سنة ينبغي إحياؤها والتواصي عليها، لحفظ التراث!
ـ[المحرر]ــــــــ[25 Dec 2003, 05:00 م]ـ
سنة ينبغي إحياؤها والتواصي عليها، لحفظ التراث!
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فإن تراث شيخ الإسلام – رحمه الله – مما تهفو القلوب إلى الاطلاع عليه والإفادة منه؛ بل إن طالب العلم إذا نقل له كلام لشيخ الإسلام – رحمه الله – وقف معظماً لهذا القول، واتهم رأيه وحجته ... إلخ.
والمقصود من هذا الموضوع:
أنني أعجبت بما صنعه الدكتور الفاضل: هشام الصيني – حفظه الله – في تحقيقه للمجموعة الثانية من (المجموعة العلية من فتاوى ابن تيمية) حينما قال – مخبراً عن منهجه في التحقيق –:
الثالث: تمييز النصوص المطولة التي ينقلها شيخ الإسلام عن غير بلون أو خطٍ مخالف لخط بقية نص الكتاب أو لونه، وهذا الأمر له أهميته التي لمستها عندما كنت أناقش بعض طلبة العلم في حديث: " من تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً "، فادَّعى أن شيخ الإسلام يقول: التقرب هنا ليس هو القرب الحقيقي بل هو تقرب العبد بالعمل الصالح، وتقرب الرب بالثواب والمغفرة.
وهذا مخالف لمذهب ابن تيمية في هذه المسألة، فطلبت منه موضع ذلك، فأراني المجلد الخامس من مجموع الفتاوى (ص 407) فقلت له: هذا ليس كلام ابن تيمية، وإنما هو كلام ابن قتيبة الدينوري، وابن تيمية إنما أورده ليرد عليه.
وقد أورد ابن تيمية كلام ابن قتيبة بنصه في المجلد السابع من منتصف (ص 406) (ص 407) فقلت له: هذا ليس كلام ابن تيمية، وإنما هو كلام ابن قتيبة الدينوري، وابن تيمية إنما أورده ليرد عليه.
وقد أورد ابن تيمية كلام ابن قتيبة بنصه في المجلد السابع من منتصف (ص 406) إلى أوائل (ص 409) وهذا نقل طويل، فيمكن في أثناء البحث عن طريق الفهارس أو الحاسب الآلي، أن يقف القارئ على موضع يظنه من كلام المصنف، قينسب إليه ما لا يقوله، بل قد يقول خلافه، كما في هذه الحادثة، ولذلك أدعو الباحثين إلى تمييز النصوص الطويلة – التي تبلغ نحو صفحة فأكثر – بلون أو خط مخالف لخط أصل الكتاب، ليتميز كلام المصنف عن كلام من ينقل عنهم، وأما النصوص القصيرة فيمكن الاكتفاء بتمييزها بين قوسين، كما هو مشهور.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 12:15 م]ـ
فكرة مفيدة طيبة
وكم نحن بحاجة إلى بعض الأفكار الإبداعية التي تساعد في حل بعض مشكلات البحث والتحقيق.(/)
الصابئون .. الصابئين؟!
ـ[زهرة الاسلام]ــــــــ[26 Dec 2003, 01:19 م]ـ
يسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى فى سورة المائدة " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصبئون والنصرى من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (آية: 69)
وقال سبحانه فى سورة الحج " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصبئين والنصرى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهميوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد " (آية: 17)
ما السر فى مجىء الصابئون فى الأولى بالرفع , وفى الثانية بالنصب على الرغم من اتحاد العامل (إن) فى كلً وأن كل منهما أتى معطوفاً على اسم إن المنصوب؟
أرجو الإفادة
وجزاكم الله خيراً
زهرة الإسلام
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[26 Dec 2003, 07:25 م]ـ
الصابئون في سورة المائدة مبتدأ مرفوع على نية التأخير خبره محذوف دل عليه خبر إن، وهو أوضح وأقوى ماقيل في إعرابه
الصابئين في سورة الحج معطوف على (الذين آمنوا) منصوب وعلامة النصب الياء
الجدول في إعراب القرآن، محمود الصافي
ـ[زهرة الاسلام]ــــــــ[27 Dec 2003, 01:01 م]ـ
جزاك الله خيراً " أضواء البيان "
ولكن إذا كانت (الصابؤن) مبتدأ فعلام تعطفه الواو؟ هل على اسم إن أم غيره؟
شكراً جزيلاً
والسلام على من اتبع الهدى
زهرة
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العز فى غيره أذلنا الله
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[27 Dec 2003, 01:39 م]ـ
جملة (الصابئون) وخبره المقدر معطوفة على الجملة الاستئنافية (إن الذين آمنوا .. )(/)
اريد كتاب في علوم القرآن مناسب للمرحلة الثانوية!
ـ[الراية]ــــــــ[26 Dec 2003, 06:37 م]ـ
ارجو ان يفدني من عنده علم بذلك ...
كتاب مناسب لمن هم في المرحلة الثانوية عن علوم القران ..
هل ترون كتاب / مباحث في علوم القران للشيخ مناع القطان مناسب؟
ام ما ذا.
والله يجزيكم الخير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Dec 2003, 09:45 م]ـ
أخي الحبيب الراية وفقه الله لكل خير
عليك بكتاب الوجيز في علوم الكتاب العزيز لمشعل الحداري. ط. غراس للنشر والتوزيع. فهو أخصر من كتاب الشيخ مناع القطان. ومكتوب بأسلوب مناسب لمن ذكرت وفقك الله. وفي نهاية كل موضوع يضع اسئلة حوله، فينتفع بذلك الطالب لفهم الكتاب.
والكتاب تجده في المكتبة التدمرية وثمنه تسعة ريالات فقط.
ـ[الراية]ــــــــ[27 Dec 2003, 01:59 م]ـ
بارك الله فيكم
يا شيخ / عبد الرحمن
دائماً سباق الى نفع اخوانك
جعلك الله من السابقين الى الدرجات العليا في الجنان
آمين(/)
سؤال في القراءات
ـ[عبد الله]ــــــــ[27 Dec 2003, 12:19 ص]ـ
سؤال عن أربع قراءات:
الأولى في قوله تعالى: ((بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) [الزمر: 59]. بكسر الكاف والتاء وفتحهما. (التاء في: فَكَذَّبْتَ، وَاسْتَكْبَرْتَ، وَكُنْتَ.
والقراءة بالفتح قراءة الجمهور، وبالكسر قراءة الجحدري وأبي حيوة ويحيى بن يعمر، وهي قراءة أبي بكر وابنته عائشة وأم سلمة، ورويت عن ابن كثير. كما في فتح القدير.
الثانية: في قوله تعالى: ((مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)) [الفلق: 2]. بتنوين ((شر)) تنوين الكسر.
وفي البحر المحيط أنه قرأ بها عمرو بن فايد.
الثالثة: في قوله تعالى: ((قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ)) [الأعراف: 156]. ((أساء)) بالسين.
وفي البحر المحيط أنه قرأ بها عمرو بن فايد، وزيد بن علي.
الرابعة: في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ)) [الأعراف: 179]. ((درأنا)) بالدال.
والآيات الثلاث الأخيرة تعلق بها المعتزلة لإثبات مذاهبهم، فهل من الأخوة القراء من يساعدني في تخريج هذه القراءات من مظانها، مع التوثيق إن أمكن. وجزاكم الله كل خير.
عبد الله إبراهيم
ـ[عبد الله]ــــــــ[31 Dec 2003, 12:28 م]ـ
؟؟؟
ـ[المجاهد]ــــــــ[08 Jan 2004, 11:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
قوله تعالى في سورة الزمر ((بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) من طريق الشاطبية في القراءات السبع والدرة في الثلاث المتممة: ليس فيها من فرش ولا تخفى الإمالات الموجود فيها.
من جهة الطيبة في القراءات العشر: ليس فيها شيء متواتر في الفرش ويوجد فيها قراءات شاذة (قد جأتك) بإسكان التاء وفتح الكاف هكذا (الحسن) على أنه مقلوب من (جَاءَتْكَ) قدمت لام الكلمة التي هي الهمزة وأخرت العين التي هي الألف ثم حذفت للساكنين.
المرجع / القراءات العشر المتواترة للشيخ علوي بن محمد بن أحمد بن بلفقيه
2) الميسر في القراءات الأربع عشرة للشيخ محمد بن فهد خاروف ص 465
ـ[عبد الله]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:37 ص]ـ
شكر الله لك جهدك أخي المجاهد، ويمكن الرجوع لهذه القراءات في القراءات الشاذة، باعتبار أن القراءات الموضوعة تصنف ضمن مصطلح الشذوذ. وليس بين يدي مرجع للقراءات الشاذة.
جزاك الله كل خير، وأنا بانتظار جواب آخر بارك الله فيك.
ـ[المجاهد]ــــــــ[10 Jan 2004, 06:57 م]ـ
وهذا إكمال ما لدي يا أخي عبد الله:
إكمالا لما سبق الإبتداء به: قول الحق سبحانه (قال عذابي أصيب به من أشاء) الأعراف آية 156.
قرأ نافع وشيخه أبو جعفر بفتح الياء وصلا ,والباقون بالإسكان وكل على أصله في المد. وأما رواية (من أساء) بفتح السين بعدها ألف ممدوده بعدهاا همزة مفتوحة (الحسن) من الإساءة. (ولاتخفى الأصول لكل لبيب)
قول الحق جل وعز (من شر ماخلق) لم يثبت في سورة الفلق سوى رواية (النافثات) بنون مشددة بعدها ألف وفاء مكسورة بعدها ثاء مفتوحه بعدها ألف ثم تاء مكسورة , وهي رواية رويس من طريق الطيبة وبخلف عنه , والباقون كحفص ومعهم رويس بوجهه الثاني.
قوله سبحانه (ولقد ذرأنا لجهنم ...... ) الآية. ففي هذه الآية الكريمة لم يثبت من طريقي الشاطبية والدرة سوى قوله (يلحدون) بفتح الياء والحاء معا ً, وهي قراءة الإمام حمزة , وافقه الأعمش من طريق الطيبة.
وأما من جهة الطيبة: (ولقد ذرانا) بحذف الهمزة , قرأ الأصبهاني , وأبو عمرو بخلفه, وأبو جعفر , ووقفا حمزة , ووافق اليزيدي أبا عمرو. والباقون كحفص.
////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
هذا ماتيسر لنا بيانه في هذه العجالة السريعة , ولكن أحببنا أن نشارك ولو بالقليل فإعطاء القليل خير من الحرمان كماقال ذلك الإمام علي بن أبي طالب-رضي الله عنه - , والرد على من احتج بها فمن وجوه:
1 - لم يثبت في ذلك شيء لامن طريق الشاطبية للقراءات السبع , ولامن جهة الدرة في الثلاث المتممة , ولامن جهة الطيبة للقراءات العشر الكبرى , وبعض ماذكر في الشواذ وبعض مختلق.
2 - يقول الإمام المحقق ابن الجزري _رحمه الله _
فكل ما وافق وجه نحو ** وكان للرسم احتواء يحوي
وصح إسناد هو القران **فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت *شذوذه لو أنه في السبعة
3 - قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فلم يكل الله حفظه للعلمااء والرهبان , فلذلك لن يستطع مدلس أن يدلس , ومفتري أن يفتري , وسيظهر الله أمره ,والله غالب على أمره ولو خالف الظالم أمره.
* من المراجع: في هامش القرآن الكريم القراءات العشر المتواترة ,فكرة علوي بن محمد بن أحمد بلفقيه, إعداد شيخ القراء بدمشق محمد كريم راجح.
الميسر في القراءات الأربع عشره ,تأليف محمد فهد خاروف , مراجعة الشيخ محمد كريم راجح.
,,,وحقنا لما سبق دعوة في جوف الليل من قلب صادق ,,,, ونستغفر لله من الخلل.
هذا موقع قراء القرآن لعله يفيدك أخي ( http://www.qquran.com/)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:08 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي المجاهد على ما تفضلتت به
عبد الله إبراهيم(/)
سأبدأ ـ إن شاء الله ـ في دراسة (الإتقان) للسيوطي و أطلب النصيحة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[28 Dec 2003, 01:09 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،، مشايخي الكرام
فقد منّ الله تعالى عليّ بدراسة (مناهل العرفان) للزرقاني، و مكثت مدة في مراجعة مباحثه و تلخيصه ... و الحمد لله
و الآن أنوي الدخول في دراسة (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي ...
فالمطلوب هو النصيحة
أولا / في صحة هذا التدرج
ثانيا / لو كانت دراسة الإتقان، فالنصائح المتعلقة بدراسة هذا الكتاب ..
1 ـ سواء من حيث الاستعانة عليه بمصنفات أخرى ..
2 ـ أو تتبع و جمع مسائل معينة تتطلب الضرورة جمعها منه حيث هذه عادتي في سرد الكتب ..
3 ـ أو الانتباه إلى أمر معين في الكتاب يلزم على الدارس فيه الانتباه إليه أو الحذر منه (طبعا باستثناء مسائل العقيدة و ظواهر الأسماء و الصفات فهذه ظاهرة وواضحة)
أخوكم و تلميذكم المحب / محمد يوسف رشيد
ـ[المشارك7]ــــــــ[29 Dec 2003, 10:30 م]ـ
اخي محمد يوسف:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ذكر بعض اهل العلم طريقة جيدة في دراسة علوم القران وهي انه اذا قرات مبحثا في علوم القران فانظر الى العلم المختص بهذا المبحث فادرسه من كتب ذلك العلم فانك بذلك تحصل علما وفائدة وتحصل تحقيقا للمسائل.
فعند دراسة مبحث السنة فادرسه من كتب الحديث والمصطلح.
وعند دراسة العموم والخصوص فادرسه من كتب الاصول. وهكذا.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 Dec 2003, 06:12 م]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي المشارك
و لكن هذه الطريقة قد جربتها من قبل
و هي غير مجدية
تسبب التشتت في سائر الكتب و العلوم
فلا تكاد تكون درست كتابا معينا
و لو كانت صحيحة ـ على الأقل في علوم القرآن ـ ما كان هناك فن مستقل متبلور بذاته يسمى (علوم القرآن)، فهو مكون من عدة علوم كل منها فن مستقل
بارك الله تعالى فيك على نقلك أخي الحبيب
و أطلب الإفادة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Jan 2004, 08:19 م]ـ
مهم جدا
و ليضع أي من الإخوة و المشايخ ما عنده
و لا يستصغر الفائدة أو يستحقرها
بل قد تخرج منها فكرة في رأسي وتتبلور، فتصير أعظم فائدة
و قد تكون ـ على صغرها و حقارتها في عين الناظر ـ فيها إشارة إلى فائدة أخرى عظيمة
و صدقوني فإن ذلك جربته بنفسي
فلا يبخل أحد عليّ بذلك
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[18 Jan 2004, 04:56 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أحبتي في الله،،،
بقبي لي فقط مادة (تاريخ التشريع) سأنتهي منها يوم الأربعاء بإذن الله تعالى،،،
ة بعدها سأضبط برنامجي الذي سيكون منه (الإتقان) للسيوطي ـ إن شاء الله تعالى ـ،،، و في الحقيقة أنا لا أحب أن أندم على فائدة ضاعت مني بعد قراءة كتاب معين، لكوني مثلا لم أنتبه لها قبل البدء في دراسته، أو في أثنائه، و للك فأنا أحب إذا قرأت كتابا أن (أقتل ما فيه بحثا) كما يقولون، و لهذا فأنا أرفع هذا الموضوع لعلي أجد إفادة فيه، حتى لا أحزن على فائدة فاتتني لك أنتبه إليها قبل البدء في الكتاب، فأظل في حيرة بين إعادة قراءة الكتاب و أكون حينئذ قد تعطلت عن الترقي و المسير، و بين استمراري دون الرجوع إلى الوراء و حينئذ تضيع عليّ الفائدة المرجوة،،،،
فأرجو الإفادة بار ك الله تعالى فيكم ..
و لا يستصغرن أحدكم نصيحة و لو صغيرة في ذلك، فلعل هذه الصغيرة تلفت انتباهي إلى أخرى كبيرة .... و هذا والله مجرب و معروف
محبكم / محمد يوسف
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Jan 2004, 06:43 م]ـ
يا إخوان أريد أن أبدأ
أين النصيحة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jan 2004, 09:13 م]ـ
أخي محمد وفقه الله
أبدأ على بركة الله، ونسأل الله لك العون والتوفيق. والكتاب مليء بالمباحث والنقول والأقوال، ودراسته دراسة جادة تفتح للطالب آفاقاً بلا حدود في علوم القرآن، وهو يعتبر عمدة كتب هذا الفن عند أكثر العلماء. ولو خرجت الطبعة المحققة التي وعد بها مجمع الملك فهد في المدينة المنورة والتي سبقت الإشارة إليها في الملتقى، لسهلت عليك أمر التحقق من صحة النص أولاً، ثم وثقت لك النقول والآثار والأحاديث، ولسرت في دراستك له على بينة من أمرك، وبعد ذلك لو أشكل شيء من المسائل - ولا أظنه سيشكل عليك شيء بإذن الله - يمكن السؤال عنها في الملتقى، وأرجو أن تجد من الأعضاء وفقهم الله من يأخذ بيدك، ويدلك على الجواب بأيسر عبارة، وألطف إشارة.
وأتوقع أنك ستجد ما يسرك بعد الدخول في مباحث هذا السفر النفيس، ولو أردت أن أطلب منك شيئاً تتنبه له، لقلت لك: اجمع أقوال السيوطي أثناء قراءتك التي انفرد بها في مسائل علوم القرآن. وما هي النقولات المتميزة التي نقلها في كتبه، وفقدت أصولها التي نقل منها.
ثم هناك كثير من المسائل التي سألت عنها في الملتقى، وكثير من المشاركات التي قرأتها، حتماً تركت لديك أسئلة لا زالت تدور في ذهنك، فلا شك أنك عندما تجد رأياً أو قولاً للسيوطي أو لغيره سيستوقفك هذا الرأي، فهرس مثل هذه المسائل وأفدنا بها، فما أحوجنا إلى الاستفادة جميعاً.
وفقك الله وسدد خطاك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[23 Jan 2004, 10:26 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فأوصيك بوصايا يتواصى بها المؤمنون، ويقبلها الفضلاء من المفضولين
ولا يستنكف من قبولها الصالحون
ألا وهي:
تصحيح النية قبل البدء بالقراءة
والاستخارة
وكثرة الدعاء بطلب البركة
وثانيا:
هناك كتاب اسمه (تهذيب وترتيب الاتقان في علوم القرآن) هذبه: محمد بن عمر بن سالم بازمول،
وأما الاقتراح فهو اقتراح أحب أن استفيد منه شخصيا
وهو الأبواب أو المسائل المتعلقة بالفقه في علوم القرآن
وهناك اقتراح عام
إذا كان هذا العلم مستفاد من العلوم الأخرى فما المسائل المتمحضة لعلم القرآن والتي لم يتم تناولها في علم غيره
وهناك الاقتراح بترميز المسائل كالتالي
أصول التفسير ص
أصول الفقه ص ف
الفقه ق
النحو ح
فقه اللغة غ
وهكذا
ثم تجمع الرموز، ليستنى تبويب الاتقان على العلوم، ومن ثم التمهيد للمتخصصين في الفنون الأخرى تحرير المسائل بتفننهم في تخصصهم
وكذلك يعرف أي العلوم أكثر تأثيرا في علوم القرآن، ليعرف الراغب في الطلب ماذا يقدم من تلك العلوم ويعتني به أكثر
وختاما
حملني على المشاركة إلحاحك الجدير بالاحترام في طلب المشورة
وأبشرك أنه ماشاور مسلم إلا هدي للرشد وفقك الله ونفع بك
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Jan 2004, 07:00 م]ـ
الأخ / محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فالحافظ السيوطي إمام موسوعي تتسم كتبه بالجمع وكثرة النقول، وكتابه (الإتقان) على هذه الجادة، وهو مرتب على الأنواع، ونصيحتي إليك وأنت تزمع الإبحار في هذا الكتاب أن تجعل بجانبك دفترا وقلما، وكلما فرغت من قراءة نوع من الأنواع الثمانين أن تلخص مقاصد هذا النوع ولبّه مما يتصل بعلوم القرآن في حدود ورقة لاتزيد، لأنه سيمر بك استطرادات تتعلق بعلم الأصول، ومباحث وتفريعات في البلاغة وعلوم اللغة،وكثرة في النقول، وهكذا ستجد في النهاية أنك عملت ملخصا محررا للكتاب يصح أن يسمى: (زبدة الإتقان في علوم القرآن).
أرجو أن يكون في هذا الاقتراح مايفيد لاسيما مع خبرتك السابقة في هذا العلم، وماألمسه فيك من حرص ورغبة في تحصيل العلم وتحقيق مسائله.
وإن تم هذا العمل فلا تنس إخوانك من تلك (الزبدة)، وفقك الله ويسر أمرك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2004, 09:06 م]ـ
لقد قام الأستاذ صلاح الدين أرقه دان باختصار الإتقان للسيوطي وسمى كتابه (مختصر الإتقان في علوم القرآن) وطبعته دار النفائس عام 1405هـ في بيروت. ولكنه اختصار مخل، لم يبق فيه من الإتقان إلا اسمه فقط، وأما الكتاب فهو كتاب آخر، مع أنه ذكر أنه حافظ على عبارة السيوطي بقدر المستطاع.
لكن الكتاب - مع ثقتي في حسن نية مختصره - قد أخل بعمله هذا إخلالاً شديداً. والسيوطي قد قام بتصنيف (النقاية) وفيها متن خاص بعلوم القرآن، وللمتون طريقتها، ولغتها، ووضع (التحبير) وهو أوسع ووضع بعدها الإتقان. فالأخ المختصر مسخ الإتقان فلا هو مختصر متين، ولا هو كتاب موسع شامل. وربما يصلح هذا الكتاب من باب التذكير بالعناوين فحسب وذكر بعض التعريفات.
وهناك مختصر آخر أفضل من السابق، صنفه محمد بن علوي المالكي الحسني، وسماه زبدة الإتقان في علوم القرآن. وقد طبعته دار الشروق بجدة عام 1401هـ
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 Jan 2004, 07:41 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
جزى الله تعالى مشايخي خير الجزاء على هذه الإفادات ـ آمين ـ
ــــــــــــــــــــــ
شيخنا الشهري ..
بالفعل أنا كنت قد نويت ذلك، أي وضع ما أستفيده على الملتقى و فهرسته، و أنا بالفعل أجده كتابا جليلا يستحق أن يدرس، و لذا فأنا سأدرسه دراسة متأنية بطيئة، و لن أتعجل في إتمامه قراءة فهذا غير مقصود لذاته ....
ــــــــــــــــــــــ
أخي بلقاسم ... جزاك الله تعالى خير الجزاء
و بالنسبة لما فكرت فيه فهو جيد ...
ـــــــــــــــــــــ
بارك الله تعالى فيك أخي الباتلي ...
و نصيحتك جيدة و مفيدة، و إذا دققت فيها ستجدها منطبقة تماما على نصيحة أخي بلقاسم بإفراد المسائل التي هي من محض علوم القرآن ...
و أما جعل ذلك تلخيصا مستقلا مرتبا حسب ترتيب نفس (الإتقان) فأراه و الله أعلم لا فائدة فيه لأني رأيت ملخصا مطبوعا للإتقان،،، فبلا شك سيكون أفضل مما سأصنع ...
ــــــــــــــــــــــــــ
و عليه يمكن حصر العمل في هذا الكتاب على خمسة أقسام:
الأول // توزيع علوم القرآن على علومها الأصلية المستقلة من فقه و أصول و نحو و أصول تفسير و قواعد تفسير و غيرها من العلوم
.............
الثاني // تصفية ما تتوقف عليه الدراسة من العلوم القرآنية المحضة، أي التي لم تتناول في أي علم من العلوم إلا في علوم في هذا الفن
.............
الثالث // معرفة أي فروع هذه العلوم المستقلة أكثر تأثيرا و دخولا في علوم القرآن كفن مستقل
............
الرابع // معرفة ما تفرد به السيوطي من المسائل في علوم القرآن
............
و أضيف قسما خامسا // ما لم يتعلق بما سبق ذكره، كبعض الفوائد و النكات، حديثية أو فقهية أو لغوية، أو حكم جليلة، أو فائدة أصولية يندر إيرادها .. و ما شاكل ذلك
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
**************
و لكن يرد هنا سؤال / كيف يمكن وضع هذه الفوائد على الملتقى؟
من الصعب إنشاء موضوع مستقل لكل منها، لأن القسم الأول بحد ذاته سيتفرع إلى عدة علوم ...
و إذا أنشأنا موضوعا مستقلا لكل قسم من الأقسام، سيكون هناك خمسة مواضيع، و قد تطول المدة دون وضع فائدة في أحد المواضيع كما لا يخفى .....
فما رأيكم؟
ملحوظة // انتبهت لتوي لآخر مشاركة لشيخنا الشهري حوال مختصرات الإتقان
هل ترى شيخنا بأن الكتاب يحتاج إلى إختصار بالفعل .... و هل ترى لذلك فائدة؟ حيث إني أتحسس من مسألة الاختصارات التي أماتت المراجع التي تم اختصارها، حتى أصبح المختصر عند البعض هو الأصل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله]ــــــــ[25 Jan 2004, 09:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي محمد - بارك الله فيك، ووفقك في مشروعك هذا، ويمكن أن تضع ما تتحفنا به على الملتقى تحت عنوان، فوائد من الإتقان / أو من فرائد الإتقان. / أو من درر الإتقان. أي عنوان تراه مناسباً. وبهذا يمكن وضع كل الفوائد تحت عنوان واحد، لئلا يتشتت الموضوع وتتناثر الدرر، فيصعب ضمها ولمّها.
مع دعائي لك بالتوفيق
عبد الله إبراهيم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 Jan 2004, 04:40 م]ـ
إذا فسأضع ـ إن شاء الله تعالى ـ كل الفوائد دون ترتيب، و و ليكن الترتيب بعد ذلك من قبل الإدارة
و لكن ما رأيكم بمسألة المختصر؟
ـ[ابو الاء]ــــــــ[28 Jan 2004, 12:12 ص]ـ
اعقلها وتوكل على الله تعالى
فمن طلب العلا سهر الليالي
وخيركم من تعلم العلم وعلمة ولكن نصيحتى هو الا تترك الرجوع الى الكتاب والسنة في كثير من المسائل الدينية فالسيوطي طيب ولكن يدخل في كتب كثيرة وامور كثيرة ولكن راجع الكتاب والسنة الصحيحة عن سلف الامة في ذلك حتى تكون على بصيرة وعلى علم بذلك
واتمنى لك التوفيق والسداد
اخوك في الله ابو الاء(/)
تنبيه حول مرحلية الدراسة في (تفسير الجلالين)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[28 Dec 2003, 01:10 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،، مشايخي الكرام
فهذا تنبيه لطيف مهم وقفت عليه لمؤلف كتاب (الدليل إلى المتون العلمية)
يقول نصا:
((يظن للوهلة الأولى أن الكتاب مفيد للطلبة والمبتدئين غير أن الحقيقة غير ذلك، فالكتاب أكثر من يستفيد منه العارفون المطلعون فهو أشبه شيء بالرموز ورؤوس الأقلام التي يتذكر بها العارف ما سبق أن علمه وحفظه ومن هنا فهو تذكرة للمنتهي أكثر منه سلماً للمبتدي))
أقول: هذا بالفعل جربته مع نفسي في أول دراسة لي في التفسير حيث كان ينصح العلماء بدراسة تفسير الجلالين و قد سمعت الشيخ (صالح آل الشيخ) ينصح بدراسة هذا التفسير، و ازدادت ثقتي بالكتاب حين قرأت في (تاريخ علماء نجد خلال ستة قرون) للشيخ آل بسام .. قرأت في ترجمة الشيخ السعدي أنه ـ أي تفسير الجلالين ـ كان هو دروسه في التفسير ... و أيضا اطمأننت إليه أكثر حينما وجدت أن الناصحين به هم علماء الحجاز ـ شرفهم الله ـ مع حساسيتهم الشديدة من جهة العقيدة المخالفة لعقيدة أهل السنة و الجماعة، فالذي يجعلهم يهتمون بالكتاب إذا فائدة عظيمة ...
فأقدمت على الكتاب و لكني تركت سريعا، و السبب بالضبط ما قاله مؤلف (الدليل إلى المتون العلمية)،،،،،،
أردت فقط محاولة الإفادة
أخوكم / محمد يوسف رشيد
كلية الشريعة الإسلامية
جامعة الأزهر بالقاهرة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Dec 2003, 11:25 ص]ـ
ما ذكرته أيها الأخ الفاضل هو الصواب، فهذا الكتاب مختصر اختصارًا يحتاج إلى فكٍّ وشرح.
والكتاب المختصر لا يعني صلاحيته للقراء الذين يريدون البدء بكتاب سهل مفهوم في التفسير.
ويشبهه في ضعط العبارة وحاجته إلى الفك تفسير البيضاوي.
ولقد لقي هذان الكتابان عناية كبيرة من علماء مصر (بالنسبة للجلالين) وعلماء الدولة العثمانية في تركيا (بالنسبة للبيضاوي)؛ لأنهما كانا منهجًا للدارسين يشرحه لهم المشايخ، وكان كثير منهم يضع له شرحًا مكتوبًا، فكثرت هذه الشروح، ومصداق ذلك ما تراه في فهارس المخطوطات المتعلقة بهذين الكتابين.
أما ما يحتاجه المبتدئ فإنه يتمثل في كتاب مختصر سهل العبارة محتوٍ على مسائل التفسير، وأمثل ما رأيت في ذلك التفسير الميسر الذي أصدرته وزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، وقد قام على تأليفه جمع من العلماء المتخصصين.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Dec 2003, 12:14 م]ـ
الأخ محمد: إن ما توصلت إليه هو رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ايضا: فتفسير الجلالين يراه لطلاب العلم ولا ينصح به للمبتدئ ذكر هذا عند تعليقه على تفسير الجلالين سورة الزمر اخر الشريط العاشر ووجهة نظره ان المؤلف يذكر اشياء لللاختصار وتحتاج الى بيان يقصر عنها فهم المبتدئ , والشواهد كثيرة ويدل على هذا كثرة الحواشي والتعليقات على تفسير الجلالين واخرها صنيع الشيخ رحمه الله حيث علق على عدد من سور القرآن معتمداً على تفسير الجلالين.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[28 Dec 2003, 11:37 م]ـ
جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[أبو معاذ الكناني]ــــــــ[03 Jan 2004, 09:26 م]ـ
الحمد لله وبعد:
للشيخ الفاضل عبد الكريم الخضير حفظه الله شرح لطيف على أول الكتاب لسورة الفاتحة ومقدمة جميلة ذكر فيها كلاما جميلا يحسن بطالب العلم الرجوع اليه وهو في تسجيلات الراية في أربعة اشرطة
والله وأعلم
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[08 Jan 2004, 11:02 م]ـ
هل التفسير الميسر موجود ويباع
واين يمكن ان احصل عليه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2004, 02:09 ص]ـ
فيما أعلم أخي زيد أنه قد توقف توزيعه عن طريق المجمع لأسباب لا أعرفها، وربما يعاد توزيعه إن شاء الله قريباً. وقد أصبح الحصول عليه صعباً في المكتبات لهذا السبب. وربما تجد بعض النسخ منه في المكتبات الصغيرة حول المسجد النبوي إن شاء الله فقد رأيته هناك.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[10 Jan 2004, 05:53 ص]ـ
التفسير الوجيز للشيخ الزحيلي مطبوع على هامش المصحف وهو متيسر وألفيته سهل العبارة
فما رأي حضراتكم؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Dec 2009, 12:33 ص]ـ
جربت مع بعض الإخوة القراءة في تفسيرين معاً، وهما: التفسير الميسر لنخبة من العلماء من إصدار مجمع الملك فهد، والتفسير الواضح الميسر لمحمد بن علي الصابوني، فوجدت ذلك مفيداً جداً، ومن خلال القراءة، وقد انتهينا من تفسير سورة الأعراف وجدت أن الثاني [أعني تفسير الصابوني] أكثر وضوحاً وتشويقاً من الأول، وفي كل خير.(/)
مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف، مع بيان مصطلحهم في ذلك
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Dec 2003, 07:19 ص]ـ
مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف، مع بيان مصطلحهم في ذلك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن تفسير ابن جرير معين لا يكاد ينضب من الموضوعات القرآنية المتناثرة فيه، وهي بحاجة إلى تنقيب وكشف عن مكنوناتها.
ولقد حرصت على أن أطرح في هذا المقال مثالاً لذلك، غير أني قبل أن أبدأ به أذكر لك ـ أيها القارئ الكريم ـ ملحوظة لابدَّ منها عند من يريد النقل من ابن جرير، وهي حاجتك إلى النقل الطويل لكي تتضح المسألة كما طرحها هذا الإمام، وذلك مني اعتذار عما قد تجده من طول في النقل أثناء دراسة مسألة من المسائل التي طرحها الإمام رحمه الله تعالى.
وبعد هذه المقدمة أقول: لقد كان ابن جرير رحمه الله تعالى فقيهًا أصوليًّا، وقد كتب في أصول الأحكام أسماه (البيان عن أصول الأحكام)، وقد نصَّ عليه في كتاب التفسير في غير ما موضع، ومنها قوله: ((وقد دللنا في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام)).
وقد كان إذا مرَّ بموضوع له علاقة بأصول الأحكام ـ كالنسخ مثلاً ـ أشار إلى أنه قد توسع فيه في كتابه هذا، وأعرض عن التفصيل في كتاب التفسير.
وإليك هذه المواضع أمثلة على ذلك:
1 ـ قال: ((وغير جائز ادعاء خصوص في آية عام ظاهرها إلا بحجة يجب التسليم لها لما قد بينا في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام)) ط: الحلبي / 1: 508.
2 ـ وقال: ((وأولى الأقوال بالصواب في قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) أن يقال هو عام في كل ما قضاه الله وبرأه لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم وغير جائز إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان لما قد بينا في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام)) ط: الحلبي / 1: 510.
3 ـ وقال: (( ... وإنما قلنا ذلك لأن الله تعالى ذكره قال: (ومتعوهن)، فأمر الرجال أن يمتعوهن وأمره فرض إلا أن يبين تعالى ذكره أنه عنى به الندب والإرشاد لما قد بينا في كتابنا المسمى بلطيف البيان عن أصول الأحكام لقوله (وللمطلقات متاع بالمعروف) ... )) ط: الحلبي / 2: 536.
ومن الموضوعات التي لم يمكنه إغفال جوانب منها في تفسيره موضوع النسخ؛ لكثرة وروده في تفسيرات السلف، فما المصطلح الذي سار عليه ابن جرير، وما أثر ذلك على تعليقاته على مصطلح السلف في النسخ.
أولاً: تعريف النسخ عند ابن جرير:
قال: ((يعني جل ثناؤه بقوله: (ما ننسخ من آية) إلى غيره فنبدله ونغيره.
وذلك أن يحول الحلال حراما والحرام حلالا والمباح محظورا والمحظور مباحا ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ
وأصل النسخ من نسخ الكتاب وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيره
فإذا كان ذلك معنى نسخ الآية فسواء إذا نسخ حكمها فغير وبدل فرضها ونقل فرض العباد عن اللازم كان لهم بها أوفر حظها فترك أو محي أثرها فعفي ونسي إذ هي حينئذ في كلتا حالتيها منسوخة
والحكم الحادث المبدل به الحكم الأول والمنقول إليه فرض العباد هو الناسخ يقال منه نسخ الله آية كذا وكذا ينسخه نسخا والنسخة الاسم)). ط: الحلبي / 1: 475.
وقال: ((وإنما قلنا ذلك أولاهما بالصواب لأن القائلين أن حكم هذه الآية منسوخ زعموا أنه نسخ بقوله: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله)، وقد دللنا في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام أن النسخ لا يكون نسخا إلا ما كان نفيا لحكم غيره بكل معانيه حتى لا يجوز اجتماع الحكم بالأمرين جميعا على صحته بوجه من الوجوه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع)). ط: الحلبي / 6: 246
وقال: ((النسخ لا يكون في حكم إلا ينفيه بآخر له ناف من كل وجوهه)) ط: الحلبي 3: 149.
ثانيًا: لا بدَّ للنسخ من دلالة تدلُّ عليه.
قال: (( ... لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة بغير دلالة على صحة دعواه تحكم والتحكم لا يعجز عنه أحد)) ط: الحلبي / 2: 190.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال: (( ... فإذ كان قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله) محتملا ما ذكرنا من الأوجه، لم يكن لأحد أن يزعم أنها ناسخة أو منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها؛ لأن الناسخ لا يكون إلا بمنسوخ، ولم تقم حجة يجب التسليم لها بأن قوله: (فأينما تولوا فثم وجه الله) معني به: فأينما توجهوا وجوهكم في صلاتكم فثم قبلتكم ... )) ط: الحلبي / 1: 505.
ثالثًا: النسخ في الأحكام أما الأخبار فلا تُنسخ:
قال الطبري: (( ... وذلك أن يحول الحلال حراما، والحرام حلالا، والمباح محظورا، والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ)) ط: الحلبي / 1: 475.
وقال: (( ... والأخبار لا يكون فيها نسخ، وإنما النسخ يكون في الأمر والنهي)). ط: الحلبي / 30: 12
أثر عدم العمل بمفهوم النسخ الاصطلاحي عند الطبري:
المثال الأول:
قال الطبري: ((وقد روي عن مقاتل بن حيان في ذلك ما حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي قال ثنا عمرو بن أبي سلمة قال سألت أبا معاذ الخرساني عن قول الله: (لابثين فيها أحقابا)، فأخبرنا عن مقاتل بن حيان، قال: منسوخة، نسختها: (فلن نزيدكم إلا عذابا).
ولا معنى لهذا القول؛ لأن قوله: (لابثين فيها أحقابا) خبر، والأخبار لا يكون فيها نسخ، وإنما النسخ يكون في الأمر والنهي)). ط: الحلبي /30: 12.
ولو حُمِلَ كلام مقاتل بن حيان على مفهوم النسخ عند السلف ـ وهو مطلق الرفع لشيءٍ من معنى الآية أو حكمها، وهو أعم من المصطلح الذي ذكره الطبري ـ لما كان في الأمر إشكالٌ، ويكون مراد مقاتل أنَّ الآية الأخرى تبين أنهم إذا انتهوا من عذابٍ في هذه الأحقاب، فإنه يزاد عليهم العذاب بعد ذلك، ويكون قول مقاتل من باب بيان المجمل، وبيان المجمل نوع من النسخ الذي يقع في الآية على مصطلح النسخ عند السلف.
المثال الثاني:
قال الطبري: ((حدثنا أبو كريب قال ثنا عثمان بن سعيد قال ثنا خالد عن حسين بن قيس عن عكرمة عن بن عباس في قوله: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، قال: نسختها: (قالوا سمعنا وأطعنا).
وهذا قول لا معنى له لأن نسخ الأحكام من قِبَلِ الله جل وعز لا من قبل العباد وقوله: (قالوا سمعنا وأطعنا) خبر من الله عن عباده المؤمنين وأنهم قالوه، لا نسخ منه)) ط: الحلبي / 2: 344.
وهذا القول المذكور عن ابن عباس مشكلٌ يحتاج إلى بيانٍ، فأقول:
1 ـ إن النسخ الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما ليس النسخ الاصطلاحي عند ابن جرير، وذلك ظاهر بلا ريب.
2 ـ أن مصطلح النسخ عند ابن عباس ـ وغيره من السلف ـ له ثلاثة أحوال:
الأول: أن يراد به نسخ حكمٍ شرعي بحكم شرعي آخر، كما هو النسخ الاصطلاحي عند المتأخرين.
الثاني: أن يكون المراد بالنسخ رفع جزء من حكم أو خبرٍ، ويكون ذلك بتخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو بيان مجمل، أو استثناءٍ.
أورد الطبري عن ابن جريج، قال: ((قال الله تعالى ذكره: (من كفر بالله من بعد إيمانه)، ثم نسخ واستثنى فقال: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها غفور رحيم))) ط: الحلبي / 14: 183. وكذا رواه عن الحسن وعكرمة في الآية نفسها. وينظر عن ابن عباس (18: 110).
وهذا نص صريح واضح في ترادف النسخ والاستثناء عندهم، وقس عليه غيره من المصطلحات الأخرى.
الثالث: أن يُنسخ توهمُ معنى غير مراد بالآية (ينظر: فتاوى شيخ الإسلام 13:272 ـ 273).
وذلك مثل ما رواه مسلم عن أبي هريرة، قال: ((لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
فلما أقر بها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير).
فلما فعلوا ذلك نسخها الله، فأنزل الله: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا))).
فعبارة أبي هريرة: (نسخها)، أي: نسخ المعنى المتوهم في الآية الأولى.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (14: 106): (( ... والمقصود هنا أن قوله تعالى: (وإن تبدوا ما فى انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)) حق، والنسخ فيها هو رفع فَهْمِ من فَهِمَ من الآية ما لم تدل عليه، فمن فَهِمَ أن الله يكلف نفسا ما لاتسعه، فقد نسخ الله فهمه وظنَّه، ومن فَهِمَ منها أن المغفرة والعذاب بلا حكمة وعدل فقد نسخ فهمه وظنه، فقوله: (لايكلف الله نفسا إلا وسعها) ردُّ للأول. وقوله: (لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت) رد للثاني ... )).
وقال في الفتاوى (14: 69): ((وكثير من السلف يريد بلفظ النسخ رفع ما يُظن أن الآية دالة عليه)).
وهذا المثال الوارد عن أبي هريرة يمكن أن يدخل في بيان المجمل، غير أنه يقع فيه فهم غير مراد فتأتي الآية الأخرى ببيان المراد، فيرتفع المعنى الذي ألقي في نفوسهم، بخلاف المجمل الذي لا يبين المراد منه أولاً.
فإذا وقع فهم لها منه ثم جاء البيان بآية أخرى، فهو من القسم الثالث، وإن لم يقع فهم أوليُّ، بل كان المعنى مشكلاً مطلقًا، ثم جاء البيان بآية أخرى فهو من قبيل المجمل.
والذي يدل على نسخ المعنى الذي يقع في الأفهام، قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج:52).
3 ـ إذا تبينت أحوال النسخ عند السلف، فالذي يظهر لي أن ابن عباس قد أغرب في عبارته، وأن مراده أن يرفع توهم وقوع النكوص عن هذا الأمر المكروه، وعدم الرضا به من الصحابة الكرام، إذ قوله تعالى: (سمعنا وأطعنا) فيه إشارة إلى وقوع امتثال الأمر، والآية فيها إلماح بغير ذلك في قوله (وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم)، إذ قد يقع في الذهن احتمال عدم الرضا أو العمل، فأراد ابن عباس أن ينفي هذا الاحتمال، وأن يبين أن الصحابة كان أمرهم على الامتثال.
وهذا التخريج ـ مع غرابته ـ مطروح للمدارسة في فهم عبارة ابن عباس رضي الله عنه، وباب تخريج الأقوال أوسع من باب الاستدلال.
ويظهر من هذا المثالين أنَّ الإمام الطبري رحمه الله تعالى لم يكن يُعْمِلُ مصطلح السلف في النسخ، ولذا كان يعترض على مثل هذا المثال، وفي هذا فائدة علمية ذات خطر، وهي أن تعرف مصطلح كلِّ قوم، ولا تحمل كلامهم على مصطلح غيرهم، فتقع في الخطأ.
مسألة متممة لمبحث النسخ عند السلف:
يقع السؤال عن كيفية إدراك أن السلف أرادوا بلفظ النسخ غير النسخ الاصطلاحي؟
والجواب أن يقال:
إن كان النص الذي ورد عليه لفظ النسخ خبرًا، فاحمله على مطلق الرفع لجزء من معنى الآية، ويمكن أن يصطلح عليه بالنسخ الجزئي.
ثم ابحث عن الأنسب له من تقسيمات المتأخرين، فقد يكون تقييد مطلق، وقد يكون بيان مجمل، وقد يكون تخصيص عامٍّ، وقد يكون استثناءً من مستثنى منه.
ولا يصح بحال أن يكون مرادهم بالنسخ هنا النسخ الكلي للمعنى؛ لأن هذا النسخ الكلي لا يأتي إلا في الأحكام.
وإن كان النص الذي ورد عليه لفظ النسخ حُكمًا شرعيًا، فإنه لا يُصار إلى الحكم بمراد الواحد منهم أنه أراد النسخ الكلي في اصطلاح المتأخرين إلا إذا دلت عبارته على ذلك، أما إذا كانت عبارةً مطلقة فالأولى حملها على المناسب لها من تقسيمات المتأخرين من تقييد مطلق، أو بيان مجمل، أو تخصيص عامٍّ، أو استثناءً من مستثنى منه.
أما إذا كان النص مما ثبت فيه النسخ بلا إشكال، فالصحيح أن تُحمل عبارتهم على النسخ الاصطلاحي الكلي، والله أعلم.
ومن حرَّر النسخ على هذا السبيل بان له أنَّ النسخ الاصطلاحي الكلي لم يكن كثيرًا عند السلف، خلافًا لما توهمه بعض المعاصرين من كثرته عنهم، وراح يردُّ أقوالهم، ويخطِّئ أفهامهم.
والسبيل في التعامل مع أقوال السلف أن تبحث العلل والأسباب الموجبة لهم بهذا القول أو ذاك، وعدم الردِّ لها إلا بعد أن تنفذ السبل في قبول رأيهم أو توجيهه، ذلك أنَّ هؤلاء أعلم منا بكتاب الله، وأتقى منا لله، فلا يُشنَّع عليهم بسبب أقوالٍ لم نفهم نحن مرادهم بها، ولا أدركنا فقههم فيها، والاعتذار لهم في أقوالهم، وتخريجها على المخرج الحسن هو السبيل الأمثل الأقوم، والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jan 2004, 09:44 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[العيدان]ــــــــ[13 Jan 2004, 04:11 ص]ـ
بسم الله
شكرا الله سعيك يا شيخ مساعد ..
وهل كتاب ابن جريرالذي في الأصول مطبوع؟ وإن لم يكن هل هناك نسخ خطية له؟
وهل لابن جرير آراء أصولية مما ثلة؟
و جزاك الله خيرا ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jan 2004, 06:58 ص]ـ
لا أعرف أن لابن جرير كتابًا مطبوعًا ولا مخطوطًا كذلك، إذ كتابه في هذا الباب يُعدُّ من المفقودات.
أما هل يمكن أن تتكون مادة أصولية من خلال كتبه، فأرجو أن لا يُعدم الباحث فيها تكوين بحث مختصر في ذلك، وإن كانت إشارات، لكنها قد تعطي شيئًا من البحث الأصولي عنده.
وإذا كان لك نظر في هذا الباب، فلن تُعدم من أن تجد في كتبه ما يفيد في ذلك، وارجع إلى تفسيره لقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)، وإلى غيرها من ترجيحاته التي هي مبنية على الأصول.
أسأل الله أن ييسر لي ولكم الأمور إن ولي ذلك والقادر عليه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 12:20 م]ـ
إن كان النص الذي ورد عليه لفظ النسخ خبرًا، فاحمله على مطلق الرفع لجزء من معنى الآية، ويمكن أن يصطلح عليه بالنسخ الجزئي.
ثم ابحث عن الأنسب له من تقسيمات المتأخرين، فقد يكون تقييد مطلق، وقد يكون بيان مجمل، وقد يكون تخصيص عامٍّ، وقد يكون استثناءً من مستثنى منه.
ولا يصح بحال أن يكون مرادهم بالنسخ هنا النسخ الكلي للمعنى؛ لأن هذا النسخ الكلي لا يأتي إلا في الأحكام ..
ومن صور نسخ الخبر أن ينسخ لفظه لا حكمه.
فصار النسخ الاصطلاحي لا يقع في الأخبار إلا في حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون معناه الطلب؛ فهو خبر بمعنى الأمر أو النهي.
الحالة الثانية: أن ينسخ لفظه دون حكمه، ولهذا أمثلة كثيرة.(/)
إستشارة عاجلة
ـ[محمد جرامون]ــــــــ[28 Dec 2003, 08:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم محمد عضو جديد بالموقع و قد وجدت هذا الموقع خلال رحلة بحث في تفسير و أسباب نزول آيات حول النصاري كانت موضع خلاف و جدل بيني و بين أخوة لي في الإسلام و عدد من النصاري المتابعين لحوارنا و كان الحوار منصبا حول أن النصاري الذين ذكرهم الله تعالي في الايات (لتجدن أقربهم مودة) هم الذين آمنوا و أسلموا بعدما عرفوا الحق طبقا لما ورد بكتب التفاسير و لكن أحد الاخوة قال لي كيف يذكر لفظ النصاري علي الفئتين المؤمنة و التي ذكرت مثلا في الآية السابقة و علي الكافرين منهم عندما قال الله تعالي (و قالت النصاري المسيح إبن الله) و غيرها من الآيات.
لذا أرجوا من الاخوة الكرام ممن من الله عليهم بنعمة علوم القرآن و التفسير و أسباب النزول أن يدلوني عن ذلك الامر المبهم لي.
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[28 Dec 2003, 01:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما ذكرتم من أن المراد بالنصارى في قوله تعالى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) هم الذين أسلموا منهم، ففيه نظر فقد ذكر الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير أن المراد بالنصارى هنا الباقون على دين النصرانية لا محالة، لقوله: ((أقربهم مودة للذين آمنوا)) فأما من آمن من النصارى فقد صار من المسلمين.
ولا تعارض فيما يظهر لي بين ذلك وبين ما نقل من اتفاق المفسرين على أن الآيات نزلت في النجاشي وأصحابه رضوان الله عليهم لإمكانية حمل الآية على حالهم قبل إعلانهم الإسلام.
ـ[محمد جرامون]ــــــــ[28 Dec 2003, 03:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ أضواء البيان
شكر لك سرعة ردك الذي يدل علي حب فعل الخير.
ولكن اخي الحبيب أطمع في زيادة الشرح حول هذه النقطة التي كانت محور إجابتك وهي:
ولا تعارض فيما يظهر لي بين ذلك وبين ما نقل من اتفاق المفسرين على أن الآيات نزلت في النجاشي وأصحابه رضوان الله عليهم لإمكانية حمل الآية على حالهم قبل إعلانهم الإسلام
حيث أنها قد تكون غير واضحة لغير المتعاطين مع علوم القرآن تفسيرا و أحكاما و أسبابا للنزول.
وفقكم الله لما فيه خير المسلمين.
