ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jun 2004, 02:06 م]ـ
تتمة
وقد تكلم ابن تيمية عن هذه الآية في أكثر من موضع.
ومنها - مما له صلة قوية بما نحن بصدده - قوله في درء التعارض:
(وإذا زعم الخصم أن المعارف المتقدمة وجبت أي حصلت بالنظر والاستدلال؛ فذلك مكابر معاند.
فإن احتج بقوله تعالى عن الخليل {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا} سورة الأنعام 76 إلى قوله {إني بريء مما تشركون} سورة الأنعام 78 = فتلك حجة على الخصم لا له؛ لأنه لو عرف بالنظر والاستدلال لما صح له أن يقول إني بريء مما تشركون، ولم يحكم النظر والاستدلال.
ولا يقول إني بريء مما تشركون وإني وجهت وجهي إلا عارف بربه.
وما كان ذلك من الخليل إلا بالرشد السابق الذي خبرت الربوبية عنه بقوله تعالى ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل سورة الأنبياء 51 وإنما أراد بذلك القول الإنكار على قومه والتوبيخ لهم إذ كانوا يعبدون الشمس والقمر والنجم من دون الله فقال ما قال على طريق الإنكار ليعلمهم أن ما جاز عليه الأفول والتغيير من حال إلى حال لم يكن بإله يعبد ولا رب يوحد وإنما الإله الذي خلقكم ولمعرفته فطركم هو الذي أخبر عنه بقوله: {إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض} سورة الأنعام 79. وإن كان مخرج الآية مخرج الخبر فإنما المراد به الاستفهام.
قلت: وذكر ابن عبد أشياء وإن كان في بعض ما ذكره آثار لا تثبت وكلام مستدرك.
فالمقصود بيان ما ذكره من أن المعرفة فطرية إلى أن قال: وإنما كان الخليل بقوله منبها لقومه ومذكرا لهم الميثاق الأول ردا لهم إلى ضرورتهم ليصلوا إلى ما انعجم عليهم بما هو ضرورتهم وكوشفوا به وإن كان ذلك من الخليل في طفوليته كما حكي فأين محل النظر والاستدلال وإن كان في حال رجوليته فمتى التبس هذا الحكم على بعض المؤمينن في زماننا وغيره حتى يلتبس على الخليل الذي اصطفاه الله بالخلة من بين العالمين نعوذ بالله من الحيرة في الدين لا جرم وقال تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} سورة الأنعام 83 ولو أن الله عرف بالعقل لكان معقولا بعقل وهو الذي لا يدركه عقل ولا يحيط به إحاطة وإنما أمرنا بالنظر والتفكير فيما عرف بالتقدير لا إلى من {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} سورة الشورى 11.
فعرفنا أن لكل أثر مؤثرا ولكل بناء بان ولكل كتابة كاتب من ضرورتنا إلى ذلك كما عرفنا اضطرارا أن السماء فوقنا والأرض تحتنا ومعرفة وجودنا وغير ذلك إذ يستحيل أن يحدث الشيء نفسه لعلمنا بأنه في وجوده وكماله يعجز فكيف في عدمه وعجزه.) انتهى المراد نقله.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[15 Jun 2004, 08:01 ص]ـ
بارك الله فيك و في علمك شيخنا الفاضل أبا مجاهد، و ليتك تذكر رقم الجزء و الصفحة بالنسبة لهذه النقول و كذلك أي مواضع أخرى تحدث فيها ابن تيمية عن هذه الآية.
و أنا أفهم من هذا أنه لا سند للأخ السلفي في استدراكه على محاوره الأشعري: (
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Jun 2004, 01:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم الدكتور هشام وفقه الله
أعتذر عن تقصيري في العزو، والسبب أني نسخت النقل السابق من برامج حاسوبية، ولم يسعفني الوقت في الرجوع إلى الأصول للتوثيق.
وأما قولك: (و أنا أفهم من هذا أنه لا سند للأخ السلفي في استدراكه على محاوره الأشعري)؛ فهو غريب ولا أظنه يثبت؛ لأن القول بأن إبراهيم كان ينظر ويتفكر ليصل إلى حقيقة التوحيد يناسب عقيدة الأشعري، فأول واجب على المكلف عند الأشاعرة هو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر أو .. إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه، أيحكم له بالإسلام أم بالكفر؟!
وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله ونقل أقوالاً كثيرةً في الرد عليهم وإن لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول .. [ينظر رسالة الشيخ سفر الحوالي في بيان منهج الأشاعرة في العقيدة).
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[15 Jun 2004, 02:59 م]ـ
و الله لا أدري ما أقول ها هو رابط المناظرة الدائرة. . .
(يُتْبَعُ)
(/)
مناقشة حول العلو الحسي مع الأخ هيثم ( http://www.al-razi.net/vb/showthread.php?s=&threadid=600)
ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Jun 2004, 10:15 ص]ـ
إذا قال قائل إن إبراهيم عليه السلام هو الذي مر بتلك التجربة في صباه ليصل إلى اليقين، هل يعتبر هذا القول مناقضا لقول الله عن إبراهيم (وما كان من المشركين)؟
نبحث في هذه المسألة بحكمة لعلنا نصل إلى ما يزيل هذا الإشكال.
هل كلف الله الطفل الذي لم يبلغ الحلم أم كلف البالغ؟
مثلا: توفي رجل مسلم، وكان هذا الرجل ملتزما بأداء واجباته الدينية إلا أنه لما كان عمره 10 سنوات لم يكن يصوم رمضان.
هل يصح أن يقال عن هذا الرجل أنه كان من المفطرين في رمضان؟
لا يصح ذلك لأنه لم يكن قد بلغ سن الرشد.
مثلا: لو أن طفلا كان أبواه نصرانيين يأخذانه معهما إلى الكنيسة ويأمرانه أن يقول: باسم الآب والإبن والروح القدس، هل يحاسب الله هذا الصبي على هذا ويعتبره من المشركين وهو لم يستو إدراكه؟
فلو أن هذا الطفل قرأ كتبا إسلامية فأسلم في السنة الثانية عشر من عمر ه وعاش مسلما وتوفي مسلما عن عمر يناهز 70 سنة.
هل يصح أن يقال عن هذا الرجل أنه كان مشركا فأسلم؟
كلا، لو أنه أسلم بعد أن بلغ الحلم لصح أن يقال عنه: أسلم بعدما كان من المشركين.
فسيدنا إبراهيم لم يصدر منه أدنى شرك فيما كان منه مع الكوكب ومع القمر ومع الشمس فهو اشترط في الربوبية عدم الأفول، فهو لم يسلم بربوبية كل من الأجرام الثلاثة ابتداء وإنما يفهم من كلامه أن قال:
هذا ربي إذا لم يأفل بدليل قوله بعد ذلك: لا أحب الأفلين.
وقد يكون جلس مراقبا الكوكب في الليل عدة ساعات حتى أفل الكوكب، فهل جلس قومه معه ساهرين الليل يراقبون الكوكب؟
لماذا ذكر الله قصة إبراهيم مع ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين؟
لأن الذي يدافع عن قضيته ويدعي أنه على صواب لا يفعل ذلك ويأتي بالبراهين والحجج إلا لأنه (موقن) أنه على حق.
إذن فالمجادلة والمقارعة بالحجة تتطلب مؤهلات ورصيد من العلم.
فقبل أن يحاجج لا بد من توفر المؤهلات.
فالمؤهلات التي يجب أن تتوفر في إبراهيم هي أن يكون عنده (اليقين) واثقا من نفسه ومن قضيته الإيمانية، فإا توفرت فيه هذه الشروط فليحاجج من يشاء من المشركين.
فجاء ذكر ذلك بالترتيب هنا في سورة الأنعام.
أما اليقين فهو قوله تعالى: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين، إلى قوله تعالى: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين).
وبعد هذا الرصيد اليقيني فليحاجه من يشاء، فجاءت الآية بعد ذلك تقول: وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ..... ).
إذن فقوم إبراهيم حاجوه في ربه بعد أن خرج عليهم مرددا ذلك اليقين: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين)، هنا حاجوه بأحقية عبادة الأصنام وأنهم وجدوا أباءهم لها عابدين ... إلى آخره.
إذن فكلما ذكر الله لنا في القرآن محاجة قوم إبراهيم إلا ونبه قبل ذلك على مؤهلاته اليقينية، ففي سورة الأنبياء قبل الدخول في سرد مقارعة إبراهيم لقومه بالحجة نبه على مؤهلات إبراهيم اليقينية بقوله: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) فالرشد هو ذلك اليقين الذي سبق ذكره في سورة الأنعام من الآية 75 إلى الآية 79، وباليقين يتبين الرشد من الغي.
خلاصة القول:
الآيات 76 إلى الآية 79 تعتبر شرحا للكيفية التي أصبح بها إبراهيم عليه السلام من الموقنين، فهو أسوة حسنة ضربه الله مثلا للإنسان الذي يبحث عن الهدى بالفطرة.
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Jun 2004, 10:16 ص]ـ
إبراهيم عليه السلام لم يظن أن الكوكب أو القمر أو الشمس يمكن أن يكون أحدهما ربا وإنما وضع شروطا لقبول ربوبيته وهي عدم الأفول. ومن ظن أن إبراهيم اعتقد أن الكوكب ربه فقد ضل عن الصواب.
وإبراهيم عليه السلام هو المثل الذى أمر الله الناس أن يقتدوا به للوصول إلى اليقين، والله تعالى يقول: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) والآيات كثيرة
التي يأمر الله فيها الناس أن يتأملوا آياته في السماء والأرض ليصلوا إلى اليقين.
وهذا ما فعله إبراهيم بفطرته السليمة فاستحق أن يكون أسوة حسنة للإنسان مطلقا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[17 Jun 2004, 09:35 م]ـ
تأكيدا لما تفضل به الأخ أبو مجاهد
فقد قرأت هذه اللمسة البيانية التي سأوردها الآن
وحسب ماجمعته ذاكرتي لأنني نسيت المصدر
(يكون ويكن) معناهما معروف, ولكن لماذا تحذف النون الأصلية أحيانا, وما البلاغة فيها؟
قال الله تعالى عن مريم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً)
وكذا عندما نفى الله الشرك عن إبراهيم الخليل عليه السلام فقال (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وآيات أخرى كثيرة
خذف النون يدل على نقصان في معنى الكلمة, فإذا سبقها حرف نفي اقتضى ذلك نفي المعنى بكل وجوهه وصوره وأشكاله
ففي قصة مريم: جاءها جبريل عليه السلام وبلغها بحكم الله تعالى أنها ستلد عيسى عليه السلام بلا أب, فقالت وقد نزل بها
الهم والغم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكِ). إذ كيف يحدث مثل هذا, ولم يمسسني بشر, ولا
يحصل الحمل إلا بالجماع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " العين تزني وزناها النظر, والأذن تزني وزناها السمع,
واليد تزني وزناها البطش, والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
فنفي أدنى مراتب الزنى يقتضي نفي الجماع. ويقتضي كذلك الطهارة الكاملة، لذا نفت مريم عليها السلام أدنى المراتب
بقولها (ولم أك بغيا) فنفت أقل مراتب الكون من البغاء, وكيف ولم أنظر إلى رجل نظر شهوة ولا كلمت أحدا غزلا, ولم
يمسسني بشر, فكيف أحمل بمولود؟؟ فوافقها جبريل على كل ما ذكرته من طهارتها ونقاوتها فقال (كذلك).
وأما في حق إبراهيم عليه السلام فقد قال الله تعالى (ولم يك من المشركين) فنفى عنه أدنى مراتب الشرك ومقدماتها,
كيف وهو الذي أراد ذبح ابنه بعد بلوغه تقربا إلى الله تعالى وتصفية لقلبه من كل شيء إلا من حبه وعبوديته
فسماه الخليل (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)(/)
معني قول بني اسرائيل حنطة في شعرة
ـ[قطز]ــــــــ[13 Jun 2004, 01:55 ص]ـ
ما المقصود يا اخوان بقول بني اسرائيل حنطة في شعرة أو حبة في شعرة حين قال الله تعالي لهم أن يقولوا حطة عند دخولهم القرية و هل كان دخولهم القرية لفتحها؟ و جزاكم الله خيرا(/)
ما هي مناسبة اقتران العلي بالعظيم؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[13 Jun 2004, 02:54 ص]ـ
أرجو الإفادة.
ما هي مناسبة اقتران اسم العظيم، بالعلي، وبالرب، وبالله.
وما منسابة ذكر العظمة بالركوع.
ـ[أبو علي]ــــــــ[13 Jun 2004, 10:46 ص]ـ
تأتي أسماء الله الحسنى في القرآن مثنى غير معطوفة إسم على إسم،
مثل: العلي الكبير، العلي العظيم، وحيث أنه لا وجود لواو العطف فإن الإسم الثاني يكون تفسيرا للأول ومتعلق الإسم الثاني بناسب متعلق الإسم الأول إلا إسمين من أسماءه تعالى وهما: السميع البصير، فالبصير ليس تفسيرا للسميع، وإنما يأتي ذكر (السميع البصير) كلما كان سياق الآية يتكلم عن حكم أو عن الحق لأن تحقيق الحق يتطلب العلم، والسمع وحده ليس فيه كمال اليقين وإنما اليقين يتم بهما معا.
فإذا جاءت واو العطف بين السميع والبصير فكأن السمع جاء أولا ثم بعد ذلك تنبه فأبصر، وهذا واقع في حق البشر ولا يجوز في حق الله.
أما العلي فهو من العلو، وفي العلو تنزيه فنحن نقول: تعالى الله عما يصفون أي تنزه عن الصفات الدنيا، ولا يكون عليا إلا لأنه عظيما,
فحق أن يكون عظيما لأنه علي، والحق هو الذي يحقق العلو، والكبير ما استحق أن يوصف بهذا الإسم إلا لأنه بالحق. إقرأ إن شئت
(واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق) فلو كان معه الحق لكان كبيرا بالحق.
إذن فصفة العلو تناسبها العظمة (العلي العظيم).
وتناسبها الكبرياء (العلي الكبير).
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[13 Jun 2004, 05:47 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ولكن هل من مزيد؟
ما منسبة التعظيم بالركوع، والأعلى بالسجود؟
ـ[فيصل القلاف]ــــــــ[14 Jun 2004, 04:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وركاته،
أخي الفاضل أنقل لك هنا مقطعاً من كتاب (القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى) لفضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، قال رحمه الله:
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دلاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.
انتهى.
وقال رحمه الله في هذا الكتاب القيم كذلك:
الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر.
انتهى.
ـ[تهاني1]ــــــــ[14 Jun 2004, 12:18 م]ـ
هناك صفات اقترت ببعضها البعض فعلي سبيل المثال اقتران الغنى بالكرم كقوله: " فإن ربي غني كريم " [النمل:40] فله كمال من غناه وكرمه ومن اقتران أحدهما بالآخر. ونظيره اقتران العزة بالرحمة " وإن ربك لهو العزيز الرحيم " [الشعراء:9] ونظيره اقتران العفو بالقدرة " وكان الله عفوا قديرا " [النساء:99] ونظيره اقتران العلم بالحلم " والله عليم حليم " ونظيره اقتران الرحمة بالقدرة " والله قدير والله غفور رحيم " [الممتحنة:7] وهذا يطلع ذا اللب على رياض من العلم أنيقات ويفتح له باب محبة الله ومعرفته والله المستعان وعليه التكلان.
ـ[أبو علي]ــــــــ[18 Jul 2004, 10:45 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: تهاني1
هناك صفات اقترت ببعضها البعض فعلي سبيل المثال اقتران الغنى بالكرم كقوله: " فإن ربي غني كريم " [النمل:40] فله كمال من غناه وكرمه ومن اقتران أحدهما بالآخر. ونظيره اقتران العزة بالرحمة " وإن ربك لهو العزيز الرحيم " [الشعراء:9] ونظيره اقتران العفو بالقدرة " وكان الله عفوا قديرا " [النساء:99] ونظيره اقتران العلم بالحلم " والله عليم حليم " ونظيره اقتران الرحمة بالقدرة " والله قدير والله غفور رحيم " [الممتحنة:7] وهذا يطلع ذا اللب على رياض من العلم أنيقات ويفتح له باب محبة الله ومعرفته والله المستعان وعليه التكلان.
(يُتْبَعُ)
(/)
=================================
أما اقتران الغنى بالكرم فذلك طبيعي لأن الكرم هو المستوى الذي يعرف به الغنى، فالغنى هو عدم الحاجة إلى ما يحتاج، والكرم هو العطاء دون مقابل، والعطاء لا يكون إلا فضلا (زائد عن الحاجة).
ولا يبخل ذو المال بالعطاء إلا لأنه مازال في حاجة إلى المزيد، ومن كان في حاجة إلى المزيد فإنه فقير حتى ولو كان عنده مال قارون، غالقناعة هي الغنى,
وأما اقتران العزة بالرحمة (العزير الرحيم) فالله وحده هو العزيز الرحيم. الإنسان قد لا يرحم من يسيء إلى كرامته أو من يظلمه أو من ينال منه. أما الله تعالى فهو عزيز: لا يستطيع المخلوق أن يسيء إلى الله ولا أن يظلمه ولا أن ينال من الله، فإن أساء الإنسان فإنما يسيء إلى نفسه وإن ظلم فإنما يظلم نفسه، إذن فالعزيز يرحم (العزير الرحيم) ومثل ذلك يقال في (العزيز الغفور) ,
أما اقتران العلم بالحلم " والله عليم حليم '' فالحليم هو الذي لا يعاقب المسيء (لعلمه) أنه عمل ذلك السوء بجهالة، فلو تعمد السوء لعاقبه ولكنه كان (حليما) به لأنه (علم) أنه لم يتعمد السوء وإنما صدر منه السوء بجهالة. إذن فالحلم مبني على العلم = عليم حليم.
وأما اقتران العفو بالمقدرة " وكان الله عفوا قديرا '' فذلك لأن العفو قد يحصل بالمقدرة وقد يحصل العفو بعدم المقدرة اتقاء للشر.
أما العفو بعد المقدرة فمثلا: قد يرتكب الإنسان جريمة فيقع في يد غريمه أو في يد ولي الأمر فيعفو الغريم عنه بعدما أمسكه وكان قادرا أن يعاقبه ولكنه عفا عنه، في مثل هذه الحالة يقال: عفو قدير.
أما العفو بعد العجز (عن غير مقدرة) فمثلا:
قد يفر المتمرد المعارض للدولة بعد الحكم عليه بالإعدام إلى دولة أخرى فيستمر في انتقاداته لنظام بلده في الصحف والإذاعة فتعرض عليه دولته صفقة وهي: العفو عنه مقابل توقفه عن انتقاد نظام بلده في مثل هذه الحالة لا يعتبر عفوا بعد المقدرة وإنما عفوا بعد عجز,
وكذلك إذا قامت جماعات في بلد ما بالقتل أو تفجير مباني ولم تستطع الدولة أن تقضي على هذه الجماعات فإنها تلجأ إلى طريقة ذكية اتقاء شر هذه الجماعات فتعرض العفو على من يسلم نفسه، في مثل هذه الحالة لا يعتبر هذا العفو عفوا بعد المقدرة وإنما عفوا بعد العجز عن القضاء عليهم.
ـ[المقرئ]ــــــــ[24 Jul 2004, 02:30 ص]ـ
تكلم وأطال إبراهيم البقاعي في تفسيره لآية الكرسي وذكر معان كثيرة في تلازم هذين الاسمين
لكن كن على حذر فهو ينفي علو المكان ولا يثبته عافانا الله وإياك
المقرئ(/)
حمل .. صفات الحروف لتلميذ الجريسي الكبير
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[13 Jun 2004, 11:40 ص]ـ
حمل .. صفات الحروف لتلميذ الجريسي الكبير(/)
مسألة خلافية بين الشيخين أيمن سويد ويحيي الغوثاني حفظهما الله
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[13 Jun 2004, 02:05 م]ـ
مسألة خلافية بين الشيخين أيمن سويد ويحيي الغوثاني حفظهما الله
تحدث منذ فترة مع فضيلة الدكتور يحيي الغوثاني حفظه الله حول الفرق بين زمن الغنة الكاملة والأكمل فأجاب ألا فرق ودليله أن الداني في كتابه التحديد في الإتقان ذكر مراتب الغنة الأربعة فقال كاملة وأكمل وناقصة وأنقص ولم يقل أطول ونفس المراتب نقلها بالنص شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرحه للمقدمة الجزرية ولكن الشيخ أيمن سويد حفظه الله يرى غير ذلك أن معنى أكمل أي أطول ومن المعلوم أن تقسيم الشيء لمراتب لابد فيه من التغاير في كل مرتبة أما أن تقسم لمراتب ولا فرق فهذا الكلام لا فائدة منه وأشبه ما يكون بحشو البلاغة كمسألة تقسيم مراتب الإظهار لمراتب
فأرجو من الجميع مناقشة هذا البحث لنصل فيه لنتيجة قاطعة مع الأدلة القطعية من كلام المتقدمين
وأرجو من د أنمار حفظه الله أن يسأل الشيخ أيمن سويد ما هو دليله أن زمن الغنة الأكمل المقصود بها أطول
وبورك في الجميع
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[19 Jul 2008, 02:05 ص]ـ
السلام عليكم
أولا: بماذا قرأ الشيخ أيمن علي من قرأ عليهم بالمساواة في الغنن أم بتفاوت المقادير؟؟
والذي نقلناه عن مشايخنا وعن العلماء المؤلفين في فن التجويد المتقنين أن الغنة لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي " نهاية القول المفيد 166
وذكر قبلها قول المرعشي بتفاوت مقادير الغن ثم علق المرعشي بأنه لم يره في مؤلف.
وهذا ما عليه الشيخ الزيات والشيخ عبد العزيز عيون السود وغيره من القراء .. فمن أين أخذها الشيخ أيمن؟ هل من الكتب أم عن شيخ أم ماذا .. ؟؟
والصواب ما قاله الشيخ الدكتور الغوثاني ـ حفظه الله ـ وهو الموافق لما عليه جماهير القراء .. والله أعلم
والسلام عليكم(/)
عصر ابن مجاهد أول من سبع السبعة وتدوين القراءات
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[13 Jun 2004, 02:16 م]ـ
عصر ابن مجاهد وتدوين القراءات.
اشتهرت القراءة في الأمصار اشتهاراً عظيماً، وصار كل إمام يقرئ بما سمع، وكل يقر قراءة صاحبه، على أساس أنه مشتمل بالإذن النبوي الكريم في الإقراء بالأحرف السبعة، ولكن ذلك النهج مضى كما هو مفترض باتجاه التوسع في الإقراء حتى أصبحت مدارسه ومناهجه لا تنضبط بإطار ناظم، وأصبح تصور الخطأ واللحن والشذوذ وارداً في هذه الحالة الجماعية.
لذلك فقد بدأ الأئمة في مطلع القرن الثالث بتحديد القراءة المقبولة من القراءة المردودة، ولا تحسب أن الأمر قبل ذلك كان على عواهنه، بل كانت الأئمة تميز بسلائقها المقبول من المردود من القراءات، وتعتمد لذلك اعتبارات كثيرة، منها منزلة الإمام المقرئ، والتزامه بالعربية فيما يقرئ فيه، وموافقته للرسم، وغير ذلك.
ثم اتفقت الأمة على شروط ثلاثة، أصبحت ضابطاً دقيقاً في قبول القراءات وردها، وهذه الشروط هي:
1 - أن توافق وجهاً من وجوه النحو فلا يكون فيها شذوذ عن القواعد التي أصلها النحاة لضبط كلام العرب.
2 - أن توافق رسم المصحف العثماني على الشكل الذي كتب في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وذلك قبل النقط والشكل.
3 - أن يتواتر سندها متصلاً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يرويها جمع عن جمع من أول السند إلى منتهاه.
وكل قراءة لم تتحقق فيها الشروط السابقة كلها أو بعضها فقد اعتبرت قراءة شاذة تحرم القراءة بها ويحرم الاعتقاد أنها من القرآن (157).
وقد نظم ابن الجزري فيما بعد منهج المتقدمين في شروط القراءة المقبولة في الأبيات الآتية:
وكل ما وافق وجه النحوِ * وكان للرسم احتمالاً يحوي
وصح إسناداً هو القرآنُ * فهذه الثلاثة الأركانُ
وحيثما يختلُّ شرطِ أثبتِ * شذوذه لو أنه في السبعةِ (158)
وعقب جهود طويلة من البحث والتحقيق، وبالاستقراء والتتبع ضبط العلماء ما تواتر من أسانيد القراء، فإذا هي قراءات سبع، وهي التي اشتهر بخدمتها نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، وهي التي سميت فيما بعد بالقراءات السبع المتواترة، وقد أتينا على ترجمة هؤلاء الأئمة قبل قليل.
ويرجع هذا الحصر بالسبعة المذكورين إلى الإمام المقرئ أحمد بن موسى بن مجاهد المتوفى عام 324 هـ، وذلك في كتابه المشهور "السبعة في القراءات".
وقد ولد ابن مجاهد بسوق القطن في بغداد عام 245 هـ وظهر نبوغه مبكراً حيث حفظ القرآن الكريم، وأكثر القراءة على الشيوخ حتى عدَّ له ابن الجزري نحواً من مائة شيخ قرأ عليهم ختماً كاملة للقرآن الكريم وأجازوه بإقرائها للناس، وقرأ على بعض شيوخه عشرين ختمة، واجتمع عليه الطلاب من الأقطار، وصار يقرئ بالقراءات التي يثبت له تواترها.
وكان ابن مجاهد في الحقيقة إماماً مقصوداً في القراءة، ويمكن القول إنه مؤسس أول جامعة للقرآن الكريم وقراءاته في بغداد "وقد فاق في عصره سائر نظرائه من أهل صناعته مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه" (159).
وقد نال ابن مجاهد ثقة سائر المشتغلين بالقراءات في عصره وبعد عصره وبحسبك منهم شهادة إمام هذا الفن والمرجع فيه ابن الجزري إذ قال:
"ولا أعلم أحداً من شيوخ القراءات أكثر تلاميذاً منه، ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه، وقد حكى ابن الأخرم عنه أنه وصل إلى بغداد فرأى في حلقة ابن مجاهد نحواً من ثلاثمائة مصدّر" (160).
وقال علي بن محمد المقري: كان لابن مجاهد في حلقته ثمانية وأربعون خليفة يأخذون على الناس.
وقد رأى ابن مجاهد أن ترك الأمر على عواهنه يؤدي إلى اختلاط المسائل، ودخول السليم في السقيم، فلا بد إذن من التمييز بين من يصلح للإمامة، ويتوافر لديه الإسناد الثبت، وبين من يتلقى القراءة من غير أهلها، فيشوبها بالخطأ واللحن.
وهكذا فإنه يبين رأيه جلياً في مقدمة كتابه الشهير السبعة بقوله:
(فمن حملة القرآن من يعرب ولا يلحن، ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه فهو مطبوع على كلامه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، ليس عنده إلا الأداء لما تعلم، ولا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ، فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده فيضيع الإعراب لشدة تشابهه، وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة، لأنه لا يعتمد على علم العربية، ولا به بصر بالمعاني يرجع إليه، وإنما اعتماده على حفظه وسماعه وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع وتشتبه عليه الحروف، فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره، ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقاً فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه، وجسر على لزومه والإصرار عليه، أو يكون قد قرأ من نسي وضيع الإعراب، ودخلته الشبهة فيتوهم، فذلك يقلد القراءة ولا يحتج بنقله، ومن حملة القرآن من هو على مستوى يؤهله إلى معرفة إعراب القراءة ويبصره بمعانيها ولكنه لا يعرف القراءات ولا تاريخها مع جهله بمصادر الرواية، وقد يحمله ذلك على أن يقرأ بحرف يجوز لغة وإعراباً مع أنه لم يقرأ به أحد من السابقين، وهذا يوصله إلى أن يبتدع قراءة جديدة، ومنهم من يعرف قراءته، ويبصر المعاني، ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعاً) (161).
ولكن لماذا اختار ابن مجاهد هؤلاء السبعة تحديداً؟
في الحقيقة لم يكن ابن مجاهد يبحث عن قراءات سبع، ولا عن سبعة قراء حينما اتجه ببحثه هذا، غاية الأمر أنه كان يبحث عن المتواتر وصادف أنه لم يجتمع لديه من أسانيد التواتر بالشروط المعتبرة إلا سبعة، فضبطها وحررها ودوَّن أصولها وفرشها، والظاهر أنه صنف أولاً سبعة كتب، كل كتاب في قراءة، كلما ثبت عنده تواتر قراءة أفردها بكتاب، حتى إذا اكتمل لديه الاختيار صنف كتابه الشهير السبعة في القراءات.
ومنهج ابن مجاهد في كتابه أنه بدأ بذكر أسماء القراء السبعة وأصول كل واحد منهم واختياراته في شأن الهمزات والإمالات والإدغامات والياءات وغير ذلك من الأصول، ثم بدأ بذكر فرش الحروف فكان يسمي اختيار كل منهم من غير توجيه للفرش، وعلى ذلك فقد دون مواضع اختلافهم في القرآن الكريم باستقصاء كامل. وقد صار منهج ابن مجاهد إماماً للناس من بعده فاقتفى أثره كل الذين كتبوا من بعده في هذا الفن.
وأشهر الكتب التي نهجت نهجه:
التيسير في القراءات السبع: أبو عمرو الدَاني (162).
نظم التيسير المسمى حرز الأماني: للقاسم بن فيّره بن القاسم الشاطبي (163).
سراج القاري: لابن القاصح العذري (164).
ـ شروح الشاطبية الأخرى كالسخاوي والفاسي وأبي شامة وابن جبارة، والجعبري.
------------
(157) السبعة في القراءات لابن مجاهد. تحقيق د. شوقي ضيف ص 47، وهذه الشروط مستفيضة ولا يخلو من الإشارة إليها كتاب من كتب القراءات.
(158) نظم طيبة النشر لابن الجزري، بيت رقم 56.
(159) معرفة القراء الكبار جـ1 ص 217
(160) غاية النهاية لابن الجزري جـ1 ص 142
(161) مقدمة ابن مجاهد لكتابه السبعة في القراءات ص 45 - 46
(162) طبع في استانبول عام 1920 بتحقيق أوتوبرتزل من جمعية المستشرقين الألمان،
(163) طبع طبعات كثيرة، أجودها طبعة حققها وأخرجها محمد تميم الزعبي وصدرت عن مكتبة دار الهدى بالمدينة المنورة.
(164) طبع في مكتبة مصطفى البابي الحبي وأولاده بمصر.
أهمية الكتاب: صنف ابن مجاهد كتابه هذا في وقت كان يعتبر فيه (شيخ القراء) في عاصمة الخلافة الإسلامية (بغداد) ولا شك أنه كان لموقعه المميز هذا أكبر تأثير في رواج الكتاب وتداوله. ومن هنا تعلم سر انتشار الكتاب وشهرته في الآفاق. أما مناط تأثير الكتاب فيتمثل في أنه كرَّس الرأي القائل:
بأن القراءات توقيفية لا يجوز فيها الاجتهاد وقطع الطريق على الذين يقولون بجواز الاجتهاد في القراءة وأنها تدور على اختيار الفصحاء وعلى رأسهم الزمخشري.
المرجع القراءات لمحمد حبش(/)
إشكال ترك المفسرون الإجابة عليه ..
ـ[مسرور]ــــــــ[14 Jun 2004, 12:49 ص]ـ
في سورة النحل يقول المولى جل وعلا: (وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لايقدر على شئٍ وهو كَلٌّ على مولاه أينما يوجهه لايأت بخيرٍ هل يستوي هو ومَن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مستقيم) [النحل 76]
ذكر المفسرون في تأويل هذه الآية الكريمة أقوالاً منها:
1/ أنه مثلٌ ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر ..
2/ أنها نزلت في عثمان بنِ عفان وفي مولىً له كان يكره الإسلام ..
3/ أن المراد بالأبكم: أُبي بن خلف، وبالذي يأمر بالعدل: حمزة، وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون ..
4/ أنه مثلٌ ضربه الله تعالى لنفسه وهو الآمر بالعدل، وللوثن وهو الأبكم.
والإشكال على هذا التفسير الأخير: كيف يخرَّج قوله (رجلين؟!).أما على التآويل الثلاثة الأولى فلا إشكال.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jun 2004, 02:32 م]ـ
ليس هناك أخي الكريم إشكال؛ لأن المقصود ضرب المثل، والمثل هو تصوير معنى معقول بشيء محسوس ليتضح المعنى للسامع، وهو ضرب من ضروب التشبيه.
ومعنى هذا المثل الذي ذكره الله في هذه الآية هو كما قال ابن اقيم في مفتاح درا السعادة: (يعني إذا كان لا يستوي عندكم عبد مملوك لا يقدر على شيء وغني موسع عليه ينفق مما رزقه الله فكيف تجعلون الصنم الذي هو أسوأ حالاً من هذا العبد شريكاً لله وكذلك إذا كان لا يستوي عندكم رجلان أحدهما أبكم لا يعقل ولا ينطق وهو مع ذلك عاجز لا يقدر على شيء. وآخر على طريق مستقيم في أقواله وأفعاله وهو آمر بالعدل عامل به لأنه على صراط مستقيم فكيف تسوون بين الله وبين الصنم في العبادة، ونظائر ذلك كثيرة في القرآن وفي الحديث كقوله في حديث الحارث الأشعري: "وإن الله أمركم أن تعبدوه لا تشركوا به شيئاً وإن مثل من أشرك كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله وقال له أعمل وأد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غيره فأيكم يحب أن يكون عبد كذلك". فالله سبحانه لا تضرب الأمثال التي يشترك هو وخلقه فيها لا شمولاً ولا تمثيلاً وإنما يستعمل في حقه قياس الأولى كما تقدم.).
وقال رحمه الله في مدارج السالكين:
(والصراط المستقيم: هو صراط الله. وهو يخبر أن الصراط عليه سبحانه، كما ذكرنا، ويخبر أنه سبحانه على الصراط المستقيم. وهذا في موضعين من القرآن: في هود، والنحل. قال في هود " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " وقال في النحل " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم "
فهذا مثل ضربه الله للأصنام التي لا تسمع. ولا تنطق ولا تعقل، وهي كل على عابدها، يحتاج الصنم إلى أن يحمله عابده، ويضعه ويقيمه ويخدمه. فكيف يسوونه في العادة بالله الذي يأمر بالعدل والتوحيد؟ وهو قادر متكلم، غني. وهو على صراط مستقيم في قوله وفعله. فقوله صدق ورشد ونصح وهدى. وفعله حكمة وعدل ورحمة ومصلحة. هذا أصح الأقوال في الآية. وهو الذي لم يذكر كثير من المفسرين غيره. ومن ذكر غيره قدمه على الأقوال، ثم حكاها بعده، كما فعل البغوي. فإنه جزم به، وجعله تفسير الآية. ثم قال: وقال الكلبي: يدلكم على صراط مستقيم.
قلت: ودلالته لنا على الصراط هي من موجب كونه سبحانه على الصراط المستقيم. فإن دلالته بفعله وقوله، وهو على الصراط المستقيم في أفعاله وأقواله. فلا يناقض قول من قال: إنه سبحانه على الصراط المستقيم.
قال: وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعدل. وهو على صراط مستقيم.)
ـ[مسرور]ــــــــ[16 Jun 2004, 11:28 ص]ـ
شكر الله لك أخي الفاضل ..
ويبقى إشكال (رجلين ... أحدهما) والمعروف أن باب الأسماء والصفات ضيقٌ حتى ولو كان مضرب مثل.
ونظيره قوله تعلى في سورة الأنعام: (قل أي شئٍ أكبر شهادة قل الله ... ) وفي الحديث (لاشخص أغير من الله .. )(/)
هل وقع سؤال من اليهود عن آية من كتاب الله؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[14 Jun 2004, 03:09 م]ـ
هل ثبت أن أحداً من اليهود أو أهل الكتاب عموما، سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن آية من كتاب الله؟
لأن ما وقفت عليه من أسئلتهم لا تخلوا أن تكون إما سؤالاً عن شيء في كتبهم، أو عن شيء من أمور الغيب.(/)
كيف كان يقرأ الرسول القرآن؟
ـ[أحمد الماليزي]ــــــــ[15 Jun 2004, 08:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أخوكم أخوكم أحمد يوسف ماليزي الجنسية، مشارك جديد في هذا الملتقى المبارك،
سوالي يتعلق بعلم القراءات،
كما عرفنا أن هناك عشر قراءات التي تواترت روايتها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
والسؤال هل الرسول كان يعلمها كلها أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بمعنى ما من حرف من هذه القراءات المتواترة إلا وقد خرج من فم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أو بمجرد إقراره صلى الله عليه وسلم؟
وهل يمكن أن نخلط أكثر من قراة في التلاوة الواحدة؟ كأن نقرأ أول البقرة بقراءة حفص عن عاصم وربعها بقراءة ورش عن نافع وهكذا
نرجو الإفادة من الأساتدة الأجلاء في هذا الملتقى وجزاكم الله خيرًا(/)
جديد فضيلة الشيخ د. عبدالكريم بن عبد الله الخضير ..... حفظه الله
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[15 Jun 2004, 06:15 م]ـ
جديد فضيلة الشيخ د. عبدالكريم بن عبد الله الخضير يوم الثلاثاء 27/ 4/1425
((لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه))
محاضرة لفضيلة الشيخ د / عبدالكريم بن عبدالله الخضير حفظه الله
بعد عشاء الثلاثاء 27/ 4/1425
في جامع ((جامع عمرو بن العاص)) بالجبيل الصناعية
وستبث المحاضرة باذن الله عزوجل في صفحة الشيخ على الرابط:
http://liveislam.com/series/khudair.html
وحامل المسك الرئيسية فحياكم الله وبياكم ....
للاستفسارالبريد الالكتروني: kdeer15@hotmail.com
__________________
ـ[المستشار الفني]ــــــــ[20 Jun 2004, 08:09 م]ـ
جزاك الله خيراً(/)
القران مفتاح كل علم
ـ[عمار جعفر]ــــــــ[15 Jun 2004, 08:29 م]ـ
[ B] ان مما استوقفني في دراستي للاعجاز العلمي للقران كلام يرد على السنة علماء ومفكرين مثل الدكتور عماد الدين خليل في كتابه مدخل لدراسة الايات العلمية في القران حيث ذكر ان القران ليس كتاب جغرافية او رياضيات الخ في معرض كلامه عن اقحام بعض الكتاب في موضوع الاعجاز العلمي للقران ايات في علوم قد تخرجها عن تفسيرها الاصلي واني بصراحة كلما تاملت قوله تعالى ولقد ضربنا للناس في هذا القران من كل مثل وقوله تعالى ولقد كتبنا له في الالواح من كل شئ موعضة وتفصيلا لكل شئ ومعلوم ان القران هيمن على الكتب السابقة وايات اخرى واحاديث كثيرة كقول الصحابي لو اضعت عقال ناقتي لوجدته في كتاب الله اجد نفسي تميل الى فكرة احتواء القران لكل شئ علمه من علمه وجهله من جهله. واني لا اعني بالضرورة الميل باية ناحية نضرية قابلة للتغير وانما القران ناقش كل علم بقواعده الاساسية. وانا اقول بانه كتاب كل علم.واطمح من القراء الاعزاء
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jun 2004, 11:30 م]ـ
أخي الكريم
في هذه الموضوع خلاف مبسوط في أكثر من موضع
وقد سبق شيء من النبيه على بعض أطرافه هنا: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=261
ـ[ناصر محمد حسان]ــــــــ[09 Apr 2009, 09:08 م]ـ
السلام عليكمورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم عمار أرجو منك ومن كل من يستشهد بآيات القرآن الكريم في مشاركته أن يحرص علي نقل الآيات من المصحف فقد وقع منك سهواًإضافة لفظة (ولقد) قبل قوله تعالي جل شأنه وكتبنا له .......... الآية الكريمه رقم 145 في سورة الأعراف علماً بأن لفظة (ولقد) ليست موجودة في الآية الكريمة بل أولها (وكتبنا له ......... الآية
التوقيع / ناصر محمد حسان(/)
بشرى لطلاب العلم الكرام "لاسيما الماجستير أو دكتوراة"
ـ[الحداد]ــــــــ[15 Jun 2004, 11:56 م]ـ
إخواني الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تم افتتاح أكبر المراكز الرائد في مجال البحث العلمي المتنوع يستطيع أن يقدم الخدمة لجميع طلاب الماجستير والدكتوراه من جمع لمادة علمية والمساعدة في وضع الخطط العلمية للدراسات مع المساعدة في إعدادها
اسم المركز: المركز الاستشاري للبحوث والدراسات والترجمة
الوظيفة: مساعدة طلاب الدبلوم والماجستير والدكتوراه فى
جمع وإعداد المادة العلمية للرسالة
تصحيح ومراجعة الرسالة لغويا
ترجمة المراجع للغة الأجنبية للرسالة
كتابة وتنسيق الرسالة.
المركز يساعد الطلاب فى جميع التخصصات
رقم الهاتف:- 0103364280
البريد الالكترونى:- summer30@maktoob.com
ـ[المستشار الفني]ــــــــ[20 Jun 2004, 08:04 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[موراني]ــــــــ[20 Jun 2004, 09:01 م]ـ
من الأهداف المنشودة لهذا المركز:
جمع وإعداد المادة العلمية للرسالة
تصحيح ومراجعة الرسالة لغويا
نعم , ربما كان من الأصح أن يقال:
جمع المادة العلمية واعدادها للرسالة
وأيضا:
مراجعة الرسالة وتصحيحها لغويا
وأرجو للجميع التوفيق والنجاح
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jun 2004, 04:36 ص]ـ
أخي الكريم الحداد وفقه الله
مرحباً بكم بين إخوانكم في ملتقى أهل التفسير، ونسأل الله لكم العون والسداد في هذا المركز العلمي. ولست أشك في النية الحسنة لدى القائمين على هذا المركز إن شاء الله في خدمة طلاب العلم الباحثين على مختلف المستويات، ولكنني أخشى أن يقوم هذا المركز وأمثاله بعمل معظم البحوث نيابة عن الباحثين أنفسهم، ولا يكون للباحث جهد يذكر في بحثه، فيحدث ذلك خللاً كبيراً في بنية البحث العلمي، وإخلالاً لا يغتفر بالأمانة العلمية كما هو معلوم. ولو اقتصرت مهام المركز على المساعدة في بعض الجوانب كتوفير المراجع والدلالة عليها، والتدريب على صياغة البحوث وتحريرها دون القيام بذلك للباحثين، وتذليل صعوبات الاتصال بالخبراء ونحو هذه الخدمات المساندة لكان في ذلك خير كثير. أما أن يتولى المركز كتابة الرسالة وتصحيحها لغوياً وصنع الفهارس وجمع المادة العلمية فماذا بقي للباحث بعد ذلك.
أسأل الله أن يوفقكم لكل خير، وأن ينفع بكم وبجهودكم في خدمة العلم وطلابه، ومرحباً بكم أخي الكريم في هذا الملتقى العلمي.
ـ[الحداد]ــــــــ[21 Jun 2004, 06:05 م]ـ
أخي الفاضل جزاكم الله خيرا على هذا التوجيه
لكن أود أن أوضح أنه من مهام المركز أن يقوم بالمراجعات اللغوية بعد قيام الطالب بكتابتها لا أن يقوم المركز بكتابتها نيابة عن الطالب، كما يقوم المركز بالفعل بتدريب الطلاب على وضع الخطط البحثية لأن جل الطلاب لا يجيد ذلك مع توفير المراجع وتجهيز البطاقات العلمية
وفي الأخير هذا يرجع إلى الطالب وما يريده من مساعدة فكل طالب يحتاج لنوع معين من المساعدة فمتى استطاع المركز أن يقوم بتأدية هذه الخدمة فعل
ـ[موراني]ــــــــ[21 Jun 2004, 08:11 م]ـ
الأخ الفاضل الحداد ,
لا تتعلق ملحوظتي الأولى الا بتعديلات لغوية أو نحوية فقط.
أما أهداف هذا المركز عامة فأود أن اتبناها في كليتنا خاصة في القسم الدراسات الاسلامية لانني شخصيا أراها وأعتبرها فكرة رائعة في خدمة الطلبة عند توجيهها
في خطواتها الأولى في ميدان الأبحاث العلمية. وذلك بالشرط أن يكون الطالب مستقلا في كل من بحثه وفي عرض نتائجه ,
وفي هذه النقطة الحساسة أنضم الى ما أشار اليه الاستاذ عبد الرحمن الشهري لأن هذا الأمر معروف لدينا أيضا وهو ما يعاني منه
البحث العلمي بصورة عامة
تقديرا
موراني(/)
كتب عن الخوض في الأعراض
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[16 Jun 2004, 07:55 ص]ـ
قال تعالى (وتحسبونه هينا وهو عند الله العظيم).
فهل لكم بارك الله فيكم أن تضعوا هنا بعض الكتب، أو حتى عناوينها أو بعض المقالات، أو الأبحاث، عن هذا الموضوع (الخوض في أعراض المسلمين)، ولا أخص بذلك العلماء دون غيرهم.(/)
الأخلاق والعبادة في القرآن
ـ[سليمان داود]ــــــــ[16 Jun 2004, 10:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
هكذا خاطب الباري جل وعلا خير خلقه بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ
عَظِيمٍ) القلم/4.
ولهذا اصطفاه سبحانه وتعالى من بين قومه جميعًا؛ ليكون رسوله إليهم، فقال جل
جلاله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
الأحزاب/45 - 46.
وفي الآية الثانية من هاتين الآيتين الكريمتين شبهه- عليه الصلاة والسلام-
بالشمس (سراجًا)، والقمر (منيرًا). فالشمس ينحصر ظهورها نهارًا، والقمر
ليلاً، فكان رسول الله أعظم أثرًا؛ لأن هديه هو: (سنته)، والنور هو: (كتاب
الله)، الذي بلغه للبشر، ونورهما دائم ليلاً ونهارًا، حتى قيام الساعة.
ولن أتحدث في هذه الكلمة الموجزة عن أنواع الثناء، التي أثنى بها الباري جل
وعلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ولكنني سأتحدث عن الأخلاق في القرآن
الكريم بوجه عام، وأشير إلى اقترانها بالعبادة في سياق الآيات؛ لكي نتعرف من
خلال ذلك على مدى اهتمام القرآن الكريم بمكارم الأخلاق، التي كان يتحلى بها
العرب في جاهليتهم، والتي أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ليتممها!!
ومن هنا يظهر لنا الهدف الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو تتميم
مكارم الأخلاق، كما أخبر- عليه أفضل الصلاة والسلام- عن ذلك بقوله: (إنما بعثت
لأتمم مكارم الأخلاق).
وعندما دعا سيدنا إبراهيم ربه، قال: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً
مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ).
لاحظوا معي: كيف قدم- عليه السلام- تعليم الكتاب والحكمة على التزكية!!
ولكن عندما قال الباري عز وجل: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ
يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)
نلاحظ أنه سبحانه وتعالى قدم التزكيه (حسن الخلق) على تعليم الكتاب والحكمة!!!
فقد وضع الله التزكيه قبل تعليم الكتاب (القرآن (، والحكمة (أحاديث النبي (
(أحاسنكم أخلاقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يَألفون ويُؤلفون)!!!
بهذا القول أجاب عليه الصلاة والسلام قومه، بعد أن سألهم قائلاً: (ألا أخبركم
بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجالس يوم القيامة). كررها ثلاث مرات. فقالوا: من يا
رسول الله! قال:أحاسنكم أخلاقًا00 الحديث.
فقد كان يدعو- عليه الصلاة والسلام- بقوله:" اللهم اهدني لأحسن الأخلاق ".
حتى إذا نظر في المرآة، كان يدعو، ويقول:" اللهم كما أحسنت خلقي فحسن خلقي "
بل ضمِن- عليه الصلاة والسلام- بقصر بأعلى الجنة لمن حسن خلقه. فقد قال- عليه
الصلاة والسلام-:" أنا زعيم (ضامن) ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ".
تأمل معي قول الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ
فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2 (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ
(3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء
ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
(9 (
ثم لاحظ هذا التسلسل، والتناوب في آيات سورة المؤمنين، تجد أن الله سبحانه
وتعالى يأتي بآية تدعو للعبادة تارة، وبآية تدعو لحسن الخلق تارة أخرى. فالآية
الثانية تأمرنا بالخشوع في الصلاة، والثالثة تأمرنا بعمل أخلاقي هو عدم اللغو،
ثم الآية الرابعة تأمرنا بالزكاة (عبادة)، والخامسة تحضنا على أن نحفظ فروجنا؛
لأن حفظ الفروج من مكارم الأخلاق!! ثم تتبعها الآية السابعة بخلق آخر؛ وهو حفظ
الأمانة والعهد!! وتختم ذلك كله الآية التاسعة بأمر تعبُّدي؛ وهو الخشوع في
الصلاة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعندما يصف لنا الرحمن عباده في سورة الفرقان، بقوله جل شانه: (وعباد الرحمن
الذي يمشون على الأرض هونا 00 إلى آخر الآيات)، نلاحظ أيضا نفس التسلسل بين
العبادة، والأخلاق.
حتى في سورة الماعون عندما يتوعد الله الساهين عن صلاتهم بالويل
يصفهم بأنهم: (يراءون ويمنعون الماعون). وهذه من الصفات الذميمة أخلاقيًا.
وقال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم
بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ).
حتى أن هناك صدقات أخلاقية: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)
وفي الصيام يدعونا مولانا أن لا نرد الإساءة بالإساءة. بل ترد بقولك: إني
صائم!!
وفي الحج أمرنا الله في مناسكنا أن (لا رفث ولا فسوق ولا عصيان) فقد أضاف
حسن الخلق لمناسك الحج!
انظروا معي إلى هذه الآيات؛ لنرى معًا أهمية الأخلاق، وكيف يدعو إليها ربنا،
بحيث لا يأتي بأمر فيه عبادة إلا ويتبعه بخلق حسن:
ففي البقرة نقرأ قوله تعالى:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
(43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ
تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)
وقوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
(278)
وفي آل عمران نقرأ قوله تعالى:
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(134).
في هذه الآية يمزج الله سبحانه وتعالى بين الصدقة وهي نوع من العبادة وبين
الخلق الرفيع في العفو عن الناس، وكظم الغيظ ساعة الغضب.
وهنا في سورة النساء يدعو الله رسوله والمؤمنين لمقاتلة الكفار، فيقول:
(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ
الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)
لكن انظروا إلى الآيتين التاليتين 85 والآية 86 فقد أتبع سبحانه الآية السابقة،
التي تحض على القتال بآيتين تتحدثان عن التخلق بالخلق الحسن، وذلك قوله تعالى:
(مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ
يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
حَسِيبًا (86)
فقد جمع الله في سياق الآيتين مكارمَ أخلاقٍ متنوعة؛ كالشفاعة الحسنة، وحذر من
عاقبة الشفاعة السيئة، ثم أردف في الآية 86 بتعليمنا آداب التحية، وكيفية ردها.
ولم يقل سبحانه: إذا حياكم المؤمنون!!! بل قال: إذا حييتم من أي شخص مؤمن كان،
أو غير مؤمن.
وبها الذي قدمناه نرى أن القرآن الكريم يدعو في كل آية من آياته إلى مكارم
الأخلاق.، ويحض على التحلي بها؛ لأن بقاء الأمم ببقاء أخلاقها، كما قال أحمد
شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
اللهم كما أحسنت خلقتنا، وهديتنا إلى طريقك المستقيم، حسن أخلاقنا، واجعلنا من
عبادك المتقين. والحمد لله رب العالمين.
________________________________________
ـ[الغرنوق]ــــــــ[16 Jun 2004, 09:18 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[17 Jun 2004, 09:07 م]ـ
أشكرك جزيل الشكر أخي الغرنوق
وبارك الله فيك
ـ[الموحد 2]ــــــــ[18 Jun 2004, 01:40 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي العزيز ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jun 2004, 10:26 ص]ـ
شكر الله لك أخي سليمان، وجزاك خيراً على هذه التأملات.
وهناك مسألة مهمة جداً حبذا لو تأملتها من خلال آيات القرآن الكريم، وهي تأثير العبادات على الأخلاق والسلوك.
وخذ بعض الأمثلة:
? اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ? (العنكبوت:45)
? قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ? (هود:87)
والأمثلة كثيرة من الكتاب والسنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[20 Jun 2004, 09:56 ص]ـ
[ size=4
أخي العزيز الموحد 2
أشكر مرورك ودعاءك الكريم وجزاك الله خير الجزاء
أما أستاذنا العزيز العبيدي فإني أشكرك على هذه الملاحظة الهامة
ومن المؤكد أستاذنا أن العبادة رياضة روحية صلاة كانت أو صيام أو زكاة أو حج أوالذكر والدعاء والأبتعاد عن المنهيات
وهي أيضا" تزكية للنفس واصلاح للقلب
لأن القلوب ثلاثة
إما ميتة أو مريضة أو سليمة؟؟؟
فالعبادة كما أمرنا الباري بنوعيها تجعل من القلب سليما"
وكما قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا وهي القلب
فالعبادة تصلح قلوبنا وبالتالي تنصلح سرائرنا وعقولنا وعيوننا وألسنتنا وأيدينا وأرجلنا؟؟؟
عندها ينصلح الفرد؟؟
وبالتالي يصلح المجتمع وبهذا تتم مكارم الأخلاق؟؟ التي من أجلها بعث خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم اجعلنا ممن يأتوك بقلب سليم
وجميع إخواننا المؤمنين
اللهم آمين [/ size]
ـ[أبو سالم]ــــــــ[20 Jun 2004, 10:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ومن الشواهد التي تؤيدك حديث البخاري " تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا .. " وهذا لايتعارض مع ما أشار إليه الشيخ العبيدي لأن العبادة شرعت لتزكية النفس وترقيتها لكن الفرق بين نفس ونفس، نفس جبلت على كثير من النقائص فهي كالمعادن الخسيسة تحتاج إلى جهد بالغ لتنقيتها وترقيتها، ونفس جبلت على كثير من المكارم وسرعان ما تنقى وتصفو كالمعادن النفيسة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"
ـ[المستشار الفني]ــــــــ[20 Jun 2004, 08:11 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[سليمان داود]ــــــــ[22 Jun 2004, 11:51 ص]ـ
أخي العزيز أبو سالم
جزاك الله خيرا على هذه الاضافة ولك مني جزيل الشكر
وكذلك أشكر دعاءك مستشار فني وجزاك الله خيرا(/)
تفسير ابن أبي حاتم
ـ[عبدالعزيز محمود المشد]ــــــــ[17 Jun 2004, 03:34 ص]ـ
أُريد الحصول على الجزء الذي يشتمل على سور (الأعراف , والأنغال , والتوبة) من مخطوط تفسير ابن أبي حاتم الرازي " فهل هناك من يدلني على مكانه " لحاجتي إليه في رسالتي " وجزاه الله خيراً "
وهل يعلم أحد الأخوة الأفاضل بطبع هذين الكتابين، أو أحدهما ومكان طبعه.
(الأول) 5. ابن ابي حاتم، عبدالرحمن بن محمد، ت 327 هـ (تكرار مصطلح البحث 8)
227.32
ت 104 ح
تفسير سورتي الانفال و التوبة من تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه و سلم ... / لعبدالرحمن بن ابي حاتم الرازي؛ دراسة و تحقيق و تخريج عيادة ايوب الكبيسي؛ اشراف احمد محمد نور سيف.
1407هـ، 1987م
2 مج، 1010 ورقة:
(والثاني)
227.32
ع104 ح
تفسير السورة التي يذكر فيها الاعراف: من تفسير القرآن العظيم ... / عبدالرحمن بن ابي حاتم الرازي؛ دراسة و تحقيق حمد بن احمد بن ابي بكر؛ اشراف عبدالمجيد محمود عبدالمجيد.
1405هـ، 1985م
2 مج، 899 ورقة:
أو كيفية الحصول عليهما من مكتبة الملك فهد الوطنية " وجزاكم الله خيراً "
أخوكم / عبدالعزيز المشد(/)
ما هي كتب التفسير الموضوعي وأين أجدها؟
ـ[العبيدي]ــــــــ[17 Jun 2004, 05:09 م]ـ
أود معرفة الكتب التي تكلمت في التفسير الموضوعي سواء طريقة التفسير الموضوعي او المواضيع التي فسرت موضوعيا وسواء من المؤيدين أو الرافضين لطريقة التفسير الموضوعي
وفيما يلي بعض الكتب التي أو أن أعرف أين أجدها:
1 - دراسات في التفسير الموضوعي للدكتور أحمد العمري
2 - دراسات في التفسير الموضوعي للدكتور زاهر بن عواض الألمعي
3 - البداية في التفسير الموضوعي للدكتور عبدالحي الفرماوي
4 - الفتوحات الربانية في التفسير الموضوعي للدكتور حسين أبو فرحة
5 - المدخل في التفسير الموضوعي للدكتور عبدالستار فتح الله
6 - التفسير الموضوعي في القرآن للدكتور أحمد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jun 2004, 05:24 م]ـ
الكتب التي ذكرتها أخي الكريم متوفرة في المكتبات في الرياض حسب علمي في مكتبات الرشد والعبيكان والتدمرية عدا الكتاب الأخير للكومي رحمه الله فهو نادر بعض الشيء. وأضيف كتاب مباحث في التفسير الموضوعي للدكتور مصطفى مسلم.
وأما الموضوعات التي كتب فيها على هذا المنوال فهي كثيرة، القليل منها طبع مثل الحياة في القرآن والصبر في القرآن والنصر في القرآن ونحوها والأكثر لا يزال مخطوطاً في الأقسام العلمية في الجامعات.
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[22 Jun 2004, 02:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
الكتاب هو " منهجية البحث في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم "
إعداد
د/ زياد خليل محمد الدغامين
ط " دار البشر عمان
لدى مكتبة المؤيد بالرياض ت: 4932581 مخرج 12 الدائرى الشرقي(/)
رجال تفسير الطبري هل من دراسة عنهم؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[18 Jun 2004, 06:21 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
احبتي الكرام ... هل وقف احد منكم على دراسة عن رجال الطبري في تفسيره. سيما بعضهم لا توجد له ترجمة البتة في كتب الرجال.؟
فهل من يخدمني في هذا ..
وفقكم الله لكل خير
وأحسن الله لمن أحسن إلينا.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[19 Jun 2004, 01:23 م]ـ
رجال تفسير إمام المفسرين ابن جرير الطبري الذين ترجم لهم أحمد ومحمود شاكر. الشيخ علوي عبدالقادر السقاف. دار الهجرة للنشر والتوزيع بالثقبة - السعودية 1991.
وإذا أردت المزيد ارجع إلى موضوع الإمام الطبري عن الباحثين قديما وحديثا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[28 Jul 2004, 11:29 ص]ـ
وهناك نفس الكتاب السابق (للحلاق)؟!
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[24 Jun 2005, 06:22 ص]ـ
معجم شيوخ الامام الطبري للشيخ أكرم زيادة في ثلاث مجلدات كبيرة وفيه جهد عظيم
وله المعجم الصغير لرجال الطبري على غرا ر تقريب التهذيب وهو عمل فذ -جزاه الله خيرا
وهناك جداول للحكم على رجال الطبري (مخطوط) يسر الله ادخاله بالحاسب ولله الحمد
وهناك من اخرج المنتقى من فوائد تفسير الطبري في مجلد صغير يسر الله نشره
إضافة لأحد الأخوة في ملتقى أهل الحديث
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[27 Sep 2006, 06:02 م]ـ
معجم شيوخ الامام الطبري للشيخ أكرم زيادة في ثلاث مجلدات كبيرة وفيه جهد عظيم
وله المعجم الصغير لرجال الطبري على غرا ر تقريب التهذيب وهو عمل فذ -جزاه الله خيرا
وهناك جداول للحكم على رجال الطبري (مخطوط) يسر الله ادخاله بالحاسب ولله الحمد
وهناك من اخرج المنتقى من فوائد تفسير الطبري في مجلد صغير يسر الله نشره
إضافة لأحد الأخوة في ملتقى أهل الحديث
وأين يباع معجمي الشيخ أكرم جزاه الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[30 Sep 2006, 08:17 م]ـ
في داري: ابن عفان بالقاهرة ......... وابن القيم بالدمام ....
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[08 Oct 2006, 01:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد: فهناك كتاب في رجال تفسير الطبري، الموسوم بـ: (رجال تفسير الطبري) جرحا وتعديلا من تحقيق جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأحمد شاكر و محمود شاكر
جمع وترتيب: محمد صبحي بن حسن حلاق
الطبعة الأولى 1420هـ-1999م، دار ابن حزم للطباعة والنشر/بيروت- لبنان
والكتاب مهم في بابه، مفيد للباحثين في علمي الحديث والتفسير، ومرتب حسب الترتيب الأبجدي، فهو بذلك يسهل البحث فيه دون عناء، ولنا أمل في الله عز وجل أن يقيض من يقوم بنفس العمل لرجال تفسير ابن أبي حاتم من حيث الترتيب، والتعليق على الرواة جرحا وتعديلاً، والسلام عليكم
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[08 Oct 2006, 03:34 م]ـ
شيخنا المفضال الدكتور الهاشمي برعدي / لا يخفى عليكم سهولة الوصول لتراجم رجال ابن أبي حاتم من خلال كتابه الجرح والتعديل، وبالتالي فرجال ابن أبي حاتم ليسوا بحاجة لأن يفرد لهم كتاب مستقل
وفقكم الله ورعاكم
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[09 Oct 2006, 11:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد: فلكم من الله جزيل الشكر أخي الفاضل أبوصفوت أعزكم الله، وجعلكم من أهل الصفوة المفضلة عند الله عز وجل في العلم والعمل، على وجهة نظركم حول موضوع رجال التفسير لابن أبي حاتم.
نعم الأمر سهل في الوقوف على رجال التفسير بالنسبة للباحثين الماهرين المتمرسين، وذلك بالرجوع إلى كتاب الجرح والتعديل لنفس المؤلف- يعني ابن أبي حاتم-، أما بالنسبة للباحثين المبتدئين فالأمر ليس كذلك.
أخي الفاضل أبو صفوت: إن الوقوف على ترجمة راوٍ ما في الجرح والتعديل غير كاف، خاصة إذا كان مجرَّحاً، أو مختلفاً فيه، ومن ثم فالأمر حينذاك يتطلب الرجوع إلى مصادر أخرى متخصصة للوقوف على آراء علماء آخرين، حيث إن الوقوف على ترجمة الرواة اعتمادا على مصدر واحد لا يكفي، خاصة للمشتغلين بعلم الحديث بوجه عام والتخريج بوجه خاص.
والسلام عليكم.
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Oct 2006, 04:21 م]ـ
وقد صدر الآن للأستاذ أكرم محمد الفالوجي كتاب (معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في كتبه المسندة) ونشرته دار ابن عفان.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[10 Oct 2006, 10:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد: فإن إفادتكم الطيبة الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظكم الله تثلج الصدر، نتمنى من الله عز وجل أن يصل هذا المؤلف الجديد إلى كافة أقطار العالم الإسلامي، حتى تعم الفائدة لجميع الباحثين. والسلام عليكم.
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.(/)
هرب الشيعه من النسخ فوقعوا أيضا في التحريف سبحان الله ..
ـ[ Talib 7a8] ــــــــ[19 Jun 2004, 08:16 ص]ـ
السلام عليمكم ورحمة الله وبركاته ... أخوكم يبحث عن الحق
انا قاري، وباحث في موضوع الأثنا عشريه وتحريف القرآن ووجدت ما لم اتوقعه وهو انهم مجمعون على القول بالتحريف بل يوثقون رجال سند روايات التحريف بل وعدوا تحريف القرآن من ضروريات المذهب عندهم ..
الكلام يطول في هذا الأمر وانصح بالرجوع الى كتاب الشيعه الأثنا عشريه وتحريف القرآن محمد السيف في هذا الرؤابط فإنه جيد http://www.ansar.org/arabic/books2
ومن المعروف للباحثين في هذا المجال ان الأثنا عشريه يأتون بروايات النسخ في القرآن ويستمعلونها لتوجيه التهم لأهل السنه بأنهم يقولون بالتحريف ,,, طبعا بعد ان عجزوا عن إثبات صحة القرآن من كتبهم وبسند صحيح عن اهل البيت على ألأقل وليس عن رسول الله ,,,واعلم جيدا يا أخواني ان النسخ ثلاث اقسام:الأول نسخ الحكم والتلاوه معا والثاني وهو نسخ التلاوه دون الحكم والثالث هو نسخ الحكم دون التلاوه ... ولكن واجهت صعوبه في فهم طريقة تفكير الأثنا عشريه في عصرنا طبعا حيث وجدتهم يقولون بجوتز قسم واحد فقط من النسخ وهو نسخ الحكم دون التلاوه ويضربون بالقسمين الأخرين عرض الحائط أي هم لا يقولون بنسخ التلاوه والحكم معا ولا بنسخ التلاوه دون الحكم ,,, وهذا يناقض اقوال علمائهم السابقين في جواز النسخ بأنواعه الثلاثه مثل شيخ الطائفه عندهم ابو جعفر الطوسي وغيره كثير ,,الآن انا اسأل كل مسلم اليس الذي لا يقول بنسخ التلاوه والحكم معا ولا بنسخ التلاوه دون الحكم هو نفسه القائل بتحريف القرآن أليس إلزام الأثنى عشريه بذلك يعني انهم يقولن بتحريف القرآن طبعا (طبعا بعد ان إتهموا السنه وقالوا النسخ تحريف أصابتهم (الشيعه) تهمتهم مره أخرى وهو التحريف ,,سبحان الله .. خبث ومكر عجيب يهربون من النسخ ويقعون في التحريف ... أريد قول المشائخ في المنتدى وطلاب العلم على هذا ألأستنتاج:)(/)
هل انكر قسم من أهل العلم من اهل السنه النسخ؟ ومن هم (أسمائهم)؟ ولماذا أنكرو؟ وما الرد
ـ[ Talib 7a8] ــــــــ[19 Jun 2004, 09:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... عندي إستفسار واريد اجوبه بارك الله فيكم يا مشائخنا وطلاب العلم
هل انكر قسم من أهل العلم من اهل السنه النسخ في القرآن؟ ومن هم (أسمائهم)؟ ولماذا أنكرو؟ وما رد اهل العلم من اهل السنه الذين اثبتوا النسخ؟ ,,,, طبعا اقصد هل انكروا قسم من اقسام النسخ وما هو القسم ... أرجو تزويدي بالمصادر بالصفحه والجز، وإسم صاحب الكتاب الذي انكر والذي أثبت ورد على الذي انكر واكون لكم من الشاكرين ,,,وهل حصل إجماع على النسخ بأنواعه الثلاثه عند اهل السنه؟ ... أرجو التفصيل في الموضوع لأني أحتاجه جدا جدا جدا
ـ[محمد عزت]ــــــــ[22 Jun 2004, 07:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على النبي الأمين و أصحابه الطاهرين
على موقع http://www.islam-online.net/Arabic/index.shtml
هناك في ركن الإسلام وقضايا العصر بحث للدكتور يوسف القرضاوي تحت عنوان (مفاهيم جهادية .. بحاجة لتصحيح) و تحت عنوان (الجدل حول آية السيف: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) تحدث عن موضوع النسخ في القرآن و الخلاف في ذلك:
قضية النسخ في القرآن
مما لا يشك فيه مسلم: أن هذا القرآن كلام الله تعالى لفظا ومعنى، ليس لجبريل فيه إلا النزول به من السماء إلى الأرض: "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ" (الشعراء:193 - 195) وليس لمحمد منه إلا تلقيه وحفظه، ثم تبليغه للناس وتلاوته عليهم: "سنقرئك فلا تنسى. إلا ما شاء الله .. " (الأعلى: 6)، "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" (المائدة: 67)، "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" (النحل:44).
فهو "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" (هود: 1)، "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" (فصلت: 42).
وإن الله تعالى أنزل هذا الكتاب، ليهتدي الناس بهداه، ويعملوا بموجبه، وينزلوا على حكمه، أيا كان موقعهم أو كانت منزلتهم، حكاما أو محكومين، يقول تعالى: "وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون" (الأنعام: 155)، ويقول: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء" (الأعراف: 3)، ويقول: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" (النساء: 105)، ويقول: "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق" (المائدة: 48)، ويقول: "وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) المائدة: 49.
فهذه النصوص كلها توجب على الأمة ـ بيقين لا ريب فيه ـ اتباع ما أنزل الله، والاحتكام إليه إذا اختلفوا، كما قال تعالى: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" (الشورى: 10) أي إلى ما في كتابه، فهو الذي تضمن حكمه سبحانه. وقال تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" (النساء: 59). وقد أجمعت الأمة على أن الرد إلى الله تعالى يعني: الرد إلى كتابه.
وقال تعالى في شأن قوم: "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا" (النساء: 61).
فكيف يسوغ للمسلم –بغير برهان قاطع- أن يأتي بعد هذه البينات إلى بعض آيات من كتاب الله، ليقول عنها: إنها ملغاة بطل مفعولها! بغير برهان من الله، يا للهول من هذا القول!
ولكن هذا ما حدث، فقد شاع القول بأن في القرآن آيات منسوخة، وأخرى ناسخة، وصنفت في ذلك الكتب، وتوارثه الخلف عن السلف، وأصبحت وكأنها قضية مسلمة، مع أن القضية ليس فيها نص قاطع ولا إجماع متيقّن!
فما أدلة القائلين بالنسخ إذن؟
1ـ الدليل الأول من القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
أول الأدلة وأبرزها قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير. ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير. أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل" (البقرة: 106 - 108)، فهذه الآيات الكريمات هي عمدة القائلين بالنسخ.
ومعناها عند عامة العلماء أو جمهورهم: ما قاله ابن جرير الطبري في (جامع البيان) ونقله عنه الحافظ ابن كثير: قال: "ما ننسخ من آية .. " ما ننقل من حكم آية إلى غيره، فنبدله ونغيره، وذلك: أن نحول الحلال حراما، والحرام حلالا، والمباح محظورا، والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة. فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ. قال ابن كثير: وأما علماء الأصول فاختلفت عباراتهم في حد النسخ، والأمر في ذلك قريب، لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء، ولحظ بعضهم أنه: رفع الحكم بدليل شرعي متأخر [1]. انتهى.
ومن أدلتهم من القرآن أيضا قوله تعالى: "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون" (النحل: 101).
قالوا: المراد بالتبديل هنا: النسخ.
2ـ إقرار العلماء كافة بوجود النسخ:
ومن الأدلة على شرعية النسخ أن العلماء من قديم قالوا بمبدأ النسخ، وذهبوا إلى أن في القرآن آيات منسوخة، وإن اختلفوا فيها اختلافا كثيرا، فهذا يقول بنسخ هذه الآية، وآخر أو آخرون يعارضونه. ولكن المحصلة النهائية أنهم جميعا أقروا بقاعدة النسخ.
وقد ذكر ذلك في كتب التفسير كلها، كما ألفت كتب خاصة في الناسخ والمنسوخ في القرآن: لأبي عبيد، وأبي جعفر النحاس، وابن هبة الله الضرير، وابن العربي، وابن الجوزي، وغيرهم، ممن أحصاهم الدكتور مصطفى زيد -رحمه الله- في كتابه (النسخ في القرآن) وعقد لهم ولمؤلفاتهم فصلين كاملين من الباب الثاني في كتابه من: ص289، إلى: ص395، ومن الفقرات: 394 إلى 550.
ولكن الذي يتأمل ما جاء عن السلف فيما سموه (نسخا) يجد أن كثيرا منه ليس من النسخ المعروف عند المتأخرين في شيء، والآفة هنا تأتي دائما من إطلاق المصطلحات الحديثة موضع المصطلحات القديمة، مع تغايرهما وتباينهما، فقد كان المتقدمون من العلماء يريدون بالنسخ ما قد يسميه المتأخرون تخصيصا للعام أو تقييدا للمطلق، أو تفسيرا للمجمل، أو غير ذلك، ولا يعنون به (رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر).
وهذا ما نبه عليه المحققون من أمثال الإمام ابن القيم الحنبلي، والإمام الشاطبي المالكي، وهذا في المغرب، وذاك في المشرق.
يقول الإمام ابن القيم: "ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ، رفع الحكم بجملته تارة، وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق وغيرها تارة، إما بتخصيص عام أو تقييد مطلق، وحمله على المقيد وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخا، لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ، بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحدث المتأخر". [2]
ويقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي: "الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين، فقد كانوا يطلقون على تقييد المطلق نسخا، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا. كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل متأخر نسخا، لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد". [3]
3ـ وجود المنسوخ بالفعل:
ومن أدلة القائلين بالنسخ: وجود المنسوخ بالفعل، وليس أدل على جواز الأمر من وقوعه بالفعل، فإن الوقوع أقوى من مجرد الجواز، فإن الشيء قد يكون جائزا ولا يقع.
ودليل الوجود بالفعل أمران:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: وجود آيات متعارضة في القرآن، ولا يمكن الجمع بينها، ولا تفسير لهذا التعارض في كتاب الله، إلا أن إحداهما ناسخة والأخرى منسوخة. ولذلك أمثلة كثيرة ذكرها العلماء، مثل آية التخيير في الصوم: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" (البقرة: 184) عارضتها الآية التي تليها: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة: 185)، فالآية الأولى خيرت بين الصيام ودفع الفدية: طعام مسكين، والآية الثانية ألزمت بالصيام "فليصمه".
وفي البقرة أيضا: آيتا النساء المتوفى عنهن أزواجهن، الآية الأولى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف" (البقرة: 234).
والآية الأخرى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف".
قالوا: الآية الأولى نسخت الآية الثانية، وإن كانت قبلها في المصحف.
الثاني: ما ذكرناه من أقوال عدد من مفسري القرآن بوقوع النسخ في أعداد من الآيات وفي عدد من سور القرآن مكيّه ومدنيّه.
ردود المنكرين للنسخ في القرآن
ولمنكري النسخ في القرآن وجهتهم وموقفهم من هذه الأدلة التي استند إليها المدعون للنسخ والمتوسعون فيه، ومن حقهم أن نستمع إليهم، لا سيما بعد إفراط المفرطين في دعاوى النسخ.
الرد على الاستدلال بآية: "ما ننسخ ... "
أما ما استدل به القائلون بالنسخ ـ وهم جمهور علماء الأمة أو عامتهم ـ من قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ... " البقرة: فإن الذين ينكرون النسخ لهم فيها نظر وتأويل يمكن أن يسمع.
فمنهم من قال: هذا في النسخ ما بين الشرائع بعضها وبعض، فمن المقرر المعروف أن الأديان السماوية كلها متفقة في أصولها العقدية، ولكنها مختلفة في أحكامها التشريعية، كما قال تعالى: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" (المائدة: 48).
وهذا من الحكمة، لاختلافها بعضها عن بعض زمانا وظروفا وأوضاعا، ولهذا حرمت التوراة بعض ما كان حلالا لأولاد آدم من صلبه، مثل إباحة تزوج الأخ لأخته، نزولا على حكم الضرورة، وإلا لما تناسلت البشرية وما استمر النوع.
ومثل ما ذكره الله عن المسيح الذي قال لبني إسرائيل: "وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ" (آل عمران: 50).
فالمقصود بالنسخ في الآية الكريمة هنا نسخ بعض الأحكام التي جاءت بها التوراة أو الإنجيل من قبل، كما قال تعالى في وصف الرسول في التوراة والإنجيل: "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم" (الأعراف: 156).
فقد ذكر لنا القرآن أن الله تعالى حرم على بني إسرائيل طيبات أحلت لهم بسبب ظلمهم وبغيهم، كما قال تعالى: "فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (النساء: 161)، فجاء الإسلام فرد هذه الطيبات المحرمة إلى أصل الحل.
وهذه الآية "ما ننسخ من آية أو ننسها" قد جاءت في سورة البقرة تمهد لما شرعه الله تعالى لمحمد وأهل ملته من (نسخ القبلة) وتغييرها من (بيت المقدس) إلى (المسجد الحرام) كما كان يتمنى النبي -صلى الله عليه وسلم، ولذا قال له: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (البقرة: 144). وقد أحدث يهود المدينة ضجة حول
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا التغيير، أو هذا النسخ للحكم القديم، ورد عليهم القرآن بقوله: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (البقرة: 142).
فلا غرو أن تأتي هذه الآية في هذه السورة، لتمهد لهذه المعركة التي أشعلها اليهود ضد نسخ القبلة.
فهذا رأي من آراء العلماء – وأنا معهم: أن المراد بالنسخ النسخ الواقع بين الشرائع السماوية بعضها وبعض. وهذا لا ينبغي أن ينكر، فهو مقبول حكمة وعقلا، ثابت واقعا وفعلا.
ورُوي عن بعض السلف مثل الضحاك (ما ننسخ من آية): ما نُنسك [4]. كأنه يشير إلى قوله تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ" (الأعلى: 7 - 8).
وقال عطاء: أما (ما ننسخ): فما نترك من القرآن، وقال ابن أبي حاتم: يعني: ترك فلم ينزل على محمد -صلى الله عليه وسلم [5]. انتهى.
يرى الأستاذ الإمام محمد عبده - كما نقل ذلك صاحب تفسير المنار - رأيا آخر في آية النسخ. فإنه فسر كلمة (آية) في قوله: (ما ننسخ من آية) بأن المراد بها الآية الكونية، مثل الآيات التي أيد الله بها رسله قبل محمد -عليه الصلاة والسلام. وأيد ذلك بأن الآية ختمت بقوله تعالى: "ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" وهذا التذييل يناسب الآيات الكونية، وإلا لكان الأنسب أن يقال مثلا: ألم تعلم أن الله عزيز حكيم. وكذلك قوله بعدها: "أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل" وقد سألوه آيات كونية، مثل: أرنا الله جهرة، ونحو ذلك، فهذا التعقيب أقرب إلى الآيات الكونية من الآيات التنزيلية والتشريعية. [6]
وبهذا نرى أن الدلالة في الآية ليست دلالة قاطعة على مشروعية النسخ في القرآن.
فلو كانت قاطعة ما وجدنا من العلماء القدامى من ينكر النسخ بالكلية مثل أبي مسلم الأصفهاني؟ وما وجدنا حديثا: من ينكر النسخ كذلك.
ولا أريد أن أخوض في ذلك أو أطيل، فهذا ليس موضوعنا، وإنما اضطررنا للخوض فيه من أجل توسع من توسع في القول بالنسخ بآية السيف.
إنما يكفينا هنا: أن نقول: إن الآية التي هي عمدة القائلين بالنسخ ليست قاطعة الدلالة على قولهم، مع أن قولهم بإنهاء حكم آية أو أكثر من كتاب الله من الخطورة ومن الأهمية، بحيث يحتاج إلى دليل قطعي يسنده، وإلا فإن الأصل أن آيات كتاب الله محكمة ملزمة، عامة دائمة ثابتة إلى يوم القيامة.
آية سورة النحل:
وأما الآية الأخرى من سورة النحل التي استدل بها القائلون بالنسخ، وهي قوله تعالى: "وإذا بدّلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون" (النحل:101).
قالوا: المراد بالتبديل هنا النسخ.
ولكن المنكرين يقولون: إن هذه الآية من سورة النحل مكية بالإجماع، وفي العهد المكي لم يحدث أي نسخ في القرآن الكريم.
وما قيل في تأويل آية البقرة، يسهل أن يقال هنا، بل ربما كان أكثر قبولا.
2 ـ ليس في السنة دليل على النسخ في القرآن:
ثم إن من قرأ كتب الحديث الستة المعروفة، أو التسعة –بإضافة الموطأ ومسند أحمد والدارمي- أو الأربعة عشر، بإضافة مسندي أبي يعلى والبزار ومعاجم الطبراني الثلاثة – أو السبعة عشر- بإضافة صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم – وأكثر منها: لم يجد فيها حديثا ثابتا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: إن الآية الفلانية في سورة كذا منسوخة وقد بطل حكمها، أو يقول: إن هذه الآية من سورة كذا قد أبطلت حكم آية كذا من سورة كذا.
فقد تلقى كُتَّاب الوحي وحفاظ القرآن وعامة الصحابة القرآن من فم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أمره ربه أن يبلغه " ... بلغ ما أنزل إليك من ربك ... " ولم يسمعوا من رسول الله شيئا من ذلك.
كما أن الله تعالى كلفه ببيان القرآن المنزل عليه، كما قال تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" (النحل: 44)، ولم يكن في بيانه للقرآن طوال ثلاثة وعشرين عاما ما يفيد أن آية نسخت آية أخرى، مع أهمية هذا البيان وضرورته، وحاجة المسلمين الماسة إليه، وقد قرر العلماء أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز لما فيه من إضلال الناس عن الحقيقة.
3 ـ لا إجماع على النسخ
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما أنه لا يوجد دليل قاطع من القرآن على شرعية النسخ، ولا دليل قاطع ولا غير قاطع من الحديث النبوي، فكذلك لا يوجد إجماع من الأمة ـ التي لا تجتمع على ضلالة ـ على جواز النسخ ووقوعه في القرآن.
وقد عرفنا من المخالفين للنسخ في القرآن أبا مسلم الأصفهاني، الذي يذكر الإمام فخر الدين الرازي في (تفسيره الكبير) أقواله المعارضة للنسخ في الآيات التي اشتهر فيها القول بالنسخ، كما يذكر دليله على عدم قبول النسخ. ويبدو لمن يتأمل كلام الرازي ونقله عن أبي مسلم، وعدم رده على قوله، يبدو وكأنه يؤيده بوجه من الوجوه، وفي بعض الأحيان قال: رأى أبي مسلم -إن لم يسبقه إجماع- فهو قول صحيح حسن [7]. وإن كلام أبي مسلم في تأويل بعض الآيات المدّعى نسخها لا يخلو من تكلف واعتساف.
وقد ذكر الإمام الزركشي في البرهان أن هناك من العلماء من نفى النسخ في القرآن، أو نفى النسخ بالكلية في الشريعة، فقد تكلم عن معنى النسخ ثم قال:
اختلف العلماء فقيل: المنسوخ ما رفع تلاوةً تنزيلُه، كما رفع العمل به، (يريد: أن ما بقي لفظُه متلوًا في القرآن لا ينسخ). ورد بما نسخ من التوراة والإنجيل بالقرآن، وهما متلوان. [8]
وقيل: لا يقع النسخ في قرآن يتلى وينزل. قال: ويفرّ هؤلاء من القول بأن الله ينسخ شيئا بعد نزوله والعمل به.
قال: والصحيح جواز النسخ ووقوعه سمعا وعقلا. [9] انتهى.
ومما يؤيد نفي الإجماع أنه لا توجد آية قيل بنسخها، إلا وجدنا من يخالف فيها من المفسرين المتقدمين.
ومعنى هذا أنه لا توجد آية في كتاب الله قد اتفق جميع العلماء على أنها منسوخة.
والأصل في آيات القرآن أن الله عز وجل إنما أنزلها ليُعمل بها، ويُهتَدى بهداها، لا ليبطل حكمها بآية أخرى. وإنه جعل هذا الكتاب متشابها يصدق بعضه بعضا، ويفسر بعضه بعضا، ويتكامل بعضه مع بعض، كما قال تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا" (النساء: 82)
يقول الإمام أبو محمد ابن حزم في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام):
لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين؛ لأن الله عز وجل يقول: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ" (النساء: 64) وقال تعالى: "اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ .. " (الأعراف: 3) فكل ما أنزل الله تعالى في القرآن أو على لسان نبيه ـ ففرضٌ اتّباعه، فمن قال في شيء من ذلك: إنه منسوخ، فقد أوجب ألا يطاع ذلك الأمر وأسقط لزوم اتّباعه، وهذه معصية لله تعالى مجردة وخلاف مكشوف، إلا أن يقوم برهان على صحة قوله، وإلا فهو مفترٍ مبطل، ومن استجاز خلاف ما قلنا ـ فقوله يئول إلى إبطال الشريعة كلها؛ لأنه لا فرق بين دعواه النسخ في آية ما أو حديث ما وبين دعوى غيره النسخ في آية أخرى وحديث آخر، فعلى هذا لا يصح شيء من القرآن والسنة، وهذا خروج عن الإسلام، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطل بالظنون، ولا يجوز لنا أن نسقط طاعة أمر أمرنا به الله تعالى ورسوله، إلا بيقين نسخ لا شك فيه .. ). [10]
وبعد الإمام ابن حزم، نجد الإمام أبا إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي يؤكد ما قاله ابن حزم برغم تفاوت ما بينهما في الاتجاه، فابن حزم (ظاهري) والشاطبي (مقاصدي). يقول الشاطبي في (موافقاته):
إن الأحكام إذا ثبتت على المكلف فادعاء النسخ فيها لا يكون إلا بأمر محقق؛ لأن ثبوتها على المكلف أولا محقق، فرفعها بعد العلم بثبوتها لا يكون إلا بمعلوم محقق. ولذلك أجمع المحققون على أن خبر الواحد لا ينسخ القرآن ولا الخبرَ المتواتر؛ لأنه رفع للمقطوع به بالمظنون. فاقتضى هذا أن ما كان من الأحكام المكية يدعى نسخه فلا ينبغي قبول تلك الدعوى فيه إلا مع قاطع بالنسخ، بحيث لا يمكن الجمع بين الدليلين، ولا دعوى الإحكام فيهما. وهكذا يقال في سائر الأحكام، مكية كانت أو مدنية ... ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد أن يقرر أن غالب ما ادعي فيه النسخ إذا تؤمل وجد متنازعا فيه، ومحتملا، وقريبا من التأويل بالجمع بين الدليلين على وجه من كون الثاني تفصيلا لمجمل أو تخصيصا لعموم ... إلخ، وبعد أن يذكر أن ابن العربي قد أسقط من الناسخ والمنسوخ كثيرا بهذه الطريقة ـ نراه ينقل عن الطبري حكاية الإجماع عن أهل العلم على أن زكاة الفطر فرضت، ثم اختلافهم في نسخها، ليقول عقب هذا: قال النحاس: فلما ثبتت بالإجماع، وبالأحاديث الصحاح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجز أن تزال إلا بالإجماع، أو حديث يزيلها ويبين نسخها. ولم يأت من ذلك شيء [11]. هذا فيما ثبت بالسنة فيكف بما ثبت بصريح القرآن؟
التضييق في دعاوى النسخ
على أن الذي يهمنا هنا أن نقرره ونبينه ونثبته، هو التضييق الشديد في دعاوى النسخ في كتاب الله، فإن الله تعالى لم ينزل كتابه إلا ليهتدى بهداه، ويعمل بأحكامه، وكل دعوى لنسخ آية أو بعض آية منه فهي على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل لا يقبل إلا ببرهان يقطع الشك باليقين.
ولو طبقنا ما وضعه علماء أصول الدين وعلماء أصول الفقه وعلماء أصول التفسير وعلماء أصول الحديث من ضوابط وشروط، فإننا لا نكاد نجد آية في القرآن الكريم مقطوعا بنسخها، وما لم يقطع بنسخه فيجب أن يبقى حكمه ثابتا ملزما كما أنزل الله تعالى، ولا ننسخه ونبطل حكمه بمحض الظن، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا.
من شروط قبول النسخ
ومن شروط قبول النسخ عند من سلم به: أن يكون هناك تعارض حقيقي بين النص الناسخ، والنص المنسوخ، بحيث لا يمكن الجمع بينهما بحال من الأحوال، أما إذا أمكن الجمع ولو في حال من الأحوال، فلا يثبت النسخ؛ لأنه خلاف الأصل.
ولهذا رأينا شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) يرفض كثيرًا من دعاوى النسخ المروية عن بعض المفسرين إذا لم يجد تنافيا كاملا بين الناسخ والمنسوخ.
انظر قوله فيما رُوي عن قتادة في الآية الكريمة من سورة الأنفال: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله" (الآية:61)، فقد ذهب قتادة إلى أن هذه الآية كانت قبل نزول سورة (براءة)، فلما نزلت نسخت ذلك، بمثل قوله تعالى: "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" وقوله: "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" فأمرت بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: لا إله إلا الله.
وورد عن عكرمة والحسن البصري ما يوافق قول قتادة، وإن جعلا الآية الناسخة من براءة: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".
قال الطبري رحمه الله يرد هذه الدعوى:
"فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله -من أن هذه الآية منسوخة- فقول لا دلالة عليه من كتاب، ولا سنة، ولا فطرة عقل، وقد دللنا – في غير موضع من كتابنا هذا وغيره – على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه، فأما ما كان بخلاف ذلك، فغير كائن ناسخا" [12].
كيف يعرف النسخ؟
نقل السيوطي في إتقانه عن العلامة ابن الحصار قوله: "إنما يرجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن صحابي يقول: آية كذا نسخت آية كذا".
قال: "وقد نحكم به عند التعارض المقطوع به، مع علم التاريخ، لنعرف المتقدم والمتأخر".
قال: "ولا يعتمد في النسخ قول عوامّ المفسرين، بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقل صحيح، ولا معارضة بيّنة، لأن النسخ يتضمن رفع حكم، وإثبات حكم تقرر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. والمعتمد فيه: النقل والتاريخ، دون الرأي والاجتهاد".
قال: "والناس في هذا بين طرفَيّ نقيض، فمن قائل: لا يقبل في النسخ أخبار الآحاد العدول، ومن تساهل يكتفي فيه بقول مفسر أو مجتهد، والصواب خلاف قولهما"، انتهى. [13]
وأود أن أقول هنا: إني لا أعرف نقلا صريحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آية كذا نسخت آية كذا. ومن عرف ذلك فليدلني عليه.
وأما قول الصحابي: آية كذا نسخت آية كذا، فلا بد لقبوله من ثلاثة شروط:
الأول: أن يصح سنده عن الصحابي.
الثاني: ألا يكون قاله باجتهاد منه، ظنًا منه أن الآية معارضة للآية الأخرى، وقد لا يسلم له بذلك، فهو يكون رأيا منه يعارض برأي غيره.
الثالث: ألا تكون كلمة النسخ جارية على مفهوم المتقدمين، وهو ما يشمل: تخصيص العام، وتقيد المطلق، وتفصيل المجمل، والاستثناء والغاية وغيرها.
ويندر وربما يتعذر أن توجد لدينا آية تتحقق فيها هذه الشروط.
ومن المهم هنا أن ننتبه إلى أهمية الشرط الثالث هنا، فكثير من المتقدمين يقولون: آية كذا نسخت آية كذا، ولا يقصد بذلك ما يقصده المتأخرون بكلمة النسخ، فلم يكن هذا الاصطلاح قد استقر عندهم، كما استقر عند من بعدهم، وهو: رفع حكم شرعي بدليل متأخر، وهذا ما نص عليه المحققون من أمثال ابن القيم والشاطبي رحمهما الله. وقد سبق نقل قولهما.
ـ[الطالب المبتدئ]ــــــــ[22 Jun 2004, 10:47 ص]ـ
وأما قول الصحابي: آية كذا نسخت آية كذا، فلا بد لقبوله من ثلاثة شروط:
الأول: أن يصح سنده عن الصحابي.
الثاني: ألا يكون قاله باجتهاد منه، ظنًا منه أن الآية معارضة للآية الأخرى، وقد لا يسلم له بذلك، فهو يكون رأيا منه يعارض برأي غيره.
الثالث: ألا تكون كلمة النسخ جارية على مفهوم المتقدمين، وهو ما يشمل: تخصيص العام، وتقيد المطلق، وتفصيل المجمل، والاستثناء والغاية وغيرها.
ويندر وربما يتعذر أن توجد لدينا آية تتحقق فيها هذه الشروط.
ومن المهم هنا أن ننتبه إلى أهمية الشرط الثالث هنا، فكثير من المتقدمين يقولون: آية كذا نسخت آية كذا، ولا يقصد بذلك ما يقصده المتأخرون بكلمة النسخ، فلم يكن هذا الاصطلاح قد استقر عندهم، كما استقر عند من بعدهم، وهو: رفع حكم شرعي بدليل متأخر، وهذا ما نص عليه المحققون من أمثال ابن القيم والشاطبي رحمهما الله. وقد سبق نقل قولهما.
هل هذا الكلام صحيح؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عزت]ــــــــ[22 Jun 2004, 06:55 م]ـ
[1] تفسير ابن كثير (1/ 149) طبعة الحلبي.
[2] إعلام الموقعين (1/ 28، 29).
[3] الموافقات (3/ 75).
[4] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 149) طبعة الحلبي.
[5] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 149) طبعة الحلبي.
[6] انظر: تفسير المنار (1/ 414) وما بعدها. الطبعة الرابعة لدار المنار.
[7]
[8] في الأصل: بما نسخ الله من التوراة بالقرآن والإنجيل، وأعتقد أن في العبارة تقديما وتأخيرا. وقع سهوا من ناسخ أو طابع، فإن التوراة والإنجيل هما المنسوخان، وهما متلوان، وإلا لقال: وهي متلوة.
[9] البرهان: (2/ 30).
[10] الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 84، 83).
[11] الموافقات (3/ 64). وقد أشار إلى أبي جعفر النحاس صاحب كتابـ (الناسخ والمنسوخ) وما أشار إليه من كتابه مذكور في ص761 - 764 طبعة مكتبة الفلاح. بتحقيق د. محمد عبد السلام محمد.
[12] انظر: تفسير الطبري: (14/ 40 - 42). والنسخ في القرآن (2/ 564، 565).
[13] انظر السيوطي في الإتقان: (3/ 71، 72).(/)
هل يوجد (الأساس في التفسير) على هيئة قرص ليزر؟
ـ[ en_waleed] ــــــــ[19 Jun 2004, 09:43 م]ـ
إخواني الكرام:
هذه أول مشاركة لي وأتمنى أن أجد ما أصبو إليه في هذا المنتدى المتميز.
إخواني أنا أبحث عن كتاب الأساس في التفسير للشيخ سعيد حوى: ((في إسطوانة ليزر)) cd
أتمنى ممن يملك أو يعلم مصدرا للحصول على الكتاب مسجلا على اسطوانة cd -rom
مراسلتي أو الرد لتعم الفائدة
وشكر الله لكم جهدكم
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[23 Jun 2004, 04:24 م]ـ
للرفع للأهمية(/)
فوائد من شرح الشيخ عبدالكريم الخضير رسالة اصول التفسير للسوطي
ـ[الراية]ــــــــ[20 Jun 2004, 02:00 م]ـ
فوائد من شرح الشيخ د. عبد الكريم بن عبد الله الخضير – رسالة في أصول التفسير للسيوطي
كان هذا الشرح ضمن دورة المتون المختصرة والمحاضرات العلمية بجامع نورة بنت عبد الله بمدينة الرياض لعام 1424هـ، ويقع الشرح في أربعة أشرطة.
وهذه الفوائد سأذكرها على نقاط، وهي بالتأكيد لا تغني عن الأصل. والله الموفق
الشريط الأول – الوجه الأول
1) تأخر التصنيف المستقل الجامع في علوم القرآن، حتى ذكر السيوطي أن أول من صنف فيه البلقيني (ت:824هـ) لكن هذا غير صحيح!
فابن الجوزي ألّف وهو متوفى سنة 597هـ، والطوفي والزركشي كلهم قبل البلقيني!
لكن يبدو أن السيوطي أول ما وقف على كتاب البلقيني.
2) تقدم التصنيف في علوم الحديث على التصنيف في علوم القرآن مع أن علوم الحديث يخدم السنة وعلوم القران يخدم القران، وذلك لان علوم الحديث يعرف به الصحيح من غيره، أما القرآن فقد تولاه الله بحفظه.
3) رسالة السيوطي هذه منتزعة من كتاب للسيوطي اسمه ((النقايه)) يضم 14 علماً، صدَّره بعلم العقيدة ثم التفسير ... حتى ذكر الطب والتشريح!
أما العقدية فجرى فيها على مذهبه الأشعري.
ورسالة السيوطي هذه طبعها جمال الدين القاسمي سنة 1330هـ وعلق عليها.
ونُظِمَ كتاب ((النقايه))، نظمه: القنائي وغيره.
ونظم ما يتعلق بعلوم القرآن على وجه الخصوص بمنظومة التفسير للشيخ الزمزمي.
4) يستحق إطلاق لفظ (الحافظ) على السيوطي، وإن لوحظ عليه في العقيدة والسلوك كأعمال القلوب والاقتداء ببعض الصوفية فله نزعات وأثنى عليهم، ورسالته شاهدة على ذلك في آخر كتاب ((النقايه))
5) جاء التحدي في الإتيان بالقرآن: بمثله وَ بعشر سور وَ وبسورة
ولم يأت التحدي بآية؟ لماذا؟
لأن من الآيات كلمة مثل (مدهمتان) فهل يعجز البشر عن مثلها.
ومع ذلك فالآية معجزة في موضعها، فلا أحد يستطيع – مثلا – أن يحذف كلمة (مدهمتان) ويأتي بمرادف لها.
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[20 Jun 2004, 05:58 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الراية وأبشر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على الخير كفاعله.
ـ[المنهوم]ــــــــ[20 Jun 2004, 06:35 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد الجميلة
وخصوصا من مثل الشيخ الزاهد /الخضير
فلا تخرج الفائدة منه إلا بعد تأني ومراجعة
فزدنا من مكنون كلامه
ـ[الراية]ــــــــ[21 Jun 2004, 11:31 ص]ـ
الشريط الأول – الوجه الثاني
1) الذي يطلب العلم ويريد فضل العلماء، وهو لا يحفظ القرآن = يخفق.
2) الفرق بين كتابي السيوطي " التحبير " وَ " الإتقان "
أن " التحبير ": هو الذي ألفه السيوطي أولاً وبه أكثر من (100) نوع، وهو كتاب متقن ومضبوط.
أما " الإتقان ": فهو أوسع من التحبير وضم بعض الأنواع إلى بعض، واستفاد من كتب لم يطلع عليها حين ألف كتابه " التحبير"، والإتقان فيه زوائد لا توجد في " التحبير".
3) أفضل طبعات كتاب " الإتقان " – إن وجدت – هي طبعة الكلستيه سنة 1278هـ فيها تعليقات وتصويبات للشيخ نصر الهوريني.
ويناسب طلاب العلم طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم فهي جيدة واطلع على طبعة الكلستيه وغيرها فهي مناسبة، وان كانت لا تسلم من الأخطاء
4) هل تفسير " أضواء البيان " و تفسير " السعدي "، من التفسير بالرأي؟
تفسير أضواء البيان في أحكام القرآن غالباً، وفيه مباحث لغوية وبيانيه وغيرها لكن هو معدود في كتب أحكام القرآن على طريقة الفقهاء المجتهدين، فليس من كتب التفسير بالرأي بل هو استنباط من القران وهو معتمد على كتب المتقدمين يرجح ويختار بينها ويرد ويفند، وإذا قلنا أن 70% أخذه في جملته من تفسير القرطبي، والبقية من الكتب الأخرى.
وهو مجتهد من أهل النظر، والآلة مكتملة عنده.
أما تفسير " السعدي " فقد اعتمد على كتب التفسير الموثوقة اعتماداً كلياً وصاغها بأسلوبه المناسب لأهل العصر، وله استنباطات وتوجيهات يستقل بها كغيره من أهل العلم.
5) ترتيب آيات القرآن الكريم توقيفي، أما ترتيب السور فقد اختلف العلماء والخلاف يرتفع بإجماع الصحابة على كتابتهم المصحف على هذه الكيفية وهذا الترتيب.
ويبقى من الآثار المترتبة على أن هل ترتيب السور توقيفي أو اجتهادي، هل يجوز قراءة السورة قبل السورة التي قبلها، بمعنى: هل تجوز قراءة سورة الناس في الركعة الأولى وقراءة سورة الفلق في الركعة الثانية؟
نقول: الترتيب في اصله اجتهادي، والرسول قرأ في صلاة الليل البقرة والنساء وآل عمران.
والذين يقولون: لا يجوز أو يكرهونه كراهية شديدة، يقولون: إطباق الصحابة على هذا الترتيب يجعله مثل ترتيب الآيات.
وعلى كل حال فالقران محفوظ بحفظ الله جل وعلا.
6) معرفة المكي والمدني من متين العلم لا من ملحه، فإذا وجدت آية مدنية في سورة مكية لابد من معرفتها.
معرفة المتقدم من المتأخر، معرفة الناسخ من المنسوخ.
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الراية]ــــــــ[21 Jun 2004, 10:02 م]ـ
الشريط الثاني – الوجه الأول
1) ما نزل من القران بالنهار أكثر مما نزل بالليل، ومما نزل بالليل سورة الفتح لقول الرسول: ((لقد أنزل الليلة سورة هي أحب علي مما طلعت عليه الشمس وقرأ [إنا فتحنا لك فتحاً مبينا .. ])
2) ذكر المصنف أن من القرآن ما نزل بالصيف والشتاء.
فمثال الصيفي/ آية الكلالة لقول النبي لعمر بن الخطاب ألا تكفيك آية الصيف.
ومثال الشتائي/ الآيات العشر في براءة عائشة لأنها ذكرت أن النبي يتحدر منه العرق في يوم شاتي.
واقتصروا على الصيف والشتاء مع أن الفصول أربعة الصيف والربيع والشتاء والخريف؛ إما لان كل واحد منها تابع لما قبله أو انه لم يرد أن هذه نزلت في الربيع أو الخريف.
ومن الأنواع الفراشي أي الذي نزل على فراش النبي كالآيات في الذين خلفوا.
3) من قال إن معرفة أسباب النزول قيمتها لا تعادل التعب من ورائها وهي مجرد سرد تاريخي.
ليس بصحيح، وان قيل هذا.
لان معرفة السبب تورث العلم بالمسبب.
فكم من كلام يستغلق من كلام الله وسنة رسوله بل حتى كلام الناس العادي وكم بيت شعر لا يفهم إلا بسببه، فكما قيل: إذا عرف السبب بطل العجب.
ومن فوائد معرفة السبب / يدل على أن الراوي ضبط، وهذا في غير القران.
ومن فوائد معرفة السبب / قصر عموم اللفظ عليه عند الحاجة، مثل: التعارض فعند قول الله (فأينما تولوا فثم وجه الله) عمومه يدل= على أن أي جهة اتجهت إليها تصلي لها! فهل يعمل بهذا العموم؟
لا
لان السبب احتجنا إليه وهو انهم اجتهدوا فصلوا فتبين انهم صلوا إلى غير القبلة، فنزلت الآية.
فبعد التحري والاجتهاد إذا تبين انك أخطأت فصلاتك صحيحه.
نعم، القاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والخلاف فيها لا يكاد يذكر وبعضهم ينقل الإجماع فيها، والخلاف معروف في مذهب مالك وان لم يكن هو المعتمد.
ومن فوائد معرفة السبب / إدخال السبب في النص، فلا يتطرق إليه إخراج بحال لان دخوله قطعي.
4) ما روي في سبب النزول عن صحابي فحكمه الرفع، لان النزول النبي طرف فيه فهو ينسب شيئا إلى النبي وان لم يصرح برفعه، وقال بهذا جمع من أهل العلم.
ورأى بعضهم: انه من قبيل الموقوف حتى يصرح بأن هذا هو السبب وانه ليس بناتج عن استنباط.
* الحاكم يرى أن تفسير الصحابي له حكم الرفع!
وحمل أهل العلم كلامه على سبب النزول.
5) صح من أسباب النزول كثير، فكتب التفسير سيما التي تعنى بالآثار مملوءة بأسباب النزول وفيها الصحيح والضعيف، وتعدد السبب لنازل واحد.
وللحافظ ابن حجر كتاب في أسباب النزول وصفوه بأنه نفيس لكني لم أقف عليه، والحافظ من أهل التحري والتثبت، وان كان آخره لم يبيض كما قال السيوطي وغيره، لكن الحافظ من أهل التحري وليس بجمّاع كالسيوطي.
ويضاف إليه ما ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره فهو جهبذ نقّاد.
للواحدي كتاب في أسباب النزول وهو قبلهم، لكن فيه الضعيف كثير، ويستفاد منه.
6) جاء في الصحيح أن عمر بن الخطاب قال: وافقت ربي في ثلاث الحجاب و الصلاة خلف المقام ولما رفع نساء النبي أصواتهن قال عمر عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خير منكن.
قال الشيخ عبد الكريم: موافقات عمر أكثر من ثلاث تبلغ نحو عشرين، جمعت في مصنف جمعها السيوطي و غيره.
7) أول ما نزل سورة اقرأ، و أول ما نزل بعد انقطاع فترة الوحي المدثر، و أول ما نزل بالمدينة (ويل للمطففين)، وقيل: البقرة.
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
ـ[الراية]ــــــــ[22 Jun 2004, 01:32 م]ـ
الشريط الثاني – الوجه الثاني
سئل الشيخ هذا السؤال
س/كتب التفسير تزخر بمرويات التابعين فهل يعني ذلك أنها تبقى في حيز الضعف والإرسال رغم أن هؤلاء التابعين جالسوا الصحابة وأخذوا عنهم، خاصة الثقات منهم كسعيد بن جبير ومجاهد وابن المسيب وغيرهم؟
فأجاب الشيخ – حفظه الله –
ما يقوله التابعي من تلقاء نفسه تفسيراً وتوضيحاً لكتاب الله عز وجل فهو خير ما يعتمد عليه في التفسير، بعد تفسير القران بالقران وبالسنة وبأقوال الصحابة.
فهم اعرف الناس بالتفسير بعد الصحابة، وأما ما ينقلونه عن الصحابة فهو افضل منه إذا كانت الأسانيد نظيفة ومتصلة.
وما ينقله التابعون عن النبي فيرفعونه إليه فهو من المراسيل
قال الحافظ العراقي
(يُتْبَعُ)
(/)
واحتج (مالكٌ) كذا (النعمان) ... وتابِعُوهما به ودانوا
احتجوا بالمراسيل لهذا الأمر الذي ذكر.
التابعون أهل علم و دين و ورع وتقدم وملازمة الصحابة، ولا يظن بهم أن يسقطوا واسطة ضعيفة، ولذا ينقل الطبري أن التابعين بأسرهم قبلوا المراسيل، ولم يُعرف إنكاره إلا في حدود المائتين،
ولذا يقول الحافظ العراقي:
واحتج (مالكٌ) كذا (النعمان) ... وتابِعُوهما به ودانوا
ورده جماهر النقاد ... للجهل بالساقط في الإسناد
وصاحب التمهيد عنهم نقله ... و (مسلم) صدر الكتاب اصّله
فالمرسل ضعيف عند الجمهور.
وسئل الشيخ – أيضاً –
س/أيها يقدم في التفسير، قول الصحابي أم قول أهل اللغة؟
ج/لاشك أن الصحابة من أهل اللغة، وهم عربٌ اقحاح فيقدم قولهم على كل حال.
* الفائدة من معرفة الليلي والنهاري والصيفي والشتائي والفراشي هي:
العناية بهذا الكتاب العظيم بحيث يعرف جميع ما يتعلق به.
فأنت إذا أعجبت بشيء تريد أن تتعرف بجميع ما يتعلق به.
فعنايتنا بكتاب الله يجب أن تكون فوق هذا لأنه شرف لنا (وانه لذكر لك ولقومك) شرف لك ولقومك.
هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلم
وسئل الشيخ – أيضاً –
س/ما نزل في طريق الهجرة كقوله تعالى (ثاني اثنين إذ هما في الغار ... الآية) مكيٌ أم مدني؟
ج/الأظهر أنه مدني.
وسئل الشيخ – أيضاً –
س/ ما افضل طبعات تفسير ابن كثير؟
ج/ طبعات تفسير ابن كثير كثيرة جداً، لكن من أصحها إن لم نجزم بأنها الأصح طبعة خرجت حديثا في 15 جزء طُبعت في مصر مطبعة أولاد الشيخ وهي محققة ومخرجة.
طبعة البنا والتي أصلها طبعة الشعب، والحق بها الإضافات التي أضافها ابن كثير، طبعة جيدة.
لان طبعة الشعب ما يوجد فيها من كلام هو الأصح على الإطلاق، لأنه اعتُمِدَ فيها على اقدم النسخ وهي النسخة الأزهرية، فما تفرع عن طبعة الشعب كطبعة البنا يكون صحيحاً.
لان الحافظ ابن كثير ألّف الكتاب في العرضة الأولى خالية من النقول لم ينقل فيها عن الرازي ولا عن الزمخشري ولا عن القرطبي ولا عن البيضاوي، فالنقل عن هؤلاء غير موجود في طبعة الشعب، لأنها العرضة الأولى.
ولذا فالبعض يتهم طبعة الشعب بأن فيها خروم وإسقاط!!
وبعد ذلك أضاف الحافظ هذه النقول و أفاد منها، ووجدت في النسخ المتأخرة.
بالنسبة للطبعة التي حققها/سامي السلامة وطبعتها دار طيبة، من الطبعات الجيدة ولا أقول احسن الطبعات، إنما هي طبعة جيدة لا سيما الإصدار الثاني فهي افضل من الأولى بكثير، لأنه استدرك فيها كثير من الأخطاء.
طبعة الشيخ مقبل الوادعي وهو الشيخ المعروف بتجرده وتحقيقه، لا تناسب مستواه وليس فيها شيء يذكر.
وسئل الشيخ – أيضاً –
س/ ما هي افضل روايات الموطأ، رواية الليثي أم القعنبي أم الشيباني أم ما ذا ترون؟
وما افضل شروح الموطأ؟
ج/اعتنى أهل العلم برواية يحيى بن يحيى، واكثر الشروح على هذه الرواية، لاشك أن هذا يدل على أن لها منزلة عندهم سيما الأئمة الكبار كابن عبد البر و الباجي وغيرهم اعتنوا برواية يحيى بن يحيى وان وجد في بعض الروايات زيادات مثل: رواية أبي مصعب ورواية محمد بن الحسن وغيرها روايات يكمل بعضها بعضاً.
والمعتمد عند المالكية رواية يحيى بن يحيى.
أما الشروح للموطأ، فأفضل شرح على الإطلاق "التمهيد" لابن عبد البر وقد عني فيه ببيان المعاني والأسانيد وكمله بـ " الاستذكار" الذي جمع فيه و أفاض في ذكر مذاهب علماء الأمصار، فهما عبارة عن كتاب واحد متكامل.
فـ"التمهيد" ترتيبه يصعب على المتعلمين لان الإمام ابن عبد البر رتبه على شيوخ مالك ورتب الشيوخ على طريقة المغاربة في ترتيب الحروف.
لكن ذيلت هذه المشكلة فرتب على أحاديث الموطأ، مثل: الشيخ عطيه سالم رتب الشرح على أحاديث الموطأ فأفاد و أجاد – رحمه الله –.
والصبغة في كتاب "الاستذكار" الفقه وذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم.
والإمام ابن عبد البر يشرف طالب العلم بالقراءة له فهو إمام من أئمة المسلمين.
وإذا قال طالب العلم هذه شروح مطولة، فشرح الزرقاني متوسط وافضل منه شرح الباجي لكن شرح الزرقاني أسهل من شرح الباجي.
فائدة /
طبعة تفسير ابن أبي حاتم الأخيرة التي هي في عشرة مجلدات طبعة ملفقة!
(يُتْبَعُ)
(/)
وان كانت تحل بعض الإشكال، لان الكتاب ضروري لطالب العلم، والكتاب الموجود منه محقق في جامعة أم القرى رسائل دكتوراه.
فائدة /
تتعد القراريط بتعدد الجنائز في الصلاة، وفضل الله واسع.
فائدة /
كتاب " التذكار" للقرطبي كتاب جيد ومهم لطالب العلم وهو في فضائل القرآن وآداب حملته، وهو نظير كتاب النووي"التبيان" وكتاب ابن كثير " فضائل القرآن".
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
ـ[الراية]ــــــــ[25 Jun 2004, 04:45 م]ـ
الشريط الثاني – الوجه الثاني (تكملة)
هل تثبت القراءة بخبر الواحد إذا صح؟
محل خلاف بين أهل العلم طويل.
حجة من اثبت/
أننا لو بحثنا في أسانيد هذه القراءات ما وجدنا جميعها روي بالتواتر، ولذا يكتفون بصحة السند، ويتزعم هذا القول ابن الجزري وطائفة وبالغ ابن الجزري في الرد على مخالفيه.
أما جمهور أهل العلم/
فلا تثبت القراءة عندهم إلا بما يثبت به العلم القطعي، وهو التواتر.
والمتواتر: ما رواه جمع تحيل العادة تواطئهم على الكذب عن مثلهم إلى أن ينتهي الإسناد إلى شيء محسوس.
وهذا التواتر ينكره بعض أهل العلم، بل ينكرون تقسيم الأخبار عموما إلى متواتر وآحاد، ويقولون: هذا التواتر لا يعرفه المتقدمون و إنما دخل على علوم النقل (علوم القرآن وعلوم السنة) من جهة أصحاب الأصول، وأرباب الأصول تأثروا بعلم الكلام، وإلا فالأصل أن التواتر لا وجود له.
مع أن التواتر موجود في كلام أشد الناس عداوة لأهل البدع وهو شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فهو يثبت المتواتر، ويُعرِّفه بالتعريف الذي ذكرناه واعتمده أهل العلم.
ويقسم الأخبار إلى الأقسام المعروفة عند أهل العلم، ويمثل بأمثلتهم.
ويثبت بعض القضايا بالتواتر سواء كان التواتر لفظي أو معنوي، فيثبت في كل مؤلف من مؤلفاته ما يناسبه من الأمثلة.
-فمثلا-
في كتابه " منهاج السنة"
يثبت فضائل أبو بكر وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما- بالتواتر المعنوي وأن ذلك حصل في وقائع كثيرة مجموعها يفيد العلم القطعي الضروري، وان لم تكن مفرداتها كذلك.
فالمقصود أن الأخبار متفاوتة عند جميع العقلاء، فخبر الواحد ليس كخبر الاثنين وخبر الثقة الثبت ليس كمن هو دونه، وهكذا تختلف الأخبار قوة وضعفا تبعا لاختلاف الرواة كمّاً وكيفاً، عدداً و وصفاً.
الحاصل/
أن الأكثر على أن القراءة لابد أن تثبت بطريق قطعي ملزم.
لان القران شانه عظيم.
قد يقول قائل: لو بحثنا في أسانيد هذه القراءات بما في ذلك القراءات السبع أو العشر لا نجد من الطرق العدد الذي يطلب للتواتر؟
قلنا/ الصحابة اجمعوا على ما بين الدفتين، وإجماعهم حجة قطعية ملزمة لم يخالف منهم أحد.
ثم التواتر لا يلزم فيه نقل هذا التعدد، بل من التواتر ما يسمى تواتر الطبقة.
بمعنى: أن هذا القران المحفوظ بين الدفتين تلقته الأمة كافةً عن كافة، تلقاه جبريل عن الله – تعالى- وتلقاه الرسول – صلى الله عليه وسلم- عن جبريل، وتلقاه الصحابة عن الرسول وهكذا.
فما بين الدفتين لا يجري فيه الخلاف.
الشريط الثالث – الوجه الأول
1) اشتهر من الصحابة بحفظ القرآن/
عثمان وعلي و أُبي بن كعب و زيد بن ثابت وابن مسعود وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل وأبو زيد الأنصاري – أحد عمومة انس-.
ثم أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب.
هؤلاء اشتهروا بحفظ القران، منهم من أكلمه في عهد الرسول، ومنهم من أكلمه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
2) يُنسب إلى علي بن أبي طالب مصحف، ويقال له: مصحف علي!
في نهايته: (وكتب علي بن أبو طالب)!!
واستدل الحافظ ابن كثير على أن هذا المصحف لا تثبت نسبته لعلي بن أبي طالب بهذا اللحن الشنيع.
ونحن نعلم أن علي بن أبي طالب هو واضع علم اللغة العربية وهو عربي قح، لا يمكن أن يقع في هذا اللحن.
ومع الأسف الشديد فالذين طبعوا تفسير ابن كثير يكتبونها ((علي بن أبي طالب))!
ويذكرون استدراك ابن كثير!
ومثلها الوثيقة المزورة التي كُتبت بين النبي ويهود خيبر.
في نهايتها ((وكتب علي بن أبو طالب))، واستنكرها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية بسبب اللحن.
ومع ذلك فالذين طبعوا الكتاب، طبعوها على الصواب ((علي بن أبي طالب))!
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
ـ[المنهوم]ــــــــ[26 Jun 2004, 06:32 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
نفع الله بك اخونا // الراية على هذه المتابعة والتفريغ
فلك منا الدعاء
ـ[الراية]ــــــــ[28 Jun 2004, 01:43 م]ـ
أحمد بن حنبل و المنهوم/ جزاكم الله خيرا ...
الشريط الثالث – الوجه الثاني
1) الذي يجب هو أن نخضع القواعد النحوية للقران، لا أن نخضع القران للقواعد النحوية.
2) كتب غريب القران كثيرة، من اجمعها: " المفردات" للراغب الأصفهاني.
ومن أنفسها على اختصار كتاب "غريب القران" لابن عزيز السجستاني، فهو مختصر وصغير و متعوب عليه.
3) هل في القران الكريم ألفاظ أعجمية؟
لا خلاف في كون القران نزل بلغة العرب [بلسان عربي مبين] ووجود مثل هذه الكلمات مع ألوف مؤلفة من كلمات القران هل يخرج عن كونه عربي؟
فهذه الكلمات التي هي نحو [60] كلمة، لا تخرج القران عن كونه عربي، بمعدل كل [10] صفحات يوجد كلمة واحدة فقط!
فهذه لا تخرجه عن كونه عربي.
منهم/ من ينفي، ويقول: لا توجد لفظة بغير العربية في القران، وحمل الخلاف في الألفاظ، أما التراكيب فلا توجد إجماعا، فالجمل الأعجمية لا توجد إجماعا.
ومنهم/ من قال بالتوافق، فهذه الكلمات تكلمت بها العرب وتكلم بها غيرهم على لفظ واحد.
4) الترادف في الألفاظ من كل جهة أنكره جمع من أهل العلم.
إذ لابد من الفروق في بعض الكلمات التي ادعي ترادفها.
فكتاب " الفروق اللغوية " لأبي هلال العسكري، لو اطلع عليه طالب العلم – وهو مهم – يجعل الإنسان يتحسس في كل كلمة.
5) سئل الشيخ
ما قولكم في كتاب ((أحكام القران)) للجصاص، وما احسن طبعاته؟
الجصاص من كبار الحنفية، و أطال النفس في أوله كثيراً، ويشم منه شوب الاعتزال، فيقرأ منه طالب العلم ويفيد على حذر.
وافضل طبعاته الطبعة التركية في ثلاثة أسفار.
6) العام الذي بقي على عمومه، قال السيوطي: انه عزيز، ولا يوجد له إلا قوله تعالى: ((والله بكل شيء عليم))، وَ ((خلقكم من نفس واحدة)).
لكن هذا الحصر فيه نظر ظاهر.
أين قوله تعالى ((و الله على كل شيء قدير))، وفي النصوص من العموم ما هو باقي على عمومه شيء كثير، واستعرض ابن تيمية العمومات التي في سورة الفاتحة والورقة الأولى من سورة البقرة ولم يدخلها أي تخصيص فذكر أمثلة كثيرة جداً في مجموع الفتاوى.
الحاصل أن هذا الحصر ليس بصحيح.
يتبع البقية إن شاء الله تعالى
ـ[الراية]ــــــــ[09 Sep 2004, 01:03 م]ـ
الفوائد من الشريط الرابع والأخير – الوجه الأول
1) مسألة: نسخ الكتاب بالسنة.
الجمهور لا يجيزونه، لان الأضعف عندهم لا ينسخ الأقوى.
لكن أجازه أهل التحقيق من أهل العلم، لأن الكل وحي.
2) مسألة: تخصيص القران الكريم للسنة.
قال المؤلف السيوطي: هو عزيز – يعني: نادر–
ثم قال ولم يوجد له إلا قوله تعالى: ((حتى يعطوا الجزية)) فهذه تخص عموم قوله صلى الله عليه وسلم ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله))
قال الشيخ عبد الكريم الخضير [وهذا الحصر لا يسلم له]
3) قد يقول قائل:ما الفائدة من النسخ، والله تعالى يعلم المصالح ويعلم ما سيؤل إليه الأمر، فلماذا لا يقرر الحكم الأخير من البداية؟
نقول:
الحكم المناسب في وقت نزول المنسوخ هو ما يقرره النص المنسوخ.
بمعنى: آيات إقرار شرب الخمر في بداية الأمر والتساهل فيه ثم التدرج في نسخه ناسب التدريج في الخمر لأنهم ألفوه.
الرافضة تبعا لليهود يقولون النسخ لا يجوز لأنه يدل على انه ظهر لله وبدى له ما كان خفي عليه – تعالى الله عما يقولون -.
يتبع فوائد الوجه الثاني من الشريط الرابع والأخير – بمشيئة الله تعالى -
ـ[الراية]ــــــــ[12 Sep 2004, 03:20 م]ـ
الفوائد من الشريط الرابع والأخير – الوجه الثاني
1) أسماء الأنبياء في القرآن (25)، كلها ممنوعة من الصرف إلا ستة:
صالح – محمد – شعيب – نوح – لوط – هود.
2) ذكر السيوطي الملائكة المذكورين في القران، ولم يذكر مالك.
3) لم يُذكر في القرآن من الكنى إلا أبو لهب! مع أن الكنية أفضل من الاسم؟
يقال: 1 - أن اسمه محرم، وهو: عبد العزى.
2 - في كنيته ما يدل على مآله.
4) ذكر السيوطي مجموعة من المبهمات في القرآن وهي أكثر مما ذكر، و من اجمع ما أولف في المبهمات كتاب للسهيلي في مبهمات القران.
5) كتب إعراب القران
(يُتْبَعُ)
(/)
أما كتب المتقدمين فتصلح لطالب العلم المتمكن لأنه يحسن التعامل معها، وبعضهم ربما أعرب بألفاظ قد لا تكون متداولة بين المتأخرين، وهذا شان المتقدمين.
-فمثلا –
لو قرأت في تفسير الطبري وجدته يعرب بعض الكلمات باصطلاحات لا نعرفها ولا يعرفها آحاد المتعلمين.
أما تفسير أبو حيان فهو اقرب من الطبري، لأنه بعد أن استقرت الاصطلاحات التي نعرفها.
وأقول لابد أن يعرف الطالب اللغة العربية ثم يُعْرِب القران ثم ينظر إلى كتب إعراب القران ليختبر نفسه.
ويستفيد مما كتبه المتأخرون لأنهم يعربون كل حرف في القرآن.
أما المتقدمون فلا يعربون كل شيء، فقد يكون ظاهرا عندهم وخفي كل الخفاء على المتأخرين!
ومن الكتب المتأخرة المفضلة عندي كتاب محيي الدين درويش.
6) كتاب " في ظلال القران " تفسير معاصر، والمفسر ليس من أهل العلم فلا يطمع من يقرا هذا التفسير أن يعرف مراد الله من كلامه.
إنما هو تفسير توضيحي إجمالي مقرون بالواقع، إن قراه الطالب استفاد فائدة مناسبة كما يقرأ في غيره من التفاسير.
7) أشد التفاسير ضرر على طلاب العلم تفسير " الرازي ".
8) سؤال / نريد بعض التفاسير التي تعنى بالقران الكريم من جهة البلاغة؟
الجواب / تفسير أبي السعود فيه من هذا، حتى كانت الصيغة على الكتاب، وان كان تفسير الزمخشري فيه من هذا الجانب، وتفسير البيضاوي على اختصاره فيه، وتفسير الطبري إلا أن كون شهرته بأنه تفسير أثري غطت على الجوانب الأخرى، وإلا فيه شيء من البيان.
9) التفسير الميسر الذي طبعته الوزارة جيد وميسر، ذكروا أن عليه ملاحظات لكني لم اقف على شيء منها.
وهو كتاب في الجملة نافع، لكن لا يربى طالب العلم على مثل هذه التفاسير.
النهاية
هذه نهاية الفوائد من هذا الشرح المفيد.
والى حديقة يانعة أخرى من دروس الشيخ د. عبد الكريم الخضير ... وفقه الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
الرايه
ـ[كاسيمان]ــــــــ[14 Apr 2009, 02:38 ص]ـ
شكر الله شيخنا وشيخ شيخنا على هذه الدرر من الفوائد
ولي طلب ورجاء أرجو أن تتفضلوا بتلبيته
وهو
إرفاق الملفات الصوتية من شرح الشيخ
ويا حبذا لو يوجد تفريغ لهذه الأشرطة(/)
سؤال أرجو الإجابة عليه
ـ[خالد- طالب علم]ــــــــ[20 Jun 2004, 03:45 م]ـ
السلام عليكم
ما الفرق بين قوله تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى)، وقوله تعالى: (سبح باسم ربك العظيم)؟ وهل الباء في (باسم) زائدة كما يقال؟
خالد- طالب علم
ـــــــــــــ
وقل رب زدني علمًا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 06:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أولاً بعض النقولات عن المفسرين، ثم يتبعها الجواب الصريح عن السؤال من كلام ابن القيم رحمه الله.
جاء في تفسير القرطبي لقول الله تعالى: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَِ) [الزمر] ما نصه:
(الثعلبي: والعرب تدخل الباء أحياناً في التسبيح وتحذفها أحياناً، فيقولون: سبح حمداً الله، قال الله تعالى: سبح اسم ربك الأعلى [الأعلى: 1] وقال: فسبح باسم ربك العظيم [الواقعة: 74])
وفي تفسير الرازي لآية الأعلى "سبح اسم ربك الأعلى ": (قال الفراء: لا فرق بين {سَبِّحِ ?سْمَ رَبّكَ} وبين {فَسَبّحْ بِ?سْمِ رَبّكَ} قال الواحدي: وبينهما فرق لأن معنى {فَسَبّحْ بِ?سْمِ رَبّكَ} نزه الله تعالى بذكر اسمه المنبىء عن تنزيهه وعلوه عما يقول المبطلون، و {سَبِّحِ ?سْمَ رَبّكَ} أي نزه الاسم من السوء.)
وقال أبو حيان: (ويظهر أن سبح يتعدى تارة بنفسه، كقوله: {سَبِّحِ ?سْمَ رَبّكَ ?لاَعْلَى?}، {ويسبحوه}؛ وتارة بحرف الجر، كقوله: {فَسَبّحْ بِ?سْمِ رَبّكَ ?لْعَظِيمِ})
وقال ابن عاشور: (والباء الداخلة على {اسم} زائدة لتوكيد اللصوق، أي اتصال الفعل بمفعوله وذلك لوقوع الأمر بالتسبيح عقب ذكر عدة أمور تقتضيه حسبما دلت عليه فاء الترتيب فكان حقيقاً بالتقوية والحث عليه، وهذا بخلاف قوله: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] لوقوعه في صدر جملته كقوله: {يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً} [الأحزاب: 41، 42].) انتهى
ومن النصوص الصريحة في هذه المسألة قول ابن القيم في بدائع الفوائد:
(فإن قيل: فما الفائدة في دخول الباء في قوله: " فسبح باسم ربك العظيم " [الواقعة: 74] ولم تدخل في قوله: " سبح اسم ربك الأعلى " [الأعلى: 1]؟
قيل التسبيح يراد به التنزيه والذكر المجرد دون معنى آخر، ويراد به ذلك مع الصلاة وهو ذكر وتنزيه مع عمل، ولهذا تسمى الصلاة تسبيحاً.
فإذا أريد التسبيح المجرد فلا معنى للباء، لأنه لا يتعدى بحرف جر، لا تقول: سبحت بالله، وإذا أردت المقرون بالفعل وهو الصلاة أدخلت الباء تنبيهاً على ذلك المراد كأنك قلت: سبح مفتتحاً باسم ربك أو ناطقاً باسم ربك، كما تقول صل مفتتحاً أو ناطقاً باسمه. ولهذا السر والله أعلم دخلت اللام في قوله تعالى: " سبح لله ما في السماوات والأرض " [الحديد: 1، الحشر: 1، الصف: 1]، والمراد التسبيح الذي هو السجود والخضوع والطاعة ولم يقل في موضع سبح الله ما في السموات والأرض كما قال: " ولله يسجد من في السموات والأرض " [النحل: 49]، وتأمل قوله تعالى: " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون " [الأعراف: 206]، فكيف قال: ويسبحونه لما ذكر السجود باسمه الخاص فصار التسبيح ذكرهم له وتنزيههم إياه.) انتهى
ـ[سليمان داود]ــــــــ[24 Jun 2004, 01:21 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي أبو مجاهد على هذا الجواب المفصل، ولكن أرجو منك أن
تتأمل معي قول ابن قيم الجوزية في تفسير قوله تعالى: (سبح باسم ربك العظيم):
قال: (كأنك قلت: سبح مفتتحاً باسم ربك أو ناطقاً باسم ربك، كما تقول صلي
مفتتحاً أو ناطقاً باسمه)
والمفهوم من ذلك: أن الأول أمر بافتتاح التسبيح باسم ربك العظيم، أو النطق به.
وأن الثاني أمر بافتتاح الصلاة باسم الله تعالى، أو النطق به.
فكيف يكون الأول (سبح) مضمنا معنى الصلاة؟؟؟ وكيف نترجم هذا القول النظري إلى
واقع ملموس، لكي يفهمه طلبة العلم من أمثالي؟؟؟
أرجو الإجابة مع الشكر
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 11:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
أنبه أولاً أن الفائدة التي ذكرها ابن القيم منقولة من كتاب قيم جداً، نقل ابن القيم عنه كثيراً في بدائع الفوائد، وهو كتاب: نتائج الفكر للإمام السهيلي.
ثانياً: قول ابن القيم [أو السهيلي]: (فإذا أريد التسبيح المجرد فلا معنى للباء، لأنه لا يتعدى بحرف جر، لا تقول: سبحت بالله، وإذا أردت المقرون بالفعل وهو الصلاة أدخلت الباء تنبيهاً على ذلك المراد كأنك قلت: سبح مفتتحاً باسم ربك أو ناطقاً باسم ربك، كما تقول صل مفتتحاً أو ناطقاً باسمه.) يؤخذ منه أن التسبيح له معنيان:
المعنى الأول: التسبيح المجرد، وهو تنزيه الله عن النقص بقول: سبحان الله.
المعنى الثاني: تسبيح يراد به تنزيه الله بالفعل، أو تسبيح داخل في فعل من الأفعال، كالصلاة مثلاً.
وكثيراً ما يطلق التسبيح ويراد به الصلاة كما روى البخاري في " صحيحه " عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى وإني لأسبحها.
فإذا أردت المعنى الأول قلت: سبح الله، أو سبح اسم الله، أي: نزهه سبحانه عن كل نقص.
وإن أردت المعنى الثاني: قلت: سبح باسم ربك، أي صل مضمناً صلاتك تسبيح الله وتنزيهه، أو: صل مفتتحاً صلاتك بالتسبح، فتقول في دعاء الاستفتاح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك ... .
ثالثاً: فائدة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة الأعلى: (وقوله: {اسم ربك الأعلى} قال بعض المفسرين: إن قوله {اسم ربك} يعني مسمى ربك؛ لأن التسبيح ليس للاسم بل لله نفسه، ولكن الصحيح أن معناها: سبح ربك ذاكراً اسمه، يعني لا تسبحه بالقلب فقط بل سبحه بالقلب واللسان، وذلك بذكر اسمه تعالى، ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} [الواقعة: 96]. يعني سبح تسبيحاً مقروناً باسم، وذلك لأن تسبيح الله تعالى قد يكون بالقلب، بالعقيدة، وقد يكون باللسان، وقد يكون بهما جميعاً، والمقصود أن يسبح بهما جميعاً بقلبه لافظاً بلسانه.)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[25 Jun 2004, 12:23 م]ـ
أستاذنا العزيز أبو مجاهد العبيدي
أشكرك على هذه التفاصيل، ولعموم الفائدة فقد قرأت هذه المقالة في جريدة أخبار العرب الاماراتية، وللفائدة سأضعها بين أيديكم وهي للباحث اللغوي محمد اسماعيل عتوك. وبالمناسبة هو يكتب أحيانا في منتدانا
وهذه المقالة:
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن الكريم - سر دخول الباء على لفظ الاسم في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:74 - 96]
لسائل أن يسأل: ما سرُّ دخول الباء على لفظ الاسم في الآية السابقة؟ ولمَ لمْ تدخل في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1]؟
أولاً- أجاب الفرَّاء عن ذلك بقوله:” قوله عز وجل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} و {بِاسْمِ رَبِّكَ} كل ذلك جاء، وهو من كلام العرب“ .. وتابعه في ذلك الإمام الطبري، فقال:” العرب تدخل الباء أحيانًا في التسبيح، وتحذفها أحيانًا“. واحتج بالآيتين السابقتين، وبقوله: سبَّح بحمدِ الله، وسبَّح حمدَ الله.
وأعرب ابن خالويه لفظ (اسم) من آية الأعلى مفعولاً به، ثم قال:” ولو قلت: سبح باسم ربك، لكان صوابًا، إلا أن القراءة سنة. ومثله: جزت زيدًا، وجزت بزيد. وتعلَّقت زيدًا، وتعلَّقت بزيد“.
وقال أبو حيان:” ويظهر أن (سبَّح) يتعدى تارة بنفسه؛ كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وتارة بحرف الجر؛ كقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} “.
وعلى ذلك يكون دخول الباء- هنا- وخروجها سواء؛ لأنه لا يغيِّر المعنى، ولا يخل به؛ ولهذا ذهب الشنقيطي إلى القول بأنها زائدة، فقال:” والظاهر أن الباء في قوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} داخلة على المفعول. وعليه فالمعنى: فسبح اسم ربك العظيم؛ كما يوضحه قوله في الأعلى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} “.
ولكن الشنقيطي لم ينس أن يعلل لزيادة هذه الباء بأنها مؤكدَّة، ثم قال:” وزيادة الباء للتوكيد قبل مفعول الفعل المتعدي بنفسه كثيرة في القرآن، وفي كلام العرب “. وعلى هذا القول جمهور العلماء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا- وحكى النحاس قول الفراء، الذي ابتدأنا به، ثم عقَّب عليه قائلاً:” إن كان قدَّر هذا على حذف الباء، فلا يجوز: مررت زيدًا، وإن كان قدَّره مما يتعدَّى بحرف وغير حرف فالمعنى واحد، فليس كذلك؛ لأن معنى {سبح باسم ربك}: ليكن تسبيحك باسم ربك. وقد تكلم العلماء في معنى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} بأجوبة كلها مخالف لمعنى ما فيه الباء“.
وأظهر هذه الأجوبة وأبينها- كما قال النحاس- قول من قال: المعنى:” نزِّه اسم ربك الأعلى، وبرِّئه من أن تنسبه إلى ما نسبه إليه المشركون؛ لأنه الأعلى. أي: القاهر لكل شيء. أي: العالي عليه“.
ثالثًا- أما الشيخ السهلي- رحمه الله- فقد ذهب في كتابه (نتائج الفكر في النحو) إلى أن التسبيح ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يراد به: التنزيه والذكر دون معنى يقترن به. والثاني: أن يراد به المتضمن لمعنى الصلاة.
فإذا كان المراد به التسبيح المجرَّد، فلا معنى لدخول الباء؛ لأنه لا يتعدى بحرف جر. وإذا كان المراد به المتضمن لمعنى الصلاة، أدخلت الباء بعده تنبيهًا على ذلك المعنى. فعلى هذا يكون معنى قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ}:
صلِّ باسم ربك. أي: مفتتحًا باسمه. وتابعه في هذا القول ابن قيم الجوزية، رحمه الله، في كتابه (بدائع الفوائد).
رابعًا- إذا تأملت ما قدمنا من أجوبة، وتدبرت الآيتين الكريمتين حق التدبر، تبين لك أن أوْلى هذه الأجوبة بالصواب هو جواب النحاس، الذي ذهب فيه إلى أن معنى قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}: ليكن تسبيحك باسم
ربك العظيم. أي: سبح ربك بذكر اسمه العظيم. أي: المنبىء عن عظمته جل جلاله، وهذا قول الأخفش تلميذ سيبويه، كما سيأتي.
وعلى هذا تكون الباء باء الاستعانة؛ وهي التي تدخل على آلة الفعل، وآلته- هنا- قوله تعالى: {اسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} آلة التسبيح. وهو كقولك: اضرب بالسيف، واكتب بالقلم.
فإذا ثبت ذلك، كان الفرق في المعنى ظاهرًا بين الآيتين الكريمتين. ولتوضيح ذلك نقول بعون الله وتعليمه: التسبيح في القرآن الكريم له معنى واحد، لا ثاني له؛ وهو تنزيه الله تعالى عما لا يليق بجلاله وكماله، وإثبات ما يليق بجلاله وكماله؛ لأن التسبيح- في اللغة- معناه: التبعيد من السوء، وأصله في اصطلاح الشرع: المرُّ السريع في عبادة الله تعالى؛ وهو من قولهم: سبَح في الكلام- بالتخفيف- إذا أكثر منه، والتشديد فيه للمبالغة.
ولهذا ينبغي ألا نخلط بين التسبيح، والصلاة من جهة، وبينه، وبين السجود من جهة أخرى، كما فعل الشيخ السهيلي، وابن قيم الجوزية، رحمهما الله. وما روي عن عائشة- رضي الله عنها- من قولها في صلاة الضحى:” إني لأسبحها “ لا يدل على أن المراد بالتسبيح الصلاة، وهو كقولهم:” قضيت سبحتي من الصلاة “.
وإنما جاز ذلك؛ لأن الصلاة مشتملة على التسبيح، فكل صلاة هي تسبيح، والعكس غير صحيح. أما تفسيرهم للتسبيح بمعنى الصلاة فهو من باب التجوُّز. ولهذا نجدهم يفسرون التسبيح في أغلب المواضع بمعنى الصلاة، وإن لم يكن مقترنًا بالباء؛ كقوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم:11]. قال الرازي:” اتفق المفسرون على أنه أراد بالتسبيح الصلاة، وهو جائز في اللغة “.
ولم يكتفوا بذلك؛ وإنما فسروا التسبيح المقترن باللام بمعنى الصلاة؛ كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} [النور:36]. قال الرازي:” اختلفوا في معنى التسبيح فيه، فالأكثرون حملوه على معنى الصلاة “.
خامسًا- يستعمل التسبيح في القرآن الكريم على وجهين: أحدهما: أن يكون مطلقًا. والثاني: أن يكون مقيَّدًا.
أ- فأما التسبيح المطلق فهو الذي يتعدى إلى المفعول بنفسه،؛ نحو قولك: سبَّح اللهَ يسبحه تسبيحًا. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف:206]. ومثله في ذلك قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}.
فالتسبيح في قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَهُ} وقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} تسبيح مطلق. الأول تعدى إلى ضمير الاسم (ربك)، والثاني إلى (اسم ربك). ومن الفروق بين التسبيحين:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - أن الأول يقع على المسبَّح- وهو المسمَّى (ربك)؛ لأن المراد به تنزيه ذات الله جل جلاله. وأما الثاني فيقع على الاسم، والمسمَّى معًا (اسم ربك)؛لأن المراد به تنزيه الاسم أولاً، وتنزيه المسمَّى ثانيًا.
2 - أن الأول تسبيح بالجنان، والثاني تسبيح باللسان والجنان؛ لأن التسبيح نوع من الذكر، والذكر- على الحقيقة- محله القلب؛ لأنه ضدُّ النِّسيان. فلو قيل: سبح ربك، لما فهم منه إلا التسبيح القلبي. ولمَّا كان المراد من التسبيح في آية
الأعلى: التسبيح باللسان والجنان، جيء بلفظ الاسم، تنبيهًا على هذا المعنى؛ حتى لا يخلو التسبيح من اللفظ باللسان، فصار معنى الآية: نزِّه اسم ربك بلسانك وقلبك مما نسبه إليه المشركون.
ب- وأما التسبيح المقيَّد فهو الذي يتعدَّى إلى المفعول باللام. ومنه قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد:1]. أي: سبح لله وحده، لا لغيره. فالتسبيح- هنا- مختصٌّ بذات الله جل جلاله. وهذا ما دلَّت عليه لام الاختصاص.
أما قوله تعالى: {فسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فهو من النوع الأول (التسبيح المطلق) الذي يتعدى إلى المفعول بنفسه؛ لأن معناه: نزِّه ربك بذكر اسمه المنبىء عن عظمته. والباء فيه للاستعانة، وما دخلت عليه هو آلة التسبيح.
وعلى هذا يكون الفرق بين قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}، وقوله تعالى: {فسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أن التسبيح في الأول واقع على (اسم ربك الأعلى)؛ لأنه مفعول التسبيح. أما التسبيح في الثاني فواقع على المفعول المقدَّر؛ لأن (اسم ربك العظيم) هو آلة التسبيح، والمعنى: سبِّح ربك بذكر اسمه المنبىء عن عظمته. والأول تسبيح باللسان، والجنان. والثاني تسبيح باللسان فقط.
ومن الثاني قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. أي: نزِّه ربك بذكر اسمه المنبىء عن عظمته. والباء للاستعانة، وما دخلت عليه آلة التسبيح.
ومثل ذلك يقال في الباء الداخلة على الحمد، في نحو قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:3]؛ لأن المعنى- على حد قول النحاس-:” ليكن تسبيحك بحمد ربك “، وعلى حد قول الأخفش:”
لتكن سبحتك بالحمد لله “. وقال في موضع آخر: ” يكون تسبيحك بالحمد؛ لأن التسبيح هو ذكر، فقال: يكون ذكرك بالحمد على ما أعطيتك من فتح مكة، وغيره. ويقول الرجل: قضيت سبحتي من الذكر“.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر- بعد نزول سورة النصر- من قوله:” سبحانك اللهم، وبحمدك. أستغفرك، وأتوب إليك “. أي: وبحمدك أسبحك؛ كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [الإسراء:44].
ولو قيل: وإن من شيء إلا يصلي بحمده، لكان غثًا من الكلام يأباه النظم الصحيح، والمعنى الفصيح .. والله تعالى أعلم بأسرار بيانه!
محمد إسماعيل عتوك(/)
درة التنزيل
ـ[ش. م]ــــــــ[21 Jun 2004, 09:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سمعت عن طبعة جديدة محقق لكتاب
درة التنزيل وغرة التأويل
لمحقق سعودي أخرجه في 3 أجزاء
علما بأني أمتلك نسخة من دار نشر لبنانية في مجلد واحد، بلا تحقيق أو تعليق
وُجد هذا الكتاب عندنا في معرض الكتاب الأخير في أواخر العام الميلادي الماضي
ولكني لم أحصل عليه
ولم أعرف اسم المؤلف أو دار النشر
هل منكم من يدلني على تلك المعلومات عنه بارك الله فيكم؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 07:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم؛ درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الأصبهاني المعروف بالخطيب الأسكافي
دراسة وتحيق وتعليق الدكتور: محمد مصطفى آيدين
في ثلاثة أجزاء طبع عام 1422 - 2001.
وهذه الطبعة ضمن سلسلة الرسائل العلمية الموصى بطبعها رقم 30 التي أصدرها معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى - مكة المكرمة.
وقد نال بتحقيقها درجة الدكتوراه من كلية الدعوة وأصول الدين: قسم الكتاب والسنة.
وهي موجودة بين يدي الآن.وقد استغرقت الداسة 214 صفحة من الجزء الأول.
ـ[ش. م]ــــــــ[25 Jun 2004, 10:01 م]ـ
جزاك الله خيرالجزاء يا أستاذ على ما تفضلت به من معلومات قيمة
هل يمكن أن أعرف كيف أحصل عليها فأنا لست من السعودية ولكن من بلد خليجي مجاور؟
ما عنوان الدار التي نشرته وهل يمكن أن ترسله لي بالبريد إن راسلتها؟(/)
موقف بعض المستشرقين من التراث المخطوط
ـ[موراني]ــــــــ[21 Jun 2004, 10:53 م]ـ
لا يستطيع المرء أن يخفي دهشته واستغرابه من موقف بعض الباحثين المستشرقين من تقييم المخطوطات في التراث الاسلامي القديم (وانا بصدد التراث الذي نشأ الى أواخر القرن الرابع الهجري فقط) ومعالجتها واعتمادمهم عليها في عدة دراسات معاصرة.
تدور هذه الدراسات عن المخطوطات القديمة وتقييمها رواية ودراية حول نقطة واحدة وهي: التساؤلات حول (مصداقية) هذه المصادر القديمة المخطوطة من ناحية مضمونها ونسبها الى مؤلفها في آن واحد من ناحية أخرى. أو بعبارة أصح:
هل يجوز أن ننسب كتابا ما الى مؤلفه المزعوم أم كان من المستحسن أن نسب هذا الكتاب الذي بين يدينا الى غيره , أي الى مؤلف آخر عاش بعد ذلك المؤلف المشكوك في صحته مؤلفا للكتاب في القرن الثاني الهجري ..............
أنا شخصيا أسمي هذه الدوائر من الباحثين المستشرقين ب (الشكوكيين) الذين
يشكّون بصحة ما بين يديهم من الوثائق القديمة التأريخية من حيث نشأتها وكتابتها في العصر المشار اليه في المخطوط نفسه بكل وضوح.
بعد نشر الأجزاء المتبقية من تفسير القرآن من الجامع لعبد الله بن وهب ظهرت هذه التساؤلات على ساحة الاستشراق مرة أخرى ومن جديد حول شخصية ابن وهب مؤلفا للكتاب من ناحية وحول ما جاء في ذلك الكتاب من تفسير الآيات بأسانيد مؤلفه (المزعوم). وكانت خلاصة القول لدى هؤلاء (الشكوكيين) انّ المخطوطات المعتمدة ترجع فعلا الى أواخر القرن الثالث الهجري اذ نجد فيها وقراءة مؤرخة على عام 290 الهجري في حلقة عيسى بن مسكين بالقيروان. ومن هنا لا بد أن ننسب كل ما جاء في هذا الكتاب من التفسير والأفكار حول معاني الآيات القرآنية الى ذلك العصر , اي الى أواخر القرن الثالث الهجري.
أما ابن وهب مؤلفا للكتاب في القرن الثاتي الهجري فانّ هذه المسألة موضوع الحوار والخلاف بين (الشكوكيين) وبين (الوضعيين) في دوائر المستشرقيين.
نظرا الى أنني اعتبر نفسي من (الوضعيين) في هذا الحوار بين الطرفين المذكورين فلم
يكن بد من الاجابة على ما ذكر هؤلاء من النقد على نسب هذا الكتاب ليس الى مؤلفه ابن وهب فقط بل الى ثمرات العلوم في التفسير في منتصف القرن الثاني الهجري وما قبله.
عندما ينطلق الطرف الآخر , أي (الشكوكيين) , من المبدأ أن كتابة التفسير والحديث ,
أو قل بمعنى آخر: كتابة العلوم الاسلامية بتة , لم تتم الا ما بعد عام 200 الهجري (نعم , هكذا!) فأنا أجيب عليهم بالنفي وأقول ان هناك عدة علامات ودلائل ضمن هذه المخطوطات القديمة النفيسة والفريدة تثبت عدم صحة رأيهم.
لقد قمت بالرد على هؤلاء الباحثين المستشرقين الكرام ووصلتني المسودة لهذا المقال التي قمت بتصحيحها قبل أيام. فينشر المقال بعد الاجراءات الطباعية في المجلة الاستشراقية في ألمانيا المسماة ب (الاسلام) هذا العام , وهي من أقدم وأشهر مجلات الاستشراقية منذ أكثر من 100 عام.
أما الدلائل الثابتة والحجج المقنعة التي تخالف آراء هؤلاء الشكوكيين في (مصداقية) التراث القديم النفيس في علوم التفسير فانها ستكون موضوعا للحلقة القادمة.
وفي هذه السطور لم أرد الا القاء نظرة سريعة على (الرأي المضاد) والموقف لدى هؤلاء من التراث القديم بصورة عامة.
احتراما
موراني
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[21 Jun 2004, 11:50 م]ـ
- هل من توضيح أكثر لمصطلحي:
(الشكوكيين)، و
(الوضعيين)؟
- وحبذا أضاءة أوسع على مجلة " الإسلام " الإستشراقية الألمانية، وأهم موضوعاتها، وأشهر المجلات من هذا القبيل.
مع شكري مقدماً.
ـ[موراني]ــــــــ[22 Jun 2004, 03:19 م]ـ
أبو بيان حفظه الله ,
أما الشكوكيون فقد استعرت العبارة من أهل القيروان اذ كان بين طائفتين منهم جدال حول مسألة الايمان وقال الفقيه ابن عبدوس وهو عاصر محمد بن سحنون في منتصف القرن الثالث:
أنا مؤمن عند الله , أنا مؤمن ان شاء الله
كما قال: أنا أدين بأني مؤمن عند الله في وقتي هذا ولا أدري ما يختم لي به
ولذلك سميت هذه الطائفة بالشكوكيين
أنظر ذلك على سبيل المثال في ترجمة محمد بن ابراهيم بن عبدوس في ترتيب المدارك للقاضي عياض اليحصبي.
أما أنا وأطلق هذه العبارة على هؤلاء المستشرقين الذين يشكون في وجود الأصول للكتب في القرن الثاني الهجري (كما جاء بيان ذلك أعلاه) كما يشكون بروايتها كتابة في القرن الثاني الهجري.
أما المصطلح (الوضعييون) وهم أصحاب الدراسات الموضوعية بغير ظن مسبّق في مادة الدراسة. مثلا الفلسفة تأخذ بهذا المصلح وتعني به النظر الموضوعي في الظواهر كما هي.
فيما يتعلق بالمجلات الاستشراقية , مثلا (الاسلام) فهي مجلة سنوية تصدر مرتين في العام ويحتوي أولا على دراسات حول الحضارة الاسلامية في ميادينها المختلفة بما في ذلك الدراسات العثمانية والفارسية , كما يحتوي في قسم كبير منها على تقديم الكتب التي صدرت حديثا في الاستشراق باللغات الأوروبية وعادة تخضع هذه الكتب للنقد ولا للتقديم فقط.
أما اللغات المسخدمة في هذه المجلات فهي الالمانية , الانجليزية , الفرنسية والاسبانية في العادة.
من أقدم المجلات في هذا الصنف: المجلة لجمعية المستشرقين الألمان التي صدرت لأول مرة في منتصف القرن 19 الميلادي. تصدر هذه المجلة مرتين في العام وتشمل الآن على أكثر من 300 مجلد وتحتوي على دراسات في الحضارات الشرقية عامة , أي على دراسات اسلامية , صينية , يابانية .... الخ.
وهناك مجلات أخرى مثل (عالم الشرق) فيها دراسات اسلامية وبابلية وأشورية
أما المجلة (عالم الاسلام)) , بفتح اللام في كلتى حالتين ,
فهي تتضمن دراسات حول القضايا المعاصرة في الأدب والشعر وحتى في السياسة.
وهذه المجلات كلها تحتوي في قسم كبير منها على تقديم الكتب الصادرة حديثا وعلى نقدها.
تقديرا
موراني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[22 Jun 2004, 09:53 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: أهل القيروان
أما المصطلح (الوضعييون) وهم أصحاب الدراسات الموضوعية بغير ظن مسبّق في مادة الدراسة. مثلا الفلسفة تأخذ بهذا المصلح وتعني به النظر الموضوعي في الظواهر كما هي.
موراني
بارك الله فيك.
ألم يكن الأصح أن يسموا
الموضوعيون
مجرد تساؤل!
ـ[موراني]ــــــــ[22 Jun 2004, 10:07 م]ـ
بارك الله فيك ,
الدراسة هي موضوعية
أما المذهب المشار اليه فهو يسمى ب (الوضعية) ويقيم المعرفة على الوقائع والتجربة. (انظر المعجم الوسيط. ج 2 , ص 1052 , القاهرة 1962.)
ومن هنا: أصحاب الوضعية هم (الوضعيون) ولهم دراسات موضوعية.
أما (الوضعييون) ففي العبارة زيادة الياء سهوا , فأعتذر ..............
احتراما
موراني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Jun 2004, 03:46 م]ـ
تحية لك يا أستاذ موراني:)
انا لي سؤال أعلم أنه من السخيف وضعه هنا و لكني لا أحب فتح مواضيع مستقلة لذا وددت وضعه هنا:
ما رأيكم و رأي مختلف الدوائر الاستشراقية في أعمال كريستوف لوكسنبيرج و منهجه في تفسير القرآن في كتابه
Die syro-aramäische Lesart des Koran: Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Koransprache
و ما رأيكم في النقد الذي وجهه له المستشرقان أنجليكا نيوويرث و فرانسوا دي بلوا في جريدة الدراسات القرآنية
Journal of Qur'anic Studies (2003, Volume V, Issue I).
و لو وددت سيادتك أن تجيبني في موضوع مستقل فتفضل بذلك و لك مني جزيل الشكر:)
ـ[موراني]ــــــــ[24 Jun 2004, 04:37 م]ـ
الدكتور هشام عزمي المحترم
شكرا لك على هذا السؤال!
حتى عنوان الكتاب المذكور يدل على أن ما جاء فيه لا يتمشى مع ما وصل اليه الاستشراق في تأريخه الطويل من النتائج!
ليس لهذا الكتاب مكان يذكر في الدراسات المعاصرة , بل مؤلفه ترك فيه معايير البحث الموضوعي وجاء بآراء لا يوافق عليها أحد تقريبا.
لم أقرأ النقد المذكور عليه الى الآن غير أنني أعلم موقف المستشرقة نويويرت من الكتاب كما أعرف دراساتها القيمة في علوم القرآن.
ملخص قولها الذي أنضم اليه أنا أيضا ان مؤلف الكتاب المذكور يدّعي بغير حق أنه هو وحده الذي يفهم القرآن ومن جاء قبله فلا يفهمون منه شيئا بل هم على الضلال.
وللأسف , دراسات من هذا النوع لا تنفع للاستشراق بل تلحق به ضررا.
تقديرا
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[24 Jun 2004, 05:52 م]ـ
لكي أضيف كلمة أخيرة على ما ذكرت أعلاه حول هذا الكتاب الغريب للمؤلف Luxenberg
وذلك لأهمية القضية:
المؤلف لا يدرّس في جامعة ألمانية ما
وليس له أي منصب في مجال الدراسات الاسلامية (الاستشراقية) في الكليات المعنية في ألمانيا.
وكما قلت في مناسبة أخرى: هذا الشخص في واد والاستشراق في واد آخر.
موراني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Jun 2004, 05:01 م]ـ
شكراً جزيلاً يا أستاذ موراني على التعليق و هو أفادني حقاً.
و لك مني أفضل تحية:)
ـ[موراني]ــــــــ[25 Jun 2004, 05:15 م]ـ
................. ويقال أيضا انّ الاسم Luxenberg اسم مستعار!
وان كان هكذا , فلا نحتاج الى دلائل أخرى حول كون هذا الشخص
بتحياتي الى مصر , (ام الدنيا)
موراني(/)
حجية تفسير الصحابي
ـ[محمد عزت]ــــــــ[22 Jun 2004, 07:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين و أصحابه الطاهرين الذين بلغوا عنه لمن بعدهم و حملوا هذا الدين و حملوه للناس فجازهم الله عنا خيراً
كنت قد قرأت كلاماً لفضيلة الشيخ بن العثميين في أصول التفسير عن منهج تفسير القرآن وكلامه في المرتبة الثالثة عن تفسير الصحابة رضوان الله عليهم و كنت قد سمعت من بعض العلماء عن منهج الحافظ بن كثير في التفسير و كيف التزم به في كتابة و عن تميز هذا المنهج الذي أعتمد فيه على التفسير بالمأثور بعد القرآن ومن ذلك أعتماده على تفسير الصحابة ومن بعدهم و أيضاً ينضم إلى ذلك كلام شيخ الإسلام بن تيمية و هو يتحدث عن التفسير بالنقل و ذكر أن النبي صلى الله عيه وسلم قد فسر القرآن كله للصحابة قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وذكر رحمه الله أن الصحابة فسروا القرآن للتابعين و تحدث عن قلة الاختلاف بين الصحابة في النفسير.
و قول الحاكم في التفسير من كتاب المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند.
و لكن هناك من العلماء من قال: أننا لا نسلم أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع إلا فيما كان من سبب نزول ونحوه , بل هو - في الغالب - فهم له في القرآن , كثيراً ما يعارضه غيره من الصحابة و لو كان كله مرفوع ما تعارض ولا أختلف
و كلام الإمام بن حزم و هو يرد على من أحتج بقول بن مسعود وغيره في أيه (و من الناس من يشتري لهو الحديث .......... )
: لاحجة في هذا من وجوه أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنا محتار في هذا الأمر فهناك تفسيرات أجتمع عليها الصحابيان بن عباس و بن مسعود و خالفهم فيها بعض المتأخرين!!
فهل تفسير الصاحبي حجة و هل في المسألة خلاف بين العلماء و من منهم القألين بعدم حجيته؟
أجيبوني جزاكم الله عني خيراً و خصوصاً بعد موضوع نقل بعض الحابة عن الإسرئليات الذي اثاره محمد الأمين
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 07:47 ص]ـ
**هل تفسير السلف حجة؟ **
بإمكاننا تقسيم تفسير الصحابي إلى الأقسام التالية:
1 - التفسير الذي فيه غيبيات في العقيدة:
فهذا كله حجة قاطعة، لأنه لا يحل لأحد أن يحدث بغير حديث صحيح مرفوع.
2 - التفسير الذي فيه أخبار الأمم السابقة وأخبار الفتن والملاحم وأشراط الساعة:
وهذا غالبه يكون حكمه حكم المرفوع. لكن قد يكون الصحابي قد أخذه من أهل الكتاب، فلا حجة فيه. ولا أعلم أنه ثبت عن صحابي قط أنه روى عن الإسرائيليات في التفسير ولم يُبيّن ذلك إلا عبد الله بن عباس، فقد أكثر من هذا الأمر. ولا أعرف لأحد من كبار الصحابة كعبد الله بن مسعود رواية عن أهل الكتاب.
3 - التفسير الفقهي واللغوي:
هناك خلاف مشهور حول حجية تفسير الصحابي سواء الفقهي أم اللغوي. ومن الأدلة على أن أقوالهم غير مُلزِمة هو اختلافهم في التفسير والفقه. وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد (4|263) قصة خلافٍ بين ابن عباس وابن مخرمة ثم قال: «وفي هذا الحديث من الفقه: أن الصحابة إذا اختلفوا، لم تكن الحجة في قول واحدٍ منهم إلا بدليلٍ يجِبُ التسليم له من الكتاب أو السنة. ألا ترى أن ابن عباس والمسوّر بن مخرمة –وهما من فقهاء الصحابة وإن كانا من أصغرِهِم سِنّاً– اختلفا، فلم يكن لِواحدٍ منهما حُجة على صاحبه، حتى أدلى ابن عباس بالسنة ففلج».
كما أن التابعين كانوا يفتون بحضرة الصحابة. ولم يثبت عن صحابي أنها نهى تابعي عن الإفتاء بحضرتهم، بل كان بعض الصحابة يحيل على التابعين، مثل ابن عباس وتلميذه عطاء. فترى التابعي يخالف الصحابي أحياناً في التفسير والفقه، فلا يستدرك الصحابي عليه ويقول أنا على الصواب لأني أنا صحابي وأنت تابعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
واتفق العلماء أن قول الصحابي أولى من غيره، وإن اختلفوا في حجيته. واتفقوا على أن ما أجمع عليه الصحابة من تفسير فهو ملزم لمن بعدهم. ولكن إثبات إجماع الصحابة عسيرٌ وصعب. ومن الأمثلة على الإجماع الثابت: أن عمر بن الخطاب t كان ينهى الإماء عن تغطية رؤوسهن ويضربهن على ذلك لأنهن يتشبهن بالحرائر. وفرض مثل هذا على الناس لا يكون في مسألة اجتهادية. بل لو كان كذلك لعارضه أحد الصحابة ممن يأبون ذلك على إمائهم، ولكان وصلنا هذا. فَلما لم يصِلنا قولٌ مخالفٌ له، ثبت الإجماع على أن آية الحجاب خاصة بالحرائر لا بالإماء.
4 - أسباب نزول الآيات:
قلنا أن هناك خلاف مشهور في حجية قول الصحابي في المسائل الفقهية، أما في أسباب النزول فقول الصحابي حكمه حكم الحديث المسند المرفوع إلى رسول الله r. و إجماع الصحابة على تفسير آية هو حجةٌ قاطعة. و لذلك احتج ابن العباس بهذا على الخوارج.
قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك «ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين (أي البخاري ومسلم): حديثٌ مُسند». وقال في موضع آخر من كتابه: «هو عندنا في حكم المرفوع». وهو لا يقصد التفسير بالرأي بل يقصد أن قول الصحابي في سبب النزول حجة قاطعة لا يجوز العدول عنها. لأنه لا يحدِّث في ذلك إلا إذا صح عنده حديثاً مرفوعاً أو شهد سبب النزول بنفسه. فقول الصحابي في أسباب النزول ليس اجتهاداً منه، وإنما هو شهادة منه غير متعلقة بالرأي.
هذا كله عن تفسير الصحابة. أما تفسير التابعين فما بعدهم فلا ريب أنه ليس بحجة في دين الله. جاء في كتاب الإرشاد للخليلي (1|396): قال شعبة: «رأي التابعين من قِبَلِ أنفُسِهم ريحٌ لا يُعتمَدُ عليه، فكيف في كتاب الله؟!».
منقول من: هنا ( http://www.ibnamin.com/tafsir_intro.htm) وهو موقع الأخ محمد الأمين الذي يكتب هنا في الملتقى.
وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=493)
ولابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان تعليق على قول الحاكم: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند"
قال ابن القيم: (وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير مَن بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علماً وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.)
وقد نص العلامة ابن باز رحمه الله على حكم تفسير الصحابي بقوله في فتوى عن حكم الغناء: (قال ابن مسعود في تفسير الآيه: "والله الذي لا إله الا هو إنه الغناء" وتفسير الصحابي حجه وهو في المرتبه في التفسير لأن التفسير له ثلاث مراتب: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنه، وتفسير القرآن بأقوال الصحابه، حتى ذهب بعض أهل العلم إلا أن تفسير الصحابي له حكم الرفع ولكن الصحيح أنه ليس له حكم الرفع وإنما هو أقرب الأقوال إلى الصواب.)
وأخيراً؛ أذكر أن للشيخ مساعد الطيار تفصيل حسن حول تفسير الصحابي ذكره عند كلامه عن مصادر التفسير، فلعله يذكره هنا أو يعلق بما يراه مناسباً.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 02:26 م]ـ
إكمالاً لما ذكره أخي الشيخ ابو مجاهد أحب أن أبين مراد الحاكم في تفسير الصحابي فأقول:
ذكرَ الحاكمُ رأيهُ في حكم تفسير الصحابي في مَوضعينِ مِن مستدركه (1/ 726) و (2/ 284) واختار قَوْلَهُ الزركشيُّ في البرهان (2/ 174).
وقد بيّن ابنُ القيمِ مُرَادَ الحاكمِ حيثُ قالَ:" أيْ أنّه في حُكْمِه في الاستدلال والاحتجاج، لا أنّه إذا قالَ الصحابي في الآية قولاً فلنا أنْ نقول: هذا القولُ قولُ الرسولِ، أو قالَ رسولُ الله. وله وجهٌ آخر، وهو أنْ يكونَ في حكم المرفوع بمعنى أنّ رسول الله بيّنَ لهم معاني القرآنِ وفسَّرهُ لهم كما وصَفَهُ تعالى بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: من الآية44)، فبَيَّنَ لهم القرآن بيانًا شافيًا، وكانَ إذا أشْكَلَ على أحدٍ منهم معنىً سألهُ عنه فأوضَحهُ له، فإذا نقلوا لنا تفسيرَ القرآنِ فتارةً ينقلونَ عنه بلفظه، وتارةً بمعناه فيكونُ ما فَسَّرُوا بألفاظهم مِن بابِ الرواية بالمعنى، كما يَرْوُونَ عنه السنّة تارةً بلفظها وتارةً بمعناها، وهذا أحسنُ الوجهين والله أعلم " (إعلام الموقعين 4/ 117).
وقالَ السيوطي معلقاً على قولِ الحاكم:" ما قالهُ الحاكمُ نازعهُ فيه ابن الصلاح (معرفة علوم الحديث صـ 50) بأنّ ذلك مخْصوصٌ بما فيه سبب النزول أو نحوه، مما لا مدخل للرأي فيه ثم رأيتُ الحاكم نفسه صرّح به في علوم الحديث (صـ 20) فقالَ:" ومِن الموقوفاتِ تفسيرُ الصحابةِ وأمّا مَن يقولُ: إنّ تفسير الصحابة مسندٌ، فإنّما يقول فيما فيه سببُ نُزولٍ ".
فقد خصَّص هنا وعمّمَ في المستدرك، فاعْتَمِدِ الأول والله أعلم " (الإتقان في علوم القرآن 2/ 1205).
ولذا ينبغي اعتماد ما في كتابه معرفة علوم الحديث وتخصيص عموم كلامه في المستدرك ليتبين رأي الحاكم رحمه الله , إذ هو أولى من توجيه كلامه كما هو صنيع ابن القيم رحمه الله.(/)
طلب موضوعات مقترحة لمرحلة الماجستير
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[22 Jun 2004, 02:08 م]ـ
الإخوة في هذا المنتدى الطيب المبارك سلمهم الله ووقاهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
يطيب لي أن أهنأ نفسي و زملائي على التفوق الذي حصلنا عليه خلال هذه السنة المنهجية لمرحلة الماجستير سائلا المولى أن يجعل ذلك التفوق عونا له على الطاعة وإن يجعلنا والقارئين مباركين أينما كنا.
معاشر الأحبة: إننا لا نستغني خلال هذه الفترة - خاصة فترة الإجازة - عن طرح الموضوعات المقترحة أو المخطوطات القيمة.
خاصة من قبل المختصين في هذا الملتقى المبارك، ونرجو أن يفعل مثل هذا الموضوع الهام بالنسبة لنا والحق يقال إننا لن نعدم من فائدة كلما قلبنا صفحات هذا الملتقى الطيب المبارك.
وختاما: لا يفوتنا أن نشكر أساتذتنا الفضلاء الذين نسأل الله أن يجعل ما قدموه لنا من نصح وتوجيه في ميزان حسناتهم إنه سميع مجيب.
ـ[ mohamadfa] ــــــــ[23 Jun 2004, 12:58 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب في مرحلة الماجستير والموضوع الذي أنوي العمل به إن شاء الله تحقيق مخطوط الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز ويسمى أيضا مجاز القرىن للعز بن عبد السلام
فأرجو من الإخوة الذين قاموا بإنجاز رسالئل في مجال التفسير إن كانوايستطيعون مساعدتي في التعرف على الاماكن التي توجد فيها نسخ كاملة لهذا المخطوط ان يقوموا بمراسلتي على عنواني البريدي:
mohamadfa@al-islam.com
وإن كان احد الإخوة يرى أن هذا المخطوط قد حقق فأرجو منه أن يدلني على النسخة المحققة ومن قام بتحقيقها
تقبلوا تحياتي وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jun 2004, 02:29 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نبارك لكم هذا التفوق ونسأل الله لكم التوفيق والعون. وقد سبق أن طرح أخي الكريم الشيخ أحمد البريدي موضوعاً لاقتراح الموضوعات المناسبة للبحث وهي على هذا الرابط
موضوعات مقترحة للرسائل العلمية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=155)
وموضوع آخر مماثل وهو
مخطوطات مقترحة للرسائل العلمية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=873).
أرجو أن يكون فيها ما يناسب للبحث، أو فكرة تفتح لكم باباً للبحث. وهي في حاجة إلى إعادة ترتيب وتهذيب لعل الله ييسر ذلك للأخ أحمد البريدي وفقه الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jun 2004, 05:26 ص]ـ
بين يدي الآن كتاب: الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز للإمام العز بن عبدالسلام بتحقيق: محمد بن الحسن بن إسماعيل.
طبعته دار الكتب العلمية عام 1416هـ
وقد ذكر المحقق في مقدمة الكتاب النسخ التي اعتمد عليها في التحقيق، وهي أربع نسخ.
والكتاب مطبوع متداول.
وقد ذكر الدكتور الزحيلي في كتابه العز بن عبدالسلام ص137 أن الطالب السيد عبدالسميع سجل رسالة ماجستير في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بنها بجامعة الزقازيق بمصر بعنوان: "دراسة كتاب الإشارة إلى الإيجاز " بإشراف الدكتور محمد زغلول سلام.
