فهذا الحديث يدل على دخول الناس كافة في دين الله في زمن عيسى عليه السلام، ولا يقال بأن عيسى يقتل جميع من لم يكن مؤمناً؛ لأن هذا لم يرد به دليل، ويبعد أن يقتل أعداداً هائلة من البشر؛ لأن نزوله إنما هو لهداية الناس، لا لإزهاق أرواحهم، فدل على أن وقته يكون لدعوة الناس للإيمان، وبالتالي فزمنه زمن إيمان وقبول، والله تعالى أعلم.
تنبيه:
كنت في أول الأمر أميل إلى الجمع التالي:
أولاً: أن معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
1 - أن أول الآيات خروجاً هو: طلوع الشمس من مغربها، كما هو الظاهر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكما دل عليه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه (110).
2 - أن خروج الدجال وعيسى عليه السلام والدابة يعقب طلوع الشمس من مغربها.
3 - أن من آمن بعد طلوع الشمس من مغربها لا ينفعه الإيمان.
4 - أن نزول عيسى عليه السلام يكون بعد طلوع الشمس من مغربها وبعد خروج الدجال.
5 - أن وقت عيسى عليه السلام لا ينفع فيه إيمان من لم يكن آمن من قبل، وأتباع عيسى إنما انتفعوا بإيمانهم الذي كان معهم قبل خروج هذه الآيات.
6 - أن نزول عيسى عليه السلام إنما هو لكسر الصليب، ووضع الجزية، وقتل الدجال، وليس لدعوة الناس للإيمان، يدل على ذلك حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نزول عيسى بن مريم عليه السلام فقال: « ... فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ ... ». (111) فهذا الحديث يدل على أن عمله قتل الكفرة، لا دعوتهم للإيمان. (112)
ثانياً: ويحتمل أن يكون معنى حديث أبي هريرة: أن هذه الأمور الثلاثة، إذا وقعت بهتت الناس وحيرتهم، فلم يقووا على التوبة والثبات إلا من حسن عمله وصح توكله على الله تعالى، يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: الدَّجَّالَ، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ، وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ». (113) ومعنى الحديث أن هذه الأمور دواه ومصائب عظام، تُلهي الإنسان عن العمل الصالح وتشغله، أو لا يوفق إليه من لم يسبق له قدم ثبات على الهدى والحق، فيفتن عن التوبة والعمل الصالح، لا لمانع، ولكن لضعف إيمانه الذي لا يصمد أمام هذه الدواهي.
لكن تبين لي فيما بعد عدم صحة هذين القولين، وقد ذكرت ما يدل على بطلانهما، وذكرت أن زمن عيسى ينفع فيه الإيمان مطلقاً، وأن طلوع الشمس لا يصح كونه قبل خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام.
والاحتمال الثاني: فيه حمل الحديث على المجاز لا الحقيقة، ولا يخفى أن الأصل حمل النصوص على الحقيقة، ولا يجوز العدول عن ذلك إلا بدليل، ولم يقم الدليل على ذلك فوجب البقاء على الأصل، والله تعالى أعلم.
=========================
هامش التوثيق
=========================
(1) رُوي هذا الحديث من طريق: فضيل بن غزوان، عن أبي حازم «سلمان مولى عزة»، عن أبي هريرة، به.
وقد روي عن فضيل بن غزوان من عدة طرق:
الأول: طريق محمد بن فضيل:
أخرجه من طريقه: الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (158)، عن محمد بن العلاء، عن محمد بن فضيل، به. قال الإمام مسلم: «واللفظ له» يعني: أن لفظ الحديث الذي ذكره إنما هو من رواية محمد بن العلاء. وهو اللفظ المذكور في المتن.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 411)، عن محمد بن العلاء، به. ولفظه لفظ مسلم.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (11/ 33)، عن عبد الله بن عامر، عن محمد بن فضيل، به. ولفظه لفظ مسلم.
وأخرجه أيضا (11/ 31) عن أبي هشام الرفاعي، عن محمد بن فضيل، به. وفيه اختلاف في ترتيب الآيات، حيث جاء بلفظ: «الدابة، والدجال، وطلوع الشمس من مغربها».
الثاني: طريق يعلى بن عبيد:
أخرجه من طريقه: الإمام الترمذي في سننه، في كتاب التفسير، حديث (3072)، عن عبد بن حُميد، عن يعلى بن عبيد، به، وفيه اختلاف في ترتيب الآيات، حيث جاء بلفظ: «الدَّجَّالُ، وَالدَّابَّةُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ الْمَغْرِبِ، أَوْ مِنْ مَغْرِبِهَا».
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 253)، عن يعلى بن عبيد، به. ولفظه لفظ الترمذي.
وأخرجه ابن مندة في «الإيمان» حديث (1050)، عن علي بن الحسين بن أبي عيسى، عن يعلى بن عبيد، به. ولفظه لفظ الترمذي.
وأخرجه البيهقي في الاعتقاد (1/ 213)، عن محمد بن عبد الوهاب، عن محمد بن يعقوب، عن يعلى بن عبيد، به. ولفظه لفظ مسلم.
الثالث: طريق وكيع بن الجراح:
أخرجه من طريقه: ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 506)، عن وكيع، به. باللفظ المذكور في المتن.
وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه، في الموضع السابق، عن زهير بن حرب، وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن وكيع، به. ولم يذكر لفظه.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 445)، حديث (9751)، عن وكيع، به. بالترتيب المذكور في المتن، إلا أن فيه ذكر «الدخان» بدل «الدجال». وهو خطأ؛ لأن جميع رواة الحديث متفقون على ذكر «الدجال»، ومما يؤكد ذلك أن الحديث رواه عن وكيعٍ: زهيرُ بن حرب، وابنُ أبي شيبة، ولم يذكرا لفظ «الدخان»، ويبعُد أن يكون الوهم من الإمام أحمد، أو ابنه عبد الله راوي المسند عنه، والأقرب أن يكون من القَطِيعِي، راوي المسند عن عبد الله بن الإمام أحمد، فقد ذُكِرَتْ له أوهامٌ في روايته للمسند، فلعل هذا منها، والله تعالى أعلم. وانظر في ترجمة «القَطِيعِي»: لسان الميزان (1/ 145)، والكواكب النيرات (1/ 17).
الرابع: طريق إسحاق بن يوسف:
أخرجه من طريقه الإمام مسلم في صحيحه، في الموضع السابق، عن زهير بن حرب، عن إسحاق، به. ولم يذكر لفظه.
وقد تُوبِعَ أبوحازم في روايته عن أبي هريرة، لكنها متابعة ضعيفة، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/ 201): «ورواه إسحاق بن عبد الله القروي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به. ولكن لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه؛ لضعف القروي».
(2) أخرجه الترمذي، في سننه، في كتاب الفتن، حديث (2170).وحديث قتل ابن مريم للدجال مروي في صحيح مسلم، في كتاب الفتن، حديث (2897)، وحديث (2937).
(3) سيأتي في «مبحث الترجيح» ما يدل على أن زمن عيسى عليه السلام ينفع فيه الإيمان.
(4) انظر: التذكرة، ص (737)، وطرح التثريب (8/ 258)، وفتح الباري (11/ 361)، وفيض القدير (3/ 81)، ولوامع الأنوار البهية (2/ 141)، وروح المعاني (8/ 424)، وتفسير القاسمي (4/ 547).
(5) قال البغوي في تفسيره (2/ 144): «وعليه عامة المفسرين»، وكذا قال الواحدي في الوسيط (2/ 340)، والآلوسي في تفسيره (8/ 424)، ونسبه للجمهور: ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 367)، والقاسمي في «محاسن التأويل» (4/ 547). وحكاه إجماعاً البرزنجي في «الإشاعة» ص (273)، غير أنه لم يجزم بذلك، حيث قال: «أجمع المفسرون أو جمهورهم»، ونقل عبارته السفاريني في «لوامع الأنوار البهية» (2/ 133)، وصديق حسن خان في «الإذاعة» ص (206).
(6) أخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 411)، والطبراني في الكبير (9/ 190)، من طُرُقٍ عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله .... فذكره. وفي سنده انقطاع، فإنَّ القاسمَ لم يَلْقَ ابنَ مسعود. قال علي بن المديني كما في «تهذيب التهذيب» (8/ 288): «لم يلق من الصحابة غير جابر بن سمرة». وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 198) وقال: «رواه الطبراني بإسناد منقطع».
(7) انظر: تفسير ابن جرير الطبري (5/ 409 - 410).
(8) نقله عنه ابن مفلح، في «الآداب الشرعية» (1/ 116).
(9) فيض القدير (3/ 298).
(10) سيأتي ذِكْرُ بعضٍ من هذه النصوص في مبحث الترجيح.
(11) الآداب الشرعية (1/ 115).
(12) مرقاة المفاتيح (10/ 107).
(13) تحفة الأحوذي (8/ 357).
(14) انظر: إتحاف الجماعة (2/ 322).
(15) محاسن التأويل (4/ 547).
(16) فتح الباري (11/ 361).
(17) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2940). قال أبو العباس القرطبي في المفهم (7/ 302): «قوله: (فيمكث أربعين، لا أدري أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة) هذا الشك من عبد الله بن عمرو، وقد ارتفع بالأخبار أنه أربعون يوماً». وانظر: فتح الباري (13/ 112).
(18) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2937).
(يُتْبَعُ)
(/)
(19) صحيح مسلم بشرح النووي (18/ 88).
(20) أخرجه أبوداود في سننه، في كتاب الفتن، حديث (4324)، وابن حبان في صحيحه (15/ 233)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (1/ 335) وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (3/ 32)، حديث (4324).
(21) نقله عنه الحافظ ابن حجر، في الفتح (11/ 362).
(22) تفسير القرطبي (7/ 95 - 96). وانظر: التذكرة، ص (736).
(23) ذكره السيوطي في الدر المنثور (3/ 114) وقال: «أخرجه ابن مردويه بسند واهٍ عن ابن عباس مرفوعاً».
(24) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 506)، و نعيم بن حماد في كتاب «الفتن» (2/ 656،702)، كلاهما عن وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي خيثمة، عن عبد الله بن عمرو، موقوفاً.
وذكره العيني في «عمدة القاري» (18/ 230 - 231) فقال: «وروى ابن خالويه في (أماليه) من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي حميد الحميري، عن ابن عمرو، مرفوعاً .... فذكره».
قال الحافظ ابن حجر، في «الفتح» (11/ 361): «رفعه لا يثبت، وقد أخرجه عبد بن حُميد في تفسيره بسند جيد، عن عبد الله بن عمرو، موقوفاً».
(25) ذكره أبو الليث السمرقندي في تفسيره (1/ 526).
(26) ذكره أبو الليث السمرقندي في تفسيره (1/ 526).
(27) طرح التثريب (8/ 260).
(28) روح المعاني (8/ 425).
(29) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الذكر والدعاء، حديث (2703).
(30) انظر: طرح التثريب (8/ 260)، وفتح الباري (11/ 362)، ومرقاة المفاتيح (10/ 45).
(31) فتح الباري (11/ 363).
(32) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (7/ 243).
(33) تيسير الكريم الرحمن، ص (433).
(34) روح المعاني (8/ 424).
(35) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، حديث (4635)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (157).
(36) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 31)، حديث (11284) و (3/ 98)، حديث (11957)، والترمذي في سننه، في كتاب التفسير، حديث (3071)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 505)، وابن جرير في تفسيره (5/ 406)، وابن أبي حاتم في تفسيره (5/ 1427)، جميعهم من طريق وكيع بن الجراح، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، به. مرفوعاً.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 406) من طريق يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، به.
قال الترمذي بعد ذكره للحديث: «هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه».
قلت: الحديث فيه ضعف من جهة إسناده؛ لأن فيه:
- «محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى» صدوق سيء الحفظ جداً. التقريب (2/ 193 - 194).
- و «عطية بن سعد العوفي» صدوق يخطيء كثيراً. التقريب (2/ 28).
وأما روايته موقوفاً؛ فقد أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 506)، عن وكيع، به.
لكن أخرجه - من طريق ابن أبي شيبة - عبد بن حُميد في المنتخب من مسنده (1/ 283) مرفوعاً. ولم يتضح لي سبب وقفه في رواية ابن أبي شيبة، وإن كنت أميل إلى أن ذلك سقط في السند؛ لاتفاق الطرق على رفعه، ولرواية عبد بن حميد عن ابن أبي شيبة مرفوعاً.
والحديث وإن كان في إسناده ضعف؛ إلا أنه يشهد له ما قبله، وما بعده من الأحاديث.
(37) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (159).
(38) أخرجه بهذ اللفظ: ابن ماجه في سننه، في كتاب الفتن، حديث (4070). وحسنه الألباني في «صحيح ابن ماجه» حديث (3289).
وروي بلفظ آخر قريب منه، ونصه: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَسِيرَةُ عَرْضِهِ سَبْعُونَ عَامًا لِلتَّوْبَةِ لَا يُغْلَقُ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا».
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 241) حديث (18125)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 344)، والترمذي في سننه، في كتاب الدعوات، حديث (3536)، وقال: «حديث حسن صحيح». وصححه المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 45)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، حديث (3137).
(39) انظر: تفسير ابن جرير (5/ 408 - 411).
(40) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث (2703).
(41) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب التوبة، حديث (2759).
(يُتْبَعُ)
(/)
(42) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 99)، حديث (16952)، وأبو داود في سننه، في كتاب التوبة، حديث (2479). وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (2/ 90) حديث (2479).
(43) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الذكر والدعاء، حديث (2703).
(44) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحج، حديث (1252).
(45) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الحج، حديث (1593).
(46) عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل ذكر فيه الدجال ونزول عيسى عليه السلام، وفيه: « ... فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ .... ». أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2937).
(47) ذكره للدخان بدل الدجال؛ بناء على اعتماده حديث أبي هريرة من رواية الإمام أحمد، والتي فيها لفظة «الدخان» بدل «الدجال»، وقد تقدم استيفاء تخريج الحديث وبيان ألفاظه في أول المسألة.
(48) إتحاف الجماعة (2/ 322).
(49) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2941).
(50) المصدر السابق.
(51) هذه الزيادة ليست في صحيح مسلم، وقد أخرجها الإمام أحمد في مسنده (2/ 202)، حديث (6881).
(52) المصدر السابق.
(53) النهاية في الفتن (1/ 169). وانظر: إتحاف الجماعة (2/ 320).
(54) ورد حديثان ضعيفان في تقدم طلوع الشمس على الدابة:
الأول: حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَوَّلُ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا».
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 263)، وابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (6/ 21)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (2/ 156)، وابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (5/ 365). جميعهم من طريق فضالة بن جبير، عن أبي أمامة، به. و «فضالة بن جبير» فيه ضعف، قال ابن عدي بعد أن أخرج حديثه: «أحاديثه غير محفوظة». وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 9): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه فضالة بن جبير، وهو ضعيف، وأنكر هذا الحديث».
الثاني: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا يَخِرُّ إِبْلِيسُ سَاجِدًا يُنَادِي: إِلَهِي، مُرْنِي أَنْ أَسْجُدَ لِمَنْ شِئْتَ، فَتَجْتَمِعُ إِلَيْهِ زَبَانِيَتُهُ، فَيَقُولُونَ: يَا سَيِّدُهُمْ، مَا هَذَا التَّضَرَّعُ؟ فَيَقُولُ: إِنَّمَا سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُنْظِرَنِي إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، وَهَذَا الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ، ثُمَّ تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا، فَأَوَّلُ خَطْوَةٍ تَضَعُهَا بِأَنْطَاكِيَّةَ، ثُمَّ تَأْتِي إِبْلِيسَ فَتَلْطِمُهُ».
أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1/ 36). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 8): «رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه إسحق بن إبراهيم بن زبريق وهو ضعيف». وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (2/ 203): «هذا حديث غريب جداً، وسنده ضعيف، ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك، فأما رفعه فمنكر، والله أعلم». وانظر: النهاية في الفتن (1/ 169).
(يُتْبَعُ)
(/)
(55) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2941).
(56) كما في حديث عبد الله بن عمرو المتقدم.
(57) لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ».
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب أحاديث الأنبياء، حديث (3329).
(58) يدل عليه حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .... فذكر الدجال وقال: «وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ». أخرجه ابن ماجه في سننه، في كتاب الفتن، حديث (4077).وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 1303)، حديث (7875).
(59) فتح الباري (11/ 361).
(60) انظر: الإشاعة، ص (281).
(61) النهاية في الفتن والملاحم (1/ 165).وانظر: (1/ 169).
(62) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/ 566).
(63) شرح الطيبي (10/ 111)، وانظر: فتح الباري (11/ 360).
(64) فيض القدير (2/ 170).
(65) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (7/ 242).
(66) سبق تخريجه.
(67) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن واشراط الساعة، حديث (2901).
(68) فتح الباري (13/ 88).
(69) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 271)، حديث (13895)، وابو داود الطيالسي في مسنده (1/ 273)، وابن حبان في صحيحه (16/ 442)، وأبو يعلى في مسنده (6/ 139)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 502)، حديث (2568).
(70) انظر: مرقاة المفاتيح (10/ 82).
(71) انظر: لوامع الأنوار البهية (2/ 150).
(72) انظر: القناعة فيما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة، للسخاوي، ص (62).
(73) تقدم تخريج هذه الطرق في أول المسألة.
(74) مذهب الجمهور من الأصوليين والنحويين أن «الواو» العاطفة تجيء لمطلق الجمع، فيُعطف بها الشيء على مصاحبه، ولا تفيد الترتيب. قال سيبويه: «ولم تُلْزِمِ الواوُ الشيئين أن يكون أحدهما بعد الآخر، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد و عمرو، لم يكن في هذا دليل أنك مررت بعمرو بعد زيد». الكتاب 1 (/291). وقال أيضاً: «وإنما جئت بالواو لتضم الآخر إلى الأول وتجمعهما، وليس فيه دليل على أن أحدهما قبل الآخر». الكتاب (4/ 216).
وقال الشنقيطي في «أضواء البيان» (7/ 133): «أطبق جمهور أهل اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك، وقد ادعى السيرافي والسهيلي إجماع النحاة على ذلك وعزاه لأكثر المحققين وهو الحق، خلافاً لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه، وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء، وقال: لم أجده في كتابه. وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي. حكاه عنه صاحب الضياء اللامع» أ. هـ
وللجمهور أدلة، منها: قوله تعالى: {يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ واسْجُدي وارْكَعي مَعَ الرَّاكِعِيْنَ} [آل عمران: 43]. حيث قدم السجود على الركوع، ولو كانت الواو تفيد الترتيب؛ لقدم الركوع على السجود، وقال تعالى: {وادْخُلُوا البابَ سُجَّداً وقُولُوا حِطّة} [البقرة: 58]، وقال في سورة الأعراف: {وقولوا حِطّة وادخلوا البابَ سُجّداً} [الأعراف: 161]، فقدم وأخر مع أن القصة واحدة.
انظر: معاني القرآن، للفراء (1/ 396)، والمقتضب، للمبرد (1/ 148)، والكامل في الأدب، للمبرد (2/ 529)، ومعاني الحروف؛ للرماني، ص (59)، والصاحبي في فقه اللغة، لابن فارس، ص (157)، والفصول في الأصول، للرازي (1/ 83)، وكشف الأسرار، للبزدوي (2/ 109)، وشرح التلويح، للتفتازاني (1/ 188)، ونيل الأوطار، للشوكاني (1/ 124).
(75) انظر: مرقاة المفاتيح (10/ 107). وللإمام ابن القيم الجوزية كلام نفيس في فوائد التقديم، حيث ذكر أن المعاني تتقدم بأحد خمسة أشياء: إما بالزمان، وإما بالطبع، وإما بالرتبة، وإما بالسبب، وإما بالفضل والكمال. وقد فصل ومثل لذلك، فانظره في كتابه «بدائع الفوائد» (1/ 58).
(76) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2941).
(يُتْبَعُ)
(/)
(77) أخرجه ابن جرير في تفسيره (11/ 227)، حديث (31062)، والطبراني في الكبير (3/ 292)، وأورده ابن كثير في تفسيره (4/ 150)، والسيوطي في الدر المنثور (5/ 745) وقالا: «إسناده جيد».
(78) الشُّعَبُ: جَمْع شُعْبَة، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ الشَّيْءِ. قِيلَ: الْمُرَاد هُنَا يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا. وَقِيلَ: رِجْلَاهَا وَفَخِذَاهَا. وَقِيلَ: سَاقَاهَا وَفَخِذَاهَا. وَقِيلَ: فَخِذَاهَا وَإِسْكَتَاهَا. وَقِيلَ: فَخِذَاهَا وَشَفْرَاهَا. وَقِيلَ: نَوَاحِي فَرْجِهَا الْأَرْبَع. قَالَ الْأَزْهَرِيّ: الْإِسْكَتَانِ نَاحِيَتَا الْفَرْجِ , وَالشَّفْرَانِ طَرَف النَّاحِيَتَيْنِ. وَرَجَّحَ الْقَاضِي عِيَاض الْأَخِير. وَاخْتَارَ اِبْن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَوَّلَ , قَالَ: لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ، أَوْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْجُلُوسِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ، فَاكْتَفَى بِهِ عَنْ التَّصْرِيحِ. انظر: فتح الباري (1/ 470).
(79) الختانان: هما موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية. ويقال لقَطْعهما الإِعْذارُ والخَفْضُ، ومعنى التقائهما غُيُوبُ الحشفة في فرج المرأَة حتى يصيرَ خِتانه بحِذاء خِتَانِها، وذلك أَن مدخل الذكر من المرأَة سافل عن ختانها؛ لأَن ختانها مستعلٍ، وليس معناه أَن يَماسَّ خِتانُه خِتانها. انظر: مشارق الأنوار (1/ 230)، ولسان العرب (13/ 138).
(80) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحيض، حديث (349).
(81) انظر: النهاية، لابن كثير (1/ 127، 142)، وإتحاف الجماعة (3/ 81) فما بعدها.
(82) «الْأَعْمَاق» بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة , وَ «دَابِق» بكَسْرِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَفَتْحهَا , وَالْكَسْر هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور , وهما مَوْضِعَانِ بِالشَّامِ بِقُرْبِ حَلَب. انظر: معجم البلدان (1/ 222)، وصحيح مسلم بشرح النووي (18/ 29).
(83) قُسْطَنْطِينِيَّة: هِيَ بِضَمِّ الْقَاف، وَإِسْكَان السِّين، وَضَمّ الطَّاء الْأُولَى، وَكَسْر الثَّانِيَة وَبَعْدهَا يَاء سَاكِنَة ثُمَّ نُون , هَكَذَا َهُوَ الْمَشْهُور , وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِق عَنْ الْمُتْقِنِينَ وَالْأَكْثَرِينَ , وَعَنْ بَعْضهمْ زِيَادَة يَاء مُشَدَّدَة بَعْد النُّون , وَهِيَ مَدِينَة مَشْهُورَة مِنْ أَعْظَم مَدَائِن الرُّوم. انظر: مشارق الأنوار (2/ 199)، وصحيح مسلم بشرح النووي (18/ 30).
(84) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن، حديث (2897).
(85) قال الحافظ ابن كثير في «النهاية» (1/ 149): «هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق؛ وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق، فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية «فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق» فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وهذا هو الأنسب والأليق».
(86) المهرود: الثوب المصبوغ بالزعفران. انظر: مشارق الأنوار (2/ 268)، والنهاية في غريب الحديث (5/ 257).
(87) الجمان: هي شذور تصنع من الفضة أمثال اللؤلؤ، والمعنى: أن الماء يتحدر من رأسه كأنه حبات اللؤلؤ. انظر: مشارق الأنوار (1/ 153)، والنهاية في غريب الحديث (1/ 301).
(88) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن، حديث (2937).
(89) انظر: تفسير ابن كثير (1/ 590).
(90) روي ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وابن سيرين، والضحاك. انظر: تفسير ابن كثير (1/ 590).
(91) روي هذا القول عن عكرمة. انظر: تفسير ابن كثير (1/ 590).
(92) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب أحاديث الأنبياء، حديث (3448)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (155).
(93) أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 356)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1114)، والحاكم في المستدرك (2/ 338) وقال «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه». وصححه الحافظ ابن كثير في «النهاية في الفتن والملاحم» (1/ 142)، والحافظ ابن حجر في «الفتح» (6/ 568).
(94) أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 357)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1113).
(يُتْبَعُ)
(/)
(95) أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 357)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1113).
(96) أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 357).
(97) أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 357).
(98) تفسير الطبري (4/ 360)، وتفسير ابن كثير (1/ 590)، وفتح القدير (1/ 807)، وأضواء البيان (7/ 264).
(99) انظر: أضواء البيان (7/ 265 - 266).
(100) المصدر السابق.
(101) تفسير ابن كثير (1/ 591). بتصرف.
(102) ذكر ابن كثير ما يفهم هذا المعنى في كتابه «النهاية» (1/ 172 - 173).
(103) لفظ الحديث كاملاً: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رَجُلًا مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ، حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ»
روي هذا الحديث من طريق قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة، به.
وقد روي عن قتادة من ثلاثة طرق:
الأول: طريق همام بن يحيى، عن قتادة، به:
وقد رواه عنه:
- عفان بن مسلم: أخرجه من طريقه الإمام أحمد في مسنده (2/ 406)، حديث (9259)، والحاكم في المستدرك (2/ 651) وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه». ولفظه: «وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ».
- هدبة بن خالد: أخرجه من طريقه الإمام أبي داود في سننه، في كتاب الملاحم، حديث (4324)، وابن حبان في صحيحه (15/ 233). ولفظه: «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ».
الثاني: طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به:
وقد رواه عنه:
- يحيى بن سعيد بن فروخ: أخرجه من طريقه الإمام أحمد في مسنده (2/ 437)، حديث (9630). ولفظه: «وَيُعَطِّلُ الْمِلَلَ، حَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الْإِسْلَامِ».
- يزيد بن هارون: أخرجه من طريقه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 499)، وابن جرير في تفسيره (4/ 361). ولفظه: «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ».
الثالث: طريق الحسن بن دينار، عن قتادة، به:
- رواه عنه ابن إسحاق: أخرجه من طريقه ابن جرير في تفسيره ((3/ 289). ولفظه: «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ».
وللحديث شاهد مرسل، أخرجه أبو عمرو الداني في كتابه «السنن الواردة في الفتن» (6/ 1233) عن الحسن مرسلاً، ولفظه: «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ».
وقد صحح الحديث الحافظ ابن كثير، في «النهاية» (1/ 146)، وابن حجر في «الفتح (6/ 569)، والألباني في «صحيح أبي داود» (2/ 32) حديث (4324).
(104) انظر هذه الروايات في تخريج الحديث.
(105) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (25)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (20).
(106) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ؛ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا؛ فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ
(يُتْبَعُ)
(/)
اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ؛ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ».
أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2897).
(107) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 192)، حديث (1671)، والنسائي في سننه، في كتاب البيعة، حديث (4172)، وابن حبان في صحيحه (11/ 207).
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 251): «رجال أحمد ثقات». وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (2/ 927) حديث (5218).
(108) سبق تخريجه.
(109) سبق تخريجه من حديث أبي هريرة.
(110) تقدم تخريجه. وفيه: أن طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات.
(111) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2937).
(112) قلت: مفهوم هذا الحديث: أن من آمن من أهل الكتاب قبل أن يلقى عيسى عليه السلام فإنه لا يموت، و يستطيع مقابلته بعد ذلك دون أن يلحقه أي أذى، وعليه فلا يصح الاستدلال بالحديث أن عمله قتل الكفرة، لا دعوتهم للإيمان.
(113) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (2947). قال النووي في شرح مسلم (18/ 116): «قَالَ هِشَام: خَاصَّة أَحَدكُمْ الْمَوْت , وَخُوَيْصَة تَصْغِير خَاصَّة. وَقَالَ قَتَادَة: أَمْر الْعَامَّة الْقِيَامَة , كَذَا ذَكَرَهُ عَنْهُمَا عَبْد بْن حُمَيْدٍ».
=====================================
ومن أراد قراءة البحث منسقاً على هيئة ملف Microsoft Word فليحمله من هذا الرابط من مكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=836)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2004, 05:54 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا البحث القيم، وقد قمت بنقل الملف المنسق إلى مكتبة شبكة التفسير ليكون الحصول عليه سهلاً مستقبلاً، ويا حبذا يا أخي أبا خالد وفقك الله أن تبعث بالبحوث السابقة التي سبق أن نسقتها على برنامج وورد على بريد الموقع info@tafsir.org ليتم إيداعها في المكتبة. وفقك الله لكل خير، ونفعنا وإياك بالعلم.(/)
الوقف على رؤوس الآيات
ـ[الميموني]ــــــــ[25 Feb 2004, 05:34 م]ـ
السلام عيكم ورحمة الله و بركاته
وبعد:
فهذان بحثان في موضوع مهم من موضوعات فن الوقف و الابتداء، وهما لإخواننا هدية.
الأول بعنوان: حكم الوقف على رؤوس الآي وتخريج الحديث الوارد في ذلك ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=838) .
والثاني بعنوان: عبارات منقولة عن السلف في الوقف والابتداء ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=837) .
تمت إضافتهما لمكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية ( http://tafsir.org/books/index.php).
ـ[الميموني]ــــــــ[25 Feb 2004, 05:39 م]ـ
للفائدة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2004, 02:51 م]ـ
أخي الكريم الشيخ عبدالله الميموني وفقه الله
جزاك الله خيراً على هذين البحثين، وقد قمت بنقلهما مباشرة إلى مكتبة شبكة التفسير رغبة في إتاحتهما منفصلين للإخوة القراء، وأسأل الله أن يكتب لك الأجر على عملك هذا. وأرجو منكم التكرم بدعوة الزملاء الفضلاء في القسم لديكم للمشاركة الكتابية، أو إرسال البحوث المماثلة لطرحها في مكتبة الشبكة لدينا للفائدة العامة. فنفع المسلمين والباحثين، وخدمة الدراسات القرآنية هو هدف هذه الشبكة.
ـ[الميموني]ــــــــ[26 Feb 2004, 03:28 م]ـ
الأخ الكريم: عبدالرحمن الشهري
يسرني و يثلج صدري أن أتعاون معكم على البر و العلم
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[27 Feb 2004, 04:28 ص]ـ
بحثان ممتعان بارك الله فيك
لكن، مع توسعك في تخريج حديث أم سلمة رضي الله عنها، لم أرك أشرت من قريب ولا بعيد لحديث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يشبه حديثها جدا مع ثقة رجاله وعدم اختلافهم فيه، نعم ليس هو بشهرة حديثها لكن البحث العلمي يكتمل بتحقيقه وفقكم الله
ـ[الميموني]ــــــــ[27 Feb 2004, 03:56 م]ـ
لم تذكر – جزاك الله خيرا - حديث عمر رضي الله عنه الذي تشير إليه حتى يكون الكلام واضحا فيكون الجواب مني عليه واضحا.
و متى ما لحظتم أنتم أو غيركم من الإخوان على الرسالتين شيئا فتتفضلون بذكره، ليقوَّم أو يبيَّن وجه الجواب عنه، مشكورين مأجورين.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[28 Feb 2004, 12:00 ص]ـ
سأبحث عنه وأضعه هنا، وهو حديث يرويه النهدي عن عمر رضي الله عنه وقال عنه السيوطي رجاله ثقات
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[28 Feb 2004, 10:40 م]ـ
الحديث أورده الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في الجامع الكبير ولفظه
عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين إلى آخرها.
ثم قال رواه السلفي في انتخاب حديث الفراء - ورجاله ثقات.
وتجده في كنز العمال للمتقي الهندي
تحت رقم 22118
ـ[الميموني]ــــــــ[02 Mar 2004, 12:29 ص]ـ
الأخ الكريم الشيخ: راجي رحمة ربه. وقفت على الحديث في الموضع الذي ذكرتم كما ذكرتم في كنز العمال للمتقي الهندي تحت رقم 22118، و هو حديث عزيز غريب لم يعزه السيوطي إلا إلى انتخاب السلفي من حديث الفراء، ولم يبرز له سندا. فعزاه رحمه الله إلا كتاب متأخر الطبقة و إلى كتاب عزيز. و السلفي إمام حافظ أسن قليلا من ابن عساكر وهومعاصر له. و إليه انتهى علو الرواية في طبقته وهو جمَّاع كتب و أسانيد طلاع آفاق متسع الرواية مقدم في الدراية و لكن لا كلام قبل أن نرى إسناده، فقد يكون فيه وهم أو علة.
وأشكركم جزاكم الله خيراً على هذه الفائدة. وقد ذكَّرتني بقول الشاعر:
وليس كل العلم قد حويته ... كلا و لا العشر و لو أحصيته
وما بقي عليك منه أكثرُ ... مما علمتَ و الجواد يعثرُ
علماً أني لم أقف على من استشهد به من القراء أو المحدثين مع طول فحص عن مسألة الوقف على رؤوس الآيات، و ليس كل ما رأيته فيها ذكرته في ذلكم البحث.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[02 Mar 2004, 09:50 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: الميموني
علماً أني لم أقف على من استشهد به من القراء أو المحدثين مع طول فحص عن مسألة الوقف على رؤوس الآيات، و ليس كل ما رأيته فيها ذكرته في ذلكم البحث.
نعم وفقك الله، ولا أنا
وقد أجدت بارك الله فيك بالإحالة على السلفي، وإلا فانظر ماذا قال الذهبي عن الفراء:
الشيخ العالم الثقة المحدث أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر بن الفراء الموصلي ثم المصري
سمع من عبدالعزيز بن الحسن بن الضراب كتاب المجالسة للدينوري وسمع من عبدالباقي بن فارس والحافظ عبدالرحيم بن أحمد البخاري وعبدالله بن المحاملي وأبي إبراهيم أحمد بن القاسم ابن ميمون وأبي الحسين محمد بن مكي الأزدي وكريمة المروزية لقيها بمكة وابن الغراء بالقدس وأضعافهم
حدث عنه السلفي وأبو القاسم البوصيري وجماعة وبالإجازة أبو عبدالله الأرتاحي وسمع منه البخاري
قال السلفي هو من ثقات الرواة وأكثر شيوخنا بمصر سماعا أصوله أصول أهل الصدق وقد انتخبت من أجزائه مئة جزء وقال لي إنه ولد في سنة 433 في أول يوم منها توفي في ربيع الآخر سنة 519 هـ
سير أعلام النبلاء ج: 19 ص: 500
مئة جزء!!!!
إذن البحث في الأصل سيحتاج وقت أطول!!
هذا إن وجد الأصل أو حتى الانتخاب، ولم أر أيا منهما
===============
وللفائدة:
فإن أبا عثمان النهدي هو عبد الرحمن بن ملّ أبو عثمان النَهْدي مشهور بكنيته مخضرم من كبار الثانية ثقة ثبت عابد مات سنة خمس وتسعين وقيل بعدها وعاش مائة وثلاثين سنة وقيل أكثر
تقريب التهذيب
وفي تهذيب التهذيب ج: 6 ص: 249
من رجال الستة
أدرك الجاهلية وأسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولم يلقه وروى عن عمر وعلي وسعد ... وكثير من الصحابة
قال بن المديني هاجر إلى المدينة بعد موت أبي بكر ووافق استخلاف عمر فسمع منه
وحج ستين ما بين حجة وعمرة
وقال معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه إني لأحسب أن أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا كان ليله قائما ونهاره صائما
وقال بن أبي حاتم عن أبيه كان ثقة وكان عريف قومه
وقال أبو زرعة والنسائي وابن خراش ثقة وقال بن سعد كان ثقة
قال عمرو بن علي وغيره مات سنة 95 وهو بن 130
فروايته عن سيدنا عمر رضي الله عنه متصلة والله أعلم بالباقي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[02 Mar 2004, 11:49 م]ـ
ثم هناك نقطة أخرى تشكل على قول القائلين بعدم التقيد برؤوس الآي
وهو أن المشهور في تعيين الآي الرفع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو قد أخذ من وقفه على رؤوس الآي
قال السيوطي في الإتقان تحت النوع التاسع عشر في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه
في فصل في عدد الآي
قال بعضهم: الصحيح أن الآية إنما تعلم بتوقيف من الشارع كمعرفة السورة قال: فالآية طائفة من حروف القرآن علم بالتوقيف انقطاعها معنى عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن وعن الكلام الذي قبلها في آخر القرآن وعما قبلها وما بعدها في غيرهما غير مشتمل على مثل ذلك.
قال: وبهذا القيد خرجت السورة.
وقال الزمخشري: الآيات علم توفيقي لا مجال للقياس فيه ولذلك عدوا ألم آية حيث وقعت والمص ولم يعدوا المر والر وعدوا حم آية في سورها وطه ويس لم يعدوا طس.
قلت (أي السيوطي): ومما يدل على أنه توفيقي ما أخرجه أحمد في مسنده من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر عن ابن مسعود قال: أقرأني سول الله صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين من آل حم.
قال: يعني الأحقاف.
وقال: كانت السورة إذا كانت اكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين الحديث.
وقال ابن العربي: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة سبع آيات وسورة الملك ثلاثون آية وصح أنه قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران
قال: وتعديد الآي من معضلات القرآن وفي آياته طويل وقصير ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام ومنه ما يكون في أثنائه.
وقال غيره: سبب اختلاف السبب في عدد الآي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رؤوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام فيحسب السامع حينئذ أنها ليست فاصلة.
اهـ بلفظه
وذكر آثار كثيرة بعد ذلك استدل بها على هذا القول.
فإن كانت طريقة تعيين الآيات بالوقف عليها من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف إذن نرجح القول بعدم سنية الوقوف على كل الآيات
وإن لم نقف على غير حديث أم سلمة وحديث أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما في هذا الباب لكن ما هو أعلاه يشير إلى العموم.
فما رأيكم؟
ـ[الميموني]ــــــــ[05 Mar 2004, 06:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله: الأخ الكريم الشيخ: راجي رحمة ربه
سيكون الجواب و الكلام على أمور مهمة بإيجاز:
وسأوجز الراجح في الوقف على رؤوس الآيات، فقد يقف على محاورتنا هنا من لم يطلع على الرسالة الخاصة ببيان هذه المسألة- الموجودة بالمنتدى.
فالذي تبين لي من النظر في أدلة المسألة و التتبع لكلام الأئمة من القراء و علماء الوقف وغيرهم أن الوقف على رؤوس الآيات (الكلمة التي في آخر الآية):
أن الوقف عليها له أحوال منها أن يتم الكلام ولا يتعلق بما بعده عندها فلا ريب في أن الوقف عليها أولى، و إما أن تتعلق بما بعدها تعلقا غير شديد وهو ما لا يغير المعنى ولا يفسده ولا يوهم معنى مرجوحا فيجوز الوقف وهو أولى مما ليس برأس آية، وقد يكون هذا الوقف عند علماء الوقف كافيا وقد يكون حسنا بحسب المعنى و التعلق. و أما إذا اشتد تعلق الآية بما بعدها فتغير المعنى أو فسد فلا يوقف عليه بل يوصل.
و السنة مراعاة المعنى و التدبر لا الوقف على رأس كل آية و هذا هو عمل علماء الوقف الذي ذكروا أن الوقف على رؤوس الآية سنة، و الذين لم يذكروه، و الذين لم يلتزموا به وهم كل علماء الوقف المعتبرين في مصنفاتهم، وقد اتفقوا على ذكر الوقف القبيح و مثلوا فيه لما لا يجوز من الوقف فذكروا من أمثلة ذلك الوقف على رؤوس آيات عدوا الوقف عليها قبيحا مع كونها رؤوس آي
ومن هؤلاء وهم كثر – الداني و العماني والسخاوي و السجاوندي وابن الجزري و الجعبري و غيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و الحديث الوارد في ذلك إنما المراد به التأني و الترسُّل في القراءة و أن الخلاف في ألفاظه بين الرواة قد بين ذلك، و أن النبي صلّى اللهُ عَليه وسلَّم كان يُقرأ أصحابه القرآن و يُقرأونه هم للخلق فلو كان هذا سنة معلومة أراد الشارع أن تعمل بها الأمة لبينها و أمر الناس بها فقال قفوا أو لا تقفوا ولما ترك ذلك أصحابه ولا التابعون. و قد بينا كلام الترمذي و الطحاوي وغيرهما في تضعيف اللفظ الذي به يستدل من يستدل من متأخري القراء على تعميم القول بسنية الوقف على رؤوس الآيات وبينت بحمد الله الصواب في المسألة.
فيوقف على رؤوس الآي ما لم يشتد تعقها بما بعدها. فهذا بإيجاز.
و أما سؤالكم فمبني على صحة الرواية لفظا ومعنى في أن النبي صلّى اللهُ عَليه وسلَّم قد كان يتعمد الوقف على رؤوس الآي وقد بينت عدم صحته وثبوته و بينت الجواب عليه تنزُّلا فيما لو قيل بثبوته.
ثم معلوم أن المعانى في رؤوس الآيات كثيرا ما يتم الكلام عندها فلهذا يقف الواقف عندها.
و أما كون رؤوس الآيات توقيفية فلا يدل على سنية الوقف عليها أو التزامه في كل حال لأن ثبوت ذلك غاية ما يدل عليه تعريف المسلمين بموضع انتهاء الآية و ابتدائها.
و الآية قد ترتبط بما بعدها لفظا و معنى وقد لا ترتبط فمتى ارتبطت بما بعدها ارتباطا قويا فوقوفنا عليها مخالف لما أمرنا به من التدبر لمعاني الكتاب و الانتفاع بما فيه من الهدى بلا ارتياب فبان بهذا أننا لا نتعمد الوقف على ما يشتد تعلقه بما بعده حتى لا نخالف هذا الأمر ولا نقع في إضعاف فصاحة القرآن التي بها تحدى الله البلغاء و بها تميز.
و أما الحديث الذي ذكرتموه فقد قلتُ: سابقا لا كلام قبل أن نرى سنده، وكنتُ سأُضرب عن الكلام عليه فأجدني مضطرا لبيان ما في نفسي منه.
فيغلب على ظني وهاء سنده أو اشتماله على علة قادحة فيه؟. لماذا؟
لأنّ حديثا يفوت الحفاظ ذكره في المسانيد المشهورة وفي كتب السنن المعتبرة و في المصنفات بل في معاجم الطبراني وغيرها من كتب الحديث المستكثرة،و لا يذكره مع ذلك الأئمة المصنفون في القراءت فيما وصلنا منهم وفيهم حفاظ كابن الأنباري وكالحافظ الداني و أبي العلاء الهمذاني و ابن الجزري وغيرهم فهو حديث غريب جدا، فكيف إذا كان من طريق شيخ متأخر الطبقة منقولا من كتاب عزيز، وقد علمتَ أن السيوطي نفسه يقول في مقدمة كتابه إن ما يقتصر في عزوه لتاريخ الحكم أو لمسند الفردوس أو للخطيب وابن عساكر فهو معلم بضعفه فلا يحتاج لبيان، هذا و الحاكم والخطيب وابن عساكر أجل و أشهر و أذكر ممن قد ذكرت و لا ينفع الرواية ما ذكرتم من منزلة التابعي النهدي فهو معروف وليس كلامنا فيه غير أن بين الفراء وبينه مجاهل تنقطع فيها الأعناق ولا ينفع فيها الإعراق. ولا ينفعه قول السيوطي رجاله ثقات إن لم يكن في هذا تصحيفا من النسخة المطبوعة؟. فالسيوطي رحمه الله يقول جامعه هذا: إن العزو إلى ابن حبان و إلى الحاكم في المستدرك معلم بالصحة؟!.
و أخيرا فقد علمتَ قول: النووي: لم يفت الخمسة مما صح الإ النَّزْر.
وقد أيده فيه الحفاظ كالحافظ ابن حجر و السيوطي و غيرهم.
قال السيوطي:
واحمل مقال عشر ألف ألف ***** أَحوِي على مكرَّر ووقفِ
فهذا ما كتبته اليوم بعد صلاة الجمعة على عجل.
و الله يجزيكم على حبكم علوم الكتاب الحكيم خيرا.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[06 Mar 2004, 12:40 ص]ـ
وفقك الله
لكن هناك فرق بين مسند الفردوس وتاريخ بغداد أو ابن عساكر مما أطلق العزو إليه دون تعقيب مع ما نص على ثقة رجاله.
ولو كان اعتراضكم على مجرد توثيق رجال السند مما لا يفيد في معرفة اتصاله، لكان أولى.
مع عدم الطعن في علم واطلاع السيوطي، كما أنه لا يوجد كلام لغيره.
==================
إضافة على الموضوع:
نص القراء كما في النشر وغيره على عدم الوقف على حم
بل وصلها مع عسق مع أنها رأس آية.
في مصحفنا ولا علم لي بعد غيره من مصاحف الشام أو الحجاز.
يعني تستعد وتقرأ بنفس واحد: حم عسق.
ولم أطلع على من نص على الوقف على حم إلا الشيخ عبد الفتاح المرصفي من المتأخرين رحمه الله تعالى في كتابه هداية القاري
فمن لديه إضافة فليشارك على بركة الله.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[02 Apr 2004, 06:07 ص]ـ
بحث لطيف مبارك إن شاء الله
وبالنسبة لإسناد الحديث المذكور والذي تبحثون عنه فإليكم ما وقفت عليه وأظنه نفس الحديث لكن بلفظ آخر.
قال أبو العلاء الهمداني ت 569 هـ في كتابه التمهيد في معرفة التجويد
قرأت على إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج الأصبهاني عن
أحمد بن الفضل بن محمد المقرئ الباطرقاني ثنا
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى والحسن بن علي بن أحمد قالا ثنا
الفضل بن الخصيب بن نصر ثنا
إبراهيم بن فهد بن حكيم ثنا
عمار بن زربي ثنا
معتمر بن سليمان عن
أبيه عن
أبي عثمان النهدي عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدا (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم) حتى يختم السورة
رواه الهمداني في كتابه المذكور
وتجده في ص 159 برقم 267 تحقيق د. غانم قدوري الحمد ط الأولى 1420 بدار عمار.
ولا أظنه إلا نفس الحديث لكن بلفظ آخر مقارب وهو وإن كان لا يصلح للاستشهاد في هذا الباب أقصد باب الوقف بشكل مباشر، لكني سقته للإسناد
لكن فيه عمار بن زربي البصري:
قال العقيلي الغالب على حديثه الوهم ولا يعرف إلا به
قال بن عدي أحاديثه غير محفوظة
وقال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال كذاب متروك الحديث وضرب على حديثه ولم يقرأه علينا
ذكره بن حبان في الثقات وقال إمام مسجد عمرو بن مروزق كان ضريرا يغرب ويخطيء
لسان الميزان ج 4 /ص 271
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ....
بارك الله في الجميع!
و مما فهمته، فان خلاصة الرأي: ان كلا الوجهين من القراءة صحيح، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .....
ولكن، ملاحظتي في قولنا وقف قبيح أو غيره .... ! فالأصل هو التزام الأدب مع الله، فهذا الوقف من الله، وقد قرأ به محمد صلى الله عليه وسلم -ولو لمرة واحدة، حين علم اصحابه رؤوس الآيات! -
وأظن ان البلاغة تقتضي ان يتم المعنى في ذات الجملة، فتكون كل جملة تامة بمفردها، فاذا ما اتصلت بغيرها، اظهرت افقا جديدا للمعنى! ... وهذا ما نظنه بكلام الله سبحانه ..
ويبقى السؤال في فهم بعض الآيات التي تتعلق بما يليها (من حيث تمام المعنى بظننا)، كما في الروم، والتوبة، ... وغيرها.
واني اظنه موضوع بحث يستحق العناية، والله أعلم.(/)
التفاسير المسندة
ـ[ابو الاسعاد خالد المغربي]ــــــــ[25 Feb 2004, 07:33 م]ـ
من التفاسير المسندة التي يعتقد كثير من الباحثين انها مفقودة تفسير ابن ماجه وهو مخطوط عند شيخنا الفقيه الاصولي المحدث الخطيب الحسن بن الصديق الغماري شفاه الله في مكتبته العامرة بمدينة طنجة بالمغرب الاقصى
ـ[الميموني]ــــــــ[25 Feb 2004, 11:01 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة.
فهل اطلعت عليه بنفك أو أخبرك الشيخ و هل هو كامل أم لا فهو تفسير حافل كما يقول كما يقول ابن كثير،
ـ[ابو الاسعاد خالد المغربي]ــــــــ[25 Feb 2004, 11:34 م]ـ
اخي الكريم انا لم اطلع عليه بنفسي وانما وصفه الشيخ لي وقال لي بانه جزء متوسط وهو باسانيده كما هو معلوم وانا احاول تصويره الان والعائق الوحيد هو وجود الشيخ في بلجيكا وسعة المكتبة مما يصعب على ابنه الاستاذ محمد علي وجوده فلذلك نحن في انتظار عودة الشيخ الى المغرب سالما
ـ[الميموني]ــــــــ[26 Feb 2004, 02:36 م]ـ
معنى هذا أنه جزء فقط من الكتاب، وهو مع ذلك مهم
ـ[د. أنمار]ــــــــ[12 Apr 2007, 12:52 ص]ـ
كتب الدكتور حكمت بشير ياسين
الأستاذ مساعد بكلية القرآن الكريم
استدراكات على كتاب تاريخ التراث العربي في كتب التفسير
ومما كتبه:
تفسير القرآن الكريم لابن ماجة محمد بن يزيد القزويني ت 273:
كذا ذكره ابن خلكان [48] وقد ذكر هذا التفسير المزي [49] وابن كثير [50] والذهبي [51] وابن حجر [52] والسيوطي [53] والداوودي [54] وحاجي خليفة [55] وطاش كبرى زاده [56].
ووصفه ابن كثير بالحافل فقال: "ولابن ماجه تفسير حافل" [57].
والحافل: الكثير الممتلىء [58] ونستنتج أنه كبير الحجم ويؤكد ذلك ما يلي:
فقد وقف المزي على جزأين منتخبين من هذا التفسير قال المزي: "ولم يقع لي من مسند حديث مالك بن أنس لأبي داود سوى جزء واحد وهو الأول، ولا من تفسير ابن ماجه سوى جزأين منتخبين" [59].
وبما أن المزي قد وقف على جزأين وقد سرد رجال هذين الجزأين في تهذيب الكمال وبما أن عدد الرجال بلغ ستين وتسعمائة وذلك بالتتبع والإحصاء من خلال الرجال الذين رمز لهم بحرفي (فق) وهم صنفان ترجم له. وصنف ورد في شيوخ وتلاميذ المترجم لهم [60]. فنستنتج ضخامة هذا التفسير.
وقد أفاد المزي من هذا التفسير إحدى وعشرين مرة في تهذيب الكمال [61].
وأفاد الحافظ ابن حجر العسقلاني من هذا التفسير مرة واحدة [62].
وذلك حسب الإحصائية التي قدمها الدكتور شاكر عبد المنعم في موارد الإِصابة [63].
وأفاد منه السيوطي في الدر المنثور [64].
======================
الهوامش:
[48] وفيات الأعيان 4/ 279.
[49] انظر على سبيل المثال تهذيب الكمال 4/ 90 و 7/ 413 المطبوع.
[50] البداية والنهاية 11/ 52.
[51] سير أعلام النبلاء13/ 377 وتذكرة الحفاظ 1/ 636.
[52] الإصابة 1/ 81 وهذا الموضع أفدته من د/ شاكر الكبيسي في موارد ابن حجر في الإصابة.
[53] طبقات الحفاظ ص 278 و279 وانظر الدر المنثور 6/ 489.
[54] طبقات المفسرين 2/ 274.
[55] كشف الظنون 1/ 439.
[56] مفتاح السعادة ومصباح السيادة 2/ 69.
[57] انظر البداية والنهاية 11/ 52.
[58] انظر النهاية 1/ 409 و الصحاح 4/ 1670.
[59] انظر تهذيب الكمال 1/ 150 المطبوع.
[60] وقد أعددت لهؤلاء الرجال قائمة مرتبة أبجدياً لجميع الرجال من تهذيب الكمال وتقريب التقريب.
[61] انظر على سبيل المثال 4/ 90 و 7/ 477.
[62] الإصابة 1/ 81.
[63] 3/ 480.
[64] انظر 6/ 489 أفدته من موارد الدر المنثور.
المصدر:
http://www.iu.edu.sa/Magazine/67-68/3.htm
ـ[دمعة الأقصى]ــــــــ[14 Apr 2007, 01:11 ص]ـ
يسر الله خروجه للنور.(/)
سؤال عن مدارس التفسير؟
ـ[ابن العربي]ــــــــ[26 Feb 2004, 08:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
ماهي مدارس التفسير؟ ومن هم روادها؟ وكم عددها؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:01 م]ـ
هذا جواب عاجل حول (مدارس التفسير) لم أهدف من وراءه إلى تقسيم هذه المدارس في عهد الصحابة والتابعين وما يتعلق بذلك من ذكر لزعماء المدارس والتلاميذ والأسانيد الصحيحة لكل مدرسة وما يتعلق بذلك من مباحث، فهذا بحث ملحق بمباحث تفسير الصحابة وتفسير التابعين وهو مبسوط في كثير من المراجع ومنها:
- مدرسة عبدالله بن عباس في التفسير د. عبدالله سلقيني.
- تفسير التابعين د. محمد بن عبدالله الخضيري.
- التفسير والمفسرون للذهبي.
- أغلب كتب علوم القرآن المتأخرة.
والأمر الذي تعرضت له في هذه العجالة هو:
- متى تم تقسيم مدارس التفسير هذا التقسيم؟
- ومن هو أول من أطلق هذا المسمى عليها؟
- وهل اختلاف المدارس يستلزم تعدد المناهج واختلافها؟
الحديث عن مدارس التفسير حديث يطول؛ لأَنَّهُ بحث في تاريخ التفسير الذي بدأ مع نزول الوحي وحتى الآن، ويشمل بيئات مختلفة كمكة والمدينة والعراق والشام ومصر والأندلس والمغرب وغيرها من الحواضر الإسلامية، وقد كتب كثير من القدماء في ذلك، وكان لهم فيه فضل لا ينكر فقد تحدثوا عن المفسرين وقسموهم إلى طبقات، وترجَموا لهم تراجم كثيرة.
ويجد القارئ في كتب علوم القرآن وتاريخ التفسير المعاصرة عبارات مثل (مدارس التفسير) و (مذاهب التفسير) و (مدرسة مكة) و (مدرسة المدينة) و (زعيم مدرسة العراق) وغيرها من العبارات التي تشير إلى أبرز من تصدى لتفسير القرآن الكريم من الصحابة ومن أخذ عنه من التابعين ومن بعدهم.
أولاً: أشهر مدارس التفسير هي:
- مدرسة مكة وزعيمها هو الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وأبرز تلاميذه من التابعين هم مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان.
- مدرسة المدينة المنورة، وزعيمها هو الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه، وأبرز تلاميذه هم محمد بن كعب القرظي، وأبو العالية الرياحي، وزيد بن أسلم.
- مدرسة العراق، وزعيمها هو الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. وأبرز تلاميذه هم مسروق بن الأجدع، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومرة الهمذاني.
ثانياً: تتبعت كتب التراجم والطبقات القديمة والحديثة فلم أجد أحداً من المتقدمين أشار إلى هذه التسمية مدارس التفسير، وإنما يقال في التراجم (شيخ التفسير) (أعلم الناس بالتفسير) (جلس للتفسير) وأول إشارة إلى هذا المعنى هو قول ابن تيمية في مقدمة التفسير (أعلم الناس بالتفسير أهل مكة لأنهم أصحاب عبدالله بن عباس). مما يشير إلى مدرسة شيخها حبر الأمة عبدالله بن عباس.
وقد قمت بتتبع كتب المدارس النحوية ونشأتها ومتى أطلق عليها هذا الاسم فوجدت أن أصطلاح مدارس النحو أو مدارس الفقه أو مدارس التفسير حدث حديثاً مع التوسع في تقسيم العلوم واستخدام عبارة مدرسة التي توحي بالانتظام في الدراسة عند شيخ واحد أو في فن واحد أو ما شابه ذلك. وأكثر من أشاع هذه العبارة هم المستشرقون الذين كتبوا في نشأة التفسير كنولدكه وجولد زيهر، وينبغي التأمل في أصول هذه المدارس هل تختلف أم أن إطلاق المدرسة هنا باعتبار اختلاف الأمكنة فقط وهذا ما يبدو لي والله أعلم، حيث لو كان هناك اختلاف في الأصول لظهر ذلك في أصول التفسير نفسها.
وشاعت تقسيمات متعددة لمجموعات من المفسرين والفقهاء والنحويين والقراء سميت كل منها مدرسة، فهناك في التفسير مدرسة أهل مكة ومدرسة أهل المدينة ومدرسة أهل العراق، وهناك في الفقه مدرسة أهل الرأي ومدرسة أهل الأثر، وهناك في النحو مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ومدرسة من جمع أو خلط بين المذهبين، وهي المدرسة البغدادية. وغيرها من التسميات التي يفهم منها أن كلاً منها يعني مركزاً من المراكز التي عرف فيها للتفسير وتدريسه نشاط ورجال ومؤلفات. فليست المدرسة إلا أستاذاً مؤثراً وتلاميذ متأثرين وقد اجتمعوا على تحقيق غرض واحد ونهجوا للوصول إليه منهجاً واحداً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد عرف أحمد مكي الأنصاري المدرسة بأنها (اتجاه له خصائص مميزة ينادي بها فرد أو جماعة من الناس ثم يعتنقها آخرون) [أبو زكريا الفراء 352].
وعرفها غيره بقوله: هي الاشتراك في وجهة النظر الذي يؤلف الجبهة العلمية ويربط العلماء بعضهم ببعض على رأي واحد. (مقدمة الإنصاف ترجمة عبدالحليم النجار للمستشرق جوتولد فايل).
فالمدرسة عند هؤلاء تؤدي المعنى الذي تؤديه كلمة مذهب المعروفة في الدراسات الإسلامية وتحمل معناها المعروف في لغة العرب، فالمذهب في اللغة المعتقد الذي يذهب إليه والطريقة والأصل [القاموس المحيط (ذهب)]. فنحن عندما نقول مذهب مالك أو مذهب الشافعي أو غيرهما رحمهم الله فإنما نعني مجموعة الأحكام والآراء الفقهية التي قال بها كل منهما وتابعه عليها مجموعة من الناس والتزموا بها وطبقوها.
وهنا سؤال: هل هناك مدارس تفسير فعلاً؟ بمعنى هل هناك أصول تميزت بها كل مدرسة من مدارس التفسير الثلاث في مكة والمدينة والعراق؟ أم أنها مدرسة واحدة ولكن تعدد الأساتذة فقط والتلاميذ؟
الملاحظ أن التقسيمات تمت في أصلها بناء على الأماكن فما دام ابن عباس قد جلس للتدريس والتعليم في مكة فنسمي مدرسته مدرسة مكة وهكذا أبي بن كعب في المدينة وابن مسعود في الكوفة. وتبعاً لذلك تم تتبع مروياتهم واستخراج أصول هذا المدراس من خلال تلك المرويات.
أم أنه وجد هناك اختلاف فعلي في الأصول التي قامت عليها هذه المدارس ومن ثم كان تقسيمها.
إنه ليس من مستلزمات تعدد مدارس التفسير اختلاف المناهج والأصول التي تقوم عليها. ولذلك نجد التقدير المتبادل بين زعماء هذه المدارس لبعضهم. فمدرسة البصرة تقر لمدرسة مكة بالتقديم. فقد روى الداوودي عن قرة بن خالد قال: كان الحسن البصري إذا قدم عكرمةُ البصرةَ أمسك عن التفسير والفتيا ما دام عكرمة بالبصرة.
ونجد التابعين يأخذون من الجميع فتلاميذ ابن عباس يأخذون من أبي بن كعب وعلي بن أبي طالب وغيرهما من الصحابة وكذلك تلاميذ ابن مسعود وهكذا.
يتبين مما تقدم أن الباحثين الأوائل كانوا ينسبون التفسير إلى البلد الذي عرف به واشتهر، فيقولون من أهل مكة، أو من تلاميذ ابن عباس، أو عالم مكة، أو عالم الكوفة، وأول ما وجدت كلمة مذهب عند الفقهاء للدلالة على المذاهب الفقهية فيقولون في التراجم فقيه على مذهب أبي حنيفة، أو يذهب مذهب الشافعي في الفقه.
ومن هذا يبدو أن القدماء اعتمدوا في تقسيم المفسرين والتمييز بينهم النسبة إلى البلد أو المدينة، ولم يجمعوهم عند الترجمة لهم تحت مدرسة أو مذهب.
ومن المعلوم أن أشهر المدارس هي مدرسة أهل مكة لسعة علم شيخها عبدالله بن عباس للأسباب المعروفة، وطول جلوسه للناس، وكثرة الواردين على هذه المدرسة من جميع الأقطار. فيصح لنا أن نقول إن جميع المدارس الأخرى متأثرة بمدرسة أهل مكة في التفسير. وعلى هذا فإن تسميتنا لهذه المجموعات أو البيئات التفسيرية مدرسة مكة أو مدرسة المدينة أو مدرسة العراق لن تغير من المفهوم الذي شاع وعرف عن خصائص تفسير كل بيئة منها. ولن يغير استعمالنا لكلمة مدرسة من الواقع شيئاً، ولن يحتم علينا استعمالها وجود مناهج مختلفة كل الاختلاف للتفسير في كل بلد، وذلك لأنه مهما تعددت التسميات ومهما اختلفت المناهج فلن يظن ظان أنها تكون مناهج متباعدة مستقلة لا رابط بينها ولا تشابه ولا مشاركة، ما دامت مادة التفسير هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وما دامت اللغة التي يستقى منها هذا الدرس هي اللغة العربية، وشعرها الفصيح، ولغة أعرابها السليمة الفصيحة النقية، فلن يختلف التفسير كثيراً، ولن تختلف الظواهر، وإن اختلفت المدارس، أو اختلف أتباع هذه المدارس في بعض نواحي تكوينهم العلمي.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[29 Feb 2004, 05:43 ص]ـ
بسم الله
جزاك الله خيراً
ولكن الهدف من السؤال هو معرفة المزيد من المدارس فكل المراجع تقريباً لا تذكر إلا هذه المدارس
(مدرسة مكة، والمدينة، والكوفة)
فهل معنى هذا أن البصرة، ومصر، والأندلس، والشام، ليس فيها مدارس للتفسير
وإذا كان الجواب نعم فمن روادها؟ وما هي الكتب التي تناولتها؟
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2006, 12:34 ص]ـ
عندما كتبت الجواب السابق قديماً قبل سنتين تقريباً، انطلقت من السؤال مباشرة، ولم يظهر لي من السؤال أنك تعرف هذه المدارس وتبحث عن المزيد فمعذرة، وليتك تكرمت بإيضاح المقصود ابتداءً حتى لا أكرر معلومات قديمة بالنسبة لكم.
وأما المدن الإسلامية الأخرى فلم تكن مقفرة من علماء التفسير منذ اختطها المسلمون وسكنوها، غير أنها لم تكن بتلك الشهرة التي اكتسبتها المدارس السابقة. ولم تكن مختلفة في أصولها عن المدارس المشهورة المتقدمة.
وقد كتب الباحثون في مدرسة التفسير في مصر والأندلس والشام، ومما يحضرني من تلك الدراسات ما كتبه الدكتور مصطفى إبراهيم المشني في رسالته للدكتوراه بعنوان (مدرسة التفسير في الأندلس) والتي نشرتها مؤسسة الرسالة عام 1406هـ.(/)
ما سبب الإختلاف في كتابة كلمة الأيكة
ـ[أم عبدالله]ــــــــ[26 Feb 2004, 08:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال أرجو التفضل بالإجابة عليه وذكر المرجع إن تيسر في أقرب فرصة
ما سبب الإختلاف في كتابة كلمة الأيكة في القرآن ففي سورة الحجر وسورة (ق)
كتبت (الأيكة) وفي سورة الشعراء وسورة (ص) كتبت (لئيكة)؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Feb 2004, 02:02 ص]ـ
قال السخاوي في الوسيلة إلى كشف العقيلة (ص: 322) ـ في شرحه لقول الشاطبي:
وليكة الألفان الحذف ثالثهما **** في صاد والشعراء ...
قال: ((يعني الألف التي قبل اللام، والألف التي عانقت اللام، وهو صورة الهمزة.
قال أبو عمرو: وكتبوا في جميع المصاحف (أصحاب ليكة) في الشعراء، وفي ص بلام من غير ألف قبلها ولا بعدها، وفي الحجر وق (الأيكة).
ويقال: إن (ليكة) بفتح التاء اسم البلدة نفسها، والأيكة اسم الكورة (أي: الصقع)، ولذلك قرأ الحرميان وابن عامرفيهما (ليكة) بفتح التاء غير مصروف للتأنيث والعلمية.
وقال بعض النحويين: إنما هو مكتوب في هذين الموضعين على نقل الحركة، كتب على اللفظ.
قال أبو عبيد: والذي عندنا في ذلك: أني لا أحب مفارقة الخط في شيء من القرآن، إلا ما يخرج من كلام العرب، وهذا ليس بخارج من كلامها مع صحة المعنى في هذه الحروف، وذلك أنا وجدنا في بعض التفسير الفرق بين (الأيكة) وليكة) فقيل: (ليكة) اسم القرية التي كانوا فيها، والأيكة البلاد كلها، فصار الفرق بينهما تشبيهًا بالقرق بين مكة وبكة، ثم رأيتهن في المصحف الذي يقال إنه الإمام مصحف عثمان رحمه الله مفترقات، فوجدت في الحجر وق (الأيكة) ووجدت في الشعراء وص (ليكة) ثم اجتمعت عليها مصاحف الأمصار كلها بعد، فلا نعلمها اختلفت فيها.وقرأ أهل المدينة على هذا اللفظ الذي قصصناه، فأي حجة تلتمس أكثر من هذا، فهذا يقرأ ما وجدناه مخطوطًا بين اللوحين.
وهذا الذي ذكره أبو عبيد رحمه الله ردٌّ على ما قاله النحاة، وليس قولهم بشيء؛ لأنهم نسبوا التحريف إلى أئمة القرآن.
وكذلك رأيت في المصحف الشامي (ليكة) بغير ألأف فيهما).
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[27 Feb 2004, 04:31 ص]ـ
الدكتور مساعد حفظه الله
أتحفت القراء بهذا النقل الممتع جدا
وقد وفقت في المصدر بارك الله فيك
ـ[أم عبدالله]ــــــــ[02 Mar 2004, 11:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم وزادكم علما.(/)
من يرد على هذه الشبهة حول (وشاورهم في الأمر)
ـ[ناجح]ــــــــ[27 Feb 2004, 06:08 ص]ـ
دخلت في حوار مع احد الروافض حول غزوة احد فقال ان سيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما انهزما من المعركة
وقال هذا الدليل
=====
فرار أبي بكر و عمر من أحد!!
روى الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري رحمه الله في مستدركه (3\ 70) بإسنادٍ صحيح، قال أخبرنا) أبو جعفر محمد بن أحمد البغدادي ثنا يحيى بن أيوب العلاف بمصر ثنا سعيد بن أبي مريم أنبأ سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله: (وشاورهم في الأمر) أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. قال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ". وأقره الذهبي في تلخيصه أيضاً.
قال الفخر الرازي رحمه الله (9\ 67) في تفسير الآية: (وعندي فيه إشكال، لان الذين أمر الله رسوله بمشاورتهم، هم الذين أمره بالعفو عنهم، ويستغفر لهم. وهم المنهزمون، فهب أن عمر كان من المنهزمين، فدخل تحت الآية، إلا أن أبا بكر ما كان منهم، فكيف يدخل تحت هذه الآية (
فأجابه العلامة الحجة محمد حسن المظفر رحمه الله بقوله إن الإشكال موقوف على تقدير ثبات أبي بكر، وهو خلاف الحقيقة. هذا، والآية ظاهرة في الأمر بمشاورتهم للتأليف، كما يظهر من كثير من أخبارهم، ومثله الأمر بالعفو عنهم، والاستغفار لهم) (دلائل الصدق: ج2\ 359).
أقول: أجب عن هذا إن استطعت!! .. !
======
اتمنى من الاخوة الكرام
الافادة حتى نرد على باطله ولكي لا يخدع به من ليس له حظ في علم التفسير
سؤالي هل الأية (وشارورهم في الأمر) آل عمران 159
نزلت قبل معركة أحد او بعد معركة أحد واسباب النزول
وكيف نرد على استشكال الرازي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واقول جزاه الله خيرا من رد باطل الرافضة
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Feb 2004, 04:22 م]ـ
هذا سؤال مهم و لست أدري لم لم يقم أحد الأخوة الكرام بالرد!!
ـ[مؤمل]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:09 م]ـ
السلام عليكم
اخي الكريم انتظر قليلا وان شاء الله انا متاكد ان الاخوة الاعزاء سيقومون بالرد على الموضوع وافادتك بالجواب
لا يخفاك ان الجواب الكامل المثلج يحتاج الى بعض المراجعة والنظر والجمع الخ
وعلى عجل اسمح لي ان اقول:
الكلام مع صاحب هذه الشبهة في مقامات:
الاول في ثبوت الخبر المذكور في تفسير الاية من عدمه.
الثاني تحقيق ان ابا بكر رضي الله عنه لم يفر عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد بل كان ممن ثبتوا
الثالث على فرض ثبوت الخبر المذكور فينظر في معناه مع الاية.
الرابع الاعتذار عن الصحابة رضي الله عنهم في فرارهم ذلك وبيان ان الله تعالى غفر لهم وعفا عنهم واعلى
درجتهم ... الخ
الخامس في رد افتراء الرافضي الخبيث بان امره تعالى لرسوله ان يشاورهم انما هو للتاليف ومثله الامر بالعفو
عنهم والاستفغار لهم وما في ضمن ذلك من انتقاص الشيخين رضي الله عنهما .. وبيان بطلان كلامه جملة وتفصيلا.
انما كتبت هذا لك لتطمينك قياما بدور الاخ الشيخ عبد الرحمن الشهري واقتداء به
وان شاء الله سترى من الاخوة ما يسرك
والسلام عليكم
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:27 م]ـ
و عليكم السلام أخي مؤمل .. اغفر لي حدتي و تسرعي فأخوك مصاب بحساسية شديدة تجاه الشبهات و أعلم - بحكم تجربتي - أننا لا نلجأ إلى علمائنا إلا بعد عجزنا عن إيجاد الردود في المصادر التقليدية.
بارك الله فيك و جزاك كل خير.
ـ[العباس]ــــــــ[29 Feb 2004, 02:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرد:
ان ما يعترض عليه الفخر الرازي في هذه المسألة هو مارواه الواحدي عن ابن عباس بما حاصله ان الذين أمر (بضم الهمزة) النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورتهم في الآية هم سيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما
(يُتْبَعُ)
(/)
اما الرازي يرى ان (وشاورهم في الامر) هم الذين أمر (بضم الهمزة) عليه الصلاة والسلام بالعفو عنهم والاستغفار لهم وهم المنهزمون (لكن سيدنا أبوبكر وعمر رضي الله عنهما لم ينهزما مع المنهزمين) لذا فان هذا الخبر فيه اشكال من هذه الحيثية لذلك قال (فهب) أي (لو سلمنا جدلا وليس على سبيل الحقيقة) ان سيدنا عمر رضي الله عنه كان من المنهزمين كما قد يقوله احد وهو ليس كذلك ولم يكن في هذا ما يثبت هذا الخبر او يزيل عنه الاشكال لان سيدنا ابابكر رضي الله عنه لم يكن كذلك بالاتفاق.
ومن المهم ان نفهم بأن:
قول الرازي لا يفيد بان سيدنا عمررضي الله عنه كان من المنهزمين عند كل من يفقه العربية ويتذوقها فالتعبير بقوله (فهب) اسلوب جدلي الزامي وهو من قريب قوله تعالى (قل لوكان للرحمن ولد فانا اول العابدين) فهو لا يفيد ان للرحمن ولدا ولكنه اسلوب عربي يفهمه العرب بقصد الالزام والجدل والمحاورة.
أما قول الرافضي الشيعي المظفر معروف انحراف اعتقادهم وضلالهم
ومعلوم كراهية الشيعة للشيخين رضي الله عنهما والصحابة عامة
فليس بمستغرب عليهم هذا الافتراء ولانلتفت له اضافة لافتقاره الي الدليل.
فأما ثبات سيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في (معركة أحد) ة فهذا ما قد ذكرته الروايات رواها الامام الطبري في تاريخه وغيره من العلماء
------------------
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: كان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس: " قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم " - كما حدثني ابن شهاب الزهري - كعب بن مالك، أخو بني سلمة، قال: عرفت عينيه تزهران تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أنصت.
فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به، ونهض نحو الشعب، معه علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، والحارث بن الصمة، في رهط من المسلمين. فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول: أين محمد! لا نجوت إن نجوت! فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا ? قال: دعوه، فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة - قال: يقول بعض الناس فيما ذكر لي: فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها؛ ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مراراً. الطبري / أحد
وفي كتاب تاريخ الخلفاء نقل السيوطي ما ذكره الامام النووي
قال: النووي شهد عمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها وكان ممن ثبت معه يوم أحد. تاريخ الخلفاء / فصل في هجرته رضي الله عنه
كذلك الرواية التي ذكر الطبري عندما اراد ابوسفيان الانصراف من المعركة
اراد ان يعرف مصير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما
وهذه تدل ايضا على ثبات سيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى نهاية المعركة
حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يحدث قال:
جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير فقال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم). فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن. فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله ابن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا. فقال أبو
(يُتْبَعُ)
(/)
سفيان: أفي القوم محمد، ثلاث مرات، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة، ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب، ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه، فقال: كذبت والله يا عدو الله، إن الذين عددت أحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسؤوك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: اعل هبل، اعل هبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبونه). قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: (قولوا: الله أعلى وأجل). قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبونه). قال: قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم). البخاري
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال في حديثه: لما أجاب عمر أبا سفيان قال له أبو سفيان: هلم يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيته فانظر ما شأنه ? فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً ? فقال عمر: اللهم لا؛ وإنه ليسمع كلامك الآن، فقال: أنت أصدق عندي من ابن قميئة وأبر؛ لقول ابن قميئة لهم: إني قتلت محمداً. ثم نادى أبو سفيان، فقال: إنه قد كان في قتلاهم مثلٌ والله ما رضيت ولا سخطت، ولا نهيت ولا أمرت. الطبري / غزوة أحد
سؤال أبي سفيان عن الثلاثة لعلمه وقومه ان قيام الاسلام بهم
نجد ان ابا سفيان قد سئل عن نبينا و سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وسأل عن سيدنا ابوبكر الصديق رضي الله عنه وسأل عن سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمعرفته وعلمه ان قيام الاسلام بهم.
قال ابونعيم في كتابه حلية الأولياء أمره صلى الله عليه وسلم بالمجاوبة من بين أصحابه لما اختص به من الصولة والمهابة وما عهد منه من ملازمته للتفريد ومحاماته على معارضة التوحيد وانه لا ينهنهه عن مصاولتهم العدة والعديد.
بعد إصابة النبي صلى الله عليه وسلم من هم الذين نهضوا به؟
-----
قال ابن إسحاق: وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك قال: عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أنصت.
قال ابن إسحاق: فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب معه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضوان الله عليهم والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين. سيرة ابن هشام / غزوة أحد
مقاتلة سيدنا عمر رضي الله عنه:
للمشركين الذين ارتقوا صاعدين الي أعلى الجبل فأهبطهم مع المهاجرين من الجبل
قال أبو جعفر: وأما ابن إسحاق، فإنه قال - فيما حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عنه - بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب؛ ومعه أولئك النفر من أصحابه إذ علت عالية من قريش الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا؛ فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم عن الجبل؛ ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها. وقد كان بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض لم يستطع؛ فجلس تحته طلحة بن عبيد الله، فنهض حتى استوى عليها. الطبري/ أحد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[العباس]ــــــــ[29 Feb 2004, 11:59 ص]ـ
وبما انه تم اسقاط اشكال الرازي وثبات سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فعندها يرد قول الرازي بان (وشاورهم في الأمر) المقصود به مشاورة المنهزمين المعفي عنهم
ويظل ان المقصود (وشاورهم في الامر) هم سيدنا ابوبكر وعمر رضي الله عنهما كما في رواية الواحدي عن ابن عباس
ـ[ناجح]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:38 م]ـ
الاخ الكريم العباس
جزاك الله خيرا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 Mar 2004, 04:14 م]ـ
الله أكبر! هكذا يكون إفحام الخصوم!(/)
كتاب الروضة الندية شرح متن الجزرية
ـ[نجم]ــــــــ[28 Feb 2004, 08:24 ص]ـ
السلام عليكم
أخي طالب العلم
إذا كنت من أهل مصر
يمكنك الآن الحصول على نسخة من كتاب (الروضة الندية شرح متن الجزرية) تأليف /محمود بن محمد العبد
وذلك من دار الصحابة بطنطا أو دار الإيمان بالمنصورة أو من المكتبة الأزهرية بالقاهرة
وسنقوم برفعه للمنتدى قريبا إن شاء الله
والسلام عليكم(/)
السلام عليكم نرجو إبداء الرأي الشرعي في محور التفسير المرئي لدينا بوركتم
ـ[الدكتور رامي محمد ديابي]ــــــــ[28 Feb 2004, 11:21 ص]ـ
السلام عليكم
إخواني الأحباب لست من أهل الإختصاص مثلكم ولكن عندي حب خدمة كتاب الله وأرجو منكم المناصحة والرأي العلمي والتسديد لما قمت به على موقعي مدرسة الإسلام
www.islamschool.com
وخاصة التفسير المرئي
http://www.islamschool.com/digitalTafseer/default.htm
وأخص سورة يس التي أتممتها تقريباً
http://www.islamschool.com/digitalTafseer/soras/36.htm
السيرة الذاتية
لي للتعارف
www.islamschool.com/etcc/cv.htm
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:24 م]ـ
أخي الكريم أبا عبيدة
أرجو منحنا شيئاً من الوقت للنظر، وأرجو من الإخوة المشاركة، ومرحباً بك معنا في ملتقى أهل التفسير.(/)
استفسار عن بعض الإشكالات
ـ[أم صهيب]ــــــــ[28 Feb 2004, 03:46 م]ـ
وقال الإمام السيوطي رحمه الله في الإتقان (1/ 315) حينما تحدث عن الاقتباس من القرآن الكريم: (فإن القاضي أبا بكر من المالكية صرح بأن تضمينه في الشعر مكروه وفي النثر جائز)
هل يقصد الإمام السيوطي بالقاضي: الإمام ابن العربي صاحب أحكام القرآن؟ وفي أي كتبه ذكر ذلك هل في المحقق من الإتقان إشارة إلى ذلك؟
وقال الإمام السيوطي رحمه الله أيضاً في الإتقان (1/ 315): (وفي شرح بديعية ابن حجة: الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول،ومباح،ومردود ... ) من هو ابن حجة وماهي بديعيته؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 07:16 م]ـ
- المقصود بالقاضي في كلام السيوطي السابق فيما يبدو لي هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر البصري المالكي المتوفى سنة 403هـ وهو من الأصوليين المتكلمين. ولعلها تراجع ترجمته في البداية والنهاية في وفيات العام السابق، وفي غيره كشذور الذهب لابن العماد، والعبر للذهبي، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي. ولست أدري في أي كتبه ذكر ذلك.
- وأما ابن حجة الذي يعنيه فهو الأديب الشهير أبو بكر بن علي بن عبدالله المعروف بابن حجة الحموي الأزراري، تقي الدين، ولد سنة 767 وتوفي سنة 837 هـ، وهو صاحب كتاب خزانة الأدب في فنون الأدب - وهو غير كتاب خزانة الأدب للبغدادي رحمه الله - وهو شاعر جيد على تكلفه رحمه الله، وهو صاحب الكتاب الذائع الصيت (ثمرات الأوراق). وتراجع في ترجمته: الضوء اللامع للسخاوي 11/ 53، وشذرات الذهب لابن العماد 7/ 219
وأما بديعيته فهي قصيدته الميمية التي كتبها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وألمح في كل بيت من أبياتها إلى فن من فنون علم البديع عن البلاغيين، وقد قام بشرحها بنفسه، والقصائد التي من هذا النوع كثيرة جداً في أدبنا العربي، وكلها نسجت على منوال البوصيري في ميميته التي يقول في مطلها:
أمن تذكر جيران بذي سلم ** مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم؟
القصيدة بطولها.
أرجو أن يكون في هذا ما يكفي في الجواب على عجل.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[29 Feb 2004, 06:52 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ياشيخ عبد الرحمن أسأل الله أن يثيبكم على ما قدمتم
وسأعود بإذن الله إلى ترجمة القاضي أبو بكر لمعرفة مؤلفاته
وربما لو كان كتاب الإتقان قد حقق في رسالة علمية ربما توصلنا إلى مصدر كلام القاضي لأن منهج التحقيق العلمي في الغالب يلزم فيه الطالب بذكر موارد الإمام السيوطي في كتابه
ـ[المديني]ــــــــ[29 Feb 2004, 02:30 م]ـ
المقصود بالقاضي في كلام السيوطي، هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، كما أشار الأخ عبدالرحمن الشهري، وقد صرح باسمه وقوله المذكور الإمام الزركشي في البرهان (النوع الثلاثون).
ولعل قوله ذلك – والعلم عند الله – في كتابه (الانتصار للقرآن)، وربما يكون في (إعجاز القرآن) له، لكن الأول أرجح عندي، لأنه أشبه أن يكون من محتوياته.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:33 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم
وسأعود لما ذكرتم إن شاء الله وإن وجدت هذا الكلام فيه سأفيدكم بذلك بإذن الله
ـ[أم صهيب]ــــــــ[09 Mar 2004, 04:50 ص]ـ
وجدت في رسالة الإمام السيوطي (رفع الباس وكشف الالتباس في ضرب المثل من القرآن والاقتباس) (1/ 283) الاشارة إلى موطن كلام الإمام الباقلاني فقد قال نقلاً عن الشيخ الشاذلي: (فقد نص القاضي أبو بكر الباقلاني إمام هذا الفن والقدوة في هذا الباب في كتابه إعجاز القرآن له على تضمين كلمات من القرآن في نثر الكلام ونظمه وذكر من ذلك جملة ولكن أشار إلى كراهة التضمين في الشعر خاصة وذلك ظاهر لا جلال كلمات تذكر في القرآن العظيم أن تساق في أوزان الشعر وجعل ذلك على سبيل الكراهة في الشعر خاصة دون المنع والتحريم)
وهذا نص كلام الإمام الباقلاني:
قال الإمام الباقلاني في إعجاز القرآن ص 218 دار الكتب الثقافية: (ولولا ما أكره من تضمين القرآن في الشعر لأنشدتك ألفاظاً وقعت مضمنة لتعلم كيف تلوح عليه، وكيف ترى بهجتها في أثنائه، وكيف تمتاز منه، حتى إنه لو تأمله من لم يقرأ القرآن لتبين أنه أجنبي من الكلام الذي تضمنه، والباب الذي توسطه، وأنكر مكانه، واستكبر موضعه)(/)
هل هناك كتاب جمع ما يتعلق بالشعر (المقابل للنثر) من أحكام شرعية؟
ـ[أم صهيب]ــــــــ[28 Feb 2004, 03:48 م]ـ
هل هناك كتاب جمع ما يتعلق بالشعر (المقابل للنثر) من أحكام شرعية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 06:50 م]ـ
من الكتب والبحوث التي تعرضت لهذا الموضوع:
- الشعر الإسلامي في صدر الإسلام للدكتور عبدالله الحامد.وهو جيد في بابه.
- ذميم الشعر في التصور الإسلامي لمصطفى عيد الصياصنة. بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية التي تصدرها رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء في المملكة، العدد 37 ربيع الآخر 1414هـ من ص345 - 377
- كتاب بعنوان: الشعر في رحاب الإسلام لمصطفى عيد الصاصنة.
- رسالة ماجستير في المعهد العالي للقضاء بالرياض عن الأحكام المتعلقة بالشعر للطالب هيثم بن فهد الرومي، محفوظة في المكتبة الخاصة بالرسائل العلمية بالمعهد العالي للقضاء.
- هناك كتاب للأستاذ سامي مكي العاني، عن الشعر في الإسلام.
- وهناك بحوث كثيرة جداً تحدثت عن هذا الجانب طرحت في مؤتمرات رابطة الأدب الإسلامي، ونشر العديد منها في مجلة رابطة الأدب الإسلامي.
ـ[المشارك7]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:54 م]ـ
لعل هذا يفيد وهو اثنا عشرة صفحة:
جامع الفقه الإسلامي ( http://feqh.al-islam.com/hits.asp?l=Arb&SearchText=%D4%DA%D1&Image.x=20&Image.y=8)
ـ[أم صهيب]ــــــــ[29 Feb 2004, 06:18 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ووفقكم لما يحبه ويرضاه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 May 2005, 09:33 ص]ـ
وهناك بحث جيد بعنوان:
الأحكام الفقهية المتعلقة بالشعر. للدكتور زيد بن سعد الغنام. نشر بمجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - العدد الخمسون - ربيع الآخر 1426هـ. من صفحة 165 - 244 وقد نشر مؤخراً بعد مناقشة رسالة هيثم الرومي التي أشرتُ إليها، ولم يشر الباحث إليها مع تطابقهما في العنوان، بل ذكر الغنام في بحثه أنه لم يجد ما كتب في هذا الموضوع.(/)
سؤال عن ورود لفظة (التتن) في القرآن الكريم؟
ـ[ابن العربي]ــــــــ[28 Feb 2004, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
أريد من المشايخ الكرام أن يجيبوا على هذا السؤال رغم أني أعلم أنه لا يعجب البعض وهو:
هل ورد ذكر ((التتن)) في القرآن تلفيقاً لا تفسيراً؟؟؟!
أفتونا مأجورين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 06:27 م]ـ
أخي الكريم ابن العربي حفظك الله
لم يرد هذا اللفظ في القرآن الكريم، وإنما يستدل العلماء - كما تعلم - على تحريم (التتن) الذي هو (التبغ) أو (الدخان) بعموم قوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث).
وأما مادة (تتن) فإنها لم ترد لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية على حد علمي وبحثي القاصر. ولم أجدها في المعاجم اللغوية المشهورة كلسان العرب والقاموس. ولم استقص البحث، فلعل أحد الإخوة يفيدنا بوجودها أو عدمه. وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[28 Feb 2004, 06:45 م]ـ
بسم الله
الأخ الفاضل
هناك من العلماء من فسر الآية (49 - 52) من سورة إبراهيم
بأنها تدل على ذلك
فما رأيكم بذلك
جزاكم الله خبراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 06:59 م]ـ
لم يتبين لي في تفسير الآيات التي ذكرت رقمها في سورة إبراهيم (46 - 52) ما يدل على ذلك، وكأنك تقصد الآيات التي قبلها وهي قوله تعالى: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة ... الآية). فالذي ذكره العلماء في تفسيرها أنها الحنظل، وبعضهم ذكر أنه مثل ضرب للكافر المشرك، وأن هذه الشجرة ليست على الأرض. ولا ما نع - فيما يبدو لي - من ذكر شجرة التتن كمثال على الشجرة الخبيثة، وإن لم أجد من قال بذلك، دون قصر المقصود بالشجرة الخبيثة عليها، فلعلك تذكر مَنْ مِن العلماء ذكر ذلك وفقك الله.
ـ[الدكتور رامي محمد ديابي]ــــــــ[28 Feb 2004, 07:58 م]ـ
السلام عليكم
أظن أنني كنت صاحب هذه الفكرة بداية لشغفي بعلم التبغ ومكافحته عالمياً منذ سنوات ..
وقد قادتني ملاحظتي الأولى عن الموضوع (لأنه يصف إدمان التبغ بألفاظ علمية عالية الدقة ويشير لرائحة المدخن الإسفلتية وقيوده الإدمانية وقرب النار من وجهه ويخوفه من العذاب لأنه على معصية .. ) إلى البحث التالي فأرجو التعقيب على ماذكرته من أهل الإختصاص الشرعي وهي قضية بين التفسير والطب
ومكم نتعلم ونستفيد
***********
أبو عبيدة - د. رامي محمد ديابي
مدير موقع مدرسة الإسلام
www.islamschool.com
مدير الحملة الإلكترونية العالمية ضد التبغ
www.islamschool.com/etcc
السيرةالذاتية للتعارف
www.islamschool.com/etcc/cv.htm
الصورة التي وضعتها من فنوني بمنة الله وهي بعنوان:
تصحيح مفاهيم دعائية صحي:
ومفادها الآتي:
دعايات التبغ عليها أن تستبدل كلمة تعال إلى عالم مالحرامو ..... بكلمة اذهب إلى عالم الجحيم ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 09:18 م]ـ
حياك الله أخي الكريم أبا عبيدة معنا في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقنا حسن الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم. وأشكرك على عنايتك بموضوع التحذير من التدخين وأضراره، وهو جهد رائع أسأل الله أن ينفع بكم وبجهودكم، وقد اطلعت على الموقع الخاص بكم، وهو موقع جيد، وأرجو أن تحرص أخي الحبيب على تطويره، ومحاولة إظهاره بصورة أفضل مما هو عليه الآن في المستقبل بإذن الله.
وأما مقالكم الذي أشرتم إليه فقد نظرت في كلامكم الذي عقبتم به على الآيات، وأشكرك على حرصك واحترامك لكلام أئمة التفسير، وهذا يدل على صدقك، وأدبك، وتقديرك لأهل العلم الذين يعتبر المتأخرون عالة على علمهم وتراثهم العلمي الغني. وما ذهبت إليه وفقك الله من مقارنة بين أهل النار وبين المدخن، نظر طريف، ونعوذ بالله من حال أهل النار، وإن كنت أشعر أخي الحبيب أنك قد بالغت قليلاً، وإن كنت أظن أنه لو اطلع مدخن على ما ذكرته لجزع وأقلع .
أسأل الله أن يوفق الجميع للعلم النافع، والعمل الصالح.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[29 Feb 2004, 02:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال صلى الله عليه وسلم: " من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار "
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عبيد الله بن عمر: لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع وروى الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله عز وجل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: .......... وقد تبين بذلك أن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه.
وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام.
وقال ابن تيمية أيضاً إن من فسر القرآن والحديث بغير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فإنه يُجَوِّز أن تكون الأمة مجتمعة على ضلالة في تفسير القرآن والحديث وهذا عظيم أن يكون الله أنزل الآية وأراد بها معنى لم يفهمه الصحابة والتابعون.
وقال ابن القيم: إن ابن عباس قال: من أحدث رأياً في كتاب الله ولم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدر ما هو منه إذا لقي الله عز وجل.
تأمل هذا الكلام وأنظر كيف خاض من خاض في تفسير كلام الله تعالى بما هو غير معروف عن الصحابة والتابعين وإن من نتائج ذلك تجويز أن تكون الأمة مجتمعة على ضلالة في تفسير القرآن وأن يكون الله أراد بالآية معنى لم يفهمه الصحابة والتابعون.
وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم باتباعه واتباع خلفائه الراشدين قال تعالى " وإن تطيعوه تهتدوا " وقال تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم " وغير ذلك من النصوص فما ظن من زعم هذا الزعم الذي تكلف فيه صاحبه بما أحدثه مما لا عهد لأمة به. فهل في بيان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم نقص حتى يكمله هذا أم أنها الجرأة على كلام الله وانصراف القلب عن تدبر معانيه وما اعتقد أنكم تعرضتم لتفسير كلام الله وتجرأتم عليه من صلاح وخير فيكم بل فعلكم هذا هو من العقوبات التي تعاقبون بها حيث إن فعل الذنب يكون عقوبة عل ذنوب قبله إن كلام الله أعظم من أن يتلاعب به هكذا ويستهان به تريد أن تنهى عن التدخين جزاك الله خيراً لكن بعيد عن كلام الله تعالى وإياك أن تقول هذا زمن العلم؟؟!! فإن آيات الله تعالى لم تترك حتى تخوض فيها
والأمر عظيم وخطير
قال تعالى: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره "
أتقوا الله وإياكم ومحدثات الأمور
_________
أنظر الفرقان في إعجاز القرآن
ـ[الدكتور رامي محمد ديابي]ــــــــ[29 Feb 2004, 03:00 م]ـ
السلام عليكم
أكرمكم الله على ما تحملوه من حرص على هذا الدين وقد تعرضت لهذه القضية عندما ناقشت بعض أهل العلم في هذاالموضوع
والذي انتهينا له هو أن هذه النقاط التي أوردتها لا تذكر في معرض التفاسير لأنها لوي للقرآن لغير المقصد الأوضح وهو سياق الآيات الرئيسي ... بل في معرض الإشارات ربما جازت.
وأنا أتعلم منكم وأستفيد بوركتم
فما رأيكم في ما ذكر (وهل يصح ذكره بعد ذكر تفاسير أهل العلم وما ذكروه في معرض كونه احتمال واضح لإشارة لقضية معينة ويوافق روح الشرع في ما اتفق عليه مؤخراً في تغليظ حرمة تعاطي النيكوتين -)
بعكس ما يفعله الباطنيون في ذكر ما يذكرون من باطلهم لإخراج النص عن مسار الشرع لتعطيل حد أو إلغاء شريعة أو سوى ذلك
أفتونا مأجورين؟(/)
فوائد من سورة المسد تحت المجهر
ـ[محب أهل التفسير]ــــــــ[28 Feb 2004, 07:30 م]ـ
أيها الإخوة الفضلاء في هذا المنتدى المبارك بعد قراءتي لتفسير سورة المسد وقع في نفسي هذه الفوائدوالعبر من هذه السورة العظيمة فأحببت أن أعرضها عليكم فتخبروني بما يصح منها وما لا.والفوائد كالتالي:
1) مشروعية الدعاء على الذين يحاربون الدين ويقفون في طريق الدعوة.
2) أن شرف الإنسان ونسبه لا يغنيان عنه شيئا. (أبو لهب مثالا)
3) المال والولد لا ينفعان المرء ما دام من أهل الضلال
4) قرب الآخرة وقصر الحياة الدنيا لأن الله يقول ((سيصلى نارا ذات لهب)
5) فائدة إثبات صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ذكرها ابن كثير
6) وفائدة صحة عقود المشركين قبل الإسلام ذكرها ابن القيم رحمة الله على الجميع
والله تعالى أعلم(/)
سؤال عن معنى كلمة (الوحيين) في اللغة.
ـ[البسملة]ــــــــ[29 Feb 2004, 12:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام الفضلاء أهل اللغة والتفسير
لدي سؤال وأرجو كل من عنده جواب أن يتحفنا به
سؤالي هو::
دائما ما نسمع كلمة (الوحيين) فمن ماذا اشتقت هذه الكلمة لغويا؟؟؟
وهل يطلق هذا الإسم على القرآن والسنة؟؟؟
وهل ممكن أن تفصلوا لنا أكثر غن التسمية والإشتقاق؟؟؟؟
الرجاء الرد سريعا
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[29 Feb 2004, 01:51 ص]ـ
حتى تكون الاجابة أسرع أحيلك على المرجع
أي كتاب من كتب اللغة مادة (وح ي) تجد فيها إلاجابة على سؤالك عن المعنى اللغوي، وكذلك عن اشتقاقها، وأخص من بين كتب اللغة كتب المفردات القرآنية كمفردات الراغب، وعمدة الحفاظ للحلبي إضافة للمقاييس لابن فارس فقد تطرق لهذه المادة ولمصدر اشتقاقها.
أما عن استعمالها للتعبير عن الكتاب والسنة فنعم، بل لاتستعمل في سواهما ـ فلا تدل عند اطلاقها الاعليهما ـ وقد استعملها غير واحد من المتقدمين والمتأخرين، ولانك تريد التفصيل أحيلك الى كتاب التأصيل للعلامة بكرأبوزيد (5ـ6) ففي هاتين الصفحتين من الحاشية منهما أتى الشيخ جزاه الله خيرا على ماتريد.
ولعل احد الاخوة الكرام ينشط ليفصل لك أكثر، الا إن كان لديك ما أحلتك عليه من كتب أهل العلم فلن تحتاج لمزيد إن شاء الله ـ مع النظر في الكتب التي اشار اليها الشيخ بكرـ(/)
نظرة أخرى للمنسوخ تلاوة والباقي حكما، فما رأي أساتذة التفسير؟
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[29 Feb 2004, 05:36 م]ـ
سأل بعض الإخوة السؤال التالي:
هل صح عن عائشة حديث الداجن الذي أكل الصحيفة التي فيها آية الرجم والرضاعة؟؟؟
فجاءه الجواب:
هذه الرواية منكرة ولاتصح
وقد وردت عند ابن ماجه (1944)
حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها
وأخرجه أحمد (6/ 269) وأبو يعلى في المسند (4587) والطبراني في الأوسط (8/ 12) وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق قال حدثني عبدالله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم به
والعلة في هذا الحديث هو محمد بن إسحاق فقد اضطرب في هذا الحديث وخالف غيره من الثقات
وبقية التخريج والكلام على الحديث تجدونه على الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&postid=81756#post81756
فقلت أنا الفقير إلى الله ما يلي:
بالنسبة لمخالفة ابن إسحاق من هو أحفظ منه فهذه مقبولة في لفظة رضاعة الكبير
فكلمة الكبير هنا مردودة
أما قصة الداجن فليس بالضرورة أن تكون زيادة ضعيفة خاصة أنها حكاية عن أمر خارج عن الجزء الأول من الأثر.
ولنفترض جدلا أن القصة صحيحة، فهذا لا يضر إطلاقا، ولا دليل فيه على نقصان القرآن ومناقضته للحفظ من الضياع، لأن هناك دليل آخر يثبت أن ما في هذه الصحيفة ليس من العرضة الأخيرة بل وليس مما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وهذا الأخير يعبر عنه بعض العلماء المنسوخ تلاوة والباقي حكما
ففي نفس الأثر أعلاه نجد ذكر آية الرجم
وهذه الآية حتى لو كتبها بعض الصحابة من حفظه فهي ليست مما كتب قرآنا يتلى إلى يوم القيامة بل نزل حكما فقط ونسخ من حيث القراءة والتعبد بكونه قرآنا. والقرآن الذي أجمعت عليه الأمة لابد أن يكون مكتوبا ومقروؤا.
فآية الرجم لم يأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتابتها وتدينها في صحف القرآن وهو الذي حرص الصحابة على جمعه بين الدفتين بعد وفاته.
فقد أخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت قال كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فقال عمر لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها فكأنه كره ذلك فقال عمر ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد وان الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم
اهـ من الفتح
وجاء أيضا في رواية النسائي والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأذن بكتابتها،
ففي سنن النسائي الكبرى ج: 4 ص: 271
أخبرنا إسماعيل بن مسعود الجحدري قال ثنا خالد بن الحارث قال ثنا بن عون عن محمد قال نبئت عن بن أخي كثير بن الصلت قال كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت فقال زيد كنا نقرأ الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فقال مروان لا تجعله في المصحف قال فقال ألا ترى إن الشابين الثيبين يرجمان ذكرنا ذلك وفينا عمر فقال أنا أشفيكم قلنا وكيف ذلك قال أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله فاذكر كذا وكذا فإذا ذكر أية الرجم فأقول يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال فأتاه فذكر ذلك له فذكر آية الرجم فقال يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال لا أستطيع
وفي سنن البيهقي الكبرى ج: 8 ص: 211
أخبرنا أبو الحسن المقري أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن المثنى ثنا بن أبي عدي عن بن عون به
قال البيهقي عقبه:
في هذا وما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت وتلاوتها منسوخة وهذا مما لا أعلم فيه خلافا
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هكذا عبر عنه البيهقي، وعندي أنه مما لم يكتب قرآنا بين الدفتين من الأساس، ولذا لم يستطع أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يكتبها فيما بعد كما في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس فقال أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة ثم قال إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة
فتح الباري ج: 12 ص: 143 وراجع بقية الآثار في نفس الموضع في الفتح.
فعدم سماحه لنفسه بكتابتها إنما بسبب عدم الإذن بكتابتها من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند نزول الحكم.
وما بين أيدينا اليوم، مما نعده قرآنا إنما جمع بشاهدي عدل أنه كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ففي فتح الباري ج: 9 ص: 14
عند ابن أبي داود في المصاحف من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قام عمر فقال من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منا لقرآن فليأتيه وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب قال وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان
قال الحافظ: وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجر وجدانه مكتبوا حتى يشهد به من تلقاء سماعا مع كون زيد كان يحفظ وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط
وذكر غيره من الآثار، ثم تعرض لمعنى الشاهدين ولا أرى إلا كونهما شاهدين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا فعلوا في كل القرآن إلا آيتين لم يشهد عليها إلا خزيمة ذو الشهادتين وقصته مشهورة تجدها في البخاري وشرحه.
وارجع لترجمته في الإصابة ولقبه ذو الشهادتين لمزية حصل عليها لشدة يقينه بصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فما لم يكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطعا هو داخل تحت ما أطلق عليه العلماء المنسوخ تلاوة والباقي حكما.
ولا أستبعد أبدا أن يكون مثله في الحكم ما نسخ تلاوة وحكما
وراجع أنواع النسخ في الإتقان للسيوطي
=============
فالخلاصة:
حتى لو ثبت الأثر فما في الصحيفة ليس مما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي صحف خاصة لا تمثل القرآن المعجز الباقي ليوم القيامة.
وبعض العلماء عبر عن أحد أنواع النسخ في القرآن أنه نسخ للتلاوة وبقاء للحكم
لكن الذي يظهر من الآثار أن الأولى أن ينظر له أنه مما نزل حكما ولم يأذن الله ولا رسوله بكتابته ليكون قرآنا نتلوه إلى يوم القيامة. والقرآن كما هو مجمع عليه لا يثبت إلا باتفاق نقله لفظا وخطا بالسند الصحيح للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والدليل على ذلك أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت نزل القرآن بعشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله وهن مما نقرأ من القرآن
ولا يوجد بين أيدينا في القرآن لا العشر ولا الخمس
وهذا يثبت صحة الاستنباط الذي خرجت به، ولم أر من فصل فيه كتفصيلي هذا والله أعلم
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 01:49 م]ـ
المسألة تحتاج إلى تأمل ونظر، فهل من محرر لها؟
وأعتذر عن الاكتفاء برفع بعض المسائل من غير مشاركة في التعليق والجواب؛ لأني لا أجد الوقت الكافي للتحرير.
ولعلي أكون مشاركاً في الأجر لمن أجاب ...
وفقك الله الجميع لما يحب ويرضى(/)
سؤال عن موضوع المباهلة
ـ[متعلم]ــــــــ[29 Feb 2004, 10:08 م]ـ
كنت أبحث في موضوع المباهلة في كتب الفقه وكتب التفسير لا سيما أحكام القرآن
ولكن لم أجد كلام مبسوط، فمن يفيدنا في هذا الموضوع؟
وما هي المراجع التي هي مظنة وجود هذه المسألة؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Mar 2004, 01:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفضل هذا العنوان تعريف المباهلة وحكمها ( http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f99.htm) لأخينا الكريم الدكتور أحمد بن عبدالكريم
وبإمكانك الذهاب إلى هذا الموقع: http://www.google.com/ وكتابة كلمة: المباهلة، ولعلك تجد ما تحب. وفقني الله وإياك.
ـ[متعلم]ــــــــ[02 Mar 2004, 07:53 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا مجاهد على هذه الإفادة ...
ـ[ابو حذيفة]ــــــــ[24 May 2004, 12:51 ص]ـ
راجع يا أخي تفسير محاسن التأويل للقاسمي 4/ 116 فقد نقل عن الكازروني أنه ذكر أن شيخه الدواني كتب فيها رسالة لعلك تحصل على رسالة الدواني فتفيدك(/)
(الله نور السموات والأرض) النور هنا حسي أم معنوي .... ؟!!!
ـ[أحمد دبوس]ــــــــ[01 Mar 2004, 03:34 ص]ـ
(الله نور السموات والأرض) النور هنا حسي أم معنوي .... ؟!!!
كيف نرد على هذا السؤال مع التوجيه .... أثابكم الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Mar 2004, 09:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لعل في كلام ابن القيم هذا ما يجيب عن سؤالك وفقك الله:
وقال في اجتماع الجيوش الإسلامية
الجزء:1
الصفحة:10
(والله سبحانه وتعالى سمى نفسه نوراً، وجعل كتابه نوراً ورسوله صلى الله عليه وسلم نوراً، ودينه نوراً، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار أوليائه نوراً يتلالا. قال الله تعالى
" الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ".
وقد فسر قوله " الله نور السموات والأرض " بكونه منور السموات والأرض، وهادي أهل السموات والأرض، فبنوره اهتدى أهل السموات والأرض، وهذا إنما هو فعله، وإلا فالنور الذي هو من أوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى.
والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين:
إضافة صفة إلى موصوفها.
وإضافة مفعول إلى فاعله.
فالأول كقوله عز وجل: "وأشرقت الأرض بنور ربها "، فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور "أعوذ بنور وجهك الكريم أن تضلني لا إله إلا أنت ". وفي الأثر الآخر "أعوذ بوجهك أو بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات "، فأخبر صلى عليه وسلم: أن الظلمات أشرقت لنور وجه الله، كما أخبر تعالى أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره.
وفي معجم الطبراني والسنة له، وكتاب عثمان الدرامي وغيرها، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:ليس عند ربكم ليل ولا نهار. نور السموات والأرض من نور وجهه.
وهذا الذي قاله ابن مسعود رضي الله عنه أقرب إلى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السموات والأرض، وأما من فسرها بأنه منور السموات والأرض، فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود،والحق أنه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلها.
وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال:" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ".)
ومنه تعلم أنه يشمل النوعين: النور الحسي والمعنوي.
ـ[أحمد دبوس]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:38 ص]ـ
جزاكم الله خيراعلى الرد
وهذا السؤال أخي الكريم قد طرحه علي أحد أساتذتي بالجامعة لكنني عجزت في الرد على مثل هذة الأسئلة لأنها تتعرض لأمور عقدية عظيمة لا ينبغي الخوض فيها بغير روية ودليل
اكرر الشكر ونتمنى زيادة التوضيح من شيخنا الطيار(/)
إنما يخشى الله من عباده العلماء
ـ[محب]ــــــــ[01 Mar 2004, 05:29 ص]ـ
بسم الله .. والحمد لله ..
قال الآلوسى فى تفسيره:
" ورُوى عن عمر بن عبد العزيز، وأبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما أنهما قرءا {إِنَّمَا يَخْشَى اللهُ} بالرفع، {الْعُلَمَاءَ} بالنصب ..
"وطعن صاحب النشر في هذه القراءة ..
" وقال أبو حيان: لعلها لا تصح عنهما، وقد رأينا كتباً في الشواذ، ولم يذكروا هذه القراءة، وإنما ذكرها الزمخشري، وذكرها عن أبي حيوة أبو القاسم يوسف بن علي بن جنادة في كتابه الكامل ..
" وخرجت على أن الخشية مجاز عن التعظيم بعلاقة اللزوم، فإن المعظم يكون مهيباً، وقيل الخشية ترد بمعنى الاختيار كقوله: خشيت بني عمي فلم أر مثلهم " ا. هـ.
(1) .. هل تأتى " الخشية " بمثل هذا المعنى فى لغة القرآن؟
(2) .. هل يجوز هذا المجاز فى الخشية بالنسبة إلى الله عز وجل؟
(3) .. لماذا لم يجزم أبو حيان بعدم صحة هذه القراءة؟
(4) .. لماذا يحاول الزمخشرى تخريج وجه لمثل هذه القراءة؟
(5) .. لماذا سكت الآلوسى فلم يبين موقفه من هذه القراءة؟
(6) .. لماذا يتناقل كثير من المفسرين هذه القراءة عن الزمخشرى ساكتين عن الجزم بعدم صحتها؟
أفيدونا أثابكم الله.
ـ[محب]ــــــــ[03 Mar 2004, 09:04 م]ـ
لا تنسونا من فضل علمكم رعاكم الله وأحسن أجركم.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 Mar 2004, 02:34 م]ـ
وبمناسبة سؤال الأخ محب كنت قد توقفت قبل مدة عند قوله تعالى:
فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا.
فكيف للخضر عليه السلام أن يستعمل (نا) الدالة على الفاعلين كما فعل في قوله فأردنا أن يبدلهما.
فنسب الإرادة له ولله.
طبعا هذا مقابل قوله: فأراد ربك
وقوله فأردت أن أعيبها.
وكلام العلماء معروف ومشهور عن الإرادات الثلاثة، لكن لم أقف على معنى خشينا هنا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 01:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر في مجلة الحكمة – العدد الخامس والعشرين – جمادى الثانية 1423هـ - بحث قيم نفيس ملئ بالدرر والفوائد بعنوان: تعظيم قدر العلم وشرفه وبيان أحكامه ووصفه في كتاب الله للباحث: بلال فيصل البحر.من صفحة 61 إلى صفحة 146.
وقد تطرق الباحث لآية فاطر: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28)، وعرج على القراءة الشاذة التي هي محل السؤال؛ فقال ما نصه:
(وقد ذكر الزمخشري في كشافه، وتبعه القرطبي في الجامع، وأبو حيان في البحر قراءة شاذة نسبوها إلى عمر بن عبدالعزيز وأبي حنيفة النعمان رحمهما الله تعالى، وهي: رفع لفظ الجلالة ونصب العلماء: " إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ "، فيكون ظاهر الآية أن الله جل شأنه يخشى العلماء، ولكن أبا حيان رحمه الله استبعد صحة نسبتها إليهما، وطعن فيه فقال: " ولعل ذلك لا يصح عنهما وقد رأينا كتباً في الشواذ ولم يذكروا هذه القراءة ".اهـ)
ثم يقول الباحث: (وقد بحثت في مصنفات أهل العلم - ممن يسندون الآثار والأخبار عن السلف، وممن لا يسندون من الأقدمين فمن بعدهم - كثيراً عن هذه القراءة فلم أجد أحداً منهم ذكرها لا بإسناد ولا بغير إسناد، سواء في ذلك الكتب التي صنفت في القراءات المتواترة والشاذة، غير أني وجدت العلامة أبا البقاء العكبري – وهو متقدم على أبي حيان بنحو قرن أو يزيد – قد ذكر هذه القراءة في كتابيه: إعراب القراءات الشواذ، وإملاء ما منّ به الرحمن، ولم ينسبها لأحد، على أنه ذكرها بلا إسناد، ولم يذكر عمن نقلها ولا أدري من أنبأه بها، ولم أجد غيره إلى الآن ذكر شيئاً من ذلك فيما بين يدي من المراجع التي لو سردتها لطال بنا المقام؛ فالله أعلم بصحتها.
وقد وجه العلماء هذه القراءة الشاذة وتأولوها على افتراض صحة مخرجها وثبوت نسبتها إلى من نسبت إليه، فقالوا: إن معنى خشية الله للعلماء تعظيمهم وتوقيرهم، وإنما عبر بالخشية لبيان مبلغ تعظيمه لهم. ذكر ذلك الزمخشري وأبوحيان وغيرهما. وإذا صح هذا فهو يدل على شرف عالٍ للعلم ورتبة سامية للعلماء.)
ثم قال الباحث: (وقد بحثت في كتب اللغة والغريب عن أصل معنى لفظ الخشية، فما وجدت فيما تتبعت واطلعت عليه من المصادر أحداً ذكر عن العرب أنها تستعمل الخشية بمعنى التعظيم المجرد، مما يدل على بعد وضعف هذه القراءة؛ فإن القرآن إنما نزل بلغة العرب، وليس في اصطلاح الشارع الخاص وعرفه استعمال لفظ الخشية بمعنى التعظيم المجرد، ويقوي هذا أن القراءة لم ترو بإسناد ضعيف ولا صحيح .... ) إلخ كلامه
وقد بين معاني الخشية في كتاب الله، وبين معنى " خشينا" في قوله تعالى: (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً) (الكهف:80) من خلال سرده لأقوال المفسرين، وأنها بمعنى الكراهة أو بمعنى العلم، وقد ورد المعنى الأخير في كلام العرب.
ثم ختم الباحث الكلام عن هذه المسألة بقوله: (والحاصل: فهذه أقوال أهل العلم باللسان العربي ومعاني القرآن، وليس فيها كما ترى أن العرب تستعمل الخشية بمعنى التعظيم كما زعمه الزمخشري ومن تبعه، وتمسكوا بهذه الآية في توجيه ما نسب إلى عمر بن عبدالعزيز وأبي حنيفة النعمان رحمهما الله تعالى في قراءة: " إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ "؛ فهي قراءة شاذة لا تصح كما سبق، وردها أولى من تكلف توجيهها بما لا يصح التوجيه به.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب]ــــــــ[27 Mar 2004, 08:45 م]ـ
جزاك الله عنا خير الجزاء أستاذنا الكريم ..
على أنى أنتهز الفرصة فأتعلم منكم أكثر ..
ما زالت بقية الأسئلة بلا إجابة ..
لماذا لم يجزم أبو حيان بعدم صحة هذه القراءة؟
لماذا يحاول الزمخشرى تخريج وجه لمثل هذه القراءة؟
لماذا سكت الآلوسى فلم يبين موقفه من هذه القراءة؟
لماذا يتناقل كثير من المفسرين هذه القراءة عن الزمخشرى ساكتين عن الجزم بعدم صحتها؟
وحتى أكون واضحاً، فإن الإجابة عن هذه الأسئلة لن تنفع فى مسألتنا هذه فقط، وإنما هى نافعة فى مجال التفسير عموماً، فإنها ستحل كثيراً من الإشكالات التى تواجهنا عند قراءة كتب التفسير.
فإننا عندما نقرأ ما أتى به الباحث الذى نقلت عنه، لا نجده قد ابتدع جديداً، لقد راعى أولاً سند الرواية، فلما وجده غير موجود أصلاً، جزم بعدم صحتها ..
وهنا تتوارد الأسئلة: لماذا لم يجزم أبو حيان رحمه الله بمثل ما جزم باحثنا؟ .. هل كان أبو حيان غير منتبه إلى انعدام السند؟ .. وهل كان الزمخشرى مثله، لدرجة أنه يتعب نفسه فى محاولة اختراع معنى للخشية ليس موجوداً فى العربية أصلاً؟ .. ثم ما هو موقف الآلوسى وغيره من المفسرين الذين يتناقلون القراءة فى كتبهم دون تعليق ـ منهم ـ على السند، ناهيك أن " يجزموا " برفضه؟
ثم إن باحثنا قد راعى ثانياً معانى الخشية فى اللغة، فلما لم يجد من ضمنها التعظيم الذى زعمه الزمخشرى، جزم بفساد ذلك التوجيه ..
وهنا تتوارد أسئلة أخرى: أفغابت هذه الحقيقة عن مفسرينا القدامى؟! .. أفغابت عن أبى حيان، وتفسيره يقصد دائماً للتوسع فى الناحية اللغوية؟! .. أفغابت عن الزمخشرى وقد اعتمد أهل السنة تفسيره " بلاغياً " رغم اعتزاله؟! .. أفغابت هذه الحقيقة عن الآلوسى وغيره من مفسرينا القدامى؟ .. أما كان بمقدور أى واحد منهم أن يكلف نفسه مشقة الرجوع إلى معاجم اللغة، ليتيقن من صحة ما زعم الزمخشرى، مع غرابة ما زعمه؟
أخى الكريم ..
لعن الله الرجيم إن أدخل فى روعك أنى أنتقص من شأن مفسرينا العظام .. فأنا لا أتهمهم، لكنى أتهم نفسى وفهمى .. أقول: لا بد أنى أقرأ كلامهم على غير مرادهم، وأن لتفاسيرهم " منهجاً " فى القراءة لا أعرفه .. كما أننا نقرأ للتابعين تفسيرات مختلفة، لكن بصرنا ابن تيمية أنها ليست مختلفة، وإنما كان أحدهم ربما فسر بالمثال، وأحدهم ربما نبه على أحد الأفراد .. وهكذا .. فمن لم يخبر طريقتهم لم يفهم مرادهم.
فالرجاء تعليمنا الوجه الصحيح لقراءة كتب التفسير المشهورة، وظنى أن الإجابة على بقية الأسئلة فى مسألتنا هذه، ستبين كثيراً من معالم الطريق.
وفقكم الله ورعاكم وسدد ألسنتكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 May 2004, 11:46 م]ـ
تتمة: جاء في كتاب الاتقان للسيوطي:
(وقال مكي: مما روى في القرآن على ثلاثة أقسام: قسم يقرأ به ويكفر جاحده وهوما نقله الثقات ووافق العربية وخط المصحف.
وقسم صح نقله عن الآحاد وصح في العربية وخالف لفظه الخط فيقبل ولا يقرأ به لأمرين: مخالفته لما أجمع عليه وأنه لم يؤخذ بإجماع بل بخبر الآحاد ولا يثبت به قرآن ولا يكفر جاحده ولبئس ما صنع إذا جحده.
وقسم نقله ثقة ولا حجة له في العربية أونقله غير ثقة فلا يقبل وإن وافق الخط.
وقال ابن الجزري: مثال الأول كثير كمالك وملك ويخدعون ويخادعون ومثال الثاني: قراءة ابن مسعود وغيره والذكر والأنثى وقراءة ابن عباس وكان أمامهم ملك بأخذ كل سفينة صالحة ونحوذلك.
قال: واختلف العلماء في القراءة بذلك والأكثر على المنع لأنها لم تتواتر وإن ثبتت بالنقل فهي منسوخة بالعرضة الأخيرة أوبإجماع الصحابة على المصحف العثماني.
ومثال ما نقله غير ثقة كثير مما في كتب الشواذ مما غالب إسناده ضعيف وكالقراءة المنسوبة إلى الإمام أبي حنيفة التي جمعها أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي ومنها: إنما يخشى الله من عباده العلماء برفع الله ونصب العلماء.
وقد كتب الدارقطني وجماعة بأن هذا الكتاب موضوع لا أصل له.)
تذييل: تعليقاً على ما ذكره الأخ الكريم محب حول تلمس العذر لأئمتنا المتقدمين أقول:
هذا هو الأصل، ولكن لا يلزم كل إمام أن يكون له رأي في كل مسألة، فكون الزمخشري وأبي حيان لم يتعقبا هذه القراءة بنقد أو رد صريح لا يعني أنهما يصححان هذه القراءة.
ورأيي أن محاولة تلمس العذر للمتقدمين تختلف من مسألة إلى أخرى، فما ظهر ضعفه من المسائل، وكان ظاهر الشذوذ والمخالفة فينبغي عدم الوقوف عنده كثيراً.
وما كان له وجه قوي، أو حجة ظاهرة فهنا نقف ولا نستعجل في رده وإن خالف ما هو أقوى منه في نظر البعض.
والمسألة تحتاج إلى تأمل أكثر، وقد كتبت هذا التذييل على عجل.
ـ[نت نجد]ــــــــ[04 May 2004, 01:30 م]ـ
اخي العزيز اني شاكره لك معروفك وارجو ان يستفيد كل من يقراء هذا
ولكني سأطمع في الاكثر حيث اريد معنى واعراب الايه الكريمه
(وإذا ابتلى إبراهيم ربه)
وجزاك الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 May 2004, 05:25 م]ـ
1 ـ ما ذكره أبو مجاهد عن السيوطي من أن القراءة مروية في كتاب الهذلي (الكامل في القراءات الخمسين) موجود في نسخة دار الكتب المصرية لوحة 231ب)، قال الهذلي: (( .. (يخشى الله من عباده العلماء) نصب أبو حنيفة زالباقون بخلافه، وهو الإحسان؛ لأن الخشية من العبد تصحُّ).
وقوله: (نصب) يريد العلماء، ولا يكون إلا برفع المكتوبة.
وتوجيه القراءة فيه قلق، ولعل في التوجيه سقط.
2 ـ ما ذكره أبو مجاهد عن الباحث بلال البحر في مجلة الحكمة من ذكر القراءة في كتب أبي البقاء، لإني أنبه إلى أن أبا البقاء قد اشترط في كتابه الشواذ ألا يذكر من عُزِيت إلأيه، قال: ((واقتصرت على حكاية ألفاظها دون من عُزِيت إليه)) إعراب القراءات الشواذ (1: 85)، ولذا لم يذكر نسبت هذه القراءة في موضعها (2: 349).
2 ـ أنه ليس من شرط المفسرين أن يتعرضوا بالتضعيف والنقد كل ما يروونه سواءٌ أكان من الأخبار أو من القراءات أو من غير ذلك، وهذا منهج سار عليه كثير منهم، وهو بحاجة إلى بحث تحليلي نقدي.
ومن هنا فإنه لا يلزم لأن يكون هذا الأسلوب خطأ، كما لا يلزم أن يقبل كل ما ذكروه مما ظهرت عليه علامات الضعف والشذوذ.(/)
بين ابن جرير وابن كثير - دعوة للمشاركة
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[01 Mar 2004, 01:30 م]ـ
إن خير مايعتني به المسلم تدبر كتاب الله تعالى، وتدارسه وتقليب النظر فيه،ذلك أن القرآن فيه الهدى والنور، الهدى في جميع التصورات والأفكار والاعتقادات،والنور من ظلام السلوك والأفعال و الإرادات.
ولكي يصل المرء إلى فهم دقائق التعبير القرآني لابد له من إدمان المطالعة في كتب التفسير المعتبرة،والتي تحقق له ذلك المقصود النبيل.
ومن كتب التفسير التي نالت قصب السبق في هذا الميدان: تفسير ابن كثير رحمه الله،وسوف أعرض في هذه السطور الجانب الآخر من هذا التفسير، والذي قد يخفى على كثير من طلاب العلم فضلا عن عامة الشباب، وأرجو الله أن يوفقني إلى الحق، وأن يرزقني اتباعه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ملاحظة: (الإحالات سوف تكون على طبعة دار ابن حزم، الأولى،1419هـ)
فالقارئ لهذا التفسير يجد فوائد في السلوك، والتعامل، والمسائل الفقهية والحديثية والتفسيرية ومن خير ما يطرح في هذا الملتقى ما ناقش فيه ابن جرير، وهذا دعوة للتأمل في كتاب الله، لكي نزداد به إيمانا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Mar 2004, 09:13 م]ـ
بسم الله
فكرة موفقة، فامض فيها ولا تتردد، وأتحفنا بما تقتنصه من درر فوائد هذا التفسير الكبير، ولا تنس أن تعلق بما يفتحه الله عليك.
ولكن أخي: ألا ترى أن ما أشرت إليه في مشاركتك لا يتناسب مع موضوعها المعنون؟!
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Mar 2004, 10:20 م]ـ
اسأل الله لك الإعانة: ويوجد رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية بعنوان استدراكات ابن كثير على ابن جرير , وهي خاصة في الاستدراكات التفسيرية دون الحديثية آمل أن تستفيد منها.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[02 Mar 2004, 12:09 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
عمل يحتاج إلى تحقيق، و إن شئت فقد جمعتُ لك الاستدراكات أو الموافقات التي نصَّ ابن كثير على اسم ابن جرير في سائر العلوم التي ذكرت (المسائل الفقهية والحديثية والتفسيرية) حتى نهاية سورة الأنفال، وعددها يفوق المائة - أيام بحثي عن موضوع لرسالتي الماجستير - قبل أن أعلم بالرسالة المسجلة التى ذكرها الشيخ أحمد، كما أن هناك رسالةٌ علمية مقارنة بين ابن جرير و ابن كثير للدكتور ناصر الحميد أو الدكتور سليمان اللاحم من جامعة الإمام بالقصيم (يتأكد منها).
و شدِّ عزمك لنستفيد منها في هذا المنتدى
أمنياتي للجميع بالتوفيق.
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[03 Mar 2004, 12:20 ص]ـ
أشكر الإخوة على هذا التفاعل، وما قاله الأخ محمد صحيح، وذلك لأني أردت أن أضع واحدة من تلك المشاركات، ولكن خشية الإطالة صدفت عنها ونسيت العنوان!
ولكن - بالنسبة للعنوان- أريد التنبيه على أن الهدف من الموضوع معرفة الصحيح من معنى الآية، واكتشاف منهج الإمامين، وهذا يحتاج إلى مشاركة من الجميع لتحصل الفائدة والله الموفق.(/)
من لطائف تأثير الوقوف على المعاني
ـ[الميموني]ــــــــ[01 Mar 2004, 03:54 م]ـ
العناية بفهم الكتاب المجيد دليل على الخير و التسديد و علوم القرآن أسها فهم
التفسير وما يتعلق به من لغة ووقف و سبب نزول و وغير ذلك.
وهذه سلسلة في آيات يختلف معناها و موقعها النحوي بحسب اختلاف الوقف.
فيمكن أن نقول تأثير المعنى على الوقف و نقول تأثير الوقف على المعنى
من ا لآيات
قوله تعالى:
(قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العبدين) (الزخرف-81)
في الوقف عليها قولان:
القول الأول: أن الوقف على {ولد} وتكون {إن} نافية بمعنى (ما) والمعنى ما كان للرحمن ولد، ثم يبتدئ فأنا أول العابدين وهو قول الحسن، وقتادة، واختيار أبي حاتم، وذكره يعقوب عن قوم، واختاره ابن الأنباري.
القول الثاني:
أن الوقف على: {العابدين} وتكون {إن} شرطية على بابها أي إن كان للرحمن ولد على زعمكم فأنا أول من عبد الله ووحده، وهذا قول مجاهد، والسدي.
و القول بأنها شرطية هو الراجح وهو اختيار الإمام الطبري: على معنى: أنه إلطاف من الله تعالى لهم
كقوله تعالى:
{و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سبأ - 24).
وقد اختلف المفسرون في {العابدين} فقيل بمعنى العبادة وقيل من عبد بمعنى غضب أو أنف وأن أول العابدين معناه: أول الغضاب الآنفين وذكروا له شواهد من كلام العرب.
وقد ذكر الأزهري أن الآية مشكلة وذكر الأقوال فيها ورجح أن معناها:
(إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين إله الخلق الذي لم يلد ولم يولد لأن من عبد الله وحده فقد دفع أن يكون له ولد. وقال: وإلى هذا ذهب جماعة من ذوي المعرفة. قال ولا يجوز عندي غيره) اهـ. باختصار والقول بأن العبادة على بابها وهي على المعنى المعروف المتبادر للذهن هو القول الراجح في معنى الآية لأن حمل العبادة على غير المعنى المعروف المتبادر منها حمل لكتاب الله تعالى على غير المعنى الواضح بلا موجب.
وأما ? ما ? فالقول بأنها شرطية أرجح وأظهر كما قلت سابقا.
واختاره بالإضافة إلى من تقدم الإمام ابن كثير وعبارته رحمه الله تعالى في ذلك حسنة فإنه قال: (يقول تعالى ? قل ? يا محمد ? إن كان للرحمن ولد فأنا أول العبدين ? أي لو فرض هذا لعبدته على ذلك لأني عبد من عبيده مطيع لجميع ما يأمرني به ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته فلو فرض هذا لكان هذا ولكن هذا ممتنع في حقه سبحانه وتعالى والشرط لايلزم منه الوقوع و لا الجواز أيضا كما قال الله عز وجل ? لو أراد الله أن يتخذ ولدا لا صطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ?
الإيضاح 2/ 886 والقطع 651 و المكتفى ص
تفسير الطبري 25/ 103 510
ـ[الميموني]ــــــــ[02 Mar 2004, 08:02 م]ـ
تتميم
وقال ابن عاشور في تفسيره:
(ونظم الآية دقيق ومعضل، وتحته معان جمة: وأولها وأولاها: أنه لو يعلم أن لله أبناء لكان أول من يعبدهم، أي أحق منكم بأن أعبدهم، أي لأنه ليس أقل فهما من أن يعلم شيئا ابنا لله ولا يعترف لذلك بالإلهية لأن ابن الله يكون منسلاّ من ذات إلهية فلا يكون إلا إلها وأنا أعلم أن الإله يستحق العبادة .... الخ) اهـ.(/)
إطلالة حول آية كريمة
ـ[محمد البكري]ــــــــ[02 Mar 2004, 12:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناَ).
فقد امتن الله على عباده المؤمنين برابطة قوية، ووشيجة متأصلة، تتجلى في القول الحكيم: (إنما المؤمنون إخوة). يقول الأستاذ سيد قطب ـرحمه الله: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) في كل مجال، وعلى وجه الاطلاق، فيختارون أحسن مايقال ليقولوه، بذلك يتقون أن يفسد الشيطانُ ما بينهم من المودة، فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت، وبالرد السيئ يتلوها، فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف، ثم بالجفوة، ثم بالعداء.
والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب، تُندي جفافها، وتجمعها على الود الكريم، فالشيطان يتلمس سقطات فمه، وعثرات لسانه، فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه، والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات، وتقطع عليه الطريق، وتحفظ حرمة الأخوة آمناً من نزغاته ونفثاته) ا هـ.
وقد يقول القارئ الكريم:لِمَ كل هذه المقدمة؟!
فأقول إن مما ميز الله به هذا الملتقى المبارك هو الطرح الرصين، والأسلوب المميز، والعبارات المؤدبة.
فأملاً في استمرار هذا المنهج كتبت هذه الكلمات؛ لأذكر نفسي وإخواني بهذا، عملاً بقوله تعالى: (وَذَكِّرْ).
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:46 ص]ـ
وأنت كذلك أخي الكريم محمد جزاك الله خيراً على حسن ظنك بإخوانك أولاً، وحسن ابتداءك معنا ثانياً. فما أحوجنا إلى هذه الذكرى جميعاً، وما ذكرته وفقك الله هو الحق الصريح، والمنهج السديد الذي نرجو أن نستمسك به ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، فإننا نلتقي عبر صفحات هذا الملتقى بالكلمة المكتوبة فحسب، والمنهج أن نتقي الله قبل أن نكتب تلك الكلمة!
مرحباً بك في ملتقى أهل التفسير، وأرجو أن نرى لهذه المشاركة أخوات، ولا تكن كحوليات زهير بن أبي سلمى!(/)
ليعش المفسر زمانه
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[02 Mar 2004, 07:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الرد على المخالف سبيل حق , ومهيع واسع، وجادة مطروقة , في كل عصر ومصر , والناظر في كتب شيخ الاسلام رحمه الله، يجد أن اكثرها قام على هذا الاساس المتين من العلم، فلولم يعش زمانه وينظر في منعطفاته، ويمضي قلمه في نحر كل مناوئ للاسلام وأهله لكان غيرماكان، لقد نظر ـ رحمه الله ـ في كتب الضلال التي صدرت في عهده على كثرتها، ونصب لها منجنيق حق، فنسفها نسفا، مع تميزهم في ذلك العصرعلى ضلالهم بتضلعهم من العلوم الكلامية واللسانية، من فلاسفة وملاحدة وروافض ... ، لكن أسكتهم لسان الحق حتى لم تقم لهم قائمة.
ومازال اذنابهم كالعقرب تلوح بذيلها قبل شيخ الاسلام وبعده الى يومنا هذا، حتى اشتدت شوكتهم في زمن الرويبضة هذا ولاحول ولاقوة الا بالله.
وليس مرادي هنا التنظير للرد على المخالف، أو بيان فضل ذلك، وأنه من أعظم أبواب النصح لله ولكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد سطرت في هذا كتب مستقله حافلة، ليست خافية على أهل العلم والفضل من القراء الكرام.
إنما مرادي الإشارة إلى أن طالب العلم ـ والمفسرهنا على وجه الخصوص ـ لابد أن يعيش أيامه، ويعرف علوم زمانه ورجاله، ومالهم أو عليهم، حتى لاتغيب عنه بعض الحقايق، وربما مرعلي بعضهم زمن انقضى، لم يكن أحدهم يجالس فيه إلامن ضمتهم الاجداث، حتى أحدث لهم ذلك نفرة من الناس والحياة ـ وهذه أتاوة لابد أن يؤديها عشاق الكتب ـ فليست بالطريقة المثلى لطالب العلم، فلربما لم تساعده حتى العباره لتأدية مكنون صدره من علم يبثه بين أهله، ولربما استغلقت عليه الواضحات بين أقرانه وخلانه لغربة لسان العصر على سمعه وقلبه، فمع أن لغة العلم واحدة في كل العصور، إلا أن الناس غير الناس، فالانسان مدني بالطبع، يؤثر ويتأثر بكل ماحوله , وماالإنسان إلا ابن بئته ومجتمعه، تسري اليه طبيعته سريان الماء في جوف الشجر، ومانعيشه اليوم من تفاوت بين طلاب العلم في مداركهم وتنوع رغباتهم، وتباين شديد بين بعض أرائهم، حتى لربما أثر ذلك في اختيار العالم لوجه مباين للآخر في بعض مسائل العلم، إلا شاهد صدق لماذكرت، يعرف ذلك من تفنن في قراء ته بين المشارقة والمغاربة وغيرهم.
وهاهم الاقزام كأقزام كل عصر، وإن كانوا في عصرنا اشد مكرا وأضحل علما، يعشرون تعشير الحمار شرقا ومغربا، فهل نعرض عنهم الذكر صفحا، ونقبل على مانحن فيه من مسارات لحياتنا العلمية و (الاكاديمية)، أم نقابل الشبهة بالحجة، ونمضي جهاد القلم، فنضرب في نحورهم ضربة لازب، تأخذ بتلابيبهم فتصرعهم من اعلاهم حتى تدعهم كأعجاز نخل خاوية، كمافعل اسلافنا ـ رحمهم الله ـ لقد أمات الله بالإمام أحمد فتنة عظيمة وأخمدبه نارها، وقل أن تجد عالما مبرزا إلا وله سهام مبرية تصيب الغرة من نحر كل مبتدع أوناشرفتنة في زمانه، فمستقل ومستكثر، إلى يومنا هذا، وليس بخاف ماكتبة المعلمي رحمه الله في الذب عن جناب الدين وأعلامه، حتى عد كتابه التنكيل من أعظم المراجع عند بعض المتخصصين في علم الحديث وغيره.
إنها سلسلة مباركة تشنف بذكرها الاسماع من علماء طالما قاموا لله، فبه كانوا وله عاشوا وعليه ماتوا، فرحمهم الله رحمة تزورهم في أجداثهم تنير لهم القبور، ووهبنا لسان صدق به نقوم مقامهم من بعدهم، فتالله ماداهنو وماتعثروا في معاداة أعداء الله وإن كان من أبناء جلدتهم، أوأبنائهم أو أبائهم، ورحم الله الامام المحدث صاحب السنن، أبو داود السجستاني فقد كان ينصح عدم الاخذ عن ابنه، ويتهمه بالكذب، نصحا لله ولرسوله، مع تزكية أهل العلم له.
ما أحسن السلامة، وماأسهل طريقها، وما أشقى من عدل عنها وهولايستطيع غيرها، لكن هذه الشرذمة أخذت تتكاثر تكاثر الفراش، فليس لهم دواء كنار تضرم ليتهافتوا فيها، فماهم الامعول هدم للاسلام , وإن تكلموا بلسانه، وزعموا أنهم من حماته.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهناك أسماء ممقوت اصحابها , وإن سمعت فيها أحمد ومحمدا ... ، أرى انها أخذت حيزا من الساحة الاعلامية بكل قنواتها كتابية كانت أو مرئيه، تتكلم في الوحيين بما ارتأت , دون رادع أو وازع من علم أو هدى أو تقى، إنماهم أبواق للعدو في ثوب جديد، يتسترون بأستار براقة ـ كالنقد الثقافي، او الحرية الدينية , أو عالمية الثقافة ... ـ في سلسلة من الثياب الصفيقة التي يزيفها من عنده ادنى حس من الدين والعلم.
وإني مورد من هذه الاسماء مايكفي لتذكير أهل التفسير، بتلك الثعالب الضارية التي أخذت تعوي في جنبات العالم، مكشرة عن أنيابها، تحارب الله جهارا نهارا , وتشكك في كتابه وتزدريه، على مشهد ومسمع كثير من طلاب العلم، كل ذلك علي سبيل الاشارة، دون تقص أو تفتيش , لعلمي بأن حال الكثير منهم لايخفى على طلاب الشريعة وحراس العقيدة.
1ـ (المفكر والباحث الاسلامي نصر حامد أبوزيد) هكذا استضيف في أحد القنوات المرئيه، وهوماأصابني بالذهول لحال من سيستمع له، ولم يعرف حكم الله فيه من العامة وأشباههم، ممن أخذوا يتلقون دينهم من شاشات (تلفازهم) ـ وقديما قيل الناس على دين ملوكهم , واليوم يقال على دين تلفازهم ـ وهو ينكر ويهدم كثيرا من ثوابت الدين، فقلي بربك ماحال كثير من المستمعين بعد سماعه في إذاعة متأسلمة تبث صوتها على أسماع المسلمين وغيرهم ...
فسحقا لهذه المعاطف التي اثقلت كاهل زمرة من أهل العلم، عن أن يخرجوا للناس يعلموهم كتاب الله، ويبثوا نوره بينهم ... ، حتى تصدر هذا الغراب لتعليم علوم القرآن، القرآن الذي هو كلام الله جل في علاه ,والذي يعده هذا المأبون نصا بشريا لاقداسة ولاحرمة له.
2ـ محمد أركون. الداعي لإعادة قراءة القرآن من جديد، قراءة نقدية من خلال منظور نيتشه، وفرويد، وماركس. فهل بعد هذا الكفر من كفر.
3ـ محمد عابد الجابري. والذي ينكر الوحي ويعتبره حقبة تاريخية تخطاها الزمن، لقد قرأت له فوجدته شديد المراوغة، وإن تمتع بعمق في العبارة أحيانا إلا أن ضحالة معلوماته بعلم الشريعة تعيقة عن إيضاح مقصوده، ممازاد بعض الناشئة تعلقا بكتاباته، لشغف بني هذا الزمان بالكتابات الرمزية.
4ـ حسين أحمد أمين. وتصديه لتفسير كتاب الله جل في علاه , تفسيرا فلسفيا بنظرة ماركسية ملعونه.
وصدق الله إذ يقول (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا اساطير الأولين * ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغيرعلم ألاساء مايزرون).
ولست بصدد تعدادهم ـ أخزاهم الله ـ وقد قيل يكفيك من شر سماعه، فهل من غضبة لله، تسكت تلك الاصوات وهل من متصد لهؤلاء وأمثالهم, يصكهم بالحق صك الجندل، ويوردهم موارد الهلاك، فيفضحهم على رؤس الاشهاد، ويجرعهم الحنظل، حتى يتمنى أحدهم الموت ولايجدله سبيلا، وليس هذا من باب الفتيا،حتى يتدافعها أهل التفسير، بل من النصح لله ولكتابه.
وإني لأعجب من قوة أحدهم في الطرح، وعمقه في العباره على ماهو عليه من باطل، ويزيد التعجب عند رؤية دراسة نقدية لمثل فكرهولاء، تصدرفي ثوب مهلهل وعبارة باردة وجذب لشتاتها في بيان المقصود, و صاحبها ينشد الحق ويدافع عنه، وإنما خشي عمر رضي الله عنه واستعاذ من مثل هذه الحال.
ومع أن هناك جهود مشكورة للتصدي لهؤلاء وأمثالهم، إلا أني أهيب بأهل التفسير ومن حبسوا أنفسهم على هذا العلم الشريف، أن يكون لهم جهد يعرف في هذا الميدان، فهم من أولى الناس به، وأن يتحرروا من الانغلاق على محاور مسبوقة مطروقة، وينشدوا العالمية كماكان كتاب الله، فماخص الله به قوم دون غيرهم، فلينظروا خارج اسوار الجامعة، وليحد كل واحد منهم قلمه، ويضعه في لبة كل شانئ لكتاب الله، مجهزاً عليه دون رأفة أو رحمه.
إن الله حافظ كتابه , ومظهردينه، على رغم أنف من جحد وتكبر، ولكن لينظر كل امرئ ماقدم، وليعش زمانه
ويسامر لياليه وأيامه , ويناطح بالحق مناوئ الاسلام وقرون شيطانه، حتى يكتب في الخالدين من الخالدين، وينزل منازل الربانيين السالفين.
وفق الله الجميع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2004, 10:05 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه تذكرة لمن أراد من طلاب العلم أن يضرب بسهم في الدفاع عن القرآن الكريم، وقد انبرى العلماء في زمن انقضى لأمثال هؤلاء الكتاب فتركوا لنا ثروة علمية نفخر بها. وفي عهدنا القريب كتب طه حسين كتابه في الشعر الجاهلي، فرمى القرآن من طرف خفي، فثار عليه العلماء والكتاب الغيورون من أمثال العلامة الجليل محمد الخضر حسين، ومحمد فريد وجدي، ومحمد الغمراوي رحمهم الله، فكتبوا في الرد عليه كتباً، تعد من نفائس الكتب! فرب ضارة نافعة.
واليوم كما تفضلت - أخي الكريم - يصول ويجول هؤلاء المفترون دون رقيب ولا حسيب، بل وتروج كتبهم في الطعن في الوحي، والتهكم بالدين، فتصبح من أكثر الكتب مبيعاً في معارض الكتب، ويستضاف أصحابها في المحطات الفضائية، ويقدمون للناس على أنهم من (المفكرين الإسلاميين). ولكن لا عليك، فهم كما قال الرافعي - رحمه الله - هم عند أنفسهم كالجمرة المتوقدة لا يشبعها حطب الدنيا، ولكن غرفة من الماء تأكل الجمرة، وهم مخذولون بقوة الله، إذ ليس فيهم رجل فصيح بليغ يكون لهم كالتعبير من الطبيعة عن المذهب، حتى يثبت مذهبهم فلا يدفع، ويقوم فلا ينقص، ولن يأتي لهم هذا الرجل.
وإنك لتقرأ للواحد منهم الصفحات الطوال، فلا تعود بطائل، وهذا من الخذلان الذي ابتلاهم الله به، وانظر إلى كبارهم كم يسودون من الصفحات، وكم يحصل لهم من الدعم، ثم إذا الناتج لا يفي بالتعب. وحين تستفهم من أحدهم عن معنى قوله في أحد كتبه، أخذ بك في أودية من الكلام الذي ظاهره العربية، وباطنه فيه ما لست أدري ولا أفهم، فإن قلت له: لم أفهم!
أنحى باللائمة عليك وعلى فهمك، وعلى المناهج التي صنعتك هكذا، وشكلت تفكيرك هذا التشكيل، ولو كنت أتقنت منهج ديكارت في الشك، ومنهج سبينوزا في ما أدري ماذا، لكان لك شأن في فهم الكلام كما ينبغي الخ ما تقرأه وتسمعه، فلا تملك إلا أن تحوقل، وتلوذ بالصمت، فراراً من المعرة، وصيانة للعرض من منازعة هؤلاء في مجامع الناس، ومنتدياتهم.
وإنك لتعود إلى سورة الناس فتقرأها، فتذهب عنك ما علق بك من أوضار كلام هؤلاء ومجالستهم، كما يذهب الماء الطهور ما يعلق بالبدن الطاهر!
شكر الله لك أخي الكريم هذه النفحة الرافعية! (نسبةً للرافعي طبعاً).
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Mar 2004, 06:35 ص]ـ
أتفق مع أخي ابن الشجري فيما طرحه أعلاه، وأشكره على حسن بيانه، وصدق غيرته. وأشكر الأخ عبدالرحمن الذي تعجبني تعقيباته الأدبية كثيراً، فيا حبذا لو أكثرتم من هذا اللون فهو ينشط المنتدى كثيراً، ويذهب عني وأمثالي السأم والملل.
ولدي اقتراح أن يتم في الملتقى المفتوح طرح بعض القضايا الأدبية، التي أراكما تتقنان التعامل معها بمهارة، بخلاف كثير من المنتديات الأدبية على الانترنت فإنها لا تشفي الغليل كما تشفيه الكتابات في هذا المنتدى على قلتها!! وأرجو أن لا تقولوا هذا موقع متخصص يا شيخ عبدالرحمن حفظك الله، فالذي يبدو لي من كتاباتك سعة صدرك، وبعد أفقك.
أخوك
فهد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Mar 2004, 12:29 م]ـ
أشكرك أخي الكريم فهد على حسن ظنك، وعلى حسن تعقيبك. ولا مانع لدينا مما أشرتم إليه، ونحن نستمتع بذلك أكثر مما تتصور، ومن وجد في نفسه القدرة على السير على هذه الطريقة في البيان، فهذا مما يقوي ملكة البيان عند الكاتب ولا شك، وهذا هدف من أهداف هذا الملتقى الحواري، ولو في الملتقى المفتوح.
وأضم صوتي لصوتك في مطالبة الإخوة الكرام الذين يجيدون التعامل مع الكلمة كما يصنع ابن الشجري بارك الله فيه، أن يشاركونا في طرد الملل كلما أطل برأسه على هذا الملتقى، ولا أكتمك أن النفس تمل، ولا تنشط في كل حين للكتابة العلمية المحررة، فهي تحتاج إلى صفاء ذهن، وخلو بال، وهما أمران قلما يزوراننا في هذا الزمان الحزين.
وقد هيأ الله هذا الملتقى الذي ليس بينه وبين الكاتب حجاب كما في الصحف والمجلات ونحوها من وسائل الإعلام، فهنا لا يلوم الكاتب إلا موقع يده على لوحة المفاتيح! فليس عندنا منع إلا لشيء تعدى حدود الشرع، أو جاوز حمى الأدب، وما سوى ذلك فعلم وأدب ننتفع به، ونهش لقراءته كما يهش الغريب لأوبة وتلاقِ!
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[15 Mar 2004, 12:38 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
شكر الله للأخوين الكريمين ماعقبا به، وأخص بالشكر أخي الكريم الشيخ عبدالرحمن الشهري، الذي لايترك فرصة تسنح أوتبرح إلا ويأخذ بيدي فيها، مشجعاً تارة، ومسددا تارة أخرى، فجزاه الله عن أخيه خيرأ.
وأنا معك اخي الكريم في ماذكرته عن كتب هذه الحثالة، وماسودته من صفحات أعمارها وأعمالها، فلو سود أحدهم بالمداد وجهه لماعد في زمرة الكتاب، إذ كان مكان أحدهم دورالكتاب، خاصة في علوم الشرع المطهر والتي هي الغاية، وإن شارك بعضهم في العلوم اللسانية، وهذا العلم إن لم يضبطه صاحبه بالشرع المطهر كان وبالا عليه! ـ وليس بخاف براعة المعتزلة قديما في هذا الفن لقيام مذهبهم على علم الكلام، ونصارى العرب كذلك، خاصة أقباط مصر وموارنة لبنان ـ وقد يكون الدواء الناجع مع بعضهم هو تجاهله، ولكن تعرف أخي الكريم أن لكل ساقطة لاقطه، فلا يستبعد أن يقع في بعض شبههم من لا يعرف كوعه من بوعه في علوم الشريعة، خاصة أن الأمر ماذكر من خروج بعضهم أمام الملأ، فكان لزاما على من وفقه الله وفتح عليه بالعلم أن يغتنم بعض ساعات عمره في جهاد الكلمة، إذ هي من أعظم أبواب الجهاد، خاصة في هذه الازمان، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس عند ألامام أحمد وغيره أنه قال (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم والسنتكم)، وقبله آية التحريم (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) الآية. وجهاد من غرق في النفاق إنما هو بالحجة.
وكذلك معك ـ زادك الله توفيقا ـ في أن أكثر كلامهم أشبه شئ بالطلاسم، ولربما كان لبعضهم وقر بعير من تصانيفه، يكررنفسه ووسوسته في كل كتاب منها، وهم وإن كان قد استشرى شرهم فليس لهم كتاب معول عليه، أو لسان يتحدث باسمهم كماكان أسلافهم من معتزلة، وجهمية وغيرهم، فالأمر ماذكرت.
لكن لابد لهذه الطلاسم من تعاويذ إيمانية، ولهذا التعشير من كية في الرأس تزيل كل وسوسة، أو درة كدرة الفاروق تقوم منه مقام المندفه.
وأما ما أشرت إليه بخصوص الحاجة التي تستدعيها النفس المطمئنة من عودة لكتاب الله، بعد مطالعة بعض كتبهم فصدقت، وأذكر مرة أني اطلعت على كتاب لأحد الهالكين منهم (عاشق لعار التاريخ) ويعلم الله ما أخذت أقرأ فيه حتى أنكرت من بصري وبصيرتي ... ، فقذفته من حالق، وعذت ولذت من المخلوق بالخالق، وواريت أغلب كتبهم عن مسرح نظري في رفوف مكتبتي ,حتى لاتقع عيني على غرة مني على بعض كتبهم فينتكس الخاطر.
فدر درك أبا عبدالله على ماجادت به قريحتك، ونقرت به شناترك.
وأعود بالشكرعلى أخي الكريم فهد، وآمل أن نرى منه في هذا الباب ماهو حري بعلمه، خاصة وأنه قد تصدر لتعليم لغة القرآن، وهو أهل لذلك إن شاء الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Mar 2005, 11:39 م]ـ
يرفع للفائدة، وطلباً للمزيد من التعليقات
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 Mar 2005, 09:01 م]ـ
لأول مرة أعرف عن محمد عابد الجابري ما قلت أخي
فهل تنقل لي شيئا من كلامه حول إنكاره للوحي
أما طوامه الأخرى فهي كثيرة جدا منها قوله
((فلا ذنب ولا لوم على المرأة إذا هي لبست اللباس العصري أو اللباس التقليدي، فليس اللباس ذاته هو الذي يحمي من "مقدمات المحظور"، لأن المحظور نفسه يمكن أن يحصل في عصرنا بالحجاب الذي يلف سائر جسم المرأة ولا يحصل بالسفور.)) http://www.aljabriabed.com/tajdid13.htm
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2005, 09:29 م]ـ
اعترافات .. محمد عابد الجابري .. ! ( http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/12.htm)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 Mar 2005, 09:46 م]ـ
شيخنا الرابط لا يفتح
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2005, 09:55 م]ـ
أما أنا فالرابط يعمل عندي؛ فيمكنك تكرار النقر عليه، أو تحديث الصفحة بعد فتحها
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 Mar 2005, 06:02 ص]ـ
الذي يظهر أنه كان عطل مؤقت عندي--فلقد فتحته
أما بالنسبة للمقال الذي فيه فلا يتناول أقوال الجابري بالنقد والتحليل--من الممكن للباحثين نقل أقواله من موقعه ونقدها وخصوصا موقفه السيء من منع فرنسا للطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:48 م]ـ
يرفع للفائدة، وطلباً للمزيد من التعليقات
وللسؤال عن أخينا ابن الشجري،،،
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Feb 2009, 07:04 م]ـ
شكر الله لك -فضيلة الشيخ أبا مجاهد- هذا التذكير ..
كلما قرأت أمثال هذه الموضوعات والتعقيبات تتوق نفسي وتشرئب بحثا عمن يحيي سنّتها، ويبعث سيرتها.
وسؤالك عن أخينا ابن الشجري سؤالنا جميعا ..
حفظه الله من كل سوء وجمعنا به قريبا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2009, 09:01 ص]ـ
الصديق العزيز ابن الشجري بخير وعافية ولله الحمد، ولكنه اشتغل بخاصة نفسه عن الكتابة، وألهاه العيشُ في الزمانِ الصَّعب، عن تفقد أحوال الصَّحّب، فليته يعود لسابق عوائده، ونشر طرائف فرائده، وأن يتخفف من الصفق بالأسواق، فنحن له بالأشواق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[08 Mar 2009, 04:35 ص]ـ
حماك الله ضحوك السن بسام العشيات، وكفانا وإياك شر هذه الأسواق فماهي إلا شر البقاع، ورزقنا وإياك من الدنيا ما نصون به ماء الوجه ويزيد عن قضاء الحاجة، ووهبنا بركة في العمر وصلاحا في العمل ورضا بالقضاء والقدر، وكفانا وإياك شر أنفسنا وشر جميع عباده فما أضعف من وكله الله لنفسه أو لأحد من خلقه، واستعملنا وإياك في مرضاته فيا شقاوة من شغلته دنياه عن آخرته، وقدر لنا جميعا من عافيته ما تهنأ به الحياة ويطيب العيش وتسكن النفس.
تعلم رعاك الله أني ماكنت يوما بحمد الله عبد القفا واللهازم، لكن أقدار الله تجري على عادة وغير عادة في حكمة بالغة، لقد كان من خبر السوق والأسواق ما تحزن معه كان، فلقد كانت أندية القوم ومستراحها، تحج لها الشعراء والأعيان، وتحل فيها الحروب وتضرم نيرانها، لا يأنف كبير عن قصدها، ولا يعدم صغير من نفعها، كتبت عن مآثرها الكتب، وشادت بها العرب والعجم، أما سيقت إليها الحوليات والمذهبات، وتلك المسمطات والمعلقات، نفاخر بها حتى يوم الناس هذا، من عكاظ إلى ذي مجاز ومن مجنة إلى حباشة، وأنت تعلم حرس الله مهجتك ما حباشة، فمن بركته معجم البلدان، فما أطول الأحزان.
ثم مازال أمر الخليقة ينقص حتى آل الأمر إلى ماترى، فأصبح العاقل يأنف من غشيانها، ويزداد سفه الجاهل بإتيانها، فغدت سبة جهل بعد أن كانت قبة علم، ومحل بهرجة وتكاثر بعد أن كانت مورد أدب وتفاخر، وربك يخلق مايشاء ويختار.
وإن كنا لم نأتها إلا كما أتاها من هو خير منا، لقضاء حاجة لابد منها، أو عقد صفقة ليس لنا فيها أكثر من توثيقها، فلم يغب عني مرادك بعتابك حماك الله، لكن أخشى غيابه عمن وراءك، فيظن بنا الظنون، ويبهتنا بما دونه ريب المنون، فأعددنا للأمر عدته، وأحببنا وأده في مهده، قبل أن يقول متقول، أو يجول بفكره متجول، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حين نادى إنها لصفية، وربك أعلم بالنية.
شكر الله لك وللأخوة الكرام حسن التفقد وجميل التعهد، وإن كان لم يخل من دليل محبة، وتلطف معاتبة، وجميل مؤانسة، وإهداء نصيحة، اختصرته في سطر واحد لك الله، وأنا أجمعه جمع شماطيط وأشقى به شقاوة مباري عباديد، ومع هذا فإني لعمر الله لنفسي أشد معاتبة، ونفسي من نفسي تعبت منازعة، فما عاتب الحر الكريم كنفسه، فأعوذ بالله أن نستبدل الأدنى بالذي هو خير، ولن أساوم بحظي منكم مع الغير، فإني به لأشح من صبي وأحن من شارف، فمن لك بمن له عذر سمين، هبرة صافية تنشد العافية، فما كل ما تهواه تستطيعه، وما كل ما تستطيعه تهواه، والعاقل يرى في الحياة عبرة، ويرى من نفسه عبر، ولكن ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.
فلك في قلبي ومن قلبي من الشكر أضعافا مضاعفة، وللأخوة جميعا من الدكتور محمد إلى العبادي إلى من راسلني سائلا عني، والله يتولانا جميعا بمنه ولطفه وكرمه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Mar 2009, 07:21 ص]ـ
شكر الله لك وللأخوة الكرام حسن التفقد وجميل التعهد، وإن كان لم يخل من دليل محبة، وتلطف معاتبة، وجميل مؤانسة، وإهداء نصيحة، اختصرته في سطر واحد لك الله، وأنا أجمعه جمع شماطيط وأشقى به شقاوة مباري عباديد، ومع هذا فإني لعمر الله لنفسي أشد معاتبة، ونفسي من نفسي تعبت منازعة، فما عاتب الحر الكريم كنفسه، فأعوذ بالله أن نستبدل الأدنى بالذي هو خير، ولن أساوم بحظي منكم مع الغير، فإني به لأشح من صبي وأحن من شارف، فمن لك بمن له عذر سمين، هبرة صافية تنشد العافية، فما كل ما تهواه تستطيعه، وما كل ما تستطيعه تهواه، والعاقل يرى في الحياة عبرة، ويرى من نفسه عبر، ولكن ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.
فلك في قلبي ومن قلبي من الشكر أضعافا مضاعفة، وللأخوة جميعا من الدكتور محمد إلى العبادي إلى من راسلني سائلا عني، والله يتولانا جميعا بمنه ولطفه وكرمه.
حياكم الله يا أبا عبدالرحمن ونفع بكم، وأسعدتني عودتكم.(/)
من هي الفرقة الناجية؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 Mar 2004, 10:02 ص]ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة، فواحدة في الجنة و سبعين في النار، و افترقت النصارى على اثنين و سبعين فرقة فواحدة في الجنة و إحدى و سبعين في النار، و الذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين فرقة، فواحدة في الجنة و ثنتين و سبعين في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة
من هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟
هي بلا شك الأمة المعنية برسالته.
ومن هي الأمة المعنية برسالته؟
هي البشرية كلها، قال تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.
إذن فالعالمين لها معنيين:
إن أطلقت وأريد بها كل ما سوى الله فهي تعني: عالم الملائكة وعالم الجن وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم الجماد .... وكل واحد من هذه العوالم يتفرع إلى عوالم أخرى، فعالم الحشرات فيه عالم النمل وعالم النحل وعالم الدبابير .... إلى آخره.
وإن أطلقت كلمة (العالمين) وأريد بها عالم البشر فهذا العالم أيضا يتفرع إلى عوالم: العالم العربي والعالم الأنجلوسكسوني والعالم الغالي ... أو تعني كلمة (العالمين) الطوائف، كل طائفة من الناس تشترك في معتقد.
نحن نرى أن عالم البشر يتفرع إلى عالمين، فهؤلائ العالمون هم بلا أدنى شك متفرقون. فهل هذا هو التفرق الذي أنبأنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لا يمكن أن يصح هذا الوصف إلا إذا كان هؤلاء العالمين كلهم مسلمين ثم تفرقوا بعد ذلك، عندئذ يصح أن نقول عنهم (تفرقوا)، كان يجمعهم شيء واحد ثم تفرقوا.
حسب التاريخ والواقع أن العالم لم يكن في يوم من الأيام كله على دين الإسلام، مازال أكثر الناس لايؤمنون بالإسلام، وبالتالي فإن العالمين لم يجتمعوا قط على الإيمان بالإسلام ثم تفرقوا.
وحيث أن الإسلام رسالة الله العزيز الحكيم إلى الناس كافة فعلى العزيز الحكيم بيان رسالته إلى العالمين كافة فتستيقنه أنفسهم لتقوم عليهم الحجة، لأن الإقناع من لوازم الحكمة، فإذا لم أستطع إقناعك فإنني تنقصني الحكمة، ورسالة الإسلام عنوانها: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)، لذلك فهو سيبين آياته لكل الناس حتى يتبين لهم أنه الحق، فيستيقن الناس كافة أن الدين الحق هو الإسلام.
فإن تفرق الناس بعد ذلك فإن كلمة (تفرقوا) تصح فيهم، لأن التفرق
يأتي بعد اليقين بالحق، ولنا في القرآن ما يؤيد ذلك في الأمم السابقة،
قال تعالى: وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم).
إذن فالعالمين بعد أن يأتيهم العلم (اليقين أن الإسلام هو الحق) سينقسمون إلى 73 فرقة، إحداهما في الجنة والباقي في النار.
ولكي أبرهن على صحة ما أقول أن أمة رسول الله هي (العالمين) التي تعدادها 73 عالم، ذهبت أعد كم مرة جاءت كلمة العالمين في القرآن فوجدتها ذكرت 73 مرة، ومن عنده المعجم المفهرس فليتأكد بنفسه من ذلك.
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 Mar 2004, 10:40 ص]ـ
ما أردت قوله هو أن العالم كله سيصبح في يوم من الأيام أمة محمد عليه الصلاة والسلام بعد أن يوقنوا برسالة الإسلام، ثم بعد ذلك سيتفرق الناس من جديد لسبب من الأسباب، ربما بالفتن كفتنة الدجال.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[02 Mar 2004, 05:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الكريم أرجو أن تتقبل مني القول وإن كان فيه مضاضه، وتتذكر أنه يجمعني بك أخوة الاسلام، فمنها سأحدثك بحديثي، بارك الله فيك.
أولا: لست من دعاة غلق باب الاجتهاد , فقد ثبت أن نصوص الشريعة متناهية بخلاف فرعها ونوازلها والتي تستدعي النظر والبحث، وهذه المسألة التي ذكرتها ـ وفقك الله ـ ليست من نوازل الاحكام أو من المسائل التي أغفلها علماء الشريعه فلم يولوها حقها من البحث والدرس، حتى نأتي ونجتهد إجتهادات لاسند لها يعضدها، بله أن تكون إجتهادات تدفعها الحجج القائمة والمنزلة من الوحيين الشريفين، ولا أعلم من ذهب إلى مثل قولك على ما يكتنفه من غموض وتكلف ظاهر، فهل حرصت أخي الكريم على أن تستند لقول عالم تستأنس به في حديثك هذا.
ثانيا: لازال الحديث الذي ذكرته محل بحث ونظر عند كثير من أهل الحديث بين مصحح له ومضعف، ومصحح لبعض الفاظه دون بعظها الاخر، فإن صح الحديث فكلامي السابق، وإن كان الحديث باطلا كان حديثك كله مبني على جرف هار.
ثالثا: الذي أعرفه من تلاد معلوماتي أن الامه في لسان الشرع يحدد مقصودها موضوعها من الحديث، وموضع ورودها، وهي لاتخرج عن معنيين، هما أمة الدعوة وأمة الاجابة،فبالمعنى ألاول يدخل فيها كل مكلف مخاطب بالشرع، وبالثاني تطلق ويراد بها أتباعه ومنهم على ملته صلى الله عليه وسلم، وإذا حررت هذا المعنى تبين لك خطأ ماذهبت اليه، فلأمة المعنية برسالته هي أمة الدعوة، مسلمها وكافرها وهم من العالمين، وأمته التي ستفترق هي أمة الاجابة، وأول الحديث يشهد لهذا، وقد حدث هذا الافتراق منذ الصدر ألاول، خوارج ومرجئة وروافض ... ، (فأين تقطن؟!)
وليتك عدت إلى اقرب كتاب تتناوله يدك من تفسير أو لغة ونظرت في معنى العالمين وكلام أهل العلم، ثم كررت النظر في كلامهم، ونقلهم عن صاحب الشرع، هل ورد مايدل على دخول البشرية جمعاء في دين الاسلام، أم أن النصوص من الوحيين كلها ترد هذا القول وتدفعه، والاجتهادات إنما تقبل في ضوء نصوص الشريعة الغراء , فهل لك من نص تورده يشهد لخطير ماذهبت اليه من القول، وقديما تكلم العلماء رحمهم الله في الرأي المذموم الذي يمثل له بمثل ماذهبت اليه.
