ومن شرِّ حاسدٍ إذا حَسَد) (سورة الفلق) فلماذا عدلَ إلى (وقبَ) وفي السعة أن يقال إذا (غسق) فيكون التعبير (ومن شر غاسقٍ إذا غسق) ولاسيما وأن مثل هذا التكرار قد استعمل في السورة نفسها (ومن شر حاسدٍ إذا حسد) وبذلك تنسجم صوتياً مع الفواصل السابقة. (يقال: غسق الليل وأغسق، إذا أظلم) (37)، وهم يفسرون (إذا وقب) بالليل (إذا دخل في كل شيءٍ وأظلم ويقال: غسق وأغسق) (38) أو دخل وهجم ... بظلامه (39)، فإذا كانت اللفظتان متقاربتين إلى هذه الدرجة من الدلالة فما هو سبب العدول إلى (وقب) دون (غسق) مع أنّ الثانية هي التي تحقق الجرس الصوتي المتشاكل مع ما موجود من فواصل ولم أجد من استطاع أن يتنبه للمزية الإعجازية في الأسلوب القرآني في هذه الآية إلا الشعراوي فقد أفاد الشيخ من الإيحاء الدلالي لـ (وقب) اعتماداً على أصلها في المعنى ليشكل بهذا الفعل صورة قرآنية ما كانت لتحصل أبداً لو استخدم فعل (غسق) فالأصل في الغاسق الدافق والأصل في الوقب النقرة في الجبل (40) يجتمع فيها الماء ثم تسيل فإذا بلغ من شدة المطر أنه يعمل حفرة في الجبل فهو إذن مطرٌ غزيرٌ شديدٌ جداً وهذا المطر لا ينشأ بهذه الصورة إلا من غيم وسحاب وهذا الغيم سيكون لذلك كاسياً للسماء، والإنسان لا يستغرب أو يخاف الظلام في الليل، لكنه يستغرب منه في النهار والشمس طالعة ثم يكسوها السحاب وبعد ذلك ينزل المطر، الظلمة في النهار هي الملفتة وأما في الليل فلا وجه للاستغراب أو الخوف … فكأنهم أخذوا (الغاسق) الذي هو الليل المظلم حين يتدفق ويسيل ويشمل الكون من الماء الذي ينزل (ينقر في الجبل) وهو لا ينقر في الجبل بهذه القوة إلا إذا كان غزيراً ودائماً وطويلاً لأنه يحتاج لمدة طويلة ليفعل ذلك إذن فالغيم حجب الشمس ممّا أدى إلى الظلام، الظلام الذي هو في غير موضعه (41)، مما سيكون أدعى للخوف والرهبة، وربما ظنّ ظآنٌّ بعد مثل هذا وليس ببعيد إذ إن مدار قول أغلب من فسّر الآية كان على مجيء الظلام بعد النور يقول ابن القيم: (والظلمة في الآية أنسب لمكان الاستعاذة) (42)، ولعله مما يؤيد قول الشعراوي قوله (صلى الله عليه وسلم) للسيدة عائشة (رضي الله عنها) عن القمر (استعيذي بالله من شرِّ هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب) (43) إذ هو اختفاء مصدر الضوء ولم يرتض ابن القيم تفسير الحديث بأنه الخسوف لأن أحداً من أهل اللغة لم يقل بذلك (44) ويؤكد كلام الشعراوي السابق ما فهمت السيدة الفاضلة بنت الشاطيء من دلالة (الغساق) - عند العرب - على ما (يسيل من صديد والجرح المنتن منقولاً إليه من إغساق العين إذا دمعت من رَمَدٍ ومنظوراً في الغساق إلى غشية الرؤية وإظلامها في دمع العين يسيل من رَمَدٍ …) (45).
2. اختيار فاصلة خاصة منفردة: كما في الفاصلة الأخيرة من سورة الانفطار قال تعالى: (يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمرُ يومئذٍ لله) (الانفطار: 19) حيثُ يُلاحظ في هذه السورة عدة اختيارات على مستوى المفردة منها: أن السورة كانت تلتزم فاصلة واحدة لكل سياق داخلها وأنها التزمت منذ الآية الرابعة وإلى الأخيرة (النون) و (الميم) روياً للفاصلة، ويُلاحظ أنّ لفظ الجلالة (الله) لم يرد إلا فاصلة في الآية الأخيرة (46)، كما يُلاحظ أنه تمّ العدول عن لفظ الجلالة الله إلى ربك في السورة (يا آيها الإنسان ما غرّكَ بربكَ الكريم) (الانفطار: 6) فما الذي جعل الفاصلة الأخيرة فيها تختار بهذا الشكل لو لم يكن هناك دلالة معنوية أهم في الاختيار من الجانب الصوتي - وإن كانت تحقق ملحظاً جمالياً بحد ذاتها على المستوى الصوتي أفلا يوحي تفردها في نهاية السورة واختتام السورة بها بتفرد المرجعية له سبحانه دونما مشارك واختتام الأمور إليه (47)، واختيرت الهاء فاصلةً فأعطت صوتياً هذا المعنى حيث يتلاشى النفس عندها تماماً لكونها صوتاً مهموساً (لا يتذبذب الوتران الصوتيان حال النطق به والوضع الذي يتخذه الوتران الصوتيان في حالة الصوت المهموس هو نفس الوضع الذي يتخذانه في حالة التنفس العادي) (48)؛ لذلك فأن الصوت المهموس يحتاج في نطقه إلى قوة من إخراج النفس (الزفير) أعظم من التي يتطلبها نطق الصوت المجهور (49)، وبمجرد قراءةٍ متأنيةٍ في هذه السورة
(يُتْبَعُ)
(/)
يجد القارئ أنها بنيت بطريقةٍ خاصة، فقد ابتدأت بالحديث عن خلق الإنسان (… ما غرّكَ بربك الكريم الذي خلقك فسوّاك) (الانفطار: 1 - 3) لتتناول بعد هذا الحديث عن أعمال الإنسان وكتابة الملكين لها (كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين ... ) (الانفطار: 4 - 7) لينتقل الحديث بعدها عن يوم القيامة (إن الأبرار لفي نعيم وإنّ الفجار لفي جحيم يصلونها يومَ الدين ... ) (الانفطار: 8 - 13) لينهي السورة بتحديد منتهى الأمر ومرجعه (يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذٍ لله) (الانفطار: 14) حيث يتفرد الله سبحانه وهو المتفرد بالأمر في الدنيا والآخرة (50).
3. الاختيار يلغي الزيادة: يقول أحد الباحثين (إن العلاقة المعنوية بين الفاصلة والآية - كما هي في الأيغال (51) - تختلف عما هي عليه في التعقيب إذ ليس التعقيب بزائدٍ عن معنى الآية أو الآيات قبله ... ) (52)، وكأن الفاصلة زائدة - كما هي في الأيغال - عن معنى الآية أو الآيات التي قبلها، وفي هذا تعارض مع ما سبق الكلام عنه: من أنّ الاختيار على السعة منافٍ للزيادة في اللفظ، وقد قال البلاغيون بالأيغال لما استشعروا من اضطرارٍ يُلجِأُ الشاعر للقافية لذلك قصروا الأيغال على القوافي أو طرف البيت دون الحشو يقول ابن رشيق: (هو ضربٌ من المبالغة إلا أنه في القوافي خاصة لا يعدوها) (53)، فإذا كان الاختيار في القرآن غير مشروطٍ فكيف نقول بكلمات الحاجة والاحتياج التي تعجُّ بها تعريفات (الأيغال)، ثم أليس في التفرقة بين التتميم والأيغال أن الأيغال لا يَردُ إلا على معنى تام من كل وجه (54)، وهذا إنما يقصد به تمام المعنى الإبلاغي (الإخباري) أما التعبير الفني فأنه لا تمام فيه إلا بعد استحضار كل ما يتطلبه المعنى من ألفاظ وتلك لطيفة تنبه لها ابن جني في كلامه عن قوله تعالى: (فخرّ عليهم السقف من فوقهم) (النحل: 26) حيث قال: (لو قيل: فخرّ عليهم السقف ولم يقل: من فوقهم لجاز أن يُظنَّ به أنه كقولك: قد خُرِّبت عليهم دارهم، وقد أُهلكت عليهم مواشيهم وغلاّتهم وقد تلفت عليهم تجاراتهم، فإذا قال: (من فوقهم) زال ذلك المعنى المحتمل، وصار معناه أنه سقط وهم من تحته، فهذا معنى غير الأول) (55)، وفرقٌ كبير بين أن يكون اللفظ زائداً وبين أن يكون المعنى به غيره بدونه.
نعم إن البلاغيين يقولون إن في الإيغال مع زيادته نكتة بلاغية وإنه قد لا يخلو من إضافة في توضيح المعنى أو توكيده، ولنأخذ قوله تعالى: (وذللت قطوفها تذليلاً) أو قوله تعالى: (كلا إذا دُكّت الأرض دكاً دكا) (56) ... الخ.
ولو حذفت (تذليلاً) إذا كانت بعد (تمام المعنى من كل وجه) سيكون الكلام: وذللت قطوفها، وبعيداً عن جمالية الإيقاع والمشاكلة التي جاء عليها، ألا يمكن أن يحمل هذا القول على المجاز كما حُمل غيره؟ إن وجود لفظة (تذليلا) غَيَّر معنى الجملة بل حتّم أن تكون على الحقيقة لأن المجاز لا يؤكد فـ (العرب لا تؤكد بالمصدر إلا إذا كان الحقيقة) (57)، فهل مثل هذا زيادة جاءت بعد تمام المعنى من كل وجهة لتشبيه أو تأكيد؟ والمسلمون من أهل السنة إنما استدلوا على ثبوت كلام الله على الحقيقة بقوله تعالى: (وكلم اللهُ موسى تكليماً) (النساء: 164) لذلك قال الصرصري في قصيدة مَدَحَ فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتحدث عن عقيدته (58):
وكلَمَ موسى والكلامُ حقيقة بتوكيده بالمصدر الخصم يُقطَعُ
الحواشي:
1) النكت 89.
2) كثيراً ما ارتبط الواو وحركته (الضمة) بمعنى القوة والياء وحركته الكسرة بمعنى الضعف والرقة.
3) ينظر: علم الأصوات العام 96.
4) ينظر: التفسير البياني 1/ 30.
5) ينظر: الدراسات الصوتية 192.
6) ينظر: علم الأصوات العام 128.
7) ينظر: التفسير البياني 1/ 38 – 40.
8) ينظر: الكشاف 4/ 263 – 264، والطبري 30/ 147، والبحر 8/ 485.
9) التفسير البياني 1/ 35.
01) ينظر: المصدر السابق 1/ 35.
11) ينظر: الدراسات الصوتية عند علماء التجويد 482 – 483.
21) ينظر: المصدر السابق 482.
31) ينظر: فن التقطيع الشعري 282.
(يُتْبَعُ)
(/)
41) ينظر: الرعاية لتجويد القراءة 110 و 201، والدراسات الصوتية عند علماء التجويد 319 نقله الداني في التحديد 19، و التفشي كثرة خروج الريح وانبساطه عند خروج هذه الحروف، ينظر: الرعاية 109 والدراسات الصوتية 319.
51) ينظر: الفروق في اللغة 32.
61) البيان في إعجاز القرآن 199.
71) معاني القرآن 3/ 260.
81) الإعجاز البياني 521.
91) المصدر السابق 521.
02) ينظر: لغة القرآن في جزء عمّ 374 – 376.
12) ينظر: الإعجاز البياني 250.
22) معاني القرآن 3/ 260.
32) المصدر السابق 3/ 231.
42) الإعجاز البياني 252.
52) ينظر: لغة القرآن في جز عمَّ 378.
62) ينظر: من وحي القرآن 132.
72) من وحي القرآن 135 – 136.
82) ينظر من بديع لغة التنزيل 302.
92) معاني القرآن 3/ 118.
03) تفسير الرازي 29/ 124.
13) تفسير غريب القرآن 440.
23) ينظر: تفسير غريب القرآن 440.
33) ينظر: تفسير غريب القرآن 440.
43) من وحي القرآن 131.
53) ينظر: الإعجاز البياني 258 والتصوير الفني 90.
63) من بلاغة القرآن 63.
73) تفسير المعوذتين 23.
83) معاني القرآن 3/ 301، وينظر: المفردات 830، وتفسير مفردات القرآن 935.
93) ينظر: تفسير الطبري 12/ 226.
04) الوقبُ كالنقرة في الشيء ينظر: المفردات 830، وتفسير مفردات القرآن 935.
14) ينظر: المختار من تفسير القرآن 3/ 182.
24) تفسير المعوذتين 24، وينظر: عدة المسلمين 263.
34) تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 8/ 689.
44) تفسير المعوذتين 26.
54) الإعجاز البياني 490.
64) وبهذا يُعلم خطأ الإشارة التي وردت في جدول مرات ورود لفظ (الله) في سور القرآن الذي قام به علي حلمي موسى حيث ذكر أنه لم يرد أي مرّة في سورة الانفطار، ينظر: استخدام الآلات الحاسبة 1114.
74) ينظر: الفاصلة في القرآن 208.
84) الدراسات الصوتية عند علماء التجويد 131.
94) ينظر: علم اللغة 164 وينظر الدراسات الصوتية 138.
05) في ظلال القرآن 8/ 496.
15) الأيغال هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بغيرها كزيادة المبالغة … ينظر شروح التلخيص 3/ 220 ومعجم المصطلحات 1/ 229.
25) أسلوب التعقيب 24.
35) العمدة 2/ 57، وينظر: الخزانة (الحموي) 111.
45) ينظر: تحرير التحبير 241.
55) الخصائص 3/ 271.
65) مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية 94.
75) مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية 94.
85) ديوان الصرصري (مخطوط وزارة الأوقاف) ورقة 71
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Oct 2004, 09:40 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور عامر على هذا البحث الماتع.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[08 Dec 2006, 07:59 م]ـ
إحدى الأخوات عندها بحث ماجستير في الفاصلة القرآنية وترجو من أعضاء هذا الملتقى المبارك إفادتها بالكتب والأبحاث المؤلفة في هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[08 Dec 2006, 09:48 م]ـ
ناقش الكاتب والشاعر والباحث الإسلامي الكبير محمد الحسناوي
هذا الموضوع في رسالة جامعية، ونال بها درجة الماجستير
سنة 1973 م، وكان يحاضر بها في المراكز الثقافية في سوريا
وأكيد قد قام بطبعها ونشرها
وهو الآن أحد مؤسسي رابطة أدباء الشام
http://www.odabasham.net/
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[10 Dec 2006, 03:54 م]ـ
كتبت انا الفقير الى الله تعالى رسالة بعنوان الدلالات المعنوية لفواصل الايات القرانية عجل الله تعالى فرجها
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Dec 2006, 04:03 م]ـ
كتب الدكتور عبد الفتاح لاشين كتاب بعنوان (الفاصلة القرآنية)، نشر دار المريخ بالرياض 1402هـ الموافق 1982.(/)
روح المعاني للامام الالوسي
ـ[ hamza] ــــــــ[12 Aug 2004, 04:52 ص]ـ
السلام عليكم ارجو المساعده في ايجاد تفسير روح المعاني للالوسي البغدادي وذلك لشدة الحاجة اليه وتحميله ان امكن وجزاكم الله خيرا حمزه نادر
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Aug 2004, 03:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم حمزه وفقك الله
لا أعلم هذا التفسير الكبير موجوداً للتحميل على الشبكة، ولكن بإمكانك الاطلاع عليه من خلال هذا الموقع الكبير
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp
ـ[ hamza] ــــــــ[13 Aug 2004, 03:03 ص]ـ
الدال على الخير كفاعله وجزاكم الله خيرا يااخواني على بذل الجهد للتعاون وشكرا
ـ[د. نصير خضر سليمان]ــــــــ[29 Jan 2005, 11:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي وحبيبي بخصوص هذا التفسير أقصد تفسير الآلوسي الموسوم بتفسير روح المعاني فإن كنت تبحث عنه لتحقيقه فقد قام مجموعة من طلاب الدراسات العليا في كلية الإمام الأعظم في بغداد بتحقيقه من أوله إلى آخره وهم الآن بصدد طبعه في أحد دور النشر العربية
ـ[مسك]ــــــــ[30 Jan 2005, 01:11 ص]ـ
تفضل أخي هذا هو تفسير روح المعاني كاملاً ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=6&book=1538)
وهنا تجد سلسلة التفاسير لأول مرة على النت على ملفات ورد للتحميل ( http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=32797)(/)
سؤال اتعبني كثيرا
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[12 Aug 2004, 03:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني لدي سؤال قد اتعبني كثيرا
اثناء حفظي للقران تواجهني متاعب مثل اواخر الايات فاحيانا (ان الله كان عليما حكيما) واحيانا (وكان الله عليما حكيما) واحيانا (ان الله كان عليما خبيرا) وهكذا ......
فهل هناك من طريقة لحفظ هذه الاواخر
او هل هناك تفسير يشرح لماذا الله عز وجل ذكر هنا عليما حكيما وهناك عليما خبيرا وهناك قال (ان الله كان) وفي موضع اخر (وكان الله) وفي موضع اخر (والله عليم خبير)
الرجاء افادتي
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[13 Aug 2004, 02:35 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله بين إخوانك:
وما سألت عنه جدير بالسؤال ويشكو منه كثير من الحفاظ وجواب ما سألت عنه على وجه الإيجاز هو:
الكتب التي تعتني بهذا هي كتب المتشابه اللفظي واجمعها ملاك التأويل.
ثانياً:لخاتمة الآية ارتباط بمضمونها عند التدبر ولعلك قد سمعت قصة الأعرابي في آية المائدة.
ثالثاً: العلماء لهم مباحث حول مناسبة خاتمة الاية للأية وخاصة المختومة بأسماء الله الحسنى وهناك كتابان للدكتور علي العبيد حول هذا الموضوع.
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[13 Aug 2004, 03:44 ص]ـ
أخي ابو علي النوحي بارك الله فيك:
* اريد فقط توضيح بعض ما تفضل به الاخ البريدي، فأقول نعم ربط معنى الاية بأخرها مهم وضروري لاكتمال معناها، وقد أورد الاستاذ أحمد البريدي ذكر قصة الأعرابي في قوله تعالى:" والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " فقرأها الامام وكان الله غفورا رحيما ورد عليه الأعرابي .... عز فحكم فقطع ..
اليك بعض النقاط التي تساعدك في التغلب على هذه المشكلة:
* حصر بعض الآيات التي لم ترد الا مرة أو مرات قليلة مثل قوله تعالى:" أن الله كان عليا كبيرا"
وقوله:" فان الله كان عفوا قديرا".، " واسعا حكيما" في النساء
*قاعدة قد تكون عامة: وهي أن آيات الرحمة والمغفرة (غالبا) ما تختم بـ"وكان الله غفورا رحيما"، وآيات العذاب بقوله تعالى:" وكان الله عزيزا حكيما ".
* خواتيم الاياتالتي فيها ذكر أسماء وصفات الله جل وعلا مرتبطة بباب الأسماء والصفات
وهي أن دلالة الأسماء على الذات والصفات تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام.
مثال على دلالة الالتزام: قوله تعالى: (فإن الله غفور رحيم) الدلالة الالتزامية على أن الله يغفر لكم ويرحمكم إن أنتم عفوتم وصفحتهم وغفرتم.
* أتمنى من الاخوة اثراء الموضوع بالفائدة ... وبارك الله في الجميع
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[13 Aug 2004, 08:06 م]ـ
لكن ما هو اسم الكتاب للدكتور علي العبيد؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:02 ص]ـ
اسمه: ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[14 Aug 2004, 07:51 ص]ـ
اشكرك على الرد
لكن انت اخبرتني عن كتابين فماهو الاخر
واين يمكن ان احصل عليهما
؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Aug 2004, 02:39 م]ـ
الكتاب الآخر: أسماء الله الحسنى في خواتم آيات سورة الفاتحة والبقرة
طبع دار العاصمة هاتفهم: 4915154
وعدد صفحاته 112
ـ[أبوتركي]ــــــــ[16 Aug 2004, 08:33 م]ـ
جزيتم خيرا على ما تم طرحه من مواضيع طيبة(/)
سلسلة: ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه من الأقوال
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Aug 2004, 03:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من طرائق موازنة المفسرين بين الأقوال الواردة في التفسير ردُّ بعضها، وبيان ضعفه أو بطلانه.
ومن المفيد للباحث في التفسير أن يعرف هذه الأقوال، وينظر في مستند من ردها، ويجتهد في تحرير ذلك وبحثه لينظر هل رده لذلك القول مقبول أو لا. إلى غير ذلك من المهمات التي تنفع الباحث في هذا المجال.
ولو جمعت هذه الأقوال بطريقة منهجية لكانت صالحة لتقديمها كرسالة علمية
وهذا أوان الشروع في ذكر بعض الأمثلة على ما نص مفسر على رده من الأقوال:
قال ابن العربي في تفسيره لقول الله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
(قوله تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} فِيهِ مَسْأَلَةٌ بَدِيعَةٌ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ , وَهِيَ أَنَّ الْمَصْدَرَ قَدْ يُضَافُ إلَى الْمَفْعُولِ , كَمَا يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ , تَقُولُ: أَعْجَبَنِي ضَرْبُ زَيْدٍ عَمْرُو , عَلَى الْأَوَّلِ , كَمَا تَقُولُ: كَرِهْت ضَرْبَ زَيْدٍ عَمْرًا , عَلَى الثَّانِي.
وَقَدْ جَهِلَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ هَذَا الْمِقْدَارَ , فَعَقَدَ فَصْلًا فِي تَرْغِيبِ النَّاسِ فِي الدُّعَاءِ قَالَ فِيهِ: فَاهْتَبِلُوا بِالدُّعَاءِ , وَابْتَهِلُوا بِرَفْعِ أَيْدِيكُمْ إلَى السَّمَاءِ , وَتَضَرَّعُوا إلَى مَالِكِ أَزِمَّةِ الْقَضَاءِ , فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} وَأَرَادَ لَوْلَا سُؤَالُكُمْ إيَّاهُ , وَطَلَبُكُمْ مِنْهُ , وَرَأَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إلَى فَاعِلٍ. وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ , وَإِنَّمَا هُوَ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إلَى الْمَفْعُولِ. وَالْمَعْنَى قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْكُفَّارِ: مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ بِبَعْثِهِ الرُّسُلَ إلَيْكُمْ , وَتَبْيِينِ الْأَدِلَّةِ لَكُمْ , فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ عَذَابُكُمْ لِزَامًا.)
وما رده ابن العربي مروي عن السلف في تفسير الآية؛
جاء في تفسير الطبري: (حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي قال: يعبأ: يفعل. وقوله: لَوْلا دُعاؤُكُمْ يقول: لولا عبادة من يعبده منكم، وطاعة من يطيعه منكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ يقول: لولا إيمانكم، وأخبر الله الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حبَّبه إلى المؤمنين.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله لَوْلا دُعاؤُكُمْ قال: لولا دعاؤكم إياه لتعبدوه وتطيعوه.)
وقد وافق الطاهر ابن عاشور ابنَ العربي في تضعيفه للقول السابق، فقال: (والدعاء: الدعوة إلى شيء، وهو هنا مضاف إلى مفعوله، والفاعل يدل عليه {رَبِّى} أي لولا دعاؤه إياكم، أي لولا أنه يدعوكم. وحذف متعلق الدعاء لظهوره من قوله: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ}، أي الداعي وهو محمد صلى الله عليه وسلم فتعين أن الدعاء الدعوة إلى الإسلام. والمعنى: أن الله لا يلحقه من ذلك انتفاع ولا اعتزاز بكم. وهذا كقوله تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا لِيَعْبُدون ما أُريد منهم مِن رزق وما أُريد أن يُطْعِمُون} (الذاريات: 56، 57).
وضمير الخطاب في قوله: {دُعَآؤُكُمْ} موجّه إلى المشركين بدليل تفريع {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} عليه وهو تهديد لهم، أي فقد كذبتم الداعي وهو الرسول عليه الصلاة والسلام. وهذا التفسير هو الذي يقتضيه المعنى، ويؤيده قول مجاهد والكلبي والفراء. وقد فسر بعض المفسرين الدعاء بالعبادة فجعلوا الخطاب موجهاً إلى المسلمين فترتب على ذلك التفسير تكلفات وقد أغنى عن التعرض إليها اعتمادُ المعنى الصحيح فمن شاء فلينظرها بتأمل ليعلم أنها لا داعي إليها. وتفريع {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} على قوله: {لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ}، والتقدير: فقد دعاكم إلى الإسلام فكذبتم الذي دعاكم على لسانه.)
وقد فصل الشنقيطي رحمه الله الأقوال في تفسير هذه الآية، وبين أنها كلها صحيحة.
يتبع إن شاء الله، مع رجاء المشاركة من الإخوة الكرام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:11 ص]ـ
اقتراح موفق ابا مجاهد ونأمل أن نرى ذلك مترجما على صفحات الملتقى.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[14 Aug 2004, 05:07 م]ـ
قال العلامة أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي في الفنون 1/ 396:
قال بعض الفقهاء: ما أكثر ما أدخل المفسرون في النسخ ما ليس منه! كقولهم: {اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، قالوا:نسخت بقوله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله لما عظم ذلك عليهم، لما قال: {حَقَّ تُقَاتِهِ}، فكان نسخا.
والعلماء من الفقهاء والأصوليين: أنكروا ذلك إنكارا شديدا، وقالوا: مهما أمكن أن يكون تفسيرا فلا يجعل نسخا، وقد أمكن أن يكون القوم ظنوا أن {حَقَّ تُقَاتِهِ} يزيد على ما يدخل تحت استطاعتهم حيث سألوه (1) فقال: " حق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر ". فلما انظمّ هذا القول إلى ظنونهم، أزال الباري سبحانه الإشكال، وفسر كلامه بما أراد من الحق وعناه، مثلما فسر قوله: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، ولم يكن ذلك نسخا، بل كان تفسيرا، وبيانا لمقدار الحق.
كذلك ذكر مقدار الحق ههنا بالاستطاعة، فبطل ما ادعوه من النسخ.
---------------
(1) يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي أشار إليه ابن عقيل روي مرفوعا، وموقوفا والموقوف أظهر قاله ابن كثير. راجع كلامه عند تفسير آية آل عمران.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Aug 2004, 03:04 م]ـ
جاء في تفسير ابن العربي:
(قوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}. هذا خبر، والخبر من الله سبحانه لا يجوز أن يقع بخلاف مخبره، ونحن نرى الكافرين يتسلطون على المؤمنين في بلادهم وأبدانهم وأموالهم وأهليهم، فقال العلماء في ذلك قولين: أحدهما: و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا في الحجة، فلله الحجة البالغة. الثاني: و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا في الحجة يوم القيامة. قال القاضي: أما حمله على نفي وجود الحجة من الكافر على المؤمن فذلك ضعيف؛ لأن وجود الحجة للكافر محال، فلا يتصرف فيه الجعل بنفي ولا إثبات. وأما نفي وجود الحجة يوم القيامة فضعيف؛ لعدم فائدة الخبر فيه؛ وإن أوهم صدر الكلام معناه؛ لقوله: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة} فأخر الحكم إلى يوم القيامة، وجعل الأمر في الدنيا دولة تغلب الكفار تارة وتغلب أخرى بما رأى من الحكمة وسبق من الكلمة، ثم قال: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}. فتوهم من توهم أن آخر الكلام يرجع إلى أوله، وذلك يسقط فائدته. وإنما معناه ثلاثة أوجه: .. ) ثم ذكرها
تنبيه: ما ضعفه ابن العربي قد نقل ابن جرير وابن عطية إجماع أهل التأويل عليه.
وفي هذا الإجماع نظر ..
وقد نص ابن عاشور على رد القول الذي ضعفه ابن العربي بقوله [أي ابن عاشور]: (فالآية وعد محض دنيوي، وليست من التشريع في شيء، ولا من أمور الآخرة في شيء لنبوّ المقام عن هذين.) اه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2005, 02:41 ص]ـ
لابن عاشور تعليق على ما اشتهر عند المفسرين وغيرهم من كون قول الله عز وجل: {إِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً * فَإِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً} يدل على أنه لا يغلب عسر يسرين. قال رحمه الله:
(وجملة: {إِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً} مؤكدة لجملة: {فَإِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً} وفائدة هذا التأكيد تحقيق اطراد هذا الوعد وتعميمه لأنه خبر عجيب.
ومن المفسرين من جعل اليسر في الجملة الأولى يسر الدنيا وفي الجملة الثانية يسر الآخرة وأسلوب الكلام العربي لا يساعد عليه لأنه متمحض لكون الثانية تأكيداً.
هذا وقول النبي صلى الله عليه وسلم «لن يغلب عسر يسرين» قد ارتبط لفظه ومعناه بهذه الآية. وصُرح في بعض رواياته بأنه قرأ هذه الآية حينئذ وتضافر المفسّرون على انتزاع ذلك منها فوجب التعرض لذلك، وشاع بين أهل العلم أن ذلك مستفاد من تعريف كلمة العسر وإعادتها معرفة ومن تنكير كملة «يسر» وإعادتها منكَّرة، وقالوا: إن اللفظ النكرة إذا أعيد نكرة فالثاني غير الأول وإذا أعيد اللفظ معرفة فالثاني عين الأول كقوله تعالى: {كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول} (المزمل: 15، 16).
وبناء كلامهم على قاعدة إعادة النكرة معرفة خطأ لأن تلك القاعدة في إعادة النكرة معرفة لا في إعادة المعرفة معرفة وهي خاصة بالتعريف بلام العهد دون لام الجنس، وهي أيضاً في إعادة اللفظ في جملة أخرى والذي في الآية ليس بإعادة لفظ في كلام ثان بل هي تكرير للجملة الأولى، فلا ينبغي الالتفات إلى هذا المأخذ، وقد أبطله من قبل أبو علي الحسين الجرجاني في كتاب «النظم» كما في «معالم التنزيل». وأبطله صاحب «الكشاف» أيضاً، وجعل ابن هشام في «مغني اللبيب» تلك القاعدة خطأ.
والذي يظهر في تقرير معنى قوله: «لن يغلب عسر يسرين» أن جملة: {إِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً} تأكيد لجملة {فَإِنَّ مَعَ ?لْعُسْرِ يُسْراً}. ومن المقرر أن المقصود من تأكيد الجملة في مثله هو تأكيد الحكم الذي تضمنه الخبر. ولا شك أن الحكم المستفاد من هذه الجملة هو ثبوت التحاق اليسر بالعسر عند حصوله، فكان التأكيد مفيداً ترجيح أثر اليسر على أثر العسر، وذلك الترجيح عبر عنه بصيغة التثنية في قوله: «يسرين»، فالتثنية هنا كناية رمزية عن التغلب والرجحان فإن التثنية قد يكنى بها عن التكرير المراد منه التكثير كما في قوله تعالى: {ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (الملك: 4) أي ارجع البصر كثيراً لأن البصر لا ينقلب حسيراً من رَجعتين. ومن ذلك قول العرب: لَبَّيْك، وسَعْدَيك، ودَوَاليك» والتكرير يستلزم قوة الشيء المكرر فكانت القوة لازِمَ لازِممِ التثنية وإذا تعددت اللوازم كانت الكناية رمزية.
وليس ذلك مستفاداً من تعريف {?لْعُسْرِ} باللام ولا من تنكير «اليسر» وإعادته منكراً.) انتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Feb 2005, 09:26 ص]ـ
ومما ضُعف من الأقوال ما نُقل في تفسير قول الله تعالى: {{لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَروا} (الفتح: 25) من أن المراد بها: لو تزيّلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال. وقد ذكر القرطبي هذا القول مرفوعاً؛ حيث قال: (وقال عليّ رضي الله عنه: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ?لَّذِينَ كَفَرُواْ} فقال: «هم المشركون من أجداد نبيّ الله ومن كان بعدهم وفي عصرهم كان في أصلابهم قوم مؤمنون فلو تزيَّل المؤمنون عن أصلاب الكافرين لعذب الله تعالى الكافرين عذاباً أليماً».)
قال ابن العربي مضعفاً هذا القول: (وقد قال جماعة إن معناه لو تزيّلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال.
وهذا ضعيف؛ لأن مَن في الصلب أو في البطن لا يوطأ ولا تصيب منه معرّة. وهو سبحانه قد صرح فقال: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ} وذلك لا ينطلق على مَن في بطن المرأة وصُلب الرجال، وإنما ينطلق على مثل الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل.)
وهذا المثال يضاف إلى أمثلة: من بيان القرن للقرآن أن تُفسر الآية بتفسير وفي الآية نفسها ما يدل على بطلانه
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[25 Feb 2005, 11:44 م]ـ
من مباحث هذه السلسة المباركة: ما رُدَّ من الأقوال التفسيرية لمخالفته السنة النبوية.
وهذا كثير ٌ عند الطبري وابن كثيرٍ رحمهما الله تعالى.
مثاله قوله تعالى: (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) [البقرة: 196].
فقد روي عن بعض السلف تعيين مقدار الصيام و الصدقة بما يخالف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Feb 2005, 07:19 ص]ـ
قال الرازي: (اختلفوا في {?لإِنسَـ?نَ} في قوله: {وَإِذَا مَسَّ ?لإِنسَـ?نَ ?لضُّرُّ} فقال بعضهم: إنه الكافر، ومنهم من بالغ وقال: كل موضع في القرآن ورد فيه ذكر الإنسان، فالمراد هو الكافر، وهذا باطل، لأن قوله: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ .. } (الانشقاق:6 - 7) لا شبهة في أن المؤمن داخل فيه، وكذلك قوله: {هَلْ أَتَى? عَلَى ?لإِنسَـ?نِ حِينٌ مِّنَ ?لدَّهْرِ} (الدهر: 1) وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنْسَـ?نَ مِن سُلَـ?لَةٍ مِّن طِينٍ} (المؤمنون: 12) وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنسَـ?نَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} (ق: 16)
فالذي قالوه بعيد، بل الحق أن نقول: اللفظ المفرد المحلى بالألف واللام حكمه أنه إذا حصل هناك معهود سابق انصرف إليه، وإن لم يحصل هناك معهود سابق وجب حمله على الاستغراق صوناً له عن الإجمال والتعطيل.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Jul 2005, 01:21 ص]ـ
في قول الله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) [النحل:69] قولان مردودان، أحدهما صحيح في نفسه، ولكن في كونه مراداً هنا ضعف. والآخر باطل مضحك.
وإليك الفصيل من تفسير القرطبي:
(قوله تعالى: (فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ) الضمير للعسل؛ قاله الجمهور. أي في العسل شفاء للناس.
وروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد والضحاك والفراء وابن كَيْسان: الضمير للقرآن؛ أي في القرآن شفاء. النحاس: وهذا قول حسن؛ أو فيما قصصنا عليكم من الآيات والبراهين شفاء للناس. وقيل: العسل فيه شفاء، وهذا القول بيّن أيضاً؛ لأن أكثر الأشربة والمعجونات التي يتعالج بها أصلها من العسل.
قال القاضي أبو بكر بن العربيّ: من قال إنه القرآن بعيد ما أراه يصحّ عنهم، ولو صح نقلاً لم يصح عقلاً؛ فإن مساق الكلام كلّه للعسل، ليس للقرآن فيه ذكر.
قال ابن عطية: وذهب قوم من أهل الجهالة إلى أن هذه الآية يراد بها أهل البيت وبنو هاشم، وأنهم النحل، وأن الشراب القرآن والحكمة، وقد ذكر هذا بعضهم في مجلس المنصور أبي جعفر العباسيّ، فقال له رجل ممن حضر: جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم، فأضحك الحاضرين وبُهِت الآخر وظهرت سخافة قوله.).)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 Jul 2005, 08:54 ص]ـ
يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) 69 النحل.
نتوقف عند الكلمات التالية لمعرفة إن كان الضمير يعود على العسل أم على القرآن: شفاء، للناس، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون).
الشفاء رحمة، وكل نعمة ينتفع بها الإنسان هي رحمة.
للناس: الناس جمع مطلق للبشر المؤمنون والكافرون.
لا شك أن القرآن رحمة للمؤمنين فقط وشفاء لهم فقط أما الكافرين فهو عليهم عمى والله جعل على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا.
إذن فالضمير هنا يعود على العسل، فهو شفاء لكل الناس مؤمنهم وكافرهم لأن النحل يتغذى من (كل) الثمرات، وحيث أنه كذلك فإن الثمرات تتميز عن بعضها بنسبة وجود الفيتامينات والنشويات والأملاح، فقد توجد مادة بروتينية أو معدنية في ثمرة من الثمرات ولا توجد في أخرى.
وأكثر الأمراض تنشأ من سوء التغذية، فإذا لم ينوع الإنسان من الطعام فإنه يتعرض للمرض لاحتياج جسمه إلى فيتامينات أو أملاح معدنية كالفوسفور والكالسيوم والحديد وغيره، فإذا داوم على أكل العسل فإنه يشفى من المرض لأن العسل نتاج (كل) الثمرات التي تحتوي على (كل) ما يحتاجه الجسم من سكريات وفيتامينات و,,,,
نأتي الآن إلى قوله تعالى: إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون).
النحلة هي الحشرة التي يخرج من بطنها العسل، ولقد زودها الله بأداة تدافع بها عن الشهد وعن نفسها ألا وهي تلك الشوكة التي تلسع بها من يقترب من بيتها، ومن حكمة الله أن النحلة إذا لسعت إنسانا أو حيوانا أو أي خطر يهددها فإنها تفقد شوكتها وتموت في الحين لكي لا تعود إلى العسل وهي تحمل المكروب أو السموم ممن لسعته، فقد تلسع ثعبانا أو حيوانا فلو أنها عادت إلى العسل لتلوث العسل بالسم ثم يأكل الإنسان فيمرض أو يموت، وبدلا من أن يكون العسل شفاء للناس يصبح سما وهلاكا.
الدبور حشرة تشبه النحلة إلا أنها لا تنتج العسل ولذلك فهي لا تموت إذا لسعت أحدا.
هذا ما هداني الله إليه في قوله تعالى: إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون).
والحمد لله رب العالمين.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Jul 2005, 03:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع جيد جدا فضيلة الدكتور مجاهد حفظه الله سيما هو يمس كافة أنواع العلوم من لغة إلى أصول ووصلا بالحديث النبي الشريف والآثار ويحضرني في هذا الباب الكثير من تعليقات ابن كثير وتحريراته التاريخية في تفسيره الموسوم بتفسير القرآن العظيم كما حقق القول في تفسير قوله تبارك وتعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون) في سورة يس ...
لكن الموضوع يحتاج استقراءًا تاما وانتخاب جيد للمصنفين أصحاب التحريرات الجياد والله الموفق ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 Jul 2005, 10:36 م]ـ
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:62)
بين الإمام ابن تيمية سبب نزول هذه الآية، وبعض الأقوال في تفسيرها، وأبطل بعض الأقوال التي قيلت في المراد بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) هنا، فقال:
(وأما ما يذكره طائفة من المفسرين في قوله (إن الذين آمنوا) أن فيهم أقوالا ً:
أحدها: أنهم هم الذين آمنوا بعيسى قبل أن يبعث محمد. قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم الذين آمنوا بموسى وعملوا بشريعته إلى أن جاء عيسى، فآمنوا به وعملوا بشريعته إلى أن جاء محمد. وقالوا هذا قول السدى عن أشياخه.
والثالث: أنهم طلاب الدين، كحبيب النجار، وقس بن ساعدة، وسلمان الفارسي، وأبي ذر، وبحيرا الراهب؛ آمنو بالنبي قبل مبعثه، فمنهم من أدركه وتابعه، ومنهم من لم يدركه.
والخامس: أنهم المنافقون.
والسادس: أنهم الذين آمنوا بالأنبياء الماضين والكتب المتقدمة فلا يؤمنوا بك ولا بكتابك.
فهذه الأقوال ذكرها الثعلبي وأمثاله ولم يسموا قائلها. وذكرها أبو الفرج ابن لجوزي إلا السادس، وسمّى قائل الأولَيْن، وذكر أنهم المنافقون عن الثورى.
وهذه الأقوال كلها مبتدعة، لم يقل الصحابة والتابعون لهم بإحسان شيئاً منها. وما نقل عن السدي غلط عليه ...
وما نقل عن ابن عباس لا يثبت.
وهي أقوال باطلة؛ فإن من كان متمسكا بشريعة عيسى قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم من غير تبديل فهم النصارى الذين أثنى الله عليهم.
وكذلك من تمسك بشريعة موسى قبل النسخ و التبديل فهم اليهود الذين أثنى الله عليهم.
و طلاب الدين كحبيب النجار كان على دين المسيح، وكذلك بحيرا الراهب و غيره.
و كل من تقدم من الأنبياء و أمتهم يؤمنون بمحمد؛ فليس هذا من خصائص هذا النفر القليل.)
من كتاب الرد على المنطقيين ص493 - 495.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Oct 2005, 11:43 م]ـ
قال ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة: (الوجه الرابع والثلاثون: بيان أن كثيراً من المفسرين رد ألفاظ القرآن من العموم إلى الخصوص كما عند كثير من المؤولة:
إنك تجد عند كثير من المعروفين بالتفسير من رد كثير من ألفاظ القرآن عن العموم إلى الخصوص نظير ما تجده من ذلك عند أرباب التأويلات المستنكرة، ومتى تأملت الحال فيما سوغوه من ذلك وجدتها عائدة من الضرر على الدين بأعظم مما عاد من ضرر كثير من التأويلات، وذلك لأنهم بالقصد إلى ذلك فتحوا لأرباب التأويلات الباطلة السبيل إلى التهافت فيها فعظمت بذلك الجناية من هؤلاء وهؤلاء على الدين وأهله.
وتجد الأسباب الداعية للطائفتين قصد الإغراب على الناس في وجوه التفسير والتأويل وادعاؤهم أن عندهم منها نوادر لا توجد عند عامة الناس لعلمهم أن الأمر الظاهر المعلوم يشترك الناس في معرفته فلا مزية فيه، والشيء النادر المستظرف يحل محل الإعجاب، وتتحرك الهمم لسماعه، واستفادته لما جبل الناس عليه من إيثار المستظرفات والغرائب، وهذا من أكثر أسباب الأكاذيب في المنقولات والتحريف لمعانيها ونحلتها معاني غريبة غير مألوفة وإلا فلو اقتصروا على ما يعرف من الآثار وعلى ما يفهمه العامة من معانيها لسلم علم القرآن والسنة من التأويلات الباطلة والتحريفات، وهذا أمر موجود في غيرهم كما تجد المتعنتين بوجوه القرآن يأتون من القراءات البديعة المستشنعة في ألفاظها ومعانيها الخارجة عن قراءة العامة وما ألفوه، ما يغربون به على العامة، وأنه قد أوتوا من علم القرآن ما لم يؤته سواهم، وكذلك أصحاب الإعراب يذكرون من الوجوه المستكرهة البعيدة المتعقدة ما يغربون به على الناس، وكذلك كثير من المفسرين يأتون بالعجائب التي تنفر عنها النفوس ويأباها القرآن أشد الإباء:
كقول بعضهم: "طه" لفظة نبطية معناها يا رجل ويا إنسان، وقال بعضهم هي من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مع يس، وعدوا في أسمائه طه ويس
وقال بعضهم في نون والقلم إنها الدواة كأنه لما رأى هذا الحرف قد اقترن بالقلم جعله الدواة
وقال بعضهم في صاد إنها فعل ماض مثل رام وقاض.
وكما قال بعضهم في قوله: " إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً "، هو الذي له سحر أي رئة. أفترى أراد بقوله لموسى: " إني لأظنك يا موسى مسحورا "، هذا المعنى، وأراد الكفار بقولهم: " إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون "، هذا المعنى.
وكما قال آخرون في قوله: " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة ": إن المعنى يرزقه، واستشهدوا بقولهم أرض منصورة أي ممطورة، ولو تأمل هذا القائل سياق الآية وآخرها لعلم أن تفسير النصر بالرزق يزيل معنى الآيات عن وجهه الذي قصد به.
وقال آخرون في قوله: " فاليوم ننجيك ببدنك "، أي بدرعك وننجيك نلقيك على نجوة من الأرض.
وقال آخرون في قوله: " فصل لربك وانحر "، إن المراد به ضع يدك على نحرك، وتكايس غيره، وقال المعنى: استقبل القبلة بنحرك فهضموا معنى هذه الآية التي جمعت بين العبادتين العظيمتين الصلاة والنسك.
وقال آخرون في قوله: " أعجب الكفار نباته "، أنهم الزراع وهل أطلق سبحانه الكفار في موضع واحد على غير الكافرين به، وكما قيل في قوله: " كمشكاة فيها مصباح ".
إن المشكاة هذا الموضع الذي يشكو المتعبد فيه إلى الله.
وأضعاف أضعاف ذلك من التفاسير المستنكرة المستكرهة التي قصد بها الإغراب والإتيان بخلاف ما يتعارفه الناس كحقائق السلمي وغيره مما لو تتبع وبين بطلانه لجاء عدة أسفار كبار. ولولا قصد الإغراب والإتيان بما لم يسبق إليه غيره لما أقدم على ذلك. كما قال بعض الرافضة: في قوله: " مرج البحرين يلتقيان " هما علي وفاطمة: " بينهما برزخ لا يبغيان " هو النبي صلى الله عليه وسلم: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " هما الحسن والحسين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجناية هؤلاء من القرآن جناية عظيمة. وبسبب ما اعتمدوه قال القائل: كلام الله لا يستفاد منه يقين، لاحتمال اللفظة منه عدة وجوه وقد فسرت بذلك كله، ولو شرح كتاب من كتب العلوم هذا الشرح، لأفسده الشارح على صاحبه، ومسخ مقاصده وأزالها عن مواضعها والمقصود أن حمل عمومات القرآن على الخصوص تعطيل لدلالتها، وإخراج لها عما قصد بها، وهضم لمعناها وإزالة لفائدتها كقول بعضهم في قوله تعالى: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
إن المراد به علي بن أبي طالب. وهذا كذب قطعاً على الله أنه أراد علياً وحده.
بهذا اللفظ العام الشامل لكن من اتصف بهذه الصفة وقول هذا القائل أو غيره في قوله تعالى: " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون * لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ": انه علي بن أبي طالب، وفي قوله " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ": أنه علي بن أبي طالب.
وقول الآخر في قوله: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ": عمر بن الخطاب، " رحماء بينهم ": أبو بكر " تراهم ركعا سجدا ": عثمان " يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " علي.
وقول الآخر في قوله: " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ": هم الخبز.
وفي قوله: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ": إنها أرض فلسطين والأردن.
وفي قوله: " وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ": هو أما بعد فهضموا هذا المعنى العظيم لإعطائه الحق في أتم بيان.
وفي قوله: " خذوا زينتكم عند كل مسجد ": المراد به المشط. ومن هذا يضع الرافضة المشط بين أيديهم في الصلاة.
وقد يقع في كلام السلف تفسير اللفظ العام بصورة خاصة على وجه التمثيل لا على التفسير معنى اللفظة في اللغة بذلك، فيغير به المعنى، فيجعله معنى اللفظة في اللغة، كما قال بعضهم في قوله: " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ": إنه الماء البارد في الصيف، فلم يرد به أن النعيم المسؤول عنه هو هذا وحده.
وكما قيل في قوله: " ويمنعون الماعون ": إنه القدر والفأس والقصعة فالماعون اسم جامع لجميع ما ينتفع به فذكر بعض السلف هذا للسائل تمثيلاً وتنبيهاً بالأدنى على الأعلى. فإذا كان الويل لمن منع هذا فكيف بمن منع ما الحاجة إليه أعظم، وإذا كان العبد يسأل عن شكر الماء البارد فكيف بما هو أعظم نعيماً منه.
وفي قوله: " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ": هم الغداء والعشاء.
وفي قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة ": أنها المرأة الموافقة. فهذا كله من التمثيل للمعنى العام ببعض أنواعه. فإن أراد القائل أن الأدلة اللفظية موقوفة على عدم التخصيص أنها موقوفة على عدم قصرها على هذا وأشباهه، فنعم هي غير مقصورة عليه ولا مختصة به ولا يقال لفهم هذه الأنواع منها تخصيصاً.
ونظير هذا ما يذكره كثير من المفسرين في آيات عامة أنها في قوم مخصوصين من المؤمنين والكفار والمنافقين، وهذا تقصير ظاهر منهم وهضم لتلك العمومات المقصود عمومها، وكأن الغلط في ذلك إنما عرض من جهة أن أقواماً في عصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قالوا أقوالاً وفعلوا أفعالاً في الخير والشر فنزلت بسبب الفريقين آيات حمد الله فيها المحسنين وأثنى عليهم، ووعدهم جزيل ثوابه وذم المسيئين ووعدهم وبيل عقابه، فعمد كثير من المفسرين، إلى تلك العمومات فنسبوها إلى أولئك الأشخاص وقالوا إنهم المعنيون بها.
وكذلك الحال في أحكام وقعت في القرآن كان بدو افتراضها أفعال ظهرت من أقوام، فأنزل الله بسببها أحكاماً، صارت شرائع عامة إلى يوم القيامة، فلم يكن من الصواب إضافتهم إليهم، وأنهم هم المرادون بها إلا على وجه ذكر سبب النزول فقط، وأن تناولها لهم ولغيرهم تناول واحد،
فمن التقصير القبيح أن يقال في قوله: " يا أيها الناس اعبدوا ربكم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
أن المراد بالناس أهل مكة فيأتي إلى لفظ من أشمل ألفاظ العموم، أريد به الناس كلهم عربهم وعجمهم، قرناً بعد قرن إلى أن يطوي الله الدنيا فيقول: المراد به أهل مكة، نعم هم أسبق وأول من أريد به إذ كانوا هم المواجهين بالخطاب أولاً، وهذا كثير في كلامهم كقولهم: المراد بقوله: كذا وكذا أبو جهل أو أبي بن خلف أو الوليد بن المغيرة أو عبدالله بن أبي.
أو عبدالله بن سلام من سادة المؤمنين كما يقولون في كل موضع ذكر فيه: " ومن عنده علم الكتاب ".
إنه عبدالله بن سلام، وهذا باطل قطعاً فإن هذا مذكور في سورة مكية كسورة الرعد حيث لم يكن عبدالله بن سلام قد أسلم، ولا كان هناك.
وكذلك يقولون في قوله: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ".
إن المراد به عبدالله بن أبي وكان من أحسن الناس جسماً. والصواب أن اللفظ عام في من اتصف بهذه الصفات وهي صحة الجسم وتمامه، وحسن الكلام وخلوه من روح الإيمان ومحبة الهدى وإيثاره كخلو الخشب المقطوعة التي قد تساند بعضها إلى بعض من روح الحياة التي يعطيها النمو أو الزيادة والثمرة، واتصافهم بالجبن والخور الذي يحسب صاحبه أن كل صيحة عليه. فمن التقصير الزائد أن يقال: إن المراد بهذا اللفظ هو عبدالله بن أبي.
ومن هذا قولهم في قوله تعالى: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم ": إنه أبو جهل ابن هشام وكذلك في قوله: " فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى ": إنه أبو جهل، وكذلك في قوله: " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون " إلى آخرها، وكذلك في قوله: " ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم ..... " إلى آخرها: إنه الوليد بن المغيرة.
وكذلك قوله: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ": إنه النضر بن الحارث. وفي قوله: " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ".
إنها في أناس معينين وأضعاف ذلك مما إذا طرق سمع كثير من الناس ظن أن هذا شيء أريد به هؤلاء ومضى حكمه وبقي لفظه وتلاوته حتى قال بعض من قدم العقل على النقل، وقد احتج عليه بشيء من القرآن: دعني من كلام قيل في أناس مضوا وانقرضوا:.
ومن تأمل خطاب القرآن وألفاظه وجلالة المتكلم به وعظمة ملكه وما أراد به من الهداية العامة لجميع الأمم قرناً بعد قرن إلى آخر الدهر وأنه جعله إنذاراً لكل من بلغه من المكلفين لم يخف عليه أن خطاب العام إنما جعل بإزاء أفعال حسنة محمودة، وأخرى قبيحة مذمومة، وأنه ليس منها فعل إلا والشركة فيه موجودة أو ممكنة، وإذا كانت الأفعال مشتركة كان الوعد الوعيد المعلق بها مشتركاً إلا ترى أن الأفعال التي حكيت عن أبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأضرابهم وعن عبدالله بن أبي وأضرابه كان لهم فيه شركاء كثيرون حكمهم فيها حكمهم.
ولهذا عدل الله سبحانه عن ذكر بأسمائهم وأعيانهم إلى ذكر أوصافهم وأفعالهم وأقوالهم، لئلا يتوهم متوهم اختصاص الوعيد بهم وقصره عليهم، وأنه لا يجاوزهم، فعلق سبحانه الوعيد وقصره عليهم وأنه لا يجاوزهم فعلق سبحانهه الوعيد على الموصوفين بتلك الصفات دون أسماء من قامت به إرادة لتعميم الحكم وتناوله لهم، ولأمثالهم ممن هو على مثل حالهم.
وهذا الحكم فيمن أثنى عليه ومدحه بما صدر منه من قول أو فعل عدل سبحانه عن ذكره باسمه وعينه إلى ذكره بوصفه وفعله ليتناول المدح لمن شركه في ذلك من سائر الناس، فإذا حمل السامع قوله: " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " وقوله: " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون ".
ونظائرها على أبي بكر الصديق أو علي بن أبي طالب فقد ظلم اللفظ والمعنى وقصر به غاية التقصير وإن كان الصديق أول وأولى من دخل في هذا اللفظ العام وأريد به.
ونظير ذلك ما ذكره بعضهم في قوله: " إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا " إلى قوله " يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً * ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ".
(يُتْبَعُ)
(/)
إن المراد بذلك عن علي بن أبي طالب فجمع إلى حمل هذا اللفظ العام المجاهرة بالكذب والبهت غي دعواه ونزولها في علي فإن السورة مكية، وعلي كان بمكة فقيراً قد رباه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، فإن أبا طالب لما مات اقتسم بنو عبد المطلب أولاده، لأنه لم يكن له مال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ورباه عنده، وضمنه إلى عياله فكان فيهم.
ومن تأمل هذه السورة علم يقيناً أنه لا يجوز أن يكون المراد بألفاظها العامة إنساناً واحداً فإنها سورة عجيبة التبيان افتتحت بذكر خلق الإنسان ومبدئه وجميع أحواله من بدايته إلى نهايته، وذكره أقسام الخلق في أعمالهم واعتقاداتهم ومنازلهم من السعادة والشقاوة، فتخصيص العام فيها بشخص واحد ظلم، وهضم ظاهر للفظها ومعناها، وشبيه بهذا ما ذكره بعضهم في قوله تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً ".
أنها نزلت في أبي بكر الصديق وابنه عبد الرحمن.
ونظيره ما تقدم من تفسير قوله: " محمد رسول الله " إلى آخر الآية، وقسمة جملها بين العشرة من الصحابة. ومن تأمل ذلك علم أن هذا تفسير مختل، مخل بمقصود الآية، معدول به عن سنن الصواب.
وهذا باب يطول تتبعه جداً، ولو أن الذين ارتكبوا ما ذكرنا من التفاسير المستكرهة والمستغربة، وحملوا العموم على الخصوص، وأزالوا لفظ الآية عن موضوعه علموا ما في ذلك من تصغير شأن القرآن، وهضم معانيه من النفوس، وتعريضه لجهل كثير من الناس بما عظم الله قدره، وأعلى خطره، لأقلوا مما استكثروا منه ولزهدوا فيما أظهروا الرغبة فيه، وكان ذلك من فعلهم أحسن وأجمل وأولى بأن يوفى معه القرآن بعض حقه، من الإجلال والتعظيم والتفخيم، ولو لم يكن في حمل تفسير القرآن على الخصوص دون العموم إلا ما يتصوره التالي له في نفسه، من أن تلك الآيات إنما قصد بها أقوام من الماضين دون الغابرين، فيكون نفعه وعائدته على البعض دون البعض لكان في ذلك ما يوجب النفرة عن ذلك، والرغبة عنه، وبحكمة بالغة عدل الرب تعالى عن تسمية من ذكر هؤلاء أنهم مراد باللفظ إلى ذكر الأوصاف والأفعال التي يأخذ كل أحد منها حظه، ولو سمى سبحانه أصحابها بأسمائهم لقال القائل لست منهم.) انتهى كلامه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:25 م]ـ
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عند تفسيره لقول الله عز وجل: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً} (الطور:9):
( ... وهذه الآية تدل على أن قول الله تبارك وتعالى في سورة النمل: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون}. فإن هذه الآية هي نفس هذه الآية التي في الطور من حيث المعنى، فيكون قوله تبارك وتعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب} يعني يوم القيامة ولا شك، ومن فسرها بأن ذلك في الدنيا وأنه دليل على أن الأرض تدور فقد حرَّف الكَلم عن مواضعه، وقال على الله ما لا يعلم، وتفسير القرآن ليس بالأمر الهين، لأن تفسير القرآن يعني أنك تشهد على أن الله أراد به كذا وكذا، فلابد أن يكون هناك دليل: إما من القرآن نفسه، وإما من السنة، وإما من تفسير الصحابة - رضي الله عنهم - أما أن يحول الإنسان القرآن على المعنى الذي يراه بعقله أو برأيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار».
والمهم أن تفسير قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب} يراد به ما في الدنيا، تفسير باطل لا يجوز الاعتماد عليه، ولا المعول عليه، أما كون الأرض تدور أو لا تدور، فهذا يعلم من دليل آخر، إما بحسب الواقع، وإما بالقرآن، وإما بالسنة، ولا يجوز أبداً أن نحمل القرآن معاني لا يدل عليها من أجل أن نؤيد نظرية أو أمراً واقعاً، لكنه لا يدل عليه اللفظ، لأن هذا أمر خطير جداً.) انتهى
وللاطلاع على المزيد من الأقوال في تفسير آية النمل ينظر هذا الموضوع:
هل قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة ... ) في الدنيا أم في الآخرة؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1938)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2006, 07:09 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الواحدي في أسباب النزول في بيان زمن نزول سورة الفاتحة: (اختلفوا فيها، فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن ...
وعند مجاهد: أن الفاتحة مدنية.
قال الحسين بن الفضل: لكل عالم هفوة وهذه بادرة من مجاهد؛ لأنه تفرد بهذا القول والعلماء على خلافه.) ص117 - 118 بتحقيق ماهر الفحل.
ـ[أبو علي]ــــــــ[24 May 2006, 09:51 ص]ـ
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عند تفسيره لقول الله عز وجل: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً} (الطور:9):
( ... وهذه الآية تدل على أن قول الله تبارك وتعالى في سورة النمل: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون}. فإن هذه الآية هي نفس هذه الآية التي في الطور من حيث المعنى، فيكون قوله تبارك وتعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب} يعني يوم القيامة ولا شك، ومن فسرها بأن ذلك في الدنيا وأنه دليل على أن الأرض تدور فقد حرَّف الكَلم عن مواضعه، وقال على الله ما لا يعلم، وتفسير القرآن ليس بالأمر الهين، لأن تفسير القرآن يعني أنك تشهد على أن الله أراد به كذا وكذا، فلابد أن يكون هناك دليل: إما من القرآن نفسه، وإما من السنة، وإما من تفسير الصحابة - رضي الله عنهم - أما أن يحول الإنسان القرآن على المعنى الذي يراه بعقله أو برأيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار».
والمهم أن تفسير قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمر مر السحاب} يراد به ما في الدنيا، تفسير باطل لا يجوز الاعتماد عليه، ولا المعول عليه، أما كون الأرض تدور أو لا تدور، فهذا يعلم من دليل آخر، إما بحسب الواقع، وإما بالقرآن، وإما بالسنة، ولا يجوز أبداً أن نحمل القرآن معاني لا يدل عليها من أجل أن نؤيد نظرية أو أمراً واقعاً، لكنه لا يدل عليه اللفظ، لأن هذا أمر خطير جداً.) انتهى
وللاطلاع على المزيد من الأقوال في تفسير آية النمل ينظر هذا الموضوع:
هل قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة ... ) في الدنيا أم في الآخرة؟ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1938)
================
السلام عليكم
رحم الله الشيخ بن عثيمين،
لو كان تفسير السلف - الذين عاصروا التنزيل- للآية 88 من سورة النمل هو التأويل وأن الجبال التي تمر مر السحاب سيكون ذلك عند قيام الساعة لقال الله (كذلك يريكم الله آياته) بدلا من (سيريكم) باعتبار أن تأويل الآية مفهوم لللمعاصرين للتنزيل،، لكن الله أتى بفعل (سيريكم) لنستدل به أن تأويل هذه الآية 88 وكل آيات سورة النمل التي ضربها الله أمثالا لأحداث المستقبل سيظل غيبا إلى أجل مسمى في المستقبل.
سأضيف إن شاء الله قولا جديدا (أراه قيما) عن الآية 88 من سورة النمل.
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[27 May 2006, 05:39 ص]ـ
نحن في انتظار الجديد!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2006, 05:49 ص]ـ
قال ابن كثير عند تفسيره لآية النسخ في سورة البقرة: (والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى، لما له في ذلك من الحكم البالغة، وكلهم قال بوقوعه. وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر: لم يقع شيء من ذلك في القرآن، وقوله هذا ضعيف مردود مرذول.)
وقال حاكماً على قول أورده ابن جرير في تفسير قول الله تعالى: ? وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ? (لأعراف: من الآية150): (وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولا غريبًا، لا يصح إسناده إلى حكاية قتادة، وقد رَدّه ابن عطية وغير واحد من العلماء، وهو جدير بالرد، وكأنه تَلَقَّاه قتادة عن بعض أهل الكتاب، وفيهم كذابون ووَضّاعون وأفاكون وزنادقة.)
وهذا القول هو ما أورده ابن جرير بقوله: (حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: "أخذ الألواح"، قال: رب، إني أجد في الألواح أمةً خيرَ أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فاجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون= أي آخرون في الخلق= السابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي! قال: تلك أمة أحمد! .... ) إلخ.
وقال: (وقوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} اختلف السلف والأئمة في المراد بقوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} فقال بعض الناس: العود هو أن يعود إلى لفظ الظهار فيكرره، وهذا القول باطل، وهو اختيار بن حزم وقول داود، وحكاه أبو عمر بن عبد البر عن بُكَيْر ابن الأشج والفراء، وفرقة من أهل الكلام.)
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[15 Jun 2006, 09:41 ص]ـ
أفرد بعضُ المؤلفين في علوم القرآن لهذا النوع من التفسيرِ باباً سمَّاه ابنُ عقيلة في كتابه الزيادة والإحسان (علم غرائب التفسير التي هي مردودة عند العلماء غير مقبولة) ج9 ص:362. وأشار إلى كتاب محمود بن حمزة الكرماني العجائب والغرائب وهو مطبوع بتحقيق د. شمران سركال يونس العجلي كما ذكر المحقق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jun 2006, 06:06 ص]ـ
شكر الله للدكتور فهد هذه الإضافة.
وكتاب محمود بن حمزة الكرماني الذي أشار إليه الشيخ الكريم مطبوع في مجلدين، وعنوانه: غرائب التفسير وعجائب التأويل. قال مؤلفه في مقدمته: (فإن أكثر العلماء والمتعلمين في زماننا يرغبون في غرائب لتفسير القرآن وعجائب تأويله، ويميلون إلى المشكلات المعضلات في أقاويله؛ فجمعت في كتابي هذا منها ما أقدر أن فيه مقنعاً لرغبتهم ومكتفى لطلبتهم .... ) 1/ 87 - 88.
قال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن: النوع التاسع والسبعون
في غرائب التفسير
ألف فيه محمود بن حمزة الكرماني كتاباً في مجلدين سماه العجائب والغرائب ضمنه أقوالاً ذكرت في معاني الآيات بنكرة لا يحل الاعتماد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير منها.
من ذلك من قال في حمعسق إن الحاء حرب عليّ ومعاوية، والميم ولاية المروانية، والعين ولاية العباسية، والسين ولاية السفيائية، والقاف قدوة مهدي، حكاه أبومسلم. ثم قال: أردت بذلك أن يعلم أن فيمن يدعي العلم حمقى.
ومن ذلك قول من قال في آلم معنى ألف: ألف الله محمداً فبعثه نبياً، ومعنى لام: لامه الجاحدون وأنكروه، ومعنى ميم: ميم الجاحدون المنكرون من الموم وهوالرسام.
ومن ذلك قول من قال في "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" أنه قصص القرآن، واستدل بقراءة أبي الجوزاء: ولكم في القصاص، وهوبعيد، بل هذه القراءة أفادت معنى غير معنى القراءة المشهورة، وذلك من وجوه إعجاز القرآن كما بينته في أسرار التنزيل.
ومن ذلك ما ذكره ابن فورك في تفسيره في قوله (ولكن ليطمئن قلبي) إن إبراهيم كان له صديق وصفه بأنه قلبه: أي ليسكن هذا الصديق إلى هذه المشاهدة إذا رآها عياناً. قال الكرماني: وهذا بعيد جداً.
ومن ذلك قول من قال في "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" أنه الحب والعشق، وقد حكاه الكواشي في تفسيره.
ومن ذلك قول من قال في "ومن شر غاسق إذا وقب" إنه الذكر إذا انتصب.
ومن ذلك قول أبي معاذ النحوي في قوله تعالى "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر" يعني إبراهيم "ناراً" أي نوراً وهومحمد صلى الله عليه وسلم "فإذا أنتم منه توقدون" تقتبسون الدين. انتهى ما ذكره السيوطي.
قلت: وللزمخشري عناية بالتنبيه على الأقوال الضعيفة المنقولة في تفسير بعض الآيات، وهو يصدر هذه الأقوال بقوله: (ومن بدع التفاسير ... )
وللغماري كتاب بهذا العنوان: بدع التفاسير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2006, 07:24 ص]ـ
من الأقوال التي نص ابن كثير على ردّها أو ضعفها في تفسير قول الله تعالى:? وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ? (البقرة:30):
قال رحمه الله: ({وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} أي: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة، واقصص على قومك ذلك. وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية - وهو أبو عبيدة -أنه زعم أن "إذ" هاهنا زائدة، وأن تقدير الكلام: وقال ربك. ورده ابن جرير.
قال القرطبي: وكذا رده جميع المفسرين حتى قال الزجاج: هذا اجتراء من أبي عبيدة.)
[ line]
وقال أيضاً: (وليس المراد هاهنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط، كما يقوله طائفة من المفسرين، وعزاه القرطبي إلى ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل، وفي ذلك نظر، بل الخلاف في ذلك كثير، حكاه فخر الدين الرازي في تفسيره وغيره، والظاهر أنه لم يرد آدم عينًا إذ لو كان كذلك لما حسن قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} فإنهم إنما أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك.)
[ line]
وقال: (وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام الرازي، حدثنا ابن المبارك، عن معروف، يعني ابن خَرّبوذ المكي، عمن سمع أبا جعفر محمد بن علي يقول: السّجِلّ ملك، وكان هاروت وماروت من أعوانه، وكان له في كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب، فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما كان فيه من الأمور، فأسَر ذلك إلى هاروت وماروت، وكانا من أعوانه، فلما قال تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} قالا ذلك استطالة على الملائكة.
وهذا أثر غريب. وبتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن الباقر، فهو نقله عن أهل الكتاب، وفيه نكارة توجب رده، والله أعلم. ومقتضاه أن الذين قالوا ذلك إنما كانوا اثنين فقط، وهو خلاف السياق.
وأغرب منه ما رواه ابن أبي حاتم -أيضًا-حيث قال: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن أبي عَبْد الله، حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، قال: سمعت أبي يقول: إن الملائكة الذين قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} كانوا عشرة آلاف، فخرجت نار من عند الله فأحرقتهم.
وهذا -أيضًا-إسرائيلي منكر كالذي قبله، والله أعلم.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Oct 2006, 10:28 م]ـ
? إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ? (النساء:17)
جاء في تفسير فتح القدير للشوكاني: (قوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} معناه قبل أن يحضرهم الموت، كما يدل عليه قوله: {حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} وبه قال أبو مجلز، والضحاك، وعكرمة، وغيرهم، والمراد قيل: المعاينة للملائكة، وغلبة المرء على نفسه، و «من» في قوله: {مِن قَرِيبٍ} للتبعيض، أي: يتوبون بعض زمان قريب، وهو ما عدا وقت حضور الموت.
وقيل معناه: قبل المرض، وهو ضعيف، بل باطل لما قدمنا، ولما أخرجه أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، والحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ".) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Nov 2006, 10:52 ص]ـ
قال الله تعالى: (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}
ذكر ابن كثير أن المراد بقوله تعالى: " بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ ": أنها ليست مذللة بالحراثة. ثم قال:
(وقد زعم بعضهم أن المعنى في ذلك قوله تعالى: (إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ) ليست بمذللة بالعمل ثم استأنف فقال: (تُثِيرُ الأرْضَ) أي: يعمل عليها بالحراثة لكنها لا تسقي الحرث، وهذا ضعيف؛ لأنه فسر الذلول التي لم تذلل بالعمل بأنها لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث كذا قرره القرطبي وغيره.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Dec 2006, 11:00 م]ـ
قال الله تعالى: ? وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ? (الانبياء:87)
جاء في تفسير القرطبي - (ج 11 / ص 331): (قوله تعالى: (فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات)
قيل: معناه استزله إبليس ووقع في ظنه إمكان ألا يقدر الله عليه بمعاقبته.
وهذا قول مردود مرغوب عنه، لانه كفر.)
وفي أضواء البيان للشنقيطي - (ج 4 / ص 307):
(أما قول من قال: إن {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} من القدرة فهو قول باطل بلا شك. لأن نبي الله يونس لا يشك في قدرة الله على كل شيء، كما لا يخفى.)
والتفسير الصحيح للآية هو ما ذكره الشنقيطي بقوله: (وقوله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر:
الأول أن المعنى {لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} أي لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق «قدر» بمعنى «ضيق» في القرآن قوله تعالى: {الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ} [الرعد: 26] أي ويضيق الرزق على من يشاء، وقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله} [الطلاق: 7] الآية. فقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ومن ضيق عليه رزقه.
الوجه الثاني أن معنى {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} لن نقضي عليه ذلك. وعليه فهو من القدر والقضاء. «وقدر» بالتخفيف تأتي بمعنى «قدر» المضعفة: ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12] أي قدره الله.).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Dec 2006, 11:11 ص]ـ
ألا ترى يا شيخنا الكريم أبا مجاهد وغيرك من المشايخ الأجلاء, أن هذا الموضوع بهيكله الحالي يتخذ شكلا موسوعيا ربما صعب إن لم يستحل حصره (في جانب الرسائل العلمية) خلافا لما لو كان الموضوع منصبا على تفسير واحد بعينه كالطبري وابن ابي حاتم وابن كثير وغيرهم رحمة الله على الجميع؟؟
ارجو الإجابة على السؤال ,والمعذرة على قطع تواتر النقولات في هذا الباب الماتع ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Dec 2006, 11:21 ص]ـ
ألا ترى يا شيخنا الكريم أبا مجاهد وغيرك من المشايخ الأجلاء, أن هذا الموضوع بهيكله الحالي يتخذ شكلا موسوعيا ربما صعب إن لم يستحل حصره (في جانب الرسائل العلمية) خلافا لما لو كان الموضوع منصبا على تفسير واحد بعينه كالطبري وابن ابي حاتم وابن كثير وغيرهم رحمة الله على الجميع؟؟.
لا شك أخي محمود أن الأمر كما ذكرت وفقك الله.
ومن أراد البحث في هذا الموضوع فلا بد من حصر مجال بحثه بطريقة مناسبة.
ومن ذلك:
الأقوال التي ردها الصحابة والتابعون في التفسير.
الأقوال المردودة عند ابن عطية في تفسيره.
الأقوال التفسيرية التي ردها ابن عاشور في تفسيره.
ونحو ذلك.
وأشكرك على هذا التنبيه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Dec 2006, 09:51 ص]ـ
جاء في تفسير الثعالبي - (ج 2 / ص 31) ما نصه:
(وقوله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. . .} الآية: لما تقدم إنكار ما حرمه الكُفَّار بآرائهم أتبعه بذِكْرِ ما حرم اللَّه عز وجل.
والفَوَاحِشُ في اللغة ما فَحُشَ وشنع، وأصله من القُبْحِ في النظر، وهي هنا إنما هي إشارة إلى ما نص الشرع على تحريمه، فكل ما حرمه الشَّرْعُ، فهو فاحش، والإثم لفظ عام في جَمِيعِ الأفعال والأقوال التي يَتَعَلَّقُ بمرتكبها إثم. هذا قول الجمهور.
وقال بعض الناس: هي الخَمْرُ. وهذا قول مردود؛ لأن هذه السورة مَكيّة، وإنما حرمت الخَمْرُ ب «المدينة» بعد أُحد.)
وقد أخذ الثعالبي هذا الحكم عن ابن عطية؛ إذ هو يعتمد عليه في أغلب تفسيره وينقل ترجيحاته وأقواله.
ونص كلام ابن عطية:
({والإثم} أيضاً: لفظه عام لجميع الأفعال والأقوال التي يتعلق بمرتكبها إثم، هذا قول الجمهور.
وقال بعض الناس: هي الخمر واحتج على ذلك بقوله الشاعر:
شربت الإثم حتى طار عقلي ...
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول مردود لأن هذه السورة مكية ولم تعن الشريعة لتحريم الخمر إلا بالمدينة بعد أحد لأن جماعة من الصحابة اصطحبوها يوم أحد وماتوا شهداء، وهي في أجوافهم، وأيضاً فبيت الشعر يقال إنه مصنوع مختلق، وإن صح فهو على حذف مضاف.) المحرر الوجيز - (ج 3 / ص 32)
وهذا النقل يدل على أثر معرفة المكي والمدني في التفسير، وعلى أهمية إلمام المفسر بهذا العلم.
ولابن عطية رحمه الله اهتمام بهذا العلم، وقد اعتمده في الحكم على كثير من الأقوال الواردة في التفسير.
ومن ذلك قوله في تفسير سورة الأحزاب: (وقوله تعالى: {وسبحوه بكرة وأصيلاً} أراد في كل الأوقات مجدد الزمان بطرفي نهاره وليله، وقال قتادة والطبري وغيره الإشارة إلى صلاة الغداة وصلاة العصر.
قال الفقيه الإمام القاضي: وهذه الآية مدنية فلا تعلق بها لمن زعم أن الصلاة إنما فرضت أولاً صلاتين في طرفي النهار، والرواية بذلك ضعيفة
تنبيه: "أثر معرفة المكي والمدني في التفسير" موضوع جدير بالبحث. فهل بحث هذا الموضوع؟
لعل أحداً يفيدنا عن ذلك.
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[11 Dec 2006, 08:28 م]ـ
قال ابن جُزيّ - رحمه الله تعالى - عند تفسير قول الله عز وجل: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) المائدة: 34
قال: قيل هي في المشركين، وهو ضعيف لأن المشرك لا يختلف حكم توبته قبل القدرة عليه وبعدها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Dec 2006, 10:55 م]ـ
في بيان همّ يوسف المذكور في قول الله تعالى: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? أورد ابن الجوزي في زيد المسير خمسة أقوال، ومنها ما ذكره بقوله:
(والقول الخامس: أنه همّ بالفرار منها، حكاه الثعلبي، وهو قول مرذول، أفَتراه أراد الفرار منها، فلما رأى البرهان، أقام عندها؟!)
زاد المسير - (ج 3 / ص 416)
تنبيه: تجد هنا دراسة مفصلة لأقوال المفسرين في هذه المسألة:
دراسة أقوال المفسرين في المراد بهمّ يوسف عليه السلام بامرأة العزيز ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6309)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Dec 2006, 11:32 م]ـ
قال الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النحل:1].
قال الإمام الشنقيطي في تفسيره: (وقول الضحاك ومن وافقه: إن معنى: {أتى أَمْرُ الله} اي فرائضه وحدوده - قول مردود ولا وجه له، وقد رده الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره قائلاً: إنه لم يبلغنا أن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استعجل فرائض قبل أن تفرض عليهم، فيقال لهم من أجل ذلك قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها. أما مستعجلو العذاب من المشركين فقد كانوا كثيراً. اهـ). أضواء البيان - (ج 2 / ص 459)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Dec 2006, 08:05 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
في بيان همّ يوسف المذكور في قول الله تعالى: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? أورد ابن الجوزي في زيد المسير خمسة أقوال، ومنها ما ذكره بقوله:
(والقول الخامس: أنه همّ بالفرار منها، حكاه الثعلبي، وهو قول مرذول، أفَتراه أراد الفرار منها، فلما رأى البرهان، أقام عندها؟!)
زاد المسير - (ج 3 / ص 416)
تنبيه: تجد هنا دراسة مفصلة لأقوال المفسرين في هذه المسألة:
دراسة أقوال المفسرين في المراد بهمّ يوسف عليه السلام بامرأة العزيز ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6309)
ومما له صلة بتفسير هذه الآية ما جاء في هذا النقل المهم للإمام ابن تيمية رحمه الله؛ حيث قال:
(وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} فَالْهَمُّ اسْمُ جِنْسٍ تَحْتَهُ " نَوْعَانِ " كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد الْهَمُّ هَمَّانِ: هَمُّ خَطَرَاتٍ وَهَمُّ إصْرَارٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّ الْعَبْدَ إذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ وَإِذَا تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً} وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلَّهِ لَمْ تُكْتَبْ لَهُ حَسَنَةً وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَيُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ هَمًّا تَرَكَهُ لِلَّهِ وَلِذَلِكَ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ لِإِخْلَاصِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَامَ الْمُقْتَضِي لِلذَّنْبِ وَهُوَ الْهَمُّ وَعَارَضَهُ الْإِخْلَاصُ الْمُوجِبُ لِانْصِرَافِ الْقَلْبِ عَنْ الذَّنْبِ لِلَّهِ. فَيُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا حَسَنَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا؟ وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}.
وَأَمَّا مَا يُنْقَلُ: مِنْ أَنَّهُ حَلَّ سَرَاوِيلَهُ وَجَلَسَ مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَأَنَّهُ رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى يَدِهِ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ فَكُلُّهُ مِمَّا لَمْ يُخْبِرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ عَنْ الْيَهُودِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كَذِبًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْحًا فِيهِمْ وَكُلُّ مَنْ نَقَلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَنْهُمْ نَقَلَهُ؛ لَمْ يَنْقُلْ مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْفًا وَاحِدًا.
وَقَوْلُهُ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} فَمِنْ كَلَامِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ كَمَا يَدُلُّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ دِلَالَةً بَيِّنَةً لَا يَرْتَابُ فِيهَا مَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَيُوسُفُ إذْ ذَاكَ فِي السِّجْنِ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ إلَى الْمَلِكِ وَلَا سَمِعَ كَلَامَهُ وَلَا رَآهُ؛ وَلَكِنْ لَمَّا ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ فِي غَيْبَتِهِ - كَمَا قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} أَيْ لَمْ أَخُنْهُ فِي حَالِ مَغِيبِهِ عَنِّي وَإِنْ كُنْتُ فِي حَالِ شُهُودِهِ رَاوَدْتُهُ - فَحِينَئِذٍ: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}.
وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ بَلْ الْأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِ.)
[مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 2 / ص 373)]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jan 2007, 07:29 م]ـ
تفسير الهجر الوارد في قول الله تعالى: ? وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ? (النساء: من الآية34)
قال الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر - (ج 2 / ص 333)
(وَالْوَعْظِ التَّخْوِيفِ بِالْعَوَاقِبِ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فِي حَقِّي الْوَاجِبِ عَلَيْك وَاخْشِ سَطْوَةَ انْتِقَامِهِ، وَلَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا فِي الْمَضْجَعِ بِأَنْ يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ فِي الْفِرَاشِ وَلَا يُكَلِّمُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْ يَعْتَزِلُ عَنْهَا فِي فِرَاشٍ آخَرَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ، وَالثَّانِي أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إنْ أَحَبَّتْهُ شَقَّ عَلَيْهَا هَجْرُهُ فَتَرْجِعُ عَنْ النُّشُوزِ أَوْ كَرِهَتْهُ فَقَدْ وَافَقَ غَرَضَهَا فَيَتَحَقَّقُ نُشُوزُهَا حِينَئِذٍ.
وَقِيلَ اُهْجُرُوهُنَّ مِنْ الْهَجْرِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ الْقَبِيحُ مِنْ الْقَوْلِ، أَيْ أَغْلِظُوا عَلَيْهِنَّ فِي الْقَوْلِ وَضَاجِرُوهُنَّ لِلْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ شِدُّوهُنَّ وِثَاقًا فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ هَجَرَ الْبَعِيرَ أَيْ رَبَطَهُ بِالْهِجَارِ وَهُوَ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالشُّذُوذِ وَإِنْ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ.)
وقد علّق ابن العربي في أحكام القرآن على ما ذهب إليه ابن جرير بقوله: (قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَا لَهَا هَفْوَةٌ مِنْ عَالِمٍ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، ...
وَعَجَبًا لَهُ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الْعُلُومِ وَفِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَيْفَ بَعُدَ عَلَيْهِ صَوَابُ الْقَوْلِ، وَحَادَ عَنْ سَدَادِ النَّظَرِ؛ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنْ أَخْذِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ الْمُفْضِيَةِ بِسَالِكِهَا إلَى السَّدَادِ؛ فَنَظَرْنَا فِي مَوَارِدِ " هـ ج ر " فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى هَذَا النِّظَامِ فَوَجَدْنَاهَا سَبْعَةً: ضِدَّ الْوَصْلِ.
مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْلِ.
مُجَانَبَةُ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ الْهَجْرَةُ.
هَذَيَانُ الْمَرِيضِ.
انْتِصَافُ النَّهَارِ.
الشَّابُّ الْحَسَنِ.
الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ فِي حِقْوِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يُشَدُّ فِي أَحَدِ رُسْغَيْهِ.
وَنَظَرْنَا فِي هَذِهِ الْمَوَارِدِ فَأَلْفَيْنَاهَا تَدُورُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْبَعْدُ عَنْ الشَّيْءِ فَالْهَجْرُ قَدْ بَعُدَ عَنْ الْوَصْلِ الَّذِي يَنْبَغِي مِنْ الْأُلْفَةِ وَجَمِيلِ الصُّحْبَةِ، وَمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْلِ قَدْ بَعُدَ عَنْ الصَّوَابِ، وَمُجَانَبَةُ الشَّيْءِ بُعْدٌ مِنْهُ وَأَخْذٌ فِي جَانِبٍ آخَرَ عَنْهُ، وَهَذَيَانُ الْمَرِيضِ قَدْ بَعُدَ عَنْ نِظَامِ الْكَلَامِ، وَانْتِصَافُ النَّهَارِ قَدْ بَعُدَ عَنْ طَرَفَيْهِ الْمَحْمُودَيْنِ فِي اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَإِمْكَانِ التَّصَرُّفِ.
وَالشَّابُّ الْحَسَنُ قَدْ بَعُدَ عَنْ الْعَابِ، وَالْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ قَدْ أَبْعَدَهُ عَنْ اسْتِرْسَالِهِ فِي تَصَرُّفِهِ وَاسْتِرْسَالِ مَا رُبِطَ عَنْ تَقَلْقُلِهِ وَتَحَرُّكِهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، وَكَانَ مَرْجِعُ الْجَمِيعِ إلَى الْبُعْدِ فَمَعْنَى الْآيَةِ: أَبَعِدُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ.
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَالَمُ، وَهُوَ لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ السُّدِّيِّ وَالْكَلْبِيِّ فَكَيْفَ أَنْ يَخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، فَاَلَّذِي قَالَ: يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ جَعَلَ الْمَضْجَعَ ظَرْفًا لِلْهَجْرِ، وَأَخَذَ الْقَوْلَ عَلَى أَظْهَرْ الظَّاهِرِ، وَهُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ، وَهُوَ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْأَقَلِّ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ الْأُصُولِ.
وَاَلَّذِي قَالَ يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْأَكْثَرِ الْمُوفِي، فَقَالَ: لَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يُضَاجِعُهَا، وَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ كَمَا يَقُولُ: اُهْجُرْهُ فِي اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ أَصْلُ مَالِكٍ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ فَكَانَ يُغَاضِبُ بَعْضَهُنَّ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَتُهَا يَفْرِشُ فِي حُجْرَتِهَا وَتَبِيتُ هِيَ فِي بَيْتِهَا فَقُلْت لِمَالِكٍ: وَذَلِكَ لَهُ وَاسِعٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّه تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} وَاَلَّذِي قَالَ: لَا يُكَلِّمُهَا وَإِنْ وَطِئَهَا فَصَرَفَهُ نَظَرُهُ إلَى أَنْ جَعَلَ الْأَقَلَّ فِي الْكَلَامِ، وَإِذَا وَقَعَ الْجِمَاعُ فَتْرُكِ الْكَلَامِ سَخَافَةٌ، هَذَا وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ.
وَاَلَّذِي قَالَ: يُكَلِّمُهَا بِكَلَامٍ فِيهِ غِلَظٌ إذَا دَعَاهَا إلَى الْمَضْجَعِ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْلِ.
وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ الْقَوْلِ فِي الرَّأْي؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ رَفَعَ التَّثْرِيبَ عَنْ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَهُوَ الْعِقَابُ بِالْقَوْلِ، فَكَيْفَ يَأْمُرُ مَعَ ذَلِكَ بِالْغِلْظَةِ عَلَى الْحُرَّةِ.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح الفويه]ــــــــ[16 Jan 2007, 10:22 م]ـ
طابت أيامك يا حبيبنا الغالي
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[19 Jan 2007, 09:11 م]ـ
تفسير التصدق الوارد في قوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) البقرة: 280
ذكر الإمام الرازي - رحمه الله تعالى: في التصدق قولان:
الأول: وأن تصدقوا على المعسر بما عليه من الدين إذ لا يصح التصدق به على غيره.
والثاني: أن المراد بالتصدق الإنظار، وقال: وهذا القول ضعيف، لأن الإنظار ثبت وجوبه بالآية الأولى، فلا بد من حمل هذه الآية على فائدة جديدة، ولأن قوله: (خير لكم) لايليق بالواجب بل بالمندوب.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[28 Feb 2007, 09:18 ص]ـ
قال القرطبي – رحمه الله – عند تفسير قول الله عز وجل: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء:34
" وقد راعى بعضهم في التفضيل اللحية! وليس بشيء .. " اهـ
الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: د. عبد الله التركي – (ج 6 ص 280)
قلتُ: وهذا القول – أي التفضيل باللحية – من الغرائب!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2007, 11:27 م]ـ
أورد ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (غافر:56) ما نصه:
وقال كعب وأبو العالية: نزلت هذه الآية في اليهود: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} قال أبو العالية: وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم، وأنهم يملكون به الأرض. فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يستعيذ من فتنة الدجال، ولهذا قال: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وهذا قول غريب، وفيه تعسف بعيد، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه، والله أعلم.)
تفسير ابن كثير - (ج 7 / ص 152)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Apr 2007, 07:53 م]ـ
? يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ? (الحديد:13)
جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية ما نصه: (قال بن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سورُ بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام- مؤذن بيت المقدس-قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكر الله في القرآن: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم.
ثم روي عن عبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وعلي بن الحسين زين العابدين، نحو ذلك. وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى عليين، والنار في الدركات أسفل سافلين.
وقول كعب الأحبار: إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد، فهذا من إسرائيلياته وتُرّهاته.)
ـ[الجعفري]ــــــــ[15 Apr 2007, 09:39 م]ـ
[جزاك الله خيراً على هذا البحث الطيب شيخنا الفاضل , أسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Apr 2007, 07:18 ص]ـ
قال الله تعالى: ? وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ? (النساء:6)
الخطاب في قوله عز وجل هنا: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} لأولياء اليتامى القائمين على أموالهم.
قال الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: (والخطاب في هذه الآية لأولياء الأيتام القائمين بما يصلحهم كالأب، والجدّ، ووصيهما.
وقال بعض أهل العلم: المراد بالآية: اليتيم؛ إن كان غنياً وسع عليه، وعفّ من ماله، وإن كان فقيراً كان الإنفاق عليه بقدر ما يحصل له، وهذا القول في غاية السقوط.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Apr 2007, 07:31 ص]ـ
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ? (النساء:59)
قال الشوكاني رحمه الله في بيان معنى الرد في قوله عز وجل: ? فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ?: (والردّ إلى الله: هو الردّ إلى كتابه العزيز، والردّ إلى الرسول: هو الردّ إلى سنته المطهرة بعد موته، وأما في حياته، فالردّ إليه سؤاله، هذا معنى الردّ إليهما.
وقيل: معنى الردّ أن يقولوا: الله أعلم، وهو قول ساقط، وتفسير بارد، وليس الردّ في هذه الآية إلا الرد المذكور في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Apr 2007, 05:36 م]ـ
قول الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ? (البقرة:267)
جمهور المفسرين على أن المراد بالطيبات في قوله: ? مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ? الجيد الخيار؛ أي أنفقوا من جيد ما كسبتم ومن خياره. والمراد بالخبيث: الرديء.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه فسر الطيبات بالحلال، والخبيث بالحرام. وقد اعتمد ابن جرير قول الجمهور، فقال: (وتأويل الآية هو التأويل الذي حكيناه عمن حكينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصحة إسناده، واتفاق أهل التأويل في ذلك= دون الذي قاله ابن زيد. .)
وعلّق ابن عطية على قول ابن زيد بقوله: (وقولُ ابن زيدٍ ليس بالقويِّ من جهة نَسَق الآيةِ، لا من معناه في نَفْسه.).
ومن الأقوال المردودة في تفسير هذه الآية ما نقله ابن عطية عن الجرجاني صاحب النظم؛ حيث قال – كما في تفسير ابن عطية -: (وقال الجرجاني في كتاب نظم القرآن: قال فريق من الناس: إن الكلام تم في قوله: {الخبيث} ثم ابتدأ خبراً آخر في وصف الخبيث فقال: {تنفقون} منه وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي ساهلتم.)
ولم يرد ابن عطية هذا القول، وإنما علّق عليه بقوله: (قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع.)
أما الألوسي فقد قال: (ومن البعيد في الآية ما قيل: إن الكلام تم عند قوله تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيث} ثم استؤنف فقيل على طريقة التوبيخ والتقريع: {مِنْهُ تُنفِقُونَ} والحال أنكم لا تأخذونه إلا إن أغمضتم فيه. ومآله الاستفهام الإنكاري فكأنه قيل: أمنه تنفقون الخ. وهو على بعده خلاف التفاسير المأثورة عن السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم.)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[30 Apr 2007, 11:24 ص]ـ
موضوع هام جزى الله أبا مجاهد على إثارته خيراً، وأثاب المشاركين فيه ثواباً عظيما،
وأحب أن أضيف قائلا: إن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى ثقافة تفسيرية موسوعية معينة
تجسد رؤية الباحث و تظهر شخصيتة العلمية التي تتعدى المنقول عن الغير إلى الأصيل
من فكره خاصة عندما يندرج مثل هذا الموضوع الثري ـ الذي يقاسم الصحيح علمياً ـ
تحت رسالة علمية تطالب الباحث بإبراز مجهوده الذي يتخطى مجرد النقل، ورأيي مع
الجميع في أن هذه بداية تحتاج إلى تبويب وتصنيف وتخطيط، وأول الغيث قطرة،
والموضوع فاتحة خير على كل حال.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 05:22 م]ـ
جاء في تفسير الشوكاني لقول الله تعالى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
({فاخلع نَعْلَيْكَ} أمره الله سبحانه بخلع نعليه؛ لأن ذلك أبلغ في التواضع، وأقرب إلى التشريف والتكريم وحسن التأدب. وقيل: إنهما كانا من جلد حمار غير مدبوغ. وقيل: معنى الخلع للنعلين: تفريغ القلب من الأهل والمال، وهو من بدع التفاسير.)
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[20 Dec 2008, 10:30 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وجزى الله ابا مجاهد خيرا
ولعله يتفضل بترتيبها وجمعها في ملف واحد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Dec 2008, 12:15 ص]ـ
وجزى الله ابا مجاهد خيرا
ولعله يتفضل بترتيبها وجمعها في ملف واحد
وجزاك خيراً كثيراً شيخنا الكريم
ولعلي أجد وقتاً لتلبية طلبك إن شاء الله، وإن قام به أحد الإخوة الكرام فله مني الشكر والدعاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الأقوال التي نص ابن كثير على ردها، ما ورد في قوله:
(وقوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} قال الحسن، وقتادة: هو حائط بين الجنة النار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال الله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف: 46]. وهكذا روي عن مجاهد، رحمه الله، وغير واحد، وهو الصحيح.
{بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} أي: الجنة وما فيها {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} أي: النار. قاله قتادة، وبن زيد، وغيرهما.
قال بن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سورُ بيت المقدس عند وادي جهنم. ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام- مؤذن بيت المقدس-قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكر الله في القرآن: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم.
ثم روي عن عبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وعلي بن الحسين زين العابدين، نحو ذلك.
وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى عليين، والنار في الدركات أسفل سافلين.
وقول كعب الأحبار: إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد، فهذا من إسرائيلياته وتُرّهاته. وإنما المراد بذلك: سورٌ يُضْرَب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين.)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[29 Dec 2008, 09:21 ص]ـ
اكرمني الله بتسجيل الدكتوراه في موضوع: مناهج النقد عند المفسرين.
فإن كان عندكم من فائدة حوله أو من نصيحة فأنا أشتاق لهذا وأشرف به
ـ[أبو علي]ــــــــ[08 Feb 2009, 11:24 ص]ـ
السلام عليكم
الحمد لله العزيز الحكيم
اختلف المفسرون في تفسير سورة القمر، منهم من نفى انشقاقه في العهد النبوي:
َقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَزَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْقُطَعِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شُكْر حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ كُسِفَ الْقَمَر عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا سَحَرَ الْقَمَر فَنَزَلَتْ " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر -.
ِوفي تفسير القرطبي:
وَقَالَ قَوْم: لَمْ يَقَع اِنْشِقَاق الْقَمَر بَعْد وَهُوَ مُنْتَظَر ; أَيْ اِقْتَرَبَ قِيَام السَّاعَة وَانْشِقَاق الْقَمَر ; وَأَنَّ السَّاعَة إِذَا قَامَتْ اِنْشَقَّتْ السَّمَاء بِمَا فِيهَا مِنْ الْقَمَر وَغَيْره. وَكَذَا قَالَ الْقُشَيْرِيّ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيّ: أَنَّ هَذَا قَوْل الْجُمْهُور , وَقَالَ: لِأَنَّهُ إِذَا اِنْشَقَّ مَا بَقِيَ أَحَد إِلَّا رَآهُ ; لِأَنَّهُ آيَة وَالنَّاس فِي الْآيَات سَوَاء. وَقَالَ الْحَسَن: اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة فَإِذَا جَاءَتْ اِنْشَقَّ الْقَمَر بَعْد النَّفْخَة الثَّانِيَة. وَقِيلَ: " وَانْشَقَّ الْقَمَر " أَيْ وَضَحَ الْأَمْر وَظَهَرَ ; وَالْعَرَب تَضْرِب بِالْقَمَرِ مَثَلًا فِيمَا وَضَحَ.
وقال آخرون وهم الأغلبية إن القمر قد انشق فعلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم استنادا إلى الروايات المذكورة في كتب المحدثين.
أي القولين هو الصواب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لو رجحنا قول الأكثرية فترجيحنا لا يتحقق منه اليقين، فالشاهد هو الذي عنده الخبر اليقين، أما السامع الذي جاءه الخبر منقولا (رواية) فإنه حتى لو كان صحيحا فإن القاضي لا يحكم في القضايا إلا بناء على شهادة الشهود الذينَ حضروا الواقعة.
الشهيد في هذه القضية هو كتاب الله وكفى بالله شهيدا فهو القائل: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، إن كان القمر قد انشق أو سينشق فسنجد الله قد يسر لنا ذكر الحقيقة وبيانها.
مثلا: رجل عاد إلى قريته بعد أن غاب عنها لمدة سنة فقيل له: إن بيتك الذي تركته يتردد عليه شخص بين الحين والآخر، و نفى آخرون أن يكونوا قد شاهدوا أحدا يدخل بيته.
لا شك أن أحد الخبرين صادق والآخر كاذب، وحتى لو رجح الخبر الذي يظنه صادقا وهو بالفعل خبر صحيح فإنه لا يفيد إلا الظن، أما إذا أراد اليقين فسيتبين له حين يدخل بيته، فسيجد من الأدلة ما يتيسر بها معرفة الحقيقة.
كذلك الرواية لا تفيد إلا الظن، والظن ليس علما، فقد قال تعالى: مالهم به من علم إلا اتباع الظن)، لا يقال عن ذلك الرجل قبل أن يدخل بيته إنه علم بما حدث في بيته، أما بعد دخوله وإدراكه للحقيقة بالأدلة التي تيسر وجودها فقدأصبح على علم، ذلك هو اليقين.
ترجيحنا لأحد الخبرين حتى وإن صح فهو لا يفيد إلا الظن، أما إذا أردنا اليقين فعلينا أن ندخل سورة القمر بعقولنا لنرى الأدلة التي تيسر لنا معرفة الحقيقة كما دخل ذلك الرجل بيته فأصبح على علم بما وقع أثناء غيابه.
تأملت في سورة القمر لعلي أجد فيها من الأدلة ما يتيسر بها الحكم فيما اختلف فيه المؤمنون بخصوص آية انشقاق القمر فوجدت أربعة أدلة ميسرة: قصص قوم نوح وقوم هود وثمود قوم صالح وقوم لوط.
هذه 4 أدلة ميسرة أكدالله ذكرها 4 مرات بقوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، عقب على كل قصة من القصص المذكورة في السورة بقوله (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ... ) فكأنه يقول لنا:
تذكروا وتدبروا هذه القصص فإنها هي الأدلة التي يتيسر بها علم اليقين بشأن انشقاق القمر.
هل هذه القصص المذكورة في السورة تبين لناأن القمر قد انشق فعلا في العهد النبوي؟
إذا عدنا الى بداية السورة وتوقفنا عند قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، فعل الماضي (انْشَقَّ) لا يتيسر به إدراك انشقاق القمر في الزمن الماضي فقد يعبر الماضي عن الحتمية مثل قوله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا).
لم نجد في سورة القمر أية آية تدل على حدوث الانشقاق في الماضي حتى تلك الأدلة الميسرة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ... ) لا تدل على حصول الانشقاق إلا إذا كان أهل مكة قد تعرضوا لطوفان كطوفان قوم نوح وريح كريح عاد ورجفة كرجفة ثمود وحجارة من سجيل كالحجارة التي أمطر بها قوم لوط.
أما إذا اعتبرنا انشقاق القمر سيحدث في المستقبل عند قيام الساعة فإن الأدلة الأربعة تعتبر وصفا دقيقا لما يترتب عن الانشقاق، فالقمر إذا انشق فلقتين فإن جاذبية الأرض ستتضاعف ضعفين، وأول ما يتأثر بالجاذبية هو الماء، فستغرق الأرض بمياه البحار وأمواج كالجبال شبيهة بالطوفان في زمن نوح، والأمواج سيتولد منها ريح عاتية تدمر كل شيء كريح ثمود، فرياح الأعاصير تتولد من هيجان البحار والمحيطات، وبما أن جاذبية الأرض ستتضاعف لتصبح أكثر من قوة الطرد المركزي فإن ذلك سيبب الزلازل فيصبح الناس في ديارهم جاثمين كما حصل لثمود، وستسقط فلقتا القمر بفعل قوة الجذب على الأرض فتجعل عاليها سافلها كما حصل لقوم لوط.
يحدث هذا حينما يكون من الناس من هم في مثل كفر قوم نوح، ومنهم من يكون في مثل ما كان عليه قوم عاد، ومنهم من يكون في مثل ما كانت عليه ثمود، ومنهم من يكون في مثل شذوذ قوم لوط، ومنهم من يكون في مثل طغيان فرعون.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الحالات كانت تفصيلا لما سيحدث للأرض حين ينشق القمر، والإشارة إلى ذلك تبدو واضحة وميسرة للفهم حيث أنه تعالى وصف انشقاق القمر ب (النُّذُرُ) ونفس الوصف أطلق على كل حالات الأقوام المذكورة في السورة حيث عقب على كل حالة قوم بقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ). وقوله تعالى في الآية الرابعة: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ)، الضمير المتصل في (جَاءَهُمْ) يعود على من سينشق القمر في عصرهم، والأنباء هي أنباء قصص الأقوام التي ذكرت بعد ذلك (قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط).
والله تعالى جعل في هذه الدنيا لكل شيء سببا، فقد ينشق القمر بسبب من الأسباب كأن يسقط عليه نيزك عظيم يشقه نصفين، والنيازك أجسام من نجم من النجوم المنفجرة، فقد يهوي بقايا نجم (نيزك) على القمر فيشقه نصفين، ولقد جاءت سورة القمر في المصحف ترتيبا بعد سورة النجم التي ابتدأت بقوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى).
سقوط بقايا نجم على سطح القمر لن يتسبب في انشقاق القمر إلا إذا كان نجما ثاقبا يخترق قطره. وسورة القمر نزلت بعد سورة الطارق النجم الثاقب.
أليس في هذه الأدلة الميسرة للذكر والمرتبة ترتيبا محكما بيان لحقيقة إنشقاق القمر!!
بلى، فالعلم والبيان مبنيان على التيسير، لو لم ييسر الله القرآن لتعسر علينا علمه وبيانه لكنه تعالى رحمان يسر القرآن لنعلم آياته وبيانها، فكان من الحكمة أن تأتي بعد سورة القمر سورة تثبت هذه الحقيقة يقول الله فيها:
الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ.
إذن فآيات القرآن وسوره أحكم ترتيبها تنزيلا وأحكم ترتيبها في المصحف، فسورة الرحمن موضعها الترتيبي في المصحف ينبغي أن يكون بعد سورة القمر لعلاقة مطلعها بما تيسر من علم وبيان لسورة القمر، وترتيب نزولها ينبغي أن يكون بعد سورة الرعد التي قال الله في ختامها: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ. فالشهادة لرسول الله عليه الصلاة والسلام بالرسالة تتطلب علم القرآن وبيانه،، فأنزل الله بعدها: الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ...
ودمتم بخير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2009, 12:54 م]ـ
كذلك الرواية لا تفيد إلا الظن، والظن ليس علما، فقد قال تعالى: مالهم به من علم إلا اتباع الظن)، لا يقال عن ذلك الرجل قبل أن يدخل بيته إنه علم بما حدث في بيته، أما بعد دخوله وإدراكه للحقيقة بالأدلة التي تيسر وجودها فقدأصبح على علم، ذلك هو اليقين.
ترجيحنا لأحد الخبرين حتى وإن صح فهو لا يفيد إلا الظن
كلام غير دقيق ولا مفيد للعلم
كيف يقال بأن الأحاديث الصحيحة الثابتة المؤيدة بإجماع أهل العلم لا تفيد اليقين؟!!
سبحان الله! ما هذه الجرأة العجيبة على إصدار مثل هذه الأحكام!
ثم يا أخي أبا علي!
هل تظن أن ما ذكرته من خواطر يمكن تقديمها على صريح الآيات والأحاديث الصحيحة؟
أرجو أن تعيد النظر في طريقة تعاملك مع النصوص.
ثم إن القول الذي نقلته [وَقَالَ قَوْم: لَمْ يَقَع اِنْشِقَاق الْقَمَر بَعْد وَهُوَ مُنْتَظَر ; أَيْ اِقْتَرَبَ قِيَام السَّاعَة وَانْشِقَاق الْقَمَر ; وَأَنَّ السَّاعَة إِذَا قَامَتْ اِنْشَقَّتْ السَّمَاء بِمَا فِيهَا مِنْ الْقَمَر وَغَيْره. وَكَذَا قَالَ الْقُشَيْرِيّ.] جدير بأن يضاف إلى الأقوال الباطلة المردودة.
جاء في تفسير فتح القدير للشوكاني: (والمراد الانشقاق الواقع في أيام النبوّة معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب الجمهور من السلف والخلف. قال الواحدي: وجماعة المفسرين على هذا إلاّ ما روى عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال: المعنى: سينشقّ القمر، والعلماء كلهم على خلافه. قال: وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوّته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة. قال ابن كيسان: في الكلام تقديم وتأخير، أي: انشقّ القمر، واقتربت الساعة. وحكى القرطبي عن الحسن مثل قول عطاء أنه الانشقاق الكائن يوم القيامة. وقيل: معنى {وانشقّ القمر}: وضح الأمر وظهر، والعرب تضرب بالقمر المثل فيما وضح، وقيل: انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه، وطلوعه في أثنائها، كما يسمى الصبح فلقاً لانفلاق الظلمة عنه.
قال ابن كثير: قد كان الانشقاق في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة. قال: وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.
قال الزجاج: زعم قوم عندوا عن القصد وما عليه أهل العلم أن تأويله أن القمر ينشقّ يوم القيامة. والأمر بين في اللفظ، وإجماع أهل العلم، لأن قوله: {وَإِن يَرَوْاْ ءايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} يدلّ على أن هذا كان في الدنيا لا في القيامة. انتهى.
ولم يأت من خالف الجمهور، وقال إن الانشقاق سيكون يوم القيامة إلاّ بمجرد استبعاد، فقال: لأنه لو انشق في زمن النبوّة لم يبق أحد إلاّ رآه؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء. ويجاب عنه بأنه لا يلزم أن يراه كل أحد لا عقلاً، ولا شرعاً، ولا عادة، ومع هذا، فقد نقل إلينا بطريق التواتر، وهذا بمجرده يدفع الاستبعاد، ويضرب به في وجه قائله.) انتهى من فتح القدير
ودمت بخير وعافية،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[09 Feb 2009, 10:06 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو مجاهد
نعم الرواية لا تفيد العلم إذا لم نجد لها أدلة تدعمها من الكتاب والحكمة (أدلة عقلية).
روايات انشقاق القمر كلها ليست شهادات شهود عيان، فالشهادة أن يقول الراوي الذي شهد الحدث: رأيت القمر قد انشق، أو كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانشق القمر، لكن الروايات تقول: انشق القمر ...
إذن فالشهود لم يروا شيئا، والحكم بالحق هو الذي يبنى على قول الشاهد وليس على أقوال الغائب الذي سمع من غيره.
الشهيد على الأحداث هو القرآن، فيه من البيان ما يغنينا عن غيره (كفى بالله شهيدا فشهادته أكبر شهادة)، إن كان القرآن قد أثبت الانشقاق اعتبرنا الروايات صحيحة تفيد العلم.
لم نجد في القرآن إثبات الانشقاق في الماضي بل وجدنا ترتيبا محكما للأسباب ونتائجها كما لو دخلت بيتا فوجدت كوبا من الشاي ما زال ساخنا ووجدت في الثلاجة طعاما لم يتسنه، هل تكذب عينيك وتصدق من نفى أن يكون قد دخل أحد ذلك البيت منذ شهر!!
لو سألت أي عالم فيزياء في أي بلد من بلدان العالم عما يسببه القمر لو انشق فإن جوابه سيكون مطابقا تماما لما جاء في سورة القمر.
القرآن علم، وسوره دروس في علم الحكمة، وكما يختبر المعلم تلاميذه بعد إتمام الدروس كذلك يختبر الله الناس في ما أوتوه بنفس الطريقة التي اختبر بها آدم، فبعد أن يبين الله للناس الهدى يسمح للباطل أن يعبر عن نفسه كما سمح لإبليس أن يعرض برنامجه التضليلي ليختبر آدم هل سيتبع هدى ربه أم يصدق كلام المخلوق.
فالباطل يقدم نفسه للناس على أنه هو الحق الصحيح كما فعل إبليس حين ادعى أنه ناصح أمين لآدم، كذلك يختبر الله الناس بعد إكمال رسالة أي رسول اختبارا يتناسب مع ما جاء به، فلما كان عيسى عليه السلام قد أوتي البينات التي هي من اختصاص الله وبإذنه جاء الاختبار بالباطل يدعي أن المسيح هو الإله، وقدم نفسه للناس على أنه هو الحق ومن لم يؤمن بالمسيح إلها فقد خسر الآخرة.
لقد أكمل الله دين الإسلام،فمن الطبيعي أن يختبر الله المسلمين اختبارا يناسب رسالة الإسلام التي جاءت لتعلم الناس أن الله عزيز حكيم، والاختبار المتوقع هو الباطل الذي ينفي عن الله صفة الحكمة،
ليس من الضروري أن يكون الشيطان هو من ينقل الباطل فقد ينقله مؤمن عن حسن نية ظانا أنه هو الحق.
رواية انشقاق القمر تعتبر اختبارا للمؤمنين في مادة الحكمة، الله يقول: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا).
رواية انشقاق القمر تزعم أن الله تراجع عن كلامه فأرسل آية حسية شبهها في سورة القمر بناقة ثمود، فكذبها أهل مكة وقالوا عنها إنها سحر، فالذي يتراجع عن أقواله ويبدل كلامه لا يعتبر حكيما. (تعالى الله عن ذلك).
وتعتبر رواية انشقاق القمر اختبارا للمؤمنين في مسألة أن القرآن حجة على الناس أجمعين.
لو انشق القمر لأهل مكة فهذا يعني أن القرآن وحده ليس حجة كافية حتى على القوم الذين أنزل بلسانهم فكيف يكون حجة على الناس كافة!!
هذه أيضا تتعارض مع حكمة الله العزيز الحكيم.
ودمت بخير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:53 ص]ـ
أورد الإمام الطحاوي الأحاديث الصحيحة الثابتة ثبوت الشمس في انشقاق القمر ثم قال معلقاً عليها: (فكان فيما ذكرنا عن علي، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس تحقيقهم انشقاق القمر، فمنهم من قال في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من لم يقل ذلك، ومعناه في ذلك كمعناهم فيه، ولا نعلم روي عن أحد من أهل العلم في ذلك غير الذي روي عنهم فيه وهم القدوة والحجة الذين لا يخرج عنهم إلا جاهل، ولا يرغب عما كانوا عليه إلا خاسر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد زعم بعض من يدعي التأويل ويستعمل رأيه فيه، ويقتصر على ذلك ويترك ذكر ما كان عليه من قبله فيه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تابعيهم أنه لم ينشق وأنه إنما ينشق يوم القيامة، وأن معنى قول الله تعالى: وانشق القمر إنما هو على صلة قد ذكرت بعد ذلك في السورة المذكور ذلك فيها، وهي قوله تعالى: "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" أي فينشق القمر حينئذ، وجعل ذلك من الأشياء التي تكون في القيامة، وذكر بجهله أن ذلك لم يروه أنه قد كان إلا ابن مسعود، وأن ذلك لو كان مما قد مضى كما روي عنه لتساوى فيه الناس ولم يحتج إلى إضافته إلى واحد منهم دون من سواه؛ فكفى بذلك جهلا إذ كان ما أضافه إلى انفراد ابن مسعود به قد شركه فيه خمسة سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناهم في الآثار التي رويناها في أول هذا الباب.
وأما ما ذكره من أن قول الله تعالى: "وانشق القمر" إنما يرجع إلى ما ذكر أنه صلة له مما ذكرناه عنه من السورة المذكور ذلك فيها، فإن في قول الله تعالى: "وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" دليلا على خلاف ما قاله فيها، ودليلا على أن ذلك لم يعن به يوم القيامة؛ لأن الآيات إنما تكون في الدنيا قبل القيامة، كما قال الله وتعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفا " وفي قوله تعالى: "فتول عنهم": أي فأعرض عنهم كما قال تعالى: "فتول عنهم حتى حين"، وكما قال: "فتول عنهم فما أنت بملوم" دليل على تمام ما ذكره قبل ذلك، واستقبال غيره وهو قوله: "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" ما هو ظرف لما ذكره بعده من خروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر، وانتفى أن يكون ذلك صلة؛ لما قد انقطع من الكلام الذي قد تقدمه.
ثم قال هذا الشاذ: وقد يحتمل قول ابن مسعود يعني الذي حكاه هذا الشاذ عنه، وهو أنه ذكر عنه أنه قال: وقد يحتمل قول ابن مسعود: «كأني أنظر إليه فلقتين وحراء بينهما» أي كأني أراه إذا انشق كذلك فكان كلامه هذا فاسدا؛ لأنه قد نفى انشقاقه في زمن ابن مسعود وذكر أن انشقاقه يكون بعد ذلك فإن كان كما قال فقد يجوز أن لا يراه ابن مسعود حينئذ. قال: وقد يجوز أن يراه حيث قال: ويجوز أن يراه في غير ذلك المكان، وقد زعم هذا الشاذ أن ذلك إنما يكون في القيامة لا في الدنيا، وحراء يومئذ جبل من الجبال التي قال الله تعالى خبرا عما يكون منه فيها يومئذ: "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا، فيذرها .. "الآية، وقال: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة" وقال: "وتكون الجبال كالعهن المنفوش"؛ فكيف يكون حراء يومئذ بين فلقتي القمر؟
ونعوذ بالله من خلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخروج عن مذاهبهم، فإن ذلك كالاستكبار عن كتاب الله ومن استكبر عن كتاب الله، وعن مذاهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم فيه كان حريا أن يمنعه الله فهمه كما حدثنا ابن أبي عمران، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول في قول الله تعالى: "سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق" قال: «أمنعهم فهم كتابي».) انتهى من شرح مشكل الآثار للطحاوي، وهو كلام نفيس، وقد ذكر ابن قتيبة كلاما قريباً منه في تأويل مختلف الحديث.
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من ذلك ماقاله العلامة ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى <وإذ أخذ ربك من ءادم> الآيه الاعراف172
وقد قيل إن هذا يوم اخذ الله الميثاق على ذرية آدم حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على انفسهم فشهدوا بذلك فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم وعنادهم في الدنيا والآخرة
ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا ولا له مناسبة ولا تقتضيه حكمة الله تعالى والواقع شاهد بذلك فإن هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنه حين اخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في علم كالذر لايذكره احد ولا يخطر ببال آدمي فكيف يحتج الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر ولا له عين ولا اثر.
ـ[مها]ــــــــ[11 Feb 2009, 02:28 ص]ـ
وجزى الله ابا مجاهد خيرا
ولعله يتفضل بترتيبها وجمعها في ملف واحد
السلسلة مجموعة في ملف - نفع الله بصاحبها وبكم أجمعين - علما بأني اقتصرت على نقولات د. محمد القحطاني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Feb 2009, 11:22 ص]ـ
الحمد لله العزيز الحكيم
يقول خالق الناس والعليم بنفوسهم وطباعهم: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ. هذه حقيقة تعكس واقع طباع الناس في أي مكان وأي زمان، مثلا: لو نشرت جريدة خبرا حتى ولو كان نادرا وقوعه فأن أكثر القراء أو كلهم تقريبا سيظنون أن الخبر صحيح باعتبار أن الجريدة لا تنشر إلا الحقيقة، إذن فتصديق الخبر مبني على الظن، والظن قد يصيب وقد يخطئ، فقد تكذب الجريدة في اليوم التالي الخبر السابق باعتباره كان كذبة فاتح أبريل، أو أن مصدرهم الموثوق تبين أنه لم يكن متأكدا من صحة الخبر.
وقد يطلق أحد إشاعة كاذبة فلا يصدقها إلا القليل، ثم مع مرور الزمن تنتشر بين الناس فيكثر مصدقوها فتكتسب حصانة وشرعية عندهم
مثلا: بعد انتهاء مدة رسالة المسيح عليه السلام روج أحدهم إشاعة تزعم أن المسيح هو الإله تجسد ليقتل صلبا ليخلص البشرية من الخطيئة، لم يصدق وقتها هذه الإشاعة إلا قلة من الناس لكنها بعد جيلين أو ثلاثة عمت كل النصارى، وأصبح من يكذب ألوهية المسيح وعقيدة الفداء يعتبرا كافرا.
ولماذا نذهب بعيدا في التاريخ فإشاعة ظهور صورة صدام حسين على القمر ما زالت طازجة على اليوتوب ولها أنصار يصدقونها ويدافعون عن صحتها، لو كان صدام هذا زعيما دينيا أو شيخ طريقة لأصبحت إشاعة ظهوره على القمر بعد قرن أو قرنين حقيقة عند أتباعه ولتعددت الروايات واعتبرت صحيحة متفق عليها. فإذا جاءهم أحد ليقول لهم إنكم تتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فإن الرد المتوقع هو الاتهام بالشذوذ عن الإجماع ومخالفة جمهور الأمة وما كان عليه السلف.
هذا ليس ردا علميا، الرد العلمي هو الذي يتضمن الحجة التي تستيقنها النفوس، فالظن لا تطمئن إليه النفوس.
هذه أمثلة بسيطة من الواقع قديما وحديثا اتضح لنا بها أن أكثر الناس يتبعون الظن، وأن الأقلية فقط هم الذين قد يكونوا انتبهوا إلى بطلانه.
إذن فعلينا أن نأخذ في الحسبان وفي الاعتبار الآية السابقة إذا واجهتنا مسألة يزعم أكثر الناس صحتها لنتأكد هل تصديقهم لها مبني على الظن أم على العلم.
مسألة انشقاق القمر هل اتبع الناس الظن في تصديقها أم اتبعوا اليقين؟
إن كانوا قد اتبعوا العلم فأين أدلتهم من الكتاب والحكمة؟
لا توجد أدلة لا من الكتاب ولا من الحكمة سوى أنها وصلتهم خبرا، والخبر يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.
إذن فأكثر الناس في هذه القضية اتبعوا الظن، والظن كما تقول الآية لا يغني من الحق شيئا، فلنبحث عن الحق في الكتاب والحكمة،
إن كان في صالحهم اتبعناه، وإن لم يكن نخالفهم ولو اعتبرونا شواذا فالآية السابقة تثبت أن الحق قد يكون مع الأقلية.
وجدنا في الكتاب دليلا قويا ينفي انشقاقه في الماضي إلا أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يعيروه اهتمامهم وهو قوله تعالى:
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا.
هذه الآية وحدها كافية لأقسم بالله العزيز الحكيم أن الحكيم لا يتراجع عن أقواله، فإذا قال لن يرسل فإنه لن يرسل أبدا آية حسية لأهل مكة فيكذبوا بها كما كذب الأولون.
وفي الكتاب وجدنا في سورة القمر تيسيرا لبيان حقيقة هذه المسألة، الله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها التي ينبغي أن تكون فيها، فليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر انشقاق القمر بعد ذكر نجم ثاقب هوى إلا أن يكون تيسيرا لعلم الأسباب، وهو ما أثبتته السورة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر تأثير انشقاق القمر على الأرض مرتبا ترتيبا محكما مطابقا لما يمكن وقوعه فعلا في حالة لو انشق القمر بالأسباب.
إذن فذكر هذه الكوارث التي حلت بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ليست تكرارا لقصص سبق أن ذكرها القرآن في سور أخرى بل هي تيسيرا
لعلم حقيقة تبعات انشقاق القمر وبيانها: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وجدنا ذلك العلم والبيان الذي استفدناه من سورة القمر والذي حكم في ما نحن فيه مختلفون قد ذكره القرآن في الآيات الأربع الأولى من سورة الرحمن التي تلت سورة القمر.
ما الحكمة من تذكيرنا بتيسير القرآن وتأكيد هذا التيسير 4 مرات في سورة القمر؟
تأكيد التيسير يفيد بأن إدراك حقيقة انشقاق القمر متيسر حصرا في هذه السورة، فالذي يزعم أنه سييسر لك معرفة حقيقة انشقاق القمر من مصدر آخر غير القرآن فزعمه باطل، مثلا:
نويت أن أسافر لأزور أخي الذي يسكن في مدينة أخرى فالتقيت بأحد أقاربي في أول الطريق فأوقفني وقال لي: انهار السد المائي والطريق مقطوعة.
العبارة واضحة لا تحتاج إلى زيادة توضيح أو تذكير، فالطريق مقطوعة بسبب مياه السد المنهار، أما إذا لاحظ قريبي أني لم ألق بالا لنصيحته أو أخذت برأي مرافقي الذي لم يصدقه فإن قريبي سيذكرني بنصيحته ليبرئ ذمته فيقول: تذكر أني نصحتك ويسرت لك معرفة الحقيقة لتكون على علم وبينة من الأمر.
إذن فالتذكير لا يؤكد ابتداء إلا في حالة الشك وعدم الاطمئنان لصحة الخبر واحتمال تصديق نقيضه.
كذلك قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، وأتى بسورة بعدها استهلها بقوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.).
ترتيب واضح يتبين منه أن القمر سينشق بسبب نجم يهوي، لا يحتاج إلى زيادة في التوضيح،لو أجمع المسلمون على أن القمر سينشق قبل قيام الساعة بسبب النجم الثاقب الذي يهوي لما احتاجوا إلى تذكير بقوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ... ) لكنه تعالى علم أن من الناس من سيزعم أن انشقاق القمر لا علاقة له بالنجم الذي يهوي وأنه انشق لأهل مكة لذلك كان من الحكمة أن يذكرنا بأنه يسر لنا القرآن لنعلم منه وحده كيفية انشقاق القمر وبيانها. فهو تبيان لكل شيء.
إن تبين لأحد في سورة القمر علم وبيان يثبت انشقاق القمر في العهد النبوي فليأت به مشكورا.
أما الآية: وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) هذه جملة شرطية لا تفيد أنهم رأوا انشقاق القمر فأعرضوا بل تفيد استمرار حال الكافرين إلى يوم القيامة، مثل قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ).
هل يَفهم من هذه الآية أن هؤلاء رأوا بالفعل كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا فقالوا عنه سَحَابٌ مَرْكُومٌ؟ أم هي إخبار بما سيقولون إن رأوا؟
بعض الناس خدعوا بصورة للقمر التقطتها وكالة ناسا، صورة وكالة ناسا التي يبدو فيها جدول أو وادي كما أسموه بطول 300 كلم تقريبا، ليس ذلك الجدول هو الوحيد الذي صورته كاميراتهم بل عدة جداول متعامدة ومتعاكسة، منها ما هو في القطبين، وفي مناطق أخرى من القمر، تلك تضاريس قمرية لا علاقة لها بانشقاق للقمر، لو كان نهر المسيسبي جافا لبدا من الفضاء أكثر وأطول من جدول القمر الذي صورته ناسا، فهل إذا رأينا صورة ذلك على الأرض نقول إن الأرض هي الأخرى انشقت في الماضي!!
وكالة ناسا سمتها جداول Rilles ولم تسمها شقوقا.
إذا كانت رسالة الإسلام قد جاءت لتعلمنا الكتاب والحكمة فإن لكل علم اختبار، والاختبار يأتي في مادة الكتاب والحكمة، فيأتي الاختبار عبارة عن باطل يناقض الكتاب والحكمة زاعما أنه الحق،
تلك هي سنة الله، يختبر الناس فيما آتاهم، ونفس الاختبار الذي تعرض له آدم يعيد نفسه كلما بعث الله رسولا، وعلينا أن نتعلم من أخطاء الأمم السابقة فلا نتبع سننهم.
إذن فأنا أشذ عن الجمهور الذين يثبتون انشقاق القمر لأهل مكة لأن الله لم يثبت في القرآن أن الحق مع الأكثرية بل أثبت أن أكثر الناس يتبعون الظن.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Feb 2009, 05:57 م]ـ
الحمد لله العزيز الحكيم
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول خالق الناس والعليم بنفوسهم وطباعهم: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ. هذه حقيقة تعكس واقع طباع الناس في أي مكان وأي زمان، مثلا: لو نشرت جريدة خبرا حتى ولو كان نادرا وقوعه فأن أكثر القراء أو كلهم تقريبا سيظنون أن الخبر صحيح باعتبار أن الجريدة لا تنشر إلا الحقيقة، إذن فتصديق الخبر مبني على الظن، والظن قد يصيب وقد يخطئ، فقد تكذب الجريدة في اليوم التالي الخبر السابق باعتباره كان كذبة فاتح أبريل، أو أن مصدرهم الموثوق تبين أنه لم يكن متأكدا من صحة الخبر.
وقد يطلق أحد إشاعة كاذبة فلا يصدقها إلا القليل، ثم مع مرور الزمن تنتشر بين الناس فيكثر مصدقوها فتكتسب حصانة وشرعية عندهم
مثلا: بعد انتهاء مدة رسالة المسيح عليه السلام روج أحدهم إشاعة تزعم أن المسيح هو الإله تجسد ليقتل صلبا ليخلص البشرية من الخطيئة، لم يصدق وقتها هذه الإشاعة إلا قلة من الناس لكنها بعد جيلين أو ثلاثة عمت كل النصارى، وأصبح من يكذب ألوهية المسيح وعقيدة الفداء يعتبرا كافرا.
ولماذا نذهب بعيدا في التاريخ فإشاعة ظهور صورة صدام حسين على القمر ما زالت طازجة على اليوتوب ولها أنصار يصدقونها ويدافعون عن صحتها، لو كان صدام هذا زعيما دينيا أو شيخ طريقة لأصبحت إشاعة ظهوره على القمر بعد قرن أو قرنين حقيقة عند أتباعه ولتعددت الروايات واعتبرت صحيحة متفق عليها. فإذا جاءهم أحد ليقول لهم إنكم تتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فإن الرد المتوقع هو الاتهام بالشذوذ عن الإجماع ومخالفة جمهور الأمة وما كان عليه السلف.
هذا ليس ردا علميا، الرد العلمي هو الذي يتضمن الحجة التي تستيقنها النفوس، فالظن لا تطمئن إليه النفوس.
هذه أمثلة بسيطة من الواقع قديما وحديثا اتضح لنا بها أن أكثر الناس يتبعون الظن، وأن الأقلية فقط هم الذين قد يكونوا انتبهوا إلى بطلانه.
إذن فعلينا أن نأخذ في الحسبان وفي الاعتبار الآية السابقة إذا واجهتنا مسألة يزعم أكثر الناس صحتها لنتأكد هل تصديقهم لها مبني على الظن أم على العلم.
مسألة انشقاق القمر هل اتبع الناس الظن في تصديقها أم اتبعوا اليقين؟
إن كانوا قد اتبعوا العلم فأين أدلتهم من الكتاب والحكمة؟
لا توجد أدلة لا من الكتاب ولا من الحكمة سوى أنها وصلتهم خبرا، والخبر يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.
إذن فأكثر الناس في هذه القضية اتبعوا الظن، والظن كما تقول الآية لا يغني من الحق شيئا، فلنبحث عن الحق في الكتاب والحكمة،
إن كان في صالحهم اتبعناه، وإن لم يكن نخالفهم ولو اعتبرونا شواذا فالآية السابقة تثبت أن الحق قد يكون مع الأقلية.
وجدنا في الكتاب دليلا قويا ينفي انشقاقه في الماضي إلا أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يعيروه اهتمامهم وهو قوله تعالى:
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا.
هذه الآية وحدها كافية لأقسم بالله العزيز الحكيم أن الحكيم لا يتراجع عن أقواله، فإذا قال لن يرسل فإنه لن يرسل أبدا آية حسية لأهل مكة فيكذبوا بها كما كذب الأولون.
وفي الكتاب وجدنا في سورة القمر تيسيرا لبيان حقيقة هذه المسألة، الله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها التي ينبغي أن تكون فيها، فليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر انشقاق القمر بعد ذكر نجم ثاقب هوى إلا أن يكون تيسيرا لعلم الأسباب، وهو ما أثبتته السورة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر تأثير انشقاق القمر على الأرض مرتبا ترتيبا محكما مطابقا لما يمكن وقوعه فعلا في حالة لو انشق القمر بالأسباب.
إذن فذكر هذه الكوارث التي حلت بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ليست تكرارا لقصص سبق أن ذكرها القرآن في سور أخرى بل هي تيسيرا
لعلم حقيقة تبعات انشقاق القمر وبيانها: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وجدنا ذلك العلم والبيان الذي استفدناه من سورة القمر والذي حكم في ما نحن فيه مختلفون قد ذكره القرآن في الآيات الأربع الأولى من سورة الرحمن التي تلت سورة القمر.
ما الحكمة من تذكيرنا بتيسير القرآن وتأكيد هذا التيسير 4 مرات في سورة القمر؟
تأكيد التيسير يفيد بأن إدراك حقيقة انشقاق القمر متيسر حصرا في هذه السورة، فالذي يزعم أنه سييسر لك معرفة حقيقة انشقاق القمر من مصدر آخر غير القرآن فزعمه باطل، مثلا:
نويت أن أسافر لأزور أخي الذي يسكن في مدينة أخرى فالتقيت بأحد أقاربي في أول الطريق فأوقفني وقال لي: انهار السد المائي والطريق مقطوعة.
العبارة واضحة لا تحتاج إلى زيادة توضيح أو تذكير، فالطريق مقطوعة بسبب مياه السد المنهار، أما إذا لاحظ قريبي أني لم ألق بالا لنصيحته أو أخذت برأي مرافقي الذي لم يصدقه فإن قريبي سيذكرني بنصيحته ليبرئ ذمته فيقول: تذكر أني نصحتك ويسرت لك معرفة الحقيقة لتكون على علم وبينة من الأمر.
إذن فالتذكير لا يؤكد ابتداء إلا في حالة الشك وعدم الاطمئنان لصحة الخبر واحتمال تصديق نقيضه.
كذلك قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، وأتى بسورة بعدها استهلها بقوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.).
ترتيب واضح يتبين منه أن القمر سينشق بسبب نجم يهوي، لا يحتاج إلى زيادة في التوضيح،لو أجمع المسلمون على أن القمر سينشق قبل قيام الساعة بسبب النجم الثاقب الذي يهوي لما احتاجوا إلى تذكير بقوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ... ) لكنه تعالى علم أن من الناس من سيزعم أن انشقاق القمر لا علاقة له بالنجم الذي يهوي وأنه انشق لأهل مكة لذلك كان من الحكمة أن يذكرنا بأنه يسر لنا القرآن لنعلم منه وحده كيفية انشقاق القمر وبيانها. فهو تبيان لكل شيء.
إن تبين لأحد في سورة القمر علم وبيان يثبت انشقاق القمر في العهد النبوي فليأت به مشكورا.
أما الآية: وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) هذه جملة شرطية لا تفيد أنهم رأوا انشقاق القمر فأعرضوا بل تفيد استمرار حال الكافرين إلى يوم القيامة، مثل قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ).
هل يَفهم من هذه الآية أن هؤلاء رأوا بالفعل كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا فقالوا عنه سَحَابٌ مَرْكُومٌ؟ أم هي إخبار بما سيقولون إن رأوا؟
بعض الناس خدعوا بصورة للقمر التقطتها وكالة ناسا، صورة وكالة ناسا التي يبدو فيها جدول أو وادي كما أسموه بطول 300 كلم تقريبا، ليس ذلك الجدول هو الوحيد الذي صورته كاميراتهم بل عدة جداول متعامدة ومتعاكسة، منها ما هو في القطبين، وفي مناطق أخرى من القمر، تلك تضاريس قمرية لا علاقة لها بانشقاق للقمر، لو كان نهر المسيسبي جافا لبدا من الفضاء أكثر وأطول من جدول القمر الذي صورته ناسا، فهل إذا رأينا صورة ذلك على الأرض نقول إن الأرض هي الأخرى انشقت في الماضي!!
وكالة ناسا سمتها جداول Rilles ولم تسمها شقوقا.
إذا كانت رسالة الإسلام قد جاءت لتعلمنا الكتاب والحكمة فإن لكل علم اختبار، والاختبار يأتي في مادة الكتاب والحكمة، فيأتي الاختبار عبارة عن باطل يناقض الكتاب والحكمة زاعما أنه الحق،
تلك هي سنة الله، يختبر الناس فيما آتاهم، ونفس الاختبار الذي تعرض له آدم يعيد نفسه كلما بعث الله رسولا، وعلينا أن نتعلم من أخطاء الأمم السابقة فلا نتبع سننهم.
إذن فأنا أشذ عن الجمهور الذين يثبتون انشقاق القمر لأهل مكة لأن الله لم يثبت في القرآن أن الحق مع الأكثرية بل أثبت أن أكثر الناس يتبعون الظن.
كلام طويل لا طائل من ورائه، وهو مبني على أصل فاسد، وهو أن أخبار الآحاد لا تفيد العلم.
قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود: (حجية خبر الآحاد في العقيدة إذا صح، وهذا من المعالم الرئيسة لمنهج السلف، والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم ومن ثم فلا يحتج بها في العقيدة بدعة كبرى تلقفها أو أحدثها المعتزلة
ولكن من المؤسف أن كثيرا من العلماء ممن ينتسبون إلى السنة- وخاصة في كتبهم في أصول الفقه- ظنوا أنها لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن، وانتشرت هذه المقالة بنسبة القول بها إلى الجمهور، ومما يلاحظ أن كثيرا ممن ألف في أصول الفقه هم، إما من المعتزلة أو الأشاعرة أو الماتريدية، فأدخل هؤلاء هذه المسألة وصاروا يذكرون فيها أن أخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن فيحتج بها في الأمور العملية من الأحكام لا العلمية، ويقصدون بها أمور العقائد بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم لوجدنا الإجماع منهم- تقريبا- على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد،
ولذا يحسن هنا أن نذكر قصة إسحاق بن راهويه مع عبد الله بن طاهر، فقد روى عن إسحاق بن راهويه قال: " دخلت على عبد الله بن طاهر، فقال لي: يا أبا يعقوب، تقول: إن الله ينزل كل ليلة؟، فقلت: أيها الأمير، إن الله تعالى بعث إلينا نبيا نُقل إلينا عنه أخبار، بها نحلل الدماء وبها نحرم، وبها نحلل الفروج وبها نحرم، وبها نبيح الأموال وبها نحرم، فإن صح ذا صح ذاك، وإن بطل ذا بطل ذاك، قال: فأمسك عبد الله ".
هذا مذهب السلف ومنهجهم لم يؤثر عن أحد منهم ممن يعتد بقوله إذا ورد عليه حديث صح عنده ثبوته أن رد ما دل عليه من أمور العقيدة بأنه خبر آحاد- وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة المهمة، وإنما الغرض الإشارة المجملة.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[20 Feb 2009, 10:02 ص]ـ
الحمد لله العزيز الحكيم
قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
التيسير تسهيل، يسر الشيء يعني جعله سهلا، والتيسير مبني على الترتيب، فالأشياء المرتبة تيسر للباحث وجودها بسهوله، أما إذا لم تكن مرتبة فإن عملية البحث لن تكون ميسرة، مثلا:
القاموس مرتب أبجديا لتيسير البحث عن الكلمة، فلو لم يكن مرتبا ترتيبا أبجديا لتعسر البحث.
الآية (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) موجودة في سورة القمر، وبما أن الله أثبت التيسير فمعنى ذلك أن في السورة ترتيب يتيسر لنا به علم كيفية انشقاق القمر، فهل ترتيب نزول (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) بعد الطارق النجم الثاقب تيسر لنا به علم أن القمر انشق لأهل مكة!!
وهل ترتيب (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) في المصحف بعد (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) تيسر لنا به علم أن القمر انشق لأهل مكة!!
كلا بل هو تيسير للأسباب.
الآية درس يجب أن نحفظه في الذاكرة (لِلذِّكْرِ)، وهل حفظ الدرس في الذاكرة واجب أم اختياري؟
إن كانت الدروس اختيارية فمعنى ذلك أن من شاء أن يحضر فليحضر ومن شاء أن يتغيب فليتغيب، ولا داعي للاختبار ما دام الدرس اختياري.
إما إن كانت الدروس واجب تذكرها (حفظها في الذاكرة) فلا بد من الاختبار، فوجوب تذكر الدروس يقتضي وجوب الاختبار لمعرفة من ادكر ممن لم يدكر، فهدف الاختبار هو استفهام المختبرين: َهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟
فالمدكر هو الذي سيجيب على أسئلة الاختبار إجابة صائبة لأنه ذاكر دروسه.
كذلك إذا كان الله قد يسر القرآن للذكر والذكر واجب فإن الاختبار واجب ليستفهم بالحجة َهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، لذلك ختمت الآية بذكر الاختبار: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
قول الله: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هذا هو الاختبار، فهو ليس كلاما نظريا بل ينبغي أن يكون تطبيقيا يجعل الله له واقعا.
مثلا: ما هو الذكر الذي يسره الله لآدم؟
إنه قوله تعالى: يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فتشقى).
لو كان هذا الدرس اختياريا غير واجب تذكره لما اختبر الله آدم ليعلم بالحجة هل آدم مدكر أم نسي ما ذكر به.
كيف كان اختبار الله لآدم؟
لقد جاء الاختبار في صورة باطل مناقض لما ذكر به، فإبليس قدم نفسه لآدم على أنه صديق جاء ناصحا أمينا، فنسي آدم ما ذكره به الله
بأن إبليس عدو: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا.
إذن فآدم لم يكن مدكرا، والاختبار كان عبارة عن باطل مناقض للذكر، وطبيعي أن الباطل لا يكشف عن هويته الحقيقية بل يزعم أنه الحق وقد يقسم بالله كذبا ليوهم الإنسان أنه هو الصواب والكلام الصحيح.
كذلك الاختبار في هذه المسألة يأتي مناقضا للترتيب الذي يسر لنا علم كيفية انشقاق القمر عند قيام الساعة، فالذكر يقول: لم ينشق القمر في الماضي، والرواية تقول: انشق القمر لأهل مكة، والرواية قدمت نفسها للناس على أنها الحق الصحيح المتفق عليه.
فهل من مدكر يدكر أن الله يسر ذكر الحقيقة في القرآن التي تختلف اختلافا متباينا عما جاءت به الرواية!!
أم نعتبر النقيضين صائبين: انشق ولم ينشق!!.
إن الرواية المناقضة للذكر في سورة القمر هي والله الاختبار الواقعي التطبيقي المعبر عنه بقوله تعالى: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
فهل من مدكر تذكر أن كيفية انشقاق القمر ميسرة حصرا في سورة القمر!!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Mar 2009, 09:20 ص]ـ
قال ابن كثير في تفسير قول الله تعالى في صدر سورة النحل: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون}:
(وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب، فقال في قوله: {أتى أمر الله} أي: فرائضه وحدوده.
وقد رده ابن جرير فقال: لا نعلم أحدا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها، بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه، استبعادا وتكذيبا.). انتهى
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[19 Jun 2009, 01:49 ص]ـ
لماذا عُنون هذا الموضوع بـ (ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه)؟!
هل هناك فرقٌ بين الرد والإبطال؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Jun 2009, 01:54 م]ـ
لماذا عُنون هذا الموضوع بـ (ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه)؟!
هل هناك فرقٌ بين الرد والإبطال؟
الرد: هو رد القول من حيث عدم صحة تفسير الآية به.
البطلان: القول نفسه باطل لا يصح.
هذا وجه في التفريق بين المصطلحين، والأمر في ذلك يسير.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[19 Jun 2009, 07:08 م]ـ
شكر الله لك هذه الإفادة، وأنا أريد - إن أمكن - مساعدتي في اختيار مصطلح يجمع الصيغ والألفاظ التي ينص عليها العلماء في ردهم وتضعيفهم للأقوال التفسيرية، حيث أشكل علي عنوان الرسالة في هذا.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=16432
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 12:43 ص]ـ
ذكر الإمام ابن كثير أقوالاً كثيرة في المراد بالصلاة الوسطى في قول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]
ثم قال: (وقيل: بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس، رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر، وفي صحته أيضا نظر.
والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري، إمام ما وراء البحر، وإنها لإحدى الكبر، إذ اختاره -مع اطلاعه وحفظه -ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر.) تفسير ابن كثير / دار طيبة - (1/ 653)
تعليق: في عزو هذا القول لابن عبدالبر -رحمه الله- نظر، فلم يقل إن المراد بالصلاة الوسطى جميع الصلوات، وإنما قال بعد ذكره لأشهر الأقوال في هذه المسألة:
(قال أبو عمر:
كل ما ذكرنا قد قيل فيما وصفنا، وبالله توفيقنا، وهو أعلم بمراده عز وجل من قوله: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}. وكل واحدة من الخمس وسطى لأن قبل كل واحدة منهن صلاتين وبعدها صلاتين كما قال زيد بن ثابت في الظهر والمحافظة على جميعهن واجب والله المستعان.) هكذا قال في التمهيد
وقال في الاستذكار - وقد ألفه بعد التمهيد -: (والاختلاف القوي في الصلاة الوسطى إنما هو في هاتين الصلاتين [يقصد الفجر والعصر]، وما روي في الصلاة الوسطى في غير الصبح والعصر ضعيف لا تقوم به حجة.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Nov 2009, 03:15 م]ـ
ومن الأقوال المردودة ما ذكره الإمام ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن في قوله في أول كتابه هذا:
(وكتابنا هذا مستنبط من كتب المفسرين، وكتب أصحاب اللغة العالمين. لم نخرج فيه عن مذاهبهم، ولا تكلَّفنا في شيء منه بآرائنا غيرَ معانيهم، بعد اختيارنا في الحرف أَوْلَى الأقاويلِ في اللغة، وأشْبَهَهَا بقصةِ الآية.
ونَبَذْنَا مُنكَرَ التأويل، ومَنحولَ التفسير. فقد نَحَلَ قومٌ ابنَ عباس، أنه قال في قول الله جل وعز: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} إنها غُوِّرتْ؛ من قول الناس بالفارسية: كُورْ بِكِرد [في اللسان 6/ 472 - 473 "كورْ بِكِرْ" وانظر الدر المنثور 6/ 318، والبحر المحيط 8/ 431، والإتقان 1/ 238، والمعرب للجواليقي 287.].
وقال آخر في قوله: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا} أراد سَلْني سبيلا إليها يا محمدُ.
وقال الآخر في قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} إن الويل: وادٍ في جهنمَ.
وقال الآخر في قوله: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} إن الإبل: السحابُ. [سورة الغاشية 17، وفي اللسان 13/ 5 "قال أبو عمرو بن العلاء: من قرأها (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) بالتخفيف، يعني به البعير؛ لأنه من ذوات الأربع يبرك فيحمل عليه الحمولة، وغيره من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلا وهو قائم. ومن قرأها بالتثقيل، قال: الإبل: السحاب التي تحمل الماء للمطر" وانظر البحر المحيط 8/ 464 والكشاف 4/ 207.]
وقال الآخر في قوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}: إن النعيم: الماء الحار في الشتاء.
وقال الآخر في قوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}: إن الزينة: المُشطُ.
وقال آخر في قوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} إنها الآرَابُ التي يَسجد عليها المرء؛ وهي جبهتهُ ويداه، وركبتاه وقدماه.
وقال الآخر في قوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى} أن تُجعل كلُّ واحدة منهما ذكَرًا؛ يريد: أنهما يَقومان مَقام رجل، فإحداهما تُذكِّر الأخرى.
مع أشباهٍ لهذا كثيرة؛ لا ندري: أَمِن جهة المفسرين لها وَقَع الغلطُ؟ أو من جهة النَقَلة؟) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Dec 2009, 05:32 م]ـ
جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله: ({سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} فيه تضمين دل عليه حرف "الباء"، كأنه مُقَدر: يستعجل سائل بعذاب واقع. كقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} أي: وعذابه واقع لا محالة.
قال النسائي: حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} قال: النضر بن الحارث بن كَلَدَة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: تعالى {سَأَلَ سَائِلٌ} دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
وقال ابن زيد وغيره: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} أي: واد في جهنم، يسيل يوم القيامة بالعذاب. وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد. والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.) انتهى
قلت: قول ابن زيد هذا تفسير لقراءة من قرأ: (سالَ سَائِلٌ) فلم يهمز سأل، ووجهه إلى أنه فعل من السيل. وهي قراءة نافع وابن عامر.
جاء في زاد المسير لابن الجوزي:
(ومن قرأ بلا همز ففيه قولان.
أحدهما: أنه من السؤال أيضاً، وإنما لَيَّن الهمزة، يقال سأل، وسال، وأنشد الفراء:
تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا ... لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ تَابِع
والثاني: المعنى سال وادٍ في جهنم بالعذاب للكافرين، وهذا قول زيد بن ثابت، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن، وكان ابن عباس في آخرين يقرؤون «سَالَ سَيْلٌ» بفتح السين، وسكون الياء من غير ألف ولا همز.)
وعلى هذا؛ فتضعيف ابن كثير لهذا القول، وحكمه عليه بالبعد فيه مبالغة ونظر. والله أعلم(/)
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[12 Aug 2004, 07:51 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)
اهدنا الصراط المستقيم
وهذه لمحة أخرى من التربية الربانية لعباده المؤمنين كيف يكونون في جميع أحوالهم خاضعين لله، متذللين لعظمته، وناكسي رؤوسهم بين يديه، فماذا علمهم أن يقولوا بعدما أثنوا عليه وحمدوه وأجلَّوه؟ وقرروا أنهم عبيدٌ له وحده، لا يعبدون إلا الله، ولا يستعينون إلا به، أمرهم بأن يقولوا اهدنا الصراط المستقيم، أي يارب اهدنا طريق الحق المبين، طريق الهدى والصلاح، طريق المغفرة والرحمة، الطريق المؤدي لرضا الرب وعفوه، وهو دين الإسلام. فما أحوجنا إلى هداية الله، وما أحوجنا إلى تعلم ديننا، وأركانه ووسائل الخير التي تدلنا على رضا ربنا، ما أحوجنا أن نعرف صراط الله المستقيم، ونعرف كيف سلكه الذين من قبلنا من السلف الصالح، ما أحوج الأمة اليوم أن تعيش حياة الصالحين، الذين أرادوا الخير فعملوه، وأرادوا السلام فحققوه، وأردوا الكرامة فنالوها، وذلك لأنهم اتبعوا ما يرضي الله فرضي الله عنهم، قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، إنهم الذين سكبوا دمائهم في سبيل الله إرضاء لله، ونشراً لدينه، وليس كما يقول المستشرقون بأنهم نشروا الدين بالسيف، فالسيف لا يدخل الإيمان في القلوب، ولكنهم عرضوا على رؤساء الكفار من فارس والروم، عرضوا عليهم أن يسمحوا لهم بتعليم الناس دين الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية، أو الحرب، فكانت خياراتهم المتكبرة المتغطرسة دائماً تنادي بالحرب، فكان لهم ما اختاروه، وماذا كانت النتيجة؟ هزمهم الله، ونصر المؤمنين، حتى وصل الإسلام إلى بقاع كثيرة من العالم، وهناك دول تدين بالإسلام اليوم لم ينتشر فيها الإسلام عن طريق معارك، بل انتشر بأخلاق التجار المسلمين، وهذه صفات العباد الصالحين الذين كانوا أمثلة رائعة في التحلي بالإسلام ديناً، وخلقاً. قال السعدي رحمه الله "فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً".
الوقفات
1 - تقرير ضعف وافتقار العبد لهداية الله، فكما قال ابن رواحه فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا.
2 - وجوب مسألة الله الهداية والصلاح لقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
3 - تربية الله للمؤمنين أعظم مسألة، وهي مسألته سبحانه الهداية والثبات على الصراط المستقيم، وهو الإسلام فلله الحمد والمنة أن هدانا إلى الإسلام حيث نعبد الله وحده بدون وسطاء أو أولياء بيننا وبينه.
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[13 Aug 2004, 03:15 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الجهد وفتح عليك، ولو سمحت لي فلقد
يمكن أن يضاف من الوقفات التعبيرية على هذه الآية ما يأتي:
1. قيل في سبب الخطاب بالجمع هنا مع أن القياس على التكلم بالإفراد، فقد كان السياق على أن يقال: (أياك أعبد وإياك أستعين اهدني الصراط المستقيم)، ولكن جاء في اشارات الإعجاز: والتكلم مع الغير في (نعبد) لوجوه ثلاثة:
أي نعبد نحن معاشر أعضاء وذرّات هذا العالم الصغير - وهو أنا - بالشكر العرفي الذي هو إطاعة كلٍ لما أُمر به ..
ونحن معاشر الموحّدين نعبدك باطاعة شريعتك ..
ونحن معاشر الكائنات نعبد شريعتك الكبرى الفطرية ونسجد بالحيرة والمحبة تحت عرش عظمتك وقدرتك.
وذهب الشعراوي رحمه الله إلى أن العبد يرى في نفسه قصور أمام الله تعالى فلا يجرؤ على الطلب منه بصورة منفردة بـ (أنا) فسأل بسؤال الجمع اتهاماً لنفسه، وجمعاً لنفسه مع المصلين عسى أن تنزل الرحمة لأحدهم فيشمل بها (هم القوم لا يشقى جليسهم).
2. قد يستشكل في الآية أيضا طلب الهداية ممن هو مهتد، إذ إن المصلي وغيره مهتدٍ في أصل فعله، فكيف يطلب العبد ما هو عنده أصلاً …
(يُتْبَعُ)
(/)
فيقال: هذا أسلوبٌ جميلٌ جداً في البيان القرآني استعمل في هذه السورة، يُجمعُ فيه بين معانٍ متعددة، كما في جملة (الحمد لله) التي (اختلف العلماء في أن جملة الحمد لله هل هي إخبار عن ثبوت الحمد لله أو هي إنشاء ثناء عليه إلى مذهبين، فذهب فريق إلى أنها خبر، وهؤلاء فريقان منهم من زعم أنها خبر باق على الخبرية ولا إشعار فيه بالإنشائية، وأورد عليه أن المتكلم بها لا يكون حامدا لله تعالى مع أن القصد أنه يثنى ويحمد الله تعالى، وأجيب بأن الخبر بثبوت الحمد له تعالى اعتراف بأنه موصوف بالجميل إذ الحمد هو عين الوصف بالجميل، ويكفي أن يحصل هذا الوصف من الناس وينقله المتكلم. ويمكن أن يجاب أيضا بأن المخبر داخل في عموم خبره عند الجمهور من أهل أصول الفقه. وأجيب أيضا بأن كون المتكلم حامدا قد يحصل بالالتزام من الخبر يريدون أنه لازم عرفي لان شأن الأمر الذي تضافر عليه الناس قديما أن يقتدي بهم فيه غيرهم من كل من علمه، فإخبار المتكلم بأنه علم ذلك يدل عرفا على أنه مقتد بهم في ذلك هذا وجه اللزوم، وقد خفي على كثير، أي فيكون مثل حصول لازم الفائدة من الخبر المقررة في علم المعاني، مثل قولك: سهرت الليلة وأنت تريد أنك علمت بسهره، فلا يلزم أن يكون ذلك إنشاء لأن التقدير على هذا القول أن المتكلم يخبر عن كونه حامدا كما يخبر عن كون جميع الناس حامدين فهي خبر لا إنشاء والمستفاد منها بطريق اللزوم معنى إخباري أيضا. ويرد على هذا التقدير أيضا أن حمد المتكلم يصير غير مقصود لذاته بل حاصلا بالتبع مع أن المقام مقام حمد المتكلم لا حمد غيره من الناس، وأجيب بأن المعنى المطابقي قد يؤتى به لأجل المعنى الالتزامي لأنه وسيلة له، ونظيره قولهم طويل النجاد والمراد طول القامة فإن طول النجاد أتى به ليدل على معنى طول القامة.
وذهب فريق ثان إلى أن جملة الحمد لله هي خبر لا محالة إلا أنه أريد منه الإنشاء مع اعتبار الخبرية كما يراد من الخبر إنشاء التحسر والتحزن في نحو) إني وضعتها أنثى (وقول جعفر بن علبة الحارثي هواي مع الركب اليمانين مصعد فيكون المقصد الأصلي هو الإنشاء ولكن العدول إلى الإخبار لما يتأتى بواسطة الإخبار من الدلالة على الاستغراق والاختصاص والدوام والثبات ووجه التلازم بين الإخبار عن حمد الناس وبين إنشاء الحمد واضح مما علمته في وجه التلازم على التقرير الأول، بل هو هنا أظهر لأن المخبر عن حمد الناس لله تعالى لا جرم أنه منشئ ثناء عليه بذلك، وكون المعنى الالتزامي في الكناية هو المقصود دون المعنى المطابقي أظهر منه في اعتبار الخبرية المحضة لما عهد في الكناية من أنها لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة الأصل معه، فدل على أن المعنى الأصلي إما غير مراد أو مراد تبعا لأن مع تدخل على المتبوع.
المذهب الثاني أن جملة الحمد لله إنشاء محض لا إشعار له بالخبرية، على أنها من الصيغ التي نقلتها العرب من الإخبار إلى إنشاء الثناء كما نقلت صيغ العقود وأفعال المدح والذم أي نقلا مع عدم إماتة المعنى الخبري في الاستعمال؛ فإنك قد تقول الحمد لله جوابا لمن قال: لمن الحمد؟ أو من أحمد؟. ولكن تعهد المعنى الأصلي ضعيف فيحتاج إلى القرينة. والحق الذي لا محيد عنه أن الحمد لله خبر مستعمل في الإنشاء فالقصد هو الإنشائية لا محالة، وعدل إلى الخبرية لتحمل جملة الحمد من الخصوصيات ما يناسب جلالة المحمود بها من الدلالة على الدوام والثبات والاستغراق والاختصاص والاهتمام، وشيء من ذلك لا يمكن حصوله بصيغة إنشاء نحو حمدا لله أو أحمد الله حمدا، ومما يدل على اعتبار العرب إياها إنشاء لا خبرا قول ذي الرمة:
ولما جرت في الجزل جريا كأنه سنا الفجر أحدثنا لخالقها شكرا
فعبر عن ذكر لفظ الحمد أو الشكر بالإحداث، والإحداث يرادف الإنشاء لغة فقوله أحدثنا خبر حكى به ما عبر عنه بالإحداث وهو حمده الواقع حين التهابها في الحطب)
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى مثل هذا جاءت جملة (اهدنا الصراط المستقيم) فهي لقائلها غير المهتدي باقيةٌ على أصلها في الطلب، ومن حيث كونه على الهداية تخرج إلى معنى طلب الاستمرار على الفعل لا تعني عدم وجوده أصلاً من حيث انعدام الفعل، إذ ورد فعل الأمر في قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله .. ) ومعلومٌ بالضرورة تقوى النبي لربه، ومثله قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا .. ) فقد أثبت الإيمان لهم من جهة وأمروا بفعله من جهةٍ أخرى، فدل على أن الأمر خرج إلى معنى طلب الاستمرار على الفعل، أو حصول الإيمان الأكمل؛ لذلك قال الطاهر بن عاشور: (ولا شك أن المطلوب بقوله (اهدنا) الملقن للمؤمنين هو ما يناسب حال الداعي بهذا إن كان باعتبار داع خاص أو طائفة خاصة عندما يقولون: اهدنا، أو هو أنواع الهداية على الجملة باعتبار توزيعها على من تأهل لها بحسب أهليته إن كان دعاء على لسان المؤمنين كلهم المخاطبين بالقرآن، وعلى كلا التقديرين فبعض أنواع الهداية مطلوب حصوله لمن لم يبلغ إليه، وبعضها مطلوب دوامه لمن كان حاصلا له خاصة أو لجميع الناس الحاصل لهم، وذلك كالهداية الحاصلة لنا قبل أن نسألها مثل غالب أنواع الجنس الأول.
وصيغة الطلب موضوعة لطلب حصول الماهية المطلوبة من فعل أو كف فإذا استعملت في طلب الدوام كان استعمالها مجازا نحو (يا أيها الذين آمنوا آمنوا) وذلك حيث لا يراد بها إلا طلب الدوام. وأما إذا استعملت في طلب الدوام للزيادة مما حصل بعضه ولم يحصل بعضه فهي مستعملة في معناها وهو طلب الحصول لأن الزيادة في مراتب الهداية مثلا تحصيل لمواد أخرى منها. ولما كان طلب الزيادة يستلزم طلب دوام ما حصل إذ لا تكاد تنفع الزيادة إذا انتقض الأصل كان استعمالها حينئذ في لازم المعنى مع المعنى فهو كناية. أما إذا قال اهدنا الصراط المستقيم من بلغ جميع مراتب الهداية ورقي إلى قمة غاياتها وهو النبي صلى الله عليه وسلم فإن دعاءه حينئذ يكون من استعمال اللفظ في مجاز معناه ويكون دعاؤه ذلك اقتباسا من الآية وليس عين المراد من الآية لأن المراد منها طلب الحصول بالمزيد مع طلب الدوام بطريقة الالتزام ولا محالة أن المقصود في الآية هو طلب الهداية الكاملة.
3.
قال الآلوسي في تفسيره لاستعمال (ذلك) وهو اسم إشارة للبعيد بدلاً من (هذا) وهو ما يقتضيه سياق الكلام في قوله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه): (وأغرب ما رأيناه في توجيه الإشارة أنها إلى الصراط المستقيم في (الفاتحة) كأنهم لما سألوا الهداية لذلك قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب، وهذا إن قبلته يتبين به وجه ارتباط سورة (البقرة) بسورة (الحمد) على أتمِّ وجه) (روح المعاني 1/ 105 - 106). وقد ذكر أبو حيان أنه سمعه من شيخه أبن الزبير الثقفي وقال (وهذا القول أولى لأنه إشارة إلى شئ سبق ذكره لا إلى شئ لم يجر له ذكر) (ينظر؛ البحر1/ 67، و النهر الماد 1/ 32).
فابتداء سورة البقرة بلفظ ((ذلك))، وفي السعة التعبير بـ ((هذا)) يحيل إلى افتراض وظيفة مرادة ما كانت لتحققها اللفظة المعدول عنها ((هذا))؛ وإلا لم يكن للعدول من داع وإن فسر اللفظ المعدول إليه بها، وليست المغايرة الأسلوبية ((التفنن)) علة للعدول هنا – وإن قيل بها علة للتعبير (ينظر: البرهان في علوم القرآن 1/ 124)؛ لأنها في كل المواضع المُعلَّلة بها تأتي في سياق مُغايِرَةٍ لأسلوبٍ متقدم، وجاءت هنا في بداية الكلام ولا مُغايَرَةَ ابتداءً. ومن سَبَرَ التعبير القرآني عَرَفَ أن العدول مرتبط على المستوى الوظيفي على الأقل بسياق السورة ككل، مما يقدِّم النصَّ وحدةً فنيةً متماسكةً، وسورةُ البقرة تفصيلٌ أوَّلٌ للأجمال الذي تقدَّمها في الفاتحة كما يقول السيوطي، فمدارُ سورة الفاتحة كان حَمْدَ اللهِ بصفاته وقدرته تقدُمةً لطلب الهداية المحدَّدة لا بصاحبها (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: من الآية7) حسب، وإنما به وبضده (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: من الآية7) الذين جاءت البقرة بيانا لأحوالهم، و (وَلا الضَّالِّينَ) (الفاتحة: من الآية7) وهم ما فصلت حالهم سورة آل عمران (ينظر: النبأ العظيم 198).
وأسأل الله أن يبارك عملك ويفتح عليك أخي الفاضل
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقد في قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Aug 2004, 12:47 ص]ـ
وهنا فائدة لطيفة وهي أن الفعل اهدنا تعدى بنفسه ولم يتعدى بحرف جر ليشمل جميع انواع الهداية فهو يسأل الله الهداية إلى الصراط والهداية في تفاصيله والثبات عليه فانت تلاحظ أنه لو تعدى بحرف إلى لم يفد إلا المعنى الأول ولو تعدى بحرف في لم يفد إلا المعنى الثاني ولو تعدى بعلى لأفاد المعنى الثالث بالتضمين ولكن تعدى بنفسه ليشمل هذه المعاني كلها.(/)
iهل لي بسؤالين؟
ـ[*أميرة بيتها*]ــــــــ[12 Aug 2004, 10:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤالان لو تكرمتم بالأجابة عليهما وهما:
1 - ما هي السورة التي ذكر فيها 13 من النبياء والمرسلين.
2 - من أول المهاجرات ألى المدينة هل هي ليلى بنت أبي حثمة العدوية أم أم سلمة بنت أي أمية؟
وجزاكم الله عني كل خير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Aug 2004, 11:06 م]ـ
السورة التي ذكر فيها ثلاثة عشر من الأنبياء هي سورة الأنبياء
وأول مهاجرة: أم سلمة رضي الله عنها
ـ[*أميرة بيتها*]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا أخي وجزاك الله عني كل خير.
ـ[*أميرة بيتها*]ــــــــ[15 Aug 2004, 08:25 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: *أميرة بيتها*
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا أخي وجزاك الله عني كل خير.
احتاج إلى التفصيل إذا سمحتوا ماهي السورة والأية التي ورد فيها ذكر ثلاثة عشر من الأنبياء الرسل؟
شكرا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Aug 2004, 10:43 م]ـ
كما تفضل أخي الشيخ أبو مجاهد العبيدي في جوابه أنها سورة الأنبياء.
فقد ذكر فيها من الأنبياء:
- موسى وهارون في الآية رقم 48
- إبراهيم في الآية رقم 51
- لوط في الآية رقم 71، 74
- إسحاق ويعقوب في الآية رقم 72
- نوح في الآية رقم 76
- داود وسليمان في الآية رقم 78
- أيوب في الآية رقم 83
- إسماعيل وإدريس وذو الكفل في الآية رقم 85
- يونس (ذو النون) في الآية رقم 87
- زكريا في الآية رقم 89
- يحيى في الآية رقم 90
- عيسى (وجعلناها وابنها آية للعالمين) في الآية رقم 91
والله أعلم.
ـ[*أميرة بيتها*]ــــــــ[18 Aug 2004, 09:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أشكركم على هذه الأفادة القيمة وجزاكم الله عني كل خير،وأحببت أن أفيدكم أن أول مهاجرة تدخل المدينة هي الصحابية الجليلة (ليلى بنت أبي حثمة العدوية) وتلقب بأول ضعينة تدخل المدينة وذلك بعد البحث في جوجل.
وأعذروني للأطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Aug 2004, 02:01 م]ـ
الأخت أميرة بيتها
يمكنك مراجعة الراوبط التالية، مع أن في المسألة خلافاً
http://www.khayma.com/alsahaba/list1/omsalama.HTML
http://www.khayma.com/alsahaba/list/first.HTML
ـ[*أميرة بيتها*]ــــــــ[19 Aug 2004, 10:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي أعذرني ولكن أحب دائما أن تكون معلومتي موثقة وقد أصبحت في حيرة من أمري عندما وجدت غجابتين فارجو منك أن تزور هذا الرابط ثم تعطيني رأيك الذي سيكون بعون الله فصل الخطاب
وما كان إلتجائي لكم إلا لأني أعرف بأنكم أكثر مني معرفة. وبالنسبة للسؤال الأخر فهل يعني هذا أنه لم تكن هناك أية واحدة جامعة لهذا العدد من الأنبياء والرسل.