انظر مقدمة عبدالله عكاشة محقق كتاب: شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال للعز بن عبدالسلام ص27 - 28
ـ[ mohamadfa] ــــــــ[26 Jun 2004, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخي عبد الرحمن الشهري وأخي أبا مجاهد على هذه المعلومات التي أفدتموني بها
مع تمنياتي لكم بالنجاح والتوفيق في الحياة الدنيا والفوز بالجنة في الحياة الباقية
أخوكم
محمد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Jun 2004, 10:36 م]ـ
طُبع القسم الأول من الكتاب باسم مجاز القرآن، وهو بتحقيق الدكتور محمد مصطفى بن الحاج، والكتاب من منشورات كلية الدعوة الإسلامية بطرابلس ليبيا.
ـ[محمد تحسين طه]ــــــــ[09 Oct 2010, 08:26 ص]ـ
السلام عليكم
اخواني واساتذتي الكرام في ملتقى اهل التفسير
قدمت عنوان بحث لكليتي في شمال العراق وهو (الترابط اللفظي بين ايات القرآن الكريم، واثره على الوقف والتفسير، دراسة نظرية تطبيقية، من اول سورة الكهف الى آخر القرآن الكريم) قصدي من الترابط اللفظي ربط آخر الاية الاولى ببداية الاية الثانيةكقوله تعالى ((لعلكم تتفكرون * في الدنيا والاخرة ... )) فهل من نصيحة او توجيه(/)
موقع عن دراسات قرانيه، يرجى دخول المختصين
ـ[ابومعاذ]ــــــــ[22 Jun 2004, 02:10 م]ـ
السلام عليكم
أرسل لي أحد الاخوه تفسير لبعض الآيات القرآنيه على شكل دراساث (الرابط قي الاسفل) ومع متطقيية المحتوى توجد بعض الملاحظات على اسلوب الطرح .. لذا ارجو من الفضلاء الختصين المراجعة والتعليق حتى اكون على بينة من جدوى تمريره على امثالي من العوام ــ
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=derasat1
وجزيتم خيرأ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jun 2004, 06:43 م]ـ
أخي الكريم أبا معاذ وفقه الله
هذا الموقع اسمه (أسرار القرآن) وصاحبه هو الشيخ الكريم صلاح الدين عرفة. وهو يكتب معنا في ملتقى أهل التفسير باسم (الشيخ أبو أحمد). وهو موقع يحتاج الحكم عليه إلى تأمل ووقت. وقد أشار إليه كثيراً الشيخ أبو أحمد في مشاركاته هنا، رغبة في الاطلاع عليه والاستفادة منه كما يقول وفقه الله.
ونظراً لأن الدكتور مساعد الطيار قد وعدني بأن يقوم بالكتابة عن هذا الموقع بعد الاطلاع عليه بشكل كامل. فلعله يفعل ذلك قريباً إن شاء الله تلبية لطلب المشرف على الموقع الشيخ أبو أحمد وطلب العديد من الأعضاء.
أسأل الله التوفيق لكل العاملين لخدمة القرآن الكريم.(/)
"فوكزه موسى" هل ارتكب موسى كبيرة؟ وهل هي عمد أم خطأ؟؟؟
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[22 Jun 2004, 10:54 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
قال تعالى: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ.
* (1):حينما قتل موسى عليه السلام القبطي وانتشر الخبر أن موسى قتل القبطي، صار القوم يبحثون عنه ويريدون القبض على موسى وقتله قصاصا .. مع أن الظاهر أن موسى لم يقتل القبطي عمدا وانما خطئا فكيف يكون القصاص للقتل الخطأ؟؟؟؟
* (2):ويضاف أيضا أن موسى ندم على فعله وقال: " هذا من عمل الشيطان"وقال " رب اني ظلمت نفسي فاغفرلي" فهل ارتكب موسى كبيرة من الذنوب؟؟؟؟؟؟
أتمنى التوضيح والافادة وبارك الله في الجميع.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jun 2004, 07:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
انظر هنا ( http://www.islamonline.net/fatwa/arabic/FatwaDisplay.asp?hFatwaID=79659)
و هنا ( http://www.islamweb.net/php/php_arabic/readArt.php?lang=A&id=13441)
ـ[الجندى]ــــــــ[24 Jun 2004, 11:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك شبه من احد النصارى حول هذا الموضوع ايضاً ويقول الاتى
كيف تقولون ان ما فعله خطأ غير متعمد وقد حاول موسى اعادة الموضوع مرة اخرى؟ وليس بعد مده ... "لا" ... بل فى ثانى يوم!!!
هل لحق ان ينسى انه قتل نفس بالامس ليحاول قتل نفس جديدة فى اليوم التالى؟
كما ان محاولات التبرير ان "وكذه" كان بغير مقصد غريبة ... الم يكن يعلم انه ذو قوة مفرطة من قبل؟ اما كان اولى بدل ان "يوكذ" القبطى ان يفصل بينهما اما كان هذا اولى؟
كما ان الايه التى بعدها واضحه ... " فلما اراد ان يبطش بالذى هو عدو لهما " ... فهو هنا لم يدخل ليفض شجار بل دخل ليبطش ويقتل على الرغم من قتله نفس قبلها بيوم ومعرفته انه مفرط القوة ... فدخل هذه المره ليس ليوكز بل انظر الى التعبير "ليبطش" ... فاين توبته من فعلته الاولى؟
ولما رد عليه القبطى وقال ... " اتريد ان تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس ان تريد الا ان تكون جبارا فى الارض وما تريد ان تكون من المصلحين " ... وهذا يعنى ان من قتله موسى بالامس كان عن طريق انه بطش به ايضا.
فالنتيجة التى نصل اليها ... بما انه على حسب ما ذكر فى كتبكم انه فى اليوم الثانى دخل ليبطش بالعدو فما الذى يجعلنا نظن انه فى اليوم الاول لم يدخل ليبطش ايضا ففعلته فى اليوم الثانى هى نفس ردة فعله فى اليوم الاول؟
بل انه من المفترض ان رد فعله فى اليوم الثانى يكون اقل من اليوم الاول لانه علم قدر نفسه ... لكنه فى الثانية كان اشد من الاولى على الرغم من كل ما واجه اذن فما ادرانا انه فى الاولى لم يكن اشد بطشا ... هذا امر غير منطقى تماما!!!
كما ان لدى تساؤل من اين علمتم بعصمة الانبياء فعلى حسب علمى لا اذكر ايه تذكر هذا الامر على الاطلاق ... فمن اين اتت العصمة؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 12:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوي 4/ 319:
(القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف وحتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء , بل ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول .. )
"
وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: (قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولاسيما خاتمهم محمد معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل من أحكام. كما قال عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى فنبينا محمد معصوم في كل ما يبلغ عن الله من الشرائع قولا وعملا وتقريرا، هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم، وقد ذهب جمهور أهل العلم أيضا إلى أنه معصوم من المعاصي الكبائر دون الصغائر، وقد تقع منه الصغيرة لكن لا يقر عليها، بل ينبه عليها فيتركها، أما من أمور الدنيا فقد يقع الخطأ ثم ينبه على ذلك. كما وقع من النبي لما مر على جماعة يلقحون النخل فقال ما أظنه يضره لو تركتموه فلما تركوه صار شيصا، فأخبروه فقال عليه الصلاة والسلام: إنما قلت ذلك ظنا مني وأنتم أعلم بأمر دنياكم أما ما أخبركم به عن الله عز وجل فإني لم أكذب على الله رواه مسلم في الصحيح، فبين عليه الصلاة والسلام أن الناس أعلم بأمور دنياهم كيف يلقحون النخل وكيف يغرسون وكيف يبذرون ويحصدون.
أما ما يخبر به الأنبياء عن الله سبحانه وتعالى فإنهم معصومون من ذلك.
فقول من قال: إن النبي يخطئ فهذا قول باطل، ولا بد من التفصيل كما ذكرنا، وقول مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر- قول صحيح تلقاه العلماء بالقبول، ومالك رحمه الله من أفضل علماء المسلمين، وهو إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني، وكلامه هذا كلام صحيح تلقاه العلماء بالقبول، فكل واحد من أفراد العلماء يرد ويرد عليه، أما الرسول فهو لا يقول إلا الحق، فليس يرد عليه، بل كلامه كله حق فيما يبلغ عن الله تعالى، وفيما يخبر به جازما به أو يأمر به أو يدعو إليه.) انظر هنا ( http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01116)
وللاستزادة انظر هنا ( http://ar.fgulen.com/a.page/books/infinitelight/innocence/a455.html)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Jul 2004, 01:09 ص]ـ
بالله الذي لا إله إلا هو أستعين
قال الحكيم سبحانه في سورة الأنفال:
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {67} لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
فترتيب العذاب العظيم على ذلك الفعل يدل على أنه كبيرة من الكبائر
وتلك الآية صريحة في وقوع خير الأنبياء في "كبيرة" من كبائر الذنوب
فلندع العاطفة ولنتصارح، فما اختلاف سلفنا إلا خير دليل على أن ليس لدينا دليل صحيح صريح أن الأنبياء معصومون من الكبائر "وخاصة المنصوص على وقوعهم فيها "
وما كان الله ليضلنا إن تمكسنا بكتاب ربنا وسنة نبينا وعضضنا عليهما بالنواجذ
ولأن الله يقول ما فرطنا في الكتاب من شيء، فلعل تلك الشبهة قد ذكر أصلها الأكبر في القرآن، وذلك عندما عصم الكفرةُ الرسلَ أن يكونوا بشرا، بل اقترحوا أن تكون الرسل ملائكة، فرد الله عليهم كثيرا في القرآن
فلا ينبغي أن ننساق وراء شبهتهم لا من قريب ولا بعيد
وكما أنه ليس في إثبات وقوع الأنبياء _عليهم السلام _ في خطأ أو كبيرة ما يمنع من الاقتداء بهم
فكذلك ليس في إثبات وقوعهم في الكبائر _المنصوص عليها _ ما يحث على الوقوع في الكبيرة!
بل اثبات وقوعهم في الكبائر فيه ما يحث على التوبة منها كما تاب الأنبياء عليهم السلام منها
أما أولائك الكفرة المتتبعون لأخطاء الأنبياء فلا يجاب عليهم بنفي حدوث الخطأ! _وهو ما يسمى بالعصمة _
وإنما يجاب عليهم بإقرارنا بحدوث الخطأ، مع اقرارنا بشيء مهم وهو حصول التصويب من الله لأخطاء أنبيائه
وكما التزم الكفرة بإقرار الخطأ، فنلزمهم بإقرار تصويب الخطأ من الله
فالله سبحانه قد استدرك جميع أخطاء أنبيائه ثم صححها
فنحن آمنا بالخطأ مع التصويب
بينما الكفرة فرحوا بالخطأ وتناسوا التصويب
فاندحر أعداء الله واكتمل ديننا
وسلام على المرسلين
والحمد والفضل والمنة لله رب العالمين
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jul 2004, 06:06 ص]ـ
الأخ الكريم "أخوكم" وفقك الله
أرجو أن تعيد النظر في قولك: " وتلك الآية صريحة في وقوع خير الأنبياء في "كبيرة" من كبائر الذنوب "
لأنه لا دلالة صريحة في الآية على ما ذكرت، وراجع كتب التفسير حتى يكون قولك هذا مبنياً على يقين أو غلية ظن، ولا أظنه كذلك.
وانظر تفسير الرازي لهذه الآية، فقد ذكر أن الطاعنين في عصمة الأنبياء استدلوا بهذه الآية من وجوه، ثم رد عليها.
جاء في تفسير ابن عطية: (هذه آية تتضمَّن عندي معاتَبةً مِنَ اللَّه عزَّ وجلَّ لأصحاب نبيِّه عليه السلام والمعنى: ما كان ينبغي لكُمْ أَنْ تفعلوا هذا الفعْلَ الذي أوْجَبَ أن يكون للنبيِّ أَسْرَى قبل الإِثخان؛ ولذلك استمرَّ الخطابُ لهم بـ {تُرِيدُونَ} والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاءِ الرِّجَالِ وقْتَ الحَرْبِ، ولا أراد صلى الله عليه وسلم قَطُّ عَرَضَ الدنيا، وإِنما فعله جمهورُ مُبَاشِرِي الحَرْبِ، وجاء ذكْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الآية؛ مشيراً إِلى دخوله عليه السلام في العَتْبِ؛ حين لم يَنْهَ عن ذلك حين رآه من العَرِيشِ، وأنْكَره سعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، ولكَنَّه صلى الله عليه وسلم شَغَلَهُ بَغْتُ الأمر، وظهورُ النصر عن النهْي عن الاستبقاء ولذلك بكى هو وأبو بكر حين نزلت هذه الآية، .. )
وتأمل قول الطاهر بن عاشور في تفسيره لهذه الآية: (والكلام موجّه للمسلمين الذين أشاروا بالفداء، وليس موجّهاً للنبيء صلى الله عليه وسلم لأنّه ما فعل إلاّ ما أمره الله به من مشاورة أصحابه في قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159] لا سيما على ما رواه الترمذي من أنّ جبريل بلّغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخيّر أصحابه ويدلّ لذلك قوله: {تريدون عرض الدنيا} فإنّ الذين أرادوا عرض الدنيا هم الذين أشاروا بالفداء، وليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حظّ.)
إلى أن قال:
(والخطاب في قوله: {تريدون} للفريق الذين أشاروا بأخذ الفداء وفيه إشارة إلى أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام غيرُ معاتَب لأنّه إنّما أخذ برأي الجمهور .. )
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[22 Jul 2004, 03:07 م]ـ
اللهم إياك نعبد ونستعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أبو مجاهد بلغه الله مناه
=================
أولا: أما ما نقلته من كونها مجرد استشارة للرسول صلى الله عليه وسلم، ففضلا على أن سياق الآية لم يتطرق للحديث عن المشورة ومع ذلك ما كان ثبوت المشورة قط ليغير من كونها كبيرة _ فالاستشارة في الكبيرة كبيرة _
وما كان ثبوت المشورة ليغير من ثبوت أن ختام الآية_ الوعيد بالعقاب _ شاملا للرسول كما كان أولها كذلك ...
وإن شئتَ فدونك تفصيل ما سبق:
1 - فكثير من أهل العلم جعلوا الآية شاملة للرسول صلى الله عليه وسلم في تحريم الغنائم قبل الإثخان
2 - وجعلوا الآية شاملة للرسول صلى الله عليه وسلم في تحليل الغنائم له ولأمته
ومما يشهد لشمول الآية للرسول صلى الله عليه وسلم في الأمرين السابقين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (أحلت "لي" الغنائم) فالحديث يبين بجلاء بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مشمول بتحريم الغنائم ثم تحليلها.
3 - وجعلوا الآية شاملة للرسول صلى الله عليه وسلم من جهة أنه ممن شمله سبقُ الكتاب _ لولا كتاب من الله سبق _ وكيف لا وهو أحد من شارك في غزوة بدر!
فعلام نجعل الآية شاملة للرسول صلى الله عليه وسلم في الأمور الثلاث المذكورة في الآية وهي:
1 - تحريم الغنائم
2 - وسبق الكتاب
3 - وتحليل الغنائم
ثم نخرجه صلى الله عليه وسلم من الأمر الرابع وهو شمول خطاب الوعيد بالعقاب؟!!
========================
ثالثا: مما يشهد لظاهر تلك الآية بأنها شاملة للرسول صلى الله عليه وسلم أدلة منها
أما الحديث الأول
فرواه الحاكم وصححه الذهبي
وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: ... كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء ...
الحديث الثاني
رواه ابن أبي حاتم
وفيه قول سعد رضي الله عنه: ... فإنا أذنبنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبا ...
وقد أخرجه الحاكم أيضا ثم صححه وأقره الذهبي وصححه الحافظ في المطالب العالية وقال البوصيري رواه أسحاق بإسناد حسن
الحديث الثالث
الذي فيه بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوعيد بالعقاب
فإنه إن صح فذلك نور على نور
وإن لم يصح فهو مما يستأنس به ليشهد لمعنى صحيح كما رجح ابن القيم رحمه الله
ولعل أحدا من طلبة العلم يجتهد فيذكر لنا حكم إسناده
================
رابعا: لعلك تلحظ سوقي لأدلة، وليس سوقا لكلام علماء لأنهم اجتهدوا فاختلفوا فالمرجع الآن الكتاب والسنة، وهذا يذكرني بأن الكلام حتى وإن طال في تلك الآية فإنه لن يغير من وضوح ظاهرها وتفسيرها، بله عن غيرها من الآيات.
والمسألة على وضوحها فهي حساسة أيضا لذا لكم كنتُ أرجو أن لا أدون ردا بعد ردي السابق، إذ لعل السابق أنسب للمسلم والكافر على حد سواء
عسى الله أن يعفو عني وعنك وعن المؤمنين والمؤمنات، اللهم ارزقنا الخير كله واكفنا الشر كله
ـ[المقرئ]ــــــــ[24 Jul 2004, 03:22 ص]ـ
إلى الإخوة الفضلاء أهل التفسير والقرآن جعلنا الله منهم:
قبل أن أدخل في الموضوع:
قضية عدم عصمة الأنبياء لا تعني أن يكون النبي مثل واحد منا يخالط كثيرا من الكبائر والذنوب والخلاف من أصله هو ناتج عن بعض آحاد الوقائع التي وقع فيها بعض الأنبياء على خلاف في توجيهها فليس من المتصور أن يصطفى نبي باشر وأكثر من الذنوب والعصيان كما غيره ولهذا شيخ الإسلام ابن تيمية لما تكلم عن الخلاف في نبوة إخوة يوسف قال:
إن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء ما يناسب النبوة وإن كان قبل النبوة كما قال الله عن موسى " ولما بلغ أشده " وقال في يوسف كذلك ... فلو كانت إخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكرم وهو تعالى لما قص قصة يوسف وما فعلوا معه ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة ولا شيئا من خصائص الأنبياء بل ولا ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عن ذنبه دون ذنوبهم بل إنه حكى عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار ولا ذكر سبحانه عن أحد من الأنبياء لا قبل النبوة ولا بعدها أنه فعل مثل هذه الأمور العظيمة من عقوق الوالد وقطيعة الرحم وإرقاق المسلم وبيعه إلى بلاد الكفر والكذب البين وغير ذلك مما حكاه عنهم ... "
فكلامنا مع عصمة النبي تبقى في مسألة أو مسألتين
وكذلك في قول الله تعالى " يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم " وقد أطال المفسرون عند هذه الآية وتكلموا في تفسيرها بما يستحسن مراجعته في تفسير الظلم والاستثناء
ثم إن هذا العمل الذي عمله موسى كان قبل الوحي والأمر بتبليغ الرسالة
مع أن الآيات تحتاج إلى تأمل أكثر في كون هذه المسألة داخلة في الكبائر أم لا؟
المقرئ(/)
إطلاق قناة الفجر الفضائية الأولى المتخصصة بتلاوة القرآن الكريم وعلومه
ـ[الطالب المبتدئ]ــــــــ[23 Jun 2004, 08:21 ص]ـ
الوطن س/انطلقت شارة قناة الفجر الفضائية السعودية على القمر الصناعي نايل سات تمهيدًا لبدء البث التجريبي للقناة من مكة المكرمة في الخامس عشر من شهر رجب المقبل باعتبارها القناة الفضائية الأولى المتخصصة بتلاوة القرآن الكريم وعلومه. وتعتمد القناة على التنوع الثري لمادة القرآن الكريم ليظهر أمام جماهير المسلمين ولأول مرة مصحف مرئي. كما أن بثها سيكون متوفرًا لكل أنحاء العالم باللغة العربية فيما ستتم ترجمة معاني القرآن الكريم فيها إلى لغات أخرى مثل اللغة الإنجليزية والفرنسية في المستقبل، وتُعنى بنشر أحكام القرآن بأسلوب علمي مبسط يجمع بين تقنية الـ "جرافيك" المتميزة وأسلوب العرض التنويري، بعرض أمثال القرآن وأسباب النزول والآيات الكونية والعلمية. وقال وجدي بن حمزة الغزاوي مدير عام القناة عضو مجلس الإدارة، إن أبرز برامج القناة برنامج أحكام القرآن الذي تم إعداده بواسطة الرسوم المتحركة لتقريب الأحكام للصغار قبل الكبار. وتعرض القناة سلسلة من الأفلام الوثائقية المتميزة مثل تاريخ الكتابة على الألواح والمخطوطات وتاريخ كتابة القرآن، وغير ذلك من البرامج التي تثري معلومات المشاهد وتقرب المعلومة والحكم الشرعي إليه. كما أن التفسير سيعتمد على الصورة المبسطة التي تواكب الشرح الصوتي المرئي.
[ line]
حبذا لو كان بين الملتقى والقناة تنسيق في البرامج والمتخصصين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jun 2004, 04:22 م]ـ
بشرى سارة جزاكم الله خيراً. والشيخ وجدي غزاوي من أفضل من يقوم على مثل هذه المشروعات. وفقهم الله لكل خير.
ـ[الطالب المبتدئ]ــــــــ[12 Jul 2004, 03:04 م]ـ
س/ كيف يمكننا استقبال القناة؟ وهل هناك اشتراك أو جهاز محدد لها؟!
ج/ القناة مشاعة على الهواء ويمكن لمن يلتقظ إشارة القمر المصري النايل سات مشاهدة القناة دون الحاجة لجهاز خاص أو اشتراك محدد.
===
س/ لوحظ وجود نغمات موسيقية مع إشارة القناة الحالية؟
ج/ نؤكذ للجميع أن جميع الأصوات المصاحبة للقناة وبرامجها خالية تماماً من آلات المعازف ونحن نعتمد على دمج المؤثرات الصوتية في جهاز الكمبيوتر وخلطها مع الأصوات البشرية بالأوبرا المصرية ونسأل الله تعالى أن لا يكون بها بأس.
===
س/ لوحظ وجود نساء في العرض التجريبي للقناة؟ ما تعليقكم؟
ج/ ليس من سياسة القناة ولا نهجها حجب النساء عن الظهور طالما أنهن يلتزمن بالحجاب الشرعي ووفق معايير معتدلة، وسيتم إخراجهن في مراحل متقدمة من البث وفي الفترة الصباحية الخاصة بالنساء فقط، المهم أن سياسة القناة لا تمنع ظهور النساء وفق معاييرنا.
===
س/ ألا تخشون أن يفهم الناس أنكم قرآنيون وتنكرون السنة؟
ج/ المتتبع لبرامج القناة يلحظ التركيز الواضح على الأحاديث النبوية الصحيحة المرتبطة بالقرآن وعلومه وتفسير غريبه وبيان أحكامه، وفي ذلك أبلغ رد على هذا الوارد.
===
س/ هل هناك معايير لقبول القراء بالقناة؟
ج/ نعم، لابد أن تتوفر ثلاثة أمور في كل من يظهر على شاشتنا:
1. أن يكون من عموم أهل السنة والجماعة.
2. أن يكون حسن الصوت.
3. أن يكون متقنا في أدائه.
===
س/ لماذا لا تكون هناك برامج دينية ومحاضرات ومواعظ بجانب القرآن؟!
ج/ القناة متخصصة في القرآن الكريم وتلاواته وعلومه وفنونه، ونرى أن التخصص أنجح وأفضل، وعلى هذه القناعة قامت القناة وتأسست.
===
س/ متى تبدأ القناة بثها؟
ج/ سنبدأ بحول الله وقوته في البث التجريبي مع منتصف شهر رجب لعام 1425هـ ويبدأ البث الرسمي الفعلي مع غرة شهر رمضان المبارك.
===
س/ هل القناة خيرية أم تجارية؟ وهل تقبل التبرعات؟!
ج/ القناة دعوية خيرية من حيث المحتوى والمادة ولكنها تجارية من حيث المبدأ الإداري. أي أنها تعتمد على الرعاية والإعلان التجاري ورعاية البرامج وبيعها لقنوات أخرى أو طرحها في الأسواق، وعلى هذا الأساس تفتح القناة باب الإسهام التجاري للراغبين في امتلاك حصص من القناة.
أما بالنسبة للتبرعات فإن القناة لا تقبل الصدقات والزكوات وإنما تقبل الدعم المادي التشجيعي والهبات والأوقاف التي تدر دخلاً ثابتاً على القناة يمكن استغلالها لتطوير القناة وربما إخراجها بلغات متعددة.
===
س/ من يدقق القراءَات والتلاوات ويتأكد من صحتها وسلامتها؟
ج/ هناك لجنة من الأزهر يرأسها فضيلة الشيخ الدكتور أحمد المعصراوي شيخ مشايخ القراء المصريين، ويحضر تسجيل الحلقات بالتناوب مع أعضاء اللجنة، ولا يتم بث حلقة قرآنية إلا بعد إجازتها من أهل العلم والاختصاص.
===
س/ لماذا لا تنضم القناة ضمن باقة القنوات الإسلامية ليعم الخير والنفع؟
ج/ لا يخفى أن لكل قناة سياستها، والقنوات الإسلامية يكمل بعضها بعضاً وليس شرطاً أن ينضم الجميع في باقة واحدة، فربما كان من التسهيل على الخلق توفر خيارات، فمن لا يستطيع الاشتراك في قناة مشفرة قد يمكنه التقاط الأخرى المجانية والعكس صحيح، لذا نرى أن انفراد القنوات الفضائية الإسلامية بسياسات مختلفة في البث ظاهرة صحيحة ولها فوائدها، وهذا التفرد في حقيقته اندماج من نوع آخر، ولعل المستقبل القريب يحمل ترتيبات وتوجيهات تخدم ظروف الجميع.
===
س/ هل هناك لجنة علمية تراجع المادة العلمية؟!
ج/ يتولى الفريق العلمي بموقع المنبر على شبكة الإنترنت جمع وتحرير المادة العلمية المتعلقة بجميع علوم القرآن وفنونه، ويشرف على هذا الفريق المعروف بتميزه العلمي والمنهجي فضيلة الشيخ الداعية/ عبد العزيز بن داود الفايز.
موقع قناة الفجر ( http://www.fajr.tv/index.asp)(/)
فوائد للمستشرق ميكلوش موراني (الذي يكتب عندنا هنا باسم أهل القيروان)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[24 Jun 2004, 08:03 م]ـ
فوائد قيمة للدكتور ميكلوش موراني في عالم المخطوطات
انقر على الرابطين
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=20891
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2448
ـ[موراني]ــــــــ[24 Jun 2004, 09:39 م]ـ
الدكتور أنمار , حفظه الله ,
بارك الله فيك ,
غير أنني لا أرى خيرا في ابراز هذه (الفوائد ... كما تقولون) في الملتقى
وعلى الغرم من ذلك كم كنت سعيدا عندما رأيت الرابط بتصحيحات على تحقيقي للتفسير من الجامع لابن وهب! هناك أخطاء طباعية وهناك أخطاء تقع كلها عليّ بسبب اهمالي وبسبب قراءتي الخاطئة.
وكما كتبت في المقدمة:
الكمال غاية لا تدرك ....................
ومهما يكون من الأمر: الأخطاء (ومهما كان سببها) تدفعني الى اعادة طبع الكتاب ان شاء الله.
فان كانت هناك (فوائد ... كما تقولون) فهي التصحيحات على ما نشرت أنا وما أنا بصدد تصحيحها.
هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى أود الاشارة الى الموطأ لابن وهب:
الصحيح أن النسخة في مكتبة Chester Beatty ليست من الموطأ بل هو كتاب آخر كما ذكرت لأن الاشارات الى الموطأ لابن وهب في التراجم المذكورة لا تعني الا الكتب الفقهية لابن وهب
فاما بين يدينا في مكتبة Chester Beatty , واليوم محققا , فانه ليس من الكتب الفقهية , بل هو من كتب الحديث من الجامع لابن وهب.
تقديرا
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[24 Jun 2004, 09:51 م]ـ
الأخ أبو حنيفة , وفقه الله
لا غيب فيما قيل في هذا الرابط بل كل واضح:
عند تسجيلي في هذا الملتقى المتميز القيم قد اخترت الاسم المستعار (أهل القيروان)
أما توقيعي فهو اسمي الحقيقي
أما الجنسية فتراها في
location ألمانيا
وفي أسلوبي اللغوي أيضا تجد كثيرا مما يدل على انني لست من أهل الضاد ...
ربما فاتك شيء من هذه الأمور
ولك الخير والعافية
موراني
ـ[د. أنمار]ــــــــ[25 Jun 2004, 04:20 ص]ـ
عنيت هاتين الفائدتين، وهما في صميم العمل الدائب، الذي يميز المنتج المثابر عن غيره.
كاتب الرسالة الأصلية: أهل القيروان
الدكتور أنمار , حفظه الله ,
بارك الله فيك ,
غير أنني لا أرى خيرا في ابراز هذه (الفوائد ... كما تقولون) في الملتقى
================
السلام عليكم جميعا ,
لقد أضيف على هذه القائمة لعدة مخطوطات نادرة في مكتبات المغرب
السؤال التالي:
(لكن كيف السبيل للحصول عليها؟؟؟).
نعم يا أخي أبو اسحاق , هذا هو لب المسألة كلها!
لقد قمت في أبحاث في كل من القرويين والرباط ولم أتلق أى عراقل أو صعوبات في البحث.
وفي القرويين , عندما كانت المخطوطات في مكانها الأصلي في المدينة العتيقة قبل نقلها وتصويرها الى فاس الجديدة أتيحت الفرصة لي لكي أدرس هناك عددا كبيرا من المدونة لسحون فيها حواش قيمة تلقي أضواء جديدة على تتطور الفقه المالكي في المغرب والأندلس. غير أنني لم ألتق هناك بباحث واحد من أهل المغرب أثناء اقاماتي عبر السنوات.
وهناك أتساءل أنا: ما هو السبب لذلك؟
هناك امكانيات وفرص لتجاوز الصعوبات التي تواجهه الباحث في بدء أعماله بشرط أن يحضر المكتبة.
لقد قمت بزيارة خزائن أخرى , منها الزاوية الحمزاوية والزاوية الناصرية وجمعت هناك معلومات ومصورات من المخطوطات.
اذا: الامكانيات متاحة حتى ولو كانت في حدود معينة.
لقد التقيت بكثير من الباحثين بمناسبات عدة واستمعت الى علمهم الواسع حول المخطوطات النادرة وهم يقولون: هذا موجود في مكتبة كذا ,
وذلك في مكتبة كذا ... وهلم جرا!
أما الاجابة على السؤال اذ كانت عند فلان نسخة من المخطوط كذا من الخزانة كذا فهي في العادة:
(لا يوجد عندي منه شيء سمعت عنه فقط)
وهناك أتساءل مرة أخرى: لماذا لا تشدون الرحال الى هذا الخزائن المشهورة في البلاد بعد ما تمت الاجراءات والاستعدادات اللازمة لهذا الزيارات؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فيما يتعلق بتفسير الموطأ للقنازعي فعندي النسخة من الخزانة العامة بالرباط كما عندي نسخة مبتورة منه من القيروان (ربما بخط القنازعي أو املائه على تلميذه) , وفي هذا الاخير حواش كثيرة من تفسير الموطأ للبوني أيضا. لقد أعطيتهما للدكتور عامر حسن صبري (جامعة العين) وهو بصدد تحقيق النسختين واخراجهما قريبا كما أعلم.
الملحوظة: مخطوطات القرويين يتنقل مرة أخرى الى مكانها القديم بعد ما يتم ترميم المكتبة في المدينة القديمة , وذلك سيتم في شهر اكتوبر القادم , كما يقال ويزعم ...........
لكم تحياتي وتقديري
موراني
=============================
من نوادر المخطوطات في المكتبة البريطانية
من النوادر حقا ما عثرت عليه عام 1999 في المكتبة البريطانية عندما راجعت النسخ الموجودة للمدونة سحنون بن سعيد.
بين مجموعة من هذه المخطوطات على الرق هناك جزء كامل (حسب الفهارس الداخلية للمكتبة) من كتاب النذور الأول.
غير أن هذا الجزء سابق على المدونة ويحمل العنوان على ظهر الكتاب
بهذا الترتيب للسطور:
كتاب النذور من سما
ع ابن القاسم من مالك
بن أنس رواية سحنون بن
سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم
عن مالك بن أنس رحمت (!!!) الله عليه (1)
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم
مما حبسه محمد بن عيسى بن مناس على من يقول
بمذهب مالك بن أنس رضي الله عنه
وينتهي الكتاب كما يلي:
تم كتاب النذور والحمد لله على عونه واحسانه
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
وذلك في شهر صفر من سنة أربعة (!) وتسعين وثلاثمائة من التاريخ
وكتبته من كتاب أبي القاسم زياد بن يونس السدري وقابلته به وصححته عليه وقرأته على
أبي الحسن علي بن محمد بن مسرور الدباغ سنة أربعة (!) وأربعين وثلاثمائة.
ان الاشخاص المذكورين أعلاه من علماء القيروان ولهم تراجم في طبقات المالكيين.
هذا , وفي الجزء 21 ورقة على الرق من حجم كبير بخط قيرواني.
ومما لا شك فيه أن سحنون بن سعيد قد روى هذا السماع لابن القاسم بعد عودته من رحلته الى المشرق (وفسطاط) وقبل تأليفه المدونة والمختلطة بالقيروان.
والجدير بالذكر أن سحنون لا يذكر هذه المسائل في المدونة غير أنه راوي هذا الكتاب بل يذكر مسائل أخرى متشابهة فقط.
لقد وجدت عدة فقرات السماع في البيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد حرفا حرفا , ولم أعثر على كثير منها الى الآن.
ان هذا الكتاب الهام موضوع البحث والنشر في مشروعي المسمى ب (المكتبة الرقمية للمذهب المالكي) الذي جمعت فيه عددا كبيرا لا بأس به من امهات كتب المذهب المالكي من القرنين الرابع والخامس كلها على الرق في مكتبات الغرب الاسلامي.
.................................................. .
(1) ان كتابة رحمت بالتاء الطويلة من النوادر بالقيروان , ونجدها بكثرة في القطع المتوفرة على البردي (مصر). أما بالقيروان فتظهر هذه الكتابة في الجزء الخامس لمسند حديث مالك بن أنس لاسماعيل بن اسحاق القاضي (بتحقيقي , دار الغرب الاسلامي 1999) في حديث عائشة:
السلام عليك أيها النبي ورحمت الله .....
كذلك يظهر (رحمت) على ظهر كتاب المعونة لدرس مذهب عالم المدينة املاء القاضي عبد الوهاب بن علي رحمت الله عليه.
موراني
موراني(/)
(((كتاب أسرار الأسماء في القرآن الكريم)))
ـ[مدرس تفسير]ــــــــ[25 Jun 2004, 03:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتاب أسمه
كتاب أسرار الأسماء في القرآن الكريم
الموقع
نون للأبحاث والدراسات القرآنية ( http://www.islamnoon.com)
صورة غلاف الكتاب
http://www.islamnoon.com/Derasat/photos/book1.jpg
والكتاب مرفق
أو يمكن إنزاله من الموقع
ويوجد في الموقع كتب كثيرة ...
ـ[طارق حميدة]ــــــــ[14 Jul 2007, 08:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه القائمة النفيسة يا دكتور عبد الرحمن، وأعتذر عن الانقطاع الطويل بسبب الانشغال بأطروحة الماجستير وقد أنجزتها بحمد الله وعرّفت بها في الموقع وكتبت لكم عن الوحدة الموضوعية في سورة الكهف وبانتظار ملاحظاتكم القيمة، ونشكركم على تعريفكم بمركز نون للدراسات القرآنية وإصداراته
طارق حميدة(/)
سؤال عن كتاب المفردات للفراهي؟
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[25 Jun 2004, 09:45 ص]ـ
سألني أحدالإخوة عن كتاب مفردات القرآن للفراهي والحقيقة أنا لم أر الكتاب فمن اطلع عليه فليخبرنا من خبره
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 01:42 م]ـ
يمكنك فتح هذا الملف، ففيه بحث عن الكتاب الذي سألت عنه وفقك الله، مع العلم بأن للفراهي كتاب آخر سبق طرحه للمناقشة في حلقة نقاش على هذا: الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=125&highlight=%C7%E1%DD%D1%C7%E5%ED).
بحث عن كتاب المفردات للفراهي - للدكتور محمد أجمل الإصلاحي ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=93&book=802).
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[25 Jun 2004, 05:49 م]ـ
أشكرك أخي محمد وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jun 2004, 01:53 م]ـ
هذا الكتاب حققه الدكتور محمد أجمل الإصلاحي في مرحلة الدكتوراه. وقد نشرته دار الغرب الإسلامي عام 1423هـ في مجلد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jan 2009, 09:41 ص]ـ
يمكن تحميل نسخة مصورة من الكتاب من المكتبة الوقفية جزى الله القائمين عليها خيراً.
المفردات للفراهي ( http://www.waqfeya.com/book.php?bid=1694)(/)
موقف بعض المستشرقين من التراث المخطوط 2
ـ[موراني]ــــــــ[25 Jun 2004, 03:05 م]ـ
لكي أعود الى الموضوع الأصلي
أود أن الخّص قول الشكوكيين بين المستشرقين المعاصرين حول تحديد الزمني لنشأة
كتب التفسير لابن وهب التي بين يدينا في المكتبة العتيقة بخط يد عبد الله بن مسرور التجيبي (ت 346 بالقيروان).
يقول هؤلاء الشكوكيين ان هذه الأجزاء للتفسير ترجع الى أواخر القرن الثالث الهجري وذلك لأن ناسخ قد نسخه لنفسه في عام 290 الهجري في حلقة شيخه عيسى بن مسكين. أما نسبة الكتاب الى ابن وهب فهي موضوع الشك لديهم فسيأتي بيان ذلك فيما بعد.
مما لا شك فيه أن الناسخ قد اعتمد على نسختين للتفسير ابن وهب وذلك ليس عند مقابلته لهما فقط بل عند نسخ الأجزاء في آن واحد.
النسخة الأولى: نسخة سحنون بن سعيد (ت 240) أخذها من ابن وهب مباشرة أثناء رحلته الى المشرق وأثناْ اقامته في فسطاط قبل عودته الى القيروان عام 191 تقريبا.
النسخة الثانية: نسخة عيسى بن مسكين (ت 295) أخذها من أصحاب ابن وهب بمصر بروايتهم وبالاجازة كما يتبين ذلك من ترجمته.
أما الناسخ فانه يحيل على هاتين النسختين في كل من الهامش في المخطوط وفي أخره بقوله: قابلته بكتاب سحنون ....
قابلت بكتاب سحنون هذه النصف ......
وفي كتاب عيسى ......... الخ.
الشكوكيين لا يلتفتون انظارهم الى هذه الملحوظات الهامة ولا الى المقابلة في آخر الكتاب بل يعتبرونها أسانيد لرواية الكتاب ومن هنا يشكون في صحتها!
أو بأخرى: هذه الطائفة من الشكوكيين تتجاهل الاحالات على النسختين المذكورتين كما تتجاهل المقابلة أيضا تجاهلا تاما لم أقف على السبب لذلك حتى اليوم ....
وفي الرد على رأي هؤلاء المشتسرقين وزملاء الكرام أبرزت بعضا من الظواهر الهامة في هذه الأجزاء التي كتبها عبد الله بن مسرور لنفسه (يذكر التملك بخط يده على وجه الورقة الأولى قائلا: لعبد الله بن مسرور).
وليست هذه الظواهر ألا مجرد أخطاء وقع فيها الناسخ أثناء نسخه هذه الأجزاء التي بين يدينا اليوم. وهذا الخطأ قد يكون معروفا لدى الجميع (ما عدا تلك الطائفة من الشكوكيين!) وهو يسمى أحيانا بانتقال النظر في القراءة من كلمة أو جملة كاملة الى أخرى تحتها أو فوقها.
وقد عرف القدماء هذه الظاهرة أيضا , منهم ابن خلكان عندما تحدث عن (العبور من سطر الى سطر): أنظر: وفيات الأعيان , ج 4 , ص 183 (تحقيق احسان عباس). وأنظر أيضا الشرح اللطيف لهذه الظاهرة: المرشد الوثيق الى أمهات المذهب المالكي وقواعد التحقيق للدكتور حميد لحمر (أستاذ في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس , المغرب) , ص 82 و 83. فاس 2002.
ان هذه الظاهرة لا تسفر الا من مقارنة النص بنسخة أو نسخ أخرى التي يعتمد عليها الناسخ في مجرى نسخه كتابه في حلقة شيخه.
واليكم بعض من هذه الظاهرة عثرت عليها أثناء قراءتي للنص في نسخة عبد الله بن مسرور. وضعت الخطأ بين قوسين في النص:
وحدثني سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي (الجاهلون) نجيح عن مجاهد في قول الله:
الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا , قال: بالوقار والسكينة.
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا , قالوا سدادا من القول.
الخطأ بيّن! العبارة (الجاهلون) تأتي بعد سطر , وانتقل نظر الناسخ اليها عند كتابة اسم ابن أبي نجيح.
وأخبرني الحارث بن غالب بن عبيد الله عن مجاهد في قول الله:
وأيدناه بروح القدس ,
قال: القدس هو الله.
وأخبرني الحارث عن غالب عن مجاهد في قول الله: (وأيدناه بروح القدس , قال القدس)
وما كانوا يعرشون ,
قال يبنون المساكن.
الخطأ بين! كتب الناسخ نفس الفقرة مرتين , بما في ذلك الآية والكلمة الأولى من التفسير. ربما يرجع السبب لذلك الى أن كلتي الفقرتين تأتيان في نفس الرواية. وانتقل نظر الناسخ الى سطر ما فوق السطر الذي هو بصدده وتم التكرار.
وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال: أخبرني عبيد الله بن الصلت أن ابن اكواء سأل علي بن أبي طالب عن
فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ,
قال: هي الملائكة يدبرون ذكر الرحمن وأمره.
قال: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن (فَالْمُدَبِّرَاتِ) المنذر بن قيس أخبره ....
(يُتْبَعُ)
(/)
هنا أيضا تكرار لما جاء ذكره من قبل وهو العبارة (فَالْمُدَبِّرَاتِ) التي في السطر قبل السطر الذي الناسخ بصدده عند كتابة الاسناد الجديد في الفقرة الجدبدة.
أخبرني ابن مهدي عن الثوري عن عاصم بن بهدلة عن وائل بن ربيعة قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: شهادة الزور تعدل بالشرك بالله , ثم قرأ ابن مسعود هذه الآية:
(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ)
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.
قال: وأخبرني ابن مهدي عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية:
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ,
قال: هو اسماعيل , والعظيم المتقبل.
الخطأ بين! لقد انتقل نظر الناسخ الى السط الذي تحت السطر الذي هو بصدده عند كتابة التفسير عن ابن مسعود.
هذا وهناك أمثال أخرى لهذه الظاهرة.
ومن الملاحظ أنّ الناسخ لم يصحح هذه المواضيع في الهامش بل صححها في السطر نفسه , أي شطب العبارة أو الكلمات في السطر وواصل في كتابة النص الصحيح في نفس الموضع. ومعناه أنه لاحظ أثناء الكتابة مما وقع فيه من الخطأ ومحى الكلمة أو الكلمات على الفور.
ان هذه الأخطاء لا يمكن تفسيرها الا اذا اعتمد الناسخ على نسخة أخرى أو أكثر من نسخة , وهما في هذه الحالة: نسخة سحنون ونسخة عيسى بن مسكين.
ومن هنا: فانه من المسلم به أن النسختين المذكورتين كانتا متوفرتين في منتصف القرن الثالث الهجري وعليهما اعتمد عبد الله بن مسرور عند نسخ أجزاءه هو من التفسير لابن وهب. وذلك بعد مائة عام تقريبا بعد وفاة مؤلف الكتاب.
وترى هذه الطائفة من الشكوكيين أن الكتاب لا يمكن أن ننسبه الى عبد الله بن وهب باعتباره مؤلفا. بل , هذا التفسير يمكن أن نرى فيه ثمرة من ثمرات علوم التفسير في القرن الثالث الهجري ولا قبل هذه التأريخ.
أما الرد على هذا القول فسيأتي في الحلقة القادمة وهي الأخيرة فيما بعد.
موراني(/)
حمل تسجيلات نادرة للشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Jun 2004, 05:13 م]ـ
حمل تسجيلات نادرة للشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله
http://www.members.lycos.co.uk/alminsh/al-minsh.htm(/)
الفهرس العلمي لإتقان السيوطي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 Jun 2004, 12:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،
فكيف حال مشايخي الكرام على هذا الملتقى المبارك
أسأل الله تعالى أن تكونوا بخير حال،، لا سيما في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المملكة الآن، و أسأله تعالى أن يحفظكم من كل سوء و من ظلم الظالمين و عدوان المعتدين و أعوان المخنثين ... اللهم آمين
أعتذر لكم عن هذه الغيبة الطويلة عن هذا الملتقى المبارك؛ و ذلك لتوقفي خلال هذه الفترة عن الدراسة في علوم القرآن بسبب عدة اضطرابات أدخلت عليّ كالعمل و محاولة التوفيق بينه و بين الدراسة النظامية و الدراسة الحرة مما أدى حتما إلى التقصير في بعض جوانب الدراسة الحرة كانت هي ضحية هذه الاضطرابات ...
و لكن بفضل من الله تعالى و نعمة تم ضبط التوازن و استعدت منهجي ووردي مرة أخرى في هذا السفر العظيم ((الإتقان في علوم القرآن)) للإمام العظيم جلال الدين السيوطي ــ رضي الله تعالى عنه و أرضاه ــ
فرجعت إلى النصائح التي نصحني بها مشايخي و إخواني الكرام لأخلص إلى الغاية المجنية بعد دراسة هذا السفر العظيم،، فوجدت الكتاب يحوي فوائد أصولية و فقهية و لغوية و نحوية و تفسيرية كما يحوي أحكاما على الأحاديث و الآثار و يحوي الكثير من الإجماعات،، فرأيت أن كل هذه المواد العلمية لو جمعت بعد تفرق لتكون من كل منها سبيكة رائعة، لا سيما لو تم جعل كل منها فهرسا لجنس هذه المادة يلحق بآخر الكتاب بعد ذلك، فرأيت أن هذا أفضل ما يمكن أن أخدم به هذا الكتاب بعد أن خدمه كثير من الناس قبلي بالاختصارات و الفهرسة وغيرها ..
ثم بعد ذلك فالكتاب يحوي من اللطائف والفوائد و النكات ما لا يندرج تحت أي مما سبق ذكره و لا يمكن إهمالها، فجعلت لها موضوعا خاصا على الملتقى بعنوان ((الإحسان بفوائد و نكات الإتقان)) ... و أردت بقولي (الإحسان) المعنى اللغوي أي فعل ما هو حسن فقط دون المعنى الاصطلاحي أو العرفي ... لما يراه المطلع عليها إن شاء الله تعالى من الحسن و الخفة مع ثقل الفائدة ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و أما بالنسبة للفهرس .. فنظرا لصعوبة جعل موضوع خاص لكل مادة من مواد هذا الفهرس على هذا الملتقى فقد رأيت جمعها كلها متتالية حسب ورودها في الكتاب دون ترتيب و ضم كل فرع إلى مادته،،
و لكن رمزت إلى كل فرع برمز يرمز لمادته بحيث يسهل بعد ذلك جمع و ضم الفروع كل إلى مادته المذكورة سابقا، و يقوم السادة المشرفون بهذه المهمة، حيث يضمون النظير إلى نظيره أولا بأول، ليكتمل لنا الفهرس حين توفيق الله تعالى بالإتمام
و هاك الرموز //
أصول التفسير / صت
أصول الفقه / صف
الفقه / ف
النحو / ن
اللغة / غ الأحكام على الأحاديث و الآثار / ح
مواضع الإجماع / إجماع
الحكم و التعليلات / حكمة
مع العلم أني أؤجل ذكر مسائل الإجماع حتى يجتمع منها عندي عدد لا بأس به فأضعها جملة واحدة
وأسأل الله تعالى أن يعينني على إتمام الكتاب على هذه النهج و أن يرزقني البركة في الوقت و العمل .. آمين
تنبيه // أنا أدرس الكتاب ببطء لشغله حيزا قليلا من جدولي فصبرا إن شاء الله تعالى،، و مهما طالت المدة فأنا مستمر إن شاء الله تعالى
أخوكم المحب // محمد رشيد
كلية الشريعة الإسلامية
جامعة الأزهر
*************************************
1 ـ ف: قال القاضي أبو بكر في الانتصار: إنما يرجع في معرفة المكي و المدني لحفظ الصحابة و التابعين، و لم يرد عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك قول لأنه لم يؤمر به، و لم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة، و عن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ و المنسوخ فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول. 1/ 12
أقول ـ محمد رشيد ـ: هذا كلام من السيوطي رحمه الله تعالى و رضي عنه عن الحكم لمعرفة سبب النزول
&&&&&&&&&&&&&&&&&
2 ـ ح: حول حديث عمرو بن العلاء يقول: سألت مجاهدا عن تلخيص آي القرآن المدني من المكي فقال: سألت ابن عباس عن ذلك فقال: سورة الأنعام نزلت بمكة جملة .... الحديث
قال السيوطي // هكذا أخرجه بطوله و إسناده جيد رجاله كلهم ثقات من علماء العربية المشهورين. 1/ 13
&&&&&&&&&&&&&&&&&
(يُتْبَعُ)
(/)
3 ـ صت: قال السيوطي // و كذا قال ابن الحصار // كل نوع من المكي و المدني منه آيات مستثناة. 1/ 19
&&&&&&&&&&&&&&&&&
4 ـ ح: حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال (ما كان ياأيها الذين آمنوا أنزل بالمدينة، و ما كان يا أيها الناس فبمكة.)
قال السيوطي // و أخرجه أبو عبيد في الفضائل عن علقمة مرسلا
و قال أيضا // و قال ابن الحصار: و قد اعتنى المتشاغلون بالنسخ بهذا الحديث و اعتمدوه على ضعفه. 1/ 22
&&&&&&&&&&&&&&&&&
5 ـ صف: هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟ 1/ 39
&&&&&&&&&&&&&&&&&
6 ـ صت: يقول السيوطي نقلا عن الحاكم في علوم الحديث // إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند، و مشى على هذا ابن الصلاح و غيره. 1/ 41
&&&&&&&&&&&&&&&&&
7 ـ صت: قال السيوطي // قلت: و الذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ليخرج ما ذكره الواحدي في تفسيره في سورة الفيل من أن سببها قصد قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية. 1/ 42
&&&&&&&&&&&&&&&&&
8 ـ صت: قال السيوطي // ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل، فقد يقبل إذا صح المسند إليه و كان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد و عكرمة و سعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل آخر و نحو ذلك. 1/ 42
&&&&&&&&&&&&&&&&&
9 ـ ح: يقول السيوطي // و قال ابن حجر في شرح البخاري: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة و لكن كونها سبب نزول الآية غريب، و في إسناده من لا يعرف. 1/ 43
&&&&&&&&&&&&&&&&&
10 ـ ح: قال السيوطي // و أخرج الترمذي و ضعفه من حديث عامر بن ربيعة قال: كنا في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت. ــ يريد قوله تعالى ((فأينما تولوا فثم وجه الله)) ــ
ثم قال السيوطي عقبه مباشرة // و أخرج الدارقطني نحوه من حديث جابر بسند ضعيف أيضا. 1/ 43
&&&&&&&&&&&&&&&&&
11 ـ ح: قال السيوطي // وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لما نزلت ــ ادعوني أستجب لكم ــ قالوا: إلى أين؟ فنزلت. ــ يريد قوله تعالى ((فأينما تولوا فثم وجه الله))
قال السيوطي: مرسل. 1/ 43
&&&&&&&&&&&&&&&&&
12 ـ ح: قال السيوطي // و أخرج ـ يريد ابن جرير ـ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه، فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فنزلت ــ يعني الآية المذكورة سابقا ــ "
قال السيوطي // معضل غريب جدا. 1/ 43
&&&&&&&&&&&&&&&&&
13 ـ ح: قال السيوطي // و أخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس " أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم: أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا، فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا، فهم أن يؤجلها فنزلت ــ يعني قوله تعالى ((وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك)) ــ " هذا يقتضي نزولها بالمدينة، و إسناده ضعيف. 1/ 43
&&&&&&&&&&&&&&&&&
14 ـ حكمة: قال السيوطي نقلا عن الزركشي // و الحكمة في ذلك كله ــ أي في تكرار نزول الآية الواحدة ــ أنه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضي نزول آية و قد نزل قبل ذلك ما يتضمنها، فيوحى إلى النبي صلى الله عليه و سلم تلك الآية بعينها تذكيرا لهم بها و بأنها تتضمن هذه. 1/ 47
&&&&&&&&&&&&&&&&&
15 ـ صت: قال السيوطي نقلا عن البغوي بالمعنى // يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم.
ثم قال // كما قال ــ لا أقسم بهذا البلد و أنت حل بهذا البلد ــ فالسورة مكية و قد ظهر أثر الحل يوم فتح مكة. 1/ 48
&&&&&&&&&&&&&&&&&
16 ـ حكمة: قال السيوطي // و الحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلو بالتنزيل. 1/ 49
&&&&&&&&&&&&&&&&&
17 ـ صت: غالب القرآن نزل مفرقا. 1/ 49
&&&&&&&&&&&&&&&&&
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[27 Jun 2004, 12:05 ص]ـ
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 Jul 2004, 12:26 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
18 ـ ح: حول حديث ابن عمر مرفوعا في نزول سورة الأنعام جملة يشيعها سبعون ألف ملك .. يقول السيوطي: و أخرج الطبراني من طريق يوسف بن عطية الصفار و هو متروك ..
ثم قال: و أخرج عن عطاء قال: أنزلت الأنعام جميعا و معها سبعون ألف ملم. فهذه شواهد يقوي بعضها يعضا
ثم نقل عن ابن الصلاح قوله في فتاويه: الحديث الوارد في أنها نزلت جملة رويناه من طريق أبي بن كعب، و في إسناده ضعف، و لم نر له إسنادا صحيحا، و قد روي ما يخالفه، فروي أنها لم تنزل جملة واحدة، بل نزلت آيات منها بالمدينة اختلفوا في عددها ...
ثم ضعف السيوطي أيضا طريق البيهقي في الشعب و الطبراني عن أنس
و كذلك ما أخرج الحاكم و البيهقي من طريق جابر، قال الذهبي: فيه انقطاع و أظنه موضوعا
1/ 50
&&&&&&&&&&&&&&&&&
19 ـ ح: يقول السيوطي حول نزول القرآن أولا إلى بيت العزة بالسماء الدنيا / أسانيدها كلها صحيحة
و يقول في الحديث الذي أخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس في نفس المعنى / إسناده لا بأس به ... 1/ 53
&&&&&&&&&&&&&&&&&
20 ـ حكمة: السر في إنزال القرآن جملة إلى السماء / تفخيم أمره و أمر من نزل عليه 1/ 54
&&&&&&&&&&&&&&&&&
21 ـ حكمة: السر في إنزال القرآن منجما هو تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه و سلم
و يكون أدعى للقبول لما في من التدريج 1/ 55 ـ 57
&&&&&&&&&&&&&&&&&
22 ـ صف: سكوته تعالى في موضع البيان دليل على الإقرار 1/ 56
&&&&&&&&&&&&&&&&&
23 ـ ح: ضعف السيوطي طريق حديث علي (أنزل القرآن خمسا خمسا إلا سورة الأنعام، و من حفظ خمسا خمسا لم ينسه) 1/ 57
&&&&&&&&&&&&&&&&&
24 ـ ح: حول حديث ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا (إذا تكلم الله بالوحي أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيفزعون و يرون أنه من أمر الساعة)
قال السيوطي: وأصل الحديث في الصحيح 1/ 58
&&&&&&&&&&&&&&&&&
25 ـ صف: تجوز رواية السنة بالمعنى لأن جبريل أداها بالمعنى 1/ 59
&&&&&&&&&&&&&&&&&
26 ـ حكمة: السر في المنع من قراءة القرآن بالمعنى أن المقصود منه التعبد بلفظه و الإعجاز به 1/ 59
&&&&&&&&&&&&&&&&&
27 ـ حكمة: الحكمة في تقدم صوت صلصلة الجرس على الوحي أن يفرغ سمعه للوحي فلا يبقى فيه مكانا لغيره 1/ 59
&&&&&&&&&&&&&&&&&
28 ـ ح: حول ما أخرجه الحاكم و البيهقي عن زيد بن ثابت مرفوعا (أنزل القرآن بالتفخيم) كهيئته ـ عذرا ـ نذرا ـ الصدفين ـ ألا له الخلق و الأمر .. نقل السيوطي عن ابن الأنباري في الوقف و الابتداء أن المرفوع منه (أنزل القرآن بالتفخيم)، و الباقي مدرج من كلام عمار بن عبد الملك و هو أحد الرواة
&&&&&&&&&&&&&&&&&
29 ـ ح: يقول السيوطي حول حديث نزول القرآن على سبعة أحرف: و قد نص أبو عبيدة على تواتره 1/ 61
&&&&&&&&&&&&&&&&&
30 ـ ح: أورد السيوطي حديث الطبراني و أحمد من حديث أبي بكرة في استزادة النبي صلى الله عليه و سلم لجبريل حتى بلغ سبعة أحرف .. ثن قال السيوطي: هذا اللفظ رواية أحمد و إسناده جيد 1/ 62
&&&&&&&&&&&&&&&&&
31 ـ غ: يقول السيوطي: أمهات الهجاء الألف والباء والجيم والدال والراء والسين والعين لأنها تدور عليها جوامع كلام العرب 1/ 66
&&&&&&&&&&&&&&&&&
32 ـ غ: الكتاب لغة: الجمع 1/ 67
&&&&&&&&&&&&&&&&&
33: غ: لفظة (القرآن) اختلف فيها بين الاشتقاق فلا يكون مهموزا
و قال بعضهم هو مشتق من قرنت الشيء بالشيء
و قال الفراء هو مشتق من القرائن
&&&&&&&&&&&&&&&&&
34 ـ غ: إطلاق المصدر على الفاعل يدل على المبالغة 1/ 68
&&&&&&&&&&&&&&&&&
35 ـ غ: (الذكر) / الشرف
قال تعالى {و إنه لذكر لك و لقومك} 1/ 68
&&&&&&&&&&&&&&&&&
36 ـ غ: (الحبل) / السبب 1/ 68
&&&&&&&&&&&&&&&&&
37 ـ ف: لا يجوز الآن أن يطلق على القرآن توراة أو إنجيلا، و إن سمي في التوراة و الألواح توراة و إنجيلا 1/ 69
&&&&&&&&&&&&&&&&&
38 ـ غ: (السورة) قال العتبي: تهمز و لا تهمز ... فمن همزها جعلها من أسأرت أي أفضلت، من السؤر و هو ما بقي من الشراب في الإناء
و منهم من يشبهها بـ (سورة البناء) أي القطعة منه
و قيل / من سور المدينة .. لإحاطتها بآياتها و اجتماعها كاجتماع البيوت بالسور
(يُتْبَعُ)
(/)
و قيل / لارتفاعها لأنها كلام الله، و السورة: المنزلة الرفيعة
&&&&&&&&&&&&&&&&&
39 ـ صت: في حد (السورة) قال الجعبري / قرآن يشتمل على آي ذي فاتحة و خاتمة، و أقلها ثلاث آيات.
و قال غيره / السورة الطائفة المترجمة توقيفا، أي المسماة باسم خاص بتوقيف من النبي صلى الله عليه و سلم
&&&&&&&&&&&&&&&&&
40 ـ ح: حول ما رواه الطبراني و البيهقي عن أنس مرفوعا في النهي عن قول سورة البقرة و سورة آل عمرن و سورة النساء و إنما نقول / السورة التي يذكر فيها كذا ...
يقول السيوطي / و إسناده ضعيف، بل ادعى ابن الجوزي أنه موضوع. و قال البيهقي: إنما يعرف موقوفا على ابن عمر، ثم أخرجه ـ أي البيهقي ـ عنه بسند صحيح 1/ 69
&&&&&&&&&&&&&&&&&
41 ـ ف: لم يكره الجمهور أن يقال / سورة البقرة و سورة النساء و سورة كذا 1/ 70
&&&&&&&&&&&&&&&&&
42 ـ صت: كثرة الأسماء دالة على شرف المسمى 1/ 70
&&&&&&&&&&&&&&&&&
43 ـ ف: كره ابن سيرين أن تسمى الفاتحة أم الكتاب، وكره الحسن أن تسمى أم القرآن ووافقهما تقي الدين بن مخلد، لأن أم الكتاب هو اللوح المحفوظ، و روى فيه حديث لا يصح (لا يقولن أحدكم أم الكتاب و ليقل أم القرآن)، و قد صح من حديث أبي هريرة مرفوعا كما في الدارقطني و صححه تسميتها بأم القرآن و أم الكتاب 1/ 70
&&&&&&&&&&&&&&&&&
44 ـ ح: يقول السيوطي حول حديث (لا يقولن أحدكم أم الكتاب و ليقل فاتحة الكتاب): هذا لا أصل له في شيء من كتب الحديث، و إنما أخرجه ابن الضريس بهذا اللفظ عن ابن سيرين فالتبس على المرسي 1/ 70
&&&&&&&&&&&&&&&&&
45 ـ ح: في سنن الدارقطني و صححه من حديث أبي هريرة مرفوعا (إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم القرآن و أم الكتاب والسبع المثاني) 1/ 70
&&&&&&&&&&&&&&&&&
46 ـ ح: أخرج ابن جرير عن عمر قال (السبع المثاني فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة) و سنده حسن 1/ 71
&&&&&&&&&&&&&&&&&
47 ـ غ: (سنام) كل شيء (أعلاه) 1/ 71
&&&&&&&&&&&&&&&&&
48 ـ غ: (المقشقشة) أي / المبرئة من النفاق 1/ 72
&&&&&&&&&&&&&&&&&
49 ـ ح: روى البيهقي عن ابن عباس مرفوعا أن الكهف تدعى في التوراة (الحائلة) و قال ـ أي البيهقي ـ: إنه منكر. 1/ 72
&&&&&&&&&&&&&&&&&
50 ـ ح: روى البيهقي عن أبي بكر مرفوعا: سورة يس تدعى في التوراة المعممة .. و المدافعة و القاضية .. الحديث
و قال ـ أي البيهقي ـ: إنه حديث منكر 1/ 72
&&&&&&&&&&&&&&&&&
51 ـ ح: روى البيهقي عن ابن عباس أن (ق) تدعى في التوراة المبيضة
و قال ـ أي البيهقي ـ: إنه منكر 1/ 73
&&&&&&&&&&&&&&&&&
52 ـ ح: تسمى سورة النساء القصرى، و كذا سماها ابن مسعود، أخرجه البخاري و غيره، و قد أنكره الداودي: لا أرى قوله القصرى محفوظا .. قال ابن حجر: و هو رد للأخبار الثابتة بلا مستند 1/ 73
&&&&&&&&&&&&&&&&&
53 ـ غ: العرب تراعي في كثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب، يكون الشيء في خلق أو صفة، أو تكون معه أحكم أو كثر أو أسبق لإدراك الرائي للمسمى، و يسمون الجملة من الكلام و القصيدة الطويلة بما هو اشهر فيها، و على ذلك جرت أسما سور القرآن 1/ 74
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Jul 2004, 10:27 م]ـ
54 ـ ح: حول حديث علي (لما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم آليت ألا آخذ عليّ ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن فجمعته)
قال السيوطي: قال ابن حجر: هذا الأثر ضعيف لانقطاعه. 1/ 77
&&&&&&&&&&&&&&&&&
55 ـ ح: قال السيوطي فيما أخرجه أبو داوود في أن عمر أول من جمع القرآن في المصحف: إسناده منقطع. 1/ 77
&&&&&&&&&&&&&&&&&
56 ـ ح: قال فيما أخرجه ابن أشتة في كتاب المصاحف في أن أول من جمع المصحف سالم مولى أبي حذيفة: إسناده منقطع أيضا. 1/ 77
&&&&&&&&&&&&&&&&&
57 ـ ح: قال فيما أخرجه أبو داوود أن أبا بكر قال لعمر و لزيد: اقعد على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه: رجاله ثقات مع انقطاعه. 1/ 77
&&&&&&&&&&&&&&&&&
58 ـ ف: قال الحارث المحاسبي في كتاب فهم السنن: كتابة القرآن ليست بمحدثة. 1/ 78
&&&&&&&&&&&&&&&&&
59 ـ ف: يقول السيوطي في معرض كلامه على ترتيب آي القرآن: ما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ على خلافه، فبلغ ذلك مبلغ التواتر. 1/ 81
&&&&&&&&&&&&&&&&&
60 ـ صت: يقول: ترتيب النزول غير ترتيب التلاوة. 1/ 82
&&&&&&&&&&&&&&&&&
61 ـ صت: يقول: فكانت السورة تنزل لأمر يحدث والآية جوابا لمستخبر. 1/ 82
&&&&&&&&&&&&&&&&&
62 ـ ف: يقول السيوطي: ترتيب السور في القراءة ليس بواجب. 1/ 84
&&&&&&&&&&&&&&&&&
63 ـ ف: حكى السيوطي القول الثاني عشر في تحديد المفصل من سور القرآن بأنه من الضحى إلى آخر القرآن، ثم قال: حكاه الخطابي، ووجهه بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير. 1/ 85
&&&&&&&&&&&&&&&&&
64 ـ ف: يقول السيوطي: أخرج ابن أبي داوود في كتاب المصاحف عن ابن عمر أنه ذكر عنده المفصل فقال: و آي القرآن ليس بمفصل، و لكن قولوا قصار السور و صغار السور. و قد استدل بهذا على جواز أن يقال سورة قصيرة و صغيرة، و قد كره ذلك، و رخّص فيه آخرون، ذكره ابن أبي داوود، و أخرج عن ابن سيرين و أبي العالية قالا: لا تقل سورة خفيفة، فإنه تعالى يقول ــ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ــ و لكن سورة يسيرة. 1/ 85
&&&&&&&&&&&&&&&&&
65 ـ حكمة: الحكمة في تسوير القرآن:
تحقيق كون السورة بمجردها معجزة و آية من آيات الله. 1/ 87
&&&&&&&&&&&&&&&&&
66 ـ حكمة: يقول السيوطي في الحكمة في جعل السور طوالا و قصارا:
تنبيها على أن الطول ليس من شرط الإعجاز، فهذه سورة الكوثر ثلاث آيات و هي معجزة إعجاز سورة البقرة، ثم ظهرت لذلك حكمة في التعليم و تدريج الأطفال. 1/ 87
&&&&&&&&&&&&&&&&&
67 ـ ف: يقول السيوطي: القراءة في الصلاة بسورة أفضل. 1/ 88
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Jul 2004, 10:38 م]ـ
أرجو من السادة المشرفين ترتيب هذا الفهرس و ضم متفرقاته
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jul 2004, 12:13 ص]ـ
أخي محمد وفقك الله وزادك علماً وفقهاً.آمين
جهد مشكور، فواصل وصلك الله بفضله
واعلم أن من الإحسان: إتمام الإحسان ..
وقد أحسنت بوضع هذا الفهرس لفوائد الإتقان، فأتم إحسانك بترتيبه حسب الموضوعات والفنون لتتم الفائدة، ويسهل الانتفاع به.
وفقك الله(/)
مصحف مخطوط
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[26 Jun 2004, 12:13 ص]ـ
http://www.cyberegypt.com/quraan/content1.htm(/)
طلب تفسير آية ..... أرجو الرد سريعا ...
ـ[معاوية]ــــــــ[26 Jun 2004, 01:07 م]ـ
أرجو من الإخوة الرد سريعا على هذا السؤال ..
نقل بعض الإخوة سابقا إستدلال الشيخ حمود التويجري بقوله تعالى (إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا) على أن الأرض لا تتحرك فى الفضاء ...
هل من مناقش لهذا اللإستدلال؟
ـ[معاوية]ــــــــ[27 Jun 2004, 12:36 م]ـ
هل من مجيب يا اخوة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jun 2004, 01:34 م]ـ
أخي الكريم. قد يكون هذا في كتاب الشيخ رحمه الله الذي كتبه في الرد على أهل الهيئة الجديدة - كما سماهم - ولعلي أراجعه وأجيبك. وسؤالي: أين (نقل بعض الإخوة سابقا إستدلال الشيخ حمود التويجري)؟ هل تعني في هذا الملتقى؟
ـ[الفقير الى ربه]ــــــــ[27 Jun 2004, 08:55 م]ـ
نعم اخى و أستاذى الفاضل عبد الرحمن ..
النقل كان فى هذا الملتقى .. و هو على ما أذكر الأخ الكريم (فرغلى عرباوى) ..
و جزاك ألله خيرا يا شيخنا ...
ـ[الفقير الى ربه]ــــــــ[30 Jun 2004, 09:27 م]ـ
للرفع
ـ[معاوية]ــــــــ[04 Jul 2004, 07:21 ص]ـ
هل من مجيب يا اخوة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[04 Jul 2004, 07:41 ص]ـ
أخي معاوية
علماء الفيزياء يفهمون هذه الآية وفقا لقانون الجاذبية والعلاقة بين الكتلة والمسافة وقوة الطرد والجذب ... إلى آخره.
فلو لم يكن هذا القانون الذي خلقه الله بحسبان لزالت الكواكب والنجوم من أفلاكها، وقانون الجاذبية هو الذي يمسك الأجرام أن تزول أو أن تصطدم ببعضها.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[08 Sep 2009, 10:48 م]ـ
قوله تعالى {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} قال القرطبي رحمه الله في "تفسير ه" 14/ 356ـ 357 وأن: في موضع نصب بمعنى كراهة أن تزولا أو لئلا تزولا أو يحمل على المعنى لأن المعنى أن الله يمنع السماوات والأرض أن تزولا فلا حاجة على هذا إلى إضمار وهذا قول الزجاج …إلى أن قال وقيل المراد بزوالهما يوم القيامة وعن إبراهيم قال دخل رجل من أصحاب بن مسعود إلى كعب الأحبار يتعلم منه العلم فلما رجع قال له بن مسعود ما الذي أصبت من كعب قال سمعت كعبا يقول إن السماء تدور على قطب مثل قطب الرحى في عمود على منكب ملك فقال له عبد الله وددت أنك انقلبت براحلتك ورحلها كذب كعب ما ترك يهوديته إن الله تعالى يقول إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا إن السماوات لا تدور ولو كانت تدور لكانت قد زالت وعن بن عباس نحوه وأنه قال لرجل مقبل من الشام من لقيت به قال كعبا قال وما سمعته يقول قال سمعته يقول إن السماوات على منكب ملك قال كذب كعب أما ترك يهوديته بعد إن الله تعالى يقول إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا والسماوات سبع والأرضون سبع ولكن لما ذكرهما أجراهما مجرى شيئين فعادت الكناية إليهما وهو كقوله تعالى أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ثم ختم الآية بقوله إنه كان حليما غفورا لأن المعنى فيما ذكره بعض أهل التأويل أن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا من كفر الكافرين وقولهم اتخذ الله ولدا. ا. هـ ما قاله القرطبي رحمه الله تعالى.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[08 Sep 2009, 11:27 م]ـ
السلام عليكم
ليس فى معنى - يمسك - المنع من الدوران والحركة ودليله قول الله تعالى: {أوَلَمْ يَرَوْا إلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمسِكُهُنَّ .... } [الملك 19]،
وعلى هذا فمسك السموات والأرض لايعنى أنها لاتتحرك فى الفضاء؛كما أن مسك الطير لايعنى أنها لاتتحرك فى جو السماء
والله أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Sep 2009, 11:37 م]ـ
ليس هناك تلازم بين الحركة والزوال، فليس كل متحرك زائل، فالزوال يحتمل أكثر من معنى، ولنتأمل قول الله تعالى:
(وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ) (إبراهيم: 44)(/)
مخطوط للتحقيق
ـ[ mohamadfa] ــــــــ[26 Jun 2004, 03:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اخوتي الكرام كنت أنوي تحقيق كتاب الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز ولكن بين لي الأخ أبو مجاهد أن هذا المخطوط قد حقق ونشرته دار الكتب العلمية والآن أنا أبحث عن مخطوط آخر غير محقق كي أسجله في قسم الدراسات العليا قسم اللغة العربية للحصول على رسالة الماجستير وقد كان الأخ الكريم أحمد البريدي دلني على مواضيع مرتبطة باختصاصي كما قام بهذه الخدمة الأخ الكريم أحمد القصير فجزاهما الله خيرا إلا أنني تحولت من الدراسة التطبيقية إلى تحقيق المخطوطات والغاية من هذا التحول تحقيق أكبر قدر من الاطلاع على المكتبة الإسلامية فأرجو من كل أخ له اطلاع على المخطوطات أن يدلني على مخطوط في تفسير القرآن الكريم له علاقة بعلم البلاغة من بيان أو بديع أو معاني حتى أتمكن من تسجيله في كليتي وجزى الله الجميع حسن الجزاء
أخوكم محمد
mohamadfa@al-islam.com(/)
طلب مساعدة
ـ[ابو حديدة]ــــــــ[27 Jun 2004, 05:09 ص]ـ
اشكركل القائمين على هذا الموقع
*سؤالي ياأخوان هو عن كتاب يجمع بين التفسير والفقه والحديث والعقيده بمعنى عندما أريد أن أبحث عن شرح أيه من آيات القرآن الكريم اريد التوسع في الشرح حيث تجد الشارح لهذه الآيه أو السوره متوسع في الشرح فتجده يجمع في شرحه بين التفسير بتوسع وكذلك الحديث بتوسع والفقه والعقيده تقريباً بمعنى أنه يربط في شرحه بين الحديث والعقيده والفقه
((جزاكم الله خير الجزاء وجعل اعمالكم في موازين حسناتكم إنه القادر على ذلك سبحانه وتعالى))
ـ[موراني]ــــــــ[27 Jun 2004, 10:27 ص]ـ
تجد هذه المنهجية مثلا في تفسير القرطبي وفي أحكام القرآن للقاضي اسماعيل (سيصدر قريبا كما أعلم)
بصورة أو بأخرى.
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jun 2004, 01:31 م]ـ
كما ذكر الأستاذ موراني عن تفسير القرطبي. فهو يتناول جميع ما يتعلق بالآيات من المسائل، وإن كان يغلب عليه جانب الفقه كما هو معلوم. غير أن تفسير الطبري قد سبقه إلى العناية بكل ما يتعلق بالآية على الوجه المقبول الذي لا يخرج الكتاب عن مجال التفسير إلى غيره من العلوم كالفقه والعقيدة. ولا أنظك أخي الكريم ستجد كتاباً شاملاً لكل ما يتعلق بالآيات من العلوم لسعتها وتعلقها بعلوم أخرى قائمة برأسها، ومن أرادها يمكنه القراءة في كتب تلك العلوم.
أسأل الله لك التوفيق والعون.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Jun 2004, 08:10 ص]ـ
و كذلك في تفسير روح المعاني للإمام الألوسي رحمه الله(/)
كتاب فيه ما جاء من الحديث في النظر الى الله تبارك وتعالى ....
ـ[موراني]ــــــــ[27 Jun 2004, 12:53 م]ـ
... عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين باحسان
من تأليف أبي عبد الله محمد بن وضاح
حدثني بجميعه سعيد بن شعبان الخولاني
لمحمد بن أحمد بن تميم التميمي
(مخطوط القيروان , ورقة واحدة فقط على الرق , بخط أبي العرب التميمي , كتبه لنفسه برواية شيخه المذكور المتوفى 295 بالقيروان).
الورقة 1 وجه:
بسم الله الرحمن الرحيم
ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه في النظر الى الرب تبارك وتعالى مما حفظنا , حدثني سعيد بن شعبان بن قرة الخولاني عن (أبي) عبد الله محمد بن وضاح قال:
حدثني موسى بن معاوية الصمادحي قال:
حدثنا وكيع بن الجراح عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي قال:
كنا عند (رسول الله صلى) الله عيله وسلم ليلة البدر فقال:
هل ترون هذا القمر؟ قلنا: نعم , فقال:
هكذا ترون ربكم لا تضامون في رؤيته.
وحدثنا الحسن بن عيسى قال حدثنا جرير بن الحميد عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي عليه السلام , ثم ذكره.
............................................
يذكر المؤلف بعد ذلك 18 طريقا لهذه الحديث فيها اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن جابر عن النبي عليه السلام.
وفي آخر الورق (ظهر) زيادة لموسى بن معاوية كما يلي:
( ....................... ) زاد موسى في حديثه مرة في آخره وغير واحد مما سمينا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فان استطعتم ألا تغلبوا على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا.
ثم قرأ: فسبح (كذا) بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها , قال موسى: قبل الغروب.
وحدثني حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال:
حدثنا عبد الملك بن عمير قال: سمعت عمارة بن رؤيبة الثقفي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
وحدثني أيضا حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا اسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن عمارة ............
............... سقط الباقي.
.............................................
من المعلوم أنّ يحيى بن معين جمع الأسانيد للحديث في رؤية الله كما جمعه طرق الدارقطني في كتيب في رؤية الله عز وجل (أنظر فتح الباري لابن حجر , ج 13 , ص 434. المخطوط في مكتبة Escorial
الرقم 1445.)
وفي ذلك العصر ألف يحيى بن عمر الكناني (ت 289) بالقيروان كتابه النظر الى الله تبارك وتعالى يوم القيامة.
سيأتي التعليق الموجز في تتمة.
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[27 Jun 2004, 08:00 م]ـ
التعليق:
وهو يتعلق بزيادة موسى بن معاوية الصمادحي (ت 225 بالقيروان) , وأصله من الاندلس , نزل المنستير قرب مدينة سوسة على الساحل بعد رحلته الى المشرق حيث درس في الكوفة والبصرة وفي الري.
يصحح الصمادحي الآية المذكورة من سورة ق (قبل الغروب) وبذلك يرى أن الآية من سورة ق ولا من سورة طه , الآية 130.
روي الحديث أيضا بعدم ذكر الآية (وسبح بحمد ربك .... ) كما أشار ابن حجر العسقلاني على ادراج في الحديث بلفظ البخاري. وفي صحيح مسلم نجد أن قراءة الآية لجرير المذكور في الاسناد: ثم قرأ جرير: وسبح .... (مسلم , ج 1 , الرقم 633). وكلّ من يراجع شواهد الحديث سيجد اختلافا يسيرا في الروايات.
هذا , وقد يتساءل المرء بعد قراءة هذه الورقة الوحيدة التي فيها هذا الحديث في النظر الى الله يوم القيامة:
ما هي منزلة هذا الحديث بالقيروان بذات بأسانيده عن المشارقة؟ وخاصة في ذلك العصر , أي في منتصف القرن الثالث الهجري ...
لم يتسيطر على القيروان حينئذ أصحاب الشيعة الرافضة فقط بل كان لتعاليم المعتزلة أيضا أثر ملموس على الحياة السياسة والدينية في البلاد غير أنّ اهل السنة بالقيروان رفض هذه التعاليم رفضا تاما بما فيه خلق القرآن وانفاء الرؤية.
وكانت هذه الأحاديث بمثابة الطيار المضاد تجاه المعتزلة ليس في ذلك العصر فحسب بل بعد مضى مائتين عام على هذه الحوادث حيث نشاهد منقوشا على قبر بالقيروان في ذي الحجة من سنة اربع وثلاثين وأربعمائة النص التالي:
هذا قبر حسن بن أبي تميم التميمي ....... وهو يشهد ...... أن الله يبعث من في القبور وان الله يرى يوم القيامة وهو مصر على بغض أعداء الله بني عبيد ولعنتهم على ذلك ..... الخ.
وكذلك يختم أبو الحسن القابسي الفقيه (ت 403) جزء من المدونة لسحنون في حلقته بقوله:
لعن الله بني عبيد وشيعتهم ومن يقول بقولهم
ويتخذ بذلك موقفا سياسيا واضحا ضد الفاطميين.
موراني(/)
أسئلة واستشكالات في تفسير بعض الأيات الكريمات
ـ[مؤمل]ــــــــ[27 Jun 2004, 07:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام من المشايخ وطلبة العلم وكل مشارك /
السلام عليكم ورحمة الله ..
نسأل الله أن يبارك في جهودكم ويفتح عليكم من بركاته من العلم النافع والعمل الصالح
وأن يجعلنا وإياكم جميعا من أهل القرآن الكريم حقا.
وبعد:
سؤالي الأول: عن قوله تعالى: {ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخِنَ في الأرض}
هل هو خاصّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم أو عامّ له ولأمته؟
وقد قال العلماء: إن لفظ نبيّ في الآية من العامّ (نكرة في سياق النفي) المراد به الخصوص (يعني يراد به نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم)
فهل من إفادة من المشايخ، وبيانٍ للحكم في هذه المسألة (الإثخان) المأخوذ من هذه الآية وما في معناها؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jun 2004, 01:20 ص]ـ
حياك الله أخي مؤمل.
لعلك أخي مؤمل تقرأ هذا البحث أولاً، ثم نواصل المدارسة حول ما سألت عنه وفقك الله.
http://www.wasatyah.com/vb/showthread.php?threadid=10182
واقرأ كذلك هذا المقال: نظام الأسرى في الإسلام {آخر المقال} ( http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?artid=1226&catid=38)
ـ[مؤمل]ــــــــ[01 Jul 2004, 11:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الشيخ أبو مجاهد، وقد طالعت البحث والمقالات التي أشرت بها
والحمد لله أحكام الأسرى في الإسلام مدروسة إن شاء الله، ولا نستغني عن مزيد فوائدكم وعلمكم.
وفي الحقيقة كان سؤالي:
هل قال أحدٌ من العلماء بأن هذا خاصّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم دون أمته.
لأنه أورده بعض الناس في بعض النقاشات؟
طبعا واضح من كلام المفسرين والفقهاء أنها عامة له ولأمته.
وأيضا لم نر العلماء ذكروها في الخصائص النبوية، اللهم إلا أن تكون في بعض الكتب لم نطلع عليها، فهي غير مشهورة وهذا يوضح ضعفها.
وإذا قلنا إنها عامة له ولأمته صلى الله عليه وسلم وهو المعروف، وكالمطبق عليه .. فهل الآية باقية على إحكامها أو هل دخلها نسخ أو تخصيص، أعني في المنع من الأسر قبل الإثخان.
كلام المفسين، وما في المقالات المشار إليها وغيرها يفيد الجواب عن ذلك بما يكفي إن شاء الله، فالحمد لله.
بقي أن يقال: ظاهر الآية المنع (والأصل فيه التحريم) من أخذ الأسرى قبل الإثخان، لأنها منعت من أخذ الأسرى إلى غايةٍ هي حصول الإثخان في الأرض .. فما حدّ الإثخان؟
أي ما القدرُ من الإثخان الذي إذا تمّ جاز بعده أخذ الأسرى؟
ولا بأس بالولوج إلى بعض الواقع اليوم .. ففي العراق مثلا، إخواننا المجاهدون يأسرون بعض جنود العدو الصليبي مثلا، فهل تمنَع هذه الآية اتخاذ الأسرى، ومن ثم معاملتهم بإحدى المعاملات الأربعة على القول الراجح (القتل، الاسترقاق، المنّ، المفاداة) – هل تمنَعُ الآية ذلك، وتوجِبُ القتل لا غير.
في الحقيقة هذا هو أصل المبحث.
فوائد جانبية:
ما وجه التعبير القرآني الكريم بـ "يثخن في الأرض" ولم يقل: يثخن في عدوّه مثلا؟ مع أنه هو الوجه في الاستعمال؟
وما الحكمة في التعبير بـ "ما كان لنبيّ" دون غيره مما يمكن؟
والله يبارك فيكم ويفتح علينا وعليكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2004, 12:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعتذر أخي مؤمل - حقق الله لك ما تأمله من مغفرته ورضوانه - عن التأخر في المدارسة معك فيما أوردته من سؤالات، وأنا أفيد منك، وأحرص على قراءة مشاركاتك، ولكن أرجو منك دعوة صادقة بظهر الغيب أن يعينني على إتمام رسالتي للدكتوراه.
وثانياً: بعض الإشكالات التي أوردتها أولاً أجبتَ عنها في تعليقك الثاني.
ثالثاً: أنصحك بالقراءة في تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور، فإنه يجيب عن كثير من الإشكالات التي توردها، وإذا لم يكن عندك فبإمكانك الإطلاع عليه من خلال الرابط الذي سأحيل إليه في آخر المشاركة.
رابعاً: هذا نص ما أورده ابن عاشور في تفسيره لآية الأنفال، أنقله لك وللقراء، وسأميز بعض الفقرات التي لها تعلق بما سألت عنه بلون آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال رحمه الله: (قال ابن العربي في «العارضة»: روى عبيدة السلماني عن علي أنّ جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فخيّره بين أن يقرِّب الأسارى فيضرب أعناقهم أو يقبلوا منهم الفداء، ويُقتل منكم في العام المقبل بعدّتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا جبريل يخيّركم أن تقدّموا الأسارى وتضربوا أعناقهم أو تقبلوا منهم الفداء ويستشهد منكم في العام المقبل بعدتهم "، فقالوا: يا رسول الله نأخذ الفداء فنقوى على عدوّنا ويقتل منّا في العام المقبل بعدّتهم، ففعلوا.
والمعنى أنّ النبي إذا قاتل فقتاله متمحّض لغاية واحدة، هي نصر الدين ودفع عدائه، وليس قتاله للملك والسلطان فإذا كان أتْباع الدين في قلّة كان قتل الأسرى تقليلاً لعدد أعداء الدين حتّى إذا انتشر الدين وكثر أتباعه صلح الفداء لنفع أتباعه بالمال، وانتفاء خشية عود العدوّ إلى القوة. فهذا وجه تقييد هذا الحكم بقوله: {ما كان لنبيء}.
والكلام موجّه للمسلمين الذين أشاروا بالفداء، وليس موجّهاً للنبيء صلى الله عليه وسلم لأنّه ما فعل إلاّ ما أمره الله به من مشاورة أصحابه في قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159] لا سيما على ما رواه الترمذي من أنّ جبريل بلّغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخيّر أصحابه ويدلّ لذلك قوله: {تريدون عرض الدنيا} فإنّ الذين أرادوا عرض الدنيا هم الذين أشاروا بالفداء، وليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حظّ.
فمعنى {ما كان لنبيء أن يكون له أسرى} نفي اتّخاذ الأسرى عن استحقاق نبي لذلك الكون.
وجيء بـ (نبيء) نكرِة إشارة إلى أنّ هذا حكم سابق في حروب الأنبياء في بني إسرائيل، وهو في الإصحاح عشرين من سفر التثنية.
ومثل هذا النفي في القرآن قد يجيء بمعنى النهي نحو {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} [الأحزاب: 53]. وقد يجيء بمعنى أنه لا يصْلح، كما هُنا، لأن هذا الكلام جاء تمهيداً للعتاب فتعيّن أن يكون مراداً منه ما لا يصلح من حيث الرأي والسياسة.
ومعنى هذا الكون المنفي بقوله: {ما كان لنبيء أن يكون له أسرى} هو بقاؤهم في الأسر، أي بقاؤهم أرقّاء أو بقاء أعواضهم وهو الفداء. وليس المراد أنّه لا يصلح أن تقع في يد النبي أسرى، لأنّ أخذ الأسرى من شؤون الحرب، وهو من شؤون الغلَب، إذا استسلم المقاتلون، فلا يعقِل أحدٌ نفيه عن النبي، فتعيّن أنّ المراد نفي أثره، وإذا نفي أثر الأسر صدق بأحد أمرين: وهما المنّ عليهم بإطلاقهم، أو قتلُهم، ولا يصلح المنُّ هنا، لأنّه ينافي الغاية وهي حتى يثخن في الأرض، فتعيّن أنّ المقصود قتل الأسرى الحاصلين في يده، أي أنّ ذلك الأجدر به حين ضَعُف المؤمنين، خضِداً لشوكة أهل العناد، وقد صار حكم هذه الآية تشريعاً للنبيء صلى الله عليه وسلم فيمن يأسرهم في غزواته.
والإثخان الشدة والغلظة في الأذى. يقال أثخنته الجراحة وأثخنه المرض إذا ثقل عليه، وقد شاع إطلاقه على شدّة الجراحة على الجريح. وقد حمله بعض المفسّرين في هذه الآية على معنى الشدّة والقوة. فالمعنى: حتى يتمكّن في الأرض، أي يتمكّن سلطانه وأمره.
وقوله: {في الأرض} على هذا جار على حقيقة المعنى من الظرفية، أي يتمكّن في الدنيا. وَحَمَلَهُ في «الكشّاف» على معنى إثخان الجِراحة، فيكون جرياً على طريقة التمثيل بتشبيه حال الرسول صلى الله عليه وسلم المقاتل الذي يَجرَج قِرنَه جراحاً قوية تثخنه، أي حتّى يُثخن أعداءه فتصير له الغلبة عليهم في معظم المواقع، ويكون قوله: {في الأرض} قرينة التمثيلية.
والكلام عتاب للذين أشاروا باختيار الفداء والميللِ إليه، وغضّ النظر عن الأخذ بالحزم في قطع دابر صناديد المشركين، فإنّ في هلاكهم خضداً لشوكة قومهم فهذا ترجيح للمقتضَى السياسي العَرضي على المقتَضَى الذي بُني عليه الإسلام وهو التيسير والرفق في شؤون المسلمين بعضهم مع بعض كما قال تعالى: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح: 29].
وقد كان هذا المسلك السياسي خفيّاً حتّى كأنه ممّا استأثر الله به، وفي الترمذي، عن الأعمش: أنّهم في يوم بدر سبقوا إلى الغنائم قبل أن تحلّ لهم، وهذا قول غريب فقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم، وهو في الصحيح.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقرأ الجمهور {أن يكون له} ـ بتحتية ـ على أسلوب التذكير. وقرأه أبو عمرو، ويعقوب، وأبو جعفر ـ بمثناة فوقية ـ على صيغة التأنيث، لأنّ ضمير جمع التكسير يجوز تأنيثه بتأويل الجماعة.
والخطاب في قوله: {تريدون} للفريق الذين أشاروا بأخذ الفداء وفيه إشارة إلى أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام غيرُ معاتَب لأنّه إنّما أخذ برأي الجمهور وجملة: {تريدون} إلى آخرها واقعة موقع العلّة للنهي الذي تضمّنته آية {ما كان لنبيء} فلذلك فصلت، لأنّ العلّة بمنزلة الجملة المبيِّنة.
و {عرض الدنيا} هو المال، وإنّما سُمّي عرضاً لأنّ الانتفاع به قليل اللبث، فأشبه الشيء العارض إذ العروض مرور الشيء وعدم مكثه لأنه يعرض للماشين بدون تهيّؤ. والمراد عرض الدنيا المحض وهو أخذ المال لمجرد التمتع به.
والإرادة هنا بمعنى المحبّة، أي: تحبون منافع الدنيا والله يحبّ ثواب الآخرة، ومعنى محبّة الله إيّاها محبّته ذلك للناس، أي يحبّ لكم ثواب الآخرة، فعلّق فعل الإرادة بذات الآخرة، والمقصود نفعها بقرينة قوله: {تريدون عرض الدنيا} فهو حذف مضاف للإيجاز، وممّا يحسنه أنّ الآخرة المرادة للمؤمن لا يخالط نفعها ضرّ ولا مشقّة، بخلاف نفع الدنيا.
وإنما ذكر مع {الدنيا} المضافُ ولم يحذف: لأنّ في ذكره إشعاراً بعروضه وسرعة زواله.
وإنّما أحبّ الله نفع الآخرة: لأنّه نفع خالد، ولأنّه أثر الأعمال النافعة للدين الحقّ، وصلاح الفرد والجماعة. ... ) إلى آخر ما ذكر، وقد انتهى المقصود نقله.من هذا الموقع
أكبر موقع للتفاسير ( http://www.altafsir.com/Tafasir.asp)
وجواباً لسؤالك:" ما وجه التعبير القرآني الكريم بـ "يثخن في الأرض" ولم يقل: يثخن في عدوّه مثلا؟ مع أنه هو الوجه في الاستعمال؟ "
قال الألوسي في روح المعاني: (وذكر في الأرض للتعميم) انتهى.
ومن جميل تعليقات المفسرين ما ذكره الألوسي حول ختم الآية بقوله (عزيز حكيم)؛ فقد قال: ({وَ?للَّهُ عَزِيزٌ} يغلب أولياءه على أعدائه {حَكِيمٌ} يعلم ما يليق بكل حال ويخصه بها كما أمر بالإثخان ونهى عن أخذ الفدية حيث كان الإسلام غضاً وشوكة أعدائه قوية، وخير بينه وبين المن بقوله تعالى: {فإمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء}
[محمد: 4] لما تحولت الحال واستغلظ زرع الإسلام واستقام على سوقه.)
ـ[مؤمل]ــــــــ[24 Jul 2004, 01:01 م]ـ
أخي الشيخ أبو مجاهد العبيدي أثابكم الله وأحسن إليكم ..
وجزاكم الله كل خير، وبارك في جهدكم ومساعيكم.
وأسأل الله أن يُنجحكم ويوفقكم فيما أنتم بصدده من تحضير شهادة الدكتوراه، وأن يجعلها لكم طريق خير ورفعة
وعوناً على الرقيّ في درجات الفضل في الدنيا والأخرى ..
وإن شاء الله لك منا الدعاء، وأنت أيضا وجميع إخواننا لا تنسونا من الدعاء، فوالله أنا بحاجة إلى دعائكم أعظم حاجة ..
أشكرك على الجواب وما فيه من فوائد طيبة حصل بها جل المقصود ولله الحمد.
واعتذر عن التأخر ..
ولي أسئلة أخرى سأضعها قريبا إن شاء الله.
ـ[مؤمل]ــــــــ[25 Jul 2004, 08:58 م]ـ
أخي الشيخ أبو مجاهد العبيدي أثابكم الله وأحسن إليكم ..
هذا سؤال قديم كنت طرحته في "المشكاة" ويبدو أن ظروفا حالت دون بحثكم فيه، ولعلكم تعيدون النظر فيه
أو من معكم من الإخوة المشايخ، وهو:
في قوله تعالى " "وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء":
السؤال عن وجه استعمال لفظ الناس في هذه الآية الكريمة، ووجه أمره سبحانه وتعالى المنافقين أن يؤمنوا كما آمن الناس؟
مع أنه من غير المعهود في خطاب الشارع الأمر بالكون كـ "الناس" أو الاحتجاج على المخالف بما عليه "الناس"، بل قدر عرف عن الشارع في الجملة ذم ما عليه "الناس" في الأغلب، والنهي عن التقليد والإمعية وما قاربها من المعاني.
وفقكم الله وبارك فيكم.
ـ[مؤمل]ــــــــ[30 Jul 2004, 04:37 ص]ـ
السؤال الثالث:
قوله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (القصص: 14)
هل هو النبوة أو دون ذلك؟
معروف ذكرُ الخلاف فيها، فهل من تحقيق في المسألة، فتح الله عليكم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وقصة موسى عليه السلام في سورة القصص من أكثر المواضع بسطا وفيها مبدأ وجوده ونشأته وغير ذلك، ويمكن أن يجعلها الدارس لقصته عليه السلام الأصل، ومعرفة جواب السؤال المذكور مفيد في معارف مثل: هل حالة الخوف التي عاشها تلك الفترة وقتله عليه السلام للقبطبي الذي من عدوه، ثم استغفاره ودعؤه وما تلا ذلك إلى أن خرج من المدينة خائفا يترقب كان قبل نبوّته وبعثته أو بعده، وما شابه ذلك.
أرجو أن أحظى بفوائدكم .. وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jul 2004, 06:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي مؤمل
جواباً لسؤالك السابق عن قول الله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء} أقول: لم يظهر لي أن عرف القرآن والمعهود في استعماله للفظ الناس ذكرهم في مقام الذم.
فقد تأملت ورود هذا اللفظ في القرآن فوجدت أنه يطلق أحياناً ويراد به أهل الإيمان كما في قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (البقرة:207) وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران:21)
ويطلق أحياناً ويراد به الخصوص كما في قول الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (البقرة:199)
ولعل الآية التي سألت عنها من هذا الاستعمال.قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره للناس هنا:
(ويعني ب " الناس " المؤمنين الذين آمنوا بمحمد ونبوته وما جاء به من عند الله. كما: 290 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا عثمان بن سعيد , عن بشر بن عمار , عن أبي روق , عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس} يقول: وإذا قيل لهم صدقوا كما صدق أصحاب محمد , قولوا: إنه نبي ورسول , وإن ما أنزل عليه حق , وصدقوا بالآخرة , وأنكم مبعوثون من بعد الموت. وإنما أدخلت الألف واللام في " الناس " وهم بعض الناس لا جميعهم ; لأنهم كانوا معروفين عند الذين خوطبوا بهذه الآية بأعيانهم. وإنما معناه: آمنوا كما آمن الناس الذين تعرفونهم من أهل اليقين والتصديق بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم , وما جاء به من عند الله وباليوم الآخر , فلذلك أدخلت الألف واللام فيه كما أدخلتا في قوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} 3 173 لأنه أشير بدخولها إلى ناس معروفين عند من خوطب بذلك.) انتهى
وأكثر ما يأتي هذا اللفظ في مقام العموم: فهو يشمل الناس عموماً مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم، والسياق هو الذي يحدد المراد به.
قال تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 08:27 م]ـ
خطر لي معنى في معنى الناس في الآية التي أشار إليها الأخ مؤمل. وهي قوله تعالى: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ... ).
وهو أن المقصود بالناس هنا كما ذكرتم الصحابة الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم. فكأنهم هم فقط من يستحق أن يقال لهم: الناس، لإيمانهم وكمالهم، ورجاحة عقولهم باتباع الحق، وما سواهم فلا يستحق ذلك. ويحضرني قول الشاعر:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القومُ، كل القوم يا أم مالك
ـ[مؤمل]ــــــــ[13 Aug 2004, 02:00 م]ـ
الشيخان الكريمان /
أبو مجاهد العبيدي، وعبد الرحمن الشهري، جزاكما الله خيرا وبارك الله فيكما ونفعنا بكما.
ـ[سيف الإسلام]ــــــــ[20 Aug 2004, 07:07 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
و الله يزيدكم و يهديكم و يهدينا أجمعين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2009, 09:21 م]ـ
السؤال الثالث:
قوله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (القصص: 14)
هل هو النبوة أو دون ذلك؟
معروف ذكرُ الخلاف فيها، فهل من تحقيق في المسألة، فتح الله عليكم؟
وقصة موسى عليه السلام في سورة القصص من أكثر المواضع بسطا وفيها مبدأ وجوده ونشأته وغير ذلك، ويمكن أن يجعلها الدارس لقصته عليه السلام الأصل، ومعرفة جواب السؤال المذكور مفيد في معارف مثل: هل حالة الخوف التي عاشها تلك الفترة وقتله عليه السلام للقبطي الذي من عدوه، ثم استغفاره ودعاؤه وما تلا ذلك إلى أن خرج من المدينة خائفا يترقب كان قبل نبوّته وبعثته أو بعده، وما شابه ذلك.
أرجو أن أحظى بفوائدكم .. وجزاكم الله خيرا.
أخي العزيز مؤمل وفقه الله وزاده توفيقاً.
النبوة والرسالة لم يُؤتَها موسى عليه الصلاة والسلام إِلا في طريق عودتهِ من أرضِ مدين إلى مصر بعد كل الحوادث التي ذكرتم. وذلك عندما ذهب يبحث لأهله عن جذوة من النار لعلهم يصطلون بها من شدة البرد تلك الليلة التاريخية. وأما قبلها فلم يكن نبياً، وليس لأفعاله قبلها أحكام النبوة. والموضع الذي وردت فيه الآية الكريمة (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)) لا يدل على أنها النبوة. وإنما الكمالات التي تسبقها إعداداً لها والله أعلم.(/)
طلب مساعدة
ـ[ابو حديدة]ــــــــ[28 Jun 2004, 03:45 ص]ـ
االه يثيبك ياأخ عبدالرحمن ويجزيك على المساعدة خير الجزاء
* ياأخ عبدالرحمن مارأيك في تفسير القرطبي هل لك ملاحظات عليه أنا أخاف أن يكون في تفسيره للأيات بعض الأمور أو حول الأمور الفقهيه شئ أن أخاف من بعض المفسرين عندهم أعتقادات معينه أو لديهم أفكار أو بعض الأمور أنت أعلم بذلك مني
* لأني طلبت منك المساعده وأحلتني على تفسير القرطبي وذكرت توسعه في مجال الفقه
* أنا أريد تعطيني فكره موجزه عن تفسيره وما هي الأمور التي الواجب الأحتراز منها عند شراء مثل هذا التفسير والقراءة فيه
* يمكن يشرح لطلاب مدارس من هذا التفسير مثلاً
[الله يثبتنا ويثبتك ويثبت كل مسلم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخره]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jun 2004, 11:59 ص]ـ
ليتك أخي تحدد لنا مستواك العلمي، وهل أنت طالب لم مبتدئ أو متوسط أو متخصص؟
حتى متمكن من تحديد الكتاب المناسب لك؛ لأن الكتب كثيرة.
وبإمكانك الاستفادة من هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26(/)
بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن،
ـ[أبو علي]ــــــــ[28 Jun 2004, 09:30 ص]ـ
الحمد لله الرحمن الرحيم
قال تعالى في ختام سورة القمر:
إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)
هذه الآية تفكرت فيها فوجدت أن الإسمين (مليك مقتدر) ينبئان بما يأتي بعد ذلك من كلام لله.
فمن القادر المقتدر على توفير كل الرحمات التي تسعد المتقين؟
الذي (يملك) هو الذي (يقدر) فإذا كان مليكا فهو مقتدر.
وهل السعادة تتحقق برحمة واحدة؟
كلا , بل بكثير من الرحمات، ومن يملك رحمة واحدة يسمى رحيما، فالغفور يوصف بالرحيم، والرؤوف يوصف بالرحيم .... إلخ. لأن المغفرة رحمة والرأفة رحمة .... وهكذا كل خير فهو رحمة.
أما الذي يملك كل الرحمات فإنه يسمى رحمانا.
ولذلك كان أنسب إسم يليق بالمليك المقتدر الذي يمن على المتقين بالرحمات التي تسعدهم هو إسم (الرحمن)، فقال الله بعد ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن، علم القرآن. .....
إذن ففي مجيء إسم (الرحمن) بعد (مليك مقتدر) آية ولذلك كان إسم (الرحمن) في سورة الرحمن وحده آية، وفي تسمية السورة باسم (الرحمن) آية.
ولقد ذكر الرحمن الإنسان بالآلاء التي هي النعم (رحمات) في الدنيا والآخرة.(/)
إشكال في حديث عائشة رضي الله عنها!
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[28 Jun 2004, 09:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
عند قراءتي لحديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها التالي ذكره أشكلت علي عبارة فيه
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن "
والعبارة المشكلة عندي - بارك الله فيكم - هي قولها: " وهن مما يقرأ من القرآن "
فما تفسير هذه العبارة؟ وكيف نرد على من يثير بها الشبهات؟
أرجو منكم التكرم بالرد باستفاضة فليس هدفي الفتوى فقط ولكن أيضا العلم
حفظكم الله وبارك فيكم
أخوكم أبو فهد
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[29 Jun 2004, 08:44 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته،،
تأويله و الله أعلم أنهن كن مما تأخر نسخه لوقت قريب جداً من وفاة الرسول لدرجة أن بعض من لم يصلهم نسخ الآيات يجعلهن في قراءته.
أما الرد على الشبهات بخصوص هذه العبارة فهو بكون عائشة راوية الحديث من المعاصرين لجمع القرآن في كل مراحله و من المؤيدين لأمير المؤمنين جامع المصحف العثماني الذي أجمعت عليه الأمة و لا أحد يجهل موقفها من قتلته ساعة الفتنة.
هذا رد سريع و إذا يسر الله وضعت لك رداً مفصلاً بعون المعبود.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[29 Jun 2004, 11:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ترد شبهة حول الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يحرّمن) ثم نسخن بـ (خمس معلومات) فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن.
(صحيح مسلم 4/ 167، سنن الدرامي 2/ 157، سنن الترمذي 3/ 456. السنن الكبرى للبيهقي 7/ 454، سنن ابن ماجة 1/ 635، سنن النسائي 6/ 100، الموطأ 2/ 117).
و يعلق الأب النصراني يوسف درة الحداد - قذفه الله في الدرك الأسفل من النار - في كتابه (الإتقان في تحريف القرآن):"لقد شهدت عائشة أن الآية كانت من القرآن وكانت تتلى بين ظهرانيهم إلى ما بعد وفاة الرسول كغيرها من آيات القرآن، وهذه طامة كبرى! لصراحتها في سقوط آية (خمس رضعات معلومات يحرمن) وفقدانها من القرآن بلا أي موجه شرعي! فلا نسخ بعد وفاة النبي بإجماع أهل الملة والدين، فأين اختفت تلك الآية! "
و الجواب على هذه الشبهة بإذن الله - يتضمن عدة مسائل. . .
الأولي: من المعلوم لكل من وقف على تواتر القرآن و سلامة نقله و حفظه بواسطة رب العالمين أنه إذا تعارض حديث مع ما نعلمه عن هذا التواتر و النقل و الحفظ يكون الاشكال في الحديث و ليس في القرآن لأن الأخير متواتر ثابت ثبوتاً قطعياً لا شك فيه، لذا عند التعارض لا يجوز عقلاً التشكيك في القرآن و هذا من بداهات المنطق.
الثانية: أن منطوق الحديث لا يستوجب كون الآية غير منسوخة قبل وفاة النبي صلى الله عليه و سلم بل إن غاية ما تدل عليه أنه كان هناك من لا يزال يعتبرها جزءاً من القرآن حتى بعد وفاة النبي و يجعلها في تلاوته و هذا غالباً لجهلهم بوقوع النسخ. يقول محمد فؤاد عبد الباقي في شرحه لصحيح مسلم المتاح للتحميل من موقع الأزهر الشريف على الشبكة:
(وهن فيما يقرأ) معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا، حتى إنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ: خمس رضعات. ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده. فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى.
الثالثة: أن من تأمل وضع الإسلام وقت وفاة النبي و اتساع رقعته حتى شملت الجزيرة العربية و اليمن و جنوب الشام أدرك أنه من المحال عقلاً أن يعلم كل المسلمين بوقوع النسخ في أي آية في نفس الوقت و أنه من الوارد جداً - بل من المؤكد - أن العديدين كانوا يتلون بعض الآيات المنسوخة تلاوتها لبعدهم المكاني عن مهبط الوحي و هذا مما لا مناص من الاعتراف به. و ما كلام عائشة رضي الله عنها إلا إقراراً بهذا الوضع.
الرابعة: أن من يرى أن الآية قد حذفها النساخ عند جمع القرآن عليه البيان: ما هو الداعي لحذف مثل هذه الآية من القرآن إن كانت حقاً غير منسوخة؟ و ما الفائدة التي تعود من حذفها؟ فليس لها أي أهمية عقائدية بل هي تختص بأحد الأحكام الفقهية و هو حكم ثابت في العديد من الأحاديث الشريفة و لا يمكن إنكاره فما الداعي لحذف هذه الآية إذن؟؟
الخامسة: أن السيدة عائشة رضي الله عنها راوية الحديث لا يمكن أن يكون قصدها من الرواية الطعن في جمع القرآن لأنها عاصرت هذا الجمع و كانت من أبرز المناصرين لأمير المؤمنين عثمان بن عفان الذي تم جمع القرآن الكريم في عهده و تحت إشرافه، و لو كان لها أي مؤاخذات لجاهرت بها و لاعترضت على عثمان رضي الله عنه. و لكن هذا لم يحدث و لو حدث لعلمناه، بل إن موقف عائشة رضي الله عنها من قتلة عثمان يدل على انها لم تشكك يوماً في إمامته و خلافته و هذا كاف جداً للرد على هذه الشبهة.
خلاصة هذه المسائل أنه من غير المقبول عقلاً و لا منطقاً فهم قول عائشة رضي الله عنها على أن الآية المذكورة قد حذفها النساخ عند جمع القرآن للأسباب الواردة أعلاه و الله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[29 Jun 2004, 11:33 م]ـ
أرغب في معرفة رأي مشايخنا الأكابر في هذا الرد و خصوصاً بالنسبة للمسألة الثالثة.
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[30 Jun 2004, 06:14 م]ـ
بارك الله فيك اخي د. هشام عزمي وبارك فيك
والشبهة كما ذكرت، ولم يبين الحديث النسخ، فأين أتت علامة النسخ " بالنسبة لخمس رضعات "؟!
وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها واضح " وهن مما يقرأ من القرآن"، وقد أشكلت هذه العبارة على أبي جعفر النحاس، قال أبو جعفر: " وفي الحديث لفظة شديدة الإشكال، وهي قولها " فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن " الناسخ والمنسوخ ص 446
حفظكم الله وبارك فيكم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 Jul 2004, 08:36 ص]ـ
الآية قد نسخت لفظاً وهي ثابتة حكماً
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[03 Jul 2004, 07:49 م]ـ
أخي الحبيب محمد الأمين
كيف نسخت لفظا وأم المؤمنين قالت: " فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يتلى من القرآن "
وللعلم ليس فقط النصارى من يثير هذه الشبهة ولكن أيضاً الرافضة.
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[03 Jul 2004, 09:01 م]ـ
وجدتُ كلاماً لأبي جعفر الطحاوي يرد فيه هذه الزيادة " وهن مما يقرأ من القرآن " فهل من توجيه؟ بارك الله فيكم
" باب (بيان مشكل) ما روي {عن عائشة رضي الله عنها أنه كان نزل عشر رضعات يحرمن في القرآن فنسخن بخمس رضعات وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو مما يقرأ من القرآن}.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة ابنة عبد الرحمن {عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما يقرأ من القرآن}.
قال أبو جعفر: وهذا ممن لا نعلم أحدا رواه كما ذكرنا غير عبد الله بن أبي بكر وهو عندنا وهم منه أعني: ما فيه مما حكاه عن عائشة رضي الله عنها {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو مما يقرأ من القرآن} لأن ذلك لو كان كذلك لكان كسائر القرآن ولجاز أن يقرأ به في الصلوات وحاشا لله أن يكون كذلك أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجة علينا وكان من كفر بحرف مما فيها كافرا ولكان لو بقي من القرآن غير ما فيها لجاز أن يكون ما فيها منسوخا لا يجب العمل به وما ليس فيها ناسخ يجب العمل به وفي ذلك ارتفاع وجوب العمل بما في أيدينا مما هو القرآن عندنا ونعوذ بالله من هذا القول وممن يقوله.
ولكن حقيقة هذا الحديث عندنا والله أعلم ما قد رواه من أهل العلم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدار عبد الله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
كما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن منهال قال ثنا حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان مما نزل من القرآن ثم سقط أن لا يحرم من الرضاع إلا عشر رضعات ثم نزل بعد أو خمس رضعات فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله وفيه أنه أنزل من القرآن ثم سقط فدل ذلك أنه مما أخرج من القرآن نسخا له منه كما أخرج من سواه من القرآن مما قد تقدم ذكرنا له وأعيد إلى السنة
وقد تابع القاسم بن محمد - على إسقاط ما في حديث عبد الله بن أبي بكر {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وأن ذلك مما يقرأ من القرآن} - إمام من أئمة زمنه وهو يحيى بن سعيد الأنصاري.
كما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن منهال قال ثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت نزل من القرآن لا يحرم إلا عشر رضعات ثم نزل بعد أو خمس رضاعات.
وكما حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أنزل في القرآن عشر رضاعات معلومات ثم أنزل خمس رضاعات.
قال أبو جعفر: فهذا أولى مما رواه عبد الله بن أبي بكر لأن محالا أن تكون عائشة تعلم أنه قد بقي من القرآن شيء لم يكتب في المصاحف ثم لا تنبه على ذلك من أغفله ولكن حقيقة الأمر كان في ذلك والله أعلم أن ذلك مما قد كان نزل قرآنا ثم نسخ فأخرج من القرآن وأعيد سنة كما سواه من هذا الجنس مما قد تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا. ومما يدل على فساد ما قد زاده عبد الله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث أنا لا نعلم أن أحدا من أئمة أهل العلم روى هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر غير مالك بن أنس ثم تركه مالك فلم يقل به وقال بضده وذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم ولو كان ما في هذا الحديث صحيحا أن ذلك في كتاب الله عز وجل لكان مما لا يخالفه ولا يقول بغيره والله عز وجل نسأله التوفيق.
المصدر: مشكل الآثار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Jan 2006, 01:59 م]ـ
هل هناك من وافق أبا جعفر في كون هذه اللفظة من وهم عبد الله بن أبي بكر؟
ـ[ابن رشد]ــــــــ[10 Jan 2006, 05:56 م]ـ
يكفي في تصحيح ذلك الحديث رواية الإمام مالك له في " موطئه "، و كذا الإمام مسلم في " صحيحه "، و أبي عوانه في " مستخرجه "،
و قد أخرجه الإمام الترمذي في " جامعه "، و أبو داود في " سننه "، و ابن حبان في " صحيحه "، و غيرهم،
... و قال ابن عبد البر في " التمهيد " إنه أصح الأسانيد فيه (أى: مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضى الله عنها)، قال:
(حديث سابع لعبدالله بن أبي بكر: مالك عن عبدالله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما يقرأ من القرآن.
هذا أصح إسناد لهذا الحديث عن عائشة.
وإلى القول بهذا الحديث في مقدار الرضاع المحرم ذهب الشافعي وجماعة وهو مذهب عائشة وقد ذكرنا من جاء معهم من العلماء ذلك ومن خالفهم فيه ودليل كل واحد منهم فيما ذهب إليه من ذلك في باب ابن شهاب عن عروة،
وقد تقدم القول في معنى ناسخ القرآن ومنسوخه وما في ذلك من الوجوه في باب زيد بن أسلم).
(التمهيد ج 17 ص 215)
- و لعل في الرجوع إلى ما أشار إليه ابن عبد البر رحمه الله في معنى الناسخ و المنسوخ - في باب زيد بن أسلم، من كتابه " التمهيد " - ما يزيل ذلك الإشكال،
فليرجع إليه،
و قد نقلت هذا بعجالة، و لم يسعفنى الوقت لاستكمال بيانه(/)
حمل مجموعة من كتب القراءات للشيخ فائز شيخ الزور
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[29 Jun 2004, 12:53 ص]ـ
http://www.shaikhfayez.net/eketab.htm(/)
اتهام الطبري رحمه الله تعالى بالتشيع
ـ[خالد بن سليمان العويشق]ــــــــ[29 Jun 2004, 06:14 ص]ـ
- حقيقة ما اتهم به:
ليس المراد باتهام الطبري- يرحمه الله- بالتشيع مجرد حب علي رضي الله عنه و شيعته و معرفة فضل آل البيت،فهذا جزء من الدين , وهومن عقيدة أهل السنة و الجماعة , و لكن المراد بالاتهام التشيع المرفوض و المذموم الذي يغالي في حب علي رضي الله عنه و آل البيت , و يتطرف في حبهم و يصل إلى الطعن في بقية الصحابة و ازدراء مواقفهم و سبهم سراً و علناً. (1)
- سبب الاتهام (2):
يرجع سبب الاتهام- والعلم عند الله- إلى عدة أمور وهي:
1 - تصنيفه في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2 - إثباته الأسانيد و الروايات لحديث غدير خم.
3 - مناظرته مع داود الظاهري الذي نتج عنها أن صنف ابن داود الظاهري واسمه محمد كتابا ًفي الرد على الطبري و رماه بالعظائم و الرفض , كما ذكر ذلك عوام الحنابلة في بغداد.
4 - اشتباه اسمه باسم أحد الروافض وهو محمد بن جرير بن رستم أبو جعفر الطبري.
5 - إكثاره من الرواية عن لوط بن يحيى و يكنى بأبي مخنف و قد روى عنه خمسمائة وسبعاً و ثمانين رواية , وهو إخباري تالف لا يوثق به كما قال عنه الذهبي وقد رمي بالرفض و الكذب.
-------------------------------------------------
(1) أنظر كتاب الإمام الطبري شيخ المفسرين د. محمد الزحيلي (58).
(2) أنظر المصدر السابق (50)، و أراء الطبري الكلامية لطه محمد رمضان (19/ 27)، و تحقيق مواقف الصحابة من الفتنة في ضوء روايات الطبري والمحدثين (1/ 187ـ201)، وحقبة من التاريخ لعثمان الخميس (18)، والإمام الطبري لعبد الله المصلح (39)
------------------------------------------------------
- بطلان هذه التهمة:
لاشك أن الإمام الطبري رحمه الله تعالى إمام من أئمة أهل السنة و الجماعة فقد قال عنه الخطيب البغدادي:
(كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله , و يرجع إلى رائه لمعرفته و فضله و كان قد جمع من العلوم مالم يشاركه فيه أحد من أهل عصره) (1)
وقال مؤرخ الإسلام الحافظ أبو عبد الله الذهبي:
(الإمام الجليل المفسر أبوجعفر صاحب التصانيف الباهرة ...... من كبار أئمة الإسلام المعتمدين) (2)
وقال ابن كثير:
( .... بل كان أحد أئمة الإسلام علماً و عملاً بكتاب الله و سنة رسوله) (3)
يتبين من خلال كلام هؤلاء العلماء الجبال أن الطبري رحمه الله من أئمة الإسلام المعتمدين و من أهل السنة و الجماعة وهو بعيد كل البعد عن هذه التهمة.
و أما عن الأمور التي نقمت و شغب بها عليه فيقال فيها و يجاب عنها بما يأتي:
أولاًً: تصنيفه في فضائل علي رضي الله عنه.
هذا ليس دليلاً على تشيعه و ذلك أن أهل السنة و الجماعة يقرون بفضله رضي الله عنه و إمامته و أنه رابع الخلفاء الراشدين و له من الفضائل و المناقب الشيء الكثير الذي لا يكاد يخلو منه كتاب من كتب السنة.
ثم إنه رحمه الله صنف كتابا ًمن فضائل أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و هذا مالا تصنفه الروافض.
ثانياً: تصحيحه لحديث غدير خم و جمعه للروايات و الأسانيد فهي من ناحية حديثية بحتة, ولا يلزم من تصحيحه للحديث إن يكون شيعياً رافضياً.
--------------------------------------------------------
(1) تاريخ بغداد (2/ 163).
(2) ميزان الاعتدال (3/ 498).
(3) البداية و النهاية 11/ 145،146
---------------------------------------------------------
قال ياقوت:
(كان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب خبرغديرخم، وقال: إن علي ابن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم بغدير خم .... وبلغ أبا جعفر ذلك، فابتدأ الكلام في فضائل علي بن أبي طالب؛ وذكر طرق حديث غديرخم).
قال ابن كثير: (رأيت له كتاباً جمع فيه أحاديث غديرخم في مجلدين) (1)
ثالثاً: أما ما كتبه محمد بن داود الظاهري في الرد على ابن جرير الطبري فهو مجرد دعوه مفتقرة إلى الدليل, ثم إن كلام الأقران يطوى ولا يروى و ينبغي أن يتأنى فيه و ينظر و يتمهل سيما إذا لم يوافقه غيره فيه.
رابعاً: أن ابن جرير الطبري رحمه الله قد وفقه أحد علماء الرافضة باسمه و اسم أبيه و كنيته و لقبه ومعاصرته وكثرة تصانيفه.
قال الذهبي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(أقذع أحمد بن علي السليماني الحافظ , فقال: كان يضع للروافض , كذا قال السليماني , و هذا رجم بالظن الكاذب , بل ابن جرير من كبارأئمة الإسلام المعتمدين , و ما ندعي عصمته من الخطأ , ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل و الهوى , فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يتأنى فيه , لا سيما في مثل إمام كبير , فلعل السليماني أرادالآتي) (2). ويقصد بالآتي أبو جعفر محمد بن جرير ابن رستم الطبري قال الذهبي عنه:
(رافضي له تواليف , منها كتاب الرواة عن أهل البيت رماه بالرفض عبدالعزيز الكتاني).
قال ابن حجر في لسان الميزان معلقا على كلام الذهبي:
(ولو حلفت أن السليماني ما أراد إلا الآتي لبررت , والسليماني حافظ متقن كان يدري ما يخرج من رأسه فلا أعتقد أن يطعن في مثل هذا الإمام بهذا الباطل) (3).
وقد كان ابن رستم هذا يقول بقول الشيعة في مسح الأرجل في الوضوء فنسب خطأً إلى صاحبنا الطبري.
-------------------------------------------------------
(1) مقدمة تاريخ الأمم والملوك (65)
(2) ميزان الاعتدال (3/ 499)
(3) لسان الميزان (5/ 100)
---------------------------------------------------------
خامساً: أما روايته عن ابن مخنف فقد بين رحمه الله في مقدمة تاريخه موقفه من رواية أبي مخنف و غيره.
فقال رحمه الله:
(وليعلم الناظر في كتابنا هذا ان اعتمامه في كل ما أحضرت ذكره مما شرطت اني راسمه فيه , أنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه و الآثار التي أنا مسندها إلى روايتها فيه .....
إلى إن قال:
فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه , أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لا يعرف له وجهاً من الصحة , ولامعنىً من الحقيقة , فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا , و إنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا , و إنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا) (1).
ويضاف إلى هذا ان منهج عدداً من المحدثين الرواية عن بعض المهتمين و الجاهيل والضعفاء لعرف حالهم و حال مروياتهم والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------------------------------------------------
(1) تاريخ الأمم والملوك (1/ 8).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 Jun 2004, 10:06 ص]ـ
حذفت من كلام الإمام الذهبي تأكيده على وصف الطبري بالتشيع الخفيف، وهذا البتر ليس بدليل على الأمانة العلمية
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[30 Jun 2004, 02:54 م]ـ
رمي الإمام الطبري بالتشيع باطل , وقد ذكر ياقوت الحموي وغيره قصة خروجه من طبرستان بسبب هذا الأمر
والذي رمى الطبري بالتشيخ هو صاحب كتاب (روضات الجنات) وهو مؤلف رافضي وأتى بأدلة لكي يثبت هذا الأمر , ولكن الدكتور محمد أمخزون في كتابه الطيب والنافع (تحقيق مواقف الصحابة في الفقتنة من خلال رويات الطبري وبعض المحدثين) أحسن في رد هذه الشبهات التي أوردها الرافضي.
وإن شاء الله سأذكر أقوال علماء السنة في الطبري عما قريب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الراية]ــــــــ[30 Jun 2004, 05:31 م]ـ
قمت بمراسلة موقع ((البرهان)) المعروف
http://www.albrhan.com/
طالباً منهم الاستفسار فكان الرد السريع منهم = جزاهم الله خيرا -
أخي الفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فالإمام الطبري رحمه الله تعالى إمام من أئمة أهل السنة والجماعة
ويثبت لذلك كتبه العظام ..
وأما مسألة نقله عن لوط بن يحيى في تاريخه فقد ذكر في بداية الكتاب أنه ينقل
الأسانيد دون تصحيح لها، والنظر فيها إنما هو للقارئ.
ولهذا روى عن ضعفاء وكذابين، لأنه جعل عهدة التصحيح والتضغيف للقارئ فحسب ..
وعلى كلٍ فقد ينسب الإمام الطبري للتشيع من اشتبه عليه اسم هذا الإمام العلم
باسم أحد الروافض وهو محمد بن جرير بن رستم أبو جعفر الطبري
فضلا عن كون التشيع الخيف، يطلقه بعض السلف رحمهم الله على يقدم عليا على عثمان
في الفضل ..
ولو كان الإمام الطبري رحمه الله تعالى قد تشيع لطار بذلك علماء الرافضة
ولطبلوا غاية التطبيل ..
فالصحيح أنه إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، ولا شك في ذلك ولا مرية، والله
المستعان.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[30 Jun 2004, 09:45 م]ـ
أقوال علماء السنة في الإمام الطبري - رحمه الله -
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام الحافظ ابن كثير (700 - 774هـ): " كان أحد أئمة الإسلام علماً، وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " (1)
وقال الإمام السيوطي (849 - 911هـ): " رأس المفسرين على الإطلاق، أحد الأئمة، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظاً لكتب الله، بصيراً بالمعاني، فقيهاً في أحكام القرآن، عالماً بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عالماً بأحوال الصحابة والتابعين، بصيراً بأيام الناس وأخبارهم " (2).
وقال الإمام الذهبي (ت748هـ): " الإمام العلم المجتهد، عالم العصر، أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة " (3).
وقال الإمام الداوودي (ت945هـ): " الإمام، صاحب التصانيف المشهورة " (4).
وقال الخطيب البغدادي (392 - 463هـ): " كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله " (5).
وقال الإمام ابن خلكان (608 - 681هـ): " كان إماماً في فنون كثيرة منها التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، وغير ذلك، وله مصنفات مليحة في فنون عديدة تدل على سعة علمه وغزارة فضله، وكان من الأئمة المجتهدين، لم يقلد أحدا " (6).
وقال الإمام ابن الجزري (ت833هـ): " أحد الأعلام، وصاحب التفسير، والتاريخ، والتصانيف " (7).
وقال عنه الإمام الصفدي: " صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، كان إماماً في فنون كثيرة " (8).
وذكر أن أبا العباس ابن سريج (ت306هـ) كان يقول: " محمد بن جرير الطبري فقيه العالم " (9).
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني (773 - 852هـ): " الإمام الجليل، المفسر، أبو جعفر، صاحب التصانيف الباهرة " (10).
وقال الإمام القفطي (ت624هـ): " العالم الكامل المقرئ النحوي اللغوي الحافظ الإخباري، جامع العلوم، لم يُر في فنونه مثله " (11).
وقال فيه الإمام العبادي (ت458هـ): " هو أحد أفراد علمائنا " (12).
وقال الإمام ابن قاضي شهبة (ت851هـ): " الإمام العلم، صاحب التصانيف العظيمة، والتفسير المشهور " (13).
وقال الإمام عبدالعزيز بن محمد الطبري: " كان أبو جعفر من الفضل، والعلم، والذكاء، والحفظ على ما لا يجهله أحدٌ عرفه، لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعمله اجتمع لأحدٍ من هذه الأمة، ولا ظهر في كتب المصنفين، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له " (14).
وقال الأديب ياقوت الحموي (574 - 626هـ): " كان عازفاً عن الدنيا، تاركاً لأهلها، يرفع نفسه عن التماسها، وكان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو، وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب، وكان عالماً بالعبادات، جامعاًً للعلوم، وإذا جمعت بين كتبه، وكتب غيره وجدت لكتبه فضلا على غيرها " (15).
وقال المسعودي (ت248هـ): " الفقيه ببغداد " (16).
وقال المعافى بن زكريا (305 - 390هـ): " عمالة , علامة وقته , وإمام عصره , وفقيه زمانه " (17).
وقال أحمد بن كامل القاضي (260 - 350هـ): " أربعة كنت أحب بقاءهم ك أبوجعفر بن جرير , والبربري , وأبو عبدالله بن أبي خثيمة , والمعمري , فمار رأيت أفهم منهم ولا أحفظ " (18).
ملاحظة: قد ذكرت بالهامش كتاب (طبقات فقهاء الشافعية) مرتين فكلاهما لمؤلف مختلف وكذلك (طباقت المفسرين).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) البداية والنهاية ,ج10 , ص 195
2) طبقات المفسرين ص 82
3) سير أعلام النبلاء , ج14 , ص267
4) طبقات المفسرين , ص 374
5) تاريخ مدينة السلام , ج2 , ص 549
6) وفيات الأعيان , مصدر سابق , ج4 , ص 191
7) غاية النهاية في طبقات القراء , ج2 , ص 106
8) الوافي بالوفيات , ج2 , ص 284
9) طبقات الشافعية الكبرى , مص ج3 , ص 123
10) لسان الميزان , ج5 , ص 757
11) انباه النحاة على أنباه النحاة , ج 3 , ص 89
12) طبقات الفقهاء الشافعية , ص 52
13) طبقات الفقهاء الشافعية , ج1 , ص 70
14) معجم الأدباء , ج9 , ص 59
15) المصدر السابق , ج9 , ص 61
16) مروج الذهب ومعادن الجوهر , ج3 , ص 38
17) الفهرست , ص 387
18) سير أعلام النبلاء , ج 14 , ص275
ـ[الراية]ــــــــ[01 Jul 2004, 12:29 ص]ـ
قال الحافظ ابن حجر عن ابن جرير في كتابه لسان الميزان
[ثقة، صادق، فيه تشيع يسير وموالاة لا تضر]
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - مفتي السعودية سابقاً-
في مجموع فتاواه الذي جمعه ابن قاسم
1/ 257
[ابن جرير ألف في غدير خم مجلدا
ونعرف أن عنده شيئاً من التشيع الذي لم يصل إلى البدعة]
ومن أرد الزيادة فلينظر إلى ما كتبه علي بن عبد العزيز الشبل صفحة 51 - 52، من تحقيقه لكتاب ابن جرير ((التبصير في معالم الدين)) الذي طبعته دار العاصمة، ط1/ 1416هـ
فقد رد ما اتهم به ابن جرير بنقول من رسالته آنفة الذكر.
والله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 Jul 2004, 08:43 ص]ـ
أما أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري فقد قال فيه الذهبي في ميزان الإعتدال في نقد الرجال (6\ 90): فيه تشيع يسير وموالاة لا تضر.
إذاً فرمي ابن جرير الطبري بالتشيع أمر صحيح، وهو لا يخالف أنه من أئمة أهل السنة. فالتشيع غير الرفض.
ـ[الراية]ــــــــ[04 Jul 2004, 10:29 م]ـ
قد وقفت على كتاب ممتع ومقنع -أيضا-
في هذا الموضوع
وهو عبارة عن رسالة علمية للدكتوراة
بعنوان ((موقف الصحاب رضي الله عنهم في الفتنة من مرويات الامام الطبري والمحدثين))
طبعة دار طيبة للنشر والتوزيع في مجلدين
المؤلف هو / د. محمد أمحزون
والشاهد منه في المجلد الاول من صفحة 179 الى صفحة 210
حيث ذكر من اتهم الطبري بذلك، ثم الأسباب التي ادت الى اتهامه بذلك مع الاجابة عليها والرد من خلال نقول كثيرة من كتب الطبري وغيره من علماء أهل السنة
ولعلي اذكر ان فسح لي الوقت - ان شاء الله تعالى- ملخصا لما كتبه الدكتور(/)
فوائد من شرح الشيخ صالح الأسمري لمقدمة شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[30 Jun 2004, 02:35 ص]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فهذه جملة من الفوائد المنتقاة للشيخ صالح الأسمري – حفظه الله - على مقدمة في التفسير لشيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله –
أحببت أن أطرحها من باب المذاكرة والمدارسة، وفي الحقيقة إن شرح الشيخ لهذه المقدمة مليء بالفوائد والدرر لمن وقف على هذا الشرح وتأمل ما فيه من المعاني والوقفات.
وللشيخ حفظه الله موقع على هذا الرابط
http://www.kaabah.org/
فصل في أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه معاني القرآن
FF0000 ـــــــــــــــــــــــــ
قال الشارح:
واختلف في المقصود بالتبيان السابق على قولين:
الأول: أنه بيَّن صلى الله عليه وسلم جميع آي الكتاب، ويدخل في ذلك: كلماته وجله وما إليه.
وأما الثاني: فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن شيئين:أولهما: المجمل؛ ففسره.
وأما الثاني: فالمستشكل؛ فبيه.
والقول الثاني: هو الذي قطع به الجمهور والأكثر، كما قاله السيوطي في " الإتقان " وكذلك البقلعي في مواضع من تفسيره: " نظم الدرر في تناسب السور " وجماعة.
وفيه دلالة على أن النبي صلى الله عليو وسلم إنما اقتصر على بيان ما يَرِدُهُ السؤال عنه، والعادة أنه يُسأل عن المجملات؛ لِتُفَصَّل، وعن المستشكلات،؛ لِتُبيَّن.
وهذا القول يدل عليه دلالتان:
أما الأولى: فقول الله سبحانه وتعالى [/ color[color=FF0000]]{ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (44) سورة النحل حيث فسره مجاهد كما جاء عند "الطبري " وغيره بأنه: (بيانٌ لما أُجمل واستشكل) فرجع البيان حينئذٍ إلى شيئين: إلى المستشكل، وإلى المجمل.
وأما الثانية: فاتفاق الفقهاء والمفسرين على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُبيَّن أحرف القرآن وكلماته، وقد حكى الاتفاق في ذلك جماعة، ومن أولئك: بدر الدين الزركشي في " البرهان " وكذلك القرطبي في " تفسيره " في آخرين.
وعليه فإطلاق شيخ الإسلام الإسلام بن تيمية – يرحمه الله - أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لأصحابه معاني القرآن، إنما عنى به المعنى السابق / من مجمل يُفَسَّر ويُفَصَّل، ومن مستشكل يُبيَّن ويُحَل.
ويدل على أنه عنى ذلك الإطلاق دلالتان:
أما الأولى: فالاتفاق المحكي وسبق.، والعادة عدم مخالفة الإمام للاتفاقات والإجماعات المحكية.
وأما الثانية: فهو أن شيخ الإسلام - يرحمه الله – قد بيَّن في آخر هذه المقدمة أن الرأي في كتاب الله سبحانه وتعالى نوعان:
رأي مذموم، ورأي محمود، فدل على أن كتاب الله ليس مبينا في كل كلماته وجمله؛ و إلا لما كان ثمة مكان للرأي المحمود.
وعليه فإن تقرير شيخ الإسلام - يرحمه الله – لتبين النبي صلى الله عليه وسلم لمعاني القرآن محمول على هذا المحمل لا غير.(/)
سؤال حول آية (و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة)
ـ[إدريس السنوسي]ــــــــ[30 Jun 2004, 05:15 ص]ـ
مسألة عقد النكاح من الأمور التي تناولتها النصوص الشرعية و حددت لها ضوابطها و شروطها و أركانها، ووفقا لما ورد في هذه النصوص فهذه الأركان هي
1/ المهر
2/ و جود ولي للزوجة بيده عقدة النكاح، و يجري معه العقد (الإيجاب و القبول)
3/ الإعلان (بما قد يشتمل عليه من شهود و وليمة و غير ذلك)
و لكن عند أهل مصر هذه الأيام يجري العجب، فقد تجاهلوا اركانا، و ابتدعوا أركانا من عند أنفسهم.
بدع الزواج المصري:
1/ تجاهل المهر كركن شرعي.
2/ ابتداع تسمية جديدة في الدين يطلقون عليها (مؤخر الصداق) يكتب في العقد و يُدفع في حالة الطلاق فقط! و الصداق هو المهر و قد سماه الله فريضة، و لكن في مصر جعلوا من الصداق مؤخرا و مقدما، فيتجاهلون المقدم و يقرون المؤخر!
3/ ابتداع ركن جديد يطلقون عليه (الشبكة) و هو عبارة هدية ذهبية تقدم للزوجة قبل العقد كشرط لإعلان الخِطبة!
4/ قيام الزوجة بتأثيث نصف المنزل، و توقيع الزوج على إقرار بأن كل محتويات المنزل ملكا خاصا لها!! و ذلك لضمان عدم الغدر منه .. و لعل هذه البدعة تكشف كيف صارت العلاقة الزوجية تقوم على التوجس و الخوف من الغدر!
السؤال للأخوة:
هل يصح إقرار هذه الأركان تأويلا لقول الله تعالى (و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة)، و ذلك إن تم إقرار الفريضة بشئ رمزي كخاتم من حديد؟
السؤال بصيغة أخرى:
هل ثبت تقييد الإطلاق في الآية؟ و ما الدليل؟
أبحث هذه المسألة الآن و كنت أخشى أن يفوتني دليل أو آخر فأقع في الخطأ، فرأيت عرض الموضوع للنقاش.(/)
نبذة عن كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة معمر بن المثنى
ـ[مسك]ــــــــ[30 Jun 2004, 08:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الفضلاء أبحث عن نبذة علمية عن كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة ..
جزى الله خيراً من دل على ذلك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jul 2004, 09:38 ص]ـ
هذه مقالة حول كتاب المجاز، كنت قرأتها قديماً في موقع المجلة، ثم لما رأيت هذا السؤال بحثت عنها فلم أوفق، ثم قام الأخ الكريم نايف الزهراني وفقه الله بوضعها على هيئة ملف مرفق، فأحببت وضعها برمتها هنا، ليطلع عليها الجميع مع شكري لأخي أبي بيان.
كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة ـــ أ. بهاء الدين عبد الله الزهوري
مجلة التراث العربي - العدد 81 - 82
يذكر المؤرخون أن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب، أحد كتَّاب الفضل بن الربيع، سأل أبا عبيدة عن معنى آية من القرآن، فأجاب عن السؤال واعتزم أن يؤلف (مجاز القرآن) (1). ونقل الرواة أن أول ما يطالعنا في آخر القرن الثاني الهجري من دراسات القرآن الكريم، الدراسات اللغوية لأسلوب القرآن، وكان أولها كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة (2) معمر بن المثنى (110 - 209) هـ. ومهما يكن الداعي إلى تأليف هذا الكتاب، فقد كان أبو عبيدة يرى أن القرآن نص عربي، وأن الذين سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة لم يحتاجوا إلى السؤال عن معانيه، لأنهم كانوا في غنى عن السؤال ما دام القرآن جارياً على سنن العرب في أحاديثهم ومحاوراتهم، وما دام يحمل كل خصائص الكلام العربي؛ من زيادة وحذف وإضمار واختصار وتقديم وتأخير (3).
وكتاب المجاز يمثل التيار اللغوي للتفسير، وتوجد به بعض آثار البحث البياني -الذي اتسع من بعد- وهو مهم من هذه الناحية، لأنه يحدد أيضاً بدء الدراسات النقدية من دراسات القرآن نفسها، وسنتناول الكتاب ببعض التفصيل.
تحليل الكتاب:
يحسن بنا أن نقف وقفة قصيرة أمام مجهود أبي عبيدة في كتابه (مجاز القرآن)، لاعتبارات كثيرة، أحدها أنه أول دراسة تصلنا في هذا الميدان اللغوي في القرآن، وثانيهما أنه يعتبر مرحلة أولية من مراحل تطور النقد والدراسات البيانية لأسلوب القرآن، وفي تطور الأدب العربي عامة، وثالثها أن هذا الكتاب كان مرجعاً لكثير من الدراسات اللغوية والأدبية التي تلت، لأن الرجل علم من أعلام اللغة والأدب في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ولا يصح إغفال إنتاجه في دراسة متعلقة بالقرآن الكريم.
يقدم أبو عبيدة لكتابه بمقدمة في بحوث لغوية عامة في القرآن، يبدؤها ببحث كلمة (قرآن)، وله رأي خاص في اشتقاق هذه الكلمة ينقله عنه المتأخرون، وهو قوله: إنما سمي قرآناً لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية من القرآن، قال الله جل ثناؤه: (إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ([القيامة: 75/ 17]. ويستشهد عليه من كلام العرب (4).
وبعد أن ينتهي من تلك المقدمة العامة، التي رسم فيها منهجه، ووضع فكرته التي دار عليها الكتاب، يبدأ بتناول السور والآيات تناولاً تنازلياً، يبدأ بسورة الفاتحة. ويتبع في تفسيره نظاماً لا يحيد عنه، نلخصه فيما يلي:
1 - يبدأ بشرح الآية بآية أخرى ما أمكن.
2 - يتبعها بحديث في المعنى نفسه.
3 - ثم يتبعها بالشاهد الشعري القديم، أو بكلام العرب الفصيح، كالخطب والأمثال والأقوال المأثورة. ويحرص أبو عبيدة على أن يؤكد دائماً صلة أسلوب القرآن وفنون التعبير فيه بأساليب العرب وفنونهم، فيذكر دائماً في ختام كلامه أن (العرب تفعل هذا).
فكرة المجاز واستعمال اللفظ عند أبي عبيدة:
كان أبو عبيدة يدير لفظ (مجاز) على أمر في نفسه، وأنه التزم فكرة بعينها كانت تشغل ذهنه، فلم تكن هذه الكلمة تعبر عن مدلول كلمة تفسير، أو كلمة معنى بصفة مطلقة، وهذا لا ينفي إطلاقها أحياناً في ذلك المعنى. فكان أبو عبيدة يستعمل في تفسيره للآيات هذه الكلمات: (مجاز كذا)، و (تفسيره كذا)، و (معناه كذا)، و (غريبه)، و (تقديره)، و (تأويله) على أن معانيها واحدة أو تكاد، ومعنى هذا أن كلمة (المجاز) عنده عبارة عن الطرق التي يسلكها القرآن في تعبيراته، وهذا المعنى أعم بطبيعة الحال من المعنى الذي حدده علماء البلاغة لكلمة (المجاز) فيما بعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجاز في اللغة بمعنى قطع جوز الفلاة، والمجازاة الطريقة، والمادة ومشتقاتها تعني الانتقال بوجه عام، ومنه التجوز في الشيء، الترخص فيه. وعلى هذا المعنى بنى أبو عبيدة فهمه لكلمة مجاز، ويقصد (5):
1 - الانتقال في التعبير من وجه لآخر:
كالانتقال في التشبيه من وجه الشبه المعروف إلى وجه آخر غير معروف، أو مألوف. كما في قوله تعالى: (إنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجَحِيمِ، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِين) [الصافات: 37/ 64 - 65]. وعلى أساس أن هذا الانتقال من تعبير قريب إلى تعبير بعيد غير معهود لغير العربي الأصيل. يرى أبو عبيدة أن في أسلوب القرآن مجازاً، وانتقالاً على طريقة العرب في الانتقال، أو الرخصة في التعبير.
وقد صرح أبو عبيدة في أن العرب لم يكونوا في حاجة إلى مثل كتابه لفهم المجاز في القرآن. لأنهم أعرف بفنون القول في لغتهم، ومن ثم في القرآن الذي جاء على أصول هذه اللغة عربياً مبيناً. فالفكرة التي تراود أبا عبيدة وهو يؤلف كتابه، كانت مدرسية، يحاول أن يضع أمام طبقة المستعربين صوراً من التعبير في القرآن، وما يقابله من التعبير في الأدب العربي شعراً ونثراً، ويبين ما فيها من التجاوز أو الانتقال من المعنى القريب أو التركيب المعهود للألفاظ والعبارات إلى معان أخرى اقتضاها الكلام.
فكلمة مجاز عنده إذاً ليست مجرد مقابل لكلمة تفسير، ولكي نثبت هذا نحب أن نعطي فكرة عامة عن دوران معنى الكلمة ليتضح الأمر.
(أ) قد يكون التحول في مدلول الكلمة لغوياً:
قد يتحول المعنى من مدلول صيغة إلى مدلول صيغة أخرى، من المصادر إلى الصفات، مثل قوله تعالى: (وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ([البقرة: 2/ 177]، يقول: فالعرب تجعل المصادر صفات، فمجاز البر هنا مجاز الصفة لمن آمن بالله. وقد يتحول مدلول الفاعل إلى المفعول، أو العكس، مثل قوله تعالى: (ما إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ([القصص: 28/ 76] والعصبة هي التي تنوء بالمفاتح. ومن مجاز ما يقع المفعول إلى الفاعل، قوله تعالى: (كَمَثَلِ الَّذي يَنعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ ([البقرة: 2/ 171] والمعنى على الشاة المنعوق بها، وحوَّل على الراعي الذي ينعق بالشاة. والأمثلة كثيرة على ذلك.
ومنه أيضاً تحول مدلول الأدوات والحروف، يقول: ومن مجاز الأدوات اللواتي لهن معان في مواضع شتى، فتجيء الأداة تتفق في بعض تلك المعاني، قال تعالى: (أَنْ يَضْرِبَ مثلاً ما بعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ([البقرة: 2/ 26] معناه فما دونها، وفي قوله تعالى: (والأرضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاها ([النازعات: 79/ 30] ومعناها مع ذلك.
(ب) الانقلاب في المدلول إلى الضد:
فقد ينقلب معنى وراء إلى قدام، في قوله تعالى: (مِنْ وَرَائِهِمُ جَهَنَّمُ ([الجاثية: 45/ 10] مجازه قدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك.
(ج) التغير في الصيغة:
بزيادة في الحروف كأن يكون مدلول مَطَرَ غير مدلول أَمْطَرَ في تفسيره لقوله تعالى: (فأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجَرَةً مِنَ السَّماءِ ([الأنفال: 8/ 32] مجازه أن كل شيء من العذاب فهو أمطرت بالألف، وإن كان من الرحمة فهو مَطَرت.
(د) التغير في مدلول الاستفهام:
ففي قوله تعالى: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ([البقرة: 2/ 30] جاءت على لفظ الاستفهام، والملائكة لم تستفهم ربها، وقد قال تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ (ولكن معناها الإيجاب أي أنك ستفعل، وقال جرير فأوجب ولم يستفهم:
أَلَسْتُم خيرَ مَنْ رَكِبَ المطَايَا * وأنْدى العَالمينَ بُطُونَ رَاحِ
ويهتم أبو عبيدة في مواضع كثيرة بصيغة أفعل في القرآن، مثل قوله تعالى: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه ([الروم: 30/ 27] مجازه مجاز ذلك هيِّن عليه، لأن أفعل يوضع موضع الفاعل. قال:
لعَمْرُك ما أَدري وإِنِّي لأوْجَلُ *على أَيِّنا تَأْتي المنيَّةُ أَوَّلُ
إني لأوجل أي وجل، وفي الأذان: الله أكبر، الله أكبر. وهكذا قد تتغير صيغة التفضيل فتصبح مجرد فاعل.
2 - ويتحول المعنى تحولاً بلاغياً:
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك على سبيل الإيضاح أو التأنق في التعبير والتفنن في القول، فتجري كلمة مجاز على مجموعة من المعاني اصطلح البلاغيون من بعد على إدراجها تحت تعريفات خاصة في علم البلاغة، ومن هذه التعريفات ما نشأ أو قوي في ظل القرآن والدراسات القرآنية الأولى ومنها هذا الكتاب. ومنها:
(أ) التقديم والتأخير: يذكره أبو عبيدة في المقدمة، فيقول: ومن مجاز المقدم والمؤخر، قوله تعالى: (فَإِذا أَنْزَلْنَا عَلَيْها المَاءَ اهتزَّتْ وَرَبتْ ([فصلت: 41/ 38] أراد ربت واهتزت، و قوله تعالى: (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ([النور: 24/ 40] لم يرها ولم يكد.
(ب) التشبيه، وأول ما ترد هذه الكلمة على لسان أبي عبيدة في كتاب المجاز، عند شرحه لقوله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ([البقرة: 2/ 223] كناية وتشبيه.
(ج) التمثيل، وهو يعني عنده هنا التشبيه، أو تشبيه التمثيل، قال في تفسير قوله تعالى:
(على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ (مجاز هائر. ومجاز الآية: (أَفَمَنْ أَسِّسَ عَلَى تَقْوى من اللهِ وَرِضْوانٍ خَيرٌ مَنْ أُسَّسَ بُنْيَانَهُ على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ([التوبة: 9/ 109]. مجاز تمثيل لأن ما بناه على التقوى أثبت أساساً من البناء الذي بنوه على الكفر والنفاق، وهو على شفا جرف وهو ما يجرف من سيول الأودية، فلا يثبت البناء عليه (6).
ويجدر بنا أن ننبه إلى معرفة أبي عبيدة بالتشبيه والتمثيل لونين من ألوان التعبير، ولم يهتم في الآية بكلمة هائر وحدها بل اهتم بالصورة البيانية بتمامها. وفهمه للصورة البيانية بوجه عام لا يتعدى الفهم اللغوي، فهو يتعرض لكل الفنون البيانية المتعلقة بالأسلوب، ويعتبرها من المجاز اللغوي.
(د) الاستعارة: يطلق كلمة مجاز على معنى الاستعارة، مثل قوله في تفسير قوله تعالى:
(وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ([الأنفال: 8/ 11] مجازه يفرغ عليهم الصبر وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم. وفي قوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ([الأنفال: 8/ 17] مجازه ما ظفرت، ولا أصبت ولكن الله أظفرك وأصاب بك ونصرك.
وكثير من الاستعارات والتشبيهات في القرآن تدخل نطاق الحرج لأنها تتعلق بالذات أو العقيدة، أو بصورة البعث. وموقف أبي عبيدة من هذه جميعاً موقف اللغويين، يأخذ بظاهر القول إلى أمد محدود غايته المعنى المجازي القريب، وهو المذهب الذي عرفوا به ولامهم عليه المعتزلة، ولكنه قد يعمد أحياناً إلى التحلل من التشبيه، ويدور حول بعض عبارات القرآن حتى لا تدخله في دائرة الحرج أو التجسيم، فيفسر قوله تعالى: (يَدُ الله مغلولةٌ) بقوله: أي خير الله.
(هـ) الكناية: ينص على الكناية في أكثر من موضع، والفعل كنى يستعمله بمعناه اللغوي أي أخفى أو أضمر، واستعماله للكلمة في الدلالة على فن من فنون الأسلوب، قريب من استعمال البلاغيين للدلالة على الاصطلاح البلاغي المعروف (الكناية). مثل قوله في الآية: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ([البقرة: 2/ 223] كناية وتشبيه، وفي قوله: (أَوْ عَلَىْ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِط ([النساء: 4/ 43] كناية عن إظهار لفظ قضاء الحاجة من البطن، وكذلك قوله تبارك وتعالى: (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّساءَ ([النساء: 4/ 43] كناية عن الغشيان، وكذلك -سوءاتهما- كناية عن فروجهما، وهذه كلها قريبة من الاستعمال البلاغي.
ويتعرض أبو عبيدة لنكت عامة في الأسلوب تأتي عرضاً في تفسيره، فيعرض للإيجاز والإطناب، ويشير إلى ما في بعض الآيات من الحذف، وما فيها من الزيادة، ومن الفنون البلاغية الأخرى التي التفت إليها، واعتبرها من المجاز (الالتفات) ويذكره في المقدمة. فيقول: ومن مجاز ما جاءت مخاطبته مخاطبة الشاهد ثم تركت وحولت هذه إلى مخاطبة الغائب، قوله تعالى: (حتى إِذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ ([يونس: 10/ 22] أي بكم. والأمثلة على ذلك كثيرة في كتاب مجاز القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا بعض ما تنطوي عليه مرامي كلمة مجاز في كتاب أبي عبيدة، وهذه المعاني السابقة غالبة على غيرها من الاستعمالات، وخاصة استعمالها في معنى -تفسير- وقد تأتي بهذا المعنى في أحوال غير قليلة، كما يفسر قوله تعالى: (وَ لاَطَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالَكُمْ ([الأنعام: 6/ 38] قال: مجازه إلا أجناس، وقوله تعالى: (ما فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ([الأنعام: 6/ 38] قال: مجازه ما تركنا ولا ضيعنا (7).
وخلاصة القول في كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة، أنه كان خطوة في سبيل الكلام في طرق القول، أو (المجاز) بمعناه العام، وقد حاول أبو عبيدة أن يكشف عن بعض ما جاء من ذلك في أسلوب القرآن، مع مقارنته بما جاء في الأدب العربي، وساعد عليه محصوله اللغوي والأدبي الغزير فيهما.
وقد حددت هذه المحاولة؛ القول في بعض المسائل والمشكلات في أسلوب القرآن، والتي صارت فيما بعد مسائل البيان العربي عامة، كما أنها كانت ذات قيمة لغوية كبيرة أفادت بحوث اللغة.
وختاماً، يقول الجاحظ (8): (لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلم من أبي عبيدة) (9)، وكان له إلى هذه السعة في العلم نفاذ وعمق يتمثلان في قولهم عنه: (إنه كان ما يفتش عن علم من العلوم إلا كان من يفتشه عنه يظن أنه لا يحسن غيره، ولا يقوم بشيء أجود من قيامه به) (10).
وقد عاصر أبو عبيدة من علماء اللغة الأصمعي (11)، وأبا زيد (12) وكان بينهم من الخلاف مايكون بين المعاصرين، ولكن خلافهم هذا لم يصل إلى الريبة في الثقة بما يرويه كل واحد منهم، أو إلى الأنفة من الاعتراف بالحق لصاحبه حين يبدو وجه هذا الحق. ذلك لأنهم لم يكونوا يختلقون ولا يتزيدون. وكان الرواة والآخذون عنهم يرجحون أبا عبيدة إذا قاسوه بصاحبيه أو أحدهما (13). ولعل ملحظهم في هذا التفضيل أن أبا عبيدة كان له- إلى غزارة العلم -مرونة في فهم اللغة عند الأصمعي وأبي زيد، على أن أبا عبيدة وأبا زيد كانا يتفقان في كثير من مسائل اللغة (14).
الحواشي:
(1) مجاز القرآن أبو عبيدة:، تحقيق: د. محمد فؤاد سزكين، مؤسسة الرسالة، ط (2) بيروت 1981م، 1/المقدمة.
(2) أبو عبيدة (110 - 209هـ/728 - 824م) معمر بن المثنى. في مقدمة العلماء الرواد في البصرة، عاصر الخليل والأصمعي وأبا زيد الأنصاري، واسع الاطلاع على أخبار العرب وأيامهم.
(3) مجاز القرآن، 1/المقدمة.
(4) المرجع السابق، 1/ 2.
(5) أثر القرآن في تطور النقد العربي د. محمد زغلول سلام:، دار المعارف بمصر ط (2)، القاهرة 1961/، ص39.
(6) مجاز القرآن، 1/ 71.
(7) المرجع السابق، 1/ 82.
(8) الجاحظ (159 - 255هـ/775 - 868م) أبو عثمان، عمرو بن بحر. قمة في البيان والنثر الفني، وإمام في التأليف، ورأس من فرقة المعتزلة، ترك نحواً من 360 كتاباً.
(9) البيان والتبيين الجاحظ:، تحقيق: عبد السلام هارون، دار المعارف بمصر، ط (1) القاهرة 1950م، 1/ 347
(10) النوادر أبو زيد الأنصاري:، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1894م، ص51.
(11) الأصمعي: (122 - 231هـ/739 - 831م) أبو سعيد، عبد الملك بن قريب .. بن أصمع، علم بصري فذ في اللغة والرواية قوي الحافظة لأنساب العرب وأيامها وأخبارها وأرجازها، وله كتاب الأصمعيات في الشعر القديم.
(12) الأنصاري (119 - 215هـ/737 - 830م) أبو زيد، سعيد بن أوس بن ثابت. من أئمة البصريين في النحو واللغة والرواية، في منزلة الأصمعي وأبي عبيدة، موثق في علمه وروايته، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء.
(13) المزهر في علوم اللغة وأنواعها السيوطي:، تحقيق: محمد أحمد جاد المولى وعلي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى الحلبي، القاهرة، 2/ 402.
(14) جمهرة اللغة ابن دريد:، ط حيدر آباد 1345هـ، 3/ 434.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Jul 2004, 05:31 م]ـ
من باب الفائدة:
الرواية المذكورة في قصة تأليف كتاب المجاز التي أشار إليها الكاتب فيها غرابة، وتكاد ألا تكون صحيحة، ومما يستأنس به في ردِّها أمران:
أولاً: أن أبا عبيدة أبان عن سبب تأليفه للمجاز، وهما سببان:
الأول: أن الصحابة ومن بعدهم عرب يفهمون الخطاب العربي، فلم يحتاجوا إلى أن يسألوا عنه، بخلاف من جاء بعدهم ممن هو في حاجة إلى معرفة هذا الخطاب العربي.
الثاني: الرد على من يزعم أن في القرآن غير اللفظ العربي (المعرَّب).
وهذان السببان قد نصَّ عليهما نصًّا واضحًا في مقدمة المجاز.
ثانيًا:أنه لم يذكر هذا السبب في مقدمة تفسيره، كما لم يذكر تفسيرًا لهذه الآية أصلاً، فكيف يغفل عن تفسير آية كانت هي سبب تأليف الكتاب؟!
وهذا الكتاب ـ مع ما لاقى من معارضة ـ نفيس جدًّا في بابه، وهو من أهمِّ كتب الشواهد اللغوية في التفسير، ولإن كان يجوز القول في أن الناس عيال على فلان في كذا، فالمفسرون واللغويون عيال على أبي عبيدة في باب الشاهد اللغوي الشعري.
والكتاب بحاجة إلى تحقيق جديد، ودراسة علمية مستقصية لجوانب إفادة هذا الكتاب، ومنزلته في التأليف في هذا الفنِّ، ودراسة عصره اللغوي وما لأهلها من اللغويين من كتابات في غريب القرآن ومعانيه، وأثره فيمن جاء بعده، إلى غير ذلك.
والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2005, 06:55 م]ـ
وهذا بحث آخر بعنوان:
أَبو عبَيْدة التّيمي منهجه ومذهبه في "مجَاز القرآن"
لموفق السرّاج
نشر بمجلة التراث العربي بدمشق -العدد 18 - ربيع الثاني 1405
تمهيد:
أحب أن أشير في البداية إلى أن أهم نقطة يمكن أن يتعرض لها الباحثون في التراث العربي هي المنهج الذي كان يتبعه أصحاب تلك الأعمال التراثية الضخمة في مؤلفاتهم، هذا المنهج الذي يتخطى حدود الزمان والمكان، ويكشف عن التوجه العقلي الذي يصدر عنه الكاتب في كتاباته، وبالتالي يدل على مكانة العمل التراثي وصاحبه، والأثر الذي خلفه في عصره ومابعد عصره، ويجلو مذاهب المؤلفين من آثارهم. وذاك ما أبتغيه من هذه الدراسة فأعرض لكتاب "مجاز القرآن"، لأبي عبيدة مَعمر بن المثنى التيمي /110 ـ 210 هـ/ فأبين من خلال هذا الكتاب منهج مؤلفه ومذهبه لأنه أول كتاب و صلنا في عنوانه وموضوعه، وعندما ظهر في زمانه أحدث ضجة كبيرة في الأوساط العلمية المختلفة، ولكن أرى من الضرورة، قبل ذلك، أن أعرِّج على ما ألف في القرآن كي نعرف إلى أي لون من التفاسير القرآنية ينتمي كتاب المجاز هذا.
*ما ألف في القرآن:
قد يكون من نافلة القول أن نذكر بأن لوناً من ألوان التراث العربي لم يحظ بالعناية والدراسة والشرح والتمحيص مثل ما حظي به القرآن الكريم خاصة، والعلوم الشرعية عامة، منذ نزل القرآن على محمد (ص) ليكون مفسره الأول إلى الصحابة والتابعين والعلماء والدارسين في أصقاع متنوعة من عالم واسع عريض امتد من الصين والهند في أقصى المشرق، إلى مراكش والأندلس في أقصى المغرب، وحتى عصرنا هذا الذي ظهرت فيه ـ ولا تزال ـ دراسات وشروح وتفاسير مختلفة.
والناظر إلى المكتبة القرآنية يدرك مدى غناها بكتب التفسير، كما يلحظ ألواناً شتى للتفاسير، بسبب العصبيات المذهبية والسياسية والفكرية التي ينتمي إليها المفسرون، فكان ما يسمى بـ"التفسير بالمأثور"، أو "التفسير النقلي" الذي اعتمد فيه أصحابه على ما ورد في القرآن، وما جاء في الحديث الشريف، وأثر عن الصحابة والتابعين من تفسير للآيات.
ثم "التفسير بالرأي" أو "التفسير العقلي" الذي اتخذ من الرأي أو العقل والاجتهاد طريقاً له في الكشف عن غامض التنزيل. و"تفاسير الفرق الإسلامية المختلفة" ترجع في الحقيقة إلى التفسير بالرأي، لأن أصحابها لم يؤلفوها إلا لتأييد أهوائهم ... ومن ذلك تفاسير المعتزلة والمتصوفة ... ويغلب على تفاسير المعتزلة الطابع العقلي والمذهب الكلامي ... ولا ترد النصوص فيها إلا على أنها شيء ثانوي نادراً ما يلجؤون إليه لشرح معاني الآيات (1)، ويغلب على تفاسير المتصوفة الشطحات التي تبعدهم عن النسق القرآني، وتجعل كلامهم غامضاً إلا على المشتغل بالشؤون الروحية (2).
ويقرب من تفاسير المتصوفة ما يسمى بالتفسير الإشاري، وهو الذي تؤول به الآيات على غير ظاهرها مع محاولة الجمع بين الظاهر والخفي (3).
إلا أن من كتب التفسير ما أظهر عناية خاصة في جانب من جوانب القرآن، كالتوجيه الأعرابي أو البلاغي أو النظر في معاني مفردات القرآن، أو مجازه، أو في أقسامه، أو نظمه ونذكر من ذلك على سبيل المثال كتاب "مجاز القرآن"، لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت 210 هـ)، وكتب "معاني القرآن"، للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة (4)، (ت 215هـ)، ويحيى بن زياد الفراء (5) (ت 207)، والزجاج (6) (ت 310 هـ)، وأبي جعفر النحاس (7) (ت 337)، وكتاب "أحكام القرآن"، لأبي بكر الجصاص (ت 370 هـ)، و"إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم"، لابن خالويه (ت 370 هـ)، وإعجاز القرآن"، للقاضي الباقلاني (ت 403هـ)، و"دلائل الإعجاز" للإمام عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ)، وكتاب "مفردات القرآن" للراغب الأصفهاني (ت 502 هـ)، .... الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل من دواعي كثرة الدراسات والتفاسير القرآنية أن هذا الكتاب قد بهر أرباب الفصاحة والبيان، وجعلهم عاجزين عن مجاراته بله الإتيان بآية من آياته، مما دفع علماء العربية إلى البحث عن أسباب إعجازه من جهة، واستنباط قواعد العربية النحوية واللغوية من خلال القراءات التي لم تعدُ وجوهاً فصيحة صحيحة لكلام العرب ولهجاتهم من جهة أخرى، فظهرت عن ذلك التفاسير اللغوية التي يلجأ فيها المفسر إلى اللغة، يستعين بها في تطبيق المنهاج الذي ارتضاه لنفسه والمذهب الذي يميل إليه. بيد أن الاعتماد على اللغة يختلف مقداره من مفسر إلى آخر، فمنهم من جعل كل اعتماده أو جله على اللغة، فقدموا إلينا كتب "معاني القرآن"، التي تنحو في التفسير منحى لغوياً ونحوياً وبلاغياً، وكتاب "مجاز القرآن" واحد منها، وإن اختلف عنها في التسمية، لأنه ينحو في التفسير منحى لغوياً.
ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن الحركة اللغوية عامة، و النحوية خاصة، بدأت أول ما بدأت، بدافع من الحرص على حفظ ألسن العرب من اللحن وتعليم الأعاجم، الذين دخلوا الإسلام أفواجاً، حسن قراءة القرآن "وكان القائمون على ذلك من قراء القرآن الذين ورثوا ألواناً من وجوه القراءات هي سابقة ولا شك على الاشتغال باللغة والنحو، فمن الطبيعي، والحالة هذه، أن يورثوها بدورهم تلاميذهم، وأن يحاول هؤلاء التلاميذ مع الزمن تأويلها وتعليلها حين بدأت تتكون مقومات البحث المنهجي العلمي" (8).
وكيلا نشعب القول ونظل في التعميم، نلقي المرساة في أواخر القرن الثاني الهجري فنرى أن "أول ما يطالعنا من دراسات القرآن الدراسات اللغوية والنحوية لأسلوب القرآن، أما اللغوية فيضطلع بها أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه "مجاز القرآن"، وأما النحوية فيضطلع بها أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء في كتابه "معاني القرآن"، (9)، وسوف نقف على الكتاب الأول ونفصل فيه القول لأن عليه مدار حديثنا.
*في مجاز القرآن:
كنت قد ذكرت أن هذا الكتاب ينضوي تحت ما ألف من كتب في "معاني القرآن" وإن اختلف عنها في التسمية، لأنه ينطلق ـ كما انطلقت هذه الكتب ـ في غاية واحدة هي الرجوع إلى أساليب العربية المستعملة، ومعرفة الطرق التي تسلكها في التعبير، ومن ثم فهم آي التنزيل التي نزلت على طريقة العرب.
وإذا كان كتاب الفراء "معاني القرآن"، يمثل المذهب الكوفي النحوي واللغوي فإن "مجاز القرآن"، لا يكاد يمثل مذهباً سوى الرأي المتحرر من القيود التي كانت المدرستان البصرية والكوفية تضعانها لفهم النصوص (10)، على أن صاحبه يعد من علماء البصرة.
ومع أن الكتاب قد وجدت فيه بعض آثار البحث البلاغي إلى أن الطابع اللغوي يكاد يطغى عليه حتى يوشك أن يكون كتاب لغة قبل أن يكون كتاب تفسير. و"يعد معاني القرآن للفراء دراسة مكملة ـ من الناحية اللغوية ـ لكتاب مجاز القرآن لأنه يبحث في التراكيب والإعراب، و"المجاز" يبحث في الغريب والمجاز، وكلتا الدراستين متعلقتان بالأسلوب، واختلفت دراسة الفراء هنا عن دراسة أبي عبيدة، وكان لهذا الخلاف أسبابه (11).
ولكن ما الدافع الذي جعل أبا عبيدة يؤلف كتاب المجاز، ويطلق عليه هذا الاسم؟، وفي أي وقت كان ذلك؟ ...
لقد ذكرت كتب التراجم سبب التأليف وزمنه من غير تحديد دقيق للسنة التي تم فيها ذلك. سوى ياقوت الحموي الذي حدد زمن تأليفه بسنة 188هـ، قال: " ... قال أبو عبيدة: أرسل إلي الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه سنة 188 هـ، فقدمت إلى بغداد واستأذنت عليه فأذن لي، ودخلت وهو في مجلس له طويل عريض في بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقى إليها إلا على كرسي وهو جالس عليها ... ثم دخل رجل في زي الكتَّاب له هيئة فأجلسه إلى جانبي. وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا. قال: هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة. أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا. قال لي: إني كنت إليك مشتاقاً وقد سئلت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ ... قلت: هات. قال: قال الله تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين (. وإنما يقع الوعد والإيعاد بما قد عرف مثله، وهذا لم يعرف، فقلت: إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفيُّ مضاجعي* ومسنونة زرق كأنياب أغوال
(يُتْبَعُ)
(/)
وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به، فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل، واعتقدت من ذلك اليوم أن أضع كتاباً في القرآن لمثل هذا وأشباهه، ولما يحتاج إليه من علم. فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته المجاز، وسألت عن الرجل فقيل لي: هو من كتاب الوزير وجلسائه يقال له إبراهيم بن اسماعيل بن داود الكاتب" (ص12).
وهذا الذي حكاه أبو عبيدة يلفتنا إلى أمور نرى من الفائدة ذكرها وهي التالية:
1 ـ أن أبا عبيدة ألف كتاب المجاز سنة 188 هـ، وهذا يعني أنه سابق لكتاب الأخفش الأوسط الذي اعترف بأنه أفاد منه في كتابه "معاني القرآن"، كما سيرد في حينه، كما أنه أسبق من كتاب الفراء الذي ألف مابين (202 ـ 204هـ).
2 ـ إن الدافع لتأليفه هو سؤال إبراهيم بن إسماعيل بن داود أحد كتاب الوزير الفضل بن الربيع، ولم يكن هذا الكاتب ممن عرفوا بالفصاحة والحذق وسعة الاطلاع على العربية ومذاهبها من أفواه أصحابها الذين ارتحل إليهم علماء العربية، فدرسوا اللغة عليهم في مواطنها، وإنما كان ـ فيما يبدو ـ ممن تعلم العربية تعلماً مدرسياً كما كانت تعلم في المدن، فعرف القواعد الدقيقة التي تنسرب اللغة فيها، من غير أن يدرك الأوجه المختلفة التي تستعمل فيها مفردات العربية التي تتمرد على كل القواعد الصارمة التي يجب أن تخضع لأحوال استعمال المفردات لا أن تخضع هذه المفردات لتلك القواعد (13)، التي كانت تدرس في مجالس النحاة واللغويين. "وغني عن البيان أن أي قاعدة نحوية أو لغوية تضيق دائماً عن إمكانات الواقع الحي للغة وثرائه، ويظل من يتعلم اللغة ولفترة طويلة جداً في حدود القواعد والحدود، دون أن يتجاوز ذلك إلى رحابة الأساليب الفنية للغة" (14).
