زُرارَةُ مُحتَبٍ بِفِنائِهِ = وَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُ
يَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا اِحتَبوا=بَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المُثَّلُ
لا يَحتَبي بِفِناءِ بَيتِكَ مِثلُهُم= أَبَداً إِذا عُدَّ الفَعالُ الأَفضَلُ
ضَرَبَت عَلَيكَ العَنكَبوتَ بِنَسجِها= وَقَضى عَلَيكَ بِهِ الكِتابُ المُنزَلُوهي قصيدة من جياد قصائد الفرزدق.
والبيت الذي أخطأ المخزومي في شرحه شرحه أبو عبيدة في شرح النقائض فقال:
قوله: زُرارة، يعني زرارة بن عُدُس بن زيد بن عبدالله بن دارم بن مالك.
ومُجاشع بن دارم.
ونَهشل بن دارم.
قال أبو عبدالله: سمعت بعض ولدِ عُطارد بن حاجب بن زرارة يقول: ليس في العرب إلا عُدَس بفتح الدال إلا في تميم فإنه عُدُس بضمها.
شرح النقائض 1/ 292
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[20 Apr 2005, 02:44 م]ـ
لعل من نظائر ماذكرت أخي الكريم وإن كان سبب التعلق الطرافة فقط، ماذكره المفسر الكبير العلامة الشنقيطي رحمه الله في رحلته المشهورة.
فقد ذكر أنه أثناء ترحاله ومروره بالسهل والحزن، ومذاكراته العجيبة والتي شملت أغلب فنون علم الشريعة، وماكان يدلي به رحمه الله من أجوبة تبهرالعقل وتأخذ باللب، لكمال ملكته العلمية رحمه الله قال: (وربما حضر مذاكرتنا بعض العوام الذين لايفهمون، ومن جهلهم أن واحدا منهم قال لنا بكلامه الدارجي مامضمونه: إنه يغبطنا ويغار منا بسبب أننا نمر بأرض السودان التي فيها موضع شريف! قلنا له: وما ذالك الموضع الشريف؟ قال الخرطوم. قلنا: وأي شرف للخرطوم؟ قال: لأنه مذكور في القرآن العظيم في قوله تعالى (سنسمه على الخرطوم) فقلنا له: ذلك خرطوم آخر غير الخرطوم الذي تعني! فضحك من يفهم من الحاضرين) أهـ
ولعل الله يسهل بمنه وكرمه، أن يكون هناك وقفة مع بعض جوانب حياة هذا الرجل الفذ في علمه وزهده، يدلي كل فيها بما ليس في ترجمته مما أسنده عنه أو استظهره من كتبه، ولولا عدم المناسبة لسطرت هنا بعض الشئ، ولكن نترك فضل الأسبقية لأهل التفسير فهم أحق به منا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 Apr 2005, 05:37 م]ـ
أخي عبد الرحمن
ألا ترى أن الشيء المستطرف مقبول، وتجد له النفس حلاوة، أفلا ترى أن ما ذكرته يدخل في غرائب التأويل وعجائبه، ولغلاة الرافضة والباطنية والقرامطة في ذلك ما لا ينقضي منه عجب العالم.
ويظهر أنه إنما وقعت طرافته من كون قائله عاميًّا اعتمد على خزعبلات عقله، ففسر البيت، لكن لا يُسمى مثل هذا التأويل لكتاب الله بالطريف، والله أعلم.
ولقد ذكرتني باستطرادك في ذكر القصيدة التي منها البيت، ثمَّ ذكرك فائدة تتعلق بهذه القصيدة منهج أسلافنا في الأمالي حيث يوردون الفائد تلو الأخرى على غرار ما يسمى بتوارد المعاني.
وياليتك وابن الشجري ـ لما ظهر منكما من اقتدار في هذا ـ أن تتحفونا بين الفينة والأخرى بمقالات نُحمِض فيها، وتكون لنا ـ روَّاد الملتقى ـ مرتعًا خصبًا من ذلك الأدب العالي ومن نقده المتميز الذي يبين فضائل الكلام، ومحاسن التعبير، ومفارقات كلام البلغاء بالموازنة والنقد والتحليل.
وإن لم يكن ما تمنيته، فأقول ما قال الشاعر:
منًى إن تكن حقًّا تكن أصدق المُنَى ... وإلا فقد عشنا بها زمنًا رغدًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2005, 05:47 م]ـ
إشارتكم يا أبا عبدالملك أمرٌ، وأبشر بما يسرك إن شاء الله، ففي النفس حاجات، وفي الوقت الراهن ضيق شديد يوشك أن ينفرج إن شاء الله، فإذا كان ذلك رأيت ما يسرك بإذن الله، فهذا أمر لم أغفل عنه، وفي الملتقى عدد من الأدباء المتذوقين من أمثالكم والأستاذ ابن الشجري، والأستاذ عبدالله بلقاسم، وأبي بيان وأبي بنان، وخالد الشبل، وأبي عبدالمعز، والأخت سلسبيل. وغيرهم، مما يجعل لزاماً إن شاء الله أن نفتح نافذة مشرعةً نمزج فيها اللغة بالتفسير والأدب، ويكون لنا من توجيهاتكم وتسديداتكم ما نعيد به مجالس الأمالي على الانترنت، بعد أن توارت حول سواري المساجد، ومجالس العلم، وما نريد بالإحماض فيه، إلا إمتاع قارئيه، ونعوذ بالله من شرة اللسن، وفضول الهذر، كما نعوذ به من معرة اللكن، وفضوح الحَصَر.
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[22 Apr 2005, 07:40 م]ـ
ومن طريف ما وقفت عليه فسمعته بأذني وهم بعض الناشئة في اسم أخي يوسف عليه السلام والذي ورد في بعض التفاسير أن اسمه (بنيامين) فظن ذلك الشاب أن اسمه (نكتل) وسبب اللبس الذي ورد عليه - بعد الجهل طبعاً - هو قول إخوة يوسف (قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون)
ارجو أن تكون هذه المشاركة خفيفة وأن لا أتطفل بها على أهل التفسير وملحهم ونكاتهم، ولم أستغرب صنيع ذلك الشاب وجهل فهمه، فقد سبقه من ذكر اسم الذئب الذي يفترض إنه أكل يوسف، واشتغل بعض الفارغين بمحاولة الوصول لاسمه ولم يتكلف التأمل في قوله (وجاؤوا على قميصه بدم كذب)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[24 Apr 2005, 03:42 ص]ـ
طرفة نادرة، بارك الله فيك. ويا حبذا لو تم ما اقترحه الدكتور مساعد في المشاركة رقم 3
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[25 Oct 2005, 04:11 م]ـ
بارك الله فيكم .. أمتعتمونا جميعاً.
ومنكم نستفيد دائماً.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Oct 2005, 11:33 ص]ـ
فعلاً مشاركات (دمها خفيف) تليق بالكبار .. فلا يخرج من الكبير إلا ما ينبئ بعقله وعلمه .. وإن كان من الملح والنوادر ..
فإن كان ما في المشاركات أعلاه من مِلح .. محمولة على الغفلة (مع براءة الذمة) فإن ما سأذكره آية من آيات الله تعالى ... آية من آياته في تعجيله الفضيحة بمن يحاول الانتقاص من كتابه المجيد ..
مقتبساً من أطروحتي .. بعض البهارات الثقيلة ... وهي جزء من الباب الثالث: " نقد منهجية الطاعنين بالقرآن الكريم في مواقع الإنترنت التنصيرية "
ومما جاء فيها تحت عنوان: جهلهم بالبدهيات ... إليكم نبذة من الطرائف ....
--------------------------------
إن عَجِبَ من رأى جهل الكبير بأصول الكتابة بالعربية، فإنه يعجب من جهلهم ببدهيات عقلية لا يجادل بها أحد ...
- انظر ما جاء في أول صفحة (مصادر الإسلام): " ومن القواعد المقررة أنه إذا خالف الحديث آية من آيات القرآن، وجب رفض الحديث، لأنهم يعتبرون القرآن كلام الله ".
- وانظر ما جاء في صفحة (قراءة نقدية للإسلام): " وهناك بلا شك احاديث عديدة ملفقة ومنسوبة للنبي، باسنادٍ جيد ".
- أما صفحة (حوار صريح حول الإسلام) فقد فسرت هبة المرأة نفسها للنبي ? بتفسير عجيب:
" فهو الوحيد من جنس البشر الذي أحل له الله - كما يدّعي القرآن - أن ينكح أية امرأة تدعوه لذلك!! ولا يشترط أن تكون زوجته أو من جواريه، بل يشترط أن تكون مؤمنة فقط!! وتهب جسدها له فيعاشرها بدون حساب من الله!! يقول القرآن في ذلك: ,,, وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكْتَ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً, بالطبع هذا كلام جارح يخدش الحياء, ومن الكفر أن ننسب مثل هذه الخطايا إلى الله كلي القداسة ".
- ثم قررت تلك الصفحة قراراً لم تُسبَق إليه: " ولا يوجد نسب معروف لمحمد سوى قصي بن كلاب وهو دخيل على مكة ولا يمت بأدنى صلة لإسماعيل ". (1) ()
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف يجرؤ مَن في نسب إلهه أبناء أربع زوانٍ (2) ()، على الطعن في شرف نسب سيدنا محمد ? أشرف الأنساب العربية وأطهرها؟! وأين كانت قريش من هذا الاكتشاف الخطير؟ وتعلمون ما للأنساب عند العرب من شأن عظيم، لم تشاركهم فيه أمة من الأمم.
كالعادة، لقد أخطأوا في اختيار الشبهة .. فكانت وبالاً عليهم. (3) ()
وفي الأطروحة عشرات الأمثلة على شبهات تنقلب دليلاً عليهم ... وسبحان مَن كلامه القرآن
- ومن استنباطاتها العجيبة أيضاً: " يؤكد القرآن حقيقة إتيان المرأة بخلاف الطبيعة: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنىّ شئتم؟؟ إنه بهذا التشبيه القبيح يحط من آدمية المرأة إلى مستوى بهائم الحقل التي تحرث الأرض، وكثير من الدول المتقدمة أعفت حيواناتها من حرث الأرض واستبدلوا بهم الماكينات، العالم الحر يكرم الحيوان والعالم الإسلامي يستعبد الإنسان ".
- ومن أجمل الاستنباطات، استنباطات صفحة (أسئلة بلا أجوبة):
" س: عباده الأرحام والله أم الله وحده:- وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {1} النساء
س: المسلمين حُمُر:_فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ {48} فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ {49} كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ {50} فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ {51} المدثر. حُمُر اي حمير!؟
س: النحل له عقل:_ وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً (4) () فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {4} النساء.
س: الله روح ام نور نورة [الصواب: نوره] مثل مصباح في مشكاة:_ يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {187} يوسف ".
س: الكبد أم الترائب (صدر المرآة):_
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ {4} البلد.
تناقضها سورة الطارق.خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7} الطارق ".
هل علِم كاتب تلك الصفحة لِمَ أسئلته بلا أجوبة؟ فقد جعل المسلمين يعبدون الأرحام .. والمشركين في الجنة، بينما المسلمون في النار كأنهم حُمُرٌ مستنفرة. والنحل له عقل .. ورَوْح الله (5) () رُوحه .. والخاتمة: الإنسان خُلِقَ من الكَبِد!
- أما صفحة (أكذوبة الإعجاز العلمي) فتستخف بالزقزم (الزقوم) طعام أهل النار: " "شجرة الزقزم طعام الاثيم": قد يكون الزقزم نوعا من شجر الضريع من الجحيم ولكن كيف يصير الشجر فيها ماء الغسلين يؤكل؟؟؟؟ ". وتكرار كلمة (الزقزم) مرتين دليل على أنها ليست خطأً مطبعياً.
- كما أضافت صفحة (أكذوبة الإعجاز العلمي) فائدة غير مسبوقة إلى علم التجويد، وهي وجود مدٍّ في كلمة (أَحَدٌ) في سورة الإخلاص: " واليهود في صلاتهم يمدون الصوت في لفظهم "أحد" كما يفعل المسلمون الى اليوم ".
- أما صفحة (يوم قبل وفاة محمد) فتعلِّم المسلمين كيف ينقدون الحديث الشريف متناً .. " من حديث عائشة أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتها ... قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح (6) () ".
البيوت يومئذ ليس فيها مصابيح لكن عائشة ترى النبي يغمزها لترفع قدمها. هل يعقل أن تكون عائشة قد ذكرت ذلك؟!! ".
لجهل الكاتب لم يعلم معنى الغمز في اللغة، جاء في معجم مقاييس اللغة: " الغين والميم والزاء أصلٌ صحيح، وهو كالنَّخْس في الشيء بشيء ". (7) ()
هذا هو الأصل في الغمز، أما ما ظنه الكاتب فهو الاستعارة .. كما بين معجم مقاييس اللغة: " ثم يُستعار. ومن ذلك: غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً. ثم يقال: غمزَ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل. والمَغَامز: المعايب. وفي عقل فلانٍ غَمِيزةٌ، كأنَّه يُستضعَف. وممّا يستعار: غَمَزَ بجفنه: أشار. ومنه: غَمَزَ الدابةُ من رجله، كأنّه يغمز الأرضَ برجله ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وما فعله رسول الله ? كان نخسُ رِجل أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها (8) ()؛ وفي البخاري رواية أخرى تبين صحة ذلك المعنى: " .. لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللَّهِ ? يُصَلِّي، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ فَقَبَضْتُهُمَا ". (9) () ولهذا استدل به من يرى عدم وجوب الوضوء من لمس المرأة. (10) ()
- وقد تطور الأمر بصفحة (شخصية المسيح في الإنجيل والقرآن) بنقد متن القرآن الكريم: " و هل كان هدف القرآن الكلام عن بقرة بني إسرائيل وحديث الإفك، و زيد بن حارثة، و تحريم العسل الأسود على زوجاته ".
والحق أنه حرم العسل على نفسه عليه الصلاة والسلام، ثم كفر عن يمينه. (11) ()
- يدعونا (دي هانز) في صفحته (دعوة للتفكير) إلى البحث عن كتاب غير موجود في جميع أنحاء الكرة الأرضية، وهو كتاب المصاحف لأبي داود: " ترى ما هي المسافة بين رواية حفص وبين محمد؟ ماذا حدث في كل تلك الفترة ومع كل هؤلاء، ومن أرد معرفة العجب فعليه بكتاب المصاحف للساجستاني والإتقان في علوم القران للسيوطي والمصاحف لأبي داود وغيرهم ".
فكتاب المصاحف هو لابن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى، وليس لأبي داود ـ الأب ـ كتاب اسمه المصاحف .. وقد اختلط الأمر عليه، فظن (الأب والابن) واحد .. كعقيدتهم في التثليث!! فانظر ما يجر إليه التثليث من مصائب! (12) ()
- وفي سبيل حشد أكبر عدد من الأدلة على صدق خرافة الغرانيق، جعلت صفحة (تعليقات على الإسلام) من التابعين صحابة! " يُرْوَى عن قتادة (13) () ومقاتل (14) () -من أصحاب محمد- ... " ثم كررت ذلك مرة أخرى، وزادت عليهما شخصية وهمية تدعى " إلياس ": " إنها مروية عن فريق من الصحابة، كقتادة ومقاتل وإلياس ". (15) ()
------------------------------
هذا جزء من منهجية الطاعنين بالقرآن الكريم، دليل عدم وجو دليل علمي واحد ... واحد على الأقل يدل على كون القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى ... مما ألجأ أولئك إلى المنهج غير العلمي ... فكانوا أضحوكة الناس!!!
==========================
) 1) إن كان قصي بن كلاب جامع قريش وموحدها، وصاحب السقاية والرفادة. دخيل على مكة فمن الأصيل؟ أما نسب سيدنا محمد ? فهو كما ذكر البخاري في كتابه التاريخ الكبير 1/ 5: " محمد رسول الله صلى الله وآله وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب من مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن المقوم بن ناحور بن تارح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم ". كما ذكره المطهر المقدسي في كتابه البدء والتاريخ 4/ 131: " محمد ? بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم ".
) 2) هن: " ثامار " الزانية [تكوين: 38]، و "راحاب " الكنعانية الزانية [يوشع 2/ 1]، و " راعوث " المؤابية [سفر راعوث كاملاً]، وزوجة أوريا واسمها " بتشبع " التي زنت مع داود ـ حاشاه عليه الصلاة والسلام ـ[صموئيل الثاني: 12]. ولعل ذاك سبب نفي يسوع أن يكون جده داود، انظر: إنجيل متى: 22/ 45.
) 3) تلك الفرية ـ وانقلابها عليهم ـ شبيهة بفرية أثارها النصارى قديماً، حين حدثت بين الإمام الباقلاني وأكبر قساوسة النصارى بين يدي ملك الروم وعدد من القساوسة، مناظرة ومما جاء فيها: قال القس: " ما فعلت زوجة نبيكم؟ وما كان من أمرها فيما رُميت به؟ " فأجاب القاضي الباقلاني: " هما امرأتان ذكرتا بسوء: مريم وعائشة. فبرأهما الله عز وجل .. وكانت عائشة ذات زوج، ولم تأت بولد. وأتت مريم بولد، ولم يكن لها زوج ". فبهت من في مجلس الملك. بتصرف عن كتاب: فقه الدعوة إلى الله، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني 2/ 564.
) 4) النَّحْلُ: أن تعطي شيئاً بلا عِوَض. انظر: معجم مقاييس اللغة، ابن فارس 5/ 310 (نحل).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: في هذا التعبير القرآني البليغ تكريم للمرأة، فعبَّر عن مهرها بأنه عطية بلا مقابل. أي: المهر ليس ثمناً لها، أو تعويضاً .. وفي الوقت ذاته، حق واجب لها (أي ليس كالهدية) .. ولو بحثت في اللغة عن كلمة تسد مكان " نِحْلَة " لن تجد. فسبحان الله!
) 5) أي: فَرَج الله ?. انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي9/ 252.
) 6) رواه البخاري في الصلاة باب الصلاة على الفراش (382) ومسلم في الصلاة باب الاعتراض بين يدي المصلي (512).
) 7) لابن فارس 4/ 310 (غمز).
) 8) وكان ذلك بيده الشريفة ?، قال محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود2/ 284: " الغمز والعصر والكبس باليد ".
) 9) في الصلاة باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد (519). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وانظر: النسائي في الطهارة باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة (167)، وأبو داود في الصلاة باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة (712).
) 10) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 5/ 226. ونصب الراية، الزيلعي1/ 71. والمغني، ابن قدامة 1/ 124.
) 11) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 18/ 178. وقد روى النسائي في السنن الكبرى 3/ 356 (5614) باب قوله جل ثناؤه: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها" أَنَّ النَّبِيَّ ? كَانَ يَمْكُثُ عِنْدِ زَيْنَبَ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً فَتَوَاصَيْتُ وَحَفْصَةَ: أَيُّنَا مَا دَخَلَ النَّبِيُّ ? فَلْتَقُلْ إِنِّيْ أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْر، فَدَخَلَ عَلى إِحْدَيْهِمَا فَقَالَتْ ذَلكَ لَهُ، فَقَالَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً ". وقال النسائي بعد أن أورد الحديث: إسناده جيد صحيح.
قلت: المغافير، جمع مغفور وهو صمغٌ يُستخرج من بعض الأشجار. انظر: غريب الحديث، القاسم بن سلام 2/ 256.
) 12) هذا الخطأ عينه وقع فيه أحد أشد المنصرين في أندية الحوار الديني ويدعى (الدليل والبرهان) حين ذكر في الرد رقم (195) على موضوعه الذي حمل عنوان: " ما هذا التحريف الذي نجده في القرآن يا ربي؟ " ذكر أن من مراجعه في إثبات التحريف المزعوم للقرآن الكريم ما يلي: " المصاحف لأبي داود السجستاني، باب المصاحف العثمانية / اختلاف ألحان العرب في المصاحف / ص 42 ". فتحداه الباحث أن يصور الصفحة الأولى من الكتاب الذي زعم أنه رجع إليه .. وظل يراوغ!! حتى جاء الرد رقم (251) حين بيَّن له الباحث الاسم الحقيقي لمؤلف كتاب المصاحف وهو ابن أبي داود السجستاني، فاعتذر المنصر بأنه قال (أبو داود السجستاني) للاختصار!! ومثله كثير .. فقد ذكر أحد اللادينيين في النادي ذاته ـ ويدعى (العلماني) ـ أنه رجع بنفسه إلى كتاب " الكامل لابن كثير " وذكر المجلد والصفحة! وبعد عدة أيام، زعم المنصر (الراعي) أنه رجع إلى " الكامل للزمخشري "!!
) 13) هو قتادة بن دعامة السدوسي، تابعي، حافظ العصر وقدوة المفسرين والمحدثين، كان من أوعية العلم، معروف بصدقه وعدالته وحفظه، (ت117هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 5/ 269 - 283.
) 14) مقاتل بن سليمان البلخي، تابعي، كذَّبه وكيع. وقال البخاري عنه: مقاتل لا شيء البتة. قال الذهبي: أجمعوا على تركه. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 7/ 201 - 202.
) 15) أوقع ذلك الخلط المنصرينَ الذين ينقلون عن تلك المواقع حرفياً (بالقص واللصق) بتلك الأخطاء أيضاً .. ومن الأمثلة على ذلك أن أحد المنصرين في نادي الفكر العربي ويدعى (البابلي) قال لي مرة: " ما هذا التناقض يا رحيم، مرة تقول إن سعيد بن جبير تابعي، ومرة تقول إنه لم يرَ الرسول؟!! ". فظن أن تعريف التابعي: من رأى رسول الله ?؟!!
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Oct 2005, 01:11 م]ـ
الأخ عبد الرحيم هذه من لطائف انحراف الفهم والجهل الذلان لا يمكن ان ينفكا عن كثير من أعلام المستشرقين، فضلا عن جهلة النصارى، وإن كنت أرى أن بعضهم يقصد ذلك من أجل التشويه والتعمية على القارئين؛ لأنه يعلم أن قوله سيسري ويتأثر به من يتأثر.
ولا زلت أعجب من زهو المستشرقين بعلمهم، وإحساس بعضهم بأنه فهم لغة العرب، وأدرك من شريعتنا ما لم يدركه علماؤنا.
والأعجب من ذلك من يتلقف هذا من جهلة أبناء جلدتنا، ويتغنى به شرقًا وغربًا.
إذ كيف لرجل عاش أكثر من ربع قرن بلغة قومه، ثم تعلم لغتنا في سنوات معدودة، ويريد أن يصل إلى ما وصل إليه أوائلنا، بل يفوقهم؟
هذا مستحيل بلا ريب.
لكن ـ من باب الإنصاف ـ طرائق البحث التي سلكوها، وأسلوب الموازنات التي عملوها، وأسلوب الإحصاءات التي اعتمدوها، وغيرها من الأساليب قد أفاد في بعض مجالات البحث العلمي، لكن ليس لهم فيه السبق المطلق كما يريد أن يصوره لنا المنغمسون في بطون الاستشراق من بني جلدتنا.
لذا كان من المستحسن النظر إلى أعمالهم بنظر الناقد المستفيد، فيردُّ ما يخرج من مثل هذه التوافه العجيبة الغريبة، ويخرج من بحوثهم بما ينفع ويُجدِي.
أما المنصرون الذين جاءوا بقصد الإساة، فأولئك لا يخرج منه ما ينفع أصلا، وإن خرج فهو عن غير قصد، بخلاف بعض المستشرقين الذين ينشدون المعلومة من حيث هي معلومة، فيخرج من بحوثهم شيء يفيد الباحث في العلوم.
لذا لا يُستغرب أن يخرج من هؤلاء المنصرين ما يضحك منه الطفل الرضيع، وأسأل الله لكم العون في هذا الباب الذي ولجتموه، وهذا الثغر الذي وقفتم عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[27 Oct 2005, 07:29 م]ـ
لا يسعني الاّ أن أشكر الدكتور مساعد الطيار المحترم على ما تفضّل بالتمييز بل من التفريق بين الفئتين وهما المنصرون والمستشرقون. أما الأولى فقد نبهت مرارا على الترك لما جاؤوا به بسبب أغراضهم لا علافة لها بالعلم. أما الفئة الثانية وهي تختلف في منهجيتها ونتائج أبحاثها عما المسلمون عليه , خاصة ما يمس الدراسات القرآنية.
كل عام وأنتم بخير جميعا حيث ما كنتم.
ـ[الباجي]ــــــــ[28 Oct 2005, 11:02 م]ـ
بل هما كما قال الشاعر:
ما الشّنْفَرَى وسُلَيْكٌ في مُغَيّبَةٍ - - إلا رَضِيعَا لِبَانٍ في حِمَىً أَشِبِ
فما أهمله هؤلاء قام بها أؤلئك، وما أهمله أؤلئك قام به هؤلاء. المسألة توزيع أدوار ليس أكثر ولا أقل.
ولا يهم مخالفتهم لمناهج المسلمين ونتائج أبحاثهم، المهم هل وافقوا المنهج العلمي؟!!
دراسات كبارهم وأساتذتهم تدل على أنهم عن المنهج العلمي الموضوعي، والبحث النزيه السوي في أبعد منزل.
ومن شك في هذا فهاهي ذي كتب ... نولدكه وجولدزيهر وشاخت وماسنيون وفلهاوزن وكايتاني وكولسون ومنتغمري وات وبروكلمان ولامنس وروبسون و شبرنجر و هوروفونس وفنسنك ومرجليوث ... وغيرهم كثير فلينظر فيها الناظر بميزان العلم، والمنهج العقلي الصحيح وليخبرنا بماذا يرجع.
والنادر لا حكم له، فكيف إذا كان أقل من النادر؟!!!
ـ[موراني]ــــــــ[29 Oct 2005, 11:37 ص]ـ
ان لا يتم الفصل بين العلم والدين فلن يزال كلام (الباجي) في محلّه.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[29 Oct 2005, 12:32 م]ـ
أستطيع موافقة موراني ومخالفته في الوقت ذاته ...
فللاستشراق دور في خدمة كتاب الله تعالى فهذا صحيح، ولكن الأمر ليس بيدهم بل لطبيعة القرآن الكريم المعجز.
فلا يوجد كتاب في الكرة الأرضية تعرض للبحث والنقد كالقرآن الكريم، ومع ذلك لم تزده الدراسات إلا رسوخاً.
لغاية الآن رغم المليارات التي صرفت لنقد القرآن الكريم وآلاف (علماء) الاستشراق وتلاميذهم ممن يتسمون بأسمائنا .. لغاية الآن لم نجد أي دعوى تمس القرآن الكريم بنقد يستحق الوقوف عنده
سواء كان طعناً في مصدره أم محتواه.
لذا: أقر لك دكتور موراني أن الاستشراق قدم خدمات للقرآن، ولو علم أكثرهم أن جهودهم ستثمر هذه الثمرات الإيجابية لتوقفوا ..
وإليك هذه القصة:
ذكر خيري منصور في كتابه " الاستشراق والوعي السالب " ص: 129 قصة عن راهب اسمه (ريكولدو دامونتكروتشي) سافر إلى الشام والعراق، أواخر القرن الثالث عشر الميلادي. مكث في الجامعة النظامية. وتعلم العربية ودرس القرآن .. ولما عاد إلى موطنه كتب عدداً من الكتب في مدح القرآن والحضارة الإسلامية .. ثم بعد فترة انقلب انقلاباً مفاجئاً وألف كتاباً بعنوان: " تفنيد القرآن ". مما حيَّر مستشرقاً معاصراً يدعى (بوزاني) الذي قال: إما أنه أصيب بجنون مفاجئ، أو فقد الذاكرة .. ولكنه ما لبث أن رجَّح تعرضه إلى (ضغوط سياسية منظمة) دفعته إلى الكذب والتلفيق، مما سبَّب ذلك التناقض! وقال (بوزاني): " إنه الإسلام، عدونا التاريخي الأول ". واعترف بأن المثقفين الغربيين حينما يفاضلون بين الملل، يفضلون البوذي أو الطاوي أو الهندوسي على الإسلام! رغم أن القرآن كتاب سماوي ككتبهم، ويأمر أتباعه باحترام سيدنا عيسى.
قلت: أليس هذا مصداق القول الخالد من الله تعالى: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " [النساء: 51]؟ أشهد أن القرآن الكريم حق!
==========
ننتقل إلى جهود الاستشراق دعماً للتبشير ..
أقول: إن الاستشراق والتبشير كالجناحين للتنصير
فما يسمى (دراسات المستشرقين) يعطي المادة الخصبة للمنصرين الذين يعملون على نقد القرآن الكريم لعامة الناس، واتهامه بالتناقض والخطأ والتحريف ...
ولدي عشرات الأمثلة من استشهادات المنصرين بكلام للمستشرقين على تحريف القرآن الكريم.
يقول د. دي بارت إن من أهداف الاستشراق: " إقناع المسلمين بلغتهم، ببطلان الإسلام، واجتذابهم إلى الدين المسيحي ". انظر: المستشرقون والقرآن، د. محمد حسين الصغير، ص15
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن .. وكالعادة حتى تلك المنهجية غير الموضوعية في نقد القرآن الكريم كانت سبباً في دراسات إسلامية لنصرة القرآن الكريم، زادت الإسلام رسوخاً والقرآن الكريم ثبوتاً ..
وإليك القصة التالية:
كانت تلك المنهجية سبباً في إسلام الشاب (فارس) الذي أرسله أبواه المارونيان من لبنان إلى مالطا سنة 1848م للالتحاق بمدارس الإرسالية الأمريكية. وبقي يتعلم فيها اللاهوت لمدة أربعة عشر سنة. ولما نبغ، أرسلت بريطانيا في طلبه عن طريق وزير خارجيتها الذي توسط لدى حاكم مالطا للسماح له بالذهاب إلى بريطانيا؛ لترجمة الكتاب المقدس إلى العربية. وكان المشرف على عملية الترجمة مستشرق يدعى (لي)، وكان فارس يترجم بأسلوبه البليغ أروع ترجمة. ولكنه تفاجأ عندما رأى المستشرق (لي) يحرِّف ترجمة كل جملة تنتهي بالواو والنون، أو الياء والنون؛ بزعم أنها مشابهة للقرآن. كما غيَّر عبارة " وأنتم على ذلك شهود "، إلى " وأنتم شهود على هذا " للسبب ذاته .... فاختلف مع البريطانيين وسخر بهم، ووصفهم بعدم الأمانة العلمية، والجهل بأصول الترجمة .. فطردوه، عندها اتصل بالفرنسيين ـ الذين ألمحوا له سابقاً بحاجتهم إليه ـ ولكن المستشرقين الفرنسيين لما علموا بمواقفه مع المستشرقين الإنجليز، شنوا حملة إعلامية ضده، وصدوه. فاستدعاه باي ـ أي والي بالتركية ـ تونس، وفي تونس أعلن إسلامه، وسمى نفسه: أحمد فارس الشدياق .. وكان من أشهر أدباء نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، توفي بالأستانة عام 1887م.
انظر: الاستشراق والوعي السالب، خيري منصور، ص226 - 228.
=-=-=-=-=-=-=-=-
وسبحان من كانت هذه الأساليب غير العلمية في النقد، دليلاً قوياً من أدلة إلهية وعصمة كتابه الكريم؛ فلو وصلوا إلى نتائج صحيحة، بمقدمات منطقية إلى دليل واحد، واحد فقط يصلح في نقد القرآن الكريم، لما تخبطوا كل هذا التخبط ولوصلوا إلى ضالتهم، بحرف المسلم عن دينه منطقياً وعقلياً دون تأثير وسائل التنصير بالترغيب المادي الشهيرة.
ومن ثم كان ما ينفقونه من مال ووقت وجهد يصب في مصلحة الدعوة الإسلامية، فلولا التبشير والاستشراق لما نهضت الأمة فكرياً، ودافعَ الحقُّ الباطلَ .. ولولا الاحتلال لما توقدت شعلة الجهاد والاستشهاد .. كما لولا طعنهم في الإعجاز القرآني، لما تبدَّت أروع مظاهره في شتى الجوانب والمجالات ..
تلك سنة الله في الكون: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " [الأنفال: 36].
يحسبون أنهم بالمنهجية غير العلمية سيهدمون الإسلام .. بهدم مصدره الرئيس. وذلك بعد تفكير وروية، حين أعيتهم المنهجية العلمية لإثبات تحريفه وخطئه بلا فائدة. وصدق الله تعالى في وصفهم بصفتهم الأليق بهم: " إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " [الأنعام: 116]، يا لروعة التعبير القرآني! الظن هو القائد وهم المَقودون الأتباع.
نعم، لقد سلكوا تلك المنهجية غير العلمية لأنهم يعلمون أن المسلم يتمنى صادقاً أن يسلك كل الناس المنهج العلمي الصحيح عند البحث، لأن ذلك لنا لا علينا " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " [العنكبوت: 49]. فالعلم يدعو إلى الإيمان: " وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ .. " [الحج: 54].
------------------
خاتمة بطرفة ...
في إحدى المناظرات بين الباحث وأحد المنصرين على شبكة الإنترنت. بيَّن الباحث بالأدلة والوثائق أن الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم الغربي، بشهادة علماء الغرب. فما كان من المنصر إلا أن أحضر وثائق لجمعيات إسلامية تشير إلى حالات تنصير لفقراء من الجزائر والكونغو وأندونيسيا. فرد عليه الباحث: " على فرض أن هذا التنصير تمَّ بلا اضطرار أو هدف دنيوي، كالطمع بالهجرة أو التعليم أو طلب العلاج .. وغير ذلك. فهو يعني أن الإسلام ينتشر حيث يكثر العلم، والنصرانية تنتشر حيث يكثر الجهل ".
فبهت المنصِّر وانقطع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الباجي]ــــــــ[29 Oct 2005, 11:05 م]ـ
المسلمون لا يستقيم لهم أن يفصلوا بين الدين والعلم، وليس في أذهانهم شئ من هذا أصلا، لسبب سهل قريب المأخذ = لأن دينهم يدعوا إلى العلم، وقام على العلم، وينتصر دائما للعلم، وثبت لدينا كونه دينا صحيحا كاملا شاملابالعلم، والمسلمون عرفوا سلامة دينهم بالعلم ... ولا يتعارض دينهم معالعلم الصحيح في شئ أبدا ... فكل ما ثبت بالعلم النافع فالإسلام يتبناه ويدعوا إليه ... ومن شك في هذا فليأتنا بشئ ثبت بالعلم النافع الصحيح عارضه الإسلام أو تناقضمعه. أو ليثبت لنا بالعلم الصحيح مخالفة شئ من أصول الإسلام كتابه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - في ثبوته وحجيته لشئ من العلم أو المنهج العلمي العقلي المجرد.
ولست في حاجة هنا إلى التأكيد على أن المراد بالإسلام هو ماقاله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأما كلام المجتهدين من أمة الإسلامفمحتمل للصواب كما هو محتمل للخطأ، وليس من دليل يثبت له العصمة فلا يحتج علينا أحد باجتهادمجتهد منهم لم يوفق لإصابة الحق، أو خالف العلم بطريق أو بآخر، أو يحتج علينا بأقاويل طوائف مرقت من الدين كما يمرق السهم من الرمية من ضلال الشيعة ... أخزاهم الله فليس هؤلاء من أهل الإسلام لا في قبيل ولا دبير، وكلامهم ليس بحجة على أحد من المسلمين أصلا.
فاللجؤ في معرفة الحق إلى ضرورة فصل الدين عن العلم، أو بلغةأخرى: اتهام كل مخالف لآراء المستشرقين أو غيرهم من بني علمان بأن منطلقه إيمانمطلق بصدق القرآن أو السنة = كلام لا معنى له إلا التهرب من منطق المنهج العلميالمحض ... وهو في أول الأمر وآخره حجة من أعوزته الحجة ... لأن الأكثرية من العلماءالذين جادلوا من ذكروا - في كل مناحي المعرفة - لم ينطلقوا في نقاشهم إلا من حجج عقلية وعلمية محضة، اتفقالعقلاء كافة على حجيتها وصحة بناء الدعاوى عليها.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[29 Oct 2005, 11:59 م]ـ
أحسب أن تغيير عنوان المشاركة الأصلية إلى: " من غرائب تأويل العوام " يكون أوفق و أليق، كيلا يحسبه القارئ أنه من تأويل العلماء - الذي ينظر فيه - حيث يظن - بادئ ذي بدء - أن ذلك الكلام له وجه في الاعتبار، و هذا لا ينتقص من طرافة تلك الأقوال بعد معرفة محلها و مرادها،
و لعل ذلك لا يقطع سياق تلك الطرائف، حيث قطعها حديث الاستشراق و طعونه، التي مرجعها أمر آخر غير طريف في الغالب الأعم
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[30 Oct 2005, 12:08 م]ـ
وجاء في صفحة (تعليقات على القرآن): " وكان محمد مولعاً بالاستماع إلى سجع الكهّان في سوق عكاظ ...
كثيراً من التشريعات الإسلامية كانت موجودة عند العرب قبل الإسلام كحدود الزنا والسرقة وشرب الخمر ...
وذهب بعضهم إلى أن بعض الصحابة كان يجيز القراءة بالمعنى ".
كما ورد في صفحة (مَن الأعظم؟): " استاء محمد من بعض أتباعه في المدينة? لأنهم خبأوا في بيوتهم أطعمة وكنوزاً ولم يشاركوا فيها المهاجرين من مكة ? فأنذرهم قائلاً إن المسيح سيأتي عن قريب وسينبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم لأن له عيناً خارقة ? ".
ومما جاء في صفحة (الجذور الوثنية): " المجوس يا سيدي موحدون بالله ...
الكعبه كانت مسجدا مسيحيا على زمن بني جرهم ....
وطبعا، لا ننسى القرآن نفسه عن خبر مسجد ضرار (كنيسة) التي احرقها محمد لان الراهب ابو عامر (النعمان الصيفي) نافس محمد في المدينة! ....
لقد كانت السور الأولى في النزول على الشكل الذي تعود الكهان الوثنيون القدماء وضع نبوآتهم فيه ...
القران كله ينقض قصة المعراج .... ".
ولتكتمل الصورة في الرؤية الشاملة لمنهجيتهم، إليكم هذا التعقيب الذي دخل به المنصِّر (آبانوب) على موضوع قدمه الباحث في نادي الفكر العربي تحت عنوان: " قبسات من الإعجاز البياني في القرآن الكريم ". ليحرف الموضوع عن مساره المؤثر في إخوانه النصارى .. ومما كتب (آبانوب) في الرد رقم (51) على الموضوع بتاريخ (23/ 5/2004م) تحت عنوان: " تابع أساتذة محمد في الشعر ":
" لقد تلقى محمد الدروس الأولى على يد الأستاذ زيد بن عمرو نفيل في الذبائح لله فكان زيد لا يأكل مما ذبح للأوثان بينما محمدا كان غارقا فيها ..
القرآن مقتبس من شعر الخنساء ..
ورقة بن نوفل ... كان شاعرا وتتردد أشعاره في أصقاع الجزيرة ..
عمر بن الخطاب كلما خاف من الموت وذكر الآخرة هرع إلى أبيات القس ورقة يرددها وهي تدل على تغلغل وتجذر أشعار القس في النفوس وشيوعها في أصقاع جزيرة العرب .. ".
والآن إلى المفاجأة الكبرى التي فجرها المنصِّر (آبانوب) ..
" وبموت ورقة فتر الوحي وأنقطع مدة تضاربت فيها الأقوال وأقدم محمد على الانتحار بعده ".
ويجزم الباحث أن هذا الكلام ليس للمدعو (آبانوب)؛ والدليل على ذلك، أن منصِّراً آخر اسمه (الراعي) قال الكلام ذاته حرفياً في الرد رقم (32) على موضوع له حمل اسم: " القرآن ومصادره العربية واليهودية والمسيحية وغيرها " بتاريخ (3/ 7/2004م).
وبعد طول بحث عن المصدر الأصيل لتلك الشبهة، وجد الباحث ذلك في كتاب: " القرآن في الشعر الجاهلي " المنشور في موقع المنصِّرَة " ناهد متولي " (1).
هم بكل تلك العجائب من الاستباطات والأحكام، لا يبحثون عن الحق .. ولا يُرشِدون إليه، ولكنهم يقولون ما قال أسلافهم من قبل: " .. لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " [فصلت: 26]
================
1) ناهد محمود متولي، منصرة مصرية معاصرة، اشتهرت بأشرطتها التنصيرية السمعية، واستضافة المنصر القمص زكريا بطرس، ببرامج تلفزيونية حول أخطاء القرآن الكريم المزعومة. زعمت أنها كانت مسلمة وتنصرت بعد رحلة عمرة، رمت فيها الجمرات (!!) وبعدها غيرت اسمها إلى " فيبي عبد المسيح ". ومن العجيب أن موقعها يخلو من مناظراتها (التي تعد بالعشرات) مع دعاة مسلمين على الإنترنت، مكتفية بمحاضرات صوتية لها!! وهذا دليل على أن الغلبة لم تكن لها في أيٍّ من تلك المناظرات، انظر أبرزها في موقع: صوتيات شبكة الحقيقة:
http://trutheye.com/soind/sounds.php?tasneef=5
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Nov 2006, 08:30 ص]ـ
.
ولكي نعود بالكلام إلى مسار عنوانه ونردد بالفضل على منشئ بيانه، فهذه واحدة من غرائب التأويل وقعت عليها من مدة في ثمرات الأوراق لابن حجه الحموي رحمه الله وهي كالتالي:
(ومن غريب التفسير ما نقلته من الإعلام أن في قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى) أقوالا ذكرت في أحكام مخارج القرآن، أحسنها ما ذكره بض المتكلمين أن العرب كانت إذا وجدت شجرة منفردة في فلاة من الأرض لا شجر معها، سموها ضالة، فتهتدي بها على الطريق، فقال الله تعالى لنبيه: (ووجدك ضالا فهدى) أي وجدتك لا أحد على دينك فهديت بك الخلق إلي) أهـ.
قال ابن الشجري عفا الله عنه: كم يعجبني مثل هذا القول: ولكن لم أجد مايسنده من أثر مرفوع أو موقوف أو مقطوع أو لغة، إلا أن معناه لا يخلو من وجه حسن وإن كنا لانحب أهل الكلام فالله أعلم، فمن وجد له أصلا فليفدنا رحمه لله.
وقد أشار لهذا القرطبي في تفسيره واستحسنه على ما أذكر.
وقد راجعت تفسير الآية في جمهرة كبيرة من كتب التفسير فلم تطب نفسي لشئ كما طابت لما في كتاب الله من قوله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا). فظني أن هذا أحسن تفسير لها، وإن كان جماعة من أهل التفسير يصب كلامهم حول هذه الآية نصا أو استظهارا والله أعلم.
*ومن الطريف ما ذكره أبو حيان عند هذه الآية ـ نقلا عن تتمة الشيخ عطيه محمد سالم رحمه الله للأضواء ـ قال رحمه الله: ولقد رأيت في النوم أني أفكر في هذه الجملة، فأقول على الفور: ووجدك: أي وجد رهطك ضالا فهداه بك، ثم أقول على حذف مضاف نحو واسأل القرية.
ثم قال الشيخ عطيه رحمه الله: وبهذه المناسبة أذكر منامين كنت رأيتهما ولم أرد ذكرهما حتى رأيت هذا لأبي حيان، فاستأنست به لذكرهما. ثم ساقهما رحمه الله فقف عليه هناك فإنه مليح.
*أقول وقد جمعت جملة صالحة من مثل هذه (المنامات العلمية)، ستسرك عند الوقوف عليها إن شاء الله، ففيها نقل عن أبي حيان نفسه في موضع آخر من تفسيره، وعن القتيبي كذلك , وغيرهم إلى السقاف شارح ديوان المتنبه الكندي والرافعي رحم الله الجميع.
وربما نتبعه بذكر أثر تعلق العالم أو طالب العلم بعلمه وفنه حتى يستولي على فكره يقظة ومناما، ونذكر كذلك ما وقعنا عليه ولازال عالقا بالذهن عن بعض الفضلاء كالجاحظ والمالقي والشنقيطي وغيرهم من أهل العلم والأدب، إن شاء الله.
على حد قول بعضهم: وأظنه الصرصري.
إذا تغلغل فكر المرء في طرف = من علمه غرقت فيه خواطره
___________
تذييل:
ومن الملاحظ أن ابن حجة رحمه الله قد أشار إلى مصدره في هذا النقل، وهو كتاب الإعلام للقرطبي.
أقول: وهو كتاب (الإعلام في معرفة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام)، ولا أدري ما خبر وجوده فضلا عن طبعه.
والقرطبي/ هو صاحب الجامع المفسر المعروف رحمه الله، والذي لفت ذهني قول أحد الفضلاء ـ محقق كتاب التذكرة للقرطبي، ط / دار المنهاج ـ في ترجمته له أثناء تعداد مؤلفاته وذكره لهذا الكتاب من بينها، بأنه لم يقف عليه ولا على من أشار إليه، فقلت: في نفسي ها قد وقفنا بحمد الله على نقل منه من أحد علماء القرن التاسع الهجري، فليت هذا النقل يصل إليه حتى يسربه، فمن عرف الرجل فليذكر الأمر له، أو يرشدنا إليه، حتى يكون هناك بر وصلة لرحم العلم بين أهله وطلابه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Dec 2010, 06:39 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عبدالرحمن على هذه الإضافة.
وليتك تتحفنا بمثل هذه المنامات، فموضوع منامات المفسرين فيها لطائف كما تفضلت، وقد قرأت بحثاً عن منامات القراء في تفضيلهم بعض القراءات على بعض ونحو ذلك مما يتعلق بالقراءات، وفي كتب التفسير منامات فيها اختيار لبعض المعاني دون بعض أو نحو ذلك مِمَّا يتصل بالتفسير، وأرجو ألا يأتي علينا يوم نرجح فيه بين أقوال المفسرين بالمنامات، وحسبنا ما فيها من اللطائف.
وقد مضى على وعدكم يا أبا عبدالرحمن أكثر من أربعة أعوام، فهل من وفاء بهذا الوعد؟
وفقك الله ونفع بك.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[21 Dec 2010, 08:06 ص]ـ
.
(ومن غريب التفسير ما نقلته من الإعلام أن في قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى) أقوالا ذكرت في أحكام مخارج القرآن، أحسنها ما ذكره بض المتكلمين أن العرب كانت إذا وجدت شجرة منفردة في فلاة من الأرض لا شجر معها، سموها ضالة، فتهتدي بها على الطريق، فقال الله تعالى لنبيه: (ووجدك ضالا فهدى) أي وجدتك لا أحد على دينك فهديت بك الخلق إلي) أهـ.
أظن والله أعلم أن اللغة والسياق تستوعب هذا المعنى. وهذا ومثله الى باب الاستنباط أقرب. ومن مثله تأويل ابن عباس بقرب اجل النبي عليه الصلاة والسلام من خلال سورة النصر.
فمن المعلوم أن النبي معصوماً قبل النبوة وبعدها. والضلال على معناه الاصطلاحي لا يخلو أمره من معصية. فما هو نوع الضلال الذي كان عند النبي عليه الصلاة والسلام قبل النبوة؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[21 Dec 2010, 10:16 ص]ـ
أظن والله أعلم أن اللغة والسياق تستوعب هذا المعنى. وهذا ومثله الى باب الاستنباط أقرب. ومن مثله تأويل ابن عباس بقرب اجل النبي عليه الصلاة والسلام من خلال سورة النصر.
فمن المعلوم أن النبي معصوماً قبل النبوة وبعدها. والضلال على معناه الاصطلاحي لا يخلو أمره من معصية. فما هو نوع الضلال الذي كان عند النبي عليه الصلاة والسلام قبل النبوة؟؟
عصمة الأنبياء قبل النبوة محل خلاف بين أهل العلم؛ وكذا عصمتهم بعد النبوة من صغائر الذنوب التي لا تزري بالمنصب ولم تكن مما يزري بالمروءة فقد اختلفوا هل تجوز على الأنبياء وإن جازت هل وقعت منهم.
وأما قبل النبوة فالجمهور على أنه لا يمتنع وقوع الذنوب منهم عقلا سواء كانت صغيرة أو كبيرة؛ إلا أن تكون شركا بالله تعالى أو جهلا بأسمائه وصفاته ونحو ذلك فقد قال بعض أهل العلم إن ذلك ممتنع عليهم.
واختلفوا قبل ذلك في معنى العصمة.
والله تعالى أعلم.(/)
اختيار رائع توصل له أحد الباحثين حول حكم البسملة
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[22 Apr 2005, 04:46 ص]ـ
لقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في حكم البسملة،وهل هي آية من كتاب الله في غير سورة النمل، وإذا كانت آية فهل هي آية من أول كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من أول كل سورة، أو أنها إنما كتبت للفصل بين السور لا على أنها آية؟
والذي ظهر لي هو استقرار الخلاف في المسألة بحيث لم يأت قول يرفعه، اللهم ما اختاره بعض الأحناف من كونها آية واحدة مستقلة متكررة وردت للفصل بين السور، وقد اطمأن الناس إلى هذا الاختيار بحيث إنه يكاد يكون اختيار من بحث الخلاف في المسألة، وقد يبحث الباحث الخلاف وقد وضع نصب عينه هذا الاختيار0
والسؤال: وما الثمرة المترتبة على هذا الخلاف بحيث يحتفل به علماء الفقه وأصوله وعلماء التفسير وأصوله؟
الجواب: أنه ينبغي أن ينضم لهذا الاهتمام بهذه المسألة علماء العقيدة حتى يأخذ الاهتمام الذي يستحقه وذلك بظهور حساسية الخلاف وأهمية البحث في المسألة، وذلك لأن الثمرة من الخلاف ذات مساس مباشر بمسائل العقيدة0
وقد أعجبني في هذا السياق ما اختاره بعض الباحثين؛ وهو الدكتور موسى بن علي فقيهي عميد كلية الشريعة بجامعة الملك خالد حالياً والأستاذ في قسم أصول الفقه في الكلية نفسها في بحث منشور في مجلة جامعة أم القرى عن البسملة وحكمها، وقد توصل إلى رأي جديد في المسألة وهو: أن البسملة آية من كتاب الله عملاً لا علماً، والفرق: أن كونها آية علماً يقتضي كفر من جحد كونها آية؛ لإجماع العلماء على كفر من جحد شيئاً من كتاب الله، ولا كذلك لمن قال بكونها آية عملاً، كما أن من قال بأنها آية عملاً يترتب عليه جواز قراءتها لمن نذر بأن يقرأ آية من كتاب الله، وكذلك لا يجوز قراءتها للجنب، وتجوز قراءتها في الصلاة كونها مما تيسر من القرآن0000 وغير ذلك0
وقد ذكر لي فضيلة الدكتور هذا الاختيار ولم أقرأ البحث لعدم تيسر وقوفي عليه، وذكر فضيلة الدكتور أنه قد وقف على أصل هذا الرأي في كتاب الاصطلام في الفقه لابن السمعاني (وعلى حد علمي أنه لا يزال مخطوطاً) وقد اطمأن الباحث لهذا الاختيار0
وهذا ما فهمته من كلامه، ويجب التحقق من حقيقة الاختيار بالعودة لمجلة الجامعة؛ فما آفة الأخبار إلا رواتها0
أحببت نشر هذا الرأي للمناقشة والفائدة وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأرجو من لديه جديد أو تأييد أو اعتراض أو تسديد أن يذكره وعلى الملأ ينشره، فالأبواب مفتوحة والصدور منشرحة، وفق الله الجميع0
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[22 Apr 2005, 04:54 ص]ـ
نسيت ذكر رابط بحث الدكتور المنشور في مجلة جامعة أم القرى
لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها
المجلد (17) العدد (32)
ذوالقعدة 1425هـ
ورابط البحث هو http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag32/islamy/klaf.pdf
علماً أنه لم يعمل معي ربما لخلل فني من الموقع نفسه0
ورابط المجلد والعدد في المجلة هو
http://www.uqu.edu.sa/level.php?m_id=1162210&articl_id=6
وفق الله الجميع0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2005, 05:04 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم أبا عبدالمحسن على هذه الفائدة، وهذا البحث للدكتور موسى كنت طبعته قبل مدة من موقع المجلة على الانترنت، ولم يتسن لي النظر فيه لانشغالي، غير أني أحرص على قراءة بُحوثِ الدكتور موسى لكونه مِمَّن تتلمذتُ عليهم في أصول الفقه، فقد درَّسني مادةَ أصول الفقه في كلية الشريعة، وهو من خير من يُحرِّرُ المسائل الأصولية، وما تعلمتُ تَحريرَ مَحلِّ النِّزاعِ في المسائل الأصولية إِلاَّ من فضيلته وفقه الله، فقد كان كثير اللَّهجِ بِذلك وتكراره عند كل مسألةٍ. ولم أتنبه للمسألة التي أشرتم إليها إلا الآن جزاك الله خيراً.
والبحث الذي أشرتم إليه عنوانه:
الخلاف الأصولي في قرآنية البسملة وأثره في الأحكاموملخصه كما جاء في مقدمته:
جاء البحث في مقدمة وتمهيد، وسبعة مطالب، وخاتمة.
وقد بحث في التمهيد دوران المسألة بين القطعية والظنية، وانتهى إلى أنها من مسائل الظن والاجتهاد، وليست بقطعية. وحَرَّرَ مَحَلَّ النِّزاعِ في المطلب الأول، وأَنَّه لا نزاع بين العلماء في أَنَّ البسملة بعض آية من سورة النمل، ولا نزاع أنها ليست آية من سورة براءة، والنِّزاعُ إنما هو في قرآنيتها في كل موضع كتبت فيه بين سورتين.
وفي المطالب الثاني والثالث والرابع ذكر أقوال العلماء في المسألة وأدلتهم ومناقشاتها وأبرزها أقوال أئمة المذاهب الأربعة:
- مالك: أَنَّها ليست آية من القرآن مطلقاً، وإنما هي للتبرك.
- والشافعي: أنها آية من أول كل سورة، الفاتحة وغيرها.
- وأبي حنيفة وأحمد هي آية من القرآن مستقلة، ليست من الفاتحة، ولا من غيرها، وإنما هي للفصل بين السور.
وبَيَّنَ المطلب السادس سبب الخلاف وأنه الخلاف في اشتراط تواتر ما هو من القرآن، بِحَسب مَحلهِ، ووضعه، وترتيبه.
والمطلب السابع للقول المختار، وهو أنها آية من القرآن للفصل بين السور، عَمَلاً لا عِلماً، وبِهذا الجمعِ تَرتفعُ شُبهةُ التكفير مِن نافي قرآنيتها لمثبتها، والعكس.
ويبقى الخلاف في الفروع الفقهية المبنية على كونها آية عملاً، أو ليست بآية، وقد اشتمل المطلب الأخير على هذه الفروع.
وقد قمت بوضع هذا البحث في مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية ليتسنى للإخوة الفضلاء الاطلاع عليه، وهو بصيغة PDF فلا بد لقراءته من برنامج Acrobat Reader . وهو يقع في 79 صفحة.
الخلاف الأصولي في قرآنية البسملة وأثره في الأحكام ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=92&book=935)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[22 Apr 2005, 07:24 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن، ونفع بعلمك وجهدك، وبعد أن رأيت الرابط لم ألو على شيء وقمت بتحميل البحث لك شاكراً ولمعروفك - في الملأ - ذاكراً، ولكنني حرت في طريقة النسخ من على الورد من من الأكروبات ولذلك أرجو إفادتي بذلك علماً أن هذه مشكلة مزمنة معي في الكتب والبحوث التي أحملها من النت وهي بهذا الامتداد0
أشكر لك كريم تجاوبك وعظيم اهتمامك والشكر سلفاً يزف إلى جنابك نظير ما قمت وتقوم به دائماً0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Dec 2005, 10:09 م]ـ
صدر عن المجمع الثقافي بأبي ظبي (1425هـ) - الإمارات كتاب:
البسملة
http://www.tafsir.net/images/bsmlah.jpg
للإمام أبي محمد عبدالرحمن بن إسماعيل الدمشقي الشهير بأبي شامة المقدسي (ت665هـ) رحمه الله، وهو مؤلف كتاب (المرشد الوجيز) في علوم القرآن وهو من الكتب المتقدمة والمتميزة في علوم القرآن.
وقد قام بتحقيقه الأستاذ عدنان بن عبدالرزاق الحموي في رسالة ماجستير تقدم بها إلى جامعة القرآن الكريم بأم درمان السودان.
وهذا الكتاب - كما ذكر المحقق- استوعب مسألة البسملة بحثاً وشرحاً وتحليلاً، ولا نكاد نجد كتاباً غيره اهتم بالبسملة بهذا العمق والشمولية والتفصيل. وقد استوعب المؤلف مسائل البسملة في العلوم المتعلقة بها جميعاً، وقال في مقدمته: (اعلموا رحمكم الله أن مسألة البسملة معدودة باعتبار تقريرها من مشكلات المذهب، والخصوم لنا فيها الفرق الثلاث، المالكية في أصل قراءتها، والحنفية والحنابلة في الجهر بها. والكلام يستمد من علوم ثلاثة: الحديث، والفقه، والأصول. وربما تشبثت بشيء من علمي القراءة والعربية، وأنا إن شاء الله تعالى موفيها حقها من كل من هذه العلوم بمعونة الله وتوفيقه) [ص110].
والكتاب جاء مع الدراسة والفهارس في 821 صفحة من القطع العادي. وقد ذكر المحقق في تقديمه للكتاب الكتب والرسائل المصنفة في موضوع البسملة، المخطوط منها والمطبوع، وهي دراسة قيمة.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[06 Dec 2005, 12:16 ص]ـ
بارك الله فيكم.
تطمئن النفس إلى قول المالكية، وحديث أبي هريرة: (قسمتُ الصلاة ... ) دليل قوي على قولهم.
أين أجد كتاب أبي شامة يا أبا عبد الله في الديار السعودية؟
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[06 Dec 2005, 01:05 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالله ولا حرمك الأجر
وهل تعتقد أنه يمكن تحميل الكتاب قريباً في الموقع؟
تقبل وافر تحياتي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Dec 2005, 12:56 م]ـ
الكتاب يباع في مكتبة التدمرية والرشد والعبيكان، وأظن مكتبة العبيكان موزع معتمد لكتب المجمع الثقافي. وأما إتاحة الكتاب على موقعهم على الانترنت فلا أظنهم يفعلون ذلك، وإنما يكتفون بصورة الغلاف ومعلومات عنه.
المجمع الثقافي ( http://www.cultural.org.ae/A/publication/publication.htm)
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[09 Dec 2005, 02:14 ص]ـ
أثابكم الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Mar 2007, 11:57 م]ـ
قرآنية البسملة في أوائل السور ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=34103#post34103)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[31 Mar 2007, 01:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الإخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فهذا كتاب آخر خصصه الأستاذ قاسم الزهيري التافراوتي ـ حفظه الله ـ لدراسة البسملة. وقد صدر الكتاب بالدار البيضاء سنة 1410 هـ / 1990 م.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6460de954ae651.jpg
ترجمة المؤلف: هو قاسم الزهيري التافراوتي، ازداد بمدينة تفراوت سنة 1941 م، حيث حفظ القرآن الكريم، والتحق بمعهد محمد الخامس بتارودانت سنة 1956 حيث نال شهادة الطور الأول: الابتدائي. و في بداية سنة 1960 التحق بجامعة القرويين بفاس إلى غاية 1963 حيث نال شهادة الطور الثانوى الأول، ليلتحق بالتعليم كمدرس. كما مارس الخطابة منذ 1979 م.
فهرس موضوعات الكتاب:
الباب الأول: قرآنية البسملة.
الفصل الأول: نزولها.
الفصل الثاني: فضل البسملة.
الفصل الثالث: تحليل البسملة.
الباب الثاني: إشكالية البسملة.
الفصل الأول: مشكل بسم الله.
الفصل الثاني: معالجة الاختلاف فيها.
* أئمة المذاهب.
*المصادر و المراجع.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
مسيل اللعاب والمخطوطات في مدينة لايبزيج , ألمانيا
ـ[موراني]ــــــــ[22 Apr 2005, 10:40 م]ـ
يسرني أن أخبر محبي التراث الاسلامي بأنّ القائمة للمخطوطات , التي جرت الحديث عنها في هذا الملتقى , كانت موضوع البحث في مكتبة جامعة لابزيج في الفترة ما بين نهاية عام 2004 الى الآن وذلك تلبية بطلبي للبحث عن تلك المخطوطات النادرة التي جاء ذكرها في هذه القائمة.
هناك الفهارس المطبوعة للمخطوطات الاسلامية كما هناك أيضا قائمة داخلية للمخطوطات (تقريبا 100 مخطوطا) التي اقتنتها المكتبة في النصف الأول من القرن العشرين الي جانب 55 مخطوطا اقتنتها المكتبة عام 1996.
أما العناوين المذكورة للمخطوطات التي عثر عليها محمد وجدي الخالد , تلميذ الشيخ حماد الأنصاري , فانها غير معروفة في هذه المكتبة على الاطلاق.
أما ذكر (فهرس مكتبة دار العلوم الجرمانية في الألمانيا الشرقية) فلا أساس له اذ ليس هناك (دار العلوم) في لايبزيج. أما البحث في مجموعة المخطوطات غير المفهرسة فسيسمح لي بالدخول الى مخازن المكتبة عند زيارتي لمدينة لايبزيج.
وهنا يطرح السؤال: أين هذا الشخص الذي يسمي نفسه بـ (محمد وجدي الخالد , لبناني الجنسية) الذي قام بزيارة المكتبة عام 1990 وعام 1995؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Apr 2005, 02:52 ص]ـ
بشرى سارة، ونرجو أن تجد فيها ما يضيف جديداً للعلم إن شاء الله.
ـ[موراني]ــــــــ[24 Apr 2005, 12:03 ص]ـ
عبد الرحمن الشهري المحترم
وفقكم الله ,
أنا شخصيا لست متفاءلا في هذا الشأن , اذ ليست هناك ورقة واحدة مخطوطة تدخل المكتبة (أو تخرج منها) بغير تسجيل من جانب المكتبة.
انّ محمد وجدي الخالد , لبناني الجنسية , كما جاء في هذه القائمة , غير معروف اسما في المكتبة وهو يزعم أنه عثر (هكذا) على هذه المخطوطات هناك.
من يؤكد علاقته بشيخه المذكور بين 1990 الى 1995؟ وأين هو الآن؟
ياليت أن هذه القائمة صحيحة!
بتحياتي الى جميع محبي التراث النفيس
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 Apr 2005, 11:39 ص]ـ
يبدو أن المذكور محمد وجدي الخالد هو رئيس مركز الأنصار في ألمانيا كما ذكر ذلك الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق في رسالته "أولويات العمل الإسلامي في الغرب"
http://www.salafi.net/books/hbook29.html
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Apr 2005, 11:09 م]ـ
د. موراني وفقه الله
كنت صبيحة يوم الخميس (19: 3: 1426) في ضيافة الشيخ عبد العزيز قاري حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، وقد أخبرني أن الشيخ الأنصاري لم يكلَّ في تتبع هذه القائمة حتى توفاه الله، وآخر خبرٍ أنه علم عن امراة ألمانية عجوز كانت تعمل في المكتبة، وكان ذلك بواسطة الملحق الثقافي في ألمانيا، لكن الشيخ توفي ولم يكمل أحد متابعة ما قام به من متابعة هذه القائمة، ولعل الله يبعث من يكمل البحث عنها.
والشيخ عبد العزيز متفائلٌ في وجود مثل هذه النفائس في أماكن من خزائن المخطوطات العامة والخاصة، وقد أخبرني أنَّ في خزانات المكتبة الأزهرية ـ مما لم يفهرس ـ مخطوطات لا تقدَّر بثمن، ومنها نسخة للكشاف كُتبت بعد زمن المؤلف بقليل.
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 11:41 م]ـ
د. . مساعد الطيار وفقكم الله
أشكر لكم على هذه المعلومات , فانني كوني باحثا في التراث القديم النفيس من أجل انقاذه واحيائه في أي مكان كان , أتابع كل ما يصلني من الأخبار بهذا الصدد. وذلك نظرا الى أن القائمة المعنية التي نحن بصددها منذ مدة ما زالت غريبة. وهنا أؤكد لكم بأنني على الاتصال الدائم بهذه المكتبة في لايبزيج من أجل ايضاح هذا الأمر.
انه من الغريب أن هذا الشخص (محمد وجدي الخالد) قد رأى هذه المخطوطات عام 1995 .... أي بعد الاتحاد بين الدولتين.
أما المخطوطات غير المفهرسة في المكتبات , بما فيها الأزهرية وغيرها , التي ذكرتموها اسما ,
فهذا: قضية أخرى أعاني منها أنا شخصيا منذ أكثر من عقدين .... وعلى التواصل.
ـ[عبد الله بن عبد الرحمن]ــــــــ[28 May 2006, 08:20 ص]ـ
قد أشار المباركفوري في شرحه لسنن الترمذي إلى هذه المكتبة و الكتب التي فيها
فلم يقتصر الأمر على الخالدي
و الحقيقة أني أخشى من وهم الناقل، فإنه يصف كتبًا لم يذكر كثير من القدماء وجودها كالمبسوط للبخاري!
(يُتْبَعُ)
(/)
على أن الأمل في وجود نفائس لا يزال باقيًا حتى - و الله - في مكتبات العرب، بل في مكتبات الجامعات في بلاد العرب!
فإن فهارس الكتب لم توضع في أيدي أهل الشأن، و بعض أهل الشأن بنظرة واحدة فقط يستطيع معرفة الكتاب و صحة العنوان المكتوب بخط حديث عليه!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Nov 2006, 10:11 ص]ـ
وردتني على بريدي الالكتروني رسالة الكترونية من فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن الشيخ عبدالله الجبرين وفقهما الله تتحدث عن هذا الفهرس وقد زار الدكتور عبدالرحمن المكتبة المذكورة وهذا نص الرسالة مع بعض التعديلات، وشكر الله لفضيلة الدكتور عبدالرحمن الجبرين اهتمامه بالموضوع.
(السلام عليكم
اطلعت اخيرا على الموضوع الذي كتبه د موراني بتاريخ 04 - 22 - 2005حول مسيل اللعاب الذي هو فهرس لكتب قيمة كان عند الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله
ولوجود معلومات مهمة تتعلق بالموضوع احب ان أضيف المعلومات التالية
زرت الشيخ حماد في منزله رحمه الله في عام 1412ه بصحبة الوالد حفظه الله وقد اطلعنا على كتاب مسيل اللعاب
عرض لي سفر إلى ألمانيا في عام 1415هـ وطلبت من الشيخ نسخة من مسيل اللعاب للبحث عنه فزودني بها رحمه الله وقمت في تاريخ 22/ 9/2005 بزيارة للمكتبة المذكورة وكان استقبالهم لنا جافا وأدخلونا في عدد من القاعات منها قاعة مليئة بصناديق مغلقة قال المرافق معي إنها كتب لم تفهرس
الشيخ محمد الخالد خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة ولا ادري عن مدى صلته بالشخ حماد لكني التقيته في زيارتي تلك ورافقني لزيارة المكتبة وهو بحسب بطاقة العنوان الموجودة لدي منذ تلك الزيارة مستشار القضاء الشرعي في ألمانيا ورئيس مركز الأنصار الإسلامي
......
لا أعلم اليوم عن الشيخ محمد الخالد شيئا
من وجهة نظري المذكور ... لعله يبالغ نوعا ما ولهذا تمنيت أن معي غيره ممن يفهم اللغة الألمانية لأني لاحظت أنه يزيد في الكلام ويكاد يجزم بوجود شيء مع أني لم ألحظ شيئا ذا بال حتى الصنايق الذي فهمته من الحوار أنها مجرد وثائق لا علاقة لها بالتراث الإسلامي والذي أذكره ان زيارته هذه كانت الزيارة الأولى وأنا الذي عرفته بكتاب مسيل اللعاب ولا أذكر أنه يعرفه من قبل ولكن لا يعتمد على الذاكرة فأنا كثير النسيان لكن هذا المنقدح في ذهني اليوم
لدي معلومات وكروت بعد العهد فنسيتها لكن عند الحاجة يمكن التامل فيها
تحيتي للجميع
أخوكم
د. عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين
كلية الشريعة في الرياض)
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[10 Nov 2006, 11:48 م]ـ
إن فقدنا للكثير الكثير من كنوز تراثنا المخطوط لهو من أشد المصائب فبرغم ما كانت حوادث الزمان سبباً في فقدانه من تلك الكنوز فلا زال الكثير منها حبيس المكتبات الخاصة والتنقل بين أيدي تجار المخطوطات بل قد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن عشرات الآلاف من هذه المخطوطات لا يعلم بوجودها إلا من يقتنيها والمصيبة في ذلك هي عدم الاعتناء بهذه المخطوطات كما ينبغي، ومن يلازم تجار المخطوطات يسمع أسماء كتب تباع وتشترى وقد اشتهر بين العام والخاص فقدانها ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[موراني]ــــــــ[10 Nov 2006, 11:59 م]ـ
محمد سعيد الأبرش المحترم
احكي لي
وأنا أشكي لك ....
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[13 Nov 2006, 12:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تحدثت مع فضيلة الدكتور عبد العزيز قارىء حفظه كثيراً عن هذه القائمة وكان بيني وبينه علاقة حيث كان مشرفاً علي في رسالتي في تلك الفترة، وقد سافرت لألمانيا وحاولت الوصول إلى ما ذكر فلم أفلح مع العلم أن الذي كان يترجم لي طالب من الأردن يدرس في السنة الأخيرة من كلية الطب، والمخطوطات الأخري التي كنت أريدها ولم تذكر في تلك القائمة وجدتها في مكتبة برلين و حصلت على نسخ فلمية منها، وأنا في شك يقترب من اليقين أن ما ذكر غير صحيح، وأعتقد أن مما ذكر في تلك القائمة تفسير الإمام أحمد وسبق أن ذكرت في هذا الملتقى المبارك أن الذهبي في السير شكك في تفسير الإمام أحمد والله أعلم(/)
بين ابن عطية والزمخشري
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[23 Apr 2005, 05:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مر معي أثناء مطالعتي لكتاب (فتاوى البرزلي) ما أحببت أن يدلي فيه الأخوة بماعندهم
قال البرزلي ناقلا عن شيخه ابن عرفة ما سمعه منه قال: (وسمعت شيخنا الإمام ـ رحمه الله ـ يقول: في تفسير ابن عطية والزمخشري قال: نخاف على المبتدي من تفسير ابن عطية أشد من الزمخشري لأن الزمخشري لما علم أنه مبتدع تحرز منه الناس وذكروا ما خالف فيه واشتهر، وابن عطية سني لايزال يدخل من كلام الرماني ماهو من مذهبه من الاعتزال في التفسير، ولاينبه الشيخ عليه فتعتقد أنه من أهل السنة وأن الكلام جار على أصولهم وليس الأمر كذلك) أهـ 6/ 418
وبالمناسبة فهذا الكتاب ـ فتاوى البرزلي ـ نفيس للغاية، كأغلب كتب المغاربة فلها من الرونق مالطبيعة تلك البلاد، وعليها ماء الحياة يجري بين سطورها، جريان الجداول في سفوح بلنسية والقيروان.
وبين جنباته أشتات ونوادرليست إلا فيه من مسائل لها تعلق بالقرآن وعلومه، ومثله المعيار للونشريسي،وفيه نقولات عن شيخ الاسلام رحمه الله، لم يتبين لي هل كانت سماعا مما نقل له أم نقلا عن كتبه، وألأغلب أنها من كتبه لكن دون إشارة منه رحم الله الجميع.
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[23 Apr 2005, 05:59 ص]ـ
- رأي شيخ الإسلام في تفسيري الزمخشري وابن عطية.
قال شيخ الإسلام:
"و (تفسير ابن عطية وأمثاله) أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيراً ما ينقل من (تفسير محمد بن جرير الطبري) وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدراً، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف، لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة، لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب" (الفتاوى 13/ 361).
وفي كلام شيخ الإسلام من الفوائد ما يلي:
1 - تفضيل شيخ الإسلام لـ (تفسير ابن عطية) على تفسير (الزمخشري) مما يدل على اطلاعه التام على التفسيرين كليهما، ولقد كنت بحمد الله ممن اطلع على هذين الكتابين واستفدت منهما فوائد لغوية وبلاغية عظيمة .. ولم يكن تفسير ابن عطية عندي عندما كان يدرسنا شيخنا الجليل الذي لم تر عيني مثله، ألا وهو أستاذي محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله وجزاه عنا أحسن الجزاء، وكنت أكتب عنه عندما كان يلقي علينا في الجامعة الإسلامية، ثم لما وقع تفسير ابن عطية في يدي وجدت طرفاً عظيماً مما يلقيه شيخنا في هذا الكتاب وخاصة الشواهد العربية لمعاني ألفاظ القرآن.
2 - الزمخشري وابن عطية وإن كانا من المعتزلة إلا أنهما (كانا أقرب إلى أهل السنة) وهذا يفيدك أنه كان من أتباع الفرقة الواحدة من هم أقرب للسنة من بعض.
3 - إنه يجب أن يعطى كل ذي حق حقه وذلك عند التقييم والسؤال. وهذا يهدم الأصل الذي أراد أن يؤصله بعض من كتب في هجر المبتدع أنه لا يجوز أن تذكر حسنة لمبتدع.
منقووووووووووووووووووول0
من كلام الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق في كتابه: موقف أهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة 0
وهذا رابط: http://www.salafi.net/books/hbook20.html
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2005, 06:10 ص]ـ
أخي ابن الشجري
أحسنت الإفادة في هذا الموضوع، وذلك يدخل في نقد كتب التفسير، وقد وقفت قديمًا على كلام ابن عرفه هذا في كتاب عون المعبود، ونسب نقله إلى ابن حجر، وكنت أطنه يعني الحافظ صاحب فتح الباري، حتى وقفت على سؤال وُجِّه إلى ابن حجر الهيتمي، فعلمت أنه هو المقصود بالنقل عند صاحب عون المعبود، وهذا ما ورد في كتاب الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي.