وجزاكم الله عني كل خير.
http://www.muslema.com/muslema/article.php?sid=420
http://www.mknon.net/nesaa/youthrabbhen/nesa40.htm
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
آيات ووقفات (الحلقة السادسة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[13 Aug 2004, 12:53 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السادسة)
صراط الذين أنعمت عليهم
ننتقل الآن إلى معرفة جديدة، وصفة مجيدة، لأي صراط يريد ربنا أن نسلكه، وأي هدى يريدنا أن نتبعه، وأي سلوك يريدنا سلوكه، هل هو سلوك عبدة البقر، أو سلوك عبدة العجل، أو الساجدين لصنم العذراء مريم، او صنم المسيح، كما يزعمون، أو للصليب، أو للكاهن، أي صراط يا رب تريد أن نتبعه، هل هو سبيل عبدة بوذا، أو عبدة النار، أو عبدة الشمس، قال الله عز وجل (صراط الذين أنعمت عليهم) وهم النبيون والصديقون والصالحون، وقال وكيع هم المسلمون. الله أكبر آية واضحة المعالم، دقيقة اللفظ، محددة الهوية، آية توقظ القلوب، وتحفز الهمم، و تنور الأبصار، وتجلي الغشاوة، آية تدفع المرء للتنافس مع إخوانه كي يصل إلى ما وصل إليه هؤلاء، آية تحرك الإيمان، وتجعل صاحب القلب السليم يزيد يقيناً بفضل الله، والغافل تجعله يصحوا من غفلته، ويندم لخطيئته، لقد علمنّا الله في هذه الآية أن هناك سبيل واحد يقودنا لرضاه سبحانه وتعالى ألا وهو سبيل المؤمنين الموحدين العبادة لله وحده لا شريك له، وهم النبيون من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، ومن تبعهم وصدقهم واتبع منهجهم، أما الذين يعتقدون أن ما يسمى في عصرنا الحاضر مسيحيون (والحقيقة أن الله سماهم نصارى) لزعمهم إتباعهم للمسيح عيسى، فهم غير متبعي عيسى عليه الصلاة والسلام، والمسلمين هم حقيقة متبعي دين عيسى عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام كان يدعوا لعبادة الله الواحد الأحد، ولكن كتب النصارى حرفت، وعقيدتهم تبدلت، وسير أنبياء الله شوهت، حيث قالوا زعماً منهم أن عيسى هو أبن الله، وهذا زعم باطل، وعقيدة باطلة، وإشراك بالله، وطمس لحقيقة التوحيد، فهم مشركون بالله، حائدون عن الطريق القويم، والصراط المستقيم، قال تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وقال سبحانه يؤنب عيسى عليه السلام وهو سبحانه أعلم: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) فقال عيسى منكراً هذا الأمر (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم) وهذا بطبيعة الحال سيكون سؤالاً موجها لعيسى عليه السلام أمام تلك الملايين من البشر الذين أعدهم الله من أهل الظلال كما سيأتي في الآية القادمة. أما اليهود فهم الذين أفسدوا عقائد الناس، لحبهم للربا، وتمردهم وعصيانهم لأوامر الله، فكانوا يشوهون في توراتهم الرب عز وجل (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) وكانوا يشوهون سمعة الأنبياء، ويتهمونهم بالزنا والجرائم التي لا تليق بالناس الأسوياء فضلاً عن الأنبياء، فقد اتهموا مريم العذراء بالزنا، والقصة معروفة حين برأها الله بكلام أبنها عيسى في المهد، وقد قالوا عن نبي الله لوط أنه ضاجع ابنتيه بعدما شرب الخمر وسكر، ولا يزال الكثير يعتقد أن هذه آية من آيات الإنجيل، وهذا والعياذ بالله من الجهل وإلا كيف يليق أن يتكلم الرب بهذا الكلام، أو يصف أحد أنبيائه بهذه الصفة، ويؤمنون بقناعة وجود هذا، ولما أرادوا أن يخرج نبي الله الذي وعدهم ربهم بخروجه من مكة، زوجوا بناتهم للعرب في مكة، وجنوب الجزيرة، وفي المدينة المنورة وغيرها كي تأتي الرسالة مرة أخرى من بني إسرائيل، و يكون النبي من سلالتهم، ولكن الله نزع الرسالة منهم لعدم كفاءتهم، لها ولشدة إعراضهم عن أوامر الله، فكانت الرسالة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يأتي نسبه من إسماعيل أبن إبراهيم وأمه هاجر، ولم يأتي هذه المرة نبي من بشارة الله لإبراهيم وهو أبنه إسحق الذي ينحدر من سلالته كل اليهود، لذلك حقد اليهود على نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، حتى أتى المنافقين وعلى رأسهم عبد الله ابن أبي أبن سلول الذي أسلم نفاقاً، وحرف المفاهيم الإسلامية، حتى غلا في الخلافة فقال بفرضية وجوب أحقيتها لآل البيت حتى افترقت الأمة فأصبح سنة وشيعة، وتمزق الصف الإسلامي، وظهرت الفرق المختلفة، وتفرعت، ولكن بقي المؤمنون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أهل السنة والجماعة بقوا على الحق المبين، والصراط المستقيم.
الوقفات
1 - تعليم الرب لنبيه وأمة محمد التهذب في السؤال الموجه للرب سبحانه وتعالى، وهو الهداية للصراط المستقيم.
2 - تعليم الرب لنا عن طريق نبيه أوصاف الذين أنعم الله عليهم قال تعالى (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً) فهذه تفسر قوله تعالى أنعمت عليهم.
3 - تبين هذه الآية نعمة الله وفضله و هدايته لعباده الصالحين وحثهم على سلوك مسالكهم للنجاة يوم القيامة والخلود في الجنة.(/)
آيات ووقفات (الحلقة السابعة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[13 Aug 2004, 05:32 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السابعة)
غير المغضوب عليهم ولا الضالين
بعدما بين الله لنا صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وعرفنا أن لا نجاة لنا إلا بإتباع منهجهم، وسلوك مسلكهم، جاءت هذه الآية بالصفة الأخرى والجانب الثاني، النقيض تماماً لأهل الهدى والحق، فالمغضوب عليهم هم اليهود، فلم يتعظوا بالمواعظ، ولم يقروا بنعم الله عليهم، ولم يحترموا أنبيائهم، بل ظاهروهم بالعداء، وبارزوهم بالحرب، وجزوا رأسي نبي الله زكريا، وأبنه يحيى عليهما السلام، ولما نجا الله موسى من البحر ورأوا أناس يعبدون أصناماً لهم، سألوا موسى أن يجعل لهم آلهة مثلهم، وأرادوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسحره لبيد بن الأعصم بأثر من شعره ورماه بمشطه في بئر ذروان، وسممته اليهودية في ذراع الشاة الذي ظلت تلك الغدرة تضايقه عليه الصلاة والسلام حتى مات، وذلك ليموت عليه الصلاة والسلام شهيداً، ويكون قدوة لنا في الشهادة، تلك الأعمال وتلك السبل كانت سبباً في غضب الله على اليهود، وحل بهم ذلك الغضب لأسباب كثيرة سنجدها إن شاء الله في بقية السور، أما (الضالين) فهم النصارى الذين ضلوا عن دينهم، واتبعوا أهوائهم، فالكثير منهم يعرف أن دين الإسلام هو دين الحق، وأن محمد خاتم النبيين خصوصاً في زماننا هذا الذي كثرت فيه الكتب، والمعارف، واختلطت الشعوب ببعضها، وانتشر العلم في مجالات كثيرة، وأصبح الذي في المشرق يعرف ماذا يحدث في المغرب، عن طريق وسائل الإعلام، والكتب والاتصالات، ولكنهم أعرضوا عن كل ذلك تعصباً لتأريخهم الأسود، الذي جاء بالكوارث، والمصائب على المسلمين، فهم لا يرون أن يدخلوا دين الإسلام فهو يحرمهم من كبريائهم، وزعاماتهم، وشهواتهم، فالإسلام في نظر الكثير منهم عائقاً أمام الكثير من الشهوات التي يريدون أن يفصلوا بين دين الله وبين شئون الحياة فصلاً تاماً، فالربا يؤيدونه، والزنا لا حكم ولا حد على من فعله، واللواط حرية شخصية، وهناك المنظمات واللجان، والمحاكم التي تعقد الزواج للوطيين، نعوذ بالله من الضلال.
قال ابن كثير في معنى الآية: أي غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
الوقفات
1 - تقرير غضب الله على اليهود لتمردهم على أوامر الله وقتل أنبياءه.
2 - التحذير من سلوك أو إتباع نهج اليهود والنصارى، ولقد جاء في آيات عدة حرصهم على إضلالنا كقوله تعالى (وودوا لو تكفرون) وقال سبحانه (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم) وقال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فهذه الآيات تكشف لنا مكائدهم وإراداتهم الحثيثة على إفساد عقيدتنا النقية الصحيحة.
3 - تقرير ضلال النصارى فاليهود عرفوا الحق وعدلوا عنه، والنصارى ضلوا الطريق وجهلوه لكنهم لا يعذرون الآن مع الانفتاح العالمي، وثورة الاتصالات، وتواصل الشعوب، وانتشار وسائل الإعلام، فأصبحت تلك الوسائل كلها حجة عليهم، لأن فيها إشارات وبرامج، ومواقع دينية بلغات مختلفة تنشر دين الإسلام.
4 - الحق هو ما جاء به الأنبياء كلهم، ولكن اليهود هم من تسبب في إلحاق التحريف في التوراة والإنجيل، ففسدت عقائدهم، وحفظ الله القرآن الكريم.(/)
أرجو مساعدة طلاب العلم في آيات صفة اليد للرحمن
ـ[أبو هنّاد]ــــــــ[13 Aug 2004, 03:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني طلبة العلم، بداية أحبكم في الله
أرجو منكم أن تساعدوني في الحصول على بحث (صغير) عن آيات صفات اليد للرحمن، فكما تعلمون أن عقيدتنا (عقيدة أهل السنة والجماعة) أن نثبت لله ما أثبته لنفسه، وما أثبته له محمد صلى الله عليه وسلم، ومن جملة تلك الصفات، صفة اليد، وهناك آيان في القرآن تدل على ذلك، ولكن هناك آيات في القرآن يكون تفسيرها غير اليد، كقوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) فتفسير (بأيد) هنا جاء بمعنى القوة ..
حينها يقول بعض الناس (هداهم الله) كيف تأولون هذه الآية، ولا تأولون الآيات الأخر؟!
فأردت أن تساعدوني بإرشادي على بحث أو شيء من علم في هذا الموضوع
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Aug 2004, 05:15 م]ـ
تفضل هذه الروابط ففيها مسائل متعلقة بما سألت عنه وفقك الله:
http://www.binbaz.org.sa/display.asp?f=bz00357n
http://audio.islamweb.net/islamweb/index.cfm?fuseaction=ReadContent&AudioID=14172#191
http://www.dorar.net/titles.asp?section_id=233&book_id=9
وهذا شرح مفصل لصفة اليدين لله تعالى للشيخ ابن عثيمين
http://www.binothaimeen.com/modules.php?name=Newss&file=article&sid=1787(/)
تفسير سورة الإخلاص للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ـ[إمداد]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:13 ص]ـ
سورة الإخلاص
(السورة): هي عبارة عن آيات من كتاب الله مسورة، أي منفصلة عما قبلها وعما بعدها، كالبناء الذي أحاط به السور.
إخلاص الشيء، بمعنى: تنقيته، يعني: التي نقيت ولم يشبهها شيء وسميت بذلك، قيل: لأنها تتضمن الإخلاص لله عز وجل، وأن من آمن بها، فهو مخلص فتكون بمعنى مخلصة لقارئها، أي أن الإنسان إذا قرأها مؤمناً بها، فقد أخلص لله عز وجل وقيل لأنها مخلصة ـ بفتح اللام ـ، لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فلم يذكر فيها شيئاً من الأحكام ولا شيئاً من الأخبار عن غيره، بل هي أخبار خاصة بالله والوجهان صحيحان، ولا منافاة بينهما.
الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ ". فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: "الله الواحد الصمد ثلث القرآن") فهذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، وذلك كما ثبت عن النبي r أن: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل، فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال هذا الذكر عشر مرات؟ فنقول: لا يجزئ. أما في الجزاء، فتعدل هذا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء. ولهذا، لو قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات، لم تجزئه عن قراءة الفاتحة.
قال العلماء: ووجه كونها تعدل ثلث القرآن: أن مباحث القرآن خبر عن الله وخبر عن المخلوقات، وأحكام، فهذه ثلاثة:
1 - خبر عن الله: قالوا: إن سورة:] قل هو الله أحد [تتضمنه.
2 - خبر عن المخلوقات، كالإخبار عن الأمم السابقة، والإخبار عن الحوادث الحاضرة، وعن الحوادث المستقبلة.
3 - والثالث: أحكام، مثل: أقيموا، آتوا، لا تشركوا .. وما أشبه ذلك.
وهذا هو أ حسمن ما قيل في كونها تعدل ثلث القرآن.
حيث يقول] قل هوالله أحد الله الصمد
] قل [: الخطاب لكل من يصح خطابه.
وسبب نزول هذه السورة: أن المشركين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة وقيل: بل اليهود هم الذين زعموا أن الله خلق من كذا ومن كذا مما يقولون من المواد، فأنزل الله هذه السورة سواء صح السبب أم لم يصح، فعلينا إذا سئلنا أي سؤال عن الله أن نقول
] هو [: ضمير وأين مرجعه؟ قيل: إن مرجعه المسؤول عنه، كأنه يقول: الذي سألتم عنه الله وقيل: هو ضمير الشأن و] الله [: مبتدأ ثان و] أحد [: خبر المبتدأ الثاني، وعلى الوجه الأول تكون] هو [: مبتدأ،] الله [خبر المبتدأ،] أحد [: خبر ثان.
] الله [: هو العلم على ذات الله، المختص بالله عز وجل، لا يتسمى به غيره وكل ما يأتي بعده من أسماء الله فهو تابع له إلا نادراً، ومعنى] الله [: الإله، وإله بمعنى مألوه أي: معبود، لكن حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وكما في (الناس)، وأصلها: الأناس، وكما في: هذا خير من هذا، وأصله: أخير من هذا لكن لكثرة الاستعمال حذفت الهمزة، فالله عز وجل] أحد [.
] أحد [: لا تأتي إلا في النفي غالباً أو في الإثبات في أيام الأسبوع، يقال: الأحد، الاثنين .. لكن تأتي في الإثبات موصوفاً بها الرب عز وجل لأنه سبحانه وتعالى أحد، أي: متوحد فيما يختص به في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله،] أحد [، لا ثاني له ولا نظير له ولا ند له.
] الله الصمد [: هذه جملة مستأنفة بعد أن ذكر الأحدية ذكر الصمدية، وأتى بها بجملة معرفة في طرفيها، لإفادة الحصر، أي: الله وحده الصمد.
فما معنى الصمد؟
قيل: إن] الصمد [: هو الكامل، في علمه في قدرته، في حكمته، في عزته، في سؤدده، في كل صفاته. وقيل:] الصمد [: الذي لا جوف له، يعني لا أمعاء ولا بطن، ولهذا قيل: الملائكة صمد، لأنهم ليس لهم أجواف، لا يأكلون ولا يشربون. هذا المعنى روي عن ابن عباس رضي الله عنهماولا ينافي المعنى الأول، لأنه يدل على غناه بنفسه عن جميع خلقه، وقيل] الصمد [يمعنى المفعول، أي: المصمود إليه، أي الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، بمعنى: تميل إليه وتنتهي إليه وترفع إليه حوائجها، فهو بمعنى الذي يحتاج إليه كل أحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الأقاويل لا ينافي بعضها بعضاً فيما يتعلق بالله عز وجل، ولهذا نقول: إن المعاني كلها ثابتة، لعدم المنافاة فيما بينها.
ونفسره بتفسير جامع فنقول:] الصمد [: هو الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته، فهي صامدة إليه.
وحينئذ يتبين لك المعنى العظيم في كلمة] الصمد [: أنه مستغن عن كل ما سواه، كامل في كل ما يوصف به، وأن جميع ما سواه مفتقر إليه.
فلو قال لك قائل: إن الله استوى على العرش، هل استواؤه على العرش بمعنى أنه مفتقر إلى العرش بحيث لو أزيل لسقط؟ فالجواب: لا، كلا، لأن الله صمد كامل غير محتاج إلى العرش، بل العرش والسماوات والكرسي والمخلوقات كلها محتاجة إلى الله، والله في غنى عنها فنأخذه من كلمة] الصمد [.
لو قال قائل: هل الله يأكل أو يشرب؟ أقول: كلا، لأن الله صمد.
وبهذا نعرف أن] الصمد [كلمة جامعة لجميع صفات الكمال لله وجامعة لجميع صفات النقص في المخلوقات وأنها محتاجة إلى الله عز وجل.
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد [هذا تأكيد للصمدية والوحدانية، وقلنا: توكيد، لأننا نفهم هذا مما سبق فيكون ذكره توكيداً لمعنى ما سبق وتقريراً له، فهو لأحديته وصمديته لم يلد، لأن الولد يكون على مثل الوالد في الخلقة، في الصفة وحتى الشبه.
لما جاء مجزز المدلجي إلى زيد بن حارثة وابنه أسامة، وهما ملتحفان برداء، قد بدت أقدامها، نظر إلى القدمين. فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض فعرف ذلك بالشبه.
فلكمال أحديته وكمال صمديته] لم يلد [والوالد محتاج إلى الولد بالخدمة والنفقة ويعينه عند العجز ويبقي نسله.
] ولم يولد [، لأنه لو ولد، لكان مسبوقاً بوالد مع أنه جل وعلا هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الخالق وما سواه مخلوق، فكيف يولد؟
وإنكار أنه ولد أبلغ في العقول من إنكار أنه والد ولهذا لم يدع أحد أن لله والداً.
وقد نفى الله هذا وهذا وبدأ بنفي الولد، لأهمية الرد على مدعيه بل قال:] ما اتخذ الله من ولد [[المؤمنون: 91]، حتى ولو بالتسمي، فهو لم يلد ولم يتخذ ولداً، بنو آدم قد يتخذ الإنسان منهم ولداً وهو لم يلده بالتبني أو بالولاية أو بغير ذلك، وإن كان التبني غير مشروع، أما الله عز وجل، فلم يلد ولم يولد، ولما كان يرد على الذهن فرض أن يكون الشيء لا والداً ولا مولوداً لكنه متولد، نفى هذا الوهم الذي قد يرد، فقال:] ولم يكن له كفواً أحد [، وإذا انتفى أن يكون له كفواً أحد، لزم أن لا يكون متولداً] ولم يكن له كفواً أحد [، أي: لا يكافئه أحد في جميع صفاته.
في هذه السورة: صفات ثبوتية وصفات سلبية:
الصفات الثبوتية:] الله [التي تتضمن الألوهية،] أحد [تتضمن الأحدية] الصمد [تتضمن الصمدية.
والصفات السلبية:] لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد [.
ثلاثة إثبات، وثلاث نفي وهذا النفي يتضمن من الإثبات كمال الأحدية والصمدية.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[14 Aug 2004, 04:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي (امداد)
ومن هنا يمكن تحميل الفاتحة - البقرة المجلد الأول - ( http://www.binothaimeen.com/soft/TafseerAlquran1.exe) من موقع الشيخ رحمه الله.
شكراً لك مرة أخرى , وآسف إن كنت تطاولت على موضوعك , ولكن توقعت أن يكون من طلاب العلم من يود الإحتفاظ بنسخة من هذا التفسير في جهازة فأحببت أن أضع هذا الرابط.
علماً أن كتب التفسير في موقع الشيخ تراجع الآن ولم يصدر منها الا هذا الجزأ و عند أنتهاء المراجعة سنوافيكم بذالك - إن شاء الله -.
ـ[إمداد]ــــــــ[14 Aug 2004, 11:50 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة وقد نقلت تفسير السورة من شرح العقيدة الواسطية للشيخ رحمه الله وكذلك تفسير اية الكرسي(/)
دراسة اختلاف بنية المفردة القرآنية (1):
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:15 ص]ـ
دراسة اختلاف بنية المفردة القرآنية:
أولاً: المفردة بين الاسمية والفعلية:
من الظواهر الأسلوبية اللافتة في البيان القرآني هذا الملحظ الدقيق من فروق الدلالات عند استخدام صيغ الأفعال والمشتقات تُصوِّر المشاهِد وتستحضِر الأحداث كأنما تراها العين وتسمعها الأذن ..... (1)، وكلُّ من اعتمد التفرقة بين الاسم والفعل دلالياً أعتمد كلمات الجرجاني: (إنّ موضوع الاسم يثبُتُ به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجدّده شيئاً بعد شيء وأمَّا الفعل فموضوعه على أن يقتضي تجدد المعنى المثبت به شيئاً بعد شيء ... ) (2)، فإذا ما أردت الدلالة على الحدوث جئت بجملة مسندها فعل تقدَّم الفعل أو تأخر وإذا أردت الدلالة على الثبوت جئت بجملة مسندها اسم ... (3)، واستخدامها مع ثبوت الفرق وأن المعنى مع أحدهما غيره مع الآخر (4).
على أن يُراعى في مثل هذا الاعتبار، سياق الجملة الطبيعي أي أن تبدأ الجملة الفعلية بالمسند (أي الفعل) ثم المسند إليه (الفاعل) والاسمية بالمسند إليه يليه المسند (اسماً كان أم فعلاً) (5)، ولا عبرة بموقع المسند، فعلاً كان أم اسماً، من الجملة كما ذهب بعض المحدثين (6)، وقد رفضه الكثير من المحدثين (7) واعترض الدكتور إبراهيم السامرائي على دلالة التجدد في مثل (مات محمد) و (هلك خالد ... ) إذ كلُّها أحداث منقطعة لم يكن لنا أن نجريها على التجدد وذكر بأنه ربما فات الأستاذ المخزومي شيء في مقالة الجرجاني، هو أنَّ المثال الذي جاء فيها كان الفعل فيه (ينطلق) وبناء (يفعل) أو المضارع يفيد التجدد والحدوث (8) وقد نوقش هذا الرأي قديماً فالمراد بالتجدد في الماضي الحصول وفي المضارع أنَّ من شأنه أن يتكرَّر ويقع مرَّةً بعد أخرى صرّح بذلك جماعة (9) واللطيف في الفرق بين دلالة الفعل والاسم هو الاستخدام الخاص في القرآن لهما فسبيل الواجبات في القرآن (الإتيان بالمصدر مرفوعاً كقوله تعالى: (فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ) (البقرة: 229)، وقوله: (فاتباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسان) (البقرة: 178) وسبيل المندوبات الإتيان به منصوباً كقوله تعالى: (فضربَ الرقابِ) (محمد: 4)؛ ولهذا اختلفوا هل كانت الوصية للزوجات واجبة لاختلاف القراءة في قوله تعالى: (وصية لأزواجهم) بالرفع والنصب. قال أبو حيان والأصل في هذه التفرقة قوله تعالى: (قالوا سلاماً قال سلامٌ) (الذاريات: 25) فإنَّ الأوّل مندوب والثاني واجب (10)، والنكتة في ذلك أن الجملة الاسمية أثبت وآكد من الفعلية) (11)، وقد أفاد التعبير القرآني من هذه الظاهرة الأسلوبية فاستخدمها في عدة أساليب ليحقق بذلك الاستخدام الأمثل وحسب حاجة السياق وعلى الشكل التالي:
1 - فرّق في استخدامها معاً في الإثبات:
قال تعالى: (أو لم يروا إلى الطيرِ فوقهم صافّات ويقبضن) (الملك: 19) فقد جيء في وصف الطير بـ (صافات) بصيغة الاسم لأنّ الصف هو الأكثر في أحوالها عند الطيران فناسبه الاسم الدال على الثبوت وجيء في وصفهنَّ بالقبض بصفة المضارع لدلالة الفعل على التجدد … ونظيره قوله تعالى في الجبال والطير: (يسبحن بالعشي والإشراق والطيرَ محشورة) (ص: 18،19) لأن التسبيح في وقتين والطير محشورة دائماً (12)، فالأصل في الطيران هو صفّ الأجنحة مشبهاً الطيران في الهواء كالسباحة في الماء والأصل مدّ الأطراف وبسطها والقبض طارئ فجيء بما هو طارئ غير أصلٍ بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات ويكون منهن القبض تارة كما هو كائن من السابح كما قال الزمخشري (13)، واختاره الكثير من المحدثين (14)، ويجب أن لا يفهم من هذا الكلام أن الأصلية والفرعية في الأحوال قد فُهمت من اختلاف البنية بين الاسمية والفعلية، وإنما أفاد التعبير من التقديم والتأخير في الوصف، وإلا فالبنية لا تدلّ إلا على التجدّد أو الثبوت لا غير. ومما يندرج تحت هذا المبحث قوله تعالى: (ويلٌ لكل همزةٍ لمزةٍ) (الهمزة: 1) فالإخبار بالرفع إيذان بالاسمية ليكون بذلك العذاب بلا انقطاع ولو كانت الجملة فعلية لدلّ على عدم ثبات العذاب لذلك قال تعالى في نهاية السورة: (إنها عليهم مؤصدة في عمدٍ ممدة) (الهمزة
(يُتْبَعُ)
(/)
: 8 - 9) بالاسمية لأن أبوابها مغلقة عليهم لا تفتح إشارة إلى دوام العذاب (15)، كذلك في قوله تعالى: (الذي هم فيه مختلفون) (النبأ: 3) فقد جيء بالجملة الاسمية في صلة الموصول دون أن يقول: الذي يختلفون فيه أو نحو ذلك لتفيد الجملة الاسمية أن الاختلاف في أمر هذا النبأ متمكن منهم ودائم فيهم لدلالة الجملة الاسمية على الدوام والثبوت (16)؛ لذلك كان وصف الله تعالى، وعلى الأغلب بالاسم دون الفعل لاتصافه تعالى بصفاته على الثبوت دون التغير إلا فيما يكون تعالى متصفاً به على المقابلة بالجزاء فيكون بالفعل دون الاسم لأنه اتصافٌ بمقتضى التقابل كقوله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله) (الأنفال: 30). كما في سورة البقرة ( ... قالوا إنما نحن مستهزؤن الله يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم ... ) (البقرة: 15) لذلك لا يصحّ وصفه تعالى بالمكر وما إلى ذلك من صفات جيء بها على التقابل.
2 - فرّق في استخدامها في سياق النفي:
قال تعالى: (لا هنّ حِلٌ لهم، ولا هم يحلون لَهنَّ) (الممتحنة: 10)، فالجملة الأولى لبيان الفُرقة الثابتة وتحقق زوال النكاح الأول والثانية لبيان الامتناع فيما يستأنف ويستقبل من النكاح ويشعر بذلك التعبير بالاسم في الأولى والفعل في الثانية (17)، ووجه الاختلاف أن الصفة المشبهة أُسندت إلى ضمير المؤمنات في الجملة الأولى إعلاماً بأن هذا الحكم يعني نفي الحل ثابت فيهن لا يجوز فيه الإخلال والتغيير من جانبهن، وأسند الفعل إلى ضمير الكفار إيذاناً بأن ذلك الحكم مستمر الامتناع في الأزمنة المستقبلة لكنه قابل للتغيير باستبدال الهدى بالضلال، وجُوّزَ أن يكون ذلك تكريراً للتأكيد والمبالغة في الحرمة وقطع العلاقة ... ولعل الأول أولى (18)، وغالباً ما يجيء في سياق النفي الفعل خاصةً في الدعاء كقوله تعالى: (ربنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا ... ) (الممتحنة:5) لكي لا يتحقق ذلك في أي وقت وكذلك في وصف طعام النار (لا يسمن ولا يغني من جوع) (الغاشية: 7)؛ لينفي بذلك الإغناء في أي وقت وكذلك (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يومَ القيامة يفصل بينكم …) (الممتحنة: 3).
3 - معاملة المضمر منها معاملة المظهر:
قال تعالى: ( ... قالوا سلاماً قال سلامٌ ... ) (الذاريات: 25) قال السيوطي و (مُضْمَرُ الفعل فيما ذُكِرَ كمظهره ولهذا قالوا إنّ سلام الخليل أبلغ من سلام الملائكة .. ) (19)، فالمقدَّر (أسماً أو فعلاً) معتبر من حيث الثبوت والتجدد كما درج المفسرون لهذه الآية عليه، فقد فرّق سبحانه بين السلامين، وتقدير الآية: قالوا نسلِّم سلاماً، أي: بتقدير فعل، وقوله: سلامٌ، أي: سلامٌ عليكم، أي: بتقدير اسم، وهو أثبت وأقوى من الفعل؛ وبذلك تكون تحيته خيراً من تحيتهم (20) وهذا ما جاء عليه الأمر في القرآن (وإذا حييتم بتحيةٍ فحيّوا بأحسن منها أو ردوها …) (النساء:86).
4 - الجمع بين الأسلوبين لتكاملٍ دلالي:
قال تعالى: (وما خلقت الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون) (الذاريات: 56) إن تعبير (ليعبدون) يتكون من لام (جارة)، وأن (مصدرية ناصبة) يعبدون (فعل مضارع منصوب)، وأن والفعل المضارع في تأويل مصدر مقدّر فهل يُتعامَل مع هذا التعبير على أنه فعل كما هو اللفظ في الآية أم على أنه اسم (فيما يؤول إليه الفعل مع أن)، وكان سيبويه يتعامل مع (أن + الفعل) على أنه اسم ولا عمل فيه إذ يقول متحدِّثاً عن تعبير (تقول: أذكَرٌ أن تَلدَ ناقتُك أحبّ إليك أم أنثى، كأنه قال: أذكرٌ نتاجها أحبُّ إليك أم أنثى فـ (أن تلدَ) اسمٌ و (تلدَ) به يتم الاسم كما يتم (الذي) بالفعل، فلا عمَلَ له هنا كما ليس يكون لصلة (الذي) عمل) (21) إذ لولا اعتبار الاسمية لما جاز دخول اللام، وهي حرف جر، على الفعل والمصدر المؤول هنا ليس مما افتُرض حالةً نحويةً؛ لإتمام قاعدة أو إسباغٍ تمامٍ على فرضٍ قياسي، وإنما هو تقدير له حضوره في الجملة بدليل دخول حرف الجر كما سبق، وبهذا يتعين القصد من إرادة الاسمية في التعبير، غير أن الاتجاه التحليلي يبقي مسألة العدول من نمطٍ إلى آخر ضمن الأسئلة التي يتحتم الإجابة عليها وبهذا ندرك أنه لابد للمُستعمل في التعبير - معدولاً إليه من غيره - من سمةٍ أسلوبية قصد إليها
(يُتْبَعُ)
(/)
تضمناً لتحقيق ملمحٍ خاصٍ ما كان ليحقق لولا هذا العدول وعليه فأن الأسلوب الأفضل في تحليل مثل هذا التركيب هو الإشارة إلى القصدية المشتركة كما يُتعامل معها نحوياً مما يحقق تكاملاً على نطاق التوحيد المُتَحَدَّث عنه هنا على اعتبار إرادة الدوام والثبات والملازمة باعتبار اسمية التركيب، والتجدّد باعتبار فعلية المفردة، وهذه هي الغاية القصوى في الإيجاز الذي يمثل الصورة الأوضح للإعجاز.
وقد وجدت (العسكري) قد ألمح إلى قريب هذا إذ قال بالاشتراك لما فرق بين (لا يغفر أن يشرك به) وبين (لا يغفر الشرك به) من جهة أن المصدر لا يدلُّ على زمانٍ وأن يفعل (أي الفعل) يدلّ على زمانٍ ففي قولك (إنّ) مع (الفعل) زيادة ليست في الفعل (22).
ولعل من نافلة القول بعد نقل ما قال العسكري أن أقول: إن هذا التفنن في الأسلوب ليس بالغريب عن القرآن فقد جاء مثل هذا في قوله تعالى: (الذين هم على صلواتهم يحافظون) (المعارج: 22) وقوله تعالى: (الذين هم على صلاتهم دائمون) (المؤمنون: 9) فعبَّر مرّة بالفعل ومرة بالاسم؛ لقصد المعنيين، ولن يبقى من هذا التعجب لهذا الأسلوب لدقة التعبير مثل ما سيكون عند دراسة التقابل في استخدام هذا الأسلوب مما يحقق التقابل الدلالي في الاستخدام كما في النقطة التالية.
5 - التقابل الدلالي في الاستخدام:
قال تعالى: (قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابدٌ ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين) (الكافرون) فقد قابل تعالى في نفيه العبادة بين رسوله (صلى الله عليه وسلم) وبين المشركين بين أربع جمل، نفى في اثنين منها عبادة ما يعبدون عن رسوله (صلى الله عليه وسلم) بالصيغة الفعلية (لا أعبد ما تعبدون) والاسمية (ولا أنا عابد ما عبدتم) وبالفعلين المضارع (تعبدون) والماضي (عبدتم)، في حين نفى العبادة الحقة عن الكافرين بصيغة واحدة مرتين هي الصيغة الاسمية (ولا أنتم عابدون ما أعبد)، وبهذا التناسق البديع تحقق الكمال في عبادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) (23)، فقوله: (لا أعبد ما تعبدون) من الآلهة والأوثان الآن، وقوله: (ولا أنا عابد) ذلك فيما استقبل (24)، ولو اقتصر على الفعل لكان الأمر حادثاً قد يزول ولو اقتصر على الاسم؛ لقيل: إنَّ الوصف قد يُفارق صاحبه أحياناً بل معناه أنّه على غالب الحال فالحليم قد يغضب … وبذلك دلت الصيغة الفعلية على الحدوث الدائم والاسمية على الثبات، وجيء بالمضارع والماضي لاستغراق الماضي والحال والاستقبال ليُعْلَمَ بذلك براءته في كل حالٍ وزمان (25)، فيكون بالفعل قد نفى الفعلَ، وبالاسم قد نفى قبولَه لذلك بالكلية؛ لأنّ النفي بالاسمية آكد فكأنه نفى الفعل وكونه قابلاً لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضاً (26).
في حين وصف الكفار بالصيغة الاسمية في النفي فقط لما في أمرهم من الثبات على عبادة ما دون الله تعالى فنفى عنهم عبادة الله تعالى على وجه الثبات (27) فيما يستقبلون أبداً وإنما قيل ذلك لأن الخطاب من الله لرسوله في أشخاص بأعينهم من المشركين قد علم بأنهم لا يؤمنون أبداً وسبق لهم ذلك في السابق من علمه فأمر نبيه أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه وحدثوا به أنفسهم وآيس نبي الله (صلى الله عليه وسلم) من الطمع في إيمانهم ... (28).
ومن ذلك قوله تعالى: (أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ... أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون .. أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون .. أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤن. .) (الواقعة: 59 - 72) فالاستفهام هنا إنكاري وكل ما سئل عنه مضافاً إلى البشر جاء على صيغة الفعل (تخلقونه، تزرعونه، أنزلتموه، أنشأتم) وفي المقابل جاء الفعل منسوباً إلى الله تعالى بصيغة الاسم (الخالقون، الزارعون، المنزلون، المنشؤون) فيكون بذلك قد نفى عنهم كل هذه الأفعال في كل وقت وأثبتها لنفسه بصيغة الاسم، وأسلوب التقابل من أروع الأساليب التي تُنبيء عن دقةٍ في الاستخدام ما بعدها دقة قال تعالى: (فيهما عينان تجريان ... فيهما عينان نضاختان) (الرحمن: 50، 66) وهذا من أروع التقابل فقد عبر بالفعل عن الجريان وفي ذلك ملحظ دقيق وهو أن الماء قد يتوقف عن
(يُتْبَعُ)
(/)
الجريان فَنوسب أن يجاء بالفعل الدال على التكرار معه.
والذي يناسب حركته المستمرة، أما التدفق الذي هو (النضخ) فيلائمه الاسم الدال على الاستمرارية والثبات وكأنه لم ينقص أو يتوقف بل مستمر بالتدفق.
الحواشي:
1) مشاهد في القرآن 400.
2) دلائل الإعجاز 122، وينظر: نهاية الإيجاز 75، والإيضاح 1/ 78، وحاشية يس 1/ 173 والتراكيب النحوية 96 – 98.
3) ينظر: معاني النحو 1/ 16.
4) ينظر: التراكيب النحوية 98.
5) ينظر: نهاية الإيجاز 75، والمفتاح 131 – 132.
6) مثل الدكتور المخزومي ينظر: النحو العربي (نقد وتوجيه) 41، والأستاذ إبراهيم مصطفى في إحياء النحو 55 – 56، والجواري في نحو التيسير 123 – 124.
7) ينظر: دراسات قرآنية في جزء عم 192 – 195، وفي بناء الجملة العربية 49 – 50.
8) ينظر: الفعل زمانه وأبنيته 204 – 205.
9) ينظر: الإتقان 1/ 339، والسبكي في عروس الأفراح 2/ 28، ينظر الصورة البلاغية عند السبكي 95.
10) ينظر: البحر المحيط 8/ 138.
11) الإتقان 1/ 340.
12) ينظر: التحرير والتنوير 29/ 39.
13) ينظر: الكشاف 4/ 138، وتفسير الرازي 30/ 70، والبحر المحيط 8/ 302.
14) ينظر معاني الأبنية 12، وتفسير جزء تبارك 18، والمشاهد في القرآن 134.
15) ينظر: التعبير القرآني 34.
16) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 11.
17) ينظر: روح المعاني 28/ 76، وتفسير البيضاوي 2/ 487.
18) ينظر: روح المعاني 28/ 76. نقلاً عن الطيبي.
19) الإتقان 1/ 340.
20) ينظر: الكشاف 4/ 17، وتفسير الرازي 28/ 212، وتفسير البيضاوي 2/ 429، وبدائع الفوائد 2/ 157، ومعاني الأبنية 15، والتعبير القرآني 33.
21) الكتاب 1/ 131 – 132.
22) ينظر: الفروق في اللغة 205.
23) ينظر التعبير القرآني 29 – 30.
24) ينظر: تفسير الطبري 30/ 213، وتفسير القاسمي 17/ 6281.
25) ينظر: التعبير القرآني 29/ 30.
26) ينظر: تفسير القاسمي 17/ 6282 مما نقله ابن كثير عن ابن تيميه وقال عنه: وهو قول حسن.
27) ينظر: التعبير القرآني 29 – 30.
28) ينظر: تفسير الطبري 30/ 213 – 214، وينظر: تفسير القاسمي 17/ 6281. [
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقد في قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Aug 2004, 01:25 م]ـ
تحية وتقدير على هذا البحث القيم وإلى الأمام يا دكتور عامر. وأدعو الإخوة الكرام للانتفاع بهذه الحلقات ومناقشتها لتعم الفائدة. وجزى الله القائمين على هذا الملتقى خيراً.
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:32 م]ـ
جزاكم الله خيرًا، بحث قيم؛ لا حرمنا الله من فوائدكم.(/)
سؤال عن قصيدة الشاطبي الرائية؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[14 Aug 2004, 06:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي في الله ... سبق وأن طرحت سؤالا في هذا الملتقى عن شروح الشاطبي .. رحمه الله
وقد أجابني الشيخ عبدالرحمن عما يخص اللامية من شروح .............. فهل أجد عندكم مايخص الرائية .. ؟؟؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Aug 2004, 05:19 م]ـ
للشاطبي أخي الكريم قصيدتان رائيتان. وهما:
- (ناظمة الزهر) وهي في تبيان فواصل الآيات ونهاياتها ومبادئها، مع ذكر عدد آي كل سورة. وتفاصيل ذلك من علم العد. وعد أبياتها 297 بيتاً.
- (عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد) وهي قصيدة رائية من البحر البسيط، رويها الراء بعدها ألف الإطلاق.
وإذا أطلق قول: (رائية الشاطبي) فالمقصود به هذه القصيدة (عقيلة أتراب القصائد) دون (ناظمة الزهر).
وهذه العقيلة عدد أبياتها 298 بيتاً فتزيد على (ناظمة الزهر) بيتاً واخداً. وموضوع الرائية هو رسم المصاحف العثمانية.
نسخ عقيلة أتراب القصائد المطبوعة:- طبعة مكتبة مصطفى البابي الحلبي سنة 1368هـ.
- طبعة المكتبة الإمدادية بمكة المكرمة، ومكتبة صوت القرآن بديوبند بالهند، وهي ضمن كتاب (إتحاف البررة بالمتون العشرة) بتحقيق أبي الحسن الأعظمي من ص 317 - 341
نسخ عقيلة أتراب القصائد المخطوطة:
توجد نسخ مخطوطة كثيرة جداً مبثوثة في خزائن ومكتبات العالم كله. ولو رجعت لفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية بدمشق - علوم القرآن ص 375 - 376
فهرس المخطوطات والمصورات بجامعة الإمام بالرياض ص 120 - 122
معجم مصنفات القرآن الكريم لشواخ 4/ 107
وفقك الله لكل خير.(/)
أصوات القلقلة بين المتقدمين والمتأخرين
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[15 Aug 2004, 02:41 ص]ـ
{أصوات حروف القلقلة}
بين المتقدمين والمتأخرين
1. مدخل لمبحث أصوات القلقلة
2. العناية بكيفية نطق أصوات الحركات
3. أصوات الحروف المتحركة والسواكن
4. مشتقات القلقلة في لغة المعاجم العربية
5. أسماء أصوات القلقلة المبثوثة في الكتب
6. الخلاف في عدد أصوات أحرف القلقلة
7. تعريف أصوات القلقلة عند المجودين
8. التعريف بالأصوات الشديدة حبيسة الصوت
9. القلقلة من صفات الأصوات المحسٍّنة
10. لماذا قلقلة العرب هذه الأحرف خاصة
11. لماذا لم تقلقل العرب الألف والتاء والكاف
12. كيفية حدوث صوت القلقلة في جهاز النطق
13. خلاف العلماء في القلقلة وصلا ووقفا أم وقفا فقط
14. لا عمل للشفتين مع أصوات القلقلة إلا الباء
15. أصوات القلقلة بين المتقدمين والمتأخرين
16. هل الحرف المتحرك فيه أصل القلقلة؟
17. هل أصوات القلقلة من الصفا اللازمة أم العارضة؟
18. أصوات القلقلة ومراتبها بين المتقدمين والمتأخرين
19. أبيات شعر تقعّد لأخطاء في التلفظ بأصوات القلقلة
20. من أخطاء النطق بأصوات القلقلة إمالتها أو اختلاسها
21. ذكر الأخطاء الشائعة في التلفظ بأصوات القلقلة
{مُدْخَلٌ لِمَبْحَثِ أَصْوَات القَلْقَلَةِ}
بسم الله منزل القرآن والصلاة والسلام على القائل (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فأقول وبالله التوفيق من خلال دراستي في كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة كان لهم منهج سديد في جميع مسائل التجويد وهو العودة به لقواعد وتصنيف المتقدمين الأوائل وتطبيق هذه القواعد بدقة حفاظا لصون الصوت القرآني من الأصوات الدخيلة عليه ودارت مناقشات بيننا وبين كل دكتور متخصص في قاعة الكلية حول بعض القضايا التي تتناقض بين كتب تجويد المتقدمين وكتب المحدثين المعاصرين ومن أهم المناهج البحثية التي تعلمناها من مناهج الكلية البحثية مسألة الترجيح بين الفريقين بالأدلة القطعية الدلالة فمثلا لو أن أمام الباحث تضاد بين أقول المتقدمين والمتأخرين في مسألة تجويدية قالوا لنا نقدم كلام المتقدمين فهم أمكن من المعاصرين فضلا على أنهم عرب فصحاء وتلقوا القرآن بأسانيد متصلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكل رجل منهم ذكر أسانيده في القراءة في أول كتابه ومن هذه المسائل مثلا مسألة إطباق الشفتين على الميم الساكنة المخفاة والإقلاب فجميع الكتب القديمة تنص نصا صريحا بإطباق الشفتين والكتب المعاصرة تقول بترك فرجة فمن نقدم بالطبع كلام المتقدمين لأن فيه الحجة أما كلام المعاصرين ممن نصب نفسه مٌقَعِّدا لقواعد التجويد فلا عبرة بكلامهم ومن هذه المسائل مسألة خلافية وجدت فيها تباينا واضحا بين الفريقين ألا وهي مسألة كيفية أداء القلقلة فالمتقدمون حافظوا على الأصل والمتأخرين أضافوا أشياء من عند أنفسهم على الصوت القرآني المنقول إلينا بالتواتر لا تعرف إلا من خلال المصنفات الحديثة والله المستعان وإني لأتطلع إلى مستقبل أفضل لدراسة الأصوات التجويدية القرآنية ولكن على منهج المصنفات القديمة فقد حافظت على الدرس الصوتي القرآني المنقول إلينا بالتواتر بدقة وكما ذكر القدماء أن القراءة القرآنية كيفيتها الصوتية توقيفية فكما نقلت إلينا هذه الكيفيات الصوتية للقرآن نقرأ ولا مزايدة على ذلك ولكن دب الخلل في بعض كلام وكتب من صنف في التجويد من العلماء المحدثين وكل هدفي التنبيه على مواطن الخلل في هذه الكتب من خلال ما تعلمته من كلية القرآن مع بيان الدليل لكل ما أقول وكل همي إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، ومن هذا المنطلق منطلق الدعوة إلى الإصلاح الذي يفيد العملية القرآنية من الناحية الصوتية أرجو العودة إلى المصنفات القديمة ونقل قواعدهم والتأصيل والتقعيد الدقيق للصوتي القرآني لصونه من دخول الأصوات الأعجمية العامية عليه وقديما قد دارت مناقشات علماء التجويد المتقدمين لموضوع القلقلة حول عدد من النقاط وهي: من حيث عدد حروفها وموضعها وحقيقة الصوت الذي يسمع عند الوقف على حروفها وهناك نقطة مهمة جدا يجب التنبيه عليها وهي أن علماء اللغة القدماء سبقوا علماء التجويد في خدمة الدرس الصوتي القرآني فيجب الأخذ منهم والنقل عنهم كما كان عمل علماء التجويد المتقدمين وإني لأرجو الفائدة للجميع مع الحرص لكل من يقرأ هذا البحث التلقي عن الشيوخ المسندين. فقد حث صاحب أول مصنف في التجويد على ذلك وهو أبو مزاحم الخاقاني بقوله:
(فما كل من يتل الكتاب يقيمه ... وما كل من في الناس يقرئهم مقري)
والمقصود بالمقرئ من أخذ القراءة عن شيخه بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال آخر:
(لقد يدعي علم القراءات معشر **** وباعه في النحو أقصر من شبر)
. وأخيرًا ـ أيها الأحباب ـ إن أُريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، فأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن لا يُفهم على غير وجهه، وإني لأعتذر عن أي قصور أو تعبير فيه خلل.
انتظر الباقي(/)
سؤال في علم عد آيات القرآن الكريم
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[15 Aug 2004, 06:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل عن كل قاريء من القراء العشرة بأي عد يأخذ فهناك سبعة علماء للعد مثل المدني الأول والأخير وهكذا وإذا اختلف أبوجعفر وشيبة فما العمل ........ ؟؟؟؟
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[16 Aug 2004, 06:15 ص]ـ
لعل أحد يفيدنا جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2004, 08:52 م]ـ
ستجد الجواب في هذا الكتاب إن شاء الله.
شرح المخللاتي لمنظومة الشاطبي في عد آي القرآن الكريم ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=878).
ولعلك بعد اطلاعك على الجواب أن تنقل لنا هنا ما يتعلق بسؤالك وفقك الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Aug 2004, 04:46 م]ـ
الثلاثة التي عليها عدد آي القرآن هي العدد المدني والبصري والكوفي.
فأما العدد المدني فمنسوب إلى قارئ المدينة النبوية أبي جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي مولاهم، وإلى زوج ابنته ميمونة شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب، مولى أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، وهو قاضي المدينة. وقد مات هو وأبو جعفر في عام واحد هو عام 130هـ.
وأما العدد البصري فمنسوب إلى أبي المجشر عاصم بن أبي الصباح الجحدري البصري المتوفى سنة 128هـ.
وأما العدد الكوفي فرواه أبو محمد خلف بن هشام البزار عن سليم بن عيسى عن حمزة بن حبيب الزيات أنه قال: (هذا العدد عدد أبي عبدالرحمن السلمي ولا أشك فيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أني أجبن عنه).
وهذه الطرق الثلاث في العدد تارة ينفرد المدنيون بعدد دون البصريين والكوفيين، أو البصريون أو الكوفيون دون الباقين، وتارة يتفق اثنان من الثلاثة دون الثالث، وتارة يتفقون على عدد من غير خلاف. وتفصيل ذلك في كتب عد الآي كالذي أحلتك عليه قبلاً.
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[18 Aug 2004, 06:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل وآسف على تأخر الرد
لقد بحثت فلم أظفر إلا بهذه
قال الجعبري (1) في شرح اللامية: لقد اشتدت حاجتك هنا إلى علم العدد فحمزة والكسائي يعتبران العدد الكوفي ووش والبصري يعتبران المدني الأول لعرض أبي عمرو له إلى أبي جعفر (2)،
وللأسف فالهوامش التي أحال إليها بالأرقام لا تظهر عندي وأنا أحتاج لتفصيل مثل هذا
1 - الأربعة الكوفيون مثلا يعدون بالعد الكوفي
2 - البصريان أبوعمرو ويعقوب يعدان ب ...
3 - المدنيان نافع وأبوجعفر يعدان بالعد .... مع ذكر إنه إذا حدث خلاف بين أبوجعفر وشيبة فكيف يحل هذا الإشكال
3 - الشامي مثلا يعد بالدمشقي أم بالحمصي
4 - المكي مثلا يعد بالعد المكي
وجزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم ونفعنا بعلومكم(/)
اختلاف بنية المفردة القرأنية (2):
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[15 Aug 2004, 07:37 ص]ـ
اختلاف بنية المفردة القرأنية (2):
ثانياً: أبنية الأسماء في التعبير القرآني:
أولاً: اختلاف صيغ الوصف:
قال تعالى: (إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً) (الإنسان: 3) فجمع في الآية بين (الشاكر) و (الكفور) ولم يجمع بين (الشاكر) و (الكافر)، أو بين (الشكور) و (الكفور)، فلا بد إذن من اختلاف في المعنى أوجبه الاختلاف في اللفظ فـ (ـالمعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ) (1). ويمكن أن يوجه الاختلاف في استخدام اسم الفاعل هنا (شاكراً) لأنَّ الإنسان إذا كان مؤمناً فسيتجدَّد منه الشكر في كلِّ وقتٍ بعكس الكفر فإنه واحدٌ لا يحتاج إلى تجديد، لأن مذهب الكوفيين في اسم الفاعل أنه فعل دائما، وجعلوه قسيم الماضي والمستقبل، أما البصريون فذهبوا إلى أنه اسم دال على الحدث والحدوث وفاعله (2)، ومرد هذا الخلاف إلى تغيير وظيفة اسم الفاعل بتغيير الاستعمال فـ (ـإن أردت به معنى ما مضى فهو بمنزلة قولك: غلام زيد ... كذلك اسم الفاعل إذا كان ماضياً لا تنونه لأنه اسم وليست فيه مضارعة الفعل، فإن جعلت اسم الفاعل في معنى ما أنت فيه ولم ينقطع أو ما تفعله بعد ولم يقع جرى مجرى الفعل المضارع في عمله وتقديره لأنه في معناه) (3).
وقيل جُمِعَ بينهما على هذه الصورة نفياً للمبالغة في الشكر وإثباتاً لها في الكفر؛ لأن شكر الله تعالى لا يُؤدّى فانتفت عنه المبالغة ولم تنتف عن الكفر المبالغة، فَقَلَّ شكرُه لكثرة النعم عليه، وكثُر كفره وإن قلَّ مع الإحسان إليه (4).
وقد يكون الاختلاف في صيغ الوصف بين آيتين كما في قوله تعالى: (فقال الكافرون هذا شيء عجيب) (ق: 2) وقال تعالى: (اجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب) (ص: 5) يقول ابن قتيبة: (عُجاب وعجيب واحد مثل طوال وطويل وعُراض وعريض وكبار وكبير) (5) وذكر الصّبان أن المبالغة تفيد التنصيص على كثرة المعنى كماً أو كيفاً ولكن هل هي مستوية في المعنى أو متفاوتة بأن تكون الكثرة المستفادة من (فعال) مثلاً أشد من الكثرة المستفادة من (فعول) مثلاً فذكر: أنه لم ير نقلاً في ذلك وقد يؤخذ من قولهم ((زيادة البناء تدل على زيادة المعنى)) أبلغية (فعّال) و (مفعال) على (فعول) و (فعيل) وأبلغية هذين على (فعل) (6) وقد ذهب العسكري إلى استحالة اختلاف اللفظين - في لغة واحدة - والمعنى واحد كما ظنَّ كثير من النحويين واللغويين (7)، فقد عدل التعبير القرآني من (عجيب) إلى (عُجاب) وذلك أنَّه تدرج في العُجْب بحسب قوته، ففي الآية في سورة (ق) ذكر أنهم عجبوا من أن يجيء منذرٌ منهم فقالوا: (هذا شيء عجيب) أما في سورة (ص) فقد كان العجب عند المشركين أكبر وأكبر، إذ كيف يمكن أن يؤمنوا بوحدانية الإله ونفي الشرك وهم قوم عريقون فيه؟ وهم قد استسهلوا أن يحملوا السيف ويعلنوا الحرب الطويلة على أن يقرّوا بهذه الكلمة فالقتل عندهم أيسر من النطق بكلمة التوحيد ولذا كان العجب عندهم أكبر وأكبر فجاء بأن واللام وعدل من (عجيب) إلى (عُجاب) وذلك أنّ (فعال) أبلغ من (فعيل) عند العرب فـ (طوال) أبلغ من (طويل) (8)، قال تعالى: (ومكروا مكراً كُبّاراً) (نوح: 22) (أي كبيراً يقال: كبير وكُبار وكُبّار، كما يقال: طويل وطُوال وطُوّال) (9)، (بالتخفيف والتشديد بمعنى واحد) (10)، وليس كذلك فهو مبالغة في الكبير فأول المراتب الكبير والأوسط الكبار بالتخفيف والنهاية الكُبّار بالتثقيل (11) فلما كان التوحيد أعظم المراتب لا جرم كان المنع منه أعظم الكبائر؛ فلهذا وصفه تعالى بأنه كُبَّار (12)، فالعرب قد تحوّل لفظ (كبير) إلى (فُعال) مخففة ويثقلون ليكون أشد من (الكبار) وكذلك (جُمّال) جميل لأنه أشد مبالغة (13) ويبدو أن معنى المشاكلة الذي تقدم مراعى هنا فـ (ومكروا مكراً كُبّارا …) كهيئة قوله: (لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً) (14).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يعدل التعبير القرآني عن بنية وصف إلى بنية وصف آخر تحقق اتساعاً دلالياً قال تعالى: (وهذا البلد الأمين) (التين: 3) فلفظ الأمين على وجهين أحدهما: أن يكون (الأمين) من الأمن فيكون (فعيل) بمعنى (فاعل) كعليم بمعنى عالم.
والثاني: أن يكون (الأمين) بمعنى المؤمن أي يؤمِّن من يدخله على ما قال تعالى: (ومن دَخله كان آمناً) (آل عمران: 97) (15). وقال تعالى: (وعندنا كتابٌ حفيظ) (ق: 4) فـ (حفيظ) بمعنى (محفوظ من الشياطين ومن التغير وهو اللوح المحفوظ أو حافظ لما أودعه وكتب فيه) (16) فإذا كانت بعض الصيغ تحول من (فعيل) إلى (مفعول) أو (فاعل) فإن صيغة (فعيل) ربما تحتمل في آن واحد أن تكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول (17) ومن ذلك قوله تعالى: (ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) (الملك: 4) إذ يصح أن يكون (حسير) بمعنى (حاسر) وأن يكون بمعنى (محسور) وقوله تعالى: (كل نفسٍ بما كسبت رهينة) (الطور: 21) فصح أن يكون (فعيل) بمعنى (فاعل) أي ثابتة مقيمة وقيل بمعنى (مفعول) أي: كل نفس مقامة في جزاء ما قدم من عمله ... (وهذا الإجمال مقصود لتذهب إفهام السامعين كلَّ مذهب ممكن فتكثر خطور المعاني في الأذهان وتتكرر الموعظة والعبرة باعتبار وقع كل معنى في نفس له فيها أشد وقع وذلك من وفرة المعاني مع إيجاز الألفاظ) (18).
ثانياً: اختلاف الاسم إفراداً وتثنية:
قيل إن العرب قد أوقعتا الاثنين موقع الواحد (19)، كما في قوله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) (ق: 24) وقد قال ابن تيميه عن هذا: إنه لا أصل له وإنه ممنوع (20)، ومن ذلك قوله تعالى: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (الرحمن: 66) وما قاله ابن تيميه صحيح لأنّ القول الأول (فضلاً عمّا فيه من تصحيح بمماثلة القرآن للشعر يمس قضية أخطر من ذلك إذ يؤدي إلى القول بمخالفة التعبير القرآن للحقيقة لأنه يقول (جنتان) فيثني، والحاصل أنها جنة واحدة) (21)، ومثل هذا القول لم يُرْضَ في الشعر فكيف في القرآن قال لبيد (22):
نحن بني أم البنين الأربعه المطعمون الجفنة المدعدعه
قيل: هم خمسة فجعلهم للقافية أربعة (23)، وقيل لوزن الشعر (24) وردّ صاحب الخزانة هذا ونسبه إلى الفراء وقال عنه: هو قول فارغ (25) وقال السهيلي: (إنما قال الأربعة وهم خمسة؛ لأن أباه ربيعة قد مات قبل ذلك لا كما قال بعض الناس وهو قول يعزى إلى الفراء أنه قال ... من أجل القوافي فيقال له: لا يجوز للشاعر أن يلحن لإقامة وزن الشعر، فكيف بأن يكذب لإقامة الوزن ... ) (26)، ولم تخرج أقوال المفسرين المحدثين في مثل: (ألقيا في جهنم ... ) عن أقوال السابقين، فقد قيل تثنية الفاعل لتثنية الفعل والمعنى: ألق ألق للتأكيد (27)، وقيل إنه خطاب للسائق والشهيد (28) وقيل: إن الألف في (ألقيا) بدلٌ من النون؛ إجراءً للوصل مجرى الوقف (29) يؤيده قراءة الحسن (ألقينْ) بالنون الخفيفة (30) ... وكذلك في قوله تعالى: (ولمن خاف مقام ربه جنتان)، قيل: الخطاب للثقلين فكأنه لكل طائفتين منكما جنتان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني (31)، وقيل بستانان من بساتين الجنة (32)، وقيل: جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي؛ لأن التكليف دائر عليهما (33)، وقيل: جنة من ذهب وجنة من فضة (34) ... الخ (35)، وقد يبدو للوهلة الأولى تعارض المفسرين بينهم في تفسير هذه الآية إلا (أن طبيعة هذا (الميكانزم) (36) اللغوي للمثنى أنه يسمح بأكثر من تفسير له ولا يقيده بتفسير واحد ... فهذا كله تُفسَّر فيه صيغة التثنية بالحرف بصيغةٍ من التثنية بالعطف، وتعبِّر التثنية بالعطف فيه عن نفسها بأمثلة متعددة ... وهذا كله يشهد على قابلية الصيغة لصور متعددة من التعبير وأنَّ هذه الصور إنما هي في سبيل إشباع المبدأ الفكري أو الصيغة ... ويدل على أن النشاط التعبيري إنما ينهض بحفظ الروح الثقافي الكامن وراء التعبير) (37).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استخدم الأسلوب القرآني أسلوب التثنية للتعبير وإرادة الجمع (واعلم أنه قد جاءت التثنية يراد بها الكثرة ... ) (38)، قال تعالى: (ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) (الملك: 4) وأغلب المفسرين على أن (كرتين) يراد بها الجمع (كرات) لا التثنية (39)، وإن قال بعضهم بإرادة التثنية (40) وليس بين القولين تعارض أو في استخدام مثل هذا الأسلوب مخالفة المدلول للدال عليه، فمن قال بأن (كرتين) يراد بها كرات جعل كرتين كقولك: (لبيك ... ) وتريد إجابات كثيرة بعضها في إثر بعض (41)؛ لأن بعدها (ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) أي مزدجراً كليلاً، ولا ينقلب البصر مزدجراً كليلاً من كرتين فقط فتعيَّن أن يكون المراد بـ (كرتين) التكثير لا الكرتين فقط … (42) ورجوع البصر كليلاً مزدجراً عند من قال بالمرتين حاصلٌ أيضاً فالمنصوص هنا إرجاع البصر كرتين، ولكنَّ حقيقة النظر أربع مرات الأولى في قوله تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن …) (الملك: 3) والثانية في قوله تعالى: (فارجع البصر هل …) (الملك: 3) والثالثة والرابعة في قوله تعالى: (ثم ارجع البصر كرتين) وليس بعد معاودة النظر أربع مرات من تأكيد (43).
وهكذا هو الأسلوب القرآني مبني بما يجعله يشع بكل اتجاه ملبياً كل حاجة مخاطباً كل ملكة عند الإنسان وبما يجعله قابلاً لقراءاتٍ متعددة وبصورة جديدة تحمل القارئ على أن يحلق بخياله دونما تجاوز لأي حقيقة تاريخية كانت أم لغوية وبهذا نفهم ما ذهب إليه الشيخ الطاهر بن عاشور في ذهابه إلى أن التثنية في كرتين ليس المراد بها عدد الاثنين الذي هو ضعف الواحد (44)، وإنما التثنية مستعملة كناية عن مطلق التكرير (45)، فكرتين تثنية كرة وهي المرة وعبّر هنا بالكرة وهي مشتقة من الكرِّ وهو العَود لأنها عود إلى شيء بعد الانفصال عنه (46) والعجيب أن لفظة (كرتين) تعطي المعنيين السابقين عند المفسرين فكل كرة هي ذهاب بعد رجوع فيكون الحاصل أربع مرات، فالتثنية مرادة إذن ولكن ليس بمعنى المرتين (47)، وبهذا يفهم سر إيثار كرتين في الاختيار - كما يقول ابن عاشور - دون مرتين وتارتين (لأن كلمة كرة لم يغلب إطلاقها على عدد الاثنين فكان إيثارها في مقام لا يراد فيه اثنين أظهر في أنها مستعملة في مطلق التكرير دون عدد اثنين أو زوج وهذا من خصائص الإعجاز ألا ترى أن مقام إرادة عدد الزوج كان مقتضياً تثنية (مرة) في قوله تعالى: (الطلاق مرتان) (البقرة: 229) (48).
التعبير عن المثنى بالجمع:
قال تعالى: (إن تتوبا إلى الله فقد صنعت قلوبُكما) (التحريم: 4) والعرب تعبر عن التثنية بلفظ الجمع ولا يرجحون التثنية كراهية أن يجمعوا بين تثنيتين في اسم واحد (49)، وهذا هو الأكثر والمطرد في كلام العرب فيما كان في الجسد منه شيء واحد لا ينفصل كالرأس .. والقلب (50) فـ (الخطاب إلى الأثنين والفاعل جمع وهذا شيء عرفناه في لغة التنزيل اقتضته حكمة وبلاغة) (51)، فإذا كان الخطاب هنا لمثنى مؤنث (52)، فيكون لهذا الاختيار قصدٌ في استخدام هذا الأسلوب قال تعالى: (… ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه) (الأحزاب: 4) ووفقاً لمفهوم المخالفة يكون لازم الآية (قد جعل الله للمرأة قلبين في جوفها) صحيحاً لأن المرأة عند الحمل تمتلك قلبها وقلب جنينها وبذلك نعرف السر في عدول الآية عن القول (في صدرها) إلى (في جوفها) مع أن القلب في الصدر، ليدخل الرحم في لفظ (الجوف) فأيّ دقةٍ أعلى في الاختيار وأي قصديةٍ أبدع في العدول من هذه، وبهذا استخدم القرآن الأسلوب العربي في التعبير لغرضٍ بلاغي دقيق دون مخالفة للحقيقة وفي هذا غاية الإعجاز.
ثالثا ً: الاختلاف بين المفردة والجمع:
من الظواهر الأسلوبية اللافتة في التعبير القرآني ملائمة صيغة الأفراد لموقعها الخاص بها وملائمة صيغة الجمع لموقعها الخاص بها (فالسماء) ترد مجموعة في آيات كثيرة على حين ترد (الأرض) مفردة دائماً وفي القرآن كله. مع أنها تنتظم وأيّاها في سياق واحد (53)، وقد اختلف في سبب ذلك قديماً وحديثاً ذكر ابن القيم عدة أسبابٍ لذلك تندرج تحت سببين أساسيين هما (فَرقٌ لفظي) و (فرقٌ معنوي):
(يُتْبَعُ)
(/)
أما اللفظي: فالأرض على وزن ألفاظ المصادر الثلاثية كضَرب والذي يماثل وزنها ومعناها السَفْل والتَحْت وهما لا يثنيان ولا يجمعان وفي مقابلتهما بالفوق والعلو وهما كذلك لا يجمعان (54)، وأحسن من هذا الفرق أنه لم يقل (سبع أرضين) لهذه الجسأة التي تدخل اللفظ ويختل بها نظم الجملة اختلالاً (55) فلو أريد جمع الأرض على قياس جموع التكسير لقيل آرض كأفلس أو آراض كاجمال أو أروض كفلوس - فجمعها (في القلة (آراض) بالمدّ على أفعال كألف وآلاف وفي الكثرة أروض بالضم قياسي أيضاً كألوف، وجمعت شذوذاً على أراضٍ كما شذّ جمع أهل على أهالٍ (56) - فاستثقلوا هذا اللفظ إذ ليس فيه من الفصاحة والحسن والعذوبة ما في لفظ السموات، وأنت تجد السمع نابياً عنه بقدر استحسانه لفظ السموات لهذا تفادوا من جمع (أرض) إذا أرادوه بثلاثة ألفاظ تدل على التعدد كما قال تعالى: ( ... خلق السموات ومن الأرض مِثلهن) (الطلاق: 12) كل هذا تفادياً من أن يقال أراضٍ وآرض (57)، أما السبب المعنوي فقيل: لأنه أريد الإخبارعن الذات لا العدد ولما احتيج إلى الإخبار عن العدد قيل: ( ... ومن الأرض مثلهن)، وقيل: لا مقارنة في السعة وقيل لقصد التحقير (58) وقيل: جمعت السماء؛ لأن كل واحدة مختصة بعالمٍ من الملائكة يخالف الآخر وأفردت الأرض لأن الانتفاع بما يلينا منها دون غيرها (59)، ولمثل هذا التعليل قرائن في الأسلوب القرآني كقوله تعالى مخاطباً (موسى وهرون): (فقولا إنّا رسولُ رب العالمين) (الشعراء: 16) فأفرد على الرغم من أنهما مثنى؛ لأن وظيفتهما واحدة - والله أعلم -، ولأفراد السماء حيناً وجمعها حيناً آخر غاياتٍ أسلوبية، قال تعالى: (أأمنتم من في السماء ... أم أمنتم من في السماء ... ) (الملك 16، 17) فقد أفرد هنا لما كان المراد الوصف الشامل والفوق المطلق ولم يرد سماء مخصوصة وكذلك في قوله تعالى: (فورب السماء والأرض إنه لحق ... ) (الذاريات: 23) إرادة لهذين الجنسين أي ربّ كل ما علا وكل ما سفل فلما كان المراد عموم ربوبيته أتى بالاسم الشامل لكل ما يُسمى سماء وكل ما يُسمى أرضاً (60)، والواحد إذا أريد به الجنس كان أعم من الجمع (61) لذلك لم تجيء في سياق الأخبار بنزول الماء من السماء إلا مفردةً حيث وقعت لما لم يكن المراد نزوله من ذات السماء بنفسها بل المراد الوصف، وكذلك قوله تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون)، أي: من سماء واحدة لا عامة السموات (62)، وبهذا ندرك دقة ما قاله العلوي: (إن الألفاظ على وجهين في استعمالها مفردة، أحدهما: أن تكون فصيحة مستعملة في كل أحوالها في الأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ...
وثانيهما: أن تكون أحوالها مختلفة بالإضافة إلى استعمالاتها ... ) (63) وقد تنبه المحدثون إلى هذا ولعل أشهر من أكد هذا المعنى (الرافعي) (64) وإن سيطرت على تعليلاته الدقيقة فكرة الجِرْس غالباً في حين تنبه غيره إلى استخدام وتفريقٍ خاصٍ بالمفردة والجمع خاصةً عند التقابل الدلالي كما في لفظتي (النور) و (الظلام) فلم ترد لفظة النور مجموعة في القرآن ولم تأتِ لفظة الظلام مفردةً معها قال تعالى: ( ... ليخرجكم من الظلمات إلى النور) (الحديد: 9) وقال تعالى: ( ... يريدوا ليطفئوا نور الله بأفواههم) (الصف: 8) وقال تعالى: (ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور) (الطلاق: 11) (65)، فلم يجمع (نور) في القرآن على (أنوار) أي: أنه تعالى يخرج المؤمنين من الظلمات إلى النور لا إلى الأنوار مع أن السياق يتطلب الجمع للمقابلة، وحكمة ذلك كما يقول السيد رشيد رضا: إن النور شيءٌ واحد وإن تعددت مصادره، ولكنه يكون قوياً ويكون ضعيفاً، وأما الظلمة فهي تحدث بما يحجب النور من الأجسام غير النيرة وهي كثيرة جداً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك النور المعنوي شيءٌ واحدٌ ... فالحق واحد لا يتعدد والباطل الذي يقابله كثير (66)، وقد أوضح الشعراوي ذلك فقال: إن في الدنيا ظلمات كثيرة ولكن ليس هناك أنوار، هناك نور واحد هو نور الله سبحانه وتعالى نور الحق؛ لذلك لا يستخدم الله سبحانه وتعالى إلا كلمة نور لأن النور هو نور الحق ولا نور غيره (67)، ويبدو أن كلاهما قد أفادا مما قاله ابن القيم (وجَمَعَ الظلمات وهي طرق الظلال والغي لكثرتها واختلافها ووحّد النور وهو دينه الحق .. الذي لا طريق سواه) (68).
وقد استخدم مثل هذا دون تقابل دلالي كاستخدام لفظة (الريح) و (الرياح) فلفظة (الريح) لم ترد إلا في سياق الشر والعقوبة كما لم ترد لفظة (الرياح) إلا في سياق الخير قال تعالى: (وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) (الذاريات: 41) وقال تعالى: (إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحسٍ مستمر) (القمر: 19) (69)، ولعل السبب في ذلك أن ريح الشر تهب مدمرة عاصفة لا تهدأ ولا تدع الناس يهدءون فهي لاستمرارها ريح واحدة لا يشعر الناس فيها بتحول ولا تغيير ولا يحسون بهدوء يلم بها فهي متصلة في عصفها وشدة تحطيمها وذلك هو مصدر الرهبة منها والفزع أما الرياح تحمل الخير فتهب حيناً وتهدأ حيناً لتسمح للسحب أن تمطر فهي متقطعة تهبّ في هدوءٍ ويشعر المرء فيها بفترات سكون وأنها رياح متتابعة وهي في تعبير القرآن هذا مصورة للإحساس النفسي (70)، والدليل على ذلك كما يقول أحمد بدوي أنّ القرآن أفرد ولمّرةٍ واحدة لفظة (الرياح) في موضع الخير والأنعام في قوله تعالى: (حتى إذا كنتم في البحر وجرينَ بهم في ريحٍ طيبة) (يونس:22) ذلك أن (إفراد الريح مع السفن هو الرحمة بها ولو أنّها جمعت فقد يدلّ الجمع على مجيء الريح من مهابٍ متعددة وفي ذلك دمارٌ لها) (71).
وقد يعبر القرآن عن المعنى الواحد بعدة أساليب بل قد يعبر عن هذا المعنى بالأفراد والتثنية والجمع معاً قال تعالى: ( ... رب المشرق والمغرب .. ) (المزمل: 9) وقال تعالى: (ربّ المشرقين وربّ المغربين) (الرحمن:17) وقال تعالى: (ربّ المشارق والمغارب) (المعارج: 40)، فإننا هنا أمام تعابير تختلف من حيث الأفراد والتثنية والجمع، وأظنني قد استطعت من كل ما سبق أن أصل إلى ما أردت تأكيده بدايةً، وهو أنّ كل مفردة في سياقها تأتي مختارةً بصوتها ودلالتها وبنيتها وحالها بما يخدم ويوافق دلالة السياق العامة من غير ما تجاوز لأي حقيقةٍ لغوية كانت أم تاريخية أم علمية وبما يتناسب مع كل المستويات الفكرية فتباين هذه المفردات أعطى وعلى اختلاف العصور قراءاتٍ متعددة متباينةٍ من حيث الظاهر إلا أنها وباجتماعها تحقق تكاملاً دلالياً أو صورياً من غير ما تجاوز لطبيعة البنية الكلية لكل سياقٍ من هذه السياقات، فبناء النص القرآني أثبت قبوله لقراءات متعددة على مر الزمن وبما لا يحقق تعارضاً ما دامت هذه القراءات تعتمد على أساسٍ لغوي سليم، فيمكن القول بإرادة معنى (رب المشرق والمغرب) في كل هذه التعابير فيكون المراد بالمشرقين المشرق والمغرب، وبالمغربين المغرب والمشرق (على التغليب) فيكون في ذلك تكرير لتعظيم أمر المشرق والمغرب وقال بعض المفسرين: المشرقان هما مشرق الشمس في الصيف ومشرقها في الشتاء والمغربان مغربها في الصيف ومغربها في الشتاء (72) ... الخ، وكذلك كان الاختلاف في المغارب والمشارق وقد تنبه الشعراوي إلى مناسبة التعبير حجم التفكير للعقل البشري في وقت نزول القرآن وحجمه في يومنا هذا بل قارن ما كان عليه الفهم له في ذلك الوقت فعندما يقول القرآن رب المشرق والمغرب فليس هناك تعارض بين العقل والآية في ذلك والتثنية معناها أن تجمع بين عمومية الجهة وهي الشرق وبين المكان المحدد لشروق الشمس بمعنى أنك تقول هذا هو الشرق .. وهذا هو الغرب وتشير بيدك فإذا أردت أن تحدد مكان شروق الشمس فإنك تقول إن الشمس تشرق من هنا وتحدد المكان بالضبط، أما الجمع فتفسيره أن كل بلدة لها مشرق ولها مغرب ومن هنا فإنّ الله سبحانه رب المشارق كلها والمغارب، أما ما يفهم من هذه التعابير اليوم فرب المشرق والمغرب التي قيل عنها عمومية تأخذ طابعاً آخر من خلال فهم طبيعة الاقتران
(يُتْبَعُ)
(/)
فيها لأنه لا يوجد مشرقٌ دون مغرب لأنّ كروية الأرض تحتم ذلك، ففي الوقت الذي تغرب فيه الشمس على جهة تكون في الوقت نفسه تشرق على جهة أخرى إذن قوله تعالى: (رب المشرق والمغرب) أصحُّ من أن يُقال (رب المشرق ورب المغرب) كما في (رب المشرقين ورب المغربين)، فقوله تعالى يشير إلى أن عملية الغروب تقابل في الوقت نفسه عملية الشروق حيث كان الفهم أنهما جهتان متقابلتان بالنسبة للعين المجردة أما التثنية فلأن الكرة الأرضية في عموميتها لها مشرقان مشرقٌ تضيء منه الشمس نصف الكرة ومغرب ثم تستدير الكرة كلها فيأتي نصف الكرة الآخر فيكون له مشرقٌ ومغرب، أما قوله تعالى: (رب المشارق والمغارب) فأنه لا يوجد مشرق واحد ولا مغرب واحد لأي دولة في العالم وإنما هي مشارق ومغارب فزاوية الشرق والغروب تتغير، ففي كل جزء من الثانية مشرق تشرق الشمس فيه على مدينة وتغيب فيه عن مدينة أخرى وعلى الرغم من أن جهة الشروق واحدة إلا أن المشرق تختلف زاويته كل يوم وكذلك المغرب والدليل على ذلك اختلاف وقت الإفطار والإمساك من يوم لأخر ومن مدينة لأخرى في رمضان مثلاً (73).
وإذا كان في هذا إجابة شافية لاختلاف بنية المفردة إلا أن سؤالاً يبقى بلا إجابة عند المحدثين وهو لماذا اختير كل تعبير في آية وسياقٍ يختلف عن الآخر وبصورة أدق لماذا جاءت كل بنية في سياق وما علاقتها به؟ والعجيب أن تأتي الإجابة عن مثل هذا التساؤل من (ابن القيم) وبفكرة السياق نفسها التي تلهج بها الدراسات الحديثة إذ يقول: وأما وجه اختصاص كل موضعٍ بما وقع فيه فلم أرَ أحداً تعرض له ولا فتح بابه وهو بحمد الله بينٌ من السياق (74)، فقد ورد مثنى في سورة الرحمن لما كان مساق السورة مساق المثاني المزدوجات حيث ذكر أولاً نوعي الإيجاد والتعليم (75)، ثم ذكر سراجي العالم الشمس والقمر لذلك حسنت التثنية هنا وقدّر موضعهما اللفظ مفرداً ومجموعاً تجد السمع ينبو عنه ويشهد العقل بمنافرته للنظم أما ورودهما مفردين في سورة المزمل فلما تقدمهما من ذكر الليل والنهار .. فلما تقدم ذكر الليل وما أمر به فيه وذكر النهار وما يكون فيه عقب ذلك بذكر المشرق والمغرب الذين هما مظهر الليل والنهار فكان ورودهما مفردين في هذا السياق أحسن من التثنية والجمع .. أما مجيئهما مجموعين (فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدلَ خيراً منهم وما نحن بمسبوقين) (المعارج: 41) فلما كان في هذا القسم في سياق سعة ربوبيته وإحاطته قدرته والمقسم عليه أرباب هؤلاء .. فلا يليق بهذا الموضع سوى لفظ الجمع (76).
رابعاً: تباين صيغ الجموع:
لابد أن يكون هناك سبب لتخصيص الآية بالجمع الذي وردت عليه دون الآخر لأن القرآن لا يستعمل صيغة جمع في أي مكانٍ اعتباطاً وإنما يُراعى في ذلك السياق، فالأوزان المختلفة لها معانٍ مختلفة (77)، وقد ذهب الدكتور إبراهيم السامرائي على أن العربية خصّت صيغة جمع بمفردٍ معين في الدلالة على مادةٍ من المواد كما خصت صيغة جمع آخر بالمفرد نفسه في الدلالة على مادةٍ أخرى فالعين وهي الباصرة قد جُمعت في القرآن على (أعين) وعين الماء قد جمعت في القرآن نفسه على عيون (78)، قال تعالى: (وفجرنا الأرض عيوناً) (القمر: 12) وقال تعالى: ( .. فطمسنا أعينهم) (القمر: 37) غير أن الدكتور فاضل السامرائي لا يرى في مثل هذا شيئاً خصت به العربية صيغة الجمع وإنما هو مما خصّ به القرآن الكريم قسماً من الجموع في الاستعمال فقد خصَّ استعمال الحمير مثلاً حيث وردت بالأهلية من الحُمُر قال تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة .. ) (النحل: 8) وخصَّ الحُمُر بالوحشية قال تعالى: (كأنهم حُمُرٌ مستنفرة فرّت من قسورة) (المدثر: 50 - 51) (79) ولعل السبب في هذا الاستخدام أن سياق آيات المدثر كان مسوقاً لتصوير فزعِ ورعبِ هؤلاء فاقتضى أن يشبههم بالوحشي من الحمر لما عُرف عنه من شدة الحذر والفزع الدائم في حين كان سياق آيات النحل مسوقاً في مقام التنعيم والتفضل لذلك ناسب السياق مجيء التعبير بالحمار الأهلي لأن الأخبار عن الركوب والحمل وهو محلهما - والله أعلم -.
اختلاف المفردة مشتقةً وجامدة:
(يُتْبَعُ)
(/)
تقدم أنّ الأسلوب القرآني يتميز بالتوظيف الدقيق المؤدي إلى السعة في المعنى بأوجز لفظٍ حتى أن المفردة لتكاد تتفجر مؤديةً أكثر من وظيفةٍ دلالية يستدعيها السياق ومن هذا التوظيف الدقيق دقة الاستخدام للمفردة من خلال اختلافها مشتقة وجامدة يقول الدكتور محمود نحلة: أنّ التعبير القرآني قد يلجأ إلى التعبير عن اسم جامدٍ بآخر مشتق لهدفٍ فني أو بلاغي فيعدل عن ذكر اسم جامدٍ من أسماء الذوات لأنّ له تصوراً محدداً في الذهن ويذكر اسماً مشتقاً يشتمل على صفةٍ من صفات هذا الاسم الجامد ومن ثمّ تتعدد الاحتمالات الذهنية لهذا الاسم الذي ينطبق عليه هذا الوصف المتضمن في الاسم المشتق، وهذا التعدد في الاحتمال يُكسب التعبير القرآني ثراءً وغنى وينأى به عن التقريرية المباشرة التي لا يحتاج الإنسان معها إلى إعمال فكرٍ أو نظر (80).
قال تعالى: (والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً والسابحات سبحاً فالسابقات سبقاً فالمدبرات أمراً) (النازعات: 1 - 5) وقال تعالى: (وشاهدٍ ومشهود) (البروج: 3) إذ ورد في تفسير قسمه تعالى هنا سبعة وعشرون قولاً (81)، وقد ذهب القاسمي هذا المذهب ذاكراً أنّ اللفظ متسعٌ لما ذُكر من المعاني بلا تدافعٍ ولا إمكان للجزم بواحدٍ منها إذ لا قاطع (82)، وهذا هو رأي الطبري فبعد نقله للأقوال في قوله تعالى: (وشاهد ومشهود) قال: (والصواب عندي أنه صالحٌ لكل ما يقال له مشاهد ويقال له مشهود (83)، وقال عند قوله تعالى: (والنازعات غرقاً .. ): الصواب عندي أن يقال أنه تعالى أقسم بالنازعات غرقاً ولم يخصص نازعةً دون نازعة، فكل (نازعةٍ غرقاً) فداخلة في قسمة مَلَكَاً أو نجماً أو قوساً أو غير ذلك وهكذا في البقية (84)، والسبب في الاختلاف أنه (لما كانت الموصوفات المقسم بها محذوفات وأقيمت صفاتها مقامها وكان لهذه الصفات تعلقات مختلفة، اختلفوا في المراد بها .. ) (85)، على أن هذا الاختلاف إنما يحقق الفائدة المرجوة في السياق إذ المقصد الأول في القسم هو التعظيم ودفع الشك عما سيقسم عليه، وفي هذا من التعظيم ما لا يخفى لتعدد المقسم بهنّ مع إيجاز اللفظ؛ لذلك ذهب القاسمي إلى أن قول ابن جرير مُتجه للغاية إذ فيه إبقاء للفظ على شموله وهذا أعمّ فائدة وعدم التكلف للتخصيص مع عدم وجود القاطع (86)، فالتعبير بالمشتق عن الجامد هو الذي جلب هذا التعدد في التفسير ولا أقول الاختلاف لتحقق القصد في ذلك تحقيقاً للغموض الفني كما يقول (نحلة) الذي يوقظ الذهن ويثير التساؤل ويشرك المتلقي ويقتضي وعياً وانتباهاً ومشاركةً من القارئ أو السامع لتتم له المتعة الفنية في اكتشاف المعنى المراد أو ما يقترب منه (87).
وقد يعدل القرآن عن التعبير بالمشتق إلى الجامد وهو في هذا لا يختار أسماء الذوات وإنما أسماء المعاني ليضعها موضع الأسماء المشتقة لما لها من خاصية في التعبير ليست للمشتقات إذ هي تحتمل تمكن الوصف وإطلاقه والمبالغة فيه قال ابن يعيش (قالوا رجل عدلٌ وفضل كأنه لكثرة عدله والرضا عنه وفضله جعلوه نفس العدل والرضا والفضل) (88)، كما في قوله تعالى: ( ... جزاءً وفاقاً) (النبأ: 27)، فالوفاق هنا مصدر وافق بمعنى ماثَل أو ضارع، وقد عدل القرآن الكريم عن وصف الجزاء باسم مشتقٍ نحو: جزاء موافقاً إلى وصفه بالمصدر للمبالغة في تصوير هذا العقاب الأليم وتقريره، وقد يعدل إلى المصدر الجامد دون أن يكون وصفاً كما في قوله تعالى: ( ... ونهى النفس عن الهوى) (النازعات: 40) فالهوى هنا مصدر وضع موضع المفعول (مهديّ) ليحقق هذا الإطلاق في نهي النفس عن كل ما تميل إليه مع الهوى (89).
CC0000
1) دلائل الإعجاز 303.
2) ينظر: شرح التصريح 2/ 65، وشرح الكافية 2/ 184.
3) المقتضب 4/ 148 – 149.
4) ينظر: تفسير الماوردي 4/ 368.
5) تفسير غريب القرآن 376.
6) ينظر: حاشية الصبان 2/ 296.
7) ينظر: الفروق في اللغة 12 – 13.
8) ينظر: التعبير القرآني 36 – 37.
9) تفسير غريب القرآن 487.
10) تفسير ابن كثير 4/ 426.
11) ينظر: تفسير الرازي 30/ 142، وتفسير البيضاوي 2/ 531، وتفسير غرائب القرآن 29/ 52.
12) تفسير تفسير الرازي 30/ 142.
13) ينظر: مجاز القرآن 2/ 271، وبواكير التفسير 343.
(يُتْبَعُ)
(/)
14) تفسير الطبري 29/ 61.
15) ينظر: البيان في غريب إعراب القرآن 2/ 521، وظاهرة التحويل 63.
16) الكشاف 4/ 4.
17) ينظر: ظاهرة التحويل 63.
18) التحرير والتنوير 30/ 61.
19) ينظر: معاني القرآن 3/ 17، والكشاف 4/ 8.
20) ينظر: الرسالة المدنية 14، 15.
21) الضرورة الشعرية (دراسة أسلوبية) 102.
22) ديوان لبيد 340.
23) ينظر: تأويل مشكل القرآن 154.
24) ينظر: مجمع الأمثال 2/ 205، وأمالي المرتضى 1/ 194، والضرورة الشعرية 102.
25) ينظر: خزانة الأدب 4/ 174.
26) الروض الأنف 2/ 175.
27) ينظر: الكشاف 4/ 8، والبيضاوي 2/ 423، والرسالة المدنية 15.
28) ينظر: الرسالة المدنية 15، وتفسير ابن كثير 4/ 226.
29) ينظر: المحتسب 2/ 284، وشرح القصائد السبع 15.
30) ينظر: الكشاف 4/ 8، والبيضاوي 2/ 423.
31) ينظر: الكشاف 4/ 48.
32) ينظر: معاني القرآن 3/ 17.
33) ينظر: الكشاف 4/ 48.
34) ينظر: مجمع البيان 27/ 101.
35) ينظر: تفسير سورة الرحمن 113.
36) مصطلح يقصد به: التكامل والارتباط بين أجزاء النظام الواحد كالآلة التي يدفع بعض أجزائها إلى بعض بالحركة المتصلة.
37) الضرورة الشعرية 109 – 110.
38) إعراب القرآن (الزجاج) 3/ 788.
39) ينظر: إعراب القرآن (الزجاج) 3/ 788، والكشاف 4/ 135، والتبيان 3/ 59 والبحر 8/ 298، والنسفي 3/ 1837، والتحرير والتنوير 29/ 19.
40) مثل قتادة كما نقل ابن كثير 4/ 396، وينظر: تتمة أضواء البيان 8/ 392.
41) ينظر: البحر المحيط 8/ 298، وشرح ابن عقيل 384، والبيان في غريب إعراب القرآن 2/ 450
42) ينظر: شرح ابن عقيل 384، والبيان 2/ 450.
43) ينظر: تتمة أضواء البيان 8/ 392.
44) وهو قول ابن عطيه ينظر: البحر 8/ 299.
45) عرّف البلاغيون الكناية: بأنها الأسلوب المجازي الوحيد الذي يُراد بها المعنى المجازي مع جواز إرادة المعنى الحقيقي.
46) ينظر: التحرير والتنوير 29/ 19 – 20.
47) وهذا مما يؤكد نفي الترادف في القرآن.
48) التحرير والتنوير 29/ 19.
49) ينظر: الأمالي الشجرية 1/ 13.
50) ينظر: المقرب 2/ 128، وجوزه المبرد فيما ليس من خلق الإنسان ينظر: معاني القرآن 1/ 307.
51) من بديع لغة التنزيل 294.
52) ينظر: الدر المنثور 8/ 220.
53) ينظر: المشاهد في القرآن 409 – 410.
54) ينظر: بدائع الفوائد 1/ 114 – 115.
55) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 232.
56) الفيصل 207، وينظر: الطراز 3/ 45.
57) ينظر: بدائع الفوائد 1/ 114 - 115.
58) ينظر: المصدر السابق 1/ 116.
59) ينظر: الطراز 3/ 45.
60) ينظر: بدائع الفوائد 1/ 116.
61) ينظر: الكشاف 1/ 331.
62) ينظر: بدائع الفوائد 1/ 117.
63) الطراز 3/ 41 – 42.
64) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 231.
65) ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن (نور) 725 و (ظلمات) 438.
66) ينظر: تفسير المنار 7/ 294.
67) ينظر: معجزة القرآن 59.
68) بدائع الفوائد 1/ 120.
69) ينظر: فقه اللغة 403.
70) ينظر: من بلاغة القرآن 139.
71) من بلاغة القرآن 140.
72) ينظر: الكتاب 2/ 425، وينظر: من بلاغة القرآن 142.
73) ينظر: معجزة القرآن 23 – 25.
74) بدائع الفوائد 1/ 121.
75) في الكتاب الإيجاد والتعظيم والصحيح والتعليم كما أثبتُّ.
76) ينظر: بدائع الفوائد 1/ 121 – 122.
77) ينظر: معاني الأبنية 130.
78) ينظر: دراسات في اللغة91، ومعاني الأبنية 131.
79) ينظر: معاني الأبنية 131 – 132.
80) ينظر: دراسات قرآنية 170.
81) ينظر: البحر المحيط 8/ 449 – 450، (وما يقرب من عشرين) التتمة 9/ 131.
82) تفسير القاسمي 17/ 6044.
83) تفسير الطبري، وينظر: تتمة أضواء البيان 9/ 132 وكذا قال الطبري وابن كثير.
84) تفسير الطبري 30/ 28، وينظر: تفسير القاسمي 17/ 6044.
85) البحر المحيط 8/ 419، ينظر: دراسات قرآنية 171.
86) ينظر: تفسير القاسمي 17/ 6044.
87) ينظر: دراسات قرآنية 172.
88) شرح المفصل 3/ 50.
89) ينظر: دراسات قرآنية 174 – 176.
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقدفي قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Aug 2004, 01:18 م]ـ
شكراً جزيلاً للدكتور عامر على هذا البحث. ولدي سؤال: هل يوجد كتاب يجمع مثل هذه الأبحاث لكم أو لغيركم؟(/)
إشكال
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[15 Aug 2004, 05:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
- قال الله جل ذكره (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ... لماذا خص البنين دون البنات؟
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Nov 2006, 06:34 م]ـ
يجاب عن ذلك بعدم اطراد محبتهن عند جميع الناس, وقد فسر بعض العلماء قول الله في نفس الآية (والباقيات لصالحات) بأنهن البنات, قال الإمام القرطبي رحمنا الله وإياه: {وقد قيل الباقيات الصالحات هي النيات والهمات لأن بها تقبل الأعمال وترفع قاله الحسن, وقال عبيد بن عمير: هن البنات يدل عليه أوائل الآيةقال تعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ثم قال: (والباقيات الصالحات) يعني البنات الصالحات هن عند الله لآبائهن خيرٌ ثوابا وخير أملا في الآخرة لمن احسن إليهن, يدل عليه ماروته عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي امراة مسكينة .. الحديث.
وقد ذكرناه في سورة النحل في قوله تعالى {يتوارى من القوم} النحل59 الآية, وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لقد رأيت رجلا من أمتي أمربه إلى النار فتعلقن به بناته وجعلن يصرخن ويقلن: رب إنه كان يحسن إلينافي الدنيا فرحمه الله بهن).
وقال قتادة في قوله تعالى (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما) قال: أبدلهما منه ابنة, فتزوجها نبي فولدت له اثني عشر غلاما كلهم أنبياء} 10/ 358 ...(/)
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[15 Aug 2004, 05:18 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة)
سورة البقرة
ألم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين (2)
ألم الله العالم بمعناها، وقال المفسرون أن تلك الحروف التي جاءت في مقدمة بعض السور، إنما هي تعجيز لكفار قريش الذين لم يؤمنوا بالقرآن الكريم، وكذبوا به، بل حتى أنهم كانوا يقفون في الطرقات ويحذرون الناس أن لا يستمعوا لمحمد، (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه) كانت تلك هي الأساليب العدوانية، والسلوكيات الشائنة، والأعمال القبيحة التي استقبلوا بها محمد وأصحابه، وعملوا كل فضيع، واقترفوا كل شنيع، ومزقوا جلود العبيد بالسياط، لأنهم وحدوا الله عز وجل، وأتبعوا سبيل الرشاد، لأنهم خرجوا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فيقول الله هذه الأحرف تعجيزاً لهم، إن كنتم تقولون إن هذا القرآن أساطير الأولين (فأتوا بسورة من مثله) فاستخدموا مثل هذه الأحرف، وأتوا بكتاب مثله، وذلك تعجيزاً لهم ولن يستطيعوا قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) وقال سبحانه (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) لقمان 27. لذلك فالله عز وجل أنزل هذا الكتاب معجزة خارقة، وهداية باهرة، وشفاء لما في الصدور، ونوراً وبهاء، ويقيناً وضياء، طمأنينة لقلوب المؤمنين، وتعريف لهم بوعد الله ووعيده. ثم قال الله تعالى عن كتابه العزيز (ذلك الكتاب) أي هذا الكتاب وهو القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي شرح الله به صدور العباد، وعرف الناس بأنه الوحي المنزل من الله عز وجل، فأسلموا، واهتدوا، لا ريب فيه ولا شك، فهو الحق المبين نزله الله على نبيه محمد بواسطة الملك جبريل عليه السلام قال تعالى (وقرأنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) وقال سبحانه (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) البقرة97. وهذا دليل على تنزيل القرآن، وتلقين جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أمياً لا يكتب، ولكنه يحفظ القرآن حينما يسمعه من جبريل، إلى أن جمع القرآن في عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، فلله الحمد والمنة، وقوله تعالى هدى للمتقين فيه إقرار من الرب تبارك وتعالى على أن هذا القرآن هدىً للمتقين، سبحان الله وهل المتقي يحتاج هداية، فهو مهتدي ولكن أقول إن الإنسان مهما بلغ من قوة الإيمان، ودرجات الإحسان، وثقل الميزان بالدرجات، فهو ليس بمعصوم، وليس منزه من الخطأ والمعصية، بل هو معرض لكل ذلك، لذلك فإن الإيمان يزيد وينقص عند المسلم، فذكرنا الله سبحانه في هذه الآية أن من أخذ بتعاليم القرآن، ورفع به رأسه استفاد من هدايته، وكان تقياً متبعاً لأوامر ربه، ومجتنباً لنهيه. قال السعدي فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية والآيات الكونية، ولن الهداية نوعان: هداية البيان، وهداية التوفيق، فالمتقون حصلت لهم الهدايتان وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق، وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها ليست هداية حقيقية تامة. لذلك فالتقوى أمرها عظيم، فبها تتهذب النفس، وتستقيم الروح، وبها تعرف النفس قدر خالقها، قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: و التقوى أن يعمل الرجل بطاعة الله على نور من الله يرجو رحمة الله وأن يترك معصية الله على نور من الله يخاف عذاب الله ولا يتقرب إلى الله إلا بأداء فرائضه ثم بأداء نوافله قال تعالى (وما تقرب إلي عبدى بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه .. الحديث) (1). إذاً التقوى ركيزة من ركائز العمل الصالح، وهي الدافع والحافز لكل عمل فيه الخير، وترك الإثم، وعلى ذلك يكون المسلم طوال حياته إن كان يريد سعادة الدارين، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، وكذلك قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم سورة التغابن 16 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد أوجب التقوى إلا على من اتقى
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يعاقب من لم يتق وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام وهؤلاء إنما قالوا هذا لأن القدرية والمعتزلة وغيرهم قالوا القدرة لا تكون إلا قبل الفعل لتكون صالحة للضدين الفعل والترك وأما حين الفعل فلا يكون إلا الفعل فزعموا أو من زعم منهم أنه حينئذ لا يكون قادرا لأن القادر لا بد أن يقدر على الفعل والترك وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا وأما أهل السنة فإنهم يقولون لا بد أن يكون قادرا حين الفعل ثم أئمتهم قالوا ويكون أيضا قادرا قبل الفعل وقالت طائفة منهم لا يكون قادرا إلا حين الفعل وهؤلاء يقولون إن القدرة لا تصلح للضدين عندهم فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل وهي مستلزمة له لا توجد بدونه إذ لو صلحت للضدين على وجه البدل أمكن وجودها مع عدم أحد الضدين والمقارن للشيء مستلزم له لا يوجد مع عدمه فإن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع وما قالته القدرية فهو بناء على أصلهم الفاسد وهو أن إقدار الله المؤمن والكافر والبر والفاجر سواء فلا يقولون إن الله خص المؤمن المطيع بإعانة حصل بها الإيمان بل يقولون إن إعانته للمطيع والعاصي سواء ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة وهذا بنفسه رجح المعصية كالوالد الذي أعطى كل واحد من ابنيه سيفا فهذا جاهد به في سبيل الله وهذا قطع به الطريق أو أعطاهما مالا فهذا أنفقه في سبيل الله وهذا أنفقه في سبيل الشيطان وهذا القول فاسد باتفاق أهل السنة والجماعة المثبتين للقدر فإنهم متفقون على أن لله على عبده المطيع المؤمن نعمة دينية خصه بها دون الكافر وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر كما قال تعالى ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون سورة الحجرات 7 فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم فالقدرية (1) تقول هذا التحبيب والتزيين عام في كل الخلق أو هو بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين ولهذا قال أولئك هم الراشدون والكفار ليسوا راشدين وقال تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء سورة الأنعام 125، و قال تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فكل من كان أتقى كان أفضل مطلقا وإذا تساوى اثنان في التقوى استويا في الفضل سواء كانا أو أحدهما غنيين أو فقيرين أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا وسواء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين أو قرشيين أو هاشميين أو كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر وإن قدر أن أحدهما له من سبب الفضيلة ومظنتها ما ليس للآخر فإذا كان ذاك قد أتى بحقيقة الفضيلة كان أفضل ممن لم يأت بحقيقتها وإن كان أقدر على الإتيان بها فالعالم خير من الجاهل وإن كان الجاهل أقدر على تحصيل العلم والبر أفضل من الفاجر وإن كان الفاجر أقدر على البر، والمؤمن الضعيف خير من الكافر القوى وإن كان ذاك يقدر على الإيمان أكثر من المؤمن القوي وبهذا تزول شبه كثيرة تعرض في مثل هذه الأمور (2).
وقال ابن تيمية أيضاً: " أن التقوى وتصفية القلب من اعظم الأسباب على نيل العلم لكن لا بد من الاعتصام بالكتاب والسنة في العلم والعمل ولا يمكن ان احدا بعد الرسول يعلم ما اخبر به الرسول من الغيب بنفسه بلا واسطة الرسول ولا يستغني احد في معرفة الغيب عما جاء به الرسول وكلام الرسول مبين للحق بنفسه ليس كشف احد ولا قياسه عيارا عليه فما وافق كشف الانسان وقياسه وافقه وما لم يكن كذلك خالفه بل ما يسمى كشفا وقياسا هو مخالف للرسول فهذا قياس فاسد وخيال فاسد وهو الذي يقال فيه نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي (3). وقد تكلم في فضل التقوى الكثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين، وصنفت فيها المصنفات، وأرجوا أن تكون اتضحت معانيها في هذه الجمل.
الوقفات
1 - عرفنا الرب سبحانه وتعالى على أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي لا شك ولا مرية بأنه منزل من الله على نبيه محمد.
2 - إخبار الله سبحانه وتعالى أن المؤمنين المتقين هم الذين يهتدون بكتاب الله.
3 - من شك أو أعتقد أن هناك تشريع أو قانون (4)، أو حكم أفضل مما جاء في القرآن فقد كفر لقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
_____________________________
(1) القدرية: الذين يجعلون أفعال العبد خارجة عن قدرة الله وخلقه وملكه.
(2) منهاج السنة النبوية 3/ 42.
(3) الرد على المنطقيين 1/ 511.
(4) كالذين ينادون بالتعددية الحزبية في الحكم، والديمقراطية، والانتخابات وغيرها كل ذلك مخالف للإسلام لأن حكم الإسلام يكون عن مبايعة أهل الحل والعقد، ومجلس شورى المسلمين، باختيار من هو أهلٌ للحكم الإسلامي الذي يكون من خيار القوم من العلماء المخلصين لدينهم ورعاياهم فيتم مبايعته، وليس كما ينادي البعض بالمشاركة من جميع الأطراف والمذاهب والنحل.(/)
بعض الأخطاء المطبعية في تفسير ابن كثير تحقيق الشيخ سامي السلامة
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Aug 2004, 10:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله، وسلم على نبينا محمد، وآله، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا تخفى أهمية هذا الكتاب العظيم الذي لا يكاد يخلو منه بيت مسلم، ومع ذا لم يلق العناية اللائقة بمثله مع تنوع الجهود المبذولة في ذلك التي كان من أحسنها ما قام به الشيخ سامي السلامة في تحقيقه، وكما هو الحال في كل أعمال البشر لا بد لها من نقص وخلل فمستقل، ومستكثر.
وأثناء قراءتي للمجلد الأول من تفسير ابن كثير طبعة الشيخ سامي لاحظت بعض الملاحظات، ووجدت بعض الأخطاء اليسيرة .. التي لا تقلل من جهده وما بذل فجزاه الله خيرا .. ولم أكن أول الأمر أقيد ما لاحظته حتى خطر على بالي أهمية ذلك فبدأت به من صفحة 300 – آخر المجلد الأول.
و هذه الملاحظات مما ظهرت لي أثناء القراءة من غير مقابلة بنسخة أخرى إلا حين الشك بوجود الخطأ، فأقوم بالبحث عن الصواب. وسأسرد الآن بعض الملاحظات، ولعل من يعرف الشيخ يوصلها له مشكورا، ومن وجد شيئا من الأخطاء فليبينها لنصحح نسخنا.
ص 306: السطر قبل الأخير / الخطأ: أن يرد رأسه.
الصواب: أن يرض رأسه. وقال في تخريجه: رواه البخاري برقم (6885).
قلتُ: الحديث في هذا الموضع مختصر جدا، وليس فيه ما ساقه المؤلف من أجله، وهو: قول الجريح قتلني فلان. واللفظ المشابه لما ساقه المؤلف في صحيح البخاري برقم (2413) و (2746) و (5295) وغيرها.
ص 326: السطر:17 الخطأ: وجبريل رسول الله ينادي.
والصواب: وجبريل رسول الله فينا.
وهو في صحيح مسلم (2490) ولم يخرجه.
ص329 السطر 7 / الخطأ: وابن محيص.
والصواب: وابن محيصن.
ص573 السطر 13 / الخطأ: بندار عن محمد بن بشار.
والصواب: بندار محمد بن بشار.
ص 586 السطر 8 / الخطأ: ضمان البدن.
والصواب: ضمان البدل.
ص602 السطر 9 / الخطأ: ورويمعن.
والصواب: وروى معن.
ويلاحظ في مواضع كثيرة وجود النقطتين تحت الألف المقصورة، وعدم وجودها في الياء، وإن كان الثاني أمره أهون، لكن حسب الاصطلاح الآن.
ص613: السطر الأخير / الخطأ: عن معاوية بن حيدة.
الصواب: ابن معاوية بن حيدة.
ص627: السطر: 16 / الخطأ: عبد الرحمن بن أبي بكر.
الصواب: محمد بن أبي بكر.
ص637: السطر 11 / في (حل) الرضاعة، وأشار في الحاشية أنه في نسحة: (محل).
قلتُ: الذي يناسب السياق ما في الحاشية، وبالمناسبة فالمحقق أثقل الكتاب بحواشي كثيرة جدا ليس لها أدنى فائدة، حتى إني سئمت من مطالعة كثير منها! وخذ بعض ما جاء في هذه الصفحة فقط: الحاشية (1) و (2) و (3) فليس لها أدنى فائدة، ومع ذلك يترك أشياء كثيرة تحتاج إلى تعليق في كلام المؤلف فخذ مثلا: في ص 643: قال المؤلف ورواه البخاري تعليقا فقال: قال لي طلق بن غنام ... الخ، ولم يعلق المحقق على ذلك مع أن تخصصه في السنة ـ كما قال الشيخ أحمد معبد في المقدمة ـ، ولا يخفى أن هذه الصيغة متصلة وليست من التعليق لأن البخاري نص على السماع بقوله: قال لي طلق، ولم يقل: قال طلق.
ص647: السطر 10/ الخطأ: فهو يقوله. ثم وضع حاشية، وذكر فيها أن في بعض النسخ: مقوله اهـ.
قلت ُ: الصواب: فهو يقويه، ولا معنى للكلام حسب ما أثبت المحقق، والسياق ظاهر فيما ذكرتُ، ثم لزيادة التثبت بحثت عن كلام البيقهي فوجدته في معرفة السنن والآثار 5/ 400 ونصه: وليث بن أبي سليم راوي حديث ابن عباس غير محتج به، ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (تؤكده) ..
ص652: السطر 12/ الخطأ:محمد بن حازم الضرير.
الصواب: محمد بن خازم الضرير.
ص663: السطر 18 / الخطأ: يوضع الحمل.
الصواب: بوضع الحمل.
ص669: السطر 12 / الخطأ: ى موسى الكليم عليه الصلاة والسلام 677موروثا لخلفهم عن سلفهم إلى فلم يزل بهم تماديهم.
الصواب: موروثا لخلفهم عن سلفهم إلى موسى الكليم عليه الصلاة والسلام فلم يزل بهم تماديهم.
وفيها في سطر 17: شمويل: أي سمع الله.
أظن الصواب: شمويل: أي سمع الله دعائي.
ص673: السطر 6 / الخطأ: وجنبا الفرار.
الصواب: وجنبنا الفرار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ص 678: السطر: 2 / الخطأ: عن بن أبي ليلى عن أخيه عبد الرحمن بن أبي ليلى.
والصواب: عن بن أبي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
ص680: السطر 18/الخطأ: أخبرنا يحيييبن عقيل.
والصواب: يحيى بن عقيل.
ص681: السطر الأخير/ الخطأ: يحيييبن المغيرة.
والصواب: يحيى بن المغيرة.
ص695: السطر 3/ وابتغاء مرضانه.
والصواب: وابتغاء مرضاته.
ص695: السطر 13/ أبي عبيدة [بن الجراح] وأشار في الهامش أنه زاد ما بين المعكوفين من المسند.
قلتُ: وما أدري ما الفائدة، وما الداعي من فعله هذا؟! مع أن هذا السند نفسه سقط منه: الوليد بن عبد الرحمن الجرشي! ولم يستدركه، وقد نبه على ذلك الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه المسند 3/ 145 وكذا محققو المسند طبعة الرسالة 3/ 220 - 221، ولعل الشيخ يراجع أسانيد الكتاب مع الطبعتين فهما أولى من الميمنية.
ص695: السطر 23/ الخطأ: سليمان بن مهران عن الأعمش.
الصواب: سليمان بن مهران الأعمش.
ص699 السطر 16/ الخطأ: عامل يحسبه.
الصواب: عامل بحسبه.
ص705: السطر: 16/الخطأ: للعالمين.
والصواب: للعاملين.
ص607 السطر20 /الخطأ: سأما عمر فجاء.
والصواب: أما عمر فجاء.
ص714 السطر 2 / {فَلَهُ مَا سَلَفَ} فإنه ما كان أكل. وذكر في الهامش أنه في بعض النسخ: فله.
قلت: والذي في الهامش (فله)، أقرب. وأخرجه عمن ذُكِر مسندا ابن أبي حاتم 2/ 546 باللفظ الذي في الهامش.
والمحقق مع أنه ذكر في مقدمة الطبعة الثانية أنه قابل جميع النصوص المنقولة عن تفسير ابن أبي حاتم بالمطبوع لكني لم أجد العزو له في مواضع كثيرة.
وجاء في مقدمته أيضا أن تفسير ابن أبي حاتم طبع في هذه الفترة يعني بين طبعته الأولى عام 1418هـ.
وأظنه يقصد الطبعة التي صدرت عن مكتبة نزار مصطفى الباز، المكتوب عليها أنها صدرت عام 1417هـ، وأظنه لم يعلم أنه قد طبع منه أجزاء قبل ذلك بزمن، طبعته مكتبة الدار بالمدينة، وحقق بعضه في رسائل علمية، ومنها نسخ في مكتبة الملك فهد بالرياض.
وفي هذه الصفحة 714: أثر عند ابن أبي حاتم لم يخرجه .. وذكره المؤلف ابن كثير ص 721 وضعفه، ولم يربط بينهما!.
وكذا لا يربط ما يقول فيه المؤلف تقدم، أو سيأتي.
ص727 السطر 24/ الخطأ: نجيئه بماله.
والصواب: تجيئه بماله.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[22 Aug 2004, 03:28 م]ـ
المجلد الثاني
الصفحة 8 السطر19: ورواه محمد بن يحيى العبدي في مسنده
0000000والصواب: ورواه محمد بن يحيى العدني في مسنده.
الصفحة 9 السطر 10: عن النعمان بن محمد بن الفضل السدوسي
00000000والصواب: عن أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي.
الصفحة 29 السطر2من أسفل: من الدجاج ة = يصحح، الدجاجة.
في ص30و31 عزا المؤلف أثرين للبخاري، ولم يخرجهما.
ص32 حديث في صحيح مسلم لم يخرجه.
ص34: ذكر المؤلف قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ". أخرجاه. قال المحقق في الحاشية (1) رواه البخاري تعليقا برقم (1303) ورواه مسلم برقم (2315) من حديث أنس بن مالك.
قلت: أولا: الحديث الذي أشار إليه المحقق عند البخاري تعليقا! = مسند متصل، وليس بمعلق.
ثانيا: ليس عندي البخاري الجزء المذكور والمحتج به من الحديث الذي أشار إليه ابن كثير بل هو عند مسلم فقط، وإن كان أصل الحديث والقصة عند البخاري.
ص35 سطر 1 وروى من حدبث يصحح:حديث.
ص35 سطر 5: عزا المؤلف طريق إلي مسلم ولم يخرجه، وإن كان قد خرج طريقا قبله لنفس الحديث في الصفحة التي قبلها.
ص35: سطر 16: قال (وكَفّلها زكريّا) وفي قراءة (وكَفّلها زكريّا) بتشديد الفاء ونصب زكريا على المفعولية.
قلت: لم يفرق بينهما، والصواب: في القراءة الأولى: (وكَفَلَها زكريّاءُ).
وفيه أمور تحتاج إلى تأمل وتعليق ككثير من الإسرائليات الغريبة، والمنكرة.
ـ[موراني]ــــــــ[22 Aug 2004, 06:54 م]ـ
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ".
نعم , أخرجه مسلم , وأبو داود , الرقم 3126
وعلق ابن حجر على رواية البخاري تعليقا حسن وذكر ما روى مسلم في الصحيح: فتح الباري , ج 3 , ص 173 وما بعدها. انظر أيضا ابن حبان , ج 7 , ص 162
كما رواه مسلم.
هذا , فمن المعروف أن ابن كثير أدخل في تفسيره كثيرا من الاسرائيليات. لقد قرأت في أحد الروابط قبل أسابيع تقريبا اقتراحا لاخراج التفسير لابن كثير بحذف الاسرائيليات فيه!
فأرى أنه ليس من الحق لأحد اسقاط أبواب أو فقرات أو حذفها من كتاب ألفه القدماء.
لقد سبق لي أن رأيت مطبوعا للسيرة النبوية لابن هشام اسقطت منها جميع الاسرائيليات!
تقديرا
موراني
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[23 Aug 2004, 05:09 م]ـ
د/ موراني
لا أدري ما وجه تعليقك هذا!
أنا قلت:في الحديث أن المحقق أشار إلى أنه خرجه البخاري تعليقا، والمعلق من أنواع علوم الحديث هو: ما سقط من أول إسناده راو أو أكثر ... وهذا الحديث ليس من هذا النوع بل هو مسند متصل .. الخ
وكلامي عن الاسرائليات هو بالتعليق على ما كان منها غريبا أو منكرا أو ما ثبت بطلانه .. الخ
ولم أرد أن تخرج من الكتاب فهذا عبث لا أستسيغه.
لعلي وضحت قصدي أكثر الآن مع أنه كان واضحا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[23 Aug 2004, 07:46 م]ـ
عبد الرحمن السديس المحترم
أرجو ألا يكون هناك سوء تفاهم بيننا. لم يكن قصدي الا اضافة مصادر أخرى لهذا الحديث بما فيه تعليق ابن حجر على البخاري.
أما الاسرائليات فاشارتكم الى الغرائب منها قد ذكّرتني على ما هناك من الاقتراحات الصادرة عن بعض الناس لاسقاط الاسرائليات من التفسير
تقديرا
موراني(/)
شبهتين بحاجة الى الرد عليهما
ـ[الصياد]ــــــــ[15 Aug 2004, 10:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
وجدت هاتين الشبهتين واحببت ان اطرحهما هنا لعلى اجد رداً عليهما من اهل العلم
الشبهة الاولى:
قال تعالى:" ((قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى))
فعندما تصفحنا التفسير في جامع البيان عن تأويل آي القرآن (للطبري) قرأت هذا الحديث:
8521 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه سأل عائشة عن قوله: {والمقيمين الصلاة} وعن قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون} [المائدة: 69] وعن قوله: {إن هذان لساحران} [طه: 63] فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب.
وذكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود: "والمقيمون الصلاة".
-----------انتهى ----------
فهل هو خطأ الكتاب،، ام قراءة من القراءات؟
واذا كانت قراءة اين الدليل؟
ثم قد قرأت في الدر المنثور ((للسيوطي)) قوله:
((وأخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال: لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها، قال ابن أبي داود: هذا عندي يعني بلغتها فينا، وإلا فلو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعا لما استجاز أن يبعث إلى قوم يقرأونه.
وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال: لما أتى عثمان بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن، فقال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا.
وأخرج ابن أبي داود عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
وأخرج ابن أبي داود عن يحيى بن يعمر قال: قال عثمان: إن في القرآن لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.))
الشبهة الثانية:
هل اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف؟
الجامع لأحكام القرآن (القرطبي)
قوله تعالى: "وقضى" أي أمر وألزم وأوجب. قال ابن عباس والحسن وقتادة: وليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر. وفي مصحف ابن مسعود "ووصى" وهي قراءة أصحابه وقراءة ابن عباس أيضا وعلي وغيرهما، وكذلك عند أبي بن كعب. قال ابن عباس: إنما هو "ووصى ربك" فالتصقت إحدى الواوين فقرئت "وقضى ربك" إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد. وقال الضحاك: تصحفت على قوم "وصى بقضي" حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف. وذكر أبو حاتم عن ابن عباس مثل قول الضحاك. وقال عن ميمون بن مهران أنه قال: إن على قول ابن عباس لنورا؛
جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبري)
16755 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير بن أبي الأشعث، قال: ثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس مصحفا، فقال: هذا على قراءة أبي بن كعب، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نصير فيه: "ووصى ربك" يعني: وقضى ربك.
16756 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} قال: وأوصى ربك.
فتح الباري (ابن حجر)
وقد جاء عن ابن عباس نحو ذلك في قوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) قال " ووصى " التزقت الواو في الصاد، أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه.
فتح الباري (ابن حجر)
وتفسير (قضى ربك أن لا تعبدوا) بمعنى وصى منقول من مصحف أبي بن كعب أخرجه الطبري، وأخرجه أيضا من طريق قتادة قال: هي في مصحف ابن مسعود ووصى، ومن طريق مجاهد في قوله: وقضى قال: وأوصى ومن طريق الضحاك أنه قرأ " ووصى " وقال: ألصقت الواو بالصاد فصارت قافا فقرئت وقضى، كذا قال واستنكروه منه.
وأما تفسيره بالأمر كما قال أبو عبيدة فوصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ومن طريق الحسن وقتادة مثله، وروى ابن أبي حاتم من طريق ضمرة عن الثوري قال: معناه أمر ولو قضى لمضى، يعني لو حكم.
ما صحة هذا القول ايها الاخوة(/)
بناء التصور الإسلامي الصحيح في ضمير الجماعة مقدمة الوحدة
ـ[خالد فايز]ــــــــ[15 Aug 2004, 11:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:-
بناء التصور الإسلامي الصحيح في ضمير الجماعة مقدمة الوحدة
عوامل بناء الأمة الجديدة:
لقد كان هذا القرآن ينشى ء أمة جديدة ينشئها من المجموعات المسلمة التي التقطها الإسلام من سفوح الجاهلية التي كانت تهيم فيها ; ليأخذ بيدها في المرتقى الصاعد إلى القمة السامقة ; وليسلمها بعد أن تكمل نشأتها قيادة البشرية ; ويحدد لها دورها الضخم في هذه القيادة ومن بين عوامل البناء تطهير ضمائر هذه الجماعة ; وتطهير جو المجتمع الذي تعيش فيه ; ورفع المستوى الخلقي والنفسي الذي تستوي عليه وحينما بلغت تلك الجماعة هذا المستوى ; تفوقت في أخلاقها الفردية والاجتماعية ; بقدر تفوقها في تصورها الاعتقادي ; على سائر أهل الأرض وعندئذ صنع الله بها في الأرض ما قدر أن يصنعه ; وأقامها حارسة لدينه ومنهجه ; وقائده للبشرية الضالة إلى النور والهدى ; وأمينة على قيادة البشرية وإرشادها وحينما تفوقت في هذه الخصائص تفوقت على كل أهل الأرض ; فكانت قيادتها للبشرية أمرا طبيعيا وفطريا ; وقائما على أسسه الصحيحة ومن هذا الوضع الممتاز تفوقت كذلك في العلم والحضارة والاقتصاد والسياسة وكان هذا التفوق الأخير ثمرة للتفوق الأول في المستوى الاعتقادي والاخلاقي وهذه هي سنة الله في الأفراد والجماعات وطرف من هذا التطهير للنفس والمجتمع يتمثل في هاتين الآيتين.
الدرس الأول: تطهير النفس والمجتمع.
(لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما) (إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرًا). إن المجتمع شديد الحساسية وفي حاجة إلى آداب اجتماعية تتفق مع هذه الحساسية ورب كلمة عابرة لا يحسب قائلها حسابا لما وراءها ; ورب شائعة عابرة لم يرد قائلها بها إلا فردا من الناس ولكن هذه وتلك تترك في نفسية المجتمع وفي أخلاقه وفي تقاليده وفي جوه آثارا مدمرة ; وتتجاوز الفرد المقصود إلى الجماعة الكبيرة والجهر بالسوء من القول في أية صورة من صوره سهل على اللسان ما لم يكن هناك تحرج في الضمير وتقوى لله وشيوع هذا السوء كثيرا ما يترك آثارا عميقة في ضمير المجتمع كثيرا ما يدمر الثقة المتبادلة في هذا المجتمع فيخيل إلى الناس أن الشر قد صار غالبا وكثيرا ما يزين لمن في نفوسهم استعداد كامن للسوء ولكنهم يتحرجون منه أن يفعلوه لأن السوء قد أصبح ديدن المجتمع الشائع فيه فلا تحرج إذن ولا تقيه وهم ليسوا بأول من يفعل وكثيرا ما يذهب ببشاعة السوء بطول الألفة فالإنسان يستقبح السوء أول مرة بشدة ; حتى إذا تكرر وقوعه أو تكرر ذكره خفت حدة استقباحه والاشمئزاز منه ; وسهل على النفوس أن تسمع بل أن ترى ولا تثور للتغيير على المنكر ذلك كله فوق ما يقع من الظلم على من يتهمون بالسوء ويشاع عنهم وقد يكونون منه أبرياء ولكن قالة السوء حين تنتشر ; وحين يصبح الجهر بها هينا مألوفا فإن البريء قد يتقول عليه مع المسيء ; ويختلط البر بالفاجر بلا تحرج من فرية أو اتهام ; ويسقط الحياء النفسي والجتماعي الذي يمنع الألسنة من النطق بالقبيح ; والذي يعصم الكثيرين من الإقدام على السوء إن الجهر بالسوء يبدأ في أول الأمر اتهامات فردية سبا وقذفا وينتهى انحلالا اجتماعيا ; وفوضى أخلاقية ; تضل فيها تقديرات الناس بعضهم لبعض أفرادا وجماعات ; وتنعدم فيها الثقة بين بعض الناس وبعض ; وقد شاعت الاتهامات ; ولاكتها الألسنة بلا تحرج لذلك كله كره الله للجماعة المسلمة أن تشيع فيها قالة السوء وأن يقتصر حق الجهر بها على من وقع عليه ظلم ; يدفعه بكلمة السوء يصف بها الظالم ; في حدود ما وقع عليه منه من الظلم لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ففي هذه الحالة يكون الوصف بالسوء ويشمل ما تعبر عنه المصطلحات القانونية بالسب والقذف انتصارا من ظلم ودفعا لعدوان وردا لسوء بذاته قد وقع بالفعل على إنسان بذاته ; وتشهيرا بالظلم والظالم في المجتمع ; لينتصف المجتمع للمظلوم ; وليضرب على يد الظالم ; وليخشى الظالم عاقبة فعله فيتردد في تكراره والجهر بالسوء عندئذ يكون محدد المصدر من الشخص الذي وقع عليه الظلم
(يُتْبَعُ)
(/)
محدد السبب فهو الظلم المعين الذي يصفه المظلوم موجها إلى شخص بذاته هو الذي وقع منه الظلم عندئذ يكون الخير الذي يتحقق بهذا الجهر مبررا له ; ويكون تحقيق العدل والنصفة هو الهدف لا مطلق التشهير إن الإسلام يحمي سمعة الناس ما لم يظلموا فإذا ظلموا لم يستحقوا هذه الحماية ; وأذن للمظلوم أن يجهر بكلمة السوء في ظالمه ; وكان هذا هو الاستثناء الوحيد من كف الألسنة عن كلمة السوء وهكذا يوفق الإسلام بين حرصه على العدل الذي لا يطيق معه الظلم وحرصه على الأخلاق الذي لا يطيق معه خدشا للحياء النفسي والاجتماعي ويعقب السياق القرآني على ذلك البيان هذا التعقيب الموحي وكان الله سميعا عليمًا ليربط الأمر في النهاية بالله بعد ما ربطه في البداية بحب الله وكرهه لا يحب الله الجهر بالسوء وليشعر القلب البشري أن مرد تقدير النية والباعث وتقدير القول والاتهام لله السميع لما يقال العليم بما وراءه مما تنظوي عليه الصدور ثم لا يقف السياق القرآني عند الحد السلبي في النهي عن الجهر بالسوء ; إنما يوجه إلى الخير الإيجابي عامة ; ويوجه إلى العفو عن السوء ; ويلوح بصفة الله سبحانه في العفو وهو قادر على الأخذ ليتخلق المؤمنون بأخلاق الله سبحانه فيما يملكون وما يستطيعون إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرًا وهكذا يرتفع المنهج التربوي بالنفس المؤمنة والجماعة المسلمة درجة أخرى في أول درجة يحدثهم عن كراهة الله سبحانه للجهر بالسوء ويرخص لمن وقع عليه الظلم أن ينتصف أو يطلب النصف بالجهر بالسوء فيمن ظلمه ومما وقع عليه من الظلم وفي الدرجة الثانية يرتفع بهم جيمعا إلى فعل الخير ; ويرتفع بالنفس التي ظلمت وهي تملك أن تنتصف من الظلم بالجهر أن تعفو وتصفح عن مقدرة فلا عفو بغير مقدرة فيرتفع على الرغبة في الانتصاف إلى الرغبة في السماحة ; وهي أرفع وأصفى عندئذ يشيع الخير في المجتمع المسلم إذا أبدوه ويؤدي دوره في تربية النفوس وتزكيتها إذا أخفوه فالخير طيب في السر طيب في العلن وعندئذ يشيع العفو بين الناس فلا يكون للجهر بالسوء مجال على أن يكون عفو القادر الذي يصدر عن سماحة النفس لا عن مذلة العجز ; وعلى أن يكون تخلقا بأخلاق الله الذي يقدر ويعفو فإن الله كان عفوا قديرًا بعد ذلك يأخذ السياق في جولة مع الذين أوتوا الكتاب بصفة عامة ثم ينتقل منها إلى اليهود في شوط وإلى النصارى في الشوط الآخر واليهود يجهرون بالسوء إفكا وبهتانا على مريم وعلى عيسى ويأتي ذكر هذا الجهر في ثنايا الجولة ; فترتبط هذه الجولة بذلك البيان الذي تتضمنة الآيتان السابقتان في السياق والجولة كلها طرف من المعركة التي خاضها القرآن مع أعداء الجماعة المسلمة في المدينة والتي سلفت منها في هذه السورة وفي سورتي البقرة وآل عمران أطراف أخرى فنأخذ في استعراضها هنا كما وردت في السياق القرآني
الدرس الثاني: كفر من فرقوا بين الرسل واشتراط الإيمان بهم جميعا.
(إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيمًا).
لقد كان اليهود يدعون الإيمان بأنبيائهم ; وينكرون رسالة عيسى ورسالة محمد ; كما كان النصارى يقفون بإيمانهم عند عيسى فضلا عن تأليهه وينكرون رسالة محمد كذلك وكان القرآن ينكر على هؤلاء وهؤلاء ; ويقرر التصور الإسلامي الشامل الكامل عن الإيمان بالله ورسوله ; بدون تفريق بين الله ورسله ; وبدون تفريق كذلك بين رسله جميعا وبهذا الشمول كان الإسلام هو الدين الذي لا يقبل الله من الناس غيره لأنه هو الذي يتفق مع وحدانية الله ; ومقتضيات هذه الوحدانية إن التوحيد المطلق لله سبحانه يقتضي توحيد دينه الذي أرسل به الرسل للبشر وتوحيد رسله الذين حملوا هذه الأمانة للناس وكل كفر بوحدة الرسل أو وحدة الرسالة هو كفر بوحدانية الله في الحقيقة ; وسوء تصور لمقتضيات هذه الوحدانية فدين الله للبشر ومنهجه للناس هو هو لا يتغير في أساسه كما أنه لا يتغير في مصدره لذلك عبر السياق هنا عمن يريدون التفرقة بين الله ورسله بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل وعمن يريدون
(يُتْبَعُ)
(/)
التفرقة بين الرسل بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا ببعضهم عبر عن هؤلاء وهؤلاء بأنهم الذين يكفرون بالله ورسله وعد تفرقتهم بين الله ورسله وتفرقتهم بين بعض رسله وبعض كفرا بالله وبرسله إن الإيمان وحدة لا تتجزأ الإيمان بالله إيمان بوحدانيته سبحانه ووحدانيته تقتضي وحدة الدين الذي ارتضاه للناس لتقوم حياتهم كلها كوحدة على أساسه ويقتضي وحدة الرسل الذين جاءوا بهذا الدين من عنده لا من عند أنفسهم ولا في معزل عن إرادته ووحيه ووحدة الموقف تجاههم جميعا ولا سبيل إلى تفكيك هذه الوحدة إلا بالكفر المطلق ; وإن حسب أهله أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وكان جزاؤهم عند الله أن أعد لهم العذاب المهين أجمعين أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينًا أما المسلمون فهم الذين يشتمل تصورهم الاعتقادي على الإيمان بالله ورسله جميعا ; بلا تفرقة فكل الرسل عندهم موضع اعتقاد واحترام ; وكل الديانات السماوية عندهم حق ما لم يقع فيها التحريف فلا تكون عندئذ من دين الله وإن بقي فيها جانب لم يحرف إذ أن الدين وحدة وهم يتصورون الأمر كما هو في حقيقته إلها واحدا ارتضى للناس دينا واحدا ; ووضع لحياتهم منهجا واحدا وأرسل رسله إلى الناس بهذا الدين الواحد وهذا المنهج الواحد وموكب الإيمان في حسهم موصول يقوده نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإخوانهم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا ونسبهم هم إلى هذا الموكب الموصول عريق ; وهم حملة هذه الأمانة الكبرى وهم ورثة هذا الخير الموصول على طول الطريق المبارك لا تفرقة ولا عزلة ولا انفصام وإليهم وحدهم انتهى ميراث الدين الحق وليس وراء ما عندهم إلا الباطل والضلال وهذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله غيره من أحد وهؤلاء هم المسلمون الذين يستحقون الأجر من الله على ما عملوا ويستحقون منه المغفرة والرحمة فيما قصروا فيه أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيمًا والإسلام إنما يتشدد هذا التشدد في توحيد العقيدة في الله ورسله لأن هذا التوحيد هو الأساس اللائق بتصور المؤمن لإلهه سبحانه كما أنه هو الأساس اللائق بوجود منظم غير متروك للتعدد والتصادم ولأنه هو العقيدة اللائقة بإنسان يرى وحدة الناموس في هذا الوجود أينما امتد بصره ولأنه هو التصور الكفيل بضم المؤمنين جميعا في موكب واحد يقف أمام صفوف الكفر وفي حزب واحد يقف أمام أحزاب الشيطان ولكن هذا الصف الواحد ليس هو صف أصحاب الاعتقادات المحرفة ولو كان لها أصل سماوي إنما هو صف أصحاب الإيمان الصحيح والعقيدة التي لم يدخلها انحراف ومن ثم كان الإسلام هو الدين وكان المسلمون خير أمة أخرجت للناس المسلمون المعتقدون عقيدة صحيحة العاملون بهذه العقيدة لا كل من ولد في بيت مسلم ولا كل من لاك لسانه كلمة الإسلام وفي ظل هذا البيان يبدو الذين يفرقون بين الله ورسله ويفرقون بين بعض الرسل وبعض منقطعين عن موكب الإيمان مفرقين للوحدة التي جمعها الله منكرين للوحدانية التي يقوم عليها الإيمان بالله
الدرس الثالث: جرائم اليهود ضد الأنبياء.
وبعد تركيز تلك القاعدة الأساسية في التصور الإسلامي عن حقيقة الإيمان وحقيقة الكفر فيما يتعلق بالرسل والرسالات يأخذ في استعراض بعض مواقف اليهود في هذا المجال وفي مجال الجهر بالسوء الذي بدى ء به هذا الدرس منددا بموقفهم من النبى ص ورسالته وتعنتهم في طلب الآيات والأمارات منه ويقرن بين موقفهم هذا وما كان لهم من مواقف مع نبيهم موسى عليه السلام ثم مع رسول الله من بعده عيسى عليه السلام وأمه مريم فإذا هم جبلة واحدة في أجيالهم المتتابعة والسياق يوحد بين الجيل الذي يواجه الرسول ص والجيل الذي واجه عيسى عليه السلام والجيل الذي واجه موسى كذلك من قبل ليؤكد هذا المعنى ويكشف عن هذه الجبلة يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ; فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا ; وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ; وأخذنا منهم ميثاقا غليظا فيما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا
(يُتْبَعُ)
(/)
وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ; وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليمًا لقد وقف اليهود في الجزيرة من الإسلام ونبي الإسلام ذلك الموقف العدائي المتعنت المكشوف وكادوا له ذلك الكيد المبيت المستمر العنيد الذي وصفه القرآن تفصيلا واستعرضنا ألوانا منه في سورتي البقرة وآل عمران وفي هذه السورة كذلك من قبل في الجزء الخامس وهذا الذي تقصه الآيات هنا لون آخر إنهم يتعنتون فيطلبون إلى رسول الله ص أن يأتيهم من السماء كتاب مخطوط ينزله عليهم من السماء مجسما يلمسونه بأيديهم يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ويتولى الله سبحانه الإجابة عن نبيه ويقص عليه وعلى الجماعة المسلمة في مواجهة اليهود صفحة من تاريخهم مع نبيهم وقائدهم ومنقذهم موسى عليه السلام الذي يزعمون أنهم يؤمنون به ; ويرفضون التصديق بعيسى من بعده وبمحمد إن هذه الجبلة ليست جديدة عليهم ; وليست طابع هذا الجيل وحده منهم إنما هي جبلتهم من قديم إنهم هم هم من عهد موسى نبيهم وقائدهم ومنقذهم إنهم هم هم غلظ حس فلا يدركون إلا المحسوسات وهم هم تعنتا وإعناتا فلا يسلمون إلا تحت القهر والضغط وهم هم كفرا وغدرا فسرعان ما ينقلبون فينقضون عهدهم لا مع الناس وحدهم ولكن مع ربهم كذلك وهم هم قحة وافتراء ; فلا يعنيهم أن يتثبتوا من قول ; ولا يتورعون كذلك عن الجهر بالنكر وهم هم طمعا في عرض الدنيا ; وأكلا لأموال الناس بالباطل ; وإعراضا عن أمر الله وعما عنده من ثواب إنها حملة تفضحهم وتكشفهم ; وتدل قوتها وتنوع اتجاهاتها على ما كان يقتضيه الموقف لمواجهة خبث الكيد اليهودي للإسلام ونبي الإسلام في ذلك الأوان وهو هو خبث الكيد الذي ما يزالون يزاولونه ضد هذا الدين وأهله حتى الآن يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فلا عليك من هذا التعنت ; ولا غرابة فيه ولا عجب منه فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ولم تبلغ الآيات البينات التي أظهرها الله لهم على يد موسى نبيهم أن تلمس حسهم ; وتوقظ وجدانهم وتقود قلوبهم إلى الطمأنينة والاستسلام ; فإذا هم يطلبون رؤية الله سبحانه عيانا وهو مطلب طابعة التبجح الذي لا يصدر عن طبع خالطته بشاشة الإيمان ; أو فيه استعداد للإيمان فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ولكن الله سبحانه عفا عنهم ; وتقبل فيهم دعاء موسى عليه السلام وضراعته إلى ربه ; كما ورد في السورة الأخرى فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات عجل الذهب الذي صاغه لهم السامري مما كانوا قد أخذوه حيلة من نساء المصريين وهم خارجون من مصر فإذا هم يعكفون عليه ; ويتخذونه إلها في غيبة موسى عنهم في مناجاة ربه في الموعد الذي حدده له لينزل عليه الألواح فيها هدى ونور فعفونا عن ذلك ولكن اليهود هم اليهود لا يفلح معهم إلا القهر والخوف وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظًا والسلطان الذي آتاه الله موسى هو في الغالب الشريعة التي تضمنتها الألواح فشريعة الله سلطان من الله ; وكل شريعة غير شريعة الله ما أنزل الله بها من سلطان ; وما جعل فيها من سطوة على القلوب لذلك تستهين القلوب بالشرائع والقوانين التي يسنها البشر لأنفسهم ولا تنفذها إلا تحت عين الرقيب وسيف الجلاد فأما شريعة الله فالقلوب تخضع لها وتخنع ; ولها في النفس مهابة وخشية ولكن اليهود الذين لا تستشعر قلوبهم الإيمان أبوا الاستسلام لما في الألواح وهنا جاءهم القهر المادي الذي يناسب
(يُتْبَعُ)
(/)
طبيعتهم الغليظة إذ نظروا فرأوا الصخرة معلقة فوق رؤوسهم ; تهددهم بالوقوع عليهم ; إذا هم لم يستسلموا ولم يتعهدوا بأخذ ما أعطاهم الله من العهد ; وما كتب عليهم من التكاليف في الألواح عندئذ فقط استسلموا ; وأخذوا العهد ; وأعطوا الميثاق ميثاقا غليظا مؤكدا وثيقا يذكره بهذه الصفة ليتناسق المشهد مع غلظ الصخر المرفوع فوقهم وغلظ القلب الذي في صدورهم ثم يعطي إلى جانب التناسق معنى الجسامة والوثاقة والمتانة على طريقة القرآن الكريم في التعبير بالتصوير وبالتخييل الحسي والتجسيم وكان في هذا الميثاق أن يدخلوا بيت المقدس سجدا وأن يعظموا السبت الذي طلبوا أن يكون لهم عيدا ولكن ماذا كان إنهم بمجرد ذهاب الخوف عنهم ; وغياب القهر لهم تملصوا من الميثاق الغليظ فنقضوه وكفروا بآيات الله وقتلوا أنبياءه بغير حق وتبجحوا فقالوا إن قلوبنا لا تقبل موعظة ولا يصل إليها قول لأنها مغلفة دون كل قول وفعلوا كل الأفاعيل الأخرى التي يقصها الله سبحانه على رسوله وعلى المسلمين في مواجهة اليهود في سياق هذه الآيات فيما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف وعند قولهم قلوبنا غلف وهي القولة التي كانوا يجيبون بها على دعوة الرسول ص إما تيئيسا له من إيمانهم واستجابتهم وإما استهزاء بتوجيه الدعوة إليهم وتبجحا بالتكذيب وعدم الإصغاء وإما هذا وذلك معا عند قولهم هذا ينقطع السياق للرد عليهم بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا فهي ليست مغلفة بطبعها إنما هم كفرهم جر عليهم أن يطبع الله على قلوبهم فإذا هي صلدة جامدة مغطاة لا تستشعر نداوة الإيمان ولا تتذوق حلاوته فلا يقع منه الإيمان إلا قليلا ممن لم يستحق بفعله أن يطبع الله على قلبه أي أولئك الذين فتحوا قلوبهم للحق واستشرفوه فهداهم الله إليه ورزقهم إياه وهم قلة قليلة من اليهود كعبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسد بن سعية وأسد بن عبيدالله وبعد هذا الاستدراك والتعقيب يعود السياق إلى تعداد الأسباب التي استحقوا عليها ما استحقوا من تحريم بعض الطيبات عليهم في الدنيا ومن إعداد النار وتهيئتها لهم لتكون في انتظارهم في الآخرة وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ويكرر صفة الكفر كلما ذكر إحدى منكراتهم فقد ذكرها عند قتلهم الأنبياء بغير حق وما يقتل نبي بحق أبدا فهي حال لتقرير الواقع وذكرها هنا بمناسبة قولهم على مريم بهتانا عظيما وقد قالوا على مريم الطاهرة ذلك المنكر الذي لا يقوله إلا اليهود فرموها بالزنا مع يوسف النجار لعنة الله عليهم ثم تبجحوا بأنهم قتلوا المسيح وصلبوه وهم يتهكمون بدعواه الرسالة فيقولون قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وحين يصل السياق إلى هذه الدعوى منهم يقف كذلك للرد عليها وتقرير الحق فيها وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ; ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيمًا إن قضية قتل عيسى عليه السلام وصلبه قضية يخبط فيها اليهود كما يخبط فيها النصارى بالظنون فاليهود يقولون إنهم قتلوه ويسخرون من قوله إنه رسول الله فيقررون له هذه الصفة على سبيل السخرية والنصارى يقولون إنه صلب ودفن ولكنه قام بعد ثلاثة أيام و التاريخ يسكت عن مولد المسيح ونهايته كأن لم تكن له في حساب وما من أحد من هؤلاء أو هؤلاء يقول ما يقول عن يقين فلقد تتابعت الأحداث سراعا ; وتضاربت الروايات وتداخلت في تلك الفترة بحيث يصعب الاهتداء فيها إلى يقين إلا ما يقصه رب العالمين والأناجيل الأربعة التي تروي قصة القبض على المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته كلها كتبت بعد فترة من عهد المسيح ; كانت كلها اضطهادا لديانته ولتلاميذه يتعذر معه تحقيق الأحداث في جو السرية والخوف والتشريد وقد كتبت معها أناجيل كثيرة ولكن هذه الأناجيل الأربعة اختيرت قرب نهاية القرن الثاني للميلاد ; واعتبرت رسمية واعترف بها ; لأسباب ليست كلها فوق مستوى الشبهات ومن بين الأناجيل التي كتبت في فترة كتابة الأناجيل الكثيرة إنجيل برنابا وهو يخالف الأناجيل الأربعة المعتمدة في قصة القتل والصلب فيقول ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع سمع يسوع دنو جم
(يُتْبَعُ)
(/)
غفير فلذلك انسحب إلى البيت خائفا وكان الأحد عشر نياما فلما رأى الخطر على عبده أمر جبريل وميخائيل ورفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم فجاء الملائكة الأطهار وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح إلى الأبد ودخل يهوذا بعنف إلى الغرفة التي أصعد منها يسوع وكان التلاميذ كلهم نياما فأتى الله العجيب بأمر عجيب فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه فصار شبيها بيسوع حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم لذلك تعجبنا وأجبنا أنت يا سيدي معلمنا أنسيتنا الآن إلخ وهكذا لا يستطيع الباحث أن يجد خبرا يقينا عن تلك الواقعة التي حدثت في ظلام الليل قبل الفجر ولا يجد المختلفون فيها سندا يرجح رواية على رواية وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن أما القرآن فيقرر قراره الفصل وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وماقتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيمًا ولا يدلي القرآن بتفصيل في هذا الرفع أكان بالجسد والروح في حالة الحياة أم كان بالروح بعد الوفاة ومتى كانت هذه الوفاة وأين وهم ما قتلوه وما صلبوه وإنما وقع القتل والصلب على من شبه لهم سواه لا يدلي القرأن بتفصيل آخر وراء تلك الحقيقة ; إلا ما ورد في السورة الأخرى من قوله تعالى يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي وهذه كتلك لا تعطي تفصيلا عن الوفاة ولا عن طبيعة هذا التوفي وموعده ونحن على طريقتنا في ظلال القرآن لا نريد أن نخرج عن تلك الظلال ; ولا أن نضرب في أقاويل وأساطير ; ليس لدينا من دليل عليها وليس لنا إليها سبيل ونعود من هذا الاستطراد مع عودة السياق القرآني إلى بقية هذا الاستدراك وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ; ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا وقد اختلف السلف في مدلول هذه الآية باختلافهم في عائد الضمير في موته فقال جماعة وما من أهل الكتاب من أحد إلا يؤمن بعيسى عليه السلام قبل موته أي عيسى وذلك على القول بنزوله قبيل الساعة وقال جماعة وما من أهل الكتاب من أحد إلا يؤمن بعيسى قبل موته أي موت الكتابي وذلك على القول بأن الميت وهو في سكرات الموت يتبين له الحق حيث لا ينفعه أن يعلم ونحن أميل إلى هذا القول الثاني ; الذي ترشح له قراءة أبى إلا ليؤمنن به قبل موتهم فهذه القراءة تشير إلى عائد الضمير ; وأنه أهل الكتاب وعلى هذا الوجه يكون المعنى أن اليهود الذين كفروا بعيسى عليه السلام وما زالوا على كفرهم به وقالوا إنهم قتلوه وصلبوه ما من أحد منهم يدركه الموت حتى تكشف له الحقيقة عند حشرجة الروح فيرى أن عيسى حق ورسالته حق فيؤمن به ولكن حين لا ينفعه إيمان ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا بذلك يحسم القرآن الكريم قصة الصلب ثم يعود بعدها إلى تعداد مناكر اليهود ; وما نالهم عليها من الجزاء الأليم في الدنيا والآخرة فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليمًا فيضيف إلى ما سبق من مناكرهم هذه المنكرات الجديدة الظلم والصد الكثير عن سبيل الله فهم ممعنون فيه ودائبون عليه وأخذهم الربا لا عن جهل ولا عن قلة تنبيه فقد نهوا عنه فأصروا عليه وأكلهم أموال الناس بالباطل بالربا وبغيره من الوسائل بسبب من هذه المنكرات ومما أسلفه السياق منها حرمت عليهم طيبات كانت حلالا لهم وأعد الله للكافرين منهم عذابا أليمًا وهكذا تتكشف هذه الحملة عن كشف طبيعة اليهود وتاريخهم ; وفضح تعلاتهم وعدم الاستجابة للرسول وتعنتهم ; ودمغهم بالتعنت مع نبيهم وقائدهم ومنقذهم ; ويسر ارتكابهم للمنكر وجهرهم بالسوء في حق الأنبياء والصالحين بل قتلهم والتبجح بقتلهم وتسقط بذلك وتتهاوى دسائس اليهود في الصف المسلم وكيدهم ومكرهم وحبائلهم وتعرف الجماعة المسلمة ما ينبغي أن تعرفه الأمة المسلمة في كل حين عن طبيعة اليهود وجبلتهم ووسائلهم وطرائقهم ; ومدى وقوفهم للحق في ذاته سواء جاء من غيرهم أو نبع فيهم فهم أعداء للحق وأهله وللهدى وحملته في كل أجيالهم وفي كل أزمانهم مع أصدقائهم ومع أعدائهم لأن جبلتهم عدوة للحق في ذاته ; جاسية قلوبهم غليظة
(يُتْبَعُ)
(/)
أكبادهم لا يحنون رؤوسهم إلا للمطرقة ولا يسلمون للحق إلا وسيف القوة مصلت على رقابهم وما كان هذا التعريف بهذا الصنف من الخلق ليقصر على الجماعة المسلمة الأولى في المدينة فالقرآن هو كتاب هذه الأمة ما عاشت فإذا استفتته عن أعدائها أفتاها وإذا استنصحته في أمرهم نصح لها ; وإذا استرشدت به أرشدها وقد أفتاها ونصح لها وأرشدها في شأن يهود فدانت لها رقابهم ثم لما اتخذته مهجورا دانت هي لليهود كما رأيناها تتجمع فتغلبها منهم الشر ذمة الصغيرة وهي غافلة عن كتابها القرآن شاردة عن هدية ملقية به وراءها ظهريا متبعة قول فلان وفلان وستبقى كذلك غارقة في كيد يهود وقهر يهود حتى تثوب إلى القرآن ولا يترك السياق الموقف مع اليهود حتى ينصف القليل المؤمن منهم ; ويقرر حسن جزائهم وهو يضمهم إلى موكب الإيمان العريق ويشهد لهم بالعلم والإيمان ويقرر أن الذي هداهم إلى التصديق بالدين كله ما أنزل إلى الرسول ص وما أنزل من قبله هو الرسوخ في العلم وهو الإيمان لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيمًا فالعلم الراسخ والإيمان المنير كلاهما يقود أهله إلى الإيمان بالدين كله كلاهما يقود إلى توحيد الدين الذي جاء من عند الله الواحد وذكر العلم الراسخ بوصفه طريقا إلى المعرفة الصحيحة كالإيمان الذي يفتح القلب للنور لفتة من اللفتات القرآنية التي تصور واقع الحال التي كانت يومذاك ; كما تصور واقع النفس البشرية في كل حين فالعلم السطحي كالكفر الجاحد هما اللذان يحولان بين القلب وبين المعرفة الصحيحة ونحن نشهد هذا في كل زمان فالذين يتعمقون في العلم ويأخذون منه بنصيب حقيقي يجدون أنفسهم أمام دلائل الإيمان الكونية ; أو على الأقل أمام علامات استفهام كونية كثيرة لا يجيب عليها إلا الاعتقاد بأن لهذا الكون إلها واحدا مسيطرا مدبرا متصرفا وذا إرادة واحدة وضعت ذلك الناموس الواحد وكذلك الذين تتشوق قلوبهم للهدى المؤمنون يفتح الله عليهم وتتصل أرواحهم بالهدى أما الذين يتناوشون المعلومات ويحسبون أنفسهم علماء فهم الذين تحول قشور العلم بينهم وبين إدراك دلائل الإيمان أو لا تبرز لهم بسبب علمهم الناقص السطحي علامات الاستفهام وشأنهم شأن من لا تهفو قلوبهم للهدى ولا تشتاق وكلاهما هو الذي لا يجد في نفسه حاجة للبحث عن طمأنينة الإيمان أو يجعل التدين عصبية جاهلية فيفرق بين الأديان الصحيحة التي جاءت من عند ديان واحد على أيدي موكب واحد متصل من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين وقد ورد في التفسير المأثور أن هذه الإشارة القرآنية تعني أول من تعني أولئك النفر من اليهود الذين استجابوا للرسول ص وذكرنا أسماءهم من قبل ولكن النص عام ينطبق على كل من يهتدي منهم لهذا الدين يقوده العلم الراسخ أو الإيمان البصير ويضم السياق القرآني هؤلاء وهؤلاء إلى موكب المؤمنين الذين تعينهم صفاتهم والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر وهي صفات المسلمين التي تميزهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالله واليوم الآخر وجزاء الجميع ما يقرره الله لهم أولئك سنؤتيهم أجرا عظيمًا ونلاحظ أن المقيمين الصلاة تأخذ إعرابا غير سائر ما عطفت عليه وقد يكون ذلك لإبراز قيمة إقامة الصلاة في هذا الموضع على معنى وأخص المقيمين الصلاة ولها نظائر في الأساليب العربية وفي القرآن الكريم لإبراز معنى خاص في السياق له مناسبة خاصة وهي هكذا في سائر المصاحف وإن كانت قد وردت مرفوعة والمقيمون الصلاة في مصحف عبدالله بن مسعود.