"فالفكرة التي تراود أبا عبيدة وهو يؤلف كتابه كانت فكرة مدرسية، يحاول أن يضع أمام طبقة المستعربين صوراً من التعبير في القرآن وما يقابله من التعبير في الأدب العربي شعراً ونثراً ويبين ما فيها من التجاوز أو الانتقال من المعنى القريب أو التركيب المعهود للألفاظ والعبارات إلى معان وتراكيب أخرى اقتضاها الكلام. فكلمة مجاز عنده إذاً ليست مجرد مقابل لكلمة تفسير أو كلمة معنى بصفة مطلقة. وإن هذا لا ينفي إطلاقها أحياناً في ذلك المعنى". (15).
فهو قد سماه بـ"المجاز" انطلاقاً من هذا المعنى لأن "جاز الموضع جوزاً ... ومجازاً ... سار فيه وخلَّفه ... والمجاز الطريق إذا قطع من أحد جانبيه إلى الآخر. وخلاف الحقيقة". (16).
والمجازة الطريقة، والمادة ومشتقاتها تعني الانتقال بوجه عام، ومنه التجوز في الشيء: الترخص فيه (17).
وقد وضح لنا مراده هذا منذ الصفحة الأولى وما تلاها عندما شرح معنى كلمة قرآن ولماذا سمي القرآن بهذا الاسم فقال:
"القرآن: اسم كتاب الله خاصة، ولا يسمى به شيء من سائر الكتب غيره، وإنما سمي قرآناً لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية من القرآن. قال الله جلَّ ثناؤه: (إن علينا جمعه وقرآنه ([القيامة: 17]. مجازة: تأليف بعضه إلى بعض، ثم قال: (فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ([القيامة: 18]. مجازه: فإذا ألقينا منه شيئاً فضممناه إليك فخذ به واعمل به وضمه إليك وقال عمرو بن كلثوم في هذا المعنى:
ذراعي حرة أدماء بكر * هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تضم في رحمها ولداً قط ... وفي آية أخرى: (فإذا قرأت القرآن ([النحل: 98]، مجازه: إذا تلوت بعضه في إثر بعض، حتى يجتمع وينضم بعضه إلى بعض، ومعناه يصير إلى معنى التأليف والجمع" (18). ثم يأتي على معنى الفرقان ومجاز السورة فالآية (19) مما يتصل بمعارف عامة في القرآن، ثم يصرح بالدافع الذي جعله يؤلف كتابه فيبين أنه لم يضعه للعرب الفصحاء وإنما لعامة الناس ـ بما فيهم الأعاجم ـ الذين شعر أبو عبيدة بحاجتهم إلى فهم القرآن وإدراك معانيه، والإلمام بأساليبه الجارية على خصائص الكلام العربي من زيادة وإضمار وحذف واختصار وتقديم وتأخير وما جاءت مخاطبته مخاطبة الغائب ومعناه مخاطبة الشاهد، وما جاءت مخاطبته مخاطبة الشاهد، ثم تركت وحولت مخاطبته هذه إلى مخاطبة الغائب، قال: "فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه إلى النبي (أن يسألوا عن معانيه لأنهم كانوا عرب الألسن، فاستغنوا بعلمهم عن المسألة عن معانيه وعما فيه مما في كلام العرب مثله من الوجوه
(يُتْبَعُ)
(/)
والتلخيص .... ". (20)، ثم يضرب أمثلة مختلفة من القرآن على أنواع المجاز التي ذكرنا (21)، ثم يشرع بتفسير آيات من كل سورة بحسب ورودها في القرآن حتى يأتي على جميع السور (22).
ولعل هذا ما حدا أحد الباحثين على أن يعد أبا عبيدة في كتابه المجاز نحوياً رائداً تجاوز وقوف النحاة على حركات الإعراب وانشغالهم بها زمناً طويلاً ليتناول بحسه طرق التعبير، ويكشف من سر العربية ونظم تأليفها ما يتجاوز آخر الكلمة وحكم إعرابه. بيد أنه لم يكثر ما أكثر سيبويه وجماعته، ولم يتعمق ما تعمقوا، ولا أحاط إحاطتهم. ولكنه دل على سبيل تبصرة انصرف الناس عنها غافلين (23).
3 ـ وأما الأمر الثالث الذي يلفتنا إليه جواب أبي عبيدة فهو أنه يرد المثال القرآني الذي سئل عنه إلى طريقة العرب التي نزل القرآن عليها فيجعل من ذلك منهجاً له في الكتاب. ودليل ذلك أنه يقول:
"نزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول، ومن زعم أن "طه" بالنبطية فقد أكبر، وإن لم يعلم ماهو، فهو افتتاح كلام وهو اسم للسورة وشعار لها. وقد يوافق اللفظ اللفظ ويقاربه ومعناهما واحد وأحدهما بالعربية والآخر بالفارسية أو غيرها. فمن ذلك الاستبرق بالعربية، وهو الغليظ من الديباج، والفِرِند، وهو بالفارسية استبره، وكَوز وهو بالعربية جوز، وأشباه هذا كثير". (24).
وفي ذلك طرف من القضية اللغوية الهامة التي أثارها القرآن على أقلام علماء العربية الذين انقسموا في ألفاظه بين فريق رافض لفكرة وجود أية ألفاظ غير عربية في القرآن معتمداً على تفسير لظاهر الآيات التي تعرضت للسان الذي جاء به التنزيل من مثل قوله تعالى: (ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ((25). [فصلت:44]. وفريق آخر رأى أن العرب خالطوا سائر الألسنة فعلقت من لغاتهم ألفاظ غيرت بعضها بالنقص من حروفها واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح، وعلى هذا الحد نزل بها القرآن (26). وبين الرأيين رأي ثالث اتخذ منحى توفيقياً فقال بوجود كلمات يسيرة غير عربية دون أن تخرج القرآن عن عربيته (27).
وعلى هذا يكون أبو عبيدة من أصحاب الرأي الأول، وعليه بنى منهجه في الكتاب كله، بمعنى أنه يحاول شرح لفظ أو تركيب، ثم يستشهد على صحته بآية أو حديث في المعنى نفسه أو كلام العرب الفصيح، كالخطب والأمثال والأقوال المأثورة، وفي أغلب الأحيان بأبيات من الشعر القديم وخاصة الرجز منها، ويحرص دائماً على أن يؤكد صلة أسلوب القرآن بأساليب العرب، فيذكر في ختام كلامه أن "العرب تفعل هذا".
وبعد، فمجاز القرآن كتاب تمتزج فيه اللغة والبلاغة والنحو، وكذلك كان الأمر في تراثنا القديم، حيث كانت الدراسة البلاغية متداخلة مع الدراسة اللغوية في كتب النحاة الأوائل أمثال سيبويه حتى عده بعض الباحثين واضع علمي المعاني والبيان (28). ورأى أن أبا عبيدة في كتابه "مجاز القرآن"، لم يفعل أكثر من أنه سلك مسلك سابقيه من اللغويين من ربط النحو بالأساليب والتراكيب، على عكس ما فعل المتأخرون حيث قصروه على أنه علم يعرف به أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناء (29). وقد بينا ذلك حين تحدثنا عن المقصود بكلمة "مجاز".
على أن ذلك لا يمنع أن نرى في أبي عبيدة، نظرياً، رجل لغة أولاً، وبلاغة ثانياً، ونحو ثالثاً كفنان يلم بألوان الفن، ولكنه يبرع في رسم الوجوه وكشف ملامحها بأفضل من محاولته مع المناظر الطبيعية، ويتقن رسم الطبيعة بما لا يتوافر له مع اللوحات التجريدية.
أولاً: أبو عبيدة اللغوي:
لا يخفى على كل ذي نظر متأمل في كتاب "المجاز" أن صاحبه لغوي في المقام الأول، عليم بلغات العرب وغريبها، يوجه اهتمامه الأول عند التفسير إلى شرح ما يراه يستحق الشرح من مفردات القرآن، مستعيناً ببعض الآيات المماثلة أو فصيح الكلام، من غير أن يغفل الاستشهاد بالشعر القديم، وخاصة الرجز الممتلئ بأوابد اللغة وشواردها (30). وقد يحدد نوع الكلمة ووزنها (31)، وكثيراً ما يبدو ذا حس لغوي مرهف ومثال ذلك إدراكه فرق المعنى بين كسر العين وفتحها في كلمة "عوج" في الآية: (تبغونها عوجاً ([آل عمران: 99]. إذ يقول: مكسورة الأول لأنه في الدين، وكذلك في الكلام والعمل، فإذا كان في شيء قائم نحو الحائط، والجذع، فهو عوج مفتوح الأول (32)، ويستطرد في شرح مفردة
(يُتْبَعُ)
(/)
لا علاقة لها بالآية، كان يشرح اسم صاحب الشاهد الشعري (33)، أو مفردة من الشاهد (34)، أو من كلامه، ويأتي لها بالشاهد مما يدل على تبحره باللغة فمن ذلك مثلاً شرحه الآية: (قاتلهم الله ([التوبة: 30]، قتلهم الله، وقلما يوجد فاعل إلا أن يكون العمل من اثنين، وقد جاء هذا ونظيره ونِظْره: عافاك الله، والمعنى أعفاك الله، وهو من الله وحده والنظر والنظير سواء مثل ندّ ونديد، قال:
ألا هل أتى نظري مليكة أنني" (35).
وقد أشاد الطبري بهذا التفسير (36)، كما أقر في مواضع كثيرة من تفسيره ببصر أبي عبيدة بكلام العرب ونقل عنه (37)، وبعد ذلك يحق له أن يسن القواعد اللغوية (38)، وأن يكون له تفرده فيخالف غيره من العلماء في بعض أمور اللغة كالفراء والكسائي (39). ويكون له مذهب في التفسير (40).
وربما مر بتعليل حركة كلمة فقال: "زعم النحويون" (41)، وكأنه يقر أنه لغوي أولاً، واهتمامه بالنحو محدود لأنه يذكر رأيهم فلا يعلق عليه. ومما يؤكد ما نذهب إليه قول صاحب اللسان: "وقال الأزهري: أبو عبيدة صاحب بالغريب وأيام العرب وهو بليد النظر في باب النحو ومقاييسه". (42).
ثانياً: أبو عبيدة البلاغي:
لقد سبق وعرفنا أن تأليف كتاب المجاز كان بسبب مسألة بلاغية في القرآن، تتعلق بالتشبيه (طلعها كأنه رؤوس الشياطين ([الصافات: 65]، فلا غرابة أن نجد أن أبا عبيدة يهتم بإيضاح المسائل البيانية الموجودة في القرآن، ويجد لها ما يماثلها في كلام العرب وأساليبهم في التعبير، وقد صارت هذه المسائل فيما بعد مسائل في البيان العربي (43)، حتى وصل الأمر بالأستاذ إبراهيم مصطفى إلى أن وجده أسبق من الإمام عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ)، في وضع أسس علم المعاني الذي فصله النحاة فيما بعد عن معاني النحو فأزهقوا روح الفكرة (44)، كما عده آخر أول من كتب في علم البيان (45).
ولا بد من التدليل على هذا الكلام فنحدد ما جاء في الكتاب من أمور بلاغية، لأن كل كلام يفتقر إلى الدليل القاطع يبقى في حيز الافتراض فإليك البيان:
1 ـ المجاز العقلي حيث قال في قوله تعالى: (والنهار مبصراً ([يونس: 67]، له مجازان أحدهما: إن العرب وضعوا أشياء من كلامهم في موضع الفاعل، والمعنى أنه مفعول، لأنه ظرف يفعل فيه غيره لأنه لا يبصر ولكنه يبصر فيه الذي ينظر، وفي القرآن: (في عيشة راضية ([الحاقة:21]. وإنما يرضى بها الذي يعيش فيها، قال جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى *ونمت وما ليل المطي بنائم
والليل لا ينام وإنما ينام فيه، وقال رؤبة:
"فنام ليلي وتجلى همي" (46).
ب ـ الكناية والتشبيه المصرح بهما من غير تفصيل في مثل قوله: (نساؤكم (47)، حرث لكم ([البقرة: 223]، كناية وتشبيه قال: (فأتوا حرثكم أنى شئتم (، [البقرة: 223]، (47). وفي بعض الأماكن يريد الكناية من غير أن يصرح باسمها (48) أما مجاز التمثيل فيعني عنده التشبيه أو تشبيه التمثيل كما في تفسير قوله تعالى: (على شفا جرف هار ((49)، [التوبة ـ 109].
ج ـ الاستعارة: وإليها يشير إشارة تفهم من خلالها (50) وقد يخلط بينها وبين التشبيه (51).
د ـ الالتفات: تنبه أبو عبيدة إلى هذا الأسلوب، وإن لم يسمعه، كأن يقول: "ومن مجاز ما جاءت به مخاطبة الشاهد، ثم تركت، وحولت مخاطبته هذه إلى مخاطبة الغائب، قول الله تعالى: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة (ـ[يونس ـ 22]، (أي بكم). (52).
هـ ـ الحذف والاختصار عند أمن اللبس للإيجاز. والإيجاز صفة محمودة من صفات الكلام عند العرب، والقرآن خير ممثل لهذه الصفة في أسلوبه، وقد أشار أبو عبيدة إلى كثير من مواضع الحذف في آياته فلنسمعه يقول في هذه الآية: (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم (. [آل عمران: 106] "، العرب تختصر لعلم المخاطب بما أريد به، فكأنه خرج مخرج قولك: فأما الذين كفروا فيقول لهم: أكفرتم، فحذف واختصر الكلام، وقال الأسدي:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها *بني شاب قرناها تصر وتحلب
أراد: بني التي شاب قرناها، وقال النابغة الذبياني:
كأنك من جمال بني أقيش *يقعقع خلف رجليه بشنِّ
"بني أقيش"، حي من الجن، أراد: كأنك جمل يقعقع خلف رجليه بشن، فألقى الجمل، ففهم عنه ما أراد". (53).
(يُتْبَعُ)
(/)
و ـ الإطناب: مثلما أحب العرب الإيجاز، فحذفوا عند أمن اللبس، لم يستنكروا الإطناب حين تدعو الحاجة إليه، كتوكيد بعض الكلام. وقد أشار أبو عبيدة إلى مكان الإطناب من غير تسمية، فقال: "ومن مجاز المكرر للتوكيد قوله تعالى: (يا أبت أني رأيت أحد عشر كوكباً، والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين (. [يوسف: 4]، أعاد الرؤية، وقال: (أولى لك فأولى ([القيامة: 34]، أعاد اللفظ"، (54).
ز ـ إدراك الفارق بين الخبر والإنشاء قوله تعالى: (لا تُضارُّ والدة بولدها ([البقرة: 233]. يقول: رفع، خبر، ومن قال: "لا تضارَّ"، بالنصب، فإنما أراد (لا تضارِرْ (. نهي (55)، ومعلوم أن النهي غرض من أغراض الإنشاء.
ح ـ خروج الإنشاء عن حقيقة معناه ليعبر عن معنى آخر يفهم من السياق كخروج الاستفهام إلى تقرير أمر ما، وهو ما يسمى بالاستفهام التقريري (56)، أو خروجه إلى معنى التحذير (57)، أو الإنكار (58). وكذا الحال في الأمر الذي يخرج معناه إلى الوعيد (59).
ط ـ التقديم والتأخير: يحدث في الجملة أن تتقدم كلمة على أخرى لغرض بلاغي، مما يكسب الكلام جمالاً وتأثيراً، ويجعل للتقديم والتأخير مكانة سامية في علم المعاني، وقد أشار أبو عبيدة إلى أماكنه في القرآن وتنبه إليها ولكنه لم يكن يذكر السبب البلاغي الذي حصل من أجله التقديم والتأخير (60).
ي ـ الكلام بالواحد على لفظ الجمع بغرض التفخيم. وكثيراً ما ردد أبو عبيدة أن العرب تتكلم بهذا أو تفعله. (61).
ولكن يجدر بنا بعد هذا البيان أن نشير إلى أن فهم أبي عبيدة للصورة البيانية بوجه عام لا يتعدى الفهم اللغوي، فهو يتعرض لكل الفنون البيانية المتعلقة بالأسلوب، ويعدها من المجاز اللغوي، وكثير من الاستعارات والتشبيهات في القرآن تدخل نطاق الحرج لأنها تتعلق بالذات أو بالعقيدة، أو بصورة البعث، وموقف أبي عبيدة من هذه جميعاً موقف اللغويين، يأخذ بظاهر القول إلى أمد محدود غايته المعنى المجازي القريب، وهو المذهب الذي عرفوا به (62)، ولكن استعماله للكناية في الدلالة على فن من فنون الأسلوب قريب من استعمال البلاغيين للدلالة على الاصطلاح البلاغي المعروف، "الكناية"، (63).
ثالثاً: أبو عبيدة النحوي:
بان لنا أن أبا عبيدة يوجه جل اهتمامه إلى اللغة ثم البلاغة ليكون الجانب النحوي عنده أضعف الجوانب، واحتفاؤه به قليلاً. ولا بأس علينا أن نتلمس شخصيته النحوية من خلال هذا القليل فنجده:
أ ـ لا يحتفي بإيراد وجوه القراءات احتفاء غيره بها، وأن أورد منها شيئاً فأحياناً يكتفي بوجه واحد (64)، وحيناً بوجهين (65)، ونادراً بثلاثة وجوه (66).
ب ـ إذا مر ببعض وجوه الإعراب مسَّها مساً خفيفاً من غير أن يقف عليها أو يتأملها بعمق نظر النحاة (67)، ويكاد النصب على المصدرية يشكل قاعدة لديه فكثيراً ما ذكر المصدر سبباً للنصب (68).
ج ـ يقول بالإعمال (69)، ويذكر العامل المحذوف أحياناً ليعلل حركة كلمة (70)، ولكن دون أن يبالغ في ذلك أو يتزيد أو يتمحل فعل متأخري النحاة.
د ـ له شخصية مستقلة ورأي حر، فلا يتقيد ـ وهو البصري ـ بمذهب أهل البصرة، فيستعمل أحياناً مصطلحاً كوفياً كالكناية التي يعبر بها الكوفيون عن الضمير (71)، وقد يعمم عليه قاعدة نحوية (72).
لماذا تألب على أبي عبيدة معاصروه؟
ما إن ألف أبو عبيدة كتاب "المجاز"، وذاع أمره حتى أحدث ضجة كبيرة في البيئات العلمية في البصرة والكوفة على السواء.
في البصرة كان الأصمعي يحمل لواء الحملة ويتهمه بأنه فسر القرآن برأيه فلما بلغ ذلك أبا عبيدة سأل عن مجلس الأصمعي في أي يوم هو، فذهب إليه وسأله: أبا سعيد، ما تقول في الخبز؟ ... قال: هو الذي تخبزه وتأكله، فقال له أبو عبيدة: فسرت كتاب الله برأيك؟ ... قال: قال تعالى: (إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً ([يوسف: 36]. قال: الأصمعي: هذا شيء بان لي فقلته ولم أفسره برأيي، فقال له أبو عبيدة: وهذا الذي تعيبه علينا كله شيء بان لنا فقلناه ولم نفسره برأينا (73).
(يُتْبَعُ)
(/)
وانتقل هذا الحرج إلى أبي حاتم السجستاني الذي قال ـ وقد سئل عن كتاب المجاز: (إنه لكتاب ما يحل لأحد أن يكتبه، وما كان شيء أشد علي من أن أقرأه قبل اليوم، ولقد كان أن أضرب بالسياط، أهون علي من أن أقرأه)، ثم نازعته إليه نفسه فقرأه، والتقى بحمد بن المعذل فصار كل منهما يقول للآخر: "وقفني على خطأ أبي عبيدة في القرآن"، (74).
وكذلك ذهب أبو عمرو الجرمي بشيء منه إلى أبي عبيدة، وكأنه ينكره، وقال له: عمن أخذت هذا يا أبا عبيدة فإن هذا تفسير خلاف تفسير الفقهاء؟ ... فقال له، وقد ضاق به: (هذا تفسير الأعراب البوالين على أعقابهم فإن شئت فخذه وإن شئت فدعه). (75).
أما في الكوفة فقد كان موقف علمائها أشد حدة مما ذكرنا، فهم أنكروا عليه ما ورد في تفسيره، وشنعوا عليه حتى قال الفراء: "لو حمل إلي أبو عبيدة لضربته عشرين في كتابه المجاز" (76)، وكثيراً ما قال في كتابه: "معاني القرآن"، "وقد قال بعض من لا يعرف العربية"، (77)، قاصداً أبا عبيدة.
وهنا يحق لنا أن نتساءل: ما الأسباب التي جعلت علماء البصرة والكوفة يقفون من تفسير أبي عبيدة موقف المنكر المستهجن؟ ...
لقد عزا بعض الباحثين الاختلاف حول كتاب المجاز في البصرة إلى الخصومة بين النزعة العقلية، والنزعة النقلية (78)، إذ كان مسلك أبي عبيدة في عدم التزامه بآثار السلف في التفسير، واعتماده على النزعة العقلية، والتفكير الحر والنظر الدقيق المستقل خروجاً على ما كان عليه علماء اللغة والتفسير الذين كانوا يتحرجون أشد الحرج ويلتزمون بآثار السلف (79)، على حين كان موقف علماء الكوفة من كتاب المجاز من أول الدلائل على العصبية القائمة بين البلدين (80).
بيد أنني، وإن كنت لا أنفي أن تكون الأسباب المذكورة وراء الحملة التي شنت على أبي عبيدة، إلا أنني أرى لهذه الخصومة سبباً أهم من كل ذلك، ولا أقدم عليه سواه، وهو سبب شخصي يتعلق بأصل أبي عبيدة وموقفه وأخلاقه، ذلك أنه ينحدر من أصل يهودي، وقد عرف بشعوبيته وطعنه على العرب، كما اتهم في أخلاقه، ومن ذلك قول بروكلمان: "ولد أبو عبيدة ... لأبوين رقيقين من يهود فارس من باجروان، وكان مولى لتيم قريش، وأخذ في شبيبته عن أبي عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب. ولا عيب عليه نسبه من العجم لحق بفرقة الصفرية من الخوارج، وحاول أن ينتقم لنفسه بتصنيف كتب في مثالب العرب على مذهب الشعوبية ... وهجاه أبو نواس بتهمة اللواط. ولما كتب كتاب المثالب، الذي نقل عنه ياقوت كرهه الناس فلم يحضر جنازته أحد من البصريين". (81).
ولعل هذا دليل على ماكان في شخصية أبي عبيدة من أسباب جعلت حتى جماعته البصريين يقفون منه هذا الموقف وينفرون منه ويحجمون عن المشاركة في تشييعه حتى انتقل إلى جوار ربه.
ولو كان الخلاف المعروف بين البصرة والكوفة السبب الأول والوحيد في موقف بعض علماء الكوفة من أبي عبيدة لوجب أن نجد لهذه الخصومة نظائر مع علماء بصريين آخرين كتبوا في تفسير القرآن على هذا المنحى، كالأخفش الأوسط أبي الحسن سعيد بن مسعدة المتوفى سنة 215هـ، الذي كتب كتاب "معاني القرآن"، (82)، في الفترة نفسها، والذي يعد من كبار علماء البصرة إذ أخذ النحو واللغة عن سيبويه (83)، غير أننا نرى أبا زكريا الفراء إمام مدرسة الكوفة بعد الكسائي يجله ويعترف بسمو مكانته العلمية في أمور اللغة بين علماء عصره، فقد روى ياقوت على لسان ثعلب (أن الفراء دخل على سعيد بن سالم فقال: قد جاءكم سيد أهل اللغة وسيد أهل العربية، فقال الفراء: أما ما دام الأخفش يعيش فلا). (84).
على أن ما ذكرناه في شخصية أبي عبيدة لا يغض من مكانته العلمية ومنزلته الثقافية بحال من الأحوال فقد قال فيه الجاحظ: "لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة"، (85). وفي عهده وضعت أسس العلوم الإسلامية على ما اختلفت نواحيها من تفسير وفقه وأخبار، وكان أبو عبيدة يشارك في أنواع هذه الثقافة مشاركة جيدة. ونستطيع أن نتبين في كتبه جوانب من هذه الثقافة، فهي لغوية بما فيها من تفسير وحديث وغريب، وهي تاريخية تتناول مواضيع في تاريخ العرب وعاداتهم في جاهليتهم أحياناً وفي إسلامهم أحياناً أخرى، وقد تتجاوز ثقافته هذه الأمة العربية إلى عادات وأخبار لغير العرب (86).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل فيما روي من اعتراف أبي الحسن الأخفش الأوسط برفعة مكانة أبي عبيدة في العلم بغريب اللغة حتى قدمه على نفسه، معلناً تأثره بكتاب المجاز وإفادته منه في كتابه معاني القرآن، دليلاً آخر يضاف في هذا المجال فقد (قال أبو حاتم: كان الأخفش قد أخذ كتاب أبي عبيدة في القرآن فأسقط منه شيئاً وزاد شيئاً، وأبدل منه شيئاً، قال: أبو حاتم: فقلت له: أي شيء هذا الذي تصنع؟ ... من أعرف بالغريب أنت أو أبو عبيدة؟ ... فقال: أبو عبيدة، فقلت: هذا الذي تصنع له ليس بشيء، فقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس لمن أفسده). (87).
كما أن فيما ورد في صلب الدراسة دلائل أخر تثبت شأن أبي عبيدة وعلو قدره العلمي، ولا مندوحة لنا من الإقرار بأنه من العسف أن نغضَّ من المكانة العلمية لإنسان ما، فنغمطه حقه لأنه لا يوافقنا في أخلاقه ومعتقداته ومواقفه. فهذه الأمور شيء والعلم والحقيقة شيء آخر.
******
*الحواشي والتعليقات:
(1) ـ مباحث في علوم القرآن، ص 294.
(2) ـ نفسه، ص 295.
(3) ـ نفسه 296.
(4) ـ معاني القرآن للأخفش الأوسط مطبوع في الكويت في جزأين عام 1979، بتحقيق د. فائز فارس.
(5) ـ معاني القرآن للفراء مطبوع في ثلاثة أجزاء بتحقيق محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي.
(6) ـ معاني القرآن للزجاج، مخطوط، دار الكتب المصرية، رقم (111)، م تفسير.
(7) ـ معاني القرآن للنحاس مخطوط، دار الكتب المصرية، رقم (385)، تفسير. وفي دار الكتب الظاهرية مخطوط " معاني القرآن"، رقم (181)، للزجاج والنحاس في أوله خمس ورقات ربما كانت للنحاس من أصل (246)، ورقة. (فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية قسم علوم القرآن. د. عزة حسن).
(8) ـ أثر القراءات القرآنية في تطور الدرس النحوي ص 45.
(9) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ص 36.
(10) ـ مقدمة المجاز للدكتور محمد فؤاد سزكين ص 19.
(11) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ص 48.
(12) ـ معجم الأدباء7/ 166. وانظر تاريخ بغداد 13/ 254، وطبقات النحويين واللغويين ص 97، والبغية ص 395، وبروكلمان 2/ 143، وضحى الإسلام 2/ 304 ـ 305، وانظر في ترجمة إبراهيم بن اسماعيل بن داود الكاتب انباه الرواة 3/ 278.
(13) ـ انظر الاتجاه العقلي في التفسير ص 100 ـ 101.
(14) ـ نفسه ص 101.
(15) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي 43 ـ 44، وانظر دائرة المعارف الإسلامية. مادة: تفسير.
(16) ـ القاموس المحيط: جاز.
(17) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ص 43.
(18) ـ المجاز 1/ 1 ـ 2 ـ 3.
(19) ـ المجاز 1/ 3 ـ 4 ـ 5.
(20) ـ المجاز 1/ 8.
(21) ـ المجاز 1/ 8 ـ 16.
(22) ـ كلام الأستاذ المرحوم إبراهيم مصطفى غير دقيق، حيث ذكر أن أبا عبيدة، "أخذ في تفسير القرآن الكريم كله"، لأنه أغفل كثيراً من الآيات (انظر إحياء النحو ص 12).
(23) ـ إحياء النحو 11 ـ 16.
(24) ـ المجاز 1/ 17 ـ 18.
(25) ـ انظر الإتقان في علوم القرآن 1/ 135. والمزهر 1/ 129 ـ 130.
(26) ـ الإتقان في علوم القرآن 1/ 136.
(27) ـ الإتقان في علوم القرآن 1/ 136.
(28) ـ تاريخ علوم البلاغة العربية ص 43، وانظر البلاغة العربية تطور وتاريخ ص 29، والاتجاه العقلي في التفسير ص 100.
(29) ـ تاريخ علوم البلاغة العربية ص 49، والاتجاه العقلي في التفسير ص 100.
(30) ـ انظر مثلاً: المجاز1/ 43 ـ 44 ـ 68 ـ 82 ـ 83 ـ 105 ـ 164 ـ 165 ـ 234.
(31) ـ انظر مثلاً المجاز 1/ 88 ـ 93 ـ 117 ـ 140.
(32) ـ المجاز 1/ 98.
(33) ـ انظر مثلاً المجاز 1/ 149.
(34) ـ المجاز 2/ 56 ـ 72 ـ 263.
(35) ـ المجاز 1/ 256 ـ 257، وانظره 1/ 301. لقد أصاب الاستطراد منهج أبي عبيدة بالقصور، وكذا التكرار في الشرح (انظر المجاز 1/ 149 ـ 154 ـ 155 ـ 157).
(36) ـ تفسير الطبري 10/ 110.
(37) ـ تفسير الطبري 12/ 54.
(38) ـ المجاز 1/ 351
(39) ـ المجاز 2/ 99
(40) ـ المجاز 2/ 188
(41) ـ المجاز 2/ 150 ـ 152 ـ 155.
(42) ـ اللسان: عشا.
(43) ـ انظر المعاني في ضوء أساليب القرآن ص 14.
(44) ـ إحياء النحو ص 16 وما بعدها.
(45) ـ علوم البلاغة العربية ص 7 و 215.
(46) ـ المجاز 1/ 279 و 2/ 96.
(47) ـ المجاز 1/ 73 وانظره 1/ 155 و2/ 127.
(48) ـ المجاز 1/ 75 ـ 170 ـ 171 ـ 263 ـ 290.
(49) ـ المجاز1/ 269 وأثر القرآن في تطور النقد العربي 46 ـ 47.
(50) ـ المجاز 1/ 410 ـ 2/ 82 ـ 196.
(51) ـ المجاز 2/ 68
(يُتْبَعُ)
(/)
(52) ـ المجاز 1/ 11 وانظره 1/ 23ـ 253.
(53) ـ المجاز 1/ 100 ـ 101 وانظره 1/ 126 ـ 257 ـ 297 ـ 342.
(54) ـ المجاز1/ 12
(55) ـ المجاز1/ 75
(56) ـ المجاز 1/ 35 ـ 287 و 2/ 118 ـ 133.
(57) ـ المجاز 1/ 288
(58) ـ المجاز 1/ 130
(59) ـ المجاز 2/ 197ـ 270
(60) ـ المجاز 1/ 173 ـ 185 ـ 364.
(61) ـ المجاز 1/ 38 ـ 108 ـ 131.
(62) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ص 47.
(63) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ص 47 ـ 48.
(64) ـ المجاز 1/ 91
(65) ـ المجاز 1/ 355
(66) ـ المجاز 1/ 303
(67) ـ المجاز 1/ 211
(68) ـ انظر مثلاً المجاز 2/ 214 ـ 223
(69) ـ انظر 1/ 35 ـ 107 و 2/ 160
(70) ـ المجاز 1/ 57 و 2/ 143.
(71) ـ المجاز 1/ 174 وانظر 2/ 109.
(72) ـ المجاز 1/ 24.
(73) ـ معجم الأدباء 19/ 159 ـ رواية اللغة 141.
(74) ـ طبقات النحويين واللغويين ـ رواية اللغة 141.
(75) ـ طبقات النحويين واللغويين ـ تاريخ بغداد 13/ 255.
(76) ـ معجم الأدباء 19/ 159.
(77) ـ انظر مثلاً معاني القرآن للفراء 1/ 8، ومجاز القرآن 1/ 25.
(78) ـ رواية اللغة 142.
(79) ـ انظر المرجع نفسه ص 141.
(80) ـ نفسه ص 142.
(81) ـ تاريخ الأدب العربي 2/ 143، وانظر مقدمة مجاز القرآن لمحققه الدكتور محمد فؤاد سزكين ص 14 ـ 15.
(82) ـ انظر في سبب تأليفه وزمنه بغية الوعاة ص 258.
(83) ـ البلغة في تاريخ أئمة اللغة ص 87.
(84) ـ معجم الأدباء 11/ 227.
(85) ـ البيان والتبيين 1/ 331، نقلاً عن مقدمة المجاز 1/ 12.
(86) ـ مقدمة المجاز 1/ 13 ـ 14.
(87) ـ طبقات النحويين واللغويين ص 74 ـ 75.
المصادر والمراجع:
(1) ـ الاتجاه العقلي في التفسير د. نصر حامد أبو زيد الطبعة الأولى 1982 دار التنوير للطباعة والنشر ـ بيروت.
(2) ـ الإتقان في علوم القرآن. جلال الدين السيوطي. الطبعة الثانية 1925. المطبعة الأزهرية بمصر.
(3) ـ أثر القراءات القرآنية في تطور الدرس النحوي. د. عفيف دمشقية. معهد الإنماء العربي 1978.
(4) ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي د. محمد زغلول سلام ـ الطبعة الثالثة 1952، دار المعارف.
(5) ـ إحياء النحو. إبراهيم مصطفى القاهرة 1959، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر.
(6) ـ انباه الرواة. علي بن يوسف القفطي تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم القاهرة ـ دار الكتب 1973.
(7) ـ بغية الوعاة، جلال الدين السيوطي الطبعة الأولى 1326هـ دار السعادة.
(8) ـ البلاغة تطور وتاريخ د. شوقي ضيف الطبعة الثانية 1965 ـ دار المعارف.
(9) ـ البلغة في تاريخ أئمة اللغة. الفيروز آبادي تحقيق محمد المصري ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
(10) ـ تاريخ الأدب العربي. كارل بروكلمان ترجمة: د. عبد الحليم نجار ـ الطبعة الثانية 1959 ـ دار المعارف.
(11) ـ تاريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي الطبعة الأولى 1931.
(12) ـ تاريخ علوم البلاغة العربية. أحمد مصطفى المراغي. الطبعة الأولى 1950 ـ مصطفى البابي الحلبي.
(13) ـ تفسير الطبري (جامع البيان) الطبعة الثانية 1954 مصطفى البابي الحلبي.
(14) ـ دائرة المعارف الإسلامية مادة: تفسير للأستاذ أمين الخولي.
(15) ـ رواية اللغة. د. عبد الحميد الشلقاني ط 1971 ـ دار المعارف.
(16) ـ ضحى الإسلام. أحمد أمين ط10 دار الكتاب العربي ـ بيروت.
(17) ـ طبقات النحويين واللغويين للزبيدي. الطبعة الأولى 1954 تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ـ مكتبة الخانجي.
(18) ـ علوم البلاغة العربية. أحمد مصطفى المراغي ـ الطبعة الثالثة. المطبعة العربية.
(19) ـ فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (قسم علوم القرآن)، د. عزة حسن.
(20) ـ القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة: جاز.
(21) ـ لسان العرب لابن منظور المصري مادة: عشا.
(22) ـ مباحث في علوم القرآن. د. صبحي الصالح ط6 ـ 1969 ـ دار العلم للملايين ـ بيروت.
(23) ـ مجاز القرآن. أبو عبيدة معمر بن المثنى ط2 مؤسسة الرسالة 1981 تحقيق د. محمد فؤاد سزكين.
(24) ـ المزهر في علوم اللغة. جلال الدين السيوطي. المطبعة الأميرية ـ 1282هـ.
(25) ـ المعاني في ضوء أساليب القرآن. د. عبد الفتاح لاشين ط1 ـ 1976 دار المعارف.
(26) ـ معاني القرآن للفراء، ط2 ـ 1980 ـ عالم الكتب ـ بيروت.
(27) ـ معجم الأدباء. ياقوت الحموي ط. دار المأمون 1355 هـ = 1936م.(/)
تفسير الشوكاني
ـ[ناصر السنة]ــــــــ[30 Jun 2004, 11:37 م]ـ
هل تفسير الشوكاني تفسير لاهل السنة والجماعة ام انه تفسير للزيدية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jul 2004, 12:11 ص]ـ
مرحباً بكم أخي الكريم ناصر السنة مرة أخرى وأسأل الله لك التوفيق.
تفسير الشوكاني: (فتح القدير الجامع بين الرواية والدراية في التفسير) من تفاسير أهل السنة والجماعة. وقد تأول بعض الصفات في تفسيره على خلاف منهجهم لكن ذلك لا يخرجه عن منهجهم إن شاء الله، فقل من يسلم من المؤاخذات. وقد سبق نقاش حول هذا في مشاركة سابقة لبعض الإخوة الفضلاء على هذا الرابط:
تأويل الشوكاني لبعض آيات الصفات في تفسيره ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1120&highlight=%C7%E1%D4%E6%DF%C7%E4%ED).
ـ[ناصر السنة]ــــــــ[01 Jul 2004, 08:15 م]ـ
بارك الله فيك اخي الكريم(/)
فوائد من شرح الشيخ صالح الأسمري لمقدمة شيخ الإسلام بن تيمية (2)
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[01 Jul 2004, 01:51 ص]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع
قال المصنف رحمه الله:
وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا وهل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند.
فالبخاري يدخله في المسند.
وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح، كمسند أحمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا المسند.
ــــــــــــــــــ
قال الشارح:
في هذه الجملة ذكر المصنف – يرحمه الله – مسألة ألا وهي قولهم:
" نزلت في كذا "
هل يأخذ حكم المرفوع فيكون محتجا به كحديث أم أنه يكون موقوفا على من قال ذلك؟
هما قولان للأصوليين والمحدثين والمفسرين، وقد أطلق المصنف – يرحمه الله- الخلاف في ذلك بقوله: " العلما " فيدخل في ذلك الأصناف الثلاثة السابقة، وهو كذلك عند الأصوليين، كما في " البحر المحيط " لبدر اتلدين الزركشي، وه كذلك عند المحدثين كما في " مقدمة ابن الصلاح " وهو كذلك عند المفسرين كما في " البرهان في علوم القرآن " لبدر الدين الزركشي – يرحمه الله -، وقد قال المصنف – يرحمه الله – "فالبخاري يدخله في المسند.وغيره لا يدخله في المسند " فيه عموم، وقد فصَّل في ذلك العموم جماعة ومن أولئك: ابن حجر - يرحمه الله – في " النكت الصلاحية " حيث بيَّن أن الصاحب إذا قال عن آية " نزلت في كذا " فلا يأخذ حكم المروفع إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط:
1. ألا يكون متعلقا بالعربية.
2. ألا يكون له مدخل في الاجتهاد.
3. ألا يكون ذلك الصحابي ممن عرف بالأخذ عن أهل الكتاب، كعبدالله بن سلام في آخرين.
فإذا توفرت هذه الشروط الثلاثة فقد ذهب جمهور المحدثين والأصوليين والمفسرين إلى أنه يأخذ حكم المرفوع.
أما كونه كذلك عند المحدثين فقد ذكره السخاوي في " فتح المغيث "وأشار إليه ابن حجر في " النكت الصلاحية " وجعله مذهب البخاري ومسلم.
وأما كونه كذلك عند المفسرين فهو ظاهر مقرر بدر الدين الزركشي في " البرهان " والسيوطي في " الاتقان " وقد عزاه إلى ابن جرير الطبري جماعة، ومن أولئك ابن حجر – يرحمه الله – في " النكت الصلاحية ".
وأما كونه كذلك عند الأصوليين فقد اختلفت في عزوه إلى الجمهور عندهم الكلمة، إلا أن جماعة قد أشاروا إلى أنه قول الجمهور، ومن أولئك: أبو المظفر السمعاني في " قواطع الأدلة " وابن النجار في " شرحه لمختصر التحرير " في آخرين، ولم يعزه إلى الجمهور جماعة، ومن أولئك بدر الدين الزركشي في " البحر المحيط " وابن السبكي في " شرحه للمنهاج " في آخرين.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية – يرحمه الله – ما سبق من أنه لا بد من هذه الشروط على وفق ما عَمِل به في " منهاج السنة النبوية " وهو الذي قطع به جماعات، ومن أولئك ابن حجر في " النكت " في آخرين.
ـ[أويس القرني]ــــــــ[03 Jul 2004, 08:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ صالح، هل شرح الشيخ الأسمري مفرغ من الأشرطة وكيف الحصول عليه
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[04 Jul 2004, 02:58 م]ـ
نعم أغلب شروح الشيخ مفرغة على أشرطة والشرح الذي معي في 187 صفحة.(/)
بين ابن جرير وابن كثير 9
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[01 Jul 2004, 06:03 ص]ـ
في قوله تعالى: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} البقرة (124)، حصل خلاف بين أهل العلم في تحديد المراد من الكلمات الواردة في الآيات، فقيل:المراد شرعه وأوامره، وقيل:المناسك، وقيل:سنن الفطرة، وقيل:قوله تعالى {إني جاعلك للناس إماما} ... الخ، وقد رجح ابن جرير في بداية الأمر أنه قد تحمل الآية على جميع ماذكر ثم قال بعد ذلك ولو قال قائل بأن المراد بالكلمات ماقاله مجاهد وغيره لكان أولى بالصواب- يعني قوله إني جاعلك للناس إماما .. - لأنها أشبه بالبيان لما أجمل من لفظة (الكلمات)،وهنا خالف ابن كثير ابن جرير رحمه الله، ودعني أسوق لك نص الكلام كاملا: [قَالَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْكَلِمَاتِ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُون بَعْض ذَلِكَ وَلَا يَجُوز الْجَزْم بِشَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ الْمُرَاد عَلَى التَّعْيِين إِلَّا بِحَدِيثٍ أَوْ إِجْمَاع قَالَ وَلَمْ يَصِحّ فِي ذَلِكَ خَبَر بِنَقْلِ الْوَاحِد وَلَا بِنَقْلِ الْجَمَاعَة الَّذِي يَجِب التَّسْلِيم لَهُ. قَالَ غَيْر أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَظِير مَعْنَى ذَلِكَ خَبَرَانِ أَحَدهمَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب أَخْبَرَنَا رَاشِد بْن سَعْد حَدَّثَنِي زَبَّان بْن فَائِد عَنْ سَهْل بْن مُعَاذ بْن أَنَس قَالَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " أَلَا أُخْبِركُمْ لِمَ سَمَّى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ: الَّذِي وَفَّى؟ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول كُلَّمَا أَصْبَحَ وَكُلَّمَا أَمْسَى: " سُبْحَان اللَّه حِين تُمْسُونَ وَحِين تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَعَشِيًّا وَحِين تُظْهِرُونَ " إِلَى آخِر الْآيَة قَالَ وَالْآخَر مِنْهُمَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب أَخْبَرَنَا الْحَسَن عَنْ عَطِيَّة أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل عَنْ جَعْفَر بْن الزُّبَيْر عَنْ الْقَاسِم عَنْ أَبِي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وَفَّى " قَالَ أَتَدْرُونَ مَا وَفَّى قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم؟ قَالَ " وَفَّى عَمَل يَوْمه أَرْبَع رَكَعَات فِي النَّهَار " وَرَوَاهُ آدَم فِي تَفْسِيره عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة وَعَبْد بْن حُمَيْد عَنْ يُونُس بْن مُحَمَّد عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بِهِ ثُمَّ شَرَعَ اِبْن جَرِير يُضَعِّف هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوز رِوَايَتهمَا إِلَّا بِبَيَانِ ضَعْفهمَا وَضَعْفُهُمَا مِنْ وُجُوه عَدِيدَة فَإِنَّ كُلًّا مِنْ السَّنَدَيْنِ مُشْتَمِلٌ عَلَى غَيْر وَاحِد مِنْ الضُّعَفَاء مَعَ مَا فِي مَتْن الْحَدِيث مِمَّا يَدُلّ عَلَى ضَعْفه وَاَللَّه أَعْلَم. ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير وَلَوْ قَالَ قَائِل إِنَّ الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَأَبُو صَالِح وَالرَّبِيع بْن أَنَس أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ غَيْرهمْ كَانَ مَذْهَبًا لِأَنَّ قَوْله " إِنِّي جَاعِلُك لِلنَّاسِ إِمَامًا" وَقَوْله " وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ " الْآيَة وَسَائِر الْآيَات الَّتِي هِيَ نَظِير ذَلِكَ كَالْبَيَانِ عَنْ الْكَلِمَات الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ اِبْتَلَى بِهِنَّ إِبْرَاهِيمَ " قُلْت " وَاَلَّذِي قَالَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْكَلِمَات تَشْمَل جَمِيع مَا ذُكِرَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الَّذِي جَوَّزَهُ مِنْ قَوْل مُجَاهِد وَمَنْ قَالَ مِثْله لِأَنَّ السِّيَاق يُعْطِي غَيْر مَا قَالُوهُ] انظر (1/ 385 - 386).(/)
طريقة رائعة لتفسير كتاب الله
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[02 Jul 2004, 12:22 م]ـ
الإخوة الفضلاء في هذا الملتقى المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,, وبعد
ففي أول مشاركة لي في هذا الموقع .. أحببت أن أفيد اخواني بطريقة رائعة لتفسير كتاب الله
وهذه الطريقة يرويها أحد طلاب العلم عن شيخه .. رحمه الله
يقول الشيخ: إذا أردت تفسير آية أو آيات من كتاب الله , فاقرأها المرة تلو الأخرى , ثم اكتب ماتيسر لك فهمه من هذه الآيات , حتى ترى أنك قد استخرجت جميع فهمك منها , وبعد ذلك , اتجه إلى أحد التفاسير , واقرأفيها
وحين القراءة , إما أن تجد أنك وافقت المفسر في كثير من التفسير , فاحمد الله , فهذا من توفيقه سبحانه
وكتاب الله ميسر فهمه لكل مريد , فكيف بك وأنت عربي وبلغتك نزل القرآن
اما ماخالفت فيه التفسير , فأنت المستفيد اولا وآخرا , فمن الخطأ نتعلم الصواب
ولكن .... حذار
ثم حذار
ثم حذار
من أن تنقل فهمك المجرد للعامة من الناس , دون اللجوء إلى التفاسير المعتبرة , فهو طريق أهل الأهواء
والله أعلم ,, وصلى الله على سيدنا محمد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jul 2004, 11:32 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم وجزاك خيراً.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[09 Jul 2004, 08:56 ص]ـ
سبحان الله!!!
جزى الله شيخك خيرا على ثقته بأن كتاب الله ميسر واضح، ثم على تشجيعه طلابه على الاعتماد على النفس في فهم القرآن، قبل القفز الى التفاسير ....
و غفر الله لشيخك، حين ألغى عقول طلابه و و أفهامهم، وجهدهم ... أمام كلمة (معتبرة)! ....
فالمعتبر عندنا هو: قال الله و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقط)
ـ[علي جاسم]ــــــــ[07 Mar 2005, 04:56 م]ـ
جزاك الله خيرا .. وعندي إضافة إن سسمحتم لي .. يجب على الباحث في القرآن أن يأخذ بعين العتبار ما يسبق الآية وما يليها أو فلنسميها (سياق الآيات) ففيها الكثير مما قد يبهم على الباحث في الآية .. خصوصا إن كانت الآيات تعرض لنا قضية كاملة ففي سياق الحدث أو سياق الآيات ستجد أخي المسلم الكثيرر .. نور الله قلوبكم بالقرآن .. والحمد لله رب العالمين ..(/)
الموقف الصحيح من زلة العالم
ـ[ابن العربي]ــــــــ[03 Jul 2004, 07:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فهذا موضوع هام بعنوان الموقف الصحيح من زلة العالم
من المعلوم شرعاً أنه لا معصوم من الخطأ إلا من عصمه الله عزوجل من عباده الأنبياء والرسل عليهم السلام فيما يبلغونه من رسالات ربهم فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمامان الجليلان مجاهد ومالك رحمهما الله:" ليس أحد من خلق الله يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم "
فكل إنسان غير المستثنين المذكورين مهما بلغ من ذروة الكمال والفضل والعلم هو عرضة للخطأ والنسيان وصدور الخطأ من بني آدم شيء محتوم لا ينكر قال الإمام الشاطبي رحمه الله بعد تقريره عصمة النبي صلى الله عليه وسلم:" وأما أمته فكل واحد منهم غير معصوم بل يجوز عليه الغلط والخطأ والنسيان فإمكان الخطأ والوهم باق ... "
وليس من شروط العالم أن لا يخطئ وما أحسن كلام الإمام الذهبي وأعدله في ترجمة الإمام أبي حامد الغزالي:" وما من شرط العالم أنه لا يخطئ "
وبعد أن ذكر الذهبي نماذج متنوعة من هفوات الغزالي وبعض ردود العلماء عليه قال: " ما زال الأئمة يخالف بعضهم بعضاً ويرد هذا على هذا ولسنا ممن يذم العالم بالهوى والجهل ". وقال رحمه الله في آخر ترجمته بعد أن ذكر ما له وما عليه:" فرحم الله الإمام أبا حامد فأين مثله في علومه وفضائله ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ ولا تقليد في الأصول ".
قال الأمير العلامة الصنعاني رحمه الله:" وليس أحد من أفراد العلماء إلا وله نادرة ينبغي أن تغمر في جنب فضله وتجتنب ".
كم نرى في تاريخنا الإسلامي من هفوات لسان وزلات قدم وشذوذ قلم ظهرت من أساطين العلم وعمداء الفضل والأدب؟ وكما قيل: لكل عالم هفوة ولكل جواد كبوة وظهور الخطأ ليس عيباً وإنما العيب كل العيب الإقرار على الخطأ والدعوة إليه بعد ظهور خطورته وعدم الرجوع عنه فالتعلق بزلة عالم أو تمسك بهفوة عابد أو أخذ بغفلة صالح ليس من منهج الإسلام الصحيح ولا من طريقة أهل السنة والجماعة فالموقف الصحيح من زلة العالم هو: أنه يجب التحذير منها بكل أدب وإنصاف لئلا تكون سبباً من أسباب وقوع الناس في الغلط والهوى ولا يجوز الأخذ بها فضلاً عن نشرها وترويجها تقليداً لصاحبها وتعصباً له، ولا يصح الاعتماد عليها كما أنه ينبغي أن ينسب صاحبها إن كان من أهل الحق والاجتهاد المخلص الجاد إلى التقصير ولا أن يشنع عليه بها ولا يتنقص من أجلها.
أما المخطئ في بعض المسائل المعروف بمنهجه وسلوكه الحميد وعلمه الشرعي فإن خطئه لا يحط من شأنه ولا ينقص من قدره فإن كان حياً يرزق فيجب تنبيهه على خطئه بالأسلوب الحكيم المتعارف عليه بين العلماء المبني على التعاون على البر والتقوى لأن الدين النصيحة فتقدم النصيحة لطالب العلم بحسب مقامه بأدب واحترام وبيان للحق بدليله من غير عنف ولا تعال بل بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تؤدي النصيحة غرضها فتبقى الكلمة واحدة والمحبة والأخوة في الله باقية فإنما المؤمنون أخوة.
وإن كان المخطئ قد أفضى إلى ربه فيدعى له لأن العصمة للأنبياء وحدهم ويبين للناس خطأهم حتى لا يتبعونهم في ذلك الخطأ.
وينبغي أن يكون هذا التحذير من باب التنبيه والنصح والحب لصيانة العلم من كل شوب وخلل لا من باب التجديع والفضيحة والتشنيع ولا نيلاً من مكانة العلماء ولا إبداء لشخصية ناقدة ولا ادعاء لأهلية الرد والرفض فكم من راد على أئمة الهدى وأهل التقى وخيرة الورى ليس الرد من صنعته وليس النقد من حرفته.
وقد تتابعت أقوال العلماء في الاعتذار عن أهل العلم فيما بدر منهم في بحر علمهم وفضلهم وأن ما يصدر من العالم من هنات وزلات لا تكون مانعة للاستفادة من علمه وفضله ولا سبباً للطعن والهجوم عليه ومن ذلك:
1/ قال الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله:" رب رجل في الإسلام له قدم حسن وآثار صالحة كانت منه الهفوة والزلة لا يقتدى به في هفوته وزلته ".
2/ ولشيخ الإسلام جهود مشكورة في توضيح هذا الموضوع وتبيين هذه القضية حيث أتى بعبارات عادلة وأقوال منصفة ومواقف علمية في هذا الشأن فلنذكر بعضاً من كلامه رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
في أثناء حديثه عن أهل الصفة وزهاد السلف وما ألف في هذا الموضوع قال:" وكذلك ما يأثره أبو عبد الرحمن السلمي عن بعض المتكلمين في الطريق أو ينتصر له من الأقوال والأفعال والأحوال فيه من الهدى والعلم شيء كثير وفيه – أحياناً – من الخطأ أشياء وبعض ذلك يكون عن اجتهاد سائغ وبعضه باطلاً قطعاً مثل ما ذكر في حقائق التفسير قطعة كبيرة عن جعفر الصادق وغيره من الآثار الموضوعة وذكر عن بعض طائفة أنواعاً من الإشارات التي بعضها أمثال حسنة واستدلالات مناسبة وبعضها من نوع الباطل واللغو.
فالذي جمعه (الشيخ أبو عبدالرحمن) ونحوه في " تاريخ أهل الصفة " وأخبار زهاد السلف وطبقات الصوفية، يستفاد منه فوائد جليلة ويجتنب منه ما فيه من الروايات الباطلة ويتوقف فيما فيه من الروايات الضعيفة.
وهكذا كثير من أهل الروايات ومن أهل الآراء والأذواق من الفقهاء والزهاد والمتكلمين وغيرهم يوجد فيما يأثرونه عمن قبلهم وفيما يذكرونه معتقدين له شيء كثير وأمر عظيم من الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ويوجد – أحياناً- عندهم من جنس الروايات الباطلة أو الضعيفة ومن جنس الآراء والأذواق الفاسدة أو المحتملة شيء كثير "
وما أحسن كلامه في وصفه لأئمة الهدى وأهل التقى وما يصدر منهم من أخطاء وهفوات حيث قال: " ومن له في الأمة لسان صدق عام بحيث يثني عليه ويحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم، وعامته من موارد الاجتهاد التي يعذرون فيها وهم الذين يتبعون العلم والعدل فهم بُعداء عن الجهل والظلم وعن اتباع الظن وما تهوى الأنفس "
وقال:" ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة وإن كان ذلك في المسائل العلمية ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة وإذا كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه وإذا كان مقصوده متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاداته ولا يؤاخذه بما أخطأ تحقيقاً لقوله:" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا "
3/ قال الحافظ الذهبي في ترجمة كبير المفسرين قتادة بن دعامة السدوسي رحمهما الله تعالى بعد أن اعتذر عن رأيه في القدر:" ثم إن المبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له ولله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه نعم: ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرج التوبة من ذلك ".
4/ وما أنصف كلام ابن القيم في بيان الموقف الصحيح من زلة العالم وهفوته فقال رحمه الله:" ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده فلا يجوز أن يتبع فيها ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين ". (1)
والله اعلم
---------------------------
(1) " أسباب الخطأ في التفسير " د. طاهر يعقوب ج 1 ص 75. أ. هـ باختصار(/)
القيامة
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[03 Jul 2004, 11:55 ص]ـ
هذا السؤال أرسل به أحد الأخوة إلي وطلب مني أن أنشره في منتداكم الكريم عل هناك من يتصدى له ويأتينا بالجواب الشافي
القيامة في التصور الإسلامي: هل هي خلق آخر؟ أم مجرد جمع عظام؟
يقول الله تعالى: (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه)
ما معنى بلى هنا؟ هل هي تأكيد لنوع الإعادة أنه جمع عظام؟ أم هي لتأكيد أصل الإعادة دون تحديد نوعها؟ و إذا كان الأول فكيف نوفق، و الحالة هذه، بين الآية و بين الحديث التالي الذي في صحيح مسلم: (ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل نعمان الشاك فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال يا أيها الناس هلم إلى ربكم)
وأصل هذا السؤال إثارة بعض الملحدين شبهة الآكل و المأكول في أحد المنتديات. وهذه الشبهة تقول: إذا كانت القيامة جمع عظام فإن أمكن إعادة ذرات الآكل امتنع و الحالة هذه إعادة ذرات المأكول و العكس بالعكس. وهكذا خلصوا إلى استحالة إعادة الأبدان حسب التصور الإسلامي. فلما ذكر لهم الحديث الصحيح السابق زعموا أنه يتناقض مع الآية التي في سورة القيامة.
هذا وقد عثرت على قول لشيخ الإسلام يفهم منه أن الإعادة تكون من المادة التي تستحيل إليها الأبدان: (والقول الذي عليه السلف وجمهور العقلاء أن الأجسام تنقلب من حال الى حال فتستحيل ترابا ثم ينشئها الله نشأة أخرى كما استحال في النشأة الأولى فإنه كان نطفة ثم صار علقة ثم صار مضغة ثم صار عظاما ولحما ثم أنشأه خلقا سويا كذلك الإعادة يعيده الله بعد أن يبلى كله إلا عجب الذنب كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ابن آدم ومنه يركب وفي حديث آخر إن السماء تمطر مطرا كمني الرجال ينبتون في القبور كما ينبت النبات فالنشأتان نوعان تحت جنس يتفقان ويتماثلان من وجه ويفترقان ويتنوعان من وجه والمعاد هو الأول بعينه وإن كان بين لوازم الإعادة ولوازم البداءة فرق فعجب الذنب هو الذي يبقى وأما سائره فيستحيل فيعاد من المادة التي استحال اليها) وكلامه هذا يدل بصورة واضحة أن القيامة هي خلق آخر و ليست مجرد جمع عظام.
فأفيدونا بارك الله بكم عن حقيقة هذا التعارض المزعوم بين الآية و الحديث.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[03 Jul 2004, 04:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على إمام المهتدين وخير خلق الله أجمعين
سيدي رسول الله المصطفى الأمين
وبعد
إن هذاالتساؤل تساءله السابقين من المكذبين بيوم الدين؟؟؟
يوم قالوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) (سورة الصافات)
وقالوا أيضا في سورة المؤمنون
أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)
لكن الله قام بالرد عليهم بقوله في سورة الروم
وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
فالإعادة أهون عليه
) أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه)
وهذه الآية الكريمة تبين لنا أن الله سيعيده كما كان بنفس الذرات ونفس الجزيئات ونفس بصماته؟؟ ونفس الذاكرة
وسوف تشهد نفس الأعين ونفس الأيدي والأرجل
ولن يعذب الله جسدا" آخر لأن الله لايظلم نقيرا
بل نفس الجسد بكل مواصفاته
وأحب هنا أن أضيف أمرا"
أن الله سبحانه وتعالى خلق كل شئ بقوله كن
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (غافر 68)
وعبارة يقول له؟؟ نستنتج منها أن نداء كن لشئ موجود (له)؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أي أن الذي قال له كن هو موجود أصلا"قبل أن يقول له كن
فكان كرها أو طوعا
وهذا الأمر لايعلمه إلا الله ولا نعلم كيفية الوجود لهذا الشئ قبل قول كن؟؟ فربما من عدم وربما من عنصر أو عناصر أخرى
فمثلا خلق الملائكة من نور والجان من مارج من نار
إلا الإنسان؟؟؟ أراد الله أن يجعله مكرما" (ولقد كرمنا بني آدم)
وقمة التكريم من الله لابن آدم أنه سبحانه وتعالى صنعه بيده
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (ص 75)
ومن هنا كانت نقمة وحسد إبليس على آدم وذريته ولو يعلم الانسان ولا أقول هنا الانسان المؤمن بل الانسان بشكل عام
لو يعلم قيمة هذا التكريم لوحده لما عصى الله أبدا"
ولا أريد هنا أن أبين أن الإعادة أهون من الخلق الجديد
لأن كل ذي عقل يعلم ذلك
ولن أذكر الحديث النبوي الذي يعتبر إعجازا" علميا" بحد ذاته وهوالحديث الذي يتحدث عن نهاية العمود الفقري
ولكن سأتحدث عن الذين لديهم عادات حسب معتقداتهم
ويقومون بحرق الميت حتى يصبح صفوة
ثم يذروه في الماء؟؟؟ كنهر الغانج مثلا"
كما يفعل الهندوس
فقد ورد حديث قدسي يتحدث عن هذا الأمر
عن الرجل الذي أراد أن يتحول للعدم حسب تصوره؟؟ خوفا" من الله؟؟؟ وأوصى بنيه أن يحرقوه ويذروه للماء والرياح
وكيف أن الله أمر الريح والماء بجمع ذراته وأعاد خلقه من جديد
ليسأله ويدخله بخوفه من الله؟؟ في جنته
وأحب أن أضيف أن العقل البشري لا يستطيع أن يستوعب كيفية الإعادة
ولا يعلم العقل البشري شيئا" عن الروح؟؟؟ لأنها من أمر ربي
ولا يعلم أسرار المادة وتحولها بأمر من خالقها إلى عناصر أخرى
فنحن البشر من تراب
ولو أكلنا التراب متنا؟؟؟؟؟؟؟
وإبليس من نار وسوف يعذبه الله بالنار؟؟؟
فربما يقول قائل؟؟؟ ممن يظن نفسه عالما" كيماويا أو فيزيائي
أن النار لا تؤذي النار؟؟؟
فكيف لو قمت وصنعت طينا لازب وجففته وصفعته به
ألا يؤذيه؟؟؟
الخلاصة من القول أن هؤلاء المتشدقين بالعلم وتحول الآكل وتحول المأكل لا تعدوا إلا تهيؤات تزينها لهم شياطينهم ليضلوا الآخرين بعدما ضلوا
فكيف يهدي من كان أعمى ولا بصيرة له؟؟
ان هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم (الماديين) أصلا" لايعلموا شيئا" عن خواص المادة وتحولاتها الا الشئ اليسير والذي يعلمه أي شخص تعليمه عادي
فالفلاح بفطرته يبذر البذار ويحرث الأرض
ولا يعلم كيف تتحول المادة في البذرة وكيف تتطور وتصبح خلقا" جديدا"
ولا يعلم كيف يأتي المطر
ولا يعلم ان كان هذا الزرع سينتج محصولا" أو يصبح حطاما"
كما ذكر في الواقعة
ان العلم الحقيقي للمادة وتحولها ليس من اختصاص البشر أصلا"
لأن هذا الأمر بيد الله
وكل ماتوصل اليه البشر عبارة عن سطحيات؟؟؟ علوم المادة
أما الأساسيات فهي بيد الله الذي أخبرنا أنه يحول النار الى بردا" وسلاما" كما فعل مع سيدنا ابراهيم
ويحول العصى الى أفعى
ويحول الطين بيد الصبي عيسى الى طير
ويحول الماء لطود عظيم؟؟؟
فهذه الأمور أخبرنا الله بها ليست فقط للسرد القصصي
وانما لنعلم كيف تكون المادة مع خالقها
وكيف تكون مع المخلوق؟؟
فلم نؤتى من العلم الا قليلا؟؟؟
أخوتي الأعزاء إن تلك المنتديات أو صالات البالتوك المشبوهة
تحتوي على هؤلاء العميان بصرا" وبصيرة
أنصحكم عدم الجلوس معهم كما أمرنا الله وكذلك عدم نقل وترويج مايقولون لأنهم لايقولون إلا الكفر أو الشرك والعياذ بالله
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (النساء 140)(/)
أقوال العلماء في عقيدة الطبري
ـ[خالد بن سليمان العويشق]ــــــــ[03 Jul 2004, 02:59 م]ـ
(1) أبو القاسم اللالكائي:
قال رحمه الله:سياق ماروي من المأثور عن السلف في جمل اعتقاد أهل السنة والتمسك بها والوصية بحفضها قرناً بعد قرن ثم ذكر رحمه الله عقيدة الثوري والأوزاعي وابنعينية وابن حنبل وابن المديني وأبي ثور والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والتتري وابن جرير الطبري.
ثم ذكر طرفاً من عقيدته التي رواها عنه اللالكائي بالإسناد الصحيح وبقيتها مطبوعة في صريح السنة.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، والتصبير في معالم الدين مقدمة المحقق 29).
(2) ابن تيمية:
أشار إلى عقيدة الطبري الشيخ ابن تيمية في قاعدة الاسم والمسمى من مجموع الفتاوى 6/ 187 فقال: ( ... كما ذكره أبو جعفر الطبري في الجزء الذي سماه "صريح السنة" ذكر مذهب أهل السنة في القران والرؤية،والإيمان والقدر والصحابة وغير ذلك.
وذكر أن مسألة اللفظ ليس لأحد من المتقدمين فيها كلام؛كما قال لم نجد فيها كلاماً عن صحابي مضى ولا عن تابعي قفا إلا عمن في كلامه الشفاء والغناء، ومن يقوم لدينا مقام الأئمة الأولى أبو عبد الله أحمد بن حنبل فإنه كان يقول:اللفظية جهمية.ويقول:من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع.
وذكر ان القول في الاسم والمسمى من الحماقات المبتدعة التى لايعرف فيها قول لأحد من الأئمة .... ) ا. هـ
(3) الذهبي:
ذكره من ضمن السلف الذين يثبتون علوالله عزوجل واستواءه على العرش ونقول قول الطبري بالإسناد: (وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر)
ثم قال وتفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الأثبات.
(العلو للعلي الغفار للذهبي، ومختصر العلو للذهبي تحقيق الألباني)
(4) ابن القيم:
قال ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية: قول الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الإمام في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ واللغة والنحو والقران قال في كتاب صريح السنة ونقل كلامه وعده من جملة السلف الذي يرجع لأقوالهم في مسائل الاعتقاد. . (اجتماع الجيوش الإسلامية /194)
(5) عبد الله بن عبد العزيز المصلح ال شاكر:
قال: (الطبري سلفي المعتقد وله مع أهل الزيغ صولات وجولات).
الإمام الطبري لعبد الله المصلح
(6) علي بن عبد العزيز الشبل:
قال:الإمام محمد بن جرير الطبري من كبار أئمة أهل السنة والجماعة المتبعين منهج وعقيدة السلف الصالح في أنواع توحيد الله سبحانه وبقية أصول الإيمان وما يتبعه من مسائله والصحابة والإمامة.
فهو في الكل على مذهب أهل الحديث، مذهب الطائفية الناجية والفرقة المنصورة، لم يعرف عنه غير هذا وتفسيره مليئ بكل ماذكرت،بل هو مصدر تفسير أهل السنة والجماعة.
(مقدمة كتاب التبصير في معالم الدين للمحقق علي الشبل)
(7) محمد الحمود النجدي:
قال:له كتاب في عقيدة أهل السنة والجماعة أسماه (صريح السنة) أما عقيدته في التفسير فهو إمام متبع، نصر مذهب السلف واحتج له ودافع عنه،ولكنه في صفة الغضب والحياء ذكر أقوال المفسرين دون أن يرجح شيئاً منها.
(القول المختصر المبين في مناهج المفسرين 10)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Feb 2005, 10:24 ص]ـ
وهذا بحث ذو صلة بالموضوع
اتهام الطبري بالتشيع - لعلي بن عبدالرحمن العويشز ( http://www.tafsir.net/Bookstorge/715.zip)
ـ[موراني]ــــــــ[10 Feb 2005, 01:46 م]ـ
ذكر ابن أبي زيد القيرواني في رسالته في طلب العلم ,
في سياق كلامه حول بعض مؤلفات المشارقة:
.... وأما تفسير محمد بن جرير فبلغني أنه حسن , ولا أدري محلّ الرجل عند أهل بلده في التمسك , وبعض الناس يتهمه
وأنا لا أحقق عليه
وكتبت هذه الرسالة بالقيروان وابن أبي زيد لم يزل على قيد الحياة
(وذلك ضمن كتابه في ذب عن مذهب مالك بن أنس. مخطوط Chester Beatty )
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[29 Dec 2009, 01:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى أن يوفق كل طالب الحق المخلص في طلب الحق
(يُتْبَعُ)
(/)
وأسأل الله تعالى أن يرزق الباحثين والدارسين ـ لا المقلدين ـ في تراث الإمام ابن جرير الطبري الشجاعة العلمية للإعلان عن منهج ذاك الإمام العلم الجبل الشامخ في أصول الدين، وعن معتقداته الثابتة الراسخة في تنزيه الله تعالى وسلامة إثباته للصفات من كل شائبة تشبيه أو تمثيل أو تجسيم.
فللأسف لم أقرأ إلى حد الآن دراسة جادة حول منهج الإمام الطبري في أصول الدين وما يترتب عليه من نتائج، فكل ما اطعلت عليه هو محاولات فاشلة تستند إلى التعتيم وإخفاء جملة من حقائق عقيدة ذاك الإمام لصفه في جانب فرقة دون أخرى.
وهذا ما دفعني لاستقراء جملة من كتب الإمام الطبري وأبرزها جامعه المبين، وتبصيره في معالم أصول الدين، واستخلصت النتائج في رسالة ضمت حوالي خمسين صفحة بينتُ فيها عقيدة ذلك الإمام الجبل الراسخ في العلم.
نعم، تلك النتائج البينة الواضحة التي ظهرت من خلال الجمع والاستقراء والتحليل لكلام الإمام الطبري قطعا لن تعجب من اعتاد التقليد أو ظهرت له الحقائق ولم تكن له الشجاعة الكافية لإعلانها، كيف وإعلانها بصراحة يستلزم إما التكذيب بها مع وضوحها، أو تهمة الإمام الطبري بالتجهم والزلل في العقيدة والاعتزال والتعطيل وغير ذلك من التهم التي تلصق بكل الذين هم على عقيدة الإمام الطبري من أهل السنة، وإن كانت مكانة الإمام الطبري قد تمنع من بقي في قلبه ذرة ورع من إطلاق ذلك في حقه.
فمثلا ما موقف البعض عندما يعلم أن الإمام الطبري يعتقد أن الله تعالى لا مماس للعالم ولا مباين له؟ اي ليس داخل العالم ولا خارجه؛ لأنه ليس كمثله شيء فلا يقبل ما تقبله الأشياء التي ليست مثله بحال من الأحوال؟؟
للأسف سيكون حالهم إما التكذيب بأن الإمام الطبري يعتقد ذلك، مع وجود الدليل القاطع على ذلك، وإما تهمته بالتجهم والاعتزال والتعطيل.
وماذا لو يعلم البعض أن الطبري يقول باستحالة اتصاف الله تعالى بصفات حادثة، وبأن تسلسل الحوادث بلا أول في جانب الأزل أمر مستحيل باطل، وبأن الله تعالى لم يزل قادرا في الأزل مع عدم العالم، وغير ذلك مما تنبني عليه أصول وأصول، كأن ما لزمه الحوادث ـ أجناسا أو أفرادا ـ فهو حادثٌ.
النتيجة بلا شك عند ذلك البعض: إما التكذيب، وإما اتهام ذلك الإمام العلم الشامخ بفساد العقيدة أو الزلل فيها أو التجهم والتعطيل وغير ذلك من التهم التي فشت بينهم.
أسأل الله تعالى أن ييسر صدور تلك الرسالة، وأسأل الله تعالى الهداية لكل المسلمين المخلصين المتحلين بالموضوعية العلمية، وأن يرزق الباحثين والدكاترة والأستاذة الشجاعة والقوة لإعلان الحق والرجوع إليه، فإنا جميعا محاسبون عن كل حقيقة أخفيناها أو حرفناها أو كتمناها، لا سيما من لاصق أسماءهم حرف الألف والدال والشين والعين وغيرها.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[29 Dec 2009, 10:06 م]ـ
أخي الكريم أبا عبيدة
مهما كان ما توصلت إليه في عقيدة ابن جرير فأضف إليه أمرين:
أولهما: أن ثَمَّة من العلماء من نبَّه على ما أخطأ بابه ابن جرير في بعض مسائل الاعتقاد. فيصعب الجزم بالسبق في بيانها أو القطع بأن أحداً لم يعلم ما علمت.
ثانيهما: ما أثر ذلك في تفسيره؟
فإن كان له أثر فأضفه إلى ما تبين لك , وإن لم يكن فماذا يرى في المسائل التي تراه خالف فيها السلف من خلال تفسيره؟ فإن لم تجد له كلاماً بيّناً فلماذا سلمت له لوازم تلك المسائل فيما بحثه في تفسيره؟
وتأكد أني وكل محبٍّ للحق سنكون أسعد الناس بأي نتيجة تصل إليها في هذا الموضوع؛ مادام طريقك إليها سليماً: بالعلم والعدل.
وفقك الله لكل خير.
وأنبه أخي خالد إلى أنه ذكر أقوالاً لمعاصرين وباحثين دون أن يتحقق من وصفهم بالعلماء كما في العنوان , كما أنه لم يستوف كلامهم فيه أو على الأقل الكلام الصريح في اعتقاده رحمه الله , وفي ذلك كتب ورسائل فيما أعلم.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[29 Dec 2009, 10:44 م]ـ
أشكرك على هذا التعقيب اللطيف
ولا شك أني إذا أخذت بعين الاعتبار ما لاحظته خرجت الرسالة القصيرة عن مقصدها وصارت مشروعا لرسالة أكاديمية مطولة .. وليس هذا المراد منها أصالة.
ولا شك أني ما قرأت كل ما كتب عن عقيدة ابن جرير رضي الله عنه، ولذا فحكمي مقيد ضمنا بما اطلعت عليه.
أما ما أشرت إليه من تنبيه البعض على أخطاء الطبري في بعض مسائل الاعتقاد، فلعل إحدى مقاصد الرسالة تخطئة من خطأه ..
كما أني لا أراه خالف السلف في مسألة اعتقادية رئيسية؛ بل أراه من أفضل من يترجم عن عقيدة السلف لشدة قربه منهم وإحاطته بأهم أقوالهم وإدراكه لمقاصدهم.
كما أن الخطأ في أصول الدين نوعان:
ـ نوع منهجي إذا وقع ترتب عليه الخطأ فيما دونه من المسائل، والمصيبة إذا التزم المرء السير على وفق تلك الأصول الباطلة.
ـ وخطأ فرعي في بعض النتائج الفرعية، وهو مغتفر نظرا لاختلاف الأدلة عليه وعدم ائتلافها.
ولا شك عندي أن الإمام الطبري قد أصاب كل الإصابة في تحديد المنهج العلمي في طرق أبواب العقيدة؛ وعليه ظهر أثر تلك الإصابة في تفسيره ظهورا جليا؛
فمثلا قد اعتبر رضي الله عنه النظر العقلي أساسا لدرك قواعد الاعتقاد في مسائل الإلهيات، وهذه الحقيقة ـ وهي أهمية النظر العقلي في المخلوقات وما يترتب عليه من نتائج ـ عضدها القرآن العظيم في آيات لا تحصى، بل أصلها وقررها، وترتب على ذلك الاعتبار نتائج مهمة ظهرت في المسائل المشكلة التي ناقش فيها الطبري المخالفين له.
البحث شيق لا محالة، خصوصا إذا علمنا أن القرآن العظيم قد حوى حوالي خمسة آلاف آية متعلقة بالعقيدة وأصول الدين، فهي أعظم أبواب الإيمان، ومن أكبر المداخل إلى تلك الأبواب هو الإمام الطبري.
وأزعم أن لو اقتدى الباحثون الصادقون بمنهجه الصائب ومنهجه الحق، واعتبروه رمزا ومرجعا لعقيدة أهل السنة والجماعة؛ وأذعنوا لنتائجه الأساسية، لارتفع بسبب ذلك الكثير من الخلاف، لكن لا يقبل ذلك إلا من رحم اللهُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مالك حسين]ــــــــ[31 Dec 2009, 12:07 ص]ـ
بين يدي رسالة بعنوان ((أصول الدين عند الإمام الطبري))
تأليف: طه محمد نجار رمضان.
وهي في الأصل رسالة ماجستير
مقدمة إلى "قسم الفلسفة الإسلامية" كلية دار العلوم-جامعة القاهرة
بعنوان ((آراء الطبري الكلامية))
والرسالة بإشراف أ. د. مصطفى محمد حلمي
ونوقشت بتاريخ (20/ 2/2000م)
ومنح الباحث عنها: درجة الماجستير، بتقدير ممتاز، مع التوصية بطباعة الرسالة وتبادلها بين الجامعات.
وهي مطبوعة عن (دار الكيال) الرياض الطبعة الأولى 1426هـ-2005م.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[31 Dec 2009, 12:56 م]ـ
ومنح الباحث عنها: درجة الماجستير، بتقدير ممتاز، مع التوصية بطباعة الرسالة وتبادلها بين الجامعات. [/ align]
للأسف الشديد هذا التساهل الحاصل في منح التقديرات العالية والامتياز أخل بشدة بمستوى الطلبة، وبالتالي انعكس ذلك على مستوى الأساتذة الذين نالوا تلك الشهادات من غير استحقاق، فانعكس ذلك بدوره على مستوى طلبتهم، وهذا يفسر ضعف مستويات الكثير من الرسائل الجاميعة التي حقها أن تُرفَض لما فيها من إخلال بالمنهج العلمي الذي يتعلق بالمضمون، لا بمجرد الشكل.
والتفسير الوحيد الذي أجده لنيل مثل هذه الرسائل الضعيفة مثل تلك التقديرات العالية والوصية بطباعتها ونشرها هو دافع التعصب للمذهب ومحاولة تكثيف الضغظ الإعلامي على الضعفاء لضمهم إلى حضيرة المذهب المتعصَّب له من خلال الترويج الإعلامي المغالط.
وفي هذه الحالة فشخصية كالإمام الطبري لها من الأهمية الكبيرة ما يجعل البعض يحاول تقديمها في شكل مغالط لضمها في جانبهم، وإن اقتضى ذلك الخروج عن الموضوعية العلمية وطرح القضايا بشكل مزيف أو تحريف الأفكار عن مسار اختيار صاحبها أصلا، وما على المناقشين إلى المباركة والقبول وإسداء الامتياز، يا للفضيحة.
وقد تتبعت الرسالة المذكورة للطلب المسمى طه محمد نجار رمضان، والخلاصة عندي أنه لا يستحق نيل الشهادة أصلا لما فيها من النقص الواضح في دراسة كثير من آراء الإمام الطبري الكلامية، وتقديم البعض الآخر بصورة مغلوطة لخدمة غرض مذهبي لا أكثر ولا أقل.
وهنا لابد من طرح قضية غاية في الخطورة، وهي مدى استطاعة الطالب الانفكاك عن ميولاته المذهبية واختياراته الاعتقادية عند دراسة آراء إمام مخالف له في جملة من القضايا كما هو الحال في هذه الرسالة.
الواقع يفيد أن غالب الرسائل التي تتناول دراسة الآراء الاعتقادية لبعض الأئمة الكبار، والتي يتناول تقديمها طلبة في مقتبل الطلب والنشأة العلمية، نراهم صاروا أعلم وأفقه وأدرك للحقائق في أولئك العلماء الجبال الشامخة في العلم، فتجد الطلب الناشئ يخطّئ ذلك الإمام ويغلّطه ويلوي أفكاره ويتعقبها كيف شاء ويبطلها أحيانا ويحرف أخرى ويشحن الهوامش بالاعتراضات عليه نقلا عن غيره، وهذا للأسف أصبح سمة الرسائل المعاصرة التي يغلب عليها حب الانتصار للمذهب والتعصب إليه، لا الدراسة الموضوعية العلمية.
وسأكتفي هنا بضرب مثال واحد على عدم استحقاق تلك الرسالة نيل الشهادة أصلا، فضلا عن طباعتها، وسيتبين من خلالها أن المشرف والمناقشين لم يقوموا بدورهم الأصلي وهو مسائلة الطالب عن الأمور المشكلة في رسالته أو عن تحريفاته لأقوال العالم الذي تدرس آراؤه، وإلا فالأمثلة كثيرة جدا.
قال الطالب في ص 137 من الرسالة المذكورة عند تعرضه لعرض الدليل العقلي الذي سلكه الإمام الطبري لبيان حدوث العالم وافتقاره إلى محدِث واحد هو الله تعالى:
"ثم ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثالثة من استدلاله، بعد أن قرر أن كل ما في العالم لا يخلو من الحدَث، ليقرر أن (ما لم يخل من الحدث لا شك أنه حادِث).
ثم قال الطالب: ولا يُعنَى ابن جرير عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث، شأن من يعنى بهذا الدليل، وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قبله. (أصول الدين عند الإمام الطبري، ص137)
التعليق:
عجبا للمشرف والمناقشين كيف يتركون هذا الكلام يمر مرّ الكرام.
ومرور هذا الكلام دال على أحد الأمرين:
ـ إما الجهل بمسائل علم الكلام، وهذا لا يليق بمن ينصب نفسه مشرفا أو مناقشا.
ـ وإما المشاركة في تزييف الحقائق بشكل مفضوح.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمعلوم عند كل من له حظ في فهم الأدلة العقلية على وجود الله تعالى أن من أركان هذا الدليل أن كل ما لا يخلو من الصفات الحادثة ـ بحيث يلازمها ولا يعقل منفكا عنها ـ لا يعقل موجودا بدونها أو قبلها، ولما كانت هي حادثة يكون هو بالضرورة حادثا، وكل حادث مفتقر ضرورة إلى محدِث واحد غيره وهو الله تعالى.
وهذا ما أراد الإمام الطبري بيانه وأقام البرهان عليه، فنص على أن (ما لم يخل من الحدَث لا شك أنه حادِث) أي: محدَث.
وهذا البرهان العقلي معروف، وقد توصل إليه الإمام الطبري بعد النظر في الايات القرآنية والآيات الكونية والنفسية، وبنى عليه أصول الدين، بل اعتبره دالا على معرفة الله تعالى قبل بلوغ رسالة الأنبياء، واعتبر الجهل به جهلا بالله، محاسب صاحبه عليه.
فكيف يسوغ للطالب القول بعد هذا بأن الطبري لا يُعنَى عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث؟ مع أن الإمام الطبري ينص نصا صريحا واضحا أن ما لم يخل من الحدث محدَثٌ؟ فهذا قلب تام لنتيجة الإمام الطبري التي صرّح بها.
بل كيف يتجرأ الطالب ويقول بعد هذا: (وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قَبلَه)
فكيف فهم هذا الكلام المتناقض من ألفاظ الإمام الطبري؟
بل إذا طبقنا كلامه لزم القول بأن الله تعالى له محدِثٌ قبله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ فإن الطالب قرر استحالة أن يكون شيءٌ يحدِث شيئا إلا ومحدِثهُ قبلَه. فعلى هذا يكون قبل الله تعالى محدِثٌ لأنه داخل حسب ألفاظ الطالب في هذه الكلية وهي أن كل من يحدِثُ شيئا فمحدِثُه قبله، ومعلوم أن الله محدِثٌ للأشياء، فيكون قبله محدِثٌ حسب كلام الطالب، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا ليس بمقصد الإمام الطبري والعياذ بالله، ولا دل عليه كلامه بأي نوع من أنواع الدلالات، بل ليس في كلام الإمام الطبري إلا البرهان على افتقار كل ما لازم الحوادث إلى محدِث واحد وهو الله تعالى الغني على الإطلاق، الذي يستحيل أن يتصف بالصفات الحادثة كما هو الحال بالنسبة إلى مخلوقاته.
فكيف يمر هذا الكلام؟ وما السبب في ذلك؟ وأين الإشراف والمراقبة للمسائلة؟
الجواب واضح: وهو التواطئ على تحريف وتغيير آراء العلماء، لا سيما الإمام الطبري.
إذ لما كان مذهب الطالب والمشرف والمراقب أن ما لا يخلو من الحوادث لا يكون دائما حادثا؛ لأن الله تعالى عندهم يتصف بالصفات الحادثة، ولم يسعهم أن يلتزموا بأنه حادث، اضطروا إلى تغيير فكرة الإمام الطبري وتحويرها عن مسارها الاستدلالي.
وهذا ما أشرت إليه من سيطرة النزعة المذهبية والتعصب الفكري عند الطلبة والمشرفين والمناقشين، إذ لا همّ لهم إلا الترويج لمذهبهم ولو كان على حسب الموضوعية العلمية، وعلى حسب آراء العلماء الواضحة.
وعلى العموم، هذه الآفة قد انتشرت في كثير من الرسائل الجامعية، وتوزعت التقديرات الامتيازية على كل تحريف أو تبديل أو تعتيم، وهذا عامل من عوامل تأخر المسلمين بلا شك، وعامل من عوامل ضعف المستويات في العلوم الشرعية، ودليل على تفشي التعصب المذموم، فهل من صرخة إنذار توقف هذا المسار الفاسد؟.
ـ[أحمد الحمادي]ــــــــ[10 May 2010, 06:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بجميع الإخوة الأعزاء
والسؤال لأخي الكريم أبي عبيدة الهاني حفظه الله:
هل اكتملت رسالتكم الكريمة وتم طرحها في هذا المنتدى المبارك أم أنها لا زالت طور التأليف؟
وجزاكم الله عنّا خير الجزاء وبارك بكم.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[20 Oct 2010, 04:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:
فقد اطلعت على تهجم الأخ أبي عبيدة الهاني ــ هداه الله وعفا عنه ــ على أخي الشيخ طه رمضان في رسالته المشار إليها ووصمه إياها بالضعف وتعديه على الباحث وعلى الأساتذة المشرفين بما لا يليق بحقهم ومكانتهم العلمية، فراسلت الشيخ طه وطلبت منه الاطلاع على ما كتبه وإبداء رأيه حول ما أثاره الباحث من شبهات حول عقيدة الإمام الطبري في هذا الموضع، وفي مواضع أخر باسم نزار حمادي، فاطلع على كتاباته ثم أرسل إلي هذا الرد والذي عنونه بقوله (دفاعا عن الطبري .. لا عني) لأضعه بنصه بين أيديكم، سائلا الله أن يكتب لنا جميعا
(يُتْبَعُ)
(/)
الهداية السداد في الدنيا والآخرة.
نص الرد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
وبعد؛ فلقد قدر لهذا التعقيب أن يتأخر نحوا من شهرين، أو يزيد، ومع أن نشر الموضوع كان سابقا لهذا التاريخ، فلم يقدر لي الاطلاع على ذلك الموضوع إلا في شهر شعبان الماضي، بل لم أكن أعلم أن أحدا ذكرني، أو ذكر بحثي، بشيء من الرد أو التعقيب.
وقد كنت حين الاطلاع على الموضوع على سفر يحول دون قراءتي المتأنية له، بَلْهَ التفرغ لمناقشته والرد عليه. ثم بعدها دخل شهر رمضان، ثم دخل التسويف، والأشغال، حتى عاد أخي الذي أطلعني عليه، يقتضيني التعقيب الذي وعدته به.
وها أنا قد عدت أصبر نفسي على قراءة تعليق الرجل، بكل ما فيه ... ، وأكتب هذه العجالة في نقد أهم ما ذكره في كلمته، من غير أن أستقصي ما يقتضيه المقام من البحث معه في كل ما أثاره من مسائل وشبهات، وذلك أن الرجل قد زعم أن لديه بحثا مطولا حول عقيدة الإمام الطبري، وهنا كان من المناسب أن أرجئ تفاصيل الكلام، إلى حين مراجعة ما يذكر الرجل في بحثه المطول، والنظر في قراءته لاعتقاد الإمام الطبري.
فاسمح لي ـ أبا عبيدة ـ وأنا أستأذن القراء والمشرفين في الالتفات من ضمير الغيبة، إلى ضمير الخطاب في نقاش الرجل، فأنا أظن الرجل يسمع، ويبصر، ويحسن أن يقرأ كلامي من غير واسطة؛ فأقول:
اسمح لي أبا عبيدة أن أبدأ حواري معك بلفتة يسيرة، دعاني إليها عرضك، ولغتك في الخطاب، وتعقيبك على الآخرين ... ، مما سيأتي التعليق على بعضه، وأرعني سمعك، وأسلس لي أذنك، من غير قِماص ولا حِران، أصلحك الله، ولا تخشَ على أذنك عرْكا، ولا صَلْما!! فإلى الآن ما حمي الوطيس؛ فقط أريد أن أسر إليك شيئا:
لقد ذكرتني بلغتك المتعالية الباردة، بحوار دار بين أبي حيان التوحيدي، وأستاذه مسكويه؛ يسأل التوحيديَُ أستاذه مسائل، ويظن أنه قد ضيق عليه فيها، وشدد عليه السؤال، فقال له أبو علي مسكويه، قبل أن يجيبه عن مسائله:
(وقد عرض لك بها عارض من العُجْب، وسانح من التيه؛ فخَطَرْت خَطَران الفحل [أن يرفع ذنبه مرة، ويخفضه مرة، عند صولته ونشاطه من شبع، أو سمن]، ومشيت العِرَضْنَة [كناية عن الخيلاء والعجب في المشي]، ومررت في خيلائك، ومضيت على غلوائك، حتى أشفقت أن تعثر في فضل خطابك!! ...
ارفق بنا يا أبا حيان - رفق الله بك - وأَرْخِ من خِناقنا، وأَسِغْنا ريقَنا، ودعنا وما نعرفه في أنفسنا من النقص، فإنه عظيم ... ولا تُبَكِّتنا بجهل ما علمناه، وفَوْت ما أدركناه، فتبعثَنا على تعظيم أنفسنا، وتمنعنا من طلب ما فاتنا؛ فإنك - والله - تأثم في أمرنا، وتقبح فينا!!).
[الهوامل والشوامل، للتوحيدي (26 - 27)].
فليت شعري؛ من غرك من نفسك يا هذا، وأوهمك أنك بكل هذا البحث والتحقيق، حتى أتيت بما لم يستطعه الأوائل، وأنك فاتق البحث عن ابن جرير، والذاب عن حياضه، والراد على من خطأه؛ بل من قال لك: إنك تفهم في علم الكلام شيئا، حتى رحت تتوعد من يخالفك بالويل والثبور، وعظائم الأمور؟!!
دعنا نبدأ ـ إذا ـ أبا عبيدة الهاني في مناقشة كلماتك، وتفكيك شبهاتك؛ لكن قبل ذلك أذكرك بما اتهمت به صاحبك، إن سمحت لي بهذا الشرف، من أن دراسته: واحدة من (محاولات فاشلة تستند إلى التعتيم وإخفاء جملة من حقائق عقيدة ذاك الإمام لصفه في جانب فرقة دون أخرى)!!
ودعني أذكرك مرة أخرى بما رميت به صاحبك، ولا أدري هل كنت سمحت لي بعد استماحتك الأولى، أو لا؟! ـ من أنه قام بتقديم شخصية الطبري: (في شكل مغالط لضمها في جانبهم، وإن اقتضى ذلك الخروج عن الموضوعية العلمية وطرح القضايا بشكل مزيف أو تحريف الأفكار عن مسار اختيار صاحبها أصلا ... )
و (لما فيها من النقص الواضح في دراسة كثير من آراء الإمام الطبري الكلامية، وتقديم البعض الآخر بصورة مغلوطة لخدمة غرض مذهبي لا أكثر ولا أقل)!!
شكرا لك على تقييمك، ولعلنا نعود إليه، إذا انتهينا من مناقشة أفكارك العلمية في موضوعك، وهو المقصود الأهم هنا!!
ولنبدأ يا صاحبي، بالمسألة المنهجية التي ادعيتها، وهولت بها، وهي قولك:
(يُتْبَعُ)
(/)
(ولا شك عندي أن الإمام الطبري قد أصاب كل الإصابة في تحديد المنهج العلمي في طرق أبواب العقيدة؛ وعليه ظهر أثر تلك الإصابة في تفسيره ظهورا جليا؛
فمثلا: قد اعتبر رضي الله عنه النظر العقلي أساسا لدرك قواعد الاعتقاد في مسائل الإلهيات، وهذه الحقيقة ـ وهي أهمية النظر العقلي في المخلوقات وما يترتب عليه من نتائج ـ عضدها القرآن العظيم في آيات لا تحصى، بل أصلها وقررها، وترتب على ذلك الاعتبار نتائج مهمة ظهرت في المسائل المشكلة التي ناقش فيها الطبري المخالفين له).
ومن هذه المسألة المنهجية نبدأ، يا أبا عبيدة:
أين نص الطبري على ما ذكرته؟!
طبعا، لم تذكره أنت!! حسنا، فدعنا نذكره هنا من لفظه، ولا نحيلك على بحثنا (المحرف)، ليتبين أي الرجلين منا أولى بالكذب والتحريف:
قال الطبري رحمه الله:
(اعلموا رحمكم الله أن كل معلوم للخلق من أمر الدين والدنيا لن يخرج [المطبوع: أن تخرج] من أحد معنيين:
من أن يكون: إما معلوما لهم بإدراك حواسهم إياه، وإما معلوما لهم بالاستدلال عليه بما أدركته حواسهم.
ثم لن يعدو جميع أمور الدين الذي امتحن الله به عباده، معنيين: أحدهما توحيد الله وعدله، والآخر: شرائعه التي شرعها لخلقه من حلال وحرام، وأقضية وأحكام.
فأما توحيده وعدله: فمدركة حقيقة علمه استدلالا بما أدركته الحواس ... )
[التبصير في معالم الدين (112 - 113).
ثم قرر ما ذكره هنا في صفحات عديدة بعد ذلك، إلى نهاية الفصل (113 - 125)، وفي كل مرة يقرن بين: توحيد الله، وعدله؛ باعتبار ذلك من الأصول العقلية، التي لا يسع أحدا جهلها، ولا يعذر بالخطأ فيها!!
وهنا نسألك، أبا عبيدة، سؤالا معترضا، قبل أن نكمل البحث السابق:
هل أنت مقر ـ فعلا ـ بأن مباحث (العدل) هي من الأصول العقلية، ولا يعذر فيها أحد بالجهل أو الخطأ؟!
وإذا كان مذهبك: أن التعديل والتجوير ليس من مباحث العقول، وأن العقل لا يحسن ولا يقبح، ولا يوجب مراعاة الصلاح أو الأصلح، ولا يوجب لطفا، ولا حكمة ... ولا ... ؛ بل بعض متأخريكم يرى أن مسائل القضاء والقدر ـ برمتها ـ هي مسائل سمعية، وليست عقلية، كما قال في (الجوهرة):
وواجب إيماننا بالقدر وبالقضا، كما أتى في الخبر
قال شارحه: (وأشار المصنف بذلك إلى أن دليل ذلك سمعي؛ فمن جملة ما روي ...
وإنما عولوا على الدليل السمعي هنا، لأنه أسهل للعامة؛ وإلا فقد علمت مما مر أن القضاء والقدر يرجعان للصفات التي عولوا فيها على الدليل العقلي). [شرح البيجوري على الجوهرة (129)].
فمع من أنت ـ إذا ـ وبدون أن تراجع بحثي لهذا المفهوم عند ابن جرير، لأنه لا يليق بمقامك السامي؟!
لكن دعنا من هذه المزاحمات، أبا عبيدة الهاني، وتعال بنا إلى تتمة كلام الإمام الطبري في (أصول المعرفة) في مسائل الإلهيات، والذي لبَّست على القراء بأن عمدة الطبري فيها: النظر العقلي، وأوهمتهم أن مذهبه في ذلك هو نفس مذهب أئمتك.
حسنا، اقلب هذا الفصل، وانتقل إلى الفصل التالي له مباشرة، لتكتمل صورة الحقيقة التي أخفيت نصفها، لتخدع القراء عن مذهب الطبري، وتقدم لهم قراءة مغلوطة، على حسب زعمك وتعبيرك أنت؛ وفألك من فيك!!
يقول الإمام الطبري رحمه الله:
(القول فيما أدرك علمه من صفات الصانع خبرا، لا استدلالا)!!
إذا فنحن هنا أمام طريق آخر للمعرفة الإلهية، سوى العقل، وأن من هذه المعارف الإلهية ما لا يصلح الاعتماد فيه على العقل أصلا.
دعنا من الاستنباط، وتعال بنا إلى نص كلام الرجل، بعد ما ذكر بالفصل السابق له:
(ولله تعالى ذكره أسماء وصفات، جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة بأن القرآن نزل به، وصح عنده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رُوي عنه الخبر به: خلافه؛ فإن خالف بعد ثبوت الحجة عليه به من جهة الخبر، على ما بينت فيما لا سبيل إلى إدراك حقيقة علمه إلا حسا: فمعذور بالجهل به الجاهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية والفكرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك نحو إخبار الله تعالى ذكره إيانا بأنه سميع بصير [لاحظ أن السمع والبصر عنده صفات خبرية]، وأن له يدين، لقوله: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، وأن له يمينا، لقوله: (وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)، وأن له وجها، لقوله: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، وقوله: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)، وأن له قدما، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى يضع رب العزة قدمه فيها) يعني: جهنم.
وأنه يضحك إلى عبده المؤمن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، للذي قُتل في سبيل الله: (إنه لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه)، وأنه يهبط كل ليلة وينزل إلى السماء الدنيا، لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنه ليس بأعور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال، فقال: (إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور).
وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون الشمس، ليس دونها غياية، وكما يرون القمر ليلة البدر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنه له أصابع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن).
فإن هذه المعاني التي وصفت، ونظائرها مما وصف الله عز وجل بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، مما لا تدرك حقيقة علمه بالفكر والروية، ولا نكفر بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه.
فإن كان الخبر الوارد بذلك خبرا تقوم به الحجة مقام المشاهدة والسماع: وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته في الشهادة عليه بأن ذلك جاء به الخبر، نحو شهادته على حقيقة ما عاين وسامع.
وإن كان الخبر الوارد خبرا لا يقطع مجيئه العذر، ولا يزيل الشك، غير أن ناقله من أهل الصدق والعدالة، وجب على سامعه تصديقه في خبره، في الشهادة عليه بأن ما أخبره به كما أخبره، كقولنا في أخبار الآحاد العدول، وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته).
وبعد أن انتهى الطبري من تقرير الطريق التي تثبت به الحجة في هذا الباب، راح يبين معناها الذي يقول به، ليدلل على منهجه في ذلك من حيث الثبوت، ومن حيث الدلالة أيضا.
قال:
(فإن قال لنا قائل:
فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت، والتي جاء ببعضها كتاب الله عز وجل ووحيه، وجاء ببعضها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نثبت حقائقها على ما نعرف من جهة الإثبات، ونفي التشبيه، كما نفى ذلك عن نفسه جل ثناؤه، فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)؛ فيقال: الله سميع بصير، له سمع وبصر؛ إذ لا يعقل مسمى سميعا بصيرا، في لغة ولا عقل، في النشوء والعادة والمتعارف، إلا من له سمع وبصبر .....
فنثبت كل هذه المعاني التي ذكرنا أنها جاءت بها الأخبار، والكتاب والتنزيل، على ما يعقل من حقيقة الإثبات، وننفي عنه التشبيه، فنقول:
يسمع جل ثناؤه الأصوات، لا بخرق في أذن، ولا جارحة كجوارح بني آدم، وكذلك يبصر الأشخاص، ببصر لا يشبه أبصار بني آدم التي هي جوارح لهم.
وله يدان، ويمين، وأصابع، وليست جارحة، ولكن يدان مبسوطتان بالنعم عن الخلق، لا مقبوضتان عن الخير.
ووجه لا كجوارح الخلق التي من لحم ودم.
ونقول: يضحك إلى من شاء من خلقه، ولا نقول: إن ذلك كشر عن أسنان.
ويهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا ... ) إلى آخر كلامه، وسوف نعود إلى بعضه فيما بعد إن شاء الله. [التبصير (132 - 142)].
فلماذا كتمت ذلك كله، وبترت كلام الرجل، أو فكرته واعتقاده الذي يقرره، يا أيها المتباكي على الشجاعة المفقودة، والأمانة المضيعة؟!!
لست في حاجة هنا إلى أن أنقل ما كتبته عن موقف الطبري من الدليلين: السمعي والعقلي، في دراستي عنه، وأثقل عليك به، فلا بد أنك قرأته، وقرأته جيدا، قبل أن تثرب عليه، وترميه بما أنت أهله ومعدنه!!
(يُتْبَعُ)
(/)
لكني أستأذنك هنيهة يا صاحبي، لألتفت إلى قرائنا الكرام: فأقول إن بحث صاحبكم عن الطبري منشور، وموجود على الشبكة، في المكتبة الوقفية بعنوانه الأصلي: (آراء الطبري الكلامية) وفي أماكن أخرى ـ فيما أظن ـ باسم (أصول الدين عند الإمام الطبري)، وأنا أناشد ـ بإلحاح ـ كل منصف، طالب للحق، راغب فيه، أن يراجع ما كتبته (ص49) وما بعدها، ليرى أين تكون الأمانة، وأين إضاعتها، وليتذكر قول عبد الرحمن بن مهدي، الإمام الجليل الكبير، عليه رحمة الله: أهل العلم يكتبون ما لهم و ما عليهم وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم!!
أرأيت، أبا عبيدة، كيف كان الأولى بك أن تتعلم الأمانة، قبل أن تنعاها على غيرك؟!
لكن يبدو أنك ما تعلمت بعدُ أصولَ الهِناء، وأنت (هاني)!!
فـ (ليس الهِنَاءُ بالدَّسِّ) يا صاحبي!! [يُضرب مثلاً للذي لا يُبالِغ في إِحكامِ الأَمْرِ، ولا يَسْتَوثِقُ منه، ويَرْضَى باليَسِير منه]!!
فإن كنت ـ يا صاحبي ـ تريد علما: أرشدناك!!
وإن كان بك داءٌ: هنَأْناك، ورقيناك!!
وإن كنت تريد مسخرة: مسخرناك!!
وإن كنت تطلب أدبا، فما لنا ولذاك؛ نحن هنا ... وأنت هناك؛ فانشد أباك!!
أبا عبيدة، اسمح لنا بوقفة أخرى، كنت أنوي تأخيرها قليلا، لكن ساقنا إليها نص الطبري المطول الذي نقلناه، فسوف نحتاج إليه هنا، اسمح لنا بوقفة مع إحدى سوآتك التي أُشرِبَتها من هواك، ثم رحت تنحلها الإمام أبا جعفر ابن جرير، وهو منها براء!!
قال (الهاني):
(وماذا لو يعلم البعض أن الطبري يقول باستحالة اتصاف الله تعالى بصفات حادثة، وبأن تسلسل الحوادث بلا أول، في جانب الأزل، أمر مستحيل باطل، وبأن الله تعالى لم يزل قادرا في الأزل مع عدم العالم، وغير ذلك مما تنبني عليه أصول وأصول، كأن [كذا] ما لزمه الحوادث ـ أجناسا أو أفرادا ـ فهو حادثٌ)، انتهى كلامه أصلحه الله.
أبا عبيدة:
أما زلت عند قولك؟! أما زلت مصرا على هذه الكذبة الصلعاء؟!
حسنا أبا عبيدة، إن كنت قد عدت إلى رشدك، فدعني أحدث غيرك، ممن لعله صدقها، شفقة عليك أن تبوء بإثم الكاذبين؛ وإلا: فإياك أعني، واسمعي يا جاره!!
أبا عبيدة، لا بد أنك قد انتبهت إلى أن الإمام الطبري قد أثبت فيما نقلناه صفات النزول، والهبوط، والضحك .. ، وهذا هو جنس الصفات التي تسمونها صفات حادثة، وتلبسون بها على من لا يدري مرماكم، ثم تنفونها عن الله جل جلاله، لأجل تسميتكم هذه!!
فإن كانت الغفلة قد أخذتك عن ذلك، كما قد غططت في سباتك مرارا وأنت تقرأ لأبي جعفر؛ فارجع إلى نص الكلام فهو مثبت أمامك يا صاحبي، وليكن منك على بال، ثم صله بقوله بعده مباشرة:
(فمن أنكر شيئا مما قلنا من ذلك، قلنا له:
إن الله تعالى ذكره يقول في كتابه: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)، وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ)، وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)؛ فهل أنت مصدق بهذه الأخبار، أم أنت مكذب بها؟!
فإن زعم أنه بها مكذب: سقطت المناظرة بيننا وبينه من هذا الوجه.
وإن زعم أنه بها مصدق، قيل له: فما أنكرت من الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: يهبط إلى السماء الدنيا، فينزل إليها؟!
فإن قال: أنكرت ذلك أن الهبوط نُقْلة، وأنه لا يجوز عليه الانتقال من مكان إلى مكان؛ لأن ذلك من صفات الأجسام المخلوقة.
قيل له: فقد قال جل ثناؤه: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)؛ فهل يجوز عليه المجيء؟
فإن قال: لا يجوز عليه ذلك، وإنما معنى هذا القول: وجاء أمر ربك؛
قيل له: قد أخبرنا تبارك وتعالى أنه يجيء هو والملك؛ فزعمت أنه يجيء أمره، لا هو؛ فكذلك تقول: إن الملك لا يجيء، إنما يجيء أمر الملك؛ كما كان معنى مجيء الرب تبارك وتعالى: مجيء أمره؟!
فإن قال: لا أقول ذلك في الملك، ولكني أقول ذلك في الرب؛
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل له: فإن الخبر عن مجيء الرب تبارك وتعالى، والملك: خبر واحد؛ فزعمت في الخبر عن الرب تعالى ذكره أنه يجيء أمره، لا هو؛ وزعمت في الملك أنه يجيء بنفسه، لا أمره؛ فما الفرق بينك وبين من خالفك في ذلك فقال: بل الرب هو الذي يجيء، فأما الملك فإنما يجيء أمره، لا هو بنفسه؟!
فإن زعم أن الفرق بينه وبينه أن الملك خلق لله، جائز عليه الزوال والانتقال، وليس ذلك على الله جائزا؛
قيل له: وما برهانك على أن معنى المجيء والهبوط والنزول، هو النقلة والزوال، ولا سيما على قول من يزعم منكم أن الله تقدست أسماؤه، لا يخلو منه مكان؟!
وكيف لم يجز عندكم أن يكون معنى المجيء الهبوط والنزول، بخلاف ما عقلتم من النقلة والزوال من القديم الصانع، وقد جاز عندكم أن يكون معنى العالم، والقادر، منه بخلاف ما عقلتم ممن سواه؛ بأنه عالم لا علم له، وقادر لا قدرة له؟
وإن كنتم لم تعقلوا عالما إلا له علم، وقادرا إلا له قدرة [يعني: في الشاهد، ومع ذلك أثبتوا في الغائب: عالما، لا علم له .. ]، فما تنكرون أن يكون جائيا لا مجيء له، وهابطا نازلا، لا هبوط له، ولا نزول له، ويكون معنى ذلك: وجوده هناك، مع زعمكم أنه لا يخلو منه مكان؟!
فإن قال لنا منهم قائل: فما أنت قائل في معنى ذلك؟
قيل له: معنى ذلك: ما دل عليه ظاهر الخبر، وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به، فنقول: يجيء ربنا جل جلاله يوم القيامة، والملك صفا صفا، ويهبط إلى السماء الدنيا، وينزل إليها في كل ليلة، ولا نقول: معنى ذلك ينزل أمره؛ بل نقول: أمره نازل إليها في كل لحظة وساعة، وإلى غيرها من جميع خلقه الموجودين، ما دامت موجودة، ولا تخلو ساعة من أمره، فلا وجه لخصوص نزول أمره إليها وقتا دون وقت، ما دامت موجودة باقية.
وكالذي قلنا في هذه المعاني من القول: الصواب من القيل في كل ما ورد به الخبر في صفات الله عز وجل، وأسمائه تعالى ذكره، بنحو ما ذكرناه). انتهى كلامه رحمه الله من:
[التبصير في معالم الدين (142 - 147)].
أبا عبيدة، أتراك قرأت هذا الكلام ـ بالله عليك ـ وأنت يقظ، عاقل، تخشى الله، وتتأثم من الكذب والبهتان؟!!
إن كنت لم تفعل، فدونك كلامه، نصا صرفا، من غير زيادة ولا نقصان، وأشعر قلبك الخوف من الله وأنت تقرؤه، ودع التكذب والتهاويل، ودع المذاهب والتقليد، وكن شجاعا أبا عبيدة، ولا يقعدك عن طلب الحق، والتشبث به: عادة، ولا رسوم، ولا قول قائل، أوخوف على رزق، من مال أو جاه، أو حياة؛ فكل شيء عنده بمقدار!!
هل كفاك النص السابق للإمام الطبري، يا أبا عبيدة؟!
حسنا، يا صاحبي، إن كان قد بقي في نفسك حزازه، أو في صدرك لجاجة، فخذ هذا النص من معدنه، خالصا من كل شيء، إلا كلام صاحبه أبي جعفر، ابن جرير:
(القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}:
قال أبو جعفر: اختُلف في صفة استهزاءِ الله جلّ جلاله، الذي ذَكر أنه فاعله بالمنافقين، الذين وَصَف صفتهم:
فقال بعضهم: استهزاؤه بهم، كالذي أخبرنا تبارك اسمه أنه فاعلٌ بهم يوم القيامة في قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى) [سورة الحديد: 13، 14]. الآية. وكالذي أخبرنا أنَّه فَعَل بالكفار بقوله: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا) [سورة آل عمران: 178]. فهذا وما أشبهه من استهزاء الله جلّ وعزّ وسخريتِه ومكرِه وخديعتِه للمنافقين وأهل الشرك به - عند قائلي هذا القول، ومتأوّلي هذا التأويل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال آخرون: بل استهزاؤه بهم، توبيخُه إياهم، ولومه لهم على ما ركِبوا من معاصي الله والكفر به، كما يقال:"إن فلانًا ليُهْزَأ منه منذ اليوم، ويُسخر منه"، يُراد به توبيخُ الناس إياه ولومهم له، أو إهلاكه إياهم وتدميرُه بهم، كما قال عَبِيد بن الأبرص:
سَائِلْ بِنَا حُجْرَ ابْنَ أُمِّ قَطَامِ، إذْ ... ظَلَّتْ بِهِ السُّمْرُ النَّوَاهِلُ تَلْعَبُ
فزعموا أن السُّمر -وهي القَنَا- لا لعب منها، ولكنها لما قتلتْهم وشرَّدتهم، جَعل ذلك مِنْ فعلها لعبًا بمن فعلت ذلك به؛ قالوا: فكذلك اسْتهزاءُ الله جل ثناؤه بمن اسْتهزأ به من أهل النفاق والكفر به: إمّا إهلاكه إياهم وتدميرُه بهم، وإمّا إملاؤهُ لهم ليأخذهم في حال أمنهم عند أنفسهم بغتةً، أو توبيخه لهم ولأئمته إياهم. قالوا: وكذلك معنى المكر منه والخديعة والسُّخرية.
وقال آخرون قوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (1) [سورة النساء: 142] على الجواب، كقول الرجل لمن كان يَخْدَعه إذا ظفر به:"أنا الذي خدعتُك"، ولم تكن منه خديعة، ولكن قال ذلك إذ صار الأمر إليه. قالوا: وكذلك قوله: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [سورة آل عمران: 54]، و"الله يستهزئ بهم"، على الجواب. والله لا يكونُ منه المكرُ ولا الهُزْء، والمعنى أن المكرَ والهُزْءَ حاق بهم.
وقال آخرون: قوله: (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)، وقوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) [سورة النساء: 142]، وقوله: (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) [سورة التوبة: 79]، (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) [سورة التوبة: 67]، وما أشبه ذلك، إخبارٌ من الله أنه مجازيهم جزاء الاستهزاء، ومعاقبهم عقوبةَ الخداع. فأخرج خبرَه عن جزائه إياهم وعقابه لهم، مُخْرَج خبره عن فعلهم الذي عليه استحقُّوا العقاب في اللفظ، وإن اختلف المعنيان. كما قال جل ثناؤه: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [سورة الشورى: 40]، ومعلومٌ أن الأولى من صاحبها سيئة، إذْ كانت منه لله تبارك وتعالى معصية، وأن الأخرى عَدلٌ، لأنها من الله جزاءٌ للعاصي على المعصية، فهما -وإن اتفق لفظاهما- مختلفا المعنى. وكذلك قوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [سورة البقرة: 194]، فالعدوان الأول ظلم، والثاني جزاءٌ لا ظلم، بل هو عدل، لأنه عقوبة للظالم على ظلمه، وإن وافق لفظه لفظ الأول.
وإلى هذا المعنى وَجَّهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك، مما هو خبرٌ عن مكر الله جل وعزّ بقومٍ، وما أشبه ذلك.
وقال آخرون: إنّ معنى ذلك: أن الله جل وعز أخبر عن المنافقين أنهم إذا خَلَوْا إلى مَرَدَتهم قالوا: إنا معكم على دينكم في تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وإنما نحن بما نُظهر لهم - من قولنا لهم: صدقنا بمحمد عليه السلام وما جاء به - مستهزئون. يعنون: إنا نُظهر لهم ما هو عندنا باطل لا حَقٌّ ولا هدًى. قالوا: وذلك هو معنى من معاني الاستهزاء، فأخبر الله أنه"يستهزئ بهم"، فيظهر لهم من أحكامه في الدنيا خلافَ الذي لهم عنده في الآخرة، كما أظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في الدين ما هم على خلافه في سرائرهم.
والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا: أن معنى الاستهزاء في كلام العرب: إظهارُ المستهزِئ للمستهزَإ به من القول والفعل ما يُرضيه ظاهرًا، وهو بذلك من قِيله وفِعْله به مُورِثه مَساءة باطنًا. وكذلك معنى الخداع والسخرية والمكر.
فإذا كان ذلك كذلك = وكان الله جل ثناؤه قد جعل لأهل النفاق في الدنيا من الأحكام - بما أظهروا بألسنتهم، من الإقرار بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، المُدْخِلِهم في عداد من يشمله اسمُ الإسلام، وإن كانوا لغير ذلك مستبطنين - أحكامَ المسلمين المصدِّقين إقرارَهم بألسنتهم بذلك، بضمائر قلوبِهم، وصحائح عزائمهم، وحميدِ أفعالهم المحققة لهم صحة إيمانهم - معَ علم الله عز وجل بكذبهم، واطلاعِه على خُبث اعتقادهم، وشكِّهم فيما ادَّعوا بألسنتهم أنهم به مصدِّقون، حتى ظنُّوا في الآخرة إذْ حشروا في عِداد من كانوا في عِدادهم في الدنيا، أنَّهم وارِدُون موْرِدَهم. وداخلون مدخلهم. والله جل جلاله - مع إظهاره ما قد أظهر
(يُتْبَعُ)
(/)
لهم من الأحكام المُلْحِقَتِهم في عاجل الدنيا وآجل الآخرة إلى حال تمييزه بينهم وبين أوليائه، وتفريقِه بينهم وبينهم - معدٌّ لهم من أليم عقابه ونَكال عذابه، ما أعدّ منه لأعدى أعدائه وشر عباده، حتى ميز بينهم وبين أوليائه، فألحقهم من طبقات جحيمه بالدَّرك الأسفل = كان معلومًا أنه جل ثناؤه بذلك من فعلِه بهم - وإن كان جزاءً لهم على أفعالهم، وعدلا ما فعل من ذلك بهم لاستحقاقهم إياه منه بعصيانهم له -كان بهم- بما أظهرَ لهم من الأمور التي أظهرها لهم: من إلحاقه أحكامهم في الدنيا بأحكام أوليائِه وهم له أعداء، وحشرِه إياهم في الآخرة مع المؤمنين وهم به من المكذبين -إلى أن ميَّز بينهم وبينهم- مستهزئًا، وبهم ساخرًا، ولهم خادعًا، وبهم ماكرًا. إذ كان معنى الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة ما وصفنا قبل، دون أن يكون ذلك معناه في حالٍ فيها المستهزئ بصاحبه له ظالم، أو عليه فيها غير عادل، بل ذلك معناه في كل أحواله، إذا وُجدت الصفات التي قدَّمنا ذكرها في معنى الاستهزاء وما أشبهه من نظائره.
وبنحو ما قلنا فيه رُوي الخبر عن ابن عباس:
363 - حدثنا أبو كُريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عُمارة، عن أبي رَوْق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله:"الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ"، قال: يسخر بهم للنقمة منهم.
وأما الذين زعموا أن قول الله تعالى ذكره: الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ"، إنما هو على وجه الجواب، وأنه لم يكن من الله استهزاء ولا مكرٌ ولا خديعة، فنافُون على الله عز وجل ما قد أثبته الله عز وجل لنفسه، وأوجبه لها. وسواءٌ قال قائل: لم يكن من الله جل ذكره استهزاء ولا مكر ولا خديعة ولا سخريةٌ بمن أخبر أنه يستهزئ ويسخر ويمكر به، أو قال: لم يخسف الله بمن أخبر أنه خَسَف به من الأمم، ولم يُغرق من أخبر أنه أغرقه منهم.
ويقال لقائل ذلك: إن الله جل ثناؤه أخبرنا أنه مكرَ بقوم مضَوْا قبلنا لم نَرَهُم، وأخبر عن آخرين أنه خَسَف بهم، وعن آخرين أنه أغرقهم، فصدَّقْنا الله تعالى ذكره فيما أخبرنا به من ذلك، ولم نُفَرِّق بين شيء منه. فما بُرهانُك على تفريقك ما فَرَّقت بينه، بزعمك: أنه قد أغرقَ وخَسف بمن أخبر أنه أغرق وخسف به، ولم يمكُرْ بمن أخبر أنه قد مكر به؟
ثم نعكس القول عليه في ذلك، فلن يقول في أحدهما شيئًا إلا ألزِم في الآخَر مثله.
فإن لجأ إلى أن يقول: إن الاستهزاء عبثٌ ولعبٌ، وذلك عن الله عز وجل منفيٌّ.
قيل له: إن كان الأمر عندك على ما وصفتَ من معنى الاستهزاء، أفلست تقول:"الله يستهزئ بهم"، و"سَخِر الله منهم" و"مكر الله بهم"، وإن لم يكنْ من الله عندك هزء ولا سخرية؟
فإن قال:"لا"، كذَّب بالقرآن، وخرج عن ملة الإسلام.
وإن قال:"بلى"، قيل له: أفتقول من الوجه الذي قلت:"الله يستهزئ بهم" و"سخر الله منهم" -"يلعب الله بهم" و"يعبث" - ولا لعبَ من الله، ولا عبث؟
فإن قال:"نعم"! وَصَف الله بما قد أجمع المسلمون على نفيه عنه، وعلى تخطئة واصفه به، وأضاف إليه ما قد قامت الحجة من العقول على ضلال مضيفه إليه.
وإن قال: لا أقول:"يلعب الله بهم" ولا"يعبث"، وقد أقول"يستهزئ بهم" و"يسخر منهم".
قيل: فقد فرقت بين معنى اللعب والعبث، والهزء والسخرية، والمكر والخديعة. ومن الوجه الذي جازَ قِيلُ هذا، ولم يَجُزْ قِيلُ هذا، افترق معنياهُما. فعُلم أن لكل واحد منهما معنى غير معنى الآخر.
وللكلام في هذا النوع موضع غير هذا، كرهنا إطالة الكتاب باستقصائه. وفيما ذكرنا كفاية لمن وُفق لفهمه) انتهى كلامه رحمه الله من تفسيره، أو (جامعه المبين) ـ على حد تسميتك (1/ 301 - 306) ط الشيخ محمود شاكر، وأخيه الشيخ أحمد، رحمهما الله.
يا (الهاني)؛ هل قرأت هذا الكلام ـ بالله عليك ـ من قبل؟!
وإذا كنت قرأته، فهل فهمته، ووعيت مقاصده؟!
لولا أني أعرف علتك، وما بك من داء، لرددتك لدراستي عن الطبري، فقد بينت مقاصده هناك، ولخصت فيها مراده من ذلك، وحسنا لو تجاوزت المقدمة، وما زعمه الزاعمون من أنها دراسة أكاديمية ... ، دعك من هذا كله.
لكن ليس على المريض حرج؛ فأستحلفك بالله يا (عبيدة) إن كنت لم تفهم هذا الكلام، أن تستعين بعاقل، يفهم شيئا في لغة ابن جرير، ليشرحه لك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كنت قد قرأته، ووعيته، كما لعلك تزعم؛ فأستحلفك بالله: ما ذا كان شعورك وأنت تقرؤه؟؟!!
لكن تسهيلا عليك، ومراعاة لحالك، فلعلك لم تصبر على قراءة النص السابق بطوله، وشقت لغته عليك، فلم تُسِغها؛ حسنا يا صاحبي، تفضل هذا النص الموجز، وانظر ما ذا تفهم منه:
(وإن قال لنا قائل: أخبرنا عن استواء الله جل ثناؤه إلى السماء، كان قبل خلق السماء أم بعده؟
قيل: بعده، وقبل أن يسويهن سبعَ سموات، كما قال جل ثناؤه: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا) [سورة فصلت: 11]، والاستواء كان بعد أن خلقها دُخانًا، وقبل أن يسوِّيَها سبعَ سموات.)!! [تفسير الطبري (1/ 430 - 431) ط شاكر].
وتأمل ما ذكره في تاريخه (1/ 46) عن اليوم الذي فرغ فيه من الخلق، واستوى على العرش!!
وراحمتاه لك، أيها المسكين؛ إن كنت لم تفهم ذلك أيضا، ولم تعلم ما دلالة قبل، وبعد؛
وأخرى، يا الهاني:
لعلك على ذُكْر من منهج الإمام في باب الصفات، والذي نقلناه عنه آنفا: أنها تفهم على حقائها المعروفة في لغة العرب، وأن هذا هو الصواب من القيل، بتعبيره، في كل ما صح به الخبر، فراجعه إن شئت.
فإذا عرفت منهجه الذي نقلناه، وفهمت منجه في الرد على أهل التأويل، في صفة الاستهزاء، وقد نقلناه على طوله، لم تتردد في القطع بأنه لما قال:
(واختُلِف في صفة الغضب من الله جلّ ذكره:
فقال بعضهم: غضبُ الله على من غضب عليه من خلقه، إحلالُ عقوبته بمن غَضبَ عليه، إمّا في دنياه، وإمّا في آخرته، كما وصف به نفسه جلّ ذكره في كتابه فقال: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة الزخرف: 55]، وكما قال: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) [سورة المائدة: 60].
وقال بعضهم: غضب الله على من غضب عليه من عباده، ذم منه لهم ولأفعالهم، وشتم لهم منه بالقول.
وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب، غير أنه -وإن كان كذلك من جهة الإثبات - فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم؛ لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة، كما العلم له صفة، والقدرة له صفة، على ما يعقل من جهة الإثبات، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد، التي هي معارف القلوب، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها) [تفسير الطبري (1/ 188 - 189) ط شاكر].
أظنك يا صاحبي رجل متخصص في الطبري، متضلع من تراثه، لن تحتاج مني إلى مساعدة في التدليل على أن الرأي الأخير هو رأي الطبري، على وجه القطع، والبت!!
فإن بقيت عندك شيء من الغموض في ذلك، فلا تتردد في إخبارنا، حتى نلحق جوابه بالرد المطول عليك، إن شاء الله.
تعال بنا يا صاح، بعدما ذكرناه من فهم الطبري لهذه الصفة، إلى تفسيره لقول الله عز وجل: (وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ) البقرة/61، حيث يقول:
(فمعنى الكلام إذا: ورجعوا منصرفين متحملين غضب الله، قد صار عليهم من الله غضب، ووجب عليهم منه سخط. كما:
1092 - حُدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: (وباؤوا بغضب من الله) فحدث عليهم غضب من الله ...
وقدمنا معنى غضب الله على عبده فيما مضى من كتابنا هذا، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع).
[تفسير الطبري (2/ 138) ط شاكر].
فقد قرر صاحبك ـ أيضا ـ أن غضب الله قد حدث عليهم، كما قرر فكرة الزمان، وهو الحدوث الذي تنفونه، في (استوائه) على عرشه!!
حسنا؛ خذ هذه، آخر ما أحبوك به هنا؛ فعلك تفييييييق:
واختلف أهل التأويل في الموصوفين بهذه الصفة من هم؟ وما السبب الذي من أجله فزِّع عن قلوبهم؟
فقال بعضهم: الذي فزع عن قلوبهم الملائكة، قالوا: وإنما يفزِّع عن قلوبهم من غشية تصيبهم عند سماعهم الله بالوحي.
* ذكر من قال ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
.. قال ابن مسعود في هذه الآية (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: إذا حدث أمر عند ذي العرش سمع مَن دونه من الملائكة صوتًا كجر السلسلة على الصفا فيُغشى عليهم، فإذا ذهب الفزع عن قلوبهم تنادوا: (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ)؟ قال: فيقول: من شاء قال الحق وهو العلي الكبير.
... عن مسروق قال: إذا حدث عند ذي العرش أمر سمعت الملائكة صوتًا ...
... عن عبد الله بن مسعود في قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) قال: إن الوحي إذا أُلقِي سمع أهل السماوات صلصلة ...
... ينزل الأمر من عند رب العزة إلى السماء الدنيا؛ فيفزَع أهل السماء الدنيا، حتى يستبين لهم الأمر الذي نزل فيه، فيقول بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فيقولون: قال الحق وهو العلي الكبير، فذلك قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ... ) الآية.
... عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "إن الله إذا قضى أمرًا في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها جميعًا، ولقوله صوت كصوت السلسلة على الصفا الصفوان ...
... عن النَّواس بن سمعان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "إذا أراد الله أن يُوحِيَ بالأمرِ: تكلَّمَ بالوَحي، أخذَتِ السماوات منه رَجفةٌ أو قال رِعْدَةٌ شديدةٌ خوفَ أمرِ الله، فإذا سمِعَ بذلك أهل السماوات صَعِقوا وخرُّوا لله سجَّدًا ...
... كان ابن عباس يقول: إن الله لما أراد أن يوحي إلى محمد، دعا جبريل، فلما تكلم ربنا بالوحي، كان صوته كصوت الحديد على الصفا، فلما سمع أهل السماوات صوت الحديد خروا سُجَّدًا، فلما أتى عليهم جبرائيل بالرسالة رفعوا رؤوسهم، فقالوا: (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) وهذا قول الملائكة.
... عن ابن عباس قوله (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ... ) إلى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) قال: لما أوحى الله تعالى ذكره إلى محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا الرسول من الملائكة فبعث بالوحي، سمعت الملائكة صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سألوا عما قال الله فقالوا الحق وعلموا أن الله لا يقول إلا حقًّا وأنه منجز ما وعد، قال ابن عباس: وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا ... ).
ثم إن الطبري بعدما ذكر أقوالا أخرى في تفسير الآية، قال:
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكره الشعبي عن ابن مسعود لصحة الخبر الذي ذكرناه عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتأييده.
[انظر: تفسير الطبري، سورة سبأ (19/ 276) وما بعدها، ط هجر].
هل كفتك هذه الآثار يا هذا؟ هل رأيت فيها تقريرا لكلام الله بمشيئته واختياره في وقت دون وقت، ولقوم دون آخرين، و .. ، وهو ما عبرت عنه الآثار: حدث أمر .. ، حدث .. ، لما أراد، لما قال، وهكذا ... ؟!!
أما زلت مصرا على ما قلته، يا ( .. عبيدة)؛ أما زلت ترمي غيرك بالتحريف، والتشويه ... ، وأنت ما أنت من هذا كله؟!!
فإلى متى: (يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه)!! [رواه البخاري في الأدب المفرد، وابن حبان في صحيحه، مرفوعا].
وفي بعض الكتب السابقة:
(لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك؛ وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟!!
أو كيف تقدر أن تقول لأخيك: يا أخي، دعني أخرج القذى الذي في عينك، وأنت لا تنظر الخشبة التي في عينك؟!!
يا مرائي: أخرج ـ أولا ـ الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى الذي في عين أخيك). إنجيل لوقا: 6/ 41 - 42.
أي بُنَيَّ!!
قبل أن تتشنج في تبديع وتضليل من قال بذلك الأصل، وتنفي أن يكون الطبري يقول بصفات الله الاختيارية المتعلقة بمشيئته واختياره، وهو ما تسمونه الصفات الحادثة، أو حلول الحوادث، قبل أن تتشنج في ذلك كله، أتحفك بهذا النص، لصاحبكم، بل لإمامكم عند إطلاق المتأخرين، أبي عبد الله، فخر الدين الرازي، فاسمعوا، وعوا:
(ها هنا أبحاث:
البحث الأول: أنه هل يعقل أن يكون [يعني: الله جل جلاله] محلا للحوادث؟
قالوا: إن هذا قول لم يقل به أحد إلا الكرَّامية.
وأنا أقول: إن هذا قول قال به أكثر أرباب المذاهب.
أما الأشعرية: فإنهم يدَّعون الفرار من هذا القول، إلا أنه لازم عليهم من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: أنه تعالى كان قادرا على إيجاد الجسم المعين من الأزل إلى الأبد؛ فإذا خلق الجسم المعين، يمتنع أن يقال: إنه بقي قادرا على إيجاده؛ لأن إيجاد الموجود محال، والمحال لا قدرة عليه، فتعلُّق قادريته بإيجاد ذلك الجسم قد زال وفني!!
والثاني: أنه في الأزل يمتنع أن يقال: إنه كان يطلب من زيد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في الحال، ثم إن عند دخول زيد في الوجود، يصير مطالبا له بإقامة الصلاة في الحال، وإيتاء الزكاة، وهذا الطلب إلزام، والإلزام الحاصل ما كان حاصلا، ثم حصل، وهذا يقتضي حدوث الصفة في ذات الله تعالى ...
الثالث: وهو أنه يمتنع أن يسمع صوت زيد قبل وجوده، وأن يرى صورة زيد قبل وجودها؛ فكونه سامعا لذلك الصوت، إنما حدث عند حدوث ذلك الصوت، وكونه رائيا لتلك الصورة إنما حدث عند حدوث تلك الصورة، وهذا يقتضي حدوث هذه الصفات في ذات الله تعالى!!)
ثم قال بعد أن خرج هذا القول على أصول المعتزلة والفلاسفة:
(فيثبت بهذا البحث الذي ذكرناه: أن القول بحدوث الصفات في ذات الله تعالى، قول قال به جميع الفرق). انتهى بنصه. [المطالب العالية من العلم الإلهي (2/ 71 - 72)].
ثم لا تعليق، يا (عبيدة)؛ فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب!!
أولى لك أيها (الهاني) فأولى؛ ثم أولى لك فأولى، أن تربع على ظلعك، وتعرف قدر نفسك، وتعظها في الصدق والأمانة، قبل أن تكون كما قيل: (رمتني بدائها، وانسلت)!!
وأجرأ من رأيتُ بظَهْر غيبٍ ... على عيب الرجال، أولو العيوب!!
واستمع جيدا، وأصغ إلى قول أبي حيان التوحيدي:
(وإنما عليك أن تعرف نقصك في كمالك، وعجزك في قدرتك، وسفهك في حكمتك، ونسيانك في حفظك، وخبطك في توفيقك، وجهلك في علمك ...
فلا تُرَعْ؛ فليس ما جل عنك: وجب أن يبطل عليك، ولا ما دق عن فهمك: وجب أن يُبَهْرِجه نقدُك، حاكِمْ نفسك إلى نفسك، وعقلك إلى عقلك ... ، ولا تكن إلباً عليهما فتخسر وأنت حاكم، وتحشر وأنت واهم!!)) [البصائر والذخائر (9/ 85 - 87)].
لكنني لا أعتب عليك يا صاحبي، وإنما أعتب على (أهل ملتقانا) السلفي، وأنت تعلم إحنك عليهم، وتاراتك عندهم؛ ثم هم ألطفوا بك، وأكرموك، لتلقي أكاذيبك، وتنفث أحقادك فيهم، من غير أن ترعى لهم حرمة، أو تحفظ لهم ذِماما:
ومَن لكَ بالحُرِّ الَّذي يحفظُ اليَدَا؟!
فدع هذا الموطن، قليلا، يا (عبيدة)، وتعال بنا إلى أول أكذوبة وضعتها في كلامك، وأغربت بها على القراء جميعا، الذين تأثروا بالدعاية المذهبية المضللة، فتوهموا أن الطبري سلفي العقيدة، وها أنت ذا، قد نفضت عنك أطباق الثرى، وأفلت من أسوارك، ورفعت مشعل الهداية، لتقول للناس ـ بلسان حالك ـ:
أنا أبو النجم وشعري شعري ... لِلَّهِ دَرِّي ما يُجِنُّ صدري
حسنا، يا (فخر) إخوانك، و (سيف) خِلاّنك؛ وما لك لا تفعل، وهذا زمانك:
فكلُّ أسيافنا قد أصبحت خشبا!!
تعال ـ إذا ـ يا (الهاني) إلى دعواك:
(ما موقف البعض عندما يعلم أن الإمام الطبري يعتقد أن الله تعالى لا مماس للعالم ولا مباين له؟ اي ليس داخل العالم ولا خارجه؛ لأنه ليس كمثله شيء فلا يقبل ما تقبله الأشياء التي ليست مثله بحال من الأحوال؟؟). انتهى كلامه رحمه الله، وعلامات الاستفهام من وضعه هو!!
ما أرخص الكذب عندك، وأخفه على لسانك، يا عبد الله، وما أجرأك عليه!!
أما تمل الكذب يا هذا؟! أما تستحيي؟! أما تخشى الفضيحة، قبل عقاب الله؟!
لقد يبدو أنك أدمنت الكذب والبهتان، فشق عليك أن تنزع منه!!
عوتب أعرابي على الكذب فقال: لو غرغرت لهواتك به ما صبرت عنه!! [بهجة المجالس، لابن عبد البر (1/ 2/580)].
حسنا يا (أبا لَمْعَة الثاني!!) [لعل القراء يعلمون من هو (أبو لمعة الأول) صاحب الخواجة (بيجو) أكبر مخترع للفُشار والغرائب الملفقة، التي تستخرج منك الضحك، ولو كان في قرار حذائك المخروم]، تعال معي ـ أبا لمعة ـ لأقرئك كلام الطبري، في سياقه بتمامه، ثم انظر ماذا تفهم منه، وهما موضعان، لا ثالث لهما في كتبه الموجودة بين أيدينا، أشار إلى الفكرة التي ذكرتها آنفا:
(يُتْبَعُ)
(/)
الموضع الأول، وهذا هو الأهم: قال رحمه الله، وهو يحكي اختلاف المختلفين في (رؤية الله تعالى بالأبصار)، وتفسير قوله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الأنعام/103:
(وقال آخرون: معنى ذلك: لا تراه الأبصار، وهو يرى الأبصار ...
وتأول بعضهم في الأخبار التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح القول برؤية أهل الجنة ربَّهم يوم القيامة تأويلات، وأنكر بعضهم مجيئها، ودافعوا أن يكون ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردُّوا القول فيه إلى عقولهم، فزعموا أن عقولهم تُحِيل جواز الرؤية على الله عز وجل بالأبصار، وأتوا في ذلك بضرُوب من التمويهات، وأكثروا القول فيه من جهة الاستخراجات.
وكان من أجلّ ما زعموا أنهم علموا به صحة قولهم ذلك من الدليل:
أنهم لم يجدوا أبصارهم ترى شيئًا إلا ما باينها دون ما لاصقها، فإنها لا ترى ما لاصقها. قالوا: فما كان للأبصار مباينًا مما عاينته، فإن بينه وبينها فضاءً وفرجةً. قالوا: فإن كانت الأبصار ترى ربها يوم القيامة على نحو ما ترى الأشخاص اليوم، فقد وجب أن يكون الصانع محدودًا. قالوا: ومن وصفه بذلك، فقد وصفه بصفات الأجسام التي يجوز عليها الزيادة والنقصان.
قالوا: وأخرى، أن من شأن الأبصار أن تدرك الألوان، كما من شأن الأسماع أن تدرك الأصوات، ومن شأن المتنسِّم أن يدرك الأعراف [يعني: الروائح] قالوا: فمن الوجه الذي فسد أن يكون جائزًا أن يُقْضَى للسمع بغير إدراك الأصوات، وللمتنسِّم إلا بإدراك الأعراف، فسد أن يكون جائزًا القضاءُ للبصر إلا بإدراك الألوان.
قالوا: ولما كان غير جائز أن يكون الله تعالى ذكره موصوفًا بأنه ذو لون، صح أنه غير جائز أن يكون موصوفًا بأنه مرئيٌّ).
فالإمام الطبري هنا يحكي مقالة المعتزلة ـ ومن وافقهم ـ على نفي الرؤية، أو من يسميهم هو في موطن آخر [التبصير (215)]: (جماعة القائلين بقول جهم)، بناء على (الاستخراجات العقلية) التي تحيل الرؤية على الله، جل جلاله.
ومن هذه الاستخراجات أن الرؤية يلزم عنها أن يكون المرئي في جهة من الرائي، مباينا لها .. ، إلى آخر ما ذكره، وهي نفس الشبهة العقلية التي حكاها الإمام الطبري عن النفاة، في كتابه الآخر: التبصير (220 - 222)، لكن المخطوط ينتهي هنا، للأسف، قبل أن يورد جوابه عنها.
يعود الطبري، بعد حكاية اختلاف الآراء في الرؤية، إلى شبهة النفاة، ويناقشها، فيقول:
(والصواب من القول في ذلك عندنا، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر"="وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب"، فالمؤمنون يرونه، والكافرون عنه يومئذ محجوبون، كما قال جل ثناؤه: (كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [سورة المطففين: 15].
فأما ما اعتلَّ به منكرُو رؤية الله يوم القيامة بالأبصار، لما كانت لا ترى إلا ما باينها، وكان بينها وبينه فضاءٌ وفرجة، وكان ذلك عندهم غير جائز أن تكون رؤية الله بالأبصار كذلك، لأن في ذلك إثبات حدٍّ له ونهايةٍ، فبطل عندهم لذلك جواز الرؤية عليه= فإنه يقال لهم: هل علمتم موصوفًا بالتدبير سوى صانعكم، إلا مماسًّا لكم أو مباينًا؟
فإن زعموا أنهم يعلمون ذلك، كُلِّفوا تبيينه، ولا سبيل إلى ذلك.
وإن قالوا: لا نعلم ذلك.
قيل لهم: أو ليس قد علمتموه لا مماسًّا لكم ولا مباينًا، وهو موصوف بالتدبير والفعل، ولم يجب عندكم إذْ كنتم لم تعلموا موصوفًا بالتدبير والفعل غيره إلا مماسًّا لكم أو مباينًا، أن يكون مستحيلا العلم به، وهو موصوف بالتدبير والفعل، لا مماس ولا مباين؟
فإن قالوا: ذلك كذلك.
قيل لهم: فما تنكرون أن تكون الأبصار كذلك لا ترى إلا ما باينها وكانت بينه وبينها فرجة، قد تراه وهو غير مباين لها ولا فرجة بينها وبينه ولا فضاء، كما لا تعلم القلوب موصوفًا بالتدبير إلا مماسًّا لها أو مباينًا، وقد علمتْه عندكم لا كذلك؟ وهل بينكم وبين من أنكر أن يكون موصوفًا بالتدبير والفعل معلومًا، لا مماسًّا للعالم به أو مباينًا= وأجاز أن يكون موصوفًا برؤية الأبصار، لا مماسًّا لها ولا مباينًا، فرق؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم يسألون الفرقَ بين ذلك، فلن يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في الآخر مثله.
وكذلك يسألون فيما اعتلوا به في ذلك: أن من شأن الأبصار إدراك الألوان، كما أن من شأن الأسماع إدراك الأصوات، ومن شأن المتنسِّم درَك الأعراف، فمن الوجه الذي فسد أن يُقضى للسمع بغير درك الأصوات، فسد أن يُقضى للأبصار لغير درك الألوان.
فيقال لهم: ألستم لم تعلموا فيما شاهدتم وعاينتم، موصوفًا بالتدبير والفعل إلا ذا لونٍ، وقد علمتموه موصوفًا بالتدبير لا ذا لونٍ؟
فإن قالوا:"نعم"= لا يجدون من الإقرار بذلك بدًّا، إلا أن يكذبوا فيزعموا أنهم قد رأوا وعاينوا موصوفًا بالتدبير والفعل غير ذي لون، فيكلفون بيان ذلك، ولا سبيل إليه.
فيقال لهم: فإذ كان ذلك كذلك، فما أنكرتم أن تكون الأبصار فيما شاهدتم وعاينتم لم تجدوها تدرك إلا الألوان، كما لم تجدوا أنفسكم تعلم موصوفًا بالتدبير إلا ذا لون، وقد وجدتموها علمته موصوفًا بالتدبير غير ذي لون. ثم يسألون الفرق بين ذلك، فلن يقولوا في أحدهما شيئًا إلا ألزموا في الآخر مثله.
ولأهل هذه المقالة مسائل فيها تلبيس، كرهنا ذكرها وإطالة الكتاب بها وبالجواب عنها، إذ لم يكن قصدنا في كتابنا هذا قصدَ الكشف عن تمويهاتهم، بل قصدنا فيه البيان عن تأويل آي الفرقان. ولكنا ذكرنا القدرَ الذي ذكرنا، ليعلم الناظرُ في كتابنا هذا أنهم لا يرجعون من قولهم إلا إلى ما لبَّس عليهم الشيطان، مما يسهل على أهل الحق البيانُ عن فساده، وأنهم لا يرجعون في قولهم إلى آية من التنزيل محكمة، ولا رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحة ولا سقيمة، فهم في الظلمات يخبطون، وفي العمياء يتردّدون، نعوذ بالله من الحيرة والضلالة).
أبا (لُمَيْعة):
بأي قانون من قوانين الفهم، وأساليب اللغة، فهمت من هذا النص أن الطبري يقول بقولك: إنه لا مماس ولا مباين، لا داخل العالم، ولا خارجه؟!!
أما رأيته كل مرة يقول لمخالفيه، جماعة جهم: عندكم، عندهم .. ؛ فهل سمعته مرة واحدة يقول ـ مثلا ـ: عندنا وعندكم؟!
أما فهمت أساليب الجدل، وطرق الإلزام للخصم بأن يورد عليه ما يوجب فصلا بينه وبين ما تضمن نصرته [انظر: الكافية في الجدل، للجويني (70)، وينظر ص (218) منه]؟!
ولا يلزم من نقضه على خصمه، أن يلتزم ما ينقض به؛ بل متى نقض الكلام (بحكم ثابت على مذهب المستدل خاصة، فهو نقض صحيح؛ لأنه يقول للمستدل: لو كانت علتك صحيحة، لطردتها في مواضع وجودها؛ فإذا لم تلتزم أنت موجبها في صورة النقض؛ فكيف ألتزم أنا موجبها في الفرع؛ وهذا ظاهر) [تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل (2/ 380)، وينظر المسودة لآل تيمية (385)].
وهذا كله في واقع الأمر: صنعة جدلية، وليس بحثا برهانيا. [انظر: المدخل إلى دراسة علم الكلام، د. حسن الشافعي (191 - 192) فهو مهم].
أبا (لُمَيْعة):
أيرضيك أن تكون كل مناقضة يوردها الطبري مع خصمه، رأيا له، وأن نلزمه بما ألزم به خصمه؟!
حسنا يا عبد الله؛ لعلنا نحتاج ـ هنا ـ إلى أن نذكرك بما نقلناه عنه آنفا:
(وإن كنتم لم تعقلوا عالما إلا له علم، وقادرا إلا له قدرة، فما تنكرون أن يكون جائيا لا مجيء له، وهابطا نازلا، لا هبوط له، ولا نزول له، ويكون معنى ذلك: وجوده هناك، مع زعمكم أنه لا يخلو منه مكان؟!
فإن قال لنا منهم قائل: فما أنت قائل في معنى ذلك؟ ... ).
فانظر كيف فرق بين مقام المناقضة على الخصم، وبين مقام تقرير اعتقاده، فأورد على نفسه السؤال آخرا: فما أنت قائل ...
فهل تقبل، أبا (لُمَيْعة)، برد الطبري على من تأول المجيء والإتيان، كما رد على من تأول سائر الصفات، وتقر بأن معنى ذلك: (وجوده هناك)؟!
ثم، هل تأخذ من مناقضة الطبري للمعتزلة أنه يثبت: عالما، ليس له علم، كما أن المعتزلة يقولون بذلك؟!!
آه، نعم، لقد تذكرت يا صاحبي، ويبدو أن الحنين قد عاودني إلى صحبتك مرة أخرى، أو لعلك قدر ملازم لي، لا أدري!! لكني ما كنت أحسبك بكل هذه الغفلة حتى تذكرني بالموطن الثاني الذي وعدتك به؛ هذا إذا كنت قد اطلعت عليه حقا، فهلم إليه، وتدبر ما فيه، لعله ينفعك:
(يُتْبَعُ)
(/)
في تفسيره لقول الله عز وجل: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) الإسراء/79، ذكر ابن جرير قولين فيما هو المقام المحمود هنا؟
القول الأول: أنه مقام الشفاعة يوم القيامة، وذكر أنه قول أكثر أهل العلم، وأن الخبر صح به عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والقول الثاني: أن (المقام المحمود الذي وعد الله نبيّه أن يبعثه إياه، هو أن يقعده معه على عرشه). ثم روى هذا القول عن مجاهد، قال: (يُجْلسه معه على عرشه)!!
قال الإمام الطبري:
(وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صحّ به الخبر عن رسول الله ... قال: "هِىَ الشَّفاعَةُ").
ثم عاد بعد ما ذكر الروايات الواردة في ذلك، فقال:
(وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يُقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك.
فأما من جهة النظر، فإن جميع من ينتحل الإسلام إنما اختلفوا في معنى ذلك على أوجه ثلاثة: فقالت فرقة منهم: الله عزّ وجلّ بائن من خلقه، كان قبل خلقه الأشياء، ثم خلق الأشياء فلم يماسَّها، وهو كما لم يزل، غير أن الأشياء التي خلقها، إذ لم يكن هو لها مماسا، وجب أن يكون لها مباينا، إذ لا فعال للأشياء إلا وهو مماسّ للأجسام أو مباين لها، قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله عزّ وجلّ فاعل الأشياء، ولم يجز في قولهم: إنه يوصف بأنه مماسّ للأشياء، وجب بزعمهم أنه لها مباين.
فعلى مذهب هؤلاء سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، أو على الأرض، إذ كان من قولهم: إن بينونته من عرشه، وبينونته من أرضه، بمعنى واحد في أنه بائن منهما كليهما، غير مماسّ لواحد منهما.
وقالت فرقة أخرى: كان الله تعالى ذكره قبل خلقه الأشياء، لا شيء يماسه، ولا شيء يباينه، ثم خلق الأشياء فأقامها بقدرته، وهو كما لم يزل قبل خلقه الأشياء، لا شيء يماسه ولا شيء يباينه، فعلى قول هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، أو على أرضه، إذ كان سواء على قولهم عرشه وأرضه، في أنه لا مماس ولا مباين لهذا، كما أنه لا مماس ولا مباين لهذه.
وقالت فرقة أخرى: كان الله عزّ ذكره قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه، ولا شيء يباينه، ثم أحدث الأشياء وخلقها، فخلق لنفسه عرشا استوى عليه جالسا، وصار له مماسا، كما أنه قد كان قبل خلقه الأشياء لا شيء يرزقه رزقا، ولا شيء يحرمه ذلك، ثم خلق الأشياء فرزق هذا وحرم هذا، وأعطى هذا، ومنع هذا، قالوا: فكذلك كان قبل خلقه الأشياء: لا شيء يماسه ولا يباينه، وخلق الأشياء فماس العرش بجلوسه عليه دون سائر خلقه، فهو مماس ما شاء من خلقه، ومباين ما شاء منه.
فعلى مذهب هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا على عرشه، أو أقعده على منبر من نور، إذ كان من قولهم: إن جلوس الربّ على عرشه، ليس بجلوس يشغل جميع العرش، ولا في إقعاد محمد صلى الله عليه وسلم موجبا له صفة الربوبية، ولا مخرجه من صفة العبودية لربه، كما أن مباينة محمد صلى الله عليه وسلم ما كان مباينا له من الأشياء: غير موجبة له صفة الربوبية، ولا مخرجته من صفة العبودية لربه من أجل أنه موصوف بأنه له مباين، كما أن الله عزّ وجلّ موصوف على قول قائل هذه المقالة بأنه مباين لما [الأصل: لها، خطأ] هو مباين له. قالوا: فإذا كان معنى مباين ومباين لا يوجب لمحمد صلى الله عليه وسلم الخروج من صفة العبودة والدخول في معنى الربوبية، فكذلك لا يوجب له ذلك قعوده على عرش الرحمن.
فقد تبين إذا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدا على عرشه.
فإن قال قائل: فإنا لا ننكر إقعاد الله محمدا على عرشه ... [هنا رواية في الأصل، أظنها مقحمة في هذا الموضع]، وإنما ينكر إقعاده إياه معه؟!
قيل: أفجائز عندك أن يقعده عليه لا معه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن أجاز ذلك، صار إلى الإقرار بأنه إما معه، أو إلى أنه يقعده، والله للعرش مباين، أو لا مماسّ ولا مباين، وبأيّ ذلك قال كان منه دخولا في بعض ما كان ينكره.
وإن قال: ذلك غير جائز؛ كان منه خروجا من قول جميع الفرق التي حكينا قولهم، وذلك فراق لقول جميع من ينتحل الإسلام، إذ كان لا قول في ذلك إلا الأقوال الثلاثة التي حكيناها، وغير محال في قول منها ما قال مجاهد في ذلك) انتهى كلامه رحمه الله.
[تفسير الطبري (15/ 51 - 54) ط هجر].
وبديهي، أبا اللمع، أن الطبري لا يصحح هذه الأقوال المتعارضة كلها، ولا يلزمه أن يقول بها كلها، وإن كان يلزمه قول واحد منها، لا يعنينا الآن تعيينه!!
فما الذي دفعه إلى تقرير صحة قول مجاهد على المذاهب جميعا، إذا؟!
ليس إلا تقرير قوله، والمناقضة على خصومه.
وفي مقام الجدل، ربما يتسعين المناظر، أو الجدلي، بما لا يلتزمه، بل ولا يرى صحته أصلا. [راجع الكافية في الجدل، لإمام الحرمين، وما شئت من كتب الجدل].
وأوضح مثال، وأظهره في تطبيق هذه الآلية [واسمح لي بشيء من مفرداتك، أو نحوها]، هو من عندكم أنتم؛ وأعني به حجة الإسلام: أبا حامد الغزالي، في كتابه الشهير: تهافت الفلاسفة؛ فهل قرأته، أبا لميعة؟!!
اسمعه يقول في أوائله:
(ليُعْلم أن المقصود تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض، ببيان وجوه تهافتهم؛ فلذلك أنا لا أدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت؛ فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعا، بإلزامات مختلفة؛ فألزمهم تارة مذهب المعتزلة، وطورا مذهب الواقفية، ولا أنتهض ذابا عن مذهب مخصوص؛ بل أجعل جميع الفرق إلبا واحدا عليهم؛ فإن سائر الفرق ربما خالفونا في التفصيل، وهؤلاء يتعرضون لأصول الدين؛ فلنتظاهر [أي: نتعاون] عليهم؛ فعند الشدائد تذهب الأحقاد!!).
[مقاصد الفلاسفة (82 - 83) ط سليمان دنيا].
أبا (لُمَيْعة):
أما زلت يقظا يا صاحبي؟ أما زلت مصرا على ضم الإمام الطبري إلى فريقك؟!
أبا لَمْع!!
لعل الذي يعنينا الآن هنا: أين تراه هنا قد انتحل قولكم المتناقض: لا داخل ولا خارج، لا مماس ولا مباين؟!!
أبا لَمْع:
هل توافق الطبري على صحة قول مجاهد: (يجسله معه على عرشه)!!
أبا لَمْع:
إنه يزعم ـ سامحه الله ـ أن ذلك لازم لقول جميع منتحلي الإسلام، وأن من نفى صحة ذلك، فقد خرق إجماع منتحلي الإسلام؟!!
أبا لَمْع:
أتوافقه على أنه لا دليل من الخبر (النقل)، ولا النظر (العقل) على بطلان ذلك؟!
أجب عن السؤال السابق بـ (نعم) أو (لا)!!
أبا لَمْع:
ضع علامة ((صح ـ مش عارف بتيجي من اين على اللوحة)) أمام العبارة التي تعجبك!!
وضع علامة ((خطأ)) أمام العبارة التي لا تعجبك!!
فإن كنت لا (تُحْلي ولا تُمِرّ)، ولا (تدري هِرًّا من بِرّ)، فلن تراع يا صاحبي، فـ (ابصم) وأقر، و: (هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرُّ)!!
ثم كان، يا ما كان، أن ذكر أحد القراء الكرام، دراسة المسكين عن الطبري؛ حتى ثارت ثائرة المسكين، وكأنما نكأ به جرحا ناغِرا، أو بَضَّ له دملا، قد أوشك على الانفجار، فلم يكتف بالطعن في الدراسة، واستحقاق صاحبها، حتى مال بغارته العمياء، على أساتذته الأجلاء:
(للأسف الشديد هذا التساهل الحاصل في منح التقديرات العالية والامتياز، أخل بشدة بمستوى الطلبة، وبالتالي انعكس ذلك على مستوى الأساتذة الذين نالوا تلك الشهادات من غير استحقاق، فانعكس ذلك بدوره على مستوى طلبتهم، وهذا يفسر ضعف مستويات الكثير من الرسائل الجاميعة التي حقها أن تُرفَض لما فيها من إخلال بالمنهج العلمي الذي يتعلق بالمضمون، لا بمجرد الشكل ....
وفي هذه الحالة فشخصية كالإمام الطبري لها من الأهمية الكبيرة ما يجعل البعض يحاول تقديمها في شكل مغالط لضمها في جانبهم، وإن اقتضى ذلك الخروج عن الموضوعية العلمية وطرح القضايا بشكل مزيف أو تحريف الأفكار عن مسار اختيار صاحبها أصلا، وما على المناقشين إلى المباركة والقبول وإسداء الامتياز، يا للفضيحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تتبعت الرسالة المذكورة للطلب المسمى طه محمد نجار رمضان، والخلاصة عندي أنه لا يستحق نيل الشهادة أصلا لما فيها من النقص الواضح في دراسة كثير من آراء الإمام الطبري الكلامية، وتقديم البعض الآخر بصورة مغلوطة لخدمة غرض مذهبي لا أكثر ولا أقل).
أبا اللُمَع؛
حنانيك يا صاحبي، حنانيك، وأذنيك، وقذاليك!!
ما كل هذه القسوة على المسكين؟!
أما كان يكفيك أن تنبه على خطأ صاحبك، أو ضلاله، وكنت تستغني به عن كل هذه الزيادات؟!!
أما سمعت أبا حيان يقول عن نفسه، في بعض مسائله:
(وأتبعتُ المسألةَ من تنقص الإنسان، وذمه، وتوبيخه، ما أستغني عن إثباته)!! [الهوامل والشوامل (26)].
لكنه مع ذلك، عاد إلى التنطع في بعض مسائله، مرة أخرى، ولم يزجره تأديب صاحبه له، فعاد مسكويه ـ مرة أخرى ـ ليقول له:
(هذه المسألة التي ذنَّب فيها صاحبها بمسائل أعظم منها، وأبعد غورا، وأشد اعتياصاً، وأصابه فيها ما كان أصابه قبل في مسألة تقدمتها!!
فظهر لي في عذره أنه داء يعتريه، ومرض يلحقه، وليس من طغيان القلم، ولا سلاطة الهذَر، ولا أَشَر الاقتدار في شيء، كما أنه ليس من جنس ما يستخف المتكهنَ عند الكِهانة، ولا من نمط ما يعترى المتواجد من الصوفية، وما أحسبه إلا من قبيل المس والخبل، والطائف من الشيطان، الذي يُتعوذ بالله منه؛ فلقد أطلق في سجاعته القافية بما تسد له الآذان، وتصرف عنه الأبصار والأذهان!!
ولولا أنه اشتكى إلى الله تعالى في آخرها من سطوات البلوى، فاعترف بالآفة، واستحق الرأفة لكان لي في مداواته شغل عن تسطير جواباته!!) [الهوامل والشوامل (56 - 57)].
أبا لُمَيْعَة؛
من ذا الذي طلب رأيك، واحتكم إليك في شأن الدرجة التي منحتها الجامعة لصاحبك؟
ما اَنْتَ بالحَكَم التُّرْضَى حُكُومَتُه * ولا الأَصِيلِ ولاَ ذِي الرَّأْيِ والجَدَلِ
فوارحمتاه لك، لو علمت أيها المسكين، أنها منحته بعدها (الدكتوراه) بتقدير ... ، وفي أي موضوع؟!!
قريبا تراه إن شاء الله، سُخْنةً لعينك، وشجىً في حلقك!!
فإذا رأيت ذلك، وهاجت عليك مرتك الصفراء والزرقاء، وفسدت أخلاطك، وكنت قد عرفت شيئا عن (دون كيخوته)، لسيرفانتس، فامتطيت حصانك الغاب، وامتشقت حساما من الأخشاب، لتجعل جامعة القاهرة كوما من تراب!!
فآذني، يا أُخيي، فأنا بك شفيق، وعليك رفيق؛ وأنا زعيم بأن أبحث لك عن أوهى ثُلْمة في جدارها، فلعلها أن تكون أرفق برأسك عند النِّطاح:
كناطحٍ صخرةً يوماً ليَفْلِقَها ... فلم يَضِرْها وأَوْهَى قَرْنَه الوَعِلُ
فدع هذا، وعد بنا إلى شيء من الجِد، يا أبا اللمع!! مع تدقيقاتك الكلامية البديعة، وحيثيات حكمك على المسكين، بأنه لا يستحق نيل الشهادة أصلا؟!!
قال أبو لُميْعة، أصلحه الله:
(وسأكتفي هنا بضرب مثال واحد على عدم استحقاق تلك الرسالة نيل الشهادة أصلا، فضلا عن طباعتها .... ، وإلا فالأمثلة كثيرة جدا.
قال الطالب في ص 137 من الرسالة المذكورة عند تعرضه لعرض الدليل العقلي الذي سلكه الإمام الطبري لبيان حدوث العالم وافتقاره إلى محدِث واحد هو الله تعالى:
" ثم ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثالثة من استدلاله، بعد أن قرر أن كل ما في العالم لا يخلو من الحدَث، ليقرر أن (ما لم يخل من الحدث لا شك أنه حادِث).
ثم قال الطالب: ولا يُعنَى ابن جرير عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث، شأن من يعنى بهذا الدليل، وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قبله. (أصول الدين عند الإمام الطبري، ص137)
التعليق: [التعليق لأبي لميعة الثاني (أعني: أبا عبيدة، فكن على ذُكْر، أيها القارئ]
(عجبا للمشرف والمناقشين كيف يتركون هذا الكلام يمر مرّ الكرام.
ومرور هذا الكلام دال على أحد الأمرين:
ـ إما الجهل بمسائل علم الكلام، وهذا لا يليق بمن ينصب نفسه مشرفا أو مناقشا.
ـ وإما المشاركة في تزييف الحقائق بشكل مفضوح.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمعلوم عند كل من له حظ في فهم الأدلة العقلية على وجود الله تعالى، أن من أركان هذا الدليل أن كل ما لا يخلو من الصفات الحادثة ـ بحيث يلازمها، ولا يعقل منفكا عنها ـ لا يعقل موجودا بدونها أو قبلها، ولما كانت هي حادثة يكون هو بالضرورة حادثا، وكل حادث مفتقر ضرورة إلى محدِث واحد غيره وهو الله تعالى.
وهذا ما أراد الإمام الطبري بيانه وأقام البرهان عليه، فنص على أن (ما لم يخل من الحدَث، لا شك أنه حادِث) أي: محدَث.
وهذا البرهان العقلي معروف، وقد توصل إليه الإمام الطبري بعد النظر في الايات القرآنية والآيات الكونية والنفسية، وبنى عليه أصول الدين، بل اعتبره دالا على معرفة الله تعالى قبل بلوغ رسالة الأنبياء، واعتبر الجهل به جهلا بالله، محاسب [كذا] صاحبه عليه.
فكيف يسوغ للطالب القول بعد هذا بأن الطبري لا يُعنَى عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث؟ مع أن الإمام الطبري ينص نصا صريحا، واضحا أن ما لم يخل من الحدث محدَثٌ؟ فهذا قلب تام لنتيجة الإمام الطبري التي صرّح بها.
بل كيف يتجرأ الطالب ويقول بعد هذا: (وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قَبلَه).
فكيف فهم هذا الكلام المتناقض من ألفاظ الإمام الطبري؟
بل إذا طبقنا كلامه لزم القول بأن الله تعالى له محدِثٌ قبله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ فإن الطالب قرر استحالة أن يكون شيءٌ يحدِث شيئا إلا ومحدِثهُ قبلَه؛ فعلى هذا يكون قبل الله تعالى محدِثٌ، لأنه داخل ـ حسب ألفاظ الطالب ـ في هذه الكلية، وهي أن كل من يحدِثُ شيئا، فمحدِثُه قبله، ومعلوم أن الله محدِثٌ للأشياء، فيكون قبله محدِثٌ حسب كلام الطالب، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا ليس بمقصد الإمام الطبري والعياذ بالله، ولا دل عليه كلامه بأي نوع من أنواع الدلالات، بل ليس في كلام الإمام الطبري إلا البرهان على افتقار كل ما لازم الحوادث إلى محدِث واحد وهو الله تعالى الغني على الإطلاق، الذي يستحيل أن يتصف بالصفات الحادثة كما هو الحال بالنسبة إلى مخلوقاته.
فكيف يمر هذا الكلام؟ وما السبب في ذلك؟ وأين الإشراف والمراقبة للمسائلة ... ) الخ،
شكرا لك يا هذا على مقامتك (الولولية)!!
أتدري يا أبا لُمَيعة، أين يصلح تهويلك وتدليلك الذي ذكرته هنا، فأفزعت به من كان يظنك تفهم شيئا من القراء؟!
إنك تحتاج إلى أن تعقد حضرة سرمدية، شطحية، ملوخية .... ،
فكلما زعقت بزعقة فيها: (أدلة الحدوث)،
صاحت بطانة المساطيل من حولك: دوووس .. دووس .. دوس!!
فإذا صحت: الكونية!!
هب القوم من ورائك: كونية .. وَنية ... نية!!
وإذا قلت: النفسية!!
تواجد القوم، وانتهى بهم الحال: فسية، فسية، فسية، ....
فإذا نزلت إليهم من مقامك، حفتك حاشيتك من (الزُّط) و (الغُتْم) بالمطارف، والملاحف (لكي لا يصيبك شيء من برد أو زكام)، وحملوك على الأعواد، كما يفعل الهنود الحمر والصفر .. ، مع (المهراجا)، وذهبوا بك إلى: حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ!!
وكلما وَنَى السائرون، وَكَلَّ الحاملون، صحت بهم وأنت على محملك، من فوق رؤوسهم: الآيات، الكونية، النفسية، فهملج الزُّط من تحتك كالبراذين، لا يجدون ساعتها لثقل دمك، وبرود حالك، على أكتافهم وقعا ولا أذى!!
سُكْرانِ: سُكْرُ هوىً، وسُكر (ضلالةٍ) * ومتى إفاقَةُ مَنْ بِهِ سُكرانِ
يا هذا، دعني أبحث معك، وأناقش ما ذكرته هنا، وأسأل الله أن يرزقني الصبر حتى أفرغ منك:
أولا: ادعيت أن ما لا يخلو من الحوادث، (يكون هو بالضرورة حادثا)، ثم زعمت أن هذا البرهان العقلي معروف، وقد توصل إليه الإمام الطبري بعد النظر في الآيات ... ؛ وهذا تناقض بيِّنٌ في كلامك، فالعلم الضروري شيء، والعلم النظري شيء، ولو كان النظر في الآيات .. ، فهو أيضا علم نظري، وهذا أمر (معلوم عند كل من له حظ في فهم الأدلة العقلية)، على حد قولك، وراجع ما شئت من كتب المنطق، أو المقدمات الكلامية، والأصولية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: أما قولك أيها (المهراجا): (إذا طبقنا كلامه لزم القول بأن الله تعالى له محدِثٌ قبله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ فإن الطالب قرر استحالة أن يكون شيءٌ يحدِث شيئا إلا ومحدِثهُ قبلَه، فعلى هذا يكون قبل الله تعالى محدِثٌ .. )، فلا ينقضي عجبي منه أيها الأغتم الضِّلِّيل!!
فبأي وجه من وجوه الدلالات العربية، أو الهندية، أو الزُّطية، لزم هذا من كلامي؟!
اذكر قضية سالبة أو موجبة، قياسا برهانيا، أو جدليا، أو مغالطيا، أدى بك إلى هذه النتيجة، أنه يلزم من كلامي، الذي ادعيت كذبا أني قلته، أن يكون قبل الله محدث، تعالى الله عن قولك وبهتانك، وأنا زعيم بمائة قضية وقضية صحيحة برهانية، على أنك كاذب دجال!!
إن القضية البرهانية الصحيحة تقول:
1 - (أبو عبيدة الدجال) يدعي أنني قررت استحالة أن يكون شيء ... ، وألزمني ...
2 - أنا لم أقرر ذلك، وكتابي موجود، وليس بيني وبينه إسناد متصل، ولا منفصل، ينقل عني به،
3 - النتيجة الحتمية: (أبو .. الهاني) كذاب!!
وقضية أخرى صحية تقول:
1 - الطبري قرر استحالة أن يكون شيءٌ يحدِث شيئا إلا ومحدِثهُ قبلَه،
2 - أبو عبيدة يلزمني أن يكون قبل الله تعالى محدِثٌ، لأنني قررت ـ بزعمه ـ استحالة .. ،
3 - النتيجة: أبو لميعة يلزم الطبري ـ لأنه هو القائل الحقيقي ـ أن يكون لله ـ تعالى عن إفكه ـ محدث له!!
لو كنت ألزمتني، أبا لميعة الثاني، أن أقول بقدم العالم، بأي معنى من معاني القدم، لقلت الرجل: جاهل يتكايس، أو عاقل يتخابث!!
أما وقد ذكرت ما ذكرت من اللازم الباطل، لمقدمة كاذبة؛ فلا عقل، ولا نقل؛ ويكفيني هذا منك، فقد كفيتني مؤنة نفسك:
ما يبلغُ الأعداءُ من جاهلٍ ... ما يبلغُ الجاهلُ من نفسِه
لقد ذكرتني أبا لميعة، بالقصة المروية في حوار دار بين عمرو بن العاص، رضي الله عنه
، لما أراد مسيلمة الكذاب أن يعارض سورة العصر، فقال لعمرو بن العاص:
وقد أنزل علي مثلها!!
فقال له عمرو: وما هو؟
فقال: يا وَبْر يا وَبْر، إنما أنت أذنان وصَدْر، وسائرك حفر نَقْر.
ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟
فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب!!
[انظر: تفسير ابن كثير (8/ 479)، سير أعلام النبلاء (3/ 69)، وحواشي المحققين].
ثالثا: عدنا، أبا لمعة الثاني، إلى بدائعك، في كلامك، فإذا بك وقد أردفت ذلك بوصلة أخرى (مهراجية)، تقول: (وهذا البرهان العقلي معروف، وقد توصل إليه الإمام الطبري .... ، واعتبر الجهل به جهلا بالله، محاسب [كذا] صاحبه عليه.).
إلى متى أعظك في الكذب يا هذا؟! يا هذا، أما تحسن أن تصدق ـ هنا ـ مرة؟!
قال الأصمعي: قيل لرجل معروف بالكذب. هل صدَقَت؟
قال: أخاف أن أقول: لا، فأَصْدُق!! [نهاية الأرب، للنويري (3/ 363)].
أتحداك أن تنقل نصا واحدا من أي كتاب من كتب الطبري، مخطوطا كان أو مطبوعا، موجودا أو مفقودا ينسبه إليه أحد من أهل العلم، أتحداك أن تنقل هذا النص الذي يقرر فيه ابن جرير أن الجهل بهذا البرهان جهل بالله تعالى، أو أن الجهل بالدليل المعين، أيا كان هذا الدليل، هو جهل بالمدلول!!
ودون ذلك ـ يا صاحبي ـ خرْط القتاد، وسف الرماد، وفضيحتك على رؤوس الأشهاد!
وحتى أريحك من إعادة البحث والنظر، وتقليب الأوراق وإدارة الفكر، سوف أنقل لك النص الوحيد الذي عساه غرك، فتعلقت به، وظننت أنك بهذا ضمنت انضمام الطبري ـ إلى الأبد ـ إلى فريقك!!