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[28 Dec 2003, 08:13 م]ـ
أردت بما كتبت أن الآيات تكون قد نزلت في النجاشي وأصحابه حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ القرآن، فنقول أنهم وإن أسلموا فيما بعد إلا أن الآيات وصفت حالهم قبل إسلامهم(/)
كشف الصلصلة عن وصف الزلزله
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[29 Dec 2003, 07:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله دافع النقم بلطفه عن عباده المؤمنين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن اقتفى اثرهم وأحبهم وتمسك بهديهم الى يوم الدين ............................ وبعد
كلنا سمعنا ماحدث في بلاد كرمان التي هي داخلة الآن في بلاد فارس ـ نعوذ بالله من سخطه وأليم عقابه ـ ولي هنا وقفات،لا يخرج مضمونها عن تعلق بآيه من كتاب الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
الأولى: حول قوله تعالى في سورة الانعام (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) في معرض تقرير للتوحيد مع أعدائه المشركين،والناظرالى* كتب التفسير، يجد هناك خلافا بينهم ـ رحمهم الله ـ هل هذا وعيد للمشركين،أم المؤمنين،أم لمن عمل عمل المشركين من المؤمنين.
ففي ضؤ هذه النازلة المروعة بتلك البلاد،حبذا لوينتدب أحد المعنيين بعلم التفسير، ليبين في ظلال هذه الاية الكريمة وغيرها من الايات المتعلقة بهذا الأمر، كثيرا من المسائل الجديرة بالكتابة والبحث
الثانيه:هذه الزلازل التي اخذت تتخطف الناس والبلدان من حولنا، وماهي الا نذر من نذر الساعة ـ ولاحول ولا قوة
إلا بالله ـ كما ثبت ذلك في البخاري مرفوعا من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ هل نحن بمعزل عنها مع كثرة المعاصي وفشوها ـ وهي من أهم اسبابها ـ وسكوت عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولاحول ولاقوة الابالله
الثالثه: هذه الزلازل وغيرها من خسوف وكسوف، يلاحظ تواردها تباعا، فمالذي غيرت من واقع الناس ـ بله نحن طلاب العلم وناشديه ـ مع أن العزيز الحكيم لا ينزلها الا تخويفا وزجرا أوعقابا وعذابا. اللهم سلم سلم.
الرابعه: (بم) بالفتح وتشديد الميم. قال ياقوت ـ رحمه الله ـ وهي مدينة جليلة نبيلة من أعيان مدن كرمان، وقد ذكر عن أهل كرمان: أنهم أهل سنة وجماعة وخير وصلاح.فهل مازالوا على عهد ياقوت رحمه الله أم أن الامر قد تبدل، والناس على دين ملوكها، فمن كان عنده فضل علم فليفدنا مشكورا. وهي بكل حال نازلة يجب أن ترق لها قلوبنا فرقا أن يحل بنا ما حل بهم.
ختاما:
ما أحوجنا أيه الاخوة الكرام إلى مايرقق قلوبنا، فهذا كتاب ربنا هل نلتمس الدواء في غيره؟ قد ضللنا إذا وما نحن من المهتدين، حسبي أني قد اثرت الموضوع، وأترك لمن هم أعلم مني بكتاب الله،أن يدلو بمافتح الله عليهم في ظلال هذه الايةالكريمة، أو ما يرونه.
ورحم الله ابن قتيبة خطيب أهل السنة، كماسماه شيخ الاسلام ـ قدس الله روحه ـ حيث قال: (كان طالب العلم فيما مضى، يسمع ليعلم، ويعلم ليعمل، ويتفقه في دين الله لينتفع وينفع.وقد صار الآن: يسمع ليجمع، ويجمع ليذكر، ويحفظ ليغلب ويفخر) هذا والناس ناس والزمان زمان، فليت شعري كيف لورآنا.فألله الله من تغلب الصنعه، وزغل المناصب.*
اللهم إنا نعوذ بك من أن نقول مالانعلم، كمانعوذبك أن نتكلف مالانحسن.
حاشيه:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عنوان الموضوع،رسالة للسيوطي رحمه الله
*فائده: اذا استعمل النظر بالى افاد الرؤيا البصريه، وبفي الفكريه، وبللام الرأفه، وبدون صلة الانتظار.
*ينظر كتاب زغل المناصب لابن طولون رحمه الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2005, 03:40 ص]ـ
تحية أخوية للأخ الكريم ابن الشجري على كتابته لهذا الموضوع في وقته، بعد وقوع الزلزال في إيران. وقد وقع بعده الزلزال الذي نتج عنه من الخسائر أضعاف ما حدث في إيران. وذلك في أحد عشر بلداً، منها الكثير من الدول الإسلامية في شرق آسيا. فأحببت رفع الموضوع مرة أخرى لسببين:
الأول - الاعتبار بما حدث من هذا الدمار الهائل بسبب هزة لم تستمر إلا ثوانٍ، والذنوب والمعاصي وأثرها المدمر في حياتنا إذا سكتنا عنها، والتزمنا الصمت، ولاذ كل منا بخاصة نفسه، خوفاً من الحرج ممن يرتكب المنكرات، أو غير ذلك. والله قد حذرنا تحذيراً صريحاً بقوله: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة). وهذه العقوبات ذهبت بالجميع. وما حديث خرق السفينة عنكم بغائب ولا مجهول! أسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر، وأن يجعل ما حدث تكفيراً للسيئات، وعبرة لمن أنجاه الله منا ومنهم. والحمد لله رب العالمين في كل حال.
والثاني - السؤال عن أخي ابن الشجري، أين ذهبت به الحياة؟ أسأل الله أن يكون بخير وعاففية في دينه ونفسه وأهله وماله، وأن لا يريه مكروهاً ولا أحد من إخواننا المسلمين. أرجو أن نرى عودته، ونفرح بمشاركته.(/)
مالفرق بين (أربعين ليلة) و (ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)؟
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[29 Dec 2003, 12:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي عن مواعدة الله عز وجل لموسى عليه السلام المذكورة في القرآن
لم ذكر سبحانه وتعالى في سورة البقرة أنها (أربعين ليلة)
ثم ذكر في سورة الأعراف أنها (ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[المنهوم]ــــــــ[29 Dec 2003, 09:49 م]ـ
في البقرة ذكرها بجموعها بدون بيان التفصيل وفي الثانية بين سبحانه التفصيل وهو ان الله سبحانه وعد موسى ثلاثين ليلة ثم طلب موسى من ربه ان يزيده عشرا فزاده فاصبح المجموع اربعين ليلة .......... والله اعلم
ـ[علي جاسم]ــــــــ[03 Mar 2005, 10:56 ص]ـ
أولا أخي الكريم اعلم أن الفرق بين الكمال والتمام هو أن الكمال حالة تقبل الزيادة ولا تقبل النقص بينما التمام حالة تقبل النقص ولا تقبل الزيادة لذلك أحس بعض الصحابة بقرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله قوله {وأتممت عليكم نعمتي} .. ولنعد لموسى .. اعلم اخي الكريم أن كمال العدة هو ثلاثين ليلة وتمامها الأربعين .. أما لماذا ذكر تعالى هنا الأربعين ليذكر هناك الثلاثين ثم العشر فلأن القضية التي سينتقل لها سياق الآيات قضية لا تتعلق بإيمان موسى فهي تتعلق بكفر قومه فليس هنالك موجب لتفصيل الحالة الإيمانية لموسى على عكس الأعراف إذ انتقل السياق ليعرض لنا قضية تمس إيمان موسى {رب أرني أنظر إليك} لذك اقتضت الحالة ذكر تفصيل المرحلة الإيمانية أو لنقل الاستعداد الإيماني لموسى والذي سيواجه به هذا الموقف لذلك قال موسى بعد هذا امشهد {وأنا أول المؤمنين} .. والله أعلم ..(/)
صفات نصرة الدين ((دراسة لآية المائدة)) موضوع مهم
ـ[متعلم]ــــــــ[29 Dec 2003, 11:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معز أوليائه ومذل أعدائه، حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فإن الله قد أنعم علينا بأن جعلنا خيرَ أمةٍ أُخرجتْ للناس قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}، وبما تفضل به علينا أن أرسلَ إلينا خاتمَ الأنبياءِ صلى الله عليه وسلم مُنْزِلاً معه خير الكتب، متعهداً بحفظه قال تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} وقال سبحانه: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. فجعل الله القرآن هدىً ونوراً، من آمن به هداه، ومن زاغ عنه ضل وتاه، قال ابن عباس: " تكفل الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ". وإن منه المحكم ومنه المتشابه. والواجب اتباع المحكم والعمل به، والإيمان بالمتشابه.
* * *
ومن آياته المحكمات التي يجب اتباعها والسعي في تحصيلها قوله تعالى: {يا أيها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}. إن هذه الآية من الأهمية بمكان، فهي نور وبصيرة لمن أراد نُصْرَةَ الدِّينِ، وأراد عُلوَّ شَأْنِ المؤمنين، لاسيما في مثل هذا العصر الذي ضَعُفَ فيه المسلمون – إلا من رحم الله - فأصبحوا شذر مذر، كالغنم الشاتية في ليلة مطيرة، تتناولهم السباع من كل حدب وصوب، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، ولذا سوف نقف مع الآية السابقة المحكمة، فهي وأيم الله هدى من كل ضلال، ونور من كل ظلام.
فإن اللهَ جعلَ فيها صفات القوم الذين سيكون النصر على أيديهم والظفر لهم وهذه الصفات هي:
1 - محبة الله لعباده
2 - محبة العباد لربهم
3 - الذلة على المؤمنين
4 - العزة على الكافرين
5 - الجهاد في سبيل الله
6 - عدم مخافة الملامة من الخلق في شرع الله
* * *
فإن هؤلاء القوم الذين قد اتصفوا بهذه الصفات سيكونون بدلاً من القوم الذين تخلوا عن نصرة الدين ونشر التوحيد والعمل به لأنهم أصبحوا غيرَ أهلٍ لأن يقومَ الدِّينُ على أكتافهم فهانوا على الله فاستبدلهم، وهذه سنةُ اللهِ الكونية الشرعية التي لا تبديل لها، قال تعالى: {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين}، وقال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}، ولأن هذا الدينَ منصورٌ وباقٍ إلى قيام الساعة ولذا لا بد مِنْ وجود مَنْ يقوم به وهذا متمثلٌ في الطائفةِ المنصورةِ والتي سَتَظَلُ قائمةً إلى يوم القيامة بوعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
* * *
وسنتطرق في هذه العجالة لهذه الآية من سورة المائدة، إشارة لمعناها، ووقوفاً مع هذه الصفات الجليلة.
فقد اختلف المفسرون في تحديد الردة المقصودة، ومَنْ يكون هؤلاء القوم؟ وقد أطال فيها المفسرون الكلام، وسنُشِير إلى طَرَفٍ منه مع الوقوف على القول الصحيح. فقد قال البغوي: " قال الحسن: عَلِمَ اللهُ تبارك وتعالى أن قوماً يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه يأتي بقوم يحبهم ويحبونه، واختلفوا في أولئك القوم مَنْ هم؟ فقيل أبو بكر وأصحابه، وقيل هم الأشعريون، وقيل هم أحياء من اليمن ". وذكر ابن الجوزي في (زاد المسير) ستة أقوال في المراد بالقوم في الآية.
واختلفوا في تحديد الردة المقصودة على أقوال كثيرة. حتى إنهم أحصوا الردة التي حصلت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر.
والصحيح أن الآيةَ شاملةٌ لجميع ما ذكروه، حيث إنها مِنْ ذِكْرِ المغيبات وكل ردة حصلت وقُمعت وانتصر المسلمون بعدها فهي داخلةٌ ضمن هذه الآية، ولا وجه لتقييد قوم دون آخرين، أو تخصيص ردة دون غيرها، وهذه الآية باقية إلى قيام الساعة، جارٍ العمل بها، وهي منبع الطائفة المنصورة، منها يشربون نهلاً بعد عللٍ.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن عطية: " قال الحسن بن أبي الحسن ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وقتادة: نَزلتِ الآيةُ خِطاباً للمؤمنين عامة إلى يوم القيامة". وقال الطاهر بن عاشور: " فكل أمة أو فريق أو قوم تَحَقَقَ فيهم الوصفُ فهم مِنِ القوم المنوه بهم ". وقال شيخ الإسلام: " وهذه حال من قاتل المرتدين وأولهم الصديق ومن اتبعه إلى يوم القيامة ".
والقاعدة المشهورة في أصول التفسير أن" العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب". وهذا إذا وردتِ الآيةُ لسبب خاص، فتكون أحكامها عامة، ولا يظل حكمها حبيس من نزلت في شأنه، بل يدخل فيها من نزلت فيه وتبقى للأمة عامة، وهذه الآية لم يذكرِ المفسرون سبب نزول لها صحيحاً صريحاً، فمن باب أولى إبقائها عامة كما أُنزلت.
فلقد تَحقق وَعْدُ اللهِ مرةً ومرات، وسيظل متحققاً وواقعاً ما قام المسلمون بهذه الأوصاف، وَوَعْدُ اللهِ مَذْخُور لكل مَنْ يتحلى بهذه الأوصاف الجليلة.
وإن هذه الآية جاءت في سياق التحذير من موالاة اليهود والنصارى، وإن ذلك سبب في الردة، وإذا ارتدوا فإنهم ليسوا بأهلٍ لنصرة الدين، قال القاسمي: " لمّا نهى تعالى – فيما سلف- عن موالاة اليهود والنصارى، وبَيّنَ أن موالاتهم مستدعية للارتداد عن الدين بقوله: {فإنه منهم} وقوله: {حبطت أعمالهم} شرع في بيان حال المرتدين على الإطلاق ونوه بقدرته العظيمة، فَأَعْلَمَ أنه مَنْ تولى عن نُصْرَةِ دينه وإقامة شريعته، فإن الله سيستبدل به من هو خيرٌ لها منهم، وأشد منعة، وأقوم سبيلاً". وقال البقاعي: " {من يرتد منكم عن دينه} معناه موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله، فيوالون أعداءه ويتركون أولياءه، فيبغضهم الله ويبغضونه، ويكونون أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين، فالله غني عنهم {فسوف يأتي الله} بوعد صادق لا خلف فيه {بقوم} يكون حالهم ضد حالهم يثبتون على دينهم". أهـ
فبَيّنَ المولى عز وجل أن فئاماً من الناس سيرتدون عن دينهم ويُعْرِضون عنه، ولكن لن يتركَ اللهُ هذا الدينَ يضيع بل سيأتي الحكيم الخبير بفئام آخرين ينصرون الدين ويُعِزُّونَه ويعزرون أصحابه، متصفين بصفات جليلة كريمة، وهذا بفضل الله وكرمه وحكمته، وهو صاحب الفضل والكرم. وقال السعدي: " يخبر تعالى أنه الغني عن العالمين، وأنه من يرتد عن دينه، فلن يضر الله شيئاً، وإنما يضر نفسه، وأن لله عباداً مخلصين ورجالاً صادقين قد تكفَّلَ الرحمنُ الرحيمُ بهدايتهم وَوَعَدَ بالإتيان بهم، وأنهم أكمل الخلق أوصافاً وأقواهم نفوساً وأحسنهم أخلاقاً".
* * *
وبعد أن أوضحنا معنى الآية إجمالاً، نقف مع صفات نَصَرَةِ الدِّينِ وحُمَاةِ الشريعة:
بَيَّنَ اللهُ أنه بعد ضعف الإيمان وتلاشيه من قلوب عباده بسبب غيهم وضلالهم وتقصيرهم في حقوق ربهم، فإنه يستبعدهم عن استخدامهم في نصرة دينه لأنهم قد أصبحوا غير مؤهلين لهذه المنزلة الشريفة، والمكانة الرفيعة، لأنهم عن نصرة الدين قد ضلوا، وحينئذ فقد خابوا وخسروا. وبين أن مَنْ يأتي بهم تتوفر فيهم ستُ صفاتٍ هي أهم المقومات التي يتصف بها المصلحون الجُدُدُ والذين سيَقُومُ الدينُ على كواهلِهم وسيتحملون أعباءَه، قال الشوكاني: " وصف سبحانه هؤلاء بهذه الأوصاف العظيمة، المشتملة على غاية المدح ونهاية الثناء ".
* * *
ولولا أهمية هذه الصفات عن غيرها لما اكتفى بذكرها هنا دون سواها والمقام يقتضي التوضيح والتبيين لصفات من سَيَنْصُرُ الدِّينَ حين يقع الضعف والخمول. والقاعدة الشرعية تقول: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. فذِكْرُه هنا لهذه الصفاتِ، صفاتُ نَصَرَةِ الدِّينِ وحُمَاةِ العقيدةِ، والاقتصار عليها، لدليلٌ على عِظَمِها وأهميتِها، بالإضافة لقيامهم بالواجبات وهذا لا نزاع فيه بل هو من البدهيات. وقد جاء وَعْدُ اللهِ باستخلاف عبادِه الصالحين مُجْمِلاً لصفاتهم في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً}. فهذا وَعْدٌ مِنَ الله بأن يستخلف الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتكون لهم السيطرة في الأرض، ونفوذ الكلمة، والسبب في هذه القوة والتمكين هو الإيمان والعمل الصالح، ثم بَيّنَ هذا الإِجْمَالَ في الآية التي معنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
فكانت الأعمال الصالحة هناك هي الصفات الست هنا.
* * *
ولا يَظنُ ظانٌ أني أحصرُ الشخصيةَ الإسلامية بعموم في جميع الأزمنة والأمكنة في هذه الصفات الست، وإنما وَكْدِي أن نُصْرَةَ الدينِ تَشْتَرِطُ توفرَ هذه الصفات وبدونها لا يتم التمكين لعباد الله. فصفات المُسْتَخْلَفِين محصورة للقيام بواجب الاستخلاف في هذه الصفات. وإن هذه الصفاتِ لجليلةٌ عظيمةٌ يَنْبَغِي إِفرَادُ كلِ صفةٍ بحديثٍ مُسْتَقِلٍ عنها، ولكن نكتفي بِذِكْرِ طَرَفٍ مِنَ الحديث. وما لا يُدْرَكُ كُلُّه لا يُتْرَكُ جُلُّه. والآن وقت الشروع في الحديث عن هذه الصفات الجليلة القدر، العظيمة النفع.
* * *
الصفة الأولى والثانية ـ المحبة: {يحبهم ويحبونه}
وهي محبة الله لأوليائه، ومحبتهم له. وهي متبادلة بين الطرفين، والأولى نتيجة للثانية، فإن العبد إذا سار في طاعة الله ومرضاته واتبع هداه، وبَعُدَ عن معاصيه وسخطه، واجتنب الضلال، بَلَغَ مرتبةَ المحبةِ فأصبح مُحِبّاً لمولاه، ساعياً في رضاه، باذلاً كل ما يستطيع في سبيل تحقق مناه. وإن منزلةَ المحبةِ لمنزلةٌ عظيمةٌ قال ابن القيم واصفاً هذه المنزلة: " وهي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى عَلَمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبِرَوْحِ نسيمها تروّح العابدون، فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون، وهي الحياة التي مَنْ حُرمها فهو مِن جملة الأموات، والنور الذي مَنْ فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي مَنْ عدمه حلَّت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي مَنْ لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام ". وقال السعدي عنها: " أجل صفاتهم أن الله {يحبهم ويحبونه} فإن محبة الله للعبد هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبداً، يسر له الأسباب، وهون عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد. ومن لوازم محبة العبد لربه أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً في أقواله وأعماله وجميع أحواله، كما قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، كما أن من لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح- فيما يرويه عن ربه -: " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه "، ومن لوازم محبة الله معرفته تعالى والإكثار من ذكره، فإن المحبة بدون معرفة الله ناقصة جداً، بل غير موجودة، وإن وُجِدت دعواها، ومن أحب الله أكثر من ذكره، وإذا أحب الله عبداً، قَبِلَ منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من الزلل ". أهـ
* * *
ولِمَا للمحبة من منزلة جليلة جعل الله لإثباتها اختبارًا وامتحاناً بقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، فجعل اتباعَ الرسولِ دليلاً على صدق دعوى المحبة. ولا يتم تحصيل هذه المحبة إلا بهذه المتابعة في فعل الأوامر واجتناب النواهي، وبذل الوسع في تحقيقها، وكلما ارتقى العبد في المتابعة ارتقى في سُلَّمِ المحبة حتى يصبح من أحباب الله وأوليائه، فبه يسمع ويبصر، وبه يمشي ويبطش. يَسِيرُ في حِفْظِ اللهِ وتَدْبِيرِه فَنِعْمَ السير ذالكم المسير.
وإن المحبة شطر العبودية، فقد عرف شيخُ الإسلامِ العبوديةَ بأنها غاية الذل وغاية الحب. فهي شطر العبودية، قال ابن القيم: " ومعقد نسبة العبودية هو المحبة، فالعبودية معقودة بها، بحيث متى انحلت المحبة انحلت العبودية ".
وقَدَّمَ اللهُ في الآية صفةَ المحبةِ على غيرها من الصفات لأنها أصل كل سعادة، وقدم محبته تعالى على محبتهم لشرفها وسَبْقها. ووقع الوصف في جانب المحبة بالجملة الفعلية، لأن الفعل يدل على التجدد والحدوث وهو مناسب.
* * *
الصفة الثالثة / الذلة على المؤمنين: {أذلة على المؤمنين}
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد وَصَفَ اللهُ الودودُ الرحيمُ عبادَه المؤمنين في محكم التنزيل بالشفقة والرحمة في تعاملهم فيما بينهم، كحال قدوتهم وإمامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى في وصف رسول الله: {بالمؤمنين رءوف رحيم}، وقال في نعته ونعت متبعيه: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}.
قال ابن جرير عن معنى {أذلة عليهم}: أرقاء عليهم، رحماء بينهم، من قول القائل: ذل لفلان إذا خضع له واستكان. ثم ساق بسنده عن علي رضي الله عنه: أهل رقة على أهل دينهم ". وقال ابن عطية: "معناه متذللين من قِبَلِ أنفسهم غير متكبرين كقوله عليه الصلاة والسلام: " المؤمن هَيِّنٌ لَيِّنٌ " ".
وليس المعنى هنا من الذل والهوان لأن ذلك ليس من صفة أولياء الله، ألا تقرأ الحديث الوارد في دعاء الوتر: " ولا يذل من واليت "، وحديث: " ما ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه "، قال السمعاني: " ليس من الذل، وإنما هو من الذلة وهي اللين ". وقال البغوي: " يعني أرقاء رحماء كقوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} ولم يرد به الهوان، بل أراد به أن جانِبَهم لَيِّنٌ على المؤمنين".
وقال السمين الحلبي: " أذلة جمع ذليل بمعنى متعطف، ولا يُراد به الذليل الذي هو ضعيف خاضع مهان، ولا يجوز أن يكون جمع (ذَلُول) لأن ذلولاً يجمع على (ذُلُل) لا على (أذلة) وبه قال الزمخشري، والمعنى عاطفين على المؤمنين على وجه التذلُل لهم والتواضع، ويجوز أن يكون المعنى: أنهم مع شرفهم وعلوِّ طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم، ووقع الوصف في جانب التواضع للمؤمنين والغلظة على الكافرين بالاسم الدال على المبالغة دلالةً على ثبوت ذلك واستقراره وأنه عزيزٌ فيهم، والاسم يدل على الثبوت والاستقرار، وقدم وصفهم المتعلق بالمؤمنين على وصفهم المتعلق بالكافرين لأنه آكد وألزم منه، ولشرف المؤمن أيضاً ". أهـ
والمعنيان الذان ذكرها الحلبي واقعان في صفة المؤمنين لاختلاف طبقات معيشتهم، ولذا استعمله بحرف الاستعلاء (على) بدلاً من اللام، إشارة لحقيقة وضعهم العزيز، ولتضمنه معنى العطف والحنو، أو للتنبيه على أنهم مع علو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خاضعون لهم.
* * *
وإن لهذه الصفةِ مظاهرَ عديدةً منها محبة المؤمن وموالاته، والشفقة عليه، والألفة والإخاء والتواضع فيما بينهم، والإيثار، وسلامة الصدور، والذب عنهم، والعطف على الصغير، واحترام وتقدير الكبير وذي الشيبة، وإنزال الناس منازلهم، والصدق في التعامل، ومنها حقوق المسلم على أخيه، وغيرها كثير.
قال ابن كثير عن هذه الصفة: " هذه صفات المؤمنين الكُمَّل أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه، متعززاً على خصمه وعدوه، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم " الضحوك القتال " فهو ضحوك لأوليائه قَتّال لأعدائه ".
ولم يقتصر المولى عز في علاه على صفة الذلة على المؤمنين لأنه ربما توهم البعض أن ذلك لضعفهم وهذا خلاف المقصود فأتى على سبيل التكميل بصفة العزة على الكافرين وهي شقيقتها وهي التالية.
* * *
الصفة الرابعة / العزة: {أعزة على الكافرين}
وفي مقابل الصفة السابقة، يقابلون أعداءهم الكفار بالعزة والغلظة، معتزين بدينهم، مترفعين بإيمانهم، لا خضوع ولا خنوع لأعداء الدين، أنوفهم في السماء مستشعرين قول العزيز الكبير {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} وقول عمر بن الخطاب: " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله "، محتسبين أجرهم عند الله، باحثين عن رضا ربهم قال السعدي: فالغلظة والشدة على أعداء الله تقرِّب العبد إلى الله ويوافق العبد ربه في سخطه عليهم. إذن نِعْمَ العبادة تلك التي يوافق فيها العبدُ ربَه ومولاه.
قال ابن جرير: أشداء على الكافرين، غُلَظَاء بهم، من قول القائل: إذا أظهر العزة من نفسه، وأبدى له الجفوة والغلظة، - ثم ساق بسنده – عن علي رضي الله عنه قال: أهل غلظة على من خالفهم في دينهم. وقال البغوي: أشداء على الكفار يُعادونهم ويغالبونهم، من قولهم: عَزَّه أي غلبه، قال عطاء: أعزة على الكافرين كالسبع على فريسته. أهـ
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا بد من إظهار هذه العزة والغلظة، ولا يُكْتَفَي بما داخل القلب، ولا يعني هذا الظلم و التعدي على من لا يستحق ذلك منهم، كالمستأمنين والمعاهدين وأهل الذمة، أو في حال السِلْمِ، ولكن بالقيام بالواجب المطلوب من عدم الخضوع لهم وعدم الإعجاب بما عندهم والانبهار بما وصلوا إليه من رقي وتقدم في الصناعات، والعمل بما جاء في الشريعة من اضطرارهم لأضيق الطريق، وعدم بدئهم بالتحية، وتطبيق الشُروطِ العُمَرِيّةِ عليهم، مع ما يَظْهَرُ على المؤمنِ مِنْ العِزَّةِ عليهم، ولا يتعارض هذا مع دعوتهم والإحسان إليهم بما يتماشى مع ديننا الحنيف، وبدون تمييع لقضايا الأمة بِحُجِّةِ كَسْبِهم وتَأَلُفِ قُلوبِهم. ولكل موضع ما يلائمه، فللحرب ما يناسبها من إظهار القوة والخيلاء في مواطن القتال، ومن بذل الجهد في تقتيلهم بضرب الأعناق وفوق كل بنان، وأخذ أموالهم غنائم، ونساءهم سبايا، ومعاملتهم بما شرع الله في حال الحرب كما قرره الفقهاء في كتبهم في كتب الجهاد، ولحال السِلْمِ ما يلائمها، والمهم هو إظهار العزة، وعدم الاكتفاء بما في القلب، كما سبق في كلام ابن جرير، و قال البقاعي: " أي يظهرون الغلظة والشدة عليهم، لعلمهم أن الله خاذلهم ومهلكهم، وإن اشتد أمرهم وظهر علوهم وقهرهم". وقال الشوكاني: " يظهرون الشدة والغلظة والترفع على الكافرين ".
قال سيد قطب: " فهؤلاء فيهم على الكافرين شِماس وإباء واستعلاء، ولهذه الخصائص هنا موضع، إنها ليست العزة للذات، ولا الاستعلاء للنفس، إنما هي العزة للعقيدة، والاستعلاء للراية التي يقفون تحتها في مواجهة الكافرين، إنها الثقة بأن ما معهم هو الخير، وأن دورهم هو أن يطوعوا الآخرين للخير الذي معهم لا أن يطوعوا الآخرين لأنفسهم، ولا أن يطوعوا أنفسهم للآخرين وما عند الآخرين! ثم هي الثقة بغلبة دين الله على دين الهوى، وبغلبة قوة الله على تلك القوى، وبغلبة حزب الله على أحزاب الجاهلية .. فهم الأعلون حتى وهم ينهزمون في بعض المعارك، في أثناء الطريق الطويل".أهـ
* * *
وإن هذه الصفة أَضْحَتِ اليوم في عداد المفقودات في هذا الزمن الغابر، حتى إنك ترى المسلمين خاضعين ذليلين لأعداء الدين يسترحمونهم ويستعطفونهم بشهوة أو بشبهة وكلاهما في حاصل الأمر سيان، ويقلدونهم في الملبس والمأكل، حتى أمسوا قدوة لهم، فتقمص المسلمون رداء الذلة، وارتدوا إزار الصغار بسبب هوانهم على الله، إلا مَنْ رحم ربي. والبعضُ ضَّلَ طَرِيقَ العِزَّةِ فظنوها في مجرد جَمْعِ الأموال أو الجلوس عند الملوك وذوي الجاه، قال ابن تيمية: قال بعض الشيوخ: " الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا في طاعة الله ".أهـ
بينما العزة الحقيقية قاصرة على الالتزام بطاعة الله وإتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
فسبحان ربي جعل هؤلاء المتخاذلون الذلة لأعداء الدين، والعزة على المؤمنين. فعجباً لحالهم ولصنيعهم. وبعد ذلك أمسوا يلومون ويخطئون من كان ذليلاً على المؤمنين، عزيزاً على الكافرين.
* * *
ومن المهم في الصفتين السابقتين النظر في ملاءمتها للحالة الواقعة، فيُرَاعِي الشخصُ الموقفَ الذي هو فيه وما يناسبه، قال الأمين الشنقيطي: ويُفهم من هذه الآيات أن المؤمن يجب عليه أن لا يلين إلا في الوقت المناسب للين، وألا يشتد إلا في الوقت المناسب للشدة، لأن اللين في محل الشدة ضعفٌ وخورٌ، والشدة في محل اللين حمقٌ وخرقٌ، وقد قال أبو الطيب المتنبي:
إذا قيل حلم قل فللحلم موضع وحلم الفتى في غير موضعه جهل
* * *
الصفة الخامسة / الجهاد: {يجاهدون في سبيل الله}
إن من المقرر عند العلماء أن لفظ الجهاد إذا أطلق فالمقصود به القتال في سبيل الله ولا ينصرف إلى غير هذا المعنى إلا بقرينة تدل على المراد، حيث إن الجهاد في الاصطلاح الشرعي يُقْصَدُ به القتالُ من أجل إعلاء كلمة الله، وإن ما عداه من ألوان بذل الجهد والمشقة إنما يدخل تبعاً في معنى الجهاد من باب التوسعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين *الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون}، فالجهاد لم يُقصدْ به هنا إلا المعنى القتالي، ويوضح ذلك ما جاء في سبب نزول هذه الآية من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: (كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صَلَّيْتُ الجمعةَ دخلتُ فاستفتيتُه فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عز وجل {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر} الآية.
فهذا يدل على أنهم لم يفهموا من الجهاد إلا معناه القتالي بدليل أنهم جعلوه في مقابلة أمور أخرى قد تدخل في الجهاد بمعناه العام مثل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، وقد جاء النص القرآني مقراً لهم على هذا الفهم، ولم يقل لهم إن كل هذا الذي ذكرتموه داخل في معنى الجهاد، ثم بين لهم أفضلية الجهاد أي القتال في سبيل الله على غيره من الأعمال.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرف الجهاد بذلك، وذلك لما سُئِلَ: ما الجهاد؟ قال: (أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم).
ويقول ابن رشد:" إن الجهاد في سبيل الله إذا أطلق فلا يقع بإطلاقه إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". وتعريفات الجهاد عند الأئمة في المذاهب الأربعة تدل على ذلك.
وإن للجهاد حكماً جمةً، والهدف الرئيسي له هو تعبيد الناس لله رب العالمين، وإخراجهم من العبودية لغير الله، وإزالة الطواغيت كلها من الأرض، والأدلة على هذا كثيرة ومنها: قوله تعالى في موضعين: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله "، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ". وهو موضع اتفاق بين علماء الإسلام. لا كما يزعم أهل الضعف والخور إن الجهاد للدفع وحماية المسلمين فقط!! فقد تلقوا هذه القالة عن أساتذتهم الإستشراقيين وتلقفوها صاغراً عن صاغر ..
* * *
وللجهاد أهداف أخرى منها على سبيل المثال: حماية الدولة الإسلامية، وإرهاب الكفار وإذلالهم، وأهداف تعود على المسلمين في ذوات أنفسهم مثل: رد الاعتداء على المسلمين، وكشف المنافقين، وتمحيص المؤمنين من ذنوبهم، والتربية على الصبر والبذل والثبات، والحصول على الغنائم، ونيل الشهادة.
* * *
وليُعلم أن للجهاد الأثر القوي في نشر الإسلام والدعوة إليه، قال ابن القيم في الفروسية: " فإن الله سبحانه أقام دين الإسلام بالحجة والبرهان، والسيف والسِّنان، فكلاهما في نصره أخوان شقيقان ". بل إن الكاساني اعتبر الجهاد ضرب من الدعوة إلى الله، فقال: " والدعوة دعوتان: دعوة بالبنان وهي القتال، ودعوة بالبيان وهو اللسان ".
وإن هذه الصفة مشتركة بين عمل القلب وعمل الجوارح وهو الأغلب، وما سبق أصله عمل قلبي، وما يظهر على جوارح المؤمن هو من لوازمها، ولكن هذه الصفة أصلها عمل للجوارح مدفوع من الباطن، وهي من أهم الصفات، ولا أبالغ إذا قلت إن هذه الصفة هي مَكْمَن ومحور الصفات السابقة، وهي مجمع لما مضى، قال أبو حيان: " والجهاد والصلابة في الدين هما نتيجة الأوصاف السابقة لأن من أحب الله لا يخشى إلا إياه، ومن كان عزيزاً على الكافر جاهد في إخماده واسئصاله ". وقال شيخ الإسلام: " والجهاد دليل المحبة الكاملة .. لأن المحبة مستلزمة للجهاد لأن المحب يحب ما يحب محبوبه، ويبغض ما يبغض محبوبه، ويوالي من
(يُتْبَعُ)
(/)
يواليه، ويعادي من يعاديه، ويرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، ويأمر بما يأمر به، وينهى عما نهى عنه. وقال أيضاً: فإذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد كان دليلاً على ضعف محبة الله ورسوله في قلبه". قال ابن القيم: " الجهاد في سبيل الله بالنفس واليد واللسان والمال وذلك تحقيق دعوى المحبة. وقال: وأعلى ما يحبه الله ورسوله الجهاد في سبيل الله ". وقال الطاهر بن عاشور: " وهو – أي الجهاد- أكبر العلامات الدالة على صدق الإيمان ". فالجهاد سنام الإسلام كما جاء في الحديث وتنتظم باقي الأعمال فيه، قال شيخ الإسلام معلقاً على حديث سنام الإسلام: " ولهذا كان الجهاد سنام العمل، وانتظم سنام جميع الأحوال الشريفة، ففيه سنام المحبة، كما في قوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم}، وفيه سنام التوكل، وسنام الصبر، فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل، ولهذا قال تعالى: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون. الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون}، وقال تعالى: {قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}، وفي الجهاد أيضاً حقيقة الزهد في الحياة الدنيا، وفيه أيضاً حقيقة الإخلاص .. وأعظم مراتب الإخلاص تسليم النفس والمال للمعبود".
لأنه لا شك أن من جاهد في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله فإنه سيكون محباً لله، عزيزاً على الكفار، فيه ذلة ورحمة لإخوانه.
* * *
ولِيُعلم أن فَقْدَ صِفَةِ الجهاد فيه خطر عظيم، حيث إن العبد يتلبس بشعبة من شعب النفاق من جراء ترك الجهاد أو عدم تحديث النفس به حيث جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من مات ولم يغز أو يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق "، وفي تركه أيضاً التعرض للذُل كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم "، وكذلك من آثار تركه إلقاء العداوة بين المسلمين، وعلو الكفر، إلى غير ذلك من آثار وخيمة. بل إن شيخ الإسلام قد اعتبر تارك الجهاد واجب الهجر كحال باقي أصحاب الكبائر حيث قال: " وجماع الهجرة هي هجرة السيئات وأهلها، وكذلك هجران الدعاة إلى البدع، وهجران الفساق، وهجران من يخالط هؤلاء كلهم أو يعاونهم، وكذلك من يترك الجهاد الذي لا مصلحة لهم بدونه، فإنه يعاقب بهجرهم له لمََّا لم يعاونهم على البر والتقوى، فالزناة واللوطية وتارك الجهاد وأهل البدع وشربة الخمر هؤلاء كلهم ومخالطتهم مضرة على دين الإسلام، وليس فيهم معاونة لا على بر ولا على تقوى فمن لم يهجرهم كان تاركاً للمأمور فاعلاً للمحظور".
وقال البقاعي على قول الله {يجاهدون في سبيل الله}: " أي يوقعون الجهاد على الاستمرار لمن يستحقه من غير ملال ولا تكلف". وقال الألوسي: بالقتال لإعلاء كلمته سبحانه وإعزاز دينه جل شأنه ". وقال السعدي: " يجاهدون بأموالهم وأنفسهم، بأقوالهم وأفعالهم ".
وهل المراد بهذا الجهاد هنا قتال المرتدين أم هو على إطلاقه؟ الظاهر الثاني، ولكنه يتناول المرتدين لاسيما في الصدر الأول من باب أولى.
وقال ابن القيم: " طُولِبَ المحبون بعدالة البينة بتزكية {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فهلموا إلى بيعة {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} فلما عرفوا عظمة المشتري، وفضل الثمن، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأناً، فرأوا من أعظم الغَبْن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس، فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي، من غير ثبوت خيار، وقالوا: (والله لا نقيلك ولا نستقيلك)، فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل لهم: مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت، وأضعافها معاً {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم من فضله} ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الإمام أحمد في فضل المجاهدين: " ليس يعدل لقاء العدو شيء، ومباشرة القتال بنفسه أفضل الأعمال،والذين يقاتلون العدو هم الذين يدفعون عن الإسلام وعن حريمهم، فأي عمل أفضل منه؟ الناس آمنون وهم خائفون، قد بذلوا مهج أنفسهم ". والكلام في فضل الجهاد والمجاهدين ذو شجون، لا يتسع له المقام.
الصفة السادسة / عدم خوف الملامة: {ولا يخافون في الله لومة لائم}
وهذه الصفة متعلقة بالصفة التي قبلها، لأن غالب الملامة تقع على العبد فيما فيه احتكاك بالناس ومواجهة معهم، من جهاد، ودعوة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وفي العموم فيما يخالف هوى الناس ..
وهذا من الابتلاء الذي يصيب العبد الناصر لدينه والباحث عن رضا ربه، يواجهه في دعوته إلى الله وفي جهاده وقيامه بالواجبات أيضعف؟ أم يصبر ويحتسب؟
وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في مبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم "، وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أراد الجنة لاشك فلا يخاف في الله لومة لائم "، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع – وذكر -: وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مُرّاً، وألا أخاف في الله لومة لائم".
قال ابن كثير: " أي لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله، وقتال أعدائه، وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يردهم عن ذلك راد، ولا يصدهم عنه صاد، ولا يحيك فيهم لوم لائم، ولا عذل عاذل ". وقال النووي في معنى حديث عبادة الذي في الصحيحين: " نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لانداهن فيه أحداً ولا نخافه، ولا نلتفت إلى الأئمة ". أهـ
بل إن خشية الملامة هي من خصال المنافقين، لأن أعينهم على الدنيا ناظرة وقلوبهم في الدنيا راغبة، وعن الآخرة هم معرضون، فإنهم وربي لخاسرون. قال البغوي: " وذلك أن المنافقين كانوا يراقبون الكفار ويخافون لومهم".
وإن من المقرر شرعاً أن ترك العمل بسبب الملامة لا يعد عذراً شرعياً، قال السيوطي: " فيه أن خوف الملامة ليس عذراً في ترك أمر شرعي ". ولا يخفى أن خوف الملامة لا تختلط بمقاصد الشريعة، أو المصلحة الشرعية المعتبرة، ومراعاتها فهي معتبرة شرعاً. ومقدرة بقدرها.
* * *
ولا شك أن وجود الملامة في الجهاد أكثر وأكبر؛ لأن دوافعها في النفوس الضعيفة أقوى وأغزر، قال ابن القيم: " وأعلى ما يحبه الله ورسوله الجهاد في سبيل الله، واللائمون عليه كثير، إذ أكثر النفوس تكرهه، واللائمون عليه ثلاثة أقسام: منافق، ومخذل مفتر الهمة، ومرجف مضعف القوة ". أهـ
ولكن مع هذا فعباد الله الصالحون الأبرار الذين تفضل الله عليهم بهذه الصفات لا يثنيهم عن عزمهم شيء، ولا يردهم عن مرامهم راد، ولا يصدهم عن قصدهم صاد، طالما أنهم في طريق الهدى سائرون، ولِسُبُلِ الشيطان صادون، ولِطُرُقِ الضلال محايدون ومجانبون، يسعون في مصافحة المنون وكأنها هدايا توزع في يومِ جوائزٍ، كل يستقبلها بصدر رحب مسرور، رضوا ببيع الله، فأرضاهم الله. لا حرمنا الله من فضله.
فهم قائمون بواجب الجهاد ولا يلتفتون ولو وجدوا الملامة من أحد فإنها لا تصدهم عن نصرة دين ربهم، لأن محبة الله فوق كل شيء ورضا الله مقدم على رضا عبيده، وإن وجود هذه الملامة لزيادة خير لهم لأنها ابتلاء وتمحيص حتى يظهر مَنْ هو مُقَدِّمٌ لربه على خلقه من العكس.
* * *
وإن الإعراض عن الملامة وعدم المبالاة بها لدليل قوة الإيمان، وارتفاع المحبة لله، وعلو الهمة وقوة العزيمة، والصلابة في الدين، وهذه نُقُولٌ توضح وتأكد ذلك: قال ابن الجوزي: " فأَعْلَم اللهُ عز وجل أن الصحيحَ الإيمان لا يخاف في الله لومة لائم، ثم أَعْلَم أن ذلك لا يكون إلا بتوفيقه، فقال {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} ". وقال ابن القيم: " وهذا علامة صحة المحبة فكل محب يأخذه اللوم على محبوبه فليس بمحب على الحقيقة، كما قيل:
لا كان من لسواك فيه بقية يجد السبيل بها إليه اللوم
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال السعدي: " فهؤلاء يقدمون رضا ربهم والخوف من لومه على لوم المخلوقين، وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم، فإن ضعيف القلب، ضعيف الهمة، تنتقص عزيمته عند لوم اللائمين، وتفتر قوته عند عذل العاذلين، وفي قلوبهم تعبُّدٌ لغير الله، بحسب ما فيها من مراعاة الخلق، وتقديم رضاهم ولومهم على أمر الله، فلا يسلم القلب من التعبد لغير الله حتى لا يخاف في الله لومة لائم ". قال الطاهر بن عاشور: " وهذا الوصف علامة على صدق إيمانهم حتى خالط قلوبهم بحيث لا يصرفهم عنه شيء من الإغراء واللوم لأن الانصياع للملام آية ضعف اليقين والعزيمة، ولم يزل الإعراض عن ملام اللائمين علامة على الثقة بالنفس وأصالة الرأي ". وقال سيد قطب: " وفيم الخوف من لوم الناس، وهم قد ضمنوا حب رب الناس، إنما يخشى لوم الناس من يستمد مقاييسه وأحكامه من أهواء الناس، ومن يستمد عونه ومدده من الناس، أما من يرجع إلى موازين الله ومقاييسه وقيمه ليجعلها تسيطر على أهواء الناس وشهواتهم وقيمهم، وأما من يستمد قوته وعزته من قوة الله وعزته فما يبالي ما يقول الناس وما يفعلون، كائناً هؤلاء الناس ما كانوا، وكائناً واقع هؤلاء الناس ما كان، وكائنة حضارة هؤلاء وعلومهم وثقافتهم ما تكون! وقال البقاعي: " وسبب عدم خوفهم من الملامة صلابة دينهم، إذا شرعوا في أمر من أمور الدين – أمر بالمعروف أو نهي عن منكر - كانوا كالمسامير المحماة، لا يرِّوعهم قول قائل ولا اعتراض معترض، ويفعلون في الجهاد جميع ما تصل قدرتهم وتبلغ قوتهم إليه من إنكال الأعداء وإهانتهم ومناصرة الأولياء ومعاضدتهم، وليسوا كالمنافقين يخافون لومة أوليائهم، فلا يفعلون وإن كانوا مع المؤمنين شيئاً ينكيهم ". وقال الْجَمَلُ: " بمعنى أنهم جامعون بين المجاهدة في سبيل الله وبين التصلب في الدين، وفيه تعريض بالمنافقين ". وانظر لهذا القول النفيس من الشوكاني: " فهم متصلبون في دينهم لا يبالون بما يفعله أعداء الحق وحزب الشيطان من الإزراء بأهل الدين، وقلب محاسنهم مساوئ، ومناقبهم مثالب، حسداً وبغضاً وكراهة للحق وأهله ". أهـ
* * *
وإن الناظر في واقعنا لَيَرَى أن الهوانَ قد حَطَ رحلَه على الأمة الإسلامية، وقد هوى بكل قوته، وقد جثا على صدرها وما ذلك إلا بسبب ضعف إيمانهم، وفتور دينهم، وتركهم للدين أو لأجزاء منه، فوَقَعَ عليهم الذلُ والهوانُ، وجعل اللهُ بأسَهم بينهم، وانقلبتِ الأوصافُ السابقة عليهم، فنجدهم أعزاء على المؤمنين، أذلاء على الكافرين، ويراقبون الناس أكثر من مراقبتهم لله مخافة الملامة من البشر {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله}، فهم في مرحلة الاستضعاف والذل، وهذا بسبب سوء أعمالهم وركونهم للدنيا، قال شيخ الإسلام: " فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله، فقد يبتليهم الله بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع الفتنة، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً، ويذيق بعضهم باس بعض ". أهـ
* * *
وختاماً: أقول إن الله جل ثناؤه بَيّنَ حقيقةً دعمها بِخَبَرٍ من الغيب يُظْهِرُه الزَمَنُ المستقبل، فالحقيقة أن المنافقين والمتخاذلين لا يُعَوَّلُ عليهم، ولا يُعْتَدُ بهم في نُصْرَةِ الإسلام وأهله، إنما التَعْوِيلُ في نصرة الدين على المؤمنين الصادقين الذين ظَهَرَتِ عليهم المحبةُ لخالقهم والمُنْعِمِ عليهم، فظهرت على جوارحهم وقاموا بالواجب المطلوب منهم أتم قيام، وبذلوا مُهَجَ أنفسهم في سبيل رضا ربهم ونشر دينه ودحض الباطل إن الباطل كان زهوقاً.
* * *
فيا مَنْ وجد هذه الصفات وأماراتها في نفسه فَلِيَهْنَك هذا الفضل من الله، ولتحمد الله، فإنها مِنَّةٌ خالصة من الكريم، وفَضْلٌ من الله العظيم تفضل بها عليك، فَلْتَسْعَ في شكرِها، والمحافظةِ عليها، ولا يراك اللهُ إلا شاكراً، ولا تحزن أو تغتم لِتَأَخُرِ النَصْرِ والتمكينِ فإنه لا يتأخرُ إلا لِحِكَمٍ لا يعلمها إلا الله العليم الحكيم. ويا مَنْ فقدها فلتجتهد في تحصيلها فإنها سمة ناصري الدين إن أردت أن تكون منهم، ولتحذر أن تكون ممن يستبدلهم المولى بغيرهم فتكون من الخاسرين.
وإن هذا الفضل مِنَ الله يهبه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء ولا راد لحكمه. فمَنْ حُرم هذا الفضل فلا ينزغنه الشيطان لذم مَنْ تحلى بهذه الصفات. فإن الله حكيم يهبها لمن يرى أنه أهل لذلك سواء أكان من أهل العلم الشامخين، أو من ذوي الفضل المشهورين، أو من بقية الأمة العاملين.
فمن شاء أن يرفض هذا الفضل وأن يحرم نفسه هذه المنة هو وشأنه، والله غني عن العالمين، والله يختار من عباده مَنْ يعلم أنه أهل لذلك الفضل العظيم والعطاء الواسع.
نسأل الله أن يرجع الأمة إلى دينه، وأن يعزنا بطاعته، وأن يستخدمنا في نصرة دينه. إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وكتبه
أبو عَديّ حاتم بن عابد القرشي
9/ 10 / 1424 هـ
الطائف ص. ب 4635
البريد الإلكتروني hatem757@hotmail.com
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[متعلم]ــــــــ[09 Jan 2004, 05:12 ص]ـ
للرفع والاستفادة ....
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[09 Jan 2004, 11:24 م]ـ
القضية الثالثة التي أحب أن أتطرق لها، هي: كيف يأخذ المسلمون بأسباب النصر؟ وكيف يرجعون إلى دينهم؟ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر، واشتغلتم بالزرع أو بالضيعة، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه أو لا يضعه حتى ترجعوا إلى دينكم}. إذاً: فلا بد أن نفكر كيف نرجع إلى ديننا، وكيف نأخذ بالأسباب التي ننتصر بها على أعدائنا، ومن هذه الأسباب:
• الضراعة إلى الله تبارك وتعالى قال تعالى في قصة قوم يونس: فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا [يونس:98] فهم آمنوا فكشف الله تبارك وتعالى عنهم العذاب، عندما خرجوا وتضرعوا إلى الله، بأطفالهم ونسائهم ومواشيهم أيضاً، فتضرعوا إلى الله تعالى، كما ذكر المفسرون من السلف أربعين ليلة، بعد أن واعدهم يونس عليه السلام عذاب الله، وذهب مغاضباً وقال لهم: سيأتيكم العذاب بعد ثلاث، فعلموا أنه نبي، وأن النبي لا يكذب؛ فتضرعوا إلى الله، فكشف عنهم العذاب، ومتعهم إلى حين. فالضراعة سبب عظيم لا يجوز أن نغفله ولا أن ننساه، ولنعلم أن الضراعة ليست هي مجرد الدعاء، وليس التضرع -فقط- أن ندعو الله تبارك وتعالى، ولكن الدعاء هو أول ما يدخل في مسمى وفي مدلول التضرع.