الدرس الرابع: حكمة الله من إرسال الرسل وذكر بعضهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويستطرد السياق في مواجهة أهل الكتاب واليهود منهم في هذا الموضع خاصة وموقفهم من رسالة محمد ص وزعمهم أن الله لم يرسله وتفريقهم بين الرسل وتعنتهم وهم يطلبون أمارة على رسالته كتابا ينزله عليهم من السماء فيقرر أن الوحي للرسول ليس بدعا وليس غريبا فهو سنة الله في إرسال الرسل جميعا من عهد نوح إلى عهد محمد وكلهم رسل أرسلوا للتبشير والإنذار ; اقتضت هذا رحمة الله بعبادة وأخذه الحجة عليهم وإنذاره لهم قبل يوم الحساب وكلهم جاءوا بوحي واحد لهدف واحد ; فالتفرقة بينهم تعنت لا يستند إلى دليل وإذا أنكروا هم وتعنتوا فإن الله يشهد وكفى به شاهدا والملائكة يشهدون إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيمًا فهو إذن موكب واحد يتراءى على طريق التاريخ البشري الموصول ورسالة واحدة بهدى واحد للإنذار والتبشير موكب واحد يضم هذه الصفوة المختارة من بين البشر نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وداود وموسى وغيرهم ممن قصهم الله على نبيه ص في القرآن وممن لم يقصصهم عليه موكب من شتى الأقوام والأجناس وشتى البقاع والأرضين في شتى الآونة والأزمان لا يفرقهم نسب ولا جنس ولا أرض ولا وطن ولا زمن ولا بيئة كلهم آت من ذلك المصدر الكريم وكلهم يحمل ذلك النور الهادي وكلهم يؤدي الإنذار والتبشير وكلهم يحاول أن يأخذ بزمام القافلة البشرية إلى ذلك النور سواء منهم من جاء لعشيرة ومن جاء لقوم ومن جاء لمدينة ومن جاء لقطر ثم من جاء للناس أجمعين محمد رسول الله ص خاتم النبيين كلهم تلقى الوحي من الله فما جاء بشيء من عنده وإذا كان الله قد كلم موسى تكليما فهو لون من الوحي لا يعرف أحد كيف كان يتم لأن القرآن وهو المصدر الوحيد الصحيح الذي لا يرقى الشك إلى صحته لم يفصل لنا في ذلك شيئا فلا نعلم إلا أنه كان كلاما ولكن ما طبيعته كيف تم بأية حاسة أو قوة كان موسى يتلقاه كل ذلك غيب من الغيب لم يحدثنا عنه القرآن وليس وراء القرآن في هذا الباب إلا أساطير لا تستند إلى برهان إولئك الرسل من قص الله على رسوله منهم ومن لم يقصص اقتضت عدالة الله ورحمته أن يبعث بهم إلى عبادة يبشرونهم بما أعده الله للمؤمنين الطائعين من نعيم ورضوان ; وينذرونهم ما أعده الله للكافرين العصاة من جحيم وغضب كل ذلك لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولله الحجة البالغة في الأنفس والآفاق ; وقد أعطى الله البشر من العقل ما يتدبرون به دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق ولكنه سبحانه رحمة منه بعباده وتقديرا لغلبة الشهوات على تلك الأداة العظيمة التي أعطاها لهم أداة العقل اقتضت رحمته وحكمته أن يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين يذكرونهم ويبصرونهم ; ويحاولون استنقاذ فطرتهم وتحرير عقولهم من ركام الشهوات التي تحجب عنها أو تحجبها عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق وكان الله عزيزا حكيمًا عزيزا قادرا على أخذ العباد بما كسبوا حكيما يدبر الأمر كله بالحكمة ويضع كل أمر في نصابه والقدرة والحكمة لهما عملهما فيما قدره الله في هذا الأمر وارتضاه ونقف من هذه اللفتة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل أمام حشد من الإيحاءات اللطيفة العميقة ونختار منه ثلاثا على سبيل الاختصار الذي لا يخرج بنا من الظلال نقف منها أولا أمام قيمة العقل البشري ووظيفته ودوره في أخطر قضايا الإنسان قضية الإيمان بالله ; التي تقوم عليها حياته في الأرض من جذورها ; بكل مقوماتها واتجاهاتها وواقعياتها وتصرفاتها ; كما يقوم عليها مآله في الآخرة وهي أكبر وأبقى لو كان الله سبحانه وهو أعلم بالإنسان وطاقاته كلها يعلم أن العقل البشري الذي وهبه للإنسان هو حسب هذا الإنسان في بلوغ الهدى لنفسه والمصلحة لحياته في دنياه وآخرته لوكله إلى هذا العقل وحده ; يبحث عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق ويرسم لنفسه كذلك المنهج الذي تقوم عليه حياته فتستقيم على الحق والصواب ; ولما أرسل إليه الرسل على
(يُتْبَعُ)
(/)
مدى التاريخ ; ولما جعل حجته على عباده هي رسالة الرسل إليهم ; وتبليغهم عن ربهم ; ولما جعل حجة الناس عنده سبحانه هي عدم مجيء الرسل إليهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولكن لما علم الله سبحانه أن العقل الذي آتاه للإنسان أداة قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدى بغير توجيه من الرسالة وعون وضبط وقاصرة كذلك عن رسم منهج للحياة الإنسانية يحقق المصلحة الصحيحة لهذه الحياة ; وينجي صاحبه من سوء المآل في الدنيا والآخرة لما علم الله سبحانه هذا شاءت حكمته وشاءت رحمته أن يبعث للناس بالرسل وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا وهذه تكاد تكون إحدى البديهيات التي تبرز من هذا النص القرآني فإن لم تكن بديهية فهي إحدى المقتضيات الحتمية إذن ما هي وظيفة هذا العقل البشري ; وما هو دوره في قضية الإيمان والهدى ; وفي قضية منهج الحياة ونظامها إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة ; ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول ومهمة الرسول أن يبلغ ويبين ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق ; وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح ومنهج النظر الصحيح ; وأن يقيم له القاعدة التي ينهض عليها منهج الحياة العملية المؤدي إلى خير الدنيا والآخرة وليس دور العقل أن يكون حاكما على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطلان والقبول أو الرفض بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله ; وبعد أن يفهم المقصود بها أي المدلولات اللغوية والاصطلاحية للنص ولو كان له أن يقبلها أو يرفضها بعد إدراك مدلولها لأنه هو لا يوافق على هذا المدلول أو لا يريد أن يستجيب له ما استحق العقاب من الله على الكفر بعد البيان فهو إذن ملزم بقبول مقررات الدين متى بلغت إليه عن طريق صحيح ومتى فهم عقله ما المقصود بها وما المراد منها إن هذه الرسالة تخاطب العقل بمعنى أنها توقظه وتوجهه وتقيم له منهج النظر الصحيح لا بمعنى أنه هو الذي يحكم بصحتها أو بطلانها وبقبولها أو رفضها ومتى ثبت النص كان هو الحكم ; وكان على العقل البشري أن يقبله ويطيعه وينفذه ; سواء كان مدلوله مألوفا له أو غريبا عليه إن دور العقل في هذا الصدد هو أن يفهم ما الذي يعنيه النص وما مدلوله الذي يعطيه حسب معاني العبارة في اللغة والاصطلاح وعند هذا الحد ينتهي دوره إن المدلول الصحيح للنص لا يقبل البطلان أو الرفض بحكم من هذا العقل فهذا النص من عند الله والعقل ليس إلها يحكم بالصحة أو البطلان وبالقبول أو الرفض لما جاء من عند الله وعند هذه النقطة الدقيقة يقع خلط كثير سواء ممن يريدون تأليه العقل البشري فيجعلونه هو الحكم في صحة أو بطلان المقررات الدينية الصحيحة أو ممن يريدون إلغاء العقل ونفي دوره في الإيمان والهدى والطريق الوسط الصحيح هو الذي بيناه هنا من أن الرسالة تخاطب العقل ليدرك مقرراتها ; وترسم له المنهج الصحيح للنظر في هذه المقررات وفي شؤون الحياة كلها فإذا أدرك مقرراتها أي إذا فهم ماذا يعني النص لم يعد أمامه إلا التصديق والطاعة والتنفيذ فهي لا تكلف الإنسان العمل بها سواء فهمها أم لم يفهمها وهي كذلك لا تبيح له مناقشة مقرراتها متى أدرك هذه المقررات وفق مفهوم نصوصها مناقشتها ليقبلها أو يرفضها ليحكم بصحتها أو خطئها وقد علم أنها جاءته من عند الله الذي لا يقص إلا الحق ولا يأمر إلا بالخير والمنهج الصحيح في التلقي عن الله هو ألا يواجه العقل مقررات الدين الصحيحة بعد أن يدرك المقصود بها بمقررات له سابقة عليها ; كونها لنفسه من مقولاته المنطقية أو من ملاحظاته المحدودة ; أو من تجاربه الناقصة إنما المنهج الصحيح أن يتلقى النصوص الصحيحة ويكون منها مقرراته هو فهي أصح من مقرراته الذاتية ; ومنهجها أقوم من منهجه الذاتي قبل أن يضبط بموازين النظر الدينية الصحيحة ومن ثم لا يحاكم العقل مقررات الدين متى صح عنده أنها من الله إلى أية مقررات أخرى من صنعه الخاص إن العقل ليس إلها ليحاكم بمقرراته الخاصة مقررات الله إن له أن يعارض مفهوما عقليا بشريا للنص بمفهوم عقلي بشري آخر له هذا مجاله ولا حرج عليه في هذا ولا حجر ما دام هنالك من الأصول الصحيحة مجال للتأول والأفهام المتعددة وحرية النظر على أصوله
(يُتْبَعُ)
(/)
الصحيحة وبالضوابط التي يقررها الدين نفسه مكفولة للعقول البشرية في هذا المجال الواسع وليس هنالك من هيئة ولا سلطة ولا شخص يملك الحجر على العقول في إدراك المقصود بالنص الصحيح وأوجه تطبيقه متى كان قابلا لأوجه الرأي المتعددة ومتى كان النظر في حدود الضوابط الصحيحة والمنهج الصحيح المأخوذ من مقررات الدين وهذا كذلك معنى أن هذه الرسالة تخاطب العقل إن الإسلام دين العقل نعم بمعنى أنه يخاطب العقل بقضاياه ومقرراته ; ولا يقهره بخارقة مادية لا مجال له فيها إلا الإذعان ويخاطب العقل بمعنى أنه يصحح له منهج النظر ويدعوه إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق ; ليرفع عن الفطرة ركام الإلف والعادة والبلادة ; وركام الشهوات المضلة للعقل والفطرة ويخاطب العقل بمعنى أنه يكل إليه فهم مدلولات النصوص التي تحمل مقرراته ولا يفرض عليه أن يؤمن بما لا يفهم مدلولة ولا يدركه فإذا وصل إلى مرحلة إدراك المدلولات وفهم المقررات لم يعد أمامه إلا التسليم بها فهو مؤمن أو عدم التسليم بها فهو كافر وليس هو حكما في صحتها أو بطلانها وليس هو مأذونا في قبولها أو رفضها كما يقول من يبتغون أن يجعلوا من هذا العقل إلها يقبل من المقررات الدينية الصحيحة ما يقبل ويرفض منها ما يرفض ويختار منها ما يشاء ويترك منها ما يشاء فهذا هو الذي يقول الله عنه أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ويرتب عليه صفة الكفر ويرتب عليه كذلك العقاب فإذا قرر الله سبحانه حقيقة في أمر الكون أو أمر الإنسان أو أمر الخلائق الأخرى أو إذا قرر أمرا في الفرائض أو في النواهي فهذا الذي قرره الله واجب القبول والطاعة ممن يبلغ إليه متى أدرك المدلول المراد منه إذا قال الله سبحانه الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي والله خلق كل دابة من ماء خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار إلى آخر ما قال سبحانه عن طبيعة الكون والكائنات والأحياء والأشياء فالحق هو ما قال وليس للعقل أن يقول بعد أن يفهم مدلول النصوص والمقررات التي تنشئها إنني لا أجد هذا في مقرراتي أو في علمي أو في تجاربي فكل ما يبلغه العقل في هذا معرض للخطأ والصواب وما قرره الله سبحانه لا يحتمل إلا الحق والصواب وإذا قال الله سبحانه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلى آخر ما قال في شأن منهج الحياة البشرية فالحق هو ما قال سبحانه وليس للعقل أن يقول ولكنني أرى المصلحة في كذا وكذا مما يخالف عن أمر الله أو فيما لم يأذن به الله ولم يشرعه للناس فما يراه العقل مصلحة يحتمل الخطأ والصواب وتدفع إليه الشهوات والنزوات وما يقرره الله سبحانه لا يحتمل إلا الصحة والصلاح وما قرره الله سبحانه من العقائد والتصورات أو من منهج الحياة ونظامها سواء في موقف العقل إزاءه متى صح النص وكان قطعي الدلالة ; ولم يوقت بوقت فليس للعقل أن يقول آخذ في العقائد والشعائر التعبدية ; ولكني أرى أن الزمن قد تغير في منهج الحياة ونظامها فلو شاء الله أن يوقت مفعول النصوص لوقته فما دام النص مطلقا فإنه يستوي زمان نزوله وآخر الزمان احترازا من الجرأة على الله ورمي علمه بالنقص والقصور سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا إنما يكون الاجتهاد في تطبيق النص العام على الحالة الجزئية ; لا في قبول المبدأ العام أو رفضه تحت أي مقولة من مقولات العقل في جيل من الأجيال وليس في شيء من هذا الذي نقرره انتقاص من قيمة العقل ودوره في الحياة البشرية فإن المدى أمامه واسع في تطبيق النصوص على الحالات المتجددة بعد أن ينضبط هو بمنهج النظر وموازينه المستقاة من دين الله وتعليمه الصحيح والمدى أمامه أوسع في المعرفة بطبيعة هذا الكون وطاقاته وقواه ومدخراته ; وطبيعة الكائنات فيه والأحياء ; والانتفاع بما سخر الله له من هذا الكون ومن هذه الكائنات والأحياء ; وتنمية الحياة وتطويرها وترقيتها في حدود
(يُتْبَعُ)
(/)
منهج الله لا كما تبتغي الشهوات والأهواء التي تضل العقل وتغطي الفطرة بالركام ونقف من هذه اللفتة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وقفة أخرى نقف منها أمام التبعة العظيمة الملقاة على الرسل صلوات الله عليهم ومن بعدهم على المؤمنين برسالاتهم تجاه البشرية كلها وهي تبعة ثقيلة بمقدار ما هي عظيمة إن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة سواء منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشر تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم ويترتب ثوابهم أو عقابهم في الدنيا والآخرة إنه أمر هائل عظيم ولكنه كذلك ومن ثم كان الرسل صلوات الله عليهم يحسون بجسامه ما يكلفون وكان الله سبحانه يبصرهم بحقيقة العبء الذي ينوطه بهم وهذا هو الذي يقول الله عنه لنبيه إنا سنلقي عليك قولا ثقيلًا ويعلمه كيف يتهيأ له ويستعد يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا وهذا هو الذي يشعر به نبيه ص وهو يأمره أن يقول وأن يستشعر حقيقة ما يقول قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددًا إنه الأمر الهائل العظيم أمر رقاب الناس أمر حياتهم ومماتهم أمر سعادتهم وشقائهم أمر ثوابهم وعقابهم أمر هذه البشرية التي إما أن تبلغ إليها الرسالة فتقبلها وتتبعها فتسعد في الدنيا والآخرة وإما أن تبلغ إليها فترفضها وتنبذها فتشقى في الدنيا والآخرة وإما ألا تبلغ إليها فتكون لها حجة على ربها وتكون تبعة شقائها في الدنيا وضلالها معلقة بعنق من كلف التبليغ فلم يبلغ فأما رسل الله عليهم الصلاة والسلام فقد أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة ومضوا إلى ربهم خالصين من هذا الالتزام الثقيل وهم لم يبلغوها دعوة باللسان ولكن بلغوها مع هذا قدوة ممثلة في العمل وجهادا مضنيا بالليل والنهار لإزالة العقبات والعوائق سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك وضلالات تزين أو كانت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم في الدين كما صنع رسول الله ص خاتم النبيين بما أنه المبلغ الأخير وبما أن رسالته هي خاتمة الرسالات فلم يكتف بإزالة العوائق باللسان إنما أزالها كذلك بالسنان حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله وبقي الواجب الثقيل على من بعده على المؤمنين برسالته فهناك أجيال وراء أجيال جاءت وتجيء بعده ص وتبليغ هذه الأجيال منوط بعده بأتباعه ولا فكاك لهم من التبعة الثقيلة تبعة إقامة حجة الله على الناس ; وتبعة استنقاذ الناس من عذاب الآخرة وشقوة الدنيا إلا بالتبليغ والأداء على ذات المنهج الذي بلغ به رسول الله ص وأدى فالرسالة هي الرسالة ; والناس هم الناس وهناك ضلالات وأهواء وشبهات وشهوات وهناك قوى عاتية طاغية تقوم دون الناس ودون الدعوة ; وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة الموقف هو الموقف ; والعقبات هي العقبات والناس هم الناس ولا بد من بلاغ ولا بد من أداء بلاغ بالبيان وبلاغ بالعمل حتى يكون المبلغون ترجمة حية واقعة مما يبلغون وبلاغ بإزالة العقبات التي تعترض طريق الدعوة ; وتفتن الناس بالباطل وبالقوة وإلا فلا بلاغ ولا أداء إنه الأمر المفروض الذي لا حيلة في النكوص عن حمله وإلا فهي التبعة الثقيلة تبعة ضلال البشرية كلها ; وشقوتها في هذه الدنيا وعدم قيام حجة الله عليها في الآخرة وحمل التبعة في هذا كله وعدم النجاة من النار فمن ذا الذي يستهين بهذه التبعة وهي تبعة تقصم الظهر وترعد الفرائص وتهز المفاصل إن الذي يقول إنه مسلم إما أن يبلغ ويؤدي هكذا وإلا فلا نجاة له في دنيا ولا في أخرى إنه حين يقول إنه مسلم ثم لا يبلغ ولا يؤدي كل ألوان البلاغ والأداء هذه إنما يؤدي شهادة ضد الإسلام الذي يدعيه بدلا من أداء شهادة له تحقق فيه قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا وتبدأ شهادته للإسلام من أن يكون هو بذاته ثم ببيته
(يُتْبَعُ)
(/)
وعائلته ثم بأسرته وعشيرته صورة واقعية من الإسلام الذي يدعو إليه وتخطو شهادته الخطوة الثانية بقيامه بدعوة الأمة بعد دعوة البيت والأسرة والعشيرة إلى تحقيق الإسلام في حياتها كلها الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتنتهي شهادته بالجهاد لإزالة العوائق التي تضل الناس وتفتنهم من أي لون كانت هذه العوائق فإذ استشهد في هذا فهو إذن شهيد أدى شهادته لدينه ومضى إلى ربه وهذا وحده هو الشهيد وفي نهاية المطاف نقف وقفة خاشعة أمام جلال الله وعظمته ; ممثلة في علمه وعدله ورعايته وفضله ورحمته وبره بهذا الكائن الإنساني الذي يجحد ويطغى نقف أمام عظمة العلم بهذا الكائن ; وما أودعه من القوى والطاقات ; وما ركب في كينونته من استعدادات الهدى والضلال وما رتبه على هذا العلم حين لم يكله إلى عقله وحده على عظمة هذه الأداة التي وهبها له ; وعلى كثرة ما في الأنفس والآفاق من دلائل الهدى وموجبات الإيمان فلقد علم الله أن هذه الأداة العظيمة تنوشها الشهوات والنزوات ; وأن الدلائل المبثوثة في تضاعيف الكون وأطواء النفس قد يحجبها الغرض والهوى ويحجبها الجهل والقصور ومن ثم لم يكل إلى العقل البشري تبعة الهدى والضلال إلا بعد الرسالة والبيان ولم يكل إليه بعد البيان والاهتداء وضع منهج الحياة إنما وكل إليه تطبيق منهج الحياة الذي يقرره له الله ثم ترك له ما وراء ذلك وهو ملك عريض يبدع فيه ما شاء ويغير فيه ما شاء ويركب فيه ما شاء ويحلل فيه ما شاء منتفعا بتسخير الله لهذا الملك كله لهذا الإنسان وهو الذي يخطى ء عقله ويصيب وتعثر قدمه وتستقيم على الطريق ونقف أمام عظمة العدل الذي يرتب للناس حجة على الله سبحانه لو لم يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين هذا مع احتشاد كتاب الكون المفتوح وكتاب النفس المكنون بالآيات الشواهد على الخالق ووحدانيته وتدبيره وتقديره وقدرته وعلمه ومع امتلاء الفطرة بالأشواق والهواتف إلى الاتصال ببارئها والإذعان له والتناسق والتجاوب والتجاذب بينها وبين دلائل وجود الخالق في الكون والنفس ومع هبة العقل الذي يملك أن يحصي الشواهد ويستنبط النتائج ولكن الله سبحانه بما يعلم من عوامل الضعف التي تطرأ على هذه القوى كلها فتعطلها أو تفسدها أو تطمسها أو تدخل في حكمها الخطأ والشطط قد أعفى الناس من حجية الكون وحجية الفطرة وحجية العقل ما لم يرسل أليهم الرسل ليستنقذوا هذه الأجهزة كلها مما قد يرين عليها وليضبطوا بموازين الحق الإلهي الممثل في الرسالة هذه الأجهزة فتصح أحكامها حين تستقيم على ضوابط المنهج الإلهي وعندئذ فقط يلزمها الإقرار والطاعة والاتباع ; أو تسقط حجتها وتستحق العقاب ونقف أمام عظمة الرعاية والفضل والرحمة والبر بهذا المخلوق الذي يكرمه الله ويختاره على ما يعلم به من ضعف ونقص ; فيكل إليه هذا الملك العريض خلافة الأرض وهو بالقياس إليه ملك عريض وإن كان في ملك الله ذرة تمسكها يد الله فلا تضيع في ملكه الكبير ثم تشاء رعايته وفضله ورحمته وبره ألا تدعه لما أودع في كينونته من فطرة هادية ولكنها تطمس ; ومن عقل هاد ولكنه يضل ; بل يتفضل عليه ربه فيرسل إليه الرسل تترى وهو يكذب ويعاند ; ويشرد وينأى ; فلا يأخذه ربه بأخطائه وخطاياه ; ولا يحبس عنه بره وعطاياه ولا يحرمه هداه على أيدي رسله الهداة ثم لا يأخذه بالعقاب في الدنيا أو في الآخرة حتى تبلغه الرسل ; فيعرض ويكفر ويموت وهو كافر لا يتوب ولا ينيب ومن عجب أن يأتي على هذا الإنسان زمان يزعم لنفسه أنه استغنى عن ربه استغنى عن رعايته وفضله ورحمته وبره استغنى عن هدايته ودينه ورسله استغنى بالأداة التي علم ربه أنها لا تغنيه ما لم تقوم بمنهج الله فلم يكتب عليه عقابا إلا بعد الرسالة والبيان فيتمثل لنا الطفل الذي يحس ببعض القوة في ساقيه فيروح يبعد عنه اليد التي تسنده ليتكفأ ويتعثر غير أن الطفل في هذا المثال أرشد وأطوع للفطرة إذ أنه بمحاولة الاستقلال عن اليد التي تسنده يجيب داعي الفطرة في استحثاث طاقات كامنة في كيانه ; وإنماء قدرات ممكنة النماء ; وتدريب عضلات وأعصاب تنمو وتقوى بالتدريب أما إنسان اليوم الذي يبعد عنه يد الله ويتنكب هداه فإن كينونته بكل ما يكمن فيها من قوى يعلم الله أنها لا تشتمل على قوة مكنونة تملك الاستغناء عن يد الله وهداه وقصارى ما في قواه أنها
(يُتْبَعُ)
(/)
ترشد وتضبط وتستقيم برسالة الله وتضل وتختل وتضطرب إذا هي استقلت بنفسها وتنكبت هداه وخطأ وضلال إن لم يكن هو الخداع والتضليل كل زعم يقول إن العقول الكبيرة كانت حرية أن تبلغ بدون الرسالة ما بلغته بالرسالة فالعقل ينضبط مع الرسالة بمنهج النظر الصحيح ; فإذا أخطأ بعد ذلك في التطبيق كان خطؤه كخطأ الساعة التي تضبط ثم تغلبها عوامل الجو والمؤثرات وطبيعة معدنها الذي يتأثر بهذه المؤثرات لا كخطأ الساعة التي لم تضبط أصلا وتركت للفوضى والمصادفة وشتان شتان وآية أن ما يتم بالرسالة عن طريق العقل نفسه لا يمكن أن يتم بغيرها ; فلا يغني العقل البشري عنها أن تاريخ البشرية لم يسجل أن عقلا واحدا من العقول الكبيرة النادرة اهتدى إلى مثل ما اهتدت إليه العقول العادية المتوسطة بالرسالة لا في تصور اعتقادي ; ولا في خلق نفسي ولا في نظام حياة ولا في تشريع واحد لهذا النظام إن عقول أفلاطون وأرسطو من العقول الكبيرة قطعا بل إنهم ليقولون إن عقل أرسطو هو أكبر عقل عرفته البشرية بعيدا عن رسالة الله وهداه فإذا نحن راجعنا تصوره لإلهه كما وصفه رأينا المسافة الهائلة التي تفصله عن تصور المسلم العادي لإلهه مهتديا بهدى الرسالة وقد وصل أخناتون في مصر القديمة إلى عقيدة التوحيد وحتى مع استبعاد تأثره في هذا بإشعاع عقيدة التوحيد في رسالة إبراهيم ورسالة يوسف فإن الفجوات والأساطير التي في عقيدة أخناتون تجعل المسافة بينها وبين توحيد المسلم العادي لإلهه بعيدة بعيدة وفي الخلق نجد في الفترة التي هيمن فيها الإسلام في صدر الإسلام نماذج للأوساط ممن رباهم الرسول ص لا تتطاول إليها إعناق الأفذاذ على مدار التاريخ ممن لم تخرجهم رسالة سماوية وفي المبادى ء والنظم والتشريعات لا نجد أبدا ذلك التناسق والتوازن مع السمو والرفعة التي نجدها في نظام الإسلام ومبادئه وتشريعاته ولا نجد أبدا ذلك المجتمع الذي أنشأه الإسلام يتكرر لا في زمانه ولا قبل زمانه ولا بعد زمانه في أرض أخرى بتوازنه وتناسقه ويسر حياته وتناغمها إنه ليس المستوى الحضاري المادي هو الذي يكون عليه الحكم فالحضارة المادية تنمو بنمو وسائلها التي ينشئها العلم الصاعد ولكن ميزان الحياة في فترة من الفترات هو التناسق والتوازن بين جميع أجزائها وأجهزتها وأوضاعها هو التوازن الذي ينشى ء السعادة والطمأنينة والذي يطلق الطاقات الإنسانية كلها لتعمل دون كبت ودون مغالاة في جانب من جوانبها الكثيرة والفترة التي عاشت بالإسلام كاملا لم تبلغها البشرية بعيدا عن الرسالة في أي عصر والخلخلة وعدم الاتزان هو الطابع الدائم للحياة في غير ظل الإسلام ; مهما التمعت بعض الجوانب ; ومهما تضخمت بعض الجوانب فإنما تلتمع لتنطفى ء جوانب أخرى وإنما تتضخم على حساب الجوانب الأخرى والبشرية معها تتأرجح وتحتار وتشقى
الدرس الخامس: شهادة الله لنبيه.
ونقف عند هذا الحد المناسب لسياق الظلال في الحديث عن الإيحاءات القوية العميقة التي يثيرها في النفس قول الله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل لنمضي بعدها مع السياق القرآني لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا فإذا أنكر أهل الكتاب هذه الرسالة الأخيرة وهي جارية على سنة الله في إرسال الرسل لعباده مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وأهل الكتاب يعترفون بالرسل قبل محمد ص اليهود يعترفون بمن قبل عيسى عليه السلام والنصارى يعترفون بهم وبعيسى الذي ألهوه كما سيجيء فإذا أنكروا رسالتك يا محمد فلا عليك منهم فلينكروا لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا وفي هذا الشهادة من الله ثم من ملائكته ومنهم من حملها إلى رسوله إسقاط لكل ما يقوله أهل الكتاب فمن هم والله يشهد والملائكة تشهد وشهادة الله وحدها فيها الكفاية وفي هذه الشهادة تسرية عن الرسول ص وما يلقاه من كيد اليهود وعنتهم وفيها كذلك تصديق وتثبيت وتطمين للمسلمين في أول عهدهم بالإسلام بالمدينة أمام حملة يهود التي يدل على ضخامتها هذه الحملة القرآنية المنوعة الأساليب والإيحاءات في ردها والقضاء عليها وعندئذ يجيء التهديد الرعيب للمنكرين في موضعه بعد شهادة الله سبحانه وشهادة الملائكة بكذبهم وتعنتهم
(يُتْبَعُ)
(/)
والتوائهم إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرًا إن هذه الأوصاف وهذه التقريرات مع كونها عامة تنطبق أول ما تنطبق على حال اليهود وتصور موقفهم من هذا الدين وأهله ; بل من الدين الحق كله ; سواء منهم من عاصروا فجر الدعوة في المدينة أو من سبقوهم منذ أيام موسى عليه السلام أو من جاءوا بعدهم إلى يومنا هذا إلا القلة النادرة المستثناة من الذين فتحوا قلوبهم للهدى فهداهم الله وهؤلاء وكل من ينطبق عليهم وصف الكفر والصد قد ضلوا ضلالا بعيدا ضلوا عن هدى الله ; وضلوا طريقهم القويم في الحياة ضلوا فكرا وتصورا واعتقادا ; وضلوا سلوكا ومجتمعا وأوضاعا ضلوا في الدنيا وضلوا في الآخرة ضلوا ضلالا لا يرتجى معه هدى ضلوا ضلالا بعيدًا ويعيد السياق وصفهم بالكفر ليضم إليه الظلم إن الذين كفروا وظلموًا والكفر في ذاته ظلم ظلم للحق وظلم للنفس وظلم للناس والقرآن يعبر عن الكفر أحيانا بأنه الظلم كقوله تعالى إن الشرك لظلم عظيم وقوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون بعدما قرر أنهم الكافرون في الآية السابقة عليها كما سيجيء في موضعه في هذا الجزء في سورة المائدة وهؤلاء لم يرتكبوا ظلم الشرك وحده ولكن ارتكبوا معه ظلم الصد عن سبيل الله ايضا فأمعنوا في الكفر أو امعنوا في الظلم ومن ثم يقرر الله بعدله جزاءهم الاخير إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدًا فليس من شأن الله سبحانه أن يغفر لأمثال هؤلاء بعدما ضلوا ضلالا بعيدا وقطعوا على أنفسهم كل طريق للمغفرة وليس من شأن الله سبحانه أن يهديهم طريقا إلا طريق جهنم وقد قطعوا على أنفسهم كذلك كل طريق للهدى وأوصدوا في وجوه أنفسهم كل طريق إلا طريق جهنم فأبعدوا فيه وأوغلوا واستحقوا الخلود المؤبد فيها بإبعادهم في الضلال والكفر والصد والظلم بحيث لا يرجى لهم من هذا الإبعاد مآب وكان ذلك على الله يسيرًا فهو القاهر فوق عباده وليس بينه وبين أحد من العباد صهر ولا نسب يجعل أخذهم بهذا الجزاء العادل المستحق عليهم عسيرا وليس لأحد من عباده قوة ولا حيلة تجعل أخذه عسيرا على الله أيضا ولقد كان اليهود كما كان النصارى يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه وكانوا يقولون لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وكانوا يقولون نحن شعب الله المختار فجاء القرآن لينفي هذا كله ويضعهم في موضعهم عبادا من العباد إن أحسنوا أثيبوا وإن أساءوا ولم يستغفروا ويتوبوا عذبوا وكان ذلك على الله يسيرًا
الدرس السادس: دعوة الناس للإيمان بالرسول.
ومن ثم دعوة شاملة إلى الناس كافة بعد هذه البيانات كلها أن هذا الرسول إنما جاءهم بالحق من ربهم فمن أمن به فهو الخير ومن كفر فإن الله غني عنهم جميعا وقادر عليهم جميعا وله ما في السماوات والأرض وهو يعلم الأمر كله ويجريه وفق علمه وحكمته يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيمًا وهي دعوة سبقها دحض مفتريات أهل الكتاب وكشف جبلة اليهود ومناكرهم في تاريخهم كله وتصوير تعنتهم الأصيل حتى مع موسى نبيهم وقائدهم ومنقذهم كما سبقها بيان طبيعة الرسالة وغايتها وهذه الغاية وتلك الطبيعة تقتضيان أن يرسل الله الرسل وتقتضيان أن يرسل الله محمدا حتما فهو رسول إلى العالمين إلى الناس كافة بعدما غبرت الرسالات كلها خاصة بقوم كل رسول فلم يكن بد من تبليغ عام في ختام الرسالات يبلغ إلى الناس كافة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولو لم تكن هذه الرسالة عامة للناس كافة لكان للناس ممن سيأتون من أجيال وأمم حجة على الله فانقطعت هذه الحجة بالرسالة العامة للناس وللزمان وكانت هي الرسالة الأخيرة فإنكار أن هناك رسالة بعد أنبياء بني إسرائيل غير عيسى أو بعد عيسى عليه السلام لا يتفق مع عدل الله في أن يأخذ الناس بالعقاب بعد البلاغ ولم يسبق أن كانت هناك رسالة عامة ولم يكن بد من هذه الرسالة العامة فكانت بعدل الله ورحمته بالعباد وكان حقا قول الله سبحانه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين رحمة في الدنيا ورحمة في الآخرة كما يتجلى من هذا البيان.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول من كتاب (في ظلال القرآن) للمؤلف سيد قطب.(/)
ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[16 Aug 2004, 12:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني اين يمكن الحصول على هذا الكتاب
ختم الآيات بأسماء الله الحسنى ودلالتها
للدكتور / علي العبيد
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2004, 02:25 ص]ـ
هذا الكتاب طبعته دار العاصمة الطبعة الأولى عام 1418هـ. وهو كتاب صغير يقع في 64 صفحة من القطع العادي. وهو بحث قدمه الشيخ للترقية ثم طبعه بعد ذلك في كتاب.
وهو متوفر في المكتبات في الرياض (الرشد - العبيكان - العاصمة - التدمرية وغيرها). وفي جدة وفي مكة والمدينة وأبها وغيرها.
وهاتف دار العاصمة بالرياض 014915154(/)
شروح نظم السخاوية في المتشابهات والنسخ المحققة
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[16 Aug 2004, 06:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل عن نظم السخاوية في المتشابهات هل هناك من نسخة مضبوطة ضبطا جيدا وسمعت أن للشيخ عبدالعزيز القارة شرحا عليها فهل هذا صحيح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2004, 07:53 م]ـ
أذكر أنني أجبت عن هذا السؤال قبل هذا في الملتقى، فلو تكرمت بالبحث في الصفحات التالية لعلك تجد المطلوب وفقك الله.
وأما المنظومة فهي في المكتبة على هذا الرابط:
هداية المرتاب للسخاوي ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=86&book=852).(/)
سلسلة آيات ووقفات
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[16 Aug 2004, 10:46 م]ـ
سلسلة آيات ووقفات
آيات ووقفات (الحلقة الأولى)
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فإنني أتشرف أيه الإخوة أن أتوقف معكم في تفسير بعض الآيات، ولآ أدعي أنني عالماً، ولكن حسبي أن أجمع ما قاله العلماء، وأضعه بين أيديكم، بشرح عصري، وعبارات سهلة جلية، واسلوب مبسط، ولعدم تفرغ الكثير منا لهذا الأمر، وانشغالهم عن الجلوس في المكتبة سواء في المنزل، أو خارجه، لذلك أحسست أن حاجة الأمة لتناول بعض معاني الآيات في أسطر قليلة في الصحيفة التي ضمت بين صفحاتها نور إيماني، وإشراقه مضيئة للحق، وأهله، وبصيص من الأمل لعل الله أن ينفع أمتنا بما نقول ونسمع.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبن كثير رحمه الله في تفسير البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح بها الصحابة كتاب الله واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، وجاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم. أخرجه الحاكم في مستدركه. قال السعدي:أي أبتدئ بكل أسم لله تعالى، وقد جاء في الحديث في صحيح البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه أن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً (1). وهكذا يتبين لنا أن هذا الفضل العظيم الذي منَّ الله به على عباده، وأحسن إليهم بتعليمهم أياه ومن منا لا يريد أن لا يضره الشيطان ولا يضر أولاده، ولكن كثيراً من الناس يغفلون عن هذه التعاليم الربانية، وعن هذا الهدي النبوي الذي أرشدنا إليه الرحمة المهداة للبشرية فحظ من أخذ من معينه، ويا حسرة من أعرض عنه. (الرحمن الرحيم) قال السعدي:هما اسمان مشتقان من الرحمة والرحمن مشدد وفيه المبالغة أشد من الرحيم، ونفهم من هذا أنه تعالى ذو الرحمة العظيمة التي وسعت كل شي، وعمت كل حي. قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي أكثر رحمة. وهكذا يتبين لنا أن البسملة أمر له شأن عظيم، وكذلك أسماءه الحسنى ومنها الرحمن والرحيم حينما تضاف إليها تكون ذا معنى أشمل وأوضح، وعليه فإن على المسلم أن يكون متنبهاً لهذا الأمر، وأن لا يغفل عن البسملة في أي شأن من شئون حياته.
الوقفات
1 - البسملة شأنها عظيم في كل أمر.
2 - ورد في الحديث أن سترنا عن أعين الجن قول بسم الله.
3 - الحث على البسملة عند الجماع لكي نتجنب ذرية أبليس الذي أقسم بالذات الإلهية ليشارك آدم في ذريته وفي أموالهم، فكم نرى والعياذ باله من الشباب الذي يكره الحق، ومنغمس في الشهوات، وكم نرى من غرق في أوحال الربا والتي شاركهم أبليس في تلك الأموال وأضلهم عن طريق الهدى والصلاح.
4 - كل عبد من عباد الله يرجوا الرحمة من الله عز وجل، و قد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل أحداً الجنة بعمله، قالوا حتى أنت يا رسول الله قال حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
____________________
(1) صحيح البخاري (141). صحيح مسلم (1434).
_____________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثانية)
الحمد لله رب العالمين
الله عز وجل أنزل هذه السورة العظيمة، وفيها من الألفاظ العقائدية، والبلاغة الربانية، وتهذيب ألسننا، وتعليم أنفسنا، وخضوع أرواحنا لله عز وجل، فعلمنا كيف الأدب مع الله، فالحمد والثناء أولاً، ثم الدعاء، وفيها أقسام التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد العبادة (الإلوهية)، وتوحيد الأسماء والصفات، فلنتمعن في آياتها، ونبحر في معانيها، ونستشف بعض أسرارها، ونغرف من منابعها الرقراقة، قال الله تعالى (الحمد لله) وتعني هذه الكلمة الثناء على ربنا الله بصفات الكمال، والشكر لله خالصاً دون سائر ما يعبد من دونه. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
فلله الحمد والشكر والثناء الحسن على أكبر نعمة أنعم علينا بأن أنزل على رسوله قرأناً نتلوه، ومنهجاً ننهجه، وعلماً ننهل منه، وشفاءً للأسقام، ونوراً للأفهام، وانشراحاً للصدور، ونوراً في القبور، وشفيعاً لقارئه، وحجة للعبد أو عليه نسأل الله أن يجعله حجة لنا وقائدنا إلى الفردوس الأعلى من الجنة.
وقوله (رب العالمين) فمعناها هو الرب المربي جميع العالمين، وهم الذين أعد الله لهم النعم العظيمة، والالاء الجسيمة، التي تستقيم بها الحياة، وتنعم بها البشرية، ونعمه كذلك على العالم الآخر عالم الجن، الذي يشاطر البشر في قوله تعالى (سنفرغ لكم أيه الثقلان) وقول (يا معشر الإنس والجن) وقول (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) قهم مكلفون تماماً كالبشر، فأيضاً لهم أرزاقهم ونعائم الله عليهم لا ينكر ذلك إلا كافر، فهم أيضاً من العالمين الذين ذكرهم الله في الآية، قال ابن كثير رحمه الله: ففي رواية سعيد بن جبير وعكرمة وعن ابن عباس: أي رب الجن والأنس. وقال الفراء وأبو عبيد: العالم عبارة عما يعقل وهم الأنس والجن والملائكة والشياطين. قال السعدي رحمه الله: للتربية الربانية نوعان عامة وخاصة، فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا، أما الخاصة فهي تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه. وهكذا يتبين لنا معنى من المعاني العظيمة، التي يقر الله فيها أن الفضل له والمنة علينا إذ أنه هو ربنا المربي لنا، والمعلم لنا، والهادي لنا، والذي أخرجنا بفضله وإحسانه من الظلمات إلى النور، وهدانا إلى صراطه المستقيم، فهو الرب المعبود، والإله المألوه الذي تعبده هذه العوالم من الأنس والجن والملائكة والشياطين، و لكن الكثير من الناس لا يعترفون برب العالمين كالملاحدة وغيرهم من أصحاب العقائد الأرضية، الشيطان رغم عصيانه وتمرده على الله إلا أنه لا ينكر بأن الله هو رب العالمين ولكنه حينما تمرد وعصى أمر الله بالسجود لآدم أخرجه الله من جنته، وحل عليه غضب الرب،ولكنه يعترف ويقر بان الله هو رب العالمين ولا ينكر هذا، قال الله تبارك وتعالى (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين) وهذا لا ينكره أحد بأنه هو المعبود، أما الملحدين والعياذ بالله من حالهم فهم ينكرون الرب تبارك وتعالى فيقولون لا إله والحياة مادة. وتدل هذه الآية دلالة واضحة على إنفراد الله بالخلق وتدبيره لهم وإنعامه عليهم وهو سبحانه له كمال الغنى، والعباد مفتقرون إليه لقوله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) (1).
الوقفات
1 - فضل سورة الفاتحة وأنها لا صحة لصلاة المرء إلا بها.
2 - الرب سبحانه وتعالى هو المربي لنا بنعمه ومنها نعمة الإسلام الذي هدانا إليه بفضله وإحسانه.
3 - التربية الربانية لنا حيث علمنا ربنا كيف نتأدب معه سبحانه فنحمده ونثني عليه ثم ندعوه.
________________
(2) صحيح: الألباني في صحيح الجامع (5563).
(1) سورة فاطر 15.
___________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة)
ننتقل الآن إلى المرحلة الثانية، والجانب الآخر من هذه السورة، والذي نتعرف فيها على أسرار جديدة، وحكم عديدة، فبعدما علمنا الله عز وجل كيف نحمده ونثني عليه، فيذكر لنا صفاته العظيمة، وهي الرحمة، قال الله سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم) شرحت معناها في الحلقة الأولى،ثم قال سبحانه (مالك يوم الدين) هو الملك المتصرف في عباده، ويظهر ملكه وأمره ونهيه، وثوابه وعقابه، وحكمه وعدله، في يوم الدين وهو يوم القيامة، يوم الحساب على الأعمال التي قدمها العباد إما خيراً، وإما شراً والعياذ بالله من سوء المنقلب. وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " (2). الله أكبر هناك اليوم الفصل، هناك تستوي البشرية، فلا فرق بين راع ومرعي، ولا شريف ووضيع، ولا سيد وعبد، ولا غني وفقير، ولا خادم ومخدوم، الجميع سواسية في الحساب والجزاء،يأخذ كل مظلوم حقه من
(يُتْبَعُ)
(/)
ظالمه، الله هو الملك في هذا الكون، ولكنه يتجلى ملكه في يوم القيامة بحكمه وعدله وقضائه، ويرون العباد كل ذلك مشاهدة، قال تعالى (لقد كنت في غفلة من هذا فبصرك اليوم حديد).
الوقفات
1 - ذكر الله سبحانه صفتين عظيمتين الرحمن والرحيم.
2 - ذكر الله سبحانه ملكه وعظمته المتجلية في يوم الدين فلا ينفع ملوك الأرض ملكهم، ولن ينفع أي مخلوق مخلوق آخر بل الجميع تحت حكم ملك الملوك سبحانه وتعالى.
3 - إثبات أن لله يد سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث، ونثبت ذلك من غير تأويل (3)، ولا تكييف (4)، ولا تشبيه (5)، ولا تعطيل.
4 - هذه الآيات تشعرنا بهول الموقف بين يدي الرب عز وجل، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ولكنه كما جاء في الحديث يخفف على المؤمنين كصلاة أحدكم. (6)
__________________
(2) صحيح: البخاري (7413)، مسلم (2788). قال القاضي عياض في شرح هذا الحديث "في هذا الحديث يقبض ويطوي، كله بمعنى الجمع، لأن السموات مبسوطة، وألأرضين مدحوة وممدودة، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة وتبديل الأرض غير الأرض والسموات، فعاد كله إلى ضم بعضها إلى بعض، ورفعها وتبديلها بغيرها.
(3) أي نفسرها كما نشاء.
(4) أي نقول كيف او نسأل عن كيفيتها.
(5) أي نشبهها بأيدينا مثلاً، بل نقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). أنظر كتاب شرح العقيدة الواسطية- لمحمد بن عثيمين رحمه الله.
(6) أي قدر مدة وقوف المؤمنين يخفف حتى يصير مقدار صلاة فريضة في هذه الدنيا فلله الحمد والمنة.
______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة)
إياك نعبد وإياك نستعين
وننتقل الآن إلى المرحلة التربوية الربانية التي لفتنا الرب إليها، فكيف نستغيث به، وكيف نذكر أنفسنا، ونذلها بين يديه، وكيف نبتهل إليه بصالح أعمالنا، إنها حقاً تربية عظيمة، يذكرنا بها الرب جل وعلا، ويهذب نفوسنا بالتعلق به، واللجوء إليه لهذا قال سبحانه وكأنه يقول قولوا يا عبادي: (إياك نعبد وإياك نستعين) أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين بأحد سواك، وهذه التربية الربانية، من أجل السعادة الإنسانية، وإلا فالله عز وجل هو الغني ونحن الفقراء إليه، ولكنه سبحانه يربينا، ويعلمنا كي تقوم علينا الحجة، فلا يلوم العبد بعد هذه التربية إلا نفسه، لأنه عرف طريق الحق، وطريق الضلال، وعرف الظلمات والنور، والشقاء والحبور، وما علمنا بتلك الأقوال والأفعال، وأرسل رسوله، وانزل كتابه، إلا لكي نتبع المنهج الرباني الذي ارتضاه لعباده كي ننال مرضاته، ونصل إلى حبه ومغفرته، فمن للمسلمين من ناصر في حروبهم مع من اعتدى عليهم، وخرب دورهم، وأهلك الحرث والنسل، من المستعان في قضاء الحوائج؟ وتفريج الكربات؟ وشفاء المرضى؟ والرحمة بالأموات؟ من يتولى تلك الشئون كلها غير الله الواحد القهار، علَّمنا ربنا كيف تكون العبادة لله وحده، فهو الخالق الرازق، الناصر، المدبر للأمور كلها، ومجيب المضطرين، وكاشف البلايا والمصائب، فتكون له وحده العبادة، والاستعانة جزء من العبادة فالعبادة أسم جامع لكمال المحبة لله والخضوع له والخوف منه.
الوقفات
1 - الاستعانة جزء من العبادة، ونوع من أنواعها الكثيرة، فمن صرف نوعاً منها لغير الله فقد أشرك بالله عز وجل، وكما هو معلوم (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
2 - التربية الربانية أعظم حافزاً لنا للوصول إلى العمل الصالح الذي نعمله مخلصين فيه لوجه الله (1) عز وجل.
3 - كمال الخضوع والاستغاثة بالعمل الصالح وتقرير العبودية الخالصة لله وحده جاءت كلها في هذه الآية.
________________
(1) قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله ومعنى يعمل المسلم العمل لوجه الله أي ليدخل الجنة فيرى وجه الله انتهى كلامه. وهذا معروف والدليل قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قال المفسرون الزيادة أي النظر إلى وجه الله عز وجل.، وقال سبحانه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) فرؤية المؤمنين لله ستكون حقيقة وشرفاً للمؤمنين، ومن لا يؤمن بهذا فقد كفر. (كتاب شرح رياض الصالحين).
_____________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)
اهدنا الصراط المستقيم
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه لمحة أخرى من التربية الربانية لعباده المؤمنين كيف يكونون في جميع أحوالهم خاضعين لله، متذللين لعظمته، وناكسي رؤوسهم بين يديه، فماذا علمهم أن يقولوا بعدما أثنوا عليه وحمدوه وأجلَّوه؟ وقرروا أنهم عبيدٌ له وحده، لا يعبدون إلا الله، ولا يستعينون إلا به، أمرهم بأن يقولوا اهدنا الصراط المستقيم، أي يارب اهدنا طريق الحق المبين، طريق الهدى والصلاح، طريق المغفرة والرحمة، الطريق المؤدي لرضا الرب وعفوه، وهو دين الإسلام. فما أحوجنا إلى هداية الله، وما أحوجنا إلى تعلم ديننا، وأركانه ووسائل الخير التي تدلنا على رضا ربنا، ما أحوجنا أن نعرف صراط الله المستقيم، ونعرف كيف سلكه الذين من قبلنا من السلف الصالح، ما أحوج الأمة اليوم أن تعيش حياة الصالحين، الذين أرادوا الخير فعملوه، وأرادوا السلام فحققوه، وأردوا الكرامة فنالوها، وذلك لأنهم اتبعوا ما يرضي الله فرضي الله عنهم، قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، إنهم الذين سكبوا دمائهم في سبيل الله إرضاء لله، ونشراً لدينه، وليس كما يقول المستشرقون بأنهم نشروا الدين بالسيف، فالسيف لا يدخل الإيمان في القلوب، ولكنهم عرضوا على رؤساء الكفار من فارس والروم، عرضوا عليهم أن يسمحوا لهم بتعليم الناس دين الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية، أو الحرب، فكانت خياراتهم المتكبرة المتغطرسة دائماً تنادي بالحرب، فكان لهم ما اختاروه، وماذا كانت النتيجة؟ هزمهم الله، ونصر المؤمنين، حتى وصل الإسلام إلى بقاع كثيرة من العالم، وهناك دول تدين بالإسلام اليوم لم ينتشر فيها الإسلام عن طريق معارك، بل انتشر بأخلاق التجار المسلمين، وهذه صفات العباد الصالحين الذين كانوا أمثلة رائعة في التحلي بالإسلام ديناً، وخلقاً. قال السعدي رحمه الله "فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً".
الوقفات
1 - تقرير ضعف وافتقار العبد لهداية الله، فكما قال ابن رواحه فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا.
2 - وجوب مسألة الله الهداية والصلاح لقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
3 - تربية الله للمؤمنين أعظم مسألة، وهي مسألته سبحانه الهداية والثبات على الصراط المستقيم، وهو الإسلام فلله الحمد والمنة أن هدانا إلى الإسلام حيث نعبد الله وحده بدون وسطاء أو أولياء بيننا وبينه.
______________________________
آيات ووقفات (الحلقة السادسة)
صراط الذين أنعمت عليهم
ننتقل الآن إلى معرفة جديدة، وصفة مجيدة، لأي صراط يريد ربنا أن نسلكه، وأي هدى يريدنا أن نتبعه، وأي سلوك يريدنا سلوكه، هل هو سلوك عبدة البقر، أو سلوك عبدة العجل، أو الساجدين لصنم العذراء مريم، او صنم المسيح، كما يزعمون، أو للصليب، أو للكاهن، أي صراط يا رب تريد أن نتبعه، هل هو سبيل عبدة بوذا، أو عبدة النار، أو عبدة الشمس، قال الله عز وجل (صراط الذين أنعمت عليهم) وهم النبيون والصديقون والصالحون، وقال وكيع هم المسلمون. الله أكبر آية واضحة المعالم، دقيقة اللفظ، محددة الهوية، آية توقظ القلوب، وتحفز الهمم، و تنور الأبصار، وتجلي الغشاوة، آية تدفع المرء للتنافس مع إخوانه كي يصل إلى ما وصل إليه هؤلاء، آية تحرك الإيمان، وتجعل صاحب القلب السليم يزيد يقيناً بفضل الله، والغافل تجعله يصحوا من غفلته، ويندم لخطيئته، لقد علمنّا الله في هذه الآية أن هناك سبيل واحد يقودنا لرضاه سبحانه وتعالى ألا وهو سبيل المؤمنين الموحدين العبادة لله وحده لا شريك له، وهم النبيون من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، ومن تبعهم وصدقهم واتبع منهجهم، أما الذين يعتقدون أن ما يسمى في عصرنا الحاضر مسيحيون (والحقيقة أن الله سماهم نصارى) لزعمهم إتباعهم للمسيح عيسى، فهم غير متبعي عيسى عليه الصلاة والسلام، والمسلمين هم حقيقة متبعي دين عيسى عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام كان يدعوا لعبادة الله الواحد الأحد، ولكن كتب النصارى حرفت، وعقيدتهم تبدلت، وسير أنبياء الله شوهت، حيث قالوا زعماً منهم أن عيسى هو أبن الله، وهذا زعم باطل، وعقيدة باطلة، وإشراك بالله، وطمس لحقيقة التوحيد، فهم
(يُتْبَعُ)
(/)
مشركون بالله، حائدون عن الطريق القويم، والصراط المستقيم، قال تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وقال سبحانه يؤنب عيسى عليه السلام وهو سبحانه أعلم (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) فقال عيسى منكراً هذا الأمر (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم) وهذا بطبيعة الحال سيكون سؤالاً موجها لعيسى عليه السلام أمام تلك الملايين من البشر الذين أعدهم الله من أهل الظلال كما سيأتي في الآية القادمة. أما اليهود فهم الذين أفسدوا عقائد الناس، لحبهم للربا، وتمردهم وعصيانهم لأوامر الله، فكانوا يشوهون في توراتهم الرب عز وجل (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) وكانوا يشوهون سمعة الأنبياء، ويتهمونهم بالزنا والجرائم التي لا تليق بالناس الأسوياء فضلاً عن الأنبياء، فقد اتهموا مريم العذراء بالزنا، والقصة معروفة حين برأها الله بكلام أبنها عيسى في المهد، وقد قالوا عن نبي الله لوط أنه ضاجع ابنتيه بعدما شرب الخمر وسكر، ولا يزال الكثير يعتقد أن هذه آية من آيات الإنجيل، وهذا والعياذ بالله من الجهل وإلا كيف يليق أن يتكلم الرب بهذا الكلام، أو يصف أحد أنبيائه بهذه الصفة، ويؤمنون بقناعة وجود هذا، ولما أرادوا أن يخرج نبي الله الذي وعدهم ربهم بخروجه من مكة، زوجوا بناتهم للعرب في مكة، وجنوب الجزيرة، وفي المدينة المنورة وغيرها كي تأتي الرسالة مرة أخرى من بني إسرائيل، و يكون النبي من سلالتهم، ولكن الله نزع الرسالة منهم لعدم كفاءتهم، لها ولشدة إعراضهم عن أوامر الله، فكانت الرسالة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يأتي نسبه من إسماعيل أبن إبراهيم وأمه هاجر، ولم يأتي هذه المرة نبي من بشارة الله لإبراهيم وهو أبنه إسحق الذي ينحدر من سلالته كل اليهود، لذلك حقد اليهود على نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، حتى أتى المنافقين وعلى رأسهم عبد الله ابن أبي أبن سلول الذي أسلم نفاقاً، وحرف المفاهيم الإسلامية، حتى غلا في الخلافة فقال بفرضية وجوب أحقيتها لآل البيت حتى افترقت الأمة فأصبح سنة وشيعة، وتمزق الصف الإسلامي، وظهرت الفرق المختلفة، وتفرعت، ولكن بقي المؤمنون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أهل السنة والجماعة بقوا على الحق المبين، والصراط المستقيم.
الوقفات
1 - تعليم الرب لنبيه وأمة محمد التهذب في السؤال الموجه للرب سبحانه وتعالى، وهو الهداية للصراط المستقيم.
2 - تعليم الرب لنا عن طريق نبيه أوصاف الذين أنعم الله عليهم قال تعالى (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً) فهذه تفسر قوله تعالى أنعمت عليهم.
3 - تبين هذه الآية نعمة الله وفضله و هدايته لعباده الصالحين وحثهم على سلوك مسالكهم للنجاة يوم القيامة والخلود في الجنة.
_______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة السابعة)
غير المغضوب عليهم ولا الضالين
بعدما بين الله لنا صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وعرفنا أن لا نجاة لنا إلا بإتباع منهجهم، وسلوك مسلكهم، جاءت هذه الآية بالصفة الأخرى والجانب الثاني، النقيض تماماً لأهل الهدى والحق، فالمغضوب عليهم هم اليهود، فلم يتعظوا بالمواعظ، ولم يقروا بنعم الله عليهم، ولم يحترموا أنبيائهم، بل ظاهروهم بالعداء، وبارزوهم بالحرب، وجزوا رأسي نبي الله زكريا، وأبنه يحيى عليهما السلام، ولما نجا الله موسى من البحر ورأوا أناس يعبدون أصناماً لهم، سألوا موسى أن يجعل لهم آلهة مثلهم، وأرادوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسحره لبيد بن الأعصم بأثر من شعره ورماه بمشطه في بئر ذروان، وسممته اليهودية في ذراع الشاة الذي ظلت تلك الغدرة تضايقه عليه الصلاة والسلام حتى مات، وذلك ليموت عليه الصلاة والسلام شهيداً، ويكون قدوة لنا في الشهادة، تلك الأعمال وتلك السبل كانت سبباً في غضب الله على اليهود، وحل بهم ذلك الغضب لأسباب كثيرة سنجدها إن شاء الله في بقية السور، أما (الضالين) فهم النصارى الذين ضلوا عن دينهم، واتبعوا أهوائهم، فالكثير منهم يعرف أن دين الإسلام هو دين الحق، وأن محمد خاتم النبيين خصوصاً في زماننا هذا الذي كثرت فيه الكتب،
(يُتْبَعُ)
(/)
والمعارف، واختلطت الشعوب ببعضها، وانتشر العلم في مجالات كثيرة، وأصبح الذي في المشرق يعرف ماذا يحدث في المغرب، عن طريق وسائل الإعلام، والكتب والاتصالات، ولكنهم أعرضوا عن كل ذلك تعصباً لتأريخهم الأسود، الذي جاء بالكوارث، والمصائب على المسلمين، فهم لا يرون أن يدخلوا دين الإسلام فهو يحرمهم من كبريائهم، وزعاماتهم، وشهواتهم، فالإسلام في نظر الكثير منهم عائقاً أمام الكثير من الشهوات التي يريدون أن يفصلوا بين دين الله وبين شئون الحياة فصلاً تاماً، فالربا يؤيدونه، والزنا لا حكم ولا حد على من فعله، واللواط حرية شخصية، وهناك المنظمات واللجان، والمحاكم التي تعقد الزواج للوطيين، نعوذ بالله من الضلال.
قال ابن كثير في معنى الآية: أي غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
الوقفات
1 - تقرير غضب الله على اليهود لتمردهم على أوامر الله وقتل أنبياءه.
2 - التحذير من سلوك أو إتباع نهج اليهود والنصارى، ولقد جاء في آيات عدة حرصهم على إضلالنا كقوله تعالى (وودوا لو تكفرون) وقال سبحانه (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم) وقال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فهذه الآيات تكشف لنا مكائدهم وإراداتهم الحثيثة على إفساد عقيدتنا النقية الصحيحة.
3 - تقرير ضلال النصارى فاليهود عرفوا الحق وعدلوا عنه، والنصارى ضلوا الطريق وجهلوه لكنهم لا يعذرون الآن مع الانفتاح العالمي، وثورة الاتصالات، وتواصل الشعوب، وانتشار وسائل الإعلام، فأصبحت تلك الوسائل كلها حجة عليهم، لأن فيها إشارات وبرامج، ومواقع دينية بلغات مختلفة تنشر دين الإسلام.
4 - الحق هو ما جاء به الأنبياء كلهم، ولكن اليهود هم من تسبب في إلحاق التحريف في التوراة والإنجيل، ففسدت عقائدهم، وحفظ الله القرآن الكريم.
______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة)
سورة البقرة
ألم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين (2)
ألم الله العالم بمعناها، وقال المفسرون أن تلك الحروف التي جاءت في مقدمة بعض السور، إنما هي تعجيز لكفار قريش الذين لم يؤمنوا بالقرآن الكريم، وكذبوا به، بل حتى أنهم كانوا يقفون في الطرقات ويحذرون الناس أن لا يستمعوا لمحمد، (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه) كانت تلك هي الأساليب العدوانية، والسلوكيات الشائنة، والأعمال القبيحة التي استقبلوا بها محمد وأصحابه، وعملوا كل فضيع، واقترفوا كل شنيع، ومزقوا جلود العبيد بالسياط، لأنهم وحدوا الله عز وجل، وأتبعوا سبيل الرشاد، لأنهم خرجوا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فيقول الله هذه الأحرف تعجيزاً لهم، إن كنتم تقولون إن هذا القرآن أساطير الأولين (فأتوا بسورة من مثله) فاستخدموا مثل هذه الأحرف، وأتوا بكتاب مثله، وذلك تعجيزاً لهم ولن يستطيعوا قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) وقال سبحانه (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) لقمان 27. لذلك فالله عز وجل أنزل هذا الكتاب معجزة خارقة، وهداية باهرة، وشفاء لما في الصدور، ونوراً وبهاء، ويقيناً وضياء، طمأنينة لقلوب المؤمنين، وتعريف لهم بوعد الله ووعيده. ثم قال الله تعالى عن كتابه العزيز (ذلك الكتاب) أي هذا الكتاب وهو القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي شرح الله به صدور العباد، وعرف الناس بأنه الوحي المنزل من الله عز وجل، فأسلموا، واهتدوا، لا ريب فيه ولا شك، فهو الحق المبين نزله الله على نبيه محمد بواسطة الملك جبريل عليه السلام قال تعالى (وقرأنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) وقال سبحانه (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) البقرة97. وهذا دليل على تنزيل القرآن، وتلقين جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أمياً لا يكتب، ولكنه يحفظ القرآن حينما يسمعه من جبريل، إلى أن جمع القرآن في عهد الخليفة الراشد أبي بكر
(يُتْبَعُ)
(/)
الصديق رضي الله عنه، وفي عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، فلله الحمد والمنة، وقوله تعالى هدى للمتقين فيه إقرار من الرب تبارك وتعالى على أن هذا القرآن هدىً للمتقين، سبحان الله وهل المتقي يحتاج هداية، فهو مهتدي ولكن أقول إن الإنسان مهما بلغ من قوة الإيمان، ودرجات الإحسان، وثقل الميزان بالدرجات، فهو ليس بمعصوم، وليس منزه من الخطأ والمعصية، بل هو معرض لكل ذلك، لذلك فإن الإيمان يزيد وينقص عند المسلم، فذكرنا الله سبحانه في هذه الآية أن من أخذ بتعاليم القرآن، ورفع به رأسه استفاد من هدايته، وكان تقياً متبعاً لأوامر ربه، ومجتنباً لنهيه. قال السعدي فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية والآيات الكونية، ولن الهداية نوعان: هداية البيان، وهداية التوفيق، فالمتقون حصلت لهم الهدايتان وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق، وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها ليست هداية حقيقية تامة. لذلك فالتقوى أمرها عظيم، فبها تتهذب النفس، وتستقيم الروح، وبها تعرف النفس قدر خالقها، قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: و التقوى أن يعمل الرجل بطاعة الله على نور من الله يرجو رحمة الله وأن يترك معصية الله على نور من الله يخاف عذاب الله ولا يتقرب إلى الله إلا بأداء فرائضه ثم بأداء نوافله قال تعالى (وما تقرب إلي عبدى بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه .. الحديث) (1). إذاً التقوى ركيزة من ركائز العمل الصالح، وهي الدافع والحافز لكل عمل فيه الخير، وترك الإثم، وعلى ذلك يكون المسلم طوال حياته إن كان يريد سعادة الدارين، قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، وكذلك قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم سورة التغابن 16 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:فأوجب التقوى بحسب الاستطاعة فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد أوجب التقوى إلا على من اتقى ولا يعاقب من لم يتق وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام وهؤلاء إنما قالوا هذا لأن القدرية والمعتزلة وغيرهم قالوا القدرة لا تكون إلا قبل الفعل لتكون صالحة للضدين الفعل والترك وأما حين الفعل فلا يكون إلا الفعل فزعموا أو من زعم منهم أنه حينئذ لا يكون قادرا لأن القادر لا بد أن يقدر على الفعل والترك وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا وأما أهل السنة فإنهم يقولون لا بد أن يكون قادرا حين الفعل ثم أئمتهم قالوا ويكون أيضا قادرا قبل الفعل وقالت طائفة منهم لا يكون قادرا إلا حين الفعل وهؤلاء يقولون إن القدرة لا تصلح للضدين عندهم فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل وهي مستلزمة له لا توجد بدونه إذ لو صلحت للضدين على وجه البدل أمكن وجودها مع عدم أحد الضدين والمقارن للشيء مستلزم له لا يوجد مع عدمه فإن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع وما قالته القدرية فهو بناء على أصلهم الفاسد وهو أن إقدار الله المؤمن والكافر والبر والفاجر سواء فلا يقولون إن الله خص المؤمن المطيع بإعانة حصل بها الإيمان بل يقولون إن إعانته للمطيع والعاصي سواء ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة وهذا بنفسه رجح المعصية كالوالد الذي أعطى كل واحد من ابنيه سيفا فهذا جاهد به في سبيل الله وهذا قطع به الطريق أو أعطاهما مالا فهذا أنفقه في سبيل الله وهذا أنفقه في سبيل الشيطان وهذا القول فاسد باتفاق أهل السنة والجماعة المثبتين للقدر فإنهم متفقون على أن لله على عبده المطيع المؤمن نعمة دينية خصه بها دون الكافر وأنه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر كما قال تعالى ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون سورة الحجرات 7 فبين أنه حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم فالقدرية (1) تقول هذا التحبيب والتزيين عام في كل الخلق أو هو بمعنى البيان وإظهار دلائل الحق والآية تقتضي أن هذا خاص بالمؤمنين ولهذا قال أولئك هم الراشدون والكفار ليسوا راشدين وقال تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء سورة الأنعام 125، و قال تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فكل من كان أتقى كان أفضل مطلقا وإذا تساوى اثنان في
(يُتْبَعُ)
(/)
التقوى استويا في الفضل سواء كانا أو أحدهما غنيين أو فقيرين أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا وسواء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين أو قرشيين أو هاشميين أو كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر وإن قدر أن أحدهما له من سبب الفضيلة ومظنتها ما ليس للآخر فإذا كان ذاك قد أتى بحقيقة الفضيلة كان أفضل ممن لم يأت بحقيقتها وإن كان أقدر على الإتيان بها فالعالم خير من الجاهل وإن كان الجاهل أقدر على تحصيل العلم والبر أفضل من الفاجر وإن كان الفاجر أقدر على البر، والمؤمن الضعيف خير من الكافر القوى وإن كان ذاك يقدر على الإيمان أكثر من المؤمن القوي وبهذا تزول شبه كثيرة تعرض في مثل هذه الأمور (2).
وقال ابن تيمية أيضاً: " أن التقوى وتصفية القلب من اعظم الأسباب على نيل العلم لكن لا بد من الاعتصام بالكتاب والسنة في العلم والعمل ولا يمكن ان احدا بعد الرسول يعلم ما اخبر به الرسول من الغيب بنفسه بلا واسطة الرسول ولا يستغني احد في معرفة الغيب عما جاء به الرسول وكلام الرسول مبين للحق بنفسه ليس كشف احد ولا قياسه عيارا عليه فما وافق كشف الانسان وقياسه وافقه وما لم يكن كذلك خالفه بل ما يسمى كشفا وقياسا هو مخالف للرسول فهذا قياس فاسد وخيال فاسد وهو الذي يقال فيه نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي (3). وقد تكلم في فضل التقوى الكثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين، وصنفت فيها المصنفات، وأرجوا أن تكون اتضحت معانيها في هذه الجمل.
الوقفات
1 - عرفنا الرب سبحانه وتعالى على أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي لا شك ولا مرية بأنه منزل من الله على نبيه محمد.
2 - إخبار الله سبحانه وتعالى أن المؤمنين المتقين هم الذين يهتدون بكتاب الله.
3 - من شك أو أعتقد أن هناك تشريع أو قانون (4)، أو حكم أفضل مما جاء في القرآن فقد كفر لقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
_____________________________
(1) القدرية: الذين يجعلون أفعال العبد خارجة عن قدرة الله وخلقه وملكه.
(2) منهاج السنة النبوية 3/ 42.
(3) الرد على المنطقيين 1/ 511.
(4) كالذين ينادون بالتعددية الحزبية في الحكم، والديمقراطية، والانتخابات وغيرها كل ذلك مخالف للإسلام لأن حكم الإسلام يكون عن مبايعة أهل الحل والعقد، ومجلس شورى المسلمين، باختيار من هو أهلٌ للحكم الإسلامي الذي يكون من خيار القوم من العلماء المخلصين لدينهم ورعاياهم فيتم مبايعته، وليس كما ينادي البعض بالمشاركة من جميع الأطراف والمذاهب والنحل.
_______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة التاسعة)
الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
وهذه هي الصفة الثانية التي أمتدح الله بها عبده المؤمنين، الأتقياء الأوفياء، فوصفهم بأنهم (يؤمنون بالغيب) والغيب كل ما غاب من الأشياء غير المشاهدة، والتصديق التام بما أخبرت به الرسل، ولا يشاهد بالحس، فهذا الفرق بين المسلم والكافر، لأنه تصديق مجرد لله ورسله (1) فالمؤمن يؤمن بصفات الله ووجودها ويتيقنها، حتى لو لم يفهم كيفيتها. ثم قال (ويقيمون الصلاة) ويكون إقامتها بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها، هذه إقامة الصلاة، وليس مجرد أدائها، وهذا هو الفرق، والتفاضل بين المؤمنين في تلك الميزة، التي خص الله بها عباده المتقين، لهذا وجب على المسلم أن يؤدي الصلاة، ويقيمها مع جماعة المسلمين بكامل أركانها وشروطها كي ينال الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) (2). ثم قال سبحانه (ومما رزقناهم ينفقون) ومعناها من ما رزقناهم أي ينفقون النفقات الواجبة كالزكاة، والنفقة على الأهل، وكذلك النفقات المستحبة في أوجه الخير، لهذا جاء بمن التبعيضية أي جزء بسيط من أموالكم، ولكنه خير كثير. وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت ثمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوَّه أو فصيله (3). وعن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله
(يُتْبَعُ)
(/)
عليه وسلم يقول:" من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل" (4). وفي هذين الحديثين دلالة واضحة جلية عن فضل الصدقة، ولو بالشيء اليسير، ولو علم أصحاب الأموال بتلك المنزلة العالية، والثواب الجزيل، والعطاء العظيم، من الرب الرحيم، وبلوغ الجنة بالعمل اليسير مثل الصدقة لما بخلوا بأموالهم التي والله أنهم سيحاسبون عليها من أين أتت وفيما أنفقت، فمن أنفقها في سبل الخير، وتجهيز الغزاة في سبيل الله، وإغاثة الفقراء، وإطعام الجياع، أو المساهمة في طباعة الكتب الطيبة، ودعم مراكز الدعوة، والمدارس الدينية في أنحاء العالم، كل ذلك من أعظم القربات إلى الله (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما نقص مال من صدقة).
الوقفات
1 - تقرير الإيمان بالغيب ويكون بالتصديق التام بكل ما أخبرت به الرسل مما لم نشاهدهم من الجنة والنار، و حياة البرزخ في القبر، وعذاب القبر والنار، ونعيم المؤمنين الأبرار، ودقة الصراط، ونعيم الجنة، وسعة الكرسي، وكبر راس الكافر، وعمق قعر جهنم، وأنهار الجنة، وغساق النار وغيرها.
2 - إن أداء الصلاة يكون في إقامة أركانها شروطها وواجباتها وليس في السجود والركوع دونما خشوع وسكينة، وتكون إقامتها في بيوت الله مع جماعة المسلمين.
3 - الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام من تركها كفر، وقد عرفنا في السيرة النبوية كيف أن الصديق الخليفة أبا بكر رضي الله عنه قاتل المرتدين الكفار الذين تركوا دفع الزكاة، قال له عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قلوها عصموا مني دمائهم .. الحديث) فقال القائد المظفر، الخليفة الراشد أبا بكر: " والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة" وقال " والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه" فالمؤمنين الصادقين يدفعون الزكاة، وكذلك يتصدقون على المحتاجين المعوزين.
___________________
(1) من كلام السعدي رحمه الله بتصرف.
(2) صحيح: البخاري (8)، مسلم (16).
(3) صحيح: مسلم (1014) ومعنى فلوَّه أي المهر الصغير، وفصيلة أي البعير المفصول عن أمه. قال القاضي عياض عبر باليمين هنا عن جهة القبول والرضا إذ الشمال بضده في هذا قال: المراد بكف الرحمن هنا ويمينه كف الذي تدفع إليه الصدقة، وإضافتها إلى الله تعالى إضافة ملك واختصاص لوضع هذه الصدقة فيها لله عز وجل. قال: وقد قيل في تربيتها وتعظيمها حتى تكون أعظم من الجبل أن المراد بذلك تعظيم أجرها وتضعيف ثوابها، قال: ويصح أن يكون على ظاهره، وأن تعظم ذاتها ويبارك الله تعالى فيها ويزيدها من فضله حتى تثقل في الميزان، وهذا الحديث نحو قول الله تعالى (يمحق الله الربا ويربي الصدقات).
(4) صحيح: مسلم (1016). قال النووي رحمه الله وفيه الحث على الصدقة، وشق التمرة نصفها وجانبها، وأنه لا يمتنع منها لقلتها وأن قليلها سبب للنجاة من النار.
__________________________________________________
آيات ووقفات (الحلقة العاشرة)
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون
بعدما قرأنا، وعرفنا صفات المؤمنين الذين امتدحهم الرب جل وعلا، بأنهم يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، ويدفعون أموالهم في سبل الخير من زكاة، أو صدقة، أتى الله بهذه الآية، وفيها صفات أخرى، تقرب إلى أفهامنا صفات أهل الحق الذين أحبوا الله، وأحبهم الله، فهم المؤمنين الذين يؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله عليك، والحكمة (السنة النبوية) التي علمك الله إياها، كما قال سبحانه وتعالى (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تعلم) (1). وهذه لمحة أخرى، وصفة فضلى، وخلة حميدة، يتصف بها عباد الله المتقين، الذين يؤمنون بكتاب الله المجيد، ومعاني آياته، ومعالم هداياته، ومقاصد عباراته، يؤمنون بأن هذا القرآن هو كلام الله الرب العظيم الذي أوحاه إلى نبيه عن طريق جبريل عليهما الصلاة والسلام، لذلك فهم يعظمون آياته، ويدرسون معانيها، ويقدسون أسرارها، ويحكمون بموجبها، ويتعاملون مع الخلق وفقاً لتعاليمها، على منهج أهل السنة والجماعة، ويؤمنون كذلك بالحكمة وهي السنة النبوية المتمثلة في أفعال رسول الله صلى الله
(يُتْبَعُ)
(/)
عليه وسلم، وأقواله فلا علم للمؤمنين بكيفية الصلاة، وصفات الركوع والسجود، وكم ركعات الصلوات، وكيفية الوضوء، ومتى أوقات الصلوات إلا بفهم صحيح للأحاديث النبوية، والهدي النبوي الذي كان حاضراً مع الصحابة يعلمهم تلك الأمور كلها، وكان يقول صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فمن لا يؤمن بذلك ويتبع سبيلاً غير هذا، ويؤمن بالقرآن ولا يؤمن بالحكمة فهو كافر، لانتفاء إيمانه بالهدي النبوي قولاً وعملاً. وكذلك يقتضي إيمان أولئك المتقين الإيمان بالكتب السماوية المنزلة من الله سبحانه على أنبيائه الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، قال تعالى (وما أنزل من قبلك) ويتضمن هذا الإيمان بجميع الكتب، وجميع النبيين، وهذه صفة أخرى لعباد الله المتقين، وذلك لتصديقهم بنزول تلك الكتب، وبعثة أولئك الرسل إلى قومهم، أما نبي الله محمد فقد بعثه الله للناس أجمعين قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (2). لذا فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى جميع البشر.
ومن صفات المؤمنين المتقين أيضاً أنهم (وبالآخرة هم يوقنون) أي إنهم يؤمنون باليوم الآخر وما فيه من الجزاء والنكال، والثواب والعقاب، والسعادة والشقاء، وأصحاب النعيم، وأشقياء الجحيم، والآتيان بجهنم، وسجود الأنبياء، وذلة العصاة، وتبيض الوجوه المؤمنة، وتسود الوجوه الكافرة، يؤمنون برؤية الله، ويكلمهم الله سبحانه من غير ترجمان، كل بلغته ويقرهم بأعمالهم، ويؤمنون بتطاير الصحف، فتؤخذ باليمين أو بالشمال، أو من وراء الظهور، فلما أيقنوا بحدوث ذلك من إخبار الله لنا ورسوله في القرآن والسنة، ولما عرفوا واستيقنت قلوبهم (3) بحدوث كل ذلك، كان ذلك ركناً ركيناً من أركان الإيمان الستة، وأضحى من أعظم الدوافع للقيام بالأعمال الصالحة رهبة ورغبة لما عند الله.
الوقفات
1 - تقرير الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من جميع البشر، فلا حجة اليوم لأحد فالأغلبية الآن من الناس يعرف أو يسمع عن دين الإسلام.
2 - تقرير الإيمان بالكتب السماوية كلها، بأنها أنزلت في وقت ما على أنبياء الله، ولكن هل بقيت على حالها، هل ما في أيدي اليهود والنصارى الآن من كتب هل هي نفس الكتب السماوية المنزلة، كلا فالقرآن يكذب زيفهم ويكفر منهجهم، في قوله (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون).
3 - وجوب الإيمان بالآخرة وما فيها يقيناً وتلك صفة من صفات المؤمنين.
_________________
(1) سورة آل عمران 113.
(2) سورة الأنبياء 107.
(3) قال السعدي رحمه الله واليقين: هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك الموجب للعمل.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 04:55 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الحادية عشر)
إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (7)
خلق الله عز وجل الإنسان، وأعطاه الحواس كي تدرك ما ينفعه فيأخذ به، ويترك ما يضره ويبتعد عنه، فمن استمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، و عرف الحق، وبلاغة القرآن، واهتدى بهديه، أفلح ونجا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، والعرب كان معلوم لديهم الشعر، فكان بمثابة الإعلام في عصرنا الحاضر، وكان مهماً جداً في نظرهم، فلما سمعوا القرآن عرفوا بأن ذلك ليس شعراً، وليس بطلاسم المشعوذين والسحرة، وإن فيه من البيان العظيم، والفصاحة البليغة، واخبار الأمم السابقة، لذلك أسلم الكثير ممن فتح الله على قلوبهم، وأنار بصائرهم، أما الذين أعرضوا عن سماع الحق، وتولوا عن مخالطة الصحابة الذين اعتبروهم في زعمهم صابئة لأنهم تركوا دين آبائهم، وانخرطوا في دين لم تعترف به قلوب كفار قريش كفراً وجحوداً، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألم على حالهم، وهو الرحمة المهداة للبشرية، صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يسليه ربه ويقول له (إنما عليك البلاغ) ويقول سبحانه (إنك لا تهدي من أحببت) ويقول سبحانه (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم) (1). ويقول سبحانه (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (2). لذلك جاءت هذه الآية في شدة المعترك بين الحق والباطل، وبين نصرة الحق وأهله، ودحض الباطل وأهله، وكانت الفرقان بينهما، فجاء فيها وصف هؤلاء الكفار المعاندين لدين الله، وأعني هنا أن كفار قريش كانوا وثنيين يعبدون الأصنام، وهي في واقع الأمر كانت صوراً منحوتة في الصخور لرجال صالحين كانوا يعبدون الله على دين الحنيفية، دين إبراهيم عليه السلام، ولكن مع طول الأمد، وغواية الشيطان لهم، أخذوا يعتقدون فيها وأنها تقربهم إلى الله ببركة أصحابها الصالحين، فأخذوا يقربون القرابين لها، ويعبدونها مع الله، فأصبحوا بذلك مشركين، فمنهم من أسلم مع النبي، ومنهم من بقي على كفره وعناده، فقال الله سبحانه وتعالى (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) أي الأمر عندهم سيَّان لأنهم لم ترد قلوبهم سماع الحق ولا إتباعه.
الوقفات
1 - الكفر هو الغطاء الذي يغطي القلب فهؤلاء مغطاة قلوبهم عن الحق.
2 - مهمة الرسل البلاغ فقط، وفي هذا درس للدعاة لدين الله.
3 - الران الذي على قلوب الكفار من شدة إعراضهم عن دين الله جعل قلوبهم منكرة للحق مقبلة على الباطل فأصبحت الأمور لديها متشابهة سواء دعيت وأنذرت أم لم تنذر فلن تفتح للإيمان.
______________
(1) سورة القصص: 50.
(2) سورة فاطر: 8.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 09:49 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الثانية عشرة)
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم (8)
وهذا هو المانع الشديد، والحائل المحيد، عن الطريق السديد، ذلك الطبع وهو الختم الذي جعله الله بسبب كفرهم (2). فلا يدخلها الإيمان، ولا تقر به أنفسهم، ولا تعرف الطريق إليه، قال مجاهد (ختم الله على قلوبهم) قال: الطبع ثبتت الذنوب على القلب فحفت به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه فالتقاؤها عليه الطبع والطبع الختم. وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه في الصحيح أن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعرض الفتن على القلب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً" (3). أما أسماعهم فجعلها مغلقة عن سماع الحق، معرضة عنه، فلا يهتدون إليه، وأبصارهم عليها غشاوة، فلا ترى الحق، ولا تتحقق من وجوده، إذ هي معمية عنه فيكون الكافر والعياذ بالله أعمى البصر، ومطموس البصيرة. ولكن ذلك لم يحدث إلا بعد الوعظ والبلاغ، فقد نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من على الصفا لما أمره الله بالجهر بالدعوة فجمع أهل قريش، وقال لهم إني لكم نذير بين يدي عذاب شديد، فقال له أبا لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟، والحوادث كثيرة، وإيذاء أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحاولات قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا والعياذ بالله زيغ منهم فكان جزاء لهم أن أضل الله قلوبهم (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) لأنهم لم تفدهم المواعظ، وأساليب الدعوة المختلفة، حتى أن رسول الله بقي يدعوا قومه ثلاثة عشر عاماً، فما آمن معه إلا قليل، ومعروفه قصته حينما ذهب إلى الطائف، وأدموا جهلتها قدماه الشريفتان، وفي هذا تذكير للدعاة، أن الطريق شائك، والأعداء كثير، والشهوات محفوفة بالنار، والجنة محفوفة بالمكاره، والطريق غير ممهد، والقلوب مختلفة، فلا يحسب الداعية أن الدعوة سهلة المنال، ولا أن يتوقف عنها لأن هؤلاء الناس لن يهتدوا لختم الله على قلوبهم، ولكن يجب عليه التحلي أولاً بالعلم الشرعي الصحيح، ثم بالحلم، والصفات العظيمة التي كان يتصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يضع في باله أنه يجب على من بلغ أن يهتدي، كلا الأمر ليس كذلك، ولكن عليه أن يبلغه بالعلم الشرعي، والوسائل المتاحة اليوم، من وسائل الاتصالات المختلفة، فبالإمكان الآن أن ترسل أي ملف صوتي أو مرئي إلى أي جهة في العالم، ومن أي جهاز حاسوب كان فالدعوة ليست مقصورة في مكان معين، أو بطريقة واحدة فقط. إننا اليوم نتمتع ولله الحمد بالبرامج الكثيرة، والكتب الموضوعة في شبكة الإنترنت، والتي اختصرت الكثير من الأوقات في البحث، والتأصيل، والتخريج، والتفسير، والترجمة كل ذلك موجود في البرامج الحاسوبية، والمواقع المنتشرة في الإنترنت.
فلا يعني أبداً أن نيأس من دعوة الكفار، أو تبليغهم ديننا، وتعاليمنا التي ننعم بها ولله الحمد والمنة، لهذا فحري بنا أن نقوم بكل ما بوسعنا القيام به كي تنتشر الدعوة، وينتشر الإسلام، والذي أصبحت صورته اليوم مشوهة، وأخبار الناس عنه غريبة وعجيبة، فلقد اقض مضاجع اليهود، والنصارى الحاقدين، انتشار الإسلام، ومعرفة الناس لأسراره، وروحانية النفس في ظلاله، فأغاظهم ذلك، وحاربوه أشد المحاربة، وشنوا الحملات تلوا الحملات للقضاء عليه ولكنهم لم ولن يستطيعوا فالله عز وجل هو حافظه.
الوقفات
1 - الختم على القلوب نعوذ بالله من ذلك يكون بتجمع الذنوب والمعاصي على القلوب حتى تصبح مغطاة بها تماماً، فلا تقبل موعظة، ولا تهتدي لهدى الله، ويكون على الكفار نتيجة إعراضهم وشدة جحودهم وعنادهم للحق. ولكن باب التوبة مفتوح للتائبين و التوبة تجب (1) ما قبلها.
2 - وجوب الدعوة إلى الله لإقامة الحجة على المدعوين.
3 - يجب على المسلم أن يستمع للمواعظ، والقرآن فكما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، وجلائها كتاب الله).
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - الله عز وجل يختم على القلوب المعرضة عن سبيله، فيجعلها أشد إعراضاً ثم يعذبها نتيجة لذلك.
_____________
(2) الكفر في اللغة هو الغطاء، أي مغطاة قلوبهم عن إدراك الحق.
(3) صحيح: مسلم (144).
(1) أي يتجاوز الله عن جميع الذنوب التي قبل التوبة، وورد في القرآن أن الله يبدل سيئاتهم حسنات.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[23 Aug 2004, 04:44 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة عشرة)
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9)
هذه الآية جاءت تعبر عن نفوس غريبة، وأمزجة عجيبة، ظهرت في الساحة الإسلامية، ظهرت في أروقة المكر والمكيدة للنبي وأصحابه، إنها نفوس المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، يظهرون حب الله ورسوله، ويدفنون البغض لدين الله، ولم يكن هذا الصنف معروفاً في مكة، فكان هناك إما مسلم وإما كافر، أما النفاق فما عرف عن وجوده النبي صلى اله عليه وسلم إلا بعد نزول هذه الآيات، لكي يستعد رسول الله لمواجهة الأعداء من داخل الصف المسلم نفسه، فهناك من يدعي الإسلام وقلبه أبعد ما يكون عنه، لهذا أظهر الله صفات هؤلاء، وبينها أيما تبيين، فهم يقولون (آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) بل هم منافقين، قال ابن كثير: النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي، وهو الذي يخلد صاحبه في النار وعملي وهو من أكبر الذنوب. وهكذا عرفنا كيف أن هؤلاء كانوا يستترون بلا إله إلا الله كي يحموا أنفسهم من القتل، وإلا فهم أصلاً كفار (يخادعون الله والذين آمنوا) قال بن كثير أي بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك وأن ذاك نافعهم عنده، وأنه يروج عليه كما قد يروج على بعض المؤمنين قال تعالى (يوم يبعثهم جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون) ولهذا قابلهم على اعتقادهم ذلك بقوله (وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) يقول: وما يغرون بصنيعهم هذا ولا يخدعون أنفسهم وما يشعرون)، هذه بعض أوصاف هؤلاء المتمردون على شريعة الله، المبغضين لدين الله، ولرسول الله عليه الصلاة والسلام، إنهم يريدون أن يخادعوا رسول الله ويظهروا له الإسلام ولكنهم يبطنون الكفر، فيوصفه الله بجهلهم بأنهم يريدون مخادعة الله، وهو العليم سبحانه بذات الصدور، والعليم سبحانه بما توسوس به النفوس، فكيف يظن هؤلاء بربهم، كيف لا يعظمون الله خصوصاً بعد نزول هذه الآيات التي فضحت أوارهم، وعرت مكائدهم وخداعهم.
الوقفات
1 - تقرير حماية الله لرسوله وكشف أحوال المنافقين.
2 - سوء الظن بالله عند المنافقين فيحسبون أن بإمكانهم التخطيط، وضرب الإسلام من داخل الصف بدون علم الرسول، وتغافلوا عن الوحي الموحى للنبي عن طريق جبريل والذي كان يكشف بالآيات كل ما يحاك لضرب المسلمين.
3 - الإيمان لا يكون فقط بالكلام، فمن خالف عمله قوله فلا تنفعه قوله الشهادتين، كمن يشد الرحال إلى غير الأماكن التي يشد الرحال إليها، أو يطوف بمكان لم يرد في القرآن أو السنة ما يتعلق بها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى).
4 - فضح الله المنافقين، وأخبر رسوله بأنهم صنف يجالسون الصحابة، ويخالطونهم، وهم والعياذ بالله كفار لبسوا لباس الإسلام، وقلوبهم حاقدة على الدين وأهله.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[27 Aug 2004, 11:34 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة عشرة)
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذابٌ أليم بما كانوا يكذبون (10) وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12)
(يُتْبَعُ)
(/)
يضيف الرب سبحانه وتعالى المزيد من الصفات التي اتصف بها المنافقين، واتسموا بمعالمها، إنها صفات غريبة الطابع، صفات ليست ظاهرة للعيان، إنها صفات داخلية عميقة، صفات تتعلق بقلوب مريضة، شنت الحرب بالتحريض على محمد وحزبه، وبالحقد على الإسلام لضربه من الداخل قبل العدو الخارجي، ولكن هل يهزم من كان الله معه؟ هل يذل من أعزه الله؟ لا والله فما بالك في نبي الله، ما بالك في نبي الرحمة للبشرية هل يذل أو يخزى؟ وهو يكشف الله له مخططات المنافقين، هل يذل وهو الذي قال الله فيه (بالمؤمنين رءوف رحيم)، ولكن هؤلاء المنافقين كانت قلوبهم مريضة، وأنفسهم معبأة بالحقد والغل، فماذا كان مرضها؟ هل كان مرض جسدي؟ قال ابن عباس: (في قلوبهم مرض) أي شك (1). قال زيد بن أسلم مرض في الدين وليس مرض في الجسد، وهم المنافقون والمرض الشك، الذي دخلهم في الإسلام فزادهم الله مرضاً، قال تعالى (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم). إذاً تلك هي الصفة الأولى التي بينها الله عز وجل للمسلمين كي يكونوا على حذر، ويكونوا على بينة من أمرهم، وأن لا تختلط عليهم الأمور، وتنتشر الثقة بكل البشرية، فأمثال هؤلاء يتحينون الفرصة تلوا الفرصة، للقضاء على الدعوة، وللحيلولة دون قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، ومع ذلك فتراهم يظهرون التقوى، ويظهرون المسكنة، والخشوع رياءً وسمعة، ثم جاءت الصفة الأخرى المتسمة بالثقة الزائدة بالنفس، وإظهار الصلاح، والله يرصد ويكشف أسرارهم (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال سلمان الفارسي رضي الله عنه إن أصحاب هذه الآية لم يظهروا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم. و قال بن عباس رضي الله عنهما أي إنما نريد أن نصلح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. ولكن حقيقة ما يقومون به هو الإفساد بعينه ولكنهم بجهلهم لا يشعرون. قَالَ اِبْن جَرِير فَأَهْل النِّفَاق مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض بِمَعْصِيَتِهِمْ فِيهَا رَبّهمْ وَرُكُوبهمْ فِيهَا مَا نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبه وَتَضْيِيعهمْ فَرَائِضه وَشَكّهمْ فِي دِينه الَّذِي لَا يُقْبَل مِنْ أَحَد عَمَل إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْإِيقَان بِحَقِيقَتِهِ وَكَذِبهمْ الْمُؤْمِنِينَ بِدَعْوَاهُمْ غَيْر مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ الشَّكّ وَالرَّيْب وَمُظَاهَرَتهمْ أَهْل التَّكْذِيب بِاَللَّهِ وَكُتُبه وَرُسُله عَلَى أَوْلِيَاء اللَّه إِذَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا فَذَلِكَ إِفْسَاد الْمُنَافِقِينَ فِي الْأَرْض وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ مُصْلِحُونَ فِيهَا (2).
الوقفات
1 - مرض الشك في الإعتقاد مرض خطير، وداء فاتك بالنفس البشرية، قال الشعراوي رحمه الله، المسلم مقتنع بدينه، والنصراني مقتنع بدينه كذلك، أما المنافق ففي صراع مع نفسه، ففي قلبه بغض الدين وأهله، وظاهره الصلاح والخير، فيظل في صراع ومخافة أن يفتضح أمره.
2 - الإصلاح يكون بنشر الخير والمعرفة، و العلم النافع، وليس بالإفساد في الأرض.
3 - كشف الله لنفوس المنافقين وقلوبهم المريضة والتي تتباهى في كل زمان ومكان بالتقوى
والصلاح وهي حقيقة كافرة خارجة عن الدين، ويحسبون أن الله غافلاً عنهم.
_______________
(1) من تفسير ابن كثير.
(2) تفسير ابن كثير.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[30 Aug 2004, 12:50 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة عشرة)
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنومن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون (13).
ثم بين الله تبارك وتعالى لنا صفة أخرى من صفات المنافقين، وفيها تتجلى الصورة الواضحة لبغضهم، واستخفافهم بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واعتبارهم لهم بأنهم ضعفاء العقول، أو كما يقال ضعفاء النفوس يصدقون الناس سريعاً، ولا يعرفون مصالحهم، لكن المعرضين عن شريعة الله، وعن منهج الإسلام، فهم في نظرهم القاصر حكماء، ويميزون الخير من الشر، ويعرفون مقادير الأمور هكذا كانت صفات المنافقين، يقول الله سبحانه (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) يعني لماذا لا تؤمنون كما آمن أصحاب رسول الله، لماذا لا تسلمون، وتتبعوا الحق الذي جاء به المصطفى
(يُتْبَعُ)
(/)
صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وَإِذَا قِيلَ لِلْمُنَافِقِينَ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاس أَيْ كَإِيمَانِ النَّاس بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْبَعْث بَعْد الْمَوْت وَالْجَنَّة وَالنَّار وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنْهُ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله فِي اِمْتِثَال الْأَوَامِر وَتَرْك الزَّوَاجِر." قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء " يَعْنُونَ - لَعَنَهُمْ اللَّهُ - أَصْحَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس (انتهى). إذاً هؤلاء يرون إلى أتباع محمد بأنهم سفهاء، وأنهم ضعفاء الرأي، والأوصاف التي لا تليق بمسلم، فما بالك في صحابي، تلك النفوس المريضة، والتي أزدادت عداوة، وشراسة ضد الإسلام وأهله، يحذر الله النبي وأصحابه منها لأنها خطيرة، ومن داخل الصف الإسلامي، فيرد الله عز وجل (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) نعم وأي سفه أشد من أناس يعايشون النبي، ويجالسونه، ويسمعون منه، ومن أصحابه الكرام، ولا يتبعون الهدى، وقلوبهم معرضة عنه، فأخبر الله نبيه بمكرهم، وتكذيبهم والعياذ بالله بالرسالة، ورسول الله يصبر، ويتعلم من ربه مكر هؤلاء، ولكنه ألتزم الحكمة، والتزم الصبر من أجل نجاح الدعوة، وبناء الدولة الإسلامية في المدينة، وانتشار الإسلام فيها، فرفض فكرة قتل المنافقين، وكان يعرف أعيانهم، وقادتهم، إلا أنه كان يقول: أتريدون أن يقولوا الناس أن محمداً يقتل أصحابة، أنظر إلى الحكمة، والنظرة المستقبلية للدعوة، كيف سيكون مصير الدعوة إذا سعى المرجفون وما أكثرهم بنشر مثل تلك الحقائق إذا حدثت؟، كيف سيكون مصير الدعوة إذا تمت تلك التصفيات لتلك الفئة الدخيلة على المجتمع الإسلامي، ولكنه صلى الله عليه وسلم، كان يكفيه أن يستقبل الوحي، ويقرأه على أصحابه، ويتدارسونه بينهم، ويكتفي بذلك من أجل الدعوة الإسلامية.
الوقفات
1 - ذكر الله المنافقين بتسفيههم لأحلام الصحابة وتكبرهم على الحق.
2 - أفضلية الصحابة على جميع الخلق، وأن السفهاء حقاً هم المنافقون.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 05:02 ص]ـ
السلام عليكم
تناقشت مع بعض الإخوة حول قولي يربينا الله في هذه الآية الخ فقال ليس هناك في الأسماء والصفات صفة التربية فما هو الصحيح؟
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 08:27 م]ـ
مختار الصحاح
* * رب * كل شيء مالكه و * الرب * اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا بالإضافة وقد قالوه في الجاهلية للملك و * الرباني * المتأله العارف بالله تعالى ومنه قوله تعالى {ولكن كونوا ربانيين
وأورد النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم (المنهاج)
عند شرحه لفظ (رب العالمين)
فقال في معنى رب أربعة أقوال حكاه الماوردي وغيره:
1 - المالك
2 - والسيد
3 - والمدبر
3 - والمربي
فإن وصف الله تعالى برب لأنه مالك أو سيد فهو من صفات الذات،
وإن وصف لأنه مدبر خلقه ومربيهم فهو من صفات فعله،
ومتى دخلته الألف واللام فقيل الرب اختص بالله تعالى
وإذا حذفتا جاز إطلاقه على غيره
فيقال رب المال ورب الدار ونحو ذلك
وقد ورد في فتاوى بن تيميه رحمه الله لفظ يربيه الله
وفي صحيح البخاري وغيره
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل).
والمراد بيربيها في الحديث تعظيم أجرها وتضعيف ثوابها.
والله هو الذي ربانا وربى جميع الخلق بنعمه
فما المانع من قول يربينا الله مثل قول الإنسان يعلمنا الله يحفظن ا الله ويطعمنا الله ويسقينا الله ونحو ذلك ولو وكل الله لإنسان إلى تربية نفسه لهلك.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 09:45 م]ـ
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الأصول الثلاثة
فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه،.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح الأصول الثلاثة
التربية هي عبارة عن الرعاية التي يكون بها تقويم المربى، ويشعر كلام المؤلف رحمه الله أن الرب مأخوذ من التربية لأنه قال: "الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه" فكل العالمين قد رباهم الله بنعمه وأعدهم لما خلقوا له، وأمدهم برزقه قال الله تبارك وتعالى في محاورة موسى وفرعون:} فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى {{سورة طه، الآيتين: 49 - 50}. فكل أحد من العالمين قد رباه الله عز وجل بنعمه.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:22 م]ـ
أشكرك وفقك الله على هذا التوضيح، وأنا والله استغربت من كلام ذلك الرجل حتى إنه يقول درس كتب العقيدة، وكذلك استغرب هو من كلام السعدي حينما قال وتربيته سبحانه لأوليائه كذا .. الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 05:00 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السادسة عشرة)
وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14)
لا يزال السياق القرآني يصف لنا أوصاف نفوس المنافقين، ويخبرنا أنها نفوس ماكرة خبيثة، فإذا لقوا وقابلوا المؤمنين، قالوا آمنا، واتبعنا الهدى، ويقومون بالشعائر الدينية مثلهم تماماً، ولكن إذا واجهوا سادتهم اليهود والمشركين قالوا لهم مطمئنينهم نحن معكم، وموالينكم، ومؤيدينكم، ولكننا نستهزأ، ونجامل أولئك السفهاء،ولكن لا تخافون فنحن معكم وسنعاضدكم، ولن نكون في صف هؤلاء أبداً، تلك هي الصورة الجديدة التي فهمها محمد عليه السلام، وفهم منها أنه أمام مواجهة صفاً خطيراً من ألد الأعداء، والعقبات الكأداء، إذا أنهم في داخل الصف الإسلامي، ويتحدثون بلغة القوم، ويقرأون القرآن، ويؤدون الأعمال تقية من القتل، ولكن كل ذلك كانت تكشفه الآيات البينات.
إن تلك الصفات الغريبة في المجتمع المدني، فتحت باباً آخر لحرب الدعوة بإسم الإسلام، وهذه والله من الصعوبة بمكان، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم تتنزل عليه تلك الآيات، وهو صابر بحكمة بالغة، فهو لا يريد أن يفتح جبهة مع بني عقيدته، وهذا قد يجر على الأمة الفتنة في دينهم ودنياهم، ويكون عقبة في نشر الدعوة الإسلامية، فالناس بطبيعتهم لا تقبل الظلم، ولا سفك الدماء خصوصاً في مثل تلك الظروف العصيبة، فكيف لو سمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أناس من أصحابه، فهل ذلك سيخدم الدعوة، هل ذلك سيصدقه الناس خصوصاً في عصور الجهل بدين الإسلام، هل ذلك العمل سيخدم دين الله أم أنه سيجر الويلات على المجتمع، ويحول دون دخول الناس في الدين؟ وهذه خطوة خطيرة لو أقدم عليها الداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم، وحاشاه أن يفعل ذلك فلقد كان قائداً للأمة الإسلامية في الحكم، وفي الميدان، وفي حفر الخندق، وفي الشورى، وفي كل أمور المسلمين كانت له البصيرة الثاقبة لكل ما تحتاجه دعوته، لذلك كان هو الإمام المنصف، والنبي المرسل، والمقاتل الشجاع، وإن العبارات حقيقة لا أستطيع أن أوفيه عليه الصلاة والسلام حقه في المدح والتبجيل في هذه العجالة.
إن المنافقين كانوا معرضين عن الدعوة متبعين غير هدى الله، وذلك نزولاً لرغباتهم، وشهواتهم، التي حالت دون وصل قلوبهم للحق، فهم يستهزءون بالمؤمنين، ويقولون آمنا ومن تلك العبارات التي يعتقدون أنها تنطلي على النبي وأصحابه، ونسوا أن الله معز جنده، وهازم أعداء الدعوة في كل زمان ومكان.
الوقفات:
1 - المخادعة والمجاملات على حساب الدين صفة من صفات المنافقين.
2 - كشفت الآيات تولي المنافقين لأحبار اليهود والمشركين (شياطينهم).
3 - الاستهزاء بالدين وأهله، وتسفيه عقول الصالحين من طبيعة المنافقين.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 09:27 م]ـ
أخي سعيد الشهري جزاك الله خير
أحب أن أضيف فوائد ذكرها العلامة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله مستفاده من هذه الآية والتي بعدها في تفسيره لسورة البقرة وقد اشتملت على مسائل في العقيده
الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: ذلّ المنافق؛ فالمنافق ذليل؛ لأنه خائن؛ فهم {إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} خوفاً من المؤمنين؛ و {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} خوفاً منهم؛ فهم أذلاء عند هؤلاء، وهؤلاء؛ لأن كون الإنسان يتخذ من دينه تَقيَّة فهذا دليل على ذله؛ وهذا نوع من النفاق؛ لأنه تستر بما يُظَن أنه خير وهو شر ..
.2 ومنها: أن الله يستهزئ بمن يستهزئ به، أو برسله، أو بشرعه جزاءً وفاقاً؛ واعلم أن ها هنا أربعة أقسام:
قسم هو صفة كمال لكن قد ينتج عنه نقص: هذا لا يسمى الله تعالى به؛ ولكن يوصف الله به، مثل "المتكلم"، و"المريد"؛ فـ"المتكلم"، و"المريد" ليسا من أسماء الله؛ لكن يصح أن يوصف الله بأنه متكلم، ومريد على سبيل الإطلاق؛ ولم تكن من أسمائه؛ لأن الكلام قد يكون بخير، وقد يكون بشر؛ وقد يكون بصدق، وقد يكون بكذب؛ وقد يكون بعدل، وقد يكون بظلم؛ وكذلك الإرادة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
القسم الثاني: ما هو كمال على الإطلاق، ولا ينقسم: فهذا يسمى الله به، مثل: الرحمن، الرحيم، الغفور، السميع، البصير ... وما أشبه ذلك؛ وهو متضمن للصفة؛ وليس معنى قولنا: "يسمى الله به" أن نُحْدِث له اسماً بذلك؛ لأن الأسماء توقيفية؛ لكن معناه أن الله سبحانه وتعالى تَسَمَّى به ..
القسم الثالث: ما لا يكون كمالاً عند الإطلاق؛ ولكن هو كمال عند التقييد؛ فهذا لا يجوز أن يوصف به إلا مقيداً، مثل: الخداع، والمكر، والاستهزاء، والكيد. فلا يصح أن تقول: إن الله ماكر على سبيل الإطلاق، ولكن قل: إن الله ماكر بمن يمكر به، وبرسله، ونحو ذلك ..
مسألة:-
هل "المنتقم" من جنس الماكر، والمستهزئ؟
الجواب: مسألة "المنتقم" اختلف فيها العلماء؛ منهم من يقول: إن الله لا يوصف به على سبيل الإفراد، وإنما يوصف به إذا اقترن بـ"العفوّ"؛ فيقال: "العفوُّ المنتقم"؛ لأن "المنتقم" على سبيل الإطلاق ليس صفة مدح إلا إذا قُرِن بـ"العفوّ"؛ ومثله أيضاً المُذِل: قالوا: لا يوصف الله سبحانه وتعالى به على سبيل الإفراد إلا إذا قُرِن بـ"المُعِز"؛ فيقال: "المعزُّ المُذل"؛ ومثله أيضاً "الضار": قالوا: لا يوصف الله سبحانه وتعالى به على سبيل الإفراد إلا إذا قُرِن "النافع"؛ فيقال: "النافع الضار"؛ ويسمون هذه: الأسماء المزدوجة ..
ويرى بعض العلماء أنه لا يوصف به على وجه الإطلاق. ولو مقروناً بما يقابله. أي إنك لا تقول: العفوّ المنتقم؛ لأنه لم يرد من أوصاف الله سبحانه وتعالى "المنتقم"؛ وليست صفة كمال بذاتها إلا إذا كانت مقيدة بمن يستحق الانتقام؛ ولهذا يقول عزّ وجلّ: {إنا من المجرمين منتقمون} [السجدة: 22]، وقال عزّ وجلّ: {والله عزيز ذو انتقام} [آل عمران: 4]؛ وهذا هو الذي يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ والحديث الذي ورد في سرد أسماء الله الحسنى، وذُكر فيه المنتقم غير صحيح؛ بل هو مدرج؛ لأن هذا الحديث فيه أشياء لم تصح من أسماء الله؛ وحذف منها أشياء هي من أسماء الله. مما يدل على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ..
القسم الرابع: ما يتضمن النقص على سبيل الإطلاق: فهذا لا يوصف الله سبحانه وتعالى به أبداً، ولا يسمى به، مثل: العاجز؛ الضعيف؛ الأعور .... وما أشبه ذلك؛ فلا يجوز أن يوصف الله سبحانه وتعالى بصفة عيب مطلقاً ..
والاستهزاء هنا في الآية على حقيقته؛ لأن استهزاء الله بهؤلاء المستهزئين دال على كماله، وقوته، وعدم عجزه عن مقابلتهم؛ فهو صفة كمال هنا في مقابل المستهزئين مثل قوله تعالى: {إنهم يكيدون كيداً * وأكيد كيداً} [الطارق: 15، 16] أي أعظمَ منه كيداً؛ فالاستهزاء من الله تعالى حق على حقيقته، ولا يجوز أن يفسر بغير ظاهره؛ فتفسيره بغير ظاهره محرم؛ وكل من فسر شيئاً من القرآن على غير ظاهره بلا دليل صحيح فقد قال على الله ما لم يعلم؛ والقول على الله بلا علم حرام، كما قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33]؛ فكل قول على الله بلا علم في شرعه، أو في فعله، أو في وصفه غير جائز؛ بل نحن نؤمن بأن الله جل وعلا يستهزئ بالمنافقين استهزاءً حقيقياً؛ لكن ليس كاستهزائنا؛ بل أعظم من استهزائنا، وأكبر، وليس كمثله شيء ..
وهذه القاعدة يجب أن يسار عليها في كل ما وصف الله به نفسه؛ فكما أنك لا تتجاوز حكم الله فلا تقول لما حرم: "إنه حلال"، فكذلك لا تقول لما وصف به نفسه أن هذا ليس المراد؛ فكل ما وصف الله به نفسه يجب عليك أن تبقيه على ظاهره، لكن تعلم أن ظاهره ليس كالذي ينسب لك؛ فاستهزاء الله ليس كاستهزائنا؛ وقرب الله ليس كقربنا؛ واستواء الله على عرشه ليس كاستوائنا على السرير؛ وهكذا بقية الصفات نجريها على ظاهرها، ولا نقول على الله ما لا نعلم؛ ولكن ننزه ربنا عما نزَّه نفسه عنه من مماثلة المخلوقين؛ لأن الله تعالى يقول: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] ..
أما الخيانة فلا يوصف بها الله مطلقاً؛ لأن الخيانة صفة نقص مطلق؛ و"الخيانة" معناها: الخديعة في موضع الائتمان. وهذا نقص؛ ولهذا قال الله عزّ وجلّ: {وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم} [الأنفال: 71]، ولم يقل: فخانهم؛ لكن لما قال تعالى: {يخادعون الله} [النساء: 142] قال: {وهو خادعهم} [النساء: 142]؛ لأن الخديعة صفة مدح مقيدة؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الحرب خدعة" (1)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تخن من خانك" (2)؛ لأن الخيانة تكون في موضع الائتمان؛ أما الخداع فيكون في موضع ليس فيه ائتمان؛ والخيانة صفة نقص مطلق ..
.3 ومن فوائد الآيتين: أن الله سبحانه وتعالى قد يُملي للظالم حتى يستمر في طغيانه ..
فيستفاد من هذه الفائدة فائدة أخرى: وهي تحذير الإنسان الطاغي أن يغتر بنعم الله عزّ وجلّ؛ فهذه النعم قد تكون استدراجاً من الله؛ فالله سبحانه وتعالى يملي، كما قال تعالى: {ويمدهم في طغيانهم يعمهون}؛ ولو شاء لأخذهم، ولكنه سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. كما جاء في الحديث (3) ..
فإن قال قائل: كيف يعرف الفرق بين النعم التي يجازى بها العبد، والنعم التي يستدرج بها العبد؟
فالجواب: أن الإنسان إذا كان مستقيماً على شرع الله فالنعم من باب الجزاء؛ وإذا كان مقيماً على معصية الله مع توالي النعم فهي استدراج ..
.4 ومن فوائد الآيتين: أن صاحب الطغيان يعميه هواه، وطغيانه عن معرفة الحق، وقبوله؛ ولهذا قال تعالى: {ويمدهم في طغيانهم يعمهون}؛ ومن الطغيان أن يُقَدِّم المرء قوله على قول الله ورسوله؛ والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدِّموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم (الحجرات: 1).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 11:08 م]ـ
وفقك الله
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[21 Sep 2004, 11:27 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السابعة عشرة)
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنومن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون (13).
ثم بين الله تبارك وتعالى لنا صفة أخرى من صفات المنافقين، وفيها تتجلى الصورة الواضحة لبغضهم، واستخفافهم بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واعتبارهم لهم بأنهم ضعفاء العقول، أو كما يقال ضعفاء النفوس يصدقون الناس سريعاً، ولا يعرفون مصالحهم، لكن المعرضين عن شريعة الله، وعن منهج الإسلام، فهم في نظرهم القاصر حكماء، ويميزون الخير من الشر، ويعرفون مقادير الأمور هكذا كانت صفات المنافقين، يقول الله سبحانه (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) يعني لماذا لا تؤمنون كما آمن أصحاب رسول الله، لماذا لا تسلمون، وتتبعوا الحق الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وَإِذَا قِيلَ لِلْمُنَافِقِينَ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاس أَيْ كَإِيمَانِ النَّاس بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْبَعْث بَعْد الْمَوْت وَالْجَنَّة وَالنَّار وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنْهُ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله فِي اِمْتِثَال الْأَوَامِر وَتَرْك الزَّوَاجِر." قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء " يَعْنُونَ - لَعَنَهُمْ اللَّهُ - أَصْحَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس (انتهى). إذاً هؤلاء يرون إلى أتباع محمد بأنهم سفهاء، وأنهم ضعفاء الرأي، والأوصاف التي لا تليق بمسلم، فما بالك في صحابي، تلك النفوس المريضة، والتي أزدادت عداوة، وشراسة ضد الإسلام وأهله، يحذر الله النبي وأصحابه منها لأنها خطيرة، ومن داخل الصف الإسلامي، فيرد الله عز وجل (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) نعم وأي سفه أشد من أناس يعايشون النبي، ويجالسونه، ويسمعون منه، ومن أصحابه الكرام، ولا يتبعون الهدى، وقلوبهم معرضة عنه، فأخبر الله نبيه بمكرهم، وتكذيبهم والعياذ بالله بالرسالة، ورسول الله يصبر، ويتعلم من ربه مكر هؤلاء، ولكنه ألتزم الحكمة، والتزم الصبر من أجل نجاح الدعوة، وبناء الدولة الإسلامية في المدينة، وانتشار الإسلام فيها، فرفض فكرة قتل المنافقين، وكان يعرف أعيانهم، وقادتهم، إلا أنه كان يقول: أتريدون أن يقولوا الناس أن محمداً يقتل أصحابة، أنظر إلى الحكمة، والنظرة المستقبلية للدعوة، كيف سيكون مصير الدعوة إذا سعى المرجفون وما أكثرهم بنشر مثل تلك الحقائق إذا حدثت؟، كيف سيكون مصير الدعوة إذا تمت تلك التصفيات لتلك الفئة الدخيلة على المجتمع الإسلامي، ولكنه صلى الله عليه وسلم، كان يكفيه أن يستقبل الوحي، ويقرأه على أصحابه، ويتدارسونه بينهم، ويكتفي بذلك من أجل الدعوة الإسلامية.
الوقفات
1 - ذكر الله المنافقين بتسفيههم لأحلام الصحابة وتكبرهم على الحق.
2 - أفضلية الصحابة على جميع الخلق، وأن السفهاء حقاً هم المنافقون.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[12 Oct 2004, 11:12 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السابعة عشرة)
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنومن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون (13).
ثم بين الله تبارك وتعالى لنا صفة أخرى من صفات المنافقين، وفيها تتجلى الصورة الواضحة لبغضهم، واستخفافهم بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واعتبارهم لهم بأنهم ضعفاء العقول، أو كما يقال ضعفاء النفوس يصدقون الناس سريعاً، ولا يعرفون مصالحهم، لكن المعرضين عن شريعة الله، وعن منهج الإسلام، فهم في نظرهم القاصر حكماء، ويميزون الخير من الشر، ويعرفون مقادير الأمور هكذا كانت صفات المنافقين، يقول الله سبحانه (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) يعني لماذا لا تؤمنون كما آمن أصحاب رسول الله، لماذا لا تسلمون، وتتبعوا الحق الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وَإِذَا قِيلَ لِلْمُنَافِقِينَ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاس أَيْ كَإِيمَانِ النَّاس بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته
(يُتْبَعُ)
(/)
وَكُتُبه وَرُسُله وَالْبَعْث بَعْد الْمَوْت وَالْجَنَّة وَالنَّار وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنْهُ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله فِي اِمْتِثَال الْأَوَامِر وَتَرْك الزَّوَاجِر." قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء " يَعْنُونَ - لَعَنَهُمْ اللَّهُ - أَصْحَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس (انتهى). إذاً هؤلاء يرون إلى أتباع محمد بأنهم سفهاء، وأنهم ضعفاء الرأي، والأوصاف التي لا تليق بمسلم، فما بالك في صحابي، تلك النفوس المريضة، والتي أزدادت عداوة، وشراسة ضد الإسلام وأهله، يحذر الله النبي وأصحابه منها لأنها خطيرة، ومن داخل الصف الإسلامي، فيرد الله عز وجل (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) نعم وأي سفه أشد من أناس يعايشون النبي، ويجالسونه، ويسمعون منه، ومن أصحابه الكرام، ولا يتبعون الهدى، وقلوبهم معرضة عنه، فأخبر الله نبيه بمكرهم، وتكذيبهم والعياذ بالله بالرسالة، ورسول الله يصبر، ويتعلم من ربه مكر هؤلاء، ولكنه ألتزم الحكمة، والتزم الصبر من أجل نجاح الدعوة، وبناء الدولة الإسلامية في المدينة، وانتشار الإسلام فيها، فرفض فكرة قتل المنافقين، وكان يعرف أعيانهم، وقادتهم، إلا أنه كان يقول: أتريدون أن يقولوا الناس أن محمداً يقتل أصحابة، أنظر إلى الحكمة، والنظرة المستقبلية للدعوة، كيف سيكون مصير الدعوة إذا سعى المرجفون وما أكثرهم بنشر مثل تلك الحقائق إذا حدثت؟، كيف سيكون مصير الدعوة إذا تمت تلك التصفيات لتلك الفئة الدخيلة على المجتمع الإسلامي، ولكنه صلى الله عليه وسلم، كان يكفيه أن يستقبل الوحي، ويقرأه على أصحابه، ويتدارسونه بينهم، ويكتفي بذلك من أجل الدعوة الإسلامية.
الوقفات
1 - ذكر الله المنافقين بتسفيههم لأحلام الصحابة وتكبرهم على الحق.
2 - أفضلية الصحابة على جميع الخلق، وأن السفهاء حقاً هم المنافقون.
______________________
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة عشرة)
وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14)
لا يزال السياق القرآني يصف لنا أوصاف نفوس المنافقين، ويخبرنا أنها نفوس ماكرة خبيثة، فإذا لقوا وقابلوا المؤمنين، قالوا آمنا، واتبعنا الهدى، ويقومون بالشعائر الدينية مثلهم تماماً، ولكن إذا واجهوا سادتهم اليهود والمشركين قالوا لهم مطمئنيهم نحن معكم، وموالينكم، ومؤيدينكم، ولكننا نستهزئ، ونجامل أولئك السفهاء،ولكن لا تخافون فنحن معكم وسنعاضدكم، ولن نكون في صف هؤلاء أبداً، تلك هي الصورة الجديدة التي فهمها محمد عليه السلام، وفهم منها أنه أمام مواجهة صفاً خطيراً من ألد الأعداء، والعقبات الكأداء، إذا أنهم في داخل الصف الإسلامي، ويتحدثون بلغة القوم، ويقرأون القرآن، ويؤدون الأعمال تقية من القتل، ولكن كل ذلك كانت تكشفه الآيات البينات.
إن تلك الصفات الغريبة في المجتمع المدني، فتحت باباً آخر لحرب الدعوة بإسم الإسلام، وهذه والله من الصعوبة بمكان، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم تتنزل عليه تلك الآيات، وهو صابر بحكمة بالغة، فهو لا يريد أن يفتح جبهة مع بني عقيدته، وهذا قد يجر على الأمة الفتنة في دينهم ودنياهم، ويكون عقبة في نشر الدعوة الإسلامية، فالناس بطبيعتهم لا تقبل الظلم، ولا سفك الدماء خصوصاً في مثل تلك الظروف العصيبة، فكيف لو سمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أناس من أصحابه، فهل ذلك سيخدم الدعوة، هل ذلك سيصدقه الناس خصوصاً في عصور الجهل بدين الإسلام، هل ذلك العمل سيخدم دين الله أم أنه سيجر الويلات على المجتمع، ويحول دون دخول الناس في الدين؟ وهذه خطوة خطيرة لو أقدم عليها الداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم، وحاشاه أن يفعل ذلك فلقد كان قائداً للأمة الإسلامية في الحكم، وفي الميدان، وفي حفر الخندق، وفي الشورى، وفي كل أمور المسلمين كانت له البصيرة الثاقبة لكل ما تحتاجه دعوته، لذلك كان هو الإمام المنصف، والنبي المرسل، والمقاتل الشجاع، وإن العبارات حقيقة لا أستطيع أن أوفيه عليه الصلاة والسلام حقه في المدح والتبجيل في هذه
(يُتْبَعُ)
(/)
العجالة.
إن المنافقين كانوا معرضين عن الدعوة متبعين غير هدى الله، وذلك نزولاً لرغباتهم، وشهواتهم، التي حالت دون وصل قلوبهم للحق، فهم يستهزءون بالمؤمنين، ويقولون آمنا ومن تلك العبارات التي يعتقدون أنها تنطلي على النبي وأصحابه، ونسوا أن الله معز جنده، وهازم أعداء الدعوة في كل زمان ومكان.
الوقفات:
1 - المخادعة والمجاملات على حساب الدين صفة من صفات المنافقين.
2 - كشفت الآيات تولي المنافقين لأحبار اليهود والمشركين (شياطينهم).
3 - الاستهزاء بالدين وأهله، وتسفيه عقول الصالحين من طبيعة المنافقين.
________________
آيات ووقفات (الحلقة التاسعة عشرة)
الله يستهزئُ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (16)
بعدما وصف الله عز وجل حال المنافقين، وأن ظاهرهم يخالف باطنهم، وأنهم إذا اجتمعوا مع المؤمنين أظهروا الورع، والتقوى، وإذا اجتمعوا بأشرار اليهود والمشركين وسادتهم المنافقين، قالوا لهم إننا فقط نجاملهم و نسخر منهم، وإلا فإننا معكم، ولا تخشوا تزحزحنا عنكم أبداً، تلك النفوس المريضة بمرض الشك، وبغض الحق وأهله، أصبحت غارقة في أوحال الضلال، فلم تعد تنفعهم موعظة، ولا توقظ غفلتهم الآيات، فلأنهم يستهزئون بالمؤمنين الصادقين (الله يستهزئ بهم) قال السعدي رحمه الله: فمن استهزائه سبحانه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والأحوال الخبيثة حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين نوراً ظاهراً، فإذا مشى المؤمنون بنورهم طفئ نور المنافقين وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين، فما أعظم اليأس بعد الطمع (ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم)، وقوله (يمدهم) أي يزيدهم (في طغيانهم) أي في فجورهم وكفرهم (يعمهون) أي حائرون انتهى. لقد جازاهم الله عز وجل بأن زين لهم باطلهم، وأعمى بصيرتهم، وأفسد مخططاتهم، وأخفض رايتهم، ومزق شملهم، وكشف زيفهم، وتركهم غارقون في فجورهم، غائضة صدورهم، فللمؤمنين النور التام يوم القيامة، ولهؤلاء الظلام والندامة، للمؤمنين السعادة والحبور، وللمنافقين الشقاء والثبور، جزاء لهم على سوء صنيعهم والعياذ بالله (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) هذا هو وصفهم بالخسران المبين، فهو كمن دفع أمواله لشراء شيء ثم وجد ذلك الشيء تالفاً، فهو خاسر، كمن بذل جوهرة وأخذ عنها درهماً، فبئست التجارة وبئست الصفقة، هكذا حال المنافقين، استبدلوا الهداية بالضلال، واستحبوا سوء الخلال. قال الطبري رحمه الله: عَنْ ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود مِنْ تَأْوِيلهمَا قَوْله: {اشْتَرَوْا الضَّلَالَة بِالْهُدَى} أَخَذُوا الضَّلَالَة وَتَرَكُوا الْهُدَى. وَذَلِكَ أَنَّ كُلّ كَافِر بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ مُسْتَبْدِل بِالْإِيمَانِ كُفْرًا بِاكْتِسَابِهِ الْكُفْر الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ بَدَلًا مِنْ الْإِيمَان الَّذِي أُمِرَ بِهِ. أَوْ مَا تَسْمَع اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُول فِيمَنْ اكْتَسَبَ كُفْرًا بِهِ مَكَان الْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ: {وَمَنْ يَتَبَدَّل الْكُفْر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل} 2 108 وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الشِّرَاء , لِأَنَّ كُلّ مُشْتَرٍ شَيْئًا فَإِنَّمَا يَسْتَبْدِل مَكَان الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ مِنْ الْبَدَل آخَر بَدَلًا مِنْهُ , فَكَذَلِكَ الْمُنَافِق وَالْكَافِر اسْتَبْدَلَا بِالْهُدَى الضَّلَالَة وَالنِّفَاق , فَأَضَلَّهُمَا اللَّه وَسَلَبَهُمَا نُور الْهُدَى فَتَرَك جَمِيعهمْ فِي ظُلُمَات لَا يُبْصِرُونَ. وعَنْ قَتَادَةَ: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتهمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} قَدْ وَاَللَّه رَأَيْتُمُوهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْهُدَى إلَى الضَّلَالَة , وَمِنْ الْجَمَاعَة إلَى الْفُرْقَة , وَمِنْ الْأَمْن إلَى الْخَوْف , وَمِنْ السُّنَّة إلَى الْبِدْعَة.
الوقفات
1 - بيان أن عدم معاقبة المنافقين حال ظهور نفاقهم كان لزيادة فجورهم وعذابهم في الآخرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - بيان استبدال المنافقين وأخذهم للضلال وترك الهدى وهم أصلاً ليسوا بمؤمنين حتى يستبدلوا الإيمان بالضلال ولكن لعدم أخذهم الهدى أساساً وهو المفترض من الإنسان أخذه اعتبره الله بأن أولئك المنافقون تركوا الهدى واتخذوا الضلال فبئس المكسب.
3 - بيان أن تجارة المنافقين خاسرة، وقد ضلوا الطريق القويم.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[23 Oct 2004, 03:19 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة العشرون)
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17).صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18)
لا يزال الرب سبحانه وتعالى يورد الأوصاف الدونية التي يتصف بها المنافقون، والتي جعلتهم مكشوفين، مفضوحين أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فشبههم الله في هذه الآية برجل استوقد ناراً لكي يبصر طريقه، ومكانه الذي هو فيه فلما أطمأن لنور ذلك القبس الناري، فإذا به يفقده فجأة ويذهب الله به، فذلك تماماً حال المنافقين الذين رأوا الآيات القرآنية، والبينات والهدى، فرأوا نور الهداية، ثم انتكسوا وكفروا فعادوا إلى ظلمات الكفر والنفاق (1). أما وصفهم بأنهم (صم بكم عمي) فكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يسمعون الهدى, ولا يبصرونه ولا يعقلونه. لا حول ولا قوة إلا بالله، علماً بأن حواسهم موجودة، ولكن لشدة طغيانهم وتمردهم على أوامر الله، وبغضهم لما أنزل الله على رسوله، والتآمر على الكيد للرسول وأصحابه، أفقدهم الله خواص تلك الحواس فلا تسمع الحق ولا تبصره ولا تعقله، مع وجود أدوات الحس، ولكنهم بسلوكهم المشين استحقوا أن تكتب عليهم الضلالة والعياذ بالله (فهم لا يرجعون) أي لا يتوبون ولا يعودون إلى الصواب. هذه هي نتيجة الإعراض عن الله، وعن أوامره، والكيد لدين الله أن المرء يحبط الله عمله، ويجعله لا يعد يسمع الحق أو يعقله، إذ إن مدارك الإحساس في عقله تفتقد التمحيص، والتدقيق في الآيات البينات، والهدايات الواضحات، فلا يستطيع أن يميز ما ينفعه مما يضره، ولا يستطيع أن يعرف أين طريق الحق المبين، إنها والله الحياة المريرة، وخراب السريرة من أولئك المنافقين، فقد حال الله بينهم وبين ادراكاتهم الحسية فلا يستطيعون التوبة، أو الرجوع إلى الحق، إلا أن يتوبوا توبة نصوحاً فباب التوبة مفتوح.
الوقفات
1 - خطورة النفاق وأنه طريق للهلاك.
2 - ضرب الأمثلة والتشبيه في القرآن أسلوب تربوي من الله عز وجل يقرب الفكرة للأذهان.
3 - إذا أصبح الإنسان لا يؤمن بالآيات الواضحات والمعجزات البيَّنات، ولا يستطيع أن يميز عقله ويتمعن في تلك الأمور فإن ذلك يعني أن الختم على القلوب قد بلغ مبلغه.
_________
(1) تفسير الطبري
____________
آيات ووقفات (الحلقة الواحدة والعشرون)
أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير (20)
وهذه صورة أخرى يوضح فيها الرب معالم تلك النفوس التي تمردت على دين الله، وتنكرت للهدي الرباني، وتنكرت لأمة محمد، فضلت عن الطريق القويم، إنها في ترددها، وشكها. يذكر الله عز وجل المنافقين في هذه الآية كأنهم مجموعة رجال يمشون في ليلة ظلماء ممطرة فالصيب هو المطر، والرعد هو ملك من الملائكة يزجر السحب (1).أما البرق فكما قال الطبري هي مخاريق بأيدي الملائكة يزجرون بها السحب (2). والمقصود أن حال المنافقين حينما يسمعون القرآن يضعون أصابعهم في آذانهم لأنهم ينزعجون من وعده ووعيده، فكأنهم يشبهون الرجل الذي أمطرت السماء وهو يمشي في الظلمات ويضع أصابعه في أذنيه خشية الموت، وإذا أنار البرق له الطريق مشى فيه، وإذا أظلم عيه وقف فيرجوا السلامة من ذلك، أما المنافقون فلا يحسبون أنهم ناجون من عذاب الله لأنه سبحانه محيط بهم، ولا يستطيعون فكاك أنفسهم من عذابه وغضبه، وفي هذه الآية أشد الوعيد للمنافقين ومن سار على دربهم، بأنهم لن يعجزوا الله، والله سيحاسبهم في الدنيا والآخرة، فكأن البرق هو الإيمان والإقرار الذي أقروه بألسنتهم بالله وبرسوله، يخطف
(يُتْبَعُ)
(/)
أبصارهم يأخذها من شدة لميعة، كلما أضاء لهم مشوا فيه، أي إنهم في إيمانهم يراعون مصالحهم فحسب فيريدون النصرة، والغنائم الدنيوية، فكأن قوله يمشون فيه أي البرق أي يواصلون إيمانهم حينما تكون الأمور في مصالحهم، وإذا أظلم عليهم قاموا أي توقفوا مكانهم كذلك الماشي في ظلمة الليل والمطر، وفي هذا دلالة على أن المنافقين إذا فقدوا أو توقفت أمورهم ومصالحهم الدنيوية يتوقفون تماماً كذلك الماشي في الظلمة الذي افتقد لميع البرق فهو متحير في طريقه، وأولئك متحيرون في ضلالتهم وغيهم فيفتقدون المنهج الصحيح الذي ينبغي إتباعه، ثم جاء التهديد في قوله ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم، أي يستطيع الرب سبحانه وتعالى لو شاء أن يفقدهم حواسهم السمعية والبصرية (إن الله على كل شيء قدير) أي قادر سبحانه على فعل كل شيء،" وفي هذا رد على القدرية الذين يرون أن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى، لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله تعالى (إن الله على كل شيء قدير) " (1).
الوقفات
1 - تشبيه المنافقين في إيمانهم كأنهم يتتبعون المصالح فقط.
2 - إيمان المنافقين يدور حول مصالحهم قال تعالى (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإذا أصابه خير أطمأن به).
3 - ذكر الله مثل الماشي في ظلمات الليل والمطر كمثل إيمان المنافق فإذا رأى البرق وهي مصالحه الإيمانية من غنائم وغيرها مشى واتبع، وإذا أظلم وتعارضت أمور الدين مع مصالحه توقف كالماشي فاحتار في أي منهج يسير.
______________
(1) من كلام الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله.
_________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثانية والعشرون)
يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (21) الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون (22).
في هذه الآية أمر عام للناس بعبادة الله الرب العظيم، فذلك المنهج القويم، والصراط المستقيم، فلا تكون العبادة لأحد غيره، ولا لرب سواه، والل ه عز وجل يذكرنا في هذه الآية انه سبحانه وتعالى هو خالقنا، وخالق من قبلنا، فهذه منة منه سبحانه وتعالى، الذي أوجدنا من العدم، وجعل في أجسادنا ارواح تقر وتعترف بأن خالقها هو الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه إما يهودانه، أو يمجسانه، أو ينصرانه) أي أن الله عز وجل يضع الفطرة في عباده وهي التوحيد، ولكنه ينحرف بانحراف والديه عن الفطرة فوالداه هما اللذان يجعلانه نصرانياً أو يهودياً، أو مجوسياً، وإلا فالأصل فهو مسلم، فنحمد الله عز وجل أن خلقنا مسلمين موحدين لله تبارك وتعالى. وجاءت هذه الآيات بعدما ذكر سبحانه الختم على قلوب المنافقين وتشبيههم بالماشي في الظلمة والذي فقد منهجه فتارة يؤمن المنافق كإضاة البرق للماشي في ظلمة الليل والمطر، وتارة يعود لضلاله وشكه كالماشي حينما يفقد البرق،فيذكر الله البشرية جمعاء بأن تعبده وحده فهو خالقهم ومن قبلهم، وهو خالق حجارتهم التي يعبدونها من دون الله، ولا تضرهم ولا تنفعهم، فكيف يعبدونها ويتركون عبادة الله الواحد الأحد سبحانه وتعالى (لعلكم تتقون) أي تنجون منم عذابه وسخطه. ثم منَّ سبحانه وتعالى على عباده بأنه وحده هو الذي جعل الأرض للبشرية مفروشة ممهدة سهلة وخاصة بالعيش فلا حياة على أي كوكب آخر إلا هي لقوله تعالى (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) وقوله (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) فليت شركة ناسا وغيرها أن يوفروا ملايينهم التي ينفقونها على مشاريع ستبوء بالفشل لأن ليس هناك حياة إلا على هذا الكوكب الأرض، فلوا صرفوا تلك الأموال لمعالجة المرضى، أو إغاثة الفقراء في العالم لكان أولى من ضياعها في شيء ورد فيه دليل بعدم صحة حياة للبشر في غير الأرض. وقال سبحانه (والسماء بناءً) السماء كل ما علا فوق الإنسان فهو سماء، وقال المفسرون هي السحاب (وأنزل من السماء ماءً) أي غيثاً، وإلا فالمطر عادة يذكر مع المصائب كقوله تعالى (فأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين) وعندما نصح نوح عليه السلام قومه قال (يرسل السماء عليكم مدراراً) فلم يقل تمطر عليكم السماء والله أعلم. (فأخرج به من
(يُتْبَعُ)
(/)
الثمرات) الحبوب والثمار من النخيل والفواكه وغيرها، وهي من أرزاق الله علينا نحمده سبحانه ونشكره، (فلا تجعلوا لله أنداداً) أي لا تجعلوا له أشباهاً تعبدونهم، وتتقربون إليهم بالقرابين والعياذ بالله من ذلك، فكم من تلك المشاهد والمزارات في العالم الإسلامي، حينما انتشرت البدع والضلالات، فهناك من يستغيث بالأموات، ويشد الرحال إلى المقابر والمزارات فأشركوا بالله آلهة أخرى وجعلوا له أشباهاً وآلهة أخرى مع الرب سبحانه، فنعوذ بالله من العمى بعد الهدى، (وأنتم تعلمون) " أن ليس لله شريك ولا نظير، لا في الخلق، ولا في الرزق، ولا في التدبير، ولا في العبادة، فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك "؟ (1).
الوقفات
1 - بيان أن العبادة لا تصرف إلا للرب سبحانه وتعالى.
2 - الله عز وجل له الفضل سبحانه بإيجادنا من العدم، ولكن ذلك لم يكن للعبث بل للعبادة قال تعالى (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون).
3 - تذكير الله لعباده بالنعم فذلك يجدد الشكر الله على نعمة ويجدد الإيمان في القلب.
__________
(1) من كلام الشيخ السعدي (بتصرف).
_________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة والعشرون)
وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24)
يخاطب الله في هذه الآيات الكفار، وهو يذكرهم ويعلمهم أنه سبحانه وتعالى أرسل رسوله محمد إليها، وأنه سيكون في إتباعه الخير الكثير، ومعصيته سبباً لدخول جهنم والعياذ بالله، وهذا تهديد شديد، ووعد ووعيد، من الحميد المجيد، (وإن كنتم في ريب) أي هل تشكون في أن ما أنزل على محمد ليس من عند الله، وليس وحي أوحاه الله إليه، وإن كنتم تدعون أن هذا كلام أكتتبه، (فأتوا بسورة من مثله) أي اكتبوا من العربية، فأنتم أهل الشعر والفصاحة، فاجمعوا الحروف وأتوا بسورة واحدة فقط، وهذا تعجيز من الله فلن يستطيعوا ذلك أبداً، وكذلك اجتمعوا مع أعوانكم، وشهدائكم إن صدقتم أنهم آلهة لكم من دون الله، قال ابن كثير: " وقال مجاهد وادعوا شهداءكم قال ناس يشهدون به يعني حكام الفصحاء وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن فقال في سورة القصص " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين " وقال في سورة الإسراء " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " وقال في سورة هود " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين" وقال في سورة يونس " وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " وكل هذه الآيات مكية ثم تحداهم بذلك أيضا في المدينة فقال في هذه الآية " وإن كنتم في ريب " أي شك " مما نزلنا على عبدنا " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " فأتوا بسورة من مثله " يعني من مثل القرآن قاله مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير والطبري والزمخشري والرازي.
ثم قال تعالى (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) وهذا في تحدٍ كبير من الله عز وجل منزل الكتاب لأولئك المكذبين بأنهم لن يستطيعوا الإتيان بسورة مثل هذا القرآن، فإذا كان الحال كذلك (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة) وهذه لمحة ربانية رحيمة، ودعوة لتلك النفوس المتكبرة، لعلها تعود إلى الرشد، وتتوق إلى الخلد، في جنة الله، وتخشى نار الله التي حطبها ووقودها الناس، "والمراد بالحجارة هي هاهنا حجارة الكبريت العظيمة السوداء الصلبة المنتنة وهي أشد الأحجار حرا إذا حميت أجارنا الله منها" (1). هذا هو التخويف القرآني، والآيات المحركة لكوامن الخشية في القلوب، ومزعزة كبرياء النفوس، والتي يتفكر فيها يدرك مدى خطورة الإعراض عن منهج الله، ويعلم علم اليقين ان هذا كلام رب العزة والجلال يهدد فيه من أعرض عن منهج الله، فيحدد الله عز وجل أن تلك النار على عظمتها، وهول حرارتها، معدة ومهيأة للكافرين المعاندين لدين الله.
الوقفات
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - وجوب اليقين التام بأن هذا القرآن منزل من عند الله عن طريق جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
2 - الإعجاز اللغوي البلاغي التام للقرآن واستحالة الإتيان ولو بسورة من مثله لأنه كلام الرب تبارك وتعالى.
3 - إثبات وجود نار جهنم أجارنا الله منها، وإعدادها للكافرين كي تكون نزلاً لهم.
_________
(1) من كلام الإمام أبن كثير رحمه الله.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[25 Oct 2004, 05:24 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة والعشرون)
وبشر الذين آمنوا أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون (25)
عندما ذكر الله عز وجل صفات الكافرين، والمنافقين، وأحوالهم ومصيرهم الذي سيئولون إليه، وتهديدهم بأن مصيرهم للنار إن لم يتبعوا دين الإسلام، وستكون جهنم المعدَّة لأمثالهم هي دارهم ونزلهم والعياذ بالله من ذلك، تلك الصورة المرعبة لأولئك المتمردين على منهج الله هي ومآلهم زرعت في القلوب المؤمنة مخافة الله، والتعوذ من مصير أولئك الكفار، وحفزت همم المؤمنين للعدول عن كل ما يغضب الله للنجاة من النار، لأن قلوبهم حية تشعر وتستشف وعد الله ووعيده، لذلك فإن الله عز وجل يذكر في كتابه العزيز، حال الكفار ثم يعقب عليه بحال المؤمنين المتقين، أو العكس، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني*، لكي يختار الإنسان السلوك، والعمل الذي يريده (إما شاكراً وإما كفوراً) لذلك أتت هذه الآية لتزيد من يقين وطمع المؤمنين برحمة الله، والوصول إلى رضاه عز وجل ودخول جنته، فقال سبحانه (وبشر الذين آمنوا) أي بشرهم يا محمد، وأخبرهم بطريقة تبشيرية لتفرح بها قلوبهم، وأن أعمالهم لا تضيع عند الله عز وجل (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) وأخبرهم بأن الجنة معدَّة ومهيأة للمؤمنين المتبعين لمنهج الله ورسوله، (أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) أي تجري الأنهار من تحت أشجارها، وهي أنهار الماء، واللبن، والعسل، والخمر، وقد جاء في الحديث (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)، ففهيا كل ما تحبه النفس، وتتوق إليه، فما يتمنون في هذه الآية سيرونه عياناً بياناً، وصدقاً في الدار الآخرة إن هم رضي الله عنهم ورحمهم، (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) أي يرون الفاكهة التي في الجنة فيعرفون أنها تشابه التي كانت في الدنيا، قال عكرمة: وأتوا به متشابها " قال: يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب،وقوله تعالى " ولهم فيها أزواج مطهرة " قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد وقال قتادة مطهرة من الأذى والمأثم (1). وهذا يبين لنا كيف تلك الآلاء العظيمة التي يتمتع بها المسلم في جنة الله، وكيف أن الله عز وجل يوفر لهم كل ما تشتهيه أنفسهم، سواء الروحية، أو الجسدية، فجمال الخضرة، والأنهار، والفواكه، والزوجات، والمأكل والمشرب، وكل ماتتمناه النفس موجود، فيا من أغرق نفسه في شهوات الدنيا، يا من نسيت الآخرة ونعيمها، وغرقت في المعاصي والآثام، يا من أردت حياة قصيرة، وتناسيت حياة دائمة خالدة، متى تستيقظ وتعود إلى رشدك، متى تترك جميع ما يغضب الله من كبائر أو صغائر، متى تعرف أن الجنة للمعرضين عن الحرام، فهلا صحوت من غفلتك، هلا عرفت أن الحق واضح ناصع وأن الباطل مزين من شياطين الإنس والجن، نسأل الله أن يشملنا برحمته وعفوه، لهذا فإن هذه الآية فيها دعوة عظيمة لإيقاظ القلوب الغافلة عن تلك النعم التي لا يشابهها نعم في الحياة الدنيا فقد جاء في الحديث (يغمس أنعم أهل الأرض في النار غمسه فيقول له الرب هل ذقن نعيم قط، فقال لا وعزتك يارب، ويؤتى بأشقى أهل الأرض فيغمس في الجنة غمسه فيقول له الرب هل ذقت شقاءً قط قال لا وعزتك يارب)، ثم قال سبحانه وتعالى (وهم فيها خالدون) أي مخلدون إلى الأبد ولا يخرجون منها ويحل عليهم رضا الرب سبحانه فلا يغضب عليهم أبداً.
الوقفات
1 - تبشير المؤمنين بالجنة ونعيمها فيه الحث على فعل الصالحات.
2 - ما في الجنة لا يشابه الذي في الدنيا إلا بالمسميات فقط وإلا ففي الجنة يختلف كل شيء في جماله وفضله.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - الخلود التام في الجنة وتذكر ذلك يجعل المسلم يستحقر هذه الدنيا القصيرة فيعرض عنها وعن ارتكاب المعاصي والآثام كي لا يتردى في جهنم أعاذنا الله والمؤمنين منها.
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة والعشرون)
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين (26)
إن الله عز وجل يعلمنا في هذه الآية كيف يكون الأسلوب في تعليم الناس، بضرب الأمثلة، وتبسيط الأمور، وشرحها كي يتفهمها الناس، فالله عز وجل يرد في هذه الآية على من أنكر كيف أن الله يذكر ألأمثال في الأشياء قليلة الشأن، وليس الأمر يقتضي الإنكار بل هذا من التربية الربانية، وحسن التعليم الرباني لعباده، فما علينا إلا التسليم والقبول لذلك (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم) المؤمنين يقرون، ويعترفون بمراد الله، ومشيئته، ويتفهمون مقاصده، وتعليمه لهم.
وفي المقابل ينكر الله عز وجل على أفعال الكفار، وأقوالهم حيث قالوا (ماذا أراد الله بهذا مثلاً) فيزدادون بذلك الإعتراض كفرا، وبعداً عن منهج الله، والمؤمنين يزدادون إيماناً وقرباً لله. فإن علم المؤمنين ما تضمنته الآيات، والأمثلة المذكورة فيها، أزدادوا إيماناً، وإن لم يعلموا مقصد الله فيها، وخفي عليهم ذلك أيقنوا بأن الله لم يضرب تلك الأمثال عبثاً، بل لحكمة أرادها سبحانه وتعالى.
فعلى العبد أن يسلم لله أموره، ويضبط سلوكياته على المنهج الذي يريده سبحانه وتعالى، وأن يخضع لأوامر الله، ويجعل في قرارة نفسه أن الله لم يضرب تلك الأمثال إلا لحكمة بالغة، ولكنه سبحانه يضل المعرضين عن منهجه، المعاندين لشرعه، وذلك بعدله سبحانه وتعالى (وما يضل به إلا الفاسقين) المعاندين لله، والذين صار الفسق صفة من صفاتهم التي يتصفون بها. قال السعدي رحمه الله: الفسق نوعان: مخرج من الدين كالمذكور في هذه الآية، وغير مخرج من الدين كالذي جاء في قوله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا).
الوقفات
1 - الله يضرب الأمثال لتقريب المعاني في عقول البشر ليفهموا مقاصد الله.
2 - وجوب الرضوخ لأوامر الرب تبارك وتعالى.
3 - الضلال لا يكون إلا على من استحقه ممن تمرد وعصى أوامر الله، إلا أن يتوب.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[28 Oct 2004, 03:01 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السادسة والعشرون)
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون (27)
عندما علمنا ربنا سبحانه وتعالى وجوب التسليم، والقبول لما يذكره من أمثال، وأنه لم يذكرها عبثاً سواء عرفنا مقاصده فيها، أم لم نعرف وذلك لحكمة يريدها سبحانه وتعالى، فلعلنا فهمنا كيف نتأدب مع الآيات، ونقر بأن ربنا سبحانه وتعالى يريد تقريب الأفكار، والمعاني من أذهاننا كي يزداد إيماننا، وبذلك تزيد أعمالنا الصالحة، ثم أوضح سبحانه وتعالى كيف يضل الفاسقين، وفي هذه الآية وصف لأولئك الفاسقين (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) أعوذ بالله، هذه زلة شنيعة، لأنفس وضيعة، وقلوب معرضة عن الحق، مقبلة على الباطل، لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً. أولئك القوم ينقضون ما عاهدوا الله عليه سواء كان ميثاقاً بينهم وبين الله سبحانه، أو بينهم وبين الناس، فهم ينقضون عهدهم مع الله بارتكاب الجرائم، والآثام وهم منهيون عن ذلك، وكذلك ينقضون مواثيقهم مع الخلق، وهكذا نعرف كيف أن نقض المواثيق صفة من صفات الفسقة، وسمة لا يتخلون عنها والعياذ بالله ثم جاءت الصفة الثانية وهي لا تقل عن الأولى وهي (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) هذه لمحة أخرى حول سمات الفسقة أنهم يقطعون صلتهم بكل ما أمر الله بوصاله، فيقطعون صلتهم بالله عز وجل، وصلتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم من إيمان به، ومحبته وتعزيره والقيام بحقوقه، وكذلك يقطعون صلتهم بوالديهم وأقاربهم، وكان حالهم إلى الخسارة والبوار (أولئك هم الخاسرون) أي في الدنيا والآخرة.
الوقفات
1 - الفسق شأنه خطير.
2 - تحريم نقض العهد، وقطع الصلة بين العباد وخالقهم، أو بينهم وبين أقاربهم.
3 - تقرير الخسران العظيم لمن خالف أمر الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[31 Oct 2004, 06:16 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السابعة والعشرون)
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (28)
يريد الله بهذا الإستفهام، التوبيخي لهؤلاء الناس أن يضعهم في أمر لا مناص منه، وهو أنه المتصرف في شئون خلقه، فهو الذي خلقهم من العدم، ثم بعد تلك الحياة موت وبعث وحساب، هل بعد هذه الآيات يكفر الناس،هل بعد هذه الآيات يبقى كفر، وقد بين الله لهم في هذه الآيات أنه هو من أوجدهم، وأطعمهم وسقاهم، وأرسل لهم الرسل تترا، وبين لهم ما ينفعهم مما يضرهم، ثم بعث بمحمد صلى الله عليه وسلم مبشراً ونذيراً، ومع ذلك يكفرون بالرسالة النبوية، وكما عرفنا في الآية السابقة كفرهم، ونقضهم للمواثيق الربانية، فكيف بالمواثيق البشرية، إننا اليوم نعاني من الطغمة الصهيونية التي تحاربنا باسم الدين، ونحن نحارب باسم التراب، وباسم الوطن، وباسم العروبة، فماذا كانت النتيجة، هزمت الأمة، واستأسد الجبناء، واحتلت الأراضي، وعندما رفعت شعارات التوحيد في فلسطين، وتحركت الأيدي المتوضئة، والقلوب الخاشعة، والأفئدة المطمئنة بنصر الله، وعندما تغلغلت الروح الإيمانية في أجساد الشعب الفلسطيني، ظهرت الكرامات، وعرفت الأمة الإسلامية مدى جبن وضعف الجندي الصهيوني المجهز بأفتك الأسلحة، والمدرَّب أحسن تدريب، ولكن الاعتماد في ظروف المواجهات على ثبات القلوب على الإيمان، والصدق مع الله، والرغبة في لقائه، هكذا تربت الأمة المسلمة في فلسطين، وهكذا جاء الجيل المنشود، وتربع على عرش البطولة والسؤدد، وعرفت الجيوش العربية أنها بعيدة كل البعد عما تحمله قلوب ذلك الجيل من التضحية، والفداء ونصرة دين الأمة، والذود عن حياضه.
الوقفات
1 - إثبات خلق الله لهذه البشرية.
2 - إثبات الحياة بعد الموت.
3 - إثبات المآب إلى الله والحساب في يوم القيامة.
_______________
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة والعشرون)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29))
بعدما أنكر الله عز وجل سفه من يكفر به ويجحد وجوده، أو يشرك معه آلهة أخرى، لا تضر ولا تنفع، ولا تغني عنه شيئاً، وما ذلك كله إلا تنكر للرب سبحانه وتعالى الموجد للجميع من العدم، وبعدما ذكرهم بأن مصير الجميع إليه سبحانه وتعالى ذكرهم في هذه الآية بشيء أعظم من ذلك، وهو خلق السموات والأرض فقال (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) ويذكرنا بأن كل ما خلقه على هذه الأرض، هيأه لنا، ولمصالحنا إلا ما حرمه علينا فهو مستثنى في هذه الآية مثل الخبائث من الشراب والأكل وغيرها، (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) قال ابن كثير رحمه الله: أي قصد إلى السماء والاستواء هاهنا مضمن معنى القصد والإقبال لأنه عدي بإلى فسواهن أي فخلق السماء سبعا والسماء هاهنا اسم جنس (انتهى)، ثم قال (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي أحاط علمه بكل شيء سبحانه وتعالى.
الوقفات
1 - إثبات أن الأرض هي الكوكب الوحيد المهيأ والمعد للحياة الدنيوية.
2 - إثبات خلق الله للسموات، وأنها سبع سموات.
3 - إثبات إحاطة علم الله بكل شيء.
_____________________
آيات ووقفات (الحلقة التاسعة والعشرون)
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30))
(يُتْبَعُ)
(/)
يخبرنا الله عز وجل كيف كانت بداية خلق أبينا آدم عليه السلام، وكيف كان استغراب الملائكة من ذلك الأمر، وهم قد رأوا ما يفعله الجن في الأرض لأنهم سبقوا الإنس في العيش في الأرض بفترات زمنية طويلة، قيل ألفي سنه (1) فرأوا مفاسد الجن، وسفكهم للدماء فقارنوا هذا الجنس الجديد بأولئك، فرد عليهم الله بأنه يعلم سبحانه ما لا يعلمون، قال بن كثير رحمه الله: " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم. وهكذا علمنا أن قوله خليفة أي يخلف من قبله ممن سكن الأرض من الجن، ويأتمر بأمر الله عز وجل ويعيش في ظل شريعة الله، قال الطبري رحمه الله:" فقال: {إني أعلم ما لا تعلمون} يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره (2) , قال: ثم أمر بتربة آدم فرفعت , فخلق الله آدم من طين لازب - واللازب: اللزج الصلب من حمأ مسنون - منتن. قال: وإنما كان حمأ مسنونا بعد التراب. قال: فخلق منه آدم بيده.قال فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى , فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل - أي فيصوت - قال: فهو قول الله: {من صلصال كالفخار} يقول: كالشيء المنفوخ الذي ليس بمصمت , قال: ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره , ويدخل من دبره ويخرج من فيه , ثم يقول: لست شيئا! للصلصلة , ولشيء ما خلقت! لئن سلطت عليك لأهلكنك , ولئن سلطت علي لأعصينك. قال: فلما نفخ الله فيه من روحه , أتت النفخة من قبل رأسه , فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده, فأعجبه ما رأى من حسنه, فذهب لينهض فلم يقدر, فهو قول الله: {وكان الإنسان عجولا}، قال: ضجرا لا صبر له على سراء ولا ضراء. قال: فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال: الحمد لله رب العالمين, بإلهام من الله تعالى. فقال الله له: يرحمك الله يا آدم. قال: ثم قال الله للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات: اسجدوا لآدم! فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر لما كان حدث به نفسه من كبره واغتراره , فقال: لا أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا , خلقتني من نار وخلقته من طين. يقول: إن النار أقوى من الطين. قال: فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله , وآيسه من الخير كله , وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته".
الوقفات
1 - إثبات كلام الله عز وجل.
2 - إثبات علم الله لغيب السموات والأرض وكل شيء.
3 - إثبات حكمة الله عز وجل في الخلق ووجوب التسليم بذلك.
4 - إثبات كفر إبليس وتمرده على أوامر الله.
_________________
(1) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا على بن محمد الطنافسي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: كان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوا بجزائر البحور فقال الله للملائكة: " إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قال: إني أعلم ما لا تعلمون. (تفسير ابن كثير).
(2) عندما قاتل هو والملائكة الجن، أغتر وأطلع الله على كبريائه، فهو يعلم سبحانه ما لا تعلمه الملائكة.
______________________
آيات ووقفات (الحلقة الثلاثون)
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (32) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34)
يخبرنا الله عز وجل في هذه الآيات كيف كانت بدايات تعليم آدم، وكيف كان إبداع الخالق، وإحكام صنيعه، كيف جعل له عقلاً يحفظ، ويفهم، ويعرف، ويبصر، ويسمع، ويدرك، كيف كان كل ذلك في جسد خلقه الله من طين، ثم خلق فيه روحاً تحوي كل تلك الحواس، فعلمه الله سبحانه وتعالى الأسماء كلها، وحفظه إياها، ثم سأل الملائكة عن أسماء تلك المسميات، فنفوا علمهم بذلك ولم يعرفوها، فلما أمر الله سبحانه آدم عليه السلام أن يخبرهم بها، فأخبرهم بأسمائها، فازدادوا يقيناً وعلماً بإبداع صنيع المولى عز وجل في ذلك المخلوق، وعظم خلقه، ثم أخبرهم الله بصيغة السؤال ألم أخبركم أنني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تظهرونه من أعمال وأقوال وما تكنه صدوركم، وبعدها جاءت في الآية كيف أن الله عز وجل أمرهم بالسجود لآدم فخروا سجداً إلا إبليس رفض ذلك الأمر كبراً واستعلاء فكفر بذلك العمل والعياذ بالله.
الوقفات
1 - بيان أن العلم أساس لكل خير وبه يعرف الإنسان مصالحه.
2 - بيان علم الله وأنه أحاط بكل شيء علماً.
3 - كفر إبليس ورفضه للسجود كبراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[02 Nov 2004, 06:53 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الواحدة والثلاثون)
(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظالمين (35))
بعدما أمر الله عز وجل الملائكة للسجود لآدم رفض إبليس ذلك، وتبين كفره فغضب الله عليه ولعنه، وأعتبره من الكافرين، سيتبين لنا ذلك في السور التالية إن شاء الله. ذكر الله عز وجل في هذه الآية زوجة آدم وهي حواء، وقد خلقها الله من أحد أضلاعه لكي يسكن إليها، وتسكن إليه أي يأنسون ببعض، ووضعهما في الجنة، واخبرهما سبحانه وتعالى أن لهما كمال الحرية في التنعم بما في الجنة إلا شجرة واحدة والله أعلم ما تلك الشجرة؟ أمرهما أن لا يقرباها، وإن فعلا ذلك سيصبحان من الظالمين لأنفسهما المعتدين عليها لعصيانهم لربهم، مما يستدعي غضبه عليهما، وكان ذلك إختباراً، وامتحاناً لهما، ومن هنا يتبين كيف أن الله سن سنة الابتلاء على بني آدم، وجعلها محور أساسي يتبين له من هم الصابرون من عباده، ومن هم الكاذبون قال تعالى (آلم، أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) فالابتلاء سنة ربانية يمحص فيها الخلق، فمنهم من يثبت إيمانه، ومنهم من يتزعزع، ومنهم من ينخرط في صفوف أعداء الأمة المحمدية كالباطنيين، والمنافقين، وما هذه الحروب بين ذرية آدم إلا ابتلاءات، وتدافع بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، هذه الابتلاءت لتمييز الصف الإسلامي، والوقوف بثبات تجاه ثوابت الأمة، والتصدي للمتغيرات الهادمة لكيانها، فهل سينجح آدم وحواء تجاه ذلك الامتحان اليسير الذي منعهما من الاقتراب من تلك الشجرة في الآية التالية سيتبين الأمر إن شاء الله.
الوقفات
1 - بيان خلق حواء وسميت حواء لأنها مخلوقة من حي (آدم).
2 - الابتلاء لاختبار العباد سنة ربانية.
3 - ظلم النفس هو إغراقها بالذنوب المهلكة لها دنيا وآخرة.
____________
آيات ووقفات (الحلقة الثانية والثلاثون)
(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (36))
عندما عصى إبليس ربه بعدم سجوده، وطرده من رحمته، حقد على آدم وحواء، ونذر نفسه واقسم بالله أنه ليضل آدم وذريته عن صراط الله المستقيم، كما جاء في سورة النساء، فوسوس لهما وجعلهما يقتربان من تلك الشجرة بعدما أغراهما بتحسين المعصية، فالحق واضحاً ناصعاً طيباً، أما الباطل فيزينه الشيطان للإنسان، ويجعله في عيون الناس شيئاً عظيماً، وما أهلك الأمم السابقة إلا تنافسها على متاع قليل، فلما دخل حب الدنيا قلوبهم، تقاتلوا من أجلها، وأزهقت الأرواح في حروب اسرت في الواقع إبليس لأنه عدو البشرية، فكانت مثلاً حرب البسوس، وهي ناقة فازت في سباق، فكانت الحرب بين قبيلتين استمرت أربعين سنة، أرأيت كيف فعل إبليس بذرية آدم، وغيرها كثير، ولكن هنا يغوي إبليس أبونا آدم وأمنا حواء، فيغترا بكلامه ويقتربا من الشجرة، ويرتكبا الزلل، وهو الإثم الذي حذرهما الله من فعله، فكانت النتيجة أن أهبطهم جميعاً إلى الأرض، وأخبرهم بأن لهم في الأرض حياة (1)، ومستقر مؤقت وبعدها سيعودون إلى ربهم ويحاسبهم على أعمالهم.
الوقفات
1 - الشيطان وراء تزيين الإثم عند الإنسان، وهو مصدر الزلل.
2 - إثبات العداوة من إبليس وذريته لآدم وذريته (2).
3 - الحياة الدنيوية لا تكون على أي كوكب غير الأرض لأنه هو فقط المهيأ للحياة.
_________________
(1) هذا دليل قاطع على أن الأرض هي الكوكب الوحيد المهيأ للحياة عليه، وليت مؤسسات الفضاء الذين أهدروا المليارات ليثبتوا أن فوق المريخ، أو غيره حياة يفهموا هذه الآية جيداً، ويعطوا شعوبهم جزءاً يسيراً من تلك الأموال فهم أحق بها من أن تضيع هدراً على شيء مستحيل.
(2) ورد في كتاب أظنه الصارم البتار، أن الساحر يتقرب للشيطان ويسجد له، ويأمره الشيطان بالذبح له، فإن كانت الذبيحة آدمي اشتد سحره، وزاد قربة لإبليس أعوذ بالله منهم وممن تعاون معهم.
_____________________
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[06 Nov 2004, 02:42 ص]ـ
آيات ووقفات (الثالثة والثلاثون)
(يُتْبَعُ)
(/)
وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41). وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42).
ثم أمر الله عز وجل أهل الكتب السماوية التوراة والإنجيل من اليهود وخصهم في هذه الآية لأنهم هم المعنيون بالإيمان التام بما أنزل على محمد وهو القرآن الكريم، ثم حذرهم أن لا يكونوا أول كافر به، لأنهم ليس لديهم عذر من جهل أو غيره لأن هذا القرآن مصدق لما عندهم من التوراة والإنجيل، فكيف يتولون عن أوامر الله، ويكذبون ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك مذكور عندهم في كتبهم، ثم قال ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً أي لا تستعيضون الدنيا بدلاً من آياتي، ثم جاء التذكير الآخر في قوله تعالى وإياي فاتقون، فلا يخيفكم أحد إذا خفتم من الله عز وجل ومن الذي يضع الآمان في القلوب غير الله، ومن الذي يتقرب إليه غير الله، ومن الذي يعبد العباد فيتركون ما ينهى عنه، ويتقربون إلى ما يرضيه غير الله وذلك يتسق اتساقاً تاماً مع سلوك العباد الصالحين، وهكذا نعرف أن تلك النفوس الغريبة من بني إسرائيل، خاطبها الرب سبحانه وتعالى في هذه الآية على اعتبار أنهم أول زمرة من اليهود وكانوا مجتمعين في المدينة المنورة، قبل أن يطردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الجزيرة لنقضهم العهد، فإن لم يؤمنوا في تلك الحقبة الزمنية، فسيصبحون أول زمرة من الكفار الذين أنكروا مصداقية كتب الله، واستخفوا بالآيات والرسل، ثم حذرهم الله من أن يلبسوا على الناس دينهم الباطل بدلاً من الإسلام، قال الحسن البصري: إن الدين الحق هو الإسلام والنصرانية واليهودية بدعة ليست من عند الله (انتهى)، لذلك جاءت هذه الآيات لتبعد اللبس الذي يحاول القساوسة أن يزجوا بالمسلمين في أتون الضلال، والانحراف عن منهج الله القويم الدين الحق.
الوقفات
1 - أهل الكتاب هم أولى الناس بالتصديق بمحمد عليه الصلاة والسلام، وبالقرآن الكريم لثبوت تبشير الرب بذلك في كتابهم.
2 - من باع دينه لكي يكسب من الدنيا فقد خاب وخسر.
3 - التقوى هي إتباع أوامر الله واجتناب نهيه.
4 - النهي عن التلبيس الذي يتخذه الأعداء لصرف الناس عن الحق.
آيات ووقفات (الرابعة والثلاثون)
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)
ثم جاء الأمر الرباني، وهو الامتحان العسير في نظر يهود، وهو أن يمتثلوا لأمر الله سبحانه حيث أمرهم أن يصلوا مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي يصلوا صلاة واحدة جماعة معه، وأن يدفعوا الزكاة له، وفي ذلك اختبار لمدى طاعتهم لله من عدمها، فهل سيستجيبون لذلك الأمر الرباني، أم تأبى أنفسهم المتكبرة على أوامر الله، المعرضة عن منهجه، فالله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً حتى يعلمه الخطأ من الصواب وذلك بإرشاده عن طريق الكتب، والرسل، وفي هذا أبلغ الحجج، وأعظم التربية، فهل بعد محمد صلى الله عليه وسلم حجة، وهل بعد القرآن دليل على صحة التنزيل، وبرهان التدليل، وعظم الحجة، وقوة الإعجاز. بعد كل ذلك ينكر الله عليهم إذ كيف يأمرون الناس بالدخول في دين محمد، وهم في أنفسهم لا يرون ذلك، ولا يأتمرون به في ذواتهم، فذمهم الله عز وجل بأنهم سيهلكون أنفسهم بذلك العمل، ولوا أنهم عرفوا الحق والتبشير بنبوة محمد العربي الذي لا ينتمي لإسرائيل كما توقعت يهود، فلما بعث على تلك الصفة، دب الحسد في قلوبهم، ونسوا أنهم كانوا يتشوقون لبعثة ذلك النبي، وأنه سيكون من بني إسرائيل كما توهمت نفوسهم، ولكن لأن الحال ليس على أهوائهم تمرد الكثير منهم على أوامر الله، وأصبح عدواً لدين الإسلام والعياذ بالله، حتى وإن كانوا يتلون الكتاب، فلم يعد الإيمان له دور في قلوب أكثرهم، بل أن الحقد أعمى أبصارهم، وبصائرهم، فيقرؤن الكتاب ولكن قلوبهم معرضة عنه لهول المصاب الذي خيب آمالهم.
الوقفات
1 - الأمر الرباني يجب طاعته على كل حال.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - الصلاة والزكاة من أجل الأعمال عند الله عز وجل ففيها إنكسار النفس وخضوعها لله، والتقرب إلى الله بكسر الشح النفسي المجبول على حب المال.
3 - يجب أن يأمر المرء نفسه أولاً ثم يدعوا الآخرين إلى منهج الله.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[06 Nov 2004, 08:42 م]ـ
آيات ووقفات (الخامسة والثلاثون)
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)
ثم انتقل السياق إلى صفة من صفات عباد الله الصالحين، صفة عظيمة، لا يعرف قدرها إلا من ذاقها وعرف حلاوتها، إنها صفة الصبر ويندرج تحت هذا المسمى أربعة أصناف وهي الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله، ثم ذكر الخشوع في الصلاة، إنها الصفة التي تميز المؤمن من المنافق، تميز المحب للصلاة المتقرب إلى الله، والذي سخر جوارحه، في طاعة ربه، فخشعت الروح، وخشع الفؤاد، ومن ثم خشعت الجوارح، في رحلة إيمانية إلى الرب سبحانه، واستشعار السجود والركوع له، وهو الغني عن عبادتانا، ونحن الفقراء المساكين لفضله وعفوه، إنها صورة واضحة تصف قلوب المؤمنين الخاشعة، ونواياهم الخالصة، وسكون جوارحهم، وهذه هي الصفة التي يحبها الله عز وجل، جاء في الحديث (إذا حضر العشاء والعِشاء فقدموا العشاء على العِشاء) وفي ذلك لمحة نبوية مشفقة على حال المؤمن حيال عبادته لربه، فإذا اشتهى الطعام فلا ينبغي أن يذهب للصلاة لأنه سيظل باله مشغول في صلاته بالطعام، وهنا سيفتقد الخشوع، واليوم تعددت المشاغل، وكثرت الصوارف عن الخشوع نسأل الله العافية. ثم ذكرنا الله سبحانه وتعالى بأن هؤلاء الخاشعون في صلاتهم، ما فعلوا ذلك إلا ابتغاء مرضاة الله وقبوله لأعمالهم، واحتساباً للأجر منه سبحانه، لذلك فهم موقنين بلقاء الله، ويستشعرون كيف يكون وقوفهم الآن بين يديه في تأدية الفريضة، وكيف سيكون حالهم حينما يقفون بين يدية لمحاسبتهم على العمل، كل ذلك يدور في خلد أولئك الصالحون، وتلك الصفة من أزكى الصفات للخلص من البشر الذين يؤدون الأعمال الصالحة بإتقان وخلوص نية لله وحده.
الوقفات
1 - وجوب الخشوع في الصلاة لورود الحديث الذي يدل على ذلك، حينما رد الرسول الرجل الذي رأى تسرعه في صلاته، وقال له صل فإنك لم تصلي ثلاثاً، ثم أخبره بوجوب الطمأنينة والخشوع في الصلاة.
2 - حلاوة مناجاة الرب سبحانه وتعالى، ولذة الطمأنينة في الصلاة لا يعرفها إلا الخاشعين.
3 - الصبر والصلاة هما سلاح المؤمن في معترك الحياة، ولولا الصبر لما كان وصل المسلمون إلا مشارق الأرض ومغاربها ينشرون دين الله ويحاربون من يتصدى لدعوتهم ونشر دينهم، ولولا الصبر لما استطاع الصحابي بلال بن رباح تحمل حرارة الرمضاء، والصخرة على صدره وهو يقول أحد أحد، فلما سئل كيف كان صبرك، فقال امتزجت عنده الآم العذاب مع لذة الطاعة فغلبت لذة الطاعة على ألم العذاب فغلبتها فلم أعد اشعر بالعذاب.
4 - وجوب محاسبة النفس واستشعار وقوفها أمام خالقها في الصلاة، والعلم اليقين بعودتها يوماً من الأيام والوقوف بين يديه يوم العرض عليه يوم القيامة.
___________
آيات ووقفات (الحلقة السادسة والثلاثون)
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48))
يذكَّر الله سبحانه وتعالى أبناء نبي الله إسرائيل (يعقوب) وسلالته، والذين ينحدرون من البقية الباقية من اليهود والذين كانوا متواجدين في يثرب، يذكرهم بحال أسلافهم من قبل كيف كانوا من عباد الله الصالحين، المقتدين بأهل الهدى والصلاح، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، المصلحين لأقوامهم، فيذكرهم بتلك النعم والآلاء، وتفضيل أولئك الأنبياء وأصحابهم على سائر البشر في تلك الأزمان، لأن كل زمان له عالم، فليس المقصود هنا أن اليهود كونهم يهوداً أنهم كما زعموا شعب الله المختار، وليس لهم أي أفضلية على البشر في وقت نبي الله محمد وما بعده، بل كان فضل سلالة إسرائيل من الأنبياء في زمانهم الفائت هم خير البشرية. ثم ذكرهم الله سبحانه وتعالى بيوم الحساب، يوم العرض على الله يوم لا تنفع نفساً نفساً أخرى، ولا يقبل الله الشفاعات، ولا يقبل الله الفداء كما قال سبحانه (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم) فتلك الصورة، وذلك الموقف العصيب، لو تأملها هؤلاء اليهود، وعرفوا قدر هذه الرسالة التي جاءت تذكرهم، وتربط تاريخ أسلافهم الصالحين، بتاريخ الرسالة المحمدية، وينبثق من ذلك النور الرباني من هذه الآيات الكريمات، وتعرف البشرية أن هذا القرآن لم يتنزل لبني يعرب فحسب، وأن هذه الرسالة لم تكن خاصة لقوم محمد عليه السلام فحسب بل لجميع البشرية، وتتحدث الآيات عن ذلك اليوم العصيب الذي تنكشف فيه فضائح الخلائق، وتجثوا البشرية على الركب وتقول كل نفس يارب نفسي نفسي، ثم أخبرهم الله سبحانه وتعالى في آخر الآية أن في ذلك اليوم لا أحد ينصر أحد، وليس هناك مجال لتكوين جيوش، أو عصابات ليتناصرون فيما بينهم كما هو حال اليهود في الدنيا، بل في ذلك اليوم كل نفس مشغولة بذاتها لا تعلم كيف الخلاص من أهوال ذلك اليوم.
الوقفات
1 - تذكير اليهود بصلاح أسلافهم لإيجاد الإيمان بأن هذا القرآن مصداقاً وتتميم لما سبقه من الكتب السماوية.
2 - تحريك الإيمان في القلوب بما سيحدث في الآخرة من حساب وعقاب.
3 - الحث على المبادرة بالإيمان بالرسالة المحمدية كي ينجوا اليهود من عذاب الآخرة حيث لا فدية ولا نصرة ولا شفاعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[24 Nov 2004, 10:24 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة السابعة والثلاثون)
(وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50))
وتأتي هذه الآية تذكر اليهود كيف كان حال أسلافهم حينما تسلط عليهم فرعون ملك مصر، والذي كان يسومون أصلها (سام) أي يديمون العذاب عليهم وتمثل ذلك في أن فرعون كان يذبح الأولاد ويبقي النساء أحياء، فيعلمهم الله أن تلك الفتنة كانت من أشد الابتلاء الذي أصاب أسلافهم، ولكن الله وحده سبحانه، وبحكمته البالغة، وبسلطانه العظيم، دكدك رؤوس الطاغوت، وأغرق فرعون وجنوده في اليم، وأنقذ موسى ومن تبقى من أبناء إسرائيل عليه السلام.
فمَّن الله عز وجل على اليهود في هذه الآيات، وكأنه يقول إذا نسيتم ذلك، أو جهلتموه فهذا القرآن يقص عليكم ما جهلتموه، ويذكركم بما جاء في سير الأولين من أسلافكم،ثم ينتقل السياق على صورة أخرى حينما أنفرق البحر إلى فرقين، أي انفتح إلى قسمين فعبر موسى عليه السلام وقومه، وعندما نجوا ووصلوا إلى ضفة البحر لحق بهم فرعون وجنوده، فأغرقهم الله فهلكوا، وكان ذلك أمام مرأى موسى وقومه، ويورد الله هذه الآيات لعل هؤلاء اليهود يتذكروا ويعتبروا، ويوقنوا بصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي لا يستطيع القراءة، أو الكتابة، فمن أين جاء له هذا القصص الذي كثير منهم يجهل تفاصيله، أو يعرفه ولكنه ينكر رسالة محمد فتدلل تلك الآيات على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وتخبر البشرية بمصداقية الرسالة، وعموميتها للبشرية جمعاء، وبذلك تستبين السبيل الحق من الباطل، والبصيرة من العمى، والهدى من الضلال.
الوقفات
1 - التذكير بقصص أسلاف اليهود.
2 - الامتنان من الله على بني إسرائيل بأنه نجاهم من بطش الطاغوت فرعون.
3 - إثبات معجزة انشقاق البحر حتى مشى البشر في وسطه.
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة والثلاثون)
(وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52) وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون (53)
لا يزال السياق في ذكر الله وتذكيره لقصص موسى مع قومه، فقد ذهب موسى إلى ميقات ربه وانقضت أربعين يوماً، ثم اتخذ قومه العجل رباً يعبدونه وهو عبارة عن حلي نساء بني إسرائيل صاغها السامري في هيئة عجل فعبدوه، وسيأتي بسط ذلك بالتفصيل في سورة طه إن شاء الله. ويذكر الله سبحانه وتعالى كيف ظلموا أنفسهم بعدما نجاهم الله من فرعون وجنوده، ومن الدكتاتورية الوحشية التي أذلت بني إسرائيل أيما إذلال، وهاهم يعبدون العجل من بعد تلك النعمة بإنقاذهم، ولكن مع ذلك غفر الله لهم، وعفا عنهم لعلهم يعودون إليه ويعبدونه وحده لا شريك له، ثم يذكرهم الله بمنته وفضله أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة وهو الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل لعلكم تهتدون.
ويورد الله عز وجل هذه الآيات وفيها التذكير والأحداث التي سبقت في الأسلاف الماضية، وفيها تذكير بما جرى لهم، وكيف تكون عاقبة الكفر، وكيف أن الله عز وجل يعفو ويغفر، وكيف تجلى حلمه وعفوه على بني إسرائيل لجهلهم، ولكن بعدما أتتهم التوراة، والهدى المتألق بين دفتيها، فليس بعد ذلك عذر لمعتذر فقد أتى البيان الظاهر، والنور الباهر، وتجلت الحقائق، فمن أين أتى كل ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الوحي السماوي.
الوقفات
1 - الشرك بالله ظلم للنفس عظيم.
2 - الحث على شكر الله على نعمة العفو والمغفرة.
3 - إقرار وجود التوراة في عهد موسى عليه السلام، وهو كتاب مقدس من الكتب السماوية، ونحن كمسلمين نؤمن بوجوده على هيئته الحقيقية في عهد موسى، ولكن ما تتداوله الأيدي الآن فليس بالأصلي وهو محرف.