فليتك أخي الكريم تعيد النظر فيما ذهبت اليه، فالرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل , وما أظنك الاناشدحق، وإن أخطأت الطريق، فلم تكتب لأحد منا العصمة من الزلل، بل كلنا راد ومردود عليه.(/)
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:00 م]ـ
الحمد لله العزيز الحكيم
يقول الله سبحانه: إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور، ونفهم من هذا أن لو كان للصبر معنى يختلف عن معنى الشكر لجاء بواو العطف، ولكن قال:صبار شكور مما يدل أن الصبر هو عين الشكر، فتكاليف الدين كلها مبنية على الصبر، فلو كان الثناء باللسان هو الشكر لكان ما أسهله. وإنما الثناء باللسان يسمى حمدا، والثناء بالأفعال يسمى شكرا، والثناء بالأفعال هو الصبر، فحينما يقول تعالى: أشكر لي ولوالديك فهذا لا يعني قل فقط في والديك قولا كريما. ولقد وصف الله نوحا بالشكر فقال عنه إنه كان عبدا شكورا، وذلك لأن مدة صبره على قومه أكبر من أية مدة قضاها رسول آخر مع قومه، لقد صبر عليه السلام 950 سنة فاستحق أن يلقب بالشكور.
الصبر لا يقال إلا لشيء فيه عناء ومشقة، والإنسان لا يصبر على شيء إلا لأنه يعلم أنه سيجني من وراء صبره خيرا،
والإنسان لا يغامر ويعرض نفسه للمشقة والعناء إلا إذا كان متأكدا وعنده من اليقين ما يطمئنه أن ذلك سيعود عليه بالفائدة، والله سبحانه وتعالى عليم بخواطر النفس البشرية، فكلما أمر الإنسان بالصبر إلا ويطمئنه أن صبره سيجني منه خيرا والله منزه أن تأتي النتائج على خلاف ما يقول، ولذلك نجد في القرآن يأتي دائما التسبيح بعد الأمر بالصبر،فكأنه تعالى يقول: يا عبدي إذا قلت لك اصبر فذلك هو الحق والصواب وأنا منزه عن الخطأ، ويمكن أن آتي بأمثلة من القرآن تؤيد ما أقول.
(فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) 130 طه.
(فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) 39 ق
سورة الإسراء بدأت بالتسبيح لأنها تلت سورة النحل التي ختمت بالأمر بالصبر.
وإذا تأملنا السور التي ابتدأت بالتسبيح فإننا نرى أنها كانت كذلك إما بعد تأكيد للحق كقوله تعالى: إن هذا لهو حق اليقين، فكان من الحكمة أن يأتي التنزيه بعد ذلك لأن حق اليقين لا يأتي إلا من العزيز الحكيم، فقال بعدها:
فسبح باسم ربك العظيم. وتلتها سورة الحديد مبتدأة بالتسبيح للعزيزالحكيم.
ونجد السور الأخرى التي تبتدأ بالتسبيح تأتي بعد سور فيها أمر الله للذين آمنوا،وآمر الله (افعل أو لا تفعل) يعتبر أمرا بالصبر.
و قد يطمئن الله من أمره بالصبر بأن يقول له: إن وعد الله حق.
إذن الصبر هو الشكر
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[02 Mar 2004, 07:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الناشد للعلم والفضل وفقه الله
القول ماقلنا في الفرقة الناجية , فراجعه منه , واحرص على أن يكون لك في قولك في معاني القرآن سلف من ارباب المعاني، فالقول المبتسر لن يعجز أحدا , ولو تكلفنا لتوجيه ماذكرت عن طريق الدلالات اللفظية، باللزوم أو المطابقة أو التضمن لربما لم نسلم من ناقد يستدرك، فكيف بمثل هذا الهجوم، فلعلنا نراجع جميعا بعض كتب الاصول ومفردات القرآن الكريم.
وفقني الله وإياك لسداد القول والعمل.(/)
أرجو تزويدي بعقيدة مؤلف كتاب: لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام
ـ[سنابل الخير]ــــــــ[02 Mar 2004, 04:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اتمنى ممن لديه علم بعقيدة هذا المؤلف موافاتي به وله مني الشكر والدعاء
عمر محمد خليل أبو علي السكوني
مؤلف كتاب: لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام
مقريء من فقهاء المالكية.
أختكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Mar 2004, 10:11 م]ـ
له كتاب (التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزاليات في تفسير الكتاب العزيز) صدره بمقدمة عن التوحيد. وقد ذكر ذلك في ترجمته.
ـ[أحمد دبوس]ــــــــ[03 Mar 2004, 02:20 ص]ـ
هناك كتاب بعنوان ((إلجام العوام عن علم الكلام))
إن كان ما تقصد فهو للإمام الغزالي صاحب منهج الأشاعرة في أوانه وللإن مازالت تدرس عقيدته
فالحذر .. الحذر
ـ[ابن العربي]ــــــــ[03 Mar 2004, 01:32 م]ـ
بسم الله
تجد ترجمته له في كتاب كشف الظنون ج 5 ص 788
وكتاب الأعلام للزركلي ج 5 ص 63
ولو ذهبت إلى طبقات المالكية ستجد ترجمة له
لكن والله تعالى أعلم أن كل من رد على الزمخشري في كشافه هم من الأشاعرة ويسمون أنفسهم بأهل السنة
وهناك كتاب المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف
تأليف صالح الغامدي
مجلدين تناول فيها الزمخشري وابن المنير ومن المحتمل أن يكون ذكر عمر بن محمد خليل هذا
وفقك الله(/)
دور القراءات في تفسير الآيات
ـ[محمد البكري]ــــــــ[02 Mar 2004, 09:43 م]ـ
الحمد لله القائل ((ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: ــ
فإن علم القراءات من أشرف العلوم وأجل الفنون كيف لا وهو متعلق بأشرف كتاب وخير كلام وقد سخرالله لهذا العلم من يخدمه على مر الدهور وكر العصور منذ نزوله وحتى وصوله إلينا عن طريق التواتر المصون عن التحريف والتغيير والتبديل.
ومما يجهله الكثير من المسلمين أن هذا العلم مجرد تغيير لألفاظ فحسب ولو تأمل وتمهل لوجد الأمر أبعد من ذلك فالمفسر مثلاً إن اعتمد في بيانه على قراءة واحدة وأعرض عن غيرها فكأنما ترك بعض ماأنزل ولهذا فمن ضمن الفوارق المعتبرة التي تحسب لتفسير عن آخر اهتمام بعضها بأوجه القراءا ت، وسأعرض فيما يلي بعض النماذج التي تفيد أهل العلم في التفسير:ــ
1ــ بيان حكم من الأحكام:
بأن تقيد قراءة إطلاق قراءة أخرى، مثاله قول الله تعالى ((وإن كان رجل يورث كلالة أو امراة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس))
قرأ سعد بن أبي وقاص ((وله أخ أو أخت من أمه)) بزيادة عبارة (من أمه) وهي مقيدة، وهذا حكم مجمع عليه.
2ــ الجمع بين حكمين مختلفين:ـ
قال تعالى ((فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يَطهُرن)) قرأ حمزة والكسائي وشعبة ((حتى يَطَّهَّرن) وهذه الكلمة المشددة تفيد وجوب الغسل بعد انقطاع دم الحيض لتحل المعاشرة وبه قال الأئمة الثلاثة وهو حكم استفيد من مجموع القراءتين لا من إحداهما.
3ــ الدلالة على حكمين شرعيين:ــ
مثاله قوله تعالى ((فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين)) قرأ نافع وابن عامروحفص والكسائي ويعقوب بالنصب في (وأرجلكم) والباقون بالجر والفائدة من ذلك تفيد وجوب الغسل وهو الأصل وقراءة الجر تفيد طلب المسح وهو رخصة للابس الخف ثبتت بالسنة الفعلية والقولية.
وإسهامات القراءات في تفسيرالآيات كثيرة منها دفع توهم ما ليس مراداَ أو بيان لفظ مبهم أوشرح كلمة غامضة إلى آخره،، وفق الله الجميع لخدمة كتابه والله أعلم(/)
هل التشريعات تكليف أم إلزام
ـ[ابن العربي]ــــــــ[03 Mar 2004, 06:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
آمل من أهل العلم أن يجيبوا على هذا السؤال مع ذكر المراجع إن أمكن وهو:
هل التشريعات الواردة في القرآن تكليفية أو إلزامية؟.
جزاكم الله خيراً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Mar 2004, 09:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي ابن العربي وفقك الله
لعل في هذه الفائدة شيئاً من الجواب على سؤالك:
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان الجزء: 1 الصفحة:31:
(وليس المقصود بالعبادات والأوامر المشقة والكلفة بالقصد الأول، وإن وقع ذلك ضمنا وتبعا في بعضها، لأسباب اقتضته لابد منها، وهي من لوازم هذه النشأة.
فأوامره سبحانه، وحقه الذي أوجبه على عباده، وشرائعه التي شرعها لهم، هي قرة العيون ولذة القلوب، ونعيم الأرواح وسرورها، وبها شفاؤها وسعادتها وفلاحها، وكمالها في معاشها ومعادها، بل لا سرور لها ولا فرح ولا لذة ولا نعيم في الحقيقة إلا بذلك، كما قال تعالى: " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " قال أبو سعيد الخدري: فضل الله: القرآن، ورحمته: أن جعلكم من أهله وقال هلال بن يسار: بالإسلام الذي هداكم إليه. وبالقرآن الذي علمكم إياه، هو خير مما تجمعون: من الذهب والفضة وكذلك قال ابن عباس والحسن وقتادة: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن وقالت طائفة من السلف: فضله القرآن، ورحمته الإسلام.
والتحقيق: أن كلا منهما فيه الوصفان، الفضل والرحمة، وهما الأمران اللذان امتن الله بهما على رسوله عليه الصلاة والسلام فقال: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان " والله سبحانه إنما رفع من رفع بالكتاب والإيمان، ووضع من وضع بعدمهما.
فإن قيل: فقد وقع تسمية ذلك تكليفا في القرآن كقوله: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وقوله: " لا نكلف نفسا إلا وسعها ".
قيل: نعم، إنما جاء ذلك في جانب النفي، ولم يسم سبحانه أوامره ووصاياه وشرائعه تكليفا قط، بل سماها روحا ونورا، وشفاء وهدى ورحمة، وحياة، وعهدا، ووصية، ونحو ذلك.).
ـ[ابن العربي]ــــــــ[03 Mar 2004, 01:24 م]ـ
بسم الله
جزاك الله خيراً وبارك فيك
ـ[ابن العربي]ــــــــ[04 Mar 2004, 07:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التكليفات الشرعية جاء بها الشرع بنص قد يكون قطعي الدلالة وقد يكون ظني الدلالة
والقواعد الشرعية أحكام ثابتة ومتغيرة
وهناك أمور مستجدة في حياة الناس ليس فيها نص شرعي
مثل // تحديد العمل بساعات معينة في اليوم
ومثل // وضع الجداول الدراسية
ومثل // وضع نظام المرور
وغير ذلك من الأمثلة
السؤال // هل العمل بها لازم على الرغم من عدم وجود نص شرعي؟
وهذه الدراسة فقهيه تدخل في القواعد الفقهيه لكن هل من الممكن تحويلها إلى دراسة قرآنية تفسيريه؟
إذا كان الجواب / نعم
فكيف السبيل إلى ذلك؟
ولكم مني دعوة في ظهر الغيب
وجزاكم الله خيراً
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Mar 2004, 01:44 م]ـ
بسم الله
هل السؤال غير واضح ولذلك تأخر الرد
جزاكم الله خيراً أريد أحد يساعدني في هذا الموضوع
ـ[ابن العربي]ــــــــ[08 Mar 2004, 10:36 ص]ـ
بارك الله فيكم من يجيب؟
ـ[الباحث7]ــــــــ[08 Mar 2004, 11:24 ص]ـ
يمكن أن يبحث ما سألت عنه من خلال تتبع كلمتي التكلبف والإلزام في القرآن باشتقاقاتهما المتعددة، ثم ينظر في المعنى الدقيق لكل منهما، ويستفاد في ذلك من كتب مفردات القرآن والمعاجم اللغوية.
وهذا مواضع ذكر مادة: كلف في القرآن:
(لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية233)
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية286)
(لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) (النساء: من الآية84)
(لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (الأنعام: من الآية152)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (لأعراف: من الآية42)
(وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (المؤمنون: من الآية62)
(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (صّ:86)
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) (الطلاق: من الآية7)
وهذه مواضع ذكر مادة: لزم:
(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود:28)
(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً) (الاسراء:13)
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (الفتح:26)
فشمر يا أخي ابن العربي، وتأمل هذه المواضع، واستخرج الفرق بين المادتين، ونحن بانتظار إفادتك أعانك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Mar 2004, 07:43 م]ـ
أخي الكريم ابن العربي وفقه الله ..
أحببت أن اشارك في موضوعك باختصار:
قبل الإجابة على السؤال: هل التشريعات تكليفية أو إلزامية، ينبغي أن يعرف المقصود بالتكليف والإلزام وهل بينهما فرق وعند العودة لتعريف التكليف نجد أنه:
لغة إلزام ما فيه كلفة أي مشقة وشرعا إلزام مقتضى خطاب الشرع
والكلفة هي: المشقة.
وهناك تعريفات كثيرة للتكليف ..
وعليه فهل التشريعات الإلهية إلزامية وتكليفية وهل كونها تتصف بأحدهما ينفي عنها اتصافها بالمعنى الثاني.
والجواب أنه لا شك أن الشريعة من حيث الأصل هي إلزامية للمكلف فيلزم المكلف إتباع شرع الله تعالى والعمل به وطاعته ..
وإما من حيث هل جميع مفردات التشريع إلزامية؟
فالجواب: لا فالشريعة مشتملة على الواجب اللازم فعله وعلى المحرم اللازم تركه، وتشتمل على المندوب والمكروه وليس فيهما إلزام وتشتمل على المباح وفيه التخيير.
وبهذا يتبين أخي الكريم أنه لا تعارض بين وصف الشريعة بالتكليف والإلزام.
كما أن الشريعة مشتملة على الأمور التي قد تشق على الإنسان مثل القتال الذي أثبت الله تعالى بقوله: (وهو كره لكم) كراهية النفوس له ..
كما أنها مشتملة على ما يحب الإنسان كبر الوالدين وصلة الرحم وحسن الخلق إلى غير ذلك ..
ـــــــــ
أما بالنسبة للمراجع فيمكنك مراجعة كتب أصول الفقه عند تعريف التكليف وما يدخل تحته. وبارك الله فيك ..(/)
بين ابن كثير وابن جرير (1)
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[03 Mar 2004, 01:36 م]ـ
1 - في قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18)} [سورة البقرة 2/ 17 - 18]:قد رجح ابن جرير في هذه الآية أن المضروب لهم المثل في هذه الآية لم يؤمنوا في وقت من الأوقات واحتج بقوله تعالى:"ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين"، قال ابن كثير رحمه الله تعالى:" والصواب أن هذا إخبار عنهم في حال نفاقهم وكفرهم، وهذا لاينفي أنه كان حصل لهم إيمان قبل ذلك، ثم سلبوه وطبع على قلوبهم، ولم يستحضر ابن جرير رحمه الله هذه الآية ههنا وهي قوله تعالى:" ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لايفقهون "؛فلهذا وجه هذا المثل بأنهم استضاءوا بما أظهروه من كلمة الإيمان في الدنيا، ثم أعقبهم ظلمات يوم القيامة ". (1/ 202).
لعل كلام ابن كثير في الآية أظهر،ولكن ماسبب تفسير ابن جرير؟ هل كان مراعاة للسياق العربي (وماهم بمؤمنين) فهي جملة اسمية ونافية، والجملة الاسمية تفيد الثبوت والدوام؟ ما تعليقكم؟(/)
الشيخ الجليل عبدالعزيز إسماعيل على السرير الأبيض شفاه الله
ـ[البخاري]ــــــــ[03 Mar 2004, 01:53 م]ـ
العلّامة الشيخ المقريء الأستاذ الدكتور عبدالعزيز إسماعيل أستاذ القراءات السابق في جامعة الإمام، والذي قد ناقش ما يربوا على أربعين رسالة علمية في الدراسات العليا ..
يرقد الشيخ على السرير الأبيض في مستشفى الشميسى أثر مرض ألم به، وهو في حالة إغماء إلى قبل أيام، وعمره يناهز السبعين عاماً .. !
لطلابه ومحبية الدعاء الدعاء أن يلطف الله به
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Mar 2004, 03:36 م]ـ
جزاك الله خيراً على حرصك أخي الكريم.
ونسأل الله للشيخ الكريم عبدالعزيز الشفاء العاجل، وحسن الختام.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[03 Mar 2004, 08:57 م]ـ
السلام عليكم
أخي البخاري
جزاك الله خيراً
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيه #
اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً أو يمشي لك إلى صلاة
اللهم اشفه أنت الشافي شفاءً لا يغادر سقماً
شفاه الله وأبقاء ذخراً لطلابه وأهله و محبيه.
و جزاك الله خيراً أخي البخاري على تذكيرنا بالدعاء له.
محبك
عبد الله(/)
الإفادات والإنشادات للشاطبي، وتأويل آيتين كريمتين منه.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[03 Mar 2004, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع أن أبا إسحاق الشاطبي (790هـ) رحمه الله، ليس من المكثرين في التأليف، إلا أن كتابه الموافقات قام مقام كتب جمه، فهو كتاب ليس له نظير بين كتب الفقه وأصوله، وقل أن يستغني عنه فقيه أو مفسر، فقد أحسن فيه ماشاء، فكان بمثابة الفتح والتجديد في آن واحد في علمي إصول الفقه ومقاصد الشرع المطهر، وقد أنسى كتابه الموافقات بعض كتبه الاخرى كالاعتصام، فمع أنه لم يتمه رحمه الله إلا أنه يعد من أعظم المراجع العلمية عند حراس العقيدة والناهين عن البدع المحدثه، وقد كنت أقرأ له في كتابه الماتع الخفيف المحمل، كتاب الافادات والانشادات فوجد ت فيه لطائف تفسيريه، أحببت أن اتحف بها القراء الكرام , مع بعض الملاحظات الموجودة على الكتاب،المغمورة في بحر علمه وفضله رحمه الله.
وهذا العالم الجليل من القلائل الذين مدوا بعلمهم وفضلهم جسور التواصل العلمي بين المشارقة والمغاربه، وقد شاركه في هذه الميزة قلائل من أهل العلم كأبن عبد البر وابن حزم والقرافي وقلائل سواهم رحم الله الجميع. ومع أن هذا الموضوع شيق، ويحتاج لكتابة واسعة قد تخالف مسار هذا الملتقى، فأعود للمقصود، وأحيل من أراد الاستزاده لبعض الدراسات والبحوث (للأسف الكتاب الذي الاحالة اليه ليس حاضرا بين يدي الان، إياك أن تعير كتابا) إلا أنه كتاب جيد، تجدونه في مكتبات الرياض / موضوعه القرافي حلقة وصل بين المشارقة والمغاربه / في مجلدين كبيرين، ط دار الغرب.
نعود للمقصود وعذرا للاستطراد
إفادة ـ 77 ـــ (تأويل آيتين)
قال رحمه الله: (قال لي الاستاذ الجليل أبوسعيد بن لب ـحفظه الله ـ: سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الانهارخالدين فيها) الايه فجمع قوله (خالدين) وقال بعد: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها) فأفرد (خالدا).
قال: وأجبت أن الجنة لماكان لأهلها فيها اجتماعات، وليس فيها فرقة ولاتوجد، جاء قوله تعالى (خالدين فيها) اعتبارا بالمعنى الحاصل في الجنة من الاجتماع، ولما كان أهل النار على الضد من هذا وكل واحد منهم في تابوت من النار، حتى يقول أحدهم: إنه ليس في النار إلا هو جاء قوله تعالى (خالدا فيها) اعتبارا بهذا المعنى.
فعرضت على شيخي الامام الاستاذ ابي عبد الله بن الفخارهذا السؤال فأجاب عنه: بأنه تعالى ذكر في الاولى جنات متعدده لاجنة واحده فقال (ندخله جنات) والضمير المنصوب في (ندخله) وإن كان مجموعا في المعنى فهو في اللفظ مفرد، والمفرد من حيث هو مفرد لايصح أن يكون في جنات متعدده معا، فجاء (خالدين) ليرفع ذلك الايهام اللفظي، فهو اعتبار لفظي ومناسبة لفظية، وإن كان المعنى صحيحا، وأما الاية الثانية فإنما فيها نار مفرده، فناسبها الإفراد في خالدا). أهـ
وقد حوى الكتاب إنشادات جيده مسندة عن ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ وغيره من الفقهاء.
وبالمناسبة فقدا ستخرجت مجموع الفتاوى له من المعيارالمعرب للونشريسي رحمه الله، وأفردت بكتاب مستقل مطبوع متداول.
وهذا الكتاب ـ المعيار ـ كتاب حافل حوى علماً غزيراً في العقيدة والفقه والتفسير، وسأفرده بمقال إن شاء الله أتحدث فيه عن الجوانب المتعلقة بالتفسير المدرجة في بعض مجلداته.
وفق الله الجميع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2004, 09:38 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه النفائس العلمية التي لا تفتأ تقتنصها لنا من ذخائر قراءاتك في بطون الأسفار. وقد أحسن صنعاً باختياركك وإشارتك إلى هذا العالم الجليل، فهو كما أشرت وفوق ما أشرت من الفضل، ودقة المنزع، على قلة تصانيفه، وندرة بعضها. فشرحه لألفية ابن مالك لا يعرفه كثير من المعتنين بالعربية مع نفاسته، وجودته.
ونحن في انتظار ما ستكتبه لنا حول كتاب الونشريسي جزاك الله خيراً، ونفع بعلمكم أخي الكريم.(/)
الشرح الصوتي لمتن الجزرية
ـ[نجم]ــــــــ[04 Mar 2004, 08:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني في الله
يمكنكم الاستماع إلى الشرح الصوتي لمتن الجزرية / محمود العبد
على موقع
www.islamway.net
ابحث عنه هناك باسم (محمود عبدالسلام)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[04 Mar 2004, 02:31 م]ـ
تجدون الدروس على هذا الرابط
http://www.islamway.net/bindex.php?section=series&scholar_id=519&series_id=1207
جزاك الله خيرا شيخ نجم وجعل ذلك في ميزان حسناتك(/)
من هو الحاكم الجشمي وأين يوجد تفسيره مخطوطا؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[04 Mar 2004, 02:26 م]ـ
السلام عليكم
سمعت أن هناك تفسيرا للحاكم الجشمي ما زال مخطوطا فمن هو الحاكم الجشمي وأين أجد كتابه مخطوطا وما منهجه فيه؟ وهل هو من أهل السنة حتى يهتم بكتابه أم أنه من أهل البدع فيهمل تفسيره دفعا للشر فقد أخبرني بعض الإخوة أنه معتزلي
والله أعلم
أرجو إفادتي حول هذا الموضوع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2004, 09:28 ص]ـ
الحاكم الجشمي هو أبو سعد المحسن بن محمد الجشمي البيهقي. واختلف في نسبته الجشمي هل هي إلى بلدته (جشم) من نواحي بيهق أم إلى قبيلته (جشم). وقد ولد سنة 413 هـ. وهو من كبار شيوخ المعتزلة في زمنه.
وله عدة كتب في التفسير منها:
- التهذيب في التفسير.
- التفسير المبسوط.
- التفسير الموجز.
فأما كتاب التفسير المبسوط والموجز، فقد نصت كتب التراجم أنهما بالفارسية، ولم يشر الدكتور عدنان زرزور إلى وجود هذين التفسيرين في رسالته عن الحاكم الجشمي، وسأذكر لك عنوانها بعد قليل.
وأما كتاب (التهذيب في التفسير) فقد وصلنا كاملاً، ويوجد منه نسخة كاملة ربما تكون قد كتبت في عصر المؤلف محفوظة بالجامع الكبير في صنعاء اليمن، وذلك لكونه من الزيدية، وقد اعتنى بكتبه أهل اليمن في عهده وبعده. وقد قام الدكتور عدنان زرزور بدراسة منهج الحاكم الجشمي في تفسيره من خلال سبعة مجلدات تم تصويرها من هذا التفسير لدار الكتب المصرية بالقاهرة، وذلك في رسالته للدكتوراه بعنوان: (الحاكم الجشمي ومنهجه في التفسير). وقد طبعته مؤسسة الرسالة قديماً، وتاريخ فراغ المؤلف من مقدمته عام 1388هـ (1968م).
فلعلك أخي الكريم تراجع كتاب الدكتور عدنان هذا فقد أتى على الغاية، واستولى على الأمد، وستجد فيه ما تريد من التبصير بشأن هذا الكتاب ومؤلفه على حد سواء. وفقك الله.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Mar 2004, 05:51 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المبارك ونفع بعلمك وسدد خطاك
أود أن تخبرونا هل الحاكم أتى في تفسيره ببدع المعتزلة وأكثر منها وبالتالي فلا فائدة من العمل عليه من باب حدث بالخير لينتشر ولا تحدث بالشر ليندثر أم أنه كان مقلا جدا من البدعة وهل هو زيدي على منهج الشوكاني ونحوه أم هو معتزلي؟ سامحوني إن أثقلت عليكم لكن الكتاب لا أتمكن من الحصول عليه الآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Aug 2005, 06:29 م]ـ
أما التفسير فقد بين الدكتور عدنان أنه تفسير جيد، وخال من كثير من بدع الاعتزال فلم تكن ظاهرة فيه بشكل ملفت، وقد عني بمسائل اللغة، وهو جدير النشر والعناية. وفي زيارة للدكتور عدنان زرزور حفظه الله قبل مدة تقارب العام أشار إلى أنه بصدد تحقيق تفسير الحاكم الجشمي وإخراجه. ولست أدري ماذا صنع في الأمر حتى الآن. فلعل أحد المقربين منه حفظه الله يخبرنا الخبرَ مشكوراً.
ـ[جمال السبني]ــــــــ[06 Feb 2010, 01:40 ص]ـ
وجدتُ الجزء السادس من تفسير التهذيب للحاكم الجشمي في موقع مخطوطات ميونيخ
وهذا رابط التصفح والتحميل
http://daten.digitale-sammlungen.de/~db/0001/bsb00010794/images/
والمخطوطة تقع في (365) صفحة.
وتعود إلى سنة 675 الهجرية المقابلة لسنة 1276 الميلادية.
وهذه صورة الصفحة الأولى من المخطوط (العنوان):
http://daten.digitale-sammlungen.de/~db/0001/bsb00010794/images/bsb00010794_00002.jpg
وهذه هي صفحة بداية الجزء:
http://daten.digitale-sammlungen.de/~db/0001/bsb00010794/images/bsb00010794_00005.jpg
وهذه الصفحة الأخيرة (يُلاحظ فيها تاريخ الفراغ من كتابة المخطوط):
http://daten.digitale-sammlungen.de/~db/0001/bsb00010794/images/bsb00010794_00360.jpg(/)
لقاء مع الدكتور ف. عبدالرحيم الخبير بمركز الترجمات بمجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Mar 2004, 12:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد هيأ الله هذه الشبكة العلمية الالكترونية، لتكون منبراً من المنابر العلمية المتخصصة في الدراسات القرآنية بفروعها المتعددة، وجوانبها الكثيرة، وهذا هو اللقاء الثاني الذي يجمع أعضاء وزوار هذه الشبكة الكرام بأحد العلماء المتخصصين في العلوم التي تمت بسبب إلى الدراسات القرآنية.
وفي هذا اللقاء نستضيف الشيخ الجليل الدكتور ف. عبدالرحيم، ولعل بعضكم لم يسمع بهذا الاسم الكريم ;من قبل، فلعل هذا اللقاء يعرفنا به، وجوانب من شخصيته، وكتبه، والجهود التي قدمها; خدمةً للدراسات القرآنية، ويجيب عن الأسئلة التي يطرحها الإخوة حول محاور اللقاء التي سأشير إليها عقب الترجمة، وأود قبل البدء أن أشكر أخي الكريم الدكتور محمد أجمل أيوب الإصلاحي الذي كان سبباً في عقد هذا اللقاء العلمي، أسأل الله أن يكتب له الأجر والثواب.
أولاً: ترجمة الدكتور ف. عبدالرحيم:
* الاسم:;فانيامبادي عبدالرحيم ( Vaniyambadi Abdur Rahim) ، والاسم الذي اشتهر به هو ف. عبدالرحيم
* تاريخ الميلاد: 7/ 5/1933م (1356هـ)
* محل الميلاد: مدينة فانيامبادي، بولاية تاملنادو بالهند.
المؤهلات:;
* ماجستير في اللغة الانجليزية وآدابها من جامعة مدراس بالهند.
* ماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة عليكرة الإسلامية بالهند.
* شهادة (أفضل العلماء) في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من جامعة مدراس، وقد ذكر أن هذه الشهادة كانت تمنحها الحكومة البريطانية أيام الاستعمار بعد اجتياز اختبار تعقده لمن يريد أن يلتحق بوظيفة التدريس، فدخل هذا الاختبار واجتازه فحصل على هذه الشهادة.
* دكتوراه في أصول اللغة العربية من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1973م، وقد كان موضوع رسالته هو تحقيق كتاب المعرب للجواليقي وسيأتي الحديث عنه في مؤلفاته.
اللغات التي يعرفها أو يلم بها:
1 - العربية، وهو يتقنها جيداً.
2 - الانجليزية، وهو يتقنها جيداً.
3 - الأردية، وهو يتقنها جيداً.
4 - الفارسية، وهو يتقنها جيداً.
5 - الهندية، وهو يتقنها جيداً.
6 - التاميلية.
7 - الفرنسية.
8 - الألمانية.
9 - اليونانية.
10 - التركية.
11 - العبرية.
12 - الإسبرنتو.
الخبرات:;
* محاضر للغة الانجليزية وآدابها بجامعة مدراس.
* محاضر للغة العربية بجامعة مدراس.
* رئيس قسم اللغة الانجليزية بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان.
* مدير شعبة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
* أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية.
* يعمل بمركز الترجمات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ولا يزال.
المؤلفات:
1 - المُعَرَّب للجواليقي، ط. دار القلم بدمشق 1410هـ.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b33a758e9f23.jpg
وهذا الكتاب كان موضوعاً لرسالته الدكتوراه من جامعة الأزهر، وكلمة (تحقيق) التي كتبت على كعب غلاف الكتاب توهم القارئ، فإن تحقيق كتاب المعرب بالمعنى المتعارف قد قام به العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله خير قيام من حيث جمع النسخ المخطوطة، والتعليق على النص بما يكشف غوامضه ونحو ذلك مما يقتضيه عمل المحقق النابه، وأما عمل الدكتور ف. عبدالرحيم في الكتاب فقد اعتمد على الطبعة التي حققها أحمد شاكر، وانطلق في عمله منها، وقام بتحقيق الكلمات التي أوردها الجواليقي وعددها 730 كلمة، منها 130 هي أعلام للأشخاص والمواضع، فوقف مع كل كلمة منها، وقام بـ:
- عزو كل كلمة إلى لغتها الأصلية، فقد وقع خطأ في كلام اللغويين في هذا الصدد بالنسبة إلى بعض الكلمات، مثل كلمة الأستار، والإسفنط، والبند، والروشم، والفندق، فقد ذكر اللغويون أنها من الفارسية، وهذا ليس بصحيح.
- ;ذكر أصل الكلمات الدخيلة مكتوباً بحروفه الأصلية، فإن اللغويين لم يفعلوا هذا إلا بالنسبة إلى بعض الكلمات الفارسية، كما صنع صاحب كشاف أصطلاحات الفنون في بعض الكلمات.
(يُتْبَعُ)
(/)
- ;ذكر المعنى الأصلي لبعض الكلمات، مع ذكر ما قيل خطأ في أصلها. مثل كلمة (الديوان)، فقد قيل إن أصل معناها (الجن).
- ;ذكر التغييرات التي طرأت على حروف الدخيل وبنائه عند التعريب، وتعليلها من الناحية الصوتية.
وطريقته في ذلك هي أنه يذكر عبارة الجواليقي كما في الكتاب المحقق، ثم يشير إلى مصدر المؤلف، وإن كان الجواليقي قد تصرف في العبارة المنقولة تصرفاً غير يسير فإنه يورد العبارة الأصلية بتمامها، وإلا اكتفى بعبارة الجواليقي. ويذكر أقوال اللغويين الآخرين فيما يتعلق بأصل الكلمة ومدلولها، واللغات المختلفة للكلمة، ثم يذكر أصل الكلمة بحروفها في لغتها الأصلية، مع ذكر ما طرأ من تغيير في البنية الصوتية للكلمة.
وقد قدم بين يدي الكتاب بمقدمة تحدث فيها عن:
* معنى المعرَّب والدخيل والمولد، والفرق بين هذه المصطلحات الثلاثة.
* ضوابط لمعرفة الدخيل.
* اللغات التي أخذت منها العرب.
* أنواع التغيير التي طرأت على الدخيل عند التعريب.
ولذلك فإن عمل الدكتور ف. عبدالرحيم في الكتاب، يتجاوز معنى التحقيق المتعارف عليه، وهو كتاب مستقل عن كتاب المعرب للجواليقي، وإن كان قد دار حوله.
2 - الإعلام بأصول الأعلام الواردة في قصص الأنبياء عليهم السلام، ط. دار القلم بدمشق 1413هـ. وهذا الكتاب دراسة تأصيلية للأعلام الواردة في قصص الأنبياء عليهم السلام في القرآن الكريم، وتشتمل:
- الأعلام الواردة في القرآن الكريم.
- الأعلام الواردة في كتب السير والتاريخ والتفسير لأزواج بعض الأنبياء وأولادهم، وللمولك المعاصرين لهم، وللموالين والمعاندين لهم، ولرجال صالحين وغيرهم، وذلك لأنه قد وقع في أسماء الكثير منهم تصحيف وتحريف، وتعددت صيغ كثير منها.
3 - القول الأصيل فيما في العربية من الدخيل، ط. مكتبة لينة بدمنهور بمصر 1411هـ. وهو يشتمل على تحقيق نحو 500 كلمة مما فات الجواليقي ذكره في كتابه (المعرَّب).
4 - سواء السبيل فيما في العربية من الدخيل، ط. دار المآثر بالمدينة المنورة. 1419هـ. يشتمل على تحقيق 400 كلمة مما فاته في كتابه السابق (القول الأصيل) الذي وعد فيه أن يواصل البحث للكلمات التي فاتته.
5 - الدخيل في اللغة العربية الحديثة ولهجاتها، ط. حلب 1393هـ.
6 - دروس اللغة العربية لغير الناطقين بها (ثلاثة أجزاء). من منشورات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وله طبعات أخرى.
7 - نصوص من الحديث النبوي الشريف (توظيف الحديث النبوي الشريف لتعليم اللغة العربية). المؤسسة الإسلامية بمدراس في الهند.
8 - المسعف في لغة وإعراب سورة يوسف، المؤسسة الإسلامية بمدراس في الهند.
9 - الباحث عن الحقيقة، قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه.
10 - إنهما من مشكاة واحدة، وهي قصة المسلمين المهجاجرين إلى الحبشة، شرح فيه الحديث شرحاً لغوياً.
11 - في بلاط هرقل، وهو شرح لغوي لحديث أبي سفيان رضي الله عنه في مجلس هرقل ملك الروم.
12 - أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، وهو شرح لغوي لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
والكتب الأخيرة عبارة عن مشروع علمي لتعليم اللغة العربية من خلال النصوص الحديثية، وقد لقي نجاحاً كبيراً عند الطلاب الذين لا يتحدثون اللغة العربية.
13 - وله بحوث منشورة منها:
- معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=93&book=806) .
ثانياً: محاور اللقاء مع الدكتور ف. عبدالرحيم:;
* ;ترجمة معاني القرآن الكريم.
* ;تجربة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة.
* المعرَّب في القرآن الكريم.
* ;تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
ثالثاً: وقت اللقاء وطبيعته.;
* سيستمر استقبال الأسئلة - إن شاء الله - حتى نهاية شهر صفر 1425هـ، واليوم هو يوم الجمعة 14/ 1/1425هـ.
* سيتم عرضها على ضيفنا الكريم للإجابة عليها، ونشرها على صفحات شبكة التفسير والدراسات القرآنية.
* نرجو منكم – حفظكم الله – الحرص على صياغة الأسئلة، وأن تدور حول المحاور السابقة، مع عدم تكرار الأسئلة التي تم طرحها، لكي يتحقق الهدف من هذا اللقاء العلمي، والذي نرجو أن ننتفع به جميعاً، فإن لقاء أمثال هؤلاء العلماء من النعم الكبيرة التي يجب على طالب العلم أن يستثمرها كما ينبغي.
أخي الكريم: ضع سؤالك الآن ...
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Mar 2004, 08:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
س1 / هل يوجد للمعرب اشتقاق كامل في اللغة العربية؟
س2 / ما هو الفرق بين المولد، والدخيل، والعامي، والمعرب؟
س3 / هل القصص القرآني يعتبر من الأدلة على جواز ترجمة معاني القرآن الكريم؟
ـ[خالد بن عبد الله بن ناصر]ــــــــ[05 Mar 2004, 09:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أسئلك ياخي في الله عن التفسير الميسر هل سيصدر قريباً بعد أنقطاعه فتره طويله.
جزاك الله خير،،،، وكيف الوصول إلى مؤلفاتك حقظك الله
.....................
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الغرباء الأولون]ــــــــ[06 Mar 2004, 11:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الشيخ عبدالرحيم حفظه الله أن يذكر لنا أسماء العلماء وطلبة العلم الذين شاركوا في تأليف "التفسير الميسر"، ومتى سيتم طبعه مرة أخرى؟
وهل ترجم هذا التفسير إلى لغات أخرى؟
وجزاكم الله خيراً ...
ـ[ Russian islam way] ــــــــ[06 Mar 2004, 07:32 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ااستاذ د. عبد الرحيم
انا اخوكم من موقع اسلام وي ... القسم الروسي ...
احب ان اسئلكم:
والحمد لله اصدر المجمع العديد والكثير من الترجمات بلغات العالم واعتقد انها تربوا عن ال45 لغة.
منها ماهي لغات مشهور .. بل والحمد لله حتي تلك اللغات التي لا يتجاوز عدد متحديثيها بضع ملايين.
لكن هناك اللغة الروسية ... الناطقين منها يزيدون عن 300 مليون، المسلمين منهم فقط اكثر بكثير من 25 - 30مليون نسمة (هذا فقط في روسيا الاتحادية دون الجمهريات الاسلامية الاخرى).
وانتم تعلمون كم ترجمت القران مهمه للدعوة الى الاسلام ... ولكن لا نجد ترجمة لهذه اللغة سوى لجزء عم.
واخوانكم الان في موقع اسلام وي هم بصدد انتاج مصحف المدينه بترجماته على شكل الكتروني ليسهل تناوله.
وقد انجز الى الان والحمد الله - والمشروع كبير ومازال في بداياته- الغة الروسية والانجليزية.
مع اضافة قراءة لكل ايه مع ترجمتها.
طلبنا واسئلتنا منكم ...
هل مازال مشروع ترجمت القرا للروسية سائر؟ ام هو متوقف .. ؟؟
رجاء ورجاء حار ان تحاولوا انجاز الترجمة الروسية باسرع وقت؟
نريد ان نسئلكم من المترجميين؟ وماهي افضل الترجمات الحالية للقران بالروسية ينصحون بها؟؟ (وهي الان تزيد عن 10 ترجمات)
اخوانكم في القسم الروسي في اذاعةطريق الاسلام
ru@islamway.net
ـ[ Russian islam way] ــــــــ[06 Mar 2004, 07:40 م]ـ
سلام عليكم:.
ماهي افضل طريقة لتدريس العربية للراغبين بها من الروس؟؟
هل يوجد منهج متقن لذلك؟؟
هل يوجد سي دي او فيديو ... او اي اسلوب لتعلم العربية بشكل فردي؟ شخصي؟
ـ[ Russian islam way] ــــــــ[06 Mar 2004, 07:43 م]ـ
لماذا لا تبث صلاة التراويح من مكة وفي الاسفل ترجمتكم بالروسية للقراءه كما راينا في رمضان السابق مع الانجليزية؟؟
كيف يمكن الحصول على المصف المترجم للروسية؟ لنا هنا في روسيا؟؟
هل توجد الترجمة الروسية بشكل الكتروني؟؟ على سي دي او على النت؟؟
بارك الله فيكم وحفظكم الله وقواكم
بارك الله فيكم وحفظكم الله وقواكم
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Mar 2004, 09:03 ص]ـ
شكراً للقائمين على هذا اللقاء الذي عرفنا على الدكتور ف. عبدالرحيم لأول مرة.
وأسأل الله للضيف الكريم طول العمر على العمل الصالح، وأن يبارك في جهوده.
الأسئلة:
- هل هناك نية لدى مجمع الملك فهد لنشر ترجمات القرآن الكريم بطريقة الكترونية قريباً؟
- ما هو وجه إعجاز القرآن من وجهة نظر الدكتور عبدالرحيم بصفته قد أجاد عدداً من اللغات، ولغته الأصلية غير العربية؟ هل هناك رأي جديد غير المعروف في كتب إعجاز القرآن المتداولة؟
- هل هناك قواعد مرعية للترجمة في المجمع، أم أنها اجتهادات فردية من القائمين بالترجمات؟
- ما هي مقاييس اللغة التي يتم الترجمة إليها: هل هو كثرة الناطقين بها من المسلمين؟ أم ماذا؟
وفقكم الله وجزاكم خيراً على إتاحة هذا اللقاء.
ـ[ Grozny] ــــــــ[10 Mar 2004, 12:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دخلت هنا لأكتب .. فوجدت الأخ Russian islam way قد سبقني بكل ما أريد قوله وزاد مما زاد الله عليه من فضله ..
إخوتنا .. أنجدونا بالترجمة الروسية الصحيحة للقرآن
أنجدوا إخوتكم المسلمين من الناطقين بالروسية .. فإنهم يذوبون وتتبخر عقائدهم ..
بارك الله فيكم وحفظكم الله وقواكم
ـ[سعد]ــــــــ[29 Mar 2004, 11:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعلم جميعا أن ترجمة القران انما تكون لمعانيه، لكن هناك محاولات نقلها التاريخ لكتابة النص القراني نفسه بحروف غير عربية، فهل بالامكان تزويدي بمعلومات حول هذا الموضوع؟
هل توجد اليوم مصاحف كتبت بغير الحروف العربية؟
أرجو مساعدتي في هذا لأني أقوم بالبحث حول تاريخ المصاحف ...
بارك الله في الجميع ...
ـ[محب]ــــــــ[03 Apr 2004, 04:26 ص]ـ
السؤال هو:
هل من علاقة لغوية بين " الوهيم " العبرية وبين " اللهم " العربية؟
وكيف جاز الجمع " الوهيم " فى حق الله فى العبرية؟
وإن كان للتعظيم، فلماذا لا نلمح هذه السمة فى النصوص العبرانية القديمة بوضوح، كما نراها صريحة فى العربية؟
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[04 Apr 2004, 12:05 ص]ـ
سؤال 1: لماذا لايحصر المجمع " ترجمات القرآن " القديمة والحديثة والتي صدرت عن المسلمين وغير المسلمين مع التحذير لما يوجد فيها من أخطاء ومخالفات , بحيث تطبع في كتاب؟
سؤال 2: هل هناك ترجمة لمعاني القرآن بالعبرية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ MOHAMADFAGR] ــــــــ[11 Apr 2004, 12:59 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي النصيحه التي توجهونها لطلاب اللغة العربية الذين يريدون القيام بأبحاث ترتبط بالقرآن الكريم وخاصة الذين يرغبون العمل في مجال علم المعاني
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2004, 01:39 ص]ـ
بفضل الله وتوفيقه أرسل الدكتور ف. عبدالرحيم الأجوبة بعد طول انتظار؛ لكثرة أشغاله. وقد أجاب عن الأسئلة العلمية التي وجهت إليه في الملتقى هنا، وأسئلة أضيفت له من قبل شبكة التفسير تتعلق بموضوع اللقاء. وقد أعرض الدكتور ف. عبدالرحيم عن الأسئلة التي رأى أنها من شأن مجمع طباعة المصحف بعد استشارتهم في ذلك. وعسى أن نوفق في البحث عن إجابتها من أحد المسؤلين في المجمع إن شاء الله تعالى.
نسأل الله أن يجعل هذا اللقاء من العلم النافع، وأن يكتب الأجر للسائل والمجيب والقارئ.
ويمكن قراءة اللقاء كاملاً أو تحميله من صفحة اللقاءات العلمية بشبكة التفسير والدراسات القرآنية من هنا
لقاء شبكة التفسير والدراسات القرآنية مع الدكتور ف. عبدالرحيم وفقه الله ( http://www.tafsir.net/faaraheem.php).
ـ[ابن حجر]ــــــــ[14 Sep 2004, 12:50 ص]ـ
بارك الله بكم أستاذي الشيخ عبد الرحمن على هذا الموضوع المبارك، وشكر الله للشيخ الدكتور عبدالرحيم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 Dec 2009, 06:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
يمكن تحميل تحقيقه للمعرب من هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=47066
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Dec 2009, 08:27 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا مالك على توفير نسخة من كتابه هذا. وهو ليس تحقيقاً للكتاب بالمعنى الذي فعله أحمد شاكر رحمه الله فهذه النسخة لا تغني عن طبعة شاكر.
ولكن عمل الدكتور ف. عبدالرحيم جزاه الله خيراً أوسع من ذلك وهو كتاب مستقل لو سماه باسم (شرح كتاب المعرب) أو نحوه لكان أولى، ولذلك تلاحظ أنه لم يكتب على غلافه تحقيق ف. عبدالرحيم. وقد قام بعمل جليل يظهر في تعريفه بعمله في أول الكتاب.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 Dec 2009, 11:24 م]ـ
نعم يا شيخنا الفاضل أحسن الله إليكم.
وطبعة شاكر مرفوعة على الإنترنت من قبل، ولذلك كان اهتمامي برفع هذه النسخة لأنها مكملة لها.
ويمكن تحميل طبعة شاكر من هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20002(/)
بهجة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ
ـ[محمد البكري]ــــــــ[05 Mar 2004, 03:45 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذه منظومة لطيفة فيما يراعى لحفص عند القراءة وقد نظمها الشيخ إبراهيم علي علي شحاثة والمعروف ب"السمنودي"وعددأبياتها تسعة عشر بيتاً وله منظومات مهمة في التجويد اخترت منها هذه المنظومة ولعل الله أن ييسر إكمال بقية المنظومات وهي ذات أهمية للقارئ لا سيما الحافظ وطالب العلم وأحب أن أشير إلى أن هذه الأحوال المرعية لحفص من طريق الطيبة كما سيتبين للقارئ الكريم،، .. يقول الناظم:
1. لك الحمد يامولاي في السر والجهر
على نعمة القرآن يسرت للذكر
2. وظل هدى للناس من كل ظلمة
دلائله غر وسامية القدر
3. وصليت تعظيما َوسلمت سرمداَ
على المصطفى والآل مع صحبه الزهر
4.وبعد فهذا مارواه معدل
بروضته الفيحاء من طيب النشر
5. بإسناده عن حفص الحبر من تلا
على عاصم وهو المكنى أبا بكر
6. ففي البدء بالأجراء ليس مخيراَ
لبسملة بل للتبرك مستقري
7. ومتصلاَ وسط وما انفصل اقصرا
ولا سكت قبل الهمز من طرق القصر
8. وما مد للتعظيم منها ولم يجيء
بها وجه تكبير ولاغنة تسري
9.وفي موضعي ءالآن وءالذكرين مع
ءالله أبدلها مع المد ذي الوفر
10. وأشمم بتأمنا ويلهث فأدغما
مع اركب ونخلقكم أتم ولاتزر
11. وبل ران من راق ومرقدنا كذا
له عوجاَلا سكت في الأربع الغر
12. وعنه سقوط المد في عين وارد
وتفخيم را فرق لدى ءاية البحر
13.وءاتان نمل فاحذف الياء واقفاَ
كذا الف احذف من سلاسل بالدهر
14.وبالسين لا بالصاد قل أهم المصـ
يطرون وبالوجهين في فرده النكر
15.وفي يبصط الأولى وفي الخلق بصطة
وياسين نون ضُعف روم كذا أجر
16. ولكن مع الإظهار صاد مصيطر
وفي بصطة سين كذا يبصط البكر
17. وفتح لدى ضعف عن الفيل وارد
وبالعكس عن زرعان والكل عن عمرو
18.وأهدي صلاة في الختام مسلماً
على خاتم الرسل الهداة إلى البر
19. وءال وصحب كلما قال قائل
لك الحمد يامولاي في السروالجهر
تم بحمد الله تعالى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Mar 2004, 12:50 م]ـ
جزاك الله خيراً.
يمكنك الاطلاع عليها ومراجعتها أيضاً هنا وفقك الله. ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=86&book=861) .(/)
أحاديث القراءة في سنة الفجر
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[06 Mar 2004, 10:26 م]ـ
تخريج أحاديث القراءة في سنة الفجر
(بسم الله الرحمن الرحيم)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فهذا تخريج لأحاديث القراءة في سنة الفجر، دعاني لكتابته ما رأيت من اختلاف في رواية حديث ابن عباس في قراءة آية آل عمران ... التي خرجها مسلم رقم (727)، وغيره .. ورأيت أنه من الأحسن والأنفع تتبع كل أحاديث الباب وتخريجها، وتمييز الصحيح من الضعيف، للعمل بالصحيح وترك الضعيف، والمسلم بحاجة لهذا ليعمل به فسنة الفجر لها فضل لا يخفى، وهي سنة مرغب فيها حضرا و سفرا .....
والأحاديث المرفوعة التي – وقفت عليها – خمسة أحاديث:
الحديث الأول: (سبق طرحه في الملتقى، وإعادته هنا ليترابط الموضوع)
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة [136]، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) [آل عمران 52].
(قال ابن معين كما في تاريخ الدوري3/ 521 رقم (2549): إسناده جيد) اهـ.
هذا الحديث لم يروه عن ابن عباس ـ حسب اطلاعي ـ إلا سعيد بن يسار ولا عن سعيد إلا عثمان بن حكيم الأنصاري ثم رواه عن عثمان جماعة وهم:
1 - مروان بن معاوية الفزاري وهذا نص حديثه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة [136]، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) [آل عمران 52].
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (727) والنسائي في الصغرى 2/ 155 والكبرى (1016) و (11158) تنبيه (لفظ النسائي في (11158): وفي الأخرى (آمنا واشهد بأننا مسلمون) آية المائدة رقم 111، وهذا مخالف للموضع الأول (1016) ولفظه:وفي الأخرى (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) آية آل عمران رقم52، مع العلم أنه أخرجه بنفس الإسناد في الموضعين!)
والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298 وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم 2/ 322 والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 42:
كلهم من عدة طرق عن مروان عن عثمان به.
2 - عيسى بن يونس:
أخرجه مسلم في صحيحه (727) قال حدثني علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن عثمان بن حكيم في هذا الإسناد بمثل حديث مروان الفزاري.
3 - زهير بن معاوية:
أخرجه أبو داود (1259) قال حدثنا أحمد بن يونس. ومن طريق أبي داود ابن عبد البر في التمهيد 24/ 43، وعبد بن حميد (706) قال حدثنا أبو نعيم.
وأبو عوانة في مسنده (2162) من طريق أحمد، وأبي نعيم عن زهير عن عثمان بمثله.
4 - عبد الله بن نمير الهمداني:
أخرجه أحمد 1/ 230، ومن طريقه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 عن عثمان بمثله.
5 - يعلى بن عبيد الطنافسي:
أخرجه أحمد 1/ 231، ومن طريقه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 عن عثمان بمثله.
6 - أبو خالد الأحمر (سليمان بن حيان):
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف 2/ 50 ومن طريقه مسلم (727)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 والبيهقي في الكبرى 3/ 42.
وابن خزيمة في صحيحه (1115) قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني.
والحاكم في المستدرك 1/ 307 من طريق عثمان بن أبي شيبة. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه! (وهو في مسلم).
ثلاثتهم (أبو بكر وهارون وعثمان) عن أبي خالد الأحمر عن عثمان به.
وهذا نص رواية أبي خالد الأحمر:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) [البقرة 136]، والتي في آل عمران (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) [آل عمران 64] هذا لفظ مسلم.
ولفظ ابن خزيمة: ... وفي الأخرى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (اشهدوا بأنا مسلمون) [آل عمران 64].
ولفظ الحاكم: وفي الركعة الثانية (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (واشهد بأنا مسلمون).
(يُتْبَعُ)
(/)
فبجمع الطرق والنظر في تراجمهم تبين ما يلي:
1 - أن الرواة عن عثمان بن حكيم كلهم ثقات، وبعضهم أوثق من بعض.
2 - أن الرواة عن عثمان بن حكيم اتفقوا على ما يقرا في الركعة الأولى.
3 - أن الرواة عن عثمان بن حكيم غير أبي خالد الأحمر اتفقوا في روايتهم أنه يقرأ في الركعة الثانية:
قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، واقتصروا على ذكر هذا الجزء من آخر الآية.
ونص الآية كاملة {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) سورة آل عمران.
4 - أن أبا خالد الأحمر خالفهم فقال: في روايته أنه يقرأ قوله تعالى:
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (64) سورة آل عمران.
فبهذا يظهر أن رواية أبي خالد شاذة مخالفة لما رواه الثقات عن عثمان بن حكيم، وكأنه ـ والله أعلم ـ اشتبه عليه ختام الآية 52 من آل عمران وهي قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، وهي التي ذكرها كل أصحاب عثمان بن حكيم بختام الآية 64 من آل عمران وهي قوله تعالى: (فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)!
ومما يُغلِّب الظن في هذا المأخذ رواية عثمان بن أبي شيبة عنه عند الحاكم 1/ 307 أنه يقرأ في الثانية:
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (واشهد بأنا مسلمون) فقد ذكر بداية الآية رقم 64 (قل يا أهل الكتاب .. )، وختامها ختام الآية رقم 52 آل عمران التي ذكرها بقية الرواة عن عثمان (واشهد بأنا مسلمون).
الحديث الثاني:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان" يقرأ في الركعتين قبل الفجر: (قل يا أيهاالكافرون) و (قل هو الله أحد) ".
هذا الحديث رواه ثمانية من الصحابة رضي الله عنهم، وهم:
(1) عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
رواه أبو داود الطيالسي (2005) ومن طريقه البيهقي 3/ 43 وابن حجر في نتائج الأفكار1/ 497.
وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 50، ومن طريقه مسلم في التمييز 207،
والطبراني في الكبير (13528) من طريق موسى بن داود.
ومسدد كما إتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (2300)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط 5/ 226، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 41.
والخلال في فضائل سورة الإخلاص (20) وابن حجر في نتائج الأفكار1/ 498.
من طريق عثمان بن أبي شيبة.
كلهم (أبو داود، وأبو بكر، وموسى، ومسدد، وعثمان) قالوا:
حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
وليس عند الطبراني، والخلال، وابن حجر: ذكر ركعتي المغرب.
قال ابن حجر هذا حديث حسن .. ورجاله رجال الصحيح، ولكن له علة، وهي عنعنة أبي إسحاق، وقد أخرجه النسائي من رواية عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق فأدخل بينه وبين مجاهد رجلاً، وهو إبراهيم بن مهاجر، وهو مختلف فيه، وليس من رجال الصحيح. والله أعلم. اهـ
ورواه عبد الرزاق (4790)، ومن طريقه أحمد 2/ 35 والطبراني في الكبير (13527).
ورواه أحمد 2/ 94، والترمذي (417) ـ ومن طريقه والبغوي في شرح السنة (883) ـ، وابن ماجه (1149)، وابن حبان (2459) من طريق أبي أحمد الزبيري.
كلاهما (عبد الرزاق، وأبو أحمد) قالا: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من خمس وعشرين مرة، أو قال من عشرين مرة ـ قال عبد الرزاق: وأنا أشك ـ يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد)
لفظ عبد الرزاق.
ولفظ أبي أحمد (رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً فكان يقرأ بالركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرفه من حديث الثوري، عن أبي إسحاق إلا من حديث أبي أحمد، والمعروف عند الناس حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، وقد روي عن أبي أحمد عن إسرائيل هذا الحديث أيضا، وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ. أهـ
أقولُ: تقدم أنه تابعه عبدالرزاق.
قال ابن حبان: سمع أبو أحمد الزبيري هذا الخبر عن الثوري، وإسرائيل،وشريك عن أبي إسحاق فمرة كان يحدث به عن هذا، وأخرى عن ذاك، وتارة عن ذا.
ورواه أحمد 2/ 24 و58 حدثنا وكيع. و2/ 95 حدثنا حجين بن المثنى. و2/ 99 حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير.
والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298 حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا عبد الله بن رجاء ح وحدثنا فهد حدثنا أبو نعيم.
خمستهم (وكيع، وحجين، ومحمد، وعبد الله، وأبو نعيم) قالوا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين، أو خمساً وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
ولفظ وكيع: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بضعاً وعشرين مرة، أو بضع عشر مرة …).
ورواه النسائي في المجتبى 2/ 170، وفي الكبرى (1064) والطبراني في الكبير (13564) من طريق الفضل بن سهل الأعرج.
والبيهقي 3/ 43 من طريق محمد بن إسحاق الصاغاني.
كلاهما (الفضل ومحمد) قالا: حدثنا الأحوص بن جواب، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
ولفظ الطبراني (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون …).
قال الدارقطني ـ كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/ 424:3137) ـ: تفرد به إدريس بن الحكم، عن أبي الجواب، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم، عن مجاهد. اهـ.
أقول: لم أجد من أخرج رواية إدريس المشار إليها، وهو لم يتفرد به كما ترى.
والأحوص بن جواب هو: الضبي أبو الجواب الكوفي:
قال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة. وسأله مرة أخرى فقال: ليس بذاك القوي. وقال عباس عن يحيى: ثقة. وقال يعقوب بن شيبة عن يحي: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال ابن حبان: كان متقناً ربما وهم. و أخرج له مسلم توفي سنة 211هـ.
انظر: الجرح والتعديل 2/ 328 والثقات لابن شاهين 73 والثقات لابن حبان 6/ 89 تهذيب الكمال 2/ 288 ميزان الاعتدال 1/ 167 الكاشف 1/ 229 تهذيب التهذيب 1/ 167 تقريب التهذيب 96.
وعمار بن رزيق هو: الضبي التميمي أبو الأحوص الكوفي:
قال علي بن المديني، وابن معين، وأبو زرعة: ثقة. وقال أبو حاتم: لابأس به. وقال النسائي والبزار: ليس به بأس. وقال أحمد: كان من الأثبات، وقال لوين: قال لي أبو أحمد الزبيري: لو اختلفتَ إليه لكفاك. وذكره ابن شاهين وابن حبان في الثقات. وقد أخرج له مسلم، ومات سنة 159.
انظر: الجرح والتعديل 6/ 392، والثقات لابن حبان 7/ 286 و الثقات لابن شاهين 228 وتهذيب الكمال 21/ 189 والكاشف 2/ 50 والميزان 3/ 164، تهذيب التهذيب 7/ 350 وتقريب التهذيب 407.
وذكره مسلم في التمييز 208 معلقاً عن إبراهيم النخعي عن مجاهد عن ابن عمر به.
قال ابن أبي حاتم في العلل 1/ 105:
سالت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم" أنه كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بـ (قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد)؟
قال أبي: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنما روى هذا الحديث نفيع الأعمى، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
أقول: رواية نفيع ستأتي إن شاء الله.
وقال مسلم في التمييز ص 208:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الخبر وهم عن ابن عمر، والدليل على ذلك الروايات الثابتة عن ابن عمر أنه ذكر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطوع صلاته باليل والنهار، فذكر عشر ركعات، ثم قال وركعتي الفجر أخبرتني بها حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها؟
وهو يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ... (ثم ذكر ما ثبت من إخبار حفصة له) ثم قال: إن رواية أبي إسحاق وغيره عن ابن عمر أنه حفظ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهم غير محفوظ. اهـ.
وقال محمد بن نصر كما في مختصر قيام الليل ص 84:
وهذا غير محفوظ عندي لأن المعروف عن ابن عمر رضي الله عنه أنه روى عن حفصة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين قبل الفجر، وقال تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.اهـ
أقول: وفي عدم إخراج البخاري لهذا الحديث مع أنه على شرطه، وقد عقد في صحيحه باباً بعنوان (ما يقرأ في ركعتي الفجر)، ولم يذكر فيه سوى حديثي عائشة رقم (1170) وفيه ( .. ركعتين خفيفتين .. ) و (1171) وفيه ( .. يخفف الركعتين اللتين قبل الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب) ولم يذكر شيئاً في تعيين القراءة أشارة إلى أن هذا الحديث لم يصح عنده، وأنه معلول؛ فلذلك لم يخرجه، مع أنه أصل في هذا الباب. والله أعلم.
أقولُ: ثم وجدتُ الإمامَ البخاريَ في التاريخ الكبير 8/ 11: (بعد ذكر لعدة روايات عن ابن عمر في السنن الرواتب، وكونه عرف ركعتي الفجر من حفصة .. ) قال: ورواه أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر مثله ولا يصح، والصحيح حديث حفصة.
ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 214
قال:حدثنا أبي في جماعة، قالوا: حدثنا محمد بن يحيى بن منده، حدثنا إبراهيم بن عامر، حدثنا أبي، عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر قال (رقبت رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة يصلي في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).اهـ.
أقول: هذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به عامر بن إبراهيم، ولا يعرف إلا من طريقه، وقد اضطرب فيه؛ فمرة يرويه عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، ومرة عن أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، ومرة عن محمد بن عبدالرحمن المجاشعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
ولم يتابع على جميع هذه الروايات، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله.
وعامر بن إبراهيم: هو ابن واقد الأصبهاني المؤذن: قال أبو داود الطيالسي اكتبوا عن عامر بن إبراهيم فإنه ثقة،وقال عمرو بن علي حدثنا عامر بن إبراهيم وكان ثقة من خيار الناس.
توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين.
انظر: الجرح والتعديل 6/ 319، وطبقات المحدثين بأصبهان 2/ 83، وتاريخ أصبهان 1/ 462،وتهذيب الكمال 14/ 11، و تهذيب التهذيب 5/ 54، وتقريب التهذيب 287.
ورواه الطبراني في الكبير (13493) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، ويحيى بن أيوب العلاف المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم. وفي الأوسط (188) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، حدثنا سعيد بن أبي مريم.
وابن عدي في الكامل 9/ 57حدثنا أحمد بن الحارث بن مسكين حدثنا أبي أخبرنا ابن وهب.
كلاهما، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر_ في الكامل عبد الله بن عمرو وهو خطأ _ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل هو الله أحد تعدل ثلث القرءان وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر وقال: هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر). لفظ الطبراني في الأوسط.
وقال: لم يرو أول هذا الحديث في قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون عن ليث، إلا عبيد الله بن زحر؛ تفرد به يحيى بن أيوب.
ولفظ ابن عدي (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وإن هاتين الركعتين فيها الرغائب والخير كله).اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن رسلان (في شرح سنن أبي داود 2/ 490 القسم الذي حققه سهيل حسن عبد الغفار): رواه الطبراني وأبو يعلى بإسناد حسن.
وعبيد الله بن زحر هو: الضمري مولاهم الإفريقي الكناني:
قال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال علي بن المديني: منكر الحديث، وقال حرب بن إسماعيل: قلت لأحمد بن حنبل: عبيد الله بن زحر؟ فضعفه، وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: عبيد الله زحر ثقة، وقال الدارمي، عن ابن معين: كل حديثه عندي ضعيف، وفي رواية عباس، وابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ليس بشيءٍ، وقال أبو مسهر: عبيد الله بن زحر صاحب كل معضلة إن ذلك بين على حديثه، ونقل الترمذي في العلل عن البخاري أنه: وثقه، وقال البخاري في التاريخ:مقارب الحديث لكن الشأن في علي بن يزيد، وقال يعقوب بن سفيان ضعيف، وقال أبو حاتم: لين الحديث، وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي الموضوعات عن الإثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وقال ابن عدي: ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال الحاكم: لين الحديث، وقال الخطيب: كان رجلاً صالحاً في حديثه لين.
وقد أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
انظر: معرفة الثقات للعجلي 2/ 110، والتاريخ الكبير 5/ 382، والجرح والتعديل 5/ 315، والمجروحين لابن حبان 2/ 62 والضعفاء للعقيلي 3/ 120، والكامل لابن عدي5/ 522، والضعفاء والمجروحين لابن الجوزي 162،وتهذيب الكمال 19/ 36 وميزان الاعتدال 3/ 6 وتهذيب التهذيب 7/ 12وتقريب التهذيب 371 والكشف الحثيث 178.
وليث هو: ابن أبي سليم بن زنيم القرشي مولاهم أبو بكر ويقال أبو بكير الكوفي:
ويكاد يكون شبه اتفاق بين الحفاظ على تضعيفه، وقد ضعف لثلاثة أسباب: سوء حفظه، وجمعه بين الشيوخ،وعدم فصل حديثهم عن بعض، واختلاطه.
و حديثه ليس على درجة واحدة بل هو أقسام:
الأول: ما جمع فيه بين شيوخه كعطاء، وطاووس، ومجاهد، وكان الراوي عنه ممن سمع منه بعد الاختلاط فهذا أضعف حديثه، ولا يكتب لا في الشواهد ولا في المتابعات.
الثاني: إذا لم يجمع بين شيوخه، وكان الراوي عنه ممن سمع منه قديماً فهذا النوع ضعيف، ولكن يكتب في الشواهد والمتابعات، فإن جاء ما يشهد له قبل و إلا فلا يحتج به.
الثالث: إذا لم يجمع بين شيوخه، وكان الراوي عنه ممن سمع منه بعد الاختلاط، فهذا أضعف من الذي قبله، ولكن يكتب أيضاً في الشواهد والمتابعات.
الرابع: إذا جمع بين شيوخه، وكان الراوي عنه ممن سمع منه قديماً فهذا كالذي قبله.
وهذا التقسيم تقريبي مبني على كلام الحفاظ فقط (ولم أتتبع حديثه). والله أعلم.
انظر: معرفة الثقات للعجلي 2/ 231 الجرح والتعديل 7/ 177 والطبقات الكبرى 6/ 349 والضعفاء والمتروكين للنسائي90 والمجروحين 2/ 231 والضعفاء للعقيلي 4/ 14 والكامل لابن عدي 7/ 233 وتهذيب الكمال 24/ 279 وميزان الاعتدال 3/ 420 تهذيب التهذيب 8/ 417 وتقريب التهذيب 464.
وليث: روى هذا الحديث هنا عن مجاهد، عن ابن عمر.
وستأتي روايته: عن نافع، عن ابن عمر.
ثم روايته: عن عطاء، عن ابن عمر. إن شاء الله.
ورواه الطبراني في الكبير (13123) حدثنا أحمد بن محمد بن نافع المصري، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، قالوا: حدثنا أبو مصعب، حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
ورواه الطبراني في الأوسط (7792) حدثنا محمود بن محمد الواسطي.
وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى 2/ 428 أخبرنا أبو العباس الثقفي.
(كلاهما: محمود، وأبو العباس) قالا:
حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمه ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه (قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أربعين صباحاً في غزوة تبوك يقرأ في الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد).
قال الطبراني في الأوسط:لم يرو هذا الحديث عن الزهري، إلا ابن أخيه، ولاعن ابن أخي الزهري، إلا عبد العزيز بن عمران، تفرد به أبو مصعب.
وقال ابن أبي حاتم في العلل 1/ 166:
(يُتْبَعُ)
(/)
سألت أبي عن حديث رواه أبو مصعب، عن عبد العزيز بن عمران، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في غزوة تبوك في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد)؟
قال أبي: هذا حديث باطل بهذا الإسناد.اهـ.
وذكر هذا الحديث السيوطي في الدر المنثور 6/ 693، والصالحي في سبل الهدى والرشاد 8/ 256، والعجلوني في كشف الخفاء 2/ 131 وعزوه إلى ابن مردويه.
وعبد العزيز بن عمران هو: ابن عبد العزيز الزهري الأعرج المعروف بابن أبي ثابت:
قال الدارمي عن ابن معين: ليس بثقة إنما كان صاحب شعر، وقال الحسين بن حبان عن يحيى: قد رأيته ببغداد كان يشتم الناس، ويطعن في أحسابهم ليس حديثه بشيء، وقال الذهلي: عليّ بدنة إن حدثت عنه حديثاً، وضفعه جداً، وقال أحمد: ما كتبت عنه شيئاً، وقال البخاري: لا يكتب حديثه منكر الحديث، وقال عمر بن شبة: كان كثير الغلط في حديثه لأنه احترقت كتبه فكان يحدث من حفظه، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث جداً قيل: يكتب حديثه؟ قال: على الاعتبار، وقال ابن أبي حاتم: امتنع أبو زرعة من قراءة حديثه، وترك الرواية عنه، وقال الترمذي: ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال مرة: لا يكتب حديثه، وقال ابن حبان: ممن يروي المناكير عن المشاهير. وقال أبو أحمد الحاكم: منكر الحديث، والدارقطني: ضعيف وهو من الطبقة الثامنة ومات سنة 197هـ.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري 6/ 29 والضعفاء للنسائي 72 والجرح والتعديل 5/ 390 والضعفاء للعقيلي 3/ 13 والكامل لابن عدي 5/ 215 والأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2/ 428، وتاريخ بغداد 10/ 440 والضعفاء لابن الجوزي 1/ 111 وميزان الاعتدال 2/ 632 الكاشف 1/ 657 وتهذيب التهذيب 6/ 312 وتقريب التهذيب 385.
ورواه محمد بن نصر ـ مختصر قيام الليل ـ ص 84 قال: حدثنا محمود بن آدم،
والبيهقي في شعب الإيمان5/ 496 من طريق الحسن بن علي بن عفان
كلاهما (محمود والحسن) قالا:
حدثنا أسباط، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال (رمقت النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة أو خمس وعشرين ليلة أو شهراً فلم أسمعه يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر إلا بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
وأسباط هو: بن محمد بن عبد الرحمن، وقيل ابن أبي عبد الرحمن القرشي الكوفي:
وثقه ابن معين ثقة. قال الدوري، عن يحيى: أسباط بن محمد ثقة.
وقال في موضع آخر: ليس به بأس، وكان يخطي عن سفيان. وقال المفضل بن غسان عن يحيى: أسباط بن محمد ثقة، والكوفيون يضعفونه. وقال الدارمي عن يحيى: ليس به بأس. وقال أبو داود: ثقة. وقال العجلي: لا بأس به. وقال أبو حاتم: صالح. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق. وقال ابن سعد: ثقة صدوق؛ إلا أن فيه بعض الضعف. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العقيلي: ربما يهم في الشيء. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة.
وقد أخر له الجماعة، وهو من الطبقة التاسعة، ومات سنة199 وقيل200هـ اهـ.
انظر: معرفة الثقات للعجلي 1/ 217 وتاريخ الدوري (1284) وسؤالات الآجري لأبي داود (141) والجرح والتعديل 2/ 332 والضعفاء للعقيلي 1/ 119 والثقات لابن حبان 6/ 85 وتهذيب الكمال 2/ 354 وتهذيب التهذيب 1/ 185 وتقريب التهذيب 98.
وليث: هو ابن أبي سليم ضعيف، تقدم الكلام عليه وعلى روايته لهذا الحديث.
ورواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان 2/ 20 في ترجمة أبي هانئ إسماعيل بن خليفة، قال حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن عامر، حدثنا أبي، عن أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر (رمقت النبي يقرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد).
قال أبو الشيخ: ومما تفرد به ـثم ذكر أحاديث ـ هذا منها.
ورواه أيضاً 2/ 275 في ترجمة إبراهيم بن عامر، قال: ومن غرائب حديثه ـ ثم ساق بنفس الإسناد السابق لكن فيه زيادة ـ ولفظه (رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يقرا في الركعتين بعد المغرب قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وفي الركعتين قبل الغداة قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد).
(يُتْبَعُ)
(/)
ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 250 في ترجمة أبي هانئ إسماعيل بن خليفة، قال حدثنا الحسين بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن أبان، حدثنا محمد بن عامر، حدثنا أبي، عن أبي هانئ عن شريك النخعي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل صلاة الغداة قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
قال الدار قطني كما في أطراف الغرائب والأطراف (3/ 466: 3294).:غريب من حديثه ـ يعني عبيد الله ـ عن نافع عنه، تفرد به شريك، ولم يروه عنه غير أبي هانئ إسماعيل بن خليفة تفرد به عامر بن إبراهيم عنه، وروى عن عبد المنعم، عن نعيم، عن عبيد الله اهـ.
وهذه الرواية التي أشار اليها الدارقطني لم أقف عليها.
و قد تقدم الكلام على هذا الحديث.
ورواه أبو يعلى (5720)، حدثنا محمد بن المنهال أخو الحجاج.
وابن الضريس في فضائل القرءان (303) أخبرنا مسدد.
كلاهما قالا: حدثنا عبد الواحد ـ يعني ابن زياد ـ حدثنا ليث، قال حدثني أبو محمد قال: " رمقت ابن عمر شهراً فسمعته في الركعتين قبل الصبح يقرأ قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، قال: فذكرت له ذلك؟ فقال: رأيت رسوا الله صلى الله عليه وسلم شهرا، أو خمسة وعشرين يوماً يقرأ في الركعتين قبل صلاة الصبح قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وقال إن أحدهما تهدل بثلث القرءان، والأخرى بربع القرءان: قل هو الله أحد تعدل بثلث القرءان، وقل يا أيها الكافرون تعدل بربع القرءان).
اللفظ لأبي يعلى. ولفظ ابن الضريس ليس فيه ذكر مدة القراءة
(تصحفت رمقت في كتاب ابن الضريس إلى رصفت)
قال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 450: رواه أبو يعلى بإسناد حسن، وقال الهيثمي في المجمع 2/ 218 ورجال أبي يعلى ثقات.
وليث هو: ابن أبي سليم ضعيف كما تقدم.
قال البخاري في التاريخ الكبير 8/ 11: (بعد ذكر لعدة روايات عن ابن عمر في السنن الرواتب، وكونه عرف ركعتي الفجر من حفصة .. ) ورواه ليث بن أبي سليم عن أبي محمد عن ابن عمر حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح .. والصحيح حديث حفصة.اهـ
وأبو محمد هو: عطاء بن أبي رباح، وفي سماعه من ابن عمر خلاف:
من قال لم يسمع:
قال الدوري التاريخ (3337) و (3438): سمعت يحيى يقول: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: لم يسمع عطاء من ابن عمر، إنما رآه رؤية.
وقال ابن أبي حاتم في المراسيل أخبرنا حرب بن إسماعيل قال: قال أبو عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ: عطاء ـ يعني ابن أبي رباح ـ: قد رأى ابن عمر، ولم يسمع منه.
وقال ابن محرز في معرفة الرجال (1/ 126: 626): سمعت يحيى يقول: قالوا: إن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من ابن عمر شيئاً، ولكنه قد رآه، ولا يصحح له سماع.
من قال سمع:
قال البخاري في التاريخ الكبير 6/ 464، ومسلم في الكنى والأسماء رقم 2889ص719:
سمع من ابن عمر.
وقال ابن عساكر في تأريخ دمشق 40/ 376 _ معلقا على كلام القطان _: لا معنى لهذا الإنكار فقد سمع عطاء من أقدم من ابن عمر، وكان يفتي في زمان ابن عمر.
من اختلف في النقل عنه:
قال علي ابن المديني في العلل ص 66: ورأى عبد الله بن عَمرو… وسمع من ابن عُمر.
وفي مراسيل ابن أبي حاتم رقم (565) عن ابن المديني: رأى عبد الله بن عَمرو ولم يسمع منه.
قال محقق المراسيل: في المطبوعة (عبد الله بن عمر)، وما أثبتناه من الأصل يوافق العلل، وليس فيه (ولم يسمع منه)، وفيه أنه لقي ابن عمر. وهو كما ذكر في مطبوع الباز (عبد الله بن عمر) ص 129.
ونقل ابن عساكر في تاريخ دمشق 40/ 377:
عن علي بن المديني: لقي عبدالله بن عُمر ... ورأى عبدالله بن عَمرو ... وسمع .. ابن عُمر.
ونقل العلائي في جامع التحصيل ص 237، وابن حجر في تهذيب التهذيب 7/ 182، وأبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل ص 228: عن علي بن المديني: أنه رأى ابن عمر، ولم يسمع منه.
أقولُ: ليس في الصحيحين من رواية عطاء عن ابن عمر شيئاً.
وله في السنن الأربع ستة أحاديث:
الأول: عند النسائي 4/ 205و206، وجاء في بعض الروايات عمن سمع ابن عمر، و عمن سمع ابن عمرو ...
الثاني: عند أبي داود (1133) وفي (1130) بالعنعة، والترمذي (523م)، وفيه (رأيت ابن عمر .. ) والذين قالوا لم يسمع قالوا إنه رآه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث: عند أبي داود (4900)، والترمذي (1019)، وإسناده ضعيف، ورواه بالعنعنه.
الرابع: عند ابن ماجه (2956) بالعنعنه.
والخامس: عند ابن ماجه (4019) بالعنعنه، و سنده ضعيف.
والسادس: عند ابن ماجه (4259) بالعنعنه و سنده ضعيف. والله أعلم.
وعند أحمد 8/ 33و440و451، و9/ 496، و10/ 475 طبعة الرسالة.
وقد وقع لمحققي المسند في هذه المواضع شيء عجيب! فليراجع.
وله روايات عن ابن عمر في غير هذه الكتب، بعضها صريح في السماع .... تحتاج إلى تتبع ونظر في صحة أسانيدها، وسلامة ألفاظ الأداء .. ولم أنشط لذلك ..
ولننظر في التأريخ، والبلد:
فابن عمر رضي الله عنه مقيم بالمدينة، وتوفي رضي الله عنه بعد حج عام 73 هـ بأيام ...
وأما عطاء بن أبي رباح: فقد وولد في عام 26 فقد روي عنه أنه ولد لسنتين خلون من خلافة عثمان يعني في عام 26هـ، وقال ابن يونس وابن حبان وغيرهم سنة 27هـ اهـ
أقول: والفرق اليسير غير مهم هنا بمعنى أنه أدرك من حياة ابن عمر رضي الله عنه أكثر من 45 عام، وعطاء مكي مقيم في الحرم ... = يستبعد أنه لم يسمع من ابن عمر شيئا مع كثرة تردد ابن عمر على مكة للحج والعمرة .. أما اللقاء فلا إشكال، وأما السماع .. فلعله ـ إن صح ـ قليل جدا .. والله أعلم.
انظر: الكاشف 2/ 21، وتهذيب التهذيب 7/ 182.
وانظر: تحفة الأشراف 6/ 11 وإتحاف المهرة لابن حجر 8/ 588.
ورواه الطبراني في الكبير (13587) قال حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، وابن مردويه في جزء أحاديث أبي عبد الله بن حيان (48ح15) قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، وعبد الله بن محمد بن زكريا ـ ثلاثتهم ـ
(إبراهيم بن نائلة، وإبراهيم بن محمد، وعبد الله) قالوا: حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، عن إسرائيل، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عطاء، عن ابن عمر قال (شهدت النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين مرة فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) لفظ ابن مردويه وعند الطبراني ( .. والركعتين قبل المغرب .. ).
قال الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (3/ 408:3080): غريب من حديث عطاء بن أبي رباح عنه، تفرد به ثوير بن أبي فاخته عنه، وتفرد به إسماعيل بن عمرو عنه، عن إسرائيل، عن ثوير.
تنبيه: في أطراف الغرائب: يزيد بن أبي فاختة! وهو خطأ،.
وفيه: عن إسماعيل بدل إسرائيل والصواب: ما أثبته.
وطبعة هذا الكتاب _الكتب العلمية _ مليئة جداً بالأخطاء. والله أعلم.
وفيه: إسماعيل بن عمرو البجلي: قال أبو حاتم، والدارقطني ضعيف، وقال ابن حبان: يغرب كثيراً، وقال أبو أحمد بن عدي: حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقال الخطيب البغدادي: صاحب غرائب ومناكير، وقال ابن عقدة: ضعيف ذاهب الحديث، وقال الأزدي: منكر الحديث، وقال أبو الشيخ الأصبهاني: غرائب حديثه تكثر.
انظر: الثقات لابن حبان 8/ 100، والكامل 1/ 523، وطبقات المحدثين بأصبهان 2/ 71، وميزان الاعتدال 1/ 239، وتهذيب والتهذيب 1/ 279.
وثوير بن أبي فاختة هو: أبو الجهم الكوفي:
متفق على ضعفه، بل بعضهم كذبه.
انظر: التاريخ الكبير 2/ 183، والجرح والتعديل 2/ 472، والضعفاء للنسائي 27، والمجروحين 1/ 205، والضعفاء للعقيلي 1/ 180، والكامل 2/ 315 , وتهذيب الكمال 4/ 429، وميزان الاعتدال 1/ 375، وتهذيب التهذيب 2/ 32، وتقريب التهذيب 135.
وعلقه ابن أبي حاتم في العلل 1/ 105،
ورواه ابن السماك في جزء حنبل " التاسع من الفوائد" (10) قال حدثنا حنبل، حدثنا عمر بن عثمان، حدثنا أبو تميلة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة.
وابن عبد البر في التمهيد 7/ 258 من طريق عمر بن عثمان بهذا الإسناد.
(تنبيه: تصحف في التمهيد إلى عمرو بن عثمان)
ورواه ابن عدي في الكامل 7/ 186، حدثنا محمد بن أحمد بن موسى السوليطي، حدثنا علي بن بكار المصيصي، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن يحيى بن أبي أنيسة.
والخلال في فضائل سورة الإخلاص (21) حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وأبو الحسن علي بن عمر الحافظ، وعبيد الله بن حبابة، قالوا: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا طالوت بن عباد حدثنا شهاب بن شرنفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثلاثتهم (زيد بن أبي أنيسة، ويحيى بن أبي أنيسة، وشهاب بن شرنفة) عن نفيع بن الحارث، عن ابن عمر قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة يقرأ في الركعتين قبل الصبح قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. قال: وسمعته يقول: نعمت السورتان هما قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن)
لفظ ابن السماك، ومثله عند ابن عبد البر: إلا أنه لم يذكر عشرين ليلة.
ولفظ ابن عدي قريب من هذا جداً وفيه (رمقت .. خمس وعشرين يوماً .. )
ولفظ الخلال مثل لفظ ابن عدي إلا أنه لم يذكر (نعمت السورتان .. الخ).
قال ابن السماك: أخبرنا حنبل حدثنا عمر بن عثمان: أبو أنيسة اسمه يزيد، وهذا يحيى بن يزيد أخو زيد بن أبي أنيسة، قال: وقال أبو تميلة: قال ابن إسحاق أنا أجمعهما جميعاً.
تنبيه: في رجال مسلم لابن منجويه 1/ 215، وتهذيب الكمال 31/ 223، وتهذيب التهذيب 3/ 343 وطبقات الحفاظ للسيوطي2/ 64 قالوا في ترجمة زيد بن أبي أنيسة: واسمه (أبو أنيسة) زيد. اهـ
وعليه؛ فهذا وهم! من عمر بن عثمان، ويكون يحيى هذا ـ والله أعلم ـ هو:
يحيى بن يزيد الجزري أبو شيبة الرهاوي، فهو الذي يروي عن زيد بن أبي أنيسة، ويروي عنه محمد بن إسحاق.
انظر: تهذيب الكمال 32/ 44.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: ليس هذا الإسناد بقوي.
وزيد بن أبي أنيسة هو: أبو أسامة الجزري الرهاوي: ثقة.
انظر: معرفة الثقات 1/ 376 والجرح والتعديل 3/ 556 والطبقات الكبرى 7/ 481 وسؤالات أبي داود لأحمد 279 وتاريخ عثمان الدارمي (338) والثقات لابن حبان6/ 315 والضعفاء للعقيلي 2/ 74 وتهذيب الكمال 10/ 18 وتذكرة الحفاظ 1/ 139 وتهذيب التهذيب 3/ 343 و تقريب التهذيب 222.
ويحيى بن أبي أنيسة هو: أبو زيد الجزري: قال أخوه زيد: لا تكتبوا عن أخي فإنه يكذب، وهو متفق على ضعفه.
انظر: التاريخ الكبير 8/ 262 والضعفاء الصغير للبخاري 118 ومقدمة مسلم 20 والجرح والتعديل 9/ 129 و الضعفاء للنسائي 110 والمجروحين لابن حبان 3/ 110 والضعفاء للعقيلي 4/ 392 والكامل لابن عدي 9/ 3 وتهذيب الكمال 31/ 223 وميزان الاعتدال 4/ 364 وتهذيب التهذيب 11/ 161 وتقريب التهذيب 588.
وشهاب بن شرنفة هو: المجاشعي البصري: قال البخاري: كان من عباد أهل البصرة.
وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا وكان شيخاً صدوقاً. قال ابن معين: ليس إسناده بالقائم.
وقال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى عن شهاب بن شرنفة؟ فقال: حدث عنه ابن المبارك وأصحابنا، وقال أبو الفتح الأزدي: ليس بثقة، وذكره ابن حبان في الثقات قال أبو حاتم: روى عنه … وعبد الرحمن بن مهدي.
انظر: التاريخ الكبير 4/ 236 والعلل ومعرفة الرجال 3/ 18 والجرح والتعديل 4/ 362 والثقات لابن حبان 6/ 443 وميزان الاعتدال 2/ 282.
وفيه نفيع بن الحارث هو: أبو داود الأعمى:
قال أحمد بن أبي يحيى، عن ابن معين: يضع ليس بشيء. وقال: سمعت أحمد يقول: قال: نفيع سمعت العبادة ولم يسمع منهم. وقال البخاري: يتكلمون فيه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال في موضع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وضعيف الحديث. وقال الترمذي: يضعف في الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات توهماً لا يجوز الاحتجاج به. وقال العقيلي: كان ممن يغلو في الرفض. وقال الساجي: كان منكر الحديث يكذب. وقال الدارقطني: متروك. وقال الدولابي: متروك. وقال الحاكم: روى عن بريدة وأنس أحاديث موضوعة. وقال ابن عدي: هو من جملة الغالين بالكوفة. وقال ابن عبد البر أجمعوا على ضعفه، وكذبه بعضهم واجمعوا على ترك الرواية عنه.
وهو من الطبقة الخامسة.
انظر: التاريخ الكبير 8/ 114 الضعفاء للبخاري 115 والمجروحين 3/ 55 والضعفاء للعقيلي 4/ 306 والكامل 8/ 327 وتهذيب الكمال 30/ 9 ميزان الاعتدال 4/ 272 تهذيب التهذيب 10/ 419 والكاشف 2/ 325 وتقريب التهذيب 565.
ورواه ابن أبي عمر كما في إتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (2301).
تنبيه: هذا الموضع من إتحاف الخيرة المهرة لم يعثر محققوه على الجزء المسند منه بل اثبتوا ما في المختصر بدون إسناد وقال البوصيري ورجاله ثقات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن عبد البر في التمهيد 24/ 40: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد. من حديث عائشة، وحديث ابن عمر، وحديث أبي هريرة، وحديث ابن مسعود، وكلها صحاح ثابتة.!
أقول: تقدم كلام الإمامان: مسلم، ومحمد بن نصر بتضعيفه عن ابن عمر مطلقا ...
وتقدمت نقول خاصة ببعض الطرق ...
والخلاصة: أنه لا يصح عن عن ابن عمر والعلم عند الله.
(2) أبو هريرة رضي الله عنه:
رواه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 108، ومسلم في صحيحه (726)، وأبو داود (1256)، والنسائي في المجتبى 2/ 156، والكبرى (1017)، وابن ماجه (1148)، وأبو منصور الشيباني في جزء أحاديث يحيى بن معين رقم (27)، وأبو عوانة (2163)، وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم 2/ 321، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 42، والبيهقي 3/ 43 وابن حجر في نتائج الأفكار1/ 496،
كلهم من طريق: مروان الفزاري، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد ".
(3) جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298، وابن حبان (2460)، وابن بشران في الأمالي (390)، والبيهقي في شعب الإيمان 5/ 463، والذهبي في سير أعلام النبلاء 11/ 74، وابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 503،
كلهم من طريق حدثنا يحيى بن معين، حدثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس، سمعت طلحة بن خراش يحدث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن رجلاً قام فركع ركعتي الفجر، فقرأ في الركعة الأولى: قل يا أيها الكافرون حتى انقضت السورة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا عبد عرف ربه، وقرأ في الآخرة قل هو الله أحد حتى انقضت السورة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا عبد آمن بربه، فقال طلحة فأنا أستحب أن أقرأ بهاتين السورتين في هاتين الركعتين ".
تنبيه: في شرح معاني الآثار سقط من إسناد الحديث يحيى ـ يعني بن عبد الله بن يزيد ـ وجعل عن عبد الله بن يزيد ويحيى هو راو الحديث، وهو مثبت في بقية المصادر. ثم رأيت ابن أبي الوفاء الحنفي في كتابه الحاوي في بيان آثار الطحاوي 2/ 204 قال: كذا وقع! والصواب: يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري اهـ.
ويحيى بن عبد الله بن يزيد:
قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل كتبنا عن أبي زكريا الأنيسي ولم يكن به بأس وأثنى عليه، وذكره في الثقات 7/ 613.اهـ
طلحة بن خراش:
قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار ص77: من جلة أهل المدينة ممن كان يغرب عن جابر بن عبد الله. وذكره في الثقات 4/ 394.
وفي تهذيب التهذيب 5/ 14: قال النسائي صالح، ... وقال ابن عبد البر: موسى وطلحة كلاهما مدني ثقة، وقال الأزدي: طلحة روى عن جابر مناكير.
أقول: وهذا من غرائبه عن جابر.
قال ابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 504: هذا حديث حسن.
(4) أنس بن مالك رضي الله عنه:
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298، والبزار – كشف الأستار ـ (704)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي 2/ 373، والبيهقي في شعب الإيمان 5/ 463، والضياء المقدسي في المختارة 7/ 119،120 ومن طريقه الضياء ابن حجر في نتائج الأفكار1/ 500.
كلهم من طرقٍ عن خلف بن موسى، حدثنا أبي، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال:"كان رسول الله صلى الله عليه يقرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
ولفظ البيهقي "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
قال البزار: تفرد به موسى بن خلف، عن قتادة.
وقال الضياء المقدسي: موسى أثنى عليه جماعة من الأئمة، وتكلم فيه آخرون، والله أعلم. وله شاهد في الصحيح من حديث أبي هريرة اهـ.
قال العراقي في تكملة شرح الترمذي (1/ق75 /ب): رجال إسناده ثقات،
وكذا قال الهيثمي في المجمع 2/ 218، و الشوكاني في نيل الأوطار 3/ 24 وتحفة الذاكرين 170.
وقال ابن حجر: هذا حديث حسن اهـ.
وموسى بن خلف هو: أبو خلف العمّي البصري:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الجوزجاني: حدثنا عفان، حدثنا موسى بن خلف، أثنى عليه عفان ثناء حسناً،وقال: ما رأيت مثله قط، وقال العجلي: ثقة، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى: ليس به بأس، وقال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: موسى بن خلف ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، وقال الآجري عن أبي داود: ليس به بأس ليس، بذاك القوي، وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ يروي عن قتادة أشياء مناكير، وعن يحيى بن أبي كثير ما لا يشبه حديثه فلما كثر ضرب هذا في روايته استحق ترك الاحتجاج به فيما خالف الأثبات، وما تفرد جميعاً. وقال البرقاني، عن الدارقطني ليس بالقوي يعتبر به.
أقول: لا شك أن في النفس شيء من هذه الرواية، وتقدم قول البزار: إنه تفرد به موسى عن قتادة، وكلام ابن حبان نص في ترك الاحتجاج بما تفرد به.
انظر: معرفة الثقات 2/ 303، والتاريخ الكبير 7/ 282، والجرح والتعديل 8/ 140،وسؤالات ابن الجنيد (549)، وسؤالات الآجري 225، والثقات لابن شاهين 222، والمجروحين 2/ 240، والكامل لابن عدي 8/ 60، وسؤالات البرقاني 67، وتهذيب الكمال 29/ 55، وميزان الاعتدال 4/ 203، وتهذيب التهذيب 10/ 304.
(5) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
رواه الطبراني في الأوسط (7761) قال حدثنا محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا أصرم بن حوشب، عن إسحاق بن واصل، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال قلنا لعبد الله بن جعفر حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت منه، ولا تحدثنا عن غيرك، وإن كان ثقة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول": ... (ذكر حديثا طويلا وفيه)
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد ... الحديث ".
ومن هذا الطريق أخرجه ابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 506.
قال الطبراني في المعجم الأوسط (7761) والصغير 1/ 399: لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن جعفر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو الأشعث.
وقال ابن حجر: ـ معلقاً على كلام الطبراني ـ وهو: ـ يعني أبو الأشعث ـ أحمد بن المقدام العجلي من شيوخ البخاري لكن شيخه، وشيخ شيخه ضعيفان. ويعارض هذا ما أخرجه أبو داود من رواية جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما " كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يطيل الركعتين بعد المغرب حتى ينصرف أهل المسجد".
قال محمد بن نصر ـ بعد أن أخرجه موصولاً ومرسلاً ـ: إن ثبت هذا فلعله فعله في بعض الأوقات انتهى كلام ابن حجر.
أقول: كلام ابن نصر على حديث ابن عباس في إطالة الركعتين بعد المغرب فقط.
انظره في مختصر قيام الليل ص85.
ورواه الطبراني في الصغير 1/ 399، وفي 2/ 205 من طريق أبي الأشعث بن المقدام العجلي .. الخ. فساقه مختصراً بذكر آخره فقط ليس فيه ذكر القراءة.
ثم قال: لم يرو هذا الحديث الذي هو: جملة أحاديث من حيث المعنى عن قرة إلا أصرم تفرد به أبو الأشعث. اهـ.
ورواه الحاكم في المستدرك 3/ 568 أخبرني أبو الوليد الإمام، وأبو بكر بن قريش قالا: أنبأ الحسن بن سفيان. وأخبرني محمد بن المؤمل، حدثنا الفضل بن محمد قالا: حدثنا أحمد بن المقدام .. الخ فساقه بنحو هذا الحديث لكن ليس فيه ذكر القراءة في ركعتي الفجر.
وسكت عليه الحاكم.!
وقال الذهبي في المختصر 5/ 2280:
أضنه موضوعاً؛ ففيه إسحاق بن واصل وهو متروك، وأصرم بن حوشب وهو متهم بالكذب اهـ.
وذكر الزيلعي في نصب الراية 1/ 296:كلام الذهبي هذا، وسكت عليه.
وذكر هذا الحديث الذهبي في الميزان 1/ 202 في ترجمة إسحاق بن واصل وقال: فمن بلاياه التي أوردها الأزدي مرفوعاً ... ثم قال: لكن الجميع من رواية أصرم بن حوشب، وليس بثقة عنه، وهو هالك.
وذكره سبط ابن العجمي في الكشف الحثيث 66 في ترجمة إسحاق، ـ وأورد كلام الذهبي ـ ثم قال: فأشار بقوله من بلاياه ـ يعني وضعه ـ ثم توقف في ذلك لأجل أصرم. والله أعلم.
وذكره ابن حجر في اللسان 1/ 377 وذكر كلام الذهبي في الميزان، ومختصر المستدرك وأقره عليه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 53 و 9/ 170: وفيه أصرم بن حوشب وهو ضعيف، وفي موضع آخر: وهو متروك.
وأصرم بن حوشب هو: أبو هشام الكندي:
متروك الحديث، وبعضهم كذبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
انظر: التاريخ الكبير 2/ 56 و الضعفاء الصغير للبخاري (35:21) والتاريخ الصغير 2/ 290 و الجرح والتعديل 2/ 336 و الضعفاء للنسائي (66:22) أحوال الرجال للجوزجاني 205 والكنى والأسماء لمسلم 1/ 879 وطبقات الأسماء المفردة171 والمجروحين لابن حبان 1/ 181 و الضعفاء للعقيلي 1/ 118 و الكامل لابن عدي 2/ 95، وتاريخ بغداد7/ 30، وميزان الاعتدال 1/ 272 و لسان الميزان 1/ 461.
وإسحاق بن واصل الضبي: قال الأزدي: متروك الحديث زائغ،وقال الذهبي: من الهلكى.
انظر: الضعفاء لابن الجوزي 1/ 105، وميزان الاعتدال 1/ 202، والمغني في الضعفاء 1/ 74 والكشف الحثيث 66، ولسان الميزان 1/ 377.
(6) عائشة رضي الله عنها:
رواه عبد الرزاق (4788) و (4789)، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 50، وإسحاق بن راهويه (1339) و (1340)، وأحمد 6/ 184 و225 و238، وابن أبي عمر كما في المطالب العالية لابن حجر رقم (627)، والدارمي (1414)، والطحاوي في شرح معاني الآثار1/ 297، وأبو نعيم في الحلية 10/ 30، والبيهقي في شعب الإيمان 5/ 464، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 40و41، وابن حجر في نتائج الأفكار1/ 502
كلهم من طرق عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن عائشة (أن رسو الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد) وفي بعض الألفاظ ( .. يسر فيهما القراءة) وفي لفظ (يخفي ما كان يقرأ فيهما .. ).
قال الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 297: إنه منقطع.
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 502: هذا حديث حسن.
ورواه إسحاق بن راهويه (1338)، وأحمد 6/ 183 كلاهما قالا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن عائشة سئلت عن ركعتي الفجر فقالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخففهما، قالت: فأظنه كان يقرأ بنحو من: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد). لفظ أحمد.
ورواه إسحاق (1341) أخبرنا النضر، أخبرنا الأشعث، عن عبد الملك عن ابن سيرين، عن عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر القراءة في ركعتي الفجر بقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون).
ورواه أحمد 6/ 184 حدثنا علي عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد".
قال ابن محرز في معرفة الرجال (1/ 127رقم 630): سمعت يحيى بن معين يقول: ابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئاً قط، ولا رآها.
وقال أبو حاتم كما في المراسيل لابنه رقم (687)، وجامع التحصيل للعلائي 264، وتحفة التحصيل للعراقي 277: لم يسمع ابن سيرين من عائشة شيئاً.
وتقدم قول الطحاوي عند ذكر حديث هشام عن ابن سيرين عن عائشة إنه منقطع.
ورواه أحمد 6/ 239. وابن ماجه (1150)، وابن حبان (2461)، والطبراني في الأوسط (5247)، والبيهقي في شعب الإيمان 5/ 496، وابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 502
من طرق عن يزيد بن هارون، حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً قبل الظهر ـ وقال يزيد مرة: ركعتين بعدهاـ وركعتين قبل الفجر، وكان يقول: نعم السورتان هما يقرؤونهما في الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد".
لفظ أحمد.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الجريري، إلا يزيد بن هارون. تفرد به سهل بن صالح.
أقول: رواه ابن خزيمة (1114) قال: حدثنا بندار، أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، حدثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً قبل الظهر،وركعتين قبل العصر لا يدعهما قالت: وكان يقول: نعم السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر قل هو الله أحد،وقل يا أيها الكافرون".
فهذه متابعة من يوسف الأزرق ليزيد بن هارون.
وأيضاً: لم يتفرد به سهل بن صالح، عن يزيد بن هارون فقد رواه عن يزيد: أحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعثمان بن أبي شيبة.
انظرها في مصادر التخريج السابقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حجر في فتح الباري 3/ 60: وقد روى ابن ماجه بإسناد قوي عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها … وذكر هذا الحديث، وكذا القسطلاني في المواهب اللدنية 4/ 225. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 139: هذا إسناد فيه مقال الجريري اسمه سعيد بن أياس احتج فيه الشيخان في صحيحيهما إلا أنه اختلط بآخره، وقد قيل: إن يزيد بن هارون إنما سمع منه بعد التغير وباقي رجال الإسناد ثقات.
أقول: الذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن هذا الحديث حسن ففي الإسناد انقطاع بين ابن سيرين وعائشة، وابن سيرين قد قيل إنه لا يروي إلا عن ثقة قاله ابن عبد البر في التمهيد 8/ 301 وابن تيمية في الفتاوي 23/ 47، وعليه فهذا ضعف يسير لعله ينجبر برواية عبد الله بن شقيق عنها، ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم، والله أعلم.
ورواه الطبراني في الأوسط (7304) حدثنا محمد بن العباس، حدثنا نصر بن علي، حدثنا هارون بن مسلم ـ صاحب الحناء ـ، نا القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي عن عائشة قالت:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الصبح والركعتين بعد المغرب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن محمد بن علي، عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به هارون بن مسلم.اهـ.
وهارون بن مسلم صاحب الحناء: قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: لين.
وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وقال البرقاني، عن الدارقطني: صويلح يعتبر به، وقال الدارقطني في العلل: ضعيف، وقال الحاكم: ثقة، قد روى عنه أحمد بن حنبل.
انظر: الجرح والتعديل 9/ 94، والثقات 9/ 237، والعلل للدارقطني 6/ 147، وسؤالات البرقاني 69، ومستدرك الحاكم 1/ 419، وميزان الاعتدال 4/ 286، والإكمال 444، ومجمع الزوائد 5/ 116، وتهذيب التهذيب 11/ 11، ولسان الميزان 6/ 182، وتعجيل المنفعة 427.
وفيه أيضاً: القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري: متفق على ضعفه
انظر: تاريخ الدوري (1809)، والجرح والتعديل 7/ 112، وأجوبة الرازي على سؤالات البرذعي 373، وصحيح ابن خزيمة 4/ 442، والترغيب والترهيب للمنذري 2/ 107، وميزان الاعتدال 4/ 462.
وهو أيضا: منقطع؛ فإن محمد بن علي لم يسمع من عائشة: قال أبو طالب سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن علي سمع من أم سلمة شيئاً؟
قال: لا يصح أنه سمع قلتُ: فسمع من عائشة؟ فقال: لا، ماتت عائشة قبل أم سلمة.
وقال ابن طهمان وسمعته ـ يحيى بن معين ـ سئل عن محمد بن علي سمع من أم سلمة؟ فقال روى مرسلاً وقد عمرت، وسمعته يقول: ماتت عائشة قبل أم سلمة رضي عنها، وماتت عائشة، وأبو هريرة سنة خمس وخمسين.
انظر: المراسيل لابن أبي حاتم (672)، وجامع التحصيل266، وتحفة التحصيل 283.
ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 146 حدث عبد الله بن أحمد بن أسيد حدثنا إبراهيم بن عامر، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبدالرحمن المجاشعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر " قل هو الله أحد وفي الأولى قل يا أيها الكافرون ".
أقول: هكذا قال أبو نعيم، ولم يذكر من حدثه عن عبد الله بن أحمد، وهو يروي عنه بواسطة رجل، ولم يسمع منه لأن عبد الله بن أحمد بن أسيد توفي سنة 310هـ وأبا نعيم ولد سنة 336هـ انظر: تاريخ أصبهان (2/ 26:983).
ومحمد بن عبد الرحمن المجاشعي: لم أجد من ترجم له، ولم يذكر مع من روى عن هشام بن عروة، وذكر المزي في شيوخ عامر بن إبراهيم: محمد بن عبد الرحيم المجاشعي الأصبهاني فلعله هو، لكن أيضاً: لم أجد من ترجم له.
فأين أصحاب عروة عن هذا الحديث؟! ثم أصحاب هشام عنه؟! حتى يتفرد عنه هذا!.
وقد تقدم بعض الكلام على هذه الرواية في حديث ابن عمر، وأن عامر بن إبراهيم قد اضطرب فيه؛ فمرة يرويه عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، ومرة عن أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، ومرة عن محمد بن عبدالرحمن المجاشعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ولم يتابع على شيء من ذلك. والله أعلم.
(7) عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
رواه محمد بن نصر كما في مختصر قيام الليل ص 84 قال: حدثنا محمد بن يحيى. والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298 قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود. والطبراني في الأوسط (5767) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي.
ثلاثتهم (محمد بن يحيى، وإبراهيم، ومحمد بن عبد الله) قالوا: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الملك بن الوليد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: " ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد".
قال محمد بن يحيى (مختصر قيام الليل 84): لو شاء قائل لقال: مسند، ولو شاء قائل لقال: منكر.
ورواه أبو يعلى (5049) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال 18/ 433، وابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 505.
ورواه الطبراني في الكبير (10250، 1025) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، وإبراهيم بن هاشم البغوي. وابن عدي في الكامل 6/ 535 قال: حدثنا الحسن بن الطيب البلخي. أربعتهم (أبو يعلى، ومحمد، وإبراهيم، والحسن) قالوا: حدثنا سعيد بن أبي الربيع حدثنا عبد الملك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود فذكره، مثل لفظ أحمد بن يونس.
قال ابن عدي: هذا الحديث مع أحاديث يرويها عبد الملك، عن عاصم بهذا الإسناد وغيره مما لا يتابع عليه.
وقال ابن حجر: هذا حديث غريب ـ ثم ذكر كلام ابن عدي على هذا الحديث ثم قال ـ قلت: أخرج محمد بن نصر بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كانوا يستحبون أن يقرؤوا في صلاة الفجر، والركعتين بعد المغرب فذكره. وعبد الرحمن: تابعي كبير سمع من ابن مسعود، وغيره من كبار الصحابة؛ فهو شاهد قوي.اهـ.
تنبيه: عند الطبراني رقم (10250) ذكر أنه يقرأها في ركعتي الفجر، ولم يذكر المغرب، وفي (10251) على عكس ذلك!
ورواه الترمذي (431)، وابن ماجه (1166)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي 2/ 387، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (253)، والبزار (1843)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 38، وابن الأعرابي في معجمه1/ 63، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 42، والبغوي في شرح السنة (884)
كلهم من طرق عن بدل بن المحبر حدثنا عبد الملك، حدثنا عاصم، عن زر، وأبي وائل، عن عبد الله بن مسعود به.
إلا الترمذي وعنه البغوي فعن أبي وائل وحده، والبيهقي عن زر وحده.
وعند ابن ماجه، والطوسي: " .. يقرأ في الركعتين بعد صلاة المغرب .. ". ولم يذكر القراءة في ركعتي الفجر.
وعند ابن شاهين: " .. كان يقرأ في الركعتين قبل صلاة الفجر، وفي الركعتين بعد صلاة العصر .. ".
وعند البزار: " .. يقرأ في الركعتين قبل صلاة الفجر .. ". ولم يذكر القراءة في ركعتي المغرب.
وعند العقيلي: ( .. يقرأ في ركعتي الفجر، وركعتي الغداة .. )!
قال الترمذي: هذا حديث غريب، من حديث ابن مسعود لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن معدان عن عاصم.
وقال العقيلي: لا يتابع عليه ـ يعني عبد الملك ـ بهذا الإسناد، وقد روي المتن بغير هذا الإسناد بإسناد: جيد.
وقال النووي في خلاصة الأحكام 1/ 544 ـ بعد ذكره كلام الترمذي على هذا الحديث ـ قلت: وإسناده محتمل.
تنبيه: وقع في إسناد ابن شاهين: (عن زر عن أبي وائل)، والصواب: (عن زر و أبي وائل).
ووقع في إسناد العقيلي (عن ذر)، والصواب (عن زر).
(8) أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه:
رواه الحسن بن سفيان في مسنده ـ كما في لسان الميزان لابن حجر (3/ 111رقم 367) ـ قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الزبيدي الحمصي، حدثنا سليم بن عثمان، وكان ثقة، سمعت محمد بن زياد يقول: سمعت أبا أمامة يقول: فذكر حديثاً في قراءة سورتي الإخلاص في ركعتي الفجر.
ثم قال ـ ابن حجر ـ: وهو غريب من هذا الوجه، مشهور من رواية أبي هريرة وغيره اهـ.
وقال في نتائج الأفكار 1/ 503: وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده بسند ضعيف، ولفظه مثل حديث أنس. اهـ. (قد تقدم حديث أنس)
أقول: إسحاق بن إبراهيم الزبيدي المعروف أبوه: بزبريق.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو حاتم: سمعت يحيى بن معين: وأثنى على إسحاق بن الزبريق خيراً، وقال: الفتى لا بأس به، ولكنهم يحسدونه. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: شيخ. وقال أبو داود: قال لي ابن عوف: ما أشك أن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق يكذب. وقال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: ليس هو بشيء. وقال عبد الكريم بن أبي عبدالرحمن النسائي، أخبرني أبي قال: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن العلاء يقال له ابن زبريق ليس بثقة، عن عمرو بن الحارث.
انظر: الجرح والتعديل 2/ 209، والثقات لابن حبان 8/ 113، وتاريخ دمشق 8/ 109، وتهذيب الكمال2/ 270، وميزان الاعتدال 1/ 181، وتهذيب التهذيب1/ 189، ولسان الميزان 3/ 111.
وأخرجه الخلال في فضائل سورة الإخلاص (37) حدثنا علي بن إبراهيم بن أبي عزة، أبنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، حدثنا سليمان ـ يعني ابن سلمة ـ حدثنا سليم بن عثمان الطائي، حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى بالحمد، وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية بالحمد،وقل هو الله أحد، لا يعداهن ".
أقول: سليمان بن سلمة هو: أبو أيوب الخبائري:
قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي ولم يحدث عنه، وسألته عنه؟ فقال: متروك الحديث لا يشتغل به، فذكرت ذلك لابن الجنيد، فقال: صدق كان يكذب، ولا أحدث عنه بعد هذا، وقال النسائي: ليس بشيء، وقال الأزدي: معروف بالكذب، وقال ابن عدي: له غير حديث منكر، وقال الخطيب: مشهور بالضعف، وقال ابن الملقن: المتروك الكذاب.
انظر: الجرح والتعديل 4/ 121 والضعفاء للنسائي 49 والكامل لابن عدي 4/ 297 و الضعفاء لابن الجوزي 1/ 20 وميزان الاعتدال 2/ 209 وخلاصة البدر المنير 2/ 384 ولسان الميزان 3/ 93 والكشف الحثيث 129.
وأما سليم بن عثمان الذي دارت عليه هاتين الروايتين فهو: أبو عثمان الطائي الفوزي الزبيدي الحمصي:
قال البخاري، ومسلم، وأبو حاتم: عنده عجائب. زاد أبو حاتم: وهو مجهول، وقال ابن جوصاء: سألت أبازرعة عن أحاديث سليم بن عثمان الفوزي، عن محمد بن زياد وعرضتها عليه فأنكرها وقال: لا تشبه حديث الثقات عن محمد بن زياد، وقال مرة: أحاديثه مسواة موضوعة. وقال ابن حبان: روى عنه سليمان بن سلمة الخبائري الأعاجيب الكثيرة، ولست أعرفه بعدالة، ولا جرح، ولا له راو غير سليمان، وسليمان ليس بشيء، فإن وجد له راو غير سليمان بن سلمة اعتبر حديثه، ويلزق به ما يتأهله من جرح أو عدالة. قال ابن حجر ـ معلقا على كلام ابن حبان هذا ـ له رواة غيره وتعين توهينه، وقال أيضا: ليس بثقة، وقال ابن عدي: يروي عن محمد بن زياد مناكير.
انظر: التاريخ الكبير 4/ 125، والكنى والأسماء لمسلم (2204)، والجرح والتعديل 4/ 116، والثقات 6/ 415، والكامل4/ 334، والضعفاء لابن الجوزي 1/ 13، وميزان الاعتدال 2/ 230 ولسان الميزان 3/ 111.
الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم" يقرأ في ركعتي الفجر (قل آمنا بالله وما أنزل علينا) [آل عمران 84] في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرى بهذه الآية (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) [آل عمران 53] أو (إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) [البقرة 119] شك الدراوردي.
رواه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 108 عن إبراهيم بن حمزة، وكذا المزي في تهذيب الكمال 19/ 466، وأبو داود (1260) عن محمد بن الصباح بن سفيان، والبخاري في التاريخ الكبير 6/ 239، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298، والبيهقي في الكبرى 3/ 43، من طريق سعيد بن منصور.
ثلاثتهم (إبراهيم، ومحمد، وسعيد) عن عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عمر يعنى ابن موسى، عن أبي الغيث، عنه به.
وهذا لفظ أبي داود، أما البخاري في، والطحاوي، والبيهقي فعندهم أنه " قرأ في الركعة الأولى قوله تعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية [البقرة136].
وعند البخاري 4/ 108، والمزي (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) و (إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) بالواو بدل أو.
(تنبيه: البخاري في 6/ 239لم يسق المتن)
(يُتْبَعُ)
(/)
وعند الطحاوي، والبيهقي: " وفي الثانية (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) [آل عمران 53].
قال البيهقي: هكذا أخبرناه بلا شك، وقد رواه محمد بن الصباح، عن عبد العزيز الدراوردي بالشك في قوله (ربنا آمنا بما أنزلت) فلم يدر هذه الآية، أو (إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) [البقرة 119]، وكذلك إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي اهـ.
أقول: لم يشر البيهقي إلى الاختلاف في الآية الأولى، ففي رواية سعيد منصور، وإبراهيم بن حمزة: أنه قرأ في الأولى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم) الآية [البقرة136].
وفي رواية محمد بن الصباح: أنه قرأ في الأولى (قل آمنا بالله وما أنزل علينا) [الآية 84 آل عمران].
عبد العزيز بن محمد هو: الدراوردي: موصوف بالغلط، والوهم، وسوء الحفظ إذا حدث من حفظه ... وللحفاظ كلام متفاوت نسبيا لا أطيل بذكره، ولكن تجده في
: معرفة الثقات للعجلي 2/ 98 والتاريخ الكبير 6/ 25 و الجرح والتعديل 5/ 395 و الطبقات لابن سعد 5/ 424 و الثقات لابن حبان 7/ 116 و الضعفاء العقيلي 3/ 20 و تهذيب الكمال 18/ 187 و الكاشف 1/ 658 و تهذيب التهذيب 6/ 315 و تقريب التهذيب 358.
وعثمان بن عمر بن موسى هو التيمي: قال عثمان الدارمي: قلت لابن معين؟ فعمر بن عثمان المدني عن أبيه عن ابن شهاب؟ قال: ما أعرفهما، وقال ابن عدي هو كما قال: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات،. وقال أبو بن يربوع الإشبيلي: رأيت الدارقطني قد ذكره في العلل كثيرا، وقال لا يكاد يمر للزهري حديث مشهور يتوسع فيه الرواة إلا كان هذا من جملتهم، قال: قد رأيته قد رجح كلامه في بعض المواضع. قال ابن حجر: وقول عثمان الدارمي عن يحيى بن معين لا أعرفه، وقول ابن عدي هو كما قال، عجيب فقد عرفة غيرهما حق المعرفة، لكنه قال في التقريب: مقبول.
(تنبيه: انظر تعليق الدكتور أحمد نور سيف على كلام ابن حجر في تاريخ الدارمي ص47)
انظر: تاريخ الدارمي ص47، وتاريخ البخاري الكبير 6/ 239، والجرح والتعديل 6/ 159، والثقات لابن حبان 7/ 200، والكامل لابن عدي 5/ 175، وتهذيب الكمال 19/ 464، وتهذيب التهذيب 7/ 130، وتقريب التهذيب 1/ 386.
وسالم أبو الغيث: ثقة.
انظر: وتاريخ البخاري الكبير 4/ 108، والثقات لابن حبان 4/ 306، وتهذيب الكمال 10/ 179، والكاشف 1/ 424، وتهذيب التهذيب 3/ 385.
وهذا الحديث – والله أعلم – لا يصح: لشك الدراوردي فيه , واضطرابه، فتقدم اختلافهم في الآية في الركعة الأولى، والشك، وعدمه في الثانية ... ، ولحال عثمان، وكون هذا الحديث من أفرادهم، فلم يروه حسب اطلاعي وبحثي عن أبي هريرة غير سالم، ولا عنه غير عثمان تفرد به الدراوردي.
والبخاري في تاريخه الكبير 4/ 108: كأنه ـ والله أعلم ـ ألمح لضعفه ـ إن صح مافهت ـ فقد ذكر هذا الحديث ثم أردف بعده حديث مروان الفزاري عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة بقراءة سورتي الإخلاص ... (الحديث خرجه مسلم وقد تقدم).
الحديث الرابع:
عن أبي هريرة قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأولى (آمنا بالله وما أنزل إلينا) وفي الثانية (ربنا إننا آمنا فاغفر لنا) أو نحو ذا ".
ذكره البوصيري ـ في إتحاف الخيرة المهرة (2306) ـ وقال رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لجهالة التابعي، ورواه أبو داود في سننه، وسكت عليه بلفظ آخر.اهـ.
أقول: لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع الذي هو برواية ابن حمدان، وقد في مسنده الكبير برواية ابن المقري فهي التي اعتمدها البوصيري في كتابه. والله أعلم.
والحديث الذي قال البوصيري رواه أبو داود وسكت عنه ... هو الحديث الثالث.
الحديث الخامس:
عن ابن عباس أنه كان يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتيه قبل الفجر بفاتحة القرآن، والآيتين من خاتمة البقرة في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرة بفاتحة القرآن، وبالآية من آل عمران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) [آل عمران64] حتى يختم الآية ".
رواه أحمد 1/ 265 حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني العباس بن عبدالله بن معبد بن عباس، عن بعض أهله، عن عبد الله بن عباس به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورواه الطبراني في الكبير (10816)، وأبو يعلى ـ كما في المطالب العالية لابن حجر ـ (629) من طريق يحيى بن واضح، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن معبد، عن عبد الله بن عباس به.
أقول: هذا الحديث تفرد به ابن إسحاق لم أجده إلا من طريقه، وقد اختلف فيه عليه فصرح بالتحديث في رواية إبراهيم بن سعد، وشيخه العباس بن عبد الله عن بعض أهله عن ابن عباس.
وفي رواية يحيى بن واضح عنعن، وأسقط العباس بن عبدالله، وجعله عن أبيه عن ابن عباس!
وهو مخالف لما ثبت عن ابن عباس في صحيح مسلم وغيره عن ابن عباس، كما في الحديث الأول.
ولم أجد ما يبين سماع ابن إسحاق من عبد الله بن معبد ..
فهنا: احتمال انقطاع، واختلاف، ومخالفة، وتفرد، وجهالة .. فجميعها مما يرجح رده، وعدم قبوله، والعلم عند الله تعالى.
تنبيه: لم أجد هذا الحديث في مسند أبي يعلى المطبوع برواية ابن حمدان، ولعلها في مسند الكبير برواية ابن المقري؛ فهي التي اعتمدها الحافظ في كتابه المطالب العالية.
الخاتمة:
لم يصح بعد البحث، والتتبع في القراءة براتبة الفجر إلا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة [136]، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) [آل عمران 52] ".
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد ".وقد خرجهما مسلم في صحيحه،
ورواية عائشة لهذا الحديث قوية أيضا.
وأخيرا: يا أيها القارئ فيه أمعن النظر , وأوسع لكتابه العذر إن اللبيب من عذر، ويأبى الله العصمة لغير كتابه , والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه , والله المسئول أن يوفقنا لصواب القول والعمل , وأن يرزقنا اجتناب أسباب الزيغ والزلل , إنه قريب مجيب لمن سأل , لا يخيب من إياه رجا وعليه توكل، صلى الله على خليلنا محمد، آله وصحبه وسلم.
ـ[ابن الشحي]ــــــــ[13 Mar 2004, 01:09 م]ـ
جزاك الله خيرا.
لقد اتحفتنا وأفتدنا.
بارك الله في علمك ووفقك لكل خير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 May 2005, 06:16 م]ـ
بناء على نتيجة هذا البحث تكون السنة قراءة آية البقرة رقم 136، وآية آل عمران 52.
ولكن؛ يلاحظ أن آية آل عمران 52 جاءت في سياق الكلام عن قصة عيسى عليه السلام مع قومه، فهي متعلقة بما قبلها، وما بعدها من الآيات؛ فهل ورد في هدي النبي صلى الله عليه وسلم اقتصاره على آية متعلقة بما قبلها وما بعدها؟
في النفس شيء من نتيجة هذا البحث؛ أرجو من الشيخ عبدالرحمن السديس أن يفيدنا أكثر في هذه المسألة، خاصة أن المعروف والمشهور هو قراءة الآية رقم 64 من سورة آل عمران.
ـ[الراية]ــــــــ[27 May 2005, 06:16 م]ـ
بحث طيب وجهد واضح
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[04 Jun 2005, 06:01 م]ـ
جزاكم الله خيرا
عفوا أخي أبا المجاهد لم أنتبه لتعقيبكم إلا الساعة.
أما من حيث الصناعة الحديثية فلا شك عندي في ثبوت ذلك، ولا وجه للأخرى.
وتنبيهك جيد جميل، وكنت قد كتبت كلاما على هذا، لكني حذفته لأني لم أر من العلماء من نبه عليه فهبت المخالفة، ولعلي أنقله هنا.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[04 Jun 2005, 06:41 م]ـ
هل تقرأ الآية التي في الركعة الثانية كاملة؟
الذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن الذي يقرا هو الجزء الأخير من الآية لأمور:
1 - أنه لم يرد في الحديث أنه كان يقرأ الآية الثانية كاملة، بل كان يقرأ بـ {آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [(52) سورة آل عمران] الجزء الأخير منها، كما في جميع الروايات.
2 - أنه لو كان يقرأ الآية كاملة لنص على ذلك الرواة، كما نصوا على ذلك في الآية الأولى بقولهم: إلى آخر الآية، كلها، هذه الآية، الآية .. فلما لم يذكروا ذلك إلا في الأولى، وأجمعوا على عدم ذكرها في الثانية علمنا أنه لم يكن يقرأ إلا الجزء الأخير من الآية، وهو المشتمل على ذكر الإيمان والإسلام.
3 - من المعلوم أن الرواة إذا اختصروا الحديث أو ذكروا جزءا من الآية أن ينبهوا على اختصارهم، كما تقدم ذكره من قولهم ..
4 - اختلاف نقلهم للآية الأولى: فبعضهم نقلها من أولها، وبعضهم من وسطها ويزيد على ما نقله الآخر بكلمة أو كلمتين من الآية، وينبهون على اختصارهم، أما الآية التي تقرأ في الركعة الثانية؛ فلم يختلف نقلهم لها، فهل يكون هذا صدفة، وفي حديث واحد.
5 - كونه يقرأ الآية كاملة يكون: حكى قول الحواريين، وأما إذا اقتصر على الجزء الأخير من الآية يكون معنى الكلام منه صلى الله عليه وسلم أنه مؤمن بالله، ويشهده على إيمانه، وهو الظاهر في سبب اختياره صلى الله عليه وسلم لهذا الجزء من الآية لمناسبتها لما يقرأ في الركعة الأولى،
ومناسبتها أيضا لاختياره لقراءة سورتي الإخلاص [الكافرون الإخلاص] والقراءة بهما في بداية النهار؛ لتكون بمثابة تجديد العهد في بداية كل يوم، والله أعلم.
وأنا متوقف في ذلك لأني لم أر من نبه على ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[04 Jun 2005, 06:44 م]ـ
وهنا مسألة فقهية وهي:
هل يجوز القراءة بجزء من آية في الصلاة؟
قال الله تعالى (فاقرءوا ما تيسر من القرآن ـ إلى قوله ـ فاقرءوا ما تيسر منه) (المزمل 20)
والجزء من الآية من القرآن فالقارئ به قارئ بما تيسر.
وقد ذكر بعض فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة:
أنه لا يقتصر في الصلاة على الفاتحة سوى الركعتين الأخريين، بل يستحب أن يقرأ معها شيئا من القرآن سورة، أو آية، أو بعض آية.
على خلاف عند الحنفية في قدر المجزئ من بعض الآية.
ينظر: البحر الرائق 1/ 359، وحاشية ابن عابدين 1/ 538، شرح فتح القدير 1/ 332، والشرح الكبير 1/ 242، والثمر الداني 105، وحاشية العدوي 1/ 330، والفواكة الدواني 1/ 178، والفروع 1/ 368، والمبدع 1/ 443، والإنصاف 2/ 120، وغاية المرام 4/ 194 وكفاية الأخيار ص115، والمنهج القويم لابن حجر الهيتمي 2/ 195.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[12 Jan 2007, 06:16 م]ـ
وجدت في العلل للدارقطني (1)
في 13/ 115 رقم 2994 هذا السؤال:
وسئل عن حديث سالم عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا في غزوة تبوك يقرأ في ركعتي الفجر: بـ قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
فأجاب بجواب مطول نفيس سأنقله إن شاء الله كاملا.
وسأنزل البحث ـ إن شاء الله ـ في ملف وورد، فقد عدلت فيه بعض التعديلات وأضفت فيه شيئا يسيرا، وصححت بعض الأغلاط.
--------------
(1) صدر في هذه الأيام ـ آخر ذي الحجة من عام 1427هـ ـ بتحقيق الشيخ محمد الدباسي جزاه الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Jan 2007, 08:20 م]ـ
في العلل للدارقطني 13/ 115 رقم 2994:
وسئل عن حديث سالم عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا في غزوة تبوك يقرأ في ركعتي الفجر: بـ (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد).
فقال: روي عن سالم وعن مجاهد ونافع ووبرة. ووقع فيه وهم.
فأما حديث سالم فرواه عبد العزيز بن عمران عن ابن أخي الزهري عن عمه عن سالم عن أبيه بذلك. وهذا حديث ضعيف.
والمحفوظ عن سالم عن ابن عمر: أنه عد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: التطوع، فلما ذكر ركعتي الفجر، قال: وأما ركعتي الفجر فإنه كان يصليها في ساعة لا يدخل عليه أحد، وأخبرتني حفصة: أنه كان يصلي ركعتي الفجر.
و عبد العزيز بن عمران هذا ضعيف.
وروى أبو إسحاق السبيعي هذا الحديث، واختلف عنه:
فرواه إسرائيل بن يونس وسفيان الثوري، وعمرو بن أبي قيس وأبو الأحوص سلام بن سليم ومعمر بن راشد، رووه عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ...
وخالفهم عمار بن رزيق، رواه عن أبي إسحاق عن إبراهيم عن مجاهد عن ابن عمر.
وإبراهيم لم ينسب، فقال بعضهم: هو النخعي، وقال بعضهم: هو ابن مهاجر.
وليس ذلك بمحفوظ.
ورواه شريك عن أبي إسحاق عن رجل ـ لم يسمه ـ عن ابن عمر.
فاضطرب هذا الحديث من رواية أبي إسحاق لكثرة الخلاف عليه فيه.
وقال أبو هانئ إسماعيل بن خليفة: عن شريك عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
ووهم فيه على شريك.
والمحفوظ عن شريك: عن أبي إسحاق عن رجل ـ لم يسمه ـ عن ابن عمر.
كذلك رواه عبد المنعم بن نعيم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر بذلك.
وحدّث به أحمد بن بديل عن حفص بن غياث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. وقال فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب ... وليس هذا من الحديث بسبيل.
ورواه يعقوب القمي عن أبي سيف ـ لا نعرفه إلا كذلك ـ عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر.
ويعقوب وأبو سيف ضعيفان، ولا يصح هذا عن الأعمش.
ورواه ليث ابن أبي سليم واختلف عنه:
فرواه عبيد الله بن زحر وعبد العزيز بن مسلم القسملي عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر.
وخالفهم الحسن بن حر، وزائدة روياه عن ليث عن نافع عن ابن عمر.
وكذلك قال أسباط بن محمد عن ليث.
وقال عبد الواحد بن غياث عن ليث: حدثني أبو محمد عن ابن عمر.
وأبو محمد هذا مجهول.
وقال زفر بن الهذيل: عن ليث [عمّن حدثه] عن ابن عمر.
كلها مضطربة، وليث مضطرب الحديث.
ورواه يوسف بن ميمون الصباغ ـ وكان ضعيفا ـ عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر.
ورواه مندل بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن عمر.
وجعفر هذا هو جعفر بن أبي جعفر الأشجعي وهو ضعيف، وأبوه أيضا مثله.
ورواه نفيع بن الحارث ـ أبو داود ـ عن ابن عمر. وهو متروك الحديث.
حدث به زيد بن أبي أنيسة، وسفيان الثوري.
وهذا الحديث إنما حدث به ابن عمر عن أخته حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكل من رواه عن ابن عمر أنه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم فقد وهم عليه فيه.
أخبرنا علي بن الفضل قال أخبرنا محمد بن عامر ـ قراءة ـ: حدثكم شداد عن زفر عن ليث عمن حدثه عن ابن عمر: أنه صحبه خمسة وعشرين صباحا. قال فكنت أرمقه، فلم أره يقرأ في الركعتين قبل الفجر، وفي الركعتين بعد المغرب إلا بـ (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد).
وقال ابن عمر: رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فلم أره قرأ في ركعتي الفجر إلا بـ (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد). وقال: تعدل إحداهما بثلث القرآن، والأخرى بربع القرآن، (قل هو الله أحد) بثلث القرآن و (قل يا أيها الكافرون) بربع القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Jan 2007, 08:25 م]ـ
البحث المصحح مرفق في ملف وورد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jan 2007, 09:05 ص]ـ
أحسن الله إليك أبا عبدالله على هذا البحث المحرر، والجهد المشكور الموفق، ولا حرمك الله أجره وبره، وقد قرأته كاملاً وانتفعتُ بما فيه بارك الله فيك وفي وقتك وعلمك.
الخاتمة:
لم يصح بعد بحثي وتتبعي في القراءة في سنة الفجر إلا:
1 - حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قراءة قوله تعالى {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (136) سورة البقرة] في الركعة الأولى، وقوله تعالى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) سورة آل عمران] في الركعة الثانية.
2 - وحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قراءة سورة الكافرون في الركعة الأولى، والإخلاص في الركعة الثانية. وقد أخرجهما مسلم في صحيحه.
3 - ورواية عائشة للحديث الثاني قوية أيضا، والمحصل واحد من جهة العمل.
فالأفضل للمسلم أن يقرأ بهذه تارة وهذه تارة كما هي القاعدة في كل عمل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم على أوجه متعددة.
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[14 Jan 2007, 02:04 م]ـ
كفيتنا يا شيخ تنزيل الملف واجهاد الأعين بقراءته خاصة لأمثالنا ممن لا همة عالية عنده
والعبرة بالعمل.
فجزاكما الله خيرا من حقق ومن كفى المؤونة. وكان الله على كل شئ حسيبا
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Jan 2007, 04:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ونفعني الله أياكم بما علمنا.
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[17 Jan 2007, 01:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
لقد اتحفتنا وأفتدنا ياشيخ عبد الرحمن ..
بارك الله في علمك ووفقك لكل خير
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[20 Jun 2010, 10:33 ص]ـ
نفع الله بعلمك وقلمك الأسلام والمسلمين(/)
إشكال حول جمع لفظ (السماوات) في آية (كانتا رتقا ففتقناهما)
ـ[أخوكم]ــــــــ[07 Mar 2004, 07:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في سورة الأنبياء عند الآية رقم 30 قال الله عز وجل:
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ
للعلماء في هذه الآية عدة أقوال من أهمها _ في نظري القاصر _ قولان مشهوران:
1 - فالسماوات والأرض كانتا رتقا أي ملتصقتا ففتقهما أي فصلهما عن بعضهما
فهذا القول _ بغض النظر عن الدخول في فرضية صحته _ من الصعب حمل المعنى الأول لسياق الآية والسورة عليه.
وإلا أصبح سياق الآية والسورة والموضوع كالتالي:
يا من كفرتم بالله بما أنكم ترون السماوات والأرض كانتا رتقا ففقناهما فيدلكم هذا على قدرة الله وعلى البعث ... الخ!!!
فالسياق بهذا الشكل فيه ما فيه من الضعف الذي لا يخفى، إذ كيف يتم الاستدلال بشيء غائب على شيء غائب؟!!!
والصحيح أن يستدل بشيء حاضر على شيء غائب
ولذا كان القول الثاني المشهور هو الأقوى اطلاقا وعليه الكثير من أهل العلم والتفسير
وهو أليق وألصق بالسياق
وهو كالتالي:
2 - أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ
كانت السماء رتقا لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت، ففتق الله السماء فأمطرت وفتق الأرض فأنبتت ..
فبهذا المعنى يتم الاستدلال بشكل عقلي صحيح لأنه استدلال بشيء حاضر على شيء غائب .. بمعنى:
يا من كفرتم كما ترون أمامكم كيف ينزل الماء من السماء فينبت به نبات الأرض فاعلموا أن الله قادر وسيخرجكم من قبوركم كما يخرج النبات
وهذا التفسير للآية له شواهد لا تحصى كثرة في القرآن مثل:
- كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
- وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ {9} وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ {10} رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ
- ... الخ
هذا فضلا عن شواهد في نفس الآية تشهد لذلك التفسير بالصحة مثل قوله سبحانه في نفس تلك الآية " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ... الخ
ولكن
هناك إيراد قوي على هذا التفسير لتلك الآية حيث قالوا:
إن كان المعنى ما ذكرتم وأن السماء كانتا رتق ففتقها بالمطر فلماذا قال السماوات ولم يقل السماء ... فالمطر لا يأتي من السماوات كما هو مشاهد بل يأتي من سماء الدنيا
فمن ضمن من رد على إيرادهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي _ رحمه الله _ في كتابه أضواء البيان بقوله:
إنما أطلق عليه لفظ الجمع لأن كل قطعة منها سماء كما يقال ثوب أخلاق وبرمة أعشار
وإشكالي الآن كالتالي:
فضلا على أني لم أستوعب كلام الشيخ الشنقيطي بشكل كامل، ولكن كأني ألمح فيه ضعفا لن يشفي ما في نفسي
ولا أدري ألديكم إجابة شافية كافية مانعة جامعة على إشكالي السابق أم لا؟
بارك الله فيكم
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[08 Mar 2004, 03:58 م]ـ
بسم الله ....
هذا هو رأيي الشخصي و لا أفرضه على أحد فكل يؤخذ من قوله و يرد إلا المعصوم المصطفى.
أنا أميل للتفسير الأول لقوله (رتقا) مفرد و (فتقناهما) مثنى و ليس جمعا و هذا يعطي الإنطباع بفتق شيئين و ليس أشياء كالسموات (جمع) و الأرض. عموما هذا تفسير "انطباعي" و ربما كانت هناك وجوه في اللغة أجهلها لا تسوغ هذا التفسير.
يقول د. جاري ميللر - داعية و مهتدي كندي - أن قوله "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا" قمة في الإعجاز لأن الذين حصلوا على جائزة نوبل لإيجادهم الدليل العلمي على نظرية الإنفجار العظيم لنشأة الكون كانوا اثنين من الكفار .... فالكفار شهود على إعجاز القرآن و قد ردد الشيخ الشعراوي - رحمه الله - كلاما قريبا من هذا في كتابه (معجزة القرآن).
و هذا لا يعني أني أرفض التفسير الآخر فهو - حسب علمي - منقول عن السلف و هم على العين و الرأس.
ـ[أخوكم]ــــــــ[18 Mar 2004, 06:05 م]ـ
السلام عليكم
الأخ المبارك د. هشام عزمي
جزاك الله كل خير على مشاركتك الطيبة
وبالنسبة للتفسير الآخر فليس السلف فقط الذين قالوا به ولكن القرآن يشهد له كثيرا
وبقي اشكال الجمع في كلمة (السماوات)
ومرة أخرى اقول: جزاك الله كل خير
وما زلتُ أطمع في مزيد من التوضيح والمدارسة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2004, 10:48 م]ـ
وما المانع من حمل الآية على المعنيين كليهما؟
وقد ذكر ابن عاشور ما يحتمله لفظا الرتق والفتق من المعاني، ثم قال:
(والظاهر أن الآية تشمل جميع ما تحقق فيه معاني الرتق والفتق؛ إذ لا مانع من اعتبار معنى عام يجمعها جميعاً فتكون الآية قد اشتملت على عبرة تعم كل الناس، وعلى عبرة خاصة بأهل النظر والعلم؛ فتكون من معجزات القرآن العلمية.) التحرير والتنوير 17/ 56
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[31 Mar 2004, 05:19 ص]ـ
يسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل أبا مجاهد!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00 وبعد0
أرجو أن تتطلع على مقالنا (من أسرار الإعجاز في القرآن- فتق الأرض بعد رتقها)، ثم انتظر مقالنا الآخر الذي سيتبعه إن شاء الله عن سر الإعجاز في جمع السموات والأرض في القرآن0 فلربما تكون فيهما الإجابة الشافية عن هاتين المسألتين0 وتقبل مع الإخوة المشاركين خالص شكري وتقديري0
أخوكم
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أخوكم]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:15 م]ـ
الأخ الفاضل أبومجاهدالعبيدي سدده الله على الخير دوما
الذي يجعلني أتردد في الأخذ بذلك المعنى هو ما ذكرته في نفس موضوعي الأول، ولكن لا مانع من إعادته مع بعض التصرف لعل المعنى يفهم:
فالآية تخاطب الكفار فكان معناها:
... يا من كفرتم بالله بما أنكم "ترون" السماوات والأرض كانتا رتقا ففقناهما فيدلكم هذا على قدرة الله وعلى البعث ... الخ!!!
فلو حملنا الآية على الإنفجار الكوني الذي حصل لصار استدلالا بشيء غائب على شيء غائب
وهذا لا يستقيم عقلا
فهذا شيء لم يره الكفار وخاصة الذين كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ونزلت عليهم تلك الآية تخاطبهم
ولذا كان الصحيح عقلا أن يُستدل بشيء حاضر "يرونه " ويحسونه ويلامسونه ويعايشونه
كالماء الذي أحيا به الله النبات وكل شيء
على شيء غائب كالبعث ونحوه
فالمعنى الثاني كما تلاحظون هو الذي يليق بسياق الآية والسورة بل والقرآن كله
أتمنى أن يكون فُهم مقصدي
وما زلت أنتظر من بركات علمكم بارك الله فيكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Apr 2004, 01:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم: أخوكم
قصدك واضح من البداية
والمعنى الذي ذكرت أنه يناسب من خوطب بها ابتداءً هو الأقرب إلى فهمهم فتحمل الآية عليه
وهذا لا يمنع أن تحمل الآية على المعنى الآخر إذ لا تعارض بينهما، ولا يلزم أن أن يكون المخاطبون عالمين بجميع معاني الآية، والقرآن كتاب نزل ليخاطب الناس أجمعين بعد نزوله.
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[01 Apr 2004, 03:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم (أخوكم) 0
أرجو منك يا أخي أن تعود ثانية إلى مقال (من أسرار الإعجاز في القرآن- سر فتق السموات والأرض)، وأن تتأمل جيدًأ قول الزمخشري في هذه المسألة، ثم تتامل جيدًا ما نقله الأخ الدكتور: هشام عزمه في رده عن (جاري ميللر) 0 وأرجو أن تلاحظ الفرق بين لفظ السموات بالجمع، ولفظ السماء بالمفرد، في الدلالة0 وهذا ما ذكرته في مقالي الثاني0 فهل قرأته؟
وأحب أن تعلم يا أخي أن الذين كفروا هم عرب أقحاح، يفهمون جيدًا ما يريده الله تعالى من خطابه لهم أكثر ما نفهمه نحن من خطاب الله تعالى لنا في عصر العلم0
وإلى الأخ الكريم (أبو مجاهد) أتوجه بالقول:
الآية الكريمة المذكورة لا ينبغي أن تحمل إلا على معنى واحد؛ وهو المعنى الذي أيده العلم الحديث00 أما الآيات كريمة التي استشهد بها الأخ (أخوكم) على صحة المعنى الذي ذكره فلا يجوز الاستشهاد بها على ذلك؛ لأنها تتحدث عن شيء، والآية الكريمة التي هي مدار البحث تتحدث عن شيء آخر00 ولو جوزنا ذلك لوجب أن يقال: أولو ير الذين كفروا أن السماء والأرض كانتا رتقًا، بإفراد لفظ السموات؛ كما قال تعالى في الآية الأخرى: {ونزلنا من السماء ماء00} 0 ثم إن المطر لا ينزل من السموات كلها؛ وإنما ينزل من سماء واحدة، هي السماء الدنيا0
هذا ما أحببت أن أنبه إليه00 وتقبلوا جزيل شكري وتقديري
أخوكم
محمد إسماعيل عتوك
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
أنا مع سؤال أخي الأول: كيف تشهد الغائب على غائب؟
ومن هو الذي تستشهده؟؟
انه الكافر الذي يقول (لا)، ولو من باب الجحود! فيبطل استشهادك بكلمة!! ذلك ان كنت تبني على شهادته لقولك!
وليس الكافر هو عربي قريش فقط، فهذا القرآن ليس لقريش فقط!!
ولكن ....
هل من الممكن ان نقرأ هذه الآية، كما نقرأ: (و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا لغافلين)
(يُتْبَعُ)
(/)
فالكافر (الغافل): لا يتذكر ما قرره الله حقيقة باشهاد الناس جميعا، واقرارهم ... وبالتالي هل لنا أن نقرأ هذا الاشهاد على حدث الفتق بانه كان في ذات الوقت، فشهده الجميع؟
والله أعلم.
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[02 Apr 2004, 03:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: ? مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميمًا فقطع أمعاءهم ? [محمد:15]
جاء في لسان العرب لابن منظور:” قال عمر بن أبي خليفة: سمعت مُقاتِلا صاحب التفسير، يسأل أبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل {مثل الجنة}: ما مثلها؟ فقال: {فيها أنهار من ماء غير آسن00} 0 قال: ما مثلها؟ فسكت أبو عمرو0 قال: فسألت يونس عنها، فقال: مثلها: صفتها “0
وعقَّب ابن منظور على جواب أبي عمرو لمقاتل فقال:” وأما جواب أبي عمرو لمقاتل حين سأله: ما مثلها؟ فقال: فيها أنهار من ماء غير آسن، ثم تكريره السؤال: ما مثلها؟ وسكوت أبي عمرو عنه، فإن أبا عمرو أجابه جوابًا مقنعًا، ولمَّا رأى نَبْوَة فهْم مُقاتِل، سكت عنه، لِمَا وقف عليه من غلظ فهْمه“0
**************
وبعد00 أتوجه بالخطاب إلى الأخ أبي مجاهد- لعله يسمعني هذه المرة- فأقول:
قال الله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} [البقرة:273] 0
وقال جل جلاله: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} [الحج:18]
وقال سبحانه: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} 0
فهذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولكل إنسان، يراد به التقرير، ومثله في القرآن كثير00فهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أحد من الناس ما قرَّره الله تعالى به، في هذه الآيات، ونحوها؟
وقال الله تعالى: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} [فصلت:13] 0
وقال سبحانه في شجرة الزقوم: {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم* طلعها كأنه رؤوس الشياطين} [الصافات: 64 - 65] 0
فهل استدل سبحانه في هاتين الآيتين على غائب بمشاهد محسوس؟ فإن كان كذلك، فأرجو من الأخ (أخوكم)، والأخ خالد عبد الرحمن الإجابة عن ذلك0
وأتوجه أخيرًا إلى الأخ خالد لأقول له: أنا لم أقل إن القرآن نزل على قريش فقط؛ وإنما قلت: إن الذين كفروا هم عرب أقحاح، يفهمون المراد من خطاب الله تعالى لهم أكثر مما نفهمه نحن في هذا العصر00 وإذا كانوا قد وصفوا أنفسهم بأنهم كانوا غافلين، فهذا لا يعني أنهم لا يفهمون00 إنهم كانوا يعرفون الحق، ولكنهم يكابرون00 والسلام على من اتبع الهدى!
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2004, 06:10 م]ـ
الأخ الفاضل أبومجاهدالعبيدي اللهم وفقه لكل خير
نعم يا أخي أنا معك في أن الكثير من الآيات من الممكن حملها على كل زمان ومكان وكان أفضل الأقوال فيها هو قول الجمع مثل قوله سبحانه (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه)
فيمكن حملها على الزمان الأول بحمل الآية على الأصابع المعهودة الظاهرة
ويمكن حملها على الزمان الآخر بحمل الآية على " البصمة " التي تم اكتشاف أن لكل إنسان بصمة خاصة به
أما هذه الآية التي معنا فالأمر فيها قد يختلف
فجمع لفظ " السماوات " يجعل هناك صعوبة على حملها على الزمان الأول فالمطر لا ينزل إلا من السماء الدنيا
ومن جهة أخرى فكون الآية تخاطب الكفار بشيء يعرفونه ليكون مقدمة لإثبات شيء ينكرونه
يجعل فيه صعوبة على حملها على الزمان الآخر _ زماننا _ من الانفجار الكوني فهم لا يعرفونه حتى يكون مقدمة لاثبات أمر ينكرونه ...
وتقبل من أخيك كل محبة
=====
الأخ الفاضل محمد إسماعيل عتوك حفظه الله ورعاه وبارك في علمه وعمله
طلبتَ منا أن نقرأ ردك ثم الرد التي ستتبعه إن شاء الله
ولذا فأنا أحد من ينتظره إن شاء الله
ولذا لم أحب أن أستعجل بالرد عليك فربما كان في ردك الموعود مزيد علم
فإن وضعته في أي مكان بالمنتدى فضع لنا رابطه هنا بارك الله فيك
فإن كان الإشكال ما زال قائما
سنكمل هذا المدارسة
والتي نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم
لا دخل للرياء والجدل العقيم والمعكرات فيها من شيء
وتقبل من أخيك كل محبة
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[02 Apr 2004, 06:39 م]ـ
الأخ الكريم (أخوكم)!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00 وبعد0
إن كنت تقصد بسؤالك المقال الثاني الذي وعدت به، فإنه موجود في الملتقى العلمي بعنوان (من أسرار الإعجاز البياني في القرآن- سر مجيء لفظ السماء مجموعًا ومفردًا، خلافًًا للفظ الأرض) 0
وأحب أن تعلم أخيرًا بأن (الرتق) في اللغة هو: الضمُّ والالتحام، خِلقة كان أم صنعة، وأن (الفتق) لغة هو الفصل بين المتصلين، وهو ضد (الرتق) 0 ولا يكون (الرتق، والفتق) إلا بين الشيئين، ومثالهما الآية المذكورة0 ومن الرتق قالوا: الرتقاء؛ وهي الجارية المنضمَّة الشفرتين00 فهل تريد بعد هذا كله مزيدًا من الأدلة؟!!!
أخوكم
محمد إسماعيل عتوك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:33 م]ـ
أخي الفاضل محمد إسماعيل عتوك
هل خالفتك في معنى كلمة الرتق والفتق؟
!
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[06 Apr 2004, 08:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي سألتني أن أرد على ما سقته من آيات (ألم تر ... ) ونسيت يا أخي أن المخاطب هو النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من ورائه .. وهم الذين من أول صفاتهم الايمان بالغيب ..
فان قال الله سبحانه خبرا أو قاله نبيه صلى الله عليه وسلم كان عندنا بحكم الثابت ثبوت المشاهد.
ثم سقت آيات النذير، وهذا وعيد بما قد يعلمه قارئ التاريخ، وقد لا يلزمني ان توعدتك بشيء أن تصدقه ... فأنا أتوعدك لأنك لم تصدق أصلا!!
وكل هذا يختلف عن اقامة حجة بسؤال الكافر (الذي قال لا منذ البداية لوجود الله وحكمه) ويقول من باب أولى لحدث لم يشهده؟ فلم يوجه الله السؤال له؟؟
والله أعلم
ـ[داود عيسى]ــــــــ[07 Apr 2004, 01:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أحييك أخي أخوكم على هذا الموضوع وأسأل الله أن يجزيكم خيرا على هذا النقاش.
كاتب الرسالة الأصلية: خالدعبدالرحمن
هل من الممكن ان نقرأ هذه الآية، كما نقرأ: (و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا لغافلين)
فالكافر (الغافل): لا يتذكر ما قرره الله حقيقة باشهاد الناس جميعا، واقرارهم ... وبالتالي هل لنا أن نقرأ هذا الاشهاد على حدث الفتق بانه كان في ذات الوقت، فشهده الجميع؟
والله أعلم.
بارك الله فيك أخي خالدعبدالرحمن وأنتظر معك ردا على ما كتبته.
ـ[أخوكم]ــــــــ[18 Apr 2004, 09:59 م]ـ
الحمد الله الذي لا إله غيره وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
اللهم نسألك من الخير كله ونعوذ بك من الشر كله
أولا:
سأبدأ بنقاط الاتفاق ...
فهناك آيات كثيرة ذكر الله فيها أنه على كل شيء قدير
فيدخل تحت ذلك قدرته سبحانه على فتق السماوات عن الأرض _نظرية الانفجار _
وفي المقابل هناك آيات كثيرة استدل بها اللهُ من نزول المطر ثم خروج نبات الأرض على خروج الناس من قبورهم للحساب يوم القيامة
فهذا ما يتعلق بنقطة الاتفاق
ثانيا:
مسألة الجمع بين القولين التي ذكرها الفاضل كثير الفضائل أبو مجاهد حفظه الله
إن من تتبع "كل" المسائل التي فيها قولين وكان الجمع بينهما هو الأفضل سيلاحظ شيئا مهما فيها وهو:
1 - إمكانية الأخذ بالقول الأول "منفردا"
2 - إمكانية الأخذ بالقول الثاني "منفردا"
3 - لذا كان الجمع بينهما من باب أولى وأحسن وأكمل ...
أما في مثل مسألتنا هذه
فالقول الأول طرأ عليه ما يمنعنا من الأخذ به
وكذلك القول الثاني وجدنا ما يمنع الأخذ به
فكان الجمع بينهما ممتنع من باب أولى
لذا لا تقاس مسألتنا هذه على بقية المسائل التي يمكن الجمع بين قوليها
ثالثا:
نقطة الخلاف هي مدى إمكانية استيفاء شروط دخول القول الأول أو الثاني في آية سورة الأنبياء دخولا تاما بدون موانع
وهذه النقطة مهما كبرت فيعد الخلاف فيها جائزا إن شاء الله
رابعا:
آية الرتق والفتق التي بين أيدينا الآن فيها قولان
فالقول الأول رغم أن آيات القرآن تشهد له كثيرا _ وخير ما يفسر به القرآن هو القرآن _ ولكننا وجدنا ما يعكر الأخذ به وهو الجمع في لفظ السماوات وليس السماء!!
ومن أجل ذلك نصبتُ سؤالي
وما زلتُ أنتظر من يفتح الله عليه في هذا الباب ...
وكم كنتُ أتمنى وما زلتُ أتمنى أن لا يخرج الموضوع عن هذا الأمر
خامسا:
القول الثاني وجدنا فيه أيضا ما يعكر الأخذ به، وهو كيف يُستدل بغائب على غائب؟؟
إن الاستدلال بشيء غائب على شيء غائب
أو بمعنى آخر الاستدلال بشيء غير مقر به على شيء غير مقر به
أو بمعنى آخر الاستدلال بشيء غير محسوس على شيء غير محسوس
أو بمعنى آخر الاستدلال بشيء غير ثابت على شيء غير ثابت
أو بأي معنى آخر ...
إن تلك المقولة تتنزه العقول عن قبولها ... فكيف ننسبها إلى من خلق العقول؟
هل يدخل هذا ضمن حسن الظن بالله؟
أم يدخل ضمن سوء الظن بالله، فنحتاج إلى أن نسبحه عن ذلك القول؟
إن القرآن كما عهدها المسلمون قاطبة يخاطب الكفرة خطابا عقليا بأشياء يثبتونها
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ينتقل معهم إلى لازم تلك الثوابت مما لا يثبتونه
ولذا كثيرا ما كان يختم الله آيات المناقشة مع الكفرة بقوله سبحانه:
أفلا تعقلون ... أفلا تتفكرون ... الخ
فالآيات لا تكاد تحصر التي تساق للاستدلال بحاضر على غائب
أو بشيء مُقر به على شيء غير مقر به
أو بشيء محسوس على أمر غير محسوس
أو بأي مترادف كان .... الخ
فهي قاعدة شرعية قبل أن تكون عقلية
فينبغي أن نجعلها هي المحكم التي نقيس عليها مسألتنا هذه
أما ما عداها فلا يمكن أن نصنفه إلا في المتشابه
مثل آية أخذ الميثاق على بني آدم " وغيرها"_ مما قد يخطر ببالنا فيما بعد _
هذا إذا سلمنا أن تلك الآية تعارض ما أثبته الله من محكمات الاستدلال بثابت على غير ثابت، وإلا فإن للعلماء في آية أخذ الميثاق أقوال كثيرة ومن ضمنها قول السعدي رحمه الله فمن شاء أن يراجعه في تفسيره فليراجعه عند الآية رقم 172 من سورة الأعراف
إذن فآية "مثل" هذه فيها ما فيها من الاختلاف و"التشابه" من الصعب أن نجعلها تؤيد مقولة خاطئة وندع الآيات المحكمات التي تخالف تلك المقولة الخاطئة
هذا ما يتعلق بآية الميثاق
أما الاستدلال بالآيات التالية:
ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه
ألم تر أن الله يسجد له من في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل
....
فمجرد إيرادها كافٍ لسقوط دلالتها على إثبات مقولة خاطئة، بله عن الجواب عليها
فلئن سلمنا أنها جاءت في معرض إلزامٍ بثابت
فظاهر الآيات جلي بأنها فقط للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل مؤمن بالقرآن لأنهم لم يعودوا بحاجة إلى استدلال عقلي إذ يكفيهم أنها آية ليقروا بما جاء فيها
فالقرآن عند المسلمين هو أمر مقر به
حاضر
محسوس
ثابت
وكل ما ورد فيه حُق للمسلم أن يستدل به على أخيه المسلم المؤمن به
أما من جعل مثل تلك الآيات للكفار فقد أولها عن ظاهرها وبالتالي سيحتاج إلى دليل ذلك التأويل
أما قوله سبحانه
فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود
فلقد سمع القوم بالصيحة وتناقلها الناس
حتى صارت
محسوسا
وحاضرا أمامهم
وشيئا "مقرا به" بينهم
بأن هناك صيحة حصلت وريحا دمرت ومساكن أمطرت وأخرى خلت
بل وكانوا كما الله عنهم " يمشون في مساكنهم "
فلذا جاء التهديد بمثلها لكفار قريش
فكان ذلك استدلال شيء حاضر على شيء غائب
ولم تدل الآية البتة على صحة الاستدلال بغائب على غائب
أما آية "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم* طلعها كأنه رؤوس الشياطين"
فإن بشاعة الشياطين _ كما قال غير واحد من أهل العلم_ صارت شيئا حاضرا محسوسا مقرا به في نفوس العرب
فحُق أن لنا أن نستدل بذلك الحاضر على شيء غائب
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فكذا الحال بالنسبة للملائكة
وهو عين ما أخبر عنه ابن القيم رحمه الله من أن النفوس قد "فطرت" على جمال الملائكة وبشاعة الشياطين
ولذا قالت نسوة يوسف لما رأينه ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم
فأناس مثل هؤلاء قد أقروا بجمال الملائكة وبشاعة الشياطين فلا داعي أن نثبت لهم شيئا هم مقرين هم به أصلا!!
وإنما نلزمهم بذلك الإقرار "الحاضر" على شيء غائب " غير مقر به "
إخواني وأهل مودتي: قوموا لله ومثنى وفرادى ثم تفكروا ألا يكون من التنفير عن ديننا وقرآننا أن نقول للكفرة إن ديننا يجيز الاستدلال بشيء غير مُقر به على شيء غير مقر به؟!!
إن أقل ما نعمله أمام آيات "نفهم" منها أنها تؤيد قولا خاطئا أن نصنفها ضمن الآيات المتشابهة
ولا نملك عندها إلا أن نقول آمنا بالأدلة وخطَّأنا الاستدلال
كما يفعل الراسخون في العلم عندما يصادفون آيات متشابهة تتعارض مع المحكمات اللواتي هن أم الكتاب
لنسكت مثلهم ولنقل الله أعلم بتأويل تلك الآيات المتشابهة
أما أسوأ المراحل فهي أن نأخذ بالمتشابه ونترك المحكم مما سيضطرنا بطريقة غير مباشرة أن نضرب القرآن بعضه ببعض
أما المرحلة الحسنى فهي بأن يمن الله علينا فنعرف تأويل تلك الآيات المتشابهة فنضمها للمحكم ليصبح القرآن كله محكما
فالخلاصة:
أن كل المسلمين قد عهدوا القرآن يستدل بشيء مقر به على شيء غير مقر به فلا ينبغي العدول عن هذا الأمر البتة
حتى وإن استحضرنا ألف آية "يُفهم" منها خلاف ذلك
فكلها متشابهات
سواء عُرف تأويلها أم لم يُعرف
والمحكمات ستكفي المؤمن وتغنيه
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ما عندي
فما كان فيه من صواب فمن الله
ومن كان فيه من خطأ فأبرأ إلى الله منه
وأستغفره سبحانه
فهو أرحم أعلم وأجل وأحكم وأخبر
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[19 Apr 2004, 07:27 م]ـ
أرى و الله أعلم أنه لا إشكال إن شاء الله، إذا علمنا أن الرؤية في قوله تعالى (أو لم ير) هي بمعنى العلم، فجملة (أن السموات .. ) سدت مسد مفعولي الرؤية، و لهذا كانت الرؤية هنا بمعنى العلم كما قرره غير واحد من المفسرين.
و المعنى ألم يروا بقلوبهم و بصائرهم، أو (أو لم يعلموا)، و الرؤية العلمية كثيرة في القرآن ...
فليست الرؤية بمعنى الشهود و المعاينة ..
و قول أخينا (أخوكم) عن القول الأول: إن فيه الاستدلال بشيء غائب على شيء غائب، فيه بعض نظر، من حيث إن حقيقة ما ذكر في الآية هو الاستدلال بشيء واقع قد تم و حصل، لتقرير شيء مجحود لديهم ...
فأولا: العلم بحصول الرتق و الفتق بالمعنى الأول، لا يلزم أن يكون حاصلا للكفار وقتئذ، و يكفي حصول المعنى الثاني المدرك بالرؤية البصرية ..
فالخطاب عام شامل لمن كان كافرا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم و لمن بعدهم إلى أن تقوم الساعة، فالقرآن كتاب للجيل الأول و للأجيال التي بعده، و ظاهرة تنوع المعنى من اللفظ الواحد هي من إعجاز هذا الكتاب، و الأصل حمل القرآن على جميع تلك المعاني ما دام اللفظ و السياق يحتملها، دون معارضة، و هي طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
كذلك يقال: إن المعنى الأول مدرك منه القسم الثاني المضموم إلى ما قبله بالعطف عليه في قوله (و جعلنا من الماء كل شيء حي) فكثير من معنى الآية كان واقعا ملموسا محسوسا لديهم، فلا إشكال إن كان المستدل به مجموع المعنيين!
و قد أقسم الله في جملة ما أقسم به بالبيت المعمور و العلم به ليس عاما، إنما يحصل لطائفة منهم، و هو المؤمنون بالشرائع، أقسم به على شيء لم يقع بعد، هم يجحدونه، لكن المقسم به جاء ضمن جملة من المقسمات، و كذلك قسمه بالبحر المسجور في قول من فسره بأن ذلك حاصل يوم القيامة حيث تسجر البحار، كما في قوله تعالى (إذا البحار سجرت).
و إن كان المترجح لدي رأيا آخر اخترته في رسالة أفردتها للآية.
كذلك في قوله في سورة الأحقاف (أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير)
فليس كل الكفار مؤمنين بما ذكر، فالدهريون و الملاحدة لا يؤمنون بذلك، و كذلك اليهود المفترون على الله، يقولن بالإعياء و التعب، فالمراد بعض الكفار لا جميعهم، و هم من يصلح إيراد هذه الملازمة عليهم.
كذلك في التي سبق، فبعض الكفار يلزمهم المعنى الأول، و ليس عندنا دليل ينفي علم أهل الكتاب و غيرهم و إيمانهم بظاهرة الفتق و الرتق بالمعنى الأول، و بعض آخر يلزمهم المعنى الثاني الذي يظهر للناس جميعا.
كما أنبه إلى أن الرؤية العلمية تحصل بالتدبر، فالملازمة حاصلة لمن تدبر وعلم، أما من لم يعلم فلا يتوجه إليه الخطاب.
و الله أعلم.(/)
معا لكيفية القراءة في كتب التفسير
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[08 Mar 2004, 02:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك موضوع طالما أخذ حيزا من تفكيري، وأعتقد أن الكثير ربما مربهذه المرحلة من التفكير والمشورة، وربما وصل بعد مدة طالت أو قصرت إلى بغيته , والبعض ألآخر ربما لازال في طور التفكير والتخبط، فهلا أخذ أحدنا بيد صاحبه وهداه الطريق.
لاشك أن شرف العلم لازم لشرف المعلوم، وليس بخاف أن شرف علم التفسير لتعلقه بكلام الله جل في علاه , ومن المؤسف أن هذا العلم على وجه الخصوص , يشكو شحا من أهله في التصدرلإقرائه وتفسيره للناس، خاصة في القرون المتأخرة , وهو تقصير مشترك بين اهل العلم وطلابه , ذلك أن الناس قد أخذتهم دربة العلم إلى فنون منه تشغل حياتهم اليومية، كعلم الفقه والحديث، وتجاهلوا أن مردهما إنما هو الى كتاب الله، فماأنزل الا للعلم والعمل بمافيه.
ونحن نسمع أنه لربما تواجد في البلد الواحد أكثر من محدث وفقيه ,وما أحسن هذا، لكن الأحسن منه أن تجد مفسرا كذلك يفسر كلام الله ويعلم أحكامه وآدابه وأخباره للناس، ورحم الله الحسن البصري أذ يقول: (انزل الله القرآن للعمل بمافيه فاتخذ الناس تلاوته عملا)، وهذه نظرة صادقة فاحصة من إمام عرفه الزمان، فكيف لورأى زماننا هذا؟ والذي حال كثير من أبنائه لاعلم ولاعمل ولاتلاوه.
وقد أشار لمثل هذا شيخ الاسلام ـ رحمه الله ـ في مقدمة التفسير، حيث قال: (فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابافي فن من العلم، كالطب والحساب، ولايستشرحوه، فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيام دينهم ودنياهم).
لذلك تجد المجدين من طلاب هذا العلم على قلتهم، أكبر شيخ لهم هو الكتاب، ولست أعيبهم بهذا معاذ الله، فأكثرهم ممن نعرفه بحمد الله طالما ثنى ركبتيه وزاحم بها في حلق العلم , حتى بزكثيرا من أقرانه في علوم شتى كالفقه والحديث والادب , وهذه من أهم شروط المفسر. لكن من منهم تخرج على يدي مفسر سبقه لهذا العلم، كماكان حال السلف رحمهم الله، هذا سعيد ابن جبير ومجاهد وعكرمة وعطاء إلى ابن القيم وابن كثير في خلق سواهم ـ رحمهم الله جميعا ـ كان لكل واحد منهم شيخ يركن اليه في التفسير ويسند عنه كثيرا من كلامه في تفسير كلام الله تعالى، حتى لربما كان لبعضهم ختمة أوأكثر يوقف شيخه عند كل آية يسأله عنها، كمجاهد بن جبر، وقتادة الذي يقول: مافي القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا.
لا أشك أن الزمن قد شغر من مثل هولاء، فهل من مجدد يحيي الله به مادرس من مثل هذه الحلق العظيمة للتفسير، كما أحيي علم الحديث في هذا الزمن؟!