• التوبة من الذنوب يجب علينا أن نتوب إلى الله تبارك وتعالى من كل ذنب، وأن نعد العدة لدفع أسباب هذا البلاء، فإن كان عدواً فلنعد العدة لجهاده، وإن كان -أيضاً- جدباً أو قحطاً فلنزرع الأرض، ونعد العدة لها، ونأخذ بالأسباب ..... وهكذا، فالمقصود أن التضرع ليس هو مجرد الدعاء، وإنما هو المدخل للتوبة والإنابة والاستغفار، وما ذكرناه من مراجعة النفس ومحاسبتها، وكل بحسبه وكل في موقعه.
• تحكيم شرع الله يجب على الحكام والأمراء أن يراجعوا أنفسهم، ويحكموا الناس بشرع الله ليذهب الله تسلط الأعداء علينا كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: {وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا سلط الله عليهم عدواً يأخذ بعض ما في أيديهم}. إذا فالقضاة، والأمراء، والمدراء، والرؤساء، وكل من ولاه الله تبارك وتعالى أمراً يجب عليه أن يتقي الله فيه، وأن يكون كما أمر الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ [النحل:90] وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58]، فلنراجع أنفسنا، ولنتلاف كل تقصير فينا.
• تذكر واجب العلماء العلماء واجبهم عظيم، وهم -كما نص السلف الصالح - من أولي الأمر، الذين أوجب الله تبارك وتعالى طاعتهم، قال تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ [النساء:59] وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ أنهم الأمراء والعلماء، فالعلماء هم -أيضاً- ولاة على الأمة في أمر عظيم. لأنهم الحارس والرقيب؛ ولأنهم الأمين والمؤتمن على كل ما يتعلق بالأمة. إن لدى الدول الجاهلية والوضعية برلمانات ومجالس شيوخ ومجالس نواب؛ من أجل هذه الرقابة، إضافة إلى السلطة الشوروية أو التشريعية أو الرقابية ..... إلى غير ذلك، كما يسمونه في القوانين الوضعية. أما أمة الإيمان والإسلام والتوحيد، فعندها العلماء، الذين أمرهم الله تبارك وتعالى، فقال: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187]، وإن كان بعض العوام أو بعض الناس من المقصرين، لا يريد بيان ذنوبه وعيوبه. التي يجب عليه أن يتركها، ولكن يجب على العلماء أن يبينوا الحق كما ذكر الله تبارك وتعالى فقال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] فواجب العلماء أن يقودوا الأمة -أيضاً- في أي موقف، وأعظم المواقف هي مواقف الجهاد، فقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقود المعارك بنفسه وهو نبي الله ورسوله وأكرم الخلق على الله، وكان صحابته من بعده كذلك. ومن المعلوم أنه صَلَّى اللهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقسم أنه لولا أهل الأعذار لما تخلف عن سرية تخرج في سبيل الله قط، وكذلك أبو بكر وعمر لم يمنعهما من الخروج؛ إلا أن يكونوا فئة للمسلمين يتحيز إليها كل جيش يجابه من هنالك، وليمددوا المؤمنين، وقد أراد عمر -رضي الله عنه-، أن يخرج لقتال فارس، فقيل له: يا أمير المؤمنين! ابعث إليهم وابق هنا، فإن أصيبوا فأنت فئة لهم، ولكن إن أصبت ذهب الإسلام فكان رضي الله عنهم هذا شأنهم. كذلك شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية شارك بنفسه في بيان ضلال التتار وكفرهم وخروجهم عن الشريعة، وشارك بنفسه في المعركة، فواجب العلماء عظيم، والحمد لله الذي منَّ علينا في هذه البلاد الطيبة الطاهرة بهؤلاء العلماء الذين هم على منهج السلف الصالح -ولله الحمد- دعوة، وعملاً، وعقيدة، وعلماً، وجهاداً، فهذا من فضل الله تبارك وتعالى علينا. ولكن بقي واجبنا نحن طلبة العلم، ونحن عامة المسلمين، وهو أن نشد من أزرهم وأن يكون المسلمون جميعاً يداً واحدة وقيادة واحدة، وهدفاً واحداً وغاية واحدة، فلا مجال لمن يندس، ولا مجال للدخيل، ولا مجال لمن يبث الفرقة فيما بيننا، فالهدف للجميع واحد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} فالغاية هي هذه، والوسيلة واحدة وإن تنوعت وسائطها، فلنكن في الجهاد في سبيل الله ومقاومة أعداء الله صفاً واحداً، كأننا بنيان مرصوص، كما أمر الله تبارك وتعالى.
• وحدة الصف إنَّ الصف يجب أن يكون واحداً، فيما نسميه نحن اليوم "الجبهة الداخلية"، وتعتبر ضرورتها أكيدة، فوحدة الجبهة الداخلية واجتماعها، وإقناعها بحقيقة المعركة وتصوير الأمر لها على حقيقته؛ لتقف صفاً واحداً متراصاً خلف العلماء، وخلف القيادة المؤمنة، فهذه -أيضاً- ضرورة لا بد منها. ومن هنا كان الواجب علينا أن نُبصِّر المسلمين جميعاً -خاصتهم وعامتهم- بما فيهم من خلل وخطأ وتقصير، فعندما يتهافت العامة على الطعام والشراب في وقت كان الواجب عليهم فيه أن يفكروا في حمل السلاح والجهاد في سبيل الله ودفع المعتدين المجرمين، فهذا دليل على نقص وخلل عندهم، والواجب علينا -نحن طلاب العلم والدعاة- أن نصلحه، لأن فينا الخطيب أو الداعية أو المدرس أو الواعظ أو الإمام. لا بد أن نقوم بواجبنا -نحن- في تماسك هذه الجبهة، من أجل ألا يكون فيها من يعذبنا الله -تبارك وتعالى- أو يُسَلِّطْ علينا بسببه، حتى لو كان الجيش يقوده رسول، كما كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما كان موسى، حيث وجد الغلول في الجيش: وهو الأخذ من الغنيمة، وهذا مما يسبب ويجلب الهزيمة، وكذلك إذا وجدت الخيانة والزنا أو الفساد، فإنه يسلط علينا الأعداء نسأل الله العفو والعافية. وقد ذكر المفسرون في قصة موسى أمراً عظيماً، وهو أن الذنوب يجب أن يتطهر الجيش والناس منها، فالذين يسمون الجبهة الداخلية لابد أن يتطهر كل فرد منهم من هذه المعاصي ومن أدران الذنوب، ويجعل ولاءه خالصاً لله عز وجل، وهدفه إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى، ويكون الجميع قيادة وعلماء ودعاة وجيشاً وعامة يداً واحدةً -كما أمر الله تبارك وتعالى- على كل كافر وفاجر وظالم ومعتد. فإذا أخذنا بهذه الأسباب، وأحكمنا -فعلاً- هذه الجبهة الداخلية، وجمعناها على الحق، وجعلناها يداً واحدة، وتمسكنا جميعاً بكتاب الله تبارك وتعالى واعتصمنا بحبله، فسوف نجد أننا في موقف لا يستطيع أي معتد أو مجرم أو غاصب أن يمني نفسه بهذه البلاد؛ بل بأية بقعة من بقاع العالم الإسلامي؛ لأنه يعلم أن للحمى حرّاساً أشداء.
• جهاد الطلب إن واجبنا كما أمر الله تبارك وتعالى ليس فقط جهاد الدفع، بل هو جهاد الطلب، وهو أن يطارد الكفار والمرتدون والمجرمون ويغزون في عقر دارهم؛ لينضموا تحت راية لا إله إلا الله وتحت كلمة الحق، حتى تكون كلمة الله هي العليا، وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فإذا لم نحرك مشاعر الأمة، ونستحثها بهذه الغاية العظيمة فإننا سنظل مقصرين في هذا الجانب. إن الأمم الكفرية أو المرتدة، أو الضالة خلقت لمتاع الدنيا، فتتنافس في الدنيا، وتجد أن اقتصادها في زينتها وفي زخارفها، أما أمة الإسلام فغرضها وعملها الأساس هو الجهاد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وجعل رزقي تحت ظل رمحي} فهذه
(يُتْبَعُ)
(/)
الأمة يبني أعداؤها ويشيدون ويجمعون ويتحضرون كما يشاءون، ثم يجعلهم الله تبارك وتعالى غنيمة للمسلمين، فمثلاً: الحضارة الرومانية ظلت ألف سنة أو أكثر وهي تبنى فجعلها الله غنيمة للمسلمين، وكذلك الحضارة الفارسية ظلت أكثر من ذلك، فجعلها الله تبارك وتعالى غنيمة للمسلمين. وكذلك جيش فارس، فقد كانت الرتب العسكرية ليست كحال الناس اليوم، يصنعونها من المعادن؛ إنما كانت الرتب العسكرية في جيشهم من اللؤلؤ، وبقدر ثمن اللؤلؤة التي يضعها القائد على التاج -على رأسه- تكون رتبته، فالقادة الكبار مثل ماهان ورستم وجابان، كان ثمن لؤلؤة كل واحد منهم مائة ألف دينار، وثمن لؤلؤة من يليهم عشرة آلاف دينار، فكانت رتبهم بهذا الترف والبطر، ولما جاءهم أمر الله تبارك وتعالى، وجاء جيش التوحيد، أخذوا بتيجانهم وعروشهم. وكانوا كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله عز وجل} ثم فتحت كنوز كسرى وقيصر وأنفقت على جهاد الصين وجهاد بلاد ما وراء النهر، حتى إن موسكو -التي هي عاصمة روسيا اليوم- ظلت قروناً تدفع الجزية للمسلمين، وهذا من فضل الله -تبارك وتعالى-. وكذلك الروم بنوا في مصر وفلسطين وبلاد الشام الطرق الرومانية الشهيرة، وبنوا المدن والمآثر الرومانية المعروفة في التاريخ مثل مدينة دمشق، وغيرها من المدن العظيمة، فعندما جاء جيش الإيمان والتوحيد ملكوها والحمد لله وملكوا مزارعها، وضربوا عليهم فيها ما أمر الله تبارك وتعالى به من الجزية، أو من الخراج، بحسب الأحكام الشرعية المعروفة، وكانوا لقمة سائغة لهذه الأمة والحمد لله، فبنوا وشادوا وأعدوا، فجعلهم الله تبارك وتعالىغنيمة للمسلمين وأورثهم أرضهم وديارهم. لقد خرجوا من هذه الجزيرة ومن هذه الصحراء التي جعلها الله في كل العصور -ولله الحمد- حصناً منيعاً ترتد عليه رماح المعتدين على أعقابهم خاسرين، خرجوا منها حفاة عراة، وإذا بهم يستوطنون الأندلس، وأواسط آسيا، وشمال الهند التي يقال فيها جنة الدنيا لما فيها من الجمال. فكل ما في هذه الدنيا من خير ونعمة أوتوه -ولله الحمد- بالتقوى وبالإيمان، قال تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105]، فهذا وعد من الله لعباده الصالحين أنه سوف يورثهم الأرض في هذه الدنيا والله على كل شيء قدير.
ـ[متعلم]ــــــــ[10 Jan 2004, 02:19 م]ـ
شكرا أخي عبد الله بن بلقاسم على هذه الإضافة
ويا ليت تخبرنا بعنوان هذه المحاضرة للشيخ سفر حفظه الله؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Feb 2005, 07:36 ص]ـ
قال شيخ الإسلام: " فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله، فقد يبتليهم الله بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع الفتنة، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعاً، ويذيق بعضهم باس بعض ". أهـ(/)
سؤال؟؟؟
ـ[ابو عمر]ــــــــ[30 Dec 2003, 02:56 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ..
شاء العلي القدير ان اعثر صدفة علي هذا الموقع الطيب منذ فترة. و لأنني لا املك من العلم شيأ
(و رحم الله من عرف قدر نفسة) فقد اكتفيت بالقراءة و المطالعة فقط ..
و لكن عندي سؤال اتوقع ان اجد الأجابة عندكم بإن الله بما لكم من الفضل و العلم ...
انا اود ان اطلب العلم وان اقتني كتب التفسبر و الحديث ...
فهل كل الكتب الموجودة علي رفوف المكتبات و انا اقصد كتب السلف الأولين مثل كتب البخاري و مسلم و
ابن كثير و مالك و غيرهم (رضي الله عنهم) صحيحة مع العلم بانها مطبوعة في بلدان يكثر فيها اهل البدع
و هل نتحري صحة الكتاب في دار النشر ام المحقق؟؟
و اذا امكن ان ترشدونا ..
و جزاكم الله الف خير و سامحوني ان كنت قد اثقلت عليكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Dec 2003, 01:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم أبا عمر وفقه الله. مرحباً بك في ملتقى أهل التفسير مستفيداً ومفيداً بإذن الله. وأشكرك على صدقك مع نفسك، ورغبتك الصادقة في طلب العلم. وأرجو أن تتابع القراءة في مشاركات الملتقى الكثيرة وعدم الاكتفاء بالصفحة الأولى، وستجد بإذن الله ما يجيب على أسئلتك التي طرحتها.
وما سألت عنه من تحري الدقة والثقة في طبعات كتب أهل العلم الموثوقة فهو أمر يحرص عليه، وأنصحك فوق القراءة في مواد الملتقى بتحميل ثلاثة ملفات صوتية للدكتور عبدالكريم الخضير حفظه الله بعنوان: (كيف يبني طالب العلم مكتبته). تجدها بإذن الله على هذا الرابط ( http://www.liveislam.com/archiv/khudaira.htm) . والاستماع إليها مرتين أو أكثر ومحاولة تقييد المعلومات حول الكتب التي تريد شرائها منها. وعندما تريد السؤال عن شيء بعينه فيسعدنا في الملتقى الإجابة عن أي سؤال بإذن الله.
شكراً لكم مرة أخرى أخي أبا عمر.(/)
هل هذا صحيح؟ ومن هو القاشاني الذي يكثر القاسمي النقل عنه؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Dec 2003, 02:45 م]ـ
السلام عليكم
قال القاسمي في تفسير قوله تعالى (لا أقسم بيوم القيامة) إلى قوله (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه) وحذف جواب القسم لدلالة قوله (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه) عليه وهو لتبعثن.قال القاشاني: المراد بالقيامة هنا الصغرى لهذه الدلالة بعينها. فهل تفسير القاشاني للقيامة بالصغرى صحيح وحتى لوحملناها كما قال على البعث فإن البعث لا يكون إلا عند القيامة الكبرى
فهل أصاب القاشاني وأخطأت أنا في الفهم أرجو من مشايخنا التوضيح
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:25 م]ـ
للرفع
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jan 2004, 08:31 ص]ـ
هل من مجيب(/)
ما هو وجه الدلالة فيها؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Dec 2003, 02:54 م]ـ
السلام عليكم
ذكر المفسرون بعد ذكرهم لمناسبة الآيات من سورة القيامة من قوله (لا تحرك به لسانك) إلى قوله تعالى (ثم إن علينا بيانه) للسورة أن قوله تعالى (ثم إن علينا بيانه) يستدل به على ما ذهب إليه الجمهور من جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب لما تقتضيه ثم من التراخي؟ فما هو وجه الاستدلال من الآية على ذلك وهل هناك فرق بين هذه القاعدة المذكورة وبين القاعدة التي تقول تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:24 م]ـ
للرفع
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jan 2004, 07:36 ص]ـ
الجواب أخي واضح، وقد ذكرته في سؤالك
وهو أن (ثم) تفيد التراخي، بمعنى أن البيان قد يكون متأخراً عن وقت نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا تعارض بين هذا وبين القاعدة الأخرى التي ذكرتها، وهي:تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ لأن التأخير الجائز والواقع يكون فيما لا حاجة إلى بيانه وقت نزول الخطاب، فلا مانع من تأخر البيان.
والمسألة على كل حال واضحة، ولا تحتاج إلى إلى تأمل يسير.
وفقك الله أخي الكريم، وأرجو أن لا يكون في نفسك شيء من تأخر الجواب عن أسألتك. فالمشرفون يعانون من كثرة الأعمال مع ضيق الوقت.
ولعل المشايخ وطلبة العلم الأعضاء يساهمون في الإجابة على أسئلة السائلين، ولهم من الله الأجر والثواب، ومن المشرفين الشكر والدعاء.(/)
ما معنى هذا الكلام من القاسمي؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Dec 2003, 02:58 م]ـ
السلام عليكم
قال القاسمي في تفسير قوله تعالى (تظن أن يفعل بها فاقرة) .............. ويظهر أن عود الضمير في بها إلى الوجوه - مرادا بها الذوات - شبه استخدام ولم أر من نبه عليه.
فهل تسمحون بتوضيح هذه العبارة لي وماذا يريد بها القاسمي؟ لأني لم أفهم مراده
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:23 م]ـ
للرفع
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jan 2004, 08:32 ص]ـ
للرفع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jan 2004, 10:07 ص]ـ
في قول القاسمي الذي ذكرته إشارة إلى نوع من المحسنات البلاغية التي يعتني بها البلاغيون، وهو ما يسمونه بالاستخدام.
وهو استفعال من الخدمة، وهو في اصطلاح البلاغيين: (أن تكون الكلمة لها معنيان، فتحتاج إليها فتذكرها وحدها فتخدم المعنيين). وأسامة بن منقذ هو أول من عرف هذا النوع في كتابه البديع في نقد الشعر ص 82، وأورد لذلك مثالاً هو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ... الآية).
والصلاة ههنا تحتمل أن تكون فعل الصلاة، وتحتمل أن تكون موضع الصلاة.
فاستخدم الصلاة بلفظ واحد، لأنه قال سبحانه بعدها: (إلا عابري سبيل) فدل على أنه أراد موضع الصلاة وهو المسجد.
وقال تعالى: (حتى تعلموا ما تقولون) فدل على أنه فعل الصلاة.
ومعنى كلام القاسمي هنا أن قوله: (وجوه يومئذ باسرة* تظن أن يفعل بها فاقرة) فيه استخدام. حيث استخدم هنا (الوجوه) للدلالة على معنيين:
الأول: الوجوه بدليل وصفها بقوله: (باسرة) وهذا من صفة الوجه بمعنى كالحة، لجهامة هيآتها، وهول ما تراه هناك من الأهوال، وأنواع العذاب والعياذ بالله.
الثاني: الذوات لقوله (فاقرة) وهذا من شأن الظهر لا الوجه.
وفن الاستخدام هذا قد كتب فيه الصفدي رحمه الله كتاباً جيداً بعنوان: (فض الختام في التورية والاستخدام).
والتورية كما هو معلوم لديكم تختلف عن الاستخدام في أمر وهو أن التورية استعمال أحد المعنيين من اللفظة وإهمال الآخر، والاستخدام استعمالهما معاً.
هذا ما ظهر لي والله أعلم.(/)
توضيح لمعنى أو في قوله تعالى (ولا تطع منهم آثما أو كفورا؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Dec 2003, 03:02 م]ـ
السلام عليكم
نقل القاسمي عن الفراء في قوله تعالى ولا تطع منهم آثما أو كفورا) أن أو بمعنى الواو - وهذا واضح - وفي الجحد والاستفهام والجزاء يكون بمعنى لا فما معنى العبارة الأخيرة
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:12 م]ـ
للرفع(/)
هل هناك فرق في المعنى بين قوله (ثم إني دعوتهم جهارا) وبين (ثم إني أعلنت لهم؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Dec 2003, 03:09 م]ـ
هل هناك فرق في المعنى بين قوله (ثم إني دعوتهم جهارا) وبين (ثم إني أعلنت لهم؟
فهل هناك فرق بين الدعوة جهارا والإعلان بالدعوة؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:10 م]ـ
للرفع
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jan 2004, 08:33 ص]ـ
للرفع
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[03 Jan 2004, 06:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لعل الجواب يتضح من كلام الزمخشري في تفسير الآية حيث يقول: قد فعل عليه الصلاة والسلام كما يفعل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر: في الابتداء بالأهون والترقي في الأشد فالأشد، فافتتح بالمناصحة في السر، فلما لم يقبلوا ثنى بالمجاهرة، فلما لم ثؤثر ثلث بالجمع بين الإسرار والإعلان.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jan 2004, 08:40 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك
لكن كلام الزمخشري هذا هو خلاف ما عليه أهل السنة في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالمعتزلة والزمخشري لهم تبع يرون أنه يترقى من الأهون إلى الأشد وهذا باطل كما قرره أهل السنة فيبقى لنا إذن البحث عن سبب آخر غير الذي ذكره الزمخشري
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[03 Jan 2004, 08:52 م]ـ
يمكن أن يكون الجهر بمعنى تكلف رفع الصوت في الخُطَب والمناداة، كما في قوله تعالى (ولا تجهر بصلاتك)، وقوله (ولا تجهروا له بالقول)، والإعلان هو تحديث الداعي للمدعو بالصوت العادي لكن في حضور آخرين، والإسرار هو تحديث الداعي للمدعو في مجلس خاص بهما لا يحضره سواهما، فهذه ثلاثة مراتب في الدعوة:
1) الجهار
2) الإعلان
3) الإسرار
وعلى هذا يكون الترتيب في الآية على سبيل التدلي باعتبار درجة ارتفاع الصوت وانخفاضه، بينما يكون الترتيب على سبيل الترقي باعتبار أن الدعوة جهارا لجمع كبير في خطبة نفعها أقل من نفع مجلس فيه بضعة أشخاص في محاورة، وهذا نفعه أقل من نفع مجلس خاص ليس فيه سوى الداعي والمدعو.
هذا ما بدا لي على سبيل التدبر للآية الكريمة، والآية تحتاج إلى المزيد من التأمل، والله تعالى أعلم.
ـ[أخوكم]ــــــــ[05 Jan 2004, 07:00 ص]ـ
لأنه كثيرا ما يفسر القرآن بعضه بعضا بدون كثير تكلف منا، فهاكم من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن جميع الآيات التي وردت فيها كلمة (ج هـ ر)
وكلمة (ع ل ن) بجميع اشتقاقاتهما، فتأملوها فربما وقعتم على التفريق الصحيح في آيات سورة نوح _ عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء أفضل الصلاة وأتم التسليم
جـ هـ ر
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ
فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّن
وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ {3}
قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ {47}
وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ
سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}
وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ {75}
وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {110}
وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ {110}
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ
كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {13}
شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى {7}
) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً) (نوح:8)
ع ل ن
أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ {77}
لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى
وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ {19}
لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ
وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {4} أَلَمْ يَأْتِكُمْ
ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[05 Jan 2004, 07:08 ص]ـ
وحتى تكتمل الفائدة اقتطفت لكم من لسان العرب ما قالوه عن كلمتي (ج هـ ر) و (ع ل ن)
================================================== ================================================== =====================================
جهر
الجَهْرَةُ ما ظَهَرَ. ورآه جَهْرَةً لم يكن بينهما سِترٌ; ورأَيته جَهْرَةً وكلمتُه جَهْرَةً. وفي التنزيل العزيز: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بشيء. وقوله حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قال ابن عرفة: أَي غير محتَجب عنا، وقيل: أَي عياناً يكشف ما بيننا وبينه. يقال: جَهَرْتُ الشيء إِذا كشفته. وجَهَرْتُه و اجْتَهَرْته أَي رأَيته بلا حجاب بيني وبينه. وقوله تعالى: بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هو أَن يأْتيهم وهم يَرَوْنَهُ. و الجَهْرُ العلانية. وفي حديث عمر: أَنه كان مِجْهَراً أَي صاحبَ جَهْرٍ ورَفْع لصوته. يقال: جَهَرَ بالقول إِذ رفع به صوته، فهو جَهِيرٌ و أَجْهَرَ فهو مُجْهِرٌ إِذا عرف بشدّة الصوت وجَهَرَ الشيءُ: عَلَنَ وبَدا; وجَهَرَ بكلامه ودعائه وصوته وصلاته وقراءته يَجْهَرُ جَهْراً و جِهاراً و أَجْهَرَ بقراءته لغة. وأَجْهَرَ و جَهْوَرَ أَعلن به وأَظهره، ويُعَدَّيانِ بغير حرف، فيقال: جَهَرَ الكلامَ وأَجْهَرَهُ أَعلنه. وقال بعضهم: جَهَرَ أَعْلى الصوْتَ. وأَجْهَرَ: أَعْلَنَ. وكلُّ إِعْلانٍ: جَهْرٌ وجَهَرتُ بالقول أَجْهَرُ به إِذا أَعْلَنْتَهُ. ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عالي الصوت، وكذلك رجل جَهْوَرِيُّ الصوت رفيعُه. و الجَهْوَرِيُّ هو الصوت العالي. وفرسٌ جَهْوَرٌ وهو الذي بأَجَشِّ الصوتِ ولا أَغَنَّ. و إِجْهارُ الكلام: إِعْلانُه. وفي الحديث: فإِذا امرأَةٌ جَهِيرَةٌ أَي عالية الصوت، ويجوز أَن يكون من حُسْنِ المَنْظَرِ. وفي حديث العباس: أَنه نادى بصوتٍ له جَهْوَرِيٍّ أَي شديدٍ عالٍ، والواو زائدة، وهو منسوب إِلى جَهْوَرَ بصوته. وصوتٌ جَهِيرٌ وكلامٌ جَهِيرٌ، كلاهما: عالِنٌ عال; قال: ويَقْصُر دونَه الصوتُ الجَهِيرُ
وقد جَهُر الرجل، بالضم، جَهَارَةً وكذلك المُجْهَرُ و الجَهْورِيُّ والحروفُ المَجْهُورَةُ ضد المهموسة: وهي تسعة عشر حرفاً; قال سيبويه: معنى الجَهْرِ في الحروف أَنها حروف أُشْبِعَ الاعتمادُ في موضعها حتى منع النَّفَس أَن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت، غير أَن الميم والنون من جملة المجهورة وقد يعتمد لها في الفم والخياشيم فيصير فيها غنة فهذه صفة المجهورة ويجمعها قولك: " ظِلُّ قَوٍّ رَبَض إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطيع ". وقال أَبو حنيفة: قد بالغوا في تَجْهِير صوت القَوْس; قال ابن سيده: فلا أَدري أَسمعه من العرب أَو رواه عن شيوخه أَم هو إِدْلال منه وتَزَيُّدٌ، فإِنه ذو زوائد في كثير من كلامه. و جَاهَرَهُمْ بالأَمر مُجاهَرَةً و جِهاراً عالَنَهُمْ. ويقال: جاهَرَني فلانٌ جِهاراً أَي علانية. وفي الحديث: كلُّ أُمّتي مُعافىً إِلاَّ المُجاهِرينَ قال: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأَظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون به. يقال: جَهَرَ و أَجْهَرَ و جاهَرَ ومنه الحديث: وإِن من الإِجهار كذا وكذا وفي رواية: من الجِهار وهما بمعنى المُجَاهرة ومنه الحديث: لا غِيبَةَ لفاسِقٍ ولا مُجاهِرٍ ولقيه نَهاراً جِهاراً، بكسر الجيم وفتحها وأَبى ابن الأَعرابي فتحها. و اجْتَهَرَ القوم فلاناً: نظروا إِليه جِهاراً. وجَهَرَ الجَيشَ والقومَ يَجْهَرُهُمْ جَهْراً و اجتهرهم كثروا في عينه; قال يصف عسكراً: كأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَنْ جَهَرْ
لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الرجل تراه عظيماً في عينك. وما في الحيّ أَحد تَجْهَرُه عيني أَي تأْخذه عيني. وفي حديث عمر، إِذا رأَيناكم جَهَرْناكم أَي أَعجبنا أَجسامكم. و الجُهْرُ حُسْنُ المَنْظَرِ. ووجهٌ جَهيرٌ ظاهرُ الوَضاءة. وفي حديث علي، أََنه وصف النبي، فقال: لم يكن قصيراً ولا طويلاً وهو إِلى الطول أَقربُ، مَنْ رآه جَهَرَهُ معنى جهره أَي عظم في عينه. الجوهري: جَهَرْتُ الرجلَ واجْتَهَرْتُه إِذا رأَيته عظيم المَرْآة. وما أَحْسَنَ جُهْرَ فلان، بالضم، أَي ما يُجْتَهَرُ من هيئته وحسن مَنْظَره. ويقال: كيف جَهْراؤكُمْ أَي جماعتكم; وقول الراجز: لا تَجْهَرِيني نَظَراً وَرُدِّي
فقد أَرُدُّ حِينَ لا مَرَدِّ
وقد أَرُدُّ، والجِيادُ تُرْدِي
نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي
يقول: إِن استعظمتِ منظري فإِني مع ما ترين من منظري شجاع أَردّ الفرسان الذين لا يردهم إِلاَّ مثلي. ورجل جَهِيرٌ بَيِّنُ الجُهُورةِ و الجَهَارَة ذو مَنْظر. ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الجَهارَةِ و الجُهْر إِذا كان ذا منظر; قال أَبو النجم: وأَرَى البياضَ على النِّساءِ جَهارَةً
والْعِتْقُ أَعْرِفُه على الأَدْماءِ
والأُنثى جَهِيرَةٌ والاسم من كل ذلك الجُهْرُ; قال القَطامِي: شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً
وما غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر
قال: ما بمعنى الذي: يقول: ما غاب عنك من خُبْرِ الرجل فإِنه تابع لمنظره، وأََنت تابعة في البيت للمبالغة. وجَهَرتُ الرجل إِذا رأَيت هيئته وحسن منظره. و جُهْرُ الرجل: هيئته وحسن منظره. وجَهَرَني الشيء واجْتَهَرَني: راعني جماله. وقال اللحياني: كنتُ إِذا رأَيتُ فلاناً جَهَرْتُه واجْتَهَرْتُه أَي راعك. ابن الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جاء ببنين ذوي جَهارَةٍ وهم الحَسَنُو القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. وأَجْهَرَ: جاء بابن أَحْوَلَ. أَبو عمرو: الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. والأَجْهَرُ: الأَحولُ المليح الحَوَلَةِ. والأَجْهَرُ: الذي لا يبصر بالنهار، وضده الأَعشى. و جَهْراءُ القوم: جماعتهم. وقيل لأَعرابي: أَبَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ أَم بنو أَبي بكر بن كلاب؟ فقال: أَما خَواصَّ رجال فبنو أَبي بكر، وأَما جَهْرَاءِ الحيِّ فبنو جعفر; نصب خواص على حذف الوسيط أَي في خواص رجال وكذلك جَهْراء، وقيل: نصبهما على التفسير. وجَهَرْتُ فلاناً بما ليس عنده: وهو أَن يختلف ما ظننت به من الخُلُقِ أَو المال أَو في مَنْظَرِه. والجَهْراء: الرابية السَّهْلَةُ العريضة. وقال أَبو حنيفة: الجَهْراء الرابية المِحْلالُ ليست بشديدة الإِشراف وليست برملة ولا قُفٍّ. و الجَهْراء ما استوى من ظهر الأَرض ليس بها شجر ولا آكام ولا رمال إِنما هي فضاء، وكذلك العَراءُ. يقال: وَطِئْنا أَعْرِيةً و جَهْراواتٍ قال: وهذا من كلام ابن شميل. وفلان جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ له. وهمُ جُهرَاءُ للمعروف أَي خُلَقَاءُ له، وقيل ذلك لأَن من اجْتَهَره طَمِعَ في معروفه; قال الأَخطل جُهَراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ
خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ
وأَمر مُجْهَر أَي واضح بَيِّنٌ. وقد أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي شهَّرْته، فهو مَجْهور به مَشْهور. و المَجْهُورة من الآبار: المعمورة، عَذْبَةً كانت أَو مِلحة. وجَهَر البئرَ يَجْهَرُها جهراً واجْتَهَرَها: نزحها; وأَنشد: إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ
أَو خالياً من أَهْلِهِ عَمَرْناهْ
أَي من كثرتنا نَزَفْنا البئَار وعَمَرْنا الخرابَ. وحَفَر البئرَ حتى جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، وقيل: جَهَرها أَخرج ما فيها من الحَمْأَةِ والماء. الجوهري: جَهَرْتُ البئر واجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها وأَخرجتُ ما فيها من الحمأَة، قال الأَخفش: تقول العرب جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا كان ماؤُها قد غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذلك حتى يظهر الماء ويصفو. وفي حديث عائشة، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: اجْتَهَرَ دَفْنَ الرَّواء; الاجْتِهارُ الاستخراج، تريد أَنه كَسَحَها. يقال: جَهَرْتُ البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً; يقال: ركيةٌ دَفينٌ ورَكايا دُفُنٌ،
(يُتْبَعُ)
(/)
والرَّواءُ: الماءُ الكثير، وهذا مثل ضربته عائشة، رضي الله عنها، لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبهته برجل أَتى على آبار مندفنة وقد اندفن ماؤُها، فنزحها وكسحها وأَخرج ما فيها من الدفن حتى نبع الماء. وفي حديث خيبر: وَجَدَ الناسُ بها بَصَلاً وثُوماً فَجَهَرُوه; أَي استخرجوه وأَكلوه. وجَهَرْتُ البئر إِذا كانت مندفنة فأَخرجت ما فيها. و المَجْهُورُ الماء الذي كان سُدْماً فاستسقى منه حتى طاب; قال أَوسُ بنُ حَجَرٍ: قد حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ وصِيحَ بها
عن ماءِ بَصْوَةَ يوماً، وهْوَ مَجْهُورُ
وحَفَرُوا بئراً فَأَجْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً. والعينُ الجَهْراءُ كالجاحظَة; رجل أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ والأَجْهَرُ من الرجال: الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ جَهَراً وجَهَرَتْهُ الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. وكبشٌ أَجْهَرُ ونَعْجَةٌ جَهْراءُ: وهي التي لا تبصر في الشمس; قال أَبو العيال الهذليُّ يصف مَنيحَةً منحه إِياها بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ: جَهْراءُ لا تأْلو إِذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني
ها نص ابن سيده وأَورده الأَزهري عن الأَصمعي وما عزاه لأَحد وقال: قال يصف فرساً يعني الجَهْراءَ; وقال أَبو منصور: أُرى هذا البيت لبعض الهُذَلِيين يصف نعجة; قال ابن سيده: وعمَّ به بعضهم. وقال اللحياني: كُلُّ ضعيف البصر في الشمس أَجْهَرُ; وقيل: الأَجهر بالنهار والأَعشى بالليل. و الجُهْرَةُ الحَوَلَةُ، والأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ، والاسم الجُهْرَةُ; أَنشد ثعلب للطرماح: على جُهْرَةٍ في العينِ وهو خَدوجُ
والمُتَجاهر: الذي يريك أَنه أَجْهَرُ; وأَنشد ثعلب: كالنَّاظِر المُْتَجاهر وفرس أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. و الجَهْوَرُ الجَريءُ المُقْدِمُ الماضي. وجَهَرْنا الأَرض إِذا سلكناها من غير معرفة. وجَهَرْنا بني فلان أَي صَبَّحْناهُم على غِرَّةٍ. وحكي الفرّاء: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا مَخَضْته. ولَبَنٌ جَهِيرٌ: لم يُمْذَقْ بماء. و الجَهِيرُ اللبن الذي أُخرج زُبْدُه، والثَّمِيرُ: الذي لم يخرج زبده، وهو التَّثْمِير. ورجل مِجْهَرٌ بكسر الميم، إِذا كان من عادته أَن يَجْهَر بكلامه. و المُجاهَرَةُ بالعداوة: المُبادَأَةَ بها. ابن الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ من الدهرِ، والجَهْرُ السَّنَةُ التامَّةُ; قال: وحاكم أَعرابي رجلاً إِلى القاضي فقال: بِعْتُ منه غُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ فغاب عني; قال ابن الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ من الدهر. و الجَوْهَرُ معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به. و جَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه; قال ابن سيده: وله تحديد لا يليق بهذا الكتاب، وقيل: الجوهر فارسي معرّب. وقد سمَّت أَجْهَرَ و جَهِيراً و جَهْرانَ و جَوْهَراً
================================================== ================================================== ================================================== ==================================
علن
العِلانُ و المُعالَنة و الإِعْلانُ المُجاهرة. عَلَن الأَمْرُ يَعْلُنُ عُلُوناً و يَعْلِنُ و عَلِنَ يَعْلَنُ عَلَناً و عَلانية فيهما إذا شاع وظهر , و اعْتَلَنَ؛ و عَلَّنه و أَعْلَنه و أَعْلَن به؛ وأَنشد ثعلب: حتى يَشُكَّ وُشاةٌ قد رَمَوْك بنا ,
وأَعْلَنُوا بك فينا أَيَّ إِعْلانِ
وفي حديث المُلاعنة: تلك امرأَة أَعْلَنَتْ؛ الإِعْلانُ في الأَصل: إِظهار الشيء , والمراد به أَنها كانت قد أَظهرت الفاحشة. وفي حديث الهجرة: لا يَسْتَعْلِنُ به ولسنا بمُقِرِّين له؛ الاسْتِعْلانُ أَي الجهرِ بدِينه وقِراءته. واسْتَسَرَّ الرجلُ ثم اسْتَعْلَنَ أَي تَعَرَّض لأَنْ يُعْلَنَ به. و عالَنَه أَعْلَنَ إِليه الأَمْرَ؛ قال قَعْنَبُ بن أُمِّ صاحب: كلٌّ يُداجِي على البَغْضاءِ صاحِبَه ,
ولَنْ أُعالِنَهُمْ إلا كما عَلَنُوا.
و العِلانُ و المُعالَنة إذا أَعْلَن كل واحد لصاحبه ما في نفسه؛ وأَنشد: وكَفِّي عن أَذَى الجِيرانِ نَفْسِي ,
وإِعْلاني لمن يَبْغِي عِلاني
وأَنشد ابن بري للطّرِمّاحِ: أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عني بَشِيراً
عَلانِيةً , ونِعْمَ أَخُو العِلانِ
ويقال: يا رجل اسْتَعْلِنْ أَي أَظْهِرْ. و اعْتَلَنَ الأَمرُ إذا اشتهر. و العَلانية على مِثال الكَراهِيَة والفَرَاهِية: خلافُ السِّهر , وهو ظهور الأَمر. ورجل عُلَنَةٌ لا يَكْتُم سِرَّه ويَبُوح به. وقال اللحياني: رجل عَلانِيَة وقوم عَلانُونَ ورجل عَلانيٌّ وقوم عَلانِيُّونَ وهو الظاهر الأَمر الذي أَمره عَلانيَة و عَلْوَانُ الكتاب: يجوز أَن يكون فِعْلُه فَعْوَلْتُ من العَلانِيَة. يقال: عَلْوَنْتُ الكتاب إذا عَنْوَنْته. و عُلْوَانُ الكتاب: عُنْوانُه.(/)
مسألة: هل ينسى النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن؟ دعوة للمشاركة
ـ[أبو العالية]ــــــــ[30 Dec 2003, 06:14 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
فهذه مسألة لا زلت أبحث في طياتها، وألم أطرافها، فعسى الإخوة الفضلاء والمشايخ النبلاء ان يدلوا بما لديهم من فضل علم.
ولعلني أثبت ما عندي فيما بعد
يقول الله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
والحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها:
" قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا." وفي رواية " اسقطتها "
فكيف نوفق بينهما؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Dec 2003, 12:30 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الجمع بينهما:
الآية الأولى في أصل نزول القرآن فلا يمكن أن ينسى شيئاً منه قبل إبلاغه لأن هذا هو مقتضى الرسالة " يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "
وبعد نزول القرآن وتبليغه وحفظ الناس له؛ فربما ينسى النبي شيئاً منه بحسب الطبيعة البشرية , وعليه يدل الحديث الذي ذكرت , وهو احد معاني الاستثناء في قوله تعالى " سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله" والله اعلم.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[31 Dec 2003, 08:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
اخي الفاضل،
لقد راجعت نص الحديث في البخاري،
وارى ان الحديث لا يفي بالمعطيات اللازمة لمثل سؤالك! فالحديث لا يحدثنا عن تلك الآيات ولا يذكر اسم السورة! وذلك لان كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن ايات (أنسيتها)، وهذا قد يوحي بالنسخ! من الآية (ما ننسخ من اية او ننسها) والآية (فلا تنسى، الا ما شاء الله) ...
ولو كان في الحديث ذكر للسورة أو الايات لاستطاع الدارس الاستنتاج.
اما رد الأخ الفاضل، فلا ارى انه يليق بمحمد صلى الله عليه وسلم نسيان اية آية من كتاب الله ما لم تنسخ! وذلك لان القرآن هو لب رسالته، وهو المراد منه تبليغه، وقد تكفل الله حفظه ن واول الحفظ ان يحفظ كاملا على مراد الله في قلب مبلغه الى الناس ...
فما اراه من معنى الحديث هو ان رسول الله سمع صحابيا يقرؤ من المنسوخ، والذي ربما لم يصل الى ذلك الصحابي خبر نسخه .... والله اعلم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[01 Jan 2004, 12:39 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
جزى الله الإخوة الفضلاء على هذا المرور الطيب والإهتمام.
غير ان الذي توصلت له أن هذا كما ذكر الأخ الشيخ أحمد من نسيانه بعد التبليغ وهذا يكاد يكون مجمعٌ عليه الجمهور ولقد ذكره غير واحد من أهل العلم هذا القول. ولقد رأيت كثيراً من شروح هذا الحديث، وطالعت كثيراً من أقوال المفسرين في آية الأعلى (سنقرئك فلا تنسى)
وبعد تأمل ظهر لي قول هو اعدلها، بل وجد حديثاً في البخاري رحمه الله حسم المسألة!.
أما القول، فهو للإسماعيلي نقله عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (9/ 86):
فقال:
" النسيان من النبي صلى الله عليه وسلم يكون علىى قسمين:
أحدها: نسيانه الذي يتذكره عن قرب، وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود في السهو: " إنما انا بشر أنسى كما تنسون ".
والثاني: أن يرفعه الله عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهذا المشار إليه في الإستشناء في قوله تعالى: " سنقرئك فلا تنسى "
قال: فأما القسم الأول فعارض سريع الزوال لظاهر قوله اعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "
واما الثاني فداخل في قوله تعالى: " ما ننسخ من آية او ننسها .. ".
وقال الحافظ أيضاً رحمه الله:
وفي الحديث حجة لمن اجلز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس طريقة البلاغ مطلقا ... إلخ "
وقال الألوسي رحمه الله في تفسيره (15/ 134)
" ثم إن المراد من نفي النسيان شيء من القرآن، نفي النسيان التام المستمر مما لا يقر عليه صلى الله عليه وسلم."
ونقل العيني رحمه الله عن الجهور في شرحه على البخاري (10/ 51)
" وقال الجمهور: جاز النسيان عليه فيما ليس طريقة البلاغ والتعليم بشرط أن لا يقرأ (كذا بإثبات الألف، ولعل الصواب فيما يظهر " يقرّ ") عليه بل لا بد ان يذكره، واما غيره فلا يجوز قبل التبليغ، واما نسيانه ما بلغه كما في هذا الحديث فهو جائز بلا خلاف "
ولعل الراوية الفاصلة في هذه المسألة هي رواية البخاري من حديث أبيّ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الفجر فأسقط آية فقال أبي: فحسبت انها سقطت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " نسيتها "
وذكر هذه الرواية القرطبي رحمه الله وبين هذا في الجامع (20/ 19) ولم يعزها للبخاري، أما الألوسي رحمه الله في تفسيره (15/ 134) فقد عزاها للبخاري ولم أجدها عنده الان، فلتبحث.
وعليه يتبين الجمع بين هذا والله أعلم.(/)
الحروف المتقطعه في بداية بعض السور؟؟؟؟
ـ[رهيفه]ــــــــ[30 Dec 2003, 09:38 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مامعنى الحروف المتقطعه في بداية بعض السور مثل (الم)
ـ[زهرة الاسلام]ــــــــ[31 Dec 2003, 03:32 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سؤالك "رهيفة " جد هام وقد بحث فيه العلماء قديماً وحديثاً كلً أدلى بدلوه راجياً إصابة مراد الله أو الاقتراب منه فى هذه المسألة
ولمعرفة المعنى لهذه الحروف نبدأ أولاً بتقسيم الآراء فيها إلى قسمين:
رأى السلف ورأى الخلف
1 - رأى السلف: رأى معظم السلف رد هذه الحروف ومعناها إلى علم الله , فجعلوها من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه وأنزلوها تحت قوله تعالى:
" وما يعلم تأويله إلا الله "
وممن سلك هذا المسلك: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب
وابن مسعود ...... وغيرهم كثير
2 - رأى الخلف: رأوا أن هذه الحروف لها معنى , وأن على المسلمين أن يبحثوا عنه للوصول إلى مراد الله حسب الطاقة ... وهؤلاء انقسموا إلى آراء:
*إنها اسم من أسماء الله: فمثلاً قوله " الم " تعنى (أنا الله أعلم).
*إنها من أسماء السورة التى وردت بها , ويدل على ذالك قوله (صلى الله عليه وسلم)
" اقرءوا حم السجدة ........ " فسمى السورة بما بدأت به من الحروف المقطعة.
*إنها وردت للفت انتباه المشركين فيدعوهم إلى سماع ما يتلى بعده وذالك لأنهم قالوا " لا تسمعوا لهذا القرىن والغوا فيه لعلكم تغلبون "
* إنها تحدى من الله للمشركين فكأنه سبحانه يقول إن هذه الحروف المركب منها القرآن هى من جنس الحروف التى تتحدثون بها فلماذا تعجزون عن الاتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا .. " فنفى الله عنهم فى الحاضر وفى الاستقبال قدرتهم على التيان بمثله.
* ومن الأراء المعاصرة فيها ما ذهب إليه أحد العلماء من ترتيب هذه الحروف بصيغة معينة بحذف المتشابه (المكرر) منها فكون جملة " نص حكيم قاطع له سر "
هذه الآراء وغيرها كثير وردت فى محاولة فهم هذه الحروف , وأرى أم ما يميل إليه القلب هو رد علمها إلى الحكيم الخبير والكف عن محاولة بيانها والانشغال بأمور أكثر أهمية للأمة
والله أعلم
شكراً لك
زهرة
--------------------------------------
نحن قوم أعزنا الله بالسلام فإن ابتغينا العز فى غيره أذلنا الله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Jan 2004, 01:39 م]ـ
السلام عليكم
لقد كتبت في كتابي (مفهوم التفسير والتأويل والتدبر والاستنباط والمفسر) جوابًا لهذا السؤال؛ لكثرة ما يقع من السائلين عنه، وهذا نصه:
القول في الأحرف المقطعة:
وقبل أن أختم الحديث عن هذا الموضوع، أشيرُ إلى ما قد يسأل عنه القارئ، وهو هل الأحرف المقطعة من المتشابه؟
الجواب: فيه تفصيل، فإن كان المراد أنها من المتشابه النسبي الذي قد يخفى على قوم، فنعم.
وإن كان المراد أنها من المتشابه الكلي، فلا، ومن أدخلها في المتشابه الكلي، فقد أخطأ؛ لأن السلف قد تعرَّضوا للقول فيها، ولو كانت من المتشابه الكلي لما قالوا فيها شيئًا، وهذا من أدلِّ الدليل على خروجها عن أن تكون من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله.
ويورد بعض أعلام المتكلِّمين هنا سؤالاً:
هل يجوز أن يخاطبنا الله بما لا نعلم معناه؟
أو هل في القرآن ما لا نعلم تأويله؟ (1).
وبعضهم يبنون على هذا أنَّ الأحرف المقطعة، وغيرها من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله، لذا يقولون في تفسيرها: الله أعلم بمراده بها.
وتركيب السؤال غلط؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما لا يُعلمُ معناه، حتى يخفى على الجميع، وما يوجد فيه مما لا يصل إليه علم البشر هو خارج عن المعنى وداخل في أمر آخر، وهو أمر الغيبيات التي سبق الإشارة إليها من وقت وقوعها وكيفياتها، وكذا بعض الحِكَمِ التي أخفاها الله على عباده، فكل هذه لا علاقة لها بفهم المعنى، بل هي خارجة عنه.
وإذا تأملت الأحرف المقطعة وما قال العلماء فيها، وجدتهم فريقين:
الفريق الأول: من قال: إن الله استأثر بعلمها، وفحوى قولهم أن لها معنى، لكن لا يعلمه إلاَّ الله.
الفريق الثاني: من تعرَّض للحديث عنها، وذكر فيها كلامًا، وهم على قسمين:
قسم يظهر من كلامهم أن لها معنى، ولها تفسير يعلمُ معناه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقسم يجعلها حروفًا لا معنى لها؛ لأن الحرف في لغة العرب لا معنى له.
والصحيح في ذلك ـ والله أعلم ـ ما لخَّصه العلاَّمةُ أبو عبد الله محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى (ت: 1421)، فقد قال في جواب له عنها: ((هذه الحروف ليس لها معنى، ولها مغزى)).
وهذا الجواب مبني على أنَّ الحرف في لغة العرب لا معنى له، والقرآن نزل بلغتهم؛ كما قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) (يوسف: 2)، والعرب لم تجعل للحرف المفرد معنى، فحرف الصاد بمفرده لا معنى له، وكذا حرف الدال، وحرف القاف، لكن إذا جمعتها إلى بعضها تركَّب منها كلمة لها مدلول، وهي (صدق)، وهكذا غيرها من الأحرف التي هي مباني الكلام.
ولما كان الحرف لا معنى له في لغتهم، فإنه لا يُتطلَّب لهذه الأحرف معنى محدَّدًا تدلُّ عليه.
وإذا تأمَّلت جمهور تفسير السلف، وجدته راجعًا إلى هذا التحرير الذي ذكرته لك، وقد أشار إلى ذلك بعض المحققين.
قال الراغب الأصفهاني (ت: بعد 400): ((… وقال: (ألم ? ذلك الكتاب) (البقرة: 1 ـ 2) تنبيهًا على أن هذا الكتاب مركب من هذه الحروف التي هي مادة الكلام «(2).
وقال: ((إن المفهوم من هذه الحروف، الأظهر بلا واسطة، ما ذهب إليه المحققون من أهل اللغة؛ كالفراء وقطرب ـ وهو قو ابن عباس وكثير من التابعين على ما نبينه من بعد ـ وهو أن هذه الحروف لما كانت عنصر الكلام ومادته التي يتركب منها، بيَّن تعالى أنَّ هذا الكتاب من هذه الحروف التي أصلها عندكم، تنبيهًا على إعجازهم، وأنه لو كان من عند البشر لما عجزتم ـ مع تظاهركم ـ عن معارضته)) (3).