قال الإمام الطبري رحمه الله، في الفصل الذي عقده لبيان طرق المعرفة، بعد أن قرر أن للمعارف طريقين: الحواس، والقياس على ما تدركه الحواس:
(فأما الذي لا يجوز الجهل به من دين الله، لمن كان من أهل التكليف، لوجوده الأدلة متفقة عليه غير مختلفة، ظاهرة للحس غير خفية: فتوحيد الله تعالى ذكره، والعلم بأسمائه وصفاته وعدله؛ وذلك أن كل من بلغ حد التكليف من أهل الصحة والسلامة، فلن يعدم دليلا وبرهانا واضحا يدله على وحدانية ربه ... ) [التبصير (116 - 117)].
(يُتْبَعُ)
(/)
أرأيت يا هذا، أن الطبري يقرر أن الذي يحاسب عليه صاحبه، ولا يعذر بالخطأ فيه: هو جهله بربه، وشركه به سبحانه، لأن الأدلة على ذلك كثيرة متفقة غير مختلفة في الدلالة على ذلك المطلوب؛ فمهما جهل واحدا منها، أو غاب عنه، أدرك غيره، وعرف به ربه، ووحده!!
فأين ذكره لهذا الدليل المعين، دليل الجوهر والعرض المعروف، كما ذكرت، وتقريره له، أو إلزامه به، أو قوله: إن الجهل به جهل بالله!!
هذا القانون الذي اغتررت به، يا أبا لمعة، أعني قانون: (بطلان الدليل يؤذن ببطلان المدلول)، قد قال به قوم من أئمتكم، وأولهم الباقلاني، فيما يرى ابن خلدون [المقدمة (431) ط الشعب]، وتبعه بعض متعصبي الأشاعرة، حتى جاءت طريقة المتأخرين، فيما يقول ابن خلدون أيضا [السابق (432)]، فرفض المحققون منهم ذلك.
وإن شئت نموذجا على إبطال بعض أئمتكم لذلك، فانظر: أبكار الأفكار، للآمدي، حيث يورد ذلك في فصل: (ما يظن أنه من الأدلة المفيدة لليقين، وليس منها)، ثم يأخذ في إبطاله [أبكار الأفكار (1/ 208 - 210)]، وانظر أيضا: شرح المواقف، للجرجاني، وحواشيه (2/ 21 - 27). [لاحظ أننا اقتصرنا هنا على مصادر محققي الأشاعرة فقط].
رابعا: عاد صاحبنا (أبو لميعة الهاني) إلى مريثة بدائعية، مقامها: (كيف يسوغ ... ، وكيف يتجرأ)، وبحرها من (مخبول الهَزَر) لينعى علي أنني قلت (ولا يعنى ابن جرير عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث ... )، وراح يقول ما نقلته عنه سابقا!!
أبا لُمَيعة؛ قد والله مللت من تفهيمك!! واستحييت من كثرة تكذيبك؛ لكن ما حيلتي، وأنت تأبى إلا ذاك؟!!
فانظر إلى قولك: (فكيف يسوغ للطالب القول بعد هذا بأن الطبري لا يُعنَى عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث؟ مع أن الإمام الطبري ينص نصا صريحا واضحا أن ما لم يخل من الحدث محدَثٌ؟ فهذا قلب تام لنتيجة الإمام الطبري التي صرّح بها)!!
فما هذا يا عبد الله، بالله يا عقلاء البشر، أليس هذا أشبه شيء بالذي قال:
كأننا والماء من حولنا. . . قوم جلوس حولهم ماء
نعم، أيها الأغتم، أعلم أنه نص صراحة .. ، لكن هل هذا النص هو دليل نفسه؟!!
أي قلب للنتائج، يا عبد الله، هذا الذي تدعيه، عافاك الله؟!!
لله در أبي الطيب المتنبي:
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفتهُ من الفهم السقيمِ
ولكن تأخذُ الآذانُ منه ... على قدر القرائحِ والفهومِ
أصدقك: إنني مخطئ في تعبي معك، وأنت مرتااااااااح!!
لقد ذكرتني بقول الإمام أحمد: إن كان هذا عقلك .. فقد استرحت!!
كان عليك، يا هذا، أن تقول لي: دليله على هذه القضية هو قوله الذي أشرتَ إليه: (إذ كان من المحال أن يكون شيء يحدث شيئا، إلا ومحدثه قبله)!! [تاريخ الطبري (1/ 28)].
لأقول لك: نعم على هذا اقتصر الطبري، وهذا هو الذي قلته أنا في بحثي عنه؛ لكنه غير كاف في هذا المقام، ويكفيني أن أقول لك: إن من يعتني بهذا الدليل لا يقف عند هذا الحد؛ لأن للمخالف أن يقول: القبلية والبعدية هي من الأمور النسبية، وليست من الأمور الذاتية؛ فإذا قلت ـ مثلا ـ الأب قبل الابن، لم يمنع ذلك من أن أقول: والجد قبل الأب .. ، وإذا قلت: النجار (الصانع) قبل الكرسي، لم يمنع أن يكون قبل النجار والده، أو نجار آخر ... ، وهكذا.
وإذا؛ فهذا الدليل بمجرده، لا يمنع من أن يكون قبل هذا الشيء المحدَث، محدث آخر، وهكذا، وهذا هو التسلسل في الآثار والمعلولات، ثم إنه لا يمنع أن يكون قبل الصانع المحدِث، صانع آخر، وهكذا، وهذا هو التسلسل في العلل!!
ولأجل قصور هذه الصورة، قال إمام الحرمين، أبو المعالي الجويني، رحمه الله:
(والأصل الرابع يشتمل على إيضاح استحالة حوادث لا أول لها، والاعتناء بهذا الركن حتم؛ فإن إثبات الغرض منه يزعزع جملة مذاهب الملحدة ... ) [الإرشاد (46) ط بيروت].
وهذا الأصل هو الحلقة المفقودة في استدلال الطبري هنا، يا صاحبي؛ أفهمت؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وحينئذ، فقولك الذي ذكرته آنفا: (وماذا لو يعلم البعض أن الطبري يقول ... ، وبأن تسلسل الحوادث بلا أول في جانب الأزل أمر مستحيل باطل ... ، النتيجة بلا شك عند ذلك البعض: إما التكذيب، وإما اتهام ذلك الإمام)،
أقول: كان ينبغي أن تضع هذا القول هنا، وتقول لي: إن الطبري قرر ذلك!!
لأقول لك: لم يذكره هنا، ولم يُحِل عليه، وهذا يكفيني في إبداء ملاحظتي!!
ثم أزيدك: لقد خيرتني ـ وأمثالي من المضلَّلين عن حقيقة الطبري ـ بين التكذيب، أو اتهام الإمام .. !!
فأقول لك: وأنا أختار الأول، فأكذبك في نقلك عن الطبري؛ فقد ثبت كذبك عليه مرارا، ومرارا؛ فما الذي يمنع ـ هذه المرة ـ أن تكون كاذبا أيضا؟ فأين قال ذلك؟
وأزيدك ـ أيضا ـ فأقول: أتحداك أن تذكر لي موضعا واحدا من تراثه كله، ذكر ذلك على وجه التقرير له، أو ارتضائه؛ فـ: (هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)!!
خامسا: فإذا كان الدليل بصورته المذكورة، لم يقطع شبه الملحدة، وشغب الشاغبين، فإن الصورة الكاملة التي ذكرتموها في كتبكم الكلامية، ليست بأحسن حالا؛ فلا الإسلامَ نصرتم، ولا العدو كسرتم، ولا هي أظفرتكم بمطلوب، ولا أنجتكم من مرهوب؛ وأوقعتم أنفسكم في مهاوي ما لها من قرار، وكنتم كالمستجير من الرمضاء بالنار!!
ولهذا يقول أبو الوليد ابن رشد، الفيلسوف:
(وأما الأشعرية فإنهم رأوا أن التصديق بوجود الله تبارك وتعالى لا يكون إلا بالعقل، لكن سلكوا في ذلك طرقا ليست هي الطرق الشرعية التي نبه الله عليها، ودعا الناس إلى الإيمان من قِبَلِها ...
وطريقتهم التي سلكوا في بيان حدوث الجزء الذي لا يتجزأ، وهو الذي يسمونه الجوهر الفرد، طريقة معتاصة، تذهب على كثير من أهل الرياضة في صناعة الجدل، فضلا عن الجمهور، ومع ذلك فهي طريقة غير برهانية، ولا مفضية بيقين إلى وجود البارئ ... )، فلينظر من شاء كلامه بطوله، فقد فصل أوجه انتقاد هذا الدليل [مناهج الأدلة (135) وما بعدها].
أعلم ـ يا هذا ـ أن خلقا من خلق الله سوف يقول لرب العالمين جل جلاله يوم القيامة: (يَا رَبِّ؛ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ؟ فيَقُولُ: بَلَى!! فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي!!) [صحيح مسلم (2969)]، ولأجل ذلك لم أنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية حرفا واحدا في هذا المقام؛ لأني أعلم عداوة القوم له؛ فعلك أن تقول: وابن رشد، أيضا!!
فدع هذا، يا صاحبي، وأظنك تعرف أوحد المتكلمين، وسيف الدين، وخاتمة المحققين، هكذا في وصف الواصفين، وتراجم المترجمين؛ أعني به: الآمدي؟!
أتجيزه شاهدا، يا صاحبي؟!
فاسمع له يقول:
(وهذه الطريقة، وإن أمكن فيها بيان وجود الأعراض، وكونها زائدة على الجواهر، وإبطال القول بالكمون والانتقال؛ فقد يصعب بيان امتناع عرو كل جوهر عنها؛ بل وقد يصعب بيان حدث كل ما لا يعرى الجوهر عنه في وجوده من الحركات والسكنات.
وحدوث الحركة، وإن كان مسلما، فليس يلزم منه حدث ما بطل به من السكون؛ بل من الجائز أن يقول الخصم بقدمه، وأنه لا أول له، وفواته لا يدل على حدثه، وإن دل على أنه لم يكن له ذلك لذاته ....
وليس يلزم من كونه متعلق الإرادة، ومقتضى القدرة أن يكون حادثا، كما لا يلزم أن يكون قديما، بل القدم والحدث إنما يعرض لما هو متعلق الإرادة والقدرة بأمر خارج عنهما!!
هذا كله، إن سلم كون السكون أمرا وجوديا، ومعنى حقيقيا.
وإلا، فإن سلك القول بكونه أمرا سلبيا، ومعلوما عدميا؛ فإنه لا معنى له إلا عدم الحركة، ولا يلزم من القول بإبطاله بوجود الحركة، أن يكون هو حادثا؛ بمعنى أن له أولا؛ إذ الأولية لا تتحقق إلا بعد الوجود.
وإن سلك ذلك، لزم منه القول بسبق العدم على الوجود، والوجود على العدم، إلى ما لا يتناهى؛ وفيه القول بقدم الحادث قطعا، وعند ذلك: فالطريقة تكون منصوبة لنقيض المأخوذ!!
... وليس المقصود غير الإنصاف، وتجنب طريق الاعتساف، وإلا لما اهتممت بالكشف عن هذه العورات، ولا الإبانة عن هذه الغمرات، وهو إنما يعرفه الفظن الثبت الواعي، لا الجاهل العنيد المتعامي!!!) انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
[غاية المرام في علم الكلام، للآمدي (262 - 263) ت: د. الشافعي، ط الثانية، القاهرة (1431هـ)].
ولهذا يقول إمامكم المحقق المتأخر، المتحرر: الإمام محمد عبده:
(وأنا أقول ـ على استدلال القوم على إثبات القديم الصانع ـ إنهم اعتمدوا فيه على بطلان التسلسل،
وليس لهم برهان على بطلانه إلا ما سبق: من التطبيق، والتضايف، وما يشبههما.
وقد علمت في بحث الحدوث ما عليهما.
فإلى الآن:لم يقم دليل على بطلانه!!
فبقي فرض التسلسل في إثبات الواجب محتملا، لم يبطل؛ اللهم إلا بدليل جديد؛
ولا يليق بالعقلاء انتظاره ممن لا يقدر عليه!!).
[حاشيته على شرح الدواني على العضدية (1/ 250 - 251)].
سادسا: ومن تتمة ذلك، أسألك يا صاحبي عن قولك، وأنت تُعرِّض بي وبأمثالي ممن لا يعرفون مذهب ابن جرير: (وبأن الله تعالى لم يزل قادرا في الأزل مع عدم العالم، وغير ذلك مما تنبني عليه أصول وأصول)!!
شكرا لك يا صاحبي، وأنا، وكل موحد، يقول بأن الله تعالى لم يزل قادرا على كل شيء، وهذه كلية محفوظة، لم يخصها شيء، خلافا لمن زعم منكم ـ أو من غيركم ـ بأن العقل قد خصها!!
لكني دعني أداعبك بعض الشيء، إن كنت تقبل مني شيئا من ذاك:
هل أنت متأكد حقا من أنك تقول ذلك: أن الله تعالى لم يزل قادرا على كل شيء؟!
أرجوك، لا تعرض عن الجواب لسهولته، واعتبرنا في مقام الجد، ودع ما قلت لك من أني أداعبك؛ فأنا الآن جاد كل الجد؟!
هل تقول بإن الله لم يزل على كل شيء قديرا؟!
أعتقد أنك لن تفكر، ولن تتردد: نعم، بلا شك!!
حسنا يا صاحبي، دعني أطرح عليك السؤال من الجهة المقابلة، من طرفه الآخر:
أتقول إن خلق العالم لم يزل ممكنا (لله)؟
أرجوك، لا داعي للعجلة، فأمامك وقت لكي تفكر في ذلك، وبإمكانك أن تستريح قليلا، أو طويلا، وبإمكانك أن تبلع ريقك، ومعه دلو ماء، إن شئت!! وبإمكانك أن تستعين بصديق، وبإمكانك أن تغلق الجهاز، وتؤجل الجواب إلى غد!!
حسنا؛ أنا أعلم أنك لن تقول: لا، وإلا أبطلت جوابك الأول، بأن الله لم يزل قادرا على كل شيء.
فأسألك عن اللحظة (ودعنا نسميها اليوم)، أسالك عن اليوم الذي خلق الله فيه العالم؛ أكان يمكن أن يخلقه قبل ذلك بـ (يوم)؟
أنا أعلم أنك لن تقول: لا؛ وإلا أبطلت جوابك الأول، وجوابك الثاني.
فأعود وأسألك، وهذا اليوم الثاني: أكان يمكن أن يخلق العالم قبله بيوم ..
وكلما أجبتني بنعم، عدت فسألتك حتى نتعب .. ، وهذا هو القول بجواز تسلسل الحوادث؛ أنه ما من لحظة خلق الله العالم فيها، إلا ويجوز أن يخلقه الله قبلها، وهكذا، ليس هناك لحظة في الأزل كان الخلق ممتنعا على الله!!
وحنيئذ، فقد بطل مذهبك في (حوادث لا أول لها)!!
وإن قلت: لم يكن ممكنا!!
قلت لك: دعنا من أنك بهذا قد أبطلت جوابك الأول، وسوف أفترض أنا عدنا إلى رأس المسألة، وأن هذا هو جوابك الأول؛
ففي أي لحظة امتنع هذا الإمكان؟
دعنا، من تحديد اللحظة، وافترض ما شئت من (الأيام)، فهذا هدم لما قررته من أن الله كان قادرا في الأزل، مع عدم العالم!!
فإن قال لك صديق متكايس: إن خلق العالم قبل الوقت الذي خلقه الله فيه كان محالا؛ والمحال لا تتعلق به القدرة، وفرحت بأن هذا لا يناقض ما قررتَه؟!
قلت لك: حسنا يا صاحبي، والمحال أيضا لا ينقلب ممكنا، فكيف إذا وجد؟!
فإن تبرعت، وقلت لك: إنه لم يكن محالا للذات؛ بل لأمر خارج عنه، فلا مانع من أن يصير ممكنا؟!
فسأسألك يا صاحبي: ما هذا الأمر الخارج الذي كان لأجله محالا، والفرض أننا في حال العدم؟
ثم أسألك يا صاح [إن كنت لسه صاحي]: وما الذي صيره ممكنا، بعد أن لم يكن ممكنا؟!!
لم تجيبوا عن هذا يا صاحبي بشيء ينفعكم ولا يشفي عللكم، ويستر عوارتكم، على حد قول الآمدي؛ فانظر ما قاله ابن رشد عليكم في ذلك في مناهج الأدلة (135 - 137)، ولا أطيل عليك بنقله، فإنك ـ على قاعدة من ذكرنا ـ لن تقبل من غيرك شاهدا؛ فتعال بنا نعود إلى ما يقرره الشيخ محمد عبده:
(فأي مرجح لإرادة اللاأزلي، دون الأزلي؟ إن هذا إلا الترجيح بلا مرجح، وإنه محال؟
فإن قلت: إن نفس الإرادة هو المرجح.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذا وهم؛ فإن المختار، لدى الاستواء، يقع في الحيرة [كذا قال]، حتى يبدو له المرجح.
ثم إني لا أطيل معك في هذا، فإن لما أنت عليه من التمويه والانخداع للعادة في هذا المحل، مجالا باطلا)!! [حاشيته على الدواني (1/ 62 - 63)].
ثم خذ هذه القصة، أو المناظرة، لفخركم، وإمامكم عند إطلاق المتأخرين من المتكلمين؛ فخر الدين الرازي:
(لما ذهبت إلى سمرقند ....
فاذكر الدليل على فساد القول بحوادث لا أول لها.
فقال: الدليل عليه أنه لو لم يكن لها أول، لكان قد دخل في الوجود ما لا نهاية له، ودخول ما لا نهاية له في الوجود محال.
قلت: ما الذي عنيت بقولك: إنه لو كان لا أول للحوداث، لزم دخول ما لا نهاية له في الوجود؟ فإن عنيت أنه يلزم الحكم بدخول حادث قبل حادث، لا إلى أول في الوجود، فحينئذ يصير التالي عين المقدم، ويصير كأنك قلت: لو كان حادثا مسبوقا بآخر، لا إلى أول، لزم أن يكون كل حادث مسبوقا بحادث آخر لا إلى أول، وعلى هذا التقدير يصير التالي في هذه الشرطية عين المقدم، وهو فاسد. وإن عنيت بقولك ... سوى ما ذكرنا، فاذكره حتى نعرف أنه هل يلزم من ذلك المقدم هذا التالي، أم لا؟
فتغير وجه الرجل، وقال: لا حاجة بنا إلى تفسير، بل نقول: إن دخول ما لا نهاية له في الوجود محال، على جميع التفسيرات، والعلم بامنتاعه ضروري!!
فقلت: على تقدير أن يكون المراد من دخول ما لا نهاية له في الوجود، هو كون كل واحد منهما مسبوقا بآخر، لا إلى أول، كان ادعاء دخول ما لا نهاية له في الوجود، عبارة عن ادعاء أنه يمتنع أن يكون كل واحد منهما مسبوقا بآخر، لا إلى أول؛ فهذا القضية إن كانت معلومة بالبداهة، فكيف شرعت في إقامة البرهان على إبطالها؟ لأن البديهيات غنية عن الدليل. وإن كانت غير بديهية، افتقرت إلى الدليل. ولما لم يكن لقولك: يلزم دخول ما لا نهاية له في الوجود، إلا مجرد كون كل واحد منهما مسبوقا بآخر، لا إلى أول، فحينئذ، يلزمك كون الدليل عين المدلول، وذلك باطل، لأن بمجرد تغير العبارة لا يحصل المطلوب.
ولما انتهى الكلام إلى هذا المقام، وقف، ولم يذكر شيئا آخر البتة.
ثم قلت: وههنا مقام آخر، أهم مما ذكرناه، وهو أن نبحث عن كيفية محل النزاع.
وذلك لأنا نقول: إما أن ندعي أن لإمكان حدوث الحوادث أولا وبداية، وإما أن ندعي أنه لا أول لإمكان حدوثها، ولا بداية لصحة وجودها.
فإن قلنا إن لإمكان حدوثها أولا وبداية، فقبل ذلك المبدأ، لزم أن يكون إما واجبا لذاته، أو ممتنعا لذاته ثم انقلب ممكنا لذاته؛ فإن كان واجبا لذاته، لزم انقلاب الشيء من الامتناع الذاتي، إلى الإمكان الذاتي، أو الوجوب الذاتي، وحينئذ ينسد باب إثبات العلم بالصانع.
وإن قلنا: إنه ليس لإمكان حدوث الحوادث أول، فحينئذ، قد سلمت أنها ممكنة الحصول في الأزل، فكيف تدعي مع هذا أنها ممتنعة الحصول في الأزل؟ فإن هذا يقتضي الجمع بين النقيضين، وذلك لا يقوله عاقل!! ....
فقال: العالم قبل دخوله في الوجود عدم محض، ونفي صرف، والعدم المحض، والنفي الصرف، يمتنع الحكم عليه بأن إمكانه ينتهي إلى أول، أو لا ينتهي إلى أول؛ فإذا امتنع هذا الحكم عليه، فقد سقط السؤال.
فقلت: هذا الكلام مدفوع من وجهين:
الأول: أنك تقول: كونه معدوما يمنع من صحة الحكم عليه، وهذا الكلام متناقض؛ لأن قولك: إنه يمتنع الحكم عليه، يفيد الحكم عليه بهذا الامتناع، والحكم عليه يوجب الجمع بين النقيضين، وأنه محال. [يعني: أن الحكم عليه، بامتناع الحكم عليه: تناقض محال].
الوجه الثاني: هب أن العالم معدوم فيمتنع الحكم عليه؛ أليس أن قدرة الله تعالى موجودة في الأزل، ولا شك أن الموجود يصح الحكم عليه، فنقول: صحة تأثير قدرة الله تعالى في إيجاد الممكنات: إما أن يكون لها أول، وإما ألا يكون لها أول. وحينئذ، يعود التقسيم بتمامه.
وعند هذا بقي الرجل ساكتا، عاجزا عن الكلام!!)
[مناظرات الرازي في بلاد ماوراء النهر، ت: د. فتح الله خليف (60 - 63)].
(يُتْبَعُ)
(/)
سابعا: هب أنا تركنا ذلك كله، فقصارى ما تصنعون بهذا الدليل، أن تدلوا على حدوث ما لا ينفك عن الأعراض، لكن من هذا العالم؛ ولهذا قال الطبري في صياغته للدليل: (وإذا كان الأمر فيما في العالم من شيء كذلك، وكان حكم ما لم يشاهد، وما هو من جنس ما شاهدنا: في معنى جسم، أو قائم بجسم، وكان ما لم يخل من الحدث لا شك أنه محدث ... ) [تاريخ الطبري (1/ 28)].
فهذا صريح في أن الطبري يتحدث عما في هذا العالم فقط، وقاس ما لم يشاهد من هذا العالم، على ما شاهدنا؛ لأنه من جنسه، وهو لا يخرج عن أن يكون جسما، أو قائما بجسم.
فتبين بذلك أن صياغة الطبري هنا لا تنطبق على عالم الغيب، أو هكذا ينبغي؛ وإلا لزمك أن تقول إن الطبري يصف الله، جل جلاله، بأنه من جنس ما شاهدنا، أو أنه جسم ... ، فتأمل يا صاحبي، أو لا تتأمل إن شئت، فهو بين.
هب أن مراد الطبري هو مرادكم، وأن ما لم يخل من الحوادث، قضية كلية تريدون بها عالم الغيب أيضا؛ فعاد أمركم إلى قياس الغائب على الشاهد، وهو دليل خطابي ـ على حد تعبير ابن رشد ـ إلا حيث تكون النقلة [يعني: من عالم الشهادة إلى عالم الغيب] معقولة بنفسها، وذلك عند التيقن باستواء طبيعة الشاهد والغائب، وهيهات، هيهات!!
[انظر: مناهج الأدلة (141)].
ولذلك يقول سيف الدين الآمدي:
(وليس يلزم من جواز تبدل [يعني: تعاقب] الاجتماع والافتراق على بعض الجواهر السفلية، مثله في الجواهر العلوية، ولا كذلك بالعكس، لما اشتركا فيه من الجوهرية والجسمية، فإنه لا مانع من أن يكون ذلك لها باعتبار خصوصياتها، ولما وقع به الافتراق بين ذواتها.
وإن أمكن بيان ذلك، فهو مما يطول، ويصعب تحقيقه جدا على أرباب العقول).
[غاية المرام (249)].
وهذا الإبطال على سبيل التنزل وقبول أنكم تحكمون في الأمور العلوية المتعلقة بالله جل جلاله: بـ (الجوهرية) و (الجمسية)، وسوف تكفون عن نبز غيركم بذلك!!
ثامنا: سلمنا لك يا صاحبي أنكم تقدرون على نقل حكم ذلك الشاهد إلى الغائب، وبإمكانكم تحقيق ذلك المقام العسر؛ فما أغبن صفقتكم، وأعظم خسارتكم، وما أعظم نقضكم لمقالاتكم أنكاثا، بعدما ضيعتم الزمان في إحكامها، زعمتم، كفعل الحمقاء التي ضرب ربنا لها مثلا!!
وخذ مثالا على ذلك يا صاحبي:
لقد ادعيت على الإمام الطبري أنه (يعتقد أن الله تعالى لا مماس للعالم ولا مباين له؟ اي ليس داخل العالم ولا خارجه؛ لأنه ليس كمثله شيء فلا يقبل ما تقبله الأشياء التي ليست مثله بحال من الأحوال؟؟)،
وهنا نقول لك:
وكذلك هنا: الله ليس كمثله شيء، فلا يقبل ما تقبله الأشياء التي ليست مثله، من أنه إذا حلت به الحوادث، ولم ينفك عنها: كان حادثا؛ بل تحله الحوادث، ولا ينفك عنها، ولا يكون حادثا.
وقس على ذلك: قولكم في الرؤية، من غير إثبات جهة، وإثبات الكلام من غير حرف ولا صوت ...
فإما أن تطرد الإلحاق في جميع مواطنك، وتهدم عشرات من أصولك، وإما أن تنفي ذلك الإلحاق؛ وإني أعيذك بالله أن تكون من الذين يحلونه عاما، ويحرمونه عاما!!
وتأمل هذه المناظرة من صاحبكم: فخر الدين الرازي:
(مذهب أهل ما وراء النهر [يعني: الماتريدية] أن الله تعالى متكلم بكلام قديم قائم بذاته، منزه عن الحرف والصوت، كما هو مذهب الأشعري؛ إلا أن الفرق أن الأشعري يقول: ذلك الكلام يصح أن يكون مسموعا. وأما أبو منصور الماتريدي وأتباعه من أهل ما وراء النهر، فإنهم يقولون: إنه يمتنع أن يكون ذلك الكلام مسموعا، فتكلموا معي في المسألة.
فقلت لهم: إن المعتزلة استدلوا على امتناع الرؤية، فقالوا: ثبت بالدليل أن الله تعالى ليس بجسم، وليس مختصا بالجهة والحيز، وليس له شكل، ولا لون؛ وكل موجود كذلك يمتنع رؤيته؟
فقلتم في الجواب عنه: لم قلتم إن الموجود الموصوف بهذه الصفات امتنع رؤيته، وبأي دليل عرفتم هذا الامتناع؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنا أقول: كما أنه يستبعد سماع كلام، لا يكون حرفا، ولا صوتا؛ فكذلك يستبعد رؤية موجود لا يكون جسما، ولا حاصلا في جهة معينة. فإن كان الاستبعاد معتبرا، فليكن معتبرا في الموضعين، وحينئذ نلزمكم أن تحكموا بامتناع رؤيته، وإن كان باطلا في الموضعين، فحينئذ نلزمكم أن تحكموا بأنه لا يمتنع سماع كلام لا يكون حرفا ولا صوتا، فانقطعوا بالكلية، وعجزوا عن الفرق. والله أعلم) [مناظرات الرازي (53)].
ونحن نقول: إن الاستبعاد معتبر، وإن كلامهم في الموضعين باطل!!
وأما إن تركت الجد، وعدت إلى حالك الأولى من المسخرة، والهزل، فقلت: دليل العقل الذي حكم بامتناع حلول الحوادث، وقاس الغائب على الشاهد، ليس هو الذي حكم بأنه لا مماس ولا ممازج، ولا ... !!
فقد وقف الإمام محمد عبده على مثل هذه المساخر، والحيل، والنارينجات، فقال:
((والعجب لرجل يدعي الفضل، ثم يفرق بين:
علم المعتزلة بحسن الأفعال وقبحها، وعلم الماتريدية بذلك!!
بأن علم العقل عند الماتريدية: ليس صادرا عنه [يعني عن العقل] مباشرة ولا توليدا؛ بل عن الله تعالى (؟؟؟!!!)؛ فمن ثم صح أن يجعل حكما على الله؛ لأن الله تعالى هو الحاكم على نفسه حينئذ.
وعند المعتزلة: هو صادر عنه مباشرة، فكان حكمه حكما لغير الله، على الله.
وقد يستدل على ذلك بموافقة الماتريدية والأشاعرة في أنه لا حاكم على الله، وموافقتهم المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين!! ويقول ....
وبالجملة: فهذا كلام ناشيء عن عدم التأمل رأسا؛ بل عدم الديانة!!).
[حاشية الشيخ محمد عبده على شرح الدواني للعضدية (2/ 544 - 545)].
وعودا على بدء، أبا عبيدة الهاني، وقد مل القلم، وآن لنا نضع لأْمة الجدال؛ فلقد تركت أمورا أخرى لم أعلق عليها، ليست في أصل البحث بيننا، وتركت أصل مذهبك، فلم أعرض له إلا بمقدار ما أثرته من مسائل، لأن المقام ليس مقامه، ولـ (حاجة في نفس يعقوب)!!
وذِي خَطَلٍ في القَوْل يَحْسِبُ أَنَّهُ ... مُصِيبٌ فما يُلْمِمْ به فهو قائلُهْ
عَبَأْتَ له حلْماً وأَكْرَمْتَ غَيْرَه ... وأَعْرَضْتَ عنه وهو باد مَقَاتِلُهْ
فإن رأيت يا صاحبي أني قد دللتك على بعض خطئك، فدونك يا صاحبي بحثك الموعود؛ فتيمم به التنور، واستدفئ به في ليالي الشتاء؛ فقد أظلنا زمانه!!
وإن أبيت إلا أن تركب متن اللجاج، فما غَناء التَّعَنِّي بزجْر، ولات حين مُزْدَجر، ورميٍ عن قوس ليس لها وتر!!
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ... ولكن لا حياةَ لمن تنادي
ولو ناراً نفختَ بها أضاءتْ ... ولكن أنتَ تنفخُ في (الزبادي)!!
فامض لما شئت من شأنك، وأجلب علينا بخليك ورجلك، و:
سَوْفَ تَرَىَ إذا انجلى الغُبَارُ ... أَفَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارُ!!
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
مقارنة بين عقيدة الزمخشري والبيضاوي رحمهماالله تعالى
ـ[خالد بن سليمان العويشق]ــــــــ[03 Jul 2004, 03:04 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
وبعد:
من المعلوم أن الزمخشري من أنصار المذهب الاعتزالي، بل إنه في تفسيره يؤيد هذا المذهب بكل ما يملك من قوة الحجة، وهو يحرص أن يأخذ من الآيات القرآنية ما يشهد لمذهبه، ويتأول ما كان منها معارضاً له. بل إن في هذا الكتاب من تقرير مذهب الاعتزال ما لا يتنبه له الكثير كما نُقل عن البلقيني أنه قال:استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله سبحانه وتعالى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية.
ومن الأمثلة التي قد طفح بها الكتاب قوله عند تفسير قول الله عز وجل: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا .... ) الآية.
هذه الآية فيها من التهديد والايعاد والإبراق والإرعاد أمر عظيم وخطب غليظ
ومن ثم روى عن ابن عباس ما روى من أن توبة قاتل المؤمن عمدا غير مقبولة
وعن سفيان كان أهل العلم إذا سئلوا قالوا: لا توبة له.وذلك محمولٌ منهم على الاقتداء بسنة الله في التغليظ والتشديد وإلا فكل ذنب ممحو بالتوبة وناهيك بمحو الشرك دليلا
وفي الحديث (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرىء مسلم)
وفيه (لو أن رجلا قتل بالمشرق وآخر رضي بالمغرب لأشرك في دمه).
وفيه (إن هذا الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه). وفيه (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله) والعجب من قوم يقرؤون هذه الآية ويرون ما فيها ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة وقول ابن عباس بمنع التوبة ثم لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة وإتباعهم هواهم وما يخيل إليهم مناهم أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ثم ذكر الله سبحانه وتعالى التوبة في قتل الخطأ لما عسى يقع من نوع تفريط فيما يجب من الاحتياط والتحفظ فيه حسم للأطماع وأي حسم ولكن لا حياة لمن تنادي
فإن قلت هل فيها دليل على خلود من لم يتب من أهل الكبائر قلت: ما أبين الدليل وهو تناول قوله (ومن يقاتل) أي قاتل كان من مسلم أو كافر تائب أو غير تائب إلا أن التائب أخرجه الدليل فمن ادعى إخراج المسلم غير التائب فليأت بدليل مثله.
ومن الأمثلة قوله عند تفسيره لآية الأنعام (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً) يقول: والمعنى أن أشراط الساعة إذا جاءت -وهي آيات ملجئة مضطرة –ذهب أو أن التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان حينئذ نفساً غير مقدمة إيمانها من قبل ظهور الآيات، أومقدمة الإيمان غير كاسبة في إيمانها خيرا، فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان، وبين النفس التي آمنت في وقته ولم تكسب خيراً؛ ليعلم أن قوله (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى، حتى يفور صحبهما ويسعد، وإلا فالشقوة و الهلاك).
أما البيضاوي فقد أخذ من الزمخشري كثيراً ولكنه ترك ما فيه من اعتزالات،قال السيوطي: (وإن القاضي ناصر الدين البيضاوي لخص هذا الكتاب فأجاد، وأتى بكل مستجاد، وماز فيه أماكن الاعتزال، وطرح موضع الدسائس وأزال .... ). وإن كان أحياناً يذهب إلى ما ذهب إليه الزمخشري. ومن ذلك أنه عندما فسر قوله تعالى (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ...... ) الآية.بقوله" إلا قياما كقيام المصروع وهو وارد على ما يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع والخبط ضرب على غير اتساق كخبط العشواء من المس أي الجنون وهذا أيضا من زعماتهم أن الجني يمسه فيختلط عقله ولذلك قيل جن الرجل".
وكذلك نجد البيضاوي كثيراً ما يقرر مذهب أهل السنة ومذهب المعتزلة، عندما يعرض لتفسير آية لها صلة بنقطة من نقط النزاع بينهم.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى في الآيتين (2 - 3) من سورة البقرة " ... هدى للمتقين ?الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة .. "أطال النفس في بيان معنى الإيمان و النفاق عند أهل السنة والمعتزلة والخوارج، ثم رجّح مذهب أهل السنة.
وكذلك نجده عند تفسيره لقوله تعالى في أول سورة البقرة " ... ومما رزقناهم ينفقون "يعرض للخلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يطلق عليه اسم الرزق، ويذكر قول كل فريق، مع الترجيح لمذهب أهل السنة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(/)
ما رأيكم بهذا التفسير لمناسبة تقدم آول آية من سورة النور لصدرها؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Jul 2004, 08:29 م]ـ
سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات
سؤال: لماذا يجعل الله هذه الأمور الثلاث مقدمة في السورة
الجواب:"لعلكم تذكرون"
أي حتى نتذكر تلك المقدمة عندما نبدأ في قراءة هذه السورة أو الاستماع لها فتصحبنا تلك المقدمة من بداية السورة إلى نهايتها، فيا أيها المسلم انتبه لذلك الإعلان "لعلكم تذكرون"
فالله يذكرك بثلاثة أمور ... وأول تلك الأمور أن السورة أنزلها هو ... من هو؟
إنه رب السماوات إنه رب العرش إنه ذو العلياء والمعارج
إنه الله الذي إذا تكلم صعقت الملائكة كأن كلامه سلسلة على صفا، فوجب عليك أن تحضر سمعك وقلبك واهتمامك، فالله يتكلم ... الله من عليائه ينزل سورة، ومن بداية هذه السورة يذكرك الله بأنه هو أنزلها
(سورة أنزلناها ... "لعلكم تذكرون")
فما كان ذلك التذكير من بداية السورة إلا لأجل أن لا تسرح بعيدا أثناء القراءة أو الاستماع لتلك السورة، فإنما هي رسالة أنزلها ملك الأكوان لتتمعن وتتأمل فيما سيأتي من آيات تلك السورة
فيا لها من مقدمة ملفتة
سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون
"لعلكم تذكرون"
الله يأمرك أن تتذكر منذ بدايتك لقراءة هذه السورة أو بداية الاستماع لها، أن السورة مفروضة "وفرضناها"
فوجب عليك أن تأخذ بأحكامها التي ستأتي مع الآيات تباعا في تلك السورة
فمن بداية السورة يذكرك بفريضة تلك السورة ( ... وفرضناها ... لعلكم تذكرون) ...
سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون
فالله يأمرك أن تتذكر منذ بدايتك لقراءة هذه السورة أو الاستماع لها بأن السورة فيها آيات بينات كل آية بينة واضحة ...
فما فائدة أن يذكرك الله بأن كلامه واضح؟
حتى تفهمه مباشرة بدون عناء ذهني، فتعمل به مباشرة
"لعلكم تذكرون"
فيا له من تذكير يشد الانتباه منذ البداية لما سيأتي من آيات تلك السورة
"لعلكم تذكرون"
.....
فما رأي أهل العلم بذلك التفسير لأول آية؟(/)
ما التفسير الصحيح
ـ[ snsn] ــــــــ[04 Jul 2004, 10:06 ص]ـ
(يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا) المزمل الاية 14
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jul 2004, 11:29 ص]ـ
هذه الآية تصف يوم القيامة.
يقول تعالى: إن لدينا لهؤلاء المشركين من قريش الذين يؤذونك يا محمد -عليه الصلاة والسلام - العقوبات الشديدة وذلك في يومِ ترجف الأرض والجبال.
ومعنى رجفانها: اضطرابها بمن عليها يوم القيامة.
وقوله تعالى: (وكانت الجبال كثيبا مهيلا) يقول: وكانت الجبال رَملا متناثرا.
والمهيل: مفعول من قول القائل: هلت الرمل فأنا أهيله، وذلك إذا حرك أسفله، فانهال عليه من أعلاه؛ وللعرب في ذلك لغتان، تقول: مهيل ومهيول، ومكيل ومكيول.
نسأل الله أن يلطف بنا في ذلك اليوم، وأن يؤمن روعتنا.
ـ[ snsn] ــــــــ[04 Jul 2004, 12:11 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[سليمان العجلان]ــــــــ[04 Jul 2004, 06:52 م]ـ
(الكثيب) هو ما اجتمع من الرمل، وجمعه: كثبان، وكثب، وأكثبه.
____________________
عمدة الحفاظ، للسمين الحلبي 3/ 442، فصل الكاف والثاء.(/)
إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي
ـ[أبو علي]ــــــــ[04 Jul 2004, 10:10 ص]ـ
قال تعالى:
(إذ قال الله يا عيسىإني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون)
قيل في هذه الآية: إن الوفاة هنا تعني النوم.
وقيل في: إني متوفيك أن معناها: إني مميتك.
ومن قائل أن عيسى عليه السلام توفاه الله بضع ساعات
وقيل إن في الآية تقديم وتآخير.
فهل من فهم آخر لهذه الآية؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[05 Jul 2004, 11:17 ص]ـ
كلمة (الوفاة) إذا أطلقت مجردة فلا تعني إلا انفصال الروح عن الجسد
أما إذا أريد بها النوم فإن كلمة الوفاة لا تأتي مجردة وإنما لا بد من قرينة تبين أنها تعني النوم كقوله تعالى: وهو الذي يتوافكم بالليل ...
القرينة هنا ; (بالليل).
إذن بما أن (إني متوفيك) جاءت مطلقة وليس في الآية أية قرينة تدل على أنها تعني النوم فإن الوفاة هنا تعني فصل الروح عن الجسد.
أما من قال إن الآية فيها تقديم وتأخير، فإن التأخير والتقديم يحتاج إلى قرينة تبين العلة والسبب من التأخير أو التقديم.
وهذا مثال للتقديم والتأخير مع بيان العلة من التأخير:
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ... )
هنا لم يقل الله: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيح بن مريم أربابا من دون الله) لأن الأحبار والرهبان رضوا أن يتخذهم اليهود والنصارى أربابا أما المسيح فاتخذه النصارى ربا بعد غيبته وهو لا يرضى بذلك، فكان من الحكمة ألا يعطف الله (المسيح) على هؤلاء الأحبار والرهبان مباشرة وإنما فصل بينهم بالمفعول الثاني (أربابا من دون الله)
لننظر الآن هل في الآية تقديم وتأخير:
إذا كان في الآية تقديم وتأخير فكأن المعنى هو: إني رافعك ومتوفيك.
أين القرينة التي تدلنا على العلة من التقديم والتأخير؟
قيل: لأن عيسى عليه السلام كأي مخلوق سيتوفاه الله بعد عودته إلى الأرض في آخر الزمان.
إذا عرضنا هذا القول على منطق الحكمة فإن هذا التقديم والتأخير لا يليق أن يقال في حق رسول علمه الله الكتاب والحكمة،
فهل يحتاج المسيح إلى التذكير بأنه سيتوفاه الله بعد انتهاء أجله في الأرض؟
هل يعقل ألا يعلم المسيح عليه السلام أن: كل شيء هالك إلا وجهه)؟
وهل يصح ألا يكون المسيح على علم ب: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وهو الذي علمه الله الكتاب والحكمة،؟
فإذا كان آدم عليه السلام وهو جديد في الوجود علم أن الموت حق وكان سبب خروجه من الجنة هو غواية الشيطان له (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى)، وما طمع في الخلود إلا ليقينه بالموت.
إذن فليس في الآية تقديم وتأخير، وقوله تعالى: (إني متوفيك ورافعك إلي) لا يصح أن تعني (إني رافعك إلي ومتوفيك) مثلما
لا يصح أن يقول الطبيب للمريض: إني مجري لك عملية جراحية ومبنجك، وإنما العكس هو الصحيح: إني مبنجك ومجري لك عملية جراحية.
وللكلام بقية
ـ[سليمان داود]ــــــــ[05 Jul 2004, 03:22 م]ـ
أخي أبوعلي
هل تعني أن الله رفع عيسى اليه أثناء نومه (نوم عيسى)
ومن ثم يعيد تنزيله في المكان الموعود شرقي دمشق
وبعدها تكون الوفاة الحقيقيه لعيسى ابن مريم بأجل يعلمه الله؟؟؟؟
وهل تعني؟؟ أن هذا الرجل؟؟ عيسى؟؟ عليه السلام حيا" يرزق في السماء؟؟؟
أرجوا التوضيح؟؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Jul 2004, 11:23 م]ـ
ربما كنت محقًا بخصوص عدم وجود ترتيب و لكن قولك أن (كلمة (الوفاة) إذا أطلقت مجردة فلا تعني إلا انفصال الروح عن الجسد) ففيه نظر.
ـ[أبو علي]ــــــــ[06 Jul 2004, 10:58 ص]ـ
أخي سليمان: الله سبحانه وتعالى توفى المسيح عليه السلام الوفاة
المطلقة (نزع الروح من الجسد) وعرجت الروج بقانونها النوراني، وعرج بالجسد أيضا بقانون غير قانون ماديته وإنما بقانون المعراج النوراني.
أخي د. هشام أرجو أن تتفضل مشكورا لتدلي بما تعلمه عن كلمة (الوفاة) فإني وجدتها في القرآن لا تأتي مطلقة إلا وتعني الموت.
الإنسان يتكون من روح وجسد، ولكل طبيعته التكوينية، فالروح من نور والجسد من مادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالروح طاقة (نور) والجسد مادة، ولكل منهما قانونه، وإذا كانت المادة لها قانون يحكمها والطاقة لها خصائصها وقانونها فإن المادة لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى الروح إلا إذا تحولت إلى طاقة.
مثلا: إذا كان الضوء وهو طاقة سرعته 300000 كلم/الثانية فإن المادة لا يمكن أن تصل إلى سرعة الضوء إلا إذا تحولت من مادة إلى ضوء.
كذلك فإن الروح من نور مثلما الملائكة هم أيضا من نور، فإذا عرجت الروح فإنها تعرج بقانونها الذي لا يدري مدى سرعته إلا خالق الروح.
وأما الجسد بماديته فإنه غير قادر على الوصول إلى سرعة الروح إلا إذا تحول إلى نور، فإذا تحول الجسد إلى نور فإنه يفقد ماديته وبنيته
فيصبح غير قابل أن تحل فيه الروح إلا إذا وصل إلى غايته وعاد إلى سيرته الأولى بالتحول من الطاقة إلى أصله المادي.
فالمسيح عليه السلام توفاه الله (نزعت الروح من الجسد) لتصعد حسب قانون الروح.
وترقى الجسد المادي من ماديته إلى قانون الروح ليتزامن وصوله مع وصول الروح في آن واحد إلى السماء، ثم تعود الروح لتحل في الجسد بعد أن يعود الجسد إلى ماديته.
وإذا أردت أن أضرب مثلا آخر نفهم منه سرعة المادة وسرعة الطاقة فإني أضرب بالرسالة المرسلة عبر البريد العادي التي تصل إلى صاحبها في بضعة أيام، والرسالة الإلكترونية التي تصل إلى صاحبها خلال ثانية واحدة.
ووفاة المسيح على الأرض وإحياءه في السماء آية تحققت في نفسه وتلك حكمة الله فإذا كانت معجزة إحياء الموتى آية عيسى للناس فمن الحكمة أن تتحقق في المسيح نفسه مثلما كانت معجزة رسولنا صلى الله عليه وسلم هي (الحكمة) المتمثلة في الكتاب العزيز فإن من تمام الحكمة أن يكون رسول الحكمة هو نفسه آية من الحكمة (فرضته الحكمة).
نعم فالحكمة تقتضي أن تكون آية الرسول في نفسه موافقة للآية التي أوتيها.
وقلت في موضوع سابق: إن الله ضرب المسيح بن مريم مثلا لخلق الإنسان الذي يكون روحا في بطن أمه.والمسيح (روح) ضرب مثلا.
وضرب الله محمدا صلى الله عليه وسلم مثلا لنشأة الإنسان الذي يولد أميا لا يعلم شيئا فيتعلم.
ثم لا بد أن يضرب الله المثل للنشأة الأخرى (الحياة بعد الموت) بعودة المسيح إلى الأرض، وفي عودته مثلا للحياة الآخرة،
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jul 2004, 08:16 م]ـ
يقول شيخ الإسلام للدولة العثمانية مصطفى صبري - رحمه الله - في رده على فضيلة الشيخ محمد شلتوت رحمه الله مفتي الديار المصرية الأسبق:
أما آيات التوفي التي تمسك بها الشيخ فليس فيها تأييد لمذهبه يعادل في القوة أو يداني ما في تكميل نفي القتل و الصلب بإثبات الرفع من تأييد مذهبنا، لأن المعنى الأصلي للتوفي المفهوم منه مبادرة ليس هو الإماتة كما يزعم الشيخ بل معناه أخذ الشئ و قبضه تمامًا فهو أي التوفي و الاستيفاء في اللغة على معنى واحد، قال في مختار الصحاح: "و استوفى حقه و توفاه بمعنى" و إنما الإماتة التي هي قبض الروح نوع من أنواع التوفي الذي يعمها و غيرها، لكونه بمعنى القبض التام المطلق. و هذا منشأ غلط الشيخ شلتوت أو مغالطته في تفسير آيات القرآن التي يلزم أن يفهم منها رفع عيسى عليه السلام حيًا، لأنه ظن أن القرآن معترف بموته في الآيات الدالة على توفيه كما ظن أن التوفي معناه الإماتة نظرًا إلى أن الناس لا يستعملون التوفي إلا في هذا المعنى و غفولاً عن معناه الأصلي العام فكأنه قال بناء على ظنه هذا لا محل لرفعه حيًا بعد إماتته. لكنه لو راجع كتب اللغة لرأى أن الإماتة تكوت معنى التوفي في الدرجة الثانية حتى ذكر الزمخشري هذا المعنى له في "أساس البلاغة" بعد قوله "ومن المجاز" و المعنى الأصلي المتقدم إلى أذهان العارفين باللغة العربية، للتوفي هو كما قلنا أخذ الشئ تمامًا، و لا اختصاص له بأخذ الروح.
(يُتْبَعُ)
(/)
و لقد فسر القرآن نفسه معنى التوفي الذي يعم الإماتة و غيرها فقال: {الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها} فهذه الآية تشتمل على نوعين من أنواع توفي الأنفس الذي هو الأخذ الوافي نوع في حالة الموت و نوع في حالة النوم، فلو كان التوفي ينحصر في الإماتة كان المعنى في الآية: الله يميت الأنفس حين موتها و يميت التي لم تمت في منامها. و الأول تحصيل حاصل و الثاني خلاف الواقع و لزم الأول أيضًا أن تكون حالة الموت حالة إماتة الروح لا فصلها عن البدن. و من هذا يفهم أيضًا معنى التوفي في قوله تعالى: {و هو الذي يتوفاكم بالليلو يعلم ما جرحتم بالنهار}.
و معنى قوله تعالى على هذا التحقيق: {يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا} إني آخذك من هذا العالم الأرضي و رافعك إلي. و في قوله {و مطهرك من الذين كفروا} بعد قوله {متوفيك} دلالة زائدة على عدم كون معنى توفيه إماتته، لأن تطهيره من الذين كفروا بإماتة عيسى و إبقاء الكافرين لا يكون تطهيرًا يشرفه كما كان في تطهيره منهم برفعه إليه حيًا. فإذن كل من قوله تعالى متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا بيان لحالة واحدة يفسر بعضها بعضًا من غير تقدم أو تأخر زمني بين هذه الأخبار الثلاثة "لأن" و من المعلوم عدم دلالة الواو العاطفة على الترتيب. فلو كان المراد من قوله تعالى {متوفيك} على معنى مميتك و من قوله {رافعك} رافع روحك كما ادعى الشيخ شلتوت كان القول الثاني مستغنى عنه لأن رفع روح عيسى عليه السلام بعد موته إلى ربه و هو نبي جليل من أنبياء الله معلوم و لا حاجة لذكره، بل لو حملنا القول الأول أعني {متوفيك} على معنى مميتك كان هو أيضًا مستغنى عنه إذ معلوم أن كل نفس ذائقة الموت و كل نفس فالله يميتها و من من الناس أو الأنبياء قال الله له إني مميتك؟ فهل لا يفكر فيه الشيخ الذي يفهم من قوله تعالى إني متوفيك أنه مميته؟ إلا أن يكون المعنى أن الله مميته لا أعداؤه فالمراد نفي كونهم يقتلونه. و فيه أن كون الله مميته لا ينافي أن يقتلوه لأن الله هو مميت كل ميت حتى المقتولين، و لذا حمل كثير من المفسرين قوله {متوفيك} على معنى أن الله مستوفي أجله عليه السلام و مؤخره إلى أجله المسمى فلا يظفر أعدائه بقتله.
و عندي في هذا التفسير أيضًا أنه يرجع إلى حمل التوفي على معنى الاستيفاء كما حملنا نحن لا على معنى الإماتة، لكن التوفي و الاستيفاء معناه استكمال أخذ الشئ لا استكمال إعطائه فليس الله تعالى مستوقي أجل عيسى عليه السلام بل المستوفى هو عيسى نفسه و الله الموفي أي معطيه تمام أجله. فقد التبس التوفي على أصحاب هذا التفسير - و العجب فيهم الزمخشري - بالتوفية التي تتعدى إلى مفعولين و هو خطأ لغوي ظاهر. و فيه أيضًا تقدير مضاف بين المتوفى و ضمير الخطاب حيث قال الله إني متوفيك أي مستوفيك لا مستوفي أجلك، فزيادة الأجل تكون زيادة على النص، كما أن زيادة الروح في آيتي رفع عيسى عليه السلام نفسه زيادة على النص من جانب الشيخ شلتوت لإرهاق قول الله على خلاف ظاهر المعنى المنصوص. و هذه الزيادة إن كانت خلاف الظاهر بين الرافع و ضمير الخطاب في قوله {و رافعك} بأن يكون المعنى و رافع روحك، فهي في قوله {بل رفعه الله إليه} أشد من خلاف الظاهر أي غير جائزة أصلاً لكونها مفسدة لما يقتضيه {بل} من كون ما بعده و هو {رفعه الله إليه} ضد ما قبله و هو قوله {ما قتلوه} بناء على أن رفع الروح يلتئم كما قلنا من قبل مع حالة القتل أيضًا الذي اعتنى بنفيه، فضلاً عن أن هذا الرفع أي رفع الروح ليس بأمر يستحق الذكر في شأنه عليه السلام. بل إن قوله {متوفيك} أيضًا مما لا وجه لذكره إذا كان المعنى مميتك، ففي أي زمان تقع هذه الإماتة؟ فإن وقعت حتلاً أي في زمان مكر أعدائه به المذكور قبيل هذه الآية كان هذا الكلام المتوقع منه طمانته عليه السلام على حياته، أجنبيًا عن الصدد بل مباينًا له لأن فيه اعترافًا ضمنيًا لنفاذ مكرهم بأن يكونوا قاتليه و الله قابض روحه، فهل الشيخ شلتوت ينكر أنهم ما قتلوه كما ينكر أن الله رفعه إلى السماء حيًا؟ و إن وقعت إماتته في المستقبل البعيد فليس في الآية تصريح به مع أن مقام الطمأنة يقتضي هذا التصريح كما أنه يقتضي كون الرفع رفعه حيًا، فحيث لا تصريح بكون إماتته في المستقبل البعيد فقوله {إني متوفيك} على معنى إني مميتك أجنبي عن المقام، حتى أن توجيه العالم الكبير حمدي الصغير صاحب التفسير الكبير الجديد التركي، بكون ذكر إماتته ردًا على عقيدة النصارى في تأليه المسيح لا يجدي في دفع هذا الاعتراض لكون ذلك الرد أيضًا أجنبيًا عن المقام الذي هو مقام الطمأنة و الذي ينافيه كل ما ينافيها. فالواجب الذي لم يحس بوجوبه أحد ممن تكلم قبلي في تفسير قوله تعالى {إني متوفيك} إحساسي به، حمل {متوفيك} على معنى آخذك السالم عن جميع الاعتراضات و التكلفات.
و قس عليه التوفي في آية المائدة و هي قوله تعالى: {و إذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله قال سبحانك مايكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم غلا ما امرتني به أن اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} و معنى قوله {فلما توفيتني} فلما أخذتني من بينهم و جعلت صلتي بهم و بعالمهم الأرضي منتهية. فالمراد توفيه أي أخذه بالرفع لا بالإماتة و قد علمت أن التوفي في اللغة و في عرف القرآن لا يختص بالأخذ من النوع الثاني.
هذا تفصيل ما ورد في القرآن متعلقًا برفع عيسى عليه السلام.
(مصطفى صبري، القول الفصل ص142 - 145)
و هناك المزيد في الكتاب متعلقًا بنفس الموضوع و لكني تعبت من الكتابة فتوقفت هنا، و لعل ما أوردته يكفي إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[07 Jul 2004, 09:40 ص]ـ
الأخ د.هشام: شكرا على ردك بخصوص الوفاة، ولقد فهمت مما كتبت أن (متوفيك) قد تعني (مستوفيك) أو (موفيك)، سبق لي أن سمعتها من الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه، إلا أن مستوفيك وموفيك لا تعني متوفيك، فمستوفيك إسم فاعل لفعل استوفى وهي تعنى: طلب توفية. وكذلك فعل وفى مصدره توفية، أما فعل توفى فمصدره وفاة.
وأما قوله تعالى: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) فهي تعبير عن الوفاة الكلية (الموت) وعن الوفاة الجزئية (النوم)، وإطلاق اللفظ مجردا لا يعنى إلا الوفاة الكلية (الموت) مثل قوله تعالى: ولو ترى إذ يتوفى الذي كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم .... ).
(الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .... )
(توفني مسلما وألحقني بالصالحين)
(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ... ).
تعال لنناقش المسألة بمنطق آخر.
مثلا: الطبيب والمريض، كيف يتم لقاء الطبيب والمريض؟
توجد إمكانيتان لذلك وهما:
1) إما أن يزورك المريض في عيادتك (فتعالجه).
2) وإما أن تذهب أنت لزيارة المريض (فتعالجه).
وحتى في الرياضيات درسنا ما يسمى ب La commutativite
إذا كانت أ + ب = ج فإن ب + أ = ج.
أليست هذه هي الاحتمالات الممكنة التي يرى العقل أنها هي الصواب؟
وإذا طبقنا هذه النظرية العقلية على الروح والجسد فإننا نستنتنتج ما يلي:
الروح + الجسد = الحياة.
و
الجسد + الروح = الحياة.
وتفسير ذلك أن الحياة تحصل إما:
1) أن تنزل الروح من للسماء لتحل في الجسد
أو
2) أن يصعد الجسد إلى السماء لتحل فيه الروح.
هذا هو ما يقول به العقل ويرى أنه هو الحق، فإن كان هذا الاستنتاج صوابا فإن الله عزيز حكيم لا يستدرك عليه يحكم أمره على أتم وجه ويأتى بكل الفرضيات التي تتطلبها القضية.
1) أما عودة الحياة إلى الإنسان بنزول الروح من السماء إلى الجسد وحلولها فيه فأجرى الله ذلك لعبده عيسى إذ قال: ( .... وأبريء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله .... ).
2) وأما عودة الحياة إلى الإنسان بصعود الجسد إلى السماء لتحل فيه الروح ويعيش مع الملأ الأعلى فهذا تكريم لا يناله إلا من كان عند الله وجيها ويستحق جسده الطاهر أن يعرج به لتحل فيه الروح.
فوجدت أن الله تعالى قد أجاب على استنتاجات العقل مما يؤيد صحتها
فقال تعالى: إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ..... ).
إذن ففي وفاة المسيح على الأرض ورفع جسده إلى السماء لتحل فيه الروح فذلك رفعة له وتشريف، وتلك هي الفرضية الثانية التي وفى بها الله قضية ضرب المثل للحياة على أحكم وجه، وهو الله العزيز الحكيم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[07 Jul 2004, 11:29 م]ـ
أخي الفاضل .. انا لست أرى أنك قد جئت بالدليل القاطع على مذهبك فأنت تقول: (إلا أن مستوفيك وموفيك لا تعني متوفيك، فمستوفيك إسم فاعل لفعل استوفى وهي تعنى: طلب توفية. وكذلك فعل وفى مصدره توفية، أما فعل توفى فمصدره وفاة).
و هذا الكلام قد رده مصطفى صبري في قوله: (التوفي و الاستيفاء في اللغة على معنى واحد، قال في مختار الصحاح: "و استوفى حقه و توفاه بمعنى").
و كذلك قولك: (وإطلاق اللفظ مجردا لا يعنى إلا الوفاة الكلية) ... فهو - معذرة - تحكم لا استسيغه و لا أجد له مبررًا! عمومًا، مذهبك في كون الله قد قبض روح عيسى عليه السلام ثم رفع جسده ليعيد الروح إلى الجسد في السماء (!) هو مذهب عجيب أكروباتي بعض الشئ و لم أجد أحدًا قال به من قبل .. فاعذرني إن لم أقبله.
ـ[أبو علي]ــــــــ[08 Jul 2004, 09:50 ص]ـ
شكرا أخي الكريم د. هشام، هذه مسألة اختلف فيها الناس وأنا عرضت ما تبين لي على اعتبار أن الحياة تحصل إذا اجتمع العنصر الأرضي (الجسد) مع العنصر السماوي (الروح) إما بنزول الروح من السماء إلى الجسد وإما بصعود الجسد إلى السماء لتحل فيه الروح،
والله تعالى عزيز حكيم إذا ضرب مثلا لشيء فإنه يضربه على أتم وجه
بكل فرضياته وجزئياته.
شكرا لك على مداخلاتك.
ـ[المقرئ]ــــــــ[25 Jul 2004, 08:21 م]ـ
رجح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الأمين الشنقيطي رحمهما الله أن الوفاة هنا بمعنى النوم
المقرئ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[25 Jul 2004, 08:42 م]ـ
لم يرد في القرآن الكريم نص يدل على موت عيسى عليه السلام الموتة النهائية، وإنَّما الذي ورد لفظ الوفاة والتوفي، وهذه ألفاظ لا ينحصر معناها في الموت، بل تحتمل معاني أخرى منها: استيفاء المدة، وعيسى عليه السلام قد استوفى مدة مكثه الأول في الأرض، ومنه قوله تعالى: ((إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِليَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِّينَ كَفَرُوا)) أي: آخذك وافيًا بروحك وبدنك وقد نقل هذا المعنى ابن جرير في تفسيره عن جماعة السلف، واختاره ورجحه على ما سواه، وعليه يكون معنى الآية: إني قابضك من عالم الأرض إلى عالم السماء وأنت حي ورافعك إلي، ومن هذا المعنى قول العرب: توفيت مالي من فلان أي قبضته كله وافياً. وجاء في محاسن التأويل: 4/ 851: (إني متوفيك)، أي مستوف مدة إقامتك بين قومك، والتوفي كما يطلق على الاماتة كذلك يطلق على استيفاء الشىء - كما في كتب اللغة - ولو ادعى أن التوفي حقيقة في الأول، والاصل في الاطلاق الحقيقة، فنقول: لا مانع من تشبيه سلب تصرفه عليه السلام بأتباعه وانتهاء مدته المقدرة بينهم بسلب الحياة، وهذا الوجه ظاهر جداً وقد دلت القرآئن من الاحاديث الصحيحة على ذلك.
وقد جزم القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام لم يقتل كما زعم النصارى، بل رفعه الله تعالى إليه، قال تعالى: (( ... وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ ... )).
وأمَّا الآية التي في سورة مريم فهي قوله تعالى: ((وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)) لا تدل على وفاته، بل الآية ذكرت ثلاثة أيام يوم ولادته ويوم وفاته، ويوم يبعث يوم القيامة. فمر منها يوم وبقي يومان، هما يوم وفاته بعد نزوله إلى الأرض، ويوم يبعث بعد الوفاة، والقول الصحيح أن عيسى عليه السلام رفع إلى السماء حيّاً وسينزل حياً إلى الأرض.
ورفع وهو نائم
والله أعلم
ـ[موراني]ــــــــ[25 Jul 2004, 08:56 م]ـ
لا أتدخل في أمور العقيدة ابدا
عندي ملاحظة بسيطة فقط:
أين أنتم من هذه الآية:
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين
(المائدة , الآية 15)
تقديرا
موراني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Jul 2004, 09:12 م]ـ
ماذا تقصد بهذا الكلام يا د. موراني؟؟
ـ[المقرئ]ــــــــ[25 Jul 2004, 10:14 م]ـ
آه يا د/ موراني آه: [بكل أدب]
تقول أين نحن من هذه الآية؟!!
بل والله ثم والله أين أنت أنت من هذه الآية؟!!
ـ[موراني]ــــــــ[25 Jul 2004, 10:46 م]ـ
لست بصاحب المجادلة , يا المقريء
ولا أتدخل في أمور العقيدة كما قلت ,
بل:
أنا أسأل بمنتهى الجدية
والسؤال على السؤال ليس باجابة نستفيد منها.
موراني
ـ[المقرئ]ــــــــ[26 Jul 2004, 03:28 م]ـ
إلى د/ موراني
لا أدري " لست بصاحب" التاء هل هي تاء المتكلم أو المخاطب
فإن كنت تقصد أني صاحب مجادلة فقد أخطأت في تقديرك فأكره صفة لي هي المراء
وإن كنت تعني نفسك فهذا ما أعتقده فيك
وأما عن سبب كتابتي هذا فإنك صدرت مشاركتك بقولك " ملاحظة" ولم تصدرها بشكل سؤال تريد جوابه ولهذا قولك" والسؤال على السؤال ليس باجابة نستفيد منها" هذا صحيح ولكن مشاركتك لم تكن على طريقة السؤال بل كانت على طريقة الملاحظة وكلنا يدرك معنى ذلك
هذا سبب إدراجي للمشاركة السابقة وبعد ردك سأجيب على سؤالك بإذن الله إن أردت.
المقرئ
ـ[موراني]ــــــــ[26 Jul 2004, 03:38 م]ـ
لست أنا بصاحب المجادلة ....
وهلم جرا!
سؤالك يا (المقريء) (أين أنا من هذه الآية .... ) ليس في موضعه اطلاقا.
واكرر: لا أتدخل في أمور العقيدة
موراني
ـ[السبط]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:21 م]ـ
السلام عليكم أيها الأخوة في الله ورحمة الله وبركاته ...
لقد قرأت الموضوع وجميع الردود فما وجدت منكم مختلفا في أن عيسى لا يزال حيا في السماء، وكان اختلافكم في هذه الآية (إني متوفيك ورافعك إلي) في معنى التوفي فمن قائل أنه الموت ومن قائل أنه النوم ومن قائل أنه استيفاء الأجل ...
وقد فهمت من الأخ أبي علي أنه فهم من الآية تلك الآلية التي تم رفع عيسى عليه السلام بها إلى السماء وهي فصل للروح عن الجسد ومن ثم رفعهما إلى السماء وإعادة ربطهما هناك، وهو لم يقل بأن عيسى قد مات نهائياً وإنما كان الموت واسطة رفعه.
فلنقبل من أبي علي جهده واجتهاده ولنسأل الله أن يبين لنا الحق فيه فعسى أن يكون الحق فيما ذهب إليه.
أما بالنسبة للآية التي أوردها د. موراني فنحتاج منه إلى بيان مراده فأنا ما فهمت منه إلا الرجوع إلى القرآن لمعرفة الحق وعدم التمسك بما قال فلان وفلان من الناس لأن القرآن يجمعنا والتمسك بأقوال الناس يفرقنا، فإن كان هذا مراده فلعل الجميع على هذا إن شاء الله، وإلا فنحن مشتاقون لمعرفة السر وراء إيراده لهذه الآية الشريفة بدون تعليق.
والله مولاكم نعم المولى ونعم النصير.
السبط(/)
فوائد من شرح الشيخ صالح الأسمري لمقدمة شيخ الإسلام بن تيمية (3)
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[04 Jul 2004, 03:31 م]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع
قال المصنف رحمه الله:
وجمع عبارات السلف في هذا نافع جدا، فإن مجموع عباراتهم أدل على المقصود من عبارة أو عبارتين، ومع هذا فلا بد من اختلاف محقق بينهم، كما يوجد مثل ذلك في الأحكام.
ـــــــــــــــــ
قال الشارح:
في هذه الجملة تقريرٌ لقاعدة ألا وهي: أن جمع عبارات السلف في اختلاف التنوع مفيد من جهتين:
أما الجهة الأولى: فالفهم للمعنى المنوّه إليه في جمع عباراتهم تفسيرا لكلمة أو أكثر في القرآن.
وأما الجهة الثانية: فمعرفة ما جاء عن السلف من عبارات ومن ثم يؤخذ بها تفسيرا؛ لأن هناك من المفسرين من استحسن الاقتصار على عبارة السلف في إفهام المقصود من آية أو كلمة دون استبدال لها بغيرها مما يقوم مقامها لغة، فهذا نافعٌ على هذا القول.
وإنما كان جمع عباراتهم مُفْهِاً؛ لعلتين:
أما العلة الأولى: فلأنه سبق أن العبارات التي يؤتى بها تفسيرا لشيءٍ من القرآن هي في الأصل والغالب ليس من باب الترادف وإنما من باب التقريب، فإذا كان ذلك كذلك أُخذ من مجموع قالاتهم معنىً واحد استدل به على المعنى الممَّن في الآية على وجه قاطع.
وأما العلة الثانية: فهي أن الاحتمال يَرد على الكلمة الواحدة المنقولة تفسيرا عن بعض السلف، خلافا ما لو جثمع غيرها معها من مجموع عبارات السلف في إيضاح كلمة أو أكثر من القرآن، فإن الاحتمال يذهب وإذا ذهب كان الجزم بالمعنى لا ظنا فإذا كان جزما فالصيرورة إلى الجزم أولى من البقاء على احتمال يرد.(/)
وقفات مع الآيات من سورة الجمعة
ـ[أحمد الحمد]ــــــــ[04 Jul 2004, 05:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادى له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمد عبده و رسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) [آل عمران: 102].
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) [النساء: 1].
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا • يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) [الأحزاب: 70 - 70].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار.
و بعد:
فهذه كلماتٌ نافعة جامعة، جمعتها في تفسير خمس آيات من أول سورة الجمعة، ذكرت فيها ما تيسر لي من المأثور عن سلف الأمة الكرام، و ما ورد فيها من القراءات؛ سواءاً كانت قراءة سبعية أم من القراءات الأربعة عشر، و بينت فيها شيئاً من وجوه الإعراب و غريب الألفاظ، ذاكراً مع ذلك ما أورده علماء الإسلام عند هذه الآيات من أحكامٍ فقهية - إن وجد -، و ما ورد فيها من أسباب نزولٍ - إن وجد -.
و بعد: فهذا جهد مقل و قدرة مفلس كتبه لنفع نفسه ثم لإخوانه المسلمين، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، و ما كان من خطأ فمني و من الشيطان، و الله و رسوله بريء من ذلك و الله الموفق و المعين و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم.
بين يدي السورة:
قبل الشروع في الكلام على الآيات المراد الحديث عنها، نحب أن نذكر هنا مقدمة؛ يُستحسن ذكرها لما يترتب عليها من الفائدة العظيمة.
فنقول - مستمدين العون من الله -:
1 - الكلام على مكية السورة أو مدنيتها:
قال القرطبي - رحمه الله -: " مديِنّةٌ في قول الجميع " [الجامع لأحكام القرآن: 18/ 81].
و أخرج ابن الضريس و النحاس و ابن مردويه و البيهقي في " الدلائل " عن ابن عباس قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة [الدر المنثور: 8/ 151].
2 - ذكر شيءٍ مما ورد في فضل سورة الجمعة: قال الإمام مسلم - رحمه الله -: وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - وَ ْهَو ابْنُ بِلَالٍ - عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعِ قَالَ: اسْتَخْلَف َمَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَرأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: ((إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ)) قَالَ: فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيَْرَة حِينَ انْصَرَفَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَاِ بْاُلكَوِفة، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَى الله عليه وَ سَلم يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ [صحيح مسلم 2/ 17 برقم (2026)].
و بعد هذه المقدمة اليسيرة هذا أوان الشروع في المقصود:
الآيات:
قال الله تعالى: ((يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ • هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ • وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ • ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ • مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) [الجمعة: 1 - 5].
أولاً: التفسير بالمأثور:
و غالب ما فيه من الآثار فقد سقتها من تفسير الطبري بسنده - رحمه الله -، و ما عدى ذلك أُصدر النقل بذكر المنقول عنه:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)) قال: العرب [28/ 106].
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)) قال: كان هذا الحي من العرب أمة أمِّيَّة، ليس فيها كتاب يقرؤونه، فبعث الله نبيه محمد صلى الله عليه و سلم رحمة وهدى يهديهم به [28/ 106 - 107].
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)) قال: إنما سميت أمة محمد صلى الله عليه و سلم الأميين، لأنه لم ينزل عليهم كتابا [28/ 107].
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثني ابن علية، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ((وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) قال: هم الأعاجم [28/ 108].
قال البخاري - رحمه الله -: حدَثني عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ قالَ: حَدَّثَني سُلَيمانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغَيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ – رضي الله عنه - قالَ: كُنَّا جُلُوساً عَنْدَ النَّبِيِّ صَلَى الله عليه وَ سَلم فَأُنْزِلَتْ عَلَيهِ سُورَةُ الجُمُعَةِ: ((وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)). قالَ: قُلتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَلَمْ يْرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاثَاً، وَ فِينَا سَلمَانُ الفَارِسِيُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَى الله عليه وَ سَلم يَدَهُ عَلَى سَلمَانَ، ثُمَّ قالَ: " لَوْ كانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجالُ، أَوْ رَجُلٌ، مِنْ هؤُلَاءِ " [صحيح البخاري 3/ 352 برقم (4897، 4898)، و صحيح مسلم 4/ 166 برقم (6498)].
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ((وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) قال: من ردف الإسلام من الناس كلهم [28/ 109].
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله عز وجل: ((وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) قال: هؤلاء كل من كان بعد النبي صلى الله عليه و سلم إلى يوم القيامة، كل من دخل في الإسلام من العرب والعجم [28/ 109].
قال ابن جرير - رحمه الله -: (وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني بذلك كل لاحق لحق بالذين كانوا صحبوا النبي صلى الله عليه و سلم في إسلامهم من أي الأجناس؛ لأن الله عز وجل عم بقوله: ((وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) كل لاحق بهم من آخرين، ولم يخصص منهم نوعا دون نوع، فكل لاحق بهم فهو من الآخرين الذي لم يكونوا في عداد الأولين الذين كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو عليهم آيات الله. و قوله: ((لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) يقول: لم يجيئوا بعد وسيجيئون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ... حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ((لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) يقول: لم يأتوا بعد) [28/ 109].
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، في قوله: ((يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) قال: يحمل كتبا لا يدري ما فيها، ولا يعقلها [28/ 110].
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ((مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) قال: يحمل كتابا لا يدري ماذا عليه، ولا ماذا فيه [28/ 110].
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي عن ابن عباس في قوله ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) يقول: كتبا. و الأسفار: جمع سفر، وهي الكتاب العظام [28/ 111].
ثانياً: القراءات:
قال الإمام ابن مجاهد - رحمه الله -: (لم يختلفوا في سورة الجمعة) [كتاب السبعة في القراءات: 636].
قال الإمام أبو عمرو الداني - رحمه الله -: (و ليس في الجمعة خلف إلا ما تقدّم من الإمالة و غيرها) [التيسير في القراءات السبع: 211].
قلت: كلام ابن مجاهد و أبو عمرو - رحمهما الله - محمولٌ على القراءات السبع؛ كما هو بينٌ من عنوان الكتابين، قال أبو عمرو - رحمه الله - في مقدمة كتابه: (فإنكم سألتموني أحسن الله إرشادكم، أن أُصنّف لكم كتاباً مختصراً في مذاهب القرّاء السبعة بالأمصار - رحمهم الله -، يقرب عليكم تناوله، و يسهل عليكم حفظه، و يخفّ عليكم درسه، و يتضّمن من الروايات و الطرق ما اشتهر و انتشر عند التالين، و صحّ و ثبت عند المتصّدرين، من الأئمة المتقدمين، فأجبتكم إلى ما سألتموه ... ) [ص: 2]. و قد ثبت الاختلافُ في الفرش عن غير السبعة - و الله المستعان -.
قال تعالى: ((الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)) [آية: 1].
قرأ الجمهور (الملكِ القدوسِ العزيزِ الحكيمِ)، و قرأ أبو وائل شقيق بن سلمة، و مسلمة بن محارب، و رؤبة، و أبو الدينار الأعرابي، و يعقوب، و أبو العالية، و نصر بن عاصم (الملكُ القدوسُ العزيزُ الحكيمُ) [البحر المحيط: 8/ 266، و الجامع لأحكام القرآن: 18/ 81، و إملاء ما من به الرحمن: 557].
و قرأ الجمهور بضم القاف من (القُدُّوسِ)، و قرأ أبو الدّينار، و زيد بن علي (القَدُّوس) [البحر المحيط: 8/ 266، و إملاء ما من به الرحمن: 557].
قال تعالى: ((وَيُزَكِّيهِمْ)) [آية: 2].
قرأ يعقوب بضم الهاء من (يزكيهُمْ) [إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر: 2/ 538].
قال تعالى: ((حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ)) [آية: 5].
قرأ الجمهور (حُمِّلُوا) مشدداً مبنياً للمفعول، و قرأ يحيى بن يعمر، و زيد بن علي مخففاً مبنياً للفاعل (حَمَلُوا) [الكشاف: 4/ 103، و البحر المحيط: 8/ 266].
قال تعالى: ((الْحِمَارِ)) [آية: 5].
قرأ عبد الله بن مسعودٍ (حِمارٍ) منكراً [البحر المحيط: 8/ 266].
قال تعالى: ((يَحْمِلُ)) [آية: 5].
قرأ المأمون بن هارون (يُحَمَّلُ) [البحر المحيط: 8/ 266].
قال تعالى: ((أَسْفَارًا)) [آية: 5].
قال الزمخشري: (و قُرىء " يحمل الأسفار ") [الكشاف: 4/ 103].
ثالثاً: الإعراب:
قال تعالى: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) [آية: 3].
قال الزجاج: (" وَآخَرِينَ " في موضع جرٍ، و المعنى هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم و بعث في الذين لم يلحقوا بهم، أي في آخرين منهم لما يلحقوا بهم، فالنبي عليه السلام مبعوث إلى من شاهده و إلى من كان بعدهم من العرب و العجم. و يجوز أن يكون " وَآخَرِينَ " في موضع نصب على معنى يعلمهم الكتاب و الحكمة يُعلم آخرين منهم لما يلحقوا بهم) [معاني القرآن و إعرابه: 5/ 169 - 170، و انظر الكشاف: 4/ 102، و البحر المحيط: 8/ 266، و إملاء ما من به الرحمن: 557].
قال تعالى: ((مَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ)) [آية: 5].
قال أبو حيان: (و " يَحْمِلُ " في موضع نصب على الحال، قال الزمخشري: أو الجر على الوصف لأن الحمار كاللئيم في قوله: و لقد أمر على اللئيم يسبني. انتهى. و هذا الذي قاله قد ذهب إليه بعض النحويين و هو أن مثل هذا من المعارف يوصف بالجمل و حملوا عليه: ((وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ)) [يس: 37]. و هذا و أمثاله عند المحققين في موضع الحال لا في موضع الصفة و وصفه بالمعرفة ذي اللام دليل على تعريفه. مع ما في ذلك المذهب من هدم ما كره المتقدمون من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة و الجمل نكرات) [البحر المحيط: 8/ 266 - 267، و انظر الكشاف: 4/ 103، و إملاء ما من به الرحمن: 557].
قال تعالى: ((بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ)) [آية: 5].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال العُكبري: (قوله تعالى: ((بِئْسَ مَثَلُ)) مثل هذا فاعل بئس، و في ((الَّذِينَ)) وجهان: أحدهما هو في موضع جر نعتاً للقوم و المخصوص بالذم محذوف: أي هذا المثل. و الثاني في موضع رفع تقديره: بئس مثل القوم الذين، فمثل المحذوف هو المخصوص بالذم، و قد حذف، و أقيم المضاف إليه مقامه) [إملاء ما من به الرحمن: 557، و انظر الكشاف: 4/ 103، و البحر المحيط: 8/ 267].
رابعاً: الأحكام:
المراجع التي وقفت عليها في أحكام القرآن لم تتعرض لأية أحكامٍ فقهية. [انظر أحكام القرآن للشافعي، و أحكام القرآن للجصاص: 5/ 335 - 344، و أحام القرآن للكيا الهراس: 2/ 415 – 416، و أحكام القرآن لابن العربي: 4/ 1802 - 1810، و زاد المسير لابن الجوزي: 8/ 257 – 270، و الجامع لأحكام القرآن: 18/ 81 – 108].
خامساً: غريب القرآن:
قال تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)) [آية: 2].
قال الراغب الأصفهاني: (و الأُمِّيُّ هو الذي لا يكتب و لا يقرأ من كتاب و عليه حمل ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)) قال قطرب: الأُمِّيِّة الغفلة و الجهالة، فالأُمَّيُّ منه و ذلك هو قلة المعرفة و منه قوله تعالى: ((وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ)) [البقرة: 78] أي إلا أن يتلى عليهم. قال الفراء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب، و ((الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)) [الأعراف: 157] قيل منسوب إلى الأُمَّة الذين لم يكتبوا لكونه على عادتهم كقولك: عامي. لكونه على عادة العامة، و قيل: سُمِّى بذلك لأنه لم يكن يكتب و لا يقرأ من كتاب و ذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه و اعتماده على ضمان الله منه بقوله: ((سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى)) [الأعلى: 6] و قيل: سُمِّى بذلك لنسبته إلى أم القرى ... ) [المفردات في غريب القرآن: 23 - 24، و انظر تفسير غريب القرآن: 158، و الترجمان في غريب القرآن: 348، و مجاز القرآن: 2/ 258، و تذكرة الأريب في تفسير الغريب: 2/ 221].
قال تعالى: ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) [آية: 5].
قال الراغب الأصفهاني: (و السِّفْرُ الكتاب الذي يُسْفِرُ عن الحقائق و جمعه أسفْارٌ، قال تعالى: ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)) و خص لفظ الأسْفارِ في هذا المكان تنبيهاً أن التوراة و إن كانت تُحقق ما فيها فالجاهل لا تكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، ... ) [المفردات في غريب القرآن: 233 - 234، و انظر العمدة في غريب القرآن: 305، و تفسير غريب القرآن: 158، و الترجمان في غريب القرآن: 348، و مجاز القرآن: 2/ 258، و تذكرة الأريب في تفسير الغريب: 2/ 221].
و قال أبو الحسن سعيد بن مسعدة المعروف بالأخفش الأوسط: (قال: " أسفاراً " و واحدها السِّفْرُ. و قال بعض النحويين: لا يكون للأسفار واحد. كنحو: أَبَابِيل و أَسَاطِير، و نحو قول العرب: ثَوْبٌ أَكْبَاش، و هو الرديءُ الْغَزْلِ، وَ ثَوْبٌ " مِزْقٌ "، للمتمزق) [معاني القرآن: 2/ 500].
سادساً: أسباب النزول:
لم أقف فيما أطلعت عليه من كتب أسباب النزول من ذكر عند هذه الآيات سبباً لنزولها، و الله أعلم [انظر أسباب النزول للواحدي، و لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي، و الصحيح المسند من أسباب النزول لفضيلة الشيخ: مقبل بن هادي الوادعي: 248].
و في الختام أسأل الله الكريم بمنه العظيم، أن يجعله مما أريد به وجهه الكريم، و أن يكتب لنا الأجر و المثوبة، و الله تعالى أعلم و نسب العلم إليه أحكم و أسلم. و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
كتبه الفقير إلى الله/ أحمد بن ناصر الحمد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2004, 07:05 م]ـ
أشكر الأخ الكريم أحمد الحمد حفظه الله على هذه المشاركة الماتعة. وهي خطوة أولى في البحث في التفسير، وأرجو أن يتكرم بالخطوة الثانية، وهي الوقوف مع بعض ما نقله، ومناقشته، و شرحه لأمثالي ممن لا يكاد يتبين كلام العلماء إلا بصعوبة بالغة، لم يعد النقل كافياً معها. واضرب لذلك مثالاً:
(يُتْبَعُ)
(/)
في نقلكم الكريم لقول أبي حيان رحمه الله: (و " يَحْمِلُ " في موضع نصب على الحال، قال الزمخشري: أو الجر على الوصف لأن الحمار كاللئيم في قوله:
و لقد أمر على اللئيم يسبني
انتهى. و هذا الذي قاله قد ذهب إليه بعض النحويين و هو أن مثل هذا من المعارف يوصف بالجمل و حملوا عليه: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) [يس:37]. و هذا و أمثاله عند المحققين في موضع الحال لا في موضع الصفة و وصفه بالمعرفة ذي اللام دليل على تعريفه. مع ما في ذلك المذهب من هدم ما كره المتقدمون من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة و الجمل نكرات) [البحر المحيط: 8/ 266 - 267، و انظر الكشاف: 4/ 103، و إملاء ما من به الرحمن: 557].
هذا الكلام كلام جميل، وفي بسطه لأمثالي منفعة، والذي فهمته من هذا أن أبا حيان يتكلم عن إعراب الجملة الفعلية (يحمل أسفاراً). وهي هنا من الجمل السبع التي لها محل من الإعراب، لأنها حالية على رأي أبي حيان. لكن رأي الزمخشري له وجاهته. وهو أن تعرب صفةً كذلك.
وهذا يذكرنا بالمقولة التي يقولها النحويون وهو أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات. ويعللون ذلك بأن المعرفة في حاجة إلى معرفة حالها أكثر من الحاجة إلى معرفة صفتها لكونها معرفة، بخلاف النكرة، فالحاجة إلى معرفة صفتها أشد. وقد فصل القول في ذلك ابن هشام رحمه الله فبين أن الضابط السابق غير دقيق، وأن الأفضل أن يقال:
الجمل بعد المعارف المحضة أحوال، وبعد النكرات المحضة صفات.
وهنا في المثال الذي ذكرته وفقك الله، وهو قوله تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفاراً). يمكن إعراب جملة (يحمل أسفاراً):
- حالاً، لأن لفظة (الحمار) معرفة بـ (ال) من حيث اللفظ، فتكون الجملة بعدها حالاً.
- صفة؛ لأن لفظة (الحمار) وإن كانت معرفة بـ (ال) إلا أنها تدل على جنس الحمار، فهي أشبه ما تكون بالنكرة. ومثلها (الليل) في قوله: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار .. ). ومثلها لفظة (اللئيم) في الشاهد الشعري الذي ذكره الزمخشري:
ولقد أمرُّ على اللئيم يسبني * فمضيت ثمتَ قلت: لا يعنيني
فلفظة (اللئيم) هنا من حيث اللفظ معرفة لوجود (ال)، ومن حيث المعنى تدل على جنس اللئيم لا على شخص بعينه فهي أشبه ما تكون بالنكرة.فألفاظ (الحمار) و (الليل) و (اللئيم) ليست معارف محضة على تفصيل ابن هشام، وبهذا يستقيم كلام الزمخشري في تجويزه إعرابها صفةً.
أرجو أن أرى مناقشتك للأقوال في معنى (الأميين).
في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) كثير من الوقفات التربوية التعليمية، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتزكية والتعليم، ليت وقتكم يتسع لبسطها وفقكم الله ونفع بعلمكم.
ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Jul 2004, 10:55 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين.
جاءت سورة الجمعة بعد سورة الصف ترتيبا في المصحف، وهي سورة افتتحت بالتسبيح (يسبح)، والتسبيح تنزيه لله عما لا يليق بجلاله، فما الذي جاء في سورة الصف يستوجب أن يتبعه الله بالتسبيح بعد ختام السورة؟
قبل الدخول في الحديث عما جاء في سورة الصف علينا أن نستحضر قاعدة أساسية وهي أن التكليف جاء ضد هوى النفس، فالشهوات تهواها النفس، وتكاليف الدين أتت لتنهى النفس عن الهوى، وفي ذلك مشقة نفسية تتطلب الصبر، إذن فتكاليف الدين مبنية على الصبر.
فالصبر هو لب قضية الدين وعنوان الإحسان (واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) ومقياس الشكر، فالصابر هو الأحق بأن يوصف بالشاكر (صبار شكور) ,
مثلا: يدخل الوالد على ابنه فيجده قد ترك مذاكرة دروسه وألهاه مسلسل تلفزيوني عن الواجب، فيطفئ الوالد جهاز التلفزيون ويصرخ في ابنه: أدخل غرفتك وراجع دروسك جيدا لكي تنجح ...
فيفعل الإبن ما أمره به أبوه، وقد يعلم هو من نفسه أو تذكره أمه أن:
أباك على حق وأنه (منزه) عن يكون له هوى ضد مصلحتك بدليل أنه هو الذي ينفق على تعليمك ويحضر لك مدرسين إلى البيت لأخذ دروس خصوصية ..... ) فحين يتذكر الإبن هذا يطمإن إلى أن أباه (منزه) عن أن يكون له هوى ضد مصلحة ابنه.
كذلك الله العزيز الحكيم يأمر المؤمنين في سورة الصف: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ..... إلى آخر السورة.
هذا أمر من الله للمؤمنين بالجهاد في سبيل الله بالمال والنفس يتطلب الصبر، والصابر يحتاج إلى تطمين بأن ذلك من مصلحته (خير له)،
والتطمين يكون بالتذكير بأن الآمر (منزه) عن أن يخلف وعده و (منزه) عن الهوى و (منزه) عن أن تأتي النتائج على عكس ما يريد لأنه (يملك) زمام الأمور كلها.
فكان من الحكمة أن يطمإن الله المؤمنين بالتنزيه (التسبيح) ليتشبتوا بالصبر فيفعلوا ما يؤمرون به: ((يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ,
وكما اطمأن الإبن لنصيحة أبيه حينما راجع نفسه فاستيقن أن أباه لا يريد له إلا الخير بدليل أن أباه (هو) الذي ينفق على تعليمه و (هو) الذي يحضر له مدرسين ليعطوه دروسا خاصة كذلك الله تعالى لا يريد بالمؤمنين إلا الخير بدليل أنه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ • وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ • ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Jul 2004, 09:51 ص]ـ
الصفة التي يناسبها التنزيه هي الحكمة، فمن يحكم الأمور بإتقان على أتم وجه هو الذي يكون منزها عن النقد، أما الذي تنقصه الحكمة فهو معرض لنقد النقاد، إذن فما يصدر من الحكيم فهو منتهى الصواب وهو الحق المطلق ولذلك يأتي التسبيح في القرآن لإسم الله (العزيز الحكيم).
فالعزيز هو الغالب الذي لا يغلب، ولا تتحقق الغلبة بالحجة أو بالقوة إلا لمن أتقن الأمور بمنتهى الحكمة، ولذلك يقترن إسم الله (العزيز) ب (الحكيم)، فالعزة بنت الحكمة = لا غلبة (عزة) إلا بالحكمة، فالنصر للعزيز الحكيم,
إذا كان التسبيح في سور أخرى لله (العزيز الحكيم) فإن التسبيح في سورة الجمعة لله (الملك القدوس العزيز الحكيم) ف (الملك القدوس) تتناسب مع سياق الآيات في سورة الصف وبالأخص: ( ..... وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ... ) فالأموال (ملك الله) نتصرف فيها وكذلك الأنفس وزمامها وكل الأمور (يملكها) الله. ومن يملك الأمر كله فهو قدوس.
ـ[أبو علي]ــــــــ[25 Jul 2004, 11:15 ص]ـ
(يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم)
قد يتسائل أحد: لماذا يقول الله في الآية: تؤمنون بالله) مع أن الله أثبت لهم الإيمان بخطابه لهم ب (يا أيها الذين آمنوا)؟
الجواب: قد يؤمن المؤمن بالله ورسوله، وقد يضعف أمام أوامر الإسلام كالجهاد بالمال والنفس لأن النفس تستحضر الشح وتجد في القتال كره ومشقة، فهذه المسائل الشاقة على النفس تحتاج إيمانا يهون عليه ما يجده في نفسه من مشقة وكره للقتال، كما أن المجاهد بالمال والنفس لا يفعل ذلك إلا لأنه مؤمن بعدالة قضيته وبأنه على الحق، ولذلك كان من الحكمة أن يؤكد للذين آمنوا بقوله (تؤمنون بالله) ,
ماهي الغاية من (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم)؟
الغاية من ذلك هي (نصرة) الدين، هي أن نكون أنصارا لله، ولذلك أكدها الله بعد ذلك بقوله (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ... ).
تأملوا الآيات من قوله تعالى: هل أدلكم ..... إلى آخر السورة.
ماذا يقتضي سياق أمر الله من كلام يستوجب التوضيح؟
مثلا: لو قلت لك يا فلان هل أدلك على تجارة تصبح بها مليونيرا وهي أن تبيع أرضك ودارك وتأتيني بثمنهما لأستثمرها لك.
هل بمجرد أن تسمع كلامي تقوم بتنفيذ ما اقترحته عليك أم أنك تطالب بإثبات يصدق كلامي يجعلك تثق في وتطمإن إليه نفسك؟
بالطبع فإنك لا تقدم على بيع دارك وأرضك إلا بعد أن تستيقن وتتأكد أنها تجارة رابحة، ولا تطلب البينة التي تطمإن لها نفسك إلا لأنك (خائف)، والخائف محتاج للإطمئنان,
والتطمين في هذا الأمر يكون بتزكية الآمر وأنه على حق في ما يعرضه عليك في هذه المسألة، وهذا (تنزيه) عن النصب والاحتيال.
فأعرض عليك وثائق ومعاملات أخرى أثبت من خلالها (نزاهتي)، وإذا كنت قد تعاملت معك من قبل وكسبت منها أموالا، فإنني أذكرك بها فأقول: تذكر أنني أنا الذي شاركتك في المشروع الفلاني فكسبت منها أموالا، إذن في التذكير بهذه الأمور زيادة في التطمين.
وحتى آدم عليه السلام لم يأكل من الشجرة بمجرد سماعه اقتراح إبليس (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وإنما بعدما أوهمه إبليس أنه نزيها وأنه يقول الحق وأنه له ناصح أمين وأقسم إبليس على ذلك.
كذلك فإن أمر الله للمؤمنين في سورة الصف اقتضى أن يتبعه بالتنزيه
الذي يطمئن الأنفس: يسبح لله ما في السموات والأرض الملك القدوس العزيز الحكيم).
واقتضى التذكير بفضل الله على المؤمنين: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، وحيث أن أمره تعالى (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم) موجه إلى كل المؤمنين إلى أن تقوم الساعة، فإن من الحكمة ألا يقتصر التذكير بفضل الله على الأولين فقط وإنما يشمل التذكير كل من يعنيه الأمر إلى أن تقوم الساعة فقال تعالى: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) هذا هو فضل الله الجدير بالتذكير لكل المعنيين بالأمر (الأميين والآخرين اللاحقين بهم)
: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
وإذا كان للأب ابن لم يسمع كلامه ولم يلتف إلى نصائح أبيه فإن الأب يحذر أبناءه الآخرين من الحدو حدوه لكي لا يرسبوا مثله في الامتحان، فلو كان هذا الابن صادقا في ادعاءه أنه لا يحتاج إلى مذاكرة دروسه لتمنى الامتحان اليوم قبل الغد، لكن الكسلاء لا يتمنون الامتحان لأنهم سيفشلون في اجتيازه، فكان من الحكمة أن يضرب الله
المثل بعد ذلك باليهود: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار .....
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 Jul 2004, 04:47 ص]ـ
وبعد الانتهاء مما يتطلبه مقتضى الكلام من تطمين للمأمور وتذكيره بفضله وتحذيره من الاقتداء بأخيه الذي ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن العمل، بعد هذا كله يدخل في الموضوع ويبين للذين آمنوا تلك التجارة التي تنجيهم من عذاب أليم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) ,
لا يقول الله (ذروا البيع) إلا لأن صلاة الجمعة خير من تجارة الدنيا (البيع) فهي التجارة التي تنجي من عذاب أليم.
ما علاقة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) بالإيمان بالله والجهاد في سبيله بالأموال والأنفس في قوله تعالى:: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)؟
الآية في سورة الصف آية دلالة والأية في سورة الجمعة آية بيان الكيفية، مثلا:
خبير اقتضادي يقترح على أحد معارفه أن يسلك طريق البورصة وسوق المال للوصول إلى عالم الثراء، فإذا اقتنع بكلامه فإنه لا يأخذه مباشرة إلى بورصة نيويورك وإنما يأخذه إلى مدرسة خاصة بتعليم التجار كيفية المضاربة في البورصة وشراء الأسهم.
كذلك أمر الله للذين آمنوا لابد لهم من حضور الدروس والمحاضرات التي تتضمنها خطب الجمعة فتزيدهم مواعظ الجمعة إيمانا يحبب إليهم الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس لما يسمعونه من فضائل وحسن الثواب تزيل الشح وتحبب القتال إلى الأنفس.
وكذلك لأن الله لم يخاطب المؤمنين فرادى،فالجهاد في سبيل الله يفرض لزوم الجماعة، وصلاة الجمعة هي وسيلة الإعلام الأولى في الإسلام.
ـ[أبو علي]ــــــــ[27 Jul 2004, 10:44 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
أليست صلاة الجمعة مدرسة يتعلم فيها المسلمون أمور دينهم تذكر الغافلين بقضايا الدين وواجباته فيخرج بانطباع إيماني عن علم بفضل الجهاد بالمال والنفس؟
إن كنت أضرب الأمثال لفهم سياق الآيات فلأنه كتاب حكيم، والحكمة تتبين بالأمثال.
والسلام عليكم ورحمة الله.(/)
في رحاب القرآن الكريم .. مجموعة ومهذبة من تفسير الإمام القرطبي
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[04 Jul 2004, 05:44 م]ـ
ما يلزم قارئ القرآن وحامله
جمعتها من الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي مع تنسيق وتهذيب واختصار
... من حرمة القرآن ألا يمس القارئ القرآن إلا وهو طاهر.
... ومن حرمته أن يقرأه وهو على طهارة.
... ومن حرمته أن يستعمل السواك ويطيب فاه.
... ومن حرمته أن يلبس أحسن الثياب عند قراءته.
... ومن حرمته أن يستقبل القبلة.
... ومن حرمته أن يتمضمض كلما تنخع.
... ومن حرمته إذا تثاءبت وأنت تقرأ، أن تمسك عن القراءة، لأنك مناج
ربك، والتثاؤب من الشيطان.
... ومن حرمته الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند ابتدائه للقراءة وأن يقرأ
بسم الله الرحمن الرحيم.
... ومن حرمته أن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلام فيخلطه بجوابه،
لأنه إذا فعل ذلك، ذهب عنه سلطان الاستعاذة الذي استعاذ في البدء.
... ومن حرمته إذا أخذ في القراءة،لم يقطعها ساعة فساعة بكلام الآدميين.
... ومن حرمته أن يستعمل في القرآن ذهنه وعقله، حتى يفهم ما يقرأ.
... ومن حرمته أن يقف على آية الوعد، فيرغب إلى الله تعالى ويسأله من
فضله،وأن يقف على أية الوعيد، فيستجير بالله منه.
... ومن حرمته أن يقف على أمثال القرآن فيمتثلها.
... ومن حرمته أن يؤدي لكل حرف حقه من الأداء، حتى يظهر الكلام
باللفظ تماما؛ فإن له بكل حرف عشر حسنات.
... ومن حرمته إذا انتهت قراءته، أن يصدق ربه، ويشهد بالبلاغ لرسوله r فيقول: صدقت ربنا وبلغت رسلك، وأنا على ذلك من الشاهدين، اللهم اجعلني من شهداء الحق، القائمين بالقسط، ثم يدعو بدعوات.
... ومن حرمته إذا قرأ القرآن، ألا يلتقط الآي من كل سورة فيقرأها.
... ومن حرمته إذا وضع المصحف ألا يتركه منشورا، وألا يضع فوقه شيئا من
الكتب حتى يكون دائما عاليا لسائر الكتب.
... ومن حرمته أن يضع القرآن في حجره إذا قرأ، أو على شيء أمامه، ولا
يضعه على الأرض.
... ومن حرمته ألا يمحوه من اللوح بالبصاق، ولكن يغسله بالماء في مكان
طاهر، وألا يلقي الورق المكتوب فيه آيات قرآنية في الأماكن القذرة،
إما أن يحتفظ بها، أويحرقها.
... ومن حرمته ألا يلقي صحيفة القرآن البالية في الأماكن القبيحة، أو في
صناديق القمامة، إما أن يمحوها بالماء في مكان طاهر، أو يحرقها، أو
يحتفظ بها.
... ومن حرمته ألا يخلو يوما من أيامه من النظر في المصحف.
... ومن حرمته ألا يتأوله المسلم عندما يعرض له شيء من أمر الدنيا، ومثال
ذلك أن تقرأ قول الله تعالى للرجل إذا جاءك " جئت على قدر ياموسى "
، مثال ذلك أيضا أن تقرأ قول الله تعالى " كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم
في الأيام الخالية " عند حضور الطعام.
... ومن حرمته ألا يتلى منكوسا كفعل معلم الصبيان لإظهار المهارة والحذق.
... ومن حرمته ألا يُقَعِّرَ في قراءته.
... ومن حرمته ألا يقرأ بألحان الغناء، كلحون أهل الفسق، ولا بترجيع
النصارى، ولا بنوح الرهبانية.
... ومن حرمة القرآن الكريم أن يعظم خطه وكتابته إذا كتبه.
... ومن حرمته ألا يجهر البعض على بعض في القراءة.
... ومن حرمته ألا يجادل فيه في أنواع القراءات، إذا كان لا يعلم.
... ومن حرمته ألا يقرأ في الأسواق، ولا في مواطن اللغو واللغط ومجمتع
السفهاء.
... ومن حرمته ألا يتوسد المصحف، ولا يعتمد عليه، ولا يرمي به إلى صاحبه
إذا أراد أن يناوله.
... ومن حرمته ألا يُصَغَّر المصحف، وروي عن رسول الله r أن لا يقال
مسيجد أو مصيحف.
... ومن حرمته ألا يخلط فيه ما ليس منه.
... ومن حرمته ألا يحلى بالذهب، ولا يكتب بالذهب فتخلط به زينة الدنيا.
... ومن حرمته ألا يكتب على الأرض، ولا على حائط كما يفعل به في
المساجد الآن، وقد رأى عمربن عبد العزيز ابنا له يكتب القرآن على
الحائط فضربه.
... ومن حرمته إذا اغتسل بكتابته للاستشفاء من سقم، فلا يصبه على كناسة
،ولا في موضع نجاسة، ولا على موضع يوطأ، ولكن في موضع طاهر.
... ومن حرمته أن يفتتحه كلما ختمه، بحيث إذا ختم يقرأ من أول القرآن
قدرخمس آيات، ويستحب له إذا ختم أن يجمع أهله ويدعو.
... ومن حرمته إذا كتبه وشربه سمى الله على كل نفس وعظم النية فيه، فإن الله
يؤتيه على قدر نيته، روي عن مجاهد قال: " لا بأس أن تكتب القرآن
ثم تسقيه المريض ".
من كتاب:
الجامع لأحكام القرآن(/)
بين ابن جرير وابن كثير 10
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[05 Jul 2004, 02:22 م]ـ
في قوله تعالى: {ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا} البقرة (128) يرى ابن جرير رحمه الله تعالى أن المقصود بالذرية العموم يشمل العرب واليهود،- وفهم من كلام السدي: (ومن ذريتنا) يعنيان العرب-، أن السدي يخص العرب بذلك، فخالفه ابن كثير رحمه الله تعالى حيث قال: [وَقَالَ السُّدِّيّ " وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " يَعْنِيَانِ الْعَرَب قَالَ اِبْن جَرِير: وَالصَّوَاب أَنَّهُ يَعُمّ الْعَرَب وَغَيْرهمْ لِأَنَّ مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم بَنِي إِسْرَائِيل وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمِنْ قَوْم مُوسَى أُمَّة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ". " قُلْت " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِير لَا يَنْفِيه السُّدِّيّ فَإِنَّ تَخْصِيصهمْ بِذَلِكَ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ وَالسِّيَاق إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَرَب وَلِهَذَا قَالَ بَعْده " رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتك وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَيُزَكِّيهِمْ" الْآيَة. وَالْمُرَاد بِذَلِكَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بُعِثَ فِيهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ " وَمَعَ هَذَا لَا يَنْفِي رِسَالَته إِلَى الْأَحْمَر وَالْأَسْوَد لِقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاس إِنِّي رَسُولُ اللَّه إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّة الْقَاطِعَة وَهَذَا الدُّعَاء مِنْ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام كَمَا أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى عَنْ عِبَاده الْمُتَّقِينَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْله " وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " وَهَذَا الْقَدْر مَرْغُوب فِيهِ شَرْعًا فَإِنَّ مِنْ تَمَام مَحَبَّة عِبَادَة اللَّه تَعَالَى أَنْ يُحِبّ أَنْ يَكُون مِنْ صُلْبه مَنْ يَعْبُد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى لِإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام " إِنِّي جَاعِلُك لِلنَّاسِ إِمَامًا " قَالَ " وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ " وَهُوَ قَوْله " وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام " وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث صَدَقَةٍ جَارِيَة أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَع بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِح يَدْعُو لَهُ] انظر في ذلك (1/ 414).(/)
دراسة الاختلاف الوارد في حديث شيبتني هود وأخواتها
ـ[سعيد الرقيب]ــــــــ[05 Jul 2004, 08:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فنزولاً عند رغبة الأخ الفاضل المفضال عبدالرحمن الشهري وفقه الله وجميع العاملين في هذا الملتقى إلى كل خير، فقد رغبت في المشاركة بكتابة هذا الموضوع لعلاقة الحديث بفضائل القرآن.
ولطول التخريج والدراسة فقد أرفقتها على ملف مع هذه المشاركة.
آمل التكرم بالاطلاع وستر العيب، وإسداء النصح.
دراسة الاختلاف الوارد في حديث شيبتني هود وأخواتها ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=97&book=909)
أخوكم سعيد الرقيب.
ssalghamdi@kku.edu.sa
jomanh21@hotmail.com
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Jul 2004, 02:27 ص]ـ
شكر الله للشيخ سعيد هذا المبحث الحديثي في تخريج هذا الحديث المشهور، الذي توصل فيه إلى أنه ضعيف جداً، وذكر أن مما يضعفه معارضته لحديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء "، رواه البخاري في صحيحه، كتاب:المناقب، باب (20): صفة النبي صلى الله عليه وسلم 3/ 452 ح (3354)، ومسلم في صحيحه، كتاب: الفضائل، باب (31): صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه 4/ 1824 ح (2347).
*************************
وعندي سؤال: وجدت في موسوعة فضائل سور وآيات القرآن الكريم للشيخ محمد بن رزق طرهوني طريقاً آخر لهذا الحديث عند الطبراني من حديث عقبة بن عامر أن رجلاً قال: يا رسول الله شبت، قال: (شيبتني هود وأخواتها).
وقد ذكر المصنف أن إسناده حسن،وقد قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح 7/ 37.
وقال السيوطي في الدر المنثور: أخرجه الطبراني وابن مردويه بسند صحيح 3/ 319.
ثم قال المصنف: (فائدة: هذا الطريق قد فات الدار قطني في علله عند استقرائه لطرق هذا الحديث.)
ينظر الكتاب المشار إليه: 1/ 293 - 308.
فما تعليقكم يا شيخنا الكريم على هذا، وخاصة أني لم أرَ رواية عقبة بن عامر في بحثكم؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jul 2006, 01:44 ص]ـ
شكر الله لأخي العزيز الدكتور سعيد الرقيب هذا البحث الممتع حول هذا الحديث. وقد وجدت موضوعاً ذا صلة به، فقد سُئلَ الشيخ الدكتور حاتم بن عارف الشريف العوني حفظه الله ورعاه عن هذا الحديث فأجاب بجوابٍ أحببت نقله للفائدة. وهذا نصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "شيبتني هود وأخواتها" له طرق عديدة، وأقواها إسناداً حديث عقبة بن عامر –رضي الله عنه-: أن رجلاً قال: يا رسول الله، شِبْتَ! قال: "شيبتني هودٌ وأخواتها". أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 286 - 287)، وإسناده حسن.
وأمّا قول الدارقطني في سؤالات السهمي (رقم9): "شيبتني هود والواقعة" معتلة كلها. فيُحمل على وجوه رواية الحديث المشهورة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والتي أطال الدارقطني في ذكر اضطراب رواتها في العلل (1/ 193 - 211) (رقم 17)، (4/ 347 - 348).
وهذا الوجه المضطرب إن كان لا يصح إلا مرسلاً: كما ذهب إليه أبو حاتم الرازي في العلل (1394،1326)، فيبقى أنه نافع في المتابعات والشواهد.
وللحديث أكثر من وجه مرسل تؤيّد ثبوته (طبقات ابن سعد: 1/ 374 - 376). ولذلك حسّن الترمذي الحديث، مع كونه عرض لذكر علله والاختلاف فيه (رقم3297).
ومما يستأنس به ما صحّ عن العالم الزاهد الثقة أبي علي محمد بن عمر بن شَبُّوْيَه الشَبُّوْيِيّ (المتوفى بين 370هـ إلى 380هـ) أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، فقال: "يا رسول الله رُوي عنك أنك قلت: "شيبتني هود"؟ قال: نعم. فقال: ما الذي شيبك منها: قصص الأنبياء، وهلاك الأمم؟ قال: "لا، ولكنه قوله تعالى: "فاستقم كما أمرت" [هود:112] شعب الإيمان للبيهقي (2215)، وتاريخ الإسلام للذهبي (8/ 497). والله أعلم. والحمد لله رب البرية والصلاة والسلام على هادي البشرية وعلى أزواجه والذريّة.
المصدر ( http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=106387)
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[03 Jul 2006, 03:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
في البداية أحيي الدكتور سعيد الرقيب على طرحه للموضوع القيم المتعلق بفضائل القرآن، حيث أفاد وأجاد في دراسته من حيث البحثُ على الاختلافات الواردة في روايته، وبيان أوجهها، والتعليق عليها ... إلخ.
ونظراً لأهميته دراسة هذا الحديث وتخريجه، أستسمح الدكتور سعيد الرقيب حفظه الله أن أشاركه في ذلك، رجاء الجزاء الحسن من الله عز وجل، مقتصراً في ذلك على رواية عكرمة، عن ابن عباس، وذلك بتخريجها والتعليق عليها اعتماداً على آراء علماء الحديث في الموضوع.
*إن الحديث موضوع الدراسة، رواه عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله، ما شيبك؟ قال: (شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت) (*).
---------------------------
(*) - الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه واللفظ له قال: حدثنا أبوالأحوص، عن أبي إسحاق- السبيعي- عنه به 7/ 201 ورجاله ثقات.
والترمذي في سننه قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام،عن شيبان،عن أبي إسحاق به. وقال:هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه …. وزاد قائلا: [وروى أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو حديث شيبان عن أبي إسحاق، ولم يذكر فيه عن ابن عباس. حدثنا بذلك هاشم بن الوليد الهروي، حدثنا أبو بكر بن عياش]. كتاب التفسير، باب ومن سورة الواقعة 5/ 193 - 194،ح3308.
وأبو بكر أحمد بن علي المروزي في مسند أبي بكر الصديق بإسنادين:
*الأول: قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام – القصار – عن أبي إسحاق به، ص:68 - 69،ح 30.
*الثاني: قال: نا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبوالأحوص، عن أبي إسحاق، عن عكرمة قال: قال أبو بكر به ص: 69،ح 31 وفي هذا السند انقطاع لكون عكرمة لم يدرك أبا بكر الصديق.
وأبو يعلى في مسنده بإسنادين:
*الأول: قال: حدثنا خلف بن هشام، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عكرمة قال: قال أبو بكر به 1/ 85 - 86،ح102.
*الثاني: قال: حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عكرمة قال: قال أبو بكر: فذكر نحوه 1/ 86،ح 103.
والدرقطني في علله بخمسة بأسانيد:
*الأول: قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثني يوسف بن سعيد بن مسلم (ح).
وحدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، ثنا محمد بن الفرج الأزرق، قالا: ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا شيبان، عن أبي إسحاق به1/ 201.
*الثاني: قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء (ح). وحدثنا أحمد بن محمد ابن زياد، قال: ثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن العلاء (ح).
وحدثنا عبد الله بن محمد بن الناصح الفقيه، ثنا أحمد ابن علي بن سعيد القاضي، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبي إسحاق به 1/ 201.
*الثالث: قال: قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزار، وأحمد بن محمد بن سعيد، قالا: ثنا الفضل بن يوسف بن يعقوب الجعفي، ثنا سعيد بن عثمان الخزار، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق به1/ 201.
*الرابع: قال: حدثنا الحسن بن سعيد العرزمي، وعلي بن محمد بن عبيد الله الحافظ، قالا: ثنا علي بن الحسين بن عبيد ابن كعب القرشي (ح).
وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، ثناأحمد بن بن يحيى الصوفي، ومحمد بن عبيد بن عتبة، قالوا: ثنا إسماعيل بن صبيح، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق به1/ 201 - 202.
*الخامس: قال: حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن عبد الله بن نصر بن بحير الهذلي، ثنا أبو مروان أبان بن عبد الله بن كردوس الحراني القرشي، ثنا الحسن بن محمد بن أعين، ثنا زهير، عن أبي إسحاق به1/ 202.
والحاكم في المستدرك بإسنادين:
* الأول: قال: حدثني أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، قال: حدثني أبو محمد جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبي إسحاق به. وقال:هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص 2/ 2/37،ح 3314.
*الثاني: قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق الهمداني به وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص 2/ 518،ح 3777.
والبغوي في تفسيره قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، ثنا أبو كريب محمد بن العلاء، ثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبي إسحاق به 3/ 341 - 342
وذكره ابن أبي حاتم في علل الحديث وقال: سئل أبي عن حديث أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم به. الحديث متصل أصح كما رواه شيبان، أو مرسلا كما رواه أبو الأحوص؟، قال: (مرسل أصح) 2/ 110ح 1826، والقرطبي في أحكام القرآن وعزاه إلى الترمذي 9/ 1، والزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف وعزاه إلى الترمذي والبزار2/ 149، وابن كثير في تفسيره نقلاعن أبي يعلى والترمذي سندا ومتنا 2/ 674، والهيثمي في زوائد أبي يعلى 3/ 94،ح 1181، ومجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى، إلا أن عكرمة لم يدرك أبا بكر 7/ 117،ح 11072، وابن حجر في المطالب العالية معلقا عن عكرمة قال: قال أبو بكر به. وقال: (مرسل صحيح، إلا أنه موصوف بالاضطراب) 3/ 342،ح 3650، والسيوطي في الدرالمنثور وعزاه إلى الترمذي، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث والنشور عن عكرمة، عن ابن عباس به (وقد رجعتُ إلى البعث والنشور للبيهقي ولم أعثرعليه)، وابن مردويه عن عكرمة مرسلا، 3/ 319، والعراقي في المغني بهامش إحياء علوم الدين للغزالي وعزاه إلى الترمذي، والحاكم 4/ 438.
والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
*الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2009, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فنزولاً عند رغبة الأخ الفاضل المفضال عبدالرحمن الشهري وفقه الله وجميع العاملين في هذا الملتقى إلى كل خير، فقد رغبت في المشاركة بكتابة هذا الموضوع لعلاقة الحديث بفضائل القرآن.
ولطول التخريج والدراسة فقد أرفقتها على ملف مع هذه المشاركة.
آمل التكرم بالاطلاع وستر العيب، وإسداء النصح.
دراسة الاختلاف الوارد في حديث شيبتني هود وأخواتها ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=97&book=909)
أخوكم سعيد الرقيب.
ssalghamdi@kku.edu.sa
jomanh21@hotmail.com
الرابط لا يوجد فيه شيئ
فهل يمكن الحصول على البحث؟
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[11 Nov 2009, 03:13 م]ـ
انظر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114683
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Nov 2009, 06:37 م]ـ
البحث عندي على جهازي يا أبا ممجاهد وسأرفعه مرة أخرى إن شاء الله، فقد حدث خلل في الروابط السابقة.(/)
هل الأسلوب القرآني فوضوي؟؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Jul 2004, 11:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كان أحد الأخوة المسلمين - و هو بريطاني لا يجيد العربية - قد تصدى في محاورة كتابية على الشبكة لأحد المنصرين البروتستانت و امتدت المناظرة لأسلوب القرآن و طريقته في البيان و ادعى المنصر أن القرآن اسلوبه فوضوي غير مرتب أو مفهوم و قد دعم كلامه هذا بشهادات بعض المستشرقين الذين سماهم بعلماء في الإسلام.
و كان رد أخينا الفاضل مفصلا و دقيقًا متضمنًا نقدًا سليمًا لهؤلاء المستشرقين و بين ان هؤلاء "العلماء" لا يوجد منهم من يجيد اللغة العربية فكيف ينتقدون أسلوب القرآن (!!) و كان ردًا موفقًا بحمد الله تعالى. . ثم طلب مني هذا الأخ أن اكتب مقالا اشرح فيه أسلوب القرآن لغير المتحدثين بالعربية و خاصة أن معظم قراء هذه المناظرة من غير المسلمين غير القادرين على تصور كتاب إلهي مختلف في أسلوبه عن الكتاب المقدس فكتبت له هذا الرد بالإنجليزية ليرفقه مع رده على المنصر و كان ردًا مفحمًا بعون الواحد المعبود.
كان هذا الأمر من عام تقريبًا و الآن وجدت أن بعضهم يثير هذه الشبهة بين النصارى العرب فرأيت أن أنقل ما كتبته بالإنجليزية إلى لغتنا الجميلة فربما يكون فيه فائدة و الله المستعان.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Jul 2004, 11:28 م]ـ
يقول فضيلة الدكتور محمود السيد شيخون وكيل كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر في كتابه (الإعجاز في نظم القرآن) في الفصل الخاص بسرد خواص الأسلوب القرآني ص 109 - 112:
الخاصية الخامسة: و هي تداخل أبحاثه و مواضيعه في معظم الأحيان. فإن من يقرأ هذا الكتاب المبين لا يجد فيه ما يجده في عامة المؤلفات و الكتب الأخرى من التنسيق و التبويب حسب المواضيع، و تصنيف البحوث مستقلة عن بعضها، و و إنما يجد عامة مواضيعه و أبحاثه لاحقة ببعضها، دونما فاصل بينها، و قد يجدها متداخلة في بعضها في كثير من السور ة الآيات.
و هذه الخاصية قد خيلت لبعض محترفي الغزو الفكري من المبشرين و المستشرقين و أذنابهم و ذيولهم ممن يدورون في فلكهم أن في القرآن ثلمة يمكن الدخول منها إلى اصطناع نقد أو محاولة تهديم، أو بث تشكيك، فأخذوا يتساءلون عن سبب هذا التداخل و التمازج في معاني القرآن، ثم راحوا يجيبون عن تساؤلهم هذا بأنها البدائية و البساطة في منهج البحث، و أن القرآن لا يعدو كونه مجموعة أفكار منتثرة أنتجها فكر إنسان.
و الحقيقة أن هذه الخاصة في القرآن الكريم، إنما هي مظهر من مظاهر تفرده، و استقلاله عن كل ما هو مألوف و معروف من طرائق البحث و التأليف، هذا شئ، و هناك شئ آخر هو أن من الخطأ في أصل النقد و البحث أن نحاكم القرآن في منهجه و أسلوبه إلى ما تواضع عليه الناس اليوم أو قبل هذا اليوم أو إلى ما سيتواضعون عليه مع تطور الزمن - من طرائق البحث و التأليف و تنسيق المعاني.
فهذا الذي يتوافق عليه الكاتبون نم تقسيم كتبهم إلى أبواب و فصول، ثم تضمين كل فصل منها لجملة معينة من الأبحاث و المعاني، ليس مرده إلى أمر إلزامي أو مثل أعلى يفرض عليهم ذلك، و إنما الأمر فيه تابع للأغراض المتعلقة به، و هو في جملته عرف يعتادوه، و طور يمرون عليه، و يجتازونه بعد حين إلى غيره، فما هي الحقيقة الثابتة التي تلزم كتاب الله تعالى في منهجه على طور من أطوار هؤلاء العباد، و أن يتبع تنسيقهم الذي يضعون، أو أن تتصنف أبحاثه و معانيه حسب المنهج الذي يشاءون؟ هذا إلى أن المناهج تتناسخ و الأساليب تتطور كما هو معروف.
على أن هذه الخاصية تابعة لحكمة عليا يدور معها المعنى القرآني كله. ذلك أن جملة ما في القرآن من مختلف المواضيع و المعاني الجزئية، إنما يدور جميعه على معنى كلي واحد، هو دعوة الناس إلى أن يكونوا عبيدًا لله بالفكر و الاختيار كما خلقهم عبيدًا له بالجبر و الاضطرار، و أن يدركوا أن أمامهم حياة ثانية بعد حياتهم هذه، و أن يستيقنوا ضآلة هذه الحياة بالنسبة لتلك في كل من خيرها و شرها و سعادتها و شقائها. فالقرآن شأنه أن يبث هذا المعنى الكلي الخطير من خلال جميع ما يعرضه من الأبحاث و المواضيع المختلفة من تشريع و وعد و وعيد، و قصة و أمثلة و وصف؛ و إنما يتحقق ذلك بهذا النسق الذي جرى عليه من
(يُتْبَعُ)
(/)
التداخل و التمازج في المعاني.
فهو حينما يبدأ بعرض قصة لا يدعك - و لو في مرحلة من مراحلها - تنسى ذلك المعنى الكلي الذي ذكرناه، فهو يخللها بما ليس منها من تهديد أو وعد أو وعيد أو نصيحة أو وعظ تحقيقًا للغرض الذي من أجله تساق القصة، و حفظًا للفكر أن يتشتت مع أجوائها و أحداثها فينسى مساقها الأصلي.
و هو حين يشرح لك أحكامًا في العبادات أو المعاملات أو غيرها، يسلك بك أيضًا نفس المنهج فهو يحاذرأن تستغرق في التأمل في هذه الأحكام من حيث هي علم أو فن برأسه، كما قد يحصل مع من ينكب على دراسة هذه الأحكام في الكتب العلمية الخاصة بها، فيوصلها بآيات ليست منها، فيها وعد أو وعيد أو حديث عن الاخرة أو دليل على وجود الله و عظمته، ليتنبه الفكر، و يظل مستيقظًا للحقيقة الكبرى التي تطوف بها جميع المعاني و الأبحاث.
و لو أن القرآن اتبع في عرض معانيه، هذا الذي يسلكه الناس في تآليفهم و أبحاثهم، فأفرد فصولاً خاصة لعرض الأحكام و التشريع، ثم ميز فصلاً آخر للقصص، و جاء بفصل ثالث في وصف المغيبات كالجنة و النار و هكذا ... لو درج القرآن على ذلك لفات تحقيق الغرض الذي ذكرناه، و لما أمكن أن تكون هذه الفصول المتناثرة انعكاسًا لمعنى كلي واحد تشترك في بثه و التوجيه إليه، و لئن أمكن أن يتذكر القارئ ذلك في تمهيد أو في فصل من الفصول فلسرعان ما ينساه عندما يستغرق في قراءة أو دراسة الفصول الأخرى. و إن هذا الذي نقول، ليس من الحقائق المستعصية أو الخافية على من يصدق التأمل و النظر في كتاب الله تعالى. انتهى الاقتباس
نفهم من هذا الكلام أن المقصود من القرآن هو تقرير أمور الدين من توحيد و عبادات و معاملات و ثواب و عقاب، و هذه المقاصد لم ترتب في القرآن حسب اتحاد موضوعاتها و لكنها مفرقة في السور ة ممزوجة ببعضها البعض، فالقصد الأول تهذيب النفوس، و إعدادها لحياة أبدية سعيدة، و تنظيم الروابط بين الناس، و توجيههم لله وحده، يحيون له، و يعملون بأمره، و يستمدون منه .. و حول ذلك كله يدور إيراد المعلومات الأخرى.
و يؤيد هذا ما يعترض بعض الآيات أو يرد في نهايتها تذييلاً لحكم أو أحكام للتذكير بالله، و التسليم له، و التعريف بسننه، و الحث على الأخلاق الفاضلة، و التنبيه لفعل الخير، و التذكير بالآخرة. و ما أعد الله للمحسنين و المسيئين من ثواب، و للمسيئين من عقاب، و من أمثلة ذلك:
قوله تعالى {و أنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة و لا ولدًا} فالجملة الاعتراضية هنا تعني جلت عظمة ربنا فهو تنزيه لله سبحانه عن اتخاذ الولد و الصاحبة.
و قوله {و نبلوكم بالشر و الخير قتنة و إلينا ترجعون}
و قوله {و قدموا لأنفسكم و أتقوا الله و اعلموا أنكم ملاقوه و بشر المؤمنين}
و من امثلته أيضًا الانتقال من الشئون الدنيوية إلى التذكير بالله و اليوم الآخر لتلتفت القلوب من التفكير في متاع الدنيا الزائل إلى نعيم الآخرة الدائم. و بذلك يجذبها من شواغلها المادية ليوجهها إلى طلب الحق و الاستعداد للقاء الله.
{و جعل لكم من الفلك و الأنعام ما تركبون. لتستووا على ظهورهم ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه و تقولوا سبحانه الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين و إنا إلى ربنا لمنقلبون}
نبه بالسفر الحسي إلى السفر إليه تعالى، و نقل القارئ من التفكير في الرجوع للأهل إلى التذكير بالرجوع إلى الله.
{قال هذا رحمة ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكًا و كان وعد ربي حقًا}
لما أتم ذو القرنين بناء السد شكر الله و ذكر أن للسد مع متانته أجلاً ينتهي فيه ككل مخلوق، فانتقل إلى التذكير بالوعد الحق و هو قيام الساعة و زوال كل ما على الأرض فقال "و كان وعد ربي حقًا".
{فرددناه إلى أمه كي تقر عينها و لا تحزن و لتعلم أن و عد الله حق و لكن أكثرهم لا يعلمون}
أي و لتعلم أن وعده تعالى برده إليها حق و هو وعده السابق لها في قوله {إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين} و التقدير و لكن أكثرهم لا يعلمون أن وعده حق و المراد وعده تعالى بالبعث.
{و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة و يخلق ما لا تعلمون. و على الله قصد السبيل و منها جائر}
و المعنى إلى الله السبيل القاصدة المستقيمة و هي طريق الشرع أما غيرها من طرق الشيطان فجائر محفوف بالمخاطر.
{الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و ما تفعلوا من خير يعلمه الله و تزودوا فإن خير الزاد التقوى}
انتقل من الاجتماع العالمي الحاشد و التزود له بالمأكل إلى التذكير بالحشر و التزود له بالتقوى.
{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم و ريشًا و لباس التقوى ذلك خير}
ذكر زينة الظاهر باللباس، ثم لفت النظر لخير ما يتجمل به المؤمن و هو زينة الباطن بالتقوى.
{و الاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيرًا}
نقل القارئ من ظنة السيطرة و الاستعلاء لدى الزوج إلى تذكيره بأن عليه رقيبًا أعلى و أكبر.
و لا ننس أن نختم كلامنا بالحديث عن مكانة هؤلاء المستشرقين المعادين للقرآن، يقول عباس العقاد في (الإسلام دعوة عالمية) ص173:
و هناك أوهام كثيرة أشاعها المستشرقون بسبب تفسيراتهم الخاطئة لكثير من أمور اللغة و الدين. و منها ما كتبه بعض المستشرقين تفسيرًا لاسم أبي بكر رضي الله عنه من أنه "أبو العذراء"!!
و منها ما قالوه في تفسير لمعنى "القصيد" من أنه المقصود!!
و منها أيضًا ما تورط فيه ذلك المستشرق من خطأ معيب في تفسيره لقوله تعالى: {و ترى الملائكة حافين من حول العرش}.
بقوله: "أي بدون أحذية"!!
ذلك أنهم على غير علم دقيق باللغة العربية، و ليس هذا غريبًا فهم لا يفهمون أدب أمتهم و لا يجيدون معرفة هذا الأدب في لغتهم. فمن باب أولى ألا يحسنوا فهم الأدب العربي! و قد كانت لهم مكانة أكثر مما يستحقون حتى وقفنا أمامهم و وضعناهم في موضعهم!
انتهى الاقتباس
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[06 Jul 2004, 12:27 ص]ـ
د. هشام عزمي
هل تجد سبيلا الى تسمية هؤلاء المستشرقين بأسمائهم؟
بارك الله فيكم
تقديرا
موراني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jul 2004, 12:42 ص]ـ
بالتأكيد د. موراني:)
ها هي اسمائهم. . .
Thomas Carlyle
Edward Gibbon
Salomon Reinach
John McClintock and James Strong's Cyclopedia of Biblical, Theological and Ecclesiastical Literature
ـ[موراني]ــــــــ[06 Jul 2004, 12:56 ص]ـ
(وربنا يستر!)
يا د. هشام .....
ليسوا بمستشرقين , وهذا من المؤكد.
ولتجنب سوء التفاهم: أنا لا أدافع عن أي من المستشرقين ولا (أحميهم) من
الانتقاد أيا كان.
لكن هذه الاسماء ليست في (قائمة) المستشرقين من قريب أو بعيد.
هؤلاء الناس من الفرق حول (الكتاب المقدس Bible ) فليس لديهم علم باللغات: لا بالعربية ولا بالعبرية.
شكرا لك على هذه الاضافة
موراني(/)
سؤال عن أحكام الكذب؟ هل لها بحثٌ أو كتاب مفرد؟
ـ[النعيمي]ــــــــ[05 Jul 2004, 11:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى الطيب،،، وجميل ما فيه،، وجميل جداً من هم عليه ...
ولدي سؤال حول أحكام الكذب؟ هل أفردت في بحث خاص أو كتاب ما؟
لعلكم تسعفوني بمعلومة،،، فأنا في ضمن بحث يدور حول أحكام الكذب في الكتاب والسنة ...
ولقد عثرت على اسم كتاب خطه المؤلف بنفسه في كتاب له آخر،،،
وهو كتاب: أحكام الكذب| لعبد الرحمن بن يحيي المعلمي العتمي اليماني ...
وعثرت عليه عند تصفحي لأحد كتبه والتي حققها ناصر الدين الألباني ...
ولكن لا أدري كيف الطريق للوصول إليه،،، وأظنه مخطوط،،، الشيخ رحمه الله توفاه الله في القرن الماضي المنصرم.
ولكم مني كل الخير والحب
السلام عليكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Jul 2004, 12:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حياك الله أخي الكريم بين إخوانك
للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد كتاب بعنوان: الكذب - مظاهره - أخطاره تجده: هنا ( http://www.toislam.net/files.asp?order=2&num=671)
وتجد روابط عن موضوع الكذب هنا ( http://www.heartsactions.com/ref/bl.htm)
ـ[النعيمي]ــــــــ[06 Jul 2004, 02:19 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي محمد ...
ولله الحمد وجدت كثيراً من ضالتي ..
وشكراً جزيلاً مرة أخرى.
السلام عليكم.
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[07 Jul 2004, 12:43 ص]ـ
تجد اخي الكريم كلام للشيخ بن عثيمين في الفائدة الرابعة عشرة من الحديث الخامس والثلاثون على الرابط وقد تكلم عن التورية بتقسيم وتوضيح كعادته رحمه الله
http://www.binothaimeen.com/modules.php?name=Newss&file=article&sid=4558
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[08 Jul 2004, 05:21 ص]ـ
تتمة للفائدة، هذا ما وجدته:
(ملاحظة الرقم هو ترقيم مركز الملك فيصل، وهذه الكتب كلها موجودة عندهم)
كيف تحمون ابناءكم من الكذب /عائشه الجيار - رقم الوثيقة: 185434
408429 - كيف نعود ابنائنا على الصدق ونجنبهم الكذب /احمد زكي محمد - رقم الوثيقة: 176688
406745 - المعاقون اقدر من سواهم على اكتشاف الكذب - رقم الوثيقة: 175410
394855 - الكذب وقول الزور /حسن اللبان - رقم الوثيقة: 160483
391465 - الكذب ملح الرجال /فاتن حموي - رقم الوثيقة: 156549
389077 - كيف نحمي امل المستقبل من آفه الكذب /عبدالمحسن غزي بن حسن - رقم الوثيقة: 151782
384697 - عاده الكذب عند الاطفال /فتحي عبدالهادي الترعاوي - رقم الوثيقة: 146572
383782 - الكذب عند الاطفال /اشرف سعد - رقم الوثيقة: 144821
370334 - فلسفه الكذب /خالد عبدالكريم البكر - رقم الوثيقة: 136169
366969 - الكذب عند الاطفال /خوله القزويني - رقم الوثيقة: 133608
361630 - تجريم الكذب على المساهمين في شركات المساهمه /فيصل عبدالله الكندري - رقم الوثيقة: 130863
355439 - الاخلاق: الكذب - رقم الوثيقة: 109979
350668 - الكذب عند الاطفال /وفيق صفوت مختار - رقم الوثيقة: 126262
348486 - التعريض والتوريه هل هما من الكذب الآثم /حسن خالد - رقم الوثيقة: 115692
343056 - ازمه جهاز كشف الكذب /محمد حسين محمود - رقم الوثيقة: 109536
343042 - الكذب وحق المتهم في الدفاع عن نفسه في الدعوى الجنائيه /حسن محمد ربيع - رقم الوثيقة: 109536
341539 - الاعراض السلوكيه للمختبرين بجهاز كشف الكذب /احمد جنيد - رقم الوثيقة: 109523
336304 - اصول استعمال جهاز كشف الكذب /مصطفى رفعت - رقم الوثيقة: 109509
322758 - كيف تجنبين طفلك الكذب /آمال عبدالرحمن محمد - رقم الوثيقة: 110778
321171 - الكذب /عبدالوهاب الطويل - رقم الوثيقة: 111631
296939 - الكذب على رسول الله , او , الحديث الموضوع /محمد عبدالظاهر خليفه - رقم الوثيقة: 110747
296396 - هل يصبح الكذب حقيقه /عبدالمنعم النمر - رقم الوثيقة: 110745
280561 - الاساس النظري لاجهزه كشف الكذب: قياس التغيرات الفسيولوجيه المصاحبه للانفعال /سمير نعيم احمد - رقم الوثيقة: 110869 أو110870
278133 - احاديث الرسول حذرت من الكذب والعلم يثبت ان الكذب يؤدي الى المرض - رقم الوثيقة: 097800
275475 - احاديث الرسول جذرت من الكذب يثبت ان الكذب يؤدي الى المرض - رقم الوثيقة: 097798
273314 - عبقريه الكذب /احمد عبداللطيف بدر - رقم الوثيقة: 023783
268380 - الكذب عند الاطفال /اميمه عزالدين - رقم الوثيقة: 096658
258863 - الكذب والنسيان كما يراهما ابوالعلاء المعري /كامل كيلاني - رقم الوثيقة: 023772 أو116215
وآسف للإطالة، ولدى مركز الملك فيصل قدراً زائداً عما ذكرته ..
وفق الله الجميع.
ـ[النعيمي]ــــــــ[09 Jul 2004, 03:21 ص]ـ
جزاكم الله كل خير ....
وحقيقة،،، أني طلبت القليل فأتيتموني بالكثير،،، ولعل هذا من بركات منتداكم الجميل ...
فجزاكم الله الجنة بما صنعتم ...
وأنت كذلك أخي: عبدالله الميمان ...
السلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 Jul 2004, 04:40 ص]ـ
وأنت كذلك، ومن كتب ومن قرأ.
ـ[أبو سالم]ــــــــ[17 Jul 2004, 03:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا
الأمر الذي مازال قائما منذ أثاره الأخ النعيمي بسؤاله هو الحصول على كتاب يتحدث عن أحكام الكذب في الكتاب والسنة: متى يباح؟ وهل يجب أو يندب في بعض الأحوال؟ وما حكم اليمين كاذبا؟ وفي الحالات التي يباح فيها الكذب أو يطلب - إن قلنا بذلك - ما حكم الحلف في هذه الحالات؟ وغير ذلك من الأحكام التي من المفيد أن تجمع بين دفتي كتاب واحد.
ـ[النعيمي]ــــــــ[18 Jul 2004, 11:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
في حقيقة الأمر،،، إن بحثي عن موضوع الكذب،، وعن كتاب يضم حول دفتيه مسائل هذا الموضوع أملٌ لا يزال يراودني منذ زمن ....
ومع كثرة البحث حول هذا الموضوع لم أجد من كتب فيه إلا اثنان:
الأول: رساله في الكذب /محمد بن قاسم بن محمد, ابن الانباري (65008)، وأضنها مخطوط وهي مدونة ضمن مخطوطات مركز الملك فيصل.
الثاني: رسالة في أحكام الكذب،،، للمعلمي العتمي اليماني،،، أوردها في كتابه التنكيل ... وحقيقة الأمر،، أن هذه الرسالة هي الأهم،،، وللأسف لا أجد أنها نشرت او حققة ..
وكنت أرسلت رسالة الى دار أطلس للنشر والتوزيع،،، وهي عادة ما تهتم بنشر كتب الشيخ رحمه الله،،، فتفاجئوا بالرسالة وبأنها ذكرت في كتاب التنكيل،،، وأخيراً،، وجدوا أنها ذكرت،،، والى الآن لم يصلني منهم شيئاً حول وجودها شيئاً؟ وكنت قد حرصت عليهم ذلك؟
هذه هي بالنسبة للكتب التي ذكرت في أحكام الكتب ....
أما ما أثار لدي مسألة الكذب والتأليف المفرد فيها: هو سؤال دار خلاف بين المسلمين حوله؟ وهو متى يباح الكذب؟
وهذا هي أهم مسألة في ذلك؟
ثم: مسألة ما حد الكذب ... وهي المسألة الثانية.
أما متى يباح الكذب:
فالخلاف في المسألة لديكم معروف،،، فالعلماء قسمان:
منهم: من لا يبيح الكذب إلا في ثلاث حالات،،، وكلها معروفة إليكم.
والقسم الثاني: من يتوسع في المسألة فيبيح الكذب إذا لم يتعين إلا غيره طريقاً للمصلحة ... وهذا هو مذهب الشافعية وغيرهم ...
وحقيقة الأمر أن المسألة تحتاج الى بحث وتمحيص،،، فوجدت أن أقرء فيها قدر الإمكان للإستزادة ... وأظن أن المعلمي اليماني أجاد في مؤلفه لم تم العثور عليه او طبعه ...
أما حد الكذب: ففيه أيضاً مذاهب،،، الراغب الأصفهاني له في ذلك كلام،،،و غيره أيضاً ...
ومسألة مثل الكذب حريٌ أن يفهرس لها ويكتب فيها ما يضم مسائله جيداً،،،
واذا كان لدى الأخوة -جزاهم الله خيراً- علمٌ في هذه المسائل وغيرها،،، فندعوهم أن لا يكتموه وان يبينوا للناس ذلك.
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...(/)
هل قول الطبري حول تعلم السحر صحيح فى تفسير قوله تعالى ((و ما كفر سليمان))
ـ[حنبل]ــــــــ[06 Jul 2004, 09:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
قرأت فى تفسير الطبري كلاما حول جواز تعلم السحر و صناعة الخمور بنيه التعلم فقط و ليس للعمل بها فهل هذا الحكم صحيح لانه اشكل عندى و قوله تعالى ((و ما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنه فلا تكفر)) ففهمت منها ان مجرد تعلم السحر يعتبر كفرا لان التحذير كان من التعلم على حسب ما فهمت من قراءة التفاسير.
و سؤال آخر هل هنالك اختلاف بين العلماء فى قتل الساحر الذى يسحر بإمور فيها استعانه بالجن و مخاطبة للكواكب و إذا كان هنالك إجماع منعقد هل لى ان احصل عليه.
و سؤال آخير: هنالك بعض الطرق السحرية التى يستعملها المتصوفة فى كتاب التمائم و الرقى تسمى الاوفاق و هى عبارة عن ارقام معينة تكتب بصورة ثلاثية او رباعية او خماسية و تتم اثناء الكتابة التمتمه ببعض الطلاسم و العبارات و يحدد وقت معين فى كتابتها حتى يقوى استخدام الروحانيات كما يدعون هل اجد عندكم فتوى علماء عن استخدام هذه الطريقة.
جزاكم الله خيرا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Jul 2004, 03:42 ص]ـ
أخي الكريم: هلا نقلت عبارة الطبري بنصها.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[07 Jul 2004, 07:06 ص]ـ
الأخ حنبل: السلام عليكم.
الكلام المذكور في تفسير الطبري ليس له وإنما نقله عن جماعة من المفسرين، وهذا نصه: ((قالوا ليس في العلم بالسحر إثم كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب وإنما الإثم في عمله وتسويته قالوا وكذلك لا إثم في العلم بالسحر وإنما الإثم في العمل به وأن يضر به من لا يحل ضره به قالوا فليس في إنزال الله إياه على الملكين ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس إثم إذا كان تعليمهما من علماه ذلك بإذن الله لهما بتعليمه بعد أن يخبراه بأنهما فتنة وينهاه عن السحر والعمل به والكفر وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به قالوا ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك لم يكن من تعلمه حرجا كما لم يكونا حرجين لعلمهما به إذ كان علمهما بذلك عن تنزيل الله إليهما)) تفسير الطبري (1\ 453) ..
وفي نظري أن تعلم السحر ليس كالعلم بصنعة الخمر لأن تعلم السحر كما نقل لي عمن قرأ في كتب تعليم السحر لايكفي فيه مجرد قراءة مباديء الصنعة، بل يبدتديء بقراءة المبادي ثم يصل إلى حد لا بد فيه من الذبح لغير الله، فهذا قد يفسر قول الفقهاء والمفسرين أن من تعلمه كفر والله تعالى أعلم.
وأما قولك: ((و سؤال آخر هل هنالك اختلاف بين العلماء فى قتل الساحر الذى يسحر بإمور فيها استعانه بالجن و مخاطبة للكواكب و إذا كان هنالك إجماع منعقد هل لى ان احصل عليه.)) فجوابه أن البغوي-رحمه الله -يقول: ((الله تعالى امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت، فمن شقي يتعلم السحر منهما فيكفر به، ومن سعد يتركه فيبقى على الإيمان))، وفي السنة النبوية أن النبي r قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يارسول الله وما هن ّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر .. الحديث) ()، وقد وقع الخلاف في تفصيل هذا التحريم، هل يخرج من الملة أم لا؟ يقول ابن هبيرة: ((أما السحر فإنه باطل، ومعلمه عاصٍ لله عز وجل، ولا يحل تعلمه ولا تعليمه)) ()، ويسوق الخلاف في الكفر بالسحر، فيقول: ((واختلفوا: فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يكفر بذلك، إلا أن من أصحاب أبي حنيفة من فصّل فقال: إن تعلمه ليتقيه، أو ليتجنبه؛ فلا يكفر بذلك، وإن تعلمه معتقداً لجوازه، أو معتقداً أنه ينفعه، فإنه يكفر، ولم ير الإطلاق، وإن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء، فهو كافر، وقال الشافعي: إذا تعلم السحر قلنا له صف سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقده أهل بابل، من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها، فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر)) ().
وخلاصة ما أورده ابن هبيرة من الأقوال السابقة أن الأئمة الأربعة أجمعوا على أن من تعلم السحر أو علمه فإنه يكفر باستحلاله، ويكفر بفعل السحر إذا كان مشتملاً على ما يوجب الخروج من الملة كاعتقاده أن الشياطين تفعل له ما يشاء، أو أن السحر ينفعه، ويبقى الخلاف في من تعلم أو علم السحر ولم يصف ما يوجب الكفر، وهذا الخلاف لم يشر ابن هبيرة إلى ترجيح له فيه، إلا أنه في معرض تعليقه على كتاب عمر رضي الله عنه: ((اقتلوا كل ساحر وساحرة)) مال إلى أن الساحر يجوز قتله إذا استحل السحر، فلم يجزم بتكفيره بمجرد فعله، بل لابد معه من مصاحبة ما يوجب الخروج من الملة،كالتقرب إلى الشياطين أو ادعاء علم الغيب، وقد أشار الشيخ سليمان بن عبدالله إلى أنه عند التحقيق في المسألة نجد أنه لاخلاف بين القائلين بتكفير الساحر مطلقاً، والقائلين بعدم تكفيره إلا بمصاحبته لما يوجب الكفر، لأن هؤلاء يظنون أنه يوجد أنواعٌ من السحر يمكن أن تتأتى بغير شرك، وهذا لا يوجد عند التحقيق، ولهذا سماه الله كفراً فقال تعالى: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر)، وأيد هذا القول الشيخ حافظ الحكمي فقال: ((وهذا من أصرح الأدلة على كفر الساحر، ونفي الإيمان عنه بالكلية؛ فإنه لا يقال للمؤمن المتقي لو أنه آمن واتقى، إنما قال تعالى ذلك لمن كفر وفجر، وعمل بالسحر واتبعه، وخاصم به رسوله r ، ورمى به نبيه، ونبذ الكتاب وراء ظهره، وهذا ظاهر لا غبار عليه والله أعلم، وقد صرح بذلك أئمة السلف من الصحابة والتابعين وإنما اختلفوا في القدر الذي يصير به كافراً))
انظر: الإفصاح الفقهي للوزير ابن هبيرة (2\ 226).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حنبل]ــــــــ[07 Jul 2004, 10:25 ص]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله.
جزاك الله خير شيخنا عبد الله و بارك الله فيك.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[08 Jul 2004, 01:16 ص]ـ
وجزاك خيراً كذلك ومن عرج.(/)
قاعدة بيانات لمسابقات التحفيظ
ـ[حسين]ــــــــ[06 Jul 2004, 10:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أساتذتي الكرام:
إليكم هذه القاعدة لأسئلة مسابقات حفظ القرآن الكريم 0
آملا أن أجد النقد والتوجيه 0
http://www.freewebs.com/makkahschool/tahfeth.zip(/)
يوم ما بعده يوم
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[06 Jul 2004, 07:00 م]ـ
يَوْمٌ مَا بَعْدَهُ يَوْم
قال الله تعالى في سورة عبس " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لُكُلِّ اِمْرِئٍ مُنْهُمْ
يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ "
ذَلِكَ يَوْمٌ عَصِيبٌ شَدِيدٌ، إِنَّهُ يَوْمُ الْعَرْضِ على اللهِ، كُلٌّ مَسْئُولٌ عَنْ نَفْسِه، كُلٌّ مَشْغُولٌ بِحَالِهِ، كُلٌّ يَطْلُبُ النَّجَاةَ لِنَفْسِه، فَلا مَالَ لصَاحِبِهِ نَافِعٌ، وَلا أَخَ لِلْعَذَابِ دَافِع، ولا أَبَ لِسَيِّءِ أَعْمَالِكَ عَنْكَ رَافِع، ولا أُمَّ يَوْمَئِذٍ تَرْحَم، وَلا زَوْجَ في الْمَوْقِفِ عَنْكَ يَسْأَل، ولا وَلَدَ مِنْ سُوءِ الْمَصِيرِ يُنْجِي.
الْكُلُّ يَقُولُ نَفْسِي نَفْسِي .. نَفْسِي نَفْسِي.
الْكُلُّ يَبْحَثُ عَنِ النَّجَاةِ.
الْكُلُّ في هَمٍّ عَظِيمٍ، وَغَمٍّ مُقِيمٍ، يُرِيدُ أَنْ يَعْرِفَ أَيْنَ هُوَ؟
الْكُلُّ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ أَفِي الْجَنَّةِ والنَّعِيمِ هو أَمْ في جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ؟
فلا مَالَ نَافِعٌ، ولا حَسَبَ نَافِعٌ، ولا وَلَدَ وَلا أَهَلَ ولا صَدِيقَ نَافِعٌ.
يَأْتِي الابنُ أَبَاهُ يَسْأَلُهُ أَنْ ُيْعِطِيَهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً يَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ نَفْسِي نَفْسِي.
يَأْتِي الأبُ ابْنَهُ يَسْأَلُهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً يَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ نَفْسِي نَفْسِي.
يَأْتِي الزَّوْجُ زَوْجَهُ يَسْأَلُهَا حَسَنَةً وَاحِدَةً يَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ فَتَقُولُ نَفْسِي نَفْسِي.
وَصَدَقَ اللهُ تعالى إِذْ يقول:"يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ ولا بَنُونَ إلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ "
.......
فَخُذْ مِنْ دُنْيَاكَ لأخْرَاكَ، واعْمَلْ لَيِوْمٍ لا عَمَلَ فيه.
اسْتَعِدّ لِيَوْمٍ يَنْدَمُ فيه الظَّالِمُونَ أنْفُسَهِمْ ... يَنْدَمُونَ حَيْثُ لا يَنْفَعُ النَّدَم.
اعْمَلْ فَإِنَّ مَا يِمْضِي عَنْكَ وَيِذْهَبُ فلا يَعُود.
أَصْلِحْ قَبْلَ أَلا مَجَالَ ولا مَكَانَ ولا زَمَانَ لإصْلاحٍ.
إِنَّمَا يُوجَدُ الْحِسَابُ، والْحِسَابُ فَقَط.
بقلم
محمود أبو جهاد
18 جمادى الأولى 1425 هـ(/)
ألفاظ الحمد لله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم؟ هل يجوز ... ؟
ـ[النعيمي]ــــــــ[06 Jul 2004, 08:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
كنت قرأت رسالة لابن القيم الجوزية،،، "جواب في صيغ الحمد"،،، وكان مجمل الرسالة في الرد على حديث: "الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده"، فبين رحمه الله ضعف الحديث وانقطاعه ثم أورد مواضع الحمد في القرآن الكريم والسنة النبوية ...
ولدي سؤال حول هذا الموضوع:
هل يصح أن يحمد الأنسان بغير المأثور في المواضع التي تستحق الحمد؟ مثل: بعد الطعام، العطس او غير ذلك من مواضع؟ وإن كنت متفقاً مع المجيب بأن الحمد بالمأثور هو الأولى؟
وأعني بغير المأثور: بأن يستنبط الأنسان صيغة حمد من عنده او يستعمل صيغة وردت مثلاً في الصلاة، مثل: "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى" بعد انتهاءه من الطعام؟
ولو أشار المجيب بالضابط في مثل هذه المسائل لكان أوفى وأحسن.
ولكم جزيل الشكر
السلام عليكم(/)
قوله تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم ... } مما أشكل تفسيره على الشيخ ابن سعدي
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[08 Jul 2004, 04:50 ص]ـ
قال الشيخ رحمه الله:
(أي: ودليل لهم وبرهان، على أن الله وحده المعبود، لأنه المنعم بالنعم، الصارف للنقم، الذي من جملة نعمه
" أنا حملنا ذريتهم "
قال كثير من المفسرين: المراد بذلك: آباؤهم.
" وخلقنا لهم "
أي: للموجودين من بعدهم
" من مثله "
أي: من مثل ذلك، أي: جنسه
" ما يركبون "
به. فذكر نعمته على الآباء، بحملهم في السفن، لأن النعمة عليهم، نعمة على الذرية. وهذا الموضع من أشكل المواضع علي في التفسير. فإن ما ذكره كثير من المفسرين، من أن المراد بالذرية الآباء، مما لا يعهد في القرآن إطلاق الذرية على الآباء. بل فيه من الإبهام، وإخراج الكلام عن موضوعه، ما يأباه كلام رب العالمين، وإرادته البيان والتوضيح لعباده. وثم احتمال أحسن من هذا، وهو أن المراد بالذرية، الجنس، وأنهم هم بأنفسهم، لأنهم هم، من ذرية بني آدم. ولكن ينقض هذا المعنى قوله:
" وخلقنا لهم من مثله ما يركبون "
إن أريد: وخلقنا من مثل ذلك الفلك، أي لهؤلاء المخاطبين، ما يركبون من أنواع الفلك، فيكون ذلك تكريرا للمعنى، تأباه فصاحة القرآن. فإن أريد بقوله:
" وخلقنا لهم من مثله ما يركبون "
الإبل، التي هي سفن البر، استقام المعنى واتضح. إلا أنه يبقى أيضا، أن يكون الكلام فيه تشويش، فإنه لو أريد هذا المعنى، لقال: وآية لهم أنا حملناهم في الفلك المشحون، وخلقنا لهم من مثله ما يركبون. فأما أن يقول في الأول: حملنا ذريتهم، وفي الثاني: حملناهم، فإنه لا يظهر المعنى. إلا أن يقال: الضمير عائد إلى الذرية، والله أعلم بحقيقة الحال. فلما وصلت في الكتابة إلى هذا الموضع، ظهر لي معنى ليس ببعيد من مراد الله تعالى. وذلك أن من عرف جلالة كتاب الله، وبيانه التام من كل وجه، للأمور الحاضرة والماضية، والمستقبلة، وأنه يذكر من كل معنى أعلاه وأكمل ما يكون من أحواله، وكانت الفلك من آياته تعالى، ونعمه على عباده، من حين أنعم عليهم، بتعلمها إلى يوم القيامة، ولم تزل موجودة في كل زمان، إلى زمان المواجهين بالقرآن. فلما خاطبهم الله تعالى بالقرآن، وذكر حالة الفلك، وعلم تعالى أنه سيكون أعظم آيات الفلك، في غير وقتهم، وفي غير زمانهم، حين يعلمهم صنعة الفلك البحرية، والشراعية منها والبخارية، والجوية السابحة في الجو، كالطيور ونحوها، والراكب البرية، مما كانت الآية العظمى فيه لا توجد إلا في الذرية، نبه في الكتاب على أعلى نوع من أنواع آياتها فقال:
" وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون "
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jul 2004, 07:11 ص]ـ
انظر أخي الكريم هنا في ملتقى أهل الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3613&highlight=%CD%E3%E1%E4%C7+%D0%D1%ED%CA%E5%E3)
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 Jul 2004, 12:34 ص]ـ
جزيت خيراً ونقاش رائع.
وفقك الله.(/)
البشرى العظيمة
ـ[سليمان داود]ــــــــ[08 Jul 2004, 07:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في سورة المائدة:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (85) المائدة
أعزائي رواد هذا المنتدى
عند رجوعي بادء الأمرالى تفسير الطبري وجدته قد قال في تفسير هذه الآيات مايلي:
آية (82)
القول في تأويل قوله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى}
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {لتجدن} يا محمد {أشد الناس عداوة} للذين صدقوك واتبعوك وصدقوا بما جئتهم به من أهل الإسلام، {اليهود والذين اشركوا} يعني عبدة الأوثان الذين اتخذوا الأوثان آلهة يعبدونها من دون الله. {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا} يقول: ولتجدن أقرب الناس مودة ومحبة. والمودة: المفعلة، من قول الرجل: وددت كذا أوده ودا وودا وودا ومودة: إذا أحببته. {للذين آمنوا}، يقول: للذين صدقوا الله ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. {الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} عن قبول الحق واتباعه والإذعان به. وقيل: إن هذه الآية والتي بعدها نزلت في نفر قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى الحبشة، فلما سمعوا القرآن أسلموا واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل
أما السعدي فقد قال:
82 "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى
ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ
لَا يَسْتَكْبِرُونَ "
ثم قال تعالى " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً " إلى "
أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ". يقول تعالى - في بيان أقرب الطائفتين
إلى المسلمين, وإلى ولايتهم, ومحبتهم, وأبعد من ذلك: "
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ". فهؤلاء الطائفتان على
الإطلاق, أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين, وأكثرهم سعيا في
إيصال الضرر إليهم. وذلك, لشدة بغضهم لهم, بغيا, وحسدا, وعنادا,
وكفرا. " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ
آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ". وذكر تعالى لذلك
عدة أسباب. منها: أن " مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا " أي:
علماء متزهدين, وعبادا في الصوامع متعبدين. والعلم مع الزهد,
وكذلك العبادة - مما يلطف القلب ويرققه, ويزيل عنه ما فيه, من
الجفاء والغلظة, فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود, وشدة المشركين.
ومنها: أنهم " لَا يَسْتَكْبِرُونَ " أي: ليس فيهم تكبر ولا عتو,
عن الانقياد الحق. وذلك موجب لقربهم من المسلمين, ومن محبتهم.
فإن المتواضع, أقرب إلى الخير, من المستكبر.
83 "وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى
أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ
الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ "
ومنها: أنهم إذا " سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ "
محمد صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا له, وفاضت
أعينهم, بحسب ما سمعوا من الحق الذي تيقنوه, فلذلك آمنوا, وأقروا
(يُتْبَعُ)
(/)
به فقالوا: " رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
" وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد, ولرسله
بالرسالة, وصحة ما جاءوا به, ويشهدون على الأمم السابقة,
بالتصديق والتكذيب. وهم عدول, شهادتهم مقبولة, كما قال تعالى "
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ
عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ".
فالذي لاحظته هو نفس ماتلاحظونه الآن من الاختلاف في تفسير هذه الآيات
فالطبري جعلهم مسلمين؟؟؟؟ وقال انهم أسلموا وهذا خطأ فادح لا ينبغي له أن يقع فيه
لأن قوله بعيد جدا" عن سياق الآيات؟؟؟؟ ولو أنهم أسلموا لقالوا من الشاهدين وليس (مع الشاهدين)
ولو كان كذلك لقال تعالى إن أصدق المؤمنين النصارى بعد إيمانهم لأن فيهم رهبانا وقسيسين؟؟؟ أو بما معناه؟؟؟
لكن الباري حدد طائفتين أكثر عداوة وأكثر مودة للمسلمين
واستشهد باليهود للعداوة
واستشهد بالرهبان والقساوسة للمودة
أما الشيخ السعدي رحمه الله
فقد تجنب التعمق بالآيات واكتفى بتعريفنا بالرهبان
واكتفى بشرح المفردات فقط؟؟
ولا أخفيكم أن هذه الآيات أخذت مني أكثر من شهرين لوحدها في التمعن وملاحظة السياق والتفكر بما ترمي إليه هذه الآيات
ولا يعني هذا أنني بمصاف الطبري أو السعدي في التفسير
ولكي تعذروني أورد لكم قصة عمر رضي الله عنه عندما وقف على المنبر وأمر الناس أن لايغالوا بالمهور
فذكرته إحدى النساء بقول تعالى
وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً
فهذا يعني أن بعض النساء تستحق قنطارا
فقال عمر أصابت امرأه وأخطأ عمر
والمرأة ليست أفضل مني
والطبري والسعدي ليسوا أفضل من عمر؟؟؟؟؟؟؟
أما بعد
فان الذي رأيته في هذه الآيات
شئ آخر ورائع وبشرى لنا نحن الناطقين بالشهادة
فعندما قرأت هذه الآيات قلت بيني وبين نفسي
إذا كان هؤلاء الرهبان فقط آمنوا إيمانا" نظريا" وذرفوا الدموع
ولأنهم قساوسة دينهم فانهم حافظوا على نصرانيتهم؟؟؟؟؟
وطلبوا من الرحمن أن يكتبهم (مع؟؟؟؟ الشاهدين)
أي أنهم لم ينطقوا الشهادة؟؟؟
بل طلبوا أن يكتبوا مع من نطق الشهادة؟؟؟؟
الأمر الثاني - البشرى الرائعة التي احتفظ بها الصحابي حتى توفي رسول الله
عندما أخبرنا أن من ينطق الشهادتين لن تمسه نار؟؟؟
وهنا أهم مافي هذه الآيات
فلو تلونا الآية 85
نلاحظ أن الله أثابهم الجنة بمجرد قولهم (أكتبنا مع الشاهدين)
فكيف لو كانوا من الشاهدين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فشهادتهم ضمنية ولدت فيهم الدموع؟؟؟ لكنهم لم ينطقوها
ولو نطقوها لكانوا مسلمين
فانه لمجرد إيمانهم النظري؟؟ وطلبهم من الله أن يكتبوا مع الشاهدين أثابهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار وأكد ذلك بقوله (بما قالوا؟؟؟)
وقوله تعالى بما قالوا لها دلالات أخرى – فقد صرح الباري بأنهم قالوا فجزاهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار
ولم يقل فعلوا؟؟؟؟
بل مجرد قول بلا فعل
أي لم يقترن ذلك بصلاة أو صيام أو زكاة أو حج
ولم يجاهدوا في سبيل الله 0000 الخ مايأمر به الله عباده المؤمنين المسلمين
فتصوروا معي منزلة المسلم الذي نطق الشهادتين
وفعل ما أمره الله وترك مانهاه
وتأكيدا لكلامي فلم يورد الله تفصيلا لنوع جنتهم؟؟؟
ودرجتها لأن الجنة درجات وأنواع
فاكتفى بقوله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
لكنه عز وجل وصف لنا منزلة المقربين وأصحاب اليمين
وفوق ذلك زيادة (وهي رؤية الرحمن) التي لاتعادلها كل جنان الله
فكيف لو نطقوها؟؟؟ وقالوا لا اله إلا الله محمد رسول الله
وقرنوا القول بالعمل
وكذلك هذه الآيات تؤيد الحديث النبوي الذي أمر رسول الله أحد الصحابة أن لا يبلغ الناس حتى لا يتكلوا؟؟؟
لكن هذا الصحابي آثر أن يبلغ الناس بعد انتقال النبي للرفيق الأعلى فقال الحديث المشهور الذي يعتبر أعظم حديث من أحاديث الرجاء
اللهم إن كنت مصيبا فهو لوجهك الكريم
ولاعلم إلا ماعلمتنا انك أنت السميع العليم
وقل ربي زدني علما
وان أخطأت فمن نفسي الأمارة بالسوء وتأملاتها
فأطلب المغفرة من ربي
والمعذرة منكم أخوتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jul 2004, 10:50 م]ـ
الشيخ الكريم سليمان داود
تحية طيبة، وشكر جزيل على جميل مشاركاتك، وعمق نظراتك.
وقد سبق أن حصل بين وبين أحد الإخوة الكرام حوار ونقاش علمي في تفسير الآيات التي وقفت معها في مشاركتك هذه، فأرجو منك أن تقرأ هذا الحوار، وتبدي رأيك، وتتحفنا بتعليقك مشكوراً.
حوار علمي في تفسير آية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=537&highlight=%CD%E6%C7%D1+%DA%E1%E3%ED)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[09 Jul 2004, 01:37 م]ـ
أستاذنا العزيز أبو مجاهد العبيدي
لايسعني الا أن أ شكرك على هذه الكلمات
وأشكر مرورك الرائع
ولو كنت أعلم أن هذا الموضوع موجود في الملتقى لكانت مشاركتي ردا من الردود؟؟؟
وعلى كل حال فان أهم مافي هذه المشاركة
ليست بيان صحة أو خطأ السابقين في تفسير هذه الآيات فقط
بل أهم ما فيها تأكيد صحة حديث البشرى بواسطة هذه الآيات
وهو عندي أهم من أي أمر آخر
لأن هذه الآيات الكريمات تؤيد الحديث النبوي
فيكون صحيحا" مئة بالمئة
والله الموفق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[10 Jul 2004, 11:50 م]ـ
أخي سليمان .......... أحمد الله إليك ... وأغبطك على اهتمام "الخلوق", "الاديب" أبو مجاهد العبيدي ....
ولكن ..............
إذا كنت تريد أن الله أدخلهم الجنة "بغير" شهادة التوحيد, وعلى بقائهم على "شركهم" فلم تصب الحق!.
فهؤلاء النفر مؤمنون شهدوا للنبي بالرسالة ولله بالوحدانية ... {وإذا سمعوا ما أنزل إلى (((((الرسول)))))) ترى أعينهم ....... مما (((((((((عرفوا من)))))))) """"""""""الحق"""""""""""""!!
يقولون: ربنا (((((((((((((((((((آمنا)))))))))))))) فاكتبنا مع الشاهدين!!
ألسنا نحن الذين نقول: "ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان (((((((((فآمنا))))))))!
وهم أنفسهم الذي ذكرهم الله يا أهي في سورة القصص, {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به """""يؤمنون"""""", وإذا يتلى عليهم قالوا ((((آمنا به))))))))) إنه (((((الحق)))) من ربنا إنا كنا من قبله ((((((((((مسلمين))))))))))!!
قوى الله عزيمتك وأنار بصيرتك وألهمك رشدك!.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[12 Jul 2004, 04:53 م]ـ
أخي العزيز الشيخ أبو أحمد
لقد أوضحت وجهة نظري؟؟؟؟ بما فيه الكفاية
ولا أرغم أي شخص على الاقتناع بوجهة نظري
وأشكر مرورك وتعقيبك(/)
الأحرف السبعة
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[09 Jul 2004, 02:53 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة عن الأحرف السبعة، جمعتها، من كتاب البرهان للزركشي رحمه الله، وكتاب مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان، وكتاب إمتاع الجنان بعلوم القرآن للشيخ عبد البديع أبوهاشم، أسأل الله أن ينفع بها، والله من وراء القصد
مسألة: الأحرف السبعة:
ممن تكلم عن هذه المسألة، فوفاها، الشيخ مناع القطان، في كتابه علوم القرآن، حيث بدأ بالتأكيد على تواتر نصوص السنة بأحاديث نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف، وذكر منها:
¨ حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف.
¨ حديث أبي بن كعب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وأن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وأن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الثالثة، فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وأن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الرابعة، فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا.
¨ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه ملاحاته لهشام بن حكيم رضي الله عنه، لما أنكر قراءته لسورة الفرقان، وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي آخره، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها.
وقد استقرأ ابن جرير الطبري رحمه الله، معظم أحاديث هذه المسألة، في مقدمة تفسيره، وذكر السيوطي رحمه الله، في "الإتقان"، أنها رويت عن 21 صحابيا، وقد نص أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله على تواتر أحاديثها، ويستدرك الشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم، حفظه الله، في كتابه "إمتاع الجنان"، على هذا الرأي، بقوله بأن هذه الأحاديث، وإن توفر لها التواتر في طبقة الصحابة رضي الله عنهم، إلا أنه لم يتوفر لها في بقية طبقات السند، وهذا ينفي التواتر، لأن من شرطه، أن يتحقق في كل طبقات السند، كما هو معلوم في علم المصطلح، ولعل أبا عبيد رحمه الله قصد التواتر المعنوي، لا اللفظي، والله أعلم.
وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الأحرف السبعة إختلافا كثيرا، حتى قال ابن حبان رحمه الله بأن الأقوال في هذه المسألة بلغت 35 قولا، وابرزها:
¨ أولا: وهو رأي أكثر العلماء، وقد رجحه الشيخ مناع، كما سيأتي إن شاء الله، أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن منزلا بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لا يكون هناك إختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر، ومن الأمثلة التي تؤيد هذا الرأي، قراءة أبي رضي الله عنه: (أخرونا نقتبس من نوركم)، ثم حدث الخلاف في تحديد هذه اللغات، فقيل:
هي لغات: قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقال أبو حاتم السجستاني رحمه الله: نزل بلغة قريش، وهذيل، وتميم، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.
وتعليل ذلك، كما قال الطحاوي رحمه الله: ذلك كان في وقت خاص لضرورة دعت إليه، لأن كل ذي لغة كان يشق عليه أن يتحول عن لغته، ثم لما كثر الناس، والكتاب ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم الأحرف السبعة، وعاد ما يقرأ به إلى حرف واحد، وممن أيد هذا الرأي، ابن عيينة وابن وهب والطبري.
(يُتْبَعُ)
(/)
¨ ثانيا: إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه في جملته لا يخرج عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، وعلى هذا يحمل قول عثمان رضي الله عنه: إنما نزل بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع.
وهذا الرأي يختلف عن سابقه، لأنه يعني أن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغا مختلفة في كلمة واحدة بإتفاق المعاني،، وهذا ما أكد عليه أبو عبيد، وابن العربي، ومن الأمثلة على ذلك: تعدد عدم الهمز، (وهو لغة قريش)، والهمز (وهو لغة غيرهم).
وممن أيد هذا الرأي أيضا، القاضي الباقلاني رحمه الله، واستدل بقوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا)، ولم يقل (قرشيا)، حتى يقال بأنه نزل كله بلغة قريش، وخالف ابن قتيبة رحمه الله، وغيره، وقالوا: لم ينزل القرآن إلا بلغة قريش، واستدلوا بقوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)، والله أعلم.
¨ ثالثا: إن الأحرف السبعة، أوجه سبعة: من الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والجدل، والقصص، والمثل، أو من: الأمر، والنهي، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال، وقد أخرج الحاكم والبيهقي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد، وعلى حرف واحد،ونزل القرآن من سبعة أبواب، على سبعة أحرف: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.
¨ رابعا: وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة، وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها الإختلاف، وهي:
· إختلاف الأسماء بالإفراد والتذكير وفروعها: التثنية والجمع والتأنيث، كقوله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)، حيث قريء بالجمع "لأماناتهم" وقريء بالإفراد، "لأمانتهم" بالإفراد، ورسمها في المصحف: "لأمنتهم"، يحتمل القراءتين، لخلوها من الألف الساكنة، ومآل الوجهين في المعنى واحد، فيراد بالجمع، الإستغراق الدال على الجنسية، ويراد بالإفراد الجنس الدال على معنى الكثرة أي جنس الأمانة، وتحت هذا جزئيات كثيرة.
· الإختلاف في وجوه الإعراب: كقوله تعالى: (ما هذا بشرا)، قرأ الجمهور بالنصب، على أن "ما" عاملة عمل "ليس"، وهي لغة أهل الحجاز وبها نزل القرآن، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: (ما هذا بشر)، بالرفع، على لغة بني تميم، فإنهم لا يعملون "ما" عمل "ليس"، وكقوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات)، قريء بنصب "آدم" ورفع " كلمات".
· الإختلاف في التصريف:
كقوله تعالى: (فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا)، قريء بنصب (ربنا) على أنه منادى مضاف و (باعد) بصيغة الأمر، وقريء (ربنا) بالرفع و (باعد) بفتح العين، على أنه فعل ماض، وقريء (بعد) بفتح العين مشددة مع رفع (ربنا) أيضا.