فكان ولابد لكل طالب علم مقبل على هذا العلم الشريف، من طريقة إنتهجها في قرأته الخاصة لكتب التفسير, فليت أخا مناصحا يكتب طريقته وتجربته في القرآة لكتب التفسير, حتى يفيد ناشدا للمشورة ويريحه من عناء التفكير.
فلتكتب أخي مشكورا مأجورا تجربتك في دراسة هذا العلم، وطريقتك في القراءة لكتب التفسير.
ـ[المنذر]ــــــــ[14 Mar 2004, 11:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أعضاء الملتقى الكرام ... تحية وبعد ..
قد طرح علينا أخونا الفاضل ابن الشجري ـ بارك الله في علمه ـ موضوعا في غاية الأهمية، نحن بحاجة إلية، وخاصة من كان متخصصا في هذا المجال .. فلا شك أن لكل منكم طريقة وأسلوباً في دراسته لكتب التفسير وكيفية الاستفادة منها، ونحن بشوق لمعرفة ذلك .. فلا تبخلوا علينا بتجاربكم ومشورتكم حتى تعم الفائدة ..
أعانكم الله على الخير وسدد خطاكم ...
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[20 Mar 2004, 12:02 ص]ـ
يرفع للأهمية. . . . .
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[01 Apr 2005, 10:54 م]ـ
جزى الله الكاتب والمتفاعل خيرا.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Apr 2005, 01:41 ص]ـ
أيعقل أن تمضي الأيام تتلوها الأسابيع والشهور وهذه المقالة تشكو الاغتراب، إن في الأمر ماخفي علي، لكن لا أظن العجز يقعد بأحدنا عن كتابته لتجربته الذاتية في مثل هذا الأمر، لربما ظن كاتب أن ماسيكتبه سيظهرماكان يبطنه عن الآخرين، ويعده من أسرار الحياة العلمية؟ وهل في العلم أسرار
إن دائرة الأعذار كالشجرة المتناكحة الأغصان والأوراق، الوارفةالظلال، لاتعجز أن تظل من اكتن بها مادام حبل المودة موصول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Apr 2005, 09:42 م]ـ
أخي ابن الشجري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فالموضوع الذي طرحته، ثمَّ شكوت من العُقِم الذي أصابنا أهل الملتقى في الكتابة فيه = موضوع نفيس مهم للغاية، ونحن نعلم جميعًا أن كتابة تجارب العلماء وطلاب العلم والباحثين من أنفس ما يتنافس عليه القراء.
كما أن طرح نظراتهم في موضوع ما يدخل في هذا الباب، إذ قد يكون جرَّب طريقة، وعنده غيرها من الطرق، فيطرحها للطالبين لعلهم يستفيدون منها.
غير أن الملاحظ في بعض ما يُطرح قد يصل إلى الحدِّ الفلسفي الذي يصعب تطبيقه والعمل به، وليس ذلك بمانع من طرحه؛ إذ لعله يتهذَّب على يد قارئ له، فيستطيع إعادة صياغته مرة أخرى، فالأفكار تتقاذفها العقول فيما بينها حتى تصير إلى رأي يستفيد منه الجمهور.
ومن الملاحظ أنَّ بعض الطالبين للعلم يتأخر في القراءة والاستفادة بزعم لأنه ليس عنده منهج في القراءة في كتب العلم، مع أني أرى أنه سيكتسب الملكة من خلال قراءاته مادمت هي من شغله الشاغل في طلب العلم.
وهل ياتُرى كل من برع في العلم رسم له أساتذته منهجًا معيًّنا فسار عليه؟
إن ذلك غير لازم، وإن كان مطلبًا جماهيريًّا، حيث ترى كثرة السؤال عنه.
وإني أرى أن التفسير من أصعب العلوم في رسم منهجٍ لدراسته، لما عُلِم من طرائق المفسرين في كتبهم حيث جعلوها مجالاً لتطبيقات علومٍ أخرى أبعدتها في هذه المسائل عن علم التفسير.
ويمكن أن أرتِّب الموضع في أحد أنظاري فيه إلى النظر إلى معلومات كتب التفسير، ثم إلى ذكر طريقة قراءة التفسير بإيجاز، وتفصيل ذلك كالآتي:
إن معرفة العلوم التي استبطنتها كتب التفسير، والاجتهاد في تقسيمها تقسيمًا فنيًّا ـ ولو في الذهن ـ طريقٌ مهمٌّ من طرق تعلم التفسير، فما هي تلك الأقسام:
القسم الأول: بيان المعنى، وهو صلب التفسير، والمراد الأول من الكلام في بيان مراد الله تعالى.
القسم الثاني: علوم السورة والآية.
القسم الثالث: الاستنباط والفوائد.
وهذا التقسيم الثلاثي يمكن أن يكون ثنائيًّا بإدخال الاستنباط في علوم الآية، وإنما أفردته لأهميته، ولحرص طالبي علم التفسير عليه.
كما يمكن ملاحظة أن تفسير الآية من علوم الآية، لكن التقسيم ـ كما قلت ـ فنيٌّ يراد به الوقف على جملة المعلومات التي في كتب التفسير، ثمَّ ترتيب تلك المعلومات عند الباحث، وكل باحث يختار من هذه المعلومات ويرتبها عنده بحسب حاجته إليها.
أعود إلى التقسيم، وأفصِّل فيه فأقول:
القسم الأول: التفسير:
التفسير من جهة اللغة:
فإنه يدل على الكشف والبيان. فأي كشف أو وبيان فإنه يُعَبَّر عنه بأنه تفسير، ولهذا يقولون مثلاً: كَشَف عن ذراعيه إذا أَبَدانها وأظهرها، وكذلك يقولون: كشف عن المعنى الغامض إذا أَبانه وأظهره. فهو يُستخدم في القضايا المحسوسة وكذلك في القضايا المعنوية التي تُخرَج من طريق الفكر سواء أكان كَشف شيئًا محسوسًا أم كَشف شيئًا من خلال التفكير فإنه يُقال عنه فَسَّر الأمر.
وأما التفسير من جهة الاصطلاح:
فالعلماء لهم من جهة الاصطلاح تعريفات كثيرة، وكثيرٌ منها مبني على جملة العلوم التي تستبطنها كتب التفسير، وليس هذا مقام الخوض في هذه التعريفات ونقدها، لذا فإننا إذا نظرنا إلى المعنى اللُّغوي وهو البيان والإيضاح أو الكشف فإننا نقول: إن التفسير في الحقيقة هو عملية (بيان معاني القرآن) ومما يدخل في بيان معاني القرآن من جملة المعلومات: بيان معاني الكلمات، وبيان المنسوخ ـ على إطلاقه عند السلف ـ، وبيان أسباب النُّزول، وغيرها مما يقوم عليه البيان، بحيثُ لو فُقِد لما تمَّ بيان المعنى.
وقد ذكرت هذا بشيء من الإيضاح بالأمثلة في كتاب (مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر).
وبيان معاني كلام الله هي المقصد الأساس في التفسير، وعلى صحَّتها يُبنى غيرها من الفوائد العلمية والاستنباطات والفوائد؛ إذ التفسير الخطأ لا ينتج عنه إلا خطأٌ في الفوائد والاستنباطات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولبيان المعنى أصول يقوم عليها، ومن أهمِّها معرفة كلام العرب، إذ به تُدرك كثيرٌ من أمور الشريعة وأقوال السلف، ولغة العرب رافد مهمٌّ للغاية لطالب علوم الشريعة، لا يمكنه أن يستغني عنها بحال، وبقدر تقصيره في تحصيلها يظهر ضعفه في تحصيله في تخصصه، هذا في الغالب في العلوم الشرعية، والله أعلم.
ومنها معرفة الأوجه الجائزة في التفسير المؤتلف منها والمختلف اختلاف تغاير، وهو باب مهمٌّ جدًّا من أبواب أصول فهم المعنى.
ولعل لهذه الأصول مقامًا آخر أذكر فيه هذه الأصول بشيء من التفصيل؛ إن شاء الله.
والمقصود أنَّ طلب معنى كلام الله هو أول ما يحسن بطالب علم التفسير البحث عنه، هو أول المعلومات التي يقصدها من يريد تفسير القرآن الكريم.
القسم الثاني: علوم السورة والآية:
هناك علوم خاصة بالسورة تتعلق بها، ولا تتعلق بآياتها، وهناك علوم تتعلق بالسورة، ولها وجه تعلق بالآية، أما علوم الآية فهي خاصة بها، ويمكن تفريعها إلى فروع كثيرة حسب نظر الناظر لها، وإليك التفصيل:
أولاً: علوم السورة:
من العلوم المتعلقة بالسورة ما يأتي:
1 ـ اسم السورة، أو أسماؤها إن كان لها أكثر من اسم.
2 ـ مكان نزول السورة، وزمان نزولها (المكي والمدني).
3 ـ عدد آي السورة، وعدد كلماتها وحروفها.
4 ـ فضائلها، إن كان لها فضائل ثابتة.
5 ـ مناسبة السورة لما قبلها، ومناسبة فاتحتها لخاتمتها، ومناسبات موضوعاتها بعضها مع بعضٍ.
6 ـ موضوعات السورة.
هذا من أكثر ما يذكره المفسرون، وقد يذكرون غيرها من العلوم المتعلقة بالسورة، كالمستثنى من النُّزول المكي، وعكسه، وكالناسخ والمنسوخ فيها، وغير ذلك.
تنبيه:
اعلم أن الأصل في علوم السورة أنها من علوم القرآن لا التفسير؛ لأن لا يترتب على معرفتها أي أثر في فهم معاني الآيات، سوى ما يكون من حاجة في بعض الأحيان إلى مكي السورة ومدنيها للترجيح بين أقوال المفسرين، والله أعلم.
ثانيًا: علوم الآية:
ويُقصد به: كل المعلومات التي نسبها المفسرون للآية، سواءً أكانت معلومات مباشرة أم كانت معلومات غير مباشرة.
ويمكن تقسيم المعلومات المتعلقة بالآية إلى ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: ما يتعلق بالآية من جهة القرآن فحسب.
الصنف الثاني: ما يتعلق بالآية من جهة العلوم الإسلامية.
الصنف الثالث: ما أُدخِل من علوم غير إسلامية في تفسير بعض الآيات.
وأما مجمل علوم الآية فأذكر منها:
1 ـ تفسيرها، وذلك ما مضى في القسم الأول.
2 ـ فضلها، إن وُجِدَ.
3 ـ اسمها، إن وُجِدَ.
4 ـ مكان نزولها وزمانه.
5 ـ قراءاتها، إن وُجد فيها اختلاف قراءات.
6 ـ إعرابها.
7 ـ أحكامها التشريعية (من الأحكام الفقهية الآداب والسلوك)
8 ـ أحكامها العقدية.
8 ـ ناسخها ومنسوخها (على اصطلاح السلف).
9 ـ وقوفها.
10 ـ أسباب نزولها.
11 ـ إعجازها ووجوه بلاغتها.
وقد يرد في تفسير الآية استطرادات أدبية أو شعرية أو قصصية أو أحوال مرَّ بها المفسر أو غير ذلك، وهي لا تخلو من أن تكون داخلة ضمن هذا القسم.
الصنف الثالث: ما أُدخِل من علوم غير إسلامية في تفسير بعض الآيات.
ومن ذلك ما تجده في تفسير الرازي (ت: 606)، وتفسير طنطاوي جوهري (ت: 1358) وغيرهما ممن أراد أن يستوعب في التفسير، فذكر علومًا متنوعة من العلوم غير الإسلامية؛ من علم الفلسفة وعلم المنطق وغيرها من العلوم المظنون بها.
ويمكن أن يُلحق بها ما أدخله الباطنيون من تفاسير لا تعتمد على العلم الصحيح، وذلك ما يدعون أنهم حصلوا عليه بكشف خاصٍّ، أو إنه من طريق أئمتهم، وتجد بعض هذه التفسيرات في روح المعاني للآلوسي (ت: 1270).
تنبيه:
هذا القسم هو الذي طغى على كتب التفسير، وهو الذي شكَّل (مناهج المفسرين)، وصارت التفسير تكبر بسببه.
القسم الثالث: الاستنباط:
وهذا القسم ـ مع أهميته ـ إلا أنك تجده قليل في التفاسير بالنسبة للمعلومات الأخرى، وقلَّ أن تجد مفسِّرًا وضع هذا الأمر نصب عينيه وهو يفسِّر، وقصد أن يستنبط من الآيات فوائد وأحكامًا عامَّة،، وإنما قد يمرُّ بآية فيذكر استنباطًا منها، وذلك عارضٌ على طريقته في تفسيره، وليست مقصدًا له.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولست أقصد بالاستنباط الاستنباطات الفقهية الملية فقط مما يتعلق بالعبادات والمعاملات، بل عموم ما يمكن استنباطه من الآيات من جملة الفوائد، ومن أشهر المفسرين المعاصرين في هذا الباب ـ حسب علمي ـ الشيخ محمد بن عثيمين، حيث كان الاستنباط أصلاً في دروسه في التفسير.
وتجد كذلك بعض من ألف في الاستنباط قصدًّا كما فعل السيوطي في (الإكليل في استنباط التنْزيل).
وبعد، فالذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أنَّ هذه الأقسام يدخل فيها جميع المعلومات التي ترد في كتب التفسير.
وبعد هذا التنبيه عن جملة معلومات كتب التفسير أذكر طريقة عملية مختصرًا في ذكرها، ولعلها تفيد من يطَّلع عليها، فأقول:
أولاً: يخصِّص القارئ كتابًا من كتب التفسير يكون أصلاً له يقرؤه مرة بعد مرة، حتى يستظهر هذا التفسير استظهارًا بالغًا لا يكاد ينِدُّ عنه منه شيء (1).
عود إلى المختصرات:
ويحسن أن يكون هذا التفسير مختصرَا، فإن لم يكن فيكون متوسطًا؛ ليتمكن من قراءته وترداده، فإن الطويل قد يُمِلُّ، كما قد ينقطع عنه العزم.
ومن المختصرات ما يأتي:
1 ـ التفسير الميسر، الذي طُبِع في وزارة الشئون الإسلامية في المملكة العربية السعودية.
2 ـ الوجيز في التفسير للواحدي.
3 ـ مراح لبيد للجاوي النووي، وهو تفسير مختصر غير مشهور، ولعل من له خِبرة بالكتاب أن يكتب عن منهجه ليفيد في هذا الباب.
4 ـ جامع البيان للأيجي.
ومن التفاسير المتوسطة:
1 ـ تفسير الوسيط للواحدي.
2 ـ تفسير أبي المظفر السمعاني.
3 ـ تفسير البغوي.
4 ـ تفسير ابن جزي الكلبي.
5 ـ تفسير السعدي.
وقد عدلت عن ذكر كتابين مشهورين، وهما تفسير البيضاوي وتفسير الجلالين؛ لأنهما متنان يحتاجان إلى قراءةِ فكٍّ، ولا يصلحان للمبتدئ، وغيرهما أوضح منهما، وهما لطلاب العلم أكثر منهما لعامة القراء.
وإنما لقيا العناية بالشرح والتحشية لأنهما كانا منهجين دراسيين، فالبيضاوي كان منهجًا عند علماء الدولة العثمانية، والجلالين كان منهجًا عند علماء الأزهر، فكثرت بذاك شروحهما، والعلم عند الله.
ثانيًا: أن يختار له كتابًا من كتب غريب القرآن يجعله أصلاً يرجع إليه لمعرفة المراد باللفظة في لغة العرب، وكتب غريب القرآن كثيرة، ويمكن تقسيمها إلى الآتي:
1 ـ كتب مختصرة؛ كتحفة الأريب لأبي حيان، ونزهة القلوب للسجستاني، والترجمان عن غريب القرآن لعبد الباقي اليماني، وغيرها.
2 ـ كتب فيها طول وتحرير علمي للألفاظ؛ كمفردات الراغب الأصفهاني، وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي، وتفسير غريب القرآن لأبي بكر الرازي (صاحب مختار الصحاح)، وهو كتاب نفيس للغاية.
3 ـ كتب متقدمة، فيها أسلوب علماء اللغة المتقدمين من أئمة اللغة، فتجد فيها ذلك النَّفس المتقدِّم الذي يحرص على الشاهد العربي من الشعر؛ كمجاز القرآني لأبي عبيد معمر بن المثنى، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة.
ثالثًا: يحدِّد القارئ ميوله العلمي من اتجاهات المفسرين العلمية؛ كالبلاغية والنحوية والفقهية وغيرها، وذلك لأمرين:
الأول: أن يتعرف على التفاسير والكتب المتعلقة بهذا الاتجاه التي تفيده في المجال الذي يرغبه.
الثاني: أن يعلِّق على التفسير الذي اختاره ما يجده من هذه المعلومات التي تلائم ميوله العلمي.
واختم هذا بفقرتين ابتسرتهما من محاضرة كنت ألقيتها بعنوان (كيف نستفيد من القراءة في كتب التفسير)
طريقة القراءة:
1 ـ بدء القراءة، والحرص على ختمه وتفهُّمه، والمداومة على قراءة هذا الكتاب مرة بعد مرة، حتى يستظهر المتعلم التفسير من خلال هذا الكتاب.
2 ـ ترك الإشكالات التي تعيق عن تمامه، وتقييدها لحلها في المستقبل.
3 ـ معرفة القضايا التي يحرص عليها قارئ التفسير أو الباحث فيه، وترك ما لا ثمرة فيه.
4 ـ التعليق على الكتاب بما يلزم من الفوائد والتعقبات، وعدم الاشتغال بها عن الأصل، وهو استظهار التفسير من خلال هذا الكتاب.
5 ـ لابد من معرفة أنَّ بعض الإشكالات ستبقى عند طالب العلم وقد لا يجد لها حلاًّ، والمراد أنها لا تكون عائقًا عن تعلم التفسير، كما أنها ليست دليلا على الفشل في طلبه.
أمثلة للإشكالات التي وقعت للعلماء:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الطبري:» وقد ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لا أدري ما الحنان حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة عن ابن عباس قال والله ما أدري ما حنانا «().
قال الطبري:» حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ?يوم تمور السماء مورا?، قال: هذا يوم القيامة، وأما المور فلا علم لنا به «().
فوائد يحسن مراعاتها عند القراءة في كتب التفسير
1 ـ العناية بالتعرف على منهج السلف ومن سار على منهجهم من خلال التطبيقات العملية التي يقومون بها في تفاسيرهم.
2 ـ العناية بتطبيق أصول التفسير على ما يقرأ من التفسير.
3 ـ العناية بالمؤثرات التي تؤثر على المفسر في تفسيره، ومن ذلك: مذهبه العقدي والفقهي والنحوي.
4 ـ العناية بمنهج المفسر في التعامل مع روايات السلف من جهة تحقيق الأخبار ونقد المتون.
5 ـ معرفة المنهج العام للمفسر، والربط بين معلومات الكتاب، وهذا مما يعين في فهم ما يستغلق من كلام المفسر.
6 ـ الرجوع إلى موارد المفسر الأصلية إن أمكن، فقد يتبين من خلال ذلك خطأ في فهم المفسر لمن نقل عنه، كما أن بعض المفسرين يختصر بعض الأخبار والآثار مما قد ينبهم على من يقرأ كلامه،ة فإذا عاد إلى أصوله التي نقل منها توضح هذا الانبهام.
7 ـ التركيز على كلام المفسر في تفسير الآيات المتصلة بالفن الذي يتميز به ذلك المفسر؛ كالعقيدة والفقه والوعظ والأخبار والنحو والبلاغة.
8 ـ الحرص على تقييد الفوائد التي يستفيدها من التفاسير.
وبعد هذا، فالموضوع بحاجة إلى عناية أكثر، وما كتبته هنا يحتاج إلى إعادة ترتيب، وزيادة أفكار، وإنما استعجلت كتابته إكرامًا لابن الشجري الذي تشكو مقالته من الاغتراب، ولعله يعذرنا بعذره لنفسه في انقطاعه عن الملتقى بما شغله، وكم يتمنى المرء منا لو استطاع أن يكتب ما في ذهنه من معلومات، وإني لأغبط أولئك الكتبة الذين يسيل قلمهم ولا يجدون مشقة، فإني أجد مشقة في إعداد مقالة، وتحريرها التحرير الذي أرتضيه، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وقبول العلم، فهذا ما عنَّ في الخاطر الحاضر، ولا أشكُّ أن في النفس شيئًا بقي لعل الله أن ييسر لي إعادة النظر فيه، وتريب أفكاره والزيادة عليه بالأمثلة الموضحة من كتب أهل العلم، بل من تجاربهم إن وُجِدَ.
............
(1) فائدة: وجدت لهذا أصلا في طريقة أهل العلم، وذلك في مسلكين:
الأول: أنَّ بعضهم ـ حينما يؤلف ـ يعتمدُ كتابًا يجعله نصب عينيه ينتقي منه ويختصر، ثم يضيف عليه، وقد يعتمد اكثر من كتاب.
الثاني: أن بعضهم تراه يستشهد في مناقشاته العلمية بمجموعة معينة من التفاسير تدل على أنه استظهرها وجعلها أصلاً له يرجع إليها مرارًا، ومن أمثلة ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث تراه كثيرًا ما يذكر البغوي وابن عطية وابن الجوزي.
(2) لمناسبة الحديث عن المختصرات: أودُّ من الإخوة الكرام في الدول الإسلامية أن يذكروا لنا إن كان قد عَمِل أحد من علمائنا في دولهم تفاسير مختصرة؛ لنستفيد منها في مثل هذا المقام، وإن كان سيتبع ذلك تقويم ممن يذكرها فذلك حسن جدًّا.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[17 Apr 2005, 03:29 م]ـ
شكرالله للشيخ الكريم جهده الظاهر وتكرمه الباهر.
فلعمر الحق، ماحق هذه الكلمات المتعوب على جمعها وصفها أن تعبر سريعا،خاصة وأنها خرائد أبكار وبنات أفكار، دون استفادة أكبرعدد ممكن من متنها وحواشيها، ولو كان لي من الأمر شئ لأفردتها، وفي طرة الملتقى ثبتها، حتى يعلم الكاتب أن سهر عينيه في كتابة مقال أو إفادة بحث في هذا الملتقى محفي، وليس مصيره مصير القارض العنزي، ويعلم أنه يكتب ويكتب وسيكتب، وأن هناك من يقرأ وينقد وسيكتب، وبعين محب مجل سيشكر.
فماجاد به الشيخ الكريم ـ جاد الله عليه ـ ليس مجرد تجربة فردية بقدر ماهو محاولة لرسم منهج للقارئ في كل فن، وفي كتب التفسير على وجه الخصوص.
لكن الأمر يحتاج إلى تعاون من الأخوة الكرام جميعا، وخاصة فيما يتعلق بغياب التفاعل الجدي مع مايكتب في هذه الصفحات، ولو كان هناك وفرة في القراء لهان الأمر ولكن.
وما أعنيه هو الحاجة إلى النقد البناء، والمشاركة في الأراء، خاصة من قبل المشرفين والأعضاء الكرام، فللحق أنه ملتقى مميز بجوهره ومبناه ومضمونه ومعناه، فلنحث السير قليلا في طرح مثل هذه الأبحاث، ولنهتبل من وقتنا للتفاعل معها، وشكرها شكر العارفين المحبين، أونقدها نقد المخلصين الناصحين.
وعلى كل حال فإن أعظم مايمكن أن تحصل عليه في هذه المنتديات، هو ماتجود به قرائح الرجال وبنات أفكارهم، فمازال في بني عمك رماح.
فالشكر للشيخ الكريم د/مساعد الطيار، ولوكان العتاب سيعود دائما بمثل هذا الرد، لكان حريا بكاتب كل مقال أن يذيله بشئ من العتاب، وقد جعلت من شكركم أن صغت مقالا عن كتاب الفصول والغايات لأبي العلاء المعري، وإن لم آت فيه بالجديد، أو أربي فيه على ماكتب عنه من طارف وتليد، إلا أني رجوت أن أدخل في زمرة الشاكرين.
والشكر موصول للمشرف العام أخي الشيخ النقاب عبد الرحمن الشهري، على سعة صدره في تقبل مثل هذه الاقتراحات ألتي قد تكون غير خافية عليه، وكذلك بقية المشايخ الكرام، فعذرهم بضيق الوقت مقبول، فأنفاس العمر معدودة، ومهل الزمان مبتوته، فإلى الله المشتكى، من تضييع بعضنا لساعات عمره في غير طائل، وليهنك العلم في صدر من كان من أهل القرآن.
وفق الله الجميع لكل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[29 Apr 2005, 06:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لو سمحتم شيخنا، أرجوا أن تخبرونا أية تفاسير جعلتموها أصلاً تكررون الرجوع إليها؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Dec 2006, 01:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لو سمحتم شيخنا، أرجو أن تخبرونا أية تفاسير جعلتموها أصلاً تكررون الرجوع إليها؟
هل من إجابة من شيخنا الطيار؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Dec 2006, 02:13 م]ـ
أبا مجاهد لعلي تغافلت عن قصد، ثم تراكم على الموضوع موضوعات حتى صار بعيدًا عن متناول العين، وها أنت تحييه من جديد، فأراك أردتني أجيب لامحالة، فأقول لك أخي الحبيب محمد، وكذا صاحب السؤال أبا بكر: كنت قد اعتمدت فترة من الزمن كتاب ابن جزي الكلبي لما رأيت فيه من حسن الاختصار، وذكر الأقوال، والإشارة إلى الترجيح، لكن هذا الكتاب من الكتب التي فيها طول على المبتدئ، ولست أنصح به له.
والذي أحب أن أحرِّص عليه: فكرة اعتماد كتاب مختصر سهل العبارة يكون أصلاً يقرأ فيه الطالب ويُرجِّع فيه قراءته مرة بعد مرة، حتى يستظهر المعنى العام للآيات، وتلك نعمة عظيمة، وغاية شريفة.
وإذا كان الطالب ممن يحفظون القرآن او ممن حفظه، فيحسن به أن يكون له مع ورده اليومي آيات يقرأ تفسيرها حتى يختم تفسير القرآن كاملاً، ويحسن أن يكون التفسير على حاشية المصحف الشريف، كما يحسن أن يضيف إلى ذلك التفسير ما ترده المفسر من بيان بعض المفردات اللغوية التي قد يكون تركها بسبب منهج التفسير الذي سار عليه، فتراه يبين المعنى الإجمالي أو المعنى السياقي، ويغفل عن بيان المعنى اللغوي.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[16 Dec 2006, 09:10 م]ـ
والذي أحب أن أحرِّص عليه: فكرة اعتماد كتاب مختصر سهل العبارة يكون أصلاً يقرأ فيه الطالب ويُرجِّع فيه قراءته مرة بعد مرة، حتى يستظهر المعنى العام للآيات، وتلك نعمة عظيمة، وغاية شريفة.
ويحسن أن يكون التفسير على حاشية المصحف الشريف، كما يحسن أن يضيف إلى ذلك التفسير ما ترده المفسر من بيان بعض المفردات اللغوية التي قد يكون تركها بسبب منهج التفسير الذي سار عليه، فتراه يبين المعنى الإجمالي أو المعنى السياقي، ويغفل عن بيان المعنى اللغوي.
اسمح لي شيخنا الحبيب التطفل على تعليقك هذا بفهم خاص وإظهار لمكتنٍّ فيه ..
ذلك أن اقتراحك الأول لا أراك تريد به إلا مثل حاشية التفسير الميسّر، فلطالما وجدناك تشيد بها في مواضع عديدة، ومن قرأها حقا وجد صدق هذا وانطباقه عليها، سواء في وضوح أسلوبها واختصارها وحسن تعاملها مع اختلاف المفسرين.
أما الاقتراح الثاني فالمفردات للراغب هي أحسن ما رأيته فيه ..
ولم أذكر هذا إلا لما جال في خاطري من توقع استفهام من قارئ لتعليقك يقول: هذا كلام عام، وأريد تحديدا لكتاب معيّن ..
مع علمي أن إبهامك وتعمدك السكوت عن تحديد شيء معين إنما هو لمصلحة راجحة تراها فيه، وأوافقك فيها، لكن الناس مواهب وأزواج مختلفة، وفي الإبهام نفع للجميع، كما أن في التحديد نفع لفئة معينة لا تقنع إلا به!
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[16 Dec 2006, 10:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد
المبعوث رحمة للعالمين
(سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32)
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإنه يسعدني أن أشارك في هذا الموضوع الهام، ذلك أنني لاحظت أن كثيرا من طلبة العلم عند قراءتهم في كتب التفسير يكون همهم الوحيد ألا وهو الوصول إلى المعنى الذي انتهى إليه المفسر، دون أن يلقوا بالا للطريقة التي تبلغ بها إلى هذا المعنى. ومن ثم فإنهم لا تكون لهم القدرة الكافية على فهم التفسير، وتكون بالتالي استنتاجهم مبتسرة وليدة لحظة عجلى، وقراءة انتقائية تزري بالمقروء ولا تبلغ القارئ المقصود. ومن ثم فإنني أحببت أن أعرض عليكم طريقة اتبعتها مع طلبتي بجامعة شعيب الدكالي ـ الجديدة ـ المغرب، حيث كنت أدرس لهم مادة التفسير، واخترنا تفسير سورة الفاتحة من خلال تفسيرين: ابن كثير و القرطبي، وقد كنا في الغالب الأعم لا نتجاوز تفسير ابن كثير، بل في بعض الأحيان لا نكمل تفسيره لسورة الفاتحة، وذلك لدقة الطريقة، و
(يُتْبَعُ)
(/)
تركيزها على تجميع الجزئيات باعتبار القراءة بناء لا يمكن أن يستقيم ما لم تجمع كل المعطيات المتاحة والضرورية دون إصدار أحكام مسبقة بأهميتها أم لا.
إننا في قراءتنا للتفاسير يتعين أن يكون همنا هو إدراك الطريقة التي يتبعها المفسر للوصول إلى تحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني الكريم، لا أن يكون هم طالب العلم الأوحد هو معرفة المراد الذي انتهى إليه المفسر، لأنه إن فعل فإنه لن يتمكن من معرفة الكيفية التي تتم بها عملية التفسير، وبالتالي يظل عالة على المراد الذي انتهى إليه المفسر، ولا تكون له القدرة على البرهنة عليه علميا، كما أنه لا يتمكن من اكتساب ملكة التفسير، والمتمثلة في القدرة على الفهم و التحليل والمقارنة والاستنباط.
إن الطريقة التي نتبعها في قراءة التفاسير تعتمد المستويات التالية:
1 - المستوى الوصفي.
2 - المستوى التحليلي.
3 - المستوى المقارن.
المستوى الأول: الدراسة الوصفية: هو المستوى الأول الذي يتعين على القارئ الباحث العناية به أيما عناية باعتباره المقدمة التي تبنى عليها المستويات الأخرى، فأي تقصير أو خطأ فإنه ينعكس بطريقة تلقائية على المستويات الأخرى.
الدراسة الوصفية دراسة موضوعية حيث يكون الباحث فيها محايدا لأنه يصف ما هو قائم، فلا يتدخل إلا في الاكتشاف والتنظيم والترتيب بما يعطي صورة حقيقية عن الخطاب التفسيري الموصوف.
ويبدأ هذا المستوى بالقراءات المتعددة للتفسير، والتعامل مع الخطاب التفسيري باعتباره كائنا حيا، فهو عصارة تجربة إنسان، وهو معاناة الإنسان، فالخطاب التفسيري وليد هذه التجربة والمعاناة، و من ثم ما لم نستحضر ذلك لا يمكننا سبر أغواره، لأنه بكل بساطة سيظل مغلقا في وجوهنا، ولن يرفع عنا حجبه، و يكشف أستاره، ويبوح بأسراره. ومن ثم يتعين عن طريق القراءات المتعددة والمتأنية والبصيرة حيث إن القارئ يكون حاضر البديهة، منتبه لكل صغيرة وكبيرة، حاملا لقلم الرصاص ويؤِشر على ما يراه مهما، مع تدوين ملاحظاته في بطاقات جانبية معدة لذلك.
بعد أن يحس القارئ بأن النص قد أصبح مفتوحا في وجهه، وأن علاقة حميمية أصبحت تربط بينهما، فإنه يجدر به ساعتها أن ينتقل إلى الخطوات التالية والمتمثلة في:
1 - اكتشاف مكونات الخطاب التفسيري، والتي يمكن إجمالها في مصادر التفسير: تفسير القرآن بالقرآن و تفسير القرآن بالسنة، و تفسير القرآن بأقوال الصحابة، وتفسير القرآن بأقوال التابعين، وتفسير القرآن بأقوال أتباع التابعين، تفسير القرآن بمطلق اللغة. مع رصد المصادر التي اعتمدها المفسر سواء تعلق الأمر بأقوال المفسرين أو كتب التفسير، والقراءات القرآنية، والحديث والسيرة والفقه وأصوله، وأصول الدين، وكل ما رجع إليه المفسر وبنى عليه تفسيره. والمصطلحات، والأعلام.مع الانتباه لضرورة تسجيل ملاحظات عن تدخل المفسر في كل جزئية تفسيرية: التعليقات، والملاحظات، والاستنتاجات، والتعقيبات، والانتقادات، والمواقف، والآراء.
ويتعين على الطالب أن يدرس كل مكون على حدة، وذلك عن طريق تخصيص جذاذات خاصة يدون فيه المعلومات الضرورية، وذلك يسهل عليه في مرحلة لاحقة توزيع المادة العلمية.
2 - ترتيب المكونات: أي رصد الطريقة التي رتب بها المفسر هذه المكونات، وهذا هو المدخل الأساس لمعرفة منهجه في التفسير، ذلك أننا نكون في هذ المرحلة بصدد اكتشاف الطريقة العامة في التفسير.
3 - العلاقات التي تقوم بين المكونات: إن الخطاب التفسير نظام ومن ثم فإن هذه المكونات ليست مبعثرة، كما أنه لا يمكن أن نتصورها كجزر لا تقوم بينها أية علاقة، بل هذه المكونات مرتبة ترتيبا خاصا اختارها المفسر، كما أنها تقوم بينها علاقات ووشائج، فالخطاب التفسيري منظومة متكاملة. وهذا هو المدخل لفهم التفسير المقروء.
المستوى الثاني: الدراسة التحليلية: وفي هذا المستوى من الدراسة يتطلب ـ عكس المرحلة الأولى ـ تدخل القارئ، بحيث يتفاعل مع الخطاب التفسيري و يعمل على مساءلته: لماذا؟ و كيف؟ و متى؟ وغيرها من الأسئلة المناسبة للموقف، والإجابة المحصل عليها مجموعها يكون الدراسة التحليلية.
المستوى الثالث: الدراسة المقارنة: وفيه يقوم القارئ بمقارنة التفسير الأول بتفاسير مناظرة بغية اكتشاف الإضافة العلمية، وعناصر التشابه و التميز.
بعد تجميع هذه المعطيات يشرع الطالب / الباحث في تحرير بحثه.
وهذا موضوع آخر آمل أن تتاح الفرصة لعرض تقنيات البحث، وكيفية إعداد الرسائل العلمية. في أقرب الآجال إن شاء الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[16 Dec 2006, 11:16 م]ـ
الأستاذ الفاضل أحمد بزوي الضاوي
بالمثال يتضح المقال ..
فحبذا لو أتبعت هذا التنظير الجيد بمثال تطبيقي ولو طال ..
ولك الشكر الجزيل
ـ[المتفائل]ــــــــ[31 Aug 2007, 05:59 م]ـ
شيخنا الفاضل د مساعد وفقك الله
أردت أن أجعل تفسير ابن جزي الكلبي أصلاً لي أكرره مرة بعد مرة فقرأت كلامك آنفا بأنك جعلته أصلا فترة من الزمن ثم كأنك تركته فأحببت سؤالك عن ذلك حتى اختصر الطريق على نفسي سيما وابن جزي يورد كثيرا الاحتمالات الإعرابية وأنا لا أميل لذلك.
جزاك الله خيرا ونفع بك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر بن رحال]ــــــــ[31 Aug 2007, 06:26 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.
ـ[السامي]ــــــــ[04 Sep 2007, 11:40 م]ـ
أشكر جميع المشايخ على مشاركاتهم
وأتمنى من الإخوة الفضلاء
التركيز على قراءة التفسير في شهر رمضان
على وجه الاختصار
وأقترح:
أن يركز القارئ على قراءته في رمضان ويتعرف على معاني الغريب فقط
وإما أن يختار تفسيراً مختصرا ليكمله في رمضان وأفضل ما رأيت التفسير الميسر ....
بلغنا الله شهر رمضان وجعلنا من صوامه وقوامه ...(/)
علل أحاديث التفسير (1)
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[08 Mar 2004, 06:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(الاستعاذة)
[1] حديث: استب رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد"، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقال: تعوذ بالله من الشيطان، فقال: أترى بي بأسا؟ أمجنون أنا؟ اذهب.
الحديث أورده ابن كثير في تفسيره (1/ 15)، (2/ 279)، والقرطبي في الجامع (1/ 88)، والسيوطي في الدر المنثور (7/ 327 ـ 328)، والشوكاني في فتح القدير (4/ 517).
وأورده الأستاذ الفاضل حكمت بشير في كتابه القيم الصحيح المسبور (1/ 67) والسياق له.
طرق الحديث:
ورد من ثلاث طرق: عن أبي بن كعب، وسليمان بن صرد، ومعاذ بن جبل.
1 ـ فأما حديث أبي بن كعب، فلفظه: تلاحا رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فتصدَّع أنف أحدهما غضبًا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إني لأعلم شيئًا لو قاله ذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
وفيه اختلاف سيأتي بيانه وتخريجه في حديث معاذ.
2 ـ وأما حديث سليمان بن صرد: فلفظه: استب رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، فنظر إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فقام إلى الرجل رجلٌ ممَّن سمع النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: أتدري ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) آنفًا، قال: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فقال له الرجل: أمجنونا تراني؟!.
أخرجه البخاري برقمي (5701) (5764) ومسلم برقم (2610) واللفظ له. وهو أصح الأحاديث.
وقد أورده الحاكم في المستدرك (2/ 478/ برقم 3649) في تفسير سورة السجدة: أبو البختري عبدالله بن محمد بن شاكر، عن أبي أسامة، حدثنا الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن سليمان بن صرد (رضي الله عنه)، قال: استب رجلان قرب النبي (صلى الله عليه وسلم) فاشتد غضب أحدهما، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، فقال الرجل: أمجنون تراني؟ [فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)].
وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد".
وأخرجه البيهقي في الشعب برقم (8283): من طريق الحاكم به.
والحديث رواه نصر بن علي الجهضمي عند مسلم (2610)، ورواه علي بن المديني عند البخاري في الأدب المفرد برقم (1319): كلاهما عن أبي أسامة، ولم يذكرا هذه الزيادة.
ورواه كذلك حفص بن غياث عند البخاري برقم (5701)، ومسلم برقم (2610)، وجرير بن عبدالحميد عند البخاري برقم (5764)، وأبو معاوية عند مسلم برقم (2610)، وموسى بن أعين عند الطبراني في الكبير برقم (6488): أربعتهم عن الأعمش ليس عند أحد منهم تلك الزيادة.
فظهر أن التفرد من قبل أبي البختري هذا .. قال ابن أبي حاتم في الجرح (5/ 162): "سمعت منه مع أبى وهو صدوق، قال: سئل أبى عنه، فقال: شيخ".
وقال ابن حبان في الثقات (8/ 367): " مستقيم الحديث".
وقال الدارقطني: "صدوق ثقة". سؤالات الحاكم برقم (117).
قلت: ولم يذكر ابن حجر هذه الزيادة عند شرحه لهذا الحديث، رغم أنه لهج بذكر الزوائد والاختلاف في شرحه .. وهذه في نظري علة في الحديث.
3 ـ وأما حديث معاذ بن جبل: فلفظه: استب رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فغضب أحدهما فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب غضبه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
يرويه عبدالملك بن عُمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عنه. واختلف عليه فيه:
وقد بوب علىهذا الاختلاف النسائي في الكبرى (6: 104) بقوله: (ما يقول إذا غضب وذكرُ الاختلاف على عبد الملك بن عمير في خبر أبي بن كعب).
(أ) ـ وأورده من رواية سفيان (يعني الثوري) عنه به برقم (10221)، ومن طريقه الضياء في المختارة (3: 436/ برقم 1237): واللفظ له.
(ب) ـ ومن رواية زائدة (وهو ابن قدامة) عنه به برقم (10222) نحوه.
(يُتْبَعُ)
(/)
(ج) ـ ومن رواية يزيد يعني ابن زياد عنه، فجعله من رواية ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب برقم (10223) ومن طريقه الضياء في المختارة (3: 436/ برقم 1236): نحوه. اهـ.
ونزيد فنقول: وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقمي (25383)، (29582)، وأحمد في مسنده برقم (22139)، وعبد بن حميد في مسنده ـ كما في المنتخب ـ برقم (11)، والطبراني في الكبير (20: 141): من حديثه (كذلك).
وأخرجه أحمد في مسنده برقم (22164)، والترمذي في الجامع برقم (3452)، والطبراني في الكبير (20: 141): من حديث سفيان به.
وله وجهان آخران .. من رواية جرير بن عبدالحميد، وعبيدالله بن عمر.
(د) ـ فرواية جرير: أخرجها أبوداود الطيالسي في مسنده برقم (570)، وأبو داود السجستاني في السنن برقم (4780)، ومن طريقه الخطابي في غريبه (1: 142): من حديث جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل بلفظ: استب رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فغضب أحدهما غضبًا شديدًا حتى خُيِّل إليَّ أنَّ أنفه يتمزَّع من شدَّة غضبه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجده من الغضب، فقال ما هي يا رسول الله؟ قال: يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم".
قال: فجعل معاذ يأمره فأبى ومحكَ، وجعل يزدادُ غضبًا.
وهذا اللفظ مجوَّد .. وهو للسجستاني، أما الطيالسي فاختصره.
(هـ) ـ ورواية عبيدالله بن عمر: أخرجها أحمد في المسند برقم (22142)، والطبراني في الكبير (20: 140/ برقم 286): من رواية عمرو بن خالد الحراني، ثنا عبيد الله بن عمر، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: انتسب رجلان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعنده رجلان فغضب أحدهما، حتى جعل يتمزغ من الغضب، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إني لأعلم كلمة لو قالها لأذهبت الذي به من الغضب، فدنوت منه، فقلت: يا نبي الله! ما هي يا نبي الله؟ وأحببت أن أعلم أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ قال: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم"، فدنوت من الرجل، فقلتها له، فلم يقلها، فلم يزدد إلا غضبًا.
وقال الترمذي: "وهذا حديث مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى، لم يسمع من معاذ بن جبل، مات معاذ في خلافة عمر بن الخطاب، وقتل عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلامٌ ابن ست سنين.
وهكذا روى شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى". اهـ.
قال الدارقطني في (الأفراد) ـ كما في أطرافه لابن القيسراني برقم (604) ـ: " تفرد به زياد بن أبي الجعد، عن عبدالملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، وكذلك رواه الفضل بن موسى السيناني، عن يزيد.
وخالفهما عمرو بن عبدالغفار الفُقيمي فرواه، عن يزيد، عن عبدالرحمن بن عابس بن ربيعة النخعي، عن ابن أبي ليلى، عن أبي.
وهو غريبٌ من حديث عبدالرحمن بن عابس.
تفرد به عمرو بن عبدالغفار، عن عن يزيد بن زياد". اهـ.
وقال في العلل (6: 57): " يرويه عبد الملك بن عمير واختلف عنه، فرواه الثوري، وإسرائيل، وزائدة، وجرير: عن عبد الملك عن بن أبي ليلى عن معاذ. خالفه يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن عبد الملك، عن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب. والصحيح قول من قال عن معاذ ".
وأورده ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص184) من طريق يزيد به.
وقال: "هذا حديث حسن. أخرجه النسائي في الكبرى: عن يوسف بن عيسى، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد ـ وهو ابن أبي الجعد ـ فوقع لنا عاليًا.
وأخرجه من رواية سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة.
وكذا أخرجه أحمد من روايتهما.
والترمذي: من رواية الثوري.
وأبو داود: من رواية جرير.
كلهم عن عبد الملك بن عمير، لكن قالوا: في روايتهم عن معاذ بن جبل بدل أبي بن كعب .. قال الترمذي: هذا منقطع؛ لأن عبد الرحمن لم يدرك معاذًا، وهو كما قال؛ لأن مولد عبد الرحمن بالمدينة قبل وفاة معاذ بدمشق بسنة واحدة.
وقال الدارقطني في (الأفراد): تفرد به يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عبد الملك بن عمير.
وقال في (العلل): رواه الحفاظ عن عبد الملك عن عبد الرحمن عن معاذ وهو الصواب.
قلت: ويزيد بن زياد ثقة، فلعل الاضطراب فيه من عبد الملك بن عمير.
وللحديث شاهد في الصحيحين من حديث سليمان بن صرد، وسياقه أتم ". اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونقله ابن كثيرفي تفسيره (1: 15) وقال: "قال الترمذي: مرسل يعني أن عبد الرحمن بن ليلى لم يلق معاذ بن جبل، فإنه مات قبل سنة عشرين.
(قال): وقد يكون عبد الرحمن بن ليلى سمعه من أبي بن كعب ـ كما تقدم ـ وبلغه عن معاذ بن جبل، فإن هذه القصَّة شهدها غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم". اهـ.
قلت: بهذا وقفنا (ولم نبعد) على دليل ما سطرناه في التمهيد، من تنكب بعض متأخري الأئمة والمعاصرين طريقة أهل الحديث في التعليل والترجيح!! فهذا ابن كثير يحاول الجمع بين روايتي ابن أبي ليلى: عن أُبي ومعاذ (رضي الله عنهما) .. وهذا ابن حجر حسنها كذلك، مع أنه أقر كلام الدارقطني وحمل الاضطراب على عبدالملك بن عمير. وفي هذا ما فيه!!.
وأخرجه عبد بن حميد في مسنده ـ المنتخب ـ برقم (179)، وعبدالله بن أحمد في زوائده على المسند برقم (21216)، والبيهقي في الشعب برقم (5133): من حديث عبد الله بن نمير، ثنا يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، قال: انتسب، أو قال: استب رجلان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، أنا فلان بن فلان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): انتسب، أو قال: استب رجلان على عهد موسى، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان إلى تسعة، ما أنت لا أم لك؟! قال: أنا فلان بن فلان، ابن الإسلام فأوحى الله إليه: يا موسى هذان المنتسبان ـ أو قال المتسابان ـ أما أنت أيها المعتزي أو المنتسب إلى تسعة أباء في النار، فأنت عاشرهم في النار، وأما أنت أيها المنتسب إلى اثنين فأنت ثالثهما في الجنة.
وقد اختلف على عبدالملك فيه (كذلك).
فأخرجه الطبراني في الكبير (20: 140): من حديث عثمان بن أبي شيبة.
وأخرجه البيهقي في الشعب برقم (5134): من حديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي.
كلاهما عن جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: انتسب رجلان في بني اسرائيل ـ على عهد موسى عليه السلام ـ أحدهما كافر والآخر مسلم، فانتسب الكافر إلى تسعة أباء، فقال المسلم: أنا فلان بن فلان وبرئت ممن سواهم، فخرج منادي موسى ينادي: أيها المنتسبان قد قُضى بينكما، ثم قال: أيها الكافر أما أنت فانتسبت إلى تسعة أباء كفار، وأنت عاشرهم في النار، وأما أنت أيها المسلم فقصرت على أبوين مسلمين وبرئت ممن سواهم، فأنت من أهل الإسلام، وبرئت ممن سواهم. واللفظ للبيهقي.
والحديث أورده الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1270)، وقال: " أخرجه أحمد، وعنه الضياء في المختارة، والبيهقي في شعب الإيمان: من طريق يزيد بن أبي زياد (الآنفة) .. وقال: " هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن أبي الجعد، وهو ثقة.
وخالفه جرير، فقال: عن عبدالملك بن عمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره.
ورجاله ثقات أيضًا، لكن أشار البيهقي إلى ترجيح الأول. والله أعلم".اهـ.
قلت: هذا اللفظ مختلف كأنه حديث آخر! وليس فيه الشاهد، وإشارة البيهقي تتمثل في إيراده لرواية ابن نمير عن يزيد ... ثم قوله عقبها: وقيل: عن عبدالرحمن عن معاذ .. ثم ساق بسنده رواية إسحاق بن راهوية عن جرير.
وكأن الخلل دخل على عبدالملك بن عمير من هذا الوجه .. خلط بين المتنين!. والله أعلم.
فما حال عبدالملك هذا؟.
قال أحمد: مضطرب الحديث جدًا مع قلة حديثه، ما أرى له خمسمئة حديث، وقد غلط في كثيرٍ منها.
وقال عبد الله بن أحمد: سئل أبي عن عبد الملك بن عمير وعاصم بن أبي النجود، فقال: عاصم أقل اختلافًا عندي وقدم عاصمًا.
وقال ابن معين: مخلط.
قال أبو حاتم: ليس بحافظ وهو صالح تغير حفظه قبل موته.
وقال ابن خراش: كان شعبة لا يرضاه.
ووثقه العجلي.
وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ودافع عنه الذهبي في الميزان (2: 660)، فقال: "لم يورده ابن عدي ولا العقيلي ولا ابن حبان، وقد ذكروا من هو أقوى حفظًا منه وأما ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق، والرجل من نظراء السبيعي أبي إسحاق وسعيد المقبري، لما وقعوا في هزم الشيخوخة نقص حفظهم وساءت أذهانهم ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها، وكان عبد الملك ممن جاوز المائة ومات في آخر سنة ست وثلاثين ومئة". اهـ.
وقال ابن حجر في هدي الساري (ص422): " إنما عيب عليه أنه تغير حفظه لكبر سنة، لأنه عاش مئة وثلاث سنين، ولم يذكره ابن عدي في الكامل ولا ابن حبان".
قلت: لم يستوعب العقيلي وابن حبان وابن عدي الرواة الضعفاء، بل عليهم فوات، وما ذكروا من سوء حفظه وخلطه ظاهر في روايته لهذا الحديث.
وقد ذكره سبط ابن العجمي في كتابه الاغتباط بمن رمي بالاختلاط برقم (66)، والعلائي في المختلطين برقم (30). ولم يذكره ابن الكيال في (الكواكب النيرات) وإن كان استدركه محقق الكتاب في ملحقه.
وكل الاختلاف والاضطراب في الإسناد والمتن إنما هو في رواية يزيد بن أبي زياد عنه خاصة، فإما أن يكون سمع هذا الحديث من عبدالملك أكثر من مرة!! وإما أن يكون هذا من قبله وإن كان ثقة! فالثقة قد يهم.
وفقد رواه عنه هاشم بن البريد عند أبي يعلى، ومن طريقه الضياء في المختارة (3: 436 / برقم 1236).
ورواه الفضل بن موسى عند النسائي في الكبرى (6: 104/ برقم10223)، ومن طريقه الضياء في المختارة (3: 437/ برقم 1238).
ورواه عبدالله بن نمير عند عبد بن حميد برقم (179)، وعبدالله بن أحمد في زوائده على المسند برقم (21216)، والبيهقي في الشعب برقم (5133)، فجعلوه ثلاثتهم من حديث أبي بن كعب.
اتفقا الأوليان على اللفظ، وخالف الثالث (كما سبق) فلم يذكر الشاهد من اللفظ النبوي، وإن كان أشار إلى القصة! .. وبقية السياق لحديث آخر. اختلف فيه كذلك!.
فهل سماع يزيد بن أبي زيد عن عبدالملك بآخر رمق؟! .. هذا الظاهر (والله أعلم).
وللقصة الثانية شاهد عن عمر بن الخطاب: أخرجه البيهقي في الشعب برقم (5131): وفيه قصة بين سعد وسلمان رضي الله عنهم أجمعين.
غريب الحديث:
1 ـ قوله: في رواية أُبي (فتصدَّع أنف أحدهما غضبًا)، وفي رواية معاذ: (خُيِّل إلي أن أنفه يتمزَّع من شدة غضبه)، فقوله (يتمزَّع): هذا الحرف مما ذكر في تصحيفات المحدثين، فقال أبو عبيد: "ليس يتمزع بشيء، ولكني أحسبه (يترمع) من شدة الغضب، وهو أن تراه كأنه يرعد من شدة الغضب". غريب الحديث (2: 464)، وانظر النهاية (2: 264) (4: 325)، وتصحيفات المحدثين (1: 385).
قال الأزهري: " إن صح يتمزع فإن معناه يتشقق، يقال: مزعت الشيء إذا قسمته، قال وأنا أحسبه يترمع، وهو أن تراه كأنه يرعد من شدة الغضب". لسان العرب (8: 134).
وقد أنكر هذا الخطابي فقال في غريبه (1: 142): " ولست أدري لم أنكر الصواب واختار غيره، وإنما هو يتمزع كذلك رواه الأثبات".
قال ابن حجر: " يتمزع بالزاي والعين المهملة أي يتقطع، وهي مبالغة في الكناية من شدَّة غضبه". الأمالي المطلقة (ص184).
2 ـ وقوله في رواية معاذ (محك): المحك اللجاج وقد محك يمحك وأمحكه غيره. النهاية (4: 303).
وقال ابن منظور في اللسان (10: 486): " محك المحك المشارة والمنازعة في الكلام و المحك التمادي في اللجاجة عند المساومة والغضب ونحو ذلك و المماحكة الملاجة وقد محك يمحك و محك محكا و محكا فهو ماحك ومحك و أمحكه غيره ". اهـ.
لطائف الحديث:
1 ـ القصة تذكر في أسباب ورود الحديث، فهي سبب لبيان هذا الدعاء عند الغضب .. كما في البيان والتعريف للحسيني (1: 285).
2 ـ يدخل هذا الحديث في المبهمات من ثلاثة أوجه.
الوجه الأول: قوله (استب رجلان)، قال ابن حجر: " لم أعرف أسماءهما". الفتح (10: 467).
الوجه الثاني: في تعيين المأمور .. قال ابن حجر: "وأخلق بهذا المأمور أن يكون كافرًا أو منافقًا، أو كان غلب عليه الغضب حتى أخرجه عن الاعتدال بحيث زجر الناصح الذي دله على ما يزيل عنه ما كان به من وهج الغضب بهذا الجواب السيئ، وقيل: إنه كان من جفاة الأعراب، وظن أنه لا يستعيذ من الشيطان إلا من به جنون، ولم يعلم أن الغضب نوع من شر الشيطان، ولهذا يخرج به عن صورته، ويزين إفساد ما له كتقطيع ثوبه وكسر آنيته أو الأقدام على من أغضبه، ونحو ذلك مما يتعاطاه من يخرج عن الاعتدال". الفتح (10: 467).
وقال النووي: " هذا كلام من لم يفقه في دين الله ولم يعرف أن الغضب نزغ من نزغات الشيطان، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجانين، ولعله كان من جفاة العرب، أو يقال: لعله كان كافراً أو منافقاً أو شدة الغضب أخرجته عن حيز الاعتدال بحيث زجر الناصح له". نقله العيني في العمدة (22: 125)، وهو في شرح مسلم للنووي (16: 163) بنحوه.
وقال الحافظ في مقدمة الفتح (ص332): " فيه ثلاثة أبهموا لم أعرف أسماءهم". اهـ.
الوجه الثالث: قوله في رواية سليمان بن صرد: (فقام إلى الرجل رجلٌ ممَّن سمع النبي صلى الله عليه وسلم)، وقع تصريح معاذ بأنه هو في بعض طرق الحديث كما سبق.
حرر في (17/ محرم/1425هـ) .. وإلى لقاء قريب بإذن الله (تعالى).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Mar 2004, 08:35 ص]ـ
مرحباً بالشيخ الكريم الدكتور يحيى بن عبدالله بين إخوانه في ملتقى أهل التفسير، والذي أعد انضمامه للملتقى مكسباً علمياً، لما أعلمه عنه - وفقه الله - من العناية والدقة في البحث والعلم نسأل الله أن يزيده توفيقاً وبصيرة.
ومنذ قرأنا مقالتكم الماتعة علل أحاديث التفسير - مقدمة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3872) ونحن نترقب الشروع في هذا المشروع العلمي النفيس، ونردد ما قاله الحارث بن حلزة البكري:
ليت شعري متى يكون اللقاءُ!
إن كثيراً من الباحثين في الدراسات القرآنية والمشتغلين بتحقيق كتب التفسير وعلوم القرآن لفي أمس الحاجة إلى التنبه لكثير من دقائق علم الحديث، ولا سيما مثل هذه الفرائد التي تتعلق بعلل الأحاديث، وباب العذر واسع لمن ظن أن هذا ليس داخلاً في دائرة التخصص الضيقة، ولكن باب العلم أوسع لمن علت همته، ورام نيل العلم كما يناله كل صادق في الطلب منذ كان العلم من أشرف ما يُسعى إليه، وكان طلابه من أصدق من يسعى له حق السعي.
أخي الكريم: شكر الله لكم هذا التحرير العلمي، وثق أنه قد وقع موقعه لدى الجميع، جعلنا الله وإياك وجميع الإخوة الكرام من الصادقين المخلصين.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[08 Mar 2004, 01:55 م]ـ
بحث متين وماتع، فجزى الله الشيخ يحيى خير الجزاء، ونحن بانتظار البقية، وآمل أن لا تنقطع.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[09 Mar 2004, 12:01 ص]ـ
جزى الله فضيلة الدكتور يحيى على هذا البحث المحرر، وهكذا فلتكن الكتابة، فقد حبره تحبيرا،
ولدي اقتراح - فضيلة الشيخ -:
أن تضع عنوانا جانبيا بعد سياق طرق الحديث والموازنة بينها، وليكن (الخلاصة) تلخص فيه ماسبق في حدود سطرين، ثم تذكر الراجح من الاختلاف، حتى نقطف الثمرة يانعة بعد هذا الجهد الواضح.
وفقك الله وزادك من فضله.
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[09 Mar 2004, 09:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فشكر الله لكم معاشر الفضلاء تعقيبكم وترحيبكم، وأنا في غاية السعادة بوجودي بينكم، ولا أستغني عن توجيهاتكم (بارك الله فيكم)، أما بخصوص ما ذكره الأخ الفاضل خالد الباتلي (وفقه الله)، فخلاصة الحكم جرى عليها البعض، ولم يكن غائبًا عن بالي هذا المسلك، ولكن أرى أن هذا يفقد البحث قيمته، ويتم اختزاله في كلمة صحيح أوضعيف، فربما أعرض البعض عن القراءة واكتفى بالنتيجة، ومن قرأ بروية ظهرت له نتيجة الحكم.
ومن جانب آخر فقد رسمت لي منهجًا مرهقًا، تمثل في تتبع جميع طرق الحديث وأوجه الاختلاف فيه (وإن كان صحيحًا)، لذا ستظهر بعض العلل التي لم أسبق بذكرها (وقد ظهر هذا من أول حديث) وسيتكرر هذا بكثرة، مما يجعلني استصحب الحذر، فلا أجزم بوجه العلة في الحديث، لصعوبة هذا المسلك (كما أشرت في التمهيد).
كما أن البعض سيفاجأ بإعراضي عن تبني أحكام كثير ممن سبقني من أهل هذا الفن، ولا يعني هذا هضمًا لجهودهم، فالمسألة اجتهادية، وأنا أرحب بأي تعقب على أحكامي. والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص فيما نقول ونكتب .. (والله أعلم).
وكتبه محبكم/ يحيى الشهري.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[19 Mar 2004, 06:35 م]ـ
أشكر الدكتور يحيى الشهري وفقه الله على هذا الموضوع المحرر، الذي يدل على علمية ناضجة، وصبر في البحث والتنقيب. وهذه صبغة مميزة لهذا الموقع ولله الحمد، وأرجو من المشرفين السعي للرقي والاستمرار به بقدر المستطاع وهم أهل لذلك إن شاء الله.
وحبذا لو استمر الدكتور يحيى الشهري في هذه الدراسة القيمة التي انتفعت بها كثيراً، وقمت بطباعتها مع غيرها من المشاركات العلمية التي تستحق العناية والاهتمام، ولا أشك أن غيري كذلك، غير أني قد عبرت عن رأيي واكتفى غيري بالقراءة.
وأقول للشيخ يحيى الشهري: أرجوك لا تتوقف!
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:11 م]ـ
سلام عليك أخي فهد الناصر .. وشكر الله لك يوم أن أخذت من وقتك لقراءة ما كتبت، وإني لأرجو أن أكون عند حسن الظن .. أما الإستمراريه فإني أحاول رغم مشاغلي أن أستمر (وأسأل الله العون والتوفيق).
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[11 Apr 2004, 06:16 ص]ـ
جزى أخانا الشيخ د. يحيى هذه الكتابات القيمة،ونفع بها،وودت لو أن فضيلته حرص على ذكر المدار في كل حديث ـ إن أمكن ـ ليتمكن القارئ ـ خاصة إذا كان من أهل التخصص (علم السنة) ـ أن يتابع ..
فمثلاً: في حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه، بحثتم في الزيادة الواقعة في آخر المتن، وتوصلتم إلى أنها من زيادة أبي البختري .. وهنا: لو ذكرتم أن مدار الطرق على الأعمش ـ مثلاً ـ وقد رواه عن الأعمش:
فلان وفلان ... الخ من تقفون عليه.
وهذا سيوفر للقارئ وقتاً، ولهذا انظر ـ بارك الله فيك ـ إلى الفرق بينه وبين حديث معاذ الذي يليه حينما صرحتم بذكر المدار، فسيسير القارئ معكم بترتيب واضح ... هذه وجهة نظر أرجو أن يتسع لها صدر أخينا د. يحيى بارك الله فيه وفي علمه.
وأؤيد مقالة الإخوة حاثاً على الاستمرار، نفع الله بكم ..(/)
علل أحاديث التفسير - مقدمة
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[08 Mar 2004, 06:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فعلم علل الأحاديث من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، وعر المسالك، ضيق المخارج، تتقاصر عنه الهمم، لصعوبته وتشعبه، لا يقوم به إلا من رزقه الله ـ تعالى ـ فهمًا ثاقبًا وحفظًا واسعًا، ومعرفةً تامةً بمراتب الرواة، وملكة قوية تحيط بتشعب الأسانيد واختلاف المتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن، كعبدالرحمن بن مهدي، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة، ومسلم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم رحمهم الله.
فهم أهل النقد العارفين بالنقل، الذائقين كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالعقل، وهذا العلم مسلم لهم، ولهم فيه معارف وطرق يختصون بها، وقد تناولوا بالنقد كثيرًا من الرواة، وبينوا ما في بعض مروياتهم من العلل، وصنفوا في ذلك المصنفات النافعة.
وهم العارفون بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقاً، وهم النقاد الجهابذة صدقًا، "الذين ينتقدون انتقاد الصيرفي الحاذق للنقد البهرج من الخالص، وانتقاد الجوهري الحاذق للجوهر مما دلس به".
فلذا قصُرت همم كثير من الناس عن تتبع العلل في الأحاديث، والاكتفاء بالحكم المجمل على الأسانيد والمتون، لوعورة هذا المسلك، وعدم ظهور وجه العلة إلا بعد طول الفحص والنظر.
وهذا المنهج فيه من التجوز الشيء الكثير، فكم من حديث أعله الأئمة، ولم يقبل هذا بعض الناس؛ لقصورهم عن فهم وجه العلة في الحديث، فدعاهم هذا إلى رد كلام الأئمة المتقدمين، والتصحيح والتحسين لأحاديث كثيرة، هي عند التمحيص معلولة.
وكم كان هذا الأمر يشغلني كثيرًا عند اطلاعي على أحكام كثير من أخوتنا المعاصرين في هذا الباب، فلما شرفت بدعوة من أخي الفاضل عبدالرحمن البكري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية، للمشاركة فيما يطرح في هذه الشبكة من مقالات ومشاركات قيمة وأبحاث علمية محررة، نشطت للكتابة في ما يخص أحاديث التفسير، وبيان عللها .. تمشيًا مع خاصية هذه الشبكة.
وإنما حفزني لذلك أني رأيت بعض الجهود القيمة التي فيها محاولة جمع أحاديث التفسير والكلام عليها، ظهر فيها إهمال جوانب مهمة متعلقة بهذا الباب، سيتضح الكثير منها عند منا قشتنا للأحاديث المعلة.
وحيث إنه كتب في باب العلة الشيء الكثير، فسأكتفي بلمحات حول طرفي العنوان، ثم أختم بمنهجي في عرض الأحاديث وبيان عللها .. ثم أشرع في المراد.
ولربما عرجت على هذا الجانب بدراسة مستفيضة بعد استكمالي الكلام على الأحاديث ـ بإذن الله تعالى ـ إذ إن التعرض لهذا الجانب الآن سيكون فيه جوانب قصور كثيرة.
لمحة عن أحاديث العلل
العلة في اللغة: ذكر ابن فارس في معجمه (مقاييس اللغة): أن لكلمة (أعل) أصولاً ثلاثة صحيحة:
أحدها: التكرر أو التكرير.
الثاني: العائق الذي يعوق.
الثالث: الضعف في الشيء.
ولعل أقربها لاصطلاح المحدثين الأصل الثالث .. فالمراد بالضعف المرض، يقال: علّ المريض، يعِلُّ، علَّة، فهو عليل، وأعله الله فهو مُعل.
ووجه المناسبة أن العلة إذا طرأت على الحديث ظاهر الصحة أعلته، ونزلت به من الصحة إلى الضعف.
والقياس عند أهل اللغة أن يسمى (المُعل) لأنه اسم مفعول من الفعل (أعل).
ويجوز فيه (المعلل) أخذ من الأصل الثاني عند ابن فارس .. يقال: أعله عن كذا أي أعاقه وشغله وألهاه.
وعلى هذا يكون المعنى: الحديث الذي أعاقته العلة، وشغلته، فلم يعد صالحًا للعمل به.
قال الحافظ العراقي:
وسمّ ما بعلةٍ مشمولُ * مُعللاً ولا تقل معلولُ
وقد اشتهر عند المحدثين تسميته بالمعلول. وإن أنكرهذا ابن الصلاح والنووي والعراقي.
وممن حفظ عنه استخدام هذا البخاري، والترمذي، والدارقطني، وابن عدي، والحاكم، والخليلي، وابن عبدالبر، والبيهقي، والسخاوي.
وسمى ابن حجر كتابه (الزهر المطلول في الخبر المعلول).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد خرج لهم البعض وجهًا يصح به ما أطلقوه من جهة اللغة .. قال ابن سيده في (المحكم): " واستعمل أبو إسحاق لفظة (المعلول) في المتقارب من المعروض، والمتكلمون يستخدمون لفظة (المعلول) في مثل هذا كثيرًا، فلست منها على ثقة ولا ثلَج، لأن المعروف إنما هو (أعله الله فهو معلّ)، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه، من قولهم: (مجنون)، و (مسلول) من أنهما جاءا على جننته وسللته ولم يستعملا في الكلام واستغنى عنهما بأفعلت، وإذا قالوا: جُنَّ وسُلَّ فإنما يقولون: جُعل فيه الجنون والسِّل، كما قالوا: حُزن وفُسل". اهـ.
والعلة في اصطلاحهم: تطلق على كل ما فيه علة سواء كانت خفية أو ظاهرة، قادحةً أو غير قادحة، فكل ما فيه علة يصح أن يقال: إن فيه علة، وهذا حديث معلول.
وكل اختلاف في الحديث يمكن أن يسمى علة، سواء كان هذا الاختلاف يؤدي إلى رد الحديث أو عدم رده.
فالمعنى العام إذًا: كل ما حصل فيه قدح في صحة الحديث، سواءً ضعِّف به الحديث أم لا.
والعلماء النقاد يعبرون بذلك، فيطلقون العلة على العلة الخفية، والعلة الظاهرة، وعلى العلة القادحة، وعلى العلة غير القادحة.
فلذلك سنسلك هذا المسلك، وذلك ببيان أوجه الاختلاف سندًا ومتنًا، حتى وإن لم يكن للعلة أثر على صحة الحديث وضعفه.
فإذا أطلقنا العلة فالمراد المعنى الخاص فإنما نقصد بها العلة الخفية التي تقدح في صحة الحديث.
وعليه فالمعنى الخاص للعلة: ما لا يدخلها ضرب الجرح والتعديل والكلام عن الرواة بالقبول أو الرد من ناحية الضبط أو من ناحية العدالة.
قال الحاكم في (المعرفة): " إنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإنَّ حديث المجروح ساقط واهٍ.
وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم علمه، فيصير الحديث معلولاً، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير ". اهـ.
والمعنى العام هو كل ما كان فيه علة، وقلما نستخدمها بهذا المعنى.
وسنتناول في حديثنا النوعين، وإن كان مقصودنا الأسمى النوع الأول.
أجناس العلة:
العلة لها صور بحسب ورودها، وقد قسمها أبوعبدالله الحاكم في كتابه (معرفة علوم الحديث) إلى عشرة أقسام .. وذكرها البلقيني في (محاسن الاصطلاح)، والسيوطي في (تدريب الراوي)، وتتلخص فيما يلي:
أحدها: أن يكون السند ظاهره الصحة، وفيه من لا يعرف بالسماع.
الثاني: أن يكون الحديث مرسلاً من وجه رواه الثقات الحفاظ، ويسند من وجه ظاهره الصحة.
الثالث: أن يكون الحديث محفوظاً عن صحابي، ويروى عن غيره لاختلاف بلاد رواته كرواية المدنيين عن الكوفيين.
الرابع: أن يكون محفوظاً عن صحابي فيروي عن تابعي، يقع الوهم بالتصريح بما يقتضي صحته، بل ولا يكون معروفا من جهته.
الخامس: أن يكون روى بالعنعنة وسقط منه رجل دل عليه طريق أخرى محفوظة.
السادس: أن يختلف على رجل بالإسناد وغيره، ويكون المحفوظ عنه ما قابل الإسناد.
السابع: الاختلاف على رجل في تسمية شيخه أو تجهيله.
الثامن: أن يكون الراوي عن شخص أدركه وسمع منه، لكنه لم يسمع منه أحاديث معينة، فإذا رواها عنه بلا واسطة فعلتها أنه لم يسمعها منه.
التاسع: أن تكون طريقه معروفة يروي أحد رجالها حديثاً من غير تلك الطريق، فيقع من رواه من تلك الطريق بناء على الجادة في الوهم.
العاشر: أن يروي الحديث مرفوعاً من وجه وموقوفاً من وجه.
قال الحاكم: وبقيت أجناس لم نذكرها، وإنما جعلنا هذه مثالا لأحاديث كثيرة.
وخلاصة هذا أن العلة ترد في الإسناد وقد ترد في المتن، فإذا وقعت في الإسناد فقد تقدح في المتن وقد لا تقدح، وورودها في المتن كذلك.
أوجه الكشف عن العلل:
1 ـ جمع روايات الحديث الواحد، والموازنة بينها سندًا ومتنًا، فيظهر من الاتفاق والاختلاف مواطن العلل.
قال الخطيبُ البغداديُّ في (الجامع لأخلاق الراوي): "والسبيلُ إلى معرفةِ علة الحديث أنْ يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط، كما أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني بنيسابور قال: سمعتُ أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، يقول: سمعتُ عثمان بن سعيد الدارمي، يقول: سمعتُ نعيم بن حماد، يقول: سمعت ابن المبارك، يقول: إذا أردتَ أن يصحَّ لكَ الحديث فاضرب بعضه ببعض".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال علي بنُ المديني ـ رحمة الله عليه ـ: "البابُ إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه".
2 ـ النظر في الأسانيد من حيث النقص والزيادة، والعلو والنزول.
3 ـ أن ينص أحد من الأئمة النقاد على علة في الحديث.
4 ـ كمال المعرفة والفهم، التي يعرف بواسطتها أحاديث الرواة، مما ينبه على علل خفية، لا يحتمله الرواة في حديثهم، وهذا ليس إلا للحذاق من الحفاظ، لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم، إذ يكثر في قولهم: "هذا الحديث يشبه حديث فلان" .. "وهذا الحديث لا يشبه حديث فلان".
وقال ابن رجب في (شرح علل الترمذي): "معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إمّا في الإسناد، وإمّا في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع ونحو ذلك، وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث".
مظان أحاديث العلل:
من مظان العلل الأحاديث المشهورة، كثيرة التداول، ولذا فلا عجب أن وجدنا العلل في الأحاديث الصحاح بالنظر لكثرة تداولها واختلاف رواتها.
قال الحاكم في (المعرفة): " وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم علمه، فيصير الحديث معلولاً". اهـ.
وقد صنفت فيه مصنفات خاصة من أشهرها:
1 ـ العلل الكبير للترمذي.
2 ـ علل الحديث لابن أبي حاتم.
3 ـ المسند الكبير المعلل للبزار. طبع منه تسعة مجلدات بتحقيق محفوظ الرحمن السلفي ـ رحمه الله ـ وطبع من باقيه العاشر والحادي عشر بتحقيق عادل بن سعد.
4 ـ العلل الواردة في الأحاديث النبوية لأبي الحسن الدارقطني. طبع منه أحد عشر مجلدًا بتحقيق محفوظ الرحمن السلفي ـ رحمه الله ـ والباقي ما زال مخطوطًا.
5 ـ العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.
ومن مظانها كذلك جامع الترمذي، والسنن الكبرى للنسائي، والضعاء للعقيلي والكامل لابن عدي، وتهذيب الآثار للطبري، والحلية لأبي نعيم، والسنن الكبرى للبيهقي.
ومما يجدر التنبيه إليه أن هناك العدد الكثير من الأحاديث التي لم تكشف عللها بعد، فلا عجب أن وجدنا أحاديث معلولة لم نسبق لتعليلها.
أما من ناحية التقعيد فهناك مصنفات ودراسات كثيرة، منها:
1 ـ شرح علل الترمذي لابن رجب .. وهو عمدة في هذا الباب .. مع مقدمته القيمة للدكتور همام سعيد.
2 ـ الحديث المعلول قواعد وضوابط للدكتور حمزة المليباري.
3 ـ الحديث المعل للدكتور خليل ملا خاطر.
وبعض الدراسات والمداخل القيمة بين يدي بعض الرسائل العلمية التي لها تعلق بعلم العلل، مثل علم علل الحديث من خلال كتاب بيان الوهم والإيهام لإبراهيم بن الصديق، ومرويات الزهري المعلة للدكتور عبدالله دمفو، ويعقوب بن شيبة السدوسي آثاره ومنهجه في الجرح والتعديل لعلي لصياح، الأحاديث التي أعلها الإمام يحيى بن معين من خلال سؤالات الدوري والدارمي وابن محرز وابن الجنيد والدقاق لهشام الحلاف، وغير ذلك.
لمحة عن أحاديث التفسير:
نشأت أحاديث التفسير مع نشأة علم الرواية، إذ كان من أبرز مهام النبي (صلى الله عليه وسلم) بيان القرآن الكريم، قال تعالى:?وأنزلنا إليك الذكرلتُبين للناس ما نُزِّل إليهم?. [النحل: 44]. وقال: ?وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون? [النحل: 64]. فكانت حياته (صلى الله عليه وسلم)، وهديه وسيرته شارحةً للقرآن الكريم، تفسرمجمله، وتخصص عامه، وتقييد مطلقه. وكان الصحابة يتلقون منه القرآن الكريم تلاوة لألفاظه وبيانًا لمعانيه، فجمعوا بين العلم والعمل.
فعن أبي عبدالرحمن السلمي، قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عشر آيات، ولا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العمل والعلم، فإنا علمنا العمل والعلم.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (29929)، وأحمد برقم (23529).
وهذا يدخل فيه تعليم الإسلام والقرآن والسنن والأحكام .. وهذا هو المعنى العام للتفسير النبوي، ويلتحق به تفسير غيره من كبار الصحابة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما المعنى الخاص: فهو يقتصر على ما ورد عنه (صلى الله عليه وسلم) من تفسير لآيات بأعيانها، أوأحاديث فيها تأكيد ما ورد في القرآن الكريم من قصص الأنبياء، وأخبار الأمم الماضية، وأحوال الآخرة، والبعث والنشور، والجنة والنار.
ويلتحق بذلك عندهم ما ورد في فضل بعض الآيات والسور، وأسباب النزول، وبيان الناسخ والمنسوخ، واختلاف القراءات .. وهذا المعنى أخذناه من تصرفات المحدثين في تبويبهم.
وقد اشتهر عن جماعة من الصحابة معرفتهم بالتفسير، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، ابن عباس، وغيرهم.
وقد تصدر منهم ابن مسعود وابن عباس للإقراء والتفسير، خاصة ابن عباس، وبان فيه أثر دعوته (صلى الله عليه وسلم): "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". أخرجه ابن حبان.
واشتهر من تلاميذه مجاهد (101هـ)، وعكرمة (107هـ)، وعطاء (114هـ)، وطاوس (106هـ)، وجابر بن زيد (93هـ)، وسعيد بن جبير (95هـ).
واشتهر كذلك من التابعين أبو العالية الرياحي (90هـ)، وقتادة بن دعامة السدوسي (110هـ)، والحسن البصري (110هـ)، ومقاتل بن سليمان (105هـ)، والضحاك بن مزاحم (105هـ).
ويليهم طبقة السدي الكبير (127هـ)، والربيع بن أنس (140هـ).
وهؤلاء لهم نسخ منثورة عن غير واحدٍ من الصحابة، وقد اشتهر في هذه الفترة تصنيف بعضهم لذلك، كما ورد من تصنيف سعيد بن جبير استجابة لطلب عبدالملك بن مروان، ثم ظهر التصنيف في طبقة تلي هؤلاء بصورة أشمل، من هذه المصنفات:
1 ـ تفسير معمر بن راشد (154هـ).
2ـ تفسير سعيد بن أبي عروبة (156هـ).
3 ـ تفسير الحسين بن واقد المروزي (159هـ).
4 ـ تفسيرزائدة بن قدامة (160هـ).
5 ـ تفسير سفيان الثوري (161هـ).
6 ـ تفسير إبراهيم بن طهمان (168هـ).
7 ـ تفسير عبدالله بن المبارك (181هـ).
8 ـ تفسير هشيم بن بشير (183هـ).
9 ـ تفسير سفيان بن عيينة (198هـ).
10 ـ تفسير عبدالرزاق الصنعاني (211هـ).
11 ـ تفسير ابن أبي شيبة (235هـ).
وقد حوت هذه المصنفات التفسير النبوي، وتفسيرالصحابة والتابعين، وكانت عمدة من أتى بعدهم من مصنفي السنن والتفاسير، يبين هذا سياقهم لأسانيد مروياتهم، وهو ما يعرف في عصرنا هذا بالموارد.
وقد اعتنى المحدثون بأحاديث التفسير فضمنوها مصنفاتهم، لا فرق بين أصنافها ومسانيدها، وكانت من أهم مقاصد مصنفي الأبواب .. فهذا البخاري في (الجامع الصحيح) عقد كتابًا للتفسير أورد فيه (472) بابًا من أبواب التفسير مرتبةً على حسب سور القرآن الكريم وآيه.
قال الحافظ في الفتح (2/ 743): " اشتمل كتاب التفسيرعلى خمسمئة حديث وثمانية وأربعين حديثا من الأحاديث المرفوعة وما في حكمها، الموصول من ذلك أربعمئة حديث وخمسة وستون حديثا، والبقية معلقة وما في معناه، المكرر من ذلك فيه وفيما مضى أربعمئة وثمانية وأربعون حديثا، والخالص منها مئة حديث وحديث، وافقه مسلم على تخريج بعضها، ولم يخرج أكثرها لكونها ليست ظاهرة في الرفع، والكثير منها من تفاسير بن عباس رضي الله تعالى عنهما وهي ستة وستون".
ثم أردفه بكتاب (فضائل القرآن) وقد ضمنه (37) بابًا.
قال الحافظ في الفتح (9: 103): " اشتمل كتاب فضائل القرآن من الأحاديث المرفوعة على تسعة وتسعين حديثا، المعلق منها وما التحق به من المتابعات تسعة عشر حديثا، والباقي موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا ... وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة آثار والله أعلم ".
ونجد الترمذي في (جامعه) عقد كتابًا في (فضائل القرآن) وأورد فيه (25) بابًا، وفيها قرابة (61) روايةً.
.. ثم تلاه بكتاب القراءات وأورد فيه (13) بابًا، وفيها (27) روايةً .. ثم أعقبهما بكتاب التفسير وأورد فيه (95) بابًا، وفيها قرابة (484) روايةً.
ومن أوسع ما ذكر ضمن كتب السنة الأصول كتاب تفسير النسائي، وهو أحد الكتب الجامعة ضمن سننه الكبرى، ذكر فيه ما يزيد على (420) بابًا، وفيها ما يقارب (735) رواية.
وذكر قبله بعدة أبواب كتاب فضائل القرآن ضمنه (61) بابًا، وفيها (93) رواية، وأبواب قراءة القرآن وفيه (55) رواية.
ضمن هذه الأبواب مجتمعة مئات الآثار، وقليل من الأحاديث المرفوعة الصحيحة وبعض الأحاديث الضعيفة والمعلولة، وستكون تعليلاته (رحمه الله) من مواردنا في هذه المقالات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم برزت التفاسير الجامعة للتفسير بالمأثور كتفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن أبي حاتم، وحوى هذان التفسيران كثيرًا من تفاسير التابعين المنثورة، وكانا عمدة كل من أتى بعدهما من مصنفي التفسيربالمأثور، وطيلة القرون اللاحقة لم يخب نور هذين الكتابين وبقيا أهم مصدرين لجميع الدراسات في مجال التفسير وعلوم القرآن إلى يومنا هذا.
ومن التفاسير المشهورة ـ كذلك ـ تفسير البغوي، وتفسير ابن كثير، والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي.
فأما تفسير البغوي فقد امتدحه ابن تيمية وقال: إنه أحسن التفاسير .. وقد حوى قدرًا لا بأس به من الأحاديث المرفوعة .. وهو في مجمله تحرير لتفسير الثعالبي.
وتميز تفسير ابن كثير بالجمع والاختصار والعزو للأصول مع التمحيص والحكم في بعض الأحيان.
أما تفسير السيوطي ففقد قيمته الصناعية لكونه ليس مسندًا، ولو ظهر أصله (ترجمان القرآن) لكان نافعًا.
أما ما سوى هذه الأصول فيكثر فيها الأحاديث الضعيفة بل والموضوعة، ولعل السبب في ذلك ندرة الأحاديث الصحيحة والثابتة المرفوعة، حتى اشتهر عن الإمام أحمد قوله: ثلاثة كتب ليس لها أصول وهي: المغازي، والتفسير، والملاحم. أخرجه الخطيب في (الجامع) من طريق الميموني.
قال ابن حجر: ينبغي أن يضاف إليها الفضائل فهذه أودية الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ إذ كانت العمدة في المغازي على مثل الواقدي، وفي التفسير على مثل مقاتل والكلبي، وفي الملاحم على الإسرائيليات، وأما الفضائل فلا يحصى كم وضع الرافضة في فضل أهل البيت، وعارضهم جهلة أهل السنة بفضائل معاوية بدأً، وبفضائل الشيخين وقد أغناهما الله وأعلى مرتبتهما عنها. اهـ.
وقد اختلف في مراد أحمد بهذا الحرف .. فحملها الخطيب والذهبي وغيرهما على أن مراده بذلك كتبًا مخصوصة.
قال الخطيب في (الجامع): "وهذا الكلام محمول على وجه، وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها، لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القصاص فيها، فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) من وجوه مرضية وطرق واضحة جلية.
وأما الكتب المصنفة في تفسير القرآن فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان ... ولا أعلم في التفسير كتابًا مصنفًا سلم من علة فيه أو عري من مطعن عليه ". اهـ.
ويرى القاسمي: أن معنى ذلك أن الغالب عليها أنها مرسلة. وهو رأي وجيه.
وقد أنكر المحدثون على أهل الزهد والتصوف كثيراً مما ذكروه في كتبهم من الأحاديث الموضوعات، كحال الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين)، وأبي طالب المكي في (قوت القلوب)، وأبي الليث السمرقندي في (تنبيه الغافلين).
وكذلك أنكروا على أهل التفسير ما يوردونه في تفاسيرهم من أحاديث مكذوبة وإسرائيليات باطلة مستشنعة. كحال ما أورده الكلبي ومقاتل في تفسيريهما، وأبو بكر النقاش في (شفاء الصدور)، والثعالبي في (الكشف والبيان) ... وفي مصنفاتهم من الكذب ما لا يخفى بطلانه، خاصةً ما كان في باب فضائل الآي والسور، فمن لم يميز يقع في غلط عظيم، وربما اغتر به البعض فنقله، وربما عمل به.
لمحة عن المنهج المتبع:
سيكون معولنا في ما نذهب إليه من كشف علل الأحاديث، على أئمة النقد المتقدمين، الذين مهروا في معرفة العلل، مع ما يفتح الله به من الفهم والمعرفة .. ولما كانت العلل لا توجد إلا في الأحاديث التي يظن بها الصحة، فإن من شرطنا:
عدم إيراد الأحاديث الضعاف البين ضعفها، فهي وإن كانت معلولة، إلا أنه لا يجري عليها مصطلح العلة، من حيث الخفاء والغموض.
وألا نورد حديثًا صحيحًا من كل وجه لا علة فيه، فدخل معنا بهذا كل حديث صح من وجه وأعل من وجه آخر.
ومن شرطنا (كذلك): عدم إيراد الأحاديث الغرائب التي تفرد بها الثقات أو من دونهم إذ لا وجه للعلة فيها، إلا إذا صُححت وظهر لي في تصحيحها نظر، فأوردها من باب التنبيه على نكارتها.
وألا أتعرض للآثار إلا في أضيق الحدود .. إذ المقصود بأحاديث التفسير هنا الطراز الأول المنقول عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وسوف أتعرض لتراجم الرواة، وبيان أوجه التجريح والتعديل في البعض منهم، ممن يكون للكلام فيه أثر على الحديث، وأعرض عن بقية الرواة الذين لا يظهر لهم أثر في ضعف الرواية أو إعلالها، وسوف يكون ذلك بطريقة مجملة مختصرة.
وأتعرض كذلك لبيان بعض القواعد الحديثية الاصطلاحية .. التي يتم بواسطتها معرفة بعض وجوه العلل.
وربما نبهت على بعض اللطائف الإسنادية، المتعلقة بما أورده من أحاديث.
وربما فسرت الغريب، وذكرت بعض الفوائد إن اقتضى الحال.
على أني لن ألتزم منهجًا معينًا في عرض المادة العلمية، إذ أنه لم يسبق لي أن كتبت في هذا الموضوع، فسأقوم بالكلام على الحديث وفق ما يتفق لي، في كل حديث بحسبه، منتظرًا إفادة القراء ومشاركاتهم لزيادة التحرير.
وسوف أبتدئ (بعون الله تعالى) بآي كتاب الله الكريم آية فآية وسورة فسورة، مقدمًا ما له تعلق بالاستعاذة والبسملة، مما هو داخل في شرطنا، على أن أفرد لكل حديث مشاركة خاصة، ليتسنى التعقيب لمن أراد ذلك، وليسهل عليَّ الإحالة إلى رقم المشاركة عند الضرورة كتكرار ترجمة أحد الرواة، أو تكرار ورود الحديث في تفسير آية من الآيات، أو الحاجة للتذكير بقاعدة من قواعد الجرح والتعديل .. ونحو ذلك.
ونحن هنا إنما نطرح هذه العلل لأهل العلم وطلابه، الذين يقدرون هذا الفن ويجلون أصحابه، ونذكر علل الأحاديث نصيحة للدين وحفظًا لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وصيانة لها، وتمييزًا مما يدخل على رواتها من الغلط والسهو والوهم، ولا يوجب ذلك طعناً في غير الأحاديث المعلة بل تقوى بذلك الأحاديث السليمة لبراءتها من العلل وسلامتها من الآفات. ونستمد من الله ـ تعالى ـ السداد والتوفيق.
وسوف يكون محل الحلقات إن شاء الله ملتقى أهل التفسير في هذه الشبكة العلمية؛ لإتاحة المجال للتعقيب والمناقشة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2006, 06:05 م]ـ
هذه الحلقات التي نشرت من السلسلة، جزى الله الدكتور يحيى الشهري خيراً على ما قدمه فيها من العلم، وأعانه على مواصلة البحث والتخريج ودراسة العلل في هذه الأحاديث.
- علل أحاديث التفسير (1) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1478)
- علل أحاديث التفسير (2) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1553)
- علل أحاديث التفسير (3) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1668)
- علل أحاديث التفسير (4) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1824)
- علل أحاديث التفسير (5) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1895)
- علل أحاديث التفسير (6) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2076)
- علل أحاديث التفسير (7) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2350)
- علل أحاديث التفسير (8) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2714)
- علل أحاديث التفسير - علل أحاديث سورة الفاتحة (1) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3823)(/)
سؤال عن منهج ابن جرير في حكاية الإجماع
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[08 Mar 2004, 02:05 م]ـ
كثيراً ما يورد الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره عبارة: أجمع أهل الحجة من أهل التأويل، أو نحو هذه العبارة، مع أن المسألة فيها أقوال أخر، فهل من أحدٍ قام بدراسة منهج ابن جرير ومراده من حكاية الإجماع في تفسيره؟
ـ[الباحث7]ــــــــ[08 Mar 2004, 05:37 م]ـ
تحت هذا الرابط ما قد يفيدك حول هذا الموضوع:
الإجماع عند ابن جرير ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1021&highlight=%C7%E1%C5%CC%E3%C7%DA+%CC%D1%ED%D1)
ـ[د. حسين بن علي الحربي]ــــــــ[12 Mar 2004, 09:12 م]ـ
من منهج الامام ابن جرير الطبري في الإجماع أنه لايعتد بمخالفة الواحد والاثنين في حكاية الاجماع، خلافا لجمهور العلماء.
وقد وافقه على ذلك الجصاص الحنفي وغيره.
لذا فإن الامام ابن جرير ينسب قول الواحد والاثنين المخالف لما عليه الجماعة إلى الشذوذ.
وهذه المسألة مقررة عند علماء الأصول باب الإجماع , وكذا هي واضحة عند استقراء كتاب ابن جرير.
وللفائدة ينظر الموافقات للشاطبي (4/ 173) , وللأخ محمد الخضيري بحث بعنوان الإجماع في التفسير. مع تمنياتي لك بالتوفيق
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[12 Mar 2004, 10:26 م]ـ
إلى الدكتور حسين الحربي مع التحية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تتحفنا بالمزيد من مشاركاتك فقد عرفناك من خلال كتابك قواعد الترجيح؛ فسعدنا بك وبأمثالك من الباحثين الجادين.
وأرجو أن لا تقطعكم القواطع عن الاشتغال بالبحث، والاستمرار في العطاء؛ فالمتخصصون المبدعون في الدراسات القرآنية قلة كما لا يخفى على أمثالكم وفقكم الله.
وعندي سؤال حول الإجماع في التفسير:
هل هناك ضابط علمي صحيح للإجماع في التفسير؟
وسبب سؤالي أني أجد في كتب التفسير من يذكر الإجماع على قول، وآخر يذكر خلافاً في موضع الإجماع
ثم؛ ألا ترون أنه لا ينبغي الاستعجال في حكاية الإجماع في مسألة ما؟
وسؤال ثالث: ما تعليقكم على منهج الطبري هذا؟ هل هو صحيح من حيث المنهج العلمي؟ بعيداً عن تخطئة هذا الإمام؛ فله أن يحدد لنفسه منهجاً ويسير عليه ولا تثريب. ولكن من الناحية المنهجية التي استقر عليها الاصطلاح في معنى الإجماع.
ألا يمكن أن يقال: إن المخالف للجماعة ينبغي أن لا يحكم على قوله باشذوذ قبل النظر في حاله ومكانته؛ فقد يكون إماماً يفوق الجماعة الذين خالفوه.
أرجو التعليق على ما ذكرت، وتقبلوا تحياتي وشكري.
ـ[الباحث7]ــــــــ[12 Mar 2004, 11:01 م]ـ
فائدة سريعة، ونحن بانتظار أجوبة الشيخ حسين الحربي:
هذا نص فتوى للشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز:
(مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثامن
هل الإجماع حجة قطعية أم ظنية؟
س: هل الإجماع حجة قطعية أم ظنية؟ يرجى التفصيل أثابكم الله؟
ج: الإجماع اليقيني حجة قطعية، وهو أحد الأصول الثلاثة التي لا تجوز مخالفتها وهي: الكتاب والسنة الصحيحة، والإجماع.
وينبغي أن يعلم أن الإجماع القطعي المذكور: هو إجماع السلف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم؛ لأن بعدهم كثر الاختلاف وانتشر في الأمة، كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (العقيدة الواسطية)، وغيره من أهل العلم.
ومن الأدلة على ذلك: قوله تعالى في سورة النساء: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
وفق الله المسلمين للفقه في دينه، والثبات عليه، والحذر مما يخالفه. إنه سميع قريب) انتهى.
تتمة لأسئلة الأخي أبي عبدالله المسلم هل يقال: إنه لا إجماع معتبر بعد الصحابة؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[12 Mar 2004, 11:29 م]ـ
وللفائدة هذا رأي الشيخ ابن عثيمين فيما ذكر حيث قال:ومن الناحية الفقهية فالطبري مجتهد لكنه سَلَك طريقةَ خالف غيره فيها بالنسبة للإجماع، فلا يعتبر خلاف الرجل والرجلين، وينقل الإجماع ولو خالف في ذلك رجل أو رجلين، وهذه الطريقة تؤخذ عليه لأن الإجماع لابد أن يكون من جميع أهل العلم المعتبرين في الإجماع وقد يكون الحق مع هذا الواحد المخالف.
المرجع: القول المفيد (1/ 431)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Dec 2009, 01:22 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً.
ـ[ .. سرى .. ]ــــــــ[29 Dec 2009, 02:12 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[29 Dec 2009, 10:52 ص]ـ
وانظر تفصيل ذلك باستقراء في كتاب: الإجماع في التفسير , لمحمد عبد العزيز الخضيري.(/)
العقيدة الصحيحة في نزول القرآن
ـ[القميحي]ــــــــ[08 Mar 2004, 10:28 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
هل بالامكان التدارس حول العقيدة الصحيحة فيما يتعلق بتعريف القرآن ومفهوم نزوله
الرجاء المشاركة
عثمان عبد الرحيم
ـ[الباحث7]ــــــــ[08 Mar 2004, 10:55 م]ـ
هنا شيء مما طلبت وقفات مهمة مع نزول القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=371)(/)
الفرق بين كل من الاتجاه والمنهج والطريقة عند الباحثين المعاصرين
ـ[القميحي]ــــــــ[09 Mar 2004, 06:23 ص]ـ
كثر في الدراست المتأخرة استعمال الاصطلاحات الثلاثة ولأن هذه المفردات الثلاث مصطلحات حديثة ولا نكاد نجد لها ذكراً عند أصحاب الدراسات القرآنية الأوائل فإن أصحابها في العصر الحديث لا تكاد تجدهم يتفقون على معنى واحد لكل منها فالاتجاه مثلا فعلى الرغم من حداثته وعدم استخدام السابقين له بالمفهوم الموجود الآن في الدراسات القرآنية؛ إلا أن ذلك لا يمنع محاولة تلمس مفهوم عام له يتفق عليه الباحثون، فلا ينازع أحد في أن الاتجاه يمثل فكرة كلية أو إطاراً عاماً ينضبط به سير المفسر، ويعكس لنا بصدق مصدر ثقافته الذي تأثر به وسار على ضوئه في تفسيره، بحيث يكون هذا الفكر العام غالباً على تفسيره، ويكاد أن يُدرَكَ لأول وهلة، وهذا الاتجاه يتحدد أساساً بمجموعة الآراء والأفكار والمعتقدات والمباحث التي تشيع في عمل فكري – كالتفسير – بصورة أوضح من غيرها، وتكون غالبة على ما سواها، ويحكمها إطار نظري أو فكرة كلية
أما منهج المفسر فهو " الأفكار النظرية والقناعات العلمية التي تعامل بها المفسر وعالج بها قضايا التفسير، مع إبراز رأيه وتحديد مواقفه حيال هذه القضايا بكل وضوح، ويكون ذلك عبر تتبع واستقراء كلامه على الموضوع الواحد في جميع المواطن المتفرقة من تفسيره. عندئذ تبرز لنا الأسس والضوابط التي سار عليها المفسر ثم تجمع في نسق واحد يعرف بمنهج المفسر" وإذا نظرنا إلى التفاسير التي تنسب إلى اتجاه واحد - سواء كان ذلك الاتجاه أثرياً أو اجتهادياً - نرى أن لكل تفسير منها منهجاً متميزاً، وخطاً واضحاً سلكه المفسر من أول تفسيره إلى آخره وإن كان الجميع ينسب إلى اتجاه واحد. خذ مثلاً اتجاه التفسير بالمأثور – وإن كان ذلك لا يدرك لأول وهلة – وكيف سلك المنتسبون إليه مناهج مختلفة، فبينما هو عند أبي حاتم والبخاري يميل نحو " الحديث " نراه عند ابن كثير يميل إلى الفقه، وعند ابن عطية يميل إلى اللغة.
وكذلك اتجاه التفسير بالرأي، سلك مفسروه مناهج مختلفة، فهو عند الفخر الرازي جدلي علمي كلامي، وعند الزمخشري منهجي لغوي بياني.
بل وجدنا مناهج مختلفة داخل الاتجاه التجديدي المعاصر. فالمنار إصلاحي اجتماعي، والظلال وجداني ذوقي، وعند أمين الخولي وبنت الشاطئ لغوي بياني، وعند الشعراوي لغوي موسوعي.وهكذا ظهرت مناهج متعددة للمفسرين تدور داخل اتجاهاتها الأصلية أو التقليدية، فعرف المنهج الفقهي والمنهج العلمي، والمنهج البياني، والمنهج الاجتماعي، والمنهج الإشاري، وكلُّ له أصوله وسماته وملامحه الطريقة:
وإذا كان لكل مفسر – في الأغلب – أسلوب واحد في تناول الآيات القرآنية بشكل متسلسل كما هي عليه في المصحف الشريف، إلا أنه كان لكل مفسر طريقة شكلية في تناول النص القرآني، فيبدأ أحدهم بالنص ثم بيان معاني المفردات ووجوه البلاغة فيها ثم أسباب النزول، ويأتي مفسر ثانٍ ليذكر النص أولاً ثم يمزج بين المفردات وبين المعنى الإجمالي للنص، ويختلف ثالث فيجمع الآيات المتفرقة التي تتناول قضية واحدة فيتناولها بالتفسير؛ من غير مراعاة لترتيبها في المصحف، فعنايته بالموضوع لا بالترتيب، وقد يقتصر المفسر على رأيه وقد يورد آراء المفسرين ويقارن بينها ثم يختار ما يراه الأصح منها، وأحياناً يميل المفسر إلى الإكثار من القراءات، بينما لا يذكرها غيره إلا نادراً، وقد نرى مفسراً يتعرض للردود على موهمات الخلاف، وهذا ما نستطيع أن نسميه "طريقة المفسر" أو " أسلوبه ومن ثم يمكننا تعريف الطريقة بأنها " كيفية استخدام المفسر لأفكاره المنهجية وتطبيقها في تفسير الآيات والترتيب بين هذه الأفكار، وما ينقل حول الآيات من آثار كأسباب النزول وقراءات القرآن وناسخه ومنسوخه وغيرها، ثم ترتيبه الداخلي بين هذه الموضوعات مجتمعة إذن علاقة الطريقة بالمنهج علاقة الشكل بالموضوع، فالمنهج متعلق بالموضوع – وقد يتطرق إلى الناحية الشكلية – بينما الطريقة تعُنى بالدراسة الوضعية الشكلية(/)
بين ابن جرير وابن كثير 2
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[10 Mar 2004, 12:03 ص]ـ
2 - في قوله تعالى:" وعلم آدم الأسماء كلها .. " الآية من سورة البقرة (31):وهذه الآية مما اختلف فيه أهل العلم، في تحديد الأمور التي علمها الله آدم ماهي؟
فقد رجح ابن جرير رحمه الله أن الله علم آدم أسماء الملائكة وأسماء الذرية؛ لأنه قال:" ثم عرضهم " وهذا عبارة عما يعقل، ولكن ابن كثير رحمه الله خالفه في هذا الترجيح قائلا:"وهذا الذي رجح به ليس بلازم،فإنه لاينفي أن يدخل معهم غيرهم،ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب،كما قال تعالى:"والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع .. "الآية إلى أن قال:"والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها: ذواتها وأفعالها كما قال ابن عباس حتى الفسوة و الفسية، يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر، انظر (1/ 232)
ثم ساق حديث الشفاعة الطويل الذي فيه "فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس،خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شئ. قال ابن كثير رحمه الله:"فدل هذا على أنه علم أسماء جميع المخلوقات". (1/ 233).
هل من تعليق؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2004, 07:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن ما ذهب إليه الحافظ ابن كثير أقرب إلى الصواب من جهة موافقته للمروي عن أكثر السلف ومنهم ابن عباس، وكذلك هو الموافق لعموم اللفظ.
قال الشوكاني رحمه الله: (و (الأسماء) هي العبارات والمراد أسماء المسميات قال بذلك أكثر بذلك العلماء وهو المعنى الحقيقي للاسم والتأكيد بقوله (كلها) يفيد أنه علمه جميع الأسماء ولم يخرج عن هذا شيء منها كائنا ما كان وقال ابن جرير إنها أسماء الملائكة واسماء ذرية آدم ثم رجع هذا وهو غير راجح)
وفي صحيح البخاري: باب قول الله (وعلم آدم الأسماء كلها):
4206 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي e وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي e قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر ذنبه ... ) الحديث.
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[07 Apr 2004, 09:40 ص]ـ
أشكرك أخي على هذه الإضافة الطيبة، وأعتذر عن التأخر بالرد لعطل كان بالجهاز والله المستعان، وعليه التكلان.(/)
من لطائف التفسير و الوقوف 2
ـ[الميموني]ــــــــ[10 Mar 2004, 01:15 ص]ـ
مختارات من علم الوقف و التفسير في القرآن العظيم
قوله تعالى:
(قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطنا فلا يصلون إليكما بئايتنا أنتما ومن اتبعكما
الغلبون) القصص - 35.
قوله تعالى: {فلا يصلون إليكما بئايتنا} في الوقف على: {فلا يصلون إليكما} خلاف فقيل الوقف عليها تام وقيل الوقف على: {بآياتنا}.
والسبب في هذا الخلاف أن قوله تعالى:
{بآياتنا} إما أن يكون متعلقا بـ {يصلون} وإما أن يكون متعلقا بـ {الغالبون} وإما أن يكون متعلقا بـ {نجعل}، فالمعنى يختلف بحسب ذلك.
وتفصيل أقوالهم في ذلك:
القول الأول:
قال جماعة منهم نافع وأبو حاتم إن التمام في الآية {فلا يصلون إليكما بآياتنا} ثم يبتدأ {أنتما ومن اتبعكما الغالبون} ورجحه ابن النحاس وقال إنه بين (واختاره الداني () ورجحه النكزاوي (وقال العماني: (تام بناء على تعلقه بـ) يصلون (وهو المشهور () ثم في الوقف على قوله:) بآياتنا (تقديران:
1 - أن يكون المعنى: ويجعل لكما سلطانا بآياتنا، وهذا على جعل) بآياتنا (متعلقة بـ قوله تعالى: {ويجعل}.
2 - أن يكون المعنى: فلا يصلون إليكما بآياتنا أي تمتنعان بآياتنا يعني بسبب
آياتنا. ()
القول الثاني:
أن الوقف على {فلا يصلون إليكما} وهو قول الأخفش واختيار الإمام ابن جرير ويكون المعنى فلا يصلون إليكما ثم قال: أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا فالباء في قوله تعالى:
{بآياتنا} متعلقة بـ {الغالبون} وبذلك فسر ابن جرير الآية، وقال السجاوندي:
(إنه أوجه) اهـ. وهذا القول خطأه ابن النحاس والداني ومن وافقهما من وجه وجوزوه من وجه وذلك أنهم قالوا إنه لا يصح التفريق بين الصلة والموصول لأن {من} من قوله تعالى:
{ومن اتبعكما الغالبون} اسم موصول فكيف يقدم عليه {بآياتنا} وهو صلة له.قالوا ويجوز إن قدر تبييننا غير داخل في الصلة ().
فهذا القول لا مانع منه لغة على أن يكون تبيينا غير داخل في الصلة.
وهناك قول آخر فيه ضعف وهو:
أنه يجوز الوقف على {إليكما} ثم يبتدئ بـ قوله: {بآياتنا} على أن تجعل {بآياتنا} قسما وجوابه {فلا يصلون إليكما} مقدما عليه، ورد هذا أبو حيان قائلا:
(إنه لا يستقيم على قول الجمهور لأن جواب القسم لا تدخله الفاء) اهـ. يعني وهنا دخلت الفاء في قوله تعالى: {فلا يصلون} وقيل يجوز كون {بآياتنا} قسما على حذف جواب القسم يعني: لتغلبن، وقد حذف للدلالة عليه (.
والظاهر أن هذا القول فيه بعد.
وأظهر هذه الأقوال أن الوقف على: {فلا يصلون إليكما} ثم يبتدأ {بآياتنا أنتما .. } ويكون المعنى: (أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا). كما هو اختيار إمام المفسرين ابن جرير ومن وافقه، و المعنى على هذا واضح ولا إشكال في ذلك من جهة النحو كما مضى و ممن جوزه أيضا العكبري (خلافا لمن قال إن ذلك لا يجوز. ويكون التقدير من جهة النحو: أنتما غالبان بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون.
(تفسير القرطبي 13/ 287).
القطع ص546 والمكتفى ص 438 ومنار الهدى ص 211
البحر المحيط 7/ 118 - 119(/)
تاكيد ان الموضوع كبير ومهم
ـ[ Russian islam way] ــــــــ[10 Mar 2004, 01:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم اخي غروزني!!
ان دل مشاركتنا على شئ فانما تدل على اهمية الموضوع الخاص بالترجمة الروسية!!
اخي نحن القسم الروسي في اسلام وي عندنا نسخة لترجمة المجمع لجزء عم ... تواصل معنا لنجد طريقة للاستفادة ... !!
عنواني
ru@islamway.net
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Mar 2004, 10:53 م]ـ
مرحباً بك أخي الكريم في ملتقى أهل التفسير. ويسعدنا مساعدتكم وفقكم الله بأي شيء.
ـ[ Grozny] ــــــــ[11 Mar 2004, 09:01 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إخوتي الأكارم
تعرفون أن عدد المسلمين من الناطقين بالروسية يقدر بحوالي 50 مليون شخص .. هذا فضلا عن مجتمع روسي هائل عدديا وضائع روحيا .. يبحث عن منقذ .. ولكن للأسف الشديد لا نجد اهتماما كافيا من المسلمين بترجمة القرآن وكتب الحديث والسيرة والعقيدة المهمة إلى هذه اللغة الحية ونشرها ..
أنا اقطن في فرنسا .. ويوجد هنا جالية لا بأس بها من الداغستان والشيشان وهم معرضون للذوبان في المجتمعات الأروبية .. نظرا لقلة (بل أقول شبه انعدام) تحصيلهم الشرعي .. !
فنحن بصدد تعليمهم القرآن .. وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وبعض الأحاديث الرئيسية .. والعقيدة الصحيحة .. فهل من طريقة لمساعدتنا .. ؟
علما بأن الناحية المادية ليست مشكلة بإذن الله،،،
بارك الله في جهودكم وأعانكم على كل بر(/)
المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Mar 2004, 11:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعث لي عبر البريد أخي الكريم أبو عصام الدكتور عبدالله القرني وفقه الله هذا الخبر، عن المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
نص الخبر:
تقوم الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالتعاون مع جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بالإعداد والتنظيم للمؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مدينة دبي في الفترة من 1 ـ 4 صفر 1425هـ الموافق 22 ـ 25 مارس 2004 برعاية كريمة من سمو الشيخ محمد ابن راشد آل مكتوم حفظه الله.
وسيقام المؤتمر العالمي السابع بمدينة دبي في فندق (جراند حياة) وهو من أفخم الفنادق في الإمارات العربية المتحدة حيث شيد هذا الفندق خصيصاً لاجتماعات البنك الدولي الأخير حيث تعتبر قاعاته من أفخم القاعات على مستوى الإمارات العربية المتحدة.
إن أهمية هذا المؤتمر العالمي تتمثل في أهمية القضية وأهمية الزمان وأهمية المكان؛ أما قضية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فإنها من أهم الأساليب في الدعوة إلى الله في هذا العصر، وأما الزمان فإن هذا المؤتمر يأتي في مرحلة استعدى فيها أعداء الإسلام على ثوابته وحرماته وأخذوا يلصقون فيه ما ليس منه ويتهمونه باتهامات باطلة ويثيرون حوله شبهات داحضة، وأما المكان فإنه لا يخفى مالمدينة دبي من شهرة عالمية اكتسبتها باستضافتها الكثير من المؤتمرات العالمية والمعارض الدولية فأصبحت من أشهر المدن العربية على مستوى العالم؛ وقد حشدت الهيئة لهذا المؤتمر العالمي كل الجهود والخبرات المتمكنة؛ وقد جعلت أمانة الهيئة من أهم اهتماماتها دعوة نخبة من أشهر العلماء العالميين في العلوم المختلفة لحضور هذا المؤتمر ليشهدوا في قاعات هذا المؤتمر العالمي صدق الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام؛ كما إن أمانة الهيئة تحرص حرصاً شديداً على أن تعطي لهذا المؤتمر العالمي زخماً إعلامياً عالمياً كبيراً للاستفادة القصوى من هذا الحدث الكبير لتوظيفه في لفت انتباه العالم إلى كنوز القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وما إن أعلنت الهيئة عن رغبتها في إقامة هذا المؤتمر العالمي ودعوتها الباحثين إلى كتابة أبحاثهم في المجالات التي أعلنت عنها وهي:
الفلك - علوم الأرض - علوم البحار - علم الأرصاد - الأجنة - علوم الحياة - علوم الطب - الإعجاز التشريعي.
وفق ضوابط البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة التي تسير عليها الهيئة حتى تتابعت الأبحاث فوصل خلال فترة وجيزة 220 بحثا أحيلت على اللجنة العلمية لدراستها وتقييمها وتقويمها فانقسمت إلى ثلاث فئات:
- بحوث مرفوضة.
- بحوث مقبولة بشروط لابد من استيفائها.
- بحوث مقبولة لعرضها في المؤتمر وعددها (73) بحثاً يشارك بها أصحابها من العالم الإسلامي من اندونيسيا حتى المغرب ومن أوربا وأمريكا (اندونيسيا، ماليزيا، الهند، الإمارات العربية المتحدة، اليمن، السعودية، العراق، الأردن، سوريا، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، لندن، الولايات المتحدة الأمريكية).
أهداف المؤتمر
وقد وضعت الهيئة أهدافا لهذا المؤتمر منها:
- الانتقال من خلال هذا المؤتمر من المحلية؛ وهي مرحلة (هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة) إلى العالمية؛ وهي مرحلة (الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة).
- إظهار روعة المنهج العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية.
- الاستفادة من الإعجاز العلمي في (حوار الحضارات).
- إبراز الطب النبوي كأحد أنواع الطب البديل التي بدأ العالم يتحول إليها بقوة.
- لفت أنظار مصانع الأدوية ومراكز الأبحاث التطبيقية إلى الاستفادة من الأبحاث التطبيقية للإعجاز العلمي والطب النبوي.
- لفت أنظار العالم الغربي (الجامعات ومراكز الأبحاث والشخصيات العلمية) إلى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
- إبراز دور المرأة العلمي في الإسلام وتكريمه لها ومساواته لها بالرجل في الحث على طلب العلم؛ حيث تشارك (10) من الباحثات في هذا المؤتمر بأبحاث نظرية وتطبيقية.
- التمهيد للمؤتمرات العالمية القادمة في العواصم الأوربية وفي أمريكا والعالم الشرقي.
- لفت أنظار وزارات التربية والتعليم والعلوم و التكنولوجيا في العالم الإسلامي ومراكز الأبحاث لهذه القضية
- بعث روح البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة لدى الباحثين المؤهلين.
- لفت أنظار المؤسسات الإعلامية ومؤسسات الإنتاج لقضية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وقد حرصت أمانة الهيئة على دعوة مجموعة من العلماء العالميين في مجالات العلوم العصرية المختلفة من أوروبا وأمريكا واستراليا واليابان ومن دول أخرى في جميع مؤتمراتها ليتحقق الهدف الأعلى المنشود من نشاط الهيئة العالمية للإعجاز العلمي وهو دعوة هؤلاء العلماء ليكونوا مستشارين للهيئة في تخصصاتهم العلمية.
وفيما يخص تلك البلدان التي تقام فيها مؤتمرات الإعجاز العالمية فإن الهيئة تهدف من خلالها إلى إيصال صوت الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وفتح آفاق التعاون البحثي مع العلماء في تلك البلدان والاهتمام بتأسيس فريق عمل علمي ليكون مصدر إشعاع لنشر قضية الإعجاز العلمي في تلك البلدان.
وستنقل بعض القنوات الفضائية المؤتمر كقناة المجد وقناة إقرأ كما سينقل حيا على شبكة الإنترنت إن شاء الله
روابط لأخبار المؤتمر من موقع هيئة الإعجاز العلمي
- حفل الإفتتاح ( http://www.aleijaz.net/haf.htm)
- جدول جلسات المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمدينة دبي ( http://www.aleijaz.net/jad.htm)
- أسماء المشاركين في المؤتمر ( http://www.aleijaz.net/as.htm)(/)
تأملات قرآنية في سورة الكهف (1)
ـ[عبد الله بن حميد الفلاسي]ــــــــ[11 Mar 2004, 03:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات قرآنية في سورة الكهف
الحلقة الأولى
بقلم
أبي عبد الله فتحي بن عبد الله الموصلى
التوحيد وأثره في الولاية الشرعية
يقول الله تعالى: ((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً)) [الكهف:13 - 15].
سياق الآيات يدلّ على شروع في تفصيل قصة الفتية أصحاب الكهف، وأن الله تعالى يقصّها على نبيهّ بالحق والصدق الذي ما فيه من شك ولا شبهة بوجه من الوجوه.
أي: لا تسأل عن خبرهم، نحن نقصّه عليك بالحق المطابق للواقع من كل وجه حتى تظهر لك مقاصده العلمية الموجبة لتحصيل الشرائع العملية.
((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ)):
((نَحْنُ)) تقديم الضمير المنفصل ضمير القاص مع ما فيه من التجبيل والتعظيم للإخبار عن المفرد بصيغة الجمع، وياله من قاص، وهو الله تعالى فلا بدّ من اليقين والتذكير والتثبيت.
((نَقُصُّ)) استحضار القصص إشارة إلى استمرارها والاتعاظ بها على مرّ الأزمان.
((عَلَيْكَ)) اهتماماً بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو حامل هذا الدين والمبلِّغ له، مع ما في التركيب من معنى الفوقية؛ إشارة إلى الاتعاظ بالقصة والعمل بفحواها وعدم الاستئناس بها فقط، ولهذا لم يقل (لك).
((نَبَأَهُم)) والنبأ فيه معنى الخبر جليل الشأن كما قال تعالى: ((عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)) وخبر هذه حاله موجب لشد الانتباه، ومن ثم التفكير فيه وتأمله، كل ذلك إشعار بأن مصادر التلقي هي من الوحي، فلا حاجة ألبتة للسؤال عن أخبارهم، فقد تولى الله تعالى الإخبار عنهم وحياً مطابقاً للواقع، فليس في قصصهم ولا قصص غيرهم زيادة ولا نقصان، وتلقيه صلى الله عليه وسلم قصص هؤلاء الفتية من الله تعالى موجب لتحصيل اليقين من قصصهم فيترتب على ذلك آثار عملية ودعوية فضلاً عن التذكير والتثبيت، يقول تعالى: ((وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)) [هود:120].
((إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)):
تصدير الآية بـ ((إِنَّ)) لتوكيد مضمون الآية، ومعلوم أن كلمة ((الفتية)) من جموع القلة – أي دون العشرة -: إشارة إلى أنهم قلة وهذا الوصف متعلّق بتحقيق الغربة والاغتراب، وهي غربة الحال والعقيدة والمنهج كما كانت هي غربة أوطان بالنسبة لهم.
والفتى: هو الشاب الحديث السنّ، وقد استعمل هذا اللفظ في باب المدح والذمّ بحسب السياق، فقد ورد في آيات أخر كما في قوله تعالى: ((سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)) [الأنبياء:60].
ووصف أصحاب الكهف بالفتوة وارد على سبيل المدح من وجهين:
الأول: إن هؤلاء الفتية لما آمنوا واستجابوا لمنادي الإيمان كانوا في سنّ الشباب والقوة فآثروا الإيمان على الكفر؛ فهم وجهوا فتوّتهم نحو تحصيل الإيمان والثبات عليه، وفي هذا المعنى يقول الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 66): "إنهم الفتية وهم الشباب أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً ... ".
الوجه الثاني: إن لفظ الفتى وإن كان مشعراً بالاستضعاف إلا أنه استضعاف محمود لا مذموم؛ فاستحقوا بموجبه شمولهم بالنصر والدفع عنهم، وهذه سنة كونية تجري لصالح الرسل والدعاة.
إيثار أصل الإيمان ثم السعي لتكميله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) والإيمان ها هنا ذكر مطلقاً دون قرنه بالعمل الصالح – وإن كان العمل داخلاً فيه دخول الشيء في مسماه – لإيثار الأصل الإيماني الذي هو التوحيد؛ أي بسبب أصل اهتدائهم إلى الإيمان، زادهم الله من الهدى الذي هو العلم النافع والعمل الصالح (1).
ذلك أن الإيمان وكما هو معلوم متضمن للمجمل والمفصل، فهم آمنوا بمجمله وأصله الذي هو التوحيد؛ فشكر الله تعالى إيمانهم فزادهم من مفصله الذي هو الهدى المتضمن للعلم النافع والعمل الصالح.
بين تحصيل الإيمان وزيادة الهدى:
إن فعل الإيمان نسب إليهم فهو صادر منهم تحصيلاً وسعياً لا إلهاماً وكشفاً. والذي معهم – ابتداءً – هو أصل الإيمان وهو التوحيد بقرينة إطلاقه وذكر الهدى المتضمن للعمل الصالح في سياقه؛ فالإيمان في الآية متوجه إلى التوحيد بقرينة السياق، فثمة عموم وخصوص بين الإيمان والهدى عند الجمع بينهم والإفراد، فإذا أفرد أحدهما بالذكر يكون متضمناً للآخر، والعكس صحيح، وثمة قرينة أخرى، وهي أن اسم الرب تعالى أضيف إليهم ((آمَنُوا بِرَبِّهِمْ))، وذكر الربوبية مع الإيمان هو من باب قرن الإلهية بالربوبية، كما هو المعتاد في السياقات القرآنية لمن تأمل.
وإضافة اسم الرب إليهم تشريفاً وتربية لهم، فقد خصّهم الله تعالى بتربيتهم على التوحيد.
أما بالنسبة لزيادة الهدى، فثمة فائدة أخرى، ذلكم أن المزاد عليهم من الله تعالى وارد في لفظ الهدى لا بلفظ الإيمان، فلم يقل الله تعالى زدناهم إيماناً بل ((وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)) مع أن ما عندهم هو من جنس الإيمان، والسبب في هذا التقديم والإيثار يرجع إلى:
أولاً: إنما المقصود تكميل الإيمان بمجمله ومفصله، بأصله وفروعه، بعلمه وعمله، بأساسه وبنيانه ... فالفتية لما آمنوا إيماناً مجملاً زادهم الله تعالى الإيمان المفصل الذي جاء ذكره في الآية بلفظ الهدى، لئلا يتوهم أحد أن الزيادة هي في جنس الأصل فقط، بل أن المزاد عليهم وإن كان من جنس ما عندهم لكن هو زائد على قدر ذلك في الإجمال والتفصيل.
ثانياً: وهم سعوا إلى سبيل الرشاد هداية واستجابة فزادهم الله تعالى ووفقهم إلى هداية أخرى أكمل وأتّم من الأولى فاجتمعت عندهم الهدايتان: هداية الإرشاد وهداية التوفيق.
ثالثاً: ولما كان غالب تعلق الهدى إنما يحصل بتكميل القوة العملية المتفرعة على تكميل القوة العلمية، كان إيثار الهدى في هذا السياق من باب تكميل وتهذيب القوة العملية، والاعتناء بالتزكية.
رابعاً: ولعل ثمة فائدة أخرى:
هؤلاء الفتية لما آثروا الإيمان على الكفر، والتوحيد على الشرك فقد جاهدوا في الله توحيداً وإيماناً، فلا بدّ من هدايتهم إلى أكمل سبل الهداية كما قال تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) فكل من يجاهد في الله توحيداً لا بدّ وأن يهدى إلى كل سبل الهداية لا إلى سبيل واحدة؛ أي إلى كل شرائع الإيمان وشبعه ولوازمه وثماره ...
وقرينة هذا التوجيه ظاهرة في تنكير الهدى في الآية، إذن هي للتعميم ولتعظيم النعمة المزادة عليهم وتفخيمها، فتأمّل.
تنبيهات:
1 - الآية دلت بمنطوقها على أن الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، يزيد بالأسباب الموجبة لزيادة الإيمان وسعي العباد لتحصيله، وينقص بتركها وعدم إرادة الانتفاع بها، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة.
2 - إن إيمان الفتية تحصل عندهم بطريقة الاستجابة إلى منادي الرسل وواعظ الإيمان في القلب، فضلاً عن حصوله بمقتضى العلوم الفطرية التي سلمها الله تعالى من التلوث بدفع المعارض لها، في حين ذهب البعض إلى أن إيمان هؤلاء حصل بمقتضى الإلهام (!)
وهذا خلاف معهود تحصيل الإيمان، إذ لو كان هو المقصود لنوّه السياق له من قريب أو بعيد وما تقدم من إيضاح كافٍ لرده.
أثر تجريد التوحيد على الأعمال القلبية:
هؤلاء الفتية الممدوحة صفتهم قد اجتمعت فيهم خصال تفرقت في غيرهم، فكانوا علماء بين قوم جهال، وكانو مؤمنين وسط قوم كفار، وكانوا موحِّدين وسط قوم مشركين، وهذه الحال والوصف من موجبه إعلان العداء لهم، فما كان منهم إلا الثبات.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبإيمانهم هذا آثروا محبة الله على محبة سواه، وآثروا الفرار إليه على مصاحبة الأصحاب والأهل والأحباب، فتحققت خصلة إيثار المحبوب في عمل القلب، فكرهوا الردة، وكرهوا ما كان عليه قومهم، لذا قال الله على لسان بعضهم: ((إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً)).
ومن كانت هذه خصاله ذاق حلاوة الإيمان؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان في قلبه: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" متفق عليه.
فهؤلاء الفتية لما وجدوا أثر حلاوة الإيمان قاموا لله في ذاته قومة التوحيد والدعوة إلى سبيله تعالى، والتعريف به رباً ومعبوداً، وبأسمائه وصفاته.
وفي هذا المعنى الدقيق يقول ابن القيم الجوزية في "المدارج" (3/ 67 - 68):
" فإن هؤلاء – أي الفتية – كانوا بين قومهم الكفار في خدمة ملكهم الكافر، فما هو إلا أن وجدوا حقيقة الإيمان والتوفيق وذاقوا حلاوته وباشر قلوبهم فقاموا من بين قومهم، وقالوا: ((رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً))، والربط على قلوبهم يتضمّن الشدّ عليها بالصبر والتثبيت وتقويتها وتأييدها بنور الإيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم ومفارقة ما كانوا فيه من خفض العيض وفرّوا بدينهم إلى الكهف.
((وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا)):
والربط على قلوبهم يتضمّن الشد عليها بالصبر والتثبيت وتقويتها وتأييدها بنور الإيمان وهو عكس الخذلان، فالخذلان حلّه من رباط التوفيق فيغفل عن ذكر ربه، ويتبع هواه، ويصير أمره فرطاً". ويقول الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" (4/ 29):
"أي ثبتنا قلوبهم وقويناها على الصبر، حتى لا يجزعوا ولا يخافوا من أن يصدعوا بالحق، ويصبروا على فراق الأهل والنعيم والفرار بالدين في غار في جبل لا أنيس به، ولا ماء ولا طعام.
ويفهم من هذه الآية الكريمة: أن من كان في طاعة ربه جل وعلا يقوى قلبه، ويثبته على تحمل الشدائد، والصبر الجميل".
و ((إِذْ)) هنا ظرفية والربط متعلق بوقت قومتهم؛ أي حين قاموا، وقد حصل بثمرة تحصيلهم للإيمان، فربط على قلب كل واحد منهم برباط التوفيق حتى يتصل بذكر ربه، ويتبع مرضاته، ويجتمع عليه شمله فلا يخذل، ذلكم أن أخذل الخذلان خذلان القلب، فلا يسلّم لحكم الله الشرعي والكوني تسليماً؛ فيبقى هذا القلب دائراً بين الشبهة والشهوة ومن كانت هذه حاله فهو فارغ القلب مخذول الحال لا يتمكن من النزول في منازل الصبر أو القيام في مقام الدعوة، وقلوب هؤلاء الفتية لم تكن فارغة من الإيمان أصلاً أو كمالاً لما ربط الله على قلوبهم، كما ربط الله تعالى على قلب أم موسى لما فرغ، يقول تعالى: ((وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) [القصص:10].
وليس بالضرورة أن يفرغ القلب من أصل الإيمان؛ لأن ذلك من قبيل الكفر، بل قد يفرغ من قبيل الإنابة والخشية والخوف والتصدع واليقين ما يوجب انتقاص إيمان العبد بحسبه.
الربط بالتأييد والنصر في مقام الدعوة:
قال القرطبي في "تفسيره" (10/ 365 - 366): ((إِذْ قَامُوا فَقَالُوا))؛ يحتمل ثلاث معان:
1 - أن يكون هذا وصف مقامهم بين يدي الملك الكافر.
2 - أنهم أولاد عظماء تلك المدينة فخرجوا وراء تلك المدينة ... فقاموا جميعاً فقالوا ...
3 - أن يعبر بالقيام عن انبعاثهم بالعزم إلى الهروب إلى الله تعالى ومنابذة الناس، كما تقول قام فلان إلى أمر كذا إذا عزم عليه بغاية الجد .. ".
والأقوال الثلاثة وإن كانت محتملة المعنى لكن المعنى الثالث أظهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أي نهضوا بهمة ونشاط وقصد وعزم لاتّباع المقصود ... فهم بهذا الوصف نزلوا في مقام الدعوة إلى الله تعالى وصارت حالاً لهم لا تنفك عنهم؛ فقولهم التوحيد، وعملهم التوحيد، وجهادهم التوحيد؛ فحققوه قولاً وعملاً ودعوةً وجهاداً ومقاماً وحالاً ... "وإذا تعلقت همة العبد في الله تعالى طلباً صادقاً خالصاً محضاًَ فتلك هي الهمة العالية، فمن كان كذلك فلا يقدر على التمهل بل تلزمه بطلب المقصود. وصاحب هذه الهمة سريع وصوله وظفره بمطلوبه ما لم تعقه العوائق، وتقطعه العلائق .. " (2).
فهؤلاء الفتية في قومتهم للصدق بالحق كانت همتهم عالية.
همة اتصلت بالله تعالى طلباً وقصداً.
وهمة اتصلت بخلقه دعوة ونصحاً، فوجدت مطلوبها ومقصودها بالإخلاص، وطلبها بالصدق، وطريقها بالمتابعة قال تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [فصلت:33].
تحقيق التوحيد قولاً وعملاً، والاستدلال على المطلوب بجنس استدلال الرسل
فقاموا قومة في ذات الله تعالى توحيداً، فشرعوا بادئ بدء بأجل مقصد من مقاصد الرسل الضرورية ألا وهو مقصد التعريف بالله ربّاً ومعبوداً وبأسمائه لتبنى على هذا المقصد مطالب الرسالة الأخرى.
شرعوا بالتعريف بالتوحيد مستدلين بجنس استدلال الرسل قالوا: ((رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) ولم يقولوا: (رب السماوات والأرض ربنا) وفي إيثار تقديم الرب مضافاً إليهم على تقدميه مضافاً إلى السماوات والأرض مع ما فيه من إظهار اعترافهم بأنهم مربوبون لله تعالى وإقرارهم بما في أنفسهم على ما حولهم من العوالم؛ فإنه يدل أيضاً على أنهم استدلوا بالله تعالى على معرفة الأشياء، لا بالأشياء والخلق على معرفة الله، وإن كان الثاني يتحصل به المطلوب، لكن استدلال الرسل هو الأكمل والأحكم، وبهذا قال تعالى في تقرير استدلالهم: ((قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) فالرسل صلوات الله عليهم استدلوا بالله تعالى على الأشياء وهذا استدلال تام، فكان استدلال أصحاب الكهف من جنس هذا الاستدلال بهذا، قال تعالى: ((إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)).
فكان إيمانهم توحيداً، وقومتهم توحيداً، وقولهم توحيداً، واستدلالهم إلى التوحيد فطرياً، فاستحقوا بموجب ذلك وصف الولاية الشرعية؛ لهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى في "المجموع" (17/ 22): "وقصة أهل الكهف أحسن قصص أولياء الله الذين كانوا في زمن الفترة " أ. هـ
وسيأتي – إن شاء الله تعالى – في الحلقة القادمة الكلام على المقصود من قومتهم، وتحقيق أن المراد بها توحيد الإلهية، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
للمراسلة: fathy-999@hotmail.com
* الهوامش:
1) "تيسير الكريم الرحمن (5/ 14).
2) من كلام ابن القيم في "المدراج" (3/ 3 - 4).
ـ[عبد الله بن حميد الفلاسي]ــــــــ[23 Mar 2004, 04:51 م]ـ
للرفع
ـ[طه ياسين ناصر الخطيب]ــــــــ[24 Mar 2004, 10:57 ص]ـ
الأخ الفاضل
جزاك الله تعالى ألف خير على هذه التأملات، وأود هنا أن أبين للأخوة أننا نتابغ بشغف ما يكتب، فهل أتطفل عليكم لأطلب مزيداً من العمق ـ مع ماتحويه تأملاتكم من عمق ـ
مثال ذلك، نوع الباء في (بالحق) ودلالتها، وسر التعبير بالحق، الذي يعني الصحة والقوة والثبات والإحكام.
وجزى الله الجميع خيراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Mar 2004, 03:18 م]ـ
أخي الكريم عبدالله بن حميد الفلاسي وفقه الله
جزاك الله خيراً على هذه التأملات الدقيقة العميقة، وأسأل الله أن يكتب لكم الأجر والثواب على ذلك، ونحن في انتظار الحلقة القادمة منها.
وأشكر أخي الكريم الدكتور طه الخطيب على تكرمه بمشاركتنا، ومتابعة ملتقى أهل التفسير، وأرجو منه التكرم بالمشاركة معنا بعلمه الغزير، فهو من المتخصصين في التفسير والدراسات القرآنية، ومن البحوث التي قرأتها له بحثه القيم: (قل هذه سبيلي .. ) تدبر وتحليل. في مجلة الأحمدية التي تصدر عن دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث في دبي. أرجو أن نرى بحوثكم وفقكم الله قريباً، ولا تحرمونا من تعقيباتكم ومداخلاتكم التي ستثري الموضوعات من غير شك. وفقكم الله جميعاً.(/)
هل من تفسير مسموع (مسجل) على أشرطة؟
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[11 Mar 2004, 07:18 م]ـ
هل من تفسير مسموع (مسجل) على أشرطة للقرءان الكريم؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[12 Mar 2004, 12:14 ص]ـ
تفسير الشيخ ابن عثيمين كله مسجل على أشرطة عند تسجيلات الاستقامة , وهو موجود على موقعه على الانترنت كذلك , كما أن الشنقيطي له تفسير مسجل ايضا.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[16 Mar 2004, 02:02 م]ـ
أخي الكريم: ناصر
لفضيلة الشيخ أبي بكر الجزائري .. المدرس بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة " حفظه الله " تفسير كامل للقرآن الكريم مسجل وموجود بالمكتبة الصوتية بالمسجد النبوي , ويمكن الحصول على نسخة منه بسهولة.
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[16 Mar 2004, 06:19 م]ـ
ما ذكره الإخوة انا على علم به ولكن ... هل تفسير الشنقيطي مكتمل؟
و شكر الله لكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2006, 12:09 م]ـ
هناك الآن مشروعات لتسجيل التفسير بطريقة جميلة على وسائط متعددة، بحيث تستمع إلى تفسير أي آية تريدها، بطريقة تقنية جميلة. وقد أدخلت عدد من التفاسير المهمة في المشروع نسال الله التوفيق للقائمين عليه. وفكرته في أن تستمع لتفسير أي آية تريدها من تفسير الطبري مثلاً أو ابن كثير أو القرطبي .. كما في الموسوعات الالكترونية المكتوبة، ولكن هنا بالصوت أيضاً.
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[01 Mar 2006, 11:29 م]ـ
http://share2net.com/?id=96092031
في هذا الرابط تحملون تفسيرا لشيخنا العالم المحدث الشيخ محمد المنتصر الكتاني
وهو بصوت الشيخ في دروسه التي كان يلقيها في الحرم المكي الشريف، هذا المقطع من بداية سورة الكهف ...
ـ[حامد بن يحيى]ــــــــ[02 Mar 2006, 05:12 م]ـ
الأخ ناصر بن عبدالله الدرعاني ليس عندي جواب عن سؤالك ولكن رأيت أن لا بأس في أن أضع هنا بعض الروابط التى بها ملفات صوتية في التفسير لبعض الشيوخ رحمهم الله تعالى و أحسن نزلهم. والله أسأل أن ينفع بذالك الجميع.
- تفسير العلامة بن عثيمين ( http://www.ibnothaimeen.com/all/eSound.shtml)
- خواطر الشيخ الشعراوي ( http://www.al-mostafa.info/alshaarawi.htm)
- تفسير العلامة محمد الآمين الشنقيطي هنا ( http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=83) وهنا ( http://islammessage.com/audio/a/shanqeeti.htm)
- مجموعة أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر جابر الجزائري ( http://www.islamway.com/temp/IW/index.php?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=37)
هذا ما تيسر لي جمعه و إتماما للفائدة فهذه مجموعة سلاسل خاصة بعلوم القرآن ( http://www.quranway.net/index.aspx?function=Category&id=48&lang=)
ملاحظة: بالنسبة للرابط الثانى لتفسير الشيخ الشنقيطي رحمه لم أتمكن من تنزيل الملفات منه فأرجوا أن يكون هذا وقتي.
ـ[محمود المومني]ــــــــ[04 Mar 2006, 07:07 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
لا يوجد على الأنترنت مكتبة صوتية أضخم من المكتبة الموجودة على هذا الموقع:
www.islamway.com
فيه تجد جميع قراءات القرآن الكريم وبالقراءات السبع.
كذلك تجد تفسير الشيخ أبو بكر الجزائري وابن عثيمين وغيرهم.
وفيه تجد خطباً منبرية ودعوية.(/)
كتاب (معاني القرآن) للفرّاء ـــ بهاء الدين الزهوري. باحث سوري.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[12 Mar 2004, 02:01 ص]ـ
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 91
مقدمة:
يعتبر كتاب (معاني القرآن) للفراء (1)، دراسة مكملة ـ من الناحية اللغوية ـ لكتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة، لأنه يبحث في التراكيب والإعراب، وكتاب (المجاز) في الغريب والمجاز، وكلتا الدراستين متعلقتان بالأسلوب، واختلفت دراسة الفراء هنا عن دراسة أبي عبيدة، وكان لهذا الخلاف أسبابه التي سنراها عما قليل. و كان الفراء (144 - 207) هـ من أعلم الكوفيين بالنحو واللغة.
واسم الكتاب (معاني القرآن) لم يكن أول اسم أطلق على كتاب في دراسات من هذا النوع، كما كان المجاز مثلاً. وقد اهتم كثير من النحويين واللغويين في القرون الثلاثة الأولى للهجرة بوضع كثير من الكتب تحت اسم (معاني القرآن)، ومن هؤلاء: الكسائي، والنضر بن شميل، وقطرب، والأخفش ... وغيرهم وأينما ذكر أصحاب التفسير أصحاب المعاني فإنما يقصدون هؤلاء.
تحليل الكتاب:
يبدأ الفراء بتفسير القرآن سورة سورة ـ بعد مقدمة قصيرة ـ بترتيب تنازلي بحيث يشرح ما في الآيات من الغريب والإعراب والقراءات شروحاً مختلفة، لغوية ونحوية وإخبارية وأدبية، وقد يبيّن أسباب النزول ثم يسند كلما وجد إلى السند سبيلاً.
ويرى أحد الباحثين أن الفراء أول من تناول تفسير القرآن بترتيب السور معتمداً على نص لابن النديم ليس قاطعاً (2)، إلا أن كتاب (المجاز) ينفي هذا الظن أو يشكك فيه.
منهج الكتاب:
بدأ بسورة الفاتحة، ثم البقرة ... وهكذا تنازلياً، ويتعرض لآيات كل سورة آية آية بالترتيب ـ ولم يقتصر على الغريب كما فعل أبو عبيدة شارحاً ومفسراً لغريب الألفاظ ويقف كلما استدعاه الأمر للوقوف، لقراءة في آية، يصححها، وينفيها أو يضعفها، ثم يفسرها تفسيراً نحوياً، ويوجه ما يحتاج منها إلى التوجيه النحوي أو اللغوي، ويأتي بالأمثلة والشواهد ثم يدرج المسألة جميعاً تحت قاعدة عامة.
ويتبع في تفسير الغريب قاعدة واحدة، هي التي اتبعها أبو عبيدة من قبل، تلك هي شرح الآية بالآية، ثم بالحديث إذا تسنى ذلك، ثم بالشاهد الشعري، أو المثل، أو الكلام الفصيح. وإذا تعرض لأسباب النزول فإنما يروي بالسند عن أئمة المفسرين من الصحابة والتابعين. ومثال ذلك من الكتاب: تفسيره للآية: (أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ((3) فيقول: (قرأها يحيى بن وثاب وأبو جعفر المدني): أليس الله بكاف عباده، على الجمع، وقرأها الناس: عبده، وذلك أن قريشاً قالت للنبي (ما تخاف أن تحملك آلهتنا لعيبك إياها، فأنزل الله تبارك وتعالى: (أليس الله بكافٍ عبده (محمداً (، فكيف يخوفونك من دونه؟. والذين قالوا عباده قالوا قد همت أمم الأنبياء بها وعددهم مثل هذا فقالوا لشعيب: (إِنْ نقُولُ إلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتنَا بِسُوءٍ ((4) فقال الله تبارك وتعالى: (أَليس الله بكافٍ
عبده (، أي محمداً والأنبياء قبله صلى الله عليهم وسلم، وكُلٌّ صواب.
ويهتم الفراء بالقراءات فيعرض لها في الآية مبيناً وجهة نظر كل قارئ مفسراً قراءته، وقد تتعدد القراءات وتتعدد آراء المفسرين، فيفاضل بين آرائهم مختاراً ما يراه قريباً من الصواب، ويرى أن النسق في الآية يوجب الترجيح لقراءة ما، أو التصحيح للفظ، مثل قوله في تفسير الآية: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ ((5) فيورد بعض الأقوال في تفسير الأشد ويتبعها بقوله: (والأول أشبه بالصواب لأن الأربعين أقرب إلى النسق إلى ثلاث وثلاثين منها إلى ثماني عشرة، ألا ترى أنك تقول: أخذت غالية المال أو كله، فيكون أحسن من أن تقول: أخذت أقل المال أو كله).
ويطرح ما لا يتفق وكلام العرب من القراءات، ولا يختلف مع التفسير، ومثال ذلك ما قال في الآية: (وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيْمٌ حَمِيْماً ((6) لا يقال لحميم أين حميمك، ولست أشتهي ذلك لأنه مخالف للتفسير، ولأن القرَّاء مجمعون على يَسْأل.
ويغلب النقل على الكتاب، والتفسير المأثور، وكثيراً ما يذكر في ختام كلامه عبارة: (وبذلك جاء التفسير) أو (وجاء في التفسير كذا) أو (وذكر المفسرون). هذا إذا لم ينص على صاحب التفسير أو يسنده إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وينقل عن أئمة المفسرين والصحابة، فينقل عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، والحسن البصري، وقتادة، والسدي، ومن الأخباريين عن ابن الكلبي وغيرهم، ولا يظهر اجتهاده ورأيه في شرح معاني الغريب، أو توضيح إعراب أو بيان إعلال أو إبدال، أو تغيير ما في اللفظ أو العبارة.
ويقلل من الشاهد الشعري، ولا يفسر به الآيات تفسيراً مباشراً، ولا يحتج على معنى الآية بمعنى البيت، لكنه يأتي بالبيت لتوضيح المعنى اللغوي القريب الذي لا شبهة وراءه، ولا يعني تزمته هذا جموداً، إذ إنه كثيراً ما يخرج على جماعة المفسرين واللغويين ويعتمد على رأيه الشخصي، الذي توصل إليه بمُدارسة كلام العرب، وسننهم وطرقهم في التعبير.
وقد يأخذ بظاهر اللفظ، فيفهم معنى الصورة البيانية في الآية فهماً مادياً ظاهرياً، قال في الآية: (ثم في سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ((7) ذُكر أنها تدخل في دبر الكافر فتخرج من رأسه، فذلك سلكه فيها (8)، وفي الآية: (تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ((9) تقول للكافر يا كافر يا منافق إليَّ، فتدعو كل واحد باسمه (10). ولا يرى الفراء أن الدعاء هنا مجازي بالنسبة لجهنم، وهو دعاء معنوي بلسان الحال لا بالقول واللسان.
ويغلب على الكتاب الطابع النحوي، وهذا طبيعي من إمام النحويين الكوفيين في عصره، وكثيراً ما نراه يقف، ليوضح الجانب النحوي، والإعراب، وينتهي إلى النظرية العامة، فيبين قواعدها وأصولها، وأدلتها وأسبابها ومسبباتها، جاء في تفسيره لقوله تعالى: (وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وجُوهُهُم مُسْوَدَّةٌ ((11): ترفع وجوههم ومسودة، لأن الفعل وقع على الذين وجاء بعد الذين اسم له فعل فرفعته بفعله وكان فيه معنى نصب، وكذلك فافعل لكل اسم أوقعت عليه الظن، والرأي، وما أشبههما، فارفع ما يأتي بعد الأسماء إذا كان فيها أفاعيلها بعدها، كقولك: رأيت عبد الله أمره مستقيم فإن قدمت الاستقامة نصبتها ورفعت الاسم فقلت رأيت عبد الله مستقيماً أمره، ولو نصبت أمره في المسألة الأولى على التكرير كان جائزاً فتقول: رأيت عبد الله أمره مستقيم.
وكما يوجه عنايته للنحو والإعراب، يعنى بالصرف وبناء الألفاظ، مثل قوله في الآية: (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ((12): (زجرَ بالشتم، وازدُجِرَ افتُعِلَ من زجَرْتُ، وإذا كان الحرف أوله زاي صارت تاء الافتعال فيه دالاً، فقس عليه ما ورد) (13).
ويحكم القاعدة الصرفية في تصحيح القراءات أو رفضها. يقول: حدثني مسلم بن أبي سارة قال: (كان جاري زهير الفرقي يقرأ: (متَّكئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسَانٍ ((14)، فالرفارف قد تكون صواباً، وأما العباقري فلا، لأن ألف الجمع لا يكون بعدها أربعة أحرف ولا ثلاثة (15).
تلك هي الاتجاهات اللغوية والنحوية الغالبة على الكتاب، ولا نعدم بينها أثراً لفهم أدبي لتعبير أو صورة بيانية (16).
بعض ما جاء في الكتاب من الدراسات البيانية:
1ـ الكناية:
ورد هذا التعبير في مواضع عديدة من الكتاب، وهو يدل عنده بصفة عامة، على المعنى المعروف في البلاغة، فيرى في الكناية ما رآه أبو عبيدة، وقرره ابن قتيبة والمبرد.
يفسر قوله تعالى: (سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ((17). الجلود هنا: ـ والله أعلم ـ الذكر، وهو مما كنى به الله عز وجل عنه، كما قال: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ ((18) والغائط: الصحراء، والمراد من ذلك أو قضى أحدكم حاجة، كما قال: (وَلَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرَّاً ((19)، يريد النكاح.
والكناية عنده ـ أيضاً ـ بمعنى الستر، أو الإخفاء عامة، فهي إخفاء معنى كما في الأمثلة السابقة، أو إخفاء لفظ أو استبدال غيره به، كما أخفى القول وجيء مكانه بالكتاب في قوله تعالى: (كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيْ ((20) فالكتاب يجري مجرى القول. وقد يختفي اللفظ ويبدل به ضمير مثلما في قوله: (وَالنَّهارِ إِذَا جَلاَّهَا ((21)، جلّى الظلمة، مجاز الكناية عن الظلمة ولم تذكر لأن معناها معروف.
2ـ التشبيه والمثل:
وهذان اللفظان أيضاً من أول الاصطلاحات التي بدأت تظهر في الدراسات القرآنية دالة على صور بيانية، لكنها ما تزال عند الفراء ـ كما كانت عند أبي عبيدة ـ تطلق في حدود المعنى اللغوي، وإن كانت تشير إلى المعنى البلاغي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثال ذلك: قوله تعالى: (فَإِذَا انشقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ((22)، أراد بالوردة الغَرْسَ، والوردة تكون في الربيع إلى الصفرة أميل، فإذا اشتد البرد كانت وردية حمراء، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة أميل، فشبه تكون السماء بتكون الوردة، وشبهت الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، ويقال إن الدهان هو الأديم الأحمر (23).
وتعتبر هذه المحاولة في فهم التشبيه جديدة، وخطوة متقدمة عن فهم أبي عبيدة له، وهو الذي لم يشر إلى التشبيه غير إشارات عابرة باعتباره مجازاً ولم يفصل فيه تفصيل الفراء عن فهم ودراية.
3ـ المجاز:
يتكلم الفراء على المجاز بالمعنى اللغوي الذي رأيناه بوجه عام في مجاز القرآن، وقد يتطرق إلى المجاز المعنوي أو إجازته، فيقول في الآية: (فسنيسره للعسرى (فهل في العسرى تيسير؟ فيقال في هذا: إجازته بمنزلة قوله تبارك وتعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيْمٍ ((24)، والبشارة في الأصل للمفرح والسارّ، فإذا جمعت في كلامين. هذا خير وهذا شر، جاز التيسير فيهما جميعاً.
4ـ الاستعارة:
ولم ينص عليها كتابة هنا، كما لم ينص عليها أبو عبيدة من قبل، ولم يستعملها الجاحظ كذلك في دلالتها الدقيقة، وكان يستعمل معها كلمة تمثيل أو بدل ولو أنها قد تجيء في بعض النصوص عنده دالة على الاصطلاح البلاغي أو قريب منه. وأفرد لها ابن قتيبة باباً في (تأويل مشكل القرآن) وهذا كله يدل أن استعمال تعبير "استعارة" لم يكن يطلق على المعنى البلاغي المفهوم، إلا بعد مرحلة أبي عبيدة والفراء على الأرجح، أي بعد مطلع القرن الثالث بربع قرن تقريباً، وقد شاع استعمال هذا التعبير بعد ذلك (25).
وكثيراً ما يتعرض الفراء لمواطن الاستعارة في القرآن، ولكنه لم ينص عليها، وأوضح مثال لذلك حين تعرض لقوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ((26)، القرَّاء مجمعون على ضمّ الياء، حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال وحدثني ... عن ابن عباس أنه قرأ: يوم تكشف عن ساق. يريد يوم القيامة والساعة لشدتها، قال وحدثني بعض العرب لجد طرفة:
كَشَفَتْ لَهُمْ عن سَاقِهَا * ـ * ـ * وبَدا مِنَ الشَّرِّ البُراحِ
وتنبه الفراء إلى أن الصورة البيانية هنا تعبر عن الشدة، ولم يسم الصورة بالاستعارة، ولم يشأ الفراء في هذا الموقف أن ينفرد بالتفسير بل روى عن ابن عباس، لكي لا يقع في التشبيه فيقع في الحرج.
ويتعرض الفراء بعد ذلك لأبحاث متنوعة في الأسلوب، فيتكلم على الاستفهام وخروجه أحياناً إلى معان أخرى كالتوبيخ، والانتقال من مخاطبة الشاهد إلى الغائب، والتقديم، والتأخير، وغير ذلك.
ويطرق الفراء أبواب أبحاث لغوية عامة، تتصل بمعاني الألفاظ وليست بالإعراب وحده. من ذلك كلامه على التكرار، وما يقصد به في القرآن من التخويف، مثل ما في قوله تعالى: (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ((27)، الكلمة قد يكررها العرب على التغليظ والتخويف وهذا من ذلك، وقوله عز وجل: (لَتَروُنَّ الجَحِيْمَ، ثُمَّ لَتَروُنَّها عَيْنَ اليَقِيْنِ ((28)، مكررين من التغليظ أيضاً.
ومن لطائف أسلوب القرآن التي يذكرها الفراء: أسماء العذاب والقيامة، يقول عز وجل: (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ((29)، والفاقرة: الداهية، وقد جاءت ألفاظ القيامة والعذاب بمعاني الدواهي وأسمائها. وهذه التفاتة طريفة من الفراء، لتنبهه إلى ما لهذا الاستعمال القرآني من اثر في نفوس العرب، إذ يثير بهذه الألفاظ استدعاءات وجدانية تروع الناس وتخوفهم، لأنهم اعتادوا أن يقرنوا بين هذه الألفاظ وبين مدلولاتها من الدواهي، وجاءت في القرآن تؤدي دورها في إثارة معاني الفزع والخوف، وتعويد النفوس رهبة يوم القيامة لتبتعد عن المعاصي وتترك الذنوب.
نظم القرآن ووزنه:
لم ينتبه أبو عبيدة للناحية الموسيقية في نظم القرآن والتوقيع الرتيب فيه، مما جعل له نفعاً معيناً، وأثراً موسيقياً فعالاً في النفوس، ولا ينفي هذا التجاهل من أبي عبيدة إدراك الناس على عهده لهذه الخاصة، ومراعاتهم لرصف الكلام في وحدات صوتية تتبع نظاماً رتيباً يساير وقعه المعنى العام في السورة القصيرة، أو مجموعة بعينها من الآيات (30).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقديماً تنبه العرب إلى وزن القرآن، فقارنوه بوزن الشعر، وإيقاع سجع الكهان ولكن هذه الملاحظات سكتت لسبب أو لآخر. ولعل هذا السكوت عن البحث في نظم القرآن من هذه الناحية يرجع إلى انصراف الناس إلى المعاني وما تحمل من تشريع وعقيدة، وهو جل اهتمامهم في ذلك الوقت.
ومهما يكن من شيء فالجديد في كتاب الفراء والجدير بالاهتمام، أنه لاحظ هذا النسق الصوتي، وحاول أن يتتبعه. ونراه في ملاحظاته التي أوردها مدركاً تماماً لوزن القرآن، ومدركاً الغاية التي عمد إليها في التزام وزن بعينه، وهو الترابط بين الكلمات وانسجام النغم، وتوافق الفواصل في آخر الآيات. وإذ تسترعي النباهة هذه الظاهرة، يحاول أن يضبطها بما عرف عند العرب من أوزان الشعر.
ويقول: حدثني مندل عن مجاهد عن ابن عباس أنه قرأ ناخرة، وقرأ أهل المدينة نخرة، وناخرة أجود الوجهين في القراءة لأن الآيات بالألف، ألا ترى أن ناخرة، والحافرة والساهرة أشبه بمجيء التنزيل، والناخرة والنخرة سواء في المعنى بمنزلة الطامع والطمع، والباخل والبخل.
فالكلمتان عنده مستويتان في المعنى، والنظم القرآني يختار ما يتفق والمقاطع أو الفواصل ـ رؤوس الآيات ـ وينسجم مع النسق الموسيقي العام في آيات السورة، فإذا كانت الفواصل كلها بالألف فإن القراءة الأصح لناخرة بالألف لأنها أشبه بمجيء التنزيل، كما يقول: لموافقة هذه القراءة الأخيرة لرؤوس الآيات في السورة.
وتارة يسمي هذا التوافق الصوتي، استقامة في القراءة، فيقول: وقوله عز وجل: (واللهُ أَعْلَمُ بما يُوعُونَ ((31). الإيعاء ما يجمعون في صدورهم من التكذيب والإثم والوعي. لو قيل (والله أعلم بما يَعُون) لكان صواباً، ولكنه لا يستقيم في القراءة. أي لا يستقيم مع ما قبله من الآيات: (فَمَا لَهم لا يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهمُ القُرآنُ لاَ يَسْجُدُونَ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِِّبُونَ، واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ((32)، ولعل الفراء يقصد أن لفظ يعون لا يستقيم مع رؤوس الآيات الأخرى لأنه مفتوح الأول دون غيره المضموم الأول: يُؤمنون، يُكذِّبون، يُوعون. ثم لعله يشير إلى الوزن الموسيقي للكلمة، فهو في (يوعون) أكثر اتفاقاً منه في (يعون)، لأن (يعون) ينقصها حرف ساكن، وكل من الفواصل الأخرى مكون من ستة حروف. والضم في هذه الآيات هو النغمة السائدة ـ أو المفتاح الموسيقي ـ لها.
والنظم القرآني حريص على هذا التوافق، فقد يعدل من لفظ إلى آخر بل من صيغة إلى أخرى، وقد يجيز حذف أواخر الكلمات موافقة لرؤوس الآيات مع موافقة ذلك لكلام العرب، مثل قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ((33) ذكروا أنها ليلة المزدلفة، وقد قرأ القرَّاء يسري ـ بإثبات الياء ـ ويسر ـ بحذفها ـ وحذفها أحب لمشاكلتها لرؤوس الآيات، ولأن العرب قد تحذف الياء وتكتفي بكسر ما قبلها منها.
وهكذا وضع الفراء أمامنا قواعد عامة للتغيرات التي يمكن أن تطرأ على الكلمات، والتي قد يعمد إليها القرآن أحياناً للتوافق الموسيقي في نظمه (34).
وصلة تلك التغيرات بما يطرأ على القافية من الشعر لإقامة الوزن، ولا يفتأ الفراء يشير إلى أن القرآن في عدوله عن لفظ إلى آخر، أو تعديله للألفاظ، لا يخرج عن أساليب العرب، وفنون القول عندهم، وخاصة في الشعر وهو الكلام الموزون، الذي يشابه ما في نظمه من توافق وانسجام ما يراعيه أسلوب القرآن.
الهوامش
(1) الفراء (144 - 207هـ- 761 - 822م) أبو زكريا يحيى بن زياد، تلميذ الكسائي، من أعلم الكوفيين بالنحو واللغة وأخبار العرب. له (معاني القرآن) و (المنقوص والممدود).
(2) راجع في ذلك رأي أحمد أمين في ضحى الإسلام: 2/ 141.
(3) [الزمر: 39/ 36]
(4) [هود: 11/ 54].
(5) [الأحقاف: 4/ 15].
(6) [المعارج: 70/ 10].
(7) [الحاقة: 69/ 32].
(8) الفراء: معاني القرآن. تحقيق: محمد علي النجار، القاهرة 1955 - 1972م، ص103.
(9) [المعارج: 70/ 17].
(10) معاني القرآن: ص105.
(11) [الزمر: 39/ 60].
(12) [القمر: 54/ 9].
(13) معاني القرآن: ص64.
(14) [الرحمن: 55/ 76].
(15) معاني القرآن: ص73.
(16) د. محمد زغلول سلام: أثر القرآن في تطور النقد العربي. دار المعارف بمصر ط (2) 1961م، ص54.
(17) [فصلت: 41/ 20].
(18) [النساء: 4/ 13].
(19) [البقرة: 2/ 235].
(20) [المجادلة: 58/ 21].
(21) [الشمس: 91/ 3].
(22) [الرحمن: 55/ 37].
(23) معاني القرآن: ص170.
(24) [التوبة: 9/ 3].
(25) أثر القرآن في تطور النقد العربي، ص58.
(26) [القلم: 68/ 42].
(27) [التكاثر: 102/ 3 - 4].
(28) [التكاثر: 1/ 6 - 7].
(29) [القيامة: 75/ 25].
(30) أثر القرآن في تطور النقد العربي، ص12.
(31) [الانشقاق: 84/ 23].
(32) [الانشقاق: 84/ 20 - 23].
(33) [الفجر: 89/ 4].
(34) أثر القرآن في تطور النقد العربي، ص65.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Mar 2004, 08:59 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل القيم، ويا حبذا لو زدتنا وفقك الله لكل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[13 Mar 2004, 02:10 ص]ـ
وإياك اخي الفاضل.(/)
تفسير الشيخ أبي الأعلى المودودي
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[12 Mar 2004, 01:54 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين.
أود أن أشارك الإخوة "أهل التفسير" في كتابة مقالات تخصص التفسير والمفسرين. وأحمد الله سبحانه على أن هدانا للإسلام وما كنا نهتدي لو لا أن هدانا الله.
أقول: ينبغي لطالب العلم أن يكون مطلعاً على كل جديد في تخصصه، ليكون مستمراً في ركب التطور العلمي ولا يقتصر على القديم، ولا شك أن القديم هو الأصل يبني عليه كل جديد، فينبغي الأخذ بالوسطية فلا يقتصر على أحد الوجهين.
ومشاركتي هذه المرة: رؤية عن تفسير الشيخ ابي الأعلى المودودي المسمى بـ "تفهيم القرآن الكريم". وسوف أرسلها خلال الأسبوع.
أبو عمار
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Mar 2004, 04:44 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا عمار ونحن سننتظر هذه المقالات وفقك الله. وإن كنت ترغب نشرها في قسم المقالات فأرسلها على بريد الموقع info@tafsir.org(/)
القراءات وبعض ثمارها .....
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[13 Mar 2004, 12:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قد يستهين البعض بعلم القراءات عللى أنه علم يقتصر نفعه على التلاوة فقط ولا يتعدى إلى المقاصد والمعاني. أقول: هذا قول من لا يعرف شيئاً بعلم القراءات. فإن أكبر رد على هذا هو اهتمام السلف الأول بهذا العلم. وأعتبر أن أكبر فوائد وثمار هذا العلم هو الحفاظ على تواتر القرآن، فإن القراءات العشر الثابتة في هذا العصر هي كلها متواترة لا مجال للشك فيها. فكيف يريد الواحد منا أن تكون القراءة متواترة ولم يشتغل فيها أحد فينا. إن هذا لعجاب.
ومن ثمارها وفوائدها: معرفة إعجاز القرآن، فوجوه الإعجاز لا تقتصر على الإعجاز اللغوي فقط بل تعدت إلى أوجه القاءة أيضاً فلا يمكن أن ترى كتاباً اشتمل على عدة أوجه في المعاني والقراءات ولم تجد فيه أي تناقض أو تضارب بينها. (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
هذا ما عندي في هذه العجالة .... وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
من قواعد التفسير (1)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Mar 2004, 02:49 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اطلعت على ما كتبه الأستاذ الفاضل: خالد الباتلي، حفظه الله من دعوة لجمع قواعد التفسير، والمشاركة في هذا الموضوع، وبداية أشكر أخي خالد على هذه الفكرة، وأشاركه الرأي في أهمية هذا الموضوع، وقد كانت تعن في ذهني منذ زمن، فلما رأيته كتب نشطت في ذلك.
=================
القاعدة الأولى (1)
عموم النص الوارد ابتداء من غير سبب، أولى بالتقديم من عموم النص الوارد على سبب خاص.
شرح القاعدة:
حينما يرد نصان ظاهرهما التعارض، وكلاهما قد وردا بصيغة العموم؛ فإن النص الوارد ابتداء يبقى على عمومه ويكون مخصصاً لعموم النص الوارد على سبب خاص.
مثال ذلك:
قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الاَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الاَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – وحوله عصابة من أصحابه -: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ؛ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك»
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (18)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الحدود، حديث (1807)
ظاهر الآية الكريمة أن إقامة الحد على المحاربين لا تسقط عنهم العقوبة في الآخرة؛ وذلك لقوله {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وأما الحديث ففيه أن من أقيم عليه الحد فهو كفارة له، ويلزم منه سقوط العقوبة في الآخرة، وهذا يوهم الاختلاف والتناقض بين الآية والحديث.
والأظهر - والله تعالى أعلم – أن آية الحرابة عامة في المسلمين وغيرهم، إلا أن وعيد الآخرة المذكور فيها خاص فيمن نزلت فيهم الآية، وهم العرنيون الذين سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إسلامهم، وحاربوا الله ورسوله، فكان جزاؤهم أن لهم خزي في الدنيا - وهو ما نفذ فيهم من التقطيع والقتل - ولهم في الآخرة عذاب عظيم؛ بسبب أنهم قُتِلوا وهم مرتدين.
وأما أهل الحرابة من المسلمين فإنهم غير داخلين في هذا الوعيد، أعني قوله تعالى {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وذلك لحديث عبادة رضي الله عنه، في أن من أقيم عليه الحد من المسلمين فهو كفارة له.
وحديث عبادة مخصص لعموم الآية في وعيد الآخرة فقط، وأما باقي الآية فهي على عمومها.
قال الحافظ ابن كثير: «والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات». يعني في إقامة الحد عليهم.
وإنما قلنا حديث عبادة مخصص لعموم الآية؛ لأنه ورد ابتداء من غير سبب، فيكون عمومه أقوى، وأما الآية فإنها نزلت على سبب خاص فيكون حكمها مقصورا على السبب، ويعمم فيما لم يرد به نص.
ومثال آخر:
كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23].
و قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]
ـ[د. حسين بن علي الحربي]ــــــــ[13 Mar 2004, 10:26 م]ـ
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين وبعد،
فلقد اطلعت على ما نادى به الأخ خالد الباتلي، وكذا اطلعت على ماكتبه الأخ أحمد القصير في الموضوع
فوجدت فكرة المشروع في حد ذاتها ممتازة، والموضوع خصب للغاية، ويستحق الاهتمام، وقولي هذا من واقع خبرة بالموضوع لسنوات عديدة.
لكني لا أرى الآلية التي اقترحها الأخ خالد أو المسلك الذي طرح به الأخ أحمد؛ لأن سرد الخواطر، أوتسجيل المعلومات من خلال القراءات العابرة يجمع لنا جملة من القواعد ولايحقق عمل موسوعي كما نادى به مقترح الموضوع، بل تبقى كثير من القواعد تند عن الجمع بهذه الآلية.
ومن وجهة نظري أن العمل الموسوعي في هذا الموضوع لايتحقق إلا إذا التزم فريق عمل باستقراء كتب التفسير استقراء كاملا وتستخرج القواعد وأمثلتها، كأن يلتزم أحد طلبة العلم باستقراء تفسير ابن جرير وآخر بتفسير ابن كثير وهكذا بقية كتب التفسير، مع ضرورة التزام الدقة في الاستقراء لكيلا يضطرب أداء العمل في البحث ويتفاوت من باحث لآخر.