وقال: ((وما روي عن ابن عباس أن هذه الحروف اختصار من كلمات، فمعنى (ألم): أنا الله أعلم، ومعنى (ألمر): أنا الله أعلم وأرى، فإشارة منه إلى ما تقدم. وبيان ذلك ما ذكره بعض المفسرين أنَّ قصده بهذا التفسير ليس أن هذه الحروف مختصة بهذه المعاني دون غيرها، وإنما أشار بذلك إلى ما فيه الألف واللام والميم من الكلمات تنبيهًا أن هذه الحروف منبع هذه الأسماء، ولو قال: إنَّ اللام يدل على اللعن، والميم على المكر، لكان يُحمل، ولكن تحرَّى في المثال اللفظ الأحسن؛ كأنه قال: هذه الحروف هي أجزاء ذلك الكتاب.
ومثل هذا في ذكر نُبَذٍ تنبهًا على نوعه، قول ابن عباس في قوله تعالى: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) (التكاثر: 8) أنه الماء الحار في الشتاء، ولم يُرِدْ به أن النعيم ليس إلا هذا، بل أشار إلى بعض ما هو نعيم تنبيهًا على سائره، فكذلك أشار بهذه الحروف إلى ما يتركب منها، وعلى ذلك ما رواه السُّدِّيُّ عنه أن ذلك حروف إذا رُكِّبت يحصل منها اسم الله.
وكذلك ما روي عنه أنه قال: هي أقسام = غير مخالف لهذا القول، وذاك أن الأقسام الواردة في فواتح السور إنما هي بنعم، وأجوبتها تنبيه عليها،ـ فيكون قوله: (ألم ? ذلك الكتاب) (البقرة: 1 ـ 2) جملة في تقدير مقسم به. وقوله: (لا ريب فيه) (البقرة: 2) جوابها، ويكون إقسامه بها تنبيها على عِظَمِ موقعها، وعلى عجزنا عن معارضة كتابه المؤلف منها.
فإن قيل: لو كان قسمًا، لكان فيه حرف القسم. قيل: إن حرف القسم يُحتاج إليه إذا كان المقسم به مجرورًا. فأما إذا كان مرفوعًا نحو: (ويمُ الله)، أو منصوبًا نحو: (يمينَ الله)، فليس بمحتاج إلى ذلك.
وما قاله زيد بن أسلم والحسن ومجاهد وابن جريج أنها أسماء للسور، فليس بمناف للأول، فكل سورة سُمِّيت بلفظ متلو منها، فله في السورة معنى معلوم. وعلى هذا القصائد والخطب المسماه بلفظ منها ما يفيد معنى فيها.
وكذلك ما قاله أبو عبيدة، وروي أيضًا عن مجاهد وحكاه قطرب والأخفش: أن هذه الفواتح دلائل على انتهاء السورة التي قبلها، وافتتاح ما بعدها، فإن ذلك يقتضي من حيث إنها لم تقع إلاَّ (4) في أوائل السور = يقتضي ما قالوه، ولا يوجب ذلك أن لا معنى سواه. .)) (5).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا يتبين أن هذه الأحرف تخرج عن المتشابه الكلي، كما لا تدخل في السؤال الذي يطرحه بعض العلماء، وهو هل في القرآن ما لا يعلم معناه؟ لأنها أحرف لا تحتوي على معنى بذاتها فيطلب منها، أما إذا تركب منها الكلام، فلا يمكن أن يكون في القرآن كلام لا يعرف معناه، والله الموفق.
وبقي في هذه الأحرف مسألة، وهي المغزى من هذه الأحرف، وهو على التحقيق:ما ذكر ابن كثير (ت: 774)، قال: (وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها.
وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في كشافه، ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية.
قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن.
قال: وجاء منها على حرف واحد؛ كقوله: (ص)، (ن)، (ق)، وحرفين مثل: (حم)، وثلاثة مثل: (الم)، وأربعة مثل: (المر)، (ألمص)، وخمسة مثل: (كهيعص) و (حم عسيق)؛ لأن أساليب كلامهم على هذا: من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك.
قلت: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف، فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى: (الم ? ذلك الكتاب لا ريب فيه) (البقرة: 1 ـ 2).
(الم ? الله لاإله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه) (آل عمران: 1 ـ 2).
(المص ? كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه) (الأعراف: 1 ـ 2).
(الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم) (إبراهيم: 1).
(الم ? تنْزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) (السجدة: 1 ـ 2).
(حم ? تنْزيل من الرحمن الرحيم) (فصلت: 1 ـ 2)
(حم ? عسق ? كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) (الشورى: 1 ـ 3).
وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم)) (6).
وبهذا ينتهي الحديث عن الأحرف المقطعة، وبالله التوفيق.
..............
(1) ينظر على سبيل المثال: مقدمة جامع التفاسير للراغب الصفهاني، تحقيق: أحمد حسن فرحات (ص: 86).
(2) مقدمة جامع التنفاسير (ص: 105).
(3) مقدمة جامع التفاسير (ص: 142).
(4) ليس في الأصل» إلاَّ «، وقد زدتها لأن المقام يقتضيها.
(5) مقدمة جامع التفاسير (ص: 147 ـ 148).
(6) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ط: 3 (1: 38). وقد نصر هذا القول الشنقيطي في أضواء البيان واستدل بالاستقراء الذي أشار إليه ابن كثير، ينظر: أضواء البيان (3: 5 ـ 7).
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[07 Jan 2004, 06:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الفاضل مساعد الطيار ـ اسعده الله في الدنيا والاخره ـ
ليس عندي مزيد علىماذكرت أو اعتراض أو مناقشة فليس هذا من دأبنا مع طلاب العلم الكبار، فمازلت مسددا موفقا زادك الله من فضله.
لكن عندي جهالة لازمتني حول هذه المسأله لم أشأ تحقيقها أو إثارتها أوالسؤال عنها، خشية من أن يكون الاشكال ليس متعلقا بعين المسأله أكثر مماهو متعلق بالمستشكل. لها، فيكون السكوت عند ذلك اسلم حتى يفتح الله وهو الفتاح العليم، وكم كنت افزع الى ماذكره شيخ الاسلام الثاني ابن القيم ـ رحمه الله ـ في البدائع حول هذه المسأله فليتكم اشرتم اليه في بحثكم الماتع.
وما اشكل لدي هوأن المشهوروالمعروف عند العامة والخاصة أن العرب لم تكن تفهم للحرف معنى بمفرده دون اتصال بحرف آخر، كماذكرتم واخترتم ـ حفظكم الله ـ
وهذا القول: وإن كان قولا قد يكون مسلما به دون حاجه الى أن يلتمس له دليل. الا انه قد اشكل علي ماوضعه بعض ائمة اللغة من كتب في معاني الحروف , وأن لكل حرف معنا يدل عليه عند اطلاقه وإن لم يتصل به حرف آخر، فقالوا مثلا: إن معنى الالف عند العرب هو الرجل الفرد، والباء هو الرجل الكثير الجماع،والتاء هي البقرة التي تحلب ... وأستشهدوا في درج كلامهم بشئ من الشعر ليدللوا على ذلك، وهذا ما ذكرته بعض المعاجم كالتاج، وأشار اليه صاحب البصائرـ رحمه الله ـ بل افرد هذا الباب بالتصنيف من قبل ائمة كبار في علوم العربيه، عد الاستاذ رمضان عبدالتواب الكثير منهم في أول تحقيقه للكتاب المنسوب؟! في هذا الباب للخليل ـ رحمه الله ـ فذكر منهم بعد الخليل الكسائي والنضر بن شميل والمبرد وابن السكيت والامدي والفارابي والزجاجي وغيرهم، ومن الناس بعدهم في هذا الفن.
وقد تولد عندي هذا الاشكال بعد أن اطلعت على ثلاثة كتب مماذكره وحققه الاستاذ المحقق رمضان عبد التواب أولها كتاب الخليل، فابن السكيت، فالرازي.
فهل هذا ثابت عند العرب؟ وهل يلزم من ثبوته أن يكون كذلك في الحروف المقطة في أوائل السور؟ فيكون القول:بأن لها مغزى وليس لها معنى مخالف للصواب؟ وإذا كان ذلك كذلك فهل معناها في أوائل السور هو المعنى الذي استعملته العرب مع فحش في بعضه يجل عنه كلام الله عز وجل.؟ أم أنه لاعلاقة لهذا كله بمحل البحث؟
كتبت هذا لعلي أجد عندكم أوأحد الاخوه الكرام مايجلي لي الامر. مع شكري وتقديري للجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضيائي نعمان السوسي]ــــــــ[11 Jan 2004, 03:30 م]ـ
الأخت السائلة الكريمة
لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع و بالإضافة لما تفضل به الدكتور الطيار و الإخوة المشاركين الكرام يمكنك مراجعة الموضوع من كتاب الإتقان للشيخ السيوطي النوع الثالث الأربعين في المحكم و المتشابهة حيث يتناول الموضوع بشيئ من التفصيل
و الله تعالى أعلم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jan 2004, 07:06 ص]ـ
الأخ الكريم ابن الشجري
لقد استمتعت بمطارحتكم الأدبية مع الأخ الفاضل عبد الرحمن الشهري (في الملتقى العام)، أما بخصوص سؤالكم عن موضوع معاني الحروف الهجائية، فإني أذكر مقالاً نقد هذا الموضوع، وبين زيفه، ووصل به باحثه إلى عدم صحة ما يُنسب للعرب من إرادتها معني لهذه الحروف، خصوصًا ما ذكرت مما تتضمنه معاني بعض هذه الحروف من إسفاف، وكنت أبحث عن هذا المقال لأنزله هنا لكني لم أجده، ولعله إن تيسر لي الحصول عليه لاحقًا كتبته هنا، ولكم جزيل الشكر على مشاركاتكم ومتابعاتكم.
ـ[داود عيسى]ــــــــ[19 Jan 2004, 05:05 م]ـ
والعلم عند الله أن هذه الفواتح تتحدث عن أمور عظيمة للإسلام والمسلمين
ولا يعتقد أحد أنها مجرد حروف لا يريد الله منها شيئا بل على العكس فوالله سيأتي اليوم الذي فيه سيفتح الله على عبد من عباده ويعلمه أسرار هذه الفواتح
وألعلم عند الله أن هذا الأمر العظيم قريب.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[11 Feb 2004, 01:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
أخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فإن ما ذكره الشيخ الدكتور مساعد الطيار هو الصواب والله تعالى اعلم فإن هذه الحروف أعجزت العلماء أن يصلوا إلى معانيها، وما المراد منها لكن إذا تأملت هذه الحروف وأنها صدرت في الغالب سور مكية سهل علينا فهم المراد منها وأن كل ما قيل فيها من كونها ترمز إلى أشياء باطنة أو أنها أسماء للسور أو أنها ترمز إلى اسم من أسماء الله تعالى كل ذلك ليس بشيء والصواب والله تعالى اعلم أنه لا معنى لها في ذاتها ولهذا تنازع النحاة في اعرابها، والصواب كما تقدم أنها ليس لها معنى في ذاتها لكن ذكرت لحكمة وفائدة عظيمة ومقاصد وحكم، واحسن ما قيل في ذلك ما ذهب إليه عكرمة رحمه الله أنها دلاله على أصول البيان في لغة العرب للتحدي والاعجاز.
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[17 Apr 2005, 11:05 م]ـ
وقعت على كلام متين في كتاب (أشتات في الأدب واللغة) لمؤلفه د / إبراهيم السامرائي جزاه الله خيرا.
وقد تعرض لهذه المسألة ـ ماورد في استفساري أعلاه ـ من خلال دفعه في ثبوت مثل هذا الكتاب للخليل رحمه الله، وأنه كتاب مزيف منحول لاتصح نسبته للخليل، وكل من كتب بعد الخليل في مثل هذه المسألة كالرازي فمعولهم على الكتاب المنسوب للخيل، بكلام طويل في نحو من سبع صفحات، وإذ قد بطل ألأصل فلا عبرة بالفرع ..
وقد عاتب محقق الكتاب عتابا شديدا، وكذالك الناشر.فمن أحب المزيد فليقف عليه في الكتاب المذكور ص 247، ففيه ابحاث جيده.
ولا أدري هل هذا الكتاب هو ماقصده الشيخ مساعد في ماذكره في معرض كلامه، أم هو كتاب وكاتب آخر.
ـ[المقرئ]ــــــــ[29 Jul 2005, 11:23 م]ـ
إلى المشايخ الأفاضل:
من أقدم من رأيت بحثا للمسألة وجمعا للأقوال بنقاش جذاب جدا
هو العلامة أبو عبد الله الخطيب الإسكافي (420هـ) صاحب كتاب درة التنزيل وذلك في كتابه الماتع المفيد (المجالس) وقد بحثها بحثا مطولا
ومما قال في ذلك (ومما سأل عنه أهل الزيغ أوائل السور المفتتحة بالحروف المقطعة نحو (الم) قالوا: هذه الحروف ما فائدتها؟ فقد ذهب قوم إلى أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله؟
ثم قال: وللمفسرين في ذلك عشرون جوابا، عشرة منها مسندة قوية وعشرة دونها في القوة
ثم ذكر العشرة الأقوال مسندة إلى أصحابها وقال: (والجواب السابع: ماذهب إليه المحققون من أهل العربية منهم الفراء وقطرب في أحد قوليه وهو أن هذه الحروف لما كانت أصولا للكلام المؤلف منها أخبر الله تعالى بأن هذا القرآن الذي أنزله إنما هو مؤلف منظوم من هذه الحروف
فإن قال قائل: وما فائدة هذا الإخبار وهو معلوم للجماعة؟
قيل له: التنبيه على إعجازه ومعنى ذلك أن هذا القرآن مؤلف من الحروف التي يؤلفون منها كلامهم فإذا حاولتم كلاما في غير معارضته أمكنكم فجنسه مقدور لكم وأصله عندكم فما بالكم تعجزون عن الإتيان بمثله؟ وهلا تعلمون أن ذلك ليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم إذ لو كان كذلك أقدرتم عليه كقدرته مع انفراده وتظاهركم ... ) إلى آخر ما قال في توجيه هذا القول ولولا طوله لنقلته
المقرئ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Aug 2005, 09:45 ص]ـ
الشيخ الكريم المقرئ أسعده الله بالهدى والتوفيق
أشكرك على إشارتك لكلام الخطيب رحمه الله، وهو كلام متين كما تفضلت، وأحببت أن أشير إلى أن الكتاب قد صدر عن دار عمار بالأردن عام 1422هـ بتحقيق الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد - وهو صاحب فوائد وفرائد نفع الله به ووفقه لكل خير.
والكلام عن فواتح السور في (كتاب المجالس) للخطيب جاء في موضعين:
الأول: في المجلس الثاني من صفحة 43 إلى 48 وذكر فيه عشرة وجوه.
الثاني في المجلس الثالث من صفحة 54 - 57 وذكر فيه الوجوه العشرة الباقية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ marmar_egy2005] ــــــــ[20 Aug 2005, 06:46 م]ـ
سر الحروف التى فى أوائل السور القرآنية وفك طلاسمها
(من تفسير ابن كثير من ص 35 الى ص 38 المجلد الأول للناشر المكتبة القيمة طبعة 1993)
(قد اختلف المفسرون فى الحروف المقطعة التى فى أوائل السور., فمنهم من قال هى مما استأثر الله بعلمه فردّوا علمها إلى الله ولم يفسرها .. ومنهم من فسرها وأختلف هؤلاء فى معناها .. وعن ابن نجيح عن مجاهد أنه قال: الم، وحم، والمص، وص، .. فواتح افتتح الله بها القرآن، .. وقيل أنه أسم من أسماء السور .. والله أعلم. وقيل هى أسم من أسماء الله تعالى ... وقال شعبة عن السدي بلغني أن العباس قال " الم أسم من أسماء الله الأعظم ". هكذا رواه ابن ابى حاتم .. قال سألت السدي عن " حم وطس والم " فقال، قال ابن عباس هى " اسم الله الأعظم "، .. وقال على بن ابى طلحة عن ابن عباس هو " قسم الله به وهو مشن أسماء الله تعالى " وعن ابن عباس قال: " الم قال أنا الله اعلم "
وعن ابى صالح .. من أصحاب النبي (ص) الم، أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .. وفى قوله تعالى "الم" قال هذه الأحرف الثلاثة من الثمانية والعشرين حرفاً دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو فى مدة أقوام وآجالهم. قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب:فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون فى رزقه فيكفرون به "، فالألف مفتاح الله، واللام مفتاح اسمه لطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد. فالألف آلاء الله، واللام لطف الله، والميم مجد الله، والألف سنة، واللام ثلاثون سنة، والميم أربعون سنة (1) ". فهذه الحروف هى أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته .. وقال حصيف عن مجاهد أنه قال فواتح السور كلها (ق وص وحم وطسم والر وغير ذلك). ويقول أيضاً:
جميع الحروف المذكورة فى أوائل السور موزعة على 29 سورة فقط نجد أربعة عشر حرفاً وهى:
(ا ل م ص ر ك هـ ي ع ط س ح ق ن)
وهى نصف الحروف عدداً والمذكور منها أشرف من المتروك. قال الزمخشرى وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف .. ، فجميع هذه الحروف فى جملة (نص حكيم قاطع له سر) .. ، فسبحان الذي دقت كل شئ حكمته .. فى هذا المقام كلاماً قال:
" لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثاً ولا سدى، ومن قال من الجهلة إن فى القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطأ كبيراً .. ولم يجمع العلماء فيها على شئ معين وإنما اختلفوا.
المقام الآخر في الحكمة التى اقتضت غير هذه الحروف في أوائل السور .. قال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور وهذا ضعيف، لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة .. وقال آخرون بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها المشركين .. وهو ضعيف لأنه لو كان كذلك لكان ذلك فى جميع السور لا يكون فى بعضها، بل غالبها ليس كذلك، ولو كان كذلك أيضا لانبغى الابتداء بها فى أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك، ثم ان سورة (البقرة وال عمران) مدنيتان ليستا خطاباً للمشركين
ـ[أخوكم]ــــــــ[23 Aug 2005, 06:24 ص]ـ
جزاكم الله كل خير .. شاركتكم فأفدتم
ومن باب قوله سبحانه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون فلي مشاركة تقبلوها على ما فيها من نقص
أولا: من قال بأن معناها أنها لتبيين عجز الكفار عن الاتيان بمثل القرآن لأنه مكون من نفس الحروف التي يتداولونها، فكلامه حق
ولكن ليس هذا معنى الحروف وإنما هذا يسمى "مناسبة" مجيء تلك الأحرف في بداية السور "ومناسبة" كون الثناء على القرآن يأتي بعدها، فهذه المناسبة وليست المعنى، ويدل على ذلك أن هذه السورة جاءت بـ حم ولم تأتِ بـ طسم!! والأخرى جاءت بـ ق ولم تأتِ بـ حم ... وهكذا
ثانيا:مما ينبغي كثرة التأكيد عليه في موضوع الحروف المقطعة في بداية السور هو:
أنها من العلوم التي لا يضر الجهل بها .. ويدل على ذلك أن قرونا من الصالحين قبلنا قد مضت لم يعرفوا معناها لكنهم عرفوا فروض العلوم وعملوا بها فهم الآن ينعمون بالجنة ..
فإن جاء إنسان بعدهم وعلمها فهذا فضل من الله ونور على نور
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن بشرط ألا يقوده الحرص على معرفة معناها إلى تكلف البحث عن سرها، إذ من كان هذا نهجه فلن يجني من وراء تكلفه إلا ظنونا قد جاءته مزينة بثوب اليقين
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 Aug 2005, 09:19 م]ـ
هذا عرض لبعض اللمع في تاريخ " الحروف":
1 - سهل بن هارون/ بطليموس:
سهل بن هارون بن راهبون الكاتب. صاحب (بيت الحكمة= وكم شر خرج من هذا البيت) أيام المأمون. (ت 215).خلط علم اللغة بعلم الفلك.وحاول التوحيد بينهما من خلال الجمع بين التوافقات العددية الملحوظة في المجالين. وكان من ملاحظاته:
-عدد حروف العربية 28 حرفا .... وكذلك عدد منازل القمر.
-الميزان الصرفي العربي يقف عند الكلمة السبعية ولا يتجاوزها. وكذلك الكواكب السيارة لا تتجاوز سبعة .. (هذا مبلغهم من العلم حينذاك ..... أما اليوم فقد تجاوز العدد سبعة ..... ولا ندري ما سيقول العلماء غدا فاعتبروا يا أولي الالباب ...... )
-الحروف المزيدة على الأصول فى الكلمات العربية تساوي عدد البروج .....
-حروف الهجاء العربية نوعان:حروف شمسية تدغم مع لام التعريف .... وحروف قمرية ليست كذلك .... والقسمان متعادلان يضم كل قسم 14 حرفا. ويطابق هذا تقسيم منازل القمر إلى قسمين أيضا:منازل ظاهرة للعيان (عدم الادغام) ومنازل مختفية في وجه القمر الآخر (ادغام).ولعل تسمية "ال" شمسية وقمرية تعود إلى هذا الفكر التلفيقي .. ..
2 - الكندي/ فيثاغورس
ثم كانت محاولة تلفيقية أخرى بين اللغة والحساب .... فقد ذكروا أن الفيلسوف الكندي
كان أول من بحث في الحروف باعتبار قيمها العددية .... وعلى ذلك أصبح من الممكن خلق ترابطات بين كلمات لا من جهة المعنى ولكن من جهة العدد ... فيمكن مثلا التآخي بين كلمتين وتفسير إحداهما بالأخرى بسبب اتحادهما في حساب الجمل ..... وكان الهدف من ذلك محاولة قراءة الغيب والكشف عن أحداث المستقبل ... فيمكن في كل وقت اسقاط القيم الحسابية على سلم التاريخ ....
قال الفيلسوف الكندي حسب ما أورده ابن خلدون في تاريخه:
الحروف العربية غير المعجمة يعني المفتتح بها سور القرآن جملة عددها سبعمائة و ثلاث و أربعون و سبع دجالية ثم ينزل عيسى في وقت صلاة العصر فيصلح الدنيا وتمشي الشاة مع الذئب ثم مبلغ ملك العجم بعد إسلامهم مع عيسى مائة و سبعون عاما عدد حروف العجم (ق ي ن) دولة العدل منها أربعون عاما.
ذكر الكندي يعقوب بن إسحاق في كتاب الجفر الذي ذكر فيه القرانات: (أنه إذا وصل القرآن إلى الثور على رأس ضح بحرفين الضاد المعجمة و الحاء المهملة) يريد ثمانية و تسعين و ستمائة من الهجرة ينزل المسيح فيحكم في الأرض ما شاء الله تعالى .....
3 - الحلاج /أفلوطين:
دائما تحت هاجس التلفيق بين اللغة وغيرها (وغيرها هنا: العرفان) اقتفى الحلاج خطى الكندي وتلميذه أبي زيد البلخي .. فزعم أن في "القرآن علم كل شيء وعلم القرآن في الحروف التي في أوائل السور وعلم الأحرف في" لام ألف" وعلم لام ألف في" ألف" ... وعلم ألف في" النقطة" .....
وجاء" النفري" وهو متصوف نصف عاقل ونصف مجنون ... فنظر الى الحروف لامن حيث مخارجها ولكن من حيث صورها فرآى "أنها كلها مرضى إلا الألف" ويقصد بالالف الله تعالى .....
وتتابع الموكب على هذا الهذيان .... حتى وصل الدور إلى ابن سينا وحاول استغلال الحروف المقطعة لدعم فلسفته في الخلق والايجاد وأنواع العقول والعوالم .... وزعم أن 'طس" تعنى العالم الهيولاني وأن "ق" تعني عالم التكوين وعالم الأمر .... وقال بلا حياء:لا يمكن لهذه الحروف ان تدل على غير هذا البتة .....
الخلاصة:
-البحث عن أسرار الحروف نشأ في بيئات مشتبه فيها: بيئة الاغريقانيين والفلاسفة والصوفية والشيعة والسحرة .....
-البحث عن سر الحرف لا يمكن أن يتصور إلا داخل الدائرة الباطنية ..
-البحث عن سر الحرف يشرف على مستنقع الشرك: ادعاء علم الغيب وادعاء خصائص الحرف في التاثير وجلب النفع ودرء الضر.
-أقوم ما قيل في الموضوع ما نقله الشيخ مساعد الطيارعن العلامة محمد ابن عثيمين-رحمه الله- (ليس للحروف معنى ولكن لها مغزى) وهذه الكلمة الجامعة تقطع بشقها الأول الطريق على المشعوذين والسحرة ... أما شقها الثاني فيرد على الطاعنين في القرآن ....
وكلمته إن شاء الله هي فصل الخطاب في الموضوع والله أعلم.(/)
كتابة الايات التي يمكن للمعلمين الربط بها في الدروس الاخرى مع ذكر طريقة الربط لتكون
ـ[رهيفه]ــــــــ[30 Dec 2003, 09:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من المدرسين يعجزهم الهدف الديني لربط الدرس بالدين، والكثير منهم يتحاشى ذالك خوفا من الربط الخاطى والوقوع في الاثم ويكتفون ببعض الايات التي مل الطلاب من تكرارها.
مثال: ربط صدأ الحديد وتشبيهه بصدأ القلوب والدخول للطلاب والطالبات في ذلك لربطهم بالله والفرق بينها.
فصدأ الحديد له أسباب وكذالك صدأ القلوب له أسباب وهي الابتعاد عن ذكر الله والقرآن وكذلك صدأ الحديد له وقايه وكذالك صدأ القلوب له وقايه وهي ذكر الله وقراءة القران.
أتمنى أن نتعاون في ذالك لتعم الفائدة(/)
ملف جمع القرآن
ـ[الخطيب]ــــــــ[30 Dec 2003, 11:47 م]ـ
ملف جمع القرآن
شاع ذاع وبات من المستقر لدينا أن القرآن الكريم قد جمع ثلاث مرات مرة في العهد النبوي وأخرى في العهد البكري وثالثة في عهد عثمان رضي الله تعالى عنه 0
ما رأي السادة العلماء وكذا طلاب العلم في هذه المسألة وهل يمكن تناول هذا الموضوع بصورة جديدة تسبر غور الكتابات السابقة التي اهتمت بالحديث عنه فلم تعدم من تجاوزات غير مقبولة وتكلف ممقوت وإسراف في التأويل؟
هذه دعوة إلى دراسة جادة لهذا الموضوع الهام دراسة معتمدة على صحيح المنقول وطرح كل ما عداه مع قدرة على التحليل الجيد لهذا المنقول وعدم الإسراف في التأويل 0
فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[31 Dec 2003, 08:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اخي الخطيب،
جزاك الله خيرا، وانا اضم صوتي لصوتك في الدعوة لسبر غور هذا الموضوع مرة جديدة لا بعددها وانما بادواتها!
فقولك (دراسة معتمدة على صحيح المنقول وطرح كل ما عداه مع قدرة على التحليل الجيد لهذا المنقول وعدم الإسراف في التأويل) لهو عين المنهج الحق الذي ننادي به، في الوقوف امام هذا الحجم الهائل من الموروث ..
ولا دين ولا حق مطلق الا ما قاله الله سبحانه او قاله محمد صلى الله عليه وسلم بالحديث الصحيح ...
ونأمل ان يكون لدعواك صداها بين الأخوة اهل الأختصاص، والعلم ..
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[03 Jan 2004, 01:00 ص]ـ
لعلك تجد بعض بغيتك في سماع محاضرة كيف وصل القرآن العظيم إلينا في هذا الرابط
درس 12 و 13 و 17
http://www.islamway.com/bindex.php?section=series&scholar_id=539&series_id=1301(/)
سؤال عن مخطوطة في التفسير
ـ[متعلم]ــــــــ[31 Dec 2003, 01:05 ص]ـ
ارجو من الإخوة الفضلاء والمشائخ النبلاء إفادتي بمخطوطة في التفسير تصلح أن تكون رسالة ماجستير؟؟
وارجو افادتي على هذا البريد
trewq41@hotmail.com(/)
إحصائيات مفيدة (نقول ابن كثير والسيوطي لمرويات السلف)
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[31 Dec 2003, 10:15 م]ـ
هذه إحصائيات عن مرويات مشاهير المفسرين من الصحابة والتابعين في كتابي (تفسير ابن كثير، وتفسير الدر المنثور) أسأل الله سبحانه أن تكون نافعة.
1) تفسير ابن كثير.
ابن عباس: (1716 رواية)
ابن عمر:
ابن مسعود: (340 رواية)
مجاهد: (420 رواية)
فتادة: (776 رواية)
سعيد بن جبير: (534 رواية)
الحسن البصري: (488 رواية)
السدي: (568 رواية)
أبو العالية: (294 رواية)
2) السيوطي في الدر المنثور.
ابن عباس: (3680 رواية)
ابن عمر: (910 رواية)
ابن مسعود: (680 رواية)
مجاهد: (2440 رواية)
فتادة: (2225 رواية)
سعيد بن جبير: (781 رواية)
الحسن البصري: (608 رواية)
السدي: (576 رواية)
أبو العالية: (520 رواية)
* المرجع: تفسير التابعين , ص 81 , 82.(/)
منهج الشيخ ابن عثيمين في التفسير .. بقلم واحدٍ من خاصة تلاميذه
ـ[الراية]ــــــــ[02 Jan 2004, 05:01 م]ـ
منهج الشيخ ابن عثيمين في التفسير
بقلم/ عبد الرحمن الصالح الدهش
محاضر في قسم القرآن وعلومه جامعة الإمام فرع القصيم.
تجدها في الملف المرفق ..
مع العلم انه صدر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى من التفسير:-
1) من احكام القرآن (سورة الفاتحة والبقرة) مجلد واحد
2) تفسير الفاتحة والبقرة .. في ثلاث مجلدات
3) تفسير جزء عم. في مجلد واحد
4) تفسير سورة يس. في مجلد واحد.
ولعل الله بمنه وكرمه ييسر خروج ما تبقى ...(/)
صدر حديثاً قطعة من (تفسير الراغب الأصفهاني صاحب مفردات ألفاظ القرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Jan 2004, 08:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثاً عن (مدار الوطن للنشر) قطعة من (تفسير الراغب الأصفهاني) صاحب كتاب (مفردات ألفاظ القرآن).
ويشتمل الجزء المحقق على سورة آل عمران وحتى نهاية الآية 113 من سورة النساء.
دراسة وتحقيق الدكتور عادل بن علي الشدي. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود. وقد قام بتحقيقه ودراسته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى بمكة المكرمة. ويقع في جزئين كبيرين.(/)
تأملات في أحوال الجوارح يوم القيامة ـ الجزء الأول (أحوال البصر)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[02 Jan 2004, 11:20 م]ـ
من المواضع التي تلفت نظر المتأمل لكتاب الله العظيم، هو الأحوال التي تمر بها جوارح الإنسان، بدءً من نزع الروح إلى أن تصير إلى مصيرها، إما إلى جنة أو إلى نار ـ نعوذ بالله من ذلك ـ.
لقد أسفت ولن أزال كذلك، أسفت ثم أسفت على سنين كثيرة مضت في غير التأمل والتدبر لهذا الكتاب العظيم.
لقد تبين ـ من خلال البحث ـ أن القرآن الكريم أولى هذه الجوارح عناية عظيمة في ذلك اليوم المهول، والسر في ذلك ظاهر، فالأمر ـ كما قال سبحانه ـ (يوم ترونها ... تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد).
لا أريد أن أطيل في المقدمات، منبهاً في البداية إلى أمرين:
الأول: أن البحث لم يحرر بعد، بل الذي أطرحه هنا هو مختصر للبحث المطول (الأصل)، وحسبي أنني أطرحه بين يدي من أعتقد الاستفادة منهم،وهو عندي ضمن سلسلة سأخرجها في كتاب، إن يسر الله ـ بعنوان: (تأملات في أحوال الجوارح يوم القيامة) أسأل الله تعالى العون والتوفيق.
الثاني: أنني لم أتعرض للسنة في شيء، رغم أنها ذكر فيها أشياء مما يوافق شرط البحث.
==============================================
وقد بدأت بجارحة البصر،لأنها ـ بعد التأمل ـ هي أكثر الجوارح التي وصفت بأوصاف متنوعة ـ كما سيتبين بإذن الله تعالى ـ.
1 ـ أول أحوال البصر، هو ما دل عليه قوله تعالى: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).
والشخوص، هو إحداد البصر، دون تحرك كما يقع للمبهوت.
قال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ).
2 ـ بعد هذا الشخوص للأبصار من هول ما رأت، تأتي الحال الثانية، وهي من أكثر الأحوال التي تكرر ذكرها في القرآن، وهي خشوع الأبصار، أي انكسارها، وغشيان الذل لها، فلا تستطيع أن تنظر في الناس من حولها، وهي نظرة الخائف المفتضح،وهذا معروف من أحوال الناس، فإن ذلة الذليل، وعزة العزيز تظهران من عيونهما، يقول سبحانه: (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ).
ويقول سبحانه: (خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ)، (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ).
ومعنى ترهقهم: تحل بهم، وتقترب منهم بحرص على التمكن منهم، وبسرعة.
ويقول تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعا، كأنهم إلى نصب يوفضون * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)، ويقول سبحانه: (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ).
3 ـ تصور كيف هي ألوان عيون هؤلاء الكفرة حينما يحشرون؟ (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) ـ وهذا على رأي بعض المفسرين أن المراد بالزرقة زرقة العيون لا الوجوه ـ، فإذا ضممت إلى هذا سواد وجوههم، فما ظنك بقبح أشكالهم؟ ولك أن تتصور شخصاً أسود الوجه مزرق العينين! الأمر فظيع.
4 ـ ورغم طول مدة الحشر (خمسين ألف سنة) إلا أنهم لا يرتد إليهم طرفهم أكثر مدة المحشر، كما قال تعالى: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ)، وإنما قلت: أكثر مدة المحشر وليس كلها، مع أن ظاهر الآية أن عدم ارتداد طرفهم مستغرق للوقت كله ـ إنما قلت هذا ـ لأن الآيات الأخرى دلت على أن للبصر أحوالاً أخرى من الشخوص والنظر من طرف خفي.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 ـ مرحلة شهادة هذا البصر على ما رأى، يقول تعالى: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ).
6 ـ حشر المجرم أعمى البصر ‘لى النار وبئس المصير، يقول تعالى: (ونَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً)، ويقول سبحانه: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً)
فإن قلت: كل الأيات السابقة عن الكفار، فأين أبصار المؤمنين؟
لماذا لم تذكر؟ ما السبب؟
فيقال: إنه لما كان تقلب البصر واضطرابه إنما هو بسبب الخوف والحزن، وهذا منتف في حق المؤمنين، قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وقال سبحانه في المؤمنين (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الآكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)، لذا لم يذكر الله تعالى شيئا في وصف أبصارهم، بل إن الله تعالى أشرف أحوال أبصار المؤمنين يوم القيامة يوم تكتحل برؤية الرب العظيم، كما قال تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).
هذا ما تيسر، فمن كان له تعقيب يفيد في استدراك الزلل، وسد الخلل، فليبادر به مشكوراً مأجوراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2004, 02:44 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالله على تتبعك لهذا الموضوع، وجعله الله في موازين حسناتك. وهو يدل على دقة المنزع والتدبر لكثير من الآيات التي لم تعد تستوقف الكثير منا لكثرة سماعه لها والله المستعان. فواصل المسير والتدبر، ونحن نتابع ما تكتبه ونستفيد منه كثيراً وفقك الله لكل خير.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[10 Jan 2004, 09:55 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا عبد الله، تتبع جميل لدقائق قرآنية، وبانتظار بقية المبحث.
لكن أليس شخوصُ البصر يوم القيامة عامًا لجميع الخلق، كما صرّح به الطبري في: (إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)؟ إذ قال: " تشخص فيه أبصار الخلق ".
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:28 م]ـ
أشكر الأخوين الكريمين عبدالرحمن وخالد على مرورهما،وتعليقهما.
وجواباً عما طرحه أخي خالد، يمكن أن يقال ـ من باب المذاكرة ـ لأني أراجع فيها أي تفسير:
إن ما ذكرته في المقالة لا يعارض ما قرره الإمام أبو جعفر ابن جرير، بحيث يقال:
إن لحظات الشخوص الأولى لا مانع من اشتراك الخلق كلهم فيها؛ لشدة الهول، وعظم الموقف، وهيبة المشهد، ثم إذا تتابعن الأهوال زادت قلق الكفار والمنافقين، أما المؤمنون فتنزل عليهم السكينة، وتغشى قلوبهم الطمأنينة، تصديقاً لوعد الله جل وعلا (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:29 م]ـ
أشكر الأخوين الكريمين عبدالرحمن وخالد على مرورهما،وتعليقهما.
وجواباً عما طرحه أخي خالد، يمكن أن يقال ـ من باب المذاكرة ـ لأني أراجع فيها أي تفسير:
إن ما ذكرته في المقالة لا يعارض ما قرره الإمام أبو جعفر ابن جرير، بحيث يقال:
إن لحظات الشخوص الأولى لا مانع من اشتراك الخلق كلهم فيها؛ لشدة الهول، وعظم الموقف، وهيبة المشهد، ثم إذا تتابعت الأهوال زاد قلق الكفار والمنافقين ـ عياذا بالله من حالهم ومآلهم ـ أما المؤمنون ـ جعلنا الله وإياك أخي القارئ منهم ـ فتنزل عليهم السكينة، وتغشى قلوبهم الطمأنينة، تصديقاً لوعد الله جل وعلا (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[11 Jan 2004, 04:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة و بعد
لقد أثار طرح هذا الموضوع من الشيخ / أبي عبد الله عمر المقبل، شجونا في نفسي، ووقعاً في درسي، فآثار و أعمال الجوارح يوم القيامة إنما تظهر في الغالب على الكفار و هم في الحقيقة المهمومون و المحزونون و الخائفون، و لما كانت رسالتي للماجستير تتحدث عن " الهمِّ و الحزن في القرآن الكريم أسباباً و مظاهر و علاجاً " و دراسة المدارس النفسية الحديثة إزاء ذلك؛ كان من الآثار: الكآبة و سوء المنظر، و هذا الأثر يظهر على أغلب المهمومين و المحزونين، و جميع أعمال الجوارح تناولتها في آثار الهم و الحزن " في رسالتي " مع تقديري لطرح أبي عبد الله الجميل، و اختياراته الرائعة، و مواضيعه التي تنمُّ عن صفاء الذهن، و ذكاء الشيخ،
فَلا تكادُ تَرَى مَهْمُوْماً أَوْ حَزِيْناً إلا وَ عَلامَاتُ وَ آثَارُ قَلَقِهِ وَ حُزْنِهِ بَاديَةٌ عَلَيْهِ. سواءً عَلَى سُحْنَةِ وَجْهِهِ أو عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ داخِليَّةٍ أَوْ خَارِجِيَّةٍ، و هذا مجمعٌ عليه بين العقلاء و لذا قال الشاعر:
فَلَمْ أرَ يوماً كان أكثرَ بَاكِياً وَ وَجْهاً تُرَى فِيْه الكَآبة تنجبُ ()
و قول البحتري:
واستشفعت بدموعها ودموعها لُسُنٌ متى تصف الكآبة تسهِبِ ()
فالمهموم، والحزين، والقَلِقُ، لابد وأن تظهر أعراض أمراضهم عليهم بالكآبة، فإذا لم يتجاوزوا مرحلتهم تلك؛ فعندئذٍ تصبح الكآبة مرَضاً مستقِلاً، له أعراضه وأدواؤه ().
و قد أخذ هذا المبحث في رسالتي طويلاً لكني أقتطف منه ما يتعلَّقُ بزوغان البصر كما حدَّد الشيخ في موضوعه الجديد هذا.
وقد ذكر حامد زهران من أعراض الاكتئاب ومظاهره ما يتعلّقُ باضطراب تعبيرات الوجه بحيث تظهر أعراض الحزن والاكتئاب وأخرى كانقباض الوجه والسحنة الجامدة، والسحنة البلهاء، والنظرات الخائفة المتوجّسة والمتقلّبة، والتعبير المتكلّف .. إلخ ().
كما تناول القرآن الكريم حركة العين باعتبارها صفةً دالةً على الثبات والطمأنينة أو الاضطراب والقلق وذلك في أوصافٍ كثيرةٍ فيما يتعلّق بتلك الحركة وتأثُّرها بما يقوم في القلب وذلك في مثل قول الله تبارك وتعالى: â ّŒخ) Nن. râ ن! $ y_ ` د iB ِNن3د%ِ qsù ô` د Bur ں@xے َ™ r& ِNن3Zد B ّŒخ) ur د Mxî#y— مچ» |ءِ/ F{$# د Mt َ n=t/ur غ Uqè=à) ّ9$# uچ إ_$ sYys ّ9$# tbq‘Z ف às?ur «!$$ خ/ O$tRq م Z—à9$# اتةب y7 د9$ uZèd z’ ج? çG ِ/$# ڑ cq مZد B÷s كJّ9$# (#qن9ح“ّ9م— ur Zw#u“ ّ9خ— # Y‰ƒ د‰ x© ل ()، وهو وصفٌ دقيقٌ لحالات القلق المتعددة في هذا الموضع وذلك الظرف وما يدخل في موضوعنا هو قول الله تعالى: â ّŒخ) ur د Mxî#y— مچ» |ءِ/ F{$# ل، وهو كنايةٌ عن بلوغ الفزع (). ويجعل الألوسي اللفظ مكنىً به عن: ميلان الأبصار عن سننها وانحرافها عن مستوى نظرها حَيْرَةً ودهشةً ().
ويبرز أثر زوَغَان البصَر فيما يذكره ابن عاشور إذ يقول - رحمه الله -: (والزَيغ: الميل عن الاستواء إلى الانحراف. فزيغ البصر: أن لا يرى ما يتوجه إليه. أو: أن يريد التوجه إلى صوب فيقع إلى صوب آخر من شدة الرعب والانذعار ... وبلوغ القلوب الحناجر تمثيل لشدة اضطراب القلوب من الفزع والهلع حتى كأنها لاضطرابها تتجاوز مقارّها وترتفع طالبة الخروج من الصدور فإذا بلغت الحناجر لم تستطع تجاوزها من الضيق؛ فشبهت هيئة قلب الهلوع المرعُود بهيئة قلبٍ تجاوز موضعه وذهب متصاعداً طالباً الخروج، فالمشبه القلبُ نفسه باعتبار اختلاف الهيئتين. وليس الكلام على الحقيقة، فإن القلوب لا تتجاوز مكانها، وقريبٌ منه قولهم: تنفّس الصُعَداء، وبلغت الروح التراقيَ) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
ويضيف في وصف حالة الاضطراب وذكر ألفاظ القرآن؛ ما جاء بصيغة المضارع في قول الله تعالى: â tbq‘Z ف às?ur «!$$ خ/ O$tRq م Z—à9$# { إذ يقول: (وفي صيغة المضارع معنى التعجيب من ظنونهم لإدماج العتاب بالامتنان؛ فإن شدة الهلع الذي أزاغ الأبصار وجعل القلوب بمثل حالة أن تبلغ الحناجر، دل على أنهم أشفقوا من أن يهزموا لِمَا رأوا من قوة الأحزاب وضيق الحصار، أو خافوا طول مدة الحرب وفناء الأنفس، أو أشفقوا من أن تكون من الهزيمة جراءة للمشركين على المسلمين، أو نحو ذلك من أنواع الظنون وتفاوت درجات أهلها. والمؤمن وإن كان يثق بوعد ربه لكنه لا يأمن غضبه من جراء تقصيره، ويخشى أن يكون النصر مرجَّأً إلى زمن آخر، فإن ما في علم الله وحكمته لا يحاط به) ()، وعن وصف القرآن لحالة الزلزال الحاصل بالمؤمنين يضيف قائلاً ومحرّراً: (والزلزال: اضطراب الأرض، وهو: مضاعف زلَّ، تضعيفاً يفيد المبالغة، وهو هنا استعارةٌ لاختلال الحال اختلالاً شديداً بحيث تُخيَّل مضطربةً اضطراباً شديداً؛ كاضطراب الأرض وهو أشدُّ اضطراباً للحاقه أعظم جسمٍ في هذا العالم ... والمراد: شدّة الانزعاج والذعر لأن أحزاب العدوّ تفوقهم عدداً وعدة) ().
وفي نفس السورة - والسبب متصلٌ - في قصة الأحزاب وغزوة الخندق يذكر الله تعالى حركة الأبصار دلالةً على الخوف الحاصل في القلوب وأثراً من آثار القلق المصاحب لحالات الشدّة إذ يقول الله تعالى عن المنافقين: â ؛p_s د© r& ِNن3ّ n=t و (# sŒ خ* sù u ن! % y` ك$ِ qsƒù:$# ِNك gtG÷ƒr&u‘ tbr مچف àZtƒ y7 ّ s9 خ) â‘r ك‰ s? ِNكgمYمôم r& “ ة©9$% x. 4 س y´ َّمƒ دmّ n=t م z` د B دNِ qyJ ّ9$# (# sŒ خ* sù |=ydsŒ ك$ِ qsƒù:$# Nà2qà)n=y™ >puZ إ، ّ9 r' خ/ >ٹ# y‰ د n ؛p_s د© r& ’n?t م خژِچ sƒù:$# 4 y7 ح´¯» s9'ré& َ Os9 (#q مZد B÷s مƒ xف t7ômr'sù ھ!$# ِNك gn=»uHù ه r& 4 tb%x.ur y7 د9¨ sŒ ’n?t م «! $# # [ژچإ، o„ ل ().
ويستشهد الألوسي - رحمه الله - في قول الله تعالى: â â‘r ك‰ s? ِNكgمYمôم r& ل على أن سبب ذلك هو الحزن فيقول عند تأويل قول الله تعالى: â ’ ج?ن3 sù ’ د1 uژ ُ°$# ur “ ح hچs%ur $YZ ّٹtم ($¨Bخ* sù ¨û ة ïuچs? z` د B خژ|³ u; ّ9$# # Y‰tnr& ’ ح< qà)sù ’ د oT خ) كNِ‘ xtR ا`» uH÷qچ= د9 $ YB ِ q|¹ ô`n=sù zN د k=ں2é& uQ ِ qu ّ9$# $ w إ،Sخ) ل () فيقول: (وطيبي نفسا وارفضي عنها ما أحزنك، وقريء بكسر القاف وهي لغة نجد وهم يفتحون عين الماضي ويكسرون عين المضارع وغيرهم يكسرهما وذلك من القر بمعنى: السكون فإن العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت إليه من النظر إلى غيره، ويشهد له قوله تعالى: â â‘r ك‰ s? ِNكgمYمôم r& ل من الحزن، أو بمعنى: البرد، فإن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، ويشهد له قولهم: قرة العين وسخنتها للمحبوب والمكروه) ().
ويُحسن – كذلك - ابن عاشور – رحمه الله - في تحرير وتصوير حالة الهمِّ والقلق وأثرهما على عيني الفرد قائلاً في آية الأحزاب: (وجملة â â‘r ك‰ s? ِNكgمYمôم r& ل حال من ضمير â tbr مچف àZtƒ ل لتصوير هيئة نظرهم؛ نظر الخائف المذعور؛ الذي يحدّق بعينيه إلى جهات يحذر أن تأتيه المصائب من إحداها. والدوْر والدوران: حركة جسم رَحَوِيَّة (أي: كحركة الرحى) منتقل من موضع إلى موضع فينتهي إلى حيث ابتدأ. وأحسب أن هذا الفعل وما تصرف منه مشتقات من اسم الدَّار، وهي: المكان المحدود المحيط بسكانِه بحيث يكون حولهم. ومنه سميت الدارة: لكل أرض تحيط بها جبال. وقالوا: دارت الرحى حول قُطبها. وسموا الصنم: دُوَاراً - بضم الدال وفتحها - لأنه يدور به زائروه كالطواف. وسميت الكعبة دُواراً أيضاً، وسموا ما يحيط بالقمر دارة. وسميت مصيبة الحرب دائرة؛ لأنهم تخيلوها محيطة بالذي نزلت به لا يجد منها مفرّاً، قال عنترة:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تَدُرْ في الحَرْبِ دائرةٌ عَلى ابنَيْ ضَمْضَمِ
فمعنى â â‘r ك‰ s? ِNكgمYمôم r& ل: أنها تضطرب في أجفانها، كحركة الجسم الدائرة من سرعة تنقلها محملقة إلى الجهات المحيطة. وشبه نظرهم بنظر الذي يغشى عليه بسبب النزع عند الموت فإن عينيه تضطربان) ().
يلتحق بأثر الهمِّ والحزن على ما ذكره الله تبارك وتعالى في قصة يعقوب u مع أبنائه في سورة يوسف وابيضاض عينيه -عليه الصلاة والسلام- في قول الله U : â tA$s% ِ@ t/ ôMs9qy™ ِNن3 s9 ِNن3ف، àےRr& #X گِ Dr& ( ضژِ9|ء sù î@ٹ د Hsd ( س|Otم ھ! $# br& سة_ u د? ù'tƒ َOخgخ/ $· èٹ د Hsd 4 ¼çm¯R خ) uqèd ق Oٹ د= yè ّ9$# ق Oٹ إ6 ys ّ9$# ارجب 4’¯< uqs?ur ِNه k÷]t م tA$s%ur 4’s"y™r'¯»tƒ 4’n?t م y# ك™qمƒ ôM ز u ِ/$# ur çn$uZ ّٹtم ڑئد B ب b÷“ كsّ9$# uq ك gsù ز Oٹ د àx. ل ().
وكذلك ما كان من غشاوةٍ على البصر للمنحرفين عن فطرة الله تعالى وكون ذلك بسبب البُعد عن الدين القويم وانشغالهم بهمومهم واهتماماتهم الشخصية والتي تنبعث من شجرة الهوى وقاع الكفر؛ وذلك في مثل قول الله سبحانه وتعالى: â |M÷ƒu ن uچsùr& ا` tB xsƒھB$# ¼çmyg»s9 خ) çm1uqyd م&©#|ت r&ur ھ!$# 4’n?t م 5 Où= دو tLsêyzur 4’n?t م ¾دmدèّے xœ ¾ دmخ7 ù=s%ur ں@yèy_ur 4’n?t م ¾دnخژ|ا t/ Zouq»t± د î `yJsù د mƒ د‰÷ ku‰ .` د B د‰÷ èt/ «!$# 4 ںxsùr& tbr مچھ. xs? ل ().