ومن ذلك ما يكون بتغيير حرف، مثل (يعلمون، وتعملون)، بالياء والتاء، و (الصراط، والسراط) في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم).
· الإختلاف بالتقديم والتأخير:
o إما في الحرف، كقوله تعالى: (أفلم ييئس)، وقريء: (أفلم يأيس).
o وإما في الكلمة، كقوله تعالى: (فيقتلون ويقتلون)، بالبناء للفاعل (المعلوم) في الأول، وللمفعول (المجهول) في الثاني، وقريء بالعكس.
وأما قراءة (وجاءت سكرة الحق بالموت)، بدلا من قوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق)، فقراءة أحادية أو شاذة، لم تبلغ درجة التواتر.
· الإختلاف بالإبدال:
o سواء كان إبدال حرف بحرف، كقوله تعالى: (وانظر إلى العظام كيف ننشزها)، قريء بالزاي مع ضم النون، وقريء بالراء المهملة مع فتح النون.
o أو إبدال لفظ بلفظ، كقوله تعالى: (كالعهن المنفوش)، قرأ ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، (كالصوف المنفوش).
o وقد يكون هذا الإبدال مع التفاوت في المخارج كقوله تعالى: (وطلح منضود)، قريء (طلع) ومخرج الحاء والعين واحد، فهما من حروف الحلق.
· الإختلاف بالزيادة والنقص:
(يُتْبَعُ)
(/)
o فالزيادة، كقوله تعالى: (وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار)، التوبة 100، قريء (من تحتها الأنهار) بزيادة (من)، وهما قراءتان متواترتان، ويمثل لها في قراءة الآحاد، بقراءة ابن عباس رضي الله عنهما، (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، بزيادة (صالحة)، وإبدال كلمة (أمام) بكلمة (وراء).
o والنقصان، كقوله تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولدا)، بدون واو، وقراءة الجمهور، بالواو، ويمثل لها في قراءة الآحاد بقراءة (والذكر والأنثى) بدلا من قوله تعالى: (وما خلق الذكر والأنثى).
· إختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق، والفتح والإمالة، والإظهار والإدغام، والهمز والتسهيل، والإشمام ونحو ذلك.
o ومن الأمثلة على الإمالة: قوله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى)، بإمالة (أتى، وموسى).
o ومن الأمثلة على تسهيل الهمز، وهو لغة قريش كما سبق، قوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون)، بتسهيل الهمزة.
ويقول الشيخ مناع، بأن هذا الرأي هو أقوى الآراء، بعد الرأي الأول، وإليه ذهب الرازي رحمه الله، وانتصر له من المعاصرين الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.
¨ خامسا: وذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له، وإنما هو رمز إلى ما ألفه العرب من معنى الكمال في هذا العدد، فهو إشارة إلى أن القرآن في لغته وتركيبه كأنه حدود وأبواب لكلام العرب كله مع بلوغ الذروة في الكمال، فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد، كما يطلق السبعون في العشرات، والسبعمائة في المئين، ولا يراد العدد المعين، وإلى هذا مال القاضي عياض رحمه الله، ومن تبعه.
¨ سادسا: إن المراد بالأحرف السبعة، القراءات السبع، وقد حكي عن الخليل بن أحمد رحمه الله، وقد وصف الزركشي رحمه الله، هذا الرأي بأنه أضعف الآراء.
وزاد الزركشي رحمه الله، في البرهان:
¨ أولا: أن المراد أن علم القرآن، يشتمل على سبعة أشياء:
· علم الإثبات والإيجاد، كقوله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض).
· وعلم التوحيد، كقوله تعالى: (قل هو الله أحد).
· وعلم التنزيه، كقوله تعالى: (أفمن يخلق كمن لا يخلق).
· وعلم صفات الذات، كقوله تعالى: (الملك القدوس).
· وعلم صفات الفعل، كقوله تعالى: (واعبدوا الله).
· وعلم العفو والعذاب، كقوله تعالى: (ومن يغفر الذنوب إلا الله).
· وعلم الحشر والحساب، كقوله تعالى: (إن الساعة لآتية).
· وعلم النبوات، كقوله تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين).
· والإمامات، كقوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
ويلاحظ أن أصحاب هذا الرأي، ذكروا تسعة أشياء، لا سبعة.
¨ ثانيا: أن المراد به سبعة أشياء: المطلق والمقيد، والعام والخاص، والنص والمؤول، والناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفسر، والإستثناء وأقسامه، حكاه أبو المعالي بسند له عن أئمة الفقه.
¨ ثالثا: وقد حكي عن أهل اللغة: أن المراد الحذف والصلة، والتقديم والتأخير، والقلب والإستعارة، والتكرار، والكناية والحقيقة والمجاز، والمجمل والمفسر، والظاهر، والغريب.
¨ رابعا: وقد حكي عن النحاة، أنها التذكير والتأنيث، والشرط والجزاء، والتصريف والإعراب، والأقسام وجوابها، والجمع والتفريق، والتصغير والتعظيم، وإختلاف الأدوات مما يختلف فيها بمعنى، وما لا يختلف في الأداء واللفظ جميعا.
¨ خامسا: وحكي عن الصوفية، أنها سبعة أنواع من المبادلات، والمعاملات، وهي الزهد والقناعة مع اليقين، والحزم والخدمة مع الحياء، والكرم والفتوة مع الفقر، والمجاهدة والمراقبة مع الخوف، والرجاء والتضرع والإستغفار مع الرضا، والشكر والصبر مع المحاسبة والمحبة، والشوق مع المشاهدة. اهـ، وينبغي التنبيه على ما قد تحتويه هذه العبارات، من تجاوزات، وخاصة عند الصوفية.
¨ سادسا: أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه، لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأكملها كلمة، والحرف يقع على المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة، قاله أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي رحمه الله، فالحرف مشترك لفظي، له أكثر من معنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد سرد هذه الآراء، تأتي مرحلة المناقشة، ومن أفضل من ناقشها الشيخ مناع القطان في "مباحثه":
¨ حيث أجاب عن الرأي القائل بأن المراد، هو سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، بمعنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عنها، فهو يشتمل في مجموعه عليها، بأن لغات العرب أكثر من سبع، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما، اختلفا، رغم أن كليهما قرشي، فلو كان الحرف، (بمعنى القراءة)، واحدا لما استنكر عمر قراءة هشام، فإنكاره يدل على أن عمر رضي الله عنه، سمع بحرف قبيلة في مجلس، وسمع هشام رضي الله عنه، (نفس الآيات) بحرف قبيلة أخرى في مجلس آخر، فحصل الخلاف بينهما.
وأجاب الطبري رحمه الله، على هذا بقوله: بل الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، هن لغات سبع في حرف واحد، وكلمة واحدة، بإختلاف الألفاظ وإتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وأقبل، وتعال، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك. اهـ، وأشار رحمه الله إلى أن هذه الأحرف غير موجودة، إلا الحرف الموجود في المصحف العثماني، الذي أجمعت عليه الأمة، في عهد عثمان رضي الله عنه مخافة الفتنة، ولا إشكال في ذلك، لأن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت.
¨ وأجاب، الشيخ مناع، عن الراي القائل بأن المراد بها، سبعة أوجه من الأمر والنهي والحلال، … الخ، بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما في آية واحدة، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام، وقد أشار الطبري رحمه الله، إلى هذا المعنى في مقدمة تفسيره.
¨ وأجاب عن الرأي الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الإختلاف (كالتصريف والتقديم والتأخير والإبدال)، بأن هذا وإن كان شائعا مقبولا لكنه لا ينهض أمام أدلة الرأي الأول، الذي جاء التصريح فيها بإختلاف الألفاظ مع إتفاق المعنى، وبعض وجوه التغاير والإختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد، ولا خلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترا، وأكثرها يرجع إلى شكل الكلمة أو كيفية الأداء، (كالتفخيم والترقيق، والإمالة)، مما لا يقع به التغاير في اللفظ، فإمالة لفظ (موسى)، في قوله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى)، على سبيل المثال، لم يؤد إلى تغيير اللفظ، وإن أدى إلى إختلاف طريقة النطق به، والله أعلم.
¨ وأجاب عن الرأي القائل بأن العدد سبعة، لا مفهوم له، بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره، كما تقدم، والأكثرون على أنه محصور في سبعة، كما أشار إلى ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان"، وقد يشكل على هذا ما رواه الحاكم رحمه الله في مستدركه من حديث سمرة رضي الله عنه مرفوعا: أنزل القرآن على ثلاثة أحرف، والجواب على هذا، بأن هذا الحديث لا يقوى على معارضة، الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالسبعة، وهي في الصحيحين، قال أبو عبيد رحمه الله: تواترت الأخبار بالسبعة إلا هذا الحديث، يعني: فليقدم المتواتر، وليؤخر ما دونه وهو هذا الحديث، وأما أبو شامة رحمه الله، فقد مال إلى الجمع بين أحاديث الباب، فقال: يحتمل أن يكون معناه: أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف، أو أراد: أنزل إبتداء على ثلاثة، ثم زيد إلى سبعة.
¨ وأجاب على الرأي القائل، بأن المراد هو القراءات السبع، بأن القرآن: هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي إختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك، بمعنى أن تعدد القراءات، لا يلزم معه تعدد الألفاظ، خلاف تعدد الأحرف، فيلزم معه تعدد الألفاظ، وإنما القراءات، تكون في حرف واحد (أي لفظ واحد)، كما هو مشاهد، حيث أن القراءات السبع، كلها في الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه الأمة عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل هذا الخطأ وقع نتيجة الإتفاق في العدد سبعة، بين الأحرف والقراءات، كما أشار إلى ذلك ابن عمار رحمه الله، بقوله: لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص على السبعة أو زاد ليزيل الشبهة.
ثم رجح الشيخ مناع، الرأي الأول، كما سبق، وقال بأنه هو الذي يتفق مع ظاهر النصوص، وتسانده الأدلة الصحيحة، وقد كانت القراءة بها ضرورة، في أول الأمر، حتى تمكن الناس من الإقتصار على الطريقة الواحدة، كما أيد ذلك، الطحاوي رحمه الله، كما سبق، وأبوبكر بن الطيب، وابن عبد البر، وابن العربي وغيرهم، كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان".
وعلى الجانب الآخر، مال الشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم حفظه الله، في "إمتاع الجنان" إلى التوقف في الترجيح بين هذه الأقوال، فقال: والأولى عدم المجازفة على الرجم بالغيب بالأحرف السبعة، لأن هذا هو شأن الصحب الكرام، رضي الله عنهم، حيث لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن عين الأحرف السبعة، وبالتالي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عينها، غير أنه أخبر عن ثبوتها، وليس هذا غريبا و لا بدعا من القول، حيث سبق إليه الإمام ابن حبان رحمه الله بقوله: وهي أقاويل يشبه بعضها بعضا، وكلها محتملة وتحتمل غيرها. اهـ.
ويرد على الذهن سؤال مهم، وهو: هل الأحرف السبعة باقية في المصحف أو لا؟
وقد أجاب العلماء على هذا السؤال بـ 3 إجابات، نقلها الدكتور عبد البديع أبو هاشم، وهي:
¨ الإجابة الأولى: أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطها عنه الأئمة، وأثبتها عثمان رضي الله عنه والصحابة في المصحف، وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا، وأنها موجودة إلى الآن في المصحف كلها، وممن أيد هذا الرأي الشيخ الزرقاني رحمه الله في "المناهل"، فقال بأن شاهد وجود هذه الأحرف قائم وثابت، وهو أن القرآن ميسر على كل من قرأه، لا يستحيل على لسان، ولا يصعب على إنسان، وهذه هي الغاية المنشودة من وراء إنزال القرآن على سبعة أحرف، سواء عرفت بأعيانها أم لم تعرف، والأمة كلها مفتقرة إلى هذا التيسير وغير العرب أولى منهم.
¨ الإجابة الثانية: أن الموجود هو الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه، الأمة عليه، كما أشار إلى ذلك الطبري والطحاوي، كما سبق.
¨ الإجابة الثالثة: وهي وسط بين الإثنين السابقتين، وقد ذهب إليها الشاطبي رحمه الله، وهي أن مصحف أبي بكر رضي الله عنه، كان مشتملا على الأحرف السبعة، وأما مصحف عثمان رضي الله عنه، فليس فيه إلا حرف واحد.
وأخيرا، لخص الشيخ مناع في "المباحث" حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف، في 3 نقاط:
¨ أولا: تيسير القراءة والحفظ على قوم أميين، ومن أبرز ما يدل على هذه الحكمة، حديث أبي، قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال: إني بعثت إلى أمة أميين، منهم الغلام والخادم والشيخ العاس والعجوز، فقال جبريل: فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف.
¨ ثانيا: إعجاز القرآن للفطرة اللغوية عند العرب، فتعدد مناحي التأليف الصوتي للقرآن تعددا يكافيء الفروع اللسانية التي فطرة اللغة في العرب حتى يستطيع كل عربي أن يوقع بأحرفه وكلماته على لحنه الفطري ولهجة قومه مع بقاء الإعجاز الذي تحدى به الرسول صلى الله عليه وسلم العرب، فلم يكن إعجازا للسان دون لسان، وإنما كان إعجازا لفطرة العرب اللغوية.
¨ ثالثا: إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه، فإن تقلب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات يتهيأ معه إستنباط الأحكام التي تجعل القرآن ملائما لكل عصر، ولهذا احتج الفقهاء في الإستنباط والإجتهاد بقراءات الأحرف السبعة.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Jul 2004, 10:30 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي و للشيخ مناع القطان كتاب مستقل عن الأحرف السبعة اسمه (نزول القرآن على سبعة أحرف) رغم أني أرى أن اختياره مشكل جدًا في نظري و لا يسلم من الاعتراضات و أن أفضل الآراء هو الذي ذهب إليه ابن قتيبة و ابن الجزري فهو الوحيد السالم من كل الاعتراضات و التكلفات إن شاء الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jul 2004, 04:51 م]ـ
القول الذي ذكر الدكتور هشام أنه أسلم الأقوال، هو في الحقيقة لا يسلم أمام ميزان النقد العلمي، وقد بين مناع القطان ذلك في كتابه الذي أشرت إليه.
وقد بحث الموضوع في هذا الملتقى أكثر من مرة، ومن ذلك:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=549&highlight=%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%DE%D1%C2%E4+%DA%E1%E C+%D3%C8%DA%C9+%C3%CD%D1%DD
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1328&highlight=%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%DE%D1%C2%E4+%DA%E1%E C+%D3%C8%DA%C9+%C3%CD%D1%DD
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=373
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=191
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[10 Jul 2004, 02:04 ص]ـ
شكر الله لكما، وفي روابط الشيخ أبي مجاهد، علم غزير، أسأل الله أن ينفع به.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[11 Jul 2004, 03:33 م]ـ
أنا أريد مناقشة هذا الموضوع بالذات مع مشايخنا هنا في الملتقى منذ فترة لأن لدي اعتراضات لا يستهان بها على هذا المذهب .. و أنا و الحمد لله لا اتعصب لرأي إن بان لي فساده و ما بغيتي إلا الحق.
و لكني مشغول هذه الأيام و الموضوع محتاج لكثير كتابة و تحرير، فقريبًا إن شاء الله أثير الموضوع:)
و الله المستعان.
ـ[ابوفالح الاكلبي]ــــــــ[30 Jul 2004, 07:26 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا(/)
تحقيقات كتاب (معاني القرآن) للأخفش الأوسط (ت215هـ)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jul 2004, 10:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يعد كتاب (معاني القرآن) لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط المتوفى سنة 215هـ من أوائل الكتب المصنفة في معاني القرآن الكريم. ومؤلفه من أقران سيبويه وتلاميذه لأنه هو الطريق الوحيدة التي نقلت كتاب سيبويه لمن بعده، وقد قام بتدريس كتاب سيبويه كثيراً بعد وفاة سيبويه رحمه الله. ولكتابه معاني القرآن عدة تحقيقات وهي:
- تحقيق الدكتور عبدالأمير محمد أمين الورد، وهو رسالة الدكتوراه التي تقدم بها الباحث لكلية الآداب بجامعة بغداد حوالي عام 1974م، وكان قد كتب رسالته للماجستير بعنوان: (منهج الأخفش الأوسط في المدرسة النحوية) عام 1970م. فكانت رسالته للدكتوراه امتداداً للماجستير. وقد طبع الكتاب بهذا التحقيق الطبعة الأولى عام 1405هـ عن دار عالم الكتب ببيروت. وهو تحقيق جيد، أشرف عليه العلامة النحوي مهدي المخزومي.
- تحقيق الدكتور فائز فارس، وقد صدر عام 1979م. وهو تحقيق متوسط، أخذت عليه بعض المآخذ.
- تحقيق الدكتورة هدى محمود قرَّاعة، وقد نشرته مكتبة الخانجي في مجلدين عام 1411هـ. وهو أجود تحقيقات الكتب الحالية في نظري القاصر بعد قراءتي له وموازنته بغيره، وقد استدركت المحققة كثيراً من الأخطاء في تحقيق الدكتور فايز فارس، ولم تشر إلى تحقيق عبدالأمير الورد، لعدم اطلاعها عليه فيما يبدو، وقد أجادت في تتبع نقول الطبري في تفسيره من معاني الأخفش.
هذه هي التحقيقات المطبوعة المتداولة، وربما يكون قد حقق في أماكن أخرى، غير أن هناك تحقيقاً يعد أولها، ولم يصل إلينا، وهو الذي جعلني أسوق ما تقدم.
حيث ذكر الدكتور عبدالأمير الورد أن الأستاذ العلامة السوري أحمد راتب النفاخ كان قد انتهى من تحقيق هذا الكتاب وكاد أن يدفع به للمطبعة، فلما علم بأن عبدالأمير الورد يقوم بتحقيقه لنيل الدكتوراه توقف عن ذلك وكان ذلك عام 1974م أو قبلها. يقول الورد في المقدمة بعد شكر من ساعده في بحثه: ( .. فإنني أجدني في حيرة كبيرة باحثاً عن اللفظ والتعبير اللذين يمكن لهما أن يفيا بمقدار ما أجده في نفسي، وينوء به لساني من شكر عميق، وتحية باذخة، وإقرار بالفضل عندما أذكر الأستاذ الجليل أحمد راتب النفاخ الذي كان قد انتهى منذ زمن غير يسير من تحقيق كتاب (معاني القرآن) هذا وكاد أن يدفع به إلى الطبع لولا أن طرق سمعه الكريم أن ثمة من يدرسه ويحققه رسالة للدكتوراه، فجَهِدَ في الاتصال بي وأعلمني أنه تفضل ابتداراً لا استجابة لالتماسي منه فصرف النظر عما اعتزم ليفسح لي مجال الاستمرار في عملي العلمي، وهذا لعمري خلق وفضل يعز نظيرهما، ولا يفك مدى العمر أسيرهما، فالحمد لله الذي دفع به وبسواه عني كثيراً من العناء). مقدمة تحقيق معاني القرآن ص 7
والسؤال: هل يعلم أحد من الإخوة الكرام شيئاً عن تحقيق النفاخ للكتاب؟
ـ[أمّ مصعب]ــــــــ[13 Sep 2010, 01:13 م]ـ
بوركتَ أستاذي الكريم
و أنعم و أكرم بأخلاق العلّامة الجليل أحمد راتب النفاخ
بخصوص تحقيق هذا الكتاب ربما يكون لدى ابن الشيخ علم به .. و إن أردت الاتصال بابنه فالطريق ميسر ..
تقديري
.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2010, 07:13 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أم مصعب.
إن أمكن طرح السؤال على ابنه ومعرفة الجواب فهذا المطلوب بارك الله فيكم.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[13 Sep 2010, 11:18 م]ـ
السلام عليكم، وكل عام أنتم بخير.
من أهل هذا الملتقى بعض تلاميذه كالدكتور مروان الظفيري، فلعله يجيبنا عن هذا السؤال المهم أيضا.
ـ[أمّ مصعب]ــــــــ[14 Sep 2010, 12:21 ص]ـ
جزاكم الله خيراً يا أم مصعب.
إن أمكن طرح السؤال على ابنه ومعرفة الجواب فهذا المطلوب بارك الله فيكم.
- و إيّاكَ ..
- أبشر!
- و فيكَ الله باركَ ..
ـ[أمّ مصعب]ــــــــ[14 Sep 2010, 12:42 ص]ـ
أستاذي الكريم ... تستطيع أن تتواصل معه بنفسكَ - إن أحببتَ -عن طريق هذه الصفحة:
http://www.ruowaa.com/vb3/showthread.php?p=322442&posted=1#post322442
ـ[أحمد عبد السلام العمادي]ــــــــ[15 Sep 2010, 08:59 م]ـ
اتصلت بأحد تلاميذه وهو أستاذي أبو أحمد د. محمد أحمد الدالي حفظه الله فأخبرني بأن تحقيق علامة العربية الأستاذ أحمد راتب النفاخ رحمه الله موجود مخطوطًا لدى ابنه عبدالله ولما يطبع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2010, 04:33 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي أحمد على تفضلك بالسؤال وإحضارك للجواب.(/)
فوائد من شرح الشيخ صالح الأسمري لمقدمة شيخ الإسلام (4) المراسيل
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[09 Jul 2004, 08:29 م]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فصل
نوعي الاختلاف في التفسير
المستند إلى النقل، وإلى طرق الاستدلال.
قال المصنف
ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم؛ ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير، والملاحم والمغازي ويروى: ليس لها أصل أي إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير،والشعبي،والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، ومن بعدهم كيحي بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي، ونحوهم في المغازي.
ـــــــــــــــــــ
قال الشارح:
ثم ذكر قولة الإمام أحمد التي أخرجها الخطيب في " جامعه "، وابن عدي في " الكامل " في آخرين فدل على شيئين:
أولهما: أن أكثر ما يأتي من أخبار في التفسير لا إسناد له، وأنها أخبار لا يعول عليها في الرواية والصنعة الحديثية من حيث الثبوت، ولذلك قال: (ويروى ليس لها أصل، أي: إسناد) تفسير قول الإمام أحمد: (ليس لها أصل) بمعنى (إسناد) هو الذي درج عليه المحدثون، ومن أولئك: السيوطي – يرحمه الله – في " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي "
وأما قول المصنف – يرحمه الله – (لأن الغالب عليها المراسيل) فإن كان تعليلا لما سبق، وهو الظاهر، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المراسيل يحتج بها وهو مذهب الحنابلة والحنفية والمالكية، وبه جزم جماعات، وذهب الشافعية إلى أنه لا يؤخذ بالمرسل إلا إذا تقوى من طريق آخر، وهذا الثاني هو الذي قرره المصنف – يرحمه الله – في المرسل بعد وفي " منهاج السنة ".
وتفسير المراسيل فيه نظر من جهتين - على ما سبق –
أما الجهة الأولى: فلأن الجمهور من الفقهاء يأخذ المرسل، كما حكاه مذهبا لمن سبق على التفصيل المرداوي في " التحرير "، وابن مفلح في " أصوله، وابن النجار في " شرح مختصر التحرير "، والمرداوي في " شرحه للتحرير " في آخرين.
وأما الجهة الثانية: فهو أن المرسل له إسناد، وهذا إن قُصد به المرسل عند المحدثين؛ لأن المرسل يأتي على معنيين:
أما المعنى الأولى: فمعنى اصطلح عليه المحدثون، وهوعزو التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثا، وهذا هو التعريف المشهور كما عرفه به ابن الصلاح في " المقدمة " في آخرين.
وأما المعنى الثاني: فمعنى هو مشهور عند الفقهاء، والمرسل عندهم ضد المنقطع، فيدخل فيه المرسل عند المحدثين، والمعضل عند المحدثين، والعنعنة من مدلس، وغير ذلك.
إلا أن قول المصنف (لأن الغالب عليها المراسيل) يُحمل على المعنى عند الفقهاء (أي غير متصلة) فإذا كانت غير متصلة كانت مرسلة حينذٍ على قول الفقهاء، ولكن ما أتى به المصنف بعد ذلك من الكلام عن المحدثين وما إليه، وكلام عن المرسل يدل على صَيْرُورته إلى الاصطلاح الذي أثبته المحدثون.
ـ[أويس القرني]ــــــــ[10 Jul 2004, 06:15 ص]ـ
لعلك تراجع بريدك الخاص بارك الله فيك(/)
حول البسملة
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[11 Jul 2004, 02:53 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة، عن أحكام البسملة، أكثرها مستفاد من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود، حفظه الله، لمذكرة الشيخ العلامة الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها
مسألة: حكم البسملة:
وهي المسألة الأساسية في هذا المبحث، وقد وقع الخلاف فيها على 4 أقوال:
¨ أولا: أنها آية في أول كل سورة، ما عدا سورة براءة، وهذا مذهب العبادلة رضي الله عنهم، ومكحول وعطاء وطاووس وعبد الله بن المبارك، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله.
¨ ثانيا: أنها آية في أول سورة الفاتحة على وجه الخصوص، وليست بقرآن في أوائل السور، وهذه رواية عن أحمد وأبي حنيفة وإسحاق بن راهوية، وهو مذهب الشافعي رحمه الله في الفاتحة (قولا واحدا)، واختلف قوله في بقية السور.
¨ ثالثا: أنها ليست آية لا من الفاتحة، ولا من غيرها، وهذا مذهب مالك، ومشهور مذهب أبي حنيفة، وداود الظاهري رحمهم الله، وقد أيده ابن عثيمين رحمه الله، وعليه فإن المثبتين لها كآية من الفاتحة، لا يعتبرون الوقوف على (صراط الذين أنعمت عليهم) وقوفا على رأس آية جديدة، بينما يعتبره المخالفون رأس آية جديدة، لأن كلا الفريقين، متفقان على أن الفاتحة 7 آيات.
¨ رابعا: أنها آية مستقلة في أول كل سورة، بمعنى أنها آية من القرآن، وليست آية في أول كل سورة، أي أنها آية للفصل بين السور، وهذا ما ذهب إليه الرازي رحمه الله، وأيده شيخ الإسلام رحمه الله.
وبعد ذكر الآراء، نأتي لمرحلة المناقشة:
أولا:
استدل أصحاب الرأي الأول بعدة أحاديث منها:
ما أخرجه الدارقطني رحمه الله: إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها أم الكتاب … وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها، وهذا الحديث، إن صح، فهو نص في المسألة.
حديث أم سلمة رضي الله عنها، عند أبي داود والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وعدها آية، وقد أعله الشيخ عادل بن يوسف العزازي حفظه الله، بتدليس ابن جريج رحمه الله، وهو ممن لا يحتمل تدليسه، ولم يتابع على لفظ البسملة، وإن توبع على بقية الحديث عند أحمد رحمه الله، فتقوى الحديث، ولم يتقو لفظ البسملة، والله أعلم.
حديث أنس رضي الله عنه، ن البخاري في باب فضائل القرآن، قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ كانت مدا، ثم قرأ (وهو الشاهد): (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد (بسم الله)، ويمد (الرحمن)، ويمد (الرحيم).
حديث أنس رضي الله عنه، عند مسلم: (إنه نزلت علي آنفا سورة، …، ثم قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الكوثر: بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر …)، فدل ذلك أنها آية من سورة الكوثر، وعليه فهي سورة من بقية سور القرآن، وقد أجاب المخالفون بأن هذه الأدلة، أخبار آحاد، والقرآن لا يثبت إلا متواترا، والله أعلم.
واستدلوا بأن البسملة مبثوثة في المصاحف، بنفس خط القرآن، فقد أثبتها الصحابة رضي الله عنهم، بنفس الخط الذي أثبتوا به بقية آي القرآن، مع ما عرف عنهم، من شدة الحرص على تمييز ما هو بقرآن، عما هو ليس منه، إما بإختلاف الخط، أو الكتابة والترقيم بلون مختلف.
واستدلوا على أنها آية من الفاتحة، بترقيمها في المصحف.
ثانيا:
استدل القائلون بأنها ليست آية من أوائل السور، بعدة أحاديث منها:
حديث عائشة رضي الله عنها، عند البخاري رحمه الله، في كتاب بدء الوحي، ولم تذكر البسملة في أول سورة العلق.
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن رب العالمين، قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين)، قال الله: حمدني عبدي … الحديث، فلم يذكر البسملة، وعليه فهي ليست بآية من الفاتحة، كما ذهب إلى ذلك أصحاب الرأي الثالث.
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث أب هريرة رضي الله عنه، عند أحمد وأصحاب السنن: إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له، وقد أجمع أهل العد على أن سورة تبارك (وهي المقصودة في هذا الحديث)، ثلاثون آية، بدون البسملة.
ثالثا: واستدل أصحاب الرأي الرابع بـ:
حديث أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السور إلا بالبسملة، وقد رد عليهم المخالفون بعدة ردود من أبرزها:
أنه لو كانت، كما يقولون، للفصل بين السور لأثبتت بين الأنفال وبراءة، ولم أثبتت في أول الفاتحة، لعدم الحاجة إلى الفاصل، لأن الفاتحة لم تسبق بشيء.
وأنه كان من الممكن الإستغناء عن الفصل بها بالفصل بتراجم السور، (أي أسماؤها)، كما حدث في الفصل بين الأنفال وبراءة.
والراجح من هذه المناقشة، أن البسملة ليست آية من القرآن، لا من الفاتحة، ولا من بقية السور، ومن أجمع ما قيل في هذه المسألة، قول ابن العربي رحمه الله: يكفيك لإثبات أنها ليست قرآنا أنهم اختلفوا في إثباتها، والقرآن لا يختلف في إثباته، والله أعلم.
وقد توسط الشنقيطي رحمه الله، في "مذكرة في أصول الفقه"، فقال بأنه من المحتمل أن تكون البسملة آية في قراءة، وليست آية في قراءة أخرى.
مسألة: هل يجب قراءتها مع الفاتحة:
والخلاف في هذه المسألة، فرع على الخلاف في المسألة السابقة:
¨ فمن ذهب إلى أنها آية من الفاتحة، قال بوجوب قراءتها.
¨ ومن ذهب إلى أنها ليست آية من الفاتحة، قال بأن قراءتها، غير واجبة، بل هي مندوبة، واستدل أيضا بـ:
حديث عائشة رضي الله عنها: كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين.
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية، افتتح القراءة (الحمد لله رب العالمين) ولم يسكت، وقد أجاب الألباني رحمه الله، في معرض رده على من قال بأن الإستعاذة لا تكون إلا في أول ركعة، على هذا الحديث، بأن المراد بقوله (لم يسكت)، السكوت المتعلق بالإستفتاح فقط، فلا إستفتاح إلا في الركعة الأولى فقط، دون السكوت المتعلق بالإستعاذة والبسملة، والله أعلم.
مسألة: هل يجهر بها أم لا؟
اختلف فيها على قولين:
الأول: أنه يجهر بها فيما يجهر به (أي في الصلوات الجهرية مكتوبة كانت أو نافلة)، واستد أصحاب هذا الرأي بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه صلى بأصحابه فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، وقال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجيب عن هذا الحديث بعدة إجابات من أبرزها:
أن الحديث متكلم فيه، وقد ضعفه الألباني رحمه الله.
أن قوله (إني لأشبهكم)، لا يعني المطابقة التامة.
أنه يحتمل أن أبا هريرة رضي الله عنه، جهر بقصد تعليم أصحابه، كما جهر ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة الجنازة، وكما جهر عمر رضي الله عنه بدعاء الإستفتاح، قال يزيد بن الأسود رضي الله عنه: (يسمعنا ويعلمنا).
وجدير بالذكر في هذا الموضع، أن الجهر بالبسملة، هو مذهب الرافضة، حتى أن سفيان الثوري رحمه الله وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة، وقد تكلم في الشافعي رحمه الله بسبب موافقته للرافضة في هذه المسألة، وفي مسألة قنوت الفجر، والواقع أن هذا لا يؤخذ على الشافعي رحمه الله بأي حال من الأحوال، بل إنه يدل على تحري أهل السنة والجماعة، موافقة الحق (فيما يبدوا لهم)، وإن وافق رأيهم في هذه المسألة، رأي بعض المبتدعة، كما أكد على ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، ومن أمثلته أيضا موافقة مالك رحمه الله، في المشهور عنه، للرافضة في منع المسح على الخفين في الحضر، وموافقة أحمد رحمه الله للرافضة، في إستحباب متعة الحج، والله أعلم.
الثاني: لا يجهر بها، واستدلوا على ذلك بحديث أنس رضي الله عنه، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن القيم رحمه الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يجهر بها دائما في كل يزم وليلة خمس مرات حضرا وسفرا، ويخفى على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة.
مسألة:
كم حكما للبسملة بالنسبة للوصل والقطع؟
لها أربعة أحكام:
¨ أولا: وصل الجميع، أي وصلها بما قبلها وبما بعدها.
¨ ثانيا: قطع الجميع: أي قطعها عما قبلها وعما بعدها.
¨ ثالثا: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث، أي قطعها عما قبلها ووصلها بما بعدها
¨ رابعا: ووصل الأول بالثاني، وقطع الثاني عن الثالث، أي وصلها بما قبلها، وقطعها عما بعدها.
فإن كانت السورة في إبتداء القراءة فيكون قبلها التعوذ، وتكون الأربعة جائزة، وأما إذا جاءت أثناء القراءة، فالثلاثة الأول جائزة، والرابع غير جائز لئلا يتوهم أنها من السورة التي قبلها.
والمختار في نهاية هذا المبحث، أن قراءة البسملة، ليست واجبة، وإن كانت مندوبة ينبغي الحرص عليها، وأن الراجح أنها لا يجهر بها لا في جهرية ولا في سرية من باب أولى، والخلاف في هذه المسألة سائغ، لا ينكر فيه على المخالف، ورغم ذلك فإنه لا ينبغي للإمام أن يداوم على عدم الجهر بها، كما نبه إلى ذلك الشيخ مشهور حسن سلمان حفظه الله في "القول المبين في أخطاء المصلين"، حيث قال:
ومن أخطاء بع الأئمة: إصرارهم على ترك الجهر بالبسملة دائما في الصلاة، ويقابل هذا الفريق فريق آخر من الجهال، حيث يتركون الصلاة خلف من لا يجهر بها، كما وقع لي (والكلام للشيخ) مع كبار السن في بعض المرات، وكما هو الحال اليوم في بعض قرى مصر، قلت (أي الكاتب): وعلى هذا فالأجدر بالإمام أن يجهر بها، إذا خاف وقوع الخلل واللغط في الصلاة، ومما يؤيد هذا، ما نقله الشيخ مشهور عن الزيلعي رحمه الله، حيث قال:
وكان بعض العلماء يقول بالجهر بالبسملة سدا للذريعة، قال: ويسوغ للإنسان أن يترك الأفضل لأجل تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، خوفا من التنفير، قلت (أي الكاتب): طالما كان هذا في حيز ما يسوغ فيه الخلاف، أو كان في باب المندوبات، كالإقتصار على رفع الثوب إلى الكعبين، للخروج من حد التحريم، دون رفعه إلىمنتصف الساقين، وهو حد المندوب، لأجل تأليف القلوب وعدم التنفير بين أوساط من يجهلون هذه السنة، ثم واصل الزيلعي رحمه الله بقوله: كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم، لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى تقديم مصلحة الإجتماع على ذلك، ولما أنكر الربيع على ابن مسعود رضي الله عنه إكماله الصلاة خلف عثمان، قال: الخلاف شر، وقد نص أحمد رحمه الله وغيره على ذلك في البسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك، مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول، مراعاة لإئتلاف المأمومين، أو لتعريفهم السنة، وأمثال ذلك، وهذا أصل كبير في سد الذرائع. اهـ، بتصرف يسير.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jul 2004, 11:26 ص]ـ
انظر هذه الروابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1281&highlight=%C7%E1%C8%D3%E3%E1%C9
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1971&highlight=%C7%E1%C8%D3%E3%E1%C9
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1675&highlight=%C7%E1%C8%D3%E3%E1%C9(/)
فوائد من شرح الشيخ صالح الأسمري لمقدمة شيخ الإسلام (5) تفسير البغوي
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[11 Jul 2004, 01:32 م]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فصل
نوعي الاختلاف في التفسير
المستند إلى النقل، وإلى طرق الاستدلال.
قال المصنف:
والبغوي: تفسيره مختصر عن الثلعبي لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة.
ـــــــــــــ
قال الشارح:
ثمة خلاف في كون تفسير البغوي مختصرا من تفسير الثلعبي والجمهور من المفسرين والمترجمين للبغوي يذهبون إلى أنه لم يختصر تفسير الثلعبي ففي المسألة قولان:
أما القول الأول: فقول الجمهور وهو المشهور: أن البغوي لم يختصره.
وأما القول الثاني: فما ذهب إليه شيخ الإسلام بن تيمية - يرحمه الله – في " الاتقان "
والأول هو الأشهر، والبغوي من أئمة التفسير المعروفين، وهو على معتقد أهل السنة والجماعة في الجملة، لم تقع منه مخالفات معروفة، خلافا للثلعبي والواحدي فهما ليسا على معتقد أهل السنة والأثر، بل عندهم اعتقادات فاسدة معروفة عنهم.
في قوله (لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة)
(الأحاديث الموضوعة) أي: لم يأت بأحاديث موضوعة، هذا في الجملة والغالب والأكثر، وإلا هناك أحاديث وردت موضوعة في " تفسير البغوي "
وأما قوله (والآراء المبتدعة) فيقصد في العقيدة؛ لأنه على مذهب أهل السنة والأثر في الجملة كما سبق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jul 2004, 02:31 م]ـ
لعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد أخذ قوله هذا مما قرره البغوي نفسه في مقدمة تفسيره، فقد صرح البغوي في تفسيره بأن ما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن بعده أكثره مما أخبره به الشيخ أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي عن الثعلبي.
وكذلك من الشبه بين التفسيرين، فالمتأمل لهما يلاحظ أنه يوجد تشابه كبير بينهما
انظر هذين الرابطين
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=630&highlight=%C7%E1%C8%DB%E6%ED
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=443&highlight=%C7%E1%C8%DB%E6%ED
ـ[تابع الأثر]ــــــــ[12 Jul 2004, 07:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي صالح:
هل شرح الشيخ صالح الأسمري كامل؟
وأين أجده؟
والله يرعاكم
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[13 Jul 2004, 01:29 ص]ـ
الأخ الفاضل: تابع الأثر سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم الشرح كامل للشيخ
وقد أرسلت إليك يا رعاك الله رسالة في بريدك الخاص
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[22 Jul 2004, 09:35 ص]ـ
ما ذكره صالح الأسمري في أن المسألة في تفسير الثعلبي فيها قولان وأن الجمهور على غير ذلك غير صحيح.
فمن أين أتى صالح الأسمري بأن هذا قول الجمهور وهل ذكرهم في ترجمته أنه صنف كتاب التفسير يدل على أنه غير مختصر؟
والأمر الثاني أن صالح الأسمري لم يذكر دليلا على على أن القول الأول هو الأشهر!
والأمر الثالث فقد قارنت بين الكتابين في مواضع فوجد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله بأنه اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي كلام صحيح خلافا لما أشهره الأسمري
ولعلي أذكر نماذج يسيرة في مشاركة لاحقة بإذن الله تعالى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jul 2004, 03:09 م]ـ
شكر الله لكم أخي عبدالله بن خميس مشاركتكم هذه. وأعتذر لتدخلي في تنسيق المشاركة، غير أننا نحرص على بقاء النقاش حول فوائد مقدمة شيخ الإسلام هنا وفقك الله، وجزاك خيراً على حرصك على الخير.
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[23 Jul 2004, 03:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أريد شرحه أيضا إذا لم يكن هناك مانع من ذلك إن شاء الله
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:19 ص]ـ
الإخوة الفضلاء في الملتقى وقنا الله وإياهم كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
أعتذر في تأخري عن الرد وبالنسبة للشرح فهو كامل ولكن لا ألأعرف كيف أدخله في الموقع فإذا تفضل أحد المشرفين الفضلاء وفقنا الله وإياهم في إدخاله من أجل أن يستفيد منه من أراد فلا ما نع لدي من ذلك
ـ[أبو حسن]ــــــــ[15 Jun 2006, 03:23 م]ـ
هل بالإمكان أخي صالح أن ترسله لي على البريد
kam17@hotmail.com(/)
هل مدين هم أصحاب الأيكة؟
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[11 Jul 2004, 05:01 م]ـ
هل مدين هم أصحاب الأيكة؟
في سياق البحث في مواضع قصة شعيب عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم اعترضت مسألة مهمة، لا بد من الفصل فيها لتحديد مسار البحث، حيث ورد في سور ”الأعراف وهود والعنكبوت“ أن شعيباً عليه السلام أرسل إلى ”مدين“ كما قال تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيباً ... ) [الأعراف/85، وهود/84 والعنكبوت/36]، وورد في سورة ”الشعراء“ أنه أرسل إلى ”أصحاب الأيكة“ كما قال تعالى: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين. إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) [الشعراء/176 - 177]، فهل شعيب عليه السلام أرسل إلى قومه ”مدين“ وهم يوصفون بأنهم ”أصحاب الأيكة“؟ أو أنه أرسل إلى قومين: قومه ”مدين“ و”أصحاب الأيكة“ وهم مجاورون لهم؟.
ولقد بحثت في المسألة فكتبت هذه الورقات المرفقة، آمل ممن يطلع عليها أن يصحح ويسدد ما يحتاج إلى ذلك، وله مني جزيل الشكر، والله ولي التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2004, 06:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم يوسف العليوي وفقه الله
مرحباً بكم مع إخوانكم في هذا الملتقى العلمي الذي يشرف بانضمام أمثالكم.
أما البحث الذي أرفقته مشكوراً فهو بحث موفق، تلوح عليه علامات التتبع والتدقيق والعناية بالتوثيق للأقوال.
والذي فهمته أنك ذهبت إلى ترجيح القول بأنهما أمة واحدة لقوة الأدلة على ذلك، وهو رأي ابن عباس كما أشرت إلى ذلك في أول نقلك للقائلين بالقول الثاني.
جزاك الله خيراً، وزادك علماً بكتابه.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم عبد الرحمن الشهري
أشكر لكم ترحيبكم،
كما أشكر لك حسن تعليقك،
نفع الله بك وزادك من فضله.
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[09 Jan 2006, 11:53 م]ـ
هلا وافيتمونا بالتفصيل والأدلة!؟.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[19 Jan 2006, 01:13 ص]ـ
الأخ المعظم لربه، جعلني الله وإياك من المعظمين له
أشكرك على مرورك، وأعتذر عن عدم الرد، فقد انشغلت كثيراً عن الموقع، وما طلبته كان موجوداً في الملف الذي أرفق مع الموضوع، إلا أنه بعد التجديدات يبدو أنه سقط، وإليك هذا الموضوع في المرفقات مع الشكروالاعتذار مرة أخرى
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 Mar 2006, 09:41 م]ـ
السلام عليكم ..
الأخ الكريم يوسف العليوي ..
شكر الله لكم بحثكم القيّم ..
ولئن رجّحتم في مقالتكم القول الثاني - أن مدين وأصحاب الأيكة أمّة واحدة - إلا أن هذا القول ترد عليه إشكالات، يصعب ربطها مع ما ذهبتم إليه. وأرجو أن يتّسع صدركم لما سأذكر منها:
أولاً: ذكرتم في النقطة الثانية قول جمع من المفسّرين، وهو (((أن الله تعالى لما ذكر مدين جعل شعيباً أخاهم؛ لأنه منهم، فقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ... } [الأعراف: 85، وهود: 84 والعنكبوت: 36]، ولما ذكر أصحاب الأيكة لم ينسبه إليهم فقال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 176 - 177]، ولم يقل: إذ قال لهم أخوهم شعيب؛ لأنه ليس منهم، وإن كان أرسل إليهم))).
وهذا القول له اعتباره، من حيث ورود جملة من الأنبياء في سورة الشعراء نفسها، كلهم قال الله تعالى فيه (أخوهم) إلا أصحاب الأيكة:
قال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 123 - 124].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 141 - 142].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 160 - 161].
ثم قال بعد ذلك: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 176 - 177].
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: أن الله تعالى جمع (الرسالة) في حقّ شعيب - عليه السلام، فقال سبحانه وتعالى على لسان شعيب: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي} [الأعراف: 93]، في حين أنه قال على لسان صالح - مثلاً: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} [الأعراف: 79]. وإن نظم القرآن الكريم ليؤكّد أكثر من رسالة في حقّ شعيب - عليه السلام ..
فلو نظرنا إلى ما ذكره كل من صالح وشعيب وبلّغ به قومه، نجد أن ما ذكره شعيب من الأوامر والنواهي أكثر مما ذكره صالح.
قال تعالى على لسان صالح - عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 150 - 153].
وقال تعالى على لسان شعيب - عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 179 - 185].
فيظهر لنا من السياق أنها في حقّ صالح - عليه السلام - رسالة، وفي حقّ شعيب - عليه السلام - رسالات ..
وثالثاً: حين ذكر العذاب في حقّ قوم صالح - عليه السلام - ذكر الرّجفة، ووحّد الدار. قال تعالى: {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 77 - 78]، والرّجفة هي الزلزلة الشديدة وتختصّ بجزء من الأرض.
أما عندما ذكر عذاب قوم شعيب - عليه السلام - فذكر الصيحة، وجمع الدار (ديارهم). قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94]، وذلك لأن الصيحة يبلغ صوتها مساحة أكبر مما تبلغ الرجفة ..
وجزاكم الله خيراً، وزادكم بصيرة بكتابه ..
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[04 Mar 2006, 10:37 م]ـ
الأخ لؤي الطيبي
لم أقع على (الإشكالات) التي أردت أن تشير إليها , أو لم أفهمها , فحبذا لو وضحت أكثر.
ثم أرى أن الآيات التبست عليك.
فقد خلطت بين الأعراف وبين هود فيما يخص الدار والديار ...
إذ ذكرت الأعراف الدار بالإفراد لكليهما .. فيما ذكرت هود الجمع لكليهما كذلك ...
فانتبه!.
وأضيف باختصار إلى ما شارك به أخونا صاحب البحث
أن مدين هم أصحاب الأيكة , كما أن ثمود هم أصحاب الحجر!.
إذ التشابه بين القصتين كثير ملفت, حتى قال الله {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}.
ـ[الجعفري]ــــــــ[05 Mar 2006, 05:34 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبد الله على هذا البحث الطيب , وأسأل الله أن ينفع بعلمك.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[06 Mar 2006, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الكريم المعظّم لربه ..
ما أنا إلا طالب علم، يحاول أن يتدبّر كتاب الله ..
وتضارب الأقوال في أن شعيباً - عليه السلام – بُعث إلى قوم واحد أو إلى قومين، لا يغيّر في النتيجة النهائية شيئاً. فالنتيجة واحدة هنا وهناك، وتحمل قولاً واحداً، هو أن الله تعالى أهلك الذين بعث فيهم شعيباً، ودمّرهم بسبب تمرّدهم على الله وعلى رسوله وتكذيبهم له.
وما كانت مداخلتي إلا بسبب بعض الأمور التي أشكلت عليّ في البحث .. وبعد أن نبّهتنا مشكوراً إلى أمور، سأحاول أن أبيّن ما زال مشكلاً في ملاحظتين:
الأولى: إن لم يناسب ذكر الأخوة بحق شعيب – عليه السلام – في آية الشعراء، لأن قومه نُسبوا إلى عبادة الأيكة، فما بال القرون الأخرى مع أنبيائهم؟ فهل أن قوم نوح، وقوم عاد، وقوم ثمود، وقوم لوط ... كانوا يعبدون الله وحده، فنسب أسماء أنبيائهم إليهم؟
قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 105 - 106].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 123 - 124].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 141 - 142].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 160 - 161].
ثم قال تعلى بعد ذلك عن أصحاب الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 176 - 177].
الثانية: لو كان الضمير في (وإنهما)، في قوله تعالى: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} [الحجر: 79]، عائداً على قريتي لوط، وقوم شعيب، فلماذا يخصّ قرية لوط مرّة أخرى بالذكر، بعد أن جاء ذكرها من قبل في قوله سبحانه: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} [الحجر: 76]؟ فما الذي دعا لتكرير معالم قرية لوط مرتين في هذا المقام؟
ودمتم لنا سالمين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2007, 05:12 م]ـ
حوار علمي ماتع، وبحث قبل ذلك موفق. شكر الله لكم يا أبا عبدالله هذه الفوائد، وما أجمل التدبر والتأمل في آيات القرآن، والموازنة بينها.(/)
طلب مساعدة في موضوع السنن الالهية
ـ[أبو أسامة اللبدي]ــــــــ[12 Jul 2004, 02:30 ص]ـ
ارجو مساعدتي في ه\ا الموضوع من مؤلفات مستقلة او عناصر جديد(/)
حول قراءات الآحاد
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[13 Jul 2004, 02:14 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة عن قراءات الآحاد، من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود، حفظه الله، لمذكرة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها
مسألة قراءات الآحاد:
بداية لابد من ذكر ضوابط القراءة الصحيحة، عند العلماء، وهي ثلاثة:
¨ أولا: موافقة القراءة للعربية بوجه من الوجوه.
¨ ثانيا: وأن توافق القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو إحتمالا.
¨ ثالثا: وأن تكون القراءة مع ذلك صحيحة الإسناد.
وقد قدم الشيخ مناع القطان، تعريفا موجزا بأنواع القراءات كالتالي:
¨ أولا: المتواتر: وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه، وهذا هو الغالب في القراءات.
¨ ثانيا: المشهور: وهو ما صح سنده ولو لم يبلغ درجة المتواتر، ووافق العربية والرسم، واشتهر عند القراء فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، وذكر العلماء في هذا النوع أنه يقرأ به.
¨ ثالثا: الآحاد: وهو ما صح سنده، وخالف الرسم، أو العربية، أو لم يشتهر الإشتهار المذكور، وهذا لا يقرأ به، ومن أمثلته ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قرأ: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)، بفتح الفاء.
¨ رابعا: الشاذ: وهو ما لم يصح سنده، كقراءة (ملك يوم الدين)، بصيغة الماضي، ونصب (يوم).
¨ خامسا: الموضوع، وهو ما لا أصل له.
¨ سادسا: المدرج، وهو ما زيد في القراءات على وجه التفسير، كقراءة ابن عباس (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) في مواسم الحج (فإذا أفضتم من عرفات)، فقوله: "في مواسم الحج"، تفسير مدرج، والأنواع الأربعة الأخرى لا يقرأ بها، وربما كان هذا النوع، وثيق الصلة، بموضوع المسألة الرئيسي، كما سيأتي، إن شاء الله.
ثم بين الشيخ مناع، حكم القراءة بهذه القراءات في الصلاة، فقال:
والجمهور على أن القراءات السبع متواترة، وأن غير المتواتر المشهور لا تجوز القراءة به في الصلاة (مع ما سبق ذكره من عدم جواز القراءة بالأنواع الأربعة "الآحاد والشاذ والموضوع والمدرج")، وعليه فإنه لا تصح الصلاة إلا بالقراءات المتواترة.
ونقل عن النووي رحمه الله، في شرح المهذب: لا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة، لأنها ليست قرآنا، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر والقراءة الشاذة ليست متواترة، ومن قال غيره فغالط أو جاهل، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكرت عليه قراءته في الصلاة وغيرها، وقد اتفق فقهاء بغداد على إستتابة من قرأ بالشواذ.
ونقل عن ابن عبد البر رحمه الله، إجماع المسلمين على أنه لا يجوز القراءة بالشواذ، ولا يصلى خلف من يقرأ بها.
فخلاصة هذا الجزء، أنه:
¨ في القراءة خارج الصلاة، يجوز القراءة بقراءة متواترة، ومشهورة، كما قرر ذلك العلماء رحمهم الله.
¨ في القراءة في الصلاة، لا تجوز القراءة، إلا بقراءة متواترة، والله أعلم.
وأما موضوع المسألة الرئيسي، فهو هل يجوز الإحتجاج بالقراءات غير المتواترة، بمعنى هل يجوز الإستدلال بها في مسائل الأحكام؟
اختلف العلماء في هذه المسألة، كالتالي:
¨ أولا: ذهب جمع من الأصوليين إلى عدم جواز الإحتجاج بها، لأن راويها رواها على أنها قرآن، فلما ثبت أنها ليست بقرآن، سقط الإحتجاج بها.
¨ ثانيا: وذهب الأحناف رحمهم الله، إلى جواز الإحتجاج بها كخبر آحاد، لأن عدم ثبوتها متواترة، لا يخرجها عن كونها مروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كخبر آحاد، ولكنهم اشترطوا مع ذلك، أن يكون الخبر مستفيضا، كما قرر ذلك السرخسي رحمه الله في "المبسوط"، وعليه استدلوا بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، في إيجاب التتابع في صيام كفارة اليمين، ولم يأخذوا بقراءة أبي رضي الله عنه: (فعدة من أيام أخر متتابعات)، وعليه فيجوز تفريق أيام قضاء رمضان، ولا يشترط تتابعها.
(يُتْبَعُ)
(/)
¨ ثالثا: وذهب والمالكية رحمهم الله، كما نقل ذلك القرطبي رحمه الله، صاحب المفهم، إلى عدم الإحتجاج بالقراءة الغير متواترة، إذا لم ينسبها ناقلها للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا إجماع عندهم، وأما الخلاف بينهم، فوقع في القراءة التي نسبها قائلها للرسول صلى الله عليه وسلم، فمنهم، من احتج بها كخبر آحاد، ومنهم من ردها، كابن العربي رحمه الله، الذي أطلق القول بأنها لا تفيد علما ولا عملا، والصحيح عندهم، جواز الإحتجاج بها على أنها خبر آحاد.
¨ رابعا: وذهب الحنابلة رحمهم الله، إلى الإحتجاج بها إذا صحت نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم، كما نقل ذلك ابن قدامة رحمه الله.
¨ خامسا: وأما الشافعي رحمه الله، فقد حكى عنه النووي رحمه الله في شرح مسلم، والآمدي، عدم الإحتجاج بها، ولكننا، على الجانب الآخر، نجد الشافعي، في مختصر البويطي، رحمه الله، يوافق المالكية في الإحتجاج بها، إن صح السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدل الشافعية رحمهم الله، على مذهبهم بعدة أدلة، من أبرزها:
أن عائشة رضي الله عنها، حددت الرضاع المحرم، بخمس رضعات، كما جاء عند مسلم، وأبو داود، والنسائي: (كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)، وهي رضي الله عنها، تعني بهذا تأخر نسخ هذا الحكم، حتى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهن فيما يقرأ، لعدم العلم بنسخهن، ويظهر من الرواية أن عائشة رضي الله عنها، نسبت هذا الحكم للقرآن، والقرآن لا يسمع إلا من في الرسول صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على إتصال السند، وفي هذا رد على أن من أنكر هذا الحكم، بحجة أن القرآن لا يثبت إلا متواترا، وهذا صحيح، ولكنه لا يمنع من الإحتجاج بهذه القراءة، بعد أن تبين إتصال سندها، مع التسليم بأنها ليست قرآنا، وهذا مذهب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإحدى الروايات عن عائشة رضي الله عنها، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وعطاء، وطاووس، والشافعي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وابن حزم، وأكثر أهل الحديث.
حديث: (لأقضين بينكما بكتاب الله)، حيث قضى صلى الله عليه وسلم، في واقعة الأجير الذي زنى بإمرأة مستأجره، بجلده مائة وتغريبه سنة، ورجمها، إن اعترفت، والرجم، كما هو معلوم، منسوخ التلاوة، باق الحكم، ومع ذلك نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن.
¨ سادسا: وهو رأي الماوردي رحمه الله، حيث قال بأن القراءة الشاذة، قد تأتي لبيان حكم، كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فاقطعوا أيمانهما)، فهي مبينة لقوله تعالى: (فاقطعوا أيديهما)، وهذه يحتج بها، وقد تأتي لإبتداء حكم، كقراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، وهذه لا يحتج بها، ويعلق الشيخ محمد، حفظه الله على هذا الرأي بقوله بأنه رأي ضعيف.
وقد تعقب الشافعي رحمه الله، لأنه لم يقل بوجوب التتابع في كفارة اليمين، مع أن ابن مسعود رضي الله عنه نسبها للقرآن، في قراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، ولم يقل بأن الصلاة الوسطى، هي صلاة العصر، مع أن عائشة رضي الله عنها، نسبت هذا الحكم للقرآن، في قراءة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر)، كما عند مسلم رحمه الله، وعلى الجانب الآخر، أخذ، بقراءة: (لقبل عدتهن)، في الإستدلال على أن القرء هو الطهر، وأخذ بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فاقطعوا أيمانهما)، وقراءة: (إن كان له أخ أو أخت من أم)، في بيان معنى الكلالة، فما الفرق، وكلها قراءات آحاد، نسبها قائلوها للقرآن الكريم، فلماذا أخذ الشافعي رحمه الله، ببعضها، وأعرض عن بعض؟.
وقد دافع الهرافي رحمه الله، عن عدم إحتجاج الشافعي رحمه الله، بقراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، بإحتمال أن يكون ابن مسعود رضي الله عنه قد تراءى له هذا الحكم أثناء القراءة، فتكون هذه القراءة، هي مذهبه، ورد الأحناف رحمهم الله، على هذا الإعتراض، وهم الذين أخذوا بهذه القراءة لإشتهارها، كما سبق، وقالوا: كيف يخلط ابن مسعود رضي الله عنه بين ما هو قرآن، وما هو ليس بقرآن؟، فرد عليهم الشافعية رحمهم الله، بقولهم: أنتم (أي الأحناف)، تقولون أنه يحتمل أن تكون هذه القراءة، قرآنا نسخ واندرست حروفه، وبقي حكمه، فكيف يخلط ابن مسعود بين ما هو منسوخ، وما هو غير منسوخ؟، فهو نفس إعتراضكم علينا، لأنه، حسب كلامكم، يكون، أيضا، قد خلط بين ما هو قرآن، وما هو غير قرآن، فالمنسوخ ليس قرآنا بالإجماع، والله أعلم.
وخلاصة هذه المسألة، كما قررها الماوردي رحمه الله:
أن قراءة الآحاد، يحتج بها، كخبر آحاد، في حالتين:
أولا: إن نسبها قائلها للقرآن.
ثانيا: إن نسبها قائلها للرسول صلى الله عليه وسلم
وأما إذا لم ينسبها قائلها للقرآن، أو الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنها تعامل معاملة تفسير الصحابي، وتفسيره موقوف عليه، إلا فيما كان لبيان سبب نزول فإنه يأخذ حكم الرفع، كما هو مقرر في علم المصطلح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jul 2004, 03:13 ص]ـ
قارن ما ذكرتَه هنا بما كتبتُه هنا:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=208
وبلغ سلامنا للشيخ محمد بن عبد المقصود، وأذكر أنه مشارك معنا باسم: أبوأشرف إذا لم تخني الذاكرة، فلعله يتحفنا بمشاركاته وتعليقاته زاده الله علماً وفضلاً.(/)
اسأل نفسك وأنت مع القرآن
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[13 Jul 2004, 07:09 م]ـ
إننا نحن المسلمين نعرف للقرآن الكريم قدره وفضله، لذا تَعْمُرُ قلوبنا بِحُبِّه، وتَطِيبُ نفوسنا بتلاوته، ومنه نَسْتَمِدُ الهدايةَ والنور، وعلى شرعه ودستوره نَحْيَا، وفيه نَجِدُ الْمَأْوَى والْمَلْجَأ، وإليه تَهْفُو القلوبُ وتَرْكَن، ومع التأمل والتفكر تَخْشَعُ القلوب وتَخْضَع، ولإعجازه تقف العقول مَبْهُورَة ... وبه نَحْظَى بالرضا والسعادة والفوز يوم العرض على رب العالمين ...
فهو الكتاب الشامل الجامع ...
فهو كما قال رسول الله r : " القرآن هو كتاب الله تعالى، فيه نَبَأُ مَنْ قبلكم، وخَبَرٌ ما بعدكم، وحُكْمُ ما بينكم، هو الفَصْلُ ليس بالْهَزْلِ، مَنْ تركه مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ الله، ومَنْ اِبْتَغَى الهدى في غيره أَضَلَّهُ اللهُ، هو حَبْلُ الله الْمَتِين، ونوره الْمُبِين، والذِّكْرُ الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تَزِيغُ به الأهواء، ولا تَلْتَبِسُ به الألسنةُ، ولا تَتَشَعَّبُ معه الآراء، ولا يَشْبَعُ منه العلماء، ولا يَمَلَّهُ الأتْقِيَاءُ، .. ولا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، .. مَنْ عَلِمَ عِلْمَهُ سَبَقَ، ومَنْ قال به صَدَقَ، ومن حَكَمَ به عَدَلَ، ومن عَمِلَ به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم "
وأنت أيها المسلم تقرأ القرآن وتتلوه، لكن ...
هل تقف عند معانيه؟
هل تَتَدَبَّرُ آياته؟
هل تُمْعِنُ عقلك في أحكامه؟
هل تفهم عِبَرَهُ ومَوَاعِيظَه؟
هل تشعر بِحَلاوَةِ تلاوته؟
هل اِرْتَعَدَتْ أَرْكَانُكَ لِزَجْرِهِ؟
هل تَهَافَتَتْ نَفْسُكَ لِرَغَائِبِهِ؟
هل سَكَبَتْ عَيْنُكَ الدَّمْعَ تَأَثُّرًا؟
هل عَشْتَ مع القرآنِ آياتِهِ ومَعَانِيه؟
هل تعمل بِحُكْمِهِ وشَرْعِهِ؟
يجب أن تسأل نفسك أيها المسلم كل هذه الأسئلة، وتعرف أين أنت منها، يجب أن تقيس وترى وتعلم: أين عقللك من القرآن؟ أين قلبك من القرآن؟ أين نفسك من القرآن؟
محمود أبو جهاد
ـ[ش. م]ــــــــ[14 Jul 2004, 12:33 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: محمود أبو جهاد
أين عقللك من القرآن؟ أين قلبك من القرآن؟ أين نفسك من القرآن؟
وكيف يكون حال من تبع هواه وأضلته الدنيا، أو بقي منها معلقا متحسرا على ما فاته؟
أو علق قلبه بأحابيل الآمال الكاذبة؟
أو اندمج في كل شيء وشعر بكلش يء إلا القرآن؟
اللهم ارزقنا حلاوة الإيمان وحلاوة التلاوة
وارزقنا حسن الفهم عنه وحسن العمل به وكمال الإحساس به
جزاك الله خيرا يا أستاذنا الفاضل
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[14 Jul 2004, 06:17 م]ـ
أخانا ش م عضو
جزاك الله خيرا يا أخانا وسمع منك
وصدقت والله يا أخي إن الدنيا قد ملأت قلوبنا وعيوننا ونفوسنا
اللهم أصلح فساد قلوبنا
اللهم أصلح فساد قلوب المسلمين
أخوك محمود أبو جهاد(/)
«افضل سورة الفاتحة ما اهمية سورة الفاتحة؟»
ـ[ tafza] ــــــــ[14 Jul 2004, 12:59 ص]ـ
افضل سورة الفاتحة قال سيدنا رسول الله ( .. صلى الله عليه وآله وسلم .. ) ( .. ما انزل الله في التوراة ولا في الانجيل مثل ام القرآن ( .. وهي السبع المثاني وهي مقسومة بين الله وبين المسلمين القدسي;
وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبد ما سأل .. ) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( .. فاتحة الكتاب شفاء من كل داء .. ) صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
بسم الله الرحمن الرحيم ( .. وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين .. ) صدق الله العظيم من فضل الله على امة محمد صلى الله عليه وسلم سورة الفاتحة ما اهمية سورة الفاتحة؟ ..
اهمية سورة الفاتحة تظهر لما فيها من الثناء على الله فيها الدعوة الى الرحمة فيها الوعد للمحسنين والوعيد للمسيئين فيها العبودية لله وحده فيها الدعوة الى الاستقامة القدوة الحسنة فيها الوحدة بين المؤمنين فيها مناجاتة الله ..
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: اهمية وجوب فهم سورة الفاتحة اوجب الاسلام قراءة سورة الفاتحة في الصلاة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:
( .. لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب .. ). وذلك لما تحتويه من المعاني العظيمة والسمو الروحي، ولما لها من اثر فعال في اصلاح الفرد والجماعة، فالفاتحة هي روح الصلاة ولذا يحسن بنا ان نقف عندها قليلا لنستعرض اياتها حتى اذا اراد المصلي قراءتها في الصلاة تذوق معانيها واحس بفيض روحها فتكون لصلاته فائدة ولذة روحية وحسن قبول عند الله ..
والغريب الؤسف ان كثيرا من المسلمين يقرأونها بسرعة وبدون تدبر، وهذا من الجهل الفاضح لحكمة الصلاة وروحها مما يخرجها عن حقيقتها ويضيع ثوابها واجرها. وقد قال الرسول: ( .. ليس للعبد من صلاته الا ما عقل منها .. )
اهمية سورة الفاتحة سميت الفاتحة بهذا الاسم لانها اولى السور في ترتيب المصحف الشريف، كما انها اول سورة نزلت بتمامها. وقد ورد في فضلها ما روي عن ابي سعيد بن المعلى ان رسول الله قال له: ( .. لاعلمنك سورة هي اعظم السور في القرآن .. الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم .. الى اخر السورة، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته .. )
وروي عن ابي هريرة قول الرسول في فضلها .. والذي نفسي بيده ما انزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الانجيل مثلها، وانها السبع المثاني .. ) وسميت الفاتحة بأم الكتاب وذلك لان ام الشيء اصله، والفاتحة مشتملة على الاصول التي جاء القرآن لاقرارها، فهي التي تطالعنا بالثناء على الله وتمجيده وتوحيده والعبودية له وحده، وبيان ان الاسلام دين الرحمة، والوعد الحسن للمحسنين والوعيد للعصاة والمسيئين، ودعوة الانسان للاستقامة والاقتداء بالمثل الصالحة واجتناب سبل الضلال ..
( .. بسم الله .. ): أي باسم الله اشرع في اداء الطاعات متبرئا من ان اكون باسمي بل هو باسمه تعالى لانني استمد القوة والعناية منه، وارجوا ان يوفقني في احسانها فلولاه لم اقدر عليها ولم اعملها ..
( .. الرحمن الرحيم .. ) اسمان مشتقان من الرحمة، وهو معنى يلم بالقلب فيبعث صاحبه ويحمله على الاحسان الى غيره، وهو محال على الله تعالى بالمعنى المعروف عند البشر، ولذا فالمقصود بالرحمة بالنسبة الى الله تعالى هو الاحسان ..
فالله هو الرحمن باعتبار تخصيص كل مخلوق بحصة من الرحمة. فالرحمن اسم خاص بالله والرحيم يطلق عليه وعلى غيره، وقيل: الرحمن هو المنعم بجلائل النعم والرحيم بدقائقها ..
( .. الحمدلله .. ): الحمد والمدح والشكر معنا متقاربة، وهي الثناء على المنعم ولكن هناك فروقا دقيقة بينهما .. والمتمعن يرى ان الله لم يامرنا بان نقول: احمد الله، لان هذه اللفظة تفيد كون القائل قادرا على حمده، اما لما قال: ( .. الحمدلله .. ) افاد انه كان محمودا قبل حمد الحامدين وهو مستحق للحمد بسبب كثرة انعامه واحسانه على الناس ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي ترديد المسلم الثناء على الله باستمرار في اليوم هو احياء له ليصبح العرفان بالجميل من صفاته فيشكر كل من احسن اليه ولا يقابله بالجحود والنكران. ( .. رب العالمين .. ) الرب: يطلق على السيد المطاع وعلى المصلح للشيء، ويجوز ان يكون مصدرا بمعنى: التربية، وهي تبليغ الخلق الى كمالهم شيئا فشيئا منذ كانوا ترابا الى ان بلغوا اشدهم في ابدع صورة وحسن تقويم ..
( .. العالمين .. ) جمع عالم، وهو الخلق وكل صنف منه، وكل موجود سوى الله وهو يشمل عالم الانسان وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم الجماد. والمتأمل هنا يرى ان الله لم يقل: ( .. خالق العالمن .. ) كي لا يظن بعض الناس بان المخلوقات ليس في حال بقائها ووجودها محتاجة الى الله، بل قال: ( .. رب العالمين .. )
اشارة الى الكائنات بحاجة مستمرة الى قدرة الله وتدبيره وحكمته. ويستفاد من كلمة ( .. رب العالمين .. ) بان الله ليس رب شعب معين كما يعتقد اليهود كما انه ليس اله اسرة او بلد، فالله رب الجميع، هذه الفكرة التي قررها القرآن هي ثورة على جميع التقسيمات الباطلة التي ادت الى طغيان الوطنية والجنسية والالوان، ولا ريب ان هذه الدعوة مدعاة للالفة والتقارب بين البشر ..
وفيها الدعوة الى الرحمة ويستفاد ذلك من قوله تعالى:) .. الرحمن الرحيم .. ) وقد جاء هذا الوصف لله بعد قوله ( .. رب العالمين .. ) لحكمة سامية وذلك ان المربي قد يكون جبارا قاسيا وذلك مما يخدش من جمال التربية فاتبع كونه مربيا وصفه بالرحمة لينفي هذا الاحتمال فيبقى للقلوب طمأنينتها ويقبل الناس على اكتساب مرضاته منشرحة صدورهم مفعمة قلوبهم بالحب. وفي تكرار وصف الله بالرحمة تأكيد لمعنى سام وهو ان الاسلام دين تقوم فضائله ونظمه على الرحمة، فالمسلم حين يعبد ربه ويذكر صفاته: ( .. الرحمن الرحيم .. ) مرارا في الليل والنهار لابد ان يتأثر بهذا الوصف فتصبح الرحمة من صفاته فلا يظلم ولا يعتدي ولا يطغى على الخلق. وفيها الوعد للمحسنين والوعيد للمسيئين ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. مالك يوم الدين .. ) فالله اراد بيوم الدين: يوم القيامة، أي يهيمن على يوم القيامة هيمنة الملوك، فكل تصرف فيه ينفذ باسممه ليس لغيره امر ولا نهي. فذكر هذه الصفة لله هي انذار للعصاة والمذنبين بالكف عن ذنوبهم وعصيانهم خوفا من الحساب، كما في ذكر هذه الصفة تشجيع للمحسنين بالمكافأة الحسنة على افعالهم، فالله هو القائل في القرآن، ( .. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .. )
وهذا مما يجعل الانسان رقيبا على اعماله باستمرار. والاعتقاد بالحساب العادل يوم القيامة بلسم للمعذبين في الارض فان آلام الانسان لا تخرج عن كونها من الناس او من الله , فان كانت من الناس فالله سبحانه وعد بان ينتصف للمظلومين من الظالمين يوم القيامة، وان كانت من الله فالله وعد بالثواب الجزيل والفضل الكبير جزاء ما يصيب الانسان الصالح في الدنيا من المكروهات. وفيها مفهوم العبودية لله وحده ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. اياك نعبد واياك نستعين .. )
والمعنى: اللهم لك نخضع، واياك نعظم اقرارا لك بالربوبية لا لغيرك، واياك نطلب المعونة على عبادتنا وطاعتنا لك في امورنا كلها. وتأمل كيف قدم الله ذكر نفسه بقوله: ( .. اياك نعبد .. ) لينبه العابد على ان المعبود هو الله الحق، وهو المستعان وحده، فلو قال المؤمن نعبدك، ونستعينك لم يفد نفي العبادة والاستعانة بغير الله ( .. الحمدلله رب العالمين .. ). وفي ذكر هاتين الصفتين: عبادة الله والاستعانة به وحده كان الله وحده هو المعبود وهو المستعان فقد تخلص الضمير الانساني من استغلال الدجالين والمرتزقة كما تخلص من الخرافات التي تقعد النفس عن العمل والاخذ باسباب الحياة الصحيحة. وفيها الدعوة الى الاستقامة ويستفاد ذلك من قوله تعالى: ( .. اهدنا الصراط المستقيم .. ). فالهداية هي الدلالة بلطف، والصراط: هو الطريق، والمستقيم: هو الذي لا اعوجاج فيه، واقرب مسافة بين نقطتين. والصراط المستقيم: هو الطريق الحق الذي يوصلنا الى سعادة الدنيا والاخرة والذي يشمل العقائد والاداب والاحكام التي امرنا بها الله على يد الاسلام ( .. فالاسلام شريعة الصراط المستقيم .. ). وفي طلب المسلم للاستقامة باستمرار هو تركيز لا شعوري واحياء للنفس على الاستقامة التي
(يُتْبَعُ)
(/)
هي ارفع الخصال البشرية التي تؤدي الى سعادة الفرد والمجموع. وفيها القدوة الحسنة ويستفاد ذلك من قوله تعالى .. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .. ). والمعنى: دلنا يارب الى الطريق الذي سلكه خيار عبادك المفلحين ممن هديتهم ورضيت عنهم لا طريق الذين استحقوا غضبك وضلوا عن الحق والخير. فالانسان لا يستطيع ان يرتقي ويتطور نحو الافضل بدون ان يجعل نصيب عينيه مثالا يقتدي به.
وفي تاريخ الانسانية رجال كانوا مشعل الهداية في سلوكهم. وتضحياتهم وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، فالله يامر المسلم ان يقتدي بهؤلاء ويجعلهم مثالا له في حياته وان يجتنب سبيل المغضوب عليهم والضالين. وفيها الوحدة بين المؤمنين
والمتامل في كلمات سورة الفاتحة يرى ان المسلم يقول فيها .. نعبد .. ) و ( .. نستعين .. ) و ( .. اهدنا .. ) بصيغة الجمع مع ان قارئها مفرد، فما هي الحكمة من ذلك؟ لقد اراد الله بصيغة الجمع دعوة المؤمنين الى وحدة شاملة، والى تعاون وثيق، والى نصح يفضي الى خير الجماعة والى مشاركة في الدعاء. فقول كل مسلم ( .. اياك نعبد .. ) هو دعوة من الله، للمسلمين لتوحيد قلوبهم وتوجيهها نحو هدف واحد
هو عبادة الله وجعل الصلة التي تربط بعضهم بعضا غايتها رضاء الله لا المصالح الشخصية والشهوات الذاتية. وفي قول كل مسلم) .. اياك نستعين .. ) طالبا من الله المعونة له وللمؤمنين، هو لا ريب دعوة من الله لمساعدة بعضنا بعضا لان طلب المعونة لا يكون الا على عمل بذل فيه المرء طاقته فلم يوفه حقه او يخشى ان لا ينجح فيه فيطلب المعونة من الله على اتمامه وكماله. وفي قول كل مسلم: ( .. اهدنا الصراط المستقيم .. ) طلب الهداية له ولاخوانه المؤمنين للطريق القويم، وفيه ضمنا دعوة من الله لارشاد المسلمين بعضهم بعضا الى الخير. وفيها مناجة لله
عن ابي هريرة قال: ( .. سمعت رسول الله .. ) يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فاذا قال العبد: ( .. الحمدلله رب العالمين .. ) قال الله تعالى: حمدني عبدي. واذا قال: ( .. الرحمن الرحيم .. ) قال الله: اثنى علي عبدي، واذا قال: ( .. مالك يوم الدين .. ) قال الله: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض الي عبدي. فاذا قال .. اياك نعبد واياك نستعين .. ) قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فاذا قال: ( .. اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين .. ) قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ..
فائدة: ذكر الله تعالى في هذه السورة خمسة من اسمائه وهي: الله، والرب، والرحمن، والرحيم، والمالك، والسبب في ذلك كأنه يقول للانسان: خلقتك اولا فانا الله، ثم ربيتك بوجوه لنعم فانا رب، ثم عصيت فسترت عليك فانا رحمن، ثم تبت فغفرت لك فانا رحيم، ثم لابد من ايصال الجزاء اليك فانا مااك يوم الدين ..
واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين ونرجوا العفو عن التقصير فالله اعلم بالمقصود ..
ـ[سليمان داود]ــــــــ[14 Jul 2004, 04:07 م]ـ
أخي العزيز جزاك الله خيرا على نقل هذه المعلومات القيمة حول هذه السورة العظيمة
فقط أود أن أضيف نقطه أغفلها الكثيرون
وهي أنه لو لاحظنا سياق الآيات نجد التالي
اذا تلونا الله فهو غائب
رب العالمين -- غائب
الرحمن --- غائب
الرحيم --غائب
مالك يوم الدين --غائب
اما عندما نلفظ اياك نعبد؟؟؟؟
فكأننا نخاطب الاله مباشرة؟؟؟ فلفظ اياك تقال لمخاطب حاضر أمامك مباشرة؟؟؟
وقد جاءت أثناء التعبد (اياك نعبد)
وأثناء الاستعانة والدعاء (اياك نستعين)
وهذا يدلنا على أمر حيوي هام
هو أن الباري يعلمنا أن نؤمن بالله رب العالمين الرحمن الرحيم ايمانا غيبيا؟؟
أما عندما نتعبد أو نستعين وندعوا يجب أن نكون موقنين بأننا نخاطب موجودا نتخيله أمامنا؟؟؟
فنسجد بين يديه
ونطلب منه العون بنفس الشعور
فلفظ اياك يجب تمعنها جيدا"والاحساس بها كما هي؟؟؟؟
والله الموفق
ـ[ tafza] ــــــــ[14 Jul 2004, 05:18 م]ـ
( .. سليمان داود .. ) ( .. السلام عليك ورحمة الله وبركاته .. ) تحية طيبة:
لماذا لم تنتشر الامثال الحديثة بيننا؟ المثل هو ( .. العبارة التي تتصف بالشيوع والاجاز وحدة المعنى وصحته .. )
ونركز على جانب الاجاز، ( .. يجتمع في المثل اربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: ايجاز اللفظ واصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكفاية فهو نهاية البلاغة .. )
وارى ان التدوين يساعد على انتشار الامثال اذ يمر بنا الكثير من الحكم والامثال دون ان نعيدها ونتخذها امثالا بل تصبح نوادر ..
( .. النادرة حكمة صحيحة تؤدي ما يؤدي عنه المثل الا انها لم تشع في الجمهور ولم تجر الا بين الخواص وليس بينا وبين المثل الا الشيوع وحده .. ) فلو تصدى باحث لجمع هذه الحكم والنوادر والامثال ونشرها في وسائل الاعلام .. !!؟؟ ..
مع ذكر قصتها او حكايتها لساهم في اظهار الامثال الحديثة والمعاصرة بيننا لان المثل يعكس الواقع بلغة مكثفة تساعد على فهم الواقع الاجتماعي والثقافي وتضيف خبرة جديدة للملتقى ..
( .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. )(/)
حول إعجاز القرآن
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[15 Jul 2004, 02:36 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة موجزة، عن إعجاز القرآن، أصلها مأخوذ من محاضرات الشيخ محمد بن عبد المقصود، حفظه الله، في شرح مذكرة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، وقد زدت عليها من كتاب "مباحث في علوم القرآن" للشيخ مناع القطان رحمه الله، وكتاب "لمحات في علوم القرآن" للدكتور محمد لطفي الصباغ، أسأل الله أن ينفع بها
بداية تطرق الشيخ محمد حفظه الله، إلى التعريف بالمعجزة، وشروطها، فذكر شروط المعجزة، كما قررها القرطبي رحمه الله:
¨ أولا: ألا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فلو قال مدع: الدليل على صدق نبوتي، أني أتحرك وأسكن، لم تقبل دعواه، لأن هذا أمر يقدر عليه كل أحد، فأين الإعجاز؟!!.
¨ ثانيا: أن تكون خارقة للعادة، فلو قال: الدليل على صدق نبوتي أن الشمس تشرق من المشرق، لم تقبل دعواه، لأن هذا الأمر، وإن كان لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، إلا أنه غير خارق للعادة.
¨ ثالثا: أن تكون المعجزة وفق ما أخبر به المدعي، فلو أخبر عن كيفية معينة لمعجزته، وجاءت على غير ما أخبر، لم تقبل دعواه، وإن جاء بأمر خارق، والله أعلم.
¨ رابعا: ألا يقدر أحد على الإتيان بمثل ما جاء به على وجه المعارضة.
والمعجزات إما:
¨ ما ظهر واشتهر في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وانقضى بموته، كنبوع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حادث حدث في عصر النبوة، وانقضى، ونقل إلينا نقلا صحيحا، لا يدفعه إلا مكابر، وينبه الشيخ حفظه الله، في هذا الموضع، إلى أن كثيرا من الأخبار تستند إلى خبر التواتر.
¨ وإما ان تنقل إلينا هذه المعجزة نقلا متواترا، كما هو شأن القرآن الكريم، وهذه أيضا لا يردها إلا مكابر.
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم:
¨ أولا: النظم المعجز الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، مع كونه أميا، لم يتلق العلم عن أحد من البشر.
¨ ثانيا: إخباره عن قصص الأولين، مع ما سبق من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم، وعد تلقيه عن أحد من البشر.
¨ ثالثا: الإخبار عما يأتي من أحداث.
وممن تكلم على وجوه إعجاز القرآن، الشيخ مناع القطان رحمه الله، في "المباحث"، والدكتور محمد لطفي الصباغ، في "اللمحات"، حيث ذكرا أقوال الفرق المختلفة، في هذه المسألة كالتالي:
¨ أولا: ذهب النظام "من المعتزلة"، ومن تابعه، كالمرتضى، من الشيعة، إلى القول بأن إعجاز القرآن كان بالصرفة، ومعناها: أن الله صرف العرب عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليها، وهذا قول لا شك في بطلانه، وممن تصدى للرد عليه:
· شيخ الإسلام، رحمه الله، حيث قال في "الجواب الصحيح": الصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك، ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن، بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر.
· وتصدى له أبو بكر الباقلاني رحمه الله، في ""إعجاز القرآن"، فقال: ومما يبطل ما ذكروه من القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه.
· وتصدى له الحافظ ابن كثير رحمه الله، في تفسيره، وتصدى له الحافظ السيوطي رحمه الله، في الإتقان، فأجاد، حيث لخص الرد في 4 نقاط:
o أولا: قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن …)، يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة لم تبق فائدة لإجتماعهم، لأنهم عندئذ يكونون كالموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره.
o ثانيا: أن العلماء أجمعوا على أن الإعجاز مضاف إلى القرآن، فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة إعجاز؟ بل المعجز حينئذ، هو الله سبحانه وتعالى، حيث سلبهم القدرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
o ثالثا: يلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمن التحدي، ويخلو القرآن عندئذ من الإعجاز، وفي ذلك خرق لإجماع الأمة على أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم العظمى باقية، ولا معجزة له باقية سوى القرآن. اهـ، (بمعنى أنهم إن صرفوا عن الإتيان بمثله، مع قدرتهم، لن يصرف من يأتي بعدهم، إذا كان عالما بأسرار اللغة، لأنه غير مخاطب بما خوطبوا به من الصرفة، وهذا لا يقوله عاقل، فضلا عن عالم)، والله أعلم.
o رابعا: لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع معجزا، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه، وهذا مضمون كلام أبي بكر الباقلاني رحمه الله، كما سبق ذكر ذلك.
· وشدد الإمام أحمد رحمه الله، النكير على من قال بأن القرآن مقدور على مثله، فيما نقله عنه عبد الواحد التميمي رحمه الله في "إعتقاد الإمام المنبل أبي عبد الله أحمد بن حنبل"، حيث قال بأن الإمام أحمد كان يكفر من يقول: إن القرآن مقدور على مثله، ولكن الله تعالى منع من قدرتهم، بل هو معجز في نفسه، والعجز قد شمل الخلق.
· بل إن بعض المعتزلة، رد هذه المقالة، ومن أبرزهم القاضي عبد الجبار، وهو إمام المعتزلة في زمانه، في كتاب المغني، كما ذكر ذلك محمود محمد شاكر في مقدمته لكتاب "دلائل الإعجاز".
· ومما يؤيد بطلان هذا الرأي، ما ذكره الجاحظ، وهو أيضا من أئمة المعتزلة، من أن قريشا اختارت الحرب، على ما فيها من إزهاق للأرواح وفقد للأحبة، لتنقض قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الأمر أيسر من ذلك، لو كانت لديهم القدرة على معارضة القرآن بسورة واحدة فقط، وهو الذي كان يتحداهم ليل نهار بذلك، فما استطاعوا، واختاروا القتال على ما فيه من نصب.
¨ ثانيا: وذهب قوم إلى أن القرآن معجز ببلاغته، التي وصلت إلى مرتبة لم يعهد لها مثيل.
¨ ثالثا: وذهب بعضهم إلى أن وجه إعجازه هو في تضمنه البديع الغريب المخالف لما في كلام العرب، من الفواصل والمقاطع.
¨ رابعا: وذهب آخرون، ومن أبرزهم أبو الهذيل العلاف، من المعتزلة، إلى أن إعجاز القرآن مقتصر على صدقه فيما أخبر به من مغيبات، حيث ذكر البغدادي رحمه الله، في "الفرق بين الفرق"، أن من فضائح أبي الهذيل قوله: إن نظم القرآن وحسن تأليف كلماته ليس بمعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا دلالة على صدقه في دعواه النبوة، وإنما وجه الدلالة منه على صدقه ما فيه من الإخبار عن الغيوب، ويعلق الشيخ مناع، رحمه الله، على هذا الرأي بقوله: وهذا قول مردود، لأنه يستلزم أن الآيات التي لا خبر فيها عن المغيبات المستقبلة والماضية لا إعجاز فيها، وهو باطل، فقد جعل الله كل سورة معجزة بنفسها.
¨ خامسا: وذهب البعض إلى أن القرآن معجز لما تضمنه من العلوم المختلفة.
وقد رجح الشيخ مناع، رحمه الله، القول بأن القرآن معجز، في كل هذه الأوجه، فلا يقتصر إعجازه على وجه منها دون الآخر، وأما الدكتور محمد لطفي الصباغ، فقد رجح القول بأن إعجاز القرآن، وإن كان شاملا لكل هذه الأوجه، إلا أنه يتركز أساسا، في النواحي اللغوية، التي تتعلق بلفظه ونسقه وبيانه ونظمه، لأنه أنزل على قوم صناعتهم البلاغة، فكانت معجزتهم في عين ما برعوا وتفوقوا فيه.
وممن تكلم عن إعجاز القرآن اللغوي، فأجاد، أبو بكر الباقلاني رحمه الله، في إعجاز القرآن، فقال ما ملخصه:
أن هذا الإعجاز اللغوي يشمل النقاط التالية:
¨ أولا: أن القرآن جاء بأسلوب خارج عن أساليب النظم عند العرب، فما هو بالنثر، وما هو بالشعر، ولذا عجزوا عن معارضته.
¨ ثانيا: أن عجيب نظم القرآن وبديع تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين على ما ينصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها، من ذكر وقصص ومواعظ، واحتجاج وحكم وأحكام … الخ، بمعنى أن بلاغة القرآن لا تتفاوت من باب لآخر، خلاف غيره من الكلام، فكلام الشعراء، على سبيل المثال يتفاوت من غرض لآخر، فنجد منهم من برع في الهجاء، على سبيل المثال، ولكنه لم يبرع بنفس الدرجة، في بقية أغراض الشعر، ولذا ضرب المثل بكل شاعر، بحسب ما برع فيه، فضرب المثل بإمريء القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وبزهير إذا رغب، ولم يضرب المثل بأحدهم في كل أجناس
(يُتْبَعُ)
(/)
الكلام.
¨ ثالثا: أن أسلوب القرآن في تكرار القصة أكثر من مرة، لا يصاحبه أي تفاوت في بلاغة عرضها، خلاف كلام من يعيد حدثا ما، فإن بلاغته في سرده تختلف من حال إلى حال.
مسألة: القدر المعجز من القرآن:
¨ أولا: ذهب المعتزلة إلى أن الإعجاز يتعلق بجميع القرآن لا ببعضه، أو بكل سورة برأسها.
¨ ثانيا: ويذهب البعض إلى أن المعجز منه القليل والكثير، دون تقييد بسورة، لقوله تعالى: (فليأتوا بحديث مثله)، وقد استدل الزركشي، رحمه الله، في البحر المحيط، بهذه الآية، على أن القرآن هو: الكلام المنزل للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، حيث قال رحمه الله: بأن أقصر سورة في القرآن هي سورة الكوثر، وقد ورد التحدي بأقل من سورة، كما في قوله تعالى: (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين)، والحديث يطلق على ما هو أقل من سورة، والجواب عن هذا، بأن المقصود بالحديث في هذه الآية، هو القرآن كاملا، لأن سياق آيات التحدي تقتضي ذلك، فقد ورد التحدي أولا، بكامل القرآن، ثم بعشر سور، ثم بسورة واحدة، وقد تكلم الشيخ عبد الكريم الخضير، حفظه الله، عن هذه المسألة في شرحه لرسالة أصول التفسير، فقال بأن التحدي لم يرد بآية لأن من الآيات ما هو كلمة واحدة فقط مثل (مدهمتان) فهل يعجز البشر عن الإتيان بمثلها؟ ومع ذلك فالآية معجزة في موضعها، فلا أحد يستطيع – مثلا – أن يحذف كلمة (مدهمتان) ويأتي بمرادف لها.
¨ ثالثا: وذهب آخرون إلى أن الإعجاز يتعلق بسورة تامة، ولو قصيرة، أو قدرها من الكلام كآية واحدة أو آيات، وهذا موافق لتعريف الجمهور للقرآن، حيث قالوا بأنه: الكلام المنزل للإعجاز بسورة منه (وليس بآية كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله)، المتعبد بتلاوته.
وهذا الرأي هو الأرجح، وقد ذهب الشيخ مناع، رحمه الله، إلى أن الإعجاز لا ينحصر في قدر معين لأننا نجده في أصوات حروفه ووقع كلماته، كما نجده في الآية والسورة، فالقرآن كلام الله وكفى، وكأن الشيخ رحمه الله، يميل إلى رأي الزركشي رحمه الله، والله أعلم.
ـ[ش. م]ــــــــ[15 Jul 2004, 10:58 م]ـ
أحسنت يا أخي الفاضل .. موضوع قيم بارك الله فيك وأجزل لك ثوابه
سأعيد قراءته بتأمل بإذن الله .. وفقك المولى
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا، في إتتظار ملاحظاتك عل الموضوع(/)
حوار علمي مع الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة اليرموك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:37 ص]ـ
هذا نص حوار نشرته مجلة الفرقان مع مع الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة اليرموك:
الأستاذ الدكتور فضل عباس أحد العلماء المعدودين في علوم التفسير وعلوم اللغة، عرفه الناس من خلال كتبه ودروسه ومحاضراته في حلقات العلم وفي المساجد وفي المنتديات العلمية، وعرفه طلاب العلم في رحاب المعاهد العلمية والجامعات، وقبل ذلك برز الدكتور فضل عباس كأحد أهم علماء التفسير والتلاوة – وكان ذلك قبل ثلاثين عاماً – حين سجلت له الإذاعة الأردنية (400) حلقة إذاعية في تلاوة القرآن الكريم وتفسيره، كانت باكورة مسيرته العلمية التي أثمرت فيما بعد نتاجاً كبيراً وهاماً من المؤلفات والنظرات الجديدة في تفسير القرآن الكريم.
لكن أستاذنا لا يحبّ الحديث عن نفسه، وعندما علم أن أحد الأساتذة الذين أفادوا من علمه الكثير أصدر كتاباً أهداه إليه وأشاد بمناقبه لم يرق له ذلك، ولو كان يعلم لما قبل.
ويعد ضيفنا الكريم موسوعة علمية جادة في زمان فُقد فيه العلماء الموسوعيون، فقلما تجد عالماً في أيامنا يتقن تخصصاً ويبرع فيه بجانب تخصصه الأصلي، لكن أستاذنا الدكتور فضل تراه في علوم القرآن وفي علوم البلاغة واللغة وفي الدراسات الفقهية والتصوف يضرب بأسهم وافرة في العلم والفهم، هذا إلى جانب جهاده الدعوي ومواقفه الشجاعة.
حُرم أستاذنا نعمة البصر، فعوضه الله تبارك وتعالى عنها نفاذ البصيرة، وعمق الفكرة، وحضور الذهن.
وحتى نعرّف قراءنا الكرام بعلم من الأعلام - بشيء من التفصيل - نترك لفضيلته عرض بطاقته الشخصية والعلمية في هذا الحوار الذي أجريته معه في منزله في عمان.
* الفرقان: نرحب بكم ضيفاً على مجلة الفرقان.
- د. فضل: ومرحباً بكم. وأرجو للجمعية ولمجلة الفرقان التوفيق ودوام العطاء الطيب، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
* الفرقان: فضيلتكم غني عن التعريف، لكن قراء الفرقان بحاجة ماسة لزيادة معرفة بكم فماذا تقولون؟
- د. فضل: هويتي هوية مسلم عاش أحداثاً كثيرة عقوداً من الزمن في أكثر من قرن. اسمي فضل حسن أحمد عباس ولدت في رمضان من عام 1350هـ في شهر كانون الثاني من سنة 1932م. وكان والداي رحمهما الله حريصين كل الحرص على أن أحفظ كتاب الله تبارك وتعالى وأدرس العلم، ذلكم لأن هذا العلم يكاد يكون شيئاً معروفاً عندنا في الأسرة، فخالي رحمه الله الشيخ يوسف عبدالرزاق المشهدي كان أستاذاً في جامعة الأزهر، وبهذه المناسبة طبعنا له حديثاً كتاب " معالم دار الهجرة". ومن فضل الله حفظت كتاب الله تبارك وتعالى وأنا دون العاشرة، ثم بعد ذلك بدأت حفظ المتون العلمية الكثيرة فحفظت (متن الغاية والتقريب) في الفقه الشافعي ومتن الرحابية في الفرائض، ومتن الجوهرة في التوحيد، وبعض متون المنطق وغيره من متون علوم الحديث، ثم بدأت بحفظ ألفية ابن مالك. وهذا كله كان في أثناء وجودي في بلدتنا صفّوريا التي لا تبعد عن الناصرة كثيراً في فلسطين، وذهبت في هذه الأثناء فدرست في عكا في جامع الجزار في المدرسة الأحمدية نسبة لأحمد باشا الجزار - رحمه الله - وهي مدرسة علمية، وحينما أنهيت الدراسة في هذه المدرسة ذهبت لمصر قبل النكبة بالقطار من حيفا، ونحن هناك حدث ما حدث من نكبة سنة 1948. وبدأت أدرس في مصر علوم القرآن - أعني القراءات والتجويد - وكانت أول شهادة حصلت عليها من كلية اللغة العربية في تجويد القرآن سنة 1948، ثم بدأت أدرس على شيخي محمد سليمان – جزاه الله خيراً ورحمه الله – وكان عالماً كبيراً فذّاً من علماء القراءات، وكان دقيقاً جداًّ، وله عليّ فضل كبير بعد رب العالمين، ثم دخلت كلية أصول الدين وتخرجت فيها سنة 1952م، وفي هذه الأثناء بقينا مدة حتى تعرفنا أين صار أهلنا - بسبب النكبة - فقد كانوا في لبنان، فاضطررت للسفر عندهم، وبعد أن حصلت على الشهادة العالية سنة 1952م، دخلت في تخصص التدريس في كلية اللغة العربية، وفي هذه الأثناء توفي والدي – رحمه الله – وكان رأي خالي أن أذهب إلى لبنان لأن والدتي هناك وإخواني وأخواتي كانوا صغاراً، وهناك بدأنا نكافح كفاحاً اجتماعياً وسياسياً وفكرياً مدة من
(يُتْبَعُ)
(/)
الزمن، ولم أتمكن في ذلك الوقت من إكمال دراستي لأكثر من سبب، وبقيت حتى سنة 1965 حيث ذهبت في نفس السنة إلى مصر مرة أخرى لإكمال دراستي، وكنت في عمان هنا وقد رغبت مديرية الأوقاف أن أعمل معها – قبل أن تكون هناك وزارة للأوقاف - وكان رئيس مجلس الأوقاف الأعلى الشيخ عبدالله غوشة - رحمه الله - وكان مدير الأوقاف عبدالوهاب الموصللي (أبوخلدون) رحمه الله تعالى، وطلبا مني العمل مع المديرية حتى عينت في 25/ 12/1965، وفي سنة 1967 حصلت على الماجستير من كلية أصول الدين، وفي سنة 1972 حصلت على الدكتوراه، وعملت في المعهد الشرعي سنة أو سنتين، ثم ذهبت إلى دولة الإمارات وبقيت هناك سنتين إلى أن عينت في الجامعة الأردنية في الفصل الأول 77/ 78، وبقيت في الجامعة إلى أن خرجت منها بسبب عامل السن، والآن أدرّس في برنامج الدكتوراه في جامعة اليرموك.
* الفرقان: عُرفتم فضيلتكم بأنكم موسوعة علم ومعرفة، فقد برزتم في مجالات التفسير وعلوم القرآن واللغة، وضربتم بأسهم وافرة في صنوف العلم. وهذا الأمر يدعونا إلى التساؤل: لماذا اختفت ظاهرة الموسوعية في العلوم المختلفة هذه الأيام؟ لماذا المتخصص في الفقه – مثلاً - لا يستطيع أن يدرس في التفسير أيضاً ويبرع فيه كما الفقه، وهكذا؟
- د. فضل: أنا لا أعدّ نفسي في مصافّ أولئك العلماء – رحمهم الله تعالى – لكنني اقتفيت من آثارهم، وحاولت السير على منهاجهم. ومن فضل الله عليّ أنني حينما دخلت الكلية أو درست في الأزهر أكرمني الله بأساتذة موسوعيين، ولعل هذا الجيل – جيلنا نحن – كان آخر تلك الأجيال من حيث العلماء الموسوعيون الذين درّسوهم. أذكر أن أساتذتنا – رحمهم الله – كانوا جهابذة، ولذلك كنت تجد الواحد منهم حينما يتحدث أو حينما يكتب أو إذا بحثت عن نتاجه وجدت أنه دائرة معارف، فمثلاً خالي – رحمه الله – الشيخ يوسف عبدالرزاق حينما تبحث عن نتاجه ستجد أنه كتب في النحو كتاب (لباب الشذور) حيث اختصر كتاب (شذور الذهب) لابن هشام مع شروحه، وكان هذا سنة (36) وكان في أول مراحل التدريس، وتجد له في أصول الفقه كتباً ومقالات مشهورة، ففي الفقه الشافعي تجد له (موارد الظمآن في فقه السنة والقرآن)، وتجد له تعليقاً على شرح ابن قاسم في الفقه الشافعي (شرح ابن شجاع)، وفي علم التوحيد تجد له (إشارات المرام شرح عبارات الإمام) أي الإمام أبي حنيفة، وتجد له في التاريخ مثل (معالم دار الهجرة)، وأساتذتنا الذين درّسونا كنت تجد الواحد منهم متخصصاً في الفلسفة لكنه يكتب في الفقه والقانون والمعاملات مثل الدكتور محمد يوسف موسى، الذي كان أستاذاً عظيماً وعُرف أن تخصصه كان فلسفة الأخلاق، وله كتب كثيرة، وكان يعتزّ بكتابه (فلاسفة الأخلاق في الإسلام) عن الإمام الغزالي وابن عربي وابن مسكوية، ويطلب منّا أن نعتز به، وله كتب في الأخلاق والفلسفة، وطبع كثيراً من كتب التوحيد مثل كتاب (الإرشاد)، لإمام الحرمين، وفي الخمسينات طلبت منه جامعة القاهرة أن يدرّس في كلية الحقوق بعد أن كان يدّرس في كلية أصول الدين، وذهب إليها، وإذ به صار إنساناً آخر كأنه لم يتخصص في الفلسفة من قبل، وكان نتاجه كله نتاجاً فقهياً في فقه المعاملات، فكتب (مدخل لدراسة الفقه الإسلامي) وكتب (مقارنة بين المعاملات في الفقه الإسلامي وبين المعاملات في القوانين الأخرى) وله كتب في العلوم القانونية. ومثال آخر: الدكتور محمد عبدالله درّاز – رحمه الله – صاحب كتاب (النبأ العظيم) المشهور، وصاحب كتاب (المختار في كنوز السنة)، وصاحب رسالتي (دستور الأخلاق في الإسلام) و (مدخل لدراسة القرآن) حيث كتبهما بالفرنسية وهما كتابان جديدان مهمان. أساتذتنا كثيرون .. وكان منهم أيضاً من مشايخنا الشيخ الأودن في الحديث؛ هذا الرجل الصالح العظيم الطيب .. هؤلاء كانوا موسوعيين. أما حين نقرأ تاريخنا نحن ماذا سنجد؟ سنجد أن هؤلاء كانوا على سنة من قبلهم، خذ من تشاء مثلاً: ابن حجر، الإسنوي، البيضاوي، السبكي، القارات .. على اختلاف مذاهبهم ستجد أن كل واحد منهم له كتب في عدة علوم وفي معارف كثيرة – هكذا كانوا –، فأنا من فضل الله هيأ الله لي وشاء أن أتلقى العلم على هؤلاء، ولذلك لم يكن عندنا تخصصات في كلية أصول الدين بل كان الطالب يدرس في الكلية ثلاثة تخصصات: تخصص التفسير والحديث،
(يُتْبَعُ)
(/)
تخصص التوحيد والفلسفة، تخصص التاريخ الإسلامي، لكن ليس معنى هذا أننا في دراستنا في الكلية كنا نتخصص في فرع من هذه. لا، كنا ندرس هذه الفروع جميعها دراسة قديمة، أي ندرس كبار الكتب مثل: في التفسير ندرس (تفسير أبي السعود وتفسير البيضاوي) وفي الحديث ندرس (صحيح البخاري وصحيح مسلم)، وفي التوحيد ندرس كتب (المواقف) و (المقاصد) و (عقائد النسفية) و (العقائد العضدية)، وفي التاريخ .. ، وهكذا .. من هنا كان لهذه الدراسة أثر كبير في تكويننا العلمي، ولذلك حينما تخرجنا كان بإمكاننا أن نكمل دراستنا في أي علم وأي فن. لقد كان لهؤلاء جميعاً فضل عليّ بعد الله تعالى واستطعت أن أكتب في موضوعات كثيرة، فمثلاً لي في الفقه سلسلة (ليتفقهوا في الدين) أكثر من جزء، سلسلة: إعجاز القرآن، قصص القرآن، رد على دائرة المعارف البريطانية، ولي أيضاً سلسلة (بلاغتنا ولغتنا)، وسلسلة أخرى وعظية (خماسيات مختارة، نفحات من الإسراء والمعراج).
* الفرقان: جاء في كتاب دراسات عربية وإسلامية للدكتور جمال أبوحسان أن لكم نظرات جديدة في التفسير، هل لكم أن تذكروا لقراّء الفرقان أهم هذه النظرات؟
- د. فضل: قضية النظرات جاءت نتيجة الدراسة الدائبة، فالإنسان حين يتلو القرآن الكريم كثيراً ويعيش مع كتب التفسير واللغة، لا شك ستفتح له آفاق، أنا من الناس الذين يجلّون السلف رحمهم الله، وليس من طبعي أو هوايتي أن أخالف السلف سواء كانوا مفسرين أم محدّثين أم فقهاء، لكن ليس معنى هذا أن تلمذتنا لهم أن نوافقهم في كل صغيرة وكبيرة، وأظن هذا يرضيهم، فقد يرى الإنسان رأياً لم يرتأوه من قبل، لكن ليس هذا الأمر عاماً في جميع القضايا، هو ممكنٌ في تفسير آية أو في فهم حديث، والدكتور جمال كان يسألني عن بعض هذه القضايا، هناك تفسير آية (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه) بالنسبة للقبلة الأولى (بيت المقدس)، وهناك تفسير قوله تعالى (وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك) لماذا أفرد العم والخال وجمعت العمة والخالة؟! وكذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما وجهنا لقراءة سورة البقرة: اقرءوا سورة البقرة وآل عمران، إن أخذها بركة وإن تركها حسرة ولا تستطيعها البطلة. أنا لي رأي في هذا الحديث، فهذا الطلب من الرسول ليس لأن سورة البقرة من قرأها له أجر أكثر ممن يقرأ غيرها، لأن القرآن الكريم كله في الأجر سواء، في كل حرف عشر حسنات، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف، أقول: إن قراءة بعض السور التي صحت فيها الأحاديث لم تكن من أجل الأجر الأخروي فحسب، وإنما كانت من أجل الحياة الدنيوية لأن هذه السورة التي أمرنا بقراءتها فضلاً عمّا لها من أجر في الآخرة فإن لها فائدة في الدنيا لأنها تكوّن المنهجية للمسلم، فلماذا إذن أمرنا الرسول بقراءة سورة البقرة؟ لأنها أطول سورة في القرآن، وأكثر سورة حدثتنا عن اليهود ومكرهم وحيلهم ووسائلهم في الحياة، فنستطيع من خلال سورة البقرة أن نردّ على مكرهم وخداعهم.
ومن هنا سورة الكهف – مثلاً - لأنها تشكل منهجية كاملة في حياة المسلمين، وأرى فيها رأياً خاصاً. وفي القصص القرآني – مثلاً - كتبت كثيراً من هذا، وبخاصة في كتابي الجديد: (قصص القرآن الكريم صدق حدث وسمو هدف) ومن جملة ذلك قضايا تعارف عليها الناس، مثل (الشيخ الكبير الذي هو موسى) حيث يظن الناس أنه شعيب، فأنا أقول إنه ليس شعيباً قطعاً.
وأنا بالمناسبة في سنة 1971 كنت سجلت للإذاعة الأردنية وكانت لأول مرة (القرآن الكريم) كله تلاوة وتفسيراً ما يقرب من (400) حلقة بمعدل (100) ساعة كاملة، وأذيع مرات كثيرة، ولا يزال يذاع في الإذاعات الموجهة للخارج وليس في الداخل، فهذا الأمر أفادني كثيراً في بعض النظرات في تفسير كتاب الله تبارك وتعالى.
* الفرقان: القرآن الكريم سبيل النجاة لهذه الأمة، كيف يمكن إصلاح أحوال المسلمين المتردية وفق المصدر الأول للتشريع: القرآن الكريم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- قضية القرآن قضية حساسة، ليس لهذه الدنيا راحة إلا حينما تلجأ إلى ظله وتتأدب بمأدبته، هذا بالنسبة للدنيا كلها، أما المسلمون فلن يتفيئوا ظلال الخير ولن يذوقوا طعم الهناء، ولن يشعروا بحلاوة العز إلا إذا عادوا إلى هذا القرآن كما كانوا من قبل. كان التعليم قبل القرن الماضي تعليماً يشتمل القرآن وغيره، فكنت تجد أن كثيرين من الناس حتى من غير المسلمين من ذوي الأريحية وذوي الوطنية حينما يتكلمون أو يكتبون تجد لهم أسلوباً رفيعاً، وما ذلك – حينما تسأل - إلا لأنهم كانوا يحفظون القرآن من صغرهم. مكرم عبيد – مثلاً – المحامي المصري المشهور من الأقباط، سل عنه كيف كان حينما كان يخطب أو يتكلم، وفارس الخوري الذي كان مندوب سوريا في هيئة الأمم المتحدة في سنة 1948، سل عنه، هؤلاء كانوا يحفظون ويحضرون دروس العلماء المسلمين، ثم بعد ذلك خلف خلف أضاعوا هذا كله. عندنا الآن جمعيات كثيرة للمحافظة على القرآن الكريم في تعليم الصغار، نحن كان عندنا كتاتيب فقبل أن يذهب الطالب إلى المدرسة الرسمية يدرس في الكتاتيب ويتعلم فيها أصول القراءة والكتابة ويتعلم القرآن، لقد كانت خيراً ثم ذهبت. لا بد الآن حينما نود أن نعلم الناشئة القرآن الكريم أن نعلمهم: ما هذا القرآن؟ مع ما نعطيهم من أحكام التجويد لا بد أن نبين لهم عظمة هذا القرآن وأنه السر الذي لا بد أن ندركه ونفهمه حتى نستطيع أن نسترجع حياتنا الفاضلة الكريمة، ولا بد أن يتواصى علماء المسلمين في العالم بذلك، وفي ظني أنه يجب أن ندع الإسلام الرسمي الآن، وأنه لا بد للقائمين على هذه الجمعيات في بلاد إسلامية كثيرة أن يتداعوا للقاء سنوي أو أكثر أو أقل، وأن يتدارسوا فيما بينهم كيف يمكن أن نتقدم بطلبة العلم مرحلة أخرى تتجاوز تعليمهم الأحكام والقراءة والنطق بالحروف، أي علينا أن نتدارس كيف يمكن أن يكون هذا القرآن حياتهم الوجدانية والعاطفية والفكرية، هذا ما نريده حقيقة، حتى لا يصدق علينا ما جاء في بعض الآثار: أنتم الآن تقيمون حدود القرآن وسيأتي بعدكم قوم يقيمون حروفه ويهملون حدوده – نحن نرجو أن لا نكون من هؤلاء – ومن هنا أقول: هذا واجب على علماء المسلمين وهؤلاء المسؤولين، صحيح أنه ستكون عوائق، لكن ينبغي أن نتغلب على هذه العوائق بقدر ما نستطيع، وأظننا إن أردنا ذلك وصدقنا الله في هذا فسيهيئ الله لنا اليسر حتى نؤدي رسالة القرآن الكريم. نحن لا نستطيع – في واقع الأمر – أن نحلّ مشكلاتنا الكثيرة من سياسية وعسكرية وغيرها وخاصة الآن حينما كشّر لنا الأعداء عن أنيابهم إلا حينما نهرع إلى هذا القرآن ونحتمي به ليحمينا ونهتدي به ليهدينا ونعتز به ليعزّنا الله تبارك وتعالى.
* الفرقان: سيصدر لكم - بإذن الله – كتاب بعنوان " إعجاز القرآن المجيد عرض ونقد وتجديد " ماذا يميزه عن كتب الإعجاز الأخرى؟ وماذا يضيفه إلى المكتبة الإسلامية؟
- د. فضل: حينما أكتب أبحث في السوق وفي المكتبات، فإن وجدت ما يغني عن كتابي، أو ما هو خير منه لا أكتب، أنا لا أكتب إلا إذا وجدت أن هناك ضرورة للكتابة. كتبت كتاب " إعجاز القرآن الكريم " وكان مدرسيّاً للطلاب، ولكن وجدت أن هناك حاجة ماسة لموسوعة إعجازية، ولذلك كانت فكرة كتاب (إعجاز القرآن المجيد) تنبع من هذا. الأستاذ مصطفى صادق الرافعي – رحمه الله – كان أول من كتب كتاباً في الإعجاز في العصر الحديث (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، وكان هذا الكتاب توسيعاً للجزء الثاني من كتابه (تاريخ آداب العربية) في ثلاثة مجلدات، وكان من خير ما كتب في هذا الموضوع، والأستاذ الرافعي كان صاحب أسلوب عالٍ رفيع، وكان وعد أن يكتب كتاب (سر الإعجاز) وهذا أشار إليه في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، وتوفي – رحمه الله تعالى – في آخر الثلاثينات وكنا نتمنى أن يكتب هذا الكتاب، وقد مضى على وفاته ما يزيد على 60 سنة ولم يكتب الكتاب، وأظن لو أن الكتاب كان موجوداً لظهر يقيناً، وكان الأستاذ محمد سعيد العريان – رحمه الله – الذي كتب عن حياة الرافعي ذكر أنه لم يوجد هذا الكتاب. وأستاذنا الدكتور محمد عبدالله دراز – رحمه الله تعالى – صاحب كتاب (النبأ العظيم)؛ هذا الكتاب في ظني كان من خير ما كتب في الإعجاز، ولكن لله حكمة، وحينما تكلم عن الإعجاز فيه، قال إنه سيأخذ الإعجاز من
(يُتْبَعُ)
(/)
جوانب ثلاثة: أولاً: القرآن معجزة لغوية، ثانياً: الإعجاز العلمي، ثالثاً: الإعجاز التهذيبي الإصلاحي الاجتماعي، ولما بدأ يكتب عن الجانب الأول: القرآن معجزة لغوية، قال إنه سيأخذ الموضوعات التالية: أولاً: القرآن في قطعة قطعة أي فقرة فقرة، ثانياً: القرآن في سورة سورة، ثالثاً: القرآن بين السورة والسورة، رابعاً: القرآن وحدة تامة، فكتب من هذه الموضوعات الأربعة موضوعين اثنين فقط: القرآن في فقرة فقرة، والقرآن في سورة سورة، وحدثنا عن بعض فقرات القرآن اختارها لنا واختار لنا سورة البقرة، درسها دراسة جيدة، لكن الموضوعين الأخريين لم يكملهما، ثم البابين الثاني والثالث أيضاً – بالطبع - لم يكتب عنهما شيئاً، هذا كله – في حقيقة الأمر - جعلني أفكر في كتاب موسوعي إعجازي. الرافعي رحمه الله ذكر لنا أنموذجاً إعجازياًّ من كتاب (سر الإعجاز) الذي لم يظهر في كتابه: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وكان الإعجاز يتعلق بآية في سورة الكهف (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) لماذا جاءت (الواو) في سبعة وثامنهم، ولم تأت في ثلاثة وخمسة، فقال (رابعهم، سادسهم) ولم يقل (ورابعهم، وسادسهم)، فقال هذا مما سنكتبه في (سر الإعجاز). وأنا لما قرأت كثيراً من كتب الإعجاز وجدت أنها كان ينقصها أمران اثنان: الأمر الأول - وهو في الكتب القديمة - كان ينقصها يسر الأسلوب لأنها كتبت لأناس غيرنا كانوا قبلنا يفهمون هذا الأسلوب الصعب، والأمر الثاني: كان ينقصها الدراسة العملية للآيات، لا أقول كانت دراسة إنشائية ولكن أقول دراسة وصفية، وكتاب الأستاذ الرافعي (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) كان كذلك، لذلك هو وعد بكتاب (سر الإعجاز) ليكون دراسة عملية، وأنا في هذا الكتاب (إعجاز القرآن المجيد) حاولت أن أتلافى هذه جميعها، وأن يكون هذا الكتاب أمام الدارسين سواء كانوا من المتخصصين أم المثقفين، ولذلك أسميته (إعجاز القرآن المجيد، عرض ونقد وتجديد) ففيه موضوعات ثلاثة:
العرض: وأعني به ما كتب بجهود العلماء قديماً وحديثاً في الإعجاز في فصلين أو بابين: الباب الأول لجهود العلماء قديماً، حيث أعطي فكرة عن كتابتهم بحيث يستغني بها القارئ عن الرجوع إلى هذه الكتب، والباب الثاني في الدراسات الحديثة. هذا هو القسم الأول وهو العرض. أما النقد، فهو تقويم لهذه الكتب قديمها وحديثها ومالها وما عليها، وسبب هذا أنني وجدت أن كثيرين ممن كتبوا عن هذه الكتب ظلموا أصحابها، فكان لابد من أن نرجع الحق إلى نصابه. وهناك دراسات نوافق أصحابها في بعض ما ذهبوا إليه، ومن هنا كان القسم الثاني هو النقد، وهو دراسة موضوعية لهذه الجهود بأمانة. والقسم الثالث – وهو الأهم - التجديد، وهذا التجديد ناشئ عن دراسة عملية لكثير من آيات القرآن، بمعنى أنني لم أعتمد الدراسة الوصفية مثل كثير من الكتب السابقة، كقولك: إن القرآن معجز لأن فيه عاطفة وفيه لغة ... إلخ، بل حاولت أن يكون جلّ هذه الدراسة دراسة ميدانية ليشعر القارئ – فعلاً – أن هذا هو الإعجاز، وقد تحدثت فيه عن الإعجاز البياني وهذا هو الأصل، وقد كتبت جلّه في البيان القرآني، وجلّ هذه الدراسة الميدانية مما لم أسبق إليه، وما سبقت إليه أشير إليه، فمثلاً، جاء في القرآن الكريم في الأنفال (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) بينما جاء في سورة الحشر عن بني النضير (وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم)، فالقرآن لما قال (سألقي) كان الحديث عن بدر، وقريش وأهل مكة حينما جاءوا لبدر كانوا في العراء في الصحراء، ومن هنا هم ليسوا بحاجة إلى شيء كثير من القوة، ولذلك قال (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) إلقاءٌ فقط، بينما بنو النضير كانوا متحصّنين، بل إن المسلمين كانوا يظنون بأن حصونهم ستكفيهم، وهم كانوا متأكدين بأن حصونهم ستمنعهم من المسلمين، ولذلك نقرأ هذا في قول الله تعالى عن المسلمين (ما ظننتم أن يخرجوا) أما بنو النضير فكانوا متيقنين من عدم خروجهم وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله، فالقرآن الكريم لم يعبّر هنا بالإلقاء وإنما بالقذف، والقذف هو الضربة القوية بشيء قوي. فحينما تُطلع القارئ على هذه الأسرار في الكلمات القرآنية، في التعبير القرآني، في الجملة القرآنية، لا شك أنك
(يُتْبَعُ)
(/)
تعطيه زاداً إيمانياً عظيماً في هذا. والقرآن الكريم لما تكلّم عن اليهود قال: (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء) ولما تكلم عن النصارى قال: (فأغرينا)، ولا شك أن الإغراء أشدّ من الإلقاء، وإذا أردت أن تعرف الفرق بين الإغراء والإلقاء ارجع إلى (الغِرَة) التي يستعملها الناس، إنه أمر صعب، وأنت عندما تسأل التاريخ، سله ما كان بين الأمم النصرانية وحتى الآن، بينما بالنسبة لليهود قال (ألقينا). وفي كتابي هذا سيكون الباب الأول منه في الإعجاز البياني، والثاني في الإعجاز العلمي وما يتصل به، والثالث في الإعجاز التهذيبي أو التشريعي كما يسمى وسيكون في العقيدة، وفي الفقه (العبادات والمعاملات والتشريع)، وفي الأخلاقيات والتهذيب والاجتماع.
* الفرقان: ونحن نتحدث في الإعجاز، ما حقيقة الخلاف حول مفهوم الإعجاز العلمي وغيره من أوجه الإعجاز، حيث لا يقبل البعض إلا بمفهوم الإعجاز البياني دون غيره من مسميات؟.
- د. فضل: تكلمت عن هذا في كتابي عن الإعجاز، وذكرت الخلاف في هذا الأمر، وحجة من لا يرى إلا وجهاً واحداً - هو الإعجاز البياني - أن القرآن الكريم لما تحدى العرب تحداهم وهم لم يحسنوا إلا البيان، والذين ذهبوا مذهباً آخر قالوا إن الإعجاز ليس بالضرورة ما تحدّى به العرب لأن هناك أموراً حدثت فيما بعد، ولأن القرآن لم يأت للعرب وحدهم وإنما للناس جميعاً على مدى الدهور، فلماذا لا نتوسع في دائرة الإعجاز. بعض العلماء يحتجون بأننا لا يجوز أن نفهم من القرآن إلا ما كان يفهمه الصحابة وأن هذا هو رأي الشاطبي ومن أخذ بهذا الرأي من بعده .. هذا تحكّم، وأنا رددت على هذا الكلام في كتابي الأول حول الإعجاز، فالقرآن يخاطب الناس جميعاً، ولقد وجدت أن هذه المرحلة تختلف عن المراحل السابقة من حيث المخاطبون، ومن حيث الأسلوب، ومن حيث التنزيل أيضاً، فأخذت من ذلك أن هذه المرحلة التحدي فيها عام وليس بيانياًّ فحسب، لكن أقول على الرغم من أننا نؤمن أن للقرآن وجوهاً للإعجاز لكن أصلها الإعجاز البياني، ثم إن هذا الإعجاز البياني عام في آي القرآن جميعه، بينما أنواع الإعجاز القرآني الأخرى: التشريعي، والعلمي ليست عامة ولم ترد في كل الآيات، هذه ناحية، ثم إن الأصل – كما بدا لي – في الإعجاز العلمي والتشريعي أنه إعجاز بياني، فمثلاً: لماذا قال القرآن في سورة التكوير (إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت) وفي سورة الانفطار قال (إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت)، فحينما تحدث عن النجوم قال (انكدرت) وحينما تحدث عن الكواكب قال (انتثرت). نحن حينما ننظر إلى هذه الناحية ننظر لها من زاويتين: البيانية أولاً ثم العلمية ثانياً، نحن نعرف أن الانكدار للأجسام المضيئة، فانكدر بمعنى أن الضوء خَفَتْ، بينما الانتثار للأجسام الصلبة التي لا إضاءة فيها، مثلما يُكسر كأس الزجاج فنقول: انتثرت أجزاؤه على الأرض. من هنا ندرك السر العلمي في القرآن بأن عبّر عن النجوم بالانكدار وعن الكواكب بالانتثار، لأن النجوم أجسام مضيئة والكواكب مرتبطة بالأرض. وعليه أقول: إننا يجب أن لا نهمل هذه الأنواع من الإعجاز لكن أهمها وأعمّها الإعجاز البياني.
* الفرقان: تفسير القرآن الكريم ظهر بعدة أوجه: تفسير مفردات أو كلمات، تفسير معاني، تفسير علمي، تفسير بياني، أدبي، لغوي، وغير ذلك. أي أنواع التفاسير أنجع في إيصال رسالة القرآن – في نظركم -؟
- د. فضل: أنا أفضل الذي يتفق مع ثقافة القارئ وشخصيته وميوله. ومن هنا حينما يسألني بعض الناس: أي التفاسير ترشحها لي؟ أقول: لا أجيبك حتى أعرف من أنت، ولذلك كل التفاسير فيها خير، والمفسرون – جزاهم الله خيراً – ما قصّروا، وهذا من فضل الله أنه أراد أن تكتمل جهات الفهم لهذا الكتاب فكان هؤلاء المفسرون، وأقول إن التفسير الأكثر إفادة الذي يستطيع قارئه أن يفيد منه. فمثلاً الطالب المتخصص يمكن أن أختار له بعض التفاسير التي فيها مصطلحات علمية حتى يستطيع أن يفهم لغة هذا المفسر وعباراته وكيف يربط هذه العبارات ببعض، وكيف يستخرج منها ما يجب أن يفهمه في تفسير الآية، لكن لإنسان آخر متخصص في دراسة الحاسوب أو الهندسة أو الطب – مثلاً – فهذا لا أختار له هذا التفسير يقيناً بل أختار له تفسيراً آخر، لكن إذا استطعنا أن نقرب أوجه التفاسير للدارس
(يُتْبَعُ)
(/)
وللمثقف يكون في ذلك الخير.
* الفرقان: هنالك تفاسير كثيرة منها ما هو قديم ومنها ما هو جديد، كالكشاف للزمخشري وجامع البيان للطبري، وكالظلال لسيد قطب، والتفسير البياني لبنت الشاطئ، وغيرها كثير، ما رأيكم فيها، وما أفضلها؟
- التفاسير القديمة ثلاثة: تفسير الزمخشري وتفسير الطبري وتفسير الرازي، ويقولون إن كل ما عدا هذه التفاسير إنما هو منها وإليها. هذه العبارة قد يكون فيها نوع من المبالغة، لكن هي في مجملها قد تكون صحيحة إلى حدّ ما. فابن جرير الطبري كان شيخ المفسرين وهو أصل لكل من جاء بعده، لكن مشكلة تفسيره كثرة الأسانيد وهذه قد يجد فيها بعض الدارسين هذه الأيام ما يزيد على أوقاتهم، مع أن ابن جرير في مقدمته كان يريد أن يجعل تفسيره من ثلاثين ألف ورقة، لكن لما رأى ضعف الهمم جعله في ثلاثة آلاف. تفسيره جيد، وهناك روايات في تفسيره تحتاج إلى عرض وتدقيق.
أما الكشاف للزمخشري فهو درّة يتيمة، لم يوضع مثله، لكن يؤخذ عليه اعتزالياته، لأن الزمخشري كان معتزلاً، وهو من حيث البيان لا يجارى ولا يُشقّ له غبار. لا يوجد تفسير بعد الزمخشري إلا وللزمخشري فضل عليه، حتى الذين حملوا عليه مثلما في البحر المحيط لابن حيّان، كلهم أخذوا عنه.
أما تفسير الرازي فهو بحر لا ساحل له، وقد توسع كثيراً في القضايا الكونية والفرق الكلامية من معتزلة وأشاعرة وحنابلة. قالوا: فيه كل شيء إلا التفسير، وهي عبارة ظالمة، وأنا أقول: فيه كل شيء وفيه التفسير.
والجامع للقرطبي مختص بالأحكام، والبحر المحيط لابن حيان من خير ما كتب مع أن اختصاصه بالنحو، وتفسير البيضاوي مأخوذ من الكشاف، وكل هؤلاء تلاميذ للزمخشري، هذه هي التفاسير القديمة. وفي العصر الحديث هناك تفسير المنار، الذي تمثله مدرسة المنار وهي المدرسة العقلية الاجتماعية. بدأه محمد عبده في تفسير جزء عم ثم الأجزاء التي درّسها في الأزهر، واختصرها صاحب المنار رشيد رضا بما يعرف بتفسير المنار، وكان ممن يمثل مدرسة المنار العلماء: عبدالقادر المغربي ومحمود شلتوت وعبدالجليل عيسى، وتفسير المراغي. والمنار من خير التفاسير التي كتبت، ولا يوجد تفسير قد سلم من الخطأ لكن القضية نسبية.
وهناك المدرسة العلمية ويمثلها تفسير الجواهري (طنطاوي جوهري) وهو من (20) جزءاً، تطرق فيه إلى قضايا علمية وكونية، كما تطرق إلى واقع المسلمين وهمومهم، فهو شخصية موسوعية وكان من رفقاء الإمام الشهيد حسن البنا.
وهناك المدرسة التربوية الوجدانية ويمثلها كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب - رحمه الله -، وهو نفثات مؤمنة كانت تعيش مختزنة في صدر صاحبها فأخرجها للناس بهذا الاسم (الظلال). مشكلته أنه سيّد كتبه ولم يكن في جميع أحواله مستقر النفس في السجن، ففيه تكرار كثير أحياناً، وفيه تطويل كثير أحياناً، وفيه اختصار كثير أيضاً، وبعض القضايا كانت بحاجة إلى اختصار أطال فيها، وبعض القضايا كانت بحاجة إلى تطويل اختصر فيها، ولو أنه قدّر لأحد أن يخرجه بقالب آخر مع المحافظة على نفثات صاحبه لكان فيه خير كثير، وأما الأساس في التفسير لسعيد حوى فهو في كثير منه مأخوذ من الظلال ومن غيره كما جاء في مقدمته.
وهناك مدرسة الجمهور، التي نجد فيها تفسير ابن عاشور (التحرير والتنوير) وتفسير (الوسيط) لمحمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الحالي، والذي أصله كان للكومي ولم يكمله فأكمله طنطاوي.
وهناك تفاسير في بعض سور القرآن كالتفسير البياني لبنت الشاطئ، التي سارت فيه على منهج زوجها أمين الخولي، واعتبرت أن القرآن قبل أن يكون كتاب هداية فهو كتاب العربية الأكبر، وأنا لا أوافقها وزوجها على ذلك. وقد كتبت مقالاً تحدثت فيه عن مؤاخذات عليها فهي تريد أن تقلل من شأن الأئمة السابقين، وتريد أن تنسب لهم أشياء غير صحيحة، وكان ينبغي عليها أن لا تحمل على هؤلاء الجهابذة.
* الفرقان: في كتابك " القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته " تطرقت بشكل موسع لموضوع تكرار القصة القرآنية. لماذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- د. فضل: كأنما قضية التكرار شغلتني عن كل شئ، وكتبت في هذا الكتاب في حدود (400) صفحة، فأخذت قضية التكرار حق غيرها، كتبت عن التكرار في القرآن كله: في القصص، وفي آيات العقيدة في بعض الجمل، بل إنني حين ذكرت قصة يوسف لم أكتبها إلا في عشر صفحات فهي لم تذكر في القرآن إلا مرة واحدة. أنا أقول: لا تكرار في القرآن، وسيد قطب له في هذا حديث ومحمد أخوه أخذ عنه شيئاً من هذا. التكرار غير وارد، وحين تقرأ قصة موسى وتدرسها حسب ترتيب السور وليس حسب ترتيب المصحف ستقتنع أنه لا تكرار، وأنا في هذا الكتاب أفنّد ادعاءات من يقول بالتكرار.
* الفرقان: بماذا تنصح دارسي علوم القرآن الكريم في الكليات الجامعية والمعاهد القرآنية كلٌّ في مجال تخصصاتهم الشرعية؟
- د. فضل: أنصح المدرسين قبل الطلاب أن لا يكونوا ضمن أقفاص صفيّة وأن يخرجوا طلابهم إلى حيث ضوء الشمس وحيث البراح وحيث الخصب والربيع والمناظر الجميلة التي تأخذ بالألباب في دراسة القرآن الكريم. ومن هنا لا ينبغي أن نحصر أنفسنا في كل ما قيل، فكثير مما قيل بحاجة لإعادة نظر، وليس معنى هذا أن نثور على القديم، وهناك قضايا لا بد من تجديدها، ففي علوم القرآن عدة معارف، فهناك (البرهان) للزركشي و (الإتقان) للسيوطي، لكن الموسوعات التي تتكلم عن القرآن لا يتكلم فيها أحد، لا بد أن تدرّس كما تدرّس هذه الكتب وأمثالها.
* الفرقان: لا شك أنه رافق مسيرتكم القرآنية مواقف مؤثرة كان لها صدى طيب في شخص فضيلتكم، هل من أمثلة تذكرونها لنا؟
- د. فضل: أنا – من فضل الله عليّ – حينما أقرأ القرآن أقرؤه بكل ما منحني الله تبارك وتعالى من خلايا، وأنا أقرأ القرآن كثيراً والحمد لله، فلو سألتني كم مرة ختمت القرآن؟ أقول: آلاف المرات، ولقد وقفت – حين كنت صغيراً – أمام الكلمات أول موقف في قوله تعالى (سلام قولاً من ربّ رحيم) في سورة يس، فكنت أسال نفسي: لماذا (من رب رحيم) ولم يقل (كريم)؟! وحاولت أن أجيب عن هذا التساؤل فعرفت أنّ في هذا الموقف تكون رحمة الله هي الأساس، ومن هنا بدأت أتأثر بالقرآن وأحفظه وأقف عند بعض القضايا فيه، وأنا أقول إن الذي يتعامل مع القرآن سوف يجد أموراً كثيرة في حياته: سيملك عزة النفس وسيراها، وفرق بين عزة النفس وبين الكِبر، كما سيجد أن الله منحه ومنّ عليه بما لم يمنّ به على أحد (من أعطاه الله القرآن فوجد أن غيره أعطى خيراً منه فقد استصغر عظمة الله) والله تعالى يقول: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين). كما سيجد نفسه يعيش في ربيع الآخرة (من أعطاه الله القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه)، ولن يبالي بالدنيا. وعمر رضي الله عنه يقول (ارفعوا رؤوسكم ولا تلهوا مع اللاهين). وفي القرآن حلاوة لو عرفها الملوك لحاربوا عليها.
* الفرقان: لا يسعنا في ختام هذا الحوار إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل لكم على هذه الكلمات الطيبة والمعلومات القيمة، ونسأله تعالى أن يثيبكم وأن يمدّ في عمركم.
المرجع: http://www.hoffaz.net/furqan/f27/furqan27-06.htm
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Mar 2005, 01:43 م]ـ
يرفع لإعادة القراءة، وطلباً للفائدة
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[04 Mar 2005, 07:43 م]ـ
"التكرار غير وارد، وحين تقرأ قصة موسى وتدرسها حسب ترتيب السور وليس حسب ترتيب المصحف ستقتنع أنه لا تكرار" ماذا أراد الشيخ بهذه العبارة؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[08 Mar 2005, 05:16 م]ـ
أشكر شيخنا الفاضل أبو مجاهد العبيدي مرتين مرة على الموضوع القيم ومرة على الرفع (ولو أن المرتين لا تكفي)
****************
هذه وقفات سريعة مع فقرات اقتطفتها بالنص من من كلامالأستاذ الدكتور فضل حسن عباس (باللون الأحمر) و سأبدأ من حيث سأل الأخ عبد الله حسن عن التكرار
ثم بعد ذلك حسب ورود الفقرة في الحوار الأصلي.
****************
1 - "أنا أقول: لا تكرار في القرآن، وسيد قطب له في هذا حديث ومحمد أخوه أخذ عنه شيئاً من هذا. التكرار غير وارد، وحين تقرأ قصة موسى وتدرسها حسب ترتيب السور وليس حسب ترتيب المصحف ستقتنع أنه لا تكرار"
(يُتْبَعُ)
(/)
سمعت الشيخ الشعراوي يقول بذلك رحمه الله ويقول فيما معناه أنه يخيل إلينا أنه يوجد تكرار والحقيقة أنه ليس كذلك فالله سبحانه وتعالى في كل قصة يورد إلينا لقطة وومضة بما يحتاجه سياق السورة وبما يناسب الآيات فمثلا في سورة الأعراف يذكر سبحانه عن سحرة فرعون أنهم قالوا " أئن لنا أجرا إن كنا نحن الغالبين " وفي سورة أخرى يقول سبحانه على لسانهم " إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين "
فيقول أن ذلك ليس تكرار بل أنه الآيه الأولى على لسان سحرة كانوا مترددين من طلبهم ذاك وفي الآية الأخرى كانوا أشد جرأة ووضوحا في طلبهم وذلك طبعا يعني أن مجموعة من السحرة قالت بالقول الأول ومجموعة قالت بالقول الثاني وله أيضا بما يقارب ذلك في غيرها من الآيات المتشابه ولكن لا تحضرني الآن ولعل أحد الشيوخ الأفاضل أو الأعضاء الكرام يذكر المزيد والله أعلم
2 - -" حُرم استاذنا نعمة البصر، فعوضه الله تبارك وتعالى عنها نفاذ البصيرة، وعمق الفكرة، وحضور الذهن ".
قال تعالى " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "
3 - - " ومن فضل الله حفظت كتاب الله تبارك وتعالى وأنا دون العاشرة"
إذن إنه القرآن يامسلمون ما عليكم إلا أن تغرسوه في أبنائكم منذ الصغر ويصبح كالماء الذي يشربونه وكالهواء الذي يتنفسونه عندها سيشب معهم ويختلط بدمائهم وعروقهم ويؤتي أكله بإذن ربه " أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم "
4 - " أنا من الناس الذين يجلّون السلف رحمهم الله، وليس من طبعي أو هوايتي أن أخالف السلف سواء كانوا مفسرين أم محدّثين أم فقهاء، لكن ليس معنى هذا أن تلمذتنا لهم أن نوافقهم في كل صغيرة وكبيرة، وأظن هذا يرضيهم، فقد يرى الإنسان رأياً لم يرتأوه من قبل، لكن ليس هذا الأمر عاماً في جميع القضايا".
وكما فهمت من مقولة الشيخ حفظه الله أن الإنسان عليه أن يعيش مع كتاب الله (وذلك لا يتأتى إلا لمن هداه الله وثبته على الحق) أولا ثم إن فتح الله له في باب التفسير ما يخالف به من سبقوه على أسس علمية وَلج وإلا ظل مكانه غير متكلف للمخالفة أو إظهار رأي مخالف عملا بمبدأ " خالف تعرف "
5 - -"وأنا بالمناسبة في سنة 1971 كنت سجلت للإذاعة الأردنية .... فهذا الأمر أفادني كثيراً في بعض النظرات في تفسير كتاب الله تبارك وتعالى "
الممارسة والنشاط العملي والمشاركة في المجتمع كفيلة بإخراج طاقات الإنسان الكامنه التي لا يستغلها فكيف إذا كان ذلك الإنسان عالما أو مفكرا والعكس صحيح فكم فقدت الأمة من طاقات ومواهب حتى اندثرت لأنها بقيت رهينة الكتب حبيسة الصدور .....
6 - " كان التعليم قبل القرن الماضي تعليماً يشتمل القرآن وغيره، فكنت تجد أن كثيرين من الناس حتى من غير المسلمين من ذوي الأريحية وذوي الوطنية حينما يتكلمون أو يكتبون تجد لهم أسلوباً رفيعاً، وما ذلك – حينما تسأل - إلا لأنهم كانوا يحفظون القرآن من صغرهم".
كان فيما سبق غير المسلمين في بلادنا يتعلمون القرآن ويحفظونه واليوم يتجه التعليم إلى ألا يتعلم أبناء المسلمين القرآن أو يحفظونه!!! ولا تعليق أكثر من ذلك!
والحل كما أراه يكمن فيما قاله الشيخ ........
7 - "وفي ظني أنه يجب أن ندع الإسلام الرسمي الآن،" " هذا واجب على علماء المسلمين "
صحيح أنه ستكون عوائق، لكن ينبغي أن نتغلب على هذه العوائق بقدر ما نستطيع، وأظننا إن أردنا ذلك وصدقنا الله في هذا فسيهيئ الله لنا اليسر حتى نؤدي رسالة القرآن الكريم. نحن لا نستطيع – في واقع الأمر – أن نحلّ مشكلاتنا الكثيرة من سياسية وعسكرية وغيرها وخاصة الآن حينما كشّر لنا الأعداء عن أنيابهم إلا حينما نهرع إلى هذا القرآن ونحتمي به ليحمينا ونهتدي به ليهدينا ونعتز به ليعزّنا الله تبارك وتعالى"
لا فض فوك يا شيخنا الكريم
8 - "حينما أكتب أبحث في السوق وفي المكتبات، فإن وجدت ما يغني عن كتابي، أو ما هو خير منه لا أكتب، أنا لا أكتب إلا إذا وجدت أن هناك ضرورة للكتابة."
ليتنا نقتدي بشيخنا في ذلك فنبتدئ من حيث انتهى الآخرون ونبني عليه في جميع المجالات السياسية والأدبية والإجتماعية
(يُتْبَعُ)
(/)
بل وحتى في منتدياتنا فلا نكتب موضوعا جديدا إلا حينما نرى ضرورة لذلك وإن كان هناك من سبقنا لهذا المجال فلنشاركه ولا نكتب كموضوع مستقل وأرى في ذلك أفضل للنفس التي تحب دائما البروز والظهور وأنا لاأقصد ملتقى التفسير وإنما الشيء بالشيء يذكر وأنا أتحدث بصفة عامة وأتوجه بحديثي لنفسي أولا فهي أشد حاجة إليه من غيرها.
9 - "وأعني به ما كتب بجهود العلماء قديماً وحديثاً في الإعجاز في فصلين أو بابين: الباب الأول لجهود العلماء قديماً، حيث أعطي فكرة عن كتابتهم بحيث يستغني بها القارئ عن الرجوع إلى هذه الكتب"
وهذه من المهارات في طلب العلم بحيث ألا يضيع الطالب وقته وجهده في قرآءة كل ما كتبه الأولون بل عليه أن يهتم بالكتب التي لخصت تلك الكتب وبينت الفروق بينها بحيث كما قال الأستاذ الدكتور يستغني بها القارئ عن الرجوع إلى هذه الكتب.
10 - " بل حاولت أن يكون جلّ هذه الدراسة دراسة ميدانية"
إنما أُنزل القرآن ليعمل به ولا عبرة بالعلم إن لم يقد للعمل سواء لصاحبه أو لغيره بل يكون وبالا عليه وسبب هلاكه.
وعصرنا هذا عصر الحركة ودراسات الباحثين يجب أن تركز على الجانب العملي وكيفية تحقيق هذه الدراسات على الواقع لا أن يبحروا بعالم من الخيال والأماني.
11 - " ومن هنا حينما يسألني بعض الناس: أي التفاسير ترشحها لي؟ أقول: لا أجيبك حتى أعرف من أنت"
قال تعالى عن النحل " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس "
وهذا ينطبق على القرآن الكريم كذلك فهو يخرج منه شهدا مختلف ألوانه باختلاف الناس ومشاربهم وباختلاف حاجاتهم فالباحث عن الإعجاز العلمي يجد به ما يشبع نهمه والتربوي يجد فيه يهذب السلوك ويرتفع بالأخلاق
والأديب يجد فيه من روعة البيان ما يأسر لبه واللغوي يجد فيه من المفردات وتراكيبها ما يشفي غليله والباحث عن الروحانيات يجد به ما يسمو بروحه ويعلو بها وكذلك
الفلكي والسياسي و الطبيب والمؤرخ وغيرهم كل يجد فيه الشفاء من سقمه إن شربه وتشبع بما فيه من الخير الكثير.
12 - " أنصح المدرسين قبل الطلاب أن لا يكونوا ضمن أقفاص صفيّة وأن يخرجوا طلابهم إلى حيث ضوء الشمس وحيث البراح وحيث الخصب والربيع والمناظر الجميلة التي تأخذ بالألباب في دراسة القرآن الكريم"
12لكأني أرى بذلك ملتقى أهل التفسير وقد خرج الأساتذة الكرام لطلابهم ولمحبي القرآن والتفسير إلى حيث ضوء الشمس التي ترسل أشعتهاالذهبية على هذا المنتدى فتصبغة صبغة صفراء تسر الناظرين تأخذ بالألباب والعقول وتتعانق مع خضرة الأشجار (العناوين الرئيسة بالملتقى التي باللون الأخضر) فتثمر زهورا يانعة وواحة وارفة الظلال في وسط صحراء قاحلة يأمها الضامئون لعلها تروي ضمأهم وتسد رمقهم.
13 - "حينما أقرأ القرآن أقرؤه بكل ما منحني الله تبارك وتعالى من خلايا"
قال تعالى" فخذها بقوة " وقال تعالى " يا يحيى خذ الكتاب بقوة "
وكما قال أهل العلم العلم لا يعطيك بعضه
إلا إذا أعطيته كلك وأقول القرآن لا يطيك نوره إلا إذا أعطيته قلبك وجمعت به همك
وكل أمرك.
-في الختام لا أجد أفضل مما ختم به الدكتور حديثه بقوله:
" كما سيجد أن الله منحه ومنّ عليه بما لم يمنّ به على أحد (من أعطاه الله القرآن فوجد أن غيره أعطى خيراً منه فقد استصغر عظمة الله) والله تعالى يقول: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين). كما سيجد نفسه يعيش في ربيع الآخرة (من أعطاه الله القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه)، ولن يبالي بالدنيا. وعمر رضي الله عنه يقول (ارفعوا رؤوسكم ولا تلهوا مع اللاهين). وفي القرآن حلاوة لو عرفها الملوك لحاربوا عليها.
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[06 Mar 2010, 12:26 ص]ـ
بارك الله في الناقل والمنقول
وأشكر سلسبيل على هذه القراءة الجميلة
استفدت كثيراً ولله الحمد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Mar 2010, 06:10 م]ـ
شكر الله الناقل والقائل والمقابل.
ولعلي أذكر بعض الإفادات حول هذا اللقاء.
قال الأستاذ الدكتور: (مع أن ابن جرير في مقدمته كان يريد أن يجعل تفسيره من ثلاثين ألف ورقة، لكن لما رأى ضعف الهمم جعله في ثلاثة آلاف. تفسيره جيد).
وهذا ليس موجودًا في مقدمته، بل هو موجود في ترجمته عند من ترجم له، وقد ورد في ترجمته في معجم الأدباء: (وحدث عن القاضي أبي عمر عبيد الله بن أحمد السمسار وأبي القاسم بن عقيل الوراق أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ثم قال تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا كم قدره؟ فذكر نحواً مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك فقال: إنا الله ماتت الهمم، فاختصر في نحو مما اختصر التفسير).
قال الأستاذ الدكتور: (الشيخ الكبير الذي هو موسى)
وهذه عبارة مشكلة تحتاج إلى إيضاح، والظاهر أن الأستاذ الدكتور يريد التنبيه على من قال بإن شيخ مدين هو شعيب، وما قاله من استدراك حق، وقد ذكر هذا الاستدراك شيخ الإسلام ابن تيمة في رسالة خاصة، وجاء فيها: (ولم يذكر عن هذا الشيخ أنه كان شعيبا ولا أنه كان نبيا ولا عند أهل الكتابين أنه كان نبيا ولا نقل عن أحد من الصحابة أن هذا الشيخ الذي صاهر موسى كان شعيبا النبي لا عن ابن عباس ولا غيره بل المنقول عن الصحابة أنه لم يكن هو شعيب ... )، وقد سبق إلى هذا الحسن، وهو مذكور في رسالة شيخ الإسلام.
قال الأستاذ الدكتور: (والفرق الكلامية من معتزلة وأشاعرة وحنابلة)
والمعروف أن الحنبلية مذهب فقهي، وليس مذهبًا كلاميًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[06 Mar 2010, 11:36 م]ـ
ألا ترون دكتور مساعد أن لمصطلح الحنابلة أكثر من إطلاق، ومن ذلك أنه يطلق على أهل السنة والجماعة في مقابلة المعطلة على اختلاف طوائفهم.
ألا ترى أن الإمام أبا الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ قال في آخر مراحله أنه على عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
أرجو من فضيلتكم التأمل والإفادة بما لديكم.(/)
هل في القرآن ألفاظ أعجمية؟
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:56 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة حول الألفاظ الأعجمية في القرآن الكريم، مأخوذة من شرح الشيخ محمد عبد المقصود حفظه الله، لمذكرة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها
هل في القرآن ألفاظ أعجمية؟
بداية نقل الشيخ محمد، حفظه الله، الإجماعات المتعلقة بهذه المسألة:
¨ أولا: لا خلاف في أنه لا يوجد تركيب لغوي في القرآن على خلاف أساليب لغة العرب.
¨ ثانيا: لا خلاف في أن القرآن يشتمل على بعض أسماء الأعلام الأعجمية كأسماء معظم الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وكأسماء الملائكة التي وردت في القرآن، كجبريل وميكائيل عليهما السلام.
وقد وقع الخلاف في وجود ألفاظ أعجمية بخلاف أسماء الأعلام، وذلك كالتالي:
¨ أولا: أثبت ابن عباس رضي الله عنه ومجاهد وعكرمة وابن الحاجب، وجود ألفاظ أعجمية في القرآن بخلاف أسماء الأعلام، ونفاه أكثر أهل العلم، كالشافعي وابن السمعاني والشيرازي، وقال ابن فارس رحمه الله: وهو قول أهل العربية.
¨ ثانيا: نقل أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، قول أبي عبيدة: من زعم بأنه يوجد في القرآن ما هو أعجمي فقد أعظم الفرية على الله، ورد على هذا القول، بأن ابن عباس رضي الله عنه وأصحابه، قالوا بوجوده، وهم أعلم من أبي عبيدة رحمه الله، وجمع أبو عبيد بين قول المثبت وقول النافي كالتالي: قال بأن هذه الألفاظ أعجمية الأصل، ولكن العرب أدخلوها في لغتهم، فأصبحت ألفاظا معربة، (كمشكاة، أصلها هندي، وإستبرق أصلها فارسي، واليم والطور وناشئة الليل، أصلها حبشي)، وعلى هذا: من قال بأن في القرآن ألفاظا أعجمية، فإنما قال هذا بإعتبار أصلها، ومن قال بأن هذه الألفاظ عربية، فإنما قال هذا بإعتبار مآلها، واستدل بقوله تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا)، ويستدرك الشيخ الشنقيطي رحمه الله، على هذا الرأي بأن الإحتمال العكسي وارد، بمعنى أن تكون هذه الألفاظ، عربية الأصل، ثم أدخلها غير العرب في لغتهم، ويذكر الشيخ محمد حفظه الله، مثالا، قد يكون مؤيدا لرأي الشيخ الشنقيطي، وهو دخول الألفاظ العربية إلى اللغة الإسبانية، (ففيها حوالي 1000 كلمة عربية)، فلفظ (القميص)، على سبيل المثال، موجود في اللغة الإسبانية، مع تحريف بسيط (قميصة)، والله أعلم.
¨ ثالثا: وأما الطبري رحمه الله، فمال إلى أن هذه الألفاظ مما تواردت عليه اللغات، كالدرهم والدينار والدواة والقلم والقرطاس، والله أعلم.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[22 Jul 2004, 11:35 م]ـ
العجمة ثلمة .... لا محل لها في كلام الله!!
والمعجم غير المفصل, والقرآن مقصل مبين ....
والقائل بالعجمة قائل على الله .....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jul 2004, 12:24 ص]ـ
سؤال بسيط يا شيخ أبا أحمد وفقك الله لما فيه رضاه
لو كنت أُخبر عن شخص أعجمي اسمه "جونسون " مثلاً. فقلت: لقد رأيت جونسون البارحة؛ فهل كلامي هذا عربي مبين؟ أم أعجمي معيب؟
يا أخي الكريم؛ العلماء متفقون أنه ليس في القرآن أسلوب أعجمي، وهذا يكفي في عربية القرآن
أما الألفاظ فالقرآن يخبر عن عرب وغير عرب، فكيف بالله عليك يمكن أن يكون مبيناً إذا ذكر اسم علم أعجمي بغير اسمه الذي هو علم يدل عليه؟!!
أرجو أخي أبا أحمد ألا تبالغ في أحكامك على بعض الأقوال، التي يستنكرها عقلك، وليست بمستنكرة عند غيرك، وقد يكون أعلم منك ...
والحق أحق أن يتبع ...
واقبل تحيتي واعتذاري ... وما ذلك إلا لحبي لك؛ فأنا لك ناصح؛ ولا أدعي أني أنا المصيب، ولكن الحق أبلج
ـ[المقرئ]ــــــــ[24 Jul 2004, 01:44 ص]ـ
إلى الشيخ الفاضل الودود: أبي مجاهد
لا أدري ولكني فهمت أنك صادرت الخلاف بلفظك هذا والخلاف مشهور جدا ولن ينتهي هل في القرآن ألفاظ أعجمية أم لا؟
وأعلم أن مثلك لا يخفى عليه هذا
المثال الذي مثلته: [لقد رأيت جونسون البارحة] لا خلاف عند أحد أنه عربي مبين ولكن هل جونسن لفظ عربي أم لا هذا هو الخلاف مع أنه سبق أن الأسماء الأعجمية خارجة عن محل النزاع
وكذلك قوله تعالى " متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان " لا خلاف أنه عربي مبين ولكن هل إستبرق عربية الأصل أم عربت أم ماذا
هذا هو الخلاف
لا أدري هل فهمت كلامك فهما صحيحا أم أخطأت وإن كنت كثير العجلة فأرجو تصويبي ولك مني الدعاء.
أخوك: المقرئ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jul 2004, 05:28 ص]ـ
أخي المقرئ وفقك الله
الخلاف معروف، وأنا لا أصادر قول أحد، وإنما أبين ما أراه حقاً.
وقصدي من كلامي السابق: اقناع الشيخ أبي أحمد بأنه لا إشكال في كون بعض الألفاظ أعجمية، لأنه ينكر ذلك بشدة، ويجعل ذلك تنقصاً للقرآن، ويرى أن القائل به قائل على الله بلا علم. وقد ذكر ذلك في عدة مشاركات سابقة.
ولعل الأمر اتضح لك في سياقه، وفقك الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقرئ]ــــــــ[24 Jul 2004, 12:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا فهمت مقصودكم وزال الإشكال
وأريد أن أبين رأيا لي هو وجهة نظر وهي:
رجعت إلى موقع أسرار من خلال الرابط في إحدى المشاركات لصاحبه أبي أحمد
وأقول إن الخلق عامة يملكون عقولا ويستطيعون أن يفكروا بالطريقة التي تسلكها في تفسيرك لكلام الباري ولن يعجزهم ذلك وإذا نظرنا إلى آية وجدناها حمالة للمعاني فهل يجيز لنا ذلك أن نفتح لكل شخص أن يتأمل ثم يبني عليها حكما ويفتح موقعا يبث فيه فهمه الذي اعترف أنه قد يقول قولا لم يسبق به
أعتقد أن من يملك الجرأة هذه غير موثوق بكلامه
ثم إنني قرأت أكثر من بحث فوجدت الرجل مرد كثير من أحكامه على العقل ودون النظر إلى تأليف آيات القرآن وجمعها بل يؤدي فعله إلى تضاربها
وأقول مرة أخرى: حاول من هو أقوى حجة وأكثر تحليلا منك أن يفسر بهذه الطريقة فما وجد إلى ذلك سبيلا واندثر ذكره بسبب قبح فعله
ولا أخفيك وليس سرا وتقبلها مني بصدر رحب:
أتدري لماذا يسلك كثير من الناس هذه الطريقة سواء كان في علم التفسير أو علم الحديث أو الفقه ويحاول أن يؤصل قاعدة هم رجال ونحن رجال وهم فهموا ونحن نفهم إلى غير ذلك من الألفاظ المشهورة أتدري لماذا؟؟؟؟
لأن العلم طال عليهم فتأصيل الإنسان نفسه بطريقة العلماء تحتاج إلى ربع قرن أو أكثر وهؤلاء لا يملكون الجلد والجد الذي حباه الله لأهل العلم فوجدوا أن هذه الطريقة هي أسرع طريقة للتصدر والتأهل فدرجوا عليها
قد تقول: لماذا لم تكتب لي في موقعي؟؟
أقول كنت أنوي ذلك ولكن لما رأيت طريقة ردودك على تعقيبات الإخوة ليست حضارية وفيها تهرب واضح من الإجابة وتريد الناس يفكرون كما تفكر وليس لنا قاعدة منطقية للرجوع عند الخلاف فأعتقد أن النقاش سيكون عائما ولن ينتهي وأرى أن كل واحد يفكر من زاوية أخرى لذا لا يمكن أن نناقش
فمثلا يرد عليك باللغة -وإن كنت أقول أن فيك ضعفا لغويا لا يخولك للتفسير - فترد عليه بطريقة فهمك للغة وليس هذا بمنطقي إما أن تقول اللغة ليست حجة أو تقول إن أهل اللغة تكلموا بكذا انظر كتاب كذا وكتاب كذا
عموما المتعالمون كثر وإذا لم يحجب الإنسان ورع وخوف وتقوى فكل شيء وارد!!!
المقرئ
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[26 Jul 2004, 11:49 م]ـ
ترى يا "مقرئ" لمَ لم ينبر لهذا التجني من هم أعلم منك -باعترافك- واقرارك بوجود أهل العلم .... ومنهم المشرف ابو مجاهد؟؟
فهو في موقع علمي يخوله ويعينه على أكثر مما فعلت, فلم لم يفعل؟؟
بل لا أخفيك, أنني احتفظ بشهادة شرف من المشرف العبيدي, ترد كل "أغاليطك" .... وهو كما ترى أهل علم ....
فهل لي أن أعتبر أن جهل المرء لامر ما يستعديه عليه؟؟
وعندي يا فاضل, من أهل العلم المعروفين وعلى رأسهم الدكتور المفسر أحمد نوفل, شهادة شرف وتثبيت, لو سمعتها لاستحييت مما قلت .....
ودعك من نظرية: "هل كل من اراد أن يفسر يستطيع أن يفتح موقعا" فهذا قول مردود!!
وقس على نفسك, فأنت -مع احترامي- من عامة الناس -على ما اقرأه من سطورك- فلو ترجيناك, فهل ستفتح موقعا, أم أن الامر له أهله؟؟؟
وكم موقعا "بحثيا" تراه على الشبكة؟؟ مع كثرة المتقولين "والمتعالمين"؟؟
واعلم أن ما "طعنت به علي, يطعنه كل مخالف لمخالفه, حتى نصل ألى رؤؤس ديننا, فليس أحد بمنأى عنها .... فبمثله عورض الشافعي وابن تيمية وكل باحث ....
فاعلم أنك لم تأت بشيء ولم تقل شيئا ..
وأذكرك, بشهادة الشرف ممن هو أعلم منك!!
فعلى رسلك ....
فالناس أعداء ما جهلوا!!.
ثم أتقبل بكل رحابة قول أخي "الخلوق" الذي يغلب علمه هواه المشرف العبيدي ...
وعندي بقية من راي متواضع, ساعرضها قريبا إن شاء الله.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كان لمثل هذا الموضوع أن يكون من المواضيع الرائعة التي تكتب بين الحين والآخر على المنتدى (بغض النظر
عن طرق انهائها من أصحاب الموقع) ... لولا الخلط الذي خلطه المقريء!!!
فلعلك راجعت نفسك ....
و مرةً أخرى، دعوني أذكر الجميع، بأن المسلم مع الحق حيث دار!
و أن الحق ما كان معه برهان يؤيده ....
و أن الباطل هو القول بلا برهان ....
و أن البرهان هو ما قال الله و قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ما استقام مع الحجة والعقل ....
وليتك أخي (المقريء) فتحت زاوية لنقاش تلك الآراء القيمة في موقع الأسرار، بدل التهجم الشخصي، و سرد
التهم ... فإن كانت غيرةً على الدين، فمن حق الله ودينه عليك أن تبين الهفوات (لكن
بالدليل) ... ، وإن كان هوىً متبعاً، أو اتباع إمعةٍ، فأولى لك أن تستغفر الله!!!
و ما زال القول يحتاج الى من يثوره بالأسئلة و التساؤلات .... لا بالتهم، و السب،
واللعنات ....
هذا مبلغ علمنا، عن ربٍ أمرنا بالفهم و الحلم!
نفعنا الله وإياكم بما علمنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقرئ]ــــــــ[27 Jul 2004, 11:48 ص]ـ
إلى أخي: أبي أحمد
لا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى غضب وإلى كيل التهم فالأمر جدا سهل من الذي عصم ومن الذي ما وصم
من الذي ما أخطأ ومن الذي ما خطئ
إذا كنت أنت جعلت من نفسك حكما على كتاب الله تفسر كلامه وتقيد أو تعمم ألفاظه بما تقر أنت بأنه لم يسبقك به أحد فلماذا تغضب لما حكم الناس ألفاظك وتفسيرك
وإني لأعجب أخرى:
أنت تؤصل قاعدة وهي: لا تقل لي أين العلماء من تفسير هذه الآية بكذا؟
ثم تعترض علي في حكمي وتقول: [لمَ لم ينبر لهذا التجني من هم أعلم منك -باعترافك- واقرارك بوجود أهل العلم .... ومنهم المشرف ابو مجاهد؟؟] أعتقد أن هذا تناقضا واضحا
ثم إن لكل شهادته وسيسأل عنه " ستكتب شهادتهم ويسألون "
وأما شخصي الضعيف فأنا من عوام الناس وما عندي شيء كما ذكرت وهو الصواب وهذا ما يريحني جدا لأن الأمر سيكون أخف عليك فإذا كان ذلك كذلك فهون عليك فلا يعدو أن يكون هذا الرأي من شخص قليل المعرفة بكلام أهل العلم، قليل الفهم لما فتح الله عليهم
يا أخي: عود نفسك على سماع النقد وأحسن التعامل معه " من الذي ترضى سجاياه كلها "
كان الأحرى بك أن تكون قدوة بتقبل الآراء لا أن تكيل التهم على الغير مباشرة،
يا أخي قيل عن العلماء أشد من هذا وما ضعفوا وما استكانوا
ثم إنني أرجو أن تراجع مرة واحدة تعليقات المشاركين في موقعك وانظر كيف يكون ردك عليهم وكيف تتناسى بعض المشاركات والمراجعات
ما كتبته مجرد رأي ليس هو الحق المقطوع به وإنما هو اجتهاد مني فإن لم تجده ينفعك فسلة المحذوفات على شاشة الكمبيوتر ألقها فيه غير آسف
وإياك أن تعتقد أن حالك كحال الشافعي وشيخ الإسلام ابن تيمية فإن كنت تعتقد ذلك فأعتقد وبكل صراحة أن هذا هو مقتلك
أرجو أن تسأل نفسك وتجيب عليها ثم تتضح لك المسألة؟
شيخ الإسلام قرأ مئات التفاسير فكم تفسير قرأت
شيخ الإسلام له آلاف الشيوخ فكم من شيخ تعلمت؟
شيخ الإسلام تفنن وبرع في علوم الآلة فكيف أنت؟
شيخ الإسلام اتفق أهل السنة على إمامته فكيف أنت؟
إياك أن تعتقد أنني أكتب هذا ازدراء بك أو تقليلا من شأنك " شلت يدي إن كان كذلك " ولكن لأبين لك حقيقة قد تكون خفيت عنك بسبب ما ذكرت
لا أريد الإطالة وأرجو أن تعتبر ما قلته محطة لوقوفك وتأملك بما أنت عليه فإن رأيت فساد الكلام فانتقل عنها غير آسف وأحسن الظن بمن كتب لك وإن رأيت أن الأمر بحاجة إلى شيء آخر فالأمر لك
أخوك الفقير إلى عفو ربه المقر بذنبه: المقرئ
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[29 Jul 2004, 11:51 ص]ـ
الحق أن هذه المهاترات الجانبية من مقاتل العلم, وفساد المنفعة ..
ولكن .. ألم تسأل نفسك يا مقرئ, لمَ أفتح -أصلا- بابا للمعارضة في موقعي, فأعرض عليك وعلى كل كاره متربص, قول كل مخالف ومستاء؟؟
لم لا أغلق الباب دونها, فلا رأيتها أنت ولا رآهاه غيرك, فيعيبني بها؟؟
إن كنت هاربا متهربا, فلم أفعل هذا؟؟؟
ودونك مواقع كثيرة, لمن هم من أعلام ديننا, ولم يفتحوا بابا كهذا؟؟ فأينا أحق بالمساءلة؟؟.
لم لم تسأل نفسك؟؟
اللهم إن كنت كما يقول المقرئ, فأصلحني واهدني ...
وإن كنت خيرا منها فثبتني وسددني ..
ولا تشغلني بباطل!.
ـ[موراني]ــــــــ[29 Jul 2004, 12:48 م]ـ
لقد ابتعدتم عن الموضوع المطروح وهو
هل في القرآن ألفاظ أعجمية؟
ابتعادا
هل تجدون سبيلا الى لمس السؤال مرة أخرى لمسا موضوعيا
كما هو مطلوب من كل عالم ومن كل طلبة العلم؟
موراني
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[02 Aug 2004, 11:33 م]ـ
أعود إلى أخي العبيدي والقيروان ...
فاقول: لنتفق قبل أن إبراهيم مثلا هي ك"جونسون" وهو المثل الذي استشهد به أخونا العبيدي .... أي لنتفق أن "إبراهيم" إسم أعجمي عند الله!!!
فهناك فرق بين ما هو معجم عندنا وعلينا وبين ما هو معجم عند الله ..... فنحن نستعجم كل ما لم يعرب لدينا ... ونستعجم ما لم يبلغنا من العربية ..... وهذا شيء ... والعجمة شيء آخر ... فمن المفسرين والنحويين من يرى الاسم الفلاني اسما إعجميا, ومنهم من يراه معربا, كعمران وكيعقوب ... فيشتقون منها ولها ..... إذا نحن لم نتفق بعد بيننا أن هذا الاسم معجم بلا خلاف .... وهو عند الله كذلك كما هو عندنا .....
أريد أن أقول: ليس كل ما لم نعربه بمعجم ... بل هو مما "استعجم" علينا وهو عربي ....
وأصل المشكلة أننا افترضنا أن الله جل وعلا "تلقى" العربية عنا, فمعربه معربنا, ومعجمه معجمنا!!
ولكن إذا علمنا أن الله "علمنا" البيان والكلام و"الاعراب" ... وأنه رب الكلام والبيان, استسغنا أن يكون في كلامه ما هو "فوق" كلامنا وإعرابنا .... فاستعجمناه!.
أعود وأسأل: كيف "يعرب" الله لنا عن ملته, بنبي "معجم"؟؟
وكيف "يحاججنا" بنبي "معجم"؟؟ .... وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ..
إبراهيم .... من أبره الرجل إذا أظهر حجته وبرهانه .... {أإله مع الله ... قل هاتوا برهانكم} ..
باختصار ... لم يتفق المفسرون على أسماء ما بأنها معجمة ...
ونحن استعجمنا المعرب ... !!
.. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[03 Aug 2004, 12:51 م]ـ
من ناحية موقف اللغويين .... وفي هذا الكلام نظر.
أما من ناحية العقيدة , فلا أتدخل فيها
هل كلم الله موسى بالعربية _
هل أنزل الله على عيسى بالعربية (كانت لغته اللغة الارمية بلهجة فلسطينية لا يشك في ذلك أحد)
اللغة لا تعيش في عزلة بل فيها دخيل كثير كما لها أثر على اللغات المجاورة لها
والعكس أيضا. وذلك في كل الزمن وفي كل المكان
موراني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[03 Aug 2004, 03:48 م]ـ
اعتقادنا - و أرجو أن يصحح لي الأخوة إن أخطات - هو أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام بحرف و صوت مسموعين له و بلغة يفهمها .. و الله أعلم.
ـ[حرف]ــــــــ[04 Aug 2004, 12:50 ص]ـ
أذكر أن للطناحي مقالاً جيداً في الموضوع بعنوان (من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن)
ـ[موراني]ــــــــ[04 Aug 2004, 12:06 م]ـ
د. هشام عزمي يقول:
هو أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام بحرف و صوت مسموعين له و بلغة يفهمها .. و الله أعلم.
..................................
هذا واسع!
ومن المعلوم أنّ بعض المعتزلة تأول الآية: كلم الله موسى تكليما ....
الله: بفتحة على الهاء ونصب الكلمة!
وحتى بهذه القراءة الشاذة يمكن أن نتساءل: ما هي اللغة؟
غير أن السؤال لا يهم كثيرا لأن مراد الآية غير ذلك.
أما الألفاظ الأعجمية بالقرآن فهي واردة بغير شك ارمية كانت او عبرية او حبشية أصلا ودخيلة في العربية.
ولا ينكر ذلك أحد من المفسرين القدماء.
موراني
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[02 Sep 2004, 09:27 م]ـ
السلام عليكم
يقول الشاعر
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما
ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر
ليست المسألة ان يصفني احد بالجهل وارد عليه ويرد علي ويضيع الموضوع , المسألة , هل في القرآن الفاظ اعجمية ام لا ,؟ كما سأل احد الاخوة للخروج من دائرة الخلاف , وليس المهم ان فلان قد اعطاني شهادة ام لا , المسألة هل في القرآن الفاظ اعجمية ام لا؟ هذا هو الخلاف , ولنرجع الى جونسون فجونسون لفظ اعجمي ويبقى اعجمي حتى لو قلت جاء جونسون , فالمسألة ليست نطق الكلمة بحروف عربية انما المسألة اصل الكلمة.
الحق يقول" انا انزلناه قرآنا عربيا" ويقول " وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه" لماذا" ليبين لهم" , فهل في القرآن الفاظ اعجمية الجواب لا , وحتى كلمة استبرق وابراهيم وقسورة , فالقرآن نزل بلسان العرب والعرب قد عربوا هذه الكلمات , ثم استعملها القران , فالقرآن لم يعرب ولا كلمة واحدة , ونستطيع ان نعرب الان ولكن ان نجعل الكلمة على ميزان اللغة العربية مثال ذلك ,
تلفون على وزن فعلول تلفن يتلفن.
هذا تعريب للفظة , وهذه طريقة التعريب , مثلا سيارة ترجمة car الانجليزية وليست تعريبا , هاتف ترجمة لكلمة telephon وليست تعريبا , والعرب عربوا ابراهيم وعربوا استبرق.
ارجو ان تتسع الصدور , و"ربنا ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا"
ـ[موراني]ــــــــ[02 Sep 2004, 10:42 م]ـ
أبو شفاء يقول:
فالمسألة ليست نطق الكلمة بحروف عربية انما المسألة اصل الكلمة.
هذا صحيح , وهذه هي المسألة بالضبط. من الناحية اللغوية وفقه اللغة هناك
مفردات وكلمات بالقرآن أصلها غير عربي ... أصلا , بل دخيل في العربية.
تقديرا
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[02 Sep 2004, 10:53 م]ـ
أبو شفاء يقول:
مثلا سيارة ترجمة car الانجليزية وليست تعريبا
ليس هنا ترجمة!
سيارة مشتق من الفعل: سار .... يسير (الى مكان)
أما car فهو مشتق بل مصطنع من الفعل to carry
وهلم جرا!