مع اقتراحي على المشرفين على الموقع في حالة نجاح الفكرة وتوزع هذه المهام من قبل الباحثين، واجتماع المادة العلمية بأن تشكل لجنة علمية من ذوي الاختصاص لدراسة هذه المادة وفهرستها وتوثيقها، هذه وجهة نظر قابلة للتحسين.
مع تمنياتي للجميع بااتوفيق والتسديد، أخوكم: حسين الحربي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Mar 2004, 11:34 م]ـ
أخي الكريم حسين الحربي
مرحبًا بكم في ملتقاكم
أود أن تشارك في سؤال سبق أن طرحه الأخ أبو مجاهد، وهو في تخصصكم في رسالة الماجستير الرائعة والموفقة (قواعد الترجيح عند المفسرين)
وفحوى السؤال: هل تسمى هذه المسائل التي بحثتموها قواعد الترجيح أو تسمى قرائن الترجيح، أو أن بعضها يصلح ان يكون قواعد ترجيح، وبعضها قرائن ترجيح، فأرجو أن تفيدوا من خلال معاشرتكم لهذا الموضوع، ولكم جزيل الشكر
محبكم: أبو عبد الملك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2004, 12:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع الذي أشار إليه الشيخ أبو عبدالملك سبق طرحه بعنوان
مدارسة حول قواعد الترجيح ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=909&highlight=%DE%E6%C7%DA%CF+%C7%E1%CA%D1%CC%ED%CD)
ونجدد الترحيب بكل ضيف حل على هذا الملتقى من مشايخنا الكرام.
وحبذا لو طرح الشيخ حسين أفكاره حول الخطة المقترحة لجمع قواعد التفسير، وكذلك بقية الإخوة، ولعل نواة عمل موسوعة في قواعد التفسير تنطلق من هذا الموقع.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[14 Mar 2004, 01:15 ص]ـ
مرحبا بك أخي الكريم د / حسين الحربي، ونرحب بك في هذا الملتقى المبارك.
وأما بخصوص موضوع قواعد التفسير فإني اعتقد أن لكم قدم السبق في هذا المضمار، فقد قرأت رسالتك المعنونة بقواعد الترجيح، وأنا من المعجبين بها، وقرأتها أكثر من مرة، فجزيت خيرا على هذا الجهد الكبير.
وأما المنهجية التي اقترحتها فهي جيدة لكن آلية تنفيذها قد يكون فيها صعوبة خصوصا وأن الأخوة كل منهمك في بحوثه الخاصة، أضف إلى هذا أن هذه المنهجية تتفاوت الأنظار في فهمها واستيعابها، وينتج عن ذلك تفاوت النتائج، وأنا لا أقلل من أهمية الفكرة فلو انبرى لها أحد فسيكون لها شأن.
لذا فلعل الخواطر توصل إلى نتائج نستفيد منها، وما لا يدرك جله لا يترك كله، والله المستعان.
ـ[د. حسين بن علي الحربي]ــــــــ[14 Mar 2004, 08:04 م]ـ
أخي الكريم د. مساعد الطيار وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سعدت بتصفح هذا الملتقى كثيرا، وخاصة (الملتقى العلمي) الذي تشرفون عليه مع آخرين
وأعود لماذكرته حول سؤال أبي مجاهد حول قواعد الترجيح
إن الفرق بين القواعد والقرائن واضح وكبير، فلايمكن أن يلتبس الأمر بهذه السهولة
فالقاعده حكمها كلّي ينطبق على جزئيات كثيرة.
أو قلْ: حكم أغلبي ينطبق على أغلب الجزئيات.
وليست القرائن كذلك؛ إذ هي تؤخذ من سابق الكلام أو لاحقه الدال على المقصود.
والقواعد المذكورة في بحث (قواعد الترجيح عند المفسرين) أحكامها كلية على جزئيات كثيرة.
مع تمنياتي لكم بالتوفيق ............... أخوكم المحب: حسين الحربي
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Mar 2004, 10:30 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
فالحقيقة أن ما اقترحه الشيخ خالد الباتلي موضوع مهم ومفيد لكل دارس للتفسير ..
ونشكر الأخ الكريم أحمد القصير على مبادرته في الموضوع ..
لكن ما أحببت المشاركة فيه على عجل هو تمييز قواعد التفسير عن غيرها من القواعد:
وحيث إن المراد جمعه هو قواعد التفسير: فينبغي أن يقتصر على القواعد التي تعين المفسر على التفسير ويصح نسبتها للتفسير دون غيره من العلوم ..
ولو لم نلتزم بذلك فإن معنى ذلك أن نذكر كل ما نجد من القواعد الأصولية واللغوية وغيرها ..
وهذا أمر يطول وقد كفيناه في مؤلفات كثيرة لأصول الفقه وقواعده وقواعد اللغة وغيرها ..
لذا أرجو تحرير معنى قواعد التفسير هل يدخل فيها قواعد أصول الفقه واللغة ..
وقد يعترض على ذلك بأن التفسير يتطلب معرفة قواعد الأصول واللغة، فهذا صحيح لكن لا يمكن القول بأن قواعد أصول الفقه واللغة هي قواعد تفسير ..
يمكن للمفسر أن يستخدم قواعد أصول الفقه في معرفة الأحكام التي انطوت عليها الآية وكيفية استخراج الأحكام من النصوص وكذلك قواعد اللغة في معرفة دلالات الألفاظ من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وغير ذلك ..
لكن السؤال المهم: ما هي القواعد الخاصة بالمفسر والتي يحتاجها لبين كلام الله تعالى وشرحه.
وهذا يتطلب الاتفاق على معنى التفسير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذكر الدكتور مساعد الطيار وفقه الله رأيه في مفهوم التفسير وغيره بأنه بيان المعنى.
فإذا كان كذلك فهل يقال أن كل القواعد الأصولية واللغوية والبلاغية يحتاجها المفسر في بيان معنى كلام الله ..
وهل مقصود المفسر هو عينه مقصود الفقيه والأصولي واللغوي عند الكلام على الآية ..
أرى أننا بحاجة لتمييز القواعد التي تدخل تحت قواعد التفسير نظرياً قبل أن نذكر كل ما وجدناه من قواعد ..
وعلى كل حال فكرة مباركة ..
وأرجو من الله التوفيق والسداد ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2004, 11:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ حسين الحربي وفقك الله
لا شك أن الفرق بين القواعد والقرائن واضح، والإشكال ليس حول هذه القضية؛ وإنما كان الاستفسار يدور حول بعض ما يعدُ من قواعد الترجيح وهو في الحقيقة قد لا ينطبق عليه التعريف الذي ذكرتموه للقاعدة.
فمثلاً: ذكرتم في كتابكم المشار إليه قاعدة: اتحاد معنى القراءتين أولى من اختلافه 1/ 100 - 103، والأمثلة عليها فيها نظر، ولو قيل بخلافها لكان أولى - أي تنويع معنى القراءتين أولى من اتحاده إذا كانت جميع المعاني صحيحة -، وهو المناسب لتكثير المعاني، وهو الموافق للقاعدة الأخرى: القول بالتأسيس مقدم على القول بالتأكيد.
وأيضاً؛ القواعد التي ذكرتموها في مبحث: قواعد الترجيح المتعلقة بالقرائن لا ينطبق عليها كلها ضابط القرينة الذي ذكرتموه آنفاً؛ فقاعدة: كل قول طعن في عصمة النبوة ومقام الرسالة فهو مردود؛ ما وجه إدخالها في قواعد القرائن. وكذلك القاعد التي قبلها 1/ 297.
والحاصل: أن ضبط القاعدة يحتاج إلى تأن ونظر، فليس كل ما ذكر على أنه قاعدة قاعدة بالمفهوم الدقيق.
مثل: قاعدة: القول بالاستقلال مقدم على القول بالحذف؛ ليست على إطلاقها، فقد يكون حمل الكلام على تقدير محذوف أولى، والمرجع في ذلك هو المعنى فينبغي عند تعارض المرجحات المرتبطة باللفظ مع المرجحات المرتبطة بالمعنى أن تقدم الأخيرة؛ لأن مراعاة المعنى أهم من مراعاة اللفظ
وعلى كل؛ هي وجهات نظر قد تتباين، والمسألة لا تعدو أن تكون اجتهادات تحتمل الخطأ والصواب.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[15 Mar 2004, 02:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فأشكر الجميع على مشاركتهم وتجاوبهم - وسرني أن يكونوا من صفوة الملتقى -، ويبدو أن الجميع متفق على أهمية الفكرة، ومسيس الحاجة إليها، وأرجو أن تتركز الجهود حول هذا المقترح ليتحقق المراد إن شاء الله.
وقبل البدء بمباشرة الجمع أقترح أن نتفق على منهجية للعمل، فما ذكره فضيلة الدكتور حسين الحربي؛ جيد ورائع، لكن دون تطبيقه فعلا خرط القتاد، وأرى أن الأمر كما ذكره أخي الشيخ أحمد القصير.
وحول ماأشار إليه الشيخ فهد الوهبي فإن كثيرا من القواعد الأصولية واللغوية تفيد في بيان معنى القرآن دون شك، ولايمكن الفصل الدقيق بين هذه العلوم لترابطها وتقاطعها في مساحات كبيرة، فنحن محتاجون إلى ذكر القواعد الأصولية واللغوية وغيرهما التي نستفيد منها في تفسير القرآن وبيان معناه.
فالحاصل: أني أتمنى من جميع الإخوة أن يطرحوا أفكارهم حول منهج الجمع وآلية العمل، ليتم البدء في ذلك فعلا، وأرجو أن يكون ذلك على شكل نقاط، وأن تكون هذه النقاط ممكنة التطبيق.
وأكرر مع أخي أبي مجاهد قوله: "ولعل نواة عمل موسوعة في قواعد التفسير تنطلق من هذا الموقع ".
وأبدأ بهذا المقترح حول المنهج:
- الأصل ذكر القاعدة وجمع الأمثلة عليها، دون شرح أو تعليق لعدم الإطالة، إلا في حال الضرورة.
- حول ترتيب القواعد هل ترون الطريقة الأولى أم الثانية التي ذكرتها في أصل المقال؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 02:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يرفع لإعادة النظر
وأرى أن يقيد كل عضو ما يمر عليه من القواعد ابتداءاً، ثم يعاد النظر في ترتيبها وتصنيفها بعد مدة.
المهم الاستمرار في الجمع، وكون ما يذكر قاعدة صحيحة لها أمثلة واضحة.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والرشاد.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Mar 2004, 04:30 م]ـ
ما بال الأخوة توقفت مشاركاتهم؟
آمل أن لا تكون المداخلات وما وضع فيها من شروط وقيود قد حالت دون أصل الفكرة.
ـ[الباحث7]ــــــــ[21 May 2005, 07:57 م]ـ
أرجو أن يفعّل هذا الموضوع، ويتفق على آلية معينة لدارسة قواعد التفسير؛ لأن الموضوع جدير بالعناية
ـ[يسرى خلف]ــــــــ[05 Jun 2006, 07:47 ص]ـ
فكرة جيدة، أرجوا أن تؤخذ بجديه وأن يتولى أحد الأساتذة الإشراف عليها حتى لا يكون سيرها عشوائيا، وحتى تستمر أيضا.
بارك الله في جهودكم(/)
تصور منهج لتفسير شامل معاصر
ـ[القميحي]ــــــــ[13 Mar 2004, 05:50 م]ـ
هل بالاماكن تصور لتفسير شامل يزاوج خلاله بين الأصالة والمعاصرة؟(/)
هل يوجد فهرس شامل لإصدارات التفسير؟
ـ[القميحي]ــــــــ[13 Mar 2004, 06:41 م]ـ
إخواني
هل يعرف أحد منكم موقعا ينشر فهرسا شاملا لكتب التفسير وأبحاث علوم القرآن؟
أرجو الإفادة
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 Mar 2004, 09:33 م]ـ
على هذا الرابط سرد لأسماء معظم كتب التفسير المطبوعة
http://tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=107(/)
سؤال حول الميم المخفاة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Mar 2004, 01:15 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،
ففي بعض صفحات ملتقى أهل الحديث المبارك قال الأخ (أبو تيمية إبراهيم) ما يلي:
[[علم التجويد: احكام نظرية .. وملاحظات تطبيقية (المستوى الثاني)
تأليف: يحيى عبدالرزاق الغوثاني
نبذة عن الكتاب: هذا كتاب في قواعد علم التجويد، ركز فيه المؤلف على الملاحظات والتنبيهات التي تتعلق بكيفية النطق، كما نبه على أخطاء يقع فيها كثير من الناس أثناء القراءة والأداء وهي خلاصة تجربة طويلة من خلال الأخذ عن المشايخ المتقنين، وهذا مما يمتاز به هذا الكتاب حيث لم يشأ كاتبه أن يكون كتابه نسخة مكررة عن غيره. كما يمتاز الكتاب بالضبط وحسن الإخراج.
الملاحظات: 1 - قدم للكتاب الشيخان المقرءان بكري الطرابيشي وعبد الغفار الدروبي
2 - ختم المؤلف كتابه بذكر سنده في القراءات العشر المتواترة (وهذا مما يحمد للمؤلف ليظهر للقارئ أن المؤلف من أهل الأداء لا من الدخلاء على هذا الفن الشريف) ثم ألحق بذلك صورة إجازتيه من الشيخ سعيد العبد الله و الشيخ عبد الغفار الدروبي يلي ذلك جواب للشيخ كريم راجح عن حكم الترجيع في القراءة وكيفية أداء الإخفاء الشفوي والحقيقي، وآخر ما أورده المؤلف من ملاحق ملخص لمجلس شيوخ القراء بدمشق الشام عن مسألة الإخفاء المتقدمة
3 - مما جاء في جواب الشيخ كريم قوله (والمؤسف أن أكثر القراء اليوم مغنون، ثم هم يجعلون التجويد تابعاً للنغمة فالنغمة هي الأصل والتجويد هو الفرع، وذلك لا شك من أشد ما دخل على القرآن في أدائه، فليحذر القراء من مثل ذلك، ومهما قرأ القارئ بالنغمات المعروفة دون أن يخل بأحكام التجويد فهو حسن).
4 - وجاء في نص قرار مجلس شيوخ القراء في دمشق حول النطق بالإخفاء (ولقد اجتمعت ببعض علماء الأزهر الطاعنين في السن في مكة المكرمة وهو من العلماء الأفاضل وممن أجمع العلماء على فضله في هذا الفن، فأخبرني بأن علماء الأزهر كانوا ينطقون بهذه الغنن إن بالإخفاء الشفوي أو بالإدغام الشفوي أو بالإخفاء الآخر لبقية حروف الإحفاء ما عدا الإظهار والإدغام وكذلكم كانوا ينطقون بالإدغام على هذه السبيل، وكذلكم تلقوا هذه الإخفاءات دونما تغيير ولا تبديل، وكانت النصوص بكل ما فيها تحمل على هذا التلقي، لأن التلقي هو الذي يفسر النصوص وليست النصوص التجويدية في كتب التجويد هي التي تفسر التلقي، إلى أن جاء أحد القراء وكانت له مشيخة القراء وهو الشيخ عامر عثمان فجاء بهذا النطق الجديد الذي ما كان يعرفه القراء ولا علماء القراءة ولا علماء الأزهر وأيضاً هو ما كان يعرفه من قبل وما تلقاه عن مشايخه فكان يقول {ترميهم بحجارة}، {من بعد}، {يعتصم بالله}، وهكذا كان ينطق [أي بفرجة بين الشفتين]، وأنكروا عليه ولكنه بقي آخذاً برأيه وحمل الكثيرين من الناس - باعتباره كان شيخ القراء - على ما أراد أن ينطق، أيها الأخوة الذين تستمعونني: النطق الذي نطقت به أمامكم بحضور شيخ القراء وهؤلاء العلماء الأفاضل هو النطق الذي أجمع عليه العلماء [وهو إطباق الشفتين في الإخفاء الشفوي].
أما أن اللسان يرتفع أو ينخفض فهذا لا علاقة له بالغنة، وإنما هو تابع للحرف الذي ينطق به، فشتان بين قولنا {أن سلام عليكم} وبين قولنا {عن صلاتهم} فإن الصاد حرف مفخم فيرتفع اللسان عنده وعند النطق بغنته، والسين حرف مستفل مرقق فينخفض اللسان عنده وعند النطق بغنته، لأن الغنة تابعة للحرف من حيث تفخيمه ومن حيث ترقيقه، فإذا كان مفخماً ارتفع اللسان عنده، وإذا كان مرققاً انخفض اللسان عنده.
وعلى كل حال هذا موضوع مرجعه التلقي، فإنك لا تستطيع أن تفهم كيفية النطق بمجرد العبارة ولكن إذا نطق بالكلمة أمامك فإنك تستطيع أن تقلدها، فمهما أردت أن أعبر لكم عن حرف ( B ) باللغة الأجنبية لا أستطيع أن أعرف لك النطق حق التعريف حتى أنطق أمامك، وهكذا الحروف العربية والحروف القرآنية لابد أن ينطق الإنسان بها.
وهكذا تلقى القرآن الكريم العلماء كابراً عن كابر، ولا يعقل أبداً أن يكون جميع العلماء في العالم الإسلامي ينطقون بشيء خطأ وقد أجمعوا على خطئه، فإن القرآن الكريم منزه عن ذلك ولا شك، ومن عاد إلى تساجيل الشيخ العظيم على محمود أو محمود هاشم أو الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، أو الشيخ محمد رفعت، وما شاكل هؤلاء من الذين لا تزال تساجيلهم محفوظة فإنه لا يجدهم ينطقون بهذه الغنن إلا كما نطقنا نحن الان، وقراءة القرآن الكريم في سورية وفي الأزهر أو في غيرها من البلاد العربية من قبل القراء المتقنين على وتيرة واحدة حرف واحد.)]] انتهى
السؤال / واضح أنه يتكلم في الميم الساكنة (سواء المنقلبة عن نون ساكنة أو تنوين أو المخفاة لوقوعها قبل الباء،،، و في الحقيقية أن الذي درسته هو عدم إطباق الشفتين، و إلا فكيف تكون الميم مخفاة، ثم طار إلى أذني أن فيها خلافا، ثم أفاجأ الآن بأن ما أنا عليه مخالف للقراء و لما تلقوه .... أرجو التوضيح في هذا المسألة فأنا عندي ظن أنني فهمت خطأ ... و إن لم أفهم خطأ فأرجو مناقشة المسألة، و أنا من جانبي سأبحث فيها و أضع ما رأيته في الموضوع ...
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[15 Mar 2004, 09:24 م]ـ
هنا نقاش بين بعض الإخوة فلعله يفيد في الموضوع
http://www.4quran.net/vb/showthread.php?s=&threadid=907
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 Mar 2004, 09:38 ص]ـ
وعلى غرار النقل السابق وقفت على ما قد يفيد في توضيح المسألة، فمن أشكل عليه تسميته إخفاء ثم حاول أن يطبق التسمية عليه فقد سمى بعض العلماء ما هو على غراره بالإدغام، علما أن الاصطلاح إنما يراد منه تسهيل عملية التلقي الذي هو الأصل، فسمه ما شئت طالما أن صفة التلقي واحدة. وهنا ظهر إشكال فبعض الباحثين، لما قرؤوا هذه الاصطلاحات بدؤوا يفسرونها بما يظهر لهم لا بما تلقوه، فتفاقم الأمر.
علما أنك كإدغام كامل لن تستطيع أن تلفظ غنة مع الباء، لكن حقيقة الأمر هنا بقاء غنة الميم ثم يتبعها الباء كما هو حال الإدغام الناقص في بسطت مثلا أو أحطت.
===========
ففي باب إدغام الحروف المتقاربة عند أبي عمرو وهو يسكن الحرف المتحرك ثم يدغمه فيما بعده بما يسمى بالإدغام الكبير
قال الإمام الشاطبي
وتسكن عنه الميم من قبل بائها ... على إثر تحريك فتخفى تنزلا
قال الإمام أبو شامة في إبراز المعاني
وقوله على إثر تحريك
أي تكون الميم بعد محرك نحو:
آدم بالحق، أعلم بالشاكرين، علم بالقلم، حكم بين العباد
والمصنفون في التعبير عن هذا مختلفون فمنهم من يعبر عنه بالإدغام كما يطلق على ما يفعل بالنون الساكنة والتنوين عند الواو والياء أنه إدغام وإن بقي لكل واحد منهما غنة، كما يبقى الإطباق في الحرف المطبق إذا أدغم، ومنهم من بعبر عنه بالإخفاء لوجود الغنة وهي صفة لازمة للميم فلم يكن إدغاما محضا.
اهـ
فأنت ترى أن العبرة ليست بالمصطلح بل بما تلقاه المئات عن المئات جيلا عن جيل.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[18 Mar 2004, 07:05 م]ـ
قول الإمام أبي ابن الجزري المتوفى سنة 833 هـ في النشر في الجزء الأول عند حديثه عن الإدغام الكبير للسوسي
قال بعد (ذكر المتقاربين) تحت عنوان (فصل) اعلم ... وفي آخر الفصل قال ما نصه:
ثم إن الآخذين بالإشارة عن أبي عمرو أجمعوا على استثناء الميم عند مثلها وعند الباء وعلى الستثناء الباء عند مثلها وعند الميم
قالوا: لأن الإشارة تتعذر في ذلك من أجل انطباق الشفتين
اهـ
- ومعلوم أن إدغامه هنا هو إخفاء شفوي -
وقد صرح بذلك في أول باب ذكر المتقاربين بقوله:
فكان يدغم هذه الستة عشر فيما جانسها أو قاربها إلا الميم إذا تقدمت الباء فإنه يحذف حركتها فقط ويخفيها
قلت وقد قدمت لك كلام أبي شامة رحمهم الله تعالى
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[18 Mar 2004, 07:20 م]ـ
ومما يفيد في هذا الباب نقولاتهم في الإقلاب (الأصح لغة القلب)
قال العلامة محمد بن يالوشة شيخ قراء تونس المتوفى سنة 1314 في كتابه شرح الجزرية الذي فرغ منه عام 1301 هـ
أما القلب فعند حرف واحد وهو الباء نحو (انبعث) (أن بورك) (صم بكم)
فينقلبان ميما خالصة مع الغنة
وهذا معنى قوله (والقلب عند الباء بغنة) لكن في الحقيقة هو إخفاء الميم المقلوبة لأجل الباء
قال في النشر فلا فرق حينئذ بين (أن بورك) و (من يعتصم)
اهـ
وهكذا لم يجد أحد من البحاثين فيما اطلعت عليه من يصرح فترك الفرجة بين الشفتين قبل الشيخ السيد عامر عثمان رحمه الله تعالى
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[18 Mar 2004, 07:24 م]ـ
وقال الشيخ الضباع شيخ عموم المقارئ المصرية رحمه الله تعالى عند شرح لحكم إقلاب النون الساكنة والتنوين ص 16 من الإضاءة:
وهو أبدالهما عند ملاقاتهما الباء ميما خالصة تعويضا صحيحا.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 Mar 2004, 04:03 ص]ـ
وتأمل كلام ابن الجزري في التمهيد، ولا توجد أدنى إشارة لترك الفرجة بين الشفتين
قال:
الإقلاب، وقد تقدم الكلام على معناه، فإذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين باء قلبت ميما، من غير إدغام، وذلك نحو:
أن بورك،
أنبئهم،
جددٌ بيض
والغنة ظاهرة في هذا القسم.
وعلة ذلك أن الميم مؤاخية للنون في الغمة والجهر، ومشاركة للباء في المخرج، فلما وقعت النون قبل الباء، ولم يمكن إدغامها فيها، لبعد المخرجين، ولا أن تكون ظاهرة لشبهها بأخت الباء وهي الميم، أبدلت منها لمؤاخاتها النون والباء.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 Mar 2004, 04:07 ص]ـ
وعبارة الداني أصرح شيء في هذا الباب ولا مجال لتأويلها بأي حال،
وهو يحكي المذهبين الإظهار، ولا قائل به اليوم لانقطاع سنده، والإخفاء وقد وصفه ووصف أطباق الشفتين فيه كما ترى
وهذه صورة الصفحة من كتاب التمهيد لابن الجزري بتحقيق علي البواب
ونص الداني تجده منقول في الهامش رقم 5 من كتابه التحديد وقد طبع مؤخرا طبعة جيدة.
http://al-zahra.net/qurannet/new_qurannet/taweed/books/altemheed/144.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Mar 2004, 06:13 م]ـ
فضيلة الشيخ راجي رحمة ربه وفقه الله
أسأل الله أن يوفقك وأن يزيدك عملاً وبصيرة على هذه الفوائد النفيسة، والنقول الموثقة السديدة، وإنا لأمثالها لمشتاقون!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 Mar 2004, 11:01 م]ـ
وإياكم يا شيخ عبد الرحمن
وهنا أيضا كلام للشيخ ملا علي القاري المتوفى سنة 1014 هـ في المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية قال ص 48:
وقلب النونين (يقصد النون والتنوين) ميما عند ملاقاتهما الباء كما قال الشاطبي وقلبهما ميما لدى الباء
حال كونها مقرونة بغنة كما هو شأن الميم الساكنة عند الباء من إخفائها لديها مع الغنة كما سبق عن أجلاء أرباب القراءة في نحو قوله:
وهم بربهم
وأنبئهم
وأن بورك
وعليم بذات الصدور
ووجه القلب عسر الإتيان بالغنة في النون والتنوين مع إظهارهما ثم إطباق الشفتين لأجل الباء، ولم يدغم لاختلاف نوع المخرج وقلة التناسب، فتعين الإخفاء.
ويتوصل إليه بالقلب ميما لتشاركه الباء مخرجا والنون غنة.
اهـ
والشاهد نجده في العبارة الأولى والأخيرة، وهما واضحتان في المراد، كما أنك لا ترى أدنى إشارة لترك الفرجة التي ينادي بها أصحاب ذلك القول.
وقال الشيخ علي النوري الصفاقسي صاحب غيث النفع المتوفى سنة 1053 هـ في كتابه الرائع تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين ص 101
وأما القلب فعند حرف واحد وهو الباء نحو
انبعث، أن بورك، صم بكم
فيقلبان ميما خالصة مع الغنة فهو في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة لأجل الباء
قال في النشر فلا فرق حينئذ في اللفظ بين أن بورك وبين يعتصم بالله.
اهـ
ونحو قال الشيخ سيدي إبراهيم المارغيني مفتي المالكية في النجوم الطوالع شرح الدرر اللوامع والذي انهاه سنة 1320 هـ - وأظنه حفيد يالوشة السالف الذكرـ
ص 87:
فتقلب النون الساكنة والتنوين عند الباء ميما خالصة كما أشار إليه بقوله وقلبوهما لحرف الباء ميما
(أي ابن البري صاحب النظم)
أي قلب القراء نافع وغيره النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء وحينئذ تخفي عند الباء بغنة من غير إدغام كما تخفى الميم الأصلينة عند الباء في نحو ومن يعتصم بالله فلا فرق في اللفظ بين أن بورك مثلا وبين ومن يعتصم بالله،وأما الإخفاء فمعناه لغة الستر واصطلاحا النطق بحرف ساكن عار أي خال عن التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة.
وبقي نص أخير أظنه سبب ظهور القول بالفرجة سأناقشه في القريب إن شاء الله تعالى.
ـ[المهيب]ــــــــ[24 Mar 2004, 12:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أود التنبيه إلى أنه ورد نص أيضا عن الإمام طاهر بن غلبون (ت 399) وهو قوله: (وأما الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان أيضاً ينطبقان معهما) التذكرة بتحقيق الشيخ أيمن سويد
وبعد تتبعنا للأسانيد التي جاءت بالفرجة وجدنا أنها لابد وأن تنتهي في طبقة من الطبقات إلى الإطباق.
وقد تلقيت القرآن الكريم بالقراءات العشر على الشيخ عبدالرازق بن إبراهيم موسى وهو عضو لجنة تصحيح المصاحف بالمدينة النبوية، ومن المشايخ الأجلاء الذين ألفوا في علم القراءات، وكنت قد تلقيت عليه بالفرجة، ولا أعلم إلا أن الإطباق خطأ، وحين تبين لي أن التلقي كله بالإطباق اتصلت به وسألته –حفظه الله- كيف تلقيتم؟ فقال لي: بالإطباق، فسألته: وكيف تلقى المشايخ عندكم؟ فقال: بالإطباق، وأكثرت الأسئلة عليه فقال لي مختصراً: "التلقي كله بالإطباق".
كما تلقيت على الشيخ الزيات بالفرجة، وبعد أن علمنا بالإطباق سافر إليه أحد الإخوة الفضلاء ممن قرؤوا علي وسأله هل تلقيتم بالفرجه؟ فأجاب رحمه الله: لا
ومن ذلك: الأسانيد المنتهية إلى الضباع وتلميذه الشيخ عبدالعزيز عيون السود رحمهما الله حيث كان الشيخ عبدالعزيز يقريء بالإطباق أول أمره – حسب ماتلقى من شيخه الضباع-، وكذلك الأسانيد المنتهية إلى الشيخ/ الزيات، والشيخ/ عامر السيد عثمان، والشيخ السمنودي، حيث تلقى هؤلاء كلهم بالإطباق وأقرؤوا به أول حياتهم، وإن أقرؤوا بالفرجة فيما بعد، اجتهادا منهم رحمهم الله
وقد تبين من الفتوى المتقدمة أن قراء الشام قرؤوا ويقرئون بالاطباق لم يجاوزوه إلى غيره
وبعض تلامذتهم الذين قرؤا عليهم أول حياتهم بالإطباق حسب ما تلقوه لا يزالون أحياء
فالتلقي بالإطباق، وجاءت الفرجة اجتهادا من غير تلقي، نسأل الله تعالى أن يجزل الأجر لجميع هؤلاء العلماء الأفذاذ، ويجزيهم عنا أفضل الجزاء
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Mar 2004, 12:22 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
من الأخطاء التي شاعت بين الناس في الآونة الأخيرة التغير الصوتي للميم الساكنة عند ملاقاتها حرف الباء , حيث أن البعض يجعل فرجة عند تلفظها ولو سئل القارئ لماذا هذه الفرجة عند صوت الميم؟ لقال لك من أجل غنة الإخفاء. قال العلماء لا علاقة للشفتين بصوت الغنة , الغنة مخرجها الخيشوم فحسب , ولا يتحقق صوت الميم إلا بإطباق الشفتين بها , ومن المشهور بين العلماء عند ذكر أحكام القلب أو الإخفاء الشفوي قولهم: بإطباق الشفتين من غير كز فيهما , والشيخ عبد العزيز الزيات من أكبر علماء القراءات والتجويد, ويوجد حاليا في الحرم النبوي , وهو أعلى القراء سندا في الوقت المعاصر حيث أن الواسطة التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم سبعة وعشرون رجلا, قاال: يجب على القارئ أن يطبق الشفتين بلطف من غير فرجة أو كز زائد ,و الشيخ أحمد مصطفى وهو من أكابر تلامذة الشيخ الزيات قال: أن كل من تلقى عن الشيخ الزيات يقرأ بالإطباق الكامل , والعلماء قديما صرحوا بإطباق الشفتين مثل أبو عمرو الداني في كتابه التيسير وكتاب التحديد وصرح بذلك بن الجزري في النشر والتمهيد وطاهر بن غلبون والضباع وغيرهم فمثلا لو قرأ القارئ قوله تعالى (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ) (الفيل: من الآية4) بجعل فرجة بين الشفتين في صوت الميم فهو في الحقيقة لم ينطق ميما أبدا بل نطق بهاء ممطوطة , وقد روى لنا بعض العلماء أن هذه الفرجة القائل الوحيد بها فضيلة الشيخ عامر عثمان رحمه الله وهو الذي تولى مراجعة المصاحف الصوتية التي سجلت لإذاعة القران المصرية وكان أحد المراقبين في لجة المصاحف الصوتية في عصر ترتيل المصاحف الصوتية للمنشاوي والحصري والبنا وعبد الباسط ومصطفى إسماعيل فكان القارئ منهم الذي يطبق الشفتين عند النطق بالميم لا يقبلها منه ويأمره بإعادة تسجيلها مرة أخرى مع جعل فرجة ,وصرح بذلك الشيخ عبد الباسط بنفسه , فجميع المصاحف الصوتية لقرائنا سجلت بتغيير الصوت القرآني في الميم وهناك مصحفين التزما قارئهما بالأداء الصوتي للميم المخفاة بإطباق الشفتين وهما الشيخ: عبد الله الخياط والشيخ عبد الله يوسف من قراء المملكة السعودية. والعجب العجاب أني سمعت من البعض نقلا عن شيخه المصحفي أن النطق الصحيح في القلب والإخفاء الشفوي أن تقرع الثنايا العليا ظاهر الشفة السفلى وقد رأيت شابا في مسابقة القرآن بإمارة دبي يقرأ الميم الساكنة بنفس هذه الكيفية , والأعجب من هذا كله قول بعض المشايخ المعاصرين من قولهم: الغنة في الإخفاء الشفوي حركتين الحركة الأولى بجعل فرجة مع الميم والحركة الثانية بإطباق الشفتين على الميم ثم بعدها ننطق بالباء , فبالله عليكم هل هذا كلام يعقل. والبعض الآخر المتساهل يقول يجوز الكل , وأقول له: الحق واحد ولا يتعدد , بمعنى أن الأصل في صوت الميم إطباق الشفتين ومن يخالف الأصل عليه بالدليل , ويوجد لدي بحث تفصيلي حول القلب والإخفاء الشفوي وما أحدثه القراء فيه من تغيير للصوت القرآني ولمن أراد الإطلاع عليه فلا بأس. والله من وراء القصد.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[25 Mar 2004, 09:48 م]ـ
ملاحظة:
الشيخ الزيات قد انتقل إلى رحمة الله قبل عدة أشهر رزقه الله الفردوس الأعلى
وسؤال للأخ فرغلي:
هل كاتب هذه السطور هو أنتم أم هي منقولة من كتاب؟
جزاك الله خيرا
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[26 Mar 2004, 01:41 ص]ـ
بعض هذه السطور كتبت في حياة الشيخ رحمه الله والبعض الآخر نقلا عن شيوخي
وجزاكم الله خير ورزقني وإياكم كمال الإخلاص
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[29 Mar 2004, 02:04 ص]ـ
أعتذر عن التأخر بسبب بعض الانشغالات
النص الأخير الذي وعدتكم به هو من كلام الشيخ محمد بن أبي بكر المرعشي المتوفى سنة 1150 هـ والمشهور بساجقلي زاده
يقول ما نصه:
والظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة، بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان، لأن قوة الحرف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه
وهذا كإخفاء الحركة في قوله: "لا تأمنا" إذ ليس بإعدام الحركة بالكلية بل تبعيضها وسيأتي.
وبالجملة إن الميم والباء يخرجان بانطباق الشفتين والباء أدخل وأقوى انطباقا كما سبق بيان المخارج.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتلفظ بالباء في نحو:" أن بورك " بغنة ظاهرة وبتقليل انطباق الشفتين جدا ثم تلفظ بالباء قبل فتح الشفتين بتقوية انطباقهما وتجعل المنطبق من الشفتين في الباء أدخل من المنطبق في الميم، فزمان انطباقهما في أن بورك أطول من زمان انطباقهما في الباء، لأجل الغنة الظاهرة حينئذ في الميم، إذ الغنة الظاهرة يتوقف تلفظها على امتدادٍ.
ولو تلفظت بإظهار الميم هنا لكان زمان انطباقهما فيه كزمان انطباقهما في الباء لإخفاء الغنة حينئذ، ويقوى انطباقهما في إظهار الميم فوق انطباقهما في إخفائه لكن دون قوة انطباقهما في الباء إذ لا غنة في الباء أصلا بخلاف الميم الظاهرة فإنها لا تخلو عن أصل الغنة وإن كانت خفية، والغنة تورث الاعتماد ضعفا.
اهـ شرح التحفة للميهي*
فهذا نص عمره قرابة 300 عام صريح في بابه أنه إطباق لا غير، ولا يوجد أي شك في كونه بدون فرجة
ومع أني أرى أن الاحتجاج يكون بكلام أمثال الداني، لكني أحببت أن أدلل على أنه حتى القرون الأخيرة ما كان أحد يذكر الفرجة هذه بتاتا ولا ينبه عليها نفيا أو إثباتا، لأنه كما هو واضح، لا يوجد من يقول بها أصلا.
وقولي العبرة بكلام الداني وابن غلبون وابن الجزري، لئلا يجيئ معترض ويستغل كلمة "تقليل إنطباق الشفتين جدا"
إذ كان يكفيه أن يقول بتقليل انطباق الشفتين
مثلا
أقول هذا لعدة أمور:
الأول: واضح مما بعده أنه انطباق لآخر لحظة ولكنه انطباق دون انطباق وهو مما يعبر عنه كثير من مشايخ القراءات اليوم: بترك الكز أي الضغط الزائد على الشفتين،
والثاني: أن القدامي الأوائل صرحوا بالإطباق فلا وجه لترك الفرجة مهما كان فهمهم واستنباطهم من عموميات لا تفيدهم من اليقين الثابت كما هو أعلاه.
الثالث: وهو أن المرعشي رحمه الله كان سهلا في إعمال الفكر والتنظير العقلي، وله مسائل، لا يوافق عليه كمسألة نطق الضاد التي شوشت على كثير من الناس وأخذ بها قلة من المتأخرين في مصر لكن فتنتها خمدت في كل بلاد المسلمين إلا تركيا.
والنقطة الأخيرة، دليل قوي للقائلين بالإطباق لأنه لو قال بالفرجة أحد لسبق بها المرعشي لتوسعه في هذا الباب فلما لم يفعل كانت دليلا أكبر على أن انطباق الشفتين هو التلقي وهو النص لا ما سواه.
والله أعلم
------------------
* نقلا ص 122من نهاية القول المفيد والذي انتهى من كتابته الشيخ محمد مكي نصر عام 1305 هـ بتحقيق الشيخ الضباع رحمه الله وطبع عام 1349 طبعة مصطفى البابي الحلبي.
ـ[المهيب]ــــــــ[29 Mar 2004, 05:30 م]ـ
جزى الله الأخ راجي رحمة ربه على ما أوضح وبين
وأود أن أزيد على ما ذكر أن الشيخ محمد نصر ذكر في أول كلامه أن (الميم والباء يخرجان بانطباق الشفتين وأن الباء أدخل وأقوى انطباقا) وهذا في المظهرتين
أي أن الميم المظهرة تخرج بانطباق أقل من الباء المظهرة
ثم لا يختلف الحال عند الإخفاء فالميم تخرج بانطباق أقل من الباء، كما هو الحال في المظهرتين
لا أن الاطباق عند الميم المخفاة يقل حتى يؤدي إلى الفرجة
وقوله (بتقليل انطباقهما) لا يدل على الفرجة، لأن الفرجة -وان كانت بسيطة - لا يبقى معها انطباق حتى يقلل،
بل يدل على الاطباق، لكن من غير كزّ
ونقل هدا النص الشيخ محمد مكي نصر في نهاية القول المفيد لمحمد مكي نصر: ص124، طبعة البابي الحلبي
ونجد الشيخ الضباع رحمه الله لا يذكر تقليل اتطباق الشفتين ولكن يحذر من الكز، انظرمنحة ذي الجلال للشيخ علي الضباع: ص 54،
وكأنه يراهما بمعنى واحد
والكزّ هو الضغط على الشفتين بعد اطباقهما
والتحذير من الكز فيه دليل على الإطباق
حيث أن الكز هو الضغط بقوة على الشفتين، وهذا لا يتأتى إلا بعد الاطباق
فحذروا من الأعلى الذي هو الكز، وتركوا الأدنى وهو الإطباق
ولو كانت القراءة الصحيحة بالفرجة لحذر العلماء من الاطباق الذي هو المرحلة الأولى قبل الكز
فتحذيرهم من الكز دل على أن القراءة كانت بالاطباق، وكان يبالغ فيه البعض فيوصله إلى الكز، فحذروا منه.
وهذا يتبين بالممارسة والإقراء
فقد أقرأنا بالفرجة دهرا، ولم نر أحدا قرأ بالكز
وجينما عدنا إلى الإقراء بالإطباق وجدنا البعض يضغط على شفتيه ضغطا عنيفا لا نجد تعبيرا عنه أوضح من (الكز) فحذروا منه لأجل ذلك ولأجل أنهم كانوا يقرئون بالإطباق فيظهر هذا المحظور لدى البعض
ونعود إلى كلام الشيخ زاده ونترك للقارئ التأمل في هذه النصوص ألا تدل على الإطباق؟
(ثم تلفظ بالباء قبل فتح الشفتين)
(وتجعل المنطبق من الشفتين في الباء أدخل من المنطبق في الميم)
(فزمان انطباقهما في أن بورك أطول من زمان انطباقهما في الباء)
وقد نقل الأخ راجي رحمة ربه من كلام الأئمة ما لا يدع مجالا للشك
ولكننا أحببنا التفصيل في هذا النص خاصة لأنه المرتكز الأقوى والنص الوحيد الذي يعتمد عليه القائلون بالفرجة
فاذا أضيف الى نصوص الائمة التلقي المجمع عليه
وأضيفت فتوى علماء دمشق الذين هم أبرز علماء هذا العصر في هذا الفن علما واعلاهم إسنادا-كان الأمر واضحا غاية الوضوح
نسأل الله تعالى العصمة من الزلل والتوفيق في القول والعمل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[30 Mar 2004, 12:22 ص]ـ
الشيخ مهيب جزاك الله خيرا على هذا التفاعل البناء
وشكرا على هذه الدرر النفيسة،
لكن زيادة في التحرير يا ليت تذكر لنا نص كلام الضباع وابن غلبون بين معكوفتين ليكمل الموضوع.
ـ[المهيب]ــــــــ[30 Mar 2004, 02:22 ص]ـ
قال ابن غلبون في فصل: الاشمام عند الإدغام الكبير لأبي عمرو
وبعد ذكره لاختلاف الطرق عن أبي عمرو في جواز الاشمام وامتناعه عند ادغام الباء في الباء، والميم في الميم، والميم في الباء:
(وبما رواه اليزيدي آخذ لصحته، وذلك أنه إنما يعني بالاشمام هاهنا أنه يشير إلى حركة الرفع والخفض في حال الادغام، ليدل على أن الحرف المدغم يستحق هذه الحركة في حال الإظهارحرصا عل البيان، وذلك متعذر في الميم مع الميم، وفي الباء مع الباء، من أجل إطباق الشفتين فيهما، وأما الميم مع الميم فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان ينطبقان أيضاً معهما)
التذكرة:1/ 92
وقال الشيخ الضباع في نهاية حديثه عن الإقلاب:
(وليحترز القارئ عند النطق به من كز الشفتين على الميم المقلوبة في اللفظ، لئلا يتولد من كزهما غنة من الخيشوم ممطة، فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف)
منحة ذي الجلال بتحقيق اشرف عبدالمقصود:54
وقد نقل الشيخ المرصفي هذا النص حرفيا في هداية القاري: ص169، طبعة بن لادن
وقد تقدم أن الشيخ عبد العزيز عيون السود رحمه الله وهو من تلامذة الضباع كان يقرئ بالإطباق –حسب ما تلقى عن شيخه-إلى أن وصله اجتهاد الشيخ عامر، فاجتهد هو اجتهادا آخر في الستينات الميلادية وهو النطق بالنون المخفاة والميم المخفاة بغنة خالصة مع عدم إعمال عضو النطق –لسانا أو شفة- بتاتا، اعتمادا على ظاهر كلام ابن الجزري ومكي في الرعاية.
فكلام الضباع يدل على الإطباق من عدة وجوه، وإن وجد أدنى لبس فإنه يزال بتلقي الشيخ عيون السود عنه، وإقرائه بالإطباق قبل ظهور الفرجة.
وأود التنبيه هنا إلى أن القائلين بالفرجة يختلفون في مقدارها فبعضهم يقول بانها بمقدار ورقة، أو رأس قلم، أو حتى يرى بياض الأسنان، أو إطباق الشفين من طرفيهما وفتحهما من الأمام، أو فتحهما بمقدار حركة ثم اطباقهما بمقدار حركة وهناك تسجيل كامل على هذا النحو الأخير!!
ونقول: لافرق بين كل تلك الأقوال حيث لم يثبت منها شيء علميا ولا تلقيا مسندا متصلا.
بل إن في تضارب هذه الأقوال دليل على الإطباق، من حيث أن الفرجة حيث وجدت- وجد الاختلاف في مقدارها، وما كان للعلماء أن يدعوا مثل هذا الاختلاف دهورا طويلة دون بيان.
هذا .. والله تعالى أعلم
ـ[المهيب]ــــــــ[30 Mar 2004, 02:53 ص]ـ
هناك خطأ في نسخ ابن غلبون والصواب:
(وذلك متعذر في الميم مع الميم، وفي الباء مع الباء، من أجل إطباق الشفتين فيهما، وأما الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان ينطبقان أيضاً معهما)
ـ[المهيب]ــــــــ[30 Mar 2004, 05:43 ص]ـ
هناك خطأ عند نسخ كلام ابن غلبون والصواب:
(وذلك متعذر في الميم مع الميم، وفي الباء مع الباء، من أجل إطباق الشفتين فيهما، وأما الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان ينطبقان أيضاً معهما)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[30 Mar 2004, 06:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وقد قمت بتلخيص معظم ما نقلتموه هنا على هذا الرابط
http://www.4quran.net/vb/showthread.php?s=&threadid=1109
وكان له أطيب الأثر بين أحباب القرآن، وسأفعل فيما تبقى من النصوص بعد إذنكم
ـ[المهيب]ــــــــ[30 Mar 2004, 11:32 ص]ـ
الأخ الفاضل/ د. أنمار
جزاك الله خيرا على نشر العلم ولك الشكر على ما قمت به من تلخيص لهذا الموضوع، وحبذا لو أشرت هناك إلى هذا الموقع تيسيرا على الراغبين في الاستزادة.
أما الخطا في كلام ابن غلبون فهو مني أنا عند نسخي لعبارته وليس من النساخ
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[01 Apr 2004, 02:16 ص]ـ
إخواني الأحباب جمعت ما نشر في هذا الموقع وغيره فيما يتعلق بهذه المسألة وأضفت عليها ما كنت أبحثه من فترة وذلك تكملة لجهودكم
ملحوظة: إذا وافق كلام أحدكم رأيي أنقله مع التعديل فيه
وأرجو رأيكم بعد الإطلاع
وأسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه
بحث تفصيلي في صوت الميم الساكنة المخفاة بإطباق الشفتين
على هذا الرابط
http://www.quranway.net/dboard/showthread.asp?Lang=&forumid=26&threadid=2193
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[01 Apr 2004, 04:56 م]ـ
مشايخنا الأفاضل_ وفقكم الله _
جزاكم الله خيرا، وهذا رابط لمشاركات في ملتقى أهل الحديث تؤيد ما ذكرتم من أن الصواب هو إطباق الشفتين إطباقا تاما بلا أي فرجة عند النطق بالميم المخفاة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4805&highlight=%C5%D8%C8%C7%DE+%C7%E1%E3%ED%E3
__________________(/)
لا تتعلم من أشرطة التراويح
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Mar 2004, 01:18 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،، مشايخي الكرام
وجدت نصائح لبعض أهل العلم في مسألة سماع الشيوخ المتقنين و التلقي منهم، فجاء في النصيحة: و مما يمكن الاستفادة منه في هذا العصر الأشرطة الصوتية للقراء المتقنين و لكن لا تستمع لتسجيلات صلاة التراويح .....
فقلت في نفسي / أنا أعرف هذا و ألاحظه، و لكن لماذا؟
لابد من وجود سبب
هل هناك فرق وضعه الشرع بين الترتيل في القيام و الترتيل في غيره من المواضع؟
الإجابة: لا ... لا يوجد فرق وضعه الشرع
إذا فالفرق من وضع القارئ
و بقي أن نعرف / هل هذا الفرق مما يسوغ أو لا يسوغ؟
و هذا ما أود الإفادة فيه ...
أولا: ما هي حقيقة هذا الفارق؟
ثانيا: هل سبب هذا الفارق سائغا شرعا أم غير سائغ؟
جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 Mar 2004, 02:44 ص]ـ
السبب هو كثرة الأخطاء في أشرطة التراويح من دون تصحيح
وأفضل التسجيلات ما قرأها شيخ بحضور مجلس من شيوخ القراء
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[18 Mar 2004, 02:21 ص]ـ
نعم هي كثيرة الأخطاء، حتى لنفس القارئ ولا يخفى أن الإمام عندما يقرآ في التروايح يركز على الحفظ وبعضهم قد يكون حفظه فيه ضعف فيقل إتقانه للتجويد، هذا إذا لم يخطئ في الآيات والكلمات القرآنية نفسها وهذا يحصل بشكل ملحوظ بل وهو مشاهد عند بعض من يؤم في الحرمين الشرفين.
ثم أن النسخ هذه ليست مدققة من قبل لجان مختصة بل ولا غير مختصة في كثير من الأحيان
وتأمل هذه التسجيلات:
http://www.qurancomplex.org/Quran/display/reciter.asp?nType=1&l=arb&nSora=1&nAya=1&all=1
وأنا أعرف شخصيا أن ختمة بصفر على سبيل المثال كانت بإشراف مشايخ كبار
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 Mar 2004, 01:35 ص]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء أخي الراجي
و أراك ما شاء الله إيجابيا في المشاركات سواء على أهل الحديث أو أهل التفسير
أسأل الله تعالى أن يجعلك مباركا حيثما حللت(/)
مع ثلاث آيات من سورة الكهف
ـ[بكر أبو الروس]ــــــــ[14 Mar 2004, 06:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد .....
فمن المعلوم أن القرآن الكريم دقيق في اختيار مفرداته واستعمال مصطلحاته،
ولقد أوجب الله على المسلمين تدبر كتابه وتكرار النظر فيه قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته).
وإن المؤمن عندما يحسن تدبر القرآن والتعامل معه يقف على زاد عظيم من معانيه ودلالاته وإيحاءاته.
والآن مع آيات ثلاث من سورة الكهف. الآيات رقم: (79 - 81 - 82) حملت كل آية صيغة خاصة لكلمة (الإرادة)
·ففي الآية رقم 79 وردت الصيغة {أردت}، وفي الآية رقم 81 (أردنا) وفي الآية 82 (أراد ربك)
فهيا بنا نمعن الفكر وندقق النظر في أسرار هذه الألفاظ الثلاث حتى نقف على لطائف عجيبة ومعاني كريمة
ففي الآية 79والتي ورد فيها (أردت) والخاصة بخرق السفينة أوحى الله إلى العبد الصالح أن يخرق السفينة ...
وخرق السفينة عمل باشره بنفسه عمل أنجى الله به السفينة وحفظها لأهلها، فكلمة (أردت) أن أعيبها
تعني هنا: المشيئة البشرية التي تنفذ مشيئة الله وإرادته فهي تعبر عن انصياع إرادة العبد الصالح لإرادة الله،
فمعنى أردت هنا: قصدت بعد أن عهد الله سبحانه وتعالى للعبد الصالح بأن يقوم بالعمل كله بنفسه تنفيذا
لقضاء الله وقدره.
·وأما الآية 81 والتي ورد فيها (أرنا) والخاصة بحادثة الغلام فالأمر هنا مختلف فالله أوحى للعبد الصالح بحقيقة
الغلام وحقيقة أبويه وأنهما مؤمنان وأن الغلام حين يشب إلى مسؤولية التكليف سيكون كافرا
فقال الله تعالى: (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا)، وما كان للعبد الصالح أن يعلم ذلك لولا أن أعلمه الله
فتحركت عاطفة الإيمان الصادقة عند العبد الصالح فخشي أن يرهق هذا الغلام أبويه طغيانا وكفرا إذا شب
وبلغ سن التكليف الشرعي فجاء التعبير بصيغة الجمع – فخشينا – وكأن العبد الصالح يتحدث بلسان
المؤمنين الصادقين عامة ليعبروا عن هذه الحقيقة أي: قصدنا ودعونا الله – فخشينا –وأردنا.
·وأما الآية 82 والتي ورد فيها (فأراد ربك) فلأن القضية تتعلق التي تتعلق بها الإرادة هنا
هي: (أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما)
وهذه القضية تتعلق بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله ولا يستطيع أحد من البشر أن يتخل في هذه الإرادة،
فـ ((أراد ربك)) هنا تعني إرادة الله وحده وقضاؤه وقدره ومشيئته النافذة وحكمته البالغة ............
والله تعالى أعلم.
بكر أبو الروس
ـ[أخوكم]ــــــــ[15 Mar 2004, 07:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وقد ذكر أحد المتخصصين في علم التفسير كلاما كهذا منذ كذا شهر في درسه الأسبوعي
وبما أنكما متفقان عليه فيبدو أن هناك من أشار إليه من قبل
ـ[داود عيسى]ــــــــ[16 Mar 2004, 04:24 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي بكر ابو الروس على هذا التدبر
وأسأل الله أن يجزيك عنا كل خير.(/)
سر وجود الكاف في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}
ـ[بكر أبو الروس]ــــــــ[14 Mar 2004, 06:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الآية رد مفحم على المشبهة والمعطلة
فقد رد الله على المشبهة بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
ورد على المعطلة بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}
ولكن في سبيل فهم صحيح لآيات القرآن بل لكلمات القرآن بل لحروف القرآن لنا وقفة مع سر وجود الكاف في قوله: {كَمِثْلِه)
وقد ذكر شيخنا الأستاذ الدكتور: محمد عبد الله دراز في كتابه القيم (النبأ العظيم)
ما يلي:
1 - أن أكثر أهل العلم قد قالوا بأن الكاف زائدة لأنها حينئذ تكون نافية الشبيه عن مثل الله فتكون تسليما بثبوت المثل له سبحانه، أو على الأقل محتملة لثبوته وانتفائه.
2 - وقليل منهم من ذهب إلى أنه لا بأس ببقائها على أصلها إذ رأى أنها لا تؤدي إلى ذلك لا نصا ولا احتمالا لأن نفي مثل المثل يتبعه نفي المثل أيضا ... وذلك من باب أولى.
ولو أمعنا النظر في الرأي الثاني لوجدناه أنه مصحح فقط لفكرة وجود المثل لله لكنه لا يثبت فائدة للكاف ولا يبن مسيس الحاجة إليه.
ومن هنا فإن تأكيد المماثلة ليس مقصودا أبدا، وكذلك تأكيد النفي بحرف يدل على التشبيه هو من الإحالة أيضا.
ولكن بمزيد من التدبر والتأمل نجد أن حرف الـ ((الكاف)) في موقعه محتفظا بقوة دلالته قائما بقسط جليل من المعنى المقصود في جملته، وأنه لو سقط منها لسقطت معه دعامة المعنى أو لتهدَّم ركن من أركانه.
ونبين أهمية هذا الحرف من طريقين:
الطريق الأول: أنه لو قيل: ((ليس مثله شيء)) لكان ذلك نفي للمثل الذي يكافئ الله فحسب، لكن قد يفهم من ذلك أن هناك من يليه، لكن وجود هذا الحرف نفي للعالم كله عن المماثلة وعما يشبه المماثلة وما يدنو منها، كأنه قيل: ليس هناك شيء يشبه أن يكون مثلا لله فضلا عن أن يكون مثلا له على الحقيقة.
الطريق الثاني: أن المقصود الأول من هذه الجملة هو نفي الشبيه، وكان يكفي أن يقال: (ليس كالله شيء) أو (ليس مثله شيء) لكن هذا القدر ليس هو كل ما ترمي إليه الآية الكريمة، بل إنها كما تريد أن تعطيك هذا الحكم تريد في الوقت نفسه أن تلفتك إلى وجه حجته وطريق برهانه العقلي ...
ألا ترى أنك إذا أردت أن تنفي عن إنسان نقيصة في خلقه فقلت: (فلان لا يكذب ولا يبخل) أخرجت كلامك عنخ مخرج الدعوى المجردة عن دليلها. فإن زدت فيه كلمة فقلت: (مثل فلان لا يكذب ولا يبخل) لم تكن بذلك مشيرا إلى شخص آخر يماثله مبرأ من تلك النقائص بل كان ذلك تبرئة له هو ببرهان كلي، وهو أن من يكون على مثل صفاته وشيمه الكريمة لا يكون كذلك لوجود التنافي بين طبيعة هذه الصفات وبين ذلك النقص الموهوم.
وعلى هذا المنهج البليغ وضعت الآية الحكيمة قائلة: {مثله تعالى لا يكون له مثل) تعني أن من كانت له تلك الصفات الحسنى وذلك المثل الأعلى لا يمكن أن يكون له شبيه ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه.
فلا جرم جيء فيها بلفظين كل واحد منهما يؤدي معنى المماثلة ليقوم أحدهما ركنا في الدعوى، والآخر دعامة لها وبرهانا.
فالتشبيه المدلول عليه (بالكاف) لما تصوَّب إليه النفي تأدى به أصل التوحيد المطلوب، ولفظ (المثل) المصرح به في مقام لفظ الجلالة أو ضميره نبَّه على برهان ذلك المطلوب.
وخلاصة القول:
أن الآية بوجود الكاف كأنها تقول لنا: إن حقيقة الإله ليست من تلك الحقائق التي تقبل التعدد والاشتراك والتماثل في مفهومها كلا فإن الذي يقبل ذلك إنما هو الكمال الإضافي الناقص، أما الكمال التام المطلق – الذي هو قوام معنى الإلهية – فإن حقيقته تأبى على العقل أن يقبل فيها المشابهة والاثنينية لأنك مهما حققت معنى الإلهية حققت تقدما على كل شيء وإنشاء لكل شيء (فاطر السموات والأرض) وحققت سلطانا وعلوا فوق كل شيء (له مقاليد السموات والأرض) فلو ذهبت تفترض اثنين يشتركان في هذه الصفات لتناقضت، إذ تجعل كل واحد منهما سابقا مسبوقا منشِئا منشَئا ومستعليا ومستعلى ً عليه.
أو لأحلت الكمال المطلق إلى كمال مقيد فيهما، إذ تجعل كل واحد منهما بالإضافة إلى صاحبه ليس سابقا ولا مستعليا. فأنَّى يكون كل منهما إلها؟!!!!
أرأيت كم أفدنا من هذه (الكاف). فسبحان من هذا كلامه.
بكر أبو الروس
ـ[داود عيسى]ــــــــ[16 Mar 2004, 04:38 م]ـ
حياك الله أخي بكر على هذا التوضيح
وأسألك هل هناك ما هو زائد في القران؟؟؟؟؟
اسأل الله ان يغفر لكل من قال هذا حرف زائد
لأنه ليس عند الله زائد ........
ـ[بكر أبو الروس]ــــــــ[17 Mar 2004, 08:54 م]ـ
أخي الحبيب: داوود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعلوم والمتيقن أنه ليس هناك زائد في القرآن، لكنك حين معظم كتب التفسير تجد هذا التعبير، حين لا يفهم معنى حرف فيقول إنه زائد، وهذا خطأ كبير نسأل الله أن يجنبنا مثل هذا الزلل، ثم هذه المشاركة لإشبات أنه ليس هناك زائد في القرآن من حيث وجود الكاف.
والله تعالى أعلم.
بكر(/)
المحكم والمتشابه
ـ[بكر أبو الروس]ــــــــ[14 Mar 2004, 06:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول تعالى في سورة آل عمران في الآية السابعة: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}
ولقد ذكر أستاذنا فضيلة الدكتور محمود عمارة في كتابه القيم ((سائح في رياض القرآن)) حول هذه الآية ما يلي:
تشير الآية الكريمة إلى أن القرآن الكريم آيات محكمات هن أصل القرآن، وأُخَرُ متشابهات ...
محكمات واضحات لائحات تضمنت العقائد والعبادات والمعاملات، وجميع الشرائع المنظمة للسلوك الفردي والجماعي مما هو نص في موضوعه لا يحتاج إلى تأويل ...
أما المتشابه فهو: ما يحتاج في معرفته إلى تأمل وتدبر، فقد تشتمل الآية على أكثر من معنى يدل عليه اللفظ ولا يجد عقلك مرجحا لبعضها على بعض. وقد تكون الآية وصفا لجلال الله سبحانه وتعالى .. فلا يستطيع عقلك القاصر تصور كنه العظمة الإلهية ..
وقد تساءل الباحثون: لم كان في القرآن متشابه لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، ولم يكن كله محكما يستوي في فهمه كل الناس .. لا سيما وهو كتاب هداية وإرشاد ... والمتشابه قد يحول دون الهداية؟
وأجاب العلماء بأجوبة تدل على حكمته سبحانه إذ أنزل كتابه محكما ومتشابها من أجل الهداية ذاتها:
لقد كان كلام العرب قسمين:
1 - ما يفهم معناه سريعا ... ولا يحتمل غير ظاهره.
2 - ما جاء بطريق الكتابة والمجاز .. والمعاني فيه متزاحمة وهذا القسم هو المستحسن عندهم.
فأراد الله تعالى إنزال القرآن بالنوعين تحقيقا للإعجاز فكأنما يقول لهم: عارضوه بأي النوعين شئتم ... ولن تفعلوا!!!
على أن احتياج بعض الآيات إلى التأمل وإعمال الفكر باب إلى نهضة علمية يتنافس فيها المتنافسون لتحصيل فنون من العلوم متنوعة تعينهم على فهم كتاب الله تعالى .. وإلا فلو جاءت كل الآيات ظاهرة المعنى .. لاستوى العلماء والجهلاء ولماتت الخواطر بتوقف البحث والاستنباط.
فإن نار الفكر – كما قيل – تقدح زناد المشكلات والمعضلات ولهذا قال حكيم:
عيب الغنى: أنه يورث البلادة ويميت الخواطر.
وفضيلة الفقر: أنه يبعث على إعمال الفكر واستنباط الحيل في الكسب.
وتوضح الآية الكريمة اختلاف ردود الفعل أمام هذه الآيات:
فأما مرضى القلوب: فقد أخذوا الموقف الذي ينسجم مع قلوبهم التي زاغت عن الحق فأداروا ظهورهم للحقائق الواضحة ثم أثاروا الغبار في حملة تضليل معتمدين على جهل العامة الذين لا يصدقون بما لم يصل إليه علمهم ولا تدركه حواسهم.
أما الراسخون في العلم فقالوا: (آمنا به كل من عند ربنا)
لقد أدركوا ما في النسق القرآني من رحمة بالأمة وتنشيط لملكات الخير فيها فكانوا كما علمهم الرسول (صلى الله عليه وسلم):
ما عرفتم من محكمه فاعملوا به وما جهلتم من متشابهه فآمنوا به .. ولقد عملوا وآمنوا ..
أما الزائغون فكانوا أسوأعملا وأكثر زللا (وما يذكر إلا أولوا الألباب).
بكر أبو الروس(/)
آية الأخلاق وآية النفقة وآية التوحيد
ـ[المنذر]ــــــــ[14 Mar 2004, 10:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي الاعزاء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ارجو إفادتي من كان له علم في أسماء الآيات عن المقصود من آية الأخلاق وآية النفقة وآية التوحيد، ومن الذي أسماها بذلك من المفسرين.
بارك الله في علمكم ..
ـ[المنذر]ــــــــ[28 Mar 2004, 10:58 م]ـ
هل من يفيدني .. بارك الله في وقته وعلمه ...(/)
كيف نجمع بين ( .. أن أرسل معنا بني اسرائيل .. ) وبين ( .. قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا .. )؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[15 Mar 2004, 11:42 ص]ـ
السلام عليكم
من المعلوم أن نبي الله موسى عليه السلام طلب من فرعون أن يسلمه بني اسرائيل لأن الله أرسله إليهم
وهذا واضح من قوله سبحانه:
(فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {16} أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {17}) سورة الشعراء
فلماذا قال فرعون:
(قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى {57}) سورة طه
؟
فموسى لم يطلب من فرعون أن يخرج من أرضه، فلماذا قال فرعون ذلك الكلام؟
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[15 Mar 2004, 01:59 م]ـ
الجواب واضح يا أخي
فقول فرعون هذا من جملة أباطيله التي حكاها الله عنه يريد صد الناس عن الإيمان به بتشويه دعوته للناس
فقال قولته تلك.
قال الرازي: (ثم حكى الله تعالى شبهة فرعون وهي قوله: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ي?مُوسَى?} وتركيب هذه الشبهة عجيب وذلك لأنه ألقى في مسامعهم ما يصيرون به مبغضين له جداً وهو قوله: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا} وذلك لأن هذا مما يشق على الإنسان في النهاية ولذلك جعله الله تعالى مساوياً للقتل في قوله:
{أَنِ ?قْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ?خْرُجُواْ مِن دِيَـ?رِكُمْ}) انتهى.
وقال أبو حيان: (وفي قوله {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا} وهن ظهر منه كثير واضطراب لما جاء به موسى إذ علم أنه على الحق وأنه غالبه على ملكه لا محالة، وذكر علة المجيء وهي إخراجهم وألقاها في مسامع قومه ليصيروا مبغضين له جداً إذ الإخراج من الموطن مما يشق وجعله الله مساوياً للقتل في قوله
{أَنِ ?قْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ?خْرُجُواْ مِن دِيَـ?رِكُمْ}
وقوله {بِسِحْرِكَ} تعلل وتحير لأنه لا يخفى عليه أن ساحراً لا يقدر أن يخرج ملك مثله من أرضه ويغلبه على ملكهبالسحر، وأورد ذلك على سبيل الشبهة الطاعنة في النبوة) انتهى.
وقال الألوسي في روح المعاني: (أي أجئتنا من مكانك الذي كنت فيه بعد ما غبت عنا أو أقبلت علينا لتخرجنا من مصر بما أظهرته من السحر، وهذا مما لا يصدر عن عاقل لكونه من باب محاولة المحال، وإنما قال ذلك ليحمل قومه على غاية المقت لموسى عليه السلام بإبراز أن مراده ليس مجرد إنجاء بني إسرائيل من أيديهم بل إخراج القبط من وطنهم وحيازة أموالهم وأملاكهم بالكلية حتى لا يتوجه إلى اتباعه أحد ويبالغوا في المدافعة والمخاصمة؛ إذ الإخراج من الوطن أخو القتل كما يرشد إلى ذلك قوله تعالى:
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ?قْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ?خْرُجُواْ مِن دِيَـ?رِكُمْ}
(النساء: 66) وسمى ما أظهره الله تعالى من المعجزة الباهرة سحراً لتجسيرهم على المقابلة.) انتهى
ـ[أخوكم]ــــــــ[16 Mar 2004, 06:59 ص]ـ
الأخ الكريم أبوعبدالله المسلم جزاك الله كل خير على جهدك
الذي منعني من الأخذ به فترة من الفترات هو سكوت موسى عليه السلام ولم يرد على فرعون قوله
فكأني فهمت من ذلك اقرار موسى عليه لمقولة فرعون
ثم تأملت كلامك طيلة يومي ويبدو أن ما ذكرته وما نقلته هو الذي سآخذ به وهو:
أن فرعون كذب في قوله (أجئتنا)
طبعا ما لم يتضح لي سبب أكثر قوة
ختاما: أكرر شكري الجزيل لك أخي الكريم ولا حرمك الله العلم النفع والعمل الصالح(/)
تتبعت الآيات التي فيها كلمة (أصحاب النار) فوجدتها تعني المخلدين فيها فقط
ـ[أخوكم]ــــــــ[16 Mar 2004, 07:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية لفت نظري حديث رواه مسلم وهذا نصه:
( .. وأما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناسا .... الخ) رواه مسلم
فكأني لمحتُ إشارة بأن كلمة (أصحاب النار) الموجودة بالقرآن ستعني الملازمين لها على الدوام، _ نسأل الله أن يحرم أجسادنا على النار _
فأخذت المعجم المفهرس لألفاظ القرآن وتتبعت جميع الآيات التي فيها (أصحاب النار) فوجدتها تعني المخلدين فيها
فتفضلوا هذه الآيات:
وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {39}
بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {81}
وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {217}
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {257}
البقرة
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {116}
آل عمران
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {10}
النساء
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {86}
المائدة
} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {36}
الأنعام
وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ {44} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ {45}
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ {50}
الأعراف
يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
التوبة
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ {5}
الرعد
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {51}
الحج
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {6}
فاطر
وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ {8}
الزمر
وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {6}
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ {42} لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {43}
غافر
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {19}
الحديد
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {10}
التغابن
(يُتْبَعُ)
(/)
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {6} إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ {7} تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ {8} قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ {9} وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ {10} فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ {11} إ
الملك
والآن مع الآيات التي لم تكن واضحة تماما لي ويحتمل لفظها الكفر وما دونه والآيات التي قد يبنى عليها الكفر إن صحت قاعدة أن جملة (أصحاب النار) تعني المخلدين فيها دون غيرهم:
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ {119}
الربا ... وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {275}
} إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ {29}
وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {27}
} أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {14} أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {15} اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {16} لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {17} يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ {18} اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ {19} إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ {20}
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ {20}
فما رأي إخواني في المنتدى بارك الله فيهم؟
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[21 Mar 2004, 06:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وبعد:
أخي الكريم أشكرك على مشاركتك، وأود أن أعلق على الآيات التي ذكرت أنك لم تجزم فيها، فالذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن كل ما ذكرته من آيات لا يخرج عما قررته في أول كلامك غير قوله تعالى في سورة البقرة في شأن الربا ((وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) وقوله تعالى في شأن القتل: ((إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ)) فهاتان الآيتان، لا تندرجان ضمن ما قررته.
أما الآية الأولى فقد وردت في شأن الربا وتحريمه، وفي سياق تقرير حرمته وبيان شبهة المحلين له، ومن المعلوم أن الربا من كبائر الذنوب، وأن مرتكبه والعائد إليه ممن ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.
وأما الآية الثانية فقد وردت في شأن قتل النفس المعصومة ظلما وبغيا، وهو أيضا من كبائر الذنوب، ومما تقرر عند أهل السنة والجماعة أن كبائر الذنوب كالربا والقتل مما لا يخلد أصحابها في النار حتى إن دخلوها، إلا أن يقال: إن الآيتين وردتا في المستحل لهذا الفعل، فإن صح هذا ـ وظاهرالآيات على خلافه ـ فلا إشكال بل تعود الآيتان إلى القاعدة الأساس
أما سائر ما ذكرته من آيات فهي واردة في أهل النار المخلدين فيها كما قررت ذلك.
وأود هنا أن أشير إلى فائدة لها تعلق بما ذكرته وهي أن كل خلود في النار جاء مؤكدا بلفظ أبدا فهو يدل على التأبيد أي أن من ذكر فيها هم من أهل النار الذي لا يخرجون منها أبدا كقوله تعالى: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا)) وإذا استعرضت آيات القرآن الكريم تجد أن هذه القاعدة لا تنخرم بحمد لله، والله أعلم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Mar 2004, 09:57 م]ـ
الله سبحانه وتعالى ذكر التأبيد في ثلاث آيات من القرآن في سورة النساء وفي سورة الأحزاب وفي سورة الجن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2004, 11:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تتمة لما ذكره أخي الشيخ ناصر الماجد أقول: إنه لم يرد تقييد الخلود في النار بالتأبيد إلا في ثلاثة مواضع، وكلها في شأن الكفار:
الأول: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:168 - 169)
الثاني: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:64 - 65)
الثالث: (إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) (الجن:23)
وقد جاء ذكر أصحاب النار والمراد بهم الملائكة في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ... ) (المدثر: من الآية31) قال ابن كثير في تفسيره: (يقول تعالى (وما جعلنا أصحاب النار) أي خزانها (إلا ملائكة) أي زبانية غلاظا شدادا؛ وذلك رد على مشركي قريش حين ذكروا عدد الخزنة فقال أبو جهل: يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم فقال الله تعالى (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) أي شديدي الخلق لا يقاومون ولا يغالبون).
وهذا هو الموضع الوحيد الذي خالف عرف القرآن في إطلاق هذا اللفظ؛ جاء في كتاب البرهان في علوم القرآن:
(وكل ما فى القرآن من أصحاب النار فهم اهل النار إلا قوله (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة)؛ فإنه يريد خزنتها.).
وأما آيتا البقرة في وعيد آكلي الربا، والمائدة في قصة ابني آدم فتحتاج إلى تفصيل أكثر، وقد علق صاحب المنار على آية البقرة بكلام يفهم منه أنها على ظاهرها، وأنها تفيد الخلود في النار. وكلامه فيه نظر - مع أن له وجهة نظر لها قيمتها وحظها من النظر -.
ومن أسلم التوجيهات لآية البقرة في شأن الربا ما ذكره البيضاوي بقوله: ((ومن عاد) إلى تحليل الربا إذ الكلام فيه (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) لأنهم كفروا به)
فالضمير في عاد راجع إلى التحليل المذكور في قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (البقرة: من الآية275).
ومن أقوال المفسرين في توجيه الآية قول الشوكاني: ((ومن عاد) إلى أكل الربا والمعاملة به (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) والإشارة إلى من عاد ...
وقيل إن معنى من عاد هو أن يعود إلى القول (إنما البيع مثل الربا) وأنه يكفر بذلك فيستحق الخلود وعلى التقدير الأول يكون الخلود مستعارا على معنى المبالغة كما تقول العرب ملك خالد أي طويل البقاء والمصير إلى هذا التأويل واجب للأحاديث المتواترة القاضية بخروج الموحدين من النار).
وقال السعدي في توجيهها: (في هذا أن الربا موجب لدخول النار والخلود فيها وذلك لشناعته ما لم يمنع من الخلود مانع الإيمان.
وهذا من جملة الأحكام التي تتوقف على وجود شرطها وانتفاء موانعها وليس فيها حجة للخوارج كغيرها من آيات الوعيد؛ فالواجب أن تصدق جميع نصوص الكتاب والسنة فيؤمن العبد بما تواترت به النصوص من خروج من في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من الإيمان من النار ومن استحقاق هذه الموبقات لدخول النار إن لم يتب منها).
ـ[أخوكم]ــــــــ[24 Mar 2004, 02:55 م]ـ
جزاكم الله كل خير على هذه الفوائد المتتالية والمرتبطة بعضها ببعض كارتباط عقد اللؤلؤ
ولعلي أختار عبارة الأخ الفاضل ناصر الماجد لتكون كخلاصة تهمني:
( .. فلا إشكال بل تعود الآيتان إلى القاعدة الأساس .. أما سائر ما ذكرته من آيات فهي واردة في أهل النار المخلدين فيها كما قررت ذلك ... وأود هنا أن أشير إلى فائدة لها تعلق بما ذكرته وهي أن كل خلود في النار جاء مؤكدا بلفظ أبدا فهو يدل على التأبيد .. )
وأكرر شكري للأخ ناصر الماجد والأخ أحمد البريدي والأخ أبومجاهدالعبيدي على معلوماتهم القيمة، وليس هذا بغريب على مشرفين في منتدى علمي
;)(/)
ما هو أفضل متن منظوم في أصول التفسير؟
ـ[القحطاني]ــــــــ[16 Mar 2004, 05:45 م]ـ
أيها الإخوة
لا يخفى عليكم ما للإصول والقواعد والضوابط من فوائد وعوائد وقد ألف العلماء في كل فن قواعد تلم شعثه وتجمع متفرقه.سواء المنظوم والمنثور.
أما أصول التفسير فلم أجد من ألف فيه على طريقة النظم لإنه أسهل في الحفظ والاستشهاد
غير أني اطعلت على منظومة الشيخ سعود الشريم فوجدتها جيدة واشتملت على كبرى المباحث في أصول التفسير ولكنها مختصرة جدا.
فهل يوجد منظومة غيرها ولكم جزيل الشكر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Mar 2004, 09:25 ص]ـ
أخي الكريم القحطاني وفقه الله
ما سألتم عنه يشغل بالي منذ زمن بعيد، وقد بحثت كثيراً عن المنظومات العلمية المحررة في علوم القرآن وأصول التفسير، ووجدت منها الكثير. غير أن من أمثلها منظومة للعلامة الشيخ عبدالعزيز الزمزمي رحمه الله. وقد قام بنظم متن نثري للسيوطي رحمه الله اسمه (النقاية) بضم النون وتشديدها. وقد قمت بطباعتها منذ ما يزيد على عشر سنوات، ولا زالت معي مطبوعة. ولها شروح مطبوعة قديماً كذلك، وأكثر من اعتنى بها علماء الحرم المكي الشريف، فوضعوا عليها الشروح والحواشي. وتقع هذه المنظومة في حوالي 160 بيتاً تقريباً. وقد تولى أحد الإخوة الفضلاء أعضاء الملتقى طباعتها، وأرجو أن تجدها خلال هذا الأسبوع في مكتبة شبكة التفسير. وهذه المنظومة نادرة بين طلاب العلم، فلعلنا نحرص على نشرها مع شرحها بإذن الله. وهي على كل حال ليست شاملة لكل مسائل العلم، غير أنها أتت على كثير من المهمات، وقد كنت حاولت إتمام نظم ما فاته من المسائل، ولو اكتمل لي ذلك ألحقتها بالمنظومة فيما بعد إن شاء الله.
ومنظومة الزمزمي أمتن من منظومة فضيلة الشيخ الجليل سعود الشريم حفظه الله.
وقد بلغني عن الشيخ العلامة محمد بن يحيى بن محمد بن علي بن عبدالودود الشنقيطي، شيخ محضرة (آل عدود) بموريتانيا أنه قال: انتخبوا لي كتاباً معتمداً في علوم القرآن، وسأنظمه لكم. وهذا الشيخ الجليل من المجيدين للنظم، وهو صاحب عناية به، وقد قام بمراجعة المنظومات العلمية التي قام مؤخراً - ولا زال - الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد سفيان الحكمي بالعناية بتحقيقها وإخراجها، مثل ألفية العراقي في الحديث، ومنظومة موطأة الفصيح لابن المرحل المالقي الأندلسي، وهداية المرتاب وغيرها.
ولست أدري هل شرع الشيخ في نظم كتاب في علوم القرآن أم لا؟ ولعل أخي الكريم الدكتور العباس الحازمي يأتينا بالخبر اليقين، فهو من أهل العناية بذلك، وهو من أصحاب الدكتور عبدالله الحكمي، والشيخ بن عدود وفقهم الله جميعاً وبارك فيهم.
ـ[القحطاني]ــــــــ[17 Mar 2004, 05:38 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[ابو المكارم العربي]ــــــــ[26 Aug 2008, 03:46 م]ـ
هناك منظومة مطبوعة لأحد علماء شنقيط في أصول التفسير أو علوم القرآن مطبوعة وقد تصفحتها سريعا وكان هذا للأسف قبل سنوات ولا أذكر حتى اسمها أو اسم مؤلفها!!
وهي أكبر من منظومة الزمزمي بكثير ولم تكن مرقمة الأبيات فربما كانت ألفية
ـ[محمد براء]ــــــــ[26 Aug 2008, 04:59 م]ـ
أقترح ان يقوم أحد المشايخ بتأليف متن محرر جامع في علوم القرآن، وينظم ذلك المتن بعض علماء شنقيط.
ـ[ناصر الربيعان]ــــــــ[27 Aug 2008, 12:30 ص]ـ
منظومة الزمزمي جميلة ومخدومة بالشرح فالشيخ عبد الكريم الخضير
شرحها شرحاً وافياً وتجدها في التسجيلات ومكتوبة في النت.(/)
دعوة للمشاركة في وضع محاور ندوة للتفسير
ـ[القميحي]ــــــــ[16 Mar 2004, 08:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا
نريد من الاخوة النصح والتشاور في محاولة وضع محاور علمية لندوة تناقش قضية مناهج تيسير التفسير عند العلماء المعاصرين، فقد برز في الفترة الاخيرة (فكر) تيسير التفسير لتسهيل قبوله عند العامة ومتوسطي المعرفة كالتفسير الواضح، وأيسر التفاسير، والتفسير الميسر، والموجز في التفسير، وموسوعة التفسير الشاملة، وصفوة البيان الى غير ذلك من التفاسير المختصرة الامر الذي يقتضي دراسة هذه التفاسير لمحاولة الوصول الى منهج عام يتفق عليه اغلب مفسري العصر بعيدا عن تسطيح العبارة التفسيرية
لذا ارجو من اخواني المشاركة في وضع محاور لمؤتمر يتناول هذه القضية الحساسة
ارجو من اخواني اغاثتي وعدم خذلاني(/)
الآية 29 من سورة التوبة
ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Mar 2004, 10:26 ص]ـ
الحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير، ولا يكون كذلك إلا لأنه صواب، فالخطأ غير ثابت لأنه يصحح. أما الحق فهو ثابت أبدا لأنه صادر من حكيم، فالحكمة تقاس بالحق.
والقرآن كلام الله العزيز الحكيم، فكل أحكامه وأوامره حق صالحة لكل زمان، فإذا جئنا عند آية فيها أمر من الله للمؤمنين فهي أمر لأي مؤمنين إلى أن تقوم الساعة. لنأخذ مثلا الآية 29 من سورة التوبة:
" قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." سورة التوبة: رقم 9 آية رقم 29
هذا أمر من الله للمؤمنين لا يغيره الزمان.
فهل تفسير الآية هو كما يلي؟:
يأمر الله هنا المسلمين بقتال اليهود والمسيحيين إلى أن يؤمنوا بدين الإسلام الذي ألغى بظهوره كل الأديان الأخرى، ولا يخلّصهم من ذلك إلا أن يدفعوا ضريبة الذل. ونسميها "ضريبة الذل" لأن الله يريد من المسيحيين واليهود أن يدفعوها للمسلمين وهم يشعرون بالذل.
هل هذا التفسير صالح لكل زمان؟ إن كان صوابا فإن المؤمنين بوسعهم أن يطبقوا هذا الأمر الإلهي في أي زمان.
لنبقى في زمننا هذا وننظر هل بإمكاننا تطبيق ما قاله المفسرون.
الدول الإسلامية ليس بوسعا ومقدورها أن تحارب دولة واحدة من دول الكفر، مثلا: كيان صغير كإسرائيل تملك ترسانة نووية من 200 رأس نووي، كل رأس نووي باستطاعته تدمير مدينة في حجم مدينة بغداد، إذن فليس في وسعنا أن نقاتل دولة واحدة فما بالنا إذا كان الأمر كما فسره المفسرون يأمرنا أن نشن حربا على كل من لايدين بالإسلام ولا يؤمن باليوم الآخر!!
ليس بوسعنا والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
إذن فكلام الله حق ونحن الذين لم نفهم معنى الآية.
لكي نفهم تفسير الآية علينا أن نستعرض كل الآيات التي تتعلق بهذا الأمر. مثلا:
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) آية 8 الممتحنة.
هذا أيضا كلام الله فكيف نناقضه ونقاتل من لم يقاتلنا ونفرض عليهم الجزية؟!!
قتال أهل الكتاب وكل من لم يؤمن بالله واليوم الآخر بدون سبب يعتبر
إكراها في الدين، والله تعالى لم يرسل رسوله صلى الله عليه وسلم حفيظا على الناس ولا وكيلا عليهم، فمن شاء فليكفر ومن شاء فليؤمن.
إذن فتفسير الآية 29 من سورة التوبة يجب أن يحمل على سبب يتبين منه شرعية القتال. والسبب في هذه الآية:
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) 190 البقرة.
إذن نقاتلهم إذا قاتلونا ولا نبتدي العدوان.
فالآية 29 من سورة التوبة تعتبر تحريضا على قتال من قاتلنا من الكفار الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ومن أهل الكتاب.
والتحريض على القتال يوجب ذكر الخطر المحدق لشحذ الهمم ولكي لا يتقاعس أحد على القتال.
فخطر هؤلاء هو أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر إن نحن تقاعسنا عن قتالهم احتلوا أرضنا ونشروا أفكارهم الإلحادية، والخطر الثاني
لو انتصروا فسيفتنونا في ديننا لأنهم لا يحرمون ما حرم الله: سينشروا الرذيلة في بلادكم وينشئوا كازينوهات للقمار وبارات للخمور
، وذلك لأنهم لا يدينون دين الحق، وبما أنهم لا يدينون دين الحق فسيعملون على نشر معتقداتهم بتنصيركم أو تهويدكم، والخطر الرابع
أنهم إن انتصروا عليكم فإنهم سيذلوكم وينهبوا ثرواتكم، فلتكن كل هذه الأخطار نصب أعينكم وقاتلوهم بهمة وعزم فإذا تم لكم النصر فأذلوهم كما أرادوا أن يذلوكم واجعلوهم يدفعوا الثمن غاليا بسلبهم أموالهم وعتادهم كما أرادوا أن يسلبو نكم (جزية) جزاء عدوانهم عليكم.
أليس هذا التفسير صالحا لكل زمان، وكلما حل بالأمة عدوان فعليها أن
تطبق الآية 29 من سورة التوبة.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[18 Mar 2004, 06:07 م]ـ
أخي الفاضل سلَّمه الله
لماذا نحاول تطويع آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلَّم دائما لتكون موافقه للذلة التي نعيشها والمعانة التي تمر بها الأمة الإسلامية.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن السبب الرئيس في هذه الأزمة والمحنة هو البعد عن تطبيق شرع الله تعالى على مستوى الأفراد والشعوب الإسلامية، فلو أن كل فرد طبق أحكام الشرع على نفسه وأهل بيته لما وجدنا هذه الذلة والنكسة التي تمر بها الأمة، ولو أن الحكومات طبقت شرع الله لما رأينا الذلة والعمالة لدول الكفر التي لم ولن تستطيع أن تذِّل الشعوب المسلمة إلا بواسطة هؤلاء المرتزقة.
إن البعد عن الكتاب والسنة وتطبيقهما على الأمة هو سبب دفعنا نحن للجزية للكفار قاتلهم الله بدل أن نأخذها منهم، وهناك مصيبة تجدها بين المسلمين الذين ينتمون لبلدان مختلفة، حيث إن مصلحة البلد مقدمة على مصلحة الدين عندهم وقد تجد لدى البعض منهم حب البلد مقدم على حبِّ الدين.
إن الدول التي سميت أو لم تسم ممن تملك أعتى المعدات والذخائر لم تكن قادرة على دخول أصغر دولة إسلامية بالسلاح المجرَّد لأن هذه الأمة قادرة على الصمود، وهي وإن ضعفت فإنها لا تموت لأنها حاملة دين الله الباقي إلى يوم القيامة، ولن تستطيع هذه الدول المستعمرة أن تثبت أركان تسلطها إلا بحبل من الناس أمَّا حبل الله فقد أصبحنا متساوين معهم فيه حيث إت الكثير من المسلمين ليس له من الاسلام إلا اسمه فكيف يريد نصر الله من هذا حاله.
وهاهي الأمثلة العملية تطبق أمام أعيننا لتدلنا على أن دول الكفر مهما بلغت من العتو والعناد فإنها لا تحقق غاياتها وتثبت أركانها في بلاد الإسلام إلا بالمنافقين والعملاء من الذين يعيشون بين المسلمين كما هو في الأفغان والعراق وغيرها من بلاد المسلمين المحتلة نسأل الله أن يفك أسرها.
وأنا لن أتحدث معك في تفسيرك للآية ومحاولة جمعك بين الآيات لأن هناك متقدم ومتأخر وناسخ ومنسوخ وهناك سيرة نبوية طويلة عاشها وطبق فيها هذه الآيات، أرى أن الواجب على من يريد التصدي لمثل هذه الأمور أن ينظر في جمع العلماء بين هذه الآيات ثم يوجهه إن كان فيه اختلاف أو إشكال.
والله أعلم
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Mar 2004, 09:12 ص]ـ
أخي الكريم حفظه الله.
ليس كل حكم يجوز عليه النسخ.
قد يمكن النسخ في الأحكام التي تتعلق بتغير الإنسان من حال إلى حال مراعات لقدرته ووسعه، مثلا حينما يكون قويا عليه ألا يفر من عشرة أعداء في المعركة ولما ضعف علم الله ذلك فجعل النسبة اثنين بدل من عشرة تخفيفا من الله.
ولم يحرم الله الخمر من أول الأمر وإنما حرم على شاربها الاقتراب من الصلاة في حالة السكر لأنه كان هناك ناس مدمنين على الخمر، والمدمن الذي تجري الكحول في دمه يشق عليه أن ينقطع عن الخمر دفعة واحدة، أما إذا عولج بتقليل الكمية شيئا فشيئا إلى أن يشفى من الإدمان فإنه يسهل عليه عندئذ أن ينتهي من شرب الخمر، فحتى عند البشر يتم علاج مدمني المخدرات بتقليل الكمية.
نأتي الآن إلى هذه الآية: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) 190 البقرة.
هل يجوز على هذه الآية النسخ؟
لا يمكن أن تنسخ بآية تأمر المؤمنين أن يقاتلوا من لم يقاتلهم لأن ذلك يعتبر عدوانا، والعدوان ظلم، والله منزه عن الظلم. وسبحان الله وتعالى عن التحول من العدل إلى الظلم.
وبناء على هذا فإن أي أمر من الله للمؤمنين بالقتال يكون في إطار الآية 190 من سورة البقرة.
فالآية 29 من سورة التوبة حكمها هو نفس حكم الآية 190 من سورة البقرة، وآية التوبة فيها تحريض على القتال بذكر أخطار تشحذ الهمم.
آية سورة التوبة خصت بالذكر أهل الكتاب، والتاريخ والواقع يشهدان أن أكثر من قاتل المسلمين كانوا أهل كتاب، فالحروب الصليبية شنها أهل الكتاب، والاحتلال البريطاني، والاحتلال الفرنسي، والإسباني والإيطالي، ورأينا عواقب غزوهم لبلاد المسلمين، أفسدوا أخلاق كثير من المسلمين بأن أنشأوا الكازينوهات والكاباريهات والديسكو ...
فهذا هو الخطر الذي حذرنا الله منه (لا يحرمون ما حا حرم الله)،
ونشروا ثقافتهم وأفكارهم وتبناها جمهور من الناس، وذلك هو الخطرالمحذر منه في الآية (لا يدينون دين الحق)، فلما تمكنوا نهبوا ثرواتنا وجمدوا أموالنا، فهذه جزية أخذوها منا، وكان علينا أن نقاتلهم بهمة ونجعلهم يدفعوا الثمن غاليا في الأموال والأولاد مادامت تلك كانت هي نيتهم.
ولسنا ببعيد فها هو التاريخ يعيد نفسه في العراق وكل تلك الأخطار المحذر منها في الآية واردة وربما سيفرض المحتل تطبيق أحدها على دول الجوار، وأخذ منهم وما زال يأخذ جزية لتمويل حربه.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 Mar 2004, 12:55 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: أبو علي
هل يجوز على هذه الآية النسخ؟
لا يمكن أن تنسخ بآية تأمر المؤمنين أن يقاتلوا من لم يقاتلهم لأن ذلك يعتبر عدوانا، والعدوان ظلم، والله منزه عن الظلم. وسبحان الله وتعالى عن التحول من العدل إلى الظلم.
كتبت ردا ثم مسحته ورايت أن الأولى أن أسألك سؤالا مهما بالنسبة لي:
هل تقرّ بأن هناك نوعين من الجهاد، جهاد دفع، وجهاد طلب؟
وفقك الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 Mar 2004, 08:52 ص]ـ
لا أريد ذكرهما لسبب أمني، فهذه الكلمة عندهم كافية للاتهام بالإرهاب
ودخول السجن، (خاصة وأني متيقن أنني مراقب)
الدفع والطلب قائمان دائما إذا ثبت الاعتداء على المسلمين، وحيث أن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس، قديما كان الطلب يتم بالعبور بالخيل والرجال، أما اليوم فالعدو يبعد بآلاف الكيلومترات وبيننا وبينهم دول أخرى لا تسمح لنا بالمرور، فالطلب يكون بالقصف من بعيد أو مهاجمة
أهدافهم وأساطيلهم التي تمر في قناة أو في البحر وغير ذلك.(/)
من رمي ببدعة من المفسرين
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[17 Mar 2004, 11:11 م]ـ
أرجو من الأساتذة الكرام، تحرير مسألة المفسر إذا رمي ببدعة هل يقبل تفسيره؟
وهل تصح نسبة القول بالقدر إلى قتادة كما ذكر ذلك الذهبي، وهل هناك من حقق هذه المسألة الأخيرة من المعاصرين؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[18 Mar 2004, 07:27 م]ـ
إحم ... أنا لست من الأساتذة الكرام و لكن اسمح لي أن أقول أن كثيراً من التفاسير مقبولة و معتمدة رغم أن أصحابها كانوا مبتدعين و أبرز مثال لذلك تفسير الكشاف للزمخشري المعتزلي و المثال الأقل بروزاً هو التفسير الكبير للرازي الأشعري .... فما رأي الأساتذة الكرام؟
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[22 Mar 2004, 11:29 ص]ـ
الأخ الكريم محب الثقافة .. نشكر لك هذا السؤال والذي نريد من خلال نقاشه أن لا يكون المقصود مجرد تمييز المفسرين بين مبتدع ومتبع لأجل التمييز وإنما لما لذلك من أثر على التفسير ..
أخي الفاضل ..
يمكن الجواب على هذا السؤال من خلال نقاط:
أولاً: لا يوجد مفسر يمكن الحكم عليه بأنه صواب مطلق بل الكل عنده ما يؤخذ من قوله ويرد وهذا أمر معلوم في جميع الفنون.
ثانياً: إن التزام المفسر بعقيدة السلف يضمن في الغالب صحة تفسير المفسر في جانب العقيدة وما يتعلق بها كما هو في تفسير ابن جرير رحمه الله.
ثالثاً: يمكن تقسيم المفسرين من حيث الابتداع إلى قسمين:
1 - من عرف عنه التزام مذهب مغاير لمذهب السلف كما هو شأن الزمخشري رحمه الله حيث التزم مذهب المعتزلة، والرازي حيث التزم مذهب الأشاعرة.
2 - من عرف عنه عدم التزام مذهب معين بل هو حريص على معرفة الحق في الاعتقاد.
3 - من عرف عنه مخالفته لأهل السنة في مصادر التلقي والمخالفة في الأصول كغلاة الرافضة.
والحكم في هذه الأصناف:
أن المفسر إذا عُلم التزامه مذهباً غير مذهب أهل السنة فلا يعد ذلك سبباً في رد كل ما عنده من التفسير بل يكون ذلك سبباً للحذر من تفسيره المتعلق بالعقيدة.
وأما من عرف عنه مخالفته في مصادر التلقي كعدم الأخذ بالحديث النبوي مثلاً فهؤلاء لا يعد خلافهم مقبولاً في التفسير ..
والله أعلم ..
(اعتذر للاختصار للعجلة)(/)
هل من أحد يصف لي نسخ مخطوطات تفسير الثعلبى من أول المائدة إلى آخر التوبة؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[18 Mar 2004, 03:18 م]ـ
السلام عليكم
هل من أحد يصف لي نسخ مخطوطات تفسير الثعلبى من أول المائدة إلى آخر التوبة وهل هذه النسخ خطها واضح؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[18 Mar 2004, 08:31 م]ـ
للرفع
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Mar 2004, 08:27 م]ـ
حياك الله ابا صفوت , وأحب إخبارك بأن تفسير الثعلبي تم تحقيقه كاملاً في جامعة أم القرى.(/)
طلب تراجم لبعض المفسرين
ـ[ابوعمرالغامدي]ــــــــ[18 Mar 2004, 06:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام ثم اما بعد هذه اول مشاركة لي وارجو انكم تساعدوني عندي بحث لبعض المفسرين واشهرهم
واريد نبذه عن حياة كل مفسر لاتتعدى ثلاث صفحات والمفسرون هم:.
1 - مجاهد
2 - عكرمه
3 - عطاء ابن أبي رباح
4 - زيد ابن اسلم
5 - أبي العاليه
6 - محمد بن كعب القرضي
7 - قتاده
8 - علقمه
9 - الشعبي
أثابكم الله وسدد خطاكم
ـ[عبدالله بن محمد السليمان]ــــــــ[19 Mar 2004, 02:43 م]ـ
إرجع لكتاب سير أعلام النبلاء للذهبي وكتاب غاية النهاية لابن الجزري وكتاب الأعلام للزركلي وكتاب الطبقات الكبرى لابن سعد وغيرها من كتب التراجم للأعلام .. دعواتي لك لاتوفيق
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Mar 2004, 09:27 م]ـ
ولو رجعت إلى أقرب مكتبة إليك؛ كمكتبة المعهد أو المكتبة العامة في مدينتك، أو بعض المكتبات الخاصة لمن تعرفه من طلبة العلم، ورجعت إلى الكتب المذكورة أعلاه، أو إلى كتب طبقات المفسرين - وهي أسهل عليك - لوجدت تراجم من سألت عنهم بسهولة.
وأحب تنبيه الإخوة الأعضاء بأن الملتقى ليس لكتابة البحوث المطلوبة من الطلاب، وتجهيزها لهم، فهذا مناف لمقاصد البحث التي يكلف بها الطلاب بأنفسهم ليتدربوا على كتابة البحوث والرجوع إلى المصادر بأنفسهم.
ونحن هنا نساعد الباحث، وندله على المراجع، ونعينه في بعض القضايا المنهجية.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.(/)
الحلقة الثانية من المهمات في علوم القرآن ـ للشيخ خالد السبت ـ وعذراً على التأخر.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Mar 2004, 05:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فالأمر الأول الذي نتحدث عنه في هذه المهمات هو {موضوع الوحي}
تعريف الوحي:
أولاً: معناه في اللغة:
أصحاب المعاجم اللغوية يذكرون للوحي معاني كثيرة منها:
1/ الكتابة ومنه قول رؤبة بن العجاج:
وحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثُّبَّتِ
يعني أن الله عز وجل وحى لها ـ أي الأرض ـ ومعنى وحى لها أي: ألهمها أو أمرها أو كتب لها القرار فاستقرت كما قال الله عز وجل: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة:4، 5)
2/ و من معانيه أيضاً: الإشارة، والرمز، وهو معنىً صحيح من معاني الوحي كما قال الشاعر:
فأوحى إليها الطرف أني أحبها فأثر ذاك الوحي في وجناتها
يعني أنه أشار إليها بعينه إشارة معينة فهمت منها رسالة معينة فظهرت الحمرة على وجناتها من الحياء.
3/ ومن معانيه التي يذكرونها في كتب اللغة أيضاً: الإلهام، وهو أحد التفسيرات لقول رؤبة السابق:
وحى لها القرار فاستقرت ...................
أي: ألهمها ذلك.
4/ ومن معانيه أيضاً: الإعلام في سرعة وخفاء.
ومن معانيه الأخرى: المكتوب، والبعث، و الأمر، وبه فسر بعضهم قول رؤبة أيضا:
وحى لها القرار فاستقرت ........................
أي: أمرها بالقرار. وكذلك الإيماء والتصويت شيئاً بعد شيء، وقيل: أصل الوحي التفهيم.وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي. إلى غير ذلك من المعاني التي لربما بلغت اثني عشر معنىً في كتب اللغة وغيرها كفتح الباري لابن حجر ـ رحمه الله ـ، لكنها كلها ترجع إلى أصل واحد تدور عليه هذه المعاني الكثيرة وهو ما ذكره (ابن فارس) في كتابه المقاييس في اللغة بقوله: " الواو والحاء والحرف المعتل ـ الألف المقصورة ـ، أصل يدل على إلقاء علم في إخفاء أو غيره، يعني الإلقاء بخفية أو الإلقاء من غير خفية إلى غيرك ... إلى أن قال: وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى علمه فهو وحي كيف كان ـ يعني بخفية أو بغير خفية ـ وكل ما في باب الوحي فراجع إلى هذا الأصل الذي ذكرناه."
والخلاصة: أن معنى الوحي في كلام العرب: يدل على إلقاء علم بخفية أو غيرها، وأكثر ما يستعمل في كلام العرب في الإلقاء السريع الخفي.
ثانياً: اطلاقات واستعمالات (الوحي) في القرآن:
وردت هذه اللفظة ـ الوحي ـ في كتاب الله عز وجل بمختلف الاستعمالات؛ في اثنين وتسعين موضعاً، ولو أردنا أن نصنف هذه المواضع ونجمع المتماثلات مع بعضها، وننظر في المعنى الذي دلت عليه في كل موضع، فإننا نجد أنها تدور على معانٍ متعددة في كتاب الله عز وجل، ومن هذه المعاني ما يلي:
أولاً: أنها ترد في كتاب الله عز وجل ويراد بها: الوحي بالمعنى الخاص، والمقصود بالمعنى الخاص للوحي: الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد ورد ذلك في مواضع كثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى؛ كما قال الله عز وجل: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) (النساء:163) وكما قال سبحانه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) (الشورى: من الآية13)، وكقوله سبحانه (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)، وكقوله جل شأنه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: من الآية3) وكقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) (الشورى: من الآية52)،وكقوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) (الشورى: من الآية7). فهذه الآيات وغيرها
(يُتْبَعُ)
(/)
كثير، منها ما يصرح الله عز وجل فيه بالوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومنها ما يصرح فيها بأنه أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من الوحي بالمعنى الخاص.
ثانياً: الاستعمال الثاني الذي ورد في القرآن: وهو الوحي بالمعنى العام فمن ذلك:
أ- الوحي إلى بعض الآدميين، ويدخل فيه:
1 - الوحي إلى بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل النبوة، وهذا ليس من الوحي بالمعنى الخاص؛ لأنه قبل النبوة فهو كالإيحاء لغيرهم، وإنما هو وحي ببعض المسائل، وليس من جنس وحي البلاغ.
مثاله: قول الله عز وجل عن يوسف صلى الله عليه وسلم: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (يوسف:15) فقد أوحى الله عز وجل إليه ذلك وهو غلام صغير، ولم يكن نبيا في ذلك الوقت، لأن الله عز وجل آتاه النبوة بعد ذلك كما قال الله عز وجل: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً) (يوسف: 22) فهذا الوحي الذي حصل ليوسف صلى الله عليه وسلم في ذلك الحين، يمكن أن يقال في معناه: بأن الله عز وجل أنزل إليه مَلًكاً يُثَبِّتُه في وقت الشدة، ويمكن أن يقال: بأن الله عز وجل ألهمه بأن هذه المحنة ستنجلي، وأن الله عز وجل سيرفعه بعد ذلك على إخوته، كما قال الله عز وجل بعد ذلك (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) (يوسف: 76) فهذا ليس من الوحي بالمعنى الخاص.ويمكن أن يلحق بذلك ما ذكر الله عز وجل عن يحي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حقه (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (مريم:12) ومعلوم أن يحيى ? لم يتول ملكاً؛ بل قتل عليه الصلاة والسلام واستضعف، فإذاً يمكن أن يفسر الحكم الذي أعطيه يحيى عليه الصلاة والسلام وهو صبي: بأنه الحكمة. ويمكن أن يلحق بذلك أيضا قول الله عز وجل عن عيسى عليه الصلاة والسلام: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:46) يعني في كهولته. وعيسى صلى الله عليه وسلم أخبر الله عنه أنه تكلم فعلاً في المهد (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً*وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (مريم:31.30) مع أن عيسى عليه الصلاة والسلام لم ينبأ إلا بعد ذلك حينما بلغ الثلاثين، وقوله: (وَجَعَلَنِي نَبِيّاً) (مريم: 30) هذا من قبيل الإخبار عن الأمر الذي يكون في المستقبل بالماضي لأنه متحقق الوقوع. كما قال الله عز وجل: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل: من الآية1) مع أن الساعة لم تأت بعد لكن لما كانت متحققة الوقوع عُبر عنها بذلك. ثم قال عيسى عليه السلام (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (مريم: 31) ومعلوم أن عيسى ويوسف عليهم الصلاة والسلام لم ينبؤوا في ذلك الحين وإنما نُبِّؤوا بعد ذلك فهذا وحي إلى بعض الأنبياء في بعض الأمور الخاصة قبل النبوة.
2 - الوحي إلى بعض أمهات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا الوحي ليس بكتاب، ولا رسالة، فليس هو من الوحي بالمعنى الخاص. مثال ذلك: أن الله عز وجل أوحى إلى أم موسى فقال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ) (القصص: من الآية7) وهي ليست نبية، وكذلك مريم رحمها الله؛ قال الله عز وجل عنها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً*قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً) *قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً) (مريم:19.18.17) فأرسل لها جبريل عليه الصلاة والسلام وكلمها وهي ليست نبية.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - الوحي إلى الحواريين ـ وهم خلاصة أصحاب عيسى عليه السلام، وقد اختلف في عددهم؛ فقال بعضهم: هم اثنا عشر رجلاً، وبعضهم يوصلهم إلى السبعين، ولا يثبت في ذلك شيء، ويمكن أن يجمع بين هذا وهذا، فيقال: لربما بلغوا السبعين وصفوتهم وخلاصتهم ورؤسهم هم هؤلاء الاثنا عشر ـ فقال الله عز وجل: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) (المائدة:111) فهذا الوحي إلى الحواريين؛ يمكن أن يقال: إنه أوحى إليهم عن طريق عيسى ?، أي: أمر الله عيسى أن يبلغهم أن الله يأمرهم بذلك، ويمكن أن يقال: أن الله ألهمهم ذلك بأن قذف في قلوبهم صدق عيسى عليه السلام فآمنوا به.
ب - أنه يأتي بمعنى الإشارة والرمز وذلك كما في قوله تبارك وتعالى عن زكريا عليه الصلاة والسلام حينما قال: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً) (مريم:10) بمعنى أنك لا تستطيع الكلام ثلاث ليال من غير علة ولا عاهة ولا مرض؛ فهذه علامة أنه سيرزق بالولد. ثم قال الله عز وجل ـ وهذا موضع الشاهد ـ (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11) ومعنى أوحى إليهم: أي رمز إليهم، ويفسر ذلك الآية الأخرى وهي قوله: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران: من الآية41) فخرج عليهم فرمز إليهم بهذا الرمز، أي: أشار إليهم بهذه الإشارة.
ج - الوحي إلى الملائكة عليهم الصلاة والسلام، وهو نوعان: وحي تبليغي: أي أن الله عز و جل يأمرهم فيه بالبلاغ. والثاني: وحي تكليفي: أي أن الله عز وجل يوحي إليهم ليكلفهم ببعض التكاليف. فمن الأول – وهو الوحي التبليغي ـ قوله تبارك وتعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (الحج: 75) أي يصطفى رسلاً فيرسلهم إلى الرسل والأنبياء من البشر، يبلغون رسالات الله عز وجل. ومن الوحي التبليغي أيضاً قوله تبارك وتعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء:194.193) والروح الأمين هو: جبريل عليه الصلاة والسلام. ومنه أيضاً قوله تبارك وتعالى عن جبريل عليه السلام: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم:10) أي: أوحى جبريل إلى النبي ?. وكذلك قوله تبارك وتعالى (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) (النحل: من الآية2) أي: ينزلهم بالوحي، وسمى الله عز وجل الوحي روحاً؛ لأنه به حياة القلوب. وأما الوحي التكليفي: فكما في قوله تبارك وتعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (لأنفال:12) فهذا وحي تكليفي، كلف الله عز وجل الملائكة بتثبيت قلوب المؤمنين، وبضرب أعناق الكافرين وتقطيع أطرافهم؛ فلا يستطيعون حمل السلاح. وكذلك كما في قوله تبارك وتعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) (البقرة: من الآية34) فهذا وحي تكليفي،وكذلك كما في قوله: (عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ) (التحريم: من الآية6) أي: ما كلفهم به.
د - وهو الوحي الإلهامي التسخيري لبعض الكائنات: وهو خاص وعام، فالعام هو: كل ما في الوجود فهو مسخر بأمر الله عز وجل، والخاص هو: ما ورد فيه أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى بعض المخلوقات فيما أخبرنا؛ كما قال الله عز وجل عن النحل: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل:68) فمعنى ذلك ـ والله تعالى أعلم ـ:أنه ألهمها وغرس في فطرها هذا الأمر.
(يُتْبَعُ)
(/)
هـ - الوحي التسخيري لبعض الجمادات كقوله تبارك وتعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ*فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت: 12.11) فهنا كلمها مباشرة ـ كما هو ظاهر هذه الآية ـ (فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) (فصلت: من الآية11) وهذا من أنواع الوحي، ثم أيضاً قال الله عز وجل في تمام هذه الآية: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) (فصلت: من الآية12) وهذا يحتمل معنيين: فيحتمل أن يكون أوحى إليها ما يقوم به أمرها ونظامها، ويحتمل أنه أوحى إلى ملائكة كل سماء بأوامره إليهم، فيكون على تقدير والأصل عدمه، ويمكن أن يجمع بين المعنيين فيقال: إن الله عز وجل أوحى إلى كل سماء ما يقوم به نظامها وما يقوم به أمرها، وأوحى أيضاً إلى ملائكة كل سماء بما شاء سبحانه وتعالى، مما كلفهم به من التكاليف. وقال الله عز وجل عن الأرض: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة:5.4) تحدث أخبارها بسبب أن ربك أوحى لها فتكون الباء هنا سببيه، أوأنها تنطق بما أوحى الله إليها، أي: بما أوحى الله إليها، فعلى الثاني: تكون محدِّثة بالموحى إليها، وعلى الأول: تتحدث بسبب أن الله أوحى إليها أن تتحدث فتخبر بما عمل عليها. وهذا هو الأقرب والله تعالى أعلم.
و - وحي الشياطين إلى أوليائهم: وجاء ذلك في قوله تبارك وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام:112) فهؤلاء يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، فشياطين الجن توسوس لشياطين الإنس، وتوحي لهم وتقذف في قلوبهم الشبهات التي يبرزونها ويظهرونها؛ فيشككون بما جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويوحون إليهم بالأمور التي يحصل بها الإفساد للخلق.وقد جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه وكان زوجاً لأخت المختار الثقفي الذي ادعى النبوة في آخر أمره ثم قتله مصعب بن الزبير ـ رضي الله تعالى عنه ـ فقيل لابن عمر: إن المختار يزعم أنه يوحي إليه. فقال: صدق، ثم قرأ هذه الآية (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) (الأنعام: من الآية121)،فهو يوحى إليه؛ لكن الذي يوحي إليه الشيطان، فالشياطين توحي إلى الآدميين. وآية الأنعام الأخرى تدل على ذلك (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا) (الأنعام: من الآية112) فمما كانوا يوحونه إليهم أنهم كانوا يقولون لهم: ما ذبحتموه بأيديكم تقولون حلال، وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون حرام ـ يعنون الميتة ـ إذاً أنتم أحسن من الله! ألقوا إليهم هذه الشبهة فقال الله عز وجل: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (الأنعام: من الآية121)
وهذا النوع من الأنواع التي وردت في كتاب الله عز وجل وهي من الوحي بالمعنى العام.
و الوحي بالمعنى الخاص هو الذي يعيننا هنا وهو المهم؛ لأن إثبات الرسالات يتوقف عليه، ولما قال بعض اليهود على سبيل المكابرة رداً لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام: من الآية91) فعمُّوا؛ لأن لفظة (شيء) نكرة جاءت في سياق النفي فتعم. فاحتج الله عز وجل عليهم بحجة ألقمتهم حجراً فقال: (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى) (الأنعام: من الآية91) فمعنى ذلك أنكم تنكرون نبوة موسى عليه السلام لكونه داخلاً في هذا العموم.
تعريف الوحي بالمعنى الخاص:
فالوحي بالمعنى الخاص: هو إعلام الله لأنبيائه ورسله بما يريد إبلاغه لهم من شرع أو كتاب بالكيفية التي يريدها.
وعرفه بعضهم كالحافظ ابن حجر رحمه الله: بأنه الإعلام بالشرع.
شرح التعريف:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقولنا: (بالكيفية التي يريدها) هذا يتعلق ببيان أنواع الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.والمقصود هنا؛ الوحي بمعناه ومفهومه الخاص، وأجمع آية وردت في هذا النوع هي قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى:51) فهذه الآية جمعت ثلاثة أنواع: أولها: قوله: (إلا وحياً)،ثانيها: قوله: (مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، ثالثها: قوله: (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) فجمعت هذه الآية عامة أنواع الوحي.
فقوله تبارك وتعالى: (إلا وحياً) يدخل تحته أمور متعددة من أنواع الوحي؛ أولها: الرؤيا الصادقة وهي من أنواع الوحي، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة ـ أو الصالحة ـ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) أخرجاه في الصحيحين (خ/ 3، م / 231) فأول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الرؤيا الصالحة. وقد بقي ستة أشهر قبل نزول الملك يرى هذه الرؤى التي تأتي مثل فلق الصبح، وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ " (خ/ 6474) ويتبين معنى هذا الحديث من خلال الحديث الذي ذكرته قبل قليل، فمدة بقاء النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة، وفي المدينة على الأرجح عشر سنوات، فالمجموع ثلاث وعشرون سنة، فلو قسمت هذه الثلاث وعشرين على ستة أشهر فيكون ستا وأربعين، والرؤيا الصالحة استمرت ستة أشهر فهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة؛ هذا يمكن أن يفسر به الحديث والعلم عند الله عز وجل، ولا يقطع به، ولكنه احتمال.
ومما ورد في كتاب الله عز وجل من هذا النوع من الوحي ـ وهو الرؤيا الصادقة ـ قول الله عزوجل عن إبراهيم عليه السلام (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102) فهنا قال (إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) فاحتج بالرؤيا، و بنى عليها العمل (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (الصافات: من الآية103) وكذلك استجابة إسماعيل صلى الله عليه وسلم له بقوله: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) (الصافات: من الآية102)، ثم قوله: (افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) يدل على أنه أمر من الله عز وجل، و لهذا قال الله عز وجل: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات:105.104). و كذلك قال في حق النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (الاسراء: من الآية60) و هذه الرؤيا بعض العلماء يقولون: هي ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء و المعراج فهي رؤيا عين؛ وليست رؤيا في المنام، والقول الآخر وهو الأقرب، وهو أنها تفسر بقوله تبارك وتعالى في سورة الفتح: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:27) وهو فتح خيبر. فهذه الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم حيث رأى نفسه يطوف آمنا مع أصحابه بالبيت، وتعلقت قلوب الصحابة رضي الله تعالى عنهم بمقتضى هذه الرؤيا ومضمونها. ولا شك أن رؤيا الأنبياء حق. وحينما نقول بأن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. فيتنبه هنا إلى أنه لا يجوز أن يبنى على الرؤى حكم من الأحكام لا في الأمور الشرعية ولا في غيرها من القضايا العلمية أو العملية، بمعنى أنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد بعبادة بناء على رؤيا رآها، إذا كانت هذه العبادة لم يشرعها الله عز وجل، ولا يجوز للإنسان أن يبني على ذلك قضية علمية أو عملية؛ بمعنى أنه مثلا رأى في المنام أن تركيب الدواء الفلاني يفيد من
(يُتْبَعُ)
(/)
المرض الفلاني، فهذا لا يُبنى عليه حكم، ولا يصح أن يعتمد عليه، وهكذا أيضا بما يتعلق بالقضايا العلمية من الحب والبغض و اعتقاد ولاية إنسان أو فساده أو نحو ذلك.
تنبيه: إذا علم أن رؤيا الأنبياء حق و أن الرؤى الصالحة من أنواع الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا يعني ذلك أن شيئاً من القرآن قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حال النوم. نعم أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء وهو في حال النوم ليس منها القرآن. وقد يشكل على البعض ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (607) من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ:" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال أنزل علي آنفا سورة، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) (الكوثر:1) ... إلى آخرها"
فالجواب: أن هذه (إغفاءة) كما عبر أنس بن مالك ـ رضي الله تعالى عنه ـ ولم تكن نومة، ومعلوم أن الإغفاءة نومة يسيرة فالنبي صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه يحدثهم، ولا يتصور أنه عليه الصلاة والسلام ينام بينهم في مجلسه، و إنما هذه هي الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي، والتي يقال لها برحاء الوحي، فقد كانت تعتري النبي صلى الله عليه وسلم حالة يتربد لها وجهه، و يسيل منه العرق، ويلاحظ ذلك أصحابه، فهذه الحالة التي اعترته فعبر عنها أنس بن مالك بذلك.
فإذاً ينبغي أن نفرق بين ثلاثة أشياء:
بين دعوى ما نزل من القرآن مناماً، وبين أن الرؤيا نوع من أنواع الوحي، وبين أن بعض القرآن نزل عليه وهو في فراشه، فيمكن أن نقول: إن بعض القرآن نزل والنبي صلى الله عليه وسلم في فراشه، ولكن وجود الإنسان في فراشه لا يعني أنه نائم، وهذا ما يسميه السيوطي فيما سبق من العناوين التي سردتها قبل بالفراشي والنومي، فنقول: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات وهو في فراشه، كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: من الآية67) لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات ليله قلقاً وتمنى أن يُحرس، فسمع قعقعة السلاح فقال من هذا؟ فقال: سعد بن مالك ـ سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه ـ فهيأ الله له ما تمناه، فأنزل الله عز وجل عليه (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: من الآية67) فقال: انصرفوا" (خ/ 2672، م/ 4427)
هذا ما يتعلق بالرؤيا الصالحة، وهي النوع الأول الذي يدخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً) (الشورى: من الآية51)
النوع الثاني: الذي يدخل تحت قوله:: (إِلَّا وَحْياً) وهو: النفث في الرُّوع كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن روح القدس – يعني جبريل صلى الله عليه وسلم – نفث في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها و أجلها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب) فالنفث في الرُّوع داخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً)
ويشبهه النوع الثالث: الداخل تحت قوله: (إِلَّا وَحْياً) وهو: الإلهام. وحقيقته: إلقاء المعاني في القلب، ولو من غير نزول الملك.
إذاً هذه ثلاثة أنواع تدخل تحت قوله تبارك وتعالى:: (إِلَّا وَحْياً).
ثم قال الله عز وجل (أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب) (الشورى: من الآية51) كما كلم الله عز وجل موسى صلى الله عليه وسلم، وكما كلم محمداً عليه الصلاة والسلام قال تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء: من الآية164) وقال: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) (لأعراف: من الآية143) وقال: (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) (لأعراف: من الآية144) و أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد وقع له الكلام الإلهي المباشر في ليلة المعراج، ويفهم ذلك من آية النجم، ومن حديث المعراج، ففي آية النجم؛ قال الله عز وجل: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى*فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (لنجم:10.9.8) فالتفسير المشهور لهذه الآية: أن جبريل ـ عليه السلام ـ دنا فتدلى، فكان قربه من النبي صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى، فأوحى جبريل إلى عبد الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى، يعني ما أمره الله تعالى أن يوحيه
(يُتْبَعُ)
(/)
إليه، هذا هو المعنى المشهور، وهو الأرجح في تفسير الآية ولا شاهد فيه، و إنما ذكرت هذه الآية بناء على التفسير الآخر، وهو أن قوله تبارك وتعالى (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) الدنو هو دنو النبي صلى الله عليه وسلم من الجبار تبارك وتعالى، فكان فيه بالقرب القريب، وهذا يوضحه رواية عند البخاري (6963) في النسخة اليونينية (ثم دنا للجبار، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى)، وفي بعض النسخ (ثم دنا الجبار).
لكن الأقرب أن الذي دنا فتدلى هو جبريل عليه الصلاة والسلام، فإن هذه اللفظة (ثم دنا الجبار) مما انفرد به شريك في حديث الإسراء المشهور، وقد عدها بعض أهل العلم من جملة أوهامه في هذا الحديث، ثم هو خلاف المشهور عن الصحابة رضوان الله عليهم في تفسير هذه الآية كما سبق، ويرجحه القرينة التي في الآية؛ وهي قوله تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (لنجم:13) أي: رأى جبريل مرة أخرى على هيئته الحقيقية الملائكية.
و أما من السنة: فحديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري في صحيحه (3598)، في قصة فرض الصلاة، وفيه: ـ ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى فقال: ما صنعت قلت: فرضت علي خمسون صلاة، فقال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ... إلى أن قال: فرجعت ـ يعني إلى الله ـ فسألته فجعلها أربعين ـ ثم تكرر ذلك مع موسى ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه تبارك وتعالى ثم بعد ذلك ـ "نودي أني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي و أجزي الحسنة عشراً) وفي رواية:" فراجعت ربي قال: هي خمس، وهي خمسون لا يبدل القول لدي" يعني خمس فرائض والحسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في الميزان. فظاهره أنه كلام مباشر من الله عز وجل.
فالله كلم موسى صلى الله عليه وسلم وهو في الطور بتكليم مباشر، وكلم النبي صلى الله عليه وسلم وهو في السماء.
ومن النصوص المتعلقة بالكلام الإلهي المباشر؛ وهي داخله تحت الكلام من وراء حجاب؛ ما ورد في كتاب الله عز وجل في ثلاث سور، وهي أربع آيات لا خامس لها؛ ففي سورة البقرة (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ) (البقرة: من الآية253)، وفي النساء (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى قوله (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيم) (النساء: 163، 164)، و في الأعراف آيتان (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) (لأعراف: من الآية143). وقوله: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (لأعراف:144) و أما قوله (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) (الشورى: من الآية51) فيحتمل معنيين:
المعنى الأول: أنه يرسل رسولاً ملائكياً إلى رسولٍ بشري، و هذا هو الغالب مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
المعنى الثاني: أنه يرسل رسولاً من البشر إلى نظرائه من الآدميين، لأن الله لا يخاطب أولا يوحي إلى كل واحد من بني آدم، و إنما يرسل منهم رسولاً إليهم لينذرهم و يبشرهم. فهذان المعنيان تحتملهما الآية، و لا تعارض بينهما، فكلاهما صحيح.
الأحوال والصور التي يأتي عليها الملك للرسول البشري:
والملك حينما يأتي للرسول البشري، أو لنبينا صلى الله عليه وسلم يأتيه بصور متعددة:
الصورة الأولى منها: أن يأتيه على صورته الحقيقية، وقد حصل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين:
المرة الأولى: أنه رآه النبي صلى الله عليه وسلم على كرسي أو على عرش بين السماء والأرض؛ كما في حديث جابر عند البخاري (4541، م/ 233): (فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء و الأرض) وفي رواية (ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو قاعد على العرش في الهواء ـ يعني جبريل صلى الله عليه وسلم ـ فأخذتني رجفة شديدة".
المرة الثانية: حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى؛ كما في قول الله عز وجل (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (النجم:14.13)
(يُتْبَعُ)
(/)
الصورة الثانية: أن يأتيه ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن تُرى بعض الآثار على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تُسمع بعض الأصوات، ولكن جبريل لا يُرى، فالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا يسمعون عند وجه النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل صوتاً كدوي النحل عند وجهه ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ويتفصد العرق من جبينه في اليوم الشاتي، ويدل على ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عند البخاري (2) ومسلم (4304): أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال" وذكر النبي صلى الله عليه وسلم للحارث بن هشام الحالة الثانية؛ وهو (أن يأتيه على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول) فالحالة الأولى المذكورة في حديث الحارث بن هشام: "أن يأتيه على مثل صلصلة الجرس"؛ يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع صوتا كصلصلة الجرس، والصلصلة: هو صوت متدارك وهو معروف والجرس معروف وهو: الجلجل. و بعض أهل العلم يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع هذا الصوت، والصحابة يسمعون كدوي النحل عند وجهه عليه الصلاة والسلام، فبالنسبة إليهم يسمعون كدوي النحل وبالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم يسمع صوتا كصلصلة الجرس.
ومما يدل على ذلك أيضاً ما أخرجه الترمذي (3097) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يُسمع عند وجهه كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة ثم سُرِّي عنه فقرأ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (المؤمنون:1) وكذلك ما أخرجه مسلم (4305) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه كَرِب لذلك وتربد له وجهه"،و قالت عائشة رضي الله عنها: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا" وهذا هو الغالب من الحالات التي كان يأتي بها جبريل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الحالة الثالثة: أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم على هيئة (صورة) رجل، ويدل على ذلك: حديث الحارث بن هشام الذي روته عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفيه: "و أحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول"
وكذا حديث ابن عمر عند أحمد (5592):"كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحيه الكلبي" وهو رجل من الصحابة.
وكذلك: حديث عمر وهو ما يعرف بحديث جبريل المشهور في مسلم (8) (لما جاء جبريل في هيئة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يعرفه منهم أحد ولا يرى عليه أثر السفر).
ومن ذلك أيضاً: ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في طفولته (حيث جاءه رجلان فشقا صدر النبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث) في مسلم (236) فهذا كله مما يستدل به على هذه الحالة.
تنبيه:
قد يرد هنا سؤال وهو: أن الحارث بن هشام عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية مجيء الوحي إليه؛ أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بصورتين فقط؛ مع أن هناك بعض الصور الأخرى من صفات الوحي وحالاته، كدوي النحل، والنفث في الروع، والإلهام، والرؤيا، والتكليم بلا واسطة، وكذلك مجيء جبريل صلى الله عليه وسلم بصورته الحقيقية، فهذه خمس صور لم ترد في حديث الحارث بن هشام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم.
فيقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له حالتين فقط؛لأنها هي الغالب.
وقيل: إن ما ذكر وقع بعد سؤال الحارث بن هشام؛ وهذا فيه بعد، بل هو غلط وإن قاله بعض أهل العلم؛ لأن جبريل جاء للنبي صلى الله عليه وسلم بصورته الحقيقية في أول النزول في مكة، وكذا الرؤيا الصالحة، وقصه الحارث بن هشام كانت في أواخر العهد المدني، لأن الحارث بن هشام رضي الله عنه أسلم عام الفتح, لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا. فهذا الجواب لا يصلح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر صورة الملك حينما يأتي بصورته الحقيقية لأن ذلك نادر، وأيضاً: لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الإلهام والرؤيا، لأن هذه أمور قد تقع لغير الأنبياء ولا غرابة فيها، وإنما سأله كيف يأتي إليه الملك فيوحي إليه بالوحي الذي تظهر آثاره على النبي صلى الله عليه وسلم، أو كيف يأتيه بصورة لا يأتي بها الناس سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الإلهام والرؤيا الصالحة فيقعان للناس،فهو لم يسأل عن ذلك.
ويمكن أن يقال أيضاً: بأن دوي النحل لا يتعارض مع صلصلة الجرس الذي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم للاعتبار التي ذكرته فيما سبق. والعلم عند الله تبارك وتعالى.
وكذلك النفث في الرُّوع؛ يمكن أن يعاد إلى أحدى الحالتين: فيأتيه الملك فينفث في رُوعه بصورة صلصلة الجرس الذي يسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، أو يأتي على هيئة رجل ثم ينفث في رُوع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مانع من ذلك و الأحاديث تحتمله. والعلم عند الله تبارك وتعالى.
ويمكن أن يقال أيضاً: إن السؤال كان عن صفة الوحي الذي يأتي بحامل لا مجرد الرؤيا ولا مجرد الإلهام، وهكذا التكليم الإلهي المباشر كالتكليم ليلة المعراج فإنه لم يسأل عن ذلك.
فهذه احتمالات يذكرها العلماء رحمهم الله في الجواب عن هذا الإشكال.
وقد يرد هنا سؤال آخر وهو: أن آية الشورى تضمنت الأنواع الخمسة التي ذكرناها، و قلنا هي أجمع آية في أنواع الوحي، لكن من أنواع الوحي أن يكتب الله عز وجل لنبي من الأنبياء كتابا، أو ينزل عليه كتاباً وهذا لم يرد في آية الشورى فيما يتبادر لمن نظر فيها؛ فما الجواب عن ذلك؟!
فيقال: إن مسألة الكتابة و إنزال الكتب مسألة ثابتة لاشك فيها؛ والله عز وجل أخبر أنه أنزل التوراة على موسى عليه السلام وكتب له في الألواح، كما في سورة الأعراف حين قال: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) (لأعراف:145) وكذلك في قوله تبارك وتعالى عن موسى صلى الله عليه وسلم: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ) (لأعراف: من الآية154)، وفي الصحيحين (خ/ 3157، م / 4793) في قصة محاجة آدم وموسى عليهم الصلاة والسلام:" فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ " وفي رواية:" كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ "
فيمكن أن يجاب عن الإشكال السابق بعدة أجوبة:
الأول: أن يقال بأن الآية تكلمت عن طرق تكليم الله عز وجل لأنبيائه صلى الله عليهم وسلم، وما تكلمت عن الكتابة فالله تعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً) (الشورى: من الآية51).ويمكن أن يناقش أيضاً هذا الجواب.
الثاني: أن يقال: إن الكتابة هي أحد اللسانيين فهي لون من الكلام، فقوله تعالى: (أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً) ... إلخ فالكلام يكون عن طريق الوحي، ويمكن أن يكون منه الكتابة.
الثالث: أن يقال إنها يمكن أن تدخل تحت قوله: (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) (الشورى: من الآية51) فيكون الملك قد جاء بهذه الألواح أو بالتوراة. وعلى هذا فالكتابة إما أن تدخل تحت قوله (إِلَّا وَحْياً) (الشورى: من الآية51) أو تدخل تحت قوله (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) والله تعالى أعلم.
فائدة:
الأقرب في معنى هذه الألواح؛ أنها هي التوراة، بدليل الحديث السابق: " ... وكتب لك التوراة بيده "، وكذلك في قوله تبارك وتعالى (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) (لأعراف: من الآية145).وأما قول بعض أهل العلم بأن الألواح هي الوصايا العشر؛ فهذا فيه نظر. والله تعالى أعلم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Mar 2004, 01:31 م]ـ
جزاك الله خيراً ونأمل المواصلة في نقل الموضوعات القيمة.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[23 Mar 2004, 02:06 م]ـ
أبشر يا شيخ أحمد، سأسعى إلى ذلك جاهدا، شاكرا لك دعاءك ودعمك، والله يحفظك
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Apr 2004, 09:14 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[07 Jun 2004, 07:37 ص]ـ
للرفع
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:59 ص]ـ
وهذا موضوع فصلت فيه القول في أهم مسائل هذا الموضوع
مسائل في الوحي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=392#post392)(/)
التفسير أقصر الطرق إلى النحو
ـ[ابو بشرى]ــــــــ[20 Mar 2004, 03:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على أفصح البشر لسانا وأشرفهم بيانا، وبعد:
مشاركتي بسيطة المعنى والمبنى، إعجاب بالملتقى دفعني للتسجيل، ودعوة بظهر الغيب للقائمين عليه 0
أما عنوان المشاركة فهو المشاركة نفسها، فالتفسير أقصر الطرق إلى النحو حقا، فإن الدارس للنحو إذا نظر إلى التفسير وكتبه وجد فيها مبتغاه وأعاد قراءة النحو وعرف لم صار النحو صعبا؟
إخواني:
لن تجدوا عندي كثير علم ولا قليله أمام علمكم فأنا طالب سؤول فقط0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Mar 2004, 04:59 م]ـ
مرحباً بك أخي الكريم أبا بشرى بين إخوانك، وجزاك الله خيراً على حسن ظنك وتشجيعك.
واعلم أبا بشرى أن حاجتنا إلى السؤال الجاد لا تقل أهمية عن حاجتنا إلى الجواب السديد.
وأما ما ذكرته عن النحو وكتب التفسير فهو كما ذكرت وفقك الله، وأنا أقول للطلاب من أراد تطبيق النحو فعليه بكتب المفسرين، فسيرى كيف استفاد المفسرون من النحو، وكيف فعل النحويون في التفسير!
وقد كتب في ذلك رسالة علمية ثمينة مشهورة للأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله رفيده بعنوان:
النحو وكتب التفسير
وهي من منشورات الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان بطرابلس الغرب.(/)
أقوال في التفسير من غير كتب التفسير (مع التنبيه على فوائد تهم الباحثين) [2]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2004, 02:12 ص]ـ
سبق ذكر جمل من هذا الباب تحت هذا الرابط
سلسلة: التفسير من غير كتب التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=94#post94)
ومما يذكر في هذا الموضوع:
أقوال كثيرة لأبي بكر ابن الأنباري في كتابه الممتع: الزاهر في معاني كلمات الناس؛ ففيه من أقوال التفسير جمع كثير يستحق العناية.
ومن ذلك قوله - شارحاً لقول الناس: قد حسّ فلانٌ -: (قال أبو بكر: العامة تخطئ في هذا، فتظن أن معنى حسّ: سمع ووجد. وليس كذلك؛ العرب تقول: أحس فلان الشيء يحسه إحساساً: إذا وجده.
قال الله تعالى: ? هل تحس منهم من أحد ? فمعناه: هل تجد. ....
وقال الله تعالى وهو أصدق قيلاً: ? إذ تحسونهم بإذنه ? معناه: تقتلونهم بإذنه.) انتهى باختصار 2/ 131 - 132.
وقال - في معنى قولهم: هو من الصابئين -: (الصابئون قوم من النصارى، قولهم ألين من قول النصارى؛ سموا صابئين لخروجهم من دين إلى دين. وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم صابئاً، ويسمون أصحابه كذلك لخروجهم من دين إلى دين ...
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ) (البقرة: من الآية62) فيقال: الذين آمنوا هم المنافقون، أظهروا الإيمان وأضمروا الكفر، والذين هادوا: هم اليهود المغيرون المبدلون، والنصارى: المقيمون على الكفر بما يصفون به عيسى من المحال، والصابئون: الكفار أيضاً، المفارقون للحق.
ويقال: الذين آمنوا: المؤمنون حقاً، والذين هادوا: الذين تابوا ولم يغيروا ولم يبدلوا، والنصارى: نصار عيسى، والصابئون: الخارجون عن الباطل إلى الحق. من آمن بالله: معناه: من دام منهم على الإيمان بالله؛ فله أجره عند ربه.) انتهى 2/ 215.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 May 2004, 07:27 ص]ـ
في كتب الإمام محمد بن نصر المروزي كنوز تفسيرية تحتاج إلى باحث يقوم بجمعها ودراستها، وهو إمام محدث متقدم توفي سنة 294 هـ.
وهذا مثال واحد يدل على ما ذكرت من كتابه قيام الليل،- وقد سبق ذكر شيء من التفسير من كتابه: السنة -
(وَقَالَ قَتَادَةُ: " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ هُوَ الَّذِي يُزَمِّلُ ثِيَابَهُ " وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " زَمَّلْتُ هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ: وَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ دَثَّرْتُ هَذِهِ الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ " وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ الْمُزَّمِّلُ وَالْمُدَّثِّرُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْإِدْغَامِ وَكَذَلِكَ نَقْرَأُهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُمَّةُ وَالْمُزَّمِّلُ الْمُلْتَفُّ بِثَوْبِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ وَعِلْمِهِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسْخَهُ بِفَرْضٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَسَخَ الثَّانِي بِالْفَرْضِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. قَالَ: كَأَنَّهُ يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ثُمَّ نَسْخَهُ فِي السُّورَةِ مَعَهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ فَنَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا تَيَسَّرَ. قَالَ: وَيُقَالُ نَسَخَ مَا وَصَفَ فِي الْمُزَّمِّلِ بِقَوْلِ اللَّهِ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ زَوَالُهَا إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ الْعَتَمَةُ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، وَالْفَرَائِضُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ وَنِهَارٍ. قَالَ: فَفَرَائِضُ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ وَمَا سِوَاهَا تَطَوُّعٌ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو: نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ بِالْخَفْضِ وَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يَقْرَأُونَهَا نَصَبًا نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ كَثِيرٍ كَانَ يُخَفِّفُ ثُلُثَهُ. وَقَالَ وَقِرَاءَتُنَا الَّتِي نَخْتَارُهَا الْخَفْضُ لِقَوْلِهِ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَكَيْفَ تَقْدُرُونَ عَلَى أَنْ تَعْرِفُوا نِصْفَهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَهُمْ لَا يَحْصُونَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَتَأَوَّلَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ: لَنْ تَعْرِفُوهُ ذَهَبَ إِلَى الْإِحْصَاءِ فِي الْعَدَدِ. وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ، إِنَّمَا قَوْلُهُ: لَنْ تُحْصُوهُ: لَنْ تُطِيقُوهُ. وَقَالَ تَقُولُ الْعَرَبُ مَا أَحْصَى كَذَا، أَيْ مَا أُطِيقُهُ. وَقَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا "، أَيْ لَنْ تُطِيقُوا أَنْ تَسْتَقِيمُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقُولُ: " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا " عَنْ أَبِي صَالِحٍ لَمَّا نَزَلَتْ: " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ إِلَى قَوْلِهِ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ: أَشُقَّ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ "، وَعَنْ قَتَادَةَ: " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَمِنْ نِصْفِهِ وَأَدْنَى مِنْ ثُلُثِهِ " وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " تَقُومُ أُدْنِيَ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَتَقُومُ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ " وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ، لَنْ تُطِيقُوهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ صَلِّ اللَّيْلَ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا مِنْهُ تَنَامُ فِيهِ وَهُوَ الثُّلُثُ. ثُمَّ قَالَ: نِصْفَهُ أَيْ قُمْ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا أَيِ الثُّلُثَ أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ وَأَحَدَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْفُسِهِمْ بِالْقِيَامِ عَلَى الْمَقَادِيرِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ أَيْ وَتَقُومُ نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَسَائِرَ أَجْزَائِهِ. عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ أَيْ لَنْ تُطِيقُوا مَعْرِفَةَ حَقَائِقِ ذَلِكَ، وَالْقِيَامَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ رَخَّصَ لَهُمْ فِي أَنْ يَقُومُوا مَا أَمْكَنَ وَخَفَّ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَا مِقْدَارٍ. قَالَ: ثُمَّ نَسَخَ هَذِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. قَالَ: وَلَوْ قَرَأْنَا: أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ بِالْخَفْضِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا قَامَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَفِي هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا أُمِرَ بِهِ لَأَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُ: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا إِلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْئًا. قَالَ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحِكَايَةِ الَّتِي حَكَاهَا وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ عَلَى الْمَقَادِيرِ الَّتِي ذَكَرَهَا، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَأَوْجَبَ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فَرْضًا، ثُمَّ نَسَخَ فَرْضَ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ
(يُتْبَعُ)
(/)
بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. وَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ آخِرَ السُّورَةِ نَسَخَتْ أَوَّلَهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ بِنُزُولِ آخِرِ السُّورَةِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ اخْتِيَارٌ لَا إِيجَابُ فَرْضٍ. وَقَالَ: وَهَذَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ نَسَخَتْ قِيَامَ اللَّيْلِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَفْرُوضَاتٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، فُرِضَتْ عَلَيْهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَنَفْسُ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ الزَّكَاةُ إِنَّمَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمْ فِي الْجَيْشِ وَقَدْ كَانَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَبَعْثُهُ الْجُيُوشَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ: وَيُقَالُ لِمَنْ أَوْجَبَ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ فَرْضًا بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ، خَبِّرْنَا عَنْهُ إِذَا لَمْ يُخَفِّفْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ هَلْ تُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُخَفِّفْ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ. وَإِنْ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكَلُّفُهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ، وَيُخَفِّفُ، فَقَدْ أَسْقَطَ فَرْضَهُ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ خَفَّ أَوْ لَمْ يَخِفَّ كَمَا قَالَ: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَقَوْلُهُ: مَا تَيَسَّرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدْبٌ وَاخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ. قَالَ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فِي إِيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِقَوْلِهِ: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَسْقَطُوا فَرْضَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مُتَأَوِّلِينَ لِهَذِهِ الْآيَاتِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. ثُمَّ نَاقَضُوا فَقَالُوا: لَابُدَّ أَنْ يَقْرَأَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ فَصَاعِدًا أَوْ بِآيَةٍ طَوِيلَةٍ نَحْوَ آيَةِ الدِّينِ أَوْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. فَإِنْ قَرَأَ بِآيَةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ مُدْهَامَّتَانِ وَ لَمْ يَلِدْ، لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي شَيْءٍ. إِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أُخِذَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أُخِذَ عَدَدُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَلِذِكْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ كِتَابٌ غَيْرُ هَذَا سَنَحْكِي اخْتِلَافَ النَّاسِ وَاحْتِجَاجَاتِهِمْ فِيهَا هُنَالِكَ. وَمَا أَدْخَلْنَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي إِيجَابِهِمْ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ دَاخِلٌ عَلَى
(يُتْبَعُ)
(/)
أَصْحَابِ الرَّأْيِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَمَّنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُخَفِّفْ، هَلْ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا حَدَّدْتُمْ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. وَإِنْ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ. قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ؟ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِقِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ فِي زَعْمِكُمْ، وَيُلْزِمُكُمْ أَنْ تُجِيزُوا لِلْمُصَلِّي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ أَنْ يَقُولَ أَلْفًا وَيَرْكَعَ وَيَقُولُ: لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَخَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَوْلُهُ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي مَقَامٍ. فَقَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فَأُرَتِّلُهَا وَأَقْدِرُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كَمَا تَقُولُ وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ. فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَإِنَّهُ زَيْنُ الْقُرْآنِ. قَالَ عَلْقَمَةُ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ يُرَتِّلُ وَلَا يَرْجِعُ وَيُسْمِعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ قَتَادَةَ: بَلَغَنَا أَنَّ عَامَّةَ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتِ الْمَدَّ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. قَالَ: تُرْسِلُ فِيهِ تَرْسِيلًا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: بَعْضُهُ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ وَعَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلِ مِنْهَا) انتهى المراد نقله
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[11 May 2004, 07:01 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا مجاهد على جهادك هذا وموضوعاتك الطريفة والنافعة. وخاصة مثل هذا الموضوع الجميل فقد انتفعت به كثيراً.
وكما ذكرت أن كتب اللغة مليئة بالتفاسير البديعة كما نقلت لنا كثيراً منها بارك الله فيك.
وعندي اقتراح:
هو أن تقوم بجمعها بعد أن تصل لحلقات وتنسقها في ملف أو في كتاب تطبعه وينتفع به طلاب العلم.
أرجو لك التوفيق
أخوك
فهد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 May 2004, 01:56 ص]ـ
وللإمام ابن قيبة أقوال في التفسير تستحق الجمع والدراسة.
ومن أقواله ما أورده في كتابه تأويل مختلف الحديث حول قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3، حيث قال:
(فإن هذه الآية نزلت عليه عليه الصلاة والسلام يوم حجة الوداع، حين أعز الله تعالى الإسلام، وأذل الشرك، وأخرج المشركين عن مكة، فلم يحج في تلك السنة إلا مؤمن، وبهذا أكمل الله تعالى الدين، وأتم النعمة على المسلمين.
فصار كمال الدين - ههنا - عزه وظهوره، وذل الشرك [ودروسه].
لا تكامل الفرائض والسنن؛ لأنها لم تزل تنزل إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا قال الشعبي في هذه الآية.
ويجوز أن يكون الإكمال للدين [برفع] النسخ عنه بعد هذا الوقت.) انتهى المقصود نقله.ص442
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 May 2004, 01:38 ص]ـ
وهذه مختارات تفسيرية متنوعة وتحتاج إلى تأمل ودراسة من كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير
(واعلم أن الأصل في المعنى أن يحمل على ظاهر لفظه ومن يذهب إلى التأويل يفتقر إلى دليل كقوله تعالى: {وثيابك فطهر} فالظاهر من لفظ الثياب هو ما يلبس ومن تأول ذهب إلى أن المراد هو القلب لا الملبوس وهذا لا بد له من دليل لأنه عدول عن ظاهر اللفظ)
(يُتْبَعُ)
(/)
(وذهب بعضهم في الفرق بين التفسير والتأويل إلى شيء غير مرضي فقال: التفسير: بيان وضع اللفظ حقيقة كتفسير الصراط بالطريق والتأويل: إظهار باطن اللفظ كقوله تعالى " إن ربك لبالمرصاد " فتفسيره من الرصد يقال: رصدته , إذا رقبته وتأويله تحذير العابد من تعدي حدود الله ومخالفة أوامره والذي عندي في ذلك أنه أصاب في الآخر ولم يصب في الأول لأن قوله " التفسير بيان وضع اللفظ حقيقة " لا مستند لجوازه بل التفسير يطلق على بيان وضع اللفظ حقيقة ومجازاً لأنه من الفسر وهو الكشف كتفسير الرصد في الآية المشار إليها بالرقبة وتفسيره بالتحذير من تعدي حدود الله ومخالفة أوامره.
وأما التأويل فإنه أحد قسمي التفسير وذاك أنه رجوع عن ظاهر اللفظ وهو مشتق من الأول وهو الرجوع يقال: آل يؤل إذا رجع وعلى هذا فإن التأويل خاص والتفسير عام فكل تأويل تفسير وليس كل تفسير تأويلاً.)
(فمثال الحقيقة والمجاز قوله تعالى " ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون. حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون " فالجلود ههنا تفسر حقيقة ومجازاً: أما الحقيقة فيراد بها الجلود مطلقاً وأما المجاز فيراد بها الفروج خاصة وهذا هو الجانب البلاغي الذي يرجح جانب المجاز على الحقيقة لما فيه من لطف الكناية عن المكنى عنه وقد يسأل ههنا في الترجيح بين الحقيقة والمجاز من غير الجانب البلاغي ويقال: ما بيان هذا الترجيح فيقال: طريقه لفظ الجلود عام فلا يخلو إما أن يراد به الجلود مطلقاً أو يراد به الجوارح التي هي أدوات الأعمال الخاصة ولا يجوز أن يراد به الجلود على الإطلاق لأن شهادة غير الجوارح التي هي الفاعلة شهادة باطلة إذ هي شهادة غير شاهد والشهادة غير شاهد والشهادة هنا يراد بها الإقرار فتقول اليد: أنا فعلت كذا وكذا وتقول الرجل: أنا مشيت إلى كذا وكذا وكذلك الجوارح الباقية تنطق مقرةً بأعمالها فترجح بهذا أن يكون المراد به شهادة الجوارح وإذا أريد به الجوارح فلا يخلو إما أن يراد به الكل أو البعض فإن أريد به الكل دخل تحته السمع والبصر ولم يكن لتخصيصهما بالذكر فائدة وإن أريد به البعض فهو بالفرج أخص منه بغيره من الجوارح لأمرين أحدهما: أن الجوارح كلها قد ذكرت في القرآن الكريم شاهدة على صاحبها بالمعصية ما عدا الفرج فكان حمل الجلد عليه أولى ليستكمل ذكر الجميع الآخر: أنه ليس في الجوارح ما يكره التصريح بذكره إلا الفرج فكني عنه بالجلد لأنه موضع يكره التصريح فيه بالمسمى على حقيقته. فإن قيل: إن تخصيص السمع والبصر بالذكر من باب التفصيل كقوله تعالى " فاكهةٌ ونخلٌ ورمانٌ " والنخل والرمان من الفاكهة.
قلت في الجواب هذا القول عليك لا لك لأن النخل والرمان إنما ذكر التفضيل لهما في الشكل أو في الطعم والفضيلة ههنا في ذكر الشهادة إنما هي تعظيم لأمر المعصية وغير السمع والبصر أعظم في المعصية لأن معصية السمع إنما تكون في سماع غيبة أو في سماع صوت مزمار أو وتر أو ما جرى هذا المجرى ومعصية البصر إنما تكون في النظر إلى محرم وكلتا المعصيتين لا حد فيهما وأما المعاصي التي توجد من غير السمع البصر فأعظم لأن معصية اليد توجب القطع ومعصية الفرج توجب جلد مائة أو الرجم وهذا أعظم فكان ينبغي أن تخص بالذكر دون السمع والبصر وإذا ثبت فساد ما ذهبت إليه فلم يكن المراد بالجلود إلا الفروج خاصة.) *
(وأما مثال المعنيين إذا كان أحدهما مناسباً لمعنى تقدمه أو لمعنى تأخر عنه والآخر غير مناسب: فالأول هو ما كان مناسباً لمعنى تقدمه كقوله تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} فالدعاء ههنا يدل على معنيين: أحدهما: النهي أن يدعى الرسول باسمه فيقال يا محمد كما يدعو بعضهم بعضاً بأسمائهم وإنما يقال له: يا رسول الله أو يا نبي الله الآخر: النهي أن يجعلوا حضورهم عنده إذا دعاهم لأمر من الأمور كحضور بعضهم عند بعض بل يتأدبون معه بأن لا يفارقوا مجلسه إلا بإذنه وهذا الوجه هو المراد لمناسبة معنى الآية التي قبله وهو قوله تعالى " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتى يستأذنوه "
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الثاني: وهو ما كان مناسباً لمعنى تأخر عنه فكقوله تعالى: {والتين والزيتون وطور سينين} فالتين والزيتون هما هذا الشجر المعروف وهما اسما جبلين أيضاً وتأويلهما بالجبلين أولى للمناسبة بينهما وبين ما أتى بعدهما من ذكر الجبل الذي هو الطور.)
هذه بعض المقتطفات، ولها بقية، أرجو أن ييسر الله تعالى إضافتها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jun 2004, 01:33 ص]ـ
ولابن قدامة المقدسي أقوال كثيرة في التفسير، وقد سجلت عدة رسائل في تفسير آيات الأحكام من كتابه المغني.
ومن أقواله في التفسير ما جاء في كتابه ذم التأويل:
(فقوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) [آل عمران:7]. فذم مبتغي تأويل المتشابه، وقرنه بمبتغي الفتنة في الذم ثم أخبر أنه لا يعلم تأويله غير الله تعالى، فإن الوقف الصحيح عند أكثر أهل العلم على قوله: (إلا الله) ولا يصح قول من زعم أن الراسخين يعلمون تأويله لوجوه:
أحدها: أن الله ذم مبتغي التأويل، ولو كان معلوما للراسخين لكان مبتغيه ممدوحا غير مذموم.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فهم الذين عنى الله فاحذروهم). يعني كل من اتبع المتشابه فهو من الذين في قلوبهم زيغ، فلو علمه الراسخون لكانوا باتباعه مذمومين زائغين، والآية تدل على مدحهم، والتفريق بينهم وبين الذين في قلوبهم زيغ، وهذا تناقض.
الثالث: أن الآية تدل على أن الناس قسمان، لأنه قال: {فأما الذين في قلوبهم زيغ}، وأما لتفصيل الجمل، فهي دالة على تفصيل فصلين أحدهما: الزائغون المتبعون للمتشابه، والثاني: الراسخون في العلم. ويجب أن يكون كل قسم مخالفا للآخر فيما وصف به، فيلزم حينئذ أن يكون الراسخون مخالفين للزائغين في ترك اتباع المتشابه مفوضين إلى الله تعالى بقولهم: آمنا به كل من عند ربنا، تاركين لابتغاء تأويله. وعلى قولنا يستقيم هذا المعنى، ومن عطف الراسخين في العلم أخل بهذا المعنى، ولم يجعل الراسخين قسما آخر، ولا مخالفين للقسم المذموم فيما وصفوا به فلا يصح.
الرابع: أنه لو أراد العطف لقال: ويقولون (بالواو) لأن التقدير: والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون.
الخامس: أن قولهم {آمنا به كل من عند ربنا} كلام يشعر بالتفويض والتسليم لما لم يعلموه لعلمهم بأنه من عند ربهم، كما أن المحكم المعلوم معناه من عنده.
السادس: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا رأوا من يتبع المتشابه، ويسأل عنه، استدلوا على أنه من أهل الزيغ. ولذلك عد عمر صبيغا من الزائغين، حتى استحل ضربه وحبسه، وأمر الناس بمجانبته، ثم أقرأ صبيغ بعد بصدق عمر في فراسته فتاب وأقلع وانتفع، وعصم بذلك من الخروج مع الخوارج، ولو كان معلوما للراسخين لم يجز ذلك.
السابع: أنه لو كان معلوما للراسخين لوجب أن لا يعلمه غيرهم، لأن الله تعالى نفى علمه عن غيرهم، فلا يجوز حينئذ أن يتناول إلا من ثبت أنه من الراسخين، ويحرم التأويل على العامة كلهم والمتعلمين الذين لم ينتهوا إلى درجة الرسوخ، والخصم في هذا يجوز التأويل لكل أحد، فقد خالف النص على كل تقدير.
فثبت بما ذكرناه من الوجوه: أن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى، وأن متبعه من أهل الزيغ، وأنه محرم على كل أحد.) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2006, 10:38 ص]ـ
وهذا نص من كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائرتأليفأحمد بن محمد بن حجر المكي الهيتمي
فيه تعليق على بعض الآيات، وتصحيح لبعض الفهوم الخاطئة؛ قال رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} رُبَّمَا فَهِمَ مِنْهُ بَعْضُ مَنْ لَا تَأَمُّلَ لَهُ أَنَّ فِيهِ رَجَاءً عَظِيمًا، وَأَيُّ رَجَاءٍ عَظِيمٍ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ تَعَالَى شَرَطَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي مَغْفِرَتِهِ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ: التَّوْبَةَ وَالْإِيمَانَ الْكَامِلَ الْمُرَادَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، ثُمَّ سُلُوكَ سَبِيلِ الْمُهْتَدِينَ مِنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَشُهُودِهِ، وَإِدَامَةِ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وَالْإِقْبَالِ بِالْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَالِهِ وَحَالِهِ وَدُعَائِهِ وَإِخْلَاصِهِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ}، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا قِيلَ: (عَسَى): مِنْ اللَّهِ وَاجِبَةُ الْوُقُوعِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ. قَالَ تَعَالَى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، وَفِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَلَمْ يَخْشَ تَذَكُّرًا وَخَشْيَةً نَافِعَيْنِ لَهُ، بَلْ نَبَّهَك اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّك إذَا تُبْت تَوْبَةً نَصُوحًا وَآمَنْت إيمَانًا كَامِلًا وَعَمِلْت صَالِحًا كُنْت عَلَى رَجَاءِ حُصُولِ الْفَلَاحِ لَك وَالْهِدَايَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ حَضْرَةِ الْحَقِّ؛ فَإِيَّاكَ وَأَنْ تَأْمَنَ مَكْرَ اللَّهِ وَإِنْ وَصَلْتَ إلَى مَا وَصَلْتَ. {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} وَاسْتَحْضِرْ قَوْله تَعَالَى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} وَقَوْلَهُ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّك إذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} الْآيَةَ، وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّك حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} وَقَوْلَهُ: {وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} وَقَوْلَهُ: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إلَّا فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} وَقَوْلَهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وَقَوْلَهُ: {وَالْعَصْرِ إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. فَانْظُرْ بِعَيْنِ بَصِيرَتِك وَنُورِ سَرِيرَتِك إلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ إذْ أَلْ فِيهِ لِلْعُمُومِ وَالِاسْتِغْرَاقِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّهُ خَاسِرٌ إلَّا مَنْ جَمَعَ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ فَإِنَّهُ الَّذِي يَنْجُو مِنْ الْخُسْرَانِ الْمُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ: الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ بِأَنْ يَتَلَبَّسُوا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ وَالشُّرُوطِ فِي سَائِرِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ فَلَا يُوجَدُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ أَخْلَصُوا فِيهِ وَابْتَغَوْا بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ بِأَنْ يَصْبِرُوا عَلَى الطَّاعَاتِ وَمَا يَلْقَوْنَهُ مِنْ الْمَكَارِهِ وَالْبَلِيَّاتِ، وَعَنْ الْمَعَاصِي
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَا لَهَا مِنْ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ، فَمَنْ تَحَقَّقَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا ذَكَرْنَا كَانَ عَلَى رَجَاءٍ عَظِيمٍ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْخَسَارِ وَالْعَارِ وَالشَّنَارِ وَالْبَوَارِ، وَمِنْ الْوُصُولِ إلَى شُهُودِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، وَالْفَوْزِ بِرِضَاهُ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، حَقَّقَ اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.) انتهى المراد نقله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2006, 10:44 ص]ـ
ومن أقوال ابن حجر الهيتمي في كتابه السابق:
(قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَقِيلَ فِي الْيَهُودِ لِكَتْمِهِمْ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ، وَقِيلَ: إنَّهَا عَامَّةٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَلِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ مُشْعِرٌ بِالْعِلِّيَّةِ، وَكِتْمَانُ الدِّينِ يُنَاسِبُ اسْتِحْقَاقَ اللَّعْنِ؛ فَوَجَبَ عُمُومُ الْحُكْمِ عِنْدَ عُمُومِ الْوَصْفِ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالْعُمُومِ كَعَائِشَةَ فَإِنَّهَا اسْتَدَلَّتْ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا مِمَّا أُوحِيَ إلَيْهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا مَا كَثُرَ الْحَدِيثُ، وَالْكَتْمُ تَرْكُ إظْهَارِ الشَّيْءِ الْمُحْتَاجِ إلَى إظْهَارِهِ، وَنَظِيرُهَا {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} وَنَظِيرُهَا أَيْضًا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} فَهَاتَانِ، وَإِنْ كَانَتَا فِي الْيَهُودِ أَيْضًا لِكَتْمِهِمْ صِفَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرَهَا إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ كَمَا تَقَرَّرَ: وَالْبَيِّنَاتِ: مَا أُنْزِلَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْكُتُبِ وَالْوَحْيِ. وَالْهُدَى: الْأَدِلَّةُ النَّقْلِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ، وَمِنْ بَعْدِ: ظَرْفٌ لَيَكْتُمُونَ، لَا لَأَنْزَلْنَا لِفَسَادِ الْمَعْنَى.
قِيلَ: وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَمْكَنَهُ بَيَانُ أُصُولِ الدِّينِ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ لِمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا ثُمَّ تَرَكَهَا أَوْ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَقَدْ لَحِقَهُ هَذَا الْوَعِيدُ انْتَهَى؛ وَاللَّعْنَةُ لُغَةً الْإِبْعَادُ، وَشَرْعًا الْإِبْعَادُ مِنْ الرَّحْمَةِ، اللَّاعِنُونَ: دَوَابُّ الْأَرْضِ وَهَوَامُّهَا تَقُولُ: مُنِعْنَا الْقَطْرَ لِمَعَاصِي بَنِي آدَمَ، وَلِإِدْرَاكِهَا ذَلِكَ جُمِعَتْ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ جَمْعَ مَنْ يَعْقِلُ نَحْوُ {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} {فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} {أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْجِنَّ، وَالْإِنْسَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ، الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ، أَقْوَالٌ. وَصَوَّبَ الزَّجَّاجُ أَنَّهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ. وَرُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ وَلَمْ يُوجَدْ، وَرَدَّهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ خَبَرٌ فِي ابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ اللَّاعِنُونَ بِدَوَابِّ الْأَرْضِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ جَمِيعُ عِبَادِ اللَّهِ. قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكِتْمَانَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ فِيهِ اللَّعْنَ، وَالنَّبْذَ وَرَاءَ الظَّهْرِ كِنَايَةً عَنْ الْإِعْرَاضِ الشَّدِيدِ، وَالثَّمَنُ الْقَلِيلُ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُ مِنْ سَفَلَتِهِمْ بِرِئَاسَتِهِمْ فِي الْعِلْمِ، {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} مَعْنَاهُ قَبُحَ شِرَاؤُهُمْ وَخَسِرُوا فِيهِ.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[البحر الرائق]ــــــــ[25 Mar 2006, 01:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات، و الصلاة والسلام على خير البريات، وبعد
الشيخ الفاضل أبو مجاهد العبيدى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خير الجزاء على هذه الدراسات القيمة، و اعتذر على مداخلتى فما ينبغى لمثلى ان يقطع عليكم هذه السلسلة المباركة، و لكن احببت أن أشير إلى أنه من الكتب المهمة فى هذا الشأن كتب البلاغة العربية و منها على سبيل المثال كتاب (أسرار البلاغة) للإمام عبدالقاهر الجرجانى المتوفى سنة 471هجريةفعلى طول الكتاب احسن الإمام عبدالقاهر التعرض لآيات القرآن الكريم بالإستشهاد على القضايا البلاغية ولم يخل هذا من التعرض لتفسير الآيات خاصة عند التحدث عن المجاز و الحقيقة، فتراه يتكلم عن معنى اليد فى الحقيقة والمجاز ويتعرض لآيات: (يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله)، (و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه).
وكذلك حديثه عن التشبيه العقلى مستشهدا عليه بقول الله (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا). و قد أحسنت إذ نبهت إلى ان فى غير كتب التفسير أقوالا فى التفسير جديرة بالدراسة و النظر،
وفقنى الله و إياك إلى ما يحب ويرضى.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد محمود على أحمد
ليسانس لغة عربية
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Apr 2006, 10:29 ص]ـ
ومن أقوال ابن حجر الهيتمي في كتابه السابق:
(قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِالْعُهُودِ، وَهِيَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَحَرَّمَ، وَمَا فَرَضَ، وَمَا حَدَّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الضَّحَّاكُ هِيَ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ يُوَافُوا بِهَا مِمَّا أَحَلَّ وَحَرَّمَ وَمِمَّا فَرَضَ مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ إنَّهُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. أَيْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِالْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الَّتِي أُخِذَتْ عَلَيْكُمْ فِي شَأْنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ}، وَمِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ: أَرَادَ بِهَا الْحِلْفَ الَّذِي تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Nov 2006, 09:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن الأئمة الذين لهم أقوال تفسيرية تستحق الدراسة: عبدالرحيم العراقي؛ فله أقوال كثيرة في التفسير في كتابه طرح التثريب.
ولو جمعها باحث وقام بدراستها لكان ذلك نافعاً صالحاً لرسالة ماجستير.
ومن أقواله في الكتاب المشار إليه على سبيل المثال:
1 - (فَإِنْ قُلْت دَعَا السَّيِّدُ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ بِالْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} قَالَ قَتَادَةُ لَمْ يَتَمَنَّ الْمَوْتَ أَحَدٌ إلَّا يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ تَكَامَلَتْ عَلَيْهِ النِّعَمُ، وَجُمِعَ لَهُ الشَّمْلُ اشْتَاقَ إلَى لِقَاءِ رَبِّهِ قُلْت الْمُخْتَارُ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ أَنَّ مُرَادَهُ تَوَفَّنِي عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِي مُسْلِمًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ اسْتِعْجَالَ الْمَوْتِ ... )
2 - (الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ , أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا
(فِيهِ) فَوَائِدُ: ......
(يُتْبَعُ)
(/)
(الثَّانِيَةُ) تَبَيَّنَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ , أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَهَذَا يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَحَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَطِيَّةَ الْمُفَسِّرُ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ التَّأْوِيلَ , ثُمَّ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا إحْدَى ثَلَاثٍ إمَّا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَإِمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَإِمَّا خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَالَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ تَرُدُّهُ وَتُخَصِّصُ الشَّمْسَ (قُلْت) وَقَدْ عَرَفْت رِوَايَةَ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَهِيَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهِيَ مُشْبِهَةٌ لِهَذَا الْمَحَلِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَّا أَنَّ فِيهَا بَدَلَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ; خُرُوجَ الدَّجَّالِ وَزَمَنُهُمَا مُتَقَارِبٌ لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ اسْتِقْلَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بِذَلِكَ وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَرَتُّبُ ذَلِكَ عَلَى مَجْمُوعِهَا , وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ إشْكَالٌ فَإِنَّ نُزُولَ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ , وَهُوَ زَمَنُ خَيْرٍ كَثِيرٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ , وَالظَّاهِرُ قَبُولُ التَّوْبَةِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَيُقَوِّي النَّظَرَ أَيْضًا أَنَّ الْغَرْغَرَةَ هِيَ الْآيَةُ الَّتِي تُرْفَعُ مَعَهَا التَّوْبَةُ (قُلْت) حَالَةُ الْغَرْغَرَةِ تُشَارِكُ حَالَةَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ وَإِذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .......