وكذلك ما يحصلُ من شدّة الفزع والهول من: اتساع حدقتي العينين وإحداد النظر بهما في مثل قول الله تعالى: â ںwur ْ tù|، َ ss? ©!$# ¸x دے» xî $£Jt م م@ yJ÷ètƒ ڑcq كJد=» © à9$# 4 $yJ¯R خ) ِ Nèd مچ½ jzxs مƒ 5Qِ quٹ د9 كب y‚ô±n@ د mٹ د ù مچ» |ءِ/ F{$# ل ()، وقول الله سبحانه وتعالى: â z>uژyI ّ%$# ur ك‰ôم uq ّ9$# ‘, ys ّ9$# # sŒ خ* sù }‘ د d îp| ءد‚» x© مچ» |ءِ/ r& tûï د%©! $# (#rمچ xےx. $uZn=÷ƒuq»tƒ ô‰s% $¨Zà2 ’ خ û 7's# ّے xî ô` د iB #x»yd ِ@ t/ $¨Zà2 ڑ ْüدJد=» sك ل ().
مع تقديري الكبير لأبي عبد الله و جميع الزملاء
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[11 Jan 2004, 07:51 م]ـ
كما إنني لم أتناول في الموضوع المشار إليه أحوال الأيدي و الأرجل كونهما حالتان ليس لهما تعلُّق بالحالة النفسية سوى عض الأيدي
و غلِّها إلى الأذقان
و الأرجل كذلك و لك أن تسير ببركة الله
سدد الله قلمك و خطاك
و أنار الله درب و قلبك
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Jan 2004, 12:25 ص]ـ
جزاك الله خيرًا يا أبا عبد الله.
اقبل عذري، لأنني نقلت هذا الموضوع إلى منتدى البلاغة والإعجاز القرآني ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?s=&postid=14600#post14600) في منتديات الفصيح لعلوم اللغة العربية، وهناك بعض الملحوظات على الموضوع، يشرف المنتدى أن تزوره، ونسعد لو رأينا تعليقكم ثَمّ.
الأخ الكريم عبد الله الخضيري: ظهرت الآيات بحروف غير مقروءة.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[15 Jan 2004, 01:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ الشبل الكريم / خالد الشبل
تقديري الكبير لك
بخصوص الآيات فأنا قد أرفقت ملَّف وورد
ولك فائق الاحترام
محبك
عبد الله
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[15 Jan 2004, 01:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ الشبل الكريم / خالد الشبل
تقديري الكبير لك
هلا نقلت المداخلات هناك أو وضعت له رابط المصدر
بخصوص الآيات فأنا قد أرفقت ملَّف وورد لأنها كتب بالرسم العثماني المصوَّر
ولك فائق الاحترام
محبك
عبد الله
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Jan 2004, 02:47 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
الرابط موجود في الرد على شكل ارتباط تشعبي (هايبر لنك).
أحبك الله.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Jan 2004, 11:56 م]ـ
أخي الكريم، ذي الخلق الجم، أبا عبداله خالد الشبل:
أنت صاحب فضل، ومنة في هذا العمل، فلك مني الدعاء، فهذا أقل وأكبر ما أملك تجاه معروفك هذا، وخاصة أن في تعليقات الإخوة هناك ما يفيد، فجزاكم الله جميعاً خيراً.
وإن أردت أن تكمل إحسانك، فأحب أن تنقل أيضاً جواب المختصر عن عدم تعرضي للسنة، وذلك لسببين رئيسين:
الأول: أن المقصد الأكبر من البحث هو لفت النظر إلى آي القرآن فحسب، القرآن الذي طالما قرأناه ولم نتدبره حق تدبره، رغم مرور السنين الطويلة.
الثاني: أن البحث في السنة ـ وأنا أحد المختصين فيها ـ مع أنه ليس صعباً ـ بحمد الله ـ إلا أن التحقق من ثبوت ذلك عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى جهد ووقت لا أملكهما الآن ـ وهذا من آفات الرسائل العلمية ـ وإن كان في الصحيحين ـ وهما قد جاوزا القنطرة ـ شيء طيب، لكن المسألة ليست مسألة وقوف على النص فقط، بل وقوف، وجمع، ثم تأمل، ثم صياغة لتظهر عظمة التأمل، وجلالته، ومن ثم تأثيره في النفس المؤمنة، وإلا فالقص واللصق سهل جداً ـ
واسلم لمحبك أبا عبدالله، وجزاك الله عني خيراً.(/)
من لطائف استنباطات ابن عقيل
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[03 Jan 2004, 04:51 م]ـ
قال ابن عقيل يوماً في وعظه:
قال ابن عقيل يوماً في وعظه: يا من يجد قسوة في قلبه، احذر أن تكون نقضت لله عهداً، فإن الله تعالى يقول: [فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ
وَجَعَلْنَا
قُلُوبَهُمْ
قَاسِيَةً
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:13)]
المصدر: ذم قسوة القلب لابن رجب (ص: 19)
ينظر: ذم قسوة القلب لابن رجب (ص: 19)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Mar 2006, 12:35 ص]ـ
وهنا ـ وأنا أقرأ في الآداب الشرعية لابن مفلح ـ لفت نظري عنايته الكبيرة بنقل كلمات ابن عقيل،وهي تنبئ عن عقل كبير،وفهم ثاقب،وليس بالمعصوم ..
والسؤال ـ إلى أهل التخصص ـ: هل جمعت أقوال ابن عقيل في التفسير؟!
فإن لم تجمع فإني أتوقع ـ لو نشط لها باحث جاد ـ فسيخرج من كلامه ما يستحق البحث (على الأقل بحث ترقية).
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[16 Mar 2006, 05:56 م]ـ
يا شيخ عمر هل تقصد ابن عقيل الحنبلي صاحب كتاب الفنون ..(/)
دعوة لحضور مناقشة رسالة دكتوراه بعنوان: (أسباب النزول من خلال الكتب التسعة) ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jan 2004, 09:23 م]ـ
يسر عميد كلية أصول الدين بالرياض دعوتكم لحضور مناقشة رسالة: الدكتوراه المقدمة من الطالب: خالد بن سليمان المزيني.
وعنوانها: أسباب النزول من خلال الكتب التسعة. جمعاً ودراسة.
والتي ستناقش بمشيئة الله تعالى يوم الأربعاء - الموافق 29/ 11/ 1424هـ في قاعة المحاضرات الكبرى بالكلية بالمدينة الجامعية , وذلك في تمام الساعة: الثامنة والنصف صباحاً.
وتتكون لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من كل من:
الدكتور: علي بن سليمان العبيد مقرر
وكيل الرئيس العام لشؤن المسجد الحرام , والمشرف على الرسالة
الدكتور: فالح بن محمد الصغير عضو
الأستاذ بالكلية
الدكتور: بدر بن ناصر البدر عضو
الأستاذ المشارك بالكلية
منقول من موقع الجمعية العلمية للقرآن الكريم وعلومه. ( http://www.alquran.org.sa/news.php?id=22)
ـ[متعلم]ــــــــ[06 Jan 2004, 09:18 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخ عبد الرحمن
ولدي اقتراح في هذا الموضوع: وهو لو يوضع مقال مثبت عن مناقشة الرسائل في المملكة وغيرها في التفسير وعلوم القرآن حتى يتنسنى لمن اراد الحضور معرفة الرسائل الجديدة؟
ـ[محمد الحوري]ــــــــ[16 Apr 2006, 02:59 م]ـ
اقترح لو تعرض ملخصات الرسائل الجامعية المناقشة حتى بنتفع بها الباحثون جزيتم خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 Apr 2006, 01:58 م]ـ
صدر الكتاب في مجلدين عن دار ابن الجوزي (محرم 1427هـ):
المحرر في أسباب نزول القرآن
من خلال الكتب التسعة
دراسة الأسباب روايةً ودرايةً
وتجد على هذا الرابط ملخصا يسيرا عن الرسالة كتبها أخونا المبارك / الراية:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=19819#post19819(/)
جمع الآيات التي فهمت خطأ
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[06 Jan 2004, 12:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اقترح جمع الآيات التي تفهم خطأ، لعل الأخوة يفيدوننا في منشأ هذا الفهم الخاطيء والتفسير الصحيح لها، مثل قوله تعالى في سورة يوسف: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) وهل هناك كتب معينة عالجت ذلك؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jan 2004, 07:17 ص]ـ
بسم الله
اقتراحك أخي الكريم وجيه
وقد اهتم بهذا الموضوع العلماء قديما وحديثاً، إلا أن الموضوع لا زال بحاجة إلى كتابة.
ومن الكتب قي ذلك:
تفسير آيات أشكلت لشيخ الإسلام ابن تيمية في مجلدين.
كتاب بعنوان: (آيات مظلومة) [مع التحفظ على العنوان]
وهناك كتاب للدكتور صلاح الخالدي بعنوان: أخطاء في فهم الآيات [أو نحو هذا العنوان]
وقد نشر بحث لطيف في مجلة آفاق الثقافة بعنوان: ما ظهر لفظه وخفي معناه. [وقد ذكرته في فهرس البحوث والمقالات في المجلات].
وهناك رسائل أفردت بعض الآيات بالتفسير، فالآية التي مثلت بها كتب فيها رسالة مفردة.
ويفيد في هذا المجال: كتاب دفع إيهام الاضطراب في آيات الكتاب للعلامة الشنقيطي.
هذا ما حظرني الآن، وأنا أكتب خارج مكتبتي، ومع ذلك فحبذا لو طرح هذا الموضوع في الملتقى.(/)
أرجو المساعدة في ذكر بعض التفاسير المعاصرة لآيات الأحكام
ـ[مرشود الراشد]ــــــــ[06 Jan 2004, 02:35 م]ـ
أرجو المساعدة في ذكرجميع ما تعلمونه من التفاسير المعاصرة لآيات الأحكام. حيث أني بحاجة ماسة لذلك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jan 2004, 04:18 م]ـ
منها:
- تفسير آيات الأحكام لمحمد علي السايس وأخرين.
- روائع البيان في تفسير آيات الأحكام لمحمد الصابوني.
- تفسير آيات الأحكام للشيخ مناع القطان.
- أحكام القرآن للشيخ ظفر بن أحمد العثماني. وللكاندهلوي، ولأحمد شفيع.
- تفسير آيات الأحكام للقصبي محمود زلط.
- أحكام القرآن لعبدالجبار الراوي.
- دراسات الأحكام والنسخ في القرآن لمحمد حمزة.
- رسالة تتعلق بأحكام القرآن تأليف أحمد أبو النجا الأزهري 1309هـ.
ـ[مرشود الراشد]ــــــــ[06 Jan 2004, 07:59 م]ـ
جزيت خيرا فضيلة الشيخ.
وهل من إضافة. وهل للشيخ شلتوت تفسير لآيات الأحكام وأين طبع إن وجد.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 Jan 2004, 10:13 م]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء شيخنا الكريم الفاضل على إفادة أخينا راشد،،،،
و لكن هناك تنبيه مهم جدا أنبه إليه أخي راشد و غيره، و كنت قد كتبت هذا التنبيه من قبل لأضعه في موضوع مستقل، ثم دخلت إلى الشبكة و ظننت أنني وضعته فحذفته، و لم أتمكن من كتابته بعد ذلك لضيق الوقت،،،،
هذا التنبيه يتلق بميزة التفاسير المعاصرة،،،
أذكر أنه منذ تم فتح هذا الملتقى و طلبت تقييما لبعض الكتب، منها (تفسير آيات الأحكام للسايس) و (روائع البيان للصابوني) فأفادني شيخنا الشهري أن من مميزات المؤلفات المعاصرة في تفسير آيات الأحكام أنها كالفقه المقارن، لا تتقيد بمذهب معين، و هذا هو الواقع بالفعل، و لكني ـ بالممارسة ـ وجدت أن هذه الميزة كانت هي العيب الوحيد في المؤلفات المعاصرة في تفسير آيات الأحكام، لأني وجدت أن هذه الكتب غير موثوقة في نسبة الأقوال للمذاهب، بل أشعر أن أصحابه لا يبحثون في كتب المذهب الذي ينسبون إليه القول، فمثلا يذكر الشيخ السايس ـ رحمه الله تعالى ـ عن المذهب الحنفي القول بسنية السعي بين الصفا و المروة، في حين أن الحنفية يوجبون السعي بين الصفا و المروة و إن كانوا لا يجعلونه ركنا، و فرق ـ كما هو معلوم ـ بين الركن و الواجب،،،،
و لهذا فلا يمكن أبدا اعتماد هذه الكتب في نسبة الأقوال لأصحابها، بل لابد من الذهاب ـ لا أقول إلى كتب المذهب المراد بحث قوله ـ بل إلى الكتب المعتمدة في المذهب، فلابد أولا من معرفة المعتمد من الكتب في كل مذهب،،،
فمثلا لا يصح اعتماد (المهذب للشيرازي) في الفقه الشافعي، و لا (الوسيط للغزالي أيضا) رغم شهرة الكتابين في الوسط الفقهي و شهرة كونهما ـ أي الكتابين ـ في الفقه الشافعي،،،،
و كذلك لا يصح أن أقول: إن مذهب الحنفية كذا لأن أبا حنيفة قال كذا ... لا .. بل المذهب الحنفي بصورة خاصة أراه المذهب الوحيد الذي تدور رحاه على ثلاثة أو أربعة أشخاص، بل هناك أبواب كاملة يرجح فيها غير قول أبي حنيفة،، فأبو يوسف يرجح قوله في القضاء، ومحمد يرجح قوله في المواريث .......
و كذلك عندكم معشر الحنابلة،، لا يصح أبدا بأي حال من الأحول اعتماد المغني لابن قدامة في اعتماد ما عليه الفتوى عند الحنابلة، بل لابد من اعتماد الكتب التي نص العلماء على اعتمادها كمنتهى الإرادات للبهوتي أو الإقناع،،،
و هكذا .. فلا تصلح أبدا هذه الكتب في اعتماد نسبة الأقوال لأصحابها، كيف و الكتب المنتسبة للمذهب نفسها قد لا تصح لاعتماد الفتوى و إن اشتهرت ...
تنبيه // هذا الكلام أقوله من تجربتي بالصابوني و السايس، و لا أدري عن التفاسير الأخرى شيئا، و إن كانت أيضا لا يصح اعتمادها، فلابد من اعتماد المصادر الأصلية المعتمدة ....
و أرى أنه لا غنى لطالب العلم أبدا عن أمثال تفسير الجصاص الحنفي و ابن العربي المالكي و الكيا الهراي الشافعي
والله تعالى أعلم(/)
طلب كتاب وافتراحات في المتشابه في القرآن الكريم
ـ[السهيلي]ــــــــ[06 Jan 2004, 09:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
احوتي في المنتدى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطلب مساعدتكم في موضوع ابحث فيه بأن تدلوني على
كتاب يدرس تأثير المتشابه المعنوى و اللفظي في الآيات القرآنية في الأحكام الفقهية والعقائدية.
وأن تقترحوا عليّ ما ترونه يعينني في البحث وما يجب أن يحتويه البحث من افكار وقضايا تكون من إهتمامات البحث وخاصة المعاصرة منها
كما تدلوني على أن كتاب يتناول المتشابه في القرآن الكريم بقسمنه اللفظي والمعنوي وأين يوجد وخاصة على شبكة المعلومات.
وجزاكم الله خيراً(/)
اين اجد كتب الامام المرعشي
ـ[باسم]ــــــــ[08 Jan 2004, 10:28 م]ـ
أرجو ممن يستطيع افادتي في هذا الموضوع الرد علي في أقرب فرصة
وبارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2004, 02:40 ص]ـ
معذرة على التأخر أخي باسم ومرحباً بكم في ملتقى أهل التفسير.
ولا أدري من هو الإمام المرعشي الذي تعنيه، هل هو محمد بن أبي بكر المرعشي الشهير بساجقلي زاده المتوفى سنة 1145هـ أو 1150هـ؟
إن كان هو فسأذكر بعض مؤلفاته وأنتظر جوابك.
- - ترتيب العلوم. بتحقيق محمد بن إسماعيل السيد أحمد طباعة دار البشائر الإسلامية عام 1408هـ. متوفر في المكتبات في الرياض ولا أدري عن غيرها.
- جهد المقل وهو كتاب في التجويد، طبعته دار عمار في الأردن بتحقيق سالم قدوري الحمد، ويوجد في مكتبات الرياض الرشد والتدمرية وغيرها.
هذه كتبه المطبوعة، وله رسائل كثيرة جداً في الأصوات ومخارج الحروف والتفسير وغيرها، نشر بعضها في بعض المجلات وأكثرها لم ينشر بعد.(/)
اين أجد هذا التفسير
ـ[محب احمد بن حنبل]ــــــــ[09 Jan 2004, 10:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.تفسير الشيخ عبدالرحمن الدوسري أين أجده؟ والى أين وصل فيه؟ وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2004, 02:05 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم وقد سبق الحديث عنه على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=250) . فراجعه وفقك الله.
ـ[محب احمد بن حنبل]ــــــــ[11 Jan 2004, 12:28 ص]ـ
جزاك الله خير ياشيخ عبدالرحمن ونفع بك.(/)
الحج في القرآن
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[09 Jan 2004, 11:34 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فأشير على الأخوة من طلبة العلم في هذا الملتقى المبارك أن يكون لهم عناية بالحج في هذه الأيام حتى تحصل الفائدة من وجوه:
1 - كثير من الحجاج في الخارج والداخل يبحثون عن مسائل الحج عن طريق محركات البحث فلعل طالب فائدة أن يقع عليها في الملتقى فيحصل بذلك الأجر.
2 - الحملات والمشرفون عليها يحتاجون إلى موضوعات جادة يفيدون بها الحجاج في الحملات والمخيمات تناسب الحال، ولا أنفع من كتاب الله، فلو أن الأخوة يقدمون دروس متكاملة عن تفسير آيات الحج في القرآن مع مراعاة الواقع الذي يعيشه المسلمون.
3 - الحج في القرآن من العبادات التي ورد التفصيل في كثير من مسائلها، في منطوق الآيات ومفهومها حتى لا تكاد تند من المسائل إلى القليل.
ـ[عبد الله]ــــــــ[11 Jan 2004, 01:21 م]ـ
أخي الكريم
بعض المواقع قد خصصت لهذه الغاية، وفيها جهد مشكور، منها على سبيل المثال: http://www.islamweb.net/web/hajj.Archive
وغيره كثير لمن يبحث. نسأل الله الفائدة والنفع لحججاج بيت الله الحرام من هذه الجهود، وأن يجعلها في موازين حسنات القائمين عليها.
عبد الله إبراهيم
ـ[أبو أحمد الشهري]ــــــــ[11 Jan 2004, 03:35 م]ـ
لا أقول إلا ... ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[11 Jan 2004, 07:57 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة
الموقع الذي أشار إليه الأخ عبد الله إبراهيم
رائع جداً
و لكن هذا لا يعني عدم جدية فكرة و عبد الله بن بلقاسم بل
أنا أوافق صاحب الفكرة الأولى
فهل نقرأُ الآيات بقراءةِ أهل التفسير
ونتأملها مع وصول أطياف شهر الحج و عباداته
وفق الله الجميع لما يحب و يرضى
ـ[الباحث7]ــــــــ[18 Jan 2004, 09:17 م]ـ
حبذا لو جمع الإخوة الموضوعات القرآنية عن الحج هنا حتى يجتمع ملف يستفاد منه في هذا الموضوع المهم
وهذا موضوع قرآني بعنوان: في رحاب آيات الحج ( http://www.quran-radio.com/haj/ferihab.htm)
ـ[الشجاع]ــــــــ[23 Jan 2004, 07:25 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً(/)
أقسام الناس في القرآن
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذا موضوع لطيف من موضوعات القرآن، أحببت أن أطرحه هنا حتى يشارك فيه الجميع - ممن له رغبة في المشاركة -.
وهو موضوع: أقسام الناس في القرآن
وقد ورد في القرآن الكريم تقاسيم متعددة للناس عموماً، ولبعضهم على وجه الخصوص.
وسأبدأ بذكر أحد هذه التقاسيم، وهو تقسيم الناس في سورة الفاتحة.
قسم الله عز وجل الناس في سورة الفاتحة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المنعم عليهم
الثاني: المغضوب عليهم
والثالث: الضالون
ومن فائدة معرفة هذا التقسيم ما ذكره ابن القيم في مدارج السالكين عن المعاني التي تضمنتها هذه السورة:
قال: (فصل في بيان تضمنها للرد على الرافضة
وذلك من قوله "اهدنا الصراط المستقيم" إلى آخرها.
ووجه تضمنه إبطال قولهم: أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
منعم عليهم وهم أهل الصراط المستقيم، الذين عرفوا الحق واتبعوه.
و مغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه.
و ضالون وهم الذين جهلوه فأخطأوه.
فكل من كان أعرف للحق، وأتبع له: كان أولى بالصراط المستقيم.
ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم: هم أولى بهذه الصفة من الروافض. فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -ورضي الله عنهم- جهلوا الحق وعرفه الروافض، أو رفضوه وتمسك به الروافض.
ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما. فرأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا بلاد الكفر، وقلبوها بلاد إسلام. وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى. فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم. ورأينا الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان. فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام. وكم جروا على الإسلام وأهله من بلية؟ وهل عاثت سيوف المشركين عباد الأصنام -من عسكر هولاكو وذويه من التتار- إلا من تحت رءوسهم؟ وهل عطلت المساجد، وحرقت المصاحف، وقتل سروات المسلمين وعلماؤهم وعبادهم وخليفتهم، إلا بسببهم ومن جرائهم؟ ومظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة، وآثارهم في الدين معلومة.
فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم؟ وأيهم أحق بالغضب والضلال، إن كنتم تعلمون؟
ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله: بأبي بكر وعمر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، وهو كما فسروه. فإنه صراطهم الذي كانوا عليه. وهو عين صراط نبيهم. وهم الذين أنعم الله عليهم، وغضب على أعدائهم، وحكم لأعدائهم بالضلال، وقال أبو العالية -رفيع الرياحي و الحسن البصري، وهما من أجل التابعين الصراط المستقيم: رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه وقال أبو العالية أيضاً في قوله صراط الذين أنعمت عليهم: هم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر وهذا حق. فإن آله وأبا بكر وعمر على طريق واحدة. ولا خلاف بينهم، وموالاة بعضهم بعضاً، وثناؤهم عليهما، ومحاربة من حاربا، ومسالمة من سالما: معلومة عند الأمة. خاصها وعامها. وقال زيد بن أسلم الذين أنعم الله عليهم: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر.
ولا ريب أن المنعم عليهم: هم أتباعه، والمغضوب عليهم: هم الخارجون عن اتباعه، وأتبع الأمة له وأطوعهم: أصحابه وأهل بيته. وأتبع الصحابة له: السمع والبصر، أبو بكر وعمر. وأشد الأمة مخالفة له: هم الرافضة، فخلافهم له معلوم عند جميع فرق الأمة. ولهذا يبغضون السنة وأهلها، ويعادونها ويعادون أهلها. فهم أعداء سنته صلى الله عليه وسلم. وأهل بيته وأتباعه من بنيهم أكمل ميراثاً؟ بل هم ورثته حقاً.
فقد تبين أن الصراط المستقيم: طريق أصحابه وأتباعه. وطريق أهل الغضب والضلال: طريق الرافضة.
وبهذه الطريق -بعينها- يرد على الخوارج. فإن معاداتهم الصحابة معروفة.) انتهى
وللموضوع صلة، وأرجو من الإخوة الأعضاء المشاركة بذكر ما يرونه حول هذا الموضوع.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jan 2004, 07:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أقسام الناس في القرآن ما جاء في أول سورة البقرة، حيث دلت الآيات أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
مؤمنون، وكافرون، ومنافقون.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن كثير رحمه الله بعد تفسيره للآية رقم 20 من سورة البقرة:
(فإذا تقرر هذا صار الناس أقساما:
مؤمنون خلص وهم الموصوفون بالآيات الأربع في أول البقرة
وكفار خلص وهم الموصوفون بالآيتين بعدها
ومنافقون؛ وهم قسمان:
خلص وهم المضروب لهم المثل الناري
ومنافقون يترددون تارة يظهر لهم لمع الإيمان وتارة يخبو وهم أصحاب المثل المائي وهم أخف حالا من الذين قبلهم.
وهذا المقام يشبه من بعض الوجوه ما ذكر في سورة النور من ضرب مثل المؤمن وما جعل الله في قلبه من الهدى والنور بالمصباح في الزجاجة التي كأنها كوكب دري وهي قلب المؤمن المفطور على الإيمان واستمداده من الشريعة الخالصة الصافية الواصلة إليه من غير كدر ولا تخليط كما سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله ثم ضرب مثل العباد من الكفار الذين يعتقدون أنهم على شيء وليسوا على شيء وهم أصحاب الجهل المركب في قوله تعالى" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا " الآية ثم ضرب مثل الكفار الجهال الجهل البسيط وهم الذين قال تعالى فيهم " أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ".
فقسم الكفار هاهنا إلى قسمين داعية ومقلد كما ذكرهما في أول سورة الحج " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد " وقال " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ".
وقد قسم الله المؤمنين في أول الواقعة وفي آخرها وفي سورة الإنسان إلى قسمين سابقون وهم المقربون وأصحاب يمين وهم الأبرار.
فتلخص من مجموع هذه الآيات الكريمات أن المؤمنين صنفان:مقربون وأبرار، وأن الكافرين صنفان: دعاة ومقلدون، وأن المنافقين أيضا صنفان: منافق خالص ومنافق فيه شعبة من نفاق كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم " ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ") انتهى ما أورده ابن كثير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jan 2004, 08:21 ص]ـ
ومن تقسيمات القرآن للناس ما جاء في سياق آيات الحج من بيان كونهم ينقسمون إلى قسمين في قوله تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
روى ابن جرير عن ابن زيد أنه قال في قوله. {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}: (قال كانوا أصنافا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأهل الكفر , وأهل النفاق. فمن الناس من يقول: {ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} إنما حجوا للدنيا والمسألة لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها , ومنهم من يقول. {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} الآية. قال. والصنف الثالث {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}. .. الآية.)
وروى عنه كذلك أنه قال في قوله: في: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق}: (إنما حجوا للدنيا والمسألة , لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها , {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} قال: فهؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} لهؤلاء الأجر بما عملوا في الدنيا.).
ـ[داود عيسى]ــــــــ[24 Feb 2004, 01:27 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي ابومجاهد على هذا التقسيم وهداك الله لما فيه رفعة للمسلمين ......
أسأل بخصوص تقسيمك الأول للناس
المغضوب عليهم والضالين
المغضوب عليهم علمنا بأنهم هم الذين اعرضوا عن الحق بعد العلم به كبرا وحسدا (وهم اليهود)
الضالين البعيدين عن الصواب جيرة وجهلا (النصارى)
هل المقصود بالمغضوب عليهم والضالين لا يختصر على اليهود والنصارى؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Feb 2004, 08:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا جواب سؤالك يا أخي عيسى من كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في تفسيره لسورة الفاتحة:
(وأما قوله: (غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم, والضالون العاملون بلا علم, فالأول صفة اليهود, والثاني صفة النصارى, وكثير من الناس إذا رأي في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون, ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم, وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء, ويعوذ من طريق أهل هذه الصفات, فياسبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له, ويفرض عليه أن يدعو به دائماً مع ظنه أنه لا حذر علي منه, ولا يتصور أنه يفعله, هذا من ظن السوء بالله , والله أعلم) انتهى
انظر تفسيره كاملاً لسورة الفاتحة
هنا ( http://www.islamna.net/gbooks/A02.htm)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Mar 2004, 07:39 م]ـ
ومن تقسيمات القرآن للناس، تقسيمهم باعتبار قيامهم بالشكر، فأقسام الناس من جهة امتثالهم لهذه العباده الجليله (الشكر) ثلاثة أقسام:
قسم يشكرون ....
قسم شكرهم قليل ...
قسم لا يشكرون ...
أولاً: قسم الشاكرين:
و هم قله – جعلنا الله منهم – و جاء النص في بيان قلتهم في مواضيع من القرآن الكريم كثيره، منها قوله تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
و هؤلاء القله أعلى الناس مقاماً، و هم الذين لهم الزياده و حسن الجزاء، كما قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
و قال سبحانه بعد ذكره لنجاة لوط عليه السلام (نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر)
و قال عزوجل (وسيجزي الله الشاكرين)
و هؤلاء أقل الخلق كما تقدم
و ذكر الإمام احمد رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول: اللهم اجعلني من الأقلين.فقال عمر: ما هذا؟! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل قال (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
ثانياً: قسم المقلين:
أي يشكرون الله تعالى، و لكن هذا الشكر قليل، و وجه قلته كونه في أوقات يسيره، و في فترات متباعده، و على بعض النعم لا كلها، كما قال تعالى (قليلا ما تشكرون) وذلك بعد تعداد النعم و بيان كثرتها و منافعها، قال تعالى هو الذي أنشأكم و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة قليلاً ما تشكرون)
ثالثاً: قسم لا يشكرون:
و هذه صفة أكثر الخلق، كما جل جلاله في ثلاثة مواضع من كتابه ولكن اكثر الناس لايشكرون)
و في موضعين (ولكن اكثرهم لا يشكرون)
وقال جل جلاله في سورة الاعراف (و لا تجد أكثرهم شاكرين)
و هذا الصنف من الناس هم أبغض الخلق الى الله عزوجل، فإن الله تعالى قسم الناس الىشكور و كفور، فأبغض الأشياء اليه الكفر و أهله، و أحب الأشياء اليه الشكر و أهله، قال تعالى (انا هديناه السبيل إما شاكراً و إما كفوراً)، و قال تعالى (و اشكروا لي و لا تكفرون)
و هذا النكران من هؤلاء قد يكون لجهلهم بقدر النعمه، أو منعمها، او لكفرهم و جحودهم – عياذاً بالله – كما قال تعالى (فأبى اكثر الناس إلا كفوراً)
فبين أن سبب إبائهم هو بسبب كفران النعم، فالشكران ضد الكفران، و كثرة الكافرين تبين قلة الشاكرين.
و هذا التصوير الرباني لواقع الناس يشعر بالحسره الشديده على العباد المنكرين الجاحدين، و حقاً إن الانسان لظلوم كفار، يلبس ثياب النعمه فتكسوه من شعره الى أخمص قدميه صحه و عافيه و مالاً و ولداً وأمناً، ثم لا يلوي على صاحبها و مسبغها بالشكر و العرفان"
منقول
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Oct 2006, 10:53 ص]ـ
وينقسم الناس في القرآن باعتبار التوبة إلى قسمين: تائب وظالم.
فمن لم يتب فهو ظالم.
قال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات:11).
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[29 Oct 2006, 06:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ على هذا الموضوع اللطيف ... وأرجو أن تسمح لي بمشاركة بسيطة:
.................................................. .................................................. ................................
قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات
بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير} (سورة فاطر، الآية رقم: 32)
قال ابن كثير في تفسيره: (11/ 322):
(يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدق لما بين يديه من الكتب، الذين
اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسّمهم إلى ثلاثة أنواع:
فقال: (فمنهم ظالم لنفسه)، وهو: المفرّط في فعل الواجبات، المرتكب لبعض المحرّمات.
(ومنهم مقتصد)، وهو: المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات.
(ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله)، وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات
وبعض المباحات)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 May 2007, 08:21 ص]ـ
قال الله تعالى في سورة الحديد: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ *وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}
قال العلامة السعدي في تفسيره: (فهذه الآيات جمعت أصناف الخلق، المتصدقين، والصديقين، والشهداء، وأصحاب الجحيم.
فالمتصدقون الذين كان جل عملهم الإحسان إلى الخلق، وبذل النفع إليهم بغاية ما يمكنهم، خصوصا بالنفع بالمال في سبيل الله.
والصديقون هم الذين كملوا مراتب الإيمان والعمل الصالح، والعلم النافع، واليقين الصادق.
والشهداء هم الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وبذلوا أنفسهم وأموالهم فقتلوا.
وأصحاب الجحيم هم الكفار الذين كذبوا بآيات الله.
وبقي قسم ذكرهم الله في سورة فاطر، وهم المقتصدون الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، إلا أنهم حصل منهم تقصير ببعض حقوق الله وحقوق عباده، فهؤلاء مآلهم الجنة، وإن حصل لهم عقوبة ببعض ما فعلوا.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[14 Aug 2007, 02:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا وزادكم علما وفضلا
*واسمح لى ببعض الأسئلة
*أليس فى الفاتحة قسم رابع وهم السائلين الهداية؟ فهم لم يدخلوا فى "الذين أنعمت عليهم " من النبيين والصديقين والشهداء والصالحيين. ولاهم بالطبع فى الفئتين الأخريين .. وهؤلاء -والله أعلم -هم السالكين بين اياك نعبد واياك نستعين على المدارج الى رب العالمين
والتقسيم الى مؤمنون وكافرون ومنافقون , ألا يقدح فيه كون المنافقون فئة من الكافرين؟!
وصف اصحاب اليمين بأنهم الأبرار فى قولك" وأصحاب يمين وهم الأبرار " ألا يخرج درجات كثيرة من تحت عبائتهم مثل المتقين والمحسنين.؟
وهل أقترح على الأخوة فى المنتدي أن يقدموا بحثا عن درجات المؤمنين: المقربون _ الذين أنعم الله عليهم _ما صفات كل فئة التى تميزها عن التى تليها.ثم أصحاب اليمين ومن يندرج فيهم:الأبرار والمحسنين والمتقين وربما غيرهم وتحديد ما يميز كل درجة عن الأخرى.
هذا وجزاكم الله خيرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:11 ص]ـ
وينقسم الناس باعتبار حمل الأمانة إلى ثلاثة أقسام:
قسم حملوها ظاهراً وباطناً، وهم المؤمنون.
وقسم لم يحلموها لا ظاهراً ولا باطنا، وهم الكفار المشركون.
وقسم ادّعوا حلمها ظاهراً، ولم يحملوها باطناً، وهم المنافقون.
قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 72، 73]
قال السعدي في تفسيره: (يعظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن الله عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم، وأنك إن قمت بها وأديتها على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها، ولم تؤديها فعليك العقاب.
{فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} أي: خوفا أن لا يقمن بما حملن، لا عصيانا لربهن، ولا زهدا في ثوابه، وعرضها الله على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل. فانقسم الناس -بحسب قيامهم بها وعدمه- إلى ثلاثة أقسام:
منافقون، أظهروا أنهم قاموا بها ظاهرا لا باطنا، ومشركون، تركوها ظاهرا وباطنا، ومؤمنون، قائمون بها ظاهرا وباطنا.
فذكر الله تعالى أعمال هؤلاء الأقسام الثلاثة، وما لهم من الثواب والعقاب فقال: {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما}.
فله الحمد تعالى، حيث ختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على تمام مغفرة الله، وسعة رحمته، وعموم جوده، مع أن المحكوم عليهم، كثير منهم، لم يستحق المغفرة والرحمة، لنفاقه وشركه.)
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:36 ص]ـ
شكراً جزيلاً شيخنا أبا مجاهد ..
و للأستاذ النورسي بحث عميق في الكلمة الثلاثين من الكلمات في تفسير هذه الآية .. هذه مقدمته:
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملْنَها وأشفَقنَ منها وَحَمَلها الإنسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً [
من الخزينة العظمى لهذه الآية الجليلة، سنشير الى جوهرة واحدة من جواهرها، وهي: أن الأمانة التي أبَت السمواتُ والارضُ والجبالُ ان يحملنها، لها معانٍ عدة، ولها وجوه كثيرة. فمعنىً من تلك المعاني، ووجهٌ من تلك الوجوه، هو
أنا!؟!.
نعم! إن (أنا) بذرةٌ، نشأت منها
شجرة طوبى نورانية عظيمة، وشجرة زقوم رهيبة،
تمدان اغصانَهما وتنشران فروعَهما في أرجاء عالم الانسان من لدن آدم عليه السلام الى الوقت الحاضر.(/)
ما علاقة رقم 7 بامور الدنيا؟
ـ[ bido] ــــــــ[10 Jan 2004, 08:27 م]ـ
ما علاقة رقم 7 بامور الدنيا؟
علما بان مناسك الحج (الطواف حول الكعبة 7 والسعى 7) (والسما والارض 7 طباق) (ورمى الجمرات 7) (وخلق الانسان فى سورة المومنون 7 مراحل) (والسبع مثانى) (البع سمبلات) (والسبع بقرات ثمان) (وسورة الكهف سبع وثامنهم كلبهم) (يسجد الانسان على سبع)
فارجو الاستفسار المفيد عن علاقة رقم 7 بالامور الدينيه والدنياوية
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[12 Jan 2004, 08:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، يخلق مايشاء ويختار وهو العزيز الجبار، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، والصلاة والسلام على من اختاره ربه فأكرمه وأكرمنا بأن جعلنا من امته وآله وسلم. وبعد
فإن الله تعالى هو المنفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات قال تعالى (وربك يخلق مايشاء ويختار) أي يجتبي ويصطفي، فهو اختيار بعد الخلق، والاختيار العام اختيار قبل الخلق، فهو أعم وأسبق وهذا أخص، وأصح الوجهين أن الوقف التام على قوله تعالى (ويختار) ويكون (وماكان لهم الخيرة) نفيا أي: ليس هذا الاختيار اليهم، بل هو الى الخالق وحده، فكما أنه المنفرد بالخلق وحده، فهو المنفرد بالاختيار منه، فليس لأحد أن يخلق، ولا أن يختار سواه، فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره، ومحال رضاه، ومايصلح للاختيار مما لايصلح له، وغيره لا يشاركه في ذلك بوجه (بتصرف من كلام ابن القيم رحمه الله في مقدمة الهدي)
فالله عز وجل هو الذي خلق السماوات سبعا وأختار منها العليا، وهو الذي خلق الايام سبعة واختارمنها يوم الجمعة، فهوخالق كل شئ في حكمة بالغة علمنا منها ماعلمنا بفضله، وماخفي علينا فلم نكلف بالبحث عنه، الا أن أفعاله تعالى كلها في غاية الحكمة والعدل فهو الفعال لمايريد وهو الحكيم الحميد.
وقبل أن اجيب على سؤال السائل أود أن انبه على أمر قد يقع فيه كثير من السائلين
ذلك أن مثل هذه الاسئله المتعلقة بأفعال الخالق أوحكمة التشريع لم تكن ترد على السنة الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ مع تنزل الوحي عليهم صباح مساء، بل ورد عنهم النهي عن ذلك، وانظر الى ماجاء عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن ابيها عندما سألتهامعاذة قائلة: مابال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية انت؟ قالت معاذة: لست بحرورية ولكني أسأل. فقالت كان يصيبنا ذلك فنؤمربقضاء الصوم ولانؤمر بقضاء الصلاة. متفق عليه
فأنظر الى عظم فقه ام المؤمنين رضي الله عنها عندما قالت لها: أحرورية أنت أي هل أنت من أهل حروراء ـ نسبة الى فرقة من الخوارج نزلت بهذا المكان قرب الكوفة تعمل الرأي وتدمه على النقل ـ ثم انظر كيف اكتفت في الاجابة والاستدلال على اسقاط القضاء بكونه لم يأمر به الشرع.
فهذا من العلم الذي أظهر الله بعضه لبعض خلقه، ولم يكلفنا أو يتعبدنا بالبحث عن ذلك فقد تزل قدم بعد ثبوتها. مع أنه باب من العلم عزيز شريف قل من تصدى له من الائمة فضلا عن غيرهم وماذالك الا لماذكرت لك مع انك تجد في تضاعيف كلام شيخ الاسلام رحمه الله في هذا الباب على بعض المسائل مايبهر العقل ويزيد الايمان دون تكلف أوتقول، ممايدل على أن ما أوتيه هذا الرجل من علم إنما هو كرامة اكرمه بها المولى ـ نسال الله من فضله ـ إلا أن هذا لايعني البحث والتقصي عن سر التشريع في كل مسألة، خاصة مالم يسبق اليه من أئمة مضو، الا أنا اذا وقعنا على شئ من ذلك نحمد الله عليه ونسأله المزيد من فضله ,وما خفي علينا وكلنا علمه الى الحكيم العليم وأمتثلنا لامره ونهيه ورضينا وسلمنا وأعتقدنا أنه لايخلو من حكمة يعلمها سبحانه
وإني ضارب لك مثلا يزيد لك الامر وضوحا.
(يُتْبَعُ)
(/)
(أكل لحم الابل) اختلف الأئمة رحمهم الله في نقضه للوضؤ وممن قال بذلك الامام أحمد رحمه الله بل هو من مفردات مذهبه لصحة حديث جابربن سمرة رضي الله عنه عنده ومع أن هذا القول هو المختار، الا ان المقصود هو ذكر ماتكلم به بعض الفقهاء رحمهم الله من الحكمة في الوضؤ من اكل لحم الابل دون سواه.خلاصته: ان الابل خلقت من شياطين كما صح بذلك الحديث ففي طبعها شئ من ذلك وأنت تجد أن الغلظة في أهلها اكثر من غيرهم لمصاحبتهم لها فالطباع نقاله.بعكسه اهل الشاه وقد ورد ذكر هذا مرفوعا. فعندما يأكل منها الآكل يتأثر بها ويسري اليه شئ من اخلاقها فلهذا أمر بأن يطفي ذلك كله بالوضؤ. ومثله النهي عن لبس ماصنع من جلود السباع أو الجلوس عليها. فمثل هذه الامور قد يتسمح فيها لمساعدة الدليل.
ولكن عندما يتصدى البعض لبيان الحكمة من أعدأد الركعات في كل صلاة، فالتوقف عند ذلك أسلم. ورحم الله ابن العربي فمازال يعلق بذهني كلام له في كتابه القبس عند شرحه لحديث الرؤيا جزء من سبعة وأربعين جزءا من النبوة ـ مع اختلاف في الفاظ الحديث ـ فبعد أن ذكركلام بعض الشراح قال: وإني موعزإليك الا تتعرض لأعداد الشريعة بشئ.
ولاتستغرب الاطالة في هذه المقدمة فهي أهم ومثلها يجب أن ينبه عليه ويذاكر به
أما فيما يتعلق بسؤال السائل الذي أعجم اسمه وكان في العربية مايغني ـ مع أنه قد يكون له عذرا لم ندركه ـ إلا أنا نشكر له مشاركته الكريمه والتي آثرت ألا تطوى صفحتها دون الوقوف عندهاولو بالاشارة تشجيعا للمشاركة
ولو بالسؤال، فكم من سؤال أثار علما كثيرا
فأقول: مستعينابذي الطول والانعام بأن الاجابة على هذا السؤال تتفرع عن شقين أحدهما سبقت الاشارة اليه , ورب كناية أبلغ من تصريح، والثاني لايمكن معرفته الامن خلال علم اللسان العربي، ومعرفة ماكانت العرب تفقهه من لغتها وتعنيه. فهذا الرقم (سبعه) له عندهم شأن رفيع، تفطن له أهل اللسان وعرفو سر استعمالهم له في كثير من اطلاقاته على مسمياته، فنظروا اليه فوجدوا أنهم لايسمون به الا ماكتمل عندهم معناه فالسبع عندهم من الحيوان ماتكاملت فيه القوى الحيوانيه، والسباعي من الناس من كان تام الخلقة مكتملها، ومن الابل ماكان عظيما طويلا، ويقولون: لافعلن به فعل سبعه للمبالغة في ماسيحل به، ويوم السبع عندهم هو يوم القيامة لأنه يوم الايام فيه تذهل كل مرضعة عن ما ارضعت وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ـ عياذا بالله من سخطه واليم عقابه ـ ولأنهم رأو أن هذا اليوم هو أكمل الايام على الاطلاق فيه تقضى الحقوف وتحكم الاحكام و يفصل القضاء وكل يعرف مصيره أما الى جنة وإما الى نار ـ جعلنا الله جميعا من أهل جنة فردوسه الاعلى بمنه وكرمه ـ.
وعلى هذا ذهب كثير من المفسرين في تأويل قوله تعالى (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) الى أن هذا من باب التكثير والتضعيف لا من باب حصر العدد، لا أنه لوزاد صلى الله عليه وسلم على السبعين فسيغفر الله لهم ـ أي المنافقين ـ
فهذا العدد يعني عندهم الكمال وبلوغ الغاية.
أما ماعلاقة ذلك بأمور الدنيا فلم يتضح لي مرادك بذلك، الا أنه ليس له اثر أوتأثير في أي امر من امور الدنيا ولا يتعلق بخصوصه حكم شرعي غير ماورد منصوصا عليه من أن الطواف اسبوعا والسعي كذلك ... مما تجده في كتب الفقهاء رحمهم الله ـ نبه على كثير منها الاقفهي في كتابه الارشاد الى ماوقع في الفقه وغيره من الاعداد ـ اللهم الا ان اردت ما يعتقده بعض الجهال من أن لهذا الرقم تأثيرا في استدعاء الجن، فتسمع بعضهم يدعو على من أغضبه قائلا (سبعة شلوه، أوخذوه ... ) والبعض يتحاشا من النطق بهذا العدد عن تطلبه فيقول: (سمحه) بدلا من سبعه، تخوفا من أن يحضر الجن مجلسهم ذلك، بل من المضحكات أن بعضهم يكثر من التسميه والاستعاذه عند سماعه لهذا العدد. وهذا مما يجب اضافته الى المناهي اللفظيه، والتحذير منه والتنيبيه عليه عند سماعه وأنه مناقض لكمال التوحيد مقارب لابواب الشرك والبدع والمعصوم من عصمه الله.
هذا ما ظهر لي والله أعلم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[13 Jan 2004, 04:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الشجري على ما قدمت
(يُتْبَعُ)
(/)
بالنسبة للرقم (7) فهو رقم يهتم به الاسماعيلية وهم معروفون أيضا باسم ((السبعية))
- الانساب - السمعاني ج 3 ص 216:
السبعي: بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة والعين المهلمة في آخرها. هذه النسبة إلى السبعية وهم طائفة من الفرق، وهم يقولون إن الاشياء العلوية والسفلية كلها سبعة،
وعدوا فقالو: السموات سبع، والارضون سبع، والكواكب سبعة، والاقاليم سبعة، والبحار سبعة، والجزائر سبع، والالوان سبعة، والطعوم سبعة، والايام سبعة، والاعضاء الظاهرة للآدمي سبعة، والاعضاء الباطنة سبعة.
وتركيب الادمي من سبعة: من المخ، والعظم، واللحم، والدم، والعرق، والجلد، والشعر.
ومنافذ رأسه سبعة، والطواف سبعة، والجمار سبعة، وطول الآدمي سبعة أشبار، وعرضه سبعة أشبار، والاشبار سبعة عقود، والمثاني سبع، وركب الادمي من أربع عقود، وللاربعة ثلاثة فواصل،
ولا إله إلا الله، سبع مقاطع وفواصل،
ولا إله إلا الله محمد رسول الله سبع كلمات، وبسم الله سبعة حروف، وتكبيرات العيد سبعة،
والانبياء سبعة: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم السلام والقائم
والاوصياء سبعة: شيث، وسام، وإسماعيل، ويوشع، وشمعون، وعلي، والقائم
وأئمة الخلفاء سبعة: علي المرتضى، والحسن المجتبى، والحسين شهيد كربلاء، وعلي زين العابدين، ومحمد بن علي باقر العلوم، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم.
والاعداد التامة سبعة، ولهذا إذا ضم إليها الثامن يلحق فيه الواو.
قال الله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) (الكهف: 22) ألحق الواو في الثامن.
وقال عز من قائل في أبواب جهنم: (فتحت أبوابها) (الزمر: 71) بلا واو، وفي أبواب الجنة (وفتحت أبوابها) (الزمر: 73).
وقال جل جلاله. (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) (التوبة: 112) ألحق الواو في الناهين.
وقال تعالى: (أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) (التحريم: 5) عد سبعة، وألحق الواو في (أبكارا). وقال عزوجل: (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) (الحاقة: 7).
والعرب تقول لهذه الواو: واو الثمانية، ويعدون من هذه الاشياء، ويبنون على مذهبهم أن الائمة سبعة على ما ذكرنا.
**********
ولزيادة الفائدة
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/79.htm
والله أعلم وأحكم(/)
من لطائف استنباطات الأئمة (2)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[10 Jan 2004, 11:37 م]ـ
ذكر أبو نعيم في "الحلية" (7/ 272) عن الإمام الرباني أبي محمد سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى،قوله:
" من كانت معصيته في الشهوة، فارج له التوبة، فإن آدم عليه السلام عصى الله مشتهياً فغفر له.
وإذا كانت معصيته في كبر، فاخش على صاحبه اللعنة، فإن إبليس عصى مستكبراً فلعن ".
فرحم الله هذا الإمام، وإني أوصي إخوتي جميعاً بقراءة ترجمته في "حلية الأولياء" ففيها عبر، ودرر.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[15 Jan 2008, 08:55 م]ـ
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: يقرن الله تعالى استواءه على العرش باسم (الرحمن) كثيراً، كما في قوله تعالى: " الرحمن على العرش استوى " [طه:5]. " ثم استوى على العرش الرحمن " [الفرقان:59]. فاستوى على عرشه باسم الرحمن؛ لأن العرش محيطٌ بالمخلوقات قد وسعها. والرحمة محيطةٌ بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: " ورحمتي وسعت كل شيء " [الأعراف:56]. فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات. فلذلك وسعت رحمته كل شيء.
ينظر: الضوء المنير على التفسير1/ 60، جمع الأستاذ: علي الصالحي.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[15 Jan 2008, 09:13 م]ـ
ويقول الإمام الشنقيطي - رحمه الله - في قياس إبليس الفاسد عندما أمر بالسجود لآدم بأنه خُلق من نار وآدم خُلق من طين - وأن النار خيرٌ من الطين - " قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين " [الأعراف:12]
يقول: ( ... لانسلم أن النار خيرٌ من الطين، بل الطين خيرٌ من النار؛ لأن طبيعتها الخفة والطيش والإفساد والتفريق، وطبيعته -أي الطين- الرزانة والإصلاح فتودِعُه الحبة فيعطيكها سنبلة، والنواة فيعطيكها نخلة. وإذا أردت أن تعرف قدر الطين فانظر إلى الرياض الناضرة ومافيها من الثمار اللذيذة، والأزهار الجميلة، والروائح الطيبة. تعلم أن الطين خيرٌ من النار.
المصدر: أضواء البيان 1/ 80.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[16 Jan 2008, 12:51 ص]ـ
الحمد لله
قوله تعالى ونفخت فيه من روحي
وقوله تعالى ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي
فلو كانت النار أفضل من التراب -جدلا - لكان التراب الذي نفخ فيه الله تعالى روحه و خلقه الله بيديه سبحانه
أفضل من النار التي لم يذكر أن لها هذا التشريف.