سئل ابن حجر الهيتمي: هل في تفسير ابن عطية اعتزال:
فأجاب بقوله: ((نعم، فيه شيء كثيرٌ، حتى قال الإمام المحقق ابن عرفة المالكي: يُخشى على المبتدئ منه أكثر ما يُخاف عليه الزمخشري؛ لأن الزمخشري لما علِمت الناس منه أنه مبتدع تخوفوا منه، واشتهر أمره بين الناس مما فيه من الاعتزال ومخالفة الصواب، وأكثروا من تبديعه وتضليلة وتقبيحه وتجهيلية، وابن عطية سُنِّي، لكن لا يزال يُدخل من كلام بعض المعنزلة ما هو من اعتزاله في التفسير، ثمَّ يُقِرُّه ولا يُنبِّه عليه، ويعتقد أنه من أهل السنة، وأن ما ذكره من مذهبهم الجاري على أصولهم، وليس الأمر كذلك، فكان ضرر تفسير ابن عطية أشد وأعظم على الناس من ضرر الكشاف)). الفتاوى الحديثية، لابن حجر الهيتمي (ص: 242).
وهذا من أشدِّ ما وُجِّه لابن عطية من النقد من جهة الاعتقاد، ـ وهو كما ترى ـ من قول قوم يوافقونه على مذهبه، ولي تعليق على مقدمة محققي كتاب المحرر الوجيز (ط: قطر) عند كلامهم على نقد شيخ الإسلام لمعتقد ابن عطية، ذكرته في شرحي لمقدمته، وهي قيد الطبع، ولله الحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 May 2005, 03:53 ص]ـ
آيناس
قلت (2 - الزمخشري وابن عطية وإن كانا من المعتزلة إلا أنهما (كانا أقرب إلى أهل السنة) وهذا يفيدك أنه كان من أتباع الفرقة الواحدة من هم أقرب للسنة من بعض.))
أما الزمخشري فمعروف أما إبن عطية فهو مفسر على منهج غالبية هذه الأمة وليس معتزليا قطعا----ومن السهل عليك معرفة ذلك من تتبع آيات يدندن بها المعتزلة
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[11 May 2005, 12:47 ص]ـ
يبدو أن أخي العزيز لم يتنبه إلى كلمة (منقوووووووووووووول) فأنا نقلت كلام الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق من موقع (سلفي) كما يظهر وشكراً للتداخل0
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 May 2005, 03:50 ص]ـ
يبدو أن أخي العزيز لم يتنبه إلى كلمة (منقوووووووووووووول) فأنا نقلت كلام الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق من موقع (سلفي) كما يظهر وشكراً للتداخل0
نعم لم أنتبه لأن (منقوووووووووووووول) غير " منقول " قطعا
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[11 May 2005, 10:59 ص]ـ
انا ارى ان يذهب الكرام الى كتاب رائع اسمه منهج ابن عطية في التفسير للدكتور عبد الوهاب فايد
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 May 2005, 02:39 م]ـ
أخي الدكتور جمال
وهل تحمل رأيا خاصا في الموضوع----أنا مطلع عن قرب على تفسير إبن عطية وهو على منهج غالبية الأمة--فما رأيك(/)
آراء علماء السلف في كتب التفسير
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[23 Apr 2005, 06:14 ص]ـ
قد يرى الإخوة الفضلاء فتح هذا الملف لإبراز آراء علماء أهل السنة في كتب التفسير وجمع ذلك في موطن واحد ليعرف المبتدئ الكتب التي ينصح بها المنتهي، وإن كان في بعض هذا الجهد تكراراً إلا أن المكرر قد يكون أحياناً احلى،
ويشترط لذكر رأي أي عالم أن يكون موثقاً من كتابه بالجزء والصفحة مع ذكر الطبعة إذا كان قد طبع أكثر من مرة، ولعل هذا يكون نواة لمشروع يتضمن توثيق بعض الآراء التي تعود طلبة العلم على ذكرها ونسبتها لعالم معين من غير عزوها لمصدر محدد وخاصة من أمثال ما يعزى للأئمة الأربعة المتبوعين في المذاهب الفقهية وشيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأئمة التفسير المشهورين وعلماء الجرح والتعديل كالذهبي وابن حجر وابن حبان وغيرهم 0
ولعل مثل هذا الصنيع يسهم في مساعدة الباحثين على توثيق ما سمعوه من مقولات لم يظفروا بها في كتب قائليها، وفي هذا حصار للثقافة السمعية التي استغنى بها بعض المتعلمين عن ثقافة القراءة والاطلاع والبحث في المظان0
وسابدأ بإذن الله بهذا النقل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتب التفاسير التالية:
الزمخشري،
البغوي
القرطبي
الطبري
ابن عطية
وهذا كلامه:
"وأما (التفاسير) التي في أيدي الناس فأصحها (تفسير محمد بن جرير الطبري) فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين: كمقاتل بن بكير والكلبي، والتفاسير غير المأثورة بالأسانيد كثيرة، كتفسير عبدالرزاق، ووكيع وابن أبي قتيبة، وأحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه.
وأما (التفاسير الثلاثة) المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة (البغوي) لكنه مختصر من (تفسير الثعلبي) وحذف من الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك.
وأما (الواحدي) فإنه تلميذ الثعلبي، وهو أخبر منه بالعربية، لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع وإن ذكرها تقليداً لغيره. وتفسيره (تفسير الواحدي البسيط والوجيز) فيها فوائد جليلة وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها.
وأما (الزمخشري) فتفسيره محشو بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات والرؤية والقول بخلق القرآن، وأنكر أن الله مريد للكائنات وخالق لأفعال العباد، وغير ذلك من أصول المعتزلة.
و (أصولهم خمسة) يسمونها التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وانفاذ الوعيد، و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكن معنى (التوحيد) عندهم يتضمن نفي الصفات، ولهذا سمي ابن التومرت أصحابه الموحدين، وهذا إنما هو إلحاد في أسماء الله وآياته.
ومعنى (العدل) عندهم يتضمن التكذيب بالقدر، وهو خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات والقدرة على كل شيء، ومنهم من ينكر تقدم العلم والكتاب، لكن هذا قول أئمتهم، وهؤلاء منصب (هكذا بالأصل ولعل المعنى: وهذا ليس مذهب الزمخشري) الزمخشري، فإن مذهبه مذهب المغيرة بن علي، وأبي هاشم وأتباعهم. ومذهب أبي الحسن والمعتزلة الذين على طريقته نوعان: مشايخية وخشبية.
وأما (المنزلة بين المنزلتين) فهي عندهم أن الفاسق لا يسمى مؤمناً بوجه من الوجوه، كما لا يسمى كافراً، فنزلوه بين منزلتين.
و (انفاذ الوعيد) عندهم معناه أن فساق الملة مخلدون في النار، لا يخرجون منها بشفاعة ولا غير ذلك كما تقوله الخوارج.
و (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) يتضمن عندهم جواز الخروج على الأئمة، وقتالهم بالسيف. وهذه الأصول حشا (بها) كتابه بعبارة لا يهتدي أكثر الناس إليها، ولا لمقاصده فيها، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة، ومن قلة النقل عن الصحابة والتابعين.
و (تفسير القرطبي) خير منه بكثير، وأقرب إلى طريقة أهل الكتاب والسنة، وأبعد عن البدع، وإن كان كل من هذه الكتب لا بد أن يشتمل على ما ينقد، لكن يجب العدل بينها، وإعطاء كل ذي حق حقه.
و (تفسير ابن عطية) خير من تفسير الزمخشري وأصح نقلاً وبحثاً، وأبعد عن البدع، وإن اشتمل على بعضها، بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير، لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها.
وثم تفاسير أخر كثيرة جداً كتفسير ابن الجوزي والماوردي. أ. هـ (الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية 13/ 385،388).(/)
طلب ثاني، لعنوان الدكتور شرشال
ـ[بشير الحميري]ــــــــ[23 Apr 2005, 10:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قديما قد طلبت عنوان الدكتور/ شرشال، لأني من المهتمين برسم المصحف، وبعد الآي، وأقوم بالإقراء وتدريس هاتين المادتين في مركز الإمام الشاطبي.
أنا الآن أقوم بوضع: معجم للرسم العثماني.
وقد أنهيت فهرسة كتاب: مختصر التبيين كاملا.
وأنا الآن أقوم بإضافة كتاب: المقنع لأبي عمرو الداني،
وقد أنهيت تحقيق كتاب: حسن المدد في معرفة فن العدد للجعبري، وأخذت به رسالة الماجستير.
وأنهيت أيضا تحقيق كتاب: الفضل بن شاذان في عد الآي، الذي ذكره الشاطبي في: ناظمة الزهر.
لا زلت أكرر رغبتي في الحصول على عنوان صندوق البريدي للدكتور، للأهمية.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2005, 12:33 م]ـ
يمكن مراسلة الأخ أبو تيمية من أعضاء الملتقى، فله به صلة وثيقة جدًّا، وأسأل الله أن يوفقك فيما بدأت، وأن نرى عملك هذا ونستفيد منه، ولي إليك طلب، وهو إن كان بمقدورك أن تتحفنا فيما ذكر في مختصر التبيين مما رُسِم بوجه واحدٍ، والقراءة فيه متعددة، فأنا بحاجة إلى أمثلة، ولعلك وقفت عليها من خلال استقرائك، فإني قد وجدت الألفاظ الآتية (الصراط، لأهب، بضنين).
ـ[بشير الحميري]ــــــــ[26 Apr 2005, 10:18 ص]ـ
فضيلة الدكتور/ مساعد الطيار، حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حينما استعرضت كتاب مختصر التنزيل لجمع كلماته التي تحدث عنها في المعجم، لم أنتبه لمثل هذه القضية، ولكن هناك كلمت أخرى، ويدخل فيها ما حذف من الألف مثل (يخادعون) الموضع الثاني من سورة البقرة، فإنه قرئ بألف وبغيرها، ومثله (ينشركم) قرئت (يسيركم)،ومثل (فتثبتوا) قرئت (فتبينوا) ولا يقال قد اختلفت في النقط، فإنهم -بإجماع- حين كتبوا المصاحف لم ينقطوها لا شكل ولا إعجام.
وأما على الشرط الذي مثلت له، فمن مثل قوله (يتسنه) البقرة: 259، و (اقتده) الانعام: 90، (ماليه) الحاقة: 28 و (سلطانيه) الحاقة: 29، و (ما هيه) القارعة: 10، و (كتابيه) الحاقة: 25، و (حسابيه) الحاقة: 26، فقد قرأها بعضهم بحذف الهاء في الوصل، ولا خلاف بينهم إذا وقفوا.
وأيضا قوله سبحانه (ننجي) في الأنبياء: 88 وفي سورة يوسف (فنجي) يوسف: 110، فإنه مرسوم بنون واحدة إجماعا، وقرأه بعضهم بنونين.
ومنه قوله تعالى (أقتت) المرسلات: 11 رسم بالألف في جميع المصاحف، وقرئ: (وقتت)
وأيضا قوله: (الرسولا) الأحزاب: 66 و (الظنونا):10 و (السبيلا):67 رسمت بالألف في آخرها، وقرأها بعضهم، بحذف الألف وقفا ووصلا.
وقد قرأ بعض القراء بما يخالف مصحف بلده، من مثل قراءة حفص: (عملته) يس: 35، فقد قرأه بالهاء، وهو في مصاحف الكوفة (عملت) بغير هاء.
وأيضا فقد قرأ (وفيها ما تشتهيه) الزخرف: 71، وهي في مصحف الكوفة: (تشتهي).
هذا ما استطعت تلخيصه في هذه العجالة،
وأرجوا المعذرة لعدم الردود سريعا لأني لا آتي الموقع ولا الإنترنت كثيرا.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وهو حسبي ونعم الوكيل.
(ملاحظة للموقع، لماذا تظهر الأرقام بهذه الصورة، مع أن أرقامنا المعروفة أحسن)
ـ[بشير الحميري]ــــــــ[26 Apr 2005, 10:21 ص]ـ
نبهت على الأرقام سابقا، والعراك القائم طويل عريض، والصحيح أن أرقامنا المعروفة هي التاريخية العربية، وتلك عربية ولكن متأخرة.
الملاحظة الثانية: في (أيقونة): (اعتمد الرد) كتبت بهمزة قطع، وهي همزة وصل.
وجزاكم الله خيرا،
وأثابكم وسدد على طريق الحق خطاكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Apr 2005, 10:34 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الحميري على مشاركاتكم القيمة، وملاحظاتكم كذلك.
بالنسبة لهمزة الوصل فقد أُصلحت وفقك الله. وأما الأرقام فهي تظهر بحسب جهازك أنت، إن اخترت الترقيم العربي ظهرت كالأرقام التي يستخدمها الانجليز الآن ويكتب بها أهل الغرب الإسلامي إلى الآن، وإن اخترت الهندية ظهرت كأرقامنا التي نكتب بها في المشرق.
ـ[أثرية]ــــــــ[27 Apr 2005, 07:30 م]ـ
السلام عليكم
إذا تمكنتم من الحصول على عنوانه ورقم هاتفه أرجو أن ترسلوه لي مشكورين
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Apr 2005, 11:16 م]ـ
أخي الحميري
أشكر لكم تجاوبكم، وسأفيد مما ذكرتم إن شاء الله، وإنَّ في الرسم مسائل ممتعة، وطرائف نادرة، لكننا ـ والله المستعان ـ نجهل هذه العلوم، ولا نعرف منها إلا رسمها، فانظر في شرق العالم الإسلامي وغربه من له خِبرةٌ تحقيقية في مثل هذا العلم، أظنُّ ـ وأرجو أن يخيب ظني ـ أنهم قليل.
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[30 Apr 2005, 02:49 م]ـ
أخي الشيخ مساعد - حفظك الله ورعاك - هلا نظرت في كتاب أستاذنا الشيخ محمد محمد محمد سالم محيسن المسمى (الفتح الرباني في العلاقة بين القراءات والرسم العثماني) وهو مطبوع، أظن أنك ستجد بغيتك بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[30 Apr 2005, 02:54 م]ـ
الأخ الحميري،،
أرسلت لك رسالة فيها ما يوصلك إلى الشيخ شرشال، وإذا اتصلت به فأبلغه سلامنا والله يحفظك.(/)
كتابان جديدان في التجويد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2005, 11:43 م]ـ
صدر عن مؤسسة قرطبة كتابان:
الأول: عقود الجمان في تجويد القرآن / نظم برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري (ت: 732)، تحقيق حسن بن عباس بن قطب.
الثاني: جهد المقل وبهامشة بيان جهد المقل للعلامة محمد المرعشي المعروف بساجقلي زاده (ت: 1150)، تحقيق حسن بن عباس بن قطب
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[25 Apr 2005, 06:06 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
بارك الله فيكم على هذه المعلومة المباركة وجعلها الله في ميزات حسناتك
أرجو أن تخبرني عن الكتابين أين طبعا وأين يمكنني أن أحصل عليهما علماً أنّي مقيم حالياً بمدينة الجزائر العاصمة وأنا بحاجّة ماسّة إلى الكتابين
وجزاكم الله خيراً
أخوكم محمد يحي شريف
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Apr 2005, 10:04 م]ـ
الأخ الكريم:
معذرة على نقص المعلومة عن الكتابين.
الكتابان طُبِعا في مؤسسة قرطبة بمصر.
تلفون: 7795027/ 5883117
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2005, 04:32 م]ـ
أخي أبا عبدالملك حفظكم الله.
وجدت الكتاب الأول منهما، وهو منظومة.
وأما الكتاب الثاني فلم أجده، فهل فيه شرح لكتاب جهد المقل، أم هو نفسه الذي أخرجه الدكتور سالم قدوري الحمد؟ أفيدونا حفظكم الله.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 May 2005, 05:04 م]ـ
أخي الكريم عبد الرحمن الكتاب فيه جهد المقل الذي حققه الدكتور سالم، وتحقيقه أنفس من هذا التحقيق، بل لا مقارنة بينهما.
وأما بيان جهد المقل، فقد جعله المحقق في حاشية جهد المقل، وهو تعليقات للمرعشي على كتابه، ولعله يخرج بتحقيق آخر كتحقيق الدكتور سالم.(/)
دراسة فنية لمصحف مبكِّر يعود إلى القرن الثالث
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2005, 11:53 م]ـ
صدر كتاب دراسة فنية لمصحف مبكِّر يعود إلى القرن الثالث عن مكتبة الملك فهد الوطنية، وقد قام بدراسته دراسة فنيَّة الأستاذ عبد الله بن محمد بن عبد الله المنيف، والكتاب قد طُبِع عام (1418)، ولكن الحصول علهي فيه عُسرٌ فيما يبدو.
والمخطوط الذي درسه المؤلف من محفوظات مكتبة الملك فهد.
ويحسن بمن له عناية بتاريخ المصحف من جهة رسمه ونقطه وشكله وضبطه ان يقوم بدراسة مستقلَّة له من هذا الجانب، فالأستاذ الفاضل حقَّقه وأشار إلى شيءٍ من هذه الأمور، لكن لو قام عليه متخصص بالرسم وفروعه لأفاد في مدى جودة هذا المصحف من الجهة العلمية من حيث دقته في الرسم، ومتابعته لما صحَّ عن الأئمة الأعلام.
والمؤلف قد أحسن الصنيع في هذا الكتاب، فوصفه وصفًا فنيًّا فائقًا، ووازن رسم حروفه ببعضالمصاحف و النقوش، وقد وضع صورًا ملونةً لعدد من صفحات هذا المصحف، وهو مؤلَّف جدير بالاقتناء لمن له عناية بالمصحف ورسمه.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[24 Apr 2005, 03:39 ص]ـ
بارك الله فيك يا دكتور مساعد على هذه الفائدة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2005, 04:46 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالملك على هذه الفائدة. كثيراً ما أعرضت عن هذا الكتاب عندما رأيته في المعارض والمكتبات. فجزاك الله خيراً على دلالتك وتعليمك، وقبح الله الجهل، فكفى به داءً لمن ابتلي به مثلي!(/)
ما هي أقدم نسخة مخطوطة للقرآن الكريم؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 Apr 2005, 09:07 م]ـ
هل بقيت إلى هذا اليوم نسخة مكتوبة بالقرن الأول الهجري؟
ـ[موراني]ــــــــ[24 Apr 2005, 10:01 م]ـ
أنظر , يا محمد الأمين , هنا مثلا:
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Mss/
كما انظر الدراسات ل Nabia Abbot
في منشورات المعهد للدراسات الشرقية في مدينة Chicago
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[25 Apr 2005, 01:07 م]ـ
أخي محمد الأمين حفظه الله:
هناك نسختان مشهورتان، وأحدة تنسب لعلي بن أبي طالب والثانية للحسن البصري.
أما نسخة علي بن ابي طالب فهي المحفوظة الآن في ضريح الإمام البخاري في سمرقند وقد كانت وزارة الثقافة السوفيتية زمن لينين استولت عليها ونقلتها إلى المتحف الرئيسي في موسكو.
ولما انهار الاتحاد جرت محادثات لإرجاع المصحف إلى موطنه الأصلي، انتهت بالموافقة على إعادته إلى سمرقند، فلما سمع المسلمون بذلك أعدوا احتفالا على طول طريق الموكب من موسكو إلى سمرقند، وصار الموكب كلما مر على قرية من قرى المسلمين نزعوا ورقة من المصحف لأهل هذا البلد كي يتباركوا فيه!! فما وصل الموكب إلى سمرقند حتى كان قد فقد ثلثيه!!
فلما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ندم المسؤولون على التفريط الذي حصل فأحضروا خطاطين لتقليد خط المصحف وإكمال ما قطعوا منه فأكملوه في مدة وجيزة، وبقي الثلث الأخير من المصحف وهو محتمل احتمالا كبيرا أن يكون بخط علي بن ابي طالب.
وصورة هذا المصحف محفوظة في المدينة في مكتبة الشيخ عبدالعزيز قارئ حفظه الله تعالى، وخبر المصحف عنده تجده مفصلا.
وأما مصحف الحسن البصري فهو المصحف القديم المحفوظ في دار الكتب المصرية والمنسوب إلى علي بن ابي طالب والصحيح أنه للحسن البصري، وهو الذي وجده مستشرق غربي عند بياع جوال، فأعاده لوزارة الثقافة التي أقامت حفلا لتكريمه إبان حكم جمال عبدالناصر.
ولا أدري إن كانت مصورته موجودة عند الشيخ عبدالعزيز قارئ لكنه هو من أخبرني بقصته وبخبر هذا المستشرق.
وأما المصحف العثماني فمنه نسختان أيضا:
واحدة في مصر في مسجد الحسين، عند المقام المنسوب إليه، والثانية في الاستانة.
والله أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Apr 2005, 03:09 م]ـ
حياك الله يا شيخ أحمد، وشكرًا لك على هذه المشاركة النفيسة، ونتمى أن تواصل الملتقى بمشاركاتك.
ـ[موراني]ــــــــ[25 Apr 2005, 06:35 م]ـ
أما المصحف العثماني المذكور أعلاه فلم يجر أي فحص في المادة المكتوب عليها (الرق) من أجل تحديد التأريخ الذي صنع فيه. ان عاد أصل هذا المصحف الى عصر عثمان بن عفان لكان من الأرجح أن يكون خطه الخط الحجازي (أو الخط المائل). والأمر ليس كذلك.
في صنعاء نسخ ترجع عمرها الى القرن الأول الهجري (بعضها الى عام 74 - 76 هـ) وأصلها الحجاز وهي مكتوبة بالخط الحجازي.
نسبة نسخة ما من المصاحف الى صاحبها مثل الحسن البصري أو حتى علي بن أبي طالب لا تساعد كثيرا في علوم المخطوطات ( Codiologie ) بل هذا الفرع من العلوم في حاجة الى فحص c14 من أجل تحديد عمر المواد (الرق والبردي والكاغذ والورق) من ناحية ومن أجل التحقيق على التركيب الكيماوي للحبر وألوانه من ناحية أخرى.
ـ[الباجي]ــــــــ[25 Apr 2005, 06:40 م]ـ
يوجد في معهد إحياء المخطوطات العربية بالقاهرة فيلم لمصحف شريف بخط مغربي، كتبه خديج بن معاوية بن سلمة الأنصاري سنة 47 هجرية بمدينة القيروان، برسم الأمير عقبة بن نافع الفهري.
ولعل هذه مصورة النسخة الأصلية من المصحف الشريف الذي كان يتوارثه ملوك المغرب إلى أيام العلويين حيث أهداه السلطان العلوي عبد الله بن إسماعيل، ضمن مجموعة من المصاحف للحرم النبوي الشريف 1155 هجرية، ويعرف بالمصحف (العقباني) وهو منسوخ بالقيروان من المصحف العثماني، في نفس السنة التي ذكرت في مصورة المعهد.
ولا أدري هل المصحف (العقباني) لا زال موجودا بمكتبة الحرم النبوي إلى اليوم أم لا؟
استفدت ما تقدم من الشيخ محمد المنوني في بحث عن مركز المصحف الشريف بالمغرب.
ـ[موراني]ــــــــ[25 Apr 2005, 06:50 م]ـ
خديج بن معاوية مدني الاصل ولم يحسن الخط المغربي. وأهم من هذا أن الخط المغربي لم يتطور بعد في ذلك الوقت!
ـ[الباجي]ــــــــ[25 Apr 2005, 08:36 م]ـ
كنت أعلم أن أول من سيعلق على هذا الدكتور موراني، فله في القيروان ذكريات، وأي ذكريات.
ما الدليل على أنه لم يحسن الخط المغربي دكتور؟ ثم لعله كتب بعضه، وكتب غيره من أهل المغرب معظمه، ونسب إليه لشرف هذا العمل.
ولا يوجد في المخطوط - حسب ما نقل - أنه كتب بخط مغربي متطور.
ولكن انظر في التاريخ دكتور لعل الاعتراض أو الاستشكال فيه.
ـ[موراني]ــــــــ[25 Apr 2005, 10:19 م]ـ
الباجي , وفقه الله , يقول:
بخط مغربي، كتبه خديج بن معاوية بن سلمة الأنصاري سنة 47
وتعليقي يتركز على هذا القول.
أما قولي:
انّ الخط المغربي لم يتطور بعد في ذلك الوقت , فمعناه أنه لم يكن موجودا كرسم خاص بالمغاربة. للخط المغربي مزايا لا تجدها في المخطوطات في تلك المنطقة التي نسخت حتى نهاية القرن الثالث الهجري. هناك الخط القيرواني المشتق من الخط الكوفي القديم. من الملاحظ أيضا أنّ العقود الأولى من القرن الأول الهجري خاصة بافريقيا لم تكن الا عصر الفتوحات. فمن أين الخط المغربي هناك في ذلك العصر عندما كانت سكان تلك البلاد هم البربر بغير علمهم باللغة العربية على الاطلاق؟
ربما كان من المستحسن ـ وهذا رأيي ـ ان نقول أنّ الخبر عن هذا المصحف الذي ذكرتموه من باب المفاخر , وهي كثيرة , عند الأفارقة والمغاربة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الباجي]ــــــــ[26 Apr 2005, 07:50 ص]ـ
دكتور موراني:
وصف الخط بكونه مغربيا ليس من عندي، وما أظنه من عند الشيخ المنوني، فربما اعتمد على فهرس المعهد.
فلعلك لو زرت القاهرة قريبا نظرت في هذا.
والمصحف المشار إليه مر على العشرات من أهل العلم في القديم، وما سمع أن أحدا أنكر نسبته تلك، اللهم إلا ما نقل من اعتراض الشيخ المسناوي على مسألة تأريخ الكتابة وتأريخ بناء القيروان فقد كان سنة 50 - كما تعلم - وقد أجاب عن ذلك الشيخ المنوني - رحمه الله -.
فلو كان هناك مشكل عندهم في صحة عوده إلى عهد عقبة بن نافع لبينوا ذلك، وما أظن أهل العلم ليفخروا بما لا تصح نسبته في مجال العلم والدين. والله أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 Apr 2005, 07:59 ص]ـ
أشكر الدكتور موراني على هذا الرابط القيم، إذ قد وجدت ما فيه وزيادة. وأحب أن أسأل عن رأيه في أن الفحص الكربوني لمصحف القاهرة أثبت أنه يعود لعصر عثمان بن عفان رضي الله عنه، كما جاء في الموقع؟
ـ[موراني]ــــــــ[26 Apr 2005, 12:55 م]ـ
محمد الامين ,
ليس لي علم بنتائج الفحص الكربوني ونشرها في المجلات العلمية.
ـ[موراني]ــــــــ[28 Apr 2005, 02:31 م]ـ
كنت مترددا في اعادة الحديث في هذا الأمر اذ لا أودّ أن أفتح بابا للمجادلة حول ما ذكر
الباجي (نقلا عمّن سماه) عن مصحف معاوية بن حديج (بن سلمة ـــ كذا) , وهو ابن جفنة , الذي كتبه بالقيروان عام 47 بخط مغربي كما زعم هذا من زعم.
لقد عبّرت عن نظري في هذا الامر الذي لا أساس له تأريخيا.
ودفاعا عن هؤلاء العلماء المعتمد عليهم ذكر الباجي:
فلو كان هناك مشكل عندهم في صحة عوده إلى عهد عقبة بن نافع لبينوا ذلك، وما أظن أهل العلم ليفخروا بما لا تصح نسبته في مجال العلم والدين. والله أعلم
هذا الكلام حسن فلا يعاب اذ انبثق من الاحترام الكامل بهؤلاء العلماء ومن تقدير بمكانتهم في العلم.
الاّ أنهم , للأسف , لم يلفتوا أنظارهم الى أن الخط المغربي لم ينشأ على يد مدنيّ مثل معاوية بن حديج الذي لم ينزل القيروان بل نزل القرن شمال القيروان اليوم وقبل تأسيس القيروان.
وأهم من هذا هو أنّ كتب الطبقات الافريقية لا تذكر شيئا عن هذا المصحف ولا تشير اليه بكلمة ما.
لو صح هذا الخبر لذكره الأفارقة علي شكل من الأشكال , غير أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك حتى بالعبارات: (وزعموا , وقيل ..... الخ).
في الختام: هناك ما نسميه بالمسؤولية العلمية والأمانة عند نشر ما جاء به العلماء ولا بأس أن نشير الى ضعف وعدم صحة ما نشروه وما قالوا في أمر من الأمور كلما تدعو الحاجة الى ذلك.
وهنا دعت الوقائع التأريخية المسلمة بها الى التعديل , بل الى الرفض لما جاء ذكره أعلاه منقولا وبغير مراجعته.
ـ[الباجي]ــــــــ[29 Apr 2005, 02:07 ص]ـ
دكتور موراني:
لم أطلع على تعليقك إلا في هذه اللحظات.
د: ليس هناك مجال للمجادلة، كل ما في الأمر هو البحث، والغرض الاستفادة من خبرتك في مجال المخطوطات وتاريخها، وأنواع خطوطها ...
أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا، هذا أمر منتهى منذ نزل به الروح الأمين، وإلى يوم يرفع من الأرض.
ويأتي باقي التعليق على كلامك قريبا - إن شاء الله -.
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:51 م]ـ
الباجي يكتب في اجابته مشكورا:
أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا، هذا أمر منتهى منذ نزل به الروح الأمين، وإلى يوم يرفع من الأرض.
أقول: أنا لا أشكّ ولم أشك أبدا بما تقولون , غير أنّه ليس موضوع الحوار.
ـ[الباجي]ــــــــ[30 Apr 2005, 08:03 ص]ـ
نعم د: موراني ليس هذا موضوع الحوار.
وإنما قلت ذلك لما فهمته من كلمة مجادلة، وخوفي من أن يكون تركك للحوار - كما ذكرت لي عبر الخاص - بسبب حساسية الموضوع، وأنه ربما انتقل إلى أصل توثيق نقل القرآن. فأحببت أن أطمئنك إلى أن بحثنا إنما هو عن نص محدد، ووثيقة معينة، وأما الأصل فذلك أمر قد فرغ منه.
أعود وأقول د: بالنسبة للمخطوط المشار إليه؛ الذي توجد مصورته بمعهد المخطوطات بالقاهرة أصله محفوظ بالآستانة في مكتبة أمانة خزينة، الملحقة بمكتبة متحف طوب قابي سراي، تحت رقم 44.
كما ذكر ذلك الشيخ الفاضل المطلع محمد المنوني مؤرخ المغرب - رحمه الله رحمة واسعة - في كتابه (قبس من عطاء المخطوط المغربي) 1/ 74. ويضيف - رحمه الله - أنه قد تطابقت نهاية هذا المصحف مع نهاية المصحف (العقباني) الذي ورد ذكره في المصادر التاريخية المغربية المتأخرة نسبيا - مناهل الصفا للفشتالي ت1037 هجرية، وكذا في البستان الظريف، روض القرطاس، وزهرة الآس، وأخيرا الاستقصا - وكل هذه المصادر تجمع على أن هذا هو المصحف (العقباني) وأن ملوك المغرب كانوا يتوارثونه، حتى تم إهداؤه كما تقدم للروضة الشريفة، وبعدها انقطعت أخباره.
بالنسبة للخط الذي كتب به؛ سبق أن أشرت لك د: أن وصفه (بالمغربي) أخذ من فهرس المكتبات المشار إليها، فربما يكون هناك وهم، وأن خطه كوفي، ولذا إلتمست منك أن تتحقق من ذلك لو نزلت القاهرة، والآن تبين أن مصدره من تركيا، فلعل رؤية الأصل أنسب.
وبالنسبة لعدم ذكره في الطبقات الأفريقية فلعله بسبب خروج هذا المصحف من القيروان مبكرا إلى المغرب الأقصى، ولم يقع الاهتمام به في الطبقات الأولى لأنهم كانوا يأخذون الأمر بصورة عادية، ولم يكن يشكل لهم ذلك المعنى الذي يعنيه في هذه الأزمنة المتأخرة.
وقولك: هناك ما نسميه بالمسؤولية العلمية والأمانة عند نشر ما جاء به العلماء ولا بأس أن نشير الى ضعف وعدم صحة ما نشروه وما قالوا في أمر من الأمور كلما تدعو الحاجة الى ذلك.
قلت: هذا كلام حق وصدق، ما دمنا نتبع في ذلك الأسس العلمية المعتبرة.
وقولك: وهنا دعت الوقائع التأريخية المسلمة بها الى التعديل , بل الى الرفض لما جاء ذكره أعلاه منقولا وبغير مراجعته.
قلت: هذا يصح بعد وقوفك على الأصل المشار إليه، ومراجعته ودراسته جيدا ...
عموما د: هذه المسألة - اليوم - تفصل فيها المستجدات العلمية التقنية فصلا يقطع أي صورة من صور الخلاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[30 Apr 2005, 02:00 م]ـ
بهذه التعديلات , يا (الباجي) لم نحصل الى شيء يذكر.
حتى ولو كان الخط كوفيا .... وذلك في عام 47 في افريقيا ... أيضا من المتسحيل لأسباب شتى.
انّ اشاعة مثل هذه المعلومات بغير بحث جدي ومقنع علميا قد بؤدي الى أنّ العامة تكرّرها وتذيعها حيث تنتهي بها راحلتها. ومن هنا فلمثل هذه الأخبار أبعادها لا يتمناها أحد.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 May 2005, 09:25 ص]ـ
محمد الامين ,
ليس لي علم بنتائج الفحص الكربوني ونشرها في المجلات العلمية.
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
لكن ما رأيك بالخط التي كتب به ذلك المصحف؟
ـ[الباجي]ــــــــ[01 May 2005, 09:59 ص]ـ
الكيمياويات تقطع التعديلات والإحتمالات ...
________________________________________
د: موراني.
ما أظنك ظاهريا دكتور حتى تقف عند ظاهر العبارة، أنا قلت: ربما هناك وهم ... وذكرت كلمة كوفي، فلك أن تضيف حجازيا وربما تصدق أو أصدق لو قلت: فارسيا ... وهذا بعد أن تقف على النسخة المحفوظة حيث ذكرت لك، أو نعتمد قول من نثق بفهمه وعلمه بمثل هذه الأمور. وبينت لك أن الفاضل المنوني لم يقف على النسخة بنفسه، وإلا كان قوله - عندي - قاطعا في مسألة الخط هذه.
د: أخبرني لماذا لا يمكن أن يكون الخط مغربيا؟ هل تاريخ كتابة المصحف هو تاريخ أول يوم دخل فيه الإسلام لمنطقة تونس وما حولها؟ هل جاء إلى تونس - فاتحا - عقبة بمفرده؟ أليس الإسلام حريصا - فيما علمتَ - على نشر الكتابة والعلم بين أتباعه؟ أليست العشرين سنة بين دخول الإسلام إلى منطقة تونس وما حولها، وتاريخ كتابة المصحف = كافية لتعلم الكثيرين من أهل تلك الربوع للكتابة بالخط العربي ... ؟ هل خلال العشرين سنة - حسب علمك - لم يدخل أحد من تلك النواحي للإسلام، ويتعلم لغة القرآن؟ أليس هناك ما يكفي من الأسباب لأن يكتب - فعلا - القرآن لأهل تلك المنطقة حتى يعلموا حقيقة الإسلام، وما تضمنه من أحكام ...
الإجابة على تلك الأسئلة - غير المرتبة - تعين على معرفة حقيقة الأمر فيما أظن.
دكتور موراني: أظنني أنصفتك عندما قلتُ في السطرين الأخيرين من مشاركتي السابقة: هذا يصح بعد وقوفك على الأصل المشار إليه، ومراجعته ودراسته جيدا ...
وقولي: عموما د: هذه المسألة - اليوم - تفصل فيها المستجدات العلمية التقنية فصلا يقطع أي صورة من صور الخلاف.
دكتور: بالنسبة لي - شخصيا - ليس هناك ما يدعوني إلى ردّ ما نقله من أشرت لك إلى أسماء كتبهم، وأعلم أن هذا لا يدخل في باب المستحيلات، وإذا أردتُ أن أثبت لك صحة ذلك - مع مراعتي لطريقة تفكيرك إجمالا - لن أثبته لك بغير التحليل الكربوني ... ولو صدقتني بدون ذلك، أو صدقتَ ما تلمسه بيدك، لو أحضروا إليك النسخة - وتركت الإستفادة من العلم الحديث في هذا المجال - لقلت إنك خالفت المنهج (العلمي المادي الصارم) الذي تتبعه.
ـ[بشير الحميري]ــــــــ[01 May 2005, 08:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المصحف الموجود في روسيا، والذي يقال أنه من مصاحف عثمان بن عفان،
دراسة خطوطة لا تساعد على هذه النسبة،
ثم كثرة الأخطاء فيه إما بإنقاص كلمات أو جمل، وقد اعتمد على مصورة منه، د. غانم الحمد في بحثه عن الرسم المصحفي.
ومصاحف كاملة منسوبة للقرن الأول، فيه كلام، ولكن المعروف وجود أوراق منثورة، وكثير منها في الجامع الكبير بصنعاء،
وكان من فضل الله علي أن قمت بدراسة ورقة منسوبة للقرن الأول الهجري محفوظة هنا، وهي بالخط الحجازي، والبحث منشور في مجلة الدرعية،
وفي الجامع الكبير المكتبة الغربية مصحف منسوب للإمام علي بن أبي طالب كما يقولون، والراجح من خطه أنه من القرن الثاني أو الثالث الهجري، نظرا لدراسة الحروف ونظام الكتابة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 Jun 2006, 09:34 م]ـ
لمزيد من المشاركات وخاصة من له علم بما ثبت عن طريق التحليل الكربوني(/)
مشاهدات أبي عبيد القاسم بن سلام في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[25 Apr 2005, 11:45 م]ـ
هذه بعض مشاهدات الامام أبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في مصحف:
قال أبو عبيد:
رأيتُ في الإمام مصحف عثمان بن عفان، استُخرج لي من بعض خزائن الأمراء، ورأيت فيه أثر دمه:
في سورة البقرة [58] (خطيكم) بحرف واحد، والتي في الأعراف [161] (خطيئتكم) بحرفين.
- أراد بالحرف والحرفين، النبرة والنبرتين تكون بين بعض الحروف -
(وميكيل) بغير ألف.
وفي يوسف [31] (حش لله).
وفي الرعد [42] (وسيعلم الكفر).
وفي طه [63] (إن هذن).
قال: وكذلك رأيت التثنية المرفوعة كلها فيه بغير ألف.
وفي المؤمنون [72] (أم تسألهم خرجا).
وفيها [85، 87، 89] (سيقولون لله لله لله).
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن هارون قال حدثني عاصم الجحدري قال: كانت في الإمام مصحف عثمان الذي كتبه للناس (لله لله) كلهن بغير ألف - يعني قوله في المؤمنون (سيقولون لله) - قال عاصم: وأول من زاد هاتين الألفين في المصحف نصر بن عاصم الليثي.
قال أبو عبيد: (ثم تأملتها في الإمام فوجدتها على ما رواه الجحدري)، وكذلك رأيتها في مصحف قديم بالثغر، بُعث به إليهم – فيما أخبروني به - قبل خلافة عمر بن عبد العزيز، فإذا كلهن لله لله بغير ألف (وكذلك هي في مصاحف المدينة وفي مصاحف الكوفة جميعا، وأحسب مصاحف الشام عليها).
(قلت أنا احمد بن فارس: اتفق القراء في الموضع الأول على قراءته بدون ألف (سيقولون لله قل أفلا تذكرون)، واختلفوا في الموضعين الثاني والثالث، فقرأ أهل البصرة (أبو عمرو ويعقوب) بألف، والباقون قرؤوا بدون ألف، واجتماع البصريين على قراءة الموضعين بألف يشعر أنه كذلك عندهم في مصاحفهم، ونصر بن عاصم المذكور في رواية الجحدري من أئمة إقراء البصرة، أخذ هذه الحروف عن أبي الأسود الدؤلي بإسناده عن أشياخه من الصحابة، والله أعلم).
قال أبو عمرو الداني في سياق مناقشة ما رواه أبو عبيد:
كان الحسن يقول: الفاسق عبيد الله بن زياد زاد فيهما ألفا، قال أبو عمرو: وهذه الأخبار عندنا لا تصح لضعف نقلتها واضطرابها وخروجها عن العادة، إذ غير جائز أن يُقْدم نصر وعبيد الله هذا الإقدام من الزيادة في المصاحف مع علمهما أن الأمة لا تسوغ لهما ذلك، بل تنكره وترده وتحذر منه، ولا تعمل عليه، وإذا كان بطل إضافة زيادة هاتين الألفين إليهما، وصح أن إثباتهما من قِبل عثمان والجماعة رضوان الله عليهم على حسب ما نزل به من عند الله تعالى، وما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عبيد: وفي الإنسان [76] (قوارير) الأولى بالألف، والثانية كانت بالألف فحكت، ورأيت أثرها بينا هناك.
وأما (سلسلا) فرأيتها قد درست.
قال أبو عبيد: وقوله (سلسلا) وَ (قواريرا قوارير) الثلاثة أحرف في مصاحف أهل الحجاز والكوفة بالألف، وفي مصاحف أهل البصرة (قواريرا) الأولى بالألف، والثانية بغير ألف.
قال أبو عبيد: رأيت في الإمام (أصحب ليكة) في الشعراء [176] وص [13] بلام من غير ألف قبلها ولا بعدها.
وفي الحجر [78] وَ ق [14] (الايكة)، بالألف واللام.
وقال أبو عبيد:رأيت في الإمام مصحف عثمان رضي الله عنه في البقرة [61] (اهبطوا مصرا) بالألف.
وفي يوسف [7] (ءايات للسائلين) بالألف والتاء.
وفي الكهف [38] (لكنا هو الله).
وفي الأحزاب [10] (الظنونا)، وَ [66] (الرسولا)، وَ [67] (السبيلا) ثلاثتهن بالألف.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:40 ص]ـ
شكر الله لكم يا دكتور أحمد هذه المشاهدات الثمينة، وفي الحق فإن العناية بهذا الجانب العلمي الدقيق من الرسم العثماني وتاريخه تاريخاً يكشف مثل هذه الجوانب غائبة في قاعات الدرس العالي، وتحتاج إلى جهود أمثالكم لنشرها بين طلاب العلم، والعناية بها كما ينبغي. وفقكم الله وسددكم.(/)
دلالة المثلية في آيات التحدي دراسة بيانية ناقدة
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[28 Apr 2005, 11:40 م]ـ
دلالة المثلية في آيات التحدي
دراسة بيانية ناقدة
تقديمالحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان، إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنني لا أكاد أعلم قضية نالت من العناية والاهتمام، وتنوعت فيها الكتب والدراسات مثل قضية الإعجاز في القرآن الكريم.
فكل من تناول القرآن الكريم على أي مستوى من مستويات التناول وقف بلا شك أمام الإعجاز، سواء كان التناول بالشرح والتحليل، أو النظر والتدبر واستخلاص الدروس، أو حتى بالنقد والهجوم.
كل هؤلاء وغيرهم (ممن تناول قضية الإعجاز) وقف أمام عدة آيات يقال لها: (آيات التحدى).
وهذه الآيات - على قلتها – تمثل لب الإعجاز، لأنها تطلب من الخلق كافة ومن المكذبين خاصة الإتيان بمثل القرآن، أو ببعض من القرآن.
ومع كثرة المؤلفات إلا أنك لاتجد مايروي الغلة، ويريح الفؤاد، في توضيح معنى (من مثله) مع أن هذا هو المتحدى به، وهو بيت القصيد وجوهر المراد.
فالتحدي في: (حديث مثله)، أو في (مثل هذا القرآن)، أو (عشر سور مثله)، (أو سورة من مثله).
ذاك هو مناط التحدي.
ليس التحدي في المجيء بأعلى كلام في البلاغة ولا المجيء بأسهل لفظ وأحسن سبك وأجمل أسلوب 0، ولا المجيء بكتاب أو بعض كتاب يشمل تنبؤات عن الزراعة والفلك والطب، وغير ذلك 0
الإعجاز يكمن في هذا اللفظ (المثل) 0
فما المراد بكلمة المثل؟
ذاك هو الموضوع 0
وحقيقة لقد دفعني إلى ولوج هذا الخضمّ ماظهر في عصرنا من كتابات كانت في الماضي تختمر بخمار الخجل، وتتقنع بقناع الحياء، وكانت تغمز حينا وتلمز أحيانا أخرى وتدعى إمكان المجيء بمثل القرآن 0
وظل هذا يبدو ساعة ويختفي أخرى حتى فتحت علينا الأبواب كما تفتح يأجوج ومأجوج، فامتلأت الأسماع والأبصار بكتابات وأصوات يصرخ أهلها ليل نهار، بكلام زعموا أنه (مثل القرآن)، وبهذا يسقط (في زعمهم) التحدي 0
لقد كتبوا كلاما ً على هيئة آيات القرآن الكريم، وحوروا، وبدلوا، لكنهم جاءوا بالهيئة والنسق وتقسيم العبارات ونغماتها وفواصلها، وصارت حربا ثقافية يريدون من ورائها سلخ الأمة من دينها وتشويه الكتاب المقدس الذي يحفظ لها هويتها، ووحدتها،حتى أن الأمر وصل إلى درجة أن يؤلف كتاب سموه (الفرقان الحق) وأرادوا تقريره على العالم الإسلامي والعربي ليكون بديلا عن القرآن الكريم!!!!
لقد وصل الأمر إلى هذا المدى وأكثر، ناهيك عن مطبوعاتهم التي تقذف بها وسائل الإعلام صباح مساء0
ولكي أضع القارئ أمام هذا الذي يسمونه سورا تتحدى القرآن الكريم أنقل لكم سورة واحدة سماها صاحبها سورة الشجرة وقال إن عندي سبعين سورة على غرارها ويستطيع القارئ أن يرجع إلى مثل هذا فى مواقع الأنترنت مثل موقع منتدى نادي الفكر العربي والذي نقلت منه هذه الجمل التي يسميها صاحبها سورة الشجرة، وهاهي تي:
سُورَةُ الشَّجَرَةِ
سُبْحَانَ الّذِي خَلَقَ فَقَدَّرَ (1) وَ جَعَلَ الْقَلَمَ سُنَّةً لِلْعَالَمِينَ (2) وَ أَوْحَى إِلَى فَرِيقٍ مِنَ النَّاسِ لِيُؤْمِنُوا بِاللهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَلاَئِكَتِهِ وَ مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ (3) وَ فَرِيقاً صَدَّ عَنْ الهُدَى فَأَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ تِلْكَ مَشِيئَةُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينِ (4) فَمَنْ شَاءَ الهُدَى هَدَيْنَاهُ إِلَيْهِ وَ يَسَّرْنَا أَمْرَهُ وَ مَنْ رَغِبَ عَنْهُ فَالزَّيْغُ طَرِيقُهُ وَ مَا نَحْنُ بِظَالِمِينَ (5) سُنَّةُ اللهِ مُذْ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ فَرِيقٌ إِلَى جَهَنَّمَ وَ فَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ مُكْرَمِينَ (6) وَ اذْكُرْ فِي الكِتَابِ ذَا الهِمَّةِ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلى بَني إِسْرَائيِلَ وَ أَيَّدْناهُ بِذِكْرٍ مُبِينٍ (7) فَكَذّبُوُهُ وَ قَالُوا إِنْ أَنْتَ إِلاَّ كَاهِنٌ مَجْنُونٌ (8) أَلاَ إِنَّهُم فِي ضَلالِهِم يُوغِلُونَ (9) فَفَجَّرْنَا مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِم مَاءًا حَتّى بَلَغَ الْحَنَاجِرَ فَقَالوُا هذا سِحْرٌ مَكِينٌ (10) وَ غَرِقُوُا فِي اليَمِّ أَوْ كَادُوا يَغْرَقُونَ (11) فَقَالُوا ادْعُ لَنَا الْلّهَ يَرْحَمنَا فَنَكُونُ مِنَ
(يُتْبَعُ)
(/)
التَّابِعِين (12) فَغِيضَ الْمَاءُ إِلَى بَطْنِ الأَرْضِ لَعَلَّهُمْ يُؤْمِنُونَ (13) فَقَالَ لَهُمْ هَذِهِ آَيةُ اللّهِ فَهَلْ أَنْتُم مُهْتَدُون (14) فَقَالُوا إِنَّا قَوْمٌ نَجُوعُ فَأَشْبِعْنَا أَبَدَ الدَّهْرِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِين (15) فَأَنْبَتْنَا لَهُمْ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ شَجَرَةً مُبَارَكَةً تَسْقِيهَا المَلاَئِكَةُ بُكْرَةً وَ عَشِيّةً مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ (16) وَ قُلْنَا لَهُمْ هَذِهِ شَجَرَةٌ مُبَارَكَةٌ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا لاَ يَجُوعُ أَبَداً عَلَّكُمْ تَشْكُرُونِ (17) فَأَكَلُوا مِنْهَا وَ لَمْ يَجُوعُوا أَبَداً وَ مَا كَانُوا مِن الشَّاكِرِينَ (18) فَقَالُوا يَا ذَا الْهِمَّةِ إِنَّا نَشْتَاقُ إِلَى الطَّعَامِ كَمَا يَشْتَاقُ الْعَاقِرُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ فَانْزَعْ عَنَّا الْشَّبَعَ نُعُودُ نَأْكُلُ فَكِهِينَ (19) فَنَزَعْنَا عَنْهُمُ الْشَّبَعَ عَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (20) فَاتَّبَعُوهُ حِيناً مِنَ الْدَّهْرِ وَ أَقَامُوا الْصَّلاةَ وَ آتُوا الْزَّكَاةَ وَ رَكَعُوا مَعَ الْرَّاكِعِينَ (21) فَكَتَبْنَا عَلَيْهِم الْجِهَادَ سُنَّة اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (22) فَقَالُوا كَيْفَ نُجَاهِدُ مَعَكَ وَ فِينَا الْشُّيُوخُ وَ الْغِلْمَانُ وَ الْمَرْضَى وَ الْنِّسَاءُ (23) قُلْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنْ قَرُّوا فِي بُيُوتِهِمْ هَذا وَعْدُهُمْ مِنَ اللهِ الْغَفُورِ الْرَّحِيمِ (24) لَيْسَ عَلَى الْشُّيُوخِ وَ لاَ الْغِلْمَانِ وَ لاَ الْمَرْضَى وَ لاَ الْنِّسَاءِ قِتَالٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَ مَنْ جَاهَدَ عَنْ نَفْسِهِ بِالمَالِ فَقَدْ حَقَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْدِّينِ (25) قَالُوا وَ إِنْ تَظَاهَرَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءُ اللهِ مِنْ خَلْفِ ظُهُورِنَا فَمَاذَا نَحْنُ فَاعِلُونَ (26) فَأَنْزَلْنَا مَلاَئِكَةً مُسَوَّمِينَ يَحْرُسُونَهُمْ فِي الْلَّيْلِ وَ الْنَّهَارِ فَلاَ تَخَافُوا عَلَيْهِمْ وَ أَطِيعُونِِ (27) فَقَالَ قَائِلُهُمْ يَا ذَا الْهِمَّةِ كَيْفَ نُقَاتِلُ مَعَكَ وَ نَحْنُ قَوْمٌ نَجُوعُ حِيناً وَ نَشْبَعُ حِيناً فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُشْبِعْنَا أَبَدَ الْدَّهْرِ فَنَكُونُ لَكَ بِإِذْنِ اللهِ مِنَ الْنَّاصِرِينَ (28) فَارْبَدَّ وَجْهُ الْنَّبِيِّ وَ قَالَ بِئْسَ مَا أَنْتُمْ طَالِبُونَ (29) قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكُمْ وَ رَفَعَكُمْ دَرَجَاتٍ وَ أَمَدَّكُمْ بِالْخَيْرَاتِ وَ أَنْتُمْ أَخْزَيْتُمُونِ (30) هَذَا فِرَاق ٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ (31) وَ مَا تَبِعَهُ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (32) وَ تَرَبَّصُوا بِهِ عِنْدَ الْشَّجَرَةِ الْمُبَارَكَةِ وَ قَالُوا جِئْنَاكَ طَائِعِينَ (33) وَ أَحَاطُوا بِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ مِن الْمُؤْمِنِينَ (34) وَ انْدَفَعَ أَشْقَاهُمْ مِن خَلْفِهِ وَ طَعَنَهُ فَارْتَجَّت الأَرْضُ وَ كَادَتْ تَنْفَطِرُ الْسَّمَاءُ فَقُلْنَا لَهَا اعْقِلِي مَوْعِدُهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ المَآَلِ (35) وَ أَحَاطَهُمْ غَضَبٌ مِن اللهِ فَكَتَبْنَا عَلَيْهِم الْتِّيهَ فِي الأَرْضِ وَ كَتَمْنَا عَلَى أَفْوَاهِهِم وَ عُيُونِهِم وَ قَطَعْنَا نَسْلَهُم إِلاَّ فِئَةً قَلِيلَةً لِتَكُونَ شَاهِدَةً عَلَى سَخَطِ اللهَ وَ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِكُلِّ جَاحِدٍ أَثِيمٍ (36) يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اذْكُرُوا يَوْمَ تَقُومُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ تَجُرُّونَ خَطَايَاكُمْ لاَ يَخْفَى مِنْكُمْ قَوْلٌ وَ لاَ فِعْلٌ وَ لاَ خَاطِرٌ وَعَلَيْنَا تُعْرَضُونَ (37) فَمَنْ نَجَا مِنْكُمْ فَقَدْ آَبَ إِلَى دَارِ الْسَّكِينَةِ أَنْهَارُهَا طِيِبٌ وَ نِسَاؤُهَا أَبْكَارٌ لاَ تُشَارَكُونَ بِهِنَّ وَ إِلَيْهِنَّ تَخْلُدُونَ (38) وَ أَمَّا مَنْ سَقَطَ السَّقْطَةَ الْكُبْرَى فَأُولَئِكَ يُجَرُّونَ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَ آَذَانِهِمْ وَ عُيُونِهِمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ عَلَى بَلاَطِ جَهَنَّمَ يَغْلِي رُؤُوسَهُمْ وَ يُقَالُ لَهُمْ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَهْزِئُونَ (39) كَفَرُوا بِاللهِ وَ مَلاَئِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ قَلَمِهِ وَ قَالُوا مَا
(يُتْبَعُ)
(/)
لَنَا مِنْ مَآَبٍ بَعْدَ مَوْتِنَا وَ هَاؤُمُ الآَنَ يَبْكُونَ (40) وَ أَشْرَكُوا مَعَ اللهِ أَرْبَابَ الْجِنِّ وَ الإِنْسِ وَ مَا لاَ يَضُرُّ وَ لاَ يَنْفَعُ يَدْعُونَهُمْ جَهْلاً وَ لاَ يُعْذَرُونَ (41) وَ لَمْ يَقُومُوا إِلَى الْصَّلاَةِ وَلَمْ يُؤْتُوا الْزَّكَاةَ وَ قَتَلُوا الْنَّفْسَ الْغَافِلَةََ أَلاَ بِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (42) وَ اجْتَمَعُوا عَلَى الْفَاحِشَةِ كَمَا يَجْتَمِعُ الْذُّبَابُ عَلَى جِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ أُولَئِكَ حَطَبُ جَهَنَّمَ وَ أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (43) يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اذْكُرُوا يَوْمَ خَلَقْنَاكُمْ مِنْ عَدَمٍ وَ هَيَّئْنَا لّكُمْ الأَرْضَ لِتَعْمُرُوهَا وَ تَأْكُلُوا مِنْهَا أَنْتُمْ وَ أَنْعَامُكُمْ وَ تُوَارِي أَمْوَاتَكُمْ وَ سَوْآتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ حِكْمَةً وَ طَهَارَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (44) وَ سَخَّرْنَا لَكُمْ الْهَوَاءَ يَحْمِلُكُمْ فِي الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَافِ الأَرْضِ لِتَعْمُرُوهَا بِإِذْنِ اللهِ وَ يَحْمِلُكُمْ فِي الْسَّمَاءِ لِتَرَوْا آَيَاتِنَا رَأْيَ الْعَيْنِ وَ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَ تَرْكَعُوا مَعَ الْرَّاكِعِينَ (45) وَ أَسْقَيْنَاكُمْ مَاءَاً عَذْبَاً جَارِيَاً يُذْهُبُ الظَّمَأَ قُلْ لَوْ كَانَ مِلْحَاً أُجَاجَاً أَوْ عَذْبَاً آَسِناً فَكَيْفَ مِنْهُ تَشْرَبُونَ (46) وَ جَعَلْنَا إِخْوَاناً لَكُمْ مِنْ آَبَائِكُمْ وَ مِنْ غَيْرِ آَبَائِكُمْ وَ أَبْنَاءً لَكُمْ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَ مِنْ غَيْرِ أصْلاَبِكُمْ يُؤْنِسُونَكُمْ وَ يُظَاهِرُونَكُمْ أَفَلاَ تَشْكُرُونَ (47) مَا ضَرَّ اللهَ لَوْ حَبَسَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ أَسْقَطَكُمْ مُضْغَةً فِإِذَا أَنْشَأَكُمْ وَ اشْتَدَّ بَأْسُكُمْ افْتَرَيْتُمْ عَلَى اللهِ وَ قُلْتُمْ مَا خَلَقَنَا غَيْرُ أُمَّهَاتِنَا قُلْ فَمَنْ خَلَقَ لَكُمْ أُمَّهَاتِكُمْ مِنْ قَبْلُ قَلِيلاً مَا تَعْقِلُونَ (48) وَ لَوْ شِئْنَا لَحَبَسْنَا عَنْكُمْ الْمَاءَ وَ الْهَوَاءَ وَ فَجَّرْنَا نَاراً مِنْ تَحْتِكُمْ وَ أَظْلَمْنَا الْسَّمَاءَ عَلَيْكُمْ وَ نَشَرْنَا فِيكُمْ الْمَرَضَ كَمَا فَعَلْنَا بالْكَافِرِينَ مِنْ قَبْلُ لَكِنَّا عَلِمْنَا أَنَّ فِيكُمْ مُؤْمِنِينَ فَانْتَظِرُوا يَوْمَ الْمَآَبِ (49) مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْنَا وَ أطَعْنَا وَ مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْنَا وَ عَقِلْنَا وَ مِنَ الْنَّاسِ مَنْ يُجَادِلْ وَ هُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (50) فَإِنْ جَادَلُوكَ أَقِمْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةََ بِالْحَقِّ تَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى أَسْيَادِهِمْ أُسْقِطَ في أيديهِم وَ بَاتُوا بُكْماً كَأَهْلِ الْقُبُورِ (51) فَيقولُونَ شَاعِرٌ قُلْ هَاتُوا شُعَرَاءَكُمْ وَ مَنْ يَفْتَرِي فَلَهُ الْخِزْيُ أَبَداً لاَ يَسْتَطِيعُونَ لِهَذَا الْكِتَابِ رَدّاً وَلاَ شَبَهاً مَشِيئَةَ اللهِ الْقَدِيرِ الْحَكِيمِ (52) وَ يَقُولُونَ شَاعِرٌ قُلْ هَاتُوا شُعَرَاءَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ قَادِرِينَ (53) وَ إِنْ قَالُوا ائْتِنَا بِالسَّحَابِ مُسَيَّراً أَوْ اجْعَلْ لَنَا الْجِبَالَ ذَهَباً أَوْ طِرْ إِلَى الْقَمَرِ قُلْ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ اللهِ وَ مَا كُنْتُ سَاحِراً وَ لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَكُونَ (54) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْتَرِي عَلَيْنَا آَيَاتٍ خَدَاجٍ وَ يَقُولُ أُوتِيتُ كَمَا أُوتِيَ هَذَا الرَّجُلُ قُلْ هَلْ لَكَ أَنْ تَهْدِي بِهِ أَقْوَاماً إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (55) أُولَئِكَ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ الذِّلَّةَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا زَيَّنَتْ لَهُمْ أَهْوَاؤُهُمْ وَ فِي الآَخِرَةِ لَهُمْ شَرُّ الْعَذَابِ (56) هَذَا كِتَابُ اللهِ آَيَةً أَبَداً فَمَنْ شَاءَ الإِيمَانَ فَلَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ وَ مَنْ شَاءَ الْكُفْرَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَ مَا لَهُ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى اللهِ قَدَراً قَضَيْنَاهُ عَلَى الْعَالَمِينِ (57)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه نقطة من طوفان غمر المواقع المختلفة على الانترنت وراح بعضهم يشجع بعضا ويمدحه على هذه السورة العظيمة مما يؤكد أن هؤلاء يرمون عن قوس واحدة، وأن لهم غاية لن ينفكوا عنها، وهي إسقاط قدسية القرآن الكريم من عيون الشباب 0
وحقيقة لقد خرج جمع من طلبة العلم وشمروا سواعدهم ليكشفوا زيف هؤلاء، ويردوا عن القرآن، ويزودوا عن حماه، ويفندوا هذه الأباطيل ويوضحوا للناس تهافت هذا الكلام الذي لايخلو من الخطأ النحوي فضلا عن غيره 0
وراح آخرون ينافحون عن القرآن الكريم من خلال الدعوة إلى النظر إلى إعجازه العلمي، و العددي، ورأوا أن ذاك هو المخرج من هذا الجدل حول بلاغة القرآن وبلاغة العرب، وحتى لا تبدوا لغتنا متخلفة عن الركب، هكذا زعموا!!
ومن هنا كان لابد على طلاب العلم، والمشتغلين بالبلاغة العربية خاصة من الوقوف في الميدان، فالقضية تعنيهم في المقام الأول قبل غيرهم، ليبينوا للناس ما نزل على رسول الله والفارق بين كلام البشر وكلام رب البشر ويفضحوا سمادير هؤلاء وترهاتهم التي أغرقت الساحات الثقافية المختلفة 0
وكان هذا البحث ضوءا على الطريق يكشف صاحبه من خلاله موطن التحدي ومناط الإعجاز كما تبين له0
فما معنى المثلية المنصوص عليها في آيات التحدي؟
وهل كل معجز في القرآن الكريم يقع التحدي به؟
وإذا كان علماؤنا الأوائل _ ولأسباب مفهومة _ قد وجهوا جل اهتمامهم إلى الإعجاز البلاغي، وربطوا ذلك بفصاحة العرب وبراعتهم في اللغة وقدرتهم على صوغ الكلام وحبكه، فهل هذا التوجه يناسب عصرنا الحاضر؟ أم أن الأمر يحتاج إلى مراجعة لإظهار موطن الإعجاز البلاغى أو لتحويله إلى ما هو أولى منه؟
وبخاصة أنه لا يوجد في صريح القرآن الكريم ولا صريح السنة الشريفة – على حد معرفتي – ما ينص على أن التحدي في بلاغة القرآن الكريم ونظمه 0
ولا يظن القارئ أنني اتخذت قبل البحث موقفاً أنافح عنه، فالواقع أنني ظللت أياما طويله أرجح رأيا من الآراء، ثم بعد فترة أراه يتهاوى أمام النظر، فأرجح غيره وظللت هكذا ما يقرب من العام افترض شيئا ثم أراه يتهاوى عند التأمل حتى وصل البحث إلى النتيجة التي أرتضيها والتي أدين بها لربي سبحانه وتعالى 0
أقول هذا وأنا أدرك، بل أنا على يقين من أن كتاب الله تعالى لا يبخل على ناظر فيه 0
كيف وهو الكريم؟
أقول هذا وأنا أعي مراد هؤلاء الطاعنين في كلام الله تعالى الزاعمين أنهم جاءوا بشيء؟
أقول هذا وأنا أستحضر قول الله تعالى (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) (النساء:89)
هذا وقد سلك البحث منهجا نقديا أحاول من ورائه تحليل ما قاله علماؤنا ووضعه أمام النظر من خلال توافق أو اختلاف النصوص بعضها مع بعض وربط ذلك بنصوص القرآن الكريم وما يموج به عصرنا من توجهات والوصول من وراء ذلك كله إلى ما أرتضيه لكتاب الله تعالى 0
وغايتي بعد رضا الله تعالى النصح لكتابه الكريم فالدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وقد اختط هذا البحث لنفسه خطة يتبدى من خلالها للقارئ الكريم وهي على النحو التالي:
(مقدمة، وستة مباحث، وخلاصة، ثم فهرس للعناوين وآخر للكتب).
في المقدمة:
طرحت فكرة البحث، والدافع إليه، وغايته، وخطته.
وفي التمهيد:
تناولت كثرة الحديث حول الإعجاز إثباتاً أو نفياً، وعرجت على من سبقني إلى هذا المضمار الخاص وهو دلالة المثلية.
وفي المبحث الأول:
تناولت دلالة المثلية في لغة العرب وفي كتاب الله تعالى، بحيث يستطيع القارئ أن يرسم شخصية لهذه الكلمة تميزها عن جاراتها في المعني.
وفي المبحث الثاني:
علقت على المقصودين بالتحدي وهل هم الإنس والجن أم طائفة أخرى؟.
وفي المبحث الثالث:
كان حديثي عن ترتيب آيات التحدي التي وردت فيها لفظة (المثل) من حيث النزول ومن حيث الكتابة في المصحف والمعاني الكامنة خلف كل ترتيب.
وفي المبحث الرابع:
تحدثت عن مفهوم الإعجاز في تراث العلماء والفرق بين مناط الإعجاز ومناط التحدي، ثم اختلاف وجوه الإعجاز في القرآن الكريم وتعددها.
وفي المبحث الخامس:
وقفت مع أشهر وجوه الإعجاز ـ أو وجوه التحدي ـ وهي الإعجاز العلمي ـ ثم التأثيري ـ ثم الإخبار عن الغيب، وبينت مدى الصلة بينها وبين القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم المبحث السادس:
وفيه وقفت مع الإعجاز البلاغي، وبينت علاقته بآيات التحدي وهل المثلية المتحدي بها مثلية بلاغة أم شيء آخر؟
ثم كانت خلاصة هذه البحث وفيها سطرت وجهة نظري في المقصود بقوله (من مثله) عند التحدي وأردفت ذلك ببعض الأدلة.
ثم جاء في النهاية فهرس العناوين وتلاه فهرس الكتب والمراجع.
تمهيد
إذا كانت قضايا اللغة يصعب حصرها، فإن الحديث حول القرآن الكريم، وبخاصة إعجازه لا يكاد يحصيه المحصي ولم أر قضية أخذت من الدراسة قديماً وحديثاً مثل قضية الإعجاز، ووجوهه المتنوعة، فلقد شغل العلماء ولا يزال على اختلاف توجهاتهم وفي مقدمتهم علماء اللغة.
بل إن علم البلاغة كان ثمرة من ثمار الحديث عن إعجاز القرآن الكريم، وفصاحته، وكان نبتاً في الأرض الطيبة التي وقف عليها أهل اللغة ليفرقوا بين الحقيقة والمجاز، وبين لغة البشر وكلام رب البشر.
وفي وسط هذه الدراسات القرآنية، واجتماع العقول والقلوب حول هذا الكتاب ظهرت قضية الإعجاز، وتحدي القرآن للناس حيث قال القرآن الكريم.
(وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) (العنكبوت: الآية51) فالقرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الباقية إلى يوم القيامة، وهو المعجزة العامة التي جاءت لتتحدى الناس جميعاً.
ومن هذا المنطلق أهتم العلماء بقضية الإعجاز - المسلم منهم وغير المسلم -.
أما المسلم فلأنه يرى في الإعجاز برهاناً على أن هذا الكتاب حق وأن الرسول حق، وفي النهاية فهو متمسك بالدين الحق، ومن هنا أيضاً كان دفاعه عن الإعجاز دفاعاً عن دينه ومعتقداته.
وأما غير المسلم فراح يلقى سهامه إلى الإعجاز لينقضه ويدحضه ليخلص من وراء ذلك إلى إبطال نسبة هذا الكتاب إلى الله تعالى، وبهذا يتداعى هذا الدين، وينسلخ منه أتباعه، وهذا ما يريدونه.
ومن هنا نالت قضية الإعجاز هذه الأهمية ووضعت لها المؤلفات ودرست في الجامعات.
لكن المتابع لحركة العلم في العصر الحديث يرى تطوراً أذهل الجميع، مما حدا بالكثيرين إلى مسايرة هذه التطورات وأخذ قضية الإعجاز إلى هذا المعترك فوجدوا القرآن الكريم لا يبخل عليهم، فراحوا يؤسسون لميدان جديد يعتمد على الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وقد ظهر في شبكة المعلومات العالمية مواقع كاملة تتحدث عن الإعجاز في القرآن الكريم وبأكثر من لغة، ويكفي أن تزور موقعاً واحداً لنرى إلى أي مدى وصل الحديث عن الإعجاز في القرآن الكريم إثباتاً تارة، ونفياً تارة أخرى.
ومن يثبتون راحوا يقلبون في كل شيء ويستخرجون له أصولاً من القرآن الكريم فهذا في الإعجاز الاقتصادي، وهذا في الإعجاز في طبقات الأرض، وهذا في الطب، وذاك في البحار، وهذا في الزراعة ... إلى آخره.
ومن الجهة المقابلة ترى أمواجاً هادرة من الطعن في القرآن الكريم ومحاولة إبطال الإعجاز فيه، ولقد اجتمع على ذلك اليهود والنصارى والملحدون والعلمانيون، والحداثيون، وضربوا جميعاً عن قوس واحدة، وهو إبطال معجزة القرآن، لهدم هذا الدين.
وفي وسط هذا المحيط الهادر والأمواج العالية لا يستطيع المسلم إلا أنه يقف ليبحث عن الأسس من خلال الاطلاع على كلام كل فريق ووضع بعضها بإزاء بعض.
كما أنه لابد من وضع اجتهاد السابقين من علمائنا الأجلاء أمام البحث لإبراز وجه التحدي في هذا الكتاب الكريم، وهو المقصود من قوله: (من مثله)
وبخاصة وأن طعن الطاعنين بات يهجم على الناس هجوماً بعد خروج عالم الكمبيوتر وشبكة النت إلى سطح الثقافة الإنسانية فغدت المعين الأول لتبادل الثقافات بين أهل الكرة الأرضية، وأصبحت بسببها جميع الآراء مطروحة في الطريق، وانتشر من يروجون لما يزعمونه أنه سور تعارض القرآن الكريم.
ولقد تنبه الأزهر الشريف إلى ذلك، ونشرت الصحف في هذا الأسبوع الأول من شهر محرم 1425هـ مطالبة علماء الأزهر لجميع المسلمين بأن يدافعوا عن الإسلام ضد هذه الهجمات الشرسة على مواقع الإنترنت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا كان من حق كتاب الله على طلبة العلم، ومن باب النصح لهذا الكتاب أن شرعت في هذا البحث لأبين المراد من المثلية في آيات التحدي، ليكون ذلك أبلغ رد على هذه السمادير وتلك الترهات التي ملأت العيون.
ولقد كان شغفي بهذا البحث كبيراً وبخاصة وأنا أنظر إلى قراء هذه المواقع فأجد طائفة من الشباب المسلم ما زالوا حديثي عهد بالثقافة الإسلامية ولكنهم يقرؤن ويدافعون على قدر ثقافتهم 0
إنهم شباب ليسو على علم الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ ولا فقه الدكتور القرضاوي – حفظه الله – ولا فطنة ولقانية واستيعاب الشيخ الغزالي ـ رحمه الله ـ.
إن الذين يقرؤن وتفتح لهم هذه النوافذ شباب علاقتهم بالإسلام ضعيفة فمبلغ جهدهم أن يصلوا ويصوموا، ومن هنا يكمن الخطر، [1].
المبحث الأول
دلالة المثلية بين لغة العرب
والقرآن الكريم إن أول ما يبتدأ به في هذا البحث هو الوقوف على معني (المثل) في لغة العرب وفي كلام الله تعالى، يقول ابن فارس في مقاييس اللغة:
[الميم والتاء واللام أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء، وهذا مثل هذا، أي: نظيره، والمثل والمثال في معنى واحد، وربما قالوا: مثيل كشبيه، تقول العرب: أمثل السلطان فلاناً: قتله قوداً، والمعني: أنه فعل به مثل ما كان فعله ... والمَثَل المضروب مأخوذ من هذا أيضاً؛ لأن المعنى فيه إذا نكل به جعل ذلك مثالاً لكل من صنع ذلك الصنيع أو أراد صنعه ... والمَثُلات من هذا أيضاً، قال الله تعالى (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) (الرعد: من الآية6)
أي العقوبات التي تزجر عن مثل ما وقعت لأجله .. ويحتمل أنها التي تنزل بالإنسان فتُجعل مثالاً ينزجر به ويرتدع غيره،
ومثل الرجل قائماً: أنتصب، والمعني ذاك لأنه مثال نُصب.] [2]
ويقول ابن منظور: [مثل: كلمة تسوية، يقال: هذا مِثلُه ومَثَله كما يقال: شِبهُه وشََبَهه 0
قال ابن بري: الفرق بين المماثلة والمساواة، أن المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين، لأن التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد ولا ينقص وأما المماثلة فلا تكون إلا بين المتفقين، تقول: نحوُه كنحِوه، وفقهه كفقهه ولونه كلونه، وطعمه كطعمه.
فإذا قيل: هو مثله على الإطلاق فمعناه أنه يسد مسده.
وإذا قيل: هو مثله في كذا فهو مساوٍ له في جهة دون جهة. ومثل الشيء أيضاً صفته.] [3]
ويقول العسكري في الفروق: [الفرق بين المِثل والمَثَل:
المِثلان: ما تكافآ في الذات، والمَثَل بالتحريك: الصفة، قال الله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) (الرعد: من الآية35) أي: صفة الجنة. وقولك: ضربت لفلان مثلاً، معناه: أنك وصفت له شيئاً، وقولك مِثل هذا كمثل هذا، أي: صفته كصفته وقال الله تعالى (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً) (الجمعة: الآية5) وحاملوا التوراة لا يماثلون الحمار، ولكن جَمَعَهم وإياه صفة فاشتركوا فيها.] [4]
ويقول أيضاً في الفروق. [الفرق بين المثل والند:
إن الند هو المثل المناد، من قولك: نادّ فلان فلاناً، إذا عاداه وباعده، ولهذا سمى الضد نداً، وقال صاحب العين: الند ما كان مثل الشيء يضاده في أموره، والنديد: مثله، والندود: الشرود، والتناد: التنافر، ونددت بالرجل: سمعت بعيوبه ....
الفرق بين المثل والشكل:
أن الشكل هو الذي يشبه الشيء في أكثر صفاته حتى يشكل الفرق بينهما ولا يستعمل الشكل إلا في الصور، فيقال: هذا الطائر شكل هذا الطائر، ولا يقال: الحلاوة شكل الحلاوة، ومثل الشيء ما يماثله في ذاته.