(الثَّالِثَةُ) بَيَّنَ النَّبِيُّ كَيْفِيَّةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا , وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ , وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ إنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي وَارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مُطْلِعِهَا , ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَالِك تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ لَهَا ارْتَفِعِي اصْبَحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِك فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا , تَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ ذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا , فَقَالَ جَمَاعَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ إذَا غَرَبَتْ كُلَّ يَوْمٍ اسْتَقَرَّتْ تَحْتَ الْعَرْشِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ مَعْنَاهُ تَجْرِي إلَى وَقْتٍ لَهَا وَأَجَلٍ لَا تَتَعَدَّاهُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَعَلَى هَذَا مُسْتَقَرُّهَا انْتِهَاءُ سَيْرِهَا عَنْ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ تَسِيرُ فِي مَنَازِلِهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا الَّتِي لَا تُجَاوِزُهُ , ثُمَّ تَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ مَنَازِلِهَا وَاخْتَارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا الْقَوْلَ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ لَمُسْتَقَرَّ لَهَا أَيْ إنَّهَا جَارِيَةٌ أَبَدًا لَا تَثْبُتُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ (قُلْت) كَيْفَ يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ صَرِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَمَا مُسْتَنَدُ الْعَادِلِينَ عَنْهُ إلَّا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ قَوْلِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ الْمَغِيبَاتِ فَكَيْفَ , وَقَدْ عَارَضَهُ كَلَامُ أَصْدَقِ الْخَلْقِ وَأَعْرَفِهِمْ بِرَبِّهِ وَبِأَحْوَالِ الْغَيْبِ , وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ لَيْسَتْ حُجَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ فَكَيْفَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ فِي الْمَعْنَى لِلْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ , وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا قَالَ مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذَا التَّفْسِيرِ الْبَيِّنِ الْعُدُولُ عَنْهُ
.......
(الْخَامِسَةُ) مَعْنَى الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا الْإِيمَانُ وَأَنَّ الْعَاصِيَ لَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَاكْتِسَابُ الْخَيْرِ بَلْ يُخْتَمُ عَلَى أَحَدٍ بِالْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَوْلُهُ , أَوْ كَسَبْتِ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا يُرِيدُ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Nov 2006, 02:43 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا مجاهد , وليتك تتكرم بوضع ما اقترحته من موضوعات صالحة للبحث , في المشاركة المخصصة لذلك , فأخشى أن يذهب هذا المقترح مع الوقت , فلا يستفاد منه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Mar 2007, 12:23 م]ـ
المنتقى - شرح الموطأ - (ج 1 / ص 25)
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ أَسْرَى حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَكَلَأَ بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الرَّكْبِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمْ الشَّمْسُ فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِلَالٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَادُوا فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلَاةَ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.
جاء في الشرح: (وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي تَنْبِيهٌ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَأَخَذَهُ مِنْ الْآيَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْ الْأَمْرَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَأَنَّ هَذَا مِمَّا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ فِيهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي فَقَالَ مُجَاهِدٌ مَعْنَاهُ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي فِيهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَقِمْ الصَّلَاةَ لِأَنْ أَذْكُرَك بِالْمَدْحِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَقِمْ الصَّلَاةَ إِذَا ذَكَرْتنِي وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَقِمْ حِينَ تَذْكُرُهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا أَبْيَنُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِذِكْرِي غَيْرَ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ إِذَا ذَكَرَهَا لَمَا صَحَّ احْتِجَاجُهُ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ.)
تنبيه: الأقوال التفسيرية من هذا الكتاب كثيرة؛ فهي جديرة بالجمع الدراسة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Mar 2007, 10:57 م]ـ
تنبيه مهم للباحثين: كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي كتاب ملئ بالأقوال التفسيرية، كما أن لمؤلفه ترجيحات وتنبيهات مفيدة؛ فهو جدير بالبحث والدراسة، وهو يصلح بحثاً للماجستير أو للدكتوراه.
وهذا نقل مهم من كتابه المشار إليه، وهو من أفضل ما قرأت في تفسير آية السحر:
(قَالَ - تَعَالَى -: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
فِي هَذِهِ الْآيَاتِ دَلَالَاتٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى قُبْحِ السِّحْرِ وَأَنَّهُ إمَّا كُفْرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَحَادِيثِ.
وَقَدْ وَسَّعَ الْمُفَسِّرُونَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْآيَاتِ وَأَرَدْت تَلْخِيصَهُ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَعَظِيمِ جَدْوَاهُ.
قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا} مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ " وَلَمَّا جَاءَهُمْ " إلَخْ،وَزَعْمُ خِلَافِهِ فَاسِدٌ.
و"َمَا " مَوْصُولَةٌ وَزَعْمُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ غَلَطٌ.
و"َتَتْلُوا " بِمَعْنَى تَلَتْ، وَ " عَلَى " بِمَعْنَى فِي: أَيْ فِي زَمَنِ مُلْكِهِ: أَيْ شَرْعِهِ، أَوْ تَتْلُوا مُضَمَّنٌ تَتَقَوَّلُ: أَيْ مَا تَتَقَوَّلُهُ وَتَكْذِبُ بِهِ عَلَى شَرْعِهِ، وَهَذَا أَوْلَى إذْ التَّجَوُّزُ فِي الْأَفْعَالِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْحُرُوفِ، وَأَحْوَجَ إلَى ذَلِكَ أَنَّ " تَلَا " إذَا تَعَدَّى بِعَلَى يَكُونُ الْمَجْرُورُ بِهَا مَتْلُوًّا عَلَيْهِ وَالْمُلْكُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: يُقَالُ تَلَا عَلَيْهِ إذَا كَذَبَ، وَعَنْهُ إذَا صَدَقَ فَإِنْ أُطْلِقَ جَازَ الْأَمْرَانِ.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: وَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّ الَّذِي كَانُوا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ مَا يُتْلَى وَيُقْرَأُ، فَتَجْتَمِعُ كُلُّ الْأَوْصَافِ وَالتِّلَاوَةُ الِاتِّبَاعُ أَوْ الْقِرَاءَةُ وَهَذَا فِي الْيَهُودِ، قِيلَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: الَّذِي كَانُوا فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ مِنْ السَّحَرَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْيَهُودِ يُنْكِرُونَ نُبُوَّتَهُ وَيَعُدُّونَهُ مِنْ جُمْلَةِ مُلُوكِ الدُّنْيَا وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ مُلْكَهُ نَشَأَ عَنْ السِّحْرِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْفِرْقَتَيْنِ.
قَالَ السُّدِّيُّ: عَارَضُوا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْرَاةِ فَوَافَقَتْ الْقُرْآنَ فَفَرُّوا إلَى السِّحْرِ الْمَنْقُولِ عَنْ آصَفَ وَهَارُوتَ وَمَارُوتَ فَهَذَا هُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} إلَخْ.
وَالشَّيَاطِينُ هُنَا مَرَدَةُ الْجِنِّ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنْ السَّمَاءِ وَيَضُمُّونَ إلَيْهِ أَكَاذِيبَ يُلْقُونَهَا إلَى الْكَهَنَةِ فَدَوَّنُوهَا فِي كُتُبٍ، وَعَلَّمُوهَا النَّاسَ، وَفَشَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالُوا إنَّ الْجِنَّ تَعْلَمُ الْغَيْبَ وَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا عِلْمُ سُلَيْمَانَ وَمَا تَمَّ مُلْكُهُ إلَّا بِهِ وَسَحَرَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالطَّيْرَ وَالرِّيحَ الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ وَمَرَدَةَ الْجِنِّ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ كَانَ قَدْ دَفَنَ كَثِيرًا مِنْ الْعُلُومِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهَا تَحْتَ سَرِيرِ مُلْكِهِ خَوْفًا عَلَى أَنَّهُ إنْ هَلَكَ الظَّاهِرُ مِنْ تِلْكَ الْعُلُومِ يَبْقَى هَذَا الْمَدْفُونُ مِنْهَا فَبَعْدَ مُدَّةٍ تَوَصَّلَ مُنَافِقُونَ إلَى أَنْ كَتَبُوا فِي خِلَالِهَا أَشْيَاءَ مِنْ السِّحْرِ تُنَاسِبُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاطِّلَاعِ النَّاسِ عَلَى تِلْكَ الْكُتُبِ أَوْهَمُوا النَّاسَ أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ سُلَيْمَانَ وَأَنَّهُ مَا وَصَلَ إلَى مَا وَصَلَ إلَّا بِهِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثُمَّ إضَافَتُهُمْ السِّحْرَ لِسُلَيْمَانَ إمَّا لِتَفْخِيمِ شَأْنِ السِّحْرِ لِتَقْبَلَهُ النَّاسُ، وَإِمَّا لِقَوْلِ الْيَهُودِ إنَّهُ مَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمُلْكُ إلَّا بِالسِّحْرِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَمَّا سُخِّرَ لَهُ مَا مَرَّ كَالْجِنِّ وَكَانَ يُخَالِطُهُمْ وَيَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ أَسْرَارًا عَجِيبَةً غَلَبَ عَلَى الظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ - حَاشَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ - اسْتَفَادَ السِّحْرَ مِنْهُمْ وَذَلِكَ السِّحْرُ كُفْرٌ فَلِذَلِكَ بَرَّأَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُمْ نَسَبُوهُ لِلْكُفْرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ قَالُوا أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ مُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ نَبِيًّا وَمَا كَانَ سَاحِرًا.
وَرُوِيَ أَنَّ سَحَرَةَ الْيَهُودِ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَخَذُوا السِّحْرَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْكُفْرَ الْقَبِيحَ إنَّمَا هُوَ لَاحِقٌ بِهِمْ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}.
وَالسِّحْرُ: لُغَةً كُلُّ مَا لَطَفَ وَدَقَّ، مِنْ سَحَرَهُ إذَا أَبْدَى لَهُ أَمْرًا فَدَقَّ عَلَيْهِ وَخَفِيَ، وَمِنْهُ: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} وَهُوَ مَصْدَرٌ شَاذٌّ إذْ لَمْ يَأْتِ مَصْدَرٌ لِفِعْلِ يَفْعَلُ بِفَتْحِ عَيْنِهِ فِيهِمَا عَلَى فِعْلٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ إلَّا هَذَا وَفَعَلَ.
وَالسَّحْرُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْغِذَاءُ لِخَفَائِهِ وَالرِّئَةُ وَمَا تَعَلَّقَ بِالْحُلْقُومِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَعْنَى الْخَفَاءِ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي}، وقَوْله تَعَالَى: {إنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} مَعْنَاهُ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِي يُطْعَمُونَ وَيَشْرَبُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {مَا أَنْتَ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} أَيْ وَمَا أَنْتَ إلَّا ذُو سِحْرٍ مِثْلُنَا.
وَشَرْعًا: يَخْتَصُّ بِكُلِّ أَمْرٍ يَخْفَى سَبَبُهُ وَعُمِلَ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ، وَيَجْرِي مَجْرَى التَّمْوِيهِ وَالْخِدَاعِ، وَحَيْثُ أُطْلِقَ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مُقَيَّدًا فِيمَا يَنْفَعُ وَيُمْدَحُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا} .....
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَظْهَرُهَا أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ عَطْفًا عَلَى السِّحْرِ: أَيْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَالْمُنَزَّلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ.
وَقِيلَ: نَافِيَةٌ، أَيْ: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ إبَاحَةُ السِّحْرِ.
وَقِيلَ مَوْصُولَةٌ مَحَلُّهَا جُرَّ عَطْفًا عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ؛ لِأَنَّ عَطْفَهَا عَلَى السِّحْرِ يَقْتَضِي أَنَّ السِّحْرَ نَازِلٌ عَلَيْهِمَا، فَيَكُونُ مُنْزِلُهُ هُوَ اللَّهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُبْعَثُوا لِتَعْلِيمِ السِّحْرِ فَالْمَلَائِكَةُ أَوْلَى، وَكَيْفَ يُضَافُ إلَى اللَّهِ مَا هُوَ كُفْرٌ؟ وَإِنَّمَا يُضَافُ لِلْمَرَدَةِ وَالْكَفَرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ نَسَبُوا السِّحْرَ إلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَالْمُنَزَّلِ عَلَى الْمَلَكَيْنِ مَعَ أَنَّ مُلْكَهُ وَالْمُنَزَّلَ عَلَيْهِمَا بَرِيئَانِ مِنْ السِّحْرِ بَلْ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمَا هُوَ الشَّرْعُ وَالدِّينُ.
وَكَانَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ قَبُولَهُ وَالتَّمَسُّكَ بِهِ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ تَتَمَسَّكُ وَأُخْرَى تُخَالِفُ.
انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَهُ الْفَخْرُ بِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى " مُلْكٍ " بَعِيدٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَزَعَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَازِلًا عَلَيْهِمَا لَكَانَ مُنْزِلُهُ هُوَ اللَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ صِفَةِ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِأَجْلِ التَّرْغِيبِ فِيهِ حَتَّى يُوجِدَهُ الْمُكَلِّفُ، وَقَدْ يَكُونُ لِأَجْلِ التَّنْفِيرِ عَنْهُ حَتَّى يُحْتَرَزُ عَنْهُ كَمَا قِيلَ: عَرَفْت الشَّرَّ لَا لِلشَّرِّ بَلْ لِتَوَقِّيهِ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَعْثَةُ الْأَنْبِيَاءِ لِتَعْلِيمِهِ لَا يُؤَثِّرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَعْلِيمُ فَسَادِهِ وَإِبْطَالِهِ، وَزَعْمُ أَنَّ تَعْلِيمَهُ كُفْرٌ مَمْنُوعٌ، وَبِتَسْلِيمِهِ هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ يَكْفِي فِي صِدْقِهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَزَعْمُ أَنَّهُ إنَّمَا يُضَافُ لِلْمَرَدَةِ وَالْكَفَرَةِ إنَّمَا يَصِحُّ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعَمَلُ لَا التَّعْلِيمُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَتَعْلِيمُهُ لِغَرَضِ التَّنْبِيهِ عَلَى فَسَادِهِ مَأْمُورٌ بِهِ. وَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمَا مَلَكَانِ هُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ.
وَقُرِئَ شَاذًّا بِكَسْرِ اللَّامِ فَيَكُونَانِ إنْسِيَّيْنِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
وَالْبَاءُ فِي بِبَابِلَ مَعْنًى فِي، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ قِيلَ لِتَبَلْبُلِ أَلْسِنَةِ الْخَلْقِ بِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَ رِيحًا فَحَشَرَتْهُمْ بِهَذِهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَدْرِ أَحَدُهُمْ مَا يَقُولُ الْآخَرُ، ثُمَّ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ فِي الْبِلَادِ فَتَكَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِلُغَةٍ، وَالْبَلْبَلَةُ: التَّفْرِقَةُ، وَقِيلَ لَمَّا أَرْسَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ بِالْجُودِيِّ نَزَلَ فَبَنَى قَرْيَةً وَسَمَّاهَا ثَمَانِينَ بِاسْمِ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ فَأَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ تَبَلْبَلَتْ أَلْسِنَتُهُمْ عَلَى ثَمَانِينَ لُغَةً، وَقِيلَ لِتَبَلْبُلِ أَلْسِنَةِ الْخَلْقِ بِهَا عِنْدَ سُقُوطِ صَرْحِ نُمْرُوذَ، وَهِيَ بَابِلُ الْعِرَاقِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: بَابِلُ أَرْضُ الْكُوفَةِ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ تَاءِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَهُمَا بِنَاءً عَلَى فَتْحِ لَامِ الْمَلَكَيْنِ بَدَلٌ مِنْهُمَا، وَقِيلَ مِنْ النَّاسِ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ.
وَقِيلَ بَلْ هُمَا بَدَلٌ مِنْ الشَّيَاطِينِ، وَقِيلَ نَصْبًا عَلَى الذَّمِّ: أَيْ أَذُمُّ هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ بَيْنِ الشَّيَاطِينِ كُلِّهَا، وَمَنْ كَسَرَ لَامَهُمَا أَجْرَى فِيهِمَا مَا ذُكِرَ، نَعَمْ إنْ فُسِّرَ الْمَلَكَانِ بِدَاوُد وَسُلَيْمَانَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَجَبَ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا مِنْ الشَّيَاطِينِ أَوْ النَّاسِ وَعَلَى فَتْحِ اللَّامِ قِيلَ هُمَا مَلَكَانِ مِنْ السَّمَاءِ اسْمُهُمَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ...
وَقِيلَ هُمَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، وَعَلَى كَسْرِهَا قِيلَ هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنْ الْجِنِّ، وَقِيلَ دَاوُد وَسُلَيْمَانُ، وَقِيلَ رَجُلَانِ صَالِحَانِ؛ وَقِيلَ رَجُلَانِ سَاحِرَانِ، وَقِيلَ عِلْجَانِ أَقْلَفَانِ بِبَابِلَ يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ.
وَيُعَلِّمَانِ عَلَى بَابِهِ مِنْ التَّعْلِيمِ، وَقِيلَ يُعَلِّمَانِ مِنْ أَعْلَمَ إذْ الْهَمْزَةُ وَالتَّضْعِيفُ يَتَعَاقَبَانِ إذْ الْمَلَكَانِ لَا يُعَلِّمَانِ السِّحْرَ إنَّمَا يُعْلِمَانِ بِقُبْحِهِ.
وَمِمَّنْ حَكَى أَنْ يُعَلِّمُ بِمَعْنَى أَعْلَمَ ابْنَا الْأَعْرَابِيِّ وَالْأَنْبَارِيِّ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ تَعْلِيمُ السِّحْرِ، وَبِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ} وَبِأَنَّهُمَا لَوْ نَزَلَا فِي صُورَتَيْ رَجُلَيْنِ كَانَ تَلْبِيسًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَإِلَّا لَجَازَ فِي كُلِّ مَنْ شُوهِدَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ
(يُتْبَعُ)
(/)
رَجُلًا حَقِيقَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوَّلًا فِي صُورَتَيْ رَجُلَيْنِ نَافَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا}.
وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَحْذُورَ تَعْلِيمُهُ لِلْعَمَلِ بِهِ لَا لِبَيَانِ فَسَادِهِ.
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا رَسُولًا دَاعِيًا إلَى النَّاسِ لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا حَتَّى يُمْكِنَهُمْ الْأَخْذُ عَنْهُ وَالتَّلَقِّي مِنْهُ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ الْمَلَكِ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّجُلِ.
وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّا نَخْتَارُ أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي صُورَتَيْ رَجُلَيْنِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَتِلْكَ الْآيَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَعَلَى أَنَّهُمَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَإِنَّمَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ ذَاتٍ بِأَنَّهُمَا مَلَكٌ فِي زَمَنٍ يَجُوزُ فِيهِ إنْزَالُ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا أَنَّ صُورَةَ دِحْيَةَ مَنْ كَانَ يَرَاهَا بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ فِيهَا لَا يَقْطَعُ بِأَنَّهَا صُورَةُ دِحْيَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا جِبْرِيلُ، وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ عَنْ تِلْكَ الْحُجَجِ بِمَا لَا يُجْدِي بَلْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ ذَكَرُوا لِهَذَيْنِ الْمَلَكَيْنِ قِصَّةً عَظِيمَةً طَوِيلَةً، حَاصِلُهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا اعْتَرَضُوا بِقَوْلِهِمْ {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} وَمَدَحُوا أَنْفُسَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِك وَنُقَدِّسُ لَك} أَرَاهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى - مَا يَدْفَعُ دَعْوَاهُمْ، فَرَكَّبَ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْهُمْ شَهْوَةً، وَأَنْزَلَهُمَا حَاكِمَيْنِ فِي الْأَرْضِ فَافْتُتِنَا بِالزَّهْرَةِ مُثِّلَتْ لَهُمَا مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ فَلَمَّا وَقَعَا بِهَا خُيِّرَا بَيْنَ عَذَابَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا فَهُمَا يُعَذَّبَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَنَازَعَ جَمَاعَةٌ فِي أَصْلِ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بَلْ صِحَّتُهُ بِهَا ......
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْحِكْمَةُ فِي إنْزَالِهِمَا أُمُورٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ السَّحَرَةَ كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَاسْتَنْبَطَتْ أَنْوَاعًا عَجِيبَةً غَرِيبَةً فِي النُّبُوَّةِ، وَكَانُوا يَدْعُونَهَا وَيَتَّحِدُونَ النَّاسَ بِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَكَيْنِ؛ لِيُعَلِّمَا النَّاسَ السِّحْرَ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنْ مُعَارَضَةِ أُولَئِكَ السَّحَرَةِ الْمُدَّعِينَ لِلنُّبُوَّةِ كَذِبًا وَهَذَا غَرَضٌ ظَاهِرٌ.
ثَانِيهَا: أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْمُعْجِزَ مُخَالِفٌ لِلسِّحْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ مَاهِيَّتِهِمَا وَالنَّاسُ كَانُوا جَاهِلِينَ مَاهِيَّةَ السِّحْرِ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ السِّحْرِ، فَبَعَثَ اللَّهُ هَذَيْنِ الْمَلَكَيْنِ لِتَعْرِيفِ مَاهِيَّةِ السِّحْرِ لِأَجْلِ هَذَا الْغَرَضِ.
ثَالِثُهَا: لَا يَمْتَنِعُ أَنَّ السِّحْرَ الَّذِي يُوقِعُ الْفُرْقَةَ بَيْنَ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَالْأُلْفَةَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ كَانَ مُبَاحًا عِنْدَهُمْ أَوْ مَنْدُوبًا فَبَعَثَهُمَا اللَّهُ لِتَعْلِيمِهِ لِهَذَا الْغَرَضِ، فَتَعَلَّمَ الْقَوْمُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي الشَّرِّ وَإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَالْأُلْفَةِ بَيْنَ أَعْدَاءِ اللَّهِ.
رَابِعُهَا: تَحْصِيلُ الْعِلْمِ بِكُلِّ شَيْءٍ حَسَنٍ، وَلَمَّا كَانَ السِّحْرُ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مُتَصَوَّرًا وَإِلَّا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
خَامِسُهَا: لَعَلَّ الْجِنَّ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ لَمْ يَقْدِرْ الْبَشَرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا فَبَعَثَهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى - لِيُعَلِّمَا الْبَشَرَ أُمُورًا يَقْدِرُونَ بِهَا عَلَى مُعَارَضَةِ الْجِنِّ.
سَادِسُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَشْدِيدًا فِي التَّكَالِيفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا عُلِّمَ مَا يُمَكِّنُهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى اللَّذَّاتِ الْعَاجِلَةِ ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَانَ ذَلِكَ فِي نِهَايَةِ الْمَشَقَّةِ يَسْتَوْجِبُ بِهِ الثَّوَابَ الزَّائِدَ؛ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - إنْزَالُ الْمَلَكَيْنِ لِتَعْلِيمِ السِّحْرِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذِهِ الْوَاقِعَةُ كَانَتْ زَمَنَ إدْرِيسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَسَلَّمَ.
وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ فِي الْآيَةِ الْمَحَبَّةُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ وَالْمُطِيعُ مِنْ الْعَاصِي، وَإِنَّمَا قَالَا: {إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} إلَخْ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ قَبْلَ التَّعْلِيمِ، أَيْ هَذَا الَّذِي نِصْفُهُ لَك وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ تَمْيِيزَ السِّحْرِ مِنْ الْمُعْجِزِ وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُك أَنْ تَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى الْمَفَاسِدِ وَالْمَعَاصِي، فَإِيَّاكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ فِيمَا نُهِيت عَنْهُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} فَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ إنَّمَا يَكُونُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السِّحْرَ مُؤَثِّرٌ فِيهِ، وَهَذَا كُفْرٌ وَإِذَا كَفَرَ بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّمْوِيهِ وَالْحِيَلِ، وَذَكَرَ التَّفْرِيقَ دُونَ سَائِرِ مَا يَتَعَلَّمُونَهُ تَنْبِيهًا عَلَى الْبَاقِي، فَإِنَّ رُكُونَ الْإِنْسَانِ إلَى زَوْجَتِهِ زَائِدٌ عَلَى مَوَدَّةِ قَرِيبِهِ، فَإِذَا وَصَلَ بِالسِّحْرِ إلَى هَذَا الْأَمْرِ مَعَ شِدَّتِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ} فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الضَّرَرَ، وَلَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى التَّفْرِيقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ أَعْلَى مَرَاتِبِ الضَّرَرِ.
قَالَ الْفَخْرُ: وَالْإِذْنُ حَقِيقَةً فِي الْأَمْرِ وَاَللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالسِّحْرِ؛ لِأَنَّهُ ذَمَّهُمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِهِ لَمَا ذَمَّهُمْ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي قَوْله: {إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} وَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: قَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ مِنْهُ التَّخْلِيَةُ، يَعْنِي إذَا سُحِرَ الْإِنْسَانُ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنَعَهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَرَرِ السِّحْرِ.
ثَانِيهَا: قَالَ الْأَصَمُّ: إلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ إذْ الْأَذَانُ وَالْإِذْنُ الْإِعْلَامُ.
ثَالِثُهَا: بِخَلْقِهِ إذْ الضَّرَرُ الْحَاصِلُ عِنْدَ فِعْلِ السِّحْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِخَلْقِهِ - تَعَالَى -.
رَابِعُهَا: بِأَمْرِهِ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بِالْكُفْرِ، لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرِهِ - تَعَالَى -.
وَالْخَلَاقُ: النَّصِيبُ، فِي هَذَا آكَدُ ذَمٍّ وَأَقْبَحُ عَذَابٍ لِلسَّحَرَةِ إذْ لَا أَخْسَرَ وَلَا أَفْحَشَ، وَلَا أَحْقَرَ وَلَا أَذَلَّ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ فِي نَعِيمِ الْآخِرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَ - تَعَالَى - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ قَائِلًا: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا} أَيْ بَاعَ الْيَهُودُ (بِهِ) أَيْ بِالسِّحْرِ: {أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أَيْ لَوْ عَلِمُوا ذَمَّ ذَلِكَ هَذَا الذَّمَّ الْعَظِيمَ لَمَا بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَأَثْبَتَ لَهُمْ الْعِلْمَ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَلَقَدْ عَلِمُوا} وَنَفَاهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ ثَانِيًا: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} لِأَنَّ مَعْنَى الثَّانِي لَوْ كَانُوا يَعْملونَ بِعِلْمِهِمْ، جَعَلَهُمْ حِينَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ كَأَنَّهُمْ مُنْسَلِخُونَ عَنْهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِعِلْمِ الثَّانِي الْعَقْلُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ مِنْ ثَمَرَتِهِ، فَلَمَّا انْتَفَى الْأَصْلُ انْتَفَتْ ثَمَرَتُهُ فَصَارَ وُجُودُ الْعِلْمِ كَالْعَدَمِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، كَمَا سَمَّى اللَّهُ - تَعَالَى - الْكُفَّارَ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا إذْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِحَوَاسِّهِمْ، أَوْ تَغَايَرَ بَيْنَ مُتَعَلِّقِ الْعِلْمَيْنِ: أَيْ عَلِمُوا ضَرَرَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ يَعْلَمُوا نَفْعَهُ فِي الدُّنْيَا، هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ فَاعِلُ عَلِمُوا وَيَعْلَمُونَ وَاحِدًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنْ قُدِّرَ مُخْتَلِفًا كَأَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ " عَلِمُوا " لِلْمَلَكَيْنِ أَوْ الشَّيَاطِينِ، وَضَمِيرُ " شَرَوْا " وَمَا بَعْدَهُ لِلْيَهُودِ فَلَا إشْكَالَ.)(/)
خاطرتان في لغة القرآن
ـ[ابو بشرى]ــــــــ[21 Mar 2004, 09:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبعد:
الخاطرة الأولى: استخدام لفظ (مفهوم) بدلا من لفظ (محذوف)،
وذلك عند إعراب القرآن الكريم تأدبا معه، فيقال مثلا:الخبر مفهوم تقديره كذا؛
لأن لفظ (محذوف) يوحي بوجود شيء ولكنه حذف، فمن حذفه؟
فإذا قلت: الخبر مفهوم تقديره كذا، كان ذلك فهمك لسياق الآية؛ وقد يفهم غيرك فهما آخر،
فيكون الإعراب اجتهاديا، ويضبط بالمأثور واستقراء لغة العرب0
وقد تجدون لفظا أدق معنى من لفظ (مفهوم) 0
الخاطرة الثانية: الإيجاز، وهو مطلب في عصر السرعة هذا، إذا كان الحديث عن مفهومات متفق عليها وليست جديدة، وللإطناب مجاله في غير ذلك0
وأرى أن على الكاتب الموجز أن يتباعد عن أمرين:
1 - كثرة الضمائر؛فلا يعرف القارئ على من تعود0
2 - تطويل صلة الموصول،فإنهاتضيع الفكرة0
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله0
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[22 Feb 2009, 05:34 م]ـ
وكذلك من التأدب مع القرآن: أن تقول في إعراب المبني للمجهول كما في قوله تعالى (وخُلق الإنسان ضعيفا) مبني لما لمْ يُسمَّ فاعله.(/)
التيسير في مقدمة ابن تيمية في التفسير
ـ[ابو حيان]ــــــــ[22 Mar 2004, 02:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اعتذر عن الإنقطاع وعن عدم اتمام بعض المشاركات وأسأل الله أن ييسر لي أمرها
في الملف المرفق هو عبارة عن وريقات قمت فيها بترتيب وتهذيب مقدمة شيخ الاسلام ابن تيمية في التفسير واحب أن أعرضها على هذا المنتدى المبارك غير مستغن عن ملاحظاتكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:44 ص]ـ
مرحباً بأخي الكريم أبي حيان، ولا حرج أخي الكريم فنحن نقدر كثرة الأشغال، ولا نتوقع من الجميع دوام المواصلة، وإن كنا نطمع كل يوم في زيارتكم وفقكم الله.
وجزاك الله خيراً على ترتيبك للمقدمة، وتهذيبك، ولعلنا بعد التأمل والقراءة من قبل الأعضاء وفقهم الله، ننقل ما كتبتم مشكورين لمكتبة شبكة التفسير تسهيلاً لعملية البحث والفهرسة للكتب والبحوث إن شاء الله.
ـ[ابو حيان]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:59 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك فيكم(/)
ما أفضل طبعة لكتاب تعظيم قدر الصلاة للإمام المروزي؟؟
ـ[همام العدناني]ــــــــ[22 Mar 2004, 05:34 م]ـ
ما هي أفضل طبعة لكتاب تعظيم قدر الصلاة للإمام المروزي؟؟
هل التي بتحقيق عبدالرحمن الفريوائي، أم التي بتحقيق كمال بن السيد سالم؟؟؟
ولكم خالص الدعاء
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Mar 2004, 10:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ السائل وفقه الله
لقد طالعت نسخة الكتاب بتحقيق أبي مالك كمال سالم، فوجدته قد أشار في مقدمة تحقيقه للكتاب إلى نسخة الفريوائي، وذكر بعض معايبها، وأكثرها من ناحية الصنعة الحديثية.
أما ضبط النص وتحقيقه فلم أطلع على نسخة الفريوائي؛ إلا أن رأيي أن تقتني الطبعتين ففي كل خير.
وبهذه المناسبة: أنبه طلبة العلم أن اقتناء أكثر من نسخة للكتاب تفيد طالب العلم إذا كان ذلك متيسراً له من الناحية المادية، لأن كل طبعة في الغالب لا تخلو من نقص وتصحيف، فتكملها النسخة الأخرى، وقد جربت ذلك كثيراً فرأيت أن التفضيل بين الطبعات في الغالب أمر نسبي، فقد تكون المفضولة أتقن من الفاضلة في بعض الجوانب.
وفقك الله أخي الكريم.(/)
الآية 4 من سورة الطلاق
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 Mar 2004, 09:25 ص]ـ
وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (الطلاق:4)
هذه الآية ذكرت في منتدى نصراني تحت عنوان: (هذه الآية القرآنية واحدة من اسباب عدم إيماني بالقران).
وقال صاحب الموضوع بعد أن قرأ تفسير المفسرين الذي يفسر (واللائي لم يحضن) على أنهن هن الفتيات الصغيرات اللائي تزوجن وهن لم يبلغن الحلم (لم يحضن). فقال معلقا على هذا التفسير: نرى هنا ان زواج الاطفال وهو المحرم فى جميع شرائع العالم الان و الذىهو ضد حقوق الانسان لكنه مسموح به فى القران.
كان ذلك هو كلام النصراني أما ردي عليه فكان كما يلي:
من الواضح أن التفسير هو الذي أوقعكم في هذا الارتباك فظننتم أن اللائي لم يحضن هن بنات تزوجن قبل سن البلوغ ثم طلقهن أزواجهن، ليس الأمر كذلك ياناس. الفطرة وسنة الله في خلقه أن يتم كل شيء في أوانه. فالزواج بالنسبة للمرأة والرجل حينما يبلغا أشدهما ومعنى ذلك أن يبلغا الحلم، فبلوغ المرأة الحلم يعرف بالحيض.
لنعد إلى الآية لإزالة الإشكال.
الآية فيها حكمان:
الحكم الأول: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ.
الحكم الثاني: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.
كيف يكون أجل (َاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) هو نفس أجل (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ).؟
لأن من علامات الحمل أن تتوقف الدورة الشهرية، فإذا لم تحض المرأة فذلك علامة على أن البويضة قد لقحت وتلك هي بداية الحمل، لكن الدقة في الأداء القرآني تميز بين هؤلاء وبين اللائي بدا عليهن الحمل بالفعل من البطن الذي يبدو للرائي أنهن بلا شك أولات أحمال.
أما اللائي لم يحضن فلا يبدو عليهن الحمل حتى يعلم الناس أنهن أولات أحمال.
إذن فاللائي لم يحضن وأولات الأحمال كلاهما يحملن بويضة مخصبة، أما الأوائل فبدليل توقف الدورة الشهرية (لم يحضن)، وأما الأواخر فبدليل الحمل البادي للعيان. إذن فأجلهن واحد وهو أن يضعن حملهن.
هذا ما فهمته من تفسير للآية.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Mar 2004, 10:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ أبا علي ..... قف ولا تتكلم فيما لا تحسن وفقك الله
ويظهر من مشاركاتك أنك تتكلم في تفسر القرآن بلا علم، وهو التفسير بمجرد الرأي الذي نص العلماء على تحريمه.
وأما مسألة زواج البنت الصغيرة التي لم تبلغ، فهو أمر متفق على جوازه بين المسلمين، وخذ هذه النقول فأقرأها:
قال الله عز وجل {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}.
والملاحظ في هذه الآية: أن الله تعالى جعل للتي لم تحض – بسبب صغرها وعدم بلوغها – عدة لطلاقها وهي ثلاثة أشهر وهذا أبلغ دليل على أن الله تعالى جعله زواجا معتدا به.
- قال الطبري رحمه الله: “ تأويل الآية: {واللائي يئسن من المحيض… فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} يقول: وكذلك عدة اللائي لم يحضن من الجواري لصغرهن إذا طلقهن أزواجهن بعد الدخول “.
(14/ 142) ومثله قال ابن كثير (4/ 402}، والقرطبي (18/ 165) وغيرهما.
- قال شيخ الإسلام المرأة لا ينبغي لأحد إن يزوجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن كرهت ذلك لم تجبر على النكاح إلا الصغيرة البكر، فإن أباها يزوجها ولا إذن لها، وأما البالغ الثيب فلا يجوز تزويجها بغير إذنها لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين، وكذلك البكر البالغ، ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين” أ. هـ
" مجموع الفتاوى " (32/ 39 - 40).
ب. “ تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين “ رواه البخاري ومسلم وعنده "سبع سنين".
قال النووي:
“ كان لها ست وكسر، ففي رواية اقتصرت على السنين وفي رواية عدت السنة التي دخلت فيها “.
" شرح مسلم " (9/ 207).
قال ابن عبد البر:
(يُتْبَعُ)
(/)
“ أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة بنت ست سنين أو سبع سنين أنكحه إياها أبوها “ أ. هـ
" الاستذكار " (16/ 49 - 50).
قلت: وقد جمع الإمام البخاري رحمه الله بين الدليلين فقال: (باب إنكاح الرجل ولده الصغار لقوله تعالى: {واللائي لم يحضن}، فجعل عدتهما ثلاثة أشهر قبل البلوغ)، ثم روى حديث تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين!!
قال ابن بطال:
“ وفيه - أي: حديث عائشة – أن النهي عن إنكاح البكر حتى تستأذن مخصوص بالبالغ حتى يتصور منها الإذن، وأما الصغيرة فلا إذن لها “ أ. هـ
" فتح الباري " (9/ 238) ط العلمية.
قال ابن حجر:
“ والبكر الصغيرة يزوجها أبوها اتفاقاً إلا من شذ “.
" الفتح " (9/ 239).
وقوله " من شذ " يشير به إلى " ابن شرمة " الذي عدَّ ذلك من خصائصه صلَّى الله عليه وسلم، والرد عليه:
بقوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} - كما قال ابن حزم في " المحلى " (9/ 40).
وبـ " أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ".
وبـ " أن الأصل في أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم التشريع العام للأمة لا الخصوصية إلا بدليل، قال ابن القيم: “ دعوى الخصوصية لا تسمع إلا بدليل “.
وبـ " أن هذا هو فعل الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم ونقل فيه الإجماع كما تقدم ويأتي.
وقال ابن حزم:
وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر - ما لم تبلغ – بغير إذنها، ولا خيار لها إذا بلغت، فإن كانت ثيباً من زوج مات عنها أو طلَّقها: لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها حتى تبلغ، ولا إذن لها قبل أن تبلغ … ".
" المحلى " (9/ 38) ط العلمية.
وقال الشوكاني:
والمراد بالبكر التي أمر الشارع باستئذانها أنها هي البالغة، إذ لا معنى لاستئذان الصغيرة فإنها لا تدري ما الإذن ".
" نيل الأوطار " (6/ 122).
ج. زوَّج الزبير بن العوام ابنته لـ " قدامة بن مظعون " حين نفست بها أمها، كما رواه سعيد بن منصور (1/ 175) وابن أبي شيبة في " مصنفه " (4/ 345) عن هشام بن عروة عن أبيه.
د. نُقل الإجماع على جواز تزويج الأب البكر الصغيرة - على الأقل إجماع الصحابة - وممن نقل الإجماع: الإمام أحمد في " المسائل " - رواية صالح – (3/ 129) والمروزي في " اختلاف العلماء " (ص 125)، وابن المنذر في " الإجماع " (ص91) وابن عبد البر في " التمهيد "، والبغوي في " شرح السنة " (9/ 37) والنووي في " شرح مسلم " (9/ 206) وابن حجر في" الفتح " (12/ 27)، والباجي في " المنتقى " (3/ 272)، وابن العربي في " عارضة الأحوذي " (5/ 25)، والشنقيطي في " مواهب الجليل " (3/ 27).
والخلاف في هذا شاذ لا يعتد به كما قال الحافظ ابن حجر.)
المرجع http://saaid.net/Doat/ehsan/103.htm
وبعد هذا؛ أحب التأكيد على أهمية أخذ الدين بقوة، وترك تحريف النصوص حتى لا نحرج مع الأعداء ..
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 Mar 2004, 11:50 ص]ـ
لأخ أبومجاهدالعبيدي وفقك الله
أنا أعلم هذا كله ولا أتهم أحدا بالخطأ.
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختصه الله بأشياء لم يجعلها لأمته، منها تعدد الأزواج، فلا ينبغي أن نقيس ما لم يختصنا به الله إلى ما خص الله به رسوله كذكرك للسيدة عائشة رضي الله عنها، فهذا مثل لا يقاس عليه، مثلما لا يعقل أن يأتي رجل في 50 من عمره ليخطب فتاة عمرها 7 سنوات مدعيا أنه يطبق السنة.
الآية فيها تأخير لكلمة (واللائي لم يحضن) مما يقوي من صحة مشاركتها حكم (أولات الأحمال) أيضا التي جاءت بعدها.
فلو كانت الآية هكذا: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ .. ) لكان قطعا أن (اللائي لم يحضن) هن فقط اللائي يتزوجن قبل بلوغ الحلم، لكن (أولات الأحمال) جاءت بعد ذكر الثلاثة أشهر وعطف عليها (أولات الأحمال) مما يعني أنه يصح أيضا أن تأخذ حكم ما بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما من جهة أني أقول في القرآن برأيي، فالله تعالى خاطب قارئ القرآن أن يتدبر آياته، وحيث أنه كتاب حكيم فيجب أن يوافق الفهم الحكمة، فإن جاء مطابقا للحكمة كان صوابا، الحكمة هي ميزان الحق
هذه هي طريقتي في تدبر آيات الله، لا آخذ كلام فلان وفلان ولو كان من الأولين على أنه هو ميزان الحق، كلام الرسول صلى الله عليه وسلم هو وحده الحق الذي لا يجادل فيه بعد الله تعالى لأنه أوتي الحكمة من لدن العزيز الحكيم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Mar 2004, 05:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي أبا علي هداني الله وإياك
أولاً: تفسير القرآن الكريم علم جليل له شروطه وأصوله وضوابطه التي ذكرها العلماء قديماً وحديثاً؛ وليس كل من قرأ القرآن جاز له أن يفسره بعقله بدون معرفة أصول التفسير وطرقه.
وأقرأ - إن كنت راغباً في الفائدة مقدمة ابن تيمية في التفسير أو مقدمة تفسير ابن كثير أو ما كتب تحت هذا الرابط
http://www.assiraj.bizland.com/library/quran_tafseer.htm
ثانياً: ارجع إلى جميع التفاسير التي يتيسر لك الحصول عليها، وانظر هل وافقك أحد على ما ذهبت إليه في تفسيرك المبتدع لهذه الآية. وأراهن أنك لن تجد أحداً من المفسرين المعتبرين ذكر ما رأيته، ولو من باب التنبيه على ضعفه وبطلانه.
ثالثاً: ومن النقول في هذه المسألة كذلك ما جاء في تفسير أحكام القرآن للجصاص عند تفسيره للآية الثالثة من سورة النساء: (وفي هذه الآية دلالة أيضا على أن للأب تزويج ابنته الصغيرة من حيث دلت على جواز تزويج سائر الأولياء إذ كان هو أقرب الأولياء ولا نعلم في جواز ذلك خلافا بين السلف والخلف من فقهاء الأمصار إلا شيئا رواه بشر بن الوليد عن ابن شبرمة أن تزويج الآباء على الصغار لا يجوز وهو مذهب الأصم ويدل على بطلان هذا المذهب سوى ما ذكرنا من دلالة هذه الآية قوله تعالى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن فحكم بصحة طلاق الصغيرة التي لم تحض والطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح فتضمنت الآية جواز تزويج الصغيرة ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت ست سنين زوجها إياه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقد حوى هذا الخبر معنيين أحدهما جواز تزويج الأب الصغيرة والآخر أن لا خيار لها بعد البلوغ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخيرها بعد البلوغ).
رابعاً: قال الزركشي في البرهان: (مسألة فيما يحب على المفسر من التحوط في التفسير
ويجب ان يتحرى في التفسير مطابقة المفسر وأن يتحرز في ذلك من نقص المفسر عما يحتاج اليه من ايضاح المعنى المفسر او ان يكون في ذلك المعنى زيادة لا تليق بالغرض او ان يكون في المفسر زيغ عن المعنى المفسر وعدول عن طريقه حتى يكون غير مناسب له ولو من بعض انحائه بل يجتهد في ان يكون وفقه من جميع الأنحاء وعليه بمراعاة الوضع الحقيقي والمجازي ومراعاة التأليف وأن بواقي بين المفردات وتلميح الوقائع فعند ذلك تتفجر له ينابيع الفوائد
ومن شواهد الإعراب قوله تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات) ولولا الإعراب لما عرف الفاعل من المفعول به.
ومن شواهد النظم قوله تعالى (واللائي لم يحضن) فإنها منتظمة مع ماقبلها منقطعة عما بعدها.) البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج:2 ص:176
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 Mar 2004, 10:58 ص]ـ
أخي مجاهد وفقك الله،
أريد أن أوضح الكيفية التي استنبطت منها ذلك الفهم.
جملة (واللائي لم يحضن) وضعت بحكمة في موضعها الذي يجب أن تكون عليه، فهي جاءت بين الارتياب والاستبيان، فهي مع الارتياب ما دامت لم تتم الثلاثة أشهر، أما إذا تمت الثلاثة أشهر يتبين اليقين إما أنه حمل أو أنه كان فقط اضطراب في الدورة الشهرية. ولذلك جاءت (واللائي لم يحضن) بين جملة (ثلاثة أشهر) وبين (وأولات الأحمال).
فاللائي لم يحضن) بين ريب ويقين يتجلى فيه اليقين بعد 3 أشهر.
فالآية عن العدة. والعدة هنا هي عدة ارتياب للتأكد من حمل أو عدم حمل المطلقة،و هي تبين عدة جميع حالات النساء المطلقات
لأن السورة إسمها سورة الطلاق وهي تبتدئ ب بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء .... )، فكلمة النساء على (إطلاقها)، فكذلك الآية يجب أن تتضمن عدة النساء (على إطلاقها)
إذا نحن اعتبرنا اللائي لم يحضن هن فقط الصغيرات فإن الآية لا تكون متضمنة عدة البالغات من النساء. فالمطلقة إما أنها:
كبيرة يئست من المحيض
أو بالغة
أو صغيرة
ونحن نرى هنا بيان العدة للآيسة في حالة الارتياب، وليس كل آيسة
يرتاب في كونها قد تحمل، فالآيسة في بداية سن اليأس أدعى للارتياب من العجوز التي تجاوز عمرها 60 سنة.
ثم بعد ذلك من هي أدعى للارتياب؟ هل هي البالغة التي كانت تحيض
ثم لم تحض قبل الطلاق أو لم تحض في أول شهر من أشهرالعدة أم الصغيرة ذات 8 أو 9 سنوات التي لم تحض من قبل ولم تبلغ بعد سن المحيض؟
لا شك أن البالغة أولى بالارتياب.
فالبالغة التي لم تحض قد يكون ذلك سببه الحمل أو هو فقط اضطراب في الدورة الشهرية وعدة الثلاثة أشهر تظهر إن كان ذلك حملا أم لا
إذن فإني أرى الآية مبينة عدة الطلاق لجميع حالات النساء.
وأن اللائي لم يحضن (إطلاق) لأن عدم الحيض إما أن يكون طارئا أو
ذاتيا بعدم بلوغ الحلم.
وفقني الله وإياك والمسلمين للصلاح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 Mar 2004, 01:58 ص]ـ
هاهاها .... هذه و الله شطحة و لا شطحات ابن عربي.
معذرة و لكني لم اتمالك نفسي من الضحك!
ـ[أبو علي]ــــــــ[28 Mar 2004, 11:32 ص]ـ
ابن عربي كلامه معقد، ولا أظن أنك وجدت تعقيدا هنا.
فالآية وإن كانت يفهم منها (اللائي يئسن، واللائي لم يحضن)،
كما يبدو هن النساء الكبيرات في السن وصغار السن، إلا أن الشرط
(إن ارتبتم): شكية، ليس كل صغيرة تستوجب الريب، وليست كل آيسة تستوجب الريب.
لا يرتاب إلا في من هي يمكن أن يحصل لها الحمل، فإذا كان كذلك فالمرأة البالغة لا يجب أن تذكر هنا لأن الارتياب محتم فيها وعدتها محتمة هي ثلاثة أشهر، أما هؤلاء فإنه تعالى قال (إن ارتبتم) مما يعني أنه قد توجد منهن من لا تستوجب الارتياب.
الريب هو الشك مع تخوف، وهنا تخوف من أن تكون المطلقة حاملا.
إذا كان الشك في أمر ليس فيه تخوف فلا يسمى ريب.
أما إذا كان هناك ضدان أحدهما محمود والآخر مذموم فإن الذي يطلب الأمر المحمود لا يأخذ به إلا إذا اقتنع واستيقنت نفسه بما يطمإنه
أن ذلك هو غايته.
فنحن نطلب الهدى من الله في سورة الفاتحة، فيجيبنا الله: ألم ذلك الكتاب (لا ريب فيه ... )، لأن طالبي الهدى هم المتقون (الخائفون) فهم يحتاجون إلى تطمين بأن هذا هو الهدى، لأنه لا يوجد طريق آخر،
إما هدى أو ضلال.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Mar 2004, 02:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم أبا علي وفقه الله
أسأل الله أن يوفقنا وإياك لفهم كتابه والعمل به على الوجه الذي يرضيه عنا. وأشكرك على مشاركاتك، وتأملاتك التي تدل على فهم سديد، وقد تأملت ما ذكرتموه فوجدته - كما ظهر لي - كلاماً له حظ كبير من الصواب والفهم، وأنا أتفق معك في أن المؤمن مطالب بالتدبر والتأمل، ولا ضير من الاختلاف في الفهم، والحرص على تلمس الصواب، ولا بد من الاختلاف في زوايا الفهم بين الباحثين، مع سؤال الله التوفيق والسداد.
وأما أخي الحبيب أبو مجاهد وفقه الله، فأقول له جزاك الله خيراً على نقولك التي نقلتها وغيرتك على القرآن، ولكنه لم يظهر لي أن الأخ أبا علي قد تجاوز الحد، ولا أتى بمنكر من القول، بل هو في نظري يدور في دائرة الاجتهاد المقبول، والتدبر الممكن للآيات.
كان الأخ أبو علي في بداية المشاركة يرى أن المقصود باللائي لم يحضن هن الحوامل في بداية الحمل لعدم ظهور علاماته الظاهرة، وليس الصغيرات اللاتي لم يحضن بعد.
بينما في آخر الحوار ذهب إلى غير ذلك، وهو أنها عامة يدخل فيها الصغيرات والبالغات اللاتي لم يحضن لأي سبب من الأسباب التي ظهر بعضها. وهذا من فوائد الحوار العلمي الهادئ الوقور، والتأمل الدقيق لكلام الله.
وأرجو أن يكون حوارنا هذا من الحوار الهادف الذي يطلب الحق لا غير، مع احترام وجهات النظر المقبولة، ومناقشة غير المقبولة بروح علمية دون إساءة لأحد بإذن الله. وأذكر أن الإمام المفسر البقاعي رحمه الله صاحب تفسير نظم الدرر المتوفى سنة 885هـ كان يشكر من ينبهه على أي خطأ صدر منه، بل ويشكو ضيق ذات اليد، وإلا لبذل لكل من ينبهه إلى الخطأ مالاً حيث يقول: (ما تركت أحداً ممن يلم بي إلا قلت له: المراد الوقوف على الحق من معاني كتاب الله تعالى، والمساعدة على ما ينفع أهل الإسلام. فمن وجد لي خطأ فليخبرني به لأصلحه، ووالله الذي جلت قدرته، وتعالت عظمته، لو أن لي سعة تقوم بما أريد لكنت أبذل مالاً لمن ينبهني على خطئي، فكلما نبهني أحد على خطأ أعطيته ديناراً. ولقد نبهني غير واحد على أشياء فأصلحتها، وكنت أدعو لهم وأثني عليهم، وأقول لهم هذا الكلام ترغيباً في المعاودة إلى الانتقاد، والاجتهاد في الإسعاف بذلك والإسعاد). وفي هذا درس لنا معشر الطلاب.
* فعبارة (اللائي لم يحضن) تشمل عدة حالات:
- الصغيرة التي لم تبلغ بعد. وهذا ذكره جميع المفسرين، وذكر القرطبي أنه إجماع.
- المرأة البالغة التي تتعرض لاختلال في حيضها، فبعضعهن بالغات ولكن الحيض يتأخر عليهن ربما عدة أشهر، أو سنة كاملة، أو أكثر! وقد حدثني أحد الأصدقاء أنه قد تزوج بزوجته وعمرها 14 سنة، ولم تكن قد حاضت حينها، قال واستمرت كذلك حتى بلغت 17 سنة فجاءها الحيض وحملت بعد ذلك، وهذه القصة لها أكثر من خسمة وثلاثين عاماً، فهذه المرأة لو طلقت بعد زواجها بعام مثلاً، لكانت من اللائي لم يحضن، مع أنهن لسن صغيرات.
- المرضع، فإن الكثيرات ينقطع عنهن الحيض مدة الرضاعة، التي تستمر عامين أو أقل، ولا يدخلن في ذوات الأحمال، لطلاقهن بعد وضع الحمل، وفي وقت انقطاع الحيض!
- وربما يدخل في ذلك من تم استئصال رحمها من النساء لسبب من الأسباب.
فالذي يبدو أن عبارة (اللائي لم يحضن) عامة في الصغيرات وغيرهن، ولا يعني أن المفسرين لم يذكروا غير الصغيرات أن الآية مقصورة عليهن، وإلا فأين الدعوة إلى التدبر والتأمل للقرآن الكريم، وقد ذكر أخي أبو علي ذلك في كلامه فلا نطيل.
وربما - والله أعلم – أن سبب عدم قبول ما ذهب إليه أخي أبو علي وغيره من الإخوة الكرام الذين يكتبون بالأسماء المستعارة هو عدم الإفصاح عن شخصياتهم العلمية، والمشاركة بالاسم الصريح. فلو كتب الأخ أبو علي باسمه الصريح، وعرف بنفسه وكذلك بقية الإخوة المتوارين وراء الأسماء المستعارة، لكانت النفوس أسكن لقبول ما يذهبون إليه من الآراء، وأدعى للمناقشة والحوار، ولا زلنا نحبذ هذا، ونحرص عليه بقدر الطاقة، من غير حرج على أحد. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Mar 2004, 07:01 م]ـ
بسم الله ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
حسنٌ، أنا أفهم أن المجال مقتوح للتدبر و الاستنباط من آيات القرآن التي تتحدث عن نعم الله في الكون و قصص الأمم السابقة و غيرها و لكن هل يجوز المثل في آيات الأحكام؟
قال الطبري رحمه الله: “ تأويل الآية: {واللائي يئسن من المحيض… فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} يقول: وكذلك عدة اللائي لم يحضن من الجواري لصغرهن إذا طلقهن أزواجهن بعد الدخول “.
(14/ 142) ومثله قال ابن كثير (4/ 402}، والقرطبي (18/ 165) وغيرهما.
و تأخر سن الحيض بالنسبة للقتيات من الأمور الشائعة التي يقابلها الأطباء و 90% منها تعود لأسباب سيكولوجية لا عضوية كما علمنا العبقري الراحل أ. د. طبوزادة في جامعة الأسكندرية و قريباً ناظرت حالة فتاتان توامتان إحداهما بلغت المحيض منذ سنتين و الأخرى لم تحض بعد! و كان أهل الفتاة غاية في التوتر و المسكينة تحت ضغط نفسي رهيب! و الحمد لله كان العلاج بسيطاً فنحن نقوم بعمل دورة رحمية " صناعية " باستخدام بعض العقاقير و بمجرد نزول الحيض تسترخي الأعصاب المشدودة و تنتظم الدورة الشهرية فوراً.
و قد نبه خالق المرأة إلى هذا الأمر في كتابه فلم يشترط نزول دم المحيض كعلامة على البلوغ و ما هي بعلامة له أصلاً عند أهل الطب.
لذا فكلام هذا النصراني عن زواج الأطفال و غيره من الهراء بعيد عن الصحة فالقتاة عادة تبدأ سن البلوغ في سن الثامنة أو التاسعة بظهور علامات البلوغ المعتبرة عند أهل الطب مثل كبر حجم الثديين و نمو شعر العانة و ترسيب الدهون في أماكن معينة مثل الردفين.
هذا هو الرد لهراء هذا النصراني الجاهل و ليس " تصحيح " أقوال مفسرينا!
و الله أعلى و أعلم.
ـ[أبو علي]ــــــــ[30 Mar 2004, 09:03 ص]ـ
بارك الله في الإخوة الكرام: أبو مجاهد العبيدي، عبد الرحمن الشهري
ود هشام عزمي، وشكرا على تفضلكم بالردود.
ـ[شادي حسن]ــــــــ[13 Apr 2009, 09:05 م]ـ
لي رأي وهو أن الحكم في تأخير سن الزواج لدى الفتيات حكم الغرب وليس الإسلام و رأيى أليس أنقى وأطهر للفتاه أن تتزوج شرعيا أفضل من أن يكون لها بوى فريند كما يفعل الغرب وفي أي سن أقصد تتزوج في سن صغيرة كما يبيح ذلك الدين الحنيف أم تزني كما يفعل الغرب!!!!!!!!!!!(/)
(الطفل) و (الأطفال)
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 Mar 2004, 10:08 ص]ـ
الطفل مفرد أطفال إلا أننا نجد القرآن جاء بكلمة أطفال وكلمة طفل،
وذكر كلمة (الطفل) على أنها جمع في قوله تعالى: أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)، لماذا لم تأت كلمة (الأطفال) بدل كلمة (الطفل)؟
تبين لي أن الأطفال بما أنهم غير مكلفين لأنهم لم يبلغوا الحلم فالقلم مرفوع عنهم، سواء كانوا أبناء للمؤمنين أو أبناء للكافرين، فحكمهم كحكم طفل واحد.
أما إذا بلغوا الحلم فإنهم يجري عليهم القلم، فيصبح منهم التقي ومنهم الشقي وبالتالي لم يعودوا كطفل واحد، ولذك يقول تعالى:
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ... ).
كذلك ضيوف إبراهيم عليه السلام (الملائكة الذين جاؤوه في صورة بشر) لم يعرفهم أنهم رسل ربه، لذلك قال تعالى عنهم (ضيف مكرمون).
لماذا قال (ضيف) ولم يقل (ضيوف)؟
لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يعرفهم وبالتالي فمعاماته لهم معاملة ضيف واحد لا فرق بين هذا وذاك، فلو كانوا كأي ضيوف يعرفهم معرفة شخصية لعامل كل واحد معاملة خاصة تليق بقوة الصلة، ولصح أن يقال (ضيوف)، لكنه لا يعرفهم فالمعاملة تكون على حد سواء، والصواب أن يقال عنهم (ضيف) بدل (ضيوف).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Mar 2004, 09:48 م]ـ
جزاك الله خيراً. استنباط لطيف، نسأل الله لنا ولك التوفيق.(/)
الشيخ أبو الأعلى المودودي ومعالم تجديده .. (3)
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[23 Mar 2004, 02:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إكمالاً للمقالة السابقة ... أقول: صحيح إن الشيخ اتجه إلى تصحيح مفهوم الحاكمية التي كادت أن تمحى من عقول الناس. وهذه المرة أود أن أذكر بعض المآخذ على منهجه وتفسيره:
1 - غياب الأسلوب السلفي في كتاباته .... وأعني بالأسلوب السلفي: الاهتمام بكتب السلف والأئمة المتقدمين. فدعاة الجماعة الإسلامية يحتاجون بشدة العلم الصافي المنقول عن فهم السلف. والذي يظهر أن اهتمامهم منصب على كتب المعاصرين فقط إلا من ... لا يقتصر المسلم على الكتب المعاصرة لأنها ليست الأصل، بل الأصل فهم السلف ثم نستفيد من المعاصرين لنساير الواقع.
2 - الاهتمام الزائد بجانب السياسة. صحيح أن الإسلام دين متكامل يشمل جوانب الحياة المختلفة إلا أن هناك أولويات تعنى بها أكثر من غيرها .. فمثلاً جانب العقيدة أهم من جانب السياسة بلا شك .. والحقيقة أن هذا الخطأ ناشئ عن الخطأ الأول وهو عدم العناية الكافية بفهم السلف.
وهذا ما يحضرني في هذه العجالة ... وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[24 Mar 2004, 02:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في حق أهل النار: {حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى} [الزمر:71] 0
وقال جل ثناؤه في حق أهل الجنة: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} [الزمر:73] 0
والسؤال الذي يتردد كثيرًا هنا: ما نوع الواو: في قوله تعالى: {وفتحت أبوابها} من الآية الثانية؟
ولمَ أدخلت هنا، ونزعت منه في الآية الأولى؟
أولاً- قبل الإجابة عن ذلك نذكر بعض ما قاله علماء العربية في هذه الواو، ونبدأ بالفرَّاء- شيخ الكوفيين- وكان قد علل لدخولها في الآية الثانية، فقال:” العرب تدخل الواو في جواب (لمَّا) و (حتى إذا) وتلقيها00 فمن ذلك قول الله: {حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها} وفي موضع آخر: {وفتحت} وكلٌّ صواب “0 وتابعه في ذلك الطبري، في أحد قوليه.
أما سيبويه- شيخ البصريين- فقد حكى لنا رأيَ أستاذه الخليل في الآية الثانية، فقال: ” سألت الخليل عن قوله جل ذكره: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها}: أين جوابها؟ وعن قوله جل وعلا: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب} [البقرة:75]، {ولو ترى إذ وقفوا على النار} [الأنعام:7]، فقال: إن العرب قد تترك في مثل هذا الخبر الجواب في كلامهم، لعلم المخبَر لأي شيء وضِع هذا الكلام".
وحكى الأخفش- تلميذ سيبويه- عن الحسن- رضي الله عنه- أنه فسر الآية الثانية على إلقاء الواو من قوله تعالى: {وقال لهم خزنتها} 0 أي: قال لهم خزنتها0ثم قال:” فالواو في مثل هذا زائدة “0 ولكنه قال في موضع آخر:” وإضمار الخبر أحسن في الآية".
فعلى قول الفراء يكون جواب {حتى إذا} في الآيتين هو قوله تعالى: {فتحت أبوابها} 0 وعلى قول الخليل وسيبويه يكون الجواب في الآية الثانية محذوفًا لعلم المخاطب0 وعلى تفسير الحسن- رضي الله عنه- يكون الجواب في الآية الثانية هو قوله تعالى: {قال لهم خزنتها}.
وفسروا قول الفراء على زيادة الواو0 ونسبوا ذلك إلى الكوفيين، وفسروا قول الخليل وسيبويه على أن الواو عاطفة، والجواب محذوف0 ونسبوا ذلك إلى البصريين00 وإلى هذا أشار النحاس بقوله:” فالكوفيون يقولون: زائدة0 وهذا خطأ عند البصريين؛ لأنها تفيد معنى؛ وهي للعطف ههنا، والجواب محذوف “.
ثم اختلفوا في موضع الجواب المحذوف على قولين:
- أحدهما قبل الواو.
- والثاني بعد الواو.
وكذلك اختلفوا في تقدير الجواب المحذوف على أقوال؛ أشهرها قول الزجاج، ونصه الآتي:” والذي قلنه أنا- وهو القول إن شاء الله- أن المعنى: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، دخلوها0 وحذف؛ لأن في الكلام دليلاً عليه0 والدليل هو قوله تعالى: {دخلوها} ".
واختار الطبري قول الزجاج على أنه أولى الأقوال بالصواب، مع تجويزه لقول الفراء الذي ابتدأنا به، كما ذكرنا00 أما الزركشي فقال:” ويحتمل أن يكون التقدير: حتى إذا جاؤوها- أذن لهم في دخولها- وفتحت أبوابها “00 واختلفوا في معنى الواو على هذا القول على قولين:
- أحدهما: أنها عاطفة على الجواب المحذوف.
- والثاني: أنها حالية، وإليه ذهب الزجاج، والزمخشري، وأبو حيان. وأجاز الزركشي القولين معًا. وحكى القرطبي عن أبي بكر بن عياش أنها واو الثمانية، وذكر أن من عادة قريش إذا عدوا، قالوا: خمسة، ستة، سبعة، ثمانية ولهذا دخلت الواو هنا، ولم تدخل في الآية الأولى؛ لأن أبواب النار سبعة. ورد كثير من النحاة والمفسرين هذا القول لضعفه.
و أخيرًا استقرَّ رأي جمهور المتأخرين على أنها واو الحال، وأن المعنى: حتى إذا جاؤوها وقد فتحت أبوابها، دخلوها0 أو ما شابه ذلك0 وقليل منهم من ذهب إلى أنها زائدة0
وقد لقيَ القول الأول من هذين القولين- مع تكلفه- صدًى واسعًا في نفوس الكثير من الدارسين، والباحثين المعاصرين، من علماء اللغة والنحو والتفسير، أذكر منهم الدكتور فضل حسن عباس، صاحب كتاب (لطائف المنان وروائع البيان في دعوى الزيادة في القرآن).
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد تحدث الدكتور فضل عن هذه الواو فصال وجال، وأتى بالعجب العجاب0 بدأ حديثه بهجومه العنيف على الفراء، واتهمه بسوء النظر والفكر معًا ... ثم زعم أن هذه الواو صاحبة رسالة مستشهدًا على ذلك بقوله تعالى: {والله أعلم حيث يجعل رسالته} ... ثم ذكر مدعيًا أن حذف الجواب في الآية من دقائق الإعجاز، وأن حذف جواب (إذا) مستفيض في القرآن، وكلام العرب0 ولهذا قال في معنى الآية: ” حتى إذا جاؤوها وقد فتحت أبوابها- كان لهم من إكرام الله ما لا يمكن حصره- أو: ما يشابهه".
ولم يكتف الدكتور فضل بذلك، بل زعم أن الجواب في الآية الأولى محذوف أيضًا، وأن جملة (فتحت) استئنافية، ثم قال:” والمعنى: حتى إذا جاؤوها، فتحت أبوابها- وجدوا من الهول، والحسرة، والندامة، والأسى ما يعجز عنه الوصف- وقال لهم خزنتها كذا وكذا“0 فتأمل!!
ثانيًا- وفي الإجابة عن ذلك كله نقول وبالله المستعان:
آ- هذه الواو التي أدخلت في قوله تعالى: {وفتحت أبوابها} هي أداة ربط، ووظيفتها اللغوية هي ربط جواب (حتى إذا) بشرطها. وقد دل الاستقراء على أن لجواب (حتى إذا) حالتين:
الأولى: أن لا يكون مقترنًا بشيء؛ نحو قوله تعالى: {حتى إذا ركبا في السفينة خرقها} [الكهف:71].
والثانية: أن يكون مقترنًا:
- إما بالواو؛ كهذه الآية.
- أو بالفاء؛ كقوله تعالى: {حتى إذا لقيا غلامًا فقتله} [الكهف:74].
- أو بثمَّ؛ كقوله تعالى: {حتى إذا ضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا} [التوبة:118].
ب- إذا ثبت حذف جواب (إذا) و (لو) في بعض المواضع، فإن حذف جواب (حتى إذا) لم يثبت أبدًا في أيٍّ من تلك المواضع0 وليس من الصواب أن نقيس (حتى إذا) على (إذا) أو على (لو)؛ لأن من شروط القياس المعتبرة في اللغة أن تقاس الظاهرة اللغوية على أمثالها0 ثم إن القياس النحوي لم يصلح لأن يكون منهجًا للبحث العلمي؛ إنما الذي يصلح لذلك هو الاستقراء اللغوي.
وهذا ما فعله الفراء0 والدليل على ذلك أنه أنكر، وبأسلوب رقيق مهذب، قول من جعل قول الله تعالى: {وأذنت} جوابًا لـ {إذا} في قوله تعالى: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت}، فقال:” ونرى أنه رأيٌ ارتآه المفسِّرُ، وشبَّهه بقوله تبارك وتعالى: {حتى إذا جاؤوها}؛ لأنا لم نسمع جوابًا بالواو في (إذ) مبتدأة، ولا قبلها كلام، ولا في (إذا)، إذا ابتُدِئت، وإنما تجيب العرب بالواو في قوله: (حتى إذا كان) و (فلمَّا أن كانت)، لم يجاوزا ذلك".
والفراء راوية ثقة، لا يشك أحد في ما يرويه عن العرب0 وقد شهد له بذلك أبو حيان صاحب تفسير (البحر المحيط)، والشواهد القرآنية، وغيرها تؤيد ذلك وتؤكد.
فمن الشواهد القرآنية نذكر قول الله تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا} [الأنبياء:96].
فقوله تعالى: {اقترب الوعد الحق} جواب قوله: {حتى إذا}، وقد جاء مقترنًا بالواو، خلافًا لمن زعم غير ذلك؛ لأن المعنى: حتى إذا فنحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، اقترب الوعد الحق00 وإنما كان (اقترب الوعد الحق) هو الجواب؛ لأن فتح يأجوج ومأجوج، ونسلهم من كل حدب هو علامة من علامات اقتراب هذا الوعد، الذي هو يوم القيامة0 وهو المراد بقوله تعالى: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقًا} [الكهف:98] 0
ومن الشواهد الشعرية التي أنشدها الفرَّاء نذكر قول الشاعر:
حتى إذا قمِلت بطونكُمُ** ورأيتمُ أبناء كم شبُّوا
وقلبتمُ ظهر المجَنِّ لنا**إن اللئيم العاجز الخبُّ
جاء بجواب (حتى إذا) مقترنًا بالواو وهو قوله: (قلبتم لنا ظهر المجن) 00 والمعنى على هذا واضح {لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} 0
ج- الفرَّاء لم يفل بزيادة هذه الواو، ولم يذكر نوعها؛ وإنما اكتفى بأن فسر هذه الظاهرة اللغوية بقوله:” العرب تدخل الواو في جواب (لمَّا) و (حتى إذا) وتلقيها “0 ولم يقل ذلك في جواب (إذا)، بل أنكر قول من قال به، كما ذكرنا0 وكان ينبغي على الدكتور فضل حسن عباس أن يفهم كلام الفراء قبل أن يهاجمه، ويتهمه بسوء النظر والفكر.
(يُتْبَعُ)
(/)
د- وفي حذف هذه الواو في آية، وإثباتها في آية أخرى قال النحاس:” أما الحكمة في إثبات الواو في الثاني، وحذفها من الأول فقد تكلم فيه بعض أهل العلم0 قال: لمّا قال الله عز وجل في أهل النار: {حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها}، دل على أنها كانت مغلقة00 ولمّا قال في أهل الجنة: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها}، دل على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها“0 وإلى هذا ذهب الزمخشري، وأبو حيان0.
ونحن نقول: إن إثبات الواو في الآية الثانية، دلَّ على أن الجنة فتحت أبوابها مع مجيء أهلها إليها، وليس قبل مجيئهم؛ وذلك لمَا في الواو من معنى الجمع الذي لا يفارقها أينما وقعت. ولهذا لا يجوز القول بأنها عاطفة، أو حالية؛ لأنها مسلوبة الدلالة على العطف؛ ولأن واو الحال لا يجوز أن تدخل على الفعل إلا ومعها (قد) ظاهرة، لا مقدرة0 ثم إن جعلها حالية يقتضي تقدير جواب محذوف مع (قد) - كما فعلوا - وهذا تكلف ظاهر، لا داعي له، لما فيه إخلال بنظم الكلام، وإفساد لمعناه0 فجعلها حالية يدل على أن فتح أبواب الجنة حالة مؤقتة، تتغيَّر بتغيُّر الظروف والأحوال0 وفرق كبير بين أن نفهم هذا المعنى من الآية الكريمة، وبين أن نفهم أن فتح أبواب الجنة حالة ثابتة، ومستمرة0 وهذا المعنى هو الذي تدل عليه هذه الواو.
أما حذفها من الآية الأولى فدل على أن النار لا تفتح أبوابها لأهلها إلا بعد مجيئهم إليها0 وقد يطول وقوفهم، وانتظارهم- وهذا أنكى لهم- ثم تفتح لهم الأبواب بعد طول انتظار، ويدخلون غير مأسوف عليهم، خلافًا لأهل الجنة الذين يدخلون الجنة دون انتظار لأنهم يجدون أبوابها مفتحة لهم مع مجيئهم إليها00 ومما يدل على ذلك قول الله تعال: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} [ص:50] 0 وأحسن ما قيل في تفسيره: إن الملائكة الموكلين بالجنان، إذا رأوا صاحب الجنة، فتحوا له أبوابها، وحيوه بالسلام، فيدخل محفوفًا بالملائكة على أعز حال، وأجمل هيئة0
هذا المعنى هو الذي ينبغي أن يفهم من قوله تعالى: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها} 0 ومن يعرف جوهر الكلام، ويدرك أسرار البيان يتبين له أن ما قلناه هو الحق00 والله تعالى أعلم بأسرار بيانه0 وله الحمد والمنَّة0
السبت، 06 آذار، 2004 محمد إسماعيل عتوك
m-attouk44@mail.sy
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:59 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك وفقه الله لكل خير.
أرحب بك معنا في ملتقى أهل التفسير، الذي يسعد بأمثالكم من الباحثين الجادين. ونرجو أن تجد ما يسرك، وأن نرى منك ما يسرنا كذلك. وقد انتفعتُ كثيراً بما تكرمتم به من بحث هذه المسألة العلمية التي دارت حول الآية رقم (73) من سورة الزمر.
ويمكنني تلخيص الرأي الذي خلصتم إليه في أن الواو في قوله: (وفتحت أبوابها) أداةُ ربطٍ، ووظيفتها اللغوية هي ربط جواب (حتى إذا) بشرطها، وأنها تدل على أن أبواب الجنة تفتح مع مجيء المؤمنين إلى الجنة لا قبل ذلك.
* ولديَّ استفسارات:
الأول: يبدو لي أن القول بأن الواو أداة ربط فحسب، قول عام يصلح أن يقال في حق الواو العاطفة فهي أداة ربط كذلك، ويقال في حق الواو الحالية، ويصلح في حق (ثم) فهي أداة ربط كذلك، وغيرها من الأدوات، فهي إضافة لكونها أدوات ربط للكلام فهي ذات معانٍ خاصة كالدلالة على الحال أو المعية أو التراخي مثلاً. وقد ذكر ابن أم قاسم المرادي في (الجنى الداني) أن الواو تأتي للربط بين الجمل، ولا محل لها من الإعراب ص 163، فهل القول بأنها أداة ربط في هذه الآية على وجه الخصوص سبق أن ذكره أحد المفسرين أم هو من تأملكم الكريم وفقكم الله؟
الثاني: أن المعنى الذي حملتم الآية عليه مع هذا الرأي هو (أن أبواب الجنة تفتح مع مجيئ المؤمنين لا قبله).
بينما ذهب بعضهم إلى معنى يحتمل ما ذهبتم إليه وهو (أن أهل الجنة يجيئونها فيجدون أبوابها مفتحة، وهذا أشارت إليه آية كريمة (جنات عدن مفتحة لهم الأبواب) وهو ما تؤديه هذه الواو، فهي واو الحال). كما ذكر الدكتور فضل حسن عباس في كتابه الذي أشرتم إليه ص 197. فكم هي المدة الفارقة بين كونه يفتح مع لا قبل أو عند؟ وما الفرق المؤثر بينهما؟
الثالث: أن القول بأن (القياس النحوي لم يصلح لأن يكون منهجًا للبحث العلمي؛ إنما الذي يصلح لذلك هو الاستقراء اللغوي). يخالف ما تقرر عند النحاة من صحة القول بالقياس بشروطه المعتبرة، وأن الاستقراء اللغوي لا يخالف القياس الصحيح. ولا شك أن الاستقراء لكلام العرب هو الحجة، والاستقراء يكون داعماً للقياس، ولا يعود عليه بالنقض، وقد قرر هذه المسألة من كتبَ في النحو منذ قيل:
إنما النحو قياس يتبع= وبه في كل أمر ينتفع
الرابعة: أنا أتساءل ما الحكمة من ذهاب المفسرين إلى القول بأن معنى حذف الواو في الحديث عن أهل النار يدل على أنه لا يفتح لهم إلا بعد الانتظار، وأن في ذلك زيادة في العذاب لهم، أليس العذاب هو أن يجدوا الأبواب مشرعة تكاد تميز من الغيظ كما ذكر الله، لا موصدة دون جهنم؟! هل من توضيح؟
وأخيراً فإن الباحثين كثيراً ما يذيلون تأملاتهم بمثل عبارة: (ومن تأمل هذا الموضع بان له صحة ما ذكرت). وعندما يتأمل الآخرون ويخالفونه يتهمهم بأنهم لم يعملوا أذهانهم، ولم تظهر لهم الأسرار التي ظهرت له. وقد سلك أهل الإلحاد مسلكاً شبيهاً بهذا، فهم يهجمون على الآيات هجوماً لم يسبقوا إليه، ويقولون: وقد أخطأ المفسرون جميعاً في تفسير هذه الآية، والذي ينبغي أن يقال في تفسيرها هو كذا وكذا .. ) وهذا تجده عند نصر أبو زيد كثيراً. فكيف الحل إذا مع أمثال هؤلاء أخي الكريم محمد؟
أرجو أن يتسع وقتك الثمين للإجابة عن تساؤلي وفقك الله. كما أرجو أن لا تبخل علينا بمثل هذه النفائس العلمية المحررة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[26 Mar 2004, 12:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الجليل، وأستاذنا الفاضل عبد الرحمن الشهري!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00 وبعد0
إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم في ملتقى أهل التفسير، أسعد بلقائكم، وأرجو أن تسعدوا أنتم بلقائي حقًا، وشكرًا لكم على ترحيبكم بي في الملتقى، وعلى اهتمامكم بمقالنا (من أسرار الإعجاز البياني في القرآن) الذي يكشف عن سر وجود (الواو) في قوله تعالى: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها} من آية الزمر/73 0
أما عن استفساراتكم فأحاول أن أجيب عنها بعون الله وتعليمه، وأرجو منه سبحانه أن يوفقني في الإجابة عن ذلك، إنه نعم المولى، ونعم النصير0
أولاً- أما عن الاستفسار الأول فالجواب عنه: أن لكل أداة في اللغة وظيفة تشغلها في التركيب اللغوي، ومعنى تؤديه في السياق0 ووظيفة الأدوات جميعًا هي الربط؛ فكما تكون الفاء في جواب (إذا) رابطة له يشرطها، كذلك تكون (الواو) رابطة لجواب (حتى إذا) 0 والشواهد اللغوية هي التي تحكم بصحة ذلك، لا القواعد النحوية0
فوظيفة (الواو) – كوظيفة أي أداة- هي الربط0 أما معناها الذي تؤديه في التركيب فلا يمكن معرفته إلا من السياق0 ومعنى (الواو) في آية الزمر هو معنى الجمع0 وأعني به الجمع بين الشرط والجواب في الحدوث0 فمجيء أهل الجنة إلى الجنة، وفتح أبوابها لهم تمَّ حدوثهما في وقت واحد0 وهذا ما ذكرته في مقالي السابق0 وإلى نحو من هذا ذهب ابن جني، فقال في (باب خلع الأدلة) من كتابه: الخصائص:” ومن ذلك واو العطف؛ فيها معنيان: العطف، ومعنى الجمع0 فإذا وضعت موضع (مع) خلصت للاجتماع، وخلعت عنها دلالة العطف؛ نحو قولهم: استوى الماء، والخشبة “0
أما عن كون (الواو) أداة ربط فهذا ما يفهم من قول الفراء:” العرب تدخل (الواو) في جواب (لما) و (حتى إذا) وتلقيها“00 فالفراء في قوله هذا اكتفى برصد هذه الظاهرة اللغوية في لغة العرب، فذكر بذلك وظيفة (الواو) ولم يذكر شيئًا عن معناها0 لم يذكر متى تدخل هذه الواو، ولمَ تدخل؟ ومتى تلقى، ولمَ تلقى؟ وهذا ما ذكرناه نحن في هذا المقال0
ونظير هذه الواو في جواب (حتى إذا) الواو في جواب (لمَّا) 0 وأذكر عليها مثالاً واحدًا من القرآن الكريم؛ لن المجال لا يتسع لأكثر من ذلك؛ وهو قوله تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين} [الصافات:103 - 104] 0
جواب {فلما} - هنا- هو قوله تعالى: {ناديناه} 0 هذا ما ذهب إليه الفراء، وتابعه فيه الإمام الطبري، فقال في قوله تعالى {ناديناه}:” وهذا جواب قوله: {فلما أسلما} 0 ومعنى الكلام: فلما أسلما، وتلَّه للجبين، ناديناه أن يا إبراهيم0 وأدخلت الواو في ذلك، كما أدخلت في قوله تعالى: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها} 0 وقد تفعل العرب ذلك، فتدخل الواو في جواب (فلما) و (حتى إذا) وتلقيها “0
هذا قول الإمام الطبري، وهو مأخوذ بنصِّه عن الفراء0 وعليه تكون الواو رابطة لجواب (فلما) بشرطها0 ويكون معنى الآية الكريمة: فلما رضي إبراهيم- عليه السلام- بذبح ابنه، ورضي ابنه بأن يذبح، تصديقًا للرؤيا، وطاعة لأمر الله تعالى، وصرعه على جبينه للذبح، نودي من الجبل: أن يا إبراهيم! قد صدقت الرؤيا0 فتوقف إبراهيم- عليه السلام- عن ذبح ابنه00 فالسر في إدخال الواو على الجواب أنها جمعت بين حدثين: الأول منهما هو قوله تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين} 0 والثاني هو قوله تعالى: {ناديناه أن يا إبراهيم} 0 ولولا هذه الواو لتم الذبح، ولم يجدِ النداء شيئًا0
وهكذا يتبين لنا أن الله تعالى، لما أراد أن يوقف هذا الذبح، ويمنع وقوعه، قرن نداءه لإبراهيم - عليه السلام- بهذه الواو، التي قال البعض عنها: إنها زائدة، وقال البغض الآخر: إنها عاطفة، والجواب محذوف0
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا- إذا كان بعض المفسرين قد ذكروا أن الجنة تفتح أبوابها قيل مجيء أهلها إليها، فلأنهم فسروا الواو بأنها حالية0 وتفسيرهم لها بالحالية محكوم بالقاعدة النحوية التي تنص على أن جواب الشرط لا يقترن بغير الفاء، أو إذا الفجائية، إن كان جملة (اسمية طلبية وبجامد وبما ولن وبقد وبالتسويف) 0 فلما اعترضتهم نصوص من القرآن الكريم، ومن لغة العرب، تخالف ما اصطلحوا عليه من قواعد، أخذوا بأعناق تلك النصوص، واخضعوها لقواعدهم0 وبذلك ارتضوا القواعد النحوية مركبًا، فقتلوا أنفسهم بذلك، وقتلوا معها النصوص، متجاهلين أن النصوص القرآنية لا تخضع لقواعدهم00 اسمع إلى أبي حيان، ماذا يقول0 يقول:” التأويل إنما يسوغ إذا كانت الجادة على شيء، ثم جاء شيء يخالف الجادة، فيتأول“0
ويقصد أبو حيان بالجادة- هنا- قواعد النحو، فما خرج عنها يجب أن يتأول حتى يعود إليها0 فأي قياس معتبر هذا الذي يقوم على ذلك التأويل، الذي لم يكن إلا نتيجة للجهد الذهني العميق؟! ألا ترى أنه يجعل من النصوص القرآنية تبعًا للقواعد النحوية، والعكس هو الذي ينبغي أن يكون! ولهذا قلنا إجماع النحاة ليس بحجة ملزمة؛ وإنما الحجة الملزمة هي اللغة نفسها0 وهذا ليس قولي؛ وإنما هو قول ابن جني00 وبهذا أكون قد أجبت عن الاستفسار الثاني، والثالث0
وأما قوله تعالى: {جنات عدن مفتحةٌ لهم الأبواب} ففيه إشارة إلى ما ذكرنا من أن الجنة لا تفتح أبوابها لأهلها إلا عند مجيئهم إليها؛ لأن قوله تعالى (مفتحة) صيغة مستقبلية0 ولهذا جاءت منونة00 ولو كان المراد منها المضيَّ أو الدوامَ، جيء بها مفتوحة، أو مضمومة - على القراءتين- هكذا: جنات عدن مفتحة الأبواب لهم00 فتأمل!
ويدل على ذلك أيضًا ما جاء في تفسير القرطبي من قوله:” وإنما قال: {مفتَّحة}، ولم يقل: مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر، لا بالمسِّ- أي: بالأيدي- قال الحسن: تُكلَّم: انفتحي فتنفتح، انغلقي فتنغلق0 وقيل: تفتح الملائكة لهم الأبواب“0
وجاء في الدر المنثور للسيوطي قوله:” اخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله: {جنات عدن مفتحةٌ لهم الأبواب}، قال: يُرَى ظاهرُها من باطنها، وباطنُها من ظاهرها، ويقال لها: انفتحي، وانغلقي، تكلمي، فتفهم، وتتكلم“0
ومن الأوجه التي ذكرها الفخر الرازي في المراد من الآية: ” أن الملائكة الموكلين بالجنان، إذا رأوا صاحب الجنة، فتحوا له أبوابها، وحيوه بالسلام، فيدخل كذلك محفوفًا بالملائكة على أعز حال، وأجمل هيئة“0 فإذا كانت الجنة، وأبوابها هكذا، فما بالك بالنار، وأبوابها؟
وأما عن استفسارك الأخير فلا أملك إلا أن أقول: اللهم اجعلنا من الذين يفقهون كلامك، ويدركون أسرار بيانك، ولا يقولون فيه إلا صوابًا0 والحمد لله رب العالمين، والسلام على من اتبع الهدى إلى يوم الدين0
الخميس، 25 آذار، 2004 – حلب- سورية تلميذكم
محمد إسماعيل عتوك
م- ع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2004, 02:32 م]ـ
جزاك الله خيراً على جوابك المفصل، ونفعنا وإياك بالعلم.
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[27 May 2004, 04:58 م]ـ
كلام الله جل وعلا بريء مما ينسب إليه من الزيادة، وبريء من التأويلات المتكلفة0 وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا0وشكر الله لأستاذنا محمد إسماعيل على ما كتب، ولأستاذنا عبد الرحمن على ما أضاف من تساؤلات وتعقيبات0 وسلامي للجميع0
___________________________________
(وقفوهم إنهم مسؤولون)
ـ[سليمان داود]ــــــــ[31 May 2004, 10:23 ص]ـ
نعم أستاذنا
سيقف المجرمون أمام أبواب جهنم وليس كما قال البعض هو العكس، والذي يؤيد هذا الكلام الآيه 53 من سورة الكهف: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا).
جزاك الله خيرا على هذه اللمسة الرائعه.
وأضيف من تأملاتي هذه العبارة.
لو سئل أهل النار ماهي الجنة؟؟ لأجابوا: الجنة ... هي الخروج من جهنم.
ولو سئل أهل الجنة؟؟؟ ماهي جهنم؟؟؟، لأجابوا ... جهنم أن نبتعد عن هذا النعيم؟؟؟
اللهم اجعلنا من أهل الجنة ونعيمها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2005, 12:52 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً. ولا زلنا نرغب في فوائد الأستاذ الكريم محمد إسماعيل عتوك وفرائده، وفقه الله لكل خير.(/)
هل كلمة (أكاد أخفيها) جملة اعتراضية بين (إن الساعة آتية) وبين (لتجزى كل نفس)؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[24 Mar 2004, 02:43 م]ـ
هل كلمة (أكاد أخفيها) جملة اعتراضية بين (إن الساعة آتية) وبين (لتجزى كل نفس بما تسعى)؟
في سورة طه عند الآية رقم 15 قال الله سبحانه:
( ... إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ... )
لاحظتُ أن (إخفاء الساعة) هو آخر مذكور في الآية قبل لام التعليل الموجودة في كلمة (لتجزى)
ولكن الكثير من أهل العلم يفسرون (لتجزى) بأنها من أجل (إتيان الساعة)
فكأنهم تعاملوا مع (أكاد أخفيها) على أنها جملة اعتراضية
ليصبح آخر مذكور قبل لام التعليل هو (الإتيان)
فتصبح الآية كالتالي:
( .. إن الساعة آتية ... لتجزى كل نفس بما تسعى .. )
فهل فهمي في مكانه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Mar 2004, 09:43 م]ـ
أخي الكريم وفقك الله وزادنا وإياك هدى وبصيرة بكتابه الكريم، وأشكرك على مشاركاتك المتميزة.
وأما ما فهمتَه - وفقك الله – فهو قول في الآية، قال به سعيد بن جبير وغيره رحمهم الله، وقد ذكر هذا عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره للآية الكريمة.
فيكون تفسير الآية على هذا الوجه: إن الساعة آتية لتجزى كل نفس بما تسعى، وتكون اللام في (لتجزى) وهي لام كي متعلقة بآتية. وتكون الجملة (أكاد أخفيها) جملة اعتراضية.
يقول السمين الحلبي في الدر المصون 8/ 22: (وجعلها –أي اللام في لتجزى- بعضهم متعلقة بـ (آتية) وهذا لا يتم إلا إذا قدرت أن (أكاد أخفيها) معترضة بين المتعلق والمتعلق به، أما إذا جعلتها صفة لآتية فلا يتجه على مذهب البصريين، لأن اسم الفاعل متى وصف لم يعمل، فإن عمل ثم وصف جاز).
والقول الآخر في الآية - وهو المشهور - أن اللام متعلقة بفعل (أخفيها) أي أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. ولا أظنه يخفى عليك كلام المفسرين في معنى (أخفيها) في الآية الكريمة، فلا حاجة بنا إلى ذكره.
ـ[أخوكم]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:24 م]ـ
الأخ الفاضل كثير الفضائل عبدالرحمن الشهري
فضلا عما في ردك من فوائد ظاهرة، ومختصة بعين سؤالي
ففي ردك أيضا فوائد باطنة
سأستفيد منها كثيرا إن شاء الله
فجزاك رب العرش خير الجزاء(/)
أنواع النسيان للحفظ
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Mar 2004, 12:12 ص]ـ
أنواع النسيان للحفظ
أركان حفظ القرآن ثلاثة:الاهتمام , والتركيز , والتكرار.
فالاهتمام يكون بعزيمة الشخص في الإصرار على الحفظ , والتركيز يكون في أثناء عملية الحفظ , والتكرار يكون بالمراجعة.
والتعريف بحفظ القرآن: ((هو عملية إدخال النص القرآني بإحدى روايته التلفظية , إلى الذاكرة العميقة)).
والذاكرة في الإنسان نوعان:
ذاكرة قريبة , وأخرى عميقة , فالقريبة نتذكر بها الأشياء اليومية التي نمر بها ولا نلقي لها بالا , وأما الذاكرة العميقة هي التي تثبت فيها المعلومات لسنوات طويلة , فلمن أراد أن يثبت حفظه في الذاكرة العميقة عليه بالإكثار من عملية التكرار للنص القرآني المراد حفظه عن طريق حاسة السمع بالدرجة الأولى , ويساعدها في أغلب الأحيان حاسة البصر , فبمجموع استخدام حواس السمع والصوت والبصر ومع التركيز يتم التخزين في الذاكرة العميقة, فبالصورة المرئية وبالصوت المسموع يتم عملية التخزين في الذاكرة العميقة أيضا , ولابد من الحضور الذهني الدائم أثناء الحفظ , فبمجموع هذه الأسس تساهم وتساعدك في دخول النص القرآني إلى الذاكرة العميقة , وكلما كان استخدمنا لأعضاء أكثر في عملية الحفظ كلما كان أرسخ في الذاكرة.
قال العلماء: الذي يمسك بالمصحف ليحفظ وعقله مشغول هنا وهناك فلا يمكن أن يثبت الحفظ في ذاكرته العميقة , فلا بد للقارئ أن يستعين بالله أولا لأن حفظ كتاب الله تعالى اصطفاء منه تعالى فالمعين على حفظه هو الله تعالى , ولا شك أن العبد له مجهود في ذلك , ولكن عملية الحفظ اصطفاء رباني لقوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (فاطر: من الآية32).
ومن المعلوم أن ذاكرتنا يعتريها النسيان وللخروج من هذه المعضلة التي تؤرق الحفاظ لابد من تعاهد القرآن بالتكرار وبالمراجعة والمدارسة الدائمة بين الفينة والأخرى.
وأنواع النسيان للقرآن نوعان:
· نسيان التفريط , وسببه عدم التعاهد للقرآن بالكلية
· نسيان الهرم , سببه كبر السن والشيخوخة
· ونسيان بسبب المتشابهات , والسبب عدم التركيز الجيد في حفظ المتشابهات
قال العلماء: أفضل شئ لتثبيت الحفظ خشية نسيانه المراجعة والتعاهد الدائم للقرآن.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
بريد إلكتروني: Fargh22 @yahoo.com
Fargh22 @hotmail.com
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2004, 11:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: نرحب بالشيخ فرغلي عرباوي، ونشكره على مشاركته معنا.
ثانياً: نسيان القرآن الكريم من المشكلات التي تواجه حفاظ القرآن الكريم، وهذه بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع:
المسألة الأولى: قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: " اختلف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، قال الضحاك بن مزاحم: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن الله يقول:) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ([الشورى: 30]. ونسيان القرآن من أعظم المصائب …
وجاء عن أبي العالية رحمه الله: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه. وإسناده جيد. ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن: كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً… والإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره … وترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل، والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد. وقال إسحاق بن راهويه: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن. " أهـ
وكلام العلماء في التحذير من نسيان القرآن الكريم إنما يقع على النسيان الذي بسبب الإهمال والتفريط، وأما النسيان الذي يقع بأسباب لا تفريط فيها - لسبب من الأسباب - فإن له حكماً آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: (قال أبو عبيد: إنما هذا على الترك، فأما الذي هو دائب في تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء. ومما يحقق ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره؛ من ذلك حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: سمع قراءة رجل في المسجد فقال: (ما له رحمه الله! لقد أذكرني آيات كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا).) انتهى نقلاً من تفسير القرطبي لآية الشورى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.
المسألة الثانية: سئل شيخ الإسلام عن رجل يتلو القرآن مخافة النسيان ورجاء الثواب فهل يؤجر على قراءته للدراسة ومخافة النسيان أم لا؟ وقد ذكر رجل ممن ينسب إلى العلم أن القاريء إذا قرأ للدراسة مخافة النسيان أنه لا يؤجر فهل قوله صحيح أم لا؟
فقال: (الجواب: بل إذا قرأ القرآن لله -تعالى- فإنه يثاب على ذلك بكل حال ولو قصد بقراءته أنه يقرؤه لئلا ينساه فإن نسيان القرآن من الذنوب فإذا قصد بالقراءة أداء الواجب عليه من دوام حفظه للقرآن واجتناب ما نهى عنه من إهماله حتى ينساه فقد قصد طاعة الله فكيف لا يثاب!. وفي الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " استذكروا القرآن فلهو أشد تقصياً من صدور الرجال من النعم من عقلها "، وقال صلى الله عليه وسلم: " عرضت علي سيئات أمتي فرأيت من مساوئ أعمالها الرجل يؤتيه الله آية من القرآن فينام عنها حتى ينساها "، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وحفت بهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ". و الله أعلم.) انتهى من الفتاوى الكبرى الجزء 1، صفحة 261
المسألة الثالثة: الحديث الذي أورده شيخ الإسلام في عقوبة نسيان القرآن فيه ضعف كما نبه على ذلك العلماء، وهو في ضعيف الجامع رقم 3700، وضعيف سنن أبي داود رقم88.
وثالثاً: هذا رابط قيم له صلة بالموضوع: نحو منهجية عملية في حفظ القرآن الكريم ( http://www.saaid.net/Quran/10.htm)(/)
سبعة أشياء يحتاجها من أراد علم القراءات
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Mar 2004, 12:15 ص]ـ
سبعة أشياء يحتاجها من أراد علم القراءات
1. علوم العربية من نحو وصرف
2. التجويد وهو معرفة المخارج والصفات
3. علم رسم المصاحف
4. الفواصل وهو فن عدد الآيات
5. الوقف ولابتداء
6. علم الأسانيد , وهو من أعظم ما يحتاج إليه القارئ لأن القرآن سنة متبعة ونقل محض
7. علم الابتداء والختم وهو الاستعاذة والتكبير ومتعلقاتهما
وجميع ذلك في كتاب (لطائف الإشارات في القراءات الأربعة عشر) للعلامة أحمد القسطلاني.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:39 ص]ـ
مرحباً بك أخي الكريم فرغلي وجزاك الله خيراً على تذكيرك وتنبيهك إلى هذه المهمات. ويا حبذا لو تكرمت بتناول هذه النقاط المختصرة بالشرح والبيان في حلقات قادمة، فحلقة تخصصها لوجه حاجة طالب علم القراءات لعلوم العربية، وحلقة لوجه حاجته لعلم الوقف والابتداء وهكذا ..
ثم ما وجه الحصر في هذه العلوم؟ يا حبذا لو بينته للقراء، فليس كل من يقرأ في هذا الملتقى يمتلك نسخة من كتاب القسطلاني رحمه الله.
جزاك الله خيراً ونفع بك.(/)
من الظواهر الأسلوبية في القرآن- ظاهرة القسم المسبوق بلا النافية
ـ[رفاه زيتوني]ــــــــ[25 Mar 2004, 01:45 ص]ـ
من الظواهر الأسلوبية في القرآن الكريم
ظاهرة القسم المسبوق بلا النافية
من الظواهر الأسلوبية الملفتة للنظر في البيان القرآني ظاهرة مجيء الفعل (أقسم) بعد (لا) النافية في نحو قوله تعالى:
{فلا أقسم بمواقع النجوم* وإنه لقسم لو تعلمون عظيم* إنه لقرآن كريم* في كتاب مكنون* لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة:75 – 79] 0
وقد اختلف علماء النحو والتفسير في تفسير هذه الظاهرة الأسلوبية، والتعليل لها على أقوال أشهرها:
أن أصل الكلام: فأقسم بمواقع النجوم، وأن (لا) أدخلت زائدة بين الفاء، والفعل (أقسم)؛ لتأكيد القسم0 ويطلق عليها بعضهم مصطلح: صلة0 وهذا يعني أن دخولها في الكلام، وخروجها منه سواء00 وعلى القولين يكون معنى الآية الكريمة على إسقاطها.
ومنهم من ذهب إلى أنها لنفي القسم.
والمستقرىء للآيات القرآنية التي جاء فيها الفعل (أقسم) مسبوقًا بـ (لا) النافية، يجد أن الفعل فيها مسند إلى الله تعالى، لا إلى غيره، كما هو ظاهر في الآية السابقة، ومثلها قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة} - {لا أقسم بهذا البلد} 0 فالمتكلم في ذلك، ونحوه هو الله جل وعلا، وكلامه سبحانه منزَّهٌ من العبث والزيادة، التي ينسبها إليه جمهور المفسرين، والنحويين بحجة التأكيد0 وفي ذلك إشارة إلى أن الله تعالى، إن شاء أن يقسم على شيء، أقسم عليه بما شاء من مخلوقاته، وإن لم يشأ، لم يقسم بشيء من ذلك؛ لأنه جل وعلا ليس بحاجة إلى أن يقسم على شيء احتياج العبد إلى ذلك. هذا أولاً.
وأما ثانيًا: فإن تدبر معاني هذه الآيات، التي جاء فيها الفعل (أقسم) مسبوقًا بـ (لا) النافية، ثم تدبر معاني غيرها من الآيات التي جاء فيها القسم مثبتًا، يهدينا إلى أن المقسَم عليه في الآيات الأولى هو من الأمور الثابتة، التي لا يتطرق إليها الشك، أو الظن، خلافًا للمقسَم عليه في الآيات الثانية؛ لأنه من الأمور، التي تكون موضع شك، أو ظن من قبل المخاطب.
وهذا النوع الثاني هو الذي يكون بحاجة إلى أن يقسَم عليه، دفعًا لمظنة اتهام، أو إزاحة للشك.
ومثاله قول الله عز وجل: {فوربك لنحشرنهم والشياطين} [مريم:68].
{والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى} [النجم:1 - 2] 0 ونحو ذلك كثير، والغرض منه تأكيد المقسَم عليه، وتثبيته في النفوس؛ لأن المخاطب في شك منه.
أما النوع الأول- وهو موضوع بحثنا- فهو من الأمور اليقينية الثابتة، التي لا تحتاج إلى أن تؤكد بالقسم. فكأن الله جل جلاله يقول في آيات الواقعة: لا أقسم بمواقع النجوم- على عظمتها- على أن هذا القرآن كريمٌ؛ لأن كون القرآن العظيم كريمًا أظهر من أن يُقسَم عليه، لأن ذلك من الحقائق الثابتة، التي لا يتطرق الشك إليها أبدًا .. فالمقام- إذًأ- لا يحتاج إلى قسم، فضلاً عن أن الذي يتكلم هو الله جل وعلا.
ولهذا لمَّا سمع أعرابيٌ قول الله تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون} [الذاريات:22 - 23]، صاح قائلاً: يا سبحان الله! من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ لم يصدقوه بقوله، حتى ألجئوه إلى اليمين.
فتأمل قول هذا الأعرابي، الذي أدرك بفطرته السليمة أن الأمر لا يحتاج إلى القسم؛ لأنه أظهر من أن يُقسَم عليه.
وبهذا يظهر لنا الفرق بين القسم المثبت، والقسم المسبوق بـ (لا) النافية.
وفي بيان هذا الفرق قالت الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطىء:” وفرق بعيد أقصى البعد بين أن تكون (لا) لنفي القسم- كما قال بعضهم- وبين أن تكون لنفي الحاجة إلى القسم، كما يهدي إليه البيان القرآني “.
وأضافت قائلة: ” ومن نفي الحاجة إلى القسم يأتي التأكيد، والتقرير؛ لأنه يجعل المقام في غنًى بالثقة واليقين عن الإقسام .. والسر البياني لهذا الأسلوب يعتمد في قوة اللفت- على ما يبدو- بين النفي، والقسم من مفارقة مثيرة لأقصى الانتباه. وما زلنا بسليقتنا اللغوية نؤكد الثقة بنفي الحاجة معها إلى القسم، فنقول لمن نثق فيه: لا تقسم. أو: من غير يمين، مقررين بذلك أنه موضع ثقتنا، فليس بحاجة إلى أن يقسم لنا “.
وقد يأتي النهي عن القسم من المتكلم لعلمه بأن المقسِم كاذب في قسمه؛ ونحو ذلك قوله تعالى: {واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن} [النور:53]. ولهذا أمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن ينهاهم عن هذا القسم، لعلمه سبحانه بنفاقهم، فقال جل شأنه: {قل لا تقسموا} [النور:53].
وأما من ذهب إليه بعض النحاة والمفسرين من أن (لا) هذه نفيٌ لكلام تقدم ذكره فمدفوع بإجماع القرَّاء على أن (لا) موصولة بالفعل (أقسم). وجعلها ردًّا لكلام سبقن يقتضي القراءة على وجوب الفصل بينها، وبين الفعل، فضلاً عما يبدو فيه من غرابة .. ولو كان ما قالوه صوابًا، وجب الفصل بينهما يواو القسم، كما وجب أن يكون جواب القسم منفيًّا. يدل على ذلك قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ويسلموا تسليمًا} [النساء:65]. ونحو ذلك قول عائشة رضي الله عنها:” لا والله ما مسَّت يدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأة قطُّ “.
وأما ما ذهب إليه بعضهم من أن (لا) هنا هي أداة تنبيه، وأن أصلها (ألا) فهو قول غريب عجيب، وأغرب منه، وأعجب قول من قال: إنها لام الابتداء أُشبِعت حركتها، فتولَّدت عنها ألفٌ00 والأعجب من ذلك كله أن يتبنَّى هذا القول عالم جليل كأبي حيان الأندلسي، على أنه أولى الأقوال بالصواب. ونصُّ قوله في ذلك:” والأولى عندي أنها لام أشبعت حركتها، فتولدت منها ألف؛ كقوله: أعوذ بالله من العقراب “.
ولا يخفى ما في ذلك كله من تكلُّف على ذوي البصائر بكلام الله تعالى، وإدراك أسراره.
اللهم اجعلنا من الذين يفقهون قولك، ويدركون أسرار بيانك، والحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، حمدًا بعدد كلماته التي لا تنفد، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رفاه محمد علي زيتوني
الأربعاء، 24 آذار، 2004 مدرسة اللغة العربية في ثانوية دلما للبنات
في دولة الإمارات
رف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:34 ص]ـ
مرحباً بالأستاذة الكريمة رفاه، وجزاك الله خيراً على بحث هذه المسألة. وبمناسبة ذكر القسم في القرآن الكريم، أحب أن أنبه إلى أنه قد سبق أن طرق هذا الموضوع من بعض زواياه، من خلال مدارسة كتاب من الكتب التي اعتنت بهذا اللون من الأساليب القرآنية بأسلوب جديد وهو كتاب (إمعان في أقسام القرآن) للعلامة عبدالحميد الفراهي الهندي وهو على هذا الرابط:
الحلقة الأولى: حول كتاب إمعان في أقسام القرآن للفراهي رحمه الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=125) .
وأرغب منكم حفظكم الله التكرم بالتعقيب على هذا الموضوع الذي طرح للمناقشة، فلم تكن الحلقة بالمستوى الذي كنا نطمح إليه قبل عام تقريباً. فلعل في طرحك للموضوع مرة أخرى مناسبة لإعادة فتح هذا الموضوع مرة أخرى من باب الفائدة، ولعلنا نجد من مشاركات الإخوة ما ننتفع به جميعاً إن شاء الله.
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[06 Apr 2004, 12:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا المقال جدير بالتدبر والتأمل00 وجزى الله تعالى كاتبته خير الجزاء0
محمد إسماعيل عتوك(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الألف الجوفية المدية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Mar 2004, 12:37 م]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الألف الجوفية المدية
******************************************
قال ابن الجزري في التمهيد: عن الألف أنها تخرج من مخرج الهمزة والهاء من أول الحلق .. اهـ قال العلماء: منشأ صوت الألف المدية الجوفية يبدأ في الظهور من مخرج الهمزة الحلقية ثم بعدها يتحول الصوت عبر الجوف , والألف لا تقع إلا ساكنة أبدا , ومفتوحا ما قبلها أبدا , ولا يبدأ بها أبدا , ولا تكون إلا بعد حرف متحرك أبدا , وهي حرف مجهور , رخو , لا يوصف بترقيق ولا تفخيم بل هو تابع لما قبله في ذلك , منفتح , مصمت , خفي , جوفي , مدي , هوائي , ضعيف جدا , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
********************
· بتر الصوت بها وقفا , والبتر معناه قطع الصوت بها فجأة والنقص من مقدار صوتها و إعطائها زمن حركة واحدة , وهذا فيه نقص من زمنها حيث أن زمن الألف حركتان , ولكن إحذر من تقدير زمن الألف بقبض الإصبع أو بسطه فهذا الميزان يخل بعرف القراء والصواب تقدير زمنها بحركات الأحرف من فتحة أو ضمة أو كسرة , وعندما أقول حركتين أي زمن النطق بحرفين متحركتين من أحرف اللغة العربية الأمثلة) بَلَى) (الأنعام: من الآية30)) الْأَعْلَى) (الصافات: من الآية8)) يَخْشَى) (طه: من الآية3)) فَسَوَّى) (القيامة: من الآية38).
********************
· بعض القراء المبتدئين لا يفتح الفم بحرف الألف بالمقدار المطلوب , بل تجده يقرأ القرآن وكأن فمه مغلق على هيئة واحدة , وهذا يؤدي إلى نقص الأداء الصوتي للألف , والصواب أن يفتح القارئ فمه بالمقدار الوسط عند النطق بالألفات ولكن ليس فتحا مبالغا فيه خشية أن يؤول صوتها إلى الإمالة الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (آل عمران: من الآية33)) التَّوَّابُ) (التوبة: من الآية118)) مَالِكَ) (آل عمران: من الآية26).
********************
· والبعض الآخر من عوام الناس يخلط صوت الألف بصوت الياء فيتولد من ذلك ألف يسميها بعض القراء الألف الممالة إمالة صغرى , والسبب في ذلك عدم فتح الفم باللفات فتحا وسطا الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية131)) َ السَّمَاوَاتِ) (البقرة: من الآية33) ويكثر هذا الخطأ وينتشر عند أهل مصر لأنهم في لهجتهم العامية يميلون الألفات فيخشى عليهم قراءة القرآن بهذه الكيفية العامية.
********************
· وهناك خطأ شائع كثير جدا ولا سيما عند من يدعون الإتقان في التجويد حيث أنهم عند تفخيمهم لبعض الألفات يضمون ويمطون شفتهم للأمام ويظنون أن هذا تفخيما , فيتولد بسبب ذلك خلط صوت الألف بصوت الواو وهذا لحن فاحش يغير صوت الحرف , الأمثلة) الضَّالِّينَ) (الشعراء: من الآية86)) الْخَالِقُ) (الحشر: من الآية24)) الْقَانِتِينَ) (التحريم: من الآية12).
********************
· ومن الأخطاء الشائعة التي لا يسلم منها إلا ما رحم ربك , خلط صوت الألف بصوت الغنة , والسبب في ذلك أن القارئ عند نطقه بحرف الألف يضغط على أنفه فيخرج صوت الألف مشم بصوت الغنة وهذا لحن فاحش حيث أن الألف مخرجها الصوتي الجوف فحسب وليس للمخرج الخيشومي علاقة بصوت الألف , ولمعرفة هل أنت ممن ينطق الألف مخلوطة بغنة أم لا فعندك نطقك بكلمة) السَّمَاءِ) (البقرة: من الآية19) ضع يدك على أنفك فإن انحبس الصوت وتغير فاعلم أنك تخرج الألف مخنونة بغنة , فعليك أن تتدرب على يد شيخ مسند متصل السند بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم على كيفية النطق بصوت الألف من الفم فقط.
********************
· خلاصة البحث:
· بتر صوت الألف وقفا
· عدم فتح الفم بالألفات
· خلط صوت الألف بالياء
· خلط صوت الألف بالواو
· خلط صوت الألف بالغنة
********************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
********************
((انتظر قريبا على نفس الموقع بحث في التنبيه على النطق بالواو الجوفية المدية لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف))
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الياء الجوفية المدية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[25 Mar 2004, 12:39 م]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الياء الجوفية المدية
******************
قال العلماء: تخرج الياء المدية من الجوف , ولكن منشأ صوتها يتولد في بدايته من مخرج الياء اللسانية ثم يتحول الصوت عبر مخرج الجوف , وهي مدية فيما لو سكنت وانكسر ما قبلها , ولينة فيما لو سكنت وانفتح ما قبلها , وهي حرف مجهور , رخو , مستفل , منفتح , مصمت , مرقق , جوفي , خفي , هوائي , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*****************
1. البعض من العوام لا يخفض الفك السفلي بالياء بالمقدار المطلوب عند التلفظ بالياء , والأولى بالقارئ أن يهتم بكيفية هيئة الشفتين مع جميع الأحرف فعند الحرف المفتوح يفتح فمه فتحا وسطا وعند الحرف المضموم يضم شفتيه للأمام وعند المكسور يخفض الفك السفلي بالحرف , ومن يهمل ذلك ويقرأ القرآن وفمه مع جميع الأحرف على وتيرة واحدة فاعلم إما أنه حفظ من نفسه أو من الكاسيت أو من شيخ مصحفي لا يهتم بكيفية أن تأخذ شفتاك أشكال الحروف , فعليك بالتلقي من المشايخ المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم , وفقني الله وإياك لتحقيق لفظ التلاوة.
******************
2. بعض جهلة القراء يخلط صوت الياء المدية بصوت الألف فيتولد بمجموع ذلك صوت الألف الممالة إمالة صغرى. والسبب الذي أدى إلى تلك الإمالة في صوت الياء أن القارئ وسع مخرج الياء أكثر من اللازم وباعد بين الفك العلوي والسفلي فخرج صوت الياء ممالة. الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية251)) الْمُتَّقِينَ) (البقرة: من الآية180)) الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: من الآية13).
******************
3. والبعض من المتساهلين عندما يقف على الياء المدية يبتر أى يقطع الصوت بها فجأة أو يحذفها بالكلية فبدل من أن ينطق كلمة (ذِكْرِي) (طه: من الآية42) بمد الياء مدا طبيعيا بقدر حركتين تجده ينطق راء مكسورة فقط والسلامة من هذا الخطأ إعطاء الياء حقها من المد الطبيعي.
******************
4. من المشهور بين القراء أن الياء مرققة قولا واحدا فهي لا تفخم بأي حال , فالبعض يفخمها ولا سيما إذا كان قبلها أو بعدها حرف مستعل أو بين مفخمين الأمثلة) الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية4)) بِغَيْظِكُمْ) (آل عمران: من الآية119)) الْغَيْظِ) (آل عمران: من الآية119).
******************
5. وهناك خطأ ينتشر بين البعض من الحفاظ حيث تجده يبالغ عند تلفظه بالياء بالضغط على مخرج الياء فيخرج صوتها وفيه ضجيج و السبب في هذا الضجيج في صوت الياء أن القارئ قام بتقريب الفكين العلوي والسفلي من بعضهما وزاد في العض والضغط الزائد على وسط اللسان , والصواب أن يترك القارئ مجرى هوائيا كافيا لها حتى تخرج في يسر وسهولة نحو) الْمُتَّقِينَ) (الحجر: من الآية45)) الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: من الآية69)) الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: من الآية18).
******************
6. ومن الأخطاء الشائعة خلط صوت الياء الجوفية بصوت الغنة , وعلى القارئ الحاذق تجريد صوت الياء الجوفية من صوت الغنة وذلك بعدم استعمال الجزء الخيشومي معها , نحو) الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: من الآية18)) الْقَانِتِينَ) (التحريم: من الآية12).
******************
خلاصة البحث:
1 - عدم خفض الفك السفلي بالياء
2 - عدم خلط صوتها بالألف.
3 - عدم بتر صوتها أو حذفها وقفا.
4 - عدم تفخيمها فيما لو وقعت بين مفخمين.
5 - عدم إخراج صوتها وفيه ضجيج.
6 - عدم خلط صوتها بالغنة.
******************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
******************
(انتظر قريبا: على نفس الموقع (بحث تفصيلي في مخارج أصوات الجوف) لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف).
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
بريد إلكتروني: Fargh22 @yahoo.com
Fargh22 @hotmail.com(/)
علل أحاديث التفسير (2)
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[25 Mar 2004, 02:16 م]ـ
[2] حديث: يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الجن والإنس، قلت: أو للإنس شياطين قال: نعم.
أورده الطبري في جامعه (8: 4 ت 5)، والبغوي في تفسيره (2: 124)، والرازي في تفسيره (13: 126)، وابن كثير في تفسيره (1: 306)، (2: 167)، (4: 576)، والقرطبي في جامعه (7: 68)، والسيوطي في الدر المنثور (3: 342)، والشوكاني في فتح القدير (2: 154)، و حكمت بشير في الصحيح المسبور (1: 68).
والحديث من رواية أبي ذر (رضي الله عنه) في قصة طويلة قال فيه: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو في المسجد فجلست إليه، فقال: يا أبا ذر هل صليت؟ قلت: لا.
قال: قم فصل.
قال: فقمت فصليت، ثم أتيته فجلست إليه.
فقال لي: يا أبا ذر استعذ بالله من شر شياطين الإنس والجن.
قال: قلت يا رسول الله! وهل للإنس من شياطين.
قال: نعم يا أبا ذر، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة.
قال: قلت بلى بأبي أنت وأمي.
قال: قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة.
قال: قلت يا رسول الله فما الصلاة؟
قال: خير موضوع فمن شاء أكثر ومن شاء أقل.
قال: قلت فما الصيام يا رسول الله؟
قال: فرض مجزئ.
قال: قلت يا رسول الله فما الصدقة؟
قال: أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد.
قال: قلت أيها أفضل يا رسول الله؟
قال: جهد من مقل أو سر إلى فقير.
قلت: فأي ما أنزل الله عز وجل عليك أعظم قال الله لا إله إلا هو الحي القيوم حتى ختم الآية.
قلت: فأي الأنبياء كان أول؟
قال: آدم.
قلت: أو نبي كان يا رسول الله؟
قال: نبي مكلم.
قلت: فكم المرسلون يا رسول الله؟
قال: ثلاث مئة وخمسة عشر جمًا غفيرًا.
هذا لفظ وكيع في رواية أحمد.
طرق الحديث واختلاف ألفاظه:
الحديث اشتهر من رواية المسعودي وعرف، وهو عبدالرحمن بن عبدالله بن عتبة بن عبدالله مسعود الكوفي، روى له الأربعة والبخاري تعليقًا، وهو في عداد الثقات: وثقه جهابذة النقاد: ابن معين وابن المديني وابن نمير وأحمد في جماعة، إلا أنه اختلط بسنة أو سنتين، والضابط في حاله: أن من سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه قبل الاختلاط، وهم كثر.
أما من سمع منه في بغداد فحديثه ضعيف لأجل اختلاطه، ومن هذا الضرب: هاشم بن القاسم، وعاصم بن علي بن عاصم، وعبدالرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون.
والقاعدة في المختلطين: الاحتجاج بما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل اختلاطهم، وما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى؛ لأن حكمهم وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثقة إذا أخطأ، أن الواجب ترك خطئه إذا علم والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه، وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات، وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذين كان سمعاهم منهم قبل الاختلاط سواء. انظر مقدمة ابن حبان لصحيحه (1/ 161).
وهنا يلزمنا النظر في رواة حديثه هذا، فلما نظرنا، وجدنا من رواته: جعفر بن عون، وعبيدالله بن موسى، وعمرو بن الهيثم، ومحمد بن عبيد، وهاشم بن القاسم، ووكيع، ويزيد بن هارون، ويعلى بن عُبيد، وأبوداود الطيالسي، وأبو نعيم، والمقري.
فمنهم من سمعه قبل الاختلاط، ومنهم من سمعه بعد الاختلاط.
فإلى بيان مروياتهم:
1 ـ فأما حديث جعفر بن عون: فأخرجه النسائي في (الكبرى 4/ 461) في الاستعاذة/ باب الاستعاذة من شر شياطين الإنس برقم (461): أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبي عمر، عن عبيد بن خشخاش، عن أبي ذر (فذكره) ولفظ الترجمة له.
2 ـ وأما حديث عبيدالله بن موسى: فأخرجه ابن مردويه (أشار لهذا ابن كثير في تفسيره 2: 167).
3 ـ وأما حديث عمرو بن الهيثم: فأخرجه ابن سعد في الطبقات (1: 54): أخبرنا عمرو بن الهيثم وهاشم بن القاسم الكناني أبو النضر، قالا: أخبرنا المسعودي، عن أبي عمر الشآمي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره) بقصة الأنبياء.
4 ـ وأما حديث محمد بن عبيد: فأخرجه هناد في الزهد (2: 516/ برقم 1065): حدثنا محمد بن عبيد، ثنا المسعودي، عن أبي عمرو، عن عبيد بن الخشخاش، قال: قال أبو ذر: (فذكره) بطوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 ـ وأما حديث هاشم بن القاسم الكناني: فأخرجه ابن سعد في الطبقات (1: 54): أخبرنا عمرو بن الهيثم وهاشم بن القاسم الكناني أبو النضر، قالا: أخبرنا المسعودي، عن أبي عمر الشآمي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره). بقصة الأنبياء.
6 ـ وأما رواية وكيع بن الجراح: فأخرجها أحمد (5: 178/ برقم 21586): ثنا وكيع، ثنا المسعودي، أنبأني أبو عمر الدمشقي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره) مطولاً.
وأخرجه البيهقي في الشعب (1: 148/ برقم 130): من طريق أحمد بن عبدالجبار، ثنا وكيع به. (مختصرًا).
7 ـ وأما حديث يزيد بن هارون: فأخرجه أحمد (5: 179/ برقم 21592): ثنا يزيد، أنا المسعودي، عن أبي عمرو الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره) بطوله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1: 299/ برقم 3423): به (قال: فقم فصل ركعتين). فحسب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (7: 256/ برقم 35933)، وابن أبي عاصم في الأوائل (ص69/برقم 35) به فذكر قصة أول الأنبياء.
8 ـ وأما حديث يعلى بن عبيد: فأخرجه البزار (9: 426/ برقم 4034): حدثنا محمد بن معمر، قال: نا يعلى بن عبيد وأبو داود، قالا: نا المسعودي ـ قال أبو داود: عن أبي عمر. وقال يعلى: عن أبي عمروـ عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره).
وأخرجه الحاكم (2: 310/ برقم 3115): أخبرني علي بن عبد الرحمن السبيعي، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا المسعودي، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره) مختصراً. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأخرجه البيهقي في الشعب (2: 457/ برقم 2390): من طريق الحاكم به.
9 ـ وأما حديث الطيالسي فأخرجه في مسنده (ص65/ برقم 478)، ومن طريقه البزار في مسنده (9: 426/ برقم 4034) والبيهقي في الشعب (3: 291/ برقم 3576): حدثنا المسعودي، عن أبي عمر الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره) بطوله.
10ـ وأما رواية أبي نعيم فأخرجها البخاري في التاريخ (5: 447): عن أبي ذر (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ((آدم نبي مكلم)). قاله أبو نعيم: عن المسعودي، عن أبي عمر لم يذكر سماعا من أبي ذر (رضي الله عنه).
11 ـ وأما حديث المقري: فأورده الذهبي في سير النبلاء (2: 62) بطوله.
فظهر بسياق هذه الأوجه أن المدار في الحديث على أبي عمرو، وقيل: أبو عمر الشامي. وفي بعض الروايات: الشيباني.
فما حال هذا الرجل؟ الرجل تالف .. قال الدارقطني في سؤالات البرقاني (رقم/ 603): "دمشقي متروك".
وهو مقلٌ جدًا، بل لا أظن له غير هذا الحديث الطويل عن أبي ذر.
ولا يُحفظ فيه غير قول الدارقطني هذا، وعليه فلا يسلم للحافظ ابن حجر قوله فيه في (التقريب): " ضعيف" .. ففي هذا تجوز؛ لأن من كان حكمه كذلك جاز أن يتقوى حديثه بالمتابعة.
وإنما قلنا ذلك لأن الدارقطني معدود لديهم في المتساهلين غير المتعنتين في الجرح.
أما الذهبي فذكره في الكاشف برقم (6750)، فقال: "أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش وعمر بن عبد العزيز وعنه المسعودي وحسين الجعفي، واه. (س) ". فأصاب في هذا! ..
والقاعدة فيمن كحاله، أن روايته مردودة غير مقبولة ولا تصح بحال.
وانظر لترجمته (كذلك) تاريخ دمشق (76: 97).
أما شيخه عبيد بن الخشخاش: فقال ابن ماكولا (3: 148): "عبيد بن الخشخاش. روى عن أبي ذر، روى حديثه المسعودى، عن أبي عمر الدمشقي عنه، وقيل فيه: بالحاء والسين المهملتين". اهـ.
وهذا يدل على أن عبيدًا هذا في عداد المجاهيل إذ ليس معروفًا في غير هذا الحديث.
قال البخاري في التاريخ الكبير (5: 447): لم يذكر سماعًا عن أبي ذر (رضي الله عنه)، وضعفه الدراقطني.
وذكره الذهبي في المغني برقم (3960): ولم يزد على ما قال البخاري هنا .. لكنه ذكره في الميزان (3: 19) وقال: قال البخاري في (الضعفاء) لم يذكر سماعًا من أبي ذر رواه المسعودي عن أبي عمرو عنه.
وذكره ابن حبان في (الثقات).
وقال ابن حجر في التقريب برقم (4371): لين. وانظر لترجمته التهذيب (7: 59).
وقد توبع عليه عبيد بن الخشخاش: فورد من رواية عبيد بن عمير، وعوف بن مالك، وأبو إدريس الخولاني، وابن عائذ.
1 ـ فأما حديث عبيد بن عمير: فأخرجه العقلي في الضعفاء (4: 404): من طريق موسى بن العبادي التُّستري.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخرجه ابن حبان في المجروحين (3: 129): من طريق الحسن بن إبراهيم البياضي.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (7: 244): من طريق إبراهيم بن حرب بن عمر.
وأخرجه الحاكم برقم (4166): من طريق الحسن بن عرفة.
أربعتهم عن يحيى بن سعيد البصري، حدثنا عبدالملك بن جريج، عن عطاء، عنه به (نحوه).
قال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وليس مشهورًا بالنقل.
وقال ابن حبان: يروي المقلوبات والمُلزقات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وقال ابن عدي: يُعرف بهذا الحديث، وهو منكر من هذا الطريق.
وقال: هذا حديث منكر من هذا الطريق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر. وهذا الحديث ليس له من الطرق إلا من رواية أبي إدريس الخولاني، والقاسم بن محمد، عن أبي ذر، والثالث حديث ابن جريج، وهذا أنكر الروايات.
وقال البيهقي في الأسماء (ص510): تفرد به يحيى بن سعيد السعدي، وله شاهد بإسناد أصح .. ثم ذكر طريق إبراهيم بن هشام الماضية.
وقال الذهبي: السعدي ليس بثقة. التلخيص برقم (4166).
2 ـ وأما حديث عوف بن مالك: فأخرجه إسحاق في (مسنده) المطالب العالية (3: 38/ برقم 652/ 6)، (8: 197/ برقم 3647): أنا النضر بن شميل، ثنا حماد ـ هو ابن سلمة ـ نا معبد، أخبرني فلان في مسجد دمشق، عن عوف بن مالك: أن أبا ذر جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: (يا أبا ذر أصليت الضحى؟).
فذكر الحديث وفيه: (إن أضلَّ الناس من ذُكرت عنده فلم يصل عليَّ).
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في (مسنده) بغية الباحث (1: 195/ برقم 53)، (1: 334/ برقم 223)، والمطالب (3: 39/ برقم 652/ 7): حدثنا يونس بن محمد، ثنا حماد به. (فذكره) بطوله .. وفيه فقال: (أصليت الضحى؟) قلت: لا، قال: [قم فأذن وصل ركعتين].
وختم بالزيادة المذكورة .. وذكر الأذان فيه منكر.
وأخرجه الحارث (كذلك) المطالب (8: 198/ برقم 3648): ثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، ثنا حماد، به.
وأخرجه أبو يعلى في (مسنده رواية ابن المقرئ) المطالب (3: 39/ برقم 652/ 8)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (66: 187) (68: 117): حدثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة عن معبد العنزي عن رجل من أهل دمشق عن عوف بن مالك عن أبي ذر (فذكره).
وأخرجه الطبري في الجامع (5/ 8: 4): حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن حميد بن هلال ـ (كذا) والصواب (معبد) ـ به (فذكر) الشاهد فحسب.
ـ شيخ معبد مجهول .. ولعله كنى عنه لضعفه .. فهذه كانت عادة لبعضهم فيمن لا يرضاه.
ـ وشيخ شيخه عوف بن مالك، هو الأشجعي الصحابي المشهور (فيما ظهر لي). وهو من مسلمة الفتح.
وفي ألفاظ هذا الحديث نكارة ظاهرة.
3 ـ وأما حديث قتادة: فأخرجه ابن جرير في الجامع (5/ 8: 5): حدثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: بلغني أن أبا ذر قام يومًا يصلي ... فذكر الشاهد. وهذا منقطع لا يصح.
4 ـ وأما حديث أبي إدريس الخولاني: فأخرجه ابن حبان (2: 76/ برقم 361)، والطبراني في الكبير (2: 157/ برقم 1651)، وأبو نعيم في الحلية (1: 166)، والقضاعي في مسنده بالأرقام (561 , 740، 837): من طرق عن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر، قال: دخلت المسجد فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالس وحده.
قال: "يا أبا ذر إن للمسجد تحية، وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما".
قال: فقمت، فركعتهما، ثم عدت فجلست إليه، فقلت: يا رسول الله، إنك أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟
قال: "خير موضوع، استكثر أو استقل".
قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله".
قال: قلت: يا رسول الله، فأي المؤمنين أكمل إيمانًا؟
قال: "أحسنهم خلقا".
قلت: يا رسول الله، فأي المؤمنين أسلم؟
قال: "من سلم الناس من لسانه ويده".
قال: قلت: يا رسول الله، فأي الصلاة أفضل؟
قال: "طول القنوت".
قال: قلت: يا رسول الله، فأي الهجرة أفضل؟
قال: "من هجر السيئات".
قال: قلت: يا رسول الله، فما الصيام؟
قال: "فرض مجزئٌ، وعند الله أضعاف كثيرة".
قال: قلت: يا رسول الله، فأي الجهاد أفضل؟
قال: "من عقر جواده وأهريق دمه".
قال: قلت: يا رسول الله، فأي الصدقة أفضل؟
قال: "جهد المقل يُسر إلى فقير".
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: يا رسول الله، فأي ما أنزل الله عليك أعظم؟
قال: "آية الكرسي"، ثم قال: "يا أبا ذر، ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة".
قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟
قال: "مئة ألف وعشرون ألفًا".
قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟
قال: "ثلاث مئة وثلاثة عشر جمًّا غفيرًا".
قال: قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟
قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، أنبي مرسل؟
قال: "نعم خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلاً".
ثم قال: "يا أبا ذر أربعةٌ سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ، وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم، ونوح. وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم) ".
قلت: يا رسول الله، كم كتابا أنزله الله؟ قال: "مئة كتاب، وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسون صحيفة، وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزَّبور والقرآن".
قال: قلت: يا رسول الله، ما كانت صحيفة إبراهيم؟
قال: "كانت أمثالا كلها: أيها الملك المُسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من كافر.
وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يُحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.
وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزوُّد لمعاد، أو مرمًّة لمعاش، أو لذة في غير مُحرَّم.
وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظًا للسانه.
ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه".
قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى؟
قال: "كانت عبرًا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت، ثم هو يفرح.
وعجبت لمن أيقن بالنار، ثم هو يضحك.
وعجبت لمن أيقن بالقدر، ثم هو ينصب.
عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها، ثم اطمأن إليها.
وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا، ثم لا يعمل".
قلت: يا رسول الله أوصني.
قال: "أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله، فإنه نور لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي".
قلت: يا رسول الله زدني. قال: "أحب المساكين وجالسهم".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "انظر إلى من تحتك، ولا تنظر إلى من فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "قل الحق وإن كان مرًا".
قلت: يا رسول الله زدني، قال: "ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تأتي".
ثم ضرب بيده على صدري، فقال: "يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق". واللفظ لابن حبان.
وهذا الحديث تفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه، عن جده .. ولا يحتمل منه التفرد فهو متهم، كذبه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان. وزاد أبو حاتم: ينبغي ألا يحدث عنه. وأقره على هذا علي بن الجنيد. كما في الجرح (2: 142).
ومشاه ابن حبان وغيره. انظر تفصيل حاله في كتابي زوائد رجال صحيح ابن حبان (1: 278 ـ 287/ برقم 25/ 4).
والحديث أورده المنذري في الترغيب (3: 131 ـ 132)، وقال: انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، عن أبيه، وهو حديث طويل في أوله ذكر الأنبياء عليهم السلام، ذكرت منه هذه القطعة لما فيها من الحكم العظيمة والمواعظ الجسيمة.
ورواه الحاكم أيضًا، ومن طريقه البيهقي: كلاهما عن يحيى بن سعيد السعدي البصري، حدثنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمر، عن أبي ذر بنحوه.
ويحيى بن سعيد فيه كلام. والحديث منكر من هذه الطريق وحديث إبراهيم بن هشام هو المشهور والله أعلم. اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأورده الألباني في ضعيف الترغيب برقم (1352)، وقال: ضعيف جدًا .. وعقب على المصنف بقوله: لكن إبراهيم هذا متهم ... والحديث مخرج في الضعيفة (5638). وبعض فقراته قد صحت متفرقة في بعض الأحاديث، وقد أودعتها في (الصحيح) وبيانها هنا مما لا يتسع له المجال، وقد ميزتها عن الضعيفة منها في كتابي صحيح موارد الظمآن (2 ـ العلم/13). اهـ.
لكنه قال في التعليقات الحسان برقم (361): ضعيف جدًا ـ الضعيفة (1910 و6090).
وأورد في الترغيب (3: 272) قطعة ابن ماجة الماضية.
وقال في الضعيف برقم (1595): في إسناده ضعيف وآخر مجهول. وفي إسناد ابن حبان كذاب. وهو مخرج في الضعيفة (1910)؛ فالعجب من المؤلف كيف صدره بـ (عن) مشيرًا إلى تقويته. اهـ.
وقد تابعه عليه عن أبي إدريس الخولاني: إسماعيل بن مسلم، والقاسم بن محمد.
أ ـ فأما حديث إسماعيل بن سلمة: فقال أبونعيم في الحلية (1: 168): ورواه المختار بن غسان، عن إسماعيل بن سلمة (كذا)، عن أبي إدريس.
ثم وقفت عليه من رواية محمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش (ص77/ برقم 58): حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، نا أحمد بن علي الأسدي، عن المختار بن غسان العبدي، عن اسماعيل بن سلم (كذا)، عن أبي ادريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري، قال: دخلت المسجد الحرام فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحده، فجلست إليه، فقلت: يا رسول الله، أيما آيه أنزلت عليك أفضل؟ قال: "آية الكرسي ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة".
والمختار هذا قال فيه ابن حجر في (التقريب): مقبول. يعني عند المتابعة. وفي التلخيص (4: 40)، قال: مجهول.
وإسماعيل هذا هو ابن مسلم تصحف .. وهو المكي ضعيف. انظر السلسة الصحيحة (109).
ب ـ وأما حديث القاسم بن محمد: فأخرجه ابن ماجه برقم (4218): من طريق الماضي بن محمد، عن علي بن سليمان، عنه به بلفظ: "لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق". وقد اختصره.
وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم (12): حدثنا علي بن داود القنطري، ثنا سعيد بن سابق الرشيدي، ثنا بشر بن خيثمة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي سليمان الفلسطيني، عن القاسم بن أبي بكر (كذا)، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي المؤمنين أكمل إيمانًا؟ قال: "حسنهم خلقًا".
قال الألباني: إسماعيل هذا متروك كذبوه.
وأبو سليمان الفلسطيني مجهول. وظني أنه علي بن سليمان نفسه الذي في الطريق الأولى. الضعيفة (4: 383).
قلت: أورده الذهبي في الميزان (4: 533)، وقال: أبو سليمان الفلسطيني عن القاسم بن محمد وعنه إسماعيل بن أبي زياد. قال البخاري حديث طويل منكر في القصص.
رواه عنه الماضي بن محمد. اهـ.
قلت: فيكون ما استظهره الألباني صحيح. وما وقع في الكتاب من نسبة القاسم بن أبي بكر، فلا أراه إلا من باب التصحيف .. وقد عرفة به المحققة على أنه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق .. فأخطأ في هذا خطأ بينًا!!.
قال البوصيري في الزوائد برقم (1505): ضعيف لضعف الماضي بن محمد الغافقي المصري.
وقال الذهبي في الكاشف برقم (5238): فيه جهالة، وله ما ينكر.
ـ وعلي بن سليمان هذا شامي مجهول. التقريب برقم (4740).
وقال أبو بكر بن مردويه كما في تفسير ابن كثير (1: 311): أخبرنا سليمان بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن وهيب المقرئ، أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني، أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي، عن القاسم بن محمد الثقفي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري: أنه سأل النبي (صلى الله عليه وسلم): عن الكرسي فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة".
ـ شيخ الطبراني هنا هو الغزي.
ـ ومحمد بن أبي السري العسقلاني وثقه ابن معين ولينه أبو حاتم، وله أحاديث تستنكر. انظر الميزان (4: 23 ـ 24).
ـ ومحمد بن عبد الله التميمي، هو العمي البصري. ذكره ابن حبان في (الثقات)، لكن ذكره العقيلي في (الضعفاء)، قال العقيلي لا يقيم الحديث. وقال بن عدي له أفراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ فالمدار من الوجهين على القاسم بن محمد الثقفي وهو تابعي اشتهر برواية حديث أسماء (رضي الله عنها) مع الحجاج. ويروي عن معاوية (رضي الله عنه). انظر التاريخ الكبير (7: 157)، طبقات ابن سعد (8: 254)، تاريخ دمشق (40: 39).ولا يحتمل من مثله التفرد بهذه الألفاظ.
5 ـ وأما حديث ابن عائذ: فأخرجه البخاري في التاريخ (1: 29) عن عبد الله بن صالح.
وأخرجه ابن جرير في التفسير (5/ 8: 4 ـ 5): حدثنا المثنى، حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة، عن ابن عائذ، عن أبي ذر (فذكره) مختصرًا.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3: 154/ برقم 1979): حدثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا معاوية بن صالح، عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب، عن ابن عائذ، عن أبي ذر (فذكراه) بطوله.
وأخرجه ابن عساكر في التاريخ (7: 444 ـ 445): من طريق عبدالله بن صالح، به.
ـ وعبدالله بن صالح، هو كاتب الليث صدوق كثير الغلط. ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة. كذا قال فيه الحافظ في التقريب (3388).
وقال الذهبي في الكاشف برقم (2780): وكان صاحب حديث فيه لين. قال أبو زرعة: حسن الحديث لم يكن ممن يكذب، وقال الفضل الشعراني: ما رأيته إلا يحدث أو يسبح، وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث له أغاليط وكذبه جزرة.
- ومحمد بن أيوب أبو عبدالملك الأزدي لم يذكروا في الرواة عنه سوى معاوية بن صالح، وعبيدالله بن زحر. انظر لترجمته الجرح والتعديل (7: 196)، الثقات لابن حبان (7: 389).
ـ وابن عائذ، هو عبد الرحمن بن عائذ الأزدي الثمالي الحمصي أرسل عن معاذ، وله عن أبي أمامة وكثير بن مرة، وعنه محفوظ ونصر ابنا علقمة وثور وصفوان بن عمرو، وثقه النسائي، كان صاحب كتب 4. الكاشف برقم (3232).
قال العلائي في جامع التحصيل برقم (434): روى عن عمر وأبي ذر رضي الله عنهما والظاهر أنه مرسل. اهـ.
قلت ذكر ابن عساكر (34: 454) بسنده عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: عبدالرحمن بن عائذ الثمالي رأى عبدالله بن قرط، أدرك من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم): عبدالله بن قرط، وعبدالله بن بشر، ومعاوية، وعتبة بن عبد، والمقدام، وأبا أمامة، وأنس بن مالك، وابن عمر. اهـ.
فتكون روايته عمن عداهم مرسلة.
وقد أطلنا بذكر هذا الحديث لئلا يغتر البعض بإيراد ابن حبان له في (الصحيح) .. خاصة أني رأيته يوزع في بعض المنشورات، ويذكِّر به بعض الوعاظ، ولكون بعض فقراته سترد جزمًا فيما يأتي من آيات له تعلق بها، فكان لزامًا على الفصل فيه هنا عند أول وروده.
وله شاهد من حديث أبي أمامة: أخرجه أحمد (5: 256/ برقم 22342): ثنا أبو المغيرة، ثنا معان بن رفاعة، حدثني على بن يزيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة (فذكره) بطوله.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4: 1371/ برقم 7786): حدثنا محمد بن عوف الحمصي ثنا ابو المغيرة به. (فذكرالشاهد) فحسب.
وأخرجه الطبراني في الكبير (8: 217/ برقم 7871): حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ثنا أبو المغيرة به (فذكره) بطوله.
والحديث لا يصح من هذه الطريق:
ـ فمعان بن رفاعة .. ضعفه ابن معين وغيره، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. الكامل (6: 328).
ـ وشيخه علي بن يزيد أبو عبد الملك الألهاني الدمشقي يروي عن القاسم ومكحول. قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، وقال النسائي والأزدي والدارقطني: متروك. الضعفاء لابن الجوزي برقم (2410).
وقال ابن حبان في المجروحين (2: 63): إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم. اهـ.
قلت: أحاديثه مناكير بواطيل لا يتابع على كثير منها.
ـ أما القاسم فهو أبو عبد الرحمن ويقال: ابن عبد الرحمن الشامي مولى عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية القرشي الأموي .. فقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ما رأيت أحدا أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن كنا بالقسطنطينية، وكان الناس يرزقون رغيفين رغيفين في كل يوم، وكان يتصدق برغيف ويصوم ويفطر على رغيف.
وقال إبراهيم أبو الحصين: كان القاسم من فقهاء دمشق.
وقال سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية وكان قد أدرك أربعين من المهاجرين.
وقال كثير بن الحارث عن القاسم: رجل قد أدرك أربعين بدريًا.
نقل هذا جميعه البخاري في (التاريخ الكبير (7: 159) ولم يتهمه في شيء. فيبعد أن يكون سببًا في هذه الطامات التي يرويها عنه الألهاني هذا. كما أشار لهذا ابن حبان.
والحديث أورده ابن كثير في التفسير (2: 167)، من حديث عبيد بن الخشخاش، وعوف بن مالك عن أبي ذر.
ومن حديث أبي أمامة ذكر فيه قصة أبي ذر.
وقال: "فهذه طرق لهذا الحديث ومجموعها يفيد قوته وصحته والله أعلم". اهـ.
وأورده أ. د. حكمت بشير في الصحيح المسبور (1: 68) من رواية الإمام أحمد: عن يزيد عن المسعودي، عن أبي عمرو الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر (فذكره).
قال: "وقد صحح الألباني هذا الحديث بعد أن ذكر جزءً منه" ... وختم بكلام ابن كثير الأنف.
والحديث طويل متشعب تناوله الألباني في عدة مواضع وصحح بعض ألفاظه لا جميعها .. وقد نقلنا بعض كلامه فيما سبق.
ولا نسلم لابن كثير ولا للأستاذ الدكتور حكمت التقوية بمجموع طرق عامتها واهٍ، لا يحتمل معها الحسن بله الصحة .. زد على ذلك أن في بعض ألفاظه تكلف ونكارة، وفي كلام الله وصحيح السنة غنية عن تقوية الأحاديث الواهية. والله أعلم.
وكتبه / يحيى البكري الشهري (4/ 2/1425هـ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2004, 11:26 م]ـ
شكر الله لك يا شيخنا الكريم على هذا الجهد المشكور
ولعلك تنظر هنا: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=1540
لتجيب عن السؤال مشكوراً مأجوراً، نفع الله بعلمكم.
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[26 Mar 2004, 12:53 ص]ـ
أخي أبا مجاهد سلام عليك .. أما بعد: فقد أجبت على السؤال في محله وجزاكم الله خيرًا على حسن ظنكم بالعبد الفقير.(/)
السلسلة الذهبية في المقالات التفسيرية المنتقاة من الشبكة العنكبوتية [المقال الأول]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2004, 12:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد؛ أما بعد
فمن غير تطويل في التقديم أشرع في المقصود بعد بيان شرطي في الانتقاء؛ وهو أن يكون المقال جديراً بالقراءة، محرراً بعناية، مرتبطاً بالتفسير أو أصوله، منسوباً إلى مصدره.
والله المسؤول أن يعين على حسن الانتقاء حتى ينتفع الإخوة القراء.
المقال الأول:
قصة نبي الله داود - عليه السلام - والنعجة الواحدة
علي حشيش
في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت وانتشرت على ألسنة الخطباء والوعاظ والقصاص واغتر الكثير بوجودها في بعض التفاسير، وكذلك في قصص الأنبياء، حتى نشرت جريدة"اللواء الإسلامي"في عددها (305) في الصفحة الثامنة تحت عنوان"أنت تسأل والإسلام يجيب"إجابة عن السؤال: ما تفسير قوله - تعالى -: وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب {ص: 21 - 23}.
وأجاب الشيخ: إجابة هذا نصها:"إن نبي الله داود - عليه السلام - من أنبياء الله ابتلاه الله سبحانه بامرأة جميلة هي زوجة لجندي من جنوده يسمى أوريا، وكان لداود تسع وتسعون زوجة فامر زوجها بالنزول له عنها، فبعث الله له ملكين في صورة بشر، قال له أحدهما: إن هذا صاحبي له تسع وتسعون نعجة أي امرأة ولي نعجة واحدة وطلب مني أن أتنازل له عنها ليتزوجها ويكفلها وغلبني في الكلام، فقال داود: لقد ظلمك بسؤال امرأتك إلى امرأته ... إلى أن قال الشيخ: فأنكر الله على داود أن يتشاغل بالدنيا ويستزيد من شهواتها". ثم يقول الشيخ:"والقصة طويلة ونوردها هنا بإيجاز وعلى السائل إذا أراد المزيد الرجوع إلى كتب التفسير". أ. هـ.
قلت: ما كنت أودّ أن يذكر الشيخ قصة وينسبها إلى نبي الله داود بغير تخريج ولا تحقيق خاصة وقد جاءت إجابته تحت عنوان:"أنت تسأل والإسلام يجيب"، لم تكن هذه هي إجابة الإسلام التي ظن الشيخ أنها تفسير للآيات (21 - 23 سورة ص)، بل هي إسرائيليات مدسوسة تطعن في عصمة الأنبياء ويرجع إلى تفسير ابن كثير (4 - 31) حيث قال:"قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه".
قلت: وإن تعجب فعجب أن يخرج الخطباء والقصاص عن ظاهر الآيات ويجعلوا من النعجة امرأة، ومن الخصم ملكًا، والنبي المعصوم مخطئًا، وليرجع هؤلاء إلى كتاب"الفصل في الملل والأهواء والنحل" (4 - 14) لابن حزم ولينظروا إلى قوله:"إنما كان ذلك الخصم قومًا من بني آدم بلا شك مختصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم بغى أحدهما على الآخر على نص الآية.
ومن قال: إنهم ملائكة معرِّضين بأمر النساء فقد كذب على الله - عز وجل - وقوَّله ما لم يقل، وزاد في القرآن ما ليس فيه، وكذَّب الله - عز وجل - وأقر على نفسه الخبيثة أنه كذَّب الملائكة؛ لأن الله - تعالى - يقول: وهل أتاك نبأ الخصم، فقال هو: لم يكونوا قط خصمين، ولا بغى بعضهم على بعض، ولا كان قط لأحدهما تسع وتسعون نعجة، ولا كان للآخر نعجة واحدة ولا قال له: أكفلنيها، فاعجبوا لما يقحم فيه أهل الباطل أنفسهم، ونعوذ بالله من الخذلان، ثم كل ذلك بلا دليل بل الدعوى المجردة". أ. هـ.
قلت: ومن العجب قوله:"والقصة طويلة وأنه أوردها بإيجاز".
ألم يعلم بأنها تحمل في طياتها سموم الطعن في عصمة الأنبياء؟ فقد جعلت نبي الله داود - عليه السلام - يترك صلاته ويجري وراء حمامة حتى دخلت بستانًا وجد به هذه المرأة عارية تغتسل وحانت منها التفاتة فأبصرت ظل داود فنشرت شعرها فغطى بدنها كله، فزاد بذلك إعجابه، وعرض زوجها (أوريا) للقتل عمدًا ليتزوجها".
قلت: وإن تعجب فعجب قوله:"وعلى السائل إذا أراد المزيد أن يرجع إلى كتب التفسير". ولو رجعوا لتبين لهم بطلان القصة:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - نقل القرطبي في تفسيره"الجامع لأحكام القرآن" (15 - 176) عن ابن العربي المالكي أنه قال عن هذا الخبر:"باطل قطعًا".
2 - قال الخازن في تفسيره"لباب التأويل في معاني التنزيل" (6 - 49):"فصل في تنزيه داود - عليه السلام - عما لا يليق به وما ينسب إليه": اعلم أن من خصَّه الله - تعالى - بنبوته وأكرمه برسالته وشرفه على كثير من خلقه وائتمنه على وحيه لا يليق أن ينسب إليه ما لو نسب إلى آحاد الناس لاستنكف أن يحدَّث به عنه. فكيف يجوز أن ينسب إلى بعض أعلام الأنبياء والصفوة الأمناء. أ. هـ.
قلت: ذكره الخازن بعد أن أورد القصة، لعله أراد أن يبين بطلانها.
3 - قال الفخر الرازي في"التفسير الكبير" (26 - 194): إذا قلنا الخصمان كانا ملكين، ولما كانا من الملائكة وما كان بينهما مخاصمة وما بغى أحدهما على الآخر، كان قولهما: خصمان بغى بعضنا على بعض كذبًا، فهذه الرواية لا تتم إلا بشيئين: أحدهما إسناد الكذب إلى الملائكة، والثاني أن يتوسل بإسناد الكذب إلى الملائكة إلى إسناد أفحش القبائح إلى رجل كبير من أكابر الأنبياء.
4 - قال ابن الحسن الطبرسي في تفسيره"جمع البيان في تفسير القرآن" (8 - 736) بعد أن ذكر القصة:"فإن ذلك مما يقدح في العدالة، فكيف يجوز أن يكون أنبياء الله الذين هم أمناؤه على وحيه بصفة من لا تقبل شهادته وعلى حالة تنفر عن الاستماع إليه والقبول منه، جل أنبياء الله عن ذلك؟! ".
5 - ذكر ابن جرير الطبري في تفسيره"جامع البيان عن تأويل القرآن" (10 - 627) (ح29859) القصة مكتفيًا بذكر أسانيدها على طريقة أهل الحديث الذين قرروا أن من أسند فقد أحال إليك ذكر الوسيلة إلى معرفة درجة الحديث.
قلت: وهذه القاعدة توهم الكثيرين الذين لا يعرفون من أمر الأسانيد شيئًا أن القصة صحيحة لوجودها في تفسير الطبري وسكوته عن ذكر درجة الحديث.
قلت: وإلى الشيخ تخريج وتحقيق الحديث الذي روي حول هذه القصة:
الحديث"باطل".
أخرجه الحكيم الترمذي في"نوادر الأصول"، وابن جرير، وابن أبي حاتم كما في"الدر المنثور" (7 - 156).
قال ابن كثير في تفسيره (4 - 31):"رواه ابن أبي حاتم، ولا يصح سنده؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس".
قال القرطبي في تفسيره: رواه الحكيم الترمذي في"نوادر الأصول"عن يزيد الرقاشي عن أنس.
قلت: والحديث عندهم جميعًا من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا والرقاشي أورده ابن حجر في"التقريب" (4 - 538): وهو يزيد بن أبان، قال النسائي في كتابه"الضعفاء والمتروكين"رقم (642): الرقاشي: متروك.
قلت: وقد اشتهر عن النسائي أنه قال:"لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه"، وأورده الدارقطني في كتابه"الضعفاء والمتروكين"برقم (593)، وأورده الذهبي في"الميزان" (4 - 418):
قال أحمد: كان يزيد منكر الحديث. وأورده ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل" (9 - 251). قال أحمد بن حنبل:"منكر الحديث"، وأورده البخاري في"التاريخ الكبير" (8 - 320)، وقال: كان شعبة يتكلم فيه.
قلت: ووصل الحد في جرحه وتحريم الرواية عنه حتى أورد الذهبي في"الميزان" (4 - 418)، وابن حجر في"تهذيب التهذيب" (11 - 309): أن يزيد بن هارون قال: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إليَّ من أن أُحدث عن يزيد الرقاشي".
قلت: هكذا حفظ اللَّه - تعالى - بالإسناد لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - دينها من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
قال ابن حزم:"نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل". أ. هـ.
وبتلك الخاصية حفظ اللَّه العقيدة السلفية من مثل هذه القصص الواهية التي تطعن في الأنبياء الذين ينبغي الاعتقاد بأن اللَّه - عز وجل - قد حلاهم بالأخلاق العظيمة.
قلت: هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في الأنبياء.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما عقيدة اليهود- عليهم لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين- فهي الطعن في الأنبياء، فقد جعلوا داود - عليه السلام - زانيًا، فقد جاء في"العهد القديم"- صموئيل الثاني- الإصحاح"الحادي عشر" (ص498):"وأما داود فأقام في أورشليم، وكان وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا، فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد: أليست هذه بَثْشَبَعَ بنت أَلبِعَام امرأة أُوريا الحثي، فأرسل داود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مُطهرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت: إني حبلى". أ. هـ.
قلت: هذا كتابهم المقدس: يجعل داود - عليه السلام - ينظر إلى امرأة عارية وهي تستحم- ويعشقها ثم يزني بها حتى تحمل منه.
يقول:"فأرسل داود إلى يواب يقول: أرسل إليَّ أوريا الحثي، فأرسل يواب أوريا إلى داود فأتى أوريا إليه فيسأل داود عن سلامة يواب وسلامة الشعب ونجاح الحرب، وقال داود لأوريا: انزل إلى بيتك واغسل رجليك. فخرج أوريا من بيت الملك وخرجت وراءه حصة من عند الملك، ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده ولم ينزل إلى بيته، فأخبروا داود قائلين لم ينزل أوريا إلى بيته، فقال داود لأوريا: أما جئت من السفر، فلماذا لم تنزل إلى بيتك، فقال أوريا لداود: إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يواب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب واضطجع مع امرأتي! وحياتك وحياة نفسي لا أفعل هذا الأمر، فقال داود لأوريا: أقم هنا اليوم أيضًا وغدًا، فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده ... وفي الصباح كتب داود مكتوبًا إلى يواب وأرسله بيد أوريا، وكتب في المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وأرجعوا من وراءه فيضرب ويموت، وكان في محاصرة يواب المدينة: أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البائس فيه، فخرج رجال المدينة وحاربوا يواب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات أوريا الحثي أيضًا".
إلى أن يقول كتابهم المقدس- لعنهم الله- في صموئيل الثاني آخر الإصحاح (11):"فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها ندبت بعلها، ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابنًا، وأما الأمر الذي فعله داود فَقَبح في عيني الرب". أ. هـ.
قلت: وقد دست هذه الإسرائيليات في الكتب ك"قصص الأنبياء"للثعلبي المتوفى سنة 427ه، حيث جاءت هذه القصة في كتابه (من ص304، 312).
قلت: والقصة طويلة مذكورة في تسع صفحات لتحريف الآيات التي أنزلها الله في سورة"ص": (21، 22، 23، 24، 25) تحت اسم الأحاديث والآثار.
الصحيح الذي جاء في تفسير الآيات
قال الإمام ابن حزم - رحمه الله -في"الملل والنحل" (4 - 14) باب الكلام في"داود - عليه السلام -":"وذكروا أيضًا في قول الله - تعالى - حاكيًا عن داود - عليه السلام -: وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب × إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان ... إلى قوله: فغفرنا له ذلك".
قال:"وهذا قول صادق صحيح لا يدل على شيء ممَّا قاله المستهزئون الكاذبون المتعلقون بخرافات ولدها اليهود، وإنما كان ذلك الخصم قومًا من بني آدم بلا شك ... كما بيَّنا آنفًا". ثم يقسم الإمام ابن حزم - رحمه الله -قائلاً:"تاللَّه إن كل امرئ منا ليصون نفسه وجاره المستور عن أن يتعشق امرأة جاره ثم يعرض زوجها للقتل عمدًا ليتزوجها، وعن أن يترك صلاته لطائر يراه، هذه أفعال السفهاء المتهوكين الفساق المتمردين، لا أفعال أهل البر والتقوى، فكيف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أوحى إليه كتابه، وأجرى على لسانه كلامه، لقد نزهه الله - عز وجل - عن أن يمر مثل هذا الفحش بباله، فكيف أن يضاف إلى أفعاله". أ. هـ.
استغفار داود
ثم يقول ابن حزم رحمه الله:"وأما استغفاره، وخروره ساجدًا ومغفرة الله له: فالأنبياء عليهم السلام أولى الناس بهذه الأفعال الكريمة، والاستغفار: فعل خير لا ينكر من ملك، ولا من نبي، ولا من مذنب، ولا من غير مذنب، فالنبي يستغفر الله لمذنبي أهل الأرض والملائكة، كما قال الله - تعالى -: ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم {غافر: 7} ". أ. هـ.
فتنة داود
ثم يقول ابن حزم - رحمه الله -:"وأما عن قوله - تعالى - عن داود - عليه السلام -: وظن داود أنما فتناه، وقوله - تعالى -: فغفرنا له ذلك: فقد ظن داود - عليه السلام -: أن يكون ما آتاه الله - عز وجل - من سعة الملك العظيم فتنة فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله أن يثبت قلبه على دينه، فاستغفر الله - تعالى - من هذا الظن فغفر الله - تعالى - له هذا الظن إذ لم يكن ما آتاه اللَّه - تعالى - من ذلك فتنة". أ. هـ.
قلت: وسياق هذه الآيات يدل على تنزيه داود - عليه السلام - عن هذه القصة الواهية، حيث ذكره الله - سبحانه - في مقام العبودية، فقال سبحانه: واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب {ص: 17}، هذا المقام الذي حفظه الله تعالى من الشيطان بقوله: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا {الإسراء: 65}.
هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد. .
انتهى المقال: ومصدره: http://www.islamselect.com/index.php?ref=5430&pg=mat&CR=20&ln=1&PHPSESSID=55936c474109f6980795c50d9c9fc419
تنبيه مهم:
اختياري للمقال لا يعني بالضرورة موافقتي لكاتبه في كل شيء، إلا أن ذلك يعني أن الموضوع جدير بالقراءة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2004, 01:33 ص]ـ
وهذا تعليق جيد للدكتور أحمد فرح عقيلان رحمه الله حول نفس الموضوع:
(من لطائف التفسير
فتنة داود عليه السلام وافتراءات اليهود عليه
ما رأيت أدبا رفيعا كأدب القرآن حين يتناول سير الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، فما من نبى في القرآن الكريم إلا وله مقامه المعلوم، وأسوته العظمى، ولا غرو فهم نماذج البشرية الطاهرة المعصومة المنزهة، وأوعية الرسالة الإلهية المقدسة، اذا قرأت القرآن ومررت على سيرة أي نبي أحببته، لأنك تجد لسيرته في قلبك روحا وريحانا، أما اذا قرأت سيرة الانبياء الكرام في الكتب السماوية المحرفة، وفي الاسرائيليات المشوهة، فإنك في كثير من الاحوال تكره الانبياء، لما ترى من صور مشوهة لسيرهم العطرة وتحريف للكلم الطيب عن مواضعه.
في سورة ص ذكر لسيرة داود عليه السلام وهو نبي ابتلى بالنعمة فكان نموذج الشكر وفتن باختبار، فكان أسرع شيء الى التوبة، ومن أجل هذا خاطب ربنا جل وعلا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بعد ان ذكر عناد قريش وايذاءهم وغطرستهم فقال له: «اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد - أي القوة والتأييد من الله - إنه أواب». ومعنى هذا أن ربك من عليا سمواته يأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يذكر داود في شدائده ويقتدى بأخلاقه وصبره، وحسبك بهذا شرفا لداود، وإني مورد هنا آيات من كتاب الله جل وعلا في سيرة داود، ثم محذر بعدها إن شاء الله مما افتراه بنو ا سرائيل على هذا النبي الكريم.
بسم الله الرحمن الرحيم: «وهل أتاك نبأ الخصم إذا تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب، فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب، يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (ص: 21 و26).
أولا: هذه الآيات الكريمات هي كل ما ورد في القرآن الكريم من فتنة داود عليه السلام وهي آيات ترسم لنا ذلك النبي الكريم في صورة عبد طاهر منيب إلى ربه وقع منه في القضاء سهو بحسن نية، فاستغفر ربه من الذنب وخر راكعا للرب، وأناب راجعا الى ربه بالتوب، من اجل ذلك فالمؤمن مطالب ان يؤمن بكل حرف من هذه الآيات ومن غيرها لانها لا تنال من عصمة الانبياء شيئا والنبي كما هومعلوم معصوم من الكبائر ومن الذنوب التي تسقط المروءة، اما ما يحدث من الصغائر، ومن الغفلة العابرة فيمكن ان تقع من الانبياء دون ان ينال هذا من عصمتهم.
ثانيا: القصة الاسرائيلية الواردة حول الخصمين والتسع والتسعين نعجة لم يسندها دليل من السنة المطهرة ولا استندت الى حديث صحيح وكل رواياتها جاءت من طرق ضعيفة، ولم يرد في القرآن الكريم المطهر من قريب ولا بعيد في سيرة داود عليه السلام، بل ولا في سيرة أي نبي من انبياء الله أنه تعلق بحب امرأة، ولكن القصة الاسرائيلية الكذب تتجرأ على داود الذي رسمه الله قدوة لمحمد، والذي شد الله ملكه وآتاه اعظم خير: الحكمة وفصل الخطاب، اقول: تتجرأ القصة الاسرائيلية على هذا العبد الصالح الذي مدحه الله بأسلوب المدح «نِعْمَ العبد إنه أوَّاب» فتختلق من حوله صلى الله عليه وسلم قصة يعشق فيها النبي الكريم امرأة جميلة! ثم لا تقف عند هذا الحد حتى تزعم ان ذلك الحب قد دفع داود عليه السلام الى التآمر على زوجها وكان مجاهدا بأن يعرضه للموت لكي يخلو الجو لداود فيتزوج زوجة المجاهد وتنجب له سليمان! حاش لله وتنزه النبي الاواب عن مثل هذا الهراء، لكن هذا الكلام لا يستغرب على بنى اسرائيل فإنك لو قرأت كتابهم المحرف لوجدت قصصا رخيصة من هذا النوع قد حامت حول يعقوب وسليمان ولوط وغيرهم من انبياء الله وكلها تسيء الى الانبياء وتذكرهم وتخرق لهم قصصا تسقط مروءة الرجل العادي فكيف بكرامة النبي الكريم!
ثالثا: القصة الواردة في القرآن الكريم خلاصتها ما يلي: كان داود عليه السلام اذا فرغ من القضاء بين الناس خلا إلى محرابه يتعبد ويتلو الزبور، وكان يأمر الحرس الا يسمحوا لأحد بإزعاجه عن عبادته، ولكن حدث يوما ان خلا بنفسه في محرابه، واذا رجلان يدخلان عليه فجأة متسورين المحراب ففزع عليه السلام منهم كيف وصلا اليه على كثرة الحرس! وعندئذ هدءا روعه وقالوا: لا تخف، وتستعمل واو الجماعة احيانا بدلا من ألف المثنى، قال تعالى (هذان خصمان اختصموا في ربهم) أقول: هدّءا من روعه وقالوا: لا تخف نحن خصمان ظلم أحدنا الآخر وقد جئناك لتحكم بيننا بالعدل ولا تغالى وتهدينا الى الطريق القويم في قضيتنا، ومضى أحدهما وهو المدعي يقول: «ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة» فطمع في نعجتي الوحيدة على كثرة غنمه وطفق يحرجني بطلبه وسؤاله حتى غلبني أخيرا عليها، وفي الحال ودون ان يستمع من الخصم الآخر كما يقضى القضاء العادل أجابه داود «لقد ظلمك» خصمك حين سألك نعجتك ليضمها الى نعاجه، وان كثيرا من الشركاء والمتعاملين يظلم بعضهم بعضا إلا المؤمنين الصالحين وهم قلة، وفي الحال تذكر داود عليه السلام خطأه فاستغفر وسجد لله، وأناب بتوبة نصوح ولم يكن له والله أعلم من ذنب إلا أنه قضى قبل ان يدلي المدعى عليه بأقواله، ومما يؤيد ان الاختبار كان درسا في القضاء فقط ولم يكن في الأمر نساء: ان الله - جل جلاله - يختم الآيات الكريمات بقوله: «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله» اللهم صل على محمد الذي علمنا الأدب القرآني وعلى جميع انبيائك الكرام المعصومين من كل ما يسقط المروءة.)