فما أعظم ياء التشريف هذه التي شرف بها آدم عليه السلام مرتين وكان خاتم التشريفات تلك أمر الملائكة بالسجود له.
ـ[مها]ــــــــ[16 Jan 2008, 11:46 م]ـ
- أعرض الله تعالى في قوله: (ألهاكم التكاثر) عن ذكر المتكاثر به إرادة لإطلاقه و عمومه، وأن كل ما يتكاثر به العبد غيره سوى طاعة الله ورسوله ومايعود عليه بنفع معاده فهو داخل في هذا التكاثر؛ فالتكاثر في كل شيء من: مال، أو جاه، أو رياسة، أو نسوة، أو حديث، أو علم، ولا سيما إذا لم يحتج إليه، والتكاثر في الكتب، والتصانيف، وكثرة المسائل، وتفريعها، وتوليدها، والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره؛ وهذا مذموم إلا فيما يقرب إلى الله ...
*المجموع القيم من كلام ابن القيم*
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Jan 2008, 12:19 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[17 Jan 2008, 12:53 ص]ـ
*
الحمد لله
قوله تعالى
قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة.
فيه إشارة الى ان القلب ملك و الجوارح بمنزلة الأعوان و الخدم.
فقد أضاف الله تبارك و تعالى الابصار الى القلوب.
والله أعلم.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[18 Jan 2008, 10:05 م]ـ
*
الحمد لله
قوله تعالى
وامرأته حمالة الحطب
مما يروى عن الشافعي رحمه الله انه استنبط من اضافة المرأة الى أبي لهب
صحة عقد زواج المشركَيْن إذا أسلما
لأن الله تعالى لا يضيف شيئا إلى شيء إلا والاضافة صحيحة.
و الله أعلم
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[24 Mar 2008, 07:32 م]ـ
شبه الله تعالى الزجاجة بالكوكب في قوله تعالى: " الزجاجة كأنها كوكب دري "، (النور-35) ولم يشبهها بالشمس والقمر؛ لأن الشمس والقمر يلحقهما الخسوف، والكواكب لايلحقها الخسوف.
تفسير البغوي3/ 300.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[24 Mar 2008, 08:14 م]ـ
" يا أيها الإنسان ماغرك بربك الكريم" (الانفطار-6)، قال بعض أهل الإشارة: إنما قال " بربك الكريم " دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقّنه الإجابة حتى يقول: غرّني كرم الكريم!
تفسير البغوي4/ 568
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[25 Mar 2008, 09:03 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم،،
لازلنا منكم نستفيد،،
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[04 Apr 2008, 12:58 ص]ـ
في قوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: " قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " (يوسف-33)، قيل: لو لم يقل: السجن أحب إليَّ لم يبتل با السجن، والأولى بالمرء أن يسأل الله العافية!
تفسير البغوي2/ 459(/)
ما الأقوى: دلالة الإجماع أم دلالة السياق؟ تأمل هذا المثال
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jan 2004, 11:37 ص]ـ
قرأت في أحكام القرآن لابن العربي المالكي ما نصه:
(قوله تعالى: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}. فيها ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: قال المفسرون بأجمعهم: أقسم الله هنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له، أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون. قالوا: روي عن ابن عباس أنه قال: " ما خلق الله وما ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره ".
وهذا كلام صحيح، ولا أدري ما الذي أخرجهم عن ذكر لوط إلى ذكر محمد، وما الذي يمنع أن يقسم الله بحياة لوط، ويبلغ به من التشريف ما شاء؛ فكل ما يعطي الله للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه؛ لأنه أكرم على الله منه. أولا تراه قد أعطى لإبراهيم الخلة، ولموسى التكليم، وأعطى ذلك لمحمد، فإذا أقسم الله بحياة لوط فحياة محمد أرفع، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر غيره لم يجر له ذكر لغير ضرورة.)
فماذا يفهم من كلامه هذا؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Apr 2004, 10:26 م]ـ
هل من تعليق أيها الإخوة المشاركون؟!
ـ[المنهوم]ــــــــ[15 Apr 2004, 10:10 ص]ـ
يا اخ ابو مجاهد جزاك الله خيرا على ما تتحفنا به من فوائد
ولكني تأملت كلام ابن العربي ولي سؤال وهو:
انه ذكر لوط عيه السلام وما ادري ما علاقة لوط بهذا الكلام
وشكرا
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[15 Apr 2004, 10:33 ص]ـ
الآية وردت ضمن سياق قصة لوط عليه السلام في سورة الحجر.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[15 Apr 2004, 04:11 م]ـ
أما القسم بالنبي فهذا لا يتعارض مع السياق و لكن كون المقسم به قومه الذين في سكرتهم يعمهون و في سكرتهم يترددون ففيه غرابة لا تخفى على أحد!!
و الله أعلم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[15 Apr 2004, 08:27 م]ـ
الأخ الفاضل أبا مجاهد ..
أما أصل المسألة فلا شك أن الإجماع أقوى الأدلة إن صح ...
لكن المثال المذكور هنا لا بد من تحرير أمور فيه:
1 - هل دلالة السياق هنا تقتضي أن يكون المقسم به لوط عليه السلام: فالحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم كان في بداية سرد القصة حيث يقول تعالى: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ونبئهم عن ضيف إبراهيم) ثم ذكر قصة إبراهيم ولوط وقال في سياقها: (وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) وهذا خطاب، ثم قال: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون).
2 - هل يصح الإجماع على أن المقسم به النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل عدد من المفسرين قولاً ثانياً وهو أن يكون القسم من الملائكة والمقسم به لوط عليه السلام.
والذي أفهمه من كلام ابن العربي رحمه الله أنه استغرب القول بأن المقسم به محمد صلى الله عليه وسلم، وقد يكون اعترض على تلازم أن يكون المقسم به النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون هو أشرف الخلق فلو قُدر أن المقسم به لوط عليه السلام فليس معنى ذلك أنه عليه السلام أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي تعليقاً على قول ابن العربي: " قلت ما قاله حسن فإنه كان يكون قسمه سبحانه بحياة محمد e كلاما معترضا في قصة لوط قال القشيري أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم في تفسيره ويحتمل أن يقال يرجع ذلك إلى قوم لوط أي كانوا في سكرتهم يعمهون وقيل لما وعظ لوط قومه وقال هؤلاء بناتي قالت الملائكة يالوط لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ولايدرون ما يحل بهم صباحا.
فإن قيل فقد أقسم تعالى بالتين والزيتون وطور سينين فما في هذا قيل له ما من شيء أقسم الله به إلا وذلك دلالة على فضله على ما يدخل في عداده فكذلك نبينا e يجب أن يكن أفضل ممن هو في عداده".
فهو رحمه الله اعتبر أن ما يقسم الله به دلالة على فضله على ما يدخل في عداده أي فضله على جنسه ولذا رُجح القول بأن المقسم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل حال لو صح أن لوطاً عليه السلام هو المقسم به فلا دلالة على تفضيله على نبينا صلى الله عليهم وسلم أجمعين والنصوص صريحة في ذلك.
ثم لا يكون هذا المثال ناقض لتقديم الإجماع إن صح على جميع الأدلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والكلام في حجية الإجماع طويل معلوم. والأصح في نظري أن يقال في عنوان المسألة هل يقدم دليل الإجماع أو دلالة السياق.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:04 م]ـ
هذا نص ما جاء في رسالتي للدكتوراه في دراسة الخلاف في هذه المسألة:
(قال ابن القيم في سياق ذكره لأقسام القرآن: (ومن ذلك قوله في قصة لوط عليه السلام، ومراجعته قومه له: ? قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ. قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ? (الحجر:70 - 72)، أكثر المفسرين من السلف والخلف- بل لا يعرف عن السلف فيه نزاع - أنّ هذا قسم من الله بحياة رسوله r . وهذا من أعظم فضائله أن يقسم الرب عز وجل بحياته. وهذه مزية لاتعرف لغيره.
ولم يوافق الزمخشري على ذلك، فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط، وأنه من قول الملائكة، فقال: هو على إرادة القول، أي قالت الملائكة للوط عليه الصلاة والسلام:» لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون «. ([1])
وليس في اللفظ مايدل على واحد من الأمرين، بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على ما فهمه السلف، لا أهل التعطيل والاعتزال.
قال ابن عباس رضي الله عنهما:» لعمرك «، أي: وحياتك، قال: وما أقسم الله تعالى بحياة نبي غيره ([2]).
والعَمْر والعُمر واحد، إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإثبات الأخف؛ لكثرة دوران الحلف على ألسنتهم.
وأيضاً فإن العمر حياة مخصوصة، فهو عمر شريف عظيم أهلٌ أن يقسم به لمزيته على كل عمر من أعمار بني آدم. ولا ريب أن عمره وحياته r من أعظم النعم والآيات؛ فهو أهل أن يقسم به. والقسم به أولى من القسم بغيره من المخلوقات.) ([3])
الدراسة:
في المخاطب بقول الله تعالى: ? لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ? قولان ذكرهما ابن القيم، وهما:
القول الأول: أنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث أقسم الله تعالى بحياته في هذه الآية.
والقول الثاني: أنه نبي الله لوط عليه السلام، وهذا من قول الملائكة.
والقول الأول هو قول السلف، وهو ما رجحه ابن القيم، وذكر أنه لا نزاع فيه بين السلف. وقد ذكر إجماع السلف على هذا التفسير غير واحد – كما سيأتي -.
وقد انقسم المفسرين إلى قسمين في موقفهم من هذين القولين:
القسم الأول: اعتمد تفسير السلف للآية. ومن هؤلاء:
ابن جرير؛ فقد اقتصر على هذا القول، وذكر قول ابن عباس في ذلك. ([4])
ووافقه ابن عطية ([5])، وابن كثير. ([6])
وكذلك ابن عاشور؛ فقد ذكر أن هذه الآية جاءت معترضة بين أجزاء قصة لوط للتنبيه على عدم انتفاع من كان في سكرة هواه. ثم ذكر أن المخاطب بها هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قِبَل الله. ثم قال: (وقيل: هو من كلام الملائكة بتقدير قول.) ([7])
القسم الثاني: ذكر القولين. ومن هؤلاء من اكتفى بذكر القولين من غير ترجيح أو اختيار، كالرازي ([8])، وأبي حيان. ([9])
ومنهم من ذكرهما، ومال إلى القول الآخر، كابن العربي، والقرطبي.
قال ابن العربي: (قال المفسرون بأجمعهم: أقسم الله هنا بحياة محمد صلى التشريفاً له , أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون ...
وهذا كلام صحيح , ولا أدري ما الذي أخرجهم عن ذكر لوط إلى ذكر محمد , وما الذي يمنع أن يقسم الله بحياة لوط , ويبلغ به من التشريف ما شاء؛ فكل ما يعطي الله للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه ; لأنه أكرم على الله منه ...
فإذا أقسم الله بحياة لوط فحياة محمد أرفع , ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر غيره لم يجر له ذكر لغير ضرورة.) ([10])
وقد نقل قوله القرطبي، وقال: (ما قاله حسن؛ فإنه كان يكون قسمه سبحانه بحياة محمد r كلاماً معترضاً في قصة لوط.) ([11])
ومن المفسرين الذين ذكروا القولين، ورجحوا الأول: الثعالبي؛ فقد قال - بعد أن نقل كلام ابن العربي السابق -: (وما ذكَرَه الجمهورُ أحْسَنُ؛ لأن الخطاب خطابُ مواجهةٍ، ولأنه تفسير صحابيٍّ، وهو مقدَّم على غيره.) ([12])
(يُتْبَعُ)
(/)
والألوسي كذلك؛ فقد قال بعد ذكره للقول الثاني: (وهو مع مخالفته للمأثور محتاج لتقدير القول، أي: قالت الملائكة للوط عليهم السلام:» لَعَمْرُكَ «الخ، وهو خلاف الأصل، وإن كان سياق القصة شاهداً له وقرينة عليه.) ([13])
النتيجة:
من خلال النقول السابقة عن المفسرين يتبين رجحان القول الذي رجحه ابن القيم لاتفاق أهل التفسير المتقدمين عليه ([14])، ولأنه قول موافق لظاهر الآية؛ فلا تحتاج معه إلى تقدير.
ومما يرجح هذا القول أيضاً: أن القسم فيه من الله تعالى، وله سبحانه أن يقسم بما شاء. وأما على القول الآخر؛ فيكون القسم من الملائكة بغير الله، وهذا من القسم الممنوع. ([15])
وإذا تقرر هذا؛ فإنه لا يعتد بالقول المخالف للإجماع. ([16])
تنبيهات وفوائد:
التنبيه الأول: نوع الخلاف وثمرته:
الخلاف السابق يرجع إلى قولين يحتملهما اللفظ، وهما متغايران، ولا يمكن حمل الآية عليهما معاً.
وثمرته: على القول المعتمد يكون في الآية تشريف عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقسم الله تعالى بحياته، وخصه بذلك دون سائر الأنبياء عليهم السلام.
وعلى القول الآخر، يكون القسم من الملائكة بحياة نبي الله لوط عليه السلام، وفي هذا ما فيه.
التنبيه الثاني: سبب الخلاف:
سبب الخلاف في هذه المسألة سببه: اعتبار بعض المفسرين قرينة السياق، وتقديمها على المأثور عن السلف في تفسير الآية.
ولعل من أسباب الخلاف هنا: الاختلاف العقدي؛ فأول من رأيته ذكر القول الثاني: الزمخشري، ثم تبعه على ذلك بعض المفسرين. ومعلوم أن هذا القول يناسب معتقد المعتزلة في صفة الكلام. وقد نبّه ابن القيم على هذا السبب في كلامه السابق.
التعليقات والحواشي السفلية: --------------------------------------------------------------------------------
([1]) انظر تفسيره الكشاف 2/ 317 - 318، وقد ذكر قول السلف بعد ذكره لهذا القول.
([2]) أخرجه بلفظ أطول من هذا ابن جرير 14/ 91 - 90 من طريقين. وقد حسن إسناده محققو تفسير ابن كثير 8/ 269 طبعة مكتبة أولاد الشيخ.
([3]) التبيان في أقسام القرآن 428 - 429، وبدائع التفسير 3/ 27.
([4]) انظر جامع البيان 14/ 91 - 92.
([5]) انظر المحرر الوجيز 8/ 338.
([6]) انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 1963.
([7]) انظر التحرير والتنوير 14/ 67 - 68.
([8]) انظر التفسير الكبير 19/ 161.
([9]) انظر البحر المحيط 6/ 489 - 490.
([10]) أحكام القرآن 3/ 105 باختصار.
([11]) انظر الجامع لأحكام القرآن 10/ 39 - 40.
([12]) الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 3/ 404.
([13]) روح المعاني 14/ 72.
([14]) ممن ذكر الاتفاق إضافة إلى من سبق ذكره في الدراسة: القاضي عياض، فقد قال: (اتفق أهل التفسير في هذا أنَّهُ قَسَمٌ من الله جل جلاله بمدة حياة محمد r ..) كما في كتابه الشفا 1/ 41.
([15]) على أن في كون هذا اللفظ من صيغ القسم الشرعي خلافاً. وقد بسطه الشيخ حماد الأنصاري في بحث مستقل نشر في مجلة الجامعة الإسلامية – العدد الثاني – 1394 هـ ص 37 - 61. ورجح أن القسم بهذه الصيغة ليس قسماً شرعياً، وإنما قسم لغوي.
([16]) انظر تفصيل ذلك في كتاب الإجماع في التفسير للدكتور محمد الخضيري ص329 - 332.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:18 م]ـ
الذي يظهر من خلال هذا النقل والبحث الذي ذكرت أن في المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المقسم به هو محمد صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: أن المقسم به هو لوط عليه السلام، والمقسم - بالكسر - هو الله عز وجل.
القول الثالث: أن المقسم به هو لوط، وأن المقسم - بالكسر - هم الملائكة.
فما الذي دعاك لإخراج القوال الثاني، وهو الذي يسانده سياق الآية، وظاهر اللفظ.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:41 م]ـ
الخطاب من أول السورة إلى آخرها موجه للنبي صلى الله عليه وسلم
ولم نر أن الله قد وجه الخطاب إلى لوط في القصة وإنما يقص على نبيه ما جرى له مع قومه بصيغ الفعل الماضي: قال ... قالوا .... قال ... بينما الآية: تتحدث عن أناس لا يزالون في سكرتهم ,وإذا كان يصح أن الضمير في الآية يعود إلى قوم لوط وفيه لفتة إلى المدى الذي بلغوه من الانحراف ففيه تعريض بقريش وما هم فيه من سكرة الباطل الذي يغطي قلوبهم وعقولهم.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Nov 2009, 11:57 م]ـ
إنما قصدت استبعاد القول الثالث عند ذكر الأقوال في المسألة، وإلا فإن الراجح هو كما قال الباحث أن المقسم به هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمعول عليه في ذلك هو إجماع المفسرين أو لنقل جمهور المفسرين على الأصح.
أما الخطاب فتوجه في ثنايا السورة الكريمة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإلى غيره كما في قصة إبليس (مالك .. فإنك رجيم .. وإن عليك .. )
وفي نفس القصة كان الخطاب من الملائكة متوجها إلى لوط (قالوا بل جئناك .. وأتيناك .. )
ولكن يستبعد قسم الملائكة بحياة لوط للأدلة المعروفة في القسم بغير الله تعالى.
فيبقى القولان الآخران: قسم الله تعالى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقسمه تعالى بلوط.
والأرجح هو الأول لما تقدم.
والله تعالى أعلم.(/)
من أقوال المفسرين الأدبية البديعة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Jan 2004, 11:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك أقوال أدبية بديعة مبثوثة في كتب التفاسير، أردت أن أفتح الباب لمن أراد أن يتحفنا بشيء منها في هذا الملتقى.
وممن استوقفتني عباراته الأدبية في ثنايا تفسيره ابن العربي المالكي، وسأنقل بعض ما سطره في تفسيره أحكام القرآن:
قال رحمه الله: (قوله: {ولكم فيها جمال}: كما قال في الآية بعدها: {لتركبوها وزينة} والجمال قد بيناه في كتب الأصول وشرح الحديث، وأوضحنا أنه يكون في الصورة وتركيب الخلقة، ويكون في الأخلاق الباطنة، ويكون في الأفعال. فأما جمال الخلقة فهو أمر يدركه البصر، فيلقيه إلى القلب متلائما، فتتعلق به النفس من غير معرفة بوجه ذلك ولا بسببه لأحد من البشر. وأما جمال الأخلاق فبكونها على الصفات المحمودة من العلم والحكمة، والعدل والعفة، وكظم الغيظ، وإرادة الخير لكل واحد. وأما جمال الأفعال فهو وجودها ملائمة لصالح الخلق، وقاضية بجلب المنافع إليهم، وصرف الشر عنهم.) ثم قال:
(وجمال الأنعام والدواب من جمال الخلقة محسوب، وهو مرئي بالأبصار، موافق للبصائر، ومن جمالها كثرتها. فإذا وردت الإبل على الذرى سامية الذرى هجمات هجانا توافر حسنها، وعظم شأنها، وتعلقت القلوب بها. إذا رأيت البقر نعاجا ترد أفواجا أفواجا، تقر بقريرها، معها صلغها وأتابعها، فقد انتظم جمالها وانتفاعها. وإذا رأيت الغنم فيها السالغ والسخلة، والغريض والسديس صوفها أهدل، وضرعها منجدل، وظهرها منسجف، إذا صعدت ثنية مرعت، وإذا أسهلت عن ربوة طمرت، تقوم بالكساء، وتقر على الغداء والعشاء، وتملأ الحواء سمنا وأقطا، بله البيت، حتى يسمع الحديث عنها كيت وكيت، فقد قطعت عنك لعل وليت. وإذا رأيت الخيل نزائع يعابيب، كأنها في البيداء أهاضيب، وفي الهيجاء يعاسيب، رءوسها عوال، وأثمانها غوال، لينة الشكير، وشديدة الشخير، تصوم وإن رعت، وتفيض إذا سعت، فقد متعت الأحوال وأمتعت. وإذا رأيت البغال كأنها الأفدان بأكفال كالصوى، وأعناق كأعناق الظبا، ومشي كمشي القطا أو الدبى فقد بلغت فيها المنى.)
وللموضوع صلة - يسر الله إضافتها
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jan 2009, 11:54 ص]ـ
جاء في تفسير النسفي لقول الله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]:
(وحقيقته تزيين جثة الطين بمصالح الدنيا والدين كاختلاط النبات على اختلاف التلوين، فالطينة الطيبة تنبت بساتين الأنس، ورياحين الروح، وزهرة الزهد، وكروم الكرم، وحبوب الحب، وحدائق الحقيقة، وشقائق الطريقة، والخبيثة تخرج خلاف الخلف، وثمام الاسم، وشوك الشرك، وشيح الشح، وحطب العطب، ولعاع اللعب، ثم يدعوه معاده كما يحين للحرث حصاده فتزايله الحياة مغتراً كما يهيج النبات مصفراً، فتغيب جثة في الرمس كأن لم تغن بالأمس إلى أن يعود ربيع البعث وموعد العرض والبحث، وكذلك حال الدنيا كالماء ينفع قليله ويهلك كثيره، ولا بد من ترك ما زاد كما لا بد من أخذ الزاد، وآخذ المال لايخلو من زلة، كما أن خائض الماء لا ينجو من بلة، وجمعه وإمساكه تلف صاحبه، وإهلاكه فما دون النصاب كضحضاح ماء يجاوز بلا احتماء، والنصاب كنهر حائل بين المجتاز. والجواز إلى المفاز لا يمكن إلا بقنطرة وهي الزكاة، وعمارتها بذل الصلات، فمتى اختلت القنطرة غرّقته أمواج القناطير المقنطرة، وعن هذا قال عليه السلام: «الزكاة قنطرة الإسلام» وكذا المال يساعد الأوغاد دون الأمجاد كما أن الماء يجتمع في الوهاد دون النجاد، وكذلك المال لا يجتمع إلا بكد البخيل كما أن الماء لا يجتمع إلا بسد المسيل، ثم يفنى ويتلف ولا يبقى كالماء في الكف.)
تنبيه: حديث «الزكاة قنطرة الإسلام» ضعفه الألباني رحمه الله(/)
مقولة للباقلاني عن أسماء السور ..
ـ[المنذر]ــــــــ[11 Jan 2004, 06:04 م]ـ
قال المازري في شرح البرهان عن القاضي أبي بكر الباقلاني: (إن أسماء السور لما كتبت في المصاحف كتبت بخط آخر لتميّز عن القرآن)
هذه العبارة نقلتها من تفسير التحرير التنوير لابن عاشور .. فهل يدلني أحد الأخوة الأفاضل على توثيق لها من كتب الباقلاني .. أو شرح البرهان إن كان موجودا؟
أيضا كتاب " ترتيب التنزيل " للباقلاني هل هو موجود؟ وإن كان موجودا هل أطلع عليه أحد؟
أسأل الله لي ولكم التوفيق ...
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[12 Jan 2004, 02:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ منذر الكتاب مطبوع طبع عام1422. ط/ دار الغرب الاسلامي في طبعته الاولى بعد أن كان يظن أنه مفقودا عزيز الوجود حتى عثر عليه الاستاذ عمار الطالبي في مكتبة العلامة محمد الطاهربن عاشور رحمه الله
فأخرجه في حلة بهيه. باسم (الايضاح المحصول من برهان الاصول) وهو من كتب أصول الفقه ويحتل مؤلفه ـ رحمه الله ـ مكانة عالية خاصة عند علماء الغرب الاسلامي والذين لهم اهتمام بالمذهب المالكي، وهو صاحب كتاب المعلم شرح مسلم
ولقد حاولت عبثا مساعدتك في الحصول على هذه العبارة فأعياني تطلبها، ذلك أن الكتاب فيه سقط شديد مما يمنع من مطالعته او مراجعته أوالنقل منه فلربما كان في الصفحة الواحدة قرابة العشرين موضعا تركت فراغا هذا في المطبوع ولربما كان في المخطوط الفراغ الواحد عبارة عن صفحة أو أكثر!. ومحاولتي كانت بالبحث عن طريق الفهرس في مضان هذه العبارة. وكذلك عن طريق الاحصاء للننقولات التي في الكتاب عن علماء سابقين، وقد احصى المحقق (53) موصعا ورد فيه ذكر للباقلاني في الكتاب وقد تتبعت نحوا من عشرين موضعا فلم اظفر بشئ (ولا أخفيك تعبت، والوقت لا يساعد) وأظن انها قد تكون ساقطة فيما سقط وانخرم من المخطوط.ثم حاولت البحث عنها في الانتصار والإعجاز للباقلاني رحمه الله عن طريق الفهرس الا أن هذا أمر صعب، والفهارس في الكتابين لا تساعد، فلعلك تعيد البحث في كتاب المازري فلربما ظفرت بها إن كانت تهمك، خاصة أنك قد ذكرت بأنك وجدتها في التحرير لابن عاشور رحمه الله فالكتاب كان بين يديه وهو المخطوط الذي حققه الطالبي.
أما كتاب ترتيب التنزيل. فلم اطلع عليه.فلعل أحد الأخوه يفيدك ويفيدنا بمالم أتمكن منه.
والله ولي التوفيق
ـ[المنذر]ــــــــ[12 Jan 2004, 09:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أشكرك أخي ابن الشجري كثير الشكر على حرص واهتمامك ..
وسأعيد البحث في الكتاب الذي أشرت إليه.فجزاك الله خيرا ..
أما بالنسبة لكتاب ترتيب التنزيل فقد أشار إليه القاسمي في تفسيره .. وأنا في انتظار الإخوة الأفاضل إفادتي عنه ولهم خالص الدعاء ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Aug 2010, 01:53 م]ـ
قال المازري في شرح البرهان عن القاضي أبي بكر الباقلاني: (إن أسماء السور لما كتبت في المصاحف كتبت بخط آخر لتميّز عن القرآن)
....
أيضا كتاب " ترتيب التنزيل " للباقلاني هل هو موجود؟ وإن كان موجودا هل أطلع عليه أحد؟ ...
قد تجد هذه العبارة في كتاب (الانتصار للقرآن) للباقلاني، ولعلك تراجع مخطوطته التي رفعت على الملتقى أو سترفع قريباً، فكأنه بذلك يرد على من يزعم الزيادة في المصاحف ولو بكتابة أسماء السور.
وأما كتابه (ترتيب التنزيل) فلم يعثر عليه بعدُ حسب علمي، وهو معدود ضمن كتبه المفقودة رحمه الله.(/)
مقدمة المشاركات العلمية لفضيلة الشيخ / خالد السبت في ملتقى أهل التفسير
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[11 Jan 2004, 09:58 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث بالخير والبركات، نبينا محمد وعلى آله وصحبه السابقين بالخيرات .. وبعد:
فقد شرفني فضيلة شيخنا .. الشيخ / خالد بن عثمان السبت رفع الله درجته، وأعلى منزلته في الدنيا والآخرة، حين وكل إلي العناية بإخراج بعض ما قدمه من الدروس العلمية المتعلقة بالقرآن وعلومه تمهيداً لنشرها في هذا الموقع المبارك، وقد أرسل إلي فضيلته هذه الرسالة لتكون بمثابة المقدمة بين يدي تلك المواضيع فجعلتها في موضوع مستقل، وسأتبعهاـ إن شاء الله ـ بالحلقة الأولى من المهمات سائلاً الله تعالى أن ييسر إنجاز باقي الحلقات على الوجه الأمثل .. إنه سميع قريب ..
وإني لآمل من الأخوة الكرام ألا يبخلوا بإسداء أي نصح و توجيه في كل ما من شأنه تحقيق الفائدة والنفع بهذه الدروس وغيرها ..
والآن أدعكم مع نص مقدمته حفظه الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد:
فإن من تيسير الله تبارك وتعالى أن هيأ الأسباب المعينة في التعلم حتى عدت قريبة لكل أحد حتى أولئك الذين يعيشون في بلاد لا يوجد فيها درس واحد في علوم الشريعة، فصار الآن بمقدورهم حضور الدروس العلمية وهم في بيوتهم، كما يستطيعون استدراك ما فاتهم عبر ما يسجل من تلك المجالس، وذلك عبر هذه الشبكة بواسطة مواقع علمية ودعوية في غاية النفع، كهذا الموقع المتميز بمادته العلمية المنضبطة مع التزام آداب البحث والمحاورة والمذاكرة بعيداً عن الانفعالات والمزايدات، وهذا كله من توفيق الله تعالى ولطفه، ثم ما هيأه من قيام نخبة من أهل العلم على هذا الموقع، مع ما نعلمه جميعاً من أثر القرآن على المشتغلين به من غلبة السكينة عليهم، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ولما كان الموقع بهذه المثابة كان لزاما على المشتغلين بالعلوم القرآنية عمارة موقعهم هذا حسب طاقتهم كل بحسبه، وقد شرفني المشايخ الفضلاء من القائمين على الموقع برغبتهم في التواصل العلمي؛ فرأيت أن أبتدئ المشاركة بعرض جملة من الدروس العلمية في التفسير وأصوله وعلوم القرآن، وستكون البداية ـ إن شاء الله ـ في ذكر المهمات في علوم القرآن، وهي عبارة عن مجموعة من الدروس قدمتها في صيف سنة 1423هـ في جامع الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في حي الدانة بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، كما قدمت المجموعة الأخرى منها وهي المتعلقة بالتفسير العلمي، والإعجاز العلمي، وما يسمى بالإعجاز العددي في صيف سنة 1424هـ في جامع سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ بمدينة الدمام.
وختاماً أشكر جميع إخواني القائمين على هذا الموقع والمشاركين فيه، كما أشكر [الأخ] سعد البخيت على جهوده في إخراج هذه الدروس بهذه الصورة وأسأل الله للجميع الهدى والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه: خالد بن عثمان السبت
12/ 11 / 1424هـ
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[11 Jan 2004, 10:12 م]ـ
للرفع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jan 2004, 10:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وجزاكم الله خيراً أخي الكريم الشيخ خالد السبت وأخي الكريم الشيخ سعد البخيت على هذه المشاركة التي هي مقدمة بين يدي مشاركات قادمة. والأمر كما تفضل الدكتور خالد السبت بأن ملتقى أهل التفسير يجب أن يكون عامراً بما ينفع طلاب العلم والمسلمين، خالياً من كل ما يعكر صفو العلم والأدب، حريصاً على نقاء العبارة، وصفاء الأسلوب بقدر الوسع والطاقة.
نسأل الله أن يعيننا جميعاً على طاعته والعمل الخاص لوجهه الكريم.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[25 Jan 2004, 01:35 ص]ـ
مشايخنا الكرام -حفظهم الله تعالى-
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيرًا على مجهوداتكم العظيمة.
وبعد؛ فهل من ترجمة لفضيلة الشيخ (خالد بن عثمان السبت)؟!
[وإن ترجم له أحد الإخوة؛ فالرجاء من شيوخنا المُشرفين نقل المُشاركة إلى موضوع مستقل؛ ليستفيد منه أكبر عدد من الإخوة الزوار].
وجزاكم الله خيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[31 Jan 2004, 11:16 م]ـ
هل من مجيب؟! يرحمكم الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2004, 02:13 ص]ـ
أخي الكريم محمد بن يوسف وفقه الله لكل خير وقد فعل
لقد طلبت من أخي الكريم سعد البخيت - بصفته من الطلاب المقربين من الشيخ خالد السبت - أن يكتب لنا ترجمة للشيخ، فوعدني بذلك ولكنه قال بعد الحج، فقلت: على بركة الله! بعد الحج .. بعد الحج.
فلعلك أخي الكريم تمهلنا حتى يضع لنا ترجمة مفيدة، وأما الذي أعرفه عن الشيخ خالد بن عثمان السبت وفقه الله، فهو أنه رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بمدينة الدمام في السعودية، وله من المصنفات المطبوعة:
- رسالته للماجستير بعنوان (كتاب مناهل العرفان للزرقاني دراسة وتقويم)، وهو مطبوع في مجلدين.
- رسالته للدكتوراه بعنوان: (قواعد التفسير) وهو كذلك في مجلدين.
- تحقيق كتاب (القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن) للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. ذكر أنه قابله على نسختين بخط المؤلف، وطبعته دار ابن الجوزي بالدمام.
وله عدد كبير من الدروس العلمية المسجلة وفقه الله، وقد انتفعنا بها كثيراً ولا زلنا ننتظر منه الكثير وفقه الله، وأحسبه إن شاء الله في ذروة نشاطه العلمي، سدده الله وبارك فيه. ويمكنك الاستماع إلى بعض دروسه في موقع طريق الإسلام على هذا الرابط ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=scholarlessons&scholar_id=339) وهي تبلغ 102 مادة صوتية مسجلة ما بين دروس علمية، ومحاضرات متفرقة. جزاه الله خيراً ونفع بعلمه. آمين. وليس هذا بمغنٍ لنا عن كتابة ترجمة مفصلة له وفقه الله يكتبها أحد طلابه إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Mar 2004, 05:32 م]ـ
أخي الكريم محمد يوسف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
اعلم أخي ـ وفقك الله ـ أن تأخري في الرد على طلبك لترجمة شيخناالشيخ خالد؛ ليس إهمالاً للموضوع؛ بل الموضوع يراودني منذ فترة ليست بالقصيرة، وقد ألح على خاطري لما وضعت الحلقة الأولى من المهمات، وعلمت أن هذا السؤال لابد أن يرد، ولكن معلوماتي عن حياة الشيخ العلمية في مرحلة التأسيس، وفترة بقائه في المدينة شحيحة جداً، والشيخ معروف بشدة ابتعاده عن الحديث عن نفسه، وفيه تواضع شديد فهو لا يرى نفسه شيئاً ـ أسأل الله أن يرفع درجته ـ، ولذا حاولت أن أجمع ما استطعتعن هذه المرحلة من حياة شيخنا؛ ممن زامل الشيخ ورافقه، أو لازم الشيخ ملازمة خاصة من طلابه، وقد جمعت معلومات لابأس بها ولله الحمد، ولعلها ترى النور قريباً إن شاء الله، ووالله إني لفي شوق شديد لإخراجها لأعرف الإخوان بهذا العالم الفاضل، وهذا شيء من حقه علي .. فأسأل الله أن تراها قريباً على صفحات هذا الملتقى المبارك، ولا يفوتني هنا أن أشكر لك مشاركاتك الجادة التي تتحفنا بها، سائلاً الله لي ولك ولشيخنا الشيخ عبدالرحمن الشهري ـ المشرف على هذا الملتقى المبارك ـ ولجميع مشايخنا وإخواننا المشاركين في الملتقى التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة .. آمين
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Apr 2004, 09:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه لمحة موجزة جداً عن المسيرة العلمية لفضيلة شيخنا / الشيخ: خالد السبت ـ حفظه الله ـ كتبتها تلبية لطلب كثير من الأخوة في الملتقى وغيره، ممن لا يعرف فضيلته وأحب أن يتعرف عليه، وقد اجتهدت ما استطعت في كبح جماح القلم عن كثير مما أعرف؛ احتراماً لما أعلمه عن شيخنا من عدم رضاه بالمدح، والإطراء، بل وغضبه من ذلك، سائلاً الله أن يبارك في هذه الكلمات وأن يمد في عمر شيخنا على طاعته ورضاه .. آمين. فأقول:
هو شيخنا الشيخ/ خالد بن عثمان بن علي السبت، من مواليد منطقة الزلفي، عام 1384 هـ، ثم انتقل مع والديه إلى منطقة الدمام، ودرس بها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من الثانوية العامة توجه للرياض وهو في شوق شديد لتحصيل العلم، خاصة على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فالتحق بقسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وممن درسه من المشايخ المشهورين؛ فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الخضير حقظه الله، ولكن لم يطل مكث الشيخ بالرياض نظراً لبعض الظروف، فانتقل إلى الأحساء، وكان جل وقته يقضيه في القراءة والتحصيل الشخصي، واعتنى بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله عناية بالغة، بالإضافة إلى عنايته بسماع الأشرطة العلمية المتيسرة في ذلك الوقت، ثم عاد بعد تخرجه إلى الدمام؛ فدرَّس سنتين في ثانوية الشاطئ، واستمر على طريقته في تكوين نفسه علمياً ـ نظراً لفقر المنطقة في ذلك الوقت من العلماء البارزين ـ وكانت عنايته في هذه الفترة منصبة على شروح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، كما أنه درَّسَ عدداً من المتون العلمية كعمدة الأحكام، وغيرها من متون العقيدة لمجموعة من الطلبة في ذلك الوقت، حتى أذن الله بانتقاله إلى المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، فكانت هذه النقلة مرحلة جديدة ومكثفة في تحصيل شيخنا ودراسته على المشايخ، فاعتنى بدراسة علم أصول الفقه فقرأ على الشيخ/ أحمد عبد الوهاب عددا من المتون في أصول الفقه كمتن الورقات، ومتن المراقي، ثم قرأ شرح البنود على المراقي كاملاً، ثم نثر الورود كاملاً، والمواضع الناقصة منه استكملها من شرح الولاتي، وقرأ عليه الموافقات للشاطبي حتى أنهاه،،وقرأ أيضا على الشيخ/ عمر عبدالعزيز في الأصول، وفي مناهج الأصوليين وطريقتهم في التأليف، كما اعتنى الشيخ بعلم اللغة والنحو فقرأ على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف الآجرومية، وشذور الذهب، وقطر الندى، وشرح ابن عقيل، وشرح عبد العزيز فاخر على الألفية، كما قرأ الألفية كاملة مفرقة على أكثر من شيخ، ومنهم الشيخ غالي الشنقيطي، والشيخ / محمد الأغاثة الشنقيطي، كما قرأ في الأدب كتاب روضة العقلاء، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة كاملاً على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف
(يُتْبَعُ)
(/)
أيضاً، وقرأ على الشيخ/ أحمد الخراط عددا من الكتب، بالإضافة إلى قراءات في كتاب الكامل للمبرد، وكان الشيخ يعجبه في هذا المجلس جمعه لعدد من العلوم كالنحو، والقواعد الإملائية والإعرابية، والأدب وغيرها، وقرأ على الشيخ / حمدو الشنقيطي؛ ومما قرأ عليه شرح قصيدة بانت سعاد، كماقرأ ـ شيخنا ـ في الفقه أشياء على الشيخ/ علي بن سعيد الغامدي، والشيخ/ فيحان المطيري، وقرأ في المصطلح على الشيخ / محمد مطر الزهراني في نزهة النظر، ومن المشايخ الذين يجلهم الشيخ كثيراًَ ويكثر من ذكر أخبارهم، ويذكر أن مجالسه وأحاديثه كانت عامرة بالفوائد والفرائد في العلم والأدب؛ فضيلة الشيخ/ عبد العزيز قارئ وهو الذي أشرف على رسالتي الشيخ في الماجستير والدكتوراه، وقد قرأ عليه مواضع من الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن للزركشي، كما قرأ على الشيخ/ علي عباس الحكمي، بالإضافة على عدد آخر من الشيوخ، وكانت قراءته عليهم لا تنقطع طوال الأسبوع حتى في يوم الجمعة، حتى إن زملاءه في الدراسات العليا كانوا يتعجبون من جمعه بين هذا الكم من الدروس، واعتنائه برسالته العلمية، وسائر أعماله الأخرى، وكان الشيخ يستغل الإجازات ليرحل إلى فضيلة الشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله ليقرأ عليه، فقرأ من مختصر التحرير في الأصول، ومواضع من صحيح البخاري، وأشياء من قواعد ابن رجب رحمه الله، إضافة إلى ذلك فقد كان معتنياً عناية شخصية فائقة بعلم التوحيد والعقيدة وأصول الدين،وقد استمر الشيخ على هذه الحال من العناية البالغة بالتحصيل مع نهم الشديد في القراءة والطلب، وقد وهبه الله جلداً عظيماً قل نظيره، حتى عرفه علماء المدينة ومشايخها وطلبة العلم فيها؛ سواء من أهل البلد أو غيرهم من الوافدين من طلاب الجامعة، فلم ألق أحداً من فضلاء المشايخ في المدينة؛ أو غيرها ممن عرف الشيخ وجالسه؛ إلا وهو يثني على الشيخ ويجله ويحفظ له قدره، وقد جمع الشيخ ـ رفع الله درجته ـ بالإضافة إلى عنايته البالغة بالعلم تحصيلاً وتدريساً، اهتماماً بالدعوة إلى الله في المدينة وخارجها من مناطق المملكة،وبلدان العالم الإسلامي فقد رحل الشيخ إلى أندونيسيا مراراً وإلى غيرها من البلدان ليقيم الدورات العلمية هناك.
وقد بدأ الشيخ حفظه الله دروسه الرسمية المعلنة في منطقة الدمام عام 1413 هـ فدرَّس متن الورقات، ونظمه، وقواعد الأصول ومعاقد الفصول، وأشياء من روضة الناظر في أصول الفقه، وشَرَح الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والواسطية وغيرها، كما شَرَح كتاب التوحيد على مدى ثلاث سنوات في الإجازات الصيفية فقط. ثم توقفت الدروس فترة لبعض الأسباب؛ حتى يسر الله عودة الشيخ إلى الدمام أستاذاً في كلية المعلمين ثم عميداً لكلية الدراسات القرآنية في عام 1418هـ، وبدأ نشاط الشيخ العلمي يظهر في المنطقة بشكل ملحوظ؛ فأقام عدداً من الدروس العامة في مسجده ـ مسجد القاضي بحي المريكبات ـ ومن تلك الدروس: شرح مراقي السعود، وشرح صحيح الإمام مسلم، وشرح عمدة الفقه، والتعليق على التفسير الميسر، بالإضافة لدرس التفسير العام الذي ابتدأ فيه الشيخ من أول القرآن، وهو يسير فيه على نفس الإمام الشنقيطي رحمه الله ـ وللشيخ عناية خاصة بعلم هذا الحبر العلامة رحمه الله ـ، كما شرح الشيخ مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلق على فتح المجيد كاملا، وكذلك اقتضاء الصراط المستقيم،وشَرَح القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين، إضافة لعدد من الدورات العلمية التي أقامها؛ كالمهمات في علوم القرآن، وشرح رسالة الشيخ ابن سعدي في القواعد الفقهية، بالإضافة إلى عدد من المحاضرات العامة التي يلقيها في منطقة الدمام وما حولها ومن أبرزها محاضرات في أعمال القلوب أنصح جميع الأخوة بالحرص عليها.
وأما نتاج الشيخ العلمي فمن أبرزه ما يلي:
رسالة كبيرة بعنوان: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
و (كتب مناهل العرفان دراسة وتقويم) ـ وهي رسالة الماجستير ـ
و (قواعد التفسير) ـ وهي رسالة الدكتوراه ـ
وتحقيق كتاب (القواعد الحسان) لابن سعدي رحمه الله.
وتحقيق كتاب (نور البصائر)، وهو متن صغير في الفقه؛ لمبتدئي الطلبة ألفه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
و كتاب (العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير)، وقد بذل فيه الشيخ جهدا مضنياً جداً؛ أسأل الله أن يدخر له أجره يوم يلقاه، وأن يجمعنا وإياه والإمام الشنقيطي في أعلى الدرجات عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. آمين
والشيخ حفظه الله ميزه الله بهمة وقادة، ونفس طموحة، مع ورع نادر،وأخذ للنفس بالعزيمة والجد، يحلي ذلك كله دماثة في الخلق، وطيب في المعشر، مع صلة قوية بالله يظهر أثرها في سمته وسيماه، ولكلامه صولة على قلب مستمعه بحيث لا يكاد يشك سامعه في صدقه ونصحه، مع هضم عظيم للنفس، واحتقار للعمل، وكم من مرة سألته عن اختياره، فقال لي: "مثلي لا يكون له اختيار"، هكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ومثلي أقل من أن يزكي الشيخ،وإنما هو اعتراف ببعض فضله، وشيء من القيام بحقه، والله يتولانا ويتولاه في الدنيا والآخرة .. إنه سميع قريب.
تنبيهات:
كثير من هذه المعلومات عن الشيخ؛ استفدتها من الأخ الشيخ/ محمد النعيمي وهو من أخص تلاميذ الشيخ؛ فجزاه الله خيراً على ما أمدني به من معلومات.
كما اقتصرت في هذه الترجمة الموجزة على الخطوط العريضة في المسيرة العلمية لشيخنا حفظه الله، وكبحت جماح القلم عن كثير مما أعرف مراعاة لما أعلمه من عدم رغبة الشيخ في ذكر ذلك .. سائلاً الله تعالى أن يمن على شيخنا بالزيادة في العلم والعمل والقبول وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وإيانا وسائر العلماء وطلبة العلم الربانيين إنه خير مسؤول وهو مولانا ونعم النصير. والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Feb 2005, 04:02 ص]ـ
بارك الله فيكم لتفريغكم دروس فضيلة الشيخ خالد السبت حفظه الله:
الحلقة الأولى ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1274) .
الحلقة الثانية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1520) .
الحلقة الثالثة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1728) .
الحلقة الرابعة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2049) .
و ما زالت هناك حلقات أخرى نود لو تمكنتم من تفريغها بارك الله فيكم و في فضيلة الشيخ خالد السبت حفظه الله و وفقه و نفع به.
ـ[خالد العمري]ــــــــ[25 Feb 2005, 05:23 م]ـ
سلسلة أعمال القلوب للشيخ خالد السبت حفظه الله تعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12549&highlight=%C3%DA%E3%C7%E1+%C7%E1%DE%E1%E6%C8
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Jul 2007, 12:33 ص]ـ
هذا هو أرشيف الدروس العلمية لفضيلة الشيخ خالد السبت
http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&tid=31
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[02 Nov 2007, 11:42 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يحفظ لنا الشيخ / خالد السبت
وأن يطيل في عمره ويبارك له فيه وأن يثبته على طريق الحق
وقد قال وفقه الله في بداية شرحه على (المصباح المنير شرح تفسير ابن كثير) عند ذكره للمؤلف صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله:
أن لديه من الشيخ صفي الرحمن إسناد من طريق الشوكاني , بكل مارواه الشوكاني من كتب التفسير والحديث وغيرها ....
ولزيادة الفائدة أحببت جمع ما تيسر من كتابات ومحاضرات الشيخ وفقه الله:
الموقع الرسمي للشيخ خالد بن عثمان السبت وفقه الله
http://www.khaledalsabt.com/
محاضرة مفرغة بعنوان ((أخلاق الكبار)) للشيخ خالد السبت
http://www.islamcvoice.com/dros/show.php?lessid=192
فوائد من شرح أسماء الله الحسنى للشيخ خالد السبت
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=99230
اعمال القلوب .. خالد السبت
http://www.islamport.com/isp_eBooks/...Books/3856.rar
تفسير آية الكرسي د. خالد السبت (شريط مفرغ)
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=4878
صور من الاعتداء في الدعاء
http://www.alqasr.net/vb/showthread.php?p=406791
حقيقة الجاثوم (للشيخ د. خالد بن عثمان السبت)
http://www.al3sr.com/vb/showthread.php?t=4163
حكم الإنكار في مسائل الاجتهاد
http://www.denana.com/articles.php?ID=2056
وفق الله الجميع لكل خير وزادني وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ...
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[04 Nov 2007, 02:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه لمحة موجزة جداً عن المسيرة العلمية لفضيلة شيخنا / الشيخ: خالد السبت ـ حفظه الله ـ كتبتها تلبية لطلب كثير من الأخوة في الملتقى وغيره، ممن لا يعرف فضيلته وأحب أن يتعرف عليه، وقد اجتهدت ما استطعت في كبح جماح القلم عن كثير مما أعرف؛ احتراماً لما أعلمه عن شيخنا من عدم رضاه بالمدح، والإطراء، بل وغضبه من ذلك، سائلاً الله أن يبارك في هذه الكلمات وأن يمد في عمر شيخنا على طاعته ورضاه .. آمين. فأقول:
هو شيخنا الشيخ/ خالد بن عثمان بن علي السبت، من مواليد منطقة الزلفي، عام 1384 هـ، ثم انتقل مع والديه إلى منطقة الدمام، ودرس بها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من الثانوية العامة توجه للرياض وهو في شوق شديد لتحصيل العلم، خاصة على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فالتحق بقسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وممن درسه من المشايخ المشهورين؛ فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الخضير حقظه الله، ولكن لم يطل مكث الشيخ بالرياض نظراً لبعض الظروف، فانتقل إلى الأحساء، وكان جل وقته يقضيه في القراءة والتحصيل الشخصي، واعتنى بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله عناية بالغة، بالإضافة إلى عنايته بسماع الأشرطة العلمية المتيسرة في ذلك الوقت، ثم عاد بعد تخرجه إلى الدمام؛ فدرَّس سنتين في ثانوية الشاطئ، واستمر على طريقته في تكوين نفسه علمياً ـ نظراً لفقر المنطقة في ذلك الوقت من العلماء البارزين ـ وكانت عنايته في هذه الفترة منصبة على شروح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، كما أنه درَّسَ
(يُتْبَعُ)
(/)
عدداً من المتون العلمية كعمدة الأحكام، وغيرها من متون العقيدة لمجموعة من الطلبة في ذلك الوقت، حتى أذن الله بانتقاله إلى المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، فكانت هذه النقلة مرحلة جديدة ومكثفة في تحصيل شيخنا ودراسته على المشايخ، فاعتنى بدراسة علم أصول الفقه فقرأ على الشيخ/ أحمد عبد الوهاب عددا من المتون في أصول الفقه كمتن الورقات، ومتن المراقي، ثم قرأ شرح البنود على المراقي كاملاً، ثم نثر الورود كاملاً، والمواضع الناقصة منه استكملها من شرح الولاتي، وقرأ عليه الموافقات للشاطبي حتى أنهاه،،وقرأ أيضا على الشيخ/ عمر عبدالعزيز في الأصول، وفي مناهج الأصوليين وطريقتهم في التأليف، كما اعتنى الشيخ بعلم اللغة والنحو فقرأ على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف الآجرومية، وشذور الذهب، وقطر الندى، وشرح ابن عقيل، وشرح عبد العزيز فاخر على الألفية، كما قرأ الألفية كاملة مفرقة على أكثر من شيخ، ومنهم الشيخ غالي الشنقيطي، والشيخ / محمد الأغاثة الشنقيطي، كما قرأ في الأدب كتاب روضة العقلاء، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة كاملاً على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف أيضاً، وقرأ على الشيخ/ أحمد الخراط عددا من الكتب، بالإضافة إلى قراءات في كتاب الكامل للمبرد، وكان الشيخ يعجبه في هذا المجلس جمعه لعدد من العلوم كالنحو، والقواعد الإملائية والإعرابية، والأدب وغيرها، وقرأ على الشيخ / حمدو الشنقيطي؛ ومما قرأ عليه شرح قصيدة بانت سعاد، كماقرأ ـ شيخنا ـ في الفقه أشياء على الشيخ/ علي بن سعيد الغامدي، والشيخ/ فيحان المطيري، وقرأ في المصطلح على الشيخ / محمد مطر الزهراني في نزهة النظر، ومن المشايخ الذين يجلهم الشيخ كثيراًَ ويكثر من ذكر أخبارهم، ويذكر أن مجالسه وأحاديثه كانت عامرة بالفوائد والفرائد في العلم والأدب؛ فضيلة الشيخ/ عبد العزيز قارئ وهو الذي أشرف على رسالتي الشيخ في الماجستير والدكتوراه، وقد قرأ عليه مواضع من الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن للزركشي، كما قرأ على الشيخ/ علي عباس الحكمي، بالإضافة على عدد آخر من الشيوخ، وكانت قراءته عليهم لا تنقطع طوال الأسبوع حتى في يوم الجمعة، حتى إن زملاءه في الدراسات العليا كانوا يتعجبون من جمعه بين هذا الكم من الدروس، واعتنائه برسالته العلمية، وسائر أعماله الأخرى، وكان الشيخ يستغل الإجازات ليرحل إلى فضيلة الشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله ليقرأ عليه، فقرأ من مختصر التحرير في الأصول، ومواضع من صحيح البخاري، وأشياء من قواعد ابن رجب رحمه الله، إضافة إلى ذلك فقد كان معتنياً عناية شخصية فائقة بعلم التوحيد والعقيدة وأصول الدين،وقد استمر الشيخ على هذه الحال من العناية البالغة بالتحصيل مع نهم الشديد في القراءة والطلب، وقد وهبه الله جلداً عظيماً قل نظيره، حتى عرفه علماء المدينة ومشايخها وطلبة العلم فيها؛ سواء من أهل البلد أو غيرهم من الوافدين من طلاب الجامعة، فلم ألق أحداً من فضلاء المشايخ في المدينة؛ أو غيرها ممن عرف الشيخ وجالسه؛ إلا وهو يثني على الشيخ ويجله ويحفظ له قدره، وقد جمع الشيخ ـ رفع الله درجته ـ بالإضافة إلى عنايته البالغة بالعلم تحصيلاً وتدريساً، اهتماماً بالدعوة إلى الله في المدينة وخارجها من مناطق المملكة،وبلدان العالم الإسلامي فقد رحل الشيخ إلى أندونيسيا مراراً وإلى غيرها من البلدان ليقيم الدورات العلمية هناك.