تقديرا
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2004, 11:36 م]ـ
شكراً للجميع ما تفضلوا به من المناقشات العلمية الموفقة، وهذه مسألة سبق أن تطرق لها العلماء قديماً وحديثاً، والآراء فيها مبسوطة في مظانها، ولا أظن هذا يخفى عليكم وفقكم الله. وما هذا النقاش إلا دليل على رغبتكم الصادقة في العلم. وما يحدث أحياناً في المناقشات من الحدة أمر معتاد في النقاشات والحوارات، ولا يفسد الود بيننا ولله الحمد، بل يزيده ويقويه، بل إنني أرى أن الاختلاف في الرأي أجدى وأنفع من الاتفاق في كثير من المسائل؛ لأن الاختلاف العلمي المدعوم بالدليل يفتق الذهن، ويشحذ التفكير، أكثر مما يفعل الاتفاق والموافقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
واشكر أخي الكريم أبا أحمد والأخ الكريم المقري وفقهما الله على فوائدهما. وأسأل الله لكم جميعاً التوفيق وإلى الأمام.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 08:33 م]ـ
قوله:] وكلم الله موسى تكليماً [{النساء:164}.
] الله [: فاعل؛ فالكلام واقع منه.
] تكليماً [: مصدر مؤكد، والمصدر المؤكد –بكسر الكاف-؛ قال العلماء: إنه ينفي احتمال المجاز. فدل على أنه كلام حقيقي؛ لأن المصدر المؤكد ينفي احتمال المجاز.
أرأيت لو قلت: جاء زيد. فيفهم أنه جاء هو نفسه، ويحتمل أن يكون المعنى جاء خبر زيد، وإن كان خلاف الظاهر، لكن إذا أكدت فقلت: جاء زيد نفسه. أو: جاء زيد. انتفى أحتمال المجاز.
فكلام الله عز وجل لموسى كلام حقيقي، بحرف وصوت سمعه، ولهذا جرت بينهما محاورة؛ كما في سورة طه وغيرها.] منهم من كلم الله [{البقرة:253}.
] منهم [؛أي: من الرسل
] من كلم الله [: الاسم الكريم] الله [فاعل كلم، ومفعولها محذوف يعود على] من [، والتقدير: كلمه الله.
(2) الآية السابعة: قوله: وقوله:] ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه [.
{الأعراف:143}.
أفادت هذه الآية أن الكلام يتعلق بمشيئته، وذلك لأن الكلام صار حين المجيئ.، لا سابقاً عليه، فدل هذا على أن كلامه يتعلق بمشيئته. فيبطل به قول من قال: إن كلامه هو المعنى القائم بالنفس، وإنه لا يتعلق بمشيئته، وذلك لأن الكلام صار حين المجيئ، لا سابقاً عليه، فدل هذا على أن كلامه يتعلق بمشيئته.
فيبطل به قول من قال: إن كلامه هو المعنى القائم بالنفس، وإنه لا يتعلق بمشيئته؛ كما تقوه الأشاعرة.
وفي هذه الآية إبطال زعم من زعم أن موسى فقط هو الذي كلم الله، وحرف قوله تعالى:] وكلم الله موسى تكليماً [إلى نصب الأسم الكريم؛ لأنه في هذه الآية لا يمكنه زعم ذلك ولا تحريفها.
(3) الآية الثامنة: قوله: وقوله:] وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا [. {مريم:52}.
] وناديناه [: ضمير الفاعل يعود إلى الله، وضمير المفعول يعود إلى موسى؛ أي: نادى الله موسى.
] نجياً [: حال، وهو فعيل بمعنى مفعول؛ أي: مناجي.
والفرق بين المناداة والمناجاة أن المناداة تكون للبعيد، والمناجاة تكون للقريب وكلاهما كلام.
وكون الله عز وجل يتكلم مناداة ومناجاة داخل في قول السلف: "كيف شاء".
فهذه الآية مما يدل على أن الله يتكلم كيف شاء مناداة كان الكلام أو مناجاة.
(1) الآية التاسعة: قوله:] وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين [{الشعراء:10}.
] وإذ نادى [؛ يعني: واذكر إذ نادى.
والشاهد قوله:] ربك موسى [: فسر النداء بقوله:] أن ائت القوم الظالمين [.
فالنداء يدل على أنه بصوت، و] أن ائت القوم الظالمين [: يدل على أنه بحرف.
المرجع
شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ـ[موراني]ــــــــ[05 Sep 2004, 09:56 م]ـ
يا أبا عبد الرحمن الشهري , وفقك الله ,
لا أرى في مشاركتك هذه الا اشارة الى ما ذكرت أنا حول الآية: كلم الله موسى تكليما
غير انني لم أقل برأيي بل ذكرت فحسب ما أوّلته المعتزلة في عصر معين.
فلم يبق الا السؤال المطروح:
بأية لغة خاطب الله (فاعل!) موسى؟
أو على لسان المعتزلة: بأية لغة خاطب موسى (فاعل) الله.
ذلك اضافة سريعة فقط لكي لا نطيل الكلام في هذا الأمر على غيرنا.
تقديرا
موراني
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 11:12 م]ـ
أخي أهل القيروان أنا شاركت إجابة لطلب الأخ د. هشام عزمي
وأما للغة التي كلم الله بها موسى فلا علم بأي لغة كلمه
وأما كتاب موسى فقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه - باب: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} /136/.
4215 - حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عثمان بن عمر: أخبرنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية).
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[05 Sep 2004, 11:23 م]ـ
قرأت للشيخ الشهري .. "وأما للغة التي كلم الله بها موسى فلا علم بأي لغة كلمه" ....
فأقول: ما أعدل, وما أجمل أن تسمع من أثر عنه العلم, يقول: لا أعلم!.
{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}.
ـ[موراني]ــــــــ[06 Sep 2004, 12:55 ص]ـ
وأما للغة التي كلم الله بها موسى فلا علم بأي لغة كلمه
أحسنت! غير أن هذا هو اسؤال المطروح
موراني
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2004, 09:35 م]ـ
قال شيخ الاسم بن تيميه رحمه الله في مجموع الفتاوى
وقد أوحى الله إلى موسى بالعبرانية وإلى محمد بالعربية، والجميع كلام الله , وقد بين الله بذلك ما أراد من خلقه وأمره , وإن كانت هذه اللغة ليست الأخرى , مع أن العبرانية من أقرب اللغات إلى العربية حتى إنها أقرب إليها من لغة بعض العجم إلى بعض
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:18 م]ـ
أخانا عبد الرحمن الشهري ...
ما دليل شيخنا ابن تيمية على وحي الله لموسى بالعبرانية؟؟.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2004, 11:46 م]ـ
لم أقف على دليل شيخ الإسلام
ولكن يمكن أن يستدعلى ذلك بقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (إبراهيم: 4)
الحديث السابق أن التوراة بالعبرانية
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jan 2005, 09:26 ص]ـ
بحث مختصر عن هذه المسألة:
ـ[سليمان داود]ــــــــ[01 Feb 2005, 10:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لقد قرأت رأيا يتناسب مع قوله تعالى عربيا"
سأذكره للمؤانسة والاطلاع عليه دون الدخول بالتفاصيل
هذا الرأي يقول:
أن بعض المفردات العربيه أهملها العرب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لقلة حاجتهم اليها
واستعمل هذه المفردات الأعاجم؟؟
فظن البعض أن هذه المفردات أعجميه
ونبقى على قول هام
الله أعلم
وشكرا(/)
نظرات حول بعض الآيات (1)
ـ[خالد فايز]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد:-
نأخذ معنا اليوم تفسير سورة البقرة وإليكم الآيات:-
قال تعالى:- {الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدًئ للمتقين}
هذه الحروف المقطعة في أوائل سور القرآن، الله أعلم بمراده منها، مع الجزم أن الله تعالى لم يُنزلها عبثاً، بل لحكمة قالها، ولسر أنزلها، وفيها معنى التحدي والاعجاز، فإن الأمة التي نزل فيها القرآن، أمة عربية عرباء، فيها الفصحاء، والأدباء، والخطباء، والشعراء، فكانت معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم من جنس ما تفوقوا به، وامتازوا به على الأمم، فكان هذا القرآن المبين المعجز، الذي هو بلغتهم، ولغتهم مركبة من هذه الحروف، وهم يتكلمون بهذه الحروف، ولكنهم لن يستطيعوا أبداً أن يأتوا بمثل هذا القرآن من هذه الحروف.
و {ذلك الكتاب} أي: هذا الكتاب العظيم الباهر المعجز، الذي أدهش العقول ببلاغته، وحير الألباب بفصاحته، وأعجز البلغاء ببيانه.
والقرآن المعجزة الباهرة، حيث العدل في الحكم، والصدق في الخبر، والبيان في القول والتأثير في السامع، واليقين في النقل، والوضوح في الدلالة.
القرآن: كلامه المنزل على عبده، وحديثه الموحى إلى مصطفاه وحكمه الموجه إلى خلقه.
القرآن: موجز وكذلك الإعجاز وبين وكذلك الدليل، وقاطع , وكذلك الحقيقة، وشائق، كذلك الجمائل ورائع وكذلك الحسن.
كل سورة: هالة من الحسن في عيد البلاغة، وعروس من البهاء في مهرجان الاعجاز، وحديقة غناء في أرض الفصاحة، يا أحياء، يا فصحاء، يا بلغاء، يا خطباء، يا شعراء، أسألكم بالله؛ هل طرق المسامع مثل القرآن بياناً وجاذبية؟! هل وقع في القلوب مثل القرآن يقيناً وهدى؟!
هل قرأت العيون مثل القرآن جمالاً وإبداعاً؟!
هل ذاقت الارواح مثل القران حلاوة وطلاوة؟!
هل هز منابر الدنيا مثل القرآن تأثيراً وتجويداً؟!
هل جلجل في النوادي مثل القرآن براءة وإشراقاً؟!
يا حملة الأقلام والمحابر، يا أهل الصحف والدفاتر، يا رواد النوادي والمنابر، بالله؛ هل شنف المسامع مثل القرآن يوم صار كل حرف عالم من الإيحاءات والذكريات والعظات؟!
بالله؛ هل أثلج الصدور مثل القرآن يوم صارت كل كلمة طائفة من الحجج والبراهين والهدى؟!
وللحديث بقية إن شاء الله قريبا بإذن الله
منقول من كتاب (نظرات في بعض الآيات) للشيخ عايض القرني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Jul 2004, 03:17 م]ـ
أرحب بالابن خالد وأرجو له التوفيق، وأرجو منه تحرير المشاركات ومراجعتها قبل نشرها.
وفقك الله لكل خير.(/)
العلماء يتمنون ..
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[16 Jul 2004, 02:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب ابن تيمية -رحمه الله- من السجن إلى ابن رشيق -رحمه الله، وهو من أخص أصحاب ابن تيمية-: (قد فتح الله عليَّ في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها.
وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن) العقود الدرية/28.
أرجو ممن يجد مثل هذا القول عن أحد من أهل العلم المتقدمين أو المتأخرين يندم على تضييع الأوقات في غير التفسير، أو يتمنى العلم بتفسير القرآن الكريم، أو الاقتصار عليه، فليذكره هنا مشكوراً مأجوراً.
نفعنا الله بهدي كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.(/)
نظرات حول بعض الايات (2)
ـ[خالد فايز]ــــــــ[16 Jul 2004, 05:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نستكمل بعض الآيات من كتاب نظرات حول بعض الآيات لفضيلة الشيخ عائض القرني
قال تعالى:- {الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}
{الذين يؤمنون بالغيب}: هؤلاء المتقون، يصدقون بكل ما أخبر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب؛ مما سمعوه ولم يروه، وذكره لهم ولم يشاهدوه، فيعلمون أنه حق، فيعبدون الله كأنهم يرونه، جل في علاه، ويتيقنون حقيقة ما ورد به الوحي مما غاب عن العيون، كأسمائه وصفاته سبحانه، وما أخبر به في الاخرة عن جنته وناره، وما أعد لأوليائه وأعدائه، وما يدخل تحت ذلك من تفصيلات.
وقضية الإيمان بالغيب، تترك في النفس أثراً من خشية الله وخوف مقامه، فيكف العبد عن مخالفة ربه، وتعدي حدوده، وانتهاك حرماته، فيبقى خائفاً وجلاً، ترتعد فرائصه إجلالاً للعظيم، تقدست أسماؤه، يرتجف قلبه تعظيماً للأحد الصمد عز مقامه، تخشع روحه هيبة لمولاه، يحاسب نفسه على الحركات والسكنات، يراقب ربه على اللحظات واللفظات.
الإيمان بالغيب هو أعظم طاقة، تمد العبد بمدد من التقوى في الحياة، فالمؤمن بالغيب حَذِر كالطائر يخاف من مغبة العصيان، ويحذر من عاقبة المخالفة، فيعلم أن هناك حساباً ومناقشة ومساءلة ووقوفاً طويلاً، واطلاعاً على عمله: دقيقه وجليله، كثيره وقليله.
{يقيمون الصلاة}: فإيمانهم بالغيب، وتصديقهم الوحي، جعل منهم عباداً صالحين، يقيمون الصلاة، ولم يقل: يصلون، لان إقامة الصلاة هو: الإتيان بها على الوجه المرضي الأكمل، خضوعاً، وخشوعاً، ومحافظة على حدود الصلاة؛ لأن من إقامة الصلاة: نهيها للعبد عن الفحشاء والمنكر، ومنعها لمن أداها من الزور والبهتان، وصيانتها لمن صلاها عن المعاصي والآثام، فمن أقام الصلاة صَدَقَ في قوله، وبر في فعله، وحفظ قلبه، وسمعه، وبصره وكل جوارحه عما يُغضب مولاه.
ومن أقام الصلاة انتهى عن السيئات، وزم نفسه عن المخالفات، وملأ عمره بالطاعات.
ومن أقام الصلاة جعل على نفسه حسيباً، يردعها عن كل ما يشين، ويزجرها عن كل ما يسئ، ويردها عن كل ما يحرم. أما أداء الصلاة حركات وإشارات، ثم لا يكون لها أثر في حياة العبد وأخلاقه وسلوكه وتعامله، فهذه ليست إقامة للصلاة كما ورد بها الشرع، وأرادها الشارع.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول من كتاب (نظرات حول بعض الايات) لفضيلة الشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني
ـ[خالد فايز]ــــــــ[21 Jul 2004, 09:30 م]ـ
لو تكرمتوا: لم لم تردوا على المشاركة!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jul 2004, 12:13 ص]ـ
أخي خالد وفقك الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
واصل عطاءك، وأسهم بما تيسر لك من الموضوعات، وستستفيد إن شاء الله فوائد كثيرة من خلال مشاركاتك.
وليس من الضرورة أن يرد أحد على مشاركتك؛ لأنها قد لا تحتاج إلى رد.
وأول الغيث قطرة، والألف خطوة تبدأ بخطوة
وأوصيك أخي خالد بزيارة هذه الصحفة وقراءة ما تيسر لك من موضوعاتها
http://saaid.net/aldawah/index1.htm(/)
الكتب التربوية القرآنية
ـ[ابوبنان]ــــــــ[16 Jul 2004, 05:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحاجة ملحة في هذه الأيام للتربية على نهج الجيل القرآني بعد الخلل الواضح في فهم الأولويات
فما هي اسباب غياب الدراسات القرآنية التربوية أو قلتها مع أننا أهل القرآن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[20 Jul 2004, 09:59 م]ـ
شكرا اخي ابو بنان:
بالفعل اخي الكريم فالقران مليء بالتوجيهات التربوية والقواعد السلوكية التي تهتم ببناء شخصية الانسان من ولادته الى ان يتوفاه الله، وتوضح له الطريق الصحيح للعيش الكريم في الدنيا وتحقيق مراد كل مسلم وهو رضوان الله تعالى العجيب اخي اننا ندرس في مناهجنا هذه الاصول والقواعد من علماء النفس والاجتماع والتربية من اهل الغرب الذين وضعوا هذه المناهج مع اختلافنا معهم عقائديا واجتماعيا، فهل عادات اهل الغرب وسلوكياتهم تتماشا مع عاداتنا واعرافنا؟؟؟؟
* امر اخر الكثير من الدراسات التي تجرى على شبابنا واخواتنا في مجتمعنا تستقى من احصائيات واستطلاعات اجريت في بلاد الغرب مع اختلافنا عنهم كليا .... وتتخذ الاجراءات وطرق العلاج استنادا على هذه ا لاحصائيات وخذ على سبيل المثال مشكلات الشباب والمراهقة والجرائم الجنسية وعادات الاختلاط .... وغير ذلك كثير
اتمنى ان اجد علماء افاضل يناقشون هذه الامور ويستنبطونها من القران وما السنة عن ذلك ببعيد ويكتبوا لنا عن التربية في القران وعن السلوك في القران ....
حقيقة هذا هو مشروع راودني منذ سنوات لاكتب فيه واجعله رسالة علمية فعسى الله ان ييسر هذا الأمر،،،،،،
وبارك الله فيكم.
ـ[حرف]ــــــــ[21 Jul 2004, 01:41 ص]ـ
محمد قطب له كتا بعنوان: درسات قرآنية , يعرض الآية فيها بالطريقة التربوية التي أردت وتحدثت.وجزيت خيراً.
ـ[ابوبنان]ــــــــ[29 Jul 2004, 01:38 ص]ـ
شكرا على المرور اخ ابوحنيفة
اضافة جيدة اخ حرف واليك المزيد
سلسة وقفات تربوية في ضوء القران الكريم للجليل طيبة
سورة الصلاة دراسة تربوية للقاسم المنتدى
سورة الحجرات العمر الوطن
سورة الانفال لمحمد امين المصري الارقم
ارجو الاضافة وشكرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 09:28 م]ـ
أشكرك أخي أبا بنان وأرحب بك مع إخوانك وفقك الله.
- يمكن إضافة ما كتبه الدكتور ماجد عرسان الكيلاني من كتب تربوية للموضوع أخي أبا بنان وفقك الله. وهي كثيرة.
- وكذلك ما كتبه سيد قطب رحمه الله في الظلال وغيره. فهي وقفات قل أن تظفر بها عند غيره من المتقدمين والمتأخرين رحمه الله.
ـ[ابوبنان]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:29 ص]ـ
شكرا للمشرف العام على المرور وهذه الفائدة
واتمنى لو اتجه بعض طلبت العلم لبعض ايات القران ودراستها دراسة علمية تربوية يجمع فيها كلام اهل التفسير والتربية واخراجها في كتاب متوسط الحجم على غرار وقفات الجليل الرسائل الاولى منها لربط شباب الامة بكتاب ربها مشروع مقترح فضيلة المشرف العام ولو تبنا ه هذا الموقع او بعرضه على اقسام القرءان وعلومه في الجامعات والله الموفق
ـ[ابوبنان]ــــــــ[10 Mar 2008, 09:37 م]ـ
ويضاف للقائمة أيضا تفسير تربوي لجزء عم للمربي الفاضل محمد السيد نوح رحمه الله
ولم أحصل عليه ولا أدري هل هو مادة صوتية أم كتاب مصنف
أبوبنان
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[12 Mar 2008, 09:43 ص]ـ
شكر الله لكم
وأود أن اخبركم بأنني أكتب سلسلة في هذا الميدان تحت عنوان
المضامين التربوية للأساليب البلاغية في القرآن الكريم
حيث تتناول كل أسلوب من هذه الأساليب وما تنطوي عليه من توجيهات تربوية
منها: المضامين التربوية لأسلوب الالتفات في القرآن
المضامين التربوية في توارد الضمائر في القرآن الكريم
ومنها المضامين التربوية لاسم الإشارة في القرآن
ولعل أحدثها: المضامين التربوية في تنوع القراءات القرآنية
ولعلنا لا نعدم توجيهات الاخوة في هذا الملتقى
ـ[الونشريسي]ــــــــ[13 Mar 2008, 02:07 ص]ـ
أشكرك أخي أبا بنان وأرحب بك مع إخوانك وفقك الله.
- يمكن إضافة ما كتبه الدكتور ماجد عرسان الكيلاني من كتب تربوية للموضوع أخي أبا بنان وفقك الله. وهي كثيرة.
- وكذلك ما كتبه سيد قطب رحمه الله في الظلال وغيره. فهي وقفات قل أن تظفر بها عند غيره من المتقدمين والمتأخرين رحمه الله.
رأيت كتاب في المعرض بعنوان تدريس القرآن الكريم لأبي بلال د عبد الله الحامد. الكتاب مثير جدا. ولم أقرأه بعد. فأرجو من الشيخ عبد الرحمن ان اطلع عليه أن يفيدنا. جلول(/)
ما صحة هذه الرواية
ـ[الديري]ــــــــ[17 Jul 2004, 03:34 م]ـ
السلام عليكم
ورد في تفسير الطبري للآية الكريمة (البقرة 98)
رواية سندها (حدثنا المثنى حدثنا آدم حدثنا أبو جعفر حدثنا يعقوب قال ذكر لنا ... )
ما صحة هذا السند و هل هو منقطع
وشكرا أخوتي
ـ[الديري]ــــــــ[17 Jul 2004, 03:37 م]ـ
و أورد رواية أخرىفي نفس الآية ( ... عن سعيد عن يعقوب قال بلغنا لنا ... )
من هو سعيد
وشكرا
ـ[الديري]ــــــــ[18 Jul 2004, 12:04 ص]ـ
أرجو الرد أخوتي
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[18 Jul 2004, 04:10 ص]ـ
السلام عليكم
أخي لعلك أردت آية أخرى لأني لم أجد هذه الرواية تحت تفسير الآية (98) من البقرة
ـ[الديري]ــــــــ[18 Jul 2004, 05:50 ص]ـ
شكرا أخي على الرد
أردت الآية المتعلقة بعداء اليهود لجبريل (عليه السلام)
في هذه الآية سببان متعارضان للنزول
الأول تتعلق بمحاورة النبي (صلى الله عليه وسلم) لليهود
الثاني متعلق بمحاورة عمر (رضي الله عنه) لهم
هذه الرواية تقع تحت باب سبب النزول الثاني
وشكرا
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[18 Jul 2004, 03:33 م]ـ
أخي الكريم لم أجد رواية بهذين الإسنادين يبدو أنك قلبت أسماء الأسانيد أو أن في نسخة الكتاب تصحيف. لكن إن شاء الله سأنقل الروايات كلها من تفسير الطبري مع التعليق عليها لعلك ستجد مرادك.
قال الإمال الطبري:
القول في تأويل قوله جل ثناؤه (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله)
قال أبو جعفر: أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل, إذ زعموا أن جبريل عدو لهم, وأن ميكائيل ولي لهم. ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك. فقال بعضهم: إنما كان سبب قيلهم ذلك، من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر نبوته.
ذكر من قال ذلك:
1605 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير, عن عبد الحميد بن بهرام, عن شهر بن حوشب, عن ابن عباس أنه قال: حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنهن، لا يعلمهن إلا نبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا عما شئتم, ولكن اجعلوا لي ذمة الله، وما أخذ يعقوب على بنيه، لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه، لتتابعني على الإسلام. فقالوا: ذلك لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوني عما شئتم. فقالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا، أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل؟ وكيف يكون الذكر منه والأنثى؟ وأخبرنا بهذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتتابعني! فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. فقال:"نشدتكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا فطال سقمه منه, فنذر نذرا لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل - قال أبو جعفر: فيما أروي: وأحب الشراب إليه ألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد الله عليكم وأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى, هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ, وأن ماء المرأة أصفر رقيق, فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله, فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كان الولد أنثى بإذن الله؟ قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد! قال: وأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى, هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا: اللهم نعم! قال: اللهم اشهد! قالوا: أنت الآن تحدثنا من وليك من الملائكة، فعندها نتابعك أو نفارقك. قال: فإن وليي جبريل, ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه. قالوا: فعندها نفارقك, لو كان وليك سواه من الملائكة، تابعناك وصدقناك. قال:"فما يمنعكم أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدونا. فأنزل الله عز وجل: (من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) إلى قوله (كأنهم لا يعلمون)، فعندها باءوا بغضب على غضب.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: أخرجه أحمد (1/ 278) أيضا من طريق عبد الحميد. هذا الإسناد صححه العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله لكن الراجح أنه ضعيف من أجل شهر بن حوشب. لكن للحديث متابعة عند أحمد (1/ 274) من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. بكير هذا لم يرو عنه سوى اثنين وقال أبو حاتم: شيخ كما في التهذيب. فهو ضعيف لكن يصلح في المتابعة إن شاء الله.
ثم ساق القصة من كلام شهر مرسلا
ثم ساق الأمام الطبري هذه الرواية:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، حدثني القاسم بن أبي بزة: أن يهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: من صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي؟ فقال: جبريل. قالوا: فإنه لنا عدو ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال! فنزل: (من كان عدوا لجبريل) الآية. قال ابن جريج: وقال مجاهد: قالت يهود: يا محمد، ما ينزل جبريل إلا بشدة وحرب! وقالوا: إنه لنا عدو! فنزل: (من كان عدوا لجبريل) الآية
قلت: وهذا مرسل أيضا القاسم من صغار التابعين. ومجاهد من الطبقة الوسطى من التابعين فروايته مرسلة أيضا. وابب جريج مدلس ولم يصرح بأنه سمع هذا من مجاهد.
ثم قال الإمام الطبري:
وقال آخرون: بل كان سبب قيلهم ذلك، من أجل مناظرة جرت بين < 2 - 381 > عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبينهم، في أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر من قال ذلك:
1608 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا ربعي بن علية, عن داود بن أبي هند, عن الشعبي, قال: نزل عمر الروحاء, فرأى رجالا يبتدرون أحجارا يصلون إليها, فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ههنا. فكره ذلك وقال: أيما؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركته الصلاة بواد فصلى، ثم ارتحل فتركه! ثم أنشأ يحدثهم فقال: كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق الفرقان، ومن الفرقان كيف يصدق التوراة! فبينما أنا عندهم ذات يوم قالوا: يا ابن الخطاب، ما من أصحابك أحد أحب إلينا منك. قلت: ولم ذلك؟ قالوا: إنك تغشانا وتأتينا. قال: قلت إني آتيكم فأعجب من الفرقان كيف يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق الفرقان! قال: ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا ابن الخطاب، ذاك صاحبكم فالحق به. قال: فقلت لهم عند ذلك: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو وما استرعاكم من حقه واستودعكم من كتابه, أتعلمون أنه رسول الله؟ قال: فسكتوا، قال: فقال عالمهم وكبيرهم: إنه قد عظم عليكم فأجيبوه. قالوا: أنت عالمنا وسيدنا، فأجبه أنت. قال: أما إذ نشدتنا به, فإنا نعلم أنه رسول الله. قال: قلت: ويحكم! إذا هلكتم! قالوا إنا لم نهلك. قال: قلت: كيف ذاك، وأنتم تعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه قالوا: إن لدينا عدوا من الملائكة وسلما من الملائكة, وإنه قرن به عدونا من الملائكة. قال: قلت: ومن عدوكم؟ ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل. قال: قلت: وفيم عاديتم جبريل؟ وفيم سالمتم ميكائيل؟ قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا, وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف ونحو هذا. قال: قلت: وما منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره. قال: قلت: فوالله الذي لا إله إلا هو، إنهما والذي بينهما لعدو لمن عاداهما، وسلم لمن سالمهما, ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل, ولا لميكائيل أن يسالم عدو جبريل! قال: ثم قمت فاتبعت النبي صلى الله عليه وسلم, فلحقته وهو خارج من مخرفة لبني فلان، فقال لي: يا ابن الخطاب، ألا أقرئك آيات نزلن؟ فقرأ على: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه) حتى قرأ الآيات. قال: قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك الخبر، فأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر!
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: علق العلامة أحمد شاكر على هذه الرواية قائلا: وهذا مرسل أيضًا. ذكره ابن كثير 1: 241 - 243، عن هذا الموضع، ثم عن تفسير ابن أبي حاتم، من رواية مجالد عن عامر - وهو الشعبي - وسيأتي نحوها أيضًا من رواية مجالد رقم: 1614. ثم قال ابن كثير:"وهذان الإسنادان يدلان على أن الشعبي حدث به عن عمر. ولكن فيه انقطاع بينه وبين عمر، فإنه لم يدرك زمانه" انتهى من كلامه والأمر كما قال الحافظ ابن كثير.
والرواية رقم (1609) أيضا مرسل الشعبي عن عمر.
ثم ساق الإمام الطبري:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود, فلما أبصروه رحبوا به. فقال لهم عمر: أما والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم, ولكن جئت لأسمع منكم. فسألهم وسألوه, فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ فقال لهم: جبريل. فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يطلع محمدا على سرنا, وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل, وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم, فقال لهم عمر: أفتعرفون جبريل وتنكرون محمدا؟ ففارقهم عمر عند ذلك، وتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثه حديثهم, فوجده قد أنزل عليه هذه الآية: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله).
وساقه من طرق أخرى عن قتادة أيضا. وقتادة من الطبقة التي تلي الوسطى من التابعين. لم يصح سماعه من أحد من الصحابة غير أنس فهذا مرسل. وقيل أن مراسيله من أضعف المراسيل.
وذكر الأمام الطبري روايات عن ابن أبي ليلى وعطاء والسدي وكل هذه مراسيل. مات عمر وابن أبي ليلى صغير وعطاء لا يعرف له رواية عن عمر وهو كثير الإرسال. والسدي حسن إن شاء الله لكن لم يدرك عمر فروايته مرسلة أيضا
أخاف أن لا يشد بعض هذه الآثار بعضا لإمكان اتحاد المخرج مع أن بعضها من أضعف المراسيل ولأن الروايات للقول الأول أرجح. والله أعلم
وهناك حديث آخر بالنسبة إلى هذه الآية لم يذكره الإمام الطبري وذكره الحافظ ابن كثيرمن حديث البخاري:
حدثنا عبد الله بن منير سمع عبد الله بن بكر حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أرض يخترف فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه قال " أخبرني بهذه جبرائيل آنفا " قال جبريل: قال " نعم " قال ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية " من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك " " وأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة نزعت " قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني فجاءت اليهود فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ " قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا. قال " أرأيتم إن أسلم" قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا: هو شرنا وابن شرنا وانتقصوه. فقال هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.
انفرد به البخاري من هذا الوجه وقد أخرجه من وجه آخر عن أنس بنحوه وفي صحيح مسلم عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريب من هذا السياق كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى
انتهى من كلام الحافظ
ـ[الديري]ــــــــ[18 Jul 2004, 03:42 م]ـ
السلام عليكم
شكرا أخي العزيز
بلغت مرادي فالاسنادان اللذين ذكرتهما مرسلان
وقد ذكرت أن يعقوب من دون وسطى التابعين
شكرا
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[18 Jul 2004, 04:05 م]ـ
سعيد الراوي عن قتادة هو سعيد بن أبي عروبة ثقة وهو من أثبت الناس في قتادة وقد اختلط لكن يزيد بن زريع ممن روى عنه قبل الاختلاط(/)
نوع الاستثناء في الاية التالية
ـ[عبدالرحمن الجزائري]ــــــــ[17 Jul 2004, 09:17 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مانوع الاستثناء في قوله تعالى -لايسمعون فيها لغوا الا سلاما
وقد قرات في البرهان انه من باب المبالغة
وهل الاستثناء متصل ام منقطع
وماالضابط على حد كل منهما افيجونا بارك الله فيكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jul 2004, 09:44 م]ـ
يكلم ابن القيم رحمه الله عن هذا المثال في أكثر من موضع، وذكر أن الاستثناء منقطع، وبين ضابط المنقطع.
قال رحمه الله في مدارج السالكين: فصل تحقيق معنى الاستثناء المنقطعالجزء:1 الصفحة:318
(فصل تحقيق معنى الاستثناء المنقطع
.....
وضابط الانقطاع: أن يكون له دخول في جنس المستثنى منه، وإن لم يدخل في نفسه. ولم يتناوله لفظه. كقوله تعالى "لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاما" فإن السلام داخل في الكلام الذي هو جنس اللغو والسلام. وكذلك قوله " لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا " فإن الحميم والغساق داخل في جنس الذوق المنقسم. فكأنه قيل في الأول: لا يسمعون فيها شيئاً إلا سلاما. وفي الثاني: لا يذوقون فيها شيئاً إلا حميما وغساقا. ونص على فرد من أفراد الجنس تصريحاً، ليكون نفيه بطريق التصريح والتنصيص، لا بطريق العموم الذي يتطرق إليه تخصيص هذا الفرد. وكذلك قوله تعالى "ما لهم به من علم إلا اتباع الظن" فإن الظن داخل في الشعور الذي هو جنس العلم والظن.
وأدق من هذا: دخول الانقطاع فيما يفهمه الكلام بلازمه، كقوله تعالى "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" إذ مفهوم هذا: أن نكاح منكوحات الآباء سبب للعقوبة إلا ما قد سلف منه قبل التحريم، فإنه عفو. وكذلك "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" وإن كان المراد به: ما كان في شرع من تقدم فهو استثناء من القبح المفهوم من ذلك التحريم والذم لمن فعله، فحسن أن يقال إلا ما قد سلف.
فتأمل هذا فإنه من فقه العربية.
وأما قوله "لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى" فهذا الاستثناء هو لتحقيق دوام الحياة وعدم ذوق الموت. وهو يجعل النفي الأول العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناء ألبتة. إذ لو تطرق إليه استثناء فرد من أفراده لكان أولى بذكره من العدول عنه إلى الاستثناء المنقطع. فجرى هذا الاستثناء مجرى التأكيد، والتنصيص على حفظ العموم. وهذا جار في كل منقطع. فتأمله فإنه من أسرار العربية.
فقوله وما بالربع من أجد الأواري يفهم منه لو وجدت فيها أحداً لاستثنيته ولم أعدل إلى الأواري التي ليست بأحد.
وقريب من هذا لفظة أو في قوله تعالى " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة " وقوله "وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" هو كالتنصيص على أن المراد بالأول الحقيقة لا المبالغة. فإنها إن لم تزد قسوتها على الحجارة فهي كالحجارة في القسوة لا دونها. وأنه إن لم يزد عددهم على مائة ألف لم ينقص عنها. فذكر أو ههنا كالتنصيص على حفظ المائة الألف، وأنها ليست مما أريد بها المبالغة. والله أعلم.) انتهى
وقد عقد فصلاً كاملاً في كتابه بدائع الفوائد عن الاستثناء المنقطع، وذكر له ستة عشر مثالاً، فيمكنك الرجوع إليه في الجزء الأول منه.(/)
ولا تمش فى الأرض مرحا
ـ[ابراهيم عبدالحميد]ــــــــ[18 Jul 2004, 06:02 م]ـ
قال القرطبى فى تفسيره لهذه الآية من سورة الاسراء:
استدل العلماء بهذه الآية على ذم الرقص وتعاطيه. قال الإمام أبو الوفاء بن عقيل: قد نص القرآن على النهي عن الرقص فقال: "ولا تمشي في الأرض مرحا" وذم المختال. والرقص أشد المرح والبطر. أو لسنا الذين قسنا النبيذ على الخمر لاتفاقهما في الإطراب والسكر، فما بالنا لا نقيس القضيب وتلحين الشعر معه على الطنبور والمزمار والطبل لاجتماعهما. فما أقبح من ذي لحية، وكيف إذا كان شيبة، يرقص ويصفق على إيقاع الألحان والقضبان، وخصوصا إن كانت أصوات لنسوان ومردان، وهل يحسن لمن بين يديه الموت والسؤال والحشر والصراط، ثم هو إلى إحدى الدارين، يشمس بالرقص شمس البهائم، ويصفق تصفيق النسوان، ولقد رأيت مشايخ في عمري ما بان لهم سن من التبسم فضلا عن الضحك مع إدمان مخالطتي لهم وقال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: ولقد حدثني بعض المشايخ عن الإمام الغزالي رضي الله عنه أنه قال: الرقص حماقة بين الكتفين لا تزول إلا باللعب. وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في "الكهف" وغيرها إن شاء الله تعالى.
أسأل عن معنى قول الغزالى رحمه الله
ـ[ابراهيم عبدالحميد]ــــــــ[28 Oct 2004, 08:47 م]ـ
للتذكير
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 Oct 2004, 03:46 ص]ـ
السلام عليكم
هل من الممكن أن تنقل لنا ما جاء في الكهف؟؟
أنا أرى أن عبارة الغزالي إن صحت ليس فيها " اللعب"---إذ لا معنى لها في الجملة
(الرقص حماقة بين الكتفين)) ---ربما أن الناسخ حورها عن كلمة أخرى(/)
آية جمعت خيري الدنيا والآخرة
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[19 Jul 2004, 09:39 ص]ـ
آية جمعت الخير كله
قال الله تعالى: " {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} 201 البقرة
ولكي نقف على تفسير تلك الآية نتناولها مع أختها السابقة لها:
- قال الله تعالى: " فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ، وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "
(200، 201) سورة البقرة
... قال ابن كثير رحمه الله:
" فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا " أي: فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل.
" فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق"
أي لا نصيب ولا حظ في الآخرة، وفي ذلك ذم وتنفير عن التشبه بِمَنْ هو كذلك.
" ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هين، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة فى الحسنة فى الدنيا، وأما الحسنة فى الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر فى العرصات وتيسير، وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضى تيسير أسبابه فى الدينا من اجتناب المحارم، والآثام، وترك الشبهات والحرام.
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا مريضا من المسلمين قد صار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه؟
قال نعم، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله!!! لا تطيقه، أولا تستطيعه فهلا قلت: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
قال فدعا الله فشفاه انفرد بإخراجه مسلم ' 2688
... والأستاذ سيد قطب له في معنى هاتين الآيتين قول بديع:
كانت أسواق مكة المشهورة سوق عكاظ وغيره مجال كلام ومفاخرات بالآباء، ومعاظمات بالأنساب، ذلك حين لم يكن للعرب من الاهتمامات الكبيرة ما يشغلهم عن هذه المفاخرات والمعاظمات،
أما الآن فيوجههم القرآن لما هو خير، يوجههم إلى ذكر الله بعد قضاء مناسك الحج بدلا من ذكر الآباء، " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا "
وقوله لهم كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا لا يفيد أن يذكروا الآباء مع الله ولكنه يحمل طابع التنديد، ويوحي بالتوجيه إلى الأجدر والأولى، يقول لهم إنكم تذكرون آباءكم حيث لا يجوز أن تذكروا إلا الله فاستبدلوا هذا بذاك، بل كونوا أشد ذكرا لله وأنتم خرجتم إليه متجردين من الثياب، فتجردوا كذلك من الأنساب، ويقول لهم إن ذكر الله هو الذي يرفع العباد حقا، وليس التفاخر بالآباء، فالميزان الجديد للقيم البشرية هو ميزان التقوى، ميزان الاتصال بالله وذكره وتقواه، ثم يزن لهم بهذا الميزان، ويريهم مقادير الناس ومآلاتهم بهذا الميزان
" فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب "
إن هناك فريقين فريقا همه الدنيا، فهو حريص عليها مشغول بها، وقد كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف في الحج فيقولون اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا، وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية نزلت في هذا الفريق من الناس، ولكن مدلول الآية أعم وأدوم، فهذا نموذج من الناس مكرور في الأجيال والبقاع، النموذج الذي همه الدنيا وحدها يذكرها حتى حين يتوجه إلى الله بالدعاء ; لأنها هي التي تشغله، وتملأ فراغ نفسه وتحيط عالمه، وتغلقه عليه، هؤلاء قد يعطيهم الله نصيبهم في الدنيا، إذا قُدِّرَ العطاء، ولا نصيب لهم في الآخرة على الإطلاق، وفريقا أفسح أفقا، وأكبر نفسا؛ لأنه موصول بالله يريد الحسنة في الدنيا، ولكنه لا ينسى نصيبه في الآخرة، فهو يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، إنهم يطلبون من الله الحسنة في الدارين، ولا يحددون نوع الحسنة، بل يدعون اختيارها لله، والله يختار لهم ما يراه حسنة، وهم باختياره لهم راضون، وهؤلاء لهم نصيب مضمون، لا يبطىء عليهم، فالله سريع الحساب، إن هذا التعليم الإلهي يحدد لمن يكون الاتجاه، ويقرر أنه من اتجه إلى الله، وأسلم له أمره، وترك لله الخيرة، ورضي بما يختاره له الله، فلن تفوته حسنات الدنيا، ولا حسنات الآخرة، ومن جعل همه الدنيا، فقد خسر في الآخرة كل نصيب، والأول رابح حتى بالحساب الظاهر، وهو في ميزان الله أربح، وأرجح، وقد تضمن دعاؤه خير الدارين في اعتدال وفي استقامة على التصور الهاديء المتزن الذي ينشئه الإسلام.
محمود أبو جهاد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[19 Jul 2004, 04:21 م]ـ
جزاك الله خيرًا أبا جهاد و هذه الاية حقًا من أحب آيات الذكر الحكيم لقلبي:)(/)
من يعرض على ما بين القرآن الكريم واللغة العربية من العلاقة؟
ـ[السبط]ــــــــ[20 Jul 2004, 04:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأخوة في الله ورحمة الله وبركاته ...
أود أن أشكر لكم هذا الجهد الذي يعنى بأهم كتاب ومنهج على وجه الأرض والذي به يثبت الحق ويزهق الباطل ولو كره الكافرون،
وأرجو أن تتقبلوا تحياتي وأنا أزوركم للمرة الأولى ككاتب بعد أن زرت الموقع ككقارئ منذ حين ...
أود أن أطرح سؤالا مفصلا بدلا من كتابة رأي
والسؤال هو:
أيها يهيمن على الآخر القرآن أم اللغة العربية؟
أيها يجب أن يعرض على الآخر القرآن أم اللغة العربية؟
هل القرآن مستغن بذاته ومنزله عن أي شيء آخر أم هو مفتقر لغيره؟
هل القرآن يصلح بمفرده لقيادة الأمة أفرادا وجماعات، أم أنه لا يصلح إلا بغيره؟
والسلام
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jul 2004, 03:42 م]ـ
مرحباً بكم أخي الكريم السبط بين محبيك في هذا الملتقى العلمي قارئاً وكاتباً، وشكر الله لك دعائك وحسن ظنك.
أما الأسئلة التي تفضلتم بها وفقكم الله حول علاقة اللفة العربية بتفسير القرآن الكريم، فهو موضوع قديم حديث، كتب فيه العلماء قديماً وحديثاً، كتابات ما بين مختصر ومطول. وممن كتب في ذلك الدكتور مساعد الطيار وفقه الله في رسالته للدكتوراه بعنوان: (التفسير اللغوي للقرآن الكريم). وقد طبع هذا الكتاب في دار ابن الجوزي، ولدى الموقع نسخة الكترونية مهداة من المؤلف لعلنا نضعها قريباً في مكتبة شبكة التفسير إن شاء الله.
وسؤالك عن أيهما يهيمن على الآخر: القرآن الكريم، أم اللغة العربية؟ وبقية الأسئلة. تحتاج إلى أجوبة فيها شيء من البسط أخي السبط. وفي ظني أن الاختصار مدعاة إلى الإخلال.
غير أنه يمكن أن يقال: إن اللغة العربية كأي لغة أخرى، بنيت قواعدها بعد أن تم جمع تراث هذه اللغة من كلام أهلها الذين يتكلمونها. فهي سماعية في الدرجة الأولى. ولذلك يعد دليل: (هكذا قالت العرب) من أوثق أدلة النحويين. لأن اللغة أخذت عنهم، وبعض العلل لم تظهر للعلماء فبقيت سماعية.
غير أن اللغة العربية دون سائر اللغات قد حظيت بخصوصية نزول القرآن الكريم بها، وكون النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، فكان الحفاظ على القرآن الكريم وما دار حوله حافزاً للعلماء لوضع قواعد النحو والعربية. وكان القرآن الكريم هو أقوى أدلة هؤلاء العلماء. غير أن القرآن الكريم ليس هو كل كلام العرب، بل هناك ما تكلمت به العرب مما ليس في القرآن الكريم، فرجع فيه العلماء إلى كلام العرب شعراً ونثراً، وبنوا عليه قواعدهم ومذاهبهم في اللغة والنحو، وقد كان للشعر النصيب الأوفر في ذلك، حتى كثرت الشواهد الشعرية عند النحويين والمفسرين كثرة ملحوظة، لكثرة التراث الشعري المحفوظ عن العرب.
هذا كل ما في الأمر أخي السبط.
فالقرآن له التقدمة ولا شك، ولكن إذا لم يكن فيه الشاهد المراد، فلا بد من الانتقال لغيره. وهذا في مسائل اللغة كما هو عنوان الموضوع. وأما الحاجة إلى غير القرآن في فهمه فهذا هو الواقع، فتأمل كتب التفسير لترى الأدوات التي استعان بها المفسرون من اللغة وغيرها كأسباب النزول والتاريخ وغيرها لتوضيح المقصود بالآيات القرآنية، التي لا يفهم المراد منها دون الاستعانة بالتفسير الصحيح لفهمها.
ولا شك أن للموضوع تفصيلات لعل الدكتور مساعد الطيار يتفضل بإبرازها والحديث عنها، أو الدلالة على مظانها.
وفقكم الله لما يحب ويرضى.
ـ[السبط]ــــــــ[25 Jul 2004, 10:38 ص]ـ
ولك جزيل الشكر والامتنان على هذه الأريحية البادية بين ثنايا ردكم البليغ ...
وحيث أن الموضوع كما ذكرت كثير التشعب فلن أعلق على كل النقاط الوادرة رعاية للاختصار وبحثا عن الفائدة،
اقتباس (فرجع فيه العلماء إلى كلام العرب شعراً ونثراً، وبنوا عليه قواعدهم ومذاهبهم في اللغة والنحو، وقد كان للشعر النصيب الأوفر في ذلك، حتى كثرت الشواهد الشعرية عند النحويين والمفسرين كثرة ملحوظة، لكثرة التراث الشعري المحفوظ عن العرب.)
(يُتْبَعُ)
(/)
فالحاجة التي دعت العلماء إلى إيراد الشواهد الشعرية أو النثرية لإثبات ما ذهبوا إليه أدل دليل على عدم وجود الاتفاق المطلق عليه وإلا لما احتاج أحدهم إلى ذكر شواهد وأدلة، (فإذا وصل بنا الزمان أن نذكر دليلا على أن نبينا المصطفى اسمه محمد علمنا أن من أهل الزمان من يعتد به وله رأي آخر) أما نحن الآن فلا نطلب الدليل على اسم النبي لعدم وجود مشكك معتد به في هذه الحقيقة، فإذا كان الحال كذلك فمن الجائز أن يقع بين أيدينا الخطأ والصواب فيما أثر عن علماء اللغة والتفسير، وعندما ننظر تلك النظرة الرسالية للقرآن فهو الغاية من كل هذا البحث وأن فهمه والعمل بتوجيهاته للنجاة من العذاب والفوز بالجنة هي ما يطمح إليه المتقون، جاز لنا أن نقف على مثل هذا الإشكال الذي يفضي إلى لبس الباطل بلباس الحق ولبس الحق بلباس الباطل نتيجة لاختلاف الفهم المبني على اختلاف علماء اللغة في فهم اللغة في الزمان الغابر.
(ما نصحك من أمَّنك) فالتخويف من الوقوع في الخطأ أولى من التأمين من الوقوع فيه، الخوف من الفشل أولى من الثقة في النجاح.
إن غايتي ليست للجدل المحض وإنما للفت النظر وطلب النجاة
(وقد كان للشعر النصيب الأوفر في ذلك) لو عرضت هذه المقولة على القرآن لوجدنا قول الله العزيز (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) فهل تحذرني هذه الآيات أم ترغبني، وعلى سبيل التحذير أسير فهل في أنا مخطئ؟
(وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا) أشكل العرب على هذه النص الشريف عند نزوله حتى قال امرؤ القيس إني رجل كبارا، فلو لم يقل ذلك لبقيت العرب على إنكارها، أما المسلم فسيقول الحق بأن ما جاء به الله هو الحق وإن لم تعلم العرب به فهو العالم المطلق وهم القاصرون على ما يعلمون وفوق كل ذي علم عليم، وهناك مثل قرآني على ذلك: علم نوح (ع) بما لا يدع مجال للشك عنده بأن ابنه من أهله، وعلم الله العليم بأن ذلك الابن ليس من أهله، فليس لنوح أن يحاجَّ الله في علمه وهو العليم المطلق بل عليه أن يذعن ويرمي ما علمه وتيقن منه وراء ظهره ثقة بعلم الله واطلاعه (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، والنتيجة هي أنه إذا قال الله وأنكر العرب فصدق الله وكذب العرب.
فهل يعرض الصدق الصرف على ما يحتمل خطؤه، وهل من الكمال في القرآن وهو كتاب الهدى أن يحتاج إلى من يهدي لهداه أو أن يعتمد في فهمه على وجود غيره؟ وإذا كان غيره ضروري لفهمه فقد وجب حفظه لألا تنتقض الحجة الربانية بإنزاله هدى للعالمين.
أرجو الله أن يهدينا لعلم الكتاب الذي (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) وكلنا يعلم بأن ما كتب وقيل في علم القرآن لا يستنفذ من المداد المزعوم شيئاً فأين ذلك العلم وأين تلك الكلمات التامات وهل يكفينا جهد العلماء السابقين ومن تبعهم من المعاصرين فنقف عند ذلك والله يدعي وهو الحق بأن كلماته في هذا القرآن لو كتبت بماء البحار مضاعفة لاستنفذت البحار قبل أن تستنفذ تلك الكلمات، وبهذا علمنا أن ما جاء به العلماء أثابهم الله لا يعد نقطة في ذلك البحر، فعلينا أن نمخر عبابه بحثاً عن لبابه وعلومه فنحن خير أمة أخرجت للناس.
وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jul 2004, 09:50 م]ـ
أخي الحبيب السبط وفقه الله.
سارت مشرقةً وسرت مغرباً * شتان بين مشرق ومغربِ!
هناك - فيما يبدو لي - خلل في الفهم، فلعلك تراجع معنى الآيات التي ذكرتها، ووجه الاستدلال الذي ذهبت بها إليه وفقك الله. فنفي الشاعرية عن الرسول وذم الشعر القبيح لا يعني أكثر من ذلك، وليس دليلاً على ذم الشعر مطلقاً والأمر في هذا يطول.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Jul 2004, 11:20 م]ـ
قل السيوطي في الإتقان 2/ 55:
قال أبو بكر الأنباري: قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيراً الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر وأنكر جماعة لا علم لهم على النحويين ذلك.
وقالوا: إذا فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلاً للقرآن.
قالوا: وكيف يجوز أن يحتج بالشعر على القرآن وهومذموم في القرآن والحديث.
قال: وليس الأمر كما زعموه من أنا جعلنا الشعر أصلاً للقرآن بل أردنا تبيين الحرف الغريب من القرآن بالشعر لأن الله تعالى قال إنا جعلناه قرآناً عربياً وقال بلسان عربي مبين
وقال ابن عباس: الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فلتمسنا معرفة ذلك منه.
ثم أخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب
وقال أبو عبيد في فضائله: حدثنا هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عتبة عن ابن عباس أنه كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر.
قال أبو عبيد: يعني كان يستشهد به على التفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[26 Jul 2004, 11:58 م]ـ
رأى المستشرق الانجليزي Wansbrough ( ودراسته حول القرآن لم تزل موضوع الحوار والنقاش الحد الى يومنا هذا) عدم وجود الشعر لتفسير ألفاظ معينة في كتب التفسير. طبعا في هذا القول نظر!
ان الشواهد بالشعر في تفسير الطبري (مثلا) كثيرة جدا فلم ير المفسرون في ذلك بأسا أو عيبا. فأقدم المصادر بين يدينا هو تفسير ابن وهب الذي يذكر الشعر لتوضيح ألفاظ القرآن مثل:
عزين
فومها
ردءا
بالساهرة
ويرى المستشرق المذكور أن الأخذ بأبيات الشعر من أجل توضيح بعض الألفاظ القرآنية وتفسيرها غير وارد الا في بداية القرن الثالث الهجري. وفي هذا الكلام نظر في طبيعة الحال. انّ القدماء لم يروا بأسا في تفسير غرائب القرآن بالشعر.
وفي كتاب الشعر والغناء من الجامع لابن وهب حديث عن عائشة:
الشعر كلام فمنه حسن ومنه قبيح. فخذ بالحسن وضع القبيح.
(أنظر أيضا: فتح الباري , ج 10 , ص 539 والسنن الكبرى للبيهقي (طبعة الهند) , ج 10 , ص 239 و240 وغيرها).
على حد علمي ليست هناك دراسة مفصلة وشاملة تتناول هذه الظواهر في كتب التفسير: استخراج أبيات الشعر من التفاسير وتوثيقها في كتب الشعراء لفظا ومعنى من أجل تفسير غرائب القرآن.
موراني
ـ[السبط]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:57 م]ـ
الأخ الدكتور عبدالرحمن وفقك الله وشكر لك التفاتتك الطيبة
أتفق معك على ما أوردت وإن ما أردتُ من إيراد تلك الآيات هو ما ذكرتَ في مشاركتك فقلتَ (وليس دليلا على ذم الشعر مطلقاً) ما يعني أن في الشعر مذموماً ومحموداً وقلتُ (فهل يعرض الصدق الصرف على ما يحتمل خطؤه) ...
كما أننا ونحن نفسر شعر الشعراء نعقب عليه بقولنا والمعنى في قلب الشاعر وذلك أننا برغم اتباعنا للغتنا العربية والتي هو يكتب على أسسها وبكلماتها لا نستطيع الجزم بمراده في بيت من الأبيات أو حتى في كامل القصيدة، وقد نفسر قوله على غير ما أراد، فلو كان الشاعر موجوداً لكفانا عناء التفسير، ونحن نقول عند تفسير القرآن والله أعلم ولكن الله حاضر (وهو معكم أينما كنتم) فسؤال الله عن مراد الآيات والاجتهاد لتحصيل ذلك أدعى لنيل العلم بها.
أسأل الله لي ولك وللمؤمنين التوفيق والسداد.
الأخ د. هشام عزمي وفقك الله وسددك إلى صراطه المستقيم
صدقت فيما نقلته، وأؤكد على ما قلت ونقلت ولكن ما أردته من طرحي يكمن في الإجابة بأمانة على مثل هذه الأسئلة:
1 - هل من المحتمل أن يستطيع أحد أو أكثر أن يمحو كتاب الله العزيز من الوجود؟ والإجابة لا بالمطلق لوعد الله تعالى بحفظه.
2 - هل من المحتمل أن يستطيع أحد أو أكثر أن يمحو كل كتب التاريخ والحديث واللغة والتفسير من الوجود؟ فما هي الإجابة برأيك؟ أما أنا فأرى ذلك ممكناً ولو بنسبة ضئيلة.
3 - فإذا احتملنا ذلك، فهل سيبقى القرآن حجة في ذاته على الناس بدون وجود تلك الكتب والمصادر؟
فإن قلنا لا وقعنا في محذور.
وإن قلنا نعم ثبت لنا استقلال القرآن العظيم عن الحاجة لما يوضِّحه من غيره من الكتب مهما كانت درجة الثقة بها وبصاحبها، فإن عجزنا عن علمه فليس لأنه يحتاج إلى شرح معاني كلماته وإنما لقصور في إيماننا الذي منع أن نفقه كتاب ربنا (لا يمسه إلا المطهرون)
علينا بصدق أن نطهر قلوبنا من آفاتها حتى نكون أهلا لفقه كتاب الله العزيز (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا)
ولك جزيل الشكر على ما أوردت
الأخ أهل القيروان وفقك الله وزاد في علمك وفهمك
أشكر لك مشاركتك وأرجو أن أصل بهذه الكلمات التاليات إلى أوضح فهم للفكرة، فإن القرآن كما أنزل الله (فيه تبيان لكل شيء) (وكل شيء فصلناه تفصيلا) في الكتاب وليس في غيره (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً) وقد مضى من القرون ما يكفي لنعلم أن الطريقة التي تناول بها الأولون القرآن ليست الأنجع فأين العلم الذي يَعِدُ به القرآن وأين العلم الذي أخرجناه منذ بدأنا في التدوين، فأيهما أولى بأن يلفت أنظارنا إليه أما يدعيه القرآن من غزارة العلم المكنون فيه؟ أم ما جاء به الأولون مشكورين وليس إلا نقطة في ذلك البحر الخضم؟
أما أنا فآخذ بالأولى وأسترشد بالثانية ولسان حالي (رب زدني علماً) رب علمني من لدنك علماً وفقهني في كتابك واجعلني ممن يقبل الحق كيف ما كان وأينما وجد حتى وإن خالف بعض ما تعلمت.
والله أعلم وعليكم مني السلام(/)
ما وجه العطف في الأية
ـ[عبدالرحمن الجزائري]ــــــــ[21 Jul 2004, 06:43 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف يوجه العطف في قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني و القرآن العظيم)
افيدونا ماجورين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jul 2004, 01:52 ص]ـ
أخي وفقك الله:
المقصود بالسبع المثاني هي سورة الفاتحة للحديث الصحيح الوارد في ذلك عن أبي هريرة وأبي بن كعب وغيرهما رضي الله عنهم.
وعطف (القرآن) على (السبع المثاني) من باب عطف الكل على الجزء، أو عطف الكل على البعض. فالسبع المثاني هي بعض القرآن الكريم. وفي هذا إشارة إلى فضل سورة الفاتحة، فقد أفردت بالذكر لفضلها، وسميت بذلك لكونها تثنى وتكرر في الصلاة وقيل في تسميتها بذلك غير ذلك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jul 2004, 06:40 ص]ـ
معرفة نوع العطف في الآية متوقف على المراد بالقرآن العظيم.
جاء في زاد المسير لابن الجوزي:
(قوله تعالى: {والقرآن العظيم} يعني: العظيم القدر، لأنه كلام الله تعالى، ووحيه.
وفي المراد به هاهنا قولان.
أحدهما: أنه جميع القرآن. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والضحاك.
والثاني: أنه الفاتحة أيضا، قاله أبو هريرة، وقد روينا فيه حديثا في أول تفسير الفاتحة.
قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول، يكون قد نُسق الكل على البعض، كما يقول العربي: رأيت جدار الدار والدار، وإنما يصلح هذا، لأن الزيادة التي في الثاني من كثرة العدد أشبه بها ما يغاير الأول، فجوز ذلك عطفه عليه.
وعلى القول الثاني، نسق الشيء على نفسه لما زيد عليه معنى المدح والثناء، كما قالوا: روي ذلك عن عمر، وابن الخطاب. يريدون ابن الخطاب: الفاضل العالم الرفيع المنزلة، فلما دخلته زيادة، أشبه ما يغاير الأول، فعطف عليه.) انتهى
والقول الراجح الذي تؤيده الأدلة من السنة النبوية أن المراد بالقرآن العظيم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ} هو الفاتحة
وقد بحثت تفسير هذه الآية بالتفصيل هنا:
وقفات مهمة مع قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1106&highlight=%C7%E1%E3%CB%C7%E4%ED+%E6%C7%E1%DE%D1%C2 %E4+%C7%E1%DA%D9%ED%E3)(/)
من مهمات التفسير: معرفة عرف القرآن والمعهود من معانيه واستعمالاته
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jul 2004, 05:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من الضوابط المهمة التي لابد منها للمفسر حتى يتمكن من تفسير القرآن والكشف عن معانيه بالطريقة الصحيحة:
معرفة عرف القرآن والمعهود من معانيه واستعمالاته؛ فإن للقرآن عرفاً يختص به وطريقةً يتمّيز بها سواء كان ذلك في استعمال الألفاظ لمعانٍ معينة أو في التركيب والأساليب التي يتميّز بها. وسواء أكان الاستعمال استعمالاً أغلبياً – بأن كانت الكثرة الكاثرة من الاستعمال متفقةً في دلالتها على معنى واحد أو مطرداً بأن يكون الاستعمال في جميع المواد متفقاً على معنى واحد أو عادة في أسلوب القرآن) [من " قواعد الترجيح " للدكتور حسين الحربي بتصرف (1/ 172)] ..
ومما يدل على أهمية هذا الضابط في التفسير أن بعض العلماء جعله مرجعاً يرجع إليه لمعرفة الصحيح من الأقوال عند تعارضها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وهو يتكلم عن تفسير التابعين: (فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجةً على بعض، ولا على مَن بعدهم، ويُرجع في ذلك على لغة القرآن أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك) اهـ[من " مقدمة التفسير " (ص92)].
وتبعه على هذا ابن كثير في " مقدمة التفسير ".
فمراد ابن تيمية بقوله: (لغة القرآن) أي المعاني الشرعية للألفاظ التي جاءت في القرآن مع أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب، إلا أن وجدناه استعمل ألفاظاً عربية في معانٍ لم يعرفها العرب من قبل، تصرّف فيها كما تصرف العرب فيها. [ينظر كتاب: " لغة القرآن الكريم " للدكتور عبد الجليل عبد الرحيم فقد عقد فصلاً فيه بعنوان: المعاني الجديدة التي جاء بها القرآن الكريم مستعملاً لغة العرب، (من ص365 - 402) .. ]
ومن هنا تظهر أهمية معرفة عرف القرآن في استعماله للألفاظ والأساليب، لأنها مقدمة على المعاني العرفية والمعاني اللغوية.
ولذلك ذكر العلماء هذه الأمور، فذكروا أنواعاً ثلاثة من الحقائق للألفاظ:
الحقيقة الشرعية، والحقيقة العرفية، والحقائق اللغوية وجعلوا لها قواعد معروفة في كتب الأصول.
(والقاعدة في هذا: أن الأصل تقديم الحقيقة الشرعية في تفسير نصوص الشرع ما لم يأت ما يدل على تقديم الحقيقة اللغوية أو العرفية.
فإن لم يكن للفظ معنى شرعي، قدمت الحقيقة العرفية في تفسيره وبيان المراد منه، ما لم يأت ما يدل على تقديم الحقيقة اللغوية.
فإن لم يكن للفظ معنى شرعي ولا عرفي، فسِّر بحسب اللغة، ولا ينتقل عنه إلى المجاز إلا بقرينة – عند القائلين به) [ينظر كتاب قيم في هذا للشيخ محمد بن عمر بازمول بعنوان: " الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية ".]
جاء في الكتاب "الحقيقة الشرعية ... "ما مختصر: (والقاعدة السابقة ركيزة أساسية لفهم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والإخلال بها يؤدي إلى تحريف الشرع، والانحراف بنصوصه عن معانيها المرادة منها، كما يؤدي الإخلال بهذه القاعدة إلى حدوث الاختلاف والتنازع في أمور، لو عُرفت حقيقتها، وروعي تنوع الاصطلاح فيها، وعُرفت الحقيقة الشرعية لها – لو عرف ذلك؛ لما حصل الاختلاف والتنازع، إلا أن يشاء الله ..
لذلك ينبغي للناظر في القرآن الكريم والسنّة المطهرة أن لا يتسرع في الهجوم على المعنى المراد في النص الشرعي قبل أن تتميز له الحقيقة المرادة من النص الشرعي فعليه وظيفتان:
الأولى: النظر هل لهذا للفظ الوارد في النص الشرعي حقيقة شرعية أم لا؟
فإن وجدت له حقيقة شرعية، تأتي الوظيفة التالية.
الثانية: النظر هل هذه الحقيقة الشرعية مرادة في هذا النص أم أن هناك ما يمنع إرادتها؟ فإن لم يجد ما يمنع من الحقيقة الشرعية في لفظ النص الذي بين يديه فسرّه بها، وإلا، صار بحسب القرينة إلى المعنى العرفي أو اللغوي، كما سبق في القاعدة).
(ولكن كيف يتوصل إلى معرفة الحقيقة الشرعية للألفاظ؟ يتوصل إلى معرفة المعنى الشرعي بإحدى طريقتين:
الأولى: استقراء النصوص الشرعية، وتتبع استعمال اللفظ المراد.
الثانية: استعمال الصحابة وعرفهم للألفاظ؛ إذ الشرع نزل بلغتهم وبعرفهم في الأصل، وهو ما اصطلح عليه: بعرف زمن التشريع).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذكر المؤلف نقولات من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله عليه – تؤيد كلامه وتوضحه وتبينه. ومن ذلك ما قاله شيخ الإسلام – رحمه الله – كتاب الإيمان: (اللفظ إنما يدّل إذا عرف لغة المتكلم التي بها يتكلم، وهي عادته وعرفه الذي يعتاده في خطابه، ودلالة اللفظ على المعنى دلالة قصدية إرادية اختيارية، فالمتكلم يريد دلالة اللفظ على المعنى، فإذا اعتاد أن يعبر اللفظ عن المعنى كانت تلك لغته ولهذا كل مَن كان له عناية بألفاظ الرسول ومرادِه بها عرف عادته في خطابه وتبيّن له من مراده ما لا يتبين لغيره.
ولهذا؛ ينبغي أن يقصد إذا ذكر لفظ من القرآن والحديث أن يذكر نظائر ذلك اللفظ؛ ماذا عنى بها الله ورسوله؟ فيعرف بذلك لغة القرآن والحديث، وسنَّة الله ورسوله التي يخاطب بها عباده، وهي العادة المعروفة من كلامه.
ثم إن كان لذلك نظائر في كلام غيره، وكانت النظائر كثيرة؛ عرف أن تلك العادة واللغة مشتركة عامة لا يختص بها هو - صلى الله عليه وسلم - بل هي لغة قومه، ولا يجوز أن يحمل كلامه على عادات حدثت بعده في الخطاب لم تكن معروفة في خطابه وخطاب أصحابه كما يفعله كثير من الناس، وقد لا يعرفون انتفاء ذلك في زمانه).
ثم ذكر كلاماً مهماً يتعلق بهذا في القياس في اللغة، وذكر أن هذا هو سبب ضلال من ضل من المبتدعة فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله على ما يدّعون أنه دال عليه ولا يكون الأمر كذلك، ويجعلون هذه الدلالة حقيقة وهذه مجاز، كما أخطأ المرجئة في اسم الإيمان جعلوا لفظ الإيمان حقيقة في مجرد التصديق، وتناوله للأعمال مجازاً. اهـ[من كتاب الإيمان (ص110 - 112)]
.
ثم ذكر المؤلف أنه ينبني على ما سبق أمور مهمة:
منها: لا يجوز تفسير القرآن العظيم وحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – على غير تفسير الصحابة والتابعين. [أي بتفسير يأتي على تفسيرهم بالنقض، ويكون مخالفاً له.]
ومنها: تفسير النصوص الشرعية بغير المراد الشرعي فتح لباب الزندقة.
ومنها: أنه ليس كل ما جاز في الإعراب النحوي جاز تفسيراً!!
قال ابن قيم الجوزية – رحمة الله عليه -: (وينبغي أن يفطن هنا لأمر لابد منه، وهو أنه لا يجوز أن يحمل كلام الله عز وجل ويفسّر بمجرّد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام، ويكون كلام به له معنى ما؛ فإن هذا مقام غلظ فيه أكثر المعربين للقرآن؛ فإنهم يفسرون الآية ويعربونها بما يحتمله تركيب تلك الجملة، ويُفهم من ذلك التركيب أي معنى اتفق، وهذا غلط عظيم يقطع السامع بأن مراد القرآن غيره ... ).
ثم ذكر أمثلة، ثم قال: (بل للقرآن عرف خاص ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها، ولا يجوز تفسيره بغير عرفه والمعهود من معانيه فإن نسبة معانيه إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ، بل أعظم، فكما أن ألفاظه ملوكُ الألفاظ وأجلها وأفصحها ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قُدر العالمين، فكذلك معانيه أجل المعاني وأعظمها وأفخمها؛ فلا يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي لا تليق به، بل غيرها أعظم منها وأجل وأفخم، فلا يجوز حمله على المعاني القاصرة بمجرّد الاحتمال النحوي والإعرابي.
ثم قال ابن القيم: (فتدبر هذه القاعدة، ولتكن منك على بال فإنك تنفع بها في معرفة ضعف كثير من أقوال المفسرين وزيفها وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلامه) [من " بدائع الفوائد " بواسطة " بدائع التفسير " (2/ 248 - 249).]
ومنها: بطلان جعل تفسيرات الباطنية والصوفية مرادات في ألفاظ الشرع التي يوردونها مع أن اللفظ لا يدل عليها.
ومنها: (أي الأمور التي تنبني على معرفة هذه القاعدة؛ الحقيقة الشرعية):
أهمية التفسير الموضوعي، حيث يقوم على جمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد من أجل بيان هذا الموضوع، مع الاستعانة في ذلك بالأحاديث المتعلقة بالموضوع.
ومنها: أنّه ليس كل ما جاز لغة جاز تفسيراً وذلك مراعاة لهذه القاعدة، فلا يجوز الهجوم على تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية بمجرّد المعاني اللغوية دون مراعاة كون هذا المعنى اللغوي مراداً شرعياً في النص المراد تفسيره.
ولذلك تجد العلماء – رحمهم الله -: يقولون عند بيانهم لمعنى لفظ شرعي: معناه في اللغة كذا، وفي الشرع كذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (ومما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث، إذا عرف تفسيرها وما اريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يُحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم، ولهذا قال الفقهاء: الأسماء ثلاثة أنواع: نوع يعرف حده بالشرع، كالصلاة والزكاة، ونوع يعرف باللغة، كالشمس والقمر، ونوع يُعرف بالعرف، كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .. } ونحو ذلك ...
فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يراد بها في كلام الله ورسوله، وكذلك لفظ الخمر وغيرها، ومن هنا يعرف معناها، فلو أراد أحد أن يفسّرها بغير ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل.
أما الكلام في اشتقاقها ووجه دلالتها، فذاك من جنس علم البيان وتعليل الأحكام، وهو زيادة في العلم وبيان حكمة ألفاظ القرآن، لكن معرفة المراد بها لا يتفق على هذا) ا هـ[" مجموع الفتاوى " (7/ 286) .. ]
ومما يجدر التنبيه عليه أنه لا يُقال عن المعنى الشرعي إنه معنى اصطلاحي؛ إذ الاصطلاح ما كان عن اجتماع بعض الناس فتصالحوا على معنى ما في لفظ، والمعنى الشرعي ليس كذلك، إنما هو ما نتج عن استقراء الاستعمال الشرعي لذلك اللفظ – وبالله التوفيق -).
أمثلة تدل على أهمية هذا الضابط في تفسير كلام الله ومعرفة الراجح من الأقوال عند تعددها في معنى لفظة أو آية:
1 - الزينة في قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
قال العلامة الشنقيطي – رحمه الله – في تفسيره:"أضواء البيان"، بعد أن ساق أقوال العلماء في المراد بالزينة الظاهرة والزينة الباطنة: (وجميع ذلك راجع في الجملة إلى ثلاثة أقوال:
الأول: أن المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجاً عن اصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها كقول ابن مسعود ومن وافقه: إنها ظاهر الثياب؛ لأن الثياب زينة لها خارجة عن أصل خلقتها، وهي ظاهرة بحكم الاضطرار كما ترى وهذا القول هو أظهر الأقوال عندنا وأحوطها وأبعدها من الريبة وأسباب الفتنة.
القول الثاني: أن المراد بالزينة، ما تتزين به، وليس من أصل خلقتها أيضاً لكن النظر إلى تلك الزينة يستلزم رؤية شيء من بدن المرأة، وذلك كالخضاب والكحل، ونحو ذلك لأن النظر إلى ذلك يستلزم رؤية الموضع الملابس له من البدن كما لا يخفى.
القول الثالث: أن المراد بالزينة الظاهرة بعض بدن المرأة الذي هو من أصل حلقتها، كقول من قال: إن المراد بما ظهر منها الوجه والكفان) ا هـ.
وأما سبب ترجيحه للقول الذي رجحه فهو ما أوضحه بقوله: (وإيضاحه: أن لفظ الزينة يكثر تكراره في القرآن العظيم مراداً به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها، ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء المزين بها كقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}.
وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا}.
وقوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}. وقوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}.
وقوله: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}.
فلفظ الزينة في هذه الآيات كلها يراد بها ما يزين به الشيء وهو ليس من أصل خلقته كما ترى، وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن يدل على أن لفظ الزينة في محل النزاع يراد به هذا المعنى الذي غلبت إرادته في القرآن العظيم .. وبه تعلم أن تفسير الزينة في الآية بالوجه والكفين فيه نطر) ا هـ[وانظر: " قواعد الترجيح " باختصار (1/ 179 - 181).]
2 - ومن الأمثلة – أيضاً – التي تبين أهمية معرفة هذا الضابط وأنه يبطل بعض الأقوال لمخالفتها لمدلوله، ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
رأى بعض من فسّرَها أنها تدل على أن الجبال الآن في الدنيا يحسبها رائيها جامدة: أي واقفة ساكنة غير متحركة وهي تمر مرّ السحاب، وذلك دوران الأرض حول الشمس بل أشاروا إلى أن هذا التفسير هو المتناسب مع الإتقان المذكور بعده {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} وإلا فالقيامة تخريب للعالم لا يتناسب مع الإتقان [ينظر تقرير هذا الكلام في: " تفسير محاسن التأويل " للقاسمي (13/ 89 - 92) وفيه قوة من جهة الاستدلال، فالمسألة تحتاج إلى نظر وتحرير.وقد سبق بحث هذا القول وذكر كلام القاسمي هنا:هل قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة ... ) في الدنيا أم في الآخرة؟ أرجو التعليق ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1938)
قال صاحب كتاب " قواعد الترجيح ": (وهذا القول مردود بهذه القاعدة وذلك أن جميع الآيات التي في حركة كلها في يوم القيامة كقوله تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً. وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً}، وقوله: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً} وقوله: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} وقوله: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}.
فهذه الآيات ونحوها جاء الخبر فيها عن حركة الجبال في يوم القيامة بهذه الآية هي كذلك، كما جاء مطرداً في القرآن – فضلاً عن كونه غالباً) إلخ كلامه (1/ 183).
4 - المراد بالمسجد الحرام في القرآن:
يوجد بحث للدكتور إبراهيم الصبيحي عن هذه المسألة في كتابه: " المسائل المشكلة في مناسك الحج والعمرة " وهذا مختصرٌ لما ذكره فيها:
(ورد ذكر المسجد الحرام في كتاب الله تعالى خمس عشرة مرة وهو في جميع هذه الآيات معرفاً موصوفاً، وقد اختلف العلماء في المراد به، وهذه مجموعة من أقوال العلماء في ذلك:
قال الماوردي: كل موضوع ذكر الله فيه المسجد الحرام فهو الحرم إلا قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فهو نفس الكعبة.
وقال الإمام القرطبي – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}: وهذا اللفظ يطلق على جميع الحرم، وهو مذهب عطاء، فإذا يحرم تمكين المشرك من دخول الحرم أجمع.
وقال ابن القيم – رحمه الله – في سياق كلام له عن غزوة الفتح: ( ... قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} الآية والمسجد الحرام هنا المراد به الحرم كله، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فهو المراد به الحرم كله، وقوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} وفي الصحيح: أنه أسرى به من بيت أم هانئ [في كلام ابن القيم هنا نظر في قوله: (وفي صحيح) ذكره محقق كتاب زاد المعاد] وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وليس المراد به حضور نفس موضع الصلاة اتفاقاً، وإنما هو حضور الحرم والقرب منه) إلخ كلامه.
وقد أورد المؤلف نقولاً أخرى تتعلق بهذه المسألة ثم قال: (قلت: هذه نصوص أهل العلم، والمسألة خلافية كما ترى، إلا أن الظاهر أن المراد به عموم الحرم؛ لأن اسم المسجد الحرام إذا أطلق في القرآن فالظاهر أنه يراد به العموم كما سبق نقل ذلك عن العلامة ابن القيم – رحمه الله – وإن أصرح الآيات في ذلك قول الله تعالى:
1 - {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ}.
2 - وقال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
فهذه الآيات دالة على أن المراد بالمسجد الحرام الحرم كله، وممن ذهب إلى هذا – أيضاً – الإمام ابن حزم – رحمه الله – فقد أطال في الاستدلال على هذا (ثم ذكر المؤلف كلامه في هذا) وينبني على هذا أن الصلاة في الحرم كله مضاعفة وأنها بمائة ألف صلاة فيما سواه لما ثبت أن صلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي –صلى الله عليه سلم- (وفي هذه المسألة خلاف أيضاً).
(ويدخل تحت هذا جلُّ ما ذكره المفسرون من الكليات؛ لأن جلها أغلبي لا كلي مطرد إلا القليل منها. فيحكونها كلية لأجل ترجيحهم في موضع التنازع لما غلب استعماله في أكثر المواضع ومن ذلك قول ابن القيم مثلاً: النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب.اهـ مع أن الخلاف في آية الواقعة (75) معلوم وقد ذكره ابن القيم – أيضاً -.
وقد ذكر ابن فارس في كتابه " الأفراد" جملة من الكليات في التفسير نقلها عنه الزركشي والسيوطي وزاد عليها جملة وافرة.
وذكر الراغب الأصفهاني في " المفردات " جملة منها واهتم بالأسلوب أكثر من غيره (ذكرها المحقق صفوان داوودي في الفهارس: " فهرس القواعد الكلية في التفسير ".
واهتم بها – أيضاً – الكفوي في كلياته، وذكر المفسرون في مواضع متناثرة جملة منها) [من كتاب: " قواعد الترجيح " (1/ 184 - 185).] ومن ذلك:
1 - قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار: كل شيء في القرآن أو كذا أو كذا فصاحبه بالخيار أيّ ذلك شاء فعل. ا هـ[" جامع البيان " (2/ 237].
2 - ومنها قول ابن زيد: التزكي في القرآن كله: الإسلام. ا هـ[" جامع البيان " (30/ 39).]
3 - ومنها قول قتادة: حيثما ذكر الله الخير في القرآن فهو المال. ا هـ.
ولمعرفة المزيد من الأمثلة ينظر كتاب:"الحقيقة الشرعية" لمحمد بن عمر بازمول.
حرر عصر الخميس 5 جمادى الآخرة 1425هـ في مدينة الرياض.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Aug 2004, 07:14 ص]ـ
وسأذكر - إن شاء الله - أمثلة تطبيقية متتابعة لهذه القاعدة:
من الأمثلة ما جاء في تفسير قول الله نعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} (الحديد: من الآية20)
قال ابن القيم في سياق كلام له عن هذه الآية: (ثم أخبر سبحانه عن مصير الدنيا وحقيقتها، وأنها بمنزلة غيث أعجب الكفار نباته، والصحيح - إن شاء الله - أن الكفار هم الكفاربالله، وذلك عرف القرآن حيث ذكروا بهذا النعت في كل موضع، ولو أراد الزراع لذكرهم باسمهم الذي يعرفون به، كما ذكرهم به في قوله: " يعجب الزراع ".
وإنما خص الكفار به، لأنهم أشد إعجاباً بالدنيا، فإنها دارهم التي لها يعلمون ويكدحون، فعهم أشد إعجاباً بزينتها وما فيها - من المؤمنين.) [عدة الصابرين ص281]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Aug 2004, 03:02 م]ـ
جاء في كتاب المغني في الفقه لابن قدامة ما نصه:
(وعرف القرآن فيما أريد به التخيير البداية بالأخف ككفارة اليمين، وما أريد به الترتيب بدئ فيه بالأغلظ فالأغلظ ككفارة القتل) هنا ( http://membres.lycos.fr/makuielys/3/fiqh/6.htm)
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[20 Aug 2004, 11:28 م]ـ
أحسن الله إليك يا أبا مجاهد على هذا التنبيه المهم، وقد أشار ابن عاشور في المقدمة العاشرة من مقدمات تفسيره التحرير والتنوير إلى هذه المسألة بعنوان: عادات القرآن، ومما قاله: (يحق على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه، وقد تعرض بعض السلف لشيء منها، فعن ابن عباس: كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر، وذكر ذلك الطبري عن الضحاك أيضاً. وفي صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال: قال ابن عيينة: ما سمى الله مطراً في القرآن إلا عذاباً، وتسميه العرب: الغيث كما قال تعالى: "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا". وعن ابن عباس أن كل ما جاء من "يا أيها الناس" فالمقصود به أهل مكة المشركون). وللحديث بقية ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Aug 2004, 11:16 م]ـ
قال ابن القيم رحمه الله: (فعرف القرآن من أوله إلى آخره في الذين أوتوا الكتاب أنهم أهل الكتابين خاصة وعليه إجماع المفسرين والفقهاء وأهل الحديث.) كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 2، صفحة 813.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[25 Aug 2004, 12:47 م]ـ
قال ابن عاشور في تفسيره 1/ 125: (وقد استقريت بجهدي عادات كثيرة في اصطلاح القرآن سأذكرها في مواضعها، ومنها: أن كلمة "هؤلاء" إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة، كقوله تعالى: "بل متعت هؤلاء وآباءهم" وقوله: فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين").
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Aug 2004, 10:14 ص]ـ
ومما له صلة بالموضوع ما ذكره ابن القيم في تفسير النجوم في قول الله تعالى: (فلا أقسم بمواقع النجوم) قال:
(وقد اختلف في النجوم التي أقسم بمواقعها؛ فقيل: هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئا بعد شيء وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عطاء وقول سعيد بن جبير والكلبي ومقاتل وقتادة.
وقيل النجوم هي الكواكب ومواقعها مساقطها عند غروبها هذا قول أبي عبيدة وغيره.
وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن، ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) وقال (والنجم إذا هوى) وقال (فلا أقسم برب المشارق والمغارب).
ويرجح هذا القول أيضا أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى (وإدبار النجوم) وقوله (والشمس والقمر والنجوم).) انتهى من كتاب التبيان في أقسام القرآن، الجزء 1، صفحة 137.
تنبيه: سمعت من الدكتور زغلول النجار أن علماء الفلك مجمعون على أن النجوم غير الكواكب، وأن التسوية بينهما خطأ علمي كبير. [انتهى ما أفدته من النجار]
والفرق بينهما: أن النجوم أجسام غازية ملتهبة ينبعث منها ضوء وحرارة وهي بعيدة جدا عن الأرض0
و الكواكب: أجسام كروية معتمة وباردة تستمد الضوء والحرارة من النجم الرئيس الذي تدور حولة 0
تذييل: مما يؤخذ على بعض طلبة العلم أنهم يستقون معلوماتهم المتعلقة بالعلوم الكونية أو الطبية من مراجع متقدمة، رغم تطور العلم الحديث في هذه المجالات.
ومن باب الاستغراب أذكر أن خطيب مسجدنا وفقه الله يخطب في بداية الشتاء خطبة عن الشتاء وما يحصل فيه من تغيرات، وينقل خطبته من كلام لابن القيم رحمه الله، وكثير من المعلومات التي يذكرها لو سمع بها طبيب متخصص لتعجب كثيراً؛ لأن أكثرها لم يعد له مصداقية بعد تطور علم الطب.
وقد ذكر الطبيب على عامر ياسين [وهو مهتم بالعلم الشرعي، ومحقق متقن] شيئاً من المعلومات الطبية التي اشتمل عليها كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي، والطب الحديث يبطلها، ولا يقرها. كما في تحقيقه الجيد للكتاب المذكور.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2005, 02:58 ص]ـ
ومن الأمثلة على أهمية معرفة عرف القرآن وعادته ما أورده ابن القيم عند تفسيره للقسم في قول الله تعالى: {فلا أقسم بالخنّس * الجوار الكنّس} حيث ذكر أنه قد قيل في تفسير الخنس هنا: إنها بقر الوحش والظباء، ثم ذكر أن هذا التفسير غير ظاهر لوجوه، ومنها قوله:
(أنه ليس بالبين إقسام الرب تعالى بالبقر والغزلان، وليس هذا عرف القرآن ولا عادته، وإنما يقسم سبحانه من كل جنس بأعلاه، كما أنه لما أقسم بالنفوس أقسم بأعلاها، وهي النفس الإنسانية، ولما أقسم بكلامه أقسم بأشرفه وأجله، وهو القرآن. ولما أقسم بالعلويات أقسم بأشرفها وهي السماء، وشمسها وقمرها، ونجومها. ولما أقسم بالزمان أقسم بأشرفها، وهو الليالي العشر. وإذا أراد سبحانه أن يقسم بغير ذلك أدرجه في العموم، كقوله " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون " وقوله "الذكر والأنثى" في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك.) انتهى من كتابه: التبيان في أقسام القرآن.
ـ[أخوكم]ــــــــ[05 Feb 2005, 07:41 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك
ولعل موضوعك هذا يكون عمدة
فجزاك الله كل خير
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[07 Feb 2005, 10:29 ص]ـ
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: إن المعهود استعمال الختم على القلب في شأن الكفار في جميع موارد اللفظ في القرآن كقوله:
(ختم الله على قلوبهم) , وقوله: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة) ونظائره.
التبيان في أقسام القرآن - ج1/ص116
ـ[أخوكم]ــــــــ[28 Feb 2005, 06:55 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لعل تلك القاعدة هي نفسها التي يعبرون عنها بقولهم (تفسير القرآن بالقرآن) وهذا هو عين ما اعتمد عليه الشنقيطي _ رحمه الله _ في تفسيره: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Feb 2005, 07:12 ص]ـ
أخي " أخوكم " تفسير القرآن بالقرآن أعم من هذه القاعدة ....
فهي نوع من أنواعه ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Dec 2005, 08:18 ص]ـ
اعتنى ابن عاشور في تفسيره بهذا النوع من بيان القرآن، وأطلق عليها: " مصطلح القرآن "
ومن أقواله في ذلك:
1 - (فالمراد بـ {النَّاسِ}: أهل مكة جرياً على مصطلح القرآن في إطلاق هذا اللفظ غالباً.) قال هذا عند تفسيره للناس في قول الله تعالى: ? وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ? (الفتح: من الآية20)
2 - (والأجر: الثواب في الآخرة كما هو مصطلح القرآن.) في تفسير قول الله تعالى: ? إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ? (الزمر: من الآية10)
3 - (و {هَؤُلاَءِ} إشارة إلى غير مذكور في الكلام، وقد استقريْتُ أن مصطلح القرآن أن يريد بمثله مشركي العرب، ولم أر من اهتدى للتنبيه عليه ... ) عند تفسير قول الله تعالى: ? بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ ? (الزخرف:29)
4 - (والكفُر: الإشراك بالله كما هو مصطلح القرآن حيثما أطلق الكفر مجرداً عن قرينة إرادة غير المشركين.) في تفسير قول الله تعالى: ? الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ? (محمد:1)
5 - (و (عَبْد) المضاف إلى ضمير الجلالة هنا هو محمد كما هو مصطلح القرآن، فإنه لم يقع فيه لفظ العبد مضافاً إلى ضمير الغيبة الراجع إلى الله تعالى إلا مراداً به النبي .. ) في تفسير قول الله تعالى: ? سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ... ? (الاسراء: من الآية1)
تنبيه: كما يطلق ابن عاشور هذا المصطلح على عرف القرآن؛ فإنه يطلقه أحيانأ على مبتكرات القرآن. وقد سبق إفرادها بموضوع هنا مبتكرات القرآن. هل سبق ابن عاشور أحدٌ في الاهتمام بها؟! ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3239&highlight=%E3%C8%CA%DF%D1%C7%CA)
حرر صباح الجمعة 7 - 11 - 1426هـ في مدينة القاهرة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Mar 2006, 01:44 م]ـ
هذا مقال عن مصطلحي الغلبة والنصرفي القرآن للأستاذ إبراهيم الباش
لعل في إخبار القرآن الكريم عن حوادث غيبية مستقبلية مظهراً مهما من مظاهر التحدي القرآني، ولا يخفى ما في ذلك من إثبات لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة، وتسلية وتصبير لقلوب المؤمنين وهم في مرحلة الاستضعاف من جهة أخرى، وهم لا يزالون في مكة ولم تتعد الدعوة الإسلامية حدودها بعد. فكيف إذا كان ذلك يدور في إطار النصر والظفر لعباد الله على من يحيط بهم من المشركين وغيرهم من الدول المتصارعة، التي اضمحلت قوتها فيما بعد أمام ميزان القوى المعنوية التي يتمتع بها المؤمنون الصادقون، وأمام أخبار قاطعة يقينية جسدتها فواتح سورة الروم وهي تؤكد نصراً مبيناً للمؤمنين بقوله تعالى: (ألم، غلبت الروم، في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) "الروم: 1 ـ 7".
إنها آيات بينات سيقت في معرض تصبير المسلمين وتسليتهم عما لاقوا من أذى قريش والأهم من ذلك للنظر حولهم خارج مكة وإلى المسرح الدولي وقواه الفاعلة وتهيئة أنفسهم للانخراط فيه والمشاركة بصنعه وقد افتتحت بهذا التقرير المتحقق (غلبت الروم) وذلك بعد أن كانت الفرس والروم أقوى أمم الأرض آنذاك، وكان يقوم بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة، والروم اسم أطلقه العرب على البيزنطيين ويطلق اليوم على المسيحيين الشرقيين من كاثوليك وأرثوذكس، وقد كان بين فارس والروم قتال ضار، واحتربوا بين أذرعات وبصرى فغلبت فارس الروم، فبلغ ذلك مكة فشق على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، لأن فارس كانت مجوساً يعبدون النار لا كتاب لهم، والروم أهل كتاب ينتسبون إلى الإنجيل
(يُتْبَعُ)
(/)
وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس، ففرح المشركون بهذه الغلبة وشمتوا وقالوا للمسلمين: لقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم ولنظهرن عليكم فنزلت الآيات تصبيراً واستبشاراً للمؤمنين وقطعاً بوعد لن يخلف.
وقد صدرت الآيات بقوله تعالى، (غلبت الروم في أدنى الأرض) ويلفت النظر ههنا الإبهام والإستتار في الفاعل الحقيقي للغلب وهو الله عز وجل، وفي هذا دلالة واضحة إلى أن أسباب الغلب راجعة إليه لا إلى سواه، وفي هذا تفخيم لشأنه وقدره النافذ.
والملاحظ تأكيد القرآن على البعد المكاني (أدنى الأرض) وربما ناسب ذلك ما حصل للروم من انتكاس، ولا يبعد أن يكون (أدنى الأرض) معنوياً يتصل بما نتج عن ذلك من إذلال وانهزام مؤقت.
ثم يؤكد السياق القرآني بما لا يدع مجالاً للشك وهم من بعد غلبهم سيغلبون (في بضع سنين) إنه تقرير صارم لا مرد له، فالآية تدل على أن الروم سيقومون من بعد غلبهم أشد عوداً وأصلب قوةً من ذي قبل وسيغلبون عدوهم الفرس، وجاء تحديد المدة والبعد الزماني في هذا الصراع ـ من خلال استعمال حرف السين وهو حرف استقبال (سيغلبون) فلم يقل (سوف يغلبون) فالمدة أقصر مما يتصور حيث أن السين تشير إلى المستقبل القريب المنتظر، وفضلاً عن هذه الدلالة يأتي التصريح بالمدة الوجيزة في قوله "في بضع سنين" وكلمة بضع من ألفاظ العدد المحصورة بين الثلاث والتسع على ما يقرره علماء اللغة.
ولا ريب أن تراوح المدة في هذا العدد القليل من السنين، فيه إدخال للرهبة في قلوب المشركين في كل وقت، وأن زهوهم بأنفسهم واعتدادهم بقوتهم أمام الصحابة ليس إلا لحين يطول أو يقصر، ولكنه آيل إلى الانتهاء، ومفض إلى العاقبة الحتمية وهي الارتداد والانتكاس، فلا يخفى ما في الآية من تهديد سيُبقي المشركين من الفرس في ذعر وخوف وتوجس، ولو أن الفرس غلبوا في أول سنة ولم يكن ذلك في بضع سنين لهان الأمر، ولكنهم توعدوا بأمر لا يدرى، فهو في (بضع سنين) وهذا أشد من أن يأتي الأمر ويمضي دون تريث.
ولا شك أن إخبار القرآن بهذا الغيب المستقبلي هو دليل قاطع على التحدي القرآني في باب الإخبار عن الغيب وما يشتمل عليه المستقبل من حوادث سيكون لها تأثيرها على مسرح التاريخ الدولي آنذاك، ومن وجه آخر فإن قوله: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) فيه إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لأن الإخبار عن الغيب لا يكون إلا بوحي.
وتتوالى السنون، ويتحقق وعد الله بغلبة الروم على الفرس في بضع سنين ولكن السياق القرآني يأبى إلا أن يربط ذلك بمسبب الأسباب (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله).
فالله عز وجل كامل السلطان والتدبير وكل الأسباب لا تكون إلا بأمره (لله الأمر) وقدم المتعلق (لله) على لفظ (الأمر) ليفيد ذلك الحصر والاختصاص وجاء لفظ الأمر معرفاً ليفيد ذلك استغراق الأمور أي كل الأمور أمرها إلى الله.
(ويومئذ يفرح المؤمنون) أي يوم إذ يغلب الروم الفرس يفرح المؤمنون بنصر الله وجاء الفرح بصيغة فعلية (يفرح) ليدل ذلك على الفعل الحركي والتجدد المستمر للفرح وانطلاقته بحسب مجريات الأحداث القادمة التي تبشر بها الآية.
والآيات السابقة آيات مكية نزلت في مرحلة الاستضعاف، فالراجح أنها نزلت قبل الهجرة بخمس سنوات، والآيات المكية لا شك هي أحوج ما تكون إلى تتبع المرحلة والظرف التاريخي اللذين ترعرعت بهما الدعوة الإسلامية، فقد تزامن نصر أهل الكتاب على المشركين بنصر المسلمين على المشركين يوم بدر في السنة الثانية للهجرة، من أجل ذلك"يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله"، فلا بأس أن يفرح المؤمنون بانتصار الأعداء على بعضهم إذا التقى ذلك مع المصلحة العليا للمسلمين، فضرب المشرك بالمشرك أو الكافر بالكافر سنة إلهية قد يكون لها حكمتها في نصرة الفئة المؤمنة (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، وحتى لو كان المقصود بالنصر في الآية نصر المسلمين في بدر على مشركي العرب من قريش فإن غلبة الروم على المشركين يصب في كفة الإسلام ودعوته على أي حال.
(يُتْبَعُ)
(/)
والقرآن الكريم لم يقف بالمسلمين عند هذا الوعد ولا في حدود هذا الحادث، إنما كانت هذه مناسبة لينطلق بهم إلى آفاق أبعد، وآماد أوسع من ذلك الحادث الموقوت كي يربط دائماً وأبداً بين سنة الله في نصرة العقيدة السماوية والحق الذي قامت عليه السماوات والأرض وما بينهما من أجل الخروج من عزلة المكان والزمان والحادث إلى فسحة الكون كله ماضيه ومستقبله وحاضره.
ولعل هذه الحقيقة البارزة هي التي يغفل عنها الكثيرون في زماننا، ولا يهتمون لشأنها كما اهتم بها الأوائل في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم منذ حوالي أربعة عشر قرناً، ومن ثم ينحصرون داخل حدود جغرافية وجنسية ولا يدركون أن القضية في حقيقتها هي قضية الكفر والإيمان، وأن المعركة في صميمها هي المعركة بين حزب الله وحزب الشيطان.
وعند التأمل في السياق القرآني السابق نرى أن الغلبة التي هي القهر والتمكن نسبت إلى المخلوقين مع العلم يقيناً أن أمرها إلى الله ومنه (غلبت الروم) (سيغلبون) وفي سياقات أخرى أيضا من القرآن الكريم كقوله تعالى (وإن جندنا لهم الغالبون) "القصص: 173".
وقوله تعالى: (ونصرناهم فكانوا هم الغالبين) "الصافات: 116".
وقوله تعالى: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) "البقرة: 249".
أما استقراء آيات النصر فإن النصر في القرآن نسب في أغلب وروده لله عز وجل في أكثر من أثنين وثلاثين موضعاً في القرآن منه قوله تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح) "النصر: 1"
وقوله تعالى: (حتى أتاهم نصرنا) "الأنعام: 34".
وقوله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) "الروم".
إلى غير ذلك من المواضع التي نسب فيها النصر إلى الله عز وجل، ولعل في هذا تفريقاً واضحاً بين مصطلح (الغلب) ومصطلح (النصر) فالمتأمل في سياقات الآيات يرى بجلاء أن ظهور الكافرين على المؤمنين أو ظهور الكافرين على الكافرين من أمثالهم لا يسمى في عرف القرآن نصراً بل يسمى غلباً وهو ظهور لغير المسلمين وهذا الظهور والغلب قد لا يقتضي الديمومة والاستمرارية من جهة، ومن جهة أخرى قد لا يقتضي تحصيل ثمرات مباشرة تجنيها الفئة المسلمة المؤمنة بل هي ثمرات بعيدة المدى مثلما حصل مع المسلمين في إجتناء ثمار يانعة فيما بعد، من جراء اصطراع أكبر إمبراطوريتين كانتا تحكمان الأرض في تلك الفترة.
أما ظهور المؤمنين على غيرهم فهو الظهور الذي له شأن عظيم فيسميه الله عز وجل نصراً، وهو نصر سرعان ما يؤتي أكله ولا سيما أن نتائج هذا النصر قد ظهرت في معركة بدر الكبرى، فإضافة النصر إلى الله في القرآن الكريم لا يكون إلا إذا كان هذا النصر مقترناً بنصر الفئة المؤمنة الصابرة المجاهدة، ومن وجه آخر فإن نسبة النصر إلى الله في القرآن فيها تنبيه صارخ على أن النصر والعزة والغلبة وكل ما يتمناه المسلمون إنما هو بيد الله، ومن تعلق بمجرد الأسباب فقد وجه لإيمانه طعنةً نجلاء مميتة، فالأسباب كلها تتلاشى أمام قوة الله (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر).
ومن هنا فتحقق النصر للعصبة المؤمنة يتم عن طريق عمل المؤمنين ودورهم في عالم الأسباب على قدر المستطاع مع تسليم الأمر كله لله، ثم نرى (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فهذا من الأمور الغيبية التي أخبر الله عز وجل بها، ولكن فريقاً زاغت بهم السبل فكذبوا بهذا الوعد فهم لا يعلمون عواقب الأشياء بل (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون).
وأما المؤمنون المتيقنون فقد سبق في كتاب الله عز وجل منذ الأزل أن النصر مؤكد لعباده المؤمنين، وأن هذه حقيقة نقرؤها في كتاب الله ونحن نرى مصارع الغابرين الذين وقفوا في وجه الأنبياء استكباراً وعتواً فأباد الله خضراءهم وأتاهم بأس الله من حيث لم يحتسبوا.
(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون، إن في ذلك لبلاغاً لقوم عابدين) "الصافات: 173".
انتهى المقال.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[11 Mar 2006, 08:48 م]ـ
أكرمكم الله أخي ..
قال تبارك وتعالى في سورة العنكبوت: " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) ".
قال ابن عاشور ـ رحمه الله تعالى ـ: " وميَّز " خمسين " بلفظ: " عاماً "؛ لئلا يُكرر لفظ: " سنة " ".
هل يُسوَّغ الاستدراك على قول الإمام الطاهر، بحجة أن (العام) بحسب عادة القرآن الكريم للدلالة على الخير والراحة، و (السنة) للدلالة على النصَب والشقاء؟
بمعنى أنه عليه الصلاة والسلام:
لبث في قومه تسعمائة سنة من الشقاء ..
ثم بعد أن أفناهم الطوفان، لبث في الناجين منهم خمسين عاماً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Mar 2006, 09:48 م]ـ
هل يُسوَّغ الاستدراك على قول الإمام الطاهر، بحجة أن (العام) بحسب عادة القرآن الكريم للدلالة على الخير والراحة، و (السنة) للدلالة على النصَب والشقاء؟
بمعنى أنه عليه الصلاة والسلام:
لبث في قومه تسعمائة سنة من الشقاء ..
ثم بعد أن أفناهم الطوفان، لبث في الناجين منهم خمسين عاماً.
الحكم بأن ما ذكرت في التفريق بين السنة والعام هو عادة القرآن لم يتبين لي، وقد تتبعت المواضع التي جاء فيها ذكر اللفظين فلم يظهر لي صحة هذا التفريق، وإن كانت بعض السياقات تشهد له؛ غير أن الحكم بأنه عادة القرآن المطردة غير ظاهر.
اقرأ مثلاً: (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) (التوبة:126)
(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (الكهف:11)
تتمة: وجدت عدة نقول في التفريق بين السنة والعام، وحتى لا يخرج الحديث هنا عن الموضوع الأصلي، جعلتها في موضوع مستقل هنا: الفرق بين السنة والعام ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=19589#post19589)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Mar 2006, 11:14 م]ـ
قال الله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد:20)
ذكر بعض المفسرين أن المراد بالكفار هنا: الزراع. ولم يرتض ابن القيم هذا التفسير بل عدّه من الأقوال التي يأباها القرآن كل الإباء.
وقد رجح أن المراد بالكفار هنا: الكافرون بالله. قال رحمه الله: (والصحيح إن شاء الله أن الكفار هم بالله، وذلك عرف القرآن حيث ذكروا بهذا النعت في كل موضع، ولو أراد الزراع لذكرهم باسمهم الذي يعرفون به، كما ذكرهم به في قوله: " يعجب الزراع ". وإنما خص الكفار به، لأنهم أشد إعجاباً بالدنيا، فإنها دارهم التي لها يعلمون ويكدحون، فهم أشد إعجاباً بزينتها وما فيها من المؤمنين.) انتهى من كتاب عدة الصابرين.
وقال في موضع آخر: (وهل أطلق سبحانه الكفار في موضع واحد على غير الكافرين به.) الصواعق المرسلة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Apr 2006, 05:26 م]ـ
قال الشيخ أبو بكر الجزائري: (القرية في عرف القرآن المدينة الكبيرة والجامعة.)
أيسر التفاسير للجزائري - (ج 1 / ص 281)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[25 Apr 2006, 05:53 م]ـ
بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله:
وليفتح الباب من جديد بهذا للمدارسة:
جاء في صحيح البخاري في كتاب الصوم: باب فضل ليلة القدر
قالَ ابنُ عُيَينةَ: ماكان في القُرآنِ " وَمَآ أَدْرَاكَ " فقد أعلمَه، وما قال: " وَمَا يُدْرِيكَ " فإِنه لم يُعْلِمْهُ "
إذا تصفحنا المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم نجد هذه النتائج:
- تكررت كلمة " أدراك " في القرآن (13) مرة، كلها تتعلق بيوم القيامة إلا في موضعين، وذلك في قوله تعالى " وَ?لسَّمَآءِ وَ?لطَّارِقِ. وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ?لطَّارِقُ. ?لنَّجْمُ ?لثَّاقِبُ "
[الطارق:1 - 2 - 3]
- و"إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةِ ?لْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ ما لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ. ليلة القدر خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ "
[القدر:1 - 3]
- تكررت كلمة " يدريك " في القرآن (3) مرات، كلها تتعلق بيوم القيامة إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى في حق ابن أم مكتوم رضي الله عنه: " عَبَسَ وَتَوَلَّى?. أَن جَآءَهُ ?لأَعْمَى?. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى?. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ?لذِّكْرَى? " [عبس: 1 - 2 - 3 - 4]
فهل هذه العادة التي ذكرها سفيان بن عيينة صحيحة؟
ـــــــــــــــــــــــــ
يقول الإمام الشاطبي:" من زاول كلام العرب وقف من هذا على علم " الموافقات ص:267
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 09:03 م]ـ
قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}
ما الراجح من القولين في زمن {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} أهو في الدنيا أم في الآخرة؟
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن ذلك في الآخرة، وليس المراد في الدنيا من وجوه سبعة.
ومنها:
(الْخَامِسُ " أَنَّ قَوْلَهُ: {خَاشِعَةً} {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} لَوْ جُعِلَ صِفَةً لَهُمْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ ذَمٌّ فَإِنَّ هَذَا إلَى الْمَدْحِ أَقْرَبُ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ وَصْفٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ عِبَادِ الْمُؤْمِنِينَ وَعِبَادِ الْكُفَّارِ وَالذَّمُّ لَا يَكُونُ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ وَلَوْ أُرِيدَ الْمُخْتَصَّ لَقِيلَ خَاشِعَةٌ لِلْأَوْثَانِ مَثَلًا عَامِلَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ نَاصِبَةٌ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَ هَذَا الْوَصْفِ مُخْتَصًّا بِالْكُفَّارِ وَلَا كَوْنَهُ مَذْمُومًا. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذَمٌّ لِهَذَا الْوَصْفِ مُطْلَقًا وَلَا وَعِيدَ عَلَيْهِ فَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى خُرُوجٌ عَنْ الْخِطَابِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقُرْآنِ.) انتهى من مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 3 / ص 428)
قال الشيخ عطية محمد سالم في تتمته لأضواء البيان تعليقاً على هذا الوجه: (وهذا الوجه من أقواها في المعنى وأوضحها دلالة.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Nov 2006, 09:03 ص]ـ
ومن أمثلة هذا الموضوع ما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله بقوله: (وكذلك لفظ [الكلمة] فى القرآن والحديث وسائر لغة العرب، إنما يراد به الجملة التامة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، وقوله: (إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شىء ما خلا الله باطل)، ومنه قوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5]، وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية [آل عمران: 64]، وقوله تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40]، وأمثال ذلك، ولا يوجد لفظ الكلام فى لغة العرب إلا بهذا المعنى.
والنحاة اصطلحوا على أن يسموا [الاسم] وحده، و [الفعل] و [الحرف] كلمة، ثم يقول بعضهم: وقد يراد بالكلمة الكلام، فيظن من اعتاد هذا أن هذا هو لغة العرب.
وكذلك لفظ [ذوى الأرحام] فى الكتاب والسنة يراد به الأقارب من جهة الأبوين فيدخل فيهم العصبة وذوو الفروض، وإن شمل ذلك من لا يرث بفرض ولا تعصيب، ثم صار ذلك فى اصطلاح الفقهاء اسما لهؤلاء دون غيرهم، فيظن من لا يعرف إلا ذلك أن هذا هو المراد بهذا اللفظ فى كلام اللّه ورسوله وكلام الصحابة، ونظائر هذا كثيرة. .) انتهى.(/)
موقف بعض المستشرقين من التراث المخطوط 3
ـ[موراني]ــــــــ[22 Jul 2004, 09:58 م]ـ
لكي نواصل الحديث حول نشأ التفسير لابن وهب الذي يتمثل جزء من جامعه
أود أن أذكر بمنتهى الايجاز ما جاء في هذه السلسلة تحت هذا العنوان من النتائج:
انّ الأخطاء التي وقع فيها الناسخ تبين لنا أنه اعتمد عند كتابة نسخته في حلقة عيسى بن مسكين بالقيروان (عام 290) على نسختين سابقتين على نسخته:
على كتاب (أي نسخة) سحنون
وعلى كتاب (أي نسخة) عيسى بن مسكين. وهذا الأخير رواية متأخرة على رواية سحنون عن ابن وهب اذ أخذها ابن مسكين من تلاميذ ابن وهب.
هذا , ومن ناحية أخرى ذكرت أنّ هذه الأخطاء المبينة أعلاه ترجع الى خطأ الناسخ ويسمى (بالعبور من سطر الى سطر آخر) عند قراءة الأصل ونسخه.
أما النقاد -وهم بعض المستشرقين الكرام- فلا يهتمون بهذه الظاهرة بل يعتبرون المقابلات المذكورة ضمن المخطوط وفي آخره رواية للنص فقط ويتجاهلون بذلك
وجود النسختين , أي نسخة سحنون عن ابن وهب ونسخة ابن مسكين عن تلاميذ ابن وهب عن ابن وهب. ذلك لاثبات نظريتهم (الخاطئة) ولتأكيدها التي تقول انّ كتابة التفسير وعلومه لا ترجع الا الى القرن الثالث الهجري. وأما ما ينسب الى القرن الثاني الهجري فلا أساس له في رواية العلوم كتابة.
هذا القول يبدو في النظرة الأولى مقبولا , لكن للنظرة الأولى فقط ... اذ ليس لدينا نسخة ولا أوراق متبقية من كتب ابن وهب بخط يده.
لكن لدينا منهجية المقارنة بين النصوص القديمة , وهي معروفة بالأبحاث حول تطورات العلموم في الأدبيات الأوروبية القديمة , ومن هنا وليست غريبة على
من يقوم بدراسات النصوص القديمة .... يونانية (على سبيل المثال) كانت أو عربية!
بين يدينا نسخة من الجامع لابن وهب كتبت على الورق البردي (البردية) وهي محفوظة في دار الكتب المصرية: قد نشر الكتاب بجميع مصورات الأصل عام 1939 بالقاهرة. أما رواية هذه النسخة فهي ترجع الى رواية حرملة بن يحيى (ت 244) , أي كان معاصرا لسحنون (ت 240) , ورويت نسخته بعده عام 276 في اسنا في مصر.
لقد قارنت هذه النسخة حرفا حرفا بما عثرت عليه من أوراق من الجامع لابن وهب بالقيروان برواية المذكورة (سحنون عن ابن وهب) فوجدت أنّ الأحاديث في آخر النسخة المصرية تتمشى حرفا حرفا بما في النسخة القيروانية كما وجدت أن ترتيب الأحاديث الموجدوة في كلتى النسختين وهو هو! أما النسخة القيروانية فهي تكمل النسخة المصرية المبتورة في آخرها بعدة أحاديث وأبواب!
الفرق الوحيد بين النسختين القيروانية والمصرية هو رواية الكتاب:
رواية حرملة بن يحيى عن ابن وهب .... وكتب على البردية في اسنا
رواية سحنون عن ابن وهب .... وكتب على الرق بالقيروان.
ليس بين النصين تشابه بل النص هو هو! ومعنى ذلك أنّ نص التفسير يعود بلا شك الى تأليف ابن وهب حتى ولو لم يكن لدينا كتاب بخط يد المؤلف. كلا الراويين اعتمدا في نصف الأول من القرن الثالث الى مصدر واحد وهو كتاب ابن وهب.
هذه القراءة للنصين المصري على البردية والقيرواني على الرق تفرض نفسها على من
ينظر الى هذه النصوص بغير نظريات مسبقة في الموضوع كما هو الحال عند البعض ... للأسف.
أما تلك الفئة من المستشرقين فهي لا تزل يتساءل عن (عمر) هذه النصوص في تفسير القرآن ولم تزل مترددا أن تنسبها الى مؤلف الكتاب , وهو ابن وهب.
أما ابن وهب مؤلفا فانّه يذكر عدة مصادر في تفسيره , منها محدثي مصر والمدينة والشأم بأسانيدهم. فاذا وضعنا في عين الاعتبار أن النشأة العلمية لابن وهب قد بدأت في الأعوام ما بعد عام 144 (حسب أخبار التراجم) فانه لأغلب على الظن أنه قام بجمع تفسير الآيات القرآنية عن شيوخه في القرن الثاني الهجري , وهو الأنشطة الأدبية العلمية في ذلك العصر التي يرفضها بعض المستشرقين لأسباب لا علة لها.
أمّا هذا الرد على هؤلاء الباحثين فسينشر قريبا في مجلة المستشرقين في نهاية هذا العام تقريبا اذ قد تم تصحيح المسودة له قبل شهر.
أما رد الفعل من الجانب الآخر على ما جاء ذكره هنا ملخصا فهو موضوع آخر ....
موراني
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[23 Jul 2004, 05:52 ص]ـ
تفسير القرآن في كتابات المستشرقين - للدكتور: عبدالرزاق بن إسماعيل هرماس ( http://www.ahlalquran.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1859)
ـ[موراني]ــــــــ[23 Jul 2004, 10:39 ص]ـ
بارك الله فيك ,
غير أن الرابط لا يقرأ عندي بسبب عدم تحويل الحروف الى العربية.
أنا أعرف هذه الدراسة للاستاذ المحاضر في جامعة مراكش وناقشتها مع الطلبة
في كليتنا. الا أنه لا يلمس هذه الجوانب بل يتركز على أنّ العلوم الاستشراقية تنكر (ربانية) القرآن ولا تعتبره وحيا وغير ذلك.
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jul 2004, 06:18 م]ـ
شكراً للأستاذ موراني هذا الإيضاح، وأما بحث الدكتور عبدالرزاق الهرماس فهو لا يناقش هذه القضية وإنما يبحث الموضوع من زاوية مختلفة.
ورابط البحث الأصلي في مجلة جامعة أم القرى هو
مجلة جامعة أم القرى ( http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag25/pdf/file-02.pdf).
وهو سيفتح معك يا أستاذ موراني بشرط وجود برنامج Acrobat Reader لقراءته، وربما يأخذ بعض الوقت ليفتح لك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[23 Jul 2004, 06:37 م]ـ
شكرا لكم يا استاذ عبد الرحمن الشهري.
عندي هذه الدراسة من رابط أم القرى!
ومؤلف الدراسة يتناول جوانب أخرى تماما.
عند صدور دراستي (12 صفحة تقريبا فقط) حول ما كتبت هنا أعلاه سأرسل اليكم بنسخة مطبوعة منها , ربما تجدون سبيلا لترجمتها من الألمانية اذا تدعوكم الحاجة الى ذلك طبعا.
تقديرا
موراني(/)
اختيارات الإمام السيوطي من خلال كتابه (الإتقان)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Jul 2004, 09:44 ص]ـ
1 ـ اختار السيوطي رأي الشافعي في لفظ (القرآن) أنه اسم علم غير مشتق خاص بكلام الله فهو غير مهموز،و أنه لم يؤخذ من قراءة و لكنه اسم لكتاب الله مثل التوراة و الإنجيل. 1/ 67 ـ 68
&&&&&&&&&&&&&&&&
2 ـ اختار السيوطي أن ترتيب سور القرآن توقيفي إلا الترتيب الواقع بيت براءة و الأنفال
&&&&&&&&&&&&&&&&
3 ـ يقول السيوطي:
[فائدة] للمفصل طوال و أوساط و قصار، قال ابن معن: فطواله إلى عم و أوساطه منها إلى الضحى و منها إلى آخر القرآن قصاره، هذا أقرب ما قيل فيه. 1/ 85
&&&&&&&&&&&&&&&&
4 ـ اختار السيوطي تبعا للزمخشري أن الكتب السالفة كانت مسورة، فقال: هو الصحيح أو الصواب. 1/ 88(/)
يا أهل التفسير قولوا كلمتكم في هذه المشاركة. . . لعل صاحبها أن يقتنع
ـ[أبو أسامة الغالبي]ــــــــ[24 Jul 2004, 04:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشاركة التاليه قرأتها في أحد المنتديات. . . ووجه اللوم إلى صاحبها على توظيف الآية الكريمة .. وبعض الشعائر الدينية في نصه الغير لائق .. وأن ما قام به يعتبر جرأة كبيرة منه.
أعترض على هذا الكلام وبرر موقفه بأنه يحق له ذلك بما يسمى بالإستعارة وأن غيره قد فعلها وساق لذلك عدة شواهد. . . أستمر الجدال وأستهلك وقتاً كبيراً دون أن يقتنع الطرفين
لذلك قررت أن أعطي القوس باريها. . . والخبز لخبازة. وأن أنقل النص كاملاً لكم يا أهل التفسير لتقولوا كلمتكم في هذه المشاركة. . وبيان حكم جواز الإستعارة في مثل هذه المشاركات
وتقبلوا مني كل الحب والتقدير
والسلام عليكم ورحمة الله
كاتب الرسالة الأصلية السمائل بن ماء السماء
(وألقيتُ عليكَ محبةً مني)
بسم الله:)
إلى فاتنةٍ ثكلى
أحببتُ أن ألقي بين أناملها
أربعون مني
وأحببتُ أن أسقي ربي خمراً .. !!
يالها من رائعة
لولا ما رابني منها ذات يومٍ ماطرٍ لا ريح فيه
ويالي من (رجلٍ) لا يتنبأُ بما يفعل .. !!
كنتُ قد وضعتُ يدي في راحتها
فأنتزعت مني ما لا طاقةَ لي بما سواه
وإيمُ الله أنني مافعلتها قبل ذالك اليوم .. ولم (أكن بدعائك ربي شقيا) ... !!!
يالها من ذكريات لايسعُ المرء أمامها إلا أن ينحني حتى الأرض ..
سواءً بسواء .. فلا فرق عندي بين .. الأرض والسماء .. إذا .. أستوت الأحزان .. وأطرقت بنا الهمم .. !!
سأغني لها لحناً وليأمرني .. (ربي) بما يشاء ..
فاتنةُ المساء
أيتها الوردة
أسعد الله ــ أغصاناً .. حملتك .. دهراً طويلاً
أسعدَ الله ـ أرضاً .. أتخذت منك مكاناً خفيا
ياشجرة المساء .. ويالون القمر
من يقف أمام صلواتك .. سيدتي؟!
.. بل من يستطيع الوقوف في زمنٍ أصبح الوقوف فيه
.. على القدمين ..
من المستحيلات ..
إنت لم.
. يكن من الأمنيات؟!
إني أتساءل؟!:)
ولم أفعلها قبل اليوم ..
(هل أحببتك بهذا القدر من القوة قبل الآن صدقيني لا أدري؟!):)
لذا كان ينبغي علي أن أفعل.
(لادريتَ ولا تليت):)
. حتى .. ولو لم أستطع ان أبوح لمقلتيك إلا من وراء حجاب فهاأنا أتنازلُ عن كل شيء لتبقين كل شيء .. رغم .. أنفي .. (أي والله).ياحبيبة .. !!:)
كنت أقول ... في مكان ما .. ذات يوم ...
(لايذهب الإنسان .. إلى الجحيم ليوقد سيجارة) .. !!
وها أنا أقولها مرةً آخرى .. على عجل ٍ أيضاً ..
(بل يذهب الإنسان إلى الجحيم .. ليوقد سيجارة)
إذا كانت النارُ قلباً .. ولحماً طريا .. ///
يا إبنة (قلبي):)
مايفعلُ الحزنُ بي إذا كنتي الفرحة؟!
وما تفعل الفرحة بمثلي ..
في غيابِ البسمة؟!
وما تفعل البسمة عندي ـ
إن غابت بها المعالم واندثرت .. !!
يالها من حكايةٍ:) وشبابٍ:) منعم ٍ إملودِ:)
ـــ سأستديرُ إلى الأعلى من جديد.
. لأقبل وجنتيها .. بحروفي .. :)
فيا أيتها البسمة البريئة ..
أحببت أن أجعل من الأشياء ــ
مليون شيء ــ لثنايا من أحببت ..
فلتشهدي أني على العهد ِ قائمُ:)
ولو ذهبت بنا السنون ...
فمن أنا حتى أعادي الله في سننه ..
. (ها أنا أنام من جديد) ولكن
قبل أن الوذ بفراشي أحببتُ
أن أقول .. :)
(حبيبتي ... كم أحببتك إي والله) ...
وكم أحببتُ نفسي ..
. كل يوم تمرين فيه بها ..
فيا من أحببت
إني .. (إليكِ راجع ُ)
فأرفقي بنا ــ في زمنٍ كنتي فيه الزمن ...
(وأجعلي مني ما تشائين) وأرسمي بقلبك روحينا
.. على وجه المساء .. (طيوراً .. و عصافيرَ صغيرة) .. !!
وأجمعي النور:) حتى يأتي المساء /// وتذكري (أني أصلي لله شكراً) كل يوم ٍ تشرقين فيه من جديد ..
فأشرقي أيتها الشمعة ... فربما يتلاشى الظلام في أعماقي ... ذات إشراقةٍ كريمة ..... !!!
خارج النص ... إلى شيطاني القديم .. (لن تخدع الله ولو ذهبتَ مبكراً للصلاة) ... فأفهم عليك سلامُ الله ياعمرُ:)
أنتهى:)
وقفل النص ................. :):)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jul 2004, 05:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم: أبا أسامة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما سألت عنه يسمى عند العلماء: الاقتباس من القرآن الكريم
وقد بحث قديماً وحديثاً، وكتبت فيه رسالة مستقلة بعنوان: الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر والنثر وما جرى مجراه للدكتور: نايف بن قبلان العتيبي.
وهي مطبوعة وتحوي قريباً من 120 صفحة.
وهذه الرسالة لا بأس بها في الجملة، إلا أن عليها بعض الملحوظات.
وبإمكانك الرجوع إلى هذه الروابط:
الاقتباس من القرآن في الشعر: رؤى فقهية ( http://www.islam-online.net/fatwaapplication/arabic/display.asp?hFatwaID=98550)
ضوابط الاقتباس من القرآن الكريم فى الأعمال الأدبية ( http://www.almanhaj.net/article.php?ID=117)
الاقتباس من القرآن في الكلام ( http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=10078)
http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/125.htm
وهناك كلام فيه تفصيل جيد للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشريط رقم 20 هنا
الاقتباس من القرآن الكريم ( http://www.binothaimeen.com/modules.php?cid=141&l_op=viewlink&min=10&name=Web_Links)
وأخيراً أقول: الذي يظهر لكاتب هذه السطور أن الاقتباس الموجود في النص المسؤول عنه من الاقتباس المذموم الذي يحرم إن لم يصل إلى حد الكفر والعياذ بالله؛ لأن فيه استهانة واضحة بنصوص القرآن الكريم بذكرها في مثل هذه القصائد الغزلية السخيفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أسامة الغالبي]ــــــــ[24 Jul 2004, 09:39 م]ـ
أخي أبا مجاهد
السلام عليكم ورحمة الله. .
لي طللب أرجوا أن تحققه لي وهو موجود لديك سبق أن ارسلته لك بقسم الرسائل الخاصة. .
كما أشكرك على إجابتك. . . إلا أني ألتمس التوضيح أكثر من خلال هذه المشاركة. . وإظهار مكامن الخلل فيها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jul 2004, 09:01 م]ـ
أخي الكريم أبا أسامة الغالبي وفقه الله لكل خير. أشكرك على حسن ظنك بإخوانك في هذا الملتقى. كما اشكرك على مشاركتك معنا.
وقد أصاب أخي الكريم أبو مجاهد وفقه الله المفصل، وأتى على المراد. وأحب أن أشير إلى قضية رأيتها تروج في زماننا النكد هذا، وهي جرأة كثير ممن يكتبون ما يسمى بالأدب - وما هو به - على كل ما هو مقدس عند المؤمنين بالإسلام، وخوضهم في القرآن وغيره من المقدسات، وتعاملهم معها بطريقة لا تدل على الاحترام والتوقير، وقد وجدوا ذلك طريقاً سهلاً للشهرة والإثارة، فما عليك إلا أن تكتب أي كلام وتسخر فيه من بعض الآيات أو المقدسات عند المسلمين، وتصبح من أشهر الناس، وربما توفر لك الحكومات الإسلامية! من يقوم على حراستك من المتطرفين الذين لا يقدرون حرية الكفر، ولا يتحملون الآخر. ولك أن تنظر في كل الأعمال الأدبية التي اشتهرت لتطاولها على الإسلام بالذات، وتنظر في قيمتها الأدبية، وسترى.
ويحدث ذلك في ظل تغييب حقيقي لكل رادع لهؤلاء، وإذا قيل لهم في ذلك، قالوا: إنما نحن أدباء وشعراء، نمارس الأدب، والإسلام قد كفل حرية الرأي، وأخذوك بهاتين الحجتين التي انطلت على كثير من الناس. والله المستعان!
وفي ظني أن ما نقلته وفقك الله أعلاه من هذا النوع، الذي ليس فيه أثارة من الأدب، فليس فيه خيال مجنح، ولا عاطفة صادقة، ولا عبارة منتقاة، وإنما أثار اهتمامك وأمثالك لجرأته في استعمال كلام الله في غير مكانه.
والأمر في الاقتباس من القرآن كما ذكر أخي أبو مجاهد وكما في المشاركات المحال عليها. وأما هذا الذي كتب الكلام السالف، فقد اساء مرتين، مرة عندما ظن أنه كتب شعراً أو ما يشبه الشعر، ومرة أخرى عندما أساء الأدب مع كلام الله، وبحسبك قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). وجزاك الله خيراً على غيرتك على كلام الله.
ـ[حرف]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:26 ص]ـ
هذا مالخصته لنفسي من هذا الموضوع أحببت المشاركة به لتعم الفائدة ...
الاقتباس في الشعر والنثر
ما هو الاقتباس؟
الاقتباس: هو تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن، لا على أنه منه ويخرج بهذا القيد الأخير ما إذا قيل قبل الكلام المقتبس: قال الله تعالى ونحوه لأنه ليس باقتباس بل هو استشهاد و إحالة , و قد يقع في الاقتباس شئ من تغييرٍ في النص المقتَبَس منه.
وهو في اللغة: طلب القبس , وهو الشعلة من النار , ويستعار لطلب العلم , قال الجوهري في الصحاح: اقتبست منه علما: أي استفدته.
ويخلط كثيرون بينه وبين التضمين – الذي هو نوع من البديع – والواقع أن هناك فرقا بينه وبين التضمين، فالاقتباس هو أخذ كلمات أو عبارات قرآنية مع التغيير فيها، أما التضمين فهو أخذ كلمات أو آيات بنصها دون التغيير فيها ويشتركان في عدم الإحالة إلى المصدر. وممن جعلوا الاقتباس والتضمين شيئا واحدا ابن القيم في كتابه " الفوائد المشوق " حيث قال: الاقتباس ويسمى " التضمين " هو أن يأخذ المتكلم كلاما من كلام غيره يدرجه في لفظه لتأكيد المعنى الذي أتى به فإن كان كلاما كثيرا أو بيتا من الشعر فهو تضمين وإن كان كلاما قليلا أو نصف بيت فهو " إيداع " وعلى هذا الحد ليس في القرآن منه شيء إلا ما أودع فيه من حكايات أقوال المخلوقين مثل ما حكاه القرآن الكريم عن قول الملائكة: {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (البقرة:30) ومثل حكاية أقوال المنافقين واليهود والنصارى ونحو ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء في كتاب التعريفات للجرجاني: " الاقتباس: أن يُضمّن الكلام نثرا أو نظما شيئا من القرآن أو الحديث ... كقول شمعون في وعظه: يا قوم اصبروا على المحرمات، وصابروا على المفترضات، وراقبوا بالمراقبات، واتقوا الله في الخلوات، ترفع لكم الدرجات. وكقوله: وإن تبدلت بنا غيرنا فحسبنا الله ونعم الوكيل."انتهى.
* أنواع الاقتباس:
1 - ما لم يُنقل فيه المقتبَس (بفتح الباء) عن معناه الأصلي.
ومنه قول الشاعر:
قد كان ما خفت أن يكونا إنا إلى الله راجعونا
وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير، لأن الآية " إنا إليه راجعون " (البقرة: 156)
ومنه قول الحريري:
"فلم يكن إلا كلمح البصر أو أقرب حتى أنشد فأغرب" فإن الحريري كنى به عن شدة القرب وكذلك هو في الآية الشريفة.
2 - ما نُقِل فيه المقتبس عن معناه الأصلي.
كقول ابن الرومي:
لئن أخطأت في مدحك ما أخطأت في منعي
لقد أنزلت حاجاتي (بوادٍ غيرِ ذي زرع)
فقوله {بواد غير ذي زرع} اقتباس من القرآن الكريم (من سورة إبراهيم:37) وهي في القرآن الكريم بمعنى " مكة المكرمة، إذ لا ماء فيها ولا نبات، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي هو: " لا نفع فيه ولا خير ".
وقد روي في ترجمة أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي- صاحب الخزانة- أنه قال شعراً في الوعظ:
يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف
أبشر بقول الله في آياته "إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف"
ومثله في الحسن والحذْقِ قول بعضهم:
يا نظرة ما جَلَتْ ليَ حسن طلعته حتى انقضت وأدامتني على وجل
عاتبت إنسان عيني في تسرعه فقال لي: " خُلق الإنسان من عجل
قال الشيخ صفي الدين الحلي:
هذي عصاي التي فيها مآرب لي وقد أهش بها طورا على غنمي
ومن التلميح قوله أيضا:
إنْ أُلقِها تتلقَّفْ كل ما صنعوا إذا أتيت بسحر من كلامهم
ولصفي الدين الحلي قصيدته الذائعةُ الصيت في علم العروض والتي تفنن فيها بصنعة هي الغاية في الموهبة الفنِّية , وفيها يقول:
في الوافر:
غرامي في الأحبة وفَّرته وشاة في الأزقة راكزونا
مفاعلة مفاعلة فعولن إذا مرُّوا بهم يتغامزونا
في الكامل:
كملت صفاتك يارشا وألو النهى قد بايعوك وحظهم بك قد سما
متفاعلن متفاعلن متفاعلن إنّ الذين يبايعونك إنما
إن قصدتم نحو ظبي نافر فاستميلوه بداعي أنسه
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن ولقد راودته عن نفسه
في المتقارب:
تقاربْ وهاتِ اسقني كأسَ راحٍٍ وباعِد وُشَاتَكَ بُعدَ السَما
فعولن فعولن فعولن فعولن وإن يستغيثوا يغاثوا بما
* الخلاف الفقهي في المسألة:
نقل السيوطي –رحمه الله- أنه اشتهر عن المالكية تحريمه وتشديد النكير على فاعله، أما الشافعية فلم يتعرض له المتقدمون ولا أكثر المتأخرين منهم، مع شيوع الاقتباس في أعصارهم، واستعمال الشعراء له قديماً وحديثاً وتعرض له جماعة من المتأخرين، فسئل عنه الشيخ: عز الدين بن عبد السلام فأجازه، واستدل بما ورد عنه –صلى الله عليه وسلم- من قوله في الصلاة وغيرها:"وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ... "الخ، رواه مسلم (771) والترمذي (3421) وأبو داود (760) والنسائي (897)، وقوله:"اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً اقض عني الدين وأغنني من الفقر ... الخ" خرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغاً (1/ 201).
و في رسالته – صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى التي أرسلها مع عبد الله بن حذافة جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة " لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين " وهو اقتباس من قوله تعالى: " لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَياًّ وَيَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الكَافِرِينَ " (يس:70).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي رسالته – صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل الروم جاء: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسين أي الفلاحين ويأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون وهو اقتباس من قوله تعالى: " قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران: 64)
وقال السيوطي في قوله عليه الصلاة والسلام يوم " خيبر ": إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
قال: هو من أدلة جواز الاقتباس من القرآن وهي كثيرة لا تحصى.
ورد في سياق وصية أبي بكر –رضي الله عنه- قوله:
"أني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه وإن يجر ويبدِّل فلا أعلم الغيب، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" نقلها ابن كثير في تفسيره عند تفسير هذه الآية.
وما سبق كله في النثر كما ترى أما في الشعر:فإن بعض الفقهاء رأى أن الاقتباس في الشعر – خصوصاً - غير جائز أصلا لأنه يجب أن ينزه القرآن عن الشعر مطلقا وإنْ حَسُنَ الغرض وشَرُفَ المقصد إذ كيف يجوز ذلك في ضوء نفي وصف الشعر عن القرآن الكريم بمقتضى آيات القرآن الكريم والتي منها قوله تعالى: " وما هو بقول شاعر ".
* نماذج الاقتباس المحرّم اتفاقاً:
الأنموذج القذر الذي يقول:
" أنت الآن قاب شفتين، أو أدنى، من الحب، فهزي إليك بجذع اللحظة وصلي لنا ... صلي وتناسلي وتساقطي عشقًا شهيًا".
وقد سمعت بعض المعاصرين يقول واصفاً بعض طواغيت الكفر – على سبيل الهزْءِ به- (والسخريةُ باديةٌ في قولهِ):
ويزجي الصواعقَ في كلِّ أرضٍ
ويحشو المنايا بحبِّ الحصيدْ
ويفعلُ في خلقهِ مايريدْ ... !
قال صالح عبد القدوس وهو من مات بتهمة الزندقة:
فلو أن المفرِّط كانَ حيًا توفى الباقيات الصالحات
وقال خبيث مارق آخر:
أوحى إلى عشاقه طرفُهُ هيهات هيهات لما توعدون
وردفه ينطق من خلفه لمثل ذا فليعمل العاملون
وساقط هالكٌ (وهو يأتي بأواخر سورة الشمس كما ترى) قال:
قسما بشمس جبينه وضحاها ونهار مبسمه إذا جلاها
وبنار خديه المشعشع نورها وبليل صدغيه إذا يغشاها
لقد ادعيت دعاويا في حبه صدقت وأفلح من بذا زكاها
فنفوس عذالي عليه وعذري قد ألهمت بفجورها تقواها
فالعذر أسعدها مقيم دليله والعذل منبعث له أشقاها
* شروط الاقتباس لمن اشترط:
1 - الفواصل: ولو كانت باستخدام علامات الترقيم كالتنصيص وغيره , مما يدلل على فصل مابين قول الشاعر وما ضمَّنه إياه من نص القرآن الكريم.
2 - مراعاة الاحترام والتقدير والتبجيل لكلام الله: وعدم إقحام النص في موضعٍ ينزّه عنه (الذكر الحكيم) أما إذا كان السياق لا يحتمله كالسياق الهزلي فإن هذا مما لا يجوز نظماً ولا نثرا.
3 - عدم التكلف و الإسراف: وذلك بليِّ أعناق النصوص القرآنية ليعبر بها عن معنى من المعاني كالذي ينقل عن المرأة التي كانت لا تتحدث –في زعمهم- إلا بالقرآن فإن هذا من التكلف، وهو أشبه بالعبث –عياذاً بالله-.
4 - عدم الزيادة في التضمين عن كلمتين: وهذا ماذكره بعضهم وأنه لم يأتي في شعر الشعراء على مدَّ التاريخ المتطاول أكثرُ من ذلك في البيت إلا من فعل بعض المرَدة من حداثييِّ زماننا البائس , وإلى الله المشتكى.
5 - استدعاء الضرورة الفنية للاقتباس: فلا يتجاوزها بأن يصبح ديدنا , وطريقاً مسلوكاً للشاعر فيما يكتبه في كل حين.
6 - أن يقصى الاقتباس إطلاقا فيما اطلقه الله على نفسه سبحانه:فلا يستخدم على غير ما نزل فيه , كما نُقل عن أحد ولاة بني مروان أنه رُفعت إليه شكاية من بعض عماله فوقَّع عليها "إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم" (سورة الغاشية).
* مراجع الموضوع:
1 - «الاقتباس من القرآن الكريم» لأبي منصور الثعالبي.
2 - الإتقان في علوم القرآن. السيوطي
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - ضوابط الاقتباس من القرآن الكريم فى الأعمال الأدبية للدكتور أحمد سعد الخطيب
4 - الاقتباس من القرآن في الكلام. د. رشيد بن حسن الألمعي (إجابة سؤال)
5 - الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر والنثر وما جرى مجراه للدكتور: نايف بن قبلان العتيبي.
ـ[حرف]ــــــــ[27 Jul 2004, 02:35 ص]ـ
* نقل نص كلام السيوطي من الإتقان:
قال رحمه الله: "فصل: في الاقتباس وما جرى مجراه:
الاقتباس تضمين الشعر أوالنثر بعض القرآن لا على أنه منه بأن لا يقال فيه قال الله تعالى ونحوه فإن ذلك حينئذ لا يكون اقتباساً وقد اشتهر عن المالكية تحريمه وتشديد النكير على فاعله.
وأما أهل مذهبنا فلم يتعرض له المتقدمون ولا أكثر المتأخرين مع شيوع الاقتباس في أعصارهم واستعمال الشعراء له قديماً وحديثاً وقد تعرض له جماعة من المتأخرين فسئل عنه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فأجازه واستدل له بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله في الصلاة وغيرها وجهت وجهي إلخ وقوله اللهم فالق إلا صباح وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً أقض عني الدين وأغنني من الفقر.
وفي سياق كلام لأبي بكر: وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
وفي آخر حديث لابن عمر قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة انتهى.
وهذا كله إنما يدل على جوازه في مقام المواعظ والثناء والدعاء وفي النثر ولا دلالة فيه على جوازه في الشعر وبينهما فرق.
فإن القاضي أبا بكر من المالكية صرح بأن تضمينه في الشعر مكروه وفي النثر جائز.
واستعمله أيضاً في النثر القاضي عياض في مواضع من خطبة الشفاء.
وقال اشرف إسماعيل بن المقري اليمني صاحب مختصر الروضة في شرح بديعته: ما كان منه في الخطب والمواعظ ومدحه صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ولوفي النظم فهومقبول وغيره مردود.
وفي شرح بديعته من حجة الاقتباس: ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود.
فالأول ما كان في الخطب والمواعظ والعهود والثاني ما كان في الغزل والرسائل والقصص والثالث على ضربين: أحدهما ما نسبه الله إلى نفسه ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم والآخر تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقوله: أرخى إلى عشاقه طرفه هيهات هيهات لما توعدون وردفه ينطق من خلفه لمثل هذا فليعمل العاملون انتهى.
قلت: وهذا التقسيم حسن جداً وبه أقول.
وذكر الشيخ تاج الدين ابن السبكي في طبقاته في ترجمة الإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي من كبار الشافعية وأجلائهم أن من شعره قوله: يا من عدى ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف أبشر بقول الله في آياته إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقال استعمال مثل الأستاذ أبي منصور مثل هذا الاقتباس في شعره له فائدة فإنه جليل القدر والناس ينهون عن هذا وربما أدى بحث بعضهم إلى أنه لا يجوز.
وقيل إن ذلك إنما يفعله من الشعراء الذين هم في كل واد يهيمون ويثبون على الألفاظ وثبة من لا يبالي.
وهذا الأستاذ أبومنصور من أئمة الدين وقد فعل هذا وأسند عنه هذين البيتين الأستاذ أبو القاسم بن عساكر.
قلت: ليس هذان البيتان من الاقتباس لتصريحه بقول الله وقد قدمنا أن ذلك خارج عنه.
وأما أخوه الشيخ بهاء الدين فقال في عروس الأفراح: الورع اجتناب ذلك كله وأن ينزه عن مثله كلام الله ورسوله.
قلت: رأيت استعمال الاقتباس لأئمة أجلاء منهم الإمام أبو القاسم الرافعي وأنشده في أماليه ورواه عنه أئمة كبار: الملك لله الذي عنت الوجو ه له وذلت عنده الأرباب متفرد بالملك والسلطان قد خسر الذين تجاذبوه وخابوا دعهم وزعم الملك يوم غرورهم فسيعلمون غداً من الكذاب وروى البيهقي في شعب الإيمان عن شيخه أبي عبد الرحمن السلمى قال: أنشدنا أحمد بن محمد بن يزيد لنفسه: سل الله من فضله واتقه فإن التقي خير ما تكتسب ويقرب من الاقتباس شيئان أحدهما: قراءة القرآن يراد بها الكلام.
قال النووي في التبيان: ذكر ابن أبي داود في هذا اختلافاً فروى عن النخعي أنه كان يكره أن يتأول القرآن بشيء يعرض من أمر الدنيا.
وأخرج عن عمر بن الخطاب أنه قرأ في صلاة المغرب بمكة والتين والزيتون وطور سنين ثم رفع صوته فقال: وهذا البلد الأمين.
وأخرج عن حكيم بن سعد: أن رجلاً من المحكمة أتى علياً وهوفي صلاة الصبح فقال: لئن أشركت ليحبطن عملك فأجابه في الصلاة فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون انتهى.
وقال غيره: يكره ضرب الأمثال من القرآن صرح به من أصحابنا العماد البيهقي تلميذ البغوي كما نقله ابن الصلاح في فوائد رحلته.
الثاني: التوجيه بالألفاظ القرآنية في الشعر وغيره وهوجائز بلا شك.
وروينا عن الشريف تقي الدين الحسيني أنه لما نظم قوله: مجاز حقيقتها فاعبروا ولا تعمروا هونوهاتهن وما حسن بيت له زخرف تراه إذا زلزلت لم يكن خشي أن يكون ارتكب حراماً لاستعماله هذه الألفاظ القرآنية في الشعر فجاء إلى شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد يسأله عن ذلك فأنشده إياهما فقال له: قل وما حسن كهف فقال: يا سيدي أفدتني وأفتيتني خاتمة قال الزركشي في البرهان: لا يجوز تعدي أمثلة القرآن ولذلك أنكر على الحريري قوله فأدخلني بيناً أخرج من التابوت وأوهي من بيت العنكبوت وأي معنى أبلغ من معنى أكده الله من ستة أوجه حيث قال وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت فأدخل إن وبنى أفعل التفضيل وبناه من الوهن وأضافه إلى الجمع وعرف الجمع باللام وأتى في خبر إن باللام لكن استشكل هذا بقوله تعالى إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بما دون البعوضة فقال لوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة.
قلت: قد قال قوم في الآية إن معنى فما فوقها في الخسة وعبر بعضهم عن هذا بقوله: فما دونها فزال الإشكال.
وأيضا من المراجع للبحث في الموضوع:
1 - رسالة للدكتور عبدالمحسن العسكر.
2 - الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر العربي.عبد الهادي الفكيكي (تقديم: ناجي علوش)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أسامة الغالبي]ــــــــ[03 Aug 2004, 08:01 م]ـ
أخي عبدالرحمن الشهري / بارك الله فيك
أعتذر أخي عن التأخير في الرد. . رغم أني قرأت ردك في حينه ولكني إنشغلت قليلاً.
كما أشكرك كثيراً على تفضلك على بالرد على موضوعي أعلاه. . .وأسأل الله أن ينفع بعلمك وأن يجعلها في موازين حسناتك. . .آمين(/)
المؤلفات والبحوث حول كتاب ((في ظلال القرآن))
ـ[الراية]ــــــــ[26 Jul 2004, 03:11 م]ـ
للاخوة جميعا
ارغب منكم المشاركة في هذا الموضوع
وباختصار هو كتابة كل بحث او كتاب تكلم عن هذا الكتاب القيم ((في ظلال القران))
إما بيان لطريقته في التفسير او اي شيء يتعلق بهذا الكتاب
ولعلي ابدء بذكر كتاب تخريج احاديث الظلال -- للسقاف
ـ[المقرئ]ــــــــ[26 Jul 2004, 03:34 م]ـ
إلى الأخ الراية وفقه الله
هناك تخريج أفضل وأشمل من تخريج السقاف وهو:
فتح ذي الجلال في تخريج أحاديث الظلال لأبي عائش عبد المنعم إبراهيم
وأبي حذيفة محمد بن إبراهيم
وعندي اقتراح إن قبلته وإلا فالخيار لك:
لو أضفت إلى هذا الملف أيضا عناية أهل العلم بهذا الكتاب من حيث الكلام عليه من حيث العقيدة
أحسب أن الإخوة إذا شاركوا بكل ما طبع حول الكتاب أن يكون مرجعا علميا لهذا الكتاب
فما رأيك
المقرئ
ـ[أويس القرني]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:15 ص]ـ
أجمع ما رأيت في الحديث عن كتاب (في ظلال القرآن) هي الرسالة التي قدمها الدكتور / صلاح بن عبد الفتاح الخالدي لنيل درجة الدكتوراة في التفسير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بعنوان (في ظلال القرآن: دراسة وتقويم)
وكانة لجنة المناقشة مكونة من أصحاب الفضيلة:
أ. د أحمد حسن فرحات مشرفا
أ مناع خليل قطان عضوا
أ. د عدنان محمد زرزور عضوا
وقد حصل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى
وطبع المؤلف هذه الرسالة في ثلاثة كتب:
1 - مدخل إلى ظلال القرآن
2 - المنهج الحركي في ظلال القرآن
3 - في ظلال القرآن في الميزان
طبعتها (دار عمار) الأردن
ـ[المقرئ]ــــــــ[27 Jul 2004, 03:07 م]ـ
إلى أخي الفاضل: الراية
[ما ذكرته حكمة تشكر عليها]
أذكر أن عندي كتابا فيه التبويب الفقهي لتفسير سيد قطب وبسبب فوضوية المكتبة وصاحبها وعدم ترتيبها عجزت أن أجد الكتاب ولعلي أجده فأنقله أو يذكره أحد الإخوة فيكفيني مهمة كبيرة سأخوضها مع مكتبتي
المقرئ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 08:39 م]ـ
ومن الكتب كذلك مع أطيب تحية وتقدير للأخوين الكريمين الراية والمقرئ وفقهما الله.
- سيد قطب والتصوير الفني في القرآن لصلاح عبدالفتاح الخالدي، وهو رسالته للماجستير عام 1400هـ، وقد طبعت هذه الرسالة في كتابين:
الأول: سيد قطب: الشهيد الحي.
الثاني: نظرية التصوير الفني في القرآن عند سيد قطب.
إضافة إلى ما ذكره أخي أويس القرني رضي الله عنه من كتب، والتي تعد امتداداً لهذين الكتابين. وقد تابع الدكتور صلاح الخالدي الكتابة عن سيد قطب، فكتب كتابه الشامل عن سيد قطب: سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد.
ومن الكتب كذلك:
- في ظلال القرآن - رؤية استشراقية فرنسية، تأليف المستشرق الفرنسي أوليفيه كاريه، وترجمة محمد رضا عجاج. ويقع في 390 صفحة من القطع العادي. وهو دراسة جيدة موازنة بتفسير المنار، وهي جديرة بالتأمل والقراءة.
- المورد العذب الزلال في تخريج أحاديث الظلال للدويش رحمه الله.
- وهناك كتب تناولت هذا الكتاب بالقدح والثلب، ولا أظنها تخفى عليكم وفقكم الله.
ـ[المحرر]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:14 م]ـ
وهناك كتاب بعنوان: (أمريكا من الداخل) هو استلالٌ من ظلال القرآن.
ـ[الراية]ــــــــ[31 Jul 2004, 03:08 م]ـ
شكر الله للجميع مشاركتهم واثابهم خيراً
وبانتظار المزيد
وبالنسبة لكتاب سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد.
فهو بحق سيرة متكاملة ومشبعة عن سيرة سيد - رحمه الله -
فمن أراد الوقوف عن سيرة سيد كاملة فليقرأه
والله الموفق
ـ[الراية]ــــــــ[08 Aug 2004, 10:15 م]ـ
منهج سيد قطب في ظلال القران
أسماء محمد فدعق –رسالة دكتوراة – جامعة أم القرى – 1414هـ
لا ادري هل طبعت أم لا؟
ـ[أبوحفص الحنبلي النجدي]ــــــــ[09 Aug 2004, 02:26 ص]ـ
لفضلية الشيخ عيدالله بن محمد الدويش كتاب اسمه
ــــــــــــــــــــــ (المورد الزلال في أخطاء الظلال) ـــــــــــــــــــــــ
وقد بلغت ألأخطاء أكثر من المئة
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[13 Aug 2004, 04:17 م]ـ
ولكي يستفيد الجميع من هذا الموضوع اقترح على الإخوة عمل روابط وتنزيل الكتب المتوافرة على الشبكة حول هذا الموضوع وسأبدأ بنفسي:
هذا كتاب الظلال كاملا مع كتاب "الظلال ما له وما عليه":
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/zelaal-%20g.zip
وهذا كتاب تخريج الظلال للشيخ علوي السقاف:
http://www.dorar.net/files/sbook8.zip
وهذا كتاب ميزان الاعتدال في تقييم كتاب "المورد الزلال"للشيخ الدويش ومؤلفه هو: أبو محمد المقدسي:
http://www.tawhed.ws/r?i=44&a=d
وهذا كتاب "لمحات من حياة سيد قطب وأعماله ومنهجه التفسيري" بقلم/ وصفي عاشور أبو زيد باحث في العلوم الشرعية دار العلوم – القاهرة:
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/saed%20kotb.zip
وهذه دراسة حول آراء المفسرين (الرازي وابن عاشور وسيد قطب) في عقيدة التثليث للدكتور. بدران بن الحسن:
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3347
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?catid=73&artid=3364
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3392
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3424
هذا ما لدي الآن.
والله تعالى أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[04 Jul 2006, 11:06 ص]ـ
ومن الكتب كذلك:
- في ظلال القرآن - رؤية استشراقية فرنسية، تأليف المستشرق الفرنسي أوليفيه كاريه، وترجمة محمد رضا عجاج. ويقع في 390 صفحة من القطع العادي. وهو دراسة جيدة موازنة بتفسير المنار، وهي جديرة بالتأمل والقراءة.
الدكتور الفاضل عبدالرحمن
هلا ذكرتم لنا أي دار نشر طبعت هذا الكتاب؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jul 2006, 01:15 م]ـ
أخي أبا الحسن الشامي وفقه الله.
هذا الكتاب من منشورات الزهراء للإعلام العربي. الطبعة الأولى 1413هـ.
هاتف: 2611106 - 601988
وهذه صورة غلاف الكتاب ..
http://www.tafsir.net/images/thilal.jpg
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[07 Jul 2006, 12:39 ص]ـ
رسالة الأستاذة أسماء فدعق بإشراف د عبدالباسط بلبول ولم تطبع وقد شاركت الدكتور محمد أحمد القاسم رحمه الله تعالى في مناقشتها عام 1413
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[25 Nov 2007, 01:03 ص]ـ
سيد قطب ما له وما عليه، للشيخ أبي بصير الطرطوسي، على هذا الرابط
http://www.altartosi.com/refutation/refut021.html
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[25 Nov 2007, 01:09 ص]ـ
** الدراسات التي قامت حول سيد قطب
لقد قامت حول سيد قطب دراسات أكاديمية، وبحوث علمية في مجالات متنوعة، ومن جامعات مختلفة؛ لتدل دلالة قاطعة على الموسوعية الثقافية التي مثَّلها هذا الرجل.
ولئن كانت هذه الدراسات قد تكاثرت حوله، فليس معنى ذلك أن معينه قد نضب… كلا! إن معينه فيَّاض دفَّاق؛ لأنه يستمد ذلك من حياته مع القرآن، وعمله بالقرآن، وتأمله في القرآن، والقرآن لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد.
وفيما يلي أدوِّن ما وقفت عليه - قدر استطاعتي- من الدراسات التي قامت حوله عسى أن تكون نافذة للقراء يطلون من خلالها على ثراث سيد قطب.
(1) عبقري الإسلام سيد قطب الأديب العملاق والمجدد الملهم.
سيد كشميري، قدمه الباحث إلى المعهد المركزي للغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بحيدر آباد بالهند - للحصول على الدكتوراه – وقدم له د. عبد الصبور شاهين.
(2) سيد قطب الأديب الناقد.
عبد الله الخباص - ماجستير كلية الآداب بالجامعة الأردنية.
(3) سيد قطب الناقد الأدبي.
أحمد البدوي - دكتوراه من جامعة الخرطوم.
(4) الشهيد سيد قطب.
بقلم طائفة من الكتاب يضم بعض المقالات والقصائد في شأن
سيد قطب ومناضلته في ميدان الحركة والدعوة.
(5) رائد الفكر الإسلامي الشهيد سيد قطب.
يوسف العظم.
(6) سيد قطب وتراثه الأدبي والفكري.
عبد الرحمن البليهي. دكتوراه بكلية الشريعة بالرياض.
(7) سيد قطب الشهيد الحي.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
(8) نظرية التصوير الفني عند سيد قطب.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
(9) ظهور داعية إسلامي: التطور الفكري عند سيد قطب.
عدنان أيوب مسلم - دكتوراه جامعة ميتشيغان الأمريكية.
(10) سيد قطب فكره وأدبه.
سميرة فياض - دكتوراه جامعة مانشستر.
(11) سيد قطب صفحات مجهولة.
محمد بركة.
(12) سيد قطب من القرية إلى المشنقة.
دراسة وثائقية. عادل حمودة.
(13) سيد قطب وأثره في الفكر السياسي.
شريف إسماعيل يونس - ماجستير آداب عين شمس.
(14) أمريكا من الداخل كما يراها سيد قطب.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
(15) سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
(16) مدخل إلى ظلال القرآن.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
(17) سيد قطب حياته وأدبه.
د. عبد الباقي حسين – رسالة ماجستير بدار العلوم 1980م.
(18) العلاقة المجازية في كتاب في ظلال القرآن.
صلاح محمود علي شحاتة – دكتوراه بجامعة الأزهر.
1977م.
(19) سيد قطب مع فكره السياسي والاجتماعي والديني.
مهدي فضل الله – دكتوراه جامعة السربون بفرنسا 1976م.
(20) سيد قطب خلاصة حياته. منهجه في الحركة. النقد الموجه إليه.
محمد توفيق بركات.
(21) سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي.
محمد علي قطب.
(22) العالم الرباني الشهيد سيد قطب.
العشماوي أحمد سليمان.
(23) سيد قطب ومنهجه في التفسير.
إسماعيل الحاج أمين حاج مجمد – ماجستير جامعة الأزهر (*)
(*) ذهبت إلى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر لأطِّلع على هذه الرسالة؛ لأنها في صميم ما أكتب، فقال لي المسئول هناك: "إن الرسالة قد منعها الأزهر"، وكان ذلك من الأسباب التي شجعتني على نشر الكتاب، سيما وأنه لا يوجد كتاب سهل التناول مختصر يتحدث عن قواعد الشهيد في تفسيره، ويقدم هذه الصورة المجملة عنه.
منقول من هذا الرابط
http://muntada.islamtoday.net/showthread.php?p=293796
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[25 Nov 2007, 01:10 ص]ـ
وإليكم أيضا هذا الرابط
http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/2004/07/article01g.shtml
ـ[محمد براء]ــــــــ[25 Nov 2007, 05:24 م]ـ
وهناك كتاب بعنوان: (أمريكا من الداخل) هو استلالٌ من ظلال القرآن.
ليس كذلك.
بل هو مقالات متفرقة كتبها سيد رحمه الله تعالى في مواضع متفرقة، وجمعها شيخنا الدكتور صلاح الخالدي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[10 Feb 2009, 08:54 ص]ـ
السلام عليكم:
حملت اليوم -ويبدو أني تأخرت- رسالة الدكتورة أسماء فدعق التي أشار إليها الإخوة هنا (منهج سيد قطب في ظلال القرآن) وهذا هو رابطها:
http://ifile.it/ij54o26
أخوكم.
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:52 م]ـ
فضيلة الدكتور: عبد الرحمن بن معاضة الشهري.
أولا: كتاب الشيخ الدويش إنما هو في التنبيه على أخطاء الظلال وليس في تخريج أحاديث الظلال.
ثانيا: ينبغي ألا نغفل الأخطاء العقدية التي وقع فيها سيد قطب - رحمه الله - في تفسيره، والتي نبه على كثير منها الشيخ عبد الله الدويش في كتابه (المورد الزلال).
والله الموفق.
ـ[صالح صواب]ــــــــ[11 Feb 2009, 11:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
من الرسائل الهامة التي انتظرتها طويلا وأعتقد أنها ستفيد في الدراسات المتعلقة بسيد قطب رحمه الله ..
رسالة دكتوراه ... مسجلة عندنا بكلية الآداب - قسم الدراسات الإسلامية جامعة صنعاء، بعنوان:
منهج سيد قطب في العقيدة
قرأ الباحث فيها كتاب (في ظلال القرآن) أكثر من مرة ... ووقف على جميع كتابات سيد قطب (الممكنة) ومن خلالها أبان عن منهجه ...
وقد أكمل الباحث رسالته ... وتم تشكيل لجنة المناقشة ... والرسالة الآن لدى المناقشَين ... وبعد المناقشة مباشرة سأطرح في هذا الموقع بإذن الله تفصيلا لمحتويات الرسالة ... وأهم النتائج .. إن شاء الله تعالى
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[11 Feb 2009, 11:35 م]ـ
ذكر الدكتور فضل ... في مناهج المفسرين:
أن هناك (خمسين) رسالة حول تفسير سيد رحمه الله ...
وذكر بعضها ...(/)
هل من اعراب لهذه الاية؟؟؟؟
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[26 Jul 2004, 11:36 م]ـ
الاخوة الأفاضل بارك الله فيكم أتمنى ان أجد اعراب هذه الاية من توضيح المعنى وفق الوجه الاعرابي:
قال تعالى:" ولقد صرفنا في هذا القرءان للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شيء جدلا"
قوله سبحانه: وكان الانسان أكثرَ شي جدلا. ما اعراب هذه الجملة بفتح اكثر؟
ومااعرابها بالضم أكثرُ؟ وما وجه اختلاف المعنى فيهما؟
وبارك الله في فيكم ...
C:\WINDOWS\ سطح المكتب\ fh.files\slide0001.htm
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[30 Jul 2004, 06:40 م]ـ
الاخوة هل من باحث يجيب على هذا السؤال؟ ارجوا الاجابة أو الاحالة على مصدر؟
ـ[أبو سالم]ــــــــ[30 Jul 2004, 07:25 م]ـ
"أكثر" هي خبر كان منصوب وعلامة نصبه الفتحة
ولا يجوز أن تأتي "أكثر" في هذه الجملة مضمومة بحال من الأحوال والله أعلم(/)
أقسام تلاوة القرآن
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[27 Jul 2004, 02:13 ص]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فهذه فائدة من كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن لفضيلة الشيخ: عبدالله بن يوسف الجديع ص476 - 479
الأقسام التي تكون عليها تلاوة القرآن من حيث حكمها ثلاثة:
الأول: فرض عين.
ولم نجد في نصوص الكتاب والسنة ما يوجب على كل فرد من المسلمين أن يتلو من القرآن سوى ما تصح به الصلاة، وهو سورة الفاتحة وحدها على التحقيق، مما محل بسطه في غير هذا الموضع.
والثاني: فرض كفاية.
وذلك أن الله تعالى أوجب إيجاد طائفة أهل الذكر الذين يبصرون الناس بشرائع ربهم ودينه، وذلك مستلزم كونهم يتلون كلامه، قال تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (122) سورة التوبة
وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن؛ لأنه المبلغ عن الله، كما قال تعالى: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ (92)} سورة النمل
وأهل الذكر من أمتنه على أثره صلى الله عليه وسلم مأمورون بالتبليغ من بعده.
يؤيد أنه فرض كفاية أن الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا جميعا يقرأون، ولم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليهم القراءة أكثر مما تصح به الصلاة، هذا مع ما أمر الله تعالى في كتابه بتدبر القرآن وتلاوته مما دل على أن ذلك الأمر لأجل أن تبقى في الناس علوم هذا الكتاب، بحيث لا يزال فيهم من يبلغهم شرائعه وأحكامه، وهذا تُحقِّقُهُ طائفة من الأمة.
فما كان من هذا القسم والذي قبله فتركه هجر محرم للقرآن، ولوترك الناس في بلد إيجاد من يقرأ القرآن منهم ويتلوه ليبلغهم إياه، لصدق عليهم جميعا وصف الهجر للقرآن.
والثالث: تلاوة مندوبة.
وهي ما يزيد على الواجب مما يحرص المسلمون عليه في كل زمان، فيتلوه القارئ ويحفظه أو يحفظ منه ما شاء مما يعود إلى رغبته وإرادته.
فهذا القسم من التلاوة يُثاب فاعله ويؤجر، ولا يعاقب تاركه ولا يؤاخذ، فلا يعد فِعله من الهجران الذي ذم الله تعالى أهله، لكن لا نشك أن بفواته فوات خير عظيم.
وربما استشكل بعض الناس ههنا ما ورد في شأن التوقيت لختم القرآن في أربعين يوما ... أوستين في قول البعض، أو غير ذلك من التحديد فهل إذا ترك إنسان الختم في هذه المدة يُسمى هاجرا للقرآن؟
الجواب: لا، لأسباب أهمها:
1 - لم يأت في شيء من الأدلة ما يوجب على أحد ختم القرآن، بل و لا ما يحض عليه، وإنما غاية مالا تجد إفادة استحبابه إذا كان مقرونا بالتدبر.
وأما يروى عن ابن عباس، قال: قال رجل يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الحال المرتحل) قال: وما الحال المرتحل: قال: " الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل " فهذا حديث لا يصح.
2 - أن التلاوة إنما أريدت في الأصل؛ لتدبر القرآن وفهمه والعمل به، وهذا على التأني أعظم نفعا؛ لذلك كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون عشر آيات من القرآن إلى أن يتعلموا ما فيها من العلم والعمل.
3 - ما ورد في التوقيت لم يكن لبيان أقصى ما يختم به القرآن، بحيث لا يصلح الختم فيما زاد عليه، وإنما كان توجيها لعبدالله بن عمرو بن العاص للتأني في تلاوة القرآن وأخذ النفس بالرفق في ذلك، ما دل على أن تلك التوجيهات أحسن ما ينبغي أن يرعى في تلاوة القرآن ... .
4 - 4 - وبينت فيما تقدم قريبا أنه لا يجب على المعين من المسلمين أن يقرأ كل القرآن، وإنما يكفيه منه ما تصح به الصلاة، ويغنيه لمعرفة أحكامه أهل العلم الذين من وظيفته أن يشارك في إيجادهم.
فهذه اعتبارات واضحة في أن من لم يختم القرآن في مدة معينة أربعين يوما أو ستين أو غير ذلك ليس بآثم، وليس بهاجر للقرآن ما دام عاملا به: مؤتمرا بأمره، منتهيا عن نهيه، حافظا لحدوده.
واجعل من سبيلك أن لا تسمي الأشياء إلا بما سماها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به، ولا تستعملها إلا حيث استعملها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسلم بذلك من خطأ كبير.(/)
حول آيتي النساء: (واللاتي يأتين الفاحشة ... )
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[27 Jul 2004, 02:42 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
حول قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نساؤكم فاستشهدوا عليهن أربع منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا)، وقوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما، إن الله كان توابا رحيما)
تحصل لي حول هاتين الآيتين، 3 أقوال، أحببت أن أذكر بها إخواني، فمثلها لا يخفى عليهم:
¨ أولا: ما ذكره الأخ ابن عبد الرحمن، حفظه الله، وهو أحد أعضاء ملتقى أهل القرآن المتميزين، وذلك في معرض كلامه على التفريق بين النسخ في إصطلاح المتقدمين، وهم يعنون به كل صور رفع الحكم، بما فيها التخصيص، والنسخ في إصطلاح المتأخرين، بمعناه الإصطلاحي المعروف، حيث قال:
قول الله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا)
كانت المرأة في أول الإسلام إذا زنت سجنت في البيت، ثم جعل الله لهن سبيلا وهو الجلد أو الرجم.
وكثير من أهل العلم أطلق على هذه الآية النسخ، والواقع هي ليست منسوخة بل هي مخصوصة؛ لأن قوله: " استشهدوا عليهن أربعة منكم " ليست منسوخة بل هي محكمة ولا يثبت حد الزنا إلا بأربعة شهداء أو الاقرار أما الحكم الذي ثبت بعد الأربعة شهداء فقد نسخ من آية النساء وبقي في آية النور. اهـ، بتصرف يسير، وجدير بالذكر أن الشيخ السعدي رحمه الله، ذكر في تفسيره، أن هذه الآية ليست منسوخة، وإنما هي مغياة، وغايتها، آية النور، والله أعلم.
¨ ثانيا: تبنى الشيخ حامد محيسن، وهو أحد علماء الأزهر، القول بأن الآية الأولى، قصد بها "السحاق"، والآية الثانية، قصد بها: "اللواط"، واستدل لرأيه بـ:
· أن الله عز وجل لم يذكر في الآية الأولى إلا النساء، ولم يذكر في الآية الثانية إلا الرجال، خلاف الآيات الأخرى التي ذكر فيها الزنى، فغالبا ما يذكر فيها طرفا الجريمة "الذكر والأنثى"، كقوله تعالى: (الزانية والزاني …)، فدل هذا على أن الفاحشة الأولى، فاحشة مقصورة على النساء وهي "السحاق"، وعلى أن الفاحشة الثانية، فاحشة مقصورة على الرجال وهي "اللواط".
· وكذا لم يذكر الله عز وجل الفاحشتين صراحة، خلاف الزنى الذي ذكر صراحة في القرآن، وذلك لعظم فحشهما، وخروجهما عن ميول الإنسان الفطرية، فكنى عنهما الله عز وجل، ولم يذكرهما صراحة، وقد تبنى الشيخ سيد سابق رحمه الله، هذا الرأي في فقه السنة.
¨ ثالثا: وعلى الرأي الأول، ذكر الدكتور عبد البديع أبو هاشم، حفظه الله، أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد في جامعة الأزهر، في أحدى محاضراته، طرفا من حكمة العقوبتين في الآيتين، فقال بأن العقوبة الأولى مناسبة للمرأة، لأن من طبيعتها التستر والتخفي، ولا يمكن أن تلائم هذه العقوبة الرجل، لأنه مطالب بالسعي والخروج لطلب الرزق، وهذا يقتضي الظهور والإشتهار، فكان في هاتين العقوبتين، مقدار زائد في حق المرأة وهو الحبس، فلما جاء الحكم الناسخ، وهو الجلد مائة جلدة، زيد في عقوبة الرجل، التغريب سنة، وهي عقوبة ملائمة له، لأنه يقوى على الغربة، خلاف المرأة التي يخشى عليها من الغربة، فكانت هذه الزيادة في عقوبة الرجل، مقابلة لزيادة عقوبة المرأة في الحكم الأول، وهذا منتهى العدل، والله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Oct 2006, 09:06 ص]ـ
تفسير الفاحشة في الآية الأولى بالسحاق من التفاسير المردودة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Oct 2006, 05:27 م]ـ
أخي الكريم سبق وأن دار نقاش حول هذه المسألة تجده على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1864(/)
كتاب ترجمان القرآن
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[27 Jul 2004, 12:37 م]ـ
السلام عليكم
ما رأيكم في مشروع يجمع أقوال 10 من الصحابة في التفسير من كتب التفسير وكتب السنة ويسمى بترجمان القرآن ومن تقترحون من الصحابة يكون تفسيرهم موضع البحث؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jul 2004, 01:56 م]ـ
أخي عبدالله
مرحباً بك أولاً
وثانياً: حبذا لو بينت أكثر عن هذا المشروع، وما تقصد به، وطريقة جمع أقوال الصحاية.
هل تقصد جمع عشرة أقوال للصحابة في تفسير الآية الواحدة؟ أم ماذا؟
وفقك الله
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[28 Jul 2004, 11:21 ص]ـ
السلام عليكم
المشروع هو تجميع أقوال عدد معين من الصحابة في التفسير على ترتيب المصحف ولو كان هناك قولا لصحابي واحد في الآية وذلك من كتب السنة وكتب التفسير، فبماذا تشيرون علينا؟ وكيف يكون التجميع؟
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[31 Jul 2004, 12:11 م]ـ
اقتربت من تحديد الموضوع فالفكرة الجديدة هي تجميع اقوال المكثرين من الصحابة في التفسير من كل الكتب السنة والتفسير وهم (ابن عباس / ابن مسعود / علي / أُبي بن كعب) رضي الله تعالى عنهم أجمعين ..
فما رأيكم
ـ[عبدالله الزيادي]ــــــــ[18 Aug 2004, 12:27 م]ـ
***(/)
تعقب على ابن القيم فيما سماه "نسخ الأفهام"
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[27 Jul 2004, 04:08 م]ـ
ذهب الإمام ابن قيم الجوزيه رحمه الله تعالى إلى أن من أنواع النسخ ما سماه
"النسخ من أفهام المخاطبين" فقال:وللنسخ معنى أخر وهو النسخ من أفهام المخاطبين ما فهموه مما لم يرده ولا دلَّ اللفظ عليه وإن أوهمه كما أطلق الصحابة رضى الله عنهم النسخ على قوله "وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء"قالوا نسختها قوله تعالى "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" فهذا نسخ من الفهم لا نسخ للحكم الثابت
فإن المحاسبه لا تستلزم العقاب فى الأخرة ولا فى الدنياأيضاً
ولهذا عمهم بالمحاسبه ثم اخبر بعدها انه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
فَفَهمُ المؤاخذة التى هى المعاقبه من الأيه تحميل لها فوق وسعها! فرفع هذا المعنى من فهم من فهمه بقوله "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" .. اهـ
من شفاء العليل ج2 ص 534 ط.العبيكان
أقول: فى هذا الكلام نظر من وجهين
الأول:أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أقر الصحابه على هذا الفهم فإنه
عليه الصلاة والسلام قد قال لهم " قولوا سمعنا وأطعنا" ...
وهذا الإقرار يدل على صحه ما فهمهوه لا محاله فتأمل
الثانى: قوله " فإن المحاسبه لا تستلزم العقاب" صحيح وقد سبقه إليه الطبرى
رحمه الله ولكن الايه الأولى "إن تبدوا ... " إحتملت العقاب
فلما نزلت الثانيه "ربنا لا تؤاخذنا .. " قطعت بعدم العقاب وقد قال سبحانه "قد فعلت"
فالصواب أن يذكر مثالاً أخر وهو ايه الأنعام "الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"
وقد ذكرتُ ذلك لشيخنا ياسر برهامى وفقه الله ونفع به ذكرته له دون مثال سوره الأنعام فصحح مقالتى وارتضاها والحمد لله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Jul 2004, 05:48 ص]ـ
الأخ الفاضل هيثم
أولاً: قد سبق ابن القيم إلى هذا المعنى شيخه ابن تيمية، وقد اعتمد على قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ... ). فالآية فيها دلالة على أن الشيطان يلقي في أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم، فينسخ الله ما ألقاه الشيطان في أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يجكم الله آياته.