الفرق بين المثل والنظير:
أن المثلين ما تكافآ في الذات، والنظير ما قابل نظيره في جنس أفعاله وهو متمكن منها، كالنحوى نظير النحوي، وإن لم يكن له مثل كلامه في النحو أو كتبه فيه.
ولا يقال: النحوي مثل النحوي، لأن التماثل يكون حقيقة في أخص الأوصاف وهو الذات .....
الفرق بين المثلين والمتفقين:
أن التماثل يكون بين الذوات، والاتفاق يكون في الحكم والفعل، تقول: وافق فلان فلاناً في الأمر ولا تقول: ماثله فيه ...
(يُتْبَعُ)
(/)
الفرق بين المثل والعديل: أن العديل ما عادل أحكامه أحكام غيره وإن لم يكن مثلاً له في ذاته ولهذا سمي العدلان عدلين وإن لم يكونا مثلين في ذاتهما، ولكن لاستوائهما في الوزن فقط.
الفرق بين الشبة والمثل: أن الشبه يستعمل فيما يشاهد، فيقال: السواد شبه السواء ... وليس في الكلام شيء يصلح في المماثلة إلا الكاف فأما الشبه والنظير فهما من جنس المثل ....
الفرق بين المساواة والمماثلة: أن المساواة تكون في المقدارين اللذين يزيد أحدهما على الآخر، ولا ينقص عنه، والتساوي والتكافؤ في المقدار، والمماثلة هي أن يسد أحد الشيئين مسد الآخر كالسوادين.
الفرق بين كاف التشبيه وبين المثل: أن التشبيه بالكاف يفيد تشبيه الصفات بعضها ببعض، وبالمثل يفيد تشبيه الذوات بعضها ببعض.
تقول: ليس كزيد رجل، أي بعض صفاته لأن كل أحد مثله في الذات وفلان كالأسد، أي: في الشجاعة دون الهيئة وغيرها من صفاته]. [5]
ومن خلال هذه الإطلالة على الكلمة عند أهل اللغة نستطيع أن نرسم لها شخصية ذات ملامح فارقه بينها وبين غيرها.
فالكلمة تدل على المناظرة والتساوي والاتفاق، وكون الشيء يسد مسد الآخر لأن الذات متكافئة في الحقيقة وفي أخص الأوصاف .....
وبعد، هل للكلمة ملامح أخرى في القرآن الكريم؟
لننظر:
دلالة الكلمة في القرآن الكريم
يقول الراغب في المفردات: [مثل: أصل المثول: الانتصاب، والممثل: المصور على مثال غيره، يقال: مَثُل الشيءُ أي: انتصب وتصور، ومنه قول صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار). [6]
والتماثل: الشيء المصور: وتمثل كذا: تصور، قال تعلى (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً) (مريم: من الآية17)
والمَثَل: عبارة عن قولٍ في شيء يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره، قال تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: من الآية21) وفي أخرى (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: من الآية43)
والمثل يقال على وجهين:
أحدهما: بمعنى المثل نحو شبيه وشبه ..
والثاني: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط.
والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية فقط.
والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط.
والمثل عام في جميع ذلك.
ولهذا لما أراد الله تعالى نفي الشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: من الآية11) [7]
وعلى هذا فالمثلية عند الاصفهاني لفظ وضع لعموم المشابهة ويشمل معنى
[الند ـ الشبه ـ المساوي ـ الشكل].
وتلك عمومية لا أميل إليها، ولا يرتضيها منهج البحث وهذا يقتضي الرجوع إلى تراث العلماء للوقوف على دلالة المثلية في كتبهم.
والناظر في تراث العلماء يجد هذه المثلية قد حامت حول عدة معان ولم تقف عند دلالة واحدة.
وهذه المعاني وتلك الدلالات تتلاقي في بعض الأحايين وتتباين في أحايين أخرى.
ودعنا نقف على ذلك:
أول هذه المعاني التشابه في بعض الصفات: يقول ابن كثير عند قول الله تعالى: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) (النور: من الآية17) [أي: ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً، أي: فيما يستقبل، والمثلية هنا هي تلقى الإفك الذي روي عن أم المؤمنين بالألسنة والأفواه وهذا شيء ليس لهم به علم.] [8]
[فالمماثلة ليست في جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم ظاهر من المماثلة] [9] فالمماثلة هنا تشابه، والتشابه هو أقل درجات المثلية.
ثم يأتي رأي آخر يخلع ثوب الشكل ويتغلغل إلى الداخل فيجعل المثلية تطابقاً في أغلب الأوجه.
ففي قوله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) (آل عمران: من الآية140)
يقول أهل التفسير: [فالمعنى أن أصابوا منكم يوم أحد فقد أصبتم منهم يوم بدر] [10]
(يُتْبَعُ)
(/)
[فالمثلية هنا باعتبار كثرة القتلى في الجملة، فلا يَرِد أن المسلمين قتلوا من المشركين يوم بدر سبعين، وأسروا سبعين، وقتل المشركون من المسلمين يوم أحد خمسة وسبعين، وجرحوا سبعين، والتزام بعضهم تفسير القرح بمجرد الانهزام دون تكثير القتلى فراراً من هذا الإيراد] [11]
وعلى هذا فليس المقصود المطابقة الكاملة بين المثل والمثل، بل الأمر على الغالب الأعم والظاهر الواضح.
[إن المماثلة بين الذوات المتنائية إنما تكون باعتبار الصفات الجامعة بينهما إذ هي أسباب في ثبوت المماثلة بينهما.
وتقوى المماثلة بقوة أسبابها، وتضعف بضعفها، فإذا سلب وصف ثابت لإحدى الذاتين عن الأخرى انتفي وجه من المماثلة، ثم لا يزال يسلب أسباب المماثلة أقواها فأقواها حتى تنتفي المماثلة كلها بهذا التدرج.] [12]
وعليه فالمثل هو الذي يكون مساوياً للمثل في بعض الصفات أوفي أغلب الصفات، أو قل:
[المثلية لا تستلزم التساوي من كل جهة.] [13]
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
(من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له مثله في الجنة) [14]
[حمل العلماء ذلك على المبالغة لأن المكان الذي تفحصه القطاة لتضع فيه بيضها، وترقد عليه لا يكفى مقداره للصلاة.
وقيل: هي على ظاهرها، والمعنى: أنه يزيد في مسجدٍ قدراً يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أو يشترك جماعة في بناء مسجد فتقع حصة كل واحد منهم على ذلك القدر ....
وقد اختلف العلماء في معنى المماثلة، فقال ابن العربي: مثله في القدر والمساحة ... وقيل: مثله في الجودة والحصانة وطول البقاء .... وقيل: هذه المثلية ليست على ظاهرها، وإنما يعنى أنه يبنى له بثوابه بيتاً اشرف وأرفع وأعظم.
وقيل: يحتمل أن يكون (مثله) معناه: بنى الله له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها، فإنها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ...
قال الحافظ: لفظ المثل له استعمالان:
أحدهما: الإفراد مطلقاً كقوله تعالى: (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا) (المؤمنون: من الآية47).
والآخر: المطابقة كقوله تعالى: (أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (الأنعام: من الآية38)
فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة، فيحصل جواب من استشكل تقييده بقوله (مثله) مع أن الحسنة بعشر أمثالها، لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله ...
ومن الأجوبة المرضية:
أن المثلية هنا، بحسب الكمية والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من عشرة، بل من مائة ...
وقيل: إن المثلية هي أن جزاء هذه الحسنة من جنس البناء لا من غيره.] [15]
--------------------
وهذه التخريجات المتنوعة تثبت أن المثلية لا تعنى التطابق في كل شيء إنما في بعض الصفات سواء كثرت هذه الصفات أم قلت ..
حتى أن البعض يلمح صفة واحدة بين المثلين، ومن ذلك.
[في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (الكهف: من الآية110) أي في البشرية والمعنى: أنسى كما تنسون.] [16]
وفي الحديث: (نهى النبي عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلاً بمثل) [17]
[فالمماثلة المعتبره هنا هي المماثلة في الكيل والوزن] [18]
وفي حديث آخر:
(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ... ) [19]
[فلفظة المثل هنا لا تقتضي المساواة من كل وجه ولا يراد المماثلة في كل الأوصاف كالجهر برفع الصوت مثلاً.] [20]
وهذه الأحاديث، وتلك الآيات التي ورد فيها لفظ المثل تدل بجلاء على أن المثلية تكون في بعض الصفات، أو في الكثير منها.
----------
لكن على جانب آخر:
هناك في تراث العلماء ما يدل على أن المثلية تعنى التطابق في الأصل، والتوحّد في الماهية والتناظر في الحقيقة، وعلى هذا وردت قراءة ابن مسعود (فإن آمنوا بما آمنتم به ... )
وقال: [لا تقولوا: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، فإن الله ليس له مثل ولكن قولوا بالذي آمنتم به ... ] [21]
وكأنه جعل محل الإيمان هنا ومتعلق المثلية هنا هو الله تعالى.
وخرج الطبري الأمر على محمل آخر حيث قال: [إنما وقع التمثيل بين الإيمانين لا بين المؤمن به.] [22]
وعلى آية حال فالآيات القرآنية العديدة تدل على أن المثلية تعنى الأصل والحقيقة والتطابق بين المثل ومثيله، واقرأ معي هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الله تعالى:
v ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: من الآية228)
v ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) (البقرة: من الآية275)
v ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: من الآية194)
v ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) (البقرة: من الآية233)
فالمثلية تعني التطابق حتى لا يعرف هذا من هذا، وقد لفت البيضاوي إلى هذا بجملة عجيبة حيث قال عند عرضه لقول الله تعالى حكاية عن السحرة (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) (طه: الآية58)
قال: [مثله سحرك] [23] فجعل ما رآه السحرة في بادئ الأمر هو المثل، وجعل الأصل هو السحر عند السحرة.
لكن التعبير القرآني (بسحر مثله) يشير إلى أن ما رآه السحرة في البداية شيء جديد فتعاهدوا على أن يأتوا بمثل هذا السحر ولذلك جاءوا بالحبال والعصى لما رأوه من إلقاء موسى للعصي قبل ذلك، فأرادوا أن يصنعوا سحراً مثل الذي جاء به موسى، وأحضروا أدوات مثل أدواته ولذلك قال: (بسحر مثله)
لكن اللفتة التي لفت إليها البيضاوي ـ رحمه الله ـ أراد بها أنهم أرادوا أن يأتوا بشيء لا يختلف عما جاء به حتى في الصورة.
--------
[فالمثل المطلق في الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمعقول يراد به:
v إما المثل صورة ومعنى.
v وإما المثل صورة بلا معنى.
وإن لم يكن إرادة الأول إجماعاً تعينت إرادة الثاني لكونه معهوداً في الشرح كما في حقوق العبادة.] [24]
وأزيدكم توضيحاً هنا:
في سورة المؤمنون قال الله تعالى: (بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ) (المؤمنون:81)
فماذا قال الأولون؟
ولنحاول أن نتبين ذلك من خلال السورة نفسها فقوم نوح مثلاً في الآية رقم 24 حكي عنهم أنهم قالوا:
(مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)
وفي الآية 33 قيل (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ .... وقال الملأ ... ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه .. )
وأنا هنا أقتصر على العبارة حتى لا يضيع منك الخيط.
ثم توالي السورة فتحدثك عن موسى ..
(ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآياتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ) (المؤمنون 45:47)
ثم قيل في شأن كفار مكة (بل قالوا مثل ما قال الأولون).
فالنص الذي قيل على لسان كل من كذبوا الرسل هو إثبات بشرية الرسل 0
ولكنه قيل مرة (انؤمن لبشرين مثلنا) وقيل مرة (ما هذا إلا بشر مثلكم)
ولا شك أن المضمون واحد، واللفظ متنوع حتى وإن كان التنوع في ضمير التكلم أو الغيبة لأن [المثلية إنما هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ] [25]
فالمثلية تكون في الأصل كما يقول الزرقاني [ص:26]
أو في الذات كما يقول أبو السعود [ص:27]
ولا تكون إلا بين المتفقين وفي أخص الأوصاف.
لكنها في النهاية تكون بين شيئين ولذلك قيل
[المثل المطلق لا يتصور.] [28] لماذا؟
لأن المثل المطلق يعني أن الشيئين شيء واحد، وعليه حين يقال: (فأتوا بسورة مثله يراد فقط: [التعجيز، كما في قوله (فأت بها من المغرب) [29]
****
المبحث الثاني
لمن التحدي؟
تعددت رؤى العلماء في تحديد المتحدي بالقرآن الكريم، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن القرآن [تحدى الخلق كلهم من الجن والإنس بالعجز عن الإتيان بمثله لقوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)
حيث أفاد بذلك عجز الجميع عنه في حال الاجتماع والانفراد.] [30]
يرى آخرون أن [التحدي وقع للإنس دون الجن لأن الجن ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه، وإنما ذكروا في قوله (قل لئن اجتمعت ..... ) تعظيماً لإعجازه لأن الهيئة الاجتماعية لها من القوة ما ليس للأفراد فإذا فرض اجتماع جميع الإنس والجن وظاهَرَ بعضهم بعضاً وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز.] [31]
(يُتْبَعُ)
(/)
فالجن ـ على هذا ـ ليسوا ممن تحداهم القرآن، ودخولهم في الآية دخول افترض بناء على هذا الرأي.
وفي جانب آخر قال البعض [بل وقع للجن والملائكة أيضاً فهم منويّون في الآية لأنهم لا يقدرون أيضاً على الإيتان بمثل هذا القرآن، واقتُصِر على الإنس والجن لأنه كان مبعوثاً إلى الثقلين دون الملائكة.] [32]
ودعنا نقتصر على الإنس الآن، حيث من العجيب أن يدخل البعض الملائكة مع الإنس والجن، ثم نرى من يقول إن القرآن تحدى العرب دون العجم، أو تحدي العرب ثم كان تحدي العجم تالياً لتحدي العرب
والسؤال لم؟
- إن العلة في ذلك: أن الإعجاز عندهم قائم في اللغة أو البلاغة أو النظم يقول الجصاص:
-[معلوم أن العجم لا يتحدون من طريق النظم، فوجب أن يكون التحدي لهم من جهة المعاني وترتيبها على هذا النظام ..
ويجوز أن يكون التحدي واقعاً للعجم بأن يأتوا بكلام في أعلى طبقات البلاغة بلغتهم التي يتكلمون بها.] [33]
والذي يظهر أن تحدي القرآن للعجم لا يتصور أن يكون من جهة الفصاحة والبلاغة فهو لا يعرف لغة العرب، وإن تعلم فكلمات يقيم بها أوده.
ولا يكفي ـ كما أري ـ أن يكون التحدي له كامناً في علمه بعجز العرب عنه كما يقول الباقلاني أنه [إذا عرف عجز أهل الصنعة حل محلهم وجرى مجراهم في توجيه الحجة عليه.] [34] لأن ذلك يعني أن معجزة القرآن وتحديه كانت للعرب وحدهم، بل للفصحاء منهم، وأن العجم خارجون عن هذه الدائرة، والمعلوم بداهة أن العجمي مهما بلغ في تعلم اللغة فلن يكون مثل العرب الأقحاح الذين علكوا اللغة وشربوا من عيونها، وتمرسوا في دروبها، وعايشوها وخادنوها، فأحبتهم وأحبوها ... وما دام الأمر كذلك فأين الأعجمي منه؟!
أقول: لا يكفي أن يثبت عجز الأعجمي بعجز العرب، فليس العرب حجة عليهم إلا إذا كان الإعجاز بلاغياً، وأنت تلاحظ أن حصر الإعجاز في هذا الخندق تجعلنا نفترض أموراً ونقرها وندافع عنها ونجعلها من المسلمات وحي بلا شك تحتاج إلى النظر.
يقول الباقلاني مثلاً: [لا يتهيأ لمن كان لسانه غير العربية من العجم والترك وغيرهم أن يعرفوا إعجاز القرآن إلا بأن يعلموا أن العرب قد عجزوا عن ذلك، فإذا عرفوا هذا بأن علموا أنهم تحدوا إلى أن يأتوا بمثله، وقرِّعوا على ترك الإتيان بمثله ولم يأتوا به تبينوا أنهم عاجزون عنه.
وإذا عجز أهل ذلك اللسان فهم عنه أعجز ..
وكذلك نقول: ـ والكلام له ـ
إن من كان من أهل اللسان العربي إلا أنه ليس يبلغ في الفصاحة الحد الذي يتناهى إلى معرفة أساليب الكلام ووجوه تصرف اللغة وما يعدونه فصيحاً بليغاً من غيره فهو كالأعجمي في أنه لا يمكنه أن يعرف إعجاز القرآن إلا بمثل ما بينا أن يعرف به الناس الذي بدأنا بذكره وهو ومن ليس من أهل اللسان سواء.] [35]
هل رأيت هذا؟!
هل رأيت إلى أي مدى حصرنا الإعجاز والتحدي في طائفة قليلة؟!
والسبب: [أن البلاغة إذا لم تكن هي مجال المعاجزة لكن اختيار العرب للمعاجزة لا مقتضى له.] [36]
وليت شعري، إذا كان هذا القياس صحيحاً فعلينا أن نقول للأعاجم جميعاً، بل ولأغلب العرب أيضاً: إن القرآن لا يتحدى أحداً الآن، لأنكم مهما بذلتم من جهد ومهما توصلتم من فهم للغة فلن تستطيعوا التحدي فلقد عجز العرب الأوائل، ومن منكم مثلهم؟!.
أليس عجيباً أن يقول القرآن الكريم
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ) (الإسراء: من الآية88)
ثم نقول فمن:إذا عجز أهل اللسان الأوائل فغيرهم أعجز. [37]
ونغلق الباب لأن القوم الذين تحداهم القرآن قد ذهبوا!!!!
إن القرآن الكريم حين قال: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38).
لم يكن يقصد العرب وحدهم، وإلا لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالرسائل إلى كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس وفي كل رسالة كلام الله يتلى عليهم.
إن الذي دفعنا إلى هذا السبيل، وألجأنا إلى هذا الملجأ هو حصر التحدي في البلاغة، وتلك قضية جعلت بعض أهل الكلام يقول:
[إن التحدي قد انقطع بانقطاع زمن البعثة والوحي ..... مع أن جمهور أهل الإسلام على أن التحدي باق إلى يوم القيامة وهذا هو الحق الذي لا يحل القول بغيره.] [38]
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم: الحكمة تقتضي نزول الكتاب بلغة النبي وقومه، لكن من قال إن التحدي في هذه اللغة، وهل نزول القرآن عربياً يعني التسليم بأن التحدي في البلاغة لأن القوم كانوا فصحاء.
لقد افترضنا هذا وجعلناه حقيقة مسلمة مع أنه اجتهاد وليس نصاً في قرآن أو سنة، فلماذا جعلناه قاعدة ورحنا ندافع عنه.
...
المبحث الثالث
آيات التحدي بين الترتيب النزولي
والترتيب المصحفي
[القرآن الكريم عندنا معاشر المسلمين كلام دال على معانيه دلالة مأخوذة بالطريق الواضح العادي لدلالة الكلام العربي، فليس هو على ذلك بمحتاج إلى التفسير احتياجاً أصلياً، ولكن الحاجة إلى تفسير القرآن إنما هي حاجة عارضة نشأت من سببين:
السبب الأول: هو أن القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة، وإنما كان نزوله وتبليغه في ظرف زمني متسع جداً، قدرهُ أكثر من عشرين عاماً، فكان ينزل منجماً على أجزاء مع فواصل زمنية متراخية بين تلك الأجزاء.
وكان نزوله في تقدم بعض أجزائه وتأخر البعض الآخر على ترتيب معروف يختلف عن ترتيبه التعبدي، لأن ترتيب تاريخ النزول كان منظوراً فيه إلى مناسبة الظروف والوقائع، مناسبةً ترجع إلى ركن من أركان مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
وترتيب التلاوة، أو الترتيب التعبدي كان منظوراً فيه إلى تسلسل المعاني وتناسب أجزاء الكلام بعضها مع بعض، وذلك يرجع إلى ركن آخر من أركان مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
وكلا الترتيبين راجع إلى الوحى، وكلاهما وقع به التحدي الإعجازي إلا أن أولهما مؤقت زائل بزوال ملابساته من الوقائع والأزمنة والأمكنة، والترتيب الآخر، وهو ترتيب التلاوة التعبدي باق لأنه في ذات الكلام يدركه كل واقف عليه وتالٍ له من الأجيال المتعاقبة بينما الترتيب التاريخي لا يدركه إلا شاهد العيان لتلك الملابسات، من الجيل الذي كان معاصراً لنزول القرآن جملة ممن كانت لهم تلك الملابسات دلائل وقرائن على ما أريد من المعاني التي استفادوها من التراكيب القرآنية.] [39]
وآيات التحدي التي هي مدار البحث خمسة، مذكورة في السور التالية:
[البقرة ـ يونس ـ هود ـ الإسراء ـ الطور].
هكذا رتبت الآيات في المصحف حسب ترتيب السور، وليس هذا ترتيب نزولها، ولابد من معرفة ترتيب النزول حتى نقف على مراحل التحدي، كيف بدأ؟ وكيف تنامي؟ ومن خلال النظرتين يمكن استخلاص بعض الدلالات التي تعين على فهم المراد من المثلية المتحدي بها.
وترتيب النزول كان على النحو التالي:
1) سورة الإسراء وفيها: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)
2) سورة يونس وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38)
3) سورة هود وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود:13)
4) سورة الطور وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ*فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور33:34)
5) سورة البقرة وفيها: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23).
--------------
وأول ما يلفت النظر في هذا الترتيب أن التحدي بني على جذر واحد واضح يبين أن الضمير في قوله (مثله) لا يعود إلى على القرآن الكريم 0
فالبداية هي (يأتوا بمثل هذا القرآن) ولا يتصور بعد هذا عود الضمير على الرسول [40] هذا أولاً
ثانياً: أن الآيات بدأت بافتراض اجتماع الإنس والجن (لئن اجتمعت الإنس والجن) وهذا الافتراض لا يتصور عقلاً، مما يعني أن نتيجة هذا الافتراض ـ وهو المجيء بمثل القرآن ـ لا يتصور عقلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: أن المدعوين أولاً للتحدي هم الإنس والجن، ثم تدني الأمر فطلب منهم دعوة من يستطيعون من دون الله، ثم تدني الأمر إلى دعوة الشهداء وهم المناصرون لفكرة إمكانية المجيء بمثله وهؤلاء قلة.
رابعاً:كانت الآية الأولى إعلاناً من الله تعالى على لسان نبيه بعجز الخلق جميعاً عن المجيء بمثله، فقيل (قل لئن اجتمعت الإنس والجن .......
هذا بلاغ من الله تعالى للخلق جميعاً، ثم جاءت باقي الآيات لترد على دعوى افتراء القرآن من عند الرسول فقيل (أم يقولون افتراه .... قل فأتوا بسورة أم يقولون افتراه .... قل فأتوا بعشرة سور
أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون ....
كل ذلك في الآيات المكية الأولى: أما آية المدينة وهي آية البقرة فليست رداً على هؤلاء بل هي رد على من دخل قلبه الشك ولذا قيل (وإن كنت في ريب ... ) 0
إن السور المكية خطاب لجميع الناس. أما السورة المدنية فأغلبها [خطاب لمن أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنون.] [41]
خامساً:الملاحظ في الآيات الخمس أن كل وجه من التحدي يغاير الآخر ولا يوجد وجهان متماثلان في التحدي، وها هي أوجه التحدي حسب نزولها:
[مثل هذا القرآن] [سورة مثله] [عشرة سور مثله] [حديث مثله] [سورة من مثله].
سادساً:إن هذا الترتيب من الممكن فهمه على أنه تدلٍ في التحدي من الأكثر إلى الأقل من حيث العدد، ولكن بضرب من التأويل، فماذا يفهم من الترتيب المصحفي؟
لننظر ....
الترتيب المصحفي:
جاء ترتيب الآيات في المصحف كما هو معلوم: [سورة البقرة ثم يونس فهود ثم الإسراء ثم الطور.].
وهذا الترتيب سألخصه لك على النحو التالي حيث كان التحدي في [سورة من مثله – ثم سورة مثله – فعشر سور من مثله – ثم مثل هذا القرآن – ثم حديث مثله.]
ولقد وقف العلماء أمام هذا التدرج وحاولوا تأويله على غير ترتيبه فقالوا: [إن التحدي بعشر سور وقع أولاً، فلما عجزوا تحداهم بسورة من مثله، كما نطقت به سورة البقرة ويونس، وهو إن تأخر تلاوة إلا أنه متقدم نزولاً، وأنه لا يجوز العكس إذا لا معنى للتحدي بعشر لمن عجز عن التحدي بواحدة، وأنه ليس المراد تعجيزهم عن الإتيان بعشر سور مماثلات لعشرٍ معينة من القرآن.
وذهب ابن عطية إلى أن التحدي بعشر سور وقع بعد التحدي بسورة وأنكر تقدم نزول هذه السورة ... وقال .. :
إن ما وقع أولاً هو التحدي بسورة مثله في البلاغة والاشتمال على ما اشتمل عليه من الأخبار عن المغيبات والأحكام، فلما عجزوا عن ذلك أمر بأن يأتوا بعشر سور مثله في النظم وإن لم تشتمل على ما اشتمل عليه ...
وقيل إنه لا يطرد في كل سورة من سور القرآن
وهب أن السورة متقدمة النزول إلا أنها لما نزلت على التدريج جاز أن تتأخر تلك الآية عن هذه، ولا ينافي تقدم السورة.] [42]
هكذا قالوا ..
وأنا أسأل هنا: هل نزول بعض الآيات قبل بعض مسألة اجتهادية؟!
أليس عجيباً أن يقال: إن التحدي وقع أولاً بكذا حتى وإن تأخر في النزول؟!
لقد قلت: إن الترتيب النزولي يُثبت ضرباً من التدلي، أعني أن التحدي في الأكثر ثم في الأقل.
وهنا أقول أن الترتيب المصحفي يعكس ذلك 000 أي أنه يتدرج في التحدي من سورة إلى عشر سور إلى القرآن الكريم كله.
وكأن القرآن ـ كما أفهم ـ يعرض قضية التحدي من الوجهتين صعوداً ونزولاً، وعلى من يريد المعارضة والتحدي أن يختار لنفسه، ومن هنا يثبت العجز من كل وجه.
...
المبحث الرابع
مفهوم الإعجاز في كتب العلماء
يقول ابن فارس في المقاييس إن [العين والجيم والزاء أصلان صحيحان، يدل أحدهما على الضعف، والآخر على مؤخر الشيء.
فالأول: عَجَزَ عن الشيء يعجز عجزاً فهو عاجز، أي ضعيف، وقولهم: إن العجز نقيض الحزم، لأنه يضعف رأيه.
ويقولون: " المرء يعجز لا محالة " ويقال: أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه، ولن يعجز الله شيء، أي: لا يعجز الله تعالى عنه متى شاء.
وفي القرآن الكريم: (لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (الجن: من الآية12)
وقال تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) (الشورى: من الآية31)
ويقولون: عَجَز، بفتح الجيم، ولا يقال: عجِز إلا إذا عظمت عجيزته، ومن الباب: العجوز: المرأة الشيخة.
وأما الأصل الآخر:
(يُتْبَعُ)
(/)
فالعجز: مؤخر الشيء، والجمع: أعجاز، حتى أنهم يقولون عجُزُ الأمر، وأعجاز الأمور .. ] [43]
-------------------
وهذه الدلالة لم تتغير في كتاب الله تعالى، فقد جاءت بمعنى مؤخرة الشيء، كما في قوله سبحانه: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر: من الآية20).
وأيضاً بمعنى عدم القدرة كما في قوله سبحانه (أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ) (المائدة: من الآية31).
وقد يظن القارئ أن الأصلين لا رحم بينهما [ولكن الرحم بينهما موصولة فإن الضعف من ولائد التأخر، فالذي يعجز عن الأمر، أي يضعف عنه إنما هو آتيه في آخر ذلك الأمر، فلا يستقيم له الاقتدار عليه ... وكل من تأخر عن القيام بالأمر في عجزه: ضعف عنه.
وأيضاً من حاول في آخر أمره شيئاً لم يقتدر عليه في أوله، فسواء أكان التأخير من شأن الفاعل أو من شأن المفعول فإنه يترتب على ذلك ضعف.] [44]
ومن الممكن (في رأيي) أن يقال: عجز عن كذا مع أنه لم يحاوله ولم يرغب في المحاولة ذلك لأنه يعلم علم اليقين أن هذه المعجزة خارجة عن طوقه، ولذا قالت الجن: (لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (الجن: من الآية12).
فهم لم يحاولوا: ولم يدر بخلدهم أن يحاولوا.
أما أن يقال: [إن علمه بحال نفسه: وحال ما يريد محاولته بمنزلة من أراد، وحاول فثبت له ضعفه عما حاوله] [45] فهذا لا أميل إليه لأن المعجزات ظهرت للناس ومن الوهلة الأولى وهي خارجة عن طوقهم، وبعيدة عن مقدورهم، وإذا رجعت مثلاً إلى إحياء الموتى لسيدنا عيسى وإخراج الناقة لسيدنا صالح وشق البحر لسيدنا موسى تجد أن القوم لم يحاولوا ذلك ولم يدر بخلدهم أن يحاولوا.
والعجيب أننا وضعنا كل ذلك في دائرة المعجزات، مع أن الناس لم يفكروا في تحدي ذلك لعلمهم اليقين أنه ليس في مقدورهم.
ومن هنا أرى أن تسمية هذه الآيات معجزات يحتاج إلى مراجعة حيث لم تطلب الرسل من أقوامهم المجيء بمثلها، وعلى الجانب الآخر لم يحاول الناس المجيء بمثلها.
إنها آيات وليست معجزات، إنها براهين على صدق الأنبياء وحين أطلقنا على هذه الآيات معجزات وضعنا الناس موضع المتحدي مع أنهم لم يفعلوا.
أضف إلى ذلك أن هذه الكلمة لم ترد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالمعنى المفهوم به التحدي مما يعني أن لفظ (معجزة) نتاج عقلي فلسفي وليس نتاجاً شرعياً، لأن العلماء ربطوا بين آيات التحدي الخمسة وبين عدم مجيئهم بقرآن مثل القرآن، ولما لم يأتوا بذلك كان ذلك عجزاً منهم فسميت المسألة: الإعجاز القرآني.
وحين نربط بين القرآن الكريم والإعجاز نربط بين أشياء كثيرة وهذه اللفظة، فهناك ألفاظ وأساليب، ومعان، ونظم وترتيب ... كما أن هناك الغيب والعلم التجريبي، فهل الإعجاز في كل ذلك أما في شيء واحد؟
إن القرآن الكريم حمل وجهتين:
فهو من جهة برهان وآية على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، تماماً مثل الآيات التي جاء بها الأنبياء.
ومن الجهة الأخرى: يتحدى الجميع بأن يأتوا بمثل هذه الآية، وتلك إضافة لم تكن في آيات الأنبياء السابقين.
والثابت ـ عندي ـ أن الآية والبرهان الدال على صدق النبي لا يمكن للعباد أن يأتوا بمثلها، لأن من بدهيات الآيات كونها خارجة عن طوق البشر ولو كانت في مقدورهم لما كانت آية خارقة، ولقد فطن الناس إلى هذا فلم يحاولوا.
ويبقي السؤال: ما الوجه الذي وجدوه في هذا القرآن وعلموا، أنهم عنه عاجزون فسكتوا رغم التحدي؟ ذاك ما يجيب عنه هذا البحث، وذاك لب الإعجاز وجوهره أو أن شئت قل: لب التحدي وجوهره وذاك معنى (من مثله) 0
ولكن ما الفرق بين وجه التحدي ووجه الإعجاز؟
إن هناك فرقاً كبيراً بين وجوه الإعجاز ووجه التحدي، ولعل أول من لفت النظر إلى هذه القضية هو ابن عطية حين قال: [وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه.
ووجه إعجازه أن الله قد أحاط بكل شيء علماً 0000’ وأحاط بالكلام كله علما فعلم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعني بعد المعني ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره.] [46]
ويقول شيخي محمود توفيق ـ أعزه الله ـ[علينا أن نفرق بين أمرين: مناط التحدي ومناط الإعجاز ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم يقول: أذهب إلى أن كل شيء في القرآن هو مناط إعجاز، وأن مناط التحدي هو نظمه ... أي صورة المعني وليس المعني نفسه، فالمعني القرآني نفسه معجز ولكنه ليس هو مناط التحدي.
والنظم القرآني معجز ومناط تحدٍ.] [47]
وسواء اتفقنا مع هذا أو اختلفنا معه إلا أن الإشارة إلى وجود مناط للإعجاز ومناط للتحدي أمر بالغ الأهمية، فعلماؤنا خلطوا بين الأمرين، وحدثونا عن الإعجاز وهم يقصدون التحدي تارة ولا يقصدونه أخرى، ولهذا تباين كلامهم، وتعددت اتجاهاتهم.
لا لشيء إلا لأنهم أدخلوا هذا في ذلك، وأصبح كل عالم يتناول ما في القرآن الكريم من قضايا – كل بحسب تخصصه – ولكنها جميعاً في عرفهم معجزة.
يقول شيخي ـ أعزه الله ـ: [إن هناك ثلاث جهات كلية تناولت قضية الإعجاز:
الأولي: جهة الكلام في العقيدة.
والثانية: جهة تأويل القرآن وعلومه.
والثالثة: جهة علماء البلاغة.
. أما علماء العقيدة فمعنيون بما يعرف بوجوه دلالته على صدق النبوة المحمدية ... فإذا ما تقرر من بيان علماء العقيدة إعجاز القرآن الكريم بأي وجه من وجوه الإعجاز فقد قاموا برسالتهم، فإذا امتد القول بهم إلى جهات إعجازه فنافلة.
فخطاب علماء العقيدة مرمي به إلى الكافرين.
أما علماء التأويل فكلامهم ينصب في باب وجوه الإعجاز، وتعديد هذه الوجوه وبيان منازلها وكلام هؤلاء مبني على تحقيقات علماء العقيدة ... ويكون مع من آمن بإعجاز القرآن الكريم ...
أما علماء البلاغة ... ففريضتهم النظر في جهة واحدة من جهات إعجاز القرآن الكريم: بلاغته وفصاحته.] [48]
وكلام شيخي ـ أعزه الله ـ يجعل الباحث في دلالة المثلية لا يخرج عن إطار البلاغة وكأنها آيات محكمات مما يجعلني أضع نفسي في إطار لا أخرج منه لأنني أدرس القرآن من جهة البلاغة.
ولكن: لم أضع نفسي في هذا القالب، وماذا سأضيفه للبحث إن كنت سأقيد نفسي بهذا القيد؟
إنني معنيٌ هنا بالكشف عن مراد كلمة (المثل) في قوله (من مثله) ليس من باب العقيدة، ولا من باب التأويل ولكن من باب البلاغة، فالبحث يتخذ من علم البلاغة ميداناً للنظر للوصول إلى مقصودهذه الكلمة وبعد الوصول إلى مقصودها يستطيع البحث أن يبني على هذا المراد عقيدة توضح مفهوم التحدي ومقصوده فالعفيدة لابد أن تكون مبنية على فهم صحيح للكلام والفهم الصحيح لاينشأ إلا من عند أهل اللغة وفي طليعتهم علماء البلاغة
ومن هنا نحن في صدد البحث عن دلالة (المثل) المتحى به وهل هو مثلية في البلاغة أم في غيرها؟
وأول ما يلفت النظر هنا أن العلماء لم يتفقوا على وجه واحد من الإعجاز ليكون هو مناط التحدي بل تعددت آراؤهم مع أنهم جميعا وهم يعرضون أوجه الإعجاز يستدلون بآيات المثلية 0
وإليك بعضا من ذلك:
اختلاف وجوه الإعجاز في تراث العلماء
تزخر مكتبة الإعجاز القرآني بآراء علمائنا في وجوه الإعجاز، ولا تكاد ترى عالماً ينفرد بوجه واحد ويقول: هذا هو وجه الإعجاز، وما عداه فلا، ذلك لأنهم جميعاً يرون الإعجاز في وجوه شتى وإن كان البعض يميل إلى رأي دون آخر.
وتتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله تعالى بتعدد جوانب النظر فيه، فكل آياته فيها إعجاز لفظي، وبياني ودلالي، وكل مجموعة من الآيات وكل سورة من السور طالت أما قصرت بما فيها من قواعد عقدية أو أوامر تعبدية، أو قيم أخلاقية أو ضوابط سلوكية، أو إشارات علمية، وكل شيء من أشياء هذا الكون الفسيح وما فيه من ظواهر وكائنات وكل تشريع وكل قصة وكل واقعة تاريخية وكل وسيلة تربوية وكل نبوءة مستقبلية كل ذلك يفيض بجلال الربوبية ويتميز عن كل صياغة إنسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله) [49]
ولأجل كل هذا عقد العلماء في كتبهم فصولاً وعنونوها بـ (وجوه الإعجاز) مثل الباقلاني، والزركشي وقالوا: [لا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله معجز واختلفوا في إعجازه] [50] فهذا قال بالصرفة، وهذا قال الإعجاز في حديثه عن الغيب، وهذا في إخباره عن قصص الأولين، وهذا في تأثيره على القلوب وذاك في كشفه لما في الضمائر، وآخر في غرابة الأسلوب والسلامة من العيوب لكن الغالبية منهم أعلت من شأن النظم وقالوا [إنه الذي عليه الجمهور والحذاق.] [51]
(يُتْبَعُ)
(/)
وهناك من تحير في وجه الإعجاز حين سئل عنه فقال: [هذه مسألة فيها حيف على المفتي، وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان؟ فليس للإنسان موضع من الإنسان، بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ودللت على ذاته.
كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلا وكان ذلك المعني آيه في نفسه ومعجزة لمحاولة وهدي لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله من كلامه، وأسراره في كتابه فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده.] [52]
وإذا كانت هذه التوجهات قد قيل بها في زمان اشتغل الناس فيه بالقرآن الكريم كلغة وبيان ونظم وبرهان، فلقد جاء زمان امتاز بنمط آخر من الاهتمام وهو الاهتمام بالعلم التجريبي، ولم يبخل القرآن عليهم بما يمدهم من وجوه أخرى غابت عن أسلافهم.
وسواء اتفقنا مع هؤلاء أو اختلفنا معهم فإنه يجدر بنا الوقوف على جهدهم وعدم إغفاله عند الحديث عن إعجاز القرآن الكريم أو تحدي القرآن الكريم للناس.
ذلك لأنه هؤلاء ينطلقون من قاعدة لا يعتريها شك وهي أنه: إذا كان القرآن الكريم معجزاً في نظمه فإن فيه أيضاً حقائق أخرى متعلقة بالغيب، وموصولة بالتشريع ومربوطة بأسرار الكون.
وكل ذلك لا يعقل أن يكون العرب قد طولبوا به، لأنه لا علم لهم به.
أضف إلى ذلك: أن ابتعاد الناس عن اللغة الفصيحة اليوم يقلل من الأضواء التي ألقيت في السابق على الإعجاز البلاغي، ولا تنس أيضاً أن الإعجاز للإنس والجن كما صرح القرآن الكريم وهو تحد مستمر إلى يوم الدين، مما يعني أن تحجيم الإعجاز وقصر التحدي على اللغة وبلاغتها تغييب لعصٍر يحياه الناس الآن، أو تغييب للقرآن الكريم، وكلا الأمرين خطأ في ظل هذا الصراع القائم بين الإسلام وغيره من العقائد المختلفة.
فدعونا نقف قليلاً على هذا الوارد الجديد، وهو الإعجاز العلمي أولاً:
...
المبحث الخامس
أشهر وجوه الإعجاز
[الإعجاز العلمي ـ الإعجاز التأثيري ـ الإعجاز الغيبي] أولاً: الإعجاز العلمي:
على الرغم من وجود طائفة من العلماء الآن تجد أن اللغة التي تناسب العصر هي لغة الإعجاز العلمي، وأنه ينبغي إغلاق الباب الآن حول الوجوه الأخرى لأنها لا تتساوق مع حديث الناس اليومي واهتماماتهم، فلغة الناس اليوم هي لغة الكمبيوتر والذرة وغزو الفضاء وعلم الجينات ... إلى آخر هذا الفيض من المكتشفات، 000 أقول على الرغم من هذا إلا أن هناك من يرى أن الأولى أن نجنب القرآن كل هذا، لأن اللفتات العلمية فيه ليست مقصودة لذاتها بل هي داخلة في إطار الهداية، ودلالة الخلق على الخالق.
وأنا هنا أسجل الموقفين ثم أدلف إلى مراد البحث:
فالفريق الأول يرى أن القرآن الكريم يفيض بالآيات العلمية عن الكون ومراحل تكونه وظواهره المختلفة، والسنن التي تحكم هذه الظواهر ووصل عدد هذه الآيات في الإحصاء إلى ألف آية صريحة عدا الآيات الأخرى التي تدنو أو تبعد.
وعمدتهم في كل هذا قول الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقّ) (فصلت: من الآية53)
حتى نادي صاحب كتاب جواهر القرآن على الناس قائلاً:
[يا أمة الإسلام آيات معدودات في الفرائض اجتذبت فرعاً في علم الرياضيات فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها .... هذا زمان العلوم، وهذا زمان ظهور الإسلام ....
يا ليت شعري لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا في علوم الميراث؟ ....
إن نظام التعليم الإسلامي لابد من ارتقائه، فعلوم البلاغة ليست هي نهاية علوم القرآن، بل هي علوم لفظه .... ] [53]
فهذا الوجه يعتمد أهله على أن القرآن الكريم كتاب علم بجانب كونه كتاب هداية، وأن طلاب العلم ينبغي أن يولوا وجوههم تجاه هذه القبلة، قبلة العلوم فهي لغة العصر، وميزان التقدم، كما كانت البلاغة والفصاحة هي لغة العصر وميزان التقدم في العصر الجاهلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا تعددت المؤلفات التي تتناول القرآن الكريم من وجهات أخرى مثل الفلك، والطب والهندسة، وعلوم النبات، وطبقات الأرض، إلى آخر ذلك ووصل الأمر إلى إنشاء المجامع العلمية، ودور البحث المتخصصة في الإعجاز العلمي وانتشر في شبكة المعلومات العديد، بل الذي لا حصر له من هذه المواقع التي تتحدث بهذا اللسان وتنطق هذه اللغة، لغة العلوم وتقدم العلوم التجريبية حتى وصل الأمر إلى إنشاء المجامع العلمية ودور البحث المتخصصة في الإعجاز العلمي فالعصر عصر العلوم التجريبية وليس عصر اللغة وظهرت بعض التفاسير المهتمة بالإعجاز العلمي مثل تفسير (المنتخب) وهو معنى بدلالة الآيات على نواميس الكون وأسراره العلمية.
-------
وعلى الجانب الآخر، وفي خضم هذا الجانب ـ المحمود عندي ـ ظهر ما يعارض هذا التوجه، بل ويجرحه في بعض الأحايين، ذلك لأن القرآن لا يقصد إلا إنقاذ الإنسانية العاثرة وهداية الثقلين إلى سعادة الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم كتاب هداية وإعجاز بلاغي.
وعليه فلا يليق أن نتجاوز به حدودهما حتى وإن ذكر فيه شيء من الكونيات فهو لا يقصد مطلقاً أن يشرح حقيقة علمية في الفلك أو الكيمياء، ولا أن يحل مسألة حسابية أو معادلة جبرية، أو نظرية هندسية ولا أن يزيد في علم الطب باباً ولا في علم التشريع فصلاً، ولا أن يتحدث عن علم الحيوان .. إلى غير ذلك.
ولكن بعض الباحثين طاب لهم أن يتوسعوا في علوم القرآن ومعارفه فنظموا في سلكها ما بدا لهم من علوم الكون.
وهم في ذلك مخطئون ومسرفون وإن كانت نيتهم حسنة وشعورهم نبيلاً، ولكن النية والشعور مهما حسنا لا يسوغان أن يحكي الإنسان غير الواقع ويحمل كتاب الله ما ليس من وظيفته خصوصاً بعد أن أعلن كتاب الله عن نفسه هذه الوظيفة وحددها مرات كثيرة منها قوله تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيه هدى للمتقين ِ) (البقرة: من الآية2)
ومما يجب التفطن له أن عظمة القرآن لا تتوقف على أن تنتحل له وظيفة جديدة ولا أن نحمله مهمة ما أنزل الله بها من سلطان فإن وظيفته في هداية العالم أسمي وظيفة في الوجود، ومهمته في إنقاذ الإنسانية أعلى مهمة في الحياة ....
إن القرآن حين يعرض لآية كونية .... يتحدث عنها حديث المحيط بعلوم الكون الخبير بأسرار السماوات والأرض الذي لا تخفي عليه خافية 0
إن هناك مؤلفات جمة تموج وتضطرب باستنباط علوم الكون من القرآن الكريم، ولقد تبين أن علوم الكون خاضعة لطبيعة الجزر والمد وأن أبحاثاً كثيرة منها لا تزال قلقة حائرة بين إثبات ونفي ... مما زعزع ثقتنا بما يسمونه العلم، وجعلنا لا نطمئن إلى كل ما قرروه باسم هذا العلم، فهل يليق أن نبقي مخدوعين مغرورين بعلمهم الذي اصطلحوا عليه، وتحاكموا إليه وقد سجنوه وسجنوا أنفسهم معه في سجن ضيق هو دائرة المادة، تلك الدائرة المسجونة هي أيضاً في حدود ما تفهم عقولهم وتصل تجاربهم، وقد تكون عقولهم خاطئة، وتجاربهم فاشلة.
ثم هل يليق بعد ذلك كله أن نحاكم القرآن الكريم إلى هذه العلوم المادية القلقة الحائرة، بينما القرآن هو تلك الحقائق الإلهية العلوية القارة الثابتة المتنزلة من أفق الحق الأعلى الذي يعلم السر وأخفي.
ألا إن القرآن لا يفر من وجه العلم ولكنه يهفو إلى العلم ويدعوا إليه ويقيم بناءه عليه فأثبتوا العلم أولاً ووفروا له الثقة وحققوه ثم اطلبوه في القرآن فإنكم لا شك يومئذ واجدوه.] [54]
وبعد هذا العرض لوجهتي النظر يحسن أن أسأل هنا:
ألا يعد الإعجاز العلمي أيسر الطرق لجذب عقول الغربيين إلى الإسلام؟
ألا يعد أفضل الوسائل لإقناع الماديين والملحدين والعلمانيين بعظمته وبخاصة في عصرنا الحاضر؟
وإذا كان علماؤنا قد استفرغوا جهدهم في العناية بالإعجاز البلاغي في وقت كان العلم فيه لغة، وكانت اللغة هي مدار العلوم أفلا يحق لأهل العلم الآن أن يستفرغوا جهدهم في إعجازه العلمي ويكون هو المنطلق والباعث وليس كما يقال: حققوا العلم ثم اطلبوه في القرآن فإنكم واجدوه؟
إنني لا أري عيباً في أن ننظر إلى القرآن الكريم على أنه معجزة علمية شريطة أن يتناول ذلك أهل الاختصاص.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقرآن الكريم رسالة متجددة لكل العصور وحين يكون العصر عصراً لغوياً فهو معجزة بلاغية، وحين يكون العصر يموج بالعلوم التجريبية فهو معجزة علمية ولا ننكر الأخرى، وكلما تقدم علم الإنسان وتقدمت اهتماماته فتح القرآن من خزائنه ما يبرهن على أنه كلام الله تعالى 0
ولم أجد أحداً قديماً أو حديثاً من علمائنا الأجلاء توقف عند وجه واحد من وجوه الإعجاز وأنكر الباقي، بداية من الأوائل مثل الرماني والخطابي وعبد القاهر وانتهاء بأساتذتنا مثل محمود شاكر ورجب البيومي وأبي موسى ومحمود توفيق وغيرهم 0
ولا عجب في أن يروا هم أن المقدم من الوجوه هو الإعجاز البلاغي ويري البحث غير ذلك.
ثانياً: الإعجاز التأثيري:
تأثير القرآن في الناس أمر بدهي لكل ذي عينين، حتى سماه المشركون سحراً، والذي ينبغي التوكيد عليه هنا أن القرآن الكريم كتاب هداية.
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء:9)
(ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2)
(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:138)
ذاك هو الهدف من القرآن الكريم، بل هو الهدف من وراء كل معجزة أتي بها الأنبياء.
ولقد كان العرب قديماً يعرفون له هذا الأثر فقالوا: (هذا سحر مبين) وقالوا (إن له لحلاوة) وقالوا لبعضهم (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه).لأنهم إن سمعوه بقلب فارغ من العداء أسرهم وأحاط بهم وأخذ بمقاليدهم فلا يجدون مفراً من التسليم له واتباع ما فيه.
والقصة التي أوردها ابن خلكان في شأن أبي عبيدة معمر بن المثني وهو يدافع عن القرآن الكريم، والتي قيل إنها سبب نشأة علم البلاغة هذه القصة تبين بجلاء أن قضية القرآن، ليست قضية لغوية، وأن التحدي فيه لم يكن في اللغة وفصاحتها وسموها .. إنما في شيء آخر، والقصة ملخصها:
أن إبراهيم بن إسماعيل الكتب سأل عن قول الله تعالى (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ) (الصافات:65). وكان العجب أن يقع الوعيد بمثل هذا حيث لم ير أحد رءوس الشياطين، وكانت إجابة أبي عبيدة مضيئة لكثير مما غمض علينا، فماذا قال؟ لقد قال: إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم. ثم ذكر من شعر أمرئ القيس ما يؤيد هنا وذلك قوله:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
والعرب لم تر الغول، ولكن لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به.] [55]
المهم هنا قوله: إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم.
وهذا يؤيد أن أغلب تعليقات العرب على القرآن الكريم لم تكن على بلاغته بل على هديه وأثره في نفوسهم.
ولقد بعث أكثم بن صيفي ـ وهو من حكماء العرب المعدودين ـ ولده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسمع منه ...
فاستمع الولد إلى رسول الله، ولا يخفي أن رسول الله كان يُسمِع كل وافد القرآن الكريم .. فلما جاء الولد أباه وأخبره بما سمعه من رسول الله جمع أكثم قومه ثم قال لهم: إن ابني شافه هذا الرجل مشافهة وأتاني بخبره وكتابه يأمر فيه بالمعروف وينهي عن المنكر ويأخذ بمحاسن الأخلاق ويدعو إلى توحيد الله .... الخ وهذا الكلام لا ذكر فيه لبلاغة أو فصاحته.
[ولقد كان كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة أول كتاب يبحث في أسلوب القرآن الكريم ويوازن بينه وبين كلام العرب لينتهي من الموازنة إلى أنه نمط من ذلك الكلام ... وكلمات من كلام الناس ولكن يفعلن هذا الأمر العجيب في النفوس ويقمن هذا السلطان القاهر على القلوب ...
وهذا الوجه من وجوه الإعجاز هو المعجزة القائمة في القرآن الكريم أبداً الحاضرة في كل حين، وهي التي تسع الناس جميعاً، عالمهم وجاهلهم، عربيهم وأعجميهم، إنسهم وجنهم.
إن هذا الوجه عمدة وجوه الإعجاز في القرآن، فالروعة التي كانت تلحق قلوب سامعيه عند سماعه والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته هي مثال إعجازه، وهي المعجزة القائمة أبد الدهر وهو الوجه الذي من حقه في رأينا، أن يكون وجه الإعجاز وحده.] [56]
وهكذا نظر العلماء إلى الإعجاز التأثيري، وعدوه الوجه الذي من حقه أن يكون وجه الإعجاز وحده.
وكأنهم يؤكدون عدة أمور، من خلال كلامهم، منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الإعجاز البلاغي والتحدي في البلاغة يتصادم مع وجود العالم والجاهل والعرب والعجم، والإنس والجن، وقيام المعجزة على طول الزمان والمكان.
لذا راحوا يضعون هذا عن عاتقهم ويحملون هذا الوجه البديل الذي لا مطعن فيه ولا خلاف عليه حتى قال الشيخ الغزالي ـ رحمه الله ـ[ما أظن امرءاً سليم الفكر والضمير يتلو القرآن أو يستمع إليه ثم يزعم أنه لم يتأثر به.] [57]
ولا يغرنك عدم تأثر أهل الإلحاد والشرك [فأثر القرآن مختلف حسب نوع المتلقي، وما لديه من استعدادات لاستقبال المؤثرات القرآنية أو موانع من أمراض القلوب المتنوعة، فأثر هذا القرآن ومظاهر هذا التأثير واضحة في الفريقين:
في المؤمنين: زيادة في الإيمان واستبشار في الوجوه
وفي المنافقين: زيادة في الرجس والشر والدنس وخاتمة
سيئة هي الموت على الكفر.] [58]
وإذا كنت أتفق في أثر القرآن على القلوب لكن هل المثلية المتحدى بها مثلية تأثير على الناس، بمعنى هل طلب منهم المجيء بكلام مؤثر في القلوب؟ إن أهل الشرك والإلحاد لا يزالون يجادلون ويقولون ولم لم نتأثر نحن فإن قلت إنه يزيدهم رجساً إلى رجسهم اتهموك بالهروب والمماطلة لأنهم يريدون التأثير بمعنى الهداية، وأري أن لهم وجهاً، ولذا أود أن نمضي إلى وجه آخر قد يكون محل اتفاق وهو:
--------
ثالثاً: الإخبار عن الغيب
أغلب المتحدثين عن الإعجاز اهتموا بذكر هذا الوجه، وجعلوه في بعض الآراء الوجه الأهم، يقول البيهقي: [في القرآن وجهان من الإعجاز:
أحدهما: ما فيه من الخبر عن الغيب، وذلك في قوله عز وجل: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة: من الآية33) وقوله (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (النور: من الآية55) وقوله في أول الروم (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (الروم: من الآية3) وغير ذلك من وعده إياه بالفتوح في زمانه، وبعد زمانه، ثم كان كما أخبر ... والآخر: ما فيه من الخبر عن قصص الأولين ... ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ كتاباً ولا يخطه، ولا يجالس أهل الكتاب للأخذ عنهم وحين زعم بعضهم أنه يعلمه بشر رد الله ذلك عليه فقال: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل: من الآية103). [59]
وفي كلتا الحالتين فالإعجاز إعجاز غيبي، فالخبر عن المستقبل غيب، والحديث عن السابقين غيب، وكأن البيهقي ـ رحمه الله ـ يحصر الإعجاز والتحدي في الغيب لكن هذا الوجه لم يسلم من النقض فضلاً عن النقد، حيث يقول شيخي محمود توفيق ـ حفظه الله ـ[إن القول بأن الإخبار بالغيوب هو وحده مناط للإعجاز، متعاند مع ما جاءت به آية التحدي في سورة هود (13) وهي قوله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
فقوله (مفتريات) قاطع بأن مناط التحدي ليس ما تضمنه من معاني الحق سواء ما كان منها، من باب الإخبار بغيب مضى أو غيب قائم أو غيب قادم.] [60]
وأري أن الإخبار بالغيب وجه من وجوه الإعجاز الظاهرة التي يُستند إليها لكنها ـ كما قال شيخي ـ لا يكتفي بها [ولقد كان كفار مكة أحرص الناس على إبطال قوله صلى الله عليه وسلم مجتهدين بكل طريق يمكن، فتارة يذهبون إلى أهل الكتاب يسألونهم عن أمور من الغيب حتى يسألوه عنها، كما سألوه عن قصة يوسف وأهل الكهف وذي القرنين ... ] [61]
وحين قالوا (لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا) (لأنفال: من الآية31) كان تعريفهم له أنه (أساطير الأولين) فقالوا (إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
والقرآن يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: من الآية3).
ولكن هناك أمر ينبغي الإشارة إليه وهو أن الغيب ليس مقصوراً على القصص أو التنبؤ بما سيكون
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الغيب هو القرآن الكريم، هو الحديث عن الله وملائكته ورسله وعن الكون بما فيه وعن القيامة بما فيها، وعن الماضي كله والمستقبل كله، ولو تصفحت كتاب الله تعالى لن تعدم شيئاً من هذه الأمور، حتى في السور القصيرة، وأقرأ من أول سورة الناس وهي تحدثك عن إله واحد مالك للجميع يعيذك من شر الشيطان الذي يوسوس في الصدور ... وكل ذلك كما تلحظ غيب.
ثم انتقل إلى سورة العلق وهي تحدثك عن [ثلاثة أنواع من الشرور:
أحدهما: وقت يغلب وقوع الشر فيه وهو الليل.
والثاني: صنف من الناس أقيمت صناعتهم على إرادة الشر بالغير.
والثالث: صنف من الناس ذو خلق من شأنه أن يبعث على إلحاق الأذى بمن تعلق به.] [62]
وكل هؤلاء غيب: حتى في أقصر صورة في القرآن وهي سورة الكوثر حديثان عن الغيب
الأول: الكوثر وهو نهر في الجنة.
والآخر: الإخبار بأن مبغض النبي هو الأبتر بقطع ذكره الطيب إلى يوم القيامة 0
والذي أريد أن أقرره هنا أن الغيب وجه من وجوه الإعجاز، لكن هل وقع التحدي به؟ وهل المثلية المرادة هنا مثلية غيب؟
وهل المطلوب من الجن والإنس أن يأتوا بكلام يحدث الناس عما وقع في الماضي أو ما سيقع في المستقبل؟
إن القرآن يقول:
1 - (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْب ... ِ) (البقرة 2:3)
2 - (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) (آل عمران: من الآية44)
3 - (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) (الجن 26: 27)
إن الغيب والإطلاع عليه وجه من وجوه التحدي، أتي به النبي من عند ربه ولكنه ليس كل التحدي، وحين يقول القرآن (فأتوا بسورة من مثله) قد يعني الغيب وقد يعني غيره، وبخاصة أن البشر لا إطلاع لهم على الغيب.
إن الأمر قد يكون، وقد لا يكون، في كل ما سبق.
قد تكون المثلية المطلوبة مثلية علم، أو مثلية هداية، أو مثلية غيب وقد تكون المثلية غير ذلك، وقد تكون في مجموع ذلك.
ولقد عرضت لك حديث العلماء عن الإعجاز العلمي والتأثيري، والغيبي وفي كل مرة نرى أنه من الممكن حمل المثلية على هذا الوجه، ومن الممكن لا.
لكن الشائع في ميدان البلاغة حتى صار هو الأصل في كتبهم أن المثلية المطلوبة في آيات التحدي هي مثلية أسلوب ونظم وبلاغة، ... وغير ذلك من أوصاف تعود على لغة القرآن.
وأقف بك على هذا بعض الوقت.
...
المبحث السادس
الإعجاز البلاغي
رؤية نقدية
ارتبط الإعجاز بالبلاغة منذ نزول القرآن الكريم على العرب، والمعلوم سلفاً أن العرب قوم بضاعتهم البلاغة والفصاحة المتمثلة في الشعر والخطابة والحكم والأمثال، وحين نزل القرآن الكريم وهو كلام الله على قوم هذه بضاعتهم انصرفت الأذهان مباشرة إلى جمال هذا الكلام وحلاوته، وعلو منزلته، وسمو تراكيبه، حتى التصق الإعجاز بالفصاحة والبلاغة، وهنا يطرح سؤال مهم:
ما الذي ربط الإعجاز بالبلاغة هكذا حتى بدا كأنه إجماع للأمة، أو على الأقل: ما عليه جمهور العلماء؟
الذي يظهر لي، أن هذا الارتباط نشأ من عدة أمور منها:
1 - أن القرآن نزل على العرب.
2 - أن العرب اشتهروا بالفصاحة والبلاغة وهم يعتقدون أن المعجزة من جنس ما نبغ فيه القوم.
3 - أن هذه المعجزة ما هي إلا كلام.
4 - ما أثر عن بعض العرب في وصفهم للقرآن حين تأثروا به بأن له حلاوة وأن عليه طلاوة ... الخ.
كل ذلك حسب ظني هو الذي حبس الإعجاز في هذا الركن الضيق وصرف الأذهان عن غيره زمناً طويلاً.
لقد نظرنا إلى القرآن الكريم نَظَرَنا إلى القصيدة أو الخطبة أو الحكمة فما دامت المعجزة كلاماً، فإعجازها وتحديها في ألفاظها وتراكيبها، ورحنا نقول أن هذه المعجزة تكمن في إحاطة الله علماً بكل شيء , ومن هذه الأشياء الكلام وترتيب الألفاظ، وأي لفظة تصلح أن تلي اللفظة الأولى، وأي الألفاظ يثلث بها لبيان المعني، ومطابقة هذا الكلام لمقتضى أوال الناس 0000.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان علم الله تعالى محيطاً علم أي الألفاظ يبدأ بها، وأيها يثني بها، وأيها يثلث بها حتى جاء النظم القرآني في المرتبة التي يعجز عنها البشر.وبدأت الفكرة تتسع شيئاً فشيئاً فقيل [إن القرآن الكريم لو تركت منه لفظة ثم أدير اللسان العربي على لفظه أحسن منها لما وجدنا.] [63] لقد ظل هذا القول يتسع حتى عقدت موازنات بين ألفاظ القرآن الكريم وألفاظ الشعراء والحكماء، وكيف يوظف القرآن اللفظة في مكانها التوظيف الأمثل وكيف ينتقي التركيب الأعلى في الإيجاز والدلالة، مثل قوله سبحانه (القصاص حياة) وقول العرب (القتل أنفي للقتل).
وهكذا اتسعت دائرة البلاغة شيئاً فشيئاً حتى استحال على القائلين بالإعجاز تجاهلها أو التغاضي عنها، أو تقديم شيء عليها وأنا لا أختلف مع كل ذلك لكني أبحث عن موطن التحدي.
وأمر آخر وهو أن علماءنا نظروا إلى العرب على أنهم أهل التحدي وحدهم فما دام القرآن عربياً ونزل على العرب فالمعجزة عربية، وبخاصة أن القوم أرباب فصاحة وبلاغة 000
وأسأل أيضاً هنا وأقول: إن الإنجيل نزل بلغة بني إسرائيل وقتها فلم لم تكن معجزة عيسى في اللغة، وإذا اتفقت معك على أنهم قوم لم يشتهروا بالفصاحة بل بالطب فهل اقتصرت معجزة عيسى على الطب، ألم يقل (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: من الآية49)
ألم يُنزل عليهم مائدة من السماء بدعائه؟
ألم يخلق طيراً بإذن الله؟
فهل كل هذا له علاقة بالطب؟!
إن القول بأن المعجزة من جنس ما برع فيه القوم يحتاج إلى وقفة، وهذا يعني أن ربط معجزة القرآن بفصاحة العرب وبلاغتهم وأن التحدي في ذلك يحتاج أيضاً إلى وقفة.
ثم أن المعلوم بجلاء أن اللغة وسيلة وليست غاية، وأداة وليست هدفاً 0
نعم: نزل القرآن بلغة العرب.
راجع هذه الجملة:نزل القرآن بلغة العرب. إذن هناك قرآن، وهو كلام الله تعالى. وهذا القرآن الذي هو كلام الله تعالى: نزل بلغة العرب.
وعند التحدي نطلب كلام الله، وليس لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم.
إن سحرة موسى حين جاؤا بسحرهم جاؤا بالشكل والهيئة فسحروا أعين الناس حتى خاف موسى عليه السلام.
ولكن أفعالهم كانت هيئات وليست حقائق، كانت أشكالاً مثل لغة القرآن، ولم تكن حقائق مثل القرآن، وحين ألقي موسى عصاه انقلبت حية حقيقية، ومن هنا كان التحدي في الحقائق وليس في الأشكال والمطلوب من الناس الآن أن يأتوا بالقرآن وليس لغة القرآن.
ولو كان التحدي في الهيئة والشكل لقال سحرة فرعون لقد جئنا بمثل ما جاء به موسى، فهل قالوا هذا؟
ومن هنا أقول: إن التحدي ليس في البلاغة والفصاحة وإن كنت لا أنكر أن القرآن الكريم يقف في الغاية القصوى التي لا يطمح إليها بشر.
وما أثر عن العرب في حديثهم عن القرآن حيث يتخذ دليلاً على أن التحدي في البلاغة فإنه يحتاج إلى قراءة أخرى وهاك بعض الأمثلة:
نقل القرطبي ـ رحمه الله ـ[أن أبا طالب لما قيل له: إن ابن أخيك زعم أن الله أنزل عليه ... (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) قال اتبعوا ابن أخي فوالله إنه لا يأمر إلا بمحاسن الأخلاق.
وقال عكرمة:قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوليد بن المغيرة، إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... إلى آخرها فقال: يا ابن أخي أعد، فأعاد عليه فقال والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أصله لمورق، وأعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر.] [64]
ففي موقف أبي طالب كان الانبهار ودعوة الناس إلى الإيمان بسبب ما في القرآن من خير دعوة إلى مكارم الأخلاق.
أما كلام الوليد فوصف للمعنى وليس وصفاً للفظ، فالحلاوة والطلاوة والإثمار والإيراق كل ذلك وصف للمعاني كما قال الإمام [إنهم لم يوجبوا للفظ ما أوجبوه من الفضيلة وهم يعنون نطق اللسان وأجراس الحروف ولكن جعلوا كالمواضعة فيما بينهم أن يقولوا اللفظ وهم يريدون الصورة التي تحدث في المعني] [65]
(يُتْبَعُ)
(/)
والآية التي وصفها الوليد فيها من المعاني ما يستولي على العقول حيث أوجبت العدل والإحسان وصلة الرحم و النهي عن كل منكر ...
كل ذلك معانٍ تأخذ بالقلوب قبل الأسماع، ووضعت هذه المعاني في صورة تقابلية تجمع بين الأمر بالخير والنهي عن الشر في إطار واحد، ولا يتأتى هذا إلا مِن إله يريد للناس الخير ولذلك ختم الوليد مقولته بأن قال: (وما هو بقول بشر).
وذاك بيت القصيد: (ما هو بقول بشر).
وحين تراجع قول النجاشي حين سمع القرآن الكريم ورويت له قصة عيسى عليه السلام وأمه الصديقة قال:
(هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة] [66]
إنه علق على المصدر الذي جاء منه القرآن والذي جاء منه كتاب موسى إنه من عند الله.
هذا ما جذبه وجعله يؤمن بهذا الكلام.
وفي قصة إسلام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ روايات، منها رواية لعطاء ومجاهد نقلها ابن اسحق عن عبد الله بن أبي نجيح وفيها أن عمر قال: (كنت للإسلام مباعداً وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش، فخرجت أريد جلسائي أولئك فلم أجد منهم أحداً، فقلت: لو أنني جئت فلاناً الخمار، وخرجت فجئته فلم أجده، قلت: لو أنني جئت الكعبة فطفت بها سبعاً أو سبعين فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام واتخذ مكانه بين الركنين، الركن اليماني والركن الأسود، فقلت حين رأيته: والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول، وقام بنفسي أنني دنوت منه أسمع لأروعنه، فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام] [67]
فهذا الحديث حديث تأثر ورقة القلب حين سماع القرآن، ولا مجال هنا لبلاغة أو بيان أو نحو ذلك.
ومن خلال تلك الروايات يمكن القول بأن القوم حين استمعوا إلى القرآن الكريم كان رد فعلهم يدور في فلكين:
الأول: تأثرهم بهذا القرآن.
الآخر: إجماعهم على أنه ليس بكلام بشر.
[فقعود الكفار عن المعارضة كان بسبب شعورهم بعجزهم عن هذه المعارضة واقتناعهم بإعجاز القرآن الكريم] [68]
(ولكن ما السبب في قعودهم؟)
السبب أن [للقرآن شأناً آخر وهو: أنهم رأوا فيه من مسحة الألوهية ما جعله روحاً من أمر الله يتحرك به كل من سمع صوته.
وفي الحديث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ألا رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً منعوني أن أبلغ كلامي ربي.] [69]
فتأمل هذه الكلمة الموجزة عن القرآن (كلام ربي).
وهكذا آمن الناس لأنهم سمعوا كلام الله فاستقبلوه استقبال الشفاء والهداية النازلة من السماء، ولم يدر بخلد واحد منهم أن يعارض ليس لما رأي فيه من البلاغة (وهي فوق الطاقة كما أعتقد)، ولكن لأنه مهما قال فسيقول كلام البشر ولغة البشر وأين كلام البشر من كلام خالق البشر؟!
إن العربي بطبعه، بل إن النفس البشرية بطبعها إذا طلب منها التحدي في أمر من الأمور خاضت فيه، وبخاصة إذا كان عندها شيء من أولياته فلو طلبنا مثلاً من رجل لا يعرف معنى الشعر، ولم يقرأ كتاباً في اللغة، لو طلبنا منه أن يأتي بقصيدة مثل قصائد المتنبي لحاول وخاض، ولأتي بألفاظ لها من الهيئة والتركيب ما لقصيدة المتنبي من الهيئة والتركيب أو قال كلاماً وادعي أنه مثل ما قال المتنبي.
لماذا؟
لأنه بشر والمتنبي بشر.
ومهما بلغ المتنبي من الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة فهو بشر فالتحدي ممكن وله مسوغاته.
أما أن يقال لبشر يستطيع أن يقف النهار كله يخطب الخطبة ولا يعيد فيها شيئاً كما أثر عن قس بن ساعده الأيادي، أو يقال لهؤلاء جميعاً إيتونا بسورة مكونة من سطر واحد فيسكتون، ويمسكون، ويحجمون، فإن سكوتهم ليس ناشئاً عن عجز من قبل الكلام، وإن كان الكلام خارجاً عن طوقهم، بل من يقينهم بأن هذا الكلام كلام الله ونحن نريد كلاماً من عند الله وليس من عندكم.
والسؤال:
لنفترض ـ جدلاً ـ أن هذا الكلام قال به بشر، وأن القرآن كلام بشر ـ أقول لنفترض ـ ثم تحدي به الناس، هل كانوا سيقعدون عنه؟
راجع نفسك وستعلم أن قعودهم عن التحدي إنما كان لأنه كلام الله.
--------------
(يُتْبَعُ)
(/)
ما المقصود بالبلاغة في كلامهم؟
ما المقصود بالبلاغة التي تحدي بها القرآن الناس؟
إن البلاغة والإعجاز البلاغي، مصطلح لم يتفق عليه أهل البلاغة، فلقد ذكروا كلاماً كثيراً قد نتفق معه حيناً وقد نختلف معه أحياناً أخرى، لكن الذي لا شك فيه أنه لم يكن كلاماً واحداً، ولا مضموناً واحداً.
فهناك من يرى البلاغة في نظم الحروف وتتابعها كما يقول الباقلاني:
(الذي تحداهم به أن يأتوا بمثل الحروف التي هي نظم القرآن، منظومة كنظمها، متتابعة كتتابعها مطردة كاطرادها، ولم يتحداهم إلى أن يأتوا بمثل الكلام القديم الذي لا مثل له.] [70]
ثم يقول: [فالتحدي واقع إلى أن يأتوا بمثل الحروف المنظومة التي هي عبارة عن كلام الله تعالى في نظمها وتأليفها.] [71]
فنظم الحروف هنا هو البلاغة، وهو مناط التحدي، وهذا ما أنكره الإمام عبد القاهر بل عقد له فصلاً قال فيه:
[وما يجب إحكامه الفرق بين قولنا: حروف منظومة، وكلم منظوم، وذلك أن نظم الحروف هو تواليها في النطق، وليس نظمها بمقتضٍ عن معنى ولا الناظم لها بمقتف في ذلك رسماً من العقل اقتضى أن يتحرى في نظمه لها ما تحراه، فلو أن واضع اللغة كان قد كقال (ربض) مكان (ضرب) لما كان في ذلك ما يؤدي إلى فساده.] [72]
ومن هنا سقط القول القائل بأن البلاغة هي نظم الحروف وأن الإعجاز في نظم تلك الحروف.
وفي جانب آخر جعلت البلاغة مخصوصة باللفظ والمعني، ففصاحة الألفاظ وشرف المعاني هي موطن الإعجاز، وحديث علمائنا عن اللفظ والمعني يكاد يكون تلخيصاً لقضية النظم والتأليف عندهم، فالنظم أمر متعلق باللفظ والمعنى معاً، وإن كنت تلمح في كلام البعض إعلاءً لشأن اللفظ، وللبعض الآخر إعلاءً لشأن المعنى.
ففي كلام ابن عطية مثلاً أن الصحيح في وجه الإعجاز هو [النظم وصحة معانيه، وتوالي فصاحة ألفاظه، وذلك أن الله تعالى أحاط بكل شيء وأحاط بالكلام كله علماً فترتيب الألفاظ من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره ...
فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة ... والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط، ولهذا ترى البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولاً ثم ينظر فيها فيغير فيها. وهلم جراً.
وكتاب الله عز وجل لو نزعت منه لفظ ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد.] [73]
[فالقرآن جاء بالأسلوب الرائع الخلاب الذي اشتمل على الخصائص العليا التي لم تجتمع بل لم توجد في كلام آخر مما أعجز أساطين الفصحاء ومقاويل البلغاء وأخرس ألسنة فحول البيان من أهل صناعة اللسان.] [74]
فهؤلاء جميعاً جنحوا بالنظم إلى جهة اللفظ، وأخذ بعضهم يوازن بين بعض التراكيب في لغة العرب ولغة القرآن الكريم، كما في نحو (القصاص حياة) و (القتل أنفي للقتل) [75] بل بين لغة النبي صلى الله عليه وسلم ولغة القرآن الكريم مثل وصف الجنة في كلامه صلى الله عليه وسلم، ووصفها في كلام الله تعالى، ففي القرآن قيل (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (السجدة: من الآية17) وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) [76]
ومع أن الحديث حديث قدسي إلا أن لفظه للنبي صلى الله عليه وسلم ومن هنا كانت الموازنة بين لغة البشر ولغة القرآن الكريم.