وقد بدأ الشيخ حفظه الله دروسه الرسمية المعلنة في منطقة الدمام عام 1413 هـ فدرَّس متن الورقات، ونظمه، وقواعد الأصول ومعاقد الفصول، وأشياء من روضة الناظر في أصول الفقه، وشَرَح الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والواسطية وغيرها، كما شَرَح كتاب التوحيد على مدى ثلاث سنوات في الإجازات الصيفية فقط. ثم توقفت الدروس فترة لبعض الأسباب؛ حتى يسر الله عودة الشيخ إلى الدمام أستاذاً في كلية المعلمين ثم عميداً لكلية الدراسات القرآنية في عام 1418هـ، وبدأ نشاط الشيخ العلمي يظهر في المنطقة بشكل ملحوظ؛ فأقام عدداً من الدروس العامة في مسجده ـ مسجد القاضي بحي المريكبات ـ ومن تلك الدروس: شرح مراقي السعود، وشرح صحيح الإمام مسلم، وشرح عمدة الفقه، والتعليق على التفسير الميسر، بالإضافة لدرس التفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
العام الذي ابتدأ فيه الشيخ من أول القرآن، وهو يسير فيه على نفس الإمام الشنقيطي رحمه الله ـ وللشيخ عناية خاصة بعلم هذا الحبر العلامة رحمه الله ـ، كما شرح الشيخ مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلق على فتح المجيد كاملا، وكذلك اقتضاء الصراط المستقيم،وشَرَح القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين، إضافة لعدد من الدورات العلمية التي أقامها؛ كالمهمات في علوم القرآن، وشرح رسالة الشيخ ابن سعدي في القواعد الفقهية، بالإضافة إلى عدد من المحاضرات العامة التي يلقيها في منطقة الدمام وما حولها ومن أبرزها محاضرات في أعمال القلوب أنصح جميع الأخوة بالحرص عليها.
وأما نتاج الشيخ العلمي فمن أبرزه ما يلي:
رسالة كبيرة بعنوان: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
و (كتب مناهل العرفان دراسة وتقويم) ـ وهي رسالة الماجستير ـ
و (قواعد التفسير) ـ وهي رسالة الدكتوراه ـ
وتحقيق كتاب (القواعد الحسان) لابن سعدي رحمه الله.
وتحقيق كتاب (نور البصائر)، وهو متن صغير في الفقه؛ لمبتدئي الطلبة ألفه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
و كتاب (العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير)، وقد بذل فيه الشيخ جهدا مضنياً جداً؛ أسأل الله أن يدخر له أجره يوم يلقاه، وأن يجمعنا وإياه والإمام الشنقيطي في أعلى الدرجات عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. آمين
والشيخ حفظه الله ميزه الله بهمة وقادة، ونفس طموحة، مع ورع نادر،وأخذ للنفس بالعزيمة والجد، يحلي ذلك كله دماثة في الخلق، وطيب في المعشر، مع صلة قوية بالله يظهر أثرها في سمته وسيماه، ولكلامه صولة على قلب مستمعه بحيث لا يكاد يشك سامعه في صدقه ونصحه، مع هضم عظيم للنفس، واحتقار للعمل، وكم من مرة سألته عن اختياره، فقال لي: "مثلي لا يكون له اختيار"، هكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ومثلي أقل من أن يزكي الشيخ،وإنما هو اعتراف ببعض فضله، وشيء من القيام بحقه، والله يتولانا ويتولاه في الدنيا والآخرة .. إنه سميع قريب.
تنبيهات:
كثير من هذه المعلومات عن الشيخ؛ استفدتها من الأخ الشيخ/ محمد النعيمي وهو من أخص تلاميذ الشيخ؛ فجزاه الله خيراً على ما أمدني به من معلومات.
كما اقتصرت في هذه الترجمة الموجزة على الخطوط العريضة في المسيرة العلمية لشيخنا حفظه الله، وكبحت جماح القلم عن كثير مما أعرف مراعاة لما أعلمه من عدم رغبة الشيخ في ذكر ذلك .. سائلاً الله تعالى أن يمن على شيخنا بالزيادة في العلم والعمل والقبول وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وإيانا وسائر العلماء وطلبة العلم الربانيين إنه خير مسؤول وهو مولانا ونعم النصير. والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
لا إله إلا الله
يالها من سيرة
نسأل الله من فضله وكرمه
والله ارى أن الله تفضل عليه
ياربي رحمتك وفضلك
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[04 Nov 2007, 02:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه لمحة موجزة جداً عن المسيرة العلمية لفضيلة شيخنا / الشيخ: خالد السبت ـ حفظه الله ـ كتبتها تلبية لطلب كثير من الأخوة في الملتقى وغيره، ممن لا يعرف فضيلته وأحب أن يتعرف عليه، وقد اجتهدت ما استطعت في كبح جماح القلم عن كثير مما أعرف؛ احتراماً لما أعلمه عن شيخنا من عدم رضاه بالمدح، والإطراء، بل وغضبه من ذلك، سائلاً الله أن يبارك في هذه الكلمات وأن يمد في عمر شيخنا على طاعته ورضاه .. آمين. فأقول:
هو شيخنا الشيخ/ خالد بن عثمان بن علي السبت، من مواليد منطقة الزلفي، عام 1384 هـ، ثم انتقل مع والديه إلى منطقة الدمام، ودرس بها الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من الثانوية العامة توجه للرياض وهو في شوق شديد لتحصيل العلم، خاصة على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فالتحق بقسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وممن درسه من المشايخ المشهورين؛ فضيلة الشيخ/ عبد الكريم الخضير حقظه الله، ولكن لم يطل مكث الشيخ بالرياض نظراً لبعض الظروف، فانتقل إلى الأحساء، وكان جل وقته يقضيه في القراءة والتحصيل الشخصي، واعتنى بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله عناية بالغة، بالإضافة إلى عنايته بسماع
(يُتْبَعُ)
(/)
الأشرطة العلمية المتيسرة في ذلك الوقت، ثم عاد بعد تخرجه إلى الدمام؛ فدرَّس سنتين في ثانوية الشاطئ، واستمر على طريقته في تكوين نفسه علمياً ـ نظراً لفقر المنطقة في ذلك الوقت من العلماء البارزين ـ وكانت عنايته في هذه الفترة منصبة على شروح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، كما أنه درَّسَ عدداً من المتون العلمية كعمدة الأحكام، وغيرها من متون العقيدة لمجموعة من الطلبة في ذلك الوقت، حتى أذن الله بانتقاله إلى المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، فكانت هذه النقلة مرحلة جديدة ومكثفة في تحصيل شيخنا ودراسته على المشايخ، فاعتنى بدراسة علم أصول الفقه فقرأ على الشيخ/ أحمد عبد الوهاب عددا من المتون في أصول الفقه كمتن الورقات، ومتن المراقي، ثم قرأ شرح البنود على المراقي كاملاً، ثم نثر الورود كاملاً، والمواضع الناقصة منه استكملها من شرح الولاتي، وقرأ عليه الموافقات للشاطبي حتى أنهاه،،وقرأ أيضا على الشيخ/ عمر عبدالعزيز في الأصول، وفي مناهج الأصوليين وطريقتهم في التأليف، كما اعتنى الشيخ بعلم اللغة والنحو فقرأ على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف الآجرومية، وشذور الذهب، وقطر الندى، وشرح ابن عقيل، وشرح عبد العزيز فاخر على الألفية، كما قرأ الألفية كاملة مفرقة على أكثر من شيخ، ومنهم الشيخ غالي الشنقيطي، والشيخ / محمد الأغاثة الشنقيطي، كما قرأ في الأدب كتاب روضة العقلاء، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة كاملاً على الشيخ/ عبد الرحمن أبو عوف أيضاً، وقرأ على الشيخ/ أحمد الخراط عددا من الكتب، بالإضافة إلى قراءات في كتاب الكامل للمبرد، وكان الشيخ يعجبه في هذا المجلس جمعه لعدد من العلوم كالنحو، والقواعد الإملائية والإعرابية، والأدب وغيرها، وقرأ على الشيخ / حمدو الشنقيطي؛ ومما قرأ عليه شرح قصيدة بانت سعاد، كماقرأ ـ شيخنا ـ في الفقه أشياء على الشيخ/ علي بن سعيد الغامدي، والشيخ/ فيحان المطيري، وقرأ في المصطلح على الشيخ / محمد مطر الزهراني في نزهة النظر، ومن المشايخ الذين يجلهم الشيخ كثيراًَ ويكثر من ذكر أخبارهم، ويذكر أن مجالسه وأحاديثه كانت عامرة بالفوائد والفرائد في العلم والأدب؛ فضيلة الشيخ/ عبد العزيز قارئ وهو الذي أشرف على رسالتي الشيخ في الماجستير والدكتوراه، وقد قرأ عليه مواضع من الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن للزركشي، كما قرأ على الشيخ/ علي عباس الحكمي، بالإضافة على عدد آخر من الشيوخ، وكانت قراءته عليهم لا تنقطع طوال الأسبوع حتى في يوم الجمعة، حتى إن زملاءه في الدراسات العليا كانوا يتعجبون من جمعه بين هذا الكم من الدروس، واعتنائه برسالته العلمية، وسائر أعماله الأخرى، وكان الشيخ يستغل الإجازات ليرحل إلى فضيلة الشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله ليقرأ عليه، فقرأ من مختصر التحرير في الأصول، ومواضع من صحيح البخاري، وأشياء من قواعد ابن رجب رحمه الله، إضافة إلى ذلك فقد كان معتنياً عناية شخصية فائقة بعلم التوحيد والعقيدة وأصول الدين،وقد استمر الشيخ على هذه الحال من العناية البالغة بالتحصيل مع نهم الشديد في القراءة والطلب، وقد وهبه الله جلداً عظيماً قل نظيره، حتى عرفه علماء المدينة ومشايخها وطلبة العلم فيها؛ سواء من أهل البلد أو غيرهم من الوافدين من طلاب الجامعة، فلم ألق أحداً من فضلاء المشايخ في المدينة؛ أو غيرها ممن عرف الشيخ وجالسه؛ إلا وهو يثني على الشيخ ويجله ويحفظ له قدره، وقد جمع الشيخ ـ رفع الله درجته ـ بالإضافة إلى عنايته البالغة بالعلم تحصيلاً وتدريساً، اهتماماً بالدعوة إلى الله في المدينة وخارجها من مناطق المملكة،وبلدان العالم الإسلامي فقد رحل الشيخ إلى أندونيسيا مراراً وإلى غيرها من البلدان ليقيم الدورات العلمية هناك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد بدأ الشيخ حفظه الله دروسه الرسمية المعلنة في منطقة الدمام عام 1413 هـ فدرَّس متن الورقات، ونظمه، وقواعد الأصول ومعاقد الفصول، وأشياء من روضة الناظر في أصول الفقه، وشَرَح الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والواسطية وغيرها، كما شَرَح كتاب التوحيد على مدى ثلاث سنوات في الإجازات الصيفية فقط. ثم توقفت الدروس فترة لبعض الأسباب؛ حتى يسر الله عودة الشيخ إلى الدمام أستاذاً في كلية المعلمين ثم عميداً لكلية الدراسات القرآنية في عام 1418هـ، وبدأ نشاط الشيخ العلمي يظهر في المنطقة بشكل ملحوظ؛ فأقام عدداً من الدروس العامة في مسجده ـ مسجد القاضي بحي المريكبات ـ ومن تلك الدروس: شرح مراقي السعود، وشرح صحيح الإمام مسلم، وشرح عمدة الفقه، والتعليق على التفسير الميسر، بالإضافة لدرس التفسير العام الذي ابتدأ فيه الشيخ من أول القرآن، وهو يسير فيه على نفس الإمام الشنقيطي رحمه الله ـ وللشيخ عناية خاصة بعلم هذا الحبر العلامة رحمه الله ـ، كما شرح الشيخ مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلق على فتح المجيد كاملا، وكذلك اقتضاء الصراط المستقيم،وشَرَح القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين، إضافة لعدد من الدورات العلمية التي أقامها؛ كالمهمات في علوم القرآن، وشرح رسالة الشيخ ابن سعدي في القواعد الفقهية، بالإضافة إلى عدد من المحاضرات العامة التي يلقيها في منطقة الدمام وما حولها ومن أبرزها محاضرات في أعمال القلوب أنصح جميع الأخوة بالحرص عليها.
وأما نتاج الشيخ العلمي فمن أبرزه ما يلي:
رسالة كبيرة بعنوان: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
و (كتب مناهل العرفان دراسة وتقويم) ـ وهي رسالة الماجستير ـ
و (قواعد التفسير) ـ وهي رسالة الدكتوراه ـ
وتحقيق كتاب (القواعد الحسان) لابن سعدي رحمه الله.
وتحقيق كتاب (نور البصائر)، وهو متن صغير في الفقه؛ لمبتدئي الطلبة ألفه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
و كتاب (العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير)، وقد بذل فيه الشيخ جهدا مضنياً جداً؛ أسأل الله أن يدخر له أجره يوم يلقاه، وأن يجمعنا وإياه والإمام الشنقيطي في أعلى الدرجات عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. آمين
والشيخ حفظه الله ميزه الله بهمة وقادة، ونفس طموحة، مع ورع نادر،وأخذ للنفس بالعزيمة والجد، يحلي ذلك كله دماثة في الخلق، وطيب في المعشر، مع صلة قوية بالله يظهر أثرها في سمته وسيماه، ولكلامه صولة على قلب مستمعه بحيث لا يكاد يشك سامعه في صدقه ونصحه، مع هضم عظيم للنفس، واحتقار للعمل، وكم من مرة سألته عن اختياره، فقال لي: "مثلي لا يكون له اختيار"، هكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ومثلي أقل من أن يزكي الشيخ،وإنما هو اعتراف ببعض فضله، وشيء من القيام بحقه، والله يتولانا ويتولاه في الدنيا والآخرة .. إنه سميع قريب.
تنبيهات:
كثير من هذه المعلومات عن الشيخ؛ استفدتها من الأخ الشيخ/ محمد النعيمي وهو من أخص تلاميذ الشيخ؛ فجزاه الله خيراً على ما أمدني به من معلومات.
كما اقتصرت في هذه الترجمة الموجزة على الخطوط العريضة في المسيرة العلمية لشيخنا حفظه الله، وكبحت جماح القلم عن كثير مما أعرف مراعاة لما أعلمه من عدم رغبة الشيخ في ذكر ذلك .. سائلاً الله تعالى أن يمن على شيخنا بالزيادة في العلم والعمل والقبول وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وإيانا وسائر العلماء وطلبة العلم الربانيين إنه خير مسؤول وهو مولانا ونعم النصير. والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
لا إله إلا الله
يالها من سيرة
نسأل الله من فضله وكرمه
والله ارى أن الله تفضل عليه
ياربي رحمتك وفضلك
ـ[الراية]ــــــــ[04 Nov 2007, 05:44 ص]ـ
انصحكم بسماع دروس له في موقع البث الاسلامي
(نظرات في كتب التفسير)
ففيها فوائد جميلة جداً
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[06 Nov 2007, 01:40 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا معاذ البخيت ..
ونحن نود أن يكون للدكتور خالد السبت اسم في الملتقى فتنزل المقالات والبحوث باسمه فيسهل البحث لمن أراد في المقالات الخاصة بالدكتور ..
وفقكم الله لكل خير ..
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[22 Nov 2007, 10:38 ص]ـ
من يتكرم وينزل لنا تفريغ محاضرات الشيخ خالد على مقدمه اصول التفسير لابن تيمية
للضرورة يا إخوة
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[28 Dec 2007, 01:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم جميعا
ووفقك الله الشيخ خالد السبت
ولكن
أريد منكم خدمة ادعو الله ان تقدموها لى
اريد عنوان ايميل الشيخ الفاضل اور رقم جواله أو هاتفه
واي شئ يوصلني إلى الشيخ
للضرورة العاجلة
ووفقتم وبارك الله في جهودكم
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[29 Dec 2007, 02:07 ص]ـ
الحمد لله
هذا موقع الشيخ .... ويمكنكم ترك كلمة له في تعليقات الزوار مع عنوانكم البريدي و سيجيبكم ان شاء الله
وقد فعلت هذا فتكرم فضيلته و راسلني بنفسه جزاه الله خيرا.
http://www.khaledalsabt.com/
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Dec 2007, 01:34 م]ـ
نفع الله بالشيخ الدكتور البلاد والعباد
ـ[عصام]ــــــــ[20 Feb 2008, 09:51 ص]ـ
نفع الله بالشيخ الدكتور البلاد والعباد
اللهم آمين
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 Nov 2009, 08:48 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا معاذ البخيت ..
ونحن نود أن يكون للدكتور خالد السبت اسم في الملتقى فتنزل المقالات والبحوث باسمه فيسهل البحث لمن أراد في المقالات الخاصة الدكتور ..
وفقكم الله لكل خير ..
وأنا أوافق الأخ فهد في ذلك
وحبذا أن تكون جميع الحلقات في صفحة واحدة ليسهل علينا الرجوع إليها ومن ثم جمعها في ملف واحد
الحلقة الأولى: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1274
الحلقة الثانية: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1520
الحلقة الثالثة: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1728
الحلقة الرابعة: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2049
هذي آخر حلقة وجدتها , فهلا واصلتم رحمكم الله وجزاكم خير الجزاء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Nov 2009, 07:19 ص]ـ
د. خالد السبت له اسم (خالد السبت) يكتب به في الملتقى من قديم، ولكنه نادر المشاركة. ولو استأذنه أخي سعد البخيت في ذلك لكان مناسباً.(/)
الحلقة الأولى من (المهمات في علوم القرآن) للشيخ / خالد السبت
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[11 Jan 2004, 10:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
فهذه مهمات انتقيتها واستخلصتها مما ذكره العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ مما يتعلق بعلوم هذا الكتاب العزيز، وسأقتصر على مهمات هذا العلم وما هو من صلبه؛ دون غيرها من الموضوعات كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمترادف والمشترك .. وما إلى ذلك من الموضوعات التي تدرس في بعض الفنون.
ولعلي أقدم بمقدمة أذكر فيها بعض الأشياء العشرة التي يذكرها العلماء عادة بين يدي الفن، وسأقتصر على بعضها , كـ (معنى علوم القران, وموضوع هذا العلم، ,وفائدته , وأهميته, وغايته، ونشأته, وتطوره , والمراحل التي مر بها).
أولاً: معنى علوم القرآن:
هذا العنوان مركب من كلمتين .. (علوم) و (قرآن).
(فالعلوم) جمع علم؛ و (العلم) يعرف بأنه:
معرفة الشيء على حقيقته. أي: على ما هو به معرفة صحيحة.
ويمكن أن يقال: هو الإدراك الجازم المطابق للواقع.
وأما (القرآن) ويقال فيه (القران) – من غير همزة – كما هي قراءة ابن كثير وهي قراءة أهل مكة.
فالقرآن بالهمزة: أحسن ما يفسر به؛ أنه: مصدر من القراءة. كما قال حسان بن ثابت – رضي الله تعالى عنه – يمدح عثمان بن عفان – رضي الله تعالى عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطِّع الليل تسبيحاً وقرآناً
يعني أنه يقطع الليل تسبيحاً وقراءة .. فسمى القراءة قرآناً.
فائدة:
الأفضل في التعريفات وتفسير الألفاظ إذا أردنا أن نرجعها إلى أصولها؛ أن نرجعها إلى المصادر؛ بمعنى: أننا نقول القرآن من القراءة، ولا نقول القرآن من قرأ. فلا نعيده إلى الفعل وإنما نعيده إلى المصدر، ولاشك أن الأصل في هذه اللفظة من جهة الفعل الثلاثي قرأ، و هذه اللفظة (قرأ) تدور بجميع استعمالاتها ومعانيها في كلام العرب على معنى واحد فقط؛ وهذا المعنى تجد أطرافه منثورة في كتب القواميس، ولربما عدَّ العاد منها جمعاً من المعاني ـ وكل هذه المعاني التي يذكرها أصحاب المعاجم اللغوية إنما ترجع إلى معنى: (الضم والجمع) ..
فإذا قلت مثلا: القراءة والقرآن .. فإن ذلك لاجتماع الحروف لتكون الكلمات .. ولاجتماع الكلمات لتكون الجمل .. ولاجتماع الجمل أو الآيات لتكون السور .. وهكذا .. ثم ما فيه أيضا من اجتماع المعاني .. القصص والأخبار والعقائد والأحكام وما إلى ذلك من الأمور التي جمعها الله عز وجل في كتابه .. فهي مجموعة في هذا القرآن .. وهكذا إذا قلنا القرء؛ الذي هو الحيض، فإنما قيل له ذلك , لاجتماع الدم في داخل الرحم، ولهذا قيل له ذلك. فتبين أن هذه اللفظة تدور على معنى واحد وهو: الضم والجمع.
والقرآن يمكن أن يكون قيل له ذلك بمراعاة هذا المعنى؛ لأنه يجمع ثمرة الكتب السابقة أو لأن الله عز وجل جمع فيه من ألوان الهدايات والعلوم والمعارف التي يحتاج إليها السالك إلى ربه تبارك وتعالى، وهذه الأمور لا منافاة بينها؛ فكلها صحيح.
وأما معنى القرآن الاصطلاحي:
فهو كلام الله ـ عز وجل ـ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام , المعجز بأقصر سورة منه.
ويمكن أن نستغني عن زيادة يذكرونها معه وهي: (المتعبد بتلاوته).
فنقول إذاً: (القرآن هو كلام الله عز وجل) فهذا يخرج كلام غير الله عز وجل كالملائكة والبشر، و يخرج من ذلك الأحاديث النبوية، كما يخرج من ذلك أيضاً الأحاديث القدسية على قول من قال: إن الأحاديث القدسية هي من النبي صلى الله عليه وسلم لفظاً، ومن الله معنى.
(المنزل) يخرج ما لم ينزله الله عز وجل، فكلام الله تبارك وتعالى لا نحيط به، فمنه ما نزله على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ومنه ما لم ينزله (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا) (الكهف: 109). (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) (لقمان: 27)، فإذا (المنزل) يخرج ما لم ينزل.
(يُتْبَعُ)
(/)
(على محمد ـ صلى الله عليه وسلم) يخرج ما نزل على الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم؛ كالتوراة والإنجيل والزبور وما إلى ذلك.
(المعجز) يخرج غير المعجز. وما هو غير المعجز؟! غير المعجز يتمثل في الأحاديث القدسية على قول من قال: إنها من كلام الله عز وجل لفظا ومعنى، وهو الأقرب؛ لأننا في الأحاديث القدسية نقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه، ونقول أيضاً: قال الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، ولو كانت من عند النبي صلى الله عليه وسلم لفظاً لما قيل فيها ذلك، ولكانت مستوية مع الأحاديث النبوية. ونحن نعرف أن قسما كبيرا ـ هو الأكثر من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم النبوية أنه وحي من عند الله تبارك وتعالى من جهة المعنى. وأقول: (الغالب)؛ لأن بعض هذه الأحاديث اجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم- ولكنه - صلى الله عليه وسلم – قد يجتهد، ولكن يأتي الوحي يصوبه على ذلك أو يبين له ما وقع فيه من خلل في الاجتهاد. كما اجتهد النبي - صلى الله عليه وسلم – في قصه أسرى بدر، فنزل الوحي بذلك (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) (الأنفال: 67) فالحاصل أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم – القوليه والعملية – الغالب فيها– هو من قبيل الوحي ابتداء، وما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم قليل، ثم يأتي الوحي مصوبا له، ولهذا لا يمكن لأحد أن يقول: ما دام أن السنة فيها بعض الاجتهادات؛ إذا يمكن أن يكون فيها بعض الأخطاء. نقول: لا يمكن ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي فيسدد ويصوب ويقوَّم اجتهاده من قبل ربه تبارك وتعالى.
(بأقصر سورة منه) هذا يخرج الأحاديث النبوية، ويخرج الأحاديث القدسية لأنها ليست معجزة، ولهذا قد يقول قائل: إذا قيل بأن الأحاديث القدسية هي من كلام الله عز وجل لفظاً، فما الفرق إذاً بينها وبين القرآن؟!
نقول الفرق من وجوه: منها:
1/ أن الله تعهد بحفظ القرآن بلفظه ومعناه؛ والأحاديث القدسية لم يتكفل الله عز و جل لها بهذا الحفظ.
2/ أن القرآن معجز بألفاظه، والأحاديث القدسية ليست معجزة.
3/ أن القرآن لا يجوز روايته بالمعنى أو نقله بالمعنى، والأحاديث القدسية يجوز نقلها بالمعنى بالشروط المعروفة التي يذكرها علماء الاصطلاح.
4/ أن القرآن نتعبد الله عز و جل بتلاوته، أما الأحاديث القدسية فلم نتعبد بقراءتها. هذه بعض الفروق.
وهذا الذي تقدم كلام موجز في التعريف لكتاب الله عز و جل الذي هو القرآن.
معنى علوم القران:
هو: علم يضم أبحاثاً كلية تتصل بالقرآن العظيم من نواحي شتى , يمكن اعتبار كل منها علماً متميزاً.
شرح التعريف:
حينما نقول: (هو علم يضم أبحاثا كلية) يعني أنه لا يُدرِّس قضايا جزئية إنما يضم أبحاثاً كلية يندرج تحتها الجزيئات، فالأبحاث الكلية مثل: القراءات يندرج تحتها جزيئات كثيرة جداً ومفردات، وهكذا حينما نقول: علم الناسخ والمنسوخ هو من علوم القرآن، فهذا موضوع كلي، وحينما نقول الآية الفلانيه منسوخة، أو ليست منسوخة، هذا جزئي، وهكذا حينما نقول: المطلق والمقيد هذا كلي, وحينما نقول: هذه الآية مطلقة، وهذه الآية مقيدة، والمطلق محمول على المقيد؛ فهذا جزئي.
و حينما نقول (تتصل بالقران الكريم) هذا يخرج العلوم التي لا تتصل بالقرآن، مثل أن الفاعل مرفوع، أو المرفوعات والمنصوبات، أو القضايا التي تتعلق بشروط قبول الرواية، أو قضايا تتعلق بالجرح والتعديل، وما إلى ذلك، فهذه ليست من علوم القرآن.إذاً (تتصل بالقران) بمعنى أنها تتعلق به.
(من نواحي شتى) يعني منها ما يتعلق بأداء القران مثل: التجويد، والقراءات، ومنها ما يتعلق بأماكن النزول مثل:المكي والمدني، ومنها ما يتعلق بأسبابه مثل: أسباب النزول، ومنها ما يتعلق بكونه موحى من الله عز و جل وهو موضوع الوحي، ومنها ما يتعلق بتنزلات القرآن وهو موضوع نزول القران، وما إلى ذلك.
موضوع هذا العلم:
أما الموضوع الذي يتحدث عنه هذا العلم ويدور عليه فهو: القرآن من جوانبه المختلفة.
فائدة دراسته:
وأما الفائدة التي نستفيدها من دراسة مثل هذا العلم، فأقول: هي في الواقع جملة فوائد وليست فائدة واحدة. فهذه الفوائد منها:
- أنه يُعين على فهم القرآن واستنباط الأحكام و الآداب.
(يُتْبَعُ)
(/)
- أنه يجعل من تمرس فيه وفهمه وعرفه يجعله مؤهلاً للتفسير.
- أنه يعرِّف الدارس له بتاريخ القرآن الكريم من حيث مبدأ نزوله، ومدة هذا النزول وطريقة هذا النزول، وأماكن النزول، وأوقات النزول، والأحداث التي نزل فيها القران.
- أنه أيضاً يوفر لمن درسه من العلوم والمعارف الهامة المتعلقة بالقرآن شيئاً كثيراً كما في الناسخ والمنسوخ، والقراءات، وما إلى ذلك.
- أنه يسلِّح من عرفه ودرسه وفهمه بسلاح قوي يستطيع ـ بإذن الله تعالى ـ معه أن يجلي كثيراً من الإشكاليات والشبهات التي يطرحها قوم من المستشرقين، ومن غيرهم من الزنادقة من المتقدمين والمتأخرين.
- أنه أيضاً يجلي لك أشياء ربما تنقدح في ذهنك إذا كان الذهن خالياً من هذا العلم، فتعرف الجواب عن كثير من الإشكاليات التي لربما أورثت شكاً، وحيرة في نفس الإنسان.
- أنه يُوجِد عند صاحبه ملكة وقدرة على إدراك مواطن العبر في هذا القرآن، والحجج والأحكام.
أهمية هذا العلم:
فهذا العلم هو في الواقع بمنزلة الميزان الذي يضبط الفهم لكتاب الله عز و جل؛ كما نقول: إن علم النحو يضبط اللسان من اللحن، وهكذا يقال: بأن علم التجويد يضبط القراءة من اللحن في كتاب الله تبارك وتعالى، فهذا العلم إذا هو كالميزان الذي يضبط الفهم؛ من أجل أن لا يشطح في نظره في كتاب الله تبارك وتعالى؛ وبهذا يكون مؤهلاً لمعرفة صحيح التفسير من فاسده.
الغاية من هذا العلم:
هو معرفة معاني هذا القرآن؛ لأن هذا مرقاة لها وواسطة، ثم العمل بعد ذلك بأحكامه لأن الله عز و جل تعبدنا بذلك.
نظرة تاريخية لنشأة هذا العلم وتطوره والمراحل التي مر بها:
من نظر في كثير من المؤلفات التي تكلم أصحابها عن تاريخ هذا العلم ونشأته وتطوره، يجد أشياء كثيرة جداً تحتاج إلى مناقشة.
وقد حاولت أن أستقرئ هذا الموضوع قدر الجهد والطاقة من خلال الكتب التي تكلمت على هذه القضية، ومن خلال كتب فهارس المخطوطات، ومن خلال الكتب التي تكلمت عن الفنون كالفهرست لابن النديم. و كتاب كشف الظنون، وأشباه ذلك من الكتب التي ألفها العلماء يسردون فيها المصنفات في مختلف العصور.
القرن الأول الهجري:
ويمكن أن نقسم هذا القرن إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: وهي العهد النبوي:
كان القرآن يتنزل على النبي- صلى الله عليه وسلم – في ثلاث وعشرين سنة، وكان الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – من العرب، وكانوا أهل الفصاحة والبيان والبلاغة، فكانوا يدركون هذه المعاني التي خوطبوا بها، يدركونها غالباً من لغتهم وسليقتهم، كما جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن التفسير على أربعة أنحاء: قسم تعرفه العرب بلغتها. وهذا هو الشاهد ـ فكانوا يعرفون معاني هذا القرآن ـ يعرفون كثيراً منها بفصاحتهم وسليقتهم العربية التي حباهم الله عز و جل بها ـ، وإذا أشكل عليهم شيء من معانيه رجعوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسألوه عن ذلك فيبينه لهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يبدؤهم أحياناً بتفسير بعض الآيات، أو بعض القضايا، كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يقرئهم القرآن على الحروف التي يتيسر لهم القراءة بها، وذلك بعدما هاجر النبي- صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة فنزلت الأحرف الستة الزائدة على حرف قريش.
كما أن الصحابة- رضي الله عنهم – عاصروا التنزيل، وشاهدوا الوقائع التي نزل فيها القرآن وكانوا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم – في السفر والحضر في الليل والنهار، فعرفوا أماكن النزول؛ وهو ما يسمى بالمكي والمدني.
كما عرفوا أيضا أسباب النزول، وعرفوا الطرق التي ينزل على النبي- صلى الله عليه وسلم – بها القرآن، وعرفوا وجوه القراءة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما أن الواحد منهم ما كان يتجاوز خمس آيات أو عشر آيات حتى يتعلم ما فيها من العلم والعمل، فكانوا يتعلمون العلم والعمل جميعاً.
إذاً تعلموا أحكام القرآن؛ وهذا نوع من أنواع العلوم القرآنيه – علم أحكام القران –، وتعلموا أسباب النزول، وأماكن النزول، ووجوه القراءة، وتعلموا أيضا أوقات النزول، وتعلموا طرق نزول القرآن، وتعلموا الناس والمنسوخ، وما إلى ذلك من العلوم التي يحتاج إليها كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، وغير ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- قد اتخذ جماعة من الكتاب يكتبون بين يديه ما ينزل من القرآن، فيكتبون الآية في العسب واللِّخاف – وهي شرائح الحجارة ـ الحجارة الرقيقة ـ، والأكتاف- عظم الكتف ـ؛ لأنه عريض، ويكتبون بما تيسر لهم من الوسائل المختلفة.
فكانوا يكتبون الآية بين يدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والنبي صلى الله عليه وسلم يرشدهم إلى مكان الآية من السورة، يقول: ضعوا هذه الآية في سورة كذا في موضع كذا، فكانوا يؤلفون القرآن بين يدي النبي- صلى الله عليه وسلم- بمعني يرتبونه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - .. والمقصود أنهم كانوا يرتبون الآيات بين يدي النبي- صلى الله عليه وسلم-؛ لأن ترتيب الآيات في داخل السور أمر توقيفي، أما ترتيب السور فسيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء الله.
إذاً هذه جملة من العلوم القرآنية التي عرفها أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- في العهد النبوي.
المرحلة الثانية: عهد الخلفاء الراشدين:
فبعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم وقعت حروب الردة، فقتل في اليمامة فقط سبعون من القراء؛ والمراد بالقراء في اصطلاحهم في ذلك الوقت: هم أهل القرآن الذين يحفظون الآيات ويفقهون معانيها، فهم أهل العلم، فَقُتِلَ منهم سبعون في وقعة اليمامة. وهذا يدل على أن الحفظة لكتاب الله عز وجل كانوا كثيرين .. ولم يكونوا أفراداً كما يُصوِّر بعض الناس.
فلما قتلوا فزع عمر – رضي الله عنه- فخاف أن يذهب شيء من القرآن فأشار على أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أن يجمع القرآن، فتردد أبو بكر- رضي الله عنه – في أول الأمر ـ كما سيأتي- ثم شرح الله عز و جل صدره لذلك، فجاؤا بزيد بن ثابت – رضي الله عنه – وكان من حفظة القرآن، وكان ممن شهد العرضة الأخيرة التي عرضها النبي- صلى الله عليه وسلم- على جبريل مرتين في العام الذي توفى فيه ـ وهذه نقطة مهمة؛ لأن فيها جواباً عن سؤال كبير .. وهو: لماذا اختير زيد بن ثابت وترك كبار الصحابة؛ كابن مسعود رضي الله عنه؟
والجواب أن زيد بن ثابت – رضي الله عنه – كان عند أبي بكر في المدينة فاختاروه لذلك، وكان يقرأ بقراءة قريش بحرف قريش؛ وحرف قريش هو الذي كان يقرأ به عامة المهاجرين والأنصار، فاختير زيد بن ثابت لهذه المهمة، فتلكأ في أول الأمر، وتخوف ثم بعد ذلك شرح الله صدره للقيام بهذا العمل، فجمع القرآن في عهد أبي بكر – رضي الله عنه – جُمِعَ في صحف ـ من غير ميم ـ هذه الصحف غير مرتبة السور.
وهل جمع على حرف واحد؟ أو جمع على السبعة أحرف؟
الأقرب أنهم جمعوه على حرف قريش ثم احتفظ به أبو بكر – رضي الله عنه – عنده احتياطاً.
ثم لما مات أبو بكر – رضي الله عنه – صارت هذه الصحف إلى الخليفة من بعده – وهو عمر – واحتفظ بها، ثم لما مات عمر – رضي الله عنه – آلت الصحف إلى حفصة بنت عمر؛ لأنها وصية عمر، ثم لما جاء عثمان ـ رضي الله عنه ـ وأراد أن يجمع الناس على مصحف واحد طلب هذه الصحف من حفصة.
فالحاصل أنه في عهد أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – جمع في صحف , ثم استمر الأمر على ذلك وهو في هذه الصحف إلى خلافة عثمان.
المرحلة الثالثة: عهد عثمان رضي الله عنه:
مجموع الروايات يدل على أن هناك أمرين تزامنا، وكان جمع القرآن نتيجة لهما:
الأمر الأول: أن الغلمان بالمدينة اختلفوا في القراءة مع من يقرئونهم في الكتاتيب.
الأمر الثاني: و هو أن الأجناد الذين كانوا في أرمينيا وأذربيجان اختلفوا في القراءة، وهؤلاء الأجناد عبارة عن جيوش جاءت من أماكن مختلفة، وكل أخذ القرآن من القراء الموجودين في بلادهم والقرآن نزل على سبعة أحرف، وهؤلاء الجنود كثير منهم ليسوا طلبة علم ولا يعرفون هذه القضية، فصار الواحد منهم يسمع قراءة هذا من الشام، وقراءة هذا من العراق، وقراءة هذا من اليمن فيها نوع تغاير .. هذا يقرأ: (كأنه جمالة صُفر) وهذا يقرأ: (كأنه جمالات صفر) .. فجعل بعضهم يُخَطِّئ بعضاً، وتجادلوا فغضب حذيفه بن اليمان – رضي الله عنه- وقال: تقولون قراءة ابن مسعود، وقراءة أبي موسى الأشعري؟!
والله لأركبن إلى عثمان فليجعله على قراءة واحدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فذهب إلى عثمان رضي الله عنه وذكر له الخبر؛ فجمع عثمان – رضي الله عنه –من حضره من الصحابة جميعا ومنهم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ثم عرض عليهم هذا الأمر؛ فقالوا ماذا ترى؟!
قال: أرى أن نجعلها على قراءة واحدة.
والسبب في ذلك أن الأحرف الستة نزلت بعد ذلك في المدينة تخفيفاً؛ لما كثر الداخلون في الإسلام من القبائل الأخرى .. فكانت تخفيفاً، وكانت رخصة كما قال ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ كبير المفسرين.
فلما استغني عن هذه الرخصة وذلت ألسن الناس بالقرآن، وسببت هذه الرخصة فيما بعد إشكالاً عند الناس واختلافاً، رأى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يستغنوا عن باقي الأحرف. وهذه الأحرف الباقية هي وجوه أخرى في القراءة .. أي أنهم لم يتركوا آية من القرآن، ولم يتركوا كلمة واحدة، إنما تركوا باقي الأوجه التي يقرأ فيها القرآن من الأحرف الستة الأخرى، ثم بعد ذلك جعلوه على حرف قريش، وكتب عثمان مجموعة من المصاحف .. بعضهم يقول خمسة، وبعضهم يقول سبعة، وبعضهم يقول غير ذلك. ولا يصح في العدد رواية، وأرسل بعضها إلى العراق (الكوفة و البصرة) وأرسل إلى اليمن، وأرسل إلى الشام، يقال أرسل إلى البحرين واحداً، وأرسل إلى مكة واحداً، وأبقى عنده في المدينة واحداً. ولم يرسل إلى مصر ذلك الوقت شيئا.
الآن هذه المصاحف كتبت بطريقة خاصة .. هذه الطريقة هي التي عرفت فيما بعد بما يسمى بالرسم العثماني.
وهو من العلوم التي تدرس في بعض الجامعات وفيه مؤلفات، و فيه نظم يحفظه الطلاب ويدرسون شرحه، وفيه قواعد، فهو علم من العلوم القرآنية يسمى علم الرسم العثماني.
و وجد هذا في زمن الخلفاء الراشدين، وبالتحديد في زمن عثمان – رضي الله عنه -.
بعض ما ذكر من المؤلفات في هذا العصر:
إن صح ما نقله السيوطي في كتاب (الإتقان) عن ابن أشته في كتابه (المصاحف) وهو كتاب مسند. وهناك كتاب آخر اسمه (المصاحف) أيضاً لابن أبي داود السجستاني فيه الروايات المتعلقة بكتابة القرآن، وأشياء تتعلق بجمعه، وأشياء تتعلق ببعض وجوه القراءة, وأما كتاب ابن اشته فهو مفقود لم يصل إلينا إنما نقل منه السيوطي هذه الرواية من غير إسناد – وهذه الرواية تقول: بأن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ.
هذه الرواية يرويها لنا عن علي ـ رضي الله عنه ـ رجل من علماء التابعين وهو ابن سيرين. يقول ابن سيرين: " فطلبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه ".
و قد ساق الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في كتابه (التمهيد) بإسناده لابن سيرين أنه قال " لما بويع أبو بكر أبطأ علي عن بيعته فجلس علي في بيته فبعث إليه أبو بكر: ما بطأك عني؟! أكرهت إمرتي؟
فقال علي: ما كرهت إمارتك ـ وفي هذا رد على الرافضة ـ ولكني آليت – أي حلفت – أن لا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى أجمع المصحف , قال ابن سيرين:وبلغني أنه كتبه على تنزيله – أي كتبه مرتباً على النزول – ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير "
فابن سيرين ـ رحمه الله ـ يروي هنا قضية بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم-
.وهذه القضية لم يدركها ابن سيرين، فهذا عند علماء الحديث يسمى المرسل ..
يقول ابن عبد البر رحمه الله – بعد ما ساق هذه الرواية معلقاً – قال: "أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسيلاً، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة وأن مراسله صحاح كلها .. ليس كالحسن وعطاء في ذلك والله أعلم "
هذا الكلام من ابن عبد البر يدل على أنه يصحح هذه الرواية المرسلة عن ابن سيرين رحمه الله تعالى.
مرحلة ما بعد الخلفاء الراشدين إلى نهاية القرن الأول الهجري:
فمما يذكر في ذلك أن زياداً ـ وهو الأمير المعروف الذي يقال له (زياد بن أبيه) واستلحقه (أبو سفيان) فقيل له: (زياد بن أبي سفيان) ـ أمر أبا الأسود الدؤلي فوضع قواعد الشكل على المصاحف. وهذا هو المشهور .. خلافاً لما هو متعارف عند النحاة أن عليَّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – هو الذي أمر أبا الأسود الدؤلي بوضع قواعد النحو صيانة للنطق، وضبطاً للقلم، ولو صح هذا وهو أن علياً – رضي الله عنه – هو الذي أمر أبا الأسود الدؤلي بوضع قواعد النحو؛ لكان هذا ضمن الإنجازات في زمن الخلفاء الراشدين فيما يتعلق بعلوم القران؛ لأن هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
يتصل بعلم إعراب القران. وعلم إعراب القرآن هو من علوم القران. لكنه لا يصح وإن اشتهر عند النحاة , لأن هذه القصة جاءت بإسناد لا يثبت. وهكذا المصاحف التي كتبها عثمان ـ رضي الله عنه ـ كانت من غير نقط وتشكيل ـ, فمن الذي وضع لها النقط والشكل؟
جاء في بعض الروايات أن الذي وضعه أبو الأسود الدؤلي بأمر زياد.
وفي بعضها أن الذي وضعه غير أبي الأسود الدؤلي.
وكذلك النقط اختلفوا فيه .. من الذي نقطها؟
لكنها نقطت قطعاً بعد زمن الخلفاء الراشدين.
فبعضهم يقول: الذي نقطها – كما يقول الداني في كتابه النقط ـ أي نقط المصاحف – يقول: هو أبو الأسود الدؤلي.
وبعضهم يقول: هو نصر بن عاصم الليثي، وهو الذي خمسها وعشرها ..
أي جعلها مثل: الأجزاء فتخميس القرآن, يعني: تقسيمه إلى خمسة أجزاء .. وتعشير القرآن، يعني: تقسيمه إلى عشرة أجزاء بحيث يقرأ في عشرة أيام.
وجاء في بعض الروايات:أن ابن سيرين كان عنده مصحف نقطه يحيى بن يعمر المتوفى سنة 89 هـ، وقيل 129هـ.
وجاء أيضا أن يحيى هو أول من نقطها.
لكن أكثر العلماء على أن المبتدئ بذلك هو أبو الأسود الدؤلي الذي جعل الحركات والتنوين فقط، ثم جاء بعده الخليل بن أحمد الفراهيدي فحسَّن هذه الحركات فأدخل عليها أشياء مثل: الهمز والتشديد والروم والإشمام.
وبعض العلماء يقولون: إن الحجاج بن يوسف الثقفي هو أول من أمر بنقط المصاحف وبتجزئتها، والحجاج كانت له جهود معروفة لشدة عنايته بالقرآن، فهو من أكثر الأمراء عناية بالقرآن حتى إنه جاء لبعض أئمة التابعين كالحسن البصري، وأعطاهم شعيرا وأمرهم أن يعدوا حروف القران حرفاً حرفاً فيقف عند النصف، والربع، والثلث إلى أي حرف ينتهي؛ ثم يعدون الكلمات إلى أي حد تنتهي هذه الكلمة.
فهذا كان من زمن الحجاج؛ يعني في القرن الأول الهجري عرفوا حروف القرآن وعدوها عداً دقيقاً .. ومن نظر في الكتب المدونة كفنون الأفنان لابن الجوزي، وبصائر ذوي التمييز للفيروز ابادي يجدهم يذكرون: عدد كل حرف؛ كم تكرر من مرة في كتاب الله عز و جل .. الميم كم تكرر من مرة .. الدال .. السين .. وما إلى ذلك .. إلى هذا الحد ..
ويظن بعض الناس اليوم أن هذه العناية بالعدد ما وجدت إلا هذه الأيام؛ بينما السلف عدوا هذه الحروف بهذه الدقة من القرن الأول.
كما أن من الجهود المبذولة في تلك الفترة ـ فترة ما بعد عهد الخلفاء الراشدين ـ أن يحيى بن يعمر المتوفى سنة 89 هـ كتب أيضا كتاباً في القراءة .. جمع فيه اختلافات المصاحف المشهورة وهذا كان قبل سنة (89 هـ)، بينما إذا نظرت إلى الكتب المؤلفة في تاريخ القرآن فإن عامة هذه الكتب ـإن لم تكن جميعها ـ إذا ذكروا أول جهد مبذول ذكروا: سفيان بن عينة، وشعبة بن الحجاج، وأمثال هؤلاء ممن تأخروا عن هذا الوقت زمناً طويلاً.
بينما نجد أن يحيى بن يعمر المتوفى سنة (89 هـ) كتب كتاباً في القراءة .. جمع فيه اختلافات المصاحف المشهورة – بمعنى وجوه القراءة التي فيها –.
وذُكِر أيضاً أن سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ الذي قتله الحجاج سنة (94 هـ) أنه كتب تفسيراً للقرآن، وذلك أن عبد الملك بن مروان طلب من سعيد بن جبير أن يكتب له تفسيرا .. فكتبه له وبقي محفوظاً عند عبدالملك بن مروان. فمعنى هذا؛ أن هذا التفسير كتب في وقت مبكر، فإن عبد الملك بن مروان توفي سنة 86 هـ يعني أن هذا التفسير قد كتب قبل هذا التاريخ.
وقد جاء في ترجمة عطاء بن دينار: قال أحمد بن صالح: وتفسيره – يعني عطاء بن دينار الذي يرويه عن سعيد بن جبير – فيما يروي عن سعيد بن جبير صحيفة.
فهذه الصحيفة؛ هي التي كتبها سعيد لعبد الملك بن مروان.
وقال ابن أبي حاتم سئل أبي – يعني أبا حاتم – عن عطاء بن دينار فقال: هو صالح الحديث، إلا أن التفسير أخذه من الديوان، فإن عبد الملك بن مروان كتب يسأل سعيد بن جبير أن يكتب إليه تفسير القرآن، فكتب سعيد بن جبير بهذا التفسير إليه فوجده عطاء بن دينار في الديوان، فأخذه فأرسله عن سعيد بن جبير. يعني: أنه يرويه صحيفة؛ لا يرويه مشافهة. هذا كله في القرن الأول الهجري.
القرن الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد ذلك جاء القرن الثاني الهجري .. ووجدت فيه أشياء وكتابات وبعض هذه الكتابات في الواقع كانت في القرن الأول الهجري .. لكني صنَّفتُها ضمن القرن الثاني بناءً على تاريخ وفاة المؤلف فقط.
فمثلا: مجاهد بن جبر توفي سنة 104 هـ و في الكتب التي تذكر فهارس المصنفات نجد أن مجاهد بن جبر كان له تفسير.