الشيخ أحمد فرح عقيلان
المصدر: http://www.al-watan.com/data/20031026/index.asp?page=Dislamic1.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[06 May 2009, 03:15 م]ـ
بارك الله فيكم ..
و لكن ما هو الراجح فى تفسير هذه الآيات و كذلك الآيات التى تحدثت عن نبى الله سليمان عليه السلام (إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد .. ) الى آخر الآيات فمعظم كتب التفسير التى مررتُ عليها لا تكاد تذكر ما ذكر أعلاه من هذه الإسرائيليات مع تكذيبها أحيانا دون التعرض لتفسيرها الصحيح.(/)
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن- سر دخول اللام على جواب لو الشرطية
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[26 Mar 2004, 04:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن
سر دخول اللام على جواب لو الشرطية
قال الله تعالى: (أفرأيتم ما تحرثون* أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون* لو نشاء لجعلناه حطامًا فظلتم تفكهون) [الواقعة:63 - 65]
وقال: (أفرأيتم الماء الذي تشربون* أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون* لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون) [الواقعة:68 - 70]
تضمنَّت هذه الآيات الكريمة امتنانًا عظيمًا من الله تعالى على عباده بالزرع الذي يحرثون، والماء الذي يشربون0 وهي دليلٌ على عظمة الله تعالى، وكمال قدرته، ومطلق مشيئته، وشدة حاجة الخلق إليه سبحانه0
وقوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون - أفرأيتم الماء الذي تشربون} استفهام يراد به التقرير، والتوبيخ، دلَّ عليه وجود الفاء عقِب الهمزة0 ومعناه: خبروني عمَّا تحرثون من أرضكم، فتضعون فيه البذر: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}، وعن الماء، الذي تشربون: {أأنتم أنزلتموه من المزن، أم نحن المنزلون} 0
والجواب الذي لا يملكون غيره في الموضعين هو قولهم: أنت- ياربنا- منبتُ الزرع من الحب، ومنزِّل الماء من السحاب، ونحن لا قدرة لنا على ذلك0 فيقال لهم: إذا عرفتم ذلك، وأقررتم به، فكيف تكفرون بالله العلي القدير، وأنتم تأكلون رزقه، وتشربون ماءه، ثم تعبدون غيره؟ ولمَ لا تلزمون أنفسكم الإقرار بتوحيده سبحانه، وطاعته، والتصديق بالبعث شكرًا له تعالى على نعمه، التي لا تعدن ولا تحصى عليكم؟
ونقرأ قوله تعالى: (أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)، فنجد فيه لمحة من لمحات الإعجاز البياني؛ حيث كان الظاهر أن يقال: أأنتم تحرثونه أم نحن الحارثون؟ أو يقال: أفرأيتم ما تزرعون؟ بدلاً من: أفرأيتم ما تحرثون؟ فيتطابق الكلامان0 ولكن كلا القولين يُخِلُّ بمعنى الكلام، ونظمه00 وبيانُ ذلك أن بين الحرث، والزرع فرقًا؛ وهو أن الحرث يكون أوائل الزرع، ومقدماته، من إثارة الأرض، وطرح البذر فيها، وقد يتبع ذلك سقيُه، وتعهده بالرعاية0 أما الزرع فهو ما يترتب على الحرث، من خروج النبات، وإنمائه، واستغلاظه، واستوائه على سوقه، وانعقاد الحب في سنبله0 فقوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون} يعني: أن ما تبتدئون به من الأعمال، أانتم تُبلغونها المقصود، أم الله تعالى؟ ولا يشك أحد في أن إيجاد الحب في السنبل، ليس بفعل الناس؛ وإنما هو بفعل الله العلي القدير0 وفي ذلك إشارة منه سبحانه إلى البعث والنشور!
وفي قوله تعالى: {لو نشاء لجعلناه حطامًا}، {لو نشاء جعلناه أجاجًا} لمحة أخرى من لمحات الإعجاز البياني؛ حيث كان الظاهر أن يقال: لو شئنا، بدلاً من: لو نشاء؛ لأن (لو)، لا تدخل- عند النحاة والمفسرين- إلا على الفعل الماضي؛ فإن دخلت على فعل مستقبل، وجب تأويله بالماضي0 ولهذا تأولوا (لو نشاء) في هاتين الآيتين، وفي غيرهما على معنى: ولو شئنا00 وعلى قولهم يكون الفعل (نشاء) مستقبلاً في اللفظ، ماضيًا في المعنى0
ولعل الصواب في ذلك أن يقال: إن (لو) من الأدوات الشرطية، التي تربط بين جملتين؛ بحيث تجعل بين مضمونيهما تلازمًا، لم يكن مفهومًا قبل دخولها0 وهذا ما يُعبَّر عنه بالتعليق الشرطي؛ وهو نوعان: خبريٌّ، ووعديٌّ0
أما الخبريُّ فهو الذي يكون مُضَمَّنًا جوابًا لسؤال سائل: هل وقع كذا؟ أو يكون ردًّا لقول قائل: قد وقع كذا0 فهذا يقتضي المُضِيُّ لفظًا، ومعنى، ولا يصِحُّ فيه الاستقبال بحال0 ومن الأول قوله تعالى: {فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء؟ قالوا: لو هدانا الله لهديناكم} [إبراهيم:11] 0 ومن الثاني قوله تعالى: {لو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [السجدة:13] 00 فهذا تعليق بـ (لو) زمنه الماضي؛ لأنه خبريٌّ0
أما الوعديُّ فالغرض منه هو التعليق المحض المجرد من أيِّ معنى آخرَ0 وهذا يقتضي الاستقبال، ولا يصلح فيه المُضِيُّ بحال من الأحوال؛ كما في قوله تعالى: {لو نشاء}، في الآيتين السابقتين0
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى في الزرع: {لجعلناه حطامًا}، ثم في قوله تعالى في الماء: {جعلناه أجاجًا} إعجاز آخر من إعجاز القرآن؛ وهو إدخال اللام في الأول، ونزعها منه في الثاني؛ فأفاد دخولها في الأول تأخير وقوع العقوبة- وهي جعل الزرع حطامًا- لعقوبة أشدَّ منها؛ كما في قوله تعالى: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس} [يونس:24] 0
وكثيرًا ما تدخل هذه اللام على جواب (لو)، فتدل على المماطلة في جعله واقعًا؛ كما يشير إليه قوله تعالى في صفة الكافرين: {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين} -[الأنفال:31] 0 والزركشيُّ يسمي هذه اللام: (مسبوقة) 0 وينبغي أن تسمَّى: (لام التسويف)؛ لأنها تفيد ما يفيده كلٌّ من (السين، وسوف)، من دلالة على التسويف تارة، والمماطلة تارة أخرى في إيقاع الفعل0
أما نزعها من الثاني فيفيد التعجيل بوقوع العقوبة فورًا- وهي جعل الماء أجاجًا- أي: جعله كذلك لوقته دون تأخير0 وكلا الفعلين مرتبط بمشيئة الله تعالى00 يدلك على ذلك أن قوله تعالى: {لو نشاء جعلناه أجاجًا} قيل على طريقة الإخبار؛ لأن جعل الماء المشروب المنزل من المزن أجاجًا لوقته- أي: شديد الملوحة، والمرارة، والحرارة- لم يشاهد في الواقع؛ لأنه لم يقع، بخلاف جعل الزرع حطامًا- أي: يابسًا متكسرًا- فإنه كثيرًا ما وقع كونه حطامًا، بعد أن كان أخضرَ يانعًا0 وهذا ما عبَّر عنه تعالى بقوله: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعًا مختلفًا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرًّا ثم يجعله حطامًا إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب} [الزمر:21] 00 فلو قيل: جعلناه حطامًا؛ كما قيل: جعلناه أجاجًا، تُوُهِّم منه الإخبار0
ومما يدل على ذلك أيضًا أن دخول اللام على جواب (لو)، لا يكون إلا في الأفعال، التي لا يُتخيَّل وقوعها؛ ولهذا كان جعل الماء المنزل من المزن أجاجًا لوقته، قبل أن يصل إلى الأرض، ويستقر في أعماقها أدلَّ على قدرة الله تعالى، من جعل الزرع حطامًا، وإن كان الكل أمام قدرة الله سواء0 ولهذا عقَّب سبحانه على الأول بقوله: {فظلتم تفكهون}، وعقَّب على الثاني بقوله: {فلولا تشكرون} 0 فتأمل هذه الأسرار البديعة، التي لا تجدها إلا في البيان الأعلى!!
الجمعة، 26 آذار، 2004 – حلب- سورية - محمد إسماعيل عتوك
م- ع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2004, 05:27 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم محمد على هذا التأمل الدقيق، والاستنباط الموفق. وكأني بك من أهل العربية الذين يحسنون الغوص على أسرارها، والتلذذ بدقائقها، وقليل من يحسن ذلك في زمن العجمة هذا، ورحم الله أبا عمرو بن العلاء عندما سئل سؤالاً لغوياً فقال - تواضعاً منه: قد ذهب الذين يحسنون هذا! فماذا نقول نحن؟
أخي الحبيب: قبل مدة ليست بالقصيرة، نقلت بعضاً من اللمسات البيانية في نصوص من التنزيل عن الدكتور الجليل فاضل السامرائي حفظه الله، في كتاب له بهذا العنوان وذلك في مشاركة بعنوان:
لمسات بيانية في نصوص من التنزيل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=374)
فلعلك تتحفنا بتعليقك على ما أشار إليه الدكتور فاضل من الأسرار البيانية، أسأل الله لك التوفيق والسداد. آمين
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[27 Mar 2004, 12:25 ص]ـ
أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري!
ماذا تقول بعد أن قرأت مقالي هذا، و أطريتني بهذا الثناء الحسن، إذا علمت أنني كتبت هذا المقال ردًّا على الدكتور فاضل السامرائي، وكان قد سئل عن الحكمة، أو السر من دخول هذه اللام في آية المطعوم، ونزعها منه في آية المشروب، فأجاب الجواب، الذي لا يملك غيره هو، وجمهور النحاة والمفسرين؛ وهو قولهم بأن اللام زائدة دخلت لتأكيد الجواب في آية الزرع، ولم تدخل في آية الماء؛ لأن الجواب فيها لا يحتاج إلى تأكيد، خلافًا للأول0 بدليل أن الإنسان في عصرنا هذا استطاع أن يحول كثيرًا من مياه البحار المالحة إلى مياه حلوة0 أما أن يحول الزرع إلى حطام فهذا ما لم يقدر عليه00 هذا ما أجاب به بتصرف0 فما رأيكم؟ ولكم الشكر من قبل ومن بعد0
الجمعة، 26 آذار، 2004 محمد إسماعيل عتوك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 06:21 م]ـ
ولكم كذلك أستاذي الكريم كل الشكر والتقدير، ولا أقول إلا فتح الله عليكم، وزادكم من فضله، ورحم الله أبا تمام عندما قال:
لا زلتَ من شكري في حُلَّةٍ = لا بسُها ذو سَلَبٍ فَاخرِ
يقولُ من تَقرعُ أسماعَه: = كَمْ ترك الأول للآخرِ!
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[01 Apr 2004, 06:43 م]ـ
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ==== يدي ولساني والضمير المحجبا(/)
بحث تفصيلي في مخارج أصوات الجوف
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[27 Mar 2004, 02:27 ص]ـ
بحث تفصيلي في مخارج أصوات الجوف
*******************************
*أهمية الرئتين وعلاقته بالصوت
* أهمية القصبة الهوائية وعلاقتها بالصوت.
* أهمية الحنجرة وعلاقتها بالصوت.
* أهمية الوترين الصوتيين في إنتاج الأصوات.
* أهمية البلعوم وعلاقته بالصوت.
* التعريف بالجوف عند اللغويين والقراء.
* التعريف بأصوات وأسماء الحروف الجوفية.
* التعريف بصفات أصوات الحروف الجوفية.
* بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الألف الجوفية.
* بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الواو الجوفية.
* بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الياء الجوفية.
أهمية الرئتين وعلاقته بالصوت
***************
قال العلماء: جميع أصوات الكلام التي يتكلم بها الإنسان تكون بواسطة هواء الزفير , وهواء الزفير بدوره يخرج من الرئتين , فطول الوقت يدخل الهواء إلى الرئتين ويخرج منها, وهذه هي عملية التنفس ولكن إذا حدث نوع من الانسداد فإنه يتسبب في إنتاج الصوت , أما الكلام فإنه يحتاج أكثر من هذا إذ يجب أن يكون لدى الشخص الذي يصدر عنه الكلام تحكم سهل ومؤثر في عملية الإغلاق التي تنتج الصوت الإنساني , وهذا يجعل اللغوي يعتني عناية كبيرة بحركات الفم والبلعوم والحنجرة , وإذا كانت هذه الحركات تستحوذ على أكثر اهتمام علماء الأصوات وعلماء اللغة بوجه عام , فإنه علينا ألا ننسى أن القوة المحركة في إنتاج الصوت تتمثل بشكل رئيسي في نشاط الصدر , لأن له أثرا كبيرا في إنتاج الصوت, وأن أعضاء النطق هذه ليست كلها متحركة بل معظمها ثابت لا يتحرك , وبعضها قابل للحركة كاللسان والشفتين , كما أنه يجب أن نعرف أن تسمية هذه الأعضاء بأعضاء النطق تسمية مجازية , والواقع أن أعضاء النطق ليست وظيفتها الأساسية إصدار الأصوات الكلامية. بل إن لها وظائف أخرى أهم من ذلك بكثير , وما إصدار الأصوات الكلامية إلا وظيفة واحدة من الوظائف التي تقوم بها تلك الأعضاء , فتسميتها بأعضاء النطق من باب التوسع والمجاز , ولهذا فإن عجز الإنسان عن الكلام لإصابته بالبكم لا يعني على الإطلاق عجز أعضائه هذه عن القيام بوظائفها الأخرى التي تحفظ على صاحبها الحياة , فلسان الأخرس يقوم بجميع العمليات التي يقوم بها لسان غير الخرس غير الكلام ولدى كثير من الحيوانات جهاز يقارب أو يماثل الجهاز النطقي في الإنسان ولكن بفضل ما أكرمه الله سبحانه وتعالى وما منحه من نعمة القدرة على الكلام , فإن جهاز ه الصوتي يمكن له التكيف مع أوضاع مختلفة مع إخراج الهواء من الرئتين مما يؤدي إلى أصوات مختلفة المخارج والصفات.
للرئتين وظائف حيوية معروفة لا داعي لذكرها هنا وهما تتصلان بالهواء الخارجي بالأنف , وهما قابلتان للتمدد والانكماش , ولكنهما لا تستطيعان الحركة بذاتهما , لذا فهما في حاجة إلى محرك يدفعهما للتمدد والانكماش , وهذا المحرك هو الحجاب الحاجز ((وهو عبارة عن عضلة تفصل بين الأحشاء وجوف الصدر وتحفظ الرئتين في ضغط معين)) وأمّا القفص الصدري ((فهو يساعد على استنشاق الهواء وزفرة وامتلائهما به وإفراغهما إذ ترفع العضلات تلك العضلات فتزيد في استدارة الصوت في حالة الشهيق وتنبسط العضلات فتعود إلى ما كانت عليه في حالة الزفير)) ويخرج الكلام عادة عند عملية الزفير , فأثناء خروج هذا الزفير تعترض الأعضاء الصوتية ممر الهواء وتقتضي عملية الكلام إطالة الزمن الذي تتم فيه عملية الزفير بالنسبة للشقيق حتى تصبح الفترة التي يستغرقها الزفير من ثلاثة إلى عشرة أمثال فترة الشهيق , هذا في الكلام العادي , أما عندما يسترسل المتكلم في حديث سريع طويل فقد يصبح طول فترة الزفير ثلاثين مثلا لطول فترة الشهيق , وعملية النطق ليست مجرد إخراج هواء الزفير على نحو مناسب ولكن الهواء في الواقع يخرج في دفعات تتفق كل منها مع إنتاج مقطع صوتي كامل والذي ينظم هذه العملية هو الجهاز العصبي في الإنسان.
ذكر فضيلة الشيخ العلامة: يَحْيَى الغوثاني في بعض محاضراته عن التنفس ما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
الإنسان في الأحوال الاعتيادية يستعمل حوالي 30% أو 40% من رئتيه في التنفس .. لكن عندما يكون التنفس عميقا , تفتح جميع شعب الرئتين وكلها تتحرك وتملؤها كلها بالأوكسجين الجديد , وبدورها تكون قد غذت الدم بأوكسجين جديد .. والمعروف أن الدماغ يحتاج إلى الدم المغذى بشكل متواصل فالدماغ مبني على
الدم -----> الدم مبنى على الأوكسجين -----> الأوكسجين مبني على الهواء الذي في رئتيك ..
أهمية القصبة الهوائية وعلاقتها بالصوت
***************************
وهي عبارة عن أنبوب أشبه بطريق غضروفي ذي حلقات غير مكتملة من الخلف , ويسميها بعض علماء الأصوات: (الفراغ الرنان) ويلاحظ أن التكوين السابق للقصبة الهوائية يزيد في تموج هواء الزفير ويساعد في تمييز بعض الأصوات عن بعض.
أهمية الحنجرة وعلاقتها بالصوت
***************************
هي مجموعة من الغضاريف والعضلات والأنسجة وهي أشبه بحجرة ذات اتساع معين يختلف من الطفولة حتى البلوغ بين الإناث والذكور ولكن هذا الاختلاف يزيد زيادة كبيرة بالنسبة للذكور فيما بعد أما بالنسبة للإناث فلا يختلف إلا اختلافا طفيفا
1. والغضروف الأول أو العلوي في الحنجرة: ناقص الاستدارة من الخلف عريض بارز من الأمام ويعرف الجزء البارز منه بتفاحة آدم.
2. أما الغضروف الثاني: فهو كامل الاستدارة والثالث مكون من قطعتين موضوعتين فوق الغضروف الثاني الخلفي.
ويقع فوق الحنجرة شئ يشبه اللسان يسمى لسان المزمار , وظيفته الحيوية حماية الحنجرة وطريق التنفس كله أثناء عملية البلع , وله وظيفة صوتية تتمثل في التأثير على نوع الحركات فهو يجذب إلى الخلف عند النطق بالفتحة الموجودة في كلمة طالب والفتحة الموجودة في كلمة (صورة) ويحذب إلى الأمام عند النطق بالحركتين الموجودتين في الكلمتين (مين) و (فين) في العامية المصرية.
أهمية الوترين الصوتيين في إنتاج الأصوات
**************************
وفي الحنجرة يوجد الوتران الصوتيان ((وتسمية هذين الغشائين باسم الأوتار الصوتية تسمية غير دقيقة لأنهما وتران الواحد منهما يشبه رف المصباح في بيوت الريف , مثبت من جميع نواحيه ما عدا ناحية واحدة وليس على شكل وتر مثبت من طرفيه فحسب)) وهما عبارة عن غشائين كل واحد منهما نصف دائرة حين يمتد فإذا امتد الوتران أغلقا فتحة الحنجرة ومنعا الهواء الخارج من الرئة من المرور , وهذان الوتران من أعضاء النطق المتحركة كما أن لهما القدرة على اتخاذ أوضاع متعددة تؤثر في الأصوات اللغوية أهم هذه الأوضاع أربعة هي:
1. الوضع الخاص بالتنفس: عندما ينفرج الوتران الصوتيان انفراجا ملحوظا بحيث يسمح للتنفس أن يمر من خلالهما دون أن يقابله أي اعتراض أو مانع يحدث في حالة ما يسمى في الاصطلاح الصوتي بالهمس مقابل الجهر وتسمى الأصوات التي تنطق حينئذ: الأصوات المهموسة.
2. وضعهما في حالة تكوين نغمة صوتية: عندما ينطبق الوتران الصوتيان انطباقا جزئيا لا كليا بحيث يسمح للهواء المندفع من خلالهما أن يفتحهما ويغلقهما بسرعة وانتظام فائقين ينتج عن ذلك ما يعرف بذبذبة الأوتار الصوتية وهي ذبذبة ينتج نغمة صوتية تختلف في الدرجة والشدة وتعرف هذه النغمة في اصطلاح علماء الأصوات بالجهر كما تسمى الأصوات التي تصحب هذه النغمة بالأصوات المجهورة.
3. وضعهما في حالة الوشوشة: في حالة الوشوشة يكون الوتران في وضع يقرب من وضعهما في حالة الجهر ولكن مع فارق مهم هو تصلبها وتجمدها بحيث تمنع حدوث حدوث أي ذبذبة والمعروف أن الأصوات المجهورة في الكلام تستبدل بأصوات (مسرة) في حالة الوشوشة. أما الأصوات المهموسة فإنها تظل على حالتها بدون تغير.
4. وضعهما في حالة تكوين همزة القطع: قد ينطبق الوتران الصوتيان انطباقا تاما لفترة زمنية قصرة بحيث لا يسمحان بالمرور من وإلى صوت انفجاري نتيجة لاندفاع الهواء وهذا الصوت الانفجاري هو ما يسمى في العربية همزة القطع ويبدو أن التسمية العربية قد لاحظت تلك السمة البارزة في عملية نطق هذا الصوت وهي عملية قطع النفس.
أهمية البلعوم وعلاقته بالصوت
******************************
(يُتْبَعُ)
(/)
هو الفراغ الواقع فوق الحنجرة والوترين الصوتيين , وقد قسمه بعض العلماء إلى: البلعوم الحنجري والبلعوم الفموي , والبلعوم الأنفي , وذكر عند التنفس من الأنف مع قفل الفم يمر الهواء من البلعوم الأنفي إلى البلعوم الفموي ثم إلى البلعوم الحنجري ثم إلى القصبة الهوائية ثم إلى الرئتين , أما عند الكلام فإن الحنك الرخو إما أن يقفل الممر الأنفي تماما أمام الهواء الصاعد من الحنجرة فلا يساهم هذا الجزء من البلعوم في إنتاج الصوت , وإما أن يتركه مفتوحا وفي هذه الحالة يتخذ البلعوم الأنفي أحد أوضاع ثلاثة: أ- أن يسمح للهواء بالخروج منه وحده بحيث يكون الأنف دون الفم هو المخرج الوحيد للصوت كما يحدث عند النطق بالميم والنون. ب – أن يكون مفتوحا أمام الهواء ولكن دون أن يساهم في إنتاج الصوت مساهمة تذكر. ج – أن يظل مفتوحا ويشترك مع فراع الفم في إنتاج الصوت ويحدث هذا عند النطق بصوت تشويه صفة الأنفية مثل الفتحة الطويلة في (نام) وهناك بجوار البلعوم ما يسمى بالفراغات الأنفية وهي تعتبر غرف رنين يتأثر مدى رنينها بحجمها وهناك أيضا الجيوب الأنفية التي تؤثر في إنتاج الأصوات التي تعرض لها صفة الأنفية كالفتحة المجاورة لأي منهما.
التعريف بالجوف عند اللغويين والقراء
********************************
قال علماء اللغة: يأتي الجوف في اللغة ويراد به الخلاء
وفي اصطلاح القراء: هو خلاء الحلق والفم , أو الفراغ الذي في وسط الحلق والفم , والجوف مخرج لحروف المد الثلاثة , ولكل من أحرف الجوف شرط لابد منه , فمن شرط صوت الألف الجوفية أنها ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا أبدا ,ومن شرط صوت الواو الجوفية أن تكون ساكنة ومضموم ما قبلها , ومن شرط صوت الياء الجوفية أنها ساكنة ومكسور ما قبلها. وجمعت في كلمات (نوحيها) أو (أوتينا) أو (أوذينا).
التعريف بأصوات وأسماء الحروف الجوفية
********************************
قال بن الجزري في النشر: فقد اختلفوا في عددها فالمختار عندنا وعند من تقدمنا من المحققين كالخليل بن أحمد ومكي بن أبي طالب وأبي القاسم الهذلي وأبي الحسن شريح وغيرهم سبعة عشر مخرجا، وهذا الذي يظهر من حيث الاختبار وهو الذي أثبته أبوعلي بن سينا في مؤلف أفرده في المخارج وصفاتها أ هـ.
والسبب في تسمية هذه الحروف بالجوفية لأنهن ينسبن إلى آخر انقطاع مخرجهن وهو الجوف كما قرر ذلك بن الجزري في التمهيد , وهذه الحروف الثلاثة تخرج من جوف الحلق والفم وليس لها حيز تعتمد عليه أو تنتهي إليه وإنما تنتهي بانتهاء هواء الصوت ولذلك سماها بعض العلماء بالمخرج المقدر, إلا أن هواء الألف متصعد أكثر , وهواء الياء متسفل , وهواء الواو متوسط , فسبحان من أظهر بعض عجائب صنعه في خلقه.
قال ابن الجزري:
(فألف الجوف وأختاها وهي**** حروف مدّ للهواء تنتهي)
وتسمى هذه الحروف الجوفية بالهوائية , لأنها في الحقيقة عبارة عن هواء ينتشر في الحلق والفم , وتسمى بحروف المد واللين لأنها تخرج في لين ويسر وعدم كلفة عند التلفظ بها , وتسمى مع الهاء بالحروف الخفية: قال مكي في الرعاية:سميت بالخفية لأنها تخفى في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها إنما لفظها في هذا خفي بين حرفين أو بعد حرف أو حروف هواء .... والألف أخفى هذه الحروف , لأنها لا علاج على اللسان فيها عند النطق بها أهـ.
التعريف بصفات أصوات الحروف الجوفية
******************************
أولا: التعريف بصفات صوت الألف الجوفية المدية:
******************************
قال ابن الجزري في التمهيد: عن الألف أنها تخرج من مخرج الهمزة والهاء من أول الحلق .. اهـ قال العلماء: منشأ صوت الألف المدية الجوفية يبدأ في الظهور من مخرج الهمزة الحلقية ثم بعدها يتحول الصوت عبر الجوف , والألف لا تقع إلا ساكنة أبدا , ومفتوحا ما قبلها أبدا , ولا يبدأ بها أبدا , ولا تكون إلا بعد حرف متحرك أبدا , وهي حرف مجهور , رخو , لا يوصف بترقيق ولا تفخيم بل هو تابع لما قبله في ذلك , منفتح , مصمت , خفي , جوفي , مدي , هوائي , ضعيف جدا.
************************************
ثانيا: التعريف بصفات صوت الواو الجوفية المدية:
************************************
(يُتْبَعُ)
(/)
قال العلماء: تخرج الواو المدية من الجوف , ولكن منشأ صوتها يتولد في بدايته من مخرج الواو الشفوية ثم يتحول الصوت عبر مخرج الجوف , وهي مدية فيما لو سكنت وانضم ما قبلها , ولينة فيما لو سكنت وانفتح ما قبلها , وهي حرف مجهور , رخو , مستفل , منفتح , مصمت , مرقق , جوفي , خفي , هوائي.
************************************
ثالثا: التعريف بصفات صوت الياء الجوفية المدية:
************************************
قال العلماء: تخرج الياء المدية من الجوف , ولكن منشأ صوتها يتولد في بدايته من مخرج الياء اللسانية ثم يتحول الصوت عبر مخرج الجوف , وهي مدية فيما لو سكنت وانكسر ما قبلها , ولينة فيما لو سكنت وانفتح ما قبلها , وهي حرف مجهور , رخو , مستفل , منفتح , مصمت , مرقق , جوفي , خفي , هوائي.
بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الألف الجوفية
******************************
أقول وبالله التوفيق الألف الجوفية يقع فيها الخطأ من عدة وجوه:
******************************
1. بتر الصوت بها وقفا , والبتر معناه قطع الصوت بها فجأة والنقص من مقدار صوتها و إعطائها زمن حركة واحدة , وهذا فيه نقص من زمنها حيث أن زمن الألف حركتان , ولكن إحذر من تقدير زمن الألف بقبض الإصبع أو بسطه فهذا الميزان يخل بعرف القراء والصواب تقدير زمنها بحركات الأحرف من فتحة أو ضمة أو كسرة , وعندما أقول حركتين أي زمن النطق بحرفين متحركتين من أحرف اللغة العربية الأمثلة) بَلَى) (الأنعام: من الآية30)) الْأَعْلَى) (الصافات: من الآية8)) يَخْشَى) (طه: من الآية3)) فَسَوَّى) (القيامة: من الآية38).
********************
2. بعض القراء المبتدئين لا يفتح الفم بحرف الألف بالمقدار المطلوب , بل تجده يقرأ القرآن وكأن فمه مغلق على هيئة واحدة , وهذا يؤدي إلى نقص الأداء الصوتي للألف , والصواب أن يفتح القارئ فمه بالمقدار الوسط عند النطق بالألفات ولكن ليس فتحا مبالغا فيه خشية أن يؤول صوتها إلى الإمالة الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (آل عمران: من الآية33)) التَّوَّابُ) (التوبة: من الآية118)) مَالِكَ) (آل عمران: من الآية26).
********************
3. والبعض الآخر من عوام الناس يخلط صوت الألف بصوت الياء فيتولد من ذلك ألف يسميها بعض القراء الألف الممالة إمالة صغرى , والسبب في ذلك عدم فتح الفم باللفات فتحا وسطا الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية131)) َ السَّمَاوَاتِ) (البقرة: من الآية33) ويكثر هذا الخطأ وينتشر عند أهل مصر لأنهم في لهجتهم العامية يميلون الألفات فيخشى عليهم قراءة القرآن بهذه الكيفية العامية.
********************
4. وهناك خطأ شائع كثير جدا ولا سيما عند من يدعون الإتقان في التجويد حيث أنهم عند تفخيمهم لبعض الألفات يضمون ويمطون شفتهم للأمام ويظنون أن هذا تفخيما , فيتولد بسبب ذلك خلط صوت الألف بصوت الواو وهذا لحن فاحش يغير صوت الحرف , الأمثلة) الضَّالِّينَ) (الشعراء: من الآية86)) الْخَالِقُ) (الحشر: من الآية24)) الْقَانِتِينَ) (التحريم: من الآية12).
********************
5. ومن الأخطاء الشائعة التي لا يسلم منها إلا ما رحم ربك , خلط صوت الألف بصوت الغنة , والسبب في ذلك أن القارئ عند نطقه بحرف الألف يضغط على أنفه فيخرج صوت الألف مشم بصوت الغنة وهذا لحن فاحش حيث أن الألف مخرجها الصوتي الجوف فحسب وليس للمخرج الخيشومي علاقة بصوت الألف , ولمعرفة هل أنت ممن ينطق الألف مخلوطة بغنة أم لا فعندك نطقك بكلمة) السَّمَاءِ) (البقرة: من الآية19) ضع يدك على أنفك فإن انحبس الصوت وتغير فاعلم أنك تخرج الألف مخنونة بغنة , فعليك أن تتدرب على يد شيخ مسند متصل السند بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم على كيفية النطق بصوت الألف من الفم فقط.
********************
خلاصة البحث:
* عدم بتر صوت الألف وقفا.
* عدم فتح الفم بالألفات.
* عدم خلط صوت الألف بالياء.
* عدم خلط صوت الألف بالواو.
* عدم خلط صوت الألف بالغنة.
بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الواو الجوفية
****************************
أقول وبالله التوفيق الواو الجوفية يقع فيها الخطأ من عدة وجوه:
****************************
(يُتْبَعُ)
(/)
1. ألا يضم القارئ الشفتين إلى الأمام عند التلفظ بها , ويتولد بسب ذلك خلط صوتها بالفتحة , وكثر وشاع هذا الخطأ في كثير من البلاد العربية , فعليك أخي القارئ بضم الشفتين عند التلفظ بالحرف المضموم لأن من كمال صوت الحرف المضموم ضم الشفتين به الأمثلة) تَعْمَلُونَ) (البقرة: من الآية149)) الْمُسْلِمُونَ) (الجن: من الآية14).
******************
2. على القارئ أن يحذر عند ضم الشفتين بالواو للأمام من تضييق فتحة الواو أكثر من اللازم خشية أن تخرج الواو وفي صوتها ضجيج بسبب تصغير فتحة الواو ومع هواء متدفق بقوة ولا يتناسب مع تلك الفتحة الضيقة , نحو) الْمُتَّقُونَ) (محمد: من الآية15)) الْخَاطِئُونَ) (الحاقة: من الآية37).
******************
3. هنا خطأ شاع وانتشر بقوة بين عوام الناس بخلط صوت الواو الجوفية بصوت الألف فيتولد من ذلك الخلط صوت حرف الـ ( O ) في الإنجليزية وصوت الـ ( O ) هذا ليس من لغة العرب في شئ بل هو خليط من واو عربية وألف , وقراءة القرآن بهذا الحرف الأعجمي لحن ولا يجوز إدخال الألفاظ والأحرف الإنجليزية في الصوت القرآني , والسبب الذي أدى إلى هذا الصوت الأعجمي أن القارئ وسع فتحة شفتيه بالواو أكثر من اللازم , الأمثلة الْخَاطِئُونَ) (الحاقة: من الآية37)) أُوذِينَا) (لأعراف: من الآية129).
******************
4. والبعض من الجهلة عندما يقف على الواو المدية التي بعدها نون يبتر صوتها ولا يعطها حقها من المد العارض للسكون فبدل من أن ينطق مثلا) تَعْمَلُونَ) (يونس: من الآية61) ينطقها خطأ هكذا (تعملًن) وهذا الفعل يؤدي إلى نقص حرف من التلاوة وينتشر ذلك خاصة عند من يقرءون بمرتبة الترتيل الحدرية.
******************
5. وهناك بعض المتساهلين عندما يقف على الواو الواقع بعدها نون ساكنة وقفا ينحو بالواو نحو الفتحة , فتجده ينطق نصف واو ساكنة والنصف الآخر من الواو مفتوح وبعده النون , وهذا المثال خاصة يحتاج إلى تلقي ليتميز الفارق بين الخطأ والصواب الأمثلة) تُحَاجُّونَ) (آل عمران: من الآية66)) يُنْفِقُونَ) (آل عمران: من الآية134).
******************
6. قال العلماء: الأصل في الواو أنها مرققة في جميع الأحوال فهي لا تفخم بحال فالبعض من العوام وصغار القراء المبتدئين يفخمها ولا سيما إذا وقع قبلها أو بعدها مفخم أو وقعت بين مفخمين نحو) الصُّدُورِ) (يونس: من الآية57)) الطُّورَ) (النساء: من الآية154)) مَرْصُوصٌ) (الصف: من الآية4).
******************
7. والبعض الآخر يخلط صوتها بالياء ولا خاصة أهل تركيا بسبب اللهجة الدارجة العامية عندهم نحو يُنْفِقُونَ) (آل عمران: من الآية134).
******************
8. وهناك خطأ شاع وانتشر بين عوام الناس من خلط صوت الواو المدية بصوت الغنة , وكل ما على القارئ أن يضغط على حنجرته عند تلفظ الواو الساكنة ولا يضغط على أنفه لآن الغنة مخرجها الصوتي الخيشوم فحسب.
******************
9. والبعض من صغار الطلاب يهمل واو الصلة الصغرى بالكلية ولا يعطها حقها من المد الطبيعي وصلا نحو) لَهُ) (البقرة: من الآية102)) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) (طه: من الآية44)) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ) (الانبياء: من الآية76)) فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحج: من الآية30).
******************
خلاصة البحث:
1. عدم ضم الشفتين بالواو الجوفية.
2. عدم تضييق فتحة الواو يؤدي إلى ضجيج صوتها.
3. عدم المبالغة في توسيع فتحة الواو يولد حرف الـ ( O).
4. عدم بتر صوتها وقفا.
5. والبعض ينحو بها نحو الفتحة وقفا وهي ساكنة.
6. عدم خلط صوتها بالياء.
7. عدم خلط صوتها بالغنة.
8. عدم إهمال هاء الصلة الصغرى وصلا.
بيان الأخطاء في التلفظ بصوت الياء الجوفية
*****************************
أقول وبالله التوفيق الياء الجوفية يقع فيها الخطأ من عدة وجوه:
*****************************
(يُتْبَعُ)
(/)
1. البعض من العوام لا يخفض الفك السفلي بالياء بالمقدار المطلوب عند التلفظ بالياء , والأولى بالقارئ أن يهتم بكيفية هيئة الشفتين مع جميع الأحرف فعند الحرف المفتوح يفتح فمه فتحا وسطا وعند الحرف المضموم يضم شفتيه للأمام وعند المكسور يخفض الفك السفلي بالحرف , ومن يهمل ذلك ويقرأ القرآن وفمه مع جميع الأحرف على وتيرة واحدة فاعلم إما أنه حفظ من نفسه أو من الكاسيت أو من شيخ مصحفي لا يهتم بكيفية أن تأخذ شفتاك أشكال الحروف , فعليك بالتلقي من المشايخ المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم , وفقني الله وإياك لتحقيق لفظ التلاوة.
******************
2. بعض جهلة القراء يخلط صوت الياء المدية بصوت الألف فيتولد بمجموع ذلك صوت الألف الممالة إمالة صغرى. والسبب الذي أدى إلى تلك الإمالة في صوت الياء أن القارئ وسع مخرج الياء أكثر من اللازم وباعد بين الفك العلوي والسفلي فخرج صوت الياء ممالة. الأمثلة) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية251)) الْمُتَّقِينَ) (البقرة: من الآية180)) الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: من الآية13).
******************
3. والبعض من المتساهلين عندما يقف على الياء المدية يبتر أى يقطع الصوت بها فجأة أو يحذفها بالكلية فبدل من أن ينطق كلمة (ذِكْرِي) (طه: من الآية42) بمد الياء مدا طبيعيا بقدر حركتين تجده ينطق راء مكسورة فقط والسلامة من هذا الخطأ إعطاء الياء حقها من المد الطبيعي.
******************
4. من المشهور بين القراء أن الياء مرققة قولا واحدا فهي لا تفخم بأي حال , فالبعض يفخمها ولا سيما إذا كان قبلها أو بعدها حرف مستعل أو بين مفخمين الأمثلة) الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية4)) بِغَيْظِكُمْ) (آل عمران: من الآية119)) الْغَيْظِ) (آل عمران: من الآية119).
******************
5. وهناك خطأ ينتشر بين البعض من الحفاظ حيث تجده يبالغ عند تلفظه بالياء بالضغط على مخرج الياء فيخرج صوتها وفيه ضجيج و السبب في هذا الضجيج في صوت الياء أن القارئ قام بتقريب الفكين العلوي والسفلي من بعضهما وزاد في العض والضغط الزائد على وسط اللسان , والصواب أن يترك القارئ مجرى هوائيا كافيا لها حتى تخرج في يسر وسهولة نحو) الْمُتَّقِينَ) (الحجر: من الآية45)) الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: من الآية69)) الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: من الآية18).
******************
6. ومن الأخطاء الشائعة خلط صوت الياء الجوفية بصوت الغنة , وعلى القارئ الحاذق تجريد صوت الياء الجوفية من صوت الغنة وذلك بعدم استعمال الجزء الخيشومي معها , نحو) الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: من الآية18)) الْقَانِتِينَ) (التحريم: من الآية12).
******************
خلاصة البحث:
1. عدم خفض الفك السفلي بالياء.
2. عدم خلط صوتها بالألف.
3. عدم بتر صوتها أو حذفها وقفا.
4. عدم تفخيمها فيما لو وقعت بين مفخمين.
5. عدم إخراج صوتها وفيه ضجيج.
6. عدم خلط صوتها بالغنة.
******************
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 09:08 ص]ـ
جزاك الله خيراً , ونفع بك , وخلاصة البحث الت ذكرت طريقة جيدة عند طول البحث , ليت الأخوة يحرصون عليها.(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الهمزة الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[27 Mar 2004, 02:28 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الهمزة الحلقية
**************************************************
الهمزة حرف , حلقي , مجهور, شديد , منفتح , مصمت , مهتوف , متوسط بين القوة والضعف , مرقق , ثقيل , ولذا غيرته العرب بأنواع من التغيير , كالتسهيل والإبدال والحذف والإسقاط , ولم تثبت في الخط على صورة واحدة كسائر الحروف بل يستعار لها صورة الألف أو الواو أو الياء , وقد كان العاملون بصناعة التجويد المجازيين ينطقون بها سلسة سهلة برفق وبلا تعسف ولا تكلف ولا نبرة شديدة , وهي أول الحروف خروجا , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*************************
*************************
1. تفخيمها ولاسيما إذا وقع بعدها حروف الاستعلاء , سواء كانت الهمزة قطعية أو موصولة عند الابتداء , أو وقع بعدها حروف ما شابه الاستعلاء كالراء واللام من لفظ الجلالة المغلظة نحو) أَقَامُوا) (الحج: من الآية41) –) الظَّالِمِينَ) (التوبة: من الآية19) –) أَظْلَمُ) (السجدة: من الآية22) –) أَخَّرْتَنِي) (المنافقون: من الآية10) –) الصَّدَفَيْنِ) (الكهف: من الآية96) –) أَصْدَقُ) (النساء: من الآية122) –) أَضَلّ) (الروم: من الآية29) - وأمثلة ما شابه حروف الاستعلاء نحو –) أَرَضِيتُمْ) (التوبة: من الآية38) –) أَرَاكُمْ) (الأحقاف: من الآية23) –) الرَّاسِخُونَ) (النساء: من الآية162) –) اللَّهُ) (الفتح: من الآية18) –) اللَّهُمَّ) (يونس: من الآية10) – فيجب على القارئ أن ينطق بهذه الهمزات السابقة مرققة وبلا تعسف.
*************************
2. بعض جهلة القراء يخرج صوتها وفيه رخاوة بجريان الصوت معها , وهذا خطأ فاحش , لأن الأصل في صوتها الشدة أى بحبس الصوت معها , نحو) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104) –) فَادَّارَأْتُمْ) (البقرة: من الآية72) وهذه الأمثلة تحتاج في توضيخ جريان الصوت مع الهمزة إلى نقل صوتي بالتلقي من المشايخ.
*********************
3. لابد للقارئ أن ينطقها سلسة برفق وبلا تعسف ولا تكلف ولا تهوع ولا سعلة , والتهوع وصف أهل اللغة: وهو النطق بها على هيئة المتقيئ , والسعلة وصف الكوفيين, نحو) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104).
**********************
4. على القارئ أن يحافظ على إظهار صوت الهمزة إذا انضمت مفردة أو انكسرت , لأنها في نفسها ثقيلة , والضمة والكسرة ثقيلتان , فيصعب على اللسان اجتماع ثقيلين , ولاسيما إذا كان بعدها كسرة أو قبلها أو يكون قبلها ضمة وهي مضمومة نحو) وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ) (البقرة: من الآية24) –) إِلَى بَارِئِكُمْ) (البقرة: من الآية54).
**********************
5. إذا كانت الهمزة مكسورة وقبلها همزة مضمومة وقبلها حرفان مشددان وجب بيان الهمزة الأولى والثانية والمشددين , لأن المشدد ثقيل , وتكرره ثقيل والهمزة ثقيلة والكسرة ثقيلة والضمة ثقيلة وذلك كله ثقيل نحو قوله تعالى (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بِأَهْلِهِ) (فاطر: من الآية43)) (نُنَبِّئُكُمْ) (الكهف: من الآية103)).
***********************
6. ينبغي للقارئ أيضا إذا وقف على الهمزة المتطرفة بالسكون أن يظهرها في وقفه لبعد مخرجها, وذهاب حركتها , لأن كل حرف سكن خف إلا الهمزة , فإنها إذا سكنت ثقلت , ولاسيما إذا كان قبلها ساكن , سواء كان الساكن حرف علة أو صحة نحو) الْخَبْءَ) (النمل: من الآية25) –) شَيْءٍ) (البقرة: من الآية20) –) السَّمَاءِ) (الزخرف: من الآية11).
***********************
7. وعليه أن يحذر من خفاء صوتها إذا وقف عليها ويفعله البعض وهذا لا يجوز إلا فيما أحكمت فيه الرواية , نحو) السَّمَاءُ) (الفرقان: من الآية25) -) السُّوءَ) (يوسف: من الآية24) –) سِيئَتْ) (الملك: من الآية27).
*************************
(يُتْبَعُ)
(/)
8. ومن الأخطاء في التلفظ بالهمزة شبه تشديدها والبعض يبالغ في ذلك حتى تصير مشددة حقيقة ويقصد فاعل ذلك تحقيقها فيقع في الخطأ وهو لا يشعر , وأكثر ما يقع ذلك في الهمز الذي قبله حرف مد نحو) أُولَئِكَ) (سبأ: من الآية5) –) هَؤُلاءِ) (النساء: من الآية78) وكذلك في لفظ همزة (يَوْمَئِذٍ) (لأعراف: من الآية8) وهذا الأخير لا يسلم منه حتى القراء المشهورين.
*************************
9. ومن الأخطاء أيضا أن البعض يسهلها في موضع التحقيق وأكثر ما يقع في المضمومة بعد الألف , ولاسيما إذا أتى قبل الألف حرف شفوي لما بين المخرجين من البعد نحو) أَنْبَاءِ) (هود: من الآية120) –) الضُّعَفَاءُ) (غافر: من الآية47) –) الْمَاءِ) (هود: من الآية43).
*************************
10. والبعض ينطقها مخفاة في لفظها وخاصة إذا كانت مضمومة أو مكسورة نحو) رَؤُوفٌ) (التوبة: من الآية128)) سُئِلَتْ) (التكوير: من الآية8) –) مُتَّكِئُونَ) (يّس: من الآية56).
*************************
11. ومنهم من يخفيها ويسهل لفظها وخاصة لو وقع بعدها نون مخفاة كنون الإخفاء الحقيقي نحو) الإِنْسَانُ) (النساء: من الآية28) –) َ أَنْفُسَكُمْ) (البقرة: من الآية44).
*************************
12. على القارئ أن يحذر من تمطيط صوت الهمزة خشية أن يقع الإدخال بعدها , وفي ذلك زيادة حرف في كتاب الله غير موجود , ولا يجوز ذلك إلا فيما أحكمت فيه الرواية المتواترة نحو) أَأَنْذَرْتَهُمْ) (البقرة: من الآية6).
*************************
13. والبعض يقلقلها قلقلة خفيفة وصلا وذاك خطأ نحو) مُؤْمِنُونَ) (الفتح: من الآية25)) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104).
*************************
14. والبعض يقفز عنها بسرعة وهو ما يسميه علماء القراءات بالإختلاس وخاصة إذا تكررت نحو) أَئِمَّةً) (القصص: من الآية41) –) أَأُنْزِلَ) (صّ: من الآية8) –) أَؤُنَبِّئُكُمْ) (آل عمران: من الآية15).
*************************
15. على القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق الهمزة المفتوحة خشية أن يؤول صوتها إلى الإمالة نحو) آمَنُوا) (البقرة: من الآية172).
*************************
16. والبعض ينطقها متأثرة باستعلاء الحرف الذي قبلها , والسبب الذي أدى إلى تفخيم الهمزة , أن القارئ جعل هيئة الشفتين عند الوقف على الهمزة , على هيئة الاستعلاء , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهمزة مفردة ساكنة نحو) اقْرَأْ) (الإسراء: من الآية14)) اقْرَأْ) (العلق: من الآية1).
*************************
17. ومنهم من يقف عليها ويتبع صوتها بنفس , وفي ذلك تقصير من القارئ حيث أن حق الهمزة الجهر ولا نفس مع صوتها البتة نحو) السَّمَاءِ) (لأعراف: من الآية40)) السُّوءَ) (يوسف: من الآية24).
*************************
18. من الأخطاء الدارجة في نطق الهمزة تحقيقها أوقلبها هاء خالصة في قوله تعالى () أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) (فصلت: من الآية44)) , والصواب أن تنطق بين الهمزة بين بين , وكيفية ذلك بالتلقي.
*************************
19. على القارئ أن يرقق الهمزة المكسورة وخاصة لو وقع بعدها هاء ساكنة فينقلب صوت الهمزة والهاء إلى صوت الـ ( A ) في الإنجليزية وهذا الحرف الإنجليزي مركب من صوت همزة مكسورة ممالة وبعدها هاء ساكنة , ولكي تعرف أخي القارئ هل أنت تنطق بهمزة مكسورة صحيحة أم لا عليك بتطويل كسرة الهمزة فإن تولد منها ياء عربية فصيحة فهي فكسرتك صحيحة وإن طولت الصوت بالكسرة فتولد صوت ياء مخلوطة الصوت فكسرتك غير صحيحة والأفضل في هذا وذاك التلقي من أهل الأسانيد المتصلة بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم رزقني الله وإياك دقائق الإخلاص.
*************************
خاتمة بحث صوت الهمزة في كيفية النطق الصحيح بها , ويتحقق ذلك في محورين:
1. يجب على القارئ أن يفتح الشفتين عرضا إلى أقصى ما يستطيع حتى يتحصل على أعلى وأرقى درجات الترقيق للهمزة المفتوحة , وأن يضم الشفتين للأمام مع المضمومة وأن يخفض الفك السفلي مع المكسورة.
2. يجب أن تباعد بين الفكين إذا نطقت بالهمزة مفتوحة حتى يتحقق الانفتاح.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[28 Mar 2004, 11:46 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم فرغلي على هذه التنبيهات، وأرجو منك مواصلة إمتاعنا بهذه الفوائد ولك مني الشكر(/)
لماذا لا يساهم موقعنا المبارك في تقديم تفسير ميسر لجماهير المسلمين!
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[27 Mar 2004, 06:14 ص]ـ
لماذا لا يساهم موقعنا في تقديم تيسير لتفسير القرآن لجماهير المسلمين ممن يصعب عليهم القراءة في كتب التفسير التراثية والمعاصرة!!
فالشباب والفتيان والنساء والأطفال والشيوخ يشتكون باستمرار من أنهم لايستطيعون القراءة في كتب التفسير المطولة، وأيضا المختصرة إلى حد الألغاز!!
ولاسيما بالنسبة للمدارس وطلبة وطالبات الجامعات ممن ليس لهم نصيب من العلوم الشرعية!!
مع مراعاة كثرة الإنشغالات المعاصرة في هذا العصر!!
ولا أستطيع أن أحصي الشكوى المُرّة في هذا الأمر مما أعرفه في هذا الشأن!
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا " يشير إلى أننا ينبغي أن نيسر على المسلمين وأن نأخذ بأيدهم إلى مافيه صلاحهم وفلاحهم.
ومن صور التيسير: أن نيسرلهم تلاوة القرآن، وأن نعرفهم بتفسيره ومعانيه بيسر وسهولة ليتدبروه ويعملوا بما فيه، لا سيما عند إقبالهم على تلاوته في شهر رمضان، وفي وردهم اليومي!!
فنحن بحاجة ماسة لتفاسير ميسرة تقدم للملايين من المسلمين المساكين الذين لايجدون هذه النوعية.
فالتفاسير الموجودة في هذا الباب لا تكفي لسد حاجة الناس!
مع العوائق التي تحول دون انتشارها مثل حقوق الطبع وغلاء الأسعار وسوء الطباعة!!
والذي أنصح به، مما ينبغي أن يراعى في تصنيف ((تيسير التفسير)) في رأيي القاصر:
1 - الاقتصار على الراجح من الأقوال.
2 - سهولة العبارة وعدم الإطالة.
3 - تضمين التفسير: عقيدة أهل السنة والجماعة عند الكلام عند آيات الصفات وغيرها مما يلزم المكلف معرفته من أمور الاعتقاد
4 - تضمين التفسير: لملخص للأحكام الفقهية، عند الكلام على آيات الأحكام.
5 - تضمين التفسير: التحذير من فرق الضلال ومن بدعهم.
6 - لايزيد التفسير عن مجلد واحد.
7 - أن يترجم لجميع اللغات.
8 - أن تكون حقوق الطبع غير محفوظة ولكل مسلم حق الطبع؛ بشرط التصوير على النسخة المطبوعة الأولى ودون تغيير.
وهذا من أهم الأمور التي تساعد على انتشاره بين الناس.
ولاشك أن موقعنا المبارك خير من يقوم بهذه المهمة العظيمة وفق خطة منظمة تعود بالنفع على المسلمين.
والأمر سهل ميسور بإذن الله، فهو سبحانه خير معين للمخلصين الصادقين.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 07:27 ص]ـ
وعليكم السلام وحياك الله ابا محمد:
إن طلبك وجيه ومنطقي , وقد توفر بحمد الله في كتاب: التفسير الميسر والذي قام على تأليفه مجموعة من المتخصصين , بإشراف الشيخ د عبد الله التركي أمين رابطة العالم الإسلامي.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[27 Mar 2004, 03:05 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب أحمد البريدي حفظه الله
قولك " وقد توفر بحمد الله في كتاب: التفسير الميسر .. " كنت أتوقع أن يرد به علي!
وهنا أتساءل:
هل هذا التفسير متوفر في أيدي الناس اليوم؟ وما حجم انتشاره؟
ادخل المكتبات وسترى بنفسك صدق كلامي!
وحتى على الانترنت يصعب البحث عنه وفيه!
وإذا كان هذا التفسير يتوفر فيه ماتمنيت فما المانع أن يكون هناك أكثر من تفسير للحاجة الشديدة إلى ذلك؟
لاسيما وأن ماأطلبه بشدة هو: أن يتاح لجميع دور النشر التصوير عليه لكي ينتشر بين الناس؛ لأن مسألة حقوق الطبع تحول دون انتشاره بالصورة التي ننشدها.
أخي الفاضل: خذ مثلا مصر عندنا كمثال:
يقبل الناس على شراء التفاسير بنهم في معارض الكتب وفي شهر رمضان!
فيسألون عن تفسير ميسر لكي يقرؤا فيه؛ فيقدم لهم تفسير ابن كثير فيشتكون من أنهم لايستطيعون مواصلة القراءة فيه فينصرفون عن القراءة
فيقدم لهم صقوة التفاسير أو مختصر تفسير ابن كثير كلاهما للصابوني.
وكلا منهما يقع في ثلاث مجلدات مع مايؤخذ على الصابوني من بعض الأخطاء في تعليقاته الخاطئة في الاعتقاد!!
فإذا طلبوا تفسيرا في مجلد واحد قدم لهم تفسير الجلالين. فيشتكون بشدة من أنه لايسعفهم في مواصلة الفهم.
وفي الآونة الأخيرة انتشر تفسير العلامة السعدي تيسير الكريم الرحمن بصورة كبيرة ولكن لايستفيد منه الناس لصغر حجم الخط الذي طبع به الكتاب.
وأنا ضد نشر هذه الطبعة دقيقة الخط!!
وإذا أراد أحدهم أن يشتري الطبعة التي بحرف كبير وتقع في أربع مجلدات وجدها مرتفعة الثمن جدا.
أخي الكريم: ما أتمناه هو نشر هذا التفسير على نطاق واسع كما انتشر مصحف الملك فهد بين الناس في كل أنحاء الدنيا وأن يراعى في ذلك أن لايحتفظ أحد بحقوق الطبع حتى نيسر للناس فهم معاني القرآن.
والله الموفق.
ـ[الغرنوق]ــــــــ[29 Mar 2004, 12:41 ص]ـ
السلام عليكم
وأن كانت المشاركه ليس لها علاقه بكتب التفسير لكن لها وجه شبه من حيث عدم اعطاء العلم حقه
فكثيرا مانسمع عن دروس علميه تقام في علوم الفقه والحديث والعقيده ولله الحمد بخلاف التفسير
ووالله الذي لا اله الا هو لقد درسني أستاذ أشعرني بأهمية هذا العلم وكان يشرح بأسلوب شيق حتى تمنيت أن يشرح لي القران كله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 Mar 2004, 10:57 م]ـ
اتفق معك ابا محمد على عدم توفره الآن في الأسواق , وإلا كان يوزع في السابق مجاناً , وإن العمل على إعادة طبعه أهون بكثير من البدء في مشروع جديد , خاصة وقد بذل فيه جهد طيب كما يعلم ذلك من اطلع عليه , وشكر الله لك حرصك واتمنى تحقق طلبك.(/)
" مشروع: سلسلة التعريف بكتب التخصص "
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 10:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه دعوة لكم جميعاً لتقريب هذا العلم لطالبيه من خلال التعريف بكتبه المطبوعة فكثير منكم سبق وأن قرأ كتاباً , أو أكثر , وله عناية خاصة به , فلذا آمل التعريف بها بذكر ما يلي:
1 - اسم الكتاب واسم مؤلفه والمحقق إن وجد.
2 – موضوع الكتاب.
3 – منهج المؤلف في كتابه وهذا يتأتى بإحدى الطرق التالية:
- مقدمة المؤلف؛ فإن غالب المؤلفين يفصحون عن منهجهم في مقدمات كتبهم ,واقرأ مقدمة ابن كثير في تفسيره , ثم اقرأ في التفسير ترى أنه سار على ما قرره في الجملة.
-مقدمة محقق الكتاب إن كان الكتاب محققاً؛ إذ هو أخبر به من غيره.
-قراءة الكتاب قراءة فاحصة.
والغرض هنا التقريب , وإلا لو اجتمعت هذه الأمور الثلاثة لكان أجود , لكني أخشى إن اشترطنا ذلك بقيت الفكرة في الأذهان ولم نرها على الواقع ,ولذا فيكتفى بأحد هذه الأمور الثلاثة , والنقاش مفتوح فيما بعد لمن أراد أن يضيف أو يستدرك , وهذه ميزة الملتقيات.
وعندما يجتمع عددُ جيد سيقوم المشرفون بتصنيف هذه المعلومات ومن ثم وضعها في ملف مستقل في مكتبة الشبكة على شكل حلقات متتابعة ان شاء الله تعالى.
ـ[رؤى مشرقه]ــــــــ[22 Oct 2010, 04:14 ص]ـ
للرفع ..(/)
ماأحسن طريقة منهجية لدراسة التفسير؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[27 Mar 2004, 01:12 م]ـ
أيها الإخوة هناك مسألة مهمة وهي أنه لاتوجد منهجية واضحة عندنا لدراسة التفسير ويشمل هذا الكلام أيضا علوم القرآن وأصول التفسير
فما هي آراء الإخوة ومقترحاتهم حول هذا الموضوع المهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لأن هذه المسألة مشكلة علي منذ زمن
وجزاكم الله خيرا,,,,,,,,
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 11:46 م]ـ
سبق وأن طرح هذا الموضوع بعنوان:كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن [مهم]
تجده على هذا الرابط: اضغط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26&highlight=%CA%DD%D3%ED%D1+%C7%E1%CC%E1%C7%E1%ED%E4 )
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[06 Feb 2005, 10:25 م]ـ
جزاك الله خيرا(/)
سؤال ارجو الاجابه عليه
ـ[ zimofox] ــــــــ[27 Mar 2004, 08:28 م]ـ
ما سبب اختلاف او اتفاق العلماء في تكرار كلمة الحق في سورة الرعد
لو كانوا متفقين فما سبب تكرار كلمة الحق في سورة الرعد
و لو كانوا مختلفين فما سبب الاختلاف
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 10:56 م]ـ
حياك الله بين إخوانك: كما ارجو توضيح سؤالك وذكر الآية لنتمكن من إجابتك وفقك الله.(/)
نفي القاسمي لحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم ... سؤال واستشكال؟!
ـ[أحمد دبوس]ــــــــ[27 Mar 2004, 10:54 م]ـ
ورد في تفسير القاسمي لسورة الفلق نفيه لحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم بالرغم من ثبوت الحديث في صحيح البخاري معللا ذلك بأنه من أحاديث الآحاد ............. فما قولكم في ذلك؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Mar 2004, 11:26 م]ـ
جواب المسألة من جهتين:
1 - حجية خبرالآحاد في العقائد والأحكام , والمقرر عند جمهور العلماء حجيته وبفيد العلم والعمل, وأدلة ذلك متظافرة , وإذا احتف فيه قرائن كأن تلقته الأمة بالقبول كهذا الحديث المخرج في الصحيحين فهو يوجب العلم عند جمهور الطوائف كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه ومنها مقدمة التفسير ص 67.
2 - هل إثبات الحديث يخالف العصمة؟ والجواب قرره ابن القيم رحمه الله بقوله: إن الذي أصابه كان مرضاً من الأمراض عارضاً شفاه الله منه ولا نقص في ذلك في وجه من الوجوه فإن المرض يجوز على الأنبياء , وكذا الإغماء كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه.
ولعل في هذا الجواب المختصر كفاية ان شاء الله.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[28 Mar 2004, 04:52 م]ـ
أخي الكريم: أحمد دبوس، ذكر لك الأستاذ أحمد البريدي جواب المسألة، وهو المعتمد، وقد كنت كتب بحثا في هذه المسألة، وسأضعه للفائدة وإلا فما ذكر الشيخ أحمد البريدي فيه كفاية إن شاء الله تعالى.
=================================
أجوبة العلماء عن خبر سحره صلى الله عليه وسلم:
للعلماء في الجواب عن هذه الحادثة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن ما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم من سحر، هو مرض من الأمراض، وعارض من العلل، وهذه تجوز على الأنبياء كغيرهم من البشر، وهي مما لا يُنكر ولا يَقدحُ في النبوة، ولا يُخِلُّ بالرسالة أو الوحي، والله سبحانه إنما عصم نبيه صلى الله عليه وسلم مما يحول بينه وبين الرسالة وتبليغها، وعصمه من القتل، دون العوارض التي تعرض للبدن.
وهذا مذهب: المازري (1)، وابن القيم، والعيني (2)، والسندي (3)، وابن باز (5). (4)
وحكاه القاضي عياض، حيث قال: «و أما ما و رد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء و لا يفعله، فليس في هذا ما يُدْخِلُ عليه داخلةً في شيء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح في صدقه، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، و إنما هذا فيما يجوز طروُّة عليه في أمر دنياه، التي لم يُبعث بسببها و لا فُضل من أجلها، و هو فيها للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان، .... و لم يأت في خبرٍ أنه نُقل عنه في ذلك قولٌ بخلاف ما كان أخبر أنه فعله و لم يفعله، و إنما كانت خواطر و تخيلات».أهـ (6)
وقال ابن القيم: «السحر الذي أصابه صلى الله عليه وسلم كان مرضاً من الأمراض عارضاً شفاه الله منه، ولا نقص في ذلك ولا عيب بوجه ما؛ فإن المرض يجوز على الأنبياء، وكذلك الإغماء؛ فقد أغمي عليه صلى الله عليه وسلم في مرضه (7)، ووقع حين انفكت قدمه، وجُحِشَ (8) شِقُّهُ (9)، وهذا من البلاء الذي يزيده الله به رفعة في درجاته، ونيل كرامته، وأشد الناس بلاءً الأنبياء، فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به، من القتل والضرب والشتم والحبس، فليس بِبدْعٍ أن يُبتلى النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أعدائه بنوع من السحر، كما ابتلي بالذي رماه فشجه، وابتلي بالذي ألقى على ظهره السلا (10) وهو ساجد (11)، وغير ذلك، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك؛ بل هذا من كمالهم وعلو درجاتهم عند الله». (12)
القول الثاني: أن السحر إنما تسلط على ظاهره و جوارحه، لا على قلبه و اعتقاده و عقله، ومعنى الآية عصمة القلب والإيمان، دون عصمة الجسد عما يرد عليه من الحوادث الدنيوية.
وهذا اختيار القاضي عياض (13)، وابن حجر الهيتمي (14).
القول الثالث: أن ما روي ـ من أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِرَ ـ باطل لا يصح، بل هو من وضع الملحدين.
وهذا مذهب المعتزلة (15).
(يُتْبَعُ)
(/)
واختيار الجصاص من أهل السنة، حيث قال: «زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِرَ , وأن السحر عمل فيه ... ، ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين، تلعباً بالحشو الطغام، واستجراراً لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام، والقدح فيها , وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة , وأن جميعه من نوع واحد، والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم السلام وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة مع قوله تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]، فصدق هؤلاء مَنْ كذَّبَهُ الله وأخبر ببطلان دعواه وانتحاله.
وجائزٌ أن تكون المرأةُ اليهودية بجهلها فعلتْ ذلك ظناً منها بأن ذلك يعمل في الأجساد. وقصدتْ به النبي صلى الله عليه وسلم ; فأطلعَ اللهُ نبيه على موضع سرها، وأظهر جهلها فيما ارتكبتْ وظنتْ؛ ليكون ذلك من دلائل نبوته , لا أن ذلك ضَرَّهُ وخلَّطَ عليه أمره، ولم يقل كلُ الرواةِ إنه اختلط عليه أمره , وإنما هذا اللفظ زِيدَ في الحديث ولا أصل له».أهـ (16)
وحجة هؤلاء أن القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِر يلزم منه:
1 - إبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام والقدح فيها.
2 - ويلزم منه الخلط بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة.
3 - ويلزم منه أن يكون تصديقاً لقول الكفار: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا} [الفرقان: 8]، وقال قوم صالح له: {إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:153]، وكذا قال قوم شعيب له.
4 - قالوا: والأنبياء لا يجوز عليهم أن يُسحروا؛ لأن ذلك ينافي حماية الله لهم وعصمتهم. (17)
وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها – والذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحِر – بأنه مما تفرد به هشام بن عروة (18)، عن أبيه، عن عائشة. وأنه غَلُطَ فيه، واشتبه عليه الأمر. (19)
واعترض:
1 - بأن قوله تعالى: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا}، وقوله: {إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}: المراد به: من سُحر حتى جُنَّ وصار كالمجنون الذي زال عقله؛ إذ المسحور الذي لا يُتبع هو من فسد عقله بحيث لا يدري ما يقول فهو كالمجنون، ولهذا قالوا فيه: {مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ} [الدخان: 14]، وأما من أصيب في بدنه بمرض من الأمراض التي يصاب بها الناس؛ فإنه لا يمنع ذلك من اتباعه، وأعداء الرسل لم يقذفوهم بأمراض الأبدان، وإنما قذفوهم بما يُحَذِّرون به سفهاءهم من أتباعهم، وهو أنهم قد سحروا حتى صاروا لا يعلمون ما يقولون بمنزلة المجانين، ولهذا قال تعالى: {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} [الإسراء: 48].
2 - وأما قولهم: إن سحر الأنبياء ينافي حماية الله تعالى لهم؛ فإنه سبحانه كما يحميهم ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم؛ فإنه يبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم؛ ليستوجبوا كمال كرامته، وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس، فإنهم إذا رأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم. (20)
3 - وأما قولهم: بأن حديث عائشة هو مما تفرد به هشام بن عروة؛ فجوابه:أن ما قاله هؤلاء مردود عند أهل العلم؛ فإن هشاماً من أوثق الناس وأعلمهم، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه، وقد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير، والسنن والحديث، والتاريخ والفقهاء، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيامه من غيرهم.
والحديث لم يتفرد به هشام؛ فقد رواه الأعمش، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم t قال: «سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ، فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا؛ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ سَحَرَكَ، عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا؛ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَخْرَجُوهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِذَلِكَ الْيَهُودِيِّ، وَلَا رَآهُ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
وَجْهِهِ قَطُّ». (22) (21)
===================
هوامش التوثيق
===================
() المعلم بفوائد مسلم (3/ 93).
(2) عمدة القاري (15/ 98).
(3) حاشية السندي على سنن النسائي (7/ 113).
(4) مجموع فتاوى ابن باز ( ... ).
(5) انظر: فتح الباري (10/ 237)، ونيل الأوطار (17/ 211).
(6) الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم (2/ 113).
(7) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الأذان، حديث (687)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الصلاة، حديث (418).
(8) جحش شقه: أي انخدش جلده. انظر: مشارق الأنوار (1/ 140)، والنهاية في غريب الحديث (1/ 241).
(9) عن أنس بن مالك t قال: «سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ».
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الصلاة، حديث (378)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الصلاة، حديث (411).
(10) السلى: الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه. انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 396).
(11) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الوضوء، حديث (240)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، حديث (1794).
(12) بدائع الفوائد (2/ 192). وانظر: زاد المعاد (4/ 124).
(13) الشفا (2/ 113).
(14) الزواجر (2/ 163 ـ 164).
(15) انظر: مفاتيح الغيب (32/ 172)، وعمدة القاري (21/ 280).
(16) أحكام القرآن، للجصاص (1/ 58 ـ 59).
(17) انظر: أحكام القرآن، للجصاص (1/ 59)، ومفاتيح الغيب (32/ 172)، وبدائع الفوائد (2/ 191).
(18) هو: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، الإمام الثقة، شيخ الإسلام، أبو المنذر القرشي الأسدي الزبيري المدني، قال ابن سعد:كان ثقة ثبتاً كثير الحديث حجة. وقال أبو حاتم الرازي: ثقة إمام في الحديث. وقال يحيى بن معين وجماعة: ثقة. (ت: 146 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء (6/ 34).
(19) انظر: بدائع الفوائد (2/ 191).
(20) انظر: بدائع الفوائد (2/ 192 - 193)، ومفاتيح الغيب (32/ 172).
(21) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 40)، والإمام أحمد في مسنده (4/ 367)، والنسائي في سننه، في كتاب تحريم الدم، حديث (4080)، جميعهم من طريق الأعمش، به. وصححه الألباني، في صحيح سنن النسائي (3/ 98)، حديث (4091).
(22) انظر: بدائع الفوائد (2/ 191).
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 Apr 2004, 11:52 م]ـ
هل تسمح لنا يا شيخنا الكريم أحمد القصير بنشر هذا البحث على مواقعنا العربية و ترجمته للإنجليزية للنشر على المواقع الإنجليزية؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[03 Apr 2004, 01:07 ص]ـ
أخي الكريم: د. هشام عزمي، حفظه الله:
اشكرك على حسن ظنك بأخيك، ولا مانع من نشر البحث وترجمته، أسأل الله الكريم أن ينفع به.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[03 Apr 2004, 01:13 ص]ـ
وهذا الملف للتحميل بصيغة وورد
ـ[أحمد دبوس]ــــــــ[03 Apr 2004, 04:09 ص]ـ
جزى الله مشايخنا الأجلاء خير الجزاء وأعانهم على التعاون على البر والتقوى
وأود أن أوضح جانبا آخرا من السؤال كان مبهما في سؤالي وهو: هل ما صرح به القاسمي يعتبر مخالفا لمنهج السلف؟ مع أن العلم بأن جوابكم كان كافيا لكن نرجو زيادة توضيح لتستقر الحال ويقف الاستشكال
وجزاكم الله خيرا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[03 Apr 2004, 04:54 ص]ـ
ها هي ...
أجوبة العلماء عن خبر سحر النبي صلى الله عليه و سلم ( http://www.aljame3.com/modules.php?name=News&file=article&sid=91) على شبكة الجامع الإسلامية
و قريباً مترجمة إلى الإنجليزية إن شاء الله.(/)
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن- سر النفي بـ (لن) و (لا)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[28 Mar 2004, 03:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن
سر النفي بـ (لن) و (لا)
قال الله تعالى في حق اليهود: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدًا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين} [البقرة:94 - 95]
وقال سبحانه في الآية الأخرى: {قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدًا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين} [الجمعة:6 - 7]
لماذا نفى الله تعالى تمني اليهود للموت في الآية الأولى بـ (لن)، ونفاه في الآية الثانية بـ (لا)؟ 00 ما معنى (لن)، ومعنى (لا)؟ وما الفرق بينهما؟
وفي الإجابة عن ذلك نقول بعون الله، وتعليمه:
أولاً- كان اليهود يدعون في جملة ما يدعون أن لهم الدار الآخرة خالصة عند الله تعالى، وأنهم أولياء لله من دون الناس، وكان النصارى بقولون مثل قولهم هذا0 وقد حكى الله تعالى ذلك عن الطائفتين، فقال جلَّ ثناؤه: {وقالوا لن يخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111] 0 وقال في آية أخرى: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} [المائدة:18] 0
ولما أراد الله تعالى أن يبطل ادعاءهم، ويبين فساد أقوالهم، ويفضح أمرهم، أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: إن صحَّ قولكم، وصدق زعمكم، وكنتم على ثقة من أنكم على حق، فتمنوا الموت؛ لأن من أيقن أنه من أهل الجنة، وأنه وليٌّ لله من دون الناس، اشتاق إلى الجنة، وتمنى سرعة الوصول إليها، ليستريح من كرب الدنيا وهمها وغمها، ويصير إلى رَوْح الجنة؛ فإن الله لا بعذب أولياءه فيها0 ثم أخبر تعالى عنهم مرة بقوله: {ولن يتمنوه أبدًا}، ومرة أخرى بقوله: {ولا يتمنونه أبدًا}؛ وذلك بسبب كفرهم وعصيانهم0
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في اليهود:” لو تمنوا الموت، لغصَّ كل إنسان بريقه، فمات مكانه، وما بقي على وجه الأرض يهوديٌّ “0 وفي رواية أخرى:” والذي نفسي بيده، لا يقولها أحد منكم إلا غصَّ بريقه “0 أي: لا يقول أحد منكم- والخطاب لليهود-: أتمنى الموت0 أو: ليتني أموت0 فلولا أنهم كانوا موقنين بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقالوها0 ولكنهم كانوا يعلمون أنهم لو قالوها، لماتوا من ساعتهم، ولحقهم الوعيد0 فانكشف بذلك لمن كان مشكلاً عليه أمر اليهود يومئذ كذبهم، وبهتانهم، وبغيهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهرت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحجة أصحابه- رضي الله تعالى عنهم- عليهم00 ولم تزل- والحمد لله- الحجة ظاهرة عليهم، وعلى غيرهم من الملاحدة والكفرة إلى يوم الدين0
ومن هنا كان هذا الإخبار من الله تعالى عن اليهود من المعجزات التي دلَّت على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدق رسالته؛ لأنه إخبار بالغيب0 والإخبار بالغيب معجز0
ثانيًا- لقد نفى الله تعالى تمنيهم الموت في آية البقرة بـ (لن)، فقال جل شانه: {ولن يتمنوه أبدًا}، ونفاه في آية الجمعة بـ (لا)، فقال سبحانه: {ولا يتمنونه أبدًا}، فدلَّ ذلك على أن بينهما فرقًا في اللفظ، ينبني عليه فرق في المعنى00 ولكن الزمخشري في كشافه يقول: ولا فرق بين (لا) و (لن)، في أن كل واحدة منهما نفيٌ للمستقبل؛ إلا أن في (لن) تأكيدًا، وتشديدًا، ليس في (لا) 0 فأتى مرة بلفظ التأكيد، ومرة بغير لفظه0
وعلَّل الفخر الرازي، وغيره لذلك بأن دعوى اليهود الأولى أعظم من دعواهم الثانية؛ لأن السعادة القصوى فوق مرتبة الولاية؛ لأن الثانية تُرَاد لحصول الأولى0 ولمَّا كانت (لن) أبلغ في النفي من (لا)، وأقوى منها، جعلها الله تعالى لنفي الأعظم0
وجمهور النحاة والمفسرين قدماء، ومتأخرين، ومعاصرين على القول بأن (لن) أبلغ، وأقوى في النفي من (لا)، وأن النفي بها أبديٌّ بخلاف (لا) 00 والمستقرىء للنصوص القرآنية، والعربية المنفية بـ (لن)، وبـ (لا)، بجد خلاف ذلك تمامًا00 وبيان ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - أن (لن) في مذهب الخليل مركبة من (لا) و (أن) 00 و (أن) تدل على إمكان الفعل، دون الوجوب، والاستحالة0 تأمل قوله تعالى: {أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم} [المعارج:38]، تجد فيه أن دخول الجنة ممكن لكل امرىء يطمع في دخولها، إن أراد0 وهذا المعنى هو الذي دلت عليه (أن) 0 فإذا قلت: (لن يدخل)، دلت (لن) على نفي إمكان الدخول الذي دلت علي (أن) 0 وعلى هذا جاء قوله تعالى: {وقالوا لن يخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111] 0 ومثل ذلك قوله تعالى: {ولن يتمنوه أبدًا}، من آية البقرة00 فإذا ثبت ذلك، كان معنى (لن) نفيُ الإمكان بـ (أن) 0
2 - ومن خواصِّ (لن) أنها تخلص الفعل للاستقبال، بعد أن كانت صيغته للحال0 فأغنت عن السين، وسوف00 ومن خواصِّها أيضًا أنها تنفي ما قرُب، فلا يمتدُّ معنى النفي فيها؛ كامتداد معناه في (لا)، إذا قلت: لا يفعل ذلك أبدًا00 فـ (لا) هي لامٌ بعدها ألفٌ، يمتدُّ بها الصوت ما لم يقطعه تضييق النفَس؛ فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها0 و (لن) بخلاف ذلك00 فتأمله، فإنه معنى لطيف، وغرض شريف، لا يدركه إلا الغوَّاص المحدِّث من علماء النحو والبيان والتفسير؛ كالشيخ السهيلي- رحمه الله- وقد استدل على ذلك بقوله:” ألا ترى كيف جاء في القرآن البديع نظمه، الفائق على كل العلوم علمه: {ولا يتمنونه أبدًا} بحرف (لا) في الموضع الذي اقترنت فيه أداة الشرط بالفعل، فصار من صيغ العموم، فانسحب على جميع الأزمنة، وهو قوله عز وجل: {إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت}؛ كأنه تعالى يقول: متى ما زعموا ذلك لوقت من الأوقات، أو زمن من الأزمان، وقيل لهم: (تمنوا الموت)، فلا يتمنونه أبدًا0 وأداة الشرط دلت على هذا المعنى، و (لا) في الجواب بإزاء صيغة العموم، لاتساع معنى النفي فيها0 وقال تعالى في سورة البقرة: {ولن يتمنوه أبدًا}، فقصَّر من سعة النفي، وقرَّب؛ لأن قبله في النظم {إن كانت لكم الدار الآخرة} 0 وليست (إن) ههنا مع (كان) من صيغ العموم، كما كانت مع (زعمتم) في آية الجعة؛ لأن (كان) ليست بدالة على الحدث0 فكأنه يقول عز وجل: إن كانت وجبت لكم الدار الآخرة، وثبتت لكم في علم الله تعالى، فتمنوا الموت الآن0 ثم قال في الجواب: {ولن يتمنوه أبدًا}، فانتظم معنى الجواب بمعنى الخطاب في الآيتين00 وليس في قوله {أبدًا} ما يناقض ما قلناه؛ فقد يكون (أبدًا) بعد فعل الحال0 تقول: زيد يقوم أبدًا، ويصلي أبدًا“0
هذا قول الشيخ السهيلي- رحمه الله- أخذه ابن قيم الجوزية، وحكاه عن شيخه ابن تيمية- رحمهما الله تعالى- وكان قد ذكر هذا القول في معرض ردِّه على المعتزلة، الذين يقولون بتأبيد النفي بـ (لن) - والزمخشري أحد أعلامهم- ثم قال:” وقد أكذبهم الله في قولهم بتأبيد النفي بـ (لن) صريحًا بقوله: {يا مالك ليقض علينا ربك} [الزخرف:77] 0
فهذا تمنٍّ للموت0 فلو اقتضت (لن) دوام النفي، تناقض الكلام00 وقوله تعالى {أبدًا} لا يناقض تمنيهم الموت في النار؛ لأن التأبيد إما أن يراد به التأبيد المقيَّد، أو يراد به التأبيد المطلق0 فالمقيَّد كالتأبيد بمدة الحياة الدنيا؛ كقولك: لن أكلمه0 أو: لا أكلمه أبدًا0 والمطلق هو الذي يمتد امتداد الحياة الدنيا، والآخرة؛ كقولك: لا أكفر بربي أبدًا “0
وإذا كان الأمر كذلك، فالآية الأولى إنما اقتضت نفي تمني اليهود للموت أبد الحياة الدنيا، دون الحياة الآخرة؛ وذلك لأنهم لحبهم الحياة، وكراهتهم للجزاء، لا يتمنون الموت0 ولهذا أخبر الله تعالى عنهم، فقال: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} [البقرة:96] 00 ولكنهم إذا صاروا إلى الآخرة، وأدخلوا في النار، تمنوا الموت؛ كما حكى ذلك عنهم الله تعالى في آية الزخرف: {يا مالك ليقض علينا ربك} [الزخرف:77] 0
وأما آية الجمعة فقد اقتضت نفي تمنيهم الموت مدة الحياة الدنيا، والحياة الآخرة؛ لأن النفي بـ (لا) لا حدود له، ولا نهاية ما لم يقيد بزمن0 ولهذا جاء قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} منفيًا بـ (لا)، في حين جاء قوله تعالى: {لن تراني} [الأعراف:193] منفيًا بـ (لن)؛ لأنه يستحيل على الأبصار أن تدرك حقيقة الله تعالى، وأن تحيط به سبحانه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة0
أما رؤية الله جل وعلا بالأبصار فجائزة عقلاً في الدنيا، والآخرة0 ومن أعظم الأدلة على جوازها عقلاً في الدنيا قول موسى عليه السلام: {رب أرني أنظر إليك} [الأعراف:193]؛ لأن موسى عليه السلام لا يخفى عليه الجائز، والمستحيل في حق الله تعالى0 وأما قول الله تعالى لموسى عليه السلام: {لن تراني} فلأن رؤيته سبحانه في الدنيا لا يطيقها أحد من مخلوقاته، بدليل قوله جل وعلا: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًّا وخر موسى صعقًا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} [الأعراف:193]
وأما رؤية الله جل وعلا شرعًا فهي جائزة، وواقعة في الآخرة؛ كما دلت عليه الآيات القرآنية، وتواترت به الأحاديث الصحاح00 فمن الآيات قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} [القيامة:22 - 23] 0 ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم:” إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا “0 و قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس:26]:” الحسنى: الجنة0 والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم “0
تبارك ياربنا وجهك الذي أضاء نوره السموات والأرض، وما بينهما، و لك الحمد كله أن خلقت الإنسان، وعلمته البيان، والصلاة والسلام على نبيك وحبيبك محمد بن عبد الله أفصح من نطق بالضاد لسانًا، وأجمعهم بيانًا0
الأحد، 28 آذار، 2004 محمد إسماعيل عتوك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[29 Mar 2004, 01:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم الاستاذ محمد
بارك الله فيك على طرح مثل هذه المقال القيم، ونود منك التواصل معنا في طرق مثل هذه الموضوعات المتخصصة، والتي تهم رواد هذا الملتقى من المهتمين بلغة القرآن الكريم
وتقبل شكري وتقديري(/)
آيات الجهاد في القرآن الكريم
ـ[أبو إبراهيم العراقي]ــــــــ[28 Mar 2004, 03:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخي الفضلاء:
هل يصلح هذا الموضوع ليكون رسالة ماجستير في التفسير وهو (آيات الجهاد في القرآن الكريم عرضاً و دراسة).
آمل التكرم بالمشاركة و التوجيه و التقويم و الله يحفظكم ويرعاكم
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[28 Mar 2004, 07:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم بخصوص الموضوع الذي ذكرته فهو من وجهة نظري قيم جدا بل يصلح رسالة دكتوراه ولا سيما في هذه الظروف التي تمر بها أمتنا، ولكن لا أدري هل بحث بحثا تفسيريا فهو من الموضوعات المشهورة التي تتبادر الى الذهن ابتداء وأذكر أن هناك رسالة علمية في كلية اللغة في جامعة الإمام تتعلق بآيات الجهاد لكنها من ناحية لغوية على ما أظن، فأرجو أن يكون أحد الإخوة عنده اطلاع أكثر ليفيدنا
والسلام عليكم
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[28 Mar 2004, 08:59 م]ـ
أخي الفاضل الموضوع طرح في أكثر من رسالة علمية وبحوث مفردة، منها كتاب حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو عبارة عن رسالتي ماجستير ودكتوراه لأبي بدر محمد بن بكر آل عابد .. حاز بها الباحث على درجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من شعبة التفسير بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية .. أشرف على الأولى د. محمد سيد طنطاوي، وأشرف على الثانية د. عبدالعزيز الدردير موسى، ثم د. عبدالعزيز عبدالفتاح القارئ .. وناقش الأولى فضيلى الشيخ أبو بكر الجزائري، ود. أحمد إبراهيم مهنا. وناقش الثانية د. عبدالعزيز محمد عثمان السوداني، ود. عبدالفتاح إبراهيم سلامة.
وقد طبعتا في مجلدين .. نشر دار الغرب الإسلامي.
وقدم لها أكرم ضياء العُمري .. فمن الناس بعد هؤلاء!.
ولي فيها كتيب بعنوان [المعارك الإسلامية وعبرها في ضوء القرآن الكريم] كتبته سنة (1411هـ) ولم يطبع إلى هذا التاريخ.
ـ[أبو إبراهيم العراقي]ــــــــ[29 Mar 2004, 05:38 ص]ـ
شكراً للاخوين الكريمين وأطمح بالمزيد بارك الله بالجميع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 04:51 م]ـ
أخي الكريم أبا إبراهيم العراقي وفقه الله
الأمر كما تفضل الشيخان الكريمان حفظهما الله.
والرسالة التي يعنيها أخي الكريم الشيخ ناصر الماجد هي للدكتور ناصر بن عبدالرحمن الخنين، وهي بعنوان: (النظم القرآني في آيات الجهاد) وهي دراسة بلاغية مقدمة لقسم الأدب والبلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بالرياض.
وأما الكتاب الذي أشار إليه الدكتور يحيى الشهري فهي رسالة علمية أو رسالتان تتحدثان عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم من الناحية التاريخية أكثر منها من الناحية القرآنية التفسيرية. ولذلك فقد قسم الكتاب بحسب غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وذكرها في القرآن الكريم، فأفرد لكل غزوة باباً. بينما بحث موضوع الجهاد أوسع من ذلك فيما يظهر لي والله أعلم.
والأمر كما تفضلتما أنه لا يظن أن مثل هذا الموضوع لم يطرق بعدُ، لأهميته وكثرة مادته في القرآن الكريم، غير أنه لا يمكن منع طلاب الدراسات العليا في الجامعات المختلفة والأقطار المتباعدة من طرق الموضوع ذاته، فإن أنظار الباحثين تختلف، ولا يصح لأحد أنه قد قال الكلمة الأخيرة في كل مسألة، ولا سيما مع تجدد الوقائع، وكثرة الشبهات التي أثيرت في زمننا هذا حول الجهاد ومعانيه.
وقد كتبت رسائل كثيرة حول موضوع الجهاد بصفة عامة لا أظنها تغيب عن أخي أبي إبراهيم مثل:
* أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية والرد على الطوائف الضالة فيه للدكتور علي بن نفيع العلياني، وهي رسالة الدكتوراه له، وفيه علم جدير بالعناية والدرس.
* الجهاد والقتال في الإسلام للدكتور محمد خير هيكل في ثلاثة مجلدات، وهي رسالة قيمة مع ما فيها من التكرار الذي ضخمها، ولو أعاد المؤلف نظره فيها لخرجت في أقل من ذلك الحجم. غير أنها تميزت بمناقشة كثير من القضايا الراهنة من الناحية الفقهية.
أسأل الله للجميع التوفيق.
ـ[أبو إبراهيم العراقي]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:07 ص]ـ
شكر الله لك يا فضيلة الشيخ عبد الرحمن أضافة مفيدة ونافعة
ـ[الراية]ــــــــ[06 Jun 2005, 11:35 م]ـ
يرفع للفائدة(/)
مصاحف المشارقة والمغاربة
ـ[الراية]ــــــــ[28 Mar 2004, 05:51 م]ـ
السؤال
كنت أقرأ القرآن في أحد المساجد، ثم وقع في يديَّ قرآن فيه كتابة حرف الفاء بدون نقطة، والقاف بنقطة واحدة، وهنالك اختلاف في أحرف أخرى، ولكن ما لفت انتباهي أكثر وجود آيات برقم تسلسلي غير الذي عهدناه، ومكتوب على القرآن رواية ورش بن نافع. أفيدوني، هل هناك مصاحف بهذا الشكل؟ وهل هناك مصاحف أخرى مختلفة؟.
اجاب عن هذا السؤال
د. عبد العزيز بن علي الحربي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
7/ 2/1425هـ
الحمد لله:
هنالك اختلاف في رسم الحروف والنقط بين مصاحف المشارقة والمغاربة، وهذا المصحف الذي قرأت فيه من مصاحف المغاربة، وطريقتهم في رسم الفاء هكذا "ف" بنقطة واحدة من أسفل، والقاف بنقطة واحدة من فوق، وهنالك اختلاف في أحرف أخرى، وأما اختلاف أرقام الآيات فهو راجع إلى اختلاف علماء القراءة في العدد، فعدد الآيات عند المكيين يختلف عن البصريين، والعدد المدني يختلف عن العدد الشامي، وهكذا، فمثلاً: الكوفيون والمكيون يعدون البسملة آية من سورة الفاتحة، ولا يجعلها غيرهم آية؛ بل يجعلون الآية الأولى من الفاتحة هي: "الحمد لله رب العالمين" ويعدون قوله تعالى: "صراط الذين أنعمت عليهم" [الفاتحة:7]، بعض الآية السابعة من الفاتحة، وهذا الاختلاف كالاختلاف في القراءات كله يؤخذ به ويقبل، وليس من نوعي اختلاف التضاد والتضارب. والله أعلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=43738(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الهاء الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[29 Mar 2004, 12:40 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الهاء الحلقية
**************************
تخرج الهاء من المخرج الأول من مخارج الحلق , وهو حرف مهموس رخو مستفل منفتح خفي مصمت مرقق ضعيف جدا , وهي تلى الهمزة في الرتبة وإن كانتا من مخرج واحد , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
1. لما كانت الهاء حرفا ضعيفا شديد الضعف وجب على القارئ أن يبين صوتها ولاسيما إذا تكررت في كلمة لتكرر الخفاء والضعف واجتماع المثلين نحو) بِأَفْوَاهِهِمْ) (التوبة: من الآية32)) جِبَاهُهُمْ) (التوبة: من الآية35)) أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ) (يونس: من الآية27)) وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ) (الحجر: من الآية3)) فَصَكَّتْ وَجْهَهَا) (الذريات: من الآية29)) مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنّ) (النور: من الآية33)) ظَلَّ وَجْهُهُ) (النحل: من الآية58)) وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (الزمر: من الآية60) , كل هذا يجب على القارئ المجود للفظ تلاوته أن يبينه في درج قراءته , وذلك بتصفية الهاءات وبيان تفكيكها من غير اختلاس ولا إدخال.
**************************
2. وكذلك يجب البيان لو وقعت مكررة في كلمتين وذلك خشية الإدغام في ذلك لاجتماع المثلين نحو) فِيهِ هُدىً) (البقرة: من الآية2)) وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) (المائدة: من الآية76)) وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا) (آل عمران: من الآية51)) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (لقمان: من الآية26)) عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (النحل: من الآية95)) فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُم) (آل عمران: من الآية107)) وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً) (البقرة: من الآية231) , وكذلك لو تكرر ثلاث هاءات نحو) َ إِلَهَهُ هَوَاهُ) (الفرقان: من الآية43).
**************************
3. وعلي القارئ أن ينتبه إذا سكنت الأولى من الهاءين وجب إظهار الإدغام والتشديد وبيان الهاء المشددة , فإن كان قبلها حرف مشدد كان آكد في بيان المشددين , ولاسيما إن كان الحرف الأول حرفا مجهورا قويا نحو) أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْر) (النحل: من الآية76) , أصله (يُوَجِّهْهُ) ولذلك كتبت في المصحف بهاءين مع الإدغام , وكذلك يجب بيان كل هاء مشددة لتكرر الضعف في صوت الحرف نحو (فَمَهِّلِ الْكَافِرِين) (الطارق: من الآية17)) َ أَنْ طَهِّرَا) (البقرة: من الآية125)) سِرَاجاً وَهَّاجاً) (النبأ: من الآية13) –) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ) (يوسف: من الآية70) , وشبهه.
**************************
4. بعض القراء ينطقها مفخمة ولاسيما إذا وقعت الهاء قبل حاء أو بعد حاء , فيجب ترقيقها وبيانها لتمكن خفائها مع الحاء إذ أنها قريبة المخرج من الحاء , والحاء أقوى منها نحو) فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (الطور: من الآية49)) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) (قّ: من الآية40) , فالبعض يخطئ وينطق لفظها حاء مشددة.
**************************
5. والبعض لا يخرجها من أقصى الحلق لأن في ذلك كلفة فتراهم يخرجونها من أدنى الحلق ضعيفة مخفية وكأن صوتها هاء مشمة بهمزة وأكثر ما يقع ذلك في الهاء الموقوف عليها نحو) الْقَارِعَةُ) (القارعة:1)) الطَّامَّةُ) (النازعات: من الآية34)) فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة: من الآية11).
**************************
6. بعض العوام يفخم الهاء إذا وقعت بين حرفين ضعيفين مثل الألفين في نحو قوله تعالى) ا سَوَّاهَا) (الشمس: من الآية7) –) ضُحَاهَا) (النازعات: من الآية29) –) ا تَلاهَا) (الشمس: من الآية2) , وذلك لاجتماع ثلاث أحرف خفية فإن كان قبل الألف الأولى هاء كان البيان لذلك كله آكد لاجتماع أربع أحرف خفية نحو (َ مُنْتَهَاهَا) (النازعات: من الآية44).
**************************
7. على القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق صوت الهاء والمبالغة الزائدة في ذلك تؤدي إلى الإمالة في صوتها ويفعله الكثير وهو خطأ أيضا نحو) هَاؤُمُ) (الحاقة: من الآية19)) هَذَا) (آل عمران: من الآية51).
**************************
(يُتْبَعُ)
(/)
8. يخطئ بعض القراء وخاصة الذين يدّعون الإتقان في التجويد حيث أنهم يبالغون في ترقيق الهاء الواقعة في لفظ الجلالة حتى تصير وكأنها ممالة نحو) إِنَّ اللَّهَ) (البقرة: من الآية20)) رَسُولَ اللَّهِ) (النساء: من الآية157).
**************************
9. قال العلماء: ومما يجدر التنبيه عليه ترقيق الهاء الواقعة في لفظ الجلالة (اللَّه) وقفا ووصلا , فإن الكثيرين يفخمونها لأن اللام مغلظة قبلها فتؤثر عليها وهذا خطأ محض , والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف في لفظ الجلالة فيبقون الشفتين عند الهاء على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما الطبيعية حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة ساكنة نحو) إِنَّ اللَّهَ) (البقرة: من الآية132) (رَسُولَ اللَّهِ) (النساء: من الآية157).
**************************
10. يخطئ بعض القراء في ضم الشفتين عند النطق بالهاء الساكنة وخاصة إذا كان قبلها ضم نحو) مُهْتَدُونَ) (الزخرف: من الآية37) , والسبب في هذا الخطأ أن القارئ جعل الشفتين عند التلفظ بالهاء على هيئة الضمة التي قبل الهاء , والصواب أن يضم القارئ الشفتين عند الميم فإذا وصل إلى الهاء أرجع الشفتين إلى وضعهما الطبيعي , وهذه ملاحظة عامة يجب الانتباه لها لأهميتها مثل () يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ) (هود: من الآية48).
**************************
11. والبعض يخطئ حيث أنهم يمطون صوت الهاء بقدر يزيد على المطلوب وهذا الفعل يسمى في علم القراءات بالإدخال , والواجب إعطاء صوت الهاء زمن حركتها فقط بحيث لو زاد هذا الزمن لتولد حرف من جنس حركة ما قبله نحو) ا وَيُلْهِهِمُ) (الحجر: من الآية3) (جِبَاهُهُمْ) (التوبة: من الآية35).
**************************
12. والبعض يفخمها وقفا ولاسيما لو كان قبلها الأحرف المستعلية نحو) َ الآخِرَةِ) (الشورى: من الآية20) –) ٍ نَاضِرَةٌ) (القيامة: من الآية22) –) بَاسِرَةٌ) (القيامة: من الآية24) –) نَاظِرَةٌ) (القيامة: من الآية23) ,) ظَهْرَكَ) (الشرح: من الآية3)) ِ رِزْقَهُ) (الفجر: من الآية16)) ٍ خَلَقَهُ) (عبس: من الآية18)) خَلَقَهُ) (السجدة: من الآية7) والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف على الهاء فيبقون الشفتين على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما الطبيعية حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة ساكنة وعلى القارئ أن ينطق بالهاء حال التركيب مرققة كما لو نطقها مرققة حال الانفراد.
**************************
13. والبعض يقف على الهاء المكسورة بتفخيم صوتها نحو) عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: من الآية7) –) إِلَيْهِمْ) (آل عمران: من الآية77)) َ لَدَيْهِمْ) (آل عمران: من الآية44).
**************************
14. ومن الأخطاء في نطق الهاء قراءتها بالضم في قوله تعالى () لَهْوَ الْحَدِيثِ) (لقمان: من الآية6) لظنهم أنه ضمير وهذا اسم ظاهر , ولا خلاف بين القراء في تسكينه.
*********
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
******************
((انتظر قريبا: على نفس الموقع (((بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت العين الحلقية
))) لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف))
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[29 Mar 2004, 12:42 ص]ـ
بسم الله
شكر الله لك أخي الكريم هذه الفوائد النافعة وحسن عرضك لها، وأرجو أن يدوم تواصلكم معنا فالملتقى بكم ولكم وأشكرك مجددا(/)
تأملات قرآنية في سورة الكهف (2)
ـ[عبد الله بن حميد الفلاسي]ــــــــ[29 Mar 2004, 11:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات قرآنية في سورة الكهف
الحلقة الثانية
بقلم
أبي عبد الله فتحي بن عبد الله الموصلي
التوحيد وأثره في الولاية الشرعية
الحلقة الأولى على ملف ورد - اضغط هنا - ( http://www.alalmi.net/attachment.php?attachmentid=7)
الحلقة الثانية على ملف ورد - اضغط هنا - ( http://www.alalmi.net/attachment.php?attachmentid=8)
المقصودُ من قومتِهم توحيدُ الإلهية
يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى – في "تفسيره" (5/ 15): " فاستدلوا بتوحيد الربوبية على توحيد الإلهية، ولهذا قالوا: ((لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً)) ... فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، والتزام ذلك بيان أنه الحقّ، وما سواه الباطل ".
فوافقوا ذلك منهج الرسل وسيلة ومقصداً، فطريقتهم في الاستدلال هي من جنس استدلال الرسل، ومقصودهم هو أيضاً من جنس مقصود الرسل في الدعوة إلى الله – تعالى –.
وتأكيداً لهذا المقصود نفوا دعاء غير الله نفياً مؤبداً لأنهم علموا أن أخص شيء في توحيد الإلهية هو إفراد الله – تعالى – بالدعاء قولاً وقصداً وعملاً ...
فهم آثروا المعنى الخاص للعبادة على معناها العام، فالدعاء أخص العبادة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " الدعاء هو العبادة " رواه أحمد في "المسند".
وهم في هذا المقام نزلوا منزلة الإحسان لمّا تذوقوا حلاوة المناجاة لربّ العالمين، وذوقهم هذا ما هو إلا ثمرة التعبد بالأسماء والصفات وأثرها في الخلق والأمر؛ فهم استحضروا اسم الله (الرقيب) لما في هذا الاسم من المعاني المقتضية للعلم والعمل.
الإحسان في توحيد الله
إن إيثار الدعاء على المعنى الجامع للعبادة من موجبه ذوق حلاوة المناجاة باستحضار معنى القرب والمعيّة كما قال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)).
وإحسانهم هذا أثمر لهم استقامة على طريقة الهداية، فما كان منهم إلا أن التفتوا إلى قومهم دعوة ونصحاً لهم.
((لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً)).
أي: قولاً مائلاً عن الحقّ إلى الباطل، فهو من: شطّ الشيء؛ إذا طفح ومال، وهذا القول منهم هو من كمال إخلاصهم – لله تعالى –، وتجريدهم التوحيد من العلائق والشوائب والحجب.
فهم قدحوا في حظوظ أنفسهم ابتداء، وردّوا كل قول مضاد للتوحيد حتى لو كان قولاً صادراً منهم، ذلكم أنّ الإحسان في توحيد الله تعالى قولاً وعملاً لا يكون إلا بأمور ثلاثة:
الأول: استحضر العبد أسماء الله – تعالى – علماً وعملاً، وفقه معناها وأثرها في العالمين العُلوي والسفلي، وهذا من باب تحقيق توحيد الإلهية بطريقة التعبد بالأسماء والصفات، ويا له من باب عالي المطالب رفيع المقاصد.
الثاني: صيانة الظاهر والباطن من الاعتراض على الحكم الشرعي الديني أو القدري الكوني (1).
الثالث: القدح في حظوظ النفس وعلائقها.
فهؤلاء الفتية لما قالوا: ((لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً)) فهم استحضروا موجبات الدعاء من الأسماء والصفات أولاً.
وقدحوا في حظ أنفسهم، وجرّدوا ظاهرهم وباطنهم من الاعتراض على حكم الله الكوني والشرعي ثانياً، فتأمّل.
((هَؤُلاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ)).
لما فقهوا عقيدتهم وذكروا ما منّ الله بهِ عليهم من الإيمان والهدى والتقوى التفتوا إلى ما كان عليه قومهم، وبدأوا بواقعهم يصفونه وصفاً دلّ على فقههم بأحوال هذا الواقع لا كدعاة اليوم الذين جعلوا الدعوة إلى توحيد الله آخر الأمر، هذا إن كان ثمّة دعوة إليه بنتيجة الأمر!!
فأول أمر أدركه هؤلاء الفتية في واقع قومهم هو ما عليه قومهم من الشرك وفساد العقيدة، وهذا بحدّ ذاته أمر يستدعي الاهتمام واستفراغ الجهد في إبطاله وإزالته.
والآية صدّرت قولهم بـ ((هَؤُلاء)) لما فيه من معنى التمييز والتحقير لقومهم بما هم عليه من الشرك بالله وفساد المعتقد.
وجاء في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور (15/ 274):
(يُتْبَعُ)
(/)
" والإشارة إلى قومهم بـ ((هَؤُلاء)) لقصد تمييزهم بما سيخبر به عنهم، وفي الإشارة تعريف بالتعجب من حالهم وتفضيح صنعهم، وهو من لوازم قصد التمييز " أ. هـ
وهذا التمييز لقومهم كان من فقههم للواقع فقهاً مستنداً على ضرورة اعتماد التوحيد أساساً في التقييم؛ فقدّموا أولاً الشرك وأنه الخطر الأول في واقع عصرهم آنذاك وما يترتب عليه من موجبات الهلاك ومقتضيات الدمار.
وهؤلاء الفتية قد أوتوا قوة علمية في جدل خصومهم ويقيناً يعضده؛ لذا قالوا: ((لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ)).
((لَّوْلا)): حرف تحضيض؛ أي: حث المقابل على الإتيان بالسلطان المبين والدليل الظاهر مع علمهم بعجز قومهم عن الإتيان به، وهذا راجع إلى اليقين وقوة الأدلة المتحصّلة عندهم من جهة الإيمان مع ضعف ما عند خصومهم من الأدلة.
والآية: "دليل على فساد التقليد، وتأكيد بأن إقامة الحجة على إلهية غير الله وتأثيره ووجوده محال" (2).
((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً)).
أي: لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب بادعاء أنّ له شريكاً كما افتراه عليه قوم أصحاب الكهف (3).
وكان صدورِ الحكم منهم على قومهم وقع بعد إقامة الحجة عليهم، ومطالبتهم وحثّهم على الإتيان بالبرهان إن كانوا صادقين.
وإصدار الحكم على عسكر الشرك بعد إقامة الحجة، وبعد أن استيأسوا منهم هو العدل الذي دلت عليه مقاصد الدين.
حينذاك أعلن عسكر الشرك المخذول عداءه، وشنّ حربه على أهل التوحيد، فلا سبيل ساعتئذٍ إلا الالتجاء إلى الله – تعالى – والفرار إليه: ((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ))، ولهذا لم يكن لهم من سبيل إلا الاعتزال.
((وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً)).
حتى كُرمت هذه الفئة بنصر الله، وهو نجاة الطائفة المؤمنة وانتصارها ((إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ))؛ فكان دفاع الله – تعالى – عنها على أرض الواقع بإجراء سنن الدفع لصالحها، وتسيير السنن الكونية لنفعها.
و ((إِذِ)) في الآية: للتعليل؛ كما رجح ذلك الشنقيطي في "أضواء البيان"؛ أي: ولأجل اعتزالكم قومكم؛ فأووا إلى الكهف، وهذا يدل على أن اعتزالهم الكفار هو من أسباب لطف الله ورحمته بهم، وبموجب ذلك يكون التجاؤهم إلى الكهف ليس هرباً من الخلق بل نصر وتكرمة لهم، وهو من جنس الإنابة والفرار إلى الله؛ كما قال – تعالى – في التجاء النّبي صلى الله عليه وسلم وصحابه إلى الغار بأنه نصر: ((إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)) الآية.
تنبيه:
ذكر أهل التفسير في الاستثناء الوارد في الآية: ((إِلا اللَّهَ)) وجهين:
الأول: أنه منقطع.
والثاني: متصل.
ورجح القرطبي الأول، والأظهر في الترجيح هو الثاني؛ كما رجّح ذلك الشنقيطي، وحمله على ذلك أظهر لأمرين:
الأول: الوارد في مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((وما يعبدون من دون الله))، قال قتادة: هذا تفسيرها، ولا يخفى على أهل العلم ما لمرويّات التفسير من أثر في ترجيح معنى الآية.
الثاني: أنّ الترجيح المذكور ينسجم مع مقاصد القرآن الضرورية من جهة أنّ المشركين كانوا يقرّون بالخالق، ولكن أشركوا في توحيد العبادة، وعليه يكون معنى الآية: وإذا اعتزلتموهم وما يشركون في عبادة الله تعالى؛ أي: كانوا يعبدون الله والأصنام.
رعاية الله تعالى للفارين إليه
ثم كانت الرعاية لهم: ((يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً)):
وهذه الرعاية هي ثمرة اعتزالهم للشرك وأهله، فكل من يعتزل المشركين ويتبرّأُ من شركهم ويفرّ إلى الله فرار الموحّدين يجعل له:
1 - هبة دينيه ودنيوية من رحمة الله – تعالى –.
2 - الهداية إلى سبل الرشاد والخير والعافية.
3 - ثناء حسن يعلو على كل ثناء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي ذلك يقول الله – تعالى –: ((فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً)).
فاجتمعت لهؤلاء الفتية هذه الثمار تكرمة الله – تعالى – لهم على توحيدهم وجهادهم وعزلتهم، وفي هذا المعنى يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (5/ 16): "فحفظ أديانهم وأبدانهم، وجعلهم من آياته على خلقه، ونشر لهم من الثناء الحسن ما هو من رحمته بهم، ويسّر لهم كل سبب حتى المحلّ الذي ناموا فيه، كان على غاية ما يمكن من الصيانة" أ. هـ
نعم؛ اجتمعت لهم خصال محمودة وعطايا ممدوحة: صيانة المحل، ورعاية الحال، وحفظ الاعتقاد.
فائدة
لقد كرّم الله – تعالى – أصحاب الكهف بما هيَّأ لهم من الأسباب الكونية والشرعية في حفظهم وتثبيتهم وتمكينهم حتى إنّ كثيراًَ من السنن الكونية آنذاك سُيّرت وليس هذا الخرق مقصوداً لذاته؛ أي: لمجرّد التأثير الكوني في خرق العادة، بل تعدّاه إلى مقاصد دينية أخرى؛ فالخرق للأحوال الكونيّة والسنن القدرية إنّما يأتي تابعاً للمقصود الديني الشرعي؛ فالخرق في الكونيّات لا ينفع إذا لم يكن حادثاً للدين تابعاً له.
فالذي حصل للفتية في كهفهم من الآيات الدالة على عظمة الله – تعالى – سواء السماوية منها أو الأرضية؛ إنما لتكميل عبوديّتهم، وتثبيت قوائم دعوتهم، وترسيخ حقائق إيمانهم، وليكونوا آية لغيرهم، وذكرى للناظر في أحوالهم ... فكرّموا بمقتضى ذلك بالخرقين الديني والكوني، والثاني تابع للأول، وهذا ظاهر في كثير من الآيات من تأمل (4).
((فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً)).
وقوله تعالى: ((ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً)).
وقوله: ((وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ)).
وقوله – تعالى –: ((وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا)).
أهم ما دلّت عليه الآيات من المعاني والمقاصد
1 - قصة أهل الكهف أحسن قصص أولياء الله الذين كانوا في زمن الفترة.
2 - تحقيق التوحيد قولاً وعملاً ودعوة وحالاً واستدلالاً شرطٌ في الولاية الشرعية.
3 - تلقّي القصص من الوحي من موجبه تحصيل اليقين المثمر للعمل والانقياد.
4 - هؤلاء الفتية لما آثروا أصل الإيمان شكر الله – تعالى إيمانهم؛ فزادهم من الهدى المتضمّن للعلم النافع والعمل الصالح.
5 - ذكر الربوبية مع الإيمان هو من باب قرن الإلهية بالربوبية كما هو الغالب في السياقات القرآنية.
6 - كان إيثار الهدى في الآية من باب تكميل القوة العملية وتهذيبها، والاعتناء بالتزكية.
7 - كل من يجاهد في ذات الله توحيداً وإيماناً لا بدّ وأن يُهدى إلى سبل الهداية وشرائع الإيمان.
8 - طريقة تحصيل الإيمان بمقتضى العلوم الفطرية المسلّمة من المعارض، فضلاً عن الاستجابة إلى الوحي، هي أكمل طريقة.
9 - هؤلاء الفتية الممدوحة صفتهم قد اجتمعت فيهم خصال تفرّقت في غيرهم؛ فنالا بمقتضى ذلك وصف الإمامة في الدين.
10 - كانت لهؤلاء الفتية أعمال قلبية أثمرت ذوق حلاوة الإيمان، من أخصّها محبّة الله تعالى، وإيثارها على غيرها.
11 - لما وجدوا حلاوة الإيمان أثمر وجدانُهم تعريفاً ودعوةً إلى التوحيد، وقياماً في ذات الله – تعالى –.
12 - قد يفرغ القلب من أمور توجب انتقاص الإيمان بحسبها كالإنابة والخشية والتصدّع واليقين؛ حينئذٍ يربط على القلب برباط التوفيق حتى لا يخذل.
13 - صاحب الهمّة العالية اتصلت همته بالله – تعالى – طلباً وقصداً، واتصلت بخلقه دعوة ونصحاً، فوحّدت مطلوبها بالإخلاص، وطلبها بالصدق، وطريقها بالمتابعة.
14 - أول ما يجب من مطالب الرسل الضرورية مطلب التعريف بالله – تعالى – رباً ومعبوداً وبأسمائه وصفاته، وعلى هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة الأخرى.
15 - كان استدلال الفتية استدلالاً فطرياً تاماً من جنس استدلال الرسل؛ فهم استدلّوا بالله – تعالى – على خلقه، لا بخلقه عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
16 - كان المقصود من قومتهم هو توحيد الإلهية؛ فوافقوا منهج الرسل وسيلة ومقصداً واستدلالاً.
17 - من ثمرة عملهم بالتوحيد أنهم علموا أن أخصّ شيء في توحيد العبادة هو إفراد الله – تعالى – بالدعاء قولاً وقصداً وعملاً.
18 - على قدر التعبد بالأسماء والصفات، والعلم بأثرها في الخلق والأمر يتذوق العبد حلاوة المناجاة لربّ العالمين، وينزل في منازل المحسنين.
19 - إذا لم يقدح العبد في حظ نفسهِ ويجرد ظاهره وباطنه من الاعتراض؛ كان موجب ذلك انتقاص الإيمان بحسبه.
20 - لما بدأ الفتية بواقعهم يصفونه، ويشخصون خطورة الشرك في قومهم دلّ ذلك على فقههم بأحوال هذا الواقع لا كدعاة اليوم الذين جعلوا الدعوة إلى توحيد الله تعالى آخر الأمر.
21 - هؤلاء الفتية قد أوتوا قوة علمية في جدل خصومهم ويقيناً يعضده؛ فأعجزوا قومهم عن الإتيان بالسلطان البيّن، والدليل الظاهر.
22 - من العدل الواجب الذي دلت عليه مقاصد الرسل هو تأخير إصدار الحكم على أهل الشرك حتى تقام الحجة الرسالية عليهم، وبعد الاستيئاس من إجابتهم لمنادي الإيمان.
23 - إذا أعلن عسكر الشرك المخذول عداءه وحربه على أهل التوحيد، فلا سبيل حينئذ إلا الالتجاء إلى الله – تعالى –، والفرار إليه، والأخذ بأسباب الثبات والنصر.
24 - كان من دفع الله – تعالى – عن أصحاب الفئة المؤمنة على أرض الواقع أن أجرى قانوني الدفع والمدافعة لصالحهم وعطّل السنن الكونية لنفعهم.
25 - التجاء الفتية إلى الكهف لم يكن هرباً من الخلق بل التجاء نصر وتمكين، وهو من باب الإنابة إلى الله – تعالى –، والفرار إليه.
26 - اجتمعت لهؤلاء الفتية خصال محمودة وعطايا ممدوحة، فصان الله – تعالى محلّهم، ورعى حالهم، وحفظ اعتقادهم.
27 - ما حصل للفتية في كهفهم من العجائب والتأثير في السنن الكونية العلوية والسفلية إنّما هو لتكميل المقصود الديني، والخوارق تابعة للدين حادثة له (5).
-----------
الحواشي:
1) انظر موضوع الإعراض في "مدراج السالكين" (2/ 69 - 70).
2) "محاسن التأويل" للقاسمي (11/ 13).
3) " أضواء البيان " للشنقيطي (4/ 32).
4) في الآية دليلٌ على أن من مقاصد الخرق والتأثير الكوني حصول فائدة مطلوبة من العباد، وهي: العلم بالكلمات الشرعية، والعمل بمقتضاها، فالله – تعالى – بعثهم، ليتساءلوا، وليبثحوا، ويتعلّموا حقائق الأشياء.
5) انظر كلام شيخ الإسلام في الخوارق (11/ 319 وما بعدها) "مجموع الفتاوى". [/ SIZE]
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 Mar 2004, 10:50 م]ـ
شكر الله لك هذا الجهد المتميز ونأمل المواصلة , إذ إن ما تقوم به قل من يطرقه في هذا الملتقى على الرغم من أهميته , ولعل ذلك يكون فتحاً لهذا الباب فنرى من مواعظ القرآن ودروسه ما يسطر في صفحات هذا الملتقى.(/)
مختارات في الولاء والبراء
ـ[المنهوم]ــــــــ[29 Mar 2004, 05:27 م]ـ
قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4)
قال ابن كثير رحمه الله:
يقول الله لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكفار وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم [قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ..... ] أي وأتباعه الذين آمنوا معه [إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ..... ] أي تبرأنا منكم [ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم .... ] أي بدينكم وطريقكم [وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا .... ] يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم ما دمتم على كفركم فنحن أبدا نتبرأ منكم ونبغضكم [حتى تؤمنوا بالله وحده .... ] أي إلى ان توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد ............... أ. هـ تفسير ابن كثير(/)
هل ثبت أن آية ما نزل آخرها متراخ عن أولها؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[29 Mar 2004, 07:11 م]ـ
هل ثبت أن آية ما نزل آخرها متراخ عن أولها؟
آمل الإفادة ممن وقف على شيء من ذلك.(/)
تساؤل حول مسألة الولاء ....
ـ[نسر الاسلام]ــــــــ[30 Mar 2004, 12:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي تساؤل بسيط أرجوا منكم ان تساعدوني فيه
يقول الله عز وجل
((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين))
ويقول سبحانه
((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء))
ومن المعلوم أن الموالاة تقتضى الحب والقرب والمودة ... ولذا فان الله أمرنا بعدم موالاة الكفار ... ومنهم اليهود والنصارى
ولكن إخوتي تساؤلي هو
ما هي الحكمة من تشريع الله سبحانه للزواج من اليهودية أو النصرانية من أهل الكتاب ... مع أن هذه العلاقة تقتضي الحب والود والولاء ليهودية أو نصرانية مع وجود تحريم الولاء لهم .... ؟؟؟
هل من تفصيل للمسألة يرحمنا الله وإياكم؟؟
جزاكم الله خيرا
أخوكم المحب
ـ[المنهوم]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:10 م]ـ
يا أخ نسر الاسلام
لا تخلط بين المفاهيم فالذي نهى الله عنه هو المؤدة من اجل الدين فأنت تحب اخيك المسلم لانه على دينك ومذهبك وتبغض الكافر لانه على غير دينك
وأما المؤدة والمحبة بين الزوجين المسلم واليهودية او النصرانية فهذه المحبة من اجل الزوجية لا من اجل الدين فأنت تحبها لانها زوجتك وتبغضها لأنها على غير دينك فتجمع بين الحب والبغض في آن واحد
والمحبة والمؤدة لهما اسباب كثيرة فأفهم رعاك الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Mar 2004, 08:51 م]ـ
سبق الجواب بالتفصيل عن هذا التساؤل تحت هذا الموضوع
حوار علمي حول تفسير آية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=537&highlight=%CD%E6%C7%D1+%DA%E1%E3%ED)(/)
ضيف جديد فهل من مرحب، ومعي هدية قيمة، النشر في القراءات العشر
ـ[د. أنمار]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سرني ما رأيته في منتادكم وشجعني شيئان، رقي المستوى الفكري والعلمي هنا، والاهتمام بالكتب القيمة
فأحببت أن أشارككم وأبدأ فأقدم لأحباب القرآن والقراءات هدية قيمة وهي كتاب النشر في القراءات العشر، خاصة أن معظم المنتديات لا تتحمل طاقتها تحميل مثل هذا الحجم.
النشر في القراءات العشر لابن الجزري بمكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=87&book=881)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:29 ص]ـ
نسيت أن أعرف بنفسي:
أنا الفقير إلى الله أنمار محمد ناصر طبيب جراح حاصل على البورد الكندي في جراحة المسالك والكلى وتخصص دقيق في العقم وما زلت في كندا لإتمام التخصص الدقيق في الجراحة بالمناظير، وعن قريب سأعود إلى جامعة أم القرى كعضو هيئة تدريس في كلية الطب بمكة المكرمة، وللفقير اهتمام بعلوم القرآن جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن وخدامه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 03:25 ص]ـ
أرحب بأخي الكريم الدكتور أنمار محمد ناصر في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله أن يكتب له الأجر والثواب على حسن ظنه بإخوانه. وأشكركم أخي الكريم على هديتكم الثمينة، وقد قمت بنقلها لمكتبة شبكة التفسير والدراسات القرآنية كما هو ظاهر.
أسأل الله لكم التوفيق أخي أنمار في دراستكم، وأن تعودوا إلى أم القرى بالسلامة قريباً، وأشكرك على تكرمك بتعريفنا بشخصكم الكريم، فإن هذا من مقاصد هذا الموقع العلمي، فنحن نسعد بالتعرف على أمثالكم، وباستمرار مشاركاتكم معنا في هذا الملتقى العلمي الذي يهدف لخدمة الدراسات القرآنية، والتواصل العلمي فيما بيننا جميعاً. ونسأل الله العون والسداد وحسن القصد.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[30 Mar 2004, 05:14 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الرحمن
وعندي سؤال: يوجد لدي المزيد من الكتب فهل أضعها هنا ثم أنتم تنقلونها أم ماذا
وفقكم الله لكل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 06:01 م]ـ
أخي الكريم الشيخ راجي وفقه الله وبلغه ما يرجوه، يمكنك:
- إرسال الكتب على بريد المكتبة books@tafsir.org
- وضع الكتب في الملتقى الخاص بالكتب والبحوث وسيتم نقلها بإذن الله مباشرة للمكتبة.
جزاك الله خيراً على حرصك وعنايتك.(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت العين الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:36 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت العين الحلقية
*******************************
تخرج العين من المخرج الثاني من مخارج الحلق , وهي حرف مجهور مستفل منفتح مصمت متوسط بين الرخاوة والشدة والقوة والضعف , مرقق , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*******************************
1. دمجها في مثلها إذا تكررت , والواجب على القارئ أن يلفظ العين بلطف ويعطها حقها في التصويت بها من الحلق , ولاسيما إذا تكررت كان بيان ذلك آكد لقوتها وصعوبتها نحو) أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْض) (الحج: من الآية65) –) ِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا) (لأعراف: من الآية27) –) ا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) (سبأ: من الآية23) –) تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ) (الكهف: من الآية90) –) وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) (لأعراف: من الآية100) - , وذلك البيان لهما لازم , وذلك لصعوبة اللفظ بحرف الحلق منفردا , فإذا تكرر كان أصعب لأن اللفظ بالحرف المكرر كمشي المقيد , وكمن يرفع رجله ليمشي فيردها إلى الموضع الذي رفعها منه وذلك ثقيل.
*******************************
2. ومن الأخطاء أيضا إدغام العين في الغين التي بعدها لأنهما حلقيان , ولقرب المخرجين , ولسهولة الإدغام ويسره من التحقيق نحو) وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) (النساء: من الآية46).
*******************************
3. والبعض يدغمها خطأ إذا وقع بعدها الهاء الحلقية , فيصير نطقه بحاء واحدة مشددة نحو) أَلَمْ أَعْهَدْ) (يّس: من الآية60) –) فَاتَّبِعْهَا) (الجاثية: من الآية18) –) فَبَايِعْهُنَّ) (الممتحنة: من الآية12) , والسبب أن الهاء مؤاخية للعين في الهمس , وعليك أن تهتم بذلك فإلم تهتم بذلك قربت العين من لفظ الحاء , لأن البحة التي في الحاء تسرع إلى اللفظ بالحاء في موضع العين مع الهاء ولقرب الحاء من العين في الصفة.
*******************************
4. وعلى القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق العين المفتوحة حتى لا يسمع صوتها وكأنه ممال نحو) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية251) –) طَعَامٍ) (الأحزاب: من الآية53).
*******************************
5. والعين الناس فيها بين مفرط و مُفرّط: أما المُفرطون فمنهم من ينطقها قاسية يابسة شديدة نحو) يَعْلَمُ) (البقرة: من الآية77) – (أَعْهَدْ) (يّس: من الآية60) , وأما المٌفرِّطون: فإنهم يلفظونها رخوة بمطها وجريان الصوت معها وبتمييع صوتها حتى يسمع صوتها لا معنى له نحو) نَعْبُدُ) (الفاتحة: من الآية5).
*******************************
6. ينبغي للقارئ أن يحترز من حبس صوت العين وحصره بالكلية وخاصة إذا شددت وذلك نحو) يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (الماعون: من الآية2) –) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً) (الطور:13) , حتى لا تصبح من الحروف الشديدة.
*******************************
7. بعض جهلة القراء عندما ينطق العين وبعدها لام أو ميم فإنه يقفز عن العين قفزا ويدخل اللام فيها إدخالا نحو) يَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية13) –) يَعْمَلُونَ) (البقرة: من الآية141) , فينطق بنصف عين لا بعين كاملة وهذا خطأ , وطريقة التخلص من هذا المحظور أن تنطق العين بهدوء وتعطها حقها من الترقيق والبينية والمدة الزمنية التي تستغرقها , فإن لكل حرف مدة زمنية هي من حقه , وتختلف باختلاف صفاته , ولا يتحقق كماله إلا بها , ثم بعد ذلك تنطق اللام بدون اتكاء عليها وأن يجري معها الصوت جريانا جزئيا لا كليا.
*******************************
8. والبعض القليل من القراء يفصل بين العين والحرف الذي بعدها بسكتة شبه لطيفة نحو) تَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية184).
*******************************
9. وبعض القراء من الأفارقة وأهل السودان والصومال يقلب العين همزة , أو قريبة من الهمزة نحو) َ نَعْبُدُ) (الفاتحة: من الآية5) , فتجده ينطقها هكذا (نأبد) وعلى ذلك القارئ أن يتدرب على النطق الصحيح بها ويفضل أن يكون ذلك على يد شيخ متصل السند بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
*******************************
(يُتْبَعُ)
(/)
10. والبعض يبالغون في الضغط الشديد على صوتها بكيفية تمجها الأسماع نحو) أَعُوذُ) (البقرة: من الآية67) –) نَدْعُوا) (غافر: من الآية74).
*******************************
11. والبعض ينطقها بصوت أحرف القلقلة , وذلك باضطراب مخرجها واهتزاز صوتها نحو) يَعْلَمُ) (البقرة: من الآية77)) وَلا تَعْتَدُوا) (البقرة: من الآية190).
*******************************
12. ومنهم من يفخمونها خطأ إذا وقعت بعد حروف الاستعلاء نحو) أَطَعْتُمُوهُمْ) (الأنعام: من الآية121)) ْ أَرْضَعْنَ) (الطلاق: من الآية6) وللخلاص من هذا المحذور على القارئ أن ينطق الطاء ويعطها حقها من الاستعلاء فإذا وصل إلى نطق العين عليه أن يفتح الشفتين عرضا ليتسنى له ترقيقها , ومن الواجب معرفته أن هيئة الشفتين تختلف من حيث شكلها في الحرف المفخم عن المرقق , وكذلك تختلف باختلاف الحركات الثلاثة , فالواجب عليك أخي القارئ أن تعطي الحرف حقها ومستحقها رزقني الله وإياك الإتقان في تلاوة كتاب ربنا.
*******************************
13. ومنهم من يختلس حركتها ولاسيما إذا تكررت نحو) أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْض) (الحج: من الآية65) –) ِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا) (لأعراف: من الآية27) –) ا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) (سبأ: من الآية23) –) تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ) (الكهف: من الآية90) ولاختلاس معناه النطق ببعض الحركة , والكثير من يقع فيه فتجد القارئ يقرأ بعض الحروف سليمة صحيحة ويقرأ نفس الأحرف في موضع آخر ويسرع الصوت عند التلفظ بها فيخرج صوت الحرف وفيه خفاء.
*******************************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ.
******************
((انتظر قريبا: على نفس الموقع (بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الحاء الحلقية
) لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف)
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Mar 2004, 06:53 م]ـ
الأستاذ الفاضل/ فرغلي
أعجبني طرحكم في هذه المباحث الصوتية، وهذا النوع من التنبيه على الأخطاء في الأحرف مما اعتنى به علماء التجويد في كتبهم؛ ذلك أنهم كتبوا تجويد كل حرف ذاكرين مخرجه وصفاته وما يقع من الخطأ في نطقه.
وبما أنَّ لكم عناية في هذا الباب، فإني أقترح عليكم أن تتحفونا بدراسة تاريخية لكتب التجويد التي سلكت هذا السبيل، إذ كثير ممن يَدرسون هذا العلم لا يعرفون مدى عناية علمائنا المتقدمين من أهل هذا الفنِّ بهذا النوع مما تطرحونه، فإن كان وقتكم يسمح بذلك، وتكرَّمتم بخدمة هذا الجانب التاريخي لهذه الداراسات فذلك مما يسعدني وزملائي في هذا الملتقى، وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[31 Mar 2004, 12:52 ص]ـ
أخي الحبيب أشكرك على حسن ظنك
والمراجع كالآتي
المرجع نوعان الأول تليقيت على شيوخي المجازيين المتصل سندهم بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كيفية التمييز بين الخطأ والصواب في كل ما أذكره من أبحاث وذلك بالتلقي منهم شخصيا ومراجعهم التي أعتمدوا عليها هي كالآتي
التمهيد لابن الجزري
الرعاية لمكي القيسي
تنبيه الغافلين للصفاقسي
تنبيهات شيوخي
ويجد غيرها كثير ولكن هذه أشهرها مع العلم صنفت في أبحاثي جميع أبواب التجويد على هذا النمط أذكر الباب وما يقع فيه من أخطاء وعنوان كتابي (أخطاء في تطبيق قواعد التجويد) مزال بخطوط بخط يدي ولم أنتهي منه بعد
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Mar 2004, 02:55 م]ـ
أخي الحبيب أرجو أن تعذرني، فلست أقصد أن أستوثق مما تكتب.
وإنما قصدت أن تتحفنا بمنهج مكي والداني وغيرهما في عرض التجويد، ولكم جزيل الشكر.(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الحاء الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:37 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الحاء الحلقية
*****************************
تخرج الحاء من المخرج الثاني من مخارج الحلق , وهي حرف ضعيف لأنه مهموس رخو مستفل منفتح مصمت مرقق ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*****************************
1. تفحيمها وأكثر ما يقع ذلك عند حروف الاستعلاء نحو) أَحَطْتُ) (النمل: من الآية22) –) الْحَطَبِ) (المسد: من الآية4) –) الْحَقُّ) (القصص: من الآية53) –) حَصْحَصَ) (يوسف: من الآية51) –) حَصَادِهِ) (الأنعام: من الآية141) –) حَظّاً) (آل عمران: من الآية176) –) حَضَرَ) (النساء: من الآية18) , أو الراء نحو) حَرَجٌ) (النور: من الآية61) , أو الألف نحو) ِ وَحَاقَ بِهِمْ) (غافر: من الآية83).
*****************************
2. ومن العيوب الدراجة في النطق بها قلقلتها وصلا ووقفا وعدم همسها نحو) مُحْضَرُونَ) (الروم: من الآية16) –) ُ الرَّحْمَنِ) (مريم: من الآية58).
*****************************
3. ينبغي الاهتمام والحرص من تمكين سكونها وهمسها إذا كانت ساكنة ولاسيما إذا وقع بعدها ياء فإن اللسان يميل إلى كسر الحاء ليتهيأ لنطق الياء وهذا محذور في لفظ التلاوة فإن إبدال السكون بالكسر لحن فاحش نحو) مَحْيَاهُمْ) (الجاثية: من الآية21) –) فَأَحْيَاكُمْ) (البقرة: من الآية28).
*****************************
4. ومن الخطأ في نطقها إبدالها عينا إذا وقعت بعدها العين , والسبب أن العين من مخرج الحاء فإذا وقعت الحاء قبل العين خيف عليها أن يقرب لفظها من الإخفاء أو من الإدغام لتقارب الحرفين واشتباههما ولأن العين أقوى من الحاء قليلا ولا تقع العين والحاء في كلمة أبدا , ويمكن ذلك من كلمتين نحو) فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا) (النساء: من الآية128) – (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (البقرة: من الآية236) –) الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) (آل عمران: من الآية45) –) زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) (آل عمران: من الآية185) , والمثال الأخير يجوز إدغامه فيما أحكمت فيه الرواية فقط.
*****************************
5. وبعض المتساهلين يدغمها إذا سكنت وكان بعدها العين وذاك خطأ , لأن الحاء قد تهيأت بسكونها للإدغام , لأن كل حرف أدغمته في آخر فلا بد من إسكان الأول أبدا , فإذا سكنت الحاء قبل العين قربت من الإدغام , فيجب التحفظ ببيانها نحو) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) (الزخرف: من الآية89) والبيان هنا لازم وأكيد.
*****************************
6. ومنهم من يدغمها خطأ إذا تكررت , لأن الإدغام إلى المثلين أقرب منه في غير المثلين , ألا ترى أنه إذا سكن الأول من المثلين لم يجز إلا الإدغام , وأمثلة تكرر الحاء نحو) عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى) (البقرة: من الآية235) –) لا أَبْرَحُ حَتَّى) (الكهف: من الآية60).
*****************************
7. ومنهم من يدغمها إذا وقع بعدها الهاء الحلقية , والسبب قرب الهاء من مخرج الحاء ولأن الحاء أقوى قليلا من الهاء , فهى تجذب الهاء إلي نفسها وذلك في نحو) فَسَبِّحْهُ) (قّ: من الآية40) –) فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (الطور: من الآية49). فإن كثيرا من الجهلة المتساهلين ينطق بها في مثل هذا حاء مشددة مضمومة , وهو لا يجوز إجماعا كما ذكره بن الجزري في النشر.
*****************************
8. ومن الأخطاء أيضا في نطق الحاء بقاء ضم الشفتين مضمومتين عند نطقها وهي ساكنة , ولاسيما إذا كان قبلها حرف مضموم نحو) الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: من الآية58) –) أُحْيِي وَأُمِيتُ) (البقرة: من الآية258)) يُحْيِي وَيُمِيتُ) (يونس: من الآية56) , فإن صفاء نطقها يتأثر بهذا الضم فلا يخرج صوتها صحيحا بل مشمُ بالضم والإشمام الصوتي معناه الخلط والمزج بين حرفين وبحث ذلك في المخارج الفرعية.
*****************************
9. على القارئ الماهر أن ينتبه إلى نطقها صافية , ولاسيما إذا جاء قبلها حرف مضموم وبعدها , فههنا يكون النطق أصعب , لأن القارئ يحتاج إلى ضم الشفتين ثم يرجعهما عند النطق بالحاء الساكنة كهيئتهما الطبيعية قبل الضم ثم يضمهما مرة ثانية , وفي ذلك كلفة وثقل نحو) احْشُرُوا) (الصافات: من الآية22) –) ِ احْكُمْ) (المائدة: من الآية49)) احْكُمْ) (الانبياء: من الآية112).
*****************************
10. وبعض المتساهلين ينطقها هاء خالصة كما يفعله بعض الأفارقة وأهل السودان حيث أنهم يلفظون (الرَّحِيمِ) (الفاتحة: من الآية1) هكذا (الرهيم) وهذا لحن جلي لا تحل به القراءة.
*****************************
11. ومنهم من يقلبها خاء أو مشمة بالخاء كما ينتشر ذلك بين قراء أهل اليونان حيث أنهم يلفظون) ِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة: من الآية1) هكذا (الرخيم) وهذ لحن أيضا لا تحل به القراءة.
*****************************
12. ومنهم من يبالغ في ترقيق الحاء المفتوحة حتى يصير صوتها مشوب بالإمالة نحو) حَاذِرُونَ) (الشعراء: من الآية56) –) وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) (التوبة: من الآية112).
*****************************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
******************
((انتظر قريبا: على نفس الموقع (((بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الغين الحلقية
))) لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف))
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي(/)
تفسير الرازي للأهمية
ـ[العزيز بالله]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم:
المعروف أن تفسير الرازي ليس كله له بل أكمله غيره: سؤالي: هل هناك بحث في تحديد إلى أين وصل الرازي في تفسيره؟
وهل يجوز أن يُحال إلى تفسير الرازي إذا كان النقل من مواضع التكملة لغير الرازي أم لا بد من التحديد؟
وفقكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 03:12 ص]ـ
مرحباً بكم أخي العزيز بالله مع إخوانك في ملتقى أهل التفسير ونرجو أن نكون عند حسن ظنك.
ما ذكرته أخي الكريم في تفسير (مفاتيح الغيب) للرازي المعروف بالتفسير الكبير، هو المعروف المتناقل عند كثير من طلاب العلم، وهو أن الرازي لم يتم تفسيره كما ذكر ذلك بعض علماء التراجم الذين ترجمو له. وقد نقل كلامهم الدكتور محمد حسين الذهبي عند حديثه عن منهج الرازي في كتابه الرائد (التفسير والمفسرون) [1/ 290 - 293]، وحاول بناء على ذلك تلمس الموضع الذي وصل إليه الرازي في تفسيره، ونقل قولاً لأحد العلماء أنه بلغ في تفسيره سورة الأنبياء. وذكر عدة قرائن لذلك.
ولكن الدكتور محسن عبدالحميد - وفقه الله- قد درس منهج الرازي في كتابه (الرازي مفسراً) الذي أعده كرسالة علمية لنيل درجة الدكتوراه عام 1392هـ (1972م) من جامعة القاهرة - والدكتور محسن عبدالحميد من علماء العراق الجادين، وله بحوث ومؤلفات - وتوصل إلى مخالفة هذا الرأي السائد، والذي كان الدكتور محمد حسين الذهبي سبباً في إشاعته بين الدارسين المحدثين.
ورأي الدكتور محسن عبدالحميد أن الرازي قد أتم تفسير القرآن الكريم كاملاً، وأنه لم يتدخل أحد من تلامذته في إكماله، وأن ما ذكر من بعض التعليقات والتهميشات كانت لا تعدو كونها تعليقات جانبية، ولا تصل إلى أن تكون إكمالاً للكتاب.
يقول الدكتور محسن عبدالحميد: (والذي انتهيت إليه بعد قراءتي التفسير كله أن جميع هؤلاء قد أخطأوا، نتيجة لعدم قراءتهم جميع التفسير؛ إذ لو فعلوا مثلما فعلت لكان من الممكن أن يصلوا إلى ما وصلت إليه. وهو أن تفسيره (مفايح الغيب) اعتباراً من سورة الفاتحة، إلى نهاية سورة الناس له وليس لغيره.
وأن ما ورد فيه من عبارات تدل على أن شخصاً آخر اشترك في كتابته ليس إلا تعليقات متناثرة من بعض تلامذته، أضيفت إلى المتن، أو كتبت في الحاشية، ودخلت في المتن في أثناء استنساخه ... ) أ. هـ[الرازي مفسراً ص 56].
وقد دعم قوله هذا بأدلة مقنعة، وذلك أن الرازي كثيراً ما كان يكتب في نهاية كل سورة تاريخ انتهائه من تفسيرها، ولم يكن يفسر السور بحسب ترتيبها في المصحف، ولذلك تجده قد فسر سورة متأخرة في الترتيب قبل المتقدمة.
فقد انتهى من تفسير سورة الأنفال (يوم الأحد في رمضان سنة 601هـ في قرية يقال لها بغدان) [تفسيره 15/ 222]، وسورة التوبة في (يوم الجمعة 14من شهر رمضان من سنة 601هـ[16/ 244]. وقبلهما فسر سورة يوسف في شهر شعبان من السنة نفسها. ويمكنك مراجعة تواريخ انتهائه من التفسير في خواتم بعض السور.
وقد تابع الدكتور محمد حسين الذهبي عدد من الباحثين في هذا الوهم ذكرهم الدكتور صلاح الخالدي في كتابه (تعريف الدارسين بمناهج المفسرين) ص 473. بينما ذهب الدكتور الخالدي إلى تأييد ما ذهب إليه الدكتور محسن عبدالحميد من القول بأن الرازي قد أتم تفسيره. حيث يقول في كتابه تعريف الدارسين (473): (وهي نتيجة صحيحة أوافق الدكتور محسن عليها تمام الموافقة، وأذكر أني أعددت بحثاً في هذه المسألة أثناء دراستي لمادة البحث في مرحلة الماجستير سنة 1977م بعنوان (هل أتم الرازي تفسيره مفاتيح الغيب) في أكثر من خمسين صفحة، نال إعجاب مدرس المادة الدكتور محمد بلتاجي) أ. هـ.
وبهذا يكون العزو لتفسير الرازي صحيحاً إن شاء الله على ما توصل له الدكتور محسن عبدالحميد، وأرجو أن يكون في هذا الجواب المختصر ما يجيب على سؤالك أخي العزيز بالله، ولو رجعت لكتاب الدكتور محسن عبدالحميد (الرازي مفسراً) لكان في ذلك خير كثير لكم وفقكم الله، ونفعنا وإياكم بالعلم، ولا نستغني عن تسديد الأعضاء الكرام في هذا الجواب والله الموفق.
ـ[عبد الله]ــــــــ[30 Mar 2004, 01:54 م]ـ
تتمة لما ذكره أخي الفاضل د. عبد الرحمن الشهري - وفقه الله.
نشرت مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية - دبي _ العدد 16، 1419 هـ / 1998 م. بحثاً للدكتور عيادة بن أيوب الكبيسي، أستاذ التفسير في الكلية، عنوانه (شبهات حول تفسير الرازي، عرض ومناقشة) وقد ناقش في بحثه ثلاث شبه، وهي
1 - قضية إكمال الرازي تفسيره.
2 - مقولة: فيه كل شيء إلا التفسير.
3 - أنه كان يورد شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق، ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غاية من الوهاء والضعف.
وقد فند الباحث هذه الشبهات. وكانت النتيجة التي وصل إليها في الشبهة الأولى، ما تفضل به الأخ عبد الرحمن، نقلاً عن كتاب الدكتور محسن عبد الحميد - الرازي مفسراً - وقد كان هذا الكتاب من مراجع بحثه.
وفقكم الله وسدد خطاكم
عبد الله إبراهيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العزيز بالله]ــــــــ[03 Apr 2004, 02:53 ص]ـ
والله إني كنت أحتار من هذا القول: لأني من خلال قراءاتي اليسيرة في تفسير الرازي كنت لاحظ اتفاق الأسلوب تماماً، وأقول في نفسي: هل يمكن أن يتفق نفس شخص آخر وطريقته وأسلوبه بل وبعض عباراته وتراكيبه مع الرازي لهذه الدرجة؟
لكن لفرط قناعتي بصحة مقولة أن الرازي لم يكمله كنت أقول لعل المكمل استعان بنصوص للرازي سابقة في الآيات المكررة أو من كتب أخرى.
عموماً شكر الله لكما وسأبحث عن كتاب الدكتور الفاضل.
بالمناسبة: هل هو نفسه عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2004, 06:53 م]ـ
نعم هو الدكتور محسن عبدالحميد رئيس الحزب الإسلامي وعضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق حالياً(/)
لطائف قرآنية
ـ[محمد كالو]ــــــــ[30 Mar 2004, 08:23 ص]ـ
0000 FF
[ زورزوا موقعنا على الشبكة ( http://www.muhmmdkalo.jeeran.com/images/)
القرآن الكريم ظاهره أنيق وباطنه عميق، يحتوي بين دفتيه على كنوز ضخمة من الإشارات واللفتات، واللطائف والإيحاءات، والمعاني والحقائق والدلالات.
وتدبر آيات القرآن الكريم بلفتاته ولطائفه، نعمة عظيمة وغامرة لا يعرفها إلا من ذاقها، وكل ما يتعلق بالقرآن الكريم من تلاوة ودعوة، وحفظ وتدبر، وتفسير وتوجيه، ولطائف وإشارات، وبحوث ودراسات، كل ذلك عبادة لله تبارك وتعالى.
والقرآن الكريم لا يشبع منه العلماء، ولا يَمَلُّه الأتقياء، ولا تنقضي عجائبه، ولا يتصف بهذه الصفات إلا كتاب الله عز وجل.
وبالنسبة لتفسير القرآن الكريم فلا يمكن أن نقتصر على دراسات السابقين ـ ولا نستغني عن تفاسيرهم ـ ونحبهم ونقدر علمهم الأصيل، ومع ذلك نعتقد أن بعض المتأخرين، وقفوا على لطائف ودلالات قرآنية لم يلحظها السابقون، ومفهوم» ما ترك الأول للآخر! «يجب أن يصحح إلى» كم ترك الأول للآخر «.
بعض العلوم نضجت، ولا تقبل إضافة على قواعدها كالنحو والصرف،وأصول الفقه، وأصول الحديث، وبعض العلوم حية نامية، وتقبل كل إبداع وجديد، كعلم التفسير، وعلم الحديث،والبلاغة والأدب.
لا بدَّ من علماء يفسرون القرآن بلغة وأسلوب عصرهم، وفائدتنا لمن ينقض لنا ـ من خلال تفسيره ـ مذاهب فكرية معاصرة كالماركسية والماسونية والوجودية، أكبر بكثير من نقض الإمام الرازي مثلاً في تفسيره لأفكار المعتزلة.
إن لكل مفسِّرٍ أهدافه،ومنهجه وأسلوبه، بما يتفق مع قضايا ومشكلات عصره، ضمن ضوابط التفسير وقواعده، فباب التفسير باب لا يُغلَق! والتفسير فتوحات وفيوضات ربانية.
وسأذكر في هذا البحث بعض الأمثلة والشواهد، من اللطائف التي وقفت عند قراءتي لها، ورأيتها مفيدة جداً، ويجب أن يطَّلع عليها كل الناس، ومن الله تعالى أسأل الأجر والمثوبة.
1 ـ الحروف النورانية: الحروف المقطعة أوائل السور، للتحدي والإعجاز، وللإشارة إلى مصدر القرآن الكريم، وأنه كلام الله تعالى، حيث وضع بين أيدي الكافرين المادة الأولية، لصياغة وتركيب الكلام العربي، وهي حروف الهجاء، وكأنه يقول لهم: الحروف التي افتتحت بها السور نصف أسامي حروف المعجم (أربعة عشر حرفاً)، فمن زعم أن القرآن ليس بآية، فليأخذ الشطر الباقي، ويركب عليه لفظاً معارضة للقرآن.
والذي يرجح هذا الفهم للحروف النورانية ما يلي:
ـ عدد الحروف المقطعة بدون تكرار أربعة عشر حرفاً، وهو نصف عدد حروف الهجاء العربية عند من قال: إن حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته.
ـ يجمع هذه الحروف النورانية جملة لطيفة ذات دلالة، وهي قولك» نص حكيم قاطع له سر «ولهذا قال أبو بكر الصديق t : في كل كتاب سر، وسره في القرآن أوائل السور.
ـ عدد السور المفتتحة بهذه الأحرف تسع وعشرون سورة، على عدد حروف الهجاء العربية، والصحيح أنها تسعة وعشرون حرفاً، وذلك لأن الواضع جعل كل حرف من حروف المعجم صدر اسمه إلا الألف، فإنه لما لم يمكن أن يبتدأ به لكونه مطبوعاً على السكون فلا يقبل الحركة أصلاً، تُوصِّل إليه باللام، لأنها شابهته في الاعتداد والانتصاب، ولذلك يكتب على صورة الألف إلا إذا اتصل بما بعده ().
ـ والسور المفتتحة بالأحرف المقطعة مرتبة ترتيباً ملحوظاً مقصوداً:
أ ـ السور المفتتحة بأحرف» ألم «مرتبة ومسلسلة في المصحف في مجموعتين:
المجموعة الأولى: سورتا البقرة وآل عمران.
المجموعة الثانية: أربع سور متوالية: العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة.
ب ـ السور المفتتحة بأحرف» ألر «ست سور متوالية في المصحف وهي: يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر.
ج ـ مجموعة» الطواسين «وهي السور المفتتحة بأحرف» طس «أو» طسم «ثلاث سور متوالية أيضاً وهي: الشعراء، النمل، القصص.
د ـ مجموعة» الحواميم «وهي السور المفتتحة بحرفَيْ» حم «سبع سور متوالية في المصحف وهي: غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف.
ومن دقة القرآن الكريم تلك الخماسيات التي تشمل الفئات السبع التالية في افتتاحيات السور:
(يُتْبَعُ)
(/)
الفئة الأولى: خمس سور مفتتحة بالتحميد: الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر، وكلها مكية.
الفئة الثانية: خمس سور مفتتحة بالتسبيح: الحديد، الحشر، الصف، الجمعة، التغابن، وكلها مدنية.
الفئة الثالثة: خمس سور مفتتحة بألف لام راء: يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، وكلها مكية.
الفئة الرابعة: خمس سور مفتتحة بالنداء: النساء، المائدة، الحج، الحجرات، الممتحنة، وكلها مدنية.
الفئة الخامسة: خمس سور مفتتحة بنداء الرسول: الأحزاب، الطلاق، التحريم، المزمل، المدثر، وكلها مكية.
الفئة السادسة: خمس سور مفتتحة بالاستفهام: الدهر، الغاشية، الشرح، الفيل، الماعون، وكلها مكية.
الفئة السابعة: خمس سور مفتتحة بالأمر: الجن، الكافرون، الإخلاص، الفلق، الناس، وكلها مكية ().
2 ـ ترتيب السور المفتتحة بالتسبيح: السور القرآنية المفتتحة بالتسبيح ست وهي: الإسراء، والحديد، الحشر، الصف، الجمعة، التغابن، الأعلى.
وبالتأمل فيها نجدها مرتبة ترتيب اشتقاقات لا ترتيب تسلسل، لأن بينها سوراً أخرى.
الأصل في اشتقاقات أي كلمة مشتقة من المصدر، ثم الفعل الماضي، ثم الفعل المضارع، ثم فعل الأمر .. وهكذا: سبحان، سبَّحَ، يسبح، سبِّحْ، وحينما نمعن النظر في السور المفتتحة بالتسبيح فسنجدها مرتبة على هذا الأساس.
سورة الإسراء افتتحت بالمصدر:] سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً [() لأن المصدر هو الأساس في الاستعمال.
وسورة الحديد والحشر والصف افتتحت بالفعل الماضي:] سبَّحَ لله [().
وسورتا الجمعة والتغابن افتتحتا بالفعل المضارع:] يسبِّحُ لله ما في السموات وما في الأرض [().
وسورة الأعلى افتتحت بفعل الأمر:] سبِّح اسم ربك الأعلى [().
3 ـ هاء الرفعة وهاء الخفض:
ـ هاء الرفعة: هي الهاء المضمومة في كلمة (عليهُ) في قوله تعالى:] إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [().
الأصل أن تكون الهاء في» عليهِ «مكسورة، ولكن جاءت هنا مضمومة، والضم علامة الرفع، والمقام مقام رفعة، فكأن الرفعة أصابت الهاء في» عليه «فكان من غير المناسب أن تبقى مكسورة، لأن الكسرة لا تناسب هذا الجو، لذلك تحولت الكسرة إلى الضمة علامة الرفع، انعكس الجو على حركة الهاء، والآية أيضاً تتحدث عن الوفاء بالعهد والبيعة، ولما كان الوفاء بالبيعة دليل على صدق المبايع، وعلوِّ همته، ورفعة نفسه، وسمو خلقه،لذا جاءت الهاء مضمومة ()، وكأن علامة الرفع جاءت من قوله تعالى:
] يد الله فوق أيديهم [.
ـ هاء الخفض:وهناك هاء أخرى في القرآن الكريم، تقابل هاء الرفعة، وهي هاء الخفض، وهي الهاء التي دخل عليها حرف الجر» في «في قوله تبارك وتعالى:] وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [().
فقد نص علماء القراءات والتجويد على إشباع كسرة الهاء في قوله تعالى:] ويخلد فيه مهاناً [فتقرأ هكذا (ويخلد فيهي مهاناً) بالإشباع مع أن الهاء في مثيلاتها يكتفى بكسرتها، فلماذا مدت الهاء هنا أكثر من حركتين، إن وراء الهاء سراً دفيناً وعجيباً، وهو أن الذي دعا إلى هذا هو السياق الذي وردت فيه، فقد سبقها ذكر مجموعة من المعاصي والفواحش التي لا يفعلها عباد الرحمن، ثم ذكرت الآيات ما يترتب على هذه الكبائر من عقوبة، وهي العذاب المضاعف مهاناً ذليلاً خاسئاً، ولما نقرأ الآية ونصل إلى قوله تبارك وتعالى:] ويخلد فيه مهاناً [يصور الله تعالى لنا المشهد المهيب وكأننا نلحظ بأبصارنا إلقاء صاحب تلك المعاصي وهو يهوي في قاع جهنم، وحينما نمدُّ الهاء في
(يُتْبَعُ)
(/)
» فيه «أكثر من حركتين، كأن نفس القارئ ينزل إلى أسفل نحو رئتيه، وبذلك يساعد على الإنزال والخفض، وكأننا بهذا المد الخاص هنا فقط نساعد على إنزال المجرم في هوة جهنم، ومسارعة سقوطه فيها.
4 ـ ألف العزة وياء الذلة:
ـ ألف العزة: هي الألف في كلمة (عباد) التي وردت في القرآن الكريم حوالي مائة مرة، في معظمها وصف بها المسلمون المطيعون لله، لذلك لا نخطئ إذا قلنا: إن غالب كلمة (عباد) في القرآن يراد بها المسلمون المطيعون لله تبارك وتعالى.
كما قال تعالى:] وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [().
نمعن النظر في الألف الممدودة في وسط كلمة (عباد) نجدها توحي بالعزة والمنعة والرفعة والسمو، وكأنها مرفوعة الرأس بطاعة الله تعالى، منصوبة القامة باستمرار، وهذه العزة والرفعة والسمو نلحظها في حياة عباد الرحمن المطيعين لله تبارك وتعالى، وفي أخلاقهم ومعاملاتهم، يعيشون بعزة قوله تعالى:] أعزة على الكافرين [().
وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين ():
والله أكرمنا وأظهر ديننا و أعزنا بعبادة الرحمن
والله أهلكهم وفرق جمعهم و أذلهم بعبادة الشيطان
وما أجمل قول القائل:
ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدتُّ بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صَيَّرْتَ أحمد لي نبياً
ـ ياء الذلة: إذا كانت ألف» العباد «ألف عزة، فإن ياء» العبيد «هي ياء الذلة! وإذا كان غالب استعمال» عباد «في القرآن للمؤمنين، فإن كلمة» عبيد «في القرآن وردت وصفاً للكفار والعصاة،وردت كلمة» عبيد «خمس مرات في القرآن الكريم فقال الله تبارك وتعالى عن كفر اليهود:] لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [().
ونمعن النظر في المواضع الخمس نجد أن الله تعالى ذكر في ثلاث مواطن في:] وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() وهي تتحدث عن اليهود والكفار في الدنيا وأن الله ليس بظلام لهم يوم القيامة.
بينما ذكر في» سورة فصلت «بقوله:] وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() فكلمة ربك فيه خطاب لرسول الله r والآية تتحدث عن عدل الله في منح الثواب للمحسن، وإيقاع العذاب بالكافر.
وذكر في» سورة ق «قوله تبارك وتعالى:] وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [() بضمير المتكلم لأن الآية تتحدث عن موقف بين يدي الله تعالى مباشرة يوم القيامة.
وكلمة (ظلاَّم) المبالغة في (ظلاَّم) باعتبار الكمية لا الكيفية، وقيل (ظلاَّم) للنسب كعطَّار أي: لا ينسب إليه الظلم أصلاً،و ليس ربك بذي ظلم، وقيل: ذكر الظلاَّم بلفظ المبالغة لاقترانه بلفظ الجمع وهو» العبيد «، فذلك لرعاية جمعية العبيد، من قولهم: ظالم لعبده وظلاَّم لعبيده ()، وفيه تنبيه إلى أنه لا يظلم من يختص بعبادته،
ولا من انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد العزى ونحو ذلك ().
عود على بدء، ننظر في الآيات التي ذكرت ياء الذلة في» العبيد «فنجد أن التعبير عن الكفار بالعبيد يوحي بالذلة والصَّغَار، لأن الياء جاءت وسط الكلمة منبطحة ملقاة بذلة، فالكفار أذلاء جبناء ضعفاء مهانون، في حياتهم وأشخاصهم ومواقفهم، لا يريدون العزة والرفعة، ولا يشعرون بالكرامة والأنفة، تجدهم أحرص الناس على حياة، وتراهم يذلون أمام المتسلطين الظالمين، لذلك لازمتهم ياء الذلة ().
5 ـ ميِّت ... و ... ميْت: كلمتان متقاربتان، الأولى بالتشديد والثانية بالتسكين، فما هو السر الدفين في هذا التفاوت في التعبير؟ وما الفرق بين الكلمتين؟
أولاً لا ترادف في كلمات القرآن الكريم، أي لا توجد كلمتان في القرآن بمعنى واحد، بل لا بدَّ من فروق دقيقة بينهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
وربما عدل القرآن عن صورة إلى أخرى تختلف عن الأولى في عدد الحروف أو الترتيب أو الحركات، وهذا التغيير يكون مقصوداً، لذلك لا بدَّ من حكم ولطائف من هذا التعبير والتغيير.
الميِّت ـ بالتشديد ـ: هو غالباً ما يعبَّر به عن الحي الذي فيه الروح.
الميْت ـ بالتسكين ـ: هو الذي خرجت روحه منه.
فالميِّت: مخلوق حي، ما زال يعيش حياته، وينتظر أجله، فهو ميَّت مع وقف التنفيذ، ونرى هذا المعنى واضحاً في قوله تعالى وهو يخاطب رسوله الكريم r : ] إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون [().
الآية الكريمة تخاطب النبي r وتخبره بأنه سيموت، وأن خصومه الكفار سيموتون، فكل حي» ميِّت «حال حياته ينتظر حلول الأجل.
والميْت: هو المخلوق الذي مات فعلاً وخرجت روحه وأصبح جثة هامدة،وأطلق القرآن هذا اللفظ على:
البلد الميْت، فقال الله تعالى:] وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ [().
والبهيمة الميْتة، قال الله تعالى:] إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِه [().
والميْت: هو الإنسان الذي مات وخرجت روحه، وقد شبه الله تعالى الذي يغتاب أخاه بمن يأكل لحم ذلك الإنسان الميت فقال تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [().
والكافر: قلبه ميْت، فهو ميْت موتاً معنوياً، رغم أنه يتحرك ويتنفس، ميْت لخلو قلبه من الإيمان، وحياته من الاستقامة، ولا يحيي قلبه إلا الإيمان:] أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [().
ولعلنا نستشف هذه المعاني من حركات الكلمتين، فالميِّت: ياؤه مشددة، ويشير إلى إقبال الإنسان الحي على حياته الدنيا، وانهماكه فيها، وحرصه عليها بكل ما أوتي من قوة وشدّة.
أما الميْت: الذي خرجت روحه، فياؤه ساكنة غير متحركة، ولعلها إشارة إلى سكون هذا الإنسان وهدوئه بعد خروج روحه، وتوقفه عن الحركة، وقد قال الشاعر مفرِّقاً بينهما:
وَتَسْأَلُني تَفْسيرَ مَيْتٍ وَمَيِّتٍ فَدونَكَ ذا التفسيرُ إنْ كنتَ تَعْقِلُ
فَمَنْ كانَ ذا روحٍ فَذلِكَ مَيِّتٌ وَما المَيْتُ إلاَّ مَنْ إلى القَبْرِ يُحْمَلُ
6 ـ الكُره ... و ... الكَره: كلمتان متقاربتان في البناء والتركيب والحركات، ومتقاربتان أيضاً في المعنى.
فالكُره: المشقة المرغوبة، كتكليف القتال الشاق على النفس، ولكن النفس المؤمنة ترغبه وتطلبه رغم مشقته وصعوبته، لذلك وصف بأنه (كُره) بضم الكاف، أي ثقيل وشاق، ولكنه مرغوب ومطلوب مراد للمجاهدين الصادقين، وذلك لثماره الإيجابية في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى:] كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [().
ولما كان حمل المرأة شاق صعب متعب مرهق، يضعف جسمها، ويؤثر في أعصابها ونفسيَّتِها، وقد يصيبها بالأمراض أو تودي بحياتها.
علاوة على ذلك آلام المخاض، وأوجاع الطلق، ومشقة الولادة، ولكن رغم كل هذا فالمرأة ترغب في الحمل والإنجاب، وتستعذب هذه المشاق، وتطلب الحمل وتريده!!
ولهذا عبَّر القرآن الكريم عن حملها ووضعها بأنه» كُره «أي مشقة وصعوبة وثقل، فيه آلام وأوجاع وأخطار، لكنه مرغوب ومطلوب لدى المرأة، مقرونة باللذة والشوق، قال الله تعالى:] وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [().
(يُتْبَعُ)
(/)
فسبحان من جعل الحمل والإنجاب حاجة فطرية، في كل امرأة سليمة سوية، لتستمرَّ الحياة!!
والكَره: وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم خمس مرات، بمعنى: الإكراه والإجبار والقسر، قال الله تبارك وتعالى:] ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين [().
وقال عز وجل:] وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [().
فالكافر أسلم لله رغم أنفه، وهو كاره رافض، لذلك اعتبر استسلامه» كرهاً «بفتح الكاف.
ويسجد لله مكرهاً مجبراً، وليس هكذا استسلام المؤمن لله، ولهذا وصفه القرآن الكريم بأنه» طوعاً «وجعله مقابلاً ومضاداً لاستسلام الكافر وخضوعه الجبري لله تبارك وتعالى.
حتى إنفاق المنافقين لأموالهم رغم أنوفهم، إنفاق بسبب القسر والإكراه، وذلك لأنهم يريدون به التمويه على المسلمين، ولهذا وصف الله إنفاقهم بأنه» كَره «وأمرنا أن نقول لهم:] قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ [().
ونهى القرآن الكريم عن وراثة المرأة كالمتاع والأثاث فقال تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا [().
فقد كان الجاهلي إذا مات أبوه، ورث أمواله ومتاعه، ومن جملة ما يرث زوجة أبيه، فنهى الله تعالى عن هذا التصرف الجاهلي البشع وحرَّمه عليهم، والمرأة ترفض هذا التصرف وتكرهه، لأنه إجبار وقسر لها ولذا سماه الله تعالى في القرآن الكريم» كَرهاً «بفتح الكاف.
وقال الإمام الراغب الأصفهاني: الكَرْه: المشقة التي تنال الإنسان من خارج، فيما يُحمَلُ عليه بإكراه، والكُرْهُ: ما يناله من ذاته، وهو يعافه ().
7 ـ الجسم .. و .. الجسد: كلمتان متقاربتان في الحروف والمعنى، ولكن ما الفرق بينهما، يقال: الجسم: إذا كان فيه حياة وروح وحركة، والجسد: التمثال الجامد أو البدن بعد وفاته وخروج روحه.
قال الله تبارك وتعالى عن» طالوت «مبيناً مؤهلاته ليكون ملكاً على بني إسرائيل:
] قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ [().
وقال تعالى عن اهتمام المنافقين بأجسامهم على حساب قلوبهم:] وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَة [().
الآيتان تتحدثان عن الأحياء، فطالوت ملك حي، والمنافقون أحياء يتكلمون.
أما كلمة» جسد «فإنها تعني: البدن جثة هامدة، قال تعالى عن ابن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، الذي ولد ميتاً مشوهاً:] وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَاب [().
كما وصف القرآن العجل» التمثال «الذي صنعه» السامري «من الذهب لبني إسرائيل، ودعاهم إلى عبادته، مستغلاً غيبة موسى عليه السلام، فقال الله تبارك وتعالى:] وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَار [().
وبهذا نكون قد علمنا الفرق بين الجسم والجسد.
8 ـ همت به وهمَّ بها: أثبت القرآن الكريم لامرأة العزيز مراودتها ليوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال الله تعالى:] وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ. وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [().
ولكن هل همَّ يوسف بها كما همت به، بعض المفسرين نسب الهمَّ ليوسف عليه السلام بامرأة العزيز،وذهب إلى أن همه كان هم الفاحشة، ومعلوم أن الأنبياء معصومون عن الخطأ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنهم من نفى عن يوسف همَّ الفاحشة، واعتبره همَّ الضرب، أي همَّ بضربها ورفع يده عليها، ولكنه لم يضربها لأنه رأى برهان ربه، وهو شعوره بالخجل من ضربها، لأنه لا يليق برجل أن يضرب امرأة، فكيف إذا كانت سيدته!
ولا أرى الهمَّ بالفاحشة لأنه منزه عن ذلك، ولا همَّ بالضرب لعدم توفر الأدلة على ذلك، ولكن تركيب الآية توحي بأنه لم يهمَّ بها، وتنفي عنه الهمَّ قال الله تعالى:] وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ. وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ [فحرف» الواو «هنا استئنافية وليست عاطفة، ويجب الوقوف على الضمير في» به «ثم يستأنف القارئ:] وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ [، وجملة» هَمَّ بها «جواب الشرط، لحرف الشرط» لولا «مقدَّم عليها، فتصبح الجملة هكذا:» لولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها «.
ومعلوم أن (لولا) حرف امتناع لوجود، فيمتنع تحقق جواب الشرط وهو» همَّ بها «لوجود فعل الشرط وهو» أن رأى برهان ربه «.
وبرهان ربه عز وجل هو: إيمانه القوي بالله تعالى، وشعوره بمراقبته، وحرصه على عدم مخالفته، واجتنابه للمعاصي والذنوب.