وهذا نوع من أنواع النسخ والإحكام، فالمنسوخ ما وقع في الأفهام، والمُحكِم له آيات الله.
وعلى هذا، فما وقع في أفهام الصحابة من معنى الآية نُسِخ بالآية الأخرى، وليس في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((" قولوا سمعنا وأطعنا" ... )) ما يدل على إقرارهم على هذا الفهم.
مع ملاحظة ان هذه الآية يمكن ان تحمل على المجمل الذي جاء بيانه بآية أخرى، وهو نوع من النسخ عند السلف.
وما ذكرته من نسخ الفهم في آية (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) فهم جميل موفق، فالفهم الذي فهموه نسخه قوله تعالى (إن الشرك لظلم عظيم)؛ أي: بينه ووضحه، وفي مثل هذا النوع من النسخ الجزئي لا يلزم ان يكون الناسخ متاخرًا عن المنسوخ، لكن الذي وقع في آية البقرة وقوع الناسخ بعد المنسوخ من جهة النزول.
وهذا كله محمول على مفهوم النسخ عند السلف، فهم يطلقونه على النسخ الكلي، وهو رفع حكم شرعي بحكم شرعي آخر متأخر عنه، ويطلقونه على النسخ الجزئي، وهو رفع جزء من معنى الآية بأي نوع من انواع الرفع؛ كتقييد المطلق، وتخصيص العام، وما إلى ذلك.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى.
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[28 Jul 2004, 02:36 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور: مساعد على المشاركه ونفع الله بك
وبعد:
فقد قرأت ما كتبتَ وأريد معرفة ما المقصود بموافقة شيخ الاسلام على ذلك،هل تعنى وافقه على أصل المسأله
دون ذكر اية البقره كمثال؟
أم تعنى وافقه على خصوص ذلك المثال؟
فإن كانت الأولى فانا لم اعارض فيها بل قد ذكرت اية الأنعام لتوافقها
وأما قولك وفقك الله:"وليس في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((" قولوا سمعنا وأطعنا" ... )) ما يدل على إقرارهم على هذا الفهم "،فلم يظهر لى عدم مدلولية ذلك على الإقرار وذلك لأن الايه إما أن يُعنى بها ما فهمه الصحابه وإما لا؟ فلما لم يعارضهم النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الذى فهموه دل على صحته إذ أن الرسول
صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل ... والله أعلم
وجزاكم الله خيراً
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 Jul 2004, 04:43 م]ـ
إلى الشيخين الفاضلين:
إئذنا لمتسور أن يدخل معكم في نقاشكم الماتع ويبدي استشكالا:
ماذكره الشيخ هيثم وجيه وقد درج أهل التفسير على إثبات النسخ وعندي أن هناك دلالة على النسخ تضاف إلى الأمرين الذين ذكرهما هيثم /
وهو قوله " فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " فقوله " فيغفر ويعذب دل على أن هناك مؤاخذة
وأما الآية التي ذكرها هيثم " الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "
فأرجو تأملها إن كانت خبرا فالنسخ لا يدخل في الأخبار
ومثله كذلك قوله تعالى " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " الآيلت إلى قوله " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " وأعتقد أن أمثلتها كثيرة
فالسؤال الذي نبدأ به هل ابن القيم أراد بالنسخ المعنى الاصطلاحي أم المعنى اللغوي الذي هو مطلق الإزالة؟
أعتقد أنه أراد الثاني وهو يطلق عبارة " النسخ البياني "
ولهذا قال في بعض كلامه " وهذا فاسد أيضا إن أرادوا بالنسخ الرفع فإنه لا يدخل في الخبر إلا إذا كان بمعنى الطلب وإن أرادوا بالنسخ البيان فهو صحيح "
ولهذا كانت عبارة ابن القيم كذا " وللنسخ معنى آخر وهو النسخ من أفهام المخاطبين ما فهموه .... فهذا نسخ من الفهم لا نسخ للحكم الثابت "
فهو يتكلم عن مطلق الإزالة ولهذا السلف والمفسرون لا يطلقون على هذا نسخا بمعناه الاصطلاحي وإنما له ألفاظ أخرى.
ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال " ليس هو الذي فهمتموه "
الخلاصة:
وعليه فالاستدراك على ابن القيم في آية " وإن تبدو ما في أنفسكم " الآيات في نظري صحيح
وأما الكلام على مطلق تصحيح الأفهام أو التنبيه على خطأ في الفهم دون معنى النسخ الشرعي فأعتقد أن هناك أدلة كثيرة على ذلك
المقرئ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Jul 2004, 04:56 ص]ـ
شكر الله لكم تعقيباتكم لكن أود ان أنبه هنا في عجالة على أمر:
إن الحديث الذي ورد في شأن آيتي سورة البقرة قد وقع فيه التصريح من الصحابي بالنسخ، بخلافه ما ورد في آية الأنعام حيث لم يرد في الحديث لفظ النسخ.
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[29 Jul 2004, 02:51 م]ـ
جزى الله الأخ الشيخ المقرىء خيراً على مشاركته معنا
وبعد:
فأود أن أقول أن قولك وفقك الله:"وأما الآية التي ذكرها هيثم " الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "
فأرجو تأملها إن كانت خبرا فالنسخ لا يدخل في الأخبار"
أقول النسخ هنا لم يأت من الشرع ولكن رفعه الشرع من أفهام المخاطبين، بمعنى انهم فهموا الظلم بمعنى ليس مقصوداً فرفعه النبى صلى الله عليه وسلم من أذهانهم والله أعلم(/)
مامعنى القراءة الآحادية وهل هي من القرآن؟
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[28 Jul 2004, 02:21 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:
أشكل علي مايلي:
من المعروف ماذكره ابن الجزري في النشر: أن القراءة الصحيحة هي مااجتمع فيها الثلاثة الشروط المعروفة.
وليس منها التواتر .. فعلى هذا القراء الآحادية قرءان.
لكن السيوطي في الإتقان جعل القراءة الآحادية:ماصح سنده وخالف الرسم أو العربية أولم يشتهر.
والذي أعرفه أن هذا حد القراءة الشاذة لا الأحادية.
أرجو التوضيح ياإخوان، فأنا في طور بحث.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 Jul 2004, 12:40 ص]ـ
ارجو الاطلاع على هذا البحث المنشور في الملتقى فلعله يفيدك: اضغط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=186)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 Jul 2004, 05:35 ص]ـ
أخي الكريم أحمد البريدي شكر الله لك ما قدمت من البحث الماتع في موضوع القراءات.
وفي نظري أن موضوع المصطلحات التي طرقها علماء القراءة المتأخرون قد دخلها ما ليس منها، فالقراءة إما ان تكون مقبولة، وإما أن لا تكون مقبولة.
والقراءة المقبولة هي ما رويت بطريق صحيح، وتلقها علماء القراءة بالقبول، وهي التي اصطلح عليها فيما بعد بالقراءة المتواترة.
والقراءة غير المقبولة ما عدا ذلك، سواءً أصح سندها لكنها لم تُتلقَّ بالقبول من لدن القراء، أو كانت مما لم يثبت سنده أو كانت مقبولة لغير ذلك.
وتقسيم القراءة غير المقبولة إلى أقسام؛ كالشاذة والآحاد وغير ذلك في نظري أنه عناء، وليس له أثر في البحث العلمي سوى القراءة الباطلة من جهة السند.
والموضوع يحتاج إلى نظر والله الموفق.
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[29 Jul 2004, 02:42 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:
أولا أشكر الشيخ أحمد البريدي على موضوعه النافع، ولعلك ياشيخ أحمد تفيدني في موضوعي بشكل مباشر، وأنا في الانتظار _بارك الله فيك_
ثانيا: أشكر الشيخ مساعد على مداخلته، ولي فيماذكره وجهة نظر صغيره:
فهمت من كلام الشيخ أن القراءة نوعان:
مقبولة وهي المتواترة
غير مقبولة وهي غير المتواترة أوماخالفت رسم المصحف .....
وهناك كلام للعلامة للشنقيطي في مذكرة الأصول نقل فيه عدم الاختلاف على أن القراءة غير المتواترة ليست قرآنا واختلف في كونها حجة.
لكن مانقله العلامة الشنقيطي يشكل عليه في نظري مارجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أن القرآن لايشترط فيه التواتر. ونقل كلام ابن الجزري المعروف في شروط القراءة الصحيحة والذي ليس فيه التواتر (النشر:1/ 53،54).وكما هو معلوم أن ابن الجزري ذكر أن هذا هو مذهب السلف لايعرف عن أحد منهم خلافه.
وانظر كلام ابن تيمية في الفتاوى 13/ 379
إذن هناك قراءة آحادية،واختلف في كونها قرآنا ورجح ابن تيمية أنها قرآن وهذا موافق لما ذكره ابن الجزري عن السلف.
أيضا: علماء الأصول يذكرون الخلاف في الاحتجاج بالقراءة الشاذة وبعضهم يعبر بما نقل إلينا بالآحاد، ثم يمثل الجميع بقراءة ابن مسعود،!! فهل هناك فرق بين القراءة الشاذة والقراءة الآحادية عندهم أولا؟
الذي يظهر عدم ذلك، بدليل اتحاد الأمثلة.
وقد يكون الشنقيطي يريد بالقراءة الآحادية: الشاذة.
فكلامك ياشيخ مساعد في ظني أنه يصح على الراجح بكون القراءة الآحادية قرآنا. لكن يبقى النظر في كلامكم حفظكم الله والذي فهمت منه أن الذي ينقل إلينا عن طريق الآحاد ليس قرآنا.
ومعرفة هذه التقسيمات (دون نفس التقسيم) مهم لمعرفة مقاصد العلماء وأحكامهم.
والإشكال الذي لازال قائما في ذهني: لماذا جعل السيوطي القراءة الآحادية: ماصح سنده وخالف الرسم أو العربية أو لم يشتهر؟؟ مع أن هذا يخالف كلام ابن الجزري ومانقله عن السلف
أرجو أن تكون الفكرة قد اتضحت.
فأنا بحاجة إلى تحرير أقسام القراءة عند العلماء، لمعرفة مراد العلماء في كلامهم.
ولاأستغني عن توضيح المشايخ الفضلاء
وأحسن الله إليكم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:15 ص]ـ
أخي الكريم: لعلك تطالع الجزء الخاص بشرط صحة السند ففيه بغيتك والخلاف في اشتراط التواتر من عدمه وتخريج قول من لم يشترط ذلك , فالبحث منشور على حلقات وتجده على ملف وورد في مكتبة شبكة التفسير.(/)
هل في القرآن مجاز
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[29 Jul 2004, 03:03 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة عن مجاز القرآن أصلها مأخوذ من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود حفظه الله، لمذكرة الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها.
بداية لابد من ذكر نبذة مختصرة عن الحقيقة والمجاز، حتى يتضح الأمر أكثر، وممن تكلم عن هذه المسألة بإختصار غير مخل أ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، في مذكرته المختصرة النافعة في علم الأصول (الأصول من علم الأصول)، فقال رحمه الله (بتصرف):
¨ أولا: الحقيقة، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
· الحقيقة اللغوية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة، فخرج بقولنا، في اللغة، الحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية، ومن الأمثلة عليها: الصلاة، فحقيقتها اللغوية، هي الدعاء، وقد وردت في قوله تعالى (وصل عليهم)، فالمقصود بالصلاة هنا، هو الدعاء لمن جاء بصدقة ماله.
· الحقيقة الشرعية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع، فخرج بقولنا، في الشرع، الحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية، ومن الأمثلة عليها، الصلاة، فحقيقتها الشرعية: الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك.
· الحقيقة العرفية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف، فخرج بقولنا، في العرف، الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية، ومن الأمثلة عليها، الدابة، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف.
وينبه الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، على فائدة هذا التقسيم، وهو أن يحمل كل لفظ على معناه، تبعا لإستعماله، الذي يعرف من سياق الكلام، فعلى سبيل المثال، لفظ الصلاة في قوله تعالى: (وصل عليهم)، لا يمكن حمله على الحقيقة الشرعية، لأنه لا يعقل أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على من جاءه بالصدقة، صلاة كالتي يصليها كل مسلم في المسجد، أو في غيره، بينما لفظ الصلاة، في الأدلة الشرعية، التي تدل على فرضية الصلاة وشروطها وأركانها، ومواقيتها … الخ، لا يمكن حمله على الحقيقة اللغوية، وهي الدعاء.
¨ ثانيا: المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مثل أسد للرجل الشجاع.
فخرج بقولنا: "المستعمل" المهمل فلا يسمى حقيقة ولا مجازا.
وخرج بقولنا: "في غير ما وضع له" الحقيقة.
ثم تطرق الشيخ، رحمه الله، إلى مسألة "القرينة" وهي: الدليل الذي يمنع من إرادة الحقيقة، ويدل على إرادة المجاز، وإلى مسألة "العلاقة": وهي الإرتباط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي لكي يصح إستعمال اللفظ في مجازه.
وطبقا للعلاقة، ينقسم المجاز إلى:
· الإستعارة: كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع.
· المجاز المرسل: إن كان التجوز في الكلمات، كقولك: رعينا المطر، فكلمة المطر مجاز عن العشب فالتجوز بالكلمة.
ومن المجاز المرسل:
o التجوز بالزيادة، كقوله تعالى: (ليس كمثله شيء)، فقال العلماء فيها: إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى.
o التجوز بالنقص: كقوله تعالى: (واسأل القرية)، أي واسأل أهل القرية، فحذفت "أهل" مجازا.
· المجاز العقلي: إن كان التجوز في الإسناد، كقولك: أنبت المطر بالعشب، فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز، لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى، فالتجوز في الإسناد.
وبعد الإنتهاء من هذه المقدمة، أذكر الرأيين، اللذين ذكرهما الشيخ محمد، حفظه الله، في هذه المسألة:
¨ أولا: وجود المجاز في القرآن، وهو قول الجمهور وعلى رأسهم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال في قوله تعالى: (أو لامستم النساء)، هو الجماع، يكني الله بما شاء، وممن أشهر من وافقه في هذا التفسير، البخاري رحمه الله، وشيخ الإسلام رحمه الله، حيث نقض الإستدلال بهذه الآية على نقض الوضوء بلمس المرأة، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله، الذين قالوا بنقض وضوء اللامس (وهو الرجل)، والملموس (وهو المرأة)، حيث قال بأن مقصود اللمس هنا "الجماع" على الصحيح لأن الملامسة تكون بين اثنين، بينما اللمس لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يكون إلا من واحد (وهو اللامس)، ومما يؤيد هذا الرأي، ما سبق ذكره من أمثلة في تقسيم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للمجاز، كقوله تعالى: (ليس كمثله شيء)، وقوله تعالى: (واسأل القرية)، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أن هذا القول هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القرآن وغيره.
¨ ثانيا: عدم وجود المجاز في القرآن، ومن قال بهذا القول، احترز به من تأويل الصفات، الذي وقع فيه المؤولة من الأشاعرة والماتريدية، حيث توسعوا في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، حتى أدخلوا صفات الله عز وجل الفعلية، وكثيرا من الصفات الذاتية، وخاصة الخبرية، في باب المجاز، وهذا رأي شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، واستدلا بقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن …)، والحث على تدبر القرآن يناقض القول بأن هناك آيات لا معنى لها أو لا يفهم معناها، أو يجب الكف عن بيان معناها أو التفويض فيها، وبهذا القول قال أبو إسحاق الإسفرائيني رحمه الله، ومن المتأخرين، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، في مذكرته في أصول الفقه، وقد رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، في مختصره في الأصول.
وجدير بالذكر أن ابن قدامة رحمه الله، ذكر في "روضة الناظر" بأن آيات الصفات متشابهة، وقد ناقشه الشيخ الشنقيطي رحمه الله، على إطلاقه في عبارته، وقال بأن التشابه، هو التشابه في "كيفية صفات الله عز وجل"، فهي مجهولة بالنسبة لنا، وأما أن يقال بأنها متشابهة المعنى فلا، لأن معناها اللغوي معروف بالنسبة لنا، ولم نطالب بمعرفة كيفيتها، وكذا لم نطالب بتأويلها، وإنما أمرنا بإمرارها كما جاءت، مع الإيمان بمعانيها، من غير تعطيل ولاتأويل ولا تشبيه ولا تكييف.
والذي يرجح في نهاية هذه النبذة المختصرة، أن في القرآن مجازا، إلا في صفات الله عز وجل، فيكون التفصيل الأمثل فيها، هو تفصيل الشنقيطي رحمه الله، في رده على ابن قدامة رحمه الله، والله أعلم.
ـ[أويس القرني]ــــــــ[29 Jul 2004, 03:26 ص]ـ
المجاز عند الأصوليين بين المجيزين والمانعين(/)
قوله تعالى"يأتيهم الله فى ظلل" وما جاء عن الإمام أحمد فى تفسيرها
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[29 Jul 2004, 03:11 م]ـ
جاء أن الامام أحمد رحمه الله أثناء مناظرته للجهميه فى مسأله خلق القران أنهم احتجوا عليه بقول النبى
صلى الله عليه وسلم أن البقرة و ال عمران تأتيان يوم القيامه كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فِرقان
من طير صواف، تحاجان عن صاحبهما (رواه مسلم)،قالوا: وما يجىء إلا المخلوق.
فقال الإمام أحمد: قد قال الله تعالى:"هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فىظلل من الغمام"
فهل يجىء الله؟ إنما يجىء أمره. كذلك هنا إنما يجىء الثواب
وهذه الواقعه ـ إن ثبتت ـ عزاها شيخ الإسلام رحمه الله الى كتاب محنه الإمام أحمد وأشار الدكتور:
محمد رشاد سالم رحمه الله أنه لم يجدها فى الجزء المطبوع منه وأن الجزء الأول من الكتاب مفقود
وقد نص على صحتها من لا نثق به وهو الكوثرى فى تعليقه على الأسماء والصفات
وغالب ظنى أن البيهقى قد حكى هذه القصه مسنده لكن لم أقف على ذلك والله المستعان
وقد إختلف الحنابله فى هذه الروايه على خمس طرق كالأتى:
1ـ قوم تأولوا هذه الصفه دون غيرها (أعنى صفه المجىء) من الصفات متابعة منهم لأحمد
2ـ قوم توسعوا عن الذين قبلهم واطردوا كلام أحمد فى الصفات الحركيه دون غيرها ومن هؤلاء
أبو الحسن الزاغونى وهو من الصفاتيه
3ـ وقوم توسعوا عن الذين قبلهم وارتكبوا الشطط واطردوا هذه الروايه على جميع نصوص أحمد
أى تأولوا ايات واحاديث الصفات ومن هؤلاء العلامه ابن الجوزى عفا الله عنه
وهذه الطرق الثلاث لا يصح منها شىء كما هو ظاهر وبطلانها معلوم وإن كان متفاوتاً والله المستعان
4ـ وقال قوم: إنما قال ذلك إلزاماً للجهميه لأنهم يتأولون مجىء الرب بمجىء أمره فكأن أحمد قال:
كما تقولون ذلك فى الأيه فقولوا كذلك فى الحديث.
وهذا المسلك يضعفه امران:
أ ـ سياق القصه يأبى ذلك
ب ـ ما ثبت عن أحمد أنه كره أن ترد البدعه بالبدعه، فكان أحمد فى مناظرته للجهميه ألزمه أبو عيسى
محمد بن عيسى برغوث أن القران إذا كان غير مخلوق لزم أن يكون الله جسماً وهذا منتفٍ، فلم يوافقه أحمد لا على نفى ذلك ولا على إثباته ,وقال:"قل هو الله أحد ... " الأيات
وذلك لأن لفظ الجسم من الألفاظ المبتدعه ولو أصاب من أطلقها معنىٍ صحيحاً فقد ابتدع لفظاً
5ـ وقال قوم: أخطأ حنبل فى نقل هذه الروايه،ومعلوم أن حنبلاً له مفاريد ينفرد بها ولذلك إختلف الحنابله فى مفاريده هل تثبت بها روايه؟ فالخلال و الأثرم قد ينكرانها ويثبتها ابن حامد
وقد قال العلامه عبد الحليم بن تيميه والد شيخ الإسلام رحمهما الله فى ذكر الخلاف عندهم فيما إذا رويت عنه روايات بخلاف أكثر نصوصه (وليس هذا خاصاً بحنبل) هل تعد مذهباً له
فقال رحمه الله: فذهب أبو بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إلى أنها ليست مذهباً له. وذهب ابن حامد الى أنه لا يطلق ذلك، وإن كان دليلها أقوى قدمت ......... وهو حسن.اهـ
وأنا أميل الى هذا المسلك الأخير، فأن المتواتر قطعاً عن الإمام رحمه الله عدم تأويل أيات واحاديث الصفات ولو اننا اخضعنا روايه حنبل هذه لقواعد المحدثين لوجدناها تلتقى مع الحديث الشاذ
ولعل هذا ما أشار إليه شيخ الإسلام لما قال: وبكل حال،فالمشهور عند اصحاب الإمام أحمد أنهم لا
يتأولون الصفات التى من جنس الحركه: كالمجىء و الإتيان والنزول والهبوط والدنو والتدلى،
كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح. اهـ والله المستعان
مستفاد من الفتاوى ج 5\ 400 و ج5\ 430
والأستقامه ج1\ 75 و المسوده ج1\ 85(/)
الإعجاز العلمي وتفسير القرآن
ـ[حرف]ــــــــ[29 Jul 2004, 06:44 م]ـ
تحية طيبة ... أيها الأخوة ما رأيكم في تفسير القرآن بمقتضى الاكتشفات العلمية عموماً , وماهي الضوابط (إن جاز)؟
http://www.55a.net/
http://www.aleijaz.net/
http://www.aliman.org/ptru.htm
من أشد المعارضين النافين له الشيخ الحميد في كتابه " الفرقان ردا على الزنداني ".
تيار آخر: يرى أنه من أقوى أساليب دعوة غير المسلمين خصوصا وأن العلم اتجه نحو المادية بصورة تجعله معطلا في الإيمان بكل ماهو غيب (إن لم تاتي الشواهد بماهو منظور).
علمت أن الشيخ السبت له سلسلة محاضرات حول الموضوع ...
أرجو التفاعل شاكراً ...
ـ[حرف]ــــــــ[29 Jul 2004, 06:56 م]ـ
...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 12:14 ص]ـ
سبق مناقشة هذا الموضوع في بعض المشاركات. منها.
- نقد ما يسمى بالتفسير العلمي للدكتور مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=384)
- مصطلح التفسير العلمي لمرهف سقا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=129)
- لقاء شبكة التفسير مع الأستاذ الدكتور زغلول النجار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=568)
نص اللقاء مع الأستاذ الدكتور زغلول النجار ( http://www.tafsir.net/zaghlool.php).
وهناك مشاركات أخرى فيما أظن.(/)
هل من السنة قول " آمين "؟
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[29 Jul 2004, 11:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
مسألة: كما هو معلوم أنه إذا قرأ المصلي سورة الفاتحة، فإنه يُستحب له قول " آمين " بعد الإنتهائه من القراءة، لما ورد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن هل من السنة قول " آمين " عند الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة لمن هو في غير الصلاة؟
أرجو منكم التكرم بإفادتي
بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jul 2004, 11:37 م]ـ
التأمين خارج الصلاة حكمه كالتأمين في الصلاة فيه ثلاثة أقوال:
- أنه سنة، وهذا هو الذي عليه الأكثر.
- أنه واجب، للأمر بذلك في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. رواه البخاري ومسلم.
- أنه مسنون للمأموم دون الإمام.
فيكون التأمين بعد الفاتحة سنة لمن قرأها خارج الصلاة أيضاً والله أعلم.
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[29 Jul 2004, 11:55 م]ـ
أخي الفاضل عبدالرحمن الشهري
جزاك الله خيراً وبارك فيك
وزادك من علمه ونفع بك الإسلام وأهله(/)
شيعة = فرقة، والله أمر ألا نتفرق إلى فرق.
ـ[أبو علي]ــــــــ[30 Jul 2004, 11:15 ص]ـ
حينما أستعمل كلمة (الشيعة) فإن هذه الكلمة ليست مدحا وإنما الكلمة نفسها تدين أصحابها , مثلا:
أمرنا الله أن نكون أمة واحدة وألا نتفرق إلى فرق، فإذا انشقت جماعة وسمت نفسها (فرقة كذا) فإن في تسمية هذه الجماعة ب (فرقة كذا أو الفرقة) دليل أنها افترقت عن الجماعة، فالإسم نفسه يعبر عن التفرق، إذا أمرنا الله ألا نكون أحزابا وقامت جماعة سمت نفسها (حزب فلان أو سمت نفسها (الحزب)، أليس في هذه التسمية دليل أن هؤلاء خالفوا الأمر وتحزبوا وتسموا بما نهوا عنه؟
كذلك قال الله: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا (شيعا) لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون.
فهذه الآية تنهى عن التفرق إلى شيع، فإذا انفصلت جماعة وسمت نفسها (شيعة) فمعنى ذلك أنها فارقت الجماعة، أليست (شيع) مفردها
(شيعة)، إذن ففي التسمية ب (الشيعة) حجة عليهم أنهم فعلوا ما نهوا عنه.
ما زال الشيعة يتسمون بهذا الإسم وهم يتلون هذه الآية أفلا يعقلون!!(/)
من التفسير (1) ابن جرير الطبري: تأويل قوله تعالى " وفومها" ..
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[30 Jul 2004, 02:45 م]ـ
قال تعالى:"وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها "
وأما"الفوم" , فإن أهل التأويل اختلفوا فيه. فقال بعضهم: هو الحنطة والخبز.
* ذكر من قال ذلك:
1/ حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد ومؤمل قالا حدثنا سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن عطاء قال: الفوم:، الخبز.
2/ حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء ومجاهد قوله: (وفومها) قالا خبزها.
3/ حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو قالا حدثنا أبو عاصم , عن عيسى بن ميمون , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وفومها)، قال: الخبز.
4/ حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة والحسن: الفوم، هو الحب الذي يختبزه الناس.
5/ حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة والحسن بمثله.
6/ حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين , عن أبي مالك في قوله: (وفومها) قال: الحنطة.
7/ حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي: (وفومها)، الحنطة.
8/ حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن وحصين , عن أبي مالك في قوله: (وفومها)، الحنطة.
9/ حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر الرازي , عن قتادة قال: الفوم، الحب الذي يختبز الناس منه.
10/ حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال، قال لي عطاء بن أبي رياح قوله: (وفومها)، قال: خبزها، قالها مجاهد.
11/ حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال لي ابن زيد: الفوم، الخبز.
12/ حدثني يحيى بن عثمان السهمي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله: (وفومها) يقول: الحنطة والخبز.
13/ حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله: (وفومها) قال: هو البر بعينه، الحنطة.
14 حدثنا علي بن الحسن قال، حدثنا مسلم الجرمي قال، حدثنا عيسى بن يونس , عن رشدين بن كريب , عن أبيه , عن ابن عباس في قول الله عز وجل: (وفومها) قال: الفوم، الحنطة بلسان بني هاشم.
15/ حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا عبد العزيز بن منصور , عن نافع بن أبي نعيم، أن عبد الله بن عباس سئل عن قول الله: (وفومها)، قال: الحنطة، أما سمعت قول أحيحة بن الجلاحح وهو يقول:
ورد المدينة عن زراعة فوم قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا
وقال آخرون: هو الثوم.
· ذكر من قال ذلك:
16/ حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك , عن ليث , عن مجاهد قال: هو هذا الثوم.
17 حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قال: الفوم، الثوم.
وهو في بعض القراءات"وثومها".
وقد ذكر أن تسمية الحنطة والخبز جميعا"فوما" من اللغة القديمة. حكي سماعا من أهل هذه اللغة:"فوموا لنا" , بمعنى اختبزوا لنا.
وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود:"وثومها" بالثاء. فإن كان ذلك صحيحا، فإنه من الحروف المبدلة كقولهم:"وقعوا في عاثور شر: وعافور شر" وكقولهم""للأثافي، أثاثي؛ وللمغافير، مغاثير" وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء، لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثاء. و"المغافير" شبيه بالشيء الحلو، يشبه بالعسل، ينزل من السماء حلوا، يقع على الشجر ونحوها.
*ابن جرير الطبري: محمد بن جرير بن يزيد، أبو جعفر (224 – 310)
ـ[موراني]ــــــــ[30 Jul 2004, 03:13 م]ـ
15/ حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا عبد العزيز بن منصور , عن نافع بن أبي نعيم، أن عبد الله بن عباس سئل عن قول الله: (وفومها)، قال: الحنطة، أما سمعت قول أحيحة بن الجلاحح وهو يقول:
ورد المدينة عن زراعة فوم قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا
تعليق:
جاء هذا التفسير في تفسير نافع بن أبي نعيم
أنظر. الجزء فيه تفسير القرآن ليحيى بن يمان وتفسير لنافع بن أبي نعيم القاريء .... الخ , برواية أبي جعفر محمد بن نصر الرملي.
تحقيق حكمت بشير ياسين.
مكتبة الدار بالمدينة المنورة 1988. ص 45
وذكره أيضا ابن وهب في تفسيره عن نافع بن أبي نعيم.: ج 1 , ص 25.
أما البيت وهو كما يلي:
قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا ورد المدينة عن زراعة فوم
أنظر أيضا المعجم الكبير للطبراني , ج 10 , ص 308 و309 وج 11 , الرقم 13020
موراني(/)
ما علاقة: (فضربنا على آذانهم .. ) بصعوبة الانتباه من النوم؟
ـ[ابوفالح الاكلبي]ــــــــ[30 Jul 2004, 04:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمةالله
اخواني الافاضل قال الله تعالى في سورة الكهف
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11)
والسؤال لاهل العلم والتفسير هو هل للاذان علاقة مع النوم خصوصاالعميق كما حصل لاهل الكهف?
وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 08:12 م]ـ
نعم أخي الكريم أبا فالح، للسمع علاقة وثيقة بالانتباه من النوم. فإذا لم ينفذ الصوت للأذن، كان الانتباه من النوم صعباً. والضرب على الأذن منع نفاذ الصوت مهما دق إليها، وهذا ما حدث لأهل الكهف فقد منعت الأصوات بالضرب عليها من النفاذ إليها، وربما لا يكون هذا الضرب هو الأمر الوحيد في عدم الاستيقاظ كل هذه السنوات، بل لله في أمرهم قدرة ظاهرة. وإلا فمهما منع الصوت من النفاذ إلى الأذن ولو كان أصماً، فإنه يستيقظ بعد الاكتفاء من النوم. ولو رجعت إلى كتب التفسير لوجدت لبعضهم حديثاً مطولاً عن سر التعبير بالضرب على الآذان هنا، وعلاقته بضرب النقود.
وهذا ما قاله القرطبي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية، وفيه فوائد.
قال تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).
قال القرطبي: عبارة عن إلقاء الله تعالى النوم عليهم. وهذه من فصيحات القرآن التي أقرت العرب بالقصور عن الإتيان بمثله. قال الزجاج: أي منعناهم عن أن يسمعوا؛ لأن النائم إذا سمع انتبه.
وقال ابن عباس: ضربنا على آذانهم بالنوم، أي: سددنا آذانهم عن نفوذ الأصوات إليها.
وقيل: المعنى " فضربنا على آذانهم " أي فاستجبنا دعاءهم , وصرفنا عنهم شر قومهم , وأنمناهم. والمعنى كله متقارب.
وقال قطرب: هذا كقول العرب: ضرب الأمير على يد الرعية إذا منعهم الفساد , وضرب السيد على يد عبده المأذون له في التجارة إذا منعه من التصرف.
قال الأسود بن يعفر وكان ضريرا:
ومن الحوادث لا أبا لك أنني * ضربت علي الأرض بالأسداد
وأما تخصيص الأذان بالذكر فلأنها الجارحة التي منها عظم فساد النوم , وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه , ولا يستحكم نوم إلا من تعطل السمع. ومن ذكر الأذن في النوم قوله صلى الله عليه وسلم: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) خرجه الصحيح. أشار عليه السلام إلى رجل طويل النوم , لا يقوم الليل.
ـ[ابوفالح الاكلبي]ــــــــ[30 Jul 2004, 08:58 م]ـ
شكرا لك يا شيخنا الفاضل
واذا كان لديك معرفة طبيه بعلاقة الاذن بالنوم فازدنا حفظك الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 09:24 م]ـ
ربما تجد في هذا الموقع ما يفيدك.
النوم في الصحة والمرض ( http://www.sleepsa.com/).
وصاحبه رجل معروف وموثوق هو الدكتور أحمد باهمام وفقه الله.(/)
الصديقون
ـ[منصور]ــــــــ[30 Jul 2004, 07:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أود ان أسأل عن التعريف العلمي للصديقين
وهل هي منزله خاصه لناس معينين أم انها عامه؟!!
وأتمنى ان أحصل على الاجابه منكم
شاكر لكم
والسلام
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2004, 07:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مرحباً بكم أخي الكريم منصور في ملتقى أهل التفسير.
الصديقون جمع صديق بكسر الصاد وتشديد الدال وكسرها أيضاً، على وزن مسكين.
وهي منزلة عامة ينالها من يستحقها بفضل الله سبحانه وتعالى، بدليل الجمع في قوله تعالى: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ... الآية). وليست منزلة خاصة.
وفي معناها اختلاف:
أولاً - قيل هي مأخوذة من الصدق، ويكون الصديق هو دائم التصديق لله وللرسل، وكمل تصديقهم لله ولرسله، واستقاموا على أمره، وصاروا خير الناس بعد الأنبياء. وعلى رأسهم من هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو رأس الصديقين، وأكملهم صديقية، بفضله وتقواه، وسبقه إلى الخيرات، وقيامه بأمر الله خير قيام، وكونه قرين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، ومساعده بكل ما استطاع من قوة رضي الله عنه وأرضاه. وإذا أطلق لقب الصديق فهو ينصرف إليه دون منازع رضي الله عنه. والصديق على هذا هو يحتل مرتبة دون مرتبة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وأغلب المفسرين يذهبون إلى هذا الرأي، وهو أن الصديق مأخوذ من الصدق، ويحملون على هذا التفسير كل الآيات الواردة في ذلك، ويحضرني منها:
- قوله تعالى عن مريم عليها السلام: (وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ... )
- قوله تعالى: (يوسف أيها الصديق أفتنا في ..... الآية)
- قوله تعالى: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبيا).
- قوله تعالى: (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبيا).
ثانياً - قيل: إن الصديقين مشتقة من العلو والرفعة. ولذلك وصف بها الأنبياء كإبراهيم ويوسف وإدريس. وهم لم يكونوا مصدِّقين (صيغة اسم الفاعل بكسر الدال) وإنما مصدَّقين (صيغة اسم المفعول بفتح الدال). وبالتالي فإن الحديث في اشتقاقها على هذا الأساس يطول الحديث عنه. وقد كتب فيها كتابات منها ما كتبه حامد العولقي على هذا الرابط:
أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( http://www.alsaha.com/sahat/Forum2/HTML/005101.html).
ولعلك تتأمل ما كتبه وتفيدنا بملخصه وفقك الله. وأكتفي بهذا الآن وفقك الله.(/)
ماهي القراءة التفسيرية
ـ[ابوبنان]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:38 ص]ـ
سمعت بطريقة لقراءة للقرءان تكاد تفسر القراءة للسامع ويضرب لذلك مثالا قراءة السديس وبعض اشرطة المنشاوي ارجوا توضيح الموضوع مع ذكر امثلة من اشرطة متوفرة(/)
أصول التفسير
ـ[خالد فايز]ــــــــ[31 Jul 2004, 01:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، منزل القرآن، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، القائل: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وعلى آله وصحبه البررة الذين تعلموا كتاب ربهم وعملوا به .. أما بعد:-
أصول التفسير
الأصل في اللغة: أسفل الشيء، ويطلق الأصل على مبدأ الشيء، وما يبني عليه غيره، وعبر عنه بعضهم بأنه: ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، وهذا مستوحى من المعنى اللغوي.
ويقرب من معنى الأصل: القاعدة، وهي: الأساس الذي يبنى عليه البيت.
والتفسير في اللغة مأخوذ من مادة (فَسَرَ)، وهي تدل على ظهور الشيء وبيانه. ومنه الكشف عن المعنى الغامض.
وللتفسير في الاصطلاح تعاريف، ومن اوضحها:-
بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وأصول التفسير:- هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين في فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.
حكم التفسير وأقسامه
* حكم التفسير:-
أنزل الله كتابه ليتدبره الناس، قال تعالى: {كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، ونعى على من لم يتدبره، فقال: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} والتدبر يكون بعد تفسير ألفاظه وفهم معانيه، ولذا فالمسلم مأمور بهذا الفهم والتفسير.
وتعلم التفسير واجب على الأمة من حيث العموم، فلا يجوز أن تخلو الأمة من عالم التفسير يعلم الأمة معاني كلام ربها.
أما الأفراد فعلى كل منهم واجبٌ منه، وهو ما يقيمون به فرائضهم، ويعرفون به ربهم.
ولابن عباس تقسيم للتفسير، ويمكن من خلال هذا التقسيم معرفة ما يجب على أفراد الامة كما سيأتي إن شاء الله:-
* أقسام التفسير:-
للتفسير أقسام عدة، وكل قسم مبني على اعتبار، ويكون هذا الاعتبار بالنظر إلى جهة من جهات التفسير.
ويمكن تقسيم هذه الاعتبارات إلى ما يلي:
1 - باعتبار معرفة الناس له. 2 - باعتبار طريق الوصول إليه.
3 - باعتبار أساليبه.
4 - باعتبار اتجاهات المفسرين فيه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول من كتاب (فصول في أصول التفسير) للمؤلف د. مساعد بن سليمان الطيار وفقه الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Aug 2004, 05:59 ص]ـ
ويمكن أن يقال في تعريف أصول التفسير في الاصطلاح: مجموعة القواعد الصحيحة والطرق المثلى التي يحتاج إليها المفسر للكشف بها عن معاني القرآن الكريم.
ولو اُقتصر في تعريف التفسير على: بيان القرآن الكريم؛ لكان أولى من: بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.لأننا نعرف التفسير، ولا نعرف القرآن الكريم.
وواصل المسير أخي خالد وفقك الله.
ـ[تابع الأثر]ــــــــ[01 Aug 2004, 07:24 ص]ـ
جزاكما الله خيرا
وللفائدة فإن الشيخ مساعد الطيار حفظه الله قد شرح بعضا من كتابه فصول في أصول التفسير في الدورة العلمية التي أقيمت بالدمام هذا الصيف.
وقد استدرك الشيخ حفظه الله على تعريفه للتفسير وقال الأولى تعريفه ببيان القرآن الكريم.
وشرح الشيخ موجود في دار ابن الجوزي بالدمام.
ـ[كساب]ــــــــ[05 Aug 2004, 12:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا(/)
" التسهيل في علوم التنزيل " لابن جزيء الكلبي أين أجده للضرورة.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[01 Aug 2004, 02:00 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
هل هناك أحد من الفضلاء وفقه الله يتكرم ويدلنا على " كتاب التسهيل في علوم التنزيل لابن جزيء الكلبي رحمه الله موجود في الإنترنت. فيدلنا على رابطه أم يحمله لنا في الملتقى.
بارك الله في الجميع وجزى الله من دل مسلم على خير فالدل على الخير كفاعله.
محبكم
أبو العالية
عفا الله عنه(/)
هل ما نافية او موصولة
ـ[عبدالرحمن الجزائري]ــــــــ[01 Aug 2004, 02:04 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله عز و جل في سورة يس (لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون)
لو جعلنا ما موصولة فإن رأس الآية غافلون يوجه علىأنه بمرور السنين و بعد عهدهم بالذي أنذر به ءاباؤهم غفلوا عنه
وان جعلنا ما نافية فكيف نوجه رأس الاية
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2004, 08:15 م]ـ
أخي العزيز taleb457 وفقه الله لكل خير.
(ما) في الآية الكريمة من سورة يس فيها قولان كما تفضلتم وفقكم الله:
الأول: أنها موصولة. ويكون تقدير الآية: لتنذر قوماً الذي أنذر أباؤهم من قبل فهم غافلون عنه. ويكون على هذا قد بلغهم الإنذار من قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أنها نافية. ويكون تقدير الآية: لتنذر قوماً وهم قريش لم يبلغهم نذير من قبلك لأنهم كانوا أهل فترة وانقطاع رسالة. وهذا الرأي الثاني قد استحسنه الفراء رحمه الله وقال: (وهو على الجحد أحسن). ويكون توجيه رأس الآية أنها تحكي حالهم الآن معك يا محمد وهو الغفلة والإعراض عن الاستجابة.
وفقك الله لكل خير.
ـ[ابو شفاء]ــــــــ[31 Aug 2004, 09:43 م]ـ
الحمد لله
ما في هذه الاية نافية , والدليل على ذلك ان اباء من انذروا من قريش كان من اهل الفترة ولم ياتهم رسل , فاباؤهم لم ينذروا من قبل , اما من يقول بانها موصولة , فنرد عليه كيف انذر اباء القرشيين الذين دعاهم عليه السلام(/)
من يساهم في إثراء مسألة في التفسير النبوي
ـ[العرباض]ــــــــ[01 Aug 2004, 04:56 م]ـ
كان الشيخ مساعد بن سليمان الطيار قد نشر قبل سنوات مقالات في مجلة البيان بدءا من ع 96 شعبان 1416 حول مصادر التفسير، و قد قرأت هذه المقالات فوجدت فيها من التحقيق ما يعز أن يوجد مثله عند كثير من المتخصصين، وقد تخللها بعض الأفكار و الإشكالات التي تحتاج إلى تحرير و بسط القول، فبدا لي أن أعرضها على الإخوة في الملتقى العلمي ليتمكن من عنده إلمام بموضوعاتها من المساهمة في إثرائها و بسط القول فيها.
و سأقدم الإشكالات للإخوة تباعا على الشكل التالي:
الإشكال الأول: (المقال الأول: التفسير بالسنة 1)
قال الشيخ مساعد: " يرد في هذا الموضوع مصطلحان (التفسير بالسنة)، (التفسير النبوي) و هذان المصطلحان يحتاجان +إلى تحرير. إن السنة تشمل كل قول أو فعل أو تقرير للرسول صلى الله عليه و سلم، فهل كل السنة تفسير للقرآن؟
إن بعض من بحث هذا الموضوع لم يتبين نوع السنة التي تكون تفسيرا للقرآن، بل إن بعضهم أدرج تحت هذا الموضوع زيادة السنة على القرآن (الذهبي في كتابه: التفسير و المفسرون)، مع أنه علاقة لذلك بالبيان عن القرآن، و يمكن القول بأن كل إفادة يستفيد ها المفسر من السنة في بيان القرآن و تفسيره فإنها من التفسير بالسنة، و هذه الإفادة من عمل المفسر و اجتهاده في الغالب.
أما التفسير النبوي فيلحظ فيه إضافته إلى النبي صلى الله عليه و سلم،و يمكن أن يقال: هوكل قول أو فعل صدر عن النبي صريحا في إرادة التفسير.
و بهذا يظهر أن مصطلح " التفسير بالسنة" أعم و أشمل من مصطلح "التفسير النبوي " و كل مصطلح من هذين أنواع تندرج تحته، و هي كما يلي:
أولا: أنواع التفسير النبوي:
مر أن التفسير النبوي فقال: كل قول أو فعل صدر عن النبي صلى الله عليه و سلم صريحا في إرادة التفسير، و حصره في ثلاثة أنواع:
1 - أن يبتدر الصحابة بتفسير آية.
2 - أن يسأله الصحابة عن المعنى المراد فيجيبهم.
3 - أن يتأول أمرا أو نهيا في القرآن.
ثم عرف هذا الأخير فقال: التأول: هو ما يقوم به الرسول صلى الله عليه و سلم من أفعال تكون مفسرة للخطاب القرآني، و موضحة للمراد منه.
ثم قال مبينا و وجه الإشكال: إن إدخال الأفعال النبوية في (التفسير النبوي) يحتاج على تحرير، إذ يقع سؤال مهم في هذا الباب و هو كالتالي: إلى أي مدى يفسر الفعل النبوي القرآن؟ فمثلا قوله تعالى (أقيموا الصلاة) أمر بإقامة الصلاة،فما التأول النبوي لهذا الأمر القرآني؟
هل يدخل في تفسير هذا الأمر تفاصيل الصلاة؟
ثم قال مجيبا على هذه المسألة: الظاهر في هذه المسألة أن ما يفهم به الخطاب القرآني من أفعال النبي فإنه من التفسير النبوي. أما دخول الأفعال فمحل نظر و الله أعلم.
السؤال المطلوب الإجابة عنه: إلى أي مدى يفسر الفعل النبوي القرآن؟
ـ[معلمة القرآن]ــــــــ[25 Mar 2009, 03:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل: هلا أسعفتنا بالرابط .. أحسن الله إليك
لأن لدي كتاب د. مساعد الطيار (فصول في أصول التفسير)
ولم يفرق بينهما .. بل كان ظاهر كلامه أنهما واحد
جزيت الفردوس
ـ[معلمة القرآن]ــــــــ[25 Mar 2009, 03:35 ص]ـ
ذكر الدكتور في كتابه (فصول في أصول التفسير) ص28
أثناء استعراضه طرق التفسير مايلي:
ثانياً: تفسير القرآن بالسنة النبوية
قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)
بين الله في هذه الآية مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي بيانه القرآن، ولما كانت هذه المهمة موكلة بالرسول صلى الله عليه وسلم لزمنا أن نرجع إلى تفسيره لهذا القرآن، ومن المقومات التي تجعلنا نرجع إلى تفسيره صلى الله عليه وسلم أن السنة وحي من الله لقوله تعالى: (إن هو إلا وحي يوحى) ولذا فهي بمنزلة القرآن في الاستدلال، وهي أصل في فهم القرآن؛ لقوله تعالى: (لتبين للناس) وهذا يعني أنه لا يمكن الاستغناء عن البيان النبوي؛ لأنه لا أحد من خلق الله أعلم بمراد الله من رسوله صلى الله عليه وسلم.
الأنواع المستنبطة في تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن:
بمكن استنباط أنواع التفسير النبوي للقرآن بعد استعراض الأحاديث النبوية، وقد ظهر لي من خلال ذلك ما يلي:
1 - أن يبتدأ الصحابة بالتفسير فينص على تفسير آية أو لفظة، وله أسلوبان:
أ- أن يذكر التفسير، ثم يذكر الآية المفسرة.
ب- أن يذكر الآية المفسرة، ثم يذكر تفسيرها.
2 - أن يشكل على الصحابة فهم آية فيفسرها لهم.
3 - أن يذكر في كلامه ما يصلح أن يكون تفسيراً للآية.
4 - أن يتأول القرآن، فيعمل بما فيه من أمر، ويترك مافيه من نهي.
ثم استعرض الدكتور الأمثلة على كل نوع ..
الملاحظ أن الدكتور في كتابه ما فرق بين تفسير القرآن بالسنة والتفسير النبوي ...
وعلى فرض أن التفسير النبوي أخصّ .. ماذكر هذا الأمر!!
ثم ذكر الدكتور بعد ذلك القسم الثالث من طرق التفسير: تفسير القرآن بأقوال الصحابة
وذكر من مصادرهم: السنة ..
وأتى بشواهد وأمثله ...
كتاب الدكتور مساعد الطيار من الكتب التي استفدت منها كثيراً ..
لكن ما كُتب هنا أشكل علي لتعارضه مع ما فهمته من خلال قراءتي للكتاب ..
أتمنى من الإخوة توضيح ما التبس عليّ وجزاكم الله الفردوس الأعلى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[25 Mar 2009, 12:14 م]ـ
مما اخذته عن البروفيسور عبد الله الطيب رحمه الله في السودان ان كلمة ثراء لاتتعدى الى ما بعدها بالهمزة فنقول من يفعل كذا في ثراء كذا ولا نقول في اثراء
ـ[معلمة القرآن]ــــــــ[26 Mar 2009, 05:04 ص]ـ
أرجو الرد على تساؤلي
جزيتم الفردوس الأعلى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2009, 07:30 م]ـ
مقالات الدكتور مساعد التي أشرتم إليها نشرت في كتاب (مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير) وهي موجودة في الموقع من قديم ويمكن البحث في الملتقى وستجدها كاملةً. كما توجد في موقع مجلة البيان كذلك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2009, 07:37 م]ـ
للإفادة حول هذا الموضوع:
- تأملات في تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ( http://tafsir.net/index.php?subaction=showfull&id=1089981729&archive=1110783259&start_from=&ucat=1&do=maqalat)
- بعض المشاركات في هذا الرابط فوائد وتنبيهات ولطائف في التفسير ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=54)(/)
من يجيب على هدا الافتراء حول التفسير النبوي
ـ[العرباض]ــــــــ[01 Aug 2004, 05:14 م]ـ
كان الاستاد مصطفى بوهندي مند سنة كتابا أسماه "نحن و القرآن" أثار فيه جملة من الزوابع حول مجموعة من المفاهيم و المصطلحات المتعلقة بالتفسير منها التفسيرالنبوي بدا لي أن أعرضها على الإخوة بالمنتدى حتى يردوا عليها و يفندوا ما ورد فيها من انحرافات، و و حتى يتسنى للإخوة الرد عليها شيئا فشيئا سأجعلها في حلقات:
يقول الكاتب:
التفسير النبوي
يعتبر التفسير النبوي أحد الأصول الأساسية لتفسير القرآن الكريم بعد تفسير القرآن بالقرآن. قال الطبري في مقدمة تفسيره: " فقد تبين ببيان الله جل ذكره أن مما أنزله الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه و سلم ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ذلك تأويل جميع ما فيه، من وجوه أمره وواجبه و ندبه و إرشاده و صنوف نهيه و وظائف حقوقه، و حدود و مبالغ فرائضه، و مقادير اللازم بعض خلقه لبعض، و ما أشبه ذلك بأحكام آيه، التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه و سلم لأمته، و هذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله بتأويله، بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله". فحسب الإمام الطبري هناك نصوص قرآنية لا تفهم إلا بالتفسير النبوي، " و هذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه"، و هذا الموقف و إن كانت له مسوغاته النظرية، فإنه تعترضه مجموعة من الصعوبات على المستوى الإجرائي، ذلك أننا لسنا أمام رسول الله صلى الله عليه و سلم نعرض عليه آيات القرآن الكريم التي نريد تفسيرها فيفسرها لنا، و إنما نحن أمام مجموعة كبيرة من المرويات تتفاوت في درجات الصحة و الضعف، و فيها من الإدراج و الحذف و الرواية بالمعنى، و نسبية المقام و الوضع و العفوية و عدم القصد و غير ذلك، مما يجعل "المفسر" أمام مهمة صعبة لابد أن يتبين فيها الآية المفسرة من جهة، و من جهة ثانية الحديث المفسر، و من جهة ثالثة العلاقة بينهما. و من ثم فهي عملية اجتهادية معرضة للصواب و الخطأ بقدر اجتهاد المجتهد، إذ إنه قد يربط بين آية و حديث لاعلاقة بينهما أو بينهما علاقة تشابه ظاهري أو غير ذلك مما يِؤدي إلى الخطأ.
استدلالات العلماء
لقد استدل علماء التفسير و الأصول على هذا الأصل بمجموعة من الأدلة القرآنية و الحديثية، يمكننا أن نأخذها مما ذكره ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير و نناقشها حسب الترتيب الذي أورده، قال رحمه الله:" فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن و موضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو مما فهمه من القرآن قال تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله و لا تكن للخائنين خصيما " و قال تعالى: و انزلنا إليك الذكر لتبين لناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون " و قال سبحانه: و ما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه و هدى و رحمة لقوم يومنون" و لهذا قال الرسول صلى الله عليه و سلم: ألا و إني أوتيت القرآن و مثله معه "يعني السنة، و السنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلى كما يتلى.
و قد استل الإمام الشافعي و غيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضعها).
و لقد أورد الإمام ابن كثير عين هذا الكلام في مقدمة تفسيره، و لا تجد كتابا من كتب أصول التفسير و قواعده إ لا و تجد فيه هذا الكلام أو قريبا منه.
و نظرا لدقة الموضوع و التباس المفاهيم فيه و تداخل مستويات مدارسته، أجدني مضطرا إلى تناوله من خلال تطبيقات محددة، نتجاوز بها كثيرا من الخلافات الوهمية .. وقد اخترت تفسير سورة آل عمران من الجامع الصحيح للإمام البخاري، وذلك لكون السورة تتعرض لمجموعة من عقائد أهل الكتاب –و النصارى منهم على الخصوص -، لكون الإمام البخاري قد أورد الأحاديث التي صحت على شرطه في بيان آيات السورة، و لكون شرطه من أقوى الشروط، هذا في محاولة لتجنب الروايات التي تتهم بالضعف و الوضع و تمتلئ بها كتب التفسير الأخرى.
أورد الإمام البخاري في تفسيره لسورة آل عمران عشرين بابا، ترجم لكل منها بآية، مثل قوله "باب
(يُتْبَعُ)
(/)
(منه آيات محكمات)،وباب (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) و "باب (وإني الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) "،وغيرها من الأبواب،وهو ما يفيد أن الإمام ـرحمه الله ـ لم يذكر
من مائتين من الآيات في السورة إلا عشرين آية، وهي لا تمثل إلا نسبة العشر من مجموع الآيات.
وقد أورد رحمه الله في كل باب من هذه الأبواب رواية أو أكثر لها علاقة بالآية قريبة أو بعيدة،بعضها
مرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم، والبعض الآخر موقوف على الصحابة أو التابعين أو غيرهم، و يهمنا من هذه المرويات تلك المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم، و هي تمثل أقل من نصف مجموع المرويات (أقل عشرة).
و هذه ترجمة الأبوب الواردة في الأحاديث المرفوعة:
"آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ"
"وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "
"إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً"
"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا"
(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)
(قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)
(ليس لك من الأمر شيء)
(ولا يحسبن الذين يبخلون)
(إن في خلق السماوات والأرض)
والملاحظ أن هذه المرويات جميعا عالجت قضايا جزئية وجانبية ليست هي موضوع السورة ولا مقصودها،فلم تعالج قضية أهل الكتاب وخصوصا النصارى منهم، ولم تناقش عقائدهم وأساليبهم في المراوغة والخداع والكفر بآيات الله وأنبيائه،وغير ذلك مما هو موضوع السورة.
إن الآيات التي تعرضت لها المرويات لم تكن غامضة ومحتاجة إلى تفسير، بل لايوجد بين الآيات المفسرة والمرويات المفسرة إلا تشابه ما، سواء في بعض الألفاظ، أو ذكر في الراوية بعض ما جاء في الآية، أو قيل إنه كان سببا لنزولها،أوإنه تطبيق لها في زمن النزول من طرف النبي صلى الله عليه و سلم أو غيره .. فمثلا في قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) آل عمران /، 190
أورد البخاري رواية عن بن عباس انه قال:" فلما كان ثلث الليل الآخر قعد النبي فنظر فنظر إلى السماء و قال: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {190} (الآية) فال: ثم قام و توضأ و استن فصلى ". (ص البخاري /4569).فالحديث يصف تعامل النبي مع القرآن الكريم لا تفسيره بالمعنى الاصطلاحي و الذي يكشف عن المعاني الغامضة و الخفية في النص و التي لا تعرف إلا عن طريق التفسير، بل إن هذا التعامل هو واحد من آلاف التعاملات الممكنة، فالنبي صلى الله عليه و سلم يحاول أن يعيش بالقرآن كما أمره ربه في مختلف الأوضاع، و يحول أن ينزل هذه الآيات في واقعه كما يراه مناسبا، و لذلك فيمكن استعمال الآية الواحدة في مناسبات لاحصر لها، من طرف مختلف الناس، و لايعني ذلك أبدا أن هذا الاستعمال أو غيره هو تفسير الآية.
و مثل ذلك نجده في رواية أبي هريرة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم:" من آتاه مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع، ثم تلا هذه الآية: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِه}، فهو استشهاد على قول النبي بالآية و ليس تفسيرا لها، إذ ليس فيها الشجاع الأقرع ولا غيره.
و مثل دلك نجده في تفسير قوله تعالى:ِ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ... } بحديث أبي سفيان الطويل و رسالة الرسول إلى هرقل و التي ضمنها الآية، و لم يعن ذلك أن الآية كانت غامضة حتى بينتها الرواية، بل إن الآية قد وردت ضمن كلام مختلف عنها إن لم نقل مخالف لها، و منه " أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، و أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده .. " وهكذا باقي الأحاديث.
الفرق بين التفسير النبوي و التفسير بالحديث النبوي:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هناك فرقا بين التفسير النبوي و التفسير بالحديث النبوي، و هذه المرويات تجمع بين الأمرين، فرواية أبي هريرة التي قال فيها "إن النبي قال: ما من مولود يولد إلا و الشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إلا مريم و ابنها " جاء فيها "ثم يقول أبو هريرة:و اقرءوا إن شئتم: (و إني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم) فالذي ربط بين الآية و الحديث هو أبو هريرة، و لم يكن ربطه إلا استشهادا بالآية على الحديث. لكن الإمام البخاري جمع بين الرواية بما فيها قول أبي هريرة و بين الآية، فأصبح حديث أبي هريرة كله تفسيرا للآية. و الحقيقة أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن في هذه الرواية هو المفسر، و حتى أبو هريرة لم يكن يقصد تفسير الآية بالحديث، فهو إذن ليس تفسيرا نبويا، و لا تفسير صحابي، و إنما هو تفسير للإمام البخاري برواية أبي هريرة التي ورد فيها ربط الحديث النبوي و الآية.
و في باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ}، أورد الإمام البخاري ثلاث روايات هي عبارة عن أسباب نزول أو تطبيقات للآية:
الرواية الأولى: عن ابن مسعود و فيها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم و هو فيها فاجر لقي الله و هو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك (الآية). (ص البخاري /رقم 4549).
و في الرواية الثانية: عن عبد الله بن أبي أوفى:أن رجلا أقام سلعة في السوق فحلف لقد أعطي بها ما لم يعطه، ليوقع بها رجلا من المسلمين،فنزلت الآية. (البخاري/رقم: 4551)
و في الرواية الثالثة: عن ابن أبي مليكة أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت أو في الحجرة فخرجت إحداهما و قد أنفذ بإشفى في كفها، فادعت على الأخرى،ـ فرفع إلى بن عباس، فقال بن عباس:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم و أموالهم. ذكروها بالله و اقرءوا عليها {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ} فذكروها، فاعترفت.
فالرواية الأولى و الثانية يمكن اعتبارهما من أسباب نزول الآية و الرواية الثالثة فيها تذكير للمرأة بالآية، و ليس في الروايات جميعا تفسير بمعنى كشف لغموض وارد في الآية، لولاه لبقيت غير مبينة.بل إن الآية واضحة و الروايات لم تقصد إلى تفسيرها. و النبي صلى الله عليه و سلم لم يقصد هو الآخر ذلك. بل إن الصحابة سواء ابن مسعود أو بن أبي أوفى أو بن عباس هم الذين ربطوا بين كلام الرسول صلى الله عليه و سلم و الآية،ومن ثم فهو ليس تفسيرا نبويا، و قد يجوز أن يقال رُبِِط بين الآية و الحديث لعلاقة بينهما من طرف الصحابة، فإذا سميناه تفسيرا فهو تفسير بالحديث النبوي و ليس تفسيرا نبويا. و هكذا باقي الرويات.
إن ما عالجته هذه المرويات هي أمور خاصة بالرواية و ليست خاصة بالآية، فمثلا في رواية عائشة، في قوله تعالى: (منه آيات محكمات)، ورد قوله " فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " فهي تعالج قضية أناس في المجتمع، تحذر منهم باعتبارهم المقصودين بالآية "أولائك الذين سمى الله".
كما الروايات الثلاث التي وردت في تفسير قوله تعالى باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}، عالجت ثلاث قضايا مختلفة، ـ الأولى: في قصة بئر، و الثانية: في قصة سلعة، و الثالثة: في قصة جرح .. و يمكن أن تأتي آلاف من القضايا هي عبارة عن قصص لها علاقة بالآية، سواء كانت علاقة سببية، أو علاقة تطبيقات للآية، و الواضح أنها اجتهادات في ربط الواقع بالنص، باعتبار النص ينطبق على هذا الواقع، و يفسره، و يطبق فيه،و في كل الحالات فهي عمليات اجتهادية قابلة للخطأ و الصواب، و إذا لم ينتبه الباحث إلى هذه المسألة يقع في خلط كبير.
و من الملاحظات المهمة في هذا الشأن الأخطاء التي وقع فيها المفسرون في الربط بين الآيات و الأحاديث مع إخراجها من سياقاتها القرآنية، و هذه بعض الأمثلة على ذلك (ستأتي في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى).اهـ(/)
ما حكم هذه الهمزات؟
ـ[مرشود الراشد]ــــــــ[01 Aug 2004, 11:56 م]ـ
السلام عليكم:
بعض الناس يسهل الهمزة في التكبير وبعضهم يقلبها واوا هل لذلك وجه؟
بعضهم يسهل همزة " أنعمت عليهم " ماحكم ذلك هل هو لحن جلي
وما أثر جميع ما سبق في الصلاة؟
وما الحكم لو خرج هواء من الأنف عند النطق ببعض الحروف مثل الياء والهاء؟
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[02 Aug 2004, 07:03 ص]ـ
هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=21061)
ـ[مرشود الراشد]ــــــــ[02 Aug 2004, 01:47 م]ـ
لم يكن الجواب كاملا ... !(/)
من أقوال السلف في فضل تفسير القرآن وأهله
ـ[المزمل]ــــــــ[02 Aug 2004, 11:40 م]ـ
قال مجاهد رحمه الله: أحب الخلق إلى الله تعالى أعلمهم بما أنزل.
وقال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام؛ فتجهز ورحل إلى الشام حتى علم تفسيرها.
وقال إياس بن معاوية مثل الذي يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة ولا يدرون مافي الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا مافي الكتاب.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Aug 2004, 09:28 م]ـ
أخي الكريم
أشكرك على هذه المشاركة اللطيفة الموفقة، وياحبذا لو شارك فيها من عنده مثل هذه اللطائف، كما أتمنى لو ذكرت مصدر هذه النقول ليستفيد منها الباحثون، وجزاك الله خيرا.
ـ[المزمل]ــــــــ[04 Aug 2004, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أشكرك شيخي الفاضل مساعد الطيار على هذا التنبيه.
وإلى الإخوة الكرام مصدر هذه الأقوال:
قول مجاهد _ رحمه الله _ من تفسير ابن عطية _ رحمه الله _ 1/ 26
قول إياس بن معاوية _ رحمه الله _ من تفسير ابن عطية _ رحمه الله- 1/ 26قول الشعبي - رحمه الله- من مختصر تاريخ دمشق 24/ 244
نقلا من كتاب مقدمة تفسير الإمام القرطبي رحمه الله - ت 671 هـ
دراسة وتحقيق: محمد طلحة بلال منيار.
ـ[كساب]ــــــــ[04 Aug 2004, 07:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
على هذه المشاركة
ـ[موراني]ــــــــ[04 Aug 2004, 12:33 م]ـ
بعد التحية ,
هناك اتجاه آخر لدى البعض:
عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبي عروة بن الزبير يأول آية قط.
وسعيد بن المسيب أنه كان اذا سئل عن القرآن قال: انا لا نقول في القرآن شيئا , الا أن مالكا قال في الحديث: اذا سئل عن تفسير آية في القرآن.
أنظر تفسير القرآن لابن وهب , ج 2 , ص 62 و63
تفسير الطبري (تحقيق عبد الله التركي) , ج 1 , ص 79 وما بعدها ,
البيان والتحصيل , ج 17 , ص 218
موراني
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Aug 2004, 05:01 م]ـ
الأستاذ موراني وفقه الله
هذا الاتجاه الذي تذكره هو التورع في التفسير عند بعض السلف، وهذا التورع لم يظهر إلا في طبقة التابعين، وهو عند بعض علماء المدينة والكوفة فقط.
أما عروة بن الزبير فيندر أن يوجد له قول في التفسير.
وأما سعيد بن المسيب، فله أقوال في التفسير، ويظهر أنه كان لا يجتهد فيما لم يبلغه فيه رواية عن الصحابة، وإلا لكان في الأمر تناقضًا، حيث ورد في تفسير الطبري (ط: هجر / 1: 79 ـ 80): حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت الليث يُحدِّث عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب: ((أنه كان لا يتكلَّم إلا في المعلوم من القرآن))،وعندي أن المراد بالمعلوم: ما كان عنده فيه رواية، لكي تتوافق الروايات الوارده عنه في عدم القول في التفسير، وفي الوارد عنه في التفسير، والله أعلم.
وهذا المذهب كما ذكرت لك كان في هذه الطبقة فقط، ولم يكن في تابعيي مكة ولا البصرة ولا غيرهما سوى ما ذكرت.
ـ[موراني]ــــــــ[04 Aug 2004, 05:45 م]ـ
الاستاذ مساعد الطيار حفظه الله ,
هذا صحيح.
والجدير بالذكر ان ابن وهب جمع بين الروايتين في تفسيره وقال: حدثني الليث بن سعد ومالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
أنه كان اذا سئل عن القرآن قال: انا لا نقول في القرآن شيئا , الا أن مالكا قال في الحديث: اذا سئل عن تفسير آية في القرآن.
أي أنه , ابن وهب أخذ باللفظ عن مالك ولم يرو ما ذكرتم أنتم وكما جاء أيضا عند الطبري عن ابن وهب عن الليث.
تقديرا
موراني(/)
ماالفرق بين الاستفهام الانكاري والاستفهام التقريري؟؟
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[03 Aug 2004, 05:19 م]ـ
أريد من الأخوة الأفاضل بيان الفرق بين الاستفهام الانكاري وبين الاستفهام التقريري
وأرجو التمثيل، كي يتضح الفرق بجلاء.
وكذا أود ايضاح مرجع في هذا الموضوع.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Aug 2004, 09:24 م]ـ
أخي الكريم أحمد بن فارس وفقه الله
لا شك أن لاختيارك هذا الاسم للكتابة به في الملتقى سراً لا أعلمه، لعله حب هذا العالم الجليل أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (ت395هـ) رحمه الله، وقد صحبتُ هذا العالم الجليل مدة من الزمن أدرس آثاره، وأتأملها، وما ندمت على تلك الصحبة، وعلى حد قول المتنبي:
إن كان يجمعنا حب لغرته = فليت أنا بقدر الحب نقتسمُ!
وأما سؤالكم عن الفرق بين الاستفهام الإنكاري والتقريري. فإن للاستفهام أنواعاً أخرى تعرف من خلال سياق الاستفهام. وقد أفاض علماء المعاني في دراستها رحمهم الله.
وعلم المعاني - كما تعلمون - هو جزء من علوم البلاغة الثلاثة (المعاني – البيان – البديع). ولا يخلو كتاب من كتب البلاغة من الكلام عن الاستفهام وأدواته. وهم يعدون الاستفهام نوعاً من أنواع الإنشاء الطلبي. ويعرِّفون الاستفهام بأنه طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل بأداة خاصة من أدوات الاستفهام.
وأدوات الاستفهام –أخي أحمد – كثيرة، منها: الهمزة، وهل، وما، وكم، ومَنْ، ومتى، وكيف، وأين، وغيرها.
ولكل أداة من أدوات الاستفهام وظيفة أو وظائف خاصة. فمثلاً الهمزة يطلب بها أحد أمرين: التصور، والتصديق. فالتصور هو إدراك المفرد وتعيينه. والتصديق هو إدراك النسبة. وهل يطلب بها التصديق فقط. وهكذا بقية الأدوات لكل أداة وظيفتها الخاصة.
ولكن هذا الاستفهام قد يخرج عن الاستفهام المجرد إلى معانٍ أخرى، تعرف بالقرائن، ودلالة سياق الكلام، وهذه المعاني كثيرة، منها:
- النفي. مثل قوله تعالى: (فمن يهدي من أضل الله). وقوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
- التعجب. مثل قوله تعالى: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق).
- الإنكار. مثل قوله تعالى: (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً؟).
- التمني. ولا يحضرني مثال من القرآن، ولكن يحضرني قول صاحب اليتيمة:
هَلْ بالطلولِ لِسائلٍ رَدُّ؟ = أم هل لها بتكلمٍ عهدُ؟ - التقرير. مثل قوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك) وقوله: (ألم نربك فينا وليداً).
- التحقير. مثل قوله تعالى: (أهذا الذي بعث الله رسولاً؟)
- الاستبطاء. مثل قوله تعالى: (متى نصر الله؟)
- الاستبعاد. مثل قوله تعالى: (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه)
- التهكم والاستهزاء. مثل قوله تعالى: (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟)
- الوعيد والتهديد. مثل قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد؟)
- التحضيض. مثل قوله تعالى: (قال ألا تأكلون؟).
- وغيرها.
وبما أن سؤالك عن الاستفهام الإنكاري والتقريري أقول:
الاستفهام التقريري هو أن تطلب من المخاطب أن يقر بِما يُسأَلُ عنه نفياً أو إثباتاً، لأي غرض من الأغراض التي يراد لها التقرير. كالإدانة واللوم ونحو ذلك. ومن أمثلته في القرآن الكريم ما تقدم من قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَم نشرح لك صدرك). يعني قد شرحنا لك صدرك يا محمد، وتقريره بذلك لكي يشكر هذه النعمة ويقدرها حق قدرها.
وقوله تعالى على لسان فرعون يخاطب موسى عليه السلام: (ألم نربك فينا وليداً؟). وفرعون يريد أن يقر موسى بذلك ليدينه بهذا، أي: كيف نربيك ثم تنقلب علينا؟!
وقوله تعالى على لسان قوم إبراهيم عليه السلام عندما حطم أصنامهم: (أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟) وغرضهم من إقراره بهذا إدانته، والانتقام منه، ولكنه أجاب بطريقة أخرى.
وقوله تعالى ممتناً على نبينا صلى الله عليه وسلم: (ألم يجدك يتيماً فآوى؟ الآيات) فهو استفهام تقريري، للامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم. وغير ذلك من الأمثلة من كلام العرب شعراً ونثراً. ومن أجمل أمثلته قول جرير رحمه الله:
أَلستمْ خير من ركب المطايا؟ = وأندى العالمين بطون راحِ؟
[ line]
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الاستفهام الإنكاري: فهو يدل على أن الأمر المستفهم عنه أمر منكر، وقد يكون هذا الذي ينكره العقل أو الشرع أو العرف أو القانون أو غير ذلك.
وللاستفهام الإنكاري أنواع بحسب المراد بالإنكار، فقد يكون إنكاراً يراد به التوبيخ على أمر قد مضى، أو أمر قائم، أو إنكاراً للتكذيب وغير ذلك.
ومن أمثلته قوله تعالى على لسان موسى يخاطب أخاه هارون: (أفعصيت أمري؟).
وقوله تعالى: (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً؟). ينكر عليهم إنكاراً فيه تكذيب لهم.
وقوله تعالى على لسان نوح عليه السلام عندما دعا قومه فكذبوه: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟)
ويجب في الاستفهام الإنكاري أن يقع الأمر المُنْكَر بعد همزة الاستفهام كما في الأمثلة.
وقد يكون الأمر المنكر - بفتح الكاف - هو الفعل كما في قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام يخاطب أباه: (أتتخذ أصناماً آلهة؟) ينكر عليه ذلك.
وقول إبراهيم عليه السلام لقومه: (قال أتعبدون ما تنحتون؟) ينكر عليهم فعلهم.
وقد يكون المنكر هو الفاعل، كقوله تعالى: (أهم يقسمون رحمة ربك؟) وقوله تعالى: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟)
وقد يكون المنكر هو المفعول، كقوله تعالى: (أغير الله أتخذ ولياً؟). وقوله تعالى: (أغير الله تدعون؟)
وقد يكون المنكر هو المفعول لأجله، كقوله تعالى: (أإفكاً آلهة دون الله تريدون؟) وغير ذلك.
وموضوع الاستفهام موضوع شيق، وقد بحثه كما أسلفت علماء المعاني، فلو رجعت إلى أي كتاب من كتب البلاغة لوجدت دراسة حول موضوع الاستفهام، مدعمة بالأمثلة الكافية إن شاء الله. وما ذكرته لك هو ما علق بالذاكرة من أنواع هذا الفن، وأمثلته من القرآن الكريم.
وقد بحثه الدكتور محمد عبدالخالق عضيمة رحمه الله، في كتابه النفيس (دراسات لأسلوب القرآن الكريم) وستجده في الأجزاء الثلاثة الأولى من كتابه وهو القسم الأول من الكتاب، وقد استقصى رحمه الله الأمثلة للاستفهام بأنواعه في القرآن الكريم.
كما تعرض لبعضه أحمد بن فارس في كتابه الصاحبي عند حديثه عن بعض أدوات الاستفهام.
أسأل الله لك التوفيق، ومرحباً بك مرة أخرى في ملتقى أهل التفسير.
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[04 Aug 2004, 11:59 ص]ـ
الشيخ عبدالرحمن جزيت خيرا ولكن عندي سؤال:
هل يوجد استفهام إنكاري من غير توبيخي والعكس توبيخي من غير إنكاري أم أن الإنكار يشم منه رائحة التوبيخ غالباً؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Aug 2004, 05:07 م]ـ
بورك فيك يا شيخ عبد الرحمن وفي الإخوة المشاركين، وأضيف استفسارًا، وهو ألا يصلح لاستفهام التمني قوله تعالى: (وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل).
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Aug 2004, 08:06 م]ـ
أخي محمد: كلامك صحيح في التداخل بين الإنكار والتوبيخ، والتفريق تعليمي فقط، وربما توجد أمثلة للتفريق لكنها لا تحضرني والأمر يسير.
أخي أبا عبدالملك: نعم يصلح مثالاً لا ستفهام التمني ونصف! وفقك الله.
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[08 Aug 2004, 12:18 ص]ـ
الشيخ عبد الرحمن الشهري .. جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح الشافي .. والجواب الوافي
والحقيقة أن الأمر كما ذكرتم عن ابن فارس رحمة الله عليه .. وبودي معرفة مشروعكم العلمي عنه
وشكرا للأخوة المشاركين في الموضوع .. وبارك الله في الجميع
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[13 Aug 2004, 11:20 م]ـ
السلام عليكم أيها الأخوة ....
و جزاك الله خيراً أيها الشيخ الشهري على توضيحك ...
ولكن هل لي أن أسأل عن هذا السؤال الوارد في أول القرآن، بأي قسم من الأقسام التي ذكرت تُدرجه؟
ألا وهو (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك و نقدس لك)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 12:06 م]ـ
أخي الكريم خالد عبدالرحمن وفقه الله
الذي يبدو لي أن السياق الذي ورد فيه الاستفهام في قوله تعالى على لسان الملائكة الكرام: (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك و نقدس لك). يجعلنا نحمل الاستفهام هنا على التعجب فقط دون التجاوز إلى تحميله معنى الإنكار؛ لمعرفتنا بالسائل وأدبه وهم الملائكة، والمسئول وعظمته سبحانه وتعالى. ومراعاة السياق في الكلام العربي أمر معروف، وقد تتخلف قواعد البلاغيين في كثير من المواطن من أجل هذا الغرض. ولعل الإخوة الكرام يزيدون هذا الأمر إيضاحاً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Aug 2004, 04:37 م]ـ
فات علي أن أنبه إلى أن هناك كتاباً ثميناً جداً تناول موضوع الاستفهام في القرآن الكريم كله بالدراسة، ولا سيما من الناحية البلاغية. وهو كتاب (التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم) للأستاذ الدكتور عبدالعظيم بن إبراهيم المطعني حفظه الله. ويقع في أربع مجلدات. طبعته مكتبة وهبة بالقاهرة.
وقد تناول فيه بالدراسة والتحليل كل الآيات المشتملة على استفهام مرتباً لها بحسب ترتيبها في سور القرآن الكريم. وهو كتاب بديع، ومؤلفه ممن له قدم صدق في الدراسات البلاغية المتميزة للقرآن الكريم، وهو جدير بأن يفرد لجهوده في الدراسات القرآنية مقال مستقل. ولعلني أفعل ذلك إن شاء الله.(/)
سؤال حول خلق السماوات و الأرض
ـ[الفقير الى ربه]ــــــــ[05 Aug 2004, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم ...
هناك نظرية سائدة فى علم الفيزياء و الجيولوجيا أود أن أعرف هل هى مخالفة لما فى شرعنا أم لا ..
1 - عمر الكون 15 مليار سنة و الأرض 5 مليار سنة.
2 - تكوين الأرض كان بعد خلق السماوات ب10 مليار سنة. (إستنتاحا مما سبق)
و يتبع ذلك هل يمكن الجمع بين الآيات الكريمة فى هذه القضية و ما هو مطروح الآن من نظريات لتحديد أيهما خلق أولا: السماوات أم الأرض ..
ـ[الفقير الى ربه]ــــــــ[07 Aug 2004, 07:48 م]ـ
السلام عليكم ...
أرجو ممن رزقه الله العلم بهذه المسألة ألا يبخل ..
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[07 Aug 2004, 09:16 م]ـ
راجع سورة فصلت (9 - 11).(/)
تفسير ابن قاسم
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[05 Aug 2004, 05:14 ص]ـ
وقفت على تفسير لابن قاسم أحمد بن عبدالرحمن القاسم.
وقد قدم له الشيخ صالح الفوزان
ومنهجه في تفسيره أن يفسر القرآن بالقرآن والمأثور من الحديث وتفسير الصحابة والتابعين بإسلوب عصري.
والسؤال:
هل في هذا التفسير ميزة جديدة أو إضافة للمكتبة التفسيرية؟
وهل تنصحوني باقتنائه؟
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[09 Aug 2004, 01:24 م]ـ
إيش الركود العجيب في هذا الملتقى ...
موضوع يمكث أسبوع ولا مجيب مع وفرة المشايخ الفضلاء والباحثين والمهتمين بالكتب.
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[10 Aug 2004, 12:02 م]ـ
أحسن الظن الناس في الإجازة مشغولون
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[10 Aug 2004, 12:04 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: سلطان الدين
والسؤال:
هل في هذا التفسير ميزة جديدة أو إضافة للمكتبة التفسيرية؟
وهل تنصحوني باقتنائه؟
ليس هناك كتاب شرعي لا يستفاد منه!!!!!
ـ[أبوحفص الحنبلي النجدي]ــــــــ[10 Aug 2004, 11:53 م]ـ
أذا قدم له الإمام / صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان فلا تتراجع في اقتنائه(/)
أريد نبذة يسيرة عن تفسير ابن عطية
ـ[النعيمي]ــــــــ[05 Aug 2004, 03:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وودت أن أعرف قليلاً عن تفسير ابن عطية وصاحبة،، وما هي أهمية تفسيره؟
وكيف فسر ابن عطية القرآن؟ أقصد منهجة في ذلك؟
وهل ينصح بقرائته والإطلاع عليه ... وبالضبط أين تكمن أهمية تفسير ابن عطيه؟
وما هو التفسير الذي يضاهي تفسير ابن عطيه او يسبقه في مجاله ..
وما هي أفضل دور النشر التي نشرت تفسيره؟
وجزاكم الله خيراً ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Aug 2004, 03:22 م]ـ
افتح هنا ابن عطية ومنهجه في التفسير ( http://www.islamweb.net/php/php_arabic/readArt.php?lang=A&id=38372) ففيه شيء من الجواب عن سؤالك وفقك الله
وتفسير ابن عطية من أمات كتب التفسير، ومصادرها المعتبرة
وقد كتبت عنه عدة بحوث، وسجلت اختياراته في التفسير في رسالة علمية للدكتوراه.
وطبع عدة طبعات، من أشهرها طبعة وزارة الشؤون الإسلامية بقطر بتحقيق عبدالله الأنصاري والسيدعبدالعال إبراهيم، وعلى هذه الطبعة ملحوظات كثيرة
وطبع في المغرب بتحقيق المجلس العلمي بفاس
وله طبعة محققة جيدة إلا أنها ناقصة، ولم يصدر منها إلا جزءان فيما أعلم.
ـ[النعيمي]ــــــــ[06 Aug 2004, 01:19 م]ـ
جزاك الله خيراً ...
فلقد استفت كثيراً من المقال،،، إضافة الى مجموع المقالات الآخرى ....
وكنت وجدت منذ اسابيع الوجيز لابن عطية،،، وكانت هناك طبعتان:
الأولى: خمس مجلدات
والثانية: حوالي 18 مجلد
فاستغربت لذلك ...
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Aug 2004, 02:37 م]ـ
الأخ الكريم
هذه بعض أفكار في منهج ابن عطية وكتابه المحرر الوجيز.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت: 542)
ـ قصد أن يكون جامعًا وجيزًا.
ـ لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به.
ـ أثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم.
ـ إذا وقع من العلماء ما يكون منحاه من القول الباطن نبَّه عليه.
ـ سرد التفسير بحسب رتبة ألفاظ الآية: من حكم أو نحو أو لغة، أو معنى، أو قراءة.
ـ قصد تتبع الألفاظ لكي لا يترك لفظًا بلا تفسير، ولا ينتقل من لفظ إلى غيره، ثم يعود إلى لفظ تركه.
ـ نقد بعض كتب التفسير التي اطلع عليها، مثل (تفسير المهدوي).
ـ قصد إيراد القراءات متواترها وشاذها، وبيان وجوهها في المعنى واللغة.
ـ اعتمد تبيين جميع المعاني وجميع محتملات الألفاظ.
ـ قدَّم لتفسيره بعدة مقدمات قدَّم مثلها المفسرون قبله كتبهم، وهذه المقدمات كما يأتي:
1 ـ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ونبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
2 ـ باب: في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.
3 ـ باب: ما قيل في الكلام في تفسير القرآن، والجرأة عليه ومراتب المفسرين.
4 ـ معرفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا القرآن انزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه.
5 ـ باب: ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره.
6 ـ باب: في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلُّق.
7 ـ نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
8 ـ باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب لله تعالى.
9 ـ في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية.
10 ـ باب: القول في الاستعاذة.
11 ـ القول في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم.
? ثمَّ شرع في تفسير القرآن من الفاتحة إلى الناس.
? يتميز بتعليقات مفيدة ونافعة في معرفة الأقوال المؤتلفة والمختلفة، ويعلق عليها بما يناسبها.
ومن ذلك ما يأتي:
في قوله تعالى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (] البقرة: 3 [، قال: ((و (ينفقون): معناه هنا: يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة، وما ندبهم إليه من غير ذلك.
قال ابن عباس:) ينفقون): يؤتون الزكاة احتسابًا لها.
وقال غيره: الآية في النفقة في الجهاد.
قال الضحاك: هي نفقة كانوا يتقربون بها إلى الله عز وجل على قدر يُسْرِهم.
قال ابن مسعود، وابن عباس أيضًا: هي نفقة الرجل على أهله.
والآية تَعُمُّ الجميع، وهذه الأقوال تمثيلٌ، لا خلاف (((1).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد) (البقرة: 267)، قال:» هذا الخطاب هو لجميع أمة محمد ?، وهذه صيغة أمر من الإنفاق.
واختلف المتأولون، هل المراد بهذا الإنفاق الزكاة المفروضة أو التطوُّع؟
فقال علي بن أبي طالب ? وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين: هي في الزكاة المفروضة، نُهيَ الناس عن إنفاق الرديء بدل الجيد، وأما التطوع، فكما للمرء أن يتطوع بقليل، فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر، ودرهم زائف خير من تمرة، فالأمر ـ على هذا القول ـ للوجوب.
والظاهر من قول البراء بن عازب والحسن بن أبي الحسن وقتادة: أنَّ الآية في التطوع.
وروى البراء بن عازب وعطاء بن أبي رباح ما معناه: أنَّ الأنصار كانوا أيام الجداد يعلقون أقناء التمر في حبل بين أسطوانتين، فيأكل من ذلك فقراء المهاجرين، فعلق رجل حشفًا، فرآه رسول الله ?، فقال:» بئس ما علَّق هذا «، فنَزلت هذه الآية.
والأمر على هذا القول للندب، وكذلك نُدِبوا إلى ألاَّ يتطوعوا إلاَّ بجيد مختار.
والآية تَعُمُّ الوجهين، لكن صاحب الزكاة يتلقاها على الوجوب، وصاحب التطوع يتلقاها على الندب.
وهؤلاء كلهم وجمهور المتأولين قالوا: معنى (من طيبات): من جيد ومختار ما كسبتم. وجعلوا الخبيث بمعنى: الرديء والرذالة.
وقال ابن زيد: معناه: من حلال ما كسبتم. قال: وقوله: (ولا تيمموا الخبيث)؛ أي: الحرام.
وقول ابن زيد ليس بالقوي من جهة نسق الآية، لا من معناه في نفسه «(2).
? حرص على الإبانة عن فصاحة القرآن وبلاغته.
عقد ابن عطية فصلاً فيما قاله العلماء في إعجاز القرآن، وقد اختار أنَّ» إنما وقع بنظمه، وصحة معانيه، وتوالي فصاحة ألفاظه.
ووجه إعجازه: أن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحاط بالكلام كله علمًا، فإذا ترتَّبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أيَّ لفظة تصلح أن تلي الأولى، وتبيَّن المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره، والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول. ومعلومًا ضرورة أن بشرًا لم يكن قطُّ محيطًا، فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، وبهذا النظر يبطل قول من قال: إن العرب كان في قدرتها أن تأتي بمثل القرآن، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صُرِفوا عن ذلك، وعجزوا عنه.
والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة واحد من المخلوقين، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة، يستفرغ فيها جهده، ثم لا يزال ينقحها حَوْلاً كاملاً، ثم تُعطى لآخر نظيرِه، فيأخذها بقريحة جامَّة] أي: نشيطة [، فيبدِّل فيها وينقِّح، ثم لا تزال ـ كذلك ـ فيها مواضع للنظر والبدل.
وكتاب الله، لو نُزِعَت منه لفظة، ثم أديرَ لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد.
ونحن تبين لنا البراعة في أكثره، ويخفى علينا وجهها في مواضع، لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ: في سلامة الذوق، وجودة القريحة، ومَيْزِ الكلام ... «(3).
وتراه في مواطن من كتابه يبين قد حرص على بيان فصاحة ألفاظ هذا الكتاب، وبراعتها في البلاغة، وقد جاء ذلك منه على سبيل الإجمال، ومن باب الإشارة إليها دون الدخول في تحليلها كما فعل معاصرة الزمخشري (ت: 358) مثلاً.
ومن أمثلة ذلك:
ما ذكر في تفسير قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (المائدة: 48).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: ((وهذه الآية بارعة الفصاحة، جمعت المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، وكل كتاب الله كذلك، إلاَّ أنَّا بقصور أفهامنا يَبِين في بعضٍ لنا أكثر مما يبين في بعض)) (4).
وفي آية المخلفين الثلاثة، وهي قوله تعالى: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) (التوبة: 118)، قال: ((قوله: (ثم تاب عليهم ليتوبوا، لما كان هذا القول من تعديد نعمه بدأ ترتيبه بالجهة التي هي عن الله عز وجل؛ ليكون ذلك منبهًا على تلقي النعمة من عنده لا ربَّ غيرُه، ولو كان القول في تعديد الذنب لكان الابتداء بالجهة التي هي عن المذنب، كما قال تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم) (الصف: 5)؛ ليكون هذا أشدَّ تقريرًا للذنب عليهم.
وهذا من فصاحة القرآن، وبديع نظمه، ومعجز اتساقه.
وبيان هذه الآية، ومواقع ألفاظها إنما يكمل مع مطالعة حديث الثلاثة الذين خلفوا في الكتب التي ذكرنا ... )) (5).
ـ اعتراضه على الأقوال التي يرى ضعفها.
ومن ذلك ما أورد في تفسير قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (الأنعام: 1)، فقد أورد تفسيرات السلف فقال: ((وقال السدي والجمهور المفسرين: الظلمات: الليل، والنور: النهار.
وقالت فرقة: الظلمات: الكفر، والنور الإيمان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا غير جيد؛ لأنه إخراجُ لفظٍ بيِّن في اللغة عن ظاهره الحقيقي إلى باطن = لغير ضرورة، وهذا هو طريق اللغز الذي برِئَ القرآن منه) (6).
ـ اختصاره لقصص الآي، وجمع ما روي فيها بإيجاز.
ـ اعتناؤه بالقراءات؛ متواترها وشاذها، واستفادته من أبي حاتم السجستاني.
ـ بيان الأحكام التي نصَّت عليها الآية، دون الاستطراد فيما لم تنص عليه.
بيان أحكام القرآن أحد المقاصد التي يمرُّ بها المفسر لا محالة، لكن تتمايز مناهجهم بالاختيار في الحكم بسبب اختلاف المذهب، وبالاستطرادات التي تخرج عن منطوق حكم الآية.
وقد كان ابن عطية مالكي المذهب، ولا شك أن هذا سيظهر على اختياراته الفقهية التي يذكرها.
ويلاحظ أنه لا يذكر أصحاب الأقوال، بل يبهمهم بقوله: قالت فرقة، أو قال بعض العلماء، أو غيرها من المصطلحات.
ولم يُقم كتابه على الاحتجاج الفقهي بل يكتفي بالحكم الذي نطقت به الآية، دون الاستطراد في مسائل تتعلق بهذا الحكم مما لم تنص عليه الآية، إلا في القليل النادر.
ومن أمثلة ذلك تفسيره لقوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف: 204)، قال: (( ... فأما الاستماع والإنصات عن الكلام في الصلاة فإجماع.
وأما الإمساك والإنصات عن القراءة، فقالت فرقة: يمسك المأموم عن القراءة جملة، قرأ الإمام جهرًا أو سرًا.
وقالت فرقة: يقرأ المأموم إذا أسر الإمام، ويمسك إذا جهر.
وقالت فرقة: يمسك المأموم في جهر الإمام عن قراءة السورة، ويقرأ فاتحة الكتاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومع هذا القول أحاديث صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الآية واجبة الحكم في الصلاة أن ينصت عن الحديث وما عدا القراءة.
وواجبة الحكم أيضًا في الخطبة من السنة لا من هذه الآية.
ويجب من الآية الإنصات إذا قرأ الخطيب القرآن أثناء الخطبه.
وحكم هذه الآية في غير الصلاة على الندب؛ أعني: في نفس الإنصات والاستماع إذا سمع الإنسان قراءة كتاب الله عز وجل.
وأما ما تتضمنه الألفاظ وتعطيه من توقير القرآن وتعظيمه = فواجب في كل حالة.
والإنصات: السكوت. و» لعلكم «على ترجي البشر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولم نستوعب اختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام؛ إذ ألفاظ الآية لا تعرض لذلك، لكن لما عنَّ ذلك في ذكر السبب ذكرنا نبذة منه ... )) (7).
وقد كان يرد على بعض التفقه الذي لا يراه صوابًا، ومن ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) (الزخرف: 33)، قال: ((قال المهدوي: ودلَّت هذه الآية على أن السقف لربِّ البيت الأسفل؛ إذ هو منسوب إلى البيت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تفقُّهن واهنٌ)) (8).
الاعتقاد في تفسيره
مشى على أصول الأشعرية، وقرر مسائل في الاعتقاد بالعقل، وكان بذلك موافقًا لمنهج المعتزلة الذين يقررون معتقداتهم بالعقل المجرد.
ومن الأمثلة التي بان فيها تقديم العقل ما ورد في تفسيره لقوله تعالى: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير) (الأنعام: 103).
قال: ((أجمع أهل السنة على أن الله تبارك وتعالى يُرى يوم القيامة، يراه المؤمنون، قاله ابن وهب عن مالك بن أنس رضي الله عنه.
والوجه أن يبين جواز ذلك عقلاً، ثمَّ يُستند إلى ورود السمع بوقوع ذلك الجائز ... )) (9).
وقد أعاد هذا الاستدلال في قوله تعالى: (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة: 23)، قال: ((حمل هذه الآية جميع أهل السنة على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله تعالى ... )).
ثم قال: ((وأما المعتزلة الذين ينفون رؤية الله تعالى، فذهبوا في هذه الآية إلى أنَّ المعنى: إلى رحمة ربها ناظرة، أو إلى ثوابه وملكه، فقدَّروا مضافًا محذوفًا، وهذا وجه سائغ في العربية، كما تقول: فلان ناظر إليك في كذا؛ أي إلى صنعك في كذا.
والرؤية إنما يثبتها (10) بأدلة قطعية غير هذه الآية، فإذا ثبتت حَسُنَ تأويل أهل السنة في هذه الآية وقَوِيَ ... )) (11).
فإذا كانت هناك أدلة قطعية غير هذه الآية، فيعني أن هذه الآية غير قطعية الدلالة، وقطعي الدلالة هو الأدلة العقلية عنده.
وقد مرَّ على بعض المسائل العقدية على مذهب الأشاعرة، فهو يرى الكلام النفسي، وأن الإيمان مجرد التصديق، وأنه لا يزيد ولا ينقص، ويرى الكسب الأشعري، أن نسب الأفعال إلى العباد مجاز، كما أن نسب التزيين للمخلوقين مجاز، ويرى تأويل الصفات، ويرى ان التقبيح والتحسين لا يدرك إلا من جهة الشرع، ولا مدخل للعقل به، وينفي العلو، ويؤول الاستواء، وغير ذلك من المعتقدات الأشعرية.
وقد حكى في فهرس الكتب التي رواها وقرأها على مشايخه كتب بعض أعلام الأشاعرة، أخذها بالإسناد عنهم، وقرأها، وتعلَّم منها، ككتب الباقلاني (12)، والجويني (13)، وابن فورك (14)، وغيرهم.
ـ ثراء الكتاب بمراجعه العلمية، واستفادة المؤلِّف من العلماء السابقين، بل إن بعضهم ممن فُقِدَ كتابه أو لم يُطبَع بعد.
ـ رد أقوال الباطنية والملاحدة، والأقوال التي يراها باطلة تنحو إلى الرَّمزِّ.
حالة الاستفادة من الكتاب:
1 ـ هذا الكتاب من أهم كتب التفسير، وفيه نفائس كثيرة جدَّا.
2 ـ يُعدُّ مرجعًا من أهم مراجع التفسير.
3 ـ وهو من الكتب التي يحسن بطالب التفسير قراءتها قراءة كاملة لما فيه من الفوائد النفيسة.
4 ـ ويمكن قراءته أيضًا من طريق تحديد صفحات منه وإخراج فوائدها، ودراسة ما فيه من مسائل التفسير.
يمكن دراسة مسائل كثيرة تتعلق بهذا التفسير، منها:
1 ـ علوم القرآن وتطبيقاتها في المحرر الوجيز.
2 ـ القراءات في المحرر الوجيز.
3 ـ توجيه أقوال مفسري السلف عند ابن عطية.
4 ـ ترجيحات ابن عطية، ونقده للتفاسير.
5 ـ الاتجاه النحوي في تفسير ابن عطية، ومناقشة أبي حيان والسمين له.
وهو من الكتب التي تصلح في المرحلة المتوسطة، وهو جامع لميزتي جمع أقوال السلف والتعليق عليها توجيهًا وترجيحًا.
........................................
(1) المحرر الوجيز، ط: قطر (1: 148).
(2) المحرر الوجيز، ط: قطر (2: 447).
(3) المحرر الوجيز، ط: قطر (1: 59 ـ 61)، وقد أشار إلى هذا المعنى في (7 151 ـ 152).
(4) المحرر الوجيز، ط: قطر (4: 471).
(5) المحرر الوجيز، ط: قطر (7: 73).
(6) المحرر الوجيز، ط: قطر (5: 122).
(7) المحرر الوجيز، ط: قطر (6: 196 ـ 197).
(8) المحرر الوجيز، ط: قطر (13: 220).
(9) المحرر الوجيز، ط: قطر (5: 306)
(10) كذا في المطبوعتين القطرية والمغربية، ولعلها» نثبتها «، والله أعلم.
(11) المحرر الوجيز، ط: قطر (15: 218 ـ 219).
(12) فهرس ابن عطية (ص: 75، 76، 95).
(13) فهرس ابن عطية (ص: 77).
(14) فهرس ابن عطية (ص: 75).
ـ[النعيمي]ــــــــ[06 Aug 2004, 11:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
لقد أوجزت واوفيت،،، فهذا المقال .. كان رائعاً بالفعل ... وفيه من الدراسة ما يبهر المتعجل والمتأني سواء ...
وكان الأخ أبو مجاهد قد أشار لي بالمقال في شبكة الإسلام وهو جيدٌ على العموم وما هنا أوفى وأحلى ...
ولكن هناك طرح حول طبعات هذا الكتاب؟ فما هو الأولى من هذه الطبعات؟
وكنت قد رأيت مقالاً لاحد الأخوة يقول:
" تفسير الزخمشري أفضل من تفسير ابن عطية، فالأول معروف بأعزليته،،، لكن الثاني لا يعرف ما في باطنه إلا قليل"
فهل يقصد أشعريته؟ .... هذا ما تبادر الى ذهني بعد قرائة مقالك الماتع، ام هناك أمرٌ آخر؟
عموماً: ما مضى كان عذباً زلالاً،،، فإن أتممت إجابتك فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Aug 2004, 03:21 م]ـ
أخي الكريم
أشكر لك حسن ظنك بمقالتي، وهاأنذا أجيبك على ما بقي في نفسك فأقول:
أما الطبعات لابن عطية فهي فيما أعلم أربع:
الأولى طبعة ناقصة طُبِعة بمصر.
الثانية: الطبعة المغربية، وفي قراءتها لبعض مواضع المخطوط أخطاء ظاهرة.
الثالثة: الطبعة القطرية، وهي مثل سابقتها المغربية في قراءة النص، وإنما امتازت بحسن الطباعة فقط.
الرابع: طبعة مصرية مأخوذة من الطبعة المغربية، وهي في خمس مجلدات.
والكتاب ـ في نظري ـ يحتاج إلى تحقيق علمي أرقى مما هو عليه في هذه الطبعات السالفة، لكن أفضل الموجود الطبعة القطرية، ولو أخذت معها الطبعة المغربية لكان أحسن للموازنة في قراءة بعض المواطن المشكلة في أحد النسختين.
أما ما يقال عن اعتزالية ابن عطية، فقد اتهمه بذلك ابن عرفة الورغمي المالكي الأشعري (ت: 803) من علماء تونس، وقد نقل عنه هذا الاتهام ابن حجر الهيتمي في فتاواه الحديثية.
أما شيخ الإسلام فقد قال: (( ... ويذكر ـ أي: ابن عطية ـ ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة ... ))، ويقصد شيخ الإسلام بهؤلاء المحققين الذين يذكرهم ابن عطية بهذا اللقب علماء الأشاعرة ومنظروه كالباقلاني وابن فورك والجويني الذين اعتمدوا المنهج العقلي في تقرير العقيدة كما هو الحال عند المعتزلة.
والغريب أن محققي الطبعة القطرية ـ رحم الله الأموات منهم، وبارك للأحياء ـ قد انطلقوا لنقد كلام شيخ الإسلام في ابن عطية، وحمَّلوه ما لم يقله، فقد زعموا أنه يتهم ابن عطية بالميل إلى الاعتزال، وذلك ما لم ينصَّ عليه ابن تيمية ولا أشار إليه، وإنما قصد بعبارته هذه متأخري الأشاعرة الذين مالوا بالمذهب إلى التقريرات العقلية، بل الفلسفية، وهذا موضوع تجد بسطه في رسالة الشيخ عبد الرحمن المحمود حول منهج شيخ الإسلام في نقد الأشاعرة.
وأغرب منه أنهم لم يُعرِّجوا على نقد ابن حجر الهيتمي ولا ابن عرفة اللذين كان كلامهما أقسى وأبعد عن الحقيقة في ابن عطية، ذلك ما لم أجد له تفسيرًا!
يقول ابن حجر الهيتمي: (( ... ومن هؤلاء من يدس البدع والتفاسير الباطلة فيروج على أكثر أهل السنة؛ كصاحب الكشاف، ويقرب من هؤلاء تفسير ابن عطية، بل كان ابن العرفة المالكي يبالغ في الحط عليه، ويقول: إنه أقبح من صاحب الكشاف؛ لأن كل أحد يعلم اعتزال ذلك فيتجنبه؛ بخلاف هذا، فإنه يوهم الناس أنه من أهل السنة)) كذا ذكر ملا علي قاري في مرقاة المفاتيح (1: 291) ووازنه بما في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 242).
وقد ناقشت هذا في شرحي لرسالة شيخ الإسلام في أصول التفسير أسأل الله أن ييسر لي إتمامها.
وعلى العموم، فتفسير ابن عطية سار على المعتقد الأشعري في المسائل العقدية، وقد ذكر شيئًا من آراء المعتزلة وانتقدها، كما أنه في مواضع لا تكاد تُذكر ذكر بعض أقوال المعتزلة مرسلة من غير نقد.
وهذا التفسير من التفاسير التي يحسن بطالب علم التفسير الاعتناء به، وقراءته قراءة فكٍّ وتحرير.
وأخيرا أسأل الله أن أكون جئت على ما تريد من المسألة
، كما أسأله لي ولك التوفيق والسدلد.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Aug 2004, 05:59 ص]ـ
وعن طبعة قطر قامت دار ابن حزم ببيروت بطبع التفسير وتقديمه في مجلد واحد كبير في 2020 صفحة
وهي فكرة جيدة تصلح لم يريد الكتاب رفيقاً له لسهولة حمله.
والطبعة الجيدة التي أشرت إليها سابقاً هي طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف بمصر بتحقيق الأستاذ أحمد صادق الملاح، وهي من أول التفسير إلى الآية 93 من سورة آل عمران.
تنبيه:
اختصر الثعالبي تفسير ابن عطية في تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن، وزاد عليه بعض التعليقات والفوائد من غيره من الكتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال في مقدمة تفسيره: (فإني جمعت لنفسي ولك في هذا المختصر ما أرجو أن يقر الله به عيني وعينك في الدارين؛ فقد ضمنته بحمد الله المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية وزدته فوائد جمة من غيره من كتب الأئمة وثقات أعلام هذه الأمة حسبما رأيته أو رويته عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين ومعدود في المحققين.
وكل من نقلت عنه من المفسرين شيئا فمن تأليفه نقلت وعلى لفظ صاحبه عولت ولم أنقل شيئا من ذلك بالمعنى خوف الوقوع في الزلل وإنما هي عبارات وألفاظ لمن أعزوها إليه ... ).
ـ[الراية]ــــــــ[09 Aug 2004, 09:12 ص]ـ
هناك رسائل جامعية حول تفسير ابن عطية ... لكني لا ادري هل طبعت ام لا؟
منها/
استدراكات ابن عطية في كتاب المحرر الوجيز على الطبري في تفسيره
للباحث/شايع بن عبده شايع الأسمري
رسالة/دكتوراة ... من الجامعة الاسلامية
بإشراف/د. محمد عمر حوية
وناقش الرسالة كل من /
د/ عبدالعزيز بن محمد عثمان، و د/ عبدالله بن عمر محمد الأمين الشنقيطي
وكانت المناقشة بتاريخ 21/ 12 / 1417هـ، وحازت على مرتبة الشرف الأولى
والتعريف المختصر بالرسالة:
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين، وخاتمة. القسم الأوّل: تكلم فيه عن الإمامين الطبري وابن عطية وكتابيهما في التفسير، وفيه ثلاثة فصول: ترجمة موجزة للإمام الطبري، ترجمة موجزة للقاضي ابن عطية، عقد مقارنة بين جامع البيان والمحرر الوجيز. القسم الثاني: خصصه لاستدراكات ابن عطية، عرضها مرتبة على نسق ترتيب السور والآيات في المصحف. ثم ختم الباحث رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ملخصها: أن عدد استدراكات ابن عطية على الطبري بلغت (208) استدراكاً أكثرها وارد على الإمام الطبري، ويترجح فيه قول ابن عطية، وغالبها في مسائل خلافية بين العلماء، وقد جاءت متنوعة في التفسير واللغة والفقه والعقيدة والحديث وتوجيه القراءات، وأوردها ابن عطية بأدب وابتعد عن عبارات التجريح غالباً، وشارك ابن عطية في طائفة من استدراكاته غيره من العلماء.
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=587
أما الرسالة الثانية/
تحقيق ودراسة كتاب/ضياء القلوب للإمام سليم بن أيوب أبي الفتح الرازي الشافعي (ت447هـ) "من أول سورة الأنعام إلى نهاية سورة الأنفال " مع المقارنة بكتاب ابن عطية.
للباحث/محمد بن عبدالعزيز بن عبدالله الفالح
رسالة/الماجستير ... من الجامعة الاسلامية
بإشراف/د. محمد عمر حوية
وناقش الرسالة كل من /
د/ حكمت بشير ياسين، و د/ سليمان بن صالح الخزي
وكانت المناقشة بتاريخ 3/ 6 / 1415هـ، بتقدير جيد جداً
والتعريف المختصر بالرسالة:
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين: دراسي وتحقيقي:
القسم الأوّل: دراسة حول المؤلف وكتابه، وفيه ثلاثة فصول: ترجمة المؤلف وبيان مكانته، دراسة الكتاب من حيث تحقيق اسمه ونسبته لمؤلفه، وبيان منهجه وقيمته العلمية ومصادره، ووصف النسخة الخطية، ومقارنة موجزة بين هذا الكتاب وكتاب المحرر الوجيز لابن عطية. وقد اعتمد المحقق على نسخة فريدة محفوظة بمكتبة المسجد النبوي الشريف تحت رقم (34/ 212) تفسير، عدد أوراقها (275) عدد الأسطر (24 - 25) تاريخ نسخها 791هـ الجزء المحقق منها 51 ورقة.
القسم الثاني: النص المحقق، ويحتوي على تفسير سورة الأنعام والأعراف والأنفال.
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=659
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[25 Oct 2010, 01:21 م]ـ
الأساتذة الكرام المشايخ الفضلاء ألم تخرج طبعة أفضل لتفسير ابن عطية؟ جزاكم الله خيرا.(/)
تفسير اية الكرسي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[إمداد]ــــــــ[05 Aug 2004, 10:22 م]ـ
] الله لا إله إلا هو [في هذه الآية يخبر الله بأنه منفرد بالألوهية، وذلك من قوله:] لا إله إلا هو [، لأن هذه جملة تفيد الحصر وطريقة النفي والإثبات هذه من أقوى صيغ الحصر.
(2) أي: ذو الحياة الكاملة المتضمنة لجميع صفات الكمال لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، ولا يعتريها نقص بوجه من الوجوه.
و] الحي [من أسماء الله، وقد تطلق على غير الله، قال تعالى:] يخرج الحي من الميت [[الأنعام: 95]، ولكن ليس الحي كالحي، ولا يلزم من الاشتراك في الاسم التماثل في المسمى.
(3)] القيوم [على وزن فيعول، وهذه من صيغ المبالغة، وهي مأخوذة من القيام.
ومعنى] القيوم [، أي: أنه القائم بنفسه، فقيامه بنفسه يستلزم استغناءه عن كل شيء، لا يحتاج إلى أكل ولا شرب ولا غيرها، وغيره لا يقوم بنفسه بل هو محتاج إلى الله عز وجل في إيجاده وإعداده وإمداده.
ومن معنى] القيوم [كذلك أنه قائم على غيره لقوله تعالى] أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [[الرعد: 33]، والمقابل محذوف تقديره: كمن ليس كذلك، والقائم على كل نفس بما كسبت هو الله عز وجل ولهذا يقول العلماء القيوم هو القائم على نفسه القائم على غيره، وإذا كان قائماً على غيره، لزم أن يكون غيره قائماً به، قال الله تعالى:] ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره [[الروم: 25]، فهو إذاً كامل الصفات وكامل الملك والأفعال.
وهذان الاسمان هما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب ولهذا ينبغي للإنسان في دعائه أن يتوسل به، فيقول: يا حي! يا قيوم! وقد ذكرا في الكتاب العزيز في ثلاثة مواضع: هذا أحدها، والثاني في سورة آل عمران:] الله لا إله إلا هو الحي القيوم [[آل عمران: 2]، والثالث سورة طه:] وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً [[طه: 111].
هذان الاسمان فيهما الكمال الذاتي والكمال السلطاني، فالذاتي في قوله:] الحي [والسلطاني في قوله:] القيوم [، لأنه يقوم على كل شيء ويقوم به كل شيء.
لا تأخذه سنة ولا نوم (1) ............................................ ................
(1) السنة النعاس وهي مقدمة النوم ولم يقل: لا ينام، لأن النوم يكون باختيار، والأخذ يكون بالقهر.
والنوم من صفات النقص، قال النبي عليه الصلاة والسلام:
"إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام" (1) لنقصها، لأنها تحتاج إلى النوم من أجل الاستراحة من تعب سبق واستعادة القوة لعمل مستقبل، ولما كان أهل الجنة كاملي الحياة، كانوا لا ينامون، كما صحت بذلك الآثار.
لكن لو قال قائل: النوم في الإنسان كمال، ولهذا، إذا لم ينم الإنسان، عد مريضاً. فنقول: كالأكل في الإنسان كمال ولو لم يأكل، عد مريضاً لكن هو ك مال من وجه ونقص من وجه آخر، كمال لدلالته على صحة البدن واستقامته ونقص لأن البدن محتاج إليه، وهو في الحقيقة نقص.
إذاً ليس كل كمال نسبي بالنسبة للمخلوق يكون كمالاً للخالق، كما أنه ليس كل كمال في الخالق يكون كمالاً في المخلوق، فالتكبر كمال في الخالق نقص في المخلوق والأكل والشرب والنوم كمال في المخلوق نقص في الخالق، ولهذا قال الله تعالى عن نفسه:] وهو يطعم ولا يطعم [[الأنعام: 14].
له ما في السموات وما في الأرض
قوله:] له ما في السموات وما في الأرض [:] له [: خبر مقدم.] وما [: مبتدأ مؤخر، ففي الجملة حصر، طريقه تقديم ما حقة التأخير وهو الخبر.] له [: اللام هذه للملك. ملك تام، بدون معارض.] ما في السموات [: من الملائكة والجنة وغير ذلك مما لا نعلمه] وما في الأرض [: من المخلوقات كلها الحيوان منها وغير الحيوان.
وقوله:] السموات [: تفيد أن السماوات عديدة، وهو كذلك وقد نص القرآن على أنها سبع] قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم [[المؤمنون: 86].
والأرضون أشار القرآن إلى أنها سبع بدون تصريح، وصرحت، بها السنة، قال الله تعالى] الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن [[الطلاق: 12]، مثلهن في العدد دون الصفة وفي السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين"
(يُتْبَعُ)
(/)
من ذا (1) الذي يشفع (2) عنده (3) إلا بإذنه (4)] من ذا [اسم استفهام أو نقول:] من [اسم استفهام، و] ذا [: ملغاة، ولا يصح أن تكون] ذا [: اسماً موصولاً في مثل هذا التركيب، لأنه يكون معنى الجملة: من الذي الذي! وهذا لا يستقيم.
من ذا الذي يشفع
الشفاعة في اللغة: جعل الوتر شفعاً، قال تعالى:] والشفع والوتر [[الفجر: 3]. وفي الاصطلاح: هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، فمثلاً: شفاعة النبي r لأهل الموقف أن يقضى بينهم: هذه شفاعة بدفع مضرة، وشفاعته لأهل الجنة أن يدخلوها بجلب منفعة.
عنده أي: عند الله.
إلا بإذنه
أي: إذنه له وهذه تفيد إثبات الشفاعة، لكن بشرط أن يأذن ووجه ذلك أنه لولا ثبوتها، لكان الاستثناء في قوله] إلا بإذنه [: لغواً لا فائدة فيه.
وذكرها بعد قوله:] له ما في السموات ... [يفيد أن هذا الملك الذي هو خاص بالله عز وجل، أنه ملك تام السلطان، بمعنى أنه لا أحد يستطيع أن يتصرف، ولا بالشفاعة التي هي خير، إلا بإذن الله، وهذا من تمام ربوبيته وسلطانه عز وجل.
وتفيد هذه الجملة أن له إذناً والإذن في الأصل الإعلام، قال الله تعالى:] وأذان من الله ورسوله [[التوبة: 3]، أي إعلام من الله ورسوله، فمعنى] بإذنه [، أي: إعلامه بأنه راض بذلك.
وهناك شروط أخرى للشفاعة: منها: أن يكون راضياً عن الشافع وعن المشفوع له، قال الله تعالى:] ولا يشفعون إلا لمن ارتضى [[الأنبياء: 28]، وقال:] يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً [[طه: 109].
وهناك آية تنتظم الشروط الثلاثة] وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [[النجم: 26]، أي: يرضى عن الشافع والمشفوع له، لأن حذف المعمول يدل على العموم. فالشروط الثلاثة:-
1 - الرضا عن الشافع
2 - الرضا عن المشفوع له
3 - الإذن للشافع من الله تعالى
إذا قال قائل: ما فائدة الشفاعة إذا كان الله تعالى قد علم أن هذا المشفوع له ينجو؟
فالجواب: أن الله سبحانه وتعالى يأذن بالشفاعة لمن يشفع من أجل أن يكرمه وينال المقام المحمود.
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم
العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، والله عز وجل] يعلم ما بين أيديهم [المستقبل،] وما خلفهم [الماضي، وكلمة] ما [من صيغ العموم تشمل كل ماض وكل مستقبل، وتشمل أيضاً ما كان من فعله وما كان من أفعال الخلق.
ولا يحيطون بشيء من علمه.
الضمير في] يحيطون [يعود على الخلق الذي دل عليهم قوله:] له ما في السموات وما في الأرض [، يعني لا يحيط من في السماوات والأرض بشيء من علم الله إلا بما شاء.
ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء يحتمل من علم ذاته وصفاته، يعني: أننا لا نعلم شيئاً عن الله وذاته وصفاته إلا بما شاء مما علمنا إياه ويحتمل أن (علم) هنا بمعنى معلوم، يعني: لا يحيطون بشيء من معلومه، أي: مما يعلمه، إلا بما شاءه، وكلا المعنيين صحيح وقد نقول: إن الثاني أعم، لأن معلومه يدخل فيه علمه بذاته وبصفاته وبما سوى ذلك.
يعني إلا بما شاء مما علمهم إياه، وقد علمنا الله تعالى أشياء كثيرة عن أسمائه وصفاته وعن أحكامه الشرعية، ولكن هذا الكثير هو بالنسبة لمعلومه قليل، كما قال الله تعالى:] ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [[الإسراء: 85].
وسع كرسيه السموات والأرض
وسع بمعنى شمل، يعني: أن كرسيه محيط بالسماوات والأرض، وأكبر منها، لأنه لولا أنه أكبر ما وسعها.
الكرسي، قال ابن عباس رضي الله عنهما "إنه موضع قدمي الله عز وجل"، وليس هو العرش، بل العرش أكبر من الكرسي وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أن السماوات والسبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة".
هذا يدل على عظم هذه المخلوقات وعظم المخلوق يدل على عظم الخالق.
ولا يؤوده حفظهما يعني: لا يثقله ويكرثه حفظ السماوات والأرض.
وهذه من الصفات المنفية، والصفة الثبوتية التي يدل عليها هذا النفي هي كمال القدرة والعلم والقوة والرحمة.
وهو العلي
] العلي [على وزن فعيل، وهي صفة مشبهة، لأن علوه عز وجل لازم لذاته، والفرق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل أن اسم الفاعل طارئ حادث يمكن زواله، والصفة المشبهة لازمة لا ينفك عنها الموصوف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلو الله عز وجل قسمان: علو ذات، وعلو صفات:
فأما علو الذات، فإن معناه أنه فوق كل شيء بذاته، ليس فوقه شيء ولا حذاءه شيء.
وأما علو الصفات، فهي ما دل عليه قوله تعالى:] ولله المثل الأعلى [[النحل: 60]، يعني: أن صفاته كلها علياً، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه.
العظيم
] العظيم [، أيضاً صفة مشبهة، ومعناها: ذو العظمة، وهي القوة والكبرياء وما أشبه ذلك مما هو معروف من مدلول هذه الكلمة.
وهذه الآية تتضمن من أسماء الله خمسة وهي: الله، الحي، القيوم، العلي، العظيم.
وتتضمن من صفات الله ستاً وعشرين صفة منها خمس صفات تضمنتها هذه الأسماء.
السادسة: انفراده بالألوهية.
السابعة: انتفاء السنة والنوم في حقه، لكمال حياته وقيوميته.
الثامنة: عموم ملكه، لقوله:] له ما في السموات وما في الأرض [.
التاسعة: انفراد الله عز وجل بالملك، ونأخذه من تقديم الخبر.
العاشرة: قوة السلطان وكماله، لقوله:] من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [.
الحادية عشرة: إثبات العندية، وهذا يدل على أنه ليس في كل مكان، ففيه الرد على الحلولية.
الثانية عشرة: إثبات الإذن من قوله:] إلا بإذنه [.
الثالثة عشرة: عموم علم الله تعالى لقوله:] يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم [.
الرابعة عشرة والخامسة عشرة: أنه سبحانه وتعالى لا ينسى ما مضى، لقوله:] وما خلفهم [ولا يجهل ما يستقبل، لقوله] ما بين أيديهم [.
السادسة عشرة: كمال عظمة الله، لعجز الخلق عن الإحاطة به.
السابعة عشرة: إثبات الكرسي، وهو موضع القدمين.
التاسعة عشرة والعشرون والحادية والعشرون: إثبات العظمة والقوة والقدرة، لقوله:] وسع كرسيه السموات والأرض [، لأن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق.
الثانية والثالثة والرابعة والعشرون: كمال علمه ورحمته وحفظه، من قوله:] ولا يئوده حفظهما [.
الخامسة والعشرون: إثبات علو الله لقوله:] وهو العلي [ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته، وأن علوه من الصفات الذاتية الأزلية الأبدية.
وخالف أهل السنة في ذلك طائفتان: طائفة قالوا: إن الله بذاته في كل مكان وطائفة قالوا: إن الله ليس فوق العالم ولا تحت العالم ولا في العالم ولا يمين ولا شمال ولا منفصل عن العالم ولا متصل.
والذين قالوا بأنه في كل مكان استدلوا بقول الله تعالى: ألم تر أن الله يعلم مافي السماواتوما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا [[المجادلة: 7]، واستدلوا بقوله تعالى:] هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير [[الحديد: 4]، وعلى هذا، فليس عالياً بذاته، بل العلو عندهم علو صفة.
أما الذين قالوا: إنه لا يوصف بجهة، فقالوا: لأننا لو وصفناه بذلك، لكان جسماً، والأجسام متماثلة، وهذا يستلزم التمثيل وعلى هذا، فننكر أن يكون في أي جهة.
ولكننا نرد على هؤلاء وهؤلاء من وجهين:
الوجه الأول: إبطال احتجاجهم.
والثاني: إثبات نقيض قولهم بالأدلة القاطعة.
1 - أما الأول، فنقول لمن زعموا أن الله بذاته في كل مكان: دعواكم هذه دعوى باطلة يردها السمع والعقل:
- أما السمع، فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه العلي والآية التي استدللتم بها لا تدل على ذلك، لأن المعية لا تستلزم الحلول في المكان، ألا ترى إلى قول العرب: القمر معنا، ومحله في السماء؟ ويقول الرجل: زوجتي معي، وهو في المشرق وهي في المغرب؟ ويقول الضابط للجنود: اذهبوا إلى المعركة وأنا معكم، وهو في غرفة القيادة وهم في ساحة القتال؟ فلا يلزم من المعية أن يكون الصاحب في مكان المصاحب أبداً، والمعية يتحدد معناها بحسب ما تضاف إليه، فنقول أحياناً: هذا لبن معه ماء وهذه المعية اقتضت الاختلاط. ويقول الرجل متاعي معي، وهو في بيته غير متصل به، ويقول: إذا حمل متاعه معه: متاعي معي وهو متصل به. فهذه كلمة واحدة لكن يختلف معناها بحسب الإضافة، فبهذا نقول: معية الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء.
- وأما الدليل العقلي على بطلان قولهم، فنقول: إذا قلت: إن الله معك في كل مكان، فهذا يلزم عليه لوازم باطلة، فيلزم عليه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: إما التعدد أو التجزؤ، وهذا لازم باطل بلا شك، وبطلان اللازم يدل على بطلان اللزوم.
ثانياً: نقول: إذا قلت: إنه معك في الأمكنه، لزم أن يزداد بزيادة الناس، وينقص بنقص الناس.
ثالثاً: يلزم على ذلك ألا تنزهه عن المواضع القذرة، فإذا قلت: إن الله معك وأنت في الخلاء فيكون هذا أعظم قدح في الله عز وجل.
فتبين بهذا أن قولهم مناف للسمع ومناف للعقل، وأن القرآن لا يدل عليه بأي وجه من الدلالات، لا دلالة مطابقة ولا تضمن ولا التزام أبداً.
2 - أما الآخرون، فنقول لهم:
أولاً: إن نفيكم للجهة يستلزم نفي الرب عز وجل، إذ لا نعلم شيئاً لا يكون فوق العالم ولا تحته ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل، إلا العدم، ولهذا قال بعض العلماء: لو قيل لنا صفوا الله بالعدم ما وجدنا أصدق وصفاً للعدم من هذا الوصف.
ثانياً: قولكم: إثبات الجهة يستلزم التجسيم! نحن نناقشكم في كلمة الجسم:
ما هذا الجسم الذي تنفرون الناس عن إثبات صفات الله من أجله؟!
أتريدون بالجسم الشيء المكون من أشياء مفتقر بعضها إلى بعض لا يمكن أن يقوم إلى باجتماع هذه الأجزاء؟! فإن أردتم هذا، فنحن لا نقره، ونقول: إن الله ليس بجسم بهذا المعنى، ومن قال: إن إثبات علوه يستلزم هذا الجسم، فقوله مجرد دعوى ويكفينا أن نقول: لا قبول.
أما إن أردتم بالجسم الذات القائمة بنفسها المتصفة بما يليق بها، فنحن نثبت ذلك، ونقول: إن لله تعالى ذاتاً، وهو قائم بنفسه، متصف بصفات الكمال، وهذا هو الذي يعلم به كل إنسان.
وبهذا يتبين بطلان قول هؤلاء الذين أثبتوا أن الله بذاته في كل مكان، أو أن الله تعالى ليس فوق العالم ولا تحته ولا متصل ولا منفصل ونقولك هو على عرشه استوى عز وجل.
أما أدلة العلو التي يثبت بها نقيض قول هؤلاء وهؤلاء، والتي تثبت ما قاله أهل السنة والجماعة، فهي أدلة كثيرة لا تحصر أفرادها، وأما أنواعها، فهي خمسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة.
- أما الكتاب، فتنوعت أدلته على علو الله عز وجل منها التصريح بالعلو والفوقية وصعود الأشياء إليه ونزولها منه وما أشبه ذلك.
- أما السنة، فكذلك، فتنوعت دلالتها، واتفقت السنة بأصنافها الثلاثة على علو الله بذاته، فقد ثبت علو الله بذاته في السنة من قول الرسول r وفعله وإقراراه.
- أما الإجماع، فقد أجمع المسلمون قبل ظهور هذه الطوائف المبتدعة على أن الله تعالى مستو على عرشه فوق خلقه.
قال شيخ الإسلام: "ليس في كلام الله ولا رسوله، ولا كلام الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً على أن الله تعالى ليس فوق العرش وليس في السماء، بل كل كلامهم متفق على أن الله فوق كل شيء".
وأما العقل، فإننا نقول: كل يعلم أن العلو صفة كمال، وإذا كان صفة كمال، فإنه يجب أن يكون ثابتاً لله، لأن الله متصف بصفات الكمال، ولذلك نقولك إما أن يكون الله في أعلى أو في أسفل أو في المحاذي، فالأسفل والمحاذي ممتنع، لأن الأسفل نقص في معناه، والمحاذي نقص لمشابهة المخلوق ومماثلته، فلم يبق إلا العلو، وهذا وجه آخر في الدليل العقلي.
- وأما الفطرة، فإننا نقول: ما من إنسان يقول: يارب! إلا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو.
فتطابقت الأدلة الخمسة.
وأما علو الصفات، فهو محل إجماع من كل من يدين أو يتسمى بالإسلام.
السادسة والعشرون: إثبات العظمة لله عز وجل، لقوله:] العظيم [.
ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة، لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) ....
هذا طرف من حديث رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة استحفاظ النبي صلى الله عليه وسلم إياه على الصدقة، وأخذ الشيطان منها وقوله لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي] الله لا إله إلا هو الحي القيوم [حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح فأخبر أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: "إنه صدقك، وهو كذوب(/)
أنوار الهلالين في التعقبات على الجلالين فضيلة الشيخ /محمد الخميس
ـ[أبوحفص الحنبلي النجدي]ــــــــ[07 Aug 2004, 10:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ? [آل عمران:102].
?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً? [النساء: 1].
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ? [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ?، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:
فإن تفسير الجلالين لجلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطي من التفاسير المختصرة السهلة الشائعة بين الناس، وكثير قراؤه، وهو تفسير جيد نافع، غير أن فيه بعض زلات رأيت من واجبي التنبيه عليها، وتحذير الناس منها ليكونوا على بينة من أمر دينهم، حتى لا يقعوا في مزالق تؤثر على سلامة عقيدتهم.
والمفسران لهما جلالتهما وقدرهما، وأنا أقل من أن أحكم على هذين الإمامين الجليلين بشيء ولكن هي أمور وجب علي شرعاً التنبيه عليها والتحذير منها، ولا أحاكم شخصهما، إنما أناقش أموراً قرراها في كتابهما.
ولا أدعي أنني أوفيت الأمر والموضوع وحقه، ولكن هذه أمثله لهنات وزلات وقعت في الكتاب ?وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً?.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المبحث الأول
التأويلات في بعض آيات الصفات
جاء في تفسير الجلالين تأويل بعض آيات الصفات على خلاف الظاهر وعلى خلاف منهج السلف في ذلك، ومن الأمثلة على ذلك:
• المثال الأول: صفحة (2) من سورة الفاتحة آية رقم (3) قوله تعالى: ?الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.
قال المؤلف: " أي ذي الرحمة وهي إرادة الخير لأهله ".
* قلت: الرحمن الرحيم اسمان دالان على صفة الرحمة فالله تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي، والمؤلف رحمه الله اقتصر على لازم الرحمة ولم يثبت صفة الرحمة والقواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات وإمرار آيات الصفات على ظاهرها دون تأويلها بما يخرجها عن حقيقة معناها، فإن التأويل بما ينافي حقيقة معنى الصفة هو تعطيل لها، بل ونوع من الإلحاد فيها.
• المثال الثاني: الآية (158) من سورة الأنعام في قوله: ?هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ?.
قال المؤلف: " أو يأتي ربك: أي علاماته الدالة على الساعة ".
• قلت: هذا صرف اللفظ عن ظاهره وتعطيل لصفة الإتيان. قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: " يقول جل ثناؤه: هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت فتقبض أرواحهم أو أن يأتيهم ربك يا محمد بين خلقه في موقف القيامة " (1).
• المثال الثالث: الآية (32 و 76 و 134 و 146) من سورة آل عمران والآية (94) من سورة المائدة والآية (109) من سورة التوبة عطل صفة المحبة وصرفها عن ظاهرها إلى الثواب فقال: " يحببكم الله: بمعنى يثبكم الله ".
والصواب أن يقال: إن الله يحبكم وإذا أحبكم يثبكم لأن المثوبة من آثار المحبة لا عين المحبة.
• المثال الرابع: الآية (32 و 58 و 140) من سورة آل عمران عطل صفة الغضب وصرفها عن ظاهرها إلى العقاب فقال في قوله تعالى: "? لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ?: بمعنى أنه يعاقبهم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
والصواب: أن من نتائج عدم محبة الله لهم أن يعاقبهم.
• المثال الخامس: الآية (54) من سورة الأعراف قوله تعالى: ?مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ?.
قال المؤلف: "بقدرته".
* قلت: هذا صرف للفظ عن ظاهره وتعطيل لصفة الأمر. قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: " يقول تعالى ذكره: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم كل ذلك بأمره أمرهن فأطعن أمره، فلله الخلق كله والأمر الذي لا يخالف ولا يرد أمره دون ما سواه من الأشياء كلها ودون ما عبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تضر ولا تنفع ولا تأمر " (1).
فالصواب أن يقال: إن المراد من الأمر كلام الله وحكمه وهو غير القدرة.
• المثال السادس: صفحة (186) من سورة الأعراف الآية رقم (54) وطه الآية (5) ص (374) والسجدة الآية رقم (4) ص (501) في قوله تعالى: ?اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ?.
قال المؤلف: " استواء يليق به ".
* قلت: إن كان المؤلف يريد به تفويض كيفية الاستواء فهذا حق لأن الكيفية على الوجه اللائق به سبحانه ولا يعلم ذلك إلا الله كما قال مالك: " .. والكيف مجهول ".
وأما إن كان يريد بذلك أن معنى الاستواء نفسه مجهول فهذا فرار من إثبات صفة العلو والاستواء على العرش لأن السلف ذكروا أن الاستواء معناه العلو والارتفاع والاستقرار (1).
وعبارة المؤلف تحتمل كلا المعنيين، ولكن السلف لم يجهلوا معنى الاستواء كما قال الإمام مالك وغيره: " الاستواء معلوم ".
• المثال السابع: ص138 من سورة المائدة الآية رقم (64) في قوله تعالى: ?بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ?.
قال المؤلف: " مبالغة في الوصف بالجود وثنى اليد لإفادة الكثرة إذ الغاية ما يبذله السخي من ماله أن يعطي بيديه ".
* قلت: لا شك أن الله سبحانه بسط فضله وجوده وإحسانه الديني والدنيوي على عباده لكن المصنف أغفل إثبات صفة اليدين بل صرفها عن حقيقتها وقد أجمع أهل السنة على القول بما تظافرت على إثباته النصوص من الكتاب والسنة من أن لله يدين حقيقية على الكيفية اللائقة بجلاله والتثنية هنا إثبات لأنهما يدان وليس يدا ً واحدة وفي الحديث " وكلتا يدي ربنا يمين " (2) فيجب المصير إلى هذا القول وتفسير الآية على هذا المعنى، نعم الجود من لوازم إثبات صفة اليد لكن لا يجوز تفسير الآية باللازم وترك الملزوم فيجب إثبات صفة اليدين ولوازمها ومن القواعد المقررة عند أهل السنة الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات.
• المثال الثامن: صفحة (248) من سورة يونس الآية رقم (21) في قوله تعالى: ?قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً ?.
قال المؤلف: " مجازاة ".
* قلت: حقيقة المكر تدبير محكم في إنزال العقوبة بالمجرم من حيث لا يشعر فهو أخص من مطلق الجزاء، لأنه عقوبة على وجه مخصوص، فالمكر من الله تعالى تدبير لرد كيد الكائد في نحره، وإنزال العقوبة به من حيث لا يشعر، ومجازاته بجنس عمله ونيته. هذا ومما يجب أن يعلم أنه لا يطلق على الله تعالى اسم ماكر استنباطاً من الآية، حاشا لله، بل يقال إن الله تعالى هو خير الماكرين، والله يمكر بالكافرين والمنافقين، فيقف القائل عند حدود ما ورد في النصوص مقيداً، حتى لا يكون موهماً بنسبة شيء إلى الله تعالى مما لم يرد.
• المثال التاسع: صفحة (297) من سورة الرعد الآية رقم (9) في قوله تعالى: ?الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ?.
قال المصنف: " المتعال على خلقه بالقهر ".
* قلت: هذا أحد معاني العلو الثابتة له سبحانه، فهو المتعالي على كل شيء بقهره، والمتعالي عن كل سوء ونقص بكماله والمتعالي بذاته فوق خلقه. فالله تعالى هو المتعال بأنواع ثلاثة، فلا يجوز قصر " المتعال " على نوع واحد.
• المثال العاشر: صفحة (479) من سورة القصص الآية رقم (88) في قوله تعالى: ?إِلا وَجْهَهُ?.
قال المؤلف: " إلا إياه ".
* قلت: غفر الله للمؤلف فقد حرف معنى صفة الوجه إلى معنى الذات وهذا تعطيل واضح فالوجه من صفات الله الحقيقية التي تليق به سبحانه ولا شك أن الوجه يستلزم الذات فقوله تعالى: ?كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ? معناه كل شيء فانٍ إلا تعالى أي يبقى وجهه تبارك وتعالى لا يهلك فيلزم من بقاء وجهه بقاء ذاته فلا يجوز إرادة اللازم ونفي الملزوم. بل يجب إثبات الملزوم مع إثبات اللازم.
(يُتْبَعُ)
(/)
• المثال الحادي عشر: صفحة (257) من سورة فاطر الآية رقم (10) في قوله تعالى: ?إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ?.
قال المؤلف: " إليه يصعد الكلم الطيب قال يعلمه وهو لا إله إلا الله والعمل الصالح يرفعه يقبله ".
* قلت: غفر الله للمؤلف فليس معنى إليه يصعد الكلم الطيب العلم، فهذا صرف للنص عن ظاهر معناه إلى معنى غير ظاهر وتعطيل لصفة علو الله، بل معناه: أن الكلم الطيب من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب يرفع إلى الله ويعرض عليه ويثني الله على صاحبه بين الملأ الأعلى و (العمل الصالح) من أعمال القلوب وأعمال الجوارح (يرفعه) الله تعالى إليه أيضاً كالكلم الطيب.
وقيل: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وذلك لأن العمل الصالح برهان على صحة وصدق الكلم الطيب الصادر من العبد على لسانه فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة فهي التي ترفع كلمه الطيب فإذا لم يكن له عمل صالح لم يرفع له قول إلى الله تعالى (1)، وهذه الآية من أعظم حجج أهل السنة على أهل البدع في باب إثبات صفة العلو لله تعالى.
• المثال الثاني عشر: صفحة (500) من سورة لقمان الآية رقم (27) في قوله تعالى: ?مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ?.
قال المؤلف: " المعبر بها عن معلوماته ".
* قلت: تفسير كلمات الله بمعلوماته خلاف ما فهمه السلف منها، وهو بالتالي عدول عن ظاهر اللفظ، بل كلماته سبحانه هي كلامه وقوله الذي لا نفاد له، لأنه سبحانه أول بلا ابتداء، آخر بلا انتهاء، لم يزل ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء فلا حد لكلامه سبحانه فيما مضى ولا فيما يُستقبل، وما يقدر من الأشجار والبحور لتكتب به كلمات الله لا نفاد له، وتفسير كلمات الله وبمقدوراته، أو معلوماته تفسير لها بأمور وجوديه وعدمية، وكلمات الله تعالى الموصوفة بأنها لا تنفد هي أمور وجودية، وكأن هذا التفسير الذي ذكره المؤلف يرجع إلى مذهب الأشاعرة والماتريدية الحنفية في كلام الله، وهو أن كلام الله معنى واحد نفسي قديم فلا يوصف بالتعدد، وهو خلاف مذهب أهل السنة والجماعة، فإنهم يقولون: لم يزل الله ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء وكيف شاء وكلماته لا نهاية لها، فيوصف تعالى بأنه قال ويقول ونادى وينادي كما أخبر بذلك تعالى عن نفسه وهو أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثاً من خلقه (1).
• المثال الثالث عشر: صفحة (502) من سورة السجدة الآية رقم (5) في قوله تعالى: ?يَعْرُجُ إِلَيْهِ?.
قال المؤلف: " يرجع الأمر والتدبير ".
* قلت: يستفاد من مجموع أقوال السلف في تفسير هذه الآية أن العروج بمعنى الصعود فالملائكة تنزل بأمر الله تعالى إلى الأرض ثم ترجع صاعدة بأمر ربها، وهذا إثبات لعلو الله تعالى على خلقه، قال ابن جرير الطبري: " وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ذلك اليوم في عروج ذلك الأمر إليه ونزوله إلى الأرض ألف سنة مما تعبدون من أيامكم خمس مئة في النزول وخمس مئة في الصعود، لأن ذلك أظهر معانيه وأشبهها بظاهر التنزيل " (2).
• المثال الرابع عشر: صفحة (556) من سورة ص الآية رقم (75) في قوله تعالى: ?قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ?.
قال المؤلف: " أي توليت خلقه وهذا تشريف لآدم فإن كل مخلوق لم يتول الله خلقه ".
* قلت: غفر الله للمؤلف فليس تولي خلق آدم معنى اليدين بل هو تعطيل لصفة اليدين وعدول عن ظاهر اللفظ وخلاف لما فهمه السلف، قال ابن جرير الطبري: " أي شيء منعك من السجود ?لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ? يقول: لخلق يدي يخبر تعالى ذكره بذلك أنه خلق آدم بيديه كما حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة قال: أخبرني عبيد المكتب، قال: سمعت مجاهداً يحدث عن ابن عمر قال: خلق الله أربعة بيده: العرش، وعدن، والقلم، وآدم ثم قال: لكل شيء كن فكان " (1).
ولولا أن المقصود بذلك خلقه آدم باليدين حقيقة، ما كان هناك مزية لآدم ولا تشريف له، فإن كل المخلوقات تولى الله خلقها، وخلقها بقدرته فمن هنا يبطل تأويل من فسر اليدين بالقدرة أو بتولي الخلق أو غير ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
• المثال الخامس عشر: سورة الزخرف الآية رقم (3) في قوله تعالى: ?إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ?.
قال المؤلف: " أوجدنا الكتاب بلغة العرب ".
* قلت: هذا كلام باطل؛ لأن المؤلف تأثر بالزمخشري وهو جهمي معتزلي، فقد قال: ( ... أي خلقناه) (2).
والصواب: ما قاله ابن جرير وابن كثير: (أي أنزلناه ... ) (3).
• المثال السادس عشر: صفحة (566) من سورة الزمر الآية رقم (67) في قوله تعالى: ? وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ?.
قال المؤلف: " ما عرفوه حق معرفته، أو ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ?وَالأَرْضُ جَمِيعاً? حال: أي السبع (قبضته) أي مقبوضه له: أي في ملكه وتصرفه ?يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ ?مجموعات (بيمينه) بقدرته .. ".
* قلت: غفر الله للمؤلف فليست القدرة هي معنى اليمين فهذا عدول عن ظاهر اللفظ وخلاف لما فهمه السلف، قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره: وما عظم الله حق عظمته، هؤلاء المشركون بالله الذين يدعونك إلى عبادة الأوثان ... وقوله: ? وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ?يقول تعالى ذكره: والأرض كلها قبضته في يوم القيامة ?وَالسَّماوَات? كلها ?مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ? فالخبر عن الأرض متناه عند قوله: يوم القيامة، والأرض مرفوعة بقوله: ?قَبْضَتُه? ثم استأنف الخبر عن السموات فقال: ?وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ? وهي مرفوعة بمطويات ورُوي عن ابن عباس وجماعة غيره أنهم كانوا يقولون: الأرض والسماوات جميعاً في يمينه يوم القيامة ... وقال: آخرون بل السماوات في يمينه والأرضون في شماله " (1).
وقد أخرج البخاري في صحيحه (13/ 393) ح 7412 في الإيمان، باب: قول الله تعالى لما خلقت بيدي من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعاً: " إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السماوات بيمينه، ثم يقول أنا الملك " فهذا الحديث حجة في تفسير الآية بأن السماوات يطويها ربنا بيمينه ويقبض الأرض ويهزهن ويقول أنا الملك، وإذ قد ثبت النص فلا مجال لتأويل.
• المثال السابع عشر: صفحة (660) من سورة الحديد الآية رقم (3) في قوله تعالى: ?وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ?.
قال المؤلف: " الظاهر: بالأدلة عليه، والباطن عن إدراك الحواس ".
* قلت: الأولى تفسير هذين الاسمين (الظاهر والباطن) بما فسرهما النبي ? في قوله: " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء " (2) فيكون اسمه الظاهر دالاً على علوه على خلقه واسمه الباطن دالاً على إحاطة علمه وأنه لا يحجبه شيء فسمعه واسع لجميع الأصوات، وبصره نافذ إلى جميع المخلوقات.
• المثال الثامن عشر: سورة الواقعة الآية رقم (74) في قوله تعالى: ?فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?.
قال المؤلف: " وقيل: (باسم) زائد ".
* قلت: الصواب أن "اسم" غير زائد؛ قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: " فسبح بتسمية ربك العظيم بأسمائه الحسنى " (1).
• المثال التاسع عشر: صفحة (678) من سورة الصف الآية رقم (4) في قوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ ?.
قال المؤلف: " إن الله يحب ينصر ويكرم ".
* قلت: إن كان المؤلف يقصد أن هذا تفسير المحبة فهذا تعطيل لها، وإن كان يقصد أن هذا من آثار المحبة ومن لوازمها مع إثبات المحبة لله فهذا حق إن الله إذا أحب عبداً يكرمه وينصره ويجزيه.
• المثال العشرون: صفحة (692) من سورة الملك الآية رقم (1) في قوله تعالى: ?تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ?.
قال المؤلف: " بيده: في تصرفه ".
* قلت: هذا تعطيل لصفة اليد وعدول عن ظاهر اللفظ وخلاف لما فهمه السلف، قال ابن جرير: " الذي بيده الملك: بيده مُلك الدنيا والآخرة وسلطانهما نافذ فيهما أمره وفضاؤه " (2).
فلا ينبغي تفسير صفة بأخرى لأن التصرف غير اليد وإن كان لازماً لها ومن القواعد المقررة والمتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
• المثال الحادي والعشرون: صفة (693) من سورة الملك الآية رقم (16) في قوله تعالى: ?أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ?.
قال المؤلف: " من في السماء: سلطانه وقدرته ".
* قلت: هذا تعطيل لصفة العلو وعدول عن ظاهر اللفظ وخلاف لما جاءت به رسل الله وأنزلت به الكتب وصرح به رسول الله ? وأطبقت عليه العاقلة المؤمنة بشهادة رسول الله ? وأطبقت عليه الأمم ولاسيما هذه الأمة قبل ظهور الجهمية من أن الله تعالى في السماء على عرشه فوق عباده، قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: "من في السماء: وهو الله" (1).
وقال الإمام مالك: " إن الله في السماء وعلمه في كل مكان ".
وقال أبو حنيفة: " من أنكر أن الله في السماء فقد كفر ".
• المثال الثاني والعشرون: صفحة (697) من سورة القلم الآية رقم (42) في قوله تعالى: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ?.
قال المؤلف: " هو عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء ".
* قلت: هذا أحد القولين في تفسير الآية أن المراد بها شدة الهول يوم القيامة، وعليه فليست من آيات الصفات.
والقول الثاني: أن المراد في الآية هنا أن الله يكشف عن ساقه، ويدل على هذا الحديث الثابت في الصحيح أن النبي ? قال: " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحدا ً" (2).
وهذا ومما يجب أن يعلم أن الذين فسروا الآية بالتفسير الأول لم ينفوا عن الله تعالى صفة الساق التي ثبتت بها السنة، لكنهم لم يروا أن الآية دالة عليها ولم يعدوها من آيات الصفات، إنما أثبتوا الصفة – صفة الساق – بالسنة ولا منافاة بين القولين، فالله يكشف عن ساقه يوم شدة الهول، وذلك بخلاف المعطلة الذين ينفون صفة الساق، ولا يثبتونها لا بالقرآن ولا بالسنة، بل حملوا الآية والحديث على شدة الأمر.
وهذا وإن كان محتملاً في الآية لكنها لا يحتمل في تفسير الحديث، لورود الساق مضافة إلى الضمير العائد على الله تعالى (1).
• المثال الثالث والعشرون: صفحة (701) من سورة المعارج الآية رقم (4) في قوله تعالى: ?تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ?.
قال المؤلف: " إلى مهبط أمره من السماء ".
* قلت: الصواب في معنى الآية أن الملائكة الروح – وهو جبريل عليه السلام – تصعد إلى الله تعالى، والهاء ضمير عائد على الله عز وجل، ?فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ? قيل إن مدة صعودهم يوم مقداره بالنسبة للخلق يساوي خمسين ألف سنة، ولكن المهم أن قوله تعالى: ?إِلَيْهِ ?إي: إلى الله تعالى.
• المثال الرابع والعشرون: صفحة (734) من سورة البروج الآية رقم (14) في قوله تعالى: ?وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ?.
قال المؤلف: " المتودد إلى أوليائه بالكرامة ".
* قلت: فيه نظر، لأن فيه رائحة صفة المحبة بالإكرام، والصواب أن يقال: الودود، صيغة مبالغة بمعنى فاعل، أي: المحب لمن تاب إليه وأناب.
قال ابن جرير رحمه الله: " هو ذو المغفرة لمن تاب إليه من ذنوبه وذو المحبة له " (2).
• المثال الخامس والعشرون: صفحة (734) من سورة البروج الآية رقم (16) في قوله تعالى: ?فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ?.
قال المؤلف: " لا يعجزه شيء ".
* قلت: هو في نفيه للعجز لم يثبت كمال القدرة على فعل ما أراد، ومن أثبت القدرة فقد نفى العجز ضمناً، بخلاف العكس ولكن الآية فيها إثبات لصفة الإرادة، وفيه إثبات لقدرة الله تعالى التي ليس لها منتهى، ولا يعجزه شيء، فما أراده – سبحانه – فعله، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.
• المثال السادس والعشرون: صفحة (736) من سورة الأعلى الآية رقم (1) في قوله تعالى: ?سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ?.
قال المؤلف: " الأعلى: صفة لربك ".
* قلت: الأعلى: اسم من أسماء الله يشتمل على إثبات صفة العلو لله تعالى ومعناه الأعلى من كل شيء، فهو أفعل تفضيل دال على علوه تعالى بكل معاني العلو فهو الأعلى قدراً ومنزلة، وهو الأعلى بالقهر والغلبة، وهو الأعلى بذاته فوق كل شيء وفي ذكر اسمه الأعلى في هذا الموقع بيان لموجب استحقاقه للتسبيح وهو التنزيه عن النقائض.
(يُتْبَعُ)
(/)
• المثال السابع والعشرون: صفحة (739) من سورة الفجر الآية رقم (22) في قوله تعالى: ?وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً?.
قال المؤلف: " وجاء ربك، أي: أمره ".
* قلت: تأويل المجيء بأمر الله هذا باطل وخلاف لظاهر النص وعدول عنه إلى معنى آخر وخلاف لما فهمه السلف من الآية.
قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفاً صفاً بعد صف " (1).
فالمجيء صفة من صفات الله على الحقيقة على ما هو لائق بالله بلا معرفة الكيف ومن الدلائل على بطلان تأويل المجيء بالأمر أن الملائكة من أمر الله فلا معنى لمجيء الأمر مع تصريح مجيء الملائكة لأنه يكون ذكراً للملائكة بلا فائدة.
• المثال الثامن والعشرون: صفحة (746) من سورة العلق الآية رقم (15) في قوله تعالى: ?أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى?.
قال المؤلف: " ما صدر منه أي يعلمه فيجازيه عليه ".
* قلت: العلم من لوازم الرؤية لكن الرؤية غير العلم.
قال ابن جرير في تفسير الآية: " يقول تعالى ذكره: ألم يعلم أبو جهل إذ ينهى محمداً عن عبادة ربه والصلاة بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه " (1).
المبحث الثاني
قصر العام على بعض أفراده
وذلك أن اللفظ أحياناً قد يصدق على عدة معان ويطلق عليها ويحتملها كلها أو يقصد به مجموعها، فلو قيل بأحدها فقط وطرح الباقي، ولم يلتفت إليه لكان اطراحاً لمعان حقه هي جزء من مدلولات اللفظ.
وإليك الأمثلة لذلك:
• المثال الأول: صفحة (50) من سورة البقرة الآية رقم (255) في قوله تعالى: ?وَهُوَ الْعَلِيُّ ?.
قال المؤلف: " وهو العلي: فوق خلقه بالقهر ".
وفي سورة النحل الآية رقم (50) في قوله تعالى: ?يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِ?.
قال المؤلف: " أي عالياً عليهم بالقهر ".
* قلت: هذا قصر لمعنى (العلي) على أحد مدلولاته وإغفال لباقي ما يدل عليه هذا الاسم من المعاني فإنه سبحانه العلي بذاته العلي على جميع مخلوقاته وهو العلي بعظمة صفاته وهو العلي الذي قهر المخلوقات ودانت له الموجودات وخضعت له الكائنات فلابد من إثبات كل هذه المعاني لله.
• المثال الثاني: سورة النحل الآية رقم (36) في قوله تعالى: ?وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ?.
قال المؤلف: " الطاغوت: الأوثان ".
* قلت: الطاغوت كل ما عبد من دون الله وهو راضٍ بالعبادة.
• المثال الثالث: صفحة (674) من سورة الأعراف الآية رقم (180) في قوله تعالى: ?وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ?. والآية (24) من سورة الحشر في قوله تعالى: ?لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ?.
قال المؤلف: " التسعة والتسعون الوارد بها الحديث ".
* قلت: التسعة والتسعون من أسماء الله الحسنى لأن أسماء الله غير محصورة بعدد لقوله ?: " أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك " (1).
• المثال الرابع: صفحة (747) من سورة البينة الآية رقم (1) في قوله تعالى: ?مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ?.
قال المؤلف: " أي عبدة الأصنام.
* قلت: فيه نظر فالمشركون عباد الصالحين والقبور والجن والأشجار والأحجار فإن غالب المشركين كانوا عبدة للصالحين، وهذا كان مبدأ الشرك في الأرض، الغلو في الصالحين ثم اتخاذ أصنام بأشكالهم ثم عبادتهم من دون الله.
• المثال الخامس: صفحة (753) من سورة الكافرين الآية رقم (2) في قوله تعالى: ?أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ?.
قال المؤلف: " ما تعبدون: من الأصنام ".
* قلت: قوله ما تعبدون أي الأصنام فيه نظر؛ لأنه قصر للعام على بعض أفراده، والصواب المعبودات سواء كان من الصالحين أو القبور أو الأشجار أو الأصنام، يقول: قل لهم: لا أعبد ما تعبدن من دون الله من هذه المعبودات الباطلة التي اتخذتموها من دونه، ولا أصرف لها شيئاً من العبادة، بل إنما أتوجه بعبادتي وأصرفها لله تعالى الذي يستحقها وأبيتم أن تعبدوه.
المبحث الثالث
في الإسرائيليات
يقصد بالإسرائيليات هنا ما ورد من حكايات نقلاً عن أهل الكتاب من بني إسرائيل، ومعلوم لنا جميعاً أنه فيما يتعلق بالإسرائيليات فهي ثلاثة أنواع:
1 - ما ورد شرعنا بتصديقه، فهذا نصدقه ونحكيه.
2 - ما ورد شرعنا بتكذيبه، فهذا لا نشتغل به ولا نحكيه إلا على سبيل بيان بطلانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - ما لم يرد شرعنا بتصديق له ولا تكذيب، فهذا وإن حكي فإنه لا يصدق ولا يكذب لأنه يحتمل الأمرين.
وإليك أمثلة النوع الثاني:
• المثال الأول: صفحة (18) من سورة البقرة الآية رقم (102) في قوله تعالى: ?وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ?.
قال المؤلف: " من الحسر وكانت دفنته تحت كرسيه لما نزع ملكه ".
* قلت: حادثة نزع ملك سليمان لا يمكن التصديق بصحتها إذ هي من حكايات بني إسرائيل التي لا تتناسب مع مناصب الأنبياء وحفظ الله لهم.
• المثال الثاني: صفحة (287) من سورة يوسف الآية رقم (52) في قوله تعالى: ?ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ ?.
قال المؤلف: " ذلك: أي طلب البراءة (يعلم) العزيز أني لم أخنه في أهله ".
* قلت: ظاهر كلام المؤلف أن يوسف هو القائل ذلك والأولى حمل الآية على أن امرأة العزيز هي التي قالت ذلك فيكون معنى الآية: أي ليعلم زوجي أني لم أركب الفاحشة، وإنما راودت يوسف مراودة فامتنع مني وما أبرئ نفسي فإن نفوس البشر ضعيفة تغلب عليها الشهوات إلا ما رحم ربي وهذا ما رجحه ابن تيميه وابن القيم وابن كثير وقاله الماوردي في تفسيره وهو أليق بسياق الآية (1).
• المثال الثالث: صفحة (362) من سورة الكهف الآية رقم (83) في قوله تعالى: ?وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ?.
قال المؤلف: " اسمه الاسكندر ".
* قلت: ليس هناك دليل صحيح حتى يقطع المؤلف أن اسم ذي القرنين الاسكندر فلقد قال تعالى بعد ذلك: ?سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً ? أي: سأتلو عليكم من أحواله، ما يتذكر فيه، ويكون عبرة وأما ما سوى ذلك من أحواله فلم يتله عليهم (2) ثم الظاهر أن الاسكندر هو المقدوني وهو كان من المشركين، فلم يكن من المسلمين فضلاً عن أن يكون من أولياء الله.
• المثال الرابع: صفحة (363) من سورة الكهف الآية رقم (93) في قوله تعالى: ?حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ... ?.
قال المؤلف: " بفتح السين وضمها هنا وبعدهما، جبلان بمنقطع بلاد الترك ... ".
* قلت: قطعه بأن السد من بلاد الترك لا دليل عليه.
• المثال الخامس: صفحة (553) من سورة ص الآية رقم (34) في قوله تعالى: ?وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ ?.
قال المؤلف: " ثم أناب: رجع سليمان إلى ملكه بعد أيام بأن وصل إلى الخاتم فلبسه وجلس على كرسيه ".
* قلت: فيه نظر لأن هذا تنقيص لهذا النبي واستيلاء على أزواجه المطهرات، وهذا مما يعلم بطلانه إذ أن أعراض الأنبياء محفوظة من الله تعالى.
? تنبيه: مما يلتحق بالإسرائيليات قول المؤلف في سورة الأحزاب الآية (37) في تفسير قوله تعالى: ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ?.
قال: " مظهره من محبتها وأن لو فارقها زيد تزوجتها ".
* قلت: هذا كلام فيه نظر من وجهين:
الأول: أنه غير ثابت رواية.
والثاني: أنه غير صحيح دراية لأنه مخالف لمنصب النبوة، والصواب ما قاله ابن كثير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: " أن الله تعالى أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوج فلما أتاه زيد رضي الله عنه ليشكوها إليه قال: اتق الله وأمسك عليك زوجك.
فقال الله تعالى: قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه ".
قال ابن كثير: وهكذا روي عن السدي أنه قال نحو ذلك ".
? الحاصل: أن أسطورة عشق النبي ? ومحبته إياها وكتمان ذلك كلها باطلة لا أصل لها.
وإنما الصواب: أن الله تعالى قد أخبر نبيه أنه سيزوجه إياها فكتم النبي ? ذلك مخافة أن يقول الناس كيف يتزوج محمد زوجة ابنه (المتبنى).
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أما بعد:
فهذه أمثله على هنات وزلات وقعت في تفسير الجلالين، ولم أقصد الاستيعاب وإنما أردت التنبيه على أمثله، أرجو أن يستفيد منها القارئ، وقد نبهت أن هذه التنبيهات ليس معناها انتقاص الكتاب أو هضمه حقه، وإنما هو واجب شرعي يمليه علي الدين، ولعل هذا يكون فاتحة خير، لعمل تنبيهات على تفاسير أخرى مما هو شائع بين أيدي الناس، وذلك على حسب الوسع واتساع الوقت إن شاء الله تعالى، والله أسأل القبول، وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
كتبه أبو عبد الرحمن: محمد بن عبد الرحمن الخميس
1/ 4/1414هـ
ـ[أبوحفص الحنبلي النجدي]ــــــــ[11 Aug 2004, 12:02 ص]ـ
وهو في هذا الرابط من الملفات المرفقة
ـ[مؤمل]ــــــــ[13 Aug 2004, 01:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم أبا حفص وفقه الله /
قرأت تعليقات الشيخ على تفسير الجلالين، وهي تعليقات مسددة وفيها فوائد طيبة بارك الله فيه وجزاه الله خيرا على نصحه للأمة والأئمة. وقد وجدت مواضع مما يمكن التعليق عليه للفائدة إذا كان يبلغ الشيخ أو من يهمه الأمر لعله يكون مساهمة في الإثراء والفائدة، ولعل الله يكتبنا في زمرة الناصحين وننال معهم أجرا ولطفا، والله كريم وهّاب، وهنا بعض ما عنّ لي أن أعلق عليه مما يخص المبحث الأول: التأويلات في بعض آيات الصفات:
وهي مرتبة على الأمثلة التي ذكرها الشيخ في تعليقه:
المثال السابع: قوله: (ومن القواعد المقررة عند أهل السنة الإيمان بأسماء الله وصفاته وأحكام الصفات) اهـ لو يحذف هذه العبارة أفضل، أرى أنه لا فائدة من ذكرها هنا وفيها تهويل.
المثال التاسع: قوله: (فلا يجوز قصر المتعال على نوع واحد) يريد قصر معنى "المتعال" الخ .. ولو قال لا ينبغي مثلاً أو الأصح أفضل من قوله لا يجوز، لأنه قد يجوز أن المعنى المناسب من المعاني الثلاثة هنا هو هذا، بحسب اجتهاد المؤلف، وليس هو بصدد إثبات المعاني الثلاثة أو نفيها، وإنما هو يفسر الآية.
المثال العاشر: قوله: (غفر الله للمؤلف فقد حرف معنى صفة الوجه إلى معنى الذات وهذا تعطيل واضح) اهـ فيه مبالغة! فقصاراه أن المؤلف رحمه الله فسّر اللفظ (الوجه) بلازمه هنا فهو كنظائره في تفسير باللازم، ولا بأس بالاستفصال كما قد فعل الشيخ في المثال الأول مثلا.
المثال الخامس عشر: قوله: (هذا كلام باطل؛ لأن المؤلف تأثر بالزمخشري) اهـ لا وجه للاقتصار على الزمخشري والقول بأن المؤلف تأثر به، فهذه مصيبة عمّت في الأمة وعلمائها في عموم أعصارها بعد القرن الثالث والرابع .. ثم تفسير المؤلف جعلناه بأوجدناه مقاربٌ والله أعلم فتأمل! إذ ما يَرِدُ على لفظ أوجدناه يرِدُ على جعلناه، وهو لا ينافي أنه تعالى أنزله وأنه كلامه عزّ وجلّ ... الخ ما هو مقرر في عقيدتنا أهل السنة والجماعة خلافاً للجهمية ومن على شاكلتهم القائلين بخلق القرآن، والمؤلف ليس منهم بلا شك.
المثال السادس عشر: قوله: (والأرض مرفوعة بقوله قبضتُهُ) اهـ سهوٌ! بل قبضته مرفوعٌ بـ "الأرض" لأنه خبره، ولا يصح العكس هنا لفساد المعنى .. وكذلك قوله عن السماوات "وهي مرفوعة بمطويات" مثله.
المثال الثامن عشر: قوله: (الصواب أن اسم غير زائد) اهـ لو قال: والأصح كان أجود، والله أعلم بالصواب، لأن ما ذكره المؤلف وجه محتمل معروف، وليس هناك ما ينفيه شرعاً.
المثال العشرون: قوله: (هذا تعطيل لصفة اليد ... ) اهـ ليس كذلك والله أعلم، بل هو تفسير للآية بلازم معناها وهو المراد من الآية، لأن قوله بيده الملك مجازٌ [على قول من يثبت المجاز في القرآن ولا نريد أن ندخل في هذه المسألة] عن كمال ملكه وتصرفه وهو المقصود، وليس المقصود –والله أعلم- أنه سبحانه وتعالى يضعه أي الملك الآن وأبداً في يده، فلا وجه لاتهام المؤلف بالتعطيل هنا، وقسها بآية سورة القلم "يوم يكشف عن ساق" يتّضح لك الأمر.
المثال السادس والعشرون: قوله: (قال المؤلف: الأعلى صفة لربّك. قلت: الأعلى اسم من أسماء الله ... ) يريد أن لفظ "الأعلى" اسم من أسماء الله الحسنى وليس مجرد صفة كسائر الصفات، ومعلوم أن الأسماء أخص من الصفات، وهو كذلك .. لكن لا ينافيه كلام المؤلف لأن مراده الإعراب النحويّ، فقوله صفة أي نعتٌ، فكلمة "الأعلى" صفةٌ لكلمة "ربّ" في الآية لا لكلمة "اسم" هذا مراد المؤلف، والله أعلم.
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[16 Aug 2004, 06:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي ولكن هلا تخبرنا أين طبع الكتاب وسنة الطبع وهل هو متوفر أم لا(/)
علل أحاديث التفسير (7)
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[07 Aug 2004, 11:17 م]ـ
(نزول البسملة)
[7] حديث: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:1].
قال السيوطي في الدر المنثور (1: 20): "وأخرج أبو داود، والبزار، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في المعرفة: عن ابن عباس قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
زاد البزار والطبراني: [فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت، واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى].
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في (سننه): عن ابن عباس، قال: كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت.
وأخرج أبو عبيد: عن سعيد بن جبير: أنه في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى.
وأخرج الطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في (شعب الإيمان): عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا جاءه جبريل فقرأ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أنها سورة". اهـ.
والحديث أورده أ. د. حكمت بشير في التفسير الصحيح (1: 73)، وقال: " قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي وابن السرح، قالوا: ثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال قتيبة (فيه): عن ابن عباس، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم. وهذا لفظ بن السرح.
وصححه ابن كثير.
وأخرجه الواحدي، والحاكم: من طريق سفيان بن عيينة، به وصححه، وقال الذهبي: أما هذا فثابت.
وأخرجه البزار: من طريق سفيان بن عيينة، به. قال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، والإسناد على شرط الشيخين".
طرق الحديث
الحديث مشهور من رواية عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير ... : رواه عنه إبراهيم بن يزيد، وسفيان بن عيينة، وعبدالعزيز بن جريج، وعمرو بن قيس، وأبو مريم عبد الغفار بن القاسم، و مثنى بن الصباح.
وقد تابع عَمروًا عليه: سالم الأفطس، ومعاوية بن إسحاق:
(1) فأما حديث إبراهيم بن يزيد:
فأخرجه الطبراني في الكبير (12: 82/ برقم 12545)، ومن طريقه الضياء في المختارة (10: 316/ برقم 337): حدثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجي التستري، ثنا داود بن رشيد، ثنا فهير بن زياد.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (6: 13)، والبيهقي في الشعب (2: 438/ برقم 2330): من حديث يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثنا أبو سفيان المعمري.
وأخرجه كذلك في الشعب (2: 438/ برقم 2331) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنا محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك الرازي، ثنا الحسين بن إسحاق الدقيقي، ثنا محمد بن سهم، ثنا معتمر بن سليمان.
ثلاثتهم (فهير بن زياد، وأبو سفيان المعمري، ومعتمر بن سليمان) عن إبراهيم بن يزيد، قال: قلت لعمرو بن دينار: إن الفضل الرقاشي يزعم أن بسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن! قال سبحان الله! ما أجرأ هذا الرجل، سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا نزلت عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها. هذا لفظ المعمري .. ولم يذكر فهير ومعتمر هذه القصة ولا السماع.
ولفظ فهير: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا نزلت عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أن السورة قد ختمت واستقبل الأخرى.
ولفظ معتمر: قال كان جبريل عليه السلام إذا أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بـ بسم الله الرحمن الرحيم عرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها سورة ختمت واستقبل السورة الأخر.
وهذا الحديث لا يصح من هذا الوجه.
إبراهيم بن يزيد هذا مكي مشهور بالخوزي .. قال أحمد بن حنبل: إبراهيم الخوزي متروك الحديث. وقال يحيى بن معين: إبراهيم بن يزيد الخوزي المكى ليس بثقة وليس بشيء .. وتركه ابن المبارك وغيره. الجرح (2: 146).
(يُتْبَعُ)
(/)
وإبراهيم هذا لم يحمدوا أمره .. وقد تساهل الضياء في تخريجه في ((مختارته))!.
(2) وأما حديث سفيان بن عيينة: فمشهور وقد اختلف عليه فيه:
فوصله الحسن بن الصباح البزار، وقتيبة بن سعيد، ومعلى بن منصور، وأبو كريب، عن سفيان، عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن بن عباس (مرفوعًا).
وأرسله أحمد بن محمد المروزي، ويونس، وابن السرح، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير (فذكره) ..
وروي عن أحمد بن عبده، عنه (على الشك فيه):
أ ـ فأما حديث الحسن بن الصباح:
فأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم 845): أخبرنا أبو قتيبة سلم بن الفضل الآدمي، ثنا القاسم بن زكريا المقرئ، عنه به بلفظ: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلت: رواته ثقات سوى سلم بن الفضل فمحله الصدق كما قال الذهبي في السير (16: 27).
ب ـ وأما حديث قتيبة بن سعيد:
فأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): حدثنا قتيبة بن سعيد، عنه به: (فذكره).
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في (كتاب السنن) أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ..
كلاهما عن أبي داود به .. ولفظ الترجمة لأبي داود.
ج ـ وأما حديث معلى بن منصور:
فأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم 845): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني، عنه به (فذكره).
قرنه الحاكم بابن الصباح .. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الذهبي في (مختصره): " أما هذا فثابت".
د ـ وأما حديث أبي كريب:
فأخرج البزار في (مسنده) كشف الأستار (3: 40/ برقم 2187).
وأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27): من طريق عبدالله بن زيدان البجلي كلاهما عن أبي كريب، عنه به (فذكره).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6: 310): " رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح ".
هـ ـ وأما حديث أحمد بن محمد المروزي:
فأخرجه أبو داود في مراسيله برقم (37): حدثنا أحمد بن محمد المروزي، عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف ختم السورة حتى تنزل: َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): به.
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي .. كلاهما عن أبي داود به.
وقال في المراسيل: " وقد أُسند هذا الحديث ولا يصح". وفي رواية " وهذا أصح".
و ـ وأما حديث يونس:
فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (1376): حدثنا يونس، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير ـ بغير ذكر منه إياه عن ابن عباس ـ قال: كان (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم فصل السورة حتى تنزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ز ـ وأما حديث ابن السرح:
فأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): حدثنا ابن السرح، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير: (فذكره).
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي .. كلاهما عن أبي داود به. (قرنه بقتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي).
ح ـ وأما حديث أحمد بن عبدة:
فأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (3: 40/ برقم 2187): حدثنا ابن عبدة، أبنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد ـ أشك في حديث ابن عبدة، قال: عن ابن عباس، أو قال: عن سعيد، ولم يقل: عن ابن عباس ـ قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف خاتمة السورة حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فإذا نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، علم أن السورة قد ختمت، واستُقبلت أو ابتدئت سورة أخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الهيثمي في المجمع (6: 310): "اقتصر أبو داود على قوله: (لا يعرف فصل السورة، حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". اهـ.
قلت: فلأجل هذه الزيادة ذكره في (الزوائد).
قال ابن عبدالبر في التمهيد (20: 210 ـ 211): " روى هذا الخبر طائفة أصحاب ابن عيينة: عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير مرسلاً، وبعضهم رواه عن ابن عيينة، عن عمرو، عن سعيد، عن ابن عباس مسندًا".
قلت: في كلامه نظر بل الصحيح العكس!. على الأقل وفق ما وقفت عليه.
(2) وأما حديث ابن جريج:
فاختلف عليه فيه (كذلك) بين الوصل والإرسال: فأرسله عنه حجاج، وعبدالرزاق، ووصله الوليد بن مسلم، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وسليم بن مسلم:
أ ـ فأما حديث حجاج (هو المصيصي):
فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (ص217): حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار: أن سعيد بن جبير أخبره: أن في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى.