وعليه فإن الإعجاز هنا يبرز فيه دور الألفاظ أكثر مما يبرز دور المعاني، لأن المعنى في القرآن الكريم وفي الحديث القدسي من الله تعالى فالموازنة إذاً في اللفظ 0
وترى طائفة أخرى من العلماء عكس هذا، حيث يرون المعنى أعلى قامة من اللفظ كما صنع عبد القاهر الجرجاني ـ رحمه الله ـ فهو لا يبخس حق اللفظ ولا يطرحه اطراحاً ولكنه حامل للمعنى، ورسول له، وهذا ما استخلصه أستاذنا أبو موسى بعد مصاحبة طويلة للإمام عبد القاهر حيث خلص إلى أن:
[الإعجاز قائم بالمعاني وأنه الأقوى والأظهر، وأن القرآن الكريم حين قال: (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) [77] (هود: من الآية13)
(يُتْبَعُ)
(/)
إنما كان بهذا يتنزل معهم ويمد لهم مجال الإمكان، ويوسعه لهم، وكأنه يقول: إذا كانت المعاني مما لا عهد لكم بها، ولا طاقة لكم عليها وليست من معادن معانيكم وقد بلغتم الغاية في إدارة اللغة على وجه معانيكم التي اخترعتم واختلفتم، وأنتم في هذا سابقون، وله مطيقون.
وهذا قاطع بأن الإعجاز بصحة المعاني، واطراد استقامتها وسدادها أظهر وأبهر.
ولكن عبد القاهر وقف عند البناء البياني لمعاني القرآن.] [78]
وإذا كان هذا هو رأي الإمام فإن المعاني عنده باب مستور،وجوهر مكنون ما زال يحيطه الغموض ولذلك قال: [وأعلم أن غرضي من الكلام الذي ابتدأته والأساس الذي وضعته أن أتوصل إلى بيان أمر المعاني كيف تختلف وتتفق؟ ومن أين تجتمع وتفترق؟ وأفصل أجناسها وأنواعها، وأتتبع خاصها ومشاعها، وأبين أحوالها في كرم منصبها من العقل، وتمكنها في نصابه، وقرب رحمها منه، أو بعدها عنه.] [79]
وكلام الإمام يثير في النفس سؤالاً، بل أسئلة، وهو الذي يتحدث عن أسرار بلاغة القرآن ودلائل إعجازه، فهو إذن يقصد إلى بيان معاني القرآن وعلاقاتها المتوافقة تارة، والمختلفة تارة أخرى.
فكثير من السور المكية ـ مثلاً ـ جاءت لترسخ أمور العقيدة، وذاك توافق في المعنى ولكن تلك السورة حملت من المعاني ما لا يمكن إدراجه تحت نوع واحد من الأهداف، ولا تحت باب واحد من المقاصد، فكل سورة تمثل شخصية مستقلة مختلفة عن غيرها.
ثم إن معاني القرآن الكريم تترابط بروابط ظاهرة مرة وخافية أخرى، وهذه الروابط لا تجعل هذا هذا، بل تجعل لكل معنى جنساً بارزاً متوافقاً مع سياقه ومقاومة.
كما أن السور القرآنية فيها معان خاصة لم ترد إلا فيها، كما اختصت سورة البقرة مثلاً بالحديث عن قصة البقرة، وقصة طالوت وجالوت وقصة إبراهيم حين سأل ربه كيف يحيي الموتى؟ كما اختصت بالحديث عن الديون.
وكذلك اختصت سورة النمل بالحديث عن النمل، وسورة الكهف بالحديث عن أهل الكهف.
هذه معان خاصة، وهناك معان مشاعة بين السور كما في قصة موسى مع قومه والحديث عن مشاهد القيامة، وبدأ الخلق، وعصيان إبليس ... الخ.
وهكذا يمكن فهم كلام الإمام، وهو كلام أحيط بضرب من الغموض جعل الشيخ أبا موسى –حفظه الله - يراجع دراسة البلاغة بجملتها ويقول بعد سرده: [وهذا من غوامض هذا الكتاب، ولم يتضح لي وجهة إلا على ضرب من المسامحة وذلك لأن الكتاب بُني على ما سماه الشيخ مقدمات، وليس في الكتاب ـ يعني أسرار البلاغة ـ إلا التشبيه والمجاز والكناية.
والشيخ يقول إنها مقدمات تُقدم، وأصول تُمهد، وكالأدوات لهذا الغرض حقها أن تجمع، وضروب من القول هي كالمسافات دون ـ أي دون عرض الكتاب ـ يجب أن يسار فيها بالفكر وتقطع.
وإذا كان كذلك، وهو كذلك بلا ريب فأين الغرض من علم البيان الذي نقول إن الشيخ هو الذي وضعه؟.
هل ضللنا الطريق؟
هل درسنا مقدمات العلم على أنها العلم؟
هل أنت معي في هذا الغموض أم أنني ضللت فهم كلام الشيخ وهو- فيما أراه - صريح مكشوف؟
ذكر عبد القاهر شيئاً كهذا في دلائل الإعجاز حين قال:
إن ها هنا أسراراً ودقائق لا يمكن معرفتها إلا بعد أن يُعَد جملة من القول في النظم، وفي تفسيره، والمراد به، وأي شيء هو؟ .... الخ
وهذا يعني أن القول في النظم مقدمة للمقصود، وأن دراسة الأسرار والدقائق هي المقصود.] [80]
-------------
هل يجعلنا هذا الكلام نراجع هذا الكم الهائل من كتب الإعجاز لننظر إلى القرآن الكريم من جديد.؟
إن ما أفهمه أنا، من كلام الإمام أن البلاغة والنظم والألفاظ والمعاني، كل ذلك دلائل على الإعجاز، وليست هي الإعجاز، كلها مقدمات للتحدي وليست هي موطن التحدي.
إن الأصل في اللغة وفي أجناسها من (شعر وخطابة ورسالة وقصة ... الخ) وكل كلام هو استنباط المعنى أو تصوير المعنى، وليست فنون البلاغة إلا أحوالاً لغوية تقتضيها هذه المعاني وتتطلب وقوعها على وجه دون وجه فالمعاني صاحبة السلطان على كل فنون البلاغة، هي الملك في عالم النص وحين ترسل لا تكتسب إلا بما يليق بها.
وإنما يروم المتكلم المعاني، فإذا انبجست له من ينبوعها وجد اللغة بين يديه، وقد نشرت بزها حواليه 0
(يُتْبَعُ)
(/)
فالمعني هو المحور، وهو العمود، وهو الأصل، وهو الذي ضاع منا درسه وصعب علينا الخوض فيه، وعاشت البلاغة، وعاش النحو، وعاشت علوم العربية كلها وعشنا معها ندور حول اللغة، حول الكلمات، وتدور بنا اللغة، وتدور بنا الكلمات، حتى أتعبتنا اللغة وأتعبناها، لأننا نحركها في الهواء ولم نحركها على ينابيع المعاني، التي هي منابعها ..
هذه المعاني ... هي المقصود الأسمى، والمطلب الأرفع، والماء الكوثر الذي إذا تقاطر في قلب ظل تائقاً إليه.
لقد تركنا هذا الذي سماه العلماء ودائع العقول وثمر القلوب وشغلتنا عنه العبارة عنه ... فصرنا نتكلم في العبارة عن المعنى، والمعنى غائب ... !!!
ليست القيمة في ألفاظ اللغة وإن كانت معجونة بالسحر، وإنما قيمتها حين تفرى عن وجه المعنى الحر.] [81]
وهكذا يلخص أستاذنا وجهة نظر الإمام في أن الإعجاز إعجاز في المعنى ..
وبعد هذا الفهم لمضمون النظم وغايته ومقصود البلاغة وعمودها ألا ترى معي أننا رجعنا إلى أول الطريق بعد أن ظننا أننا خطونا خطوات، لأن القول بأن الإعجاز في النظم، والنظم هو نظم المعاني يسلمنا إلى بحر زاخر فالحديث عن المعنى القرآني هو حديث عن كل شيء، فما المعنى القرآني الذي تحداهم فيه وطلب منهم المجيء بمثله؟
لا زال العقل يسير في مبهمات، وهذا الأمر الذي يخيل إليك تارة أنه واضح وضوح الشمس ما تلبث إلا أن تراه خافياً خفاء الروح، أقول هذا الأمر دفع طائفة من العلماء إلى مزج بعض الوجوه هي إلى الإحكام أقرب و إلى الضبط أميل مثل حديث القرآن عن الغيب، وعن العلوم وأثره في قلوب السامعين .. الخ
وهذه الأمور إذا طلب من أي إنسان أن يتحدث فيها وجدها بين يديه بارزة شامخة لكل ناظر.
ولكن سيطرة كلام السابقين عن الإعجاز النظمي جعل البعض يحاول أن يخرج من هذه الدائرة (دائرة اللفظ والمعنى) ومن هنا جاء الحديث عن أن البلاغة هي جميع ما سبق من نظم وصحة معاني وتوالي فصاحته كما قال ابن عطية [82] وهذا يعني أن الوقوف على الحروف أو الألفاظ أو المعاني لم يلق قبولاً من جميع العلماء فراحوا يطلقون الإعجاز على كل ما يتعلق باللغة من نظم ولفظ ومعنى واستمرار ذلك ودوامه من أول القرآن إلى آخره، يقول حازم القرطاجني:
[يتوجه الإعجاز في القرآن من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها استمراراً لا يوجد له فترة، ولا يقدر عليه أحد من البشر، وكلام العربي ومن يتكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود.] [83]
والعجيب هنا أن نجعل كثرة هذه النكات وتتابعها هو مقياس التفاضل عند العرب وأن البلغاء من العرب كانوا يتفاضلون بكثرة هذه النكات البلاغية وكأن من يأتي منها بأكبر عدد هو الأبلغ وهو الأعلى قدراً بين الآخرين ..
واسمع إلى العلامة ابن عاشور وهو يقول: [إن بلغاء العرب كان تنافسهم في وفرة إبداع الكلام من هذه النكت، وبذلك تفاضل بلغاؤهم، فلما سمعوا القرآن انثالت على كل من سمعه من بلغائهم من النكت التي تفطن لها ما لم يجد من قدرته قبلاً بمثله.
وأحسب أن كل بليغ منهم قد فكر في الاستعانة بزملائه من أهل اللسان فعلم ألا مبلغ بهم إلى التظاهر على الإتيان بمثل القرآن فيما عهده كل واحد من ذوق زميله.
هذا كله بسبب ما بلغت إليه قريحة كل واحد ممن سمع القرآن منهم التفطن إلى نكت القرآن وخصائصه
ووراء ذلك نكت لا يتفطن إليها كل واحد.
وأحسب أنهم تآمروا وتدارسوا بينهم في نواديهم أمر تحدي الرسول إياهم بمعارضة القرآن، وتواصفوا ما اشتملت عليه بعض آياته العالقة بحوافظهم وأسماعهم من النكت والخصائص وأوقف بعضهم على مالاح من تلك الخصائص: وفكروا وقدروا وتدبروا فعلموا أنهم عاجزون عن الإتيان بمثلها إن انفردوا، أو اجتمعوا، ولذلك سجل القرآن عليهم عجزهم في الحالتين، فقال تارة: (فأتوا بسورة من مثله) وقال لهم مرة (لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ... )
فحالة اجتماعهم وتظاهرهم لم تكن مغفولاً عنها بينهم ضرورة أنهم مُتَحَدون بها، وهذه الناحية من هذه الجهة من الإعجاز هي أقوى نواحي إعجاز القرآن وهي التي يتحقق بها إعجاز أقصر سورة منه.] [84]
أرأيت؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن القضية ـ كما يراها ابن عاشور ـ هي كثرة النكات إلى الحد الذي فاق طاقات العرب، فوقفوا عاجزين حتى وإن استعانوا بأهل الفصاحة جميعاً.
وهذا أمر لا أميل إليه لأنه يدخلنا في دائرة الكثرة والقلة، مما يجعلنا ننشغل عن القرآن بعدد ما فيه من وجوه البلاغة.
وعلى جانب آخر يرى فريق من العلماء أن الإعجاز يكمن في أن القرآن جاء بشيء غريب غير معهود، والعجيب أن دليلهم في ذلك هو قول عتبة حين سمع القرآن الكريم أنه ما سمع بمثله .. وقالوا:
[إذا اعترف عتبة، على موضعه من اللسان، وموضعه من الفصاحة والبلاغة بأنه ما سمع مثل القرآن قط، كان في هذا القول مقراً بإعجاز القرآن له ولضربائه من المتحققين بالفصاحة والقدرة على التكلم بجميع أجناس القول وأنواعها.] [85]
[وأجناس الكلام التي تكلمت بها العرب خمسة:
1 - المنثور الذي تستعمله العرب في محاورة بعضهم بعضا.
2 - الشعر الموزون.
3 - الخطب.
4 - الرسائل.
5 - السجع.
ونظم كلام القرآن مباين لهذه الأوجه الخمسة مباينة لا تخفي علي من يسمعه من عربي فصيح أو ذي معرفة بلسان العرب من غيرهم حتى إذا سمعه لم يلبث أن يشهد بمخالفته لسائر هذه الأنواع من الكلام.
والحجة إنما قامت على قريش وسائر العرب بوقوفهم على ذلك من أمره وأن هذا الفرق بينه وبين سائر الكلام هو موضع الحجة، وبذلك صار معجزاً للخلق وقائماً مقام الحجج التي بعث الله بها رسله واحتج بها على الناس مثل فلق البحر وإحياء الموتى.] [86]
ولكن ما معنى أنه غير معهود؟ وفي أي شيء لم يعهد؟
إن [المستقر في أذهان الناس أن ألفاظ القرآن ومعانيه إنما هي تجرى على نفس النمط الذي تجري عليه ألفاظ العرب ومعانيهم] [87]
لقد قالوا إنه [النظم والأسلوب والجزالة فهي لازمة كل سورة بل هي لازمة كل آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميز عن سائر كلام البشر وبها وقع التحدي والتعجيز.] [88]
ودعني اتفق هنا مع هذه المقولة.
نعم: نظم القرآن غير معهود، فهل هذا يعني أنه وقع التحدي به؟ وهل يعني هذا أن كل ما جاء بنظم غير معهود، وأسلوب غير معهود يكون معجزاً؟
وهل يمكن أن نطلق على الشعر الحر مثلاً، أو الشعر النثري أو الشعر الحداثي أو ما يقرب من هذا النمط، هل يمكن أن نقول إنه معجز؟
إنه نظم غير معهود وأسلوب غير معهود، وما قال أحد من الناس إنه معجز 0
إذن هذه القضية لا تقف على رجلين، وأما كلام القرطبي فإنه كان يعدد وجوه الإعجاز ولم يقتصر على هذا الوجه، وراجع كلامه ستجد أنه ضم إلى ذلك الإخبار عن الغيب، والحكم البالغة، والتناسب في جميع ما تضمنه ... الخ.
إننا حين نضع القرآن الكريم بجوار الكلام العالي عند الحكماء والشعراء نجد القرآن الكريم قد بلغ أعلى منازل البيان، وسما إلى أعلى مراتبه لما جمع من وجوه الحسن وأسبابه وطرقه وأبوابه.
إن هناك بيان ولكن القرآن أعلاه وأحسنه.
وحين يتسابق فرسان ويسبق أحدها الآخر، ويتفوق عليه لا نقول إنه أعجزه، ولكنه سبق فقط، سبق في كل شيء، في [الفواتح والخواتم والمبادئ والمثاني، والطوالع والمقاطع، والوسائط والفواصل، ثم في نظم السور والآيات، ثم في تفاصيل التفاصيل، ثم في الكثير والقليل ثم الكلام الموشح والمرصع والمفصل والمصرع والمجنس والموشح، والمحلى والمكلل والمطوف والمتوج، والموزون والخارج عن الوزن، والمعتدل في النظم والمتشابه فيه ...
ثم الخروج من فصل إلى فصل، ووصل إلى وصل، ومعنى إلى معنىً، ومعنى في معنىً، والبسط والقبض، والبناء والنقض، والاختصار والشرح ... وكل ذلك دال على أنه يصور عن عزة الملكوت وشرف الجبروت.] [89]
إن علماءنا وهم يتحدثون عن آيات التحدي راحوا يتحدثون عن صفات القرآن وجمال أسلوبه.
وأنا أسأل: ما علاقة هذه الأوصاف بما نحن فيه؟
لقد حدث خلط شديد بين بلاغة القرآن الكريم وتحدى القرآن الكريم للناس0
إن بلاغة القرآن وعلو منزلته أمر لا يختلف عليه أحد من ا لمنصفين ولو أن البلاغة هي موطن التحدي لما وجدت هذا الخلاف بين العلماء من المراد منها.
وفي جانب ثالث ذهب البعض إلى أن بلاغة القرآن وإعجازه تعرف ولا تدرك بالحواس فجعلوها ضرباً من الأسرار الغائبة التي لا يمكن تحديدها أو وصفها.حتى قيل إن الجاحظ:
(يُتْبَعُ)
(/)
[قال بالصرفة بعد أن أعياه الوقوع على الضوابط الدقيقة التي يضبط بها وجه الإعجاز، فذلك أمر إن أعجز الجاحظ فقد أعجز الإنس والجن جميعاً فلو أن سر الإعجاز قد انكشف- وهيهات ـ لعرفه الناس،
ومن ثم لم يعد بعيداً عن متناول أيديهم وكان في مستطاعهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن] [90]
إن إعجاز القرآن في نظهرهم [شيء] كالنغم يسري إلى النفس ويستقر في أعماقها دون أن تكون لدينا القدرة على تحديده وإيضاحه] [91]
[فكل ما ندركه بعقولنا ففي غالب الأمر نتمكن من التعبير عنه،والإعجاز ليس كذلك،لأنا نعلم قطعاً من كلام الله انه بحيث لا يمكن للبشر معارضته والإتيان بمثله، ولا يماثله شيء من كلام فصحاء العرب مع أن كلماته كلمات كلامهم وكذا هيئات تراكيبه.
كم أنا نجد كلاماً نعلم قطعاً أنه مستقيم الوزن دون آخر لكن فيه شيء نسميه الملاحة ولا نعرف ما هو] [92]
------------------
وهكذا فالإعجاز ندركه ولا نحسه، والبلاغة شيء كالنغم لا نحدده، فهي سر من الأسرار ولا يمكن لأحد بحسب هذا الكلام أن يدرك هذا الإدراك إلا إذا اشتعل بعلم المعاني والبيان.
وهذا ما أراه يناقض طبيعة التحدي،إذا لا بد من معرفة وجه التحدي وطبيعته.
أما أن أحيل على أمور تدرك ولا توصف، وأشياء لا يمكن ضبطها ولا تعليلها، أشياء كالنغم تسري إلى النفوس وتستقر في الأعماق وليس لدينا قدرة على تحديدها ولا نعرف علتها فهذا أعجب العجب.
أقول: إن الحديث عن الإعجاز البلاغي حديث جميل،ولقد أخذناه دون إطالة نظر ولقد ظهر بجلاء أن العلماء لم يتفقوا على المراد من الإعجاز البلاغي فجعلوه مرة في حروف القرآن ومرة في الألفاظ، وثالثة في المعاني، ورابعة في كل ذلك، وخامسة في توالي هذه الفصاحة وتتابعها واستمرارها.
ثم قيل في النهاية إنها سر من الأسرار وأمور تستقر في الأعماق فتدرك ولا توصف، وهذا مما لاأتفق معه ولا أراه ناصحاٍ للقرآن في عصرنا الحاضر.
أقول أيضاً: إن إرجاع التحدي إلى البلاغة إرجاع إلى لغة القرآن، وليس إلى القرآن 0
إن إرجاع التحدي إلى البلاغة إرجاع إلى شيء يختلف فيه الناس فمنهم العرب والعجم ومنهج الفصيح وغيره،ومنهم العالم وغيره فأي بلاغة نقصد؟، وأي قوم من هؤلاء يتحداهم القرآن ببلاغته؟
وفي أي زمان؟ هل في زمان كانت العربية فيه سليقة؟ أم في زماننا الذي باتت العربية فيه تبحث عن لسان ينطق بها وعقل يفهمها؟
خلاصة القول
إن الذي لا أشك فيه الآن أن المشركين الأوائل فقهوا المقصود من التحدي فسكتوا، وجهل المشركون الجدد المقصود فاقتحموا ..
لقد علم المشركون الأوائل أن المقصود من قوله (فأتوا بسورة من مثله) (وبعشر سور) أو (بحديث مثله) يعني (إيتوا بالقرآن الكريم) 0
ومن هنا عجزوا ووقفوا،وألقموا الحجر فمن منهم سيقول قرآناً.
أعنى من منهم سيقول كلاماً ثم يدعى أنه من عند الله .. ؟
إن العرب الفصحاء لو طلب منهم أن يقولوا كلاماً ـ أي كلام ـ مهما كان بليغاً لحاولوا حتى وإن لم يستطيعوا، لكنهم لن يكفوا عن المحاولة.
هذا إذا طلب منهم أن يأتوا بكلام فصيح بليغ منظوم على هيئة خاصة، هذا أمر تراه حتى في صغار الناشئة حيث يحاولون النظم على غرار معلقة أمرئ القيس أو عنتره، وأنت تعرف الفرق بين كلامهم والمعلقات ولكنهم يحاولون.
لكن العرب وهم من هم سكتوا وأمسكوا.
إذن التحدي لم يكن أن يأتوا بكلام فصيح بليغ ـ بل لم يخطر على بال أحدهم أن يعارض القرآن لا لشيء إلا لعلمهم أنهم مهما قلوا فلن يقبل منهم.
لماذا؟
لأنهم سيقولون كلاماً من عند أنفسهم وليس من عند الله ولذلك حملت كتب التراث محاولات مسيلمة، ومسيلمة لم يعارض القرآن إنما ادعى النبوة وكان يقول [أوحي إلى بكذا] 0
وانظر إلى هذا:
[كتب مسيلمة ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً قال فيه:
من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله أما بعد: فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك.
فإجابه: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب أما بعد:
فإن الأرض لله يورثها من يشاء و العاقبة للمتقين) [93]
فمسيلمة سمى نفسه رسول الله وعليه حين يعارض القرآن يعارضه من منطلق أنه وحي، وأنه من عند الله، وليس من باب أنه كلام بليغ ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد وفد عمرو بن العاص - قبل أن يسلم -على مسيلمة الكذاب فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم بمكة في هذا الحين؟
فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة. فقال: وما هي؟
فقال: والعصر إن الإنسان لفي خسر.
ففكر ساعة ثم رفع رأسه فقال:
ولقد أنزل علىّ مثلها
فقال وما هو؟
فقال: ياوبر ياوبر: إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك صقر فقر 0
ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟!
فقال له عمرو: والله إنك لتعلم إني لأعلم أنك تكذب) [94]
فعمرو بن العاص لم ينظر في الكلام ولم يتطرق إليه، إنما كذبه في جملة واحدة وهي " لقد أنزل على"
فمعارضه مسيلمة في الوحي وليس في الكلام.
ولو أن مسيلمة قال ما قال ثم لم يزعم أنه أوحى إليه لما التفت إليه أحد.
ومن هنا فإن دلالة المثلية هي دلالة وحى، وحين يقول القرآن ا لكريم " فأتوا بسورة من مثله " يعنى كما أفهم فأتوا بسورة من عند الله.
فلا ينبغي الالتفات إلى معارضات الناس ليس لأن كلامهم ناقص عن حد البلاغة وإنما لأن كلامهم ليس من عند الله.
نعم كل ما في القرآن الكريم معجز بمعنى أنه بلغ المنتهى في بابه لكن التحدي في أن يأتوا بسورة من عند الله.
ودعنى أعود إلى كلام الله تعالى لأثبت لك ما ذهبت إليه.
أولاً: تعددت الآيات وتكاثرت لإثبات أن القرآن منزل من عند الله وصاحَبَ ذلك نفي الريب عنه أعنى عن الإنزال وهاك أمثله:
في أول البقرة قيل "لا ريب فيه " ثم قيل "والذين يؤمنون بما أنزل إليك ". في آية التحدي في البقرة قيل " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ... " في سورة يونس قيل " وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله " ثم قيل " لا ريب فيه من رب العالمين " 37 وفي سورة العنكبوت قيل " وقولوا آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم ثم قيل "وما كنت تتلوا من قبل من كتاب ولا تخطه بيمنك إذا لارتاب المبطلون ... " 48 وفي سورة السجدة قيل " تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين "
فالشك والريب لم يكن في القرآن على إطلاقه وإنما في قضية أخص وهي أن هذا الكلام من عند الله. ما يعني أن التحدي في هذه الجملة (من عند الله) 0
ثانياً: لا يكاد يُذكر لفظ القرآن أو الكتاب إلا ويذكر معه أنه منزل من عندالله، واسمع لما يلي:
(ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ) .... (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك) (البقرة:2 البقرة: من الآية4)
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (البقرة: من الآية89)
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَاب) (البقرة: من الآية174)
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) (البقرة: من الآية176)
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَاب) (آل عمران: من الآية7) "
(مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ (آل عمران: من الآية79)
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا) (النساء: من الآية47)
(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) (النساء: من الآية105) "
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) (الأنعام: من الآية92) "
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ) (القصص: من الآية49)
وهذا غيض من فيض،فالعين الناظرة لا تخطئ هذه الصحبة اللازمة بين ذكر لفظ (الكتاب) وأنه منزل من عند الله وهذا يبين معنى المثلية المقصودة في آيات التحدي.
وإذا كان هذا شاخصاً في لفظ (الكتاب) فإنه أشد وضوحاً في لفظ (القرآن) 0
فحين يذكر لفظ (القرآن) يذكر معه – غالباً - أنه منزل من عند الله وموحاُ به من عنده سبحانه واسمع إلى ذلك:
(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِه) (الأنعام: من الآية19)
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: من الآية3)
(طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (طه:2)
(وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (طه: من الآية114)
(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (النمل:6)
(يُتْبَعُ)
(/)
(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَل) (الحشر: من الآية21)
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الإنسان:23)
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (يوسف: من الآية2)
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (الشورى: من الآية7)
وعلى هذا فلفظ (الكتاب) ولفظ (القرآن) يلتصقان التصاقاً مع لفظ الإنزال والوحي وهذا يدل بجلاء على أن أول شيء يعرف به القرآن الكريم أنه "تنزيل من حكيم حميد".
وحين يعرض هذا القرآن نفسه للتحدي فأول شيء يطالب به هو "كتاب من عند الله "
والتطرق إلى شيء آخر إنما هو تبع ورديف 0
فإذا قلنا إنه كتاب هداية والمثلية المتحدى بها مثلية هداية نقول إن الهداية من وظائف هذا الكتاب ولكنها ليست موطن التحدي، والقرآن حين حكى هذه الوظيفة ذكرها بعد إثبات أنها من عند الله تعالى:
" (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى) (القصص: من الآية49)
ولقد حاول بعض أهل الكتاب معارضة القرآن فماذا فعلوا؟
يقول القرآن الكريم:ـ
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78)
أرأيت ... ؟!
إنهم يقولون عند المعارضة (هو من عند الله)
لأن من يريد المعارضة فليقل كلاماً من عند الله وليس من عند نفسه 00
تلك هي معنى (حديث مثله) (وسورة من مثله)
ولما كان الكلام البشري لا يرقى إلى الكلام الرباني قالوا كذباً (هو من عند الله) ولقد أصاب ابن كثير المحز حين قال: [وأنى يتأنى لبشر أن يعارض القرآن والقرآن كلام الله خالق كل شيء وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين]. [95]
ثالثاً: حين سمعت الجن هذا القرآن قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) (الاحقاف: من الآية30)
لاحظ: " أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى "
رابعاً: في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم فرق فيه بين معجزته ومعجزات الأنبياء يقول فيما يرويه
أبو هريرة-رض الله عنه -:
" ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر.وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلىّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ... [96]
لاحظ هذا التعريف النبوي للقرآن الكريم:
" وحياً أوحاه الله إلىّ "
فمن أراد التحدي فليقف هنا ويأتي بمثله.
ما معنى " مثله "؟
أي: وحياً أوحاه الله إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -0
ومن هنا عجز الجميع وسيعجز الجميع (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (البقرة: من الآية24) هكذا قال القرآن الكريم 0
خامساً: حديث علمائنا عن الإعجاز البلاغي والعلمي والغيبي .. وغير ذلك يدخل كله ـ في رأيي ـ تحت قوله (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) (هود: من الآية1)
والإحكام يعنى وضع كل شيء في موضعه، وهذا يشمل الإحكام النظمي والإحكام في التشريع والإحكام في علاقاته المتنوعة والمتشابكة بين كلماته وجمله وتراكيبه وآياته وسوره.
ومرجعية هذا الإحكام أنه من عند الله أيضاً، واسمع إلى قوله تعالى:
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء: من الآية82)
-----------------
وبعد:
فإن جهود علمائنا من إثبات أوجه الإعجاز وتسليط الضوء على مناط التحدي كانت كلها تصب في دلالة "المثلية " وإن لم يذكروا ذلك صراحة،وأستطيع أن أخلص من هذا البحث بأن دلالة المثلية تكمن في قوله تعالى: (قل فأتوا بكتاب من عند الله)
هذا هو معنى المثلثة، وهذا هو مناط التحدي وذاك هو بيت القصيد فالمثلية هنا مثلية وحي وتنزيل.
هذا ماتوصلت إليه .. فإن كان صواباً فالفضل لله وحده وإلا فحسبي أنني اجتهدت والله أعلى وأعلم وهو من وراء القصد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سعيد جمعه
أستاذ البلاغة والنقد المساعد
في كلية اللغة العربية بالمنوفية - فرع جامعة الأزهر الشريف
* أهم المصادر والمراجع
(يُتْبَعُ)
(/)
- الإتقان في علوم القرآن للسيوطى ـ مكتبة الحلبي.ط الثالثة مصر 1370هـ
- أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص ت 370هـ دار إحياء التراث العربي ت/محمد الصادق قمحاوي
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم لأبي السعود ت/951هو ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
- أسرار البلاغة لعبد الظاهر الجرجاني قرأه أبو فهد طبعة 1412هـ مطبعة المدني القاهرة.
- أسرار ترتيب القرآن للسيوطي ت 911هـ دار الإعتصام القاهرة ت/ عبدالقادر عطا
- إعجاز القرآن بالصرفة دراسة ناقدة لمحمود توفيق سعد ـ شبكة المعلومات ـ ملتقى أهل الحديث
- إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني ـ دار المعارف القاهرة ـ تحقيق السيد صقر
- البرهان في علوم القرآن للزركشي ت 794هـ دار المعرفة ـ بيروت سنة 1319هـ ت/ محمد أبو الفضل إبراهيم 0
- التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور ـ دار سحنون ـ تونس سنة 1395هـ
- التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب مكتب الشروق ـ القاهرة ط الرابعة عشرة 1407هـ
- تفسير البيضاوي ت791هـ دار الفكر بيروت سنة 1416هـ ت/عبد القادر عرفات حسونه.
- تفسير القرآن العظيم لإبن كثير ت 774هـ دار الفكر بيروت سنة 1401هـ
- التفسير ورجاله لمحمد الطاهربن عاشور ـ هدية مع مجلة الأزهر جمادى الأولى سنة 1425هـ
- ثلاث رسائل في الإعجاز ـ الرماني ـ الخطابي ـ عبد القاهر ـ ت / محمد زغلول سلام دار المعارف ـ مصر سنة 1376هـ
- جامع البيان عن تأويل القرآن للطبري.ت 310هـ دار الفكر ـ بيروت 1401هـ
- جواهر القرآن لأبي حامد الغزالي ت 505هـ دار إحياء العلوم ـ بيروت ط الأولى سنة 1415هـ ت / محمد سعيد رضا القباني
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ـ دار الفكر ـ بيروت 1993م
- دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرحاني ت / محمود شاكر ـ الخانجي ـ القاهرة.
- روح المعاني من تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوس ت 1270هـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
- سبل السلام لمحمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير ت852هـ دار إحياء التراث العربي بيروت 1379هـ ط/الرابعة. ت / محمد عبدالعزيز الخولي.
- سنن أبي داود.دار الفكر بيروت ـ ت / محمد محي الدين عبدالحميد.
- سنن الترميذي ت279هـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ت/أحمد شاكر وآخرون
- السيل الجرار للشوكاني ت/1255هـ ـ دار الجبل ـ بيروت
- شرح الزرقاني علي موطأ مالك لمحمد عبد الباقي الزرقاني ت/1122هـ ـ دار الكتب العلمية بيروت 1412هـ ط/الأولى.
- شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.
- صحيح مسلم ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ ت / محمد فؤاد عبدالباقي.
- الصناعتين لأبي هلال العسكري ت/مفيد خميمة ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت 1989هـ
- عون المعبود شرح سنن أبي داود لشمس الحق العظيم أبادى ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت سنة 1415هـ ط/ الثانية.
- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ت/852هـ دار المعرفة ـ بيروت ت/محمد فؤاد عبد الباقي ومحي الدين الخطيب.
- فتح القدير للشوكاني ـ دار الفكر ـ بيروت.
- الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ط/ الرابعة سنة1405هـ0
- قواطع الأدلة في الأصول للسمعاني ت/489هـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط /الأولى سنة1997م ت/محمد حسن محمد حسن.
- الكشاف للزمخشري طبعة مصطفى الحلبي سنة 1392هـ القاهرة ومعه حاشية السيد الشريف وابن المنير.
- لسان العرب لابن منظورت 711هـ دار صادر بيروت ـ ط الأولى.
- المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز لابن عطية ـ دار الفكر ـ بيروت سنة 1405هـ
- مدخل إلى كتابي عبد القاهر لمحمد أبي موسى ـ مكتبة وهبة القاهرة.
- المستصفي في علم الأصول لأبي حامد الغزالي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ط/الأولى سنة 1413هـ ت/ محمد عبد السلام عبد الشافي.
- مفتاح العلوم للسكاكي ط/عيسى الحلبي ـ القاهرة ـ 1392هـ
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ـ دار المعرفة ـ بيروت ضبط محمد خليل عتياني ط الأولى سنة 1418هـ
- المقاييس في اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس ت 395هـ دار الفكر بيروت ت/ شهاب الدين أبو عمرو
- منار السبيل لإبراهيم بن ضويان ت 1353هـ مكتبة المعارف ـ الرياض ط/الثانية 1405هـ ت/عصام الفلعجي.
(يُتْبَعُ)
(/)
- مناهل العرفان للزرقاني ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ط/ الأولى سنة 1996م
- نظرات في القرآن لمحمد الغزالي ـ ط /الخامسة دار الكتب الحديثة القاهرة.
- نيل الأوطار للشوكاني ـ دار الجيل ـ بيروت
---------------
[1]-هذا ومن الواجب هنا أن أشير إلى من سبق وتناول آيات التحدي بالدراسة أو التعليق فلقد سبق إلى هذا الميدان ـ أعني الحديث عن آيات التحدى ـ فيما أعلم ـ ما نقله صحاب طبقات الشافعية الكبرى من حديث حول مرجع الضمير في قوله (من مثله)، حيث [طرح عضد الدين الإيجي مكاتبة له يناشد فيها العلماء تفسير كلام الكشاف في معني (من مثله) حيث يقول:
(من مثله ـ الضمير متعلق (بسورة) صفة لها، أي يسورة كائنة من مثل والضمير (لما نزلنا) أو (لعبدنا) ويجوز أن يتعلق بقوله (فأتوا) والضمير للعبد *.
فليت شعري ما الفرق بين: فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا
وـ فأتوا من مثل ما نزلنا بسورة) * (1/ 58) طبعة دار الفكر بيروت
وشارك في الإجابة على ذلك جمع من العلماء وسطر السبكي ـ رحمه الله ـ إجابتهم في طبقاته.
والملاحظة على هذا السجال أمران.
الأول: أنه أخذ المنحى الفلسفي مما حدا بالبعض بالهجوم على الآخر واتهامه بالغموض:
والآخر: أن حديثهم كان في مرجع الضمير في قوله (من مثله).وليس حديثا عن دلالة المثلية أو مناط التحدي مما يعني أن الأمر بعيد عن طبيعة هذا البحث واهتماماته 0 (راجع طبقات الشافعية الكبرى لأبي نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي ت 771 دار هجر للطباعة ط الثانية ت دكتور الطناحي
وسبق أيضاً إلى هذا الميدان الأستاذ الدكتور أحمد هنداوي في بحث له منشور في مجلة كلية اللغة العربية بالمنوفية العدد الثالث عشر عام1413هـ 1993م وهو بعنوان آيات التحدي ودقائق في نظمها وقد تناول فيه (مراتب التحدي عند الإمام الفخر الرازي، وتنكير لفظ (سورة)، والقدر المتحدى به، ومرجع الضمير في قوله (من مثله)، وإيثار حرف الجر (من) في سورة البقرة دون سواها ووصف لفظ (عشر سور) بكلمة (مفتريات) ودلالة ذلك).
وهذا كله بعيد عن مضمون بحثي هذا، حيث أتناول أنا هنا دلالة المثلية والمراد منها، لنضع أيدينا على موطن التحدي، حتى إذا قيل للناس ائتوا بسورة من مثله ـ معناها ائتوا بكذا 0
* الكشاف للزمخشري 1/ 58 ـ طبعة دار الفكر ـ بيروت
* طبقات الشافعين الكبرى لأبي زهر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي 10/ 47 السبكي ت 771 دار هجر للطباعة ط الثانية ت/د الطناحي.
[2]- مقاييس اللغة لأحمد بن فارس ص 974 ط / دار الفكر.
[3]- لسان العرب لابن منظور 11/ 612 (مثل) ط / دار الشعب القاهرة.
[4]- الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ص 175 ـ ط/ المكتبة العلمية.
[5]- الفروق لأبي هلال العسكري ص 176 دار الفكر
[6]- سنن أبي داوود 4/ 358 والحديث رواه أبو قتادة رقم 5228
[7]- المفردات في غريب القرآن للراغب الاصفهاني صـ 465، 466.
[8]- تفسير ابن كثير 3/ 275.
[9]- تفسير القرطبي 5/ 418، وابن السعود 3/ 80 والبيضاوي 4/ 43.
[10]- تفسير البيضاوي 4/ 68.والقرطبي 5/ 418 وأبو السعود 3/ 80
[11]- البيضاوي 4/ 68
[12]- البرهان في علوم القرآن للزركش 3/ 271.
[13]- فتح الباري شرح صحيح البخاري 4/ 220 ط/ دار الشروق ـ مصر.
[14]- الحديث رواه سيدنا عثمان بن عفان وأخرجه الإمام مسلم في باب فضل من بنى لله مسجداً 2/ 133 والترمذي عن عثمان أيضاً 2/ 134 [15]- نيل الأوطار لمحمد بن علي الشوكاني 2/ 156 ت 1255هـ ط/ دار الجيل ـ بيروت ـ 1973م.
[16]- سبل السلام لمحمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير 1/ 106 دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ت / محمد عبد العزيز الخولي ـ ط/ الرابعة
[17]- رواه مسلم 3/ 1208 في باب الربا رقم 1584 عن أبي سعيد الخدري.
[18]- منار السبيل لإبراهيم بن محمد بن سالم بن ضوبان 2/ 54 مكتبة المعارف ـ الرياض ت /1353هـ ت/ عصام القلعجي ط/ الثانية 1405هـ.
[19]- رواه البخاري 1/ 221 رقم 586 ومسلم رقم 383 باب استحباب القول مثل قول المؤذن.
[20]- شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد 1/ 183 دار الكتب العلمية ـ بيروت.
[21]- تفسير القرطبي 1/ 569.
[22]- السابق 1/ 569.
[23]- تفسير البيضاوي 4/ 56.
[24]- تفسير أبي السعود 3/ 80.
(يُتْبَعُ)
(/)
[25]- فتح القدير للشوكاني 5/ 16.
[26]- شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 2/ 241 دار الكتب العلمية ـ بيروت ط/ الأولى 1411هـ.
[27]- تفسير أبي السعود 8/ 25.
[28]- المستصفي في علم الأصول لأبي حامد الغزالي 1/ 304 دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1413هـ ت / محمد عبد السلام عبد الشافي.
[29]- روح المعاني للألوسي 12/ 20
[30]- أحكام القرآن لأحمد بن علي الرازي الجصاص أبو بكر 1/ 34 ت 370هـ دار إحياء التراث العربي بيروت.
[31]- البرهان في علوم القرآن للزركش 2/ 108 ـ ت 794هـ ـ دار المعرفة بيروت ـ ت / محمد أبو الفضل إبراهيم.
[32]- الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 326 ـ دار المعرفة ـ بيروت.
[33]- أحكام القرآن للجصاص ص 5/ 35.
[34]- إعجاز القرآن للباقلاني. 1/ 25 ـ دار الفكر ـ بيروت.
[35]- السابق 1/ 113.
[36]- الإعجاز بالصرفة لمحمود توفيق (كتاب منشور على الإنترنت في موقع: ملتقى أهل الحديث) صـ 58.
[37]- إعجاز القرآن للباقلاني 1/ 113.
[38]- البلاغة القرآنية للرافعي صـ163
[39]- التفسير ورجاله لمحمد الطاهر بن عاشور ص 32 ـ 34 بحث منشور مع مجلة الأزهر عدد جمادى الثاني 1425هـ.
[40]- ولقد أورد ابن السبكي في الطبقات الشافعية الكبرى ما كتبه عضد الدين الأيجي يستفتي فيه أهل عصره فيما وقع في تفسير الكشاف في قوله (فأتوا بسورة من مثله) حيث أجابه الشيخ فخر الدين الجايردي، وحدث سجال بين العلماء يدور حول عود الضمير في قوله (من مثله) والمراد من لفظ المثل، ولقد غلب على هذا السجال الناحية الفلسفية مما أثر على البعض فأحتد وشغب على أخيه فضاعت المسألة وراجع ذلك في طبقات الشافعية الكبرى لأبي نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي 10/ 54 ت / 771هـ دار الهجرة للطباعة والنشر ـ مصر ت/ محمود الطناحي ط الثانية 1992م.
[41]- أسرار ترتيب القرآن للسيوطي 1/ 116 ت 911هـ دار الاعتصام القاهرة.
[42]- روح المعاني للألوس 12/ 20، 21
[43]- معجم المقاييس في اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ت 395هـ ص 739 دار الفكر ـ بيروت. ط الأولى 1415هـ وانظر المفردات في غريب القرآن للراغب الاصفهاني ت محمد خليل عيتاني دار المعرفة ـ بيروت ص 325.
[44]- الإعجاز بالصرفة لمحمود توفيق صـ 3
[45]- إعجاز القرآن الكريم بالصرفة، دراسة ناقدة لمحمود توفيق سعد ـ صـ 3
[46]- إعجاز القرآن للباقلاني1/ 25
[47]- الإعجاز بالصرفة دراسة بيانية ناقدة لمحمود توفيق صـ75
[48]- الإعجاز بالصرفة صـ 11، 12
[49]- د. زغلول النجار وهو يجيب عن سؤال حول الإعجاز العلمي في موقع فتاوى إسلامية على شبكة الإنترنت.
[50]- البرهان للزركشي 2/ 91.
[51]- السابق 2/ 93.
[52]- السابق 2/ 100
[53]- جواهر القرآن لأبي حامد محمد الغزالي ت 505هـ ج1 ص 22 دار إحياء العلوم بيروت 1985م ط/ الأولى ت/ محمد رشيد رضا القباني.
[54]- مناهل العرفان، في علوم القرآن لمحمد عبد العظيم الزرقاني 2/ 158، 159 ـ مكتبة البحث والدراسات ط/ الأولى ـ دار الفكر ـ بيروت.
[55]- وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 155، وأنظر معجم الأدباء لياقوت الحموي 19/ 158.
[56]- الإعجاز في دراسات السابقين لعبد الكريم الخطيب صـ 68، 321.
[57]- نظرات في القرآن لمحمد الغزالي صـ 123 دار الكتب الحديثة ـ القاهرة.
[58]- التصوير الفني في القرآن الكريم صـ 61 لسيد قطب.
[59]- شغب الإيمان للبيهقي 1/ 155.
[60]- الإعجاز بالصرفة صـ 46 لمحمود توفيق.
[61]- تفسير ابن تيمية 1/ 154.
[62]- التحرير والتنوير 11/ 627.
[63]- معترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي 1/ 24 ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ط/ الأولى 1985م.
[64]- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10/ 165 ط/ دار الغد العربي مصر ـ ط الأولى 1998م.
[65]- دلائل الإعجاز لعبد الطاهر الجرجاني صـ 296 ت شاكر ط الخانجي ـ مصر.
[66]- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي 5/ 476 دار الفكر 1993م.
[67]- الجامع لأحكام القرآن القرطبي 11/ 73.
[68]- نظرات في القرآن الكريم لمحمد الغزالي صـ 135.
(يُتْبَعُ)
(/)
[69]- السابق صـ 135، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ورواه سيدنا جابر بن عبد الله رقم 4220 ج2 صـ 669 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ط الأولى ت مصطفى عبد القادر عطا.
[70]- إعجاز القرآن للياقلاني 1/ 260.
[71]- السابق 1/ 260.
[72]- دلائل الإعجاز صـ 49 ت شاكر.
[73]- المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز لابن عطية 1/ 216 وراجع القرطبي 1/ 76، الإتقان 2/ 216.
[74]- مناهل العرفان للزرقاني 2/ 239.
[75]- تفسير ابن كثير 1/ 212.
[76]- صحيح البخاري 3/ 1185 وصحيح مسلم 4/ 2175.
[77]- اختصاص (عشر سور) هنا ـ كما أري ـ لأن سورة هود سبقت بعشر سور وهي كما يلي [الفاتحة ـ البقرة ـ آل عمران ـ النساء ـ المائدة ـ الأنعام ـ الأعراف ـ الأنفال ـ التوبة ـ يونس].
[78]- مدخل إلى كتابي عبد القاهر ـ لمحمد أبي موسى ـ صـ 198 مكتبة وهبة القاهرة.
[79]- أسرار البلاغة صـ 26 ـ لعبد القاهر ت / هـ. ريتر، الخانجي.
[80]- مدخل إلى كتابي عبد القاهر للدكتور محمد أبي موسى صـ 149 ـ 151.
[81]- مدخل إلى كتابي عبد القاهر لمحمد أبي موسى صـ 151.
[82]- تفسير ابن عطية 1/ 23.
[83]- منهاج البلغاء لحازم القرطاجني طبعة دار الفكر بيروت 1/ 24.
[84]- التحرير والتنوير 1/ 90.
[85]- تفسير القرطبي 1/ 75.
[86]- الاعتقاد لأحمد بن الحسين البيهقي 1/ 266 ت / 458هـ ـ دار الآفاق الجديدة ـ بيروت ط الأولى 1401 هـ.
[87]- مختصر تاريخ البلاغة صـ 21.
[88]- تفسير القرطبي 1/ 75.
[89]- إعجاز القرآن للباقلاني 1/ 300.
[90]- إعجاز القرآن لعبد الكريم الخطيب ص38
[91]- مختصر تاريخ البلاغة لعبدالقادر حسين ص21، 22 وراجع أيضاً ثلاث رسائل الإعجاز ص22
[92]- التحرير والتنوير لابن عااشور 1/ 87
[93]- تفسير البضاوي 2/ 337
[94]) تفير ابن كثير 1/ 63
[95]- تفسير القرآن العظيم 1/ 61
[96]- أخرجه الإمام النجاري عن أبي هريرة تحت باب قول النبي (بنيت بجوامع الكلم رقم 6846 ج 6 في 2664 وسلم في باب وجوب الإيمان رقم 152 ج 1 ص 134
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[08 May 2005, 11:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ارجو لك دوام الخير والعافية يا دكتور سعيد وما رايك ان تاتي الى الاردن لتلقي هذا البحث بعد ان تختصره الى قرابة 30 صفحة في مؤتمر اعجاز القران الذي سيعقد في الزرقاء في الاردن في جامعة الزرقاء الاهلية فتكون انت والبحث وجها لوجه مع العلماء والباحثين انا نتظر الرد على الهاتف 0795300663 وهو هاتف جوال وانا اتكلم باسم انني رئيس اللجنة التحضيرية لذلك المؤتمر المزمع عقده في تاريخ 23 - 25/ 8/2005 القادم وانا الان انتظر الرد
واقبل التحيات
ـ[الجندى]ــــــــ[08 May 2005, 05:04 م]ـ
موضوع قيم جداً، جزاك الله خيراً يا دكتور سعيد ...
ولتسمح لنا بنشر هذا الموضوع فى المنتديات المختصة بالرد على شبهات النصارى والملاحدة.
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[08 May 2005, 10:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد.
أولاً- الأخ الفاضل الدكتور سعيد! جزاك الله خير الجزاء على هذا البحث القيم الممتع، وأسأل الله تعالى أن يمدَّك بالصحة والعافية، وأن يزيدك علمًا وفقهًا في كتابه.
ثانيًا- استوقفني في المبحث الأول (دلالة المثلية بين لغة العرب والقرآن الكريم) قولك:
(وهذه التخريجات المتنوعة تثبت أن المثلية لا تعنى التطابق في كل شيء إنما في بعض الصفات سواء كثرت هذه الصفات أم قلت ..
حتى أن البعض يلمح صفة واحدة بين المثلين، ومن ذلك:
في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (الكهف: من الآية110) أي في البشرية. والمعنى:
أنسى كما تنسون).
فهل يصح في رأيك يا أخي أن يكون المراد بالمثلية هنا: التطابق في بعض الصفات، أو في صفة واحدة؟ وهل يصح أن يكون المعنى المراد من {مثلكم} في آية الكهف السابقة أن النبي صلى الله عليه وسلم ينسى كما ننسى نحن؟ وهل المماثلة في البشرية في الآية، ونحوها مما ذكرت بعد ذلك من آيات، تعني ما ذكرت من معنى النسيان، أو غيرها من الصفات؟
ثالثًا- ثم قلت: ([فالمثل المطلق في الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمعقول يراد به:
إما المثل صورة ومعنى.
وإما المثل صورة بلا معنى.
وإن لم يكن إرادة الأول إجماعاً، تعينت إرادة الثاني، لكونه معهوداً في الشرح؛ كما في حقوق العبادة].
ثم قلت: (فالمثلية تكون في الأصل كما يقول الزرقاني - -
أو في الذات كما يقول أبو السعود
ولا تكون إلا بين المتفقين وفي أخص الأوصاف).
فإذا كانت هذه الأقوال تنطبق على لفظ (المِثل)، بكسر فسكون، فما الفرق بينه، وبين (المَثَل)، بفتحتين؟
رابعًا- ثم قلت: ([المثل المطلق لا يتصور].
لماذا؟
لأن المثل المطلق يعني أن الشيئين شيء واحد، وعليه حين يقال: فأتوا بسورة مثله يراد فقط: [التعجيز، كما في قوله (فأت بها من المغرب]).
فهل المراد بـ (مثله): المثلية في الأصل؟ أم المراد: المثلية في الذات؟ أم المراد: المثلية في الصفات؟ أم المراد بالمثلية: الأصل والذات والصفات؟
ثم إذا كان المراد من ذلك التعجيز، فلماذا قال الله تعالى في الإسراء بعد قوله {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ}: {لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} (الإسراء:88)، فنفى فعل الإتيان بمثله بأداة النفي (لا).
ثم قال سبحانه في البقرة بعد قوله {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ}: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (البقرة:24)
فنفى الفعل (تفعلوا) الثاني بـ (لن)؟ وهل من فرق بين النفيين؟
أرجو منك أخي الدكتور سعيد أن تجيب عن تساؤلاتي هذه، بعد الاطلاع على المقالين على هذين الرابطين .. ولك كل الشكر والتقدير.
http://www.tafsir.net/index.php?subaction=showfull&id=1086303990&archive=1110783259&start_from=&ucat=1&do=maqalat
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1572
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[09 May 2005, 05:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أقدم شكري وتقديري لكل من بذل جهدا ووقتا في قراءة هذا البحث وأدعو الله تعالى أن ينفع به صاحبه والمسلمين جميعا.
كما أتقدم بخالص الحب والتقدير للأساتذة الكرام الذين ساهموا بالتعليق عليه وأدعو الله تعالى للجميع بأن يرضيهم في الدنيا والآخرة.
وبداية أقول للأستاذ الفاضل الدكتور / جمال أبو حسان رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر إعجاز القرآن المزمع عقده في جامعة الزرقا بالمملكة الأردنية حفظها الله بأنني أسعد بحضور هذا المؤتمر ويشرفني الالتقاء بالعلماء الكرام المشاركين فيه ويمكن مراسلتي على عنواني البريدي saidgomaa4@hotmail.com أو تليفوني في المملكة العربية السعودية وهو 73266028 أو الجوال 0507826129
أما الأستاذ الفاضل الأستاذ / الجندي فإنني أجيز نشر هذا البحث في كافة المنتديات وبخاصة التي ترد على شبهات الآخرين والله يتقبل منا جميعا
ثم آتي إل الأستاذ الفاضل / محمد إسماعيل عتوك - حفظه الله -.
وأقول إن الفقرات التي نقلها فضيلته ليست هي نتيجة البحث وإنما هي فقرات مكتوبة في سياق عرض آراء العلماء في دلالة كلمة المثل وعليه فلا وجه لنسبتها إلي وبخاصة الرأي القائل بأن تأويل قول الله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم " تعني أنني أنسى كما تنسون
فهذا كلام الإمام الصنعانى في كتابه سبل السلام وقد أشرت إلى ذلك في البحث
إن سياق الكلام كان عرضا لأراء العلماء في معنى المثلية وهل يشترط التطابق في كل شيء حتى يكون الأمران متماثلين أم يمكن الاكتفاء بالتطابق في بعض الصفات أم أن المثلية تعني مجرد التشابه؟
ولقد وضحت في ختام البحث أن المثلية المعتبرة في القرآن الكريم والتي قام التحدي فيها هي مثلية الوحي وفصلت ذلك بالأدلة
ويسعدني الاستفادة يا أستاذنا الفاضل من علمكم وفضلكم وتقبلوا خالص تحياتي
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[09 May 2005, 07:13 م]ـ
أخي الفاضل الدكتور سعيد!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد.
أولاً- أخي الفاضل! أنا لم أناقشك في النتيجة التي توصلت إليها في بحثك القيم والفريد هذا، وهي أن المراد بالمثلية هو مثلية وحي وتنزيل .. فأولئك الضالون والمضللون قد زعموا زورًا وبهتنًا أن ما سمَّوه فرقانًا؛ إنما هو وحي منزل من عند الله سبحانه .. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
ثانيًا- أنا لم أقل إن الفقرات التي نقلتها هي نتيجة البحث، ولم أنسبها إليك، فأنا أعلم أنها ليست من أقوالك، ولذلك نقلتها كما ذكرتها أنت في بحثك بين معكوفتين هكذا []، بدليل أنني أسألك عن رأيك أنت فيها.
ثالثًا- إذا وقع الالتباس في بعض الفقرات المنقولة، فلا أظن أنه يقع فيما نقلته في الفقرة الأخيرة من تعقيبي السابق، وهو قولك: (لماذا .. لأن المثل المطلق يعني أن الشيئين شيء واحد، وعليه حين يقال: فأتوا بسورة مثله يراد فقط: [التعجيز، كما في قوله (فأت بها من المغرب] .. وكان ذلك جوابًا منك عما قيل: [المثل المطلق لا يتصور].
ومع ذلك، إن حدث التباس، فأنا أعتذر إليك وبكل تواضع، وأكرر ما بدأت به فأقول: إن بحثك رائع وقيم وممتع، ولا أقول ذلك من باب المجاملة، فما في نفسي منه قد سألتك عنه، ولك الحق في أن تجيب، وألا تجيب .. وفقك الله لما يحب ويرضى، وتقبل اعتذاري وتحياتي.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 May 2005, 05:15 م]ـ
السيد الأخ الدكتور سعيد
هل يمكن أن تلخص لنا رأيك بعدة سطور----أنا لم أشعر بالراحة وأخاف أن يكون حكمي على رأيك غير دقيق للتفصيل الشديد في بحثك
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[11 May 2005, 09:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الفاضل / محمدإسماعيل عتوك المحترم متعك الله تعالى بالصحة والعافية وحسن الخاتمة أما بعد
فاسمح لي أن أعبر لك عن عميق تقديري وشكري على اهتمامك ببحثي هذا ولك أدعو ولكل مسلم يقف في وجه هذه الهجمة الشرسة على كتاب الله تعالى بأن يبيض الله وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
أما استفسارك عن: هل يصح أن تكون المثلية في لغة العرب تطابقا في بعض الصفات؟
فالجواب نعم بل إنه لا يمكن لها أن تكون غير ذلك فالمثلية لا يمكن أن يتصور لها أن تكون تطابقا في كل شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
والآية التي استدل بها العلامة الصنعاني رحمه الله تثبت ذلك وهي قول الله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم " فالآية لم تقل إنما أنا مثلكم بل خصصت المثلية هنا في شيء واحد وهو البشرية فرسول الله صلى الله عليه وسلم مثلنا في البشرية لكنه ليس مثلنا في أمور كثيرة.
ومنها مثلا:أنه يوحى إليه ولسنا كذلك
ومنها أنه يُتطيب بعرقه ولسنا كذلك
ومنها أنه يرى من ورائه كما يرى من أمامه ولسنا كذلك
ومنها ومنها ومنها الكثير مما اختص به صلى الله عليه وسلم
إذن المثلية في الآية مثلية بشرية
أما تفسير الببشرية في الآية على أنها أنسى كما تنسون فليس ذلك على الإطلاق فالنسيان جزء من البشرية لكن العلامة الصنعاني رحمه الله ذهب هذا المذهب معتمدا على الحديث الذي أخرجه الترمذى والذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس العصر ركعتين فلما سلم قيل يارسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال وماذاك؟ قالوا صليت كذا وكذا قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل على الناس بوجهه فقال إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن (إنما أنا بشر مثلكم) أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ......... إلخ سبل السلام للصنعاني 1/ 206
فالإمام الصنعاني مازاد على أن نقل نص الحديث
أما قولهم إن المثل الطلق لايتصور فهذا صحيح في رأيي لأنك لاتقول " مثله " إلا إذا لاحظت فرقا فإن تطابق الأمران فلا يقال مثله بل يقال هو هو ولذلك قالت ملكة سبأ حين سئلت أهكذا عرشك؟ قالت كأنه هو ولم تقل كأنه مثله لأنه كان عرشها بالفعل
والقرآن الكريم لو طلب منهم مثله على اعتبار المثل المطلق لكان المقصود أن يدعوا نسبة القرآن إليهم وليس المجيء بكتاب آخر
فالمثل المطلق للقرآن الكريم هو القرآن الكريم نفسه فهل يتصور أن يتحداهم القرآن بأن يأتوا بالقرآن وهو موجود؟؟؟
وعليه فالتحدي بشيء آخر غير القرآن ويكون مثل القرآن.
أما قولهم إن طلب المثل المطلق يراد منه التعجيز فنعم لأن المطلوب ليس كلاما بشريا إنما المطلوب وحي من عند الله وهم يظنون أن المطلوب كلام بليغ أو نحو ذلك
وبعد تقبل احترامي وتقديرى
سعيد جمعة
الأستاذ المساعد في جامعة الأزهر الشريف والمعار حاليا إلى المملكة العربية السعودية في كليات البنات صبيا جازان
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[11 May 2005, 09:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى الأستاذ الكريم / جمال حسنى الشرباتي حفظك الله من كل سوء وبعد
فإن ملخص بحثى في كلمات قليله هو
ان القرآن الكريم تحدى الإنس والجن جميعا بأن يأتوا بمثله وجعل عجز الجميع عن المجيء بمثله دليلا على صدق الرسول وأنه نبي يوحى إليه وظل التحدي قائما طوال حياة النبي وبعد مماته إلى يوم القيامة
وهذا التحدي يثبت كل يوم صدق الرسول فيما ادعاه وهو أنه نبي يوحى إليه وأن هذا الكلام من عند الله
ولكن طرأ في العصر الحديث من خرج علينا بكلام وزعم أنه يتحدى به القرآن ليثبت من وراء ذلك بطلان الدعوى التي جاء بها محمد في أنه رسول من عند الله
وذهب العلماء قديما وحديثا في تفسير التحدي هذا في أنه يكمن في بلاغة القرآن أو في ما يحويه القرآن من لفتات علمية أو إخباره عن أمور غيبية
وهنا وقف المكذبون ليطعنوا في بلاغة القرآن ويشككوا في الحقائق العلمية التي أخبر بها
وكذلك يشككون في الغيب الذي أنبأ به
وبهذا يسقط التحدي ويبطل زعم محمد بن عبد الله في أنه رسول وأن ما جاء به وحي من الله
وهذا البحث يثبت أن التحدي ليس في كل ما سبق إنما يكمن في نقطة واحدة وهي أن يأتوا بكلام من عند الله كما جاء محمد بكلام من عند الله
ولو سألت ومن أدراني أن محمدا صادق في دعواه نقول وازنوا بين كلام البشر والقرآن الكريم ليتبين لكم الفرق
هذا مضمون البحث باختصار
والله يشرح صدري وصدرك لما يحبه ويرضاه والسلام
سعيد جمعة
الأستاذ المساعد في جامعة الأزهر الشريف في مصر فرع المنوفية
والمعار حاليا في السعودية كليات البنات جازان صبيا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 May 2005, 02:28 م]ـ
أشكر الدكتور سعيد على التوضيح
وأرجو من الأخوة أن يشاركونا النقاش فقد أغفل عن نقاط فيذكرونها
#قلت (وهذا البحث يثبت أن التحدي ليس في كل ما سبق إنما يكمن في نقطة واحدة وهي أن يأتوا بكلام من عند الله كما جاء محمد بكلام من عند الله
ولو سألت ومن أدراني أن محمدا صادق في دعواه نقول وازنوا بين كلام البشر والقرآن الكريم ليتبين لكم الفرق))
وهنا أنت تعرضت لتفي الإعجاز البلاغي---
فإذا كنا سنوازن بين كلام القرآن وكلام البشر فمن أي زاوية تكون الموازنة؟؟
أعني عندما أناقش شخصا واقول له القرآن الكريم كلام رب العالمين كيف سأثبت له ذلك؟؟ ---إذا قلت له قارن بينه وبين غيره من كلام البشر فعلى أي أساس ستتم المقارنة؟؟
هو كلام رب العالمين قطعا فما هو مميزه عن كلام البشر؟؟
هل يعني كلامك تبنيا لرأي المعتزلة بالصرفة؟
وهل يعني كلامك تراجعا عما أقر به غالبية علماء الإسلام قديما وحديثا من كون إعجازه الرئيس ينجم من كونه كلاما لا يدانيه أي كلام من حيث البلاغة والفصاحة والنظم الفريد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[12 May 2005, 03:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
فضيلة الدكتور سعيد جمعة حفظه الله،
لقد قرأت بحثكم المطوّل، وفيه بعض الأمور التي أشكلت علي، فأذن لي بهذه الملاحظات السريعة ..
أولاً: قولكم: " ليس التحدي في المجيء بأعلى كلام في البلاغة ولا المجيء بأسهل لفظ وأحسن سبك وأجمل أسلوب، ولا المجيء بكتاب أو بعض كتاب يشمل تنبؤات عن الزراعة والفلك والطب، وغير ذلك. الإعجاز يكمن في هذا اللفظ (المثل) "
التعقيب: هل نفهم من ذلك أن القرآن لم يكن معجزاً ببلاغته وفصاحته وعلومه وإخباره بالغيب؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل تنفي أن القرآن معجز بذاته؟ إذ إن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن، فكيف يكون معجزاً وليس فيه صفة إعجاز؟
ثانياً: قولكم: "إن الإنجيل نزل بلغة بني إسرائيل وقتها، فلِمَ لم تكن معجزة عيسى في اللغة؟ "
التعقيب: من عدّة وجوه، أهمها يكمن في الفرق بين المعجزة والرسالة. فالرسل عليهم السلام بعثهم الله لهداية أجيال محدّدة، في أزمان محدّدة، وأماكن محدّدة، وأيّدهم برسالات تكون هي منهج الحياة والتشريع، ثمّ أيّدهم في الوقت نفسه بالمعجزات، لتكون دليلاً على صدق دعواتهم. فمعجزات موسى وعيسى عليهما السلام شيء، ومنهجهما، المتمثّل في التوراة والإنجيل، شيء آخر. أما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم، فقد بعثه الله تعالى هدى للناس ورحمة للعالمين، مؤيَّداً بالقرآن الكريم ليكون المنهج القويم والتشريع الخالد لأمم العالم أجمعين، وليكون في الوقت نفسه المعجزة الخالدة إلى يوم الدين. فهو إذن معجزة ومنهج في آن واحد. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لم يبلغنا القرآن الكريم ولم يرد على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم في الأثر أن الله تعالى أنزل على الأمم الكتابية كتاباً معجزاً. بل لقد أثبتت بحوث مؤرخي الأديان أن التوراة والإنجيل والزبور لم تُدوّن حتى بلغة واحدة، ولم تُكتب في وقت واحد، بل لم تحتفظ بصحّتها من الأصل، فضلاً عن المعجز وغير المعجز. بل إن الله عزّ وجلّ تكفّل بحفظ كتابه العزيز في قوله: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "، أما التوراة والإنجيل فقد قال عنها سبحانه وتعالى: " وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ ". فكان حفظ التوراة والإنجيل موكولا إلى الربانيين والأحبار. وفرق كبير بين أن يكون الكتاب موكول الحفظ إلى الله، كما هو الشأن بالنسبة إلى القرآن، وبين أن يكون موكولا إلى الربانيين والأحبار وهم بشر. فأي إعجاز يكون في كتاب حرّفه أصحابه؟
ثالثاً: قولكم: "إذن التحدي لم يكن أن يأتوا بكلام فصيح بليغ ـ بل لم يخطر على بال أحدهم أن يعارض القرآن لا لشيء إلا لعلمهم أنهم مهما قلوا فلن يقبل منهم. لماذا؟ لأنهم سيقولون كلاماً من عند أنفسهم وليس من عند الله "
التعقيب: هل نفهم من هذا أن العرب كان بمقدورهم أن يأتوا بمثل القرآن لغة، ولكن لم يجرؤ أحد على الإدعاء بأنه من عند الله؟ وإذا كان ذلك كذلك، فما تأويلكم لقول الله تعالى: " وَإِذَا تُتْلَى? عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـ?ذَا إِنْ هَـ?ذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ?لأَوَّلِينَ " (الأنفال:31)؟
كانت هذه بعض الملاحظات السريعة التي راودتني حين تصفّحت مقالتكم، وسأعقّب على المزيد منها بعد تكرّمكم بالإجابة مشكورين ..
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[12 May 2005, 11:25 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
على هذا البحث الطيب الجميل
و على محاوريك الذين سئلوا أسئلة وجيهة
لماذا - لا يكون بحث الدكتور الفاضل مكملا للبحوث الأخرى التي أثبتت شتى أنواع الإعجاز في القرآن الكريم
بمعنى - أن - كل ما تفضل به علمائنا القدماء و الجدد في إثبات إعجاز القرآن إعجازا
طبيا - علميا - تاريخيا - بلاغيا ...... الخ
ايضا - يكون أنه من عند الله بإعجازه
أن تضيف بحثك الي البحوث الأخرى - و لا تنفي البحوث الثابقة التي أثبتت تنوع إعجاز القرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
و الله أعلم
/////////////////////////////////////////////////
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[13 May 2005, 06:26 م]ـ
الأخ الفاضل الدكتور سعيد جمعة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، و بعد:
فأولا أشكر لكم غيرتكم الحميدة على كتاب الله، و كذلك تلكم الجرأة العلمية و الأدبية في طرحكم لما تعتقدون صوابه،،،،،
و الحقيقة قرأت مقالكم المثبت أعلاه، كما قرأت ملخصه الذي جاء بناء على طلب الأستاذ جمال، و مما جاء فيهما:
قولكم - حفظكم الله -: " و أستطيع أن أخلص من هذا البحث بأن دلالة المثلية تكمن في قوله تعالى:
(قل فأتوا بكتاب من عند الله)
هذا هو معنى المثلثة، وهذا هو مناط التحدي وذاك هو بيت القصيد فالمثلية هنا مثلية وحي وتنزيل.
هذا ماتوصلت إليه .. فإن كان صواباً فالفضل لله وحده وإلا فحسبي أنني اجتهدت والله أعلى وأعلم وهو من وراء القصد ".
و قولكم في الملخص: " ...... وهذا البحث يثبت أن التحدي ليس في كل ما سبق إنما يكمن في نقطة واحدة وهي أن يأتوا بكلام من عند الله كما جاء محمد بكلام من عند الله ".
.......................
فرأيتكم قد جانبتم فيه الصواب، و أراكم قد أخطأتم في الاستدلال لقولكم من جهة السياق القرآني، و من جهة دلالة المثلية في لغة العرب و التخريج الغريب الذي خرجتموه عليها، و خالفتم ما يعلمه الخاص و العام من مقاصد القرآن في المراد من ذلكم التحدي الخالد، لا سيما أولئك المخاطبين بتلكم الآية زمن التنزيل، فضلا عمن جاء من بعدهم إلى يوم الناس هذا.
إضافة إلى أنه يترتب على تفسيركم المذكور لمناط التحدي = مما لا يخفى بطلانه الشيء الكثير، و سأوضح هذا جليا - إن شاء الله - قريبا جدا، و اعذرني الآن فأنا أكتب على عجل من على نفس صفحة المشاركة، مع انشغالي الليلة بابنتي فهي مريضة، و التوضيح سيأتي موثقا - بإذن الله تعالى - .......
و الله الموفق لما فيه الخير
(يتبع بإذن الله .... ).
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[15 May 2005, 12:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فأحمد الله تعالى حمدا يليق بجلاله وكماله وأسأله سبحانه أن يجعل جهدنا جميعا في خدمة كتابه الكريم وأن يشفع فينا قرآنه العظيم وأن يجعله قائدا لنا جميعا إلى مستقر رحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه
وبعد فإنني سعيد باهتمام الكرام بهذا البحث وتعقيباتهم له أو عليه واود أن أجيب عن أسئلة الأساتذة الكرام
وأبدا بالأخ الكريم / جمال حسني الشرباتي أكرمه الله
لقد وضحت يا أخي الكريم الفرق بين وجه الإعجاز ووجه التحدي
فكل مافي القرآن معجز وماقلت غير ذلك بداية من بلاغته العالية التي لايطمح إليها بشر كما قال الرافعي رحمه الله فبلاغة القرآن ليست محلا لنزاع أحد
وأسأل وأجيب عن نفسي:
القرآن معجز ببلاغته؟ الجواب نعم
القرآن الكريم معجز بإخباره عن الغيب؟ نعم
القرآن الكريم مِِِِِِِِِعجزة طبية؟ نعم
القرآن معجزة فلكية و وحسابية وجيولوجية ........ إلخ؟ نعم نعم نعم
لكن هل القرآن حين تحدي الخلق كلهم تحداهم في البلاغة أو الطب أو الفلك أو غير ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب --- كما أرى --- لا.
إنه لم يطلب من الخلق سورة فائقة في البلاغة.
وهل يظن أحد أن العرب وهم من هم في الفصاحة يعجزون عن قول مقدار سورة في حجم سورة الكوثر مثلا؟
هذا إذا اعتبرنا أن التحدي للعرب أو لهم أولا ثم للخلق كافة. والثابت أن القرآن يتحى الخلق كافة العرب منهمة والعجم.
إذن قضية البلاغة والإعجاز البلاغي لاخلاف فيها الخلاف هل البلاغة وجه التحدي أم لا؟
ثم ننتقل إلى باقي الأوجه ففي القرآن الكريم إعجاز في الطب لكن هل الطب وجه التحدي؟ وهل الغيب وجه تحدي ...... إلخ
ذاك هو الكلام يا أخي الفاضل
أما حديثك عن الموازنة وعلى أي شيء سنوازن عند التحدي
فأقول لك إن الموازنة لاينبغي أن تتم إلا إذا ادعى أحدهم أن كلامه من عند الله تعالى. عندها من الممكن أن نقف ونوازن ليظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ويتبين للجميع قول البشر من قول رب البشر سبحانه وتعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
أما سؤالك إذا ناقشني أحد في كون القرآن كلام رب العالمين وكيف سأثبت له فالآية القرآتية تجيب عن ذلك وهي قوله تعالى " قل لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " وهنا يبرز دور البلاغة والإخبار عن الغيب والعلوم لتثبت ذلك فكل هذه دلائل على الإعجاز وليست هي موطن التحدي وعليه فيجب الا نقف أمام هذا الغثاء الذي يقوله الملحدون أو المشككون في القرآن الكريم لأنه ببساطة ليس كلام الله تعالى إنه كلامهم هم وهم يعترفون بذلك.
اما رأي المعتزلة فأنا لا أميل إليه ولقد ثبت تهاويه أمام النظر وياليتك تقرأ البحث الذي كتبه شيخي العلامة / محمود توفيق سعد وهو منشور أيضا على النت بعنوان إعجاز القرآن بالصرفة دراسة ناقدة
إن النقطة الجوهرية التي التبست على الكثيرين ياأخي الكريم هي عدم التفريق بين (وجه الإعجاز ووجه التحدي) والخلط بينهما لايجعلنا نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود
وبعد فتقبل تحياتى وشكري على اهتمامك
---------------------
ثم اجيب الأخ الفاضل لؤ ي الخطيب بارك الله فيه فأقول
لايمكن هذا الفصل يا أخي الكريم
وحديثك عن إعجاز القرآن بذاته أو الإعجاز الذاتي للقرآن الكريم يجعلنا نفصل بين القرآن الكريم وقائله وهذا الفصل ياسيدي مستحيل
فالقرآن لايمكن أن يقال له كلام وفقط إذ لابد أن تضيفه إلى قائله فتقول كلام الله وهذا أبسط تعريف للقرآن الكريم
ولعلك قرأت تلك النظريات الغربية التي تفصل النص عن المبدع وتقول باستقلالية النص وأنه يحمل مقومات إبداعه وهذا شيء لايستقر في عقلى ولايستوي على قدمين في نظري فالكلام ما هو إلا صفة لقائله ولذلك اتصف القرآن بصفات الله تعالى فهو قرآن كريم ومجيد وعظيم وهذه كلها صفات الله تعالى وعليه لايمكن الفصل بينهما وعليه فالقول بالإعجاز الذاتي لا مجال له هنا ووجه الإعجاز الأول في القرآن هو أنه " كلام الله "
أما قولك هل كان العرب بمقدورهم أن يأتوا بمثل القرآن لغة؟
فأنا أعيدك إلى السؤال الأهم: وهو هل تحدى القرآن الكريم العرب وحدهم حتى نسأل هذا السؤال؟
-----------------
ثم أتوجه إلى الأخ المفضال الملقب بـ " الإسلام ديني "
وأقول له: أوافقك يا أخي الكريم.