9 ـ معجزات عددية في سورة القدر: تتحدث سورة القدر عن فضل ليلة القدر، وتخبر أن إنزال القرآن كان في ليلة القدر، وتبيِّن أنها خير من ألف شهر، وحثنا النبي r على إحياء تلك الليلة فقال عليه الصلاة والسلام: ((من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) ().
سورة القدر هذه تحتوي على إشارات عظيمة وعميقة منها:
ـ كلمة» القدر «مؤلفة من خمسة أحرف، وكأنها تشير إلى أركان الإسلام الخمسة.
ـ تحتوي هذه السورة على خمس آيات، وكأنها تحث الأمة على المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في بيت من بيوت الله تبارك وتعالى.
حافظ على صلواتك الخمسِ فكم من مصبح وعساه لا يمسي
واستقبل يومك بذكر الإله تمحو به ما كان بالأمسِ
ـ كما أن هذه السورة تحتوي على ثلاثين كلمة، بعدد أيام شهر رمضان الكريم وهي تحث الأمة على محافظة صيام هذا الشهر الكريم.
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأدِّ حقه قولاً وفعلاً وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوَّهَ نادماً عند الحصاد
ـ وتحتوي هذه السورة على مائة وأربعة عشر حرفاً، بعدد سور القرآن الكريم، وكأنها تحث الأمة على تلاوة هذا الكتاب المجيد، الذي أنزل في هذا الشهر الكريم.
كلام قديم لا يمل سماعه تنزه عن قول وفعل ونية
به أشتفي من كل داء ونوره دليل لعقلي عند جهلي وحيرتي
فياربِّ متعني بسرِّ حروفه ونوِّر به سمعي وقلبي ومقلتي
ـ وفيها إشارة إلى أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين، وذلك لأن جملة» ليلة القدر «مكونة من تسعة أحرف، ومكررة ثلاث مرات، ولعل الحكمة من ورودها ثلاث مرات هي الإشارة إلى تعيين الليلة، فحاصل ضرب عدد الحروف بعدد المرات، نستنتج تعيين الليلة: 9 × 3 = 27 وهي ليلة القدر.
ـ وذكرنا أن عدد كلمات هذه السورة ثلاثون كلمة، على عدد أيام الشهر الكريم، ورقم كلمة» هي «الضمير المنفصل الذي يعود على ليلة القدر، هو السابع والعشرون في عدِّ الكلمات، وكأن الآية تنطق بأن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين، والله تعالى أعلم.
10 ـ فأردتُّ .. فأردنا .. فأراد ربك: في سورة الكهف ذكرت هذه الكلمات الثلاث قال تعالى في الآية الأولى عن السفينة:] أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا [().
حيث أضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب، لأنها لفظة عيب فتأدب، بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه، كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله:] وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين [() فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تبارك وتعالى، وأسند إلى نفسه المرض، إذ هو معنى نقص ومصيبة، فلا يضاف إليه سبحانه وتعالى من الألفاظ إلا ما يستحسن منها دون ما يستقبح، وهذا كما قال تعالى:] بيدك الخير [() فاقتصر عليه، ولم ينسب الشر إليه، وإن كان بيده الخير والشر، والنفع والضر، إذ هو على كل شيء قدير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولله تعالى أن يسند إلى نفسه ما يشاء، ويطلق عليا ما يريد، ولا نطلق نحن إلا ما أذن لنا فيه من الأوصاف الجميلة، والأفعال الشريفة، جل وتعالى عن النقائص والآفات علواً كبيراً.
الآية الثانية قال الله تعالى فيها عن الغلام:] وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا. فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا [().
(فأردنا) وكأنه أضاف القتل إلى نفسه، والتبديل إلى الله تبارك وتعالى، والأشد كمال العقل والخلق، فأبدلهما الله تعالى ابنة، فتزوجها نبي، فولدت له اثنا عشر غلاماً كلهم أنبياء.
والآية الثالثة تتحدث عن الجدار قال الله تعالى:] وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا [().
حيث أسند الإرادة في الجدار إلى الله تبارك وتعالى، لأنها في أمر مستأنف في زمن طويل، وغيب من الغيوب، فحسن إفراد هذا الموضع بذكر الله تعالى، وإن كان الخضر ـ عليه السلام ـ أراد ذلك، فالذي أعلمه هو الله تبارك وتعالى أن يريده.
وقيل: لما كان ذلك خيراً كله أضافه إلى الله تعالى.
وقيل: أسند الإرادة إلى الله تعالى ههنا لأن بلوغهما الحلم لا يقدر عليه إلا الله عز وجل] فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا [والله أعلم ().
11 ـ خشية إملاق نحن نرزقهم .. من إملاق نحن نرزقكم: الفرق شاسع وواسع بين الكلمتين، لذلك نجد أن القرآن الكريم عبَّرَ مرة هكذا ومرة هكذا.
فقال الله تعالى:] وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [().
وقال في آية أخرى:] وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم [().
ففي الآية الأولى قدم رزق المخاطبين وهم الآباء، على رزق أولادهم، لأن الفقر موجود بالفعل، وهو السبب المباشر لقتل الأولاد، وما دام الفقر موجود بالفعل، فالإنسان يكون مشغولاً برزق نفسه قبل أن يشغل برزق ولده، وهنا يطمئنه الله تعالى على رزقه فيقول:] نحن نرزقكم [يا أصحاب الإملاق وإياهم، فنأتي برزقهم أيضاً.
أما الآية الثانية، فالفقر غير موجود بالفعل، وإنما هو متوقع، فهم يخافون إن جاء لهم أولاد أن يأتي الفقر معهم، فيقول تعالى:] نحن نرزقهم [نحضرهم ونحضر معهم رزقهم، ونرزقكم أنتم أيضاً ().
12 ـ السارق والسارقة .. الزانية والزاني: قدم السارق على السارقة،لأن السرقة وقوعها من الرجل أغلب،لأنه أجرأ عليها،وأجلد وأخطر،فقدم عليها لذلك.
قال الله تعالى:] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم [().
وقدم الزانية على الزاني،لأن الزنى من المرأة أقبح، وجرمه أشنع، لما يترتب عليه من تلطيخ فراش الرجل، وفساد الأنساب، وإلحاق العار بالعشيرة، ثم بعد كل هذا، الفضيحة بالنسبة للمرأة (بالحمل) تكون أظهر وأدوم،لذا قدمت على الرجل.
قال الله تعالى:] الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [().
قال القرطبي في تفسيره: قدمت الزانية في هذه الآية،من حيث كان في ذلك الزمان زنى النساء فاشٍ، وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات،وكن مجاهرات بذلك،
وقيل: لأن الزنى في النساء أَعَر ()،وهو لأجل الحَبَلِ أَضَر،وقيل: لأن الشهوة في المرأة أكثر،وعليها أغلب،فصَدَّرَها تغليظاً لتُرْدِعَ شهوتَها،وإن كان قد ركب فيها حياء، ولكنها إذا زنت ذهب الحياء كله.
وأيضاً فإن العار بالنساء ألحق، إذ موضوعهن الحجب والصيانة، فقَدَّمَ ذكرَهنَّ تغليظاً واهتماماً ().
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن قلتَ: فلِمَ قدم الرجل في قوله تعالى:] الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [()؟؟
قلتُ: لأن تلك الآية في الحد والزنى، وهي في المرأة أقوى، وهذه الآية في حكم النكاح، والرجل هو الأصل فيه، لأنه الراغب والمبادر في الطلب، بخلاف الزاني فإن الأمر فيه بالعكس غالباً ().
13 ـ القاسط .. و ... المقسط: كلمتان متقاربتان في الحروف، ولكن الفرق بينهما في المعنى واسع وشاسع، قال الله تعالى:] وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [().
فالقاسط: هو الجائر، والظالم الذي عدل عن القسط، وانحرف عن العدل.
والمقسط: هو العادل، والله تعالى يحب المقسطين، ويبغض القاسطين،قال الله تعالى:
] وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين [().
كلمة قاسط: من الفعل الثلاثي قسط، بينما كلمة مقسط: من الفعل الرباعي أقسط، فكأن الهمزة في» أقْسَط «للَّسلْب، كما يقال: شَكا إليه فأشْكاه، فالهمزة جعلت بين الفعلين فرقاً كبيراً في المعنى، فرق تضاد.
هذه تأملات في كتاب الله تبارك وتعالى، أردتُّ أن أوضح من ورائها بعض ما ينطوي عليه هذا الكتاب المعجز من روعة البيان، والذي قصدت إليه هو أن أنال رشفة من بحر هذا البيان الإلهي، أمتع بذلك الخاطر والنفس، وأسعد الفكر والخيال، وحسبي، وحسب القارئ أن نقف من وراء ذلك، وقفة المتأمل الخاشع عند شاطئ هذا اليم العظيم، نمتع البصر ونرهف السمع لهذا الذي سجد لبيانه البيان.
حكى الأصمعي قال: سمعت جارية أعرابية تنشد وتقول:
أستغفر الله لذنبي كله قبلت إنساناً بغير حله
مثل الغزال ناعماً في دله فانتصف الليل ولم أصله
فقلت: قاتلك الله ما أفصحكِ؟!
فقالت: أَوَيُعَدُّ هذا فصاحة مع قوله تعالى:] وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه [الآية فجمع في آية واحدة بين أمرَيْن (أرضعيه وألقيه) ونهيَيْن (لا تخافي ولا تحزني) وخبريْن (وأوحينا ـ فإذا خفت عليه) وبشارتَيْن (رادُّوه وجاعلوه) ().
فكم من حقيقة جاثمة وراء حدود دلالة النطق والكلام، وكم من جمال وجلال يظهر من ثنايا الكلمة الصادقة التي تتناول من المعنى سطحه وأعماقه وسائر صوره وخصائصه.
وهذا الوليد بن المغيرة ـ عدو الإسلام والقرآن، والحق ما شهدت به الأعداء، يقول عن هذا الكتاب المنير لما سمعه من النبي r : والله لقد سمعت منه كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر.
لذا أحببت أن يتذوق القارئ هذا السمو الرائع في كلام الله رب العالمين. [/ font][/size][/size][/size]
ـ[محمد كالو]ــــــــ[30 Mar 2004, 08:34 ص]ـ
1 ـ انظر البرهان في علوم القرآن، للزركشي، تعليق مصطفى عبد القادر عطا، دار الفكر بيروت 1408 هـ 1988 م، الطبعة الأولى: 1/ 226.
2 ـ مجلة كلية الدعوة الإسلامية الليبية، العدد الثامن 1991م» الإعجاز في الأسلوب القرآني «فرج علي حسين: 343 ومجلة العلم والإيمان التونسية العدد 61 يناير 1991 م: 81.
3 ـ الإسراء: 1.
4 ـ الحديد والحشر والصف:1.
5 ـ التغابن: 1.
6 ـ الأعلى: 1.
7 ـ الفتح: 10.
8 ـ لطائف قرآنية، د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، الطبعة الثانية، دار القلم 1419 هـ 1998 م: 47.
9 ـ الفرقان: 68 ـ 69.
10 ـ الفرقان: 63.
11 ـ المائدة: 54.
12 ـ انظر» السيرة النبوية «لابن هشام، دار الجيل، بيروت 1411هـ.
13 ـ آل عمران: 181 ـ 182.
14 ـ اتظر آل عمران: 182 والأنفال: 51، والحج: 10.
15 ـ فصلت: 46.
16 ـ ق: 29.
17 ـ انظر تفسير النسفي» مدارك التنزيل وحقائق التأويل «لأبي البركات عبد الله النسفي: 3/ 97، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي، دار إحياء التراث العربي بيروت:
14/ 215، وفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، للشوكاني، دار الفكر بيروت: 5/ 77.
(يُتْبَعُ)
(/)
18ـ انظر المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني تحقيق: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ 1998 م: 323.
19 ـ انظر لطائف قرآنية، د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، الطبعة الثانية، دار القلم 1419 هـ 1998 م: 60.
20ـ الزمر: 30 ـ 31.
21 ـ يس: 33.
22 ـ المائدة: 3.
23ـ الحجرات: 12.
24 ـ الأنعام: 122.
25 ـ البقرة: 216.
26 ـ الأحقاف: 15.
27 ـ فصلت: 11.
28 ـ الرعد: 15.
29 ـ التوبة: 53.
30 ـ النساء: 19.
31ـ انظر المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني تحقيق: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة بيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ 1998 م: 429.
32 ـ البقرة: 247.
33ـ المنافقون: 4.
34ـ ص: 34.
35 ـ الأعراف: 148.
36 ـ يوسف: 23 ـ 24.
37 ـ رواه البخاري في كتاب الإيمان باب قيام ليلة القدر من الإيمان برقم: / 34 / ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح برقم: / 1268 / والترمذي في كتاب الصوم عن رسول الله باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم: / 619 / والنسائي في كتاب الصيام باب ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً برقم: / 2164 / وأبو داود في كتاب الصلاة باب في قيام شهر رمضان برقم: / 1165 / وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم: / 6873 / والدارمي في كتاب الصوم باب في قيام رمضان برقم: / 1711 /.
38 ـ الكهف: 79.
39 ـ الشعراء: 80.
40 ـ آل عمران: 26.
41 ـ الكهف: 80 ـ 81.
42 ـ الكهف: 82.
43 ـ انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، دار الشعب، القاهرة، 1372هـ الطبعة الثانية، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني: 11/ 39.
44 ـ الأنعام: 151.
45 ـ الإسراء: 31.
46 ـ التحرير والتنوير للشيخ الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر: 15/ 88 وإعجاز القرآن، للشيخ محمد متولي الشعراوي، دار الشروق: 125.
47ـ المائدة: 38.
48 ـ النور: 2.
49ـ أعر: أي أكثر إثماً، قال في لسان العرب: والمَعَرَّةُ: الإِثم، وفي التنزيل:] فتُصِيبَكم منهم مَعَرَّة بغير عِلْم [قال ثعلب: هو من الجرب، أَي يصيبكم منهم أَمر تَكْرَهُونه في الدِّيات، وقيل: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه كجناية العَرِّ وهو الجرب.
50ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، دار الشعب، القاهرة 1372 هـ، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني:
12/ 160.
51 ـ النور: 3.
52 ـ انظر: فتح الرحمن لما التبس من القرآن، للشيخ زكريا الأنصاري.
53 ـ الجن: 15.
54 ـ الحجرات: 9.
55 ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، دار الشعب، القاهرة 1372 هـ، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني:
13/ 252.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 05:37 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي محمد كالو على هذه التأملات الجيدة، وأسأل الله لك التوفيق.
وما ذكرته جيد في أكثره، وقد نختلف في بعض ما ذهبتم إليه، غير أنني قد أعجبني تفريقكم بين ميت بالتخفيف والتشديد. أسأل الله لكم السداد، والبصيرة بكلامه سبحانه وتعالى.
ولعل الأخ الكريم الأستاذ محمد إسماعيل عتوك، يشاركنا في التعليق على هذه التأملات إن اتسع وقته لذلك، ولا سيما القول بأن الواو في قوله تعالى: (وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) للاستئناف.
وقد صوتت لموضوعكم بدرجة (ممتاز) تقديراً لكثير من وقفاتكم العلمية، وأعجبتني فكرة التصويت على الموضوع، ولم يسبق لنا أن قمنا بمثل هذه الفكرة في ملتقى أهل التفسير، فجزاك الله خيراً على هذه الفكرة، التي قد تروق لبعضنا.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[02 Apr 2004, 10:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في أخينا على ما جمعه لنا من لطائف قرآنية ..
ولي تعليق على موضوعي (هاء الرفعة والخفض) و (الفرق بين ميت وميّت) ...
فالعالم بالقراءات يرفض مثل هذا الاستنتاج المبني على وجه واحد من القراءة، قرأ بخلافه النبي صلى الله عليه وسلم، وغالب القراء!!
فهل ينتفي الاستنتاج باختلاف وجه القراءة، وكله قرآن؟؟
ـ[الخالد]ــــــــ[04 Apr 2004, 03:33 م]ـ
أشكرك أخي على هذا الموضوع، وحقًا لكل شيء من اسمه نصيب
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[04 Apr 2004, 10:29 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل عبد الرحمن الشهري حفظه الله!
نزولاً عند رغبتك يا أخي، أشارك في التعليق على بعض ما ورد في لطائف بيانية للأخ محمد كالوا 0 وجزاه الله تعالى عنا كل خير على ما بذله من جهد ملحوظ، في جمع هذه اللطائف الدقيقة00 وابتداء أتوجه إلى الأخ محمد كالو بالسؤال الآتي:
ما الفرق بين (بلد ميِّت) - بتشديد الياء- وبين (بلدة ميْتًا) - بتخفيف الياء- في قوله تعالى:
{وهو الذي يرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابًا ثقالاً سقناه لبلد ميِّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون} [الأعراف:57] 0
وقوله تعالى: {وهو الذي أرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورًا* لنحيي به بلدة ميْتًا ونسقيه مما خلقنا أنعامًا وأناسي كثيرًا} [الفرقان:48 - 49]؟
أما عن الواو في (وهم بها) من قوله تعالى: {ولقد همت به وههم بها لولا أن رأى برهان ربه} فالظاهر أنها واو العطف00 ولعلماء النحو والتفسير في هذه الآية أقوال، أحدها ما ذكره الأخ محمد؛ وهو قولهم: ولقد همت به0 ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها0
وإلى هذا المعنى ذهب قطرب (وهو أحد تلامذة سيبويه)، وكذلك الشيخ محمد بن عطية0 وأنكر قوم هذا المعنى؛ منهم ابن الأنباري، وقالوا: تقديم جواب (لولا) عليها شاذ ومستكره، لا يوجد في فصيح كلام العرب، خلافًا لعلماء الكوفة00 ولهذا قالوا: جواب (لولا) محذوف0 قدره الزجاج بقوله: لولا أن رأى برهان ربه، لأمضى ما هم به00 وقدره ابن الأنباري بقوله: لولا أن رأى برهان ربه، لزنا0
وفي الحقيقة أن هذين القولين لا وزن لهما، ولا قيمة في علم العربية والتفسير0 ولعل الصواب من القول فيما نذكره من المعنى0 إن شاء الله تعالى00 وبيانه: أن الهمَّ في اللغة - كما ذهب إليه المحققون - هو نوعان:
همٌّ ثابتٌ؛ وهو ما كان معه عزم، وعقد، ورضا، مثل هم امرأة العزيز بيوسف عليه السلام00 وهم عارضٌ؛ وهو الخطرة، وحديث النفس، من غير اختيار، ولا عزم، مثل هم يوسف عليه السلام0 والأول معصية، وليس كذلك الثاني0 قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} 00 ولأن هم يوسف- عليه السلام- ليس بمعصية، وحاشاه من ذلك- مدحه الله تعالى بقوله في آخر الآية: {إنه من عبادنا المخلصين} 0 ومما يدل على صحة هذا المعتى: أن هم زليخة بيوسف هم مطلق0 أما هم يوسف- عليه السلام- فهو هم مقيَّد ب (لولا) الشرطية0 وبيانه: أن قوله تعالى: {وهم بها} جملة قائمة بنفسها، مستقلة بذاتها؛ ولكنها مقيَّدة بالعبارة الشرطية التي تتقدمها أداة الشرط (لولا)؛ وهي قوله تعالى: {أن رأى برهان ربه} 0 وهذا ما يجعل الهم من يوسف- على حقيقته- ممتنعًا؛ وذلك بتقييده بـ (لولا) دون غيرها من أدوات الشرط0 ولهذا جاء في البحر المحيط لأبي حيان: (أنه لم يقع منه- عليه السلام- همٌّ ألبتة، بل هو منفيٌّ، لوجود رؤية البرهان؛ كما تقول: قارفتَ الذنب لولا أن عصمك الله تعالى0 ولا تقول: إن جواب (لولا) متقدم عليها، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك) 0
ومن قبله قال ثعلب- وهو تلميذ للفراء: (همت زليخة بالمعصية، وكانت مصرة، وهم يوسف، ولم يوقِع ما هم به0 فبين الهمين فرقٌ) 0
وفي هذا القدر كفاية لمن أراد الهداية، وبالله المستعان، والحمد لله رب العالمين0
محمد إسماعيل عتوك
ـ[محمد كالو]ــــــــ[05 Apr 2004, 08:59 ص]ـ
الأخ محمد إسماعيل عتوك المحترم
أشكرك على هذا التعليق، وخاصة تفصيل أقوال العلماء حول الواو في قوله تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} وحتى تتلاقح الآراء وتتناكح الأفكار، عسى أن تتولد بشيء جديد ومفيد أقول:
سؤالك يا أخي: ما الفرق بين (بلد ميِّت) - بتشديد الياء- وبين (بلدة ميْتًا) - بتخفيف الياء- في قوله تعالى:
{وهو الذي يرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابًا ثقالاً سقناه لبلد ميِّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون} [الأعراف:57] 0
وقوله تعالى: {وهو الذي أرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورًا* لنحيي به بلدة ميْتًا ونسقيه مما خلقنا أنعامًا وأناسي كثيرًا} [الفرقان:48 - 49]؟
جوابه:
أن الله سبحانه وتعالى تحدث في الآية الأولى عن (بلد ميِّت) بتشديد الياء: وهو غالباً ما يعبر به عن الحي الذي فيه الروح، ولكنه سوف يموت، وقد شبه الله تعالى هذا البلد بالإنسان الذي أشرف على الموت فأدركته رحمة الله تعالى فلن تخرج روحه بعد، وهو ينتظر حلول الأجل، وما أقرب هذا المعنى من (الأرض الخاشعة) في قوله تعالى:] وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير [(فصلت: 39).
والأرض الخاشعة هي الأرض الذليلة التي فيها حياة ونبات ولكنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتترنح على شفا جرف هار، تستغيث بخشوع وتذلل وانكسار وذبول لما أصابها من جفاف وقلة ماء.
والآية الثانية: (بلدة ميْتًا) - بتخفيف الياء- شبه الله تعالى هذه البلدة بالإنسان الذي مات فعلاً وخرجت روحه منه، وأصبح جثة هامدة، لذلك قال (لنحيي به بلدة ميْتًا).
وما أقرب هذا المعنى من (الأرض الهامدة) التي لا حياة فيها، قال الله تعالى:] وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج [(الحج: 5) فالأرض الهامدة: هي التي لا يكون فيها حياة ولا نبت ولا عود ولم يصبها مطر.
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــ
محمد محمود كالو ـ ماجستير في التفسير وعلوم القرآن
www.muhmmdkalo.jeeran.com/images/
muhmmdkalo@al-islam.come-mail 1 :
muhmmdkalo@jeeran.come-mail 2 :
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[05 Apr 2004, 04:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00 أما بعد0
جوابك عن سؤالي مقنع 0 هذا ما أراه أنا00 وقد يرى غيري خلاف ذلك00 وأحب أن أضيف إليه: أن في قوله تعالى: {سقناه إلى بلد ميت} - من آية الأعراف السابقة- قراءتان: الأولى بتشديد الياء؛ وهي قراءة الجمهور0 والقراءة الثانية بتخفيف الياء؛ وهي التي يسمونها بالقراءة الشاذة، وما هي بشاذة؛ إلا من حيث أنه لا تجوز القراءة بها0 وبهذه القراءة تستوي الآيتان في المعنى0 وأقصد آية الأعراف/57، وآية الفرقان/49 0
وليس في هذا ما يضير، كما يفهم من تعليق الأخ الدكتور خالد عبد الرحمن؛ لأنه لا يؤدي إلى تصادم في المعاني، أو تضاد فيها00 وبالمناسبة فإني أحيي الدكتور خالد بتحية الإسلام، وأشكره على جهوده الطيبة0
وأضيف أخيرًا أن الميْتة من الحيوان- بتسكين الياء- ما زالت روحه بغير تذكية؛ ولهذا حرم الله تعالى أكلها بقوله: {حرِّمت عليكم الميتة00 إلخ الآية} 0
محمد إسماعيل عتوك
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[06 Apr 2004, 01:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو تصحيح الخطأ الذي وقع سهوًا مني ومن الأخ محمد كالو في آية الفرقان/48 وهو قوله تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح} 0 والصواب: {وهو الذي أرسل الرياح} 00 مع جزيل الشكر0
محمد إسماعيل عتوك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Apr 2004, 06:55 ص]ـ
تم التصحيح جزاكم الله خيراً.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[06 Apr 2004, 08:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
أخي في الله محمد اسماعيل، و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... وبعد؛
شكر الله لك ثناءك، وحسن ظنك.
أنا لم أقل بالتضاد بين المعاني، والمعنى جميل واضح ... لكن،
يجدر بنا ان نسأل انفسنا حين نلحظ مثل هذه اللطيفة القرآنية في رواية حفص، عن انسجامها مع جميع أوجه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم!
ففي ذلك تثبيت للمعنى أو صرف له عن فهمنا.
فماذا سيكون موقفنا لو سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: (أو من كان ميتا فأحييناه) بتشديد الياء .. ثم اذا ما جاء على (حرمت عليكم الميتة) لم يشدد الياء؟؟؟
و كله قرآن متواتر.
أظن أن المعنى سيكون حقا لو لم يكن لهذه القراءة، وجه آخر والله أعلم
وجزى الله الجميع خيرا
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[06 Apr 2004, 11:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليك أخي خالد، ورحمته وبركاته.
أما بعد .. فيا أخي الكريم أنا لم أتقول عليك بشيء.
أنت قلت: (فالعالم بالقراءات يرفض مثل هذا الاستنتاج المبني على وجه واحد من القراءة، قرأ بخلافه النبي صلى الله عليه وسلم، وغالب القراء!! فهل ينتفي الاستنتاج باختلاف وجه القراءة، وكله قرآن؟؟)
وأنا أجبت عن تساؤلك بقولي: (وليس في هذا ما يضير)، ثم عللت لإجابتي- بخصوص اختلاف القراءتين- بقولي: (لأنه لا يؤدي إلى تصادم في المعاني، أو تضاد فيها).
وعلى كل حال إذا كنت قد فهمت من كلامي ما ذكرت، فأنا أعتذر إليك .. وأحب أن تعلم يا أخي أن الموت- كما ذكر علماء اللغة- أربعة أنواع:
الأول: عبارة عن زوال القوة الحيوانية، وإبانة الروح عن الجسد. ومنه قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} - {وأحيينا به بلدة ميْتًا}، بتخفيف الياء.
والثاني: عبارة عن زوال القوة الحاسة. ومنه قوله تعالى: {يا ليتني مت قبل هذا}.
والثالث: عبارة عن زوال القوة العاقلة. ومنه قوله تعالى: {أومن كان ميتًا فأحييناه} - {إنك لا تسمع الموتى}.
والرابع: عبارة عن الحزن المكدِّر للحياة؛ وإياه قصد بقوله تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميِّت}.
والخامس: عبارة عن المنام .. فقد قيل: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل. وعلى هذا النحو سماهما الله تعالى توفيًا، فقال: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} - {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}.
فقوله تعالى: {أومن كان ميتًا فأحييناه} قرىء بتخفيف الياء، وبتشديدها. فمن قرأه بالتخفيف، فقراءته تحمل على النوع الأول من أنواع الموت. ومن قرأه بالتشديد، فقراءته تحمل على النوع الثالث. ويمكن حملها على الوجه الخامس .. ولا ضير في ذلك إن شاء الله؛ لتقارب هذه المعاني.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ما عنيته يا أخي بقولي المذكور أعلاه .. أسأل الله تعالى لي ولك ولجميع المؤمنين العفو والعافية. والحمد لله رب العالمين.
أخوكم
محمد إسماعيل عتوك
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[12 Sep 2010, 12:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
جزى الله خيرا الأخ محمد كالوا على هذه اللطائف، ولي وجهة نظر في مسالة هم يوسف عليه السلام، إذ أننا نسعى لفهم الآية على أن مجرد الهم لم يحصل من يوسف عليه السلام لاعتبار أنه نبي، فما المانع أن نقول بحصول الهم من يوسف أصلا؟ اي أنه هم بنفسه لكن رؤية برهان ربه حالت بينه وبين وقوع ما هم به، إذ المحاسب عليه هو الفعل وليس الهم، لأن الهم حديث النفس كما بين الإخوة آنفا؟ وهل يحاسب المرء على هم النفس أصلا؟ ومن جهة أخرى: القول بوقوع الهم من غير فعل من يوسف عليه السلام أقرب في نظري إلى الهدف من ذكر هذا الموقف في حياة هذا النبي الكريم، وذلك أن نقول: إنه قد حصل معه ما يحصل مع سائر البشر عند اتقاد الشهوة بداخله، ومع هذا لم يقدم على الفعل لأنه استشعر الخوف من الله، وهذه هي العبرة، أن المؤمن هو من إذا عرض له مثل هذا الموقف تراه يفزع إلى الله ولا يتابع ما همت به نفسه، ويشهد بذلك كلام سيد المرسلينصل1 في حديث من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجل دعته امراة ذات مال وجمال فقال إني أخاف الله) فهل يقال أن مجرد الهم لم يقع من هذا الرجل؟! كذلك إذا نفينا مجرد الهم عن يوسف عليه السلام فأين مشهد البطولة التي يريد النص القرآني أن يصوره لنا في سيرة يوسف عليه السلام؟ رجل ليس عنده مجرد الهم بالنساء، من الطبيعي أن لا يقترب منها، ولن يكون عندها في عدم وقوع الفاحشة منه أي عبرة إذ لا يوجد الدافع البشري أصلا، ولكن ما أراه هو أن الهم وقع من يوسف ولم يقع الفعل، والمانع هو برهان الله الذي رآه - ايا كان المراد بمعنى (برهان ربه) - ومن المؤكد أنني اعني بالهم الاستعداد البشري الغريزي الحاصل للرجل في مثل هذه المواقف، ولا أعني بالهم نيته المبيتتة للعصيان كما هو حال امرأة العزيز.
هذا ما استخلصته بعد دراسة طويلة لكتب التفسير، فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وكتاب الله منه براء.
وجزى الله كل من شارك هنا خير الجزاء على ما بذوله من أوقاتهم وفكرهم في سبيل ان يدرك التالي لهذا الكتاب العزيز بعض ما يحويه من أسرار وعجائب لا تقود إلا للهداية والخير.(/)
ضرب مثل لمغزى سورة البقرة
ـ[أبو علي]ــــــــ[30 Mar 2004, 11:05 ص]ـ
الكتاب العزيز أحكمه الله العزيز الحكيم، وفهم مراده يتطلب إختيار مثل حكيم مناسب لما يراد فهمه من القرآن.
إليكم هذا المثل:
طلب التلاميذ من أستاذهم أن يدلهم على الوسيلة إلى النجاح، فاختار الأستاذ أحد التلاميذ وكتب له كل ما يريد قوله من نصح وإرشاد إلى الوسيلة، فعاد ذلك التلميذ المختار إلى زملائه وقرأ عليهم رسالة
الأستاذ التي جاء فيها ما يلي:
أيها التلاميذ: إن طريق النجاح سيكون بلا ريب من نصيب المذاكرين
الذين يثابرون على مراجعة دروسهم الذين يسهرون الليالي في حل التمارين. هؤلاء هم الذين يكتب لهم النجاح. أما الكسالى الذين يتغيبون عن الحصص فإن الرسوب مصيرهم.
أيها التلاميذ: احذروا الملاهي التي تصدكم عن الاهتمام بمذاكرة دروسكم مثل تضييع الوقت لمشاهدة المسلسلات والأفلام التلفزيونية.
واحذروا رفاق السوء من الناس الذين يريدون أن يغووكم لتزلوا فتخسروا.
أيها التلاميذ: ذاكروا جيدا دروس الرياضيات وراجعوا دروس الكيمياء والفيزياء، ولا تنسوا كتاب الأحياء ...... )
كان هذا هو نص رسالة الأستاذ التي قرأها التلميذ النجيب.
ولقد ضربتها مثلا ولله المثل الأعلى لفهم مغزى سورة البقرة التي تعتبرا ملخصا للقرآن الكريم.
أما طلب بيان وسيلة النجاح فضربتها مثلا لطلب الهدى.
وأما وسيلة النجاح التي هي من نصيب المجتهدين المذاكرين فضربت مثلا للهدى الذي هو من نصيب المتقين.
وأما الدروس التي يجب مذاكرتها فضربت مثلا لفرائض التقوى التي شملتها سورة البقرة من أوامر: إقامة الصلاة، الأمر بصيام رمضان،
بيان شعائر الحج، الأمر بالزكاة والصدقات وإنفاق مما رزق الله وغير ذلك من مسائل التقوى.
وأما الملاهي اللتي تلهي عن الواجب فضربت مثلا عن عداوة الشيطان
وإغواءه والنهي عن اتباع خطواته كأكل الربا وغير ذلك من حبائل الشيطان، وكل ذلك جاء في سورة البقرة.
وأما التحذير من الحساد الذين يتمنون الرسوب للتلاميذ فضربت مثلا
لليهود الذين يودون أن يردوا الذين أمنوا كفارا حسدا من عند أنفسهم.
هذا هو ما تضمنته سورة البقرة، وأما التلميذ النجيب الذي اختاره الأستاذ فضرب مثلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكي يصدق التلاميذ أن ما تلاه عليهم زميلهم هي حقا رسالة أستاذهم
فإنه يتعين على ذلك التلميذ أن يطبق نصائح تلك الرسالة ليستيقنوا فيطبقوا هم أيضا تلك النصائح، فكان من الحكمة بعد أن بين الله كل مسائل التقوى أن يختم سورة البقرة بقوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون .... ) إلى آخرة السورة وذلك هو التطبيق.(/)
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن- سر دخول الواو على لو الشرطية
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[30 Mar 2004, 05:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن
سر دخول الواو على لو الشرطية
قال الله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} [آل عمران:91]
ما نوع (الواو) الداخلة على (لو) في قوله تعالى {ولو افتدى به} من الآية الكريمة السابقة، ونحوها، وما سر دخولها؟
وفي الإجابة عن ذلك نقول، وبالله المستعان: هذا التركيب الذي صيغت به هذه الآية الكريمة كثير الاستعمال في القرآن الكريم0 وقد كان، وما زال محطَّ خلاف، ومثار جدل بين علماء النحو والتفسير00 وحقيقته أنه مركب من عبارتين:
الأولى: هي جملة تامة مستقلة بذاتها؛ وهي قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا} 00 والثانية: هي عبارة شرطية، جُعِلت شرطًا للأولى، وقيدًا لها؛ وهي قوله تعالى: {ولو افتدى به} 0
وهذه العبارة الشرطية إما أن تكون مجردة من الواو؛ كما في قولنا: (يعطى السائل، لو كان فقيرًا) 0 أو تكون مقرونة بالواو؛ كما في قولنا: (يعطى السائل، ولو كان غنيًا) 0
فالإعطاء الأول في العبارة الأولى مشروط، أو مقيَّد بكون السائل فقيرًا، وليس كذلك الإعطاء الثاني في العبارة الثانية00 والفرق بينهما: أن الأول يجري بوجود الشرط؛ لأن كون السائل فقيرًا يناسب أن يعطَى0 ولهذا يُسمَّى هذا النوع من الشرط: شرطًا إيجابيًّا0 وأما الإعطاء الثاني فيجري رغم وجود الشرط؛ لأن كون السائل غنيًَّا لا يناسب أن يعطَى، بخلاف الأول0 ولهذا يسمى هذا النوع من الشرط: شرطًا سلبيًّا0 ولكونه سلبيًّا أدخلت عليه الواو0 ويمكن أن نعبِّر عن معنى هذا التركيب بقولنا: يعطى السائل رَغْمَ كونه غنيًّا0 وهذا يعني أن (الواو) مع (لو) أفادت معنى: رَغْم0 (1)
وهذا هو المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم:” أعطوا السائل، ولو كان على فرس“؛ لأن كون السائل على فرس مشعرٌ بغناه0 والغنى لا يناسبه الإعطاء، ولا ينسجم معه؛ ولهذا أدخلت الواو على لو، فصار معنى التركيب: أعطوا السائل رغم كونه غنيًا0
ومن هنا ينبغي أن تسمَّى هذه الواو: رَغْمِيَّة0 أو: واو الرَّغْم، مع التنبيه إلى أنه لا يجوز حذفها؛ لأن حذفها يُخلُّ بمعنى الكلام، ونظمه0 ألا ترى أنه لو قيل: أعطوا السائل، لو كان غنيًا، جُعِل الغنى شرطًا في الإعطاء00 وهذا خلاف المراد0 وبهذا ترى أن وجود هذه الواو قبل (لو) حصَّن المعنى من هذا الفهم، وربط بين العبارة الشرطية، والعبارة الأولى، التي لا تنسجم معها في الدلالة انسجامًا مباشرًا0
وعلى هذا الأسلوب ورد قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} 0 أي: لن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا، رَغم افتدائه به0 أو: على الرَّغم من افتدائه به0
وأنت إذا تأملت الشرط في العبارة الشرطية- وهو الافتداء بملء الأرض ذهبًا- وجدته غير ملائم لما تقدم (لو) من كلام؛ وهو نفي قبول الفدية0 وبيان ذلك أن الافتداء لا يرَد؛ لأن قبول الفدية واجب شرعًا، وواجب عُرفًا، وكان يلائمه أن يقبل من الكافر0 ولكنه لم يقبل منه بسبب موته على الكفر00 وهذا يعني أن الافتداء لم يكن سببًا مباشرًا- أي: شرطًا- في نفي القبول، فاختلف بذلك وجها الكلام00 ومن هنا كان لا بد من إدخال (الواو) على (لو)؛ لتقوم بوظيفة الربط بين الافتداء، وعدم القبول، الذي لا ينسجم معه في الدِّلالة، ولتجعل منهما وحدة لغوية متلاحمة، يكمل بعضها الآخر بأسلوب بديع جمع بين الإيجاز البليغ، والمعنى الرفيع، فصار معنى الآية الكريمة: إن الذين يموتون على الكفر فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا، ولو جعله فدية يفتدي به نفسه من عذاب يوم القيامة0 بمعنى: أنه لن يقبل منه على الرغم من افتدائه به0
(يُتْبَعُ)
(/)
وجاءت (الفاء) في قوله: {فلن يقبل منه}؛ لتؤكد هذا المعنى الذي ذكرناه0 وبيان ذلك: أن الفاء، التي تقع في جواب الشرط، وفي خبر الذي، أو ما يقوم مقامه، تفيد أن ما بعدها محقق الوقوع، لا محالة؛ نحو قولك: إنْ زيدٌ أتاني فله درهم- الذي يأتيني فله درهم- إن الذي يأتيني فله درهم0 المعنى في ذلك كله: أن الدرهم مستحق لصاحبه عقب إتيانه0 ولهذا كان المتكلم ملزمًا بدفع الدرهم، وللمخاطب الحق في المطالبة به، إن لم يدفع له0 فإن نزعت الفاء من ذلك، كان المتكلم على خيار من أمره إن شاء دفع الدرهم، وإن شاء لم يدفع0
فإذا عرفت ذلك تبين لك الفرق بين هذه الآية، وبين قوله تعالى في آية أخرى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا لن تقبل توبتهم} [آل عمران:90] 0 لم يقترن الخبر هنا بالفاء؛ لأن قبول التوبة من الذين كفروا ممكن، إن رجعوا عن كفرهم؛ لأتهم ما زالوا في الدنيا00 فتأمل هذه الفروق الدقيقة، والأسرار البديعة، في البيان الأعلى0
ولست أظن بعد هذا الذي ذكرته أن أحدًا ممن يعرف جوهر الكلام، ويدرك أسرار البيان، يمكن أن يسلم بما ذهب إليه النحاة والمفسرون من القول تارة بأن هذه الواو زائدة، وتارة أخرى بأنها عاطفة، أو حالية، وأن (لو) بعدها بمعنى (إن) الشرطية، وأنها (وصلية) 0 يريدون بذلك: أنها (زائدة) 0
وما بين (لو) و (إن) فرق في المعنى، لا بد من مراعاته، والوقوف عليه، ويتلخص في أن الأصل في (لو) أنها أداة تمن، ثم نقلت إلى الشرط؛ وذلك من باب تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد00 ومن خواصها فرض ما ليس بواقع واقعًا0 ولهذا تستعمل فيما لا يتوقع حدوثه، وفيما يمتنع حدوثه، أو فيما هو محال، أو من قبيل المحال0 أما (إن) فهي في الأصل موضوعة للشرط، ومن خواصها أن الفعل معها ممكن الوقوع، وغير ممكن0 ومن هنا لا يجوز القول بأن معنى {ولو افتدى به}: (وإن افتدى به)، كما ذهب إلى ذلك الجمهور؛ لأنه يقوم على حجة واهية، وهي زعمهم أن الفعل بعد (لو) لا يجوز أن يكون ما ضي اللفظ، مستقبل المعنى- كما في هذه الآية- خلافًا لـ (إن) الشرطية0 وقد ذكرنا في مقال سابق؛ وهو (سر دخول اللام على لو الشرطية) أن الشرط نوعان: وعديٌّ، وخبري0 وبيَّنا أن الشرط الوعدي ِّ لا يكون زمنه إلا مستقبلاً، خلافًا للخبري0 وذلك بغض النظر عن نوع الأداة الشرطية صيغة الفعل بعدها0 والشرط في الآية السابقة، ونحوها- كما هو واضح- شرط وعديٌّ، لا خبريٌّ00 فتأمل ذلك في القرآن الكريم، تجده على ما ذكرنا، إن شاء الله0 ثم تأمل بعد ذلك قول الشيخ السهيليِّ في هذه الواو الداخلة على (إن) الشرطية، وقارن بين التركيبين، ثم لاحظ الفرق بينهما0 قال- رحمه الله- في حديث (من قال لا إله إلا الله، دخل الجنة، وإن زنى، وإن سرق):” ولو لم بكن في الكلام الواو، لكان الزنى شرطًا في دخول الجنة0 ولكن الواو حصَّنت المعنى“0
اللهم حصِّن قلوبنا من النفاق، ونفوسنا من الرياء، وعقولنا من سوء الفهم، وزدنا علمًا ودراية بكتابك الذي أنزلته على عبدك محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تجعل له عوجُا0 والحمد لله الوهاب المنان بفضله وإحسانه0
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) - ينظر في هذه المسألة كتاب (الجملة الشرطية) لمؤلفه أبي أوس إبراهيم الشمسان0
محمد إسماعيل عتوك
m-attouk44@mail.sy(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الغين الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[31 Mar 2004, 01:14 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الغين الحلقية
****************************
تخرج الغين المعجمة من المخرج الثالث من مخارج الحلق , وهي حرف مجهور رخو مستعلِ منفتح مصمت , مفخم , والغين أقوى من الخاء و ولولا ما بينهما من الجهر والهمس لكانت الخاء غينا إذ المخرج واحد والصفات متقاربة , وقد أخطأ من قال من العلماء بترقيقه والمعول عليه ما ذكر في النشر لابن الجزري رحمه الله وجزاه الله عنا خير الجزاء , والخاء يقع الخطأ فيها من أوجه:
****************************
1. ترقيقها ولا بد من تفخيمها لما فيها من الجهر والاستعلاء , والكثير من الناس يرققها لاسيما إذا أتى بعدها ألف نحو) غَافِرِ الذَّنْبِ) (غافر: من الآية3) –) الْغَافِرِينَ) (لأعراف: من الآية155).
****************************
2. ومنهم من يدغمها فيما بعدها خطأ , وخاصة لو وقع بعدها القاف لقرب المخرجين , والغين في المخرج قبلها وقريبة منها , فيخاف أن يلتبس اللفظ بالإدغام نحو) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) (آل عمران: من الآية8) –) مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوب) (التوبة: من الآية117).
****************************
3. ومنهم من يدخل صوتها في العين الحلقية إذا وقعت بعدها لقرب المخرجين من بعض والتحفظ بتجويد اللفظ بها وإعطائها حقا أولى وأحسن نحو) رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً) (البقرة: من الآية250) –) أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (الكهف: من الآية96).
****************************
4. والبعض من عوام الناس يبدل الغين الحلقية خاء فيما لو وقعت بعدها الهاء الحلقية , والتلفظ بذلك فاحش ولحن في كتاب الله , فمن لم يعتن بإظهارها نحى بها نحو الإدغام أو الإخفاء نحو) أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة: من الآية6).
****************************
5. والبعض من المتساهلين يبدلها خاء خالصة فيما لو وقع بعدها الشين اللسانية , لاشتراك الخاء الحلقية والشين اللسانية في الهمس والرخاوة وبعد الغين من الشين فمن لم ينتبه لهذا يميل طبعه إلى الخطأ وهو لا يشعر وهذا أمر يجده المرء في نفسه ويسمعه من غيره فاحذره في نفسك أن تقع في هذا الخطأ ونبه عليه غيرك مع مطالبة نفسك بدقائق الإخلاص لله تعالى والأمثلة) يَغْشَى طَائِفَةً) (آل عمران: من الآية154) –) يَغْشَاهُمُ) (العنكبوت: من الآية55) –) وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ) (ابراهيم: من الآية50).
****************************
6. على القارئ أن يحذر من الإدغام في الغين إذا جاورت أختها , أو تكررت بسبب اجتماع وتجاور المثلين نحو) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً) (آل عمران: من الآية85).
****************************
7. وهناك خطأ شائع بين كثير ممن يدعي الإتقان في علم التجويد حيث أنهم يضمون شفتهم إلى الأمام عند نطقهم بالغين المفتوحة , فيخرج صوتها مخلوط بصوت الضم نحو) ُ الْغَافِرِينَ) (لأعراف: من الآية155) –) غَافِرِ الذَّنْبِ) (غافر: من الآية3) وللخلاص من هذا المحذور ألا يضم القارئ شفتيه للأمام أبدا عند تلفظه بالأحرف المفتوحة, فإن ضم الشفتين فيه إشارة للضم ولا حرف مضموم هنا البتة.
****************************
8. والبعض ينحو بصوتها نحو القلقلة فتجده يلفظ الغين مهتزة الصوت مضطربة المخرج وذاك في حالتي الوصل والوقف نحو) الْمَغْضُوبِ) (الفاتحة: من الآية7).
****************************
9. بعض أهل الجزيرة العربية يلفظ الغين في لهجتهم العامية قريبة من صوت القاف , فهذا وأمثاله يخشى عليه أن يقرأ القرآن بهذا الصوت العامي وذلك لا يجوز في القراءة القرآنية بالإجماع نحو) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) (الفاتحة: من الآية7) فينطقون خطأ هكذا (قير المغضوب) قريبة من صوت القاف.
****************************
10. ومن الخطأ أيضا أن يجعل القارئ صوت الغين المستعلية تؤثر على الأحرف التي بعدها ولاسيما إذا كانت مرققة نحو) غَفَرَ) (يّس: من الآية27) –) أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا) (القصص: من الآية63).
****************************
11. وهناك خطأ شائع عند من تلقوا قرآنهم من الكاسيت أو من المصحف فقط دون التلقي من الشيوخ المجازيين المتصل سندهم بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حيث أنهم يضمون الشفتين عند النطق بالغين وهي ساكنة , فإن ذلك يؤثر على صفاء ونقاء صوتها نحو) ا رَبَّنَا اغْفِرْ) (آل عمران: من الآية147) , بل يجب على القارئ أن يجعل هيئة شفتيه عندها كما لو نطق بالغين وهي ساكنة منفردة.
****************************
12. والبعض يختلس صوتها وصلا ولا يعطي الغين حقها من الفترة الزمنية التي هي من حقها كسائر الحروف الهجائية وهذا الاختلاس فيه تبعيض للحركة وذلك لا يجوز إلا فيما أحكمت فيه الرواية الأمثلة (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً) (آل عمران: من الآية85).
****************************
13. والبعض ينطقها ممطوطة بزيادة حرف بعدها , وهو ما يسميه علماء القراءات بالإدخال , حيث أن القارئ أدخل حرفا في كتاب الله لم يكن موجودا نحو (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً) (آل عمران: من الآية85) ويكون المط بتطويل كسرة الغين حتى يتولد منها ياء مديه.
****************************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
******************
((انتظر قريبا: على نفس الموقع (((بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الخاء الحلقية
))) لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف))
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الخاء الحلقية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[31 Mar 2004, 01:17 ص]ـ
بحث في التنبيه على الأخطاء في النطق بصوت الخاء الحلقية
****************************
تخرج الخاء من المخرج الثالث من مخارج الحلق , وهي حرف مهموس رخو مستعلٍ منفتح مصمت مفخم إلا أنه إلى الضعف أقرب لكثرة صفات الضعف فيه , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
****************************
1. ترقيقها وهي حرف مستعلٍ فلابد من تفخيمه كسائر حروف الاستعلاء , وكثير من الناس يرققها باعتبار ما فيها من صفات الضعف وهو خطأ لا شك فيه , فإذا وقع بعدها ألف فيكون تفخيمها أمكن لتفخيم الألف بعدها إذ الألف تابع لما قبله في التفخيم والترقيق وقد أخطأ من قال بترقيقه على كل حال , الأمثلة) خَالِقٍ) (فاطر: من الآية3) –) ى الْخَاشِعِينَ) (البقرة: من الآية45)) الْخَاسِرِينَ) (البقرة: من الآية64).
****************************
2. ومن الناس من يبدلها غينا إذا سكنت وهو لحن لا تحل به القراءة نحو) يَخْشَى) (النازعات: من الآية26).
****************************
3. والبعض من طلبة العلم الصغار يشددون الخاء المكسورة أو المفتوحة وصلا نحو) الْأَخِ) (النساء: من الآية23) –) بِدُخَانٍ) (الدخان: من الآية10) , وذاك خطأ فاحش.
****************************
4. ومن القراء من ينطق الخاء المفتوحة مشمة بالضم نحو) خَالِقُ) (الزمر: من الآية62) –) الْخَاسِرِينَ) (لأعراف: من الآية92) , وهذا وبلا شك يؤثر على نقاء صوتها , قال بن الجزري في التمهيد: ينبغي أن يخلص لفظها ..... أي لكيلا يختلط صوتها بحرف آخر فيصير مخرجها فرعيا بعد أن كان أصليا ... اهـ وللخلاص من هذا المحذور ألا يضم القارئ شفتيه للأمام أبدا عند تلفظه بالأحرف المفتوحة, فإن ضم الشفتين فيه إشارة للضم ولا حرف مضموم هنا البتة.
****************************
5. على القارئ أن يحذر من ترقيق الخاء إذا وقعت بين مرققين , لأنها ضعيفة ووقوعها بين مرققين يؤثران عليها تأثيرا واضحا نحو) أَخَذَ) (آل عمران: من الآية81) –) وَاتَّخَذُوا) (مريم: من الآية81).
****************************
6. ينبغي للقارئ أن ينتبه إلى تأثيرها على ما جاورها من المرقق نحو) مَخْمَصَةٍ) (المائدة: من الآية3) –) مَخْضُودٍ) (الواقعة: من الآية28) , فكثيرون الذين يفخمون الميم لأجل استعلاء الخاء.
****************************
7. وبعض المتساهلين يفخم اللام الواقعة بعد الخاء تبعا لتفخيم الخاء نحو) خَلَطُوا) (التوبة: من الآية102).
****************************
8. ومنهم من يصوت بها بصوت شبيه بصوت القلقلة وخاصة إذا سكنت نحو) يَخْشَى) (عبس: من الآية9).
****************************
9. على القارئ أن يحذر من ضم الشفتين عند الخاء الساكنة , فإن ذلك يؤثر على نقاء وصفاء صوتها نحو) ُ مُخْضَرَّةً) (الحج: من الآية63) فالواجب ضم الشفتين عند الميم المضمومة فإذا وصلت لتلفظ الخاء أعد الشفتين على هيئة الحرف الساكن كما لو تلفظت بالخاء مفردة ساكنة , رزقني الله وإياك دقائق الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن.
****************************
10. ومن القراء من يختلس صوتها والبعض الآخر يدخل بعدها حرفا زائدا على لفظ التلاوة أو بسبب التمطيط الزائد في صوتها نحو) ي خَلَقَ) (البقرة: من الآية29) –) الْخَاشِعِينَ) (البقرة: من الآية45) فتجد القارئ يولد من فتحة الخاء ألفا وهذا بعينه الإدخال والزيادة في كتاب الله.
****************************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
******************
((انتظر قريبا: على نفس الموقع (((بحث تفصيلي في مخارج أصوات الحلق))
لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف))
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي(/)
من أسرار الإعجاز في القرآن- فتق السموات والأرض بعد رتقهما
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[31 Mar 2004, 05:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار الإعجاز في القرآن
قال الله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء:30]
تشير هذه الآية الكريمة إلى حقيقتين، من حقائق هذا الكون، تدلان على إلاهيته، ووحدانيته سبحانه، وأنه لا مبدع، ولا خالق سواه:
الأولى تتعلق بوحدة الكون.
والثانية تتعلق بسر الحياة في هذا الكون الفسيح.
والكلام موجه لليهود؛ لأنهم المعنيون بها00 فهم الذين كفروا بوجوده سبحانه، وبقدرته، وسرِّ صُنعه0 ولهذا أنكر الله تعالى عليهم كفرهم بآياته، في أول الآية بقوله: {أولم ير الذين كفروا}، ثم وبخهم على ذلك، في آخرها بقوله: {أفلا يؤمنون} 0 فجاء آخر الآية مطابقًا لأولها. أي: أفلا يكفيهم ذلك دليلاً على الإيمان!!
أما الحقيقة الأولى فيشير إليها الشقُّ الأول من الآية الكريمة؛ وهو قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} 0 أي: أولم يرَ هؤلاء أن السموات والأرض، كانتا منضمتين إلى بعضهما، ملتحمتين، أو ملتصقتين، لا فضاء بينهما، ففصلناهما عن بعضهما0 أي: كانتا كرة واحدة، ثم انفصلتا بإرادة الله وقدرته!
وقوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا} تقريرٌ لهم، يراد به الإنكار0 أما على قراءة من قرأَ: (ألم يرَ)، بغير واو، فيكون تقريرًا، يراد به التنبيه، والتذكير0
قال الزمخشري:” فإن قلت: متى رأوْهما رَتقًا، حتى جاء تقريرهم بذلك؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أنه واردٌ في القرآن، الذي هو معجزة في نفسه، فقام مقام المَرئيِّ المشاهَد والثاني أن تلاصق الأرض والسماء، وتباينهما كلاهما جائزٌ في العقل0 فلا بدَّ للتباين دون التلاصق من مخصِّص؛ وهو القديم سبحانه “0
ومع ذلك فقد كفر بهذه الظاهرة الكونية الملاحدة والمشركون، ثم جاء العلم الحديث مؤيِّدًا لما أخبر الله تعالى به، حين أثبت بالأدلة العلمية القاطعة، أن الكون كله كان شيئاً واحداً متصلاً من غاز، ثم انقسم إلى سدائم0 وعالمنا الشمسي كان نتيجة لتلك الانقسامات0 والسدائم جمع سديم، يراد به السحب، ويطلق فلكيًّا على مجموعة هائلة من النجوم0
ومما يؤيد هذا القول: أن العلماء استدلوا على أن الشمس تتألف من سبعة وستين عنصراً من عناصر الأرض0 وعناصر الأرض تبلغ اثنين وتسعين عنصراً، وسيزيد المستدل عليه من العناصر في الشمس، إذا ما ذللت الصعوبات، التي تقوم في هذا الشأن0 ومن هذه العناصر: الهيدروجين، والهليوم والكربون، والآزوت، والأوكسجين، والفسفور، والحديد00 الخ00 وقد استدل العلماء على كل ذلك بالتحليل الطيفي؛ وهو الذي يستدل به الكيمّاويون اليوم في معاملهم، على ما تحتويه المواد الأرضية من عناصر، يكشفون على نوعها وعن مقدارها0 فالعناصر، التي في الشمس هي عينها في الأرض0 والشمس نجم، يتمثل فيه سائر النجوم0 والنجوم هي الكون00 وهذا يعني: أن العناصر، التي بُنِيَ فيها الكون على اختلافها هي عناصر واحدة00 هذا من جهة0
ومن جهة أخرى فإن النيازك هي الأشياء الملموسة الوحيدة، التي حصل عليها العلم من الفضاء الخارجي0 فقد لاحظ العلماء أن أكثر العناصر شيوعاً في الأرض هي العناصر الشائعة في النيازك الحجرية0
وأما الحقيقة الثانية- وهي سرُّ الحياة- فقد أشار إليها الشق الثاني من الآية الكريمة؛ وهو قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} 0 أي: أوجدنا من الماء كل شيء حيٍّ، وكوَّناه بقدرتنا00 وإنما قال تعالى: {وجعلنا}، ولم يقل: {خلقنا}؛ لأن (جعل) لفظ عام في الأفعال0 ولمَّا كان قوله تعالى: {كل شيء حي} مرادًا به عموم المخلوقات، ناسب التعبير عنه بفعل يدلُّ على العموم0
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى- هنا: {من الماء}، وقال في النور: {والله خلق كل دابة من ماء} [النور:45]، فعرف الماء في الأول، ونكَّره في الثاني00 أما تعريفه في الأول فلأن المعنى: أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس، الذي هو الماء0 فذكِر الماءُ- هنا- معرَّفًا بأل الجنسية؛ ليشمل أجناس المخلوقات المختلفة الأنواع0 وأما تنكيره في الثاني فلأن المعنى: أن الله سبحانه خلق كل دابة من نوع مخصوص من الماء؛ وهو النطفة، ثم خالف بين المخلوقات، بحسب اختلاف نطفها: فمنها هوامٌ، ومنها ناسٌ، ومنها بهائمٌ
وتحرير الفرق بين القولين: أن الغرض من الأول إظهار الآية بأن أشياء متفقة في جنس الحياة، قد تكونت بالقدرة من جنس الماء المختلف الأنواع0 وأن الغرض من الثاني إظهار الآية بأن شيئًا واحدًا، قد تكونت منه بالقدرة أشياء مختلفة0
بقي أن تعلم أن قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} من أبلغ ما جاء في القرآن الكريم، في تقرير هذه الحقيقة، التي أدرك العلماء أخيرًا سرّها00 فمعظم العمليات الكيماوية اللازمة للحياة والنمو، تحتاج إلى الماء؛ وهو العنصر الأساسي لاستمرار الحياة لجميع الكائنات والنباتات0 والماء يغطي نحو ثلاثة أرباع سطح الأرض، وله درجة ذوبان مرتفعة، ويبقى سائلاً فترة طويلة من الزمن، وله حرارة تصعيد بالغة الارتفاع، وهو بذلك يساعد على بقاء درجة الحرارة فوق سطح الأرض عند معدل ثابت، ويصونها من التقلبات العنيفة00 ولولا كل ذلك لتضاءلت صلاحية الأرض للحياة إلى حد كبير0
وللماء خواص أخرى، تدل على أن مبدع الكون، قد صمَّمه بما يحقق صالح مخلوقاته0 فالماء هو المادة الوحيدة، التي تقل كثافتها، ويزيد حجمها عندما تتجمد00 ولهذه الخاصية أهميتها الكبيرة بالنسبة لحياة الأحياء المائية؛ إذ بسببها يطفو الجليد على سطح الماء عندما يشتد البرد، وهو بطبيعة الحال الطبقة العليا، التي تتفاعل مع برودة الجو0 وبهذا الشكل فإن الجليد يطفو على سطح المياه، بدلاً من أن يغوص إلى قاع المحيطات والبحيرات والأنهار0 ويكوِّن الثلج طبقة عازلة، تحفظ الماء الذي تحتها في درجة حرارة فوق درجة التجمد0 والماء يمتص كميات كبيرة من الأوكسجين، عندما تكون درجة حرارته منخفضة، وعندما يتجمّد الماء، تنطلق منه كميات كبيرة من الحرارة، تساعد على صِيانة حياة الأحياء التي تعيش في البحار من أسماك، وغيرها00 فما أعجبَ حكمة القرآن الكريم، الذي يبين بكلمات قليلة سرَّ الحياة على هذه الأرض!
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم الفاضل "محمد إسماعيل عتوك" زاده الله من علمه ونفعه ونفعنا به
رغم أني قرأت مثل موضوعك سابقا ولكن نزولا عند رغبتك فقد قرأتُ ما دونته أناملك الكريمة
وليتك يا أخي حذفت بعض الاستدلالات الإنشائية وبعض الكلام البعيد عن مسألتنا لتكتمل فائدته
ولذا سأقف هنا مع أهم ما دونته أناملك الكريمة من كلمات تختص بموضوعنا الذي على هذا الرابط
http://tafsir.org/vb/showthread.php?s=&postid=6075
========
أولا:
قلت بارك الله فيك عن آية سورة الأنبياء ما نصه:
( ... والكلام موجه لليهود؛ لأنهم المعنيون بها00 فهم الذين كفروا بوجوده سبحانه، وبقدرته، وسرِّ صُنعه ... )
وجوابي على كلامك كالتالي:
أخي الفاضل بما أنك بنيتَ جل كلامك على هذا الأصل
فليتك تلقي نظرة ولو عابرة على سورة الأنبياء من أولها إلى آخرها
ثم أخبرنا هل أصل خطابها كان متوجها للمشركين أم لليهود
وبعد جوابك سنكون إن شاء الله قطعنا شوطا كبيرا
========
ثانيا:
ما نقلته لنا من كلام الزمخشري رحمه الله فإنه يستحق وقفة فقد قال:
( ... فإن قلت: متى رأوْهما رَتقًا، حتى جاء تقريرهم بذلك؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أنه واردٌ في القرآن، الذي هو معجزة في نفسه، فقام مقام المَرئيِّ المشاهَد ... )
وجوابي على كلامه كالتالي:
1 - كلامه يدل فعلا أن الأمر غيبي "وهذا محل نزاعنا " فلا يستدل بغيب على غيب ... فليتك تتأمل ذلك بارك الله فيك.
ثانيا: لو صح كلامه رحمه الله لانسحب على كل الأدلة العقلية التي تثبت أمورا غيبية كالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل ....
فأصبح ذكر أدلتها العقلية دون كبير فائدة، فبما أنها واردة في القرآن وقائمة مقام المرئي المشاهد فما الفائدة من ذكر أدلتها العقلية المحسوسة؟!
=========
ثالثا:
قلت بارك الله فيك ما نصه:
( ... أن تلاصق الأرض والسماء، وتباينهما كلاهما جائزٌ في العقل ... )
وجوابي على كلامك كالتالي:
أخي الكريم نحن لا نتكلم عن التباين أو التلاصق من جهة جوازه عقلا
ولكن نتكلم عن " ثبوت " ذلك الأصل لنستدل به على أمر غيبي آخر فنحج الكافر
فالبعث جائز عقلا ولكن استدل الله على ثبوته بأدلة عقلية
وكل الأمور الغيبية كذلك
فهناك فرق بين الجائز وبين الثابت أمام الناس
فالأصل الذي يراه الكافر الآن هو تباين السماء عن الأرض
بينما التلاصق هو الذي يحتاج إلى إثبات ثم نجعله مقدمة عقلية لما نود إثباته
وبما أن التلاصق شيء غير ثابت _ وإن كان يجوز عقلا _ فلا يمكن أن نستدل بشيء غير ثابت لنثبت شيئا غيبيا
=========
هذا ما عندي
والله أعلم وأحكم وأخبر وأجل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[03 Apr 2004, 02:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً- أنا لم أكتب هذا المقال يا أخي جوابًا عن مسألتك التي تعنيك؛ بل كتبته لأتحدث فيه عن حقيقتين من حقائق هذا الكون، تدلان على إلاهية الله تعالى، ووحدانيته، وهما موضوع الآية الكريمة المذكورة00 فكان ينبغي عليك أن تبحث فيه عما يخص مسألتك فقط0
ثانيًا- كنت أود لو أنك ذكرت الاستدلالات الإنشائية التي تمنيت عليَّ حذفها0 ثم تبين لي ما الاستدلالات غير الإنشائية، التي تراها مناسبة، وأظن أنك تقدر على ذلك، لأنك تقول أنك قرأت كثيرًا مثل هذا المقال0 ولكنني أتساءل: ألم تجد في كل ما قرأت جوابًا شافيًا عن سؤالك؟
ثالثًا- إذا كان اليهود هم المعنيون بذلك؛ لأن الآية الكريمة نزلت فيهم، فهذا لا يعني أنهم هم المقصودون وحدهم؛ لأن الكلام في الآية الكريمة موجه إلى الذين كفروا في كل زمان وفي كل مكان، إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها0 فالذين كفروا لفظ عام يدل على العموم والشمول0 وهذا هو الأصل الذي بنيت عليه كلامي0
رابعًا- إن ما نقلته في ردك: ثالثًا، ونسبته إليَّ، هو من كلام الزمخشري، وهو الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما0 وإني لأعجب من قولك: لا يستدل بغيب على غيب، ردًا على أن ما ورد في القرآن الكريم الذي هو معجز في نفسه، يقوم مقام المرئي المشاهد0 هل هذا كل ما فهمته من هذا القول؟ سامحك الله!
ولست أدري أي ضير في قول الزمخشري: إن تلاصق الأرض والسماء، وتباينهما كلاهما جائز عقلاً0 أليس هذا من الأدلة العقلية؟ هل سمعت بعلم يرفض شيئًا، يجوزه العقل الصحيح؟ هل كل ما جاء به القرآن الكريم من معجزات كان مثبتًا علميًا؟
خامسًا- إن ما ذكرته لك من آيات قرآنية في ردي على مقالك (إشكال حول جمع السموات) الموجود على الرابط الذي ذكرته كاف لأن يجعلك تتأمل فيها كثيرًا قبل أن ترد عليَّ بجوابك هذا0 تريث يا أخي، ولا تتعجل0 لا تأخذ بعض الكلام وتترك بعضه الآخر لتبني عليه حجة تؤيد بها رأيك0 فالأمر لا يحتاج منا إلى كل هذا الجدل الذي لا ينفع، ولا يغني من الحق شيئًا00 ولا يسعني في الختام إلا أن أدعو الله تعالى لي ولك بالعفو والعافية!
أخوكم
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Apr 2004, 07:04 ص]ـ
أخي الكريم سأسلم عليك مرة أخرى فلعلك ترد علي السلام هذه المرة ويكون نقاشك أهدأ قليلا
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: يا أخي الكريم يا أخي الفاضل يا أخي الحبيب أنتَ الذي أحلتنا على موضوعك وذكرت لنا ارتباطه بمسألتنا، ثم الآن تقول أن موضوعك هذا ليس له علاقة بمسألتنا!
ثانيا:قد فعلتُ ما طلبته مني من تدوين النقاط الغير إنشائية وعلقت عليها بعلمي القاصر
بل إن شئتَ فخذ هذه الجملة التي وردت في ردك الأخير والتي تدل على الكلام الإنشائي فتأمل قولك:
( .. إذا كان اليهود هم المعنيون بذلك؛ لأن الآية الكريمة نزلت فيهم، فهذا لا يعني أنهم هم المقصودون وحدهم .. )
فأنت تستدل بموضع السؤال ومكان النزاع ثم تطلب منا أن نبني عليه وكأن الأمر متفق عليه دون إثبات دلائلي لتلك النقطة!
فهل "الأصل" في الآية _ بله عن السورة _ أن خطابها متوجه لليهود أم للمشركين؟
أفدنا بارك الله فيك
ثالثا: يا أخي الفاضل في المسألة ثلاث أقوال:
1 - أن الرتق والفتق بين السموات والأرض
2 - أن الرتق والفتق هو ماء السماء ونبات الأرض
3 - أن الرتق والفتق يشمل المعنيين
وأنا لم أتحيز إلى أي الأقوال يا أخي بل كل قول رأيت فيه مانعا من الأخذ به فأتيت هنا لأناقش إخواني فيها
فكيف يا أخي _ عفا الله عنك _ تتهمني بأني أنتصر لأحد الآراء وأني آخذ بعض الكلام وأترك بعضه؟!!
رابعا: ليتك يا أخي في نقطتك الرابعة لم تتهمني اتهاما مبطنا في فهمي
أما عن قول الزمخشري رحمه الله فقد أجبتك عليه
وسأكرر لك الإجابة على نقطة الفرق بين الجائز والاثبات
فأنا لا أمنع جواز الشيء عقلا ولكني أتكلم عن "إثباته" وضربت لك مثالا بالبعث فعلى الرغم من جوازه عقلا فهو يحتاج إلى إثبات وهذا ما فعله القرآن مع الكفار كثيرا
فليتك تأملت قبل أن ترد علي _ بارك الله فيك _
ختاما:
(يُتْبَعُ)
(/)
ما يختص ببعض كلماتك فإني سأتجاوز الرد عليها حفاظا على اخوتنا والاستفادة منك مستقبلا ونصيحتي لك يا أخي أن لا تكون حاد النقاش هكذا حتى يمكن أن يتبادل الجميع معك الفائدة
أما هذا الموضوع فبما أنك ذكرتَ أن نقاشنا قاد للجدل فأنا أستغفر الله وأعتذر إليك عن إكمال الحوار
ولعل الله أن يرزقك خيرا مني خلقا وعلما يستطيع إكمال الحوار معك
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[04 Apr 2004, 12:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على من اتبع الهدى
أما بعد00 فهذا تعقيب أود أن أضيفه على مقالي المذكور أعلاه0
أولاً- قوله تعالى: {ألم تر، ألم ير} استفهام يراد به التقرير، والتنبيه، أو التذكير0 والمراد بالتقرير حمل المخاطب، أو السامع على الإقرار بأمر رآه، أو علم به، والتسليم به0 وأكثر ما يراد به المعنى الثاني00 فمن الأول قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مدَّ الظل} [الفرقان:45] 0 ومن الثاني قوله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} [البقرة:273] 0
وتدخل الواو، والفاء بين (الهمزة، ولم)؛ لتدل الأولى إضافة إلى ما ذكرناه معنى الإنكار، وتضيف الثانية إليه معنى التوبيخ00 فمن الأول قوله تعالى في الآية السابقة: {أولم ير الذين كفروا} [الأنبياء:30] 0 ومن الثاني قوله تعالى: {أفلم يروا إلى ما بين أبديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} [سبأ:9] 0
ومثل (أفلم) في ذلك (أفلا) 0 ولهذا قلنا في المقال السابق: أنكر الله تعالى على الذين كفروا كفرهم بآياته، في أول الآية بقوله: {أولم ير الذين كفروا}، ثم وبخهم عليه، في آخرها بقوله: {أفلا يؤمنون} 0
ثانيًا- قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناها} موجه لكل كافر مشرك بالله، ما دام على كفره وشركه، إلى يوم القيامة، ويدخل في عمومه اليهود؛ لأنهم هم الذين كاتوا يعلمون هذه الحقيقة الكونية، وينكرونها، ومعهم النصارى00 وهذا ليس كلامًا إنشائيًا نقوله0 وإلى نحوه ذهب الفخر الرازي في قوله: (اليهود، والنصارى كانوا عالمين بذلك؛ فإنه جاء في التوراة: إن الله تعالى خلق جوهرة، ثم نظر إليها بعين الهيبة، فصارت ماء، ثم خلق السموات، والأرض منها، وفتق بينها00 وكان بين عبدة الأوثان، وبين اليهود نوع صداقة بسبب الاشتراك في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فاحتج الله تعالى عليهم بهذه الحجة بناء على أنهم يقبلون قول اليهود في ذلك) 0
هذا المعنى الذي ذكرناه في تفسير الآية الكريمة هو أحد خمسة أقوال ذكرها علماء التفسير في تأويلها، وهو المعنى الذي قدمه الفخر الرازي على كل تلك الأقوال كلها، وهو المعنى الذي أثبته العلم الحديث0 فكل علماء الإعجاز العلمي، مسلمين، وغير مسلمين اتفقوا على إثبات هذه الحقيقة العلمية، التي أخبر الله تعالى عنها في هذه الآية الكريمة منذ آلاف السنين0 ثم بعد هذا كله نضيع أوقاتنا في جدل عقيم، لا يجدي، ولا ينفع؛ لنثبت للآية معنى آخر غير هذا المعنى، الذي أيده العلم الحديث، وأقرَّه علماء الإعجاز العلمي0 وأقصد المعنى الذي قال به أكثر علماء التفسير قديمًا؛ وهو قولهم: كانت السماء رتقًا، ففتقها الله تعالى بالمطر، وكانت الأرض رتقًا، ففتقها الله تعالى بالنبات0 وحجتهم: أن لهذه الآية نظائر في القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: {والسماء ذات الرجع* والأرض ذات الصدع} [الطارق:11 - 12] 0 ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: {وجعلنا من الماء كل شيء} 0 أي: من الماء المنزل من السماء بعد فتقها00 ولما اعترضهم مجيء لفظ (السموات) بالجمع، تأولوه بالمفرد؛ لأنهم يعلمون أن المطر لا ينزل من السموات كلها؛ وإنما ينزل من سماء واحدة0 ولهذا قالوا: إن الله تعالى قال: (السموات)؛ وهو يريد: السماء0
فإذا كان مراد الله تعالى من الآية هذا الذي زعموه، فلم قال: السموات، ولم يقل: السماء، فينتظم بذلك الكلام: السماء والأرض كانت رتقًا؟ ثم ما الفائدة من مجيء لفظ السموات بالجمع، إذا كان المراد به المفرد؟ لا جواب عندهم غير قولهم: قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع؛ لأن كل قطعة منها سماء؛ كما يقال: ثوب أخلاق، وبرمة أعشار00 فتأمل!
(يُتْبَعُ)
(/)
وأكتفي بهذا القدر00 فمن طلب المزيد من الإخوة القراء، فليرجع إلى المقال، الذي تحدثت فيه عن سر الإعجاز البياني قي مجيء لفظ السموات بالجمع تارة، ويالمفرد تارة أخرى، خلافًا للفظ الأرض0 وأسأل الله تعالى أن يلهمنا صواب القول، ويجنبنا زلة اللسان0 والحمد لله رب العالمين0
محمد إسماعيل عتوك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Apr 2004, 03:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أظن أن النقاش في مثل هذه المسألة ليس من باب الجدل العقيم الذي لا يجدي ولا ينفع؛ هذا أولاً
وثانياً: أنا إلى الآن لم يترجح لدي قول من الأقوال المذكورة في تفسير الآية، يلزم من ترجيحي له إسقاط الأقول الأخرى، وخاصة إذا كان لها شواهد تدل عليها.
ثالثاً: تعليقاً على قول الأستاذ محمد إسماعيل وفقه الله: (لا جواب عندهم غير قولهم: قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع؛ لأن كل قطعة منها سماء؛ كما يقال: ثوب أخلاق، وبرمة أعشار فتأمل!)
أقول: ليس هذا هو الجواب الوحيد عن هذا الإشكال؛ فقد قال شيخ المفسرين الطبري رحمه الله بعد ذكره للأقوال المأثورة في تفسير الآية:
(قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أو لم ير الذي كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا من المطر والنبات، ففتقنا السماء بالغيث والأرض بالنبات.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك لدلالة قوله: {وجَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} على ذلك، وأنه جلّ ثناؤه لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه.
فإن قال قائل: فإن كان ذلك كذلك، فكيف قيل: أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا، والغيث إنما ينزل من السماء الدنيا؟ قيل: إن ذلك مختلف فيه، قد قال قوم: إنما ينزل من السماء السابعة، وقال آخرون: من السماء الرابعة، ولو كان ذلك أيضا كما ذكرت من أنه ينزل من السماء الدنيا، لم يكن في قوله: {أنّ السَّمَوَاتِ والأرْضَ} دليل على خلاف ما قلنا، لأنه لا يمتنع أن يقال «السموات» والمراد منها واحدة فتجمع، لأن كل قطعة منها سماء، كما يقال: ثوب أخلاق، وقميص أسمال.) انتهى.
وفي تفسير روح المعاني للألوسي: (والجمع باعتبارالآفاق، أو من باب ثوب أخلاق، وقيل هو على ظاهره ولكل من السموات مدخل في المطر.)
وأخيراً: مسألة رد الأقوال المأثورة عن السلف بما يسمى: دلالة العلم الحديث مسألة فيها خطورة، وهي مزلة قدم إذا لم تضبط بضوابط علمية.
وللحديث عن القضية الأخيرة تتمة إن شاء الله
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[08 Apr 2004, 07:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً- يقول أخي أبو مجاهد العبيدي في الفقرة (ثالثاً) من تعليقه:
(تعليقاً على قول الأستاذ محمد إسماعيل وفقه الله: (لا جواب عندهم غير قولهم: قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع؛ لأن كل قطعة منها سماء؛ كما يقال: ثوب أخلاق، وبرمة أعشار فتأمل)
أقول: ليس هذا هو الجواب الوحيد عن هذا الإشكال؛ فقد قال شيخ المفسرين الطبري رحمه الله بعد ذكره للأقوال المأثورة في تفسير الآية:
قال أبو جعفر: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أو لم ير الذي كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا من المطر والنبات، ففتقنا السماء بالغيث والأرض بالنبات.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك لدلالة قوله: {وجَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ} على ذلك، وأنه جلّ ثناؤه لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه.
فإن قال قائل: فإن كان ذلك كذلك، فكيف قيل: أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا، والغيث إنما ينزل من السماء الدنيا؟ قيل: إن ذلك مختلف فيه، قد قال قوم: إنما ينزل من السماء السابعة، وقال آخرون: من السماء الرابعة، ولو كان ذلك أيضا كما ذكرت من أنه ينزل من السماء الدنيا، لم يكن في قوله: {أنّ السَّمَوَاتِ والأرْضَ} دليل على خلاف ما قلنا، لأنه لا يمتنع أن يقال «السموات» والمراد منها واحدة فتجمع، لأن كل قطعة منها سماء، كما يقال: ثوب أخلاق، وقميص أسمال.) انتهى.
هذا ما قاله أخي أبو مجاهد0
(يُتْبَعُ)
(/)
وقولي كما هو مثبت في مقالي السابق تعليقًا على هذه المسألة الآتي: (وحجتهم: أن لهذه الآية نظائر في القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: {والسماء ذات الرجع* والأرض ذات الصدع} [الطارق:11 - 12] 0 ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: {وجعلنا من الماء كل شيء} 0 أي: من الماء المنزل من السماء بعد فتقها) 0
ثم قلت:
(ولما اعترضهم مجيء لفظ (السموات) بالجمع، تأولوه بالمفرد؛ لأنهم يعلمون أن المطر لا ينزل من السموات كلها؛ وإنما ينزل من سماء واحدة0 ولهذا قالوا: إن الله تعالى قال: (السموات)؛ وهو يريد: السماء) 0
فهل ما قاله أبو مجاهد مطابق لما قلته أنا00 وإذا لم بكن كذلك- كما هو واضح- فلم نأخذ بعض الكلام، ونترك بعضه الآخر؟
ثانيًا- عندما يقول الطبري شيخ المفسرين: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال:00 فألا يعني هذا أن الطبري أسقط الأقوال الأخرى لأئمة الصحابة في تفسير هذه الآية، ولا حجة له في ذلك غير الذي ذكره من أدلة؟ وهل هذه الأدلة- إن صحت- كافية لإثبات قول، وإسقاط الأقوال الأخرى؟ أم الأدلة العلمية القطعية هي التي تحكم، فتثبت، وتنفي؟
الله تعالى يقول: {ألم تر أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما}، وهم يقولون في تأويله: (ألم تر أن السماء والأرض كانتا رتقين، ففتقناهما} 0
لقد قلت في مقالي السابق: (إذا كان المراد بالسموات: السماء، فلم لم يقل سبحانه وتعالى: ألم تر أن السماء والأرض، كما قال في غيرها من الآيات؟ وأقول هنا: (إذا كان المراد بقوله تعالى: (رتقًا): رتقين- كما قالوا- فلم لم يقل سبحانه: (ألم تر أن السموات والأرض كانت رتقين ففتقناهما)؟ ثم ما الحكمة من أن الله تعالى قال شيئًا، وأراد شيئًا آخر، كما قالوا؟
الله تعالى عندما يقول شيئًا فهو جل جلاله يعني ما يقول، وما على الذين يعرفون جوهر الكلام، ويدركون أسرار البيان إلا يتدبروا قول الله تعالى، ويتأولوه التأويل الصحيح00 الله تعالى عندما بأتي بلفظ السموات بالجمع؛ فإنما يريد التعبير عن حقيقة هذه السموات، وماهيتها، وعندما يأتي بلفظ السماء مفردًا؛ فإنما يريد التعبير عن صفة هذه السماء0 أما الأرض، فإذا ذكرت مع لفظ السموات، كان المراد منها الجمع، وإذا ذكرت مع لفظ السماء، كان المراد منها المفرد0 وهذا ما بينته في مقالي (سر مجيء لفظ السموات، بالجمع، وبالمفرد، خلافًا للفظ الأرض) 0
الله تعالى يقول: (ألم تر أن السموات والأرض) 0 فجمع بين السموات والأرض بواو العطف الجامعة، ثم قال: (كانتا رتقًا)، فدل بذلك على أنهما كانتا شيئين ملتصقين ببعضهما0 ثم قال سبحانه: (ففتقناهما}، فجاء بلفظ الفتق الذي يدل على الفصل بين شيئين كانا ملتصقين00 فهل كانت السماء ملتصقة بالمطر، ففتقهما الله تعالى؟ وهل كانت الأرض ملتصقة بالنبات، ففتقهما الله تعالى؟
لقد جاء العلم الحديث وأثبت بأدلة قاطعة، لا رجعة فيها- كما يقول الأستاذ الكبير زغلول النجار- ما أراده الله تعالى من هذه الآية الكريمة، وهو المعنى الذي رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما- وقاله الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير، رضي الله تعالى عنهم0
وقد قلت لأخي أبي مجاهد العبيدي في رسالة خاصة أجبت بها عن رسالته: (أما عن موضوع الآية يا أخي فقد اختلف في تفسيرها المفسرون، ونقلوا عن الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- فيها أقوالاً متضاربة، ثم جاء العلم الحديث، وقال كلمته فيها، وفي غيرها من الآيات الكونية، فحسم بذلك الخلاف منتصرًا للمعنى الذي ذكرته0 فما حسمه العلم، لا ينبغي العودة إليه، ولا يحق لأحد أن يخالف قولاً قال به بعض السلف، وأيد ه العلم، فضلاً عن اللغة العربية0
فالقول الذي ذكرته أنا في الآية ليس هو قولي، ولم أبتدعه من بنات أفكاري، إنه مرويٌّ أيضًا عن ابن عباس- رضي الله عنهما- وعن الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير00 وهذا مذكور في معظم كتب التفاسير0 وهذا القول- كما ذكر الفخر الرازي- يوجب أن خلق الأرض مقدَّم على خلق السماء، وهذا ما قاله ابن عباس أيضًا، وأثبته العلم الحديث أيضًا0
فإذا كنت قد أخذت بهذا القول، فلا يعني هذا أنني أخالف السلف؛ وإنما يعني أنني آخذ ما صح، وثبت من أقوالهم، واللغة تؤيدني، والعلم يؤيدني) 0
ثم بعد هذا كله يرد علي أخي أبو مجاهد برده السابق، ثم يقول: (وأخيراً: مسألة رد الأقوال المأثورة عن السلف بما يسمى: دلالة العلم الحديث مسألة فيها خطورة، وهي مزلة قدم إذا لم تضبط بضوابط علمية) 0
ألا ترى يا أخي أبا مجاهد بعد هذا كله أن كثرة ما يقال، ويعاد في هذه الآية، وغيرها من الآيات الكونية، التي حسم العلم فيها الخلاف بأدلة علمية صحيحة، لا رجعة فيها- كما قال أستاذنا زغلول النجار- هو من الجدل العقيم، خلافًا لقولك في مقدمة تعليقك السابق: (أظن أن النقاش في مثل هذه المسألة ليس من باب الجدل العقيم الذي لا يجدي ولا ينفع)؟؟؟!!! 0
ثم إذا كنت بعد كل هذا الذي قيل في الآية الكريمة- كما تقول في تعليقك السابق: (أنا إلى الآن لم يترجح لدي قول من الأقوال المذكورة في تفسير الآية، يلزم من ترجيحي له إسقاط الأقوال الأخرى، وخاصة إذا كان لها شواهد تدل عليها) - فإنني أقول لك يا أخي هذا رأيك، وشأنك00 أما أنا فليس عندي ما أضيفه على ما قلت، وليست عندي الرغبة في تكرار، وإعادة ما قلت أكثر من ذلك00 وأسأل الله تعالى لي ولك ولجميع المؤمنين العفو والعافية، في الدين والدنيا والآخرة، والعصمة والسداد0 والله حسبي عليه توكلت، وإليه أنيب، والحمد لله رب العالمين0
محمد إسماعيل عتوك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[09 Apr 2004, 12:35 م]ـ
إشارة إلى ما تقدم من أقوالي التي ذكرتها في هذه المسألة الخلافية أقول:
قال الله جل جلاله:
{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد* ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب* فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب* ومن الليل فسبحه وأدبار السجود} -[ق:37 - 40] صدق الله العظيم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2004, 09:35 م]ـ
شكر الله للأستاذ الكريم محمد إسماعيل مقالته. وشكر الله لبقية الإخوة التعقيب والمشاركة، وقد استفدنا كثيراً معشر التلاميذ من هذا الحوار العلمي الوقور، وأرجو أن تؤخذ الآراء وتناقش بعيداً عما قد يفسد على القارئ متعته العقلية وهو يتابع مثل هذه الحوارات، فإن في مثل هذه الحوارات من الفوائد فوق العلم الذي تحرره، وتناقشه، أن القارئ يرى كيف يفكر الناس، وكيف تورد الأدلة وكيف يرد عليها، مع الأدب الجم، والوقار التام ولله الحمد، وفي هذا تدريب عملي للطلاب على مثل ذلك. ولا تزال مسائل العلم يدور حولها الأخذ والرد، لاختلاف مشارب الناس، وتنوع معارفهم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[10 Apr 2004, 12:41 ص]ـ
أرى أن الموضوع كله خلاف ما نظن ونكتب .... والله أعلم ..
فلو تجردنا ... فلنا بحق أن نقول: إن "الفتق" لا يتفق مع ما نتحدث عنه من "الانفجار"!!!
واسألوا إن شئتم أهل اللغة جميعا!!
الفتق شيء, والفجر شيء ....
إن الأمر أعظم من هذا بكثير .... ولتعلمن نبأه بعد حين ....
فالسؤال الاوجب, لم "الفتق"!!!!
والارض بجنب السموات لا شيء قياسا ....
لم يفتقها الحكيم لا اله الا هو؟؟؟
ثم يقبضها ويطوي السموات؟؟؟؟
أشهد الا إله الا الله .............................................. ....
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:06 م]ـ
قرأت كلاماً جيداً للأستاذ محمد الصادق محمد عرجون في كتابه القيّم القرآن العظيم – هدايته وإعجازه في أقوال المفسرين.
فقد ذكر أن الأستاذ المراغي رحمه الله قرر في تفسير قول الله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} (لقمان:10) أن الكتاب الكريم – القرآن – قرر أن الأرض كانت جزءا من السماوات وانفصلت عنها. قال المراغي: (وهذا الذي قرره الكتاب الكريم هو الذي دل عليه العلم ... ) اهـ
قال محمد الصادق تعليقاً على قول المراغي: (أما أن العلماء قالوا ذلك فلا حرج علينا أن ننظر فيما قالوا ...
وأما أن الكتاب الكريم قرر – هكذا بصيغة الجزم والإيمان – فهذا ما كان ينبغي للأستاذ أن يتحرز من التصريح الجازم به؛ لأنه يناقض مبدأه في عدم تأويل القرآن ليرجع إلى بعض النظريات العلمية.
ثم قد يتساءل قارئ هذا الكلام: أين قرر القرآن أن الأرض كانت جزءا من السماوات وانفصلت عنها؟ والمفروض أن المعنى " قرر" أنه نص على ذلك نصاً لا يحتمل التأويل؟
وفي القرآن آية واحدة هي التي يتشبث بها أصحاب هذه النظرية الانفصالية، تلك هي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} (الانبياء:30). وهذه الآية قرأها المؤمنون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهمها من فهمها قبل أن تظهر هذه النظرية الانفصالية. ومن لم يفهمها لم يسكت على جهله، ولكنه سأل أهل الذكر. وفسرها الحبر ابن عباس في رواية صحيحة النقل عنه. روى أبو تعيم عن ابن عمر أن رجلاً أتاه يسأله عن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما. قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعال فأخبرني بما قال لك، قال: فذهب إلى ابن عباس فسأله فقال ابن عباس: نعم كانت السماوات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، فلما خلق للأرض أهلاً فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علماً، صدق
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا كانت، قال ابن عمر: قد كنت أقول ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن علمت أنه قد أوتى في القرآن علماً.
فما الذي يدعو إلى عدم صحة هذا التفسير؟ وما الذي يدعو إلى استبعاد احتمال الآية له، إن لم يكن هو المعنى القريب للآية؟!
فلو أن الشيخ رحمه الله قرر أن أسلوب الآية صالح لفهم ما يقرره العلم الصحيح، مع صلاحيته لفهم ما قرره أئمتنا في معنى الآية لكان ذلك أنسب بمقامه العلمي بين أئمة المسلمين، ولكان أنسب برأيه الذي قرره صراحة في تجنيب القرآن التأويل الذي يعرضه للهزات التي استحدثها العلم.
فالقرآن لم يقرر أبدا النظية الانفصالية بين الشمس والقمر، ولكنه وهو في أفقه الأعلى من براعة البيان المعجز تحدث عن السماوات والأرض في صدد بيان جلال القدرة الإلهية حديثاً صبه في إطار لا يناقض علماً ثبت أو يثبت ثبوتاً لا يخالجه ريب، ولا تتوارد عليه الشبه والشكوك. على أن المتتبع لحديث القرآن عن السماوات والأرض يراه يذكر الأرض في مقابلة السماوات بصورة تدل بفحواها – إن لم يكن بظاهرها – على استقلال الأرض في خلقها كوكباً تعيش عليه الحياة الخاصة به بمن عليه وما عليه وما فيه من الموجودات، بل إن القرآن ينفسح لأكثر من هذه في دلالة ظاهرة على استقلال خلق الأرض عن السماوات، فهو يقول في سورة فصلت: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (فصلت:9 - 12)
فهذه الآيات الكريمة ظاهرة الدلالة على أن الأرض خلقت خلقاً مستقلاً عن السماوات، وجعلت فيها الجبال الرواسي لحفظها أن تميد فتختل الحياة فوقها .... ثم ذكر ربنا تبارك وتعالى السموات ذكراً مستقلاً بحرف يفيد عند أهل اللغة الوجود المتراخي لتقريب مراتب الخلق لعقول الخلق التي لا تدرك إلا ما عرفت وما ألفت وما يصح قياسه على المعروف لها المألوف .....
فنظرية انفصال الأرض عن الشمس لم يقررها القرآن الحكيم؛ فلا تصلح تفسيراً لآياته على أنه المعنى الذي يتحتم في فهم تعبير البيان القرآني.
ولو أن الناظرين في هداية القرآن أمعنوا النظر في مقاصد هذه الهداية لوجدوا أن تفسير رتق السماوات والأرض وفتقهما بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وتلقاه الأئمة بالرضا والقبول أقرب إلى تحقيق تلك المقاصد؛ لأنه المعنى الذي يفهمه كل من يتجه إليه بنظر الحس والعقل من عامة الناس وخاصتهم.
وتفسير رتق السماوات والأرض بنظرية الانفصال الشمسي التي قال بها العلم المستحدث بعيد عن مقاصد الهداية القرآنية، لا يفهمه من أسلوب البيان القرآني إلا من قصده متأولاً، ولا يفهمه علمياً إلا أخص الخاصة من العلماء الكونيين، والقرآن لم ينزل بهدايته لهؤلاء العلمانيين [هكذا في الكتاب الذي نقلت منه] وحدهم، وإنما نزل لهداية كافة البشرية على مستويات عقولهم وثقافاتهم.) انتهى مختصراً ص246 - 250
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[28 Mar 2005, 05:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعقيبًا على ما ذكره الأخ الفاضل أبو مجاهد العبيدي أقول وبالله المستعان:
1 - إذا كان أبو نعيم قد روى عن ابن عمر عن رجل عن ابن عباس- رضي الله عنهما- الرواية السابقة في تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} (الانبياء:30) - كما ذكر الأستاذ محمد الصادق محمد عرجون في رده على الأستاذ المراغي- فإن ابن عباس- رضي الله عنهما- قد قال في رواية عكرمة، والحسن البصري، وقتادة، وسعيد بن جبير: (كانتا شيئًا واحدًا ملتزقين، ففصل الله تعالى بينهما،
(يُتْبَعُ)
(/)
ورفع السماء إلى حيث هي، وأقر الأرض). وهذا مذكور في معظم كتب التفسير، وقد أشرت إليه في تعقيبي على مقالي السابق.
2 - أليس عكرمة، والحسن البصري، وقتادة، وسعيد ابن جبير، الذين يروون هذه الرواية عن ابن عباس- رضي الله عنهما- من المؤمنين، الذين قرؤوا الآية الكريمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهموا منها هذا الذي فهموه؟ أم أنهم ليسوا من المؤمنين؟ أم أن ابن عباس هذا الذي يروون عنه هو غير ابن عباس، الذي رويت عنه الرواية الأولى؟ أم أن الرجل الذي أرسله ابن عمر إلى ابن عباس، وأخبره بما أخبره أصدق رواية من هؤلاء؟
3 - إن ما قاله الأستاذ محمد عرجون متسائلاً: (فما الذي يدعو إلى عدم صحة هذا التفسير؟ وما الذي يدعو إلى استبعاد احتمال الآية له، إن لم يكن هو المعنى القريب للآية؟!)، ألا يمكن أن يقال مثله في الرواية الثانية؟
4 - يقول الأستاذ محمد عرجون: (وتفسير رتق السماوات والأرض بنظرية الانفصال الشمسي التي قال بها العلم المستحدث بعيد عن مقاصد الهداية القرآنية، لا يفهمه من أسلوب البيان القرآني إلا من قصده متأولاً، ولا يفهمه علمياً إلا أخص الخاصة من العلماء الكونيين، والقرآن لم ينزل بهدايته لهؤلاء العلمانيين [هكذا في الكتاب الذي نقلت منه] وحدهم، وإنما نزل لهداية كافة البشرية على مستويات عقولهم وثقافاتهم).
أقول: هل قول الأستاذ محمد عرجون هذا ينطبق على عكرمة، والحسن البصري، وقتادة، وسعيد ابن جبير، الذين رووا عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهم جميعًا- أن السموات والأرض (كانتا شيئًا واحدًا ملتزقين، ففصل الله تعالى بينهما، ورفع السماء إلى حيث هي، وأقر الأرض)؟ وهل يعَّد هؤلاء في نظره الأستاذ عرجون من العلماء الكونيين، أو من العلمانيين الذين قالوا بنظرية الانفصال الشمسي؟
5 - ثم هل خلُقُ السموات والأرض- على ما فسر به الأستاذ عرجون آيات فصلت، التي استدل بها على أن الأرض خلقت خلقاً مستقلاً عن السماوات- قد تم في ستة أيام، أم تمَّ في ثمانية أيام؟
ليت الأخ أبو مجاهد- وفقه الله- يجيبني عن هذه التساؤلات مشكورًا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Mar 2005, 07:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
أولاً - أرحب بك شيخنا محمد إسماعيل، وقد أسعدني مرورك وتعليقك. [وقد كان من أهداف كتابتي للتعليق السابق الحرص على دعوتك للمشاركة مرة أخرى بعد طول غياب] فمرحباً بك مجدداً.
ثانياً - نقلي لما كتبه الشيخ محمد الصادق محمد عرجون لا يعني بالضرورة موافقتي له.
ثالثاً - لما ذكرتَ - وفقك الله - الروايات الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما دفعني ذلك للبحث عن أي الروايات أصح وأثبت عنه، فرجعت إلى التفسير الصحيح الذي جمعه الدكتور حكمت بن بشير ياسين فوجدته قد اقتصر على ذكر روايتين في تفسير الرتق والفتق، وهما:
1 - ما أخرجه الطبري عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: أوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ السَمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا يقول: ملتصقتين. وحسن إسنادها.
2 - ما أخرجه الطبري كذلك عن قتادة: أنَّ السَّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كان الحسن وقَتادة يقولان: كانتا جميعا، ففصل الله بينهما بهذا الهواء.
وحسن إسناده أيضاً.
وأما أثر ابن عمر وابن عباس السابق الذي اعتمده محمد الصادق عرجون فلم أجد من صححه، وقد ذكره ابن كثير وعزاه إلى ابن أبي حاتم. وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عنه رضي الله عنه في قوله: {كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَـ?هُمَا} قال: فتقت السماء بالغيث، وفتقت الأرض بالنبات. كما في الدر المنثور.
رابعاً - على فرض ثبوت القولين عنه فإن المسلك الأول من مسالك النظر فيهما هو محاولة الجمع بين قوليه، وهو ما أميل إليه، ويكون تفسير الآية بناء على الجمع بين القولين كالتالي: (ألم يروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً أي كان الجميع متصلاً بعضه ببعض متلاصق متراكم بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه، فجعل السماوات سبعاً، والأرض سبعاً، وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض) وهذا ما ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره للآية.
(يُتْبَعُ)
(/)
خامساً: إذا كان لا بد من المفاضلة بين القولين؛ فالأمر كما قال الشنقيطي رحمه الله بعد ذكره للأقوال الخمسة في تفسير الآية: (فإذا عرفت أقوال أهل العلم في هذه الآية، فاعلم أن القول الثالث منها وهو كونهما كانتا رتقاً بمعنى أن السماء لا ينزل منها مطر، والأرض لا تنبت شيئاً ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات ـ قد دلت عليه قرائن من كتاب الله تعالى.
الأولى ـ أن قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَنَّ} يدل على أنهم رأوا ذلك. لأن الأظهر في رأى أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض ميتة هامدة لا نبات فيها. فيشاهدون بأبصارهم إنزال الله المطر، وإنباته به أنواع النبات.
القرينة الثانية ـ أنه أتبع ذلك بقوله: {مِنَ}. والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله. أي وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض كل شيء حي.
القرينة الثالثة ـ أن هذا المعنى جاء موضحاً في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {وَ?لسَّمَآءِ ذَاتِ ?لرَّجْعِ وَ?لاّرْضِ ذَاتِ ?لصَّدْعِ} لأن المراد بالرَّجْع نزول المطر منها تارة بعد أخرى، والمراد بالصَّدْع: انشقاق الأرض عن النبات. وكقوله تعالى: {فَلْيَنظُرِ ?لإِنسَـ?نُ إِلَى? طَعَامِهِ} {ثُمَّ شَقَقْنَا ?لاٌّرْضَ شَقّاً}. واختار هذا القول ابن جرير وابن عطية وغيرهما للقرائن التي ذكرنا. ويؤيد ذلك كثرة ورود الاستدلال بإنزال المطر، وإنبات النبات في القرآن العظيم على كمال قدرة الله تعالى، وعظم منته على خلقه، وقدرته على البعث. والذين قالوا: إن المراد بالرتق والفتق أنهما كانتا متلاصقتين ففتقهما الله وفصل بعضهما عن بعض قالوا في قوله {أَوَ لَمْ يَرَ} أنها من رأي العلمية لا البصرية، وقالوا: وجه تقريرهم بذلك أنه جاء في القرآن، وما جاء في القرآن فهو أمر قطعي لا سبيل للشك فيه. والعلم عند الله تعالى.
وأقرب الأقوال في ذلك ـ هو ما ذكرنا دلالة القرآئن القرآنية عليه، وقد قال فيه الفخر الرازي في تفسيره: ورجَّحوا هذا الوجه على سائر الوجوه بقوله بعد ذلك: {مِنَ ?لْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلاَ} وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلاَّ إذا كان المراد ما ذكرنا.
فإن قيل: هذا الوجه مرجوح. لأن المطر لا ينزل من السموات بل من سماء واحدة وهي سماء الدنيا.
قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع لأن كل قطعة منها سماء. كما يقال ثوب أخلاق، وبرمة أعشار ا هـ منه.)
سادساً - أخي الفاضل الأستاذ محمد إسماعيل - لم يتبين لي وجه سؤالك الأخير: (ثم هل خلُقُ السموات والأرض- على ما فسر به الأستاذ عرجون آيات فصلت، التي استدل بها على أن الأرض خلقت خلقاً مستقلاً عن السماوات- قد تم في ستة أيام، أم تمَّ في ثمانية أيام؟)، فأرجو أن تبين لي وقصدك منه؟
سابعاً وأخيراً: أرجو أن يتسع صدرك لمناقشتي، ولا إخالك إلا محباً للمناقشة والحوار ....
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[28 Mar 2005, 07:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم عليه أتوكل، وبه أستعين .. أما بعد.
أولاً- شكر الله لك- يا شيخ أبي مجاهد- ترحيبك بالأستاذ الكبير محمد إسماعيل عتوك، وجزاك عنه كل خير، مع أنه لا يرى نفسه- كما تراه أنت- إلا كبيرًا في السن .. وكنت أود أن تكون دعوتك له إلى المشاركة بغير هذه الطريقة، ومع ذلك فأنا أحترم ما تختاره من طرق وأساليب في دعوة الآخرين، ولا أجد في ذلك غضاضة.
ثانيًا- لقد نقلتَ يا أخي في الفقرة الخامسة عن الشنقيطي قوله: (وأقرب الأقوال في ذلك ـ هو ما ذكرنا دلالة القرآئن القرآنية عليه، وقد قال فيه الفخر الرازي في تفسيره: ورجَّحوا هذا الوجه على سائر الوجوه بقوله بعد ذلك: {مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلاَ} وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلاَّ إذا كان المراد ما ذكرنا.
فإن قيل: هذا الوجه مرجوح. لأن المطر لا ينزل من السموات بل من سماء واحدة وهي سماء الدنيا. قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع لأن كل قطعة منها سماء. كما يقال ثوب أخلاق، وبرمة أعشار ا هـ منه.).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول تعقيبًا على ذلك: لو أنك رجعت إلى ما قاله الفخر الرازي في هذه المسألة الخلافية- تحت عنوان: المسألة الخامسة- لرأيته يصنف هذا القول الذي تؤيده الشواهد في رأي جمهور المفسرين في المرتبة الثالثة، ويصنف القول الآخر في المرتبة الأولى .. يقول الفخر الرازي بعد أن انتهى من ذكر الأقوال الخمسة في تأويل الآية الكريمة ما نصُّه:
(فإن قيل: فأيُّ الأقاويل أليق بالظاهر؟ قلنا: الظاهر يقتضي أن السماء على ما هي عليه، والأرض على ما هي عليه كانتا رتقًا. ولا يجوز كونهما كذلك إلا وهما موجودان .. والرتق ضد الفتق؛ فإذا كان الفتق هو المفارقة، فالرتق يجب أن يكون هو الملازمة.
وبهذا الطريق صار الوجه الأول أولى الوجوه .. ويتلوه الوجه الثاني؛ وهو أن كل واحد منهما كان رتقًا، ففتقهما بأن جعل كل واحد منهما سبعًا .. ويتلوه الوجه الثالث؛ وهو أنهما كانا صلبين من غير فطور وفروج، ففتقهما؛ لينزل المطر من السماء، ويظهر النبات على الأرض).
فأين هذا الذي قاله الفخر الرازي من قوله الذي ذكره الإمام الشنقيطي عنه، مؤيدًا به رأيه .. ثم كيف يكون هذا القول هو أقرب الأقوال إلى الصواب، وهو لم يثبت، ولم تجد من صححه، كما تقول أنت؟
وأما قولك: (لم يتبين لي وجه سؤالك الأخير .. فأرجو أن تبين لي قصدك منه؟) فالحق معك فيما تقول .. ولكنني كنت أرمي من ورائه إلى أن ما قاله الأستاذ عرجون في تفسير آيات فصلت، واتخذ منه دليلاً على أن الأرض خلقت خلقاً مستقلاً عن السماوات، لا يمكن التسليم به .. فقد قال: (فهذه الآيات الكريمة ظاهرة الدلالة على أن الأرض خلقت خلقاً مستقلاً عن السماوات، وجعلت فيها الجبال الرواسي لحفظها أن تميد فتختل الحياة فوقها ... ثم ذكر ربنا تبارك وتعالى السموات ذكراً مستقلاً بحرف يفيد عند أهل اللغة الوجود المتراخي لتقريب مراتب الخلق لعقول الخلق التي لا تدرك إلا ما عرفت وما ألفت وما يصح قياسه على المعروف لها المألوف .. ).
هذا ما قاله الأستاذ عرجون .. وجاء في هامش الجلالين تعليقًا على ما قيل في تفسر هذه الآيات من قيل مفسريْه:
(قوله تعالي: (في يومين) , ثم قوله بعد ذلك: (في أربعة أيام , ثم قوله: (فقضاهن سبع سماوات في يومين) , هذا تفصيل لمثل قوله تعالي في سورة ق (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب) أي: تعب وإعياء , فتم خلق الأرض وتقدير أقواتها في مقدار أربعة أيام , وتم خلق السماوات في مقدار يومين , كل ذلك بلا ترتيب زمني , لأن (ثم) في مثل قوله تعالي: (ثم استوي إلي السماء وهي دخان) لا تفيد في حق الله تعالي ترتيبا زمنيا , لأنه تعالي لا يجري عليه زمان , فكان خلق السماوات والأرض وما بينهما في مقدار ستة أيام من غير تحديد ولا تعيين علي الصحيح .... ).
وذكر الدكتور زغلول النجار في مقال له تحدث فيه عن تفسير هذه الآيات الآتي:
(أيام الخلق الست في منظور العلوم الكونية ..
يري أهل العلوم المكتسبة مراحل خلق الكون الست حسب الترتيب التالي، والله (تعالي) أعلم بخلقه:
(1) مرحلة الرتق: وهي مرحلة الجرم الأولي الذي بدأ منه خلق السماوات والأرض.
(2) مرحلة الفتق: وهي مرحلة انفجار الجرم الأولي وتحوله الي سحابة من الدخان.
(3) مرحلة تخلق العناصر في السماء الدخانية عبر تكون نويات غازي الإيدروجين والهليوم، وبعض نويات الليثيوم.
(4) تخلق كل من الأرض وباقي أجرام السماء بانفصال دوامات من السحابة الدخانية الأولي وتكثفها علي
ذاتها بفعل الجاذبية , وانزال الحديد عليها.
(5) مرحلة دحو الارض، وتكوين أغلفتها الغازية والمائية والصخرية , وتصدع الغلاف الصخري للأرض , وبدء تحرك الواحة , وتكون كل من القارات وقيعان المحيطات , والجبال , وبدء دورات كل من الماء , والصخور , وتبادل القارات والمحيطات , وشق الأودية والفجاج والسبل , والتعرية , وتسوية سطح الارض , وتكون التربة , وخزن المياه تحت السطحية.
(6) مرحلة خلق الحياة من أبسط صورها الي خلق الانسان، ويقدر عمر الكون بما يتراوح بين 10 و 15 بليون سنة بينما يقدر عمر أقدم صخور الأرض بنحو 4.6 بليون سنة وهو نفس العمر الذي تم التوصل اليه بتحليل صخور وتراب سطح القمر والعديد من النيازك التي سقطت علي الأرض والفارق الكبير بين العمرين المقدرين لكل من الأرض والسماء (وقد خلقا في لحظة واحدة) سببه أن صخور الأرض تدخل في دورات عديدة , وأن العمر المقدر لها هو عمر لحظة تيبس قشرتها , وليس عمر تكون ذرات عناصرها , وعمر تيبس قشرة الأرض لا يشمل أيا من مراحل الأرض الابتدائية , ولا مراحل تخلق العناصر التي كونت أرضنا الابتدائية وما تلا ذلك من أحداث.
وتشير الآيات القرانية (29) من سورة البقرة , و (9 ــ 12) من سورة فصلت الي سبق خلق الأرض لعملية تسوية السماء الدخانية الأولية الي سبع سماوات , ويبدو أن المقصود هنا بالسبق هو خلق عناصر الأرض , والذي تلاه تجميع تلك العناصر علي هيئة الارض الابتدائية والتي تم رجمها بوابل من النيازك الحديدية , وتمايزها الي سبع أرضين , ثم دحوها وتكوين أغلفتها الغازية والمائية والصخرية وتشكيلها الي صورتها الحالية وذلك لان خلق السماوات والارض عمليتان متلازمتان ولا يمكن لاحداهما أن تنفصل عن الأخرى).
وقال سيد قطب رحمه الله في تفسير الآية التي نحن بصددها: (وقد يشير القرآن أحيانا إلى حقائق كونية كهذه الحقيقة التي يقررها هنا: (أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما). ونحن نستيقن هذه الحقيقة لمجرد ورودها في القرآن، وإن كنا لا نعرف منه كيف كان فتق السماوات والأرض، أو فتق السماوات عن الأرض، ونتقبل النظريات الفلكية التي لا تخالف هذه الحقيقة المجملة التي قررها القرآن؛ ولكننا لا نجري بالنص القرآني وراء أية نظرية فلكية , ولا نطلب تصديقا للقرآن في نظريات البشر، وهو حقيقة مستيقنة!
وقصارى ما يقال: إن النظرية الفلكية القائمة اليوم لا تعارض المفهوم الإجمالي لهذا النص القرآني السابق عليها بأجيال!) ... والله تعالى أعلم بمراده.(/)
هل هناك كتب تحدثت عن مصحف ابن مسعود؟
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى ممن يعرف كتبا تحدثت عن مصحف ابن مسعود أن يدلني عليها
فقد بحثت في الانتصار للباقلاني رحمه الله وفي كتب علوم القرآن
لكن لم أجد فيها معلومات كافية
وجزاكم الله خيرا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:32 ص]ـ
ابحث في الفهرست لابن النديم و كذلك في الإتقان للسيوطي و هو ينقل عن كتاب المصاحف لابن أبي أشتة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:37 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما من المتقدمين فقد كتب أبو بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث المعروف بابن أبي داود في كتابه (كتاب المصاحف) عن مصاحف الصحابة، وأطال في مصحف ابن مسعود، وذلك في باب اختلاف مصاحف الصحابة من كتابه هذا من ص 60 - 102، وعن مصحف ابن مسعود من 64 - 82 في الطبعة القديمة، وفي 1/ 283 – 339 من الطبعة التي حققها الدكتور محب الدين عبدالسبحان واعظ، وفي تعليقات المحقق ما ينفعك في هذا الباب إن شاء الله.
وتجد كلاماً عن مصحف ابن مسعود في كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) الذي نشره آرثر جفري ص 95
ومن المعاصرين كتب الدكتور محمد أحمد خاطر كتاباً جيداً بعنوان: (قراءة عبدالله بن مسعود) مكانتها – مصادرها –إحصاؤها. ويقع الكتاب في 189 صفحة، وقد تعرض فيه لمصحف عبدالله بن مسعود رضي الله عنه من 68 - 73 حيث تحدث عن مصحفه ومعالمه ونحو ذلك.
وهناك رسالتان قدمتا للماجستير بعنوان: (المروي عن ابن مسعود في التفسير - جمعا ودراسة.) كتبها كل من الباحث محمد بن إبراهيم السويد، والباحث محمد بن مرشود المرشود بكلية أصول الدين بالرياض عام 1399هـ وعام 1403هـ وقد تعرضا لهذه المسألة كذلك. وعلى حد علمي فإن هاتين الرسالتين لما تطبعا بعد.
هذا ما تيسر الآن، وفقكم الله.
ـ[محب الصالحين]ــــــــ[31 Mar 2004, 10:08 م]ـ
هل كان في مصحف ابن مسعود تشكيل بالحركات (فتحة - ضمة - كسرة)؟؟
الذي أعرفه أنها لم تكن معروفة، فكيف يقال أن في مصحف عبد الله كذا وكذا (مما يحتاج لمعرفة الحركات)؟؟
ـ[د. أنمار]ــــــــ[01 Apr 2004, 07:00 ص]ـ
نعم هذه نقطة، والنقطة الثانية هي ضعف معظم الأسانيد التي تشرح صفة وترتيب المصحف، مما يحتاج لتحرير أكبر.
وقراءة ابن مسعود هي قراءة أهل الكوفة، وقراءة شعبة على وجه الخصوص ثم من روى عن ابن عياش كبعض قراءة الكسائي وغيره
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Apr 2004, 11:05 ص]ـ
كذلك تجد قراءة ابن مسعود في كتاب معاني القرآن للفراء، وهو مصدر مهم في قراءة ابن مسعود.
أما كيف يعرفون تشكيل الحركات فبالنقل، ولم يكن الشكل موجودًا في مصاحف الصحابة المفردة، ولا في المصاحف العثمانية.
ومن قال بالفتح أو بالضم، فهو مما نقله مشافهة عن غيره، أو وجد ضبطه عن عالم بالقراءة، وهذا يسري على جميع القراءات التي تُنسب إلى الأئمة، وهي ليست في مصحف عثمان.
وعلى كلٍ فالمسألة راجعة إلى النقل، والله الموفق.
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:21 ص]ـ
ومن المعاصرين كتب الدكتور محمد أحمد خاطر كتاباً جيداً بعنوان: (قراءة عبدالله بن مسعود) مكانتها – مصادرها –إحصاؤها. ويقع الكتاب في 189 صفحة، وقد تعرض فيه لمصحف عبدالله بن مسعود رضي الله عنه من 68 - 73 حيث تحدث عن مصحفه ومعالمه ونحو ذلك ..
هل هناك نسخة إلكترونية من هذا الكتاب؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:27 ص]ـ
هل هناك نسخة إلكترونية من هذا الكتاب؟
لستُ أدري يا أبا يزيد، ولكن نسختي الورقية تحت أمرك.
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:40 ص]ـ
أحسن الله إليك أبا عبدالله، والشيء من معدنه لا يستغرب. والكتاب بين يدي بحمدالله ولكن طلب مني صديق من السودان نسخة من الكتاب فرأيت من السهل إرسالها إلكترونيا لأني لم أجدها ورقيا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:43 ص]ـ
أحسن الله إليك أبا عبدالله، والشيء من معدنه لا يستغرب. والكتاب بين يدي بحمدالله ولكن طلب مني صديق من السودان نسخة من الكتاب فرأيت من السهل إرسالها إلكترونيا لأني لم أجدها ورقيا.
نصورها له pdf إذن لو شئتم، وسأسلمها للأخ المساهم ولن يُقصِّر وفقه الله وإياك.
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:59 ص]ـ
نصورها له pdf إذن لو شئتم، وسأسلمها للأخ المساهم ولن يُقصِّر وفقه الله وإياك.
ولو ترفعونها هنا بالملتقى سنكون لكم من الشاكرين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2010, 09:08 ص]ـ
ولو ترفعونها هنا بالملتقى سنكون لكم من الشاكرين
إن شاء الله.
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[26 Jul 2010, 04:32 م]ـ
إن شاء الله.
ما زلنا في انتظاره حفظكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jul 2010, 05:22 م]ـ
سلمته للأخ المساهم لتصويره وأرجو أن لا يتأخر تصويره غير أنه ليس من الأولويات، خاصة أني أخي د. عبدالعزيز الجهني أخبرني برسالة خاصة أنه قضي الأمرُ الذي سأل عنه، وله على الكتاب استدراكات كثيرة أرجو أن يوفقه الله لنشر بحثه عن قراءة عبدالله بن مسعود.(/)
سؤال عن كتاب التسهيل
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[31 Mar 2004, 11:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل هناك من قام بتحقيق كتاب التسهيل لابن جزي في رسالة علمية؟
أرجوا إفادتي وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2004, 06:49 م]ـ
أما في رسالة علمية فلا أعلم.
وقد سبق الحديث حول هذا التفسير هنا
تفسير التسهيل لابن جزي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1325)
وفقك الله أخي أبا عبدالرحمن(/)
وجه جديد لإعجاز القرآن
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:40 م]ـ
بسم الله .. والحمد لله ..
كتاب يتحدث عن وجه " جديد " من إعجاز القرآن .. أعرض على ملتقانا المبارك فكرته، وأمثلة " مختصرة " لتبين عن الفكرة أكثر .. والرجاء التكرم بالنظر والتعليق وإبداء الرأى ولو بشكل مجمل.
اسم الكتاب: " العلم الأعجمى فى القرآن مفسراً بالقرآن "
اسم المؤلف: رؤوف أبو سعدة.
صدر الكتاب على جزأين من دار الهلال بمصر.
يتمثل الوجه الإعجازى هنا فى أن القرآن أورد أسماء الأعلام به مفسراً معانيها .. فقد فسر القرآن معانى الأعلام الأعجمية التى وردت به.
وليس فقط إعجاز القرآن فى تفسيره الأعلام الأعجمية به، وإنما أيضاً فى إيراده لذلك التفسير فى صلب الآيات بحيث لا تنتبه لذلك إذا لم يكن يعنيك الأمر.
فإذا قرأت الآيات وليس فى بالك أن تبحث عن تفسير للاسم فيها، وجدتها سهلة سلسة ليس بها ما يعيب .. وإذا قرأتها باحثاً عن تفسير للاسم من خلالها، وجدتها تمنحك ما تريد، دون أن تهتز المعانى الأصلية، أو تحس بأى خلل فى النظم أو تكلف، بل تزيدك فى العطاء مما تشاء وتبحث.
و" طرق " تفسير القرآن لأسماء الأعلام الأعجمية رصد منها المؤلف ستاً: التفسير بالتعريب، والتفسير بالترجمة، والتفسير بالمرادف، والتفسير بالمشاكلة، والتفسير بالمقابلة، والتفسير بالسياق العام .. وقد يستخدم القرآن أكثر من طريقة فى تفسير بعض الأسماء.
وقد اعتمد الكاتب على مراجع " ثقيلة " فى هذا الموضوع ..
فمنها: تورا نبيئيم وكتوبيم (توراة الأنبياء والكتبة) الأصل العبرانى مصحوباً بترجمة إنجليزية ..
ومنها: العهد الجديد فى أصله اليونانى مصحوباً بترجمة إنجليزية بينية حرفية ..
ومنها: " هابريت هِحَداشا " ترجمة عبرانية عن الأصل اليونانى للأناجيل ..
ومنها: معجم لاروس الثنائى (فرنسى / عبرى ـ عبرى / فرنسى) ..
ومنها: هملون هحداش لتناخ (المعجم الحديث لألفاظ توراة الأنبياء والكتبة) (عبرى / عبرى) ..
ومنها: المعجم التحليلى العبرى الآرامى (لألفاظ التوراة) (مفسرة بالإنجليزية) .. الخ.
ومنها فى اللغة الهيروغليفية: A. Gardiner, Egyptian Grammar, Oxford University Press, London.
ومنها: تاريخ اللغات السامية، أ. ولفنسون ..
هذه هى فكرة الكتاب .. وإليكم بعض الأمثلة ..
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:48 م]ـ
فرعون
" فرعون " فى القرآن هى تعريب " بِرْعا " ـ بالباء المثلثة ـ المصرية القديمة.
أما " برعا " المصرية القديمة هذه، فهى اسم مزجى، مركب من شقين " بر + عا ".
الشق الأول " بر " يعنى البيت أو الدار.
والشق الثانى " عا " صفة بمعنى الكِبَر أو العِظَم.
فهو " البيت الكبير " أو " البيت العظيم ".
وتدخل " بر " فى تراكيب مزجية عديدة، مثل " بر + عنخ " أى بيت الحياة أو بيت الروح، يعنون " دار الكتبة "، و " بر + حض " أى البيت الأبيض، يعنون " دار الخزانة " أو " بيت المال "، و " بر + نسو " أى بيت الملك، يعنون " القصر ".
أما حين تأتى " برعا " المصرية القديمة على المزجية فهى تفقد معناها الأصلى كبيت كبير أو عظيم، وتصبح كنية يكنى بها عن شخص الملك، مهابة وتفخيماً، كما قال العثمانيون فى خليفتهم: " الباب العالى "، وقالوا فى رئيس وزرائه: " الصدر الأعظم ".
يدلك على علم القرآن القاطع بمعنى البيت الذى فى " برعا "، تلك المفاضلة المعجزة، بين " بيت " عند الله فى الجنة، وبين " فرعون " البيت الكبير، على لسان امرأة فرعون، إذ قالت: " رب ابن لى عندك بيتاً فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ".
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:50 م]ـ
موسى
الشائع أن " موسى " فى القرآن هى تعريب " موشيه " التى فى التوراة.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو الشائع، وهذا هو ما قال به علماء التوراة .. ألزمتهم بذلك عبارة فى " سفر الخروج " تفسر اسم " موسى " على اللفظ العبرانى، التى ينطقونها " موشيه " كدأب العبرية فى " تشيين " السين وإمالة الألف، فقالوا: إن " موسى " عبرانية، على زنة الفاعل من الجذر العبرى " مَشَا "، ويكافئه الجذر العربى " مسا / يمسو "، بمعنى سَلَّه أو أخرجه بلطف، فهو " موشيه " أى " الماسى "، ويفسرونها بأنها تعنى " نشيل الماء "، أى الذى التقطه آل فرعون من اليم، اضطرهم لذلك قول كاتب سفر الخروج: " ودعت اسمه موسى (موشيه فى الأصل العبرانى) وقالت: إنى انتشلته من الماء ".
لكن .. لا يصح هذا التخريج عبرياً أبداً!
لأن " موشيه " على زنة الفاعل تعنى أن موسى كان " الماسى " لا " الممْسُوُّ "، أى كان هو الناشل لا المُنتَشَل، ولا يجوز فى العبرية استعمال زنة الفاعل على قصد المفعول، لكن علماء التوراة ـ لا علماء العبرية ـ افترضوا جواز ذلك ليستقيم لهم المعنى.
وفاتهم أن من أعلام التوراة: " نِمْشِى "، من نفس الجذر " مشا "، ومعناه " الممْسُوُّ " على وزن المفعول، ولو أريدت تسمية موسى على هذا المعنى لكان الاسم " نمشى " ولما كان " موشيه ". أو لكان " ماشوى " على وزن المفعول المباشر من " مشا " العبرى.
وفاتهم أيضاً أن اسم " موسى " ليس عبرانياً، لأن اليهود لم يسموه، وإنما الاسم مصرى، لأن ابنة فرعون (فى التوراة) هى التى أسمته!
لا يصح البتة افتراض عبرانية اسم " موسى "، وعلى لسان مَن؟ .. على لسان " ابنة فرعون " فى قصر فرعون، تلتقطه من اليم، فتفهم أنه من " أولاد العبرانيين " كما يقول الكاتب، فتتعمد تسميته تسمية عبرانية، وهى لا تفهم حرفاً من تلك اللغة، لغة عبيد فرعون كما تقرأ فى التوراة. إنما المنطقى المتوقع من " ابنة فرعون " أن تسمى الذى انتشلته من الماء بلغتها هى، أى بالمصرية القديمة.
استقر علماء اللغة المصرية القديمة، فى نطق الأسماء الأعلام المختومة بالشق " مُس "، كما تجد فى " تُحُوت + مُس " (تحتمس) .. انتهوا إلى أن أصلها " ضحُوتى + مُوسِى "، تنطق ألف " موسِى " فيها على الإمالة، تماماً كما تسمعها فى بعض قراءات القرآن، والمعنى هو " وِلْد تحوت " أو " وليد تحوت " .. ولا تقل " ابن تحوت " مغتراً بتقارب المعنى؛ لأن " ابن " فى المصرية القديمة هى " سا " لا " موسى ".
" موسى " لفظة فى المصرية القديمة منحوتة من جذر فى تلك اللغة، هو (م / س / ى)، فعل بمعنى ولد / يلد / ولادة. ولفظة " موسى " اسم مشتق منه على زنة المفعول، فمعناها " ولد " أو " وليد "!
كيف فسر القرآن معنى اسم " موسى " (ولد أو وليد) فى آياته الحكيمة؟
قال العليم الخبير، فى كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يفسر بها اسم موسى بلغة آل فرعون، لا بلغة أمه وأبيه: " وقالت امرأة فرعون قرة عين ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً " .. فسمى بها موسى المحذوف لدلالة السياق عليه.
وقال أيضاً على لسان فرعون، الذى أنكر على موسى أن يكون شفيعاً لديه فى بنى إسرائيل وقد استله فرعون من بينهم فاحتضنه ورباه: " قال ألم نربك فينا وليداً، ولبثت فينا من عمرك سنين؟! ".
فهناك " الولد " وهنا " الوليد "، يفسر بهما القرآن اسم موسى عليه السلام فى لغة آل فرعون لا فى لغة قومه العبرانيين!
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:52 م]ـ
أم موسى
" أم موسى " .. اسمها فى التوراة العبرانية " يُوكِبِد "، بكسر الكاف والباء، وتنطق عبرانياً " يُوخِفِذ " بالباء المثلثة، حسب قاعدة نطق الكاف والباء والدال إذا تحرك أو اعتل ما قبلها.
عند علماء التوراة .. أنه اسم مزجى مركب من شقين (يُو + كِبِد) ..
الأول " يُو ": مختصر " يهوا "، اسم الله فى العبرية منذ موسى عليه السلام ..
والثانى " كِبِد ": اسم من مادة الجذر العبرانى " كبد " بمعنى ثَقُلَ، وأيضاً بمعنى تمجد وشَرُف وعَظُم.
وقد اختار علماء التوراة أن يكون معنى " كبد " التى فى " يوكبد " هو المجد والشرف. كما اختاروا أيضاً أن تكون بنية هذا الاسم المزجى على المبتدأ والخبر، فقالوا: إن معناه هو " الله مجدٌ "، مراداً منه " الله مَجْدُها ".
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن .. لا يصح هذا التخريج عبرياً .. لأن معنى المجد والشرف فى مادة " كبد " العبرانية يجىء على " كِبُود " بالواو، ولا يجىء قط فى بنيته الاسمية على " كِبِد "، كما ينطق اسم أم موسى فى التوراة.
أما الذى يصح عبرياً، فهو أن يفهم الشق الثانى من هذا الاسم " كِبِد " على أنه فعل ماض مسند إلى المفرد الغائب (الذى هو " يو " اسم الله فى العبرية)، جاء على زنة " فِعِّل " العبرية، فيكون أصل الاسم " يوكبِّد " بتشديد الباء المكسورة، ثم خفف هذا التشديد للمزجية، فآلت إلى نطقها الذى فى التوراة، أعنى " يُوكِبِد ".
لكن " كبد " العبرية ـ كما مر بك ـ تفيد معنيين، هما: (1) الوقر والثقل .. و (2) المجد والشرف .. لك أن تختار فى تفسير هذا الاسم:
إما " الله مجَّدَ " بتشديد الجيم المفتوحة، يعنى " التى مجَّدَها اللهُ " ..
وإما " الله وقَّرَ " بتشديد القاف المفتوحة، أى " التى وقَّرَها اللهُ "، يعنى رزنها وثبتها وسكنها، أو كما قال القرآن " لولا أن ربطنا على قلبها "، فهى " التى ربط الله على قلبها "!
والذى يصح بلا مشاحة هو تفسير القرآن، لا تفسير علماء التوراة!
لأن " يهوا "، التى اختصرت إلى " يو " فى الاسم " يوكبد "، لم تصر عند بنى إسرائيل علماً على الله عز وجل إلا فى ديانة موسى عليه السلام، كما تستظهر من التوراة: " ثم كلم الله موسى وقال له: أنا الرب، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بأنى الإله القادر على كل شىء، وأما باسمى يهوا فلم أعرف عندهم " ..
فلا يصح دخوله فى اسم أم موسى يوم وُلِدَت .. وإنما الصحيح أن يقال: إنها كنية كناها بها بنو إسرائيل من بعد مبعث موسى عليه السلام، بعد تحقق الصفة والحال .. فهى كنية تشير إلى منقبة فى أم موسى.
وقد أراد علماء التوراة الذين فسروا هذا الاسم على معنى " الله مجدها "، أى التى مجدها الله، تعظيم موسى بالتفخيم فى معنى اسم والدته ..
لكن الكنية على هذا المعنى الذى أراده علماء التوراة هؤلاء لا تصدق فى وصف منقبة أم موسى التى انفردت بها من دون نساء العالمين .. تنبذ ابنها فى اليم رضيعاً، قد ربط الله على قلبها، ويردونه إليها لا لتكون له أماً، بل لتكون له مرضعاً، جاءوها به وقد أسموه بلغتهم " الولد " (موسى المصرية الهيروغليفية) لا أم له، وهى أمه، لا تملك أن تستعلن بها، فيكنيها القرآن بأحب اسم تمنت أن تسمعه: " أم موسى " .. ويمرأ فيه لبنها، ويدنو يوم فطامه، فتشقى بما تسعد به كل أم، لولا رباط الله على قلبها، إنه اليوم فى حجرها تهدهده، وهو غداً " ابن فرعون " تسلمه لهم .. فيا لفؤاد أم موسى بما حُمِّل، لولا رباط الله على قلبها!
هذه هى منقبة أم موسى الوحيدة التى يصح أن تكنى بها.
والرباط على القلب يعنى تقويته كى يحتمل، وهذا هو نفسه معنى " كبد " العبرى كما تنص عليه معاجمهم، فلا تستطيع هذا وحدها أم، لكن علماء التوراة لم يفطنوا إليه، إذ لا نص فى التوراة على بلاءات أم موسى، بل يقال لك: إنها ألقته فى اليم فحسب، ثم قالت لأخته قصيه، وإلى هنا ينتهى ذكر أم موسى فى التوراة، فاكتفوا فى تفسير اسمها بالمجد الذى نالته بإنجابها موسى، وليس بشىء كما ترى.
قال عز وجل فى تفسير اسم تلك الصديقة: " وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً، إن كادت لتبدى به، لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ".
والقرآن حين لا ينص على اسم بطل الحدث، يلم بمعناه أحياناً فى ثنايا الآيات، فيصوره بما تكاد تسميه به، واسم " أم موسى " من هذا كما رأيت.
ولعلك التفت أيضاً إلى عبارة القرآن " فؤاد أم موسى " فى سورة القصص، التى تلوت تواً، والتى تشير إلى إلمام القرآن بمعنى الفؤاد الذى فى شطر اسم أم موسى " يُوكبد "، وهو " كِبُود " .. لو قلت: " فؤاد أم موسى " عبرياً، لقلت " كِبود يوكبِد "!
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:54 م]ـ
مصر
" مصر " .. عربياً بمعنى " الحائل "، أى الحاجز بين الشيئين، أو بين الأرضين، يمنعك من اختراقه أو النفاذ منه.
لكن " مصر " تجىء أيضاً فى العبرية بصيغة المثنى " مِصْرَيم " للتعظيم لا للتثنية، كما يعرف حذاق اللغة العبرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
كانت هيبة مصر فى صدور جيرانها منذ فجر التاريخ تصورها لهم سداً منيعاً، تعلموا بالتجربة أنهم ما انتطحوه إلا وقد تحطمت عليه قرونهم، فلم يجدوا لمصر أليق من هذا الاسم " مصر " يسمونها به.
أما المصريون فلم يسموا بلدهم باسم " مصر " العربى العبرانى على معنى الحائل أو الحاجز .. فقد منّ الله على هؤلاء المصريين فى غابر الدهر بالطمأنينة فى بلادهم، لا يهابون أحداً من وراء هذا الحائل أو الحاجز، بل قل لا يهتمون لشىء من أمر الذين هم من وراء هذا الحائل أو الحاجز. كان لديهم قدر من الاكتفاء بالذات، نغبطهم عليه كل شعوب العالم القديم، فانكفؤوا على أنفسهم يحرثون ويزرعون، ويغزلون وينسجون، ثم يجدون من بعد هذا كله وفرة من الوقت، يصنعون فيها أصول الحضارة والفن لكل البشر.
هذا الاكتفاء بالذات، والانكفاء على النفس، أورثا المصريين من قديم أنفة واعتزازاً، وربما أيضاً عجباً وخيلاء، والتصاقاً بالأرض، حتى ملئت صدورهم ببلدهم هذا عشقاً، فقروا فى " أرضهم " لا يبغون عنها حولاً، وغيرهم الذاهب الجائى!
نعم .. غيرهم الذاهب الجائى .. فإن اللفظ الدال على صفة الأجنبى فى المصرية القديمة هو " شماو "، و " شاسو "، الأول من الجذر " شم "، والثانى من الجذر " شس "، وكلاهما بمعنى ذهب ورحل.
كانت حياة المصريين: الأرض والنهر .. فكانت مصر عندهم فى لغتهم هى " الأرض " " تا "، لا أرض غيرها من بعدها .. وكان اسم النيل عندهم بلغتهم هو " النهر " " إترو "، لا نهر فى الأرض من دونه.
ومن الأرض والنهر اشتق المصريون الأقدمون اسم " مصر " بلغتهم هم، فقالوا:
(1) .. " إدبوى " .. مثنى " إدب " يعنى الضفة، فهى " الضفتان "، يعنون ـ على الراجح ـ جانبى الوادى.
(2) .. " تاوى " .. مثنى " تا " يعنى الأرض، فهى " الأرضان " على التعظيم.
(3) .. " تا ـ مرى " .. يعنى " أرض المحبوب ".
(4) .. " تا ـ كِمْت "، أو " كمت " فقط اختصاراً .. وأصلها " الأرض السوداء "، يقصدون خصوبتها.
أصل معنى " مصر " عند أهلها ـ كما رأيت بلغتهم هم ـ هو الأرض، وإن عددوا لها النعوت.
وردت " مصر " بهذا اللفظ خمس مرات فى كل القرآن، وليس فى أى منها تفسير لمعنى لفظة " مصر ".
لكن القرآن المعجز يفسر اسم مصر على الترجمة من المصرية القديمة فى أكثر من موضع، أى بلفظة " الأرض "، التى فى " تاوى "، و " تا ـ مرى "، و " تا ـ كمت "، على الإبدال من مصر .. يفعل القرآن هذا عامداً متعمداً؛ إدلالاً بعلمه وإعجازه.
ما إن تعلم أن " مصر " بلغة أهلها اسمها " الأرض "، وتضع " مصر " موضع " الأرض " فى الآيات التى سأنتقيها لك تواً، حتى يستقيم لك معنى الآية على الوجه الصحيح، الذى لا تملك أن تعدل به غيره.
وردت مادة " الأرض " فى كل القرآن حوالى 359 مرة، تلمح فى بعضها اسم " مصر " وراء لفظة " الأرض " التى فى الآية، أترك لك استقصائها فى مصحفك، ولكنى سأدلك على عشرة منها ـ غير مستقص ـ فيها الدليل القاطع على أن " الأرض " التى فى الآية إنما يقصد بها اسم " مصر " صريحاً.
أولاً: ثلاثة مواضع فى قصة يوسف عليه السلام ..
(1) .. " فلما استيأسوا منه خلصوا نجياً، قال كبرهم: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم فى يوسف، فلن أبرح الأرض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى، وهو خير الحاكمين " 80.
ترى هل تستطيع إلا أن تضع " مصر " موضع " الأرض " فى عبارة " لن أبرح الأرض "؟!
(2) .. " وقال الملك: ائتونى به، أستخلصه لنفسى، فلما كلمه قال: إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال: اجعلنى على خزائن الأرض، إنى حفيظ عليم " 54.
وأنت تعلم بالطبع أن ليس للأرض خزائن، وإنما الخزائن التى أقام الملك عليها يوسف هى خزائن مصر.
(3) .. " وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، نصيب برحمتنا من نشاء، ولا نضيع أجر المحسنين " 56.
ثانياً: سبعة مواضع فى قصة موسى عليه السلام ..
(1) .. " وقال الملأ من قوم فرعون: أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ويذرك وآلهتك؟ قال: سنقتل أبنائهم ونستحيى نسائهم وإنا فوقهم قاهرون " الأعراف: 127.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) .. " قالوا: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا، وتكون لكما الكبرياء فى الأرض؟ وما نحن لكما بمؤمنين " يونس: 78.
(3) .. " فأراد أن يستفزهم من الأرض، فأغرقناه ومن معه جميعاً " الإسراء: 103.
أى أراد فرعون أن يستفز بنى إسرائيل من مصر، لا من مطلق الأرض .. الأرض هنا يعنى مصر.
(4) .. " إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعاً " القصص: 4.
فى هذه الآية الدليل الحاسم على أن القرآن يعلم يقيناً أن " الأرض " اسم من أسماء مصر بلغة أهلها، وعلى أنه يستخدم " الأرض " فى موضع " مصر "، وإلا لألزمك فقه اللغة العربية أن تفهم عبارة " وجعل أهلها شيعاً " بأنها تعنى " وجعل أهل الأرض شيعاً " لعودة الضمير الذى فى " أهلها " على لفظة " الأرض " التى قبلها، وليس هو مقصود الآية، وإنما مقصودها: إن فرعون علا فى مصر وجعل أهل مصر شيعاً .. الأرض فى هذه الآية اسم لمصر بلا جدال.
(5) .. " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " القصص: 5.
(6) .. " وقال فرعون: ذرونى أقتل موسى وليدع ربه، إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد " غافر: 26.
(7) .. " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين فى الأرض، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا؟ قال فرعون: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " غافر 29.
على أن القرآن المعجز " الكريم "، لا يدعك تمضى دون أن ينص لك تنصيصاً على أن " الأرض " = " مصر " .. فعلها فى سورة البقرة الآية 61 .. فى سياق الحديث عن الذين لم يصبروا فى التيه على طعام واحد، فطلبوا من موسى عليه السلام أن يدعو لهم ربه ..
" فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض " ..
فاستدرك عليهم موسى: " قال: أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير، اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم " ..
الأرض فى أول الآية اسم مصر بلغة أهلها (" تاوى " أو " تا ـ مرى " أو " تا ـ كِمت ") مترجماً، ثم معقباً عليه فى آخر الآية باسمها العربى الصريح: اهبطوا مصراً .. أى إن أردتم ما تنبت مصر فاهبطوا مصراً .. لا يصح أن يقال إن " الأرض " فى الآية هى على أصلها بمعنى " التربة "؛ فلم يُرِد بنو إسرائيل أى بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل، وإنما أرادوا ما تنبت " مصر " من هذا الذى أكلوه فى مصر واعتادوه، وإلا لكانت عبارة " مما تنبت الأرض " حشواً يغنيك عنه قولك: فادع لنا ربك يخرج لنا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل.
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:57 م]ـ
هارون
" هارون " فى القرآن هى تعريب " أهارون " فى التوراة .. والألف البادئة فى " أهارون " العبرية هى " ألف التحلية " زائدة، والأصل " هارون " كما عربها القرآن.
لم نجد لدى علماء التوراة تفسيراً لهذا الاسم .. إلا أنه قد كان من أصحاب المعاجم، مثل معجم وبستر وغيره، من تصدوا لتفسير معنى " هارون "، استناداً إلى علماء العبرية بالطبع، فتفاوتت تفسيراتهم على ثلاثة أقوال:
(1) .. إنه الخفيف النزق ..
يشتقونه من الجذر العبرى " أرَن " مكافىء " أرِن " العربى، أى خف ونشط ومرح وبطر، فهو " أرون " عربياً.
ولا يصح هذا فى نحو اللغة العبرية، فضلاً عن أنه من أعلام العبرانيين على معنى الخفة والنزق " أورين " و " أرنان "، دون الحاجة إلى إقحام الهاء بعد الألف البادئة فى " هارون ".
(2) .. إنه الفكير المكير ..
يشتقونه من " هرا " العبرى الذى معناه ـ إن أسندته إلى فاعل مؤنث ـ: " حبلت " (المرأة)، وإن أسندته إلى فاعل مذكر كان معناه " فكَّر وقدَّر ".
وهذا يصح فى العبرية من حيث الاشتقاق .. لكن المعجم العبرى لألفاظ التوراة " خملون هحداش لتناخ " (عبرى / عبرى) يقول لك: إن " هرا " العبرى المسند إلى الفاعل المذكر ليس من التفكير والتقدير، وإنما هى يجىء على الذم، بمعنى أضمر له سوءاً، أو كاد له أمراً .. ولا تصح التسمية بهذا فى هارون من قبل أبيه وهارون بكره .. ولا تصح به الكنية أيضاً من قِبِل بنى إسرائيل وهارون أحب إليهم من موسى، حتى إنهم حين مات هارون اتهموا موسى بقتله غيرة منه!
(3) .. إنه علىّ أو مُتعال ..
(يُتْبَعُ)
(/)
الاشتقاق هنا يجىء من " يهر " وهو جذر ميت فى عبرية التوراة، لم يبق منه إلا " يهير " بمعنى الصليف ذى الصلف، فيفترضون أن " يهر " بمعنى " علا "، وعلى هذا القول تجىء " أهارون " من " يهر " مزيداً بالواو والنون على وزن الفاعل، فتصبح " يَهَرون "، ثم تؤول بحذف الياء البادئة إلى " هارون "، ثم تضاف ألف التحلية فيؤول إلى " أهارون " برسمها فى التوراة.
ولا غبار على هذا التفسير من حيث الاشتقاق فى العبرية، ولكن الذى يضعف منه هو انعدام الجذر " يهر " فى عبرية التوراة!
هذه هى المحاولات الثلاث، وجميعها موضع اختلاف بين علماء العبرية كما رأيت، أى ليس على أى منها إجماع، وهذا يدلك على أن علماء العبرية ليس لديهم مأثور يفسرون به هذا الاسم، وإنما هى اجتهادات لغوية ليس إلا.
ما هى كلمة القرآن فى هذا الصدد؟
لقد طرح القرآن هذه المعانى الثلاثة جانباً: الخفة أو المكيدة أو العلو، وفسر اسم " هارون " على معانى القوة والشدة والوزر.
يأتى هذا سهلاً سلساً دون افتعال، من " هار " العبرية بمعنى " جبل ".
وزِيدَ بالواو والنون .. إما على الصفة المشبهة (كما قالت العبرية " إشتون " من " إشت " أى شبيه المرأة)، فيكون " هارون " بمعنى شبيه الجبل .. وإما على التصغير تودداً وتحبباً، فيكون " هارون " بمعنى " جُبَيل ".
وأما الألف الملصقة بهذا الرسم فى العبرية " أهارون " فهى زائدة .. إما هى ألف التحلية كالتى فى " أدون " يعنى " سيد " وأصلها " دون " .. وإما هى أداة التعريف العربية " أل " حُذِفَت لامها، ولهذا نظائر فى العبرية يعرفها المتخصصون، لا نثقل بها عليك.
والذى ينبغى التنبيه إليه، أن " هار " العبرية بمعنى " جبل "، يكنى بها عبرياً عن القوة والثبات والصمود، تماماً كما يفعل أهل العربية فى لفظة " جبل "، بل لا تخلو أعلام العرب من " جبل " و " جبيل " و جبلة " .. بل من مجاز العبرية أن تكنى عن رؤساء الشعب بلفظة " هاريم " جمع جبل، وهو مجاز يفسره المعجم العبرى بعبارة " جدولى هاعام " أى أكابر الشعب، وبلفظة " معصاموت " أى القوة، ومنها فى العبرية المعاصرة " معصاموت جدولوت " يعنى القوى الكبرى.
" هارون " إذن يعنى " الجبل " أو " جبيل "!
ومن هنا أعرض القرآن عن المعانى الثلاثة المتهافتة لعلماء العبرية، وجانس اسم " هارون " على معنى القوة والشدة فى مثل قوله عز وجل على لسان موسى: " واجعل لى وزيراً من أهلى. هارون أخى. اشدد به أزرى ".
" وأخى هارون هو أفصح منى لساناً فأرسله معى ردءاً يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون. قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً، فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ".
" ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً ".
" وزيراً " .. " اشدد " .. " أزرى " .. " ردءاً " .. " سنشد " .. " عضدك " ..
هذه المجانسات القرآنية على الاسم " هارون "، والتى تحدد علة استنصار موسى بأخيه، لا تخرج عن معنى القوة والشدة، فشد أزره وشد عضده، يعنى قواه، والردء من معانيه فى العربية القوة والعماد، والوزارة أيضاً من هذا، فالوزير يعنى حامل الثقل، والوَزَر عربياً بفتحتين يعنى الجبل المنيع يعتصم به!
وقد فسر القرآن أيضاً " هارون " بأسلوب " التقابل " فى قول هارون يعتذر لأخيه فى فتنة العجل: " قال: ابن أم، إن القوم (استضعفونى) وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الأعداء "!
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:59 م]ـ
إسرائيل
" إسرائيل " فى القرآن هى تعريب " يسرائيل " فى التوراة .. وقد فسر كاتب سفر التكوين اسم " إسرائيل " بأنه " مصارع الله "!
ظهر الله ليعقوب فى صورة رجل، تصارع معه الليل بطوله حتى مطلع الفجر، ولم يقدر على يعقوب! ولما رأى أنه لا يقدر عليه (بصورته الإنسية) استعان بسطوة ألوهيته فلمس حُق فخذ يعقوب، فينخلع حق فخذه، ويقول له: أطلقنى فقد طلع الفجر. لكن يعقوب لا يطلقه! بل يظل آخذاً بتلابيبه ويقول له: لا أطلقك حتى تباركنى. فيقول له: ما اسمك؟ فيقول: يعقوب. ويقول الرجل/الإله: لا يدعى اسمك بعد يعقوب، بل " إسرائيل "!
ثم يفسر له معنى هذا الاسم (يسرا + إيل) بقوله: لأنك صارعت الله والناس وقدرت.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد اختلق الكاتب هذه القصة لأنه قد اشتبه معنى " يسرائيل " عليه، فظن شقه الأول: " سرا / يسرا " العبرى، بمعنى واثبه وغالبه، فكان المعنى عنده " الذى يساور اللهَ "، أو قل: " الذى ساوره اللهُ " .. قل هذا أو ذاك .. لا أدرى أيهما أقبح عندك: " الذى واثب اللهَ " أو " الذى واثبه اللهُ "؟!
كاتب التوراة يفسر " يسرائيل " على أنها مصارع الله .. وعلماء التوراة تابعوه على ذلك، فردوا الشق الأول من الكلمة إلى " سرا / يسرو " بمعنى واثبه وغالبه وصارعه.
لكن هؤلاء العلماء أنفسهم لم يصنعوا مثل ذلك الصنيع فى الأسماء التى شابهت " يسرائيل " فى التوراة، فلم يردوها إلى نفس الجذر الذى ردوا إليه " يسرائيل "! .. فلماذا خالفوا وفرقوا بين " يسرائيل " وبين الأسماء المشابهة لها فى التوراة؟!
لا شك أنه عَزَّ عليهم العدول عن " التفسير " العظيم الذى فسر به كاتب التكوين اسم إسرائيل، خاصة أنه بنى على ذلك قصة أفردها فى سطور عديدة.
تُرسَم " يِسْرائيل " فى الخط العبرى بغير ألف، أى ترسم " يسرئيل ".
ومن أعلام التوراة ـ غير يعقوب عليه السلام ـ أعلام تشبه هذا الرسم، هى:
" أسَرْئيل " .. و " أسْرِيئيل " .. وأيضاً " يِسَرْئيلَه " ..
أما المقطع الأول فى هذه الأعلام الثلاثة " أسَر " و " يِسَر "، فإن علماء التوراة يأخذونه من الجذر العبرى " أسَر ".
و " أسر " العبرى معناه من " أسر " العربى جد قريب .. ولا يكتفى هذا الجذر العبرى " أسر " بذلك القرب، بل إنه " يكافئ " جذراً عربياً آخر هو " أصر "!
و " أصر " العربى منه " الإصر " أى العهد والميثاق، و " أصره " يعنى عقده وشده، وأيضاً لواه وعطفه.
فمعنى " يسرائيله " وأمثالها هو " إسار الله " أو " إصر الله "!
" إسار " عبرياً يفيد: النذر بالامتناع، فيقولون: " أسر ـ إسار ـ عل نفشو "، يعنون: نذر على نفسه، أو آلى على نفسه.
فمعنى " إسار الله " هو: نذر على نفسه نذراً فقيده الله به، أى الذى أوجب على نفسه فأوجب الله عليه.
لقد رفض القرآن قصة كاتب التكوين، ورفض تأصيله اللغوى لاسم " يسرائيل " الذى تابعه عليه علماء أهل الكتاب .. رفض القرآن هذا وذاك، وفسر لك اسم " إسرائيل " راداً إياه إلى جذره الصحيح فى لغته!
قال عز وجل: " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه، من قبل أن تنزل التوراة "
" حرم إسرائيل على نفسه " تفسر الشق الأول من الاسم فحسب، وهى بالعبرية " أسر ـ إسار ـ عل ـ نفشو "، فالذى " حرم " هنا هو إسرائيل وليس الله .. لكن القرآن لا يتركك تظن أن " إسرائيل " معناها " الذى حرم على نفسه "، بل يريدك أن تفهم أن الله " حرم " عليه الذى حرمه هو على نفسه، فيقول " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه "، فتفهم منها مباشرة أن الله (إيل العبرى) حرم على بنى إسرائيل الذى حرم إسرائيل على نفسه!
بهذه الآية الكريمة، كان التفسير القرآنى لاسم " إسرائيل " عليه السلام، بمعنى " إصر الله "! .. الذى حرم الله عليه ما حرم هو على نفسه!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:03 ص]ـ
أخي الكريم محب وفقه الله
جزاك الله خيراً على إشارتك لهذا الكتاب النفيس حقاً، وقد كتبه مؤلفه بنفس هادئ، وعلم غزير. وقد التفت إلى وجه من أوجه إعجاز القرآن لم يسبق إليه على هذا النحو. وموضوع الكتاب واضح من عنوان الكتاب، وقد زاده إيضاحاً هذه الأمثلة التي أوردتها جزاك الله خيراً.
والكتاب في حقيقته ثمين جداً، ويحتاج إلى تأمل عميق، ونظر دقيق، ومؤلفه قد أجاد عدة لغات مكنته من المناورة العلمية بسعة ورحابة، وليس كعمق العلم والتحصيل في مناقشة المسائل.
والمؤلف يقرر أن القرآن يفسر في ثنايا الآيات المعنى الدقيق لكل اسم أعجمي علم ورد في القرآن، أيا كانت اللغة المشتق منها هذا الاسم الأعجمي العلم، وإن كانت لغةً منقرضة يجهلها الخلق أجمعون عصر نزوله. وأسلوب القرآن في ذلك كما يقول المؤلف (المجانسة على الاسم العلم بما يفسر معناه أبين تفسير).
وقد استطرد المؤلف إلى قضايا كثيرة عقدية ولغوية وتاريخية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد كتب عنه مقالة ضافية الأستاذ الدكتور محمود الطناحي رحمه الله رحمة واسعة في مجلة الهلال في يناير عام 1994م، بعنوان: من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن. وقد أثنى ثناءً عاطراً على الكتاب ومؤلفه، وقال عن المنهج الذي سلكه مؤلف الكتاب:
(ويأتي كتابنا هذا في علم إعجاز القرآن نمطاً وحده، فقد أداره مؤلفه - محمود رؤوف أبو سعده – على وجه من إعجاز القرآن جديد، لم يسبقه إليه سابق، ولم يفطن إليه باحث ... وهذا الوجه من الإعجاز القرآني الذي قام له المؤلف ونهض به، وجه قاطع باتُّ، لا تصح فيه لجاجة، ولا تسوغ معه مخالفة؛ لأنه قائم على قواعد اللغة، ومستند إلى أحكام التاريخ، وليس للهوى فيه حظ أونصيب).
ويمكنك مراجعة بقية المقالة هناك. وقد نشرت المقالة أخيراً بعد وفاة الدكتور الطناحي رحمه الله في كتاب (مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي التي أصدرتها دار البشائر الإسلامية 1/ 270 - 279).
ولم يأخذ على المؤلف إلا تعبيره بموسيقى القرآن، وذم هذا التعبير وأمثاله كثيراً رحمه الله، وجزاه خيراً.
ولا شك أن الاطمئنان لنتائج البحث في هذا الكتاب كما ينبغي، والثقة بما فيه تحتاج إلى معرفة اللغات التي يتحدث عنها، وقد شعر المؤلف بذلك التساؤل الذي لا بد وأن يطرأ على ذهن القارئ، فقال: (وأنا أيها القارئ العزيز - إن كنت لا تعرف عبرية التوراة، أو يونانية الأناجيل – بما في هذه وتلك من أعلام آرامية بل ومصرية أحياناً لا أريد أن يفوتك شيء من حلاوة بحث أريد أن أحبره لك تحبيراً، أريد منك أن تشترط عليَّ توثيق ما أحدثك به، فلا أكيل لك القول جزافاً آمناً ألا تكشف زيفي؛ لأنك لا تعلم شيئاً من أمر تلك اللغات التي ذكرت لك، ليس هذا من العلم في شيء، وإنما هو من التدليس).
ولو رجعت أخي الكريم محب إلى كتاب الدكتور ف. عبدالرحيم (الإعلام بأصول الأعلام الواردة في قصص الأنبياء عليهم السلام) وقارنت ما ذهب إليه في اشتقاق الأعلام وما ذهب إليه الدكتور محمود رؤوف أبو سعده، لوجدت نتائج متقاربة ولله الحمد، مع إن كتاب الدكتور رؤوف أبو سعده لم يكن من مراجع الدكتور ف. عبدالرحيم، ولا العكس.
وفي الختام أقف مع كلمة فرعون.
فقد ذكر المؤلف أن معنى فرعون في اللغة المصرية القديمة: البيت الكبير " أو " البيت العظيم ". وأن المقصود بها الكنية عن شخص الملك.
ويقول الدكتور ف. عبدالرحيم عن العلم نفسه في كتابه ص 139 - 140: فرعون لقب ملوك مصر ... أصله بالسريانية برعون، وهو برعوه بالعبرية، والكلمة من اللغة القبطية أصلها فيها بمعنى البيت العظيم، وكان يطلق أولاً على مجلس الملك، ثم على الملك نفسه. هذا وجاء في التهذيب [أي تهذيب اللغة للأزهري]: قيل الفرعون بلغة القبط التمساح أ. هـ قال عبدالرحيم: لم أجد ما يؤيد هذا القول). وهذا يؤيد ما ذهب إليه الأستاذ محمود رؤوف أبو سعده.
وأما الدكتور العجيب علي فهمي خشيم الباحث الليبي، فقد ذهب مذهباً فريداً في اشتقاق كلمة فرعون وافق فيه ما ذهب إليه أبو سعده غير أنه قد زاد عليه تفاصيل في غاية الدقة والنفاسة.
ولو رجعت إلى كتاب الدكتور علي فهمي خشيم (بحثاً عن فرعون العربي) ص 32 وما بعدها. فهو يرى أن اسم فرعون اسم عربي الأصل لا مصري، وأن اللغة التي تفرعت عنها هذه اللغات يصح أن تسمى باللغة (العروبية) وهي أم اللغات، وأول من أطلق هذا المصطلح هو الأستاذ خليفة التونسي في مقالة له في مجلة العربي. انظر حاشية رقم 6 من كتاب الدكتور علي فهمي خشيم السابق ص 23
وفقكم الله لما فيه الخير.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[02 Apr 2004, 09:51 ص]ـ
أخي جزاك الله خيرا على نقلك الممتع المفيد ...
هل ذكر صاحب الكتاب معنى اسم نبي الله ابراهيم عليه السلام؟ د
ان كان فعل، فهلا أتحفتنا بما قال؟؟
والغاية من ذلك أن لي بحثا في معنى الأسم أتممته من قريب، والحمد لله ... فأحب الاستنارة برأي الأفاضل ..
وبارك الله فيك.
ـ[محب]ــــــــ[04 Apr 2004, 06:10 ص]ـ
أستاذنا الفاضل عبد الرحمن الشهرى ..
جزاك الله عنا كل خير .. أثلجت صدورنا بكلامك .. زادك الله من فضله.
لكن .. ها هنا إشكال!
مسألة يثيرها بعض الإخوة الكرام حول هذا الكتاب، ولا علم لدى كاف لأجيب ..
هذا الوجه الإعجازى الذى أثبته أبو سعدة، وأقام عليه ـ كما أرى والله أعلم ـ حججاً ساطعة، لم يقل به أحد قبله.
فهل من الجائز أن يكتشف مسلم متأخر وجهاً لإعجاز القرآن لم يكتشفه السلف، ولم ينبهوا على أصله، ولم يشيروا إليه بكلمة؟
لا تحرمونا من واسع علمكم .. سدد الله خطاكم وأعظم أجركم.
ـ[محب]ــــــــ[04 Apr 2004, 06:12 ص]ـ
أخى الكريم خالد ..
تكلم المؤلف فى الكتاب عن اسم نبى الله إبراهيم عليه السلام.
هل تريد أن ألخص لك من كلامه قدراً مشبعاً؟ .. أم أنقل لك كلامه كله حرفاً بحرف؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[06 Apr 2004, 08:36 م]ـ
أخي محب،
أحبك الله ...
يكفيني من ذلك مختصر مفيد ...
لنتباحث به، وننطلق منه .. وجزاك الله عنا خيرا
ـ[محب]ــــــــ[08 Apr 2004, 05:41 م]ـ
إبراهيم
" إبراهيم " فى القرآن هى تعريب " أبراهام " فى التوراة.
ويقول سفر التكوين إن إبراهيم كان اسمه " أبرام " (المشتقة على المزجية من آب + رام، بمعنى " أبو العلاء ")، وظل اسمه كذلك حتى كان ابن تسع وتسعين سنة، فسماه الله " أبراهام ".
وعلماء التوراة يشتقون " أبراهام " هذه على المزجية من (آب + راب + هام)، حُذفَت الباء التى فى " راب " للمزجية استثقالاً، وخفف المد الذى فى " آب " للمزجية أيضاً، فأصبحت (أب + را + هام)، أى "أبراهام".
أما معنى " أبراهام " هذه عند علماء التوراة، فهم يرون أن " راب " ها هنا يعنى " كثير "، وأن " هام " يعنى " جمهور ". ومن ثم فهذا الاسم يعنى عندهم (أب + كثير + جمهور)، يريدون " أبو جمهور كثيرين ".
وقد تورط علماء التوراة فى هذا التفسير اتباعاً لسفر التكوين 17/ 5، الذى أراد أن يكون معنى " أبراهام " أباً لجمهور من الأمم (آب ـ هامون ـ جُوِييم)، نبوءة من الله عز وجل لإبراهيم بكثرة النسل، فألزم بها سفر التكوين علماء التوراة من بعده.
ولكنك تستدرك على علماء التوراة هؤلاء متسلحاً بنحو اللغة العبرية ذاتها ومعجمها، فتقول إن " راب " التى فى آب + راب + هام (أب + كثير + جمهور) لا يصح عبرياً أن تفهم فى هذا الاسم على الصفة بمعنى " كثير "؛ لأن المفرد (الأب) لا يوصف بالكثرة، فلا يجوز لك أن تقول " أبٌ كثيرٌ ".
ولا يصح عبرياً أن تكون " كثير " هذه صفة لما بعدها (الجمهور)، لأن الصفة لا تتقدم الموصوف، كما فى العربية سواء بسواء.
ولا يصح فى عبرية التوراة كذلك إعمال الصفة فيما بعدها، كأن تقول " أبٌ كثير الجمهور ".
أقرب من هذا إلى الصواب أن تقول فى " راب " العبرية هذه، أنها صفة بمعنى " كبير " (وهو من معانيها فى العبرية) تصف بها " الأب " على التوقير والتمجيد، فيكون المعنى " أبٌ كبيرٌ لجمهور ".
وليس هذا هو الذى يريده سفر التكوين، فهو يريد الكبر والكثرة للجمهور لا للأب، بدلالة تفسيره الاسم بقوله: " أب لجمهور من الأمم ".
أما الشديد النكر، فهو أن " هام " العبرية هذه لا تعنى البتة " جمهور " كما أراد سفر التكوين وتابعه عليها من بعده علماء التوراة، وإنما معناها فى العبرية " الناس "، أخذاً من ضمير الجماعة العبرى " هِيم " (بإمالة الألف)، وهى " هُم " العربية. [راجع المعجم العبرى " هَمِّلُّون هِحَدَاش لَتَنَاخ " ص 120]
من هنا يتضح لك أن المعنى الأقرب إلى الصواب عبرياً فى " أبراهام " هو فهمه بمعنى " أب كبير للناس ".
ولكنك تعلم من العبرية أيضاً أن " راب "، على الإسمية لا الصفة، تعنى " الرئيس، " السيد "، " المعلم "، " الإمام ". ومنها " الربانى "، ومنها فى العبرية المعاصرة قولهم على النداء توقيراً: مورى وربى! .. أى معلمى وأستاذى! .. إنها إذن الأستاذ الإمام.
عندئذ تقطع غير ملتفت إلى تفسير سفر التكوين وعلماء التوراة، بأن " أبراهام " إنما تعنى فى لغة صاحب هذا الاسم العلم: " إمام الناس ".
وهى عبرياً " راب + هام "، لا تحتاج فى أولها إلى " آب "، ولكن بقيت " آب " مضافة إلى الاسم على الراجح عندى، دلالة على الانتقال بالاسم من (آب + رام) إلى (آب + راب + هام) على وجه الحشو المؤكد؛ لأن فى " آب " من معنى الإمامة بعض ما فى " راب ".
وهذا هو نفسه التفسير القرآنى لمعنى إبراهيم بالمرادف فى قوله عز وجل: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن، قال: إنى جاعلك للناس إماماً " [البقرة 124]، ولم يفطن إليه مفسرو القرآن كما سترى.
تكلم مفسرو القرآن فىمعنى اسم إبراهيم. منهم من أنصف فاكتفى بالقول بعجمته (الماوردى).
ومنهم من تصدى لتفسيره (ابن عطية) فقال إن معناه من السريانية هو " الأب الرحيم "، فتندهش كيف تورط فيها الرجل على جلال قدره وعلمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلل بعضهم سبب التسمية (السهيلى) بقوله فى معرض التشابه القوى بين السريانية والعربية: (ألا ترى أن " إبراهيم " تفسيره " الأب الرحيم "؟ لرحمته بالأطفال، ولذلك جعل هو وسارة زوجته كافلين لأطفال المؤمنين الذين يموتون صغاراً إلى يوم القيامة). وهذا ـ فوق سماجته ـ ضعيف، تشم فيه من قريب رائحة النقل عن أهل الكتاب. والطريف أن القرطبى تحمس لهذا التعليل، فعززه بما فى حديث البخارى الطويل فى الرؤيا عن سمرة، أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى فى الروضة إبراهيم عليه السلام وحوله أولاد الناس.
وليس فى هذا الحديث أيضاً ـ وإن صح ـ ما يشهد لتفسير اسم إبراهيم بمعنى الأب الرحيم .. بل ليس البر والرحمة هما أعظم مناقب إبراهيم عليه السلام، حتى يتكلف اشتقاق هذا الاسم منهما. وإنما كانت كبرى مناقبه عليه السلام، بشهادة الله عز وجل، أنه الذى وفى: " أم لم ينبأ بما فى صحف موسى. وإبراهيم الذى وفى " [النجم 36، 37]
كان إبراهيم المثل الأعلى للمسلم الحق، يسلم أمره كله لله، تنهد الجبال ولا يتزعزع له إيمان، فكان حقه على الله أن يقول فيه: " إن إبراهيم كان أمة " يؤتسى به ويؤتم. وأن يقول فيه: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، ولقد اصطفيناه فى الدنيا، وإنه فى الآخرة لمن الصالحين. إذ قال له ربه: أسلم! قال: أسلمت لرب العالمين " .. " ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً ". وكان حقه على الله أن يستجيب دعوته فى الملة الآخرة: " ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "، فيكون إمام المذهب والطريقة، أى الملة: " ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل ".