4 - إثبات إقامة الحجة على الناس بعد إرسال الرسول، وإنزال الكتاب فبهما يتميز الحق من الباطل.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[29 Nov 2004, 07:54 م]ـ
(الحلقة التاسعة والثلاثون)
(يُتْبَعُ)
(/)
(وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54))
هذه الآية تعبر عن الحال الذي وصلوا فيه بني إسرائيل من إغضاب الرب سبحانه وتعالى الذي أنعم عليهم، وأنجاهم من الأعداء، وأنزل عليهم الكتاب، وأرسل لهم موسى نبياً منقذاً بالمعجزات، وبالتوراة، فما السبيل إلى إرضاء الرب، وما الخلاص من هذا الذنب، وكيف كانت توبتهم لقد أمر الله نبيه بان يقتل من لم يعبد العجل من عبد العجل لكي تتم التوبة لهم، وهذه والله من الأغلال الثقيلة التي شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأخذوا الخناجر بأيديهم وغشيتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضاً فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قُتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي منهم كانت له توبة، فتاب الله عز وجل على حيهم و ميتهم، وبذلك انتهت قضية عبادة العجل بعد توبة الله عليهم وعودتهم إلى رشدهم.
وفي هذه الآية ذكر الشرك بأنه ظلم للنفس،فهي مفطورة على توحيد الله بالعبادة، فكيف يجرؤ المرء على اتخاذ الأصنام أرباباً، أو الجمادات، أو الأولياء، أو القبور،أو الصلبان، أو الرهبان، أو قبورهم، أو المزارات يطوفون بها، ويبكون عندها ويسجدون لها ويستغيثون بأصحابها، كيف يكون ذلك في قلب مفطور أصلاً على توحيد العبادة لله، وكيف يكون ذلك في قلوبٍ تنتمي إلى الإسلام، وتعتز بالإسلام، وهي أقرب إلى الشرك والعياذ بالله، وتشد الرحال إلى المزارات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى).
الوقفات
كان التقاتل بين الناس توبة في شريعة موسى عليه السلام.
إثبات الولاء لله وأن عباد الله دائماً وابداً ينفذون أوامر الله مهما كانت شدتها وصعوبتها.
_________________
(الحلقة الأربعون)
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تنظرون (55) ثم بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56))
تدل هذه الآيات على صلف وكبرياء اليهود، والكبر كما علمنا رسول الله بطر الحق أي رفض الحق، وعدم إتباعه، فهؤلاء اليهود وفي هذه الآية انكشفت كينونة صدورهم، وسوء مقاصدهم، فعندما جاءهم النبي موسى عليه الصلاة والسلام بالكتاب ووصايا الرب فيها، فرفضوا ذلك وقالوا من أنت حتى يعطيك الرب ذلك، ولماذا يكلمك ولا يكلمنا، فلن نؤمن لك حتى نرى ربك، أي يكشف وجهه سبحانه وتعالى لنا ونراه جهرة، إننا نريد رؤيته، وهذا بطبيعة الحال محال لأن كليم الله موسى عليه السلام لم يستطع رؤيته عندما تجلى ربه للجبل، فكيف بهؤلاء يقولون ذلك بتلك الصورة المكذبة لرسول الله، وكيف يقولون ذلك بتلك البذاءة، والعنجهية،كل ذلك أغضب الرب سبحانه وتعالى، وأغضب نبيه موسى عليه الصلاة والسلام، فجاءهم العقاب حيث أرسل الله عليهم صاعقة وهي نار (قالها السدي) تقتل بعضهم ويرى الآخرون ما حل بهم، ثم بعثهم الله فجاء أولئك الصاعقة ثم بعثهم الله، فأحياهم من جديد، وهو سبحانه الغني عن عبادتهم، ولكنه سبحانه رءوف رحيم، يريد سبحانه من عباده أن يتبعوا الحق ويشكروا نعم الله قولاً وعملاً كي ينجوا من عذابه، فهل استجابوا لربهم؟. وفي هذا تذكير لليهود في المدينة بما حل بأسلافهم حينما تمردوا على نبي من أنبياء الله موسى عليه السلام، وفيها تحذير من عدم متابعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الآيات، وهذا القصص لم يأت محمداً إلا من عند الله بوحي سماوي.
الوقفات
الكبر هو المهلكة فرفض الحق صفة من أبرز صفات المتكبرين أعاذنا الله.
إثبات غضب الرب سبحانه وتعالى وعقابه لمخالفي أمره.
إثبات الإحياء بعد الممات.
إثبات عدم رؤية الله في هذه الدنيا ولكن في الآخرة سيرى أصحاب الجنة ربهم سبحانه وتعالى (وجوهٌ يومئذٍ ناظرة إلى ربها ناضرة) وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى الرب سبحانه وتعالى، ولا ينكر هذا إلا كافر.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 Nov 2004, 10:00 م]ـ
الأخ سعيد
أنا لا اعرف إن كان يحق لي قطع تسلسل افكارك وسوف اعذر المشرف إذا حذف مقاطعتي لك
=================
قولك أخي ((إثبات عدم رؤية الله في هذه الدنيا ولكن في الآخرة سيرى أصحاب الجنة ربهم سبحانه وتعالى (وجوهٌ يومئذٍ ناظرة إلى ربها ناضرة) وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى الرب سبحانه وتعالى، ولا ينكر هذا إلا كافر) 9
وأنا أقول بان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة
ولكني أتحفظ على قولك بتكفير منكري الرؤية---لان دليل الرؤية ليس قطعي الدلالة
وعلى ذلك لا نكفر الأباضية ولا المعتزلة ولا الزيدية وكلها فرق منكرة للرؤية(/)
اختلاف بنية المفردة القرآنية (3)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[17 Aug 2004, 09:59 م]ـ
ثالثاً: أبنية الأفعال:
أ - الفعل بين التجرد والزيادة:
قال تعالى: (ثمَّ أماته فأقبره) (عبس: 21) ولم يقل فقبره فما الفارق بين (فقبره وأقبره) ولماذا عُدِلَ عن فقبره إلى الفعل المزيد فأقبره، عُدل هنا لأن فعل (قبره) يدلَ على الذي يواري بالفعل (1)، أما أقبره فجعله ذا قبر وهو أخص من معنى قبره أي أن الله سبب له أن يُقبر وكذلك فإن الإقبار تهيئة القبر ويقال:أقبره أيضاً إذا أمر بأن يدفن (2)، أو علّم الموجودين أن يقبروه (3)،وأقبر الميت إذا أمر غيره بأن يجعله في القبر (4)، قال تعالى: (فبعثَ اللهُ غراباً يبحثُ في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه) (المائدة: 31)، ولا يليق أن يقال: (فقبره) وينسب فعل القبر إلى الله تعالى فضلاً عن مخالفته للحقيقة، فتعين قوله تعالى (فأقبره) لما دلت عليه الزيادة من معنى، ومثل هذا قوله تعالى: (ثم إذا شاء أنشره .. ) (عبس: 22) فالانشار هو المناسب هنا لأنه خاص بإخراج الميت من الأرض حياً وهو البعث أما نشر فيقال نشر الثوب إذا أزال طيّه وينشر الصحيفة إذا فتحها ليقرأها (5).
أما بالنسبة للتجرد فالقرآن قد يحذف أحد حروف بنية المفردة كما تفعل العرب غير أنه يوظف هذا التجريد توظيفاً عجيباً وبما يتلائم مع حاجة السياق تماماً، وهذا واضح جداً في (كان) في القرآن كله فكل ما جاء في القرآن منها محذوف حرفٍ مثل (أكُ أو تكُ أو نكُ) إنما جاء بعد نفيٍ وهو الغالب أو بعد شرطٍ بـ (إن) أحياناً (6)، ومما ورد من هذا قوله تعالى: (قالوا لم نكُ من المصلين ولم نكُ نُطعم المسكين) (المدثر: 43 – 44) وقوله تعالى: (ألم يَكُ نطفةً من منيٍ يُمنى) (القيامة: 37) فالمشركون في سورة المدثرنفوا أنهم كانوا من المصلين وأتو بـ (نَكُ) وكان في القول متسعٌ لـ (نَكُن)، وكأنهم نفوا عن أنفسهم أي صلاةٍ مهما كان حجمها وكذلك في إطعام المسكين، ولما كانت آية القمر مما تدل على تقليل اصل الإنسان الذي خلق منه (7) ناسب أن يؤتى معها بالفعل على هذه الصورة من التجريد، لا سيما وقد جاءت (من) التبعيضية في كلا الآيتين، ومن تجريد الفعل من الزيادة قوله تعالى: (عَبَسَ وتولّى أن جاءَهُ الأعمى) (عبس: 1 - 2) فلم يقل تعالى: عبَستَ وتوَليتَ؛ لأن هذه الزيادة ستحدد الفاعل حتى لا يعرض الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى ضمير المواجهة (8)، وفي هذا ملاطفة للرسول (صلى الله عليه وسلم) في الخطاب وهو كثير في القرآن.
ب - اختلاف أحرف الزيادة:
قد تختار المفردة بأحرفِ زيادةٍ معينة لتكون مصدرة في صيغة واحدة لأكثر من معنى وصورة قال تعالى: (عمَّ يتساءلون) (النبأ: 1) فالتساؤل:تفاعل وحقيقة صيغة التفاعل أن تفيد صدور معنى المادة المشتقة منها من الفاعل إلى المفعول وصدور مثله من المفعول إلى الفاعل، وترد كثيراً لإفادة تكرر وقوع ما اشتقت منه نحو قولهم: سَاءَل بمعنى سأل قال النابغة (9):
أسَائِل عن سُعْدى وقد مرّ بعدَنا على عرصاتِ الدارِ سَبْعٌ كوامِلٌ
وتجيء صيغة (فاعَل) كذلك لإفادة قوة صدور الفعل من الفاعل نحو قولهم: عافاك الله وذلك إما كنايةً أو مجازاً، ومحمله في الآية على جواز الاحتمالات الثلاثة وذلك من إرادة المعنى الكنائي مع المعنى الصريح أو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه وكلا الاعتبارين صحيح في الكلام البليغ فلا وجه لمنعه، فيجوز أن تكون مستعملةً في حقيقتها بأن يسأل بعضهم بعضاً سؤال متطلع للعلم لأنهم حينئذٍ لم يزالوا في شكٍ من صحة ما أُخبروا به ثم ظل إنكارهم على هذا، ويجوز أن تكون هذه الصيغة مستعملة في المجاز الصوري فهم يتظاهرون بالسؤال وهم موقنون بانتفاء ما يتساءلون عنه وعلى هاتين الطريقتين كانت مذاهب المفسرين والوجه أن تُحمل الآية على كليهما لأن المشركين كانوا متفاوتين في التكذيب بين مصدّق ومكذب عندما كانوا يتحدثون بينهم كما يقول ابن عباس (10) وغيره (11)، فجاءت هذه اللفظة مصورة لأحوال الناس بكل دقةٍ وشمول وبأوجز لفظٍ وأعذبه وهذا غاية الفصاحة والبلاغة. ومن الزيادات التي دلت على معنى التشارك والتفاعل أيضاً ما جاء في قوله تعالى: (وتواصوا بالحقِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وتواصوا بالصبرِ) (العصر: 3) فقد عُدِلَ عن (أوصوا) إلى (تواصوا) لما تحققه هذه المفردة بزيادتها من بيان إن النجاة من الخسران إنما تناط بحرص كل من أفراد الأمة على الحق ونزوع كلٍ منهم إلى أن يوصي به قومه ومن يهمه أمر الحق ليوصي صاحبَه بطلبه ويهمه أن يرى الحق فيقبله، فكأنه تعالى في هذه العبارة الجزلة قد نصّ على تواصيهم بالحق وقبولهم الوصية به إذا وجهت إليهم (12) ومن هذا الباب أي باب الزيادة قوله تعالى: (إذ انبعثَ أشقاها) (الشمس: 12) فانبعث (مطاوع بَعَثَ فالمعنى: إذ بعثوا أشقاهم فانبعث وانتدب لذلك) (13) فيكون تعالى بهذه الزيادة قد أدانهم جميعاً حيث بيّن الفعل بهذه الزيادة أنهم حرّضوه وأنه أجاب، لذلك جاء الضمير جمعاً في قوله تعالى: (فكذبوه فعقروها) (الشمس:) لأنهم مشتركون في الأمر جميعاً، والله تعالى أعلم.
ج - الفعل بين الإدغام وعدمه:
وقد جاء التعبير القرآني تارةً بالإدغام وأخرى من غيره وهذا حال التعبير القرآني الذي يستفيد من كل ظاهرة أسلوبية في كلام العرب وبحسب حاجة السياق وقد وظفت هذه الظاهرة الصوتية في التعبير القرآني بصورةٍ أعطت للنص القرآني خصوصيةً في الاستعمال من ذلك: استخدام الفعل يشاقّ ويشاقق بالفك والإدغام، فالإدغام يكون طالما ذُكِرَ الله وحده فإذا ذُكِرَ معه الرسول (صلى الله عليه وسلم) فُكَّ الإدغام قال تعالى: (ذلك بأنهم شاقّوا اللهَ ورسولَهُ ومن يشاقّ الله فإن اللهَ شديدُ العقابِ) (الحشر: 4) وقال تعالى: (ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) (الأنفال: 13)، وقد تنبه لهذا الدكتور فاضل السامرائي وحاول تعليل هذا الاستخدام حيث ذكر (ولعله وَحَّدَ الحرفين وأدغمهما في حرفٍ واحد لأنه ذكر الله وحده وفكّهما وأظهرهما لأنه ذكر الله والرسول فكانا اثنين) (14)، وهذا التعليل غير مُطّرد مع أطّراد هذا الاستخدام في القرآن فقد قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) (النساء: 115) فورد الفك دون ذكر الله ورسوله معاً وكان ابن الزبير قد علّلَ الفك في هذه الآية فقال: (إن الإدغام تخفيف وليس بالأصل فورد في النساء على الأصل ولم يقترن به ما يستدعي تخفيفه ولا سؤال في ذلك) (15) وعلل الآيتين الأخريين فقال عن آية الحشر (ذلك بأنهم شاقّوا الله ورسوله ومن يشاقّ الله .. ) بأن الماضي تقدم مُدغماً ولم يُسمع في الماضي إلا تلك اللغة، فجيء بـ (يشاقّ الله) بعدها مدغماً ليناسب بإدغامه الإدغام الأول في (شاقّوا الله)، وذكر أن قوله تعالى (… ومن يشاقق الله ورسوله) استدعاه داعيان:
أحدهما ما قبله من الإدغام
والثاني ما بعده من العطف المشبه للفك
فروعي البَعْدي ففكّوا الإدغام لأنّ البعدي أقوى في المراعاة، كما فعلوا في الإمالة، فلم يميلوا نحو مناشيط وما كان مثله مما تأخر فيه حرف الاستعلاء، وإن حالَ بينه وبين الألف حرفان ومع ذلك فإنه يمنع الإمالة، وليس كذلك في قوته المنع إذا تقدّم مع مائل. فكذا فعلوا فيما تقدّم فراعوا ما بَعُدَ فلم يدغموا؛ لأنّ مراعاة الأبعد عندهم أقوى من مراعاة المتقدم (16)، وعلى الرغم مما هذا التعليل من دقة نظرٍ إلا أن كلام الخطيب الإسكافي يبدو أقرب في تعليله الذي قال فيه: (إنّ الأصل في ذلك إذا قويت الحركة في القاف أن تُدغم ألا ترى أنّ من جوّز أردد مكان ردّ، وكانت لغته الإظهار متى حرَك الدال الأخيرة في قوله للاثنين رُدَا، وقوله للجميع ردّوا لم يبق إلا الإدغام ولم يجز أردوا ولا أرددوا ولا أرددي) (16)، وأضاف إن الحركة إنما قويت في القاف الأخيرة لتحركها بعد ملاقاتها ساكنٍ (اللام الأولى في الله) مثل إعْبُدِ الله، ولأن القاف لا يلاقي غير لفظة (الله) ساكنة الأول لذلك قويت الحركة لأنها لا تلاقي سواه مما علق الفعل به، أما في قوله تعالى: (ومن يشاقق الله ورسوله) فليس الأمر كذلك لأن القاف قد تلاقي ما يتعلق بها متحركاً، وهو (رسوله) لأنّ التقدير ... ومن يشاقق رسول الله فلم يخلص (القاف) - لما يتعلق به - للحركة، كما خلصت له في الأول، أما في قوله تعالى (ومن يشاقق الرسول ... ) فليس الساكن هنا في (الرسول) كمثله في (الله) لأنه قد يحذف فيصح لملاقاة القاف متحركاً منه نحو (ومن يشاقق رسول الله) فالذي أوجب الإدغام في سورة الحشر هو قوة الحركة في القاف، وقوتها أنها لا يصح أن تلاقي الاسم الذي بعدها إلا ساكناً لا يقوم مقامه متحركٌ في حالٍ والله أعلم (17).
الحواشي:
1) ينظر: المختار من تفسير القرآن 1/ 109، والقابر: الدافن بيده، معاني القرآن 3 / والطبري 30/ 56.
2) ينظر التحرير 30/ 124.
3) ينظر: المختار 1/ 109.
4) ينظر: تفسير القاسمي 17/ 6063.
5) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 126.
6) ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن 637 – 639.
7) على أحد قولين وسيأتي هذا.
8) ينظر: المختار 1/ 94 – 95.
9) الديوان 61.
10) ينظر: ابن كثير 4 وهو قول الحسن وقتادة.
11) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 7 – 8.
12) ينظر تفسير القاسمي 17/ 6252 ونسبه بقوله (قال الإمام).
13) التحرير 30/ 373.
14) التعبير القرآني 19.
15) ملاك التأويل 1/ 353.
16) ينظر: ملاك التأويل 1/ 353.
17) درّة التنزيل 475.
18) ينظر: دّرة التنزيل 474 – 475. [/ align]
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقد في قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار [/ size][/font]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Aug 2004, 01:16 م]ـ
تحية طيبة للدكتور عامر على هذا البحث القيم. ونرجو المواصلة فنحن ننتفع بها ونتدبرها بشغف.(/)
تفسير الشيخ الدوسري صفوة الاثار
ـ[ابوبنان]ــــــــ[18 Aug 2004, 01:53 ص]ـ
وجدت من تفسير الشيخ الفاتحة في مجلد والبقرة مجلدين وال عمران مجلد
السؤال مع اهمية الكتاب العلمية والفكرية والحاجة الملحة الى تفسير عصري سلفي نرى غفلة من الدور وورثة الشيخ
مالسبب وهل اكمله الشيخ افيدونا يا اهل الاختصاص
ودمتم سالمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Aug 2004, 01:29 م]ـ
أخي أبا بيان وفقه الله
لو تكرمت لعلك تطلع على هذا الرابط
تفسير الشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=250).(/)
أحكام القرآن للجصاص
ـ[عصمت الله]ــــــــ[18 Aug 2004, 09:04 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما هي أفضل طبعة لأحكام القرآن للجصاص، و هل توجد دراسات أو كتابات أو رسائل حول هذا الكتاب و مؤلفه؟؟
أفيدوني بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 10:55 ص]ـ
كتاب أحكام القرآن لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص المتوفى سنة 370 هجرية. من كتب أحكام القرآن الكريم على مذهب الحنفية. وهو كتاب ثمين جداً، بل يعد من أفضل كتب أحكام القرآن. ويقع في ثلاثة مجلدات، وله عدة طبعات. لدي منها طبعة دار الفكر في ثلاثة مجلدات. وهناك طبعة قديمة في تركيا لهذا الكتاب، توجد في بعض المكتبات العامة وهي طبعة جيدة على قدمها. ولا أعرف لهذا الكتاب تحقيقاً مطبوعاً يمكن الإشارة إليه.
وأما البحوث التي دارت حول هذا الكتاب فهي كثيرة. فقد تناوله عدد من الباحثين بالدراسة في بحوثهم العلمية، دراسة لمنهجه في الكتاب، وتحليلاً لبعض جوانبه، وقد اتهم بميله إلى المعتزلة في بعض مباحث كتابه. ولست أتذكر العناوين التي كتبت بها تلك البحوث، ولكنها كثيرة ما بين رسائل علمية، وبحوث محكمة منشورة في المجلات. ولعلي أراجعها فأذكر بعضها إن شاء الله.
ـ[عصمت الله]ــــــــ[19 Aug 2004, 11:14 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد
أشكر الأخ المشرف العام عبد الرحمن الشهري على سرعة التجاوب و أنا في حاجة إلى بعض هذه الدراسات
و أذكر أن الكتاب تم تخريجه - و لعله مازال تحت العمل -في الدراسات العليا المسائية بجامعة أم القرى
بمكة المكرمة
فهل من سبيل إلى النسخ الإلكتروني لها(/)
سؤال عن الوقف على: (قرة عين لي / ولك لا / تقتلوه! عسى أن ينفعنا .. الآية)
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[19 Aug 2004, 01:56 ص]ـ
سالت في احد المنتديات عن بعض احكام الوقف فقال لي احدهم"
انا كنت أتعلم على يدي شيخي وكان يقول:
قرة عين لي (أي هي فقط) ويسكت
ولك لا (وليس فرعون) ويسكت
تقتلوه؟ (استفهام تعجبي) ويسكت
عسى أن ينفعنا
فسبحان الله. وهذا من الإعجاز البلاغي.
هناك مجلد عن الوقوف في القرءان الكريم ولست أذكر اسمه، لعلى أسأل شيخي وأرد عليك حسب مقدرتي على ذلك
ارجو الافادة في هذا الرأي وتقبل الله منا ومنكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 11:28 ص]ـ
أخي الكريم الأزهري وفقه الله
روي هذا الوقف عن ابن عباس من طريق السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قالت (قرت عين لي ولك لا ... ) ثم قال: (تقتلوه .. ).
ولكن الفراء وهو الذي روى هذه الرواية في كتابه معاني القرآن 2/ 302 قال: وهو لحن. ويقويك على رده قراءة عبدالله بن مسعود: (لا تقتلوه قرة عين لي ولك).
يريد أنه لو كان كذلك لقال: (تقتلونه) بالنون بدل (تقتلوه). فلما جاءت الآية بغير نون، علمنا أن الجازم للفعل هو (لا) الناهية، فلا يجوز الفصل بينهما إذا.
وقد ذكر ذلك ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء 2/ 822
وقال النحاس في كتابه القطع والائتناف 543: (ورواية الكلبي لا يحل لمسلم أن ينظر فيها؛ لإجماع أهل العلم ممن يعرف الرجال على تكذيبه. والصحيح عن ابن عباس أنه قال: (قالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك) فقال فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا). أخرجه ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية).
وانظر كذلك: كتاب المكتفى في الوقف والابتدا لأبي عمرو الداني 435 - 436
ويمكنك مراجعة مشاركة سابقة لها صلة بهذا الموضوع بعنوان:
من لطائف الوقوف ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=187)
وفقك الله لكل خير.
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[19 Aug 2004, 09:48 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن
واريد ان اسال في امر آخر
وهو تحديد السؤال
وذلك ان الامام في صلاة العشاءقرأ "وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا ... لا تقتلوه"
وجزاكم الله خيرا على الرد وعلى الرابط الرائع
وتقبل الله منا ومنكم
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[04 Dec 2007, 08:48 ص]ـ
جاء في منار الهدى للأشموني (ص 289) ط. البابي الحلبي:
" ولقول ابن عباس - أي الوقف على لا - مذهب سائغ في العربية وهو أن يكون تقتلوه معه حرف جازم قد أُضمر قبل الفعل؛ لأن ما قبله يدل عليه، فكأنه قال: (قرة عين لي ولك لا)، ثم قال: (لا تقتلوه عسى أن ينفعنا). وتكون (لا) الأولى قد دلت على حذف الثانية، وقد جاء إضمار (لا) في القرآن في قوله: {يبين الله لكم أن تضلوا} أي: لئلا تضلوا، وقد جاء في الشعر إضمار الجازم كقول أبي طالب يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
محمد تفد نفسك كل نفس ** إذا ما خفت من أمر تبالا
أراد: لتفد نفسك، ومنه:
فقلت ادعى وأدعو إن أندى** لصوت أن ينادى داعيان
أراد: ولأدعو". أهـ
أما قولك أنه قرأ بها في صلاة العشاء فأقول: ليس في تكرار (لا) قرآءة ثابتة، ولم ترد في قرآءة شاذة، وإنما هو وجه لغوي فحسب لا يُصحح القراءة بها؛ لأن القرآءة سنة متبعة كما ثبت عن زيد بن ثابت في سنن سعيد من منصور.
وإن أراد بها القارئ في الصلاة وجه وقف، فوقف على (لا) ثم أعادها وأكمل ما بعدها فهو محل نظر! إلا أن يكون انقطاع نفَس والأولى في هذه الحالة إعادة قرآءة ما قبلها دفعاً لهذا الوهم المتوقع من المستمع. فعامة القرآء والمفسرين وأهل العلم يقفون على (ولك) كما ذكر السمين الحلبي في الدر المصون (8/ 652).
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[05 Dec 2007, 09:59 م]ـ
[وإنما هو وجه لغوي فحسب لا يُصحح القراءة بها؛ لأن القرآءة سنة متبعة كما ثبت عن زيد بن ثابت في سنن سعيد من منصور}.
بارك الله فيك -أبا المعتز- هو كما قلت، وقد سمعت أحد شيوخي يقرأ بها على سبيل البيان، ومن باب النكتة اللغوية، لا على جواز القراءة بها، وقد تفضل شيخنا عبد الرحمن الشهري بذكر سند الرواية التي وردت من خلالها هذه القراءة المسؤل عنها من لدن الأخ الأزهري، ولا يخفى على طلبة العلم أنها سلسلة الكذب المشهورة - ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[05 Dec 2007, 11:06 م]ـ
الحمد لله
حتى السياق يأبى هذا الوقف المتكلف ...
فامرأة فرعون أرادت ان تعدد لفرعون اوجه الخير التي في الابقاء على حياة الطفل ... فقالت
قرة عين لي و لك
و الذوق السليم يرد بشدة أن يكون معنى الكلام هو
قرة عين لي ... ولك لا
فالملوك و العظماء و الجبابرة لا يخاطبون بمثل هذا الاسلوب .... خصوصا اذا علم أن المتكلم هنا في مقام المتوسل
الطالب الراغب ..... والمتوسل اليه من له القول الفصل في اجابة الطلب أو رده
يؤكد ذلك ان تمام قولها رضي الله عنها هو
عسى ان ينفعنا .... ف الضمير نا هنا يفيد انها طلبت الابقاء على حياة الطفل ليعمهما هي
وفرعون نفع بقاء الطفل على قيد الحياة
ثم قالت بعدها
أو نتخذه ولدا ....... فانظر الى هذه النون في نتخذه .... وانظر الى نا قبلها يتبين لك هذا
فقد اسندت اتخاذ الولد اليها و الى فرعون ...... ومثل هذا الكلام ينفر أشد ما تكون النفرة من الوقف المزعوم
بل ان قول امراة فرعون بمثل هذا الوقف المزعوم المتكلف .. أقول ... قولها يتنافر أشد التنافر و لا يستقيم نظمه
و لامعناه ... وليس هذا من طريقة الكتاب العزيز .....
يؤيده قوله تعالى
و القيت عليك محبة مني
فلا يراه راء الا أحبه
يؤيده ايضا قوله تعالى حكاية لقول فرعون
ألم نربك فينا وليدا
فقد أسند فرعون هنا التربية له و لآله ...... ولا يكون هذا الا مع كون الوليد قرة عين له و لاهله
وخلاصة الكلام أن هذا الوقف متكلف مردود .... يتنافر به معنى الكلام تنافرا ظاهرا
و الله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[08 Dec 2007, 12:30 ص]ـ
الوقف في الآية على قوله تعالى: {قرت عين لي ولك} وهو تام عند ابن قتيبة ومحمد بن عيسى وأحمد بن جعفر و قيل التمام في الآية إنما هو على قوله تعالى: {لا تقتلوه} كما هو قول الأخفش ()، فهذان الوقفان الصحيحان في الآية.
وهناك وقف غريب أنكره الأئمة وهو وقف روي عن ابن عباس رضي الله عنه فقد روى الفراء وابن الأنباري والداني من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:
(إنها قالت {قرت عين لي ولك لا} ثم قال: {تقتلوه}) اهـ. ومعنى هذا أن الوقف على {قرت عين لي ولك لا} فيقف على {لا} ثم يبتدأ {تقتلوه}.
وهذه الرواية ساقطة رواية ودراية وفيها علل ثلاث كلها قوية تقتضي سقوطها ولذا ردها الأئمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى ذكر كلامهم:
العلة الأولى:
ضعفها الشديد فإن هذه الطريق هي أوهى الطرق عن ابن عباس وربما سميت بسلسلة الكذب ()، لأن أباصالح هو باذام ويقال باذان مولى أم هانئ وقد ضعفه جماعة من الائمة () قال ابن عدي:
(لم أعلم أحدا من المتقدمين رضيه) اهـ. ()
وقال ابن معين:
ليس به بأس، و إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء () و قال في الكاشف: (قال أبو حاتم وغيره لا يحتج به عامة ما عنده تفسير) اهـ. () وفي التقريب: ضعيف مدلس ().
وأما الكلبي فهو: محمد بن السائب بن بشر أبو النضر متروك وهو مع ذلك عالم بأنساب العرب وغيرها ().
وكذلك محمد بن مروان السدي الصغير فإنه متروك أيضا وهو أشد ضعفا ()، ولذا قال ابن النحاس بعد هذه الرواية ورواية الكلبي لا يحل لمسلم أن ينظر فيها لإجماع أهل العلم ممن يعرف الرجال على تكذيبه ().
العلة الثانية:
مخالفتها لما هو أصح منها بدرجات كثيرة عن ابن عباس قال ابن النحاس:
(والصحيح عن ابن عباس أنه قال قالت قرت عين لي ولك فقال فرعون أما لك فنعم وأما لي فلا فكان كما قال) اهـ. () والرواية الصحيحة عن ابن عباس رواها الطبري ().
العلة الثالثة:
أن المعنى على هذا الوقف لا يستقيم قال الفراء هو لحن () و قال أبوحاتم:
(لا تقتلوه كاف، ولا يلتفت إلى من لا علم له ولا فكر ثم يقول بجهله: {وقالت امرأت فرعون قرت عين لي} ثم يومئ إلى نفسه: {ولك لا} ثم يشير بيده ورأسه فيجب أن يقال له يا ((حمار)) فما معنى {تقتلوه عسى أن ينفعنا}) اهـ. ()
فالأئمة لم يعولوا على هذه الرواية ولم يلتفتوا إلى هذا الوقف ولم يروه () ومخالفته للظاهر وشدة التكلف فيه واضحة.
ولو أن هذا التعسف فتح في كتاب الله تعالى الذي هو الحجة والهداية لأمكن لكل متلاعب أن يضلل الناس بلا أساس علمي ومع أن هذا بعيد إن شاء الله تعالى عن تلاعب الباطنية لكن فيه شبهامن تأويلاتهم الباطلة لظهور مخالفته للمتبادر من الكلام.
ـ[الميموني]ــــــــ[01 Aug 2008, 09:01 م]ـ
العجيب أن بعض هذه الوقوف المتكلفة صارت تستملح و قد تستجاد ممن لم يعرف فن الوقف والابتداء و التفسير وطريق السلامة في ذلك هو التأني قبل مدح مثل هذه الوقوف
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[21 Oct 2009, 08:01 م]ـ
قال ابن الجزري في النشر في القراءات العشر - (1/ 231 - 232):
لَيْسَ كُلُّ مَا يَتَعَسَّفُهُ بَعْضُ الْمُعْرِبِينَ أَوْ يَتَكَلَّفُهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ، أَوْ يَتَأَوَّلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ مِمَّا يَقْتَضِي وَقْفًا وَابْتِدَاءً يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَمَّدَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ، بَلْ يَنْبَغِي تَحَرِّي الْمَعْنَى الأَتَمِّ وَالْوَقْفِ الأَوْجَهِ، وَذَلِكَ نَحْوَ الْوَقْفِ عَلَى:
وَارْحَمْنَا أَنْتَ، وَالابْتِدَاءِ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى مَعْنَى النِّدَاءِ
وَنَحْوَ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ ثُمَّ الابْتِدَاءُ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا
وَنَحْوَ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لا تُشْرِكْ ثُمَّ الابْتِدَاءُ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ عَلَى مَعْنَى الْقَسَمِ،
وَنَحْوَ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ وَنَحْوَ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا وَيُبْتَدَأُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، وَعَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَعْنَى وَاجِبٌ أَوْ لازِمٌ،
وَنَحْوَ الْوَقْفِ عَلَى وَهُوَ اللَّهُ وَالابْتِدَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ وَأَشَدُّ قُبْحًا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالابْتِدَاءُ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ
وَنَحْوَ الْوَقْفِ عَلَى مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مَعَ وَصْلِهِ بِقَوْلِهِ: وَيَخْتَارُ عَلَى أَنَّ: " مَا " مَوْصُولَةٌ،
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى تُسَمَّى أَيْ: عَيْنًا مُسَمَّاةً مَعْرُوفَةً، وَالابْتِدَاءُ (سَلْ سَبِيلا) هَذِهِ جُمْلَةٌ أَمْرِيَةٌ، أَيِ: اسْأَلْ طَرِيقًا مُوَصلَةً إِلَيْهَا، وَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّحْرِيفِ يُبْطِلُهُ إِجْمَاعُ الْمَصَاحِفِ عَلَى أَنَّهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ،
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى لا رَيْبَ وَالابْتِدَاءُ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، وَهَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
وَمِنْ ذَلِكَ تَعَسُّفُ بَعْضِهِمْ، إِذْ وَقَفَ عَلَى وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ وَيَبْتَدِئَ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَيُبْقِي " يَشَاءُ " بِغَيْرِ فَاعِلٍ،
فَإِنَّ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ تَمَحّلٌ وَتَحْرِيفٌ لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ يُعْرَفُ أَكْثَرُهُ بِالسِّبَاقِ وَالسِّيَاقِ. اهـ المقصود
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[21 Oct 2009, 11:15 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[22 Oct 2009, 01:42 ص]ـ
السلام عليكم
سألت العلامة الشيخ عبد الله الجوهري عن هذا الوقف فقال لي: (هي امرأة فرعون كانت تعرف الغيب؟)
والسلام عليكم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Oct 2009, 02:58 م]ـ
السلام عليكم
سألت العلامة الشيخ عبد الله الجوهري عن هذا الوقف فقال لي: (هي امرأة فرعون كانت تعرف الغيب؟)
والسلام عليكم
ما كانتش تعرف الغيب وما كانتش على دين موسى وقتيها.
الأخ الفاضل المجلسي الشنقيطي:
شكر الله لك.
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[25 Oct 2009, 10:56 ص]ـ
قال الجعبري رحمه الله تعالى:" (ولك) (ذ)، السدي (ص)، ويرده النون، والتضاد، وابن عباس فسر المعنى ". ا. هـ
المرجع: وصف الاهتداء في الوقف والابتداء 2/ 376.
(ذ) متجاذب. (ص) صالح، على مصطلحات الجعبري.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Oct 2009, 11:58 ص]ـ
ينبغي أن يتنبَّهَ المُستملحون لهذه الوقوف إلى قاعدةٍ مهمةٍ في اختلافِ المجتهدين في مواضع الوقوف, وهي:
أنَّ الأصل في الكلامِ أنهُ مستقل بنفسه لا يفتقر إلى تقدير , وعليه:
فإنَّ ما لا يحتاجُ للتقدير والإضمار أولى في الإعمال وأحقُّ في الأخذِ من الوقوف التي ينبني فهمُها على تقديراتٍ وإضماراتٍ وهيئاتٍ صوتيةٍ زائدةٍ كما هو حالُ الأداءِ الصوتي لفعل التعجبِ (تقتلوهُ) عند افتراض سلامتهِ من اللحن , إلى غير ذلك مما لا يستقيمُ معهُ المعنى الزائدُ بهذه الوقوفِ في بعضِ الآياتِ.
ولا شكَّ أن قولها (عسى أن ينفعنا) هو تعليلٌ لنهيها إياهمْ عن القتلِ , فلو كان الكلامُ منتهيا بالتعجبِ من قتله أو استنكارهِ فسنضطرُّ للتقدير والإضمار في ابتداءِ الجملة بالفعل (عسى).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Oct 2009, 01:41 م]ـ
وإكمالاً لما سبقَ فالنَّصُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحٌ في ردِّ هذا الاجتهاد وإلغائهِ , فالحديث الطويلًُ المعروفُ بحديث الفتون , جاءت فيه القصةُ , وذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أنهُ موقوفٌ على ابن عباس رضي الله عنهما , والمرفوعُ منهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قليل , ومن ذلك القليل قوله صلى الله عليه وسلم بعد جملة (فقالت قرة عين لي ولك , فقال فرعون: يكون لك فأما لي فلا حاجة لي) قال صلى الله عليه وسلم (لو أقر فرعون أن يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله كما هداها ولكن الله حرمه ذلك) فهذا صريحٌ في أنَّ الكلام بتمامه كان لامرأةِ فرعونَ وأنها عطفت الضمير العائدَ عليهِ في كلمة (لكَ) على الضمير السابقِ (لي) , ولو كان كما زعموا لما كانَ في قوله فأما لي فلا حاجة لي أي معنى زائد بقدر ما فيه من تأكيد تخمين امرأتهِ , وهذا مما تأنفهُ نفوس الجبابرة والملوك جملةً , فكيف بأشقاهم (فرعون).؟
والقائلون بهذا الوقفِ المُتَعَسَّفِ يخالفونَ النَّصَّ كما اتضحَ إذْ يزعمونَ للسامعِ أن فرعونَ بلغت به الرَّحمةُ أن تقول امرأتُهُ بكل صراحةٍ إنَّ هذا المولود ليس لك بقرةٍ , ومع ذلك يكلأُه ويحوطه برعايته , وهذا لا يصدُقُ على سفاحٍ أوشك بنوا إسرائيل أن يفنوا على يديه.!
والخلاصةُ: أنَّ كُلَّ اجتهادٍ خالفَ النَّصَّ الثابتَ فهو كعدمه تماماً
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[27 Oct 2009, 12:31 ص]ـ
والخلاصةُ: أنَّ كُلَّ اجتهادٍ خالفَ النَّصَّ الثابتَ فهو كعدمه تماماً
السلام عليكم
كلام وجيه بارك الله فيكم.
وما نقلتموه هو الذي جعل الشيخ العلامة عبد الله الجوهري ـ رحمه الله ـ يقول ما تقدم.
والسلام عليكم(/)
أحوال المفردة القرآنية (1):
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[19 Aug 2004, 01:59 ص]ـ
أولاً: البناء للمعلوم والمجهول:
كان أسلوب البناء للمجهول من الظواهر البارزة في القرآن الكريم ويعد بحق واحداً من أهم الأساليب التي استخدمت في التعبير القرآني لا من حيث الكثرة التي برزت خاصةً في السور القصيرة التي تعلقت بالحديث عن يوم القيامة، وإنما للفنية الرائعة التي استخدم بها هذا الأسلوب فإنا لو عرضنا النص القرآني على الأغراض التي ذكر البلاغيون والنحاة أن من أجلها يُستغنى عن الفاعل ويبنى للمجهول، وهي إما للعلم به أو الجهل به أو الخوف منه نجده يرفض كما يقول أحد الباحثين - أن يكون حذف الفاعل (سبحانه) من أجل واحدٍ منها، وإنما هو كما ذهبت إليه بنت الشاطئ بحق: (من أجل تركيز الاهتمام على الحدث بصرف النظر عن محدثه) (1)، يقول الطاهر بن عاشور في حديثه عن قوله تعالى: ((يومَ يُنْفَخُ في الصورِ)) (النبأ: 18): (وبُنِيَ ينفخ إلى المجهول لعدم تعلق الغرض بمعرفة النافخ، وإنما الغرض معرفة هذا الحادث العظيم ... ) (2)، وعُلِّل مثل هذا الأسلوب بـ (عدم تعلق الغرض بمعرفة الفاعل) (3)، وهو ما أفاد منه وأشار إليه محمود نحلة (4)، ومن هذا قوله تعالى: ((يومَ ينفخ في الصورٍ … وفتحت السماء … وسيرت الجبال)) (النبأ: 18 – 20)، و ((إذا الشمس كورت … وإذا الجبال سيرت … وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حُشرت وإذا البحار سُجَرت …)) (التكوير: 1 ـ 6) والعمدة في مثل هذا الأسلوب وفي مثل هذا الاستخدام على كلام بنت الشاطيء التي قالت إن استعمال الأفعال المبنية للمجهول يطرد في وصف اليوم الآخربحيث يمكن أن يُعدَّ ظاهرةً أسلوبيةً في هذا المقام، وتضيف: (ولا أعرف أنّ أحداً من اللغويين أو المفسرين ألتفت إلى اطراد هذه الظاهرة الأسلوبية، وإنما عني أكثرهم بالصناعة النحوية في ذاتها وقالوا في (زُلزلت) حُذِفَ الفاعل للعلم به غير ناظرين إلى ما لهذه الظاهرة من أثرٍ في التعبير والذي نراهُ أنّ استعمال الفعل مبنياً للمجهول في مثل هذه الآيات فيه نصّ على الطواعية والانبعاث التلقائي وكأنما تزلزل الأرض وترج الجبال ... تلقائياً دون حاجةٍ إلى فاعل ... ) (5) وقد أشار كثيرُ من القدماء إلى البناء للمجهول لغرض صرف التركيز إلى المفعول به وتوجيه الانتباه إليه، وهذا ما أشار إليه الإسكافي حين فرّق بين قوله تعالى: ((وَ يطاف عليهم بآنيةٍ من فضةٍ)) (الإنسان: 15)، وقوله تعالى: ((ويطوف عليهم ولدانُ مخلدون)) (الإنسان: 19) فذكر بأنّ (القصد) في الأولى كان متوجهاً إلى وصف ما يطاف به دون وصف الطائفين فلما كان المعتمد بالإفادة ذاك، بُني الفعل (مقصوداً) به ذكر المفعول لا الفاعل فقال تعالى واصفاً هذه الآنية ((بآنية من فضةٍ وأكوابٍ كانت قواريرا قوارير من فضةٍ)) (الإنسان: 15 - 16) ولهذا لم يُسمِ فاعله (ويطاف) ولأنه جاء بعد قوله تعالى: ((وذللت قطوفها تذليلاً)) (الإنسان: 14) (6) وفي الآية الثانية قُصد إلى وصف الفاعلين الذين يطوفون بهذه الآنية فوجب ذكرهم لتعلق الصفة بهم (7)، ولعل أفضل من أوضح هذا كان ابن جني الذي ذكر أن أصل وضع المفعول أن يكون فضلة وبعد الفاعل فإذا عنى المتحدث ذكره قدّمه على الفاعل، فإذا ازدادت عنايتهم به قدموه على الفعل الناصب له فإن تظاهرت العناية به عقدوه على أنه رب الجملة وتجاوزوا به حدَّ كونه فضلة ... ثم زادوا على هذه الرتبة .. فحذفوا ضميره ونووه ولم ينصبوه على ظاهر أمره رغبةً به عن صورة الفضلة ولم يرضوا له هذا حتى صاغوا الفعل له وبنوه على أنه مخصوصٌ به وألفوا ذكر الفاعل مظهراً أو مضمراً واطرح ذكر الفاعل وهذا يدلَ على شدة عنايتهم بالفضلة وكذلك قولهم: ضُرِبَ زيد إنما الغرض منه أن يعلم أنه منضربٌ وليس الغرض أن يُعلم من الذي ضربه (8) ونفى في موضعٍ آخر أن يكون البناء للمجهول ملزماً للجهل بالفاعل مستدلاً بقوله تعالى: ((وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً)) (النساء: 38) و ((خُلِقَ الإنسانُ من عجل)) (الأنبياء: 37) وهذا مع قوله تعالى: ((ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه .. )) (ق: 16) وقوله سبحانه: ((خَلَقَ الإنسان من عَلق)) (العلق: 2) فالغرض الإخبار عن وقوع الفعل به
(يُتْبَعُ)
(/)
حسب وليس الغرض فيه ذكر من أوقعه به (9) بل إن الأمر تجاوز مثل هذه الإشارات إلى إيجاب إعراب (زيدٍ) مبتدأ مثلاً في جواب من سأل: من قام وردّ كلام النحاة في كونه فاعلاً لأنَ (اللبس لم يقع عند السائل إلا فيمن فعل الفعل فوجب أن يتقدم الفاعل في المعنى لأنه مُتعلق غرض السائل وأما الفعل فمعلوم عنده ولا حاجة به إلى السؤال عنه) (10) وبهذا يُعرف أن النص القرآني يريد أن يلفت انتباه المتلقي ويركزه على المتحدث عنه (النفخ في الصور وحمل الأرض ودك الجبال ... ) وأن ينقل إليه هذه الصورة ويجسدها أمام ناظريه .. وليس لذكر الفاعل سبحانه أثرٌ هنا في حيوية النص ما دام سبحانه معلوماً متعيناً إذ إن ذكره سبحانه بالإضافة إلى أنه سيكون تطويلاً لا مسوغ له فأنه يضيّع في الوقت نفسه تركيز الانتباه على الحدث ومشاهد يوم القيامة (11) قال تعالى: ((أفلا ينظرون إلى الإبلِ كيفَ خُلقت)) (الغاشية: 17) و ((فلينظر الإنسان مِمَّ خُلقَ خُلِقَ من ماءٍ دافق)) (الطارق: 5 - 6) و ((أم خُلقوا من غيرِ شيءٍ أم هم الخالقون)) (الطور: 35) ففّرق - سبحانه - في الآية الأخيرة في البناء، مع أن الفعل واحد لأن الفعل كان دعوة للتفكر في مادة الخلق فلا يتناسب معه ذكر الفاعل وفي الثاني سؤال بعد معرفة مادة الخلق أو عدم معرفتها فناسب أن يذكر فاعله لأنهم إن عرفوا فسيتعين عليهم النفي إذ هذا ليس في مقدرتهم وإن لم يعرفوا تعين النفي أيضاً لأن من لا يعرف منشأ الخلق غير قادرٍ عليه .. والله أعلم.
وقد يحذف الفاعل لغايةٍ تعبيرية منها الأدب في الحديث وتنزيه الفاعل عما لا يليق أن ينسب إليه رغم أنه هو فاعله حقيقة قال تعالى على لسان الجنّ: ((إنا لا ندري أشرٌ أُريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا)) (الجن: 10) فلا يخفى ما في قولهم هذا من الأدب حيث لم يصرحوا بنسبة الشر إلى الله - تعالى - كما صرحوا في الخير وإن كان فاعل الكل هو الله - تعالى - فهم بهذا قد جمعوا بين الأدب وحسن الاعتقاد (12) وهذا أكثر من أن يُحصى في القرآن الكريم مثل ((صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) (الفاتحة: 7) فنسبوا الإنعام له تعالى وبنوا الغضب على اسم الفاعل والضلال على اسم الفعل من غير ذكر فاعلٍ له تنزيهاً له تعالى وأدباً من نسبة ما ظاهرة الغضب والضلال له تعالى.
وقد يُحذف الفاعل على الرغم من تعلق السياق به، قال تعالى: ((وإن سعيه سوف يُرى)) (النجم: 40) فعلى الرغم من أن الغرض متعلق بالفاعل إذ في ذكر (الرائي) زجراً للإنسان، غير أن حذفه أعطى هذا التعبيرمن القوة والتهويل الشيء الكثير، ذلك أن الآية في مقام تهديد الناس وإنذارهم فحذف الفاعل (الرائي) ليصحّ أن يكون الكل فاعلاً لهذه الرؤية. وقال تعالى: ((يُسقون من رحيق مختوم)) (المطففين: 25) وذكر الفاعل كان ضرورياً هنا لبيان أثر النعيم الذي يعيش فيه أهل الجنة ذلك أنهم لا يكلفون عناء السُّقيا ولا مشقة اجتلاب الماء فهم لا يستقون وإنما يُسقون على أن فعل السقيا - كما يقول الدكتورنحلة - قد ورد مرّة أخرى مبنياً للمجهول في وضعٍ مناقض تماماً للوضع السابق، ولكن البلاغة القرآنية المعجزة استخدمت البناء للمجهول استخداماً بارعاً وحذفت الفاعل مع تعلق الغرض به وإن اختلف الغرضان قال تعالى: (( ... تصلى ناراً حامية تًسقى من عينٍ آنية)) (الغاشية: 4 - 5) فجاء فعل السقيا في موضع العذاب كما جاء من قبل في موضع النعيم والسقيا من ماء شديد الحرارة ((كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم)) (الدخان: 46) فلما كان الشراب هكذا ما كان معقولاً أن يشربوه بأنفسهم فلابد إذن من إرغامهم على ذلك ولا يكون إلا بفعل فاعل في حذفه وعدم ذكره بلاغة أكبر من ذكره ليترك للخيال فرصة تصور هؤلاء الجبابرة الذين يرغمون العاصين على تجرع هذا الشراب (13).
الحواشي:
1) ينظر: الأسس النفسية 137، وينظر: رأي بنت الشاطئ في الإعجاز البياني 222 – 224.
2) المقدمات وتفسير الفاتحة 137.
3) المصدر السابق 160.
4) ينظر: دراسات قرآنية 133 – 134.
5) الإعجاز البياني في كتاب العربية الأكبر 206 – 207.
6) وفي هذا إشارة للمشاكلة والمناسبة وستأتي في كلام إبراهيم السامرائي.
7) ينظر: درّة التنزيل 51.
8) ينظر: المحتسب 1/ 65 – 66 ويستدل على هذا في موضع أخر بقراءة (يوم يُقال لجهنم) (ق 30) المحتسب 2/ 284.
9) ينظر: المحتسب 1/ 135.
10) الإتقان 1/ 338 وذكر السيوطي أنه قول ان الزملكاني في البرهان.
11) ينظر: الأسس النفسية 137.
12) ينظر: التفسير الوسيط 16/ 192، وروح المعاني 29/ 88، وتفسير القاسمي 16/ 5949.
13) ينظر: لغة القرآن 392.
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقد في قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 11:58 ص]ـ
بحث ماتع، وتحليل موفق. جزاك الله خيراً(/)
ما هى الحكمة فى هذا الموقف؟
ـ[الصياد]ــــــــ[19 Aug 2004, 09:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هى الحكمة من مراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم الله عز وجل فى مسألة الصلاة فى حادثة الاسراء والمعراج؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 11:08 ص]ـ
التخفيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي الحكمة الكبرى من هذه المراجعة، وقد حصل التخفيف ولله الحمد، فخففت الصلوات المفروضة من خمسين إلى خمس مع بقاء الثواب.
وقد بحث العلماء في الحكم التي يمكن أن تستنبط من تلك القصة والمراجعة غير هذه الحكمة الكبرى في شرحهم لحديث الإسراء والمعراج في كتب الحديث وكتب السيرة فيمكن مراجعتها كفتح الباري وغيره.(/)
إشكال: هل يقال بأن القرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بالأمور البديهية؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Aug 2004, 02:56 م]ـ
"فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية"
هذه العبارة ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله في سياق هذا الكلام:
(وقول من قال: إن قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، معناه: أن القاتل إذا عرف أنه يقتل كف فكان فى ذلك حياة له وللمقتول، يقال له: هذا معنى صحيح، ولكن هذا مما يعرفه جميع الناس، وهو مغروز فى جِبِلَّتِهم، وليس فى الآدميين من يبيح قتل أحد من غير أن يقتل قاتله، بل كلهم مع التساوى يجوزون قتل القاتل ولا يتصور أن الناس. . . [بياض بالأصل] إذا كان كل من قَدَر على غيره قتله وهو لا يقتل يرضى بمال، وإذا كان هذا المعنى من أوائل ما يعرفه الآدميون ويعلمون أنهم لا يعيشون بدونه صار هذا مثل حاجتهم إلى الطعام والشراب والسكنى، فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية، بل هذا مما يدخل فى معناه ... ) هنا ( http://www.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=282)
فما تعليقكم معاشر الإخوة الكرام؟؟
ـ[مؤمل]ــــــــ[21 Aug 2004, 07:46 م]ـ
أخي الشيخ أبا مجاهد السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك على الموضوع الشيق والمفيد.
وهذا كلام وقع بين بعض الشيوخ وطلبة العلم:
قال أحدهم: ((ومعلوم أن القرآن كتاب هداية بالدرجة الأولى، وما جاء فيه عرضا من علوم أخرى فهي بالقصد الثاني لا الأول .. ومن ذلك ما يمكن أن يكون إشارات إلى مسائل وجودية أو تاريخية معينة، فغرض القرآن هو أخذ العبرة وهي الهداية والدلالة على الخير الذي يحبه الله من أعمال المكلفين وما استدعاه ذلك من الإشارة إلى مسائل جانبية وجودية فهو إنما يذكره لضرورة التوطئة وسياق القصة ونحو ذلك، لكن ليس من مقاصد القرآن أن يذكر تفاصيل أين المكان الفلاني والشيء الفلاني ونحو ذلك .. ومن هنا فإن القول مثلا بأن القرآن احتوى على الدلالة القطعية على مكان سفينة نوح أو أنه لا بد أن يحتوي عليها ليس بسديد، والله أعلم)) اهـ
ورد الآخر: ((وأما قول أخينا: "ليس من مقاصد القرآن أن يذكر تفاصيل أين المكان الفلاني وأين الشيء الفلاني ... " ... فأنا أعجب لهذه (الجرأة) على الله .... فما أدرى أخانا بمقاصد الله؟؟ وقد برئ منها من هو خير منه وأعظم, ذلك عيسى بن مريم حين قال" تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك" .... فليس لأحد أن يقول هذا أبدا, إلا أن يكون نبيا مكلّم!! .... ثم أين أنت من آخر آية يوسف {وتفصيل كل شيء} فهذا إطلاق من الله ... فادخل أنت فيه وخصصه إن استطعت!! ... فالاصل يا أخي أن تقول: أنا أرى, وأنا أظن .... ولا تقطع بمقاصد الله, فلست في نفسه, ما دام النص يحتمل هذه وتلك!!)) اهـ
نرجو منكم ومن العلماء التعليق والتوجيه، وجزى الله الجميع خيرا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2005, 10:59 م]ـ
يرفع لطلب المزيد من التعليقات على هذه المسألة ...
ـ[أخوكم]ــــــــ[26 Mar 2005, 07:37 ص]ـ
ليس المقصود من معرفة مراد الله الدخول في نفسه سبحانه ونحو تلك المعاني التي تبادرت إلى ذهن الأخ الآخر
لأن معرفة مراد الله ممكنة وذلك من خلال معرفة الحكمة من أحكام الله، فالله حكم على كذا لأجل كذا من المقاصد ...
وباستقراء تلك الحِكم يعرف مراد الله
أما إيراد الأخ لقول عيسى عليه السلام (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) فإيراد في غير مكانه
لأن هذا يتعلق بعلم الغيب فعيسى لا يعلم هل كفر القوم بعده أم لا، ولكن الله يعلم ذلك
وعيسى إنما قال ذلك لأن الله سأله أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله فأجاب عيسى أنت الأعلم بل أنت أعلم بما نفسي ولا أعلم ما في نفسك
فبالجملة تلك المقولة قيلت لمناسبة لا علاقة لها بموضوع معرفة مراد الله
فمراد الله عندما يبينه للناس كيف نقول لم نعرف مراده سبحانه؟!
وأما عندما لا يبين الله مراده فعندئذ نقول لا نعرف مراد الله
فليست هذه المسألة من تلك.
أما استدلاله بعموم قوله سبحانه (تفصيل كل شيء) فليس في مكانه أيضا فهذا التفصيل إنما جاء خاتمة لقصة يوسف عليه السلام، تلك القصة التي وردت لحكم بينها الله في سياق السورة ولم يرد في السورة معادلات رياضية وكيميائية وفيزيائية!
فالتفصيل المذكور في الآية (تفصيل كل شيء) إنما هو من العام المخصوص فالله فصل لنا كل شيء أي مما نحتاجه ومما لا تنتهي صلاحيته بفناء الدنيا
ولذا ذكر غير واحد من أهل العلم أن الاستدلال بالعمومات هو مدخل يلزم الحذر منه فقد استخدمه أهل البدع فتاهوا كثيرا كالقائلين بعموم قوله سبحانه (الله خالق كل شيء) فسحبوا هذا التعميم حتى أوصلوه للقرآن فقالوا القرآن مخلوق بينما مثل هذا من العام المخصوص كقوله (تدمر "كل" شيء)
فليس كل شيء على عمومه وإنما هذا عام مخصوص بدليل (فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم)
والامثلة على هذا كثيرة لا تحصى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخانا الكريم الدكتور أبا مجاهد العبيدي
أنا في تصوري أخي الكريم أن القرآن الكريم قد اهتم بتقرير البدهيات في بعض آياته التي تخاطب فكريا منحرفي الفطرة الذين غيبوا عقولهم ورضوا بأن يكون هواهم فوق كل شيء اقرأ مثلا هذه الآية التي ترد على المشتبهين بما هو مقرر بداهة (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) إذ كيف يستساغ في عقل من له عقل أن يتعلم العربي أبلغ كلام في لغته من أعجمي لا يحسن مبادئ العربية؟
وفي مجال الأحكام نستطيع أن نجد كثيرا من الآيات التي تقرر للفطرة السوية أحكام الله التي هي فطرته التي فطر الناس عليها وهي كثيرا ما تبدو بدهيات لا يملك العقل أمامها سوى التسليم ومع ذلك فلم يكن ثمت بد من ذكرها لأن طريق المعرفة بالنسبة لنا هو الشرع، لا مسلمات العقل وبدهياته، ويحمل على هذا آيات منها قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً} لاحظ قوله تعالى: {وَمَقْتاً} إنه تصريح بالبغض البدهي لهذا العمل غير المستساغ ولأجل هذا كان يسمى هذا النوع من النكاح نكاح المقت حتى قبل تحريم القرآن له {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} فهل يستسيغ عقل إباحة أكل أموال الناس بالباطل وقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ} وهو خبر في معنى الطلب وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْت} فهل يستساغ مع الفطرة السليمة نكاح الأم أو البنت أو …….
وقوله تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُوا} ومَنْ مِن الناس يستطيع التخلي عن الطعام والشراب؟
وكيف ننسى تحريم الخمر وأن الصحابة رضي الله عنهم هم من لم يستسيغوها حتى راح عمر يطلب أن يبين الله فيها بيانا شافيا حتى انتهى الأمر إلى تحريمها في منهجية تربوية عالية نعلم جميعا مراحلها حتى قبل الإسلام كان عقلاء القوم لا يشربونها وفيها قال قائلهم:
رأيت الخمر صالحة وفيها خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا ولا أشفى بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي ولا أدعو لها أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها وتجنيهم بها الأمر العظيما
ورغم هذا فقد اهتم بالتذكير بذلك والأمر به لأن الناس جميعا ليسوا على مستوى واحد من التفكير كما أن فيهم من يغلب هواه على عقله وفطرته
ولأن الشرع وحده هو مناط التكليف
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 07:08 م]ـ
الدكتور: أحمد سعد الخطيب شكرا جزيلاً لك
منذ أن قرأت هذه المقولة وجدت في نفسي شيئاً منها، وبدا لي أن فيها نظراً
ولعل الإمام ابن تيمية يقصد تقرير شيء معين، وإلا فإن القرآن الكريم يذكر الأمور البدهية ليقرر بها أموراً أخرى وقع فيها نزاع، أو أنكرها طوائف من الناس.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 Mar 2005, 08:10 م]ـ
السلام عليكم
لقد قلبت النص في مصدره فوجدت أن المرحوم إبن تيمية قد شرح موضوع الآية شرحا وافيا شافيا---وفي قوله ((فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية،)) يفهم منه تنزيه النص من أن يقصرمعناه على الأمور البديهية فيه--ففي النص أمور أخرى غير تلك البديهية---وقد يكون للفظة "التعريف" معنى لديه يجعلنا نربأ بأنفسنا عن نقد عبارته
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:10 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي جمال
والإمام ابن تيمية جدير بأن نحمل كلامه على أحسن الوجوه، ولا شك أن له مقصداً يريد تقريره ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jun 2006, 06:20 م]ـ
قد يقال: بأن الأمور البدهية التي لا نزاع فيها تذكر للتوصل بها إلى تقرير أمر مختلف فيه.
كتقرير ربوبية الله تعالى، وأنه الخالق المدبر؛ يقصد بذلك إثبات استحقاق الرب الخالق الدبر للعبودية والألوهية التي ينازع فيه المشركون.
والله أعلم
ولعل الأستاذ الدكتور فهد الرومي يدلي برأيه في هذه المسألة؛ فله اهتمام بهذا الموضوع فيما أذكر.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[14 Jun 2006, 01:55 ص]ـ
لعل ما ذكره الدكتور جمال هو المراد من عبارة ابن تيمية رحمه الله؛ إذ لايصح أن نقصر المعنى في (فخرَّ عليهمُ السقفُ مِن فوقهم) أو (ولا طائرٍ يطيرُ بجناحيه) على المعنى البديهي، أن السقف فوقهم، وأن الطائريطير بجناحيه، والقرآن أبلغُ من أن تقصر مثل هذه النصوص على المعنى الذي لايختلف فيه اثنان، وإنما يَتحرَّى فيها المفسرُ المعنى المناسبَ لبلاغة القرآن وإعجازه.
وقد فصَّلتُ هذا كما أشارأخي أبو مجاهد في بحثين مختصرين منشورين هما (البدهيات في القرآن الكريم: دراسة نظرية) و (البدهيات في الحزب الأول: دراسة اسثقرائية).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سيف الدين]ــــــــ[14 Jun 2006, 11:19 م]ـ
الامور البديهية تكون احيانا من اعقد الامور واجلّها واكثرها عمقا وتبصّرا وحكمة ... وكم يقضي من العلماء اوقاتا وسنين حتى يصلوا في النهاية الى امر كان من البداهة بمكان قبل ان يبدؤوا ثم غاصوا رحلة المعرفة والتجربة حتى وصلوا بيقين اليه .. وكم هناك من الحكم تكون البداهة فيها هي الملفت غير ان البشر تمرّ عليها بدون اعتبار ولا امعان نظر ... في كتاب لمي زيادة قرأت فيه الحكمة التالية: ان تقديرك للجوهرة الثمينة هو احترام لعقلك ومعرفتك اكثر من كونه تقدير لنفاسة الجوهرة ذاتها ... كم هناك من بداهة في هذا القول, لكنه لا يرد في اذهان الكثيرين ممّن ينظرون الى جوهرة ثمينة ...
غير ان القضية ليست في بداهة الامور او المواضيع, وانما هي في صفاء الناظر اليها .. ولمن يقرأ لبعض المتصوّفة سيجد ان جلّ ما يجمّل كلامهم وحكمهم هو لفت النظر الى البديهيات من الامور:
- جاء رجل الى الزاهد أبي علي الدقاق مشتاقا الى مواعظه، فقال:" قد قطعت اليك مسافة." فقال له أبو علي:" ليس هذا الامر بقطع المسافات. فارق نفسك بخطوة، يحصل لك مقصودك."
ملاحظة اخيرة: حتى ولو كان مقصود القرآن الكريم يتجاوز البديهيات, علينا ان نتنبّه الا نقع فيما وقع به اهل الكتاب من محاولة للجم التطوّر المعرفي في المجتمع بدعوى تفاسير قد لا تعدو ان تكون اضغاث احلام ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 05:12 م]ـ
البدهيات في القرآن الكريم للأستاذ الدكتور فهد الرومي ( www.iu.edu.sa/Magazine/103-104/1.doc )
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[21 Dec 2008, 10:23 ص]ـ
وفقك الله أبا مجاهد لا يأتي منك إلا الخير
نظرت في العبارة التي ذكرتها وظهر لي أن تمام العبارة يفسر المراد من كلامه حيث قال:فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية، بل هذا مما يدخل في معناه
ـ[خلوصي]ــــــــ[22 Dec 2008, 08:54 ص]ـ
للأستاذ النورسي كلمات دقيقة جدا في هذا الأمر .. أرجو مراجعتها
و لو أسعفني الوقت للبحث عنها جئت إليكم بها ملونة فنية الإخراج كما يليق بأنظاركم الكريمة .. !(/)
وقفات مع قصة طالوت وجالوت في القرآن الكريم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 04:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلني هذا الموضوع عبر البريدي الالكتروني. وهو للأخ الكريم طارق مصطفى حميدة - من رام الله بفلسطين.
** ** **
وقفات مع قصة طالوت وجالوت في القرآن الكريم
كثيراً ما تبتلى الأمم والشعوب بالهزائم وترك الديار وخسارة الأوطان والتشتت ومفارقة الأهل والولد والأحبة، ولا ريب في أن تلك الهزائم والنكبات لا تأتي من فراغ وإنما من خلال الأمراض الاجتماعية التي تعشش في النفوس والتي أوجدت القابلية للهزيمة مصداقاً لقوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "، وفي القرآن الكريم لقطة خاطفة عن مجتمع لديه الأسباب المادية للنصر وكان بإمكانه أن يصمد أمام الغزاة ولكن النفسية الخائرة المهزومة لأبنائه جعلته يترك دياره للغاصبين لقمة سائغة فاستحق الموت المعنوي والحقيقي في البلاد التي هاجر إليها عقوبة من الله على سوء فعلته، يقول سبحانه " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " نلاحظ الاستهجان والاستغراب في فعلتهم من السؤال الإنكاري في قوله تعالى " ألم تر؟ " ..
والغرابة من وجوه:
أولها: أنهم خرجوا بإرادتهم واختيارهم ودون إجبار أو إكراه.
وثانيها: أنهم خرجوا من ديارهم والأصل أن الديار والأوطان غالية عزيزة لا يغادرها أهلها بهذه السهولة، ثم هم في ديارهم متحصنون بها أمام الغزاة ويعرفون مداخلها ومخارجها وأزقتها، بينما عدوهم الذي يحذرون هجومه جاهل بكل ذلك، ثم هم يخرجون من ديارهم الفسيحة المريحة التي لا يزاحمهم فيها أحد ولا يزاحمون فيها أحدا، يعيشون فيها بكرامتهم. ولكنهم يتركونها إلى ديار مجهولة لا يعرفون ما ينتظرهم فيها وربما يضطرون إلى أن تجتمع عدة أسر في بيت واحد أو خيمة واحدة أو مغارة أو تحت السماء، ثم هم يزاحمون أهل الديار الجديدة في أرزاقهم فيصبحون محل نقمتهم واحتقارهم.
وثالثها: أنهم خرجوا وهم ألوف فلو كانوا عشرات أو مئات لكان لهم بعض العذر ولكنهم آلاف لا بل ألوف وهي جمع كثرة حيث غادروا ديارهم وهم بعشرات الألوف أو بمئاتها. ومهما كان تعداد الجيوش الغازية فإنها تضيع في خضم أهل الديار فكيف يهربون وهم بهذا العدد الهائل؟؟
والرابعة: أنهم يخرجون حذر الموت فلم يكن خطر الموت والقتل ماثلاً أو واقعاً بهم ولا حتى متوقعاً بل هو الحذر والاحتياط من خطر قد يحل بهم، فما بالهم يغلبّون الاحتمال الضعيف ويتجاهلون الاحتمال القوي وهو النصر ورد الغزاة خائبين إن هم واجهوهم؟!
إن مجتمعاً تنحط فيه النفسيات والتفكير إلى هذا الحضيض لا يستحق الحياة ولا الكرامة ولا العزة ولذلك كانت العقوبة أن يموتوا، لقد هربوا من الموت فلاقاهم، ولو طلبوه لوهبهم الله الحياة، هذا الموت قد يشمل الكوارث الطبيعية ومذابح أهل البلاد المضيفة وملاحقة الغزاة الغاصبين في البلاد الجديدة التي هاجروا إليها، ويشمل الموت المعنوي بالذلة والاحتقار والاستهانة والاستهزاء بهم حيثما حلوا أو ارتحلوا جزاءاً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد. ولكن رحمة الله واسعة وفضله عظيم فهو سبحانه يعيدهم إلى رشدهم، ويهديهم سبيل النصر والعودة، ويدلهم إلى طريق الحياة .. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة فهذه الشعوب تكون مبتلاة بقيادات وزعامات تقودها إلى الضلال والهزائم والنكبات وتستمر في الزعامة على الرغم مما سببته من هزائم، وفي أجواء الهزيمة تنشأ قيادات أخرى تستفيد من الوضع الجديد، ويرعاها العدو المنتصر ويمكن لها أسباب القبول لدى أبناء شعبها.
ثلاثة مطالب:
وفي سورة البقرة وبعد آيات قلائل من الآية التي تتحدث عن مشهد الخروج نرى نموذجاً لزعامات نشأت وقادت وتزعمت في الظلام وفي غفلة من الشعب حتى كان ذات يوم جاء نفر من هؤلاء القادة إلى نبي لهم يتقدمون بطلبات ثلاثة: قال تعالى: "ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وابنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ".
(يُتْبَعُ)
(/)
في هذه الآية يأتي الملأ _ وهم القيادات والأشراف _وسموا بالملأ لأنهم يملأون عيون الناس لمكانتهم ومالهم _ يأتي هؤلاء إلى النبي طالبين منه أن يعين لهم ملكاً يجمع شملهم ويوحد شتاتهم ذلك لأن الشعوب المهزومة يكون لها قيادات كثيرة.
والطلب الثاني أن يقودهم هذا الملك للقتال، وحددوا نوع القتال في طلبهم الثالث بأنه في" سبيل الله".
وجه الغرابة:
والحق أن صدور هذه المطالب الثلاثة من مثل هذه الزعامات أمر مستغرب بل مستهجن ويدعو إلى الشك والريبة، فلقد عهد الناس في زعماء الهزيمة انهم لا يحبون الوحدة لأنها تكلفهم التنازل عن كراسيهم .. ولا يحبون القتال لأنه يكلفهم حياتهم وبالتالي فهم دعاة الصلح والسلام، وأبغض شئ لديهم رفع راية " في سبيل الله " ولذلك فهم يفضلون عليها كل الرايات الوضيعة من شرقية وغربية .. إضافة إلى أنهم يريدون أن يكونوا أصناماً معبودة لا أناساً عاديين. وهنا يثور التساؤل مرة أخرى: لماذا توجهوا إلى النبي يطلبون هذه المطالب وهم كاذبون؟! بدليل انهم بمجرد أن كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم، وبمجرد أن عين طالوت ملكاً عليهم وقائداً عاماً للجيش رفضوا إمرته واعترضوا عليه مما يعني أن يرفضون الوحدة التي جاءوا يطالبون بها، وكذلك فإن رفضهم لطالوت الذي اختاره الله واصطفاه عليهم يدل على أنهم غير صادقين في رفعهم راية " في سبيل الله " وقد بين لهم نبيهم ذلك "إن الله قد بعث لكم طالوت " فهو اختيار الله، فما حقيقة الأمر يا ترى؟
الوحدة:
إن الشعوب لا تظل مستغفلة عمياء أبد الدهر ولكنها تصحو من نومها وتفيق من سباتها وتدرك أن سببا رئيسياً من أسباب الهزيمة هو التفرق والتمزق ولذلك تسعى للوحدة، ولكن هذه الشعوب تحس بأن القيادات المتسلطة هي سبب تفرقها فتتمنى الجماهير لو تزيلهم أو يتحدوا، وها هنا يخشى الزعماء على أنفسهم فيجتمعون ويشكلون هياكل ومنظمات وحدوية هشة ليضحكوا بها على ذقون الشعوب وتكون بمثابة " اللهاية" التي تسكتهم عن المطالبة بالوحدة الحقيقية .. ولدينا العديد من الأمثلة والنماذج كالجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. …وربما سارع هؤلاء الزعماء أنفسهم إلى تقويض الوحدة الهشة التي صنعوها بأيديهم كي تيأس الجماهير ولا تعود تطالب بالوحدة، ثم تسري في الناس مقالة " اتفق العرب على ألا يتفقوا".
لماذا القتال؟
هذا عن الوحدة ولماذا يطالبون بها .. فلماذا يا ترى يطالبون بالقتال؟؟ إن الشعوب التي بدأت تفيق وتصحو من سباتها تدرك أن هزيمتها كانت لأنها لم تدخل معارك حقيقية أو أنها حاربت بدون تخطيط واستكمال للعدة، ونتيجة لتآمر زعمائها عليها، وبالتالي فالقيادات تطالب بأن تخوض ميدان الوغى مدفوعة بحماس الجماهير حتى لا تتهم بالجبن والخيانة، وربما كانوا يظنون بأن القتال لن يحصل فلا بأس من المزايدة. أو فليخوضوا الحروب ليكبروا في أعين الناس لأن الذي يقاتل يكسب احترامهم وثقتهم وتصبح له مكانة في قلوبهم .. مع أن هذه القيادات لم تشترك فعلياً في القتال بل زجوا الشعوب بها، وبالتالي تظل القيادات على كراسيها.
وهم حين يخوضون الحروب فإنهم يخوضونها دون إعداد ولا تخطيط، بل هم يتآمرون على مزيد من بيع الأوطان وجعل جنودهم وجيوشهم بين قتيل وأسير وجريح أمام الأعداء الذين يتسلمون اغلب الأسلحة والمعدات غنيمة باردة، وتتحطم معنويات الشعوب وتصاب باليأس والإحباط فيقنعها الزعماء عن طريق وسائل إعلامهم بأن لا طاقة لهم بقتال الأعداء حتى يجدوا سبيلاً للتفاوض والاستسلام.
وبرغم ذلك فإن الشعوب لا تموت _ وبخاصة إذا كانت مؤمنة _ وبالتالي فهي لا تتوقف عن المطالبة بقتال الغاصبين، وهنا يخوض الحكام بالشعوب المتحمسة المعبأة حروباً جديدة، يحققون فيها انتصارات تكتيكية صغيرة ليكبروا في أعين الجماهير وتكون هذه الانتصارات الوهمية جسراً ومعبراً لمفاوضة الأعداء ووقف القتال وإسكات الجماهير عن المطالبة بكامل الحقوق المسلوبة والأوطان المضيعة … وينادي واحدهم فيقول انه بطل العبور .. وهو اليوم أيضاً بطل السلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد خاض بنا زعماؤنا معارك 48 و 67، كي تزرع اليأس في النفوس وتتحطم معنويات الشعوب، ولكن إيمان هذه الأمة لا يزال يدفعها إلى ميدان الوغى دفعاً، فاضطر الحكام إلى خوض مسرحية 73، وحققوا فيها نصراً تافهاً للتنفيس عن الغيظ المكبوت والجمر المتقد في النفوس والقلوب ليعبروا من هذا النصر التكتيكي الصغير إلى التفاوض مع الغاصب والتنازل له عما اغتصبه .. وإلا فهل يمكن مقارنة معركة الكرامة ونصر 73 بهزيمة 48 و 67؟؟
التستر بالدين .. ورفع راية " في سبيل الله "
وتدرك الشعوب من جملة ما تدرك وهي تصحو من سباتها أن أهم أسباب هزائمها المتلاحقة هو بعدها عن منهج الله .. حيث أنها قد جربت كل الرايات الوضعية فلم تحصد إلا الهزائم وانكبات … وتتذكر زماناً رفعت فيه راية الإسلام فسادت وملكت وحققت اعظم الانتصارات … كل هذا وغيره تسمعه الجماهير من القيادات المؤمنة والدعاة إلى الله فتستجيب لهم وتبدأ بهجر الرايات الأرضية والقادة الذين يدعون إليها … وهنا يخشى الزعماء وقادة الهزيمة أن تتركهم الشعوب وتسير خلف القيادات المؤمنة الصادقة … فيلجأوا إلى التستر بالدين، وربما خاضوا حربهم في رمضان، وربما اظهروا التودد للعلماء وزاروهم في بيوتهم كما حدث مع "الملأ " إذ أتوا إلى النبي، ربما وضع المناضلون على رأس مجلسهم "جبة وعمامة"، وربما تسموا باسم مقتبس من القرآن، كل ذلك حتى ينخدع الشعب بهم ويظن انهم على الإيمان فلا ينبذهم ويتبع القيادات المؤمنة.
إن التاريخ يذكر انه خلال ثورة ال 36 اجتمعت وتوحدت عدة أحزاب وتنظيمات وأظهرت تأييدها للثورة ثم كان لها دور، بالتنسيق مع بعض العرب والغربيين في احتوائها وتحويل مسارها وإيقاف الإضراب العام بعد ستة أشهر.
عِبَرْ طالوتية:
ونعود إلى قصة طالوت نستلهم منها مزيداً من العبر والدروس .. فالمتوقع انه بمجرد أن نكص الزعماء عن القتال أن يتولى معهم جنودهم وأنصارهم، وحتى الذين لم يتولوا فليسوا جميعاً صادقين حيث انهم اعترضوا على قيادة طالوت قائلين " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالمُلك منه ولم يؤت سعة من المال " … وهنا يظهر هدفهم سافراً واضحاً وهو أن يكون القائد الأعلى واحداً منهم ويكون الكيان الوحدوي هشاً … ويظل كل واحد منهم على كرسيه ويبقى التمزق على حاله … انهم يرفضون زعامة طالوت لأنهم _ في تصورهم _ أحق بالملك منه
…فهم الذين ورثوا الزعامة كابراً عن كابر … وهم أصحاب الغنى والثراء … وهم الذين شاركوا في الحروب السابقة وبالتالي هم الممثلون الشرعيون للشعب.
لقد ذهب زعماء القوم إلي النبي ليفوتوا الفرصة على طالوت وأمثاله من القيادات المؤمنة الصاعدة وحرصوا على أن يكون التعيين صادراً من القيادة الروحية_ النبي _ ولكن النبي الفطين الحكيم المؤيد بوحي الله، يعيّن القائد الذي لا يصلح سواه لهذه المرحلة وليس ذلك فحسب بل انه قبل ذلك يكشفهم أمام جماهيرهم حين يعلمهم بان الله قد فرض عليهم القتال فيكون منهم النكوص.
ويشاء الله تعالى أن يجعل لطالوت كرامة يزيد فيها من رصيده في القلوب وقبوله في النفوس وليطوع له الرقاب، فتكون آية ملكه وعلامة اصطفاء الله إياه أن يأتي التابوت إلى قومه بني إسرائيل تحمله الملائكة _ وهو صندوق فيه بعض آثار لما تركه آل موسى وآل هارون يبدو أن بني إسرائيل فقدوه في إحدى معاركهم التي هزموا فيها.
وكأن رب العزة يجعل في هذا الزمان آيات وكرامات للناس في ارض الإسراء لتكون دليلاً وآية على ملك الفئة المؤمنة واصطفائها لقيادة المسيرة الجهادية، ومن اظهر هذه الآيات ما يحققه تعالى على أيدي الصادقين من إثخان في العدو، إضافة إلى استمرارهم في الجهاد وتوقف غيرهم .. فإن ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل.
اختبار وتمحيص:
ويدرك طالوت أن في جيشه من التحق به خجلاً أو بدون إيمان واقتناع، وان فيهم المنافقين ومرضى القلوب وضعاف النفوس الذين إذا كانوا في الجيش زادوهم خبالاً … فكان لا مناص من استثنائهم … ويقف طالوت خطيباً بالجند فيعلمهم أن الله مختبرهم بنهر فمن شرب منه فليس من طالوت وليفارق الجيش وأما من يصبر ولم يشرب أو شرب غرفة بيده فهو فقط الذي يسمح له بالاستمرار.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من لا يصبر على الماء لا يرجى منه أن يصبر إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق … والذي لا يطيع قائده في الأمر الصغير فلن يطيعه في الأمر الكبير … ومن هنا تلجأ الحركات الجهادية إلى طلب بعض التكليفات للجماهير أمراً أو نهياً لقياس مدى استجابة الجماهير لها ولقياس طاقة وإمكانيات وقدرات تحمل الشعب في الخطوات القادمة كما في الإضرابات وأيام المواجهة والصيام وغيره …
وتحكي الآيات نكوص أكثرية الجند وقعودهم إذ شربوا من النهر … ولا يبقى مع طالوت إلا اقل القليل وينظرون إلى أنفسهم فيستصغرونها أمام جحافل جالوت بعددهم وعُددهم ويقولون " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " … فلو تأخر القتال كي نزيد عددنا وعتادنا، فيرد عليهم الذين يظنون انهم ملاقو الله " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " فيذكرونهم بالقانون الرباني بأن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد، وإذا أذن الله لفئة بالنصر فإنها تغلب الفئة الكثيرة والله مع الصابرين … إن موازين الدنيا كلها ليست هي التي تحدد المنتصر من المنهزم، ولكن مشيئة الله هي التي تقرر ذلك وبالتالي فلا نصر لمن لم يرد الله نصره ولو كان معه كل القوى العظمى في العالم، ولا هزيمة لمن أراد الله نصره ولو اجتمعت ضده كل القوى الباغية.
وحين يلتقي الجيشان يتوجه المؤمنون إلى الله أن يفرغ عليهم صبراً ويثبت أقدامهم وينصرهم " على القوم الكافرين " فهم لم ينسوا حتى في اشد حالات الهول أنهم يقاتلون لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار هي السفلى .. إن القضية إذاً ليست إزالة كافر أجنبي عن حكم الأوطان ثم استبداله بكافر وطني … وإنما إزالة نظام الكفر وظلمه ليحكم شرع الله وعدله.
وحين تكون الراية واضحة يستحق الجنود النصر وتحق على أعدائهم الهزيمة بمشيئة الله " فهزموهم بإذن الله " … إنه ما إن يدخل الإيمان ساحة الصراع مع الكفر حتى تحل بالكفر وأهله الهزيمة الماحقة سواء كان ذلك الصراع في حلبة القتال والنزال أو في ميدان العقل والفكر " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " .. ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتى الله داود
الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى القيادة والنصر … وهو الأمر الذي أخفقنا فيه حتى الآن
بينما نجح فيه الأعداء.
ويأتي التعقيب القرآني " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين " فلولا انه سبحانه يدفع الكافرين بالمؤمنين ويسلطهم عليهم لتمادي الكفار في غيهم وفسادهم … وإذن فلا خوف على العباد والبلاد من مدافعة الكافرين وقتالهم، وإنما الخوف من ترك الكافرين يعيثون فساداً.
... *** ...
جزى الله الكاتب خيراً على هذه الفوائد، ونسأل الله أن يمكن لدينه وجنده في أرض الإسراء قريباً بعزته وتمكينه وفضله.
ـ[سيف الإسلام]ــــــــ[20 Aug 2004, 07:00 ص]ـ
جزانا وجزاكم الله خيراً
اللهم فك أسرنا المسلمين في كل مكان.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[20 Aug 2004, 04:33 م]ـ
إن أهم مايلفت النظر في هذه القصة
هو داود
فانه بدون مقدمات؟؟؟؟ يصبح ملكا"
لم يبلغ عنه نبيهم؟؟؟ الذي بلغ عن ملك طالوت
لم يأت بمعجزة سماوية كمعجزة التابوت؟؟؟؟
ولا معجزة ماء النهر؟؟؟؟
فجأة وبدون مقدمات؟؟؟؟ يظهر هذا الفتى (داود) ويقتل جالوت
فيؤتيه الله الملك؟؟؟؟
أين الملك طالوت؟؟؟؟؟ المؤيد بالمعجزات؟؟؟؟
ولماذا استبدل بهذا الفتى؟؟؟ (داود)
تساؤلات محيرة؟؟؟
لكن الجواب بسيط؟؟
لقد كان داود فتى مؤمنا إيمانا قويا ولديه الجرأة في القتال حبا"للشهادة
فاختار قتال جالوت شخصيا" فقتل جالوت وانهار جيش البغي
فكانت مكافأة الله له أن يؤتيه الملك والنبوة ويؤثره على غيره من الناس ومنهم (طالوت)
تساؤل أخير: إذا كان فينا الكثير مثل هذا الفتى؟؟؟؟
من هو الشخص الذي يشبه جالوت ليقتله؟؟؟
هل هو حب الدنيا وكراهة الموت كما ذكر سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أم شخص؟؟؟ أوأشخاص آخرين
لست أدري؟؟؟؟
ـ[المنهوم]ــــــــ[20 Aug 2004, 06:27 م]ـ
نفع الله بك يا أخ / طارق من فلسطين
وبارك الله فيك
ونصرك وإخوانك على عدوكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2004, 03:15 م]ـ
كتب الأخ طارق حميدة:
السلام عليكم ورحمة الله
تعليق على مقال طالوت وجالوت.
معذرة لعدم تمكني من إدخال الرد بسبب قلة خبرتي في الإنترنت
بخصوص تساؤلات الأخ سليمان داود
أما أن داود عليه السلام أصبح ملكا نبيا بدون مقدمات،فالتعبير في رأيي غير مناسب، وقد جاء في المقال من وحي الآيات. ويبرز من بين المجاهدين جندي شاب يقتل قائد الأعداء _ جالوت_ فتتضاعف هزيمة الأعداء وتتأكد ويؤتي الله داود" الملك … ذلك أنه لا يصلح للملك والقيادة إلا من كان جندياً ممتازاً … وإذا أراد الله لعبد التمكين هيأ له أسبابه وجعل له من الآيات والكرامات ما يرسخ مكانته في القلوب ليكون هذا الحدث جسراً ربانياً يعبر به داود لقيادة شعبه .. إن الاثخان في الأعداء، وزعاماتهم بالذات هو السبيل إلى "القيادة والنصر.
ثم إن الأسلوب القرآني في القصص لا يركز على كل التفاصيل بل على موضع العبرة، ولذلك لم تركز الآيات على معجزة لداود أو شهادة له من النبي السابق، وهل استلم الملك مباشرة أم بعد سنوات من ملك طالوت،كل ذلك لو علم الله فيه لنا نفعا لذكره، ولكنه سبحانه أورد لنا ما فيه الكفاية،ولا داعي لطلب تفاصيل أخرى قد تدفعنا إلى الأخذ بالإسرائيليات، ويظهر أن دور طالوت كان التمهيد لدور داود عليهما السلام، الأول يحقق النصر والثاني
يقيم الملك والخلافة.
أما حديث الأخ سليمان عما أسماه معجزة ماء النهر، فليس ثم معجزة كما أفهم الآيات، ولا عبرة بما تحفل به كتب التفسير مما لا دليل عليه.
أخوكم: طارق حميدة
tariq_hamida@hotmail.com
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 May 2010, 05:32 م]ـ
لديَّ محاضرة بعنوان (وقفات مع قصة طالوت في سورة البقرة) بعد أسبوع، فليتكم أيها الفضلاء تفيدونني بما تعرفونه مما يفيد في مثل هذه المحاضرة من المراجع أو المقالات هنا، أو على بريدي الإلكتروني الذي يظهر في توقيعي جزاكم الله خيراً.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[05 May 2010, 06:13 م]ـ
من كتابي: الاردن في الكتاب والسنة
نهر الاردن نهر الابتلاء
قال اكثر اهل العلم، ان نهر الاردن هو النهر ذاته الذي اجتازه طالوت وأمر جنوده بعدم الشرب منه اختبارا لهم. وامتحانا لهم على التزام الطاعة والصبر
قال الله تعالى:
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ. ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)).
قيل: إن طالوت قال:"إن الله مبتليكم بنهر"، لأنهم شكوا إلى طالوت قلة المياه بينهم وبين عدوهم، وسألوه أن يدعو الله لهم أن يجري بينهم وبين عدوهم نهرا، فقال لهم طالوت حينئذ ما أخبر عنه أنه قاله من قوله:"إن الله مبتليكم بنهر".
هو طالوت بن قيس من ذرية بنيامين بن يعقوب شقيق يوسف عليه السلام يقال إنه كان سقاء ويقال إنه كان دباغا. وقد ذكر الله قصة طالوت وجالوت في القرآن في سورة البقرة وذكر أهل العلم في الأخبار أن المراد بالنهر نهر الأردن وأن جالوت كان رأس الجبارين وأن طالوت وعد من قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويقاسمه الملك فقتله داود فوفى له طالوت وعظم قدر داود في بني إسرائيل. ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn2))
وعن ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه قال: لما فصل طالوت بالجنود قالوا: إن المياه لا تحملنا، فادع الله لنا يجري لنا نهرا! فقال لهم طالوت:"إن الله مبتليكم بنهر" الآية.
"والنهر" الذي أخبرهم طالوت أن الله مبتليهم به، قيل: هو نهر بين الأردن وفلسطين.
ذكر من قال ذلك:
عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال الربيع: ذكر لنا، والله أعلم، أنه نهر بين الأردن وفلسطين.
- عن يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:" إن الله مبتليكم بنهر"، قال: ذكر لنا أنه نهر بين الأردن وفلسطين.
- عن عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال: هو نهر بين الأردن وفلسطين.
عن ابن جريج، عن ابن عباس قال: فلما فصل طالوت بالجنود غازيا إلى جالوت، قال طالوت لبني إسرائيل:"إن الله مبتليكم بنهر"، قال: نهر بين فلسطين والأردن، نهر عذب الماء طيبه. ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn3))
يقول تعالى مخبرا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذ فيما ذكره السدي ثمانين ألفا فالله أعلم أنه قال {إن الله مبتليكم} أي مختبركم بنهر قال ابن عباس وغيره: وهو نهر بين الأردن وفلسطين يعني نهر الشريعة المشهور. ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn4))
[1] (http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref1) - سورة البقرة آية (249)
[2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref2)- فتح الباري ج7 ص292
[3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref3) - جامع البيان للطبري/ ج5/ ص 340
[4] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftnref4) - تفسير القرآن العظيم ج1 /ص406.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[06 May 2010, 12:34 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
إليك شيخنا الكريم هذا المقال وجدته في موقع مركز نون للدراسات القرآنية بعنوان طالوت: جاء في الآية 247 من سورة البقرة: " وقال لهم نبيهم إنّ الله قد بعث لكم طالوتَ مَلِكاً قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحقُّ بالملك منه ولم يؤت سعةً من المال، قال إنّ اللهً إصطفاه عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم .... ".ورد في العهد القديم، في سفر صموئيل، قصة مطولة قد تصلح لإلقاء الضوء على ما لم تُصرّح به الآيات الكريمة المتعلقة بطالوت، الذي قاد بني إسرائيل في مواجهة أعدائهم، واستطاع أن يهزم جيش جُليات الفلسطيني، وفق عبارة العهد القديم، وتمّ لهم استرجاع تابوت العهد وإقامة نظام ملكي بعد أن كانوا قبائل متفرقة يحكم كل قبيلة منهم قاض. وقد جاء ترتيب سفر صموئيل في العهد القديم بعد سفر القضاة. قي المقابل ينبغي الحذر عندما ننظر في العهد القديم، وذلك لما خالط الحقيقة من أوهام ومزاعم وأساطير، وحتى لا نقع فيما وقع فيه بعض أهل التفسير من القدماء، من التوسع عند الأخذ من الإسرائيليات من غير تمحيص. لم يُصرّح القرآن الكريم باسم النبي الذي لجأ إليه بنو إسرائيل يطلبون ملكاً يوحد كلمتهم ويقودهم في صراعهم مع أعدائهم من أهل البلاد الأصليين. أما العهد القديم فقد صرّح بأنه يُدعى صُموئيل. وفي الوقت الذي يُصرح فيه القرآن الكريم باسم الملك المختار: " إن الله قد بعث لكم طالوت .. "، نجد أنّ العهد القديم يسميه شاؤل. وهذا، كما هو واضح، تباين كبير في الاسم. أما قائد الأعداء فقد صرّح القرآن الكريم بأنّ اسمه جالوت، وهذا قريب من الاسم جوليات الوارد في سفر صموئيل. لقد أصبح مبتوتاً عند علماء التاريخ والآثار بأنّ العهد القديم لا يصلح كمستند تاريخي؛ لكثرة ما ورد فيه من أخطاء تاريخيّة تتعلق بالأماكن والأشخاص والأزمان والأحداث. ونحن هنا لسنا في مقام إقامة الحجة على صدقيّة القرآن الكريم، وإنما في مقام تنبيه المؤمنين إلى بعض أسرار العبارة القرآنية. أليس من اللافت أن يكون اسم الملك الذي نُصِّب ليقود بني إسرائيل هو (طالوت)، وأن يكون اسم قائد الأعداء من الفلسطينيين القدماء هو (جالوت)!؟ يلاحظ أنّ الإسمين ينتميان إلى لغة واحدة، بل يتماثلان في الحروف إلا الحرف الأول. وواضح أنّ كل اسم منهما يتكون من مقطعين المقطع الثاني مشترك بينهما، وهو الواو مع التاء أي: (طال + وت) (جال+ وت). فماذا يمكن أن يعني هذا التماثل!؟ تشير التقديرات التاريخية إلى أنّ بني إسرائيل أقاموا في فلسطين ما يُقارب القرنين من الزمان وهم قبائل يحكمها القضاة وتعيش مع السُكّان الأصليين من الفلسطينيين القدماء. وغني عن البيان أنّ علاقتهم مع السكان الأصليين كانت تتراوح بين السلم والحرب، مما يعني أن يتم التأثر والتأثير المتبادل، وهذا من بدهيات الاجتماع البشري. والظاهر أنّ الاسم (طالوت) كان اسماً فلسطينياً، وهذا يشير إلى تأثر الإسرائيليين بالفلسطينيين حتى على مستوى الأسماء، مما يدلل على التفوق الحضاري للفلسطينيين القدماء، وهو أمر متوقع، لأنّ الإسرائيليين كانوا يعيشون المرحلة القبليّة بعد التيه الذي امتد أربعين سنة بعد خروجهم من مصر. وهناك من يرى أنّ الأقليات الخائفة قد تعمد إلى أن تتسمى بأسماء الأكثرية المسيطرة كنوع من الحماية وإخفاء الهوية. وقد يعزز مثل هذا القول ما ورد في الآية 246 من سورة البقرة على لسان الإسرائيليين: " وما لنا ألا نقاتلَ في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأبنائنا ... "، ومثل هذه الحالة من الضعف هي التي دعت بني إسرائيل إلى أن يطلبوا من نبيٍّ لهم أن يدعو الله تعالى أن يبعث ملكاً يجمع كلمتهم، كما أشارت الآيات الكريمة من سورة البقرة. تُزاد الواو والتاء في اللغة العربية للمبالغة في الصفة، مثل: الجبروت، الملكوت، الطاغوت ... وهذا يقوي احتمال أن يكون اسم (طالوت) مبالغة في صفة إيجابية اتصف بها مما جعله مؤهلاً فيما بعد لأن يملك ويقود. وهذا يفتح الباب لاحتمال أن تكون صفته هذه قد طغت على اسمه الأصلي فسمي بها، وهذا كثير في أسماء القدماء. ولا شك أنّ العبرة في الأسماء لما شاع وتمّ تداوله. أمّا ما يطلقه الأهل من أسماء فلا وزن لها إن هي توارت واندثرت. فأي الأسماء هو الأحق أن يُطلق على البطل المسلم فاتح الأرض المقدسة، يوسف بن أيوب أم صلاح الدين الأيوبي!؟ قد يكون المدخل لفهم سر هذا الاسم هو ما ورد في الآية 247 من سورة البقرة:" قال إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ... "، فقد كان ذا طَوْل في العلم والجسم. وما قيل في طالوت يُقال في جالوت، مع اختلاف في الصفة التي استحق ذلك الجبّار أن يوصف بها؛ فقد كان صاحب صولات وجولات في أرض المعركة، إلى درجة أن يقول الإسرائيليون عند اللقاء:" لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، فقد قدّموا جالوت في الذكر على جنوده، بل كأنه في نظرهم نصف الجيش.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هاني درغام]ــــــــ[06 May 2010, 01:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا وبارك لكم
من أفضل ما قرأت في قصة طالوت وجالوت ما كتبه دكتور صلاح الخالدي حفظه الله في كتابه القيم (مع قصص السابقين في القرآن)(/)
فاضل السامرائي
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[20 Aug 2004, 12:07 ص]ـ
ما رأي الأخوة في كتب ومقالات الأستاذ فاضل السامرائي؟
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:18 م]ـ
اعجاز القرآن هو اعجاز بلاغة وبيان , وكل التقدير والاحترام للاستاذ الدكتور فاضل السامرائي , وله برنامج ممتع لمسات بيانية على قناة الشارقة الفضائية انصح الاخوة بمشاهدته , كما اوجه كل التقدير والاحترام للدكتور الفاضل ابو عائشة , فابحاثه على هذه الشبكة المحترمة , في غاية الدقة والعمق , وكل التقدير والاحترام للقائمين على هذه الشبكة المحترمة(/)
ارجو الافادة ......... افادكم الله
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[20 Aug 2004, 07:30 ص]ـ
ارجو الافادة ......... افادكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو الافادة
سالني البعض عن الجمع بين آيتي"اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا كل ءاية يعرضوا"
وآية"وما منعننا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وجزاكم الله خيرا
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[20 Aug 2004, 10:23 ص]ـ
الا من مجيب
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[20 Aug 2004, 06:18 م]ـ
اي اخواني
انا اسأل عن معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-هل يطلق عليها آيات
وان كان ... فكيف مع ان الله-عز وجل -قال" وما منعنا ان نرسل الايات الا ان كذب بها الاولون"
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[21 Aug 2004, 02:31 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
أخي الكريم الأزهري المصري
المراد بالآيات في سورة (سبحان) الآيات التي اقترحها أهل مكة، كطلبهم تحويل الصفا ذهبًا، وتنحّي الجبال عنهم.
ولفظ (الآية) هو الوارد في القرآن العظيم، وبعض الناس يسميها المعجزة.(/)
تطويع الأساليب البلاغية لخدمة المعتقد في توجيه الآيات القرآنية
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[20 Aug 2004, 01:55 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .. أما بعد،
فإن أهل السنة والجماعة يتلقون عقيدتهم ويقررونها من نصوص الوحيين، معظمين لها، ومسلمين بها تسليماً مطلقاً، لا يعرضون عن شيء منها، ولا يعارضونها بشيء، فلم يكونوا يتلقون النصوص الشرعية ومعهم مقررات وأصول عقلية سابقة يحاكمون النصوص إليها، ملتزمين بقول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ... ) الآية [الحجرات:1]، وإنما هم يجعلون الكتاب والسنة وما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ميزاناً توزن به الأقوال والأفعال والاعتقادات والمذاهب والفرق، ولذا جاءت توجيهاتهم للنصوص موافقة لمراد الشرع، كما أنها موافقة لأساليب العرب في كلامها.
أما المبتدعة فإنهم وضعوا أصولاً عقلية، ثم نظروا في النصوص الشرعية، فما وافق تلك الأصول أخذوا به، وما خالفها أوّلوه أو ردوه بأية حجة، ولقد وجدوا في الأساليب البلاغية ما ظنوا أنه يخدمهم وينفعهم، فحاول هؤلاء قسر هذه الأساليب البلاغية وتطويعها لتصحيح الأصول العقدية، والرد على المخالفين، سواء كان ذلك ابتداءً استدلالاً لصحة المذهب، أو تخلصاً من الشبهات والإيرادات عليه، حيث كان منها ورود بعض النصوص من القرآن والسنة تخالف ما ذهبوا إليه من آراء ومعتقدات، فاستعانوا ببعض الأساليب كالمجاز لتأويل هذه الظواهر وتطويعها قسراً لمذاهبهم، كما قال المرتضى الرافضي في أماليه [غرر الفوائد:2/ 399]: (إن القرآن قد ورد بما لا يجوز على الله تعالى من الحركة والانتقال، كقوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) [الفجر:22]، وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) [البقرة:210]، ولا بد مع وضوح الأدلة على أن الله تعالى ليس بجسم، واستحالة الانتقال عليه، الذي لا يجوز إلا على الأجسام؛ من تأول هذه الظواهر، والعدول عما يقتضيه صريح ألفاظها، قرب التأويل أو بعد)، وقال القاضي عبد الجبار المعتزلي [المغني:16/ 395] بعد أن قرر أن القرآن لا تعلم صحة دلالته على المعتقد إلا بعد العلم به –أي: بالمعتقد-: (وإذا وجب تقدم ما ذكرناه من المعرفة، ليصح أن يعرف أن كلامه تعالى حق ودلالة؛ فلا بد أن يعرض ما في كتاب الله من الآيات الواردة في العدل والتوحيد على ما تقدم له من العلم، فما وافقه حمله على ظاهره، وما خالف الظاهر حمله على المجاز، وإلا كان الفرع ناقضاً للأصل، ولا يمكن في كون كلامه تعالى دلالة سوى هذه الطريقة)، وقال يحيى العلوي [الطراز:401] بعد أن ذكر جملة من آيات الصفات ممثلاً بها على التخييل: (إلى غير ذلك من الآيات الموهمة بظاهرها للأعضاء والجوارح، فإذا قام البرهان العقلي على استحالة هذه الأعضاء على الله تعالى… فلا بد من تأويل هذه الظواهر على ما تكون موافقة للعقل، وإعطاء للبلاغة حقها لأن مخالفة العقل غير محتملة، وحمل الكلام على غير ظاهره محتمل، وتأويل المحتمل أحق من تأويل غير المحتمل، فلهذا وجب تأويلها)، وذكر ابن عميرة [التنبيهات/113] أن من معاني البلاغة: (تحقيق العقائد الإلهية)، وقال الشريف الجرجاني الماتريدي [شرح المواقف8/ 114] بعد أن ناقش مسألة من مسائل الصفات: (ومن كان له رسوخ قدم في علم البيان حمل أكثر ما ذكر من الآيات والأحاديث المتشابهة على التمثيل والتصوير، وبعضها على الكناية، وبعضها على المجاز).
ولا أدل على هذا من صنيع ابن جني المعتزلي، حيث أفرد باباً في كتابه الخصائص [3/ 245]، وعنونه بقوله: (باب فيما يؤمنه علم العربية من المعتقدات الدينية)، وقال في فضله: (اعلم أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب، وأن الانتفاع به ليس إلى غاية، ولا وراءه من نهاية، وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة)، ثم قال: (وطريق ذلك أن هذه اللغة أكثرها جار على المجاز، وقلما يخرج الشيء منها على الحقيقة… فلما كانت كذلك، وكان القوم الذين خوطبوا بها أعرف الناس بسعة مذاهبها، وانتشار أنحائها؛ جرى خطابهم بها مجرى ما يألفونه ويعتادونه منها،
(يُتْبَعُ)
(/)
وفهموا أغراض المخاطِب لهم على حسب عرفهم وعادتهم في استعمالها)، ثم ذكر جملة من الآيات والأحاديث المشتملة على الصفات، وأعمل فيها المجاز، وقال الزمخشري المعتزلي في تفسيره [الكشاف4/ 138 - 139] عن الاستعارة التخييلية: (ولا ترى باباً في علم البيان أدق ولا أرق ولا ألطف من هذا الباب، ولا أنفع ولا أعون على تعاطي تأويل المشتبهات من كلام الله تعالى في القرآن وسائر الكتب السماوية وكلام الأنبياء)، وتبعه على ذلك جمع من البلاغيين، وقال الرازي [نهاية الإيجاز/291] بعد تعريفه للإيهام وهو التورية: (وأكثر المتشابهات من هذا الجنس)، ووافقه السكاكي المعتزلي [المفتاح/427]، والقزويني الأشعري [الإيضاح/501]، والصفدي الأشعري [فض الختام/162]، والسبكي الأشعري [عروس الأفراح/326]، والبابرتي الماتريدي [شرح التلخيص/629]، وقال الرعيني [طراز الحلة/453]: (وعلى هذا يحمل كل ما ظاهره التشبيه من آية أو حديث)، ولفضل التورية وبيان خطرها نقل زين الدين الرازي [روضة الفصاحة/118]، والرعيني [طراز الحلة/453] قول الزمخشري السابق في التخييل.
ولقد كان تفسير القرآن الكريم ميداناً فسيحاً لإعمال الأساليب البلاغية وتطبيقها على آي القرآن تطويعاً لخدمة المعتقد، قال ابن قتيبة [تأويل مختلف الحديث/46 و48] عن المعتزلة: (وفسروا القرآن بأعجب تفسير، يريدون أن يردوه إلى مذهبهم، ويحملوا التأويل على نحلهم… وأعجب من هذا التفسير تفسير الروافض للقرآن، وما يدعونه من علم الباطن)، وقال ابن تيمية [مقدمة التفسير: ضمن مجموع الفتاوى13/ 356] في سياق حديثه عن التفسير والمفسرين في: (الذين أخطؤوا في الدليل والمدلول -مثل طوائف من أهل البدع- اعتقدوا مذهباً يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط، الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها، وعمدوا إلى القرآن؛ فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه، ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم، وهذا كالمعتزلة مثلاً فإنهم من أعظم الناس كلاماً وجدالاً، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي كان يناظر الشافعي، ومثل كتاب أبي علي الجبائي، والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني، ولعلي بن عيسى الرماني، والكشاف لأبي القاسم الزمخشري).
ولعل أوضح من يمثل ذلك الزمخشري في تفسيره ”الكشاف“، حتى قال عنه البلقيني [عن الإتقان4/ 213]: (استخرجت من الكشاف اعتزالاً بالمناقيش…)، وقال ابن تيمية [مقدمة التفسير: ضمن مجموع الفتاوى13/ 358]: (ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً، ويدس البدع في كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله، وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك)، وقال ابن خلدون متحدثاً عن البلاغة [مقدمة ابن خلدون2/ 256، وانظر: 2/ 123]: (وأكثر تفاسير المتقدمين غفل عنه حتى ظهر جار الله الزمخشري، ووضع كتابه في التفسير، وتتبع آي القرآن بأحكام هذا الفن، بما يبدي البعض من إعجازه، فانفرد بهذا الفضل على جميع التفاسير، لولا أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلاغة). وانظر أيضاً إلى تفاسير الماتريدية كـ”تأويلات أهل السنة“ لأبي منصور الماتريدي، و”مدارك التنزيل“ للنسفي، وإلى تفاسير الأشاعرة كـ”مفاتيح الغيب“ للرازي، و”أنوار التنزيل“ للبيضاوي، و”إرشاد العقل السليم“ لأبي السعود، وغيرها من تفاسير المبتدعة، لتدرك كيف يطوع هؤلاء الأساليب البلاغية لخدمة مذاهبهم العقدية.
كما أن المؤلفات البلاغية لم تسلم من هذا المنهاج، حيث استشهد كثير من البلاغيين على بعض الأساليب البلاغية ببعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية، ووجهوها توجيهاً يخدم المذهب العقدي، خاصة أن كثيراً من البلاغيين ينتمون إلى مذاهب مبتدعة، بل إن منهم أئمة في مذاهبهم، وقد سبق ذكر بعض أقوالهم في هذا الشأن، وسيكون معهم وقفة خاصة مع ذكر الأمثلة على ذلك، نسأل الله الإعانة والتوفيق والسداد.
ولا ينبغي أن يذهب الوهم إلى أن البلاغة من علوم المبتدعة ولا ينبغي الإفادة منها في تفسير القرآن الكريم؛ بل هي علم أصيل من علوم اللغة العربية التي لا ينبغي للمتصدي لتفسير كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتعلمها؛ وما علم البلاغة إلا توصيف وبيان للسان العرب وأساليبهم ونظمهم، وكتاب الله تعالى نزل بهذا اللسان العربي، كما قال الله عز وجل: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) [يوسف: 2]. وإنما الكلام على تحميل الآيات القرآنية ما لا تحتمله من الأساليب البلاغية نصرة للمذهب العقدي.
رزقني الله وإياكم حسن الفهم والاتباع لكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
البَيَان في حكم التغنِّي بالقرآن - للدكتور بشار عواد معروف
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Aug 2004, 03:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البَيَان في حكم التغنِّي بالقرآن
«دراسة في ضرورة تحسين الصوت والتطريب بالقراءة»
للدكتور بشار عواد معروف
الأستاذ بكلية الآداب بجامعة بغداد
ورئيس جامعة صدام للعلوم الإسلامية
** ** **
الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله، ورضي عن صحابته أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالقرآن العظيم هو كتاب الله الدال عليه لمن أراد معرفته وطريقه الموصلة لسالكها إليه، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدخول فلا يُغلق إذا غُلِّقت الأبواب، وهو نور البصائر من عماها وشفاء الصدور من أدوائها وجواها، وحياة القلوب، ولذة النفوس، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، والمنادي بالمساء والصباح، يا أهل الفلاح حي على الفلاح.
وظل العلماء مع امتداد رقعة الإسلام وتوالي الأيام يسعون إلى استخراج كنوزه وإثارة دفائنه، وصرف العناية إليه والعكوف بالهمة عليه، يتلونه فيزيدهم إيمانًا وطمأنينة، لقد كانوا كما وصفهم الله تعالى في قوله: (إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
ومعلوم أن تزيين قراءة القرآن الكريم وتحسين الصوت بها، والتطريب عند القراءة وقع في النفوس، وأدعى إلا استمتاع والإصغاء إليه، ففيها تنفيذ للفظ القرآن إلى الأسماع، ومعانيه إلى القلوب، وذلك عون على المقصود، وهو بمنزلة الحلاوة التي تُجعل في الدواء لتنفيذه إلى موضع الداء، وبمنزلة الأفاوية والطيب الذي يجعل في الطعام، تكون الطبيعة أدعى له قبولاً.
وقد اختلف العلماء في قراءة القرآن بالألحان منذ القديم إلى يوم الناس هذا، فنص على كراهتها الإمامان أحمد بن حنبل ومالك بن أنس، ورويت هذه الكراهة عن أنس بن مالك -بسند ضعيف كما سيأتي- وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وتابعهم القرطبي وغيره.
وأجاز آخرون رفع الصوت في قراءة القرآن والجهر والتطريب والتغني به، لأنه أوقع في النفوس وأسمع في القلوب، وهم: أبوحنيفة وأصحابه، والشافعي، وعبدالله بن المبارك، والنضر بن شُمَيْل، وأبوجعفر الطبري، وأبوالحسن بن بَطّال، وأبوبكر بن العربي، وابن قيم الجوزية. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
وامتد هذا الخُلف حتى وصل إلى عصرنا هذا، فكتب فيه من كتب كارهًا مانعًا أو مجوزًا، فممن منعوه وتشددوا في المنع العلامة الشيخ محمد أبوزهرة وغيره، وممن جوزوه الشيخ رشيد رضا، والسيد لبيب السعيد، والدكتور أحمد عبدالمنعم البهي وغيرهم.
وإذا كان بعض الأقدمين قد كرهه استنادًا إلى فهمهم لبعض كلمات أو عبارات وردت في بعض الأحاديث، وخوفهم من أن بعض القراءات بالألحان قد تؤدي إلى همز ما ليس بمهموز، ومد ما ليس بممدود وترجيع الألف الواحد ألفات، والواو واوات، والياء ياءآت، فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن، فإن بعض المُحْدَثين -مما يؤسف عليه- ذهبوا إلى محاولة نفي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، واستدلوا بأحاديث ضعيفة وبنوا أحكامهم عليها، وهذه -كما هو معلوم- بَلية كبيرة نسأل الله سبحانه أن يجنبنا إياها، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن مثل هذه الأمور إنما تثبت أو تُنْفَى بالرجوع إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعرفة صحيحها من سقيمها، ودراسة الأحاديث والأدلة التي استند إليها الفريقان، فقد أمر الله في محكم كتابه العزيز بطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، وقرن طاعة رسوله بطاعته في العديد من الآيات الكريمة، كما ذكر هذه الطاعة مفردة في العديد من الآيات الكريمات أيضًا. فليس لمؤمن أن يختار شيئًا بعد أمره صلى الله عليه وسلم، بل إذا أمَرَ فأمره خَتْمٌ، وإنما الخِيَرَة في قول غيره إذا خَفِيَ أمرُه، وكان ذلك الغيرُ من أهل العلم به وبسنته، فبهذه الشروط -عندئذٍ- يكون قول غيره سائغ الاتباع لا واجب الاتباع، فلا يجب على أحد اتباع قول أحد سواه بل غايته أنّه يسوغُ له اتباعُه، ولو ترك الأخذ بقول غيره، لم يكن عاصيًا لله ورسوله.
ومما يؤسف عليه أن الأحاديث الضعيفة والموضوعة أصبحت تدور على ألسنة الكثرة الكاثرة من المدرسين الخطباء والوعاظ والمؤلفين، بل أن كثيرًا من كبار الفقهاء يبني أحكامه على أحاديث ضعيفة لا تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يتحرج برد أحاديث أخرجها البخاري ومسلم، وتزداد البلية حينما يتلقاها عنهم الناس -ثقة بهم وركونًا إليهم- فيعتدون بها أو بما يستفاد منها، فيؤدي كل ذلك إلى أضرار كبيرة في جوانب من الأمور الاعتقادية والعبادية والسلوكية والفكرية والاجتماعية، ويترك آثارًا سيئة وانحرافات خطيرة وتشويه لحقائق الإسلام ومقاصده النبيلة.
وهذه الفائدة الجليلة والحقيقة الناصعة نبه إليها الإمام مسلم بن الحجاج القشيري -رحمه الله- قبل مِئين من السنين، حينما قال في مقدمة صحيحه: «فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثًا فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيرًا مما يقذفون به الأغبياء من الناس هو مستنكر ومنقول عن قوم مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة الحديث» ثم قال -رحمه الله-: «واعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع».
وقد وفقني الله إلى دراسة الأحاديث الواردة في هذا الموضوع، فثبت عندي من حديثه صلى الله عليه وسلم -بحمد الله ومَنّه- ضرورة تحسين الصوت والتطريب والتغني بالقراءة للقرآن الكريم، ولم يثبت عندنا حديث واحد في منع ذلك أو كراهته مما يمكن أن ترد به تلك الأحاديث الصحيحة الثابتة.
فأحببت أن ينتفع بذلك إخواني من محبي كتاب الله والإنصات إليه والحنين إلى سماعه، فضلاً عما سأسوقه من أقوال الصحابة والتابعين وأدلة العلماء المتشبعين بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما أبينه من العلل في الأحاديث المنسوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم التي استدل بها بعض العلماء في النكير على من جَوّز ذلك، وإليك دلالات ذلك ....
لقراءة البحث كاملاً بحواشيه، وتعليقاته ... فهو في المرفقات.
وفقكم الله جميعاً لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Oct 2005, 12:45 م]ـ
هذا البحث جدير بإعادة القراءة في شهر رمضان لكثرة السؤال عنه وفق الله مؤلفه لكل خير.
10 رمضان 1426هـ.(/)
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَكر
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[21 Aug 2004, 02:31 ص]ـ
بسم الله الرَحمن الرَحيم*الحمد لله الَذي خلق فسوَى والَذي قدَر فهدى****//والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير وعلى آله وأصحابه اجمعين ومن تبع هداهم الى يوم الدين -السلام عليكم ورحمة الله وبركاته** وبعد السلام /اخي القاريء الكريم طبعا كل مسلم حين يعلم او يلتقي بمسلم آخر حافظا لكتاب الله عز وجل يود ويرجو لو كان مكانه او مثله حافظا لكتاب الله عز وجل ثم يبادر بالاسئلة المعلومة متى حفظت وكيف حفظت ومتى إنتهيت وهل تنسى وكيف تراجع وما هي الطريقة للمحافظة على الحفظ واسئلة اخرى معلومة لمن حفظ من عوام الناس اقصد ليس متخصصا بعلوم الشريعة الاسلامية *والله اعلم اني لن اود بكلامي هذا الا النصيحة للمؤمنين والمسلمين في سبيل لله عز وجل وسوف اذكر هنا ماستطاعت بإيجاز دون إطالة *اولا حفظ كتاب الله الكريم على ظهر القلب هذا فضل من الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم * ثانيا ان كل انسان عندما يبدأ بحفظ مسألة معينة أي مسألة في أي مجال (اقتصادية او اجتماعية او فيزيائية او كيميائية .... الخ) يشعر بسعادة كبيرة فما بالك بسعادة وفرح وسرور وراحة وانشراح وطمأنينة وشعور لايعلم بحلاوته الا من دخل هذا التنافس وهذا السباق الى رضوان الله عز وجل *فعلى من يريد ان يحمل كتاب الله عزوجل ان ينوي بالشروع بإرادة قوية وتصميم ثابت بان يبدا بحفظ كتاب الله عز وجل وانه مهما كان سوف لن يتوقف عن هذا العمل وما أجله من عمل اما تجربتي في هذا فكنت اشعر واحس كلما بدأت بسورة لأحفظها تاتيني مصيبة وأذكر ان اكبر المصائب التي وقعت فيها حين بدأت بحفظ سورة النساء حين كنت اسيرا في ايران فقد اتهموني بتهم كثيرة ثم منها وهابي ومنها ناصبي ومنها ازرع التفرقة بين السنة واشيعة .... الخ ثم ضربوني ضربا كثيرا ثم اخذوني الى الزنزانات الانفرادية وليتهم تركوني بل بدأوا بالتعذيب ليلا ونهارا وبعد خروجي من الزنزانة طبعا رجعت لاتمام سورة النساء ولم البث الا بضعة ايام فنادوني ان الادارة الايرانية لمعسكر الاسرى ارسلوا بطلبك فقيدوني ثم ذهبوا بي لمقابلة شخص مسؤل في الحكومة الايرانية فتبين لي انه ممثل رئيس الجمهورية على الاسرى واسمه ((روحي نواز)) وأعتقد ان اكثر الاسرى العراقيين يعرفون هذا الشخص فسألني اوَلا مااسمك؟ قلت عمار اكرم *من اين انت قلت من الموصل والله على ما اقول شهيد عض على اصبعه بقوة وقال كل الاسرى يصيرون اوادم الا الموصل وسامراء والفلوجة *فقلت له وكنت آيسا من رحمته ولكني ارى ان فقط هؤلاء هم الاوادم *فانتهرني بشدة ثم قال لي انت كم عمرك؟ حينها كان عمري 21 سنة وهذا في عام 1987 م *فقال ان لسانك اطول من عمرك *فقلت بل الحق معي لاني لم امس احد لا بيد ولا بكلمة وجميع الاسرى يحترمونني وليس لي اي مشكلة مع اي شخص .. وهؤلاء واتباعهم كنت انظر اليهم انهم اتباع الشيطان يريدون ان يصدونني عن حفظ كتاب الله عزوجل ولكني كنت مصمما على اتمامه مهما اتى الشيطان بأساليبه واوليائه لعنه الله عز وجل وقد فعل ...................................... وكنت انظر وأتأمل من الجهة الاخرى ان كل مايجري علي هو اختبار وابتلاء وامتحان لان الله عز وجل يقول (أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) والله عز وجل أعلم بحال عباده *ولكن اخي الكريم اعلم ان الله عز وجل يلهم الصبر على قدر المشقة والله لطيف بعباده ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا*وانا اخي الفاريء الكريم لا اريد بكلامي هذا الا ان أريك قوة الارادة والتصميم على حفظ القرآن الكريم فكنت احفظ مااراه سهلا على نفسي فمثلا سورة مريم بدات بها ثم سورة (طه) ثم المؤمنون ثم ما كان سهلا على مسامعي بطريقة غير مرتبة حسب السور التي ارى انها سهلة عليَ حفظها وكذلك مقاطع من سور الى ان احصيت حفظي رايت اني قد بلغت النصف .. فبعد ذلك بد ات بسورة البقرة وكنت اراها طويلة جدا ولكن لاسهل الاما سهله الله عزوجل فكان معي صديق عزيز اسمه خليل ابراهيم اتفقنا ان نتسابق لحفظ سورة البقرة وكان اتفاقنا يوم الجمعة بعد صلاة المغرب ولله الحمد الى الجمعة الثانية اي ثمانية ايام اتممت الحفظ فذهبت لاسال صديقي لارى هل اتم ام لا فاذا به قد اتم هو الآخر كذلك حفظ سورة البقرة في نفس المدة وهذه لاأنساها ابدا *اما أوقات الحفظ كنت كل يوم مساء قبل النوم اقرأصفحة واحدة مرارا وتكرارا الى مايقارب العشرين مرة ثم انام وحين استيقظ لصلاة الفجر اقراها ثانية فاحفظها بسرعة وكنت اتم ختم القران كل شهر واجعل ختمة اخرى للحفظ ومراجعته قراءة وكذلك اقرا في كل ركعة صفحة وفي صلاة الليل كل يوم اقرا نصف جزء واعلم يااخي ان الحفظ السريع نسيانه سريع واعتقد ان كل شخص يستطيع ان يجعل له الطريقة التي تناسبه واعلم يااخي القاريء ان الشيء المهم هو الاستمرار بالحفظ واياك والفتور والتسويف فانها من مكائد الشيطان وحبائله *واسال الله ان يسدد خطانا لما فيه الخير والصلاح للعباد والبلاد
(((وما توفيقي الابالله عليه توكلت واليه أنيب)))(/)
رأي لطيف للعلامة ابن عاشور في قوله تعالى " واضربوهن"
ـ[أبو مالك الشافعي]ــــــــ[21 Aug 2004, 09:14 ص]ـ
قرأت للعلامة ابن عاشور هذا الرأي في مسألة ضرب الزوجات الوارد في الآية الكريمة، وقد أعجبني فقهه وفهمه فيها فأحببت أنأعرضه عليكم، لا سيما وقضايا المرأة من أهم ما يعتنى به في زماننا للذب عن هذه الشريعة الغراء، فقد قال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى:
[?لرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ?لنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ?للَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى? بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَ?لصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ?للَّهُ وَ?للاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ?هْجُرُوهُنَّ فِي ?لْمَضَاجِعِ وَ?ضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ?للَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}
والمخاطب بضمير {تخافون} إمَّا الأزواج، فتكون تعْدية (خاف) إليه على أصل تعدية الفعل إلى مفعوله، نحو
{فلا تخافوهم وخافون}
[آل عمران: 175] ويكون إسناد {فعظوهن واهجروهن واضربوهن} على حقيقته.
ويجوز أن يكون المخاطب مجموع من يصلح لهذا العمل من وُلاَة الأمور والأزواج؛ فيتولّى كلّ فريق ما هو من شأنه، وذلك نظير قوله تعالى في سورة البقرة (229)
{ولا يَحلّ لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله}
إلخ. فخطاب (لكم) للأزواج، وخطاب
{فإن خفتم}
[البقرة: 229] لولاة الأمور، كما في «الكشّاف». قال: ومثل ذلك غير عزيز في القرآن وغيره. يريد أنّه من قبيل قوله تعالى في سورة الصفّ (11 ـ 13):
{تؤمنون بالله ورسوله}
إلى قوله:
{وبشر المؤمنين}
فإنّه جعل (وبشّر) عطفاً على (تؤمنون) أي فهو خطاب للجميع لكنّه لمّا كان لا يتأتّى إلاّ من الرسول خصّ به. وبهذا التأويل أخذ عطاء إذ قال: لا يضرب الزوج امرأته ولكن يغضب عليها. قال ابن العربي: هذا من فقه عطاء وفهمه الشريعة ووقوفه على مظانّ الاجتهاد علم أنّ الأمر بالضرب هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى كقول النبي " ولن يضرب خياركم ". وأنا أرى لعطاء نظرا أوسع ممّا رآه له ابن العربي: وهو أنّه وضع هاته الأشياء مواضعها بحسب القرائن، ووافقه على ذلك جمع من العلماء، قال ابن الفرس: وأنكروا الأحاديث المرويَّة بالضرب. وأقول: أو تأوّلوها. والظاهر أنّ الإذن بالضرب لمراعاة أحوال دقيقة بين الزوجين فأذن للزوج بضرب امرأته ضرب إصلاح لقصد إقامة المعاشرة بينهما؛ فإن تجاوز ما تقتضيه حالة نشوزها كان معتديا.
ولذلك يكون المعنى واللاتي تخافون نشوزهن} أي تخافون سوء مغبّة نشوزهنّ، ويقتضي ذلك بالنسبة لولاة الأمور أنّ النشوز رفع إليهم بشكاية الأزواج، وأنّ إسناد {فعظوهن} على حقيقته، وأمّا إسناد {واهجروهن في المضاجع} فعلى معنى إذن الأزواج بهجرانهنّ، وإسناد {واضربوهن} كما علمت.
وضمير المخاطب في قوله: {فإن أطعنكم} يجري على التوزيع، وكذلك ضمير {فلا تبغوا عليهن سبيلاً}.
والحاصل أنّه لا يجوز الهجر والضرب بمجرّد توقّع النشوز قبل حصوله اتّفاقاً، وإذا كان المخاطب الأزواج كان إذنا لهم بمعاملة أزواجهم النواشز بواحدة من هذه الخصال الثلاث، وكان الأزواج مؤتمنين على توخّي مواقع هذه الخصال بحسب قوّة النشوز وقدره في الفساد، فأمّا الوعظ فلا حدّ له، وأمّا الهجر فشرطه أن لا يخرج إلى حدّ الإضرار بما تجده المرأة من الكمد، وقد قدّر بعضهم أقصاه بشهر.
وأمّا الضرب فهو خطير وتحديده عسير، ولكنّه أذن فيه في حالة ظهور الفساد؛ لأنّ المرأة اعتدَتْ حينئذ، ولكن يجب تعيين حدّ في ذلك، يبيّن في الفقه، لأنّه لو أطلق للأزواج أن يتولّوه، وهم حينئذ يشْفُون غضبهم، لكان ذلك مظنّة تجاوز الحدّ، إذ قلّ من يعاقب على قدر الذنب، على أن أصل قواعد الشريعة لا تسمح بأن يقضي أحد لنفسه لولا الضرورة. بيد أنّ الجمهور قيّدوا ذلك بالسلامة من الإضرار، وبصدوره ممّن لا يعدّ الضرب بينهم إهانة وإضراراً. فنقول: يجوز لولاة الأمور إذا علموا أنّ الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعَها، ولا الوقوفَ عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة، ويعلنوا لهم أنّ من ضرب امرأته عوقب، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج، لا سيما عند ضعف الوازع. [/ font][/size][/size][/B](/)
سؤال عن المواريث
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[21 Aug 2004, 04:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
أرجوا من الإخوة في المنتدى المبارك أن يفسروا لي آية المواريث من قوله تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم .. )) إلى آخر الآية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Aug 2004, 02:09 ص]ـ
هذه الآيات تحتاج إلى الرجوع لكتب التفسير المطولة كالجامع لأحكام القرآن وأمثاله لمعرفة تفاصيل أحكامها. ويفضل الرجوع للكتب التي فصلت أحكام الفرائض (المواريث) فقد استوفت أحكام هذه الآيات. وقد قمت بنقل ما كتبه مؤلفو التفسير الميسر حول هاتين الآيتين وفقك الله.
قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما) [النساء: 11].
التفسير الميسر للآية:
يوصيكم الله ويأمركم في شأن أولادكم: إذا مات أحد منكم وترك أولادا: ذكورا وإناثا, فميراثه كله لهم: للذكر مثل نصيب الأنثيين, إذا لم يكن هناك وارث غيرهم. فإن ترك بنات فقط فللبنتين فأكثر ثلثا ما ترك, وإن كانت ابنة واحدة, فلها النصف. ولوالدي الميت لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد: ذكرا كان أو أنثى, واحدا أو أكثر. فإن لم يكن له ولد وورثه والداه فلأمه الثلث ولأبيه الباقي. فإن كان للميت إخوة اثنان فأكثر, ذكورا كانوا أو إناثا, فلأمه السدس, وللأب الباقي ولا شيء للإخوة. وهذا التقسيم للتركة إنما يكون بعد إخراج وصية الميت في حدود الثلث أو إخراج ما عليه من دين. آباؤكم وأبناؤكم الذين فرض لهم الإرث لا تعرفون أيهم أقرب لكم نفعا في دنياكم وأخراكم, فلا تفضلوا واحدا منهم على الآخر. هذا الذي أوصيتكم به مفروض عليكم من الله. إن الله كان عليما بخلقه, حكيما فيما شرعه لهم.
قال تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم). [النساء:12].
التفسير الميسر للآية:
ولكم -أيها الرجال- نصف ما ترك أزواجكم بعد وفاتهن إن لم يكن لهن ولد ذكرا كان أو أنثى, فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن, ترثونه من بعد إنفاذ وصيتهن الجائزة, أو ما يكون عليهن من دين لمستحقيه. ولأزواجكم - أيها الرجال - الربع مما تركتم, إن لم يكن لكم ابن أو ابنة منهن أو من غيرهن, فإن كان لكم ابن أو ابنة فلهن الثمن مما تركتم, يقسم الربع أو الثمن بينهن, فإن كانت زوجة واحدة كان هذا ميراثا لها, من بعد إنفاذ ما كنتم أوصيتم به من الوصايا الجائزة, أو قضاء ما يكون عليكم من دين. وإن مات رجل أو امراة وليس له أو لها ولد ولا والد, وله أو لها أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس. فإن كان الإخوة أو الأخوات لأم أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث يقسم بينهم بالسوية لا فرق بين الذكر والأنثى, وهذا الذي فرضه الله للإخوة والأخوات لأم يأخذونه ميراثا لهم من بعد قضاء ديون الميت, وإنفاذ وصيته إن كان قد أوصى بشيء لا ضرر فيه على الورثة. بهذا أوصاكم ربكم وصية نافعة لكم. والله عليم بما يصلح خلقه, حليم لا يعاجلهم بالعقوبة.
تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم (13)
تلك الأحكام الإلهية التي شرعها الله في اليتامى والنساء والمواريث, شرائعه الدالة على أنها من عند الله العلبم الحكيم. ومن يطع الله ورسوله فيما شرع لعباده من هذه الأحكام وغيرها, يدخله جنات كثيرة الأشجار والقصور, تجري من تحتها الأنهار بمياهها العذبة, وهم باقون في هذا النعيم, لا يخرجون منه, وذلك الثواب هو الفلاح العظيم.
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين (14)
ومن يعص الله ورسوله, بإنكاره لأحكام الله, وتجاوزه ما شرعه الله لعباده بتغييرها, أو تعطيل العمل بها, يدخله نارا ماكثا فيها, وله عذاب يخزيه ويهينه.
- قمت بجمع عدد من المواقع التي تفيدك في المواريث ثم حدث خلل في المشاركة فضاعت فمعذرة!(/)
ما رأيكم في هذا الموقع (أسرار القرآن)؟
ـ[مؤمل]ــــــــ[21 Aug 2004, 08:05 م]ـ
إخواني الكرام لا بد أنكم أو بعضكم رأى هذا الموقع واطلع عليه:
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=derasat1
الموقع للشيخ الباحث الفلسطيني صلاح الدين ابراهيم أبو عرفة ضمّنه بحوثا في قضايا تاريخية وقرآنية.
فما هي تعليقاتكم على الموقع وما فيه من بحوث؟
ننتظر فوائدكم ..
وجزاكم الله خيرا.
ـ[داود عيسى]ــــــــ[23 Aug 2004, 02:17 ص]ـ
السلام عليك أخي العزيز مؤمل ورحمة الله وبركاته
بالحقيقة إنتظرنا طويلاً لكي نسمع رأي لأحد من القائمين على هذا الموقع الذي هو خير كبير لهذه الأمة التي هي بأمس الحاجة لمثل هكذا مواقع تقربنا من كتاب الله عز وجل ......
لكن هنا ومع عتبي على الأخوة المشرفين لعدم إبدائهم الرأي أعطيك رأيي أنا العبد الفقير إلى الله في هذا الموقع (أسرار القرآن) هو موقع خسر من لم يدخله وقرأ ما فيه من دراسات هي في الحقيقة كنوز لهذه الأمة التي هي بحاجة لأمثال هذا الشيخ المتدبر لكتاب الله وأراهم في تزايد والحمد لله .....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Aug 2004, 11:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي مؤمل
صاحب الموقع الذي سألت عنه يكتب معنا هنا باسم "الشيخ أبو أحمد"، له منهج محدد في جميع دراساته التي ينشرها في موقعه الذي سألت عنه أو في غيره، وهذا المنهج يقتصر على الاعتماد على الكتاب والسنة الصحيحة فقط، ولا يعترف بشيء آخر - كما أفهم أنا -.
وهذا الموقع لا زال بحاجة إلى دراسة نقدية علمية متجردة.
وظني أن أحد إخواننا المتخصصين يقوم بذلك الآن.
فانتظر قليلاً.
وأما قول الأخ الكريم: داود عيسى: (هو موقع خسر من لم يدخله وقرأ ما فيه من دراسات هي في الحقيقة كنوز لهذه الأمة) فهو حسب منهج الشيخ أبي أحمد ليس سديداً؛ لأن ما في الموقع ليس وحياً يوحى، وإنما هي اجتهادات من صاحبها، يعتورها ما يعتور اجتهادات البشر من النقص والاختلاف، والله تعالى يقول: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
وما الذي سيخسره من لم لم يدخله ويقرأ ما فيه؟!
نصيحتي لنفسي ولجميع إخواني أن نترك المبالغة في الحكم على أي شيء، وأن لا يحملنا حبنا لشيء على نسيان ما فيه من عيوب، ولا بغضنا لشيء على هضم ما فيه من الصواب.
ـ[داود عيسى]ــــــــ[25 Aug 2004, 03:21 م]ـ
حياك الله أخي العزيز أبو مجاهد العبيدي وأكرمك ....
هنا فقط أردت أن أنبه بأني ما كتبت هذا الرأي إلا لما وجدت في هذا الموقع من إجتهادات أستطيع أن أقول بأنها الأهدى من مجمل التفاسير والأقوال التي تخص هذه الدراسات .....
واسمح لي هنا أن أسرد عليكم بعض عناوين هذه الدراسات:
1 - سفينة نوح .. استوت بجانب المسجد الأقصى!.
2 - سليمان عليه السلام .. هل ملك الطاقة النووية .. وهل سبقنا وبث الصوت والصورة,
ونقل "المادة" والأجسام بسرعة الضوء؟!.
3 - "منسأة" سليمان .. أعلى ما يطمح إليه العلم, والتقنية البشرية!.
4 - "الأعراف" .. وخطأ ألف وأربعمائة عام!!. "الأعراف" .. أشرف المنازل يوم الحشر!!.
5 - {ثم عرضهم على الملائكة, فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء} ,من هم "هؤلاء"؟؟؟
6 - يوسف بن يعقوب, وموسى, ومريم ابنة عمران .. إخوة لأب واحد!؟.
7 - القرآن أم الماء؟!.
8 - "الأمي" .. ليس الذي لا يقرأ ولا يكتب .. بل هي أعظم صفات الرسول النبي محمد التي لا تنبغي لغيره!.
9 - اليهود والنصارى؛ طائفتان مسلمتان؟؟! وهل كان المهاجرون والأنصار الأمة البديلة لليهود والنصارى؟
10 - آلهة الشرك .. لماذا أخلد الله ذكرها في القرآن؟.
11 - {فوجدا عبداً من عبادنا} .. الخضر, هل هو عمران أبو موسى؟
12 - ذو القرنين .. ذلك النبي العظيم, ابن النبي العظيم!!.
13 - لقمان .. عبد حبشي, أم نبي عظيم!؟
14 - التلاوة .. التدبر .. التذكر .. ما هي, وما الفرق بينها؟.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Aug 2004, 06:06 م]ـ
باختصار، صاحب هذا الموقع إما أن يكون على هدى هو خير من هدى سائر الأمة أو هو على ضلال مبين!
ـ[ولد الديرة]ــــــــ[26 Aug 2004, 06:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الفاضل / مؤمل ...
(يُتْبَعُ)
(/)
. الموقع المذكور ... واجهة مشرقة لجهد شخصي عني بتدبر آيات الله. والتدبر لا يكون لمعلومات ثابتة بأي حال ... وهنا تكمن ضرورة التدبر .. ورغم إعجابي الشديد بذلك الجهد .... فلدي بعض الملاحظات ... قد تفيد الباحث ..
العبد الصالح .. هو (سليمان بن داوود عليه السلام)
رحلة موسى .. تكشف عن أربعة من علوم الله .. الأصل فيها .. علم إختراق الزمن .. والثاني الخاص بالرحلة الأولى ... هو علم الماء المزاح .. والذي يعيبها ولا يعرضها للغرق .... والوصول إلى أسرار هذا العلم وتطبيقة تحقق في زمن (السفينة) وهو زمن أبعد من زمن موسى عليه السلام وأقرب لزمننا اليوم ... وبناء السفن اليوم لا يكون إلا تحت إشراف هيئات تصنيف بناء السفن العالمية ... ومواصفاتها تجعل بناء هيكل السفينة يعتمد على تجزئة البدن إى عدة أجزاء .. وتسرب المياه حالة الكوارث لا تؤثر إلا في جزء معلوم في السفينة ... وتعرضها للتسرب من أكثر من جهة (بمشيئة الله) لا يعرضها للغرق ... والمهم أن تجزئة البدن .. لابد وأن يخضع لتعليمات قوانين الإتزان (العلمية) والتي تتيح للهيئات عدم مصادقة وتوثيق البناء (للمصنع) إلا إذا كان مربوطاً بالتجارب العلمية لحسابات الإتزان ومن ثم التوثيق والإجازة ..
ما أعنيه هو المهم ..... وأن هذا يؤكد العلم الأول (إختراق الزمن) .. والذي لا يتم إلا من موقع معلوم .. في بلاد يقال لها اليوم ... فلسطين أو إسرائيل .. (كما تحبون) ..
العلم الثاني والثالث ... لا أعلم تفصيلة ... ولكن هناك ملاحظة خاصة بالعلم الثاني (قتل الغلام) ... وهو تحديداً كلمة (فخشينا) ... والخشية شيء والخوف شيء آخر ... فالخشية هي الخوف عن يقين .. ومن هنا نلمس أن إستقراء سليمان للعلم الثاني كان مبنياً على إستقراء (علمي) يقيني النتائج ... ولم يلمس ذلك العلم بنتائخ يقينية بفعل ممارسة علم إختراق الزمن ... فالأمر هنا ليس مربوطاً بنتائج يقينية أو مشاهدة ... بقدر ما هو مرتكز على علم يقيني النتائج ... لذا كانت كلمة .... (فخشينا) ..
العلم الثالث ... كذلك لم ألحظه ....
شيء مهم .. إمتلاك سليمان عليه السلام لخاصية إختراق الزمن (ذهاباً وإياباً) ... يجعل من لقاءه بموسى عليه السلام والذي عاش قبله بمئات السنين في عالم الممكن.
الآيات الدالة .. على إمتلاك سليمان لهذا العلم بينة في القرآن الكريم .. حين أتاه الله علم كل شيء .. ولكن القرآن يبالغ في التوضيح وهو يحدد إمتلاك سليمان عليه السلام لهكذا خاصية ..
سليمان وتفعيل خاصية إختراق الزمن
قال تعالى: .. (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)
.............
الآلية ... الأداة المستخدمة .... و ما إفضى به الباحث عن ذلك أكثر من كاف ..
قال تعالى: .. (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)
...............
إختراق الزمن .... علم من علوم الله الممكن تطبيقا على الأرض.
قال تعالى: .. (ولقد اتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين)
الله آتى ((عبده الصالح) سليمان من لدنه علما ...
قال تعالى (ولقد اتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) ..
بالنسبة لـ (ذي القرنين) ... فنعم ... هو سيدنا داوود عليه السلام ... وسورة الكهف تحاكي أمة اليهود بشكل عام ... إبتداء من أصحاب الكهف .. وأنبياء بني إسرائيل .. موسى وداوود وسليمان عليهم السلام ... وإضافة مهمة .. وهي أن مكث أصحاب الكهف دلالة على (الخروج عن الزمن) ... وأن (الكهف) .. كان كناية لعالم .... (القبر) ..
و (القبر) .. هو الأساس في مداخلتي ...
(يُتْبَعُ)
(/)
. لم يقل عليه السلام أن الملكان المعنيان بالسؤال في القبر ... من ملائكة السماء .... ولكن المتلقي هو من قرر ذلك ... وإذا كان الأصل في الفهم هو الخطأ ... فمن المؤكد أن كل ما يبنى عليه لا يخرج عن دائرة الأصل ... والصحيح أن المعنيان في حديث الرسول (ص) هما .. داوود وسليمان عليهما السلام .... وبهذا المفهوم ... تتضح لنا معاني القرآن الكريم وهي أكثر دقة ونحن نتلقى بالسهل الممتنع ما هو أكثر إدراكاً ووضوحاً عن المعاني السابقة ... ويتحقق ذلك .... متى ما أستعان المتدبر بالموروث النبوي لنبينا العظيم وأخضعه للبحث والإستقراء مع آيات القرآن ...
قال تعالى (يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب)
داوود خليفة الله (في الأرض)
حين نصب الله سبحانه النبي داوود .... ليكون خليفتة (في الأرض) ... كان هذا التنصيب الإلهي (لهدف وغاية) ... بينها الله لنا ... وهو ... يحدده .. لغرض - (الحكم بين الناس) ... !!!
الصلاحية الممنوحة من الله لخليفته في الأرض (داوود) فيما يخص الحكم بين الناس .. صلاحية مطلقة .. بينه قوله تعالى .. (( ... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا)
.. والحكم بين الناس لا يكون إلا وفق الحدود التي رسمتها الآيتين التاليتين ..
قال تعالى: .. (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا) .. (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا)
.. أمور لا يمكن الحكم فيها إلا بعد الإنتهاء من ((الحياة الدنيا) ..
بينت لنا الآيات حدود (عالم القبر) ..
إذا كان (عالم القبر) مرتبط بالحياة الدنيا ... فهذا يعني أن تكون الحدود لا بد أن تكون من بداية الحياة الدنيا وحتى نهايتها ... (زمنياً) .. ولكن القرآن أكثر تفصيلاً وهو يبين تلك الحدود بتفصيل المستثنى ... والمستثنى من عالم القبر تبينه تفاصيل معالم الحدود ..
الحد الأول .. يبين معه الإستثناء الأول ..
قال تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرا)
مرت بداية الإنسان الأول ... بعهد معلوم حتى وصل إلى الزمن الذي تمكن فيه الإنسان (بجمعه) من تكوين أول مجموعة أو قوم .. ونعلم أن رسالات الله كانت (للأمم وللأقوام) .. لذا كانت الحدود لداوود عليه السلام من (((زمن))) أول قوم تشكل في بني الإنسان في الحياة الدنيا ... أو زمن بداية التكليف الأول ... وبذلك لا يوجد قبلهم قوماً أشرقت عليهم الشمس ... وإن كان هناك أفراد قبل أن يتشكل للإنسان أول تجمع أول قوم .. فهم من نعنيه بالإستثناء ..
الحد الثاني ..
قال تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ..... الآية)
حتى آخر قوم تغرب عليهم الشمس ... (زمنياً) ... والتي تصفه الآية بذكر المكان ... وما العين الحمئة ... إلا دلالة على الطقس الحار جداً .. والمصاحب لذلك الزمن ... ولكن إذا كان هذا الحد الثاني من عالم القبر ... فهل كان هناك إستثناء .. سواءً أكان لأفراد أم لأمم أو أقوام بعد الحد الثاني!!
.. ورثنا من الرسول عليه السلام .. قوله ... في آخر الزمان .... ستشرق الشمس من مغربها وتغرب من مشرقها ....
... وبين القرآن أنه سبحانه وتعالى هو .. (رب المشرقين والمغربين) ..
.. ثم جاءت علوم الفيزياء لتؤكد للإنسان .. أن أي دوران لعجلة ما أو لشكل دائري حول مركزة ... لا يمكن له التوقف التام ... إلا بعد أن ينعكس الدوران للجهة المعاكسة للدوران الأساسي ... وبعدها يتوقف الدوران ....
(يُتْبَعُ)
(/)
الخلق .. في كليته يتبع حالة الدوران وفق إتجاه معلوم ... أو كما هو الطواف حول البيت ... وكذلك الكون .. والشمس جزء من هذا الكون ... وقبل توقفها لا بد وأن تدور في الإتجاه المعاكس (علمياً) ... وهذا يؤكد أن هناك شروق جديد وغروب آخر يستمرا حتى تتوقف حركة الشمس ... وهنا نجد أن (الإنسان) الذي يعيش خلال هذه الفترة ... لا بد وأن يتأثر بتبديل وجهة التدوير لخلق الله ... والجزء المتأثر تحديداً في الإنسان .. هو .. (الفكر) ... وبإختلاف جهة دورانه ... فهو قطعاً وعقلاً ... يصل بالإنسان .. إلى وضع لا يمكن له أن يفقه قولاً ... والذي لا يفقه قولاً ... هو من تأثر بإختلاف دوران الخلق ... وهم المستثنى من عالم (القبر) والآية تحددهم (زمنياً) .. بـ (بين السدين) ... وذلك ما عنيته بمشرق ومغرب الشمس (الجديدين) بعد إختلاف وجهة التدوير ... ً
قال تعالى .. (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا)
.. الإستثناء يفرض بوجود عالمين مختلفين بالخصائص .. والتداخل بين العالمين يحتمل الحصر بين (الممكن والغير ممكن) ... وإذا علمنا أن هناك إستثناءً لأناس بعد الشروق الأول وآخر لمن هم بعد آخر غروب للشمس من المغرب من دخول هذا العالم ... فلا يمكن لنا التسليم بأن من عاش بعد آخر غروب للشمس هو من خاطب ذي القرنين طالباً الفصل بين العالمين .. بقدر ما نستطيع أن نجزم أن من خاطب ذي القرنين .. هم من عناهم (الإستثناء الأول) ... والجزم هنا .. محدود بالخيارين ..
قال تعالى: .. (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).
.. (يأجوج وماجوج) ...
الآية أوضحت صفات (يأجوج وماجوج) بأنهم مفسدون في الأرض ... وهذا يعطي إشارة إلى أن الحالة في عالم القبر للمفسدين في الحياة الدنيا .. هو التموج ... وتموج بعضهم ببعض عكسه المسمى (ياجوج وماجوج) ..
قال تعالى: .. (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ (يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا) ... وبإنتهاء اليوم الآخر أو عالم القبر عند نفخة الصور الأولى معلنة بداية يوم القيامة ... ينتهي التموج لأولئك المفسدون ... بإنتهاء ذلك العالم.
قال تعالى: .. (حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون) .. ولو بحثتم عن كلمة (ينسلون) في كامل القرآن الكريم لن تجدوا سوى هذه الآية وآية أخرى.
قال تعالى: .. (ونفخ في الصور فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون)
إذا كان التموج هو حال المفسدين في عالم القبر ... فلابد أن يكون الثبات هو حال (المؤمنين الصالحين) ...
قال تعالى: ... (يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)
.. وكم هم مسلموا اليوم يطبقوا ذلك المفهوم بدقة تقليدية أكثر منها محاكاة لعالم حقيقي ... وهذا ما نلمسه بالدعاء للميت عند دخوله القبر ... بالثبات!!!
قال تعالى: .. (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) * (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) ..
نعلم من الآيات أن عالم القبر أساسه علم الله ... أوكل تنفيذه وتعيين معالمه وحدوده للنبي الملك (داوود) عليه السلام ... وتأكيد علم الله .. في قوله تعالى .. (وقد أحطنا بما لديه خبرا) .. ونفهم من الآيات أن اليوم الآخر هو الأفضل والأميز عن الحياة الدنيا ... وهذا يؤكد أن معلومات الخلق لعالم القبر أقوى من معلومات خلق الحياة الدنيا ... والخلق في الحياة الدنيا تسيره الطاقة المتوزعة في مخلوقات هذا العالم ... وتفعيل خلق عالم القبر لا يكون إلا بتفعيل الطاقة المصاحبة لخلق هذا العالم .... وهنا نفهم الآيات أكثر ,,
(يُتْبَعُ)
(/)
أتوني زبر الحديد .... وهنا نفهم أن هذا العالم يعتمد على عنصر (الحديد) .. وهو العنصر التي أشارت إليه الآيات والمؤتى لنبي بعينه إسمه (داوود) .. ( .. وآتينا داوود زبورا) .... و ( ..... وألنا له الحديد)
وساوى بين الصدفين .. أي الطرفين .. ولذلك للوصول إلى (الشكل الدائري) ... قال انفخوا فيه .... دلالة (التدوير) ... حتى إذا جعله ناراً .... دلالة على شدة التدوير .... قال أتوني أفرغ عليه قطرا ..... إضافة القطر (السائل) للتدوير .. يولد الطاقة ... وسيولة القطر لداوود كان من الله .. ( .... وأسلنا له القطر.)
عنصرا (التدوير) .. (الماء أو العنصر السائل) ... أساسيان لا يمكن الإستغناء عن أحدهما في توليد أي طاقة ... البخارية .. الكهربائية ... الشمسية ... الفكرية ..... الخ
وبعد إنتهاء داوود من تفعيل الطاقة التي تحكم هذا العالم وتحكم حدوده .. كان هذا الوصف للعالمين المتباينان في (الأرض) .. الأول (عليها) ويحكمه الزمن ... والآخر (فيها) ولا زمن فيه ..
فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا
بعد هذا الإحكام ... فمن هو في عالم القبر لا يستطيع أن (يظهر) لعالم الحياة الدنيا ... وهنا دلالة على سفلية هذا العالم ... ومن هو في الحياة الدنيا لا يستطيع التواصل مع عالم القبر ... لو إستمر في التنقيب والحفر إلى ما شاء من الوقت ... وهنا نلمح أن آلية التواصل بعالم القبر (المستحيل) .. هي التنقيب أو الحفر
قال تعالى: .. (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) ..
معلومة تفيد أن عالم القبر هو في مجمله أقرب للتطهير من مظالم الناس .. وما تؤول إليه شفاعة الأنبياء المأذون لهم .. لذلك كان (رحمة من ربي) .. أما وعد الله ... فمعلوم أنه عند نفخة الصور الأولى .. وعندها يكون الإنتهاء من هذا العالم .. وهذا ما تعنيه الآية ( .. جعله دكا .. وكان وعد ربي حقا) ..
ويأتي قوله تعالى ... (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا) ... ليؤكد لكل ذي بصيرة ... أن العالم المرتبط بذي القرنين (داوود) يحوي ... حالة عرض الناس (العرض على جهنم) .. وهذا لا يحتاج إلى تعليق أو إضافة ...
من هنا نعلم أن (داوود) عليه السلام (ملك) لعالمين مختلفين في الخصائص ... وبذلك نستطيع أن نطلق عليه (ذي العالمين) ... ولكن ماذا لو أسمينا كل عالم بـ (القرن) ... فهل يجوز لنا تسمية داوود عليه السلام بـ (ذي القرنين).
إليكم .. موروث النبي الشريف .... كيف أنعم وقد إلتقم صاحب القرن القرن. وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل. توكلنا على الله ربنا
وهو الموروث الذي أفادنا ... بخاصية إختراق الزمن لسليمان عليه السلام ..
من ذلك الموروث النبوي .... نقرأ .. أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها, فملك سبعمائة سنة وستة اشهر, ملك أهل الدنيا كلهم, من الجن والإنس والشياطين, وأعطي علم كل شيء ومنطق كل شيء, وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي ما سمع بها الناس وسخرت له
أيضاً ... عن سليمان
قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان: يعني الملك - قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام
وسليمان هو هبة الله لوالده داوود ... وهو قد ورث منه كل شيء ... وهما تحديداً (الملكان) .. لعالم القبر ...
.. لا أدري .. لم نلحظ قوله تعالى (وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون) ... ونحن نعلم أن الحشر لا يكون في الحياة الدنيا ...
ولم ندرك .. مخاطبة النملة لسليمان عليه السلام ... رغم أننا ندرك أين تكون مساكنهم ... قال تعالى: .. (حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)
... لكن بمراجعة الموروث النبوي نجد التالي .... يحشر المتكبرون أمثال الذر (صغار النمل) يوم القيامة في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان
.. وهنا ندرك بعض معالم ذلك العالم (القبر) ... حين نفهم أن خطاب النملة لسليمان كان في ذلك العالم ...... ولكم أن تبحثوا عن كلمة (يوزعون) في القرآن الكريم .... ستجدوها في ثلاث آيات فقط ..... وجميعها تعود إلى ذلك العالم.
.. أختتم بقوله تعالى: .. (وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)
... أعتذر من الإطالة ... فقد مارست من الإختصار حده .... وأخيرأ .. أشد على يد الباحث .... بغض النظر عن الخطأ والصواب .... فذاك يحكمه الإنسان بجمعه ... وللجمع الشكر ...
.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[28 Aug 2004, 09:55 ص]ـ
قال نعالى: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
أما أن يسبق سليمان الزمن ويأتي قبل أن يولد بمئات السنين ليتبعه موسى عليهما السلام ليتعلم منه فهذه مسألة ليست عسيرة على العقل أن يتقبلها فحسب وإنما هي مستحيلة، فكيف يقول الله: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) ثم يقص عليه ما لا طاقة له بإدراكه,
كل إنسان استنتج فهما من تدبره للقرآن عليه أن يأتي بالدليل المقنع الذي تستيقنه الأنفس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو وحده الغير مطالب بالدليل لأنه بشر يوحى إليه.
فكما آتى الله داوود وسليمان علما فإنه آتى غيرهما العلم ويؤتي غيرهما، فلا نأخذ قوله تعالى (علمناه من لدنا علما) وقوله (ولقد آتينا داوود وسليمان علما) دليلا على أن العبد الصالح هو سليمان، ولا نأخذ قوله تعالى عن داوود (يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض) دليلا على أنه هو ذو القرنين الذي مكن الله له في الأرض، فكما مكن الله لداوود في الأرض فالله قد يمكن لغير داوود قبل زمن داوود أو بعده.
وأما ما توصل إليه صاحب الموقع بخصوص النبي يعقوب وأنه هو نفسه عمران والد مريم، فلو كان ذلك صحيحا لكان أولى أن يذكر في القرآن من نوح عليهم جميعا السلام، لأن النبي يعقوب لو كان قد عاش إلى زمن زكريا لكان قد لبث في قومه 2000 سنة تقريبا، ولكان أولى من نوح في ذكر مدة لبثه في قومه لأن نوح لبث في قومه
950 سنة.
ـ[مؤمل]ــــــــ[31 Aug 2004, 09:49 ص]ـ
السلام عليكم
الإخوة الكرام جميعا / جزاكم الله خيرا، وشكرا على تفاعلكم وفوائدكم
الشيخ أبا مجاهد، كلامك مسدد إن شاء الله، أسأل الله أن يفتح عليك ويزيدك نورا وهدى
ونحن في انتظار الدراسة الموعودة، نسأل الله للقائم عليها التوفيق والسداد.
وأشد على عضد أخي أبي علي في ملاحظاته، وهناك أكثر من ذلك ..
الأخ ولد الديرة، في الحقيقة لم أفهم من كلامك شيئا تقريبا، فأنا مثل الملايين أو الملايير ممن أرسل إليهم
محمد صلى الله عليه وسلم من العوامّ.!
والسلام عليكم جميعا
ـ[أبو علي]ــــــــ[01 Sep 2004, 10:00 ص]ـ
أخي مؤمل والإخوة الكرام
لست في مستوى الشيخ الفاضل أبي أحمد العلمي وما أبديته كانت عبارة عن تساؤلات تفرضها الحكمة للحصول على الاقتناع الذي تطمئن له النفس.
فأرجو ألا يعتبرني الشيخ منتقدا، فقد وجدته في تفسيرات أخرى كقوله في (أصحاب الأعراف) قدم جزاه الله خيرا أدلة مقنعة وكذلك في كلامه عن قوم يونس وغيره
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[04 Sep 2004, 10:22 م]ـ
الاخوة الكرام ...
كنت أجد أكثر من مانع للمشاركة في هذ الموضوع, لاعتبارات أدبية بالدرجة الاولى ....
واشهد الله, أنني أرى براي الاخوة الاكابر الاكارم, د. الشهري والعبيدي, وما يعبق منه من الأدب والسعة والانضباط الخلقي والعلمي, أيما اعتزاز وغبطة ..... وأرى أن مجرد وقوف الأخوة العلماء, عند محاولاتي المتواضعة, بهذا التريث والأناة, لهو من دواعي حمد الله, أنني شاركت في المسلمين بما يُدرس ويراجع صاحبه, ولا يرذله المؤمنون المستبصرون ...
وبغض النظر عما يعين الله به الاخوة الأئمة, في إبداء رأيهم في مقالي, فإنني أرى أنني لو أصبت بواحدة لأعذرت بها إلى الله, أنني شاركت واجتهدت غير قاعد ولا زاهد, ولاعتذرت عما تبقى, لجهلي وكثرة خطأي, ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره.
ثم إن "تصحيح" العلماء لزلتي, من دواعي فخري أنني قدمت للمسلمين احتمالا آخر, هذا خطأه وهذا صوابه, ولعمرو الله إن هذا لهو العلم الحق ... ألم يكن في تصويب الله لنبيه الاكرم, هديا وعلما لنا جميعا؟.
فالصواب والتصويب هما مادة العلم, ولو برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ...
وأقول لأخي الكريم أبي علي, ردا على استفساره, عما لم لم يذكر يعقوب بدل نوح في هذا لو كان ما أقوله صوابا؟؟؟
فأقول: لو سألك من سألك, هل الآية التي في "العنكبوت" {فلبيث فيهم ألف سنة .... } هي آية (((قطع))) أن نوحا أطول الناس عمرا, وأطول النبيين لبثا؟؟؟؟ , فبم تجيبه؟؟
ألم يذكر الله لنا قارون مثلا, فظن الناس أنه أكثر الناس مالا وكنزا, والله يقول بعدها عنه, {الم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون ((من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا))؟؟؟.
فهناك من هو فوق قارون, ولم يعينه الله ..... فما يمنع أن يكون هناك فوق نوح ولم "يصرح" به الله؟؟
ثم أين أذهب بدلالة الإسم (((((((((((((((عمران)))))))))))))))!!
أي كثير العمْر والتعمير .......... بهذا التفرد في القرآن, وهذه الخصوصية أن يكون صاحب السورة الثالثة في كتاب الله, وهو "المنكّر" عند العاليمن جميعا!!.
إنه هو عمران, ((((((المعمر)))))))) وليس نوح!.
وارى يا أخي ابا علي, أن "يعقوب" تحمل الدلالة ذاتها, فهو الذي في العقب, يذهب بنوه ويبقى في عقبهم, ولا يكون رجل كذلك إلا أن يكون ((((عمرانا))))!!.
وأرى أن إسرائيل, هو الرجل الذي يسري لله, بدلالة سورة "الإسراء" بأن تكون سورة بني "إسرائيل", فلو كان الرجل سرى لمرة واحدة لكان رسولنا أولى بها ..... ولكن يظهر أنه الرجل الذي جعل ليسري لله, فينشر ذريته في الأرض كما كان كتب الله من قبل ....
ولا يكون رجل "إسرائيل", (يذرأ) الله به أخص أمة في القرآن -على غير تشريف-, إلا أن يكون لابثا ماكثا, ويكون يعقوبا عمرانا .. !!
ثم إنني سألت هذا السؤال في البحث نفسه, وهو, لمَ يخص الله يعقوب ب {حضر يعقوب الموت} , فلا يذكر "علم" بهذه في القرآن غيره أبدا, إلا أن يكون بينه وبين الموت ما بينهما؟؟.
رب اغفر ولإخوتي واهدنا إلى أرشد أمرنا!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[05 Sep 2004, 10:33 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الكريم الشيخ أبو أحمد حفظه الله
سألتني فقلت:: لو سألك من سألك, هل الآية التي في "العنكبوت" {فلبيث فيهم ألف سنة .... } هي آية (((قطع))) أن نوحا أطول الناس عمرا, وأطول النبيين لبثا؟؟؟؟ , فبم تجيبه؟؟
أجيبه بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل الكلام عن سورة العنكبوت فإن الحكمة تقتضي أن نتدبر ما خلفها لنعلم لماذا جاءت سورة العنكبوت في هذا الموقع بين سورة القصص وسورة الروم، ولماذا سميت ب (العنكبوت)؟
لمعرفة ذلك نعود إلى سورة النمل التي أخذت آخر آية منها توقيعا لي في هذا المنتدى وفي غيره وهي قوله تعالى: (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون).
فسورة النمل تبتدأ بعد البسملة ب قول تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين) ولك أن تتفكر في كلمة (تلك) فهذه الكلمة لا يقولها
قائلها و يشير إليها إلا ليلفت المخاطب إلى رؤيتها، فلو كنت أتمشى معك في مدينة القدس أعادها الله وجميع فلسطين إلى أهل الإسلام ثم قلت لي: تلك هي بلدية القدس، فأنت لفتني إليها وأريتها لي.
إذن ف (تلك) إسم إشارة يلفت المخاطب إلى رؤية شيء.
فكان من الحكمة أ لا يختم الله سورة النمل إلا بعدما يقول: وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون).
لي عودة إن شاء الله لأتابع معكم لنصل إلى يقين اطمأنت له نفسي أن لبث نوح عليه السلام هو أطول لبث يلبثه نبي في قومه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو علي]ــــــــ[06 Sep 2004, 11:05 ص]ـ
الحمد لله الرحمن الرحيم.
أتابع معكم واسمحوا لي لأني لا أسنطيع أن أكتب أسطرا عديدة نظرا لأني ليس لدي لوحة مفاتيح بالعربية وإنما لوحة إلكترونية على الشاشة أنا بطيء في طباعة الأحرف، فمعذرة.
قلت بالأمس إن (تلك) أداة إشارة، فماهو المشار إليه؟
المشار إليه هو: (آيات القرآن وكتاب مبين)؟
فما هي تلك الآيات المشار إليها في هذه السورة؟
وماهي الحكمة من اختثام السورة بقوله تعالى: (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون).؟
لا تختثم السورة بقول الله ذلك إلا لأن تلك الآيات المشار إليها ب (تلك)
قد ذكرت في السورة وأن الله سيحققها وسنراها تتحقق كآيات.
فما هي تلك الآيات المشار إليها بتلك؟
إنها تلك الآيات التي جاءت بعد قوله تعالى (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) والتي يلفتنا الله إليها بقوله (وإذ) فيحكي قصة موسى عليه السلام الذي جاء بالبينات التي استيقنتها أنفس آل فرعون فجحدوها ظلما وعلوا، ثم بعد ذلك يقص علينا فضل الله على داوود وسليمان بالعلم وتمكينه لسليمان في الأرض (ولا حظوا قول داوود وسليمان (الحمد لله) وتأملوا جيدا أين ذكرت كلمة (الحمد لله)
مرة ثانية وأين ذكرت مرة ثالثة في نفس سورة النمل.
فإذا تفكرنا بحكمة فإن القصص المذكورة في سورة النمل قصص حدثت قبل نزول القرآن؟ فكيف يقول تعالى (تلك آيات القرآن وكتاب مبين) وموسى وداوود وسليمان وصالح ولوط عليهم السلام لم يعاصروا نزول القرآن!!