نعم هذا البحث أراه إضافة وليس هدما لكلام العلماء السابقين فإن كانوا تحدثوا عن الإعجاز فأنا أتحث عن وجه التحدي وما دعمت كلامي إلا من كلامهم وارجع إلى نقلي عن المحدث ابن كثير رحمه الله وأنه أصاب المحز حيث قال (وأنى يتأتى لبشر أن يعارض كلام الله؟ وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين؟
------------
ثم أتوجه إلى الشيخ الكريم المكنى بـ " ابن تيمية " أكرمه الله
وفي البداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعافى ابنته وأن يعجل بشفائها كما أسأله وهو رب الناس أن يذهب الباس وأن يشفيها وهو الشافي شفاء لا يغادر سقما
ثم اقول للأخ الكريم قل لى يا أخي كيف خالفت كلام العلماء وما يعلمه الخاص والعام والقضية أصلا محل خلاف بينهم وراجع كتاب الباقلاني المسمى إعجاز القرآن لتر حقيقة هذا الخلاف
ثم إنك رميتني بعدة مخالفات دون توضيح وكان ودي أن تؤجل هذه الاعتراضات حتى تبينها لى ونصل سويا إلى مايرضي ربنا وما فيه النصح لكتابه الكريم
ثم أقول لك إنني يأخي العزيز قدمت فهما أراه صوابا كما أراه في الوقت نفسه يرد على هؤلاء الملحدين والمشككين في كتاب الله تعالى
وتقبل تحياتي
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 May 2005, 05:40 ص]ـ
دكتور سعيد حفظه الله
أثلج لي صدري تواضعكم وردكم على من هو مثلي---أشكركم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[15 May 2005, 01:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أولا أن أقول بأنني أرجو ألا تصدك هذه الملاحظات عن المشاركة في مؤتمر الاعجاز إن رغبت. وأما ثانياً فإني أرجو أن يتسع صدرك لها ولغيرها.
أولاً: اضطرب الباحث في أشياء أهمها أنه مرةً قال: إن ما تقدم من الوجوه لا يشفي غليلاً، ثم عاد في آخر البحث دون أن ينكر منها وجهاً بل جعلها كلها من الوجوه المحمودة.
ثانياً: قال الباحث: إن آيات التحدي تمثل لب الاعجاز، ثم عاد ليفرق بين التحدي والاعجاز، بحيث لم يستطع القاريء الوصول إلى مراد الباحث.
ثالثاً: هناك تداخل شديد في الكلام بين المِثل بكسر الميم والمَثَل بفتحها وتحريك ما بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقف الباحث عند قول البيضاوي واحتفل به مع إن عبارة البيضاوي يجب أن يشار فيها إلى أن الكلام دعوى فرعون بأن ما جاء به موسى عليه السلام هو كذلك، لا أن الله تعالى قد قاله ابتداءا.
رابعاً: تحدث الكاتب عن أن العلماء السابقين قد حصروا الاعجاز في طائفة قليلة، وهذا فهم الكاتب، وليس هو رأي العلماء كما لا يخفى على من طالع كتبهم.
خامساً: نقل الكاتب عن من لم يذكره بأن التحدي قد انقطع بانقطاع زمن الوحي، ولا أدري من القائل؟ وما منزلة قوله؟ وهل وافقه عليه أحد؟ وهل علينا أن نحتفل بكل قولٍ كهذا القول؟
سادساً: من أين جاء الكاتب الكريم بأن السور المكية خطاب لجميع الناس والسور المدنية خطاب لمن أقر بالانبياء؟
سابعاً: إن الترتيب في آيات التحدي الذي جاء به الكاتب ليس صواباً، بل الصواب الترتيب بحسب نزول السور وهو على النحو التالي:
أولا سورة الطور، ثم هود، ثم يونس، ثم البقرة. هذا هو الترتيب الملائم لطبيعة التحدي كما فصله مولانا العلامة فضل عباس في كتابه الاعجاز الصفحة الحادية والثانية والثلاثين.
ثامناً: كيف هجم الباحث على قلوب الناس حتى خرج بأن العجز قد يصدر عمن لم يخطر بباله التحدي سواء كان جنياً أم إنسياً؟
تاسعاً: أليس في صنيع الباحث من التحكم العجيب حين رفض القول بما سمي بالاعجاز البلاغي لانه يحصر التحدي في فئة خاصة ثم أثبت ما يسمى بالاعجاز العلمي وقال: إنه يُعد النافذه لجذب عقول الاخرين. وهل الاعجاز العلمي إلا مناسباً لبعض الناس دون بعض؟ فلم رفضت تلك الخصوصية وأثبتت هذه؟
عاشراً: أن القصة الواردة عن أبي عبيدة في شأن تاليفه لكتاب المجاز غير ثابتة والذي يدل على هذا أنه لم يثبتها في أول كتابه فلو كانت هي السبب لما تورع عن ذكرها.
حادي عشر: أن الكاتب الكريم لم يفرق بين الاعجاب والاعجاز فجعلهما شيئا واحدا وهذا يحوج إلى إعادة نظر.
ثاني عشر: هل صحيح أن كتاب أبي عبيدة هو أول كتاب يتحدث عن أسلوب القران ويوازن بينه وبين كلام العرب؟ أين الدليل على مثل هذا القول؟
ثالث عشر: أثبت الكاتب أن الشك والريب ليس في القران على اطلاقه وانما في انه من عند الله. وهذا بعيدٌ عن الصواب؛ إذ الشك والريب لم يقع أصلاً، بدليل التعبير بقوله تعالى: (وان كنتم في ريب) دون أن يقول: واذا كنتم في ريب. فأين هذا من ذاك؟
رابع عشر: الكاتب الكريم يرى أن المثليه مثلية وحي وهذا يبطل الاعجاز الذاتي للقران، بمعنى أن القران معجز لأنه من عند الله لا لما حواه من المضامين والأساليب التي أعجزت العرب، وهذا القول يقترب رويداً رويداً من الصرفة إن لم يكن هو. والكاتب يرى أن هذا هو التحدي.
أوليس يصدق هذا على من قال: إن الرسول تحداهم أن يخرج منهم رسول غيره؟ فما الفرق بين هذا وذاك؟
خامس عشر: على هذا الوجه كيف يمكن ان نفهم قوله تعالى (من مثله) كيف يمكن فهم هذا التبعيض على راي الكاتب الكريم
أخيراً: إن هذا البحث فيه جهدٌ كبير، لكن صاحبه - أكرمه الله - قد تعجل نتيجته دون أن ينظرها على نارٍ هادئةٍ وفقه الله، وأوجد في المسلمين من الباحثين الجادين ما يرفع عنهم غشاوة التقليد والهدم. أسدي أصدق التحيات للباحث ولشيخه، وأرجوه أن يسألَ شيخه أن يدخل إلى هذا المنتدى حتى نتعرف إليه عن قربٍ، وأنا اليوم منشغل بقراة كتابهِ عن الصرفةِ، وأرجو أن أجد فيه بغيتي أو بعضها.والسلام عليكم أجمعين.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[15 May 2005, 02:24 م]ـ
قد قرا بعض الاخوة المحبين هذا الكلام الذي كتبته وقالوا ان فيه بعضا من القسوة وكان ينبغي ان لا يكون كذلك
فان كان الامر على ما قالوه والمرء لا يكاد يدري بعيوب نفسه فاني من على هذا المنبر اقدم كامل الاعتذارللدكتور سعيد واقول انني لم اقصد القسوة ولا ما يستتبعها وحسبه من محبتي انني احتفلت ببحثه ولولا اني رايت فيه فائدة وفضلا ما قراته وكتبت عنه
ورحم الله تعالى من اهدى الي عيوبي
والسلام عليكم ايها الباحثون المجدون جميعا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[15 May 2005, 03:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
فضيلة الدكتور سعيد جمعة حفظه الله ووفّقه لكل خير ..
شكر الله لك إجاباتك الكريمة، ولكن ما زالت عندي بعض الملاحظات على كلامكم، فأرجو أن تتقبّلوها بسعة صدر ..
أولاً:
(يُتْبَعُ)
(/)
قولكم: وهل يظنّ أحد أن العرب وهم من هم في الفصاحة يعجزون عن قول مقدار سورة في حجم سورة الكوثر مثلاً؟
وأنا أسأل: وأنّى لهم ذلك؟ فهل أنت تشكّ في أن العرب عجزوا عن الإتيان بمثلها؟ إذ إن قولك هذا يذكّرنا بمزاعم بعضهم أن مِن العرب مَن عارض القرآن معارضة تبطل التحدّي، غير أن المسلمين أخفوا هذه المعارضات، ولم يستطع أحد من غيرهم أن ينقلها خوفاً منهم.
فهذه بنظرنا قضية خطيرة جداً، وهي باطلة لأمور:
أ – لقد لجأ كفار قريش إلى الحرب، ولو أنهم عارضوه، أو كان بإمكانهم أن يعارضوه، لأبطلوا حُجّته من أيسر طريق. ومن بدائه العقل أن الخصم الذي يستطيع أن يبطل حُجّة خصمه بطريق لا يلحقه منه ضرر لا يلجأ بطبيعة الحال إلى وسيلة يكون الضرر متحقّق فيها. فما الذي دعا كفار قريش وهم أصحاب العقول الراجحة إلى أن يعلنوا الحرب على الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، والجميع إخوتهم وأبناؤهم، وهم يعلمون أن هذه الحرب لا بدّ أن تصيبهم وتصيب أهليهم الذين أسلموا بأقدح الأضرار؟ فقد كان حسم القضية يسيراً عليهم، لو أنهم استطاعوا إبطال الدعوة بأي معارضة مقبولة لما جاء به.
ب – لم تجرِ العادة في كتمان مثل هذا الأمر العظيم، وإلا لافترضنا أن أشياء كثيرة حدثت في التاريخ، وكتمها الناس. على أنه نُقل إلينا من أخبار مشركي العرب ما هو دون ذلك من نسبتهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجنون والسحر والإفتراء، وأنه أتى بأساطير الأولين، ثم نسبته إلى الشعر والكهانة. ولا نشكّ في أن مشركي قريش استطاعوا أن يفرّقوا بين القرآن، وبين الشعر وأسجاع الكهّان.
ج – لو صحّت المعارضة، أو لو صحّ أن العرب كان بمقدورهم الإتيان بسورة مثل سورة الكوثر، لكانت هذه كالحُجّة، وكان القرآن كالشبهة. لأن بالمعارضة يُعلم من حاله أنه ليس بمعجز، وتكون المعارضة من حيث كشفت ذلك من حال القرآن الكريم ودلّت عليه حُجّة. فكان يجب أن تكون بالنقل أولى من القرآن لأن الحاجة في الدين إليها أمسّ، وكما وقعت الحاجة إليها أولاً، فالحاجة إليها ماسّة على الدوام ما دام القرآن منقولاً، فكيف يصحّ والحال هذه أن يُنقل القرآن، ولا تُنقل المعارضة؟
د – لو كان بمقدور مشركي قريش أن يأتوا بمثل سورة الكوثر، لأوجب ذلك اضطراباً في نفوس الذين دخلوا في الإسلام. وقد كانوا – كما ظهر من سيرهم فيما بعد – أصحاب عقول راجحة، وإرادات قويّة. فلا يُتصوّر أنهم داسوا على أنفسهم حين ظهر لهم بطلان الدين الجديد الذي دخلوا فيه. وقد كان بعضهم شديد العداوة له قبل أن يُسلم. فلو وجدوا أي ضعف في الدعوة لعادوا إلى عداوتهم لها. فثبات هؤلاء العقلاء على ما دخلوا فيه دليل على أنهم ما وجدوا فيه غميزة، وما سمعوا من أحد مثل قوله.
هـ – احتججت بنقل المعارضة التي رُويت عن مسيلمة الكذّاب حين أراد أن يأتي بمثل سورة (والعصر)، وعلّقت عليها بأن عمرو بن العاص لم ينظر فيها ولم يتطرّق إليها، إنما كذّبه في جملة واحدة، وهي (لقد أنزل علي). ولكن ما دليلك على ذلك؟ أولم يدرك عمرو بن العاص أن الكلمات التي تقوّل بها هذا الماجن ضعيفة الأسلوب، سخيفة المعنى، وأنها ليست إلا مما تفكّه به الرواة والقصاص في مجالس القصص؟
و – أي سلطان كان للمسلمين وهم في مكة – شرّفها الله – وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثلاثة عشر عاماً، وهي مدّة تكفي لأن تُذاع أيّة معارضة حتى تبلغ أسماع كل من بلغته دعوة الإسلام؟ ولا شك في أن القوم كانوا حريصين كل الحرص على إبطال هذا الدين الجديد. فلو كان منهم ما يبطله لجهدوا في إذاعته، ولوجدوا من الذين يفدون إلى مكة – شرّفها الله – للحج والتجارة مَن يسير بهذه البشرى، وينشرها في كل مكان يمكن أن يبلغ صوته إليه.
ثانياً:
قولكم: القول بالإعجاز الذاتي لا مجال له هنا، ووجه الإعجاز الأول في القرآن هو أنه " كلام الله "
وأنا أسأل: وكيف يمكننا أن نفهم الإعجاز إذا عطّلنا ما في القرآن الكريم من مضامين وأساليب؟
ثالثاً:
قولكم: تعقيباً على سؤالي: هل كان بمقدور العرب أن يأتوا بمثل القرآن لغة؟ قلتم: وهل تحدّى القرآن الكريم العرب وحدهم حتى نسأل هذا السؤال؟
(يُتْبَعُ)
(/)
نقول: لقد نبّهتم إلى قضية ما زال الخلاف فيها قائماً بين العلماء، فمنهم من اقتصر التحدّي على العرب، ومنهم من ذهب إلى القول بأن التحدّي إنما كان للناس جميعاً، عرباً وعجماً.
وأنا أميل إلى ما ذهب إليه فضيلة الدكتور فضل عباس في كتابه القيم (إتقان البرهان في علوم القرآن). فقد قسم فضيلته التحدّي إلى ثلاثة مراحل: المرحلة المكية، وهي التي جاء فيها التحدّي للعرب على الخصوص في السور المكية الثلاثة (الطور وهود ويونس)، والمرحلة المدنية المتمثّلة بآية سورة (البقرة).
ثم بعد هذه التفرقة يقول حفظه الله: "إن المراحل الثلاث الأولى خوطب بها العرب، لأنهم هم المتحدّون في هذه السور الثلاث، أما المرحلة الرابعة فقد خوطب بها الناس جميعاً، يدلّ لذلك سياق الآيات "يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلّكم تتّقون .. الآيات ". ثم بيّن أن المراحل الثلاث الأولى مختلفة من حيث الأسلوب عن المرحلة الرابعة، كما يلي:
المرحلة الأولى "فليأتوا بحديث مثله"، والثانية "قل فأتوا بعشر سور مثله"، والثالثة "فأتوا بسورة مثله". أما المرحلة الرابعة فجاء الألوب فيها "فأتوا بسورة من مثله". فكلمة "من" لم تُذكر إلا في المرحلة الرابعة. هناك اختلاف إذن بين المراحل الثلاث والمرحلة الرابعة من حيث التنزّل، ومن حيث السياق، ومن حيث الأسلوب. ولهذه الفروق دلالتها في تعيين أو ترجيح أحد القولين السابقين في بيان وجوه الإعجاز.
فإذا كان التحدّي في المراحل الثلاث المخاطب به العرب، والعرب كان البيان بضاعتهم والبلاغة سجيتهم، فإن المرحلة الرابعة المخاطب بها الناس جميعاً عربهم وعجمهم. وإذا كانت المراحل الأولى خالية من كلمة "من"، فلقد جاءت المرحلة الرابعة مشتملة على هذا الحرف الدال على التبعيض. ومعنى هذا أن المرحلة الأخيرة كان التحدّي فيها للناس جميعاً، ولا يعقل أن يتحدّى الناس جميعاً بالبيان وحده، وإنما هو تحدّ عام عموم المخاطبين به."
ثم يقرّر فضيلته بعد هذه الدراسة "أن وجوه الإعجاز متعدّدة، وأن القرآن معجز من حيث بيانه، ومن حيث تشريعه، ومن حيث ما فيه من حقائق علمية وكونية، ومن حيث ما فيه من أخبار غيبية إلى ما هنالك من وجوه أخر." (إتقان البرهان في علوم القرآن لفضيلة الدكتور فضل عباس، ص111 - 113).
وعلى هذا، فإن القرآن تحدّى العرب في زمانهم على أن يأتوا بمثل بيانه المعجز. فدعوة مشركي قريش إلى المعارضة كانت قائمة. ولكنهم عجزوا! ولماذا عجزوا؟ ليس لأن القرآن من عنده سبحانه وتعالى فحسب – فهذا أمر مسلّم به أصلاً – ولكن لأنهم لم يقدروا على أن يأتوا بسورة مثله، ولا بعشر سور مثله مفتريات. وما زال التحدّي قائماً يدعو من استطاع إلى الإتيان "بسورة من مثله" في البيان، أو في العلوم المكنونة في هذا الكتاب الحكيم.
وأخيراً أرجو أن لا أكون قد أطلت في الموضوع بغير فائدة ترتضى لنا جميعاً ..
فالهدف الأول من مداخلتي التعلم من أمثالكم .. فبارك الله فيكم على جهودكم ..
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[16 May 2005, 01:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر للدكتور جمال أبي حسان ملاحظاته التي أفدت منها ولا حاجة للعذر فنحن جميعا نبتغي وجه الله تعالى فيما نكتب وفيما نقول، ومادام وجه الله تعالى هو غايتنا فالدين النصيحة.
حديثكم يافضيلة الدكتور عن الاضطراب لا محل له وذلك لأن الوجوه التي قلت بأنها لا تشفي الغلة مخصوصة بدلالة كلمة (المثل) المتحدى بها في القرآن، ولم أعثر على شيء من ذلك إلا إشارتين إحداهما تتحدث عن مرجع الضمير في قوله " من مثله " والأخرى تتحدث عن بلاغة النظم في هذه الآيات ولقد أثبت ذلك في الهوامش
أما عدم إنكاري للوجوه في آخر البحث فكان في شأن وجوه الإعجاز ولقد ذكرت اكثر من مرة ان كل مافي القرآن معجز ولا إنكار لوجه من هذه الوجوه
وعليه فلا مجال للاضطراب.
ثانياً:نعم قلت إن آيات التحدي تمثل لب الإعجاز لأن علماءنا تناولوها في حديثهم عن التحدي لكن الواقع أن هناك فرق بينهما بينته كثيرا في بحثي.
ولا أظن أن القارئ لم يصل إلى مرادي فمرادي من البحث هو الوصول إلى معنى (المثلية) المتحدى بها
ونتيجة البحث أن المثلية تعني (من عند الله) وهذا واضح، كما أرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: لاتداخل بين المثل والمثل وراجع كلام العسكري في الفروق اللغوية يظهر لكم ذلك جليا.
أما كلام العلامة البيضاوي وقوله (مثله سحرك) فلقد كان يلفت النظر إلى الوقوف على أيهما الأصل هل ما فعله موسى هو الأصل وما فعلوه هو المثل أم أن ما جاءوا به هو الأصل وما جاء به موسى هو المثل والقرآن الكريم جعل ماجاء به سيدنا موسى هو الأصل لأنه ليس سحرا وأن ما سياتون به هو المثل لأنه صورة وليس حقيقة.
رابعاً: نعم إنني أزعم ان كل من قال بأن التحدي في البلاغة كأنما يقول إن القرآن تحدي العرب الأوائل وحدهم.
خامساً: ترتيب السور ياسيدي ليس أمرا اجتهاديا حتى نقدم أو نؤخر فيه إنه توقيفي سواء الترتيب النزولي أو الترتيب المصحفي وأنا لم آت بترتيب من عندي لآيات التحدي إنما عرضت الأمرين وحاولت فهم الآيات بحسب كل ترتيب.
سادساً: أنا لم أرفض الإعجاز البلاغي ولا غيره وكل مافي الأمر أنني كنت أتتبع الخطوات المثلى لأي بحث فكنت أفترض صحة رأي وأظل أناقشه حتى يثبت أو يتهاوي وعليه فحين أمدح رأيا من الآراء أو وجها من الوجوه في اول البحث فلا يثبت هذا أنه موطن التحدي ولايثبت أيضا أنني أتناقض في كلامي فطبيعة البحث العلمي تتطلب هذا المنهج.
سايعاً: كتاب أبي عبيدة ليس هو موضوعنا وصحة القصة لادخل لها فيما نحن فيه ولذلك سأمررها هنا دون تعليق
ثامناً: إن المنصوص عليه عند أهل اللغة أن أداة الشرط (إن) تفيد الندرة ولاتنفي الوقوع كما تفضلتم وكيف يقال إن قوله " وإن كنتم في ريب) تفيد عدم وقوع الشك أصلا؟
تاسعاً: الإعجاز بالصرفة لا يتصور هنا ولادلالة عليه في كلامي وقضية الإعجاز الذاتي لاتثبت في عقلى ولا تستقر في صدري فأنا لا أتصور القرآن الكريم إلا ومعه قائله سبحانه وتعالى فلماذا تفصلون بين الكلام وقائله؟
ثم من قال إن (من) حرف تبعيض دائما ولماذا لاتكون بيانيه بدليل خلو الآيات الأخري منها؟
وفي الختام تقبل تحياتي
--------------------------------------
ثم أنتقل إلى الأستاذ الطيب / لؤي الطيبي طيب الله تعالى ذكره في الدنيا والآخرة.
أتدري ياسيدي مالذي جر هؤلاء الغوغاء إلى الادعاء بأنهم قالوا مثل القرآن؟
الذي جرأهم هو اعتقادهم بأن القرآن الكريم ماهو إلا كلام " محمد بن عبد الله" صلى الله عليه وسلم.
ثم افترض جدلا أننا قلنا لواحد من العرب الخُلص سنقول لك كلاما وحاول أن تقول مثله ولم نذكر له أنه كلام الله ألا تظن أن سيحاول؟
بالطبع ياسيدي سيحاول حتى وإن أعجزته العبارات لكنه في النهاية سيحاول.
لكن قل له إن هذا كلام الله والله يتحداك أن تأتي بمثله وانتظر النتيجة؟
وما المانع أن تجرب ذلك وتحكي لنا النتيجة؟
نعم اتفق معك في أن العرب فرقت بين القرآن وبين الشعر والكهانة وهذا التفريق ليس دليلا لك بل هو دليل لى لأنهم عرفوا الفارق بين الكلام البشري والكلام الإلهي حتى قال أحدهم (وما هو بقول بشر).
إذن الحديث ليس عن قدرتهم في المجيء بسورة من الكلام ولكن في تحدي ربهم ولاطاقة لهم بذلك.
وهل تعتقد مثلا أن قول قس بن ساعدة (ايها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ماهو آت آت .......... إلخ
لو قال رسول الله إن هذا من سور القرآن هل سيعارضه أحد أو سيحاول أن يقول مثله واسمع إلى أكثم ابن صيفي وهويقول (إياك والتبذير فإن التبذير مفتاح البؤس ومن التواني والعجز نتجت الهلكة، وأحوج الناس إلى الغنى من لا يصلحه إلا الغنى وحب المديح رأس الضياع وفي المشورة صلاح الرعية ورضا الناس غاية لاتدرك فتحر الخير بجهدك ولا تحفل سخط من رضاه الجور ............... إلخ)
حاول واجتهد ودع عنك ماقد قيل كله
أقول لو قيل هذا كلام الله ووضع في صلب المصحف هل ترى أن أحدا سيعارضه؟
وهل هذا القدر القليل من الكلام لايفي بمقدار سورة من سور القرآن القصيرة؟
إنني لا اريد أن نغلق الباب على كلام علمائنا الأوائل فلقد أفاضوا وجزاهم الله خيرا ولا عيب ان يرى الآخرون رأيا آخر مادام ليس هناك نص وما دام عندنا فهما وإخلاصا لله رب العالمين
وإذا أجبت عن هذا السؤال فأظن أن فيه الغنية عن باق الكلام. والسلام.
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 06:03 ص]ـ
أولا أعتذر إلى الدكتور و إلى الإخوة القراء، فإني سأنزل تعقيبي على ما ذكره الدكتور سعيد على مراحل لألا تختلط على القارئ مضامينه، و أنا أعلم أن كثيرا ممن يقرؤون البحوث في المنتديات يملون من طول المكتوب على الصفحة الإلكترونية، فالتجزئة تكاد تكون ضرورية لحسن الاستيعاب و سهولة الإدراك،و الله أعلم
كما أعتذر للدكتور سعيد إن وجد في كلامي ما قد يبدو قساوة في الرد، فليعلم أخانا الدكتور أن المردود عليه بين عيني هو الرأي، لا صاحبه، و لم يخطر ببالي غير ذلك، و أالعبد الفقير إلى الله لا يعرف الدكتور سعيد معرفة شخصية، و لم تكن بيني و بينه اتصالات، و هو حفظه الله له مني و من كل مسلم بمقتضى الأخوة الإيمانية و الحقوق الإسلامية المحبة و الاحترام و التقدير.
ملاحظة: بعد اكتمال التنزيل سأضع التعقيب على ملف وورد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 06:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرًا طيبًا مبَاركًا فيه، و الصلاةُ و السَّلامُ الأتمان الأكملانِ على نبينا محمَّد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:
فلقد قرأت بحث الدكتور الفاضل سعيد جمعة حول تفسيره للمثلية المتحدى بها في آيات الكتاب كقوله تعالى ? فأتوا بسورة من مثله .. ?، و تبين لي بأدنى نظر أن نتيجته بعيدة عن الحق، مجانبة للصواب، و أن المقدمات التي بنى عليها منها ما هو حق و منها ما هو باطل، و سأبين في مقالي هذا فساد ما ذهب إليه، رغم أني شديد الانشغال في هذه الأيام، و ليس لي من الوقت ما أحرر فيه ما أريد بيانه، و لهذا سأتجاوز المسائل الجزئية التي أرى أن الباحث قد أخطأ فيها، و أدخل إلى صلب الموضوع، فأقول – مستعينا بالله وحده -:
إن المثْل و المثليَّة و الممَاثلة ألفاظٌ يكثُرُ ورودها في كتب الفقه و العقيدة و التفسير و شروح كتب الحديث، و في علم الرواية منها، و في غيرها؛ فتجدها في كتب الفقه في بيان معنى المثلية في الربويات و في القصاص و جزاء الصيد و في مهر المثل و أجرة المثل و في غيرها، و تجدها في كتب العقيدة في مبحث نفي التمثيل و نفي مماثلة المخلوقين: عن الله و عن صفاته، و في كتب التفسير في آيات عدة – منها ما نحن بصدده – و في شروح كتب الحديث بيانًا لما أُسنِد فيها من أقوال النبي ×، كمثل قوله ×: ((من سمع المؤذن فقال مثلَ ما يقول .. ))، و كقوله ×: ((الذهب بالذهب .. مثلا بمثل .. ))، و في كتب علم الرواية في مبحث قول الراوي عن متن الحديث: ((مثله)) أو ((نحوه)) (1) - إذا ساق السند دون المتن -، إلى آخر تلكم الكتب، ولو أردت أن أسوق عباراتهم في هذا لجاءت في مجلدٍ فأكثر، و في وسع كل أحدٍ أن يقف عليها بلا عناء و لا مشقة.
و يمكن تلخيصُ ما جاء فيها، فأقول:
المثل في لغة العرب يطلق على معانٍ، أصلها: التسوية و المناظرة بين الشيئين.
فيطلق على التسوية في الذوات.
أو على التسوية في الصفات.
أو التسوية في المقدار (2).
كما أنها تأتي مقيدة باللفظ، فيقال: مثله في كذا و كذا.
و بعضُ أهل العلم يعبِّر بتعبير آخر، فيقسمها إلى مماثلة في الصورة، و أخرى في المعنى أو في الصورة و المعنى و بعضهم يعبر بالخلقة و الصورة، أو في الصفات و الأخلاق، و بعضهم بغير هذا.
قال ابن فارس)):مثل، الميم و الثاء و اللام أصلٌ صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء، و هذا مثل هذا، و المِثل و المثال في معنى واحد، و ربما قالوا: مثيل كشبيه)) (معجم مقاييس اللغة 5/ 296).
و قال أيضا: ((المِثْل: النظير)) (مجمل اللغة 4/ 309 - ط معهد المخطوطات).
فقوله رحمه الله: ((و المِثل و المثال في معنى واحد)) يدل على استعمال المثل في معنى المقدار.
قال في القاموس: (و المثال: المقدار).
قال في شرحه: ((و المثال – بالكسر: المقدار، و هو من الشِّبه و المِثل: ما جُعلَ مثالا، أي: مقدارا لغيره يحذى عليه، والجمع أمثلة و مثل)) (التاج للزبيدي 30/ 382).
و في التعاريف ص 636 للمناوي قال: ((المثال: مقابلة شيء بشيء وهو نظيره أو وضع شيء ما ليحتذى فيه بما يفعل))، ثم ذكر المثل في الشيئين المتفقين جنسا و أنه ما سد مسده، و ما كان مختلف الجنس فهو ما كان فيه معنى يقرب به من غيره.
و هكذا كان رأي معجم المجمع اللغوي المصري في ((المعجم الوسيط)) (2/ 860).
و قد فرق بعضهم بين المثل و المثال، فقال: ((المثل هو المشارك في جميع الأوصاف و المثال هو المشارك في أحد الأوصاف سواء كان مشاركا في جميع الأوصاف أو لا)). (جامع العلوم في اصطلاحات الفنون 3/ 208 - 209 للأحمد نكري).
و كثيرا ما يسوون في التفسير بين المثيل و الكفء و النظير و العدل و الند؛ بل و الشبيه، و هي كذلك معانيها متقاربة جدا، والفروق بينها يسيرة جدا، و قد عددها العلامة أبو هلالٍ العسكري في كتابه النافع ((الفروق)) (ص 257 - 260)، و مما قاله ص 259: ((وليس في الكلام شيء يصلح في المماثلة إلا الكاف و المثل، فأما الشبه والنظير فهما من جنس المثل)).
و قال ص 260: ((و الفرق بين كاف التشبيه و بين المِثل، أن الشيء يشبَّه بالشيء من وجه واحد لا يكون مثله في الحقيقة إلا إذا أشبهه من جميع الوجوه لذاته، فكأن الله تعالى لما قال ? ليس كمثله شيء ? أفاد أنه لا شبه له و لا مثل .. )).
و صنيعُ الأئمة في هذا = المرادُ منه تقريبُ المعنى و محاولة تصويره في ذهن القارئ، و هكذا صنيعهم في مفردات معاجم و قواميس اللغة.
و للعلم فإن تفسير المثل – بفتح الثاء – بمعنى: صفة الشيء، قد رده المبرد في المقتضب 3/ 225 و خطَّأ قائله، و كذلك فعل أبو علي الفارسي فإنه قال: ((تفسير المثَل بالصفة غير معروف في كلام العرب؛ إنما معناها التمثيل)) (التاج 30/ 382)، و المسالة محل اختلاف.
.............................
الهوامش:
(1): قال أبو عبد الله الحاكم في الرسالة البغدادية: " إن مما يلزم الحديثي من الضبط و الإتقان إذا ذكر حديثا و ساق المتن ثم أعقبه بإسناد آخر أن يفرق بين أن يقول: مثله أو نحوه، فإنه لا يحل له أن يقول: مثله إلا بعد أن يقف على المتنين و الحديث جميعا فيعلم أنهما على لفظ واحد، فإذا لم يميز ذلك حل له أن يقول: نحوه، فإنه إذا قال: نحوه فقد بين أنه مثل معانيه .. " نقله الزبيدي في التاج من نسخة لديه من كتاب الحاكم (30/ 380)، و في الفتح شرح لهذا الفرق في مواضع منه.
(2) انظر شرح العمدة 3/ 285 و 302 و مجموع الفتاوى 2/ 384 و 3/ 166 لابن تيمية و سيأتي الإحالة إلى غيرها في تضاعيف البحث.
يتبع .............
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 06:17 ص]ـ
تفسير آيات التحدي
قبل بيان الأغلاط التي وقعت في بحث أخينا الفاضل الدكتور سعيد جمعة يحسن بي أن أبين في هذا المبحث معاني آيات التحدي مقتصرًا على ما فسَّر به إمامُ المفسرين محمد بن جرير رحمه الله في كتابه العظيم (جامع البيان) تلكم الآيات الكريمة، ثم أتبعه بما يؤيِّده من كلام الإمامين الجليلين ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله، و اخترتهما دون غيرهما لما تضمنه كلامهما من الزيادات المهمة فيما نحن بصدد بيانه، بل الجواب المفصَّل عن كل شبهة أثيرت في مسألتنا هذه، فإليكم تفسيرها – على حسب ترتيبها في المصحف الإمام:
1 - ففي قوله تعالى ?و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ?
قال ابن جرير: ((و هذا من الله عز وجل احتجاج لنبيه محمد × على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب وضلالهم الذين افتتح بقصصهم قوله - جل ثناؤه - ?إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ? وإياهم يخاطب بهذه الآيات وأخبر بأهم نعوتها قال الله جل ثناؤه ? وإن كنتم ? أيها المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين في شك وهو الريب مما نزلنا على عبدنا محمد × من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي وأني الذي أنزلته إليه فلم تؤمنوا به ولم تصدقوه فيما يقول فأتوا بحجة تدفع حجته لأنكم تعلمون أن حجة كل ذي نبوة على صدقه في دعواه النبوة أن يأتي ببرهان يعجز عن أن يأتي بمثله جميع الخلق ومن حجة محمد × على صدقه وبرهانه على نبوته وأن ما جاء به من عندي عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تأتوا بسورة من مثله.
وإذا عجزتم عن ذلك - وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والدراية - = فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز.
كما كان برهان من سلف من رسلي وأنبيائي على صدقه وحجته على نبوته من الآيات ما يعجز عن الإتيان بمثله جميع خلقي = فيتقرر حينئذ عندكم أنَّ محمدا لم يتقوله ولم يختلقه؛ لأن ذلك لو كان منه اختلافا وتقولا لم يعجزوا وجميع خلقه عن الإتيان بمثله؛ لأن محمدا × لم يعد أن يكون بشرا مثلكم وفي مثل حالكم في الجسم وبسطة الخلق وذرابة اللسان فيمكن أن يظن به اقتدار على ما عجزتم عنه أو يتوهم منكم عجز عما اقتدر عليه ... )).
و قال: ((فإن قال قائل: إنك ذكرت أن الله عنى بقوله ?فأتوا بسورة من مثله ? من مثل هذا القرآن،فهل للقرآن من مثل؟ فيقال: ائتوا بسورة من مثله، قيل: إنه لم يعن به ائتوا بسورة من مثله في التأليف والمعاني التي باين بها سائر الكلام غيره؛ وإنما عنى ائتوا بسورة من مثله في البيان؛ لأن القرآن أنزله الله بلسان عربي، فكلام العرب لا شك له مثل في معنى العربية، فأما في المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين فلا مثل له من ذلك الوجه ولا نظير ولا شبيه.
وإنما احتج الله - جل ثناؤه - عليهم لنبيه × بما احتج به له عليهم من القرآن إذ ظهر عجز القوم عن أن يأتوا بسورة من مثله في البيان إذ كان القرآن بيانا مثل بيانهم وكلاما نزل بلسانهم فقال لهم - جل ثناؤه – ? وإن كنتم في ريب ? من أن ما أنزلت على عبدي من القرآن من عندي فأتوا بسورة من كلامكم الذي هو مثله في العربية إذ كنتم عربا وهو بيان نظير بيانكم وكلام شبيه كلامكم
فلم يكلفهم جل ثناؤه أن يأتوا بسورة من غير اللسان الذي هو نظير اللسان الذي نزل به القرآن فيقدروا أن يقولوا: كلفتنا ما لو أحسناه أتينا به؛ وإنا لا نقدر على الإتيان به؛ لأنا لسنا من أهل اللسان الذي كلفتنا الإتيان به، فليس لك علينا حجة بهذا؛ لأنا وإن عجزنا عن أن نأتي بمثله من غير ألسنتنا؛ لأنا لسنا بأهله = ففي الناس خلقٌ كثير من غير أهل لساننا يقدرُ على أن يأتي بمثله من اللسان الذي كلفتنا الإتيان به.
ولكنه جل ثناؤه قال لهم ?ائتوا بسورة مثله ? لأن مثله من الألسن ألسنتكم، وأنتم: إن كان محمد اختلقه وافتراه - إذا اجتمعتم وتظاهرتم على الإتيان بمثل سورة منه من لسانكم وبيانكم - = أقدرُ على اختلاقه ووضعه وتأليفه من محمد ×.
(يُتْبَعُ)
(/)
و إن لم تكونوا أقدر عليه منه = فلن تعجزوا – و أنتم جميع - عما قدر عليه محمد من ذلك، وهو وحده - إن كنتم صادقين في دعواكم وزعمكم أن محمدًا افتراه واختلقه، وأنه من عند غيري)) جامع البيان 1/ 165 - 166.
2 - و في قوله تعالى ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ?
قال ابن جرير: ((يقول - تعالى ذكره - أم يقول هؤلاء المشركون افترى محمدٌ هذا القرآن من نفسه فاختلقه وافتعله، قل - يا محمد لهم -: إن كان كما تقولون: إني اختلقته و افتريته = فإنكم مثلي من العرب، و لساني وكلامي = مثل لسانكم، فجيئوا بسورة مثل هذا القرآن)) الجامع 11/ 117.
3 - و في قوله تعالى ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ?
قال ابن جرير: ((يقول - تعالى ذكره لنبيه محمد ×-: كفاك حجة على حقيقة ما أتيتهم به ودلالة على صحَّة نبوتك هذا القرآن من سائر الآيات غيره؛ إذ كانت الآيات إنما تكون لمن أعطيها دلالة على صدقه لعجز جميع الخلق عن أن يأتوا بمثلها وهذا القرآن جميع الخلق عجزة عن أن يأتوا بمثله.
فإن هم قالوا: افتريته أي: اختلقته وتكذبته – و دل على أن معنى الكلام ما ذكرنا قوله ?أم يقولون افتراه? إلى آخر الآية، و يعني تعالى ذكره بقوله ?أم يقولون افتراه ? أي: أيقولون افتراه، و قد دللنا على سبب إدخال العرب " أم " في مثل هذا الموضع - = فقل لهم: يأتوا بعشر سور مثل هذا القرآن مفترياتٍ - يعني: مفتعلات مختلفات - إن كان ما أتيتكم به من هذا القرآن مفترى، و ليس بآية معجزة كسائر ما سئلته من الآيات؛كالكنز الذي قلتم: هلا أنزل عليه، أو الملك الذي قلتم: هلا جاء معه نذيرا له مصدقا؛ فإنكم قومي وأنتم من أهل لساني، وأنا رجل منكم، ومحال أن أقدر أخلق وحدي مئة سورة وأربع عشرة سورة ولا تقدروا بأجمعكم أن تفتروا و تختلقوا عشر سور مثلها ولا سيما إذا استعنتم في ذلك بمن شئتم من الخلق.
يقول - جل ثناؤه -: قل لهم ? وادعوا من استطعتم? أن تدعوهم من دون الله: - يعني: سوى الله، لافتراء ذلك واختلاقه -: من الآلهة؛ فإن أنتم لم تقدروا على أن تفتروا عشر سور مثله = فقد تبين لكم أنكم كذبة في قولكم: افتراه، وصحت عندكم حقيقة ما أتيتكم به: أنه من عند الله، ولم يكن لكم أن تتخيروا الآيات على ربكم، و قد جاءكم من الحجة على حقيقة ما تكذبون به أنه من عند الله = مثل الذي تسألون من الحجة و ترغبون أنكم تصدقون بمجيئها.
وقوله ? إن كنتم صادقين ? لقوله ? فأتوا بعشر سور مثله ? و إنما هو قل: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات إن كنتم صادقين أن هذا القرآن افتراه محمد، وادعوا من استطعتم من دون الله على ذلك من الآلهة والأنداد " (الجامع 12/ 9 - 10).
4 - و في قوله تعالى: ? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ?.
قال ابن جرير: " يقول - جل ثناؤه - قل يا محمد للذين قالوا لك أنا نأتي بمثل هذا القرآن لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون أبدا بمثله ولو كان بعضهم لبعض عونا وظهرا
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله × بسبب قوم من اليهود جادلوه في القرآن وسألوه أن يأتيهم بآية غيره شاهدة له على نبوته لأن مثل هذا القرآن بهم قدرة على أن يأتوا به تجدونه مكتوبا عندكم ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاؤوا به فقال عند ذلك وهم جميعا فنحاص وعبد الله بن صوريا وكنانة بن أبي الحقيق وأشيع وكعب بن أسد وسموءل بن زيد وجبل بن عمرو يا محمد ما يعلمك هذا إنس ولا جان فقال رسول الله × أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل فقالوا يا محمد إن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما شاء ويقدر منه على ما أراد فأنزل علينا كتابا نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتي به فأنزل الله عز وجل فيهم وفيما قالوا قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " الجامع 15/ 158 - 159.
5 - و في قوله تعالى: ? أم تأمرهم أحلامهم بهذآ أم هم قوم طاغون أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ?
قال ابن جرير: ((يقول - تعالى ذكره -: أتأمر هؤلاء المشركين أحلامهم بأن يقولوا لمحمد × هو شاعر وأن ما جاء به شعر أم هم قوم طاغون يقول جل ثناؤه ما تأمرهم بذلك أحلامهم وعقولهم بل هم قوم طاغون قد طغوا على ربهم فتجاوزوا ما أذن لهم وأمرهم به من الإيمان إلى الكفر به
و قوله ?أم يقولون تقوله ? يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون تقول محمد هذا القرآن و تخلقه.
وقوله ?بل لا يؤمنون ?يقول جل ثناؤه: كذبوا فيما قالوا من ذلك؛ بل لا يؤمنون؛ فيصدقوا بالحق الذي جاءهم من عند ربهم
وقوله ? فليأتوا بحديث مثله ? يقول جل ثناؤه: فليأت قائلو ذلك له من المشركين بقرآن مثله؛ فإنهم من أهل لسان محمد صلى الله عليه وسلم ولن يتعذر عليهم أن يأتوا من ذلك بمثل الذي أتى به محمد × إن كانوا صادقين في أن محمدا × تقوله وتخلقه " (الجامع 27/ 32 - 33).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 06:28 ص]ـ
و بمثل الذي قال: قال أئمة الدين المقتدى بهم، و من هؤلاء شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم رحمهما الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((و القرآن يظهر كونه آية و برهانا له من وجوه جملة وتفصيلا:
أما الجملة: فإنه قد علمت الخاصة والعامة من عامة الأمم علما متواترا أنه هو الذي أتى بهذا القرآن، وتواترت بذلك الأخبار أعظم من تواترها بخبر كل أحد من الأنبياء والملوك والفلاسفة وغيرهم.
والقرآن نفسه فيه تحدي الأمم بالمعارضة، والتحدي هو أن يحدوهم أي: يدعوهم فيبعثهم إلى أن يعارضوه، فيقال فيه: حداني على هذا الأمر، أي: بعثني عليه، ومنه سمي حادي العيس؛ لأنه بحداه يبعثها على السير.
وقد يريد بعض الناس بالتحدي:دعوى النبوة؛ ولكنه أصله الأول، قال تعالى في سورة الطور ? أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين?
فهنا قال ?فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ? - في أنه تقوله؛ فإنه إذا كان محمد قادرا على أن يتقوله كما يقدر الإنسان على أن يتكلم بما يتكلم به من نظم ونثر = كان هذا ممكنا للناس الذين هم من جنسه، فأمكن الناس أن يأتوا بمثله.
ثم إنه تحداهم بعشر سور مثله فقال تعالى ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين?.
ثم تحداهم بسورة واحدة منه فقال تعالى ? وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين?.
فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات - هم وكل من استطاعوا من دون الله- ثم تحداهم بسورة واحدة - هم ومن استطاعوا – قال ? فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو?.
و هذا أصل دعوته، وهو الشهادة بأنه لا إله إلا الله والشهادة بأن محمدا رسول الله
وقال تعالى ?فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله?
كما قال ?لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ?
أي: هو يعلم أنه منزل لا يعلم أنه مفترى كما قال ? وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ? أي: ما كان لأن يفتري، يقول: ما كان ليفعل هذا، فلم ينف مجرد فعله؛ بل نفي احتمال فعله، وأخبر بأن مثل هذا لا يقع؛ بل يمتنع وقوعه، فيكون المعنى: ما يمكن ولا يحتمل، ولا يجوز أن يفتري هذا القرآن من دون الله؛ فإن الذي يفتريه من دون الله مخلوق، و المخلوق لا يقدر على ذلك.
وهذا التحدي كان بمكة فإن هذه السور مكية: سورة يونس وهود والطور.
ثم أعاد التحدي في المدينة بعد الهجرة، فقال في البقرة - وهي سورة مدنية- ? وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين?
ثم قال ?فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة?
فذكر أمرين، أحدهما قوله ? فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ?يقول: إذا لم تفعلوا فقد علمتم أنه حق، فخافوا الله أن تكذبوه، فيحيق بكم العذاب الذي وعد به المكذبين، وهذا دعاء إلى سبيل ربه بالموعظة الحسنة بعد أن دعاهم بالحكمة وهو جدالهم بالتي هي أحسن.
والثاني:قوله ?ولن تفعلوا?، و " لن " لنفي المستقبل.
فثبت الخبر أنهم فيما يستقبل من الزمان لا يأتون بسورة من مثله كما أخبر قبل ذلك، وأمره أن يقول في سورة سبحان - وهي سورة مكية افتتحها بذكر الإسراء، و هو كان بمكة بنص القرآن والخبر المتواتر -، وذكر فيها من مخاطبته للكفار بمكة ما يبين بذلك بقوله? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا?.
(يُتْبَعُ)
(/)
فعم بالخبر جميع الخلق معجزا لهم قاطعا بأنهم إذا اجتمعوا كلهم = لا يأتون بمثل هذا القرآن، و لو تظاهروا وتعاونوا على ذلك، وهذا التحدي والدعاء هو لجميع الخلق، وهذا قد سمعه كل من سمع القرآن، و عرفه الخاص والعام، وعلم مع ذلك أنهم لم يعارضوه ولا أتوا بسورة مثله، ومن حين بعث وإلى اليوم، الأمر على ذلك مع ما علم من أن الخلق كلهم كانوا كفارا قبل أن يبعث، و لما بعث إنما تبعه قليل، و كان الكفار من أحرص الناس على إبطال قوله مجتهدين بكل طريق يمكن؛ تارة يذهبون إلى أهل الكتاب فيسألونهم عن أمور من الغيب حتى يسألوه عنها كما سألوه عن قصة يوسف وأهل الكهف وذي القرنين - كما تقدم -.
و تارة يجتمعون في مجمع بعد مجمع على ما يقولونه فيه، و صاروا يضربون له الأمثال فيشبهونه بمن ليس مثله لمجرد شبه ما، مع ظهور الفرق؛ فتارة يقولون: مجنون وتارة يقولون: ساحر وتارة يقولون: كاهن وتارة يقولون: شاعر، إلى أمثال ذلك من الأقوال التي يعلمون - هم وكل عاقل سمعها - أنها افتراء عليه.
فإذا كان قد تحداهم بالمعارضة مرة بعد مرة وهي تبطل دعوته، فمعلوم أنهم لو كانوا قادرين عليها لفعلوها؛ فإنه مع وجود هذا الداعي التام المؤكد - إذا كانت القدرة حاصلة - = وجب وجود المقدور، ثم هكذا القول في سائر أهل الأرض.
فهذا القدر يوجب علما بينا لكل أحد بعجز جميع أهل الأرض عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن بحيلة وبغير حيلة، وهذا أبلغ من الآيات التي يكرر جنسها كإحياء الموتى فإن هذا لم يأت أحد بنظيره)) (الجواب الصحيح 5/ 422 - 428).
و قال في موضع آخر: ((و القرآن معجز بلفظه ونظمه ومعناه، وإعجازه يعلم بطريقين: جملي وتفصيلي.
أما الجملي: فهو أنه قد علم بالتواتر أن محمد × ادعى النبوة، وجاء بهذا القرآن وأن في القرآن آيات التحدي والتعجيز؛ كقوله تعالى ?أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ? فتحداهم هنا أن يأتوا بمثله.
وقال في موضع آخر ?فليأتوا بعشر سور مثله مفتريات ?، وقال في موضع آخر ?فأتوا بسورة من مثله? وأخبر مع ذلك أنهم لن يفعلوا فقال ?وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداؤكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار? بل أخبر أن جميع الإنس والجن إذا اجتمعوا لا يأتون بمثله فقال ?قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ?.
وقد علم أيضا بالتواتر أنه دعا قريشا خاصة والعرب عامة، وأن جمهورهم في أول الأمر كذبوه وآذوه وآذوا الصحابة، وقالوا فيه أنواع القول مثل قولهم هو ساحر وشاعر وكاهن ومعلم ومجنون وأمثال ذلك.
وعلم أنهم كانوا يعارضونه، و لم يأتوا بسورة من مثله، وذلك يدل على عجزهم عن معارضته لأن الإرادة الجازمة لا يتخلف عنها الفعل مع القدرة. و معلوم أن إرادتهم كانت من أشد الإرادات على تكذيبه وإبطال حجته، و أنهم كانوا أحرص الناس على ذلك حتى قالوا فيه ما يعلم أنه باطل بأدنى نظر، و فيلسوفهم الكبير الوحيد ?فكر وقدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر?.
و ليس هذا موضع ذكر جزئيات القصص؛ إذ المقصود ذكر ما علم بالتواتر من أنهم كانوا من أشد الناس حرصا ورغبةً على إقامة حجة يكذبونه بها حتى كانوا يتعلقون بالنقض مع وجود الفرق؛ فإنه لما نزل ?إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ? عارضوه بالمسيح حتى فرق الله تعالى بينها بقوله ?إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ?وقال تعالى ?ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ?.
فمن عارضوا خبره بمثل هذا؛ كيف لا يدعون معارضة القرآن وهم لا يقدرون على ذلك (1)؟)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال: ((ثم انتشرت دعوته في أرض العرب ثم في سائر الأرض إلى هذا الوقت، وآيات التحدي قائمة متلوة، و ما قدر أحد أن يعارضه بما يظن أنه مثل.ولما جاء مسيلمة ونحوه بما أتوا به يزعمون أنهم أتوا بمثله، كان ما أتوا به من المضاحك التي لا تحتاج للمعرفة بانتفاء مماثلها إلى نظر.
وذلك كمن جاء إلى الرجل الفارس الشجاع ذي اللامة التامة فأراد أن يبارزه بصورة مصورة ربطها على الفرس، كقول مسيلمة: يا ضفدع بنت ضفدعين، كم تنقنقين لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين، رأسك في الماء وذنبك في الطين. وقوله أيضا: الفيل وما أدراك ما الفيل، له زلوم طويل إن ذلك من خلق ربنا الجليل، وأمثال ذلك.
ولهذا لما قدم وفد بني حنيفة على أبي بكر وسألهم أن يقرؤوا له شيئا من قرآن مسيلمة فاستعفوه، فأبى أن يعفيهم حتى قرأوا شيئا من هذا، فقال لهم الصديق: ويحكم، أين يذهب بعقولكم، إن هذا كلام لم يخرج من إِلٍّ، أي: من ربٍّ.
فاستفهم استفهام المنكر عليهم لفرط التباين وعدم الالتباس وظهور الافتراء على هذا الكلام، وأن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بمثل هذا الهذيان.
وأما الطرق فكثيرة جدا متنوعة من وجوه، وليس كما يظنه بعض الناس و أن معجزته من جهة صرف الدواعي عن معارضته، وقول بعضهم إنه من جهة فصاحته، وقول بعضهم من جهة إخباره بالغيوب إلى أمثال ذلك، فإن كلاّ من الناظرين قد يرى وجها من وجه الإعجاز، وقد يريد الحجر وإن لم ير غيره ذلك الوجه، واستيعاب الوجوه ليس هو مما يتسع له شرح هذه العقيدة)) (شرح العقيدة الأصفهانية ص 266 - 269).
و سيأتي نقل أقواله الكثيرة في هذا، وبعض تلك النقول في عشرات الصفحات، لولا الإطالة لنقلتها لأهميتها.
قال ابن القيم (1) في تفسير آيات التحدِّي: ((و من ذلك احتجاجه سبحانه على نبوة رسوله وصحة (2) ما جاء به من الكتاب وأنه من عنده وكلامه الذي يتكلم به وأنه ليس من صنعة البشر ولا من كلامهم بقوله: ?وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ? [البقرة23].
فأمر من ارتاب في هذا القرآن الذي نزله على عبده و أنه كلامه = أن يأتي بسورة واحدة مثله، وهذا يتناول أقصر سورة من سوره، ثم فسح له إن عجز عن ذلك أن يستعين بمن أمكنه الاستعانة به من المخلوقين.
وقال تعالى ? أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ? [يونس38].
وقال ?أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ? [هود13].
وقال ?أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين? [الطور34 – 33].
ثم أسجل سبحانه عليهم إسجالا عاما في كل زمان ومكان بعجزهم عن ذلك ولو تظاهر عليه الثقلان فقال ? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ? [الإسراء88]
فانظر أي موقع يقع من الأسماع والقلوب هذا الحجاج القاطع الجليل الواضح الذي لا يجد طالب الحق ومؤثره ومريده عنه محيدا ولا فوقه مزيدا ولا وراءه غاية، ولا أظهر منه آية ولا أصح منه برهانا ولا أبلغ منه بيانا)).
و قال في كتابه ((بدائع الفوائد)) (2): ((فلما قرر نوعي التوحيد انتقل إلى النبوة، فقال ? وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ? إن حصل لكم ريب في القرآن الكريم وصدق من جاء به وقلتم إنه مفتعل = فأتوا بسورة واحدة تشبهه، وهذا خطاب لأهل الأرض أجمعهم.
و من المحال أن يأت واحد منهم بكلام يفتعله ويختلقه من تلقاء نفسه، ثم يطالب أهل الأرض بأجمعهم أن يعارضوه في أيسر جزء منه يكون مقداره ثلاث آيات من عدة ألوف، ثم تعجز الخلائق كلهم عن ذلك حتى أن الذين راموا معارضته = كان ما عارضوه من أقوى الأدلة على صدقه، فإنهم أتوا بشيء يستحي العقلاء من سماعه ويحكمون بسماجته وقبح ركاكته وخسته.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهو كمن أظهر طيبا لم يشم أحد مثل ريحه قط وتحدى الخلائق ملوكهم وسوقتهم بأن يأتوا بذرة طيب مثله، فاستحى العقلاء وعرفوا عجزهم وجاء الحمقان بعذرة منتنة خبيثة، وقالوا: قد جئنا بمثل ما جئت به، فهل يزيد هذا ما جاء به إلا قوة وبرهانا وعظمة و جلالة.
و أكد تعالى هذا التوبيخ والتقريع والتعجيز بأن قال ?وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ? كما يقول المعجز لمن يدعي مقاومته: اجهد عليَّ بكل مَنْ تقدر عليه من أصحابك وأعوانك وأوليائك، ولا تبق منهم أحدا حتى تستعين به.
فهذا لا يقدم عليه إلا أجهل العالم و أحمقه و أسخفه عقلا؛ إن كان غير واثق بصحة ما يدعيه، أو أكملهم وأفضلهم وأصدقهم وأوثقهم بما يقوله، والنبي × يقرأ هذه الآية وأمثالها على أصناف الخلائق أميهم وكتابيهم وعربهم وعجمهم ويقول: لن تستطيعوا ذلك ولن تفعلوه أبدا، فيعدلون معه إلى الحرب والرضى بقتل الأحباب، فلو قدروا على الإتيان بسورة واحدة لم يعدلوا عنها إلى اختيار المحاربة و إيتام الأولاد و قتل النفوس والإقرار بالعجز عن معارضته.
وتقرير النبوة بهذه الآية له وجوه متعددة: هذا أحدها.
وثانيها: إقدامه هذا الأمر و إسجاله على الخلائق إسجالا عاما إلى يوم القيامة أنهم لن يفعلوا ذلك أبدا، فهذا لا يقدم عليه ويخبر به إلا عن علم لا يخالجه شك مستند إلى وحي من الله تعالى؛ و إلا فعلم البشر وقدرته يضعفان عن ذلك.
وثالثها: النظر إلى نفس ما تحدى به وما اشتمل عليه من الأمور التي تعجز قوى البشر على الإتيان بمثله، الذي فصاحته ونظمه وبلاغته فرد من أفراد إعجازه.
وهذا الوجه يكون معجزة لمن سمعه وتأمله وفهمه، وبالوجهين الأولين يكون معجزة لكل من بلغة خبره، ولو لم يفهمه ولم يتأمله، فتأمل هذا الموضع من إعجاز القرآن تعرف فيه قصور كثير من المتكلمين وتقصيرهم في بيان إعجازه وأنهم لم يوفوه عشر معشار حقه حتى قَصَر بعضهم الإعجاز على صرف الدواعي عن معارض0ته مع القدرة عليها، وبعضهم قصر الإعجاز على مجرد فصاحته وبلاغته، وبعضهم على مخالفة أسلوب نظمه لأساليب نظم الكلام، وبعضهم على ما اشتمل عليه من الإخبار بالغيوب، إلى غير ذلك من الأقوال القاصرة التي لا تشفي ولا تجدي.
وإعجازه فوق ذلك ووراء ذلك كله)).
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 07:50 ص]ـ
و بعد هذا البيان من هؤلاء الأئمة، أذكِّر بمسألة غير خفية؛ إلا أن التذكير بها في هذا الموطن مهم – كما سيأتي بيان ذلك في موضعه -، ألا وهي:
على ماذا كان اعتراض قريش؟
الجواب بلا عناء: كان كفار قريش معترضين على صحة دعوى نبوة محمد ×، و أن الذي جاء به هو كلام الله، و كذلك القول في كفار أهل الكتاب.
و الآيات المتقدمة واضحة الدلالة في هذا، فهم يدعون أن محمدا افترى هذا الكلام – وهو القرآن - و تقوَّله، و لهذا خاطبهم الله بالآيات السابقة، و أمر نبيه ×أن يقول لهم ذلك.
ثم أنبه إلى أمر دقيقٍ، قلَّ مَن يتفطن إليه، ألا و هو أنه شاع في تفاسير أهل العلم تفسير الألفاظ ذات المعاني الخاصة بالمعنى الأوسع دلالة منه، كما حصل عكسه من السلف في ذكر بعض أفراد العام دون بعض في اللفظ القرآني العام أو الذي له أكثر من معنى، فيظن من لا خبرة له أن المراد بذلك حصر التفسير في ذلكم المعنى المعيَّن، و هذا كما سبق و أن ذكرنا – فالمراد من تلكم التفسيرات تقريب المعنى.
و لهذا تجد أن ابن القيم في كلامه المنقول قبل، قال: " فأتوا بسورة واحدة تشبهه ".
ففسر المثل بالشبيه.
و قد سبق أن ذكرت أن من العلماء من يفسر المثل بالشبيه و الكفء و العدل و النظير و غيرها، مع علمهم بعدم ترادفها في المعنى.
و المشابهة أوسع دلالة من المماثلة.
فالمماثل مشابه و ليس كل مشابه مماثلا.
و لذلك نفى الله تعالى عن نفسه المثلية و لم ينف المشابهة، فقال سبحانه ? ليس كمثله شيء ?.
مع أن نفي التشبيه المفضي إلى التمثيل = منفي عن الله عز و جل، و لذلك جرى استعمال هذا اللفظ في كلام بعض السلف، و المراد منه تشبيه خاص لا مطلق التشبيه؛ لأن نفي مشابهة شيء لشيء آخر مطلقا = غير واقع، فما من شيئين إلا و بينهما قدر اشتباه.
(يُتْبَعُ)
(/)
و لهذا لما أراد شيخ الإسلام كتابة العقيدة لأهل واسط توخى فيها أن لا يذكر فيها إلا ما كان من ألفاظ الكتاب و السنة، فنفى التمثيل و لم يتطرق إلى التشبيه، و قال في المناظر ة المشهورة التي عقدت له لأجل ((الواسطية)): ((وقلت له أيضا: ذكرت في النفي التمثيل، و لم أذكر التشبيه؛ لأن التمثيل نفاه الله بنص كتابه حيث قال? ليس كمثله شيء? وقال ?هل تعلم له سميا ?وكان أحب إلي من لفظ ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله، وإن كان قد يعنى بنفيه معنى صحيحًا، كما قد يعنى به معنى فاسدًا)) المجموع 3/ 166.
و قال رحمه الله في معرض رده على من نفى الصفات الثابتة لله بدعوى لزوم التشبيه: (والتشبيه الممتنع على الله أن يشارك المخلوقات في شيء من خصائصها، و إن يكون مماثلا لها في شيء من صفاته) (المجموع 6/ 122).
و قال رحمه الله في بيان بديعٍ لهذه المسألة، و أن التشبيه لفظٌ فيه إجمال، كما قال غيره عن لفظ المثل: إن فيه إجمالا: (وسبب هذا الضلال أن لفظ ((التشبيه)) و ((التركيب)) لفظ فيه إجمال، وهؤلاء أنفسهم - هم وجماهير العقلاء - يعلمون أن ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك، ونفي ذلك القدر المشترك ليس هو نفس التمثيل، والتشبيه الذي قام الدليل العقلي والسمعي على نفيه،وإنما التشبيه الذي قام الدليل على نفيه ما يستلزم ثبوت شيء من خصائص المخلوقين لله سبحانه وتعالى إذ هو سبحانه: ? ليس كمثله شيء ? [الشورى: 11] ولا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
ولهذا اتفق جميع طوائف المسلمين وغيرهم على الرد على هؤلاء الملاحدة، وبيان أنه ليس كل ما اتفق شيئان في شيء من الأشياء يجب أن يكون أحدهما مثلا للآخر، ولا يجوز أن ينفى عن الخالق سبحانه كل ما يكون فيه موافقة لغيره في معنى ما؛ فإنه يلزمه عدمه بالكلية، كما فعله هؤلاء الملاحدة، بل يلزم نفي وجوده ونفي عدمه وهو غاية التناقض والإلحاد والكفر والجهل) (الدرء 3/ 67).
و قال: (والمشابهة من وجه لا تقتضي المماثلة في الذات والصفات والمقدار) الدرء 10/ 108.
و قال في الصفدية 1/ 99 - 102: (والمقصود هنا التنبيه على مجامع الأقوال ومنشأ الضلال حيث أخذوا لفظ التشبيه بمعنًى مشترك مجمل، فأرادوا نفيه بكل معنى من المعاني ومن المعلوم أنه ما من موجودين إلا و بينهما قدر يتفقان فيه، و إن كان المعنى الكلي المشترك وجوده في الأذهان لا في الأعيان فلا بد أن يكون بين أفراد الاسم العام الكلي نوع من المشابهة باعتبار اتفاقهما في ذلك المعنى العام، و هذا موضع غلط فيه كثير من الناس في أحكام الأمور الكلية التي تشتبه فيها أعيانها ... ) إلى قوله: (فيقال لهؤلاء: التشبيه الممتنع إنما هو مشابهة الخالق للمخلوق في شيء من خصائص المخلوق، أو أن يماثله في شيء من صفات الخالق، فإن الرب تعالى منزه عن أن يوصف بشيء من خصائص المخلوق أو أن يكون له مماثل في شيء من صفات كماله، و كذلك يمتنع أن يشاركه غيره في شيء من أموره بوجه من الوجوه، بل يمتنع أن يشترك مخلوقان في شيء موجود في الخارج، بل كل موجود في الخارج فإنه مختص بذاته وصفاته القائمة به، لا يشاركه غيره فيها ألبتة .... )، و فيها: (و ليس مطلق الموافقة في بعض الأسماء والصفات الموجبة نوعا من المشابهة = تكون مقتضية للتماثل والتكافؤ، بل ذلك لازم لكل موجودين، فإنهما لا بد أن يتفقا في بعض الأسماء والصفات، و يشتبها من هذا الوجه، فمن نفى ما لا بد منه = كان معطلا، ومن جعل شيئا من صفات الله مماثلا لشيء من صفات المخلوقين = كان ممثلا، والحق هو نفي التمثيل ونفي التعطيل، فلا بد من إثبات صفات الكمال المستلزمة نفى التعطيل ولا بد من إثبات اختصاصه بما له على وجه ينفي التمثيل.
ولكن طائفة من الناس يجعلون التمثيل والتشبيه واحدا ويقولون: يمتنع أن يكون الشيء يشبه غيره من وجه ويخالفه من وجه، بل عندهم كل مختلفين كالسواد والبياض فإنهما لم يشتبها من وجه، وكل مشتبهين كالأجسام عندهم يقولون بتماثلها، فإنها مماثلة عندهم من كل وجه لا اختلاف بينهما إلا في أمور عارضة لها.
... وأما جمهور الناس فيقولون: إن الشيء قد يشبه غيره من وجه دون وجه، وهذا القول هو المنقول عن السلف والأئمة .. ) إلى آخر كلامه و هو نفيس يحسن الوقوف عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
و هذه المسألة – أعني مسألة الألفاظ المجملة و منها لفظ التشبيه - لشيخ الإسلام ابن تيمية بها اعتناء ظاهر، يظهر لكل من له عناية بمصنفاته رحمه الله.
يتبع ..............
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 09:19 ص]ـ
نقض ما توصل إليه الدكتور سعيد جمعة
قبل بيان أوجه بطلان ما توصل إليه الدكتور الفاضل يحسن بي التنبيه إلى مسألتين مهمتين تطرق غليهما الدكتور:
الأولى: هي الفرق بين التحدي و الإعجاز، فأقول: الإعجاز هو أثر التحدي، فهو نتيجة له، فالتحدي كان بالإتيان بمثل القرآن أو بعضه، فلما لم يفعلوا = حصل العجز منهم و هو الإعجاز.الثاني: أن لفظ الإعجاز و المعجزة لم يأت في كتاب الله و لا في سنة النبي ×، و قد أفاض الكلام فيها شيخ الإسلام في كتابه العظيم " النبوات "، و بين أن الله سماها آيات و براهين و بينات، قال رحمه الله: (والآيات والبراهين الدالة على نبوة محمد كثيرة متنوعة وهي أكثر وأعظم من آيات غيره من الأنبياء ويسميها من يسميها من النظار معجزات وتسمى دلائل النبوة وأعلام النبوة.
وهذه الألفاظ إذا سميت بها آيات الأنبياء كانت أدل على المقصود من لفظ المعجزات ولهذا لم يكن لفظ المعجزات موجودا في الكتاب والسنة وإنما فيه لفظ الآية والبينة والبرهان) (الجواب الصحيح 5/ 412).
ثم أقول: إذا تبيين للقارئ معنى التحدي المراد من الآيات، و وجه اعتراض المشركين، و المراد بالمثلية في اللغة و الشرع = تبين له بطلان النتيجة التي توصل إليها الأخ الكريم الدكتور سعيد، و هي أن مناط التحدي في الإتيان بكلام من عند الله، كما أن محمدا جاء بكلام من عند الله، و ذلك في أوجه:
أولا: أن هذا التفسير الذي قال به الدكتور الفاضل = غير مقبول عقلا، فضلا عن الشرع، فالدعوى هي نبوة محمد ×، و المشركون يرفضون نبوته و يطعنون فيما جاء به بأنه كلام افتراه و تقوله، فكيف يتحداهم بما طالبوا إقامة الدليل عليه، هذه مصادرة على المطلوب، و يلزم منها الدور، و هو باطل عقلا، فلو قال مشرك للنبي × جدلا على تفسيركم: دعواك أن هذا الكلام من عند الله = محض دعوى عارية عن البرهان، فما برهانك على صحة دعواك؟، فقال له: إيت بسورة من عند الله – على تفسيركم للمثلية – فسيقول المشرك: هذا مصادرة على المطلوب، فأنا لم أدع ذلك حتى أطالب بأن آتي بكلام أنسبه إلى الله، فالمطالب بذلك هو المدعي، و هذا بين.
فالقائل:إن كلامي هذا من عند الله هو قائل بنوته و انه نبي الله.
و الدكتور بقوله هذا جعل الدعوى – دعوى النبوة - جزءا من الدليل، كما فعل الأشاعرة في تعريفهم للمعجزة.
و هذا القول قال عنه شيخ الإسلام إنه خلاف الكتاب و الإجماع؛ بل خلاف قول العقلاء جميعا.
فالمعارضة على رأي الدكتور لا تكون إلا مقترنة بدعوى النبوة و هي أنه كلام من عند الله، قال شيخ الإسلام في النبوات 1/ 538: (فلو أتوا بمثل القرآن من غير دعوى النبوة لم يكونوا عارضوه وهذا خلاف ما في القرآن وخلاف ما أجمع المسلمون بل العقلاء).
ثانيا: يقال للدكتور الفاضل: لو كان مناط التحدي في المثلية هو نسبة ذلك إلى الله = فلم افترق القرآن عن باقي الكتب السماوية، لم كان التحدي بالقرآن خاصا بمحمد دون باقي الأنبياء؟ مع أنهم شاركوه في أصل التلقي بالوحي؟؟
كان المفترض على رايكم أن تتساوى الكتب السماوية في ذلك، و أن يتحدى كل نبي قومه بما أوحي إليه!!
و كلام رسول الله بين في هذا، قال ×: " ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " و الحديث في الصحيحين.
فالتوراة و الإنجيل و الزبور كذلك من الوحي المنزل، لكن لم يتحد بها، فلم إذًا خصه الله بالتحدي دون باقي آياته الأخرى.
قال ابن تيمية: (بل لم ينقل عنه التحدي إلا في القرآن خاصة ولا نقل التحدي عن غيره من الأنبياء مثل موسى والمسيح وصالح) النبوات 1/ 541.
(يُتْبَعُ)
(/)
و قال رحمه الله 2/ 793 - 794 في رده على الأشاعرة في تعريفهم اشتراطهم للمعجزة دعوى النبوة: (منها: أنهم جعلوا المدلول عليه وهو إخبار النبي بنبوته وشهودها وثبوتها جزءا من الدليل) و قال: (وأيضا فإن عامة معجزات الرسول لم يكن يتحدى بها ويقول: ائتوا بمثلها، والقرآن إنما تحداهم لما قالوا: إنه افتراه، ولم يتحدهم به ابتداء وسائر المعجزات لم يتحد بها، وليس فيما نقل تحد إلا بالقرآن؛ لكن قد علم أنهم لا يأتون بمثل آيات الانبياء).
و على قول الدكتور الفاضل: لو كان القرآن نزل على قلب محمد و تحداهم على أن يأتوا بمثله من غير دعواه النبوة = لأمكن الإتيان بمثله؛ إذ لم ينسبه إلى الله و لم يدع نبوة بعدُ.
و هذا من أبطل الباطل، و لذا كان هذا القول هو سبب ضلال طوائف كثيرة في باب النبوة، و قد أفاض شيخ الإسلام في نقض شبهاتهم في كتابه العظيم النبوات، فارجع إليه؛ فإنه لولا خشية الإطالة لنقلت لك ما يظهر لك تطابق القولين.
يقول الجويني و هو من أئمة الأشاعرة: (إن المعجزة لا تدل لعينها و إنما لتعلقها بدعوى النبي و الرسالة) الإرشاد ص 319
و قال الشهرستاني: (إذا لم يدع الكاذب النبوة فلا محذور و لا مانع من ظهور الخوارق) نهاية الإقدام ص 434.
و لذلك عندهم يقع من الساحر و الكاذب و الدجال ما يقع من يقع من الأنبياء و أكثر إلا أنها من غير اقتران بدعوى النبوة.
قال ابن تيمية):و لهذا يقيم أكابر فضلائهم مدة يطلبون الفرق بين المعجزات و السحر فلا يجدون فرقا؛ إذ لا فق عندهم في نفس الأمر) النبوات 2/ 798.
بل قال أيضا في معرض بيام معتقد الأشاعرة: (الوجه الثالث: المعارضة بالمثل: أن يأتي بحجة مثل حجة النبي.
وحجته عندهم - أي الأشاعرة - مجموع دعوى النبوة والاثبات بالخارق، فيلزم على هذا أن تكون المعارضة بأن يدعي غيره النبوة ويأتي بالخارق وعلى هذا فليست معارضة الرسول بأن يأتوا بالقرآن أو عشر سور أو سورة بل أن يدعي أحدهم النبوة ويفعل ذلك وهذا خلاف العقل والنقل.
ولو قال الرسول لقريش: لا يقدر أحد منكم أن يدعي النبوة ويأتي بمثل القرآن وهذا هو الآية، وإلا فمجرد تلاوة القرآن ليس آية بل قد يقرأه المتعلم له فلا تكون آيه لأنه لم يدع النبوة ولو ادعاها لكان الله ينسيه إياه أو يقيض له من يعارضه كما ذكرتم لكانت قريش وسائر العلماء يعلمون أن هذا باطل) النبوات 1/ 490.
يتبع ......................
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 10:23 ص]ـ
ثالثا: يقال على تفسيركم للمثلية هنا، لم تتبعوا فيها المعاني اللغوية التي تطلق عليها المثلية، فلا أعرف أحدا سبقكم إلى تفسيركم المذكور، و فسر المثلية هنا، بوحدة المصدر و المنشأ.
فلا السياق القرآني في الآيات يدل عليه، و لا الدلالة اللغوية لكلمة المثل.
فالسياق القرآني بين واضح جلي، فالمشركون يقولون عن اللفظ القرآني المتلو عليهم: إنه مفترى، و هو قول محمد×، فالاعتراض على شيء ظاهر و هو القرآن، فهم لا يسلمون للنبي أنه كلام الله، فجاءت الآيات مطالبة إياهم بالإتيان بمثله، أي: بكلام مثله.
فالمثلية هنا في الكلام لا في المصدر، و هذا لا يختلف فيه.
و قد سقت كلام أئمة التفسير بما لا مجال لإعادته.
رابعا: معلوم أن دعوى النبوة هي محل اعتراض المشركين، و المدعي مطالب بإقامة الحجة عليها لا العكس.