حجاج، هو ابن محمد المصيصي .. قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: ما كان أضبطه وأصح حديثه، وأشد تعاهده للحروف ورفع أمره جدًا. فقلت له: كان صاحب عربية؟ قال: نعم. وقال أيضا: سمعت أبا عبد الله ذكر حجاج بن محمد فقال: كان مرة يقول: حدثنا ابن جريج، وإنما قرأ على ابن جريج ثم ترك ذلك، فكان يقول: قال ابن جريج، وكان صحيح الأخذ.
قال أبو عبد الله: الكتب كلها قرأها على ابن جريج إلا كتاب التفسير فإنه سمعه إملاءً من ابن جريج، ولم يكن مع ابن جريج كتاب التفسير فأملى عليه. انظر تهذيب الكمال (5: 454).
ب ـ وأما حديث عبدالرزاق:
فأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (2: 92/ برقم 2617): عنه قال: أخبرني عمرو بن دينار أن سعيد بن جبير أخبره: أن المؤمنين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فإذا نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علموا أن قد نزلت السورة وانقضت الأخرى.
وهذا إسناد صحيح ظاهر الإرسال.
ج ـ وأما حديث الوليد بن مسلم:
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 356/ برقم 846)، وعنه البيهقي في السنن الكبير (2: 43/ برقم 2207): من طريق رحيم بن اليتيم، ومحمد بن عمرو الضرير.
كلاهما (رحيم بن اليتيم، ومحمد بن عمرو الضرير) عن الوليد بن مسلم، ثنا ابن جريج، ثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فإذا نزلت َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علموا أن السورة قد انقضت.
اللفظ للحاكم، وقال: "لم يذكر رحيم سعيد بن جبير .. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
د ـ وأما حديث عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد:
فأخرجه الطبراني في الكبير (10: 31/ برقم 339)، والأوائل برقم (43)، ومن طريقه الضياء في المختارة (10: 317/ برقم339): ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، ثنا سعيد بن زنبور، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس (فذكره).
وعبدالمجيد بن أبي رواد .. قال أحمد ويحيى: ثقة يغلو في الإرجاء، وقال أبو الحسن الدارقطني: يعتبر به ولا يحتج به. انظر (الميزان).
وسعد بن زنبور هذا قال أبو حاتم: مجهول. وقال ابن معين: ذاك المسكين ذاك الذي يعلم في القرى هو ثقة وما أراه يكذب. انظر الجرح (4: 84)، وتاريخ بغداد (9: 127).
هـ ـ وأما حديث سليم بن مسلم:
فأخرجه الطبراني في الأوسط برقم (2896): حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن زنبور، قال: حدثنا سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان جبريل إذا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) بالقرآن كان أول ما يلقي عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا قال جبريل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الثانية علم النبي (صلى الله عليه وسلم) أن قد ختم السورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحديث ظاهر فيه الاختلاف على سعيد بن زنبور .. وهو يروي غرائب وله مخالفات. تاريخ بغداد (9: 127).
وسليم الخشاب .. قال ابن حبان: "يروي عن الثقات الموضوعات الذي يتخايل إلى المستمع لها وإن لم يكن الحديث صناعته أنها موضوعة كان يحيى بن معين يزعم أنه كان جهميا خبيثا".
وأما بقية المتابعات ففيها غرابة وبعضها منكر.
قال صاحبنا الدكتور عبدالله الزهراني في تخريجه لهذا الحديث في حاشيته على (المراسيل لأبي داود): "اختلف على ابن جُريج ثقتان وزاد أحدهما الوصل، وتأيدت زيادة الوصل بما تقدم من أن الوصل ثابت من حديث الثقات الحفاظ، وأن الحافظ الذهبي حكم للموصول بالثبوت، فالمتعين قبول زيادة الوصل. والله أعلم". اهـ.
قلت: فاته رواية حجاج المصيصي عن ابن جريج وهي مرسلة .. فاتفق الثقتان عبدالرزاق وحجاج على الإرسال .. وخالفهما الوليد بن مسلم، وهو وإن كان ثقة إلا أن في سنده كلام ذكره الحاكم، وهو مؤثر في نظري؛ فقد اختلف عليه راوياه دحيم بن اليتيم وهو ثقة حافظ مشهور وقد قصر فيه فلم يذكر فيه سعيد بن جبير؟!. فروايته لا تستقيم للترجيح؛ لأجل هذه العلة.
ومحمد بن عمرو الضرير الراوي عن الوليد هو الغزي وقع مبينًا في رواية البيهقي، وهو أحد العباد المشاهير، من رجال الحلية. ترجمه الذهبي في السير (11: 464) .. وليس بالحافظ حتى نقدم روايته على رواية الحافظين الثقتين حجاج وعبدالرزاق .. خاصة أن حجاج كتب التفسير إملاءً عن ابن جريج، فيكون له نوع خصوصية.
وأنا أتفق مع الأخ الكريم في تقديم الوصل .. وأزيد أن هذا الاختلاف في نظري من جهة عمرو بن دينار .. رواه مرةً مرسلاً ومرةً موصولاً.
والمسالة فيها أقوال ثلاثة:
أولها: فأكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل .. وبهذا نفسر ترجيح أبي داود لرواية الإرسال.
قال ابن الصلاح: "وكثيرًا ما يعللون الموصول بالمرسل".
ثانيها: أن الحكم للأكثر.
ثالثها: أن الحكم للأحفظ .. فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله .. وصحح هذا القول الخطيب.
قال ابن الصلاح: "وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله".
وعدَّ البخاري (رحمه الله) مثل هذا زيادة ثقة .. وهي مقبولة.
انظر الكفاية (ص411 ـ 412)، ومعرفة أنواع علم الحديث (ص71 ـ 72)، (ص85 ـ 86).
قال البقاعي: " إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرًا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون منها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن".
قلت: نص على هذا ابن دقيق، فقال: " من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنهم إذا تعارض رواية مسند ومرسل، أو رافع وواقف، أو ناقص وزائد، إن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق؛ لأن ذلك ليس قانونًا مطردًا، والمراجعة لأحكامهم الجزئية تعرف صواب ما نقول". انظر توضيح الأفكار (1: 339)، (1: 343 ـ 344).
وترجيحنا لرواية الوصل لا نعني به قدحًا في من أرسل لا في عدالته ولا في أهليته .. فقد جرى بعض أهل العلم على جعل ذلك من قبيل الجرح.
فالذي ترجح أنه لا يحكم فيها بحكم مطرد، بل ينظر في هذا إلى القرائن المحتفة بكل حديث بحسبه .. لذا لم أوافق أبا داود على إعلاله لهذه الرواية بالإرسال، ومشيت فيه على اعتبار القرينة في الترجيح، وهي هنا الاختلاف من وجهين على راو واحد وهو عمرو بن دينار، وسمع منه سفيان وابن جريج هذا فروياه على الوجهين، ومن هنا وقع الاختلاف .. مما لا يمكن تفسيره إلا بروايته له مرة موصولاً وأخرى مرسلاً، والقصر في الرواية مشى عليه طائفة من متقدمي أهل الحديث (والله أعلم).
(3) وأما حديث عمر بن قيس:
فأخرجه ابن عدي في الكامل (3: 178): ثنا محمد بن منير، ثنا عيسى العسقلاني، ثنا رواد بن الجراح، ثنا عمر بن قيس، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف خواتيم السور حين يقول: َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عرف أنها قد ختمت السورة.
قال الشيخ: "وهذا الحديث عن عمر بن قيس يرويه عن عمرو بن دينار عن بن عباس ولا يجعل بينهما سعيد".
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: معنى كلام ابن عدي هذا أن رواد بن الجراح أخطأ فيه على عمر بن قيس .. نفهم هذا من إيراده لهذا الحديث في ترجمته لرواد، ومن تعقيبه السابق .. لكن الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12: 82/ برقم 12546)، ومن طريقه الضياء في (المختارة (10: 316/ برقم 338): حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي فإذا قال َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ افتتح سورة أخرى.
فكأنه محفوظ عن عمر بن قيس هذا، ولا يصح من حديثه فإنه متروك .. تركه أحمد والنسائي والدارقطني، وقال يحيى: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد أيضا: أحاديثه بواطيل. (الميزان).
(4) وأما حديث أبي مريم عبد الغفار بن القاسم:
فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12: 81/ برقم 12544): حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبادة بن زياد الأسدي، ثنا أبو مريم عبدالغفار بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف خاتمة السورة حتى ينزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وعبدالغفار هذا رافضي ليس بثقة. قال علي بن المديني: كان يضع الحديث، ويقال: كان من رؤوس الشيعة. وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: عبدالغفار بن القاسم بن قيس بن فهد ليس بالقوي عندهم. انظر (اللسان).
(5) مثنى بن الصباح:
أخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم844)، (2: 668/ برقم4218)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (2: 439/ برقم 2332): من حديث أحمد بن حازم الغفاري، ثنا علي بن حكيم، ثنا معتمر بن سلمان، عن مثنى بن الصباح، عن عمر بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا جاءه جبرائيل فقرأ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أنها سورة.
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وهذا تساهل منه بين فإن مثنى بن الصباح هذا تركه القطان وابن مهدي. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئًا، مضطرب الحديث. انظر (الميزان).
? وأما حديث سالم الأفطس:
فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3: 405/ برقم1375): حدثنا محمد بن سنان الشيزري، قال: حدثنا عيسى بن سليمان، قال: حدثنا مبشر بن عبدالله، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: كان جبريل إذا نزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، علم أن السورة قد انقضت.
وإسناده فيه نظر!. فمحمد بن سنان بن سرج التنوخي الشيزري. قال الذهبي: صاحب مناكير يتأنى فيه .. كأنه أ راد الغرابة وهي حاصلة في هذه الرواية. انظر (الميزان) وتكملة الإكمال (3: 558).
وبقية رجاله موثقون .. وقد صححه الأرنؤوط في تخريجه لمشكل الآثار .. فينظر.
? وأما حديث معاوية بن إسحاق:
فأخرجه السلفي في معجم السفر برقم (1143): من طريق أبي حاتم محمد بن عبد الواحد بن زكريا الحافظ الرازي ـ قدم علينا حاجًا ـ ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الأسدي، ثنا أبو عبد الله الحسين بن مأمون البردعي، ثنا بشر بن عمرو بن سام، ثني بدر بن الربيع، ثني طعمة بن عمرو، ثني معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: من السنة الجهر بـ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنها آية من كتاب الله عز وجل نزل بها جبريل، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إذا قرأ جبريل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علمت أن السورة قد ختمت.
في هذا الإسناد نظر .. معاويه هذا وثقه أبو حاتم الرازي وغيره .. أما أبو زرعة فقال: شيخ واه.
وهذا الحديث من نسخة بشر بن عمرو بن سام الكابلي وهي من رواية الحسين بن. مأمون البردعي .. قال الخليلي: ثقة حافظ كبير المحل سمع بشر بن عمرو بن سام الكابلي بمكة نسخة يتفرد بها. مختصر الإرشاد (2: 783).
وفي الباب: عن ابن مسعود، وابن عمر.
? فأما حديث ابن مسعود:
فأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27): من طريق عبدالله بن أبي حسين فذكره عنه بلفظ: " كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ".
? وأما حديث ابن عمر:
(يُتْبَعُ)
(/)
فأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27ـ28): من طريق عبدالله بن نافع عن أبيه عنه بلفظ: "نزلت بسم الله الرحمن في كل سورة".
وكتب / يحيى البكري في ليلة الجمعة الثالث عشر من جمادى الآخرة لسنة خمس وعشرين وأربع مئة وألف للهجرة الشريفة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Aug 2004, 06:18 ص]ـ
ليهنك العلم أخي الكريم يحيى! أسأل الله أن يبارك لك فيه، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت، وقد فعل.
ولا يعرف قيمة مثل هذا التحرير والتدقيق في دراسة الأسانيد، وترتيب المدارات إلا من عرف مضائق هذه الطرق - ولستُ منهم - ولكنني جربت ذلك حيناً من الدهر، وحُبَّبَ إليَّ علمُ الحديث ودراسة الأسانيد، ودرستها عند الدكتور الفاضل أحمد معبد حفظه الله، وكان يدرسنا بأسلوب عالٍ أخفقت أنا في الاستفادة منه في حينه، وأنا أرى ما يطبقه الدكتور يحيى هنا في هذه السلسلة البديعة (علل أحاديث التفسير) التي أرجو لها الكمال بإذن الله على هذا النَّفَسِ المُحرَّر - تطبيقاً دقيقاً لدقائق قواعد تخريج الأحاديث، ودراسة الأسانيد بطريقة سهلة ميسرة، تلوح عليها علامات العلم، وقبل ذلك علامات الأدب وحُسْنِ الخُلُق، وينتفع بها الكثير من أمثالي من الطلبة، الذين يجدون في مثل هذه المشاركات نافذةً واسعة إلى علم التخريج ودراسة الأسانيد، الذي ركدت في هذا العصر رِيْحُهُ، وخَبَتْ مَصَابيحهُ، ولم يعد يقوم به كما ينبغي إلا القليلُ، الذين نسأل الله أن ينفع بهم، وأن يبارك في جهودهم، وما أحسب أخي يحيى إلا منهم وفقه الله، في زمن اتخذ بعض الطلاب هذا العلم ذريعة للوقيعة في أفاضل العلماء من السلف والخلف، واشتغلوا بالجرح دون التعديل.
وأرجو من أخي الكريم يحيى ألا يفتر عن متابعة هذه السلسلة، لقلة من يشارك فيها، فإن فائدتها متحققة، والمنتفعون بها كثير، ولكنها أشبه ما يكون بالكنز الثمين، الذي ما إن يراه من يطلبه إلا ويقوم بحفظه لديه في الجهاز، ثم يقرأه على مكث، فينشغل بحلاوته ونفاسته عن التعبير عن ذلك ولو بكلمة شكر مكتوبة، وأما الملفوظة فهي كثيرة.
جزاك الله خيراً على هذا الجهد المشكور، وجعله في موازين حسناتك، وما كنت أحسب في بداية الأمر أن الأمر سيستغرق هذا الوقت، ويستنفد هذا الجهد، ولكن يبدو أن من تعود على الإجادة والإتقان يأبى عليه طبعه أن يفارقهما يوماً، وقديماً قال الشافعي لتليمذه الربيع: إذا طلبت العلم فدقق فيه، فإنك محتاج إليه يوماً! وما أحسبك إلا وقد وعيت وصية الشافعي للربيع كأنك المعنيُّ بها دونَهُ. وفقك الله.
ـ[الراية]ــــــــ[14 Aug 2004, 03:55 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الجهد المشكور، وجعله في موازين حسناتك
ـ[أويس القرني]ــــــــ[14 Aug 2004, 05:41 م]ـ
جزاك الله خيرا (شيخي) الحبيب على هذا الجهد الذي لا يستغرب على مثلك ومن عرفك عن قرب وسمع كلامك زاد إعجابه بك وبعلمك ولا أزيد حتى لا تغضب علي وإلا فأنت أهل للزيادة. حفظك الله وسددك وننتظر المزيد
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Aug 2004, 01:29 م]ـ
بارك الله فيكم على هذا الجهد الرائع، والتفصيل الدقيق للطرق والأسانيد.
ولدي سؤال يا شيخنا الكريم: هل هناك كتاب أو كتب تشرح لنا طريقة دراسة الأسانيد بمثل هذه الطريقة، ولا سيما غير المتخصصين؟ على الأقل كيف نفهم مصطلحات المتخصصين في التخريج.
وفقك الله ونفع بعلمك. آمين.
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[17 Oct 2004, 03:18 م]ـ
شكر الله لكم إخوتي الأفاضل اهتمامكم بهذا الفن، وأجزل الله لكم المثوبة، ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل .. بالنسبة لما يتعلق بالعمل فعندي نية المواصلة على هذا النهج بإذن الله (تعالى)، .. وأعتذر من أي تقصير يلحظ في التوثيق أو خلافه، فلن يخرج هذا لعمل منشورًا إلا بعد إعادة النظر فيه وتحريره أكثر (بإذن الله تعالى).
وأطمئن أخي الفاضل عبدالرحمن الشهري بأني سوف أستمر بإذن الله ولن يعتريني فتور أو ملل بإذن الله، لكن عذري في التأخر في إنزال المقال تباعًا، أني أعمل على تحقيق عدة مخطوطات، بالإضافة إلى أبحاث متفرقة، فلعلي في قابل الأيام أعطيه وقتًا إضافيًا.
بالنسبة لسؤال الأخ فهد حول دراسة الأسانيد فهناك كتب كثيرة من أشهرها كتاب الطحان، ومذكرة شيخنا عبد العزيز العثيم في ((تخريج الحديث ودراسة الأسانيد))، وقد طبعت سنة (1419هـ) بعنوان ((دراسة الأسانيد)).
وهي في الأصل أمالي أملاها علينا سنة (1410هـ 1411هـ) وكتبتها عنه، ولي عليها زوائد في العرض والترتيب وبعض الأمثلة، وقد طلبها مني الأخ الفاضل أبو مطيع السندي وزاد عليها ثم نشرها بالعنوان المذكور.
ومنها كتاب ((التأسيس في فن دراسة الأسانيد)) للدكتور عمر إيمان أبو بكر.
وكتاب ((تيسير دراسة الأسانيد للمبتدئين)) لعمرو عبدالمنعم.
ومذكره جيده حسنت الترتيب والتأصيل للدكتور عبدالله الشهراني .. وغيرها كثير.
بالنسبة لمصطلحات التخريج فلا أعلم كتابًا في هذا الموضوع، وقد تنبهت لهذا فأقمت في هذا دورة تحت عنوان (معرفة التخريج) كتبت فيها مذكرة تزيد على ثمانين صحيفة جميعها في (شرح مصطلحات التخريج) .. وقد قمت بتنقيحها وسأنشرها قريبًا (بإذن الله تعالى) بعنوان (مفهوم التخريج ومصطلحاته ذات العلاقة).
أما ما يتعلق بمنهج التخريج وعرض الروايات، فالمناهج تختلف من باحث لآخر، ومنهجي هنا مستمد من عمل بعض الحفاظ في عرضهم لرواياتهم من ذلك: صنيع الحاكم في (المستدرك)، وابن عساكر في بعض تصانيفه، والمزي في تحفة الأشراف مع بعض الإضافات والتفنن في عرض العلل، ولم أقيد نفسي بطريقة معينة في الترتيب داخل الروايات بل وفق ما يتفق لي كل حديث بحسبه .. وقد بدت تتضح ملامح المنهج المتبع مع تقدمنا في الكلام على الأحاديث.(/)
الأسباب الدلالية لاختيار المفردة القرآنية
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[08 Aug 2004, 02:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأسباب الدلالية لاختيار المفردة القرآنية
أولاً: اختيار المفردة لإيحائها الدلالي (الدلالة الهامشية): لعل العامل الأساس في اختيار المفردة دون غيرها هو ما تحققه اللفظة المختارة وما تعطيه من معانٍ ودلالاتٍ
إلى جنب الدلالة الأساسية التي قد تشترك فيها مع غيرها من المفردات، وبذلك تكون المفردة المختارة قد أدت المعنى الأساس في التعبير، فضلاً عمّا أوحت به ضمن الإطار السياقي نفسه، ومن هنا كانت استحالة تغيير أو استبدال هذه المفردة حتى مع مرادفتها إن كان هناك مرادف أصلاً، وأنا هنا لا أقصد (بالإيحاء الدلالي) تأدية المعنى الدلالي المباشر بل المعاني الجانبية له والتي تدور حول هذا المعنى الأساس، ويمكن أن يتشكل هذا الإيحاء في المحاور الآتية التي يتم اختيار المفردة بسببها:
أ – الإيحاء المعتمد على التقابل الدلالي: فقد تختار المفردة في التعبير القرآني مصورةً المعنى المراد وفي الوقت نفسه يكون لها مقابل على المستوى الدلالي توحي به إلى جنب المعنى الذي أدته أساساً ففي قوله تعالى: (حتى زرتم المقابر) (التكاثر: 2) فإن لفظة (زرتم) تمثل لفظة لها مقابل دلالي هو الرجوع فكل زائر لاشك وستنتهي به زيارته (فاستعمال الزيارة بهذا المعنى صريح الإيحاء بأن الإقامة في القبر ليست إقامة دائمة … وسوف تنتهي الزيارة حتماً إلى بعث وحساب وجزاء، وهذا الإيحاء ينفرد به لفظ (زرتم) دون غيره فلا يمكن أن يؤديه لفظ آخر كأن يقال (قبرتم، أو سكنتم المقابر …إنها زيارة أي إقامة مؤقتة ويعقبها بعث ونشور)، ومن ذلك قوله تعالى: (يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم) (الزلزلة: 6) فالصدور إنما هو مقابل دلالي للورود فاستعمال الفعل (يصدر) ليوحي إلى أن الحياة الدنيا ليست بدار مقامٍ وليس هذا فقط فقد (جرت أمثالهم بأن الوارد يجب أن يعرف كيف يصدر وإلا ضاعَ ففي لفظ (يصدر) هنا لفتٌ واضح الإيحاء إلى أن الحياة الدنيا ليست بدار مقامٍ، إن هي إلا رحلة نجتازها ولابد من تأمين طريق الصدر …) ولا يمكن أن يستبدل هذا اللفظ (يصدر) بلفظٍ آخر مثل (يخرج وينصرف) ويعطي من المعنى ما أعطاه الفعل الأول، وهذا كثير في القرآن.
ففي قوله تعالى (ولله ميراث السموات والأرض) (الحديد: 10) يظهر تساؤل كيف يرث الله هذه؟ ونستطيع الإجابة عندما نجد المقابل الدلالي وهو الموت، وبهذا يكون اختيار لفظ (ميراث) إيحاء بأن كل من في السموات والأرض سيموت ويبقى تعالى وحده (لأنه الباقي بعد فنائهم والدائم بعد انقضائهم) (1).
ب – الإيحاء المعتمد على الغرابة اللفظية: قال تعالى (تلك إذاً قسمة ضيزى) (النجم: 22) فهنا وصف لحكم المشركين بأن لله تعالى البنات ولهم البنون، وهذا الحكم على ما فيه من انتفاءٍ للعدل والغرابة فإنه يحوي غرابة أكبر من خلال معرفتنا أن العرب أو قسماً منهم ما كانوا يرضون لأنفسهم ما رضوه لربهم وهو (البنات) (وإذا بُشرَ أحدهم بالأنثى ظلَّ وجههُ مسوداً وهو كظيم يتوارى من القومِ من سوء ما بُشر به أيمسكه على هونٍ أم يدسهُ في التراب …) (النحل: 58 - 59) لذلك قال تعالى: (ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذاً قسمة ضيزى) (النجم: 21 – 22) فالحكم ليس جائراً وحسب وإنما هو غريب في العقل والمنطق – أن ينسب العبد مالا يرضى لنفسه إلى ربه – لذلك استعملت (ضيزى) والتي تعني القسمة الجائرة أو غير العادلة، ولم تستعمل هاتان الكلمتان، لهذه الزيادة في إيحاء (ضيزى) (فكانت غرابة اللفظ أشد الأشياء ملائمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها) (2) (والعرب يعرفون هذا الضرب في الكلام وله نظائر في لغتهم وكم من لفظةٍ غريبةٍ عندهم لا تحسن إلا في موضعها ولا يكون حسنها على غرابتها إلا أنها تؤكد المعنى الذي سيقت إليه بلفظها) (3) وبهذا يتبين بُعدُ ما ذهبت إليه بنت الشاطئ بقولها (وقُصارى ما ألمحه فيها – على بُعْدٍ – أن يكون فيها مع الجور حس مادتها فيما يلوك عَبَدة الأوثان من ألفاظٍ منقولة من: ضاز التمرة لاكها في فمه والله أعلم) (4).
(يُتْبَعُ)
(/)
ج – الإيحاء النابع من دقة التصوير الحركي: المفردة القرآنية قد تختار لتصوير الحركة بدقة كما في قوله تعالى: (فراغ إلى أهله) (الذاريات: 26) فراغ هنا أعطت للنص إيحاءاً وبعداً جديدين ذاك أنها فضلاً عن تصويرها ذهاب إبراهيم عليه السلام صدرت حركته بدقة ما بعدها نظير من غير أن يكون ذلك لمجرد مُتعةٍ أدبية في التصوير وإنما هي الدقة مقرونةً بالصدق الإخباري مع تحقيق ملحظٍ اجتماعي هنا، فراغ (ذهب إليهم في خفيةٍ من ضيوفه، ومن أدب المضيف أن يُخفي أمره وأن يبادره بالقِرى من غير أن يشعر به الضيف حذراً من أن يكفه ويعذره) (5)، وكذلك في قوله تعالى (والصبح إذا تنفس) (التكوير: 18) فاختيار لفظة (تنفس) للدقة في رسم المشهد الحركي هنا إذ إن خروج النور فجراً أشبه ما يكون بحركة النفس الذي ينساب بلا صوت متتابعاً فيكون بذلك (أشبه الأشياء بخروج النفس شيئاً فشيئاً) (1).
ومثل هذا (إنا صببنا الماء صباً) (عبس: 25) وقوله تعالى: (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) (الممتحنة: 2).
د – الإيحاء النابع من وصف خاص: فقد يصف القرآن الشيء وصفاً خاصاً ليدلل من خلال إيحاء هذا الوصف على دلالة تنصب في إغناء الدلالة العامة للسياق كما في قوله تعالى (وفاكهة وأبّا) (عبس: 31) فالأبّ هو (المرعى المتهيء للرعي والجز، من قولهم أبَّ لكذا أي: تهيأ) (2) في حين ذهب الزمخشري إلى أن الأبّ هو المرعى لأنه يؤَبُّ أي يؤمّ وينتجع (3) وقد يوصف الشيء وصفاً خاصاً لأجل بيان تفاهة هذا الشيء وخسته قال تعالى: (فكانوا كهشيم المحتظر) (القمر: 31) وفي قراءة (المحتظر) أي (كهشيم الاحتظار كقولك كآجر البناء وخشب النجارة، والاحتظار: أن يجعل حظيرة وإن شئت جعلت (المحتظر) هنا هو الشجر أي كهشيم الشجر المتخذة منها الحظيرة أي: كما يتهافت من الشجر المجعولة حظيرة والهشيم ما تهشم منه وانتشر) (4) وأي إهانة أكبر من أن يجعل جمعهم (كالهشيم المتخلف مما جمعه صاحب الحظيرة) (5) فهو الشجر اليابس المتهشم المتكسر … يبس لطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتحطم ويتهشم) (6) ومن ذلك قوله تعالى (فشاربون شُرب الهيم) (الواقعة: 55) فلو أُريد تحديد معنى (الهيم) لخرجنا بأنها تعني (جمع الرجل العطش) يُقال: رجلٌ هيمان وهائم شديد العطش .. ويمكن أن تعني الرمال التي تبتلع الماء وهيام من الرمال اليابس كأن به عطش لذلك أستعير هذا الاسم للعاشق، كما أنها داءٌ يأخذ الإبل من العطش (7) فهذه اللفظة أوحت بظلال المرض وشدة العطش والتوله والهروب وابتلاع الماء … على هؤلاء.
ثانياً: اختيار المفردة للتسمية (لعلاقة دلالية خاصة):
أ – تسمية الشيء بوصفه جزءاً من معناه: ولعل من أوضح التسميات هي تسميات يوم القيامة والتي زخرت بها قصار السور إن لم أقل انفردت بها فقد سُميت القيامة في القرآن بعدة تسميات منها: الحاقة والصاخة والآزفة والقارعة والطامة والواقعة والراجفة والرادفة، وعند التأمل في هذه التسميات تجد أن كل تسمية إنما اختصت بجانبٍ من جوانب هذا اليوم صوره لفظها، فالواقعة تدلّ على حتمية ووجوب الوقوع فقد (وصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة … ووقوع الأمر نزوله) (1) ليصفها سيد قطب (كأنّما هي ثقلٌ ضخمٌ ينقضُ من علٍ ثم يستقر لغير ما زحزحةٍ بعد ذلك ولا زوال) (2) والحاقة هي الواجبة الوقوع والتي تحقق فيها الأمر أو الوقت أو الساعة التي يحقّ فيها الجزاء فتغلب كل شيءٍ وتحقّ كل محاقٍ (3) وتسمية يوم القيامة بالآزفة كان (لآزوفها أي قربها) (4) و (أزف وأفِدَ يتقاربان – لكن أزِفَ يُقال اعتباراً بضيق وقتها) (5) وبهذا يتحقق وصف الشكل الخارجي ليوم القيامة كاملاً، فقد تمَّ عن طريق التسمية تأكيد الوقوع وسرعته وتحقق ذلك ولم يبق إلا وصف طبيعتها (القيامة) وأثرها لذلك سُمّيت بالقارعة وهي (التي تقرع الناس بالأفزاع والأهوال …) (6) وسُميت بالغاشية و (الغاشية داءٌ يأخذ في الجوف أو ورمٌ يكون في البطن … ومن هذا الهلاك تفسر الغاشية في استعمال القرآن … أي الجائحة المهلكة …) (7) و (الغاشية كل ما يغطي الشيء كغاشية السرج …) (وسميت بالطامّة الكبرى لأنها (تطمُّ على الدواهي أي تعلو وتغلب … وهي القيامة لطمومها على كل هائلةٍ) (9) فـ (طمّ
(يُتْبَعُ)
(/)
الماء … أرتفع وعلا وفي المعنوي: طمّ الأمر اشتدّ وجاوز الطامة .. ) (10) وسميت الصاخة يقال صخّت تصخّ صخّاً أي تصم ويقال رجلٌ أصخ … إذا كان لا يسمع) (11) وبهذا صورت كيفية وقوعها بالغاشية ومدى تأثيرها مقارنة بغيرها بالطامة وكيفية وقوعها بالقارعة وأثرها عند وقوعها بالصاخة، وبهذا وعن طريق تسميتها بجانب منها وٌصفت كلها ومن جميع جوانبها، والمهم هنا أن كل هذه التسميات إنما جاءت بصيغة الفاعل فكأنها هي التي تصخّ وتقرع وتقع … الخ، فضلاً عن تعريفها بالألف واللام الذي هو تعريف جنسٍ لتميزها من بين الأجناس لأن في استحضاره زيادة تهويلٍ لأنه حقيقٌ بالتدبر (1) والأهم من كل هذا أنّ جميع هذه التسميات جاءت كناية عن يوم القيامة و (الكناية عبارة عن أن تذكر لفظةً وتفيد بمعناها معنى ثانياً هو المقصود وإذا كنت تفيد المقصود بمعنى اللفظ وجب أن يكون معناه معتبراً …) (2) فالكناية إرادة المعنى الثاني مع جواز إرادة المعنى الأول، وبهذا يكون التعبير بها هنا أقوى من أي تعبيرٍ آخر، أي أنّ الصاخة لا تتضمن أسلوباً مجازياً المقتضى منه التهويل والتخويف فقط وإنما هو كذلك ومضافاً إليه أن معناه الأول (الحقيقي) حقيق الوقوع على الإرادة. والله أعلم.
ب – تسميته باعتباره وصفاً لنفسه: يكثر في الاختيار القرآني مثل هذا حيث يتم العدول عن التسمية الأساسية إلى تسميةٍ تتعلق بفعلٍ خاصٍ يكون هو المقصد الدلالي الذي يحتاجه السياق كقوله تعالى: (كلا لينبذن في الحُطمة) (الهمزة: 4) والحطمة (الكثير التحطيم وأطلقت على جهنم لتحطيمها المكذبين بها) (3) ولأن من (شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها، ويقال للرجل الأكول إنه لحطمة) (4) كما أن (بناء فُعَلة يدلّ على أن ذلك عادة) (5) وإنما اختيرت على هذا الوصف (صيغة المبالغة) لتكون على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب (هُمزة و لُمَزة) حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء فالمذنب الذي ضرّى بالذنب جزاؤه هذه الحطمة التي هي ضاربة بحطم كل ما يُلقى
إليها (6) ومن هذا قوله تعالى: (وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجاً) (النبأ: 14) أي (السحائب التي تعتصر بالمطر أي تصب وقيل التي تأتي بالإعصار) (7) وفسرها ابن عباس بـ (السحاب يعصُرُ بعضه بعضاً فيخرج الماء من بين السحابتين .. ) (واعتبرت بنت الشاطئ هذا من قبيل الشرح فهي لا ترى ضرورةً في تقييده بسحابتين، وقالت بأن العصر في كل صيغة واستعماله يرجع إلى أصل دلالته على الضغط لاستخلاص العصارة (1) والغيوم إذا أعصرت – كما يقول محمد عبده – جاء وقت أن تعصر الماء فيسقط منها المطر (2).
ج – تسمية الشيء باعتبار ما سيكون عليه: وهو من أساليب الإيجاز كما في قوله تعالى: (وقال نوحٌ ربِ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً إنكَ إن تذرهم يضلوا عبادكَ ولا يلدوا إلا فاجراً كفّاراً) (نوح: 26 – 27) فَسُمِّيَ الأنباء بما سيكون عليه من فجورٍ وكفرٍ وبذلك أصبح هذا الأخبار عِلةً للإهلاك على أن هذا الأخبار لم يكن بمعناه المجازي لعلاقة الاستقبال لأنه إخبار عن وحي يصل إلى الأمر الحقيقي قال تعالى: (وأوحي إلى نوحٍ أنه لن يؤمنَ من قومِكَ إلا من قد آمن) (هود: 36) فكانت تسميتهم بما سيكونون عليه عِلةً لإنزال العقاب عليهم فناسب السياق تسميتهم بهذا فكانت التسمية هنا لحاجة السياق كما هي في قوله تعالى: (بل عجبوا أن جاءهم منذرٌ منهم فقال الكافرون هذا شيءٌ عجيب) (ق: 2 – 3) فقد كان القياس أن يقال (فقالوا) بالضمير مثل (عجبوا، وجاءهم، ومنهم) لأن المُخبَر عنهم واحدٌ في كل هذه الألفاظ لكنه تعالى قال (فقال الكافرون) وإنما سمّاهم بالكفر هنا (للشهادة على أنهم في قولهم هذا مُقدِمونَ على الكفر العظيم) (3).
ثالثاً: للتعبير عن الشيء بما هو معه في علاقة خاصة: فقد يعدل التعبير القرآني عن لفظٍ ما إلى لفظٍ آخر كونه يشترك مع مدلوله في علاقةٍ تتحقق بالإخبار بها فائدة دلالية وهذه سمة أسلوبية كثيراً ما تستخدم في القرآن لأنها تعبر عن هذه العلاقة بأوجز تعبير من غير إطنابٍ وتفصيلٍ يضيع معه الترابط كـ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ – العلاقة السببية: وهي (أن يكون اللفظ المذكور مسبباً عن المعنى المقصود … نحو قوله تعالى: (والرجز فاهجر) (المدثر: 5) فالمعنى الحقيقي للرجز العذاب الشديد لأنه مسبب عن عبادة الأصنام) (4) فقد سمي كيد الشيطان رجزاً وذلك لأنه سبب للعذاب وقد سميت الأصنام رجزاً لهذا المعنى أيضاً (1) وهذا أبلغ لأنه أشد في صرفهم عن عبادة الأصنام لما ترتب من التذكير بالعاقبة من هذه العبادة.
ب - العلاقة الجزئية: وهي أن يكون المذكور جزءاً من المعنى المقصود، ومثاله التعبير عن الصلاة بالقيام في قوله تعالى: (يا آيها المزمل قُمْ الليل إلا قليلاً) (المزمل: 2) والقيام إنما هو جزء من الصلاة فعبّر بالجزء وهو القيام وأراد الكل (2) وإنما عُبّر عن الصلاة هنا لأن المشقة في صلاة الليل ترجع إلى القيام فقد قاموا (حتى ورمت أقدامهم وسوقهم) (3)، ومنه قوله تعالى: (سنسمه على الخرطوم) (القلم: 16) أي سنجعل له علامة على أنفه الذي هو الأظهر في الوجه وفي ذلك كناية عن عارٍ يلزمُهُ (4) لأن الوجه أكرم موضع في الجسد والأنف أكرم موضع منه لتقدمه، لذلك جعلوه مكان العز والحمية واشتقوا منه الأَنَفَة فعبّر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة لأن السمة على الوجه شينٌ فكيف بها على أكرم موضعٍ منه (5)، والتسمية بالعلاقة الخاصة واحد من أبرز الأساليب التي يظهر فيها توافق المفردة والسياق ومجيئها له دون غيره وبما يحقق للبنية وحدتها الموضوعية قال تعالى: (كلا إنها لظى نزاعةً للشوى) (المعارج: 16) والشوى (الأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنتزعها نزعاً فتبتكها ثم تعاد) (6) فأي أجزاء الجسم أشد إيلاماً من هذه مما ناسب تخصيصها دون سواها بالعذاب، في حين اختار من الأشجار أفنانها لما كان الحديث ضمن سياق النعم قال تعالى: (ذواتا أفنان) (الرحمن: 48) فقد اختار هذا الجزء دون غيره لما ناسب من ملائمته للسياق الذي يتحدث عن دقائق النعم فقد (خصّ الأفنان بالذكر وهي الغضة التي تتشعب من فروع الشجرة لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال ومنها تجتنى الثمرات) (7) وقد يعبر عن الشيء ببعضه لما يحققه هذا الأسلوب من تكثيفٍ في المعاني بأوجز الألفاظ وأبسطها كما في قوله تعالى: (أخرجَ منها ماءها ومرعاها) (النازعات: 31) فقد أغنت هاتان اللفظتان عن ذكر أي لفظة أخرى إذ (دلّ بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتاً ومتاعاً للأنام من العشب والشجر والحب … والنار والملح لأن النار من العيدان والملح من الماء) (1).
ج - العلاقة المحلية: وهي تسمية الشيء باسم محله كقوله تعالى: (فليدع ناديه) (العلق: 17) أي أهل ناديه، والنادي لا يُدعى وإنما هو مكان اجتماع الناس فعبّر بالمحل وأراد ما يَحلُّ فيه (2) والدرس الأسلوبي يتعامل مع المذكور ويعطيه قيمة تعبيرية بالتضمن فكأنه تعالى استهزاءً به أمرهُ أن يدعو كل من في ناديه بل ليدع ناديه نفسه وفي هذا عدول عن ألفاظ مثل (عشيرتك، أصحابك ... ) إلى هذا أو على نية حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامة غير أن هذا الحذف لابد من أن يكون لوجهٍ تأثيري ولغاية في التعبير، ذلك أن القوة كثيراً ما تُستمد من قرب الإنسان من محله ومنزله فلفظ ناديه المُعبّر به يحمل من المعاني الأشياء الكثيرة ففيه عصبة الرجل وأصحابه وفيه رمزٌ لقوته وبأسه واطمئنانه، ومع ذلك أمره وتحداه أن يدعوه ولعل فيه تهكماً بهؤلاء باستخدام لفظ (ناديه) لأنهم غالباً ما يكونون فيه مخمورين لاهين لا قوة أو إدراك لهم، وقد قرن الله تعالى المنكر بلفظ النادي في قوله تعالى: (وتأتون في ناديكم المنكر) (العنكبوت: 29)، وبهذا يصبح من الواضح (أن سخرية القرآن تحتوي على ألفاظ حين نتأملها ونحاول تذوقها نجد أنها توحي بمعانٍ ومشاعر وأجواء فوق دلالتها الأصلية وكثيراً ما تتركز سخرية المعنى كله في لفظ واحد) (3).
(يُتْبَعُ)
(/)
رابعاً: اختيار المفردة بناءً على موافقة السياق: فقد تختار المفردة القرآنية مع أنه يتصور قيام غيرها مقامها وعند التأمل نجد أن هذا الاختيار مشروط بموافقته لمعنى يفهم من السياق، فلو أقيمت أية مفردة غير هذه المفردة لما كان لقيامها محلها شيء من الفائدة التي حققها الاستخدام الأول كقوله تعالى: (وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون ولا بقولِ كاهنٍ قليلاً ما تذكرون) (الحاقة: 41، 42) فما الداعي إلى أن تكون الفاصلة في الآية الأولى (تؤمنون) وفي الثانية (تذكرون) وماذا لو لم يكونا كذلك؟ والجواب عن هذا أن مخالفة القرآن لنظم الشعر مخالفة ظاهرة وواضحة لا تخفى على أحدٍ فالقائلون بأنه شعر كان قولهم كفراً وعناداً محضاً، فناسب ختمه بقوله (قليلاً ما تؤمنون) أما مخالفته لنظم الكهان وألفاظ السجع فليست بمثل ذلك الوضوح فيحتاج فيها إلى تدبرٍ وتذكرٍ لأن كلاً منهما نثر فليست مخالفته لهما في وضوحها لكل أحدٍ كمخالفته للشعر .. فحُسن ختمة بقوله (قليلاً ما تذكرون) (4).
خامساً: اختيار المفردة لاعتماد الأسلوب القرآني الحسية في الوصف: عند التأمل في هذه السور يتبين للمتأمل أن الأسلوب القرآني فيها كان يعتمد إلى الوصف الحسي الذي تمرُّ عليه النفس دون أن تتنبه إلى أن هذا مستعار أو أنه عموماً أسلوب مجازي خرج عن المعنى المباشر إلى معنى ثانوي، بل أنّ المُلاحظ في الأسلوب القرآني ما يمكن أن يُسمى (التشريك في الوصف) ما بين المعنى الحسي والمعنوي الذي يصور به، إذ تتماهى اللفظة ما بين معناها المباشر والمعنى الذي تخرج إليه بدلالة السياق من غير أن يكون هناك ما يرجح أحد الاستعمالين على الآخر، فمثلاً قوله تعالى: (قال أوسطهم ألم أقل لكم لو لا تسبحون) (القلم: 28) فلم أجد من فسره بغير أعدلهم وأفضلهم (1) فإذا كان الأمر هكذا فَلِمَ عُبِّرَ عن هذا المعنى بلفظ (أوسطهم) ولم يقل (أفضلهم) أو (أعدلهم) إنها الحسية في الوصف التي تلصق المعنى بذهن المتلقي مباشرة دون أن يحس بانتقالٍ على مستوى السرد هنا من المعاني المباشرة إلى المعاني الثانية في اللفظة لأنهما لا يتقاطعان في أي وجه داخل السياق القرآني، ومثل هذا قوله تعالى: (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) (القمر: 46) (2) فـ (المرارة لا يوصف بها إلا المذوقات والمطعومات ولكن الساعة لما كانت مكروهة عند مستحقي العقاب حَسنَ وصفها بما يوصف به الشيء المكروه المذاق …) (3) وكذلك قوله تعالى: (فَصبَّ عليهم ربُك سوط عذاب) (الفجر: 13) فالسوط ما يضرب به تشبيهاً بعذاب السوط، وقيل إشارة إلى معنى المخالطة الذي يخرج إليه الفعل (ساط) أي خلط أنواع العذاب (4) أو مخالطة الدماء واللحوم جراء العذاب (5).
فليس من السهولة تمييز المعنى المراد على وجه التحقيق والفصل بين ما توحي به اللفظة وتخرج إليه من دلالات وبين معناها المباشر، فلقد أصبح النص وكأنه قد استغل كل هذه المعاني في لفظةٍ بقيت بين الحقيقة والمجاز تُفهم الأمرين من غير التباس أو غموض وبهذا نُدرك استخدام الأسلوب القرآني (ألم تَرَ) في مخاطبة المتلقي وهي كما قال المفسرون بمعنى (ألم تعلم) (6) فلِمَ استخدم الفعل (ترى) دون (تعلم) مع أنه بمعناه ويبدو أن الزمخشري أوّل من تنبه لهذا فقال ( .... والمعنى: أنك رأيت آثار فعلِ الله بالحبشة وسمعت الأخبارية متواترة فقامت لك مقام المشاهدة) (1) غير أن الشيخ الشعراوي كان أدق من فصّل ذلك قائلاً (إن العلم قد تكون له وسيلة أخرى غير الرواية بأن يكون مخبراً به من أحد ... ولكن الخبر من الحق سبحانه وتعالى خبر وصل في مرتبة اليقين إلى مرتبة أنك ترى) (2) فهذا مما ينصب في حسية التعبير.
(يُتْبَعُ)
(/)
سادساً: اختيار المفردة ذات الدلالات المتعددة: فالتعبير القرآني كثيراً ما يختار مفردة معينة ولها أكثر من دلالة واحدة مما يعني أننا سنكون حيال مهمة تحديد القصدية في هذا؟ وهل قُصد إلى أحد هذه المعاني أم إن المعاني مرادةٌ على التوسع؟ فمن الناحية الأصولية ذهب أغلب الأصوليين إلى جواز إرادة أكثر من معنى واحد للفظة فقد (أجاز مالك والشافعي استعمال اللفظ الواحد في معنيين فأكثر في حالة واحدة ومنعه قوم) (3)، وقد ردّ الدكتور أحمد نصيف الجنابي القول بأن وجود المشترك اللفظي يولد الإبهام أو الغموض أو التعمية (4). وذهب إلى أن سبب هذا القول وغيره كان نتيجة عدم مراعاة السياق والمعنى الحضوري للتركيب اللغوي والتركيز الدلالي وهذا الذي يهمني هنا في هذه الدراسة أي (تكثيف أكثر من معنى في اللفظة الواحدة في جملة واحدة في سياق واحد لغاية وهدف مقصودين بحيث تكون كل تلك المعاني مطلوبة في التركيب اللغوي مقصودة من إيراده) (5)، وقد ابتعدت عن تسمية هذه الظاهرة الأسلوبية بالمشترك اللفظي لكونه لا يمثل إلا جانباً من جوانبها كلفظة (قسورة) التي فُسرت بأنها الرامي أو الأسد (6) أو جماعة الرماة أو ركز الناس وأصواتهم أو ظلمة الليل (7) وبهذا تتواشج هذه المعاني لترسم أبلغ صورة لهؤلاء الذين كانوا ينفرون من مجرد صوت القرآن كما تنفر الحمر من أي صوتٍ تسمعه أو أي شخصٍ تراه أو حيوان تشاهده خوفاً من أن يفترسها فـ (الصفة الجامعة بينهما أن كلاً منهما ضعيف منهار أمام جبّار قوي، مقدرٌ أنه واقعٌ لا محالة لأن الصائد مما لا تمكن مقاومته لأنه قسورة فالأسلم إذن الهزيمة والفرار) (فكيف إذا أضيف إلى كل هذا أنها تعني ظلمة الليل والركز والصوت المزعج حيث الخوف أكبر وأكبر وبهذا لا يزداد التصوير إلا تكثيفاً في الدلالة على مصدر الخوف.
ومن ذلك قوله تعالى: (ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين) (الحاقة: 44 - 45) فـ (يجوز أن تكون اليمين ههنا راجعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيكون بمعنى لو فعل ذلك لسلبناه قدرته وانتزعنا منه قوّته) (1) بالإضافة إلى المعنى المتبادر إلى الذهن …
** ** **
* الحواشي:
1) التفسير البياني، 1/ 206.
2) الإعجاز البياني في كتاب العربية الأكبر، 214.
3) تلخيص البيان، 240.
4) تاريخ آداب العرب، 2/ 261.
5) البديع في ضوء أساليب القرآن، 145.
6) الإعجاز البياني ومسائل ابن الأزرق، 461.
7) الكشاف، 4/ 18، وينظر: معنى (راغ) في معجم ألفاظ القرآن، 1/ 527، والإنتصاف، 4/ 18
بديع القرآن، 21.
9) المفردات، 6.
10) ينظر: الكشاف، 4/ 220، وشرح شواهد الكشاف، 4/ 455.
11) المحتسب، 2/ 300.
12) معجم ألفاظ القرآن، 1/ 283.
13) الكشاف، 4/ 40.
14) ينظر: المفردات، 799 – 800.
15) الكشاف 4/ 362.
16) في ظلال القرآن 7/ 694.
17) ينظر: تفسير الرازي 30/ 102.
18) معجم ألفاظ القرآن 1/ 37.
19) المفردات 19.
20) تفسير الرازي 30/ 103.
21) معجم ألفاظ القرآن 2/ 282.
22) المفردات 541.
23) الكشاف 4/ 557.
24) معجم ألفاظ القرآن 2/ 145.
25) تفسير غريب القرآن 515.
26) ينظر تفسير التحرير والتنوير 27/ 159.
27) نهاية الإيجاز 136 وينظر نهاية الأرب 7/ 60.
28) معجم ألفاظ القرآن 1/ 283.
29) الكشاف 4/ 284 وينظر تلخيص البيان 283 – 284.
30) من بديع لغة التنزيل 312.
31) ينظر: الإنتصاف 4/ 284.
32) المفردات 503.
33) معجم غريب القرآن 268.
34) ينظر الإعجاز البياني ومسائل ابن الأزرق 359.
35) ينظر الأعمال الكاملة لمحمد عبده 5/ 311.
36) الكشاف 4/ 4.
37) ينظر القرآن إعجازه وبلاغته 170 – 171.
38) ينظر: تفسير الرازي 30/ 193، والفوائد 19.
39) ينظر القرآن إعجازه … 173.
40) تفسير الرازي 30/ 172.
41) ينظر معجم ألفاظ القرآن 1/ 344.
42) ينظر الكشاف 4/ 471.
43) الكشاف 4/ 158.
44) الكشاف 4/ 452.
45) الإتقان 2/ 55، والطبيعة في القرآن 451.
46) القرآن إعجازه وبلاغته 178، وينظر معجم الألفاظ 2/ 694.
47) أسلوب السخرية 432.
48) ينظر: البديع في ضوء أساليب القرآن 148، والإتقان 2/ 102، ودرة التنزيل 495 – 496.
49) ينظر: تفسير غريب القرآن 480، والكشاف 1/ 273 وتفسير الرازي 30/ 90، وتفسير ابن كثير 4/ 406 ومعجم الألفاظ 2/ 848.
50) قاموس القرآن 488 …
51) تلخيص البيان 235.
52) ينظر: المفردات 361.
53) ينظر: تلخيص البيان 277.
54) ينظر: قاموس القرآن 188.
55) الكشاف 4/ 286.
56) المختار من التفسير 1/ 71.
57) تقريب الوصول إلى علم الأصول 64، وإليه ذهب الباقلاني والجمهور وبعض المعتزلة، ينظر: شرح جمع الجوامع 1/ 294، وتنقيح الفصول 459، وإرشاد الفحول 20.
58) ينظر: ظاهرة المشترك اللفظي 393 – 394.
59) المصدر السابق 404.
60) ينظر: معاني القرآن 3/ 206، وتفسير غريب القرآن 498، والمفردات 608.
61) ينظر: تفسير الرازي 30/ 212.
62) التشبيهات القرآنية 187.
63) ينظر: تلخيص البيان 258.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Aug 2004, 02:16 ص]ـ
أخي الكريم أبا عائشة. وفقك الله وجزاك خيراً على هذه الوقفات البيانية الدقيقة، وأعتذر لتدخلي في تنسيق المشاركة، ونقلها من ملتقى الكتب والبحوث إلى هنا. لظني أن هذا أدعى لقراءتها، والانتفاع بها. وأراك تشير إلى لفتات الدكتور بنت الشاطي رحمها الله، وتثني عليها، وهي أهل للثناء رحمها الله. فيا حبذا لو أطلعتنا على شيء من جهودها في هذا الجانب، ولا سيما جهدها في دراسة مسائل نافع بن الأزرق من حيث موازنتها معاني الألفاظ القرآنية بما ورد في الشواهد الشعرية من حيث المعاني ودقتها ودلالتها. أسأل الله أن يوفقك وأن ينفع بعلمكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Aug 2004, 03:02 ص]ـ
حياك الله أبا عائشة
ولقد قرأت هذا المقال القيم، وهو من البحوث المطربة التي يبحث عنها كثير ممن يقرأ التفسير، ويا حبذا لو ذكرتم الكتب التي تعين على فهم هذه الدلالات، وإن كان هناك ضوابط لمثل هذه الدلالات، فإني رأيت طالبي هذه اللطائف كثيرين، وهم يفرحون ويتلذذون بمثل هذا.
أسأل الله أن يوفقني وإياك لما يحب ويرضى.
ـ[حمد]ــــــــ[17 Jul 2009, 02:48 ص]ـ
قال تعالى: (كلا إنها لظى نزاعةً للشوى) (المعارج: 16) والشوى (الأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنتزعها نزعاً فتبتكها ثم تعاد) (6) فأي أجزاء الجسم أشد إيلاماً من هذه مما ناسب تخصيصها دون سواها بالعذاب،
جزاك الله خيراً.
من تفسير القرطبي:
والشوى: اليدان والرجلان والرأس من الآدميين، وكل ما ليس مقتلا.
يقال: رماه فأشواه إذا لم يصب المقتل.
....
وقال الضحاك: تفري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا.(/)
العدول في التعبير القرآني
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[08 Aug 2004, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
العدول في التعبير القرآني
لا يمكن تفهّم اختيار المفردة القرآنية إلا من خلال دراسة العدول إليها عن غيرها لزيادةٍ فيها أو خصيصةٍ بيانية يحتاجها السياق، ويمكن تقسيم العدول إلى:
1 - العدول لأجل تحقيق الدقة في الوصف: قال تعالى: (قُتِلَ الخراصون) (الذاريات: 10) فلو نظرنا إلى لفظة الـ (خراصين) ولماذا لم تجيء بدلها لفظة (الكذابين) مع أن من المفسرين من يفسرها بهذه (قيل الخرص الكذب وقوله تعالى:) إن هم إلا يخرصون ((الزخرف: 20) قيل معناه يكذبون وقوله تعالى: (قتل الخراصون) قيل لُعن الكذابون) ((1)) على أن المراد هنا الإخبار عن الكذابين فقط فـ (حقيقة ذلك أن كل قولٍ مقولٍ عن ظنٍ وتخمين يقال: خَرصٌ سواء كان مطابقاً للشيء أو مخالفاً له من حيث أن صاحبه لم يقله عن علمٍ ولا غلبة ظنٍ ولا سماع بل اعتمد على الظن والتخمين ….) ((2)) لذلك قال الزمخشري (الخراصون الكذابون المقدرون) ((3))،وكذلك في قوله تعالى: (قل هو الله أحد) (الإخلاص: 1) فقد عُدل عن (واحد) إلى (أحد) لـ (أن الشيء قد يكون واحداً ولكنك إذا نظرت إلى تركيبه وجدته مركباً من أشياء فكلمة (أحد) تنفي ذلك التركيب ... ) فـ (قد يكون الشيء في ذاته واحداً لا يوجد فردٌ ثانٍ مثله إنما لم يُنفَ عنه أنه هو في ذاته مركب ... ) ((4)).
2 - العدول مراعاة للأصل اللغوي: قال تعالى: (إن الإنسان لربه لكنود) (العاديات: 6) الكنود الرجل (الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويجيع عبده) ((5)) وقيل العاصي وقيل البخيل ((6)).
وقد أرجعت بنت الشاطي هذه المعاني إلى الأصل اللغوي: الأرض الكنود التي تعصي على الزارع فلا تنبت فهي عاصية وبخيلة .... ((7)) فالأصل في هذه المفردة الأرض التي لا تنبت شيئاً، (والمرأة الكنود التي تبخل بمودتها وهو نوع من التطور الدلالي) ((8)) وبهذا العدول اكتسب السياق بُعداً إيجابياً من اصل المفردة اللغوي وكأن الكافر تحوّل إلى قطعةٍ صخرية من الأرض لا جدوى من زرعها لأنها لن تنبت شيئاً فهي كالمرأة التي رجاء في مودتها.
3 - العدول عن مطلب السياق القياسي لغاية تعبيرية: قال تعالى: (هم العدو فآحذرهم) (المنافقون: 5) فجيء بلفظ (العدو) بدلاً من (الأعداء) مع أنها جاءت كذلك في سياقٍ آخر قال تعالى: (إن يثقوفوكم يكونوا لكم أعداء .. ) (الممتحنة: 2) فكان القياس في الأولى أن تأتي لفظة (الأعداء) لكن عُدِلَ عنها إلى لفظ (العدو) الذي يعني الأعداء ((9)) بالتأكيد، فما الغاية من هذا العدول؟ وهو ليس صوتياً لأن التعبير بالأعداء سيكون جميل الإيقاع أيضاً إذ سيكون على وزن (مفاعيلن مفاعيلن) وهذا وزن شعري جميل (بحر الهزج).
فإذا لم يكن العامل الصوتي الأساس في هذا العدول فلا بد أن يكون للدلالة دورها في هذا السياق، فلو قيل (الأعداء) لكان في هذا تكثير لشأنهم وأمرهم، ولما كان السياق هنا يجردهم من كل صفات القوة والتأثير والنفع بدليل قوله تعالى قبل هذا: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم .... كأنهم خُشُبٌ مسنّدة يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم هم العدو فاحذرهم ... ) (المنافقون: 4) فأخرجهم من الكثرة إلى القلة وكأنه يغري بهم، كما في قوله تعالى: (إذ يريكَهمُ الله في منامِكَ قليلاً ويقللكم في أعينهم ليقضيَ أمراً كان مفعولاً) (الأنفال: 43، 44) وكذلك فأنَّ استخدام (العدو) يدلل على اتفاق كلمتهم على العداوة، لذلك جاء وصفهم بـ (الأعداء) عندما كان السياق موجهاً لتحذير المسلمين منهم (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء …)، ومن ذلك قوله تعالى: (لا يُقاتلونكم جميعاً إلا في قُرىً محصنة أو من وراء جُدُر) (الحشر: 14) إذ اختيرت لفظة (جُدُر) جمع (جدار) دون (جدران)، لتدل على أقصى الكثرة مع أن (جدران) هي الأكثر في الاستخدام، إلا أنها أي صيغة (فعلان) استعملت في القرآن للقلة النسبية دائماً ((10)) في حين كان السياق يصور خواءهم وشدة خوفهم وحرصهم على الحياة، فما كانت زِنَة (جدران) لتناسب سياق الخوف والجبن، من أجل ذاك عُدل إلى (جُدر) جمع جدار، هذه الزِنة التي قال
(يُتْبَعُ)
(/)
عنها سيبويه (أما ما كان (فِعالاً) … فإذا أردت أكثر العدد بنيته على (فُعُل) وذلك: حِمارٌ و حُمُر وخِمارٌ وخُمُر وإزارٌ وأُزُر …) ((11)) فأريد بهذا تصوير خوفهم وشدته، وكأنهم لهذا الخوف على حياتهم لا يقاتلونكم حتى يضعوا أكبر عددٍ ممكنٍ من الجدران ليقاتلوكم من خلفها، وهذا مصداق قوله تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناسِ على حياةٍ) (البقرة: 96) أي أية حياة مهما كانت تافهة، للتنكير في حياة وكلا الآيتين عن اليهود.
4 - العدول عن مفردةٍ لأخرى لعدم الملاءمة: فقد يُعدَل عن لفظةٍ إلى أخرى مع أن السياق يتطلب الأولى إلا أنها تترك، ويؤتى بأخرى لعدم صلاحيتها لا من حيث تطلب السياق لها، ولكن من حيث المؤدى الأدبي لها قال تعالى) ليجزيَ الذين أساءوا بما عملوا ويجزيَ الذين أحسنوا بالحُسنى ((النجم: 31) مع (أن صحة المقابلة في هذا النظم أن يقال: ليجزيَ الذين أساءوا بالإساءة حتى تصح مقابلته بقوله (ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) لكن منع ذلك التزام الأدب مع الله - سبحانه - في إسناد فعل الإساءة إليه فَعُدِلَ عن لفظة الإساءة الخاص إلى لفظٍ عامٍ يدخل فيه ذلك الخاص فيحصل المعنى المراد .. ) ((12)) ومن هذا الباب قوله تعالى:) يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل ((المنافقون: 8) فقد كان السياق يتطلب التعيين أي ذكر الخارج والمُخرج ولكن عُدل عن هذا، وعُدِلَ أيضاً عن (العزيز، والذليل) إلى ما جاءت الآية به، وما ذلك إلا لعدم ملائمة هذه الألفاظ لأنها ستنسب الذلة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجيء بـ (الأعز والأذل)، وهذا ما يُعرف عند البلاغيين بالقول بالموجب فموجب هذا القول – كما يقول ابن أبي الاصبع – إخراج الرسول (صلى الله عليه وسلم) المنافقين منها لأنه الأعزُّ وهم الأذلون وقد كان ذلك، والدليل على ذلك تعقيب الله سبحانه في نفس الآية بقوله:) ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون (((13)) والدليل على هذا القراءتان التي جاءت الآية عليهما وهما: (لنخرجنَّ الأعزَّ منها الأذلَّ) أي: لنخرجنّ الأعزَّ إخراج الذليل ((14)) فالأعز مفعول والأذل حال ((15))، و (لَيُخْرَجنَّ الأعزَّ منها الأذلَّ) كأنك قلت: ليخرجن العزيز منها ذليلاً) ((16))، وعن الحسن أنه قال (ليس بتيهٍ ولكنه عزَة وتلا هذه الآية .. ) ((17))، هذا كله دون أن يؤتى بلفظة تُسيء إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) على الرغم من أنها حكاية قول.
وقد يعدل التعبير القرآني عن مفردةٍ لأخرى مع أن السياق يقتضي الأولى لأنها أدقُّ في الوصف غير أن الثانية أبلغ في التعبير كما في لفظتي (زوج وامرأة) قال تعالى ... أمرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا ... ) (التحريم: 10) وقوله تعالى: (امرأة فرعون ((التحريم: 11) فهي زوجه لكن عَدَلَ عن هذا اللفظ إلى امرأة، فكلمة (زوج) تأتي - كما تقول بنت الشاطيء - حيث تكون الزوجة هي مناط الموقف حِكمةً وآية أو تشريعاً وحكماً (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة ((الروم: 21) فإذا تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة بخيانة أو تباين في العقيدة فامرأة لا زوج ((18)) فقد ألغيت صفة الزوجية هنا كما ألغيت في وصف المرأة ذات العقم، لأنها ستكون معطلة عن هدف الزوجية وهو الإنجاب وهذه الملاحظة جديرة بالاهتمام وإن كانت غير مطردة في الاستخدام القرآني لتحقيق غايات تعبيرية أخرى غير هذه كما في قوله تعالى:) إنّ من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم ((التغابن: 14)، وهذا يُعيّن أن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم ... وهم من الكفار فاحذروهم فظهر أن هذه العداوة إنما للكفر .... ولا تكون بين المؤمنين فأزواجهم وأولادهم المؤمنون لا يكونون عدواً لهم) ((19)) فقد تعني هنا استخدام لفظ (أزواجكم) بدلاً من (نسائكم) لأن القصد هنا الإخبار عن قرب العلاقة وشدة الوشيجة الرابطة كالتي تكون بين المرء وزوجه وابنه، والدليل على هذا ذِكرُ لفظ (أولادكم) في حين نُزعت البنوة في قوله تعالى:) قال ربِ إن ابني من أهلي .... قال إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غير صالح ... ((هود: 46).
(يُتْبَعُ)
(/)
الترادف: يقول العسكري: محالٌ أن يختلف اللفظان والمعنى واحد - في لفظة واحدة كما ظن كثيرٌ من النحويين واللغويين، وإنما سمعوا العرب تتكلم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة وعلى ما جرت به عادتها وتعارفها ولم يعرف السامعون تلك العلل والفروق وظنوا الذي ظنوه وتأولوا عليهم ما لا يجوز في الحكم ((20))، ومن هنا انطلقت السيدة بنت الشاطيء فإنها لا تشغل بالترادف إلا حين يقال بتعدد الألفاظ للمعنى الواحد دون أن يرجع هذا الترادف إلى تعدد اللغات ودون أن يكون بين الألفاظ المقول بترادفها قرابة صوتية ((21))، فقد تكون اللفظتان اسمين لمسمى واحد فيقال بترادفهما غير أنهما يتباينان بالصفات، كما في (الإنسان والبشر) فإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار أنه يؤنس والثاني باعتبار أنه بادي البشرة ((22))، وإذا كان هناك اختلاف كبير بين اللغويين والبيانيين حول الترادف نفياً وإثباتاً في اللغة فلا يجب أن يسحب هذا الخلاف إلى القرآن فالنص القرآني كان يستخدم المفردة استخداماً خاصاً متجاوزاً المعجمية مضيفاً إليها دلالةً جديدة من خلال الاستخدام الخاص، فكل لفظة (نعمة) مثلاً إنما هي لنعم الدنيا في القرآن على اختلاف أنواعها يطرد ذلك ولا يتخلف في مواضع استعمالها مفرداً وجمعاً أما صيغة النعيم فقد استخدمت بدلالة إسلامية خاصة بنعيم الآخرة يطرد هذا أيضاً في القرآن ولا يتخلف في كل آيات النعيم ((23)) لذلك ذهب بعض الباحثين إلى أنه مهما أمكن إبعاد فكرة الترادف عن الكلمات القرآنية فهو الأحق بأن يكون هو المنهج لدى تدبر القرآن، وهو الأقرب إلى الفهم الصحيح ولو كانت الكلمات داخلة في معنى كليَ واحد إلا أنه معنى عام وهو صالح لنِسب متفاوتة ((24)).
إذ يكمن في كل كلمة معنيان معنى مطابق ومعنى موحٍ، فالمعنى المطابق هو ذاك المسجل في المعاجم وإن معنى المطابقة يجعل الكلمة عاجزة عن أداء الوظيفة التي تسندها إليها الجملة ولكن المعنى الإيحائي يحتلَ مكان (معنى المطابقة) المعطل ((25))؛ لذلك نجد (المسدي) يعرف الأسلوب بأنه مجموع الطاقات الإيحائية في الخطاب الأدبي، من غير ما تفرقةٍ ما بين البنية والأسلوب ((26)) والقول بالترادف يُلغي الطاقات التعبيرية التي تمتلكها المفردة المختارة المعدول إليها عما يُسمى مرادفتها فلا مزية للاختيار عندئذٍ غير التفنن في أسلوب التعبير، وهو ما لا وجود له في القرآن للاستخدام القرآني الدقيق للمفردات ولأن القول بالترادف سيعني إلغاء هذا الإيحاء النابع من:
1 - الجذر المعجمي: كما في إشارة السيوطي إلى الفرق بين (الخوف والخشية) التي لا يكاد اللغوي يفرّق بينهما - كما يقول ذاكراً: أن الخشية أعلى من الخوف فهي مأخوذة من قولهم شجرة خشية أي يابسة، وهو فوات بالكلية، أما الخوف فهو من ناقة خوفا ((27)) أي بها داء وهو نقص وليس بفوات ولذلك خُصت الخشية بالله في قوله تعالى: (يخشون ربهم ويخافون سوءَ الحساب ... ) ((28)) وفُرِّقَ بين اللفظتين أيضاً بأن الخشية قد تكون من قوي لأنها من عظمةِ المختشى، أما الخوف فإنه من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمراً يسيراً، ويدلُّ على ذلك أن الخاء والشين والياء تدل في تقاليبها على العظمة نحو شيخ للسيد الكبير وخيش لما غلظ من اللباس ... ((29)).
2 - الجرس الصوتي: وقد تقدم الكلام عن (نضح) و (نضخ) وقد فُرِّقَ بين اللفظتين لا تتغير فيهما إلا الحركة كما هو بين (ذِلّ، وذُلّ) ((30))، وفرق (أحمد مختار عمر) بين (أزّ وهزّ) ((31))، وقد تقدم الكثير من هذا ... ولا أدعي أن كل ما يقال في الفرق ما بين المفردتين بالحركة أو الحرف صحيح .. ولكن إذا كان هناك فرقٌ كبيرٌ بين المفردتين المختلفتين في حركة أو صوت واحد فكيف يكون الأمر في التي تختلف عن مرادفتها بجميع أصواتها والعجيب أن ابن جني وهو أكثر من دافع عن فكرة تعلق المعنى بأصوات المفردة يقول بالترادف في اللغة ((32)).
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - المناسبة في الإضافة والوصف: فإذا كان (مكر) مرادفٌ لـ (احتال) فكيف يكون قوله تعالى:) ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ((آل عمران: 54) وغيرها كثير، من هنا يمكننا أن نفهم تأكيد اللغويين على وجود الترادف وإنكار البيانيين له لأن اللغويين ينظرون إلى المفردة ومعناها من غير كبير معالجة لها في سياقها كما يفعل البيانيون.
4 - يلغي التمايز في البنية: فصيغة (فعول) مثلاً تدلّ على المبالغة مثلما تدلٌّ عليها صيغة (فعّال) مثل صبور، وصبّار، فمن لا يتحقق المعاني يظن أن ذلك كله يفيد المبالغة فقط وليس الأمر كذلك بل هي مع إفادتها المبالغة تفيد أن الرجل إذا كان قوياً على الفعل قيل (فعول) مثل صبور وشكور، وإذا فعل الفعل وقتاً بعد وقت قيل فعّال مثل علاّم وصبّار وإذا كان ذلك عادة له قيل مِفعال مثل مِعوان ومِعطاء ((33)).
5 - الاستخدام الخاص: وقد تقدم كثيراً، ومن ذلك (المطر) و (الغيث) فـ (لقد فرقت لغة التنزيل بين المطر والغيث فكان المطر عذاباً وشراً ونذراً بالويل والثبور وكان الغيث رحمةً وخيراً ونعماً) ((34)) ومن ذلك (أشتات، وشتى) فمعنى الاختلاف المقابل للإتلاف هو ما يعطيه سياق شتى على حين يؤذن السياق بمعنى التفرق المقابل للتجمع في صيغة أشتات ((35)).
6 - الترادف يُلغي الثنائية الضدية: إن القرآن الكريم كثيراً ما استخدم التقابل ما بين مفردتين تشكلان ثنائية ضدية كما في (الليل والنهار) كقوله تعالى:) والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى) (الليل: 2) ((36)) ... فهل ستبقى الدلالة التقابلية كما هي هنا لو استبدلنا مفردة (الليل) بـ (الظلام) مثلاً أو استبدلنا مفردة (النهار) بـ (الصبح) مثلاً، إن هذا الاختلاف في دلالة السياق يحتم علينا رفض فكرة الاستبدال وبالتالي القول بالترادف ضمن السياق الواحد. فـ (معرفة الإشارة لا تتم من خلال خصائصها الأساسية وإنما يتم ذلك من خلال تمايزها باختلافها عن سواها من الإشارات فكلمة ضلالة صارت ذات معنى ليس لشيء في ذاتها ولكن لوجود الهداية، فبضدها تتميَّز الأشياء ولولا السواد ما عرفنا البياض) ((37)) فالترادف سيشكل رفضاً للعلاقة الضدية ضمن علاقة التقابل الدلالي والتي تشكل جانباً مهماً في الاستخدام القرآني لم يستخدم على المستوى اللفظي فقط، وإنما على مستوى التقابل العددي أيضاً.
وبهذا نستطيع أن نتقبل منهج بنت الشاطيء على الرغم من أنها اعترفت بقصورها عن لمح فروق الدلالة لبعض ألفاظٍ قرآنية تبدو مترادفة لتقول (فليس لي إلا أن أقر بالعجز والجهل وأنا أتمثل بكلمة ابن الأعرابي) ((38)) وكلمة ابن الأعرابي التي ذكرتها السيدة هي: إنّ (كل حرفين أوقعتهما العرب على معنى واحد في كل منهما معنى ليس في صاحبه ربما عرفناه فأخبرنا به وربما غمض علينا فلم نُلزم العرب جهله).
* الحواشي:
1) - المفردات 209.
2) المفردات 209.
3) الكشاف 4/ 15، وينظر: تفسير غريب القرآن 421.
4) المختار 3/ 171 – 172.
5) معجم غريب القرآن 278.
6) ينظر: الكشاف 4/ 278.
7) ينظر: الإعجاز البياني 376، والمفردات 664.
8) دراسات قرآنية 32.
9) ينظر: دقائق التصريف 81.
10) ينظر: معاني الأبنية 158.
11) الكتاب 3/ 601.
12) بديع القرآن 162.
13) بديع القرآن 315.
14) ينظر: الكشاف 4/ 111، والبحر 8/ 274، ومعاني القرآن 3/ 160.
15) ينظر: البحر 8/ 274.
16) معاني القرآن 3/ 160، والبحر 8/ 274.
17) ينظر: الكشاف 4/ 111.
18) ينظر: الإعجاز البياني ومسائل ابن الأزرق 212 – 213، والصورة الفنية 249.
19) تفسير الرازي 30/ 27.
20) الفروق 12.
21) ينظر: الإعجاز البياني 194.
22) ينظر: تصحيح الفصيح 2/ 333، والصاحبي 96 – 97، والمزهر 1/ 403، والترادف في اللغة 198 – 200.
23) ينظر: الإعجاز البياني 218 – 219، والمعجم المفهرس 707 – 708.
24) ينظر: قواعد التدبر الأمثل 117.
25) بنية اللغة الشعرية 201 – 202.
26) الأسلوب والأسلوبية 90، 95.
27) في البرهان (خوفاء) 4/ 78.
2 ينظر الإتقان 1/ 332 – 333، والبرهان 4/ 78 – 79.
29) ينظر الإتقان 1/ 332 – 333، والبرهان 4/ 78 – 79.
30) الفروق 15.
31) علم الدلالة 220.
32) ينظر: الخصائص 2/ 113 – 133.
33) ينظر: الفروق 15، والإعجاز البياني 215.
34) من وحي القرآن 127.
35) ينظر: الإعجاز البياني 216.
36) ينظر: المعجم المفهرس 721.
37) الخطيئة والتكفير 29 – 30.
3 الإعجاز البياني 220.
39) الفروق 65، والإعجاز البياني 220.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Aug 2004, 01:54 ص]ـ
مرحباً بالأخ الكريم الدكتور أبي عائشة وفقه الله ووفقها. وأشكرك على تفضلك بالمشاركة معنا في ملتقى أهل التفسير. كما أشكرك على هذا البحث المتين الدقيق في الوقت نفسه، والذي ينادي على ما وراءه من العلم والتحقيق، وما أحوجنا إلى مثل هذا البحث العميق الموجز الذي يأخذ بأيدينا إلى مسائل غفلنا عنها في القرآن الكريم.
وفقك الله وبارك فيك، وفي جميع إخوتنا في العراق الحبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[10 Aug 2004, 03:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل: عبد الرحمن الشهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
لقد والله يسعدني ما فعلت، شاكراً لك عناء تنسيق ما كتبتُ، معتذراً عن كتابته على ما وجدت، بيد أني كنتُ طبعته على طابع النوافذ (الوورد) وفوجئت لما نقلته لملتقاكم الأكثر من رائع أن تنسيقه تغير واختلف، أما وقد هذبت ما نبا منه واصلحت معوجه، فلا يسعني إلا الدعاء لك، والثناء عليكِ جُزيتَ الخير كله، وأنتَ أيها الفاضل أعرف بموضعه سائلاً لك المولى أن يحفظك خدمةً لدينه ويوفقني وإياك لمراضيه ..
وعائشة حفظك الله كنيةٌ، حباً بأمنا عائشة (رضي الله عنها)، رزقنيَ الله من تسير على هديها ..
شاكراً لك عميم فضلكَ، وعسى أن تقبلوني أخاً لكم بهذا المنتدى الذي يفرح القلب ويسر الخاطر
أخوك. أبو عائشة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[11 Aug 2004, 02:14 ص]ـ
شكر الله لك ابا عائشة هذا الجهد المتميز ولا غرو فأنتم أهل العراق أهل التحقيق والتدقيق أعاد الله لبلادكم الأمن والأمان في ظل راية للإسلام مرفوعة.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[04 Feb 2005, 09:57 م]ـ
موضوع جدير القراءة والعناية. شكراً لك يا دكتور عامر وتحياتي للمشرفين الكريمين وفقهما الله وسددهما. وهكذا فلتكن المواقع وإلا فلا!(/)
فاتحة الكتاب
ـ[سامح احمد]ــــــــ[08 Aug 2004, 09:24 م]ـ
السلام عليكم:
نقرا الفاتحة 17 مرة يوميا في الفرائض فقط فما بالنا بالنوافل!!!!!!!!!!!!!!
ولكن يا أخي هل صارت الفاتحة امرا روتينيا لديك تقرأها بلا روية كأنه شريط تسجيل و همك أن تنتهي من القراءة
حتي تدرك الركوع؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تعالي معي نستشعر بعض معاني الفاتحة00000
(الحمد لله0000000واياك نستعين):000ثناء علي الله
(اهدنا الصراط المستقيم):00000دعاء من الله أن يجعلنا علي نهج القرآن و السنة لا نحيد عنهما
فما هو مقتضي (الحمد لله) 00000؟:لانه (رب العالمين) و أنه (الرحمن الرحيم) و أنه (مالك يوم الدين) و انه (اياك نعبد) و (اياك نستعين)
ومن الفاتحة نتعلم:
*قبل الدعاء يلزم الثناء: كما جاء في الحديث:
حدثنا مسدد ثان يحيى عن مالك بن مغول ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب
**قال الشيخ الألباني: صحيح سند الحديث
فالرجل أثني علي الله قبل أن يدعو و للحديث بقية و السلام عليكم و نرجو المشاركة
ـ[كساب]ــــــــ[08 Aug 2004, 11:03 م]ـ
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وجعل كل ماتقوم به في ميزان حسناتك(/)
آيات ووقفات (الحلقة الأولى)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[09 Aug 2004, 06:12 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الأولى)
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنني أتشرف أيه الإخوة أن أتوقف معكم في تفسير بعض الآيات، ولآ أدعي أنني عالم، ولكن حسبي أن أجمع ما قاله العلماء، وأضعه بين أيديكم، بشرح عصري، وعبارات سهلة جلية، وأسلوب مبسط، ولعدم تفرغ الكثير منا لهذا الأمر، وانشغالهم عن الجلوس في المكتبة سواء في المنزل، أو خارجه، لذلك أحسست أن حاجة الأمة لتناول بعض معاني الآيات في أسطر قليلة في الصحيفة التي ضمت بين صفحاتها نور إيماني، وإشراقه مضيئة للحق، وأهله، وبصيص من الأمل لعل الله أن ينفع أمتنا بما نقول ونسمع.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبن كثير رحمه الله في تفسير البسملة: (بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح بها الصحابة كتاب الله، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، وجاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن ا بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصلَ السورة حتى ينزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم). أخرجه الحاكم في مستدركه.
قال السعدي:أي أبتدئ بكل اسم لله تعالى، وقد جاء في الحديث في صحيح البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً (1).
وهكذا يتبين لنا أن هذا الفضل العظيم الذي منَّ الله به على عباده، وأحسن إليهم بتعليمهم أياه، ومن منا لا يريد أن لا يضره الشيطان ولا يضر أولاده؟ ولكن كثيراً من الناس يغفلون عن هذه التعاليم الربانية، وعن هذا الهدي النبوي الذي أرشدنا إليه الرحمة المهداة للبشرية فحظ من أخذ من معينه، ويا حسرة من أعرض عنه.
(الرحمن الرحيم)
قال السعدي:هما اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمن مشدد، وفيه المبالغة أشد من الرحيم.
ونفهم من هذا أنه تعالى ذو الرحمة العظيمة التي وسعت كل شي، وعمت كل حي. قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي أكثر رحمة.
وهكذا يتبين لنا أن البسملة أمر له شأن عظيم، وكذلك أسماءه الحسنى ومنها الرحمن والرحيم حينما تضاف إليها تكون ذا معنى أشمل وأوضح، وعليه فإن على المسلم أن يكون متنبهاً لهذا الأمر، وأن لا يغفل عن البسملة في أي شأن من شؤون حياته.
الوقفات
1 - البسملة شأنها عظيم في كل أمر.
2 - ورد في الحديث أن سترنا عن أعين الجن قول بسم الله.
3 - الحث على البسملة عند الجماع لكي نتجنب ذرية أبليس الذي أقسم بالذات الإلهية ليشارك آدم في ذريته وفي أموالهم، فكم نرى والعياذ باله من الشباب الذي يكره الحق، ومنغمس في الشهوات، وكم نرى من غرق في أوحال الربا والتي شاركهم أبليس في تلك الأموال وأضلهم عن طريق الهدى والصلاح.
4 - كل عبد من عباد الله يرجوا الرحمة من الله عز وجل، و قد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل أحداً الجنة بعمله، قالوا حتى أنت يا رسول الله قال حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
(1) صحيح البخاري (141). صحيح مسلم (1434).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Aug 2004, 02:25 م]ـ
مرحباً بكم أخي الكريم سعيد، وأشكرك على مشاركتك جزاك الله خيراً.
ويا حبذا لو توخيت الآيات التي قد يشكل فهمها على القارئ غير المطلع، لتكون الفائدة أكبر وفقك الله.
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[09 Aug 2004, 02:40 م]ـ
السلام عليكم، وجزاك الله خير سوف أشرح المصحف كله بإذن الله على ضوء دراستي لكتب التفسير وتلخيصها، ووضعها بأسلوب مفهوم، وسهل إن شاء الله تعالى. أرجوا منكم الدعاء والمداخلات كي نصل إلى الفائدة المرجوة وفق الله الجميع لكل خير.(/)
آيات ووقفات (الحلقة الثانية)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[09 Aug 2004, 02:30 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الثانية)
الحمد لله رب العالمين
الله عز وجل أنزل هذه السورة العظيمة، وفيها من الألفاظ العقائدية، والبلاغة الربانية، وتهذيب ألسننا، وتعليم أنفسنا، وخضوع أرواحنا لله عز وجل، فعلمنا كيف الأدب مع الله، فالحمد والثناء أولاً، ثم الدعاء، وفيها أقسام التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد العبادة (الإلوهية)، وتوحيد الأسماء والصفات، فلنتمعن في آياتها، ونبحر في معانيها، ونستشف بعض أسرارها، ونغرف من منابعها الرقراقة، قال الله تعالى (الحمد لله) وتعني هذه الكلمة الثناء على ربنا الله بصفات الكمال، والشكر لله خالصاً دون سائر ما يعبد من دونه. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ (2).
فلله الحمد والشكر والثناء الحسن على أكبر نعمة أنعم علينا بأن أنزل على رسوله قرأناً نتلوه، ومنهجاً ننهجه، وعلماً ننهل منه، وشفاءً للأسقام، ونوراً للأفهام، وانشراحاً للصدور، ونوراً في القبور، وشفيعاً لقارئه، وحجة للعبد أو عليه نسأل الله أن يجعله حجة لنا وقائدنا إلى الفردوس الأعلى من الجنة.
وقوله (رب العالمين) فمعناها هو الرب المربي جميع العالمين، وهم الذين أعد الله لهم النعم العظيمة، والالاء الجسيمة، التي تستقيم بها الحياة، وتنعم بها البشرية، ونعمه كذلك على العالم الآخر عالم الجن، الذي يشاطر البشر في قوله تعالى (سنفرغ لكم أيه الثقلان) وقول (يا معشر الإنس والجن) وقول (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) قهم مكلفون تماماً كالبشر، فأيضاً لهم أرزاقهم ونعائم الله عليهم لا ينكر ذلك إلا كافر، فهم أيضاً من العالمين الذين ذكرهم الله في الآية، قال ابن كثير رحمه الله: ففي رواية سعيد بن جبير وعكرمة وعن ابن عباس: أي رب الجن والأنس. وقال الفراء وأبو عبيد: العالم عبارة عما يعقل وهم الأنس والجن والملائكة والشياطين. قال السعدي رحمه الله: للتربية الربانية نوعان عامة وخاصة، فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا، أما الخاصة فهي تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه. وهكذا يتبين لنا معنى من المعاني العظيمة، التي يقر الله فيها أن الفضل له والمنة علينا إذ أنه هو ربنا المربي لنا، والمعلم لنا، والهادي لنا، والذي أخرجنا بفضله وإحسانه من الظلمات إلى النور، وهدانا إلى صراطه المستقيم، فهو الرب المعبود، والإله المألوه الذي تعبده هذه العوالم من الأنس والجن والملائكة والشياطين، و لكن الكثير من الناس لا يعترفون برب العالمين كالملاحدة وغيرهم من أصحاب العقائد الأرضية، الشيطان رغم عصيانه وتمرده على الله إلا أنه لا ينكر بأن الله هو رب العالمين ولكنه حينما تمرد وعصى أمر الله بالسجود لآدم أخرجه الله من جنته، وحل عليه غضب الرب،ولكنه يعترف ويقر بان الله هو رب العالمين ولا ينكر هذا، قال الله تبارك وتعالى (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين) وهذا لا ينكره أحد بأنه هو المعبود، أما الملحدين والعياذ بالله من حالهم فهم ينكرون الرب تبارك وتعالى فيقولون لا إله والحياة مادة. وتدل هذه الآية دلالة واضحة على إنفراد الله بالخلق وتدبيره لهم وإنعامه عليهم وهو سبحانه له كمال الغنى، والعباد مفتقرون إليه لقوله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) (1).
الوقفات
1 - فضل سورة الفاتحة وأنها لا صحة لصلاة المرء إلا بها.
2 - الرب سبحانه وتعالى هو المربي لنا بنعمه ومنها نعمة الإسلام الذي هدانا إليه بفضله وإحسانه.
3 - التربية الربانية لنا حيث علمنا ربنا كيف نتأدب معه سبحانه فنحمده ونثني عليه ثم ندعوه.
(2) صحيح: الألباني في صحيح الجامع (5563).
(1) سورة فاطر 15.(/)
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[10 Aug 2004, 12:20 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة)
ننتقل الآن إلى المرحلة الثانية، والجانب الآخر من هذه السورة، والذي نتعرف فيها على أسرار جديدة، وحكم عديدة، فبعدما علمنا الله عز وجل كيف نحمده ونثني عليه، فيذكر لنا صفاته العظيمة، وهي الرحمة، قال الله سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم) شرحت معناها في الحلقة الأولى،ثم قال سبحانه (مالك يوم الدين) هو الملك المتصرف في عباده، ويظهر ملكه وأمره ونهيه، وثوابه وعقابه، وحكمه وعدله، في يوم الدين وهو يوم القيامة، يوم الحساب على الأعمال التي قدمها العباد إما خيراً، وإما شراً والعياذ بالله من سوء المنقلب. وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " (2). الله أكبر هناك اليوم الفصل، هناك تستوي البشرية، فلا فرق بين راع ومرعي، ولا شريف ووضيع، ولا سيد وعبد، ولا غني وفقير، ولا خادم ومخدوم، الجميع سواسية في الحساب والجزاء،يأخذ كل مظلوم حقه من ظالمه، الله هو الملك في هذا الكون، ولكنه يتجلى ملكه في يوم القيامة بحكمه وعدله وقضائه، ويرون العباد كل ذلك مشاهدة، قال تعالى (لقد كنت في غفلة من هذا فبصرك اليوم حديد).
الوقفات
1 - ذكر الله سبحانه صفتين عظيمتين الرحمن والرحيم.
2 - ذكر الله سبحانه ملكه وعظمته المتجلية في يوم الدين فلا ينفع ملوك الأرض ملكهم، ولن ينفع أي مخلوق مخلوق آخر بل الجميع تحت حكم ملك الملوك سبحانه وتعالى.
3 - إثبات أن لله يد سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث، ونثبت ذلك من غير تأويل (3)، ولا تكييف (4)، ولا تشبيه (5)، ولا تعطيل.
4 - هذه الآيات تشعرنا بهول الموقف بين يدي الرب عز وجل، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ولكنه كما جاء في الحديث يخفف على المؤمنين كصلاة أحدكم. (6)
____________________________
(2) صحيح: البخاري (7413)، مسلم (2788). قال القاضي عياض في شرح هذا الحديث "في هذا الحديث يقبض ويطوي، كله بمعنى الجمع، لأن السموات مبسوطة، وألأرضين مدحوة وممدودة، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة وتبديل الأرض غير الأرض والسموات، فعاد كله إلى ضم بعضها إلى بعض، ورفعها وتبديلها بغيرها.
(3) أي نفسرها كما نشاء.
(4) أي نقول كيف او نسأل عن كيفيتها.
(5) أي نشبهها بأيدينا مثلاً، بل نقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). أنظر كتاب شرح العقيدة الواسطية- لمحمد بن عثيمين رحمه الله.
(6) أي قدر مدة وقوف المؤمنين يخفف حتى يصير مقدار صلاة فريضة في هذه الدنيا فلله الحمد والمنة.(/)
الأسباب الصوتية لاختيار المفردة القرآنية
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[10 Aug 2004, 04:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأسباب الصوتية لاختيار المفردة القرآنية
ملاحظة: قد ترد في البحث مصطلحات صوتيه لا يقال بأنها موجودة في القرآن، وإنما ذكرت للإيضاح فقط، كما وأفاد البحث من بعض الكتب والتفاسير التي لا يعني أخذ نصٍ يستلزمه البحث قناعة كاتبه بهذه الكتب وجميع ما ورد فيها؛ لذا وجب التنبيه، مؤمناً بكتاب الله على مراد الله الذي فهمه سلف الأمة عرفته أم لم أعرفه ..
** ** **
انماز القرآن ببنائه الصوتي الذي لا يقترب منه في خصائصه بناء أبداً، ولعل الأساس في بناء القرآن الصوتي
أنه غير قائم على نظام (الحركة والسكون) في قالبٍ جاهزٍ كما هو معروف في الشعر (عمودياً وحرَاً)، الأمر الذي لا يستلزم فرض قالب صوتي قد لا يكون موافقاً للموقف الذي يُصوّر، أو الصورة التي تُرسم والذي يهمني هنا: أن القرآن لما كان منمازاً عن الشعر وقوانينه فأنه لم يقع أسير التوحد الشكلي في اختيار المفردة التي تنهي عبارته والتي تفرض نفسها - أي القافية - تفرض نفسها شكلاً لازماً في نهاية كل عبارة في الشعر مما يعني: أن الاختيار مشروط أساساً كصيغةٍ تشكيليةٍ تحقق تنغيماً معيناً كثيراً ما يكون على حساب الأداء الدلالي للمفردة في الحد الأدنى من السلبية؛ إذ قد يتحكم هذا الاختيار المشروط بالفكرة أو الصورة كلياً مما سيعني في كل الأحوال قصوراً في الإيصال والتصوير لما يراد الإخبار عنه أو تصويره وعلى الرغم من هذا كله فإن القرآن ما كان تاركاً أسلوباً مثل هذا - التأثير الصوتي - دون الإفادة التامة من خصائصه التأثيرية والجمالية؛ لذلك نجد أنّ الفاصلة تتكرر غالباً وعلى امتداد السورة، ولا تخرج عن التوحد الصوتي أو الشكلي إلا في مواضع قليلة لأن القرآن لم يشترط لنفسه شروطاً في التعبير قد تكون حائلاً بينه وبين الدقة في الدلالة والمعنى؛ لذلك ظهرت المفردة القرآنية مستعملةً في نمطية غريبة ما اعتادتها الأذن العربية لذلك رأيتني مضطراً لتعريف المفردة القرآنية بأنها:
الشكل الدلالي الوحيد الصالح - بأفضل أداءٍ صوتي ممكن - للتعبير عن كلّ أغراض السياق.
لذلك فقد عنيَ (القرآن بالجرس والإيقاع عنايته بالمعنى وهو لذلك يتخير الألفاظ تخيراً يقوم على أساس من تحقيق الموسيقى المتسقة مع جو الآية وجو السياق بل جو السورة كلها في كثير من الأحيان وبخاصة تلك السور القصار التي حَفِلَ بها العهد المكي ... لتأكيدها أصول العقيدة: من الإيمان بالله وتوحيده و .... ) (1) هذه السور التي ما أن سَمع بعضها الوليد بن المغيرة حتى قال قولته المشهورة: إن له حلاوة وإن عليه لطلاوة ... (2) فما هي الطلاوة التي فيه إذا كانت حلاوته معانيه ودلالاته إنها نابعة من الألفاظ (من حيث هي أصوات أثرٌ موسيقي خاص يوحي إلى السمع بتأثيرات مستقلة تمام الاستقلال عن تأثيرات المعنى وعن مجرد كون اللفظ رقيقاً وغيررقيق، ونرى الشعراء في العادة يتجنبون طائفة من الألفاظ التي لا يستطيعون أن يستسيغوها) (3)، وقد أشار الدكتور إبراهيم أنيس إلى هذا النوع من الدلالة التي تستمد من طبيعة الأصوات والتي يُسميها علم اللغة الحديث (الدلالة الصوتية) أو (رمزية الألفاظ) كما سماها (جسبرسن) (4) لأن لكل كلمة ذائقة سمعية - تكتسبها من استقلالها بحروف معينة - قد تختلف عمّا سواها من الكلمات التي تؤدي نفس المعنى مما يجعل الكلمة المختارة مؤثرة أكثر من الأخرى - وإن اتحدت معها بالمعنى - بما تضفيه الدلالة الصوتية التي تتجلى بكلمات مختارة (5) لأجل هذا كله كان للمحدثين اهتمام كبير بهذا الجانب كما سيأتي الأمر الذي جعلهم ينتقدون طريقة من سبق في دراستها في كلامهم عن الإيقاع الناشئ من تخير الألفاظ ونظمها .. فمع أن
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الظاهرة - كما قيل - واضحة جدَّ الوضوح في القرآن وعميقة كل العمق في بنائه الفني إلا أن حديثهم عنها لم يتجاوز ذلك الإيقاع الظاهري ولم يرتق إلى إدراك التعدد في الأساليب الموسيقية وتناسق ذلك كله مع الجو الذي تطلق فيه هذه الموسيقى ووظيفتها التي تؤديها في كل سياق (6) فهذه الألفاظ (ينظر فيها تارة من حيث هي أبنية صوتية مادتها الحروف وصورتها الحركات والسكنات من غير نظر إلى دلالتها ... وتارة من حيث هي أداة لتصوير المعاني ونقلها من نفس المتكلم إلى نفس المخاطب بها .... ولا شك أنها هي أعظم الناحيتين أثراً في الإعجاز اللغوي الذي نحن بصدده إذ اللغات تتفاضل من حيث هي بيان أكثر من تفاضلها من حيث هي أجراس وأنغام) (7) وكل هذا ليس إلا صورة أخرى لما قاله الرافعي حين جعل الكلمة ثلاثة أصوات هي: صوت النفس والذي عرّفه بأنه: الصوت الموسيقي الذي يتكون من تأليف حروف الكلمة واجتماعها ومخارجها وحركاتها ومدّاتها وغناتها ... وصوت العقل وهو الصوت المعنوي الذي يختص بمعنى الكلمة (دلالتها) ومخاطبتها للعقل وصوت الحس: الذي هو اجتماع إيقاع حروف الكلمة وروعة معانيها، أو هو اجتماع صوت النفس وصوت العقل وعلى مقدار ما يكون في الكلام البليغ من هذا الصوت يكون فيه من روح البلاغة وصوت الحس هذا هو روح الإعجاز في القرآن الكريم (8) وبسببٍ من هذا كله جاءت الدعوة إلى دراسة جرس الألفاظ من أوائل الموضوعات التي نادى لها الشيخ أمين الخولي لبعث الحياة في البحث البلاغي (9) بعد أن (دارت هذه اللغة على ألسنة أعجمية لم يكن لها عهد بحروفها وبمخارج ألفاظها فتقعر الناطقون بها وجرى اللحن في كيانها ... ومن هنا صرّح العاجزون عن ضبط جرسها بإعلاء شأن المعنى .... ولا عبرة بالألفاظ ما دام الغاية هي إفهام السامع حاجة المتحدث) (10).
لذلك كان أول ما ينبغي أن يذكر بداية أنه لا يصح عند دراسة ما تحققه البنى التعبيرية من قيم أدائية (جمالية أو صوتية) أن تعزل عمّا تحققه البنى نفسها على مستوى الأداء الدلالي، ذلك أن الاستخدام الصوتي في القرآن لا يُعارض الجانب الدلالي إطلاقاً إن لم يكن مُبّرزاً له في الأعم الأغلب، وليس قولي هذا إلا متنفساً للولوج إلى التأكيد على أن الاختيار - وأقول الاختيار المنحصر هنا إلى حدٍّ كبيرٍ في اختيار المفردة - إنما يكون دلالياً عن طريق التوظيف الصوتي للمفردة، وليس لمسعى جمالي يحقق إثراءً لنغمية النص القائمة على نوعٍ من التوازن الصوتي، وإن لم يفتقر لهذا منضافاً إلى التواشج التام مع الأداء التعبيري وبكل بُناه من (مفردة، وجملة، ونص) النص الذي يمتاز بالإضافة إلى الموافقة التامة من أصواته لمعانيه الخاصة بالوحدة الصوتية القائمة على التوافق أو التقابل الصوتي كما سيبحث.
1 - تُختَار المفردة لكونها معبرة عن مدلولها بجرسها من خلال:
أ) بنية المفردة: قد تختار المفردة القرآنية لبنيتها الصرفية، فقد اقترنت بعض الأوزان الصرفية بدلالاتٍ خاصة من (ذلك أنك تجد المصادر الرباعية المضعفة تأتي للتكرير نحو الزعزعة والقلقلة والصلصلة ... ووجدتُ أيضاً (الفعلى) في المصادر والصفات إنما تأتي للسرعة نحو: البشَكى والجَمَزَى والولقى .... فجعلوا المثال المكرر للمعنى المكرر - أعني باب القلقة - والمثال الذي توالت حركاته للأفعال التي توالت الحركات فيها) ((11)) والتي (تتميز عن الثلاثي الأصلي بزيادة مقطع يضخم حجم الفعل ليقوي طاقة التعبير بحكاية أصوات الشيء أو تصوير حركته أو نوره أو أثره في النفس بالأصوات فهو بذلك متميز بإيقاعٍ ذاتي) ((12)) وهذا ما سُمِّي بـ (التنسيق المتصل في التكرير المعجل ورُمِزَ له بالآتي: أ + ب / أ + ب ((13)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) (الحاقة: 32) وإنما سميت هكذا لتكرر حلقاتها وتتابعها (تسلسل الشيء اضطرب كأنه تُصور منه تسلسل متردد، فردد لفظه تنبيهاً على تردد معناه ومنه السلسلة ... وماءٌ سلسل متردد في قعره حتى صفا ... ) ((14)) قال تعالى: (عيناً فيها تسمى سلسبيلا) (الإنسان: 18)، قال تعالى: (ريحٍ صرصرٍ عاتية) (الحاقة: 6) جاء في تهذيب اللغة معزواً إلى الخليل أصرَ الجندب صريراً وصر الباب يصرّ وكل صوت شبه ذلك فهو صرير إذا امتد فكان فيه تخفيف وترجيع في إعادة ضوعفَ لقولك صرصر الأخطب صرصرة) ((15)) وجاء في الخصائص: (قال الخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدَاً، فقالوا صرّ وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً فقالوا: صرصر) ((16))، قال تعالى: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس) (الناس 3 - 5)، فـ (لما كانت الوسوسة كلاماً يكرره الموسوس ويؤكده عند من يلقيه كرروا لفظها بأزاء تكرير معناها فقالوا: (وسوس وسوسة) فراعوا تكرير اللفظ ليفهم منه تكرير مسماه … وقد عُلم بهذا أن من جعل هذا الرباعي بمعنى الثلاثي المضاعف لم يُصب لأنّ الثلاثي لا يدل على تكرار بخلاف الرباعي المكرر … فتأمله فأنه مطابق للقاعدة العربية في الحذو بالألفاظ حذو المعاني .. ) (17).
وبهذا يُرى التوظيف الدقيق للصوت في خدمة المعنى بالإضافة إلى ما يحققه من جمالٍ صوتي، وقد تنبه الرافعي إلى هذا الجمال الذي تحققه البنية القرآنية ذاكراً أن ما يوجد في القرآن من كلماتٍ طويلة تتسم بأنها من الألفاظ المركبة التي ترجع عند تجريدها من المزيدات إلى الأصول الثلاثية أو الرباعية ولم ترد في القرآن لفظة خماسية الأصول لأنه مما لا وجه للعذوبة فيه إلا ما كان من اسم عُرِّبَ ولم يكن في الأصل عربياً: كإبراهيم وإسماعيل ... ولا يجيء به مع ذلك إلا أن يتخلله المدّ فتخرج الكلمة وكأنها كلمتان ((18)).
ب) صفات حروفها: تكاد تطرد أراء الباحثين على أن من الألفاظ ما هو مصور لمعناه بجرس حروفه ولعل أهم ما يتبادر إلى الذهن كمؤثر صوتي هو اختلاف المفردات بصوتٍ واحد يكون مهموساً في أحدهما مجهوراً في أخرى لذلك نرى القرآن يعدل عن إحداهما إلى الأخرى بحسب حاجة السياق أو الصورة التي تُرسم كما في استخدامه تعالى لكلمة (نضخ) بدلاً من (نضح) وكلاهما كان يعني خروج الماء فقال تعالى: (فيهما عينان نضاختان) (الرحمن: 66) فـ (النضخ والنضح واحد إلا أن الأول أكثر وهذه من فوائد الإبدال الصوتي في العربية ومثل هذا الهدير والهديل) ((19)) ولفظة (تنضخ) التي تعبر عن فوران السائل في قوة وعنف، إذا قورنت بنظيرتها (تنضح) التي تدلّ على تسرب السائل في تؤدة وبطء، فسوف يتبين لنا أن صوت الخاء في الأولى له دخل في دلالتها ((20))؛ لأن الأصوات الفخمة القوية تواتي المواقف القوية ((21)) وهذا الأسلوب كثير في كلام العرب إذ يتغير المعنى بتغير صوتٍ من أصوات لفظه كما ذكر ابن جني في التفرقة بين (خضم) و (قضم) إذ يستخدم الصوت الأقوى غالباً للدلالة على المعنى الأقوى ((22)).
على أن بنت الشاطيء لم تكد تهتم بمثل هذه الفروق حيث نفت أن يكون معنى (القد) في مثل قوله تعالى: ( ... كنا طرائق قِددا) (الجن: 11) مخصوصاً بالقطع طولاً وهو ما قاله الراغب في المفردات ((23)) قائلة: ولم أرَ لهذا التخصيص وجهاً ((24))، ويبدو أنها، رحمها الله، لم تطّلع على ما كتبه (أبن جني) في الخصائص عن هذا حيث وجهه صوتياً في تعليل الفرق بين (قط) و (قد) فقال: (قط الشيء) إذا قطعه عرضاً و (قده) إذا قطعه طولاً، وذلك لأن منقطع الطاء أقصر مدة من منقطع الدال وكذلك قالوا: (مدّ الحبل) و (مت إليه بقرابةٍ) فجعلوا الدال لأنها مجهورة لما فيه علاج وجعلوا التاء - لأنها مهموسة - لما لا علاج فيه) جرياً منهم في جعل (الصوت الأقوى للفعل الأقوى والصوت الأضعف للفعل الأضعف) ((25))، بل إنّ القيمة الصوتية للحرف لا تتحدد في جرسه فقط بل حتى باقترانه مع الأصوات المجاورة في اللفظة كما في قوله تعالى: (القارعة ما القارعة .. ) (القارعة: 1 - 2) فهذه اللفظة المعبرة عن الشدة والقوة إنما تمّ لها ذلك من طبيعة
(يُتْبَعُ)
(/)
أصواتها فـ (العين لا تأتلف مع الهاء إلا إذا كانتا مفصولتين مثل هرع وهلع وهطع أو تقدمت العين على الهاء ((26)) كما في الآية الكريمة فلو لم تتقدم العين على الهاء لم تأتلفا) ((27)) وذلك لثقلهما معاً مما يناسب سياق السورة الدّال على القوة والشدة.
وفي القرآن (كلمات شديدة الإيحاء قوية البعث لما تتضمنه من المعاني وهناك عدد كبير من ألفاظ تصور بحروفها .... ) ((28)) قال تعالى: (يومَ يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش) (القارعة: 5 - 7) فالفراش هو الجراد الذي ينفرش ويركب بعضه بعضاً فإذا ثار لم يتجه إلى جهة واحدة ((29)) بل يتطاير من كل جانب ((30)) (فهو مبثوث وقد انتهت كلمة الفراش وكلمة المنفوش بالشين كما انتهت كلمة المبثوث بالثاء، والشين والثاء ((31)) من حروف التفشي والانتشار) ((32)) ولطالما تلمس (صاحب الظلال) هذا الأمر وقد كان (أفضل من فصل ما بين جرس اللفظ وظله والذي كثيراً ما تصوّر أنه واحد لأن الجرس خاص بالصوت والموسيقى أما الظلّ فهو استدعاء صورة المدلول الحسي) ((33)) من ذلك ما اشتقه القرآن ليوم القيامة من أوصاف (الصاخة) و (الطامة) فالصّاخّة لفظة تكاد تخرق صِماخ الأذن في ثقلها وعنف جرسها ... وضع هذه الألفاظ بجوار ذلك اللفظ المشرق الرشيق (تنفس) في قوله تعالى: (والصبح إذا تنفس) (التكوير: 18) تجد الإعجاز في اختيار الألفاظ لمواضعها ونهوض هذه الألفاظ برسم الصور على اختلافها ((34)) فهي ملائمة تماماً لرقة الصبح ويبدو ذلك في همس التاء والسين وذلاقة النون والفاء فاللفظة موحية بدلالتها وجرسها وظلها على هذه اليقظة التي شملت الطبيعة .. ((35))، وقد فُرِّق ما بين (…تفسحوا فافسحوا يفسح الله لكم) و (وإذا قيل انشزوا فانشزوا .. ) (المجادلة: 11) وإنما اختيرت لفظة (انشزوا) وجرسها الذي يدل على حركة القيام لأن الزاي أقوى من السين والشين أقوى من الفاء .. ((36)) وقديماً لاحظ ابن جني أن اختلاف الحرف الواحد في اللفظتين أو الحرفين ... يؤدي إلى اختلاف دقيق في المعنى المراد من اللفظ وإن دقة المعنى تتفق مع جرس الحرف المختار، فكأن هناك اختياراً مقصوداً للصوت ليؤدي المعنى المغاير لما يؤديه الصوت الأخر ((37)) واعتبر أن فيه وجهاً للحكمة المعجزة للدلالة على قوة الصنع ((38)).
جـ) حال الحروف: قد تكون المفردة ثقيلة من حيث بنيتها أو طبيعة أصواتها في غير سياقها غير أن علاقتها مع ما قبلها أو بعدها تجعل المفردة هي الأنسب في الاختيار داخل سياقها من ذلك قوله تعالى: (تلك إذن قسمةٌ ضيزى) (النجم: 22) وقد تعجب الرافعي من نظم هذه الكلمة الغريبة وأئتلافه على ما قبلها إذ هي مقطعان أحدهما مدٌّ ثقيل والآخر مدٌّ خفيف وقد جاءت عقب غنتين في (إذن) و (قسمة) وإحداهما خفيفة حادة والأخرى ثقيلة متفشية فكأنها بذلك ليست إلا مجاورة صوتيةً لتقطيعٍ موسيقي ((39)) فأية لفظة أخرى لها عين مفهومها في اللغة مثل ظالمة أو جائرة لا توفي المعنى المراد إيفاء تلك اللفظة القرآنية … من ثقل حرف الضاد المستعلي المفخم وإيحاء المدين المتقابلين إلى أسفل وإلى أعلى أعني الياء والألف ((40)) والذي رأى الرافعي في جرسهما ما يشبه حال المتهكم المستغرب حين يميل يده ورأسه ((41)) على أن هذا لا يعني أن كلمة
(الأخرى) و (إذن) في الآية زائدتان لمجرد الجرس النغمي فهما ضروريتان في السياق لنكت معنوية خاصة وتلك ميزة فنية أخرى أن تأتي اللفظة لتؤدي معنى في السياق وتؤدي تناسباً في الإيقاع دون أن يطغى هذا على ذاك أو يخضع النظم للضرورات ((42)).
ومن مناسبة الحرف لحال السياق قوله تعالى: (لئن لم ينتهِ لنسفعاً بالناصية) (العلق: 15) هكذا (لنسفعنْ) بذلك اللفظ الشديد المصور بجرسه لمعناه وإنه لأوقع من مرادفه لنأخذنَّه بشده ((43)) فإذا كان السياق يُراد به الشدة والغلظة والتهديد فَلِمَ لم يشدد النون في (لنسفعنْ) مع أن العرب إنما يزيدون في الصوت لزيادة المعنى ((44)) والجواب عن ذلك يبدو في قراءة الآية مرتلةً حيث يُلاحظ ما حققه السكون من اختزال زمني في قراءة الآية لا يتحقق فيها لو شدد بل لولّد إيقاعاً بطيئاً لا يتناسب مع هذا التهديد المقتضي للسرعة فناسب جرس
(يُتْبَعُ)
(/)
الآية دلالتها ليكون الجرس عامل تهديدٍ يأخذ على الكافر فرصة النظر والتفكير ولعل في هذا سبب آخر للعدول عن (لنأخذنّه) بالإضافة إلى اختلاف الدلالة بينهما، وهذا ما استشعره سيد قطب كما يبدو في قوله عن (ولنسفعن بالناصية): (صورة حسية للأخذ الشديد السريع) ((45)) فالأصوات (تابعة للمعاني فمتى قويت قويت ومتى ضعفت ضعفت ويكفيك من ذلك قولهم قَطَعَ وقطّع وكَسَرَ وكَسَّر زادوا في الصوت لزيادة المعنى واقتصدوا فيه لاقتصادهم فيه) ((46)).
أما بالنسبة لحركة الحرف في البنية فقد راعت العرب القدر اليسير من الأصوات على رأي ابن جني
فلو تأملنا لفظتي (سُعُر ونُذُر) في قوله تعالى: (ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنُذر) (القمر: 36) وقوله تعالى: (إن المجرمين في ضلالٍ وسُعُر) (القمر: 47) حيث عُدّت مثل هذه اللفظة ثقيلة مستكرهة ((48))، على أن الحركة وإن كانت ثقيلة في نفسها لسببٍ من أسباب الثقل إلا إنها متى ما استعملت في القرآن رأيت لها شأناً عجيباً فلفظة النذر السابقة جمع (نذير) الضمة ثقيلة فيها لتواليها على النون والذال معاً فضلاً عن جسأة هذا الحرف ونبوه في اللسان وخاصة إذا جاء فاصلة للكلام كما يقول الرافعي ويضيف لكنه جاء في القرآن على عكس ذلك فتأمل مواضع القلقلة في دال (لقد) وفي الطاء من (بطشتنا) وهذه الفتحات فيما وراء الطاء إلى واو (تماروا) مع الفصل بالمدَّ كأنها تثقيل لخفة التتابع في الفتحات إذا هي جرت على اللسان ليكون ثقل الضمة عليه مستحقاً بعد ... ثم ردد نظرك في الراء من (تماروا) فأنها ما جاءت إلا مساندةً لراء (النذر) حتى إذا انتهى اللسان إلى هذه انتهى إليها من مثلها فلا تجف عليه ولا تغلظ ولا تنبو فيه ويكمل الرافعي ثم أعجب لهذه الغنة التي سبقت الطاء في نون (أنذرهم) وفي ميمها والغنة الأخرى التي سبقت الذال في (النذر) ((49)) على أنه يجب إلا يُفهم من هذه النظرة الثاقبة للأستاذ الرافعي أن قوة هذا الاستخدام الصوتي للفظة قد اختفت وإنما سوّغت بحيث لا تظهر جسأة في الكلام ولا ثقلاً في السمع لأن الشيء يُقاس بما حوله، وفرق بين اختفاء ثقل الشيء وبين التهيئة له لأن سياق سورة القمر يتطلب مثل هذا الاستخدام (والحقيقة أن الخروج على القاعدة في سياق النظم لا ينقص من قيمة القاعدة لأن القاعدة تُعنى بالغالب في بناء اللغة، أما الشذوذ عنها فهو في حالة ثانية وهي حالة انتقال الألفاظ إلى الاستعمال التطبيقي في التعبير الأدبي أي وضع اللقطة ضمن سياق فني يخضع اللقطة إلى الكثير من المؤثرات التي منها المؤثرات الذوقية والنفسية) ((50)).
فالقرآن يضع حاجة السياق بالدرجة الأساس مستفيداً من كل ما تتيحه اللغة من وسائل تعبيرية قد لا يتخذ معيار (الأفصح) شرطاً في الاختيار ومن الظواهر الصوتية التي تُوظَف في التعبير القرآني مستفيدةً من كل إمكانات اللغة وشكلياتها ظاهرة الإدغام والتي جيء بها بصورةٍ أعطت للنص القرآني خصوصيةً في الاستعمال ففي (يشاقّ) يكون الإدغام وهو لغة تميم ((51)) طالما ذُكِرَ الله تعالى وحده فإذا ذُكِرَ معه الرسول صلى الله عليه وسلم فُكَّ الإدغام وهو لغة الحجاز ((52)) قال تعالى: (ذلك بأنهم شاقّوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) (الأنفال: 13) وقال تعالى:
(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى) (النساء: 115) وقال تعالى:
(ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقِّ الله فإن الله شديد العقاب) (الحشر: 4) ... وقد نبّه الدكتور فاضل السامرائي لهذا غير أنه أبعد في تعليل هذا الاستخدام حيث قال (ولعله وَحد الحرفين وأدغمهما في حرف واحد لأنه ذكر الله وحده وفكهما وأظهرهما لأنه ذكر الله والرسول فكانا اثنين) ((53))، وليس هذا موضع تفصيل توجيهه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولربما جاء الرسم المصحفي (العثماني) بما يخالف القياس المتبع كما في قوله تعالى: (إنا اعتدنا للكافرين سلاسلاً وأغلالاً وسعيرا) (الإنسان: 4) فالرسم العثماني لكلمة (سلاسلا) ورسمها بالألف من غير تنوين وكان من حقها أن تكتب من غير ألف ولا يَصحُّ في تعليل ذلك أن الكتابة العربية لم تكن قد استوفت شكلها النهائي يوم أن كُتب المصحف العثماني ذلك لأن ألفاظاً وردت في القرآن الكريم على صيغة (فعائل) أو (مفاعل) ولم تكتب بالألف مثل قوله تعالى: (كنّا طرائقَ قِددا) (الجن: 11) ... فلو كان ذلك عن نقصٍ في رسم الكتابة لأخذت أمثال هذه الصيغ شكلاً واحداً لكونها ممنوعة من الصرف فما الحكمة من هذا الرسم بهذه الصورة؟ إن الألف الزائدة قد زيدت عن قصدٍ ولحكمةٍ تُراد لها وهي أن هذه الألف تشير إلى معنى مضمر في كلمة (سلاسلا) وأنها سلاسل طويلة جاوزت في طولها الحد المعروف للسلاسل التي يقيد بها الحيوان أو الإنسان ((54))، قال تعالى: (في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) (الحاقة: 32) ذلك أن الألف تحتمل مدَّ الصوت بها وامتداده وإطالته كما طالت تلك السلاسل طولاً غريباً ((55)).و من ذلك قوله تعالى: (ممّا خطيئتهم أغرقوا فادخلوا ناراً) (نوح: 25) فـ (ما) التي عدّها النحاة في مثل هذا زائدة ((56)) أصلية مؤدية لاستكمال المعنى المراد غير أنهم لم يلحظوا ذلك من جهة الجرس وإنما لحظوه من جهة الوضع اللغوي فقط إذ كان لهذا المد الموحي جرسه بالتفخيم دلالة على عظم الخطيئات التي أغرقت قوم نوحٍ عليه السلام ((57)).
د) لظل المفردة: لا بد من الفصل ما بين جرس اللفظة وظلها والذي كثيراً ما تُصورّ أنه واحدٌ لأن الجرس خاص بالصوت والموسيقى أما الظل فهو استدعاء صورة المدلول الحسي ((58)) إلا أن الأسلوب القرآني كثيراً ما كان يقرن جرس المفردة بظلها قال تعالى: (قلوبٌ يومئذٍ واجفة) (النازعات: 8) أي خائفة ((59)) فلماذا عَدَلَ القرآن عن خائفة إلى واجفة؟ ولعل في فهم السياق ما يعطي إجابة وافية عن هذا السؤال فالآيات السابقة (يوم تتبعها الرادفة …) (النازعات: 6 – 7) عبّرت عن سرعة الوقوع والتتابع فلو قيل (خائفة) بدلاً من (واجفة) لما ناسبت من الناحية الصوتية معاني سابقاتها ولما اتسقت معها، ذلك أن صوت المدّ فيها ما كان مناسباً هنا سرعة السياق * لذلك تمّ العدول عن تسمية القيامة بما فيه مدّ من الأسماء ويتأكد لنا من خلال بقية الأسماء التي غالباً ما جاء فيها المد مثل الحآقّة والصآخّة والطآمّة على أن هذا الملحظ الصوتي ليس منعزلاً عن ملحظٍ إيحائي من ظل المفردة لأن (وجف) في هذا السياق أكثر دلالةً وإيحاء من (خاف) فبالإضافة إلى معنا الخوف فإنها تدل على
(السرعة والاضطراب) فـ (الوجيف سرعة السير وأوجفتُ البعيرَ أسرعته قال تعالى: (فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ) (الحشر: 6) قال تعالى: (قلوبٌ يومئذٍ واجفة) أي مضطربة) ((وبهذا تكون (واجفة) أولى في الاستخدام، فاللفظ المستخدم إذا كان له معنى عام ومعنى خاص كان الأولى حمله على العام لتضمنه الخاص ((60)) فإذا كان هذا في تفسير النص فهو أولى بالاستخدام أصلاً إذا كان يحقق غاية السياق. ومن ذلك تعبير القرآن حين يصوّر هدوء الليل وسكونه بالعسعسة تارة وبالسجو أخرى وبالسريان ثالثة مُزاوجاً في تصوير الحركة المتخلية لامتداد الليل بهدوء ما بين الدلالة الوضعية للألفاظ وبين إيحائها الموسيقي في السمع فيقول الله تعالى: (والليل إذا عسعس) (التكوير: 17) وقال تعالى: (والليل إذا سجى) (الضحى: 2) وقال تعالى: (والليل إذا يسر) (الفجر: 4) وهو إيحاء عجيب لا يوجد في العبارة المؤدية للمعنى (أقبل بظلامه) ((61)) وقد جعل الرافعي من صوت الحس الذي هو اجتماع جرس المفردة (صوت النفس) وظلها (صوت العقل) معياراً للبلاغة فعلى مقدار ما يكون في الكلام البليغ من هذا الصوت يكون فيه من روح البلاغة وهو روح الإعجاز في القرآن الكريم ((62)) لذلك أصبح الليل جرساً وظلاً إيحائياً مفهوماً للنعمة والجمال والطمأنينة على الرغم من ارتباطه في شعر غير واحدٍ من شعراء قبل الإسلام بالهموم والآلام النفسية المبرحة كما هو عند امريء القيس ((63)) وبهذا يتكون لدينا ما يشبه
(يُتْبَعُ)
(/)
الاستخدام الصوتي المخصوص بسياقٍ معين فمن ذاك التفريق القرآني بين (الصبح، والفجر) حيث يُلاحظ أنّ كل استخدام لمفردة الصبح واشتقاقاتها لا يخرج عن سياق العذاب والإهلاك قال تعالى: (ولقد صبحهم بكرةً عذاب مستقر) (القمر: 38) وقال تعالى: ( ... وهم نائمون فأصبحت كالصريم) (القلم: 20) و (إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) (هود: 81) (64) وعلى العكس من لفظة (الفجر) التي ما استخدمت إلا في سياقٍ خالٍ من العذاب إن لم يكن أقرب إلى الرقة قال تعالى: (والفجر وليالٍ عشر والشفع والوتر ... هل في ذلك قسمٌ لذي حجر) (الفجر: 1 - 6) وقال تعالى: (سلامٌ هي حتى مطلع الفجر) (القدر: 5) ... أو في سياقاتٍ تتعلق بالأحكام يستثنى من هذا قوله تعالى: (فالق الإصباح ... ) (الإنعام: 96) وإنما جيء به للحاجة إلى جمعٍ ولا جمع للفجر لمناسبة (الإصباح للإنفلاق) من حيث الجرس، والسر في هذا الاستخدام الخاص السابق مراعاة جرس كل من اللفظتين للسياق الذي استخدم فيه لأن (الصاد) صوت قوي لاجتماع الصفير والإطباق والاستعلاء (مفخم) (65) والباء صوت مجهور شديد متقلقل انفجاري (66) فناسب لفظهما (الصبح) معرض الإهلاك والعذاب، وسيختلف السياق تماماً فيما لو استبدلت إحداهما بالأخرى.غير أن التعبير القرآني خالف هذا الاستخدام في قوله تعالى (والصبح إذا تنفس) (التكوير: 18) فعدل في هذا الموضع عن استخدام (الفجر) لتحقيق التناسق الصوتي في نظم السياق الذي جاءت فيه هذه الآية (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس ... ) (التكوير 15 - 18) فالألفاظ المختارة كلها تحتوي صوت (السين) الصفيري فجيء بالصاد الصفيري ليناسب التكرار فلو كان الاختيار واقعاً على (الفجر) لأصبح الجرس متعثراً فيه نبوة يوجدها صوت (الجيم) الذي سيكون ثقيلاً جداً في مثل هذا السياق لذلك أرى ضرورة لدراسة التناسق الصوتي كسببٍ لاختيار المفردة مما يحقق للسياق إيقاعاً داخلياً قائماً على التكرار الصوتي الذي يحققه الاختيار الدقيق للمفردة دون الإخلال بقيمته الدلالية كما سيأتي.
ومن أسباب الاختيار الصوتي في القرآن اختيار ألفاظ معينة ذات جرسٍ خاص لإشاعة جرسٍ واحد في السياق وبما يتلائم مع دلالته العامة أو بما يساعد على تثبيت أطر الصورة المرسومة ويحقق ظلالها المعنوية، وقد ذهب
بعض دارسي الصوت إلى أنه لا يتم تذوق الهندسة الإيقاعية الحقة إلا إذا حصلنا على تلاؤمٍ بين المكونات الثلاثة التي تشكل الرؤوس الثلاثة للمثلث الآتي:
معانٍ
أصوات ..................... مشاعر
واعتماداً على هذه الترسيمة (المقفلة إلى حدٍ ما) يمكن القول إنّ الأصوات في نظام اللغة الفنولوجي لا قيمة رمزية لها بينما هي تثير بعض مشاعر القارئ المستمع في كلامٍ محددٍ بالاتفاق مع المعنى ((67)).
قال تعالى: (فلا أقسم بالخنس الجوارِ الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) (التكوير: 15 - 18) وقد اختيرت مفردات الآية مشتركة بدلالة المعنى والصوت اللذان يشكلان عنصراً واحداً في صرف مشاعر وذهن القاريء أو المستمع في اتجاه واحد وهو الغاية التعبيرية التي يحتاجها السياق أو البنية العامة فمدار الدلالة المعجمية لمفردات الآية تدور حول الخفاء والمخافتة فالخنس في أغلب معانيها تدلّ على السر والاختفاء والحبس والتأخر وهي هنا بمعنى اختفاء هذه الكواكب ((68)) والكنس التي تستر كما تكنس الظباء في المغار ((69)) وعسعس الليل اعتكرت ظلماؤه وهو من الأضداد أي أقبل وأدبر وذلك في مبدأه ومنتهاه فالعسعسة رقة الظلام وذلك في طرفي الليل وهو الخفيف من كل شيء ((70)) وقد شكلت هذه المفردات المختارة لهذا (هندسة) صوتية قائمة في بنائها على التكرر المقصود والمنتظم لصوت السين وعلى الشكل الآتي:
(سِ سِ سْ سْ سَ سَ) والذي ناغم بجرسه صور وإيحاء الألفاظ التي شكلته بهذه الصورة وقد نبه ابن جني كثيراً إلى معنى المخافتة والخفاء الذي يحققه صوت السين كما في مقارنته بين (صعد وسعد) قائلاً:
(يُتْبَعُ)
(/)
(جعلوا الصاد لأنها أقوى - لما فيه أثر مشاهد يُرى وهو الصعود في الجبل والحائط ونحو ذلك وجعلوا السين - لضعفها - لما لا يظهر ولا يُشاهد حساً ... فجعلوا الصاد لقوتها مع ما يشاهد من الأفعال المعالجة المتجشمة وجعلوا السين لضعفها فيما تعرفه النفس وإن لم ترَهُ العين والدلالة اللفظية أقوى من الدلالة المعنوية) وكذلك قال في تفريقه بين القسم والقصم ((71)) ومن كلام ابن جني هذا نفهم دقة ما أشار إليه ابن القيم رحمه الله حين فرّق بين سورة (الفلق) و (الناس) فـ (سورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد وهو شرٌ (من خارج) وسورة الناس تضمنت الاستفادة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر (من داخل)) ((72)) لذلك تكرر صوت السين في الاختيار في سورة الناس دون الفلق قال تعالى: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس آله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) (سورة الناس) لنجد بهذا نكتةً أخرى من نكت ذكر وتكرار مفردة الناس مع أن السياق يقتضي أن يكون الإضمار أولى هنا من الإظهار ليكون تكرار هذا الصوت مؤكداً لصورة الخفاء التي عليها السورة وكذلك الوسوسة التي هي صوت الحلي والهمس الخفيُّ وكذلك يُقال (لهمس الصائد) ((73)) وأصلها الصوت الذي لا يحسُّ أو الإلقاء الخفيُّ في النفس إما بصوتٍ خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد … وأما الخناس فهو من خنس يخنس إذا توارى واختفى … ((74)) وبهذا ندرك تكرار السين أيضاً في قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلَمُ ما توسوسُ به نفسه …) (ق: 16) حيث تكرر صوت السين أربع مرات وهو ما لم يتكرر في الخمسة عشر آية السابقة غير سبع مرات فقط، كل ذلك لما يمتاز به السين من صفاتٍ فهو
(مصمت، رخو، مهموس، منفتح: مستفل، مرقق، غير مطبق) ((75)) وهكذا استعملته العرب حين عبّروا عن المخافتة والخفاء يقول طرفة ((76)):
وصادِقتا سَمْعِ التوجسِ للسُّرى * لهجسٍ خفيٍّ أو لصوتٍ مُنَدِدِ
فا (التوجس: التسمّع بحذرٍ والهجس الصوت الخفيّ وقوله للسرى أي في السرى أوعند السرى ويقال سرى وأسرى إذا سار بالليل) ((77)) فلولا المخافتة ما تكرر خمس مراتٍ في البيت وهو لم يتكرر في أي بيتٍ من معلقة امريء القيس أكثر من ثلاث مرات فقط. وعلى الرغم من عدم وجود دراسات واضحة عند المفسرين المحدثين للإيقاع والهندسة الصوتية فأنني لا أرى ضرراً في تأكيد قضية الاهتمام باختيار المفردة لصنع تشكيلات صوتية، هذا الاختيار الذي بدا واضحاً جداً في مفردات سورة النازعات قال تعالى: ( ... فالمدبراتِ أمراً يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوبٌ يومئذٍ واجفة ... ) (النازعات 5 ـ 8) حيث ستشكل هذه المفردات المختارة التشكيلة الآتية:
را را تَرْ جُ فُرْ را ج فَهْ هَرْ را د فَهْ وا ج فَهْ،
وبهذا تتشكل كل بنية على انفراد بالشكل الآتي:
رَا ــــ رَا ــــ رَا ــــ رَا ــــ وَا
تَرْ ــــ فُرْ ــــ هُرْ ــــ
جُ ــــ جِ ــــ دِ ــــ جِ
فَهْ ــــ فَهْ ــــ فَهْ
فأيُّ تناغمٍ أبدع أو أروع من هذا وسآتي بعد قليلٍ إلى دلالة تكرار صوت الراء لأنصرف هنا إلى بيان الدقة التي ما بعدها دقة في الراء الذي استخدم ساكناٌ مع التاء والفاء والهاء (تَرْ و فَرْ و هَرْ) والتي لن يشكل اختلافها فارقاً صوتياً لأنها قد اتفقت في أهم صفاتها الصوتية فكلها:
مهموسة، مرققة، صامتة، مستفلة، احتكاكية، منفتحة ... ((78)).
لذلك لن يشكل استبدالها بعضها ببعض فارقاً صوتياً يذكر وكذلك الأمر في استبدال الجيم بالدال
(جِ - جِ - دِ - جِ) لأنهما يشتركان في كونهما:
شديدين، مجهورين، صامتين، منفتحين، مستفلين، مرققين ((79)).
مما يعني قصدية كاملة في الاختيار والعدول على حدٍ سواء، وإذا كان أمرؤ القيس أو الأعشى أو البحتري ... قد نجحوا في مثل هكذا استخدام للمفردات وبما يحقق ذلك الجرس المتفق مع الدلالة إلى حدٍ كبيرٍ إلا أن أبياتهم التي اعتمدت التكرار الصرف أصبحت أسيرة الثقل والمعاضلة التي يحققها ثقل التكرار الحرفي كما هو معروف
(يُتْبَعُ)
(/)
((80)) إلا أن الأسلوب القرآني كان يكرر الصوت بتشكيلات متجددة ينبع أحدها من الآخر وبما لا يلفت الانتباه إلى تكرار معين وإن كان يحقق نغمية التكرار وبشكلها الأجمل. على أن ما ذكر ليس الشكل الوحيد الذي تخيرت لأجله مفردات السورة ففي بداية السورة تكررت المفردات بصورتها الاشتقاقية التي تبقي الجرس الصوتي واحداً دون أن يتكرر التشكيل الصوتي العام للمفردة فلا تتكرر إلا الأصول الصوتية للمفردة مما يبعد ثقل المعاضلة عنها (والناشطات نشطاً والسابحات سبحاً فالسابقات سبقاً) (النازعات: 2 - 4) مما حقق ثنائيات لفظية قائمة على التكرار الصوتي ناسبت تماماً الدلالة على البعث بعد الموت والحياة المتكررة يوم القيامة وليأتي بعد هذا اختيار مفردات تحقق التكرار الصوتي الدّال على نفس المدلول للتكرار الأول وإن كان ضمن اختيارات جديدة وبشكل آخر حيث كثر اختيار المفردات التي تحوي تكراراً صوتياً مثل (تتبعها، أئنا، لمردودون أئذا) ولتكتمل الصورة كثر اختيار المفردات التي تحوي صوت الراء في بنيتها الصوتية حيث يُلاحظ غلبة هذه المفردات التي بلغت (أربعة عشر مفردة) من بين (أربعين مفردة فقط) ذلك أن الراء هو صوت العربية الوحيد الدّال بجرسه على التكرار ((81)) المناسب الوحيد بجرسه لهذا السياق ونحن إزاء المختارات ذات الجرس المتكرر (الراء) أمام تشكيلين هما:
را - را - را - را - وا
تَرْ - فَرْ - هَرْ
غير أنهما وليس كما رسمت - تشكيلان مختلطان في لفظتي (الرّاجفة والرّادفة) فكل منهما عبارة عن حرفين الأول ساكن والثاني متحرك، ونستطيع أن ندرك أهمية السكون في الراء من خلال معرفتنا بأن صفة التكرار تكون في درجتها الأعلى عند سكون الراء ((82)) الأمر الذي جعل ابن جنّي يعدُّ الراء الساكن مساوياً بقيمته الصوتية لأصوات العربية المتحركة الأخرى ((83))؛ لذلك قيل: (إنّ في القرآن إيقاعاً موسيقياً متعدد الأنواع يتناسق مع الجو ويؤدي وظيفة أساسية في البيان) ((84))؛ لذا فإن قاريء القرآن يشعر شعوراً طبيعياً يدفعه إلى ترتيله ترتيلاً صوتياً له نغماته في كل كلمة من كلماته بل في تتابع حروفه ((85)).
** ** **
*الحواشي:
1) الجرس والإيقاع 335.
2) ينظر: تفسير الرازي 30/ 202.
3) التوجيه الأدبي 138.
4) دلالة الألفاظ 68، 70.
5) الصورة الفنية في المثل القرآني 238.
6) ينظر: التصوير الفني 73.
7) النبأ العظيم 106.
8) تاريخ آداب العرب 2/ 220 – 222.
9) ينظر: فن القول 217.
10) المذاهب النقدية 28، وينظر: جرس الألفاظ 121.
11) الخصائص 2/ 153، وينظر: بدائع الفوائد 1/ 108.
12) الجامع في فقه اللغة 2/ 426 – 446، وينظر اللغة الشعرية 197، والتركيب الصوتي 117.
13) ينظر: دليل الدراسات الأسلوبية 91 – 92.
14) المفردات 346 – 347، وتفسير مفردات ألفاظ القرآن 431 – 432.
15) تهذيب اللغة 12/ 106.
16) الخصائص 2/ 152.
17) تفسير المعوذتين 63، وبدائع الفوائد 2/ 251.
18) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 229.
19) من بديع لغة التنزيل 287، وينظر: الكشاف 4/ 451.
20) ينظر: دلالة الألفاظ 46.
21) ينظر: بحوث لسانية 13.
22) ينظر: الخصائص 2/ 157 – 158، وعلل هذا الاختيار بأنه كان (حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الألفاظ) 2/ 158.
23) ينظر: المفردات 594.
24) ينظر: الإعجاز البياني – الهامش – 346.
25) الخصائص 1/ 65 – 66، وينظر: جرس الألفاظ 293.
26) عبقري من البصرة 143.
27) دور الصوت في إعجاز القرآن 143 – 144.
28) من بلاغة القرآن 69.
29) مجمع البيان 30/ 219.
30) ينظر: تفسير من نسمات القرآن 654.
31) ينظر: الرعاية 110، علم التجويد 63، والدراسات الصوتية 319.
32) دور الصوت في إعجاز القرآن 144.
33) البيان في إعجاز القرآن 195.
34) ينظر: التصوير الفني 78 – 79.
35) ينظر: الجرس والإيقاع 335 – 336، والطبيعة في القرآن 466.
36) ينظر: في ظلال القرآن 8/ 21.
37) الدراسات اللهجية 277.
38) ينظر التمام 131، والدراسات اللهجية 277.
39) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 230.
40) ينظر: الجرس والإيقاع 346.
41) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 261، ومن بلاغة القرآن 261، والجرس والإيقاع 346.
(يُتْبَعُ)
(/)
42) ينظر: البيان في إعجاز القرآن 197، والتصوير الفني 87، والنبؤة والإعجاز 68 – 69.
43) التصوير الفني 20.
44) ينظر: المحتسب 2/ 210.
45) التصوير الفني 21.
46) المحتسب 2/ 210.
47) ينظر: المثل السائر 1/ 268، وتاريخ آداب العرب 2/ 227.
48) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 227 – 228.
49) جرس الألفاظ 161.
50) ينظر: المحتسب 1/ 148، والبحر المحيط 2/ 354.
51) ينظر: البحر المحيط 2/ 344.
52) التعبير القرآني 19.
53) ينظر: التفسير القرآني للقرآن 8/ 1355.
54) ينظر: التفسير القرآني 8/ 1356.
55) ينظر: شرح ابن عقيل 369.
56) ينظر: الجرس والإيقاع 340 – 341.
57) ينظر: التصوير الفني 78 – 79، والبيان في إعجاز القرآن 195.
58) تفسير من نسمات القرآن 631.
59) وبقدر ما تكثر الصوامت تزداد الحركة السريعة وبقدر ما تكثر المصوتات تخفّ هذه السرعة ويحلّ محلها الجمود والثبات، ينظر: الصورة الشعرية في الكتابة.
60) المفردات 807، تفسير مفردات القرآن 909.
61) ينظر: مقدمة في أصول التفسير 45، وتفسير ابن كثير 1/ 5.
62) ينظر: الجرس والإيقاع 336 – 337، وفي ظلال القرآن 30/ 66.
63) ينظر: تاريخ آداب العرب 2/ 221.
64) ينظر: الجرس والإيقاع 337، ينظر: وصف الليل في معلقة أمريء القيس، الديوان 18 – 19.
65) وينظر بقية المواضع في المعجم المفهرس 399.
66) ينظر: الدراسات الصوتية 329.
67) ينظر: المصدر السابق 340.
68) ينظر: دليل الدراسات الأسلوبية 110.
69) ينظر: الفروق بين الحروف 804، وكتاب الأفعال 1/ 279، وشرح الفصيح 136.
70) ينظر: معاني القرآن 3/ 242 والكشاف 4/ 224.
71) ينظر: كتاب الأفعال 2/ 404، ومختصر العين 1/ 74، وتفسير مفردات ألفاظ القرآن 587.
72) الخصائص 2/ 163.
73) بدائع الفوائد 2/ 250.
74) ينظر: المفردات 819، وتفسير مفردات ألفاظ القرآن 927.
75) ينظر: عدة المسلمين 284 – 285.
76) ينظر: جدول صفات الأصوات الصحيحة في ظاهرة التنافر في اللغة العربية 29.
77) ديوان طرفة 23.
78) شرح المعلقات العشر 72.
79) ينظر في ذلك: ظاهرة التنافر في اللغة العربية 29.
80) ينظر: المصدر السابق.
81) المعاضلة: عثار الجرس نتيجة تكرار بعض الحروف لتقارب مخارجها مما يحدث ثقلاً في النطق ينظر: سر الفصاحة 91.
82) ينظر: علم الأصوات العام 128.
83) ينظر: الكتاب 4/ 136.
84) ينظر: المحتسب.
85) التصوير الفني في القرآن 101 – 102.
86) ينظر: دراسة أدبية لنصوص من القرآن 152.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Aug 2004, 07:00 ص]ـ
بحث متين جزاك الله خيراً. وهناك بعض الاستفسارات حول بعض النقاط التي وردت في ثنايا البحث لعلي أطرحها لاحقاً وفقك الله.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[14 Aug 2006, 03:16 م]ـ
هل يجوز إطلاق ألفاظ مثل الجرس والإيقاع والموسيقى على الآيات القرآنية؟
أرجو التوضيح
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[22 Aug 2006, 06:42 ص]ـ
موضوع قيم، بوركت(/)
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة)
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[10 Aug 2004, 07:47 م]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة)
إياك نعبد وإياك نستعين
وننتقل الآن إلى المرحلة التربوية الربانية التي لفتنا الرب إليها، فكيف نستغيث به، وكيف نذكر أنفسنا، ونذلها بين يديه، وكيف نبتهل إليه بصالح أعمالنا، إنها حقاً تربية عظيمة، يذكرنا بها الرب جل وعلا، ويهذب نفوسنا بالتعلق به، واللجوء إليه لهذا قال سبحانه وكأنه يقول قولوا يا عبادي: (إياك نعبد وإياك نستعين) أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين بأحد سواك، وهذه التربية الربانية، من أجل السعادة الإنسانية، وإلا فالله عز وجل هو الغني ونحن الفقراء إليه، ولكنه سبحانه يربينا، ويعلمنا كي تقوم علينا الحجة، فلا يلوم العبد بعد هذه التربية إلا نفسه، لأنه عرف طريق الحق، وطريق الضلال، وعرف الظلمات والنور، والشقاء والحبور، وما علمنا بتلك الأقوال والأفعال، وأرسل رسوله، وانزل كتابه، إلا لكي نتبع المنهج الرباني الذي ارتضاه لعباده كي ننال مرضاته، ونصل إلى حبه ومغفرته، فمن للمسلمين من ناصر في حروبهم مع من اعتدى عليهم، وخرب دورهم، وأهلك الحرث والنسل، من المستعان في قضاء الحوائج؟ وتفريج الكربات؟ وشفاء المرضى؟ والرحمة بالأموات؟ من يتولى تلك الشئون كلها غير الله الواحد القهار، علَّمنا ربنا كيف تكون العبادة لله وحده، فهو الخالق الرازق، الناصر، المدبر للأمور كلها، ومجيب المضطرين، وكاشف البلايا والمصائب، فتكون له وحده العبادة، والاستعانة جزء من العبادة فالعبادة أسم جامع لكمال المحبة لله والخضوع له والخوف منه.
الوقفات
1 - الاستعانة جزء من العبادة، ونوع من أنواعها الكثيرة، فمن صرف نوعاً منها لغير الله فقد أشرك بالله عز وجل، وكما هو معلوم (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
2 - التربية الربانية أعظم حافزاً لنا للوصول إلى العمل الصالح الذي نعمله مخلصين فيه لوجه الله (1) عز وجل.
3 - كمال الخضوع والاستغاثة بالعمل الصالح وتقرير العبودية الخالصة لله وحده جاءت كلها في هذه الآية.
_______________
(1) قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله ومعنى يعمل المسلم العمل لوجه الله أي ليدخل الجنة فيرى وجه الله انتهى كلامه. وهذا معروف والدليل قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قال المفسرون الزيادة أي النظر إلى وجه الله عز وجل.، وقال سبحانه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) فرؤية المؤمنين لله ستكون حقيقة وشرفاً للمؤمنين، ومن لا يؤمن بهذا فقد كفر. (كتاب شرح كتاب رياض الصالحين)(/)
دليل الرسائل العلمية في التفسير والقراءات في الجامعة الاسلامية على الانترنت. مفيد جدا
ـ[الراية]ــــــــ[11 Aug 2004, 01:20 ص]ـ
حقيقة رأيت أن هذه الفائدة سبقت بها الجامعة الاسلامية بالمدينة بقية الجامعات من ناحية تسجيلها على الانترنت - وذلك حسب علمي.-
حيث وضع في موقع الجامعة على الانترنت زاوية للتعريف بالرسائل الجامعية التي كانت بالجامعة الاسلامية
مع تعريف موجز بالرسالة.
مثل اسم الباحث وجنسيته والمشرف والمناقشين ودرجة الرسالة وهل اوصي بطعها وهل نشرت وملخص بموضوع الرسالة.
أما رسائل قسم التفسير بلغ عددها ((147)) رسالة (ماجستير ودكتوراة) وهذا هو رابط دليل تلك الرسائل:-
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/index.asp
وإليكم مثال من قسم التفسير
عنوان الرسالة: التربية في القرآن الكريم، مجالاتها، أساسها، أساليبها.
اسم الباحث: عبدالحليم بن إبراهيم العبداللطيف
الجنسية: سعودي
حالة الباحث: دارس
المرحلة: الدكتوراه
نوع البحث: موضوع
المشرف على الرسالة: د/ عبدالعزيز بن محمد عثمان
المناقش الأول: د/ محمد إسماعيل ظافر
المنافش الثاني: د/ عبدالعزيز بن عبدالفتاح قاري
تاريخ القيد:14/ 7/1409هـ
تاريخ التسجيل:22/ 8/1409هـ
تاريخ المناقشة:25/ 11/1412هـ
التقدير: الشّرف الثّانية
أوصي بطبعها: لا
تم نشرها: لا
مختصر تعريف بالرسالة/
قسم الباحث رسالته إلى تمهيد، وبابين:
التمهيد: ذكر فيه مفهوم التربية لغة واصطلاحاً، مفهوم التربية في القرآن، مفهوم التربية في الدراسات الحديثة. الباب الأوّل: مجالات التربية في القرآن الكريم، وفيه أربعة فصول: التربية بالعبادة، توجيه الغرائز الإنسانية، تربية القرآن للسرة، التربية السياسية في القرآن الكريم.
الباب الثاني: التربية العلمية في القرآن الكريم، وفيه: أسس التربية القرآنية.
الخاتمة: ذكر فيها ميزات القرآن في التربية، فذكر أن القرآن خير وسيلة وأقوم أسلوب لتزكية الملة وتربيتها، وأن مفهوم التربية في القرآن يتجلى في أنه كتاب يهدف لتربية النفوس البشرية، وأنه كتاب مرونة وإقناع، وأسلوبه رد النفس إلى جبلتها السليمة وتخليصها من الران، ومن تربيته ربط العبد بالعبادات الجسدية والمالية، وتأديبه باستخدام اللفظ الراقية، أو الكنايات إذا دعت الحاجة إلى الإشارة لأمر يستحيى من ذكره.
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=594
أما رسائل قسم القراءات بلغ عددها ((52)) رسالة (ماجستير ودكتوراة) وهذا هو رابط دليل تلك الرسائل:-
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/index.asp
وإليكم مثال من قسم القراءات
عنوان الرسالة: الموضح لمذاهب القراء في الفتح والإمالة وبين اللفظين لأبي عمرو الداني - تحقيق ودراسة.
اسم الباحث: محمد شفاعت رباني بن حافظ ملك محمد
الجنسية: باكستاني
حالة الباحث: دارس
المرحلة: الماجستير
نوع البحث: تحقيق
المشرف على الرسالة: د/ محمود سيبويه البدوي
المناقش الأول: د/ محمد محمد سالم محيسن
المنافش الثاني: د/ عبدالعزيز بن محمد عثمان
تاريخ القيد: 9/ 1/1407هـ
تاريخ التسجيل:4/ 4/1408هـ
تاريخ المناقشة:26/ 4/1411هـ
التقدير: ممتاز
أوصي بطبعها: لا
تم نشرها: لا
مختصر تعريف بالرسالة/
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين: دراسي وتحقيقي:
القسم الأوّل: الدراسة، وفيه ثلاثة أبواب: التعريف بموضوع الكتاب، دراسة عصر المؤلف وحياته، دراسة الكتاب بذكر عنوانه وتحقيق نسبته لمؤلفه ووصف نسخه المخطوطة وبيان منهج المؤلف ومصادره وقيمة الكتاب العلمية.
القسم الثاني: النص المحقق مصدراً ببيان منهج التحقيق والرموز المستخدمة فيه. وقد اعتمد المحقق على نسختين خطيتين هما:
1 - نسخة مكتبة عارف حكمت بالمدينة النبوية رقم (34) 2/ 223، ولها صورة بالجامعة الإسلامية رقم (55) عدد أوراقها 0151) ورقة عدد الأسطر (17) تاريخ نسخها (862هـ).
2 - نسخة المكتبة الأزهرية رقم (103/ 7661) عدد اوراقها (51) عدد السطر (30) تاريخ نسخها (836هـ).
ثم ختم الباحث رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ومنها:
أن كتب القراءات بصفة عامة وأصول كتاب النشر بصفة خاصة تحتاج إلى خدمة ونشر وتحقيق على أيدي طلبة علم وعلماء متخصصين في هذا الفن.
وأن علماء القراءات قد أدلوا بدلوهم في الاهتمام بالأسانيد والتثبت من الروايات، وقد فشا في القرن الرابع والخامس هجري الاحتجاج للقراءات بأشعار العرب، ولكن هذا لا يزيد في القراءة قوة كما نبّه على ذلك أبو سعيد الداني؛ فالقراءة سنة متبعة إذا ثبتت يلزم قبولها، ولا يردها قياس عربية ولا فشو لغة.
وأن ابا سعيد الداني يعتبر هو أول من وظف علم رسم المصحف في توضيح الفتح والإمالة.
ثم اقترح الباحث على المتخصصين القيام بدراسة بعنوان "الإمام الداني وجهوده في علوم القرآن".
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=730
والله الموفق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[11 Aug 2004, 01:57 ص]ـ
شكر الله لك أخي هذه الدلالة والأمنية ان تحذو بقية الجامعات هذه الخطوة الرائدة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Aug 2004, 06:41 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم.
كل هذه الرسائل إضيفت لقاعدة الرسائل الجامعية في شبكة التفسير والدراسات القرآنية ولله الحمد. إضافة إلى رسائل القسم بجامعة الإمام وأم القرى وبقيت بقية منها.
وجامعة الإمام تتيح هذه الخدمة حالياً عبر موقع عمادة البحث العلمي.
ـ[الراية]ــــــــ[11 Aug 2004, 09:18 ص]ـ
الاخوة الكرام
أحمد البريدي وَ عبدالرحمن الشهري
شكر الله لكم تعليقكم ...(/)
الفاصلة القرآنية
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[11 Aug 2004, 04:06 م]ـ
الفاصلة القرآنية
إنّ طبيعة الاختيار في القرآن الكريم إنما تأتي بحسب حاجة السياق أو النظم لا بحسب مطلبٍ شكلي مسبق يُفرض على السياق (قد يكون متوافقاً صوتاً ودلالةً معه) بدايةً إلا أنه يبقى مفروضاً حتى بعد انعدام التوافق لتغير السياق كما في القافية في البناء الشعري والسجع في البناء النثري (الفني)، ولعل هذا أكبر عيب يوجهه النقد الصوتي إلى قصيدة الشعر العمودي والنثر الفني (المسجوع) لأنّ (المؤلف) يكون هنا أمام اختيار ملزَمٌ على فعله؛ لذلك قيل قديماً (فواصل القرآن تابعة للمعاني وأما الأسجاع فالمعاني تابعةٌ لها) (1)، ولعل هذا أبرز سمةٍ أسلوبية اختص بها القرآن تتمثل في أنه لم يكن مختاراً لما يُعدُّ الأفصح أو حتى المشتهر من أساليب العرب وإنما كان حرّاً حريّةً كاملة في اختياراته الأسلوبية الأمر الذي لم يعطه التفرد الشكلي فقط وإنما حاز التفرد المعنوي كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن هذا - ورغم اعترافي الكامل بالوحدة الموضوعية للسورة ككلّ - يمكن أن نقسم السورة الواحدة إلى عدّة بنى منفصلة أسلوبياً بحسب الاستعمال الصوتي للفاصلة، فكلُّ مجموعةٍ من الآيات تتناول جانباً معيناً (على مستوى الدلالة أو الصورة) تشترك في استعمال فاصلةٍ معينة ما أن تتغير حتى يكون هذا الجانب (الدلالي أو الصوري) قد تغير لا لتغير الفاصلة، لأن التغير كان له ومن أجله، و كل هذه التشكيلات ذات الفواصل المتحدة تنصب في وحدة موضوعية واحدة تتجلى في أوضح صورها في اختيار المفردة (صوتاً ودلالةً وبنيةً وحالاً) في كل السور القرآنية، وخير مثالٍ على ذلك سورة الضحى حيث يمكن أن تكتب الفاصلة- وحسب التشكيلات الأسلوبية - بالشكل الآتي:
(والضحى، والليل إذا سجى، ما ودّعكَ ربُّكَ وما قلى، وللآخرة خيرٌ لكَ من الأولى، ألم يجدكَ يتيماً فآوى، ووجدكَ ضالاً فهدى، ووجدكَ عائلاً فأغنى،
فأما اليتيمَ فلا تقهر * وأما السائلَ فلا تنهر * وأما بنعمة ربِّكَ فحدِّث) (سورة الضحى).
فما أن انتقلت الفاصلة من صوت (الألف) إلى (الراء)، إلا وقد انتقل قبلاً المعنى الدلالي ذو الجرس المدّي (الألف) المناسب لمقام تطمين الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد انقطاع الوحي وإخباره بعدم (التوديع ولا القلى) لذلك ما كان أنسب هنا من صوت المدِّ (الألف) ليكون فاصلة وجاء اختياره دون أصوات المدِّ الأُخر لعذوبته ورقته (2)، والتي ناسبت الألفاظ الرقيقة المختارة (الضحى، سجى، ودعك ... ) ذات الجرس الهادئ، فالألف هو الصوت الذي يمثل الوضوح السمعي الأعلى في أصوات العربية لامتداده (3)، وهو السرُّ في اختيار (الضحى) قسماً فدلالة الوضوح هي الملحوظة في كل الاستعمالات الحسية للمادة (ضحى) فالضاحية السماء، وقيل لما ظهر وبدا ضاحية ... (4).
أقول ما إن انتقلت الفاصلة حتى انتقل قبلها المعنى لذلك جاءت تبعاً له مناسبةً ما دلّ عليه من أمر وإلزام، ولما لم يكن الصوت الممتد ملائماً له عُدِلَ عنه إلى صوت (الراء) المكرر الذي يشبه بصوته الإلزام والتأكيد خصوصاً بعد إن جاء بعد (الهاء) الصوت الحلقي (ثاني أبعد مخرج صوتي في أصوات العربية) (5) مما سيعني امتداداً في النفس لمسافة طويلة نسبياً إلى أن يقطع تماماً عند نطق (الراء) نتيجة انطباق اللسان على اللثة (6).
وكما قلت أولاً فإن هذه التشكيلات الصوتية بحسب الفاصلة تنصب في وحدة موضوعية واحدة تتضح في كيفية اختيار المفردة (صوتاً ودلالة وبنية وحالاً) على طول السورة مما يحقق علاقات مترابطة داخل البنية الكلية ففي سورة الضحى قال تعالى: (ولسوف يعطيك ربُّكَ فترضى) (الضحى: 11) حُذف المفعول الثاني لـ (يعطيك) وهو العطية والسبب في ذلك أن السياق هو سياق ترضيهٍ وتأميلٍ بالفضل العظيم فلو ذُكِرَ أي مفعولٍ يحدّدُ نوع العطية لخرجت بقية الأنواع منها فلو قيل يعطيك الرحمة أو الفضل أو الجنة … الخ لما جاء التعبير على ما هو عليه الآن إذ كلّ ما يمكن أن يُتَصوّر من نِعَمٍ وعطايا يمكن أن يدخل تحت هذا المحذوف , فلا وجه لتحديد المقصود بالعطاء كما تقول بنت الشاطئ بل المفضل إطلاقه مسايرةً للبيان القرآني الذي لم يشأ أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يحدده فحسبُ الرسولُ (صلى الله عليه وسلم) الإعطاءُ الذي يرضيه وليس وراء الرضى مطمح ولا بعده غاية … والأليق بجلال الموقف أن يُكتفى فيه بالرضى على ما أراد البيان القرآني وهو فوق كل تحديد ووراء كل وصفٍ (7)، وفي التشكيل الأوّل قال تعالى: (ما ودّعك ربُّك وما قلى) (الضحى:3) حيث حُذِفَ الضمير العائد على الرسول (صلى الله عليه وسلم) في (قلى) إذ الأصل (قلاك)، وقد أضافت بنت الشاطيء إلى مذهب الزمخشري والطبري وأبي حيان، مِن أن الحذف للاختصار اكتفاءً بفهم السامع للمعنى إذ كان قد تقدم ذلك قوله: ما ودعك فَعُرِف أنّ المخاطب به النبي (صلى الله عليه وسلم) (8) سبباً ألطف وأدق وهو (تحاشي خطابه تعالى لحبيبه المصطفى في مقام الإيناس: (ما قلاك)؛ لما في (القلى) من الطرد والإبعاد وشدة البغض أمّا (التوديع) فلا شيء فيه من ذلك. بل لعل الحس اللغوي فيه يؤذن بالفراق (على كُرْهٍ) مع رجاء العودة) (9) وكان هذا الملحظ السبب في رفضها تعليل الحذف برعاية الفاصلة فقط إذ ليس من المقبول عندها أن يقوم البيان القرآني على اعتبار لفظي محض وإنما الحذف لمقتضى معنوي بلاغي يقوّيه الأداء اللفظي دون أن يكون الملحظ الشكلي هو الأصل لأن البيان القرآني لو كان مما يتعلق بمثل هذا لما عَدَلَ عن رعاية الفاصلة في آخر سورة الضحى (10)، (التشكيل الثالث): (وأما بنعمة ربك فحدث)، ولأي باحثٍ الحق في أن يسأل عن سبب مجيء الثاء فاصلةً هنا، علماً أن سورة (الضحى) لم يرد فيها كلها صوت الثاء إلا في هذا الموضع، بل إنّ الثاء لم يأتِ فاصلةً في جميع القرآن غير هذا الموضع، فلماذا عُدِلَ عن الراء في هذا الموضع وحده، وفي السعة أن يقال (وأمّا بنعمة ربِّك) فخبّر، ويمكن الإجابة عند ذلك بعدة أجوبة كلّها تؤكّد صحة هذا الاختيار وقصديته منها:
إنّ (خَبِّر) لو استبدلت - في غير القرآن - مكان (فحدّث) لكانت موافقةً من حيث كونها فاصلة لـ (فلا تقهر، وفلا تنهر) بالحرف لا بالصفة الصوتية لأن (فخبّر) – ساكنة الراء لغير الوقف مكسورٌ ما قبلها – ستكون مرققة لأن الكسرة لازمة غير عارضة متصلة بالراء في كلمتها وليس بعد الراء حرف استعلاء وهذه شروط ترقيق الراء الساكنة لغير الوقف بعد كسرٍ (11) في حين أن الراء في (تنهَرْ وتقهَر) مفخمة لوقوعها بعد الفتحة وهذا شرطها (12) كما أن اختلاف حركة ما قبل الراء مختلفة والراء ساكنة وقد عيب هذا في قافية الشعر عند أغلب العروضيين وسمَوه بـ (سناد التوجيه) وهو اختلاف حركة ما قبل الروي في القافية المقيدة بالسكون (13) وبالمقابل فإن صوت الثاء مما يوافق حاجة ودلالة السياق تماماً فهو من حروف التفشي (14) على أن السبب الدلالي هنا مهمٌ في هذا العدول فلا يصح ما يقال من ترادف مثل (حدِّث وخبَّر) فبينهما عدّة فروق كلُّها تحتم اختيار (فحدِّث) في هذا السياق مثل (15): إنّ الإخبار أو الخبر هو: القول الذي يصحُّ وصفه بالصدق والكذب، ويكون الإخبار به عن نفسك وعن غيرك … والحديث في الأصل هو ما تخبر به عن نفسك من غير أن تسنده إلى غيرك، والدليل على هذا أنه يُقال فلان يحدث عن نفسه … وهو حديث النفس ولا يقال يخبر عن نفسه ولا هو خبر النفس، ويجوز أن يُقال: إن الحديث ما كان خبرين فصاعداً إذا كان كلّ واحدٍ منهما متعلقاً بالآخر فقولنا: رأيت زيداً خبرٌ، ورأيت زيداً منطلقاً حديثٌ … وبهذا ندرك أنّ السر في تغير نظام الفواصل ناتج عن أن لهجة الحكم تقتضي أسلوباً موسيقياً غير أسلوب الاستعراض وتقتضي إيقاعاً رصيناً بدل إيقاع القصة الرخي المسترسل وكأنما لهذا السبب كان التغيير) (16).
مغايرة الفاصلة للقياس اللغوي:
1 - بالحذف: قال تعالى: (والليل إذا يسرِ) (الفجر: 4)، وقال تعالى: (وثمود الذين جابوا الصخر بالوادِ) (الفجر: 9) وقال تعالى: (حكمة بالغة فما تغني النذر) (القمر: 5).
(يُتْبَعُ)
(/)
فيلاحظ حذف حرف من بنية المفردة وبما يجعلها موافقة للفواصل السابقة، وقد استحسن الفراء هذا الحذف قائلاً: (وحذفها أحب إليّ لمشاكلتها رؤوس الآيات ولأن العرب قد تحذف الباء وتكتفي بكسر ما قبلها منها) (17)، وقد اشتهر هذا الرأي فيما بعد (لأن القاعدة عندهم إثبات ياء العلة في الفعل المضارع المرفوع وإثبات ياء الاسم المنقوص مجروراً ومرفوعاً إذا اقترن بـ: أل أو أضيف) (18).
وقد اعترضت بنت الشاطئ على هذا وردَّت هذا الرأي لأن القرآن الكريم لم يقتصر على حذفهما هنا في مقاطع الآيات ليسلَّم لهم القولُ بأنّ الحذف قُصِدَ به إلى رعاية الفواصل وإنما حُذِفت ياء المضارع المرفوع المعتل الأخر وواهُ أيضاً وياء المنقوص مضافاً ومعرفاً بأل في أواسط الجمل ودَرْج الكلام كالذي في الآيات الآتية (19): (ولَهُ الجوارِ المنشئاتُ في البحر كالأعلامِ) (الرحمن:24) و (فلا أقسِمُ بالخنس. الجوارِ الكنسِ) (التكوير: 15) وقد ردَ الدكتور محمود أحمد نحلة كلام السيدة بنت الشاطيء مع تأكيده على أنه يتفق معها ابتداءً على أن الفواصل تابعة للمعاني ذاكراً أنّ الفراء بريءٌ مما نسبت إليه السيدة الفاضلة ذلك أنّ الفراء إنّما كان يتخذ من رعاية الفاصلة وسيلةَ ترجيحٍ لبعض القراءات القرآنية (20)، وما ذكره صحيح فبنت الشاطيء عدّت القول السابق للفراء تصريحا بان ياء العلِة حذفت من (يسري) لمشاكلة رءوس الآيات (21) وإنّما قول الفّراء كاملاً (وقد قرأ القرّاءُ (يسري) بإثبات الياء و (يسرِ) بحذفها) ثم قال (وحذفها أحبُّ أليَّ لمشاكلتها رءوس الآيات .. ) (22) فكلامه إنّما كان في سياق المفاضلة بين قراءتين وهكذا فعل بين قراءتي (نخِرة) و (ناضِرة) إذ قال: (وناضرة أجود الوجهين في القراءة لأنّ الآيات بالألف …) (23) مع أنّ قراءة المصحف (قراءة حفص) (نخرة) الأمر الذي يعني أنّ الفراء كان يعتمد هذا في المفاضلة بين القراءتين لا توجيه قراءة المصحف، ويبدو أنّ الدكتور لم يتضح له تماما قول بنت الشاطيء (وقد يسبق إلى الظن أنّ الياء والواو حُذِفتا فيها للتخلص من التقائهما ساكنتين بساكنٍ بعدهما إلا أن نلتفت إلى آيات هود والبقرة والقمر والحرف فيها غير متلوٍ بحرفٍ ساكن) (24) فقد فهم الدكتور من هذا النصّ أنّ السيدة عائشة لا توافق على هذا التعليل (أي الحذف للتخلص من التقاء الساكنين) وعَدّ هذا الرأي مرفوضاً لأنّ الحذف في درج الكلام في بعض المواضع لا يعني تعميم الحكم في كل موضعٍ وبخاصة إذا كانت له علة أخرى ظاهرة ومقبولة من الوجهة اللغوية (25)، ولا أرى في كلام السيدة عائشة عدم موافقةٍ على الحذف للتخلص من التقاء الساكنين وإنما قالت (حذفت فيها) أي جميع الشواهد التي استقرتها بنت الشاطيء حسب منهجها فهي بقولها إنما رفضت أن يكون الحذف تخلصاً من التقاء الساكنين عِلةً لجميع ما حُذِف من شواهد.
وإذا كان أغلب الدارسين للتعبير القرآني قد توقفوا عند مثل قوله تعالى: (والليلِ إذا يِسرِ) دون ذكرِ علةٍ لهذا الحذفِ غير ما سبق من رعايةٍ للفواصل، فقد قدَّم الدكتور إبراهيم السامرائي تعليلاً دقيقاً لهذا الحذف مداره العناية بطول الآية ومشاكلتها في الطولِ لبقية الآيات التي قبلها سّماه (بديع القرآن) فـ (جملة هذه العناية بطول الآية واستبدال بعضِ الكلم ببعض مقصود لما يؤدي إليه من نظامٍ حسنٍ هو أسلوب (بديع القرآن)) فالحذف عنده هنا لا يجوز إلا في مقامٍ يستدعيه ضربٌ من المشاكلة أو التناسب كما في (يسرٍ) فبالإضافة إلى رعاية الفواصلِ القائمة على الراء المكسور بكسرة طبيعية تأبى أن تطول الكسرة بعد الراء في الفعل فيكون منها المدّ الطويل بالياء، وفي ذلك مُراعاة لطول الفِقَر التي تضمنتها الآيات ولما كانت الياء تخلُّ بهذا الطويل المقدّر المقيس حُذِفت مشاكلةً وتناسباً ومثل هذا حذف ياء الإضافة في قوله تعالى: (فكيف كان عذابي ونُذُر) (القمر: 20) وحذف المفعول كما في قوله تعالى: (ما ودعك ربُّك وما قلى) (الضحى: 3) (26).
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - بالزيادة: قال تعالى: (وطور سينين) (التين: 2) فقد عَدَلَ في هذا السياق عن الصيغة الأخرى التي وردت في سورة (المؤمنون) وهي? طور سيناء ? (المؤمنون: 20) ومنه قوله تعالى: (وتظنون بالله الظنونا) (الأحزاب: 10) فقد قال الدكتور إبراهيم السامرائي (ولولا رعاية الفاصلة ... لكان من الصواب والصحة أن تكون الآية (وتظنون بالله الظنونَ) (27)، وهو يعود إلى فكرة التناسب والتشاكل في قوله تعالى: (إنا اعتدنا للكافرين سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً) (الإنسان: 4) وذلك ليتناسب قوله (سلاسلاً) مع قوله (أغلالاً وسعيراً) فالتناسب مقصود يقتضيه تجويد الأداء (28)، وإذا كانت فكرة التناسب والتشاكل جديرة بالاهتمام من حيث طول الجملة وإيقاعها إلا أنَّ هذه الفكرة ليست إلا تكراراً لفكرة مراعاة الفاصلة عندما يقصد بالتشاكل مجرد تناغم بين الألفاظ وهذا عين ما رفضته بنت الشاطيء إلا بعد إيجاد سبب دلالي لهذا، ذلك أن المشاكلة اللفظية عندما تدرس بمعزلٍ عن الأسباب الدلالية أو الاقتضاءات المعنوية التي تواشج دلالة السياق العامة ستؤدي إلى مثل ما وقع به الفراء في قوله تعالى: (ولمن خاف مقام ربّه جنتان) (الرحمن: 46) حيث قال: ( ... وقد يكون في العربية: جنّة تثنيها العرب في أشعارها؛ أنشدني بعضهم … وذلك أن الشعر له قوافٍ يقيمها الزيادة والنقصان فيحتمل ما لا يحتمله الكلام …) (29) وقد وصف الرازي هذا القول بالباطل (30)، وقال ابن قتيبة: (وهذا من أعجب ما حُمِلَ عليه كتاب الله ونحن نعوذ بالله أن نتعسف هذا التعسف ونُجيز على الله - جلَّ ثناؤه – الزيادة والنقص في الكلام، لرأس آية … أما أن يكون الله عز وجلّ وَعَدَ جنتين فيجعلهما جنّةً واحدة من أجل رؤوس الآي -: فمعاذ الله) (31)، والدليل على صحته ما قاله ابن قتيبة مجيء السياق بوصفهما بصفات الأثنين فقال: (ذواتا أفنان) (الرحمن: 48) ثم قال: (فيهما … فيهما) (الرحمن: 50، 52) (32).
وعوداً إلى موضوع الحذف والزيادة في الفاصلة يمكن أن يُعدَّ موقف ابن قتيبة الأكثر اعتدالاً إذ جوّز في رؤوس الآي أن يزيد هاء السكت كقوله تعالى: (وما أدراك ماهيه) (القارعة: 10) وألفاً كقوله تعالى: (وتظنون بالله الظنونا) (الأحزاب: 10) أو يحذف همزة من الحرف ... أو ياءً كقوله تعالى: (والليل إذا يسرِ) لتستوي رؤوس الآي على مذهب العرب في الكلام إذا تمَّ فآذنت بانقطاعه وابتداء غيره لأنه مما لا يزيل معنى عن جهته ولا يزيد ولا ينقص ... (33).
وبهذا يمكن الوثوق بأن القرآن اعتنى بالجانب الصوتي من حيث المشاكلة والتناسق دون أن يُخلَّ ذلك بدلالة التعبير بل جاءت هذه العناية غالباً وبما يخدم ويضفي على التعبير قيماً دلالية جديدة كما سيأتي، ومن هذا التأكيد أستطيع القول بغرابة ما ذهب إليه الدكتور إبراهيم السامرائي في قوله عن تقديم (إيّاك) في قوله تعالى: (إيّاك نعبدُ وإياك نستعين) (الفاتحة: 4): ( ... إن العناية بالشكل في نظام الفواصل هذا هي وحدها استدعت هذا التقديم وليس من أجل غرض آخر) (34) لأن مقتضى الإعجاز كما تقول بنت الشاطيء: أنه ما من فاصلة قرآنية لا يقتضي لفظُها في سياقه دلالة معنوية لا يؤديها لفظ سواه قد نصل إلى تدبره فنهتدي إلى سرّه البياني وقد يغيب عنا فنقرُّ بالقصور عن إدراكه (35)، والذي قالته السيدة بنت الشاطيء هو الصحيح لا من منطلق العقيدة الدينية وتقديس القرآن - وإن كان هذا كافياً - وإنما من عدة ملاحظات استطاع الباحثون المحدثون أن تسجيلها منها:
1. اختيار مفردة لمعناها مع وجود أخرى تحقق الفاصلة: قال تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) (الحج: 26) وقبلها ( ....... وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) (الحج 27) فقد عدل عن (بعيد) كفاصلة واستخدم (عميق) بدلاً منها مع إنها هي ما يُشاكل الفاصلة السابقة (السِّجُود) وذلك لأن السياق يُعبر عن مشقة السفر وبعده وفي العمق تصوير (لما يشعر به المرء أمام طريقٍ حُصِرَ بين جبلين فصار كأنَّ له طولاً وعرضاً وعمقاً) (36)، وقال تعالى: (قل أعوذُ بربِّ الفلقِ * من شرِ ما خلق * ومن شرِّ غاسقٍ إذا وقب * ومن شرِ النفاثاتِ في العقد *
(يُتْبَعُ)
(/)