تلك القصص يقال عنها إنها آيات قصها علينا القرآن أما إذا قال الله عنها (تلك آيات القرآن وكتاب مبين) فإن تأويل ذلك أنها نبوءات قرآنية يحققها الله ويبينها في عهد القرآن الذي يمتد من نزوله إلى قيام الساعة، فالله تعالى سيبين آياته للناس فيستيقنها الناس كافة وسوف يجحدها فرعون آخر علا في الأرض بعدما استيقنتها نفسه، وسيمكن الله للإسلام في الأرض كما مكن لداوود وسليمان وذلك هو فضل الله المبين، وضرب المثل بقصة صالح عليه السلام حيث أن تمكين الإسلام في الأرض سيكون صلاح وإصلاح في الأرض يقابله المستفيدون من الفساد بالمكر والله خير الماكرين وسيقضى على الفساد بعذاب من عنده إن لم ينتهوا وضربت قصة قوم لوط مثلا لذلك الفساد.
إذن فهذه القصص في سورة النمل ضرب الله بها المثل لمستقبل الإسلام وبذلك تكون حقا آيات القرآن وكتاب مبين لأن القرآن تنبأ بها وستتحقق مثلما قال القرآن، فلو لم تكن ستتحقق لما سماها الله (آيات القرآن) ولما أضافها ونسبها للقرآن بقوله (تلك آيات القرآن) ولوصفت بأنها من أنباء غيب الماضي.
ويختم الله سورة النمل بوعده أنه سيرينا تلك الآيات تتحقق كما قدرها أن تكون وفق تلك الأمثال التي ضربها في السورة.
يتبع إن شاء الله.
ـ[أبو علي]ــــــــ[07 Sep 2004, 11:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله علينا جميعا
أتابع فأقول:
قبل أن يبين الله تعالى المشار إليه وهو (آيات القرآن وكتاب مبين) أعطانا حكمة في قوله (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) ليهدينا بها الله إلى أن هذه الآيات التي حدثت في الماضي سيأتي سبحانه بمثلها لأهل القرآن لتكون آيات للقرآن كما كانت آيات لكتاب موسى. وقراءة هذه الآيات المشار إليها ب (تلك) نستنتج منها ما يلي:
النصر و التمكين وإصلاح في الأرض وإهلاك الفساد.
1 = ضربت قصة موسى مثلا للنصر.
2 = وضربت قصة داوود وسليمان مثلا للتمكين.
3 = وضربت قصة صالح مثلا للإصلاح في الأرض.
4 = وضربت قصة لوط مثلا لإهلاك الفساد.
(على جميع هؤلاء الأنبياء سلام الله)
رسالة الإسلام تقول: إنه أنا الله العزيز الحكيم ' فعنوانها هو (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) فقال الله تعالى لموسى بعد النداء: إنه أنا الله العزيز الحكيم.
وعلينا أن نتفكر في قوله تعالى (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) فهذه الآية قاعدة عامة لكل باحث عن البيان في جميع آيات القرآن.هذه القاعدة موجودة في سورة النمل.
والبسملة رحمة الله، يوجد منها اثنتان في سورة النمل في أول السورة وعند التمكين في الأرض (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي واتوني مسلمين).
وبما أن في سورة النمل بسملتان (رحمتان) نبهنا الله على حمده في قوله (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون)
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[08 Sep 2004, 09:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أتابع:
إذا كانت آخرآية في سورة النمل: (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون).
تنبهنا إلى ما قبلها من آيات الأمم السابقة والتي سيحققها الله في أمة الإسلام فتصبح من آيات القرآن فإننا أيضا نستنتج منها أن تحقيق ذلك يتم ببيان الهدى للناس، فبظهور الهدى تتحقق البشرى لأن الله وصفها ب (هدى وبشرى)، أما الهدى فهو إظهار البينة وأما البشرى فهي النصر والتمكين,
وبينة الإسلام هي أعظم البينات على الإطلاق وما تتضمنه من يقين يفوق معجزة إحياء الموتى لأن الله ما نسخ آيات عيسى عليه السلام إلا لأن آيات الحكمة خير منها أو على الأقل مثلها فيما تحمله من يقين،
حتى أن النمل تلك الحشرة الصغيرة التي لا يساوي عقلها شيئا أمام عقل الإنسان استيقنت أن سليمان عليه السلام نبي ملك، ونفهم من هذا المثل أن اليقين الذي تتضمنه بينة الإسلام بلغ من الكمال حتى أن دواب الأرض ستدرك ذلك اليقين وستستغرب تلك الدواب حين ترى كثيرا من الناس يتصرفون كأنهم لم يأتهم ذلك اليقين حتى أنها تتمنى
أن لو كانت تفهم لغة الإنسان لسألته عن عدم يقينه بآيات الله، فيحقق الله أمنية تلك الدابة ويخرجها للكافرين لتستجوبهم عن اليقين.
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو علي]ــــــــ[09 Sep 2004, 10:35 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
جاءت رسالة الإسلام بآيات من الحكمة للناس كافة، وإدراك آيات الحكمة يحتاج العلم، فكان من الحكمة أن يعلم الله الإنسان العلم ليدرك به الهدى، وحين يبلغ الإنسان المستوى العلمي الذي يؤهله لإدراك آيات الله عندئذ يبين الله له آياته، وكذلك كان أمر الله، فأول ما أنزل من القرآن كان أمرا بالقراءة وإكراما للإنسان بعلم مالم يعلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم ضرب مثلا للإنسان، فأمر الله لرسوله هو أمر للإنسان: يولد أميا فيتعلم.
وبما أن من مهمة الرسالة هي: بلاغ وبيان، أي تبليغ وبيان ذلك التبليغ , وبما أن أكثر الناس في زمن التبليغ كان ينقصهم العلم الذي يدركون به حكمة الرسالة فإن نبأه سيعلمونه بعد حين (ثم إن علينا بيانه)، وكلمة (ثم) لا تفيد التعقيب مباشرة وإنما تفيد (بعد حين).
وحينما تبلغ البشرية سن الرشد يبين الله لهم رسالته فتيستيقنها أنفس الناس جميعا، فإن وجد أحد لم يستيقن الآيات فلأنه هو الذي لم يرد ذلك، هو الذي أعرض عنها ولم يرد أن يطلع عليها ولذلك يفضح الله هؤلاء فيخرج لهم من الأرض دابة تسألهم عن اليقين ليعلم الناس حق اليقين أن الله عزيز حكيم آياته بينات فيها من اليقين ما يجعل الدواب تستيقنه والدليل هو هذه الدابة.
إذن فآيات الله حين تأتي يستيقنها كل من بلغه بيانها فينقسم الناس إلى قسمين:
قسم استيقن فآمن.
وقسم استيقن فكفر.
من هم هؤلاء الذين استيقنوا آيات الله فكفروا؟
لا شك أن الإنسان يحب الخير لنفسه فما الذي جعل هؤلاء يجحدون آيات الله بعدما استيقنوها؟
إنه هوى النفس، وهوى النفس له مصدران:
1) هوى النفوذ والسلطان.
2) هوى المال.
فنفوذ السلطان ونفوذ المال هما الذان يغريان ضعاف النفوس محبي الدنيا فيخاف هؤلاء أن يحد الإسلام من نفوذهم وسلطانهم ويخاف المنتفعون من الفساد والذين يجنون الأموال من ذلك أن يقطع عنهم مصدر رزقهم الحرام.
وكان من الحكمة أن يأتي الله بسورتي القصص والعنكبوت بعد سورة النمل.
سورة القصص تتكلم عن الفسطاط الذي استيقن الآيات فكفر، وأتى بفرعون مثلا للذي غره سلطانه ونفوذه، وأتى بقارون مثلا للذي غره سلطان المال.
وهي سورة تبتدئ ب (طسم، تلك آيات الكتاب المبين)، تلك إسم إشارة، والمشار إليه (فرعون الذي غره سلطانه) والمشار إليه الثاني (قارون الذي غره ماله).
وسيحدث مثل هذا حينما يأتي بيان الكتاب، وسميت السورة ب (القصص) لأن القصص عبرة، وقد جعل الله فرعون وقارون عبرة لمن يأتي بعدهما ويسلك سبيلهما.
وبعد ذلك كان لا بد أن تأتي سورة تتكلم عن القسم الثاني من الناس:
الذين استيقنوا فقالوا آمنا. هذه السورة هي سورة العنكبوت.
وكان من الحكمة أن يمتحن هؤلاء الذين قالوا إنا موقنون، فالمعلم إذا شرح لتلاميذه الدرس فأجابوه: إننا فهمنا، أيكتفي المعلم بذلك ويترك تلاميذه أم يمتحنهم بتمارين ليختبربالحجة صحة ادعائهم؟
كذلك الله تعالى لا يترك الناس الذي قالوا أمنا بدون امتحان ليعلم بالحجة صدق الصادق وليعلم الكاذبين.
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[09 Sep 2004, 04:49 م]ـ
رأيي الشخصي في موقع أسرار
أن صاحبه غير مؤهل علميا وأنه متخبط في كثير مما يقول وغير مدرك لكثير مما يقول وأنه يزكي نفسه ويرى أنه الصائب في رأيه وجميع من سبقه من العلماء حتى الصحابة مخطئين وأن رأيه هو الصواب
فقد تبين لي من قراءتي لموضوع واحد
"الأعراف" .. وخطأ ألف وأربعمائة عام!!. على حد زعمه
وفي الأعراف عدة أقوال منها أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تبلغ حسناتهم دخول الجنة، ولا سيئاتهم دخول النار، قاله ابن مسعود، وحذيفة، وابن عباس، وأبو هريرة، والشعبي، وقتادة.
فهل قول الصحابة أقرب إلى الصواب أم قول صاحب الموقع أسرار
(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36)
هذا رأيي في الموقع وأعتقد أنه من حقي أن أقول ما أرأى وفق الضوابط الشرعية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[داود عيسى]ــــــــ[09 Sep 2004, 11:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردت هنا أن أسأل أخي ((أبو)) عبد الرحمن ((الشهري)) هل لك أن تذكر لنا بعض مما عندك من التخبط الذي تزعمه بخصوص صاحب هذا الموقع الشيخ صلاح الدين أبو عرفة؟؟؟ و إن لم تذكر فإنه ((إفتراء)) فعليك بالإستغفار والتوبة يا أخي ..... وكيف لك أن تقلل من قيمة شيخ حافظ لكتاب الله بجميع قراءات رسول الله ...
وهنا لك إضافة بخصوص ما ذكرت عن أصحاب الأعراف فهناك من يقول أيضاً أنهم الملائكة ومنهم من يقول أنهم النبيين ومنهم من يقول أنهم أولاد الزنى ...
وفي إجتهاد الشيخ صلاح الدين بما ظهر له في كتاب الله
فأصحاب الأعراف هم الرسل الكرام المقربون, وهم الأشهاد
ولي سؤال أخير
أين هي الضوابط الشرعية التي إستندت إليها في تقييمك؟؟؟؟
وهنا إسمح لي أن أنقل توقيعك يا أخي
.... إتقي الله حيثما كنت ...
ملاحظة للمشرف العام ((((عبد الرحمن الشهري)))) أعتقد بأن وجود إسماً مشابهاً لإسمك قد يخلق نوع من الخلط لأن مشاركتك بأي موضوع بالتأكيد فهي تعني صاحب هذا الموضوع .....
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 12:58 ص]ـ
الأخ داود عيسى
قلت هل لك أن تذكر لنا بعض مما عندك من التخبط الذي تزعمه بخصوص صاحب هذا الموقع
نعم كفيني قوله الأعراف" .. وخطأ ألف وأربعمائة عام!!.
فمن أين علم أن قول الصحابة خطأ وقوله هو الصحيح وكيف تيقن ذلك وجزم به لأن العالم لا يجزم أنه ما قاله صحيح وما قاله كل العلماء والصحابه من قبله خطاء
بل يقول رأي صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
فلم يتأدب حتى مع أصحاب رسول الله ومع السلف ولا أحد يجزم بمثل ما جزم به الإل عن طريق لوحي ولوحي أنقطع بموت محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يجزم أن كل لعلماء أخطئوا وبقيت هذه المسألة حتى يأتي هذا العالم الجهبذ بعد ألف وأربعمائة ويتوصل إلى ما لم يتوصل إليه الصحابة وكل علماء السلف. سبحانك هذا بهتان عظيم
كما أن معرفة أهل الأعراف ليس مهم أن نعلم منهم يكفينا معرفة القصة ولو كان معرفة منهم مهم للمسلمين لبينه الله و لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأني أخشى على صاحب هذا الموقع أن يزل فيكون من الذين قال الله فيهم (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) (آل عمران: 7)
وعمر يقول صديقي من أهدى إلي عوبي
فليتقي الله صاحب هذا لموقع ولا يشذ عن سلف الأمه ويزكي نفسه
قال شيخ الاسلام رحمه الله في مقدمة اصول التفسير
[من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه].
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 08:23 ص]ـ
أخي الكريم مؤمل صاحب السؤال وفقه الله. أشكرك على أسئلتك ومشاركاتك التي تدل - مع قلتها - على فهم سديد، ودقة نظر. وقد يظهر علم الرجل في سؤاله كما يظهر في جوابه. وأنا على ثقة أن سؤالك هذا رغبة في العلم، لا في الجدل بدليل قصر تعقيبك على الردود.
أما أخي الكريم داود عيسى فأشكره على متابعته، وحرصه على هذا الملتقى العلمي الذي يسعد به وبأمثاله كثيراً، فما كان هذا الملتقى إلا لنشر علم كتاب الله، والمناقشة حول مباحثه وفوائده التي لا تنتهي، مشفوعة بالأدلة البينة، والأدب العلمي في كل ما يكتب من المشاركات والردود، وهذه هي السمة الظاهرة ولله الحمد للمشاركات جزى الله جميع المشاركين خيراً.
وأما أخي الكريم الشيخ أبو أحمد فهو قد حرر وكتب موقعه، وتعب فيه كثيراً، وهذا ما أداه إليه اجتهاده، وهو يقبل النقد بنفس طيبة، وقد أتاح المجال في موقعه للتعقيب على ما يكتبه، ولا أشك في حرصه الشديد على كل رأي يقوِّم ما كتبه أو يضيف إليه، أو يصوبه، وهذا من الجوانب الإيجابية في هذا الجهد والتدبر لأمور ورد ذكرها في كتاب الله، غالبها أمور تاريخية، قد يوافق فيها وقد يخالف شأن كثير من مسائل العلم، وما دام الرأي مقروناً بالدليل فلا ضير حينئذ من إبداءه والجهر به، فما استوعب المتقدمون كل شيء حتى لا يفوت عليهم شيء، وكم ترك الأول للآخر! ولكن أحب من أخي الشيخ صلاح أن يتسع صدره لرأي إخوانه ولو قسا، وأن ينظر إليه بعين الإنصاف ولو خالف رأيه، فهذا دأب طلاب العلم الصادقين جعلنا الله وإياكم منهم.
وأما أخي الكريم أبو عبدالرحمن الشهري فأشكره على مشاركاته التي تدل على علم وأدب، وأرجو أن نرى منه ما ينفعنا في هذا الملتقى العلمي، ولو تيسر لك أن تقف مواقف خاصة نقدية مع الموقع المسؤول عنه لكان في ذلك علم ونفع لنا ولصاحب الموقع الشيخ صلاح إن شاء الله.
وأما أخي ولد الديرة الذي كتب تعقيباً على موقع أسرار القرآن، فأشكره على تكرمه بالمشاركة، وأسأل الله له التوفيق، وقد قرأت كلامه وحاولت أن أفهمه كله فلم أفلح إلا في فهم بعضه، وهذا الأسلوب الذي كتب به تعقيبه أسلوب أحاول دائماً أن أفهمه ولكن يصعب علي ذلك، وأجد فيه من الصعوبة ما الله به عليم، وأرغب دائماً في معرفة الطريقة التي تعلم بها هؤلاء الكتاب الذين يحسنون تحويل الكتابة باللغة العربية إلى ضرب من الرموز الرياضية التي يتعذر فهمها - رغم الرغبة الشديدة - على أمثالي. أرجو أن أجد توجيهاً محدداً للطريقة أو الكتب التي تعين على فهم مثل هذا الأسلوب في الكتابة من أخي ولد الديرة إن تيسر.
وفقكم الله جميعاً لكل خير، وأرجو أن نكتفي بهذا حول هذا الموضوع إن شئتم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[10 Sep 2004, 10:08 ص]ـ
الحمد لله الرحمن الرحيم
سورة العنكبوت تتكلم عن المؤمنين حين يأتيهم بيان الهدى، فمنهم من كان مؤمنا مسلما من قبل ومنهم من لم يكن من قبل مسلما وإنما آمن حينما أتته بينة العزيز العكيم.
فهؤلاء سيتعرضون للامتحان لتقوم الحجة عليهم فيفرز منهم الصادق من الكاذب، وذلك الامتحان سيكون في الصبر والجهاد بالأموال والأنفس وغير ذلك من الأذى والأمور الشاقة التي تتطلب شحن الهمم بالصبر والمصابرة فأتى الله تعالى بأعلى الأمثلة لتطمين المؤمنين.
وقد تطول مدة الفتنة فيقال لمن يشتكي من طول المدة: نوح لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، فهذا هو ما يتطلبه السياق هنا، يضرب المثل بأطول مدة، مثلا:
تقف في الطابور لتقضي مصلحة فيصلك الدور بعد ساعتين، وحينما تدخل على المسؤول فتشتكي له من بطئ الإجراءات فيجيبك:
احمد ربك أنت انتظرت ساعتين فقط، غيرك وقف في الطابور منذ الصباح ولازال لم يصله دوره.
كذلك نوح عليه السلام فهو أطول لبثا في قومه من غيره من الأنبياء،
لو كان هناك نبي لبث في قومه أكثر من نوح لكان أولى بالذكر هنا من نوح. فالصبر يقاس بقوة التحمل وبطول المدة، فنوح عليه السلام أكثر الأنبياء صبرا (في طول المدة) ولذلك سماه الله (عبدا شكورا) لأن قضايا الإيمان مبنية على الصبر، فالصابر هو الذي يصح أن يقال عنه شاكر (صبار شكور)، وأتى الله بمثل أعلى في الصبر (بقوة تحمل الأذى) وهو إبراهيم عليه السلام الذي رموه قومه في النار فأنجاه الله منها، وأتى الله بلوط مثلا في النهي عن المنكر وتحمل أذى أهل المنكر، ثم بعد ذلك تعرضت السورة تعرضا مجملا لعاقبة الظالمين: عادا وثمود وقارون وفرعون وهامان ... وذلك لطمأنة المؤمنين الصابرين على الفتنة أن العاقبة ستكون لصالحهم إلى أن يختم السورة بذلك.
إذن فسورة العنكبوت سورة كلها مواعظ ووصايا لرفع معنويات المؤمنين وتثبيت قلوبهم وشحن هممهم بالصبر الذي يتطلبه الموقف.
وتسمية السورة ب (العنكبوت) يناسب الفتنة، فمن ينجح في الامتحان فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن تمسك بخيوط العنكبوت فقد سقط في الفتنة.
وأما سورة النمل فما الحكمة من تسميتها بهذا الإسم؟
لأن السورة تحمل البشرى (هدى وبشرى) والهدى والبشرى سيجعلنا نعيش أمة واحدة في سلام وتتحقق العدالة في الأرض، وضرب الله المثل لذلك بأمة النمل وذلك لأن النمل يعيش أمة واحدة لا تعمل النملة بمفردها ولا تخزن كل نملة قوتها في مستودع انفرادي وإنما كل ما يجمعه النمل يستودع في مستودع واحد ثم يوزع على كل واحدة منهن بالتساوي والعدل، إذن فأمة النمل هي خير أمة يضرب بها المثل في الحقوق والمساواة.
وكان من الحكمة أن يذكر الله في السورة قصة سليمان مع النمل لكي تسمى السورة ب (سورة النمل).
كان هذا ماتبين لي في سورة النمل وما بعدها، فإن كان تأويلها صوابا فإن فيها شهادة من الله يقول فيها: فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
أكتفي بهذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[سلسبيل]ــــــــ[10 Sep 2004, 01:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
لقد اطلعت على بعض الدراسات في الموقع وجال في خاطري عدة أسئلة ليست عن تفاصيل الدراسات بقدر ما هي عن الأساس التي انطلقت منه هذه الدراسات في الموقع المذكور
وقبل أن أذكر هذه التساؤلات أؤكد أني لا أقصد حجر التدبر والتفسير لكتاب الله الكريم على التفاسير السابقة، فالقرآن الكريم لكل زمان ومكان وعجائبه لا تنقضي بل إن فهم كتاب الله وإنزاله على الواقع هو خير ما نقدمه لهذه الأجيال .... ولكن هي تساؤلات لابد منها وهي من باب قوله تعالى على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام (ولكن ليطمئن قلبي)
1. ترك أقوال الصحابة ومن بعدهم جانبا وتفسير القرآن وكأنه لم يفسر من قبل .......... ألا يفتح ذلك هذا الباب للمتربصين أو الجاهلين في مجالات أخرى كالفقه وغيرها ....
2. ماهي ضوابط تفسير القرآن على أساس هذه الدراسات؟ فكل من هب ودب يستطيع الولوج من هذا الباب بسهوله بعد أن فُتح له على مصراعيه
3. هل أستطيع أن أنشر هذا الفهم أو هذه الدراسات بين أوساط مختلفة من المسلمين وأنا آمنه؟! بمعنى هل علىّ اثم من فهم منهم غير الفهم أو جعله ذلك يتمادى في أشياء أخرى؟
4. أم أن هذه الدراسات يجب ألا يتطرق إليها إلا أهل التفسير لأنها مختلفة عما اعتاد عليه الناس وعرفه .... وهذا يقودنا أيضا إلى التساؤل الكبير هل في الدين أسرار؟؟؟ وما يعرفه العالم يجب ألا يعرفه العامي والمسلم البسيط فما كل ما يعرف يقال ... أو على الأقل إلى أن يكتب الله لها الظهور إن كانت حقا ... وإلا ... فإنها ستذهب بلا عناء!!
5. هل من الضروري أن نعرف كل شئ ورد بالقرآن ولماذا أورد الله ذكر أسماء بعينها كأسماء آلهه الكفار وغيرها؟ وأن نعرف نسب كل انسان ورد ذكره في القرآن؟ وما يفيدنا ذلك؟ وما علينا ألا نعرف من هو ذي القرنين مثلا؟؟ ألا تكفي العبرة؟
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[13 Sep 2004, 10:57 م]ـ
الاخ أو الاخت سلسبيل ...
من ثقتي بعلم المشرف العام, وثقتي بإنصافه, أقول: إن وافقك الشيخ على واحدة من هذه "الخلجات", فأنا تبع له!.
وحتى يجيبنا الشيخ, فأنا أرى أن هذا منهج غير منهج الباحثين وطلاب العلم, وهذان هما سبيلا العلم, ومن كان هذا دأبه انتهى حيث بدأ!.
إضافة إلى كثير المغالطات الشرعية والمنطقية في الأسئلة!.
ـ[ولد الديرة]ــــــــ[23 Sep 2004, 03:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
.. حتى نقبل أو لا نقبل ... فالأمر لا علاقة له بالقبول من عدمه ... وأي تفسير جديد لآية معلومة تطرح في الملتقى ما هو إلا حصيلة لواقع التدبر الإنساني لآيات القرآن الكريم .. ليس أكثر .. وإجماع أعضاء الملتقى في الإقتناع بأي جديد يطرح كتفسير .. لا يعني .. أننا نشرع لأحد ... أو أننا علماء في التفسير ... أو مسؤولون عن هداية أو ضلالة أحد ....
مقاييس الإختلاف مع الرأي الآخر .. لا بد أن تخضع لمعايير عادلة ... فقبل أن أشارك بموضوع يمثل – برأيي - تفسيراً جديداً لبعض آي القرآن الكريم ... لا بد أن يكون هذا الرأي أو التفسير مستنداً على أدلة أقوى من أدلة الرأي المتعارف عليه .. وإلا فلا داعي للمشاركة ...
بالنسبة لهوية العبد الصالح وذي القرنين ... فلم يصل بعد أي من علماء المسلمين إلى تحديد هوية الرجلين ..... ولا يوجد تفسيراً معلوماً نجد فيه تحديداً قاطعاً عن هوية الرجلين ... لذا فمجرد البحث عن الهوية المجهولة يعد مطلباً وواجباً على كل مؤمناً بهذا القرآن وقادراً على تدبره .... ونحن نحسن الظن بتدبر أي مسلم ... ونحاكيه معرفياً وثقافياً داخل حدودنا كمجتمع .. أما مسألة الإقرار بـ (الصحيح) وتبنيه كتفسير جديد فهذا شيء لا نملكه ... فما نحن إلا جزء بسيط ضمن فعاليات ثقافية متعددة وفي مجتمع إسلامي كبير .. ونشارك من هذا الجانب كمساهمين في إثراء الساحة الفكرية والمعرفية بما نعتقد إنه من الآراء الفاعلة - فقط - ... .
الفاضل / أبو علي
ثقافة الإنسان لا تتأتى إلا من خارج الذات .. وكلما يلم الإنسان بمعلومة جديدة كلما نما لديه حجم اليقين المدرك وضاقت تبعاً لذلك مساحة الغير معلوم ..... وهوية الرجل الصالح حتى الأن غير محسومة ولم تصل إلى حالة إجماع في قبول الناس .. والإنسان لا يعترض على رأي إلا إذا إختلف ذلك الرأي مع الرؤية التي يحملها ... وهنا يجب عليك أن تشكل رأياً خاصاً بك وتحدد من خلاله هوية العبد الصالح .. و لك بعدها أن تدافع عن رأيك المشكل أمام الأراء المخالفة ... وبكل ما أوتيت من قناعة وأدلة .... أكبر فيك جهدك ومحاولاتك مع كتاب اله.
تقبل تقديري
الفاضل / مؤمل
إن لم تفهم شيء من كلامي ... فهذا أمر خارج إرادتي .. ومخالف لرغبتي ... وإن كنت أتساءل!! كيف شددت على عضد أبو علي لملاحظاته علينا ..... عموماً لك كل الحق .. وسأحاول أن أفيدك عن وجهة نظري ... وسأجتهد بمشيئة الله - في أن تصلك فكرتي بكل يسر .. .. واعتذر عن تقصيري إن لم أرتقي بما أطرح لمستوى إدراكك ... آمل أن تقدر لمساهمتي معكم أنها كانت إستجابة وتفاعل لطرح يخصك ... كل مضمونه .... الطلب من الأعضاء المشاركة بآرائهم ... إضافة إلى أن المداخلة كانت تحقق (طلباً) واضحاً من صاحب العلاقة.
تقبل تقديري
الفاضل / عبدالرحمن الشهري
أشكر لك التواصل مع أعضاء الملتقى .. وإعادة الطرح والتوضيح تم تحقيقاً لرغبتك .. وأفيدك أنه لدي القابلية والتفهم لإعادة التوضيح وتكرار ذلك لكل ما أشكل عليك تفهمه ولأي طرح يخصني .... وليتك حددت لي ... لإن إعادة الطرح كاملاً أمر فيه إرهاق لي .. أكرر شكري وتقديري.
. المداخلة كانت (إضافة) لصاحب الموقع .. وهي محصورة في تحديد هوية (العبد الصالح) .. و .. (ذي القرنين) ..
(يُتْبَعُ)
(/)
الباحث تدبر فيما هو (مطلب وواجب) ... وخرج بتحديد هوية الرجلين ... مستنداً على ما يراه من (أدلة القرآن) ... وأي شيء كهذا .. كان يجب أن تكون أدلته المقدمة أكثر يقيناً وإرتباطاً مع آيات الله عن تلك التفسيرات المعلومة بإجماع علماء المسلمين سواءً أكان في قوة ما يحمله من حجة في الإستدلال الشرعي أو وفق مضامين تتصف بأنها الأكثر منطقية عما يحمله الرأي الآخر .... ولكن .. للأسف الشديد .. فما يخص هذا الجانب ... معلوم عند الجميع .... حيث لا يوجد تفسيراً معلوماً يعين لنا هوية العبد الصالح أو ذي القرنين.
مداخلتي كانت (إضافة) تقدم (رؤية مختلفة) لتحديد هوية العبد الصالح ... وكانت مداخلتي تقول أن العبد الصالح هو النبي سليمان بن داود .. عليه السلام .. ومن حق الجميع أن (يوجب) إستناد الرأي على أدلة وحجج شرعية ومنطقية تكون أكثر قبولاً مما يقدمه الرأي الآخر ... ولولا أنه كان يوجد لدي من الأدلة والقناعات ما أعتقد أنه أكثر قوة ومنطقية ... لما سلمت لمداخلتي بأن تكون (إضافة) يمكن تقديمها للباحث أو للمتلقي ... وسأبين كيف أني قدمت ما أرى أنه كان مفيداً للباحث وللقاريء .. ويضيف لمضمون الطرح.
..........
... (1) ... اشرت إلى معلومة (مهمة) .. وهي أن سورة (الكهف) .. تخصصت في تبيان علم وقوانين (الزمن) والسورة تحاكي (أمة بني إسرائيل) وتاريخ أنبياءها ..... وأشرت إلى أن مكث أهل الكهف كان دلالة على (خروجهم عن الزمن) .. وأن لفظة (الكهف) .. كانت كناية بالقبر .. ولم أفصل.
.. (2) .. لا يمكن لنا تفضيل نبي عن نبي .. ولكنا نعلم أن الله فضل بعض أنبياءه عن بعض .. والتفضيل من الله لداود عليه السلام كان بما أوتي من علم .. وبذلك يكون داود وإبنه سليمان عليهما السلام ... الوحيدان المؤهلان بين الأنبياء ... وذلك بما (آتاهم الله من علم) وهما المتمكنان أو أحدهما من القيام بأداء دور (المعلم) للنبي موسى عليه السلام.
قال تعالى (وربك اعلم بمن في السماوات والارض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض واتينا داوود زبورا)
قال تعالى (ولقد اتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين)
قال تعالى (وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين)
إختراق الزمن
.. أشرت إلى أن (إختراق الزمن) ما هو إلا علم من علوم الله عز شأنه .. وتفعيل هذا العلم لا يكون إلا من بقعة معلومة ... وحددتها بفلسطين أو – إسرائيل – والمعلومات التي قادت إلى الإستدلال بأن إنطلاقات العبد الصالح وموسى عليه السلام كانت إختراقاً للزمن. هي التالي
.. (1). الفارق الزمني بين زمن موسى عليه السلام وزمن السفينة ... والذي هو الأقرب لزماننا والأبعد عن زمن موسى عليه السلام ... فتجزئة بدن السفينة لعدة أجزاء مطلب (علمي) وأساسي عند بناء أي سفينة في عالم اليوم ..... وبتحقيق ذلك علمياً وتصنيعياَ أصبحنا اليوم نجد أن بدن السفينة يملك قابلية الطفو حتى لو تعرض (للخرق) أو للإهلاك .. فتسرب مياه البحر إلى بدن السفينة من جهة أو – حتى - من عدة من جهات ... لا يؤول بالسفينة للغرق بعد مشيئة الله .. إلا إذا كان بناء السفينة غير متوافقاً مع قوانين هيئات تصنيف بناء السفن العالمية ... الأمر الذي لم يكن متوافراً زمن موسى عليه السلام ... ولم يكن موسى عليه السلام ملماً بهذا العلم ... وإن كان معلوماً في وقتنا الحاضر ... وهنا تنجلي عنا الغرابة من إستنكار موسى عليه السلام لما فعله العبد الصالح بالسفينة .... فعدم علم موسى عليه السلام بعلم حسابات الإتزان وقوانين الطفو للوسائط البحرية ... إستوجب منه عليه السلام (توقع) غرق السفينة .. ومن هنا كان الإخلال بإلتزامه (المسبق) لذي القرنين بعدم السؤال .... فخرج عن طوره ........ (قَال أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا)
(يُتْبَعُ)
(/)
. (2) .. جميع الأنبياء (خرجوا عن الزمن) .. ومن مكان (معلوم) ... وهنا نتفهم كيف كانت الضرورة تتطلب (الإسراء) بالنبي محمد (ص) من المسجد الحرام إلى المكان المعلوم والذي يمثل (المنفذ) لعالم الحياة الدنيا والعوالم الأخرى .. وسنن الله تطلبت نقل محمد (ص) إلى ذات المكان والذي منه تم خروج الأنبياء عن الزمن وتلقي رسالات الله ... وهو ذات المكان الذي إنطلق منه موسى والعبد الصالح
قال تعالى .. (واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ااقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين)
... (3) .. قال تعالى (وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا) ... عدم إحاطة موسى عليه السلام وهو في مقام النبوة دليل على أن الإحاطة بنتائج أي علم ما يتحقق في زمن المستقبل البعيد يستدعي الغرابة وعدم الصبر.
قال تعالى: .. (قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) ... إشترط العبد الصالح على موسى ... أن يؤجل السؤال عن أي شيء .. ويستمر التأجيل حتى العودة من الرحلة ... وعندها ستكون الإجابة بـ (أحدث لك منه ذكرا) وذلك يدلل على أن الحديث بهذه الصيغة يكون في الزمن المعاش ولأحداث خارج الزمن المعاش .. وهذا لا يأتي إلا من باب البعد الزمني بين زمن الحدث وزمن تبيان وذكر الحدث.
... (4) .. ومن جميل تبيان القرآن الكريم توضيح خصائص (علمية) إرتبطت بسليمان عليه السلام بشكل مباشر ... وترتكز (تحديداً) على هذا العلم ... (إختراق الزمن) ..
قال تعالى: .. (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) ..
قال تعالى: .. (ولسليمان الريح عاصفة تجري بامره الى (الارض التي باركنا فيها) وكنا بكل شيء عالمين)
قال تعالى (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ)
... نلحظ قوله تعالى ... وكنا بكل شيء عالمين ... دلالة إرتكاز الأمر على العلم ... لذا كانت الريح تجري (بأمر سليمان) وليست بأمر غيره ... (وهذا مهم) .... ولكن إلى أين كانت تجري بأمره!! .... الآية تقول ... إلى الأرض التي باركنا فيها .. .. وهنا قد يتبادر إلى الذهن تساؤل يقول .. كيف نقول أنه لا يمكن تفعيل هذا العلم إلا من (الارض التي باركنا فيها) وفي الآية تحديد صريح .. حين عينت نقطة الوصول بـ (الأرض المباركة) ... وهذا يؤكد أن نقطة الإنطلاق لابد وأن تكون من نقطة أخرى مغايرة!!!!
وللتوضيح .. إختراق الزمن لا يتم إلا بالخروج منه والعودة إليه ... هذا أولاً ... ونحن هنا نتحدث عن إختراق (زمني) وليس مكاني ... فالمكان واحد .. والأزمنة المعاشة على ذات المكان هي المختلفة. فالإختراق يتم من (ذات المكان) للزمن المتباين ... وذهاباً وإياباً ... كما هي رحلة (المعراج) .... وكذا تواصل الله سبحانه وتعالى مع (كافة أنبيائه) عليهم السلام.
الإستدلال من السنة النبوية ..
حديث .. (1) .... أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها, فملك سبعمائة سنة وستة اشهر, ملك أهل الدنيا كلهم, من الجن والإنس والشياطين, وأعطي علم كل شيء ومنطق كل شيء, وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي ما سمع بها الناس وسخرت له
حديث .. (2) ..... قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه - قال سفيان: يعني الملك - قل إن شاء الله، فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة تلد منهن بولد إلا واحدة بشق غلام
قدرات لا شك أنها تتوافق مع ما أوتي سليمان عليه السلام ... بغض النظر عن حقيقة هذا النقل ... أو شخص ناقله أو راويه ... فقط .. المضمون متوافق مع آيات الله ...
ذي القرنين
(يُتْبَعُ)
(/)
. المفتاح .. تجدونه في الحديث الشريف .. فمنه نعلم أن مسمى كل عالم من عوالم ملكوت الله هو (قرن) والآيات في سورة الكهف تبين بجلاء أن ذي القرنين عاش في عالم الحياة الدنيا ومسؤول عن إدارة عالم آخر (اليوم الآخر) .. ومن الحديث نعرف العلة والسبب لمسمى (ذي القرنين)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف أنعم وقد إلتقم صاحب (القرن) (القرن). وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل. توكلنا على الله ربنا)
ويقول عليه السلام عن الصور .. هو (قرن) عظيم التقمه إسرافيل ينتظر متى يؤمر بنفخه
تداخل في القصتين يشير إلى داود وسليمان عليهما السلام .. وفي ذات الوقت تحاكي شخوص بألقابهم (العبد الصالح) (وذي القرنين) .. وإنتهت قصة موسى والعبد الصالح حيث بدأت قصة ذي القرنين مباشرة
(ما مكني فيه ربي خير) .. داود عليه السلام
(فما آتاني الله خير) ... سليمان عليه السلام.
قال تعالى: .. (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا)
قا ل تعالى (وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين)
قصة ذي القرنين هي شهادة القرآن على تبيان معالم اليوم الآخر .. وسأعيد تبيان حدود عالم اليوم الآخر .. أو عالم القبر.
.. (1) .. (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرا)
... الحد الأول ... من زمن (أول قوم) أو أول مجتمع إنساني أشرقت عليهم الشمس .. في الحياة الدنيا .. وهنا نلحظ بداية التكليف كان مع تشكل أول مجتمع إنساني.
قال تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ..... الآية)
الحد الثاني .. . حتى زمن (آخر قوم) تغرب عليهم الشمس ... و (عين حمئة) إشارة لحرارة الطقس المتوافق مع ذلك الزمن.
بعد آخر غروب للشمس .. تتبدل وجهة دوران الشمس ... لتشرق من الغرب وتغرب من الشرق ..
القرآن .. قال تعالى: .. (رب المشرقين ورب المغربين) .. تأكيد على .. مشرقين .. مغربين.
السنة والحديث ... (في (آخر الزمان) تشرق الشمس من مغربها وتغرب من مشرقها) أو كما قال عليه السلام.
العلم ... حقيقة علمية في علم (الفيزياء) توصل إليها الإنسان .. تقول .. أن أي عجلة دائرية الشكل وتدور حول مركزها .. لا يتوقف دورانها حتى ترتد في دورانها للإتجاه المعاكس وبعدها تتوقف.
السدين
.. بلغ ذي القرنين الزمن الذي يلي آخر غروب للشمس .. ووجد بداية شروق جديد ينتهي عند غروب جديد ... وبين زمن بداية الشروق الثاني وحتى زمن نهاية الغروب الثاني .. وجد ذي القرنين بينهما (قوماً) ... وصفتهم الآية بأنهم لا يكادون يفقهون قولا ..
الدوران المعاكس لأي شكل دائري مرتبط بالدوران الأساسي .. ومن الآية نستنتج أن الزمن الذي تقضيه الشمس في دورانها المعاكس لا يحتمل (زمنياً) إستيعاب أكثر من قوم.
قال تعالى: .... (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا)
أما لماذا (لا يكادون يفقهون قولاً) فلأنهم يتأثروا تأثيراً مباشراً من إختلاف وجهة دوران الخلق ... فتتبدل وجهة التدوير في (فكر) إنسان ذلك الزمان ..
يأجوج ومأ جوج
قال تعالى: ... (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا)
(يُتْبَعُ)
(/)
كما ورد في الآية ... الخوف من التسرب بين العالمين جراء تموج المفسدون أمر وارد .. لذا كان طلب معالجة الفصل بين العالمين موجه (لإنسان) محدد الهوية (ذي القرنين) .. ولايمكن - بحال - تحديد وتعيين المفسدون في الأرض والذي جاء وصفهم في الآية بـ (يأجوج ومأجوج) .... ويتعذر على أحد حصرهم بزمن بعينه .. بل هم المفسدون في سائر الأزمنة التي تقع ضمن الإطار الزمني والمحدد من ذي القرنين ..... والمفسدون لا يمكن تحديدهم في الزمن المعاش طالما أن باب التوبة مفتوح .. والذي ينتهي عند حلول الموت .. وعندها فقط يمكن تحديد (المفسدون).
بينت لنا آيات القرآن الكريم أن حال (المفسدون في الأرض) في اليوم الآخر ... هو التموج واليوم الآخر عالم ذا خصائص مختلفة عن الحياة الدنيا. وكلمة (بعضهم) .. تختلف عن جميعهم .. فهناك - قطعاً –غير المفسدون في الأرض .. أما كيف سيكون حالهم في اليوم الآخر .. فهو (الثبات) كما بينه القرآن .. والثبات عكس التموج ..
قال تعالى: ... (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)
قال تعالى: .. (يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)
أما لماذا التموج والثبات ... قال تعالى: .. (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون)
كيفية الفصل
الفصل بين عالمين يتحقق بإختلاف الخصائص ... وإختلاف الخصائص يتحقق بإختلاف الطاقة .. وتباين الخصائص بين السماوات – على سبيل المثال - تحقق من تباين الطاقة لكل سماء. قال تعالى (فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحى في كل سماء (امرها) وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم)
الفصل بين العالمين تم من خلال توليد الطاقة الخاصة بهذا العالم ... والتي ترتكز على عنصر الحديد .. وننوه هنا إلى أن العلم الذي توصل إليه الإنسان حتى اليوم لما يخص توليد الطاقة وبشتى أنواعها (الكهربائية. الميكانيكية. الذرية ... الخ) يعتمد على عنصرين أساسيين وهما (التدوير .. الوقود المسال) وهي ذات العناصر التي إتبعها ذي القرنين.
قال تعالى (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا)
ساوى بين الصدفين .. أي الطرفين .. الطرف الأول (الشرقي) عند زمن (القوم الذين لم يجعل الله لهم من دون الشمس سترا) .. الطرف الثاني (الغربي) عند زمن (ووجد عندها قوما) .. وساوى ذي القرنين بين الصدفين للوصول إلى الشكل الدائري .. (أنفخوا فيه) .. دلالة التدوير ... (حتى إذا جعله نارا) ... دلالة على شدة التدوير ... (أفرغ عليه قطرا) ... إضافة الوقود (المسال) والذي يؤدي إلى توليد الطاقة لعالم القبر ... وهنا نذكر أن تحويل (القطر) إلى سائل ... كان من الله سبحانه وتعالى (وأسلنا له عين القطر) ... كذلك إلانة الحديد ( .. النا له الحديد) ... وإنتاج الطاقة .. هو ما حقق الفصل بين العالمين ... وبذلك يكون من في القبر غير قادراً على التواصل مع من في الحياة الدنيا .. كذلك يستحيل على من يعيش في الحياة الدنيا التواصل مع عالم القبر ... وذلك لتباين الخصائص في العالمين ... و (الزبور والحديد) كانت لنبي واحد يلقب بـ (ذي القرنين)
قال تعالى: ... (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)
عالم القبر (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ .. دلالة على سفلية هذا العالم)
الحياة الدنيا (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا .... دلالة على أن محاولة التواصل مع عالم القبر المستحيلة تعتمد على (الحفر).
قال تعالى: .. (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) ..
(يُتْبَعُ)
(/)
. هنا يقول داود عليه السلام (ذي القرنين) واصفاً إحكام هذا العالم وفصله عن عالم الحياة الدنيا .. بـ (رحمة من ربي) ... وينتهي عالم القبر حين يأتي وعد الله وذلك عند بداية نفخة الصور الأولى .. لتنتقل مخلوقات الله من عالم القبر .. إلى عالم آخر مختلف أيضاً في الخصائص (يوم القيامة) .. المهم .. أن القرآن الكريم وصف لنا حالة الإنتقال تلك بـ (النسل) ... وكلمة (ينسلون) تكررت في القرآن الكريم مرتان فقط ..
قال تعالى: .. (ونفخ في الصور فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون)
قال تعالى: .. (حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون)
وهنا تأكيد على أن يأجوج وما جوج الذين ذكرتهم الآيات تابعين لعالم اليوم الآخر .. بل أن الآيات تحددهم بالمفسدون في الأرض.
يتبادر إلى الذهن سؤال ... إذا كان ذو القرنين قد أنجز هذا العالم .. فمن هو الموكل بإدارة هذا العالم .. ويا ترى هل هو من الملائكة أم من الإنس أم من الجان.
القرآن الكريم .. يفيد بوضوح أن (ذي القرنين) هو المعني بإدارة هذا العالم وفق صلاحيات مطلقة.
قال تعالى .. (( ... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا)
قال تعالى: .. (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا) .. (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا)
ثم يرد إلى ربه .... أي بعد نهاية اليوم الآخر وبداية يوم القيامة عند نفخة الصور الأولى.
.. صفة المفسد والظالم - كما وضحت - لا تكون قطعية إلا بعد (الموت) .. والعذاب (لمن ظلم) وجزاء الحسنى لمن (آمن وعمل صالحاً) ... وهذا لا يكون إلا هناك .. في اليوم الآخر.
من أمرنا يسرا ... تأكيد على مسؤولية ذي القرنين عن إدارة هذا العالم .. دون سواه من مخلوقات أخرى.
نجد في مواقع أخرى من القرآن الكريم ما يؤكد أن داود عليه السلام هو الموكل بإدارة اليوم الآخر؟
الله سبحانه وتعالى حين نصب نبيه داود عليه السلام وجعله خليفة له (في الأرض) وكان الهدف من التنصيب الإلهي لداوود عليه السلام .. لأن يكون خليفتة في الأرض .. مسبباً ... بأن (يحكم بين الناس بالحق) .. والناس هنا كل الناس .. وهنا الأمر لا يخلو من الغرابة .. ليس من يقين الآيات ... بل أين كنا!!
قال تعالى: .. (يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب)
وهب الله لداود إبنه سليمان فورث منه الحكم والنبوة وأوتي من علم كل شيء .. فأصبح داود وإبنه هما المعنيان بإدارة خلافة الأرض والحكم بين الناس .. والذي لا يكون إلا بعد الموت ... وتحديداً في عالم القبر ... أو اليوم الآخر.
مشاركة سليمان والده داود في الحكم بين الناس والجن والطير ... وذلك في عالم القبر ... ولهما عليهما السلام الإستعانة بجنود من الإنس والجن والطير كأتباع يتم منحهم ما يرتقي بقدراتهم إلى الإفادة من خدماتهم في إدارة هذا العالم.
قال تعالى: .. (وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)
قال تعالى: .... (ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين)
قال تعالى: .... (من كان يريد حرث الاخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب.)
..
في سياق الآيات من قصة ذي القرنين .. قوله تعالى: .. (وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) ..
ونحن نعلم أن (العرض) لا يكون إلا في اليوم الآخر .. فلنستعرض الآيات الخاصة بـ (العرض) ..
عند إستعراض آيات العرض في القرآن الكريم نجد أنها في عالم يحكمه ذي القرنين (القبر) ..
قال تعالى: .. (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين)
قال تعالى: .. (وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم اول مرة بل زعمتم الن نجعل لكم موعدا)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: .. (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب)
قال تعالى: .. (وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين امنوا ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة الا ان الظالمين في عذاب مقيم)
قال تعالى: .. (ويوم يعرض الذين كفروا على النار اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما كنتم تفسقون)
قال تعالى: .. (ويوم يعرض الذين كفروا على النار اليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)
قال تعالى: .. (سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
قال تعالى: .. (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)
جاء في سورة النمل .. قال تعالى: .. (حتى اذا اتوا على وادي النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) .. وهنا النملة تتحدث من جوار (مساكن النمل) .. ومساكن النمل (تحت)
حين تتحدث نملة مع بقية النمل وتذكر سليمان عليه السلام .. وفي القرآن الكريم!! فالأمر لا يعدو أكثر من تغليف (معلومة). وما نستشفه من حديث النملة .. هو أنه إذا كان عالم اليوم الآخر ذا خصائص مغايرة للحياة الدنيا .. فمن المؤكد أن تواجد الإنسان في هذا العالم يكون بخصائص متوافقة مع خصائص عالم القبر .. وإن كنا لا نملك تفصيل عن تلك الخصائص والتي تؤثر في الشكل والحجم النهائي للإنسان سيما وأن الناس في عالم القبر هم نتاج (النشأة الآخرة) .. ونعلم أن (اليوم الآخر) هو الأرقى في الخصائص عن خصائص الحياة الدنيا .. ومن هنا ندرك أننا ننتقل بعد الحياة الدنيا إلى عالم بخصائص أرقى .. وهذا يؤثر على حجم الإنسان .. في نشأته الآخرة .. والسنة النبوية .. الشارحة للقرآن .. تفيدنا (بالضبط) بحجم الإنسان في اليوم الآخر ..
يقول عليه السلام ... يحشر المتكبرون أمثال الذر (صغار النمل) يوم القيامة في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان
... وهنا نتذكر حديث (النملة) ... لسليمان عليه السلام .. وبدأنا نتصور (حجم) الناس في ذلك العالم .. وسليمان حين (إستمع) لحديث النملة كان يعيش خصائص عالم القبر ... والحشر .. لايكون إلا في (عالم القبر)
قال تعالى (وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون) ..... لو بحثتم في كتاب الله عن كلمة (يوزعون) .. لوجدتم ثلاث آيات
...
قال تعالى: .. (وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون)
قال تعالى: .. (ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب باياتنا فهم يوزعون)
قال تعالى: .. (ويوم يحشر اعداء الله الى النار فهم يوزعون)
وهذا تأكيد على أن سيناريو حديث النملة كان في عالم القبر ...
جاء في سياق الآيات من قصة ذي القرنين .. آيات تبين أن هذا العالم يشمل (منازل الجنة) .. و (منازل النار) .. والجنة والنار تبدأ من عالم القبر (اليوم الآخر) وإليكم الآيات التي تفيدنا عن هذا العالم ..
قال تعالى: ... (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا)
قال تعالى: ... (فحسب الذين كفروا ان يتخذوا عبادي من دوني اولياء انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا)
قال تعالى (اذلك خير نزلا ام شجرة الزقوم) .... تحديد لموقع شجرة الزقوم!!
قال تعالى (وقل رب انزلني منزلا مباركا وانت خير المنزلين) .. انزلني .. وليس إرفعني .. فمنازل الجنة تبدأ من مكان يتطلب النزول ..
نعود لآيات قصة ذي القرنين .. والتي جاء فيها .. قوله تعالى: ... (قال اما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا) .. وكلمة (عذاباً نكرا) ... تذكرنا بـ (منكر ونكير) الذين جاء ذكرهم في الحديث الشربف
... ونعلم أنهم أخصائي السؤال و (العذاب) في عالم القبر ... فماذا عن – منكر ونكير – في القرآن الكريم.
قال تعالى (فانطلقا حتى اذا لقيا غلاما فقتله قال اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا)
قال تعالى: .. (قال اما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا)
قال تعالى: .. (وكاين من قرية عتت عن امر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا)
قال تعالى: ... (واصحاب مدين وكذب موسى فامليت للكافرين ثم اخذتهم فكيف كان نكير)
قال تعالى: ... (وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما اتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير)
قال تعالى: .. (ثم اخذت الذين كفروا فكيف كان نكير)
قال تعالى: .. (استجيبوا لربكم من قبل ان ياتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجا يومئذ وما لكم من نكير)
أعتذر عن الإطالة .... ولكم أن تتأكدوا أن سورة الكهف حملت الكثير من المعلومات القوية والمهمة .. وذكر لأعلم أنبياء الله .. فلا نستغرب التوضيح الإلهي الوارد في آخر السورة
قال تعالى (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)
شكراً للجميع.
binkhales@yahoo.com
.
ه(/)
أفضل كتب التفسير للقراءة (ابن عثيمين - رحمه الله)
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[22 Aug 2004, 08:00 ص]ـ
السؤال: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ بماذا توجهون المستمعين من كتب التفسير في قراءتها يا شيخ؟
الشيخ: كتب التفسير في الواقع كثيرة ومتشعبة والعلماء رحمهم الله كل يأخذ بجهة من جهات القرآن الكريم فمنهم من يغلب عليه تفسير المعاني بقطع النظر عن الأعراب والبلاغة. . .
وما أشبه ذلك ومنهم من يغلب عليه مسائل الإعراب والبلاغة وما أشبه ذلك ومنهم من يغلب عليه استنباطات من الآيات العلمية والعملية فهم يختلفون لكن من خير ما يكون من التفاسير فيما أعلم تفسير ابن كثير رحمه الله فإنه تفسير جيد سلفي لكن يؤخذ عليه أنه يسوق بعض الإسرائيليات في بعض الأحيان ولا يتعقبها وهذا قليل عنده ومن التفاسير الجياد تفسير الشيخ عبد الرحمن بن الناصر بن سعدي رحمه الله فإنه تفسير سلفي سهل المأخذ ينتفع به حتى العامي ومن التفاسير الجياد تفسير القرطبي رحمه الله ومنها تفسير محمد الأمين الشنقيطي الجكني لا سيما في آخر القرآن الذي أدركه ومن التفسير الجياد في البلاغة والعربية تفسير الزمخشري لكن أحذره في العقيدة فإنه ليس بشيء ومن التفاسير الجياد تفسير ابن جرير الطبري لكنه لا ينتفع به إلا الراقي في العلم هناك تفاسير أخري لا نعرفها إلا بالنقل عنها لكن الإنسان يجب عليه أنه إذا لم يفهم الآية من التفاسير أن يسأل عنها أهل العلم حتى لا يفسر القرآن بغير مراد الله تعالى به.
http://www.binothaimeen.com/modules.php?name=Newss&file=article&sid=4886(/)
جواب للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -
ـ[المزمل]ــــــــ[22 Aug 2004, 01:59 م]ـ
السؤال: جزاكم الله خير كتب التفسير تحدثت فضيلة الشيخ عن تأويل بعض هذه الصفات طالب العلم الذي يريد أن يقرأ التفسير بماذا ترشدونه يا شيخ؟
الشيخ: أرشده إلى أن يتجنب جميع الكتب التي فيها التحريف ثم إذا ترعرع فيما بعد وأحب أن يطلع ويرى ما أبتلي به بعض الناس من التحريف فلا حرج أما في بداية الأمر. . .
فأخشى عليه الضلال إذا طالع الكتب التي فيها التحريف كتحريف استوى بمعنى استولى وجاء ربك بمعنى جاء أمر ربك وبل يداه مبسوطتان أي نعمتاه وما أشبه ذلك من التحريف الباطل هذا لا يمكن أن يقرأه المبتدئ لأنه يضل ويهلك ونحن نؤمن بأن الله يجيء نفسه لأن الله أضاف الفعل إلى نفسه جاء ربك وأنه استوى على عرشه حقا وبأن له يدين حقيقتين قال الله عز وجل (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فالأمر واضح ولله الحمد الأمر مثل الشمس في رابعة النهار لكني أقول من لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
منقول من موقع الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله -
[ www.binothaimeen.com ](/)
أحوال المفردة القرآنية (2)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[22 Aug 2004, 06:16 م]ـ
ثانياً: التعريف والتنكير:
ولهذه الظاهرة اللغوية أهمية كبيرة في تنوع التعريف على وفق مقتضيات الكلام وتوظيف كل منهما لدواعٍ معينة تثري التركيب بدلالاتٍ متنوعة مما يُعدُّ أحد وسائل إثراء الدلالة (1)، ومرجع هذا التوظيف إلى حاجة السياق إذ للتعريف والتنكير دلالة عامة من حيث إرادة التعيين أو عدمه إلا أن لهما معانياً يخرجان إليها، وهذه المعاني لا تفاد منهما إلا من خلال سياقهما، فالسياق هو وحده المحدِّد لهذه المعاني التي تخرج إليها المعرفة والنكرة (2)، فقد تكون النكرة أحياناً دالة على التحقير وأحياناً دالة على التعظيم، أو تكون دالة على التقليل أحياناً وأحياناً على التكثير، أما أن تتحقق المعاني كلها في توظيفٍ واحد داخل سياق واحد فهذا هو الإعجاز بحد ذاته قال تعالى: (ألم يَكُ نطفةً من منيٍّ يمنى) (القيامة: 37) وقال تعالى: (من أي شيءٍ خلقه من نطفةٍ خلقه فقدره) (عبس: 19) وقال تعالى: (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة) (الكهف: 37) … يقول أحمد بدوي: إنّ التنكير في هذه الآيات يوحي بالتحقير إلى النفس (3)، وهذا ما رفضه الشيخ ابن عاشور بقوله: (ولا التفات في ذكرها إلى معنى التحقير أو المهانة لأن المقام للاستدلال على أمرٍ عظيم لا لإهانة المتكبرين) (4) وقد رفض الدكتور نحلة رأي الشيخ ابن عاشور وعَدَّ المقام مقام تعجب من كفران الإنسان نعمة خالقه … مع أنه أنشأه من نطفةٍ أي من شيءٍ صغير حقير لا يعزى … (5)، فنحن هنا أمام قراءات مختلفة لنصٍ واحدٍ، غير أن ما يبدو هنا للوهلة الأولى تعارضاً لا يشكل عند الشعراوي إلا أسلوباً مقصوداً لأن عظمة الصنعة كما يذكر تأتي من أمرين .. إما من أمرٍ لطيف جداً يدقّ عن الإدراك أو أمرٍ كبيرٍجداً لا يحيط به الإدراك وهذان الأمران موجودان لذلك عندما يقال بأن النكرة ضد المعرفة، والمعرفة تحدد المعنى، والنكرة تعطي شيوعاً، يقال إن الشيء قد ينكر للتعظيم وقد ينكر للتحقير وكأن النكرة تسمح أن تكون مرّة للتعظيم ومرّة للتحقير ومرّة للتقليل ومرّة للتكثير (6)، وهذه هي أهم سمة أسلوبية في التعبير القرآني إذ تكون نصوصه قابلة لأكثر من قراءةٍ مقصوداً إليها جميعاً لتحقيق اتساعٍ دلالي حيناً أو مراعاةٍ لاختلافاتٍ فكريةٍ بين العصور فليس الإعجاز الكامل في أن تخاطب العالم بما يعجزه ويبهره بل في أن تخاطبه بكلامٍ يفهمه ذلك دون تجاوزٍ لفهم الإنسان العادي، وليس في جمع المعنيين (التحقير والتعظيم أو التقليل والتكثير) في مفردة واحدة للتنكير كما في الآيات السابقة شيء جديد فقد كان الزمخشري يشير إليه كما في كلامه عن تنكير لفظة (نفس) (7) حيث قال: (يجوز أن يكون المراد بها بعض الأنفس ... أو أن يراد التكثير) (8).
وقد يؤتى باللفظة منكرة كما في قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) (الجمعة: 2)، وقوله تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم) (المزمل: 15) فتنكير المسند إليه هنا كان لغايةٍ بلاغية نفسية ذلك أن احتمال تحقق الحكم، كما يقول السكاكي، يزداد بُعداً كلما ازداد تخصصاً ويزداد قُرباً كلما ازداد عموماً (9)، فالمسند إليه كلما كان عامّاً مطلقاً غير مقيد كان احتمال ثبوت الحكم له في الخارج وفي نفس المتلقي أقرب، وإذا كان استعداد المتلقي لتقبل الحكم في هذه الظاهرة الأسلوبية البلاغية حسناً فأن الحاجة إلى تعريف المسند إليه تقل حينما يُراد توكيد الحكم وتقريره في نفس المتلقي، وسيكون احتمال تحقق الحكم وثبوته بعيداً إذا كان المسند إليه معرفةً أو نكرةً مخصصة وتقبل المتلقي له وتصديقه به يكون أقل احتمالاً. وذلك لأننا لو قلنا (سافر رجلٌ) فإن احتمال ثبوت السفر لرجلٍ من الرجال لا على التعيين سيكون قريباً ولن يجد المتلقي صعوبةً في تقبله والتصديق به، وسيكون العكس لو قلنا (سافر الرجل) فأن احتمال ثبوت السفر بحق هذا الرجل المعين بالذات من بين باقي أفراد الجنس وإن كان ممكناً إلا أن تقبل النفس له وتصديقها به، مما يحتاج إلى إثبات وتوكيد (10) فمراعاة القرآن للمخاطبين كانت السبب في عدم ذكر اسم الرسول) صلى الله عليه وسلم) صريحاً في هذه السور بل لم
(يُتْبَعُ)
(/)
يذكر في القرآن غير أربع مراتٍ في مواقف خاصة اقتضت ذلك الذكر؛ لأن من المشركين من أنكر الإسلام لأنه لا يريد الاعتراف بالرسول) صلى الله عليه وسلم) حسداً وأنفة أو أن الاعتراف به سيعني إعلاءً لكلمة بني هاشم ... الخ، فكان الإتيان باسم الرسول) صلى الله عليه وسلم) سيعني إنكاراً ونفوراً من البداية دون استماع لهذه الآيات التي تذكره والله أعلم. غير أن غاية بلاغية أخرى قصدت من التنكير والتعريف في قوله تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول) (المزمل: 15 - 16) فلم يكن فرعون يعرف موسى رسولاً صاحب عقيدة فُنكّرَ اسم الرسول لعدم معرفة فرعون به لبداية دعوته غير أن التعريف دلّ على أن فرعون لم يعصه إلا بعد أن عرفه وجادله وناقشه فأصبح يعرف يقيناً أنه رسول ومع ذلك عصاه فاستحق أن يؤخذ أخذاً وبيلاً ( ... فأخذناه أخذاً وبيلاً) (المزمل: 16)، وقد جعل الزمخشري التعريف عهدياً إشارة إلى المذكور بعينه (11)، وقيل هي للجنس لأن من عصى رسولاً فقد عصى سائر الرسل (12)، أمّا الرازي فجعل التقدير: أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصاه فأخذناه أخذاً وبيلاً، فأرسلنا إليكم أيضاً رسولاً فعصيتم ذلك الرسول، فلا بد وأن نأخذكم أخذاً وبيلاً، فأرسلنا إليكم أيضاً رسولاً فعصيتم ذلك الرسول، فلا بد وأن نأخذكم أخذاً وبيلاً (13)، وقد يستخدم التعبير القرآني التعريف بالإضافة لتكريم المضاف إليه بالتخصيص مع أن المضاف غير خاصٍ للمضاف إليه كما في قوله تعالى: (ما أنت بنعمة ربكَ بمجنون) (القلم: 3) وقوله تعالى: (إنّ ربك هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله ... ) (القلم: 7) فكأن الخطاب هنا - كما يقول أحمد بدوي - لمحمد) صلى الله عليه وسلم) وحده وكأن الله في هذا الموقف ربّ محمدٍ قبل أن يكون ربّ سواه ولو ربطنا بين موقف محمد وقريش وهو الرجل الوحيد في المعركة أمام قوةٍ من الرجال كثيرة في عددها كبيرة في قوتها شديدة في أذاها .... لأدركنا يقيناً لِمَ أضيف الرب إلى كاف الخطاب ولِمَ لم تستعمل كلمة أخرى مكان كلمة (ربك) كـ (الله) مثلاً (14)، والأمر كذلك في قوله تعالى: (سبّح اسم ربَّكَ الأعلى) (الأعلى: 1) فجاءت الإضافة إلى الرب دون (الله) لما يُشعر به وصف (رب) من أنه الخالق المدبر وأما إضافة (رب) إلى ضمير الرسول) صلى الله عليه وسلم) فلتشريفه بهذه الإضافة وأنّ له حظاً زائداً على التكليف بالتسبيح (15)، ومن المفسرين من جعل الإضافة دليلاً على عدم التكرار في قوله تعالى: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس آله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس …) فـ (الناس) الأول بمعنى الأطفال المحتاجين للتربية بدليل إضافة (رب) إليهم فهو الخالق المربي المدبر، والثاني الشباب لما في لفظ (الملك) من القوة (16) والثالث الشيوخ لأن (الإله) هو المعبود (17)، والشيوخ هم المتعبدون المتوجهون لله (18)، وهذه الملاحظة على ما قد يقال في بعدها تشير إلى نظرة المفسرين إلى المفردة لا من خلال قيمتها الدلالية وحدها وإنما هي ضمن إطارها الدلالي العام تدخل في مجموعة من العلاقات مع بقية المفردات سواء كانت في الجملة الواحدة أو السورة ككل فبين المفردات علائق خفية تجعل الواحدة منها مؤثرة ومتأثرة بالأخرى مما يشكل المعنى السياقي العام وسيتضح هذا في مبحث التضمين.
أما الضمير فقد وظف في القرآن توظيفاً جعل السورة القرآنية تتسم بترابط آياتها مع الإيجاز وعدم التكرار إلا ذاك التكرار الموظف لغايات تعبيرية ... والقرآن في كل هذا يستفيد من أساليب العرب كما في ضمير الشأن أو القصة وهو الضمير الذي لا مرجع له كما في قوله تعالى: (قل هو الله أحد) (الإخلاص: 1) والأسلوب العربي - كما يقول أحمد بدوي - لا يأتي بهذا الضمير إلا في المواطن التي يكون للأمر فيها أهمية تراد العناية بها فيكون هذا الضمير أدعى للتنبيه يدفع المرء إلى الإصغاء فإذا وردت الجملة بعده استقرت في النفس واطمأن إليها الفوآد (19) وقد تبنى الضمائر في آيات معينة على صحة أن تكون عائدة على أكثر من مرجع كما في قوله تعالى: (قُتلَ أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله
(يُتْبَعُ)
(/)
العزيز الحميد) (البروج: 4 - 8) إذ نحن حيال تفسيرين لـ (قُتِلَ أصحاب الأخدود) هل هم من حفر الأخدود وألقى المؤمنين به فيكون (قُتِلَ أصحاب الأخدود) دُعاءً عليهم بالهلاك واللعن كما فهمه بعض المفسرين (20)، أم المقصود هنا الإخبار عن المؤمنين (أصحاب الأخدود) الذين ألقوا فيه كما فَهِمَ مفسرون آخرون (21)، إنّ بناء الجمل كان بطريقةٍ تسمح بعود الضمير صحيحاً على كلا التفسيرين، ومن جعل (قُتِلَ أصحاب الأخدود) (جوابَ القسم جعل الكلام خبراً وقدّره لقد قُتِلَ أصحاب الأخدود فيكون المراد من أصحاب الأخدود الذين ألقوا فيه وعذّبوا به) (22) أي يكون قتل خبراً لا دعاءً ولا شتماً، ولا يتعين أن يكون الخبر مستعملاً في لازم معناه من الإنذار للذين يفتنون المؤمنين بأن يحل بهم ما حَلَّ بفاتني أصحاب الأخدود ليعتبره الشيخ ابن عاشور ردّاً على الرأي الآخر بحجة أنّ الخبر عن أصحاب الأخدود لا يحتاج إلى التوكيد بالقسم إذ لا ينكره أحد فهو قصة معلومة للعرب كما يقول الشيخ، وهذه الحجة لا تلزِمُ إلا على رأي الفراء كما صرّح الشيخ بنفسه لأن الزجاج: يرى أن جواب القسم هو (إن بطش ربك لشديد) (البروج: 12) والكلام الذي بينهما اعتراض قُصدَ به التوطئة للمقسم عليه وتوكيد التحقيق الذي أفاده القسم بتحقيق ذكر النظير (23)، وقد (يكون الله قد ضرب قصة أصحاب الأخدود هنا مثلاً ودليلاً على جواب القسم المقدّر وهو ابتلاء المؤمنين) (24).
أما بالنسبة للموصول فقد استُخدم في القرآن لوظيفةٍ تصويرية - إن صحّ التعبير - فالموصول يقدّم انتقالاً وصفياً من السياق العام إلى تفريع يُقصد إليه لغاية تعبيرية يحتاجها السياق وكأنها أحياناً تعليلية كما في قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) (العلق: 1) فقد جيء في وصف الربّ بطريق الموصول (الذي خلق) لأن في ذلك استدلالاً على انفراد الله تعالى بالإلهية لأن هذا القرآن سيُتلى على المشركين، لما تفيده الموصولية من الإيماء إلى علة الخبر وإذا كانت علة الإقبال على ذكر اسم الرب هي أنه خالقٌ دلَّ ذلك على بطلان الإقبال على ذكر غيره الذي ليس بخالق (25)؛ لأنهم معترفون بأن الله هو الخالق وحده (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) (الزمر: 38) فهذه الظاهرة الأسلوبية تستخدم قصداً لما بعدها (الصلة) مما يخلق نوعاً من التفنن في الأداء ووضع وصف مناسب للاسم عند حاجة السياق إليه.
ومثلما وُظف الموصول وظفت الإشارة في الأسلوب القرآني حتى كأنها تعبير لوحدها له دلالته الخاصة التي تسبغ على السياق ومن خلاله المعنى الدلالي الذي يجرد المُتَحدَّثَ عنه وكأنه مُشاهدٌ مُبصر كما قال تعالى: ( ..... فذلك الذي يَدعُّ اليتيم) (الماعون: 2) فكأنه أصبح ظاهر الوصف بارزاً يُشار إليه، ليس هذا فقط بل إنما تضع المخاطب على بعده عما تشير إليه قال تعالى: (هذه جهنم التي يكذِّب بها المجرمون) (الرحمن: 43) و (هذا ما توعدون لكل أوابٍ حفيظ) (ق: 32) لما كان الخطاب في يوم القيامة وأصبح كل شيءٍ مرئياً مُشاهداً، في حين قال تعالى مُخبراً عن المؤمنين: (لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير) (البروج: 11) وهم في الدنيا وخاطبهم فيها باسم الإشارة الدال على البعد لأنهم حصلوا على شيءٍ بعيد (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يُلقاها إلا ذو حظٍّ عظيم) (فصلت: 35) وقال تعالى: (إنّ ربك هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (القلم: 7) فقد جاءت (من) الدالة على العاقل هنا وجيء بصلتها (الفعل ضلّ) مفرداً على الرغم من كثرة الضالين يومئذٍ لتحقير شأنهم فكأنهم فردٌ واحد لا غير في حين جاء لفظ الهداية جمعاً على قلة عددهم يومئذٍ وكأنهم جمع كبير يملأ الدنيا لذلك عُرّف اللفظ بلام العهد الذهني للتكثير والتعظيم (26) وقد يؤتى بالمعرفة والنكرة في تقابل دلالي كما سبق في قوله تعالى: (إنا أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسولَ)، ومن هذا الباب إعادة المعرفة معرفة والنكرة نكرة لا كما في المثال السابق وإنما كقوله تعالى: (إنَّ مع العسر يسراً، إن مع العسر يسرا) (الانشراح: 4 - 5) والمفسرون يقولون إن المعرفة إذا كررت كان الثاني عين الأول وإذا كررت النكرة كان
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني غير الأول، فهم يقولون إن الآية تشير إلى يسرين مع العسر الواحد (27)؛ ليكون ذلك أقوى للأمل وأبعث على الصبر (28). وقد كثر الحديث عن نقض هذه القاعدة وذكر السبكي (29) أنها منتقضة بعدة آيات كقوله تعالى: (وهو الذي في السماء آله وفي الأرض آله) (الزخرف: 84) وقوله تعالى: (يسئلونك عن الشهر الحرام قتالٌ فيه قل قتالٌ فيه كبير) (المائدة: 45) وعدّها الزركشي منقوضة بعدة آيات منها (إن النفس بالنفس) (الرحمن: 60) و (هل جزاء الإحسانِ إلا الإحسان) (الرحمن: 60) وقوله تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) مع قوله (قالت إحداهما) (القصص: 25، 26) .... الخ، ولا يصح الاستشهاد بهذا الذي ذكروه فالآية الأولى النكرة فيها بمعنى معبود، والاسم المشتق إنما يقصد به ما تضمنه من الصفة (30)، وأجاب الطيبي بأن هذا من التكرار وإناطة أمرٍ زائدٍ وهذه القاعدة فيما إذا لم يقصد التكرير (31)، أما قوله تعالى: (ويسئلونك عن الشهر الحرام ... ) فقد أجيب عنه بأنّ أحدهما من كلام السائل والثاني من كلام النبي) صلى الله عليه وسلم) والقاعدة أن يكون الكلام من متكلمٍ واحد (32)، كما أن الثاني ليس الأول لأن المراد بالأول المسؤول عنه القتال الذي وقع في إحدى السرايا سنة اثنين من الهجرة لأنه سبب نزول الآية والمراد بالثاني جيش القتال (33) أما (إن النفس بالنفس) و (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فهذا من الكلام المتحد الذي يُعدُّ ثانيه مكمل لأوله جزاء عليه فلا يقاس على هذا، والآية الأخيرة التي قال عنها الزركشي: (وأما قوله تعالى: (فجاءَتهُ إحداهما تمشي على استحياء) بعد قوله (قالت إحداهما ... ) فيحتمل أن تكون الأولى هي الثانية وألا تكون) (34)، وهذا مما لا يصح إذا إن الآية (فجاءته) ليست بعد (قالت إحداهما) وإنما هي قبلها كما هو في الترتيب المصحفي غير أن كلام الزركشي (بعد قوله) يوهم أنها بعدها، لذلك أجاز أن تكون الأولى هي الثانية وألا تكون، وحين ترتب الآيات كما هي في المصحف سيتعين أن تكون الثانية هي الأولى ليصح إخبارها عنه، وهذا ما فهمه الزمخشري حين قال (هي التي ذهبت به وطلبت إلى أبيها أن يستأجره .. ) (35)، ويبدو أنّ خطأ الزركشي في ترتيب الآيات هو ما أوهمه بهذا الحكم، والله أعلم.
ويبدو أن هذه الأقوال السابقة جعلت الطاهر بن عاشور يخطأ هذه القاعدة محتجاً بما يلي (36): إن القاعدة في إعادة النكرة معرفة لا في إعادة المعرفة معرفة، وهذا مخالف لكل من ذكر القاعدة (37)، وأنّ القاعدة خاصة بلام العهد لا بلام الجنس وهذا غير صحيح (فأن المعرّف إذا أعيد يكون الثاني عين الأول سواء كان معهوداً أو جنساً) (38)، وحتى لو صحّ ما قاله الشيخ فأن السيدة بنت الشاطئ قد رجحت أن (أل) في الصدر للعهد لا للاستغراق .... (39)، وذكر أن القاعدة في إعادة اللفظ في جملة أخرى وهذا تكرير للجملة الأولى وليست إعادة في كلامٍ ثانٍ كيف هذا ومن المفسرين من ذهب إلى أن الجملة الثانية استئنافية (40) ويكفي للتدليل على صحة هذه القاعدة قوله) صلى الله عليه وسلم) (لن يغلب عسرٌ يسرين) (41).
الحواشي:
1) ينظر: في البنية والدلالة 153.
2) ينظر في هذه المعاني: الاتقان 1/ 324 – 325.
3) ينظر: من بلاغة القرآن 130.
4) التحرير والتنوير 30/ 174.
5) ينظر: لغة القرآن 396.
6) ينظر: المختار 1/ 103 – 104.
7) الزمر 56.
8) الكشاف 3/ 404.
9) مفتاح العلوم 85.
10) ينظر: الأسس النفسية 118 – 119.
11) ينظر: الكشاف 4/ 178، وهو قول الزركشي البرهان 4/ 87.
12) ينظر: البرهان 4/ 87، وهو قول ابن الخشاب.
13) ينظر: تفسير الرازي 30/ 182.
14) ينظر: التعبير الفني 268.
15) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 274.
16) ينظر: كلام ابن جني عن مادة (ك ل م) ودلالة مشتقاتها على القوة والشدة الخصائص 2/ 14.
17) لسان العرب (آله) 13/ 469.
18) ينظر: تفسير القاسمي 17/ 6313، ودّرة التنزيل 537 – 538.
19) ينظر: من بلاغة القرآن 134.
20) ينظر: التحرير 30/ 240، وتيسير الكريم الرحمن 7/ 600.
21) فيما نقله الطاهر في التحرير 30/ 240 – 241.
22) التحرير 30/ 241.
23) ينظر: التحرير 30/ 241.
24) التفسير الواضح 30/ 36.
25) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 437.
26) ينظر: التعبير الفني 268.
27) ينظر: تفسير الماوردي 4/ 477، وتفسير أبي السعود 1/ 882، والإتقان 4/ 477، والتحرير والتنوير 30/ 415، والبرهان 4/ 94، 98، وغرائب القرآن 30/ 116.
28) ينظر: تفسير الماوردي، قاله: ثعلب 4/ 477.
29) ينظر: عروس الأفراح، والإتقان 1/ 328.
30) البرهان 4/ 99.
31) ينظر: البرهان 4/ 98 – 99، والإتقان 1/ 328 – 329.
32) ينظر: البرهان 4/ 99، والإتقان 1 /.
33) ينظر: الإتقان 1/ 328.
34) البرهان 4/ 97.
35) الكشاف 3/ 172.
36) ينظر: التحرير والتنوير 30/ 415 – 416.
37) ينظر: تفسير أبي السعود 5/ 882 …
38) تفسير أبي السعود 5/ 882.
39) ينظر: التفسير البياني 1/ 71.
40) ينظر: تفسير أبي السعود 5/ 882، والأعمال الكاملة لمحمد عبده 5/ 118.
41) ينظر: غرائب القرآن 30/ 116، والإتقان 1/ 327.
د. عامر مهدي العلواني
مدرس البلاغة والنقد في قسم اللغة العربية
جامعة الأنبار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2004, 07:51 ص]ـ
بارك الله فيك.(/)
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[22 Aug 2004, 11:00 م]ـ
قال الله عز وجل: ? ((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)) ?
من صور الهجران ما يلي:-
عدم قراءته. فمن منا يقرأ القرآن يوميا؟! إن القرآن مقسم إلى ثلاثين جزء، ومتوسط كل جزء عشرون صفحة. فهل من الصعب قراءة عشرين صفحة يوميا؟ إنه أمر لا يستغرق منك سوى نصف ساعة. إن قراءة الصحف اليومية تستغرق من المرء أكثر من ساعة يوميا، فهل قراءة تلك الصحف أهم من قراءة القرآن؟!!
- وسماع القرآن ... لقد استبدلناه بسماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والتمثيليات ومتابعة المباريات.
- وأخلاقنا الآن في وادٍ وما ينادي به القرآن من التحلي بقويم الأخلاق في وادٍ آخر.
- ونعرف حلاله وحرامه ولا نقف عندهما، بل نتفاخر بالتملص منهما، ونصم من يلتزم بهما بالسذاجة وقلة الخبرة.
- وتعلمنا كيف نجادل لا لإثبات تعاليم ربنا ولكن لكي نتفلت منها، ونعمل بغيرها. ظننا أن التقدم الخادع الذي أحدثته الأمم من حولنا إنما مرجعه للتخلي عن الدين، فلما تخلينا عن ديننا انحرفنا وزغنا عن طريق التمكين.
- التخلي عن التحاكم إليه في حياتنا وفي معاملاتنا.
- تركنا فهم معانيه ومن ثم تدبر آياته، وأصبح معظم ما نعرفه عنه عكس المراد به.
- تركنا تعلم لغته ولجأنا إلى لغات المستعمر، وأصبح تجنب الحديث باللغة العربية والرطانة بهذه اللغات مصدر فخر وإعزاز بيننا.
- تركنا التداوي به ولجأنا إلى الاعتماد على الأسباب المادية فقط.
إني لأعجب من أمة تهجر كتاب ربها وتُعرض عن سنة نبيها، ثم بعد ذلك تتوقع أن ينصرها ربها؟ إن هذا مخالف لسنن الله في الأرض. إن التمكين الذي وعد به الله، والذي تحقق من قبل لهذه الأمة، كان بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل، الدستور الرباني الذي فيه النجاة مما أصابنا الآن.
إن الذين يحلمون بنزول النصر من الله لمجرد أننا مسلمون لواهمين. ذلك أن تحقق النصر له شروط. قال تعالى: ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي اْلأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُ! دُونَنِي َلا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ?] النور: 55 [. كما أن ما بعد النصر له شروط. قال الله تعالى: ? الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي اْلأَرْضِ أَقَامُوا الصََّلاةَ وَآتَو! ْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ اْلأُمُورِ ?] الحج: 41 [. فعودوا إلى كتاب ربكم تنالوا نصره في الدنيا وتدخلوا جنته في الآخرة.
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[22 Aug 2004, 11:03 م]ـ
لاتمام الفائدة انقل كلام ابن القيم
هجر القران انواع:
احدها: هجر سماعه والايمان به والاصغاء اليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم اليه في اصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
و الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به منه.
و الخامس: هجر الشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها
فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به وكل هذا داخل في قوله (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) الفرقان 30
وأن كان بعض الهجر أهون من بعض وكذلك الحرج الذي يكون فيالصدور منه فإنه يكون تارة يكون حرجا من إنزاله وكونه حقا من عند الله وتارة يكون من جهة التكلم به او كونه من بعض مخلوقاته ألهم غيره انيتكلم به وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها وأنه لايكفي العباد بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والاقيسة او الاراء او السياسات وتارة يكون من جهة دلالته وما اريد به حقائقه المفهومة عند الخطاب أو اريد به تأويلها و إخراجها عن حقائقها إلى تاويلات مستكرهة مشتركة وتارة يكون من جهة كون تلك تلك الحقائق وإن كانت مرادة فهي ثابتة في نفس الامر او اوهم انها مرادة لضرب المصلحة فكل هؤلاء في صدورهمحرج من القرآن وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدزنه في صدورهم ولا تجد مبتدعا في دينه قط والا وفي قلبه حرج من الايات التي تخالف يدعته كما انك لا تجد ظالما فاجرا إلا و في صره حرج من الايات التي تخول بينه و بين إرادته
فتدبر هذا المعني ثم ارض لنفسك بما تشاء
أ. ه من الفوائد لابن القيم رحمه الله وغفر له
وجمعنا وايكم علي الهدي وعلمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمنا وجعلنا من اهل القرآن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
منظومة الزمزمي في التفسير
ـ[الجنوبي]ــــــــ[22 Aug 2004, 11:44 م]ـ
السلام عليكم
هل يعلم أحد عنها شئ أو شروحها و هل هي موجودة على النت؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Aug 2004, 04:46 م]ـ
هي متوفرة وشروحها لكن ليس على الشبكة حسب علمي. وقد قمنا في شبكة التفسير بطباعة متنها لوضعه في المكتبة الالكترونية فلعلك تراها قريباً إن شاء الله.
ـ[الشمّاخ]ــــــــ[31 Jan 2005, 09:24 م]ـ
شيخنا الفاضل
في أي مكتنة أجدها؟
بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jan 2005, 09:28 م]ـ
لا أظنك تجدها في مكتبة الآن، لطول العهد بطباعتها، وليس عندي إلا صورة لها، ولشروحها.
وإن أردت صورتها فيمكننا مساعدتك إن شاء الله. وفقك الله لكل خير.
ـ[الشمّاخ]ــــــــ[03 Feb 2005, 09:02 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبدالرحمن
نعم أريدها ضاعف الله لك الأجر والمثوبة
انظر بريدكم الخاص
ـ[أبو عمر القحطاني]ــــــــ[18 May 2005, 09:00 ص]ـ
هل بامكاني الحصول على نسخة منها؟ جزاك الله كل خير وبارك فيك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 May 2005, 06:45 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا مَتْنُ (منظومة التفسير) للشيخ الأديب المفسر عبدالعزيز الرئيس الزمزمي عز الدين بن علي بن عبدالعزيز بن عبدالسلام بن موسى بن أبي بكر بن أكبر بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن داود البيضاويُّ الشِّيْرازيُّ الأصلِ، ثُمَّ المكيُّ الزمزميُّ الشافعي، المولود بمكة عام 900هـ، اشتغل جده الأعلى علي بن محمد عندما قدم إلى مكة بِخدمةِ بئر زمزم، فقيل له الزمزمي.
وقد نشأ عبدالعزيز الزمزمي بمكة، وتلقى العلم عن علمائها، وبرع في الفنون العلمية كالتفسير واللغة والأدب، وله منظومة التفسير، وشرح مقامات الحريري، وكتاب في الفتاوى، وكتاب فيض الجود على حديث شيبتني هود، وتنبيه ذوي الهمم على مآخذ أبي الطيب من الشعر والحكم. وقد توفي عبدالعزيز الزمزمي سنة 976هـ بِمَكة المكرمة.
وهذه المنظومةُ قد عُنِيَ بِها علماءُ مكةَ المكرمة، فشرحوها شروحاً عديدة، وكتبوا عليها حواشٍ مفيدة، وقد قابلتُ نسخةَ هذه المنظومة على شرحين لها هُما:
1 - (نَهج التيسير شرح منظومة الزمزمي في أصول التفسير) للشيخ السيد محسن بن علي بن عبدالرحمن المساوي الحضرمي، المولود سنة 1323هـ والمتوفى سنة 1354هـ. وهذا الشرح عليه حواشٍ متفرقة طبع منها حاشية الشيخ علوي بن عباس بن عبدالعزيز المالكي، وحاشية الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي.
2 - (التيسير شرح منظومة التفسير) للشيخ محمد يحيى أمان المدرس بمدرسة الفلاح.
وأرجو أن يفي هذا بحاجة من يريد حفظ هذه المنظومة، مع مراجعة شروحها، وأصلها الذي هو كتاب (النُّقَاية) للسيوطي رحمه الله وكتاب التحبير والإتقان له أيضاً ففيهما بسط لمسائل هذه المنظومة. وهناك نظم آخر لِمَتْنِ النقاية لم أطلع عليه للشيخ محمود بن عبدالحق السنباطي الشافعي رحمه الله، سَمَّاه (روضة المفهوم في نظم نقاية العلوم) ولعله يتيسر الاطلاع عليها، وموازنتها بمنظومة الزمزمي رحمه الله.
وقد تحريت دقة الضبط في هذه المنظومة قدر الطاقة، وما أبرئ نفسي من الخطأ، فمن وجد شيئاً من ذلك فليصلح مشكوراً مأجوراً. وقد ظهر لي انكسار في وزن بعض أبياتها وهي:
1 - أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ، ثُمَّ الفَتْحُ فيْ ** كُراعِ الغَمِيْمِ يا مَنْ يَقْتَفِيْويستقيم الوزن لو قلت: كُرَيِّعِ الغَمِيمِ يا مَنْ يَقتفي بتصغير كراع.
2 - صَيْفِيَّةٌ كآَيِةِ الكَلالَةِ ** والشِّتَائِيْ كالعَشْرِ في عَائِشَةِويستقيم الوزن بقول: والشَّتَئِيْ بدل الشتائي.
3 - حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ** مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْمَاً أَو أَفْعالاويبدو لي أن في وزنه خللاً، وربما يصلح قول:
وحَمْزَةٌ أَمَالَ والكِسائِيْ ** اسْمَاً وفِعلاً أَصلُهُ بالياءِأو: اسْمَاً وفِعلاً مِنْ ذواتِ الياءِ
ولم أثبت في النظم تغييراً، لأن الشروح كلها على عبارات الناظم، فلزم التقيد بها، ومن أراد الإصلاح فليكن في الشرح، أو الحاشية. والله الموفق للصواب، وأشكر أخي الكريم محمد بلقاسم البكري الذي تكرم بطباعة أصل هذه المنظومة وفقه الله.
منظومة الزمزمي في التفسير ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=89&book=936)
ـ[أبو عمر القحطاني]ــــــــ[22 May 2005, 09:52 ص]ـ
جزاك الله كل خير وزادك علما ونفع بك
ـ[القحطاني]ــــــــ[26 May 2005, 11:14 م]ـ
أثابك الله يا شيخ عبد الرحمن ونفع بك
*لدي ملاحظة على البيت الذي قلتم إن فيه انكساراً وهو قوله:
حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ** مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْمَاً أَو أَفْعالا
يظهر أن قراءته بنقل همزة (أو) إلى التنوين قبلها وهو ما يعبر عنه بالدرج وعليه فلا كسر في البيت ,
ولا بد من التنبه إلى همزة الوصل في (اسماً) فتوصل ضمة (أصله) بالسين مباشرة.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jun 2005, 10:33 ص]ـ
الأخ العزيز القحطاني وفقه الله
نعم هو كما ذكرتم، ولكن يبقى هناك بعد (السَّمْكرة) للبيت (مَطَبٌّ) صغير لا أعرفُ اسمَهُ عند أهل العروض كما أشعر به عند النطق، وربما أكون واهماً كعادتي، والأمر في ذلك واسع، وجزاك الله خيراً على توجيهك وتصويبك، وليتك تتكرم بمراجعة ضبط المنظومة لتلافي الأخطاء رعاك الله.
ـ[الشمّاخ]ــــــــ[08 Jun 2005, 08:10 م]ـ
شيخنا الفاضل عبدالرحمن
بارك الله فيكم ونفع بكم, وجزاك الله عني خير جزاء
ـ[الشمّاخ]ــــــــ[10 Jun 2005, 10:20 م]ـ
الدورة العلمية الصيفية الأولى لعام 1426 - للشيخ أحمد بن عمر الحازمي
ابتداء من السبت 18/ 5/1426 إلى الأربعاء 3/ 8/ 1426
وتكون الدروس كل يوم ماعدا يومي الخميس والجمعة بعد صلاتي الظهر والعشاء
بمسجد مدحت شيخ الأرض بمكة المكرمة
5) أصول التفسيرمنظومة التفسير لعبد العزيز الزمزميبعد الظهر والعشاء السبت 8/ 7/1426الأربعاء
3/ 8/1426
يتم نقل الدورة عبر موقع البث الإسلامي
http://saaid.net/Anshatah/dorah/1426/index.htm
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[09 Jul 2005, 11:04 ص]ـ
ولمن أراد شرحها المسمى الفيض الخبير حاشية على نهج التيسير
فهو موجود في مكتبة دار كندة على شارع الزبير بن العوام في حي السلام
الوصف:
من طريق خريص وانت متجه لجهة الشرق - مخرج عبدالرحمن بن عوف
تسير في شارع عبدالرحمن بن عوف حتى تصل الى ثالث اشارة - هذا هو شارع الزبير بن العوام - تلف يمين ليصبح وجهك غرب - تأتي المكتبة على يدك اليسار بعد تقريبا 100 متر
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Aug 2005, 12:15 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[إمداد]ــــــــ[14 Sep 2005, 11:01 م]ـ
شرح منظومة الزمزمي في علوم القرآن للشيخ عبد الكريم الخضير من موقع البث المباشر
الدرس الأول ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12537)
الدرس الثاني ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12604)
الدرس الثالث ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12659)
الدرس الرابع ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12751)
الدرس الخامس ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12810)
الدرس السادس ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=12999)
الدرس السابع ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=13068)
الدرس الثامن ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=13121)
الدرس التاسع ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=13194)
الدرس الأخير ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=13228)
ـ[أبو حسن]ــــــــ[15 Sep 2005, 02:34 م]ـ
نتمنى من الدكتور مساعد الطيار أن يتصدى لشرحها وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2007, 03:00 م]ـ
قام بعض الأخوات - وفقهن الله لكل خير - بتفريغ شرح الشيخ عبدالكريم الخضير للمنظومة، وانتهين منه، وهن يراجعنه مراجعة نهائية، وسوف يضعنه هنا بإذن الله للاستفادة منه.
وسوف يقوم الدكتور مساعد الطيار بشرح هذه المنظومة في نهاية هذا الصيف 1428هـ ربما في شهر شعبان إن شاء الله في جامع الراجحي بالرياض.
وقد كنت أرغب في شرح هذه المنظومة في دورة علمية هذا الصيف، ثم غيرت رأيي وسأشرح منظومة ألفية في علوم القرآن لم يسبق أن تعرض لشرحها أحد من قبل في الدورات العلمية، ليكون في هذا خدمة لعلوم القرآن وأصول التفسير، وإظهار لمنظومات هذا العلم بإذن الله بين طلبة العلم. والمنظومة التي أنوي شرحها ما زالت مخطوطة لم تطبع، لكنني سأنشر الدروس في شرحها تباعاً على صفحات هذا الملتقى أيضاً بإذن الله، ونسأل الله الإعانة والإخلاص والتوفيق.
في 1/ 7/1428هـ
ـ[ابو معاذ يوسف الحربي]ــــــــ[08 Aug 2007, 07:33 ص]ـ
[ QUOTE وسوف يقوم الدكتور مساعد الطيار بشرح هذه المنظومة في نهاية هذا الصيف 1428هـ ربما في شهر شعبان إن شاء الله في جامع الراجحي بالرياض.
هل تم تحديد الموعد؟
نرجو فادة جزاكم الله خيرا.
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[23 Nov 2007, 12:57 ص]ـ
يوجد لهذه المنظومة شرح لمنصور الطبلاوي المتوفى عام (1014) اسمه: منهج التيسير الى علم التفسير
هل احد من الاخوة يعرف شيئا عن هذا المخطوط؟ ارجو الافادة
ـ[محمد فال]ــــــــ[23 Nov 2007, 07:00 م]ـ
فضيلة الشيخ عبد الرحمن الشهري حفظكم الله وبارك فيكم
إن كانت المخطوطة التي تريد أن تشرحها تصلح لرسالة أو رسائل علمية، فهلا تفضلتم بها علينا لنحققها
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[22 Dec 2010, 12:58 م]ـ
عفوا، كعادة الذي دخل حائطا فيه أنواع الثمار، فأخذ يتقلب بين ثُمُرِها لا يعرف بم يبدأ ولا أين يتجه، يتناول ثمرة فما إن يتذوقها، حتى تستهويه أخرى، حيرانَ وسْط تلك الخيرات. تتسابق في فيه اللُّقمات كما قال الشاعر:
ما بينَ لُقْمَتِها الأُولى إذا انْحَدَرَتْ ... وبيْنَ أُخْرَى تَلِيها قِيْسُ أُظْفُور
دخلت على هذا الموضوع، فأحببت من الشيخ عبد الرحمن حفظه الله أن يجدد لنا العلم؛ أين وصل المخطوط .. ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[22 Dec 2010, 08:11 م]ـ
عفوا، كعادة الذي دخل حائطا فيه أنواع الثمار، فأخذ يتقلب بين ثُمُرِها لا يعرف بم يبدأ ولا أين يتجه، يتناول ثمرة فما إن يتذوقها، حتى تستهويه أخرى، حيرانَ وسْط تلك الخيرات. تتسابق في فيه اللُّقمات كما قال الشاعر:
ما بينَ لُقْمَتِها الأُولى إذا انْحَدَرَتْ ... وبيْنَ أُخْرَى تَلِيها قِيْسُ أُظْفُور
دخلت على هذا الموضوع، فأحببت من الشيخ عبد الرحمن حفظه الله أن يجدد لنا العلم؛ أين وصل المخطوط .. ؟
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[22 Dec 2010, 08:12 م]ـ
عفوا، كعادة الذي دخل حائطا فيه أنواع الثمار، فأخذ يتقلب بين ثُمُرِها لا يعرف بم يبدأ ولا أين يتجه، يتناول ثمرة فما إن يتذوقها، حتى تستهويه أخرى، حيرانَ وسْط تلك الخيرات. تتسابق في فيه اللُّقمات كما قال الشاعر:
ما بينَ لُقْمَتِها الأُولى إذا انْحَدَرَتْ ... وبيْنَ أُخْرَى تَلِيها قِيْسُ أُظْفُور
دخلت على هذا الموضوع، فأحببت من الشيخ عبد الرحمن حفظه الله أن يجدد لنا العلم؛ أين وصل المخطوط .. ؟(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {المقدمة}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[24 Aug 2004, 11:23 ص]ـ
((((حقيقة الوجود في اليوم الموعود))))
دراسة علمية في النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية بما سيكون عليه الإنسان يوم القيامة من حشلر وحساب وجنة ونار
تأليف
** طلال عبد آل ادبية **
((بسم الله الرحمن الرحيم))
((إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد))
** ق اية 37 **
الى كل من اخلص دينه لله عزوجل وهتف من الاعماق باخلاص سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير اهدي كتابي .................................. !!
(المقدمة)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين , ......... قال الله عزوجل في كتابه الكريم
(ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم)
* البقرة آية 159 - 160 *
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم {من ’سئل عن علم فكتمه الجمه الله بلجام من نار يوم القيامة}
*رواه ابو داؤد وابن ماجه*
ان الذي دفعني الى كتابة هذه الرسالة هي الآيات اعلاه من سورة البقرة ,وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ,وانه لمن فضل الله عز وجل ونعمته علي ان اجمع المشاهد القرآنية المتكررة للموضوع الواحد والتي يفسر بعضها بعضا ويؤيد بعضها بعضا ,وقد رأيت الكثير من الناس ممن هم في غفلة عما ينتظرهم من اهوال يوم القيامة والتي هي فوق طاقة العقل البشري ,وانهم سيعانون امورا رهيبة يصعب على المداد وصفها ...........
واني اذ استشهد بالادلة القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة لابين ما وفقني اليه الله عز وجل من مشاهد يوم القيامة بدا من ساحة العرض ,مرورا بالحساب والموازين والاستعراضات وعبور الصراط والجنة ووصفها ووصف اهلها ,والنار وصفة اهلها ,وكذلك الارض وشكلها ,والحوار بين اصحاب الجنة واصحاب النار ,والحوار بين اصحاب النار والخزنة ,والحوار مع مالك خازن النار ,وانعدام الزمن عن الاموات ,وحمل الاوزار وكيفية حملها ,والتلاعن بين اصحاب النار فيما بينهم ومع الشيطان ,كما احاول ابين الاعيب الشيطان ومخططاته في الحياة الدنيا ,آملا ان اعيد التائهين الى ركب الهدى والايمان ومعرفة العدو الاول منذ الخلق الاول للانسان .........
واني لارجو ان يكون عملي هذا خالصا لوجه ربي الكريم ...............
... والحمد لله رب العالمين ...
** {طلال عبد آل دبية} **
الموصل في 26/ربيع الاول/1421 ه
.الموافق.
28 /حزيران/2000(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {1}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[24 Aug 2004, 02:42 م]ـ
(((الامتحان)))
((تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير *الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور *)) {الملك. اية: 1 - 2}
ان حقيقة وجود البشر على الارض على اختلاف السنتهم والوانهم ومللهم ونحلهم.هم في امتحان ,والارض هي قاعة امتحان ,ولكل ’ممتحن منهجا يمتحن فيه ,ومنهج البشرية منذ بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الاسلام ..
((ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن ’يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين))
{آل عمران آية:85}
وان محمدا رحمة للعالمين ورسول الله الى الناس اجمعين.
((قل ياايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا)) {الاعراف. آية:158}
والناس جميعا ستسال يوم القيامة عن الذكر .. أي الاسلام ,ويحاسبون على اساس الاسلام.
((وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون)) {الزخرف آية:44}
سوف نسال عن الاسلام يوم القيامة , وسيكون الحساب على هذا الاساس اي على اساس شرع الله عز وجل ,وعلى الناس ان يفهموا ما شرع الله عزوجل ,لان الله تعالى امر عباده ان يفهموا شرعه ,ولهذا سيحاسب كل من كذب بدين الله ولم يحط به علما.
((ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون *حتى اذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون *ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون *)) {النمل آية:83 - 85}
ان الله تعالى سيحاسب الذين يكذبون بآياته ولم يحيطوا بها علما.لان العلم بما شرع الله عزوجل فرض على الجميع وبحسب المقدرة ,لذلك يقول انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم ,وان طالب العلم يستغفر له كل شيء ,حتى الحيتان في البحر)) - رواه ابن عبد البر في العلم -
فالقرآن ’انزل بعلم الله ,فبقدر ما نفقه الشرع ونعمل به على اساس ما علمنا ,بقدر ما نكون قريبين من الحق الذي امرنا الله به ,ونكون قد اخذنا حظا وافرا من علم الله.يقل الله عزوجل:
((ام يقملون افتراه قل مأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين *فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما انزل بعلم الله وان لا اله الا هو فهل انتم مسلمون *)) {هودآية:13 - 14}
فالقرآن الكريم انزل بعلم الله وقد اكد الله عزوجل هذه الحقيقة في آيات من كتابه الكريم:
((لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا)) {النساء آية:166}
اما الذين فقهوا ما شرع الله عزوجل وعملوا بما جاء في كتابه مخلصين فقد فازوا وربحوا.
((بل هو آيات بينات في صدور الذين آوتوا العلم وما يجحد بآياتنا الاََََ الظالمون)) {العنكبوت آية {49}
والقرآن بيان للناس ,وليس فيه آيات غامضة ,
((بل هو آيات بينات))
وهذا ما اكده الله عزوجل فلا عذر لاحد والكل محاسب على هذا ...
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي احد من هذه الامة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي ارسلت به الا كان من اصحاب النار)) {رواه مسلم}
فالناس محاسبون يوم القيامة على اتباع ما شرع الله تعالى وما ارتضاه للناس جميعا.
((ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) {آل عمران آية 85}
ويوم القيامة يكون توزيع نتائج الامتحان للانس والجن معا.
يقول الباريء عزوجل في حديث قدسي ((ياعبادي انما هي اعمالكم احصيها عليكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه)) {رواه مسلم}
فمن وجد خيرا في صحيفته فليحمد الله عزوجل ’لان الله هداه الى هذا الخير وقد اكَد القرآن الكريم هذا بقول الله عزوجل: ((ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الانهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون))
{الاعراف آية:43}
يوم القيامة توزع الصحف ,وتعلن الدرجات والنتائج ,فالمتقون وهم الناجحون يستلمون النتيجة باليمين ,اما الضالُون وهم الفاشلون فانهم يستلمون النتيجة بالشمال وقد جاء هذا الوصف في قوله عزوجل
(يُتْبَعُ)
(/)
((فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقراوا كتابيه *اني ظننت اني ملاق حسابيه*فهو في عيشة راضية *في جنة عالية *قطوفها دانية *كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية *واما من اوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم اوت كتابيه *ولم ادر ما حسابيه *يا ليتها كانت القاضية)) {الحآقة آية:19 - 27}
اصحاب اليمين فرحون مستبشرون ,واصحاب الشمال في الحسرات والآهات وانه ليوم لاينفع فيه ندم
((فريق في الجنة وفريق في السعير)) {الشورى آية:7}
هذه الدنيا دار ضيافة وليست دار اقامة ,ماهي الا متاع قليل.اما الآخرة فهي دار الخلود والبقاء ... إما خلود في الجنة ونعيمها ,او عذاب في النار أو خلود فيها ,فالحياة الدنيا لمن عرف الحقيقة لاتساوي شيئا ,وهي وسيلة وليست غاية ,انها وسيلة الوصول الى حياة الخلود ,اما في الجنة او في الجحيم.
((قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا)) {النساء آية:77}
الدنيا عند الصالحين العارفين ما هي الا ممر يؤدي الى المستقر الدائم وهو الآخرة.والدنيا عند الله عزوجل لاتساوي شيئا:يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء)) {اخرجه الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد}
ولقد ضرب لنا رسوا الله صلى الله عليه وسلم وصحابته خير مثال على عدم ركونهم الى الحياة الدنيا ,فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول: ((دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نام على رمال حصير وقد اثَر بجنبه فقلت يارسول الله لو اتخذنا لك وطاء نجعله بينك وبين الحصير يقيك منه.قال مالي وللدنيا ,ما انا والدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)) {اخرجه الترمذي واحمد وابن ماجه}
علمنا ان الدنيا هي الممر المؤدي الى المستقر الدائم ,ولما كانت الآخرة هي المستقر الدائم ,لذا عمل الصالحون بكل جد في طاعة الله عزوجل لانه عزوجل امرهم بسلوك طريق الحق. ومن يطع الله عزوجل في دنياه ويخاف مقام ربه فهو من الآمنين يوم القيامة ,وبعكسه العاصي الذي اطمأن الى الدنيا فانه في ذلك اليوم من الخائفين
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ((لا اجمع على عبدي خوفين ولا اجمع له امنين ,فمن خافني في الدنيا امنته في الآخرة ,ومن امنني في الدنيا اخفته في الآخرة)) {رواه البزار عن ابي هريرة}
وقد اكد القرآن الكريم حالة الامن التي تصيب المؤمنين يوم القيامة فيقول الله عزوجل.
((لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون)) {الانبياء آية: 103}
((ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون)) {فصِلت آية:30}
اذن الخوف حالة ملارمة للانسان يوم القيامة .. الكل خائف .. الكل في حالة هلع .. وكيف لا يخاف الناس واعلان النتائج بات وشيكا.حتى المؤمن قبل ان ينال درجاته فانه في حالة خوف.فكيف لا يخاف من ربه في ذلك المشهد وهو الذي كان خائفا وجلا في حياته الدنيا ,ولكن هذا الخوف سرعان ما ينقلب الى حالة أمن وسلام بفضل الرحمن الرحيم ,ويصيب الخوف والهلع الخطاة المذنبين ,ولكن هل ينفع الندم من غادر قاعة الامتحان وقد سلم اوراقه الامتحانية دون اية اجابة صحيحة؟؟؟ عندها لاينفع من قال رب ارجعون ...
((حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون *لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون)) {المؤمنون آية:99 - 100}
المؤمنون في ذلك اليوم في امن وامان دائمين ,واوليائهم الملائكة في الآخرة كما كانوا في الدنيا.
((نحن اوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون))
{فصِلت آية:31 - 32}
ذات الملائكة اولياء الدنيا هم اولياء الآخرة ,هم المرافقون الذين يرافقون المؤمنين حتى دخول الجنة ,وبين الحين والحين يدخلون عليهم من كل باب يسلمون ...
((جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب *سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار*)) {الرعدآية:23 - 24}
يتبع (((انعدام الزمن)))(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {2}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[25 Aug 2004, 09:02 ص]ـ
(((إنعدام الزمن)))
إذا أخذنا اللقطات بالنسبة لعمر الانسان فان عمر الدنيا سيكون بعمر ذلك الانسان الذي شعر بوجوده في الحياة ,أو لحظة خروجه الى الدنيا من رحم والدته.فعمر الدنيا هي بعمري انا , وعمر الدنيا هي بعمر كل انسان دخل اليها وخرج منها ,بتعبير آخر فان عمر الدنيا للانسان يبدا بلحظة الولادة وينتهي بلحظة الممات ..
والانسان لم يكن شيئا مذكوراقبل وجوده في الحياة المادية الدنيوية , والمدة التي مرت عليه منذ اخذ الله عليه (الميثاق) وحتى مجيئه الى الحياة الدنيا لم يشعر بالزمن الذي مر عليه وهو في حياة الروح.
ان الله عز وجل خلق الارواح جميعا ,واول روح نفخها في الجسد المادي هي روح آدم عليه السلام.
((ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)) {الاعراف آية:11}
انظر الترتيب القرآني الجميل ,الخلق اولا ثم التصوير ثانيا ثم سجود الملائكة ثالثا.
يقول مجاهد ,ان الله خلقنا في ظهر آدم ثم صورنا حين اخذ علينا الميثاق ثم كان السجود ...
((واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا))
{الاعراف آية 172}
عن ابن عباس رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ان الله اخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة ,واخرج من صلبه كل ذرية ذراها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قِبَلا قال ((الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين *او تقولوا انما اشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون *)) {الاعراف آية 172 - 173}
{الحديث روه احمد والنسائي والحاكم}
وهذا يدل على ان الله خلق الارواح ثن صورها ,فلكل روح صورة بها تختلف عن غيرها من الارواح.ويؤيد هذا الراي حديث عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف ,وما تناكر منها اختلف)) {روه البخاري}
ومن هذا الحديث الشريف نستدل بان الارواح ذات اشكال مختلفة ,فكيف اذن تتعارف الارواح اذا كانت في شكل واحد؟؟؟
اذن لكل روح شكل او صورة خاصة بها وهذه الاشكال او الصور هي اشكال اثيرية غير مادية.نعود ونقول ان عمر الانسان هو ببقائه في الدنيا وشعوره بالحياة والزمن ,وعمر الدنيا يكون بعمره فقط, وعندما يتوفى الانسان (يتوفاه الله عزوجل) ينعدم الزمن بموت الانسان الى قيام الساعة. والمدة مابين الوفاة ولحين قيام الساعة هي ساعة واحدة ,فالزمن ينعدم في حياة البرزخ ,ولو حسبنا الزمن منذ ’خلق آدم عليه السلام والى قيام الساعة فانه زمن طويل وحسابه سيكون بآلاف السنين او الملايين فالذي توفاه الله عزوجل في زمن آدم سوف لن يشعر بالزمن في حياة البرزخ اكثر من ساعة واحدة هي الزمن الكلي بين مماته و حتى بعثه مجددا يوم القيامة ,والبشر جميعا راحلون عن هذه الدنيا ,وعند رحيلهم ,اي موتهم في الدنياسينعدم الزمن ولن يشعروا بالسنين التي تمر عليهم الى يوم القيامة الاكساعة من نهار.
يقول الله عزوجل ((كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الامتاع الغرور)) {آل عمران آية:185}
وعندما يموت الانسان ويدفن في قبره فما هو الا زائر للقبر ,والزائر يعني انه غير ماكث الا قليلا عند زيارته ...
((الهاكم التكاثر*حتى زرتم المقابر)) {التكاثرآية:1 - 2}
وردت هنا كلمة [زرتم] والزيارة تعني محدودية الزمن والمكوث.وساكن القبر يعتبر زائرا لايعي الزمن ,وان الاموات جميعا تشعر يوم القيامة بعد بعثها من قبورها بقلة لبوثها في القبر ............
قال الله عزوجل ((او كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال انى يحيي هذه الله بعد موتها فاماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما او بعض يوم)) {البقرة آية:259}
من هذا النص القرآني يتبين لنا ان هذا الذي اماته الله مائة عام ثم احياه وساله كم لبثت فاجاب يوما او بعض يوم اي جزء من اليوم ,في حين ان مكوثه كان مائة عام.ويقول الله عزوجل ((وكذلك بعثناهم ليتسالوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم)) {الكهف آية:19}
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد لبث اهل الكهف ثلاثة اضعاف الزمن الذي لبثه {العزير} الذي اماته الله مائة عام.وكان شعورهم بعد ما ايقظهم الله ((بعد ثلاثمائة عام))!!! هو ذات شعور {العزيز} الذي مات مائة عام.فاصبح الزمن لصاحب المائة عام ولاصحاب الثلاثمائة عام زمنا واحدا بلا زيادة او نقصان ((يوما او بعض يوم)).ويوم القيامة يسال الله عزوجل الخلائق عن مدة لبوثهم في الارض فيقولون جميعا: ((يوما او بعض يوم))!!!
((قال كم لبثتم في الارض عدد سنين*قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسال العآدِين*قال ان لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون)) {المؤمنون آية:112 - 114}
ان الله عزوجل يسال الاولين والاخرين يوم القيامة عن المدة التي لبثوا فيها في قبورهم فيقول لهم كم لبثتم في الارض عدد سنين؟؟ سيقولون لبثنا يوما او بعض يوم.فالذي لبث مائة عام ,والذي لبث ثلاثمائة عام ,والذي لبث آلاف السنين ,كلهم شعروا شعورا واحدا ..... يوما او بعض يوم .... وهذا دليل على عدم شعور الاموات بالزمن.هذه لقطة اولى ونحاول اظهار لقطة اخرى.يقول الله عزوجل: ((ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الاساعة من النهار يتعارفون بينهم)) {يونس آية 35}
((فاصبر كما صبر اولي العزم من الرسل ولا تستعجل لعم كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الاساعة من نهار بلاغ)) {الاحقاف آية 35}
الآيتان الكريمتان من سورة يونس والاحقاف تؤكدان لنا فقدان الزمن وعدم شعور الموتى به. كما تؤكدان على ان الموتى الاولين والآخرين سيشعرون ذات الشعور ويحسبون ذات الحساب ويعتقدون ذات الاعتقادوهو ((ساعة من نهار)).ولو امعنا النظر في الآيات السابقة التي تخص (العزيز واهل الكهف) لوجدنا ان الله عزوجل يسال عن المدة التي لبثوا فيها في قبورهم او منامهم, وجواب هؤلاء جميعا جوابا واحدا على السنتهم هو ((يوما او بعض يوم)) ..
وبعض اليوم هو جزؤه ,والساعة ايضا هي جزء من اليوم في ........
في ذات الوقت نجد في الآيت الاخرىمن سورة يونس والاحقاف ان الله عزوجل هو الذي يعطينا المدة الصحيحة للمكوث في القبور.فيقول سبحانه وتعالى ((الا ساعة من نهار)).والساعة من النهار تعبير الخالق العظيم ,اذ ان (بعض اليوم) هو ذاته (ساعة من نهار) وهذا جمال الوصف والتعبير والاعجاز القرآني.
يقول الله عزوجل ((ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة)) {الروم آية:55}
هنا يتحقق المعنى كاملا .... فالمكوث في القبر لم يدم في نظر المجرمين وغيرهم الا ساعة واحدة لااكثر ولااقل ........ !!!!!!!
((يسالونك عن الساعة ايَان مرساها*فيم انت من ذكراها*الى ربك منتهاها*كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها)) النازعات آية:42 - 46}
العشية تعني اول الليل اي ما بين المغرب والعشاء وهذا الوقت ليس اكثر من ساعة .. والضحى اول النهار بقدر ارتفاع الشمس قدر ميل ,وهي ايضا تقدر بساعة من ساعات النهار.
اذن الآيات القرآنية تدعم بعضها بعضا ,وتفسر بعضها بعضا .. والمعنى الثابت هو ساعة لاغير وبعد هذا الموجز البسيط هل تدرك اخي القاريء انك لن تلبث في قبرك غير ساعة واحدة حتى تستيقظ بعدها وانت بين يدي ربك العظيم .. قلة اللبوث في القبر ادركه الصحابة الكرام.فهذا بلال الحبشي رضي الله عنه عندما حضرته الوفاة اغمي عليه من شدة المرض ’فاخذت زوجته تبكي وتقول وامصيبتاه, يابلال وامصيبتاه, وعندما افاق قال لها لم تقولي وامصيبتاه؟؟ قالت. حسبت انك مت ,قال اذا توفاني الله لاتقولي وامصيبتاه, ولكن قولي وافرحتاه غدا نلقى الاحبه محمدا وصحبه هكذا ادرك الصحابة الكرام قلة اللبوث في القبر والاستعدادللقاء الله عزوجل .....................
((يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم الا قليلا)) {الاسراء آية:52}
يتبع (الصفوف وعدم الكلام)(/)
الوقوف الممنوع
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[25 Aug 2004, 06:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في ظني أن العناية بالوقف الممنوع هو أولى وأجدر .. حتى لا يقف القاريء حيث يقبح المعنى .. لذا أتمنى من المشايخ الفضلاء والمختصين في هذا الفن الإفادة عن أفضل وأجمع كتاب في هذا المعنى، ويا حبذا لو كان فيه توجيه للآيات .. ولو كان أكثر من كتاب.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Aug 2004, 11:22 م]ـ
الأخ عبد الحميد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من باب الفائدة فإن الطبعة الأخيرة لمصحف المدينة النبوية قد خلت من الوقف الممنوع، ولم أطلع على سبب ذلك، فلعل من له به خبر أن يتحفنا به.
أما الوقف الممنوع فهو من وقوف السجاوندي (ت: 560)، وقد أكثر منه حتى صار منتقدًا بذلك (راجع: النشر لابن الجزري).
والوقف الممنوع ليس له ضابط معيَّن، لذا يمكن أن يُجعل في الفاتحة مثلاً أكثر من عشرين وقفًا ممنوعًا، وهذا غير سديد، لكن الصواب أن يوضع فيما يوقع في معنى غير مراد، كالوقف على الموتى من قوله تعالى: (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى) فإن هذا يجعل الموتى يشتركون في الاستجابة مع الذين يسمعون، وهذا مخالف لمراد الآية.
وسبب المنع يكون بأحد أمرين:
الأول: ان يوقف على ما لم يتم عليه المعنى.
أن يوقف على لفظ يدخل في حكم ما قبله، وهو ليس منه.
والله أعلم.
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[28 Aug 2004, 02:18 ص]ـ
فضيلة الدكتور مساعد وفقه الله .. أشكر لك تفضلك بالقراءة والإجابة ..
وما ذكرتَه واضحٌ عندي من أن الوقف الممنوع قد يتكرر كثيراً، ولكن قصدتُ قولَك: (أن يوضع فيما يوقع في معنى غير مراد).
وهذا السؤال ورد في ذهني حينما سمعت إماماً يقرأ قوله تعالى (ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته.)!!، فتمنيت أن يكون هناك كتاب أو رسالة أو مطوية خاصة بهذا الموضوع توزع على أئمة المساجد لينتفعوا بها، خصوصاً في القرى وأطراف المدن.
فإن لم يوجد، فليتَ بعض الإخوة أن يجمع رسالة صغيرة في مطوية يضمنها بعض الآداب والتنبيهات التي ينبغي للإمام أن يراعيها في هذه المسألة، ويجمع الآيات التي يكثر من الأئمة الوقف فيها وتعطي معنى غير مراد.
وأنتظر رأي الشيخ الفاضل د. مساعد الطيار وغيره من الإخوة المهتمين فيما ذكرت.
جعلنا الله وإياكم مفاتيح خير.(/)
تفسير ابن أبي زمنين
ـ[عبد الله آل صالح]ــــــــ[26 Aug 2004, 01:36 ص]ـ
الإخوة والمشايخ الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود السؤال عن كتاب تفسير ابن أبي زمنين هل يصلح للقراءة كمختصر في التفسير من ناحية كثرة فوائده وتحقيقاته
لأن الجلالين مختصر جدا بينما هذا فيه شيئ من النقولات عن أئمة التفسير
أو إذا كان هناك ماهو أنسب منه في مثل حجمه وقريبا من اختصاره
وأيضا عن طبعته التي طبعتها دار الكتب العلمية هل هي جيدة
ولكم جزيل الشكر
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Aug 2004, 09:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ السائل الكريم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً: هذه معلومات عن الكتاب الذي سألت عنه:
(تفسير القرآن العزيز
تأليف: محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (ت399هـ)
تحقيق: حسين بن عكاشة، محمد بن مصطفى الكنز الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة - مصر
عدد المجلدات: 5
حجم الكتاب: 71 * 42 سم
التصنيف: علوم القرآن / تفسير / تفاسير
هذا التفسير مختصر من تفسير الإمام يحيى بن سلام ـ رحمه الله ـ وتفسير يحيى من التفاسير الأثرية؛ حيث يعتني برواية الأحاديث والآثار في تفسير القرآن، ثم يعقب ذلك بالنقد والاختيار، ويجعل مبنى اختياره على المعنى اللغوي والتخريج الإعرابي، وأضاف يحيى بن سلام إلى ذلك بعض القراءات واللغات، وذكر المكي والمدني من الآيات، وذكر الناسخ والمنسوخ.
وقد نص الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ على أن هذا الكتاب سُمع من مؤلفه بأفريقية، وشهد بأنه كتاب «ليس لأحد من المتقدمين مثله»، ونقل عن إمام القراءات أبي عمرو الداني أنه قال: «ليس لأحد من المتقدمين مثل تفسير ابن سلام».
وقد نشرت ستة أجزاء من تفسير يحيى بن سلام البصري في الجزائر بتحقيق عدة باحثين، ولم ينشر التفسير كله، وقد حققت الدكتورة هند شلبي التفسير الموجود كاملاً، ووعدت بإخراجه لكن لم يطبع حتى الآن.
وهذه المكانة دفعت العلماء إلى الاشتغال به وتدريسه واختصاره، ففي بلاد الأندلس اختصره عالمان:
- ابن أبي زمنين (ت 993هـ) (وهو المختصر الذي سنقوم بعرضه).
- وأبو المطرف القناعي عبدالرحمن بن مروان (ت 314 هـ)، واختصاره مفقود.
- كما اختصره ثالث وهو: هود بن محكم الهواري، قاضي الإباضية في قبيلة (هوارة) البربرية في الجزائر، (ت 380هـ).
وقد حقق تفسير الهواري الباحث الجزائري: الحاج بن سعيد شريفي، ونشرته له دار الغرب ـ بيروت ـ لبنان ـ سنة 1410هـ ـ 1990 م، في أربعة مجلدات.
أما صاحب هذا المختصر الذي نعرضه فهو: أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله الأندلسي المري الألبيري، نزيل قرطبة، المالكي المعروف بابن أبي زمنين (324 - 399هـ).
وقد ذكر ابن أبي زمنين أن السبب الدافع له إلى اختصار تفسير يحيى بن سلام؛ أنه وجد فيه تكراراً كثيراً، وأحاديث ذكرها يقوم علم التفسير بدونها، حتى طال الكتاب بذلك؛ بحيث لا يتناسب وقلة نشاط أكثر الطالبين.
أما بالنسبة لمنهجه في كتابه؛ فقد حدد في خطبة الكتاب ما عمله في التفسير وهو أنه: زاد على اختصار تفسير يحيى بن سلام أشياء أُخر في الإعراب واللغة على طريقة الفقهاء في تحليل الكلمة وتحديد المراد منها، كما فسر كثيراً مما لم يفسر ... وقد ميز ابن أبي زمنين زياداته على تفسير يحيى بن سلام بقوله في أولها: «قال محمد». أما تفسير يحيى بن سلام فمذكور كذلك في أوله إما «قال يحيى» أو «يحيى».
وكان من منهجه أيضاً أنه لا يفسر القرآن كلمة كلمة أو آية آية، بل يقف عندما يراه جديراً بالتفسير والبيان، ومن طريقته في التناول أننا نجده أحياناً يحدد النص الذي سيتناوله بدءاً ونهاية، ثم يعود إليه، فيقف عند كلمات منه، ويعرض عند الضرورة لحكاية أوجه الإعراب، وهو يعتني بإيراد القراءات فيما يحتاج إلى ذلك لا يقصد إلى القراءات بذاتها بل لبيان استعمالات أوجه الكلمة من ذلك فعلاً، ويتدخل أحياناً لتوجيه استعمال الكلمة في القراءة، ويتدخل أحياناً لبيان استعمال أصل الكلمة.
من كل ما مر ندرك قيمة هذا التفسير؛ فهو ليس مجرد اختصار لتفسير يحيى بن سلام فحسب، بل أضحى هذا التفسير تفسيراً مستقلاً عن تفسير يحيى؛ بكثرة ما أضافه.
ومما يميزه كون مؤلفه صاحب سُنَّةٍ كما مر، بالإضافة إلى ما تميز به من الإيجاز وسهولة العرض والبعد عن التفصيلات والخلافات مع الاستشهاد والاستدلال، فضلاً عما ضمه الكتاب من جملة من النكات والإشارات اللغوية، والنحوية، ولطائف التفسير.
وقد قام المحققان بإخراج النص وضبطه، وتوثيق القراءات واللغات، وتخريج الأحاديث، مع صنع الفهارس العلمية، كما قدما للكتاب دراسة عن المؤلف شملت: ترجمته ومنهجه في هذا التفسير مع توثيق نسبته إليه، إضافة إلى ترجمة يحيى بن سلام والتعريف بتفسيره.
وقبل الختام نحب أن نلفت عناية القراء إلى أن الكتاب قد حققه منذ زمن الدكتور عبد السلام الكنوني/ أستاذ التعليم العالي بكلية أصول الدين جامعة القرويين- تطوان، في أطروحةٍ جامعية، ولم يُخرج من الكتاب إلا قسم الدراسة/ الصادرة بعنوان: «مختصر تفسير يحيى بن سلام لابن أبي زمنين»، عام 2241 هـ، مع وعدٍ بإخراج بقية أجزاء الرسالة.) انتهى منقولاً من هنا ( http://albayan-magazine.com/files/p-a-books/1.htm)
ثانياً: رأيي الشخصي أن هذا التفسير مما ينصح بالبداية به، وهو سهل مختصر مفيد.
وللتوسع يمكنك الرجوع إلى ما كتبته هنا: كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26&highlight=%E3%DF%CA%C8%C9+%C7%E1%CA%DD%D3%ED%D1)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[26 Aug 2004, 10:25 ص]ـ
أما القول المنقول انّ هود بن محكم الاباضي قد اختصر تفسير يحيى بن سلام
فان فيه نظر الى حد ما. لو اختصره لذكر مصدره الأصلي (وهو تفسير يحيى بن سلام) غير أنه لم يفعل شيئا من ذلك , بل أخذ كلام يحيى بن سلام وسكت عنه واسقط فقرات من تفسيره وأضاف آراءه خاصة في أمور العقيدة.
انظر الفقرة التالية الصغيرة من تفسير يحيى بن سلام بمقارنتها بما جاء عن كل من هود وابن أبي زمينين:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1924&highlight=%E3%E6%D1%C7%E4%ED
تقديرا
موراني
ـ[عبد الله آل صالح]ــــــــ[26 Aug 2004, 02:04 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ أبا مجاهد
وشكر الله لك على هذا الرابط المفيد(/)
كتب أثنى عليها العلماء وأشادوا بها، وأخرى ذموها وحذروا منها
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Aug 2004, 10:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن لحكم العالم على كتابٍ ما بحكمٍ ما قيمة عند طالب العلم، لأن ذلك حكم من خبير، وهو يعين الطالب على الحرص على كتاب معين، أو يدعوه للبعد عنه، ويوفر عليه وقتاً ربما يضيع عليه في البحث عن أي الكتب أنسب وأجدر بالقراءة.
ولعلنا في هذا الموضوع نذكر ما وقفنا عليه من أحكام العلماء على الكتب في مجال الدراسات القرآنية. [وأقول "لعلنا" و "وقفنا" بضمير الجمع لأني أرغب من الجميع أن يشاركوا في هذا الموضوع].
وإلى المقصود بعد استمداد العون وطلب التوفيق من الرب المعبود:
رأي الشوكاني رحمه الله في كتاب نظم الدرر للبقاعي:
أثنى الشوكاني عند ترجمته للبقاعي في كتابه (البدر الطالع) على هذا العالم بقوله: «إنه من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف».
ثم وصف كتابه (نظم الدرر) بقوله: «ومن أمعن النظر في كتاب له في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علميّ المعقول والمنقول، وكثيراً ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز وأرجع إلى مطولات التفسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي غليلي، وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد» [البدر الطالع 1/ 20 ـ 22].
والغريب في الأمر أن للشوكاني موقفاً متشدداً من علم المناسبات الذي يدور حوله كتاب نظم الدرر، فقد قال عند تفسيره لقوله ـ تعالى ـ: {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]،: (اعلم أن كثيراً من المفسرين جاؤوا بعلم متكلف واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله تعالى، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف؛ فجاؤوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف، ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الرب ـ سبحانه ـ حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره، ومن تقدّمه، حسبما ذكر في خطبته .. ).
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[27 Feb 2005, 10:44 م]ـ
هذا الموضوع مما يحتاج إليه طلبة العلم، محبي الكتب، ولكن للأسف لم أرَ من شارك فيه من مشايخ هذا الموقع
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Feb 2005, 11:20 م]ـ
في هذا الموضوع احيل على مقدمة شيخ الاسلام ابن تيمية في التفسير فقد ذكر جملة من كتب التفسير وذكر تقويما لها وحسبك بشيخ الاسلام مطلعاً ومن الكتب التي ذكر: تفسير الثعلبي وابن عطية والبغوي وغيرهم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Oct 2006, 08:05 ص]ـ
قال ابن القيم في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية: (الحسين ين مسعود البغوي رحمه الله تعالى الذي اجتمعت الأمة على تلقي تفسيره بالقبول وقراءته على رؤوس الأشهاد من غير نكير .. )
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Oct 2006, 08:13 ص]ـ
في هذا الموضوع احيل على مقدمة شيخ الاسلام ابن تيمية في التفسير فقد ذكر جملة من كتب التفسير وذكر تقويما لها وحسبك بشيخ الاسلام مطلعاً ومن الكتب التي ذكر: تفسير الثعلبي وابن عطية والبغوي وغيرهم.
وهذا بحث جمع فيه كاتبه أقوال شيخ الإسلام في كتب التفسير المطبوعة
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[07 Oct 2006, 08:35 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وأحب أن أشير هنا تعقيبا على بحث جمع فيه كاتبه أقوال شيخ الإسلام في كتب التفسير المطبوعة
إلى أن الكاتب أشار إلى تفسير الثعلبي، وبين أنه مازال مخطوطا
والكتاب طبع في بيروت سنة 2000 م، في عشرة مجلدات
وانظر الكتاب كاملا في هذا الرابط:
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=45&book=2652
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[07 Oct 2006, 05:22 م]ـ
أخي الكريم:
طبعة الثعلبي المشار إليها , طبعة تجارية لا تستحق الاقتناء إلا عند الحاجة , وقد نظرت في بعض المواضع التي قمت بتحقيقها في رسالة الماجستير فرأيت نقصاً , وتحريفاً , ومن أراد المزيد فليقارن المطبوع بالرسائل الجامعية الخاصة بتحقيق هذا السفر ليرى الفرق.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[08 Oct 2006, 07:39 ص]ـ
أخي الحبيب أحمد البريدي
لاشكّ في ذلك، و
((مالا يدرك جلّه لا يترك كلّه))
وهذه الطبعة نتككئ عليها قدر الإمكان
لصعوبة الإحالة عليها عند المحققين
وليس كل قارئ عنده مخطوطات يرجع إليها في الإحالات
ريثما تظهر الطبعة المحققة، والتي طال انتظارها
ونحن منتظرون!!!!!
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[09 Oct 2006, 04:50 م]ـ
بارك الله فيك أبا مجاهد على هذه الفوائد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Nov 2006, 11:25 م]ـ
من إجابات فضيلة العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
(الكتب في التفسير كثيرة، ومن أحسنها بل أحسنها تفسير ابن كثير، رحمه الله، تفسير البغوي، وابن جرير، هذه الكتب عظيمة ونافعة ومفيدة، وهي أحسن كتب التفسير، كذلك تفسير الشوكاني كتاب طيب مفيد، ويضاف إليه تفسير الجلالين تفسير مختصر مفيد فيه بعض الأخطاء ... ).
المصدر ( http://www.bin-baz.org.sa/RecDisplay.asp?f=n-03-1408-0200006.htm)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Nov 2006, 05:24 م]ـ
كتاب الإقناع في القراءات السبع
لأحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، المعروف بابن الباذش، ولد بغرناطة عام 491هـ.
قال ابن الجزري عنه: "أستاذ كبير وإمام محقق محدث، ألف كتاب الإقناع في السبع من أحسن الكتب، ولكنه ما يخلو من أوهام نبهت عليها في كتابي الإعلام .. " (1). كان أبو جعفر علمًا من أعلام الأندلس، ومفخرة من مفاخرها، ومحدثًا ثقة، وكان من أهل الرواية والدراية، وجمع علوم الدين والعربية معًا، توفي رحمه الله سنة 540هـ (2).
_________
(1) غاية النهاية 1/ 83، والأعلام 1/ 173.
(2) المصدر السابق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Nov 2006, 10:17 ص]ـ
قال ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات القراء - (ج 1 / ص 384):
(محمد بن محمد بن علي بن همام التقي، أبو عبد الله المصري الشافعي المعروف بابن الإمام، إمام جامع الصالح بالقاهرة، علامة محقق، ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وقرأ على علي بن يوسف الشطنوفي القراآت، وما علمته أقرأها بل ألف كتاب الاهتداء في الوقف من أخصر ما ألف وأحسنه، وكتاباً في المتشابه مرتباً على السور عجيب نافع لمن يصعب عليه حفظ القرآن. وله كتاب سلاح المؤمن في الأذكار لم يؤلف مثله.
أخبرني ولده محب الدين إبراهيم قال لما ألف والدي كتابه في الوقف والابتداء شكاه طلبة القراآت للملك الناصر محمد بن قلاوون وقالوا أنه ألف فيما لم يكن له به علم قال فطلب السلطان الكتاب وأرسله للشيخ أبي حيان لينظره فكتب عليه طالعت هذا الكتاب على وجه الانتقاد لا على نية حسن الظن والاعتقاد فوجدته أحسن ما صنف في هذا الباب وأحرى التصانيف فيه إلى الصواب، والله تعالى يجزل لمؤلفه الثواب ويرزقه الزلفى وحسن المآب.
توفي في العشرين من ربيع الأول سنة خمس وأربعين وسبعمائة طاهر القاهرة.)
سؤال: هل يعلم أحدٌ عن هذا الكتاب شيئاً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Dec 2006, 05:29 م]ـ
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة - (ج 4 / ص 466) تعليقاً على حديث: " يقتص الخلق بعضهم من بعض، حتى الجماء من القرناء، و حتى الذرة من الذرة ":
(فائدة) قال النووي في " شرح مسلم " تحت حديث الترجمة: " هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة و إعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين و كما يعاد الأطفال و المجانين، و من لم تبلغه دعوة. و على هذا تظاهرت دلائل القرآن و السنة، قال الله تعالى: * (و إذا الوحوش حشرت) * و إذا ورد لفظ الشرع و لم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل و لا شرع، وجب حمله على ظاهره. قال العلماء: و ليس من شرط الحشر و الإعادة في القيامة المجازاة و العقاب و الثواب. و أما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف، إذ لا تكليف عليها بل هو قصاص مقابلة، و (الجلحاء) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها.و الله أعلم ". ......
قلت: و من المؤسف أن ترد كل هذه الأحاديث من بعض علماء الكلام بمجرد الرأي، و أعجب منه أن يجنح إليه العلامة الألوسي! فقال بعد أن ساق الحديث عن أبي هريرة من رواية مسلم و من رواية أحمد بلفظ الترجمة عند تفسيره آية * (و إذا الوحوش حشرت) * في تفسيره " روح المعاني " (9/ 306): " و مال حجة الإسلام الغزالي و جماعة إلى أنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه مكلفا و لا أهلا لكرامة بوجه، و ليس في هذا الباب نص من كتاب أو سنة معول عليها يدل على حشر غيرهما من الوحوش، و خبر مسلم و الترمذي و إن كان صحيحا لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية و يجوز أن يكون كناية عن العدل التام. و إلى هذا القول أميل و لا أجزم بخطأ القائلين بالأول لأن لهم ما يصلح مستندا في الجملة. و الله تعالى أعلم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: كذا قال - عفا الله عنا و عنه - و هو منه غريب جدا لأنه على خلاف ما نعرفه عنه في كتابه المذكور، من سلوك الجادة في تفسير آيات الكتاب على نهج السلف، دون تأويل أو تعطيل، فما الذي حمله هنا على أن يفسر الحديث على خلاف ما يدل عليه ظاهره، و أن يحمله على كناية عن العدل التام، أليس هذا تكذيبا
للحديث المصرح بأنه يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء، فيقول هو تبعا لعلماء الكلام: إنه كناية! ... أي لا يقاد للشاة الجماء. و هذا كله يقال لو وقفنا بالنظر عند رواية مسلم المذكورة، أما إذا انتقلنا به إلى الروايات الأخرى كحديث الترجمة و حديث أبي ذر و غيره، فإنها قاطعة في أن القصاص المذكور هو حقيقة و ليس كناية، و رحم الله الإمام النووي، فقد أشار بقوله السابق:" و إذا ورد لفظ الشرع و لم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل و لا شرع وجب حمله
على ظاهره ".
قلت: أشار بهذا إلى رد التأويل المذكور و بمثل هذا التأويل أنكر الفلاسفة و كثير من علماء الكلام كالمعتزلة و غيرهم رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة و علوه على عرشه و نزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة و مجيئه تعالى يوم القيامة.
و غير ذلك من آيات الصفات و أحاديثها. و بالجملة، فالقول بحشر البهائم و الاقتصاص لبعضها من بعض هو الصواب الذي لا يجوز غيره، فلا جرم أن ذهب إليه الجمهور كما ذكر الألوسي نفسه في مكان آخر من " تفسيره " (9/ 281)، و به جزم الشوكاني في تفسير آية " التكوير " من تفسيره " فتح القدير "، فقال (5/ 377): " الوحوش ما توحش من دواب البر، و معنى (حشرت) بعثت، حتى يقتص بعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء ". و قد اغتر بكلمة الألوسي المتقدمة النافية لحشر الوحوش محرر " باب الفتاوي " في مجلة الوعي الإسلامي السنة الثانية، العدد 89 ص 107، فنقلها عنه، مرتضيا لها معتمدا عليها، و ذلك من شؤم التقليد و قلة التحقيق. و الله المستعان و هو ولي التوفيق.
ـ[الجكني]ــــــــ[22 Dec 2006, 06:54 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبو مجاهد:لكن عبارة " أليس هذا تكذيباً " للحديث " تحتاج إلى إعادة نظر، فالشيخ لم يكذب الحديث وحاشاه من ذلك،وإنما "لم يفسر " الحديث على ظاهره وشتان ما هما،وذكرعلة رايه وهي قوله:"لأنه لم يخرج مخرج التفسير للآية" خاصة وأن الشيخ نفسه رحمه الله قال كما نقلته أنت عنه:" وخبر مسلم وإن كان "صحيحاً " ... الخ،فهذا تصريح منه بصحة الحديث،وكيف يعقل من مسلم عامي يثبت عنده "صحة " الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم "يكذبه " فضلاً عن عالم كبير كالألوسي.
فيجب علينا التأني وعدم التسرع في إعطاء الأحكام قبل أن نفهم جيداً كلام العلماء.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Dec 2006, 10:57 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبو مجاهد:لكن عبارة " أليس هذا تكذيباً " للحديث " تحتاج إلى إعادة نظر، فالشيخ لم يكذب الحديث وحاشاه من ذلك،وإنما "لم يفسر " الحديث على ظاهره وشتان ما هما،وذكرعلة رايه وهي قوله:"لأنه لم يخرج مخرج التفسير للآية" خاصة وأن الشيخ نفسه رحمه الله قال كما نقلته أنت عنه:" وخبر مسلم وإن كان "صحيحاً " ... الخ،فهذا تصريح منه بصحة الحديث،وكيف يعقل من مسلم عامي يثبت عنده "صحة " الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم "يكذبه " فضلاً عن عالم كبير كالألوسي.
فيجب علينا التأني وعدم التسرع في إعطاء الأحكام قبل أن نفهم جيداً كلام العلماء.
جزاك الله خيرا أخي الدكتور السالم الجكني، والكلام الذي تعقبته وفقك الله ليس لي، وإنما هو من كلام الألباني رحمه الله.
وقد وقع في نفسي شيء مما ذكرتَه، كما أن في ثناء الشيخ على تفسير الألوسي شيئاً من التسامح.
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[25 Dec 2006, 06:27 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Mar 2007, 09:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر العلامة أحمد شاكر مقالاً في مجلة المنار ـ المجلد [31] الجزء [3] صـ 193 ربيع الآخر 1349 ـ سبتمبر 1930)). بعنوان: تفسير القرآن الحكيم
وهذا بعض ما ورد فيه بنصه:
(يُتْبَعُ)
(/)
(ولقد قيض الله للإسلام إمامًا من أئمته، وعلمًا من أعلام الهدى، وهو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله، فأرشد الأمة الإسلامية إلى الاستمساك بهديكتابها، ودلها على الطريق القويم في فهمه وتفسيره، وكان منارًا يُهتدى به في هذه السبيل، وألقى في الأزهر دروسًا عالية في التفسير، وكان - فيما أظن - يرمي بذلك إلى أن يسترشد علماء الأزهر بذلك، فينهجوا نهجه، ويسيروا على رسمه، ولكنهم لم يأبهوا له إلا قليلاً، ولم ينتفع بما سمع منه إلا أفراد أفذاذ، وبقي دهماؤهمعلى ما كانوا عليه.
ونبغ من تلاميذه والمستفيدين منه ابنه وخريجه أستاذنا العلامة الجليل السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار) فلخص للناس دروس الأستاذ الإمام، وزادها وضوحًا وبيانًا، ونشرها في مجلته الزاهرة المنيرة، وجمعها في أجزاء على أجزاء
القرآن الكريم، ومضى لطيته بعد انتقال الإمام إلى جوار ربه، فكأنه أُلهم من روحه، لم يكل ولم يضعف، وها هو الآن قد أتم منه أجزاء تسعة، وكثيرًا من العاشر.
فكان تفسير أستاذنا الجليل خير تفسير طُبع على الإطلاق، ولا أستثني؛ فإنه هو التفسير الأوحد الذي يبين للناس أوجه الاهتداء بهدي القرآن على النحو الصحيح الواضح - إذ هو كتاب هداية عامة للبشر - لا يترك شيئًا من الدقائق التي تخفى على كثير من العلماء والمفسرين.
ثم هو يُظهر الناس على الأحكام التي تؤخذ من الكتاب والسنة، غير مقلد ولامتعصب، بل على سنن العلماء السابقين: كتاب الله وسنة رسوله. ولقد أوتي الأستاذ من الاطلاع على السنة ومعرفة عللها وتمييز الصحيح من الضعيف منها -
ما جعله حجة وثقة في هذا المقام، وأرشده إلى فهم القرآن حق فهمه.
ثم لا تجد مسألة من المسائل العمرانية أو الآيات الكونية إلا وأبان حكمة الله فيها، وأرشد إلى الموعظة بها. وكبت الملحدين والمعترضين بأسرارها. وأعلن حجة الله على الناس.فهو يسهب في إزالة كل شبهة تعرض للباحث من أبناء هذا العصر، ممن اطلعوا على أقوال الماديين وطعونهم في الأديان السماوية، ويدفع عن الدين ما يعرض لأذهانهم الغافلة عنه، ويُظهرهم على حقائقه الناصعة البيضاء، مع البلاغة العالية، والقوة النادرة. لله دره!
وأما الرد على النصارى واليهود فإنه قد بلغ فيه الغاية، وكأنه لم يترك بعده قولاً لقائل، وذلك لسعة اطلاعه على أقوالهم وكتبهم ومفترياتهم. وهذا قيام بواجب قصَّر فيه أكثر المسلمين، في الوقت الذي تقوم فيه أوربة بحرب المسلمين حربًا صليبية - قولاً وعملاً - وتحاول سلخ المسلمين عن دينهم وإن لم يدخلوا في دينها، وها نحن أولاء نرى الجرأة العظمى بمحاولة تنصير أمة إسلامية قديمة متعصبة للإسلام، وهي أمة البربر المجيدة. وإن قيام أستاذنا بالرد عليهم بهذه الهمة من أجلِّ الأعمال عند الله ثم عند المسلمين.
ولقد عرض لكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي عرضت في شؤون المسلمين فأفسدت على كثير من شبابهم هداهم ودينهم، فحللها تحليلاً دقيقًا وأظهر الداء ووصف الدواء من القرآن والسنة، وأقام الحجة القاطعة على أن
الإسلام دين الفطرة، وأنه دين كل أمة في كل عصر. ونفى عن الإسلام كثيرًا مما ألصقه به الجاهلون أو دسه المنافقون، من خرافات وأكاذيب كانت تصد فئة من أبنائه عن سبيله، وكان أعداؤه يجعلونها مثالب يلعبون بسببها بعقول الناشئة ليضموهم إلى صفوفهم وينزعوهم من أحضان أمتهم.
وإنه لكتاب العصر الحاضر، يفيد منه العالم والجاهل، والرجعي والمجدد. بل هو الدفاع الحقيقي عن الدين.
وأنا أرى من الواجب على كل مَن عرف حقائق هذا التفسير أن يحض إخوانه من الشبان على مطالعته والاستفادة منه، وبث ما فيه من علم نافع لعل الله أن يجعل منهم نواة صالحة لإعادة مجد الإسلام، وأن ينير به قلوبًا أظلمت من ملئها
بالجهالات المتكررة.
ولو كانت حكومتنا حكومة إسلامية حقيقة لطلبنا منها أن يُدرس في مدارسها ومعاهدها حق الدرس، ولكنا نعلم أنها لا تلقي للدين بالاً، بل لا تدفع عنه مَن أراد به عدوانًا، والطامة الكبرى أنها تحمي مَن يعتدي عليه بقوانينها الوضيعة.
فلم يبق للمسلمين رجاء إلا أن يعملوا أفرادًا وجماعات في سبيل الدفاع عنه، وإظهار محاسنه للناشئة التي تكاد تندُّ عنه، وهم عماد الأمم.
ولعلِّي أوفق قريبًا إلى بيان بعض الأبحاث الفذة النفيسة من هذا التفسير مما لم يشفِ فيها الصدرَ أحدٌ من الكاتبين قبله، أو لم يكن في عصورهم ما يثير البحث فيها، وذلك بحول الله وقوته.)
الشيخ أحمد محمد شاكر
ـ[يسري خضر]ــــــــ[06 Mar 2007, 10:29 ص]ـ
[جزاك الله خيرا شيخنا ابا مجاهد علي هذه الموضوعات التي تقدمها والفوئد التي تقتنصها
ومن بين الكتب التي اشارت الي القيمة العلمية لبعض كتب التفسير والحديث كتاب الاجوبة الفاضلة عن الاسئلة العشر الكاملة للامام اللكنوي بتحقيق العلامة عبد الفتاح ابي غدة يرحمه الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 May 2007, 07:56 ص]ـ
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة الأستاذ الفاضل رشدي ملحس –الموقر- وفقه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فبالإشارة إلى مذكرتكم تاريخ 19 - الجاري المرفق بها كراسة من كتاب "الإكليل في استنباط التنزيل" لجلال الدين السيوطي.
نفيدكم أن هذا الكتاب نفيس جداً، إلا أنه قد سبق أن طبع مكرر هامش كتاب جامع البيان، في تفسير القرآن، طبعة هندية قديمة قد نفدت.) انتهى من الفتاوي 13/ 126.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 Dec 2008, 02:02 م]ـ
جاء في طبقات المفسرين للسيوطي في ترجمة الإمام محمد بن جرير الطبري:
(وله التصانيف العظيمة منها " تفسير القرآن " وهو أجلّ التفاسير، لم يؤلَّف مثله كما ذكره العلماء قاطبة، منهم النووي في " تهذيبه " وذلك لأنه جمع فيه بين الرواية والدراية، ولم يشاركه في ذلك أحد لا قبله ولا بعده .. )
ـ[المحبرة]ــــــــ[31 Dec 2008, 02:24 م]ـ
كتاب الإقناع في القراءات السبع
لأحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، المعروف بابن الباذش، ولد بغرناطة عام 491هـ.
قال ابن الجزري عنه: "أستاذ كبير وإمام محقق محدث، ألف كتاب الإقناع في السبع من أحسن الكتب، ولكنه ما يخلو من أوهام نبهت عليها في كتابي الإعلام .. " (1). كان أبو جعفر علمًا من أعلام الأندلس، ومفخرة من مفاخرها، ومحدثًا ثقة، وكان من أهل الرواية والدراية، وجمع علوم الدين والعربية معًا، توفي رحمه الله سنة 540هـ (2).
_________
(1) غاية النهاية 1/ 83، والأعلام 1/ 173.
(2) المصدر السابق.
هل من تعريف بكتاب الإعلام لابن الجزري؟
ـ[السرخسي]ــــــــ[01 Jan 2009, 02:23 م]ـ
كتاب (المقدمات الأساسية في علوم القرآن) للشيخ عبدالله بن يوسف الجديع
سمعت عدد من أهل العلم يثنون على هذا الكتاب .. وهو يدرس في بعض الكليات الشرعيه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jan 2009, 05:28 م]ـ
كتاب (المقدمات الأساسية في علوم القرآن) للشيخ عبدالله بن يوسف الجديع
سمعت عدد من أهل العلم يثنون على هذا الكتاب .. وهو يدرس في بعض الكليات الشرعيه.
وتجد هنا تفصيلاً حول هذا الكتاب القيّم:
عرض لكتاب المقدمات الأساسية في علوم القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=435#post435)
مدارسة كتاب (المقدمات الأساسية في علوم القرآن) للجديع ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=32067#post32067)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jan 2009, 05:35 م]ـ
قال الطاهر ابن عاشور في مقدمة تفسيره الفريد: التحرير والتنوير:
(والتفاسير وإن كانت كثيرة فإنك لا تجد الكثير منها إلا عالة على كلام سابق بحيث لا حظ لمؤلفه إلا الجمع على تفاوت بين اختصار وتطويل.
وإن أهم التفاسير: تفسير الكشاف، والمحرر الوجيز لابن عطية، ومفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي، وتفسير البيضاوي الملخص من الكشاف ومن مفاتيح الغيب بتحقيق بديع، وتفسير الشهاب الآلوسي، وما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتزاني على الكشاف، وما كتبه الخفاجي على تفسير البيضاوي، وتفسير أبي السعود، وتفسير القرطبي، والموجود من تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي من تقييد تلميذه الأبي -وهو بكونه تعليقا على تفسير ابن عطية أشبه منه بالتفسير لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن وتفاسير الأحكام -، وتفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري، وكتاب درة التنزيل المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jan 2009, 09:25 م]ـ
جاء في تاريخ الإسلام للذهبي: (محمد بن [عزير] أبو بكر السجستاني.
مصنف " غريب القرآن ". وهو كتاب نفيس قد أجاد فيه. قيل: إنه كان يقرأه على أبي بكر بن الأنباري ويصلح له فيه.
ويقال إنه صنفه في خمس عشرة سنة.) انتهى.
قلت: سبق التعريف بهذا الكتاب هنا:
تقرير عن كتاب (غريب القرآن) لابن عزيز السجستاني ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=12246#post12246)
ـ[أبو أنس العبسي]ــــــــ[08 Jan 2009, 03:01 ص]ـ
بار الله فيكم، أود أن اسأل عن تفسير القاسمي، فقد اطلعت عليه، ولكن نظرة خارجية فقد كان يتكون من عدة أجزاء ولكن كان مغلفاً. أرجو الإفادة بارك الله فيكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jan 2009, 05:58 م]ـ
بار الله فيكم، أود أن اسأل عن تفسير القاسمي، فقد اطلعت عليه، ولكن نظرة خارجية فقد كان يتكون من عدة أجزاء ولكن كان مغلفاً. أرجو الإفادة بارك الله فيكم.
جمال الدين القاسمي وكتابه محاسن التأويل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=36)
ـ[أبو أنس العبسي]ــــــــ[10 Jan 2009, 02:46 ص]ـ
هل لي بكلمات مختصرة وجيزة عنه، بارك الله فيك وحفظك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jan 2009, 12:30 م]ـ
هل لي بكلمات مختصرة وجيزة عنه، بارك الله فيك وحفظك.
تفسير القاسمي "محاسن التأويل" تفسير جامع يضم فوائد جليلة، ويُطلع الباحث على دقائق فريدة، فهو مجموع من تفاسير كثيرة متنوعة، كما أضاف إلية المؤلف بعض المعارف والفوائد.
ولا يخلو كغيره من كتب التفسير من أخطاء وزلات، والعبرة بالغالب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:50 ص]ـ
جاء في طبقات المفسرين - للأدنروي في ترجمة منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر ابن محمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله بن عبد المجيد التميمي السمعاني المروزي الشافعي ما نصه باختصار:
(إمام عصره بلا مدافعة، أقر له بذلك الموافق والمخالف ...
وصنف تصانيف كثيرة، منها منهاج أهل السنة، والانتصار والرد على القدرية،
وله تفسير القرآن العزيز، وهو كتاب نفيس جدا.) انتهى
وجاء في ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي:
(قال ابن ابنه الحافظ أبو سعد ابن الإمام أبي بكر بن أبي المظفر السمعاني: هو إمام عصره بلا مدافعة، وعديم النظر في وقته، ولا أقدر على أن أصف بعض مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف عرف محله من العلم.
صنف التفسير الحسن المليح الذي استحسنه كل من طالعه ....
وصنف في أصول الفقه القواطع وهو يغني عن كل ما صنف في ذلك الفن .. )
ثم قال السبكي: (قلت ولا أعرف في أصول الفقه أحسن من كتاب القواطع ولا أجمع، كما لا أعرف فيه أجل ولا أفحل من برهان إمام الحرمين فبينهما في الحسن عموم وخصوص.)
تفسير أبي المظفر السمعاني مطبوع ومشهور ويمكن تحميله من: هنـ ( http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=32756)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Dec 2009, 11:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن لحكم العالم على كتابٍ ما بحكمٍ ما قيمة عند طالب العلم، لأن ذلك حكم من خبير، وهو يعين الطالب على الحرص على كتاب معين، أو يدعوه للبعد عنه، ويوفر عليه وقتاً ربما يضيع عليه في البحث عن أي الكتب أنسب وأجدر بالقراءة.
ولعلنا في هذا الموضوع نذكر ما وقفنا عليه من أحكام العلماء على الكتب في مجال الدراسات القرآنية. [وأقول "لعلنا" و "وقفنا" بضمير الجمع لأني أرغب من الجميع أن يشاركوا في هذا الموضوع].
وإلى المقصود بعد استمداد العون وطلب التوفيق من الرب المعبود:
رأي الشوكاني رحمه الله في كتاب نظم الدرر للبقاعي:
أثنى الشوكاني عند ترجمته للبقاعي في كتابه (البدر الطالع) على هذا العالم بقوله: «إنه من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف».
ثم وصف كتابه (نظم الدرر) بقوله: «ومن أمعن النظر في كتاب له في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علميّ المعقول والمنقول، وكثيراً ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز وأرجع إلى مطولات التفسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي غليلي، وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد» [البدر الطالع 1/ 20 ـ 22].
والغريب في الأمر أن للشوكاني موقفاً متشدداً من علم المناسبات الذي يدور حوله كتاب نظم الدرر، فقد قال عند تفسيره لقوله ـ تعالى ـ: {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]،: (اعلم أن كثيراً من المفسرين جاؤوا بعلم متكلف واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله تعالى، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف؛ فجاؤوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف، ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الرب ـ سبحانه ـ حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره، ومن تقدّمه، حسبما ذكر في خطبته .. ).
تذاكرت هذه المسألة مع أحد طلبة العلم عندنا في كلية الشريعة، وهو الأخ عبدالله بن فايع عسيري، وهو من خيرة من عرفتهم من طلبة العلم، فكتب هذه التعليقة، وأرسلها إلي عبر رسائل الوسائط، فنقلتها هنا للفائدة:
(إلى شيخنا / محمد بن جابر
- سلمه الله -
(يُتْبَعُ)
(/)
فيعلم أستاذنا أنه قد جرى مني أن سألته عن تفسير البقاعي المسمى < بنظم الدرر > وثناء القاضي الشوكاني عليه حينما ترجم له في كتابه البدر الطالع، ونص عبارته في البدر {1/ 20}: (ومن أمعن النظر في كتاب المترجم له - أي البقاعي - في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علمي المعقول والمنقول، وكثيرا ما يشكل علي شيء في الكتاب العزيز فأرجع الى مطولات التفاسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب). انتهى
فذكرت لي أن للقاضي الشوكاني رأياً آخر في هذه المسألة قرره في فتح القدير عند الآية الأربعين من سورة البقرة، يفيد برجوعه عن هذا الثناء، حيث قال في صدره:
(اعلم أن كثيراً من المفسرين جاؤوا بعلم متكلف، وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة ... ) إلى أن قال: (وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف، فجاؤوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الرب سبحانه، حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره .. الخ) فسألتكم بارك الله في علمكم أي القولين متأخر عن صاحبه، فقلتم لنا: لا ندري.
وتلميذكم يستأذنكم في ذكر ما توصل إليه في هذه القضية، ونحن في هذا الأمر إنما نقدم عليه خدمة لشيخنا ونعلم أنه في وقته مشغول بما هو أهم، فأقول:
قد ذهبت أتلمس تواريخ الانتهاء من تحرير هذه المصنفات، فوجدته قال في نهاية النسخة التي بين يدي من تفسيره - رحمه الله -:
(وإلى هنا انتهى هذا التفسير المبارك بقلم مؤلفه محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله له ذنوبه. وكان الفراغ منه في ضحوة يوم السبت لعله الثامن والعشرون من شهر رجب أحد شهور سنة تسع وعشرين بعد مئتين وألف سنة من الهجرة النبوية) ونجده قال في نهاية البدر الطالع (قال المؤلف: إلى هنا انتهى الكتاب في ليلة الأربعاء ثاني شهر الحجة الحرام سنة 1213 هجرية وكان مدة جمعه نحو أربعة أشهر وليال يسيرة وأكثر الأيام يعرض الشغل فلا يمكن تحرير شيء) فلا شك أن هذه التواريخ الممهورة بقلم المصنف في آخر النسخ تقضي بأن الفتح هو المتأخر، وبناء عليه فكلامه في فتح القدير هو رأيه المتأخر المعتمد، ولكن يشكل عليه ما قال المصنف في ترجمته لنفسه من البدر الطالع (2/ 222) بعدما سرد مؤلفاته التي فرغ منها حال تأليفه للبدر الطالع:
(وقد يعقب هذه المصنفات مصنفات كثيرة يطول تعدادها وهو الآن يجمع تفسيرا لكتاب الله جامعا بين الدارية والرواية، ويرجوا الله أن يعين على تمامه بمنه وفضله) ووجه الإشكال من هذه العبارة: أن القاضي الشوكاني رحمه الله قد شرع في مباحث هذا التفسير حين كتابته للبدر الطالع الذي لم يستغرق كتابته أربعة أشهر، أكثر أيامها كان يعرض للمصنف الشغل فلا يتمكن من تحرير شيء كما نقلنا ذلك في عبارته الآنفة الذكر، وقد وقع تقريره لكلامه عن هذه القضية في فتح القدير عند آية أربعين من سورة البقرة، فيكون تناوله لهذه المسألة في أوائل مباحث هذا التفسير، وهذا يبعث في النفس الشك في أي القولين يكون متأخرا، لأنه يدل على أن شروعه في التفسير مصاحب لتأليف البدر ولكنه لم يكمله حال انتهائه من البدر الطالع، ولا شك كما ذكرنا أن تناوله لهذه المسألة وقع في صدر هذا التفسير الذي كان متفقا مع تصنيفه للبدر الذي قضي أمره في أيام معدودة مما يقضي أن مناقشته لهذه المسألة في كلا الكتابين كان في مدة متقاربة ولا يدرى أيهما السابق، هكذا في نظري، مما أوجب عندي طلب الترجيح في أمر آخر، وقد رأيت أن من خير الأدلة في هذه المسألة، دليل الاستقراء الذي يفيد القطع، فنظرنا في فتح القدير فلم نجده ذكر البقاعي وتفسيره < نظم الدرر > إلا في ثلاثة مواضع كلها في سورة البقرة.
أولها: عند الآية الرابعة والثلاثين < وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم ... الخ > فقال: وقد وقع الخلاف هل كان السجود من الملائكة لآدم قبل تعليمه الأسماء أم بعده؟ وقد أطال البحث في ذلك البقاعي في تفسيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
والثاني: الموضع الذي قرر فيه أنه علم متكلف وشنع فيه على أصحابه، و هو عند الأية الأربعين من سورة البقرة. قلت: وهذا الموضع الذي أرشدنا إليه شيخنا.
والثالث: عند الآية الثانية والعشرين بعد المئة وهي: <يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم .. الآية > وهو أنه ذكر توجيه البقاعي لسبب تكرار الآية بعدما ذكرها في الآية الأربعين وتعقبه الشوكاني في توجيهه، وقال: ليس هذا بشيء. وقال بعدما جر الكلام في نقض ما وجهه البقاعي، مقررا ما قد ذهب إليه عند الأية الأربعين:
(ولله الحكمة البالغة التي لا تبلغها الأفهام ولا تدركها العقول فليس في تكليف هذه المناسبات المتعسفة إلا ما عرفناك به هناك؛ فتذكر).
وبعد هذا الموضع لم يأتي ذكر للبقاعي ولا لتفسيره في فتح القدير، والفضل في حصول هذا الاستقراء يرجع بعد الله سبحانه إلى دسك موسوعة الكتب الإسلامية، مما يفيد بأن الشوكاني على رأيه في الفتح وأنه قد ألغى هذا الاعتبار بالكلية، وهو النظر في مناسبات الآيات القرآنية، وخير موضع يتجلى فيه رأي الشوكاني في هذه المسألة هو صفحات تفسيره < فتح القدير > فالحمد لله وله الفضل والمنة.
بقي أن أبين أنه قد ثبت لدي أن الشوكاني كان يحرر نسخته من البدر ويلحق بها ما تجدد لديه من وفيات بعض الأعيان، أويخبر بإتمام بعض مؤلفاته التي قال عنها حال رقمه للبدر إنها لم تتم، إلى غير ذلك من الفوائد والاستدراكات، مما يفيد بأنه كان على اتصال بهذا الكتاب وأنه لم يكن آخر عهده به وقت انتهائه من تسويده، قال الناقل للنسخة التي وقع عليها الطبع: وكان النقل لهذه النسخة من نسخة بخط القاضي العلامة محمد بن عبدالملك بن حسين الآنسي ذكر فيها أنه نقل تلك النسخة من مسودة التصنيف التي بخط المؤلف رحمه الله وفيها ملحقات وزوائد في الهوامش والسواقط بخط المؤلف ولذا تجد في بعض المواضع ما تأريخه متأخر عن تأريخ تمام الكتاب) والغرض من إيراد هذا الكلام أن القاضي الشوكاني ما دام أنه كان يعنى بهذا الكتاب ويحرر تراجمه فيما بعد التصنيف فلماذا لم يضرب على ما قد قرره في ترجمة البقاعي أو يستدرك عليه، والجواب عنه من وجهين:
الأول: أن مراجعة القاضي رحمه الله كانت لتراجم الأحياء ممن جد في أمرهم شيئ يحسن تسجيله أما من انتهى وطوى عليهم الزمان كشحه فأنه يسجل في تراجمهم ما كان بصورة نهائية وهذا الذي يظهر.
الثاني: أنه لا يلزم نفسه رحمه الله التنبيه على ما قد سبق منه، خاصة إذا كان أشار إليه إشارة سريعة ثم يبسط القول بخلافه في موضع آخر مما يفهم منه الناظر أي القولين أحظى عند المصنف كما في هذه المسألة، وهذا له نظائر كثيرة في مؤلفات هذا الإمام يعرفها من كان له عناية بكتبه. وفي الختام:
أسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يجعل المساعي فيما يرضيه عنا، وأن يأخذ بيد شيخنا في المضايق ويكشف له وجوه الحقائق. والله الموفق.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Dec 2009, 10:09 م]ـ
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله [ت: 1421هـ] هذا السؤال:
تعلمون حفظكم الله أن الإجازة الصيفية قادمة، فحبذا لو دللتمونا على بعض كتب التفسير تنصحونا بقراءتها، وتكون خالية من الإسرائيليات والموضوعات، وما تعليقكم على تفسير الجلالين من حيث الإسرائيليات جزاكم الله خيراً؟
فأجاب: أنا أرى أن من خير التفاسير تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله على ما فيه من بعض الآيات التي يختصر فيها إختصاراً مخلاً، أو ربما يطويها ولا يتكلم عليها لكن هذا قليل، إنما فيه فوائد ما تكاد تجدها في غيره، فهو صالح لطالب العلم، والنقص الذي فيه يمكن للإنسان أن يتلافاه بمراجعة تفسير ابن كثير أو غيره كـ فتح القدير للشوكاني، وإن كان فيه ما فيه لكنه طيب.
والذي يصلح للعوام تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي؛ لأنه ليس فيه إسرائيليات، ولا أسانيد ولا شيء يشوش عليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و تفسير الجلالين لطالب العلم جيد؛ لأنه في الحقيقة زبدة، وكما تعلم أنه يتمشى في مسألة الصفات على مذهب الأشاعرة فلا يوثق به فيرد قوله في ذلك، لكن في غير ذلك جيد جداً من حيث سبكه للقرآن، وتنبيهه في كلمات وجيزة على أمور تخفى على بعض طلبة العلم، فإذا اجتمع الفتوحات الإلهية وهو ما يعرف بـ حاشية الجمل مع الجلالين كان طيباً. انتهى كلامه.