و المسألة هكذا صورتها: حصلت دعوى الرسول في رسالته و نبوته، ثم جاءت المطالبة من المشركين له بإثبات ذلك، فجاء بالدليل المبرهن و المبين لصحة نبوته، وهو القرآن، فكذبوا الدليل: و أن الكلام هو كلامه اختلقه و افتراه، وليس كلام الله، فحينئذ جاء التحدي بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بعضه، فلو كان هذا بمقدور البشر، فليستعينوا بمن شاؤوا من الجن والإنس، فلم يفعلوا و هذا كافٍ في إثبات نبوته فكيف إذا انضاف إلى هذا الإخبار بأنهم لن يفعلوا في المستقبل؛ " فهذا لا يقدم عليه ويخبر به إلا عن علم لا يخالجه شك مستند إلى وحي من الله تعالى ".
قال شيخ الإسلام: (وهؤلاء جعلوا من جملة الدليل:دعوى النبوة،والاحتجاج به، والتحدي بالمثل:ثلاثة أشياء، وهذه الثلاثة هي أجزاء الدليل.
ودعوى النبوة هو الذي تقام عليه البينة والذي تقام عليه الحجة ليس هو جزءا من الحجة) النبوات 1/ 542.
خامسا: لو كان التحدي محصورا في دعوى النبوة و أنه كلام من عند الله لكان كافيا في إثبات عجزهم =التحدي بآية واحدة.فلو قرأ عليهم آية من كتاب الله و نسبها إلى الله و تحداهم في الإتيان بمثلها من عند الله لكان كافيا في إثبات عجزهم على حد تفسيركم المذكور، فلما لم يحصل ذلك = دل على بطلان تفسيركم للمثلية بمثلية الوحي.
سادسا: أن التفسير المذكور منكم يلزم منه أن لا يكون القرآن معجزا في نفسه؛ لأن قولكم بالإعجاز تابع لتفسيركم لمناط التحدي، و ما ذكرتموه من أنكم تقولون بالإعجاز ينافي تفسيركم لمناط التحدي، فعل أيِّ شيء بنيتم إعجازه ما دمتم لا ترون التحدي في نفس الكلام، بل في مصدره و هو الوحي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 05:15 م]ـ
سابعا: أن محل التحدي جاء مصرحا – كما أشرت قبل – في الآيات بأنه في القرآن، فقال تعالى? وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين?.
فالمشار إليه في الآيات هو هذا القرآن، و طلب الإتيان بالمثل = كان به كلِّه، أو بسور أو بسورة منه، و كلها دالة على المماثلة في شيء ظاهر لا شيء خفي، ثم إنه طالبهم بالاستعانة في ذلك بمن يستطيعون، و في هذا دلالة على أن مثله ليس في مقدور فرد معارضته؛ و لا كذلك في مقدور جميع الثقلين؛ و لو كان التحدي في دعوى نسبته إلى الله = لكان هذا مقدورا لكل أحد، كما فعل مسليمة الكذاب.
فصنيعه منتقض – مع أنه نسبه إلى الله – لكن لم يكن أبدا مثل كلام الله في لفظه و معناه و نظمه، و لهذا كانت عبارة الصديق دقيقة المعنى و اللفظ حيث قال: ((إن هذا كلام لم يخرج من إِلٍّ، أي: من ربٍّ)).
و لم يقل: لم ينسبه إلى الله، أو لم يدع أنه كلام الله؛ لأن الواقع يدل على خلافه، و أن مسليمة زعم أنه وحي من الله إليه.
تلكم هي أوجه بطلانه، و هناك غيرها، لكن فيما ذكرت كفاية.
و قبل الختام أسلط الضوء عن بيان مواقع الإعجاز في الكلام الإلهي الخالد
فأقول: إن العلماء المتقدمين منهم و المتأخرين لما خاضوا في غمار البحث عن موقع الإعجاز في كتاب الله إنما كان دافعهم إلى ذلك معرفة ما الذي أعجز الكفار بل الثقلين عن الإتيان بمثل كلام الله.
فإنه لما جاء التحدي الإلهي في الإتيان بمثل سورة من كلامه أو سور منه أو بمثله كله = عجزت الخليقة كلها – وحق لها أن تعجز؛ لأن المتحدى به هو كلام الله – حينئذ لجأ العلماء إلى البحث في أثر هذا التحدي و محله في كتاب الله.
و هي المميزات التي تميز بها هذا الكلام الإلهي و خالف بها سائر الكلام.
و لقد وقفت على كلام كثير لشيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم في قضية الإعجاز و مواقعه في كتاب الله =رأيت أنه يحسن بي سياقها.
قال شيخ الإسلام: ((وكون القرآن أنه معجزة ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم على معارضته فقط، بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة:
1 - من جهة اللفظ، 2 - ومن جهة النظم 3 - ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى 4 - ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك
5 – و من جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل 6 - ومن جهة ما أخبر به عن المعاد 7 - ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية والأقيسة العقلية التي هي الأمثال المضروبة كما قال تعالى ? ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا? و قال تعالى? ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا? وقال ?ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون?.
و كل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن هو حجة على إعجازه ولا تناقض في ذلك، بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له.
ومن أضعف الأقوال قول من يقول من أهل الكلام إنه معجز بصرف الدواعي مع تمام الموجب لها أو بسلب القدرة التامة أو بسلبهم القدرة المعتادة في مثله سلبا عاما مثل قوله تعالى لزكريا ?آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا? و هو أن الله صرف قلوب الأمم عن معارضته مع قيام المقتضي التام؛ فإن هذا يقال على سبيل التقدير والتنزيل، وهو أنه إذا قدر أن هذا الكلام يقدر الناس على الإتيان بمثله فامتناعهم جميعهم عن هذه المعارضة مع قيام الدواعي العظيمة إلى المعارضة = من أبلغ الآيات الخارقة للعادات بمنزلة من يقول: إني آخذ أموال جميع أهل هذا البلد العظيم وأضربهم جميعهم وأجوِّعهم وهم قادرون على أن يشكوا إلى الله أو إلى ولي الأمر وليس فيهم مع ذلك من يشتكي = فهذا من أبلغ العجائب الخارقة للعادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو قدِّر أن واحدا صنف كتابا يقدر أمثاله على تصنيف مثله أو قال شعرا يقدر أمثاله أن يقولوا مثله وتحداهم كلهم فقال: عارضوني وإن لم تعارضوني فأنتم كفار مأواكم النار ودماؤكم لي حلال = امتنع في العادة أن لا يعارضه أحد، فإذا لم يعارضوه = كان هذا من أبلغ العجائب الخارقة للعادة.
والذي جاء بالقرآن قال للخلق كلهم: أنا رسول الله إليكم جميعا، ومن آمن بي دخل الجنة ومن لم يؤمن بي دخل النار، وقد أبيح لي قتل رجالهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم ووجب عليهم كلهم طاعتي، ومن لم يطعني كان من أشقى الخلق، ومن آياتي هذا القرآن، فإنه لا يقدر أحد على أن يأتي بمثله، و أنا أخبركم أن أحدا لا يأتي بمثله.
فيقال: لا يخلو؛ إما أن يكون الناس قادرين على المعارضة أو عاجزين.
فإن كانوا قادرين ولم يعارضوه، بل صرف الله دواعي قلوبهم ومنعها أن تريد معارضته مع هذا التحدي العظيم أو سلبهم القدرة التي كانت فيهم قبل تحديه - فإن سلب القدرة المعتادة أن يقول رجل: معجزتي أنكم كلكم لا يقدر أحد منكم على الكلام ولا على الأكل والشرب فإن المنع من المعتاد كإحداث غير المعتاد - = فهذا من أبلغ الخوارق.
و إن كانوا عاجزين =ثبت أنه خارق للعادة.
فثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات، فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر.
فهذا غاية التنزل؛ وإلا فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما قد أخبر الله به في قوله ? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا?.
وأيضا فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة، لكنهم يحسون من أنفسهم العجز عن المعارضة ولو كانوا قادرين لعارضوه.
وقد انتدب غير واحد لمعارضته لكن جاء بكلام فضح به نفسه وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله؛ مثل قرآن مسيلمة الكذاب، كقوله: " يا ضفدع بنت ضفدعين نقِّي كم تنقين، لا الماء تكدرين، ولا الشارب تمنعين، رأسك في الماء وذنبك في الطين).
وكذلك أيضا يعرفون أنه لم يختلف حال قدرتهم قبل سماعه وبعد سماعه، فلا يجدون أنفسهم عاجزين عما كانوا قادرين عليه، كما وجد زكريا عجزه عن الكلام بعد قدرته عليه).
و قال: (وليس في العلوم المعتادة أن يعلم الإنسان أن جميع الخلق لا يقدرون أن يأتوا بمثل كلامه إلا إذا علم العالم أنه خارج عن قدرة البشر والعلم بهذا يستلزم كونه معجزا، فإنا نعلم ذلك وإن لم يكن علمنا بذلك خارقا للعادة، ولكن يلزم من العلم ثبوت المعلوم و إلا كان العلم جهلا = فثبت أنه على كل تقدير يستلزم كونه خارقا للعادة.
وأما التفصيل، فيقال:
نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة، و لم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب، فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز ولا الخطابة ولا الرسائل، ولا نظمه نظم شيء من كلام الناس: عربهم وعجمهم.
و نفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة، ليس له نظير في كلام جميع الخلق، وبسط هذا وتفصيله طويل، يعرفه من له نظر وتدبر.
ونفس ما أخبر به القرآن في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته = أمرٌ عجيب خارق للعادة، لم يوجد مثل ذلك في كلام بشر لا نبي ولا غير نبي.
وكذلك ما أخبر به عن الملائكة والعرش والكرسي والجن وخلق آدم وغير ذلك، و نفس ما أمر به القرآن من الدين والشرائع كذلك، و نفس ما أخبر به من الأمثال وبينَهُ من الدلائل هو أيضا كذلك.
و من تدبر ما صنفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية والخلقية والسياسية - وجد بينه وبين ما جاء في الكتب الإلهية: التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء = وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم مما بين لفظه ونظمه، و بين سائر ألفاظ العرب ونظمهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه، وجميع عقلاء الأمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه وما في التوراة والإنجيل: - ولو قدر أنه مثل القرآن - لا يقدح في المقصود؛ فإن تلك كتب الله أيضا، ولا يمتنع أن يأتي نبي بنظير آية نبي، كما أتى المسيح بإحياء الموتى، وقد وقع إحياء الموتى على يد غيره، فكيف وليس ما في التوراة والإنجيل مماثلا لمعاني القرآن؛ لا في الحقيقة ولا في الكيفية ولا الكمية؟
بل يظهر التفاوت لكل من تدبر القرآن وتدبر الكتب.
وهذه الأمور من ظهرت له من أهل العلم والمعرفة ظهر له إعجازه من هذا الوجه.
ومن لم يظهر له ذلك اكتفى بالأمر الظاهر الذي يظهر له ولأمثاله؛ كعجز جميع الخلق عن الإتيان بمثله مع تحدي النبي وإخباره بعجزهم؛ فإن هذا أمر ظاهر لكل أحد.
ودلائل النبوة من جنس دلائل الربوبية، فيها الظاهر البين لكل أحد كالحوادث المشهودة مثل خلق الحيوان والنبات والسحاب وإنزال المطر وغير ذلك وفيها ما يختص به من عرفه مثل دقائق التشريح ومقادير الكواكب وحركاتها وغير ذلك، فإن الخلق كلهم محتاجون إلى الإقرار بالخالق والإقرار برسله وما اشتدت الحاجة إليه في الدين والدنيا فإن الله يجود به على عباده جودا عاما ميسرًا .... ) الجواب الصحيح 5/ 428 - 435.
و انظر ما قبله أيضا في الجواب: 5/ 408 - 411.
وقال: (وهذا التحدي والتعجيز ثابت في لفظه ونظمه ومعناه كما هو مذكور في غير هذا الموضع) (المجموع 33/ 42 - 43).
و قال في النبوات: (و القرآن آيته باقية على طول الزمان من حين جاء به الرسول تتلى آيات التحدي به ويتلى قوله ?فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ?و ?فأتوا بعشر سور مثله ?و ?بسورة مثله ... ? و يتلى قوله ?قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ? فنفس إخبار الرسول بهذا في أول الأمر وقطعه بذلك مع علمه بكثرة الخلق = دليل على أنه كان خارقا يعجز الثقلين عن معارضته، وهذا لا يكون لغير الأنبياء، ثم مع طول الزمان، قد سمعه الموافق والمخالف والعرب والعجم، وليس في الأمم من أظهر كتابا يقرأه الناس، وقال: إنه مثله، وهذا يعرفه كل أحد، وما من كلام تكلم به الناس و إن كان في أعلى طبقات الكلام لفظًا ومعنى إلا وقد قال الناس نظيره و ما يشبهه و يقاربه سواء كان شعرا أو خطابة أو كلاما في العلوم والحكمة والاستدلال والوعظ والرسائل وغير ذلك وما وجد من ذلك شيء إلا و وُجد ما يشبهه ويقاربه.
والقرآن مما يعلم الناس عربهم و عجمهم أنه لم يوجد له نظير، مع حرص العرب وغير العرب على معارضته؛ فلفظه آية ونظمه آية وإخباره بالغيوب آية وأمره ونهيه آية ووعده ووعيده آية وجلالته وعظمته وسلطانه على القلوب آية.
وإذا ترجم بغير العربي = كانت معانيه آية، كل ذلك لا يوجد له نظير في العالم.
و إذا قيل: إن التوراة والإنجيل والزبور لم يوجد لها نظير أيضا لم يضرنا ذلك؛ فإنا قلنا إن آيات الانبياء لا تكون لغيرهم، وإن كانت لجنس الأنبياء كالإخبار بغيب الله، فهذه آية يشتركون فيها ... ) النبوات 1/ 515 - 517 و انظر باقيه فهو مهم.
و في الختام
لقد تبين بجلاء تام أن دعوى أن مناط التحدي كان في مصدر الكلام وهو الوحي و التنزيل = دعوى عارية عن البرهان، مخالفة للمعقول و المنقول، بل مخالفة – كما قال شيخ الإسلام – لإجماع العقلاء.
و للأسف الشديد فإن هذه الدعوى تصدر عن قول الأشاعرة و الماتريدية في تعريفهم للإعجاز و المعجزة، و ينتج عنها من الباطل ما لا يوصف، و قد ذكر شيخ الإسلام و غيره أن لازم القول بما تقوله الأشاعرة في الباب = نفي النبوة، والله المستعان.
هذا، و الله أسأل لي و لإخواني المسلمين التوفيق لما فيه خير الإسلام و المسلمين، والحمد لله رب العالمين و صلواته و سلامه على سيدنا محمد و على آله و صحبه.
و كتب أبو تيمية إبراهيم بن شريف الميلي – عفا الله عنه و عن والديه و جميع المسلمين -
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[16 May 2005, 05:20 م]ـ
و هذا التعقيب على ملف وورد.
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[16 May 2005, 06:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن اعتراضاتك يا سيدي (ابن تيمية) اعتراضات وجيهة وتتطلب منى بعض التريث للإجابة عنها أو الموافقة عليه
والله يهدينا إلى سواء الصراط
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[17 May 2005, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم ابن تيمية حفظه الله وسدد خطاه وجمعنا به في مستقر رحمته
سعدت كثيرا بكلامك وحرصك على بيان وجهة نظرك التي أحترمها وأقدرها، واسمح لى ببعض النقاش والله تعالي يهدينا إلى ما يرضيه.
فبي البداية شغلتني كثيرا أيها الأخ الكريم بالنقول التى أخشى على القاريء من العزوف عن باقي الكلام بسببها مع أنك في ختام كلامك قلت كلاما جيدا لكن كثرة النقول أرهقتني أنا فما بال الأخوة الكرام الذين يتابعون هذا النقاش؟
وعلى كل حال أود أن أقول لك لم هذا الجهد في تعريف المثلية وهو أمر موجود باستفاضة في البحث؟
ولم نقلتم كلام ابن جرير في جميع الآيات وكان يكفي آية واحدة لنتبين رأيه في الأمر؟
وعلى كل حال فإنني أعيد عليك كلام شيخ المفسرين ابن جرير لأنني في الواقع ظننت أنك تستشهد به لرأيي وليس لرأيك وانظر إلى هذا يقول: (وإن كنتم في ريب أيه المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين مما نزلنا على عبدنا محمد من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي وأني الذي أنزلته إليه فأتوا بحجة تدفع حجته)
هل لاحظت هذا الكلام؟؟؟؟
أعيد عليك (أنه من عندي وأني الذي أنزلته)
ومرة ثالثة: (أنه من عندي وأني الذي أنزلته)
هل هذا دليل لك أم لي؟
ياسيدي إن كل رسول يحمل معه دليلا من المرسل يشهد على أنه مبعوث من عنده.
ولو افترضنا أن ملكا من الملوك أرسل مبعوثا له إلى قوم وبعث معه بخاتمه دليلا على صدق هذا الرسول فكذبه الناس فقال هذا خاتمه معى دليل على صدقي فقالوا هذا خاتمك أنت فقال لهم إيتوا بخاتم مثله.
هل يعقل عندها ان ننسى كل شيء ونظل نتحدث عن الخاتم وجماله وبهائه وننسى أنه خاتم الملك؟ ورحم الله الصديق الذي استشهدت بكلامه حيث قال " هذا كلام لايخرج من إل يعني من رب) فما وصف الكلام ببيان ولافصاحة وإنما بنسبته إلى الرب؟
فلماذا نحور الكلام ونقرأه كما نريد وليس كما يدل؟
وحقيقة ياعزيزي نقولك الكثيرة التي أرهقتني في متابعتها لم تلبث أن ختمتها بجملة من الأسئلة كنت أود أن تكتفي بها.
وهي أسئلة وجيهة واعتراضات لها من البهاء ما يقويها ولذلك سأجيب عنها في هدوء وسأوجز حتى لايمل القارئ الكلام ولا تضيع منه الخيوط.
سؤالك الأول تقول فيه: لو قال مشرك للنبي صلي الله عليه وسلم جدلا: دعواك أن هذا الكلام من عند الله محض دعوى عارية عن البرهان فما برهانك على صحة دعواك.؟
الجواب ياسيدي موجود في القرآن فانتظام القرآن وعدم اختلافه هو الجواب واسمع إلى ربك وهو يقول (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82)
ثم جواب آخر وهو أنه كلام لايشبه كلام البشر، كما قال ابن كثير – رحمه الله –
وسؤالك الثاني: لو كان مناط التحدي في المثلية هو نسبة القرآن إلى الله تعالى فلم افترق القرآن عن باقي الكتب السماوية؟
والجواب هو: ان الله تعالى أراد ذلك وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يوضح ذلك والذي فيه " وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي وأرجو أن اكون اكثرهم تابعا "
ولا يمكن لنا أن نسأل لم كانت معجزة موسى العصا وليست التوراة أو ليست الطب؟
فتلك مشيئة الله تعالى ولا تعقيب على مشيئته،يصطفي من المعجزات ماشاء، والقول بأن العرب أهل فصاحة وبلاغة يعيدنا إلى السؤال القديم وهل التحدي كان خاصا بهم؟
وسؤالك الثالث: تقول فيه إن المثلية في الكلام فكيف نجعلها للمصدر؟
وأنا أقول لك إنني متفق معك فى أن المثلية المتحدى بها في الكلام لكنني أزيد عليه هل هو أي كلام أم الكلام المنسوب لله تعالى؟
ولا أتصور عقلا فصل القرآن الكريم عن قائله سبحانه، وهل يتصور بشر أن القرآن الكريم يمكن قراءته او النظر إليه أو تدبره في معزل عن قائله سبحانه.
أما سؤالك الرابع: لو كان التحدي محصورا في دعوى النبوة وأنه كلام من عند الله تعالى لكان كافيا في إثبات عجزهم التحدي بآية واحدة.
وهذا صحيح وكذلك لو أريد إثبا ت نبوة موسى عليه السلام لكان يكفي معجزة واحدة وكل نبي يكفيه معجزة واحدة ولكن شاء الله تعالى إجراء المعجزات تترى كما تحدي بسورة وعشر والقرآن كله.
أما سؤالك الخامس والذي تقول فيه: على أي شئ بنيتم الإعجاز مادمتم لاترون التحدي في نفس الكلام؟
فكلام في مغالطة فأنا لا أنفي شيئا من إعجاز القرآن فكل مافي القرآن ياقوم معجز والتحدي في نفس الكلام لكن هذا الكلام ليس مفصولا عن قائله.
هل هذا الكلام صعب؟
لافصل ياقوم بين هاتين الكلمتين (كلام) (الله) ولا بد ان ينظر إليهما جملةً فهما كلمة واحدة.
وتقبل تحياتي وتقديري وحبي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[17 May 2005, 08:05 ص]ـ
أخي الفاضل الدكتور سعيد نفع الله بك
أولا: أشكركم على هذا الخلق الكريم الذي تناقشون به الموضوع.
و ثانيا: تصحيحا للكنية التي أكنى بها، فأخوكم أبو تيمية لا ابن تيمية و أين الثرى من الثريا؟ رحم الله شيخ الإسلام.
...........................
و إجابة عما ذكرتم، أقول:
بخصوص النقول الكثيرة التي ذكرت، فأنا قد بينت أول المشاركة أنني سأجعلها على مراحل لألا يحصل الملل من قراءتها، ثم أقوم بجمعها في ملف وورد، و قد وفيت بذلك و الحمد لله.
فالملف الآن على الوورد، و لمواضع المهمة من تلك النقول قد علمت عليها بالألوان: الأحمر و الأزرق و غيرهما.
فالأمر سهل إن شاء الله
ثم كان الغرض من تلكم النقول، أمرين:
الأول: كونها تضمنت الإجابة عما أثير من شبه في مسألتنا هذه، و فيها الاعتراض على جميع ما ذكرت كما بينته جليا في مبحث نقض ذلكم الاستنتاج.
و الثاني: أنني حرصت على سياق كلام الأئمة ذوي العقول الراجحة و الفهوم الثاقبة لرجحانها على عقولنا و فهومنا في الجملة، و مهما كانت عباراتي في البيان و الإيضاح فلن تكون مكافئة لبيانهم و لا قريبة من ذلك.
إضافة إلى أنني كما أشرت أول البحث: أنني أعتذر عن تحرير النقول لانشغالي الشديد هذه الأيام.
...........
بخصوص تعريفي للمثلية، فالداعي لذلك عدم وضوحها في مبحثكم، و لأنني لمست فيها بعض الاضطراب، و قد أشار إلى هذا الدكتور جمال في مشاركته.
هذا أولا، و ثانيا بيان موطن الخلل في تفسيركم للمثلية في الآية بناء على المعنى اللغوي.
و النقول عن ابن جرير كانت لغرض بينته و هو بيان معاني آيات التحدي، و المراحل التي مرت بها.
و ذلك لأبني كلامي في النقض عليها، ولم أكتف بتفسير آية واحدة لأن النتيجة منبنية على فهمكم للآيات جميعا، و كذلك فعلتم في مبحثكم فلم تقتصروا على واحدة.
و القارئ الآن بوسعه النظر في كلام الأئمة المقتدى بهم في الدين و الفهم.
قلتم حفظكم الله: (وعلى كل حال فإنني أعيد عليك كلام شيخ المفسرين ابن جرير لأنني في الواقع ظننت أنك تستشهد به لرأيي وليس لرأيك وانظر إلى هذا يقول: (وإن كنتم في ريب أيه المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين مما نزلنا على عبدنا محمد من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي وأني الذي أنزلته إليه)
هل لاحظت هذا الكلام؟؟؟؟
أعيد عليك (أنه من عندي وأني الذي أنزلته)
ومرة ثالثة: (أنه من عندي وأني الذي أنزلته)
هل هذا دليل لك أم لي؟)
أقول: و الله لا أدري كيف استدللتم بهذا الكلام، فأين ما قلتم مما قال ابن جرير هنا، و اقرأ كلامه كله الذي لم تذكروه، فهو يقول: (وإنما عنى ائتوا بسورة من مثله في البيان؛ لأن القرآن أنزله الله بلسان عربي، فكلام العرب لا شك له مثل في معنى العربية، فأما في المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين فلا مثل له من ذلك الوجه ولا نظير ولا شبيه)
و الغريب أنكم وفقكم الله صرتم تتمسكون بكل عبارة فيها من عند الله أو من عندي، و هل يختلف أحد في أن القرآن = كلام الله، و أنه من عند الله و أن المشركين اعترضوا لأنه كلام قال عنه محمد ×: إنه من عند الله.
هذا ليس محل الإشكال في نتيجتكم، الإشكال أنكم قلتم، إن المثلية هنا مثلية مصدر لا غير.
و العجب أنني أوضحت لكم بما لا مزيد بعده = أن قولكم يلزم منه الدور و هو باطل عقلا، و هو مصادرة للمطلوب، فالرسول: يقول إن ما جاء به هو كلام الله و يطالبهم بأن يأتوا بكلام الله!!
فهل هذا ما جاء القرآن بالرد عليه ... ؟؟؟
يا فضيلة الأستاذ، القرآن جاء ليفنذ شبهاتهم حوله، حيث قالوا عنه: مفترى و متقول، فطالبهم بالمجيء بمثله؟؟
فالمثلية ترجع للكلام لا في مصدره.
و كيف تصادر مطلوب القوم، هم يطالبون بالبينة على أنه كلام من عند الله.و قد سبق بياني لكم في هذا بما لا مزيد عليه.
و هذا مسليمة نسب كلاما إلى الله هل صحت تلك النسبة بمجرد الدعوى أم عرف القوم بطلانها من خلال بيانه؟
و اعلم يا اخي الدكتور أن الأمة كلها لما تكلمت في آيات التحدي و موضع الإعجاز منها = لم يغب عن بالها أنه كلام الله، و هذه كانت الدعوى، فالمدعي مطالب بإقامة البينة على صحة دعواه.
و العجب، أين العجز إذن، أهم عاجزون أن يفتروا كلاما بليغا ثم ينسبونه إلى الله، ألهذا المستوى بلغ ورعهم و تدينهم و خوفهم من الله؟
يا أخانا الكريم، إن القوم يعلمون أن بيانهم لفظا و معنى و نظما لن يحاكي كلام الله و لن يدانيه، مع اجتماعهم و تعاونهم و ووو على ذلك، فلهذا لم يقدموا على المعارضة، فهذا هو السر؟
و العجب كل العجب أنكم تمسكتم بكلمة إل = رب في عبارة الصديق و نسيتم أنها هي عينها ما اعترض عليه المشركون، فالكلام المسموع خرج من بين شفتي رسول الله كما خرج من بين شفتي ذلكم الكذاب مسليمة، و الدعوى واحدة؟
فما الذي جعل دعوى محمد صادقة و دعوى مسلمية كاذبة.الجواب لكم.
وأرجو ألا يكون حرصكم على تتبع كلمة تناسب استنتاجكم، بعيدة عن السياق و عما أريد بها.
و قد شرحت و لا أريد أن أضيف = أن دعواكم نابعة من تعريفكم للمعجزة، و هو خلاف القرآن و الإجماع.
و أنا أدعوكم لقراءة ما كتبته على الوورد فهو واضح منسق و بالالوان.
و لا حاجة لكم لقراءة المقدمات لهي لغيركم، فاكتفوا بقراءة الأوجه
و دمتم في رعاية الله و حفظه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[17 May 2005, 05:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الكريم أبو تيمية / أشكر لكم هدوء النبرة هنا عما ذي قبل ولا تغضب مني في خطئى في كتابة الاسم فلهذا الاسم وقع في نفوس طلبة العلم لايخفى وتشابه الكنى يعيدنا إلى الأصل ومن تشبه بقوم حشر معهم جمعنا الله جميعا تحت ظل عرشه
واعذرني ثانية لأنني لم أستطع رغم محاولاتي العديدة فتح ملف الوورد لكنه أبى على الفتح كما حاولت مرارا إرسال النسخة الموثقة من البحث لكن محاولاتي جميعا باءت بالفشل ولعل الجهاز عندي في حاجة غلى إصلاح
واسمح لي بعد ذلك بالمرور سريعا على ما تفضلتم به.
في تعريف كلمة المثل: لقد ذكرت تعريفها عند أهل اللغة وعلماء التفسير والفقهاء والفروق والحديث وفي الختام اخترت أهم مايميز دلالة المثل عن غيرها والخصائص التي تميز هذا اللفظ عن الألفاظ القريبة منه ولا أظن أن في ذلك اضطرابا.
ثانيا: وبعيدا عن اختلاف وجهات النظر بيننا هل تعتقد أن للقرآن الكريم مثلا؟
فإن كانت الإجابة: نعم، فهل هم قادرون عليه أم لا؟
وإن كانت الإجابة لا فكيف يصح التحدي في أمر غير موجود؟
ثم استفسار آخر: إن كانوا قادرين عليه فما الذي منعهم؟
وإن كانوا غير قادرين فهل يدخل ذلك في باب التحدي؟
إنني ياسيدي العزيز لا أدعي أن التحدي في قول أي كلام بل كلام على هذه الشاكلة من بيا ن وبراعة وفصاحة وعلو وبهاء وانتظام وتكامل وتآلف ونغم ............ إلخ وقد تعجب حين تعرف أنني متخصص في البلاغة العربية ولي بحوث في هذا الميدان.
بل إن هناك في نفس الصفحة المنشور عليها بحث دلالة المثلية بحثا آخر لى بعنوان من أسماء الله الحسنى غافر وغفار وغفور مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم.
ومازلت إلى يومنا هذا أتعلم من بلاغة القرآن على أيد مشايخ العربية الكبار من أمثال الأستاذ الدكتور محمد أبي موسى وشيخي الجليل الأستاذ الدكتور محمود توفيق حفظهما الله ومازلت أدرس كتاب العلامة عبد القاهر الجرجاي لطلابى وطالباتي وأكتب البحوث المتعلقة بالبلاغة العربية.
فأنا لست بعيدا عن عالم اابلاغة ولا أهلها بل أنا واحد منهم لكن نظرتي للتحدي تختلف عن نظرتي لمنزلة القرآن البياني وإن كنت أرى أنهما يتكاملان ولا ينفصلان.
وتعلم فضيلتكم كما يعلم الجميع أن قضية الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم لايختلف عليه مسلمان.
لكن الإشكال الذي حدث نتج من أمرين:
الأول: من خلط قضية الإعجاز بقضية التحدي.
والآخر: من اختلاف وجهات النظر في وجه التحدي وتحديد من المتحدى (بفتح الدال)
لكنني في الختام وبحق أقول لكم لقد أفدت من إجاباتكم وانتفعت كثيرا بها وجزاكم الله خيرا وما زال لكل منا رأيه والله يهدينا جميعا إلى ما يحب ويرضى.
حفظكم الله وسدد خطاكم. ....
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[17 May 2005, 07:41 م]ـ
فضيلة الأخ الأستاذ الدكتور سعيد جمعة
أعتذر لكم مما قد رأيتموه من شدة أو قسوة في الرد، و أعلمكم انه لم يكن من قصدي بالتعقيب الإساءة إليكم و لا الإنقاص من منزلتهم و فضيلتكم، فأنتم في الموضع التي تحب من قلوبنا، و حاشا لله أن نكن لإخواننا المعتنين بتدبر كتابه و فهمه غلا أو نضمر لهم شرا ..
و كل كلامي كان في مناقشة ما تضمنه بحثكم الكريم ...
كما إنني أعلم بأنكم من المتخصصين في علم البلاغة، و قد رأيت بعض جهودكم على الشبكة و منها بحث الغفار المشار إليه و هو في موقع أهل الحديث و لم يتيسر لي الاطلاع عليه بعد، و سأطلع عليه - إن شاء الله - ..
و مثلكم - نفع الله بكم - ممن يستفاد من علمه و أدبه، و أنا أحد أولئك - ولا تواضع -
و بخصوص ما سالتم عنه من إمكان المعارضة فهذا سبق التطرق إليه فيما نقلته،
فقد قال شيخ الإسلام على سبيل التنزل في كلام طويل نقلته و قد مر: ( ... و من آياتي - يتكلم على لسان الرسول -: هذا القرآن، فإنه لا يقدر أحد على أن يأتي بمثله، و أنا أخبركم أن أحدا لا يأتي بمثله.
فيقال: لا يخلو؛ إما أن يكون الناس قادرين على المعارضة أو عاجزين.
فإن كانوا قادرين ولم يعارضوه، بل صرف الله دواعي قلوبهم ومنعها أن تريد معارضته مع هذا التحدي العظيم أو سلبهم القدرة التي كانت فيهم قبل تحديه - فإن سلب القدرة المعتادة أن يقول رجل: معجزتي أنكم كلكم لا يقدر أحد منكم على الكلام ولا على الأكل والشرب فإن المنع من المعتاد كإحداث غير المعتاد - = فهذا من أبلغ الخوارق.
و إن كانوا عاجزين =ثبت أنه خارق للعادة.
فثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات، فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر.
فهذا غاية التنزل؛ وإلا فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما قد أخبر الله به في قوله ? قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا?.
وأيضا فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة، لكنهم يحسون من أنفسهم العجز عن المعارضة ولو كانوا قادرين لعارضوه.
وقد انتدب غير واحد لمعارضته لكن جاء بكلام فضح به نفسه وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله ... )
و هكذا القول في جميع الآيات و البراهين التي أرسل الله بها رسله لإقامة الحجة على الكافرين و الجاحدين =فهي مما لا يقدر عليها؛ ليحصل بذلك ثبوت دعوى نبويتهم ورسالتهم، مثل عصا موسى و ناقة صالح و غيرها فهي مما لا يقدر عليه و ليس لها مثل.
و أخيرا نفع الله بكم و جزاكم عن العلم و أهله خير الجزاء، كما أسأله أن يمكنكم من تنزيل البحث المرفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد- طالب علم]ــــــــ[25 Aug 2005, 04:12 م]ـ
لقد لفت انتباهي- وأنا أقرأ هذا البحث- قول الدكتور سعيد حفظه الله وهو يخاطب الأخ ابن تيمية:
((إنني يا سيدي العزيز لا أدعي أن التحدي في قول أي كلام بل كلام على هذه الشاكلة من بيا ن وبراعة وفصاحة وعلو وبهاء وانتظام وتكامل وتآلف ونغم ............ إلخ وقد تعجب حين تعرف أنني متخصص في البلاغة العربية ولي بحوث في هذا الميدان.
بل إن هناك في نفس الصفحة المنشور عليها بحث دلالة المثلية بحثا آخر لي بعنوان من أسماء الله الحسنى غافر وغفار وغفور مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم.
ومازلت إلى يومنا هذا أتعلم من بلاغة القرآن على أيد مشايخ العربية الكبار من أمثال الأستاذ الدكتور محمد أبي موسى وشيخي الجليل الأستاذ الدكتور محمود توفيق حفظهما الله ومازلت أدرس كتاب العلامة عبد القاهر الجرجاني لطلابى وطالباتي وأكتب البحوث المتعلقة بالبلاغة العربية.
فأنا لست بعيدا عن عالم البلاغة ولا أهلها بل أنا واحد منهم لكن نظرتي للتحدي تختلف عن نظرتي لمنزلة القرآن البياني وإن كنت أرى أنهما يتكاملان ولا ينفصلان)).
فتعجبت من إنسان يدعي أنه متخصص في البلاغة العربية، وأن له بحوث فيها، وأنه واحد من أهلها، ثم ينتهي بعد ذلك كله من هذا البحث الذي أتعب فيه نفسه كثيرًا، وأنفق من أجله الكثير من الجهد والوقت أن يصل إلى هذه النتيجة الفاسدة التي قال بها الأشاعرة والتي قال فيها الشيخ ابن تيمية إنها (خلاف ما في القرآن وخلاف ما أجمع المسلمون بل العقلاء)، وإنها (خلاف العقل والنقل) كما هو واضح من النقول التي نقلها الأخ ابن تيمية.
وأضيف هنا إلى هذه النقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية التي رد فيها على الأشاعرة، وبين فساد مذهبهم، وأنه خلاف للعقل والنقل، أن الطاهر بن عاشور قد ذهب في تفسيره للمثلية في آيات التحدي مذهب الأشاعرة، فقال في تفسير قوله تعالى: {مِنْ مِثْلِهِ} ما نصُّه:
(فالتحدي على صدق القرآن هو مجموع مماثلةِ القرآن في ألفاظه وتراكيبه، ومماثلة الرسول المنزَّل عليه في أنه أمي لم يسبق له تعليم، ولا يعلم الكتب السالفة، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} (العنكبوت:51)؛ فذلك معنى المماثلة).
ثم قال: (فلو أتوا بشيء من خُطبِ، أو شعرِ بلغائهم غيرِ مشتملٍ على ما يشتمل عليه القرآن من الخصوصيات، لم يكن ذلك إتيانًا بما تحداهم به. ولو أتوا بكلام مشتمل على معان تشريعية، أو من الحكمة من تأليف رجل عالم حكيم، لم يكن ذلك إتيانًا بما تحداهم به. فليس في جعل (من) ابتدائية إيهام إجْزاء أن يأتوا بشيء من كلام بلغائهم؛ لأن تلك مماثلة غير تامة).
وإذا كان ابن عاشور قد ذهب هذا المذهب، فلأنه أجاز عود الهاء في {مِنْ مِثْلِهِ} على المنزَّل، والمنزَّل عليه في قوله تعالى: {مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}، فقال: (والضمير في قوله: {من مثله} يجوز أن يعود إلى {مَا نَزّلنا} أي من مِثل القرآن، ويجوز أن يعود إلى {عبدنا}).
وهذا ما رفضه أكثر المفسرين؛ لأنه لا يتصوَّر عود الهاء على المنزَّل عليه، لظهور عودها على المنزَّل. وهذا هو المروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس والحسن وأكثر المحققين،
وإذا كان ابن عاشور قد ذهب إلى أن المثلية المتحدى بها مثلية وحي وتنزيل؛ لأنه يجيز عود الضمير في {مِنْ مِثْلِهِ} على المنزَّل، والمنزَّل عليه، فإن الدكتور سعيد جمعة قد ذهب هذا المذهب مع قوله بعدم تصور عود الضمير على المنزَّل عليه حين قال:
(التحدي بني على جذر واحد واضح، يبين أن الضمير في قوله {مِثْلِهِ} لا يعود إلا على القرآن الكريم. فالبداية هي: {أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ} ولا يتصور بعد هذا عود الضمير على الرسول).فأتى بذلك ما لم يستطع أن يأتي به الأوائل كما قال أبو العلاء المعري:
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل
والأعجب من ذلك كله أن تسمعهم يقولون: إن المثل المذكور في {أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ}، وفي {فَأْتُوا بِسُوَرٍةٍ مِنْ مِثْلِهِ} هو مثل مقدر مفروض، لا يتصوره العقل. وهذا ما صرح به ابن عاشور، وتابعه فيه الدكتور سعيد جمعة فقال: (الآيات بدأت بافتراض اجتماع الإنس والجن (لئن اجتمعت الإنس والجن). وهذا الافتراض لا يتصور عقلاً، مما يعني أن نتيجة هذا الافتراض- وهو المجيء بمثل القرآن- لا يتصور عقلاً).
ولست أدري كيف يقول هذا القول وأمثاله عالم، يزعم أنه متخصِّص بالبلاغة، وله فيها أبحاث، وأنه ومازال يدرس كتاب العلامة عبد القاهر الجرجاني لطلابه وطالباته، ويكتب البحوث المتعلقة بالبلاغة العربية- كما يقول- وهو يعلم أن علماء البلاغة يكادون يجمعون على القول بأن (إن) الشرطية تدل على الإمكان، وعدم الإمكان!!!
حتى إن بعض المفسرين قد ادَّعى أن (إن) - في آية البقرة- معناها: (إذا). فرد عليهم الشيخ ابن تيمية بقوله: (ومذهب المحققين أن (إن) لا تكون بمعنى: (إذا) .. والذي قاله القوم: إن الواقع، ولا بد يعلق بـ (إذا). وأما ما يجوز أن يقع، ويجوز أن لا يقع فهو الذي يعلق بها، وإن كان بعد وقوعه متعين الوقوع). النبوات للشيخ ابن تيمية:1/ 230.
خالد- طالب علم
? وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ?
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد مطني]ــــــــ[13 Feb 2006, 07:23 م]ـ
أتمنى للباحث التوفيق هل تسمح بنشره في مجلة كلية الاداب جامعة الانبار بأسمكم
ـ[أحمد الحمادي]ــــــــ[19 Apr 2006, 12:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل للدكتور الفاضل أو أحد الإخوة الكرام
أن يبين لنا على ماذا اعتمد في ترتيب نزول آيات التحدي وكيف رتبها على النحو التالي:
وترتيب النزول كان على النحو التالي:
1) سورة الإسراء وفيها: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)
2) سورة يونس وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38)
3) سورة هود وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود:13)
4) سورة الطور وفيها: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ*فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور33:34)
5) سورة البقرة وفيها: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23).
وبارك الله فيكم
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[26 May 2006, 08:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الكرماء عذرا على تأخري في قراءة الردود وأشكر للجميع اهتمامهم بهذا الموضوع وأسأل الله تعالى أن يجعل القرآن الكريم حجة لنا لا علينا.
كما أنني أقول للأخ محمد مطني - جزاه الله خيرا -: نعم أجيز نشر البحث في أي مجلة بشروط النقل المعروفة لدي طلبة العلم , ولا تنساني من صالح دعائك.
والأخ الكريم الذي يسأل عن مرجع ترتيب النزول فالمرجع سيدي هو كتب التفسير ولقد وضعتها في ذيل البحث وليس ذلك بخاف على أحد.
أما الأخ الفاضل / خالد - طالب علم
فأقول له ترفق يا أخي العزيز في الحوار فالخلاف في وجهات النظر لا يستدعي مثل هذه الأساليب التي نعتني بها كما أنه لا يستدعي إقحام الخلاف بين الفرق واتهامي بما لم تتبينه وليس ذلك من سمت أهل العلم ولا طلابه والله تعالى يعفو عني وعنك وعن المسلمين أجمعين.
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[27 May 2006, 05:54 م]ـ
بحثك في آيات التحدي قيم ونفيس، وقد استمتعت حقيقة بقراءة ما خطته يداك - سلمت يداك ـ وقد أفدت منه كثيرا، دعواتي لك، ومزيدا من الدرسات العلمية البلاغية، وأحب أن أذكر هنا أن لي بحثا بعنوان (آيات التحدي في القرآن الكريم: دلالاتها وإيحاءاتها) وسأنشره - إن شاء الله - في هذا المنتدى المبارك.
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[27 May 2006, 09:51 م]ـ
سلمت من كل سوء يافضيلة الدكتور عبد العزيز وبارك الله فيك ’ وأنا في شوق للاستفادة من بحثكم عن آيات التحدي , وأسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا , وأن يجمعنا مع الحبيب صلى الله عليه وسلم في مستقر رحمته جميعا.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[31 May 2006, 10:12 م]ـ
ومن باب إثراء الموضوع فهذا بحث لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرحه للعقيدة الطحاوية قال ما نصه:
"فلا بأس إذاً أن نقرر هذه المسألة وهي المسألة الموسومة بإعجاز القرآن؛ لأجل ندرة الكلام عليها في كتب العقائد مُفَصَّلَة، ونذكر منها بعض ما يناسب هذه الدروس المختصرة.
لتقرير هذه المسألة وهي مسألة إعجاز القرآن، وقد تكلم فيها أنواع من الناس من جميع الفرق والمذاهب، نجعل البحث فيها في مسائل، نقول:
[المسألة الأولى]:
أنَّ لفظ الإعجاز لم يرد في الكتاب ولا في السنة، وإنما جاء في القرآن وفي السنة أنّ ما يعطيه الله - عز وجل - للأنبياء والرسل وما آتاه محمد صلى الله عليه وسلم هو آية وبرهان على نبوته.
فلفظ المعجزة لم يأتِ كما ذكرنا من قبل في الكتاب ولا في السنة وإنما هو لفظٌ حادث ولا بأس باستعماله إذا عُنِيَ به المعنى الصحيح الذي سيأتي.
الذي جاء في القرآن الآيات والبراهين؛ لكن العلماء استعملوا لفظ الإعجاز لسبب، وهو:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنَّ القرآن تَحَدَّى الله - عز وجل - العرب بأن يأتوا بمثله، أو أن يأتوا بعشر سور مثله أو أن يأتوا بسورة من مثله، فلما تَحَدَّاهُمْ فلم يَغْلِبُوا، ولم يأتوا بما تَحَدَّاهُمْ به، فدل ذلك على عجزهم، وذلك بسبب أنَّ القرآن مُعْجِزٌ لهم فلم يأتوا بمثله، قال - عز وجل - {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، وقال - عز وجل - {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود:13 - 14].
إذا تبين ذلك فالتحدي لمَّا وَقَعَ وعَجِزُوا، وهم يريدون أي وسيلة لمعارضة القرآن وإثبات أنه قول البشر، {فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ}، ائتوا بمثله، {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ}، لما عَجِزُوا سَمَّى العلماء فِعْلَهُمْ ذلك أو عجزهم سموه: مسألة إعجاز القرآن؛ لأجل التحدي وعجز الكفار أن يأتوا بمثله.
[المسألة الثانية]:
أنَّ كلام الله - عز وجل - هو المُعْجِزْ، وليس أنَّ الله - عز وجل - أعْجَزَ لأجل السماع، أعْجَزَ لما أنزل القرآن.
والفرق بين المسألتين أنَّ الإعجاز صفة القرآن، ولكن لا يقال أنَّ الله - عز وجل - أعْجَزَ البشر عن الإتيان بمثل هذا القرآن؛ لأنَّ هذا القول يتضمن، بل يدل على أنهم قادرون لكنَّ الله - عز وجل - سلبهم القدرة على هذه المعارضة.
فإذاً الإعجاز والبرهان والآية والدليل في القرآن نفسه لم؟
لأنه كلام الله - عز وجل -، ولا يقال إنَّ الله - عز وجل - أعْجَزَ الناس، أن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو صرفهم عن ذلك، كما هي أقوال يأتي بيانها.
فإذاً تنتبه على أنَّ تعبير أهل العلم في هذه المسألة أنَّ القرآن آية، فآية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وآية رسالته القرآن.
بل محمد صلى الله عليه وسلم لمَّا سَمِعَ كلام الله - عز وجل - خاف صلى الله عليه وسلم، فلما فَجَأَه الوحي وهو بغار حراء فأتاه جبريل فَقَالَ له: اقْرَأْ، قَالَ (مَا أَنَا بِقَارِئٍ) فَقَالَ اقْرَأْ، قَالَ: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ)، قَالَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق:1 - 2] إلى آخر ما أُنْزِلْ في أول ما نبئ النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع بها صلى الله عليه وسلم يرجُف بها فؤاده؛ لأنَّ هذا الكلام لا يشبه كلام أحد، ولم يتحمله صلى الله عليه وسلم لا في ألفاظه ومعانيه ولفظه، ولا في أيضا صفة الوحي والتنزيل، فما استطاع صلى الله عليه وسلم أن يتحمل ذلك فرجع بهن -يعني بالآيات- يرجف بها فؤاده صلى الله عليه وسلم إلى آخر القصة.
إذاً فالنبي صلى الله عليه وسلم أول ما جاء الوحي لم يتحمل هذا الذي جاءه، لم؟
لأنه كلام الله - عز وجل -، وأما كلام البشر فإنه يتحمله لما سمع منه.
[المسألة الثالثة]:
أقوال الناس في إعجاز القرآن.
مسألة إعجاز القرآن -كما ذكرنا- لها صلة بدلائل النبوة.
والقرآن مُعْجِزْ لمن؟
للجن والإنس جميعاً؛ بل معجز لكل المخلوقات، لم؟
لأنه كلام الله - عز وجل -، وكلام الله - عز وجل - لا يشبه كلام الخلق، وكون القرآن معْجِزَاً، راجع إلى أشياء كثيرة يأتي فيها البيان.
فاختلف الناس في وجه الإعجاز لأجل أَنَّ إعجاز القرآن دليل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم في أقوال:
1 - القول الأول:
ذهب إليه طائفة من المعتزلة ومن غيرهم حتى من المعاصرين الذين تأثروا بالمدرسة العقلية في الصفات والكلام، قالوا:
إنَّ الإعجاز في القرآن إنما هو بصرف البشر عن معارضته، وإلا فالعرب قادرة على معارضته في الأصل؛ لكنهم صُرِفُوا عن معارضته، فهذا الصرف هو قدرة الله - عز وجل -، لا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يصرفهم جميعاً عن معارضته.
وهذا الصرف لابد أن يكون من قوة تَمْلِكُ هؤلاء جميعا وهي قوة الله - عز وجل -.
فإذاً الصَّرْفَةْ التي تسمع عنها، القول بالصَّرْفَةْ؛ يعني أنَّ الله صَرَفَ البشر عن معارضة هذا القرآن، وإلا فإنَّ العرب قادرون على المعارضة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا القول هو القول المشهور الذي ينسب للنّظّام وجماعة بما هو معلوم.
وهذا القول يرده أشياء نقتصر منها على دليلين:
- الدليل الأول سمعي نقلي من القرآن.
- والدليل الثاني عقلي.
@ أما الدليل الأول وهو الدليل القرآني: فهو قول الله - عز وجل - {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، فالله - عز وجل - أثْبَتَ أَنَّ الإنس والجن لو اجتمعت على أنْ تأتي بمثل هذا القرآن وصار بعضهم لبعض معيناً في الإتيان بمثل هذا القرآن أنهم لن يأتوا بمثله، وهذا إثبات لقدرتهم على ذلك؛ لأنَّ اجتماعهم مع سلب القدرة عنهم بمنزلة اجتماع الأموات لتحصيل شيء من الأشياء.
فالله - عز وجل - بيّنَ أنهم لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن وكان بعضهم لبعض معيناً وظهيرا على المعارضة، فإنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل هذا القرآن.
فأثْبَتَ لهم القدرة لو اجتمعوا قادرين وبعضهم لبعض يعين، لكنهم سيعجزون مع قُدَرِتهم التي ستجتمع وسيكون بعضهم لبعض معيناً على المعارضة.
وهذه الآية هي التي احتج بها المعتزلة على إعجاز القرآن، ففيها الدليل ضدهم على بطلان الصَّرْفَةْ.
@ أما الدليل الثاني وهو الدليل العقلي: أنَّ الأمة أجمعت من جميع الفرق والمذاهب أنَّ الإعجاز يُنْسَبْ ويضاف إلى القرآن ولا يضاف إلى الله - عز وجل -.
فلا يقال إعجاز الله بالقرآن، وإنما يقال باتفاق الجميع وبلا خلاف هو إعجاز القرآن.
فإضافة الإعجاز إلى القرآن تدل على أنَّ القرآن مُعْجِزٌ في نفسه، وليس الإعجاز من الله بصفة القدرة.
لأننا لو قلنا الإعجاز إعجاز الله بقدرته الناس عن الإتيان بمثل هذا القرآن، فيكون الإعجاز بأمر خارج عن القرآن.
فلما أجمعت الأمة من جميع الفئات والمذاهب على أنّ الإعجاز وصْفٌ للقرآن علمنا بُطلان أن يكون الإعجاز صفة لقدرة الله - عز وجل -؛ لأنّْ من قال بالصرفة بأنّْ الله سلبهم القدرة هذا راجِعٌ الإعجاز -يعني تعجيز أولئك- راجع إلى صفة القدرة وهذه صفة ربوبية.
فإذاً لا يكون القرآن مُعْجِزَاً في نفسه، وإنما تكون المعجزة في قدرة الله - عز وجل - على ذلك.
وهذا لاشك أنه دليل قوي في إبطال قول هؤلاء.
لهذا المعتزلة المتأخرون ذهبوا على خلاف قول المتقدمين في الإعجاز بالصرفة؛ لأنَّ قولهم لا يستقيم لا نقلاً ولا عقلاً.
2 - القول الثاني:
من قال القرآن مُعْجِزٌ بألفاظه، فألفاظ القرآن بلغت المنتهى في الفصاحة؛ لأنَّ البلاغيين يُعَرِّفُونَ الفصاحة بقولهم:
فصاحة المفرد في سلامته من نُفرة فيه ومن غرابته
فالقرآن مشتمل على أعلا الفصيح في الألفاظ.
ولما تأمل أصحاب هذا القول جميع كلام العرب في خطبهم وأشعارهم، وجدوا أنَّ كلام المتكلم لابد أن يشتمل على لفظ داني في الفصاحة، ولا يستقيم في كلام أي أحد -في المعلقات ولا في خطب العرب ولا في نثرهم ولا في مراسلاتهم إلى آخره- لا يستقيم أن يكون كلامهم دائماً في أعلى الفصاحة، فنظروا إلى هذه الجهة فقالوا الفصاحة هي دليل إعجاز القرآن لأنَّ العرب عاجزون.
وهذا ليس بجيد؛ لأنَّ القرآن اسم للألفاظ والمعاني، فالله - عز وجل - تَحَدَّى أن يُؤْتَى بمثل هذا القرآن، أو بمثل عشر سور مثله مفتريات -كما زعموا- وهذه المثلية إنما هي باللفظ وبالمعنى جميعاً وبصورة الكلام المتركبة.
فإذاً كونه مُعْجِزَاً بألفاظه نعم لكن ليس وجه الإعجاز الألفاظ وحدها.
3 - القول الثالث:
من قال إنَّ الإعجاز في المعاني وأما الألفاظ فهي على قارعة الطريق.
مثل ما يقول الجاحظ وغيره؛ يعني فيما ساقه في كتاب الحيوان يقول: الشأن في المعاني أما الألفاظ فهي ملقاة على قارعة الطريق.
يعني أنَّ الألفاظ يتداولها الناس؛ لكن الشأن في الدِلالة بالألفاظ على المعاني.
وهذا لاشك أنه قصور لأنَّ القرآن كما ذكرنا مشتمل على فصاحة الألفاظ وعظمة المعاني جميعاً.
4 - القول الرابع:
من قال إنَّ القرآن مُعْجِزٌ في نظمه، ومعنى النظم هو الألفاظ المتركبة والمعاني التي دلت عليها الألفاظ وما بينها من الروابط.
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني أَنَّ الكلام يُحْتَاجُ فيه إلى أشياء، يُحْتَاجُ فيه إلى ألفاظ وإلى معانٍ في داخل هذه الألفاظ يُعَبَّرُ بها، يُعَبَّرُ بالألفاظ عن المعاني وإلى رابط يربط بين هذه الألفاظ والمعاني في صور بلاغية، وفي صور نحوية عالية، وهذا المجموع سماه أصحاب هذا القول النَّظم.
وهذا هو مدرسة الجُرجاني المعروفة، العلامة عبد القادر الجرجاني فيما كتب في دلائل الإعجاز وفي أسرار البلاغة.
وهذا القول لَمَّا قال به الجرجاني وهو مسبوق إليه من جهة الخطّابي وغيره يعني في كلمة، هو أراد به الرد على عبد الجبار المعتزلي في كتابه المغني، فإنه ألف كتاب المغني وجعل مجلداً كاملا في إعجاز القرآن، وردّ عليه بكتاب دلائل الإعجاز وأنَّ الإعجاز راجع إلى اللفظ والمعنى والروابط؛ يعني إلى النظم،نظم القرآن جميعا، المقصود بالنظم يعني تآلف الألفاظ والجمل مع دلالات المعاني البلاغية واللفظية وما بينها من صلات نحوية عالية.
وهذا القول قول جيد؛ ولكن لا ينبغي أن يُقصر عليه إعجاز القرآن.
5 - القول الخامس:
من قال إنَّ إعجاز القرآن فيما اشتمل عليه.
فالقرآن اشتمل على:
- أمور غيبية لا يمكن أن يأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ بأمر الماضي وبأمر المستقبل.
- واشتمل القرآن أيضا على أمور تشريعية لا يمكن أن تكون من عند النبي صلى الله عليه وسلم.
- واشتمل القرآن على هداية ومخالطة للنفوس لا يمكن أن تكون من عند بشر.
وهذا قول لبعض المتقدمين وجمع من المعاصرين بأنَّ القرآن محتمل على هذه الأشياء جميعاً.
ولكن هذا القول يُشْكِلْ عليه أَنَّ إعجاز القرآن الذي تُحُدِّيَت به العرب، والعرب حينما خوطبوا به،خوطبوا بكلام مشتمل على أشياء كثيرة، وكان التحدي واقعاً أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة أو بعشر سور مثله مفتريات كما زعموا، وهذا يؤول إلى ما تميزت به العرب، وهو مسألة البلاغة وما تميزوا به من رِفعة الكلام وفصاحته وبلاغته.
والعرب لم تكن متقدمة عارفة بالأمور الطبية ولا بالأمور الفلسفية ولا بالأمور العقدية ولا بالغيبيات، وليس عندهم معرفة بالتواريخ على تفاصيلها ونحو ذلك، حتى يقال إنَّ الإعجاز وقع في هذه الجهة؛ لكنهم خوطبوا بكلام من جنس ما يتكلمون به -يعني من جهة الألفاظ والحروف-؛ لكنهم عجزوا عن الإتيان بذلك لأنه كلام الله - عز وجل -.
6 - القول الأخير -والأقوال متنوعة؛ لأنَّ المدارس كثيرة-:
أنَّ القرآن مُعْجِزْ لأنه كلام الله - عز وجل -، وكلام الله - عز وجل - لا يمكن أن يشبه كلام المخلوق.
وهذا القول هو الذي ذكره الطحاوي هنا،قال (عَلِمْنَا وأَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر، وَمَنْ وَصَفَ الله بِمعنَى مِنْ مَعاني البشر، فقدْ كَفَر، فمن أبْصَرَ هذا اعْتَبر، وعَنْ مِثْلِ قول الكفَّارِ انْزَجَر، وعَلِمَ أنَّه بصفاته-التي منها القرآن- ليسَ كالبشر).
وهذا القول الذي أشار إليه لم يَتَفَرَّعْ إليه شارحوا هذه الرسالة سواء من السلفيين أو من المبتدعة من الماتريديين وغيرهم- في تقرير هذه المسألة، وهو من أرْفَع وأعظم الأقوال؛ بل هو القول الحق في هذه المسألة: أنَّ كلام الله - عز وجل - لا يمكن أن يشبه كلام البشر.
خذ مثلاً فيما يتميز به المخلوقات ترى فلاناً فتقول هذا عربي، وترى آخر فتقول هذا أوروبي، وترى ثالثا فتقول هذا من شرق آسيا، لم؟
لأنَّ الصفة العامة دَلَّتْ على ذلك، ولو أَخَذَ الآخِذْ يُعَدِّدُ أشياء كثيرة متنوعة دلته على أَنَّ هذه الصورة هي صورة عربي، وهذه الصورة صورة أوروبي، هذه الصورة الخَلقية صورة من شرق آسيا وهكذا.
فإذاً الصورة العامة بها تتفرق الأشياء، فالذي يدل على الفرقان ما بين شيء وشيء، وأهمها الصورة العامة له.
كلام الناس -إذا انتقلنا من الصورة الخَلقية- كلام الناس يختلف بعضه عن بعض.
قول الصحابة إذا سمعنا كلاما نقول هذا من قول الصحابة أو من قول السلف؛ لأنَّ كلامهم لا يشبه كلام المتأخرين، كما قال ابن رجب (كلام السلف قليل كثير الفائدة وكلام الخلف كثير قليل الفائدة).
فكلام السلف له صورة عامة تعلم أنَّ هذا من كلام السلف، فلو أتينا بكلام إنسان معاصر وبكلمات له كثيرة وقارناها بكلام السلف لاتضح الفرق.
فإذاً المخلوق البشر في كلامه متباين.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا رأيت كلام الإمام أحمد تقول هذا ليس كلام ابن تيمية، ترى كلام الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في تقريره تقول هذا ليس بكلام مثلاً النووي، إذا رأيت كلام الإمام أحمد تقول هذا ليس هو كلام أبي حنيفة وهكذا.
فإذاً الكلام له صورة، له هيئة من سَمِعَهَا مَيَّزَ هذا الكلام.
وهذا هو الذي أشار إليه الطحاوي بأنَّ كلام الله - عز وجل - لا يشبه كلام البشر.
إذا تبين ذلك فإنَّ كلام الله - عز وجل - صِفَتُهُ، فهذا القرآن من سَمِعَهُ أيقن أنه ليس بكلام البشر.
ولهذا بعض الأدباء الغواة مثل ابن المقفع والمعري ونحو ذلك أرادوا معارضة القرآن بصورة أدبية فظهر؛ بل افْتَضَحُوا في ذلك فَغَيَّرُوا منحاهم إلى مَنْحَى التأثير إلى ما أشبه ذلك في كتبهم المعروفة وهي مطبوعة.
أرادوا المعارضة من جهة المعاني، من جهة الألفاظ، أن يأتوا شيء لكنهم افتضحوا لأنَّ كلام البشر لا يمكن أن يكون مثل كلام الله - عز وجل -.
العرب عندهم معرفة بالبيان، هم الغاية في البيان، هم الغاية في معرفة الفصاحة، هم الغاية في معرفة تركيب الكلام؛ لكنهم لما سمعوا القرآن ما استطاعوا أن يعارضوه لم؟
لأنَّ الكلام لا يشبه الكلام، لا يمكن، لا يمكن أن يعارضوا؛ لأنَّ كلام الله - عز وجل - لا يشبه كلام المخلوق.
إذا تبين لك ذلك، فنقول إذاً:
ما نُقَرِّرُهُ هو أنَّ وجه الإعجاز في كلام الله - عز وجل - هو أَنَّ كلام الله ـ لا يشبه كلام البشر، ولا يماثل كلام البشر، وأنَّ البشر لا يمكن أن يقولوا شيئاً يماثل صفة الله - عز وجل -، والناس لا يستطيعون على اختلاف طبقاتهم وتنوِّع مشاربهم أن يَتَلَقَّوا أعظم من هذا الكلام، وإلا فكلام الله - عز وجل - في عظمته لو تَحَمَّلَ البشر أعظم من القرآن لكانت الحجة أعظم؛ لكنهم لا يتحملون أكثر من هذا القرآن.
لهذا تجد التفاسير من أول الزمان إلى الآن وكل واحد يُخْرِجُ من عجائب القرآن ما يُخْرِجُ، والقرآن كنوزه لا تنفذ ولا يفتر على كثرة الرد لا من جهة التِّلاوة ولا من جهة التفسير.
إذا تبين لك ذلك فكلام الطحاوي هذا من أنْفَسْ ما سمعت وأصح الأقوال في مسألة إعجاز القرآن وهو أنَّ الكلام لا يشبه الكلام.
إذا تبين هذا فنقول:
كلام الله - عز وجل - في كونه لا يشبه كلام البشر، له خصائص.
فأوجه إعجاز القرآن التي ذَكَرَهَا من ذَكَر، نقول هي خصائص لكلام الله - عز وجل - أوجبت أن يكون كلام الله - عز وجل - ليس ككلام البشر.
مثل ما يقول الواحد: هذا الشعر موزون، هذا البيت فيه كسر، لماذا؟، حرف واحد نقص قال فيه كسر، أو هذا البيت ما يمكن أن يكون كذا، لماذا؟
في هيئته العامة؛ لكن له برهان يأتيك، يقول لأنه كذا، وكذا، وكذا.
فلان بخصاله، دلنا بصفاته، حركاته تصرفاته على أنه ليس بعربي، هذه القضية العامة لم؟
له أدلة عليها؛ لكن هذه الخصائص العرب وما تميزوا به عن غيرهم.
يقول هذا الحديث ضعيف أو هذا الحديث معلول، ما وجه علته؟
مثل ما قال أبو حاتم وغيره ممن تقدمه: إنَّ أهل الحديث يعرفون العلة كما يعرف صاحب الجوهر الزيف من النقي.
أنت ترى هل هذا ألماس نقي أو ليس بنقي؟ يأتيك صاحب الخبرة ويقول هذا ألماس ليس بنقي، أنت ترى ما تعرف تُفَرِّقْ هل هذا نقي؟
هذا الكتاب طبعته طبعة حجرية، الذي لا يعرف ما يعرف، هذا الكتاب مطبوع في روسيا كيف عرفت أنه مطبوع وليس عليه اسم البلاد؟
هذا الكتاب مطبوع في بلدة كذا في الهند لماذا؟
عنده البرهان ولكن الصفة العامة هي هذه.
لهذا نقول وانتبه لهذا حتى تخلص من إشكال عظيم في هذه المسألة -مسألة إعجاز القرآن- لتنوع الخطاب فيها وتنوع المدارس فيها نقول:
إنّ كلام الله - عز وجل - ليس ككلام البشر، وكلام الله - عز وجل - له خصائص ميزته عن كلام البشر.
ما هذه الخصائص؟
كل ما قيل داخل في خصائص القرآن:
- أولاً:
القرآن كلام الله - عز وجل -، واشتمل القرآن على ألفاظ العرب جميعاً.
تجد القرآن فيه كلمات بلغة قريش، وفيه كلمات بلغة هذيل، وفيه كلمات بلغة تميم، وفيه كلمات بلغة هوازن، وفيه كلمات بلغة أهل اليمن، وفيه بلغات كثيرة بلغة حِمْيَر، {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم:61]، قال ابن عباس (السمود: الغناء بلغة حمير).
(يُتْبَعُ)
(/)
بعض قريش خَفِيَ عليها بعض الكلمات مثل ما قال عمر رضي الله عنه لما تلا سورة النحل في يوم الجمعة -يعني في الخطبة-، تلا سورة النحل فوقف عند قوله تعالى {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل:47]، نظر فقال: ما التخوف؟
فسكت الحاضرون، فقام رجل من هذيل فقال: يا أمير المؤمنين التخوّف في لغتنا التَّنَقُّص قال شاعرنا أبو كبير الهذلي:
تخوّف الرَّحْلُ منها تامِكاً فردا كما تَخَوَّف عودُ النّبعة السَّفِنُ
تنقص، يعني {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} يعني يبدأ يتنقص شيئاً فشيئاً، ينقصون عما كانوا فيه من النعمة شيئاً فشيئاً، حتى يأتيهم الأجل، عمر القرشي خفيت عليه هذه الكلمة؛ لأنها بلغة أخرى.
هل يستطيع أحد من العرب أن يحيط بلغة العرب جميعاً؟
لا يمكن، أن يحيط بلغة العرب جميعاً بألفاظها وتفاصيلها لا يمكن.
ولهذا تجد في القرآن الكلمة بلغة مختلفة، وتجد فيه التركيب النحوي بلغة من لغات العرب، فيكون مثلاً على لغة حِمْيَرْ في النحو، أو على لغة [سَدُوسْ] في النحو، أو على لغة هذيل في النحو.
فإذاً الألفاظ والمعاني والتراكيب النحوية في القرآن تنوَّعت ودخل فيها كل لغات في العرب.
هذا لا يمكن أن يكون من كلام أحد، لا يستطيع أن يحيط هذه الإحاطة إلا من خَلَقَ اللغات وهو رب العالمين.
- ثانياً:
الألفاظ، كما ذكرنا ألفاظ القرآن بلغت الأعلى في الفصاحة، والقرآن كله فصيح في ألفاظه، والفصاحة راجعة إلى الكلمات جميعا؛ الأسماء والأفعال والحروف، حتى {الم} فصيح.
إذاً من خصائص القرآن التي دلت على إعجازه أنَّ ألفاظه جميعاً فصيحة، وما استطاع أحد من العرب الذين أنزل عليهم القرآن أن يعيبوا القرآن في لفظٍ مما فيه كما عابوا كلام بعضهم بعضاً، بل قال قائلهم: إنَّ له لحلاوة وإنَّ عليه لطُلاوة. إلى آخر كلامه.
- ثالثاً:
من خصائصه المعاني، المعاني التي يتصورها البشر عند قول كلامه لابد أن يكون فيها قصور.
فإذا تكلم البشر في المعاني العَقَدِيَة فلابد أن يكون عنده لاشك قصور، إذا تكلم في المعاني التشريعية لابد أن يظهر خلل، إذا تكلم في المعاني الإصلاحية التهذيبية لابد أن يكون فيها خلل، ولهذا قال - عز وجل - {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82].
فإذاً تَنَوُّعُ المعاني على هذا الوجه التام بما يناسب المعاني الكثيرة التي يحتاجها الناس يدل على أنَّ هذا كلام الله - عز وجل -؛ يعني أنه صفته.
هذه خصائص كلام الله - عز وجل -، فلو قيل تقديراً: إننا سنصف القرآن الذي هو كلام الله - عز وجل - وبه فارق كلام البشر فَسَتُعَدِّدْ هذه جميعا.
فهي خصائص أو أوجه للإعجاز بها صار القرآن معجزاً بجميعها، لا بواحدة منها.
- رابعاً:
أنَّ القرآن فيه النَّظم مثل ما قال الجُرْجَاني وهو من أحسن النظريات والكلام في إعجاز القرآن من جهة البيان.
القرآن فيه القِمَّةْ في فصاحة الألفاظ وفي البلاغة.
البلاغة مُتَرَكِّبَةْ من أشياء؛ مُتَرَكِّبَةْ من ألفاظ ومن معاني ومن روابط -الحروف التي تربط بين الألفاظ والمعاني وتصل الجمل بعضها ببعض-.
فالقرآن إذاً من أوجه إعجازه أو من صفاته وخصائصه أنَّ نظمه - يعني أنَّ ترتيب الكلام والآيات فيه وترتيب الجمل في الآية الواحدة - يدل على أنَّه الغاية في البيان، ولا يمكن لبشر أو لا يمكن للجن والإنس لو اجتمعوا أن يكونوا دائما على أعلى مستوى في هذا النظم.
ولهذا تجد أنَّ تفاسير القرآن حارت في القرآن، حتى التفاسير المتخصصة في النحو تجده ينشط في أوله تجده يعجز في آخره، ما تجده ينشط، آخر تجده في البلاغة يريد أن يبين بلاغة القرآن فيُجَوِّدْ في موضع ثم بعد ذلك تأتي مواضع يكسل، ما يستطيع أن يُبِينْ عن ذلك.
ولهذا قال من قال من أهل العلم: العلوم ثلاثة:
علم نضج واحترق.
وعلم نضج ولم يحترق.
وعلم لم ينضج ولم يحترق.
والثالث هو التفسير، لم ينضج ولم يحترق؛ لأنه على كثرة المؤلفات في التفسير وهي مئات فإنها لم تأتِ على كل ما في القرآن، لم؟
لأنَّ الإنسان يعجز، يعجز المبَيَّن أن يُبَيَّن عن كل ما في القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذاً نظرية النظم التي ذكرها عبدالقادر الجرجاني في كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة -على تفصيل ما فيها- لا شك أنها دالة على صفة من صفات القرآن.
- خامساً:
أنَّ القرآن له سلطان على النفوس، وليس ثَمَّ من كلام البشر ما له سلطان على النفوس في كل الكلام.
ولكن القرآن له سلطان على النفوس بما تميز به من كلام الله - عز وجل -؛ لأنه كلام الله - عز وجل -، مثل ما صار السلطان على ذلك المشرك؛ يعني أنه يُرْغِمْ الأنوف.
وقد كان مَرَّةً أحد الدعاة يخطب بالعربية وفي أثناء خطبته يورد آيات من القرآن العظيم يتلوها، فكانت امرأة كافرة لا تحسن الكلام العربي ولا تعرفه، فلما انتهى الخطيب من خطبته استوقفته -وكانت خطبته في سفينة-، لما انتهى من خطبته استوقفته، وقالت:
كلامك له نمط، وتأتي في كلامك بكلمات مختلفة في رنتها وفي قرعها للأذن عن بقية كلامك، فما هذه الكلمات؟
فقال: هي القرآن.
وهذا لاشك إذا سمعت القرآن تجد له سلطان على النفس ينبئ النفس على الاستسلام له، إلا لمن ركب هواه.
هذا السلطان تجده في أشياء:
~ أولاً:
أنَّ آيات القرآن في السورة الواحدة -كما هو معلوم- لم تُجْعَلْ آيات العقيدة على حِدَا، وآيات الشريعة على حدا؛ الأحكام، وآيات السلوك على حدا، إلى آخره؛ بل الجميع كانت هذه وراء هذه، فآية تخاطب المؤمنين، وآية أخرى تخاطب المنافقين، وآية تخاطب النفس، وآية فيها العقيدة، وآية فيها قصص الماضين، وآية تليها فيها ما سيأتي، وآية فيها الوعد وآية فيها الوعيد، وآية فيها ذكر الجنة وذكر النار، وآية فيها التشريع، وثم يرجع إلى آية أخرى فيها أصل الخلق قصة آدم، وهكذا في تنوع.
وهذا من أسرار السلطان الذي يكون للقرآن على النفوس؛ لأنَّ الأنفس متنوعة.
بل النفس الواحدة لها مشارب، فالنفس تارة يأتيها الترغيب وتارة يأتيها الترهيب، تارة تتأثر بالمثل، تارة تتأثر بالقصة، تارة هي مُلْزَمَة بالعمل، تارة هي ملزمة بالاعتقاد.
فَكَوْنُ هذه وراء هذه وراء هذه تُغْدِقُ على النفس البشرية أنواع ما تتأثر به.
وهذا لا يمكن أن يكون إلا من كلام من خَلَقَ هذه النفس البشرية، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].
فتجد أنَّ القرآن يحاصرك، فأيُّ إنسان أراد أن يفر لا يمكن أن يفر من القرآن، ستأتيه قوة بآية فيها وصف الكافرين، آيات فيها قوة في وصف المنافقين، آيات فيها قوة في وصف المؤمنين، آيات فيها العقيدة، فيها الماضي، فيها الحاضر، فيها النبوة، فيها الرسالة، فيها الدلائل، فيها حال المشركين، إلى آخر [ ..... ] ما يحصر على النفس الحية والعقل الواعي الذي يتحرك وعنده همة يحصر عليه الهروب.
وهذا لا يمكن أن يحصره في أنواع النفس البشرية الواحدة إلا من خَلَقَ هذه النفس وتَكَلَّمَ بهذا القرآن لإصلاحها، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
فكيف إذاً بأنواع الأنفس المختلفة، هذا الذي يَصْلُحُ له الترغيب، وهذا الذي يَصْلُحُ له الترهيب، وهذا الذي يَصْلُحُ له وصف الجنة، وهذا الذي ينشأ عنده الإيمان بالحب وإلى آخره، وذلك الذي ينشأ عنده الإيمان بالجهاد، ونحو ذلك.