كان جزاء إبراهيم الذى وفى ـ وقد اجتاز البلاء المبين ـ أن جعله الله عز وجل إماماً للناس: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن، قال: إنى جاعلك للناس إماماً " .. وهذا هو المعنى الدقيق لاسم إبراهيم: " إمام الناس " الذى لا يصح فى العبرية غيره كما مر بك، وتلك هى مناسبة الانتقال باسمه من أبرام إلى أبراهام يوم التمام، باجتياز " البلاء المبين ".
قالت بعض التفاسير والمعاجم إن لفظ " الأمة " فى قوله " إن إبراهيم كان أمة "، يعنى الرجل الجامع لخصال الخير .. وليس هذا من اللغة فى شىء، فلا يجوز للغوى الحاذق أن يشتق المعنى بعيداً عن أصل المادة اللغوية .. ليس فى مادة الجذر العربى (أ م م) شىء يفيد الجمع بين خصال الخير، وإنما كله يدور حول معنى الأم التى ولدت، والأم بمعنى المثابة يثاب إليها، والأم يجتمع إليها صغارها، والأم يتبعها ولدها .. والأمة فى الآية اسم من هذا .. إنه " القدوة " وزناً ومعنى.
أما سفر التكوين فيعلل سبب العدول عن أبرام إلى أبراهام بالوعد بكثرة النسل .. وليست أبوة إبراهيم هى أبوة " الناسل "، وإنما هى أبوة " الإمامة ".
ولو فطن كاتب سفر التكوين وعلماء التوراة إلى هذا المعنى الجليل فى اسم إبراهيم عليه السلام، لعضوا عليه بالنواجذ، ولكن " ألهاهم التكاثر "، عقدة اليهود فى كل عصر .. أراد الكاتب مجده هو ومجد شعبه ـ إن كان فى كثرة النسل مجد ـ ولم يطلب مجد إبراهيم، فأراد الأب المنجاب " الناسل "، ولم يرد الأب " الإمام ".
قال المسيح عليه السلام فى تقريع هؤلاء، ينص على أبوة الإمامة: " لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم، ولكنكم الآن تطلبون قتلى، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذى سمعه من الله، هذا لم يعمله إبراهيم " [يوحنا: 8: 39، 40]
وقالها القرآن أيضاً فأوجز وأبلغ: " إن أولى الناس بإبراهيم للذن اتبعوه وهذا النبى " [آل عمران 68]
وليس بعد هذا شرف لإبراهيم عليه السلام .. النبى الإمام .. صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه، وعلى كل من تبعهم بإحسان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2004, 08:32 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ محب وفقه الله جزاك الله خيراً على فوائدك المتتالية، وأرجو أن لا تنقطع.
وأما قولكم: (هل من الجائز أن يكتشف مسلم متأخر وجهاً لإعجاز القرآن لم يكتشفه السلف، ولم ينبهوا على أصله، ولم يشيروا إليه بكلمة؟).
فالجواب عليه: أن هذا من حيث المبدأ مقبول، وإذا أتى من يقول به بأدلة تؤيد قوله، ولا تناقض ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة ولا التابعين، فلا مانع من قبوله، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى على عباده. وهذا من لوازم القول بأن الإسلام شريعة كاملة شاملة لكل زمان ومكان. والله أعلم.
ولا يعني هذا أخي الحبيب أن تتفق مع المؤلف وفقه الله في كل جزئيات الكتاب، فالكمال عزيز، ولن تجد كتاباً خالياً من العيوب خلا كتاب الله.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[17 Apr 2004, 06:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله جهد أخينا محب، وجهد الأستاذ رؤوف صاحب البحث ..
والحق أنه بحث مبني على جهد مبارك، وأيمان في قلب صاحبه بعظمة القرآن كلام الله.
وأنا أتفق مع الأستاذ في منطلقه بأن القرآن يفسر نفسه بنفسه، ولا يترك لنا مبهما لا نفقهه! بل يفسر ما اشكل علينا في ثناياه .. ويعلمه الله من يشاء وقتما يشاء ..
ولكني، أختلف مع الأستاذ في نقطتين أساسيتين:1 -
1 - ينطلق الكاتب من حقيقة أن القرآن يحوي في ثناياه كلمات أعجمية!!
وهذا القرآن العربي المبين الميسر للذكر .. كيف يحوي في ثناياه المبهم (الأعجمي)؟!
وكيف نحاكم النص القرآني الأعلى الى اللغة البشرية!!
2 - أرى القرآن نصا متكاملا، مستغنيا بنفسه عن سواه ..
كيف و هو الالهي الأعلى مصدرا؟!
فلا أرى أنه يلزمنا لفهم القرآن الغوص في علوم اللغات القديمة، بل كان من الأجدى أن نبحث في آياته، و في ثنايا معانيه عن معنى ما استشكل علينا ... فهو المستغني بنفسه عن سواه ... مع الأحتفاظ بالسنة واللغة، كأداتين للفهم!
ثم قد نعود الى تلك اللغات الغابرة، للأستئناس وتعضيد الأستنتاجات -ان لزم -!
ووفق الله الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Apr 2004, 03:36 ص]ـ
أخوة الكرام
الموضوع الذي تطرقونه من الموضوعات الممتعة، وهو مع متعته يدخل في باب الظنيات، لكن لا يعني هذا عدم البحث والخوض فيه.
وعندي في الموضوع كلام طويل لعله يتيسر ليل طرحه في هذا الملتقى.
وأقول: إن المؤلف رؤوف أبو سعده وفقه الله قد انطلق من منطلقين:
الأول: أن هذه الألفاظ أعجمية.
الثاني: أن القرآن قد شرح معنى هذا الاسم الأعجمي بلغته الأم، واللغة الأم عنده متعددة، وهي مخالفة للعربية.
والذي ظهر لي ـ باختصار ـ أنَّ ما يُزعم أنه أعجمي قد صار له رحلة انتقل فيها من العربية إلى العجمة، ثمَّ عاد معجَّمةً إلى العرب المعاصرين للرسالة الذين صارت لغتهم هي اللغة المعيارية التي يُقاس عليها، فهي بالنسبة لهم أعجمية، وإن كانت أصولها عربية، لكن تنوسيت هذه الأصول، ونُطِقَ بها كما ينطق بها أهلها الذين حادوا بها عن عربيتها.
وأضرب لذلك مثالاً:
في الآرامية تأتي (أل) التعريف ألفًا ملحقةً بالاسم، فول أردت أن تنطق لفظ (الذاكر) بالآرامية، لقلت (ذاكريا).
وإذا تأملت الذل وجدتها تُقلب عند بعضهم إلى (زاي)، فتكون (الزاكري) عربية مغيرةً بصوت الذال، وتكون (زاكريا) بالآرامية.
والألف مما يخفُّ طرحها، فتكون (زكريًّا)، ذلك فيما يبدوا أصل اسم (زكريا)؛ أي أن أصله الذاكر، وهو ما يتناسب مع قوله تعالى (ذكر رحمة ربك عبده زكريا) أي: عبده الذاكر.
والذي يجب التنبه له أن الآرامية لغة عروبية قديمة تستعمل الألفاظ العربية، وإن كانت تختلف في طريقة نطقها.
ولئن كنت تستغرب أن تكون الألف الملحقة هي أداة التعريف، فلا أُراك تستغرب ـ إن كنت قرأت في فقه اللهجات العربية، أو كنت جُبتَ جنوب جزيرة العرب اليوم ـ أنَّ بعض العرب إلى اليوم يجعلون أداة التعريف (أم) بدلاً من (أل).
ولأضرب لك اسمًا معاصرًا تستوضح به رحلة اللفظة العربية إلى العجم، ثم عودها معجَّمةً ونطقنا لها بلا تغيير في تعجمتها.
الأول: اسم (قرضاي)، فتراك تجده قد نُطِقَ (كرزاي)،فهل هو نسبة إلى الكرز؟!
لا شك أن الجواب: لا. لكن هكذا نطقه العجم، فمن لم يُعده إلى أصله العربي نطقه هكذا، أو نطقه بصوت آخر، وهو (قرداي).
الثاني: اسم (مُحَاضِر)، فتراك تجه قد نُطِقَ (مهاتير)، وذلك هو النطق الأعجمي للاسم العربي، بل قد تجد من لا يعلم أن أصل اسمه (محاضر).
والذي يحسن علمه هنا أن القول بأن أصول هذه الأسماء عربية، لا يعني كسر باب العجمة الذي قام عليه فروع في علم النحو، بل ما ذكره النحاة قائمٌ؛ لأن هذه الألفاظ قد تعجَّمة باستعمال العجم لها، ثمَّ عادت معجمة مرة أخرى.
كما يحسن التنبه إلى أنَّ هذه الأقوام المتقدمة التي تكلمت بهذه الأعلام على هذه الصيغة، وصارت مشتهرت بصيغتهم هم لا يعني أنهم ليسوا من العرب القدماء، لكن لما كانت اللغة الفصحى هي اللغة المعيارية، وكانت تلك اللغات العربية القديمة تخالف العربية الفصحى في نطق الكلمات وفي غير هذا، صارت بالنسبة لها أعجمية.
كما يلاحظ أيضًا أن أصول الألفاظ العربية موجودة في هذه اللغات، كما كشف عن ذلك فقه اللغة الحديث القائم على الموازنة بين اللغات القديمة بعضها مع البعض، وبموازنتها باللغات الجديدة، وعلى وجه الخصوص الفصحى التي نزل بها القرآن، وصارت هي اللغة المعيارية.
وليس أدلَّ على عروبة هؤلاء الأقوام من أسمائهم، فالكنعانيون من مادة كنع، وقد قال الخليل عن لغتهم أنها تضارع العربية.
والآراميون من مادة أرم، والنبط من مادة نبط، والأكاديين من مادة عكد، ونطقها المستشرقون بالألف فتوارثها الباحثون عنهم بالألف، وهي بالعين ... الخ.
والموضوع كما قلت لك طويل، وإنما أردت أن أشير إلى جانب منه، والله الموفق.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[21 Apr 2004, 11:00 م]ـ
أحسن الاخ خالد فيما تكلم ... فالله أعلى واجل من أن يتابِع ويُعجم!!
وأحيل "محب" الى موقع أسرار القرآن ....
ففيه معنى ..
إسرائيل ....
وأتساءل, كيف نغفل عن سورة "الاسراء" وهي نفسها سورة "بني إسرائيل" والعلاقة واضحة جلية, بين أسرى وإسرائيل؟؟؟
وكيف تصبح السين صادا, وفي القرآن من الثنتين؟؟؟
يونس
لقمان
عمران
نوح
وعلى راسهم جميعا "محمد"
وصاحب الموقع لا يقر قولا لغير الله والنبي ..
ولا يقر توراة ولا إجيلا!!
فكيف نترك (الحديث) الضعيف, ونبني على التوراة وقد نهينا عنه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[محب]ــــــــ[22 Apr 2004, 03:24 م]ـ
أخونا الكريم أبو أحمد ..
هون عليك! .. اقرأ أولاً كتاب أبى سعدة قبل أن تحكم عليه بأنه اعتمد على التوراة.
أما موقع أسرار القرآن ففيه ما فيه.
ولصاحبه الشيخ أبى عرفة جرأة عجيبة فى رد صريح النصوص وصحيحها.
وقد سألته عدة أسئلة فى موضوعه عن " عمران "، فما استطاع لها جواباً .. وليس وحدى من فعل .. لو تكرمت بقراءة الرسائل التى أرسلت إليه، لعلمت عجزه عن الرد عن كثير مما وجه إليه.
ومن ذلك أنه ادعى فهماً لحديث ثابت عن النبى عليه الصلاة والسلام، ثم ادعى أن القرضاوى قد سبقه به، فلما طالبناه بنص القرضاوى، لا من باب التكذيب له، ولكن من باب فهم كلام القرضاوى على وجهه .. لما طالبناه بذلك ما استجاب ولا اعتذر .. وهذا مجرد مثال من كثير فى هذا الموضوع فقط، ناهيك عن بقية موضوعاته.
ولست أقول إن كل كلمة ينطق بها الشيخ أبو عرفة هى خطأ .. ولكن يبعد عن إنصافك أن تلزم مسلماً بقبول ما قام الدليل على خلافه، لمجرد أن قائله يرفع راية مكتوباً عليها شعارات براقة، لم يلتزم بها فى كتاباته .. فشأن العلم أكبر من ذلك.
شكراً لحرصك وإرادتك الخير .. وحيا الله تلك الغيرة فيك على كتابه ومعانيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[25 Apr 2004, 08:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
جزاكم الله خيرا،
وشكر الله للشيخ ابي احمد حسن ظنه ..
مما أتحفنا به الشيخ مساعد - وأتمنى عليه طرح بحثه هنا في المنتدى للفائدة -أن ما يسمى الأعجمي ما هو الا عربي حورته الألسن على مدار السنين ... وأن أصوله العربية حاضرة لا تنكر، وعلى الدارس البحث والتنقيب!
والحق،أن المراد من المنتدى، هو النقاش العلمي -لا الشخصي- الهادئ المتزن، والمبني على العلم والرأي، و اقامة الحجج، ونقد البراهين ... فعلى رسلك أخي محب .. !!
وليتنا نتدارس أقوال الشيخ صلاح الدين ابو عرفة في الأسماء، وان كنت ترى لديك حجة تبطلها فافعل، ليظهر الحق، ونحن مع الحق حيث دار ..
فلقد قرأت كلام الشيخ في موقعه، ورأيت منه تعظيما لله صاحب القول، والتسمية ... ثم رأيت للأسماء وظائف تؤديها لا لغة فحسب ! ثم استدلال بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم ربط بأصول اللغة العربية ..
فأين الخطأ في المنهج؟!!
ومرة أخرى أدعو أخي محب لمناقشة جميع الأسماء الواردة في القرآن، ولنبدأ بالنقد (للكتاب والموقع)، ولنذهب الى دراسة باقي الأسماء، وليشارك الجميع .. فلعلنا نصل الى (أسرار) الأسماء في القرآن، وأخاله فتحا عظيما باذن الله ..
وللجميع الدعاء بالتوفيق، والسداد ..
ـ[محمد نور لبني]ــــــــ[25 Apr 2004, 08:05 م]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[ sun^pal] ــــــــ[01 May 2004, 01:39 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
عندي ملاحظة وهي ان كلمة اسرائيل معناها عبد الله اي اسرا بمعنى عبد وئيل بمعنى الله
وهذا المعنى مشهور فما مدى صحته ارجو بيان ذلك
وبارك الله فيكم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[24 Mar 2005, 09:55 ص]ـ
للباحث عن كلمة ابراهيم
هناك بحث قدمه استاذعراقي لمجلة ال البيت بالاردن وصل من خلاله الى ان الكلمة عربية الاصل على وزن افعاليل بكسر الهمزة(/)
كيف رفع جيش معاوية رضي الله عنه المصاحف على رؤوس الرماح؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سألني أحد الطلاب وأنا أتحدث عن جمع القرآن سؤالاً: فقال ألم يثبت أن الذين كانوا في جيش معاوية رضي الله عنه في حربه مع علي رضي الله عنه قد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح؟
قلت بلى.
قال: كيف كانوا يفعلون ذلك؟ هل هي مصاحف كمصاحفنا مكتملة؟
فذكرت له بادئ الرأي أن هذه المصاحف التي رفعها هؤلاء قد تكون أجزاء من القرآن لا القرآن كاملاً، لأسباب:
- أن العهد قريب من جمع القرآن الجمع الثاني، وليس هناك من وسائل الكتابة ما يمكن معه أن تكون قد تمت كتابة مثل هذا العدد الكبير من المصاحف الكاملة. فنسخ المصحف العثماني الذي تم توزيعه قليلة، أوصلها أكثر المؤرخين إلى سبع نسخ، والسبب في قلتها عند بعض الدارسين قلة وسائل الكتابة.
- ثانياً أن وسائل الكتابة كانت الأكتاف والرقاع والجلود، مما يجعلني أستبعد أن يكون حجم المصحف كاملاً يمكن حمله على رأس الرمح بسهولة.
وانتهى النقاش على هذا بعد أخذ ورد مع زملائي الطلاب، ولم أكن قد وقفت على كلام لأحد من أهل العلم أستأنس به في هذا، فراجعت كتب علوم القرآن فلم أظفر بذكر لهذه المسألة بعينها.
ثم وقفت بعد ذلك بزمن على كلام للخطاط الجليل، والعالم النبيل الأستاذ محمد طاهر بن عبالقادر الكردي المكي رحمه الله في كتابه (تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه) ص 76 حيث ذكر في فصل (عدد المصاحف التي فرقها عثمان رضي الله عنه في الأمصار) معلقاً على كلام للزنجاني حول مصحف علي بن أبي طالب الذي ذكر أن مصحف علي بن أبي طالب كان في سبعة أجزاء، وكان يحمله على جمل، ويقول: هذا القرآن جمعته، قال: (نستنتج مما ذكر أن المصاحف التي رفعت على رؤوس الرماح في الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما سنة 37 هجرية، البالغ عددها نحو ثلاثمائة مصحف طلباً للهدنة، وحقناً للدماء لم تكن مصاحف كاملة، وإنما هي أجزاء من القرآن مكتوبة على نحو العسب والألواح والأكتاف وبذلك يمكن للرجل رفع ما كتب من القرآن على شيء مما ذكر، فإطلاق المؤرخين رفع المصاحف في هذه الحرب إنما هو من إطلاق الكل وإرادة الجزء والله أعلم).
وذكر أن المصاحف التي بعث بها عثمان رضي الله عنه للأمصار كتبت على الجلود بالخط الكوفي الذي لم يكن الصحابة يعرفون غيره، غير منقوط ولا مشكول ولا يوجد به علامات للأجزاء والأحزاب كما هو معلوم.
أحببت عرض هذه المسألة عليكم في ملتقى أهل التفسير، لأنتفع بتعليقاتكم وتعقيباتكم وفقكم الله، وهل وقف أحد منكم على شيء حول هذه المسألة؟ وقديماً قيل: إنما العلم بالمذاكرة.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Apr 2004, 03:01 ص]ـ
هذه المناقشة مهة لي جداً لأني قرأت لأحدهم - ربما هو مرجليوث - كلاماً يستدل فيه بهذه الواقعة على أن المسلمين الأوائل لم يختلفوا حول سلامة القرآن من التحريف و إلا لقال الإمام علي - رضي الله عنه - أننا لا نحتكم إلى مصحف معاوية المحرف أو أي شيء من هذا القبيل. فهل كونهم حملوا أجزاء من المصحف و ليس مصحفاً كاملاً يرد هذا الاستدلال؟
ـ[محب]ــــــــ[04 Apr 2004, 05:57 ص]ـ
بسم الله .. والحمد لله ..
أولاً:
كثيرون هم من يستشهدون على انتشار مصحف عثمان رضى الله عنه بين الناس بهذا الخبر، ولو صح أن المصاحف التى رفعت على الرماح ليست مكتملة، لبطل الاستشهاد بهذا الخبر على سرعة انتشار المصحف العثمانى.
ثانياً:
كليات العلم ـ أى علم ـ إنما تتكون من جزئياته، فبضم الجزئيات الصغيرة إلى بعضها تتكون الصور الكبيرة وتتضح.
ثالثاً:
!!!!!!!!!!!!!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Apr 2004, 08:20 ص]ـ
و هناك ملحوظة أخرى فالمصاحف العثمانية الموجودة الآن في مكتبات المخطوطات - بغض النظر عن صحة نسبها إلى عثمان رضي الله عنه - إنما كل منها في مجلد واحد و هو إن كان ثقيلاً فمن المستطاع لجندي متين البنيان أن يحمله على سن أو ظهر رمحه ... فلا مانع عقلاً من كون المصاحف المرفوعة على الرماع مصاحف كاملة.
و الله أعلم.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[28 Mar 2007, 10:47 ص]ـ
شيخي الكريم الدكتور عبد الرحمن حياك الله وبارك في جهادك
لقد ناقش الاستاذ الدكتور عبد العظيم الديب استاذ اصول الفقه بجامعة قطر وهو من المعنيين بالتاريخ الاسلامي
مسالة التحكيم ورفع المصاحف وصوب لها سهام النقد من عدة وجوه
وسوف اقدم ان شاء الله خلاصة كلامه
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 Mar 2007, 06:47 م]ـ
لي سؤال: كيف يمكن لشخص أن يرفع العسب والألواح والأكتاف على رأس سيفه؟
أجد صعوبة حقيقية في تصور المشهد.
وقد أحسن د. يسري بالعودة إلى هذا الموضوع، وأرجو أن يجد حظه من التثبت والتدقيق
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[29 Mar 2007, 09:30 ص]ـ
انا ارى انه قبل الدخول في الجواب عن تساؤل شيخنا الكبير الدكتور الشهري شهره الله تعالى بالفضل بين اهل الجنة في الاخرة واهل الصلاح في الدنيا ارى ان يفترض السؤال في صحة الواقعة اولا فكثير مما هو من المسلمات في الكتب بان انه لا يستحق الذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[29 Mar 2007, 05:00 م]ـ
شيخنا الفاضل ذكر بعض مشايخنا أن قصة التحكيم لم تثبت من أصلها، وقد نظرت في بعض طرقها ولعل خيرها طريق مرسل للزهري، فهل ثبت عندكم رفع المصاحف خاصة من طريق يحتج به؟
ثم على فرض الثبوت فما الذي يمنع أن يرفع جماعة مصحفاً؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2007, 07:30 ص]ـ
أشكر أخي العزيز الدكتور يسري على إثارة هذه المسألة للبحث مرة أخرى، ونحن في انتظار خلاصة ما يقدمه حول الموضوع.
وجواباً لأخي العزيز حارث أبي عبدالرحمن فلا علم لي بأسانيد هذه الحادثة، حيث عهدي بها بعيد من هذا الجانب، وإنما ذكرتها هنا بناء على شهرتها في الكتب فحسبُ، وكما تفضل أخي الدكتور جمال أن الكلام فيها ينبني على صحتها أولاً فلعله يكون في مدارسة الموضوع ما يجلي الصواب في الأمر إن شاء الله.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[07 Apr 2007, 02:16 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد الخلق أجمعين
أما بعد
فقد نقد الدكتور عبد العظيم الديب مسالة رفع المصاحف في معركة صفين بمثل ما جاء في كلام الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله وكتاب الدكتور الديب ليس بين يدي الآن لأنقل النص منه هذا من ناحية
ومن ناحية ثانية فقد ساق ابن جرير الطبري كل روايات معركة صفين عن أبي مخنف لوط بن يحي إلا روايتين 0
وقد قال يحي بن معين عن أبي مخنف (ليس بثقة) وقال مرة (ليس بشيء) وقال أبو حاتم (متروك الحديث) وقال الدار قطني
(ضعيف) وقال الذهبي (ساقط) إلي آخر أقوالهم
ولذا فلا يلتفت إلي رواياته التي أوردها الطبري خاصة أن أكثرها عنه من غير إسناد
أما الروايتين اللتين ذكرهما ابن جرير عن غير أبي مخنف
فالرواية الأولي جاءت عن أبي بكر الهذلي الذي قال عنه ابن حجر
(إخباري متروك الحديث)
وتبقي الرواية الثانية التي جاءت عن الزهري وهي أصح ما أورده الطبري في هذا الباب وهي تتحدث عن نهاية المعركة جاء فيها:
قال صعصعة بن صوحان يوم صفين حين رأي الناس يتبارون: ألا اسمعوا واعقلوا, تعلمن والله لئن ظهر علي ليكونن مثل
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , وإن ظهر معاوية لا يقر لقائل بقول حق ,
قال الزهري: فأصبح أهل الشام قد نشروا مصاحفهم ودعوا إلي مافيها فهاب أهل العراقين فعند ذلك حكموا الحكمين فاختار أهل العراق أبا موسي الأشعري واختار أهل الشام عمرو بن العاص فتفرق أهل صفين حين حكم الحكمان فاشترط أن يرفع مار فع القرآن ويخفض ما خفض القران , وأن يختار لأمة محمد وأنهما يجتمعان بدومة الجندل فلما انصرف علي خالفت الحرورية وخرجت وكان ذلك أول ما ظهرت فآذنوه بالحرب وردوا عليه: لاحكم إلا لله , وقالوا إنه حكم بني آدم في حكم الله عز وجل وقاتلوا 0تاريخ الطبري 5/ 57
وقد روي الإمام أحمد عن حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بالنهر وان فيم استجابوا له وفيم فارقوه 00000قال:
كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل, فقال عمرو بن العاص لمعاوية [أرسل إلي علي بمصحف فادعه] إلي كتاب الله فإنه لن يأبى عليك فجاء به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله (ألم تر إلي الذين
أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلي كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) فقال علي نعم أنا أولي بذلك بيننا وبينكم كتاب الله) مسند أحمد 3/ 485 ورجاله رجال الصحيح 0وللحديث بقية ان شاء الله(/)
سؤال: من هو منصور صاحب هذه القراءة؟؟
ـ[محب الصالحين]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:54 م]ـ
السلام عليكم إخوتي في الله
أبحث عن ترجمة منصور الذي قرأ (بديعَ) بالنصب، في سورة الأنعام 101 (كما في الكشاف للزمخشري)
فهل أجد لديكم جواباً؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Apr 2004, 11:35 ص]ـ
أخي الكريم:
يظهر أن المراد هو أبو جعفر المنصور، ولم أقف على نسبها للمنصور عند الزمخشري، فقد راجعت الموضع في ثلاث نسخ عندي، ولم أقف عليه فلعله مما فات بصري.
وقد وجدت ذكره عند أبي حيان، ونسب إليه قراءة الجر، قال: ((وقرأ المنصور: بديع بالجر ردًّا على قوله (وجعلوا لله)، أو على سبحانه.
وكذا حكاه عن المنصور؛ السمينُ الحلبي في كتابه الرائع حقًا (الدر المصون).
وقد نسب إليه القراءة صاحب مختصر في شواذ القرآن المنسوب لابن خالوية.
ـ[محب الصالحين]ــــــــ[01 Apr 2004, 03:08 م]ـ
الخطأ مني
الزمخشري قال في سورة البقرة (وقرئ: بديع السموات مجروراً على أنه بدل من الضمير في له. وقرأ المنصور بالنصب على المدح)
ولكن لماذا تعزى هذه القراءة إلى أبي جعفر المنصور؟ لا أعرف أنه كان من أهل القراءات.!!(/)
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن- سر جمع لفظ السماء وإفراده
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[31 Mar 2004, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار الإعجاز البياني في القرآن
سر مجيء لفظ (السماء) مجموعًا ومفردًا، خلافًًا للفظ (الأرض)
قال الله جل جلاله: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء:30] 00 وقال عز من قائل: {وفي السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون} [الذاريات:22 - 23] 0
والسؤال الذي يتردد كثيرًا: لماذا جاء لفظ (السماء) في القرآن الكريم مجموعًأ تارة؛ كما في آية الأنعام السابقة، وجاء مفردًا تارة أخرى؛ كما في آية الذاريات، خلافًا للفظ (الأرض) الذي لم يرد في القرآن الكريم إلا مفردًا؟
والجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما لفظيٌّ0 والآخر معنويٌّ0
1 - فأما الوجه اللفظيُّ فإن لفظ السماء هو اسم جنس، يطلق على المقابل للأرض0 والأصل فيه التأنيث؛ كقوله تعالى: {إذا السماء انشقت} [الانشقاق:1]، وقد يذكر؛ كقوله تعالى: {السماء منفطر به} [المزمل:18] 00 ويستعمل للواحد؛ كما في الآيات السابقة، وللجمع؛ كما في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات} [البقرة:29] 0
ويطلق لفظ (السماء)، ويراد به العلوُّ0 قال بعضهم: كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء، وبالإضافة إلى ما فوقها فأرض؛ إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض00 أما لفظ الأرض- وإن كان اسم جنس مؤنث، يطلق على الجرم المقابل للسماء- فإنه في الأصل مصدر لقولك: أرَضَ، على وزن فعَل؛ كضرب0 ويُعبَّر به عن أسفل الشيء؛ كما يعبَّر بالسماء عن أعلى الشيء0
ويماثل الأرض في لفظها: السَّفْل، والتحْت؛ وهما لا يثنَّيان، ولا يجمعان0 ويأتي في مقابلهما: الفوق، والعلو؛ وهما كذلك، لا يثنَّيان، ولا يجمعان؛ لأن المصادر لا تثنى، ولا تجمع، خلافًا للأسماء00 ولهذا جمع لفظ السماء، ولم يجمع لفظ الأرض0
أما قولهم: الأراضي، والأرَضون فهما خلاف القياس0 يضاف إلى ذلك أنه ليس فيهما من الفصاحة والعذوبة ما في لفظ السموات، بدليل أنك تجد السمع ينبو عنهما بقدر ما يستحسن لفظ السموات00 فلفظ السموات يلج في السمع بغير استئذان لنصاعته، وعذوبته0 أما لفظ الأراضي، أو الأرضون فلا يأذن له السمع إلا على كره0
2 - وأما الوجه المعنوي فإن الكلام متى اعتُمِد به على السماء المحسوسة، التي هي السقف الرفيع، وقُصِد به إلى ذاتها، دون معنى الوصف، صحَّ جمعها00 ومتى اعتمِد الكلام على معنى الوصف- أي: معنى العلو والرفعة- جيء بلفظها مفردًا00 أما الأرض فأكثر ما تجيء مقصودًا بها معنى التحت، والسفل- أي: معنى الوصف- دون أن يقصَد ذواتها وأعدادها0 ولهذا جاء لفظها في القرآن مفردًا0
فإذا جاءت الأرض مقصودًا بها الذات والعدد، جيء بلفظ يدل على التعدد؛ كما في قوله تعالى: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا} -[الطلاق:12] 0
وقد قيل في تفسير هذه الآية: إن الأرض واحدة، وأن المماثلة بينها، وبين السماوات في التركيب والخصائص0 وقيل: في الإبداع والإحكام0 والصحيح الذي عليه الجمهور أنها سبع، وأن المماثلة بينها، وبين السماوات في التعدد، وفي كونها طباقًا بعضها فوق بعض0 هذا ما نصَّت عليه الآية الكريمة، وأيدته الأحاديث الشريفة، وأكده العلم الحديث0 فأرضنا هذه التي نعيش فوقها هي سبع أرضين، بعضها فوق بعض، وليست أرضًا واحدة0
تأمل بعد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:” من ظلم شبر أرض طُوِّقه من سبع أرَضين“، تجد أن المقصود به ذات الأرضين، وأنفسها على التفصيل والتعيين لآحادها، دون الوصف لها بتحت أو سفل، في مقابلة فوق أو علو00 ولهذا جيء بلفظها مجموعًا؛ كما جيء بلفظ السماء مجموعًا للعلة نفسها00 هذا فرق0
وفرق آخر: وهو أن الأرض لا نسبة لها إلى السموات وسعتها؛ بل هي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء0 فهي- وإن تعددت، وتكبَّرت- فإنها بالنسبة إلى السماء كالواحد القليل0 ولهذا اختير لها اسم الجنس0
(يُتْبَعُ)
(/)
وفرق ثالث: وهو أن الأرض دار الدنيا التي هي بالإضافة إلى الآخرة؛ كما يدخل الإنسان أصبعه في اليمِّ، فما تعلق بها هو مثال الدنيا من الآخرة00 والله تعالى لم يذكر الدنيا إلا مقللاً لشأنها0 وأما السموات فليست من الدنيا- على أحد القولين فيها- وإنها مقرُّ ملائكة الرب تعالى، ومحل دار جزائه، ومهبط وحيه0 ولهذا ناسب التعبير عنها بلفظ الجمع؛ لأن المقصود ذواتها، لا مجرد العلو والفوق00 أما إذا أريد الوصف الشامل للسموات- وهو معنى العلو والفوق- أفرد لفظها بحسب ما يتصل به من الكلام والسياق (1) 0
تأمل بعد ذلك كيف جاء لفظ السماء مجموعًا في قوله تعالى: {وهو الله في السموات والأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} [الأنعام:3] 0 والسر في ذلك يرجع إلى أن المراد من الآية: هو الله المعبود في كل واحدة من السموات0 ففي كل واحدة من هذا الجنس هو المألوه والمعبود00 فذكر الجمع- هنا- أبلغ، وأحسن من الاقتصار على لفظ الجنس الواحد0
وتأمل كيف جاء لفظها مجموعًا في قوله تعالى: {تسبح له السموات السبع} [الإسراء:44] 0 والسر في ذلك يرجع إلى أن المراد من الآية: الإخبار بأنها تسبح له سبحانه، بذواتها وأنفسها، على اختلاف عددها0 وأكد هذا المعنى بوصفها بالعدد، ولم يقتصر على السموات0
ونحو ذلك قوله تعالى: {أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء:30] 0 فالمراد من الآية الدلالة على إلاهيته، ووحدانيته سبحانه، وأنه لا مبدع، ولا خالق سواه0 ولهذا كان لفظ السموات مجموعًا أبلغ من مجيئه مفردّا0
ثم تأمل كيف جاء لفظ السماء مفردًا في قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور* أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًا فستعلمون كيف نذير} [الملك:16 - 17] 0 والسر في ذلك يرجع إلى أن المراد من الآية: الوصف الشامل، والفوق المطلق للسماء، ولم يُرَد سماء معينة مخصوصة0
أما قوله تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} [الذاريات:22]، فجاء لفظ السماء فيه مفردًا؛ لأن الرزق هو المطر، والذي وعدنا به هو الجنة، وكلاهما في هذه الجهة، لا في كل واحدة من السموات، فكان لفظ الإفراد أليق بالمقام00 وجاء لفظ السماء والأرض مفردين في قوله تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون} [الذاريات:23]، إرادة لهذين الجنسين0 أي: رب كل ما علا، وكل ما سفل0 فلما كان المراد عموم ربوبيته تعالى، أتى بالاسم الشامل لكل ما يسمَّى سماء، وكل ما يسمَّى أرضًا؛ وهو أمر حقيقي لا يتبدل، ولا يتغير، وإن تبدلت عين السماء والأرض0
فتأمل هذه الأسرار المعجزة، التي ينطق بها البيان الأعلى في كل لفظ من ألفاظه، مما يشهد أنه تنزيل من حكيم حميد0
ــــــــــــــــــ
(1) - هذه الفروق مع الشواهد ذكرها ابن قيِّم الجوزية في كتابه البديع (بدائع الفوائد) 0 وقد نقلتها عنه بتصرف0
محمد إ سماعيل عتوك(/)
بحث تفصيلي في صوت الميم الساكنة المخفاة بإطباق الشفتين
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[01 Apr 2004, 02:19 ص]ـ
بحث تفصيلي في صوت الميم الساكنة المخفاة بإطباق الشفتين
على هذا الرابط
http://www.quranway.net/dboard/showthread.asp?Lang=&forumid=26&threadid=2193(/)
ما الحكمة في ابتداء سورة الإسراء بالتسبيح؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[01 Apr 2004, 10:55 ص]ـ
(بسم الله الرحمن الرحيم سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
ما مناسبة أن تبتدئ السورة بالتسبيح بالمصدر (سبحان)؟
وما مناسبة أن تختتم الآية بقوله تعالى (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)؟
تبين لي أن الآية مناسبة للآيتين التي اختتمت بهما سورة النحل:
(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
فالصبر هو تحمل مشقة للحصول على فائدة تستحق ذلك الصبر، فلا يصبر الصابر إلا لأنه على يقين تام أنه سيجني من صبره خيرا. فإذا كان الله هو الآمر بالصبر فإنه لا يخلف وعده لأنه (منزه) عن ذلك و (منزه) عن تغيير رأيه، و ما يقوله هو الحق لأنه عزيز حكيم، والعزيز الحكيم (منزه) عن كل نقص، إذن فتطمين الصابرين يكون بالتنزيه (سبحان): سبحانه = تنزه الله أن يأمر بالصبر ولا يجني المأمور بالصبر من وراء صبره خيرا.
وأما اختتام الآية 1 من سورة الإسراء بقوله تعالى (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فمناسبة لقوله تعالى في الآية الأخيرة من سورة النحل: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ). لأن المعية بالسمع والبصر.
فالله تعالى يطمئن المتقين المحسنين أنه معهم سميع للقول وبصير بما يعملون من الصالحات.
وحتى عند البشر، يأمر صاحب العمل عماله بالتفاني في العمل ويعد المخلصين بجوائز ومكافئات، ولكي يؤكد لهم صدق وعده فإنه يكرم أمامهم من رآه أخلص في عمله.(/)
أهناك من المفسرين من قال بأن الله شق البحر لموسى عن طريق واحد لا عن 12 طريقا؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الذي سبب لي ذلك الإشكال "بعض" الآيات التي ظاهرها يدل أنه طريق واحد ومنها قوله سبحانه:
(فاضرب لهم طريقا في البحر)
حيث قال طريقا ولم يقل طرقا
ثم تبادر أن كلمة طريق ربما تكون اسم جنس فتشمل كل الطرق ...
فرأيت أن الأحسن أن أتأكد أولا:
أهناك ما يشبه الإجماع من المفسرين بأنها اثنا عشر طريقا أم أن هناك من خالفهم
فليتك تفيدوني بارك الله فيكم
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[01 Apr 2004, 11:53 م]ـ
أخي في الله
بارك الله فيك
نعم، حوت كتب التفسير كلا الرأيين ...... !
لكن .......
الأصل لا أن نسأل عن هل قيل كذا أو كذا بل أن نسأل عن حجة من قال!
فالحق أحق أن يتبع ... والحق ما أظهرته البينة!
ـ[أخوكم]ــــــــ[02 Apr 2004, 06:22 م]ـ
الأخ الكريم خالدعبدالرحمن اللهم ارفع قدره
ليتك أخي تزودني بكلامهم مع الإحالة إلى المصادر
وأكون لك شاكرا
ثم بعد ذلك ربما يكون للحديث بقية إن شاء الله ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2007, 11:39 ص]ـ
من المفيد في مثل هذا التساؤل اللطيف أن يجمع الباحث الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن حادثة العبور هذه، وقد جمعتها لك هنا بحسب تذكري لها وهي:
1 - قوله تعالى في سورة طه: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77))
2 - وقال تعالى في سورة الشعراء: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63))
3 - وقال تعالى في سورة الدخان: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
وقد ذكر ابن كثير عند تفسيره لآية سورة الشعراء قول ابن عباس: صار البحر اثني عشر طريقًا، لكل سبط طريق.
وزاد السدي: وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حيله كالحيطان، وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته، فصار يَبَسا (7) كوجه الأرض، قال الله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} [طه:77].
والقول بانفلاقه إلى اثني عشر طريقاً اجتهاد من بعض المفسرين من الصحابة، ولذلك رواه الطبري بصيغة التمريض فقال: (وذُُكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط، لكل سبط منهم فرق).
والذي تدل عليه الآيات القرآنية أنه قد أصبح البحر طريقاً ممهداً يبساً مذللاً لمرور موسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من بني إسرائيل أجمعين، وأما التفصيل في كونه أصبح اثني عشر طريقاً لكل سبط منهم طريق متميز عن الآخر فزيادة لم ترد في القرآن. ولعل البحث يبين لنا ما هو مستند من ذهب إلى القول بذلك كابن عباس رضي الله عنهما.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[20 Sep 2007, 03:14 م]ـ
تتمة:
وقوله تعالى شأنه:
1 - (وإذ فرقنا بكم البحر .... ) البقرة / 50
2 و 3 - (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) الأعراف / 138، و يونس / 90
وبالله التوفيق.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[21 Sep 2007, 12:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ظهر لي أن أصل القول في جعل البحر اثني عشر طريقا هو فهم بعض الأكابر لما جاء في القرآن الكريم كما قال الإمام ابن جرير في تفسيره لقول الله تعالى وإذ فرقنا بكم. . . . . سورة البقرة: آية (50)
قال ما نصه:
معنى قوله فرقنا بكم فصلنا بكم البحر لأنهم كانوا اثني عشر سبطا ففرق البحر اثني عشر طريقا فسلك كل سبط منهم طريقا منها
فذلك فرق الله بهم جل ثناؤه البحر وفصله بهم بتفريقهم في طرقه الاثني عشر
كما حدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي لما أتى موسى البحر كناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قال بعض نحويي البصرة معنى قوله وإذ فرقنا بكم البحر فرقنا بينكم وبين الماء يريد بذلك فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررتم به
وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة وفرقه البحر بالقوم إنما هو تفريقه البحر بهم على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم على ما جاءت به الآثار تفسير الطبري ج 1 ص 275
ولهذا الفهم ما يؤيده من أقوال الصحابة والتابعين
فمن الصحابة سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه
قال ابن أبي شيبة حدثنا شبابة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود أن موسى عليه السلام حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت ثم قال لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط قال فانطلق موسى عليه السلام حتى انتهى إلى البحر فقال له انفرق فقال البحر لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم فانفرق لك قال ومع موسى عليه السلام رجل على حصان قال له ذاك الرجل أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال فأقحم فرسه فسبح به فخرج فقال أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال ثم اقتحم الثانية فسبح به ثم خرج فقال أين ما أمرت به يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال والله ما كذبت ولا كذبت قال فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن أضرب بعصاك فضرب موسى بعصاه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم كالجبل العظيم فكان فيه اثنا عشر طريقا لأثني عشر سبطا لكل سبط طريق يتراؤن فلما خرج أصحاب موسى عليه السلام وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 334
وسيدنا ابن عباس الحبر رضي الله عنه
قال ابن أبي حاتم حدثنا عمار بن خالد الواسطي، ثنا محمد بن الحسن الواسطي ويزيد بن هارون اللفظ لمحمد، عن اصبغ بن زيد الوراق، عن القاسم بن أبي ايوب، ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال واوحى الله عز وجل إلى البحر اذا ضربك عندي فانفلق له اثنا عشر فرقا حتى يجوز موسى ومن معه ثم التقى على من بقي بعد من فرعون واشياعه فنسي موسى ان يضرب البحر فدفع إلى البحر وله قصيف مخافه ان يضربه موسى بعضاه وهو غافل فيصير عاصيا له فلما تراء الجمعان وتقاربا قال قوم موسى: انا لمدركون افعل ما امرك ربك فانك لم تكذب ولم تكذب قال وعدني اذا انتهيت إلى البحر ان ينفرق لي حتى اجاوزه ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بالعصا حين دنى .. جند فرعون من اواخر جند موسى فانفرق البحر كما امر الله وكما وعد موسى صلى الله عليه وسلم.
تفسير ابن أبي حاتم ج 8 صفحة 2773
وممن بعدهم جماعة كما يلي لا على الترتيب
قال ابن جرير:
وقوله فكان كل فرق كالطود العظيم يقول تعالى ذكره فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم
وذكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط لكل سبط منهم فرق
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك حدثنا موسى قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان الطريق كما إذا انفلقت الجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان فنظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج وحجاج عن أبي بكر بن عبد الله وغيره قالوا انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطا وكانت الطرق بجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها لهم بقناطر كهيئة الطيقان ينظر بعضهم إلى بعض وعلى أرض يابسة كأن الماء لم يصبها قط حتى عبر
تفسير الطبري ج 19 ص 80
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله سيئات ما مكروا قال وكان قبطيا من قوم فرعون فنجا مع موسى قال وذكر لنا أنه بين يدي موسى يومئذ يسير ويقول أين أمرت يا نبي الله فيقول أمامك فيقول له المؤمن وهل أمامي إلا البحر فيقول موسى لا والله ما كذبت ولا كذبت ثم يسير ساعة ويقول أين أمرت يا نبي الله فيقول أمامك فيقول وهل أمامي إلا البحر فيقول لا والله ما كذبت ولا كذبت حتى أتى على البحر فضربه بعصاه فانفلق اثني عشر طريقا لكل سبط طريق
تفسير الطبري ج 24 ص71
قال قتادة ذكر لنا أن مؤمن آل فرعون كان بين يدي موسى وكان يقول أين أمرت يا نبي الله أن تنزل فيقول أمامك فيقول وهل أمامي إلا البحر فيقول
ما كذبت ولا كذبت فأوحى الله إلى موسى اضرب بعصاك البحر فأوحى إلى البحر إذا ضربك موسى فانفلق له فبات البحر يضرب بعضه بعضا فزعا من الله عز وجل وانتظارا لأمره فضربه فانفلق اثنا عشر طريقا على عدد الأسباط فسار موسى وأصحابه على طريق يابس والماء قائم بين كل فريقين فلما دخل بنو إسرائيل ولم يبق منهم أحد أقبل فرعون على حصان له حتى وقف على شفير البحر فهاب الحصان أن ينفذ فعرض له جبرئيل على فرس أنثى وديق فشمها الفرس فدخل فرعون فدخل قومه وجبرئيل أمامه وميكائيل على فرس خلف القوم يحثهم يقول الحقوا بصاحبكم فلما أراد أولهم أن يصعدوا تكامل نزول آخرهم انطبق البحر عليهم فنادى فرعون) آمنت (
من المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المنتظم لابن الجوزي صفحة 349
وفي تفسير ابن أبي حاتم
قال قوله تعالى: وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا آية 160 سورة الأعراف
حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد، ثنا اسباط، عن السدى قال: قد خلت بنوا اسرائيل البحر، وكان في البحر، اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط، وكانت الطرق، اذا انفلقت بجدران، فقال: كل سبط قد قتل اصحابنا فلما راى ذلك موسى عليه الصلاة والسلام دعا الله تبارك وتعالى فجعلها لهم قناطر كهيئة الطبقات ينظر اخرهم إلى اولهم، حتى خرجوا جميعا
تفسير ابن أبي حاتم ج 5 ص 1589
وقال:
قال أبو مسعود الجريري كانوا اثنا عشرسبطا فاحسب انه كان لكل سبط طريق.
حدثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعد الاعور، عن عكرمة، عن ابن عباد قال اوحى الله إلى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، قال: فضرب فصار اثنا عشر طريقا، وكانوا اثنا عشر سبط لكل سبط طريق.
حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو حماد، ثنا اسباط، عن السدى فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم قدخل بنوا اسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط، وكانت الطرق اذا انفلقت بجدران فقال كل سبط: قد قتل اصحابنا فلما راي ذلك موسى دعا الله عز وجل فجعلها لهم قناطر كهيئته الطيقان ينظر اخرهم إلى اولهم حتى خرجوا جميعا.
تفسير ابن أبي حاتم ج 8 صفحة 2773
وقال ابن عساكر
عن إسحاق أنا محمد بن إسحاق قال سمعت من حديثي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد قال لما جاز بنو إسرائيل البحر ولم يبق منهم أحد بقي البحر على حاله وأقبل فرعون عدو الله على حصان من دهم الخيل ووقف على شفير البحر والبحر رهوا ساكنا على حاله فأراد موسى أن يضرب بعصاه البحر فتركه كما كان فأوحى الله إليه أن) واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون (فتركه على حاله خامدا فلما أبصر فرعون البحر خامدا اثني عشر طريقا يقول لجنوده ألا ترون إلى البحر كيف أطاعني وإنما فعل هذا لتعظيمي وما ينشق إلا فرقا مني لأنه علم أني سأتبع بني إسرائيل فأقتلهم ولم يعلم عدو الله أن الله مكر به من حيث لا يشعر وقال فانطلق ليقتحم في البحر وجالت الخيل فعاينت العذاب فنفر الحصان الذي هو عليه وجالت الخيل فأقحموها فعاينت العذاب ولم تقتحم وهابت أن تدخل البحر فعرض له جبريل على فرس له أنثى وديق فقربها من حصان فرعون فشمها الفحل فتقدم جبريل أمام الحصان فاتبعها الحصان وعليه فرعون فلما أبصر جند فرعون أن فرعون قد دخل نادت أصحاب الخيل يا صاحب الرمكة على رسلك لتتبعك الخيل قال فوقف جبريل حتى توافت الخيل ودخلوا البحر وما يظن فرعون إلا أن جبريل فارس من أصحابه فجعلوا يقولون له أسرع الآن فقد دخلت الخيل أسرع يسرع الخيل في إثرك فجعل جبريل يخب إخبابا وهم في أثره لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يدركونه حتى توسط بهم في أعمق مكان في البحر وبعث الله ميكائيل على فرس آخر من خلفهم يسوقهم ويقول لهم الحقوا بصاحبكم حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد من آل فرعون وقف ميكائيل من الجانب الآخر ليس خلفه أحد
تاريخ مدينة دمشق ج 61 ص 79
وعن إسحاق أنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال إن موسى لما رأى ذلك من قومه وما يتضرعون ويستغفرون من ذنوبهم ويقولون يا موسى سل لنا ربك يضرب لنا) طريقا في البحر يبسا (فقد وعدنا لذلك بمصر فاتبعناك وصدقناك وهذا فرعون وجنوده قد دنا منك قال فانطلق موسى نحو البحر فقال إن الله أمرني أن أسلك فيك طريقا وضرب بعصاه البحر قبل أن يوحى إليه فأنطق الله البحر فقال له يا موسى أنا أعظم منك سلطانا وأشد منك قوة وأنا أول منك خلقا وعلي كان عرش ربنا وأنا لا يدرك قعري ولا أترك أحدا يمر بي إلا بإذن ربي وأنا عبد مأمور لم يوح الله إلي فيك شيئا ودنا فرعون وجنوده فجاء موسى إلى قومه راجعا فأيس القوم فأتاه حزبيل بن يوحابيل المؤمن فقال له يا موسى يا نبي الله أليس وعدك الله البحر قال نعم قال فلن يخلفك فناج ربك قال فبينما هو كذلك إذ جاءه خازن البحر فسلم عليه فقال له يا موسى أتعرفني قال لا قال أنا خازن البحار قال فما أوحى الله إليك في أمر فرعون شيئا قال يا موسى والله إني لخامس خمسة من خزان الله والله ما أدري ما الله صانع بعد فرعون ولقد خفي علي أمره وإن الله وعدك وهو منجز ذلك فتضرع إلى ربك قال فلما سمع ذلك موسى تضرع إلى الله فقال يا رب قد ترى ما يقول بنو إسرائيل وما قد كربهم وما قد نزل بهم من سوء الظن فأسألك يا إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف فرج عنا هذا الكرب ونجنا من فرعون وأبدل لنا مكان الخوف أمنا كي نسبحك كثيرا ونعبدك حق عبادتك واختلط خيل فرعون بخيل موسى وخرج فرعون معلما على فرس له حصان وكانت لحيته تغطي قربوس سرجه ولمته من خلفه تغطي مؤخر سرجه وعليه درع من ذهب قد علاه بالأرجوان قال فلما رأى ذلك الله عز وجل مما دخل في قلب موسى وقلوب بني إسرائيل أوحى الله إلى موسى إني قد أذنت للبحر أن يطيعك فاضرب) بعصاك البحر (قال فضرب موسى البحر) فانفلق (اثنا عشر طريقا ودعا موسى أصحابه وقال لهم هلموا فثم ثم قال اللهم اجعل هذا البحر غضبا ورجزا ونقمه على فرعون وقومه ونجنا جميعا فإنا جندك ونحن أهل الذنوب والخطايا قال فصار البحر كما قال الله اثني عشر طريقا يابسا وهو كما قال) واترك البحر رهوا (يعني سهلا دمثا لا تخاف دركا من فرعون وجنوده ولا تخشى البحر يغرقك ومن معك
تاريخ مدينة دمشق ج 61 ص 78
وعن عمرو بن ميمون قال كانوا ستمائة ألف فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا أين يذهبون فدعا موسى مشيخة بني إسرائيل وسألهم عن ذلك فقالوا إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ على إخوته عهدا أن لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسد علينا الطريق فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي أنشد الله كل من يعلم أن موضع قبر يوسف عليه السلام ألا أخبرني به ومن لم يعلم به فصمت أذناه عن سماع قولي وكان يمر بين الرجلين ينادي ولا يسمعان صوته حتى سمعته عجوز لهم فقالت أرأيتك إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك فأبى عليها وقال حتى أسأل ربي فأمره الله تعالى بإيتائها سؤالها فقالت إني عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملني وأخرجني من مصر هذا في الدنيا وأما في الآخرة فأسألك أن لا تنزل غرفة من الجنة إلا نزلتها معك قال نعم قالت إنه في جوف الماء في النيل فادع الله تعالى حتى يحسر عنه الماء فدعا الله تعالى فحسر عنه الماء ودعا أن يؤخر طلوع الفجر إلى أن يفرغ من أمر يوسف عليه السلام فحفر موسى عليه السلام ذلك الموضع واستخرجه في صندوق من مرمر وحمله حتى دفنه بالشام ففتح لهم الطريق فساروا وموسى عليه السلام على ساقتهم وهرون على مقدمتهم وندر بهم فرعون فجمع قومه وأمرهم أن لا يخرجوا في طلب بني إسرائيل حتى يصيح الديك فوالله ما صاح ديك تلك الليلة فخرج فرعون في طلب بني إسرائيل وعلى مقدمة عسكره هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف وكان فيهم سبعون ألفا من دهم الخيل سوى سائر الشيات وقال محمد بن كعب رضي الله عنه كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم سوى سائر الشيات وكان فرعون في الدهم وقيل كان
(يُتْبَعُ)
(/)
فرعون في سبعة آلاف ألف وكان بين يديه مائة ألف ناشب ومائة ألف أصحاب حراب ومائة ألف أصحاب الأعمدة فسارت بنو إسرائيل حتى وصلوا إلى البحر أو لماء في غاية الزيادة ونظروا فإذا هم بفرعون حين أشرقت الشمس فبقوا متحيرين فقالوا يا موسى كيف نصنع وأين ما وعدتنا هذا فرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا والبحر أمامنا إن دخلناه غرقنا قال الله تعالى (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال موسى كلا إن معي ربي سيهدين) فأوحى الله إليه (أن اضرب بعصاك البحر) فضربه فلم يطعه فأوحى إليه أن كنه فضربه وقال انفلق يا أبا خالد بإذن الله تعالى (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وظهر فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق وارتفع الماء بين كل طريقين كالجبل وأرسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى صار يبسا فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبيهم الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضا فخافوا وقال كل سبط قد قتل إخواننا فأوحى الله تعالى إلى جبال الماء أن تشبكي فصار الماء شبطات كالطبقات يرى بعضهم بعضا ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين فذلك قوله تعالى (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم) من آل فرعون والغرق (وأغرقنا آل فرعون)
تفسير البغوي ج 1 ص 71
وقال محمد بن كعب: كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم سوى سائر الشهبان، وكان (. . . . . . . .) وكان هارون على مقدمة بني إسرائيل وموسى في الساقة، فلمّا انتهوا إلى البحر وقربت منهم مقدمة فرعون مائة ألف رجل، كلٌ قد غطّى أعلى رأسه ببيضة وبيده حربة، وفرعون خلفهم في الدميم، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أين ما وعدتنا؟ هذا البحر أمامنا (إن عبرناه) غَرِقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا، ولقد أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا. فقال موسى: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعلمون، وقال: كلا إنّ معي ربي سيهدين، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه فلم ينفلق وقال: أنا أقدم منك وأشد خلقاً، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن كنه وقل: انفلق أبا خالد بإذن الله عزّ وجل، ففعل ذلك فانفلق البحر وصار اثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق. وكشف الله عن وجه الأرض فصارت يابسة وارتفع بين كل طريقين جبل. وكانوا بني عمّ لا يرى بعضهم بعضاً ولا يسمع بعضهم كلام بعض، فقال كل فريق: قد غرق أصحابنا فأوحى الله تعالى إلى الجبال من الماء تشبّكي فتشبكت وصارت فيه شبه الخروق فجعل ينظر بعضهم إلى بعض.
تفسير الثعلبي ج 5 ص 146
هذا ما وقفت عليه على عجلة من أمري والأمر يحتاج مزيد بحث وتنقيب لكن الوقت لا يسمح بأكثر من هذا الآن فالعفو منكم.
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(/)
بشرى سارة يا أهل القرآن
ـ[مبدع متخصص]ــــــــ[01 Apr 2004, 12:35 م]ـ
بشرى سارة للمصممين، موقع الشبكة الإسلامية يقدم لكم القرآن كاملا، بصيغة pdf ، يعني ممكن تتحكم في دقته، وليس على رواية حفص، بل وبقية الروايات
ممكن تستخدمه في التصاميم، ومجانا ...
الموقع: islamweb.net
تجده على اليمين (القراءات العشر)(/)
بحث تفصيلي في مخارج أصوات الحلق
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[02 Apr 2004, 01:56 ص]ـ
بحث تفصيلي في مخارج أصوات الحلق
بسم الله منزل القرآن , والصلاة والسلام على من نزل على قلبه القرآن , أما بعد: فللكلام على مخارج أصوات الحلق أبحاث عديدة و تفصيل القول في ذلك يتلخص في الآتي:
· التعريف بصوت الإنسان
· كيف تتم عملية إنتاج أصوات الكلام
· التعريف بخواص شدة الصوت الإنساني
· التعريف بخواص درجة الصوت الإنساني
· التعريف بخواص نوع الصوت الإنساني
· التعريف بحلق الإنسان
· أين يقع الحلق في جسم الإنسان
· بيان أقسام الحلق وحروفه
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الهمزة الحلقية
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الهاء الحلقية
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت العين الحلقية
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الحاء الحلقية
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الغين الحلقية
· بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الخاء الحلقية
**********************************
التعريف بصوت الإنسان
الصوت الإنساني:هو تلك المسموعات التي تصدر عن الجهاز النطقي للإنسان، وذلك من الحنجرة واهتزاز أوتارها الصوتية مرورا بالفم أو الأنف أو كلاهما إلى الخارج.
ويختلف الصوت من إنسان عن غيره، وذلك بحسب عمر الشخص سواء كان (طفل- مراهق – شاب- كهل) ويختلف أيضا من حيث الجنس فصوت الرجل يختلف عن صوت المرأة، ويرجع الاختلاف إلى طول الأوتار الصوتية فالأوتار الطويلة الضخمة تكون ذبذبتها قليلة وهذا يجعل الصوت الناتج عنها غليظا خشناً وهذا ما يكون في صوت الرجل، أما قصر الأوتار الصوتية وقلة ضخامتها فإنه يجعل الصوت الناتج عنها حادا أو رفيعا كما في صوت المرأة أو الطفل.
ويتراوح طول الوتر الصوتي من 23: 27 مليمترا وعدد الذبذبات من 60: 200 ذبذبة في الثانية وتختلف هذه الذبذبات بحسب وضوح الصوت أو سرعة.
ويمكن للإنسان أن يتحكم في حدة صوته ونغمته أي شدته ودرجته عن طريق تنظيم التنفس ويمكن لنا ملاحظة ذلك عند بعض قراء القرآن الكريم عندما يحاولون قراءة سورة من السور القصار دفعة واحدة دون توقف، يلاحظ ذلك أيضا عند بعض المنشدين والمؤذنين.
الصوت ظاهرة طبيعة ندرك أثرها دون أن نراها وهو ينتج اهتزاز شئ ما سواء باصطدامه بشيء آخر أم بالهواء نفسه الذي هو أحد الأوساط التي يمر فيها الصوت أو الموجات الصوتية الناتجة عن ذلك الاهتزاز وتختلف هذه الموجات بحسب درجة وصلابة الشيء المهتز ونوع الوسط الذي تمر فيه.
**********************************
كيف تتم عملية إنتاج أصوات الكلام
صوت المتكلم هو أثر سمعي يصدر طواعية واختيار عن تلك الأعضاء المسماة تجاوزا أعضاء النطق، والملاحظ أن هذا الأثر في صورة ذبذبات معدلة ملائمة لما يصاحبها من حركات الفم بأعضائه المختلفة. ويتطلب الصوت اللغوي وضع أعضاء النطق في أوضاع معينة محددة أيضا ومعنى ذلك أن المتكلم لابد أن يبذل مجهودا ما كي يحصل على الأصوات اللغوية.
النشاط المنتج للحدث اللغوي
الحدث اللغوي كما عرفه علماء الأصوات أنه من وجهة النظر الصوتية النشاط الصوتي الإنساني ذو الدلالة الذي يلي سكوتا وينتهي وهو كما سبق أن عرفنا يحتاج إلى نشاط من الإنسان يصاحب ذلك الحدث الصوتي ويمكن حصر أنواع النشاط الذي ينتج الحدث اللغوي في الأمور الآتية:
1) النشاط الذي يحدث في مخ المتكلم قبل الكلام والذي ينتج عنه حدوث صورة للفظ في ذهن المتكلم.
2) النشاط الذي تقوم به أعضاء النطق المختلفة والذي ينتج عنه اضطراب في الهواء الخارج من الفم والأنف.
3) النشاط الذي يحدث في الوسط الذي بين فم المتكلم وأنفه وبين أذن السامع.
4) النشاط الذي يحدث في أذن السامع عندما يسمع الصوت.
5) النشاط الذي يحدث في مخ السامع نتيجة لما يحدث في أذنه من آثار نسميها السماع وتنحصر هذه الأمور
في ثلاثة أنواع:
1) أولا: النشاط الذهني عند المتكلم والسامع.
2) ثانيا: النشاط العضوي الذي يحدث عند كل منها أي نشاط الأذن عند السامع ونشاط أعضاء النطق عند المتكلم وهذا النشاط الأخير في الأعضاء الصوتية أمر يمكن رؤيته وتسجيله بوسيلة أو بأخرى من الوسائل التي ابتكرها علماء الأصوات.
(يُتْبَعُ)
(/)
3) ثالثا: النشاط الذي يحدث في الوسط الذي يفصل المتكلم عن السامع وهذا الوسط قد يكون الهواء وقد يكون سلك التليفون أو سواه.
فالإنسان عندما يريد أن يعبر عما في داخلة تمر عملية الصوت بعدة مراحل بين أعضاء النطق , ويبدأ ذلك بأن يخرج الإنسان هواء الزفير من الرئتين وبعدها يمر هواء الزفير بأنبوب القصبة الهوائية ثم يصطدم هذا الهواء بالحنجرة ويوجد في الحنجرة الوترين الصوتيين فيصطدم بهما الهواء فيمر الصوت الخارج من الحنجرة عن طريق البلعوم (وهو الفراغ الواقع فوق الحنجرة والبلعوم له أنواع بلعوم حنجري وفموي وأنفي) ثم بعد مروره بالبلعوم يلي البلعوم أول الحلق , وهو يقع بين الحنجرة وأقصى الحنك فإذا اصطدم الصوت بأي مخرج من مخارج الأصوات نتج صوت الكلام الذي يقرع أذن السامع.
**********************************
التعريف بخواص شدة الصوت الإنساني
فهي خاصية تمكن الأذن العادية من التمييز بين الأصوات من حيث القوة أو الضعف فيقال عن الأصوات القوية إن شدتها مرتفعة وعن الأصوات الضعيفة إن شدتها منخفضة وبالإضافة إلى توقف شدة الصوت على القوة والضعف في مصدر الصوت فإنها تتوقف أيضا على بعد السامع عن مصدر الصوت وعلى كثافة الوسط الذي يمر فيه الصوت فمن المعروف أن الصوت لا ينتقل في الفراغ وإنما يحتاج إلى وسط مادي ينتقل من خلاله وكثافة هذا الوسط لها دور في ضعف الصوت وقوته.
**********************************
التعريف بخواص درجة الصوت الإنساني
هي كون الصوت حادا أو غليظا أي مدى عمق الصوت بين الحدة والغلظة فبعض الأصوات غليظ كزئير الأسد ودق الطبول وأصوات الرجال ومنها ما هو حاد كأصوات النساء، وتتوقف درجة الصوت على (التردد) أي عدد الاهتزازات التي يحدثها مصدر الصوت من الثانية الواحدة، فكلما زاد عدد الاهتزازات كلما كان الصوت أكثر حدة وكلما قل عدد الاهتزازات في الثانية كان الصوت أكثر غلظة، ومعنى ما سبق أن درجة الصوت تتوقف على عدد الذبذبات التي يصنعها الجسم في الثانية الواحدة، وهذا يسمى بالتردد لهذا المصدر.
**********************************
التعريف بخواص نوع الصوت الإنساني
وهي تنقسم إلى عدة أصوات متساوية و يتحدد نوع الصوت من خلال النغمات المتفقة في النوع والشدة والدرجة ولكنها تصدر من مصادر مختلفة فلو أننا استمعنا شدتها ودرجتها ولكنها من مصادر مختلفة مثل أصوات الطيور أو السباع أو الإنسان فإن الأذن يمكن لها أن تفرق بين هذه الأصوات دون رؤيتها.
التعريف بحلق الإنسان
هو الجزء الذي بين الحنجرة والفم , وهو فضلاً عن أنه مخرج لأصوات لغوية خاصة , يستغل بصفة عامة كفراغ رنّان يضخّمُ بعض الأصوات بعد صدورها من الحنجرة.
**********************************
أين يقع الحلق في جسم الإنسان
قال العلماء: يقع بين الحنجرة وأقصى الحنك , واللهاة هي الفاصل بينه وبين اللسان وهو عبارة عن تجويف من الخلف في اللسان يحد به أماما وبما يسمى بالحائط الخلفي للحلق من الخلف , وفي مقدمة الحلق يوجد ما يسمى بلسان المزمار منطبقا على جذر اللسان , وهو قطعة من اللحم لا تتحرك ذاتيا ولكن تتحرك بحركة اللسان , وتؤدي وظيفة صمام القصبة الهوائية تسدها لئلا يؤذيها الطعام النازل من المريء خلفها.
**********************************
أقسام الحلق وحروفه
وللحلق ثلاثة مخارج: بستة أحرف على ما قرره العلامة ابن الجزري في المقدمة الجزرية , وقيل سبعة على رأى الشاطبي الذي أسقط مخرج الجوف وجعل الألف المدية تخرج من أول الحلق.وللحلق أول ووسط وآخر فأوله يقع بعد الحنجرة مما يلي البلعوم مباشرة , ويسميه علماء اللغة والتجويد بأقصى الحلق , وآخره يقع عند أصل اللسان قبل اللهاة التي بين اللوزتين , ويسميه العلماء قديما أدنى الحلق , ووسطه يقع بين أقصاه وأدناه , وتفصيل ذلك كالآتي:
1 - أقصى الحلق: ويقع بعد الحنجرة مما يلي البلعوم ويخرج منه: الهمزة والهاء.
قال ابن الجزريّ:
ثُمَّ لأقصى الحلق همزٌ هاءُ ........................
2 - وسط الحلق: ويخرج منه: العين والحاء ,
قال ابن الجزريّ:
........................ ثم لوسطه فعين حاءُ
3 - أدنى الحلق: أصلُ اللسانِ ويليه اللهاة , وآخره هو أقرب شيء إلى اللسان , ويخرج منه الغين والخاء
قال ابن الجزريّ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أدناهُ غين خاؤُها ........................
**********************************
وبعد التعريف بالحلق وأقسامه , نذكر الأخطاء التي تقع من البعض ليحذر القارئ من الخوض فيها , وكما قال العلماء: من لا يعرف الشر لا يتقيه ويوشك أن يقع فيه , وإليك بيانها بالتفصيل:
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الهمزة الحلقية
الهمزة حرف , حلقي , مجهور, شديد , منفتح , مصمت , مهتوف , متوسط بين القوة والضعف , مرقق , ثقيل , ولذا غيرته العرب بأنواع من التغيير , كالتسهيل والإبدال والحذف والإسقاط , ولم تثبت في الخط على صورة واحدة كسائر الحروف بل يستعار لها صورة الألف أو الواو أو الياء , وقد كان العاملون بصناعة التجويد المجازيين ينطقون بها سلسة سهلة برفق وبلا تعسف ولا تكلف ولا نبرة شديدة , وهي أول الحروف خروجا , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*************************
*************************
1. تفخيمها ولاسيما إذا وقع بعدها حروف الاستعلاء , سواء كانت الهمزة قطعية أو موصولة عند الابتداء , أو وقع بعدها حروف ما شابه الاستعلاء كالراء واللام من لفظ الجلالة المغلظة نحو) أَقَامُوا) (الحج: من الآية41) –) الظَّالِمِينَ) (التوبة: من الآية19) –) أَظْلَمُ) (السجدة: من الآية22) –) أَخَّرْتَنِي) (المنافقون: من الآية10) –) الصَّدَفَيْنِ) (الكهف: من الآية96) –) أَصْدَقُ) (النساء: من الآية122) –) أَضَلّ) (الروم: من الآية29) - وأمثلة ما شابه حروف الاستعلاء نحو –) أَرَضِيتُمْ) (التوبة: من الآية38) –) أَرَاكُمْ) (الأحقاف: من الآية23) –) الرَّاسِخُونَ) (النساء: من الآية162) –) اللَّهُ) (الفتح: من الآية18) –) اللَّهُمَّ) (يونس: من الآية10) – فيجب على القارئ أن ينطق بهذه الهمزات السابقة مرققة وبلا تعسف.
*************************
2. بعض جهلة القراء يخرج صوتها وفيه رخاوة بجريان الصوت معها , وهذا خطأ فاحش , لأن الأصل في صوتها الشدة أى بحبس الصوت معها , نحو) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104) –) فَادَّارَأْتُمْ) (البقرة: من الآية72) وهذه الأمثلة تحتاج في توضيخ جريان الصوت مع الهمزة إلى نقل صوتي بالتلقي من المشايخ.
*********************
3. لابد للقارئ أن ينطقها سلسة برفق وبلا تعسف ولا تكلف ولا تهوع ولا سعلة , والتهوع وصف أهل اللغة: وهو النطق بها على هيئة المتقيئ , والسعلة وصف الكوفيين, نحو) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104).
**********************
4. على القارئ أن يحافظ على إظهار صوت الهمزة إذا انضمت مفردة أو انكسرت , لأنها في نفسها ثقيلة , والضمة والكسرة ثقيلتان , فيصعب على اللسان اجتماع ثقيلين , ولاسيما إذا كان بعدها كسرة أو قبلها أو يكون قبلها ضمة وهي مضمومة نحو) وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ) (البقرة: من الآية24) –) إِلَى بَارِئِكُمْ) (البقرة: من الآية54).
**********************
5. إذا كانت الهمزة مكسورة وقبلها همزة مضمومة وقبلها حرفان مشددان وجب بيان الهمزة الأولى والثانية والمشددين , لأن المشدد ثقيل , وتكرره ثقيل والهمزة ثقيلة والكسرة ثقيلة والضمة ثقيلة وذلك كله ثقيل نحو قوله تعالى (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بِأَهْلِهِ) (فاطر: من الآية43)) (نُنَبِّئُكُمْ) (الكهف: من الآية103)).
***********************
6. ينبغي للقارئ أيضا إذا وقف على الهمزة المتطرفة بالسكون أن يظهرها في وقفه لبعد مخرجها, وذهاب حركتها , لأن كل حرف سكن خف إلا الهمزة , فإنها إذا سكنت ثقلت , ولاسيما إذا كان قبلها ساكن , سواء كان الساكن حرف علة أو صحة نحو) الْخَبْءَ) (النمل: من الآية25) –) شَيْءٍ) (البقرة: من الآية20) –) السَّمَاءِ) (الزخرف: من الآية11).
***********************
7. وعليه أن يحذر من خفاء صوتها إذا وقف عليها ويفعله البعض وهذا لا يجوز إلا فيما أحكمت فيه الرواية , نحو) السَّمَاءُ) (الفرقان: من الآية25) -) السُّوءَ) (يوسف: من الآية24) –) سِيئَتْ) (الملك: من الآية27).
*************************
(يُتْبَعُ)
(/)
8. ومن الأخطاء في التلفظ بالهمزة شبه تشديدها والبعض يبالغ في ذلك حتى تصير مشددة حقيقة ويقصد فاعل ذلك تحقيقها فيقع في الخطأ وهو لا يشعر , وأكثر ما يقع ذلك في الهمز الذي قبله حرف مد نحو) أُولَئِكَ) (سبأ: من الآية5) –) هَؤُلاءِ) (النساء: من الآية78) وكذلك في لفظ همزة (يَوْمَئِذٍ) (لأعراف: من الآية8) وهذا الأخير لا يسلم منه حتى القراء المشهورين.
*************************
9. ومن الأخطاء أيضا أن البعض يسهلها في موضع التحقيق وأكثر ما يقع في المضمومة بعد الألف , ولاسيما إذا أتى قبل الألف حرف شفوي لما بين المخرجين من البعد نحو) أَنْبَاءِ) (هود: من الآية120) –) الضُّعَفَاءُ) (غافر: من الآية47) –) الْمَاءِ) (هود: من الآية43).
*************************
10. والبعض ينطقها مخفاة في لفظها وخاصة إذا كانت مضمومة أو مكسورة نحو) رَؤُوفٌ) (التوبة: من الآية128)) سُئِلَتْ) (التكوير: من الآية8) –) مُتَّكِئُونَ) (يّس: من الآية56).
*************************
11. ومنهم من يخفيها ويسهل لفظها وخاصة لو وقع بعدها نون مخفاة كنون الإخفاء الحقيقي نحو) الإِنْسَانُ) (النساء: من الآية28) –) َ أَنْفُسَكُمْ) (البقرة: من الآية44).
*************************
12. على القارئ أن يحذر من تمطيط صوت الهمزة خشية أن يقع الإدخال بعدها , وفي ذلك زيادة حرف في كتاب الله غير موجود , ولا يجوز ذلك إلا فيما أحكمت فيه الرواية المتواترة نحو) أَأَنْذَرْتَهُمْ) (البقرة: من الآية6).
*************************
13. والبعض يقلقلها قلقلة خفيفة وصلا وذاك خطأ نحو) مُؤْمِنُونَ) (الفتح: من الآية25)) تَأْلَمُونَ) (النساء: من الآية104).
*************************
14. والبعض يقفز عنها بسرعة وهو ما يسميه علماء القراءات بالإختلاس وخاصة إذا تكررت نحو) أَئِمَّةً) (القصص: من الآية41) –) أَأُنْزِلَ) (صّ: من الآية8) –) أَؤُنَبِّئُكُمْ) (آل عمران: من الآية15).
*************************
15. على القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق الهمزة المفتوحة خشية أن يؤول صوتها إلى الإمالة نحو) آمَنُوا) (البقرة: من الآية172).
*************************
16. والبعض ينطقها متأثرة باستعلاء الحرف الذي قبلها , والسبب الذي أدى إلى تفخيم الهمزة , أن القارئ جعل هيئة الشفتين عند الوقف على الهمزة , على هيئة الاستعلاء , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهمزة مفردة ساكنة نحو) اقْرَأْ) (الإسراء: من الآية14)) اقْرَأْ) (العلق: من الآية1).
*************************
17. ومنهم من يقف عليها ويتبع صوتها بنفس , وفي ذلك تقصير من القارئ حيث أن حق الهمزة الجهر ولا نفس مع صوتها البتة نحو) السَّمَاءِ) (لأعراف: من الآية40)) السُّوءَ) (يوسف: من الآية24).
*************************
18. من الأخطاء الدارجة في نطق الهمزة تحقيقها أوقلبها هاء خالصة في قوله تعالى () أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) (فصلت: من الآية44)) , والصواب أن تنطق بين الهمزة بين بين , وكيفية ذلك بالتلقي.
*************************
19. على القارئ أن يرقق الهمزة المكسورة وخاصة لو وقع بعدها هاء ساكنة فينقلب صوت الهمزة والهاء إلى صوت الـ ( A ) في الإنجليزية وهذا الحرف الإنجليزي مركب من صوت همزة مكسورة ممالة وبعدها هاء ساكنة , ولكي تعرف أخي القارئ هل أنت تنطق بهمزة مكسورة صحيحة أم لا عليك بتطويل كسرة الهمزة فإن تولد منها ياء عربية فصيحة فهي فكسرتك صحيحة وإن طولت الصوت بالكسرة فتولد صوت ياء مخلوطة الصوت فكسرتك غير صحيحة والأفضل في هذا وذاك التلقي من أهل الأسانيد المتصلة بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم رزقني الله وإياك دقائق الإخلاص.
*************************
خاتمة بحث صوت الهمزة في كيفية النطق الصحيح بها , ويتحقق ذلك في محورين:
1. يجب على القارئ أن يفتح الشفتين عرضا إلى أقصى ما يستطيع حتى يتحصل على أعلى وأرقى درجات الترقيق للهمزة المفتوحة , وأن يضم الشفتين للأمام مع المضمومة وأن يخفض الفك السفلي مع المكسورة.
2. يجب أن تباعد بين الفكين إذا نطقت بالهمزة مفتوحة حتى يتحقق الانفتاح.
**************************
(يُتْبَعُ)
(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الهاء الحلقية
تخرج الهاء من المخرج الأول من مخارج الحلق , وهو حرف مهموس رخو مستفل منفتح خفي مصمت مرقق ضعيف جدا , وهي تلى الهمزة في الرتبة وإن كانتا من مخرج واحد , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
**************************
1. لما كانت الهاء حرفا ضعيفا شديد الضعف وجب على القارئ أن يبين صوتها ولاسيما إذا تكررت في كلمة لتكرر الخفاء والضعف واجتماع المثلين نحو) بِأَفْوَاهِهِمْ) (التوبة: من الآية32)) جِبَاهُهُمْ) (التوبة: من الآية35)) أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ) (يونس: من الآية27)) وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ) (الحجر: من الآية3)) فَصَكَّتْ وَجْهَهَا) (الذريات: من الآية29)) مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنّ) (النور: من الآية33)) ظَلَّ وَجْهُهُ) (النحل: من الآية58)) وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (الزمر: من الآية60) , كل هذا يجب على القارئ المجود للفظ تلاوته أن يبينه في درج قراءته , وذلك بتصفية الهاءات وبيان تفكيكها من غير اختلاس ولا إدخال.
**************************
2. وكذلك يجب البيان لو وقعت مكررة في كلمتين وذلك خشية الإدغام في ذلك لاجتماع المثلين نحو) فِيهِ هُدىً) (البقرة: من الآية2)) وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) (المائدة: من الآية76)) وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا) (آل عمران: من الآية51)) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (لقمان: من الآية26)) عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (النحل: من الآية95)) فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُم) (آل عمران: من الآية107)) وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً) (البقرة: من الآية231) , وكذلك لو تكرر ثلاث هاءات نحو) َ إِلَهَهُ هَوَاهُ) (الفرقان: من الآية43).
**************************
3. وعلي القارئ أن ينتبه إذا سكنت الأولى من الهاءين وجب إظهار الإدغام والتشديد وبيان الهاء المشددة , فإن كان قبلها حرف مشدد كان آكد في بيان المشددين , ولاسيما إن كان الحرف الأول حرفا مجهورا قويا نحو) أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْر) (النحل: من الآية76) , أصله (يُوَجِّهْهُ) ولذلك كتبت في المصحف بهاءين مع الإدغام , وكذلك يجب بيان كل هاء مشددة لتكرر الضعف في صوت الحرف نحو (فَمَهِّلِ الْكَافِرِين) (الطارق: من الآية17)) َ أَنْ طَهِّرَا) (البقرة: من الآية125)) سِرَاجاً وَهَّاجاً) (النبأ: من الآية13) –) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ) (يوسف: من الآية70) , وشبهه.
**************************
4. بعض القراء ينطقها مفخمة ولاسيما إذا وقعت الهاء قبل حاء أو بعد حاء , فيجب ترقيقها وبيانها لتمكن خفائها مع الحاء إذ أنها قريبة المخرج من الحاء , والحاء أقوى منها نحو) فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (الطور: من الآية49)) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) (قّ: من الآية40) , فالبعض يخطئ وينطق لفظها حاء مشددة.
**************************
5. والبعض لا يخرجها من أقصى الحلق لأن في ذلك كلفة فتراهم يخرجونها من أدنى الحلق ضعيفة مخفية وكأن صوتها هاء مشمة بهمزة وأكثر ما يقع ذلك في الهاء الموقوف عليها نحو) الْقَارِعَةُ) (القارعة:1)) الطَّامَّةُ) (النازعات: من الآية34)) فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة: من الآية11).
**************************
6. بعض العوام يفخم الهاء إذا وقعت بين حرفين ضعيفين مثل الألفين في نحو قوله تعالى) ا سَوَّاهَا) (الشمس: من الآية7) –) ضُحَاهَا) (النازعات: من الآية29) –) ا تَلاهَا) (الشمس: من الآية2) , وذلك لاجتماع ثلاث أحرف خفية فإن كان قبل الألف الأولى هاء كان البيان لذلك كله آكد لاجتماع أربع أحرف خفية نحو (َ مُنْتَهَاهَا) (النازعات: من الآية44).
**************************
7. على القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق صوت الهاء والمبالغة الزائدة في ذلك تؤدي إلى الإمالة في صوتها ويفعله الكثير وهو خطأ أيضا نحو) هَاؤُمُ) (الحاقة: من الآية19)) هَذَا) (آل عمران: من الآية51).
**************************
8. يخطئ بعض القراء وخاصة الذين يدّعون الإتقان في التجويد حيث أنهم يبالغون في ترقيق الهاء الواقعة في لفظ الجلالة حتى تصير وكأنها ممالة نحو) إِنَّ اللَّهَ) (البقرة: من الآية20)) رَسُولَ اللَّهِ) (النساء: من الآية157).
(يُتْبَعُ)
(/)
**************************
9. قال العلماء: ومما يجدر التنبيه عليه ترقيق الهاء الواقعة في لفظ الجلالة (اللَّه) وقفا ووصلا , فإن الكثيرين يفخمونها لأن اللام مغلظة قبلها فتؤثر عليها وهذا خطأ محض , والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف في لفظ الجلالة فيبقون الشفتين عند الهاء على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما الطبيعية حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة ساكنة نحو) إِنَّ اللَّهَ) (البقرة: من الآية132) (رَسُولَ اللَّهِ) (النساء: من الآية157).
**************************
10. يخطئ بعض القراء في ضم الشفتين عند النطق بالهاء الساكنة وخاصة إذا كان قبلها ضم نحو) مُهْتَدُونَ) (الزخرف: من الآية37) , والسبب في هذا الخطأ أن القارئ جعل الشفتين عند التلفظ بالهاء على هيئة الضمة التي قبل الهاء , والصواب أن يضم القارئ الشفتين عند الميم فإذا وصل إلى الهاء أرجع الشفتين إلى وضعهما الطبيعي , وهذه ملاحظة عامة يجب الانتباه لها لأهميتها مثل () يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ) (هود: من الآية48).
**************************
11. والبعض يخطئ حيث أنهم يمطون صوت الهاء بقدر يزيد على المطلوب وهذا الفعل يسمى في علم القراءات بالإدخال , والواجب إعطاء صوت الهاء زمن حركتها فقط بحيث لو زاد هذا الزمن لتولد حرف من جنس حركة ما قبله نحو) ا وَيُلْهِهِمُ) (الحجر: من الآية3) (جِبَاهُهُمْ) (التوبة: من الآية35).
**************************
12. والبعض يفخمها وقفا ولاسيما لو كان قبلها الأحرف المستعلية نحو) َ الآخِرَةِ) (الشورى: من الآية20) –) ٍ نَاضِرَةٌ) (القيامة: من الآية22) –) بَاسِرَةٌ) (القيامة: من الآية24) –) نَاظِرَةٌ) (القيامة: من الآية23) ,) ظَهْرَكَ) (الشرح: من الآية3)) ِ رِزْقَهُ) (الفجر: من الآية16)) ٍ خَلَقَهُ) (عبس: من الآية18)) خَلَقَهُ) (السجدة: من الآية7) والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف على الهاء فيبقون الشفتين على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما الطبيعية حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة ساكنة وعلى القارئ أن ينطق بالهاء حال التركيب مرققة كما لو نطقها مرققة حال الانفراد.
**************************
13. والبعض يقف على الهاء المكسورة بتفخيم صوتها نحو) عَلَيْهِمْ) (الفاتحة: من الآية7) –) إِلَيْهِمْ) (آل عمران: من الآية77)) َ لَدَيْهِمْ) (آل عمران: من الآية44).
**************************
14. ومن الأخطاء في نطق الهاء قراءتها بالضم في قوله تعالى () لَهْوَ الْحَدِيثِ) (لقمان: من الآية6) لظنهم أنه ضمير وهذا اسم ظاهر , ولا خلاف بين القراء في تسكينه.
*******************************
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت العين الحلقية
تخرج العين من المخرج الثاني من مخارج الحلق , وهي حرف مجهور مستفل منفتح مصمت متوسط بين الرخاوة والشدة والقوة والضعف , مرقق , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*******************************
1. دمجها في مثلها إذا تكررت , والواجب على القارئ أن يلفظ العين بلطف ويعطها حقها في التصويت بها من الحلق , ولاسيما إذا تكررت كان بيان ذلك آكد لقوتها وصعوبتها نحو) أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْض) (الحج: من الآية65) –) ِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا) (لأعراف: من الآية27) –) ا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) (سبأ: من الآية23) –) تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ) (الكهف: من الآية90) –) وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) (لأعراف: من الآية100) - , وذلك البيان لهما لازم , وذلك لصعوبة اللفظ بحرف الحلق منفردا , فإذا تكرر كان أصعب لأن اللفظ بالحرف المكرر كمشي المقيد , وكمن يرفع رجله ليمشي فيردها إلى الموضع الذي رفعها منه وذلك ثقيل.
*******************************
2. ومن الأخطاء أيضا إدغام العين في الغين التي بعدها لأنهما حلقيان , ولقرب المخرجين , ولسهولة الإدغام ويسره من التحقيق نحو) وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) (النساء: من الآية46).
*******************************
(يُتْبَعُ)
(/)
3. والبعض يدغمها خطأ إذا وقع بعدها الهاء الحلقية , فيصير نطقه بحاء واحدة مشددة نحو) أَلَمْ أَعْهَدْ) (يّس: من الآية60) –) فَاتَّبِعْهَا) (الجاثية: من الآية18) –) فَبَايِعْهُنَّ) (الممتحنة: من الآية12) , والسبب أن الهاء مؤاخية للعين في الهمس , وعليك أن تهتم بذلك فإلم تهتم بذلك قربت العين من لفظ الحاء , لأن البحة التي في الحاء تسرع إلى اللفظ بالحاء في موضع العين مع الهاء ولقرب الحاء من العين في الصفة.
*******************************
4. وعلى القارئ أن يحذر من المبالغة في ترقيق العين المفتوحة حتى لا يسمع صوتها وكأنه ممال نحو) الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية251) –) طَعَامٍ) (الأحزاب: من الآية53).
*******************************
5. والعين الناس فيها بين مفرط و مُفرّط: أما المُفرطون فمنهم من ينطقها قاسية يابسة شديدة نحو) يَعْلَمُ) (البقرة: من الآية77) – (أَعْهَدْ) (يّس: من الآية60) , وأما المٌفرِّطون: فإنهم يلفظونها رخوة بمطها وجريان الصوت معها وبتمييع صوتها حتى يسمع صوتها لا معنى له نحو) نَعْبُدُ) (الفاتحة: من الآية5).
*******************************
6. ينبغي للقارئ أن يحترز من حبس صوت العين وحصره بالكلية وخاصة إذا شددت وذلك نحو) يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (الماعون: من الآية2) –) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً) (الطور:13) , حتى لا تصبح من الحروف الشديدة.
*******************************
7. بعض جهلة القراء عندما ينطق العين وبعدها لام أو ميم فإنه يقفز عن العين قفزا ويدخل اللام فيها إدخالا نحو) يَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية13) –) يَعْمَلُونَ) (البقرة: من الآية141) , فينطق بنصف عين لا بعين كاملة وهذا خطأ , وطريقة التخلص من هذا المحظور أن تنطق العين بهدوء وتعطها حقها من الترقيق والبينية والمدة الزمنية التي تستغرقها , فإن لكل حرف مدة زمنية هي من حقه , وتختلف باختلاف صفاته , ولا يتحقق كماله إلا بها , ثم بعد ذلك تنطق اللام بدون اتكاء عليها وأن يجري معها الصوت جريانا جزئيا لا كليا.
*******************************
8. والبعض القليل من القراء يفصل بين العين والحرف الذي بعدها بسكتة شبه لطيفة نحو) تَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية184).
*******************************
9. وبعض القراء من الأفارقة وأهل السودان والصومال يقلب العين همزة , أو قريبة من الهمزة نحو) َ نَعْبُدُ) (الفاتحة: من الآية5) , فتجده ينطقها هكذا (نأبد) وعلى ذلك القارئ أن يتدرب على النطق الصحيح بها ويفضل أن يكون ذلك على يد شيخ متصل السند بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
*******************************
10. والبعض يبالغون في الضغط الشديد على صوتها بكيفية تمجها الأسماع نحو) أَعُوذُ) (البقرة: من الآية67) –) نَدْعُوا) (غافر: من الآية74).
*******************************
11. والبعض ينطقها بصوت أحرف القلقلة , وذلك باضطراب مخرجها واهتزاز صوتها نحو) يَعْلَمُ) (البقرة: من الآية77)) وَلا تَعْتَدُوا) (البقرة: من الآية190).
*******************************
12. ومنهم من يفخمونها خطأ إذا وقعت بعد حروف الاستعلاء نحو) أَطَعْتُمُوهُمْ) (الأنعام: من الآية121)) ْ أَرْضَعْنَ) (الطلاق: من الآية6) وللخلاص من هذا المحذور على القارئ أن ينطق الطاء ويعطها حقها من الاستعلاء فإذا وصل إلى نطق العين عليه أن يفتح الشفتين عرضا ليتسنى له ترقيقها , ومن الواجب معرفته أن هيئة الشفتين تختلف من حيث شكلها في الحرف المفخم عن المرقق , وكذلك تختلف باختلاف الحركات الثلاثة , فالواجب عليك أخي القارئ أن تعطي الحرف حقها ومستحقها رزقني الله وإياك الإتقان في تلاوة كتاب ربنا.
*******************************
(يُتْبَعُ)
(/)
13. ومنهم من يختلس حركتها ولاسيما إذا تكررت نحو) أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْض) (الحج: من الآية65) –) ِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا) (لأعراف: من الآية27) –) ا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) (سبأ: من الآية23) –) تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ) (الكهف: من الآية90) ولاختلاس معناه النطق ببعض الحركة , والكثير من يقع فيه فتجد القارئ يقرأ بعض الحروف سليمة صحيحة ويقرأ نفس الأحرف في موضع آخر ويسرع الصوت عند التلفظ بها فيخرج صوت الحرف وفيه خفاء.
*******************************
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الحاء الحلقية
تخرج الحاء من المخرج الثاني من مخارج الحلق , وهي حرف ضعيف لأنه مهموس رخو مستفل منفتح مصمت مرقق ويقع الخطأ فيها من أوجه:
*****************************
1. تفحيمها وأكثر ما يقع ذلك عند حروف الاستعلاء نحو) أَحَطْتُ) (النمل: من الآية22) –) الْحَطَبِ) (المسد: من الآية4) –) الْحَقُّ) (القصص: من الآية53) –) حَصْحَصَ) (يوسف: من الآية51) –) حَصَادِهِ) (الأنعام: من الآية141) –) حَظّاً) (آل عمران: من الآية176) –) حَضَرَ) (النساء: من الآية18) , أو الراء نحو) حَرَجٌ) (النور: من الآية61) , أو الألف نحو) ِ وَحَاقَ بِهِمْ) (غافر: من الآية83).
*****************************
2. ومن العيوب الدراجة في النطق بها قلقلتها وصلا ووقفا وعدم همسها نحو) مُحْضَرُونَ) (الروم: من الآية16) –) ُ الرَّحْمَنِ) (مريم: من الآية58).
*****************************
3. ينبغي الاهتمام والحرص من تمكين سكونها وهمسها إذا كانت ساكنة ولاسيما إذا وقع بعدها ياء فإن اللسان يميل إلى كسر الحاء ليتهيأ لنطق الياء وهذا محذور في لفظ التلاوة فإن إبدال السكون بالكسر لحن فاحش نحو) مَحْيَاهُمْ) (الجاثية: من الآية21) –) فَأَحْيَاكُمْ) (البقرة: من الآية28).
*****************************
4. ومن الخطأ في نطقها إبدالها عينا إذا وقعت بعدها العين , والسبب أن العين من مخرج الحاء فإذا وقعت الحاء قبل العين خيف عليها أن يقرب لفظها من الإخفاء أو من الإدغام لتقارب الحرفين واشتباههما ولأن العين أقوى من الحاء قليلا ولا تقع العين والحاء في كلمة أبدا , ويمكن ذلك من كلمتين نحو) فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا) (النساء: من الآية128) – (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (البقرة: من الآية236) –) الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) (آل عمران: من الآية45) –) زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) (آل عمران: من الآية185) , والمثال الأخير يجوز إدغامه فيما أحكمت فيه الرواية فقط.
*****************************
5. وبعض المتساهلين يدغمها إذا سكنت وكان بعدها العين وذاك خطأ , لأن الحاء قد تهيأت بسكونها للإدغام , لأن كل حرف أدغمته في آخر فلا بد من إسكان الأول أبدا , فإذا سكنت الحاء قبل العين قربت من الإدغام , فيجب التحفظ ببيانها نحو) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) (الزخرف: من الآية89) والبيان هنا لازم وأكيد.
*****************************
6. ومنهم من يدغمها خطأ إذا تكررت , لأن الإدغام إلى المثلين أقرب منه في غير المثلين , ألا ترى أنه إذا سكن الأول من المثلين لم يجز إلا الإدغام , وأمثلة تكرر الحاء نحو) عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى) (البقرة: من الآية235) –) لا أَبْرَحُ حَتَّى) (الكهف: من الآية60).
*****************************
7. ومنهم من يدغمها إذا وقع بعدها الهاء الحلقية , والسبب قرب الهاء من مخرج الحاء ولأن الحاء أقوى قليلا من الهاء , فهى تجذب الهاء إلي نفسها وذلك في نحو) فَسَبِّحْهُ) (قّ: من الآية40) –) فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (الطور: من الآية49). فإن كثيرا من الجهلة المتساهلين ينطق بها في مثل هذا حاء مشددة مضمومة , وهو لا يجوز إجماعا كما ذكره بن الجزري في النشر.
*****************************
(يُتْبَعُ)
(/)
8. ومن الأخطاء أيضا في نطق الحاء بقاء ضم الشفتين مضمومتين عند نطقها وهي ساكنة , ولاسيما إذا كان قبلها حرف مضموم نحو) الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: من الآية58) –) أُحْيِي وَأُمِيتُ) (البقرة: من الآية258)) يُحْيِي وَيُمِيتُ) (يونس: من الآية56) , فإن صفاء نطقها يتأثر بهذا الضم فلا يخرج صوتها صحيحا بل مشمُ بالضم والإشمام الصوتي معناه الخلط والمزج بين حرفين وبحث ذلك في المخارج الفرعية.
*****************************
9. على القارئ الماهر أن ينتبه إلى نطقها صافية , ولاسيما إذا جاء قبلها حرف مضموم وبعدها , فههنا يكون النطق أصعب , لأن القارئ يحتاج إلى ضم الشفتين ثم يرجعهما عند النطق بالحاء الساكنة كهيئتهما الطبيعية قبل الضم ثم يضمهما مرة ثانية , وفي ذلك كلفة وثقل نحو) احْشُرُوا) (الصافات: من الآية22) –) ِ احْكُمْ) (المائدة: من الآية49)) احْكُمْ) (الانبياء: من الآية112).
*****************************
10. وبعض المتساهلين ينطقها هاء خالصة كما يفعله بعض الأفارقة وأهل السودان حيث أنهم يلفظون (الرَّحِيمِ) (الفاتحة: من الآية1) هكذا (الرهيم) وهذا لحن جلي لا تحل به القراءة.
*****************************
11. ومنهم من يقلبها خاء أو مشمة بالخاء كما ينتشر ذلك بين قراء أهل اليونان حيث أنهم يلفظون) ِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة: من الآية1) هكذا (الرخيم) وهذ لحن أيضا لا تحل به القراءة.
*****************************
12. ومنهم من يبالغ في ترقيق الحاء المفتوحة حتى يصير صوتها مشوب بالإمالة نحو) حَاذِرُونَ) (الشعراء: من الآية56) –) وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) (التوبة: من الآية112).
****************************
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الغين الحلقية
تخرج الغين المعجمة من المخرج الثالث من مخارج الحلق , وهي حرف مجهور رخو مستعلِ منفتح مصمت , مفخم , والغين أقوى من الخاء و ولولا ما بينهما من الجهر والهمس لكانت الخاء غينا إذ المخرج واحد والصفات متقاربة , وقد أخطأ من قال من العلماء بترقيقه والمعول عليه ما ذكر في النشر لابن الجزري رحمه الله وجزاه الله عنا خير الجزاء , والخاء يقع الخطأ فيها من أوجه:
****************************
1. ترقيقها ولا بد من تفخيمها لما فيها من الجهر والاستعلاء , والكثير من الناس يرققها لاسيما إذا أتى بعدها ألف نحو) غَافِرِ الذَّنْبِ) (غافر: من الآية3) –) الْغَافِرِينَ) (لأعراف: من الآية155).
****************************
2. ومنهم من يدغمها فيما بعدها خطأ , وخاصة لو وقع بعدها القاف لقرب المخرجين , والغين في المخرج قبلها وقريبة منها , فيخاف أن يلتبس اللفظ بالإدغام نحو) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) (آل عمران: من الآية8) –) مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوب) (التوبة: من الآية117).
****************************
3. ومنهم من يدخل صوتها في العين الحلقية إذا وقعت بعدها لقرب المخرجين من بعض والتحفظ بتجويد اللفظ بها وإعطائها حقا أولى وأحسن نحو) رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً) (البقرة: من الآية250) –) ي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (الكهف: من الآية96).
****************************
4. والبعض من عوام الناس يبدل الغين الحلقية خاء فيما لو وقعت بعدها الهاء الحلقية , والتلفظ بذلك فاحش ولحن في كتاب الله , فمن لم يعتن بإظهارها نحى بها نحو الإدغام أو الإخفاء نحو) أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة: من الآية6).
****************************
5. والبعض من المتساهلين يبدلها خاء خالصة فيما لو وقع بعدها الشين اللسانية , لاشتراك الخاء الحلقية والشين اللسانية في الهمس والرخاوة وبعد الغين من الشين فمن لم ينتبه لهذا يميل طبعه إلى الخطأ وهو لا يشعر وهذا أمر يجده المرء في نفسه ويسمعه من غيره فاحذره في نفسك أن تقع في هذا الخطأ ونبه عليه غيرك مع مطالبة نفسك بدقائق الإخلاص لله تعالى والأمثلة) يَغْشَى طَائِفَةً) (آل عمران: من الآية154) –) يَغْشَاهُمُ) (العنكبوت: من الآية55) –) وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ) (ابراهيم: من الآية50).
****************************
(يُتْبَعُ)
(/)
6. على القارئ أن يحذر من الإدغام في الغين إذا جاورت أختها , أو تكررت بسبب اجتماع وتجاور المثلين نحو) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً) (آل عمران: من الآية85).
****************************
7. وهناك خطأ شائع بين كثير ممن يدعي الإتقان في علم التجويد حيث أنهم يضمون شفتهم إلى الأمام عند نطقهم بالغين المفتوحة , فيخرج صوتها مخلوط بصوت الضم نحو) ُ الْغَافِرِينَ) (لأعراف: من الآية155) –) غَافِرِ الذَّنْبِ) (غافر: من الآية3) وللخلاص من هذا المحذور ألا يضم القارئ شفتيه للأمام أبدا عند تلفظه بالأحرف المفتوحة, فإن ضم الشفتين فيه إشارة للضم ولا حرف مضموم هنا البتة.
****************************
8. والبعض ينحو بصوتها نحو القلقلة فتجده يلفظ الغين مهتزة الصوت مضطرب المخرج وذاك في حالتي الوصل والوقف نحو) الْمَغْضُوبِ) (الفاتحة: من الآية7).
****************************
9. بعض أهل الجزيرة العربية يلفظ الغين في لهجتهم العامية قريبة من صوت القاف , فهذا وأمثاله يخشى عليه أن يقرأ القرآن بهذا الصوت العامي وذلك لا يجوز في القراءة القرآنية بالإجماع نحو) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) (الفاتحة: من الآية7) فينطقون خطأ هكذا (قير المغضوب) قريبة من صوت القاف.
****************************
10. ومن الخطأ أيضا أن يجعل القارئ صوت الغين المستعلية تؤثر على الأحرف التي بعدها ولاسيما إذا كانت مرققة نحو) غَفَرَ) (يّس: من الآية27) –) أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا) (القصص: من الآية63).
****************************
11. وهناك خطأ شائع عند من تلقوا قرآنهم من الكاسيت أو من المصحف فقط دون التلقي من الشيوخ المجازيين المتصل سندهم بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حيث أنهم يضمون الشفتين عند النطق بالغين وهي ساكنة , فإن ذلك يؤثر على صفاء ونقاء صوتها نحو) ا رَبَّنَا اغْفِرْ) (آل عمران: من الآية147) , بل يجب على القارئ أن يجعل هيئة شفتيه عندها كما لو نطق بالغين وهي ساكنة منفردة.
****************************
12. والبعض يختلس صوتها وصلا ولا يعطي الغين حقها من الفترة الزمنية التي هي من حقها كسائر الحروف الهجائية وهذا الاختلاس فيه تبعيض للحركة وذلك لا يجوز إلا فيما أحكمت فيه الرواية الأمثلة (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً) (آل عمران: من الآية85).
****************************
13. والبعض ينطقها ممطوطة بزيادة حرف بعدها , وهو ما يسميه علماء القراءات بالإدخال , حيث أن القارئ أدخل حرفا في كتاب الله لم يكن موجودا نحو (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً) (آل عمران: من الآية85) ويكون المط بتطويل كسرة الغين حتى يتولد منها ياء مديه.
****************************
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الخاء الحلقية
تخرج الخاء من المخرج الثالث من مخارج الحلق , وهي حرف مهموس رخو مستعلٍ منفتح مصمت مفخم إلا أنه إلى الضعف أقرب لكثرة صفات الضعف فيه , ويقع الخطأ فيها من أوجه:
****************************
1. ترقيقها وهي حرف مستعلٍ فلابد من تفخيمه كسائر حروف الاستعلاء , وكثير من الناس يرققها باعتبار ما فيها من صفات الضعف وهو خطأ لا شك فيه , فإذا وقع بعدها ألف فيكون تفخيمها أمكن لتفخيم الألف بعدها إذ الألف تابع لما قبله في التفخيم والترقيق وقد أخطأ من قال بترقيقه على كل حال , الأمثلة) خَالِقٍ) (فاطر: من الآية3) –) ى الْخَاشِعِينَ) (البقرة: من الآية45)) الْخَاسِرِينَ) (البقرة: من الآية64).
****************************
2. ومن الناس من يبدلها غينا إذا سكنت وهو لحن لا تحل به القراءة نحو) يَخْشَى) (النازعات: من الآية26).
****************************
3. والبعض من طلبة العلم الصغار يشددون الخاء المكسورة أو المفتوحة وصلا نحو) الْأَخِ) (النساء: من الآية23) –) بِدُخَانٍ) (الدخان: من الآية10) , وذاك خطأ فاحش.
****************************
(يُتْبَعُ)
(/)
4. ومن القراء من ينطق الخاء المفتوحة مشمة بالضم نحو) خَالِقُ) (الزمر: من الآية62) –) الْخَاسِرِينَ) (لأعراف: من الآية92) , وهذا وبلا شك يؤثر على نقاء صوتها , قال بن الجزري في التمهيد: ينبغي أن يخلص لفظها ..... أي لكيلا يختلط صوتها بحرف آخر فيصير مخرجها فرعيا بعد أن كان أصليا ... اهـ وللخلاص من هذا المحذور ألا يضم القارئ شفتيه للأمام أبدا عند تلفظه بالأحرف المفتوحة, فإن ضم الشفتين فيه إشارة للضم ولا حرف مضموم هنا البتة.
****************************
5. على القارئ أن يحذر من ترقيق الخاء إذا وقعت بين مرققين , لأنها ضعيفة ووقوعها بين مرققين يؤثران عليها تأثيرا واضحا نحو) أَخَذَ) (آل عمران: من الآية81) –) وَاتَّخَذُوا) (مريم: من الآية81).
****************************
6. ينبغي للقارئ أن ينتبه إلى تأثيرها على ما جاورها من المرقق نحو) مَخْمَصَةٍ) (المائدة: من الآية3) –) مَخْضُودٍ) (الواقعة: من الآية28) , فكثيرون الذين يفخمون الميم لأجل استعلاء الخاء.
****************************
7. وبعض المتساهلين يفخم اللام الواقعة بعد الخاء تبعا لتفخيم الخاء نحو) خَلَطُوا) (التوبة: من الآية102).
****************************
8. ومنهم من يصوت بها بصوت شبيه بصوت القلقلة وخاصة إذا سكنت نحو) يَخْشَى) (عبس: من الآية9).
****************************
9. على القارئ أن يحذر من ضم الشفتين عند الخاء الساكنة , فإن ذلك يؤثر على نقاء وصفاء صوتها نحو) ُ مُخْضَرَّةً) (الحج: من الآية63) فالواجب ضم الشفتين عند الميم المضمومة فإذا وصلت لتلفظ الخاء أعد الشفتين على هيئة الحرف الساكن كما لو تلفظت بالخاء مفردة ساكنة , رزقني الله وإياك دقائق الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن.
****************************
10. ومن القراء من يختلس صوتها والبعض الآخر يدخل بعدها حرفا زائدا على لفظ التلاوة أو بسبب التمطيط الزائد في صوتها نحو) ي خَلَقَ) (البقرة: من الآية29) –) الْخَاشِعِينَ) (البقرة: من الآية45) فتجد القارئ يولد من فتحة الخاء ألفا وهذا بعينه الإدخال والزيادة في كتاب الله.
****************************
وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
بحث للأستاذ: فرغلي سيد عرباوي(/)
مالمقصود بالجمل هنا؟
ـ[مجاهد]ــــــــ[02 Apr 2004, 02:04 ص]ـ
السلام عليكم
ماهو تفسير قوله (حتى يلج الجمل في سم الخياط)
مالمقصود بالجمل هنا؟
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[02 Apr 2004, 03:13 ص]ـ
الجمل معروف، وهو زوج الناقة
وإليك بعض الآثار التي ذكرها السيوطي في الدر المنثور
قوله تعالى (حتى يلج الجمل في سم الخياط)
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (حتى يلج الجمل) قال ذو القوائم (في سم الخياط) قال في خرق الإبرة.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والطبراني في الكبير عن ابن مسعود في قوله (حتى يلج الجمل) قال زوج الناقة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن في قوله (حتى يلج الجمل) قال ابن الناقة الذي يقوم في المربد على أربع قوائم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال حتى يدخل البعير في خرق الإبرة.
وذكر آثاراً أخرى تدل على أن المراد بالجمل: الحبل، ولكن على قراءة أخرى.
قال ابن كثير رحمه الله:
(وقوله تعالى (ولايدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) هكذا قرأه الجمهور وفسروه بأنه البعير قال بن مسعود هو الجمل بن الناقة وفي رواية زوج الناقة وقال الحسن البصري حتى يدخل البعير في خرق الإبرة وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة والعوفي عن بن عباس وقال مجاهد وعكرمة عن بن عباس أنه كان يقرؤها يلج الجمل في سم الخياط بضم الجيم وتشديد الميم يعني الحبل الغليظ في خرم الإبرة وهذا إختيار سعيد بن جبير وفي رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ).
وقال ابن جرير الطبري:
(قال أبو جعفر والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار وهو حتى يلج الجمل في سم الخياط بفتح الجيم والميم من الجمل وتخفيفها وفتح السين من السم لأنها القراءة المستفيضة في قراء الأمصار وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراء وكذلك ذلك في فتح السين في قوله سم الخياط
وإذ كان الصواب من القراءة ذلك فتأويل الكلام ولا يدخلون الجنة حتى يلج والولوج الدخول من قولهم ولج فلان الدار يلج ولوجا بمعنى دخل الجمل في سم الإبرة وهو ثقبها.)
وقال ابن الأنباري كما نقل عنه ابن الجوزي في زاد المسير:
(قال ابن الانباري فالجمل يحتمل أمرين يجوز أن يكون بمعنى الجمل ويجوز أن يكون بمعنى جملة من الجمال قيل في جمعها جمل كما قال حجرة وحجر وظلمة وظلم وكذلك من قرأ الجمل يسوغ له أن يقول الجمل بمعنى الجمل وأن يقول الجمل جمع جملة مثل بسرة وبسر وأصحاب هذه القراءات يقولون الحبل والحبال أشبه بالإبرة والخيوط من الجمال وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قرأ الجمل بضم الجيم والميم وبالتخفيف وهي قراءة الضحاك والجحدري وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء الجمل بفتح الجيم وبسكون الميم خفيفة).
وفي معاني القرآن للنحاس:
(وسئل عبد الله بن مسعود عن الجمل فقال هو زوج الناقة
كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعا.)(/)
في ظل آية [1]
ـ[أبوعبدالله المسلم]ــــــــ[02 Apr 2004, 10:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه خواطر إيمانية، وظلال روحانية، منقولة من بعض المواقع، أرجو أن تقرأها أخي الكريم بتأمل، وتقف معها بتفكر، عسى الله أن ينفعك بها، مع أنها لن تأخذ من وقتك الثمين إلا القليل.
يقول الله تعالى: " وماكان لمؤمنٍ ولامؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً "
هذه الآية من آيات البلاء والإمتحان والتمحيص، تضع المؤمن على المحك الحقيقي لإيمانه ليتميز الصادق من الدعي، والكيّس من العاجز ... يالها من آية عظيمة تكشف حقيقة الإيمان عندما يصطدم أمرالشرع مع هوى النفس وعندما يكون أمر الله ورسوله في كفة وحظوظ النفس وشهواتها في كفة.
كلنا نحب الإسلام ... وكلنا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وكلنا نطمع في رضوان الله وجنتة ... وكلنا يتمنى أن يكون مؤمناً صادق الإيمان. ولكن هل المسألة بالتمنى والإدعاء أم بالعمل والإخلاص، هل نريد الإيمان بلاعمل ونرجوه بلاثمن؟! ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة.
أخي الكريم: إنها أية تستحق منا التوقف عندها وتأمل كلماتها واستيعاب مدلولاتها ثم مقارنتها بالواقع الذي نحياه والنهج الذي نعيشه. إن هذه الآية تحمل معنى الإسلام ألا وهو الإستسلام لله والإنقياد له والخضوع له بالطاعة. فهو استسلام وانقياد وخضوع ولامجال فيه للإختيار بين قبول ورفض ولا بين أخذ ورد. إذا جاء أمر الله ورسوله في مسألة من المسائل فليس غير السمع والطاعة. لااعتبار وقتها لهوى النفس ولالعادات المجتمع ولا لأي اعتبار آخر، هذا هو معنى الإستسلام لله والإنقياد له أما إذا تخيرنا من شرع الله مايوافق أهواءنا ورغباتنا وعاداتنا وجئنا به على أنه دين خالص لله وفي نفس الوقت تركنا مايخالف أهواءنا وعاداتنا وتقاليدنا بحجج واهية وأعذار ملفقة فذلك هي الخيرة التي لم يرتضيها لنا ربنا سبحانه وتعالى بنص الآية الكريمة.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه تبارك وتعالى كما أمرنا بالصلاة والصيام والزكاة أمرنا بغض البصر وحفظ الفرج وصلاة الجماعة وطاعة الوالدين وصلة الأرحام وإرخاء اللحى وحجاب النساء ونهانا عن الغيبة والنميمة وأكل الربا والإسبال وأذى الجار وسماع الغناء وغيرها من الأوامر والنواهي مما لايخفى على مسلم ولامسلمة. فليقف أخي الكريم كل منا مع نفسة وقفة محاسبة في ساعة صدق مع النفس وليسأل نفسه: هل أنا ممن يأخذ من دين الله مايوافق هواه ويترك ماعدا ذلك؟ فمن وجد خيراً فليحمد الله وليسأله الثبات ومن وجد غير ذلك فليثب إلى رشده وليقصر نفسه على الحق قسراً. فالأمر جد لاهزل فيه وحق لامراء فيه. والموعد: يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والموعود: جنة نعيم أو عذاب مقيم. اللهم إنا نسألك عملاً صالحاً ونية صادقة وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً وعلماً نافعاً، اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل وحسن القصد والتوكل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وإلى اللقاء في وقفة قادمة مع آية اخرى من كتاب الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[راكان]ــــــــ[03 Apr 2004, 12:33 ص]ـ
وقفه رائده لمن القى السمع وهو شهيد
شكر الله لك واثابك خير(/)
برنامج منتقى لدراسة العلوم الشرعية
ـ[ abdul] ــــــــ[02 Apr 2004, 10:08 م]ـ
بسم اللة الرحمن الرحيم
سألنى احد زملائى ان اضع لة منهج لطلب العلوم الشرعية بأن اراعى فية الشمول لكل العلوم و الفنون الطلوبة وان اراعى انشغالة الوظيفى فأردت ان اجعلها نصيحة عامة مع الاشارة بأنى قرأت قبل ان اضع هذا المنهج ما يقرب من 15 منهج فأفادونى جليا فاردت ان اضيف اليهم هذا المجهود المتواضع ومن وجد خيرا فيدعوا لنا و للمسلمين و من جد غير ذلك
فليدعوا لنا بالمغفرة:
تنبيهات هامة:
1 - نصيحتى لمن اراد ان يبداء هذا البرنامج فعلية ان يلتزم بة لان كل كتاب لا يغنى عن الاخر فى فنة
2 - على طالب العلم عدم التخصص فى فن من الفنون الا بعد الانتهاء التام من جميع المراحل
3 - على طالب العلم التحلى باالصبر فهو مفتاح العلم و أعطاء كل مرحلة كفايتها من التحصيل و الاستذكار ولذلك لم اضع زمنا معينا للمنهج
4 - اذا اصطصعب طالب العلم شئ فعلية باالدعاء
5 - على طالب العلم ان يحافظ على حفظ القرأن فالقرأن لا يشبع منة العلماء
6 - على طالب العلم ان يتعلم تجويد القرأن على يد شيخ متقنع , وما اكثر مراكز تجويد القرأن
وان عجز طالب العلم فى الذهاب الى مركز لتجويد القرأن – و اكرر ان عجز- فعلية ان يقتنى مجموعة الاستذ احمد عامر فهى ممتازة جدا (20 شريط)
المرحلة الاولى
(مرحلة البدء)
العقيدة
1 - شرح كشف الشبهات – للشيخ العلامة ابن عثيمين
2 - شرح الاصول الثلاثة- للشيخ العلامة ابن عثيمين
3 - القواعد المثلى فى صفات واسماء اللة الحسنى- للشيخ العلامة ابن عثيمين
4 - شرح الواسطية- للشيخ العلامة ابن عثيمين
5 - تقريب التدمرية- للشيخ العلامة ابن عثيمين
6 - فتح رب البرية بتلخيص الحموية- للشيخ العلامة ابن عثيمين
7 - فتح المجيد شرح كتاب التوحيد-لعبد الرحمن آل الشيخ
التفسير
1 - تفسير السعدى (المسمى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان) مطبوع فى مجلد واحد
احاديث الاحكام
1 - تيسير العلام شرح عمدة الاحكام – لعبداللة آل بسام
الفقة
1 - الملخص الفقهى – للفوزان
2 - الروضة الندية شرح الدرر البهية- لحسن صديق خان
النحو
1 - التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية-لمحمد محى الدين عبد الحميد
السيرة
1 - الرحيق المختوم- للمبركرفورى
الرقائق
1 - رياض الصالحين- للنووى
أداب طالب العلم
1 - ثقافة الداعية- يوسف القرضاوى
2 - حلية طالب العلم- شرح الشيخ العلامة ابن عثيمين
الحديث
1 - اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق علية الشيخان- لمحمد فؤاد عبد الباقى
اصول الفقة
1 - شرح اصول من علم الاصول – عن طريق سماع الاشرطة المسجلة للشيخ العلامة ابن عثيمين – او الشرح الفرغ
او شرح الورقات – للفوزان
او الواضح فى اصول الفقة – للشيخ عمر الاشقر
2 - القواعد و الاصول الجامعة – للسعدى
اصول التفسير
1 - اصول فى التفسير- للشيخ العلامة ابن عثيمين
2 - شرح مقدمة ابن تيمية فى التفسير-للشيخ العلامة ابن عثيمين
3 - القواعد الحسان فى تفسير آى القرآن- للشيخ السعدى
مصطلح الحديث
1 - مصطلح الحديث - للشيخ العلامة ابن عثيمين – حفظ التعريفات حفظا تاما
ويمكن الاستفادة من شر النظومة البيقونية من خلال سماع الاشرطة المسجل عليها شرح الشيخ العلامة ابن عثيمين
التاريخ
1 - قصص الانبياء- لابن كثير
المرحلة الثانية
(مرحلة النضج)
العقيدة
1 - سلسلة عمر الاشقر فى العقيدة 1 - 7
2 - شرح الطحاوية- لابن ابى العز الحنفى – تحقيق التركى و الارنؤوط
التفسير
1 - تفسير ابن كثير – تحقيق ابراهيم البنا او تحقيق مصطفى السلامة- و ظهر تحقيق تعاون فية مجموعة من العلماء فى 7 مجلدات وهو جيد
احاديث الاحكام
1 - سبل السلام شرح بلوغ المرام – للامير الصنعانى
الفقة
1 - الشرح الممتع على زاد المستقنع- للشيخ العلامة ابن عثيمين (اقتنى الطبعات الجديدة)
النحو
1 - القواعد الاساسية للغة العربية – للسيد احمد الهاشمى
السيرة
1 - زاد المعاد- لابن القيم
الرقائق
1 - تهذيب موعظة المؤمنين من احياء علوم الدين – لجمال الدين المقدسى
اصول التفسير
1 - مباحث فى علوم القرآن – لمناع القطان
مصطلح الحديث
1 - تيسير مصطلح الحديث – محمود الطحان
2 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر- لابن حجر
3 - كيف نتعامل مع السنة – ليوسف القرضاوى
التاريخ
1 - المقدمة لابن خلدون المغربى
2 - تاريخ الحلفاء – للسيوطى
(يُتْبَعُ)
(/)
الدعوة
1 - هداية المرشدين – لعلى محفوظ
فرائض
1 - تسهيل الفرائض - للشيخ العلامة ابن عثيمين
الاداب الشرعية
1 - الاداب الشرعية و المنح المرعية – لابن مفلح المقدسى
الحديث
1 - جامع العلوم و الحكم – لابن رجب
2 - صحيح البخارى
3 - صحيح مسلم
اصول الفقة
1 - امتاع العقول - لعبد القادر شيبة الحمد
2 - مذكرة فى اصول الفقة – لمحمد امين الشنقيطى
المرحلة الثالثة
(مرحلة بداية الاجتهاد و نهاية الاقتصاد)
العقيدة
1 - معارج القبول –احمد الحكمى
2 - العلو للعلى الغفار- للذهبى
3 - حجة اللة البالغة – للدهلوى
التفسير
1 - اضواء البيان- للشنقيطى
2 - تفسير ايات الاحكام - للسايس
احاديث الاحكام
1 - نيل الاوطار – للشوكانى
الحديث
السنن الاربع (النسائى – الترمذى – ابو داود – ابن ماجة) – و لا غنى عن الاستفادة بمجهودات الالبانى فى صحيح و ضعيف السنن
الفقة
الكافى – لابن قدامة
فقة مقارن
1 - بداية المجتهد و نهاية المقتصد – لابن رشد القرطبى
فقة (ترجيح احكام)
1 - السيل المتدفق على حدائق الازهار – للشوكانى
اصول التفسير
1 - اصول التفسير جمعا و دراسة – لخالد السبت
اصول الفقة
1 - روضة الناظر – لابن قدامة
السيرة
1 - فقة السيرة – لمنير الغضبان
2 - السيرة النبوية – لابن هشام
الرقائق
1 - موارد الظمأن لدروس هذا الزمان- لعبد العزيز السلمانى
الفرائض
1 - الرائد فى علم الفرائض – لمحمد عيد الخضراوى
مصطلح الحديث
1 - تدريب الراوى – للسيوطى
النحو
1 - شرح الفية ابن مالك – لابن عقيل
المرحلة الرابعة
(مرحلة الاحتراف)
العقيدة
1 - الاجوبة المرضية على تقريب التدمرية- لبلال طبرى
2 - ءايثار الحق على الخلق – لابن الوزير اليمانى
3 - الصواعق المرسلة على الجهمية و المعطلة – لابن القيم
4 - الموسوعة الميسرة فى الاديان و الذاهب المعاصرة – الندوة العالمية للشباب
التفسير
1 - تفسير القرطبى
الحديث
فتح البارى – لابن حجر
قال الشوكانى لا هجرة بعد الفتح
فقة مقارن
1 - المغنى – لابن قدامة
2 - المجموع شرح المهذب – للنووى
قال الامام المفتى ابن الباز مفتى المملكة السعودية رحمة اللة من اتى على الغنى و المجموع فقد تصدر للافتاء
3 - المحلى - لابن حزم الظاهرى
النحو
1 - اوضح المسالك لالفية ابن مالك – لابن هشام الانصارى
الرقائق
احياء علوم الدين – للغزالى
اصول الفقة
1 - ارشاد الفحول لتحقيق الحق من علم الاصول – للشوكانى
2 - اعلام الوقعين – لابن القيم
اصول التفسير
1 - دفع ايهام الاضطراب عن آيات الكتاب – للشنقيطى
2 - الاتقان – للسيوطى
مصطلح الحديث
1 - النكت على كتاب بن صلاح – لابن حجر
2 - اصول التخريج و دراسة الاسانيد – لمحمود الطحان
التاريخ
1 - البداية و النهاية – لابن كثير
الدعوة
فقة الدعوة الى اللة وفقة النصح و الارشاد – لعبد الرحمن حنبكة
الفرائض
كشف الغوامض من احكام علم الفرائض – لبلال طبرى
اداب
1 - عيون الاخبار – لابن قتيبة
2 - معالم القربة من احكام الحسبة
3 - الكنز الاكبر من الامر بالمعروف و النهى عن المنكر – للدمشقى الصالحى
القواعد الفقهية
1 - شرح القواعد الفقهية – للزرقاء
2 - الاشباة و النظائر – للسيوطى
البلاغة
1 - البلاغة الواضحة – لعلى الجارم و مصطفى امين
اداب الفتوى
1 - صفة الفتوى والمفتى و الستفتى – لابن حمدان الحنبلى
مناقب
1 - سير اعلام النبلاء – للذهبى
اداب البحث و الناظرة
1 - اداب البحث و الناظرة – للشنقيطى
---------------------------------------------------------------------------
ارشادات هامةللشيخ عائد القرنى
? كيف تفهم كتاباً مُطولاً:
بعض كتب العلم طويلة مسهبة كتفسير ابن كثير وفتح الباري والمغني وغيرها، وطالب العلم إذا أراد فهم هذه المُطولات فأمامه طُرق:
منها أن يُكرر الكتب كل كتاب ثلاث أو أربع مرات.
ومنها أن يقرأها واحدة متأنية معه مذكرات أو دفتر يُسجل الشوارد والفوائد والنكات العلمية وما يصعب عليه ليُراجع أهل العلم.
ومنها أن يقرأ مع زميل على فترة طويلة مع المُناقشة والمساءلة.
? أنفق يا طالب العلم يُنفق عليك:
وصيتي لنفسي وإخواني طلبة العلم بالإنفاق من العلم وتعليم الناس بالخطابة بالدروس بالندوات بالمحاضرات العامة بالكتابة ولا يحجم طالب العلم عن إفادة المسلمين فيضيع علمه ويُبادر الموت وما قدم شيئاً.
? كتاب إحياء علوم الدين:
(يُتْبَعُ)
(/)
احذر من كتاب إحياء علوم الدين في ثلاث مسائل واستفد منه:
المسألة الأولى: الرجل ليس مُحدثاً وقد جمع الموضوعات في كتابه فأوعى.
المسألة الثانية: عقيدة الرجل أشعرية على منهج أهل الكلام ومناهج الفلسفة.
المسألة الثالثة: الغزالي مُعجب بالصوفية أيما عجب، وقد ساق لهم خزعبلات ومدلهمات فانتبه له واجعل المعيار الكتاب والسنة.
? من أمراض طلبة العلم:
ثلاثة أمراض تكثر في طلبة العلم ومن أصابه منها مرض فقد هوى على وجهه نسأل الله العافية والسلامة.
المرض الأول: الرياء في طلب العلم والوعظ والدعوة والتصدر، وعلاجه الصدق والإخلاص.
المرض الثاني: الحسد وما أكثره في طلبة العلم وهو من كبائر الذنوب، وعلاجه الإيمان بالقضاء والقدر والاستعاذة وتذكر فضل الله تعالى.
المرض الثالث: الكبر وهو طاغوت القلوب وفرعون الأرواح ونمرود المتعلمين جزاء صاحبه الحقارة والصغارة والخزي في الدنيا والآخرة التواضع ومعرفة النفس.
? أحسن كتاب في السيرة:
ما رأيت أحسن ولا أروع من كتاب زاد المعاد لابن القيم فما أفيَدَه وما أعذبه وما ألذه خاصة المحقق المنتشر ولو طالع معه دلائل النبوة للبيهقي لكان حسناً.
? لا يخلو كتاب من فائدة:
هذه الجملة لابن الجوزي في صيد الخاطر وهي من أحسن الجُمل فلا تحتقر أي كتاب لمسلم، فإنك قد تجد الدر بين القش، وكم من مسألة محققة منقحة قي كُتيّب لا تظفر بها في مجلدات.
? أصول كتب الأحكام:
ذكر الذهبي في ترجمة ابن حزم أربعة كتب هي بحق أصول كتب الأحكام وهي:
المغني لابن قدامة، وسنن البيهقي، والتمهيد لابن عبدالبر، والمُحلّى لابن حزم. قلت: وخامسها فتاوى ابن تيمية رحمه الله تعالى. فعليك بمراجعتها يا طالب العلم دائماً وليت عندك صبر وجلد لتقرأها جميعاً ولو مرةً واحدة.
? القراءة المبعثرة:
القراءة المبعثرة تُخرج مثقفاً ولا تُخرج عالماً وهي قراءة التهويس في كل كتاب بلا ضابط فيحفظ القارئ جُملاً من كل مكان لا يربطها رابط وهذه القراءة ليست هي المطلوبة المنتجة.
? طالب العلم المتأنق:
الإسلام لا يعترف بالدروشة فهو دين روعة وجمال ولماذا يتدروش بعض الناس في لباسهم يقبلون الغتر ويرتدون الثياب المتسخة ويهملون النظافة والأناقة وحسن الهندام.
علبة الصابون بريال واحد، وكي الثوب بريالين والسواك بريال فلماذا نذهب إلى سيرة بعض الزهاد ونترك سيرة محمد عليه الصلاة والسلام.
? بشاشة طالب العلم:
طالب العلم بشوش طلق المُحيا، بادي الثنايا، يكاد يذوب رقة وخُلقاً أما الفضاضة والغلظة فمن أخلاق جفاة الأعراب وجنود البربر: [فبما رحمت من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظاً القلب لا نفضوا من حولك].
? إلى الذين ينتقصون الدراسة المنهجية:
سمعت شباباً لا يرضون بالدراسة المنهجية بحجة أنها قليلة البركة ضحلة العطاء مضيعة للوقت فطالعنا الواقع فوجدنا أذكياء الطلاب وأبطال الساحة وفرسان الميدان جلهم أو كلهم من أبناء الدراسة المنهجية وأهل الاطلاع إذن ليس بصحيح ما قال أولئك، والجمع بين الدراسة والتحصيل الشخصي من أحسن ما يكون.
? نظرة في كتاب المُحلى لابن حزم:
سمعت من يُحذّر طلبة العلم من القراءة في المحلى لابن حزم فحملت هذا التحذير على أحد سببين:
الأول: أن هذا المحذِّر مُقلّد تشبع بالتقليد لا يرى الخروج على المذهب طرفة عين وابن حزم في نظره عدو لهذا النهج أو لأن هذا المحذر ما قرأ المحلى وما مرَّ عليه.
صحيح أن المحلى فيه أمور لا يُوافق عليها كفيه القياس والتأويل في الصفات والنقد المرير للعلماء وبعض المسائل لكن أين الكنوز التي فيه من علم أصيل وتأصيل ودليل ونقل عجيب فاستفد يا طالب العلم منه ولا تسمع للمثبط.
? من أحسن كتب التفسير:
طفت في كثير من كتب التفسير فما رأيت مثل تفسيرين: تفسير ابن كثير وتفسير القرطبي وثالثها تفسير الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي، أما تفسير ابن جرير الطبري فطويل ولُبّه عند ابن كثير وأما فتح القدير فغالبه نحو وصرف وفيه فوائد وأما الخازن ففيه بدع ومخالفات وأما الرازي فطويل يسرح في أودية ويأتي بأوابد وزاد المسير من أجمع الكتب لأقوال المفسرين ولكن أين الأحاديث النبوية في التفسير.
? التصحيح والتضعيف أمر اجتهادي:
لا يلزم قول أحد في تصحيح حديث أو تضعيفه إذا خالفه إمام مثله إلا بمُرجحات وبعض الطلبة يُلزمون بعضهم بتصحيح أو تضعيف لأحد العلماء قد خالفهم قوم فلماذا يؤخذ بقول هذا ويُطرح قول ذلك.
• في الختام أزجي لك تحياتي يا طالب العلم ودعائي لك بالتوفيق ولعلك تدعو لي معك بالهداية والثبات، أسأل الله تعالى أن يفغر لي ولك وأن يشرح صدري وصدرك للإسلام وسلام عليك ورحمة الله وبركاته وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وإلى لقاء.
• اخوكم عبدالله البربرى
ـ[ abdul] ــــــــ[02 Apr 2004, 11:29 م]ـ
ارجو من لدية تعقيب على البرنامج ان يفيدنا بة و لة جزيل الشكر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[07 Apr 2004, 09:35 ص]ـ
جزاك الله خيراً على الكتابة ولكن أنبه على ان الواضح في أصول الفقه هو لمحمد الأشقر وليس لعمر وفقك الله لما تحب وترضاه.(/)
بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت القاف العربية اللسانية
ـ[فرغلي عرباوي]ــــــــ[03 Apr 2004, 04:10 ص]ـ
1. التعريف بمخرج صوت القاف العربية اللسانية
2. التعريف بصفات صوت القاف العربية اللسانية
3. ذكر الأخطاء في التلفظ بصوت القاف اللسانية
التعريف بمخرج صوت القاف العربية اللسانية
*****************
صوت القاف العربية اللسانية يتولد عندما يقرع أقصى اللسان ما يحاذيه من الحنك الأعلى اللحمي , فعندما يصطدم أقصى اللسان بالحنك الأعلى الرخو يغلق المخرج تماما ولا يجري مع القاف ذرة صوت بسبب أن القاف العربية اللسانية شديدة بحبس الصوت معها والعرب في وقت نزول القرآن كانوا ينطقون بالقاف مجهورة بحبس هواء النفس معها وقد أخطأ من قرأ القرآن في وقتنا المعاصر بجريان هواء الزفير مع القاف وأخص بذلك أهل مصر لأن علماء الأصوات المعاصرين أثبتوا أن المصريين ينطقون بالقاف مهموسة والقاف حرف لهوي نسبة إلى اللهاة التي تقع بين اللوزتين , وإني لأرجو من جميع العرب المعاصرين أن يحذروا من قراءة القرآن باللهجة العامية الدارجة عندهم وعليهم بالتلقي من الشيوخ المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك عليهم من تحذير غيرهم في ذلك مع مطالبة أنفسهم بدقائق الإخلاص لله تعالى.
التعريف بصفات صوت القاف العربية اللسانية
*********************
ينشأ صوت القاف العربية اللسانية من المخرج الأول من مخارج اللسان وهو أقصاه بعد اللهاة وهو حرف مجهور بحبس جريان هواء النفس معه , وحرف شديد بحبس الصوت معه وحرف مستعل ترتفع مؤخرة اللسان به إلى قبة الحنك الأعلى وحرف منفتح لأنَّ اللسان ينفتحُ ما بينه وبين الحنك الأعلى ليخرج هواء الصوت عند النُّطْقِ به وحرف مقلقل يهتز ويضطرب عضو المخرج عند النطق به وهو ساكن وقد أخطأ من قال بأن المتحرك فيه أصل القلقلة وحرف مفخم أي سِمَنٌ يدخل على صوت الحرف فيمتلئ الفمُ بصداه وحرف قوي لأن أغلب صفاته قوية ما عدا صفة الانفتاح.
ذكر الأخطاء في التلفظ بصوت القاف اللسانية
********************
صوت القاف العربية اللسانية هذا الحرف يخطئ الناس في النطق به عند تلاوتهم لكتاب ربهم من عدة وجوه:
1. ترقيقه حتى يذهب ما فيه من الجهر والشدة والاستعلاء نحو) قَلِيلاً) (النساء: من الآية46)) وَقَدِمْنَا) (الفرقان: من الآية23)) وَقُولُوا) (العنكبوت: من الآية46)) قِيلاً) (الواقعة: من الآية26) , فاحذر أخي القارئ من ذلك وفخم القاف مبينا ما فيها من الاستعلاء والشدة والجهر وإياك أن تخرجها قريبة من الكاف بسبب قرب المخرجين ويفعله الكثيرين جهلا منهم أو تهاونا ولو حذرت أحدهم لقال لك لا داعي للتعسف والتكلف في القراءة فأتركهم وأقول لهم سلاما. قال بن الجزري رحمه الله في التمهيد: فخمهما تفخيما مبالغا فيه ولا سيما إن أتى بعدها ألف نحو) قَالَ) (الشعراء: من الآية75)) ْ قَامُوا) (الكهف: من الآية14).
****************************
2. وإذا وقعت الكاف اللسانية بعدها احترز أن يشوب صوت القاف شيئا من صوت الكاف لقرب الكاف اللسانية منها أو يشوب الكاف اللسانية شئ من لفظ صوت القاف نحو) خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (الزمر: من الآية62)) كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ) (الشعراء: من الآية63)) خَلَقَكُمْ) (لأعراف: من الآية189)) رَزَقَكُمُ) (يّس: من الآية47)) صَدَقَكُمُ) (آل عمران: من الآية152)) وَتَرَكُوكَ قَائِماً) (الجمعة: من الآية11)) ْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) (الزمر: من الآية8) فعليك يا أيها القارئ أن تحترز من هذا وذاك وعليك كذلك أن تنبه عليه غيرك مع مطالبة نفسك بتقوى الله تعالى.
*****************************
3. قال ابن الجزري رحمه الله في التمهيد: إذا سكنت – أي القاف – وكان سكونها لازما أو عارضا فلا بد من بيان قلقلتها وإظهار شدتها وإلا مازجت الكاف نحو) يَقْتُلُونِ) (القصص: من الآية33)) وَأَقْسَمُوا) (النور: من الآية53)) لا تَقْنَطُوا) (الزمر: من الآية53)) وَاقْصِدْ) (لقمان: من الآية19) ونحو ذلك ألا ترى أنه لو لم تبين قلقلتها في مثل) يُقْتَلُ) (البقرة: من الآية154) صارة مثل (يكتل) وكذا) تَقْفُ) (الاسراء: من الآية36) مثل (تكف) .... اهـ إذاً قرر ابن الجزري رحمه الله تعالى أن القلقلة في القاف حال سكونها سواء
(يُتْبَعُ)
(/)
كان السكون لازما أو عارضا بسبب عروض الوقف وقد أخطأ من صنف في التجويد من بعض المعاصرين من قوله أن حروف القلقلة المتحركة فيها أصل القلقلة فلا أدري من أين جاءوا بهذه الإضافة ولكن هذه عادة بعض المصنفين المعاصرين ينقل بعضهم من بعض من غير تدقيق اوتذوق للتجويد وقواعده ولو عدنا لعصر الاحتجاج ونسأل أهل هذا العصر متى تقلقل حروف القلقلة لأجابوك بالآتي: ((وَبَيِّنَنْ مُقَلْقَلاً إِنْ سَكَنَا*******وَإِنْ يَكُنْ فِى الْوَقْفِ كَانَ أَبْيَنَا)) هذا جوابهم ثتبت القلقلة حال سكون الحرف لا حال حركته وأسأل علماء التجويد المعاصرين وأخص منهم من قال أن حروف القلقلة المتحركة فيها أصل القلقلة هل عندكم من علم فتخرجوه لنا في ذلك من كلام المتقدمين أمثال الداني وبن الجزري ومكي و جيلهم؟ فإلم يكن عندكم جواب فأنصحهم لوجه الله أن يتعلموا من هؤلاء المتقدمين أولا ثم بعد ذلك يتكلموا في علوم التجويد.
***************************
4. على القارئ أن يحذر من إدغام القاف إذا تكررت لسهولة الإدغام على اللسان من التحقيق والواجب على القارئ أن يخرجها من مخرجها ويوفها حقها من جميع الصفات وأن يعتن ببيانها إذا تكررت ويبالغ في تفخيمها نحو) حَقَّ قَدْرِهِ) (الحج: من الآية74)) أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ) (لأعراف: من الآية143)) الْحَقُّ قَالُوا هَذَا) (الزخرف: من الآية30)) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ) (النساء: من الآية115)) وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَه) (لأنفال: من الآية13)) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ) (الفرقان: من الآية25)) كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً) (الجن: من الآية11).
****************************
5. وهذا الحرف يقع عليه الظلم في وقتنا المعاصر من بعض القراء وينادي ويستغيث هل من متقن يتلفظ بي؟ ولكن قليل ماهم وقليل من يجيب حيث أن البعض يقلبونه كافا ولا سيما إذّا جاء مكسورا نحو) الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة: من الآية6)) الْمُتَّقِينَ) (المائدة: من الآية27)) قِيلاً) (المزمل: من الآية6)) مُشْرِقِينَ) (الحجر: من الآية73)) قِدَداً) (الجن: من الآية11)) ً مُسْتَقِيماً) (الفتح: من الآية2)) مُقِيتاً) (النساء: من الآية85) وآخرون بنقيض ذلك يبالغون في تفخيم صوت القاف المكسورة فيخرج صوتها بكيفية شاذة تمجها الأسماع لأن الأذن تحب الأصوات المعتدلة الموزونة نحو) قِيلَ) (البقرة: من الآية11)) وَأَقِيمُوا) (لأعراف: من الآية29) ولكي تعرف أخي القارئ هل أنت تقرأ بكسرة صحيحة للقاف أم لا؟ أطل صوت القاف المكسورة فإن تولد منها ياء عربية فصيحة فأنت تنطق بقاف مكسورة صحيحة وإن أطلت صوت القاف المكسورة فتولد منها ياء وفي صوتها إمالة فأنت تلفظ بكسرة غير صحيحة فما عليك إلا التلقي من الشيوخ المتصل سندهم بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وحسبك ذلك.
***********************
6. ذكر علماء الأصوات أن بعض مناطق الجزيرة العربية واليمن وأغلب صعيد مصر يبدلون صوت القاف العربية بصوت الجيم القاهرية نحو (قال يقول) فيقولون (جال يجول) فهؤلاء العرب ومن على شاكلتهم من المعاصرين يخشى عليهم أن يقرءوا القرآن بهذا الصوت العامي ولو وقع منهم ذلك لحذف حرف وأبدل بآخر وذلك عين اللحن الجلي المنهي عنه لتغييره الصوت القرآني المنقول إلينا بالتواتر نحو) الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة: من الآية6) فالبعض يقلبها خطأ وجهلا منه هكذا (المستجيم) وقد سمعت ذلك من بعض البدو في بعض مساجد المملكة أثناء تدريسي للقرآن بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فاحذر من هذا الخلط أخي القارئ وأخرج القاف بصوت عربي فصيح هداني الله وإياك لما يحب ويرضى.
************************
(يُتْبَعُ)
(/)
7. عند دراستي لعلم الأصوات الحديثة الذي يدرس حاليا بكليات اللغة العربية في جميع جامعات العالم ذكر علماء الأصوات أن حروف الهمس عندهم 12 حرفا وأضافوا حرفا القاف والطاء ولو طبقنا هذا الكلام على القرآن لتحول صوت القاف من صفة الجهر القوية إلى صفة الهمس الضعيفة والحق أن علماء الأصوات صنفوا القاف من الأصوات المهموسة حسب نطق بعض العرب المعاصرين لهذا الحرف مهموسا وخاصا عند أهل مصر المحروسة فالقاف عندهم في لهجتهم العامية يلفظون بها بجريان النفس معها ومنهم من يقرأ القرآن بقاف مهموسة يجري معها هواء النفس ولا يسلم من ذلك إلا ما رحم ربك من المتقنين جدا وقد حذرت كثيرا من القراء في ذلك ولكن اللهجة الدارجة غلبت عليهم ولكن علماء اللغة والتجويد في عصر الاحتجاج أثبتوا أن العرب في وقت نزول القرآن كانوا ينطقوا بالقاف والطاء مجهورتين ولا نفس معهما البتة لأن العبرة عندنا في الدراسات القرآنية كيف كانت تنطق العرب بالحروف وقت نزول القرآن أما بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخاصة في عصر الخلفاء فقد اختلط العرب بغيرهم فبدأ الصوت العربي يتغير واللحن يدب على اللسان العربي ففزع أبو الأسود الدؤلي وقعّد علم النحو والصرف خدمة لكلام رب العالمين.
***********************
8. يوجد من البعض أهملا فادحا لهيئة الشفتين عند تلفظهم بالأحرف المضمومة فتجد القارئ من هؤلاء شفتاه على هيئة واحد عند الحروف المتباينة من فتح وكسر وضم وسكون والواجب أن يمط القارئ شفتاه للأمام مع الحرف المضموم والبعض من جهلة القراء المتساهلين يضم الشفتين عند القاف الساكنة تباعا لضم الحرف الذي قبلها نحو) مُتَفَرِّقُونَ) (يوسف: من الآية39) ومط الشفتين للأمام عند التلفظ بالحروف المضمومة هذا الأمر يجد القارئ المعاصر فيه كلفة ويثقل عليه ولكن أنصحه أن يتدرب على يد شيخ متقن مجاز متصل السند بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في كيفية تعويد الشفتين على هيئة أشكال الحروف من ضم وكسر وفتح فإلم تجد فارجع لبحثي (أصوات الشفتين) لعله يفيدك فقد فصلت فيه القول في ذلك وهو موجود حاليا على أغلب المواقع القرآنية وأخص منهم موقع البحوث والدراسات القرآنية.
***********************
9. هناك بعض القراء ممن يدعون الإتقان في تجويدهم للحروف القرآنية يقعون في خطأ فادح حيث أنهم عند تلفظهم للقاف المفتوحة أو المفتوحة بعدها ألف يمطون شفتهم للأمام وهذا المط للشفتين فيه إشارة للضم فيخرج صوت القاف مشوب مخلوط بصوت الضم نحو) قَالَ) (طه: من الآية71)) قَامُوا) (الكهف: من الآية14)) الْقَانِتِينَ) (التحريم: من الآية12)) الْقَادِرُ) (الأنعام: من الآية65)) الْقَهَّارُ) (صّ: من الآية65) ولكن الصواب أن يفتح القارئ شفتيه عند التلفظ بالمفتوح ليسلم من هذا الخلط في صوت القاف وغيرها من الحروف المفتوحة , رزقني الله وإياكم التلفظ بالقاف وغيرها من حروف لفظ التلاوة على النحو على يرضيه عنا.
************************
10. في القاف المشددة وصلا لا يوجد قلقلة في صوت القاف بسبب الإدغام أما وقفا فالقلقلة للحرف الثاني الموقوف عليه من المشدد نحو) يُشَاقّ) (الحشر: من الآية4)) الْحَقُّ) (البقرة: من الآية26).
***********************
11. في القاف إن سكنت قبل الكاف مذهبان: الأول الإدغام الناقص مع إظهار صوت القاف من تفخيم واستعلاء والثاني: الإدغام الكامل فتصير كافا واحدة مشددة قال ابن الجزري وكلاهما حسن واختيار الثاني.
*************************
ملحوظة: لمعرفة الخطأ من الصواب في هذا البحث هناك أمثلة تحتاج لنقل صوتي ليتميز الصواب من الخطأ
و انتظر قريبا: على نفس الموقع (بحث في التنبيه على الأخطاء في التلفظ بصوت الكاف العربية اللسانية)
لنفس الباحث وكذلك جميع الأحرف وفي نهاية هذا البحث أرجو من الله تعالى أن يجعله خالصا لوجه وخدمة لكتاب وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن , آمين , ..... والله من وراء القصد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2004, 10:09 م]ـ
شكر الله لكم فضيلة الشيخ فرغلي هذه البحوث والتنقيحات التي انتفعنا ولازلنا منها، فبارك الله فيكم وفي علمكم.
ـ[کوثر]ــــــــ[26 Mar 2006, 06:31 م]ـ
السلام عليكم
والشكر الجزيل لهذه المعلومات الجيدة
و هذا من قولك الذي ذكرت:
"والبعض من جهلة القراء المتساهلين يضم الشفتين عند القاف الساكنة تباعا لضم الحرف الذي قبلها نحو) مُتَفَرِّقُونَ) (يوسف: من الآية39) "
فبظني أنك قصدت في المثال نحو (لا اُقْسم) [البلد: من الآية 1]
وفقكم الله في إخلاصكم(/)
ما وجه التغاير في العطف الموجود ب (ولولا كلمة ٌ سبقت من ربك لكان لزاما و أجلٌ مسمى)؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[03 Apr 2004, 07:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت للكثير من أهل التفسير _ نور الله دنياهم وأخراهم _ عند قوله سبحانه:
( .. ولولا كلمة ٌ سبقت من ربك لكان لزاما وأجلٌ مسمى .. )
فرأيتُ تعاريفهم للـ " كلمة" كلها تدور حول تأخير الحساب
وأن تلك الـ " كلمة " معطوفة على الأجل
ومن باب تسهيل السؤال تصبح الآية بهذا الشكل
( .. ولولا كلمة ٌ سبقت من ربك (و) أجلٌ مسمى لكان لزاما .. )
فقلت في نفسي:
بما أن التعاطف يقتضي التغاير_ على الصحيح من أقوال أهل العلم _
فهل حصل تغاير في المعنى بين الـ "كلمة" والـ "الأجل المسمى"
؟ فإن حصل فكيف ذلك؟
أفيدوني بارك الله فيكم
ـ[أخوكم]ــــــــ[07 Mar 2005, 07:01 ص]ـ
أخبرتني زوجتي أن وجه التغاير ربما يكون كالتالي:
الكلمة هي تأخير العذاب، بينما الأجل المسمى أن للعذاب وقت معين، فليس التأخير غير محدود
ومما يؤيد ذلك أن هذا هو ظاهر الآية ..
نسأل الله العظيم أن يجيرنا من عذابه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Mar 2005, 08:05 ص]ـ
لعل الكلمة هي ما عبر عنها الرازي بقوله: (لا شبهة أن الكلمة إخبار الله تعالى ملائكته، وكتبُه في اللوح المحفوظ أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كذبوا يؤخرون ولا يفعل بهم ما فعل بغيرهم من الاستئصال) انتهى.
وأما الأجل المسمى فالأقرب أنه عذاب الآخرة، والمعنى: ولولا أجل مسمى في الآخرة لذلك العذاب.
والله أعلم
ـ[أبو زينب]ــــــــ[07 Mar 2005, 08:50 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ذهب الشيخ زكرياء الأنصاري في كتابه " فتح الرحمن شرح ما يلتبس من القرآن " إلى أن الكلمة قوله تعالى في الحديث القدسي " سبقت رحمتي غضبي " أو قوله تعالى " و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم " (الأنفال 33) أو قوله تعالى " و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (الأنبياء 107).
والمراد بالأجل حسب ابن عاشور: ما سيُكشف لهم من حلول العذاب: إما في الدنيا بأن حل برجال منهم وهو عذاب البطشة الكبرى يومَ بدر؛ وإما في الآخرة وهو ما سيحل بمن ماتوا كفّاراً منهم. وفي معناه قوله تعالى: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً} [الفرقان: 77].
مع ملاحظة أنه يجوز عطف {وَأَجَلٍِِ} على ضمير {لَكَانَ} المستتر أي لكان الأخذ العاجل و الأجل المسمى لازمين لهم.
و الله أعلم(/)
تفسير القرآن العظيم للشيخ محمد أماني مولوي
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[03 Apr 2004, 11:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
هذه نبذة بسيطة عن تفسير الشيخ أماني رحمه الله .... الشيخ كان من علماء مليبار، سلفي العقيدة، بنى تفسيره على المنهج السلفي السليم، فلا يبدي رأياً يخالف العقيدة ولا المنهج السلفي. تفسيره طبع في الهند بمليبار أكثر من مرة. وهيعتبر مرجع السلفيين في التفسير بمليبار. ويتميز تفسيره بعدة أمور:
1 - صفاء العقيدة، وسلامة المنهج.
2 - ترجمة المفردات القرآنية.
3 - نقول مفيدة عن أئئمة التفسير.
4 - الاستدلال بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية الصحيحة.
هذا وأسأل االله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ـ[جليبيب]ــــــــ[06 Apr 2004, 12:07 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[09 Jul 2005, 12:22 م]ـ
هل التفسير مطبوع؟(/)
النسخ في القرآن - رأي آخر
ـ[الخطيب]ــــــــ[03 Apr 2004, 02:53 م]ـ
يعتبر موضوع النسخ من أخطر الموضوعات المطروحة في فكرنا الإسلامي، بل إننا نكاد نجزم بأنه أخطرها على الإطلاق حيث رفضته بعض الطوائف ولم تستوعبه بعضها، وهو اتجاه في يتجدد الان أو قل يتمدد.
أقسام النسخ في القرآن:
يتحدث العلماء عن النسخ في القرآن ويقسمونه أقساما ثلاثة
1. نسخ الحكم دون التلاوة وهو الأصل الذي لا خلاف حوله إلا من قبل من لا يقرون النسخ أصلا ويمزجون بينه وبين البَداء وعلى النقيض رأينا كثيرين يسرفون في القول به ويعمدون إلى كل ما توهموه متعارضا من كل وجه فيسقطون عليه الحكم بالنسخ حتى ألفينا كتبا طوالا عراضا حملت اسم " الناسخ والمنسوخ " فوهموا في ذلك وأوهموا ولو أمعنوا النظر في أكثر ما أوردوه لما جعلوه في باب النسخ وكم كان السيوطي حصيفا في قوله – في الإتقان -: وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهوعلى الحقيقة قليل جدًا وإن أكثر الناس من تعديد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه.أ. هـ
وقد حصر السيوطي مواضع النسخ في القرآن في بضعة عشر موضعا وبالنسبة لنا فيها نظر أيضا، فمن أين جاءت هذه الكتب الكاملة في الناسخ والمنسوخ بمواضعها؟
لست أدري!!!!
لكن مما لا يغيب عن وعينا أن الحكم بالنسخ وعدمه في أكثر مواضع النسخ المطروحة هو محض اجتهاد ولذا نجد كثيرا من المواضع التي قال فيها البعض بالنسخ يلجأ البعض الآخرفيها إلى النفي لماذا؟
لأن النسخ في جوهره ما هو إلا ورود دليلين متعارضين من كل وجه لا يستطيع الفقيه التوفيق بينهما بأي وجه من الوجوه فيلجأ إلى القول بالنسخ بأن يحكم بأن المتأخر من الدليلين ناسخ للمتقدم.
وهنا تتفاوت الرؤى فبينما يبدو لفقيه أن التعارض التام حاصل بين الدليلين يبدو لغيره أن التوفيق بينهما ممكن بحيث يعمل الدليلان معا في آن.
ولنضرب مثالا لذلك حتى يكون الأمر بينا واضحا:
لجأ البعض إلى أن قوله تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} منسوخ بقوله تعالى في سورة التغابن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} بالنظر إلى أن حد حق التقوى أرفع من حد الاستطاعة ومن ثم لجأوا إلى القول بالنسخ في ضوء الطرح المذكور
لكن هذا الكلام غير مقبول من قبل الكثيرين – وهو الأرجح – لماذا لأن الدليلين ليسا متعارضين كل التعارض كما فهم القائلون بالنسخ بل من السهل في فهمٍ آخر للنصين الحكمُ بأنه لا نسخ فيهما وأن كليهما يعملان فمن استطاع أن يقيم حق التقوى فقد بلغ رأس الأمر وذروة سنامه ومن لم يستطع فله ما استطاع لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وبذا يتضح لنا أنه لا نسخ في ذلك
أقول: هذا التسرع من قبل البعض أفرغ كمًّا من الأدلة قضوا فيها بالنسخ بينما الأمر على خلاف ذلك ومن ثم وضعت قاعدة تقول " إعمال الدليلين من وجه أولى من إعمال أحدهما وإهمال الآخر من كل وجه " وقد تختصر إلى " الإعمال أولى من الإهمال "
2. نسخ التلاوة والحكم وهو القسم الذي انحسر التمثيل له في موضع واحد
دل عليه حديث مسلم عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات فنسخت بخمس معلومات، فحكم العشر رضعات غير معمول به إجماعاً وإنما الخلاف في التحريم برضعة واحدة على نص القرآن في قوله: {وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} وبظاهر نص القرآن أخذت الحنفية والمالكية فحرّموا برضعة وبحديث عائشة أخذت الشافعية والحنابلة فحرموا بخمس رضعات. وهذه رواية آحاد لا تثبت قرآنا ولا حتى قراءة فمثل هذا لا يتعدى أن يكون خبر آحاد تضمن حكما شأنه شأن غيره من أخبار الآحاد ولا أدل على عدم اعتباره من كون جمهرة الفقهاء لم يعولوا عليه في تحديد عدد الرضعات التي تثبت الحرمة فلا منسوخه وهو عشر رضعات ولا ناسخه وهو خمس عندهم بمعتبر حيث قليل الرضاع وكثيره عندهم سواء بلا حد ولا عد.
3. نسخ التلاوة دون الحكم وهو كسابقه يعتمد في إثباته على خبر آحاد هو المعروف بآية الرجم " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة "
ما قيمة هذه الرواية وما مدى قدرتها على إثبات قرآنية حتى لو كانت منسوخة؟
هذا ما سنعرفه الآن!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الرواية آحادية ولا داعي لتكرار القول بأن الآحادية لا تثبت قرآنا ومع ذلك فهناك من الشواهد الأخرى ما يحجب كونها قرآنا ومن ذلك ما يلي:
1 - لا يعرف القرآن الكريم ولا السنة النبوية ولا لغة العرب استعمال كلمة شيخ وشيخة في معنى المحصن أو المحصنة فهذان اللفظان لا يعنيان سوى الوصف بالهرم للرجل أو للمراة ولندلف إلى هذه الكلمة في استخدام القرآن الكريم محل البحث لنرى في أي المعاني يستخدم هذه الكلمة
وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم ثلاث مرات:
الأولى في سورة هود في قوله تعالى: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ 72} والثانية في سورة يوسف في قوله تعالى: {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ 78} والثالثة في سورة القصص في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ 23} وهي في هذه المواطن جميعها لا تعني سوى الهرم والطعن في السن وبالطبع يستوي في ذلك لفظ شيخ أو شيخة
2 - إن الحكمة غير واضحة في تقرير هذا النوع من النسخ فما فائدة أن يظل الحكم باقيا ورفع اللفظ الدال عليه
تكلف بعضهم فقال: إن الحكمة في ذلك راجعة إلى شناعة الحكم وهو الرجم فهو مما تقشعر منه الأبدان عند سماعه
وهو تكلف ممقوت وتعليل غير سائغ لأن القرآن الكريم تحدث صراحة عن القصاص وعن قطع يد السارق وعن حد الحرابة الذي يشتمل على قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو الصلب ......... فيس هناك ما يدعو إلى تخصيص الرجم بالشناعة لأن هذا شأن العقوبات فواضح من اسمها هي عقوبة وليست جائزة أو مكافأة وكلما كانت العقوبة على الجرم عظيمة كان ذلك أردع وأدعى لعدم قربانه
3 - الروايات الواردة في شأن آية الرجم هذه مضطربة في ألفاظها مختلفة في دوالها فكيف يدعى كونها قرآنا والقرآن لا يختلف فيه
أنظر إلى هذا الكتاب الخالد وهو يتلى في مختلف أصقاع الدنيا دون تمايز أو اختلاف في حرف أو شكل إلا في ضوء ما نزل من قراءات وأما هذه المفتراة قرآنيتها فقد اضطربت فيها الألفاظ فبينا تقتصر بعض الروايات على هذا المقطع " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " تزيد روايات أخرى " نكالا من الله والله عزيز حكيم " ثم يؤكد الحاكم في المستدرك تشككنا حين يذكرها بهذا اللفظ " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة " ونتساءل: ما موقع بما قضيا من اللذة هنا مع كون قضاء اللذة بالمباشرة ليس خاصا بالشيخ والشيخة وماذا لو أنهما باشرا دون انقضاء لذة هل عليهما حد أو لا؟
4 - ورد عن عمر قوله إبان الجمع: لولا أن يقال: زاد عمر في كتاب الله لأثبتها.
فأين هذا الكلام من دعوى قرآنيتها ولو كانت منسوخة
5 - هذا القول لا يتسق والدليل القرآني على مشروعية النسخ وأعني قوله تعالى سورة البقرة: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 106} وكذلك قوله تعالى في سورة النحل: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ 101} فمقتضى الآيتين أن النسخ ينبغي أن يكون ببدل وأين بدل هذه المدعاة قرآنيتها؟
والحاصل أننا لا نقر من أقسام النسخ سوى القسم الأول مع نحفظ على الإسراف الذي وقع من البعض في سرد الايات المنسوخة
ويحق لنا العجب من اعتماد هذا التقسيم الذي بلغ من الشهرة ما بلغ وهو في قسميه الأخيرين لا يعتمد إلا على رواية واحدة لكل منهما لا تنهضان لأحاديتهما لإثبات قرآنية كما لا تنهضان لوحدانيتهما لإقرار قسمين للنسخ ما أغنانا عنهما
ولقد ألفينا كثيرين ممن يوثق بهم من أهل العلم يعتمدون هذا الرأي ويتبنونه:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. فيقول الخضري: "أنا لا أفهم معنى لآيةٍ أنزلها الله تعالى لتفيد حكماً ثمّ يرفعها مع بقاء حكمها، لأنّ القرآن يقصد منه إفادة الحكم والإعجاز معاً بنظمه، فما هي المصلحة في رفع آية مع بقاء حكمها؟ إنّ ذلك غير مفهوم، وقد أرى أنّه ليس هناك ما يدعو إلى القول به".
2. ويقول الدكتور صبحي الصالح في كتابه مباحث في علوم القرآن: "أمّا الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث اللذين نسخت فيهما بزعمهم آيات معينة، إمّا مع نسخ أحكامها وإمّا دون نسخ أحكامها، والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأً مركباً، فتقسيم المسائل إلى أضرب إنّما يصلح إذا كان لكلّ ضربٍ شواهد كثيرةٍ أو كافيةٍ على الأقل ليتيسّر استنباط قاعدةٍ منها، وما لعشّاق النسخ إلا شاهدٌ أو اثنان على كلّ من هذين الضربين، وجميع ما ذكروه منها أخبار آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّة فيها"9
3. وكذلك الدكتور مصطفى زيد الذي قال: "ومن ثمّ يبقى منسوخ التلاوة باقي الحكم مجرّد فرض لم يتحقّق في واقعةٍ واحدةٍ، ولهذا نرفضه، ونرى أنّه غير معقولٍ ولا مقبول"
4. وقال عبد الرحمن الجزيري صاحب الفقه على المذاهب الأربعة: "إنّ الأخبار التي جاء فيها ذكر كلمةٍ 'من كتاب الله' على أنّها كانت فيه ونسخت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهذه لا يُطلق عليها أنّها قرآن، ولا تُعطى حكم القرآن باتّفاق، ثمّ ينظر إنّ كان يمكن تأويلها بما يخرجها عن كونها قرآناً، فإنّ الإخبار بها يعطي حكم الحديث، وإن لم يمكن تأويلها فالذي أعتقده أنّها لا تصلح للدلالة على حكم شرعي، لأنّ دلالتها موقوفةٌ على ثبوت صيغتها. وصيغتها يصحّ نفيها باتّفاقٍ، فكيف يمكن الاستدلال بها؟! فالخير كلّ الخير في ترك مثل هذه الروايات"
هذا ما ندين به ولئن انبرى علماء الأسانيد للتصحيح فإن لفقهاء المتون رأيا آخر ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب مبلَّغ أوعى من سامع فلا يعجلن متعجل بالنقل من كتب القوم جاهرا بأن الروايات صحيحة فمهما يكن من شيء فهي أحادية لا تثبت ما يشترط في إثباته التواتر.
ـ[أبو رفيف]ــــــــ[25 Jun 2010, 02:08 م]ـ
ليس هناك آيةٌ في القرآن اتفق العلماء على أنها منسوخة إلا في موضعين:
الأول: قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ? [المجادلة: 12].
الثاني: قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ? [المزمل: 1، 2، 3].
وما سواهما من الآيات ففيها خلاف.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Jun 2010, 07:48 م]ـ
لم أفهم يا شيخنا الحبيب ما هو المذموم أو المرفوض عقلاً أو شرعًا في نسخ التلاوة!؟!
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Jun 2010, 07:08 م]ـ
أخي الحبيب د. هشام عزمي
إقرار قسمين للنسخ لم تظهر لهما جدوى إلا ما أثاراه من شبه ومشكلات واتهامات، وبلا اعتماد على ما يصلح أن يكون تأصيلا لهما، هذا وحده كاف في عدم القناعة بهذا التقسيم، وهذا أخف ما يمكن أن أعبّر به في هذا المقام.
كيف وقد حللنا خبر "الشيخ والشيخة" وبينا أنه لا يتسم بسمات القرآن في التعبير، ولا يحقق مقصود القرآن من حيث معناه، فضلا عن كونه لأحاديته لا ينهض لإثبات قرآنية ولو وصفت بالنسخ.
ويظهر لي -والله أعلم- أن من أغراض اعتماده دليلا على شرعية حد الرجم هو تلمس دليل من القرآن -المنسوخ تلاوة حسب الدعوى - على شرعيته، فرارا من أن تكون السنة وحدها، هي التي استقلت بتشريعه.
وهذا الحدس لو صح فهو محظور جديد ينضاف إلى ما ذُكر، ولو تيقظ له القرآنيون منكرو السنة، لاعترفوا بالرجم الذي ينكرونه.
هذا عن قسم نسخ التلاوة دون الحكم.
وأما عن قسم نسخ التلاوة والحكم، فدليله الأوحد بجانب ما وصفناه به من كونه آحادا لا يثبت قرآنية حتى مع وصفها بالنسخ، وأيضا كون جمهور الفقهاء لم يعتمدوا ما تضمنه معناه في أحكام الرضاع، وغير ذلك مما مضى ذكره. أقول: إضافة إلى هذا فإن هذا الخبر يحمل إشكالية كبرى، وهي تلك الإضافة " فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ"
(يُتْبَعُ)
(/)