وقال أيضاً عن تفسير شيخه السعدي لما قدم له في طبعة اللويحق:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن تفسير شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى المسمى (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة:
منها سهولة العبارة ووضوحها حيث يفهمها الراسخ في العلم ومن دونه.
ومنها تجنب الحشو والتطويل الذي لا فائدة منه إلا إضاعة وقت القارئ وتبلبل فكره.
ومنها تجنب ذكر الخلاف إلا أن يكون الخلاف قويا تدعو الحاجة إلى ذكره وهذه ميزة مهمة بالنسبة للقارئ حتى يثبت فهمه على شيء واحد.
ومنها السير على منهج السلف في آيات الصفات فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه فهو عمدة في تقرير العقيدة.
ومنها دقة الاستنباط فيما تدل عليه الآيات من الفوائد والأحكام والحكم وهذا يظهر جليا في بعض الآيات كآية الوضوء في سورة المائدة حيث استنبط منها خمسين حكما وكما في قصة داود وسليمان في سورة ص.
ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة كما يتبين في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.
ومن أجل هذا أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير أن لا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم.) انتهى
ومن أقواله أيضاً عن كتب التفسير في فتاوى نور على الدرب -:
كتب التفسير الحقيقة تختلف مشاربها فتفسير ابن كثير من أحسن التفاسير، لكنه رحمه الله لا يعتني كثيراً باللغة العربية، يعني: بالبلاغة وأوجه الإعراب وما أشبه ذلك.
وتفسير ابن جرير- وهو أصل تفسير ابن كثير- أيضاً مطول، وفي الآثار الواردة فيه ما هو غثٌّ وسمين، فيحتاج إلى طالب علم يكون له معرفة بالرجال والأسانيد.
وهناك كتب تفسير جيدة،لكن منهجها في العقيدة غير سليم،كتفسير الزمخشري،فهو جيد من حيث البلاغة واللغة، لكنه ليس بسليم من حيث العقيدة، وفيه كلمات تمر بالإنسان لا يعرف مغزاها، لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد، ويكون قد استسلم لها فيضل،
ولذلك أرى أن طالب العلم يأخذ تفسير ابن كثير ما دام في أول الطلب، أو تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، أو تفسير أبي بكر الجزائري، وهذا ما اطلعت عليه وقد يكون فيه تفاسير أخرى مثلها أو أحسن، منها لكن هذا ما اطلعت عليه، ثم إذا وفقه الله إلى علمٍ واسع وملكةٍ قوية يدرك بها ما لا يدركه في أيام الطلب فليراجع كل ما تيسر من التفاسير.)
...
وسئل أيضاً هذا السؤال: حفظكم الله وسدد خطاكم، طالب العلم الذي يريد أن يقرأ في التفسير ما هي أشهر كتب التفسير التي يقتنيها طالب العلم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أرى أن يقتني تفسير ابن كثير رحمه الله، وتفسير شيخنا عبد الرحمن بن سعدي؛ لأنهما خير ما اطلعت عليه من كتب التفاسير، وهناك تفاسير أخرى لطالب العلم الراقي، كتفسير القرطبي وتفسير الشوكاني. ...
وسئل كذلك: ما رأيكم يا شيخ في تفسير البغوي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تفسير البغوي جيد و لا بأس به، لكن أحث إخواني السامعين على مراجعة مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، تكلم عن التفاسير التي مرت به كلاماً جيدا، ً فلتراجع.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:56 ص]ـ
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام ابن أبي حاتم الرازي:
(له كتاب نفيس في (الجرح والتعديل)، أربع مجلدات، وكتاب (الرد على الجهمية) مجلد ضخم، انتخبت منه، وله تفسير كبير في عدة مجلدات، عامته آثار بأسانيده، من أحسن التفاسير.)
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[19 Apr 2010, 02:10 م]ـ
أنا أحبذ تفسير أضواء البيان للشنقيطي لأن فيه اللغة وأصول الفقه
(يُتْبَعُ)
(/)
والإعراب والشواهد الشعرية ولكن الشيخ ما أكمل تفسيره توفي رحمة الله عليه قبل أن يكمل تفسيره
ـ[خلوصي]ــــــــ[21 Apr 2010, 05:31 ص]ـ
حبّذا أستاذنا الفاضل أبا مجاهد العزيز لو فصلت الموضوع شقين:
كتب أثنى عليها العلماء وأشادوا بها ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=100529#post100529)
كتب ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=100529#post100529) وحذر منها العلماء
بارك الله فيكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jul 2010, 02:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر العلامة أحمد شاكر مقالاً في مجلة المنار ـ المجلد [31] الجزء [3] صـ 193 ربيع الآخر 1349 ـ سبتمبر 1930)). بعنوان: تفسير القرآن الحكيم
وهذا بعض ما ورد فيه بنصه:
(ولقد قيض الله للإسلام إمامًا من أئمته، وعلمًا من أعلام الهدى، وهو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله، فأرشد الأمة الإسلامية إلى الاستمساك بهديكتابها، ودلها على الطريق القويم في فهمه وتفسيره، وكان منارًا يُهتدى به في هذه السبيل، وألقى في الأزهر دروسًا عالية في التفسير، وكان - فيما أظن - يرمي بذلك إلى أن يسترشد علماء الأزهر بذلك، فينهجوا نهجه، ويسيروا على رسمه، ولكنهم لم يأبهوا له إلا قليلاً، ولم ينتفع بما سمع منه إلا أفراد أفذاذ، وبقي دهماؤهمعلى ما كانوا عليه.
ونبغ من تلاميذه والمستفيدين منه ابنه وخريجه أستاذنا العلامة الجليل السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار) فلخص للناس دروس الأستاذ الإمام، وزادها وضوحًا وبيانًا، ونشرها في مجلته الزاهرة المنيرة، وجمعها في أجزاء على أجزاء
القرآن الكريم، ومضى لطيته بعد انتقال الإمام إلى جوار ربه، فكأنه أُلهم من روحه، لم يكل ولم يضعف، وها هو الآن قد أتم منه أجزاء تسعة، وكثيرًا من العاشر.
فكان تفسير أستاذنا الجليل خير تفسير طُبع على الإطلاق، ولا أستثني؛ فإنه هو التفسير الأوحد الذي يبين للناس أوجه الاهتداء بهدي القرآن على النحو الصحيح الواضح - إذ هو كتاب هداية عامة للبشر - لا يترك شيئًا من الدقائق التي تخفى على كثير من العلماء والمفسرين.
ثم هو يُظهر الناس على الأحكام التي تؤخذ من الكتاب والسنة، غير مقلد ولامتعصب، بل على سنن العلماء السابقين: كتاب الله وسنة رسوله. ولقد أوتي الأستاذ من الاطلاع على السنة ومعرفة عللها وتمييز الصحيح من الضعيف منها -
ما جعله حجة وثقة في هذا المقام، وأرشده إلى فهم القرآن حق فهمه.
ثم لا تجد مسألة من المسائل العمرانية أو الآيات الكونية إلا وأبان حكمة الله فيها، وأرشد إلى الموعظة بها. وكبت الملحدين والمعترضين بأسرارها. وأعلن حجة الله على الناس.فهو يسهب في إزالة كل شبهة تعرض للباحث من أبناء هذا العصر، ممن اطلعوا على أقوال الماديين وطعونهم في الأديان السماوية، ويدفع عن الدين ما يعرض لأذهانهم الغافلة عنه، ويُظهرهم على حقائقه الناصعة البيضاء، مع البلاغة العالية، والقوة النادرة. لله دره!
وأما الرد على النصارى واليهود فإنه قد بلغ فيه الغاية، وكأنه لم يترك بعده قولاً لقائل، وذلك لسعة اطلاعه على أقوالهم وكتبهم ومفترياتهم. وهذا قيام بواجب قصَّر فيه أكثر المسلمين، في الوقت الذي تقوم فيه أوربة بحرب المسلمين حربًا صليبية - قولاً وعملاً - وتحاول سلخ المسلمين عن دينهم وإن لم يدخلوا في دينها، وها نحن أولاء نرى الجرأة العظمى بمحاولة تنصير أمة إسلامية قديمة متعصبة للإسلام، وهي أمة البربر المجيدة. وإن قيام أستاذنا بالرد عليهم بهذه الهمة من أجلِّ الأعمال عند الله ثم عند المسلمين.
ولقد عرض لكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي عرضت في شؤون المسلمين فأفسدت على كثير من شبابهم هداهم ودينهم، فحللها تحليلاً دقيقًا وأظهر الداء ووصف الدواء من القرآن والسنة، وأقام الحجة القاطعة على أن
الإسلام دين الفطرة، وأنه دين كل أمة في كل عصر. ونفى عن الإسلام كثيرًا مما ألصقه به الجاهلون أو دسه المنافقون، من خرافات وأكاذيب كانت تصد فئة من أبنائه عن سبيله، وكان أعداؤه يجعلونها مثالب يلعبون بسببها بعقول الناشئة ليضموهم إلى صفوفهم وينزعوهم من أحضان أمتهم.
وإنه لكتاب العصر الحاضر، يفيد منه العالم والجاهل، والرجعي والمجدد. بل هو الدفاع الحقيقي عن الدين.
وأنا أرى من الواجب على كل مَن عرف حقائق هذا التفسير أن يحض إخوانه من الشبان على مطالعته والاستفادة منه، وبث ما فيه من علم نافع لعل الله أن يجعل منهم نواة صالحة لإعادة مجد الإسلام، وأن ينير به قلوبًا أظلمت من ملئها
بالجهالات المتكررة.
ولو كانت حكومتنا حكومة إسلامية حقيقة لطلبنا منها أن يُدرس في مدارسها ومعاهدها حق الدرس، ولكنا نعلم أنها لا تلقي للدين بالاً، بل لا تدفع عنه مَن أراد به عدوانًا، والطامة الكبرى أنها تحمي مَن يعتدي عليه بقوانينها الوضيعة.
فلم يبق للمسلمين رجاء إلا أن يعملوا أفرادًا وجماعات في سبيل الدفاع عنه، وإظهار محاسنه للناشئة التي تكاد تندُّ عنه، وهم عماد الأمم.
ولعلِّي أوفق قريبًا إلى بيان بعض الأبحاث الفذة النفيسة من هذا التفسير مما لم يشفِ فيها الصدرَ أحدٌ من الكاتبين قبله، أو لم يكن في عصورهم ما يثير البحث فيها، وذلك بحول الله وقوته.)
الشيخ أحمد محمد شاكر
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله: بالنسبة لتفسير (فتح البيان) وتفسير (المنار) ماذا تقولون فيهما؟
الجواب: تفسير المنار أصلح من فتح البيان، وهو يعالج مشاكل المسلمين اليوم وفيه بحوث اجتماعية وسياسية وتاريخية لا توجد في كتب التفسير المعروفة سابقا، بل لا توجد في كتب المعاصرين، لأن السيد رشيد رضا عالم كبير وسياسي واع، سياسي مسلم، لكن في الوقت نفسه له انحرافات عن السنة في كثير من المواطن، مثل أحاديث عيسى والدجال والمهدي وله فتاوى في أول الأمر وإن كان قد اعتذر في لباس البرنيطة واللباس الاوروبي. انتهى من مجلة الأصالة العدد 10 ص 41، وانظر "كتاب القرآن" لطارق بن عوض الله ص 204.(/)
تنبيهات هامة لمن يقرأ بقصر المنفصل .....
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[26 Aug 2004, 10:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام هذا موضوع مهم جدا لمن يقرأ بقصر المد المنفصل (أي مده مدا طبيعيا حركتين فقط)
يجب أن يعلم أنه لم يرد عن طريق (الشاطبية) قصر للمد المنفصل، وإنما ورد هذا الحكم عن طريق (طيبة النشر) فمن قرأ عن طريق (الطيبة) بقصر المنفصل فيجب عليه مراعاة ما يلي في القراءة برواية حفص عن عاصم:
1) وجوب توسط أو إشباع المد المتصل ويمنع فويق المتوسط.
2) وجوب إبدال همزة الوصل ألفا ومدها ست حركات مدا لازما إذا وقعت بين همزة استفهام وحرف لام ساكن نحو: (ءالذكرين)، (ءالان).
3) وجوب قراءة الصاد في كلمتي (يبصط) في البقرة و (بصطة) في الأعراف صادا وليس سينا.
4) وجوب الإدغام الكامل في كلمة (نخلقكّم) بالمرسلات.
5) وجوب قراءة الصاد في كلمة (المصيطرون) في الطور فقط بالسين.
6) وجوب تفخيم حرف الراء في كلمة (فِرْق) في الشعراء فقط.
7) وجوب حذف الياء من كلمة (آتانى) بالنمل عند الوقف عليها.
وجوب حذف الألف من كلمة (سلاسلا) بالدهر عند الوقف عليها.
9) وجوب الإشمام في حرف النون في كلمة (تأمنّا) في يوسف فقط –أي لا روم فيها-.
10) وجوب فتح الضاد في (ضعف) و (ضعفا) في سورة الروم.
11) جواز التكبير بين السورتين من آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس وجواز عدم التكبير.
12) عدم السكت على (عوجا) في الكهف، و (مرقدنا) في يس، و (من راق) في القيامة، و (بل ران) في المطففين.
منقول: http://qquran.com/newphpBB2/viewtopic.php?t=133(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {3}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[27 Aug 2004, 12:39 ص]ـ
(((الصفوف وعدم الكلام)))
في يوم القيامة منظر رهيب ,ترى في ساحة الحساب مليارات من الناس ,الكل في اصطفاف منسق ومنظم ,سكون ,هدوء ,في حضرة الملك الديان .... ! الملائكة صفوف منتظمة:
((يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا))
{النبا آية:38}
((وجاء ربك والملك صفا صفا)) {الفجر آية:22}
والانبياء والمرسلون في جمع ونسق وصفوف منتظمة ((يوم يجمع الله الرسل)) {المائدة آية:109} والناس في سكوت مطبق ,والكل في حالة من الرهبة بانتظار الرب العظيم:
((يوم يات لا تكلم نفس الا باذنه)) {هود آية:105}
وممنوع على الخلائق اي كلام او اي نطق ينطقون به , وحتى الاعتذار ممنوع ......
((هذا يوم لا ينطقون*ولا يؤذن لهم فيعتذرون)) {المرسلات آية:35 - 36}
اصحاب اليمين الفائزون في صفؤف منتظمة ,يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
((اهل الجنة عشرون ومائة صف ثمنون منها من هذه الامة واربعون من سائر الامم))
{رواه احمد وابن ماجه والترمذي وحسنه عن بريدة}
أما أصحاب الشمال وهم الخائبون المجرمون فإنهم في صفوف اخرى يتميزون بها وتتميز بأشكالها عن صفوف المؤمنين ........
((وامتازوا اليوم ايها المجرمون)) {يس آية:59}
إذن في يوم القيامة لا ترى الا النظام الدقيق .. الكل من الملائكة والرسل والانبياء وبني البشر ,وحتى الجآن ,الكل في اصطفاف وسكون رهيب .............
يتبع (((الاستعراضات)))(/)
فائدة
ـ[المزمل]ــــــــ[27 Aug 2004, 01:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر للجميع مشاركاتهم القيمة التي ترفع من مستوى هذا الملتقى العلمي النافع.
وأود أن أقول: إن دروس التفسير للشيخ: محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى - متوفرة في المكتبة الصوتية بالمسجد النبوي الشريف قرابة (76) شريطاً.
وأتوقع أن يكونوا قد انتهوا من نسخها على أقراص الليزر ضمن مشروع المكتبة في إدخال جميع دروس الحرم النبوي على أقراص الليزر.
كما يوجد في التسجيلات التي في داخل الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أشرطة الشيخ وغيرها مثل: الرحلة إلى أفريقيا، ومحاضرة: حكمة التشريع الإسلامي.
وللفائدة: فإن الشيخ: عبد الله قادري الأهدل كتب عن الشيخ تفسير سورة هود أيام دراسته على الشيخ في الجامعة.
والله أعلم،،،،،،،،،،،،،(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {4}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[27 Aug 2004, 11:26 ص]ـ
(((الاستعراضات)))
في يوم القيامة وعندما يحشر الناس ستكون استعراضات رهيبة ,وقد سماها الخالق العظيم بالعروض.
فهذا استعراض الكفار يوم القيامة وهو احد الاستعراضات يقول الله عزوجل في كتابه العزيز
((يوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا*وعرضوا على ربك صفا لقد جؤتمونا كما خلقناكم اول مرة بل زعمتم الن نجعل لكم موعدا*ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا))
{الكهف آية:47 - 49}
استعراض آلاف مؤلفة ,بل مليارات من البشر في استعراض رهيب. (ويوم نسير الجبال) وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله عزوجل بمعنى نسف الجبال ,ويسيرها اي يجعلها سرابا وهباء.ويقول عزوجل ..
((وإذا الجبال نسفت)) {المرسلات آية:10}
ويقول عزوجل ((وسيرت الجبال فكانت سرابا)) {النبأ آية:20} ((وحشرناهم فلم نغادرمنهم احدا)) بمعنى لن ينجو احد من حساب الله عزوجل
((لقد احصاهم وعدهم عدَا)) {مريم آية:94}
بمعنى ان هنالك عملية إحصاء وعد دقيقين ,فليس هناك احد مفقود او تائه او منسي ((وعرضوا على ربك صفا)) اي ان الكافرين سيعرضون على الله عزوجل بشكل صفوف ((لقد جئتمونا كما خلقناكم اول مرة)) اي حفاة عراة .. عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا. قلت يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم الى بعض قال ياعائشة الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض. ((لكل امرىء منهم يومئذ شان يغنيه)) {روه البخاري ومسلم واحمد}
((بل زعمتم ان لن نجعل لكم موعدا)) ,انهم ا نكروا يوم القيامة ,
ومن ينكر يوم القيامة يعد كافرا ولا تنفعه شفاعة الشافعين ..
((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه)).اي انهم استلموا الكتاب ,استلموا كتبهم بشمالهم وجاءهم امر الله: ((إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) ((ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا)) ..
بمعنى وجدوا كل اعمالهم في هذا الكتاب ,لايغادر صغيرة ولا كبيرة من عظائم الكفر والالحاد الا مسطورا فيه ,وقد ’نشر امامهم فلا تسمع الا ياويلتاه ,واحسرتاه, يا اسفاه ولا ينفع الندم ...
ننتقل الى استعرض آخر في كتاب الله عزوجل: ((ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا*وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا *)) {الكهف آية:100}
ان هذا العرض لجهنم مذكور في آيات أخر من القرآن الكريم. ....
((وجيء يومئذ بجهنم *)) {الفجر آية:32}
اي جاء الملائكة بالسلاسل سحبا ((بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذّب بالساعة سعيرا*اذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا*)) ((الفرقان آية:11 - 12}
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يخرج عنق من النار يوم القبامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقوا اني وكلت بثلاثة بمن دعا مع الله الها آخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين)) {اخرجه الترمذي}
((اذا راتهم من مكان بعيد)) اي من مسيرة بعيدة جدا قيل انها مسيرة خمسمائة عام ..
((سمعوا لها تغيظا وزفيرا)) اي اذا راتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ .. عن احد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يقل علي مالم اقل فليتبوا بين عيني جهنم مقعدا)) قيل يا رسول الله وهل لها من عين؟ قال اما سمعتم الله عزوجل يقول ((اذا راتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا)) {الفرقان آية:12}
{رواه ابن جرير في تفسيره وابن ابي حاتم كما في تفسير ابن كثير}
يخرج عنق من النار له عينان تبصران ولسان ينطق فيقول وكلت بكل من جعل مع الله الها آخر فلهو ابصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه .. تفسير القرطبي ((وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا)) وكلمة عرضنا تعني الاستعراض .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها)) {روه مسلم والترمذي عن ابن مسعود}
والزمام:الحلقة التي فيها السلاسل ,فجهنم فيها سبعون الف زمام ,وكل زمام يسحبه سبعون الف ملك:
70000*70000=4900000000 اربعة مليارات وتسعمائة مليون يسحبون جهنم ,ويتى بها وتوضع في واديها ,وجهنم هذه دركات ,اي نزول نحو الاسفل بدليل قوله تعالى: ((ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار)) {النساء آية:145}
يتبع (((القرآن وعلم الفلك)))(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {5}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[27 Aug 2004, 04:08 م]ـ
(((القرآن وعلم الفلك)))
ان القرآن الكريم سبق الحقائق العلمية الحديثة بإعطائه الصورة الواضحة عن الكون منذ بدء الخلق حتى نهايته ..
يقول الله عزوجل ((أولم ير الذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون)) {الانبياء آية:30}
الرتق: يعني الكتلة الواحدة .. قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة:الرتق: يعني انها كانت شيئا واحدا ,,
اي كتلة واحدة ففصل الله بينهما اي بين السماء والارض (تفسير القرطبي) اما الحقائق العلمية التي توصل اليها علماء الفلك الحاليون وبعد المراقبة المضنية والطويلة, يقول احدهم وهو العالم الفلكي الهولندي ,جورج لودتير (1894 - 1966 م): (ان الكون كان في الماضي السحيق عبارة عن كتلة واحدة مجتمعة واطلق عليها الذرة البدائية)
الصيغة الحالية لهذه النظرية تقول بان الكون قد ولد وتوسع نتيجة لانفجار كبير جدا في الذرة البدائية ..
او الحساء الكوني الذري كان يحتوي على مجموع المادة والطاقة ,وفي اللحظات الاولى من هذا الانفجار المروع عندما ارتفعت درجة الحرارة الى عدة تريليونات خلقت اجزاء الذرات ,التي يتالف عالمنا الحالي منها ,ومن هذه الاجزاء تالفت الذرات ,ومن هذه الذرات تالفت, سحب الغازات والغبار ,ومن هذه السحب تالفت المجرات ..
من كتاب {الانفجار الكبير.تاليف اميد شمشك}
وفي هذا الكشف الفلكي يقول الله عزوجل ((اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما))
{الانبياء آية:30}
وتاكيدا للحقائق العلمية التي اشار اليها القرآن الكريم يقول علماء الفلك:عندما تكونت نجوم هذه المجرات وكواكبها وبنيت من غازات دقيقة في الفضاء الكوني كانت ذراتها تتجاذب فيما بينها حسب قرب بعضها من بعض فأتلف وتكون من هذا التجاذب جرم وأجرام ومجرات ...
القرآن الكريم سبق الحقيقة العلمية التي تقول بالاشارة الى الغاز الذي بدات به عملية البناء لهذه الاجرام والمجرات فيقول الله عزوجل ((ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين)) {فصِلت آية:11}
ان الآية الكريمة تشير بكل صراحة الى حقيقة كون السماء وهي دخان ,ودخان تعني الغاز او الغازات ... إذن كانت السماء دخانا قبل ان تكون سماء بل ان الكون كله كان دخانا بحسب الآية الكريمة أعلاه ...
يضيف العلماء فيقولون:ان عناقيد المجرات تتباعد فيما بينها أكثر وأكثر ,فلا بد انها كانت في وقت متقاربة من بعضها ,وهذا يوصلنا الى استنتاج إنه لابد انها كانت في وقت ما من الماضي [[من ان الطاقة والمادة في الكون]] كانت مكتظة ومتجمعة في حالة كثيفة جدا ,ومن خلال معرفتنا لسرعة تمدد الكون نستطيع الرجوع الى الماضي والى اللحظة التي كان فيها الكون ذي كثافة لانهاية ويقدر الزمن الذي يفصلنا عن هذه اللحظة بحوالي ((20 مليون سنة)) .. فلابد من ان انفجارا عنيفا قد حدث في الفضاء حتى يتسبب في خلق هذا التمدد ,ويدعى هذا التمدد الكوني بالانفجار العظيم ... {عن كتاب المجرات والكوزرات ,لمؤلفه وليام ج. كاوفمان}
إن هذا التمدد الكوني ينطبق عليه قول الله عزوجل في القرآن الكريم ((والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون))
{الذاريات آية:47}
أما في حالة الكون المغلق فانه لاحاجة الى انتظار موت نجمة إثر اخرى.قيامة مشتركة سوف تنهي كل شيء.ففي هذا النموذج ستتباطأ سرعة إتساع الكون تدريجيا.وبعد ملايين السنين -يعتمد هذا على مدى زيادة كثافة الكون عن الكثافة الحرجة -ستقف حركة الاتساع تماما ثم تبدا المجرات بالتراكض نحو نقطة واحدة وبسرعات متزايدة مع الزمن ... {الانفجار الكبير.لمؤلفه أميدشمشك}
إن هذه المعلومات العلمية بتساقط النجوم قد جاء مطابقة لقوله عزوجل ((إذا السماء اننفطرت*وإذا الكواكب انتثرت)) {الانفطار آية:1 - 2}
ويقول عزوجل ((إذا الشمس كورت*وإذا النجوم انكدرت*)) {التكوير آية:1 - 2}
ويستمر الكلام عن الكون:ان احتمال وصول كثافة الكون الى الكثافة الحرجة او حتى تخطيها لم يعد الآن إحتمالا بعيدا كالسابق بعد إكتشاف وجود الثقوب السوداء او كتل الغازات والغبار بين المجرات ..
وفي هذه الحالة لايكون هناك مناص من تغلب قوة الجاذبية على حركة التوسع الكوني حيث ستتباطأهذه الحركة ثم تقف في يوم من الايام لكي تبدأ المجرات بالتقهقر والرجوع للتجمع في نقطة واحدة ..
{الانفجار الكبير لمؤلفه اميد شمشك}
بمقابل هذا الوصف العلمي نجد الوصف القرآني الاجمل حبث بقول الله عزوجل ((يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين)) {الانبياء آية:104}
لابد من تفصيل الحديث عن الكون وسعته بحسب اقوال العلماء:
هناك اكثر من ثلاثين قمرا مصباحا لكواكب مجموعتنا الشمسية التي هي بدورها جزء صغير جدا من مجرتنا العملاقة (طريق التبانة) يعتقد العلماء انها تحتوي على اكثر من {250 الف مليون نجم} وعدد كبير من الكواكب.إن مجرتنا ذات إتساع كبير لدرجة إن الضوء بسرعته الكبيرة التي تساوي {300 الف كيلومتر في الثانية} فانه اي {الضوء} يدور حول الكرة الارضية سبع دورات في الثانية ,يحتاج الضوء الى {100الف سنة ضوئية} ليقطع مجرتنا ,ويقول علماء الفلك إن إتساع مجرتنا يساوي {100الف سنة ضوئية} ....
وطريق التبانة واربع وعشرون مجرة اخرى قريبة منها ومثلها في الضخامة والاتساع يكوّن عنقودا من المجرات يسمى المجموعة المحلية وهناك عدد كبير من المجرات تكوّن عناقيد منتشرة في الكون ,وعدد هذه المجرات قد يصل الى {عشرة آلاف مليون مجرة}
{مجلة العربي العدد 315 بقلم الدكتور فخري اسماعيل الحسن}
يتبع (((ارض المحشر)))(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {6}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[27 Aug 2004, 07:16 م]ـ
(((أرض المحشر)))
إن القرآن الكريم كتاب الله عزوجل وفيه آيات تدل على حقائق علمية قد سبقت علم البشر.ويؤكد القرآن الكريم على أن الله عزوجل سيجمع النجوم والكواكب والمجرات ويصيغها ويخلقها خلقا جديدا يوم القيامة.والادلة القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد على صياغة الارض صياغة وفق ماأخبر به الله عزوجل وهو موضوع أرض المحشر / النار/ الجنة , وصلة بعضها ببعض.يقول الله عزوجل:
((يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات)) {ابراهيم آية:48}
الحشر يوم القيامة سيكون على هذه الارض ,وإن إمتدادا سيحدث لهذه الارض كما يؤكد ذلك القرآن الكريم:
((إذا السماء انشقت*واذنت لربها وحقت*وإذا الأرض مدت* وألقت ما فيها وتخلّت *))
{الانشقاق آية:1 - 4}
الانشقاق سيكون يوم القيامة وهو انشقاق السماء ((وإذا الأرض مدّت*)) اي بسطت ودكّت جبالها , قال المفسرون: (تمد مد الأديم) لأن الأديم إذا مد ّ زال كل انثناء فيه وامتد واستوى.قال ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود رضي الله عنه:ويزاد سعتها كذا وكذا لوقوف الخلائق عليها للحساب حتى لايكون لأحد من البشر الا موضع قدمه لكثرة الخلائق فيها ..
((وألقت مافيها وتخلّت*)) أي أخرجت أمواتها وتخلَت عنهم ...
{تفسير القرطبي}
كما أن هناك إتصال بين أرض المحشر والنار.وهذا الإتصال تؤكده الآية الكريمة ((وسيق الّذين كفروا إلى جهنم زمرا حتَى إذا جاؤوها فتحت ابوابها)) {الزمر آية:7}
ياترى من أين يساقون؟؟؟ طبعا من ارض المحشر الى النار ,وهذا يدل دلالة واضحة على ان هناك اتصال بين ارض المحشر والنار ,ودليل آخر من القرآن الكريم ((يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا*ونسوق المجرمين الى جهنم وردا)) {مريم آية:85 - 86}
هذه الاشارة القرآنية ((ونسوق المجرمين الى جهنم)) يساقون من ارض المحشر وبعد الحساب الى جهنم ..
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بموعظة فقال: ((ياأيها الناس إنكم تحشرون الى الله حفاة عراة غرلاكما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين الا وإن اول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم -عليه السلام -الا وانه سيجاء برجال من امتي فيؤخذ بهم ذات الشمال.فاقول يارب اصحابي فيقال انك لا تدري مااحدثوا بعدك فاقول كما قال العبد الصالح)) ((وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد)) 117 ((ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيزالحكيم)) قال:فيقال لي ((انهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم))
{رواه البخاري ومسلم واحمد والترمذي}
هذا الحديث يدل عللى ان البشر سيحشر على الارض التي لها صلة بالنار والصراط والجنة ..
عن سهل ابن سعد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لاحد)) .... {اخرجه الشيخان} وقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس فيها علم لاحد) يدل على ان الارض ليس فيها علامة من جبل ولا وادي ماهي الا كما قال الله عزوجل:
((فيذرها قاعا صفصفا*لا ترى فيها عوجا ولا أمتا)) {طه آية:106 - 107}
((يتبع حمل الاوزار))(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {7}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[28 Aug 2004, 04:15 م]ـ
(((حمل الاوزار)))
سنتكلم عن الاوزار وفق ما جاء في القرآن الكريم ,ويجب ان نأخذ اللقطات بالترتيب حتى تتوضح الصورة كاملة:
((قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله حتّى إذا جائتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم الا ساء ما يزرون)) {الانعام آية:31}
الاوزار على الظهور .. فياترى هل إن هذه الأوزار معنوية ام ثقلية؟؟؟
ولا يجوز أن يقال في كتاب الله بالرأي المجرد ,وأفضل تفسير للقرآن هو تفسير القرآن بالقرآن ..
عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال:سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤون القرآن فقال: ((انما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه الى عالمه)) {أخرجه احمد وابن ماجه}
وبعد تفسير القرآن بالقرآن يأتي ما فسره رسول الله صلّى الله عليه وسلم ,بعد هذا يأتي إجماع الصّحابة ثم الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم امثال ابن عباس وأبي هريرة ثم بعد هذا يأتي تفسير العلماء المحققين ..
والقرآن الكريم لا ينتهي إعجازه ولاتنتهي عجائبه ,ابدع الله حكمته وتراكيبه واسلوبه والفاظه ونظمه الذي يؤثر في النفوس ويهز القلوب: (القرآن الكريم كتاب الله الدّال عليه لمن أراد معرفته ,وطريقه الموصلة لسالكها اليه ,ونوره المبين الذي أشرقت له الظّلمات ,ورحمته المهداة:التي بها صلاح جميع المخلوقات , والسبب الواصل بينه وبين عباده اذا انقطعت الاسباب , وبابه الاعظم الذي منه الدخول فلا يغلق إذا غلِقت الابواب ,وهو الصِراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء , والذِكر الحكيم الذي لا تزيغ به الاهواء ,والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء لاتفنى عجائبه ,ولاتقلع سحائبه ,ولاتنقضي آياته ,ولاتختلف دلالاته ,كلما ازدادت البصائر فيه تاملا وتفكيرا ,زادها هداية وتبصيرا) {مدارج السلكين لابن القيم الجوزية}
هذا وصف بديع لكتاب الله عزوجل ... وياله من وصف رائع وجميل .. !!
قلنا بتفسير قوله عزوجل: ((وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم الا ساء ما يزرون)) وقلنا ان هذه الاوزار معنوية ام ثقلية؟؟ جواب هذا نراه في كتاب الله عزوجل: ((وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون* وليحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم وليسئلن يوم القيامة عمّا كانوا يفترون)) {العنكبوت آية:12 - 13}
هذه الآية تفسِر الآية من سورة الانعام .. وتبين لنا ان الاوزار هي اثقال: ((وليحملن اثقالا واثقالا مع اثقالهم))
هذا تفسير القرآن بالقرآن. وفي حساباتنا إذا كان الثقل للاوزار [50] كغم او [20] كغم فهذه الاوزار بهذه الاثقال ممكن حملها.اما إذا كانت [200] كغم او [1000] كغم او اكثر من ذلك فكيف يستطيع النسان ان يحملها يوم القيامة؟؟؟ ان هذه الاثقال هي فوق طاقته.فياترى هل سيحمل بعض هذه الاثقال التي يستطيع حملها ثم يحمل البقية على مراحل ام يحملها كاملة؟؟؟
جواب هذا نجده في كتاب الله عزوجل!!! ((ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم الاساء ما يزرون)) {النحل آية:25}
كيف سيحملون هذه الاثقال وهم لايطيقون حملها؟ جواب هذا نجده في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن ابي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: ((إستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الازد يقال له ابن اللتبية على الصدقة ,فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي لي قال: فهلا جلس في بيت ابيه - او بيت امه - فينظر ايهدي له او لا؟ والذي نفسي بيده لايأخذ احد منكم شيئا الاجاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء او بقرة لها خوار او شاة تبعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ,اللهم بلَغت اللهم بلَغت ثلاثا))
{رواه البخاري}
(يُتْبَعُ)
(/)
والآن نسال كيف يحمل البعير على الرقبة؟ وكيف تحمل البقرة على الرقبة وكيف نفسر هذا؟ تفسير هذا في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن ضرس الكافر او ناب الكافر مثل جبل احد وغلظ جلده مسيرة ثلاثة ايام للراكب المسرع)) .. {رواه مسلم واحمد والترمذي}
فإذا كان ضرس الكافر مثل جبل احد فتصور انسانا في فمه / 32/ جبل احد فما حجم راسه وما حجم جسمه؟؟؟
ان الكفار يحشرون يوم القيامة عمالقة حتى يحملوا الاوزار والاثقال كاملة ,وفي الحديث عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من اخذ من الارض شيئا ظلما جاء يوم القيامة يحمل ترابها الى المحشر))
{روه الامام احمد في سنده} كيف سيحمل تراب الارض المغصوبة اذا كانت بمئات الدونمات وقد تبلغ الآلاف؟؟ واين سيذهب بهذه الاوزار ... ؟
وهل سيحملها وهو قادر على حملها؟؟؟ ام سيحملها وهي ثقيلة لايستطيع حملها الا بجهد كبير؟ جواب هذه الاسئلة سنجده في كتاب الله عزوجل ((كذلك نقص عليك من انباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا*من اعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزرا*خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا*)) {طه آية:99 - 101}
الله اكبر ... انظر الوصف الدقيق المرعب ,الصورة التي سيكون عليها يوم القيامة اولئك المتكبرون الظالمون:
انظر قوله عزوجل ((فانه يحمل يوم القيامة وزرا*خالدين فيه)) انهم سيحملون الاوزار ... وسيبقون حاملين لها وخالدين في نار جهنم .. بمعنى يعذبون وهم يحملون الاوزار.ياترى هل سيحملونها وهم غير متكلفين بحملها .. ؟
جواب هذا نجده في كتاب الله عزوجل ((وساء لهم يوم القيامة حملا)) اي حملا سيئا .. فاذا كانت قدرة الانسان من الاحمال هي (100) كغم فكيف به الحال وقد حمل (200) كغم ,اذن هذا هو الحمل السيء ..
واختم هذا الموضوع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: ((قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول وعظَم امره قال: لألفين احدكم يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة ,يقول يارسول الله أغثني فاقول لاأملك لك شيئا قد ابلغتك.وعلى رقبته بعير له رغاء ,يقول يارسول الله أغثني فأقول لاأملك لك شيئا قد ابلغتك ,وعلى رقبته صامت فيقول يارسول الله أغثني فأقول لاأملك لك شيئا قد أبلغتك او على رقبته رقاع تخفق فيقول يارسول الله أغثني فأقول لاأملك لك شيئا قد أبلغتك))
{رواه البخاري ومسلم واحمد}
الصامت: الارض والصخر والحديد والاشياء التي لاتتكلم.ومن غل شيئا اي اخذه بغير حق ياتي يوم القيامة يحمله ..
عن عبد الله بن انيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من غل بعيرا او شاة اتى يحمله يوم القيامة) {روه الامام احمد صحيح الجامع وابن ماجه}
يتبع (((يوم العرض)))(/)
حفظ القرآن والامامة
ـ[موراني]ــــــــ[28 Aug 2004, 07:00 م]ـ
ورد في كتاب (الواضحة) لعبد الملك بن حبيب الأندلسي , الذي لم يزل في مرحلة الاخراج فسيطبع قريبا ,والذي يحتوي على ما وجدنا من كتب الصلاة وكتب الحج منه ,
ورد في الواضحة الحديث المشهور بالاسناد التالي:
وحدثني الأويسي عن اسماعيل بن عياش عن أبان عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال:
يؤمكم أقرؤكم , فان كانوا سواء فأفقهكم فان كانوا سواء فأقدمكم هجرة فان كانوا سواء فأقدمكم سنا.
هذا , ويتبين من خلال ألفاظ الحديث أن النبي قد خاطب أصحابه ولم يخاطب عامة الناس الذين من بعدهم بتوصية بهذا الحديث , بل تركز على المعاصرين له في أيامه (وهذا قوله: فأقدمكم هجرة)
من المعلوم أن الحديث قد روي في عدة وجوه في الصحاح والسنن والمسندات فلا حاجة لنا للاشارة الى مواضعه في هذا المكان.
ما أريد أن أبرز في هذه السطور هو تعليق عبد الملك بن حبيب على هذا الحديث, كما يلي نصا:
قال عبد الملك: وانما قال رسول الله (ص): يؤمكم أقرؤكم , لأن الحال كانت منهم كلهم صالحة , وكانوا أهل علم ومعرفة بدينهم , وكان حفظ من حفظ منهم القرآن زيادة زيادة منه في العمل على أصحابه. ثم انّ الناس ليس سواء في حفظ القرآن وبسمع العلم والعمل , فأولاهم اليوم بالامامة أحسنهم حالا في نفسه وأفضلهم معرفة بدينه.
لقد نظرت في كتب القدماء وبحثت عن تعاليقهم على هذا الحديث فلم أجد أحدا بلغ بتعليقه ما بلغه ابن حبيب في الواضحة من الدقة في توسيع معنى الحديث وفي تطبيقه في عصره , حتى ما جاء عند القاضي عياض في اكمال المعلم بفوائد مسلم (ج 1 , ص 659 وما بعدها) لم يبلغ مبلغ ابن حبيب في تعليقه الذي يرجع الى النصف الأول من القرن الثالث الهجري.
تقديرا
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2004, 08:13 ص]ـ
شكراً لك على هذه العناية بكتب التراث الإسلامي، ولا سيما مثل هذه الكتب المتقدمة. وأفهم من هذا أنكم تقومون بتحقيق هذا الكتاب، وسيخرج قريباً إن شاء الله بتحقيقكم؟
هناك مسألةلا أظنها تغيب عنكم بخصوص كتابة (ص) بعد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم. أتوقع أنكم تكتبون هذا في الملتقى فقط رغبة في الاختصار -وإن كنت لا أحبذ ذلك -، وأما في الكتاب المطبوع فتكتبونها كاملة كما هو المعروف والمشروع عند العلماء كما ذكر ذلك النووي رحمه الله وغيره.
فمثلاً قول عبدالملك: (قال عبد الملك: وانما قال رسول الله (ص): يؤمكم أقرؤكم ... ). أظنها لديكم هكذا (قال عبد الملك: وانما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤمكم أقرؤكم .. ) أو نحو ذلك.
وقد ذكر النووي أن المشروع كتابتها ولو لم تكن في الأصل المنقول عنه أو المحقق حالياً، لأنها من باب الدعاء. وقد ذكر ذلك في مقدمة شرحه لصحيح مسلم فقال: (يستحب لكاتب الحديث إذا مر بذكر الله عز وجل أن يكتب (عز وجل) أو (تعالى) أو (سبحانه وتعالى) أو (تبارك وتعالى) أو (جل ذكره) أو (تبارك اسمه) أو (جلت عظمته) أو ما أشبه ذلك.
وكذلك يكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (صلى الله عليه وسلم) بكمالهما، لا رامزاً إليهما، ولا مقتصراً على أحدهما .... ويَكتبُ كلَّ هذا وإن لم يكن مكتوباً في الأصل الذي ينقل منه، فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء). شرح مسلم 1/ 39
وأما قولكم: (هذا , ويتبين من خلال ألفاظ الحديث أن النبي قد خاطب أصحابه ولم يخاطب عامة الناس الذين من بعدهم بتوصية بهذا الحديث , بل تركز على المعاصرين له في أيامه (وهذا قوله: فأقدمكم هجرة) أهـ.
فكما تعلم أن القاعدة الأصولية: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة معتبرة، ولذلك ستجد شراح الحديث قد ذهبوا إلى أن هذا الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم يشمل المهاجرين في عهده وبعده إلى اليوم، ومن ذلك قول صاحب عون المعبود في شرح الحديث: (فليؤمهم أقدمهم هجرة) هذا شامل لمن تقدم هجرة سواء كان في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده كمن يهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام. وأما حديث " لا هجرة بعد الفتح " فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث).
وقال الإمام الخطابي كلام جيد حول هذا الحديث، يقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل مِلاك أمر الإمامة القراءة، وجعلها مقدمة على سائر الخصال المذكورة معها. والمعنى في ذلك أنهم كانوا قوماً أميين لا يقرءون، فمن تعلم منهم شيئا من القرآن، كان أحق بالإمامة ممن لم يتعلمه؛ لأنه لا صلاة إلا بقراءة إذ كانت القراءة من ضرورة الصلاة، وكانت ركناً من أركانها صارت مقدمة في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها، ثم تلا القراءة بالسنة وهي الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها وبينه من أمرها، وأن الإمام إذا كان جاهلا بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع من زيادة ونقصان أفسدها وأخدجها، فكان العالم بها الفقيه فيها مقدماً على من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها.
ومعرفة السنة وإن كانت مؤخرة في الذكر وكان القراءة مبتدأة بذكرها فإن الفقيه العالم بالسنة إذا كان يقرأ من القرآن ما تجوز به الصلاة أحق بالإمامة من الماهر بالقراءة إذا كان مختلفاً عن درجته في علم الفقه ومعرفته السنة.
وإنما قدم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أقرأهم أفقههم به.
وقال ابن مسعود: كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكم علمها ويعرف حلالها وحرامها أو كما قال.
فأما غيرهم ممن تأخر بهم الزمان فإن أكثرهم يقرءون ولا يفقهون فقراؤهم كثير والفقهاء منهم قليل.
وأما قوله عليه السلام: (فإن استووا في السنة فأقدمهم هجرة) فإن الهجرة قد انقطعت اليوم -هذا رأي الخطابي -، إلا أن فضيلتها موروثة، فمن كان من أولاد المهاجرين أو كان في آبائه وأسلافه من له قدم في الإسلام أو سابقة فيه أو كان آباؤه أقدم إسلاما فهو مقدم على من لم يكن لآبائه سابقة أو كانوا ممن بنى العهد بالإسلام، فإذا كانوا متساوين في هذه الحالات الثلاثة فأكبرهم سناً مقدم على من هو أصغر سنا لفضيلة السن، ولأنه إذا تقدم أصحابه في السن فقد تقدمهم في الإسلام فصار بمنزلة من تقدمت هجرته.
وعلى هذا الترتيب توجد أقاويل أكثر العلماء في هذا الباب:
قال عطاء بن أبي رباح: يؤمهم أفقههم، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم، فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم.
وقال مالك: يتقدم القوم أعلمهم، فقيل له: أقرؤهم؟ فقال: قد يقرأ من لا يُرضى.
وقال الأوزاعي: يؤمهم أفقههم.
وقال الشافعي. إذا لم تجتمع القراءة والفقه والسن في واحد قدموا أفقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما يكتفي به في الصلاة، وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.
وقال أبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن وإن لم يقرأه كله.
وكان سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق يقدمون القراءة قولا بظاهر الحديث). انتهى كلام الخطابي
ـ[موراني]ــــــــ[31 Aug 2004, 10:50 ص]ـ
عبد الرحمن الشهري المحترم , جزاكم الله خيرا لما تفضلتم بتوضيحه والتعليق الحسن المفيد عليه!
نعم , يطبع الكتاب قريبا بتحقيقي ويشمل على كل لوحات على الرق التي وجدناها في المكتبة العتيقة بالقيروان من الكتابين الصلاة والحج.
أما التصلية فهي اختصار مني في هذا الموضع فقط فأعتذر لهذا التقصير. أما المخطوط وتجد فيه التصلية كاملة كما تجدها كذلك أيضا: (صلى الله عليه).
وكذلك أيضا: (عائشة زوج النبي عليه السلام). في هذه المواضع جاء في النص المحقق كما جاء في الأصل , فربما أخالفكم في هذه المسألة الا أنني مرتبط بالأصل فلا يجوز لي أن أضيف اليه شيئا. وبعض الأحيان لا يذكر المؤلف (أو الناسخ) التصلية على الاطلاق. لقد لاحظت هذه المظاهر المتعلقة بالتصلية وعدم ذكرها (!) في عدة مخطوطات بالقيروان , فلا ليس لي أن أتدخل فيه هذا الأمر باعتباري محققا.
فكما تعلم أن القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة معتبرة
فأجيب: نعم , هذا كله صحيح كما جاء فيما تفضلتم بذكره عن صاحب عون المعبود وعن الخطابي , الا أن عبد الملك بن حبيب في منتصف القرن الثالث لم يعلم بهذه القاعدة المتأخرة عليه , بل قال في شرحه ما جاء ذكره في هذه المشاركة.
أما قول مالك: وقال مالك: يتقدم القوم أعلمهم، فقيل له: أقرؤهم؟ فقال: قد يقرأ من لا يُرضى
فذكره ابن حبيب لفظا في هذا الباب من الكتاب , كما يذكر بعد ذلك الألحان في قراءة القرآن وعيوبها.
كما جاء ذلك أيضا عند يحيى بن عمر الكناني على أوراق متفرقة التي قد تعود الى كتابه في البدعة:
قال:
ولقد بلغني عن كثير ممن لا علم لهم أنهم بالوا (بفتح اللام) في هذه الأصوات المحدثة التي جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم بما قد اقتصصناه عنهم في كتابنا هذا الحديث الذي جاء:
ْزينوا القرآن بأصواتكم ,
فأخطؤوا في تفسيره , والحديث كما أحدثك به.
فتأوّل من لا علم له في هذه الأحاديث على غير تأويلها وظنوا أن تفسيرها ما أحدثوا
في القرآن من أصوات الغناء والحداء حتى صاروا من فتنتهم في ذلك , يزنوا أصواتهم تلك وزنا ويعلم ذلك بعضهم بعضا كتعليم المغنيات أصوات الغناء وحتى صاروا يسمون لآي القرآن أصوات مختلفة: لآية كذا صوت كذا , ولآية كذا صوت كذا.
وهذا حدث عظيم في الاسلام.
وانما تفسير (زينوا القرآن بأصواتكم) أن يرتل القاريء قراءته
(وقد حكينا قراءته في اول هذا الكتاب) , حرفا حرفا كما كان النبي عليه السلام يقرأ بالترتيل كما أمره الله جل ذكره.
وقد حكينا قراءته في أول هذا الكتاب , ثم فسر ذلك أصحابه من بعده. (انتهى)
أنظر أيضا هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=231&highlight=%E3%E6%D1%C7%E4%ED
هذا , فأنظر ما جمع ابن أبي زيد القيرواني من الشروح لهذا الحديث المذكور أعلاه في كتاب النوادر والزيادات , ج 1 , ص 280 الى 283 في باب (في الامامة ومن هو أحق بها) , حيث يذكر ما جاء في الواضحة لابن حبيب عند غيره من القدماء في المذهب المالكي.
تقديرا
موراني(/)
التفسير الواضح على نهج السلف الصالح
ـ[القحطاني]ــــــــ[28 Aug 2004, 11:14 م]ـ
أيها الإخوة والمشايخ الفضلاء:
قرأت في ترجمة الشيخ /محمد بن نسيب الرفاعي أن له تفسيراً اسمه (التفسير الواضح على نهج السلف الصالح) على نمط تفسير الجلالين مع بعض التوسع وقد عاجله الإجل قبل طباعته.
هل هذا التفسير مطبوع وما رأيكم فيه؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Nov 2006, 11:02 ص]ـ
يرفع لعل أحدا يجيب ...(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {8}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[29 Aug 2004, 06:28 م]ـ
(((يوم العلاض)))
مثل وقوفك يوم العرض عريانا = مستوحشا قلق الاحشاء حيرانا
واقرا كتابك يا عبدي على مهل = فهل ترى فيه حرفا غير ماكانا
لما قرات ولم تنكر قرائته = إقرار لمن عرف الاشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه ياملائكتي = وامضوا بعبد عصى للنارعطشانا
المشركون غدوا في النار والتهبوا = والمؤمنون بدار الخلد سكانا
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
((مامنكم من احد الا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان , فينظرعن يمينه فلا يرى الا ما قدم وينظر عن شماله فلا يرى الا ما قدم. فينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة)) {رواه البخاري واحمد ومسلم والترمذي عن عدي بن حاتم}
الاولون والآخرون امام الله عزوجل في ساحة العرض المهيب ...
وفي ساحة العرض هذه هناك نسبة اهل الجنة ونسبة اهل النار .........
عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى ياآدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك.فيقول أخرج بعث النار قال وما بعث النار؟ كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين.فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ,قالوا: يارسول الله وأينا ذلك الواحد؟ قال: ابشروا فان منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج الف ثم قال والذي نفسي بيده اني لارجو ان تكونوا ربع اهل الجنة فكبرنا فقال ارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة فكبرنا فقال ارجو ان تكونوا نصف اهل الجنة فكبرنا فقال ما انتم في الناس الا كالشعرة السوداء في جلد الثور الابيض او كشعرة بيضاء في جلد ثور اسود))
{اخرجه البخاري ومسلم واحمد}
هذه النسبة (1000=999+1) اذن (999) الى النار وواحد فقط الى الجنة.ان الانسان مهما عمل من خير واطاع الله عزوجل فان عمله لايدخله الجنة الا برحمة الله عزوجل لهذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لن يدخل احد عمله الجنة قالوا ولا انت يارسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا ولا يتمنين احدكم الموت اما محسنا فلعله ان يزداد خيرا وإما مسيئا فلعله يستعتب))
{اخرجه البخاري ومسلم عن ابي هريرة}
القرآن الكريم يؤكد هذا المعنى فيقول الله عزوجل:
((قال عذابي اصيب به من اشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون*الذين يتبعون الرسول النبي الامي)) {الاعراف آية:156}
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ان الله تعالى خلق يوم خلق السماوات والارض مائة رحمة, كل رحمة طباق ما بين السماء والارض فجعل منها في الارض رحمة واحدة فيها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض ,فاذا كان يوم القيامة اكملها بهذه الرحمة)) ...
{رواه البخاري ومسلم والترمذي واحمد}
قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ((والذي نفسي بيده الله ارحم بعبيده من الشفيقة بولدها))
{رواه البخاري والترمذي}
إذن رحمة الله هي من تدخل العبد الصالح الى الجنة ,وما العمل الصالح الا وسيلة تقودنا الى رحمة الرحمن الرحيم ...
يتبع (((الموازين والحساب)))
-----------------------(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {9}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[30 Aug 2004, 12:15 ص]ـ
(((الموازين والحساب)))
قال الله عزوجل ((ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا ’تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين)) {الانبياء آية:47ْ}
ومعنى الآية اي نضع ميزان الحق والعدل ,وبه نحاسب العباد ونزن اعمالهم ونحاسبهم على مثقال حبة من خردل (لصغرها) وكفى بنا حاسبين اي: الايكفي ان نحاسبهم على مقدار مثقال حبة من خردل؟؟؟
بلى يارب .. !! ويؤكد الله عزوجل موضوع الحساب والسؤال فيقول: ((فوربك لنسألنهم أجمعين*عن ما كانوا يعملون)) {الحجر آية:92}
اخرج الترمذي والطبراني والبزار باسناد صحيح من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى ’يسأل عن اربع خصال. عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيم ابلاه وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه وعن علمه ماذا عمل به))
{واخرجه الترمذي والدارمي عن ابي برزه}
قال الله عزوجل ((ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن)) {النساء آية:125}
فلا يقبل الله العمل الا ما كان خالصا لوجهه ,على متابعة امره وما عدا ذلك فهو مردود ...........
قال الفضيل بن عياض: (العمل الحسن هو اخلصه واصوبه, قالوا يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟؟؟
قال: ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل, وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا) ...............
يقول الله عزوجل ((فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون*فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون*ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون*تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون*)) {المؤمنون آية:101 - 104}
ان الله عزوجل ’يسقط الاسباب يوم القيامة .. فلا انساب ولا احساب ,بل سيكون نسب العبد ما عمله في الدنيا ..
وهناك نسب المفلحين ونسب الخاسرين اما نسب المفلحين فهو قول الله عزوجل ((فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون)) واما نسب الخاسرين فهو قوله عزوجل ((ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون))
فطاعة الله عزوجل هي النسب الذي ’يفتخر به, وعصيانه هي الخسارة التي ما بعدها خسارة ....
يقول الله عزوجل: ((يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودُ لو ان بينها وبينه امدا بعيدا ويحذِركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد*)) {آل عمران آية:30}
أي يوم القيامة يحضر العبد جميع أعماله من خير وشر, كما قال الله عزوجل ((’ينبَأ الانسان بما قدَم وأخر*)) {القيامة آية:13}
فما رأى من أعماله حسنا سره ذلك وافرحه وما رأى من قبيح اعماله سائه, وغصَه, وود لو انه تبرأمنه, وان يكون بينهما امد بعيد ,كما يقول لشيطانه الذي كان مقرونا به في الدنيا ((يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين)) {الزخرف آية:28}
تفسير ابن كثير ((والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون*ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون*)) {الاعراف آية:8 - 9}
موقف رهيب ايها الانسان .... هيء نفسك لهذا اليوم وكن على استعداد للقاء الله عزوجل لان مصيرك يتوقف على ما قدمت وما اخرت من عمل ,واني لاسال الله ربي ان يفرغ علينا صبرا ويتوفنا مسلمين .. !!!
عن عائشة رضي الله تعالى عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس احد ’يحاسب يوم القيامة الا هلك))
فقلت يارسول الله .. اليس قد قال الله تعالى: ((فاما من اوتي كتابه بيمينه*فسوف يحاسب حسابا يسيرا*))
{الانشقاق آية:7 - 8}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((انما ذلك العرض وليس احد يناقش الحساب يوم القيامة الا عذِب))
{رواه البخاري}
يقول تعالى ((يوم يفرُالمرء من اخيه*وأمِه وأبيه*وصاحبته وبنيه*لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه))
{عبس آية:34 - 37}
في هذه الاماكن ينسى الانسان كل اهليه واصحابه ويقول: يانفسي, وأن بعض الظالمين يتمنى لو يفتديه اقرب الاقرباء .. يقول الله عزوجل: ((ولا يسال حميم حميما*يبصرونهم يود ُالمجرم لو يفتدي من عذاب يومئذببنيه*وصاحبته واخيه*وفصيلته التي تؤويه*ومن في الارض جميعا ثم ينجيه*))
{المعارج آية:10 - 14}
المجرم يبقى مجرما ... إنه يريد ان يفتديه احد ابنائه او صاحبته او اخيه او فصيلته او من في الارض جميعا لينجو بنفسه فقط ... اما الباقون فلا ضير إن ذهبوا الى جهنم جميعا فداء له ... يريد ولكن هيهات لما يريد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يتبع (((الشهادات)))(/)
سؤال
ـ[عبد الرحمن]ــــــــ[30 Aug 2004, 12:35 م]ـ
هذه الرواية في الدر المنثور:
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل لحق بغار ثور قال: وتبعه أبو بكر رضي الله عنه، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسه خلفه خاف أن يكون الطلب، فلما رأى ذلك أبو بكر رضي الله عنه تنحنح، فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفه فقام له حتى تبعه فأتيا الغار، فأصبحت قريش في طلبه فبعثوا إلى رجل من قافة بني مدلج، فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة، فبال في أصلها القائف ثم قال: ما جاز صاحبكم الذي تطلبون هذا المكان.
قال: فعند ذلك حزن أبو بكر رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تحزن إن الله معنا" قال: فمكث هو وأبو بكر رضي الله عنه في الغار ثلاثة أيام يختلف إليهم بالطعام عامر بن فهيرة وعلي يجهزهم، فاشتروا ثلاثة أباعر من إبل البحرين واستأجر لهم دليلا، فلما كان بعض الليل من الليلة الثالثة أتاهم علي رضي الله عنه بالإبل والدليل، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته وركب أبو بكر أخرى فتوجهوا نحو المدينة وقد بعثت قريش في طلبه.
وسؤالي: ما صحة هذه الرواية وخصوصا ما ورد فيها من أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وحده في أول الأمر ثم لحقه أبو بكر رضي الله عنه؟؟
وهذه الرواية بمعناها: وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ضبة بن محصن العبري قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنت خير من أبي بكر، فبكى وقال: والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر، هل لك أن أحدثك بليلته ويومه؟ قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: أما ليلته، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هاربا من أهل مكة، خرج ليلا فتبعه أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه، ومرة عن يمينه ومرة عن يساره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم"ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك؟! قال: يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون من خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك.
ـ[محمد بن عبده آل محمد]ــــــــ[14 Sep 2004, 07:10 ص]ـ
تحذير الأبرار من رواية قصة ثعبان الغار
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،،،
فلقد أكثر أهل السير من إيراد قصة ثعبان الغار، وقد اشتهرت على ألسنة الخطباء، فأردنا أن نبين في هذه العجالة أن هذه القصة موضوعة مختلقة، فلا يحل روايتها إلا على سبيل التحذير، والله الموفق.
نص القصة
عن ضبة بن محصن العبري، قال: قلت لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه –: أنت خير من أبي بكر، فبكى، وقال: والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عُمُرِ عمَر، هل لك أن أحدثك بليلته ويومه؟ قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين! قال: أما ليلته فلما خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هارباً من أهل مكة خرج ليلاً فتبعه أبو بكر، فجعل يمشي مرة أمامه، ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " ما هذا يا أبا بكر؟! ما أعرف هذا من فعلك؟ "، قال: يا رسول الله! أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك، لا آمن عليك، قال: فمشى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه، فلما رآه أبو بكر – رضي الله عنه –أنها قد حفيت حمله على كاهله، وجعل يشد به حتى أتى به فم الغار فأنزله، ثم قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئاً، فحمله فأدخله، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعي، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تنحدر، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول له: يا أبا بكر! لا تحزن إن الله معنا؛ فأنزل الله سكينته لأبي بكر فهذه ليلته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما يومه فلما توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وارتدت العرب، فقال بعضهم: نصلي ولا نزكي، وقال بعضهم: لا نصلي ولا نزكي، فأتيته ولا آلوه نصحاً، فقلت: يا خليفة رسول الله! تألف الناس وارفق بهم، فقال: جبار في الجاهلية خوار في الإسلام، بماذا أتألفهم أبشعر مفتعل أو بشعر مفترى؟! قبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، وارتفع الوحي، فوالله لو منعوني عقالاً مما كانوا يعطون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقاتلتهم عليه، قال: فقاتلنا معه، فكان والله رشيد الأمر، فهذا يومه ".
تحقيق القصة
رواها البيهقي في " دلائل النبوة " (2/ 476 – 477) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، قال: حدثني فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العبري، به.
وهذا القصة موضوعة؛ عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ضعفه الدارقطني وأبو نعيم، وقال الذهبي في " الميزان " (2/ 454): " وأتى عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العبري، عن أبي موسى بقصة الغار، وهو شبه وضع الطرقية "، وأقره ابن حجر في " اللسان " (4/ 397).
و فرات بن السائب، وقال ابن معين: " ليس بشيء "، وقال البخاري: " منكر الحديث "، وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، منكر الحديث "، وتركه النسائي والدارقطني (الميزان 4/ 503 – 504 واللسان 6/ 9 – 10).
وروى الحاكم في " المستدرك " (3/ 6) من طريق عفان بن مسلم، ثنا السري بن يحيى، ثنا محمد بن سيرين، عن عمر، به، وليس فيه ذكر الثعبان.
قال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، لولا إرسال فيه "، ووافقه الذهبي.
قلت: لم يخرج مسلم للسري بن يحيى، وهذا مرسل كما قالا.
وقد وهم السخاوي في " فتح المغيث " (4/ 118) في عزوه للبيهقي في " الدلائل " من هذا الطريق.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وكتب
أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي الأثري
الإسكندرية، ضحى الأحد 20 / رجب / 1425
ـ[محمد بن عبده آل محمد]ــــــــ[14 Sep 2004, 07:11 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22564&highlight=%C7%E1%DB%C7%D1(/)
المعهد الإسلامي للإعجاز القرآني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2004, 07:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري عند دخولي لأحد الدكاكين بجوار بيتي مجلة أراها لأول مرة بعنوان (آيات). فلما نظرت فيها فإذا مكتوب تحت عنوانها بخط صغير (شهرية علمية متخصصة في الإعجاز القرآني) وهي تصدر عن المعهد الإسلامي للإعجاز القرآني بعمان - الأردن، وهذا العدد هو العدد السابع من المجلة بتاريخ جمادى الآخرة 1425هـ وقد سعدت بهذه المجلة المتخصصة، وما فيها من أبحاث وأخبار، علماً أن ثمنها عشرة ريالات.
ويحتوي هذا العدد على مجموعة من المقالات والبحوث والأخبار التي تدور حول إعجاز القرآن الكريم بأنواعه.
وأرجو أن تكون هذه المجلة مع مجلة (الإعجاز) التي تصدر عن هيئة الإعجاز العلمي برابطة العالم الإسلامي من النوافذ الإعلامية النافعة لنشر مثل هذه البحوث القيمة الموثوقة. أسأل الله أن يوفق القائمين عليها، وأن يبارك في جهودهم المخلصة لخدمة هذا القرآن العظيم.
موقع المعهد على الانترنت:
المعهد الإسلامي للإعجاز القرآني ( http://www.iiquran.com/default.asp)(/)
سؤال عن تحقيق الآثار في مراهنة الصديق رضي الله عنه للمشركين في غلبتِ الروم
ـ[مؤمل]ــــــــ[31 Aug 2004, 09:54 ص]ـ
هل من تحقيق بارك الله فيكم في هذه الآثار المروية في مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه والمسلمين للمشركين عند نزول قوله تعالى "غلبتِ الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) سورة الروم؟
ما الذي صحّ منها؟ وما الذي هو دون ذلك؟
والله يجزيكم خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2004, 08:23 م]ـ
ذكر الدكتور حكمت بشير ياسين في كتابه (الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور) عند هذا الموضع حديثاً واحداً وهو حديث ابن عباس.
قال الترمذي: حدثنا الحسين بن حريث، حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عَمْرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله تعالى: (الم غلبت الروم في أدنى الأرض)، قال: غَلَبَتْ وغُلِبَت، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل الأوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل الكتاب فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أما إنهم سيَغلبون)، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ألا جعلته إلى دونٍ) قالَ: أراه العشر. قال أبو سعيد: والبِضْعُ ما دون العشرِ، قال ثم ظهرت الروم بعدُ. قال فذلك قوله تعالى: (الم غلبت الروم إلى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء).
قال سفيانُ: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، وإنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب ابن أبي عمرة. السنن 5/ 343 - 345 ك التفسير. ب سورة الروم ح 3193، وصححها الألباني في صحيح سنن الترمذي ح 2551
وأخرجه أحمد في المسند 1/ 276، والنسائي (التفسير 2/ 149 ح 409)، والطبري في تفسيره 21/ 16، والطبراني في الكبير 12/ 29 ح 12377، والحاكم في المستدرك 2/ 410، كلهم من طريق أبي إسحاق الفزاري به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند ح 2495
هذا ما ذكره الدكتور حكمت بشير ياسين، ولعل الإخوة الفضلاء من أهل الحديث يزيدون الأمر بياناً وفقهم الله.
ـ[مؤمل]ــــــــ[04 Sep 2004, 07:28 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الرحمن الشهري، وربنا يبارك في علمك وسعيك ..
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Oct 2010, 01:57 م]ـ
الروايات في هذه القصة متعددة وتحتاج إلى جمع طرقها والحكم عليها، مع ملاحظة أن تحرير تلك الروايات مع تحرير القول في المراد بقوله تعالى: (بنصر الله) سيحدد لنا تاريخ نزول السورة أو نزول مطلعها على الأقل؛ فليت مشايخنا في الحديث في هذا الملتقى كالدكتور ماهر الفحل و الدكتور عمر المقبل يفيدوننا في الموضوع، وليتهم يفيدوننا -أيضاً- برأيهم في ما ذكره ابن عاشور بخصوص هذه الروايات ومحاولته لتحديد تاريخ نزول السورة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Oct 2010, 03:47 م]ـ
قال الشيخ الألباني: في السلسلة الضعيفة - (ج 6 / ص 428)
" - (ألا احتطت يا أبا بكر؛ فإن البضع ما بين ثلاث إلى تسع).
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 7/ 363:
/ ضعيف بتمامه/أخرجه الترمذي (4/ 160 - تحفة)، والطحاوي في "المشكل" (4/ 125و126)، والطبري في "تفسيره" (21/ 12)، والحربي في "الغريب" (5/ 76/ 2)، وابن عساكر في "التاريخ" (1/ 355)، وأبو نعيم في "تاريخ الأصبهان" (2/ 324) من طريق عبدالله بن عبدالرحمن الجمحي: حدثني ابن شهاب الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس:
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لأبي بكر في مناحبة (الم. غلبت الروم): ... فذكره.
قال الجمحي: المناحبة: المراهنة.
وقال الترمذي:
حديث غريب حسن من هذا الوجه".
قلت: الجمحي هذا لم تثبت عدالته وإن وثقه ابن حبان؛ فقد قال ابن معين: "لا أعرفه". وقال ابن عدي:
"مجهول". وقال الدارقطني:
"ليس بالقوي". وقال غيره: محله الصدق.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكنه قد توبع على أصل الحديث، يرويه أبو إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (الم. غلبت الروم) قال:
غلبت، وغلبت. قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكره لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلي الله عليه وسلم: "أما إنهم سيغلبون". قال: فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً؛ فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا؛ فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلي الله عليه وسلم، فقال ألا جعلتها إلى دون - قال: أراه قال: العشر - قال: قال سعيد بن جبير: البضع ما دون العشر، ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: (الم. غلبت الروم) إلى قوله: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) ".
أخرجه الترمذي، وأحمد (1/ 276و304)، والطبري (21/ 12)، وابن عساكر (1/ 357)، وكذا الحاكم (2/ 410)، وقال:
"صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة".
وله شاهد من حديث دينار بن مكرم الأسلمي قال:
"لما نزلت (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين)، فكانت فارس يوم هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب، وذلك قول الله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) فكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله تعالى هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين). قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين؟ فسم بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه، قال: فسموا بينهم ست سنين. قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسميته ست سنين؛ لأن الله تعاى قال: (في بضع سنين) [4/الروم].قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير".
أخرجه الترمذي، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص329) من طريق ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير عنه، وقال:
"حديث صحيح حسن غريب".
قلت: إسناده حسن.
وله شواهد أيضاً مرسلة عن قتادة وجابر بن زيد عند الطبري، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عند ابن عساكر.
وبالجملة: فحديث الترجمة صحيح دون قوله: "ألا احتطت يا أبا بكر"؛ لفقدان الشاهد. والله أعلم."
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Oct 2010, 05:19 م]ـ
أشكرك جداً يا أبا سعد، لكن أريد جمعاً أكثر من هذا للروايات لأني أريد أن أصل إلى تحديد تاريخ نزول مطلع السورة بدقة؛ فحسب الرواية التي نقلتَ تحسين الشيخ الألباني لها حُددت المدة بين النزول والنصر بسبع سنين لكنها لم تحدد متى كان النصر؟ وهناك روايات أخرى تجعل المدة تسع سنوات ثم اختلف في النصر فقيل وافق بدراً وقيل وافق بيعة الرضوان فجمع هذه الروايات مع تمحيص أسانيدها والنظر في متونها هو ما أطلبه ولابن عاشور كلام يحتاج إلى تمحيص من أهل الحديث.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[09 Oct 2010, 09:07 م]ـ
تذكيراً بالطلب من أهل التخصص.(/)
سؤالي: ماتفسير قوله تعالى عن الشيطان قوله ((اني أخاف الله رب العالمين))
ـ[حوالي]ــــــــ[31 Aug 2004, 01:58 م]ـ
السلام عليكم يا أحبة.
ما هو تفسير قوله تعالى ( ..... اني برئ منك اني أخاف الله رب العالمين)، وما نوع الخوف الذي جاء على لسان الشيطان في الآية. ومثلها قوله تعالى ( ... اني أرى ما لا ترون اني أخاف الله رب العالمين). فهل يخاف الشيطان حقيقة من الله، أو أنه خوف عابر أو ما ذا ياترى؟؟؟؟؟ أرجو من الشيوخ الأفاضل اجابة شافية وافية تزيل اللبس عن الأذهان.
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[01 Sep 2004, 05:09 م]ـ
كذب والله ما به من مخافة الله, ولكن علم أنه لا قوة به ولا منعة فأوردهم وأسلمهم, وذلك عادة عدو الله لمن أطاعه, إذا التقى الحق والباطل أسلمهم وتبرأ منهم.
وقال عطاء: إني أخاف الله أن يهلكني فيمن يهلك. < 3 - 367 >
وقال الكلبي: خاف أن يأخذه جبريل عليه السلام ويعرف حاله فلا يطيعوه.
وقيل: معناه إني أخاف الله أي أعلم صدق وعده لأوليائه لأنه كان على ثقة من أمره.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 Sep 2004, 07:30 م]ـ
أخي حوالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر القرطبي في تفسيره
أن قول الشيطان:] إني أخاف الله رب العالمين [حقيقة، إنما هو على وجه التبرؤ من الإنسان، فهو تأكيد لقوله تعالى:] إني بريء منك.
وقال الثعالبي رحمه في تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن
وقول الشيطان إني أخاف الله رياء من قوله وليست على ذلك عقيدته ولا يعرف الله حق معرفته ولا يحجزه خوفه عن سوء يوقع فيه ابن آدم من أول إلى آخر.
وتفسير خوف الشيطان بالرياء والتبرؤ من الإنسان في نظري أنه أقرب إلى الصواب من تفسيره بأنه يخاف الهلاك لأن الشيطان يعلم أنه هالك لا محالة ولكنه يعلم أنه لن يهلك في الحال لآن الله أنظره إلى يوم القيامة ويعلم أن الله لا يخلف المعياد.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 Sep 2004, 09:23 م]ـ
وأما قوله (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال: 48)
فقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
أنه أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إني أرى ما لا ترون} قال: ذكر لنا أنه رأى جبريل تنزل معه الملائكة، فعلم عدو الله أنه لا يدان له بالملائكة، وقال {إني أخاف الله} وكذب عدو الله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له به ولا منعة له.
وذكر ابن الجوزي رحمه في زاد المسير مثله عن قتادة وكذلك بن كثير رحمه الله في تفسيره
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Mar 2005, 12:42 ص]ـ
أولاً - تصحح الآية التي في السؤال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (لأنفال: من الآية48).
ثانياً - قال ابن القيم: (وتكلم الناس في قول عدو الله: " إني أخاف الله " فقال قتادة وابن إسحاق: صدق عدو الله في قوله: " إني أرى ما لا ترون " وكذب في قوله: " إني أخاف الله " والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة ولا منعة فأوردهم وأسلمهم، وكذلك عادة عدو الله بمن أطاعه.
وقالت طائفة: إنما خاف بطش الله تعالى به في الدنيا، كما يخاف الكافر والفاجر أن يقتل أو يؤخذ بجرمه، لا أنه خاف عقابه في الآخرة، وهذا أصح، وهذا الخوف لا يستلزم إيمانا ولا نجاة.
قال الكلبي: خاف أن يأخذه جبريل فيعرفهم حاله فلا يطيعونه.
وهذا فاسد، فإنه إنما قال لهم ذلك بعد أن فر ونكص على عقبيه، إلا أن يريد أنه إذا عرف المشركون أن الذي أجارهم وأوردهم إبليس لم يطيعوه فيما بعد ذلك، وقد أبعد النجعة إن أراد ذلك، وتكلف غير المراد.
وقال عطاء: إني أخاف الله أن يهلكني فيمن يهلك وهذا خوف هلاك الدنيا فلا ينفعه.
وقال الزجاج وابن الأنباري: ظن أن الوقت الذي أنظر إليه قد حضر - زاد ابن الأنباري - قال: أخاف أن يكون الوقت المعلوم الذي يزول معه إنظاري قد حضر فيقع بي العذاب، فإنه لما عاين الملائكة خاف أن يكون وقت الإنظار قد انقضى، فقال ما قال إشفاقا على نفسه.) (وبدائع التفسير 2/ 339 - 340.)
وقال: (ولما عزموا على الخروح، ذكروا ما بينهم وبين بني كنانة من الحرب، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك المدلجي، وكان من أشراف بنى كنانة، فقال لهم: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشئ تكرهونه، فخرجوا والشيطان جار لهم لا يفارقهم، فلما تعبؤوا للقتال، ورأى عدو الله جند الله قد نزلت من السماء، فر، ونكص على عقبيه، فقالوا: إلى أين يا سراقة؟ ألم تكن قلت: إنك جار لنا لا تفارقنا؟ فقال: إنى أرى ما لا ترون، إني أخاف الله، والله شديد العقاب وصدق في قوله: إني أرى ما لا ترون، وكذب في قوله: إني أخاف الله، وقيل: كان خوفه على نفسه أن يهلك معهم، وهذا أظهر.) زاد المعاد 3/ 162
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jul 2007, 12:44 ص]ـ
وهذه دراسة لكلام ابن القيم السابق في ملف مرفق
ـ[أبو عمر الشامي]ــــــــ[26 Jul 2007, 01:35 م]ـ
وقالت طائفة: إنما خاف بطش الله تعالى به في الدنيا، كما يخاف الكافر والفاجر أن يقتل أو يؤخذ بجرمه، لا أنه خاف عقابه في الآخرة، وهذا أصح، وهذا الخوف لا يستلزم إيمانا ولا نجاة.
هذا أصح الأقوال وأظهرها والله أعلم(/)
تأملات في سورة البروج
ـ[طارق مصطفى حميدة]ــــــــ[31 Aug 2004, 05:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في سورة البروج
هذه السورة تتحدث عن ظروف صعبة عاشها دعاة التوحيد، في مكة زمن الرسول وأصحابه، عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، ومن قبلهم المؤمنون السابقون أصحاب قصة الأخدود. إنها ظلمة حالكة في ليل بهيم، لا يكاد الواحد يرى موضع قدمه، ويشتد الأذى بالمسلمين حتى ينشروا بالمناشير، ويحرّقوا في الأخاديد.
وحيث يعم الظلم والظلام، ويلف النفوسَ المؤمنة والمستضعفة مشاعرالحزن والكآبة، حزناً على الذين دفنوا تحت التراب من حملة مشاعل الإيمان، وخوفاً على النفس، وقلقاً على مصير دين الله، مما يلاقيه أتباعه على أيدي أعدائه.
عند ذلك كله يقسم الله تعالى بالسماء ذات البروج، مطمئناً المؤمنين أن دين الله في سماء عالية ذات بروج حصينة، وأن الكفرة من أعداء الدين، ليسوا أكثر من أقزام ينفخون على الشمس ليطفئوها، أو يصعدون السلالم لينزلوها. ولهذا يأتي ختام السورة مطمئناً المؤمنين أن هذا القرآن في مأمن، من أن تصل إليه أي يد بإحراق أو إلغاء أو إنقاص، فإنه (قرآن مجيد في لوح محفوظ).
وتبرز هذه السورة عظمة الجريمة بتحريق المؤمنين، وتكشف عن سببها "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد". فالكفار لغبائهم يتحرشون بالذين آمنوا بالله (العزيز) الذي تأبى عزته أن يترك عباده لأعدائه، وإن كان يمهلهم أن يتوبوا حتى بعد أن فتنوا المؤمنين والمؤمنات ... فيبشر المؤمنين بجنته، وينذر الكفار ناره وبطشته.
ولعل في لفت الأنظار إلى السماء ذات البروج في جو الظلام البهيم، ما يرقى بأبصار المؤمنين إلى السماء لترى البروج الجميلة، فتزول عنها مشاعر الكآبة والحزن والانكسار، كيف لا وقد قال رب العزة "ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين" إن هذه البروج زينة وبهجة للنفوس، وسعادة للقلوب وشرح للصدور، ولكن شريطة أن تجد لها جماعة من الناظرين. فتنشط نفوسهم من جديد لعمل الخير والقيام بأمر الدين.
ويبدو أن هنالك تشبيهاً للشهداء بالبروج، وكأن الآيات تقول للمؤمنين لا تظنوا أن هؤلاء قد غيبهم الثرى وطوتهم القبور، بل هم نجوم وبروج مضيئة ومُثُل عُليا، تستدعي منكم أن تشخصوا بأبصاركم إلى عليائهم، وتتابعوا مسيرهم. وهو ما رأيناه في قصة أصحاب الأخدود الواردة في الحديث حيث كان استشهاد حملة الدين دافعاً إلى الإيمان الجماعي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2004, 07:44 م]ـ
مرحباً بالشيخ الكريم طارق حميدة، وأشكرك على التكرم بالمشاركة مع إخوانك في ملتقى أهل التفسير. وأرجو أن نرى منك ما يسرنا وينفعنا من العلم، بارك الله فيك.(/)
السحر في القرآن الكريم
ـ[طارق مصطفى حميدة]ــــــــ[31 Aug 2004, 05:30 م]ـ
السحر في القرآن
* طارق حميدة
لعل أول ما يلاحظه قارئ القرآن الكريم، هو ذلك الارتباط الوثيق بين السحر والفرعون، بل واجتماعهما معاً في حرب الدين، وهو ما يؤكده السحرة أنفسهم عندما واجهوا فرعون بالقول إنه قد (أكرههم) على السحر منذ زمن بعيد سابق ليوم المبارزة مع موسىعليه السلام: (إنا آمنا بربنا ليغفر خطاينا وما أكرهتنا عليه من السحر.) إذ يبدو أن الفرعون كان ينتقي الفتيان الأذكياء ويأخذهم من أهاليهم ويدفعهم إلى من يعلمهم السحر ... ثم يفرقهم في المدائن ليقوموا بما "يلزم" لتثبيت حكمه ...
وقد لاحظنا كيف أشار الملأ على فرعون أن يبعث في " المدائن " حاشرين ليأتوه بكل سحار عليم ...
وكذلك فقد رأينا في الحديث الصحيح الذي يروي قصة أصحاب الأخدود، التلازم الوثيق بين السحر والملك، وكيف أن الملك حين احتاج إلى ساحر فانه ينتقي من رعيته من يشاء ليعلمه المهنة، يقول عليه السلام: (كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إليَ غلاما اعلمه السحر).
وإذا استعرضنا أنشطة وأعمال السحرة في تثبيت حكم الفرعون وحرب الدين فسنلاحظ الأمور الآتية:
أولاً: الإلهاء والتخدير:
ذلك أن حكم الفرعون يتسبب في ظلم الناس وهضم حقوقهم وانتهاك كرامتهم ... ومهمة السحرة أن يشغلوا الناس عن التفكير في واقعهم الأليم، ويجعلوهم يعيشون في غيبوبة تنسيهم ألامهم وتقعدهم عن العمل للتغيير، بما يقومون به من أعمال عجيبة وحركات غريبة.
ثانياً: الخداع وقلب الحقائق:
إن السحرة في الواقع لا يغيرون حقائق الأشياء، وإنما هم يخيلون للناس أنها تغيرت، وهو ما عبر عن القرآن الكريم في قوله تعالى: (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى)، وقوله أيضا (فلما ألقوا سحروا أعين الناس).
إن اقرب تشبيه لدور السحرة في واقعنا المعاصر، هو ما تقوم به الكثير من وسائل الإعلام في قلب الحقائق وتزييفيها، وإظهار الحق باطلاً والباطل حقاً، والهزائم انتصارات، والظلم عدلاً، والاستعمار تحريراً، والدين تطرفاًَ وإرهاباً، والمجون فناً، والإلحاد فكراً.
ثالثاً: تخويف الجماهير:
إن حبل الكذب قصير، ومهما نشط السحرة القدماء أو المعاصرون، في تزييف الحقائق، فإن الواقع أنصع حجة وأقوى بياناً، وإن عمق الجراحات، البدنية والنفسية والاقتصادية والسياسية، لأقوى من كل عمليات التخدير والإشغال والإلهاء.
ولذلك يقرر الفراعنة أن من لم يقنعه الزيف، ولم تسكته جرعات المورفين، يحتاج إلى الإرهاب والتخويف كيلا تسول له نفسه القيام بأي عمل ضدهم ... ويتحدث القرآن الكريم أن السحرة قاموا بإرهاب وتخويف الحاضرين حيث يقول تعالى: (فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم) أي استدعوا مشاعر الرهبة والخوف عندهم، حتى إن موسى عليه السلام قد تأثر- هو الآخر- بهذا المشهد: (فأوجس في نفسه خيفة موسى)
رابعاً: تفتيت الأسرة:
جاء في سورة البقرة أن السحرة يتعلمون (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) و الحقيقة أن ذكر هذا الأمر، دون سواه، يبرز خطورته الشديدة، حتى لكأنه ينبه إلى أن باقي الأمور التي يتعلمها السحرة بالمقارنة مع التفريق بين المرء وزوجه لا شيء.
وقد جاء في الحديث الشريف أن إبليس يبعث سراياه من الشياطين ليضلوا بني آدم، ثم يعودون إليه ليفتخروا أمامه كل بما صنع، فلا يرى لأحدهم إنجازاً - على الرغم من كبر إفسادهم وإجرامهم - حتى يأتيه من يقول إنه فرق بين زوجين، فيقول له: (نعم أنت، ويدنيه)!!.
وإذا ما جرى التفريق بين الزوجين فقد تفتت الأسرة، وما دامت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع فان تفككها يعني بالضرورة تفكك هذا المجتمع وتفتته ... وهذا ما يسعى إليه الفرعون الذي يريد المجتمع مفتتاً ليسهل عليه قياده، وشعار الفراعنة، أجنبيهم ووطنيهم - هو (فرق تسد). وقد حكى القرآن عن فرعون أنه (علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً)
وما تقوم به الكثير من المؤسسات والدوائر في أيامنا هذه لتفتيت الأسرة أوضح من أن يشار إليه.
خامساً: الإخراج من الأرض:
مما يستدعي الدهشة ويسترعي الانتباه تكرير السحرة وآل فرعون الاتهام لموسى وأخيه، عليهما السلام، بأنهما يريدان: إخراجهم من الأرض بسحرهما (إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما)، (أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى).
فمن جهة يتبين القلق الشديد الذي يساور الفراعنة من أن الدعوة جاءت لتزلزل أركانهم وتقلب سلطانهم وتجعل الأرض تميد من تحتهم. ومن جهة أخرى فإنها تعكس ما يقوم به الفراعنة والسحرة من أعمال ومكائد ثم هم يلصقونها بموسى وهارون _عليهما السلام _ إنهم يتهموهما بالجريمة التي هم أنفسهم - الفراعنة والسحرة - متلبسون بها. وذلك كما يقول المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت.
إن الفراعنة سواء كانوا محليين أو أجانب يقومون بسياسات تستهدف تفريغ الأرض من ساكنيها ... أو تفريغها من أصحاب الفكر والعلم فيما يسمى بتهجير الأدمغة، كيلا يبقى في البلاد عقول تفكر بتغيير الواقع السيئ، ولا شباب لديهم الهمة والعزيمة للتحرك في مواجهته.(/)
سؤال عن سجود الملائكه لادم
ـ[صالح الفويه]ــــــــ[31 Aug 2004, 05:50 م]ـ
ماهو السجود الذي امرت الملائكه به لاادم
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[01 Sep 2004, 01:37 ص]ـ
اختلف المفسرون في نوع سجود الملائكة لآدم عليه السلام، بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة (1):
1 - فقال الجمهور: إن السجود كان حقيقة، وكان ذلك على سبيل التحية والإكرام لآدم عليه السلام. (2)
2 - وقال الشعبي: السجود كان لله تعالى، وأما آدم عليه السلام فكان كالقبلة فقط. (3)
3 - وقيل: إن السجود لله تعالى، وآدم كان إماماً يقتدون به. (4)
4 - وقال مقاتل: إنما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم قبل أن يخلقه. (5)
5 - وقيل: إن سجود الملائكة وقع مرتين. والإجماع يرد هذا القول. (6)
6 - وقيل: إن المراد بالسجود الخضوع، لا الانحناء. روي ذلك عن ابن عباس. (7)
والصواب هو ما ذهب إليه الجمهور بأنه كان سجود حقيقة، وأنه كان تحية وإكراماً لآدم عليه السلام؛ لقوله تعالى حكاية عن إبليس: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (8) فدل على أن آدم كُرِّم على من سجد له (9)، ولأنه لو كان السجود لله تعالى لما امتنع عنه إبليس (10)، والله تعالى أعلم.
===============
هوامش التوثيق
===============
(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 27)، ومفاتيح الغيب (2/ 194)، وتفسير القرطبي (1/ 201).
(2) انظر: جامع البيان للطبري (1/ 266)، وتفسير ابن أبي حاتم (1/ 83 - 84)، وتفسير السمرقندي (1/ 110)، والوسيط (1/ 119)، وتفسير البغوي (1/ 62)، والكشاف (1/ 130)، وأحكام القرآن لابن العربي (1/ 27)، والمحرر الوجيز (1/ 124)، وتفسير النسفي (1/ 81)، وتفسير الخازن (1/ 37)، ومجموع الفتاوى (4/ 347)، والتسهيل لعلوم التنزيل (1/ 79)، والبحر المحيط (1/ 302)، وتفسير ابن كثير (1/ 81)، وتفسير البيضاوي (1/ 52)، والدر المنثور (1/ 102)، وفتح القدير (1/ 105)، وتيسير الكريم الرحمن (51).
(3) انظر: المحرر الوجيز (1/ 124)، وتفسير البحر المحيط (1/ 302).
(4) انظر: تفسير البحر المحيط (1/ 302).
(5) (6) انظر: المحرر الوجيز (1/ 124)، البحر المحيط (1/ 303).
(7) تفسير النسفي (1/ 81).
(8) الإسراء: 62.
(9) انظر: مجموع الفتاوى (4/ 347).
(10) انظر: تفسير النسفي (1/ 79).(/)
اللفظ في كتاب الله
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[31 Aug 2004, 09:27 م]ـ
الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الاراضين ربي ورب الناس اجمعين واصلي واسلم على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
يقول سبحانه" افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" ستكون مشاركاتي , حول استخدام الكلمة في القران والتقديم والتاخير ولماذا استعمل الله سبحانه اللفظة كذا ولم يستعمل اللفظة كذا , ولماذا قال الله كذا ولم يقل كذا وابدأ بلفظة واحدة.
لماذا قال الله سبحانه" فبعزتك لاغوينهم اجمعين" لماذا اقسم ابليس بعزة الله سبحانه وتعالى ولم يقسم بلفظ اخر
" لان ابليس علم انه بعد ان طلب منه الله سبحانه وتعالى ان يسجد لادم رفض , فطرده الله سبحانه من رحمته فعلم انه قد فقد عزته وكرامته وعلم ان لن يكون له عزة.(/)
ما معنى التعلق
ـ[عبدالرحمن الجزائري]ــــــــ[31 Aug 2004, 10:42 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما معنى التعلق في قولهم متعلق بمحدوف و هل التعلق يكون دائما بمحدوف او قد يكون بظاهر
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 11:14 ص]ـ
القاعدة الرابعة عشرة
حذف المتعلق المعمول فيه: يفيد تعميم المعنى المناسب له
وهذه قاعدة مفيدة جداً، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة.
وذلك أن الفعل وما هو معناه متى قيد بشيء تقيد به، فإذا أطلقه الله تعالى، وحذف المتعلق كان القصد من ذلك التعميم، ويكون الحذف هنا أحسن وأفيد كثيراً من التصريح بالمتعلقات، وأجمع للمعاني النافعة.
ولذلك أمثلة كثيرة جداً:
منها: أنه قال في عدة آيات {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 151،152،153] فيدل ذلك على أن المراد: لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة، ولعلكم تذكرون، فلا تنسون ولا تغفلون، فتكونون دائماً متيقظين مُرْهفي الحواس تحسون كل ما تمرون به من سنن الله وآياته، فتذكرون جميع مصالحكم الدينية والدنيوية، ولعلكم تتقون جميع ما يجب اتقاؤه من الغفلة والجهل والتقليد، وكل ما يحاول عدوكم أن يوقعكم فيه من جميع الذنوب والمعاصي، ويدخل في ذلك ما كان سياق الكلام فيه وهو فرد من أفراد هذا المعنى العام.
ولهذا كان قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]: يفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، أي لعلكم تتقون المحارم عموماً، ولعلكم تتقون ما حرم الله على الصائمين من المفطرات والممنوعات، ومن كل الأحوال والصفات السيئة والخبيثة، ولعلكم تتصفون بصفة التقوى، وتحصلون على كل ما يقيكم مما تكرهون، وتتخلقون بأخلاقها، وهكذا سائر ما ذكر فيه هذا اللفظ مثل قوله {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] أي المتقين لكل ما يُتقى من الكفر و الفسوق و العصيان، المؤدين للفرائض والنوافل التي هي خصال التقوى.
وكذلك قوله {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201] أي إن الذين كانت التقوى وصفهم، واليقظة والتدبر لسنن الله وآياته حالهم، وترك المحارم شعارهم متى زين لهم الشيطان بعض الذنوب ولبس عليهم الطريق، وحاول تخديرهم بالشبهات أو الشهوات، تذكروا كل أمر يوجب لهم المبادرة إلى المتاب إجلالاً لعظمة الله، وما يقتضيه الإيمان وما توجبه التقوى، وتذكروا عقابه ونكاله، وتذكروا ما تحدثه الذنوب من العيوب والنقائص وما تسلبه من الكمالات، فإذا هم مبصرون من أين أُتوا، ومبصرون الوجه الذي فيه التخلص من هذا الذنب الذي وقعوا فيه، فبادروا بالتوبة النصوح والرجوع إلى صراط الله المستقيم، فعادوا إلى مرتبتهم وعاد الشيطان خاسئاً مدحوراً.
وكذلك ما ذكره على وجه الإطلاق عن المؤمنين بلفظ " المؤمنين " وبلفظ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 62] ونحوها، فإنه يدخل فيه جميع ما يجب الإيمان به من الأصول والعقائد والأعمال والأحكام، مع أنه قيد ذلك في بعض الآيات مثل قوله: {قُولُوا آمَنَّا بِالله} الآية [البقرة136]
وكذلك ما أمر به من الصلاح والإصلاح، وما نهى عنه من الفساد والإفساد مطلقاً، يدخل فيه كل صلاح كما يدخل في النهي كل فساد كذلك.
وكذلك قوله {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] {وَأَحْسِنُوا} [البقرة: 195]، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26] {هَلْ جَزَاءُ الْإحْسَانِ إِلَّا الْإحْسَانُ} [الرحمن:60]
يدخل في ذلك كله الإحسان في عبادة الخالق بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسان إلى المخلوقين بجميع وجوه الإحسان من قول وفعل وجاه، وعلم ومال وغيرها.
وكذلك قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:1] فحذف المتكاثَر به ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة: من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والأولاد، وغيرها مما تتعلق به أغراض النفوس فيلهيها ذلك عن طاعة الله.
وكذلك قوله تعالى {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1،2] أي في خسارة لازمة من جميع الوجوه إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
وقوله {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] فذكر المسئولين وأطلق المسئول عنه، ليعم كل ما يحتاجه العبد ولا يعلمه.
وكذلك أمره تعالى بالصبر، ومحبته للصابرين، وثناؤه عليهم، وبيان كثرة أجورهم، من غير أن يقيد ذلك بنوع، ليشمل أنواع الصبر الثلاثة، وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
ومقابل ذلك ذمه للكافرين والظالمين والفاسقين والمشركين والمنافقين والمعتدين ونحوهم، من غير أن يقيده بشئ ليشمل جميع ذلك المعنى.
ومن هذا قوله {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] ليشمل كل حصر، ومنه قوله {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البقرة: 239] ليعم كل خوف.
وقد يقيد ذلك ببعض الأمور فيتقيد به ما سيق الكلام لأجله.
وهذا شيء كثير لو ذهبنا نذكر أمثلة عليه لطالت، ولكن قد فتح لك الباب، فامش على هذا السبيل المفضي إلى رياض بهيجة من أصناف العلوم.
منقولة من كتاب القواعد الحسان للسعدي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 10:12 ص]ـ
أخي الكريم taleb457 وفقه الله
التعلق من مباحث الجار والمجرور والظرف في كتب النحو.
والمقصود بالتعلق هو الارتباط، بمعنى أن يتعلق لفظ بلفظ في المعنى. فمثلاً: لو قلت: في الاختبار. وسكت، فلن تفهم شيئاً محدداً، فإذا قلت: نجحت في الاختبار، اتضح لك المراد، ولم يتضح لك المراد بالجار والمجرور (في الاختبار)، وإنما اتضح لك بعد أن ذكرت الفعل الذي تعلق به هذا الجار والمجرور. ولذلك فإن النحويين يقولون إن الجار والمجرور والظرف لا بد لهما من التعلق بالفعل وهذا هو الأصل أو ما فيه معنى الفعل كاسم الفاعل والمفعول ونحوها.
وقد بحث ابن هشام رحمه الله هذا الأمر في كتابه الثمين مغني اللبيب عن كتب الأعاريب في الباب الثالث من كتابه [5/ 271 بتحقيق عبداللطيف الخطيب] تحت عنوان (ذكر أحكام ما يشبه الجملة وهو الظرف والجار والمجرور - ذكر حكمهما في التعلق). ثم قال: (لا بد من تعلقهما بالفعل أو ما يشبهه، أو ما أول بما يشبهه، أو ما يشير إلى معناه، فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجوداً قدر).
وقد أشار لها باختصار في رسالته: (مختصر قواعد الإعراب) فقال:
(البَابُ الثَّانِي: فِي الظَّرْفِ وَالجَارِ وَالْمَجْرُورِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
[إِحْدَاهَا]: أنَّهُ لا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِمَا بِفْعْلٍ، أَوْ بِمَا فِي مَعْنَاهُ، وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرُوفِ الجَرِّ أَرْبَعَةٌ لا تَتَعَلَّقُ بِشَيءٍ، وَهِيَ:
(البَاءُ الزَّائِدَةُ)، نَحْوَ: وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا.
وَ (لَعَلَّ)، نَحْوَ: (لَعَلَّ أَبِي الْمِغْوَارَ مِنْكَ قَرِيبٌ).
وَ (لَوْلا)، كَقَوْلِكَ: (لَوْلاكَ فِي ذَا الْعَامِ لَمْ أَحُجّ).
وَ (كَاف التَّشْبيه)، نَحْوَ: (زَيْدٌ كَعَمْرٍو).).
وقد شرح هذه الرسالة الشيخ الجليل عبدالله بن صالح الفوزان في إحدى الدورات بجامع شيخ الإسلام بن تيمية شرحاً بديعاً فقال في شرح هذا الجزء من الرسالة: [مع مراعاة أن هذا نقل لشرحه الشفهي ففيه عبارات تقال في الشرح وحقها في الكتابة غير ذلك].
فأولاً وهي المسألة الأولى: حاجتهما إلى متعلَّق، ما هو المتعلَّق؟
المتعلَّق هو ما يعمل في الظرف أو في الجار والمجرور ويبين معناهما والمراد بهما
يمر في الإعراب يقال: جار ومجرور متعلق بكذا، من الطلاب من لا يعرف معنى متعلق بكذا، فما هو معنى المتعلِّق، ما المتعلِّق وما المتعلَّق به.
المتعلِّق: هو الجار والمجرور أو الظرف، والمتعلَّق به ما ذكر ابن هشام عندما قال المسألة الأولى لا بد من تعلقهما بفعل أو بما في معناه، المثال: إذا قلت: (جئتُ من البيتِ)، فـ (مِن البيت) هذا جار ومجرور، أين الذي وضحه في الكلام وبيّن المراد به؟ أنت لو قلت: (من البيت) ما فُهم المقصود، فلما قلت: (جئتُ من البيتِ) صار قولك: (من البيت) متعلقًا بالفعل (جئتُ).
فلو قيل: أعرب تقول: (جئت): فعل وفاعل، (جاء): فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل، و (من): حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، و (البيت): اسم مجرور بـ (من) وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلق بالفعل (جئتُ).
إذن التعلق ارتباط بين الجار والمجرور وبين العامل، سواء أكان فعلًا أم وصفًا، لو قلت: (صمتُ يومَ الخميس)، فـ (صمتُ): فعل وفاعل، (يوم): ظرف زمان منصوب، أين الناصب له؟ (يوم) أين الناصب له؟ (صمتُ)، إذن هو متعلق به، لكن الغالب في الظروف المنصوبة على الظرفية يكتفون بقولهم: منصوبة بالفعل صمت يعني أنه متعلق به وأنه هو العامل فيه.
إذا قلت مثلا: (أجالسٌ أخوك في المسجد): الهمزة للاستفهام، و (جالس): مبتدأ، (أخوك): فاعل سد مسد الخبر، مثل ما مر مرفوع بالواو، والضمير مضاف إليه، (في المسجد): (في): حرف جر، و (المسجد): اسم مجرور بـ (في)، والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل (جالس). أليس اسم الفاعل هو الذي وضح الجار والمجرور، وبين المراد به وعمل فيه؟ فيكون متعلقًا به.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمراد بالعمل هو أنهم يقولون: الجار والمجرور مفعول به في المعنى، وأما بالنسبة للظرف - كما قلت لكم - إن الظرف يكون منصوبًا، والنصب له ما قبله من فعل أو غيره، ولعله بهذا اتضح لنا أن المراد بالمتعلق هو ما يوضح الجار والمجرور ويبينه ويعمل فيه.
مثال آخر: لو قلت: (جُلِسَ في المسجد)، (جُلس): فعل ماض مبني للمجهول، وأنت تعرف أن الفعل المبني للمجهول يستدعي نائب فاعل، وليس في الكلام غير الجار والمجرور، إذن أكيد أنه هو نائب الفاعل، وعلى هذا تقول: (في المسجد): جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
من هذا المثال والذي قبله نستفيد أن المتعلق له وصفان: الوصف الأول أنه يبين ويحدد المراد بالجار والمجرور، والوصف الثاني أنه هو الذي يعمل في الجار والمجرور ... نائب فاعل، أين الذي عمل فيه؟ الفعل (جُلس) إذن ماذا نقول عن جُلس؟ متعلَّق، وماذا نقول عن الجار والمجرور؟ متعلِّق، لعلكم فهمتم هذا إن شاء الله.
الجار والمجرور والظرف - كما ذكر ابن هشام - يتعلقان إما بالفعل وهذا هو الأصل، مثل (جئت من البيت)، (سافرت إلى مكة)، أو يتعلق بوصف وهو ما فيه معنى الفعل، مثل اسم الفاعل: (أجالس أخوك في المسجد)، أو اسم المفعول كما في الآية التي ذكرها المؤلف صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الجار والمجرور (عليهم) متعلق بـ (المغضوب) والمغضوب من أي الأوصاف؟ اسم مفعول.
المتعلَّق نوعان:
النوع الأول: أن يكون مذكورا. وهذا هو الأصل، مثل الأمثلة اللي مرت علينا، المتعلَّق مذكور، إذا قلت: جُلس في البيت، أو جُلس في المسجد. المتعلَّق مذكور.
النوع الثاني: أن يكون المتعلَّق محذوفا. ويحذف المتعلَّق في أربعة مواضع، وهو عنوان المسألة إيه؟ الثالثة اللي عطيتكم (حذف المتعلَّق)، إذن نترك موضوع الحذف. والأصل هو أن يكون المتعلَّق مذكورا في الكلام، لكن هنا نقطة مهمة طرقها ابن هشام، وهي: هل كل حرف جر مع مجروره يحتاج إلى متعلَّق؟ أو فيه بعض المجرورات ما تحتاج إلى متعلَّق؟
الجواب يقول: إنه لا بد من تعلقهما بفعل أو بما في معناه، وقد اجتمعا في قوله -تعالى-: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
اجتمع في هذه الآية أن الجار والمجرور تعلق بفعل، وتعلق بما فيه معنى الفعل، فقوله -سبحانه-: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (على) حرف جر، طبعا (أنعمت) فعل وفاعل، (أنعم) فعل ماض مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل، (أنعمت)، (عليهم): (على) حرف جر، والهاء ... الهاء ما نقول: (هم). انتبهوا! الهاء فقط؛ لأن (هم) من ضمائر الرفع المنفصلة، لكن الهاء هي اللي تيجي في محل جر، فالهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بـ (على)، والميم علامة الجمع، والجار والمجرور متعلق بالفعل أنعمت، إذن ما نوع المتعلَّق؟ نوعه أيش؟ فعل، هذا النوع هو اللي يقصده ابن هشام عندما قال: وقد اجتمعا.
النوع الثاني: ما فيه معنى الفعل. واللي فيه معنى الفعل مثل: اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبهة مثلا، أو أفعل التفضيل، أو اسم التفضيل، قال: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ (غير) صفة للاسم الموصول، (صراط) مضاف، و (الذين) مضاف إليه في محل جر. إذن الموصول محله جر، فتكون (غير) صفة مجرورة، وصفة المجرور مجرور. (غير).
غير: مضاف و (المغضوب عليهم) مضاف إليه (المغضوب)، (عليهم) مثلما قلنا في (عليهم) الأولى، لكن الفرق بينهما في المحل الإعرابي، الجار والمجرور الأول في محل نصب؛ لأني قلت لكم: إن الجار والمجرور في محل نصب مفعول به من جهة المعنى، طيب (المغضوب عليهم) اسم المفعول ماذا يعمل؟ يعمل عمل الفعل المبني للمجهول، يعني: يرفع نائب فاعل، وعلى هذا نقول (عليهم): جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
حروف الجر التي لا تحتاج إلى متعلَّق
ويستثنى من حروف الجر أربعة لا تتعلق بشيء هناك نوع من حروف الجر ما تحتاج إلى متعلَّق.
الباء الزائدة
* الشرح:
(يُتْبَعُ)
(/)
التعبير بالباء الزائدة فيه نظر، ولو قال: الحروف الزائدة كالباء، كان أشمل؛ لأن هل الزيادة خاصة بالباء؟ لا، الحروف الزائدة غير الباء مثل: (من) تأتي زائدة، فلو قال: الحرف الزائد كالباء، كان أشمل. فالحرف الزائد لا يحتاج إلى متعلَّق، مثل قول الله -تعالى-: (كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا).
(كفى) فعل ماض مبني على فتح مقدر، لا محل له من الإعراب.
(بالله) الباء: حرف جر زائد إعرابا مؤكِّد معنى. خذوها قاعدة، هذه طريقة إعراب الحروف الزائدة في القرآن، ما تقول: حرف جر زائد وتمشي، لا؛ لأن الحرف الجر الزائد في الأصل، أو الزائد في الأصل ليس له معنى، لكن في القرآن لا يوجد فيه شيء ليس له معنى؛ ولهذا ذكر ابن هشام نفسه في كتابه (قواعد الإعراب)، وقال: (ينبغي لمن يعرب القرآن أن يتحاشى وصف الحرف بالزيادة؛ لأن الزائد هو الذي ليس له معنى، وليس في القرآن شيء ليس له معنى). ومثل هذا قال الزركشي في كتابه (البرهان في علوم القرآن).
إذن القاعدة في إعراب الحروف الزائدة في القرآن أن تقول: (زائد إعرابا مؤكِّد معنًى). لفظ الجلالة بالله: فاعل كفى مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. لا تستطيلوا يا إخوان هذا الإعراب، هذا الإعراب مثابة ختم، لكل حرف زائد تقول الكلام هذا، إلا أنك قد تقول فاعل مرفوع، أو مفعول به منصوب، لكن الكلام لا يتغير، إذن لفظ الجلالة هنا فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (حسيبا) تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
فحرف ... ها؟ (شهيدا) كالثاني حسيبا، هو حسيبا وشهيدا كلاهما تمييز، نعم من المتكلم؟ كفى فعل ماض مبني على فتح مقدر، إذن حرف الجر الزائد هنا مع مجروره ما له متعلَّق، كأني ببعضكم يقول: لماذا حرف الجر الزائد ما له متعلَّق؟
والجواب: أن أصل حرف الجر يأتي للربط في الكلام، حرف الجر الأصلي يأتي للربط في الكلام، مثل قولك: جئت من البيت، أنت تريد إنك تربط بين المجيء وبين البيت، صار الجار والمجرور يحتاج إلى متعلَّق، لكن حرف الجر الزائد ما جاء للربط، إنما جاء لغرض التوكيد، ومن ثم فلا يحتاج إلى متعلَّق، فهمتم الجواب يا إخوان؟
يعني الجواب مرة أخرى: لماذا حرف الجر الزائد ما يحتاج إلى متعلَّق؟ والجواب: أن حرف الجر الزائد جاء للتوكيد، بخلاف حرف الجر الأصلي، فقد جاء للربط، وما جاء للربط -يعني ربط الكلام بعضه ببعض- فهو بحاجة إلى متعلَّق. ومن الحروف الزائدة قول الله -تعالى-: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ فهل: حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب، (من) حرف جر زائد إعرابا مؤكد معنى (من)، خالق: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة -مثل الكلام السابق- منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، (غير) خبر المبتدأ، (غير) مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ مثل أيضا: قول الله -تعالى-: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ الآن حرف الجر الزائد (من) ما هو الباء، كما في الآية اللي قبل، (من بشير)، من: حرف جر زائد إعرابا مؤكد معنى، بشير: فاعل جاء مرفوع بضمة مقدرة ... إلى آخره.
طيب، مثال أخير، قد يكون تكثير الأمثلة فيه فائدة: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ من: حرف جر زائد إعرابا مؤكد معنى، تفاوت: مفعول به منصوب لترى، وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة جرف الجر الزائد.
حرف الجر الشبيه بالزائد
الثاني الذي لا يحتاج إلى متعلَّق.
قال: (لعل)، نحو:
.................. لعل أبي المغوار منك قريب
* الشرح:
النوع الثاني مما لا يحتاج إلى متعلَّق: حرف الجر الشبيه بالزائد. الشبيه بالزائد مثل: لعل. الأصل في لعل كما تعلمون أنه حرف مشبه بالفعل، ينصب الاسم ويرفع الخبر، لكن بعض العرب وهم عقيل يستعملونها حرف جر، فيقولون مثلا: لعل زيدٍ يأتي. فيعتبرونها حرف جر، وهنا ساق ابن هشام هذا البيت من أشعارهم، يقول:
................. لعل أبي المغوار منك قريب
(يُتْبَعُ)
(/)
لو كانت (لعل) على أصلها تنصب الاسم وترفع الخبر، كان يقول: لعل أبا. لما قال: أبي. دل على أنها حرف جر، والإعراب أن تقول: لعل: حرف جر شبيه بالزائد، أبي: مبتدأ، مبتدأ مرفوع بالواو، والتي منع من ظهورها الياء التي جاءت من أجل الجر؛ لأن الياء منين جاءت؟ بسبب حرف الجر، ونحن نريد الواو. فهنا نقول: أبي: مبتدأ مرفوع بواو مقدرة منع من مجيئها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، ما هي بحركة هنا، لكن من باب التسامح في الإعراب يقال حركة ما في مانع (لعل أبي)، وعلى هذا كلمة (أبي) من جهة اللفظ مجرورة، لكن من جهة المحل مرفوعة، وتأخذونها قاعدة في حروف الجر الزائدة: أن الاسم اللي يدخل عليه حرف الجر باللفظ مجرور، لكن في المحل على حسب: قد يكون مرفوعا، وقد يكون منصوبا، فهكذا هنا كلمة (أبي)، و (أبي) مضاف، و (المغوار) مضاف إليه مجرور.
وقوله قريب: هذا هو خبر المبتدأ، وهذا هو الدليل على أن أبي، أنه مبتدأ، وعلى هذا نقول: إن الجار والمجرور -لعل- لا يحتاج إلى متعلَّق؛ لأنه حرف جر زائد، أو شبيه بالزائد، ها؟ شبيه بالزائد.
طيب، هل تريدون أن تعرفوا الفرق بين حرف الجر الأصلي والزائد والشبيه بالزائد؟
الجواب: نعم. حرف الجر الأصلي له صفتان: الصفة الأولى: له معنى خاص. الصفة الثانية: له متعلَّق.
هذا حرف الجر الأصلي، له معنى خاص، مثل في: للظرفية، على: للاستعلاء، إلى: انتهاء الغاية. إذن كل حروف الجر الأصلية لا بد لها من معنى، بعضها قد يكون له أكثر من معنى.
الوصف الثاني وهو أيش؟ يحتاج إلى متعلَّق، كما قلت لكم في أول الكلام. حرف الجر الزائد ينعدم فيه الوصفان، ليس له معنى خاص، وليس له متعلَّق، نعم، حرف الجر الزائد يا إخوان، ما جاء إلا لغرض التوكيد؛ ولهذا كل حروف الجر الزائدة ما لها إلا التوكيد فقط، إذن هل هذا معنى خاص؟ هذا معنى عام.
الوصف الثاني العدمي: لا تحتاج إلى متعلَّق، حرف الجر الشبيه بالزائد، خذ وصفا من الأول ووصفا من الثاني، خذ وصفا من الأول له معنى، وخذ وصفا من الثاني ليس له متعلَّق؛ ولهذا سموه (شبيه بالزائد)، يعني: له علاقة بحرف الجر الأصلي أنه يشبهه من جهة المعنى، أن له معنى خاص، ولهذا (لعل) اللي مرت علينا دي أيش معناها؟ ها؟ الترجي. إذن لها معنى خاص لكنها لا تحتاج إلى متعلَّق.
والخلاصة: أن حروف الجر من حيث الأصالة وعدمها ثلاثة أنواع: حرف جر أصلي: وهو ما له معنى خاص ويحتاج إلى متعلَّق، حرف جر زائد: ليس له معنى خاص ولا يحتاج إلى متعلَّق، كذا؟ حرف جر شبيه بالزائد: له معنى خاص ولا يحتاج إلى متعلَّق.
الثالث اللي ذكره ابن هشام: الذي لا يحتاج إلى متعلَّق: (لولا)، كقولك: لولاك في ذا العام لم أحجج
* الشرح:
أظن عندكم بالنسخة المطبوعة: (كقولك)، ولّا لا؟
وهذا في الواقع وجد واحدة من المخطوطتين، لكن المخطوطة الثانية وهي الصواب قال: (كقوله). هذا أصوب؛ لأن هذا شطر من بيت الشعر ينسب للعرجي، إذن تكتب في نسختك: لعل الصواب (كقوله)، كما في المخطوطة الأخرى لهذه الرسالة.
(لولا) إذا دخل عليها، إذا اتصلت بالضمير فهي حرف جر، لو قلت: لولاك، لولاي، لولاه، حرف جر الآن، وهي حرف جر شبيه بالزائد، ليه شبيه بالزائد؟ لأن له معنى، وهو أنه حرف امتناع لوجود، لكنها لا تحتاج إلى متعلَّق.
طيب، كيف تعرب لولاك؟ تقول: لولا: حرف امتناع لوجود وجر شبيه بالزائد. وعلى هذا نقول: لا تكون (لولا) من حروف الجر، إلا إذا اتصلت بالضمير، أما لو دخلت على الاسم الظاهر، مثل: لولا زيد لأتيتك، هنا ليست بحرف جر، لكن إذا اتصلت بضمير فهي حرف جر، الكاف: لها محلان من الإعراب: فهي في محل جر بـ (لولا)، وهي في محل رفع مبتدأ، هكذا يقول شيخ النحويين سيبويه، يعربها هكذا، يقول: الكاف لها محلان: بالنسبة للظاهر في محل جر؛ لأنه دخل عليها حرف جر، وبالنسبة للمحل في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف وجوبا. والتقدير في البيت الذي معنا: لولاكِ موجودة في ذا العام لم أحجج.
وقوله: (في ذا العام)، في: حرف جر، وذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر، العام هنا قاعدة، اكتبوها عندكم مفيدة، إذا جاء بعد اسم الإشارة اسم محلى بـ (أل)، فلك أن تعربه بدلا، أو عطف بيان، أو صفة، لكن إن كان مشتقا، فالأحسن أن يكون صفة، مثل لو قلت: مررت بهذا القائم. القائم مشتق لأنه اسم فاعل، أحسن أنك تعربه صفة، وإن كان جامدا، مثل الكلمة اللي معنا دي (العام)، فالأحسن أن تعربه بدلا أو عطف بيان، هذه قاعدة الاسم المحلى بـ (أل) بعد إيه؟ بعد اسم الإشارة.
وقوله: (لم أحجج)، لم -كما سيأتي إن شاء الله-: حرف نفي وجزم وقلب، وأحجج: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي.
الحرف الرابع الذي لا يحتاج إلى متعلَّق: كاف التشبيه. نحو: زيد كعمرو. ------
حرف التشبيه كونه ما يحتاج إلى متعلَّق، هذا رأي لبعض النحويين، وإلا فإن ابن هشام رجح في (مغني اللبيب) أن حرف الجر الدال على التشبيه حرف جر أصلي، حكمه حكم غيره من الحروف، يحتاج إلى متعلَّق، واضح؟ ابن هشام هنا جرى على قول بعض النحويين، والقول الثاني -وهو الأرجح-: أن كاف التشبيه حرف جر أصلي، وحروف الجر الأصلية تحتاج إلى متعلَّق؛ ولهذا تقول: زيد مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، كعمرو: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. وننتهي إلى أن حرف الجر الذي يحتاج إلى متعلَّق هو حرف الجر الأصلي، وأما حرف الجر الزائد والشبيه بالزائد، فهذا لا يحتاج إلى متعلَّق، وبهذا نكون قد أنهينا المسألة الأولى، وهي الأساس في الموضوع، المسائل الباقية أمرها سهل.
** ** **
ويمكن الاطلاع على هذا الشرح والاستماع إليه بصوت الشيخ على هذا الرابط:
شرح مختصر قواعد الإعراب للشيخ عبدالله بن صالح الفوزان وفقه الله وحفظه ( http://www.taimiah.org/Display.asp?ID=4&t=book56&pid=1&f=nokta00004.htm# عنوان13540).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بسمة أمل]ــــــــ[01 Mar 2009, 04:50 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء لقد استفدت كثيرا كما إنني استفدت من الرابط الذي به مختصر قواعد الإعراب وأتمنى أن يطلع عليه الكل ... وفقكم الله(/)
سؤال عن آيتين في كتاب الله عزوجل
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[01 Sep 2004, 12:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم:
قال الله عزوجل في القرآن الكريم ((وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير))
{سورة سبأ آية:44}
ثم جاء في مكان آخر ((انا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وان من امة الا خلا فيها نذير))
{سورة فاطر آية:24}
الايتين قوله عزوجل ((وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير ... وان من امة الا خلا فيها نذير))
فكيف التوفيق بين هاتين الايتين الكريمتين؟؟؟؟
آمنا به كل من عند ربنا .. وجزى الله من اعان على تدبر كتاب الله عزوجل
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 Sep 2004, 06:24 ص]ـ
أخي عمار اكرم مصطفى العكيلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجمع بين الآيتين
1 - (وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ) (سبأ: 44)
2 - (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (فاطر: 24)
ذكر بن الجوزي رحمه الله في تفسيره زاد المسير
قال قتادة: ما أنزل الله على العرب كتابا قبل القرآن، ولا بعث إليهم نبيا قبل محمد، وهذا محمول على الذين أنذرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد كان إسماعيل نذيرا للعرب (1)
وقال ابن كثير رحمه في تفسيره
أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن وما أرسل إليهم نبياً قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يودون ذلك ويقولون: لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا, فلما منّ الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه.
وأما قوله (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (فاطر: 24) أي وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله تعالى إليهم النذر, وأزاح عنهم العلل, وكما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة}
وقال البغوي رحمه في تفسيره معالم النزيل وإن من أمة"، ما من أمة فيما مضى "إلا خلا"، سلف، "فيها نذير"، نبي منذر.(/)
ولا تكن كصاحب الحوت
ـ[طارق مصطفى حميدة]ــــــــ[01 Sep 2004, 03:56 م]ـ
ولا تكن كصاحب الحوت
طارق حميدة
تبدأ سورة القلم بقوله تعالى: (ن، والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون)، وقد يبدو هذا القسم غريباً، إذ هل قد بلغ الأمر بالرسول الكريم أن يشك في أنه مجنون؟.لقد كانت الآية واضحة وصريحة (ما أنت بنعمة ربك بمجنون)، فلم يكن الخطاب فيها: لست يا محمد مجنوناً، ولكن: لست بما كرّمك الله من نعمة الرسالة، وما تفضل به عليك من النبوة وحمل الدعوة بمجنون، فإنه لم يتهمك أحد بالجنون قبل ذلك، وإنك لصاحبهم الذي لبث فيهم عمراً من قبله فعرفوك وخبروا رجاحة عقلك، وما يوم الحجر الأسود منهم ببعيد، ولذلك فقد قرّعهم القرآن في موضع آخر بقوله: (وما صاحبكم بمجنون).
إن الحملات الدعائية الشديدة الموجهة ضد الدعاة والمصلحين عموماً، مع ما يرافقها من إيذاء نفسي وجسدي، لا شك تفعل فعلها في نفوسهم أيمكن أن يكون الكل على خطأ وهم وحدهم على الحق والصواب؟ وكأن الواحد منهم يكاد يضعف أمام هذه الحملات، وتحدثه نفسه تحت ضغطها أن يترك الدعوة فلماذا يسبح عكس التيار ويحمل السُّلَّم بالعرض؟، فتأتي مثل هذه الآيات الكريمات لتثبت أفئدة الدعاة المصلحين، كما ثبتت من قبل فؤاد المصطفى عليه السلام وهي تخاطبه: إنك بنعمة من ربك ولست بمجنون، وإن لك على تحملك وصبرك لأجراً غير ممنون، وهل كان الله ليختارك للرسالة لو كنت مجنوناً؟ إنه لولا رجاحة عقلك وخطورة عملك وأهميته وعلو شأنه، ما كنت جديراً بهذه المهمة ولا ذلك الأجر.
وليس ذلك فحسب فإنك (لعلى خلق عظيم)، وكيف يكون صاحب الخلق العظيم مجنوناً، والحال أن سمو الخلق قرين العقل الراجح، ولا يتصور أحدهما بمعزل عن الآخر؟.
ثم لا تلبث الآيات إلا قليلاً حتى تنهى النبي عليه السلام عن طاعة المكذبين وطاعة كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم منّاع للخير معتد أثيم، وكيف يطيع صاحب الخلق العظيم من لا خلاق لهم، وكيف ينزل من عليائه إلى حضيضهم؟
و بعد ذلك تَعرض السورة لقصة أصحاب الجنة وتشبه حال قريش بحالهم، حين يقسم أصحاب الجنة بأن يقطفوا ثمار جنتهم دون أن يستثنوا للمساكين شيئا، ولا يستمعون لنصيحة أوسطهم، فعاقبهم الله تعالى بالحرمان وزوال النعمة.
إن حال أصحاب الجنة مع أخيهم كحال قريش مع محمد عليه السلام، فإنه لأوسطهم وأرجحهم عقلاً وأحسنهم خلقاً، يدعوهم إلى ما فيه خيرهم، ثم هم يضغطون عليه بكل الوسائل ليتخلى عن دعوته، وفي القصة تحذير لقريش إذا خالفوا دعوة الرسول أن يصيبهم مثل ما أصاب أصحاب الجنة من زوال النعم عندما لم يستجيبوا لنصح أخيهم الأرجح عقلاً.
وفيها تنبيه للنبي عليه السلام أن لا يضعف وينساق لأهواء قومه فيشك في عقله أمام إجماعهم .. أو تحدثه نفسه كما يقول عقلاء زماننا!! " إذا جن ربعك فلن ينفعك عقلك "، إن النبي، والداعية، وكل مصلح، هو صمام الأمان لجماعته .. وبثباته ينجو هو وينجو معه من يكرمه الله تعالى بمتابعته .. و إذا ما داهن قومه، أو تخلى عن وظيفته في الدعوة والإصلاح، فيوشك الله تعالى أن يعمهم بعقابه.
وفي ختام السورة أمر للرسول، عليه السلام (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم) .. اصبر فأنت بعدُ في سعة وسلامة، ولا تترك أداء الواجب، مثلما فعل يونس عليه السلام فضيق الله عليه في بطن الحوت .. وأنت الآن في نعمة بل أعظم نعمة وأتمها وأسبغها، فإياك أن تخلعها عنك، وما يدريك إن فعلت وألقيتها عنك أن يتداركك الله بنعمته مرة أخرى؟
ثم تتحول الآيات لتكشف دخيلة المشركين أمام ناظري الرسول الكريم: إنهم يعلمون علم اليقين أنك أرجحهم عقلاً حتى وهم يتهمونك بالجنون، وأنك في نعمة عظيمة يحسدونك عليها بل إنهم ليكادون يزلقونك بعيونهم لشدة ما يجدون في أنفسهم تجاهك، وإن كان الحال أنهم يتهمونك بالجنون عندما يسمعون الذكر، على أمل أن تتخلى عن رسالتك فتنزل إلى مستواهم ما داموا قد قصرت هاماتهم وهممهم عن أن يطاولوا درجتك أو حتى يؤمنوا بك ويتبعوك، ولو كنت مجنوناً كما يزعمون ما ركزوا فيك أبصارهم.
وهم بعد أحرار في هذه الدنيا أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا فإن هذا القرآن ذكر للعالمين، كل العالمين، وسيبلغ مداه الذي أراده الله تعالى ولن يتوقف نجاحه على إيمانهم أو عدمه (وما هو إلا ذكر للعالمين).
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:21 م]ـ
فما الفرق بالمعنى والدلالة بين "ذو النون", و"صاحب الحوت"؟؟.
وما هو النون, وما هو الحوت, إن لم يكن في القرآن مترادف؟؟.
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[17 Sep 2004, 07:21 ص]ـ
المشاركة السابقة أعلاه جميلة، وهي تأملات طيبة تفيد من أراد الاهتداء بالقرآن.
إلا أني استغربت من مداخلة " أبوأحمد"؛ لأنها في واد آخر. وأظنه لم يقرأ إلا عنوان الموضوع.
فائدة: (النون: الحوت. " وذا " بمعنى صاحب. فقوله {ذَا ?لنُّونِ} معناه صاحب الحوت. كما صرح الله بذلك في " القلم " في قوله {وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ?لْحُوتِ} [القلم:48] الآية.
وإنما أضافه إلى الحوت لأنه التقمه كما قال تعالى: {فَ?لْتَقَمَهُ ?لْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات:142].)
وقد قال النووي في شرح صحيح مسلم: (وأما النون فهو الحوت باتفاق العلماء)
وهل هنا إشكال في تسمية الحوت بأكثر من اسم، أو في وصفه بأكثر من وصف؟
ألم يقل الله: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) [الإسراء:110](/)
سمع واستمع في كتاب الله
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[01 Sep 2004, 04:45 م]ـ
يقول الحق" قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرانا عجبا" وقال " وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا" وقال " واذا قرء القران فاستمعوا له وانصتوا" واكثر من مائة اية فما الفرق
1 - سمع بمنى ورد اليه الصوت , اما استمع فهي بمعنى اصغى , فلا يمكن لأحد ان يستمع قبل ان يسمع.
2 - هل يجوز ان نقول ان الله يستمع؟ الجواب لا لأن الله يسمع ولا يستمع" قد سمع الله قول التي تجادلك" , والله سبحانه وصف نفسه بالسميع وأل تفيد الاستغراق.
3 - من اوسع السع ام البصر , السمع اوسع من البصر , فلم يتقدم السمع على البصر في القران.
4 - ورد السمع (المصدر) دائما بلفظ المفرد ولكن البصر ورد بصيغة الجمع لماذا؟
لانك لو بدأت تحدث مجموعة وقلت لهم لا اله الا الله , فالجميع يسمع نفس الجملة ولكن ولكن انظارهم تختلف.
الموعد القادم مع (عمل , قال ,فعل) في كتاب الله
باذنه تعالى
ـ[ shade torky] ــــــــ[01 Sep 2004, 09:15 م]ـ
i'm thanking you for your graet reply and i hope to read more from you ...
i'm waiting much more enteresting replys from you ...
good done
its great to be friends"brothers in islam" i ;''m waiting you
dont forget me...
another question is : is there any "kaffara" upon me about that serious problem?????
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[01 Sep 2004, 09:36 م]ـ
the answer is , no, no kaffara for such sins , but astaghferullah and dont , go back(/)
سؤال عن تفسير بعض الآيات من سورة النحل
ـ[ shade torky] ــــــــ[01 Sep 2004, 11:15 م]ـ
question : please tell me the full meaning of the part (15-20) from ALNAHL section from the holy quran ???
note : sorry to write in english while i'm arabian
but its the system ...
want to read the reply from any master "clever shaikh" to
know ...
send as soon as possible
send back in arabic ...please
thanks
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2004, 12:35 ص]ـ
هذا تفسير الآيات المطلوبة، وأرجو الحرص على الكتابة بالعربية بارك الله فيك.
(وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون) (15)
وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم, وجعل فيها أنهارا; لتشربوا منها, وجعل فيها طرقا; لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها.
(وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (16)
وجعل في الأرض معالم تستدلون بها على الطرق نهارا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا.
(أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) (17)
أتجعلون الله الذي يخلق كل هذه الأشياء وغيرها في استحقاق العبادة كالآلهة المزعومة التي لا تخلق شيئا؟ أفلا تتذكرون عظمة الله, فتفردوه بالعبادة؟
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) (18)
وإن تحاولوا حصر نعم الله عليكم لا تفوا بحصرها; لكثرتها وتنوعها. إن الله لغفور لكم رحيم بكم؛ إذ يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعم, ولا يقطعها عنكم لتفريطكم, ولا يعاجلكم بالعقوبة.
(والله يعلم ما تسرون وما تعلنون) (19)
والله سبحانه يعلم كل أعمالكم, سواء ما تخفونه منها في نفوسكم وما تظهرونه لغيركم, وسيجازيكم عليها.
(والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) (20)
والآلهة التي يعبدها المشركون لا تخلق شيئا وإن صغر, فهي مخلوقات صنعها الكفار بأيديهم, فكيف يعبدونها؟
(أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون) (21)
هم جميعا جمادات لا حياة فيها ولا تشعر بالوقت الذي يبعث الله فيه عابديها, وهي معهم ليلقى بهم جميعا في النار يوم القيامة.(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {10}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[02 Sep 2004, 12:27 ص]ـ
(((الشهادات)))
الشهادات في القرآن الكريم كثيرة ومتنوعة, وقد يتصور الانسان ان تكون الشهادة صادرة عن شاهد قريب وينسى ان هناك من الحواس او الاعضاء التي في جسده شاهد حقيقي عليه يوم القيامة.
يقول الله تعالى:
((ويوم يحشر اعداء الله الى النار فهم يوزعون*حتى إذا ما جآؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون*وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الَّذي انطق كل شيء وهو خلقكم اول مرة واليه ترجعون*وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أنَ الله لا يعلم كثيرا مما تعملون*وذلكم ظنُكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من ا لخاسرين*)) {فصِلت آية:19 - 23}
هكذا الحساب وهكذا الشهادات ,الله تعالى بقدرته تتكلم الجلودأمامه ويشهد السمع والبصر ,فلا يخفى على الله شيء.
((يوم تشهد عليهم السنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون*)) {النور آية:24}
شهادات جديدة ... وشهود جدد غير الشهود المذكورين في الآيات القرآنية السابقة ,هناك الجلد والسمع والبصر, وهنا الألسنة والأيدي والأرجل ... !!!
((يا معشر الجنِ والأنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقآء يومكم هذا قالوا شهدنا على انفسنا وغرَتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنَهم كانوا كافرين*)) {ألأنعام آية:13}
وشهادات اضافيَة اخرى ... الرسل (ألم يأتكم رسل منكم) والانفس على ذاتها (قالوا شهدنا على انفسنا)
والشهادة على النفس هي قمَة الاعتراف بالحقيقة, كما انها قمة الضعف والانهيار التي تصيب الانسان يوم القيامة لادراكه بيقين ان عدم الاعتراف بالحقيقة يعني شهادة الشهود الآخرين ..
((اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون *))
{يس آية 65}
شاهد ذو قلب رحيم عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إقرأ عليَ)) فقلت يارسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟؟ ((قال نعم اني احب ان اسمعه من غيري)) فقرأت سورة النساء حتَى أتيت هذه الآية ((فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)) فقال حسبك الان فإذا عيناه تذرفان))
{رواه البخاري ومسلم}
هكذا الحال يوم القيامة ... عند السؤال لا يستطيع احد ان يكذب ,فالشهود كثيرة والادلَة واضحة ...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟؟ اتعرف ذنب كذا؟؟ فيقول نعم اي رب حتى قرره بذنوبه وراى في نفسه انه قد هلك قال سترتها عليك في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته.
واما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الاشهاد (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين .. )
{رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه}
.................................................. .................................................. .......................................
(((يتبع.الآهات والحسرات)))(/)
أبحث عن مصادر ومواقع وكتب للرد على الملحدين واللادينيين وكل ما يتعلق بهم
ـ[الجندى]ــــــــ[02 Sep 2004, 08:25 ص]ـ
أبحث يا اخوانى عن مصادر ومواقع وكتب للرد على الملحدين واللادينيين وكل ما يتعلق بهم من نشأتهم وافكارهم والتعريف بهم وغيرها .. فهل من احد يعلم كيف اصل الى هذه المصادر؟؟؟
والله المستعان
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 Sep 2004, 06:04 م]ـ
http://www.altwhed.com/vb/
هذا الموقع أنشئ خصيصا لذلك و هو جيد، و أخوك محمد رشيد عضو عليه
ـ[الجندى]ــــــــ[08 Sep 2004, 10:52 م]ـ
بارك الله فيك اخى محمد .. انا اعرف المنتدى جيداً فاخوك مشرف فيه .. ومطلبى للمواد فى الاساس لهذا المنتدى وللموقع الملحق به .. ونحن نجمع المواد للموقع والاخوة للمنتدى الان .. فلايزال المنتدى فى طور الانشاء.
وأطمع فى الاخوة هنا لمساعدتى فى المصادر للموقع .. والاخوة للمنتدى وخصوصا لقسم الحوار حول الاسلام.
والله المستعان(/)
اللفظ في كتاب الله 2
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[02 Sep 2004, 04:48 م]ـ
الفرق بين عمل , فعل , قال
يقوا الحق" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ويقول سبحانه" من عمل صالحا .... " ويقول" قالت الاعراب آمنا ....... " ويقول " قال الذين غلبوا على امرهم ..... " ويقول سبحانه" الم تر كيف فعل ربك ............ ".
نلاحظ ان الحق سبحانه قد استعمل هذه الافعال الثلاثة فما الفرق بينها؟
الفرق ان العمل قول وفعل فالانسان يأتي يوم القيامة وقد حصل من الدنيا على قول وعمل " شتم هذا: قول , ضرب هذا فعل".
اما القول فهو الكلام المفيد , يقول الحق " ما يلفظ من قول" ولم يقل ما يلفظ من لفظ , لان اللفظ ان كان مفهوما كان قولا والا كان هذيانا , اما الفعل من الانسان فهو الحركة المادية الارادية خلال فترة زمنية معينة , او هو محصلة ارتباط الحركة بالزمن. واقول ارادية لان حركة الارتعاش عند الانسان ليست فعلا.(/)
اللفظ في كتاب الله 3
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[02 Sep 2004, 08:44 م]ـ
يقول الحق سبحانه " انه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المهرون"
المعلومات القديمة لدينا ان هذه الاية تتعلق بمسألة لمس المصحف , ولكن بعد التدقيق فيها , يتبين انه لا علاقة لها بلمس المصحف من الانسان , قد يتساءل شخص ويقول ان النص واضح , فكيف تقول لا علاقة لها؟
اقول , الذي يبين عدم علاقتها بلمس المصحف من الانسان هو كلمة" المطهرون" , والمطهرون اسم مفعول بمعنى ان هناك من طهرهم , يقول تعالى " وازواج مطهرة" اي الحور العين , والحور العين طهرها الله فهي مطهرة عن كل ما يخرج من الانسان , ولكن عندما ذكر الله المرأة الحائض قال " فاذا تطهرن" اي ان المرأة تتطهر , ولكن لماذا يتطهر الانسان , لانه دائم الحدث ودائم الجنابة , (واقصد بالانسان) البالغ , فغير البالغ لا يتطهر , وبذلك يتبين ان الاية اعلاه خاصة بالقرآن في الكتاب المكنون والكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ.
الموعد القادم (متى ذكر الله كلمة انسان في القرآن)(/)
اللفظ في كتاب الله 4
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[02 Sep 2004, 09:02 م]ـ
متى ذك الحق كلمة انسان في القرآن"
يقول الحق " هل اتى على الانسان ....... " ويقول سيحانه" بل الانسان على نفسه يصيرة ... " ويقول " ان خلقنا الانسان من نطفة امشاج ... " وعشرات الايات التي ذكرت كلمة انسان , وبالتدقيق في هذا الكلمة , ولو حاولنا ان نضع بدلا منها كلمة بشر او كلمة بني آدم فلا يمكن ان تصلح هذه الكلمات , بدل كلمة انسان , لماذا لأننا اذا دققنا النظر نجد ان الحق سبحانه يذكر كلمة انسان عندما تكون الخصائص مشتركة , فالانسان لم يكن شيئا مذكورا اي كان عدم ثم نطفة .... ثم السبيل يسره ثم اماته فأقبره ثم اذا شاء انشره ويستمر لفظ انسان , حتى يأتي الموعد الاخير لهذه اللفظة بقوله تعالى , " يومئذ ينبؤ الانسان بما قدم واخر" , ثم يأتي التمييز " السابقون , اصحاب اليمين , اصحاب الشمال , في الدنيا كذلك اذا تميز انسان يختلف اللفظ , مؤمن كافر منافق رسول نبي.
الموعد القادم لماذا قال الله " ولقد كرمنا بني آدم " ولم يقل ولقد كرمنا الانسان , مع ان التكريم للانسان
ـ[ناصر محمد حسان]ــــــــ[07 Apr 2009, 05:13 م]ـ
قوله تعالى , " يومئذ ينبؤ الانسان بما قدم واخر "الآية
تصويب كتابة الآية الكريمة قال تعالى (ينبؤا الإنسان يومئذ بما قدم وأخر) الآية رقم
13 أرجو أن تنقل الآيات من المصحف زيادة في التأكيد
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Apr 2009, 05:31 م]ـ
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=15185(/)
افيدوني جزاكم الله عن الايتين في سورة المائدة
ـ[ faisalsa222] ــــــــ[02 Sep 2004, 09:54 م]ـ
بسورة المائدة ايتين اتمنى اني اعرف الفرق بينهن
في الآية 7 يقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله
وفي الآية 69 يقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمت الله
ما الفرق بين نعمة في الاية الاولى ونعمت في الثانيه
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[02 Sep 2004, 10:21 م]ـ
الاييات اخي الكريم 9 , 11 وليست 69 , ونفس السؤوا عن كتابة الربا في القران ,
هذا الاختلاف في كتابة الكلمة الواحدة من حيث الرسم مع عدم اختلاف المعنى واللفظ دليل على انه فعل مرده الى السماع لا الى الاجتهاد والفهم , وكل ما كان مرده الى السماع توقيفي. فرسم المصحف توقيفي , وكان للرسول كتاب يكتبون الوحي وقد كتبوا القران بهذا الرسم واقرهم الرسول عليه.
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[03 Sep 2004, 12:20 ص]ـ
كيف يحدد الرسول عليه الصلاة و السلام أشكال كتابة الحروف و هو أمي؟
هل هناك من أدلة أخرى على التوقيف في هذه المسألة؟
ـ[ faisalsa222] ــــــــ[03 Sep 2004, 02:45 ص]ـ
ان القران فيه اخطاء املائيه
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:31 ص]ـ
تعلمت شيئا في هذه الدنيا هو ان افهم الكلام كما رتبه لافظه لا كما اريد ان افهمه انا , فلا ادري كيف قفز الاخ الى القول بان القران فيه اخطاء املائية ,
لا يقال ان الرسول كان اميا فلا يعتبر تقريره لها , فان له كتابا يعرفون الخطوط فكانوا يصفونها له , علاوة على انه كان يعرف اشكال الحروف كما ورد في بعض الاحاديث , على ان كتابة كتابه للكتب التي كان يرسلها للملوك والرؤساء كانت على رسم الكتابة العادية , وعلى غير رسم القران مع ان المملي واحد والكتاب هم هم , ورسم القران توقيفي لغير علة فلا يدخله القياس
ـ[ faisalsa222] ــــــــ[04 Sep 2004, 01:07 ص]ـ
انا لم اقل ان القران فيه اخطاء املائية بالمعنى الصحيح انا اردت ان افهم المعنى فقط لان الله عزل وجل قال (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)
انا اردت معرفة ما الحكمة من كتابة نعمة ونعمت هل لان اللغه لدينا مفتوحه
مثال وليس قياسا على القران مثال للفهم فقط
في اللغه الانجليزيه كلمة color و colour كلمتان معناهما واحد
هل افهمها على نفس النمط هذا او لها معنى مختلف
اتمنى من الاخوة ان لا يغضبوا لانني سألت هذا السؤال من قبل مسيحي واعرف انه يريد بذلك التشكيك في صحة القران لكني لم القي له اي اهتمام انما حز في نفسي وتحرك في جوفي الوازع الديني والغيرة على الاسلام واردت معرفة هذه حتى لا يكون شيء في نفسي لا اعرف جوابه
وعزمت بعد هذا على قراءة وحفظ تفسير القران الكريم والطريقة التي كتب بها القران حتى لا أسأل مثل هذا السؤال
وأعجز على الرد عليه.
اخوتي انا اتمنى منكم عند وضعكم للردود ان تاخذوا بالحسبان ما كل من كتب أوسأل أو اراد ان يناقش موضوع يكون مدرك معنى ما يسأل عنه فأنتم إن كنتم تعرفون جواب ما سأل عنه فجزاكم الله اخبروه بها دون ان يكون هناك كلام ينم عن غضبكم أو استنكاركم للسؤال ليس لاني تعرضت لمثل هذا بل من اجل الاسلام وكسب كل من
يريد ان يسال عن الاسلام
اتمنى من المشرفين التنبيه على الاعضاء بان يكون الرد فيه رحابة صدر حتى نستطيع ان نكسب ود كل من يريد الدخول في الاسلام ولا يعلم عنه شيئاً
دعونا ننظر الى طريقة المسيحيين واليهود في الدعوة الى دينهم فلهم اساليب في الرد والاجابه على الاسئلة بطريقة تجذبك الى دينهم فالاسلام ديننا حث على التحلي بالاخلاق الحميده وخاصة بالدعوة اليه
وفي الاخير اشكر كل من كتب في هذا الموضوع وجزاكم الله خيرا لمساعيكم وجعله الله في ميزان اعمالكم
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Sep 2004, 06:31 ص]ـ
أخي فيصل،،
تستطيع قراءة ردًا وافيًا على سؤالك في إجابة الدكتور مساعد الطيار على هذا الرابط:
سوال عن جمع القران ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1814)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2004, 02:59 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم faisalsa222 على حسن ظنك بإخوانك، وحسن أدبك في السؤال والرد. وأنا أتفق معك في ما تفضلت به من قولك: (إخوتي! أنا أتمنى منكم عند وضعكم للردود أن تاخذوا بالحسبان ما كل من كتب أوسأل أو أراد أن يناقش موضوعاً يكون مدركاً معنى ما يسأل عنه. فأنتم إن كنتم تعرفون جواب ما سأل عنه فأجيبوه جزاكم الله خيراً وأخبروه دون أن يكون هناك كلام ينم عن غضبكم أو استنكاركم للسؤال.
ليس لاني تعرضت لمثل هذا بل من اجل الاسلام وكسب كل من يريد ان يسال عن الاسلام.
اتمنى من المشرفين التنبيه على الاعضاء بان يكون الرد فيه رحابة صدر حتى نستطيع ان نكسب ود كل من يريد الدخول في الاسلام ولا يعلم عنه شيئاً).
وهذا الكلام الذي قلته هو عين الصواب، ونحن ندعو الجميع للسير على هذا النهج الهادئ في الجواب والرد والمناقشة، حيث إن هذا هو الأسلوب المثمر النافع للسائل والمجيب على حد سواء. وأرجو أن نوفق جميعاً لسوك هذا المنهج، شاكرين لكم حسن توجيهكم وفقكم الله. وأما المسألة التي سألتم عنها فقد أجيب لك عنها بما فيه الكفاية إن شاء الله، ولعل مزيد الاطلاع على الموضوعات المطروحة سابقاً تكشف لك جوانب أخرى لهذا الموضوع. وهو موضوع: (ظواهر الرسم العثماني).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[04 Sep 2004, 05:59 م]ـ
أنا لم اغضب اخي ابدا , وان كنت فهمت كلماتي غضب فأنا اعتذر , انما هو اسلوب للحوار , انا استنكرت ان يتم الكلام عن اخطاء املائية , لان موضوع الاخطاء لم يكن واردا فيما تحدثنا فيه , هذا كل ما في الامر , وليس الغضب , اكرر اعتذاري ان كنت قد فهمتني على غير ما اريد.
كل الاحترام للاخوة
ـ[ shade torky] ــــــــ[04 Sep 2004, 11:18 م]ـ
assalam alakom
all support to mr. faissalsa222
" افيدوني جزاكم الله دون أن يكون هناك كلام ينم عن غضبكم أو استنكاركم للسؤال.
من اجل الاسلام حتى نستطيع ان نكسب ود كل من يريد الدخول في الاسلام ولا يعلم عنه شيئاً)."
brother
ـ[ faisalsa222] ــــــــ[05 Sep 2004, 12:39 ص]ـ
اخي ابو شفاء لا اريد ان تتاسف مني ليس بين الاخوة اسف
انما اردت ان اذكرك بان يكون ردك فيه رحابه حتى ينجذب كل من يقرا الموضوع سواء مسلم او غيره
اشكركم من كل قلبي
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 09:39 م]ـ
جـ- رسم المصحف العثماني والآراء فيه.
المراد برسم القرآن هنا كيفية كتابة الحروف والكلمات في المصحف على الطريقة التي كتبت عليها في المصاحف التي أمر عثمان اللجنة الرباعية فكتبتها ووزعتها في الأمصار.
ويطلق عليه: رسم المصحف، ومرسوم الخط.
الآراء فيه:
الرأي الأول: أن الرسم العثماني ليس توقيفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه اصطلاح ارتضاه عثمان وتلقته الأمة بالقبول، فيجب التزامه والأخذ به، ولا يجوز مخالفته.
الرأي الثاني: أن رسم المصحف اصطلاحي لا توفيقي، وعليه فيجوز مخالفته.
الرأي الثالث: أنه توقيفي لا يجوز مخالفته، وهو مذهب الجمهور.
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كُتاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن كله بهذا الرسم، وقد أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على كتابتهم وقضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتبة لم يحدث فيه تغيير ولا تبديل.
أقوال الفقهاء في الرسم العثماني: جمهور العلماء ذهبوا إلى منع كتابة المصحف بما استحدث الناس من قواعد الإملاء، للمحافظة على نقل المصحف بالكتابة على الرسم نفسه الذي كتبه الصحابة.
- وقد صرح الإمام أحمد فيه بالتحريم فقال: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك.
- وسئل الإمام مالك: هل تكتب المصحف على ما أخذته الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى.
- وجاء في الفقه الشافعي: إن رسم المصحف سنة متبعة.
- وجاء في الفقه الحنفي: أنه ينبغي ألا يكتب بغير الرسم العثماني.
-وقال الإمام أبو عمرو الداني: ولا مخالف له من علماء الأمة.
وهكذا اتخذت الأمة الإسلامية الرسم العثماني سنة متبعة إلى عصرنا هذا، كما قال البيهقي في "شعب الإيمان": واتباع حروف المصاحف عندنا كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها.
وكان ذلك للمبالغة في المحافظة والاحتياط على نص القرآن، حتى في مسألة شكلية، هي كيفية رسمه.
لكن استثنوا من ذلك نقط المصاحف وتشكيلها، لتتميز الحروف والحركات، فأجازوا ذلك بعد اختلاف في الصدر الأول عليه، وذلك لما اضطروا إلى ذلك لتلافي الأخطاء التي شاعت بسبب اختلاط العرب بالعجم.
د- تحسين الرسم العثماني
-1كانت المصاحف العثمانية خالية من النقط والشكل اعتماداً على السليقة العربية التي لا تحتاج إلى مثل هذه النقط والتشكيلات، وظلت هكذا حتى دخلت العجمة بكثرة الاختلاط، وتطرق اللحن إلى اللسان العربي، عندئذ أحسَّ أولو الأمر بضرورة تحسين كتابة المصاحف بالتنقيط والشكل والحركات مما يساعد على القراءة الصحيحة.
-2 من شكل المصحف:
أ- اختلف العلماء في ذلك، منهم من قال: أبو الأسود الدؤلي الذي ينسب إليه وضع ضوابط اللغة العربية بأمر من علي بن أبي طالب. يروي أنه سمع قارئاً يجر اللام من رسوله في قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]، فغير المعنى، ففزع لهذا اللحن وقال: عز الله وجل أن يبرأ من رسوله، فعندئذ قام بوضع ضوابط التشكيل حفاظاً عليه من اللحن.
ب- ومن العلماء من قال: أول من شكل المصحف: الحسن البصري، ويحيى بن يعمر، ونصر بن عاصم الليثي بأمر من الحجاج.
-3 تدرج تحسين رسم المصحف: كان الشكل في الصدر الأول نقطاً، فالفتحة نقطة على أول الحرف، والضمة نقطة على آخره، والكسرة نقطة تحت أول الحرف، ثم تدرج، فأصبحت الفتحة شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسرة تحته، والضمة واواً صغيرة فوقه، ثم بعد ذلك مر المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور حتى استقر على هذا الشكل الذي هو عليه الآن من الخطوط الجميلة الواضحة، وابتكار العلامات المميزة، والاصطلاحات المفيدة، فجزى الله من سبقونا في خدمة قرآن ربنا خير جزاء.
المرجع
كل ما ذكر أعلاه منقول من كتاب مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان رحمه الله(/)
سؤال عن تفسير بعض الآيات
ـ[ shade torky] ــــــــ[03 Sep 2004, 12:11 ص]ـ
assalam alaikom
GENTLE SHAIKH : please tell me the full meaning about each of the following :
: from the holy quran
ALNAHL section part "67"... please
ALISRAA' section part"60" ...please
ALHAJJ section part "15" ...please
thanks alot
jazakom allah khairan
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Sep 2004, 12:31 ص]ـ
لا بأس أخي الكريم شادي وفقك الله. أرجو أن تصلح نظام جهازك إن شاء الله وتكتب بالعربية. وقد قرأت رسالتك بارك الله فيك. وهنا تجد تفسير الآيات المطلوبة من التفسير الميسر من مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة.
قال تعالى: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون) [النحل:67]
ومن نعمنا عليكم ما تأخذونه من ثمرات النخيل والأعناب, فتجعلونه خمرا مسكرا -وهذا قبل تحريمها- وطعاما طيبا. إن فيما ذكر لدليلا على قدرة الله لقوم يعقلون البراهين فيعتبرون بها.
---
قال تعالى: (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) [الإسراء 60]
واذكر -أيها الرسول- حين قلنا لك: إن ربك أحاط بالناس علما وقدرة. وما جعلنا الرؤيا التي أريناكها عيانا ليلة الإسراء والمعراج من عجائب المخلوقات إلا اختبارا للناس؛ ليتميز كافرهم من مؤمنهم، وما جعلنا شجرة الزقوم الملعونة التي ذكرت في القرآن إلا ابتلاء للناس. ونخوف المشركين بأنواع العذاب والآيات، ولا يزيدهم التخويف إلا تماديا في الكفر والضلال.
---
قال تعالى: (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ) [الحج 15]
من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه, وفي الآخرة بإعلاء درجته, وعذاب من كذبه، فليمدد حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه, ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر: هل يذهبن ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم لا محالة.(/)
شبهات حول بعض ايات سورة البقرة افيدونا جزاكم الله كل خير
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[03 Sep 2004, 12:28 ص]ـ
يقول الله تعالى في سورة البقرة: " ان الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم ام لتنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على ابصارهم غشوة و لهم عذاب عظيم "
من المعلوم طبعا ان هناك من الكفار من يدخل في الاسلام و يقبل الدعوة و الا لما انتشر الاسلام من البداية فكيف يتفق هذا مع الاية الأولى التي حكمت على الذين كفروا بانهم لن يؤمنوا مع انذارهم ..
عند العودة الى كتب المفسرين فانهم قد خصصوا هذه الاية بطائفة محددة من الكفار اما بسبب نزول و هنا اسال عن القاعدة التي تقول ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب و كيف لا يتم تطبيقها هنا؟
و عدد من المفسرين خصها بطائفة من الكفار المعاندين للحق المستكبرين الذين يعلم الله انهم سيدخلون في النار مسبقا و لكن أليس في هذا تحميل للاية لاكثر مما تقوله .. فالاية تكلمت عن الذين كفروا و من يقراها لا يحس الا بانها عامة فكيف خصصها المفسرون ليعدلوا معناها اليس في هذا ((تحريف)) لمعنى الاية؟؟
اذا جاز تخصيص الاية الأولى بطائفة معينة من الكفار فلا اشكال في الاية الثانية و لكن على اي اساس يقوم التخصيص؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمعت أحد المشايخ يفسر الآيات التي تكون على نفس هذه الصورة.
مثل قوله تعالى: والله لا يهدي القوم الظالمين.
قال الشيخ: أي لا يهديهم ما داموا مستمرين على ظلمهم أو كفرهم. أهـ.
والله أعلم
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:44 ص]ـ
" ان الذين كفروا سواء عليهم ..... " وقوله" واوحي الى نوح انه لن يؤمن من قومك الا من قد امن"
هذه الايات اخبار من الله لانبيائه عن اناس مخصوصين بانهم لن يؤمنوا وهذا داخل في علم الله وليس معناه ان هناك فئة تؤمن وفئة لا تؤمن , بل كل انسان فيه قابلية الايمان , والرسول وحامل الدعوة من بعده مخاطب بدعوة الناس جميعا للايمان , ولا يجوز ان ييأس المسلم من ايمان احد مطلقا , اما من سبق في علم الله انه لا يؤمن , فالله يعلمه لأن علمه محيط بكل شيء , و ما لم يخبرنا عما لا نعلمه لا يجوز لنا ان نحكم , والانبياء لم يحكموا بعدم ايمان احد الا بعد ان اخبرهم الله بذلك.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:04 م]ـ
بعض القرآن محكم وبعضه متشابه: بمعنى أن الآيات المحكمة هي أم الكتاب أي أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله، فهي بمنزلة الأم له، لا غموض فيها ولا التباس، كآيات الحلال والحرام التي هي أصل التشريع، بخلاف الآيات المتشابهة التي تختلف فيها الدلالة، على كثير من الناس، فمن رد المتشابه إلى المحكم الواضح فقد اهتدى. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7].
رد المتشابه إلى المحكم
-1 قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].
هذه الآية متشابهة تحتمل معنيين:
المعنى الأول: غفران الذنوب جميعاً لمن تاب.
المعنى الثاني: غفران الذنوب جميعاً لمن لم يتب.
رد الآية المتشابهة إلى المحكمة: وهي قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [طه: 82]. تبين من الآية المحكمة أن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب وهو مؤمن واتبع طريق الهدى.
-2 قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
هذه الآية تحتمل معنيين.
المعنى الأول: إن كلمة {إِنَّا نَحْنُ} تحتمل الواحد المعظم نفسه وهو حق.
المعنى الثاني: أنها للجماعة، وهو باطل، وتحتمل أيضاً الواحد ومعه غيره، فهي آية متشابهة تمسك بها النصارى الذين قالوا بالتثليث.
رد الآية المتشابهة إلى المحكمة: وهي قوله تعالى: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: 22].
وقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} [المؤمنون: 91]. وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].
(يُتْبَعُ)
(/)
تبين من الآيات المحكمة أن المراد بقوله: {إِنَّا نَحْنُ} هو الله الواحد المعظم نفسه.
حكمة ورود المحكم والمتشابه.
-1 إن الله سبحانه احتج على العرب بالقرآن، إذ كان فَخْرُهم ورياستهم بالبلاغة وحسن البيان، والإيجاز والإطناب، والمجاز والكناية والإشارة والتلويح، وهكذا فقد اشتمل القرآن على هذه الفنون جميعها تحدياً وإعجازاً لهم.
-2 أنزل الله سبحانه الآيات المتشابهات اختباراً ليقف المؤمن عنده، ويرده إلى عالِمِهِ، فيَعْظُم به ثوابه، ويرتاب بها المنافق، فيستحق العقوبة.
ولقد أشار الله تعالى في كتابه إلى وجه الحكمة في ذلك بقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا} [البقرة: 26] ثم قال: جواباً لهم: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}. فأما أهل السعادة فيعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، فيستوجبون الرحمة والفضل، وأما أهل الشقاوة فيجحدونها، فيستوجبون الملامة.
-3 أراد الله عز وجل أن يشغل أهل العلم بردّه إلى المحكم، فيطول بذلك فكرهم، ويظهر بالبحث اهتمامهم، ولو أنزله محكماً لاستوى فيه العالم والجاهل، فشغل العلماء به ليعظم ثوابهم وتعلو منزلتهم، ويكرم عند الله مآبهم.
-4 أنزل المتشابه لتشغل به قلوب المؤمنين، وتتعب فيه جوارحهم وتنعدم في البحث عنه أوقاتهم، ومدد أعمارهم، فيجوزوا من الثواب حسبما كابدوا من المشقة.
وهكذا كانت المتشابهات ميدان سباق تنقدح فيه الأفكار والعلوم.
وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 6)
في نزولها أربعة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في قادة الأحزاب، قاله أبو العالية.
والثاني: أنها نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، قاله الضحاك.
الثالث: انها نزلت في طائفة من إليهود، ومنهم حيي بن أخطب، قاله ابن السائب.
والرابع: أنها نزلت في مشركي العرب، كأبي جهل وأبي طالب، وأبي لهب وغيرهم ممن لم يسلم.
قوله تعالى: {سَوَاء عَلَيْهِمْ} أي: متعادل عندهم الانذار وتركه، والإنذار: إعلام مع تخويف، وتناذر بنو فلان هذا الأمر: إذا خوفه بعضهم بعضا.
هذه الآية وردت بلفظ العموم، والمراد بها الخصوص، لأنها آذنت بأن الكافر حين إنذاره لا يؤمن، وقد آمن كثير من الكفار عند إنذارهم، ولو كانت على ظاهرها في العموم، لكان خبر الله لهم خلاف مخبره، ولذلك وجب نقلها الى الخصوص.
ولماذا أخرجت من العموم فنقول أن هناك آيات واضحة تدل على أن الكافر يمكن أن يسلم فيخصص عموم هذه الآية بتلك الآيات.
ونرد المتشابه إلى المحكم فنرد هذه الآية إلى الآيات التالية
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (البقرة: 161) فدلت الآية على أنه يمكن أن يؤمن الكافر
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 62) فدلت الآية على واليهود والنصارى يمكن أن يؤمنوا وهم كفار بعد مبعث محمد إلا أن يؤمنوا
(فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة: 137)
(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (البقرة: 221)
والآيات التي تدل على أن الكافر قد يؤمن كثيرة جدا.
مراجع
مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان رحمه الله
زاد المسير لبن الجوزي رحمه الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:47 م]ـ
اخي ابو عبد الرحمن
اذا كنت قد خصصتها بمن نزلت فيهم , فان المسلمين ان ان تنزل لم يكونوا يعلمون انهم لن يؤمنوا , وفي عصرنا الحاضر هناك كثير على هذه الشاكلة ونحن لا نعلم عنهم , فكيف نخصص بمن نزلت فيهم اولا الا ان يكون تخصيصا بغير مخصص.
واحيلك اخي الى قاعدة جميلة للشيخ العدي عن " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"
مع كل التقدير
العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب
وهذه القاعدة نافعة جداً، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك الخطير.
وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم، فمتى راعيت القاعدة حق الرعاية وعرفت أن ما قاله المفسرون من أسباب النزول إنما هوعلى سبيل المثال لتوضيح الألفاظ، و ليست معاني الألفاظ و الآيات مقصورةً عليها. فقولهم: نزلت في كذا و كذا، معناه: أن هذا مما يدخل فيها، ومن جملة ما يراد بها، فإن القرآن ـ كما تقدم ـ إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها، حيث تكون وأنى تكون.
والله تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبر لكتابه، فإذا تدبرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة، فلأي شيء نخرج بعض هذه المعاني، مع دخول ما هو مثلها ونظيرها فيها؟ ولهذا قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه " إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك، فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه ".
فمتى مر بك خبر عن صفات الله وأسمائه، وعما يستحقه من الكمال، وما يتنزه عنه من النقص. فأثبت له جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته سبحانه لنفسه ونزّهه عن كل ما نزه نفسه عنه، وكذلك إذا مر بك خبر عن رسله وكتبه واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، فاجزم جزماً لا شك فيه أنه حق على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق، قيلا و حديثا.
وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وعلمت أن ذلك الأمر موجه إلى جميع الأمة، وكذلك في النهي.
ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصلَ كل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل كل الشر والخسران.
فمراعاة هذه القاعدة أكبر عون على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله و القيام بها. والقرآن قد جمع أجل المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها كما قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان:33]، يوضح ذلك ويبينه وينهج طريقته:
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[03 Sep 2004, 09:06 م]ـ
أخي ابو شفاء
أنا لم أقل أنها خاصة بمن نزلت فيهم بل قد تشمل غيرهم من الكفار المعاندين، والمخاصمين. الذين تبين لهم الحق، ولكن جحدوه وهم الذين ختم الله على قلوبهم.
ومن حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن مهما كان المنذِر والداعي؛ لأنه لا يستفيد. قد ختم الله على قلبه.، كما قال تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97]، وقال تعالى: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار} [الزمر: 19] يعني هؤلاء لهم النار؛ انتهى أمرهم، ولا يمكن أن تنقذهم ..
وهذا الختم له سبب من عند أنفسهم، كما قال تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، وقال تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية (المائدة: 13)
ولكن الآية ليست عامة على إطلاقها تعم جميع لكفار فلو أخذنا بعموم اللفظ أدخلنا فيه كل كافر وأنه لا يمكن أن يسلم كافر
ويدل على أنه ليست عامة آيات كثير ونحن نعلم أن من الكفار من قد يسلم وهولاء الذين ختم الله على قلوبهم لا نعلمهم ولكن الله يعلمهم وحتى الرسول لا يعلم عنهم إلا من أعلمه الله عنهم
ولذلك قال تعالى مخاطبا لنبيه لما كان يدعوا على بعض كفار قريش (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (آل عمران: 128)
فقد ورد في صحيح البخاري، عن حنظلة بن أبي سفيان: سمعت سالم بن عبد الله يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على: صفوان بن أمية، وسهيل ابن عمرو، والحارث بن هشام. فنزلت: {ليس لك من الأمر من شيء - إلى قوله - فإنهم ظالمون}. وقد أسلموا فيما بعد.
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 09:17 م]ـ
اخي ابو عبد الرحمن
انا اتفق معك فيما تقول , ولم اقل انها تعم جميع الكفار ولكنت مخطئا لانني بذلك اعتبرها مانعة من ايمان اي كافر وقد اوردت في ردك الجميل كل الايات اللازمة للاحتجاج , ولكني اقول انها عامة في غير من نزلت فيهم , اي ان هناك اقواما تشملهم حتى قيام الساعة , واحتجاجي ابتداءا انها تخص علم الله في اقوام لن يؤمنوا ولن يمنعوا من الايمان , وفي جميع الاحوال نحن لا نعلمهم , ونحن مطالبون بتبليغ الرسالة لجميع الخلق.
كل التقدير والاحترام وهكذا يكون ادب الحوار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2004, 05:36 م]ـ
أخواني في الله هذا ما ذكره الشيخ محمد الأمين الشنقيطى رحمه الله في كتابه دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}. هذه الآية تدل بظاهرها على عدم إيمان الكفار, وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن بعض الكفار يؤمن بالله ورسوله كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف} الآية. وكقوله: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} وكقوله: {وَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} , ووجه الجمع ظاهر وهو أن الآية من العام المخصوص لأنه في خصوص الأشقياء الذين سبقت لهم في علم الله الشقاوة المشار إليهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ}. ويدل لهذا التخصيص قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الآية وأجاب البعض بأن المعنى لا يؤمنون مادام الطبع على قلوبهم وأسماعهم والغشاوة على أبصارهم فإن أزال الله عنهم ذلك بفضله آمنوا.
قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} الآية. هذه الآية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون لأن من ختم على قلبه وجعلت الغشاوة على بصره سلبت منه القدرة على الإيمان. وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع بمشيئتهم وإرادتهم كقوله تعالى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} , وكقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ} , وكقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} الآية, وكقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُم} الآية, وكقوله: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُم} الآية.
والجواب: أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم, كل ذلك عقاب من الله لهم على مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم, فعاقبهم الله بعدم التوفيق جزاء وفاقا. كما بينه تعالى بقوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وبقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وقوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} الآية وقوله: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} , إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى(/)
هل يجوز قراءة القرآن في الصلاة بأكثر من قراءة في نفس السورة؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:37 ص]ـ
هل يجوز قراءة القرآن في الصلاة بأكثر من قراءة في نفس السورة؟
أعطي مثال: في الآية الأولى أقرأ من رواية حفص عن عاصم وفي الثانية من رواية شعبة عن عاصم والثالثة من رواية ورش عن نافع وهكذا ... (القراءات المتواترة)
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 11:03 ص]ـ
حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن بن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: (سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه).
رواه البخاري(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {11}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[03 Sep 2004, 01:37 م]ـ
(((الآهت والحسرات)))
الآهات والحسرات مشاعر انسانية بحتة يشعر بها الانسان في حياته ,فيغتم لها ويبقى يعاني آلامها طيلة حياته الدنيا, والدنيا اجل مسمى ,فما بالنا يوم القيامة وهناك تكثر الآهات والحسرات ومن دون فائدة ... ؟؟؟
يقول الله عزوجل: ((أن تقول نفس ياحسرتى على ما فرَطت في جنب الله)) {الزُمر آية:56}
تبين لنا هذه الآية الكريمة أنَ النفس الانسانية ستقول هذا الكلام ((يا حسرتى)) امام الاولين والآخرين يوم القيامة, ولكن دون فائدة ....... !!!!
ويقول الله عزوجل ((ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتَخذت مع الرسول سبيلا*ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا*)) {الفرقان آية 27 - 28}
هنا توضيح اكثر .. فالظالم يعض على يديه, وما ادري والله كيف يكون عضَه على يديه أقويُ ام بسيط .. وتنتابه الحسرات لانه لم ياخذ طريق الرسل ,وهذا الشعور بالحسرة والندم لايجدي الكافر نفعا ,ويزيد هذا الكافر الظالم قوله فيقول:ليتني لم اتخذ فلانا خليلا رفيقا صديقا ,انه شعور بالاسى والحزن والحسرة ,ولكن هيهات لهذا الشعور ان يغير من واقع الحال الذي سيكون عليه الظالم يومئذ امام الله سبحانه وتعالى ........
ولو امعنَا النظر في قوله تعالى ((لم اتَخذ فلانا .. )) فالقرآن الكريم لم يعط اسما واضحا لهذا {الفلان} .. ابقاه نكرة
وبهذا تكون كلمة (فلانا) شاملة من غير تحديد.انها تعني فلانا من الضآلِين ,سواء من الاخوة او الاصدقاء او الاقرباء والابعد من ذلك.كل هؤلاء سيندم الظالم على رفقته لهم في الحياة الدنيا ,ولكن هل يفيد النَدم شيئا؟؟؟
يقول الله عزوجل ((حتَى إذا جائتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرَطنا فيها)) {الانعام آية:31}
ويقول الله عزوجل ((كذلك نريهم اعمالهم حسرات عليهم)) {البقرة آية:167}
ويقول الله عزوجل: ((وانذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لايؤمنون)) {مريم آية:39}
ويقول الله عزوجل: ((واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة ابصار الَذين كفروا ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين)) {الانبياء آية:97}
موقف مرعب, الحسرة والندامة في كل احوال الظالم ,عند قيام الساعة. ((ياحسرتنا)) وعند الحساب ((ياويلنا))
وعند السوق الى النار ((دعوا هنالك ثبورا*لاتدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا*))
{الفرقان آية:13 - 14}
وعند البعث من القبور ((قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون))
{يس آية:52}
الحسرة والندامة رفيقتا الظالم يوم القيامة. فكل الاعمال القبيحة في الدنيا يراها الظالم ماثلة امام عينيه فتكون حسرات تطبق انفاسه وتزيده هما فوق همه ............................................... ......
يتبع (((المسيرة الكبرى)))(/)
لفضيلة الدكتور مساعد الطيار وأهل الاختصاص وفقهم الله
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:39 م]ـ
وهذا رفع للموضوع السابق ويبدو أنه رجع إلى الصفحة الثانية وغاب عن أنظار المهتمين.
لذا أرجو من الدكتور الفاضل وغيره من طلبة العلم الأفاضل التكرم بالإفادة.
وجزيتم خيراً.
الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=2463
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Sep 2004, 04:37 ص]ـ
أخي الكريم
ما يتعلق بموضوعكم مسطر ومبثوث في كتب الوقف والابتداء؛ ككتاب ابن الأنباري والداني والسجاوندي والأشموني وغيرهم، لكنا كما تعلم أمة لا نقرأ، والله المستعان.
اما ما يتعلق بخطأ بعض الأئمة فهو واقع لأن تعلم هذا العلم مما لا يكاد يُذكر عند القراء فضلاً عن غيرهم، فأفسر لك الحال ولا أبرر لك الواقع، والله المستعان أيضًا.
وكم من إمام قد رام وقوفًا يظنها حسنة، وهي في عداد القبيح، بل لقد رأيت لبعض فضلاء العصر ممن يُعدون من القراء وقوفًا غريبة، وقد تاملت حالهم، فوجدتهم يتوهمون معنًى قبيحًا، ثم يهربون منه إما بوقف و إما بوصل على حسب حال الجملة التي وقع فيها التوهم.
كما رأيت بعضهم يتذوق الوقوف ويتصيد المعاني منها، وهذا مسلك غير سديد، فالمعنى أولاً، ثمَّ يترتب عليه الوقف.
ولولا طول هذا الموضوع لآفضت فيه بشيء من التفصيل، لكن أذكر لك على سبيل التذكرة وقفًا مشهورًا يخالف ما عليه تفسير السلف، وذلك في أول وقف تعانق في المصحف، حيث يوجدعلى شبه الجملة (فيه).
فلو وقفت على (ذلك الكتاب لا ريب) ثم قلت: (فيه هدى للمتقين) فيترتب على هذا الوقف أمران:
الأول: أن خبر لا النافية محذوف تقديره (فيه)، ويكون تمام المعنى على هذا: ذلك الكتاب لا ريب فيه، فيه هدى للمتقين.
الثاني: أن القرآن يشتمل على الهدى، ولا يلزم أن يكون كله هدى، فهو فيه هدى فقط.
وهذا الوقف يخالف تفسير السلف الذين أجمعوا على تفسير (لا ريب فيه) بـ (لا شك فيه)، ولم يرد عن واحد منهم أنه فصل شبه الجملة (فيه) عن سابقتها، مما يدل على أنهم يرونها جملة مستقلة، ولا تقدير فيها، وإذا تعارض التقدير أو الإضمار مع الاستقلال قُدِّم الاستقلال؛ أي: أن جملة (لا ريب فيه) جملة مستقة ليس فيها إضمار ولا تحتاج إلى تقدير.
كما أن تفسير السلف يدل على أن القرآن كله هدى، حيث يجعلون جملة (هدى للمتقين) جملة مستقلة، وهذا يعني أنه كله هدى، وهذا أبلغ من الوجه المذكور في الوقف الأول.
كما يلاحظ أيضًا أن المدلول عليه في الوجه الأول جزء من مدلول الوجه الثاني، والوجه الثاني أعم منه وأبلغ، وعليه تفسير السلف، فهو المقدم، والله أعلم.
ومن هذا تعلم أنه لا حاجة إلى وقف التعانق في مثل هذا الموضع، والله أعلم.
وقس على ذلك غيره من الوقوف، فإنك ستجد كثيرًا منها إما بسبب التوهم، وإما بسبب التذوق الخاص، والله الموفق.(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {12}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:12 م]ـ
(((المسيرة الكبرى)))
تبدا المسيرة الكبرى من ساحة العرض والحساب الى الصراط المستقيم ,والمسيرة الكبرى هذه تضم المؤمنين والكافرين.الاولين والآخرين .. يقول الله عزوجل ((وإن منكم الا واردها كان على ربِك حتما مقضيَا*ثم ننجِي الذين اتَقوا ونذر الظالمين فيها جثيا*)) {مريم آية:71 - 72}
عن ابن مسعود والحسن وقتادة: ((وان منكم الا واردها)) هو الجواز على الصراط لان الصراط ممدود على النار ...
وعن ابن عباس يقول: قد يرد الشيء الشيءلا يدخله كقوله تعالى ((ولما ورد ماء مدين)).تفسير الزمخشري
كل البشر ,المؤمنون والكافرون سيساقون من ساحة العرض الى الصراط ... !! والكل سيرى جهنم .. !!
والمعلوم ان المؤمنين سبَاقون الى الصِراط المستقيم لانهم يسيرون (الكل) في ظلام. اما المؤمنون فان نورهم يسعى بين ايديهم وبايمانهم ,وقد ذكر الله هذه الحقيقة فقال عزوجل: ((يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم))
{الحديد آية:12}
الكل يسير في ظلام دامس ليس هناك من نور يضيء الطريق لهذه الجحافل السائرة ... الكل يسير!! الى اين ... ؟؟ الى الصراط ... ؟؟
ولكن المؤمنين تاتيهم النجدة .. من اين .. ! من الرحمن الرحيم ... !!
لان الله تعالى وعد المؤمنين ان يستجيب لهم اذا التزموا اوامره ,يقول عزوجل ((ياأيُها الَذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم ان يكفِر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنَات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبي والَذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربَنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شيء قدير))
{التحريم آية:8}
فإذا بالنور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم.نور أعمالهم في الحياة الدنيا ,الاعمال الصالحة تقلب هناك الى نور يستضيء به المؤمنون والمؤمنات ,وهذا النور هو الََََََََذي يحفظهم من السقوط من على الصراط لانهم يبصرون الطريق بكل وضوح ..
روى ابن جرير الطبري بسنده عند تفسير الآية {12} من سورة الحديد عن مجاهد قوله ((ربَنا أتمم لنا نورنا)) قال: قول المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين.وقال الطبري في تفسير ((ربَنا اتمم لنا نورنا)) يقول جل ثناؤه مخبرا عن قيل المؤمنين يوم القيامة:يقولون ((ربَنا أتمم لنا نورنا)) يسألون ربَهم ان يبقي لهم نورهم فلا يطفئه حتَى يجوزوا الصِراط وذلك حين ((يوم يقول المنافقون والمنافقات للَذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم))
وقال ابن كثير في تفسير ((ربَنا أتمم لنا نورنا)) قال مجاهد والضَحَاك والحسن البصري وغيرهم. هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفيء ... قوَة النور أو قلَته بحسب الاعمال الصَالحات (الحسنات)
فكلَما كانت الاعمال الصالحة كثيرة ,كلما كان النور مضيئا ,وكلَما قلَت هذه الاعمال كلما قل النور ,ولا نور للكافرين أو الظالمين ,بل ظلام في ظلام ... !!
يتبع (((جسر جهنَم)))
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:05 م]ـ
المرور على الصراط
ذكر ابن لجوزي في زاد المسير عند تفسير قوله تعالى: {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} في الكلام إضمار تقديره: وما منكم أحد إلا وهو واردها.
وفيمن عني بهذا الخطاب قولان.
أحدهما: أنه عام في حق المؤمن والكافر، هذا قول الأكثرين. وروي عن ابن عباس أنه قال: هذه الآية للكفار. وأكثر الروايات عنه كالقول الأول. قال ابن الأنباري: ووجه هذا أنه لما قال: لنحضرنهم وقال: أيهم أشد على الرحمن عتياً كان التقدير: وإن منهم، فأبدلت الكاف من الهاء، كما فعل في قوله: {إِنَّ هَـ?ذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء} [الانسان: 22] المعنى: كان لهم، لأنه مردود على قوله: {وَسَقَـ?هُمْ رَبُّهُمْ} [الانسان: 21] وقال الشاعر:
شطت مزار العاشقين فأصبحت عسرا علي طلابك ابنة مخرم
قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى? رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاًثُمَّ نُنَجِّى ?لَّذِينَ ?تَّقَواْ وَّنَذَرُ ?لظَّـ?لِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}.
اختلف العلماء في المراد بورود النار في هذه الآية الكريمة على أقوال:
الأول: أن المراد بالورود الدُّخول، ولكن الله يصرفُ أذاها عن عباده المتقين عند ذلك الدخول.
الثاني: أن المراد بورود النار المذكور: الجواز على الصراط، لأنه جسر منصوب على متن جهنم.
الثالث: أن الورود المذكور هو الإشراف عليها والقرب منها.
الرابع: أن حظ المؤمنين من ذلك الورود هو حر الحمى في دار الدنيا.
وقال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله مجموع فتاواه
ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: الصراط، وهو عبارة عن جسر ممدود على النار يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، منهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، على حسب أعمالهم كل من كان أسرع في الدنيا لقبول الحق والعمل به كان على الصراط أسرع عبوراً، وكلما كان الإنسان أبطأ لقول الحق والعمل به كان على الصراط أبطأ، فيمر أهل الجنة على هذا الصراط فيعبرون،
أما الكفار فلا يمرون عليه، لأنه يصار بهم إلى النار والعياذ بالله، فيأتونها ورداً عطاشاً.(/)
سؤال ما هي الدعوة الغير مستجابة
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:31 م]ـ
ورد في القرآن الكريم الكثير من الادعية التي تعود للانبياء والمؤمنين والمؤمنات وعموم الناس وعند المتابعة والتدبر في كتاب الله عزوجل ترى ان كل الدعوات مستجابة الا دعوتان لم يستجب الله عزوجل؟؟؟
في اي سورة؟؟؟
ومن هم؟؟؟
ولماذا؟؟؟
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 08:44 م]ـ
سؤال جميل
ما اعلمه وبدون مراجعة القران
داء من تخرج روحه" قال ربي ارجعون , كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون "
دعاء اهل النار " احرجنا منها ......... "
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[16 Sep 2004, 02:33 م]ـ
أذهب الى الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن
افح موضوع حقيقة الوجود في اليوم الموعود {15}
تجد الرد والدلائل هناك وشكرا للجميع لعدم الرد على هذا السؤال لاكثر من اسبوع ... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! 1(/)
اللفظ في كتاب الله 5
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[03 Sep 2004, 09:47 م]ـ
يقول الحق " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر."
لماذا قال الله سبحانه بني آدم ولم يقل الانسان , الجواب والله اعلم , لان الله سبحانه قد كرم آدم تكريما خاصا قال " فاذا سويته ونخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " وهذا تكريم وقال" وعلم ادم الاسماء كلها" ووهذا تكريم وقال " يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا منها رغدا حيث شئتما " وهذا تكريم فالحق قد فتح المجال لادم ان يأكل من الجنة حيث يشاء , ولم يلزمه بمكان معين , ولو الزمه لكان كرما ولكنه تكريم.
اما بنو آدم فهم متساوون في التكريم جميعا الى يوم القيامة(/)
((وما في الأرض)) في آيات التسبيح
ـ[سعيد الرقيب]ــــــــ[03 Sep 2004, 10:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سئل الدكتور فاضل السامرائي عن الأيات التي يرد فيها التسبيح، وفي بعضها (مافي السموات والأرض)، وفي البعض الآخر (مافي السموات ومافي الأرض) ما السر البياني في ذلك؟
فأجاب وفقه الله:
بأن الآيات التي يرد فيها ذكر التسبيح، ثم تتضمن الآية نفسها أوالآية التي تليها كلاماً عن أهل الأرض يأتي في آية التسبيح ((وما في الأرض))، وإذا لم يرد فيها أو فيما بعدها ذكر لأهل الأرض، فتأتي الآية ((والأرض)) ثم ذكر جميع الآيات في القرآن الكريم التي تؤيد ماذهب إليه.(/)
اشكال على هذه القصة من يخرج لي الحل فيها؟؟
ـ[رصد]ــــــــ[04 Sep 2004, 12:22 ص]ـ
السلام عليكم
اشكال بسيط على هذه القصة
صحيح البخاري ج: 5 ص: 1997
91 باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه بيوتهن
4907 حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا أبو يعفور قال: تذاكرنا عند أبي الضحى فقال: حدثنا ابن عباس قال: أصبحنا يوما ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين عند كل امرأة منهن أهلها، فخرجتُ إلى المسجد فإذا هو ملآن من الناس! فجاء عمر بن الخطاب فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة فلم يجبه أحد، ثم سلم فلم يجبه أحد، ثم سلم فلم يجبه أحد، فناداه فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أطلَّقتَ نساءكَ؟!!
فقال: لا؛ ولكن آليت منهن شهراً.
فمكث تسعا وعشرين، ثم دخل على نسائه. انتهت
ولكن في صحيح مسلم
صحيح مسلم ج: 2 ص: 1105
5 باب في الإبلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى وإن تظاهرا عليه
1479 حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل حدثني عبد الله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمرنَ بالحجاب.
فقال عمر فقلت لأعلمن ذلك اليوم قال فدخلت على عائشة فقلت يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مالي ومالك يا بن الخطاب عليك بعيبتك.
قال: فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم!!.
فبكت أشد البكاء!!.
فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: هو في خزانته في المشربة.
فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر فناديت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلى فلم يقل شيئا ثم قلت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا ثم رفعت صوتي فقلت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أنى جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها ورفعت صوتي فأومأ إلى أن ارقه فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه فنظرت ببصرى في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرظا في ناحية الغرفة وإذا أفيق معلق قال فأبتدرت عيناي قال ما يبكيك يا بن الخطاب قلت يا نبي الله ومالي لا أبكى وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته وهذه خزانتك فقال يا بن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى قال ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب فقلت يا رسول الله عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول ونزلت هذه الآية آية التخيير عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أطلقتهن قال لا قلت يا رسول الله إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن قال نعم إن شئت فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين قال إن الشهر يكون تسعا وعشرين فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ونزلت هذه الآية وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله عز وجل آية التخيير. انتهت.
أقول:
تلاحظ فيما ذكرنا لك أن الروايتين هما لقصة واحدة (وهي قصة معروفة)
الرواية الأولى رواها عبدالله بن عباس (صحيح البخاري)
الرواية الثانية: رواها عمر، رواها ابن عباس عنه (صحيح مسلم)
ففي الأولى .. رواها ابن عباس مباشرة ...
وفي الثانية رواها ابن عباس عن عمر
وليس هنا المشكلة فحسب
بل ....
في الرواية الأخرى تلاحظ قوله (وذلك قبل أن يؤمرنَ بالحجاب))
يعني أن آية الحجاب لم تنزل بعد
وهي هذه
آية الحجاب
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُم ... ) [الأحزاب]
ومعلوم أن ابن عباس لم ينتقل من مكة إلى المدينة المنورة إلاّ سنة فتح مكة أو بعدها مع أبويه سنة (8 هـ)
ومعلوم أن آية الحجاب نزلت لما عرس النبي صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش (سنة 4 هـ/ أو 5 هـ)
يعني أن ابن عباس كان وقت نزول آية الحجاب بمكة المكرمة، لم ينتقل بعد إلى المدينة
والسؤال: كيف روى ابن عباس القصة المذكورة بنفسه معاينة وهو بمكة المكرمة؟؟!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2004, 10:28 م]ـ
لعلك تجد الجواب فيما يلي
قَالَ اِبْنُ اَلصَّلَاحِ وَأَمَّا مَرَاسِيلُ اَلصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِهِ, فَفِي حُكْمِ اَلْمَوْصُولِ; لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَرْوُونَ عَنْ اَلصَّحَابَةِ, وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ, فَجَهَالَتُهُمْ لَا تَضُرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ اَلْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ مَرَاسِيلِ اَلصَّحَابَةِ وَذَكَرَ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَيُحْكَى هَذَا اَلْمَذْهَبُ عَنْ اَلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ, لِاحْتِمَالِ تَلَقِّيهِمْ عَنْ بَعْضِ اَلتَّابِعِينَ.
ومرسل الصحابي إذا لم يعرف المحذوف يكون حجة، فكيف وقد عرفناه في هذا الحديث أنه عمر رضي الله عنهما.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 04:45 م]ـ
ورد في فتح الباري لبن حجر رحمه الله مايلي
أصبحنا يوما ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين فخرجت إلى المسجد فجاء عمر فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة له فذكر هذه القصة مختصرا
فحضور بن عباس ومشاهدته لذلك يقتضي تأخر هذه القصة عن الحجاب فإن بين الحجاب وانتقال بن عباس إلى المدينة مع أبويه نحو أربع سنين لأنهم قدموا بعد فتح مكة
فآية التخيير على هذا نزلت سنة تسع لأن الفتح كان سنة ثمان والحجاب كان سنة أربع أو خمس وهذا من رواية عكرمة بن عمار بالإسناد الذي أخرج به مسلم أيضا قول أبي سفيان عندي أجمل العرب أم حبيبة ازوجكها قال نعم وأنكره الأئمة وبالغ بن حزم في إنكاره وأجابوا بتأويلات بعيدة ولم يتعرض لهذا الموضع وهو نظير ذلك الموضع والله الموفق
وأحسن محامله عندي ولزال لقول لبن حجر أن يكون الراوي لما رأى قول عمر أنه دخل على عائشة ظن أن ذلك كان قبل الحجاب فجزم به لكن جوابه أنه لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب كما لا يلزم من وهم الراوي في لفظه من الحديث أن يطرح حديثه كله
ومما يؤيد تأخر قصة التخيير ما تقدم من قول عمر في رواية عبيد بن حنين التي قدمت الإشارة إليها في المظالم وكان من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له الا ملك غسان بالشام فإن الإستقامة التي أشار إليها إنما وقعت بعد فتح مكة وقد مضى في غزوة الفتح من حديث عمرو بن سلمة الجرمي وكانت العرب تقوم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم
والفتح كان في رمضان سنة ثمان
ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في أواخر ذي القعدة منها
فلهذا كانت سنة تسع تسمى سنة الوفود لكثرة من وفد عليه من العرب فظهر أن استقامة من حوله صلى الله عليه وسلم إنما كانت بعد الفتح
فاقتضى ذلك أن التخيير كان في أول سنة تسع كما قدمته
وممن جزم بأن آية التخيير كانت سنة تسع الدمياطي وأتباعه وهو المعتمد(/)
سؤال عن مخطوط تفسير ابن عرفة الورغمي (ت803هـ)؟
ـ[عبد القادر]ــــــــ[04 Sep 2004, 05:01 م]ـ
يوجد مخطوط في التفسير يسمى (تفسير بن عرفة) / أبو عبدالله محمد بن عرفة المالكي (ت/803)، أفيدونا مأجورين هل تم تحقيقه؟؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Sep 2004, 10:14 م]ـ
لابن عرفة تفسير بروايتين:
الأولى رواية تلميذه البسيلي، وقد أضاف البسيلي إلى كلام شيخه شيئًا كثيرًا نقله من تفاسير متعدده، حتى ضاع بذلك أثر ابن عرفة في هذه الرواية، وصار تفسيرًا للبسيلي، وقد طُبِع هذا التفسير بعنوان التقييد الكبير في تفسير القرآن المجيد، حققه الدكتور عبد الله بن مطلق الطوالة، وقد كان تحقيقه إلى سورة آل عمران.
الثانية: برواية تلميذه الأبي، وهي أنفس من تقييد البسيلي لأن فيها نقلاً لما كان يدور في مجلس التفسير من شرحٍ لابن عرفة، ومن اعتراضات الطلاب وأسئلتهم، وقد طُبع من هذه الرواية ـ فيما أعلم ـ جزء بتحقيق الدكتور حسن المناعي، وقد طبعه في جزئين، وهو شامل لسورة الفاتحة والبقرة فقط.
وياليتك تذكر المعلومات عن هذا المخطوط.
ـ[محمد الطبراني]ــــــــ[16 Aug 2005, 02:27 ص]ـ
بسم اللله الرحمن الرحيم
أما بعد: فإن إطلاق نسبة التفسير إلى ابن عرفة الورغمي التونسي دون تحديد الرواية أمر يعوزه التحقيق، من حيث إن مقيدات التفسير عنه تنحصر فيما نقل بين ثلاثة من كبار تلاميده وهم على الولاء:
- الشريف السلاوي.
- ثم الأبي.
- ثم البسيلي.
فأما تقييد السلاوي فقد كان إلى حد قريب في حكم الضائع، بيد أنني بتوفيق من الله كنت مجدوداً في العثور على قطعة صالحة منه هي الأقدم فيما هو معروف من نسخ تقييدات ابن عرفة برمتها.
وأما تقييد الأبي فنسخه معلومة لعل أوثقها وأجملها نسخة دار الكتب الوطنية التونسية، وقد طبع منه جزء يسير من سورة البقرة بتحقيق د المناعي. وياتي بعد تقسير البسيلي، ولم يأخد بإخد صاحبيه، فقد صنف كتابين اثنين، يأتي الصغير منهما في نحو سدس الكبير، بيد أنه ينفرد عنه بزوائد ونكت، فلا يكون مختصراً له بحق، فأما الكبير فقد حقق منه د. الطوالة الزهراوين، وهو مطبوع، وأما النكت والتنبيهات الصغرى فقد حققتها - لله المنة- برسم أطروحة الدكتوراه من دار الحديث الحسنية للدراسات الإسلاميى العليا، بالرباط، تحت إشراف فضيلة الدكتور عباس الجراري، عن ثلاث نسخ، فجاءت تقديماً ونصاً وفهارس في نحو 900 صفحة بخط دقيق، والله المسؤول أن ينفع به، وأن يعينكم على ما يحبه ويرضاه، وتقبلوا فائق التقدير والآحترام، ومزيد التجلة والإكرام، والسلام.
تنبيه: تأتي يعض الكلمات مهملة الدال، والصواب إعجامها، والعلة عدم وجود الدال المعجمة فيما بين يدي من حروف، فوجب التنويه.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Aug 2005, 01:56 م]ـ
الدكتور محمد الطبراني / حياك الله في ملتقى أهل التفسير، وأشكرك على هذه المعلومات المفيدة.
وأتمنى إن كان في وقتك فسحة أن تذكر لنا في نقاط موجزة ما تتميز به (النكت والتنبيهات الصغرى)، وأسأل الله لي ولكم التوفيق.
ـ[محمد الطبراني]ــــــــ[02 Sep 2005, 11:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد: فإن ’’نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد‘‘ (التقييد الصغير)، ليس اختصارا بقدر ما هو انتقاء وانتخاب من الكبير، مع زوائد تتخلله في تضاعيف الكتاب برمته، وقد جعل المؤلف وكده فيه، تغيي المقاصد التالية:
-الاهتبال بمشكل التفسير وتوجيه المتشابه، ومن ثم لم يكن بدعا من القول عده من كتب هدا الفن، يكاتفها ويصافها.
-تصيد دقائق التفسير ولطائفه المنضبطة بضوابط اللغة وقواعد الشرع، مما تحتمله آيات الكتاب من دون إيغال في إعمال العقل، ولا إلباس في معاني الدكر، ولا شطح يحيل معاني كتاب الله عن مهيعها الواسع، وطريقها اللاحب.
-تعقب أقوال الأئمة في التفسير، من ضريب ابن عطية والزمخشري والفخر وأبي حيان، عاضدا أو منتقدا أو مستدركا، غير هياب ولا متردد.
-استفادته القصوى من جميع حقول المعرفة الإسلامية في تفسير كتاب الله، فلم يجد غضاضة في الاستعانة بالمنطق المدرسي أو الرياضيات ومبادئ الهندسة حتى، مع ما انضاف إلى دلك من تورك على مسائل النحو والبلاغة، وقصد قاصد إلى الرد على طوائف المبتدعة من المعتزلة والكرامية خصوصا ومن دونهم.
وليست هده العجالة بمغنية عن إجالة النظر في الكتاب، إد ما دكرته ليس غير صوى للشادي، درأني إلى زبره دعوى كريمة إجابتها لازبة، والله المستعان.
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[10 Sep 2005, 06:19 م]ـ
بالنسبة لرواية الأبي التي أشار إليها الأخ الفاضل د. مساعد الطيار، والأخ الفاضل د. الطبراني، موجودة كاملة في دار الكتب الوطنية بتونس، وقد حقق الدكتور الفاضل حسن المناعي جزئين منها وهي رسالته العلمية، وأظن أن أجزاءً أخرى وُزعت على طلبة في الكلية الزيتونية بتونس قديماً الجامعة الزيتونية الآن، لكن أصحابها لم ينشطوا لطباعة ما يخصهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[07 May 2007, 11:49 م]ـ
التقيت مؤخرا صاحب دار ابن حزم .. وسألته عن نبأ طباعة تقييد الأبي لتفسير الإمام ابن عرفة بمؤسسته .. فقال إنه ينتظر فقط الجزء الأخير من التحقيق وهو عند باحث يعيش ببلجكا لم يتيسر له إتمام التحقيق .. أما باقي الأجزاء فالأول كما هو معلوم من الفاتحة إلى آخر سورة البقرة حققه الدكتور حسن المناعي .. ومن آل عمران إلى الأنعام جلال الدين علوش .. ثم إلى سورة الكهف محمد حوالة.
وبالتقييد نكت ومباحث لا تكاد توجد في أي من التفاسير ...
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Oct 2007, 11:41 ص]ـ
أبا عبيدة
السلام عليكم، وكل عام وأنتم بخير.
هل من جديد عن طباعة تفسير ابن عرفة برواية الأبي؟
والإخوة الذين يدرسون في الدراسات العليا بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام ليتهم يسألون الدكتور حسن المناعي، فهو يدرسهم الآن ـ كما أعلم ـ في التفسير.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[18 Oct 2007, 12:08 م]ـ
سأصارحك أخي مساعد بما عندي:
الذي أتمناه أن لا يصدر هذا التقييد بتحقيق الدكتور المناعي لكونه مليئا بالأخطاء سواء في المقارنة أو في الترجيح والاختيارات.
وقد نبهت صاحب دار ابن حزم لذلك لكنه تاجر لا يهمه التحقيق العلمي بقدر ما يهمه إضافة عنوان جليل كتفسير الإمام ابن عرفة.
وعموما .. فطباعته متوقفة - كما أخبرني - على إنهاء تحقيق القسم الأخير من التقييد .. والظاهر أن محقق ذلك القسم تأخر عن إتمام عمله.
ثم إني لا أقلل من عمل الدكتور المناعي حفظه الله تعالى .. ولكن أقول: يجب أن يراجع تحقيقه قبل نشره.
ولعلي أطرح بعض الأخطاء في عمله إن كان في ذلك الطرح فائدة في إخراج التقييد .. وإلا فإعادة تحقيقنا للكتاب جارية والحمد لله تعالى ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Oct 2007, 12:42 م]ـ
أخي الفاضل أبا عبيدة
لا أرى عيبًا في كون تحقيق فلان فيه نقص، فلم يزل هذا شأن المحققين في اختلافهم في قراءة النص، إلا إذا بلغ سوءًا في التحريف فذلك أمر آخر.
ولعل الأمر ـ وأنت به أخبر ـ لا يخرج عن الود بيننا في الاستدراكات، فليس الواحد منا شمسًا تشرق على جميع المعلومات فلا تغيب عنه، والنقص من طبيعة البشر، وحينما نستدرك ونحفظ الود لمن سبقنا فإن هذا هو المنهج الأحسن والأسلم، وأنتم أهل لذلك إن شاء الله.
وكم أتمنى أن يخرج هذا التفسير لما فيه من النفائس الدقيقة، وإن كان ابن عرفة ـ رحمه الله ـ حشد فيه بعض المباحث العقلية التي لا يحتاج إليها المفسرون، لكن، لكل وجهة هو موليها، فجزاه الله عنا خيرًا فيما نفع به وأفاد، وأسكنه فسيح جناته.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[18 Oct 2007, 03:52 م]ـ
الأخ الفاضل مساعد:
لا شك أن كلامكم عين الصواب، وأن هذا المنهج المذكور هو طريق السداد .. ولا نريد الانتقاص من شأن الدكتور المناعي حفظه الله تعالى. لكن شأن المحقق والإنسان بصفة عامة الميل إلى الكمال، سيما في مثل هذه الأعمال.
وأزيد فأقول: لقد جعل الإمام ابن عرفة من أهم وضائف المفسر استنباط المعاني الدقيقة في أصول الدين من كتاب الله تعالى .. وتلك المباحث لا تنفك عن الخوض في المباحث العقلية لبيان الحق فيها من الباطل .. فالكتاب أصلا هو الآمر بالتفكر والتعقل والتدبر .. ولعلي لا أجانب الصواب إن قلت بأن جانبا كبيرا من أخطاء المحقق كانت نتيجة جهله بالمباحث العقدية على المناهج العقلية ..
أما القول بأن المفسرين لا يحتاجون إلى المباحث العقلية .. فذلك ليس على إطلاقه .. فتلك الحاجة مرتبطة وجودا وعدما بمنهج المفسر .. ويندر وجود تفسير معتبر لا يوجد فيه الكلام على مباحث في أصول الدين .. ويندر وجود تفسير تتناول فيه مباحث في أصول الدين دون تناول المباحث العقلية .. فكلاهما مرتبط بالآخر طردا وعكسا .. والله تعالى أعلم.
وعلى كل حال .. فيجمعنا الشوق لظهور هذا التقييد المبارك .. لدراسته على صفحات هذا المنتدى الطيب .. مع الأفاضل أمثالكم ..
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[18 Oct 2007, 04:32 م]ـ
الأخوان الفاضلان: مساعد الطيار، وأبو عبيدة الهاني
بارك الله فيكما على ما تجودان به من العلم، غير أنني أتعجب من إخواننا المشارقة حينما يقولون:
وإن كان ابن عرفة ـ رحمه الله ـ حشد فيه بعض المباحث العقلية التي لا يحتاج إليها المفسرون.
فلولا تلك المباحث ما كان لتلك النفائس أن تظهر.
أخي أبوعبيدة:
ما تقييمك لتعقيبات الإمام السنوسي على العلامة ابن عرفة؛ فإنه ظهر لي أنك خبير بهما.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Oct 2007, 11:14 ص]ـ
أخي الكريم صادق
أنا أخوك المشرقي لا أعترض على كل المباحث العقلية في الكتاب، ومن خلال نظري في الكتاب هناك مباحث عقلية محلها كتب الاحتجاج للاعتقاد وكتب الفلسفة والمنطق.
أما الاجتهاد العقلي في استخراج لطائف الكتاب العزيز، ونفائس درره فهذا لا نختلف عليه أبدًا، وأرجو أن يكون مقصودي صوابًا واضحًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[19 Oct 2007, 09:34 م]ـ
حمل تفسير ابن عرفة لسورتي الفاتحة والبقرة(/)
منصور بن غازي
ـ[أبو الجود]ــــــــ[04 Sep 2004, 10:43 م]ـ
اخوتي استمتع بشاركتكم القيمة بارك الله لكم و لي سؤال عن ترجمة لمنصور بن غازي صاحب مخطوطة الدرر المنتظمة البهية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية كان حيا في عام 850هجرية حيث تم تحقيق المخطوط ولم استطع الحصول على ترجمة للرجل و من خلال الكتاب هو عالم كبير نحرير له باع في الفقه و التفسير و القراءات موسوعي المعرفة و سأضع نص الكتاب قريبا في مكتبة التفسير ليعم الانتفاع بالكتاب و جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2004, 11:38 م]ـ
منصور بن عيسى بن غازي الانصاري، المصري الشهير بالسمنودي (زين الدين) مقرئ، مجود للقرآن. من آثاره: تحفة الطالبين في تجويد كتاب رب العالمين فرغ من تأليفها في 4 شوال سنة 1084 ه، والدرر المنظمة البهية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية في القراءات
المرجع
معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية الجزء الاول تأليف عمر رضا كحالة الناشر مكتبة المثنى - بيروت دار إحياء التراث العربي بيروت
ـ[أبو الجود]ــــــــ[07 Sep 2004, 03:53 م]ـ
الأخ الكريم المفضال جزاك الله خيرا و بارك لك في علمك رغم بحثي في الكثير من كتب هذه الفترة لم استطع الوقوف على أكثر من بضع كلمات عن هذا الإمام الي سترى له أخي علم كبير حين قراءتك كتاب الدرر المنتظمة و قد انتهيت تقريبا من صفه على الكمبيوتر و سأضعه بين أيديكم قريبا جدا.
و لكن هل ترى أن ترجمته ستكون بهذا القدر كافية، أسأل الله لكم التوفيق و السداد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 08:53 ص]ـ
أخي الكريم أبا الجود وفقه الله ونفع به آمين
أشكرك على عنايتك بهذا الكتاب. وأما ترجمة المؤلف التي ذكرها مشكوراً أخي الكريم أبو عبدالرحمن الشهري فهي ترجمة مختصرة كما تفضلتم، وربما تجد في هدية العارفين للبغدادي 2/ 476 زيادة تفصيل لترجمته، وفي رأيي الخاص أن دراستك لشرحه، واستخلاصك صفاته العلمية من خلاله أفضل من الاعتماد على التراجم المختصرة في معرفة مبلغه من العلم، وأنت تجد في كتب التراجم مثل قولهم في ترجمة بعض العلماء:ومن اطلع على كتابه الفلاني عرف مقدار علمه، أو عرف قدره أو نحو ذلك من العبارات التي تحيلك لمعرفة العلم المترجم له إلى كتبه أو بعضها. وإن لم تجد ترجمة للعلم فماذا تصنع؟!
وخذ مثالاً الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي، صاحب (شرح الكافية) و (شرح الشافية)، لا يعرف له ترجمة وافية، مع شهرة كتبه و شروحه ونفاستها، ودقتها العلمية، وشرح العلماء الكبار كعبدالقادر البغدادي لشواهده الشعرية. فلا يعرف له شيوخ ولا تلاميذ، ولم يستطع من قام بتحقيق كتبه في رسائل علمية أن يأتوا في ترجمته بزيادة على ما ذكره السيوطي في بغية الوعاة، وما ذكره غيره من مترجميه!
أسأل الله لك التوفيق في عملك هذا وغيره.
ـ[أبو الجود]ــــــــ[11 Sep 2004, 06:15 م]ـ
سماحة الشيخ الشهري بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا و إن شاء الله سأنفذ ما أشرتم به سيادتكم(/)
كلام لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله حول سُوَرة تَبَّت
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 05:32 م]ـ
سورة [تبت] نزلت في هذا وامرأته، وهما من أشرف بطنين في قريش، وهو عم علي، وهي عمة معاوية، واللذان تداولا الخلافة في الأمة هذان البطنان: بنو أمية، وبنو هاشم، وأما أبو بكر وعمر فمن قبيلتين أبعد عنه صلى الله عليه وسلم واتفق في عهدهما ما لم يتفق بعدهما.
وليس في القرآن ذم من كفر به صلى الله عليه وسلم باسمه إلا هذا وامرأته، ففيه أن الأنساب لا عبرة بها، بل صاحب الشرف يكون ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم. كما قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} الآية [الأحزاب: 30].
قال النَّحاس: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]، دعاء عليه بالخسر. وفي قراءة عبد الله: [وقد تب]. وقوله: {وَمَا كَسَبَ}، أي: ولده. فإن قوله: {وَمَا كَسَبَ}، يتناوله، كما في الحديث ولده من كسبه. واستدل بها على جواز الأكل من مال الولد. ثم أخبر أنه: {سَيَصْلَى نَارًا} [المسد: 3] أخبر بزوال الخير، وحصول الشر، و [الصلي] الدخول والاحتراق جميعا. وقوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] أن كان مثلا للنميمة؛ لأنها تضرم الشر، فيكون حطب القلوب، وقد يقال: ذنبها أعظم، وحمل النميمة لايوصف بالحبل في الجيد، وإن كان وصفا لحالها في الآخرة، كما وصف بعلها وهو يصلي، وهي تحمل الحطب عليه، كما أعانته على الكفر، فيكون من حشر الأزواج، وفيه عبرة لكل متعاونين على الإثم، أو على إثم ما، أو عدوان ما.
ويكون القرآن قد عمم الأقسام الممكنة في الزوجين، وهي أربعة إما كإبراهيم وامرأته، وإما هذا وامرأته، وإما فرعون وامرأته، وإما نوح وامرأته، ولوط. ويستقيم أن يفسر حمل الحطب بالنميمة بحمل الوقود في الآخرة. كقوله: [من كان له لسانان] إلخ. والله أعلم.
المرجع
فتاوى شيخ الاسلام
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 Sep 2004, 10:58 ص]ـ
سورة المسد وسورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس كلها سور
فصلت ما تضمنته سورة النصر.
فسورة المسد تطلبها سياق كلام الله (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) فكان على ذوي القربى أن يكونوا أول الناس دخولا في دين الله، وبما أن أبا لهب لم يفعل وهو من ذوي القربى فهو أولى باللوم واللعن من غيره، فلو أن الملك أخذ البيعة من الشعب وامتنع عن البيعة 2000 شخص من ضمنهم عم الملك، فمن هو أولى هؤلاء
الخارجين باللوم؟ أليس عم الملك هو الأولى باللوم والتوبيخ؟
كذلك فإن أبا لهب هو أولى الناس باللعن في هذا الموقف.
وسورة الإخلاص تطلبها سياق كلام الله (فسبح بحمد ربك).
فالتسبيح تنزيه لله، لأن (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) والإسم الذي يناسبه التسبيح هو (العزيز الحكيم) ,
لماذا أتي التنزيه في سورة الإخلاص تنزيها لله عن الولد: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد)؟ لماذا لم يأت التسبيح بفعل: (سبح) أو المصدر (سبحان)؟
لأنه من الحكمة أن يأتي التسبيح مناسبا للحدث، فالحدث هو النصر وظهور دين الله على الدين كله في قوم النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يقولون: الملائكة بنات الله، فلم يعد أحد يقول (الملائكة بنات الله) ولذلك جاء التسبيح (التنزيه) مناسبا لما أنجزه النصر.
وجاءت المعوذتان مناسبتان لقول الله في سورة النصر (واستغفره إنه
كان توابا) فالاستعاذة تعتبر استغفارا، فلما كان هؤلاء مشركون كان الشيطان في راحة أما وقد أسلموا فإن الشياطين ستنشط بالوسوسة لتفتن الناس. فنبه الله الناس على الاستعاذة من شياطين الإنس والجن.
وهل أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم فقط إلى قومه الذين كانوا يعتقدون أن الله ولد بناتا أم أنه تعالى أرسله ليصحح كذلك عقيدة النصارى الذي هم أيضا قالوا وما زالوا يقولون: ولد الله مسيحا؟
لا شك أن الله تعالى أرسل رسوله إلى الناس كافة وليصحح عقيدة الذين قالوا اتخذ الله ولدا.
إذا فسورة النصر لا تعني فقط فتح مكة وإنما سيأتي نصر أعظم بالبينة التي يستيقنها النصارى وكل الناس فيدخل الناس (مطلقا)
في دين الله أفواجا.
أكتفي بهذا والسلام عليكم.(/)
سؤال
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[05 Sep 2004, 06:35 م]ـ
يقول الحق" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور"
لماذا قدّم الله الموت على الحياة , مع ان الموت لاحق للحياة , ولماذا قال سبحانه وهو العزيز الغفور , وهي المرة الوحيدة التي جمع فيها الله سبحانه بين هاتين الصفتين من صفاته
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[22 Sep 2004, 10:34 م]ـ
قال الراغب الأصبهاني:
[فقدم الموت على الحياة تنبيهاً على أنه يتوصل به إلى الحياة الحقيقية وعدّه علينا في نعمه فقال: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم).
فجعل الموت أنعاماً كما جعل الحياة أنعامأ لأنه لما كنت الحياة الأخروية نعمة لا وصول إليها إلا بالموت فالموت نعمة لأن السبب الذي يتوصل به إلى النعمة نعمة]. انتهى.
وقال أبو حيان في "البحر المحيط":
[وقدم الموت لأنه أهيب في النفوس]. انتهى.(/)
أين أجد كلام ابن القيم هذا؟!
ـ[ابن حجر]ــــــــ[06 Sep 2004, 12:54 م]ـ
قرأت لابن القيم كلاماً منقولاً بهذا النص:"لا يجوز لأحد أن ياخذ من الكتاب والسنة مالم يجتمع فيه شروط الاجتهاد"
سؤالي / أين أجد هذا الكلام فضلاً؟
ثم هل يوجد اليوم من هو قادر على الاستنباط من الكتاب والسنة، أو الناس اليوم يتبعون كلام السلف من غير استنباط؟
وهل في ظنكم مشايخي الكرام من أحد حاز مرتبة الإجتهاد اليوم؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2004, 05:15 م]ـ
لم أجد هذا النص عند ابن القيم بعد البحث في كتبه من خلال برامج الحاسب الآلي، وهو لا يتفق مع منهج ابن القيم رحمه الله، فقد يكون ذكر شيئاً مقارباً، أو نقله الناقل عنه بالمعنى فوهم أو نحو ذلك، فلو تكرمت بذكر تفاصيل أكثر عن هذه المسألة التي ورد هذا النقل خلالها. وربما يعزو كثير من متأخري الحنابلة ولا سيما شراح كتاب التوحيد نقولاً لابن القيم ولا تحدها بنصها في كتبه، مما يدل على أنهم ينقلون بالمعنى دون النص على ذلك.
وأما مسألة الاستنباط من القرآن والسنة والقدرة عليها في العصر الراهن فهي قائمة، والقادرون عليها كثير ولله الحمد من العلماء وطلاب العلم المتضلعين من العلم، والسالكين طريق السلف المجتهدين في طلب العلم والقيام بواجب تعليمه وحمله. وهناك من بلغ رتبة الاجتهاد في العلم ولله الحمد، والأمر في هذا واسع، وفضل الله أوسع من يحده حده سبحانه وتعالى. وهناك من العلماء المغمورين من بلغ شأواً بعيداً في الفهم والعلم، وسعة الاطلاع، ومن تتبع أحوال العلم في الوقت الحاضر وجد مصداق ذلك إن شاء الله.
ـ[ابن حجر]ــــــــ[09 Sep 2004, 06:20 م]ـ
أستاذي وشيخي / عبدالرحمن بن معاضة الشاعر الأريب والشيخ الأديب
أدام الله علي أفضالك، ومتعك بصحة النفس والولد ..
قلتم _ وحفظ الله دوامكم _ "وأما مسألة الاستنباط من القرآن والسنة والقدرة عليها في العصر الراهن فهي قائمة، والقادرون عليها كثير ولله الحمد من العلماء وطلاب العلم المتضلعين من العلم ... "
وتعبيركم بكثير يشكل عليه ماذكره الأصوليون: من ذكر شروط الإجتهاد المعلومة:
أجمعت العلماء قاطبة على أنه لا يجوز لأحد أن يكون إماماً في الدين والمذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذه الخصال، وهي:
1.ان يكون حافظاً للغات العرب واختلافها ومعاني أشعارها واصنافها
2.ان يكون عالماً فقيهاً وحافظاً للإعراب وانواعه والإختلاف
3.ان يكون عالماً بكتاب الله، حافظاً له ولاختلاف قرائته واختلاف القرّاء فيها
4.ان يكون عالماً بتفسيره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وقصصه
5.ان يكون عالماً بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، مميِّزاً بين صحيحها وسقيمها ومتصلها ومنقطعها ومراسيلها ومسانيدِها ومشاهيرها واحاديث الصحابة موقوفها ومسندها
6.ان يكون ورعاً صائناً لنفسه صدوقا ذو ثقة، يبني مذهبه ودينه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
فإذا جمع هذه الخصال، فحينئذ يجوز ان يكون إماماً وجاز أن يقلد ويجتهد في دينه وفتاويه. واذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال أو أخلَّ بواحدة منها كان ناقصاً ولم يجز ان يكون اماما وان يقلِّده الناس (قاله الامام ابو بكر الهروي). فمن لم يكن إماماً، عليه ان يقتدي بمن هو بهذه الخصال المذكورة.
تصنيف المسلم
الناس في الدين على قسمين: مقلد ومجتهد
لذلك فرض على من ليس بمجتهد ان يسئل ويقلد
وقال ابن القيِّم في اعلام الموقعين: لا يجوز لأحد ان يأخذ من الكتاب والسنة ما لم يجتمع فيه شروط الإجتهاد.
وعندما سؤِلَ الامام احمد بن حنبل، اذا حَفَظَ الرجل ماية ألف حديث هل يكون فقيهاً؟ قال لا فما زال السائل يزيد العدد حتى قال فأربع ماية الف، فقال الامام نعم.
والتواصل قائم بيني وبين أستاذي ومن أرد المشاركة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Sep 2004, 09:31 م]ـ
أخي الكريم ابن حجر حفظه الله ورعاه
أشكرك على حسن ظنك بأخيك، وإن كنت دون ذلك بكثير، أسأل الله لي ولك الستر والعفو.
وأما ما تفضلتم به من النقل لشروط المجتهد فهي محل أخذ ورد كما تعلمون بين العلماء، وفي بعضها غلو لا يمكن تحققه، كما قال السيوطي في منظومته:
وأن يكون عالماً بكل فنْ * وأن يعم علمه أهل الزمنْ
ولكن الذي يبدو لي أن هناك من يحق له الاجتهاد بشروطه المعقولة المتفق عليها بين العلماء، ولا سيما مع القول بأن الاجتهاد يتجزأ، ويصح الاجتهاد في مسائل محدودة دون غيرها أو في فن دون غيره.
وبحث هذا الأمر طويل، ومحله كتب أصول الفقه.
أسأل الله للجميع التوفيق.
ـ[النووي]ــــــــ[09 Sep 2004, 10:20 م]ـ
أحبتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الشروط مراعاتها سائرة إلى عهد قريب وبقي من العلماء من يحتاط لدينه فيأخذ بها
ولكن مسألة تجزء الإجتهاد من نظر إلى الواقع وجد أن كثير ممن ينسب إلى العلم أخذ هذه المسألة مفتاح
للإجتهاد فما انفك الإجتهاد من أول باب الطهارة إلى نهاية باب الإقرار فهل هذا سائغ.
ثم كلام أخي الحبيب الشيخ عبدالرحمن في محله من حيث أن الأمر ميسور ورحمة الله واسعة
ولكن يا أحبابي لكل هدف طريق وقد رسم العلماء طريق الإجتهاد ووضحوا ضوابطه خلافاً للرافضة اللذين
فتحوا الباب على مصراعيه من زيدية وجعفرية وغيرهم.
وأصبحنا في زمن يبكى على العلم فيه فما إن تنظر بعين الإنصاف إلى فقه الفقهاء في مسائل الشرع ثم تناظر الفرق بينه وبين المتأخرين إلا وتحس بالفرق الشاسع والبون الواسع وإن أردتم ضربت على ذلك أمثلة.
فمارأيكم شيوخنا الأفاضل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 02:04 ص]ـ
الأخ بن حجر
الاجتهاد يبحث في أصول الفقه وبالرجوع إليها سوف تعرف الكثير
وأنقل لك ما قاله الشيخ محمد العثيمين مختصرا حيث قال للاجتهاد شروط منها:
1 - أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها.
2 - أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه؛ كمعرفة الإسناد ورجاله، وغير ذلك.
3 - أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع!،
4 - أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص، أو تقييد، أو نحوه حتى لا يحكم بما يخالف ذلك.
5 - أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ؛ كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين، ونحو ذلك؛ ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات.
6 - أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها.
والاجتهاد قد يتجزأ فيكون في باب واحد من أبواب العلم، أو في مسألة من مسائله.
ما يلزم المجتهد:
يلزم المجتهد أن يبذل جهده في معرفة الحق، ثم يحكم بما ظهر له فإن أصاب فله أجران:
أجر على اجتهاده، وأجر على إصابة الحق؛ لأن في إصابة الحق إظهاراً له وعملاً به، وإن أخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور له؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجر".
وإن لم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف، وجاز التقليد حينئذٍ للضرورة.
وهناك كتاب الانصاف في بيان أسباب الاختلاف مؤلفه ولي الله الدهلوي
وهو كتاب على صغر حجمه لكنه جمع معارف قيمة في تاريخ التشريع ونشؤ الخلاف الفقهي، وتطور التقليد والتقيد بالمذاهب إلى مرحلة هجر الدليل حجر الإجتهاد وحرمة الخروج عن منصوص أئمة المذاهب وإن كان صادرعن دليل صريح صحيح.
طبعة دار النفائس 1404 هـ الطبعة الثانية
وهذا رابطه
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=11&book=1117&PHPSESSID=a8b6637ce95451087459f19962ab245d
ـ[ابن حجر]ــــــــ[11 Sep 2004, 06:51 م]ـ
شيخي الفاضل / عبد الرحمن سلم الله لك دينك وعرضك وحفظك من بين يديك ومن خلفك وجميع المسلمين
ليأذن لي جنابكم المفخم بأشياء:
أولاً: قولكم _ لا عدمت أفضالكم_:"ولكن الذي يبدو لي أن هناك من يحق له الاجتهاد بشروطه المعقولة المتفق عليها بين العلماء ...
هلا ذكرتم لنا ماتلكم الشروط المتفق عليها، والشروط التي وضعها العلماء غلواً؟
ثانياً: الإمام السيوطي ينقم على ابن جرير دعواه الاجتهاد فقال:" ولم يسلم له ذلك " ومن هو ابن جرير؟!
ثالثاً: تجزؤ الاجتهاد مسألة مختلف فيها .. إلا أنهم يتفقون على أن المجتهد المستقل لا بد من توفر تلك الشروط فيه .. ولا أعلم أحداً ممن يوثق بعالميته انتقد تلك الشروط الموضوعة في كتب الأصول المتفق على إمامة أربابها!!
أخي النووي / أفهم من كلامك وفاق رأي فهل هذا صحيح؟
وأشكرك على ما ذكرت من كلام سواء لي أو على .. إذ إنك نبهتني على علة ذكرها بعض المتأخرين .. ألا وهي ما تسبب فيه فتح باب الإجتهاد ودعواه من أمور لا تحمد عقباها ..
حبيبي الأخ المفضال / أبا عبد الرحمن الشهري
لي مع كلامك بعض الإستشكالات .. استشكالات التلميذ أمام معلمه .. فليتسع صدرك علي ..
أولاً: الشيخ محمد شيخي رحمه الله .. لكن كلامه ليس بحجة علي ولعلك فهمت هذا من مقال سابق ..
ثانياً: ماذا تفهم من قول الشيخ:"أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها".
ثالثاً: لو كنت تحفظ الكتب الستة وسئلت عن حكم ودلالة الحديث الذي تحفظه دلالة نص لا تحتمل غيره .. هل ستفتي بمقتضى ذلك النص الشرعي ... ؟(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {13}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[06 Sep 2004, 03:31 م]ـ
(((جسر جهنم)))
يقول الله عزوجل ((يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب *ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جآء امر الله وغركم بالله الغرور*فاليوم لايؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير)) {الحديد آية:13 - 15}
هذه الآيات الكريمة تصور لنا الصراط والسير عليه. قال ابو امامة يعطى المؤمن النور. ويترك الكافر والمنافق بلا نور ,فاذا بقي المنافقون في الظلمة لايبصرون مواضع اقدامهم قالوا للمؤمنين ... ((انظرونا نقتبس من نوركم))
فلما رجعوا وانعزلوا في طلب النور ((ضرب بينهم بسور)) اي هلا طلبتم النور مما علمتم في الدنيا التي تركتموها ورائكم ... {تفسير القرطبي}
في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد لنا ان ارض المحشر في ظلمة فيقول: روى مسلم ان حبرا من احبار اليهود اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يامحمد اين يكون الناس يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات؟؟
فقال رسول الله هم في الظلمة دون الجسر .. {رواه مسلم عن ثوبان}
الناس على الصراط دون الصراط تمشي في ظلام, ويستمر الظلام, ولانور الا مما اكتنز الانسان من الاعمال الصالحة في الحياة الدنيا ((يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم))
هذه الاية تدل بوضوح على ان المؤمنين سبَاقون على الصراط ,والظلام قد عم المكان كله ,وقد يسأل سائل!!
اذا كان الصراط فوق النار الا تضيء النار الصراط؟؟؟ جواب هذا نراه في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا والله ان كانت لكافية يارسول الله قال: فانها فضلت عليها بتسعة وستين جزء كلها مثل حرها))
{رواه البخاري ومسلم واحمد والترمذي ومالك}
قال ابو هريرة:اترونها حمراء كناركم هذه؟ لهي اسود من القار. {القار} الزفت {رواه مالك في الموطأ}
الصراط مركب على سواد مظلم ... وجهنم سوداء مظلمة ,فالمؤمنون تصبح اعمالهم بقدرة الله نورا ,وهذا النور بقدر الاعمال الصالحة ,كلما كان العمل الصالح كثيرا كلما كان النور واسعا ,وسرعة مرور المؤمنين على الصراط بقدر اعمالهم ...
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فيمر اولكم كالبرق, قال قلت: بابي انت وامي اي شيء كمرالبرق؟؟؟ قال الا ترون الى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ,ثم كمر الريح ,ثم كمر الطير, وشد الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز اعمال العباد يجيء الرجل فلا يستطيع السير الا زحفا.قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأمر من امرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس ابي هريرة بيده ان قعر جهنم لسبعون خريفا))
{رواه مسلم}
هذا الحديث يوضح لنا كيف يمشي المؤمنون على الصراط ,انهم يمشون بسرعة متفاوتة ,فمنهم من يمر كالبرق اي بسرعة الضوء ,ومنهم من يمر كالريح العاصف ,ومنهم كالطير, وفي رواية كالفارس ,ومنهم راكبون على النجائب ,والنجائب حيوانات يركب عليها المؤمنون على الصراط, ومنهم من يهرول ,ومنهم ماش ,ومنهم مخدوش ناج, المؤمنون يمشون على الصراط بسرعة متفاوتة بحسب اعمالهم الصالحة ,والمنافقون والمنافقات ورائهم يقولون لهم: ((انظرونا نقتبس من نوركم)) فيرد المؤمنون على هؤلاء المنافقين فيقولون ((ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا)) هنا يضرب السور بينهم وبين المؤمنين الذين سبقوهم, وفي هذا يقول الله عزوجل: ((فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب)).يضرب السور في لحظة بقوله تعالى: ((كن فيكون)).
ولهذا جائت كلمة ((ضرب)).وهذا السور هو الاعراف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم.يقول تعالى: ((وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال)) الحجاب اي بين النار والجنة حاجز ,اي سور ,وهو السور الذي ذكره الله تعالى بقوله ((فضرب بينهم بسور)) ..... {الحديد آية 13}
((وعلى الاعراف رجال)) اي على اعراف السور وهي شرفه ومنه عرف الديك وعرف الفرس, وعن ابن عباس ان الاعراف سور له عرف كعرف الديك ..... {تفسير القرطبي}
والسور هو الاعراف, يكون عليه ناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم, وبعد ان يضرب السور ينادي الكافرون المؤمنين الم نكن معكم .. ((ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور)) {الحديد آية:14}
وهنا نتسائل لماذا جاء لفظ ((ينادونهم)).ولم يأت لفظ ((قالوا))؟؟
لان السور اصبح حاجزا بين المؤمنين والكافرين, فالقول لايجدي نفعا ,فالسور يحجز القول بين الطرفين. إذن الكفار بحاجة الى نداء ,والنداء هو ماعلا على القول.أي صوت اكبر واقوى كي يدرك مسامع الطرف الآخر.
ان القلم ليعجز عن تبيان الحال يوم القيامة ,وقد ورد وصف هذا الحال في كثير من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية ,ولو جمعناها لتكونت عندنا الصورة الآتية:عندما ياتى بجهنم من مكان بعيد ولها شهيق وزفير ويسحبها الملائكة عند ذلك تجثوا الامم على الركب.يقول تعالى: ((وترى كل امة جاثية)) {الجاثية آية:28}
.................................................. .................................................. ..
يتبع التتمة في ((حقيقة الوجود في اليوم الموعود 14))(/)
تفسير سورة الناس للشيخ محمد بن صالح العثيمين
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2004, 10:18 م]ـ
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
{قل أعوذ برب الناس} وهو الله عز وجل، وهو رب الناس وغيرهم، رب الناس، ورب الملائكة، ورب الجن، ورب السموات، ورب الأرض، ورب الشمس، ورب القمر، ورب كل شيء، لكن للمناسبة خص الناس. {ملك الناس} أي الملك الذي له السلطة العليا في الناس، والتصرف الكامل هو الله عز وجل. {إله الناس} أي مألوههم ومعبودهم، فالمعبود حقًّا الذي تألهه القلوب وتحبه وتعظمه هو الله عز وجل. {من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة والناس} {الوسواس} قال العلماء: إنها مصدر يراد به اسم الفاعل أي: الموسوس. والوسوسة هي: ما يلقى في القلب من الأفكار والأوهام والتخيلات التي لا حقيقة لها. {الخناس} الذي يخنس وينهزم ويولي ويدبر عند ذكر الله عز وجل وهو الشيطان. ولهذا إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى. ولهذا جاء في الأثر: «إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان»، والغيلان هي الشياطين التي تتخيل للمسافر في سفره وكأنها أشياء مهولة، أو عدو أو ما أشبه ذلك فإذا كبر الإنسان انصرفت. وقوله: {من الجنة والناس} أي أن الوساوس تكون من الجن، وتكون من بني آدم، أما وسوسة الجن فظاهر لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأما وسوسة بني آدم فما أكثر الذين يأتون إلى الإنسان يوحون إليه بالشر، ويزينونه في قلبه حتى يأخذ هذا الكلام بلبه وينصرف إليه.
هذه السور الثلاث: الإخلاص، والفلق، والناس كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفه ومسح بذلك وجهه، وما استطاع من بدنه، وربما قرأها خلف الصلوات الخمس. فينبغي للإنسان أن يتحرى السنة في تلاوتها في مواضعها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.(/)
هل يوجد للقرآن اكثر من 70 قراءة!! هذا ماكتبه الشيخ / عبد العزيزقارئ .. !
ـ[عبدالله التميمي]ــــــــ[07 Sep 2004, 01:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آلة وصحبة اجمعين ..
فقد اطلعت على كتاب الشيخ الفاضل / عبد العزيز بن عبد الفتاح قارئ حفظه الله تعالى وهو رئيس اللجنة المشرفة على طباعة المصحف الشريف في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة سابقاً .. الموسوم بـ (قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن ابي النجود) ..
قال في ص 21 مانصه:
فابن جرير رحمه الله روى في كتابه واحداً وعشرين قراءة.
وكذلك فعل أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابة القراءات.
واسماعيل بن إسحاق القاضي صاحب قالون .. وغيرهم.
يقول مكي بن أبي طالب القيسي في كتابه الإبانة: (وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبةً وأجل قدرنا من هؤلاء السبعة. أما القراءُ السبعة فكان أول من اختارهم واقتصر عليهم في كتابة أبو بكر بن مجاهد في القرن الرابع الهجرى ولذلك يوصف بأنه (مسبع السبعة)، وتبعه في ذلك أبو عمرو الدانى، والشاطبي، وغيرهما، وإنما كان اختيار ابن مجاهد وغيره لهؤلاء القراء بقصد التيسيرعلى الأمة , فإنهم لما رأوا الهمم قصرت والأفهام عجزت عن استيعاب طرق القراءات كلها , فنظرو في أئمة القراء وأكثرهم ضبطاً وإتقاناً ,اختاروا منهم هؤلاء , وابن مجاهد إنما جعلهم سبعه ليوافق عدد مصاحف عثمان رضي الله عنهم ..
______
وقد سبق في صفحة 20 وقال:
- موافقة القراءة لخط المصاحف العثمانية ورسمها ولو تقديرا ..
فإن لم يحتملها الرسم اعتبرت القراءة شاذة وإن صح سندها , فلا يقرأ بها القر آن.
- أن توافق وجهاً من العربية ..
فإذا تأملت هذه الشروط , فاعلم أن كل قراءة تعرض عليها، فإن تحققت فيها الشروط، فهى قرآن ثابت عن النبي صلى الله علية وسلم , وهي مما تضمنه مصحف عثمان وأجمع عليه الصحابة , فيقرأ بها بلا خلاف , ولا يجوز انكارها أو ردها , ومن هذا يتبين لك أن لا تحديد في الأصل لعدد القراءات أو أعيان القراء الذين يُقرأ بروايتهم , ولذلك كان كثير من علماء السلف يقرأ بقراءات تثبت عندهم من غير طريق هؤلاء السبعة المشهورين , ولم يلتزموا في عدد الرواة بسبعة ولا سبعين.
______
هذا هو كلام الشيخ .. فهل لمشايخنا الفضلاء توضيح لكلامه؟ .. وأنا لما قرأته كاد عقلي يطير، ووقف شعر رأسي! فهل يوجد غير القراءات التي نعرفها التي هي كما قال علماءنا عشر قراءات، يقرأ بها في الصلاة، وأربع شاذة لا يقرأ بها في الصلاة المجموع (14) قراءة ..
(هل القراءات الشاذة يتعبد بتلاوتها)؟
وهل يوجد أكثر من سبعين قراءاة للقرآن كما ذكر الشيخ؟! وهذا مما قد يحتج به الرافضه في أن السلف او الصحابة قد ضيعو القراءات الواردة في القراءات وأن الأفهام تعجز؟ وهناك من يحفظ جميع القراءات الموجودة عندنا وكذلك أحاديث نبوية ولم تقصر همته ولم يعجز فهمه؟
... وما معنى حديث النبي صلى الله علية وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف) ..
اخوكم ومحبكم
ابو فهد
_____________
ملاحظه:
أصل الموضوع للأخ ابو فهد النجدي في ملتقى اهل الحديث وقد راسلني وطلب مني ان اضعه هنا في ملتقى اهل التفسير لعل المشايخ في الملتقى يجيبون على تساؤلاته .. وسيسجل هو قريبا في ملتقى اهل التفسير ان شاء الله ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2004, 03:08 م]ـ
أخي الكريم عبدالله التميمي بارك الله فيه ونفعنا وإياه بالعلم.
هذه المسألة التي تكرمتم بالسؤال عنها، مسألة مشهورة عند علماء القراءات وهي التي أشار إليها الشيخ الجليل عبدالعزيز القارئ حفظه الله. وهي أن عدد القراء الذين رووا القراءة قبل الاكتفاء بالسبعة أو العشرة أو الأربعة عشر أكثر من العدد الذي استقر عليه الأمر بعد ذلك. وكما نقلت عن مكي بن أبي طالب رحمه الله أنه ذكر أنهم أكثر من سبعين قارئ أو نحو هذا العدد.
وابن جرير الطبري قد ذكر هؤلاء القراء وترجم لهم في كتابه الجامع في القراءات وهو مفقود، وكذلك كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام. وأما كتاب السبعة لابن مجاهد فهو مطبوع بتحقيق الدكتور شوقي ضيف.
وليس في هذا الذي تقدم إشكال، وليس الاختلاف بين هذه القراءات كبيراً، وقد اختار العلماء من هؤلاء القراء أوثقهم وأتقنهم للقراءة، ودونوا أصوله في مصنفاتهم، وحفظت حتى اليوم ولله الحمد.
والحديث في هذا الموضوع يطول، ولكن حبذا لو تكرمتم بالاطلاع على الموضوعات التي تناولت هذه المسألة في الملتقى لعلها تنير شيئاً من جوانبه، ثم يمكن الاستمرار في النقاش إن شاء الله.
- أركان القراءة المقبولة (1) أحمد البريدي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=186).
- أركان القراءة المقبولة (2) أحمد البريدي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=224).
- أركان القراءة المقبولة (3) أحمد البريدي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=305).
- أركان القراءة المقبولة (4) أحمد البريدي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=355).
- الأحرف السبعة لمحمد بن يوسف ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1328).
- الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة للدكتور مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=191).
- وهناك موضوعات أخرى لها صلة بما سألت عنه، يمكن الاستعانة بفهرس الملتقى للوصول إليها عبر هذا الرابط
فهرس ملتقى أهل التفسير ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=997).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2004, 10:12 م]ـ
الأخ عبدالله التميمي
السلام عليكم ورحمة الله
لقد أحالك الشيخ عبد الرحمن على مليء
فقد أحالك على بحوث مبدعة في هذا الفن
ولكن نظرا لأنه يدخل الملتقى أناس كثير تختلف قدراتهم العلمية فالبعض قد يرى تلك البحوث تطول عليه وقد لا يستطيع فهما وقد لا يكون لدية جلد لتكملة قراءتها
ولذلك فقد أحببت أن شارك هنا بنقل بحث مختصر عن الأحرف السبعة والقراءات. للشيخ مناع القطان رحمه الله في كتابه مباحث في علوم القرآن
وكذلك فتوى للشيخ عبد اللعزيز بن باز رحمه الله
البحث:
الأحرف السبعة والقراءات.
-1 الأحرف السبعة
أ- التعريف لغة وشرعاً
ب- ضابط القراءة المقبولة
جـ- أنواع القراءات حسب أسانيدها (الأول: المتواتر-الثاني: المشهور-الثالث: الآحاد-الرابع: الشاذ -الخامس: الموضوع-السادس: المدرج)
د- القراءات المتواترة وقراؤها
هـ- أهمية الأحرف السبعة والقراءات
-1 الأحرف السبعة:
أ- التعريف:
لغة: الحرف في أصل كلام العرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما.
اصطلاحاً: الأحرف السبعة: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم.
ب- بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي.
لما كان سبيل معرفة هذا الموضوع هو النقل الثابت الصحيح عن الذي لا ينطق عن الهوى، نقدم ما يوضح المراد من الأحرف السبعة:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقْرِئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكِدت أساوِره في الصلاة، فتصَّبرت حتى سلّم، فلَبَّبْتُهُ بردائه، فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنِيْها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تُقرئها، فقال: " أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كذلك أنزلت " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اقرأ يا عمر "، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه ".
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ".
جـ - الأحرف السبعة والقراءات السبع.
دلتنا النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات نزل بها القرآن، ونود أن ننبه بأن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة، التي يظن كثير من عامة الناس أنها الأحرف السبعة. وهو خطأ عظيم ناشىء عن الخلط وعدم التمييز بين الأحرف السبعة والقراءات.
وهذه القراءات السبع إنما عرفت واشتهرت في القرن الرابع، على يد الإمام المقرىء ابن مجاهد الذي اجتهد في تأليف كتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أن جاءت هذه القراءات سبعة موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هي القراءات السبع، لكان معنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بل العمل بها أيضاً متوقفاً حتى يأتي ابن مجاهد ويخرجها للناس …
وقد كثر تنبيه العلماء في مختلف العصور على التفريق بين القراءات السبع والأحرف السبعة، والتحذير من الخلط بينهما.
د- حقيقة الأحرف السبعة.
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة بإستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب، فَتَكوّن بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجاً عن كل منهما فيما يلي:
المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال: … إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة، والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقرئ. {لأَمَانَاتِهِمْ} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] بصيغة الدعاء، وقرئ: {رَبَّنَا بَاعَدَ} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] برفع {الْمَجِيدُ} وجره.
رابعها: الزيارة والنقص، مثل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] قرىء {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل، {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111] وقرئ: {فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [البقرة: 259] بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [النازعات: 15] بالفتح و الإمالة في: {أتى} و {موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام…
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب، فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم. غير أنا نرى أن المذهب الثاني أرجح وأقوى.
-2القراءات السبع:
أ-تعريف القراءة:
لغة: مصدر لـ: قرأ
واصطلاحا: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها.
هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل، أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والمقرئ: هو العالم بالقراءات، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم.
ب-ضابط القراءة المقبولة
لقد ضبط علماء القراءات القراءة المقبولة بقاعدة مشهورة متفق عليها بينهم، وهي:
كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت رسم أحد المصاحف ولو احتمالا، وتواتر سندها، فهي القراءة الصحيحة.
يتبين من هذا الضابط ثلاثة شروط هي:
الشرط الأول: موافقة العربية ولو بوجه:
ومعنى هذا الشرط أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه النحو، ولو كان مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله، فلا يصح مثلا الاعتراض على قراءة حمزة. {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} [النساء: 1] بجر الأرحام.
الشرط الثاني: موافقة خط أحد المصاحف ولو احتمالا:
وذلك أن النطق بالكلمة قد يوافق رسم المصحف تحقيقا إذا كان مطابقاً للمكتوب، وقد يوافقه احتمالاً أو تقديراً باعتبار ما عرفنا أن رسم المصحف له أصول خاصة تسمح بقراءته على أكثر من وجه.
مثال ذلك: {ملك يوم الدين} رسمت {ملك} بدون ألف في جميع المصاحف، فمن قرأ: (ملك يوم الدين) بدون ألف فهو موافق للرسم تحقيقياً، ومن قرأ: {مالك} فهو موافق تقديراً، لحذف هذه الألف من الخط اختصاراً.
الشرط الثالث: تواتر السند:
وهو أن تعلم القراءة من جهة راويها ومن جهة غيره ممن يبلغ عددهم التواتر في كل طبقة.
جـ- أنواع القراءات حسب أسانيدها
لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات (التي سنعددها في المبحث التالي).
الثاني: المشهور: وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عند القراء: فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وهذا لا تصح القراءة به، ولا يجوز رده، ولا يحل إنكاره.
الثالث: الآحاد: وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا يجوز القراءة. مثل ما روى على ((رفارف حضر وعباقري حسان))، والصواب الذي عليه القراءة: {رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76].
الرابع: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثل قراءة: ((مَلَكَ يومَ الدين))، بصيغة الماضي في ((ملك)) ونصب ((يوم)) مفعولاً.
الخامس: الموضوع: وهو المختلق المكذوب.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.
د- القراءات المتواترة وقُرّاؤها:
من الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة من طبقات الأمة، يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، من عصر الصحابة، ثم التابعين، وأتباعهم وهكذا …
وأما فتوى للشيخ عبد اللعزيز بن باز رحمه الله فهي كالتالي
جمع المصحف على حرف واحد
س: هل صحيح أن عثمان رضي الله عنه عندما جمع القرآن في مصحف واحد حذف بعض الأحرف أم أنه أثبت بعض القراءات دون بعض؟
ج: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه وقال المحققون من أهل العلم: إنها متقاربة في المعنى مختلفة في الألفاظ.
وعثمان رضي الله عنه لما بلغه اختلاف الناس وجاءه حذيفة رضي الله عنه وقال: أدرك الناس. استشار الصحابة الموجودين في زمانه كعلي وطلحة والزبير وغيرهم فأشاروا بجمع القرآن على حرف واحد حتى لا يختلف الناس فجمعه رضي الله عنه، وكون لجنة رباعية لهذا، ويرأسهم زيد بن ثابت رضي الله عنه، فجمعوا القرآن على حرف واحد وكتبه ووزعه في الأقاليم حتى يعتمده الناس وحتى ينقطع النزاع. أما القراءات السبع أو القراءات العشر فهي موجودة في نفس ما جمعه عثمان رضي الله عنه في زيادة حرف أو نقص حرف أو مد أو شكل للقرآن، كل هذا داخل في الحرف الواحد الذي جمعه عثمان رضي الله عنه. والمقصود من ذلك حفظ كلام الله ومنع الناس من الاختلاف الذي قد يضرهم ويسبب الفتنة بينهم. والله جل وعلا لم يوجب القراءة بالأحرف السبعة؛ بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاقرأوا ما تيسر منه فجمع الناس على حرف واحد عمل طيب ويشكر عليه عثمان والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لما فيه من التيسير والتسهيل وحسم مادة الخلاف بين المسلمين.
ـ[عبدالله التميمي]ــــــــ[09 Sep 2004, 10:10 ص]ـ
مشائخنا الفضلاء
ابو عبد الرحمن الشهري
عبد الرحمن الشهري
بارك الله فيكم وفي جهودكم وجعل ما كتبتموه في ميزان حسناتكم يوم القيامة ..
اخوكم ومحبكم
عبد الله التميمي(/)
من إعجاز القرآن الكريم العلمي والعددي
ـ[سلسبيل]ــــــــ[07 Sep 2004, 02:51 م]ـ
السلام عليكم وبعد.
هذه بعض المعجزات التي اذهلت الكثير من الناس وهي من
المعجزات العددية في القران وتم جمعها من اكثر من موقع
نجد هنا ان القران يحتوي على:
1000 اية في الامر و الف اية في النهي
1000 اية في وعد الله و الف اية في الوعيد
1000 اية في قصص و الف اية قي الخبر
وسورة البقرة وهي اكبر سورة في القران عدد آياتها 286 آية.
ولو أردنا معرفة الآية التي تقع في وسط السورة لكانت بالطبع الآية 143
ولا عجب من ذلك. لكن إذا قرأنا هذه الآية لوجدناها (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة:143)
وهذه بعض الكلمات التي تكررت في القران و هي مرادفه بالمعنى
الحياة تكررت 145مرة و الموت تكررت 145مرة
النفع تكررت 50 مره و الفساد تكررت 50 مره
الناس تكررت 368 مره و الرسل تكررت 368 مره
الصالحات تكررت 167 مرة و السيئات تكررت 167مرة
الزكاة تكررت 32 مره و البركه تكررت 32 مره
اللسان تكررت 25 مره والموعظه تكررت 25 مره
الشده تكررت 114 مره و الصبر تكررت 114 مره
الجهر تكررت 16 مره و العلانيه تكررت 16 مره
الرغبه تكررت 8 مرات والرهبه تكررت 8 مرات
العقل تكررت 49 مره و النور تكررت 49 مره
السحر تكررت 60 مره و الفتنه تكررت 60 مره
الذهب تكررت 8 مرات و الترف تكررت 8 مرات
المسلمين تكررت 41 مره و الجهاد تكررت 41مره
الضالون تكررت 17 مره و الموتى تكررت 17 مره
الانفاق تكررت 73 مره و الرضا تكررت 73 مره
ذكر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم 4 مرات ... ذكرت الشريعه 4 مرات
ذكر الرجل 24 مره و ذكرت المراه 24 مره
المصيبه تكررت 75 مره و الشكر تكررت 75 مره
الدنيا تكررت 115مرة والآخرة تكررت 115مرة
الملائكة تكررت 88 مرة والشيطان تكررت 88 مرة
المحبة تكررت 83 مرة والطاعة تكررت 83 مرة
الهدى تكررت 79 مرة و الرحمة تكررت 79 مرة
الشدة تكررت 102 مرة والصبر تكررت 102 مرة
السلام تكررت 50 مرة والطيبات تكررت 50 مرة
تكرركلمة الجهر 16مرة و العلانية تكررت 16مرة
إبليس تكررت 11 مرة و الاستعاذة بالله تكررت 11مرة
تكررت جهنم ومشتقاتها 77مرة و الجنة ومشتقاتها تكررت 77مرة.
الرحمن تكررت 57مرة و الرحيم تكرر 114 مرة أي الضعف
الجزاء تكررت 117مرة و المغفرة تكرر234مرة أي الضعف
الفجار تكررت 3مرة و الأبرار تكرر 6مرة أي الضعف
النور ومشتقاتها تكررت 24 و الظلمة و مشتقاتها تكررت 24مرة
العسر تكررت 12مرة و اليسر تكرر36مرة أي ثلاثة أضعاف.
معك تكررت 11 مرات. و معي تكررت 11 مرات
قل تكررت 332 مرة و قالوا تكررت 332مرة
ولفظة الشهر بلغ 12 مرة (وكأنه يقول إن السنة 12 شهرا)
ولفظة اليوم بلغ عددها 365 مرة (وكأنه يقول إن السنة 365 يوما)
تكرر: لفظ {اعبدوا}
ثلاث مرات موجهاً إلى الناس عامة.
وثلاث مرات إلى أهل مكة.
وثلاث مرات على لسان نوح إلى قومه.
وثلاث مرات على لسان هود إلى قومه.
وثلاث مرات على لسان صالح إلى قومه.
وثلاث مرات على لسان عيسى إلى قومه.
والدنيا ولفظها يتكون من ستة حروف خلقت في ستة مراحل والإنسان وحروفه سبعة خلق في سبع مراحل.
كما أنه هناك بعض التوافقات بين عدد كلمات بعض الجمل التي بينها علاقة:
وإذا قيل لهم إتبعوا ما أنزل الله " وهي من سبعة كلمات و جوابها ايضا من سبعة كلمات و هو"
قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا""
وفي قوله تعالى "قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " 7 كلمات وتتمتها قوله تعالى " قال لا عاصم اليوم من أمر الله" وهي 7 كلمات أيضا.
ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم كما في الاية
"ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون"
ونرى ان كل واحد منهم ذكر 25 مرة في القران.
ان كلمة الامامه وردت في القران 12مره وهو نفس عدد ائمة اهل البيت عليهم السلام
كلمة الكساء في القران الكريم بكافة الفاظها 5 (لان اصحاب
الكساء كما روي في الصحاح عن أم سلمة وعددهم خمسه.
تستهل سورة (النمل) بالحرفين (طس)، وترتيب السورة في المصحف هو (27)،
وقد وجدنا أن تكرار حرف (ط) في السورة هو أيضاً (27). بينما كان تكرار حرف
(س) في السورة هو (93) وهذا هو عدد آيات سورة (النمل).
(يُتْبَعُ)
(/)
وسورة الحديد
وترتيبها في المصحف هو (57) والملحوظ أن هذا هو جمّل كلمة (الحديد):
(1+30+8+4+10+4) = (57). أما كلمة (حديد)
فجمّلها هو (8+4+10+4) = (26). ونلاحظ أن (26) هو أيضاً (العدد الذري) لعنصر الحديد.
وأنّ (57) هو (الوزن الذري) لعنصر الحديد.
الجمّل هو: عملية لحساب الاحرف وهو حساب استخدم في اللغات السامية.
كل سورة تبدأ بالطاء ترد فيها قصة موسى في أوائلها مفصلة قبل سائر القصص مثل (طه، وطس، وطسم في القصص، وطسم في الشعراء)
وليس في المواطن الأخرى مما يبدأ بالحروف المقطعة مثل ذلك. فالقاسم المشترك فيما يبدأ بالحروف (ط) قصة موسى مفصلة في أوائل السورة.
ونجد هنا أن حرف الطاء يتكرر في سورة القصص (19) مرّة وأن اسم (موسى) تكرر (18) مرّة، وورد اسم (هارون) مرة واحدة.
وعليه يكون تكرار (موسى وهارون) (19) مرة وكما نعلم فهما نزلان معا وكانا مقربين.
وفي سورة (ق) ايضا نجد انها تبدأ بالحرف ق فما الحكمة من ذلك؟
اننا نلاحظ ان حرف ق تكرر بهذه السورة 57 مرة
ونجد سورة الشورى تبدأ بحرف (ق) وايضا يتكرر الحرف فيها 57 مرة
واذا جمعنا 57 +57 فأن الناتج يساوي 114 وهو عدد سور القران الكريم.
اما السور التي تبدأ ب (أ, ل, م, ر) مثل سورة الرعد اذا اردنا ان نعد الحروف كم تتكرر
في هذه السورة فاننا نجد ان حرف (أ) ذكر في السورة ((625 مرة
اما حرف (ل) ذكر (479) مرة وهو الحرف الثاني فأن قيمته تقل
وحرف (م) وهو الثالث ايضا ذكر (260) مرة اي اقل من الاحرف التي سبقته (أ, ل)
ونجد الحرف (ر) تكرر (137) مرة اي اقل منهم تكرار.
وكذلك نجد في سورة البقرة فحرف (أ) تكرر اكثر من (ل) وحرف (ل) تكرر
اكثر من حرف (م).
ونفس الشيء في سورة آل عمران وهذه الحروف التي تبدأ بها السور.
تتكرر اكثر من الحروف الاخرى في كل سورة
اي ان الحروف (أ, ل, م, ر) في سورة الرعد تتكرر اكثر من كل
الحروف الاخرى في هذه السورة.
وهذا ما نراه في جميع السور التي تبدأ بحروف
باستثناء سورة (يس) فأننا نجد العكس تماما اي ان
الحروف (ي, س) الاقل تكرارا في السورة
لان الحرف (ي) هو اخر حرف في اللغة العربية.
2 - وهذه إحصائيه قام بها الدكتور طارق سويدان ..
أولاً: التساوي:
1 - تم ذكر كلمة دنيا 115 مرة وتم ذكر كلمة آخرة 115 مرة ..
2 - تم ذكر كلمة ملائكة 88 مرة وتم ذكر كلمة شياطين 88 مرة ..
3 - تم ذكر كلمة الناس 50 مرة وتم ذكر كلمة الأنبياء 50 مرة
4 - تم ذكر كلمة صلاح 50 مرة وتم ذكر كلمة فساد 50 مرة
5 - تم ذكر كلمة إبليس 11 مرة وتم ذكر كلمة الاستعاذة من إبليس 11 مرة
6 - تم ذكر كلمة مسلمين 41 مرة وتم ذكر كلمة جهاد 41 مرة
7 - تم ذكر كلمة زكاة 88 مرة وتم ذكر كلمة بركة 88 مرة
8 - تم ذكر كلمة محمد 4 مرة وتم ذكر كلمة شريعة 4 مرة
9 - تم ذكر كلمة امرأة 24 مرة وتم ذكر كلمة رجل 24 مرة ..
10 - تم ذكر كلمة الحياة 145 مرة وتم ذكر كلمة الموت 145 مرة ..
11 - تم ذكر كلمة الصالحات 167 مرة وتم ذكر كلمة السيئات 167مرة ..
12 - تم ذكر كلمة اليسر 36 مرة وتم ذكر كلمة العسر 12 مرة ..
13 - تم ذكر كلمة الأبرار 6 مرة وتم ذكر كلمة الفجار 3 مرة ..
14 - تم ذكر كلمة الجهر 16 مرة وتم ذكر كلمة العلانية 16 مرة ..
15 - تم ذكر كلمة المحبة 83 مرة وتم ذكر كلمة الطاعة 83 مرة ..
16 - تم ذكر كلمة الهدى 79 مرة وتم ذكر كلمة الرحمة 79 مرة ..
17 - تم ذكر كلمة السلام 50 مرة وتم ذكر كلمة الطيبات 50 مرة ..
18 - تم ذكر كلمة الشدة 102مرة وتم ذكر كلمة الصبر 102 مرة ..
19 - تم ذكر كلمة المصيبة 75 مرة وتم ذكر كلمة الشكر 75 مرة ..
20 - تم ذكر كلمة الجزاء 117 مرة وتم ذكر كلمة المغفرة 234 مرة
ثانياً: الإعجاز:
1 - ذكرت الصلاة خمس مرات في القرآن .. والفروض اليومية خمس فروض
2 - ذكرت الشهور 12 مرة في القرآن .. والسنة 12 شهر ..
3 - ذكر اليوم 365 مرة في القرآن .. وعدد أيام السنة 365 يوم ..
ثالثاً: العلاقات الرقمية:
1 - ذكرت كلمة بحر في القرآن 32 مرة، النسبة المئوية لعدد
ذكر كلمة بحر بالنسبة إلى مجموع ذكر عدد كلمتي بحر وأرض =
32 / (32+ 13) × 100 = 71.111
2 - ذكرت كلمة أرض في القرآن 13 مرة، النسبة المئوية
(يُتْبَعُ)
(/)
لعدد ذكر كلمة أرض بالنسبة إلى مجموع عدد ذكر كلمتي بحر وأرض =
13/ (32 + 13) × 100= 28.888
هذه هي النسب الفعلية لنسبة سطح البحر واليابسة لسطح كوكب الأرض الذي نعيش عليه ..
القرآن الكريم ينشط الجهاز المناعي ويخفف التوتر
في بحث علمي أجريت تجاربه في أمريكا ..
أثبتت دراسة في مؤتمر طبي عقد في القاهرة مؤخراً عن كيفية تنشيط جهاز
المناعة بالجسم للتخلص من أخطر الأمراض المستعصية والمزمنة، أن مستمعي
القرآن الكريم تظهر عليهم تغيرات وظيفية تدل على تخفيف درجة التوتر العصبي
التلقائي، وقد أمكن تسجيل ذلك كله بأحدث الأجهزة العلمية وأدقها.
يقول الدكتور أحمد القاضي رئيس مجلس إدارة معهد الطب الإسلامي للتعليم
والبحوث في أمريكا وأستاذ القلب المصري الذي أشرف على البحث
في الولايات المتحدة الأمريكية:
إن (79 %) ممن أجريت عليهم البحوث بسماعهم لكلمات القرآن الكريم
سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين وسواء كانوا يعرفون العربية أو لا يعرفونها
ظهرت عليهم نتائج إيجابية تمثلت في انخفاض درجة التوتر العصبي
التي كانوا يعانون منها.
ويضيف القاضي: من المعروف أن التوتر يؤدي إلى نقص مستوى المناعة
في الجسم وهذا يظهر عن طريق إفراز بعض المواد داخل الجسم أو ربما حدوث
ردود فعل بين الجهاز العصبي والغدد الصماء، ويتسبب ذلك في
إحداث خلل في التوازن الوظيفي الداخلي بالجسم، ولذلك فإن الأثر
القرآني المهديء للتوتر يؤدي إلى تنشيط وظائف المناعة
لمقاومة الأمراض والشفاء منها ...
3 - البصمات وإعجاز القرآن الكريم
البصمات وعظمة الله:
قال الله جل ثناؤه: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 1 - 4].
في عام 1823 اكتشف عالم التشريح التشيكي "بركنجي" ( Purkinje) حقيقة البصمات ووجد أن الخطوط الدقيقة الموجودة في رؤوس الأصابع (البنان) تختلف من شخص لآخر، ووجد ثلاثة أنواع من هذه الخطوط: أقواس أو دوائر أو عقد أو على شكل رابع يدعى المركبات، لتركيبها من أشكال متعددة.
وفي عام 1858 أي بعد 35 عاماً، أشار العالم الإنكليزي "وليم هرشل" ( William Herschel) إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها، مما جعلها دليلاً مميزاً لكل شخص.
وفي عام 1877 اخترع الدكتور "هنري فولدز" ( Henry Faulds) طريقة وضع البصمة على الورق باستخدام حبر المطابع.
وفي عام 1892 أثبت الدكتور "فرانسيس غالتون" ( Francis Galton) أن صورة البصمة لأي إصبع تعيش مع صاحبها طوال حياته فلا تتغير رغم كل الطوارىء التي قد تصيبه، وقد وجد العلماء أن إحدى المومياء المصرية المحنّطة احتفظت ببصماتها واضحة جلية.
وأثبت جالتون أنه لا يوجد شخصان في العالم كله لهما نفس التعرجات الدقيقة وقد أكد أن هذه التعرّجات تظهر على أصابع الجنين وهو في بطن أمه عندما يكون عمره بين 100 و 120 يوماً.
وفي عام 1893 أسس مفوّض اسكتلند يارد، "إدوارد هنري" ( Edward Henry) نظاماً سهلاً لتصنيف وتجميع البصمات، لقد اعتبر أن بصمة أي إصبع يمكن تصنيفها إلى واحدة من ثمانية أنواع رئيسية، واعتبر أن أصابع اليدين العشرة هي وحدة كاملة في تصنيف هوية الشخص. وأدخلت في نفس العام البصمات كدليل قوي في دوائر الشرطة في اسكتلند يارد. كما جاء في الموسوعة البريطانية.
ثم أخذ العلماء منذ اكتشاف البصمات بإجراء دراسات على أعداد كبيرة من الناس من مختلف الأجناس فلم يعثر على مجموعتين متطابقتين أبداً.
حقائق علمية:
- يتم تكوين بصمات البنان عند الجنين في الشهر الرابع، وتظل ثابتة ومميزة طوال حياته.
- البصمات هي تسجيل للتعرّجات التي تنشأ من التحام طبقة الأدمة مع البشرة.
- تختلف هذه التعرجات من شخص لآخر، فلا تتوافق ولا تتطابق أبداً بين شخصين.
- أصبحت بصمات الأصابع الوسيلة المثلى لتحديد هوية الأشخاص.
التفسير العلمي:
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الله تعالى ذكره في سورة القيامة آية [1 - 4]: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}، لقد أثارت الإشارة في الآيات الكريمة من سورة القيامة انتباه المفسرين ودهشتهم حيث أقسم الله تعالى باليوم الآخر وبالنفس الباقية على فطرتها التي تلوم صاحبها على كل معصية أو تقصير، لقد أقسم الله تعالى بهما على شيء عظيم يعدّ الركن الثاني من أركان العقيدة الإسلامية ألا وهو الإيمان ببعث الإنسان بعد موته وجمع عظامه استعداداً للحساب والجزاء، ثم بعد أن أقسم الله تعالى على ذلك بين أن ذلك ليس مستحيلاً عليه لأن من كان قادراً على تسوية بنان الإنسان هو قادر أيضاً على جمع عظامه وإعادة الحياة إليها.
ولكن الشيء المستغرب لأول نظرة تأمل في هذا القسم هو القدرة على تسوية البنان، والبنان جزء صغير من تكوين الإنسان، لا يدل بالضرورة على القدرة على إحياء العظام وهي رميم، لأن القدرة على خلق الجزء لا تستلزم بالضرورة القدرة على خلق الكل.
وبالرغم من محاولات المفسرين إلقاء الضوء على البنان وإبراز جوانب الحكمة والإبداع في تكوين رؤوس الأصابع من عظام دقيقة وتركيب الأظافر فيها ووجود الأعصاب الحساسة وغير ذلك، إلا أن الإشارة الدقيقة لم تُدرك إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، عندما اكتشف عالم التشريح التشيكي "بركنجي" أن الخطوط الدقيقة الموجودة على البشرة في رؤوس الأصابع تختلف من شخص لآخر، حيث وجد ثلاثة أنواع من هذه الخطوط فهي تكون إما على شكل أقواس أو دوائر أو عقد، أو على شكل رابع يدعى المركبّات وذلك لتركيبها من أشكال متعددة.
وفي سنة 1858 أشار العالم الإنكليزي "وليم هرشل" إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها، مما يجعلها دليلاً مميزاً لكل شخص.
والمدهش أن هذه الخطوط تظهر في جلد الجنين وهو في بطن أمه عندما يكون عمره 100 أو 120 يوماً، ثم تتكامل تماماً عند ولادته ولا تتغير مدى الحياة مهما تعرّض الإنسان للإصابات والحروق والأمراض، وهذا ما أكّدته البحوث والدراسات التي قام بها الطبيب "فرانسيس غالتون" سنة 1892 ومن جاء بعده، حيث قررت ثبات البصمات الموجودة على أطراف الأصابع رغم كل الطوارىء كما جاء في الموسوعة البريطانية.
ولقد حدث أن بعض المجرمين بمدينة شيكاغو الأمريكية تصوروا أنهم قادرون على تغيير بصماتهم فقاموا بنزع جلد أصابعهم واستبداله بقطع لحمية جديدة من مواضع أخرى من أجسامهم، إلا أنهم أصيبوا بخيبة الأمل عندما اكتشفوا أن قِطَع الجلد المزروعة قد نمت واكتسبت نفس البصمات الخاصة بكل شخص منهم.
كما وجد علماء التشريح أن إحدى المومياء المصرية المحنّطة قد احتفظت ببصماتها جلية.
ولقد قام الأطباء بدراسات تشريحية عميقة على أعداد كثيرة من الناس من مختلف الأجناس والأعمار، حتى وقفوا أمام الحقيقة العلمية ورؤوسهم منحنية ولسان حالهم يقول: لا أحد قادر على التسوية بين البصمات المنتشرة على كامل الكرة الأرضية ولو بين شخصين فقط.
وهذا ما حدا بالشرطة البريطانية إلى استعمالها كدليل قاطع للتعرّف على الأشخاص، ولا تزال إلى اليوم أمضى سلاح يُشهر في وجه المجرمين.
فخلال تسعين عاماً من تصنيف بصمات الأصابع لم يُعثر على مجموعتين متطابقتين منها، وحسب نظام "هنري" الذي قام بتطويره مفوض اسكتلند يارد "إدوارد هنري" سنة 1893م، فإن بصمة أي إصبع يمكن تصنيفها إلى واحدة من ثمانية أنواع رئيسية، بحيث تُعتبر أصابع اليدين العشرة وحدة كاملة في تصنيف بطاقة الشخص.
وهنا نلاحظ أن الآية في سورة العلق تتحدث أيضاً عن إعادة خلق بصمات الأصابع جميعها لا بصمة إصبع واحدة، إذ إن لفظ "البنان" يُطلق على الجمع أي مجموع أصابع اليد، وأما مفرده فهو البنانة، ويلاحظ أيضاً التوافق والتناغم التام بين القرآن والعلم الحديث في تبيان حقيقة البنان، كما أن لفظة "البنان" تُطلق كذلك على أصابع القدم، علماً أن بصمات القدم تعد أيضاً علامة على هوية الإنسان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا فلا غرابة أن يكون البنان إحدى آيات الله تعالى التي وضع فيها أسرار خلقه، والتي تشهد على الشخص بدون التباس فتصبح أصدق دليل وشاهد في الدنيا والآخرة، كما تبرز معها عظمة الخالق جل ثناؤه في تشكيل هذه الخطوط على مسافة ضيقة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات مربعة.
ترى أليس هذا إعجازاً علمياً رائعاً، تتجلى فيه قدرة الخالق سبحانه، القائل في كتابه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
المراجع العلمية:
جاء في الموسوعة البريطانية ما ترجمته: "قام المشرّحون الأوائل بشرح ظاهرة الأثلام في الأصابع، ولكن لم يكن تعريف البصمات معتبراً حتى عام 1880 عندما قامت المجلة العلمية البريطانية (الطبيعة: Nature) بنشر مقالات للإنكليزيّيْن "هنري فولدز" و "وليم جايمس هرشل" يشرحان فيها وحدانية وثبوت البصمات، ثم أثبتت ملاحظاتهم على يد العالم الإنكليزي "فرانسيس غالتون". الذي قدم بدوره النظام البدائي الأول لتصنيف البصمات معتمداً فيه على تبويب النماذج إلى أقواس، أو دوائر، أو عقد. لقد قدم نظام "غالتون" خدمة لمن جاء بعده، إذ كان الأساس الذي بني عليه نظام تصنيف البصمات الذي طوره "إدوارد هنري"، والذي أصبح "هنري" فيما بعد المفوّض الحكومي الرئيسي في رئاسة الشرطة في لندن".
وذكرت الموسوعة البريطانية أيضا:" أن البصمات تحمل معنى العصمة –عن الخطأ- في تحديد هوية الشخص، لأن ترتيب الأثلام أو الحزوز في كل إصبع عند كل إنسان وحيداً ليس له مثيل ولا يتغير مع النمو وتقدم السن.
إن البصمات تخدم في إظهار هوية الشخص الحقيقية بالرغم من الإنكار الشخصي أو افتراض الأسماء، أو حتى تغير الهيئة الشخصية من خلال تقدم العمر أو المرض أو العمليات الجراحية أو الحوادث".
[ color=blue] وجه الإعجاز: [/
color] بعد أن أنكر كفار قريش البعث يوم القيامة وأنه كيف لله أن يجمع عظام الميت، رد عليهم رب العزة بأنه ليس قادر على جمع عظامه فقط بل حتى على خلق وتسوية بنانه، هذا الجزء الدقيق الذي يعرّف عن صاحبه والذي يميز كل إنسان عن الآخر مهما حصل له من الحوادث. وهذا ما دلت عليه الكشوف والتجارب العلمية منذ أواخر القرن التاسع عشر
4 - ناصية كاذبة خاطئة وإعجاز علمي
يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني كنت أقرأ
قول الله تعالى:
(كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية O ناصية كاذبة خاطئة)
والناصية هي مقدمة الرأس فكنت أسأل نفسى وأقول يارب اكشف
لي هذا المعنى! لماذا قلت ناصية كاذبة خاطئة؟ وتفكرت فيها
أكثر من عشر سنوات وأنا في هذه الحيرة فأرجع إلى كتب
التفسير فأجد الجواب .. أجد المفسرين يقولون:
المراد ليست ناصية كاذبة وإنما المراد معنى مجازي وليس حقيقيا
فهو من باب المجاز لا من باب الحقيقة ناصية كاذب خاطئ ولما
كانت الناصية هي مقدمة الرأس فأطلق عليها صفة الكذب والمقصود صاحبها هكذا يقولون وليست هي مكان الكذب
أو مصدر الكذب ..
إلى أن يسر الله البحث الذي كان عن الناصية قدم من أحد العلماء
وهو كندي الاصل ومن أشهرهم في علم المخ والتشريح والأجنة
وكان ذلك في المؤتمر الطبي الذي عقد في القاهرة وتواجد في ذلك
المؤتمر طبيب ومعه زوجته فلما سمعت زوجته هذا الكلام ناصية
كاذبة قالت: والهاء أين راحت؟ فالمفسرون يقولون:
المعنى ناصية كاذب خاطئ قالت: والهاء أين راحت؟
قلت في نفسى هذه الهاء هي التي دوختني عشر سنوات الله سبحانه وتعالي يقول لنا (ناصية كاذبة خاطئة)
نعود لبحث العالم الكندي وقال فيه منذ خمسين سنة فقط:
تأكد لنا أن المخ الذي تحت الجبهة مباشرة الذي في الناصية
هو الجزء المسئول عن الكذب والخطأ!
هو المكان الذي يصدر منه الكذب ويصدر منه الخطأ وأن العين
ترى بها والأذن تسمع منها فكذلك كان هذا المكان الذي يصدر
منه القرار هذا مصدر اتخاذ القرار فلو قطع هذا الجزء من المخ
الذي يقع تحت العظمة مباشرة فإن صاحبه في الغالب لا تكون له
إرادة مستقلة لا يستطيع أن يختار اجلس .. اجلس .. قم ... قم ..
امش .. يفقد سيطرته على نفسه مثل واحد تقلع له عينيه فإنه لا
يرى فقال: منذ خمسين سنة فقط عرفنا أن هذا الجزء هو المسؤول عن هذا المكان الذي يصدر منه القرار ...
فمن يتخذ القرار؟
نحن نعلم أن الروح هي صاحبة القرار وأن الروح هي التي ترى
ولكن العين هي الجارحة والروح تسمع ولكن الأذن جارحة كذلك
المخ هذا جارحة لكن في النهاية هذا مكان صدور القرار ...
ناصية كاذبة خاطئة ولذلك قال الله: (لنسفعا بالناصية)
أي نأخذه أو نحرقه فسبحان الله كلمة جاءت في كتاب الله ...
يعرف الناس سرها بعد أن يتقدم العلم أشواطا وأشواطا ثم وجدوا
أن هذا الجزء من الناصية في الحيوانات ضعيف صغير لأن الحيوان
مركز قيادته وحركة جسمة أيضا من هذا المكان وإلى هذا يشير
المولى سبحانه وتعالى: (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها)
مركز القيادة .. موجود في الناصية .. من يعلم هذا؟
متى عرف العلماء هذا؟ متى عرفوه؟ عندما شرحوا مخ الحيوانات ..
إن القرآن يذكر هذه الحقيقة وجاء بعلم الله الذي أحاط بكل شيء
علما وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ... والناصية:
مركز القيادة ولحكمة شرع الله أن تسجد هذه الناصية وأن تطأطئ
لله ولعل هناك علاقة بين ناصية تسجد خاشعة وبين سلوك يستقيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[19 Oct 2006, 09:39 م]ـ
سؤال:
هل كان هذا العلم العددي موجود في عهد السلف؟
بمعنى أئمة التفسير من الصحابة والتابعين هل يعترفون بهذا العلم، أم لا وجود له عندهم؟
والله يحفظكم أخي سلسبيل
ـ[سلسبيل]ــــــــ[23 Oct 2006, 02:05 ص]ـ
سؤال:
هل كان هذا العلم العددي موجود في عهد السلف؟
بمعنى أئمة التفسير من الصحابة والتابعين هل يعترفون بهذا العلم، أم لا وجود له عندهم؟
لا، لم يكن هذا العلم موجودا في عهد السلف أو ائمة التفسير ولم يبني السلف على العدد معرفة الإستباطات وما ظهر من ذلك فهو من الملح والطرائف و ليست من متين العلم كما ذكر ابن عطيه
ثم إن كثيرا مما ذكر من الإعجاز العددي يدخله التحكم!! ليوافق المراد!
وايضا هذه اللطائف المستنبطة من العدد ليست من التفسير في شيء، ولا يبنى عليها فهم معنى، بل هي من قبيل الاستنباطات.
كما أنه يكثر في ما يسمى بالإعجاز العددي القول على الله بغير علم، وهو قول بالرأي المحض، وخطؤه أكثر من صوابه
وأخيرا: أن أي بحث في ما يسمى بالإعجاز العددي إذا دخل في باب المغيبات التي لم تأت بعد، فهو من باب ادعاء علم الغيب، وهذا من الأمور التي اختص الله بها، فلا يجوز الجزم به، ولا اعتماده)).
___________
كنت قد كتبت أو بالأحرى نقلت هذا الموضوع في وقت سابق جدا وفي بدايات دخولي عالم الإنترنت
ولم أكن أعرف بعد حقيقة ما يسمى بالإعجاز العددي و ما كتبته بالرد مؤخرا هو مما استفدته من هذا المنتدى المبارك وغيره من المواقع العلميه النافعه
لا سيما من شيخنا الفاضل د0 مساعد الطيار حفظه الله
(بحث مختصر في مسألة الإعجاز العددي)
http://tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=617&highlight= ملح%20التفسير
ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لما نقلته!!!!!!!!
وجزاكم الله خيرا
أختكم في الله: سلسبيل
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[08 Nov 2006, 06:02 ص]ـ
بارك الله فيك
وزادك علماً
ـ[البلاغية]ــــــــ[08 Nov 2006, 03:54 م]ـ
سبحان الله
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع(/)
سؤال حول نزول سورة الفاتحة
ـ[أبو معاذ المغربي]ــــــــ[08 Sep 2004, 05:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هل تبث أن سورة الفاتحة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين -مرة في مكة ومرة في المدينة-؟
أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:31 م]ـ
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري
يستنبط من تفسير السبع المثاني بالفاتحة أن الفاتحة مكية وهو قول الجمهور خلافا لمجاهد
ووجه الدلالة أنه سبحانه أمتن على رسوله بها وسورة الحجر مكية اتفاقا فيدل على تقديم نزول الفاتحة عليها
قال الحسين بن الفضل هذه هفوة من مجاهد لأن العلماء على خلاف قوله وأغرب بعض المتأخرين فنسب القول بذلك لأبي هريرة والزهري وعطاء بن يسار وحكى القرطبي أن بعضهم زعم أنها نزلت مرتين(/)
ما هي أهم الكتب التي تحدثت عن الخلاف وأسبابه بين المفسرين؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[08 Sep 2004, 08:15 م]ـ
ما هي أهم الكتب التي تحدثت عن الخلاف وأسبابه بين المفسرين
جزاكم الله خيرا
ـ[الجندى]ــــــــ[08 Sep 2004, 10:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك كتاب الاختلاف في التفسير حقيقته وأسبابه لد. وسيم فتح الله
مرفق مع مشاركتى هذا الكتاب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2004, 09:13 ص]ـ
إضافة لما تفضل به الأخ الكريم الجندي هناك الكتب والبحوث التالية:
- اختلاف المفسرين - أسبابه وآثاره، للأستاذ الدكتور سعود الفنيسان، وهو مطبوع بدار إشبيليا في مجلد.
- أسباب اختلاف المفسرين، للأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع، مكتبة العبيكان.
- الاختلاف المذهبي وأثره في التفسير للأخ الكريم الدكتور عبدالعزيز مصطفى علي كامل، وهو رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر عام 1423هـ.
- اختلاف المفسرين - أسبابه وضوابطه للدكتور أحمد الشرقاوي، وتجده هنا في مكتبة شبكة التفسير ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=89&book=913&PHPSESSID=7f292597cf4d4fc7f275ff03595cd152).
- فصول في أصول التفسير للدكتور مساعد بن سليمان الطيار، في المبحث الخاص بأسباب الاختلاف، وكلامه فيه جيد محرر، يعد من السابقين إليه.(/)
أرجوكم أفيدوني عن هذه المخطوطة؟؟
ـ[نورة التميمي]ــــــــ[09 Sep 2004, 07:00 ص]ـ
أريد التسجيل لرسالة دكتوراة .. فمن يدلني على مخطوط في التفسير يستحق أن يكون رسالة؟؟
وشكرًا
ـ[موراني]ــــــــ[09 Sep 2004, 12:45 م]ـ
نورة التميمي
ما هو رأيك في البحث عن مخطوط مناسب في فهارس المخطوطات الكثيرة؟
موراني(/)
لمن أراد منظومة الزمزمي من الإخوة المصريين
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 Sep 2004, 06:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فأنا أعلم ندرة أو قلة وجود هذه المنظومة عند طلاب العلم بمصر على الأقل
و فقد من الله تعالى علي بنسخة مصورة فقمت بتصويرها إلى عدة نسخ و أدفعها هدية لمن يريدها من الإخوة المصريين .... و عندي منها نسخ كثيرة و إن نفدت فيمكنني تصويرها إلى عدة نسخ أخرى
من أرادها فليراسلني على الهاتف و يترك هاتفه
أخوكم المحب / محمد رشيد الحنفي(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {14}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[10 Sep 2004, 01:36 م]ـ
(((جسر جهنم)))
قال الضحاك عن مزاحم الهلالي التابعي: ان جهنم تزفر زفرة لايبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل الا خر ساجدا يقول رب نفسي نفسي. {رواه هناد بن السري 1/ 176}
وقال عبيد الله بن جعفر ابو بكر الفقيه التابعي: إن جهنم لتزفر زقرة تنشق منها قلوب الظلمة ثم تزفر اخرى فيطيرون في الارض حتى يقعوا فيها على رؤوسهم. {رواه ابن ابي عاصم في كتاب الزهد 1/ 398}
فالامم جاثية من الخوف من عذاب الله ,والملائكة تسحب جهنم ثم توضع في الجب اي الوادي المعد لجهنم ثم يضرب الصراط فوق ظهراني جهنم بقوله تعالى: ((كن فيكون)) ......
((فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الامتاع الغرور))). {آل عمران آية:185}
والسير مستمر على الصراط الى ان يصل المؤمنون الى قنطرة.عن ابي سعيد الخدري, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا ’هذِبوا و’نقوا أذن لهم في دخول الجنة, فو الذي نفس محمد بيده لاحدهم اهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا)) {رواه البخاري واحمد}
فمن رحمة الله تعالى انه عزوجل ’ينقي ويهذِب المؤمنين فيما بينهم حتى اذا دخلوا الجنة لا يحمل اخ لاخيه ضغينة او كراهية وبهذا يقول تعالى ((ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين))
{الحجر آية:47}
من خلال هذه الآيات والاحاديث يتبين لنا ان المؤمنين سيقفون في قنطرة وهي اشبه ما تكون [بدار استراحة] الغرض من الوقوف بها هو التهذيب والتنقية ورفع الشوائب الانسانية التي كانت في نفس المؤمن في الحياة الدنيا وذلك استعدادا لدخول الجنة واستعدادا لحياة الخلود الابدية ......
عن سعيد بن انس عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: ((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا رأيناه يضحك حتى بدت ثناياه.فقال عمر ما اضحكك يارسول الله بأبي انت وامي؟ قال رجلان من امتي جثيا بين يدي رب العزَة تعالى فقال احدهما يارب خذ لي بمظلمتي من أخي .. فقال إعط أخاك مظلمته, قال يارب لم يبق من حسناتي شيء.قال يارب فليحمل عني اوزاري. وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه أن يحمل من اوزارهم.قال فيقول الله عزوجل للطالب ارفع رأسك وانظر الى الجنان ,فرفع رأسه فقال يارب ارى مداين من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ. لاي نبي هذا لاي شهيد هذا؟ قال لمن اعطاني الثمن ,قال يارب ومن يملك ذلك؟ قال انت تملكه. قال فبماذا يارب؟ قال بعفوك عن أخيك. قال يارب قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فأن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة)) {رواه البزار وابو يعلى والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد.وضعَفه البخاري وابن حبان}
نعود الى الآية من سورة الحديد ((فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير))
اليوم لاوجود لفدية من المال يفتدي الكافر نفسه بها. ومن أين له يوم القيامة مالا حتى يفتدي نفسه به .. ؟ والآية هنا لاتشير الى الكافر وحسب , وانما تشير ايضا الى المسلم العاصي فقوله تعالى ((لايؤخذ منكم فدية)) تعني المسلمين الظالمين والعصاة وقوله تعالى ((ولا من الذين كفروا)) اي الكافرين ....... اذن الصنفان مأواهم النار وبئس المصير يقول الله تعالى ((إن الذين كفروا وماتوا وهم كفَار لن يقبل من احدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به اولئك لهم عذاب اليم وما لهم من ناصرين)) {آل عمران آية:91}
المستحيل واضح في هذه الآية الكريمة ,فمستحيل ان نملا الارض ذهبا .. لان الذهب جزء يسير خلقه الله تعالى في هذه الارض , فمن اين لنا الذهب ملء الارض ... ؟ ومع كل هذا لو جاز وملانا الارض ذهبا لنفتدي به انفسنا من عذاب الله لما قبل الله تعالى هذه الفدية ... لكن العمل الصالح وهو الكنز الحقيقي الذي يريده الله تعالى منا في هذه الدنيا .. إنه عزوجل يقبل الصالحات ,وانها اكبر ثمنا عند الله من الذهب او المجوهرات الدنيوية ... !
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((إن نبي الله كان يقول ’يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له ارايت لو كان لك ملء الارض ذهبا أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم فيقال له قد كنت سالت ماهو أيسر من ذلك))
{رواه البخاري ومسلم واحمد}
والايسر من الذهب هو الايمان والعمل الصالح. فالايمان يساوي اكثر من ثقل الارض ذهبا ..............
يتبع (((دعوت لاتستجاب)))
__________________________________________________ __
ارى الناس قد ذهبوا الى من عنده الذهب
ومن لا عنده ذهب عنه الناس قد ذهبوا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[10 Sep 2004, 04:28 م]ـ
بارك الله فيك و لكن ...
ألم يكن من الإفضل أن تضع كل هذه المداخلات في موضوع واحد تفاديًا للتشتت و التبعثر و حفاظًا على التسلسل و ترتيب المعاني و الأفكار أثناء القراءة؟؟!!!!(/)
الخلق فى ستة ايام
ـ[الجندى]ــــــــ[10 Sep 2004, 10:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال احد الاشخاص عن خلق الله للارض فى ستة أيام الاتى:
===============
خلق الله ربنا، السماوات والارض في ستة أيام، وتلك الستة الايام لم تنتهي بعد، أي أن الخلق لا يزال مستمرا، والحكمة من هذا هو أن نرى آيات الله ربنا وسنته في الخلق، لمن أراد أن يهتدي. ولو شاء الله ربنا لقال لها كن فتكون. ولكن رحمة وفضلا منه، فلا حجة لمن ضل من الملحدين وقال هكذا وجدنا أنفسنا وهكذا وجدنا الكون، وهنا تكون الحجة فيما نراه من آيات وسنن في الخلق مستمرة. ويجب علينا أن نمضي في البحث عن بداية الخلق أيضا وهو من العلم الذي أنزله الله ربنا، واذن به.
===============
المشكلة لدى ان الله تعالى قال في ستة أيام ثم استوى على العرش وثم هنا للتعقيب والتراخى فيفهم من كلامه ان الله لم يستوى على العرش بعد.
فلو قلنا ان الخلق تم فى ستة ايام وانتهى فماذا عن الخلق الذى يتم الان؟
فى انتظار ردودكم
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2004, 05:58 م]ـ
قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...... الآية
خلق فعل ماضي يعني أن الخلق قد حصل
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى: فعل ماضي يعني أن الله قد استوى على العرش
وقد ورد رد استواء الله على عرشه في سبعة مواضع من القرآن الكريم
1 - (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54)
2 - (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) (يونس: 3)
3 - (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد: 2)
4 - (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5)
5 - (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) (الفرقان: 59)
6 - (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) (السجدة: 4)
7 - (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد: 4)
وخلق
استواء
كلاهما فعلين ماضيين يعن أن الخلق والاستواء قد حصل ولا يجادل في ذلك الإ جاهل أو مكابر
وأما كون خلق الله مستمر فلا تعارض بينه وبين خلق السموات والأرض في الزمن الماضي لأنه من كمال تدبير خلق الله أن يخلق ما يشاء جل وعلا متى ما شاء وقد كتب مقادير كل شيء قبل خلق السموات والأرض
ولآيات الدله على أن الله يخلق ما يشاء متى ما شاء كثيرة جدا منها
(أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً) (الإسراء: 99)
(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (النور: 45)
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (القصص: 68)
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (يس: 81)
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ) (الشورى: 49)
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فاطر: 1)
ومن لم يعتقد أن الله استوى على العرش فهو مكذب للقرآن لأن الله قال (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) والمكذب للقرآن كافر بالله جل وعلا.(/)
صوت الضاد الفصيحة التي نزل بها القرآن
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[11 Sep 2004, 12:10 ص]ـ
مَدْخَلٌ لِمَبْحَثِ صَوْت الضَّادِ العَرَبِيَّةِ اللِّسَانِيَّةِ}
بسم الله منزل القرآن والصلاة والسلام على القائل (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: بدأ الإحساس بمشكلة صوت الضاد من جانب اللغويين العرب عقب انتشار الدين الإسلامي ودخول غير الأمم العربية في الدين الحنيف وحاجة هذه الأمم إلى أداء الصلوات وقراءة القرآن وتعلم نطق اللغة العربية التي كانت تحتوي على عدد من الوحدات الصوتية التي لا توجد في اللغة الأم للمسلمين الجدد كاللغة الفارسية والهندية والعبرية والسريانية والرومية والقبطية وغيرها وقد قام علماء اللغة ومن بعدهم علماء القراءات برصد التغيرات الصوتية واللثغة أو الخطأ في نطق أصوات العربية مما يعرض مستخدميها من المسلمين للحن في القرآن وما يترتب على ذلك من تغيير في معاني كلمات التنزيل وقد كانت مشكلة صعوبة نطق الضاد على غير العرب وعلى العرب ممن لم يتعود ويتمرس لنطق الضاد التي نزل بها القرآن من أبرز المشاكل التي واجهت المسلمين في القرون الأولى واستمرت حتى وقت قريب أما صوت الضاد التي نزل بها القرآن فهي رخو مطبقة كما سجل علماء اللغة ذلك ومن بعدهم علماء القراءات وهي تخرج عندهم من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس وقيل من الحافتين معا والضاد بهذه الصفات إلى جانب ما وصفوها بها من كونها مجهورة مطبقة مستطيلة لا ينطق بها في الوقت المعاصر في اللهجات الدارجة العامية بل صار النطق بها متنوع بين دولة وأخرى ففي مصر المحروسة تلفظ دالا مفخمة وفي الخليج العربي تلفظ بصوت الظاء وإن مشكلة الضاد قديمة في العربية فقد ذكر سيبويه من الحروف غير المستحسنة (الضاد الضعيفة) ويبدو أن مشكلة الخلط بين صوت الضاد والظاء ترجع إلى عصر صدر الإسلام فقد ذكر أبو العلاء الهمذاني العطار في كتابه التمهيد أن أعرابيا خلط بين الضاد والظاء عند عمر بن الخطاب حين نطق (الظبي) بالضاد فاعترض عليه عمر رضى الله عنه.
ويمكن للدارس أن يلاحظ اتجاهين في معالجة مشكلة صوت الضاد من حيث التصنيف والتأليف الأول: يتمثل في العناية بالألفاظ التي تنطق بالضاد والظاء والاشتغال بحصرها وتأليف الرسائل في ذلك وهي مؤلفات تشبه المعاجم الصغيرة وهذا الاتجاه هو الذي استأثر بجهود اللغويين والنحاة وتركوا مؤلفات كثيرة تهتم بالتمييز الكتابي بين الضاد والظاء ولا تتعرض للتمييز النطقي بينهما وقد أحصى الدكتور حاتم الضامن في مقدمة تحقيقه لكتاب (الاعتماد في نظائر الظاء والضاد لابن مالك) الكتب المؤلفة في ذلك حتى بلغت أكثر من أربعين كتابا. والثاني: الاتجاه في معالجة مشكلة الضاد ويتمثل ذلك بدراسة الخصائص النطقية لصوت الضاد اللسانية والانحرافات التي تلحقه على ألسنة الناطقين وتوضح الصورة الصحيحة لنطقه وكان لعلماء التجويد القسط الأوفى في هذا الدرب حتى أنهم ألفوا في ذلك المؤلفات المستقلة التي تهتم بنواحي النطق من غير أن تتعرض لحصر الألفاظ التي تكتب بالضاد أو الظاء. وقد كان كتاب البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ (ت 225 هـ) من أوائل المؤلفات التي حفلت بالعديد من الملاحظات اللغوية الصوتية الخاصة بنطق غير العرب من الأعاجم المخالطين للعرب لبعض أصوات اللغة العربية ومن ضمنهم صوت الضاد.
وسوف أحرص إن شاء الله لتناول هذا البحث من جميع جوانبه قدر المستطاع وحسب ما تيسر من مراجع لمادة هذا البحث وعلى الجميع أن يعلموا ـ إن أُريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، فأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن لا يُفهم على غير وجهه، وإني لأعتذر عن أي قصور أو تعبير فيه خلل.
http://www.alwhyyn.net/showthread.php?s=&postid=5458#post5458
ـ[القحطاني]ــــــــ[16 Sep 2004, 10:25 ص]ـ
والضادُ مخرجه عسير جدا *من أول إحدى الحافتين يبدا
مع ما يلي الإضراس مستطيلُ*رخو ومن يقرأ كذا قليلُ
قارئه بالصفة المقررة*سبحان من يسره وعسره
قالها أحمد بن عيسى السيلي الحنبلي (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة 1/ 203)
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[21 Sep 2004, 11:43 م]ـ
قال صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)(/)
هل عبد ابراهيم عليه السلام الكواكب و القمر و الشمس فعلا؟
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[11 Sep 2004, 11:44 م]ـ
يقول الله تعالى:
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ {75} فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ {76} فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ {77} فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {78} إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
سؤالي هل كان ابراهيم عليه السلام فعلا عابدا للكواكب و القمر و الشمس أم ان هذا الحوار كان مع قومه فقط لبيان حقيقة هذه المخلوقات و أنها لا تستحق العبادة؟
ـ[موراني]ــــــــ[12 Sep 2004, 01:23 ص]ـ
وفقك الله ,
انه من المسلّم به أن الشعوب السامية عبدوا الكواكب والقمر والشمس في عصور ما من التاريخ بما فيهم العرب ما قبل الاسلام.
أما الآيات التي ذكرتها , فلم تراجع ما جاء فيها في كتب التفسير؟ طلب العلم لا يتم من طريق المنتديات بل من طريق القراءة المتعمقة المتواصلة في الكتب المطبوعة (وغير المطبوعة .... فيما بعد!)
فأنظر ما جاء في الآية التي ذكرتها:
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2004, 02:05 ص]ـ
أخي الكريم عبدالله حسن أحسن الله إليه ووفقه آمين
كما تفضل الدكتور موراني فإن العلم يطلب من مظانه الأصلية، ومراجعة كتب التفسير بإذن الله تكشف لك القول الصحيح في تفسير هذه الآيات. وما أحسبك إلا راغباً في الاستشارة وطلب الدلالة على مظان الجواب في كتب التفسير وغيرها.
وجواب سؤالك مذكور فيه وهو أنه قد قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم ما قال استدراجاً لقومه لإفحامهم وإقامة الحجة على بطلان ما يعبدون من دون الله سبحانه وتعالى. وهذا من باب التنزل مع الخصم لإفحامه وهو موضوع يبحثه العلماء في علم الجدل والمناظرة.
وقد رجح الزمخشري وغيره القول بأن قول إبراهيم عليه السلام هذا من باب الاستدراج لإلزامهم بالتوحيد.
وقد توسع المفسرون في تفسير قوله هنا: (هذا ربي).
فمن قائل بأن المتكلم بهذا آزر، وأنه لما قال ذلك قال إبراهيم: (لا أحب الآفلين).
وقيل: إنه إبراهيم، وكان ذلك في حال الصغر، قبل استحكام النظر في معرفة الله تعالى لقوله: (لئن لم يهدني ربي ... ).
وقيل: بعد بلوغه وتكريمه بالرسالة، إلا أنه أراد الاستفهام الإنكاري توبيخاً لقومه، فحذف الهمزة، ومثله كثير في اللغة.
وقيل: على إضمار القول، أي: يقولون هذا ربي، وإضمار القول كثير في اللغة.
وقيل: المعنى: في زعمكم واعتقادكم الباطل.
وقيل: الإخبار على سبيل الاستهزاء. وغير ذلك من الأقوال.
والقصد في ذلك كله تنزيه مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام عن الشك والحيرة، واعتقاد ربوبية غير الله، لمنافاته لعصمة الأنبياء عليهم السلام.
وهذا كله مشكور للعلماء رحمهم الله، غير أن القول بأن هذا من باب إنصاف الخصم، والتنزل معه في الجدل، من أجل إفحامه وإقناعه بخلاف ما يذهب إليه أولى من حمل الآية على هذه الأقوال، وقد اقتصر الزمخشري في تفسير هذه الآية على هذا الوجه دون غيره.
والكلام في هذا الموضع طويل، ولو رجعت إلى تفسير القاسمي رحمه الله عند هذه الآيات لوجدت تفصيلاً جيداً فيه نفع وفائدة لك أخي الكريم، أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن ينفعنا جميعاً بالعلم، وأن يجعله حجة لنا لا علينا.
ـ[السويلم]ــــــــ[12 Sep 2004, 01:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
برفقه بحث موسع حول قصة إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، وأقوال المفسرين من الصحابة وسلف الأمة ومن بعدهم، ومناقشة مستفيضة لأدلة كل قول والجواب عنها.
أرجو أن يكون فيه فائدة.
شواهد اليقين في استدلال الخليل - صلى الله عليه وسلم - على رب العالمين ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=916).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2004, 05:16 م]ـ
الأخ الكريم سامي السويلم وفقه الله
شكر الله لكم هذه الفائدة النفيسة، وقد قرأت سريعاً بحثكم الموفق أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم. وأرجو أن ينتفع به الإخوة الكرام جميعاً ولا سيما الأخ عبدالله حسن.
ـ[النووي]ــــــــ[21 Sep 2004, 05:52 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
بالفعل البحث عن العلم في مظانه أجدى وأعظم وأنفع فبارك الله بكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Sep 2004, 11:42 م]ـ
إذن ماذا تقول يا شيخنا عبد الرحمن الشهري في هذا البحث و هو يخالف ما ذهبت إليه؟(/)
هكذا أرى (آية الكرسي) أعظم آية
ـ[أبو علي]ــــــــ[12 Sep 2004, 08:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن نتدبر آية الكرسي علينا أن نتفكر في ما قبلها ثم نرى ما يتطلبه سياق كلام الله الذي جاء في صيغة أمر في قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون).
هذا أمر للمؤمنين بالإنفاق، فما الذي يتطلبه هذا الأمر لجعل المأمور ينفذه؟
الأمر بالإنفاق يحتاج إلى شيئين أساسيين لجعل المنفق يقبل على تنفيذ أمر ربه وهما:
1) التطمين
2) التذكير
الأنفس تستحضر الشح ساعة الإنفاق فهي محتاجة إلى اطمئنان يشجعها على تنفيذ الأمر، أو تحتاج إلى تذكير يشعر الأنفس بأن الإنفاق حق واجب.
فإذا رأينا في القرآن آيتين (متشابهتين تقريبا) تأمران المؤمنين بالإنفاق فليس في ذلك تكرار وإنما ننظر إلى ما بعدهما، فلا بد أن إحداهما جاء بعدها تطمين وأن الثانية جاء بعدها تذكير، ومن الحكمة أن تأتي الآية التي يصحبها التطمين أولا، ثم بعد ذلك من الحكمة أن تأتي آية أخرى ومعها التذكير.
وبالرجوع إلى القرآن وجدنا آية أخرى شبيهة بهذه الآية ألا وهي قوله تعالى في سورة إبراهيم: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال).
وحيث أن آية سورة البقرة سبقت هذه فإن التطمين كان هناك في سورة البقرة أما هذه التي في سورة إبراهيم فينبغي أن يتبعها تذكير بنعم الله، وهي كذلك فالله تعالى يذكر المؤمنين بما أنعم عليهم فقال:
الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم اليل والنهار، وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار).
فحينما يذكر الإنسان بهذه النعم يستحي ويعلم أن ماله ومال أبيه وكل ما يملك هو في الأصل مال الله استخلفه فيه فيقبل على الإنفاق راضيا.
ونعود إلى أمر الله في آية سورة البقرة التي قلت إنه يجب أن يصحبها تطمين يشجع المأمور على الإنفاق بنفس راضية مطمئنة، فأين هو التطمين؟
الجواب: هو قوله تعالى: الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض) ,
فكأن الله يقول ياعبدي أنفق أنفق عليك، فإن كان الذي يمددك بالمال من أهل الأغيار تخاف أن يغير رأيه فيقطع عنك الإمداد فأنا الله لا تتناولني الأغيار ولا إله يمنعني من إمدادك فاطمئن، وإن كان الذي يمددك بالمال تخاف أن ينقطع عنك مدده بموته فأنا الحي الذي لا يموت، وإن كنت تخاف ألا يدري من يمددك بالمال بحاجتك فأنا قيوم، وقد يغفل عنك من يمددك بحاجياتك لانشغاله عنك بأمور أخرى، أما الله فلا تأخذه سنة ولا نوم ولا يشغله شأن عن شأن، له ما في السموات والأرض وعلى الله تدبير أمر كل شيء في ملكه ورزق كل دابة.
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو علي]ــــــــ[15 Sep 2004, 09:37 ص]ـ
بعد أن طمأن الله المؤمنين المأمورين بالإنفاق يوضح الله لنا مسألة الشفاعة التي وردت في الآية في قوله ( .. من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ... ) فيأتي الرد: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه.
فإذا كان الشفيع يأتي كمحام عن المتهمين ويبرز أدلة غابت عن القضية ليلتمس البراءة لموكليه فالله تعالى محيط بعلمه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يستدرك أحد على العزيز العليم، فلو أن هذا الشفيع ادعى أن موكليه لم يفقهوا الإسلام ولذلك لم يهتدوا، فهذا ليس بعذر، لأن الله وعد بالهدى من كان معه إيمان الفطرة (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
فلو كان موقنا بإيمان الفطرة الذي أودعه الله في الأنفس لحدثته نفس باستطلاع أمر الرسول لمعرفة حقيقة ما يدعو إليه، ولكنه لم يهتم بالأمر، فلو أحب العلم لاهتدى إلى الذهاب إلى المدرسة.
بقي خاطر واحد ربما قد يخطر على بال هذا الشفيع (إن وجد هذا الشفيع) وهو أن يحتج بأن الهدى إذا جاء من عند العزيز الحكيم فإنه يلزمه بيانه وإقناع المعنيين بالهدى حتى تستيقنه أنفسهم، وهل يستدرك أحد على الله العزيز العليم بمثل هذه الحجة!!! سبحانه لا يسبقونه بالقول ولا يعزب عنه أي شيء فيجيب عن هذا بقوله (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)، إذن سيبين الله لهم آياته فيستيقنوها متى وصل الناس إلى المستوى العلمي الذي يؤهلهم لإدراك معناها، فمعجزة الإسلام فيها شيء من علم الله أبرزه فيها، فيها حكمة العزيز الحكيم.
إذن فالقضية لا توجد فيها ثغرات يمكن أن يستدرك من خلالها شفيع،
ولكن تبقى شفاعة أخرى أذن بها الله ألا وهي شفاعة الرسل لأممهم،
ولا يشفع رسول من الرسل لجميع أفراد أمته وإنما يشفع لمن كان مؤمنا ولكن لم يحصل على المعدل الذي يدخله الجنة، فإذا كان حسن السيرة والسلوك ويحب الله ورسوله فإن رسوله يأذن له الله أن يشفع له فيدخل الجنة.
يتبع إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Sep 2004, 10:27 ص]ـ
آية الكرسي هي أعظم آية، فما الذي يجعلها كذلك؟
كل شيء يوصف بالعظمة في مجال مهمته. فماهو عمل أو مهمة الآية؟
الآية هي وسيلة هدى،فهي تحمل يقينا يدركه الإنسان فيهتدي به.
إذن فمهمة الآية أنها تحمل يقينا، وإذا وصفت آية الكرسي بأعظم آية في القرآن فلابد أنها تحمل أعلى وأتم يقين بدليل أنه جاء بعدها (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، فالإكراه في الدين يكون مع من ليس عنده يقين، أما إذا أتى اليقين فإنه يتبين به الرشد من الغي وبالتالي لا إكراه في الدين.
ذلك اليقين الذي في آية الكرسي هو قوله تعالى (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء).
وإذا ظهرت البينة واستيقنها الناس فإن الامتحان على أثرها وتلك سنة الله في خلقه منذ الخلق الأول، فآدم امتحنه الله بعدما علمه الأسماء كلها وبعد أن تبين له الحق من الضلال، كذلك ذريته تمتحن إذا جاءتهم البينةالتي يتبين بها الرشد من الغي، فبعد أن يخرج الله الناس من الظلمات إلى النور سيظهر على إثرها طاغوت يريد أن يخرج الناس من النور ليعيدهم إلى الظلمات، فمن يكفر بهذا الطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الأدهان هو: ما هو هذا اليقين الذي تضمنته آية الكرسي والذي سيكون بسببه ما يكون؟
لا شك أنه يقين أعظم من اليقين الذي جاءت به بينات عيسى عليه السلام لأن الله لا يأتي بآيات جديدة بعد المسيح إلا لأنها خير منها يقينا أو على الأقل مثلها. فإذا أراد الله أن يتكلم على ذلك اليقين فإنه يضرب له المثل بما نعلمه كمثل أعلى لليقين، وحيث أن معجزة إحياء الموتى هي المثل الأعلى لليقين عند الناس فإن الله ضرب المثل لذلك اليقين بذلك فأتى بثلاث حالات لإحياء الموتى لنفهم منها أنهاهي ردود أفعال الناس حينما يأتيهم اليقين.
المثل الأول: ضرب لردود أفعال الظالمين الذين سيجحدون البينة بعد أن تستيقنها أنفسهم: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم رب الذي (يحيي ويميت) ....
المثل الثاني: ضرب للناس الذي يكونون في ضلال ولكن سيهتدون إلى الحق بعد أن يتبين لهم الرشد من الغي: أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى (يحيي) هذه الله بعد (موتها) .....
المثل الثالث: ضرب للمسلمين فهم مؤمنون أن الله عزيز حكيم وبعد أن يبين الله اليقين سيعلمون حق اليقين أن الله عزيز حكيم لأنهم سيدركون ذلك بأنفسهم، فبعد أن كان علم يقين صار حق يقين.: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف (تحيي الموتى) .....
إذن فهذه الأمثلة الثلاثة لإحياء الموتى ضربها الله لما سيكون من الناس بعد أن تأتيهم الآية الكبرى التي شبهت لما فيها من اليقين بآية إحياء الموتى التي هي في نظر الناس أعظم البينات.
ونفهم من هذه الأمثلة أن الناس سينقسمون إلى فسطاطين،
فسطاط استيقن البينة فكفر وجحد بها ظلما.
وفسطاط مؤمن:منهم من استيقن البينة فآمن، ومنهم من كان مؤمنا قبل مجيء البينة، هؤلاء هم المسلمون الذين ستزيدهم تلك البينة إيمانا ويتحقق ما آمنوا به أن الله عزيز حكيم.
وهكذا نرى أن آية الكرسي والآيات المتعلقة بها قد جاءت بين الأمر بالإنفاق وبين بيان الجزاء على ذلك (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة ماءة حبة ... )
أكتفي بهذا والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Sep 2004, 09:36 ص]ـ
الحمد الله رب العالمين
كل نبي ضرب الله به مثلا.وحيث أن الإسلام ملة إبراهيم عليه السلام ووصفه الله بأنه كان أمة فإن خير مثل يضرب لأمة الإسلام إنما يضرب بمن سميت الملة باسمه، ونحن نرى هنا أن الله تعالى ضرب المثل بإبراهيم مرتين، في المرة الأولى (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه .... ) فلأن البينة حجة أتى بها الإسلام وستظهر على يد أهل الإسلام.
وضرب إبراهيم مرة ثانية مثلا لأهل الإسلام وكيف سيستقبلون البينة.
وأنت حينما تفتح المصحف فستجد أن سورة البقرة هي الوحيدة التي كتب فيها اسم إبراهيم بدون ياء، كتب هكذا (إبر'هم)، 15 مرة كتبت بهذا الرسم، وكلمة (إبر'هم) الخامسة عشر هي التي جاءت في قوله تعالى (وإذ قال إبر'هم رب أرني كيف تحيي الموتى .... ).
وفي كتابة اسم (إبر'هم) بدون ياء 15 مرة في القرآن كله جاءت كلها في سورة البقرة (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون).
إني أرى حكمة مبينة في تأويل آية الكرسي وأنتم أيضا أليس كذلك؟
والحمد لله الحكيم الحميد.
ـ[أبو علي]ــــــــ[21 Sep 2004, 10:04 ص]ـ
هذا ما أراه في علاقة السورة الثانية في القرآن باسم (البقرة) وهي علاقة (مماثلة)، ضربت قصة البقرة وما حقق الله بها من يقين اهتدى به بنو إسرائيل إلى الحق باليقين الذي تتضمنه السورة، وإذا كان الله قد جعل بعضا من لحم البقرة سببا أحيى به ميتا فإن بعضا من آيات السورة هي أعظم آية في القرآن، والآية تقاس عظمتها بنسبة اليقين الذي تحمله، وحيث أن الإجابة تأتي بعد السؤال فإن أمر الله بذبح البقرة جاء بعد أن سأل بنوا إسرائيل رسولهم موسى عليه السلام أن يدعو الله أن يبين لهم الحق ليهتدوا به في تلك القضية كذلك فإن السورة تعتبر إجابة بالهدى لسورة الفاتحة التي هي في مضمونها دعاء نسأل فيه الله الهدى (إهدنا الصراط المستقيم ... ).
فما هو قولكم أيها الإخوة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Sep 2004, 06:20 م]ـ
1 - الترابط بين آيات القرآن يؤتاه من أكثر من تدبر كتاب الله حتى عرف مراده سبحانه
2 - أحيانا يكون الترابط متسلسلا بين الآيات، وأحيانا يتخلل تسلسل الآيات آيات استطرادية للتنبيه عن موضوع ما
ثم يعود السياق إلى القضية الأساسية
والله أعلم وأحكم وأخبر(/)
ألا لا يبخلنْ أحدٌ برأيه ...
ـ[حرف]ــــــــ[12 Sep 2004, 11:42 م]ـ
التحصيل العلمي بين: التخصص في الجزء و الغرق في الكل
أرجو من الأشياخ الكرام في هذا المنتدى المبارك , والإخوة الذين سبق لهم أن قرأو أو سمعوا عن هذا الموضوع أن يدلوا بما لديهم والقضية باختصار هي التالي.
انقسم الناس حول العلم , وهل أنَّ التخصص في جزء منه هو الطريق الأكمل , والسبيل إلى الانتفاع والنفع على الوجه الأمثل , وذلك مع أخذ صُبابةً من العلم لابد منها, أم أن ذلك هو الحرمان , وأنه من عداد المصائب التي بلينا بها في آخر الزمان , حتى أصبحنا في زمنٍ بائس أعجبني ما قاله عن حاله العلمية العلامة محمود الطناحي حين قال: أنك لا تكاد تجد اليوم العالِم الحاضِر كما كنت تجده حتى زمنٍ قريب.)
(والعالم الحاضر: يُقصد به العالم الذي يتكلم بنفس واحد في علوم اللغة والقرآن والحديث و التاريخ ... وغيرها , من قال في مثله الشاعر القديم وأحسن: وكان من العلوم بحيث يُقضى ... له من كل علم بالجميعِ.)
بل غالب من تراه - حتى ممن يُسمى زوراً بالعالم - رجلٌ يتكلم في فنٍّ من العلم لا يحسن غيره , و لا يتقن سواه , حتى إذا أراد السباحة يمنةً أو يسرةً غرِق في شبر ماء!
وإنك لتجد – وحالنا هذه - من إذا سألته في القرآن أو أحد علومه وجدت له في الكلام صولة وجولة , فيأخذ ويدع ويرجح ويفاضل , و تسأله عن خبر حديث من أحاديث البخاري مبتغياً جواباً حاضراً , وعلماً في الحال.
فتراه و لسان حاله: يا أخي إذا أردت جوابي فإليَّ بكتابي , وهل تظنني عالماً في كل مسألة؟ وهل العلم إلا بحرٌ لا ساحل له , وهل تظنُّ الطبري مازال في الأحياء و ... و ... قلتُ: وحسرةٌ تشلُّ لساني ... !
(هذا وإنَّ حديثي لمنصبٌّ على البخاري - وما أدراك ما البخاري؟ - أصح كتاب بعد كتاب الله , وأولاه باهتمامٍ ورعاية , فكيف إذا كان السؤال عما هو دون ذلك في المنزلة؟).
ألا ترى أنَّ أبياتا ساقها قدماء العلماء قد أمست غير ذات معنىً يفهم في زمن الفساد العلميِّ الذي نحياه؟ و إذا شئتم أن أن تسمعوا فاسمعوا:
نحوٌ وصرفٌ عروضٌ ثمَّ قافيةٌ ... وبعدها لغةٌ قرضٌ وإنشاءُ.
خطٌّ بيانٌ معانٍ مع محاضرةٍ ... والاشتقاقُ لها الآدابُ أسماءُ.
ما معنى هذه الأبيات؟ وهل تعرفون بربكم من يتقن هذه العلوم , وهي اثنا عشر علماً كلُّها فروع علمٍ واحد هو علم اللغة؟ هل تعرفون من علماء الشرع ممن لم يصب بلوثة التخصص من يتقن أصول هذه العلوم دون كل مافيها؟
ثم أقول: وهل هذا الحال العلمي مقبول في هذا الزمان؟ ألسنا بحاجة إلى ثورة علمية قبل حاجتنا إلى أي أمر آخر والحال العلمي هذه؟ أليس هذا من دلائل رفع العلم التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفشوِّها في آخر الأيام وهذا ما يراه بعض المشفقين ومنهم الشيخ محمد الحسن الددو – حماه الله - فهو يرى أن التخصص من البلاء ومن أمارات رفع العلم الذي توعَّد به عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان؟.
فهل من همةٍ ترفع هذه الأغلال المُثقِلَة لسير الموتى على الطريق الطويل؟ ومالنا لا ننادي بأعلى صوت كما رفع شوقي عقيرته ولسنا عنه ببعيد:
وما استعصى على قومٍ منالٌ ... إذا الإقدامُ كانَ لهم ركابا
وما نيلُ المطالبِ بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وإذا رأيت أحدا من القائلين بالتخصص فعليك بالكُرسف فاملأ به أذنيك , فإنه دواء ما استعصى من الكلم , وأنشد ما أنشده أسلافك:
أتانا أن سهلاً ذمَّ جهلاً ... عُلُوماً ليسَ يدريهنَّ سهلُ
علوماً لو دراها ما قلاها ... ولكنَّ الرضا بالجهلِ سهلُوقل له ما قاله ابن الوردي – رحمه الله -:
مات أهل العلم لم يبق سوى ... مقرف أو من على الأصل اتكل
اطلب العلم و لا تكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل
لا تقل ذهبت أيامه ... كل من سار على الدرب وصل
في إزدياد العلم إرغام العدى ... وجمال العلم إصلاح العمل
أما الرأي الآخر وهو الرأي المناصرُ لطريق التخصص فإنني اقتبس فيه شيئاً من كلام الشيخ حاتم الشريف – حرس الله مهجته – وهو من الفريق الذي يرى أن التخصص هو السبيل الأقوم , والطرق الأمثل.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول حفظه الله كما في رسالته الموسومة " نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية ": " نبه العلماء قديماً على أهمية التخصص في العلوم، فقال الخليل ابن أحمد الفراهيدي (ت 170هـ): (إذا أردت أن تكون عالماً فاقصد لفن من العلم، وإذا أردت أن تكون أديباً فخذ من كل شيء أحسنه).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ): (ما ناظرني رجل قط وكان مفنناً في العلوم إلا غلبته، ولا ناظرني رجل ذو فن واحد إلا غلبني في علمه ذلك).
إن هذه العبارات وأمثالها من الأئمة الدالة على فضل المتخصص في علم واحد على الجامع لأطراف العلوم (أو على رأي الخليل بن أحمد: الدالة على فضل العالم على الأديب المتفنن)، جاءت لتؤكد أن كل علم من العلوم بحر من البحور، لا يعرفه ويصل إلى كنوزه وخفاياه إلا من غاص أعماقه، وقصر حياته على الغوص فيه. أما من اكتفى بالسباحة على ظهر كل بحر من بحور العلم، فإنه إنما عرف ظواهر تلك البحور، وما عرف من كنوزها شيئاً.
وأخص بالذكر أهل عصرنا، فإن العلوم قد ازدادت تشعباً، وعظم كل علم عما كان، بمؤلفات أهله فيه على امتداد العصور السابقة، وبزيادة اختلافهم وأدلة كل صاحب قول منهم؛ ومع ذلك فقد ضعفت الهمم، ونقصت القدرات عما علمناه من أئمتنا السالفين؛ وذلك بين واضح لمن عرف سيرهم وأخبارهم ووازن بينهما وبين حالنا؛ أولئك كانوا بما تعلموا وعلموا وألفوا وجاهدوا وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كأن أعمارهم ليست بين الستين والسبعين وإنما بين مائة وستين ومائة وسبعين!! بل والله أكثر!!! أولئك كانت حياتهم كرامة، و وجهدهم معجزة خارقة للعادات!!! فأين نحن من أن نحوي علومهم؟! وأنى لنا أن نستوعب علم ما خلفوه لنا؟! ومع ذلك فقد تكلم هؤلاء أنفسهم عن فضل التخصص في العلم، فما أجهلنا إن حسبنا أننا بغير التخصص سنفهم علماً من العلوم!!!
ولقد سبرت بعض أحوال المتعلمين، فوجدت أكثرهم علماً وإنصافاً وتواضعاً، وأدقهم نظراً وفهماً، وأحسنهم تأليفاً وإبداعاً: هم أصحاب التخصصات. في حين وجدت أقلهم علماً وإنصافاً، وأكثرهم كبراً وتعالياً وتعالماً، وأبعدهم عن الفهم والتدقيق وعن الإبداع والإحسان في التأليف: المتفننين أصحاب العلوم، أو سمهم بالمثقفين؛ إلا من رحم ربك.
ومن فضل صاحب التخصص الفضل الظاهر، الذي يقرني عليه المنصف، أن صاحب التخصص لا يثرب على المتفنن، بل يراه أكثر أهلية منه في أمور كإلقاء المحاضرات والدعوة ومواجهة العامة، ويعتبره بذلك على ثغرة من ثغرات الإسلام، ويرى أن الأمة في حاجة إلى أمثاله. وأما أصحاب الفنون، فعلى الضد من ذلك، فهم أكثر الناس تثريباً وعيباً على المتخصصين، ولا يرون لهم فضلاً عليهم ولا في العلم الذي تخصصوا فيه، وينازعونهم مسائلة (وهم بها جهلاء)، ويشنعون عليهم لعدم معرفتهم ببعض ما لم يتخصصوا فيه.
ولك بعد هذا أن تحكم، أي الفريقين أدخل الله في قوله تعالى (إن الله يحب المقسطين).
ولله ما يلاقيه أصحاب التخصصات من إخوانهم المتفننين!! من عدم فهم الأخيرين لتخصصاتهم، مع كلامهم فيها ومنازعتهم أهلها، بل قد يصل الأمر إلى استغلال أصحاب الفنون علاقتهم بالعامة والغوغاء، وانبهار هؤلاء بهم، فيتطاولون على أصحاب التخصصات وعلى علومهم، بما لا يؤلم العالم شيء مثله، وهو الكلام بجهل، وتشويه العلوم.
ومن فضل صاحب التخصص إذا وفقه الله تعالى، أنه من أكثر الناس لقالة (لا أدري)، إذا سئل عن غير تخصصه. ولهذه القالة بركة لا يعرفها إلا قليل، فهي باب التواضع الكبير، وباب للعلم أكبر. وأما صاحب الفنون، فهو عن (لا أدري) أبعد؛ لأنه يضرب في كل علم بسهم، وبكثير جوابه على أسئلة العامة وأنصاف المتعلمين، التي هي – في الغالب – سؤالات عن الواضحات وعن ظواهر العلوم؛ فينسى مع طول المدة (لا أدري)، ولا يعتاد لسانه عليها، ولا تنقهر نفسه لها؛ لذلك فهو عن بركاتها ليس بقريب!!
ثم إن للعلم دقائق لا يعرف المتفننون عنها شيئاً، أما المتخصصون فقد خبروها، وقادتهم إلى دقائق الدقائق. فهم فقهاء العلوم حقاً، وأطباء الفنون صدقاً.
يقول الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني تلميذ الشافعي (ت 260هـ): (سمعت الشافعي يقول: من تعلم علماً فليدقق، لكيلا يضيع دقيق العلم).
كذا نصائح الأئمة، نور على نور!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الشافعي فقد كان آمناً من ضياع جليل العلم وعظمه، خائفاً من ضياع دقيقة. أما نحن الآن فنقول: (من تعلم علماً فليدقق، لكيلا يضيع جليل العلم)؛ فدققوا يا بني إخوتي ما شئتم من التدقيق، فنحن مع تدقيقكم هذا لعلى جليل العلم وجلون.
وهنا أنبه على أن مطالبتنا بالتخصص لا يعني أن نطالب بذلك على حساب فروض الأعيان من العلوم، كتصحيح العقيدة وعلم التوحيد الجملي، وما يحتاج إليه من فقه العبادات، وما شابهها من الفروض العينية من العلوم؛ فهذا ما لا يجوز على مسلم جهله، فضلاً عن طالب العلم؛ بل نحن نطالب طالب العلم بما فوق ذلك، وهو أن لا يكون جاهلاً بنفع كل علم نافع (ولا أقول أن يكون عالماً بكل علم نافع، فهذا ضد ما أحث عليه)؛ لأن الجهل بنفع علم ذي علم فائدة دنيوية أو أخروية يدعو إلى معاداة ذلك العلم، على قاعدة: من جهل شيئاً عاداه؛ ويقبح بطالب العلم أن يعادي علماً نافعاً، مهما قل نفعه في رأيه، فإنه لا ينقص على أن يكون فرضاً كفائياً.
وما أجمل وصية خالد بن يحيى بن برمك (ت 165هـ) لابنه، عندما قال له: (يا بني، خذ من كل علم بحظ، فإنك إن لم تفعل جهلت، وإن جهلت شيئاً من العلم عاديته، وعزيز علي أن تعادي شيئاً من العلم).
وأخص من العلوم مما يقبح بطالب العلم جهله العلوم الإسلامية جميعاً، كعلم الفقه وأصوله والتفسير وأصوله والعقيدة وعلوم الآلة من نحو وصرف وبلاغة وأدب، مما ينبغي على طالب علم الحديث المتخصص أن يحصل شيئاً منها. وضابط تحصيله لهذه العلوم (حتى لا يناقض ذلك مطالبتي له بالتخصص) أن يجعل مقصوده من طلبه لهذه العلوم تكميل استفادته لتخصصه وعميق فهمه له؛ حيث إن العلوم الإسلامية بينها ترابط كبير، لا يمكن من أراد التخصص في علم منها أن يكون جاهلاً تمام الجهل بما سواه. بل ربما قادته مسألة دقيقة في علم الحديث (مثلاً) إلى التدقيق في مسألة من مسائل أصول الفقه أو غيره، حتى يخرج بنتيجة في مسألته الحديثية. وليس ذلك بغريب على من عرف العلوم الإسلامية، وقوة ما بينها من أواصر القربى العلمية.
ولأزيد الأمر إيضاحاً أقول: كيف يتسنى لطالب الحديث أن يعرف الصواب في إحدى مشاهير مسائله؟ وهي مسألة الرواية عن أهل البدع وحكمها، إذا لم يكن عارفاً بالسنة والبدعة، وبصنوف البدع وأقسام المبتدعة، وبالغالي منهم ومن بدعته غليظة ومن يكفر ببدعته ممن هو بخلاف ذلك؛ وهذا كله باب من أبواب العقيدة عظيم.
وكيف يمكن لطالب الحديث أن يميز بين الروايات المختلفة، مثل زيادات الثقات: مقبولها ومردودها، والشاذة منها والمنكرة، والناسخة والمنسوخة، والراجحة والمرجوحة، إذا لم يكن عنده أصول الفقه والقدرة على الاستنباط والفهم للنصوص ما يتيح له الحكم في ذلك كله؟!
المهم أن يأخذ من العلوم التي لم يتخصص فيها، بقدر ما يخدم العلم الذي تخصص فيه، ولا يزيد على ذلك، و إلا لم يصبح متخصصاً، وإنما يكون متفنناً.
وطريقة تحصيله لتلك العلوم التي لا ينوي التخصص في واحد منها، مما لا يخرجه عن حد التخصص إلى حد التفنن، هي أن يدرس مختصراً من مختصرات تلك العلوم، تمكنه من مراجعة مطولات تلك الفنون، فيما إذ أحوجه علمه الذي تخصص فيه إلى ذلك، كما سبق التمثيل له. وعليه أيضاً أن لا يقطع صلته بعلماء تلك العلوم المتخصصين فيها، وأن يصوب فهمه من علومهم عليهم، وأن لا يستبد بشيء من علمهم دون الرجوع إليهم. " انتهى كلامه.
بقي أن نسمع رأيكم في هذه المسألة وأرجو ألا يبخل أي منكم برأيه.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 06:59 م]ـ
الأخ حرف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أرى برأي الضعيف العاجز أن عدم التخصص أفضل إقتداء بالسلف.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة منه، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه، ولقد كان يجلس يوماً ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب، ولا رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما
(يُتْبَعُ)
(/)
رأيت سائلاً "قط" سأله غلا وجد عنده علماً.
ولكن الناس يختلفون في تواجهاتهم فقد يرى البعض التخصص أفضل له والبعض يرى الشمول أفضل مثل ما أوردت بان ألناس فريقين في ذلك وكل على ثغر وفي كل خير.
فكل يسلك ما يراه أصلح
والمهم العمل بالعلم
والدعوة إليه
والصبر على الأذى فيه الدليل صورة العصر
حيث أن من الناس من حاز علما وافر سواء في تخصصه أو في فنون أخرى ولكن قد لا يعمل به وقد لا يدعو إليه بل بروز الشهادات وقعد
من لا يعلم بعلمه ولا يدعوالناس إليه كان علمه حجه عليه كان أول من تسعر به النار يوم القيامه.
إذا كان الإنسان يحفظ فقط ولا يعمل ويعلم فما الفرق بينه وبين كتاب في رف بل الكتاب أحفظ منه لأنه لاينسى ولكن الكتاب لا يمكن أن يدافع ويناظر عن الشريعة وإنما يقوم بذلك العلماء وطلاب العلم
ولاشك أن الإنسان مها أوتي من العلم فلم يؤتى من العلم إلا قليل وفوق كل ذي علم عليم.
وبعض من أتي علما تفرغ لنقد إخوانه من أهل العلم العاملين ولا حرج من النقد البناء المثمر ولكن البعض ينقد بغير حق ويشنع على أهل العلم بالباطل وسلم منه أعداء الاسلام وأهل البدع والانحراف.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بما يلي:
أرجو من فضيلتكم – حفظكم الله تعالى – توضيح المنهج الصحيح
في طلب العلم في مختلف العلوم الشرعية جزاكم الله غيراً وغفر لكم؟
فأجاب بقوله: العلوم الشرعية على أصناف منها:
1 - علم التفسير: فينبغي لطالب العلم أن يقرن التفسير بحفظ كتاب الله– عز وجل – اقتداء بالصحابة – رضي الله عنهم– حيث لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، ولأجل أن يرتبط معنى القرآن الكريم بحفظ ألفاظه فيكون الإنسان ممن تلاه حق تلاوته لا سيما إذا طبقه.
2 - علم السنة: فيبدأ بما هو أصح، وأصح ما في السنة ما اتفق عليه البخاري ومسلم.
لكن طلب السنة ينقسم إلى قسمين:
قسم يريد الإنسان معرفة الأحكام الشرعية سواء في علم العقائد والتوحيد أو في علم الأحكام العملية، وهذا ينبغي أن يُركز على الكتب المؤلفة في هذا فيحفظها كبلوغ المرام، وعمدة الأحكام، وكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد، وما أشبه ذلك
وتبقى الأمهات للمراجعة والقراءة، فهناك حفظ وهناك قراءة يقرأ الأمهات ويكثر من النظر فيها لأن في ذلك فائدتين:
الأولى: الرجوع إلى الأصول.
الثانية: تكرار أسماء الرجال على ذهنه، فإنه إذا تكررت أسماء الرجاء لا يكاد يمر به رجل مثلا من رجال البخاري في أي سند كان إلا عرف أنه من رجال البخاري فيستفيد هذه الفائدة الحديثية.
3 - علم العقائد: كتبه كثيرة وأرى أن قراءتها في هذا الوقت تستغرق وقتاً كثيراً والفائدة موجودة في الزبد التي كتبها مثل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله والعلامة ابن القيم، وعلماء نجد مثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ومن بعده من العلماء.
4 - علم الفقه: ولا شك أن الإنسان ينبغي له أن يُركز على مذهب معين يحفظه ويحفظ أصوله وقواعده، لكن لا يعني ذلك أن نلتزم التزاماً بما قاله الإمام في هذا المذهب كما يلتزم بما قاله النبي e ، لكنه يبني الفقه على هذا ويأخذ من المذاهب الأخري ما قام الدليل على صحته، كما هي طريقة الأئمة من أتباع المذاهب كشيخ الإسلام ابن تيمية، والنووي وغيرهما حتى يكون قد بنى على أصل، لأني أرى أن الذين أخذوا بالحديث دون أن يرجعوا إلى ما كتبه العلماء في الأحكام الشرعية، أرى عندهم شطحات كثيرة، وإن كانوا أقوياء في الحديث وفي فهمه لكن يكون عندهم شطحات كثيرة؛ لأنهم بعيدون عما يتكلم به الفقهاء.
فتجد عندهم من المسائل الغريبة ما تكاد تجزم بأنها مخالفة لإجماع أو يغلب على ظنك أنها مخالفة للإجماع، لهذا ينبغي للإنسان أن يربط فقهه بما كتبه الفقهاء- رحمهم الله – ولا يعني ذلك أن يجعل الإمام، إمام هذا المذهب كالرسول – عليه الصلاة والسلام – يأخذ بأقواله وأفعاله على وجه الالتزام، بل يستدل بها ويجعل هذا قاعدة ولا حرج بل يجب إذا رأى القول الصحيح في مذهب آخر أن يرجع إليه، والغالب في مذهب الإمام أحمد أنه لا تكاد ترى مذهباً من المذاهب إلا وهو قول للإمام أحمد، راجع كتب الروايتين في المذهب تجد أن الإمام أحمد – رحمه الله – لا يكاد يكون مذهب من المذاهب إلا وله قول يوافقه، وذلك لأنه – رحمه
(يُتْبَعُ)
(/)
الله – واسع الإطلاع ورجّاع للحق أينما كان، فلذلك أرى أن الإنسان يركز على مذهب من المذاهب التي يختارها، وأحسن المذاهب فيما نعلم من حيث اتباع السنة مذهب الإمام أحمد رحمه الله – وإن كان غيره قد يكون أقرب إلى السنة من غيره، على إنه كما أشرت قبل قليل؛ لا تكاد تجد مذهباً من المذاهب إلا والإمام أحمد يوافقه – رحمه الله
وأهم شيء أيضاً في منهج طالب العلم بعد النظر والقراءة، أن يكون فقيهاً، بمعنى أنه يعرف حكم الشريعة وآثارها ومغزاها وأن يطبق ما علمه منها تطبيقاً حقيقياً بقدر ما يستطيع] لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [(البقرة الآية: 286) لكن يحرص على التطبيق بقدر ما يستطيع، وأنا أكرر عليكم دائماً هذه النقطة ((التطبيق)) سواء في العبادات أو الأخلاق أو في المعاملات. طبق حتى يُعرف أنك طالب علم عامل بما علمت.
ونضرب مثلاً إذا مَر أحدكم بأخيه هل يشرع له أن يسلم عليه؟
الجواب: نعم يشرع ولكن أرى الكثير يمر بإخوانه وكأنما مر بعمود لا يسلم عليه، وهذا خطأ عظيم حيث يمكن أن ننقد العامة إذا فعلوا مثل هذا الفعل، فكيف لا يُنتقد الطالب؟ وما الذي يضرك إذا قلت السلام عليكم؟ وكم يأتيك؟ عشر حسنات – تساوي الدنيا كلها عشر حسنات لو قيل للناس: كل من مر بأخيه وسلم عليه سيدفع له ريال، لوجدت الناس في الأسواق يدورون لكي يسلموا عليه؛ لأن سيحصل على ريال لكن عشر حسنات نفرط فيها. والله المستعان.
وفائدة أخرى: المحبة والألفة بين الناس، فالمحبة والألفة جاءت نصوص كثيرة بإثباتها وتمكينها وترسيخا، والنهي عما يضادها والمسائل التي تضاد كثيرة، كبيع المسلم على بيع أخيه، والخطبة على خطبة المسلم، وما أشبه ذلك، كل هذا دفعاُ للعداوة والبغضاء وجلباً للألفة والمحبة، وفيها أيضاً تحقيق الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم ((والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا)) (1) ومعلوم أن كل واحد منا يحب أن يصل إلى درجة يتحقق فيها الإيمان له؛ لأن أعمالنا البدنية قليلة وضعيفة.