~ ثانياً:
تنوع الأنفس وخطاب القرآن للناس جميعاً على تنوع أنفسهم هذا دليل على أنَّ هذا القرآن له سلطان على النفوس.
أيضاً تجد أن القرآن خُوطب به من عنده فن الشعر وما يسميه بعض الناس موسيقى الكلام؛ يعني رنات الكلام.
بعض الناس عنده شفافية في التأثر باللحن، بالرنات، بالصعود والنزول في نغمة الكلام، هذا النوع من الناس تجد في القرآن ما يجبره على أن يستسلم له.
لَبيد بن رَبيعة صاحب معلقة وصاحب ديوان مشهور، قيل له: ألا تنشدنا من قصائدك، لم وقفت عن الشعر؟ قال أغناني عن الشعر وتذوقه -أو كما قال- سورتا البقرة وآل عمران.
(يُتْبَعُ)
(/)
لأنَّ هذا الشيء هو له تذوق في هذا الفن بخصوصه، فيأتي القرآن فيجعل سلطانه على النفس فيقصره قصرا، لهذا قال - عز وجل - {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:41 - 42]، وقال سبحانه {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:44].
- سادساً:
أنَّ القرآن فيه الفصل في أمور الغيبيات، فَثَمَّ أشياء في القرآن أُنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وكان أميا صلى الله عليه وسلم، ما لم يَظْهَرْ وجه بيانها وحجتها في كمال أُطْرِهَا إلا في العصر الحاضر، وهو ما اعتنى به طائفة من الناس وسموه الإعجاز العلمي في القرآن.
والإعجاز العلمي في القرآن حق؛ لكن له ضوابط، توسَّعَ فيه بعضهم فخرجوا به عن المقصود إلى أنَّ يجعلوا آيات القرآن خاضعة للنظريات، وهذا باطل؛ بل النظريات خاضعة للقرآن لأن القرآن حق من عند الله والنظريات من صنع البشر لكن بالفهم الصحيح للقرآن.
فثَم أشياء من الإعجاز العلمي حق لم يكن يعلمها الصحابة رضوان الله عليهم على كمال معناها وإنما علموا أصل المعنى، فظهرت في العصر الحاضر في أصول من الإعجاز العلمي.
الإعجاز الاقتصادي، الإعجاز التشريعي، الإعجاز العَقدي أشياء تكلم عنها الناس في هذا العصر -ما نطيل في بيانها- وكل واحدة منها دالة على أن هذا القرآن من عند الله - عز وجل - {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82].
- سابعاً:
أنّ القرآن من صفاته أنّ الإنسان المؤمن كلما ازداد من القرآن ازداد حباً في الله - عز وجل -، وهذا راجع إلى الإيمان، وراجع إلى أنَّ صفة القرآن فيها زيادة في الهدى والشفاء للقلوب.
فالأوامر والنواهي والأخبار التي في القرآن هي هدى وشفاء لما في القلوب، كما قال سبحانه {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:44]، وهذا سلطان خاص على الذين آمنوا في أنه يهديهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور في المسائل العلمية وفي المسائل العملية.
لهذا ما تأتي فتنة ولا اشتباه إلا وعند المؤمن البصيرة لما في هذا القرآن؛ {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
فإذاً صفة كلام الله - عز وجل - في أنَّ المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعلم حدوده ويعلم معانيه، أنَّ عنده النور في الفصل في المسائل العلمية والعملية، وهذه لا يُلقاها إلا أهل الإيمان {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:44]، {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]، وهذا أيضا سلطان خاص يزيد المؤمن إيمانا.
لهذا إذا تليت على المؤمن آيات الله - عز وجل - {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:2]، زادتهم إيماناَ لما فيه من السلطان على النفوس.
إذا تبين لك ذلك فكلام الله - عز وجل - قديم النوع حادث الآحاد.
والقرآن من الحادث الآحاد وقت التَّنَزُّل كما قال - عز وجل - {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء:2 - 3] إلى آخر الآيات.
يعني أنّ الله - عز وجل - تَكَلَّمَ به.
وكلام الله - عز وجل - أوسع من الكلام بالقرآن.
والقرآن جاء على هذا النحو؛ لأنه الذي يتحمله الإنسان، الإنس والجن لا يتحملون أكثر من هذا، وإلا لصار عليهم كَلَفَة وعَنَفَة.
بهذا يتبين لك ما ظهر لي من تحصيل أقوال أهل العلم في هذه المسألة العظيمة التي خاض فيها المعتزلة، وخاض فيها الأشاعرة، وقل بل نَدَرْ من أهل السنة من خاض فيها على هذا النحو، بل لا أعلم من جمع فيها الأوجه على هذا النحو في كتب العقائد؛ بل تجدها متفرقة في كتب كثيرة في البلاغة، وفي الدراسات في إعجاز القرآن، وفي التفسير، وفي كتب متنوعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما أجمل قول الطحاوي رحمه الله رحمة واسعة (أَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر) وهذا هو الحق فالقرآن بصورته وهيئته وصفته لا يمكن أن يشبه قول البشر، حتى في رسمه وتنوع آياته وسوره لا يمكن أن يشبه قول البشر.
أسال الله - عز وجل - أن يغرس الإيمان في قلوبنا غرسا عظيما، وأن يجعلنا من أوليائه الصالحين، وأن يهيئ لنا من امرنا رشداً".
ـ[محمد جابري]ــــــــ[25 Oct 2008, 08:05 م]ـ
أخي الكريم حقظكم الله ورعاكم وأنار دربكم وفتح بصائركم،
أبدأ بالدعاء بين يدي العزيز الحكيم الذي وحده القادر على تأليف القلوب وإضفاء عليها رحمة من عنده تهدي السبيل.
لا أخفيك أخي الكريم وأنا أقرأ ما تمخض عنه بحثكم والقلب منقبض، وتركت الرد عليكم إلى حين انشرح القلب؛ وإذا كان القاضي ملزم بأن لا يقض وهو عضبان، فكيف بمن يريد إسداء نصح لأخ غيور على هذا القرآن، ولكن كل عيبه أنه لم يأت البيوت من أبوابها.
أخي الكريم حين يخاطبنا الحق جل في علاه بقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [23] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [24]} من سورة البقرة، فهل فعلا آمنا بقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} بأن المسألة جاء فيها جزم من الله والجزم منه سبحانه وتعالى لا ينخرم؟
كان علينا أن لا نبالي بهذه الأقوال ولا نلتفت إليها لماذا؟
لكوننا بصدق لم نضع اليد على جوهر الإعجاز القرآني وهو ما يدعوني لأترككم تتأملون هذه الفقرات علها تكشف لبسا أو تزد يقينا على ما حبى الله المرء من فيضه وفضله: إعجاز القرآن الكريم بين الخلق والأمر
{ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54]
حتى نلمس حقيقة إعجاز القرآن الكريم والذي جاء بخاصة بين الخلق والأمر يأبى علينا خلقنا أن نتقدم النصوص كي لا نقف مع الواقفين على عتبة آيات الله سواء منها القرآنية أو الكونية جعلها الله نبراسا منيرا يستضاء به أعشى البصر حتى ينقدح زناد بصيرته لتبصر الغيب من وراء حجبه الكثيفة بعدما يرق سمكها وتضحي شفافة فتتوقد حساسيتها وتتوقف عند كل كلمة تستشف أسرارها وتتنبه لدلالاتها وتهتز لما يخفق له القلب طربا أو ما طمحت له طموحها أو انطوت عليه انطواءها بغية تفتح إدراك جديد ورأي سديد أصاب رمحه سويداء عيون الفهم فائتلفت عليه القلوب، وتعانقت عليه أيدي الراسخين في العلم فباتوا نخلا سامقا لها طلع نضديد رزق للعباد. وبهذا شدا كل طير شدوه بما أصابه من إعجاب بآيات جاءت بصائر للناس سواء منها القرآنية أو الكونية حسب ما تأثر به كل منهم.
وما انساق المنساقون وراء الكلام عن الإعجاز إلا بحسن ظن منهم بكونهم يبرزون آيات تستحث الهمم وتشحذ العزائم والذمم للالتصاق بهذا المنبع الثر المتدفق، والذي لا ينضب معينه، ولا تنقضي عجائبه.
واختلط على العوام والمتخصصين أيضا أمر الآيات والبصائر والتي ساقت عبرا وعظات قد تهز المرء من أعماقه بما هو حقيقة التحدي القرآني.
وانساق الناس وراء آيات البصائر فتكلم الفقهاء حول الإعجاز البلاغي، والبياني، والعلمي، والغيبي، وتأثير القرآن، والقول بصرف قلوب الناس عن معارضته، وهي كلها إشارات مهمة ووقفات لا تخلو من نكتة أدبية وفقهية، لكن الجزم بكونها التحدي القرآني الذي رمت إليه الآيات فهذا موطن الخلاف، وهو ما لم نسلمه لقائله. وهل بات الخلاف مسألة اصطلاح لدلالة لفظ: " الإعجاز "؟.
فالكلام عن الإعجاز القرآني مسألة خلافية لا بد فيها من الرجوع إلى الله وإلى الرسول وإلى أهل العلم والاستنباط. والرد إلى الله يقتضي منا الضراعة بباب الكريم.
1ـ نقف بباب من تعهد ببيان ما أبهم من كتابه مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ?ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ? [القيامة: 19].
2ـ نستعين به سبحانه ونتوسل إليه بأسمائه الحسنى: "الله العلي الكبير" و"الله عليم حكيم" ليبين لنا ما أبهم علينا من شأن تحدي آيات القرآن، وما صار إليه الكلام تحت عنوان إعجاز القرآن مصداقا لقوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
? فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ? [غافر: 13 - 12]. ?يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ? [النساء: 26].
وما يؤكد التوجه هو أن الدعاء إنابة إلى باب الرحمن، والمنيبون اختصهم الله العلي الكبير بالعبرة والذكرى.
وبعدها نطرح السؤال على القرآن الكريم: هل في القرآن إعجاز؟
هل في القرآن إعجاز؟
نجد أن الله رفع التحدي للخلق في أربعة أمور منها: الخلق وهو دخول الروح الجسد، أو الموت وهو خروجها من الجسد، ثم الأمر الذي هو تشريع الله لخلقه، وتجلى فيه التحدي إن على مستوى روحه، أو على مستوى تشريعه.
وبهذا يضحي الإعجاز متعلقا بأمرين لا ثالث لهما: الخلق والأمر. والخلق والأمر من اختصاص الله سبحانه وتعالى.
أـ الخلق
يرفع القرآن التحدي عاليا في وجه البشرية جمعاء:
?يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ? [الحج: 3]
ويستفسر في استغراب: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [لقمان: 11]. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ، بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً} [فاطر: 40]؛ {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4].
ب- درء الموت
وإذا كان "الخلق تقديرا وإيجادا"1 بعد دخول الروح الجسد فالموت كناية عن خروج الروح من الجسد، والروح نفخة ربانية وهي من أمر الله؛ إذ فعله قول: " كن فيكون" وهي من اختصاصه سبحانه وتعالى لا يشاركه فيه مشارك.
وكما تحدى الخلق بخلق ذبابة فما فوقها تحداهم أيضا بدرء الموت عن النفس:
{قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].
من الأمور الكلية التي جاء بها القرآن موت الإنسان، بل وكل المخلوقات، ويبقى الدوام لله: ويقرر القرآن الكريم ضمن السنن الإلهية التي نظمت مسار الكون وسريانه:
{كلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185].
ولكم يخشى الإنسان تحوله من حياة إلى موت، بل أشد الناس تمسكا بحياة على أي شاكلة هم اليهود ولو كانت حياة الذلة والصغار: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 96].
وأن الله قهر العباد بالموت، وجعلها سنة الحياة؛ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]
ومهما اعتصم المرء وفر من الموت ما نفعته حيلة، ولا دفع القضاء إلا الدعاء، فالموت قدر معلوم إلى أجل معلوم، ومن زعم غير ذلك فليدفع الموت عنه ولو كان في بروج مشيدة: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً} [الأحزاب: 16].
{الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].
(يُتْبَعُ)
(/)
{أيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} [النساء: 78].
ويصور القرآن الكريم حالة نزع روح الكافر تصويرا تشهده ملائكة العذاب وهي تتوعدهم: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93].
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6].
ج ـ: الأمر
? وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ? [يونس: 37]
إنه نفي جازم من الله، من الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؛ فالذي يتابع التناسق الغريب بين السنن القرآنية والتي هي أساس الوجود ليندهش أمام هذا التطابق الهائل لكل سنة على حدة! فكيف بالسنن حين تتداخل وتتشابك؟! فإن سنن الله تتضافر وتتآزر مع العلم بأن من سنن الله السنن الكلية والسنن الجزئية، ولا تختلف باختلاف الكتب إلا ما حرف منها، فأنى لها أن تختلف في كتاب واحد؟
ما راعى الذين تكلموا عن الإعجاز هذا النفي فتناولوا أقوال مسيلمة وسجاح وغيرهما بالنقد والتجريح. وبعد نفي إمكانية الافتراء يأتي التحدي سافرا لا لبس فيه ولا غموض يكتنفه:
? إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [23] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [24] ? [البقرة].
وكل عناية بكل ما قيل بانها أقوال جاءت لتعارض القرآن فهو ضمنا تكذيب لهذا الجزم الرباني، وهو كفر صريح عندنا فيه من الله برهان.
والخلق والأمرأمران من اختصاص الحق سبحانه وتعالى فلا ينازعه فيهما منازع؛ إذ شمل تحديين إن على مستوى التشريع، وإن على مستوى الروح، والتي هي جوهر إعجاز القرآن: {?أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ?} [الأعراف: 54].
د ـ روح القرآن:
يقول الحق سبحانه وتعالى:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].
فسِرُّ تحدي القرآن هو روحه، وهو ما لم يلتفت إليه المتكلمون عن الإعجاز بالمرة.
هـ ـ التحدي التشريعي:
جاء كتاب الله مهيمنا على ما قبله من الكتب، بما جاء به من هداية سبيلا اصطفاها الله دستورا للبشرية إلى أن يأخذ الأرض ومن عليها.
والمسلمون في زمن الانبهار العلمي بما أنجزته يد الغربيين استداروا وجهتهم عن كتاب ربهم الذي مكن أجدادهم من حياة العزة والسؤدد قرونا متطاولة، وأقبلوا إقبالا على المدارس الغربية ومناهجها في التعليم والتعلم. فذلوا وأذلوا وراوحوا مكانهم في العالم الثالث حيث عشش الفقر وهيمن الظلم وطغى الاستبداد وركب التبعية. فصاروا أذنابا تابعين بعد أن كان أجدادهم سادة متبوعين.
وعوض أن يرفع العلماء لواء التحدي عاليا لنصرة دين الله وإعلاء كلمته، -وهي العالية بإذن ربها-، استجابوا لدواعي الظروف الاجتماعية القاهرة وأخلدوا إلى المناصب والكراسي وانشطروا قسمين:
(يُتْبَعُ)
(/)
فأما الصادقون فصدقوا في إخلاصهم لمناصبهم واعتبروها أمانة وراعوها رعاية المشفق، وقد أخذت منهم الجهد والوقت، فإن تجاوزوها لأشغال وأعمال أخرى كانت جهودهم شكلية لضيق أفق وقتهم، ولقلة المعين، الشيء الذي كرس طوق التقليد خلفا لسلف، مما جعل منهم محامين فاشلين أمام قضية عادلة ومنصفة، وكان الأجدر بكل باحث أن يشكل خلية بحث يشرف على جهودها استكمالا لما لا يتم الواجب إلا به، ليضحي شوكة في حلق كل معاند، وسدا منيعا يقطع طمع الطامعين في النيل من الشريعة الغراء، واضعين نصب أعينهم قوله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]. لم يمض عهد مقاتلة الظالمين وإنما تغيرت وسائل سلاحه؛ فالمواجهة أصبحت مواجهة حضارية أضحت فيها الكلمة لقوة الحجة والبرهان، لتخلد العقول للتفكير الرصين، بعيدا عن كل تهييج وخفة وطيش، لا لقوة السيف والسلطان، في بلداننا حيث أصبح السيف وسيلة إرهاب تتسلط به الدولة على المستضعفين، ابتزازا لأموالهم وتسخيرا لرجال القمع في إذلالهم، ولم يعد سيف الدولة وسيلة لدحض الكافرين والنيل منهم ولو كانوا للأرض مستعمرين.
وأما غير الصادقين فتزينوا بالمناصب لهثا وراء سراب الدنيا والجاه والمكانة، ولم يزينوها بزينة الإيمان والمواقف الصادقة التي لا تخشى في الله لومة لائم.
مع العلم بأن التشريع الرباني جاء ليرفع التحدي في وجه كل المخالفين ولكل الأنظمة والقوانين: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]. وتحدى أهل الكتاب بقوله: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [القصص: 49] ورفع التحدي للبشرية جمعاء: {اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4].
كما بين بأن القرآن جاء مفصلا على علم هدى ورحمة: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 52]. بل ما جاء القرآن إلا ليرفع عاليا فوق كل تشريع وفوق كل دين: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
وما أرسل رسوله إلا ليظهره على القوانين الوضعية السائدة في كل زمان وأوان: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33].
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} [الفتح: 28].
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 9].
فهل لنا من رجال أفذاذ يذودون عن الحمى بفقه منهجي علمي رصين، نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم في مهمة التبليغ؟
ا محمد جابري
ـ[محمد جابري]ــــــــ[25 Nov 2008, 08:07 م]ـ
شكر الله لكل المشاركين نصحهم ومساهمتهم؛
إن كان لي أن أدلي بدلوي في الموضوع فإني لا أرى ما تصوره الإخوة، إذ كان على الباحث في موضوع المثلية أن يبحث عن مواصفات القرآن حتى يمكنه ذلك من المقارنة وجوه المثلية، ولعل ما أصبو إليه وجه وصف القرآن بالروح في قوله تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]
فلو تدبرنا هذه الاية ما كان لنا أن نخوض في كثير من الكلام، فسر القرآن الكريم روحه، ـــ وراجع أقوال المفسرين في الموضوع ــ.
ثم ما كان للآخ الكريم أن يخوض غمار هذا البحث أصلا لو وقف وقفة تدبر مع قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] ذلك بكون العهد من الله لا ينخرم، وعهده هنا لم تفعلوا ولن تفعلوا.
فكيف بمن يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن بالكتاب يناقش ما سماه سورة الشجرة؟
ولقد عجبت لكبار الأدباء مثل الرافعي رحمه الله وهو ينتقد كتابات مسيلمة ويحتفي بشأنها!!!
ألا فاليخش المؤمنون على يقينهم وتصديقهم بوعد ربهم؛ إذ الله لا يخلف الميعاد.
وكل احتفاء بمثل هذه الأقاويل فلهو شك في وعد الله وصدق كتابه؛ إذ ما كان لمن يصدق كلام الله أن يصدق كلام يناقضه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[03 Feb 2009, 06:27 م]ـ
لقد مرت ثلاث سنوات على آخر تعقيب لي على هذا البحث, واليوم وأنا أتابع ما فيه وجدت أخا فاضلا اسمه محمد الجابري يعترض على الجميع في الرد على المشككين في القرآن الكريم , وذكر أن تدبر آية البقرة تجزم بذلك فقال: (ثم ما كان للآخ الكريم أن يخوض غمار هذا البحث أصلا لو وقف وقفة تدبر مع قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] ذلك بكون العهد من الله لا ينخرم، وعهده هنا لم تفعلوا ولن تفعلوا.) ثم قال: (ألا فاليخش المؤمنون على يقينهم وتصديقهم بوعد ربهم؛ إذ الله لا يخلف الميعاد.)
وهذا والله عجيب.
هل سلمنا أخي الكريم بأقوال هؤلاء؟!
وهل قول الله تعالى هنا " فاتقوا النار " موجه لمن يدافع عن القرآن الكريم؟!!!!!!
ثم ماذا تقول لهذا الجيش الجرار من كبار العلماء ممن وقف في وجه المشككين؟
لعل الأمر يحتاج منكم إلى مراجعة
والله يوفق الجميع
ثم لقد اطلعت على كلام الشيخ الفضل صالح آل الشيخ ورأيته يوافق ما قلته في بحثي , وجئت به في كلامي , فلماذا أحجم الجميع عن التعليق حين كتب الشيخ بحثه؟
فهل تردون على الكلام أم على المتكلم؟
إنه لأمر عجيب عجيب!!!!!
ـ[الخطيب]ــــــــ[04 Feb 2009, 12:56 ص]ـ
العود أحمد أبا أنس
أحييك أخي الكريم على صبرك وطول نفسك في البحث والدرس الذي لا يخلو من تدبر واجتهاد يقود إلى آراء فريدة قد نتفق حولها وقد نختلف لكن يبقى أن نعترف لأهل الفضل بفضلهم ونسأل الله لهم سداد الرأي فالحاجة ماسة – اليوم أكثر من أي وقت مضى - إلى تضافر الجهود خدمة للكتاب العزيزالذي يشكو من عامة المسلمين هجره، ومن الخاصة عدم القيام بكامل حقه.
أخي الحبيب،
هل تذكر تلك الليلة التي جمعتنا وبعض إخوتنا من أهل العلم وقد هالنا ساعتها جرأة من لا تتجاوز ثقافتهم في النحو رفع الفاعل ونصب المفعول على القرآن الكريم، وادّعاءهم إمكانية المعارضة، وزعموا أنهم قد أتوا في ذلك بطائل قد أرضى غرورهم؟
قرأنا ما كتبوا فإذا هو سخف من القول أرفض أن أدنس بذكره صفحات هذا الملتقى المبارك وقد أشرتم في بحثكم إلى بعضه؟
أتذكر يا أبا أنس؟
ليلتها ولدت فكرة هذا البحث لديكم وبعدها فرقتنا الأيام فلم أشهد معك مراحل إتمامه كما كان العهد بيننا، أن تمتعنا بما تسطره يمينك مرحلة مرحلة، ونسعد معا بما تثمره مجالستكم من أفكار، وما يتمخض عنها من تحليل وتصويب.
أخي الكريم قبل أن أتفق معك أوأختلف أود أن أستجلي رأيكم حول ما ذكره بعض العلماء من أن التحدي في آية سورة البقرة وحدها {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} هو للناس جميعا وبوجوه متعددة وليس بالوجه البلاغي فقط، وأما في غيرها من الآيات فالتحدي كان خاصا بالعرب وهو رأي مؤسس على أن "من" الدالة على التبعيض قد وردت في هذه الآية وحدها دون بقية آيات التحدي
فما رأيكم؟
دام فضلكم
ـ[المغوار]ــــــــ[28 Feb 2009, 07:49 م]ـ
قرئت بحثكم و اشكركم شكرا جزيلا على المجهود فوودت ان اطرح هذا البحث الجاد لاحد الباحثين المعاصرين للزيادة في النفع و التنوير.
- محتويات القرآن
يقول إن الكتاب المتشابه هو السبع المثاني والقرآن العظيم. فالتشابه في السبع المثاني جاء في قوله تعالى (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هادٍ) (الزمر 23).
نلاحظ هنا كيف جاءت كلمة "كتاب" منكرة ولذلك فهي لا تعني كل محتويات المصحف، وإنما وصف هذا الكتاب بصفتين هما التشابه والمثاني. ويعني ذلك أن مجموعة السبع المثاني هي كتاب متشابه ومثانٍ معاً.
أما بالنسبة للقرآن فيجب أن نميز بين القرآن معرفاً كقوله (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (البقرة 185) وقوله (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) (الحجر 87) وقوله (بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ) (البروج 21 - 22) وقوله (يس * والقرآن الحكيم) (يس 1 - 2) ولم يقل يس * وقرآن حكيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فعندما يأتي القرآن معرفاً فإنه يأخذ المعنى نفسه، أما إذا جاء منكراً فيمكن أن يعني جزءاً منه. فالقرآن الحكيم هو القرآن العظيم نفسه وهو الذي أنزل في رمضان. وليست عبارة (قرآن مجيد) هي بالضرورة (القرآن العظيم). ولكنها من جنسه وتعني جزءاً منه، لا كله. وقد جاء الدليل على أن القرآن كله متشابه وأنه هو الحق في سورة يونس في قوله (وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون) (يونس 36) (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) (يونس 37) (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) (يونس 38) (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) (يونس 39).
وها هنا نلاحظ أن سياق الآيات يتكلم عن القرآن وأنه احتوى على معلومات لم يحيطوا بها وأنه لم يأت تأويله بعد. ونلاحظ أيضاً ما جاء في الآية 7 آل عمران أن التأويل هو للمتشابه فقط.
أما إذا نظرنا إلى محتويات القرآن فنرى أنه يتألف من موضوعين رئيسيين وهما:
1 - الجزء الثابت: (قرآن مجيد * في لوح محفوظ) (البروج 21 - 22) وهذا الجزء هو القوانين العامة الناظمة للوجود كله ابتداء من خلق الكون (الانفجار الكوني الأول، وفيه قوانين التطور "الموت حق" وتغير الصيرورة "التسبيح" حتى الساعة ونفخة الصور والبعث والجنة والنار. وهذا الجزء لا يتغير من أجل أحد وهو ليس مناط الدعاء الإنساني، وإن دعا كل أهل الأرض والأنبياء لتغييره فلا يتغير، وهذا الجزء العام هو الذي تنطبق عليه عبارة (لا مبدل لكلماته) (الكهف 27).
فكلمات الله هي عين الموجودات أي الأشياء (قوله الحق) (الأنعام 73). وفي اللوح المحفوظ يوجد القانون العام الصارم لهذا الوجود، ولا تبديل لهذا القانون من أجل أحد. أما التشابه في هذا الجزء فهو منسوب إلى الفلسفة وهي أم العلوم، أي معرفة الإنسان بالقوانين العامة الناظمة للوجود.
2 - الجزء المتغير من القرآن: وهذا الجزء عبر عنه بأنه مأخوذ من أمام مبين في قوله (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) (يس 12).
فالإمام المبين يحتوي على شقين:
أ - أحداث وقوانين الطبيعة الجزئية: مثل تصريف الرياح واختلاف الألوان وهبة الذكور والإناث والزلازل والطوفان وهي قابلة للتصريف، وغير مكتوبة سلفاً على أي إنسان وغير قديمة. فمثلاً القانون العام في اللوح المحفوظ يقول: إن "الموت حق"، ولكن الأحداث الجزئية في الطبيعة يمكن أن تسمح بوجود ظواهر تطيل الأعمار وظواهر تقصرها. فالتصريف هو بطول العمر وقصره، وليس بإلغاء الموت. فأحداث الطبيعة الجزئية أطلق عليها مصطلح آيات الله (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم) (الروم 22) (تلك آيات الله) (الجاثية 6). فآيات الله تختص بظواهر الطبيعة وقد جاءت في الكتاب في مصطلح "كتاب مبين" في قوله (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابس إلا في كتاب مبين) (الأنعام 59) وهذه الأحداث ليست مبرمجة سلفاً وليست قديمة.
وعندما عطف عبارة (كتاب مبين) على القرآن في أول سورة النمل عطف خاصاً على عام. لنرجع إلى الآية 75 التي تقول: (وما من غائبةٍ في السماء والأرض إلا في كتاب مبين). فعندما يورد لفظ "كتاب مبين" في القرآن يتكلم فيه عن جزئيات ظواهر الطبيعة، كالحرية الكيميائية (ولا رطب ولا يابس) والموقع (ولا حبةٍ في ظلمات الأرض) والحركة الميكانيكية (وما تسقط من ورقة إلا يعملها).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا الجزء الذي سماه بعبارة "كتاب مبين" فيه التصريف والتغيير وهو مناط التدخل الإلهي وفقاً للنواميس الكونية التي ارتضاها وقررها، فتارة يعمل لصالح زيد وأخرى لصالح عمرو، وهو مناط الدعاء. فنحن ندعو الله أن يرسل لنا مطراً، لأن المطر يأتي من تصريف الرياح أو أن يهب لنا ذكوراً وإناثاً. لأن كل هذه الأشياء ليس لها علاقة باللوح المحفوظ وإنما هي أحداث جزئية في أحداث جزئية في ظواهر الطبيعة وإلا فلا معنى لقوله عليه السلام: الدعاء مخ العبادة وقوله أيضاً: لا يرد القضاء إلا الدعاء. وهي أيضاً مناط العلوم كلها الطب والفلك والفيزياء والكيمياء .. الخ. ما عدا الفلسفة والتاريخ. ويقوم التشابه في آيات الكتاب المبين "آيات الله" على نسبة تقدم المعارف الإنسانية بأحداث الطبيعة وظواهرها وهو الذي ينطبق عليه (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (آل عمران 47 – مريم 35).
ب - أفعال الإنسان الواعية: وهو ما نسميه القصص. لقد أكد في الكتاب أن القصص من القرآن في قوله: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) (يوسف 3). فقد أشار إلى أن تتبع أفعال الإنسان المسجلة عليه بعد وقوعها يتم في (إمام مبين) ليميزه عن (لوح محفوظ) (إنا نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) (يس 12) وقد أورد منه أحداثاً متكاملة لتتبع تطور التاريخ الإنساني، وتطور المعارف في النبوات والتشريع في الرسالات، أي كيف تفاعل الإنسان مع القانون العام للوجود والقوانين الجزئية من جهة، وكيف تفاعل مع الرسالات من جهةٍ أخرى. وبما أنه أعطى هذا الخط في القصص فقد سماه "أحسن القصص".
أما القصص جزء من القرآن فقد ورد في قوله: (وإن كنت من قبله لمن الغافلين) (يوسف 3) فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهل القصص والقرآن معاً، وكان القصص ليس جزءاً من القرآن لجاءت الصيغة بصورة المثنى أي: وان كنت من قبلهما، وهذه الصيغة "من قبله" تصح في حالة أن القرآن شيء والقصص شيء آخر في حالة واحدة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهل القرآن ولا يجهل القصص، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهل القصص أيضاً لقوله في سورة هود بعد قصة نوح: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين) (هود 49). من هنا نستنتج النتيجة الوحيدة وهي أن القصص جزء من القرآن. وهناك دليل آخر في قوله تعالى في أول سورة النمل: (طس تلك آيات القرآن وكتابٍ مبين) فإذا تصفحنا سورة النمل وجدنا أن فيها قصصاً.
أما العنوان العام الذي أعطاه الكتاب للقصص وهو عبارة "الكتاب المبين" فقد جاء في ثلاث سور فيها قصص وهي سورة يوسف (الر تلك آيات الكتاب بالمبين)، وسورة الشعراء (طسم * تلك آيات الكتاب المبين)، وسورة القصص (طسم * تلك آيات الكتاب المبين).
ولنشرح الآن لماذا سمى القصص الكتاب المبين وسمى ظواهر الطبيعة كتاباً مبيناً.
السبب الأول: أن كليهما أوحي من الإمام المبين وليس من اللوح المحفوظ. وثانيهما أن القصص أعطت مواضيع متكاملة منتقاة لتتبع تطور التاريخ الإنساني، لذا سميت "أحسن القصص"، وعرفت بالكتاب المبين. أما أحداث الطبيعة وظواهرها فقد أورد فيها آيات متفرقة لذا سماها "كتاباً مبيناً".
ونشير إلى أن التشابه في القصص منسوب إلى تطور المعارف الإنسانية حول تطور التاريخ الإنساني، فكلما زادت هذه المعارف تمكنا من تأويل آيات القصص.
ومن هنا نستنتج أن القرآن العظيم وهو كتاب متشابه يتألف من مصدرين رئيسيين:
أ - القانون العام (قرآن مجيد * في لوح محفوظ) وهو كلمات الله القديمة لا تبديل لها وسمي مجيداً لأن السيطرة الكاملة له ولا يمكن الخروج عنه وهو مطلق.
ب - القانون الخاص الجزئي في أحداث الطبيعة الجزئية وظواهرها وأفعال الإنسان بعد وقوعها، وسماه إماماً مبيناً، وهو مناط التصرف والدعاء والمعرفة، ولكنه لا يلغي القانون العام بل يعمل ضمنه وهو كلام الله المحدث وينطبق عليه قوله (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) وفيه إرادة الله الظرفية. حيث أن هذين الجزأين يحملان طابع الوجود الموضوعي. وسمي قرآناً لأنه قرن القانون العام للوجود مع القانون الخاص ومع خط تطور سير التاريخ الإنساني.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا نفهم أن القرآن هو الجانب الموضوعي في الكتاب "الحق" (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين) (سبأ 43). وفي قوله: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) (الأحقاف 7).
هنا نرى أن الإعجاز جاء في القرآن فقط، وليس في أم الكتاب إذ أن أم الكتاب ذاتية، وهكذا لا يمكن أن نرى في أي آية من آيات الأحكام مصطلح (قال الله)، هذا مستحيل .. إنما نرى أن آيات الأحكام جاءت ضمن الصيغ التالية:
- صيغة أمر: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) (النحل 90).
- صيغة نهى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) (التحريم 2).
(كتب عليكم الصيام) (البقرة 183).
(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم) (النساء 24).
- صيغة وصايا: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء 11).
أي أنه لا يمكن أن نرى آية واحدة من آيات الرسالة "الأحكام" فيها عبارة (قال الله)، لأنه لو جاءت بهذه الصيغة (قال الله صلوا) أو (قال الله صوموا)، مع الأخذ بالحسبان أن قول الله هو الحق (قوله الحق) (الأنعام 73) -فهذا يعني أن الصلاة والصوم حقيقة موضوعية موجودة خارج الوعي. ولأصبحت الصلاة والصوم ناموساً لا يمكن مخالفته. ولرأينا أن الناس جميعاً دون استثناء صاموا وصلوا من دون أن يكون لهم أي خيار في ذلك، ولأصبحت الصلاة والصوم كعملية هضم الطعام ونبض القلب يلتزم بأدائهما الناس آلياً.
من هنا وللدقة وجب علينا أن لا نطلق عبارة (قال الله) على الأحكام ولكن نقول: أمرنا الله بالصلاة ونقول: أمرنا الله بالصوم، ونقول: أمرنا الله تعالى بصلاة الجمعة في الآية: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .. ) (الجمعة 9). ولا نقول: قال الله (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة …) فإذا قلنا: قال الله صلوا، وكان هناك أناس لا يصلون، فهذا يعني أن قوله غير نافذ وهذا يناقض قانون (قوله الحق) هذا إذا أردنا أن نتقيد بالمصطلح القرآني البحت. أما قولنا عن كل آية وردت في الكتاب: (قال تعالى) فهذا مصطلح مجازي بحت يقصد به الصياغة اللغوية للكتاب كله الذي أنزل من عند الله وهو من صياغة رب العالمين.
من هنا يجب أن نفهم أن كلمات الله نافذة لا مجال لتبديلها ولا خيار لنا في تنفيذها أو عدم تنفيذها لأن كلماته عن الوجود ونواميسه العامة وأحداثه الجزئية حين وقوعها. لذا قال عن القرآن: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحداً) (الكهف 27) هنا قال عن كلمات الله: إنها غير قابلة للتبديل وإن الإنسان لا يستطيع أن يحيد عنها (ولن تجد من دونه ملتحدا)، فلو كانت الآية (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء 11) هي من كلمات الله، ورأينا أناساً لا يلتزمون بها ويبدلونها، لكان ذلك يعني كذب ما جاء في الآية (لا مبدل لكلماته).
وهكذا نفهم قوله تعالى: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) (الكهف 109). بما أن كلمات الله هي عين الموجودات ونواميسها العامة والخاصة حين وقوعها، ونعلم الآن مدى كبر هذا الكون حسب معلوماتنا، فلو أراد الله سبحانه وتعالى أن يصف لنا الموجودات من خلال كلام الإنسان، للزم أن يكون البحر مداداً لهذه الكلمات ولا يكفي.
أما قوله تعالى (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) (البقرة 58) (فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون) (البقرة 59).
(يُتْبَعُ)
(/)
هنا الآية 58 في سورة البقرة تبدأ بقوله (وإذ قلنا) والقائل هو الله، فقوله نافذ ولكنه ينطبق فقط على الفقرات (ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا) (وادخلوا الباب سجداً) أي أنهم دخلوا القرية وأكلوا ودخلوا الباب سجداً. ولكن جملة (قولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) هي جملة أمر (ضد النهي) وليست قولاً، ولكي يبين أن هذه جملة أمر قابلة للعصيان والطاعة وليست كلمة فقد أتبعها بالآية (فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم). وليست كلمة نافذةً لا محالة.
ولو كانت جملة (قولوا حطة نغفر لكم خطاياكم) كلمةً من كلمات الله وليست أمراً لتناقضت مع قوله تعالى (لا مبدل لكلماته) إذ كيف يقول (لا مبدل لكلماته) ويقول أيضاً (فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم) لذا فقد أفرد آية خاصة هي الآية 59 من سورة البقرة لكي يؤكد عدم التناقض.
وقد أكد هذه الناحية أيضاً في الآيتين 161 - 162 في سورة الأعراف (وإذا قيل له اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين) (الأعراف 161).
(فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزاً من السماء بما كانوا يظلمون) (الأعراف 162).
أما لماذا تكرر الموضوع نفسه مرتين في البقرة والأعراف فهو بحاجة إلى بحث خاص.
أما قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون) (النحل 51).
لنقارن هذه الآية مع الآية (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) (الحج 26) أي أن وحدانية الله هي حقيقة موضوعية خارج الوعي الإنساني وأن التعددية غي ممكنة موضوعياً حيث أن أي تعددية هي باطل ووهم. فالأصنام هي حجارة خارج الوعي الإنساني وليست آلهة. لذا بدأت الآية بقوله: (قال الله).
لنناقش الآن الصيغة التالية:
(قل هو الله أحد) (الإخلاص 1) هذه الصيغة هي صيغة أمر، فلو حذفنا منها فعل (قل) لأصبحت الصيغة (هو الله أحد) وهي صيغة خبر. وصيغة (قل هو الله أحد) ليست قرآنية، ولو حذفنا قل لأصبحت الصيغة قرآنية لأنها خبر عن أكبر حقيقة موضوعية في الوجود وهي وحدانية الله. لذا فإن وضع صيغة قل أو عدم وضعها له أهمية كبيرة في الكتاب حيث أنه يُعد أحد المؤشرات لتحديد نوع الآية.
إن آيات القرآن والسبع المثاني كلها من الآيات المتشابهات وهي تمثل النبوة مع آيات تفصيل الكتاب. فما هي مواضيع القرآن؟
لقد قلنا: إن القرآن جاء من (قرن) وهو من جمع الجزء الثابت من قوانين الكون الموجود في (اللوح المحفوظ) مع الجزء المتغير الموجود في (الإمام المبين). لذا فإن القرآن يحتوي على موضوعين هما:
1 - الجزء الثابت وفيه القانون العام للوجود المادي الثنائي والذي يتمثل في جدل هلاك شكل الشيء باستمرار وجدل تلاؤم الزوجين. ويعتبر التطور وتغير الصيرورة العمود الفقري لهذا الجزء، ويتمثل بالانفجار الكوني الأول وقوانين التطور حتى الساعة ونفخة الصور الأولى والثانية والبعث والحساب والجنة أي خط الوجود المادي كله مع خط تطوره الحتمي. هذا الجزء الذي له السيطرة التامة والمجد والذي قال عنه (بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ) (البروج 21 - 22). هذا الجزء ليس مناط الدعاء من قبل الإنسان ولا يمكن أن يتغير من أجل أحد وهو الذي يطلق عليه: (كلام الله القديم) والذي هو جوهر الوجود المادي وعينه والذي قال عنه: (لا مبدل لكلماته) وهذا الجزء هو مناط الفلسفة وهي أم العلوم.
2 - الجزء المتغير وهو الذي أوحي من إمام مبين (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) (يس 12). ويشتمل على:
أ - الجزء المتعلق بأحداث الطبيعة وظواهرها ويسمى آيات الله وقال عنه: (كتاب مبين). وهذا الجزء هو مناط المعرفة الإنسانية بالطبيعة وهو مناط التصريف من الله والإنسان وهو مناط الدعاء لأنه غير ثابت ولكنه لا يخرج عن القانون العام وهو الجزء الذي قال عنه: (سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) (مريم 35) (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس 82) (مريم 35) (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس 82) مثل هبة الذكور والإناث وتصريف الرياح والمطر والصحة والمرض والرزق وهو كلام الله المحدث (إرادة الله الظرفية).
ب - أحداث التاريخ الإنساني بعد وقوعها وهو الجزء الذي سمي (أحسن القصص) "الكتاب المبين" وفيه خط تطور التاريخ الإنساني بالنبوات والرسالات. فالتاريخ الإنساني الواعي هو معرفة وتشريع، وما نتج عن ذلك من نتاج مادي وعلاقات حضارية إنسانية. وبما أن الإنسان يحتاج إلى تراكم معرفي حتى تحصل قفزة تشريعية، فإننا نرى أن عدد الأنبياء يزيد ع عدد الرسل، فكل رسول هو بالضرورة نبي، ولكن ليس كل نبي هو بالضرورة رسولاً. وأضرب المثال التالي لكي نفهم هذه النقطة:
عندما دخلت أول سيارة إلى دمشق لم يواكب دخولها إصدار قانون للسير، أي أن قانون السير في دمشق لم يصدر مع دخول أول سيارة إلى دمشق، ولكن صدر القانون بعد أن تراكم عدد السيارات ومست الحاجة إلى تشريع جديد منظم للسير. فيجب أن نفهم النبوات والرسالات على هذا الوجه، فالنبوات قفزات معرفية، وعندما تتراكم هذه المعارف تحصل الحاجة إلى قفزات في التشريع "الرسالات"، ولهذا نرى أن عدد الأنبياء هو بالضرورة أكثر من عدد الرسل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2009, 07:54 م]ـ
الأخ المغوار وفقه الله.
أرجو التوقف عن نقلك لكتابات محمد شحرور للملتقى، فمن يريد قراءة كلامه فلديه موقع يخصه بارك الله فيك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Feb 2009, 11:42 م]ـ
أيها الأخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طلبي من الجميع وأرجو أن تتكرموا علينا جميعا ولا تبخلوا، بعد هذا الأخذ والرد الخطير في شكله ومضمونه أن يقدم لنا كل مشارك في سطرين أو ثلاثة بالكثير فهمه الخاص في معنى المثلية.
فهل تتكرمون؟(/)
بحث عن حديث ....
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:05 م]ـ
أتمنى أن استفيد من علم الأعضاء الكرام في هذا الملتقى في بحثي عن الحديث التالي الذي رواه الماجشون
في كتاب الحج له (بغير اسناد , كما هو العادة عنده).
المفردات التي أبحث عنها باللون الأحمر.
لم أقل أنا ولا الأنبياء من قبلي شيئا أفضل من
لا اله الا الله وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد , وهو على كل شيء قدير.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:40 م]ـ
د. موراني حفظه الله
هل تريد الحديث بالنص نفسه، أم تريد بمعناه؟
فهو مروي بصيغة أخرى:
"أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له"
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 01:45 م]ـ
بارك الله فيكم يا أستاذ مساعد الطيار
ما أريد هو شاهد آخر أو شواهد أخرى لبداية هذا الحديث مثل ما أشرتم اليه
أين ورد ما ذكرتموه؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Apr 2005, 02:45 م]ـ
! ـ سنن الترمذي (5: 572) / باب في دعاء يوم عرفة 3585 حدثنا أبو عمرو مسلم بن عمر حدثني عبد الله بن نافع عن حماد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قال هذا حديث غريب من هذا الوجه وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس بالقوي ثم أهل الحديث
2 ـ سنن البيهقي (4: 284) / 8174 أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني أنبأ أبو بكر بن جعفر المزكي ثنا محمد بن إبراهيم العبدي ثنا يحيى بن بكير ثنا مالك عن زياد مولى بن عباس عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك هذا مرسل
3 ـ موطأ مالك (1: 214) / وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وهناك غيرها كثير.
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 03:12 م]ـ
بارك الله فيكم , كان انطلاقي في البحث عن الشواهد كما جاء عند الماجشون:
لم أقل أنا ولا الأنبياء من قبلي شيئا أفضل من ....
فلذلك لم أجدها!
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Apr 2005, 04:06 م]ـ
د. موراني
هل يمكنكم الاستفادة من هذا الموقع في بحثكم عن الأحاديث؟
http://www.sultan.org/b/
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[29 Apr 2005, 05:04 م]ـ
الدكتور موراني، وفقه الله:
دونك صورًا لبعض التخريجات:
الأولى ( http://members.lycos.co.uk/alsahat2/up_ar/ar/mora1.JPG) - الثانية ( http://members.lycos.co.uk/alsahat2/up_ar/ar/mora2.JPG) - الثالثة ( http://members.lycos.co.uk/alsahat2/up_ar/ar/mora3.JPG) - الرابعة ( http://members.lycos.co.uk/alsahat2/up_ar/ar/mora4.JPG) .
وليس بخافٍ على مثلك أن المجموع شرحٌ لمهذب أبي إسحاق الشيرازي، في فقه السادة الشافعية.
ـ[موراني]ــــــــ[29 Apr 2005, 05:40 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خيرا على هذه المساعدات القيمة والمفيدة!
أما اللفظ عند الماجشون فلم أعثر عليه بعد.
بتحياتي
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[30 Apr 2005, 07:59 م]ـ
د. موراني
لعلك تستفيد من موقع جامع الحديث على الرابط التالي
جامع الحديث ( http://204.97.230.60/SearchSarfiAuthorName.aspx)
ـ[موراني]ــــــــ[30 Apr 2005, 09:15 م]ـ
أحمد القصير , حفظك الله ,
أشكر لك على هذه المساعدة
قد وضعت جميع هذه الروابط عندي الى قائمة الأبحاث.
تقديرا
موراني(/)
صدر حديثاً قطعة من تفسير الإمام عبد بن حميد المتوفى سنة 249هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 May 2005, 06:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيميعد تفسير عبد بن حميد المتوفى سنة 249هـ رحمه الله من التفاسير المتقدمة التي عني بها المفسرون. وقد ذكر الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله أنه يوجد جزء من هذا التفسير قطعة، على هيئة تعليقات على هامش تفسير ابن أبي حاتم،مع شيء من تفسير ابن المنذر، وكان يرجو نشرها مستقلة فيما بعد، ثم توفي رحمه الله ولم يتيسر له ذلك. فقام الأخ مخلف بن بنيه العرف بذلك، ونشرها عن نسخة الشيخ حماد الأنصاري. وقد طبعته دار ابن حزم في جزء صغير اشتمل على تفسيرات عبد بن حميد لسورتي آل عمران والنساء. ويقع في 136 صفحة مع المقدمات والتعريف بالمؤلف ووصف المخطوط.
وهذا التفسير - لو اكتمل مطبوعاً - من التفاسير التي أثنى عليها العلماء،كابن حجر العسقلاني في بداية كتابه العجاب في أسباب النزول 1/ 202 حيث ذكر الذين اعتنوا بجمع التفسير من طبقة الأئمة الستة (الطبري - وابن المنذر - وابن أبي حاتم) ومن طبقة شيوخهم عبد بن حميد، فهذه التفاسير الأربعة قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين.(/)
من أسرار البيان في أمثال القرآن - مثل الكافرين مع محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[02 May 2005, 03:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مثل الكافرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الأمثال، التي ضربها الله تعالى للكافرين في كتابه الكريم، وضرب للمنافقين المثلين المذكورين في أوائل سورة البقرة، وهو دليل واضح على ما ذكرت في مثل المنافقين، مع ما ذكرت هناك من أدلة، ليست من قول فلان، ولا قول علان؛ وإنما هي أدلة من القرآن والسنة، وكلام الصحابة رضي الله تعالى عنهم .. فلينظر أبو عبد المعز وغيره: هل خالفت في هذا المثل علماء النحو والتفسير والبلاغة؟
[قال الله تعالى في حق الكافرين: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (البقرة:171)
هذا مثل ضربه الله تعالى لكل كافر مشرك بالله، ما دام على كفره وشركه، ويدخل في عمومه اليهود؛ لأن الآية نزلت فيهم .. وهو جملة استئنافية، واردة لتقرير ما قبلها؛ وهو قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (البقرة:170).
عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: أنها نزلت في طائفة من اليهود0 دعاهم رسول الله ? إلى الإسلام، فقالوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} .. فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم ضرب لهم هذا المثل، فقال جل شأنه: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}.
والجامع بين الآيتين: أن الأولى لبيان حالهم، والثانية تمثيل لتلك الحال. فهؤلاء الكافرون: مثل، والذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء مثل آخر، وبين المثلين تشابه في الأحوال، دلت عليه كاف التشبيه.
وعن مجاهد- رضي الله عنه- قال: هذا مثل ضربه الله للكافر، يسمع ما يقال له، ولا يعقل؛ كمثل البهيمة، تسمع النعيق، ولا تعقل .. وعن قتادة- رضي الله عنه- قال: مَثلُ هذا الكافر، مَثلُ هذه البهيمة، التي تسمع الصوت، ولا تدري ما يقال لها؛ فكذلك الكافر، لا ينتفع بما يقال له.
وعلى ذلك يكون المعنى: حال هؤلاء الكافرين، في دعائهم وندائهم إلى الإيمان، يشبه حال البهائم السارحة، في دعائها وندائها إلى المرعى، التي تسمع الصوت، ولا تدري ما تحته، وتسمع الدعاء، ولا تعقل ما وراءه .. كذلك حال هؤلاء الكافرين، يدعوهم رسول الله ? إلى الإسلام، ويحثهم على عبادة الله وحده، فلا يسمعون من دعائه وندائه، إلا مجرَّد الصوت.
ويفهم من تشبيه حالهم بحال البهائم، تشبيه حال داعيهم إلى الإيمان- وهو محمد ?- بحال الراعي، الذي ينعق بالبهائم، فلا تفهم من نعيقه أكثر من الصوت. وهذا ما أشار إليه القرطبي بقوله:” شبه تعالى واعظ الكفار، وداعيهم- وهو محمد?- بالراعي، الذي ينعق بالغنم، والإبل، فلا تسمع إلا دعاءه ونداءه، ولا تفهم ما يقول .. هكذا فسره ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسدي، والزجاج، والفرَّاء، وسيبويه. وهذه نهاية الإيجاز. قال سيبويه: لم يُشبَّهوا بالناعق؛ إنما شُبِّهوا بالمنعوق به. والمعنى: مثلك يا محمد، ومثل الذين كفروا، كمثل الناعق والمنعوق به من البهائم، التي لا تفهم0 فحذف لدلالة المعنى“0
وقال الزركشي:” اختلف الشارحون في فهم كلام سيبويه، فقيل: هو تفسير معنى. وقيل: هو تفسير إعراب. فيكون في الكلام حذفان: حَذفٌ من الأول: وهو حذفُ: داعيهم، وقد أثبت نظيره في الثاني، وحَذفٌ من الثاني: وهو حذفُ المنعوق، وقد أثبت نظيره في الأول“.
وقال السيوطي:” وفي (الغرائب) للكرماني: التقدير: مثل الذين كفروا، معك يا محمد، كمثل الناعق، مع الغنم؛ فحذف من كل طرف ما يدل عليه الطرف الآخر، وله في القرآن نظائر؛ وهو أبلغ ما يكون في الكلام “.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال السيوطي أيضًا:” وهو من ألطف الأنواع، وأبدعها، وقلَّ من تنبَّه له، أو نبَّه عليه من أهل فنِّ البلاغة، وذكره الزركشي في (البرهان)، ولم يسمِّه هذا الاسم، بل سماه: الحذف المقابلي “ .. ثم نقل عن الأندلسي قوله في شرح (البديعية):” من أنواع البديع (الاحتباك)؛ وهو نوع عزيز، وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول؛ كقوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}. التقدير: ومثل الأنبياء والكفار، كمثل الذي ينعق والذي ينعق به؛ فحذف من الأول (الأنبياء) لدلالة (الذي ينعق) عليه، ومن الثاني (الذي ينعق به)؛ لدلالة (الذين كفروا) عليه “.
وهكذا الشأن في كل تمثيل مفرَّق كان، أو مركَّب- كتمثيل المنافقين بقوم مخصوصين، ذهب الله تعالى بنورهم، وحرمهم الانتفاع به، وتمثيل رسول الله ? بالذي استوقد نارًا. ثم تمثيلهم بقوم آخرين، أخذتهم السماء في ليلة ممطرة، وتمثيل القرآن الكريم بصيِّب من السماء.
قال ابن قيِّم الجوزيَّة:” ولك أن تجعل هذا من التشبيه المركَّب، وأن تجعله من التشبيه المفرَّق. فإن جعلته من المركَّب، كان تشبيهًا للكفار في عدم فقههم وانتفاعهم، بالغنم، التي ينعق بها الراعي، فلا تفقه من قوله شيئًا، غير الصوت المجرَّد، الذي هو الدعاء والنداء.
وإن جعلته من التشبيه المفرَّق، فالذين كفروا بمنزلة البهائم، ودعاءُ داعيهم إلى الطريق والهدى بمنزلة الذي يُنْعَق بها، ودعاؤهم إلى الهدى بمنزلة النَّعْق، وإدراكُهم مجرَّد الدعاء والنداء كإدراك البهائم مجرَّد صوت الناعق .. والله أعلم! “.
ونقرأ الآية الكريمة: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}، فنجد لمحة من لمحات الإعجاز، في هذا التخالف بين جزأي الصورة، في المشبَّه، والمشبَّه به؛ حيث كان الظاهر أن يُقال: مثل الذين كفروا كمثل الذين ينعقون بما لا يسمع إلا دعاء ونداء.
ولكن هذا يفسد المعنى؛ لأنه يقضي أن تكون المشابهة بين حال الكافرين، وحال الذين ينعقون بأغنامهم. وهذا لا يصح، إلا على قول من ذهب إلى أن المراد من هذا المثل، هو تشبيه حال الكافرين، في دعائهم وندائهم للأصنام، بحال الراعي، في نعيقه بأغنامه. ولهذا قالوا: لمَّا كان المراد تشبيه حال بحال، جاز تشبيه الجمع بالمفرد.
وقد سبق أن ذكرنا، أن المراد بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا}: طائفة من اليهود؛ لأن الآية نزلت فيهم، ولم تكن اليهود أهلَ أوثان، يعبدونها، ولا أهلَ أصنام يعظمونها، ويرجون نفعها، أو دفعَ ضرِّها؛ حتى يُشبَّه حالهم، في دعائهم وندائهم للأصنام، بحال الراعي، في نعيقه بالبهائم؛ وإنما المراد- كما ذكرنا- هو تشبيه حالهم في دعائهم إلى الإيمان، بحال البهائم، التي ينعِق بها راعيها، فلا تسمع إلا صوته، ولا تفقه ما يقول، وتشبيه حال داعيهم، بحال داعي البهائم، وحذف من المشبه (داعيهم)؛ لدلالة {الَّذِينَ كَفَرُوا} عليه، وحذف من المشبه به (البهائم)، لدلالة {الَّذِي يَنْعِقُ} عليه.
ولهذا قال الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ}، فأضاف لفظ (مَثل) - في طرف المشبه- إلى الذين كفروا، وأضافه- في طرف المشبه به- إلى {الَّذِي يَنْعِقُ} .. وهذا هو سرُّ الإعجاز في هذا التركيب، ونحوه، في البيان الأعلى!
والنعيق: الصياح والزجر. يقال: نعَق الراعي بالغنم ينعِق نَعْقًا ونُعاقًا ونَعيقًا ونُعْقانًا: صاح بها وزجرها؛ ويكون ذلك في الضأن والمَعْز. وفي الحديث: أن النبي ? قال لنساء عثمانَ بن مظعون، لما مات:” ابكين! وإياكن، ونعيق الشيطان“. يعني: الصِّياح والنَّوْح. وأضافه إلى الشيطان؛ لأنه الحامل عليه (9) 0
وفي قوله تعالى: {يَنْعِقُ} - إشارة إلى أن الكلمات، التي يهتف بها الهاتف إلى هذه الدواب، هي بالنسبة إليه نعيقًا .. ولهذا عبَّر عنها بما هي صائرة إليه، لا بما كانت عليه عند النطق بها .. فتأمل!
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قوله تعالى: {بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} فالمراد به: نفْيُ سمْع الفَهْم عن الكفار، وإثبات سمْع الصوت المجرد لهم. وبذلك جعل الله تعالى سمع الكفار بمنزلة سمع البهائم لأصوات الرعاة. أي: يسمعون مجرَّد الأصوات كسَمْع الحيوان .. لا يسمعون- ما فيها من تأليف الحروف المتضمنة للمعاني- السَّمْعَ، الذي لا بد أن يكون بالقلب مع الجسم.
وذلك- كما قال الشيخ ابن تيميَّة- لا يمنع أن يكونوا قد يسمعون، إذا زال الغطاء، الذي على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم .. فإنهم لا يسمعون لذلك المعنى المشتق منه؛ وهو الكفر. فما داموا هذه حالهم، فهم كذلك. ولكن تغيُّر الحال ممكن؛ كما قال: {إلا أن يشاء الله} (الكهف:24)، وكما في الواقع.
ومثل هذا يفيد أن الإنسان لا يعتقد أنه بدعائه وإنذاره وبيانه، يحصل الهدى، ولو كان أكمل الناس. وأن الداعي- وإن كان صالحًا ناصحًا مخلصًا- فقد لا يستجيب المدعو، لا لنقص في الدعاء؛ ولكن لفسادٍ في المدعو.
وأما الدعاء والنداء فهما في الأصل مصدران لـ (دعا يدعو)، و (نادى ينادي)، ثم أقيم كلٌّ منهما مقام الاسم، تقول: سمعت دعاءً ونداءً؛ كما تقول: سمعت صوتًا، أو كلامًا، أو قولا.
وقد يقال كلٌّ منهما للصوت المجرَّد؛ كما في قوله تعالى: {بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}. وقد سبق أن ذكرنا أن المعنى المراد من هذا المثل: مثل الكفار مع محمد ? كمثل الناعق مع المنعوق به. شبههم بالغنم، التي تسمع نعيق الراعي، ولا تفهم منه إلا الصوت المجرَّد. وكذلك هؤلاء الكفار، يسمعون الدعاء والنداء، فلا يفهمون منهما إلا الصوت المجرَّد، دون المعنى، الذي يقتضيه تركيب الكلام.
ويقال كلٌّ منهما للصوت المركب، الذي يفهم منه ذلك المعنى؛ نحو قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} (الفرقان:77)، وقوله تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (مريم:3).
أما قولهم: إن الدعاء كالنداء، وأنه قد يستعمل كلٌّ منهما موضع الآخر، كما في آية البقرة السابقة فليس بشيء .. والدليل على ذلك أن الله تعالى، قد غاير بينهما، فقال?: {دُعَاءً وَنِدَاءً ً}. فلو كان ما قالوه صحيحًا، استغنِيَ بأحدهما عن الآخر؛ وإلا لكان تكرارًا، لا مبرر له، ولا مسوِّغ .. فتأمل!
وقال تعالى: {إلا دعاء ونداء}، فقدَّم الدعاء على النداء. وسر الإعجاز في ذلك يتجلَّى لنا في أمور، نذكر منها:
1 - أن النداء عام، والدعاء مختص بالله تعالى.
2 - أن النداء مختص بالجهر، والدعاء غير مختص به.
3 - أن النداء مختص بالبعد، والدعاء غير مختص به.
4 - أن النداء إجابة الصوت، والدعاء طلب الفعل.
أما قوله تعالى على لسان زكريا ?: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (مريم:3 - 4) فإن زكريا- عليه السلام- أشار بالنداء إلى الله تعالى؛ لأنه تصوَّر نفسه بعيدًا منه بذنوبه، وأحواله السيِّئة؛ كما يكون حال مَن يخاف عذابه. وهذا بخلاف قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} (آل عمران:38). فجاء- هنا- بفعل الدعاء؛ لأنه ? كان في مقام، يكون فيه العبد أقرب إلى ربه عز وجل من أي مقام آخر.
فثبت بذلك أن النداء أعم من الدعاء؛ إذ كل نداء دعاء، وليس كل دعاء بنداء. ولهذا قُدِّم الأخصُّ على الأعمّ .. ولهذا أيضًا فسر الزمخشري النداء بالدعاء، في قوله تعالى على لسان نوح ? {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} (هود:45)، فقال:” نداؤه ربَّه: دعاؤه له؛ وهو قوله: {رَبِّ}، مع ما بَعده من اقتضاء وعده في تنْجيَة أهله.
وقال تعالى- هنا-: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، فسلب العقل عن الكفار؛ لأنهم لم يكونوا من أهل البصيرة والإيمان. وقال سبحانه في مَثل المنافقين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}، فسلب الرجوع عن المنافقين؛ لأنهم آمنوا ثم كفروا، فلم يرجعوا إلى الهدى بعد أن باعوه بالضلالة. أو: عن الضلالة بعد أن اشترَوْها بالهدى. أو: إلى حيث ابتدءوا منه. والكل محتمل؛ لأن المراد، بنفي الفعل: مطلق الفعل، دون قيد .. فتأمل!
الاثنين / 2 / أيار / 2005م محمد إسماعيل عتوك(/)
صدر / تفسير ابن الأمير الصنعاني
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 May 2005, 05:20 م]ـ
صدر تفسيره بعنوان تفسير ابن الأمير الصنعاني، وفيه دراسة عن الصنعاني، وتحقيق جزء من تفسيره، وهي مقتطفات من مجموعة سور، وقد حققته هدى بنت محمد بن سعد المقاطي، وقدم لها العلامة المؤرخ المحقق القاضي إسماعيل بن علي الأكوع، وقد صدر عن مركز الكلمة الطيبة للبحوث والدراسات العلمية.
وهذا التفسير هو المسمى بمفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن.
وقد كان حقق جزءًا منه الدكتور عبد الله بن سوقان الزهراني، في أطروحته للماجستير في الجامعة الإسلامية عام 1408، وقد حقق سورة الشعراء والنمل والقصص والعنكبوت والروم.
ولعله يُخرج هذا التحقيق.
ومن طريف الأمر ما ذكره الدكتور عبد الله في مقدمة تحقيقه، حيث ذكر لأبراهيم أبن محمد صاحب مفاتح الرضوان؛ ذكر له كتابًا في تفسير القرآن بالقرآن، وهو بعنوان فتح الرحمن في تفسير القرآن بالقرآن، وهو غير تفسير والده مفاتح الرضوان.(/)
كتابان آخران في التجويد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 May 2005, 05:26 م]ـ
صدر عن مكتبة أولاد الشيخ بالقاهرة كتابان في التجويد
الأول: الفصول المؤيدة للوصول إلى شرح المقدمة، للعلامة أبي الفتح المزي من تلاميذ ابن الجزري (ت: 906)، وهو يطبع لأول مرة، حققه جمال السيد رفاعي.
الثاني: الفوائد المسعدية في حل الجزرية للإمام عمر بن إبراهيم بن علي المسعدي (ت: 1017)، تحقيق جمال السيد رفاعي.
والكتابان غير جيدين من حيث الإخراج ولا الورق، وكم نتمى أن يكون الكتاب الإسلامي، فضلاً عما هو مرتبط بالقرآن حسن الإخراج.(/)
بحث عن منظومة في علوم القرآن جملة
ـ[المزمل]ــــــــ[02 May 2005, 09:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة ا لله وبركاته
آمل من الإخوة أن يفيدوني بالمنظومات التي ألفت في علوم القرآن
وأقصد التي نظم فيها أصحابها علوم القرآن عموما، غير المؤلفة في علم من علوم القرآن
آمل من الإخوة بإفادتي وخاصة المشرفين
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jun 2005, 05:30 م]ـ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2451
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[18 Jun 2005, 06:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
منظومة جامعة في علوم القرآن
الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، أما بعد
فإن الباحث يجد عشرات المنظومات في موضوعات معينة من علوم القرآن، مثل القراءات، والتجويد، وعلم العدد، ولا يكاد يجد منظومة واحدة تجمع علوم القرآن كلها أو معظمها، وكنت قد اطلعت على منظومة لأبي عمرو الداني (ت 444هـ) يمكن أن تُعَدَّ من المنظومات الجامعة في علوم القرآن، وهي (الأرجوزة المنبهة)، ولا تزال مخطوطة حسب علمي، وهي مذكورة في فهرست تصانيف الداني (ص21)، وذكرها ابن خير في فهرسته (ص41) باسم " كتاب الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة وأصول القراءات وعقد الديانات بالتجويد والدلالات".
ونُسَخُهَا الخطية موجودة في المغرب، أشار الدكتور التهامي الراجي الهاشمي إلى عدد منها في مقدمة تحقيقه كتاب (التعريف) للداني (ص 53 – 54)، واطلعت على نسخة ناقصة منها محفوظة في الخزانة العامة للكتب والوثائق في المغرب برقم 2809 (د 2186)، وهي تتألف في الأصل من ألفين وست مئة بيت، كما أشار إلى ذلك الناظم في البيت الثاني والخمسين منها، وذكر أنه نظمها في شهر رمضان من سنة 411هـ، وذلك حيث قال:
أبياتُها تَزْهَرُ كالبستانِ = وهي في عددها ألفانِ
بعدهما سِتٌّ مِنَ المِئِينا = زائدةً تضمَّنت فنونا
في أولِّ الصومِ بها بدأتُ= فما انقضى إلا وقد نَظَمْتُ
معظمَها بالعون مِن ذي القُدْرَه= وذاك في سنةِ إحدى عَشْرَه
وأربعٍ خَلَتْ مِنَ المِئِينا= نفعني اللُه بها آمِيناو الموجود من الأرجوزة في هذه النسخة أربع مئة واثنان وستون بيتاً، من أولها. وتبدأ بعد البسملة والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – بالقول:" قال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ، في القراء والرواة وأصول القراءات وعقود الديانات، رضي الله عنه ". وتتألف مقدمتها من واحد وعشرين بيتاً، ومجموع فصول الأرجوزة كاملة خمسة وستون فصلاً، كما نص على ذلك الناظم في البيت الحادي والعشرين منها، والموجود من فصولها في النسخة التي اطلعت عليها سبعة عشر فصلاً، تشير عناوينها إلى موضوعات تندرج في علوم القرآن بالمعنى العام الجامع، وسوف أنقل هنا أبيات المقدمة وعناوين الفصول في الجزء الذي اطلعت عليه منها، وعدد أبيات كل فصل، لإطلاع القراء عليها، ولفت أنظارهم إليها.
أولاً: مقدمة الأرجوزة المنبهة
الحمدُ للهِ العليِّ الفَرْدِ =أهلِ المعالي والثنا والمجدِ
ذي الفضلِ والإنعامِ والإحسانِ= ربِّ العبادِ السيدِ المنَّانِ
أحْمَدُهُ شكراً كما هدانا= لدِينهِ القيِّمِ واجْتَبَانا
صَلَّى الإلهُ الواحدُ القهارُ= ذو الكبرياءِ المَلِكُ الجبَّارُ
على النبيِّ المصطفى مُحَمَّدِ =شفيعِنا في هَوْلِ يومِ الوَعْدِ
ألا اسْمَعُوا مِن قولِ ذي نَصِيحَهْ= أرجوزةً متقنةً فَصِيحَهْ
نَظَمَهَا في الحِذْقِ والإتقانِ =وصفةِ التجويدِ للفرقانِ
دَوَّنَ فيها جُمَلاً مِن ذاكا= بَيَّنَهَا مشروحةً هُنَاكا
وذَكَرَ الأئمةَ القُرَّاءَا= والناقلينَ عنهمُ الأداءَا
وأوضحَ الحُسْنَ والآدابَا= ولَخَّصَ الأصولَ والأسبابَا
وقَيَّدَ الجَمِيعَ بالمعاني= وبَذَلَ المجهودَ في البيانِ
عن كلِّ أصْلٍ ظاهرٍ جَلِيِّ= وكلِّ فَرْعٍ غامضٍ خَفِيِّ
على الذي رَوَاهُ عن أئِمَّتِهْ =في مُدُنِ الشَّرْقِ وَقْتَ رِحْلَتِهْ
مِن غيرِ إطنابٍ ولا إكثارِ =ولا تَكَلُّفٍ ولا تَكْرَارِ
مِن مُقْرِئٍ منتصبٍ إمامِ =وعالمٍ بالنَّحْوِ ذِي تَمَامِ
وماهرٍ في العلمِ بالتأويلِ =وقِدْوَةٍ في مُحْكَمِ التنزيلِ
وفي العقودِ وأصولِ الدِّينِ =والفقهِ والحديثِ في تَمْكِينِ
وبَصَرٍ بالنقلِ والروايَهْ =مُشْتَهِرٍ بالفَهْمِ والدرايَهْ
(يُتْبَعُ)
(/)
وضابطٍ للأحرفِ المشهورهْ= وحافظٍ للطرقِ المنشورهْ
وصادق اللهجة غير متهم= لسنن الماضين قبل ملتزم
وعدة التراحم الموضوعه= خمس وستون أتت مصنوعه
ثانياً: عناوينُ الفصولِ
(1) القول في الشيوخ: 20 بيتاً.
(2) القول في نزول القرآن: 30 بيتاً.
(3) القول في المُنَزَّلِ منه أولاً وآخراً: 9 أبيات.
(4) القول في الأحرف السبعة: 14 بيتاً.
(5) القول في نعت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم: 7 أبيات.
(6) القول في مَن جَمَعَ القرآن على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم:13 بيتاً.
(7) القول في القراء من الصحابة: 6 أبيات.
(8) القول في المتصدرين منهم في المدينة:17 بيتاً.
(9) القول في المتصدرين منهم في الشام والعراق: 11 بيتاً.
(10) القول في المصاحف وجَمْعِ القرآن فيها: 56 بيتاً.
(11) القول في السبعة القراء وأئمتهم: 61 بيتاً.
(12) القول في الرواة عنهم: 45 بيتاً.
(13) القول في الشواذ من القراء: 27 بيتاً.
(14) القول في أهل الأداء: 21 بيتاً.
(15) القول في المصنفين للحروف: 61 بيتاً.
(16) القول في أصحاب الاختيار: 34 بيتاً.
(17) القول في القرآن وأهله وفضل تلاوته (الموجود منه: 9 أبيات).
إن عناوين هذه الفصول تحمل على الاعتقاد بأن الأرجوزة المنبهة يمكن أن تعد منظومة في علوم القرآن، ويؤكد ذلك أو ينفيه الاطلاع على الأرجوزة كاملة، ولعل الإخوة من الباحثين والمحققين في بلاد المغرب بإمكانهم إفادة القراء بمعلومات أخرى عن هذه المنظومة التي اندرست أخبارها في بلداننا المشرقية، فإنها جديرة بالدرس لجلالة قدر مؤلفها، ولما تضمنته من معلومات عن بعض الموضوعات المتعلقة بعلوم القرآن لا نجدها في غيرها من المؤلفات.
ومن المحتمل أن تكون في القسم الذي لم أطلع عليه من المنظومة موضوعات لا تندرج ضمن علوم القرآن، لكن ما اطلعت عليه منها يسمح بالقول بأنها منظومة جامعة في علوم القرآن، والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jun 2005, 06:50 م]ـ
وفقكم الله يا دكتور غانم على هذه الفوائد النفيسة بخصوص (الأرجوزة المنبهة) لأبي عمرو الداني رحمه الله. وللفائدة فهذه الأرجوزة قد طبعت عام 1420هـ بدار المغني بمدينة الرياض، بتحقيق محمد بن مجقان الجزائري. وطبعت في مجلد يقع في 343 صفحة من القطع العادي. اشتمل على مقدمة عن الناظم وحياته، وعن موضوع هذه الأرجوزة. حيث قال: (أما موضوع الأرجوزة فهو في علم القراءات، وأصول العقيدة، كما ستقف عليه فيها. لكن يغلب عليها العلم الأول، فيكاد يكون المقصود بهذا الرجز القيم).
وعدد أبياتها 1311 بيت. والصواب في البيت الذي ذكرتموه أعلاه - كما يقول محقق الأرجوزة - هو:
أشطارها تزهر كالبستان = وهي في عددها ألفان
بعدهما ست من المئينا= كاملة تضمنت فنونافالأشطار أنصاف الأبيات، وهي 2600 شطراً، والأبيات مقاربة لهذا العدد فهي 1311 بيتاً.
وقد ذكر المحقق أنه اعتمد على نسختين خطيتين إحداهما جزائرية اتخذها أصلاً، والأخرى مصورة من مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض وهي كثيرة التصحيف.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[20 Jun 2005, 07:37 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا، أخانا الفاضل، فقد فرحت بخبر طبع الأرجوزة، وكنت أتصور أنها لم تنشر بعد، بسبب ضعف اتصالنا بالحركة العلمية والنشر خارج بلادنا، وأرجو أني سوف أتمكن من الاطلاع عليها في المستقبل , إن شاء الله تعالى. وقد رجعت إلى النسخة المخطوطة عندي فوجدت فيها كلمة (أبياتها) واضحة، لكن اطلاعكم على الأرجوزة مطبوعة يرجح ما ذكرتموه حول عدد أبياتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[16 Aug 2006, 01:44 ص]ـ
http://khayma.com/tajweed/ram/almonapha.ram
ـ[روضة]ــــــــ[16 Aug 2006, 06:07 ص]ـ
جزاكم الله ـ جميعاً ـ خيراً عظيماً على ما قدمتموه.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[27 Jan 2007, 12:21 ص]ـ
اشتريت كتاب الأرجوزة المنبهة طباعة دار المغني، وهالني كثرة الأخطاء في ضبط الكلمات التي تكسرت تحتها أوزان كثير من الأبيات، وملخص ما وقفت عليه ما يلي:
حوالي 129 خطأ في الضبط والتشكيل ينكسر به وزن البيت
و 12 موضعا يشكل وضعه الحالي، ويغلب على الظن فيه التحريف
وأخيرا
63 بيتا سكن المحقق أواخرها وحقها التحريك بما يناسب ليزيدها حسنا، وهذه الأخيرة أهون من سابقتيها.
ثم أن هناك أبياتا زائدة ليست من صنع الداني أشار إليها المحقق في الهامش وكان الأولى ألا توضع تلك الأبيات ضمن النص بل تزاح للهامش.
مما يقوي الظن بأن عدد أبيات المنظومة هو 1300 بالتمام وينسجم مع قول الداني:
أشطارها تزهر كالبستان = وهي في عددها ألفان
بعدهما ست من المئينا= كاملة تضمنت فنونا
فقوله كاملة يدل على التحديد وليس التقريب.
وهذه الطبعة ما زالت هي الأولى بعد 7 سنوات، فلماذا لم يتم حتى الآن استدراك هذه الأخطاء لمنظومة قيمة كهذه
ورحم الله الإمام الداني ونفعنا بعلومه في الدارين آمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[15 Mar 2007, 03:12 ص]ـ
وهذه الطبعة ما زالت هي الأولى بعد 7 سنوات، فلماذا لم يتم حتى الآن استدراك هذه الأخطاء لمنظومة قيمة كهذه
ورحم الله الإمام الداني ونفعنا بعلومه في الدارين آمين
قال الدكتور عبدالهادى حميتو فى كتابه القيم (معجم مؤلفات الإمام أبى عمرو الدانى) أن الأرجوزة حققت فى مجلدين فى أطروحة للدكتوراه للأستاذ الحسن بن أحمد وكاك بعنوان (منبهة الشيخ أبى عمرو الدانى) أفرد القسم الأول للدراسة و الثانى لتحقيق الأرجوزة و التعليق عليها و لكنها للأسف لم تعرف طريقها للمطبعة بعد!!
المعجم طبع سنة 2000م فلا أدرى هل تيسر طباعة الأرجوزة بتحقيق الحسن وكاك أم لا؟
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[26 Sep 2007, 05:30 م]ـ
أقوال المنبهة
و المنبهة أرجوزة في علوم القرآن الكريم من تأليف الإمام: أبو عمرو الداني، رحمه الله.
إعداد: لحسن بنلفقيه ـ المغرب ـ
[في 15 رمضان 1428 هـ]
الأقوال عدد الأبيات
1 ـ المقدمة 21
2 ـ القول في الشيوخ 20
3 ـ القول في نزول القرآن 31
4 ـ القول في المنزل منه أولا و آخرا 9
5 ـ القول في الأحرف السبعة 14
6 ـ القول في نعث قراءة رسول الله صلى الله عليه و سلم 7
7 ـ القول في جمع القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم 13
8 ـ القول في القراء من الصحابة 6
9 ـ القول في المتصدرين منهم في المدينة 17
10 ـ القول في المتصدرين منهم بالشام و العراق 11
11 ـ القول في المصاحف و جمع القرآن فيها 56
12 ـ القول في السبعة القراء و أئمتهم 62
13 ـ القول في الرواة عنهم و أصحابهم 47
14 ـ القول في الشواذ من القراء 27
15 ـ القول في أهل الأداء 21
16 ـ القول في المصنفين للحروف 61
17 ـ القول في أصحاب الإختيار 31
18 ـ القول في القرآن و أهله و فضل تلاوته 17
19 ـ القول في عرض القرآن و أنه سنة 7
20 ـ القول في من ئؤخذ عنه و حق العالم على لمتعلم 16
21 ـ القول في من لا يؤخذ عنه العلم 8
22 ـ القول في من يقتدى به و من يترك قوله 26
23 ـ القول في عقود السنة 59
24 ـ القول في باقي العقود 24
25 ـ القول في الترتيل 12
26 ـ القول في الحدر 5
27 ـ القول في الإستفتاح 7
28 ـ القول في التسمية 18
29 ـ القول في الأصول 10
30 ـ القول في الحركات و السكون 10
31 ـ القول في الإختلاس و الروم و الإخفاء 8
32 ـ القول في إدغام النون الساكنة و التنوين 17
33 ـ القول في الغنة و النون و الميم 12
34 ـ القول في إظهار النون و التنوين 8
35 ـ القول في قلبهما 4
36 ـ القول في إخفائهما 13
37 ـ القول في إدغام الحرفين 10
38 ـ القول في الحرفين المتحركين 6
39 ـ القول في المدغم المجع عليه 24
40 ـ القول في الإطباق و الإشمام مع الإدغام 9
41 ـ القول في المظهر المجمع عليه 18
42 ـ القول في الممدود و المقصور 33
43 ـ القول في الهمز 18
44 ـ القول في ما يهمز و ما لا يهمز 7
45 ـ القول في تخفيف اهمز و شرحه 29
46 ـ القول في الفتح و الإمالة 6
47 ـ القول في ما يمال 10
48 ـ القول في ما لا يمال 28
49 ـ القول في الراءات 14
50 ـ القول في اللامات 10
51 ـ القول في الساكنين من كلمتين 15
52 ـ القول في ياءات الإضافة 18
53 ـ القول في الياءت المحذوفة 7
54 ـ القول في هاء الضمير 16
55 ـ القول في هاء السكت 13
56 ـ القول في الهاء و الميم 20
57 ـ القول في الوقف التام و الحسن و القبيح 22
59 ـ القول في الوقف على الخط 14
60 ـ القول في الوقف على المنون و على النون الخفيفة 13
61 ـ القول في الوقف على هاء التأنيث 9
62 ـ القول في ألفات الوصل و ألفات القطع في الأسماء 58
63 ـ القول في مخارج الحروف و تفصيلها 17
64 ـ القول في أصناف هه الحروف و أجناسها 25
65 ـ القول في جملة كل القرآن و حروفه و آيه 15
66 ـ القول في التجويد و شرح حروفه 29
67 ـ الخاتمة 33
مجموع عدد ابيات الأرجوزة: 1311
.................................................. ..
إعداد: لحسن بنلفقيه ـ المغرب ـ
و حرر بدكالة في 15 رمضان 1428 هـ. ....................................
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[08 Oct 2007, 02:30 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
إخوتي في الله:
إليكم هذا الرابط لمن يرغم في تحميل المنظومة الخالدة {المنبهة} للإمام الحجة: أبي عمرو الداني رحمه الله و غفر له.
http://www.maghrawi.net/modules.php?name=boocks&op=geninfo&did=569
و الحمد لله على توفيقه ...
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أخوكم: لحسن بنلفقيه.
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[11 May 2009, 01:51 م]ـ
أخى الشيخ لحسن بلفقيه بارك الله فيكم.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[15 May 2009, 02:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحب أن أشير على أخي المزمل بمنظومة موسومة ب:
اللؤلؤ والمرجان في علوم القرآن لناظمها: ذ. عبد الكريم حميدي.
ولقد أهدى لي نسخة أبحث عنها بالمكتبة لأطلعك على مطلعها ومباحثها إن شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[19 May 2009, 07:52 م]ـ
أخي الكريم: يوسف
ما أخبار النظم الذي ذكرته؟
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[24 May 2009, 03:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
معذرة أحبتي في الله
أما بالنسبة للنظم فقد يسر الله لي لقاء مع صاحبه أخي عبد الكريم وسأحاول أن أرقن النظم ثم أبعث به إليكم إن شاء الله تعالى. وهذا مطلعه:
بسم الذي علمنا القرءانا ***** أنظم في علومه المرجانا
أحمد من أنزله في ليله ***** أي ابتدا إنزاله أو جمله
مصليا على النبي العدناني ***** سم الكتاب الذكر كالفرقان
كلام ربنا على محمد? ***** نزل للإعجاز والتعبد
والوحي بالملك أو إلهام ***** للرسل أو رؤيا أو الكلام
نجم للتدريج في الأحكام ****** والحكم في وقائع الأيام
ـ[جمال الدين جنيدي]ــــــــ[09 Oct 2010, 09:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة ا لله وبركاته
آمل من الإخوة أن يفيدوني بالمنظومات التي ألفت في علوم القرآن
وأقصد التي نظم فيها أصحابها علوم القرآن عموما، غير المؤلفة في علم من علوم القرآن
آمل من الإخوة بإفادتي وخاصة المشرفين
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[جمال الدين جنيدي]ــــــــ[09 Oct 2010, 09:38 م]ـ
أخي مزمل،،، كنت فى حلقات الشيخ سالم أبي عاصي قبل سنتين بالجامع الأزهر الشريف. وقد سألته ما سألت. فأجاب بأن هناك كتابا للإمام السيوطي عن علوم القرأن نظما. وقال لي إنه متواجد فى مكتبة الحلبي. فبادرت االتفقد عنه،لكن الكتاب غير موجود (ربما لم يطبع بعد) ...
لو أتينا الخبر عنه سأخبرك إن شاء الله تعالى
أخوكم أبو شفاء(/)
تفسير يحيى بن سلام ومختصَراه
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 May 2005, 03:22 م]ـ
كنت قد شاركت في دورة علمية في الدمام قبل ما يزيد على ثلاث سنوات، وكانت عن كتب التفسير، وما يتعلق بها، متتبعًا المطبوع منها خلال القرون، وكنت أدون ملاحظات سريعة لتكون منطلقًا لي في الإلقاء، وكان مما دونته هذه المعلومات عن تفسير يحيى بن سلام وتفسير هود بن محكم وتفسير ابن أبي زمنين، وقد رأيت أن أضعها هنا، وإن تيسر لي بعد ذلك قراءة متأنية لتفسير يحيى، فلعي أضيفها إن شاء الله.
تفسير القرآن ليحيى بن سلام البصري (ت: 200)
1 ـ أخذ يحيى بن سلام عن علماءِ البصرةِ نحاتِها ولغوييها ومفسِّريها، لذا ورد في كتابه بعض المسائل الإعرابية، وهو بذلك يُعدُّ من أوائل من أدخلوا الإعراب في التفسير الشامل للقرآن.
2 ـ اعتمد الإسناد في روايته عن المفسرين، وقد يورد بعض الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
3 ـ روى عن الحسن (ت: 110)، وقتادة (ت: 117) فأكثر عنهما، وروى عن مجاهد (ت: 104)، وعكرمة (ت: 105)، والكلبي (ت: 146)، وغيرهم.
4 ـ اعتنى بالقراءات فأوردها وأورد توجيهها.
في قوله تعالى: (وما هو على الغيب بضنين)، قال: (((وما هو على الغيب): الوحي. (بضنين): ببخيل يبخل عليكم به، وبعضهم يقرأ (بظنين؛ أي: بمتهم)) تفسير ابن أبي زمنين (5: 101).
5 ـ يصدِّر تفسيره أو تعليقه أو استنباطه بقوله: ((قال يحيى)).
ومن ذلك ما ورد في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (النور: 61)
قال: (((لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ): تفسير قتادة، قال: منعت البيوت زمانًا، كان الرجل لا يتضيَّف أحدًا ولا يأكل في بيت غيره تأثُّمًا من ذلك.
قال يحيى: بلغني أن ذلك حين نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل) (النساء: 29).
قال قتادة: فكان أول من رخَّص الله له الأعمى والأعرج والمريض، ثمَّ رخَّص لعامَّة المؤمنين (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم) إلى قوله: (أو صديقكم).
فقوله: (أو ما ملكتم مفاتحه) قال بعضهم: هم المملوكون الذين هم خزنة على بيوت مواليهم.
وقوله: (صديقكم) قيل للحسن: الرجل يدخل على الرجل ـ يعني: فيأكل منه صديقه ـ فيخرج الرجل من بيته، ويرى الآخر الشيء من الطعام في البيت، فيأكل منه؟
فقال: كُلْ من طعام أخيك.
قال يحيى: لم يذكر الله في هذه الآية بيت الابن، فرأيت النبي عليه السلام إنما قال: (أنت ومالك لأبيك) من هذه الآية)) تفسير القرآن لابن أبي زمنين (3: 247).
6 ـ وليحيى بن سلام (ت: 200) في تفسيره اختيارات، وقد ذكرها بعض المفسرين؛ كالماوردي (ت: 450)، ومن نقل عن الماوردي؛ كابن الجوزي (ت: 597)، والقرطبي (ت: 671).
7 ـ مع قِدَمِ هذا التفسير، وكونه مسندًا إلى المفسرين، فإنَّك لا تجد عنه نقلاً في كتب التفسير المسندة؛ كتفسير الطبري (ت: 310)، وابن أبي حاتم (ت: 327)، وغيرهما، ولم يُفِد منه السيوطي (ت: 911) في الدر المنثور، مع أنه نقل في آخره عن ابن حجر قوله: ((ومنها تفسير يحيى بن سلام المغربي، وهو كبير في نحو ستة أسفار، أكثر فيه النقل عن التابعين وغيرهم،، وهو لين الحديث، وفيما يرويه مناكير كثيره، وشيوخه مثل سعيد بن أبي عروبة ومالك والثوري)) الدر المنثور (8: 701 ـ 702)، وقد نقله عن العجاب في بيان الأسباب
(يُتْبَعُ)
(/)
لابن حجر (1: 219).
8 ـ وفي نقل الماوردي (ـ: 450) من تفسير يحيى، وذكر اختياراته، ما يستأنس به أن تفسيره قد دخل بغداد بعد الطبري (ت: 310)، وابن أبي حاتم (ت: 327)، واستفاد منه الماوردي (ت: 450).
************************************
تفسير القرآن لهود بن مُحَكِّم الهواري الإباضي
1 ـ لم يذكر استفادته من تفسير يحيى ابن سلام، مع انه اعتمده، ويكاد أن يكون مختصرًا له، مع ما أضاف إليه هود، كما أشار إلى ذلك محقق الكتاب.
2 ـ قال محقق الكتاب: (( ... فالملاحظ أنه يحذف الأحاديث التي لم تصحَّ عنده، والتي لا تتفق مع أصول مذهبه.
لقد حذف أحاديث في تفسير قوله تعالى من سورة مريم، الآية 87: (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً)، وهي أحاديث في الشفاعة.
وحذف أحاديث متتابعة في تفسير قوله تعالى من أوائل سورة الحجر: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ)، وهي أحاديث حول من سُمُّوا بالجهنميين، أو بعتقاء الرحمن، لم تصحَّ عنده كذلك)) مقدمة بلحاج بن سعيد شريفي محقق تفسير هود بن محكم (1: 37).
3 ـ حذف الإسناد، واختصر كثيرًا من الآثار، وقد عدَّها محقق الكتاب من عيوب تفسير هود.
4 ـ يذكر كلام يحيى بقوله: (قال بعضهم)، وقد يذكر هذه العبارة عن غيره.
5 ـ أدخل بعض أراء الإباضية من فقه واعتقاد في مختصره هذا، وقد تتبعه المحقق، وبين مواطن ذلك، قال المحقق بلحاج: ((إذا وردت كلمة (أصحابنا) من الشيخ الهواري، فإنما يقصد بها علماء الإباضية، وسيذكرهم بأسمائهم عند تفسير بعض آيات الإحكام خاصة؛ يذكر جابر بن زيد، وأبا عبيد مسلم بن أبي كريمة.
ويزيد أحيانًا: (والعامة من فقهائنا).)) حاشية مقدمة تفسير هود بن محكم (1: 81).
6 ـ ومن أمثلة ما يغيره من تفسير ابن سلام ليوافق مذهبه، ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض)، فقد ورد تفسير يحيى له، فقال: (لا تشركوا). كذا ورد عند ابن أبي زمنين (1: 122)، ويُنظر ما قاله محقق تفسير هود.
وورد في تفسير هود بن محكم (1: 84): ((قوله: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض) بالعمل بالمعصية)).
قال المحقق بلحاج: (( ... وهذا تفسير ابن سلام ولا شكَّ، وما جاء من تغيير في التأويل أو من زيادة مما أثبته من (د و ق و ع)، فهو للشيخ هود الهواري.
وهذا نموذج من عمله في كامل الكتاب، فما جاء في تفسير ابن سلام موافقًا لأصول الإباضية أثبته، وما خالفها حذفه وأثبت مكانه ما وافق رأي الإباضية في مسألة الإيمان والكفر، وفي مسائل أخرى من مسائل الخلاف)) حاشية مقدمة تفسير هود بن محكم (1: 81).
7 ـ هذا التفسير الذي سار على مذهب الإباضية يُعدُّ أول تفسير لهم، كما نصَّ على ذلك المحقق، فقال: (( ... إننا لا نعلم للإباضية تفاسير كاملة لكتاب الله قبل الهواري إلا تفسيرًا يُنسبُ إلى الإمام عبد الرحمن بن رستم وآخر إلى الإمام عبد الوهاب، وليس ببعيد أن يكون الهواري قد اطَّلع عليهما. وليس بين أيدينا الآن ـ فيما بحثت وعلمت ـ شيء من تفسيريهما حتى نتمكن من المقارنة بين هذه التفاسير، ونخرج بجواب شافٍ في الموضوع.
أما أبو المنيب محمد بن يانس، المفسر الذي ناظر المعتزلة، فلم يؤثر عنه انه ترك أثرًا مكتوبًا في التفسير)) حاشية مقدمة تفسير هود بن محكم (1: 85).
أقول: وأنا أشك أن يكون قد اطلع على هذين التفسيرين إن كانا موجودين فعلاً، إذ ما الداعي إلى أن يختصر تفسيرًا لا يوافق مذهبه، ويعدل عن التفاسير الموافقة لمذهبه؟!
حالة الاستفادة من الكتاب:
? بما أن المؤلف إباضي المعتقد، فيمكن دراسة أثر هذا المذهب على التفسير من خلال تفسير هود بن محكِّم.
? الموازنة بين ابن أبي زمنين
******************************************
تفسير القرآن العزيز للأمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زَمَنِين، شيخ قرطبة، الإمام الزاهد القدوة (ت: 399).
1 ـ تفسيره من التفاسير المتوسطة.
2 ـ هو تهذيب لتفسير يحيى بن سلام البصري (ت: 200)، وقد ذكر سبب اخصتاره في أمور:
أ ـ وجود تكرار كثير في تفسيره.
ب ـ ذكره لأحاديث يقوم علم التفسير بدونها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ج ـ قلة نشاط أكثر الطالبين للعلوم في زمانه.
3 ـ وقد زاد على تفسير يحيى (ت: 200) بعض الزيادات، وهي:
أ ـ ما لم يفسره يحيى.
ب ـ أضاف كثيرًا مما لم يذكره من اللغة والنحو على ما نقل عن النحويين وأصحاب اللغة السالكين لمناهج الفقهاء في التأويل.
وقد ميَّز زياداتها بأن بدأها بقوله: (قال محمد).
مميزات التفسير:
1 ـ قِدَمُ التفسيرِ، واعتماده على تفسير متقدم يُعنى بآثار السلف، وتفسير يحيى بن سلام البصري (ت: 200).
2 ـ كون مؤلفه من أهل السنة والجماعة.
ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسيره لقوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت: 3) قال: (((ولقد فتنا): اختبرنا. (الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا) بما أظهروا من الإيمان. ?وليعلمن الكاذبين?؛ يعني: الذين يظهرون الإيمان، وقلوبهم على الكفر، وهم المنافقون، وهذا علم الفعال.
قال محمد: معنى علم الفعال: العلم الذي تقوم به الحجة، وعليه يكون الجزاء، وقد علم الله الصادق من والكاذب قبل خلقهما).
3 ـ سلاسة عبارته، ووضوحها.
4 ـ ما فيه من الاختصار.
5 ـ ما فيه من الزيادات المهمة، كالاستشهاد للمعاني اللغوية بالشعر، ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى: (وأذنت لربها وحقت)، قال: ((قال محمد: يقال: أذِنتُ للشيءِ آذَنُ أَذَنًا: إذا سمعت. قال الشاعر:
صمٌّ إذا سمعوا خيرًا ذُكرتُ به وإن ذُكِرتُ بسوءٍ عندهم أذِنوا) (5: 111).
منهجه في التفسير:
1 ـ اختصار تفسير يحيى.
2 ـ اختصار إسناده.
3 ـ حذف المكرر منه.
4 ـ إضافة زيادات عليه من جهة اللغة والنحو وتوجيه القراءة.
من أمثلة اللغة:
في قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس)، قال: (((ولا تصاعر خدك للناس) لا تعرض بوجهك عنهم استكبارًا.
قال محمد: ومن قرأ: (تصعر) فعلى وجه المبالغة، وأصل الكلمة من قولهم: أصاب البعير صَعَرٌ: إذا أصابه داءٌ فلوى منه عنقه) (3: 375).
ومن أمثلة الإعراب:
في قوله تعالى: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه)، قال: ((قال محمد: من قرأ جواب بالنصب جعل (أن قالوا) اسم كان)) (3: 344).
وفي قوله تعالى: (فإياي فاعبدون)، قال: ((قال محمد: (فإياي) منصوب بفعل مضمر، الذي ظهر تفسيره؛ المعنى: فاعبدوا إياي فاعبدون)) (3: 351)
وممن نصَّ على بعض من أفاد منه في اللغة والنحو: أبو عبيدة (تفسير ابن أبي زمنين 3: 360)،والزجاج (تفسير ابن أبي زمنين 3: 364).
5 ـ اعتمد على أبي عبيد في توجيه القراءة، ومن ذلك قوله:
((قال محمد: قرأ نافع: (الأيكة)، وكذا قرأ التي في قاف. وقرأ التي في الشعراء وفي ص: (ليكة) بغير ألف ولام، ولم يصرفهما، فيما ذكر أبو عبيد، وقال: وجدنا في بعض التفاسير أنَّ (ليكة) اسم القرية التي كانوا فيها، و (الأيكة): البلاد كلها)) (2: 390).
وفي قوله تعالى: (هذا الذي كنتم به تدعون)، قال: ((قال محمد: ذكر أبو عبيد أن من القراء من قرأ: (الذي كنتم به تدْعون) خفيفة؛ لأنهم كانوا يدعون بالعذاب في قوله: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عنك فأمطر علينا حجارة) الآية، قال: وقرأ أكثرهم (تدَّعون) بالتشديد، وقال: هي القراءة عندنا، والتشديد مأخوذ من التخفيف. (تدْعون) تفعلون، و (تدَّعون) تفتعلون، مشتقة منه)) (5: 16).
حال الاستفادة من الكتاب:
1 ـ الكتاب يصلح للقراءة المنتظمة، ولسهولة عبارته، فإنه يصلح للمبتدئين، ولمن يريد الاطلاع العام على التفسير.
ويمكن دراسة موضوعات في هذا الكتاب، ومنها:
2 ـ منهج ابن أبي زمنين في زياداته على ابن سلام.
3 ـ منهج يحيى بن سلام من خلال مختصر ابن أبي زمنين.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[03 May 2005, 07:35 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبد الملك
وممَّا يُضَاف لخصائص تفسير ابن أبي زمنين كثرة نقله لتفسير الحسن البصري, بل في آيات كثيرة لا تجد إلا قولَ الحسن, ولو أُفرِد تفسير الحسن البصري من تفسير ابن أبي زمنين لخرج منه أكثر القرآن.
ـ[موراني]ــــــــ[03 May 2005, 09:49 م]ـ
حديث بلحاج شريفي , محقق تفسير ابن محكم , حول العلاقة بين النصين صحيح.
أنا شخصيا راجعت عدة نسخ مبتورة لتفسير يحيي بن سلام بالقيروان بنص تفسير ابن محكم: واثبتت هذه المقابلات صحة كلام بلحاج شريفي.
نعم , هناك اضافات لابن محكم من الناحية العقائدية الاباضية الي نص يحيي بن سلام وأحيانا أيضا عدم ذكر
مصادر ابن سلام مع ذكر المتن واضافات أخرى.
من هنا لا أعتبر كتاب هود بن محكم مختصرا لتفسير بن سلام بل أتساءل:
ما هو السبب التاريخي لعدم ذكر مصدره الرئيس (ابن سلام) لكتابه اذ لدينا مؤشرات الى علاقة الهواريين بعلماء القيروان كما سبق لي أن ذكرته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 May 2005, 10:16 م]ـ
أبا بيان وفقه الله:
أشكر لك هذا التنبيه، وأتمنى أن يكون في ذهن الباحثين استنباط الموضوعات التي تصلح للدراسة لتكون بين يدي إخوانهم يستفيدون منها، ويستضيئون بأفكارهم فيها.
د. موراني وفقه الله
تساؤلك في محلِّه، لكن ألا ترى أنَّ اختلاف المذهب قد يكون سببًا في عدم ذكر يحيى بن سلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه قد وُجِد لبعض العلماء اختصارات لكتب دون أن ينصوا عليها، كما نجدهم يضمنون كتبهم كتبَ غيرهم من المتقدمين، ولا يشيرون إليهم، وهذا المنهج بحاجة إلى دراسة مستقلَّة، وهو وإن كان يمكن أن يكون عرفًا عندهم إلا أنه في عرف البحث العلمي المعاصر يُعدُّ من السرقات العلمية، ولكل عصر منهجه ومصطلحاته، والله أعلم.
ـ[د على رمضان]ــــــــ[31 Oct 2009, 09:52 ص]ـ
بارك الله فى الدكتور مساعد وفى كل الإخوة المشاركين فى الموضوع ويبقى السؤال هل المنهج النقدى واضح فى تفسير ابن سلام وانه أرسى المنهج الذى اعتمده الطبرى فيما بعد من الترجيح بين الأقوال ورد بعضها وتبنى البعض الآخر؟ نرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[31 Oct 2009, 02:19 م]ـ
المنهج النقدي في تفسير ابن سلاَّم واضح , لكن المقدار الذي وصلنا من تفسيره ليس بكثير , غير أنك ترى بوضوح في تفسيره: عزو الأقوال وتوجيهها , والسؤالات , والاستدراكات , والترجيحات , ونحوه ممّا يُرسَم من خلاله منهجٌ نقديٌ عامٌ ليحيى بن سلاّم رحمه الله.
ـ[محمد العمر]ــــــــ[04 Nov 2009, 06:33 ص]ـ
ليتك د مساعد تطور موضوع تفسير يحي بن سلام إلى بحث ترقية أو كتاب فإنه موضوع جدير بذلك.(/)
ضمن الدورة 16 لمجمع الفقه الإسلامي (القراءة الجديدة للقرآن وللنصوص الدينية)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2005, 05:44 ص]ـ
تبدأ اليوم الأربعاء (25/ 3/1426هـ) في إمارة دبي بالأمارات العربية المتحدة أعمال الدورة السادسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي العالمي ويتضمن المحور الرابع مناقشة: القراءة الجديدة للقرآن الكريم وللنصوص الدينية. ويشارك في هذا المحور كل من:
1 - د. محمد أبو الأجفان /تونس
2 - د. عبد المجيد النجار /تونس
3 - د. عيادة بن أيوب الكبيسي /العراق
4 - د. محمد علي التسخيري / إيران
5 - د. حسن الجواهري /إيران
6 - د. قطب مصطفى سانو / غينيا
7 - د. عبدالستار فتح الله /مصر
8 - د. محمد الحبيب بن الخوجة /تونس
ويمكن الاطلاع على ملخص البحوث المقدمة في هذا المحور عبر هذا الرابط:
المحور الرابع - القراءة الجديدة للقرآن وللنصوص الدينية ( http://www.fiqh.ae/awqaf/feqh/showpage.jsp?objectID=7436a1).
وهذا موقع المؤتمر للاطلاع على ملخص جميع البحوث المقدمة للمؤتمر.
مؤتمر الفقه الإسلامي - الدورة 16 ( http://www.fiqh.ae/awqaf/feqh/showpage.jsp?objectID=7397)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2005, 05:46 ص]ـ
ملخص بحث
القراءة الجديدة للقرآن الكريم بين المنهج الصحيح والانحراف المسيء
إعداد الأستاذ الدكتور عيادة بن أيوب الكبيسي
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
القراءة الجديدة للقرآن الكريم مصطلح جديد، يمكن أن نعتبره ذا مدلولين:
الأول: يعني إطلاق الفكر في فهم القرآن، واستخدام النظريات المعاصرة في تأويله، دون الرجوع إلى شيء من أفهام السابقين، أو التقيد بشيء من الضوابط المقررة.
والثاني: يعني إعمال الفكر في فهم القرآن فهما جديدا يبنى على ما سبق من الأفهام، وينطلق وفق الضوابط والقواعد المقررة، وضمن الثوابت التي لا تتغير.
وتعد القراءة الجديدة بمدلولها الأول سلاحا جديدا يوجه لضرب الإسلام، وطمس معالمه.
وتناول البحث نموذجين من إفرازات القراءة الجديدة للقرآن الكريم.
أحدهما: في العقيدة ـ في قصة إبليس ـ يدل على مدى الضلال والانحراف الذي يمكن أن تفرزه تلك القراءة عندما تكون في حل من الأصول والضوابط، وتحلل من الثوابت والمسلمات، فقد عصفت بما عليه المسلمون عبر القرون الطويلة في فهم مراد الله تعالى بقوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}، لتخرج علينا بفهم جديد باسم البحث العلمي يقول:) إن الله عز وجل عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم، إنما كان يمتحن صدق إيمانهم، فسقطوا بالامتحان جميعا، إلا إبليس الذي وعى ذلك، فأبى أن يسجد بدعوى أن السجود لا يجوز إلا لله (!!
والثاني: في الأحكام، يتعلق بفريضة من فرائض الله تعالى، أوجبها على الرجال دون النساء، حيث أفرزت القراءة الجديدة للنص الكريم:) يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (، فهما جديدا يوجب صلاة الجمعة على النساء وجوبها على الرجال سواء بسواء!!
وفي المبحث الثالث من هذا البحث مطلبان:
أولهما بعنوان: لماذا القراءة الجديدة للقرآن؟ جاء في الإجابة عنه:
.. أنها إن كانت تهدف إلى إعمال العقل وعدم تعطيل وسائل الإدراك التي منحها الله تعالى للإنسان، من أجل النهوض بالأمة وتحقيق أملها المنشود، وانتشال المسلمين من الواقع المرير الذي وصلوا إليه، فهذا أمر مقبول لا يسع المسلم تجاهله، ولكن هل يفتح الباب لكل من هب ودب، فيفسد أكثر مما يصلح؟؟
ثانيهما بعنوان: ضوابط القراءة الجديدة، ومنها:
1 - أن يتعلم أصول التفسير وقواعده.
2 - أن يتعلم قواعد اللغة العربية، ووجوه البلاغة فيها.
3 - أن يطلع على ما ذكره المفسرون القدامى والمحدثون.
4 - أن يراعي ارتباط الجملة القرآنية بموضوع السورة، وارتباطها الموضوعي بما تفرق في القرآن.
فمن ألمّ بهذه العلوم ونحوها، وبلغ هذا القدر من العلم والمعرفة، يصبح أهلا لأن يقرأ الكتاب الكريم قراءة متبصرة، يهدف على ضوئها إلى فهم جديد، يضيفه إلى أفهام السابقين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2005, 05:48 ص]ـ
ملخص بحث
القِرَاءَةُ الجَدِيدَةُ لِنُصُوصِ الوَحْي - وَمُنَاقَشَةُ مَقُولاَتِهَا
إعداد الأستاذ الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان
قسم الدراسات العليا الشرعية، بكلية الشريعة جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
تناول المبحث الأول ظهور القراءات الجديدة وظروفها ودواعيها، وقسمنا مقولات أصحاب هذه القراءات إلى قسمين: عامة لجميع الموضوعات، وخاصة بالأحكام الشرعية، أوضح هذا المبحث مقولات القسم الأول، وأهمها: – فتح باب الاجتهاد – مسايرة الحداثة – مراعاة المقاصد – تنشيط القراءة التأويلية – اعتبار السياق بأنواعه في القراءة – نقد التعالي بالنص وعدم عقلنة الإيمان – المقارنة للتفاسير -.
واختص المبحث الثاني بمقولات القسم الثاني الخاصة بقراءة نصوص الأحكام، وهي تنفي التفصيل فيها، وتفرق بين شريعة القرآن وفقه الاجتهاد، وتقصي بعض آيات الأحكام من المنظومة التشريعية، وتكيل الاتهام الباطل للفقهاء فيما استنبطوه، وتشنع بالكثير من مواقفهم الاجتهادية، وتشكك في الأحاديث لما تسرب إليها من الوضع في نظرهم.
وفي المبحث الثالث عرض لنماذج مما تفرع عن تلك المقولات، اختيرت من أقوالهم في هيئة الصلاة، وحد السرقة، وتحريم الربا، والحجاب، والزواج، ومفهوم المعروف والمنكر.
وكان مضمون المبحث الرابع كشف خطورة القراءات الجديدة من نواح متعددة، ومناقشة هذه الموضوعات مناقشة علمية وقع فيها التذكير بأصول شرعية وضوابط منهجية، جهلها أصحاب القراءات أو تناسوها، مثل الجهود القديمة والمعاصرة في نقد المتون التي أنكروها ولم يتصوروا جدواها وآثارها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2005, 05:49 ص]ـ
ملخص بحث
القراءة الجديدة للقرآن وللنصوص الدينية
إعداد الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعتي الأزهر وأم القرى (سابقاً).
الإسلام دين الله الشامل لكل شئون الحياة، أنزل به كتبه، وبعث به رسله، وجعله منهاجا عمليا ليحقق به عبادته، التي هي غاية الخلق.
وفي الرسالة الخاتمة جعل الله القرآن معجزة النبي ودليله، وهداه وسبيله، فاجتمع الدليل والمدلول، في معجزة ضمن الله تعالى لها الحفظ والخلود بعد ختم النبوة بمحمد r.
وكان أعظم ألوان الحفظ لهذا الدين هو أنه نزل مفسرا مبينا، مفصلا مشروحا. مطبقا ملتزما، كل نص تشريعي معلوم المعنى، مفهوم الدلالة، محدد المفهوم، حتى لا يضل الناس – بعد ختم النبوات – في ألوان الشبهات والاختلاف، وتضيع الشريعة الهادية في ضروب التحريف والتزييف التي وقعت في الأمم السابقة، وخاصة اليهود والنصارى، وقد أوجب الله تعالى على العلماء في كل العصور حراسة الدين، وحمايته من التلاعب بالمعاني والدلالات.
وكان معظم التحريف الذي حاوله الملحدون في آيات الله هو من هذا الجانب، لذلك ضمن حفظ الأصلين: الكتاب والسنة، ويبعث من العلماء من يجدد للناس ما اندرس من فهم صحيح للدين، وما طرأ عليه من خلل في التطبيق والالتزام، وذلك بما هيأه لهم من ضوابط الاجتهاد الصحيح، وما فتحه لهم من وسائل حفظ هذا الحق الإلهي، فأصول الدين محفوظة سالمة، ونحن أمة الإسناد والتوثيق، وقد ابتكر العلماء – بتوفيق الله – علم القواعد والأصول – التي تعين المجتهدين، وترسم طرائق الاستنباط، وتدفع عنهم سبل الخلل والزلل، وتجعل الشريعة دائما في ثوب جديد يناسب الزمان، مع ثبات الأصول والأحكام، وهذا ضرب غير معهود في الأرض إلا في هذا الدين الرباني الجليل، ولذلك توج الله تعالى شريعته بالشهادة العظمى:] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [(المائدة:3).
وعلى العلماء في هذه المرحلة أن يرتقوا إلى المستوى المطلوب منهم باعتبارهم (ورثة الأنبياء) فيحفظوا على المسلمين هدى ربهم، ويقوموا في وجه الهجمة الإلحادية التي تريد تحريف الدين، وتزييف القرآن، وجر المسلمين إلى هاوية الفواحش والموبقات، وإن معنا –إن قمنا بواجبنا– وعد الله بنصر الإسلام، ووعد الله بحفظ الذكر (القرآن والسنة)، ثم معنا وعد الله بالمعونة والدفاع عن الذين آمنوا:] إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ [(آل عمران:9).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2005, 05:54 ص]ـ
أشكر أخي الكريم عبدالله إبراهيم الذي أفادني بأخبار هذا المؤتمر لقربه منه، وأرسل لي رابطه، وبعض بحوثه وفقه الله. وهناك بحث بعنوان (بين نظرية القراءات والاجتهاد الإسلامي) لمحمد علي التسخيري. ولعلي ألحقه بهذه المشاركة لاحقاً إن شاء الله.
ـ[سعيد بن متعب]ــــــــ[08 May 2005, 04:21 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك ومتابعاتك، وهل يمكن إيضاح العلاقة بين هذه القراءات الجديدة للنص القرآني وما كتبتم عنه سابقاً (النص المفتوح)؟
ثم إنني أود من المتخصصين الوقوف عند هذه الظواهر وربطها بالفكر الباطني الذي تعامل مع النصوص والثوابت الدينية والأحكام الشرعية من خلال تفسيرين أحدهما ما تفهمة عامة الناس ورعاعهم والأخرى تفسير للخاصة من أحبارهم، ويظهر لي أن الفرق هو إن الفكر الباطني اصبح ظاهرياً لا يحتاج للتستر باسماء مختلفة نتيجة لتمكن وسائله وأدوات تحركه وتغلغله في الدوائر الداعمة للفكر الضال ومحاولة إحلاله بديلاً للفكر الآخر في محاولة لإقصاء الثوابت والتسلل عبر ما يسمى بمحاربة الإرهاب إلى إفناء الخصوم والإحاطة بهم وجعلهم صفوف خلفية وأمامية ثم جندلتها صفاً خلف صف حتى ينتهي الأمر بعلماء الأمة الموثوقين والمشهورين بعدالتهم وصدقهم وثنيهم الركب في التعلم والتعليم والإفتاء والتاليف مع الحرص في ذات الوقت على إيجاد بدائل هزيلة وصناعتها إعلامياً لتكون جاهزة لتسلم المكان وإن لم تقم بالدور المطلوب منها في إقناع الناس بسيرتهم الصالحة وسريرتهم الطاهرة، وفي الجملة فلا جديد في الموضوع برمته فقد تقدم في عصور الإسلام رؤوس لهؤلاء الأذناب فأسقطهم علماء السنة ونحروا فكرهم على عتبات الحق وبسيوف الحجة وكواشف الظلمة ليذهبوا إلى زبائل التاريخ ويتقحموها من أفسح أفواهها تاركين ذكريات حافلة بالجبن والزيف والتملق والمداهنة والمولاة للكافرين والظلمة والمنافقين والمنابذة للصالحين ليلعنهم الله وملائكته والناس أجمعون (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
ـ[أحمد قباوة]ــــــــ[02 Jun 2007, 07:16 م]ـ
جزاك الله كل خير أستاذنا الدكتور عبد الرحمن الشهري، وجعلكم ذخرا لطلبة العلم دوما
لقد حاولت الاطلاع على ملخصات البحوث المقدمة للمؤتمر عن طريق الرابط الذي وضعتموه، لكن الرابطين الموجودين لا يوصلان للمطلوب فالرجاء إعادة النظر فيهما، لأنهما يوصلاني لموقع جمعية خيرية أو شيء من هذا القبيل
وحبذا لو دللتموني على طريقة أحصل بها على بحوث هذا المؤتمر كاملة فإنه يهمني جدا في رسالتي التي أعدها للدكتوراه
جزاكم الله كل خير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[03 Jun 2007, 11:16 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الفاضل د. عبد الرحمن ووفقكم لما فيه الخير ... دائماً.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[05 Jun 2007, 07:25 ص]ـ
ملخص بحث
القِرَاءَةُ الجَدِيدَةُ لِنُصُوصِ الوَحْي - وَمُنَاقَشَةُ مَقُولاَتِهَا
إعداد الأستاذ الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان
قسم الدراسات العليا الشرعية، بكلية الشريعة جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
.
رحم الله الدكتور اباالأجفان، ورفع درجته.
وشكر الله لأخي الشيخ عبدالرحمن(/)
(سيماهم في وجوههم من أثر السجود) الأثر المعنوي أم الحسي؟
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[05 May 2005, 01:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد:
يعلم الجميع أن الله قد أكرم عباده المؤمنين ومنّ عليهم بطاعته وجعلها لهم سبيلا للوصول الى غايتهم التي يبتغون الوصول اليها وهي دار الكرامة في جنات النعيم، ومن ذلك أنه ميّز العابدين القائمين الصائمين عن غيرهم في حسن طليعتهم، وجمال خلقتهم، ونضارتهم ...
والمتأمل في الايات يلحظ هذه الدلالة على الأقل في الحياة الآخرة قال سبحانه (وجوه يومئذ ناضرة)، (وجوه يومئذ ناعمة) (تعرف في وجوههم نضرة النعيم).
وفي الدنيا مشاهد وملاحظ مابين الصالحين من عباد الله وغيرهم من أهل الفسق والفجور من اختلاف في البهاء النضارة .. ولايتنازع فيه اثنان.
وحينما قرأت قوله تعالى (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) تذكرت مارأيت من اثر في وجوه الصالحين والعبّاد فوجدت أن هناك أثرا مثل ركبة العنز، غير أني لم أجده في آخرين فبحثت في كتب التفسير فوجدت عدة أقوال لم أوفق في تمييزها والتوصل الى تفسير واضح فأحببت أن أرود هذا الجمع لبعض أقوال أهل التفسير بين يدي الباحثين في هذا الملتقى المبارك لعلي أجد توضيحا منهم.
من جامع البيان عن تأويل آي القران للإمام الطبري ت 310هـ
وقوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} يقول: علامتهم في وجوههم من أثر السجود في صلاتهم. ثم اختلف أهل التأويل في السيما الذي عناه الله في هذا الموضع.
1/فقال بعضهم: ذلك علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة , يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا. ذكر من قال ذلك عن ابن عباس {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. و عن خالد الحنفي , قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: يعرف ذلك يوم القيامة في وجوههم من أثر سجودهم في الدنيا , وهو كقوله: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} وعن عطية , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: مواضع السجود من وجوههم يوم القيامة أشد وجوههم بياضا. وعن مقاتل بن حيان , قال: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: النور يوم القيامة. قال علي بن المبارك: سمعت غير واحد عن الحسن , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: بياضا في وجوههم يوم القيامة.
2/ وقال آخرون: بل ذلك سيما الإسلام وسمته وخشوعه , وعنى بذلك أنه يرى من ذلك عليهم في الدنيا.ذكر من قال ذلك عن ابن عباس , في قوله: {سيماهم في وجوههم} قال: السمت الحسن., عن ابن عباس , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: أما إنه ليس بالذي ترون , ولكنه سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه. عن مجاهد {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: الخشوع والتواضع. * عن مجاهد {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: الخشوع. عن مجاهد , في هذه الآية {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} عن مجاهد , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: هو الخشوع , فقلت: هو أثر السجود , فقال: إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنز , وهو كما شاء الله.
3/ وقال آخرون: ذلك أثر يكون في وجوه المصلين , مثل أثر السهر , الذي يظهر في الوجه مثل الكلف والتهيج والصفرة , وأشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه , ووجهوا التأويل في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا. ذكر من قال ذلك: عن الحسن {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: الصفرة. حدثنا ابن عبد الأعلى , قال: ثنا المعتمر , عن أبيه , قال: زعم الشيخ الذي كان يقص في عسر , وقرأ {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} فزعم أنه السهر يرى في وجوههم. عن شمر بن عطية , في قوله: {سيماهم في وجوههم} قال: تهيج في الوجه من سهر الليل.
4/وقال آخرون: ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض , أو ندى الطهور. ذكر من قال ذلك: عن سعيد بن جبير , في قوله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: ثرى الأرض , وندى الطهور. وعن عكرمة يقول: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال: هو أثر التراب.
الراجح عن الطبري
(يُتْبَعُ)
(/)
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود , ولم يخص ذلك على وقت دون وقت. وإذ كان ذلك كذلك , فذلك على كل الأوقات , فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام , وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته , وآثار أداء فرائضه وتطوعه , وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به , وذلك الغرة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء , وبياض الوجوه من أثر السجود. وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: عن قتادة {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} يقول: علامتهم أو أعلمتهم الصلاة.
جامع أحكام القران للقرطبي ت671هـ
السيما العلامة , وفيها لغتان: المد والقصر , أي لاحت علامات التهجد بالليل وأمارات السهر. وفي سنن ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار]. وقال ابن العربي: ودسه قوم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الغلط , وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ذكر بحرف. وقد روى ابن وهب عن مالك " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود , وبه قال سعيد بن جبير. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى صبيحة إحدى وعشرين من رمضان وقد وكف المسجد وكان على عريش , فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته وعلى جبهته وأرنبته أثر الماء والطين. وقال الحسن: هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة. وقاله سعيد بن جبير أيضا , ورواه العوفي عن ابن عباس ; قاله الزهري. وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة , وفيه: [حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود]. وقال شهر بن حوشب: يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر. وقال ابن عباس ومجاهد: السيما في الدنيا وهو السمت الحسن. وعن مجاهد أيضا: هو الخشوع والتواضع. قال منصور: سألت مجاهدا عن قوله تعالى: " سيماهم في وجوههم " أهو أثر يكون بين عيني الرجل؟ قال لا , ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلبا من الحجارة ولكنه نور في وجوههم من الخشوع. وقال ابن جريج: هو الوقار والبهاء. وقال شمر بن عطية: هو صفرة الوجه من قيام الليل. قال الحسن: إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى. وقال الضحاك: أما إنه ليس بالندب في وجوههم ولكنه الصفرة. وقال سفيان الثوري: يصلون بالليل فإذا أصبحوا رئي ذلك في وجوههم , بيانه قوله صلى الله عليه وسلم: [من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار]. وقد مضى القول فيه آنفا. وقال عطاء الخراساني: دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس.
تفسير القران العظيم للحافظ ابن كثير ت 701هـ" وقوله جل جلاله " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن وقال مجاهد وغير واحد يعني الخشوع والتواضع وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن منصور عن مجاهد " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " قال الخشوع قلت ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه فقال ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون وقال السدي الصلاة تحسن وجوههم وقال بعض السلف من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقد أسنده ابن ماجه في سننه عن إسماعيل بن محمد الصالحي عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " والصحيح أنه موقوف وقال بعضهم إن للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه والغرض أن الشيء الكامن في
(يُتْبَعُ)
(/)
النفس يظهر على صفحات الوجه فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله عز وجل ظاهره للناس كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا محمود بن محمد المروزي حدثنا حامد بن آدم المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن سلمة بن كهيل عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم" ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله تعالى رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر " العرزمي متروك وقال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان" وقال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا زهير حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " ورواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي عن زهير به فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم وقال مالك رضي الله عنه بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة.
من التحريروالتنوير للطاهر بن عاشور ت1393هـ
والسيما: العلامة، وتقدم عند قوله تعالى) تعرفهم بسيماهم (في البقرة وهذه سيما خاصة هي من أثر السجود.
واختلف في المراد من السيما التي وصفت بأنها من أثر السجود على ثلاثة أنحاء:
الأول: أنها أثر محسوس للسجود.
الثاني أنها من الأثر النفسي للسجود.
الثالث أنها أثر يظهر في وجوههم يوم القيامة.
فبالأول فسر مالك بن أنس وعكرمة وأبو العالية قال مالك: السيما هي ما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود مثل ما تعلق بجبهة النبي صلى الله عليه وسلم من أثر الطين والماء لما وكف المسجد صبيحة إحدى وعشرين من رمضان. وقال السعيد وعكرمة: الأثر كالغدة يكون في جبهة الرجل.
وليس المراد أنهم يتكلفون حدوث ذلك في وجوههم ولكنه يحصل من غير قصد بسبب تكرر مباشرة الجبهة للأرض وبشرات الناس مختلفة في التأثر بذلك فلا حرج على من حصل له ذلك إذا لم يتكلفه ولم يقصد به رياء.
وقال أبو العالية: يسجدون على التراب لا على الأثواب.
والى النحو الثاني فسر الأعمش والحسن وعطاء والربيع ومجاهد عن ابن عباس وابن جزء والضحاك. فقال الأعمش: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وقريب منه عن عطاء والربيع بن سليمان. وقال ابن عباس: هو حسن السمت.
وقال مجاهد: هو نور من الخشوع والتواضع. وقال الحسن والضحاك: بياض وصفرة وتهيج يعتري الوجوه من السهر.
والى النحو الثالث فسر سعيد بن جبير أيضا والزهري وابن عباس في رواية العوفي والحسن أيضا وخالد الحنفي وعطية وشهر بن حوشب: أنها سيما تكون لهم يوم القيامة، وقالوا: هي بياض يكون في الوجه يوم القيامة كالقمر ليلة البدر يجعله الله كرامة لهم.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله في قوله تعالى) سيماهم في وجوههم من أثر السجود (: النور يوم القيامة، قيل وسنده حسن. وهو لا يقتضي تعطيل بقية الاحتمالات إذ كل ذلك من السيما المحمودة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أعلاها.
والله ولي التوفيق واهو أرحم الراحمين
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[05 May 2005, 09:56 م]ـ
الصحيح حمل السيما في الآية على العموم, فجميع آثار السجود الحسية والمعنوية, في الدنيا والآخرة, داخلة في معنى الآية, واختاره قتادة (ت:117) , وعطاء الخراساني (ت:135) , وابن جرير (ت:310).(/)
كلمة حق في "دار الكتب العلمية"!!
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[07 May 2005, 07:38 ص]ـ
كلمة حق في "دار الكتب العلمية"!!
لقد نظر كثيرٌ من الباحثين إلى مطبوعات دار الكتب العلمية بأنها ناقصة الجودة والدقة, وأنَّ فيها من السقط والتحريف ما لا في غيرها, ومن البياض في الكتاب الواحد ما قد يتفاوت العشرات من الصفحات, ناهيك عن رداءة الطباعة والورق أحياناً.
إلاَّ أنه يجب علينا أن ننظر إلى عمل هذه الدار من زاويةٍ إيجابيةٍ وهي أنها قد قدمت خدمةً جليلةً للباحثين, فكم من باحثٍ قد وَقَف على نصوصٍ هامةٍ لبحثه لم يكن قد وقف عليها لو لم تكن نسخة دار الكتب العلمية موجودة, فقد أخرجت الكثير من كتب المطوَّلات التي كانت رهينة الخزائن والأدراج ولم يُسبق لها النشر من قبل نحو تفسير الصنعاني (ت:211هـ) , والواضح في تفسير القرآن لعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري (ت:308هـ) , وتفسير ابن أبي حاتم (ت:327هـ) ... , هذا مع التنبيه إلى كُلِّ باحثٍ بأنَّ يتحرى الدقة والتحرير في كُلِّ ما ينقل من مطبوعات هذه الدار.
ومن هذا المُنطلق فإني أقترح على هذه الدار بأن يتولوا طباعة النسخ الخطية اليتيمة والفريدة التي قد تكون ناقصةً ولم يُعثر على بقية أجزائها نحو تفسير النَّقاش (ت:351هـ) والرماني (ت:384هـ) , والحاكم الجُشَمي (ت:494هـ) , والاستغناء في علوم القرآن للأدفوي (ت:388هـ) .. مع التعليق اليسير على ما يحتاج إلى ذلك.
كما أقترح الاهتمام بالمشاريع العلمية التي تصدر عن الجامعات فيعوق الجامعة طول هذه التحقيقات عن طباعتها مما يُؤدي إلى حرمان الكثير من الباحثين النظر فيها مثل البرهان في تفسير القرآن للحوفي (ت:430هـ) , وتفسير البسيط للواحدي (ت:468هـ) ... ونحو ذلك.
فلو قامت هذه الدار بطباعة هذا الرسائل مُجرَّدةً من التحقيق لكان ذلك خدمةً عظيمةً تُسجَّلُ في قائمة حسناتهم.
وأُحب أن أُنبه إلى أنَّ هذه المُقترحات ليست مُوجَّهة بالدرجة الأُولى لدار الكتب العلمية بل لأي دارٍ تجد في نفسها القدرة على تحقيق هذا الآمال التي تُشكِّل هاجساً في نفوس الباحثين.
وختاماً: فهذا مجرد رأي أتمنى أن يكون كلمة حقٍ قيلت في دار الكتب العلمية, وأن تجد هذه المُقترحات حظها من التنفيذ.
حُرِّر في ليلة الاثنين 22/ 3/1426هـ
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 May 2005, 05:49 م]ـ
أخي الكريم عبد العزيز
إنما ما تطرحه ينقلني إلى هاجس أكبر من ذلك، وهو عدم عناية المكتبات والناشرين ـ إلا ما قلَّ ـ بالإخراج الفني المتميز للكتاب الإسلامي، فكم من كتابٍ علميٍّ ذي قيمة كبيرة يُفسده الإخراج، فالخط الذي كُتب به، والفراغات بين السطور، والحواشي المتلاصقة، وغير ذلك من مفسدات الكتاب تراها كثيرة، هذا فضلاً عما يصيبها من أخطاء في الإملاء والنحو.
وكلما كان الكتاب أسلم من هذه الأخطاء دلَّ على عناية القائمين على الكتاب من مؤلفه وناشره.
وكم هو جميل لو ألقى الإخوة بأفكارهم حول صناعة الكتاب.
4: 4: 1426 / تبوك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2005, 06:44 م]ـ
الإنصاف عزيز، وأشكرك على طرح هذه الفكرة ابتداء.
وأما دار الكتب العلمية فلا شك أن لها جهوداً علمية مشكورة، وقد نشرت كتباً ثمينة، انفردت بنشرها محققة تحقيقاً مستوفياً، ويحضرني من ذلك إخراجهم لشرح الخطيب التبريزي لاختيارات المفضل الضبي بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة في طبعته الثانية. وهذا التحقيق هو التحقيق الأجود لهذا الشرح النفيس في أربعة مجلدات. وقد سبق أن طبع الطبعة الأولى في مجمع اللغة العربية بدمشق. وهناك أمثلة كثيرة لنشرهمخ كتباً قيمة.
وهناك في الآونة الأخيرة تجاوزات حدثت من هذه الدار جعلت الباحثين والمحققين يشنعون عليها، كما صنعوا مع تحقيق الدكتور أحمد الخراط لكتاب الدر المصون للحلبي، وراجع المجلد الحادي عشر بتحقيق الدكتور الخراط في آخره لترى ماذا كتب عن سطوهم على تحقيقه ونشرهم له دون إشارة إليه. وقد فعلوا مثل ذلك مع بعض التفاسير الأخرى. ومهما كانت الفائدة المتحققة من وراء نشرهم لكتب اشترك في تحقيقها عدد من الباحثين بحجة أنه قل أن يتفق الباحثون على نشر مثل هذه الكتب المطولة، وقل أن تتبنى دور النشر مثل هذه المطولات، إلا أن هذا يعتبر إخلالاً بأصل من أصول الأمانة العلمية، لا يمكن تبريره من قبل القائمين على دار الكتب العلمية، وقد حاولت الدار في الآونة الأخيرة تدارك الأمر ونشر مؤلفات بعض المحققين الكبار لمحو هذه الصورة السلبية، والقارئ الناقد يبقى هو الحاكم على منشورات دور النشر. وأذكر أن إحدى دور النشر المصرية قديماً ساءت سمعتها لدى القراء بسبب شيء من تجاوزاتها بصورة قريبة مما صنعته دار الكتب العلمية فطلبت من الشيخ أحمد شاكر رحمه الله أن ينشر كتاباً من كتبه التي حققها لديها حتى تستعيد ثقة الناس بها، واستجاب الشيخ أحمد شاكر لذلك، وأشار إلى هذا الأمر في مقدمة كتابه، ونسيت الكتاب الآن لكن لعل أحد الإخوة يذكرنا مشكوراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Jun 2005, 03:34 ص]ـ
إن ما قدمته دار الكتب العلمية من حسنات لا يماري فيه أحد وذلك من خلال طبع الكتب والتي لم تطبع، وبعض التحقيقات العلمية الجيدة، كما أن ما أفسدته كثير وذلك واضح للعيان وذلك: بالسرقات والتحريف والسقط والأخطاء ... والتي ليس لها حصر. والميزان في ذلك أن من كَثُرت حسناته تجاوزنا عن سيئاته. ولكن أين دار الكتب العلمية من ذلك؟!
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[10 Jun 2005, 01:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا
يمكن تقسم كتبهم إلى خمسة أقسام:
1_ المصورات؛ فقد صورت الدار عددا كبيرا من الكتب المفيدة عن الطبعات المعتمدة مثل: التاريخ الكبير للبخاري، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وبهجة المجالس لابن عبد البر، والأمالي للقالي، وغيرها كثير.
2 - كتب لم تطبع من قبل بل تفردوا بطبعها مثل: مستخرج أبي نعيم على مسلم، وأطراف الغرائب والأفراد الدارقطني، وتفسير ابن عادل الحنبلي اللباب .. فهذه كما قيل: فما حيلة المضطر إلا ركوبها.
3 - كتب طبعاتهم فاقت الطبعة السابقة لها، ويمكن التمثيل: بالكامل لابن عدي.
4 - كتب حاجتك لها قليلة، وليست من فنك الذي تميل له، وتكثر الرجوع له .. ، وطبعاتها الأخرى كبيرة الحجم غالية الثمن، فهنا يمكن الاستفادة من كتبهم في هذه الحالة بحذر.
5 - كتب مهمة يكثر الرجوع لها، وهي متوفرة بطبعات كثيرة معتمدة فهذه أقول: فر منها فرارك من الأسد.
ومما ينبغي التنبيه له أن الدار كغيرها من الدور قد تطبع كتابا تعب عليه محققه، وحرر العمل فيه غاية التحرير، فهنا الشكر له، لا لها.
وأنما زبدة الكلام على الكتب الكثيرة جدا التي تصدرها الدار من غير مقدمات، ولا اعتماد على مخطوطات، (وقد طبعت من قبل بتحقيقات معتمدة متقنة) و التي سجل على طرتها (حققه فلان، وفلان .. )، والذين بلغت تحقيقات بعضهم (!) في سنين أكثر مما حقق جماعة من كبار المحققين على مر السنين!!(/)
أسباب إختيار الشيخ زهير الشاويش لتحقيق تفسير "زاد المسير لابن الجوزي"
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[09 May 2005, 11:20 م]ـ
كنت في زيارة الى لبنان الأسبوع الماضي وتشرفت بلقاء العلامة الشيخ زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي
يوم الأحد 16/ ربيع الأول / 1426 هـ
وسألت الشيخ عن أسباب اختياره تفسير ابن الجوزي لتحقيقه فقال ما نصه:
لقد كان اختياري لتفسير الإمام ابن الجوزي رحمه الله لأسباب متعددة:
الأول: أنه حنبلي، والحنبلي يقول:
أنا حنبلي ما حييت وان أمت ***** فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
الثاني: أنه جرى بحث علماء الحنابلة وجهودهم في التفسير مع الشيخ محمد بن عبدالله بن مانع أستاذي وشيخي بحضور الشيخ على بن عبدالله آل ثاني حاكم قطر وذكر ابن مانع عددا من التفاسير وقرر الشيخ علي أن يطبع واحدا منها فتخيرت أنا زاد المسير؛ لأن المؤلف فيه مع حنبليته كان مشهورا في علم الحديث، وكان مطلعا على الحديث في مؤلفاته التي اكتملت في عهده وأصبح الناس يعتمدون على الرواية من الكتب المؤلفة وابتعدوا عن الرواية الشفهية التي كانت معروفة.
وطبعا هذا بعد أن قلَّ الحفاظ وأصبح كل من يدعي الحفظ يريد أن يحدث عن ثلاثين واسطة وما حولها، وقلَّ منهم من ثبت على ذلك وأصبح الاعتماد حقيقة على الكتب المؤلفة في الحديث.
وقمت بالاستحصال على النسخ المخطوطة التي أوردتها في مقدمة كتابي وكان منها نسخة قديمة أحضرتها من بلاد المغرب.
وقد استعنت بالاخوة الذين وصفتهم عندي في المكتب الاسلامي، ومنهم عدد كبير وذكرت أشهرهم في العمل الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله، والشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله.
ولم نذكر الأسماء هذه إلا في آخر الجزء الأخير جريا منا على عادة من سبقنا من العلماء بالاعتذار عن التفاخر الذي وقعنا فيه الآن نحن وسوانا فإنك الآن تجد أن المحقق يُبرز اسمه أكثر من المؤلف، وتجد الدار الناشرة تتفاخر بذكر اسمها مع أن المشرفين عليها كما عرفناهم بالتجربة ليس فيهم من يقرأ كلمة أو يكتب مقدمة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
وكنت أطبع كل جزء من الكتاب وأقوم بتوزيع أكثره هدية من سمو الشيخ علي آل ثاني رحمه الله حيث يوزَّع في قطر والسعودية على أناس محدودين.
وأحيانا على من يزور قطر فيوزَّع عليهم ليحمله المعطى إليه للطائرة، فيثقل عليه فيتركه في المطار أو في الفندق.
ولذلك كنت أقوم بإهدائه على أهل العلم في سوريا ومصر وبلادنا الشمالية على حساب المكتب بفضل الله وكرمه.
وقد لاقى والحمدلله قبولا جيدا وقامت بعض دور النشر من السارقين على تصويره أو إعادة صفه مزاحمة غير مشروعة ولو أنهم أرادوا الخير لطبعوا غيره من الكتب.
ولكن ذلك لم يعطل علينا شيئا فبقيت طبعتنا هي المقدَّمة عند الناس من أهل العلم ثم بعد أن تسلم أولادي إدارة المكتب الإسلامي قاموا بطبعه كاملا في مجلد واحد وبقي عملنا واسم ومكتبنا هو المرجع في كلا الحالين عند أهل العلم والفضل.
وبعد ذلك قمت بنشر عدد من كتب التفسير ضمن منشورات المكتب الاسلامي مثل: تفسير سفيان بن عيينة، وتفسير سورة الرعد وفصلت، وغيرها.
وقد وقع في يدي كتاب من تفسير شيخ مشايخي العلامة الشيخ عبدالقادر بن أحمد بدران الدومي الشافعي والمتحول بعد ذلك الى الحنبلي وكانت له خصومات في قريته "دومه".
فهاجر منها الى دمشق وأقام عازبا - لا زوجة له ولا ولد - في مدارس الأوقاف. وكتب كتاب في التفسير سماه (جواهر الأفكار ومعادن الأسرار المستخرجة من كلام العزيز الجبار).
فبادرت بعد تملكي نسخته مع الكثير من مؤلفات بدران ووجدتها النسخة الوحيدة المخطوطة بخطه بعضها كتبها بيمينه، وبعضها كتبها بيساره بعد أن أصابه الشلل.
ثم وجدت أن المفسَّر من هذا الكتاب الى قوله تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون).
ولم أجد باقيه فقمت على تحقيقه وطبعه سنة 1420 هـ المساوي 1999 م على أمل أن ينتفع الناس بما كتب، وفيه الفاتحة والبقرة وآل عمران وهي في جزئين.
وإن من طبيعة من يفسر أن يذكر في أوائل القرآن الكثير من قواعده في أوائل تفسيره، فيأتي ما بعدها مكررا لها متشابها فيها. فكان في مجلد في 550 صفحة تلقاه أهل العلم بقبول حسن وعلى الأخص الإخوة من دعاة السلف الصالح والدعوة الى ما مات عليه بدران وبقيت أنا عليه من الدعوة السلفية جعلنا الله من المخلصين لها، والحمد لله رب العالمين.
من إملاء الشيخ العلامة زهير الشاويش بنصه
بيروت - لبنان 16/ ربيع الأول 1426 هـ
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[10 May 2005, 12:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لم يكن الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى من النقاد البارزين في علم الحديث بالإضافة لكثرة أوهامه في العزو وكثرتها و>لك يظهر جليا لمن طالع سيرته في سير ال>هبي، واستوثقت ما نقله ال>هبي رحمه الله في الاحتكاك ببعض الكتب لأبي عبد الرحمن الجوزي منها التحقيق ال>ي ألفه على التعليق لأبي يعلى الفراء وانظر لاستدراكات التنقيح عليه، لكنه كان إماما بصيرا بفن الخطابة و>وق العبارة وصوفية أهل السنة والجماعة. مجرد رأي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 May 2005, 04:41 م]ـ
جهد ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير جهدٌ متميز, ولا يستغني عنه طالب علم التفسير, وفيه ترجيحات, واختيارات لأئمة فُقِدَت تفاسيرهم, كأبي سليمان الدمشقي, بل عرض كامل تفسيره حرفاً حرفاً, وقرأه قراءة تحرير وتدقيق على سيف الدين ابن تيمية, عم الجد ابن تيمية, وكتابه هذا متميز عن بقية كتبه التي يغلب عليها الجمع, وابن تيمية ينقل عنه كثيراً, وله زيادة أقوال في الآية ليست موجودة عند من قبله, لكنه زادها بالاستنباط من السياق ونحوه.
وشكر الله للدكتور عيسى مشاركته, وإفادته.
ـ[الراية]ــــــــ[02 Nov 2007, 02:52 م]ـ
جهد ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير جهدٌ متميز, ولا يستغني عنه طالب علم التفسير, وفيه ترجيحات, واختيارات لأئمة فُقِدَت تفاسير .......... وكتابه هذا متميز عن بقية كتبه التي يغلب عليها الجمع, ...... وله زيادة أقوال في الآية ليست موجودة عند من قبله, لكنه زادها بالاستنباط من السياق ونحوه.
هل توجد دراسات مطبوعة حول تفسير ابن الجوزي؟
توضح منهجه في الكتاب، فمثلا عند إيراده للاقوال والغالب انه لاينص في اختيار احدها، فكيف نعرف رأيه؟
كذلك موارده التي أخذ منها هذه الأقوال خاصة وأن في بعضها غرابة
أتمنى أن أجد دراسة مفيدة حول هذا التفسير القيم
جزاكم الله خير
ـ[الجكني]ــــــــ[02 Nov 2007, 03:06 م]ـ
هناك رسالة دكتوراه لصديقي وزميلي د/: فرج العوفي حفظه الله، نوقشت في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورةقبل أكثر من (11) سنة حول تفسير ابن الجوزي لكني لا أتذكر الآن عنوانها. فلتحرر.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[03 Nov 2007, 02:14 ص]ـ
لقد كان اختياري لتفسير الإمام ابن الجوزي رحمه الله لأسباب متعددة:
الأول: أنه حنبلي، والحنبلي يقول:
أنا حنبلي ما حييت وان أمت ***** فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وهل هذا سبب وجيه؟
ـ[الراية]ــــــــ[05 Nov 2007, 01:03 م]ـ
هناك رسالة دكتوراه لصديقي وزميلي د/: فرج العوفي حفظه الله، نوقشت في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورةقبل أكثر من (11) سنة حول تفسير ابن الجوزي لكني لا أتذكر الآن عنوانها. فلتحرر.
رجعت الى دليل الرسائل الجامعية
فوجدت عنوان رسالته للدكتوراه
جهود ابن الانباري في التفسير و علوم القران الكريم
عام 1417هـ
ورسالته الماجستير
مصدر القران كما بينه القران
عام 1410هـ
ـ[أبوسليمان المحمد]ــــــــ[02 Nov 2008, 11:59 ص]ـ
- بعض الأقوال التي يتفرد بنقلها يشاركه الماوردي في تفسيره [وأحيانا في الحاوي أيضا] في نقلها ’ فكأنه مصدر ابن الجوزي في نقلها.
- الرسعني في تفسيره [رموز الكنوز] اعتمد كثيرا على تفسير ابن الجوزي هذا.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[02 Nov 2008, 08:09 م]ـ
كذلك للشيخ الفاضل الحبيب عبد الرحيم الطحان رسالة في منهج ابن الجوزي في تفسيره ولا أذكر عنوان الرسالة تماما
ـ[عادل التركي]ــــــــ[02 Nov 2008, 08:49 م]ـ
هل توجد دراسات مطبوعة حول تفسير ابن الجوزي؟
توضح منهجه في الكتاب
يوجد رسالة بعنوان:
منهج ابن الجوزي في التفسير
للباحث: عامر عمران علوان الخفاجي
جامعة: بغداد نوقشت عام 1993
وهناك رسالة أخرى بعنوان:
ابن الجوزي ومنهجه في التفسير
للباحث: عبد العزيز ثابت
جامعة: الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية نوقشت عام 1995
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
المصدر: قاعدة معلومات الرسائل بمكتبة الملك فيصل
ـ[أبو العالية]ــــــــ[20 Apr 2010, 08:59 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
ما امتع هذا التفسير، فهوكاد أو قارب أن يُلمَّ بتفسير ابن جرير رحمه الله في عزو الأقوال لقائلها، وكم أسمع من شيخنا المحدِّث شعيب الأرنؤوط يمتدح هذا التفسير، ويقول أنه أشبه بمختصر من ابن جرير.
فجزى الله الشيخ د. عيسى الدريبي على هذه السانحة الطيبة لعرض هذا التفسير المبارك.
غير أني أقول وللأسف تعليقاً على قول الشيخ زهير، حين قال: (وقد استعنت بالاخوة الذين وصفتهم عندي في المكتب الاسلامي، ومنهم عدد كبير وذكرت أشهرهم في العمل الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله، والشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله.
ولم نذكر الأسماء هذه إلا في آخر الجزء الأخير جريا منا على عادة من سبقنا من العلماء بالاعتذار عن التفاخر الذي وقعنا فيه الآن نحن وسوانا فإنك الآن تجد أن المحقق يُبرز اسمه أكثر من المؤلف، وتجد الدار الناشرة تتفاخر بذكر اسمها مع أن المشرفين عليها كما عرفناهم بالتجربة ليس فيهم من يقرأ كلمة أو يكتب مقدمة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.)
ومن هذا: أن يقال أن الشيخ زهيراً لم يكتب في تحقيقه حرفاً واحداً، بل الذي حققه العلامة الراحل الشيخ عبد القادر الأرنؤوط رحمه الله، وبلديِّه العلامة المحدِّث شعيب الأرنؤوط حفظه الله ونفعنا بعلمه، ووضع اسم الشيخ معهما مجانب للصواب، يعلم هذا من عمل مع الشيخ في الشام والأردن وو
أقول هذا تعليقاً لطيفاً من باب عود الحق إلى نصابه، وليس تشغيباً.
وجزى الله الشيخ زهيراً على نشره للكتب النافعة الأميرية!
والله اعلم(/)
كتاب نثر المرجان في رسم القرآن الرجاء الإفادة
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[09 May 2005, 11:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني الأفاضل الرجاء موافاتي بأي علم عن مخطوط له>ا الكتاب وهل هو مطبوع، وأين توجد نسخه الخطية وكيفية الحصول عليها الرجاء الإفادة لكل من عنده علم للأهمية وجزاكم الله خيرا.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[16 May 2005, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت في الشبكة: نقل من هذا الكتاب لفضيلة الأستاذ الدكتور الفرماوي في موقع هدي الاسلام، في مقاصد سورة النحل، ولم آلو جهدا في الاتصال بسيادته فتفضل مشكورا بهذه المعلومات:
الكتاب موجود في مكتبة الحرم المكي مطبوعا يقع في عدة أجزاء.
فالرجاء من الرواد الباحثين في هذا المنتدى من المكيين خاصة أن يساعدوني في الحصول على نسخة مصورة من الكتاب، والله ولي التوفيق.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 May 2005, 07:19 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الكتاب في 7 أجزاء
اسم الكتاب: نثر المرجان في رسم نظم القرآن
المؤلف: محمد غوث بن ناصر الدين محمد بن نظام الدين أحمد الأركاتي
وصف الكتاب
المجلد الأول
عدد الصفحات 712
المجلد الثاني
الجزء الثاني
من (لايحب الله الجهر بالسوء
وآخره التوبة
عدد الصفحات 644
الجزء الثالث
من اول سورة يونس
الى النحل
عدد الصفحات 510
المجلد الثالث
الجزء الرابع
من اول الاسراء - الفرقان
عدد الصفحات 735
المجلد الرابع
الجزء الخامس
الشعراء - يس
عدد الصفحات 600
المجلد الخامس
الجزء السادس
الصافات - الحجرات
عدد الصفحات 680
المجلد السادس
الجزء السابع
من ق - الناس
عدد الصفحات 797
في آخر المجلد السابع
(قد تم المجلد السابع من الكتاب المستطاب نثر المرجان في رسم نظم القرآن في سنة1348
بتصحيح شيخ القراء المقرىء أبي الكاظم السيد علي الحسيني القادري المعرف بالقارىء مير روشن على الحكاك شيخ التجويد والقراءات
في المدرسة العالية النظامية العثمانية الموقوفة ببلدة حيد آباد الدكن صانها الله تعالى عن الشرور والفتن)
انتهى
يتبع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 May 2005, 07:39 ص]ـ
الكتاب في مكتبات الجامعات
في الرياض وجدة والمدينة وو ...... الخ
(نثر المرجان فى رسم نظم القران
محمد غوث بن ناصرالدين محمد
لنائطى الركاتى
مطبعه عثمان بريسى حيدر اباد الدكن
تاريخ النشر: 1331
رقم التصنيف: 211,3 م ن م ن
)
انظر الى أخطاء من أدخل البيانات
وهذا التصحيف له أثر سلبي في البحث
فلو أدخلت اسم الأركاتي على سبيل المثال لن تجد نتيجة
كل ذلك بسبب التصحيف في البيانات
عموما هذا في جامعة الملك سعود
وأما في الجامعة الإسلامية
الجامعة الإسلامية
http://www.iu.edu.sa/arabic/DisplayBI.asp?id=11358
411،61
ا ر ن
الأركاتي، محمد غوث بن ناصرالدين محمد بن نظام الدين أحمد
نثير المرجان في رسم نظم القرآن / محمد غوث بن ناصرالدين محمد بن نظام الدين أحمد الأركاتي
1328هـ
7 ج ; 24 سم
بعض أجزاء هذه الطبعة طبعت في مطبعة أشرف بريس
211،0
ا ر ب
الأركاتي، محمد غوث بن ناصرالدين محمد بن نظام الدين أحمد
بنثر المرجان في رسم نظم القرآن / محمد غوث بن ناصرالدين محمد بن نظام الدين أحمد الأركاتي
د0ت
7ج ; 25س
http://www.iu.edu.sa/arabic/DisplayBI.asp?id=16045
411،61
أ ر ن
الاركاتي، محمد غوث نمحمد أحمد النائطى
نثر المرجان في رسم نظم القرآن / محمد غوث نمحمد أحمد النائطى الاركاتي
1349هـ
7 ج ; 54 سم
29951 [نادر]
http://www.iu.edu.sa/arabic/DisplayBI.asp?id=29951
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 May 2005, 07:39 م]ـ
فضيلة الأستاذ ابن وهب جزاك الله خيرا عني على هذا المجهود الرائع في البحث عن هذا المرجع الهام.
والمعلومات التي ذكرتها فضيلتك من الأهمية عندي بمكان أكرر لسيادتك الشكر وأتمنى من الله تعالى لك دوام التوفيق والتسديد
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 May 2005, 07:46 م]ـ
وإليك هذه الفائدة منقولة عنك أيضا في ملتقى أهل الحديث:
وفي نثر المرجان في رسم نظم القرآن للاركاتي
(سورة قريش أربع آيات عند غير الحجازيين وعندهم خمس
واختلف فيها تفصيلا
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)