الصلاة يمضي أكثرها ونحن ندبر شئوناً أخرى، الصيام كذلك، الصدقة الله أعلم بها، فأعمالنا وإن فعلناها فهي هزيلة نحتاج إلى تقوية الإيمان، السلام مما يقوي الإيمان؛ لأن الرسول e قال: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذ
فعلتموه تحاببتم – يعني حصل لكم الإيمان – أفشوا السلام بينكم)) (1) هذه نقطة واحدة مما علمناه ولكننا أخللنا به كثيراً لذلك أقول: أسأل الله أن يعينني وإياكم على تطبيق ما علمنا؛ لأننا نعلم كثيرا ولكن لا نعمل إلا قليلاً، فعليكم يا إخواني بالعلم وعليكم بالعمل وعليكم بالتطبيق، فالعلم حجة عليكم، العلم إذا غذيتموه بالعمل أزداد] وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [(محمد الآية:17). إذا غذيتموه بالعمل أزددتم نوراً وبرهاناً] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [(لأنفال: الآية29)] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم [(الحديد الآية:28) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فعليكم بالتطبيق في العبادات وفي الأخلاق وفي المعاملات حتى تكونوا طلاب علم حقيقة، أسأل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين. انتهى كلامه رحمه الله
ـ[حرف]ــــــــ[13 Sep 2004, 11:29 م]ـ
لافظ فوك يا أبا عبدالرحمن , وشكر الله لك مشاركتك , وأود من الإخوة الكرام أن يثرو الموضوع بآرائهم النيرة , التي بودنا أن نراها ...
ـ[حرف]ــــــــ[14 Sep 2004, 07:40 م]ـ
العجيب أنَّ عدد القراء للموضوع 50 والمشارك واحد , هذا برغم الإلحاح في طلب المشاركة .... ؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Sep 2004, 11:14 م]ـ
سبق طرح الموضوع هنا
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1316&highlight=%CE%E3%D3%ED%E4+%D3%E4%C9(/)
في طريق تحصيل العلم وأخطاء يجب الحذر منها للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 10:54 م]ـ
أخواني الكرام
نقلت لكم هذا الموضوع من كتاب العلم للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وبالتأكيد أن بعضكم قد أطلع على كتاب الشيخ وقرأه ولكن البعض لم يقرؤه وما يكتبه مثل ذلك العالم وأمثاله ممن أمضوا سنين طويلة في الطلب والتعليم كنز ثمين وسراج يستضيء به طالب العلم في طريق الطلب ولهذا فقد نقلت لكم هذا الموضوع من كتاب الشيخ.
في طريق تحصيل العلم وأخطاء يجب الحذر منها
الفصل الأول
طريق تحصيل العلم
من المعلوم أن الإنسان إذا أراد مكاناً فلا بد أن يعرف الطريق الموصل إليه، وإذا تعددت الطرق فإنه يبحث عن أقربها وأيسرها؛ لذلك كان من المهم طالب العلم أن يبني طلبه للعلم على أصول، ولا يتخبط عشواء، فمن لم يتقن الأصول حرم الوصول، قال الناظم:
وبعد فالعلم بحور زاخرة لن يبلغ الكادح فيه آخره
لكن في أصوله تسهيلاً لنيله فاحرص تجد سبيلاً
اغتنم القواعد الأصولا فمن تفته يحرم الوصولا
فالأصول هي: العلم والمسائل فروع، كأصل الشجرة وأغصانها إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك
لكن ما هي الأصول؟
هل هي القواعد والضوابط؟
أو هي القواعد والضوابط؟
أو كلاهما؟
الجواب: الأصول هي أدلة الكتاب والسنة، والقواد والضوابط المأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة، وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم، مثلاً المشقة تجلب التيسير هذا من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة. من الكتاب من قوله تعالي:] وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [(الحج: الآية 78) ومن السنة: قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران بن حصين: ((صلَ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع على جنب)) (1) وقوله صلى الله عليه وسلم ((إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم)) (2). هذا أصل لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل، ولكن لو لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان أشكل عليك الأمر.
ولنيل العلم طريقان:
أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألفها علماء معروفون بعلمهم، وأمانتهم، وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات.
وأخذ العلم من بطون الكتب لا بد أن الإنسان يصل فيه إلى غاية ما. لكن هناك عقبتان:
العقبة الأولى:
الطول، فإن الإنسان يحتاج إلى وقت طويل، ومعاناة شديدة، وجهد جهيد حتى يصل إلى ما يرومه من العلم، وهذه عقبة قد لا يقوى عليها كثير من الناس، لاسيما وهو يرى من حوله قد أضاعوا أوقاتهم بلا فائدة، فيأخذه الكسل ويكل ويمل ثم لا يدرك ما يريد.
العقبة الثانية: أن الذي يأخذ العلم من بطون الكتب علمه ضعيف غالباً، لا ينبني عليه قواعد أو أصول، ولذلك نجد الخطأ الكثير من الذي يأخذ العلم من بطون الكتب لأنه ليس له قواعد وأصول يقٌعد عليها ويبني عليها الجزئيات التي في الكتاب والسنة نجد بعض الناس يمر بحديث ليس مذكوراً في كتب الحديث المعتمدة من الصحاح والمسانيد وهذا الطريق يخالف ما في هذه الأصول المعتمدة هند أهل العلم، بل عند الأمة، ثم يأخذ بهذا الحديث ويبني عقيدته عليه، وهذا لاشك أنه خطأ؛ لأن الكتاب والسنة لهما أصول تدور عليها الجزئيات، فلابد أن ترد هذه الجزئيات إلى أصول، بحيث إذا وجدنا في هذه الجزئيات شيئاً مخالفاً لهذه الأصول لا يمكن الجمع فيها، فإننا ندع هذه الجزئيات.
الثاني: من طرق تحصيل العلم أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه، وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم؛ لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب، أما الطريق الثاني فيكون فيه المناقشة والأخذ والرد مع المعلم فينفتح بذلك للطالب أبواب كثيرة في الفهم، والتحقيق، وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة، ورد الأقوال الضعيفة، وإذا جمع الطالب بين الطريقين كان ذلك أكمل وأتم، وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم،
وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها حتى يكون مترقياً من درجة إلى درجة أخري فلا يصعد إلى درجة حتى يتمكن من التي قبلها ليكون صعوده سليماً.
الفصل الثاني
أخطاء يجب الحذر منها
وهناك أخطاء يرتكبها بعض طلبة العلم:
منها الحسد:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو: كراهة ما أنعم الله به على غيره، وليس هو تمني زوال نعمة الله على الغير، بل هو مجرد أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره، فهذا هو الحسد سواء منى زواله أو أن يبقى ولكنه كاره له.
كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- فقال: ((الحسد كراهة الإنسان ما أنعم الله به على غيره)).
والحسد قد لا يخلو منه النفوس، يعني قد يكون اضطرارياً للنفس، ولكن جاء في الحديث: ((إذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت لا تحقق)) (1)، يعني أن الإنسان يجب عليه إذا رأى من قلبه حسداً للغير ألا يبغي عليه بقول أو فعل، فإن ذلك من خصال اليهود الذين قال الله عنهم:]) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء الآية:54)
ثم إن الحاسد يقع في محاذير:
أولاً: كراهيته ماقدره الله، فإن كراهته ما أنعم الله به على هذا الشخص كراهة لما قدره كوناً، ومعارضة لقضاء الله – عز وجل –
ثانيا: أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل الناس الحطب؛ لأن الغالب أن الحاسد يعتدي على المحسود بذكر ما يكره وتنفير الناس عنه، والحط من قدره وما أشبه ذلك، وهذا من كبائر الذنوب التي قد تحيط بالحسنات.
ثالثا: مايعق في قلب الحاسد من الحسرة والجحيم والنار التي تأكله أكلاً، فكلما رأى نعمة من الله على هذا المحسود اغتم وضاق صدره؛ وصار يراقب هذا الشخص كلما أنعم الله عليه بنعمة حزن واغتم وضاقت عليه الدنيا.
رابعا: أن في الحسد تشبهاً باليهود، معلوم أن من أتى خصلة من خصال الكفار صار منهم في هذه الخصلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) (1)
خامساً: أنه مهما كان حسده ومهما قوي لا يمكن أبداً أن يرفع نعمة الله عن الغير، إذا كان هذا غير ممكن فكيف يقع في قلبه الحسد.
سادساً: أن الحسد ينافي كمال الإيمان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن لأحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (1) ولازم هذا أن تكره أن تزول نعمة الله على أخيك، فإذا لم تكو تكره أن تزول نعمة الله عليك فأنت لم تحب لأخيك ما تحب لنفسك وهذا ينافي كمال الإيمان.
سابعاً: أن الحسد يوجب إعراض العبد عن سؤال الله تعالى من فضله، فتجده دائما مهتماً بهذه النعمة التي أنعم الله بها على غيره ولا يسأل الله من فضله، وقد قال الله تعالي:] وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه [(النساء الآية: 32).
ثامناً أن الحسد يوجب ازدراء نعمة الله عليه، أي أن الحاسد يرى أنه ليس في نعمة، وأن هذا المحسود في نعمة أكبر منه، وحينئذ يحتقر نعمة الله عليه فلا يقوم بشكرها بل يتقاعس.
تاسعا: الحسد خلق ذميم؛ لأن الحاسد يتتبع نعم الله على الخلق في مجتمعه، ويحاول بقدر ما يمكنه أن يحول بين الناس وبين هذا المحسود بالحط من قدره أحياناً، وبازدراء ما يقوم به من الخير أحياناً إلى غير ذلك.
عاشراً: إن الحاسد إذا حسد فالغالب أن يعتدي على المحسود وحينئذ يأخذ المحسود من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاته فطٌرح عليه ثم طٌرح في النار.
والخلاصة: أن الحسد خلق ذميم، ومع الأسف أنه أكثر من يوجد بين العلماء وطلبة العلم، ويوجد بين التجار فيحسد بعضهم البعض، وكل ذي مهنة يحسد من شاركه فيها، لكن مع الأسف أنه بين العلماء أشد وبين طلبة العلم أشد مع أنه كان الأولى والأجدر أن يكون أهل اللم أبعد الناس عن الحسد وأقرب الناس إلى كمال الأخلاق.
وأنت يا أخي إذا رأيت الله قد أنعم على عبده نعمة ما فاسع أن تكون مثله ولا تكره من أنعم الله عليه فقل: اللهم زده من فضلك وأعطني أفضل منه، والحسد لا يغير شيئا من الحال لكنه كما ذكرنا آنفاً فيه هذه المفاسد وهذه المحاذير العشرة، ولعل من تأمل وجد أكثروالله المستعان.
ومنها الإفتاء بغير علم:
(يُتْبَعُ)
(/)
الإفتاء منصب عظيم، به يتصدى صاحبه لبيان ما يشكل على العامة من أمور دينهم، ويرشدهم إلى الصراط المستقيم؛ لذلك كان هذا المنصب العظيم لا يتصدر له إلا من كان أهلاً له لذلك يجب على العباد أن يتقوا الله تعالى وأن لا يتكلموا إلا عن علم وبصيرة، وأن يعلموا أن الله وحده له الخلق والأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مدبر للخلق إلا الله ولا شريعة للخلق سوى شريعة الله، فهو الذي يوجب الشيء، وهو يحرمه، وهو الذي يندب إليه ويحلله، ولد أنكر الله على من يحللون ويحرمون بأهوائهم فقال تعالي:] قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [(يونس الآية:59)
]) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة [(يونس الآيتان: 59، 60) وقال تعالي:] وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [] مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النحل الآيتان: 116، 117) وإن من أكبر الجنايات أن يقول الشخص عن شيء إنه حلال وهو لا يدري ما حكم الله فيه، أو يقول عن الشيء إنه حرام وهو لا يدري عن حكم الله فيه، أو يقول عن الشيء إنه واجب وهو لا يدري أن الله أوجبه، ويقول عن الشيء إنه غير واجب هو لا يدري أن الله لم يوجبه، إن هذه جناية وسوء أدب مع الله – عز وجل -.
كيف تعلم أيها العبد أن الحكم لله ثم تتقدم بين يديه فتقول في دينه وشريعته ما لا تعلم؟ لقد قرن الله القول عليه بلا علم بالشرك به، فقال سبحانه:] قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [(لأعراف،الآية:33).
وإن كثيراً من العامة يفتي بعضهم بعضاً بما لا يعلمون فتجدهم يقولون هذا حلال، أو حرام، أو واجب، أو غير واجب، وهم لا يدرون عن ذلك شيئاً، أفلا يعلم هؤلاء أن الله تعالى سائلهم عما قالوا يوم القيامة.
أفلا يعلم هؤلاء أنهم إذا أضلوا شخصاً فأحلوا له ما حرم الله، أو حرَّموا ما أحل الله له فقد باءوا بإثمه وكان عليهم مثل وزر ما عمل وذلك بسبب ما أفتوه به.
إن بعض العامة يجني جناية أخرى فإذا رأى شخصاً يريد أن يستفتي عالماً يقول له هذا عالمي لا حاجة أن تستفتي،هذا أمر واضح، هذا حرام مع أنه في الواقع حلال فيحرمه ما أحل الله له، أو يقول له: هذا واجب فيلزمه بما لم يلزمه الله به، أو يقول هذا غير واجب في شريعة الله فيسقط عنه ما أوجب الله عليه، أو يقول هذا حلال وهو في الواقع حرام، وهذه جناية منه على شريعة الله، وخيانة لأخيه المسلم حيث أفتاه بدون علم، أرأيتم لو أن شخصاً سأل عن طريق بلد من البلدان، فقلت الطريق من هنا وأنت لا تعلم أفلا يعد الناس ذلك خيانة منك؟ فكيف تتكلم عن طريق الجنة وهو الشريعة التي أنزل الله وأنت لا تعلم عنها شيئاً؟!
وإن بعض المتعلمين أنصاف العلماء يقعون فيما يقع فيه العامة من الجرأة على الشريعة في التحليل والتحريم والإيجاب فيتكلمون فيما لا يعلمون، ويجملون في الشريعة ويفصلون، وهم من أجهل الناس في أحكام الله، إذا سمعت الواحد منهم يتكلم فكأنما ينزل عليه الوحي فيما يقول من جزمه وعدم تورعه، لا يمكن أن ينطق ويقول: لا أدري مع أن عدم العلم هو صفة الحق الثابت ومع ذلك يصر بناء على جهله على أنه عالم فيضر العامة؛ لأن الناس ربما يثقون بقوله ويغترون به، وليت هؤلاء القوم يقتصرون على نسبة الأمر إليهم لا بل تراهم ينسبون ذلك للإسلام فيقولون: الإسلام يرى كذا، وهذا لا يجوز إلا فيما علم القائل أنه من دين الإسلام، ولا طريق إلى ذلك إلا بمعرفة كتاب الله وسنة رسوله،أو إجماع المسلمين عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن بعض الناس لجرأته وعدم ورعه وعدم حيائه من الله وعدم خوفه منه يقول عن الشيء المحرم الواضح تحريمه ما أظن هذا حرام، أو عن الشيء الواجب والواضح وجوبه يقول ما أظن هذا واجباً، إما جهلاً منه، أو عناداً ومكابرة، أو تشكيكاً لعباد الله في دين الله.
أيها الإخوة: إن من العقل والإيمان ومن تقوى الله وتعظيمه أن يقول الرجل عما لا يعلم لا أعلم، لا أدري، اسأل غيري، إن ذلك من تمام العقل؛ لأن الناس إذا رأوا تثبته وثقوا به، ولأنه يعرف قدر نفسه حينئذ وينزلها منزلتها، وإن ذلك أيضاً من تمام الإيمان بالله وتقوى الله حيث لا يتقدم بين يدي ربه ولا يقول عليه في دينه مالا يعلم، ولقد كان رسول الله e وهو أعلم الخلق بدين الوحي فيجيب الله سبحانه عما سئل عنه نبيه] يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [(المائدة الآية: 4)] وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرا [(الكهف الآية:83)] يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ [(لأعراف الآية: 187) ولقد كان الأجلاء من الصحابة، تعرض لهم المسألة لا يدرون حكم الله فيها فيهابونها ويتوقفون فيها.
فها هو أبوبكر الصديق – رضي الله عنه – يقول: ((أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله بغير علم)).
وهاهو عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – تنزل به الحادثة فيجمع لها الصحابة ويستشيرهم فيها، قال ابن سيرين: لم يكن أحد أهيب مما لا يعلم من أبي بكر، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب بما لا يعلم من عمر، وقال ابن مسعود – رضي الله عنه:- ((أبها الناس من سئل عن علم يعلمه فليقل به، ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم، فأن مع العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم)). وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أحسنها، فقال له أصحابه: قد استحيينا لك، فقال: لكن الملائكة لم تستح حين قالت:] لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [(البقرة الآية:32).
وهناك أمثلة كثيرة على الإفتاء بغير علم، أن المريض إذا تنجست ثيابه ولم يمكن أن يطهرها يفتى بأنه لا يصلي حتى يطهر ثيابه، وهذه فتوى كاذبة خاطئة باطلة، فالمريض يصلي ولو كان عليه ثياب نجسه’، ولو كان بدنه نجساً إذا كان لا يستطيع أن يطهر ذلك، لأن الله يقول:] فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم [(التغابن الآية: 16) فيصلي المريض على حسب حاله وعلى حسب ما يقدر عليه، يصلى قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى جنبه يومىء برأسه إذا استطاع، فإن، فإن لم يستطع أو ما بعينه عند بعض أهل العلم، فإن لم يستطع الإيماء بعينه وكان معه عقه فلينو الفعل بقلبه وليقل القول بلسانه مثلا: يقول الله أكبر ثم يقرأ الفاتحة وسورة، ثم يقول: الله أكبر وينوى أنه راكع، ثم يقول سمعه الله لمن حمده وينوي أنه رفع الركوع، ثم يقول هكذا في السجود وبقية أفعال الصلاة، ينوي الفعل الذي لا يقدر عليه، ينويه بقلبه ولا يؤخر الصلاة عن وقتها.
وبسبب هذه الفتوى الكاذبة الخاطئة يموت بعض المسلمين وهم لا يصلون من أجل هذه الفتوى الكاذبة، ولو أنهم علموا أن الإنسان المريض يصلي على أي حال لماتوا وهم يصلون.
ومثل هذه المسألة وأشباهها كثير فيجب على العامة أن يتلقوا أحكامها من أهل العلم حتى يعرفوا بذلك حكم الله – عز وجل – وحتى لا يقولوا في دين الله ما يعلمون.
ومنها: الكبر:
وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه فقال:
((الكبرٌ بطَرٌ الحق وغًمْطٌ الناس)) (1)
وبطر الحق هو: رد الحق، وغمط الناس يعني احتقارهم، ومن الكبرياء ردك على معلمك، والتطاول عليه وسوء الأدب معه، وأيضا استنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء، وهذا يقع لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم استنكف ولم يقبل، وتقصيرك عن العمل بالعلم عنوان حرمان – نسأل الله العافية -:
وفي هذا يقول القائل:
العلم حربٌ للفتى المتعالي كالسيل حربٌ للمكان العالي
ومعنى البيت:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يدرك العلم؛ لأن العلم حرب له كالسيل حرب للمكان العالي، لأن المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه، كذلك العلم لا يستقر مع الكبر والعلو، وربما يسلبٌ العلم بسبب ذلك.
ومنها: التعصب للمذاهب والآراء:
فيجب على طالب العلم أن يتخلى عن:
الطائفية والحزبية بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة أو على حزب معين فهذا لا شك خلاف منهج السلف، فالسلف الصالح ليسوا أحزاباً بل هم حزب واحد، ينضوون تحت قول الله – عز وجل -:] هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل ُ [(الحج: الآية78).
فلا حزبية ولا تعدد، ولا موالاة، ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة، فمن الناس مثلاً من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليلاً عليه، ويحامي دونها، ويضلل من سواه حتى وإن كانوا أقرب إلى الحق منها، ويأخذا مبدأ: من ليس معي فهو على، وهذا مبدأ خبيث؛ لأن هناك وسطاً بين أن يكون لك أو عليك، وإذا كان عليك بالحق، فليكن عليك وهو في الحقيقة معك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) (1) ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم، فلا حزبية في الإسلام، ولهذا لما ظهرت الأحزاب في المسلمين، وتنو عن الطرق، وتفرقت الأمة، وصار بعضهم يضلل بعضاً، ويأكل لحم أخيه ميتاً، لحقهم الفشل كما قال الله تعالي:] وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [(لأنفال: الآية46) لذلك نجد بعض طلاب العلم يكون عند شيخ من المشايخ، ينتصر لهذا الشيخ بالحق والباطل ويعادي من سواه، ويضلله ويبدعه، ويرى أن شيخه هو العالم المصلح، ومن سواه إما جاهل أو مفسد، وهذا غلط كبير، بل يجب أخذ قول من وافق قوله الكتاب والسنة وقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنها: التصدر قبل التأهل:
مما يجب الحذر منه أن يتصدر طالب العلم قبل أن يكون أهلاً للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلاً على أمور:
الأمر الأول: إعجابه بنفسه حيث تصدر فهو يرى نفسه عَلَم الأعلام.
الأمر الثاني: أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته للأمور؛ لأنه إذا تصدر، ربما يقع في أمر لا يستطيع الخلاص منه، إذ أن الناس إذا روأوه متصدراً أو ردوا عليه من المسائل ما يبين عواره.
الأمر الثالث: أنه إذا تصدر قبل أن يتأهل لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم؛ لأن الغالب أن من كان هذا قصده، أنه لا يبالي ويجب على كل ما سٌئِلَ ويخاطر بدينه وبقوله على الله – عز وجل – بلا علم.
الأمر الرابع: أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق، لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره ولو كان معه الحق كان هذا دليلاً على أنه ليس بعالم.
ومنها: سوء الظن:
فيجب على طالب العلم الحذر من أن يظن بغيره ظناً سيئاً مثل أن يقول: لم يتصدق هذا إلا رياء، لم يلق الطالب هذا السؤال إلا رياءً ليعرف أنه طال فاهم، وكان المنافقون إذا أتى المتصدق من المؤمنين بالصدقة، إن كانت كثيرة قالوا: مرائي، وإذا كانت قليلة قالوا: إن الله غني عن صدقة هذا كما قال الله عنهم:] الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [(التوبة الآية:79) فإياك وسوء الظن بمن ظاهره العدالة، ولا فرق بين أن تظن ظناً سيئاً بمعلمك أو بزميلك، فإن الواجب إحسان الظن بمن ظاهر العدالة، أما من ظاهره غير العدالة فلا حرج أن يكون في نفسك سوء ظن به، لكن مع ذلك عليك أن تتحقق حتى يزول ما في نفسك من هذا الوهم، لأن بعض الناس قد يسيء الظن بشخص ما بناء على وهم كاذب لا حقيقة له.
فالواجب إذا أسأت الظن بشخص، سواء من طلبة العلم أو غيرهم، الواجب أن تنظر هل هناك قرائن واضحة تسوغ لك سوء الظن فلا بأس، وأما إذا كان مجرد أوهام فإنه لا يحل لك أن تسيء الظن بمسلم ظاهره العدالة، قال تعالي:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ [(الحجرات الآية:12) لم يقل كل الظن؛ لأن بعض الظنون لها أصل ولها مبرر
(إن بعض الظن إثم) وليس لك الظن، فالظن الذي يحصل فيه العدوان على الغير لا شك أنه إثم، وكذلك الظن الذي لا مستند له، وأما إذا كان له مستند فلا بأس أن تظن الظن السيء بحسب القرائن والأدلة.
لذلك ينبغي للإنسان أن ينزل نفسه منزلتها، وأن لا يدنسها بالأقذار، وأن يحذر هذه الأخطاء مما تقدم؛ لأن طالب العلم شرفه الله بالعلم وجعله أسوة وقدوة، حتى أن لله رد أمور الناس عند الإشكال إلى العلماء فقال:] فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [(الأنبياء الآية: 7) وقال تعالى:] وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء الآية: 83) فالحاصل أنك يا طالب العلم محترم، فلا تنزل بنفسك إلى ساحة الذل والضعة، بل كن كما ينبغي أن تكون.(/)
آيتين في كتاب الله عزوجل
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[13 Sep 2004, 11:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
قال الله عزوجل ((وخلق الانسان عجولا))
وقال عزمن قائل ((خلق الانسان من عجل))
وقال عزوجل ((وبدأ خلق الانسان من طين))
وقال ((ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين))
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة على ان ابتداء خلق الانسان من طين ..
فهنا سؤالين؟؟؟
اولا: ان الله عزوجل اخبرنا بان اول خلق الانسان من طين.وفي هاتين الآيتين الكريمتين من {عجل}؟؟؟
ثانيا: كما نعلم جميعا ان الاستعجال مذموم والتانِي والتؤدة محمود فكيف التوفيق ان الله عزوجل خلقنا من عجل ثم نهينا عن العجل؟؟؟ ارجو الافادة ولكم جزيل الشكر
__________________________________________________ _
((في التأني السلامة ... وفي العجلة الندامة)))
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[17 Sep 2004, 06:50 ص]ـ
أولاً يل أخي السائل: هلا ذكرت لنا أين قال الله: ((وخلق الانسان عجولا))؟؟
أما الجواب عن سؤالك فخذه من كلام الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، قال رحمه الله:
(
{خُلِقَ ?لإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ}
قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يذكر بعض العلماء في الآية قولاً ويكون في نفس الآية قرينة تدل على خلاف ذلك القول. فإذا علمت ذلك فاعلم ـ أن في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مِنْ عَجَلٍ} فيه للعلماء قولان معروفان، وفي نفس الآية قرينة تدل على عدم صحة أحدهما. أما القول الذي دلت القرينة المذكورة على عدم صحته: فهو قول من قال: العجل الطين وهي لغة حميرية. كما قال شاعرهم:
البيع في الصخرة الصماء منبته والنخل ينبت بين الماء والعَجَل
يعني: بين الماء والطين. وعلى هذا القول فمعنى الآية: خلق الإنسان من طين، كقوله تعالى {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً}
[الإسراء:61]، وقوله: {وَبَدَأَ خَلْقَ ?لإِنْسَانِ مِن طِينٍ} [السجدة:7].
والقرينة المذكورة الدالة على أن المراد بالعجل في الآية ليس الطين قوله بعده: {فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء:37]، وقوله: {وَيَقُولُونَ مَتَى? هَـ?ذَا ?لْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِين}
[الأنبياء:38].
فهذا يدل على أن المراد بالعجل هو العجلة التي هي خلاف التأني والتثبت. والعرب تقول: خلق من كذا. يعنون بذلك المبالغة في الإنصاف. كقولهم: خلق فلان من كرم، وخلقت فلانة من الجمال. ومن هذا المعنى قوله تعالى: {?للَّهُ ?لَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ} [الروم:54] على الأظهر. ويوضح هذا المعنى قوله تعالى: {وَيَدْعُ ?لإِنْسَانُ بِ?لشَّرِّ دُعَآءَهُ بِ?لْخَيْرِ وَكَانَ ?لإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:11] أي ومن عجلته دعاؤه على نفسه أو ولده بالشر.
قال بعض العلماء: كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى العلم والإقرار، ويقولون متى هذا الوعد. فنزل قوله: {خُلِقَ ?لإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} للزجر عن ذلك. كأنه يقول لهم: ليس ببدع منكم أن تستعجلوا. فإنكم مجبولون على ذلك، وهو طبعكم وسجيتكم. ثم وعدهم بأنه سيريهم آياته، ونهاهم أن يستعجلوا بقوله: {سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ}. كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ?لآفَاقِ وَفِي? أَنفُسِهِمْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ?لْحَقُّ} [فصلت:53].
وقال بعض أهل العلم: المراد بالإنسان في قوله: {خُلِقَ ?لإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} آدم. وعن سعيد بن جبير والسدي: لما دخل الروح في عَيني آدم نظر في ثمار الجن، فلما دخل جوفه اشتهى الطعام، فوثب من قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة. فذلك قوله: {خُلِقَ ?لإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}. وعن مجاهد والكلبي وغيرهما: خلق آدم يوم الجمعة في آخر النهار.، فلما أحيا الله رأسه استعجل وطلب تتميم نفخ الروح فيه قبل غروب الشمس. والظاهر أن هذه الأقوال ونحوها من الإسرائيليات. وأظهر الأقول أن معنى الآية: أن جنس الإنسان من طبعه العجل وعدم التأني كما بينا، والعلم عند الله تعالى.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: والحكمة في ذكر عجلة الإنسان ها هنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلى الله لعيه وسلم، وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم، واستعجلت ذلك. فقال الله تعالى: {خُلِقَ ?لإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} لأنَّه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، يؤجل ثم يعجل، وينظر ثم لا يؤخر. ولهذا قال: {سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي} أي نقمي وحكمي، واقتداري على من عصاني فلا تستعجلون. انتهى منه.) انتهى كلام الشنقيطي رحمه الله(/)
ترجمة معاني القرآن الكريم بالروسية للمترجمة إيمان فاليريا بوروخوفا
ـ[ muniri] ــــــــ[15 Sep 2004, 12:53 م]ـ
نرجو من له إلمام باللغة الروسية إيفادنا عن ترجمة معاني القرأن الكريم للمترجمة Veleria Iman Porokhova - لقد سمعنا أنه فيها أخطاء و القائمة على الترجمة لاتتقن اللغة العربية -(/)
تفضيل بعض الأولاد يورث: الحقد، فكيف حصل هذا من نبي الله يعقوب ... ؟
ـ[عبدالله آل حمدان القحطاني]ــــــــ[15 Sep 2004, 09:07 م]ـ
أرجو الإجابة على هذا السؤال؟
تفضيل بعض الأولاد يورث: الحقد، فكيف حصل هذا من نبي الله يعقوب ... ؟
ـ[ابن حجر]ــــــــ[15 Sep 2004, 09:16 م]ـ
من المعلوم أن تفضيل بعض الأولاد على بعضهم يورث الحقد والحسد بينهم، ومعلوم قطعاً مدى تلك التربية الدقيقة في عظمتها والتي كان عليها الأنبياء عليهم السلام ... وحين يقرأ الواحد في سورة يوسف تمر عليه هذه الخاطرة ... كيف يفضل نبي الله يعقوب يوسف على إخوته حتى يحسدوه ... ؟
وجواباً لتلك القضية: يقال: هذا منه عليه السلام في أمر لا يملكه وهو أمر قلبي: الحب
قال الإمام الرازي _رحمه الله_ في تفسيره [6/ 423]:"والجواب: أنه عليه السلام ما فضلهما _ يعني يؤسف وأخاه _ على سائر الأولاد إلا في المحبة، والمحبة ليست في وسع البشر فكان معذوراً فيه ولا يلحقه بسبب ذلك لوم "أ. هـ.
وقد جاء في الحديث:" اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك " [رواه أبو داود في كتاب النكاح برقم 1822]
ـ[عبدالله آل حمدان القحطاني]ــــــــ[19 Sep 2004, 05:32 م]ـ
جزيت خيراً يابن حجر
الله يبارك فيك
ـ[ابواحمد]ــــــــ[19 Oct 2004, 04:24 م]ـ
أما الحديث الذي ذكرتم:" اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك " [رواه أبو داود في كتاب النكاح برقم 1822].
فهو ضعيف ولايحتج به ضعفه الالباني.
تحقيق الألباني: (ضعيف) انظر حديث رقم: 4593 في ضعيف الجامع
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 Oct 2004, 07:08 ص]ـ
أبو أحمد
هل لك أن تنقل لنا علة تضعيفه لدى الألباني رحمه الله ((هذا قسمي---
ـ[ابواحمد]ــــــــ[01 Nov 2004, 06:26 ص]ـ
قال الالباني في ارواء الغليل 7/ 81:
2018 - (وعن عائشة (كان رسو ل الله (ص) يقسم بيننا فيعدل ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك) رواه أبو داود) 2/ 222. / صفحة 82 / ضعيف. أخرجه أبؤ داود (2134) وكذا النسائي (2/ 157) وفي (الكبر ى) (ق 69/ 2) والترمذي (1/ 2 1 3) والدارمى (2/ 144) وابن ماجه (1 971) وإبن حبان (1 3 0 5) والحاكم (2/ 187) والبيهقي (7/ 298) وابن أبى شيبة في (المصنف) (7/ 66 / 1) من طرق عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة به.
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، وعليه جرى الحكم فقال: (صحيح على شرط مسلم). ووافقه الذهبي وابن كثير كما نقله الأمير الصنعانى في (الروض الباسم) (83/ 2) عن كتابه: (إرشاد الفقيه) فقال: إنه حديث صحيح!
لكن المحققين من الأئمة قد أعلوه،
فقال النسائي عقبه: (أرسله حماد بن زيد).
وقال الترمذي: (هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي (ص).
ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبى قلابة مرسلا: أن النبي (ص) كان يقسم، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة).
وأورده ابن أبي حاتم في (اللعلل) (1/ 425) من طريق حماد بن سلمة، ثم قال: (فسمعت أبا زرعة يقول: (لا أعلم أحدا تابع حمادا على هذا). وأيده ابن أبي حاتم بقوله: (قلت: روى ابن علية عن أيوب عن أبى قلابة قال: كان رسول الله يقسم بين نسائه. الحديث، مرسل).
قلت: وصله إبن أبى شيبة. فقد اتفق حماد بن زيد وإسماعيل بن علية على إرساله. وكل منهما أحفظ وأضبط من حماد بن سلمة، فروايتهما أرجح عند المخالفة، لا سيما إذا اجتمعا عليها. / صفحة 83 / لكن الشطر الأول منه له طريق أخرى عن عائشة بلفظ: (كان رسول الله (ص) لا يفضل بعضنا على بعض في القسم 000) الحديث(/)
هذا تفسيري للآية فماذا أنتم قائلون يا أهل التفسير؟؟
ـ[علي الريعان]ــــــــ[16 Sep 2004, 03:35 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله:
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل "ومن اياته خلق السموات والارض واختلاف السنتكم والوانكم ان في ذلك لايات للعالمين" - سورة الروم 21 - .
((واختلاف السنتكم))
كتب التفاسير تقول إن الاختلاف في الالسن يقصد به اختلاف لغات البشر من قطر لآخر ((العربية والإنجليزية والفرنسية ووووو))
أقول والعلم عند الله بأن اللهجات العامية الدارجة في لغتنا العربية من مدينة إلى أخر، ومن حي لآخر، ومن قرية إلى قريه تدخل في معنى الاختلاف في الألسن الذي أشارت له الآية الكريمة، وقس ذلك على بقية اللغات العالمية الأخرى.
حيث أن اللهجات تبلغ أضعاف أضعاف اللغات في العالم، وتكون معها عظمة الآية أعم وأشمل من اللغات المعروفة.
مجرد إجتهاد ... والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2004, 05:34 ص]ـ
أخي علي الريعان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كتب التفسير ما ذكرته وأخص منه
في زاد المسير
قوله تعالى: (وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ) (الروم: 22) يعني اللغات من العربية والعجمية وغير ذلك وقيل: المراد باختلاف الألسنة اختلاف النغمات والأصوات، حتى إنه لا يشتبه صوت أخوين من اب وأم.
وفي التحرير والتنوير
وقيل: أراد باختلاف الألسنة اختلاف الأصوات بحيث تتمايز أصوات الناس المتكلمين بلغة واحدة فنعرف صاحب الصوت وإن كان غير مرئي.
وفي تفسير بن جرير الطبري
واختلاف منطق ألسنتكم ولغاتها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2004, 07:48 ص]ـ
بارك الله فيك أخي علي على اجتهادك الموفق في فهم الآية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق للفهم والتدبر لكتاب الله. والأمر كما ذكر الأخ أبو عبدالرحمن من أقوال المفسرين في معنى اختلاف الألسنة في الآية الكريمة. وأنه يشمل كل ما ذكر لدلالة لفظ الاختلاف على اختلاف اللغات واللهجات ونحو ذلك.
ـ[علي الريعان]ــــــــ[18 Sep 2004, 01:54 ص]ـ
الأخوين:
أبو عبد الرحمن الشهري
عبدالرحمن الشهري
أشكركما على التفاعل مع الموضوع وإيراد الدليل والتأييد على ما ذهبت إليه من أن اللهجات العامية تدخل في تفسير الآية الكريمة السابق ذكرها.
والله من وراء القصد.
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Sep 2004, 06:14 م]ـ
من قواعد التفسير أن الآية إذا احتملت أكثر من معنى دون تعارض فلا مانع من الأخذ بكل المعاني(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {15}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[16 Sep 2004, 02:26 م]ـ
(((دعوات لاتستجاب)))
اهل النار لايستجاب لهم ,دعواهم غير مسموعة ,ولا مجيب لدعائهم ... ! وفي النار حوار بين المعذبين وبين خزنة النار ,وهذا الحوار يصفه القرآن الكريم فيقول الله عزوجل:
((وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب *قالوا اولم تك تاتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال*)) {المؤمن آية:49 - 50}
توضح لنا الآية الكريمة ان اهل النار طلبوا من خزنتها ان يخفف الله عنهم يوما من العذاب.
ما هو العذاب المخفف؟
ان اخف عذاب يصفه الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: ((ان اهون اهل النار عذابا يوم القيامة رجل في اخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه)) {رواه البخاري ومسلم واحمد والنسائي عن النعمان بن بشير}
اراد اهل النار هذا النوع من العذاب المخفف يوما واحدا بينما هم لابثين فيها احقابا.
يقول المفسرون عندما اراد اهل النار من الخزنة تخفيف يوم من العذاب بعد الف عام يكون الرد ((أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات)) واجاب اهل النار ((قالوا بلى)).قال الخزنة لاهل النار ((فادعوا)) وهم يعلمون ان دعائهم لايستجاب وجاء قوله تعالى: ((وما دعاء الكافرين الا في ضلال))
عندما ييأس اهل النار من الخزنة يبقون في النار الى ماشاء الله, ثم يطلبون رئيس الخزنة وهو (مالك) عليه السلام يسالونه بطلب جديد يصفه لنا القرآن الكريم بقول الله عزوجل ((ونادوا يامالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون))
{الزخرف آية:77}
مالك هو رئيس الخزنة. ((ونادوا يامالك)) ولم يأت اللفظ (وقالوا يامالك) لانهم لايعلمون اين رأسه. وكلمة نادى للبعيد, اما قال فهي للقريب ... !
فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكا وهو عليهم.وله مجلس في وسطها أي وسط النار, وهناك جسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى اقصاها كما يرى ادناها.
قال الاعمش نبئت ان بين دعائهم وبين اجابة مالك اياهم .. !! ألف عام .. {خرجه الترمذي}
وقال ابن عباس يقولون ذلك فلا يجيبهم الف سنة ثم يقول ((إنكم ماكثون)) {تفسير القرطبي}
اهل النار يطلبون الموت من مالك ((ليقض علينا ربك)) فيجيبهم مالك: ((إنكم ماكثون)) لم يكتف بهذا بل أقام عليهم الحجة كما أقموها الخزنة عليهم: ((لقد جئناكم بالحق ولكنَ اكثركمللحق كارهون)) {الزخرف آية:78}
الحجة دائما تقام على العصاة. اهل النار يقول تعالى: ((وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى)) {الزمر آية:71}
وحجة أ’خرى يقول تعالى: ((ألم يأتكم نذير*قالوا بلى قد جاءنا نذير*)) {الملك آية:8 - 9}
لقد طلبوا التخفيف يوما واحدا ولم ’يستجب لهم .. وطلبوا الموت ولم ’يستجب لهم .. وتأتي اللقطة الثالثة .. ماذا يريدون .. ؟
يقول تعالى في وصف الحالة الثالثة: ((والذين كفروا لهم نار جهنم لا ’يقضى عليهم فيموتوا ولا ’يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور*وهم يصطرخون فيها ربَنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكَر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)) {فاطر آية:36 - 37}
هاتان الآيتان جمعتا معاني الآيتين في سورة المؤمن حيث طلب الكفار من الخزنة تخفيف يوم واحد ,كما جمعت معاني الآيتين في سورة الزخرف حيث طلب الكفار الموت من مالك ولم يستجب لطلبهم في الموضعين.لاتخفيف ولاموت, وفي الآيتين من سورة فاطرلايستجاب لهم في الطلب الثالث وهو: ((ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل)).
وفي هذه الآية طلبوا الخروج من النار ,وفي آية أخرى طلبوا الرجوع الى الدُنيا يقول تعالى: ((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نردُ ولا نكذِب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)) {الانعام آية:27}
هنا يتبين طلب اهل النار وتمنياتهم لو يرجعهم الله الى الدنيا فيعملوا صالحا ولايكذِبوا بآيات الله , وذلك عند رؤيتهم النار وقبل دخولهم اليها ,ولحظة سماعهم شهيقها وزفيرها.لكن الجواب لهذا الطلب أن الله لو ارجعهم الى الدنيا فسيعملون ذات العمل السيء ويكذِبوا الرسل ويعملوا المنكرات فقال الله عزوجل ((إنَََََهم لكاذبون))
وخلاصة القول فإن هؤلاء يطلبون الآتي:
1:طلبوا التخفيف يوما واحدا ولم ’يجب طلبهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
((وقال الَذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب)) {المؤمن آية:49}
2:طلبوا الموت من شدة العذاب الذي هم فيه فلم ’يجب طلبهم.
((ونادوا يامالك ليقض علينا ربُك قال انكم ماكثون)) {الزخرف آية:77}
3:طلبوا الرجوع الى الدنيا ليعملوا صالحا ولا ’يكذِبوا ولم ’يجب طلبهم.
((وهم يصطرخون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)) {فاطر آية:37}
وبعد هذه المطالب الثلاثة يأتي الجواب مخيِبا أمنياتهم فيقول العليم الحكيم: ((بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردُوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)) {الانعام آية 28}
كانت الحياة الدنيا كافية لهؤلاء: ((أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر)) اي الم نمدكم بأعمار؟ ولكنكم أعرضتم ولم تتفكروا خلال العمر وتسألوا أنفسكم ما هذه الكتب المقدَسة؟
ومن هم هؤلاء الانبياء والمرسلون؟
الم تتفكروا بمن خلقكم؟
الم تسالوا انفسكم من خلق السماوات والارض وما بينهما؟
ويقيم الله تعالى الحجة عليهم دائما فيقول: ((وجاءكم النذير)) وهذه الحجة تاتي دائما لتكبت الكفار وتخرسهم فلا يستطيعون جوابا .. تبا لهم .. فالذي يعرض عن ذكر الله وعن المنهج الذي انزله على رسله وخاصَة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم إن الذي يعرض عن هذا ولم يتدبر بما انزل الله ولم يتفكر بمخلوقاته فهو اضل من الانعام.
((أرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا*أم تحسب أن أكثرهم يسمعون او يعقلون إن هم إلا كالانعام بل أضل سبيلا*)) {الفرقان آية:43 - 44}
هؤلاء الشرذمة الكافرة تراها يوم القيامة في وضع لايحسد عليه: ((ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا*ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا*لقد اضلَني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا*)) {الفرقان آية:27 - 29}
نعود مرة ثانية الى الآيات من سورة فاطر لنرى معاني الالفاظ الرَائعة: ((وهم يصطرخون فيها)) لم يقل الله عزوجل (يصرخون فيها) وسبب ذلك أن الصراخ مؤقت وهو ما يصدر نتيجة لشيء مخيف او مرعب. أما الاصطراخ فانه صراخ مستمر وبدون انقطاع مع الالم الفظيع المميت , وقد جاء الوصف الالهي هذا معبرا عن الحالة الفظيعة التي سيكونون عليها ((وهم يصطرخون فيها)) أي في جهنم ((فما أصبرهم على النار)) {البقرة آية:175}
روى البيهقي عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه أنه قال: لاهل النار خمس دعوات يجيبهم الله تعالى في اربعة منها فإذا كان في الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا:
((قالوا ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل))
{المؤمن آية:11}
فيجيبهم الله عزوجل: ((ذلكم بانه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير))
{المؤمن آية:12}
ثم يقولون: ((ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)) {السجدة آية:12}
فيجيبهم الله تعالى: ((فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون))
{السجدة آية:14}
ثم يقولون: ((ربنا اخرنا الى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل)) {ابراهيم آية:44}
فيجيبهم الله تعالى: ((أولم تكونوا اقسمتم من قبل ما لكم من زوال)) {ابراهيم آية 44}
ثم يقولون: ((ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل)) {فاطر آية:37}
فيجيبهم الله تعالى: ((أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظلمين من نصير))
{فاطر آية:37}
ثم يقولون: ((قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالِين * ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون))
{المؤمنون آية:106 - 107}
فيجيبهم الله تعالى: ((إخسؤوا فيها ولا تكلمون)) {المؤمنون آية:108}
فلا يتكلمون بعدها ابدا .. للانسان الضال دعوات في اوضاع مختلفة ورهيبة لا’يستجاب لها.
اولاها: عند الموت.ماذا يريد الضال عند الموت؟
يقول الله عزوجل: ((حتَى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِ ارجعونِ*لعلِي اعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون *)) {المؤمنون آية:99 - 100}
(يُتْبَعُ)
(/)
اراد هذا الضال عند الموت الرجوع الى الحياة الدنيا حتى يعمل صالحا لانه كان ضالا وظالما ولكن الجواب يأتي بالنفي ((كلا إنها كلمة هو قائلها)) ولا ينفع الندم ,وصورة اخرى وطلب اخر عند الموت يقول الله تعالى محذرا ((وانفقوا من ما رزقناكم من قبل ان يأتي أحدكم الموت فيقول ربِ لولا أخرتني الى أجل قريب فأصَدَق وأكن من الصَالحين *ولن يؤخِر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)) {المنافقون آية:10 - 11}
الرفض مستمر بعدم الرجوع ,ويوم القيامة ربنا تعالى يجمع البشر في ساحة العرض ,والظالمين يرون جهنم تسعر لها شهيق وزفير ((وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي))
{الشورى آية:45}
وهم يتمنون امنية الرجوع الى الدنيا حتى يعملوا صالحا ولا ينفع الطلب.يقول الله تعالى: ((ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون))
{السجدة آية:12}
في هذا الوضع وقبل دخولهم النار يقولون وهم في ذلة وخنوع ((ربنا ابصرنا)) اي أبصرنا الحق الذي كنا نكذب به ونصد الناس عنه ((وسمعنا)) اي سمعنا قول الحق الذي كنا نصم آذاننا عنه.
والطلب مستمر وهو الرجوع الى الدنيا ليعملوا صالحا ,ولكن هيهات لا رجوع الى دار الامتحان بعد الخروج منه ,
ولقطة اخرى في كتاب الله ((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)) {الانعام آية:37}
الظالمون كانوا يكذبون بآيات الله وهم يعترفون بهذا ,وطلبوا الرجوع الى الدنيا ليعيدوا الامتحان ,والردُ يأتي بالرفض والتقريع ليجيبهم بهذه الآية يقول تعالى: ((بل بدا لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)) {الانعام آية:37} لقد جاءهم الردُ وأذهلهم وثبطهم لان الله عليم لو أرجعهم لعملوا نفس العمل ولكذَبوا بآيات الله ولضلُوا وأضلُوا , وإنهم لكاذبون ,
وآية اخرى تصف الظالمين وطلبهم الرجوع.يقول تعالى: ((هل ينظرون الا تأويله يوم ياتي تاويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا او نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ماكانوا يفترون)) {الاعراف آية53}
اعترف الضالون بأحقية الرسل والايمان بالكتب ,فهل ينفع هذا؟ واعترافهم بأنهم كانوا مجرمين فلا شفيع يشفع لهم ولا رجوع الى قاعة الامتحان مرة اخرى ,إنهم (خسروا أنفسهم) ياللخسارة ,وعند دخولهم النار يتكرر الطلب للخروج من النار حتى يعملوا صالحا وهم لايعلمون أن الامتحان إنتهى ولم تبق سوى النتائج ,والنتائج لاتغيير فيها ولاتبديل.
يقول الله تعالى: ((والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور*وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل)) {فاطر آية:36 - 37}
هكذا الحال لاهل النار ,لاتخفيف ولاموت ولاخروج منها ولامجيب , آية أخرى تصف حالة أخرى لاهل النار يقول تعالى: ((فكبكبوا فيها هم والغاوون*وجنود إبليس أجمعون*قالوا وهم فيها يختصمون* تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسوِيكم بربِ العالمين * وما أضلَنا إلا المجرمون *فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم*فلو أن لنا كرَة فنكون من المؤمنين*)) {الشعراء آية:93 - 102}
يختصمون في النار ويعترفون بأنهم ضالون ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) ولا صديق حميم لان ((الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتَقين))
لقد ارادوا الرجوع الى الدنيا وإعادة الامتحان ولكن هيهات للرجوع ...........................
__________________________________________________ _
يتبع (((قرناء السوء)))
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[19 Sep 2004, 03:48 م]ـ
(((قرناء السوء)))
لقد حذر الله عزوجل الانسان من العصيان وأمره بالطاعة وحذره من الشيطان فقال تعالى ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)) {فاطر آية:6}
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد بين الله تعالى في القرآن الكريم أن الناس صنفان ,منهم من عبد الله وأطاعه وعصى الشيطان ,ومنهم من عصى الرحمن وأطاع الشيطان ,وقد وصف القرآن هذين الصنفين من الناس فقال عزوجل: ((وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنَهنَ بيض مكنون * فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أإنَك لمن المصدِقين * أئذا متنا وكنَا ترابا وعظاما أئنَا لمدينون * قال هل انتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم * قال تالله إن كدتَ لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين* أفما نحن بميتين *إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين * إنَ هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون *))
{الصَآفَات آية:48 - 61}
الله تبارك وتعالى يعطينا دروسا ويبين لنا صورة كاملة عن يوم القيامة , وعن المؤمن الذي اراد قرين السوء في الحياة الدنيا أن يضلَه ويشككه بيوم الحساب ,
ذكر القرطبي في تفسيره رحمه الله: أراد بالقرين قرينه من الشياطين كان يوسوس إليه بإنكار يوم البعث والحساب ...
((فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون)) أي جالسين على الأرائك يسأل أحدهم الآخر عن حياته التي عاشها في الدنيا , وما لقي فيها , قال أحدهم يصف الوساوس التي كانت تأتيه من القرين. ((قال قائل منهم إني كان لي قرين))
والقرين له معنى آخر هو الصديق من الأنس كان ضآلَا ((يقول أئنك لمن المصدِقين *أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون *)) القرين يقول للمؤمن: أتصدِق بأنا بعد موتنا وبعد أن تصبح أجسادنا ترابا وعظاما سنحيا ونحاسب؟؟؟ يأتي الردُ من الله تعالى ((قال هل أنتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم *))
الله أكبر ... يارب كيف رآه وهو مع المليارات من الناس؟؟؟
يقول القرطبي في تفسيره ,,, (قال) الله لاهل الجنة ((هل أنتم مطَلعون)) وقيل هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنَة هل انتم مطلعون الى النار لننظر كيف حال ذلك القرين. تفسير القرطبي ..
وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى ((هل انتم مطلعون * فاطَلع فرآه في)) إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلها.تفسير القرطبي ..
فلكل مؤمن قرين من الجن ,فيخاطب الله اصحاب الجنة جميعا بقوله تعالى: ((هل أنتم مطَلعون)) أي هل تريدون أن يرى كلُ منكم قرينه ,والخطاب هنا بصيغة الجمع (هل أنتم) والجواب جآء بصيغة المفرد ,إذ قام كل مؤمن ينظر إلى قرينه ليراه في سوآء الجحيم ((فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم)) الخطاب لكل أهل الجنة , أما الرؤية فتكون إنفراديَة ... كل ينظر بعينيه ليرى قرينه في الجحيم.
قلنا إن النار فيها مليارات من البشر. فكيف يرى المؤمن ذلك القرين من بين تلك المليارات؟؟
وجواب هذا إن الله أعطى للمؤمنين في الجنة إمتيازات فقال تعالى ((ولكم فيها ما تدَعون)) {فصِلت آية:31}
أي أعطيكم في الجنة كل ما تريدون لأني راض عنكم. فعندما يريد المؤمن في الجنة أن يرى أحدا من أهل النار فإن الله يخرجه من بين اهل النار ليراه ذلك المؤمن ويكلمه بما يريد.
وبدأ المؤمن الذي في الجنة يخاطب القرين بما كان يعتقد هذا القرين من الباطل وبما كان يوسوس له:
((قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربِي لكنت من المحضرين *)) لقد أقسم يمينا (تالله) لو أطاع قرينه لكان من المحضرين أي في النار. ولولا نعمة الإيمان والإسلام مع معرفة الوساوس الشيطانية والإحتراز منها ومعرفتها لكان هذا المؤمن في النار مع القرين. وأخذ يناقشه بما كان يوسوس له هذا القرين قال:
((أفما نحن بميِتبن إلَا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين)) هذا المؤمن ردَ الوسوسة ولم يأخذ بها وأخذ يناقش القرين الذي كان ينكر يوم القيامة والعذاب والحساب ...
هذا هو موقف المؤمن من كل الوساوس يتصدَى لها وينكرها وعندها فإنَ الله تبارك وتعالى يؤيد عبده المؤمن بعمله هذا باعتقاده الصحيح وتصدِيه للوساوس , وإن هذا هو الفوز العظيم كما يحث المؤمنين على هذا الاعتقاد والعمل الصالح. يقول تعالى: ((إنَ هذا لهو الفوز العظيم *لمثل هذا فليعمل العاملون *)) هنا المؤمن سلك الطريق الصحيح ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي كتاب الله عزوجل لقطة بعكس هذا الوضع. إنسان أطاع القرين ونفَذ أوامر الشيطان ((وقال قرينه هذا ما لديَ عتيد * ألقيل في جهنم كل كفَار عنيد * منَاع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربَنا ما أطغيته ولكن كان قي ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدَل القول لديَ وما أنا بظلَام للعبيد *)) {ق آية: 23 - 29}
(وقال قرينه) هو الشيطان قُيِض له في قوله تعالى ((ومن يعش عن ذكر الرَحمن نقيِض له شيطانا فهو له قرين)) {الزخرف آية: 36}
((هذا ما لديَ عتيد)) هذا شيء لديَ وفي ملكتي عتيد لجهنم ,
والمعنى: أنَ ملكا يسوقه وآخر يشهد عليه وشيطانا مقرونا به يقول: قد أعتدته لجهنم وهيَأته لها بإغوائي وإضلالي ... تفسير الزمخشري
((ألقيا في جهنم كل كفَار عنيد)) أمر الملائكة أن يلقوا في النار كل كفَار معاند للحق متكبر.
((منَاع للخير معتد مريب)) منَاع للزكاة وعمل الخير. معتد أي ظالم متكبر مريب الذي لايؤمن بالله ومريب يرتاب في وجود الخالق شاكٌ وجاحد ,ودليل جحوده وكفره ((الَذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد)) أشرك بالله وكفر. فجاء أمر الله للملائكة ألقياه في جهنم حتى يذوق العذاب الشديد هو وقرينه أي الشيطان. والذي أطاع الشيطان ونفَذ أوامره وطبَقها عمليا , وجاء القرين يعترض ولا ينفع اعتراضه ((قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد)) ..
أراد القرين أي الشيطان أن يخلِص نفسه بهذا الاعتذار وقال أنا ما أطغيته , ويأتي الردُ الحاسم من الله العليم:إخرس أيُها الرَجيم فأنت المخطط وهو المنفذ ((قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد)). إن الله عزوجل يقيم يوم القيامة محكمة العدل الالهيَة. فالاحكام قطعية ثبوتية لاظلم فيها. فلا محام ولا محكمة تمييز لان الاحكام لم تصدر إلا بعد الأدلَة الثبوتية. وقد نبَه الله تعالى بني آدم بعدم طاعة الشيطان فقال: ((إنَ الشيطان للإنسان عدوٌ مبين)) {يوسف آية: 5}
وقال تعالى: ((يآأيُها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان)) {النور آية:21}
وقال تعالى: ((إنَ الشيطان لكم عدوٌ فاتَخذوه عدوَا)) {فاطر آية:6}
هكذا جاءت الآيات القرآنية متظافرة تنبه الانسان من وساوس الشيطان وألاعيبه , وأمر المؤمنين أن يتخذوا الشيطان عدوَا.ولهذا لم يقبل الخالق العظيم إعتذار القرين عندما قال ماأطغيته فأجابه الله تعالى بقوله ((لاتختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد)) لا عذر لاهل الباطل , ويوم القيامة يتبرأ الشيطان من أتباعه الذين اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ثم يلوم اتباعه:
((وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَ إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم)) {إبراهيم آية:22}
هكذا يتبرأ الشيطان يوم القيامة من أتباعه لأنهم أشركوا بالله ولم يقل كلمة حق إلا في هذه الآية عندما قضي الأمر .. ويستمر الحكم الالهي: ((ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد)) فما قاله الله تعالى وما وعد به لا يخلفه أبدا. ((وعدا علينا إنا كنَا فاعلين)) {الأنبياء آية:104}
__________________________________________________ __
يتبع (((الاعيب الشيطان))) {17}(/)
فائدة من البلاغة القرآنية
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[16 Sep 2004, 02:39 م]ـ
سلسلة اللطائف القرآنية (1):
قال تعالى موجهاً الخطاب لمن عبد عيسى وأشرك به من النصارى ((إنكم وما تعبدون من دون الله حصب
جهنم)) قيل: كيف يكون عيسى عليه السلام في جهنم لأنه مما يعبد النصارى من دون الله:
الجواب: أن الله تعالى ذكر (ما تعبدون) و (ما) هي لغير العاقل وعيسى عليه السلام عاقل. فسبحان الله تعالى الذي يقول (بلسانٍ عربيٍ مبين). والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[17 Sep 2004, 06:29 ص]ـ
أقول للأخ الكريم:
ليس الأمر كما ذكرت ...
الذي يظهر لي أن استعمال "ما" يحدده السياق، وقد قال عنها الدكتور فاضل السامرائي: (ويعتقد الكثيرون ان (ما) تستخدم لغير العاقل فيقولون (ما) لغير العاقل و (من) للعاقل، ولكن الحقيقة أن ما تستعمل لذات غير العاقل كما في قوله: (يأكل مما تأكلون منه ويشر مما تشربون) ولصفات العقلاء كما في قوله: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (ونفس وما سواها) ويؤتى بها في التفخيم والتعظيم في صفات العقلاء، ولذلك قال تعالى (وما خلق الذكر والانثى) ويعني به ذاته العلية.) انتهى كلام السامرائي.
والجواب الأقرب والله أعلم عن قول الله تعالى: ((إنكم وما تعبدون من دون الله حصب
جهنم أنتم لها واردون)) هو أنها من العام المخصوص بقوله تعالى بعدها: ((إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون))
قال الألوسي في تفسيره للآية التي ذكرها الأخ الكريم: (وقال بعضهم: إن {مَا} تعم العقلاء وغيرهم وهو مذهب جمهور أئمة اللغة كما قال العلامة الثاني في التلويح، ودليل ذلك النص والإطلاق والمعنى.
أما النص فقوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ ?لذَّكَرَ وَ?لاْنثَى?} [الليل: 3] وقوله سبحانه:
{وَ?لسَّمَاء وَمَا بَنَـ?هَا} [الشمس: 5] وقوله سبحانه: {وَلاَ أَنتُمْ عَـ?بِدُونَ مَا أَعْبُدُ}
[الكافرون: 3]
وأما الإطلاق فمن وجهين، الأول: أن {مَا} قد تطلق بمعنى الذي باتفاق أهل اللغة والذي يصح إطلاقه على من يعقل بدليل قولهم الذي جاء زيد فما كذلك،
الثاني: أنه يصح أن يقال ما في داري من العبيد أحرار.
وأما المعنى فمن وجهين أيضاً، الأول أن مشركي قريش كما جاء من عدة طرق عن ابن عباس لما سمعوا هذه الآية اعترضوا بعيسى. وعزير. والملائكة عليهم السلام. وهم من فصحاء العرب فلو لم يفهموا العموم لما اعترضوا، الثاني: أن {مَا} لو كانت مختصة بغير العالم لما احتيج إلى قوله تعالى: {مِن دُونِ ?للَّهِ} وحيث كانت بعمومها متناولة له عز وجل احتيج إلى التقييد بقوله سبحانه: {مِن دُونِ ?للَّهِ} وحينئذٍ تكون الآية شاملة عبادة لأولئك الكرام عليهم الصلاة والسلام ويكون الجواب الذي تولاه الله تعالى بنفسه جواباً بالتخصيص .. ) إلخ كلامه في روح المعاني
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[17 Sep 2004, 02:04 م]ـ
أخي ابن إبراهيم
إضافة إلى ما ذكره أخونا أبوعبدالله المسلم
في زاد المسير لبن الجوزي مايلي
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) (الأنبياء: 101) سبب نزولها أنه لما نزلت إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم شق ذلك على قريش، وقالوا: شتم آلهتنا، فجاء ابن الزبعري، فقال: ما لكم؟ قالوا: شتم آلهتنا، قال: وما قال؟ فأخبروه، فقال: ادعوه لي، فلما دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة، أو لكل من عبد من دون الله؟ قال: لا، بل لكل من عبد من دون الله، فقال ابن الزبعري: خصمت ورب هذه البنية، ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عزيرا عبد صالح، فهذه بنو مليح يعبدون الملائكة، وهذه النصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود تعبد عزيرا، فضج أهل مكة، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال الحسين ابن الفضل: إنما أراد بقوله: {وَمَا تَعْبُدُونَ} الأصنام دون غيرها. لأنه لو أراد الملائكة والناس، لقال: ومن، وقيل إن بمعنى: إلا، فتقديره: إلا الذين سبقت لهم منا الحسنى، وهي قراءة ابن مسعود، وأبي نهيك، فإنهما قرءا الا الذين. وروي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ هذه الآية، فقال: أنا منهم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن.
وفي لباب النقول في أسباب النزول للإمام السيوطي مايلي
أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: لما نزلت إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. قال ابن الزبعري: عبد الشمس والقمر والملائكة وعزيز، فكل هؤلاء في النار مع آلهتنا، فنزلت إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون. ونزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا -إلى- خصمون.
وفي شرح بن عقيل لألفية ابن مالك مايلي
أكثر ما تستعمل ما في غير العاقل وقد تستعمل في العاقل ومنه قوله تعالى (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى) (النساء: 3) وقولهم سبحان ما سخركن لنا و سبحان ما يسبح الرعد بحمده و من بالعكس فأكثر ما تستعمل في العاقل وقد تستعمل في غيره.
فيتضح أن (ما) قد تستخدم للعاقل(/)
بشرى سارة يا أهل العلم بالتفسير
ـ[ناصر علي البدري]ــــــــ[17 Sep 2004, 12:48 ص]ـ
لقد تم إعادة افتتاح موقع جامع الحديث
دونكم صرح عظيم وكنز نفيس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم
sonnh.com
ـ[علي الريعان]ــــــــ[18 Sep 2004, 01:56 ص]ـ
جزاك الله خير وأجزل لك المثوبة.(/)
أبناء يعقوب عليه السلام أنبياء!! فكيف حصل منهم هذا؟!! فائدة لأخي القحطاني وللجميع
ـ[ابن حجر]ــــــــ[17 Sep 2004, 11:22 ص]ـ
أحبابي الكرام /
حين تقرأ في سورة يؤسف يمر عليك هذا الإشكال فهل فكرت فيه؟
أبناء يعقوب عليه السلام أنبياء .. فكيف حصل منهم ما حصل مع أبيهم وهم يعتقدون نبوته وأذية النبي معصية ومع أخيهم يوسف عليه السلام ... ؟ مع اعتقاد عصمة الأنبياء ..
وقد أجاب عن ذلك العلماء بأجوبة منها:
أولاً: أنهم في ذلك الزمن في وقت المراهقة وما كانوا بالغين قا ل الرازي:" وهذا ضعيف "
ثانياً: أن ذلك من باب الصغائر قال رحمه الله:" وهذا أيضاً بعيد .. "
ثالثاً: وهو الذي صححه الرازي:" أنهم ما كانوا أنبياء، وإن كانوا أنبياء إلا أن هذه الواقعة إنما أقدموا عليها قبل النبوة "
وعليه فإن كانوا أولياء فالولي ليس بمعصوم لكن المشكل القول بنبوتهم قال العلامة الصاوي في تفسيره:"وهو مشكل غاية الإشكال .. "
ثم استدرك على القائلين بأن ذلك قبل النبوة ... قال رحمه الله:" بل الحق أن النبي معصوم باطناً وظاهراً، قبل النبوة وبعدها، وإنما الواجب الذي يشفي الغليل ويريح العليل أن يقال: إن الله أطلعهم على أن يوسف يعطى النبوة والملك بمصر، ولا يتصور ذلك إلا بهذا الفعل فهم مأمورون به باطناً مخالفون ظاهراً، إذا ليسوا مشرعين، فلا يكلمون إلا بخلوص بواطنهم مع ربهم ونظير ذلك قصة الخضر مع موسى .. وقصة آدم في أكل الشجرة ... " والله أعلم بالصواب
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Sep 2004, 09:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم (ابن حجر)
أشكرك على مشاركتك القيمة، وإن كان فيها شيء من الملحوظات العلمية، فاستبيحك ان أذكرها لك، فأقول ـ وبالله التوفيق ـ:
إن ما ذكرته من قول الصاوي في غاية الإشكال أيضًا، وهي تخريج غير سديد، والقول بعصمة الأنبياء باطنًا وظاهرًا مشكل مخالفٌ للأدلة الشرعية التي ورد فيها ذكر بعض أخطاء الأنبياء عليهم السلام، وهم ـ مع ما وقع منهم من أخطاءـ قد غفر الله لهم، فكان ذلك لنا قدوة في أن نطلب من ربنا المغفرة، كما ورد مثل ذلك عن الحسن البصري رحمه الله حيث قال: ((إن الله لم يقصص عليكم ذنوب الأنبياء تعييرًا منه لهم، ولكنه قصَّها عليكم لئلا تقنطوا من رحمته)).
وإذا كان ذلك كذلك، فلا إشكال في الأمر، لو كانوا أنبياء، مع أن بعض العلماء ذهب إلى عدم نبوتهم، حيث أن قوله تعالى: ((إنا أوحينا إليك كما اوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورًا)) (النساء: 163) محتمل، وليس نصًّا، بدليل وقوع الخلاف في تفسير المراد بالأسباط.
والأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب، قاله الخليل بن أحمد، وذكره البخاري في كتاب التفسير، ومن ثمَّ فإن الابن المباشر لا يُسمَّى سِبطًا.
والمراد على هذا الوجه: أنه أوحى إلى بعض الأسباط، وهم أنبياء بني إسرائيل ممن لم يُذكر في هذه الآية، فزكريا ويحيى لم يُذكرا في هذه الآية، فهم داخلون في الأسباط، والمقصود بذلك أنه لا يلزم ذكر جميع الأنبياء من بني إسرائيل، وإنما عُبِّر عنهم بلفظ الأسباط فيشمل من لم يُذكر منهم، ويكون من ذكر منهم على سبيل التخصيص بعد العموم، لمزية في ذلك الخاصِّ المذكور بعد العام، ويشرح هذا العموم المخصوص قوله تعالى: ((واذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكًا)) (ينظر تفسير ابن كثير / البقرة: 136).
وعلى القول بأن الأسباط هم بنو يعقوب مباشرة، فإنهم غير معصومين من وقعهم في الذنب، ومن زعم عصمتهم فقد خالف ظاهر النص، وذهب إلى تأوُّلات بعيدة كما ذهب إليه الصاوي.
والذي ذهب إليه الصاوي هو مذهب بعض الصوفية، وهو مذهب مخالف لنصوص الشرع، لذا اضطرهم هذا الاعتقاد إلى تأويل الآيات الواردة في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى تأويل الآيات التي ورد فيها ذكر بعض أخطاء الأنبياء عليهم السلام.
والذي يحسن معرفته في هذا المقام ما يأتي:
1 ـ أن النبي ـ عليه السلام ـ لا يقع منه مخالفة في التبليغ، فهو يبلغ ما أتاه من ربه، ولا يمكن بحال أن يقول غير ما بَلَغَهُ عن ربه.
2 ـ أن النبي ـ عليه السلام ـ إذا أخطأ، فإن الله يبين له خطأه ويغفر له هذا الخطأ، وذلك ظاهر في غير ما قصة من قصصهم؛ كقصة داود وسليمان.
3 ـ أن الكمالات البشرية لا تُبتُ إلا بنصًّ، فمن زعم لنبيٍ ما كمالاً بشريًا يخالف فيه البشر فإنه يجب عليه الدليل، ومن الكمالات التي أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم كون رائحة عرقه كرائحة المسك.
أما ما يقع منهم من أخطاء، فكما يجب ألا تُحرَّف النصوص الواردة فيها، فكذلك يجب أن لا يضاف إليهم ما لم يفعلوه، وذلك منكر عظيم وقع فيه المغضوب عليهم، وهم اليهود، حيث نسبوا في أسفارهم نقائص يتنزه عنها فضلاء البشر فضلاً عن أنبيائهم.
وأخيرًا، فإن موضوع العصمة من الموضوعات التي قُرِّر فيها العقل، ولم يُستنطق بها الشرع، والواجب في هذا المقام أن لا يُثبت فيها إلا ما أثبته الشرع، وأن يُنطلق من الأمثلة التي ذكرها الله عن أنبيائه، ومن واقع الأنبياء الوارد عنهم ورودًا صحيحًا، فيفهم منه ما يجوز وما لا يجوز على النبي، أما أن تقرَّر مسائل العصمة بعيدًا عن نصوص الوحيين، ثمَّ تُحمل عليها نصزوص الوحيين فما وافقها قُبِل، وما خالفها رُدَّ، فهذا منهج المعتزلة الذي جعلوا العقل حَكَمًا على نصوص الوحيين، والله المستعان.
اللهم جنبنا الخطأ والزلل، واجعلنا من أتباع أنبيائك، ولا تجعل في كلامنا عنهم ما يكون فيه سوءًا، إن أردت إلا بيان الحق ما استطعت، إني أستغفر الله من خطئي وزللي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن حجر]ــــــــ[27 Sep 2004, 06:28 ص]ـ
شيخ مساعد وفقه الله
بل الأنبياء معصومون ظاهراً وباطناً وحكى الإجماع على ذلك جماعات، وليس ثم خطأ وقع فيه نبي عن عمد وقصد بل إما عن تأويل أو نحوه ...
وهل يتخيل أحد: أن أحد الأنبياء كان يشرب الخمرة أو يزني أو يسرق .. قبل النبوة؟
وهذ1ا قد يقال حين يشيع أن الأنبياء لم يكونوا معصومين قبل النبوة!!
وفق الله الجميع
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Sep 2004, 07:17 ص]ـ
أخي الكريم ابن حجر
يبدو أننا سندخل في متاهة مصطلحات غير متوافقة بين المتحدثيَن،وسيأتي على ذلك جملة من الأسئلة:
1 ـ مالمراد بقول الصاوي ظاهرًا وباطنا.
2 ـ وقوع الخطأ منهم عليهم السلام إذا كان بتأوُّل فلِم يقع العتاب عليهم، والمتأوِّل معذور.
3 ـ هل يصح تخريج الصاوي الذي لا دليل عليه، حيث جعل حالهم كحال الخضر، من أين جاء بهذا؟!
ألا تلاحظ سبق الإصرار والتعمد في إخوة يوسف لهذا الفعل؟!
لو كان الحال كما قال الصاوي؛ أكان يخفى على يعقوب عليه السلام، وهو يقول لهم: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)؟!
أخي الكريم: إن الانطلاق في مثل هذه الأمور من العقل ليس بسديد، فالله أعلم بأنبيائه، وقد حكى عنهم ما حكى، ولم يذكر أنهم متأوِّلون أو غير ذلك، بل وقع منه لهم عتابات ومغفرة، فعلام كانت المغفرة إذا؟!
ـ[ابن حجر]ــــــــ[27 Sep 2004, 02:27 م]ـ
أخي المكرم
أشكرك على هذ1 الرد والذي يظهر منه المتابعة المتميزة:
أقول _ وفقكم الله _ لم لا يكون ثمَّ تلاقٍ ووفاق بين المتحدثين ولو في بعض النقاط؟!!
أولاً: في نفسي شيء من تخريج الصاوي رحمه الله حين كتبته وصرحت به لبض طلابنا في الكلية حين سئلت عن ذلك.
ثانياً: والذي يظهر من خلال البحث: سداد رأيكم في التخريج: إذ إنهم ليسوا بأنبياء ولا دليل على نبوتهم ...
ثالثاً: عصمة الأنبياء معلومة مبثوثة في كتب العقائد والمتكلمين وحكاية الإجماع على عصمتهم ظاهرة ..
ولا يمكن لنبي أن يواقع الفواحش ثم يتأهل لحمل النبوة.
وقولكم:"فالله أعلم بأنبيائه، وقد حكى عنهم ما حكى، ولم يذكر أنهم متأوِّلون أو غير ذلك، بل وقع منه لهم عتابات ومغفرة، فعلام كانت المغفرة إذا؟! "
سؤالي: ألا ترى العصمة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد النبوة؟
إن كنت ترى ذلك _ وهذا المظنون بكم _ فلماذا عاتبه الله في الأسرى وفي الأعمى؟!!
قال الله تعالى:" ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر .. " الآية
فهل تظن _ شيخي الكريم _ أن الله يخبر عن نبيه أنه سيقع في الذنوب بعد ذلك الخطاب ..
بل المراد: ترك الأفضل أو الصغائر الواقعة منهم لا عن عمد بل فضل من الله ومنة على نبيه أو المراد العصمة فيما مضى وما سيكون.
والله أعلم
بانتظار توجيهكم حرِّمت على النار
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2004, 09:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل د. مساعد الطيار
ليسمح لي فضيلتكم حفظكم بهذه الإضافة التالية قد لخصتها من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله من كلام طويل حول هذا الموضوع وأنا لا أضع نفسي موازيا لفضيلتكم في العلم ولكني أحببت المشاركة في بيان الحق أسأل الله أن يوفقني وجميع أخواني لما يحب ويرضى.
أن الأنبياء ـ صلوات اللّه عليهم ـ معصومون فيما يخبرون به عن اللّه ـ سبحانه ـ وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه كما قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 136، 137]، وقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا
(يُتْبَعُ)
(/)
وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
بخلاف غير الأنبياء، فإنهم ليسوا معصومين كما عصم الأنبياء وبهذه العصمة يحصل مقصود النبوة والرسالة.
ولكن يصدر ما يستدركه اللّه، فينسخ ما يلقي الشيطان، ويحكم اللّه آياته؟
وهو ما نقل عن السلف والموافق للقرآن ولا يمكن القدح فيه والقرآن يدل عليه بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 52 ـ 54
وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فللناس فيه نزاع
هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع؟
ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها،
أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟
أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط؟
وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أم لا؟
والقول الذي عليه جمهور الناس، وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف: إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقًا. أي أن الله لا يقر الأنبياء على الذنوب.
واللّه ـ تعالى ـ لم يذكر في القرآن شيئًا من ذلك عن نبي من الأنبياء إلا مقرونًا بالتوبة والاستغفار، كقول آدم وزوجته: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]،
وقول نوح: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47]،
وقول الخليل ـ عليه السلام ـ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41]، وقوله: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين} [الشعراء: 82]،
وقول موسى: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ. وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 155، 156]، وقوله: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: 16]، وقوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143]،
وقوله تعالى عن داود: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 24، 25]،
وقوله تعالى عن سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35].
وما تضمنته [قصة ذي النون] مما يلام عليه كله مغفور بدله اللّه به حسنات، ورفع درجاته، وكان بعد خروجه من بطن الحوت وتوبته أعظم درجة منه قبل أن يقع ما وقع، قال تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ. لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ} [القلم: 48ـ50]، وهذا بخلاف حال التقام الحوت فإنه قال: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 241]، فأخبر أنه في تلك الحال مليم، و [المليم] الذي فعل ما يلام عليه، فالملام في تلك الحال لا في حال نبذه بالعراء وهو سقيم، فكانت حاله بعد قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] أرفع من حاله قبل أن يكون ما كان، والاعتبار بكمال النهاية
(يُتْبَعُ)
(/)
لا بما جرى في البداية، والأعمال بخواتيمها.
واللّه ـ تعالى ـ خلق الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا ثم علمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال، فلا يجوز أن يعتبر قدر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الاعتبار بحال كماله، ويونس صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء في حال النهاية حالهم أكمل الأحوال.
ولو اعتبر ذلك لاعتبر أحدهم وهو نطفة ثم علقة، ثم مضغة، ثم حين نفخت فيه الروح، ثم هو وليد، ثم رضيع ثم فطيم، إلى أحوال أخر، فعلم أن الواحد في هذه الحال لم تقم به صفات الكمال التي يستحق بها كمال المدح والتفضيل، وتفضيله بها على كل صنف وجيل، وإنما فضله باعتبار المآل، عند حصول الكمال.
وما يظنه بعض الناس أنه من ولد على الإسلام فلم يكفر قط أفضل ممن كان كافرًا فأسلم ليس بصواب، بل الاعتبار بالعاقبة، وأيهما كان أتقى للّه في عاقبته كان أفضل.
فإنه من المعلوم أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين آمنوا باللّه ورسوله بعد كفرهم هم أفضل ممن ولد على الإسلام من أولادهم وغير أولادهم،
وكان عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ـ رضي اللّه عنهما ـ من أشد الناس على الإسلام فلما أسلما تقدما على من سبقهما إلى الإسلام، وكان بعض من سبقهما دونهما في الإيمان والعمل الصالح بما كان عندهما من كمال الجهاد للكفار والنصر للّه ورسوله، وكان عمر لكونه أكمل إيمانًا وإخلاصًا وصدقًا ومعرفة وفراسة ونورًا أبعد عن هوى النفس وأعلى همة في إقامة دين اللّه، مقدما على سائر المسلمين، غير أبي بكر رضي اللّه عنهم أجمعين.
وهذا وغيره مما يبين أن الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية.
وبهذا يظهر جواب شبهة من يقول: إن اللّه لا يبعث نبيًا إلا من كان معصومًا قبل النبوة، كما يقول ذلك طائفة من الرافضة وغيرهم، وكذلك من قال: إنه لا يبعث نبيًا إلا من كان مؤمنا قبل النبوة، فإن هؤلاء توهموا أن الذنوب تكون نقصًا وإن تاب التائب منها، وهذا منشأ غلطهم. فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصًا فهو غالط غلطًا عظيمًا، فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منه شيء أصلًا، لكن إن قدم التوبة لم يلحقه شيء، وإن أخر التوبة فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله.
والأنبياء ـ صلوات اللّه عليهم وسلامه ـ كانوا لا يؤخرون التوبة، بل يسارعون إليها، ويسابقون إليها، لا يؤخرون ولا يصرون على الذنب بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمنًا قليلًا كفر اللّه ذلك بما يبتليه به كما فعل بذي النون صلى الله عليه وسلم،هذا على المشهور إن إلقاءه كان بعد النبوة، وأما من قال إن إلقاءه كان قبل النبوة فلا يحتاج إلى هذا.
والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل، فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس مثله في الفضيلة، وقد أخبر اللّه عن أخوة يوسف بما أخبر من ذنوبهم وهم الأسباط الذين نبأهم اللّه تعالى، وقد قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت: 26]. فآمن لوط لإبراهيم ـ عليه السلام ـ ثم أرسله اللّه تعالى إلى قوم لوط. وقد قال تعالى في قصة شعيب: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ. قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ لْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 88، 89]، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 13، 14].
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار، ولابد لكل عبد من التوبة وهي واجبة على الأولين والآخرين. كما قال تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 73].
وقد أخبر اللّه ـ سبحانه ـ بتوبة آدم ونوح ومن بعدهما إلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وآخر ما نزل عليه ـ أو من آخر ما نزل عليه ـ قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. ففَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [سورة النصر]،
وفي الصحيحين عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللّهم ربنا وبحمدك اللّهم اغفر لي " يتأول القرآن).
وقد أنزل اللّه عليه قبل ذلك: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117]،
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فوالذي نفسي بيده إني لأستغفر اللّه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وفي صحيح مسلم عن الأغر المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر اللّه في اليوم مائة مرة)،
وفي الصحيحين عن أبي موسي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللّهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير)،
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول اللّه، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: (أقول: اللّهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللّهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللّهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد).
وفي صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول نحو هذا إذا رفع رأسه من الركوع، وفي صحيح مسلم عن على ـ رضى اللّه عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعاء الاستفتاح: (اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي وعملت سوءًا فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت)،
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: (اللّهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، علانيته وسره، أوله وآخره).
وفي السنن عن على، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بدابة؛ ليركبها وأنه حمد اللّه وقال: ({سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ}) [الزخرف: 13، 14] ثم كبره وحمده ثم قال: (سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، ثم ضحك! وقال: (إن الرب يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا).
وقد قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]، وقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1، 2]،
وثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة: (أن المسيح يقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)،
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى ترم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: (أفلا أكون عبدًا شكورا).
ونصوص الكتاب والسنة في هذا الباب كثيرة متظاهرة والآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين كثيرة.
لكن المنازعون يتأولون هذه النصوص من جنس تأويلات الجهمية والباطنية كما فعل ذلك من صنف في هذا الباب. وتأويلاتهم تبين لمن تدبرها أنها فاسدة من باب تحريف الكلم عن مواضعه. كتأويلهم قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] المتقدم ذنب آدم والمتأخر ذنب أمته وهذا معلوم البطلان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Oct 2004, 06:02 ص]ـ
أخي الكريم ابن حجر ـ حرم الله وجهي ووجهكم على النار ـ أسأل الله لي ولكم السداد في القول والعمل، أما بعد:
فأنت تعلم حساسية هذا الموضوع؛ لأنه يتعلق بجناب النبوة، والخطأ فيها فاحش مرذول، أسأل الله لي ولك حسن البيان على وفق ما جاء في السنة والقرآن، وأن يُبعدنا عن التأويلات البعيدة عن ظاهر الوحيين.
أخي الكريم: لقد كنت أدرك أن مفهوم العصمة فيه اختلاف بين المتحدِّثَين، لذا قلتُ ما قلتُ، وإني أبنت عن مفهوم العصمة فيما سبق، وأعيده هنا على اختصار، فأقول:
أولاً: إن الأصل في هذه المسألة أن نُثبت ما أثبته الله لأنبيائه أو عليهم، وننفي عنهم ما نفاه عن أنبيائه، فلا نذكر من عند أنفسنا مالم يدل عليه النص الشرعي الذي أثبت أمرين في عصمة الأنبياء، وهما
1 ـ إن النبي معصوم عن الخطأ في التبليغ، فلا يمكن أن يترك النبي أمرًا من أوامر الله فلا يبلِّغه، كما لا يمكن أن يأمره الله بأن يأمر عباده بأمر فيأمرهم بخلاف ما أمره الله، وهذا ظاهر باستقراء حال الأنبياء؛ إذ لم يرد ذلك عنهم.
وقصارى ما ورد في هذا الأمر عن نبينا صلى الله عليه وسلم هو تأخير الاستجابة لأمر الله خشية الناس، فعاتبه الله على ذلك، وذلك في شأن زواجه من زينب بعد مملوكه زيد بن حارثة، قال الله تعالى: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله، وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولاً).
فالله ـ سبحانه ـ عاتبه على تأخيره لتنفيذ هذا الوحي الذي أخبره الله بأنه سيقع، وكان تأخيره له خشية قالةِ الناس كما أخبر الله، لكنه صلى الله عليه وسلم ـ وحاشاه من ذلك ـ لم يترك تبليغ هذا الوحي وتنفيذه، مع انه ـ كما يظهر ـ كان شديدًا عليه تطبيق هذا في نفسه صلى الله عليه وسلم، حيث خالف سنة ماضية عند قومه، فخشي من كلامهم فيه.
2 ـ أن النبي إذا أخطأ ذكَّره الله بخطئه، فاستغفر النبي منه، فيغفر الله له، وقد ورد هذا في أكثر من نبي عليهم السلام.
وهذا الحال لا يكون إلا للأنبياء عليهم السلام، أما من سواهم فيُخطئون ولا يُذكَّرون بخطئهم، وقد لا يقع منه الاستغفار من الأخطاء، وقد لا يغفر الله لهم، وهذا خلاف حال الأنبياء عليهم السلام.
هذا ما تعطيه النصوص الشرعية، أما أن نُركِّب مفهومًا للعصمة، ثمَّ نحكِّمه على نصوص القرآن والسنة فذلك نهج المعتزلة وطريقة تفكيرهم، حيث جعلوا العقل حَكَمًا على الشرع.
ولما دخل العقل المجرد، أو المبني على بعض الأهواء في تحديد مفهوم العصمة وصل الحال ببعض المتصوفة إلى الزعم بأن النبي لا يقع من خطأ البتة لا في أمور دينه ولا في أمور دنياه، وراحوا يلوون أعناق النصوص التي تخالف رأيهم في العصمة، فحرَّفوا الكلِم، وشنَّعوا على غيرهم ممن اعتمد النصوص الظاهرة.
ثانيًا: قولكم ـ حفظكم الله ـ: (ولا يمكن لنبي أن يواقع الفواحش ثم يتأهل لحمل النبوة (ـ افتراض، وهو مما لم يقع أصلاً، وإني أرى أن ترك مثل هذه الافتراضات أولى، وإنما يكون الحديث عما ثبت في النصوص، وكيف يُفسَّرُ، أما ما لم يقع أصلاً، فليس بداخلٍ في مجال البحث، بل أرى أن إيراده في الحديث عن العصمة في غير محلِّه، فالأنبياء أرفع شأنًا من أن يُنفى عنهم ما لم يقع منهم أصلاً.
ولا يوجَّه مثل هذا إلا لمخالف يرى وقوع مثل ذلك، فيقال له: أثبت وقوعه بالنصوص، وذلك ما لا يمكن إثباته البتة، ومن علم حال الأنبياء، وتأمل في سيرهم علم بعدهم عن مثل هذه الأمور.
ثالثًا: قولكم ـ حفظكم الله ـ: (سؤالي: ألا ترى العصمة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد النبوة؟
إن كنت ترى ذلك _ وهذا المظنون بكم _ فلماذا عاتبه الله في الأسرى وفي الأعمى؟!!)
فأقول: أنا لا أشكُّ في عصمة نبينا صلى الله عليه وسلم طرفة عين، لكن على ما ذكرت لك من مفهوم العصمة، وطريقة ثبوت العصمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قولكم: (فلماذا عاتبه الله في الأسرى وفي الأعمى) فأرى أن هذا السؤال يتوجه إليكم، إذ كيف تُخرِّجون ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في شأن الأسرى ـ مثلاً ـ، فالله سبحانه وتعالى يقول: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم)
أفترى أن ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة لأفضل، أو ما عبر عنه بعضهم أنه خلاف الأولَى؟!
كيف يكون ترتيب هذه العقوبة على خلاف الأفضل أو الأولى؟!
أفهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟ أفهم الصحابة على هذا المعنى؟ فهاهو الإمام مسلم وغيره يذكرون في الآية ما ورد عن عمر بن الخطاب في أن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في أسرى بدر فرأى أبو بكر الفداء ورأى عمر قتلهم، فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي عمر، قال عمر: (فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عَرَضَ عليَّ أصحابُك من أخذهم الفداء؛ لقد عُرِضَ علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا واضح في وقوع الخطأ في أخذ الفداء، وهذا الحديث مبيِّن لظاهر الآية (لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) أيمسهم العذاب بسبب خلاف الأفضل؟!
رابعًا: أما قوله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فيتوجه السؤال إليكم أيضًا، وهو: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وقع فيما يوجب المغفرة، وإما أنه لم يقع.
فإن كنتم ترون أنه وقع فيما يوجب المغفرة، فقد وافقتم ظاهر الآية، فالذي هو أعلم بنبيه صلى الله عليه وسلم، وأدرى به، الذي أدَّبه وشرَّفه بالرسالة = يعده بمغفرة ذنوبه، وهذا ظاهر النصِّ بلا ريب.
ولست أرى ما ذهب إليه بعضهم من تأويلات بعيدة تخالف نص الآية، فقد ذهب بعضهم إلى أنه يغفر ذنب أبيه آدم، وهذا المتقدم، ويغفر ذنوب أمته، وهذا المتأخر، وهذا مخالف للنص كما ترى، ولا يدل عليه لا نص شرعي آخر، ولا حجة عقل.
وإن كنتم ترون أنه لم يقع فيما يوجب المغفرة، فما فائدة الآية إذن، وماهو تفسيرها، فأي شيء يُغفر إذا كان ليس ثمتَ ما يوجب المغفرة؟!
إن هذه الآية مِنَّةٌ من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وتَكْرِمَةٌ منه له في أنه صلى الله عليه وسلم قد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان منه أنه شكر ذلك لله، فكان يكثر من القيام، حتى قالت عائشة رضي الله عنها: (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا) فهذه عائشة تردد نص الآية، ولم تفهم منها غير ظاهرها، ولم يدلها النبي صلى الله عليه وسلم على غير ظاهرها، بل أبان عن شكره لربه بما هو له أهل صلى الله عليه وسلم.
وأختم بأمرين:
الأول: إني أستغفر الله من أي خطأ في كلامي تجاه أنبيائه، غير أني أثبت ما أثبته النص، فإن كان في كلامي ما يخالف ظاهر القرآن أو السنة، فإني أرجع عنه ولا أقول به.
الثاني: طلب خاص لابن حجر ـ حفظه الله ـ:
أودُّ منكم ـ حفظكم الله ـ لو أبنتم عن أنفسكم، فأنتم ـ كما ظهر من قولكم: (وصرحت به لبعض طلابنا في الكلية حين سئلت عن ذلك) ـ في صرح علمي، فيا حبذا لو ذكرتم اسمكم الصريح، وجزاكم الله خير ما يجزي عباده.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Oct 2004, 11:46 م]ـ
هل إخوة يوسف عليه السلام أنبياء؟ ومن هم الأسباط؟
المسألة مبنية على أن إخوة يوسف أنبياء كما قال السائل، وإذا تبين عدم نبوتهم فلا سؤال.
وهذا نص مشاركة قد ذكرتها ضمن سلسلة: فوائد وتنبيهات في التفسير (2):
وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله وقد سئل عن إخوة يوسف هل كانوا أنبياء؟:
(يُتْبَعُ)
(/)
(الذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار أن إخوة يوسف ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا عن أصحابه خبر بأن الله تعالى نبأهم، وإنما احتج من قال أنهم نبئوا بقوله في آيتي البقرة والنساء "والأسباط"، وفسر الأسباط بأنهم أولاد يعقوب، والصواب أنه ليس المراد بهم أولاده لصلبه بل ذُرِّيَّتُه، كما يقال فيهم أيضاً "بنو إسرائيل"، وكان في ذريته الأنبياء، فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل.
قال أبو سعيد الضرير: أصل السِّبْط، شجرة ملتفة كثيرة الأغصان.
فسموا الأسباط لكثرتهم، فكما أن الأغصان من شجرة واحدة كذلك الأسباط كانوا من يعقوب، ومثل السِّبط الحافد، وكان الحسن والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأسباط حفدة يعقوب ذراري أبنائه الاثني عشر، وقال تعالى: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. وقطعناهم اثني عشر أسباطاً أمماً"،
فهذا صريح في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل، كل سبط أمة، لا أنهم بنوه الاثنا عشر، بل لا معنى لتسميتهم قبل أن تنتشر عنهم الأولاد أسباطاً، فالحال أن السبط هم الجماعة من الناس.
ومن قال: الأسباط أولاد يعقوب، لم يرد أنهم أولاده لصلبه، بل أراد ذريته، كما يقال: بنو إسرائيل، وبنوآدم، فتخصيص الآية ببنيه لصلبه غلط، لا يدل عليه اللفظ ولا المعنى، ومن ادعاه فقد أخطأ خطأ بيناً.
والصواب أيضاً أن كونهم أسباطاً إنما سموا به من عهد موسى للآية المتقدمة، ومن حينئذ كانت فيهم النبوة، فإنه لا يعرف أنه كان فيهم نبي قبل موسى إلا يوسف، ومما يؤيد هذا أن الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال: "ومن ذريته داود وسليمان" الآيات، فذكر يوسف ومن معه، ولم يذكر الأسباط، فلو أن إخوة يوسف نبئوا كما نبئ يوسف لذُكروا معه.
وأيضاً فإن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء، وما يناسب النبوة، وإن كان قبل النبوة، كما قال عن موسى: "ولما بلغ أشده" الآية، وقال في يوسف كذلك.
وفي الحديث: "أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، نبي من نبي من نبي"، فلو كانت إخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكرم، وهو تعالى لما قص قصة يوسف وما فعلوه معه ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم، ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة، ولا شيئاً من خصائص الأنبياء، بل ولا ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عن ذنبه دون ذنبهم، بل إنما حكى عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار، ولا ذكر سبحانه عن أحد من الأنبياء – لا قبل النبوة ولا بعدها – أنه فعل مثل هذه الأمور العظيمة، من عقوق الوالد، وقطيعة الرحم، وإرقاق المسلم، وبيعه إلى بلاد الكفر، والكذب البين، وغير ذلك مما حكاه عنهم، ولم يَحْكِ شيئاً يناسب الاصطفاء والاختصاص الموجب لنبوتهم، بل الذي حكاه يخالف ذلك، بخلاف ما حكاه عن يوسف.
ثم إن القرآن يدل على أنه لم يأت أهل مصر نبي قبل موسى سوى يوسف، لآية غافر، ولو كان من إخوة يوسف نبي لكان قد دعا أهل مصر، وظهرت أخبار نبوته، فلما لم يكن ذلك عُلم أنه لم يكن منهم نبي، فهذه وجوه متعددة يقوي بعضها بعضاً.
وقد ذكر أهل السير أن إخوة يوسف كلهم ماتوا بمصر، وهو أيضاً، وأوصى بنقله إلى الشام فنقله موسى.
والحاصل أن الغلط في دعوى نبوتهم حَصَل من ظن أنهم هم الأسباط، وليس كذلك). انتهى من مجموع الرسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية - المجموعة الثالثة ص297 - 299 بتحقيق محمد عزيز.
وقال الإمام السيوطي رحمه الله: (مسألة في رجلين قال أحدهما إن إخوة يوسف عليه السلام أنبياء، وقال الآخر: ليسوا بأنبياء فمن أصاب؟
الجواب: في إخوة يوسف عليه السلام قولان للعلماء، والذي عليه الأكثرون سلفاً وخلفاً أنهم ليسوا بأنبياء، أما السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا بنبوتهم – كذا قال ابن تيمية - ولا أحفظه عن أحد من التابعين، وأما أتباع التابعين فنُقِل عن ابن زيد17 أنه قال بنبوتهم، وتابعه على هذا فئة قليلة، وأنكر ذلك أكثر الأتباع فمن بعدهم، وأما الخلف فالمفسرون فِرَقٌ، منهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي، ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي، والإمام فخر الدين، وابن كثير، ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي، ومنهم من لم يتعرض للمسألة ولكن ذكر ما يدل على عدم كونهم أنبياء كتفسيره الأسباط بمن نبئ من بني إسرائيل، والمنزل إليهم بالمنزل على أنبيائهم، كأبي الليث السمرقندي والواحدي، ومنهم من لم يذكر شيئاً من ذلك، ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب، فحسبه ناس قولاً بنبوتهم، وإنما أريد بهم ذريتهم لا بنوه لصلبه). انتهى من الحاوي للفتاوي للإمام السيوطي 1/ 310.(/)
إشكال في إدغام كبير لرويس
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[18 Sep 2004, 06:58 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا الكرام
قال الشيخ القاضي رحمه الله في البدورالزاهرة عند إدغام قوله تعالى (فلا أنساب بينهم) في سورة المؤمنون إدغاما كبيرا للسوسي ولرويس قال أن رويس له المد المشبع فقط ثم ذكر ذلك مرة أخرى في شرحه على الدرة المسمى الإيضاح وذكر العلة في ذلك فقال لأنه ملحق بالمد اللازم ثم تابعه على ذلك الشيخ محمود الحصري في رسالته نور القلوب في قراءة يعقوب وتابعه أيضا الشيخ نبهان مصري في رسالته في الثلاثة القراء المتممين للعشرة
وقد تم البحث في كثير من كتب الأئمة المتقدمين فلم نجد نص في ذلك
والسؤال
هل ذكر أحد من الأئمة المتقدمين ذلك؟ وهل يأخذ الإدغام الكبير لرويس في قوله تعالى (الكتاب بالحق) وقوله
(الكتاب بأيديهم) نفس الحكم؟ وإن كان هناك تفريق فما العلة في ذلك؟ ثم ما السبب في التفريق بين أوجه السوسي ووجه رويس في الإدغام في قوله تعالى (فلا أنساب بينهم)؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[22 Sep 2004, 06:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لعل أحد المشايخ الفضلاء يجيب علينا
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[26 Sep 2004, 07:01 ص]ـ
للرفع(/)
أرجو الإفادة لو تكرمتم!
ـ[أبو سالم]ــــــــ[18 Sep 2004, 12:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أرجو الإفادة لو تكرمتم عن أي مرجع أو تفسير يتناول جمع الآيات التي تتحدث عن موضوع معين ويفسرها جملة واحدة، بمعنى أن نصل إلى المؤدى الذي يفيد بكل ما جاء به القرآن في موضوع معين والخلوص إلى النتيجة النهائية التي يصل إليها اجتهاد المفسر بعد القول بالنسخ أو التقييد أو التخصيص أو التأويل أو غير ذلك .. (إن كان ثمة شئ من ذلك)
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2004, 11:43 م]ـ
أخي الكريم أبا سالم وفقه الله.
سؤالك هذا يدور حول ما يسمى بالتفسير الموضوعي. وهو نوع من أنواع التفسير، وفيه مصنفات وكتب مستقلة تبين معالمه، وتوضح تفاصيله. وهناك مشاركات سابقة في الملتقى توضح شيئاً من ذلك، أرجو أن تجيب عن بعض سؤالك، وإن بقي لديك ما يشكل فنحن رهن إشارتك وفقك الله.
ومما وجدته سريعاً من هذه المشاركات:
- التفسير الموضوعي ... وجهة نظر أخرى للدكتور مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=566).
ومن وجد المزيد فليتحفنا به مشكوراً.(/)
بشرى من شبكة التفسير والدراسات القرآنية ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2004, 02:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بشارة لأعضاء ملتقى أهل التفسير ورواده ومحبيه ..
بتوفيق الله وعونه انتهينا من طباعة كتاب:
مقالات في علوم القرآن وأصول التفسيرللدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض
وذلك بالتعاون مع دار المحدث للنشر والتوزيع بالرياض. وسيطرح الكتاب للبيع - إن شاء الله - في المعرض الدولي العاشر للكتاب الذي تنظمه جامعة الملك سعود بالرياض والذي سيفتتح في 7 شعبان من العام الجاري 1425 هـ ويستمر حتى 17 من شعبان. ويعد هذا الكتاب باكورة إصدارات شبكة التفسير والدراسات القرآنية بالتعاون مع دور النشر، ونرجو أن يتلوه إصدارات علمية أخرى في الدراسات القرآنية.
http://www.tafsir.org/images/tafsir-newbook.gif
ـ[أبو حمدي]ــــــــ[18 Sep 2004, 09:30 م]ـ
بشركم الله بالخير ...
أذكر أن الشيخ مساعد الطيار - حفظه الله - كان في نيته أن يكتب كتابا يتعلق بأصول التفسير - أو ما شابه -، يكون على غرار كتابه النفيس: تفسير جزء عم - صلب و حاشية -، فهل هذا الكتاب الذي ذكرته أخي هو هذا؟ أم؟
الذي يبدو من العنوان أن الكتاب الذي ذكرته مقالات للشيخ ...
إذا ما هي آخر أخبار ذلك الكتاب؟
جزاكم الله خيرا .. و جزى الله شيخنا مساعد خيرا، ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه ..
إنه سميع قريب مجيب ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2004, 11:34 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا حمدي
هذا الكتاب هو مقالات وبحوث للشيخ الدكتور مساعد الطيار جمعت ورتبت من خلال مشاركاته في شبكة التفسير والدراسات القرآنية بزواياها المختلفة، وغيرها من المواقع والمجلات. وقد قسمت حسب موضوعاتها. وأما كتابه في أصول التفسير فلعله يخرجه قريباً إن شاء الله فهو تصنيف مستقل عن هذا إن شاء الله. نسأل الله له التوفيق والسداد، وأن يبارك له في علمه ووقته.(/)
جدارا يريد أن ينقض
ـ[عبدالحليم]ــــــــ[18 Sep 2004, 07:34 م]ـ
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه
(سورة الكهف)
اذا كان الجدار غير عاقل, ما حكمة استعمال كلمة "يريد" فى هذه الآية الكريمة؟
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2004, 09:43 م]ـ
الأخ عبد الحليم
السلام عليكم ورحمة الله
في تفسير سورة الكهف للشيخ محمد العثيمين رحمه الله ما يلي
قوله تعالى (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) أي: أنه مائل يريد أن يسقط، فإن قيل: هل للجدار إرادة؟
فالجواب: نعم له إرادة، فإن ميله يدل على إرادة السقوط، ولا تتعجب إن كان للجماد إرادة فها هو "أُحُد" قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه: (جبل يحبنا ونحبه). (1)
والمحبة وصف زائد على الإرادة، أما قول بعض الناس الذين يجيزون المجاز في القرآن: إنَّ هذا كناية وأنه ليس للجماد إرادة فلا وجه له.
قال بن حجر رحمه الله في فتح الباري
(جبل يحبنا ونحبه) ولا مانع من إمكان المحبة منه كما جاز التسبيح منها وقد خاطبه صلى الله عليه وسلم مخاطبة من يعقل فقال لما اضطرب اسكن أحد.
وقال شيخ لإسلام بن تيميه رحمه الله في مجموع الفتاوى
فمعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي، وهو لم يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز، بل لا يعرف في كلامه مع كثرة استدلاله وتوسعه ومعرفته الأدلة الشرعية أنه سمى شيئا منه مجازا ولا ذكر في شيء من كتبه ذلك؛ لا في الرسالة ولا في غيرها.
وحينئذ فمن اعتقد أن المجتهدين المشهورين وغيرهم من أئمة الإسلام وعلماء السلف قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز كما فعله طائفة من المتأخرين: كان ذلك من جهله وقلة معرفته بكلام أئمة الدين وسلف المسلمين
وهذا فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=1291
اللهم أرنا الحق حقا ورزقنا اتباعه
ـ[عبدالحليم]ــــــــ[18 Sep 2004, 10:18 م]ـ
جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك
سأنفكر في هذا الرد ان شاء الله
ـ[عبدالحليم]ــــــــ[18 Sep 2004, 10:31 م]ـ
لقد وجدت بعض التفصيل فى شرح العقيدة الواسطية
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=335&CID=19
جزاك الله خيرا(/)
ما اسم كتاب الشيخ طاهر الجزائري في التجويد؟؟
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[19 Sep 2004, 10:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الفضلاء من يعرف اسم كتاب الشيخ طاهر الجزائري في التجويد
وكيف يمكن الحصول عليه؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2004, 04:48 م]ـ
اسمه:
تدريب اللسان على تجويد البيان.
وقد طبع قديماً في حياة المؤلف قبل عام 1338هجرية.(/)
مع أغلى كتاب (جولات في سورة يوسف ... 7)
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[19 Sep 2004, 01:40 م]ـ
دراسة الشخصيات من خلال السورة
تعتبر دراسة معالم الشخصيات وما تتمتع به من صفات وإبرازها للناس - سواء أكانت هذه الشخصيات ذات صفات خيرة أم شريرة - مطلبا إعلاميا في غاية من الأهمية؛ وبخاصة إذا درست راسة متأنية وصُورت تصويرا فنيا بديعا فإن مردودها الإعلامي والتربوي نافع بإذن الله.
والقرآن الكريم خير واصف للشخصيات التي عرض لدراستها ولنأخذ مثالا لذلك صاحب "يس" فإن الله تعالى يحكي لنا عنه -وهو يدعو قومه إلى الله تعالى، وينصحهم، ولم يكن له ناصر ينصره من بينهم يمنعه منهم، فكتب الله له الشهادة وأدخله الجنة فتمنى أن يعلم قومه بما أكرمه الله تعالى به؛ إذ يقول الله تعالى في ذلك {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِي (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِي (25) قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27)} [1]
فهو يدعوهم إلى الخير، وينصحهم وهم يتكتلون عليه ويسيؤن إليه إلى درجة أن قتلوه وليس أي قتله لكنهم اجتمعواعليه ورفسوه بأرجلهم حتى مات رحمه الله تعالى ورضي عنه. ([2]) ولما أكرمه الله بدخول الجنه تمنى أنه يعلم قومه بدخوله الجنه فيؤمنوا فيدخلوها، فإ نهم إذاتاكدوا أنه على الحق ربما يهديهم ذلك إلىالحق؛هذة الشخصية المبرأة من الحقد التي تحيا وتموت لا من أجلها وحداهما. كمايفعل الأنانيون ـــ بل من أجل غيرها،أيضا هذا المبدأ الراسخ الذي قرره الإسلام ,, لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه ([3]) ,, وقول النبي صلىالله عليه وسلم حين دخل مكه ـ فاتحاً ـ وقد أصبح بمقدوره أن يحصد عتاولة قريش حصدا ــ ماترون أني فا عل بكم؟! قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال صلى الله عليه وسلم {اذهبو فأ نتم الطلقاء} ([4]) وهذا له مدلول اعلامي مهم وهو أن الإسلام الذي جاء به الأنبياء والمرسلون من أولهم إلى أخرهم هو واحد ويخرج من مشكاة واحدة يدعوا إلى الفضيلة وينهى عن الرذيلة، لقد صورت الأيات الكريمات في سورة" يس" هذه الشخصيةالمباركة أيّما تصوير ورسمت توجهاتها وخلجات نفسها رمت مايداخلها وما تقوله وما تفعله، وأنه مترابط ترابطا لاانفصام بينها البتة، وبقول موجز " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين إلى قوله تعالى " قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " ([5]) هذه النفوس التي زكاها الإيمان لاتزال تضرب أروع الأمثلة في كل مكان وزمان فتؤثر تأثيراً ايجابياً لمن تمكن من مشاهدتها أو سماعها، وبالعكس فإن النفوس التي خرجت عن هذه التزكية مهما ادعت الحضارة والتقدم، فإنها تضرب أسوأ الأمثلة في الخسة والنذالة وماتفعله أُوربا المتحضرة بالمسلمين في البوسنة والهرسك وكذلك روسيا وما تفعله بالشيشان، وما تفعله أمريكا والتي تعتبر الموجه الخلفي لمآسي المسلمين في أنحاء الدنيا وما يفعله هؤلاء العتاة أصحاب النفوس المريضة المتعطشة لظلم الآخرين مثال صارخ لما نقول (كتبت هذه قبل أن تسفرالسلطات الأمريكية عن وجهها علنا في أيام حرب البوسنة والهرسك) وإن له لدلالات إعلامية مهمة لمن كان من أصحاب التدبر والتفكر ورصد الأحداث ومطابقة القول للعمل، لتقوم الحجة فلا يدعها المستقبل جهلا.
-----------------
[1]- سورة يس
[2]-الأشقر،زبدة التفسير (الطائف دار المؤيد، الثانية 1416هـ) ص581.
[3] متفق عليه:البخا ري 1/ 53، 54،055ومسلم رقم54
[4]- منير محمدالفضبا ن. فقه السيره النبوية (مرجع سابق) ص569
[5]-سورة يس الآيات 20 - 27.
3 محمد الغزالي النظرية الإسلامية في الإعلام والعلاقات الإنسانية، (الإعلام الإسلامي والعلاقات الإنسانية)، مرجع سابق ص279
- كليم صدقي،الحركة الإسلامية وحاجتها إلى الإعلام .. (المرجع السابق) ص139.
- محمد قطب، الإعلام الإسلامي، المرجع السابق ص162،163
- رمضان لاوند، السياسة الإعلامية في القرآن الكريم، المرجع السابق ص171،173.(/)
جمع نقول السلف على جميع القرآن ...
ـ[أبو حمدي]ــــــــ[19 Sep 2004, 02:35 م]ـ
نقل الدكتور عدنان زرزور في تحقيقه لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في أصول التفسير تحت عنوان (آثاره في التفسير) قولا لابن عبدالهادي المقدسي وهو يتحدث عن تصانيف الشيخ: " فمن ذلك ما جمعه من تفسير القرآن العظيم، وما جمعه من أقوال مفسري السلف الذين يذكرون الأسانيد في كتبهم، وذلك أكثر من ثلاثين مجلدا " ثم أضاف إلى هذا النص قول ابن رشيق: " كتب الشيخ – رحمه الله – نقول السلف مجردة عن الاستدلال على جميع القرآن، وكتب في أوله قطعة كبيرة بالاستدلال ... " الخ، ثم ذكر الدكتور عدنان أنه من هذين النصين يتبين ما هو المراد بالثلاثين مجلدا المشار إليها، وأنها ليست من تفسير شيخ الإسلام، ولكن من نقول السلف التي كان يعول عليها في تفسير ما فسر من كتاب الله تعالى. ((انظر: مقدمة في أصول التفسير، تح: د. عدنان زرزور، راجعه وعلق عليه الشيخ / زكي الحسيني، الناشر دار الرسالة للنشر والتوزيع، ط 1415هـ - 1995م: ص 10 – ص 11)).
بناء على هذا النص، أريد أن أطرح مسائل تدور في فلكه، أتمنى بشدة أن يدلي أهل الاختصاص بعلمهم، وجزى الله الجميع خيرا:
المسألة الأولى: هل هناك كتاب جمع فيه مؤلفه أقوال السلف في التفسير على غرار ما ذكر هنا عن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -؟
وإن لم يكن هناك، فكيف يمكن جمع مثل هذا؟ أعني: ما هي الكتب التي يمكن أن يرجع إليها الشخص، والتي تعتبر مصادر مهمة لأقوال السلف؟
المسألة الثانية: الذي أعرفه أن تفسير السلف يقصد بهم: الصحابة والتابعين، فهل يدخل كذلك تابعي التابعين؟
ثم ما ذكر في نص ابن عبدالهادي " وما جمعه من أقوال مفسري السلف الذين يذكرون الأسانيد في كتبهم "، من هم مفسرو السلف الذين يذكرون الأسانيد في كتبهم؟
هل يقصد بالسلف في هذا السياق أمثال الطبري وابن أبي حاتم؟
المسألة الثالثة: إذا أراد الشخص أن يجمع أقوال السلف، فهل يجمع كل قول ينقل في المصادر التي اعتنت بنقل أقوالهم؟ أم يجمع الصحيح فقط؟
المسألة الرابعة: هل يمكن في هذا الجمع الاستقراء التام، وكيف؟
أم يكفي فيه الاستقراء الناقص و بحسب غلبة الظن وبذل الغاية في الجهد؟
أرجوا ممن لديه الجواب الكافي ألا يبخل علينا بعلمه ...
وجزاكم الله خيرا ...
ـ[أبو حمدي]ــــــــ[21 Sep 2004, 04:40 م]ـ
المعذرة!!!
رفعت الموضوع ... لعل و عسى!!!
(لعل) أحدا يهمه الموضوع، لم يتنبه له من قبل، أو لم يقرأه!
و (عسى) أن يُنظر إليه بعين الشفقة و الرحمة لكاتبه (المتحمس) للموضوع!!
والله المستعان ...(/)
هل ثبت في فضائل سورة المزمل شيء؟
ـ[الراية]ــــــــ[19 Sep 2004, 03:01 م]ـ
السؤال /
هل هناك فضائل زائدة لقراءة سورة المزمل؟
البعض يقولون إن قراءتها مائة مرة يكون معها فضائل أخرى
الجواب /
لم أقف على دليل صحيح يدل على فضيلة خاصة لقراءة سورة المزمل، كما لم أقف على دليل صحيح أو ضعيف يدل على فضيلة لتكرارها بعدد معين كمائة مرة، كما في السؤال.
وجاء في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورةَ المزمِّلِ دفَع اللهُ عنه العُسْرَ في الدنيا والآخِرةِ".أخرجه ابن مردويه في تفسيره، والواحدي في الوسيط-كما في تخريج الكشاف 4/ 112 - 113. وهذا لا يصح، فقد اعترف راويه بأنه كذب ووضعه ليرغب الناس في القرآن!.
وقد وقفت على حديث متعلق بجملة من آية سورة المزمل الأخيرة وهي قوله تعالى: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) [المزمل:20]. قال ابن كثير في تفسيره (4/ 44): وقال الطبراني (10940): حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي: حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي: حدثنا عبد الرحمن بن طاوس، من ولد طاوس، عن محمد بن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ). قال:"مائة آية ".
وقال ابن كثير: هذا حديث غريب جدًّا لم أره إلا في معجم الطبراني رحمه الله تعالى. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 130): رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن طاوس، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. ا. هـ. فالحديث ضعيف أيضًا.
والذي يظهر أن التكرار مائة مرة منكر؛ لمخالفته المعهود من نصوص الشرع الدالة على فضائل سور وآيات وغالبها ليس فيه تكرير، وما وجد فيه تكرير لآي القرآن أو سوره، فليس أكثر من ثلاث مرات إذ لم يصح تكرار شيء من القرآن فوق ذلك والله أعلم.
وعليه، فالأصل في قراءة سورة المزمل الحديث العام في فضيلة قراءة القرآن، وهو عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، والحسنةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، ولكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ولَامٌ حَرْفٌ ومِيمٌ حَرْفٌ". أخرجه الترمذي (2910) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
ومن السور التي ثبت أن لها فضائل خاصة بأدلة صحيحة: سورة الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والكهف، والملك، والإخلاص، والمعوذتان [أعني سورتي: الفلق والناس]، ومن الآيات: آية الكرسي [البقرة 255]، والآيتان من آخر البقرة [285 - 286]. وفقنا الله وإياك لاتباع الصحيح من سنة محمد صلى الله عليه وسلم وترك ما سواه.
عبد الحكيم القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
1/ 8/1425هـ
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=55798(/)
القراءة المرتلة والقراءة المجودة ... ما الفرق؟
ـ[الراية]ــــــــ[19 Sep 2004, 04:27 م]ـ
من يتابع تلاوات القراء الكبار المعاصرين وخصوصا المنشاوي وعبد الباسط والحصري - عليهم رحمة الله ورضوانه ومغفرته -
يرى ان هناك تلاوات لهم تسمى مرتلة وأخرى مجودة؟
فما الفرق بين هذه وتلك
اذكر اني سمعت فرقاً بينها في أحد دروس الشيخ ابراهيم الدوسري المسجلة ولكني نسيته
وهل هناك روابط لأجمل القراءات المرتلة والمجودة لهؤلاء القراء ...
شكر الله من أفادني بشيء في هذا ...
والله الموفق
ـ[أبو الزبير]ــــــــ[20 Sep 2004, 01:46 م]ـ
[ size=7] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرق بين الترتيل والتجويد أخي الكريم هو أن التجويد فيه مبالغة في إخراج الحروف من مخارجها وتحقيق صفاتها والتأني في القراءة وكلمة مبالغة ليس فيها ذم لهذا النوع من القراءة
أما الترتيل فهو تخفيف لهذه الشروط التي ذكرناها ويكون في قراءة الصلوات
ويشترط فيهما المحافظة على القواعد
ـ[الراية]ــــــــ[20 Sep 2004, 09:57 م]ـ
أبو الزبير
شكرا لك(/)
هل هناك كتب متخصصة في تفسير سور معينه
ـ[المنتقى]ــــــــ[19 Sep 2004, 08:46 م]ـ
الاخوة في ملتقى اهل التفسير جعلنا الله واياكم من اهل القرآن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: اشكركم على هذا الموقع المفيد والذي فيه فوائد جليلة لا يجدها الطالب في الكتب الا في نصب وتعب بل ربما لايجدها البتة
وانني اسأل القائمين على هذا الموقع من اعضاء ومشاركين عن
كتاب يفسر سورة معينة وخاصة في سور
1 - الممتحنة
2 - الاحزاب
3 - الحجرات
او اشرطة
لاني قد سؤلت عن ذلك وبحثت في المكتبات ولم اجد شياء
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Sep 2004, 09:12 م]ـ
جزاك الله خيرا على حسن ظنك بإخوانك:
هناك كتاب قيم في تفسير سورة الحجرات ل د ناصر العمر
وأما سورة الأحزاب فقد فسرها الشيخ ابن عثيمين تجدها في التسجيلات , أو على موقعه على الانترنت.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2004, 10:28 م]ـ
إضافة لذلك أيضاً ..
- من أسرار التعبير القرآني: دراسة تحليلية لسورة الأحزاب. للدكتور محمد محمد أبو موسى حفظه الله.
- تفسير سورة الأحزاب للدكتور مصطفى زيد رحمه الله. وهما كتابات نفيسان للغاية.
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[20 Sep 2004, 11:25 ص]ـ
هناك أيضا
تفسير سورة الأحزاب/عبد الفتاح خليفة
تفسير سورة الأحزاب / محمد خليفة
تأملات في سورة الأحزاب / حسن با جودة
سورة الأحزاب عرض وتفسير / مصطفى زيد
نظرات في سورة الأحزاب مع تفسيرها / كامل الشناوي
البينات في سورة الحجرات / عبد المجيد البينانوي
تفسير سورة الحجرات / محمد المراغي
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[20 Sep 2004, 06:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
نعم هناك الكثير من كتب التفسير لسورٍ معينة مثل:
* تفاسير الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- للسور التالية:
- سورتي (الفاتحة والبقرة) في ثلاث مجلدات
- سورة (الصافات)
- سورة (يس)
- سورة (الكهف)
- تفسير جزء عم
أما تفاسيره التي سوف تُنشر قريباً:
- تفسير سورة آل عمرآن
- تفسير سورة الأحزاب
*تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية:
- تفسير سورة النور
ـ[أبو محمد الحوشان]ــــــــ[26 Sep 2004, 03:12 م]ـ
iأحسنتم وبارك الله فيكم
وأحتاج إلى تفسير خاص بسورة ((سبأ))
وهل يوجد مواقع لمثل هذا النوع من التفسير على النت؟(/)
هل يجوز قراءة القرآنم من غير احكام؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[20 Sep 2004, 07:32 ص]ـ
أرجو من الإخوة إفادتي في هذا الموضوع
هل يحوز قراءة القرآن من غير أحكام؟
وارجو ذكر كلام العلماء في ذلك.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Sep 2004, 12:01 م]ـ
ارجو ايضاح مرادك , ولعلك تقصد أحكام التجويد فإن كان كذلك فعليك بهذا الرابط:اضغط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2235&highlight=%C7%E1%CA%CC%E6%ED%CF)
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[21 Sep 2004, 04:26 م]ـ
نعم هذا هو مرادي فجزاكم الله خيرا، وبارك الله فيك(/)
مع أغلى كتاب (جولات في سورة يوسف ... 8)
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[20 Sep 2004, 11:22 ص]ـ
1 - يوسف الصديق عليه السلام
بدأت معالم الشخصية الفذة في يوسف عليه السلام من صباه. فلقد أحبه أبوه عليه السلام أشد الحب وأعمقه. وما ذلك إلالشيء توسمه فيه، وتميزبه عن سائرأخوته. وقدسبب له ذلك محنا طوالا؛ اكانت بمثابة الجانب الاخر ذي السمه القاسيه من جانبي التربيه. فارق أبويه وهوفي سن مبكرة جد اً، وذاق ألم الاغتراب وهو في سن الثانيه عشرةمن عمره. ليس هذا فحسب بل إن ألم العبوديه قداجتمع إلى ألم الاغتراب ليشكلا شبحا مظلما في نفس يوسف الصغير السن كان كافيا بأن يترك آثارا نفسية متعددة تكون كفيلة بتذويب شخصيته إلى الحضيض. لكن عناية الله كانت مع يوسف عليه السلام في محنه كلها. وهو دليل على نبوته، وعلى أن الله تعالى يتولى حفظ أنبيائه وعباده المؤمنين من صغرهم، ويدل أيضا على خطورة التربية المنا هضة للفطرة؛ حيث إن الله تعالى لم يترك فطر أنبيائه تدنس وتسودها الأفعال المشينة؛ إنهم يحملون رسالة الله إلى الناس؛ وذلك يعني أيضا مواجهة أهل الباطل والشر بكل مكرهم وجبروتهم وطغيانهم وجميع قوتهم؛مما يستدعي وجود نفوس نظيفة قوية تعرض الحق عرضا صحيحا وتتحمل ماتلقاه من عنت ومشقة إلى أن يتضح {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِأَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)} ()
إن المرحلة التي مر بها يوسف عليه السلام" مرحلة الاغتراب والعبودية! وفي سن مبكرة وفي بيت يعج بالرفاهية وبجانب امرأة ذات منصب وجمال " لهي مرحلة تحيط بها الفتن من كل جانب، ولايتأتى لشخصية عادية أن تتجاوزها بسلام وتنجو من غوائلها؛ فمن هذه الشخصية التي تجاوزت تلك المرحلة البالغة الصعوبة؟ ماالسمة التي تميزت بها طيلة عمرها في أيام الشدة والرخاء؟ الأمر الذي يزداد بسببه التأثير، وقوة التحريك بقابلية النفوس للتصديق بالرسالة التي يحملها ... ولايتأتى للدعاية المضادة أن تصل إلى ماتريد، والقابلية للتصديق عنصر أساسي فى العمل الإعلامي حتى إن نجاح الكذب فى العمل الدعائي يرتبط بعدم اكتشافه .. ,, ()
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Sep 2004, 09:25 م]ـ
حياك الله بين إخوانك
كم نحن بحاجة إلى مثل هذه المواضيع آمل منكم إتحافنا بالمزيد.
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[21 Sep 2004, 07:53 ص]ـ
حييت ومن الشر وقيت(/)
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {17}
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[20 Sep 2004, 03:33 م]ـ
(((الاعيب الشيطان)))
الشيطان له من الالاعيب التي والحيل التي تنطلي على كثير من الناس من الذين لا يعرفون منهج الله تعالى.لذا نرى لزاما على كل مؤمن أن يعرف الاعيب الشيطان لأن غايته هي إضلال المؤمنين عن سبيل الله ..
في القرآن الكريم آيات تبين لنا ألاعيب الشيطان وخططه.
فعلى سبيل المثال. عندما أمر الله تعالى إبليس أن يسجد لآدم ,فإذا بالشيطان يأبى ويستكبر ويعصي ويقول: ((أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)) عندها غضب الله تعالى على الشيطان ((قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنَك من الصاغرين *قال فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني لأقعدنَ لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينَهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأنَ جهنم منكم أجمعين*))
{الاعراف آية:13 - 18}
هذه الآيات تبين لنا غضب الله تعالى على إبليس عندما إستكبر ولم ينفذ أمره وجادل بالباطل أمام الحق فذمَه الله وحقَره ولعنه , ولكن الشيطان توعد بني آدم وبخآصَة منهم المؤمنين. ((قال فبما أغويتني لأقعدنَ لهم صراطك المستقيم)). انظر أي طريق اختاره الشيطان ليتربَص فيه للمؤمنين ((صراطك المستقيم)) ..
وسبب اختياره لهذا الطريق أن الله عزوجل أمر عباده المؤمنين أن يسلكوه: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتَبعوه))
{الانعام آية:153}
إن الله أمر عباده الصَالحين باتباع طريقه الذي طرَقه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ونهايته الجنة وتشعَبت منه طرق ,فمن سلك الجادَة نجا ,ومن خرج إلى تلك الطرق افضت به الى النار قال الله تعالى: ((ولا تتبعوا السبل فتفرَق بكم عن سبيله)) {الانعام آية:153}
عن عبد الله بن مسعود قال: خطَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطَا ثم قال: هذه سبيل الله ,ثم خطَ خطوطا عن يمينه وخطوطا عن يساره ثم قال:هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليها , ثم قرأ هذه الآية: ((ولا تتبعوا السبل فتفرَق بكم عن سبيله)). {رواه الدارمي ابو محمد في مسنده بإسناد صحيح احمد والترمذي}
[تفسير القرطبي]
فالشيطان يتربص بالمؤمنين على الصراط المستقيم الذي امر الله عباده المتقين أن يسلكوه , فعلى المؤمن أن يعرف الاعيب الشيطان وحيله , وقد بين الله تعالى في كتابه العزيز كيف يحذر المؤمن من مكائد الشيطان وحيله ,فبقدر ما نفقه كتاب الله بقدر ما نعرف الاعيب وحيل الشيطان ونحذرها وعند ذلك فإن الشيطان لا يستطيع أن يضلَنا عن الطريق المستقيم ....
__________________________________________________ __
يتبع (((الشيطان والجهات الاربع))) {18}(/)
الحاجة إلى علم أصول التفسير
ـ[مولاي عمر]ــــــــ[20 Sep 2004, 04:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحاجة إلى علم أصول التفسير
إن الحمد لله نحمده تعالى و نستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيآت أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
فقد امتازت العلوم الإسلامية بكونها تتركب في الغالب من شق نظري وشق تطبيقي. و أبرز مثال على ذلك الفقه الإسلامي الذي يمثل الجانب التطبيقي،حيث واكبه علم أصول الفقه الذي يمثل الجانب النظري. وقل نفس الشيء بالنسبة لعلم الحديث،فمنه الجانب التطبيقي الذي يهتم بالرواية وهو المتعلق بالنصوص الحديثية تحملا وأداء،ومنه الجانب النظري وهو علم الدراية أو أصول الحديث. وكما للفقه أصوله، وللحديث أصوله فللغة أصولها.
لكن علم التفسير بقي خاليا مما هو أجدر أن يتحصن به، وهو هذا الجانب النظري الذي نصطلح عليه: (علم أصول التفسير).
وهذه الثغرة من بين الأسباب التي جعلت التفسير مجالا للطعن والتحريف قديما وحديثا، بقصد وبغير قصد. وفي هذا المعنى يقول ابن تيمية:" إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحق المبين ". ولئن كان الإمام أحمد رحمه الله، قد عد علم التفسير من العلوم التي لا أصل لها، قاصدا بذلك جانب الرواية والسند، حين قال:" ثلاث كتب لا أصل لها: المغازي والملاحم والتفسير" وقد قال محققو أصحابه: يعني أنها في الغالب ليس لها أسانيد صحيحة متصلة، فيجوز أن نقول أيضا إن التفسير علم بلا أصول بالمعنى الذي يفهم من أصول الفقه في علاقته بالفقه ...
إن الحديث عن الفراغ الذي تشكوه المكتبة القرآنية في علم أصول التفسير، يتطلب منا الوقوف على ما أنجز من الدراسات القرآنية للوقوف على هذه الجوانب النظرية وتتبعها.
لا ينكر أحد كثافة الدراسات التي أنجزت عن القرآن الكريم وما يتعلق به، كما لا ينكر أحد تعددها واتساعها، حتى ليمكن القول إنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض درس كما درس النص القرآني،بل عدت دراسات كثيرة من أوجه الترف العلمي. بل إن علوما كثيرة إنما قامت من أجل فهم كتاب الله تعالى وخدمته حتى اصطلح على قسم منها علوم الآلة. فتراث الأمة العلمي إنما قام حول القرآن وهذا ما جعل مصطفى الصاوي الجويني يقول: " ويهول الدارس أن يجد تراثا ضخما يتجه كله إلى خدمة النص القرآني ".
وفي محاولة عرض اهتمامات المفسرين وتخصصاتهم العلمية يمكن تسجيل ذلك التنوع الذي يغطي أو يكاد كل التخصصات المعرفية التي عرفها الفكر الإسلامي بمفهومه الواسع. فلقد أقام كل عالم صلة له بكتاب الله، وأسهم في تفسيره، سواء بتفسير القرآن كاملا وهو المقصود، أو أجزاء منه وهو ما لم يتركه أحد إلا قليلا.
إن حضور النص القرآني في تراث الأمة حضور واضح وجلي، تتنوع مساحات هذا الحضور اتساعا وضيقا. وتختلف درجات التأثر قربا أو بعدا، وتتعدد مظاهر الاستدلال وتختلف أشكال التناول، لكن لا تكاد تفتح كتابا إلا وجدت النص القرآني حاضرا فيه نصا أو مضمونا،آية أو آيات…
إن حرص كل عالم، ومن ثم كل فرقة أو مذهب على التأصيل لمفاهيمه من القرآن الكريم، والعمل على إقامة الحجة منه على اختياراته العلمية أدى بلا شك، وكما هو معلوم إلى كثير من الانحراف في التفسير فضلا عن الكثرة والاتساع في الإنتاج.وهذا من أهم مبررات قيام علم أصول التفسير، وإلى نفس المعنى يشير الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حين يقول:" لقد ألف أحد العلماء رسالة يبين فيها أن كل أصحاب المذاهب الهدامة كانوا يستدلون على باطلهم وعقائدهم الزائفة بآيات من القرآن…ويرى الناظر فيها التمحل، ولي عنق الآية، والاعتماد على المغالطة، وإغفال سياق الآيات وأسباب النزول. إن هذا كله ليبين لنا أهمية قيام علم أصول التفسير بمهمته الجليلة وهي صيانة كتاب الله عن هذا العبث".
(يُتْبَعُ)
(/)
إن واقعا كهذا قد نتج عنه كثافة على المستوى التطبيقي في التفسير، لم ترافقها في نفس المستوى إنتاجات نظرية تضبط التفسير وتؤصل له. وبالعودة إلى المعاجم التي أحصت مجمل الدراسات القرآنية المطبوعة منها والمخطوطة يتأكد هذا الذي قيل،فمعجم مصنفات القرآن الكريم لإسحاق شواخ،أو معجم الدراسات القرآنية لابتسام مرهون الصفار خير شاهد على ذلك.
من أجل ذلك ينطلق هذا البحث من فرضية مفادها أن أصول التفسير علم مستقل بكل ما تعنيه كلمة علم من معان وأبعاد.
كما ينطلق البحث من فرضية أخرى مفادها أن هذا العلم إن لم نقل أنه لم يقم بعد، فهو بدون أدنى تردد لا يزال في حاجة ماسة إلى جهود كثيرة لإبراز مباحثه والتعريف به وبلورته، وإخراجه في صورة علمية مرضية تليق بشرف مادته التي هي القرآن.
فالمحاولات التي كتبت في هذا الباب يوجد بينها تضارب في الاصطلاح والمضمون وهو ما سنفصله لاحقا.
ومن الغريب فعلا أن يوجد من يقول إن التفسير في حد ذاته ليس علما ويرتب على ذلك أن لا حاجة لوضع تعريف له وهو ما يشير إليه الذهبي حين يقول:" يرى بعض العلماء أن التفسير ليس من قبيل العلوم التي يتكلف لها الحد؛ لأنه ليس قواعد أو ملكات ناشئة من مزاولة القواعد كغيره من العلوم التي أمكن أن تشبه العلوم العقلية …" وهنا يظهر أثر غياب علم أصول التفسير. لأنه برر عدم الحاجة إلى وضع حد بأنه " ليس له قواعد أو ملكات ناشئة عن مزاولة القواعد". وبغض النظر عن حدود كلمة " قواعد "، ففي النص إشارة واضحة أنه بسبب غياب هذه القواعد لا يرقى التفسير إلى مقام العلم.
والفراغ الذي نتحدث عنه تشهد له نصوص عديدة: فإلى حدود القرن الثامن الهجري يطالعنا نص لسليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الصرصري البغدادي المتوفى سنة 716هـ يقول فيه: " إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير وما أطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليه ويصار في هذا الفن إليه "
وقبل أن نتجاوز القرن الثامن الهجري نقف مع نص آخر لابن تيمية وهو يتحدث عن الباعث له على تأليف المقدمة المعروفة بين الناس ب ‘ مقدمة في أصول التفسير’ يقول فيه:"أما بعد فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز في منقول ذلك و معقوله بين الحق وأنواع الأباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل"
أما النص الأول فصريح في سبق المؤلف إلى الكتابة في الموضوع حين يقول:" ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه ".
أما النص الثاني فيدل بكيفية غير مباشرة على الحاجة التي دعت إلى طلب "مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره".
وهو أشبه ما يكون برسالة الإمام الشافعي حين كتب إليه عبد الرحمن بن مهدي:" أن يضع له كتابا في معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار فيه، وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة. فوضع له كتاب الرسالة".وإذا كانت رسالة الشافعي من آصل ما كتب في أصول الفقه فإن رسالة ابن تيمية يعدها العلماء من آصل ما كتب في أصول التفسير.
وهكذا،فمن خلال النصين يتبين إذن أنه إلى حدود القرن الثامن الهجري لم يحظ علم أصول التفسير بالعناية اللائقة به. أما الطوفي فمع وعيه بالموضوع إلا أن الحجم الذي تناوله به أقل من القليل إذ لم يتجاوز صدر كتابه الإكسير قال:" إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير وما أطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليه ويصار في هذا الفن إليه فجعلت له صدر هذا الكتاب " والذي يقع في أقل من ثلاثين صفحة. أما باقي الكتاب فهو في البلاغة.وهذا ما جعل محققه يقول عنه:" وكل ما أرجوه أن أكون قد أسهمت بتقديم هذا الكتاب القيم المجهول إلى أيدي القراء والدارسين في إثراء المكتبة البلاغية،و إضافة علم جديد إلى أعلام البلاغة وهم قلة."
(يُتْبَعُ)
(/)
أما رسالة ابن تيمية،بفصولها السبعة فلا تتجاوز إثارة بعض قضايا هذا الموضوع،وهي بذلك لا تعدو كونها مباحث في التفسير، وفي بض قضاياه.
وهكذا استمر الوضع على ما هو عليه في ما يبدو إلى القرن الرابع عشرالهجري، فهذا عبد الحميد الفراهي المتوفى سنة 1349هـ يقول في رسالته التكميل في أصول التأويل: "ولم نحتج إلى تأسيس هذا الفن لترك العلماء إياه بالكلية، فإنك تجد طرفا منه في أصول الفقه ولكنه غير تمام " ويفهم من كلامه أن أصول التفسير، أو أصول التأويل بعبارته، يوجد طرف منه في أصول الفقه. ولعله يشير إلى ما يتناوله علماء الأصول عادة عند حديثهم عن الأصل الأول وهو الكتاب وعند مباحث الدلالة. ومعلوم أن علماء أصول الفقه إنما يركزون على ما تعلق بالأحكام خاصة، والتفسير أوسع من ذلك وهذا ما جعل الفراهي يقول:"فلو جعل هذا الفن من علم التفسير لعظم محله في الدين " وهو نص صريح في كون هذا العلم لم يكن من علم التفسير بل كان من الفقه أو بعبارة المؤلف من فروع المسائل.
من أجل ذلك وجدنا باحثين معاصرين يرددون مع الطوفي مقالته:" فإنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير …" فيثيرون الإشكال مرة أخرى،وينبهون إلى خطورته،ويدعون إلى ضرورة تظافر الجهود من أجل حله.
ومن الذين اهتموا بالموضوع وأكدوا ما قلناه من حاجة هذا العلم إلى جهود متظافرة لإبرازه الدكتور محمد بن لطفي الصباغ. والإشارة الأولى منه لهذا الموضوع كانت في كتابه لمحات في علوم القرآن الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1973 م، وفيه يقول: "أصول التفسير مبحث مهم تفرقت موضوعاته في مقدمات بعض المفسرين وفي كتب أصول الفقه …" ثم يقول: "والبحث في أصول التفسير ما زال متسعا لمزيد من الدراسة والتأليف." ويلاحظ أنه في هذه المرحلة لا يتحدث عن علم أصول التفسير وإنما عن مبحث أصول التفسير.ثم هو في هذا الكتاب لم يزد على لمسه لمسا خفيفا و في ذلك يقول:" وسنلمس هذا المبحث لمسات تتناول النقاط الثلاث التالية:
1. سنذكر العلوم التي لابد من تحصيلها ليتسنى لنا أن نفسر القرآن
2. كما نذكر ما يشترطه العلماء عادة في المفسر
3. ونشير إلى أهم قواعد أصول التفسير."
وهذه اللمسات الخفيفة ناسبت عنوان كتابه:"لمحات في علوم القرآن " لكنه في كتابه "بحوث في أصول التفسير " والذي صدرت طبعته الأولى سنة 1988م يدعو إلى جمع مباحث علم أصول التفسير ويعتبره علما مستقلا، يقول:"ونود أن نقرر الآن أن هناك ضرورة علمية ملحة لإفراد مباحث هذا العلم أي علم أصول التفسير وإبرازها تحت عنوان قرآني متميز وفي حيز خاص لخدمة كتاب الله تبارك وتعالى.ذلك لأن بقاء تلك المباحث العميقة،والقواعد الرائعة حيث ذكرنا ولاسيما في علم أصول الفقه لأن بقاءها هناك يجعلها بعيدة عن ساحة الحضور والتصور،ويجعل فائدتها قليلة،وربما لا يذكرها عند التصدي للتفسير من سبق له أن اطلع عليها، بله من لم يقرأها ولم يسمع بها"
ومن أهم ما يدعو إليه ما يمكن أن نسميه إستقلالية هذا العلم وأن يكون مستقلا لا تابعا، ويوضح ذلك بقوله:"فإن إقرار تلك المباحث من أصول التفسير، وإبرازها تحت عنوان خاص بها،يتيح لها مزيدا من التحرير والتنقيح،والزيادة والتسديد، فطاقات البشر متكاملة، والمواهب غير مقصورة على زمان ولا بلد، فقد تأتي عبقرية وموهبة فذة وتسهم في إثراء هذا العلم و تكميله."
ومن الباحثين المهتمين بالموضوع الدكتور محسن عبد الحميد ففي كتابه دراسات في أصول التفسير الذي صدرت طبعته الأولى 1979م يشير إلى كون" موضوعات هذا العلم الجليل مبعثرة هنا وهناك في كتب التفسير وأصوله ومناهجه وعلوم القرآن والأصول وإننا في كلياتنا الإسلامية وأوساطنا المثقفة المهتمة بمثل هذه الدراسات نحتاج إلى كتاب يلم بمسائل هذا العلم، ويعرضها بأسلوب واضح" وهذا ما جعله يقول أيضا:"ولقد اقتنعت بأننا في هذا العصر بأحوج ما نكون إلى هذا العلم لكثرة ما انتشر من أخطاء شنيعة وتأويلات فاسدة لا يوجهها إلا الهوى ولا يقودها إلا الجهل."
والعبارة صريحة في الدلالة على مراد صاحبها، فالأمر كما قال وزيادة: إذ الأخطاء الشنيعة في تزايد، والتأويلات الفاسدة في انتشار، والحاجة الماسة لهذا العلم أكيدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أكثر الباحثين وعيا بهذا الموضوع الدكتور الشاهد البوشيخي الذي يعود له الفضل بعد الله في توجيهي للاشتغال به. ولقد أثار الموضوع في مواقع كثيرة من ذلك ما قاله عند حديثه عما يمكن تسميته بآفاق الدراسات القرآنية حين يقول: "فالذي أحسبه واجب الوقت على الجيل الصاعد الرائد هو:
1. " إخراج التراث التفسيري للأمة:بدءا من خير القرون فالذين يلونهم فالذين يلونهم …إخراجه إخراجا علميا قد وفي حظه من التوثيق سندا ومتنا…
2. دراسة ذلك التراث بهدف استخلاص علم أصول البيان والتفسير وقواعده وضوابطه كما تجلت في عمل خير القرون فالذين يلونهم فالذين يلونهم …أوفي أنظار من تلا ودون في مقدمات أو كتب، أو شذرات منثورة في بطون الكتب، أو إشارات…
3. بناء علم البيان القرآني أو علم التفسير إنطلاقا من تلك المستخلصات بعد تصنيفها، و تحليلها، و تعليلها،وتقويمها، وإضافة ما يلزم إضافته إليها."
فما عدا الخطوة الأولى،فإن الخطوتين التاليتين يندرجان في صميم الموضوع.وما الأولى عنه ببعيدة فلا يتصور بناء لعلم أصول التفسير إلا انطلاقا من تراث الأمة التفسيري والذي على رأسه ولاشك تراث خير القرون"الجيل الراشد ومن تبعه بإحسان، وفي عملهم التفسيري تكمن أساسيات علم بيان القرآن،و المنهج التفسيري الراشد."
و تقديرا من الأستاذ الدكتور الشاهد البوشيخي لحجم صعوبات هذا الموضوع فإنه يقرر:"حقا إنه لشاق استنطاق العمل لاستخلاص الأصول والقواعد" لكنها خطوة لابد منها ليقوم علم طالما حز في النفس ألا يكون نضج ولا احترق."
وقد عد الدكتور الشاهد البوشيخي واقع علم أصول التفسير ثالث الحواجز لدراسة مفاهيم الألفاظ القرآنية:
الأول واقع التراث النصي العربي،
الثاني واقع المعجم اللغوي العربي،
الثالث علم أصول التفسير أو علم بيان القرآن كما سماه.
وعنه يقول"… علم بيان القرآن أو أصول التفسير الذي مازال ينتظر جهودا صادقة مخلصة لاستخلاصه من مصادره وتخليصه مما التبس به وتصنيفه وتكميل بنائه علما ضابطا لبيان القرآن الكريم من الفهم السليم حتى الاستنباط السليم "
فواضح من خلال كل ما تقدم الحاجة الملحة للبحث في هذا الموضوع.
ومن الباحثين الذين دعوا إلى تأسيس علم أصول التفسير الدكتور إسماعيل سالم وذلك في كتابه ‘تفسير النصوص وآيات القصاص والديات’ يقول:" نقترح إنشاء علم جديد لقواعد التفسير "،ويضيف محددا الإسم لـ" هذا العلم المقترح علم أصول التفسير " ثم يعرف محاولته قائلا:"هي محاولة نبتغي بها …مزيدا من الضبط والتقعيد لتفسير آيات الله. وأول خطوة على الطريق هي تجميع تلك القواعد من العلوم التي لها صلة بالتفسير وباستنباطها من التفسير أو غيره."
ومن الباحثين الذين تنبهوا لهذا الأمر خالد بن عثمان السبت وإن كان قصره على قواعد التفسير. لكن الراجح أنه ممن يطلق قواعد التفسير وهو يقصد أصول التفسير. ويظهر ذلك عند حديثه عن الفرق بين التفسير وقواعد التفسير حين يقول:"قواعد التفسير هي تلك الضوابط والكليات التي تلتزم كي يتوصل بواسطتها إلى المعنى المراد .. فأصول التفسير وقواعده مع التفسير كالنحو بالنسبة للنطق العربي والكتابة العربية. فكما أن النحو ميزان يضبط القلم واللسان…فكذلك قواعد التفسير هي ثوابت وموازين تضبط الفهم لكلام الله عز وجل وتمنع المفسر من الخطأ في تفسيره." وهذا في الحقيقة هو دور علم أصول التفسير.
ثم المؤلف يشير إلى الفراغ الذي تعرفه المكتبة القرآنية في الموضوع فيقول مستغربا:" والعجب كل العجب أن أهل الفن والصناعة (يقصد علماء التفسير) على كثرتهم واختلاف عصورهم لم يولوا هذا الأمر – أعني قواعد التفسير- عناية تجدر به وهو لها أهل وبصرفها حقيق، مع شدة الحاجة إليها وخطر الخلط في فهمها."
وهذا النص الأخير أشبه ما يكون بما قاله الطوفي من قبل:"فإنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير."
ثم ينقل خالد بن عثمان السبت عن غيره ما يدل على هذا الأمر قائلا:" ولقد أصاب كثيرا من الحقيقة من قال:" العلوم ثلاثة: علم نضح وما احترق وهو علم الأصول والنحو، وعلم لا نضح ولا احترق وهو علم البيان والتفسير، وعلم نضج واحترق وهو علم الفقه والحديث".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد مر معنا نحو هذا لأستاذنا الدكتور الشاهد البوشيخي حين قال:"ويومئذ يقوم علم طالما حز في النفس ألا يكون نضج ولا احترق."
كما أشار لنفس الموضوع عند حديثه عن مبررات اختياره البحث في قواعد التفسير حيث لاحظ" ندرته وانعدام المؤلفات الخاصة بهذا الجانب".
أما هذه الندرة في التأليف فقد أشار إليها أكثر من واحد،ومن ذلك ما قاله الدكتور فهد الرومي:"حين أسند إلي تدريس مقرر أصول التفسير …لم أجد كتابا يجمع أبوابه،بل منها ما لم يكتب فيه كتابة وافية فرأيت أن الحاجة ماسة إلى وضع كتاب في أيدي الطلاب يجمع لهم الشتات."
ومن الباحثين أيضا نذكر الدكتور فريد الأنصاري في كتابه ‘ أبجديات البحث في العلوم الشرعية’ فهو بعد أن يلاحظ " أن العلوم الشرعية قد ركبت تركيبا مزدوجا بين جانبين نظري وتطبيقي " يلاحظ أيضا" أن التفسير بصفته شرحا لكتاب الله بقي عريا من أي سياج نظري نقدي له نسقه الذي يحكمه ومنطقه الذي يقننه ويقعده " ثم يقرر بعد ذلك أن الأمر يتعلق بمشروع " يحتاج إلى تضافر الجهود والعمل الجماعي والتشجيع المؤسسي الرسمي وغير الرسمي ممن لهم غيرة على التراث الإسلامي عامة والعلوم الشرعية خاصة عسى أن يرى بعد جيل أو أكثر من البحث الجاد ‘‘علم أصول التفسير’’ وقد قام واستوى وصار مادة منهجية ذات نسق دقيق…"
هذه بعض النصوص التي وقفت عليها،ولا يبعد أن توجد نصوص أخرى كثيرة ذات الصلة بالموضوع وكلها تجمع كما اتضح ذلك جليا على الحاجة الماسة لهذا الموضوع.
أما الجانب النظري الذي يلاحظ عليه الضمور بالنسبة للجانب التطبيقي، والذي يعد المادة المرجعية لموضوعنا فأهم مظانه ما يلي:
1) كتب علوم القرآن قديمها وحديثها:
وتأتي هذه الكتب في المقدمة، حتى عدها بعضهم أنها هي أصول التفسير.
والغالب على هذه الكتب أنها تجمع سائر العلوم التي لها تعلق مباشر بالقرآن الكريم: كعلم أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، وجمع القرآن والرسم القرآني،والمحكم والمتشابه …و غيرها. " هذه العلوم التي يقوم كل منها مستقلا عن الآخر تروم كلها غاية واحدة ألا وهي خدمة كتاب الله تعالى وتيسيره".إلا أنها لم تقعد التقعيد الذي يضبط العملية التفسيرية نفسها.
وهذه الكتب وما اشتملت عليه من العلوم، وإن صيغت في أصلها لتيسير تفسير القرآن الكريم فقد غلب عليها أحد المنهجين: الوصفي، أو التاريخي، مما يجعلها قاصرة عن ضبط التفسير. فالحديث عن أسباب النزول وعن المكي والمدني والناسخ والمنسوخ ونحو ذلك لا يزيد عن وصف ما وقع. والجهد كله منحصر في بيان المكي من المدني، وبيان الناسخ من المنسوخ، وبيان سبب نزول الآية أو الآيات.
وفي مبحث كجمع القرآن لا يتعدى الأمر التأريخ للمراحل التي مر بها تدوين النص القرآني. وهي بهذا الشكل لا يصح إطلاق أصول التفسير عليها حقيقة.
ب- مقدمات كتب التفسير:
تتضمن أغلب كتب التفسير مقدمات وضعها أصحابها تمهيدا نظريا لتفسيرهم. ومع أهمية هذه المقدمات إلا أن مضامينها أشبه ما تكون بكتب في علوم القرآن. و لعل هذا هو الذي جعل آرثر جفري ينشر مقدمتين لكتابين في التفسير، و سماهما" مقدمتان في علوم القرآن، مقدمة كتاب المباني، ومقدمة ابن عطية".
و من بين الذين نبهوا إلى قيمة هذه المقدمات العلمية وفائدتها في ما يتصل بموضوعنا الدكتور محمد بن لطفي الصباغ.
فقد جعل هذه المقدمات من أهم المصادر التي يمكن أن يرجع إليها طالب العلم الراغب في معرفة أصول التفسير، قال:"من ذلك المقدمات النفيسة التي كتبها المفسرون الكبار من أمثال الطبري والقرطبي وأبي حيان وابن كثير وغيرهم" و يمكن أن نضيف أيضا مقدمة القاسمي التي وضعها لتفسيره " محاسن التأويل" تحت عنوان:" تمهيد خطير في قواعد التفسير".
و ما قيل عن كتب علوم القرآن يقال عن أغلب هذه المقدمات، من حيث القصور التقعيدي،فأغلبها مباحث في علوم القرآن.
وإذا أخذنا مقدمة الطبري مثالا لذلك وجدناه تناول المباحث التالية:
1. القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن ومعاني منطق من نزل بلسانه القرآن من وجه البيان…
2. القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم.
3. القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب.
(يُتْبَعُ)
(/)
4. القول في البيان عن معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة" وذكر الأخبار الواردة بذلك.
5. القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن.
6. ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي.
7. ذكر الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن ومن كان يفسره من الصحابة.
8. ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن.
9. ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به.
10. القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه.
وهذه الفصول بهذا الشكل إنما تناولت قضايا ذات الصلة بالتفسير، وهي بذلك لا ترقى إلى درجة تصور شامل لعلم أصول التفسير وإن كانت تشكل مادة أساسية له. وما قيل عن مقدمة الطبري يقال عن غيرها من مقدمات كتب التفسير.
ج- الإشارات النظرية المبثوثة في كتب التفسير:
والمقصود بها القواعد التي يضعها المفسر وهو يمارس عملية التفسير في محاولة للتأصيل لمفهوم يريد تأصيله، أو في نقده لتفسير اختل فيه ضابط من الضوابط، أو في مجالات أخرى ...
ومع الاقتناع بأن هذه الإشارات تشكل مادة مهمة لأية صياغة تأصيلية، فإنه لم تقم إلى الآن محاولة تتقصى هذه الإشارات وتتبعها. وفي غياب أي إحصاء لها تبقى هذه المادة مظنة من مظان البحث، وهي بطبيعتها هذه في حاجة إلى استنباط واستقراء ثم استثمار.
د- الدراسات المنجزة عن كتب التفسير ومؤلفيها:
والمقصود بها الدراسات التأريخية التي حاول أصحابها تتبع مسيرة التفسير، إن بشكل مطلق مثل كتاب "التفسير والمفسرون" لمحمد حسين الذهبي، أو بشكل مقيد بالزمان مثل "اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر" للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي،أو مقيدة بالمكان مثل "مدرسة التفسير في الأندلس" للدكتور مصطفى المشيني،أو مقيدة بالزمان والمكان معا مثل "اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث" للدكتور عفت محمد الشرقاوي،أو "الدراسات القرآنية بالمغرب في القرن الرابع عشر الهجري" للدكتور إبراهيم الوافي، أو بقيد آخر غير الزمان والمكان مثل "منهج أهل السنة في تفسير القرآن الكريم" للدكتور صبري المتولي،أو "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي…
وكذلك الدراسات التي رصدت قضية من قضايا علم التفسير مثل" بدع التفاسير"للشيخ عبد الله بن الصديق أو " الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة.
ويلحق بهذا القسم الدراسات التي تناول أصحابها مناهج المفسرين سواء اقتصر البحث على منهج مفسر واحد، و الأمثلة كثيرة جدا، أو شمل مجموعة من المفسرين ككتاب " مناهج في التفسير" لمصطفى الصاوي الجويني وغيرها من الدارسات والبحوث …
وهذه تجمع مادة مهمة، وإن كانت ليست كافية وذلك لطغيان التجزيء عليها.
فأما الدراسات التأريخية فأغلبها ملاحظات عامة لا تقوم على استقراء ولا إحصاء، ومثلها كتب مناهج المفسرين فغالبا ما تتشكل مادتها من مواقف المفسر المدروس من جملة من القضايا دون أن ترقى إلى درجة تقديم تصور نظري مركب للعملية التفسيرية عنده.
هـ) كتب أصول الفقه:
ولقد كان بإمكان علماء الأصول أن يوفوا هذا الأمر حقه من الدراسة لكنهم اقتصروا على ما تعلق بهم، وهو ما انبنى عليه أحكام، وتركوا البقية لغيرهم."فلقد حظيت شعبة الأحكام بعلم يضبط الاستنتاج والاستنباط وهو علم أصول الفقه، وقد عرفه أسلافنا منذ القرن الثاني الهجري … وشعبة الأحكام واحدة من شعب توجد في كتاب الله .. " وهذه أهم ملاحظة وهي أن جهد الأصوليين إنما ركز على جانب الأحكام وبقيت جوانب أخرى لم يهتم بها علماء الأصول "ومن تلك الشعب شعبة الأخلاق التي قام بخدمتها علم الأخلاق. وقد تلقف هذا العلم رجال لم يقيدوا أنفسهم بضوابط تنظم تفكيرهم وتعصم استنتاجهم من الانحراف والغلط، وكان معظمهم من رجال التصوف ".ونحن في ذلك بحاجة إلى الاهتداء بصنيع علماء الأصول مع الاحتفاظ بخصوصية كل شعبة من شعب القرآن الكريم.
و- كتب البلاغة:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا جدال في أن علم البلاغة إنما قام أساسا لبيان إعجاز القرآن الكريم، ولذلك فإن المادة التفسيرية في كتب البلاغة مفيدة جدا في موضوعنا، ذلك أنها تناولت بالدرس – فيما تناولت- وجوه دلالة القرآن من حيث الحقيقة والمجاز، وظاهر اللفظ وباطنه، وقضايا الإنشاء والخبر، ووجوه الفصل والوصل والقصر والاختصاص، والحذف والتقدير، وأصول إدراك الخطاب القرآني …الخ.
وكل ذلك ونحوه يعتبر مادة صالحة لبناء القواعد، وتأصيل الضوابط التي يمكن أن تكون قوانين لغوية لوجوه فهم القرآن، يعتمد عليها عند التفسير ويرجع إليها عند الخلاف لتكون حكما في تمييز الفهوم صحيحها من سقيمها.
الخلاصة أن المادة النظرية لعلم أصول التفسير تتوزعها مجموعة من العلوم منها ما سبقت الإشارة إليه ويلحق بها كتب النحو وكتب اللغة عموما التي تعد من المصادر الأساسية لمادة البحث لصلتها الوثيقة بالنص القرآني، ويمكن الاستئناس كذلك بكتب المنطق.
5 - الكتب المؤلفة في الموضوع:
والمقصود بها الكتب التي تحمل نفس العنوان:" أصول التفسير" أو عنوانا قريبا منه مثل:" قواعد التفسير" أو " مبادئ التفسير"… وهي كتب في صميم الموضوع.
وهذه سنعود إليها بشيء من التفصيل، وحسبنا هنا الإشارة إلى:
1 - إن هذه الكتب تعمها فوضى اصطلاحية، وعدم وضوح رؤية. فماذا نسمي هذا العلم: أهو أصول التفسير؟ أم قواعد التفسير؟ أم مبادئ التفسير؟ أم ماذا؟
2 – فإذا تجاوزنا القضية الاصطلاحية، على أهميتها، نجد تضاربا واضحاً في المراد بأصول التفسير.
و هذا يظهر من خلال التتبع لمباحث وفصول أغلب هذه الكتب المؤلفة،فهي غير محكومة بمنهج واحد، كالذي نجده مثلا في كتب أصول الفقه. وهذا إنما يرجع إلى غياب بناء لعلم أصول التفسير يلتزم كل باحث في مجاله به.
وغياب البناء كاف وحده لكي يكون مسوغا لما نود القيام به، فكيف إذا علمنا أن المادة في حد ذاتها غير واضحة في هذه الكتب، وهو الذي جعلها تتضارب في المضامين حتى صار لكل كتاب نظرة خاصة بصاحبه لأصول التفسير.
فهناك بلا شك فراغ في هذا الموضوع من نواح عدة تجعل الباحث ينطلق فيه من اللبنات الأولى في البناء وتلك حال الدرس الإسلامي، كما يقول أحد السالكين:" نجد لزاما على المقدم على هذا الدرس أن يبدأ ببحثه منذ أوليات الأمور. فالدرس الإسلامي ما يزال حقا بكرا مع خصوبته، وامتداد ساحته، مما يحتم على مرتاد هذا الميدان أن يتعقب جذور الأشياء ويستقصي مصادرها الأولى ما وسعه الجهد…"
أما علم أصول التفسير الذي يحاول هذا البحث بناءه فهو العلم الذي يعمل في التفسير ما عمله أصول الفقه في الفقه، وأصول الحديث في الحديث، أي قانون يضبط العملية التفسيرية، ويصونها من أي شكل من أشكال الانحراف. حتى إذا حصل شيء من ذلك سهل بيانه وكشفه، ومن ثم ضبطه ورده.
ولكون هذا العلم أقرب ما يكون إلى علم أصول الفقه من حيث الغرض والوظيفة، فإننا نتصوره على الشكل التالي:
لابد في هذا العلم أولا من تحديد مصادر التفسير التي ينطلق منها المفسر، مع بيان حجيتها،ودرجتها،و رتبتها. بما يحقق الضبط والإحكام لعمل المفسر. فلا ينتقل مثلا إلى مصدر لاحق وفي السابق ما يغني، خاصة عند التعارض…كأن يستشهد في تفسير آية ببيت من الشعر يخالف ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى نفس الآية.
ثم لا بد في هذا العلم من تحديد قواعد التفسير التي تضبط التعامل مع مصادره من ناحية، ومع النص القرآني نفسه من ناحية أخرى.
ثم لا بد في هذا العلم أيضا من مباحث تتناول " المفسِّر " تحديدا، وشروطا، كما هو الحال في المباحث التي تتناول المجتهد عند الأصوليين، فتحدد مفهوم المجتهد وشروطه …
ولا ينقص بناء بهذا الشكل، في تصورنا، إلا نظرة شمولية متفحصة للنص القرآني تستقرئ مراد الله تعالى من خلال تتبع مختلف آي الكتاب وسوره، ليقوم بعد ذلك ما نصطلح عليه " مقاصد المفسَّر".
وبقدر فهمنا لمقاصد المفسَّر بقدر ما تسلم اتجاهاتنا في التفسير ويسلم الحكم عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي القصص القرآني مثلا، بقدر فهمنا للمقصد من إيراد القصص، والذي دل عليه بشكل مجمل قوله تعالى: (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمومنين) بقدر ما نبتعد عن كل التفاصيل التي لا تخدم هذا الغرض، والتي كانت مدخلا من مداخل الإسرائيليات… والإعراض عن التفاصيل التي لا تخدم الغرض المذكور هو ما توحي إليه الآية الكريمة في شأن عدد أصحاب الكهف مثلا: (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا).
فتكون الخلاصة أن هذا العلم نتصور أنه يتركب من:
1. مصادر التفسير.
2. وقواعد التفسير.
3. وشروط المفسِّر.
4. و مقاصد المفسَّر.
وهذه الأخيرة بالشكل الذي نتصوره أقل هذه المباحث اهتماما بها.
فمصادر التفسير، وقواعده وشروط المفسِّر إن افتقدت كليا للبناء التقعيدي، فقد كتب فيها بهذا المعنى أو ذاك، ما يعد منطلقات أولى لبنائها بالشكل الذي يقتضيه البناء.
أما مقاصد المفسَّر فلم يكتب فيها إلا النادر القليل، مما يفرض استخراج مادتها أولا، حتى تستوي وأخواتها أو تكاد. ثم لتأخذ موقعها من البناء الكلي في إطار التصور الشمولي للموضوع.
ولأن الأمر بهذه الصعوبة فقد تعذر ذلك في هذه المرحلة و إنَّا لنرجو أن يتيسر لنا أو لغيرنا الكشف عن هذه المقاصد حتى يستوي هذا البناء أو يقترب من ذلك.
أما في هذه المرحلة فكان الاقتصار على الأركان الثلاثة وهي:
1. مصادر التفسير.
2. قواعد التفسير.
3. شروط المفسِّر.
وهذا البحث يقصد إلى استخراج هذه المباحث من مظانها،وتنقيح ما استخرج منها مما علق بها وليس منها، ثم تركيبها في بناء نظري. مسهمين بذلك في إبراز علم نفيس يخدم كتاب الله تعالى" ونحن بذلك نبين أهمية البحث فيه، وندعو أن يعطى من العلماء والباحثين عناية أكبر… ينبغي أن تقبل الطاقات الفعالة نحوه، وأن تعمل فيه المواهب الممتازة، تنميه و تسهم في إثرائه". وكذلك نمت العلوم وتطورت وعلم أصول التفسير لن يكون استثناء " ولا تزال العقول والأذهان تعمل عملها فيه إنضاجا وبحثا وتحريرا حتى يستوي على سوقه".
وطبيعة الموضوع تحتاج إلى جهود، ولا يفي بحقه جهد واحد ضعيف الزاد مثلي، وما قدمته فيه مهدت به الطريق الوعر لمن أراد سلوكه، وحسبي أني أحببته وآمنت به وتفاعلت معه جهد المستطاع، وبذلت فيه وسعي، مواصلا فيه الليل والنهار صابرا محتسبا وما توفيقي إلا بالله.
وإذا كان ابن الجزري يوجه من أراد التصنيف" أن يبدأ بما يعم النفع به وتكثر الحاجة إليه بعد تصحيح النية، والأولى أن يكون شيئا لم يسبق إلى مثله" فإني أرجو أن أكون ساهمت في ما أعتبره إضافة للمكتبة القرآنية.
أما ما تيسر جمعه من هذا العمل فقد جعلته في فصول أربعة مع مقدمة وخاتمة.
الفصل الأول: تناولت فيه مفهوم التفسير و أصول التفسير وذلك من خلال مباحث ثلاثة:
المبحث الأول: في مفهوم التفسير والتأويل لغة واصطلاحا وما قيل في التمييز بينهما أو عدم التمييز.
المبحث الثاني في مفهوم أصول التفسير، عرضت فيه لأشهر الاطلاقات التي استعمل فيها المفهوم، إذ يطلق أصول التفسير ويراد به مصادر التفسير، ويطلق ويراد به قواعد التفسير، ويراد به غير ذلك… ثم خلصت إلى تقديم مفهوم لأصول التفسير.
المبحث الثالث تناولت فيه العلاقة بين علم أصول التفسير وبعض العلوم القريبة منه أو المشاركة له. وهكذا أثرت العلاقة بين علم أصول التفسير وعلوم القرآن، وبينه وبين علم أصول الفقه، وبينه وبين قانون التأويل، وأخيرا بينه وبين الهرمنيوطيقا.
الفصل الثاني: تناولت فيه مصادر التفسير. وبعد تمهيد في مفهوم هذه المصادر قسمتها إلى سبعة مباحث:
المبحث الأول: في تفسير القرآن بالقرآن تناولت فيه حجية هذا المصدر وأوجهه ودرجته وموقع القراءات القرآنية والرسم القرآني منه وختمته بالحديث عن تفسير القرآن بالقرآن عند المفسرين.
المبحث الثاني: في تفسير القرآن بالسنة تناولت فيه أيضا حجية هذا المصدر وأوجهه ودرجته، كما تناولت فيه المقدار الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)