وكذلك أيضا الضحاك بن مزاحم المتوفى سنة 105هـ كان له تفسير.
وكذلك أيضاً عكرمة مولى ابن عباس المتوفى سنة 107 هـ.
وكذلك محمد بن كعب القرظي المتوفى سنة 108 هـ كانت له صحيفة في التفسير.
ولعلهم جمعوا هذه الكتب في التفسير قبل ذلك بمدة يعني في القرن الأول الهجري.
وهكذا أيضا الحسن البصري المتوفى سنة 110هـ كان له جزء في عد الآي؛ أي: عدد آيات القرآن. وله أيضا جزء في نزول القرآن.
وهكذا عطاء بن أبي رباح المتوفى سنة 114هـ له أيضا تفسير.
وهكذا أيضا قتادة السدوسي المتوفى سنة 117هـ وقيل 118هـ كان له عواشر القرآن، والناسخ والمنسوخ.
وهكذا عبدالله بن عامر اليحصبي المتوفى سنة 118هـ له اختلافات مصاحف الشام والحجاز والعراق، وله أيضاً جزء آخر اسمه المقطوع والموصول.
وغير هؤلاء كثير، كشعبة بن الحجاج بعد ذلك، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وابن جريج، وابن وهب.
وكان الغالب في التأليف في تلك المرحلة الرواية؛ أي: سرد الروايات، ولربما دخل مع التفسير أشياء أخرى من الحديث؛ لأنهم كانوا لربما جمعوا صحفاً في الحديث، منها ما يكون من قبيل التفسير للقرآن، ومنها ما يكون في غير ذلك من الموضوعات.
القرن الثالث:
بعد ذلك جاء القرن الثالث الهجري فكثر التأليف جداً وأذكر على سبيل المثال فقط: كتاب (الناسخ والمنسوخ) لعبد الوهاب الخفاف المتوفى سنة 204 هـ، وكتاب (الناسخ والمنسوخ) لحجاج الأعور المتوفى سنة 206هـ. ـ ويلاحظ هنا قرب وفاة هؤلاء من القرن الثاني الهجري، فغالبا ما تكون هذه المؤلفات كتبت في القرن الثاني الهجري. وكتاب (إعراب القرآن) لعبد الملك بن حبيب القرطبي المتوفى سنة 238هـ، وكتاب (إعراب القرآن) لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى سنة 248 هـ، وكتاب (إعراب القرآن) لأبي العباس المبرد المتوفى سنة 286هـ، وكتاب (إعراب القرآن) لأبي العباس ثعلب المتوفى سنة 291 هـ، وغير هؤلاء كثير. كعبدالرزاق الصنعاني المتوفى سنة 211هـ، وتفسيره موجود مطبوع، وأيضاً أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله المتوفى سنة 224 هـ له كتاب في القراءات، وله كتاب في الناسخ والمنسوخ، وله كتاب في فضائل القرآن مطبوع ـ وهو من أجَلِّ كتب فضائل القرآن، وفيه أكثر من تسعمائة أثر وأكثر بالإسناد ـ وكذلك ابن المديني المتوفى سنة 234هـ ألف أسباب النزول، وابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ ألف (مشكل القرآن). وغيره، فهؤلاء علماء كثير ألفوا في تلك الفترة في القرن الثالث الهجري وما ذكرته إنما هو مجرد أمثلة.
القرن الرابع:
بعد ذلك جاء القرن الرابع الهجري وفيه كثر التأليف عما هو عليه في القرون قبله وفي هذا القرن أكتفي بذكر بعض الكتب التي انتقيتها لسبب وهو: أن بعض العلماء، أو بعض من كتب يقولون: إنها كتب أُلِّفت في علوم القرآن خاصة. فأذكرها بدلاً من أن أذكر كتباً في الناسخ والمنسوخ والتفسير وما إلى ذلك.
فمن هذه الكتب كتاب اسمه (الحاوي في علوم القرآن) لمحمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ فهذا الكتاب كتب في القرن الرابع الهجري، والعنوان كما هو واضح (الحاوي في علوم القرآن)؛ وهذا الكتاب ليس من كتب علوم القرآن، فهو يقع في سبعة وعشرين جزءاً. وهذا الكتاب بهذه الأجزاء هو من كتب التفسير بلا شك، وإن كان اسمه الحاوي في علوم القرآن. وينسب إليه كتاب آخر بعنوان (عجائب علوم القرآن) سيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
ومما ألف في هذا القرن ـ القرن الرابع الهجري ـ، كتاب (الاستغناء في علوم القرآن) لمحمد بن على الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ. لكن هذا الكتاب قال عنه الداوودي في كتابه طبقات المفسرين:" وله كتاب في تفسير القرآن سماه الاستغناء في 120 مجلدا صنف في 12 سنة" وبعضهم يذكر عنوانه الاستغناء في علوم القرآن، فهذا الكتاب الذي يقع في 120 مجلداً ألفه في 12 سنة إنما هو كتاب من كتب التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الكتاب موجود وقد حقق أحد الباحثين سورة الفاتحة منه مع دراسة للكتاب، وهنا يلحظ أن بعض من كتب عن أول ما ألف في هذا الفن يذكرون هذه الكتب، وبعضهم يذكر كتباً أخرى سأذكرها، والواقع أنها ليست في علوم القرآن.
بعد ذلك كتاب (تفسير القرآن لأبي الحسن الأشعري) المتوفى سنة 324هـ وبعض العلماء قالوا: إن هذا الكتاب هو كتاب (المختزن في علوم القرآن لأبي الحسن الأشعري)، وليس كذلك فهذا الكتاب الذي اسمه تفسير القرآن قال عنه المؤلف كما في تبيين كذب المفترى فيما نقله عنه ابن عساكر: (وألفنا كتاب تفسير القرآن رددنا فيه على الجبائي والبلخي ما حرفا من تأويله) فهذا هوتفسير القرآن.
وأما كتاب (المختزن في علوم القرآن) فهو غير كتاب التفسير وليس كما ظنه بعض المؤلفين أنه كتاب واحد فكتاب المختزن موضوعه آخر يقول عنه مؤلفه (وألفنا كتاباً في ضروب من الكلام سميناه المختزن ذكرنا فيه مسائل للمخالفين لم يسألونا عنها ولا سطروها في كتبهم ولم يتجهوا للسؤال وأجبنا عنها بما وفقنا الله له)، وهذا الكتاب سماه الداوودي في كتابه (طبقات المفسرين): (المختزن في علوم القرآن) وقال عنه: (كتاب عظيم جداً بلغ فيه سورة الكهف، وقد انتهى مائة جزء. وقيل: إنه أكبر من هذا) إذاً هذا الكتاب ليس في علوم القرآن.
وعلى كل حال تاج هذه الكتب في القرن الرابع الهجري وفي كل قرن مما كتب في التفسير، هو تفسير كبير المفسرين (جامع البيان في تفسير القرآن) لمحمد بن جرير الطبرى المتوفى سنة 310هـ فهو أجل هذه الكتب، وأعظمها، وأكثرها نفعا والأمر كما قيل:" الصيد في جوف الفرا".
ثم بعد ذلك كَثُر التأليف. وتَتَبُّع ذلك قرناً .. قرناً أمر يصعب، ولربما يطول. لذلك سأذكر الكتب المؤلفة في علوم القرآن فقط مما يكون حقيقة في هذا الفن، وليس مجرد عنوان مع مخالفة في المضمون.
فمن الكتب المؤلفة في علوم القرآن كتاب صنفه ابن الجوزي؛ وهو مطبوع متداول، وقد طبع عدة طبعات واسمه (فنون الأفنان في عيون علوم القرآن)، وابن الجوزي توفى سنة 597 هـ يعني في القرن السادس الهجري، وله كتاب آخر اسمه (المجتبى) في علوم تتعلق بالقرآن.
ثم جاء بعد ذلك السخاوي علم الدين المتوفي سنة 643 هـ فألف في عدة موضوعات، في الناسخ والمنسوخ وقضايا أخرى متعددة، ثم ضم بعضها إلى بعض في كتاب واحد سماه (جمال القراء وكمال الإقراء) وهذا الكتاب مطبوع متداول.
ثم جاء بعده أبو شامة المتوفى سنة 665 هـ فصنف كتابا سماه (المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالكتاب العزيز) اقتصر فيه على بعض الموضوعات الأساسية كجمع القرآن، وما يتعلق بالأحرف، وما يتعلق بالقراءات ـ وهذه أدق الموضوعات وأخطر ها ـ فاقتصر على هذه الأشياء الضرورية وترك الباقي، ولو أنه ألف في باقي الموضوعات على هذا المنوال لكان هذا الكتاب لا يجارى ولا يبارى في التحقيق والإتقان والضبط وتنقيح المعلومات، لكنه اقتصر على هذه الموضوعات الأساسية الدقيقة التي يشغب عليها الزنادقة كثيراً قديماً وحديثاً. وأظن لو أنه كتب في باقي الموضوعات لكان كتابه مغنياً عن كثير من الكتب وكان غاية في التحقيق، والله تعالى أعلم.
وهذا الكتاب مع جلالة قدره وعظم ما فيه من التحقيق والتحرير إلا أنه غير مشهور، وكان قبل مدة ليست بالبعيدة لا وجود له في الأسواق مع أنه طبع قديماً، وأما الآن فهو مطبوع ومتوفر.
بعد ذلك جاء الطوفي المتوفى سنة 716هـ فألف كتابا سماه (الإكسير في علوم التفسير) وهو مطبوع وهذا الكتاب غلَّب فيه الجوانب اللغوية والبلاغية.
ثم جاء بعد ذلك الزركشي المتوفى سنة 794 هـ فألف كتاباً جامعاً هو من أجمع الكتب المؤلفة في هذا الفن إلى يومنا هذا وهو من العمد ومن خزائن هذا العلم وهو كتاب (البرهان في علوم القرآن) وهو مطبوع متداول.
ثم جاء بعد ذلك جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هـ فألف كتابا سماه (مواقع العلوم من مواقع النجوم). قال عنه السيوطي 0 فرأيته تأليفاً لطيفاً ومجموعاً طريفاً ذا ترتيب وتقرير وتنويع وتحبير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا القرن أيضاً وهو القرن (9 هـ) جاء محمد بن سليمان الكافِيَجي المتوفى سنة 873 هـ، قيل له الكافيجي لكثرة اشتغاله بالكافيه في النحو، فألف كتاباً في هذا قال عنه السيوطي: فإذا هو صغير الحجم جداً، وحاصل ما فيه بابان، إلى أن قال: فلم يشف لي ذلك غليلاً، ولم يهدني إلى المقصود سبيلا"وهذا الكتاب لم يصل إلينا.
بعد ذلك جاء السيوطي بموسوعته المشهورة وهو كتابه (الإتقان في علوم القرآن) وهذا الكتاب حسب ما أعرف، وحسب ما بلغنا من المؤلفات في هذا الفن يعد أوسع المؤلفات، وهو خزانة هذا العلم حقيقة، وتجد فيه ما تفرق في غيره.
وأستطيع أن أقول بأن المؤلفات في هذا الفن أهمها وأجلها وأعظمها كتاب (البرهان) للزركشي الذي سبق ذكره، ويحتوي على سبعة وأربعين نوعا، والكتاب الثاني هو كتاب (الإتقان) للسيوطي ويحتوى على ثمانين نوعا.
وأما ما ذكره السيوطي في كتابه التحبير من الأنواع التي زادت على المائة فإنما ذلك يرجع إلى أنه مولع بالتشقيق، فهو يشقق الموضوعات، فيجعل الموضوع الواحد موضوعات شتى، وهذا أمر فني لا يؤثر في مضمون الكتاب، فكثرة هذه الموضوعات التي ذكرها بحسب العناوين لا تدل على أن كتاب التحبير أوسع من كتاب الإتقان. بل إن كتاب الإتقان أوسع وأعظم وأنفع وأجل، ولا مقارنة بينه وبين كتاب التحبير. وحقيقة الأمر أن السيوطي ـ رحمه الله ـ مع أنه ذكر في مقدمة الكتاب جملة من الكتب التي وقف عليها وذكر أنها صغيرة وأنها لا تفي، لم يذكر معها كتاب البرهان، ثم ذكر بعد ذلك أنه وقف عليه بعدما فرغ من تأليف كتابه الإتقان ـ فنحن نقول: بأنه رحمه الله بعدما فرغ من كتابه الإتقان ووجد كتاب البرهان أعاد الكرة ثانية فأخذ كتاب البرهان وضمنه في كتابه الإتقان .. !!
فكتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي هو في الواقع في بطن كتاب الإتقان ومن أراد أن يحصل مرجعاً موسوعياً واحداً فعليه بكتاب الإتقان وليس بحاجة إن كان من غير أهل الاختصاص إلى كتاب البرهان؛ لأن السيوطي جمع ما في البرهان وزاد عليه. وهذه الموضوعات الكثيرة التي بلغ بها 80 نوعاً يمكن أن تختزل في نصف هذا العدد تقريباً أو قريباً منه كما فعل الزركشي ـ رحمه الله ـ حيث جعل كتابه في 47نوعا، وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك؛ فهو مثلا يذكر في النوع الأول: معرفة المكي والمدني، وفي الثاني: معرفة الحضري والسفري، وفي الثالث: النهاري والليلي، وفي الرابع: الصيفي والشتائي، وفي الخامس: الفراشي والنومي، والسادس: الأرضي والسمائي، والسابع: معرفة أول ما نزل، والثامن: معرفة آخر ما نزل، مع أن هذه الموضوعات كما ترون يمكن أن يدمج بعضها في بعض تحت عنوان متقارب؛ فيمكن أن نقول: معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل في نوع واحد. بينما هو يجعل أول ما نزل في نوع، وآخر ما نزل في نوع آخر .. وهكذا يقول: النوع التاسع: معرفة سبب النزول، العاشر: فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة، والنوع الحادي عشر: ما تكرر نزوله، النوع الثاني عشر: ما تأخر حكمه عن نزوله، وما تأخر نزوله عن حكمه، النوع الثالث عشر: ما نزل مفرقا وما نزل جمعا، الرابع عشر: ما نزل مُشَيَّعاً وما نزل مفردا، الخامس عشر: ما أنزل منه على بعض الأنبياء، ومالم ينزل منه على أحد قبل النبي ?،السادس عشر: كيفية إنزاله، السابع عشر: في معرفة أسمائه وأسماء سوره، وهذا يدلك على كثرة الموضوعات التي تعالج في هذا الفن.
إلى أن قال مثلا: النوع الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والعشرون: معرفة المتواتر والمشهور والآحاد والشاذ والموضوع والمدرج، فجعل كل نوع من هذه الأنواع نوعاً مستقلاً قائما بذاته، مع أن هذه جميعا يمكن أن تجعل تحت نوع واحد وهكذا.
فهذا كتاب الإتقان للسيوطي، وقد جمع فيه السيوطي ما هب ودب ودرج، جمع فيه بين الغث والسمين، ففيه أمور قيمة نافعة مفيدة، وفيه أمور لا تصلح من العقائد الفاسدة ومن الأقوال الساقطة، وفيه من الروايات الشيء الكثير؛ من الروايات الصحيحة، والروايات الضعيفة،بل والروايات الموضوعة، بل فيه بعض الأخبار الإسرائيلية، فهذا الكتاب هو كتاب موسوعي يجمع الغث والسمين لم ينقحه مؤلفه.
والكتاب بحاجة إلى تهذيب وقد اختصره بعض طلبة العلم ولكن هذا الاختصار لا يحصل به المقصود في ظني والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم جاء بعد السيوطي ـ رحمه الله ـ شمس الدين الحنفي المعروف بابن عقيلة المتوفى سنة 1150هـ فألف كتابا سماه (الزيادة والإحسان في علوم القرآن) وهذا الكتاب أيضا مختصر لكتاب الإتقان للسيوطي.
بعد ذلك حصل للتأليف شيء من الضعف والفتور، أو ما يشبه الانقطاع، ثم بعد ذلك في هذا العصر الحديث جاءت كثير من المؤلفات التي منها كتاب (التبيان في علوم القرآن) للشيخ طاهر الجزائري المتوفى سنة 1268 هـ وكتاب (منهج الفرقان في علوم القرآن) للشيخ محمد سلامة المتوفى سنة 1362هـ.
وكذلك الزرقاني في كتاب (مناهل العرفان في علوم القرآن) وهو من أجل هذه الكتب ومن أنفعها، وقد اقتصر فيه على الأنواع المهمة في هذا العلم؛ إلا أنه أدخل فيه شيئاً كثيراً من المباحث الكلامية والعقائد الأشعرية، وكذلك أيضاً حشا هذا الكتاب ببعض الأشياء المرجوحة، فهو بحاجة أيضا إلى تنقيح وتحرير (وهناك كتب أخرى كثيرة تملأ المكتبات ..
ومما ينبغي التنبيه عليه:
أننا نجد العلماء في كثير من الأحيان يذكرون مسائل هذا الفن في مقدمات كتبهم في التفسير كما فعل جماعة منهم: كابن جرير الطبرى رحمه الله، والراغب الأصفهاني ـ والراغب كتابه في التفسير غير موجود ولكن وجد منه قطعة فيها المقدمات التي تتعلق بعلوم القرآن، وفيها تفسير سورة الفاتحة، وقد حققت وهي مطبوعة ومفيدة ونافعة، وكذلك من المقدمات المفيدة مقدمة القرطبي على تفسيره (الجامع لأحكام القرآن)، وكذلك ابن عطية في مقدمته لتفسيره (المحرر الوجيز)، وكذلك ابن جزي في كتابه (التسهيل) وهكذا السيوطي الذي جعل كتاب (الإتقان) هذا الكتاب الكبير جعله مقدمة ومدخلا لتفسيره الكبير الذي شرع في تصنيفه وما أتمه وسماه (مجمع البحرين ومطلع البدرين)، قال عنه السيوطي ـ رحمه الله ـ: (وقد جعلته أي الإتقان مقدمة للتفسير الكبير الذي شرعت فيه وسميته (مجمع البحرين ومطلع البدرين الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية) فهذا الكتاب مقدمة لهذا التفسير فلك أن تتصور ضخامة هذا التفسير لو أنه أكتمل، وهكذا القاسمي ـ رحمه الله ـ وضع مقدمة كبيرة لربما زادت عن 300 صفحة جعلها مقدمة لكتابه (محاسن التأويل) وجعل لها عنوان: (مقدمات خطيرة). وفي الواقع هذه المقدمات مأخوذة من كلام الشاطبي رحمه الله في كتابه (الموافقات) ومأخوذة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مثل كتابه (الإكليل في المتشابه والتأويل) وكذلك في كتاب (مقدمة أصول التفسير).
وهكذا تلك المقدمة الحافلة الكبيرة النافعة التي هي من أجل المقدمات وأنفعها لكتاب هو من أجل كتب التفسير وهو كتاب (أضواء البيان) للعلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله تعالى ـ فهذه المقدمة من قرأها حصل علما وفيرا، ومن أراد أن يعرف قدر هذا العالم و قدر هذا الكتاب أعني أضواء البيان فليقرأ مقدمته التي ذكر فيها ألواناً من المسائل التي يحتاج إليها المفسر.
وعلى كل حال من خلال هذا الاستعراض نعرف أن التأليف في علوم القرآن بهذا المعنى الخاص الذي بيناه وعرفناه إنما جاء متأخرا عن نظائره من التأليف في قواعد العلوم؛ كأصول الفقه الذي ألف فيه الإمام الشافعي رحمه الله كتاب (الرسالة). وعلوم الحديث التي ألف فيها الرامهرمزي كتابه (المحدث الفاصل)، وكذلك علوم العربية والقراءات وغير ذلك.
فعلوم القرآن جاء التأليف فيها متأخراً مقارنة بغيرها من العلوم يقول السيوطي ـ رحمه الله ـ: (ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدوِّنوا كتاباً في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث" يذكر ذلك تعليلاً لتأليفه لكتاب الإتقان.
وقال في مقدمته لكتاب التحبير: (وإن مما أهمل المتقدمون تدوينه حتى تحلى في آخر الزمان بأحسن زينة؛ علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث).
بعد ذلك نوجه سؤلاً وهو ما هو الكتاب الذي ألِّف أولاً في هذا العلم بالمعنى الذي ذكرناه؟
الأحسن في مثل هذه المسألة أن نقول بأنه من الصعب أن نحكم بأن هذا الكتاب أو ذاك هو أول ما ألف؛ لأن هذه المؤلفات التي وقفنا عليها، والتي من أولها كتاب (فنون الأفنان)، هذه المؤلفات جاءت متأخرة فمن الصعب أن نقول: هذا أول مؤلف في هذا الفن. لكن غاية ما نستطيع أن نقوله هو: إن هذا الكتاب هو أول ما وقفنا عليه من المؤلفات في هذا العلم.
وهناك أقوال كثيرة جداً فيمن يكون أول من ألف في هذا العلم، وهذه الأقوال كثير منها لا يصح، بعضهم يقول هو الزركشي، وبعضهم يقول (المختزن في علوم القرآن) لأبي الحسن الأشعري وعرفتم أنه ليس من كتب هذا الفن، وبعضهم يقول: كتاب (عجائب علوم القرآن) المنسوب لابن المرزبان ـ وهو غير كتاب الحاوي الذي سبق ذكره ـ وهذا الكتاب في الواقع هو كتاب (فنون الأفنان) وقد أطلعت على نسخته الخطية وهي موجودة في المكتبة البلدية في الإسكندرية فإذا هو كتاب (فنون الأفنان) وإن كان قد كتب عليه كتاب (عجائب علوم القرآن) لابن المرزبان، وهكذا كثير من الكتب التي تقدم ذكرها والتي ألفت قبل فنون الأفنان هي في الواقع كتب في التفسير. وبهذا نكون قد انتهينا من هذه المقدمات، ونشرع بعدها بمشيئة الله تعالى في ذكر بعض مهمات هذا العلم، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jan 2004, 07:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشكر الشيخ خالد السبت على مشاركته بهذه المقدمات المهمة في علوم القرآن، وكذلك الأخ أبا معاذ على جهوده في هذا الملتقى وغيره.
وقد أفدت من هذه المقدمات المهمة، ولي بعض التساؤلات لعل الشيخ أن يتفضل بالإجابة عنها، سأذكرها متفرقة ليكون رد كل تساؤل بعده.
الأول:حول قول الشيخ: (ولاشك أن الأصل في هذه اللفظة من جهة الفعل الثلاثي قرأ، و هذه اللفظة (قرأ) تدور بجميع استعمالاتها ومعانيها في كلام العرب على معنى واحد فقط؛ وهذا المعنى تجد أطرافه منثورة في كتب القواميس، ولربما عدَّ العاد منها جمعاً من المعاني ـ وكل هذه المعاني التي يذكرها أصحاب المعاجم اللغوية إنما ترجع إلى معنى: (الضم والجمع) ..
فإذا قلت مثلا: القراءة والقرآن .. فإن ذلك لاجتماع الحروف لتكون الكلمات .. ولاجتماع الكلمات لتكون الجمل .. ولاجتماع الجمل أو الآيات لتكون السور .. وهكذا .. ثم ما فيه أيضا من اجتماع المعاني .. القصص والأخبار والعقائد والأحكام وما إلى ذلك من الأمور التي جمعها الله عز وجل في كتابه .. فهي مجموعة في هذا القرآن .. وهكذا إذا قلنا القرء؛ الذي هو الحيض، فإنما قيل له ذلك , لاجتماع الدم في داخل الرحم، ولهذا قيل له ذلك. فتبين أن هذه اللفظة تدور على معنى واحد وهو: الضم والجمع.
والقرآن يمكن أن يكون قيل له ذلك بمراعاة هذا المعنى؛ لأنه يجمع ثمرة الكتب السابقة أو لأن الله عز وجل جمع فيه من ألوان الهدايات والعلوم والمعارف التي يحتاج إليها السالك إلى ربه تبارك وتعالى، وهذه الأمور لا منافاة بينها؛ فكلها صحيح.)
فقد ذكر ابن القيم أن جعل مادة " قرأ " من الجمع فيه نظر، قال رحمه الله في زاد المعاد - وهو يناقش معنى القُرء -:
(وقولكم: إن القرء مشتق من الجمع، وإنما يجمع الحيض في زمن الطهر. عنه ثلاثة أجوبة.
أحدها: أن هذا ممنوع، والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل، من قرى يقري، كقضى يقضي، والقرء من المهموز بنات الهمز، من قرأ يقرأ، كنحر ينحر،
وهما أصلان مختلفان فإنهم يقولون: قريت الماء في الحوض أقريه، أي: جمعته، ومنه سميت القرية، ومنه قرية النمل: للبيت الذي تجتمع فيه، لأنه يقريها، أي: يضمها ويجمعها.
وأما المهموز، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد، ومنه قراءة القرآن، لأن قارئه يظهره ويخرجه مقداراً محدوداً لا يزيد ولا ينقص، ويدل عليه قوله: " إن علينا جمعه وقرآنه " [القيامة: 17]، ففرق بين الجمع والقرآن. ولو كانا واحداً، لكان تكريراً محضاً، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " [القيامة: 18]، فإذا بيناه، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه، لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع.
ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، وما قرأت جنيناً هو من هذا الباب، أي ما ولدته وأخرجته وأظهرته، ومنه: فلان يقرؤك السلام، ويقرأ عليك السلام، هو من الظهور والبيان، ومنه قولهم: قرأت المرأة حيضة أو حيضتين، أي: حاضتهما، لأن الحيض ظهور ما كان كامناً، كظهور الجنين، ومنه: قروء الثريا، وقروء الريح: وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح، فإنهما يظهران في وقت مخصوص، وقد ذكر هذا الإشتقاق المصنفون في كتب الإشتقاق، وذكره أبو عمرو وغيره، ولا ريب أن هذا المعنى فى الحيض أظهر منه في الطهر.)
تنبيه:
القصد من هذه التساؤلات محاولة الوصول إلى نتائج صحيحة تكون مادة معتمدة لهذا العلم، وأنا إن شاء الله راغب في الفائدة، وأعد الآن لموضوعات بعنوان: تأصيل موضوعات علوم القرآن، وقد ألقيها في الصيف القادم في إحدى الدورات العلمية إذا يسر الله وأعان.
فأرجو أن يتقبل الشيخ هذه التساؤلات بصدر رحب، وأن يجيب عنها بنفسه إن لم يكن هناك مانع.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Mar 2004, 05:08 م]ـ
أخي الشيخ (أبو مجاهد) العبيدي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فأعتذر إليك أولاً،ثم لسائر الأخوة على تأخر الرد، ولكن حال دون ذلك أمور يصعب شرحها الآن، فأرجو قبول العذر .. ولعل ذلك لا يكون فيما يأتي من المشاركات بإذن الله تعالى وتوفيقه.
وأما جواب السؤال؛ فقد أوصلته إلى الشيخ خالد ـ حفظه الله ـ فأجاب بما نصه:
"ما ذكرته هنا هو قول عامة أهل اللغة كالزجاج وابن فارس وغيرهم، وهي مسألة لغوية، وهذا الطريق في تقريرها أسهل للمتعلمين ـ أن تجمع المعاني وترجعها إلى معنى واحد ـ وما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله محتمل وله وجه جيد من النظر، وإذا كان الكلام في تفسير بعض الآيات فذلك له نظر آخر، والله تعالى أعلم."
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Mar 2004, 02:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للفائدة: وجدت ما ذكره ابن القيم رحمه الله في معنى القرآن منصوصاً عليه في كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر ابن الأنباري؛ فقد ذكر أن في كلمة القرآن وجهين:
أحدهما: الجمع والضم، وهو ما اعتمده الشيخ خالد وفقه الله.
والثاني: قول قطرب: إنما سمي القرآن قرآناً لأن القارئ يظهره ويبينه ويلقيه من فيه ...
ينظر المصدر المشار إليه 1/ 71 - 72.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[19 Apr 2004, 09:14 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[07 Jun 2004, 07:37 ص]ـ
للرفع
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 07:00 ص]ـ
يرفع للفائدة والمدارسة
ـ[ابن جرير العربي]ــــــــ[24 Jun 2007, 06:16 م]ـ
ما شاء الله
فوائد رائعة ومؤصلة
جزى الله الشيخ خالد خير الجزاء على هذه الفوائد
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[24 Jun 2007, 08:53 م]ـ
هل يمكن أن نقسم مفردات علوم القرآن إلى
1 - تاريخ المصحف الشريف (
المصحف (جمع القرآن .... ,الرسم والضبط, آداب التلاوة
أسباب النزول , ....
القراءات
2 - معاني القرآن
التفسير وأصوله ,مناهج المفسرين ......
العام والخاص والمحكم والمتشابه .....
الإعجاز .......
3 - مسائل معاصرة
الترجمة - شبهات المستشرقين
4 - آداب وفضائل
أو هناك تقسيم آخر
محاولة سريعة علها ان تجد من يصوبها أو يطورها(/)
تنبيه وتذكير للكاتب
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[12 Jan 2004, 04:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اذكر نفسي وأخواني بأهمية البسملة في مقدمة كل مشاركة جديدة. حتى تتبع السنة، وأهل القرآن هم أولى الناس بها، ولايخفى ماروي (كل امر ذي بال لايبدا فيه ببسم الله فهو أبتر) فكتابتها في أول كل مشاركة جديدة أمر مشروع، فهي أول ما يقرأه القارئ من كتاب الله، وكانت كتبه صلى الله عليه وآله وسلم مبتدأة بها، ويكفي من التذكير بأهميتها ماذكر من خلاف فقهي حول كتابتها قبل الشعر على ثلاثة أقوال ذكرها البغدادي ـ رحمه الله ـ
في الخزانة، فكيف بملتقى متخصص بعلم كتاب الله.
فالمأمول من الاخوة الكرام أن لايغفلوا هذا الامر ويستسهلوه. والمطلوب أن تكون كتابتها من قبل أول مشارك بموضوع جديد، ففي نظري والله أعلم أن الكاتب من بعده كأنما كتب في صفحته هو , وإن كتبها الراد ايضا فالامر واسع ولله الحمد.
والله الموفق
ـــــــــــــــــــــــ
كنت أحب كتابتها في الملتقى العلمي لأن كثيرا من الاخوه ربما كان مرورهم على هذا القسم قليل. الا أني آثرت احترام التقسيمات التى وضعت فإن لمس المشرف الحاجه لوضعها في ذلك المكان فقد يكون أفضل
ـ[المنذر]ــــــــ[12 Jan 2004, 09:13 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jan 2004, 10:01 م]ـ
أشكر أخي الكريم ابن الشجري على تنبيهه وأتفق معه وفقه الله في ذلك.(/)
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} لا يصح نزولها في أهل قباء.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[12 Jan 2004, 09:04 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا بحث قمت فيه بجمع الروايات الواردة في سبب نزول قوله تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
وخلاصته: أن الآية نزلت في رجال من الأنصار، وأما كونها نزلت في أهل قباء خاصة فلا يصح؛ لأن الطرق التي فيها ذكر «قباء» ضعيفة جداً، ولا يصح اعتبارها، والله تعالى أعلم.
========================================
وفيما يلي تفصيل ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ».
أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الطهارة، حديث (44)، والترمذي في سننه، في كتاب التفسير، حديث (3100)، وابن ماجه في سننه، في كتاب الطهارة وسننها، حديث (357)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، جميعهم من طريق يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
وهذا الإسناد فيه علتان:
الأولى: ضعف يونس بن الحارث، كما في «تقريب التهذيب» (2/ 394).
الثانية: جهالة إبراهيم بن أبي ميمونة، قال ابن القطان: «مجهول الحال»، تهذيب التهذيب (1/ 152)، وقال الذهبي: «ما روى عنه سوى يونس بن الحارث». ميزان الاعتدال (1/ 197).
وقد حكم على هذا الإسناد بالضعف: النووي في المجموع (2/ 116)، والحافظ ابن كثير في تفسيره (2/ 403)، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 112). وانظر: إرواء الغليل (1/ 84 - 85).
وقد ذكر الألباني في إرواء الغليل (1/ 84 - 85) أن الحديث صحيح باعتبار شواهده، وسأذكر شواهده ثم أبين بعد ذلك درجة الحديث وحكم الاحتجاج به:
الشاهد الأول:
حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال: «ما هذا الطهور الذي أثنى الله به عليكم؟ فقال: ما خرج رجل منا أو امرأة من الغائط إلا غسل دبره أو مقعده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهو هذا».
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 67)، وعمر بن شبة في «أخبار المدينة» (1/ 37)، والحاكم في المستدرك (1/ 299) وقال «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، جميعهم من طريق محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 212): «رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه».
ورواه البزار في مسنده، كما في «نصب الراية» (1/ 218) قال: حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء». قال البزار: «هذا حديث لا نعلم أحداً رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز ولا نعلم أحداً روى عنه إلا ابنه».انتهى. قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (1/ 112): «ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد الله حديث مستقيم، وعبد الله بن شبيب ضعيف أيضاً». أ. هـ وانظر: مجمع الزوائد (1/ 212)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 96)، ونصب الراية، للزيلعي (1/ 218).
الشاهد الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فَقَال: «َ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمْ الثَّنَاءَ فِي الطُّهُورِ فِي قِصَّةِ مَسْجِدِكُمْ، فَمَا هَذَا الطُّهُورُ الَّذِي تَطَّهَّرُونَ بِهِ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنْ الْيَهُودِ فَكَانُوا يَغْسِلُونَ أَدْبَارَهُمْ مِنْ الْغَائِطِ فَغَسَلْنَا كَمَا غَسَلُوا».
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 422)، وابن جرير في تفسيره (6/ 476)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 45)، والطبراني في الكبير (17/ 140)، والأوسط (6/ 89)، والصغير (2/ 86)، والحاكم في المستدرك (1/ 258)، جميعهم من طريق أبي أويس، عن شرحبيل بن سعد، عن عويم بن ساعدة، به.
وفي إسناده «شرحبيل بن سعد، أبو سعد الخطمي، المدني، مولى الأنصار» قال بشر بن عمر: سألت مالكاً عنه فقال: ليس بثقة، وقال ابن معين: ليس بشيء ضعيف، وقال ابن سعد: كان شيخاً قديماً، روى عن زيد بن ثابت وعامة الصحابة، وبقي حتى اختلط واحتاج، وله أحاديث، وليس يحتج به، وقال أبو زرعة: لين، وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: ضعيف، يعتبر به، وقال ابن عدي: له أحاديث وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه نكارة، وذكره بن حبان في الثقات. وفي سماعه من عويم بن ساعدة نظر؛ لأن عويماً مات في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال في خلافة عمر رضي الله عنه. انظر: تهذيب التهذيب (4/ 282).
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 212) وقال: «رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة ووثقه ابن حبان».
الشاهد الثالث:
حديث أبي أيوب الأنصاري، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك رضي الله عنهم: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لما نَزَلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ فَمَا طُهُورُكُمْ؟ قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. قَالَ: فَهُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ».
أخرجه ابن ماجه في سننه، في كتاب الطهارة وسننها، حديث (355)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1882)، وابن الجارود في المنتقى (1/ 22)، والدارقطني في سننه (1/ 62)، والحاكم في المستدرك (2/ 365)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، وفي شعب الإيمان (3/ 18). جميعهم من طريق عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني طلحة بن نافع قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، فذكره.
قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 218): «سنده حسن، وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال،قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان».
وقال النووي في «المجموع» (2/ 116): «إسناده صحيح؛ إلا أن فيه عتبة بن أبي حكيم وقد اختلفوا في توثيقه، فوثقه الجمهور , ولم يبين من ضعفه سبب ضعفه , والجرح لا يقبل إلا مفسراً , فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية».
قلت: والحديث فيه انقطاع؛ فإن طلحة بن نافع لم يدرك أبا أيوب، كما أشار إلى ذلك البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 222).
الشاهد الرابع:
حديث محمد بن عبد الله بن سلام قال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا يَعْنِي قُبَاءً قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ خَيْرًا أَفَلَا تُخْبِرُونِي؟ قَالَ: يَعْنِي قَوْلَهُ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْنَا فِي التَّوْرَاةِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ».
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 141)، والإمام أحمد في مسنده (6/ 6)، وابن جرير في تفسيره (6/ 476)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 18)، جميعهم من طريق مالك بن مغول قال: سمعت سياراً أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: ... فذكره.
وأخرجه الطبري في تفسيره (6/ 476)، والبغوي في «معجم الصحابة» كما في «الإصابة» (6/ 22)، عن أبي هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم – وقد تحرف عند الطبري إلى يحيى بن رافع – عن مالك بن مغول، به.
قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة (6/ 22): «لكن قال فيه يحيى:لا أعلمه إلا عن أبيه – يريد: عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه عبد الله بن سلام. وقال أبو هشام: وكتبته من أصل كتاب يحيى بن آدم ليس فيه عن أبيه، وقال البغوي: حدث به الفريابي عن مالك بن مغول عن سيار عن شهر عن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أباه.
وقال ابن مندة: رواه داود بن أبي هند عن شهر مرسلا، لم يذكر محمداً ولا أباه، ورواه سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، فزاد فيه: «عن أبيه» وقال أبو زرعة الرازي: الصحيح عندنا عن محمد، ليس فيه عن أبيه، والله أعلم».أهـ
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه «معرفة الصحابة»، حديث (629) من طريق الإمام أحمد، ثم قال: «ورواه أبو أسامة، وابن المبارك، والفريابي، وعنبسة بن عبد الواحد، ومحمد بن سابق، كرواية يحيى بن آدم، وخالفهم سلمة بن رجاء، عن مالك، فقال: عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه».
ثم ساق رواية سلمة بن رجاء فقال: «حدثناه الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي، ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم بن الحجاج الرقي، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، قال: قال أبي .... فذكره.
ثم قال: ورواه زيد، ويحيى ابنا أبي أنيسة، عن سيار، عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، كرواية سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول.
حدثنا بحديث زيد: محمد بن إبراهيم، ثنا الحسن بن محمد بن حماد، ثنا محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، قال: سمعت أبي يقول: .... فذكره.
وحديث يحيى: حدثناه سليمان، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن حماد الحضرمي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه قال .... فذكره».أهـ.
قلت: الحديث مداره على: «شهر بن حوشب الأشعري أبو سعيد، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن»: وثقه جماعة، والأكثر على تضعيفه.
قال إبراهيم بن الجوزجاني: أحاديثه لا تشبه أحاديث الناس، وقال موسى بن هارون: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: قيل لابن المديني: ترضى حديث شهر؟ فقال: أنا أحدث عنه، وكان عبد الرحمن يحدث عنه، وأنا لا أدع حديث الرجل إلا أن يجتمعا عليه: يحيى وعبد الرحمن على تركه، وقال حرب بن إسماعيل عن أحمد: ما أحسن حديثه ووثقه، وقال حنبل عن أحمد: ليس به بأس، وقال عثمان الدارمي: بلغني أن أحمد كان يثني على شهر، وقال الترمذي عن البخاري: شهر حسن الحديث، وقوى أمره، وقال ابن أبي خيثمة ومعاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة، وقال عباس الدوري عن ابن معين: ثبت، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، على أن بعضهم قد طعن فيه، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، وعن الأثبات المقلوبات، وقال الحاكم: أبو أحمد ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: وعامة ما يرويه شهر وغيره من الحديث فيه من الإنكار ما فيه وشهر ليس بالقوي في الحديث وهو ممن لا يحتج بحديثه ولا يتدين به، وقال الدارقطني: يخرج حديثه، وقال البيهقي: ضعيف، وقال ابن حزم: ساقط، وقال ابن عدي: ضعيف جداً. انظر: تهذيب التهذيب (4/ 324 - 325).
(يُتْبَعُ)
(/)
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 213) وقال: «رواه الطبراني في الكبير، وفيه شهر بن حوشب وقد اختلفوا فيه ولكنه وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة».
الشاهد الخامس:
حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: «ما هذا الطهور الذي قد خصصتم به في هذه الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قالوا: يا رسول الله ما منا أحد يخرج من الغائط إلا غسل مقعدته».
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 121)، وفي الأوسط (3/ 231) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن ليث عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، فذكره.
وفيه «شهر بن حوشب» وقد تقدم الكلام فيه في الشاهد الرابع.
الشاهد السادس:
حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: كان رجال منا إذا خرجوا من الغائط يغسلون أثر الغائط فنزلت فيهم هذه الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 100)، من طريق أبي بكر بن أبي سبرة، عن شرحبيل بن سعد، عن خزيمة، به.
وفي إسناده «أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة»، قال صالح بن الإمام أحمد عن أبيه: أبو بكر بن أبي سبرة يضع الحديث، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بشيء، كان يضع الحديث ويكذب، وقال الدوري، ومعاوية بن صالح، عن ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال الغلابي عن ابن معين: ضعيف الحديث، وقال ابن المديني: كان ضعيفا في الحديث، وقال مرة: كان منكر الحديث، وقال الجوزجاني: يضعف حديثه، وقال البخاري: ضعيف، وقال مرة: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في جملة من يضع الحديث. انظر: تهذيب التهذيب (12/ 30 - 31).
وفيه أيضاً «شرحبيل بن سعد» ضعيف، وقد تقدم الكلام فيه في الشاهد الثاني.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/ 476)، من طريق إبراهيم بن محمد، عن شرحبيل، به.
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 213) وقال: «رواه الطبراني، وفيه أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك».
الشاهد السابع:
حديث سهل الأنصاري: أن هذه الآية نزلت في ناس من أهل قباء كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.
أخرجه عمر بن شبة في «أخبار المدينة» (1/ 37) قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا يزيد بن عياض، عن الوليد بن أبي سندر الأسلمي، عن يحيى بن سهل الأنصاري عن أبيه، به.
وفيه «يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي، أبو الحكم المدني»، قال الإمام مالك: كذاب، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أحمد بن صالح المصري: أظنه كان يضع للناس، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث منكر الحديث، وعن أبي زرعة:ضعيف الحديث، وأمر أن يضرب على حديثه، وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث، وقال أبو داود: ترك حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال في موضوع آخر: كذاب، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وقال العجلي، وعلي بن المديني، والدارقطني: ضعيف، وقال يزيد بن الهيثم عن ابن معين: كان يكذب. انظر: تهذيب التهذيب (11/ 308).
الشاهد الثامن:
حديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله: من هؤلاء الذين قال الله عز وجل: {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}؟ قال: «كانوا يستنجون بالماء، وكانوا لا ينامون الليل كله».
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 179)، والحاكم في المستدرك (1/ 299)، كلاهما من طريق واصل بن السائب، عن عطاء بن أبي رباح، وعن أبي سورة، عن عمه أبي أيوب، به.
وفي إسناده «واصل بن السائب الرقاشي أبو يحيى البصري»، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال أبو بكر بن أبي شيبه: ضعيف، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال البخاري، وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات، وقال يعقوب بن سفيان، والساجي: منكر الحديث، وقال الأزدي: متروك الحديث. انظر: تهذيب التهذيب (11/ 92).
والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 213) , وقال: «رواه الطبراني في الكبير، وفيه واصل بن السائب وهو ضعيف».
النتيجة:
الذي يظهر – والله تعالى أعلم – أن الحديث صحيح باعتبار شواهده، وأن الآية نزلت في رجال من الأنصار، وأما كونها نزلت في أهل قباء خاصة فلا يصح؛ لأن الطرق التي فيها ذكر «قباء» ضعيفة جداً، ولا يصح اعتبارها، والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 Jan 2004, 09:31 م]ـ
أحسنت جزاك الله خيرا
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[12 Jan 2004, 11:19 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده،
وبعد
فجزى الله فضيلة الشيخ أحمد خيرا
ولكني أشكل علي وصولك إلى هذه الخلاصة
فقد ذكرت حديث أبي هريرة وذكرت شواهده وبقراءة الشواهد الأول والثاني والرابع والخامس و السابع والثامن، يلاحظ تخصيص أهل قباء بتلك المنقبة، بالإضافة إلى حديث أبي هريرة
فالشاهد الأول وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيه ذكر عويم بن ساعدة رضي الله عنه، وفي الشاهد الثاني التصريح بكونه من أهل قباء ألا يصلح الحديثان أن يكون كل واحد منهما شاهدا للآخر خاصة إذا علمنا أن شرحبيل بن سعد صدوق تغير بأخرة كما قال الحافظ فضعف الحديث ليس قويا كما ترى. والعلة التي فيه ليست بأظهر من العلل التي في أحاديث تعميم المنقبة على الأنصار. خاصة مع عدم الضعف الشديد في الشاهد الثاني، والرابع والخامس ففي الأخيرين شهر بن حوشب معروف كلام العلماء فيه وأقل أحوال صلاحيته للاعتبار والشواهد،
والذي يظهر من قراءة بحثك دون زيادة أن نزول الآية في أهل قباء ثابت أيضا، للأمور التالية:
1 - الصناعة الحديثية تقتضي تحسين أحاديث بأقل من تلك الطرق التي أوردتها في البحث، وضعف أكثرها ليس قويا إن لم يكن حسنا برأسه. كيف وأكثر الشواهد قد نصت على أهل قباء.
2 - أن الأحاديث التي فيها ذكر نزولها في الأنصار تصلح شواهد أيضا لها، فبعض الرواة يذكر الوصف العام (الأنصار) وبعضهم يذكر الوصف الخاص فلا إشكال
3 - قال الشيخ الألباني رحمه الله في الثمر المستطاب:قلت: ظاهر الآية التي أشار إليها النووي رحمه الله وهو قوله تعالى في سورة التوبة: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة/108] يفيد أن المراد مسجد قباء؛ لأن في الآية ضميرين يرجعان إلى مضمر واحد بغير نزاع، وضمير الظرف الذي يقتضي الرجال المتطهرين هو مسجد قباء؛ فهو الذي أسس على التقوى، والدليل على هذا سبب نزول الآية. وهو ما أخرجه أحمد (3/ 422) من طريق أبي أويس: ثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال:
(إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم؛ فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟).
قالوا: والله يا رسول الله! ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا.
وهذا إسناد حسن. ورواه ابن خزيمة في (صحيحه) كما في تفسير ابن كثير) (2/ 389).
وله شاهد بإسناد حسن أيضا كما في (نصب الراية) (1/ 219) من حديث أبي أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك.
أخرجه ابن ماجه (1/ 146) والحاكم (2/ 334 - 335) وقال:
(صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي.
ولذا فإني ألتمس من فضيلة الشيخ معاودة قراءة البحث، وتأمله، ومن ثم إقناعنا بأسباب خلوصه لتلك الخلاصة، أو أسباب رجوعه عنها،
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Jan 2004, 12:17 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم الشيخ عبد الله بلقاسم حفظه الله:
أشكر لك تفضلك بإبداء ملاحظاتك حول هذه المسألة، وأما بخصوص الإيرادات التي ذكرتها فأقول:
قولك: الشاهد الأول وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيه ذكر عويم بن ساعدة رضي الله عنه.
أقول: وماذا يعني ذكر عويم، وهل ثبت كونه من أهل قباء خاصة؟
قولك: وفي الشاهد الثاني التصريح بكونه من أهل قباء ألا يصلح الحديثان أن يكون كل واحد منهما شاهدا للآخر؟
أقول: الشاهد الثاني فيه شرحبيل بن سعد، وقد ذكرت أقوال النقاد فيه حيث لم يوثقه إلا ابن حبان، ألا يكفي هذا في عدم صحة روايته، إضافة إلى الانقطاع بينه وبين عويم بن ساعده، وهذا ضعف شديد لا يصلح به أن يكون شاهدا لغيره.
قولك: إن شرحبيل بن سعد صدوق تغير بأخرة كما قال الحافظ فضعف الحديث ليس قويا كما ترى.
أقول: بل شرحبيل ضعيف جدا، وحسبك أقوال النقاد فيه، وقد ذكرتها فارجع إليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الشاهد الرابع والخامس فلا يصلحان أيضا للاعتبار والشواهد، لأن شهر بن حوشب الراوي لهما له مناكير في روايته، وفي حفظه ضعف، فيخشى أن تكون لفظة «قباء» مدرجة منه، وأنا لم أطرح جميع الروايات لكني أشكك في ثبوت لفظة «قباء» في روايات الحديث.
قولك: إن الصناعة الحديثية تقتضي تحسين أحاديث بأقل من تلك الطرق التي أوردتها في البحث، وضعف أكثرها ليس قويا إن لم يكن حسنا برأسه. كيف وأكثر الشواهد قد نصت على أهل قباء.
أقول: الشواهد التي نصت على مسجد قباء ضعيفة جدا، بخلاف بقية الشواهد التي لم يذكر فيها قباء، حيث صححها بعض العلماء، والقول بتقوية الحديث بكثرة طرقه ليس على إطلاقه، وقد نبّه على ذلك غير واحد من علماء الحديث المحققين، منهم الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته،حيث قال: «لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها، مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة .... ، فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن؛ لأن بعض ذلك عضد بعضاً، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفاً؟
وجواب ذلك: أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت، فمنه ما يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه، ولم يختل فيه ضبطه له .... ، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته، وذلك كالضعيف الذي ينشأ من كون الراوي متهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذاً، وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة».أهـ
وقولك: أن الأحاديث التي فيها ذكر نزولها في الأنصار تصلح شواهد أيضا لها، فبعض الرواة يذكر الوصف العام (الأنصار) وبعضهم يذكر الوصف الخاص فلا إشكال
أقول: بل هذه الأحاديث تؤكد القول بأن الآية نزلت في الأنصار عموما دون أهل قباء.
وأما ما ذكرته من تحسين الألباني لرواية شرحبيل فلا يسلم له، لضعف شرحبيل.
وما ذكر الألباني من شواهد وهي حديث أبي أيوب، وجابر وأنس فهي نعم شواهد قوية، لكن لأصل سبب النزول، لا أنها نزلت في أهل قباء.
ومما يؤكد القول بأن الآية لم تنزل في مسجد قباء ما ورد في صحيح مسلم لما سأل النبي صلى الله عليه عن المسجد الذي أسس على التقوى فأجاب بانه المسجد النبوي، فلو كان سبب النزول صحيحا لكان معارضا لهذا الحديث كما ترى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Jan 2004, 06:46 ص]ـ
الأخ الكريم أحمد القصير حفظه الله، وحفظة الإخوة الكرام
لقد كنت أود الحصول على تتيجة بحثكم في كون أن الآية لم تنزل في أهل قباء، وقد ننصصتم على ذلك في ردكم على الأخ الكريم عبد الله بالقاسم، وذكرتم ما صح عن النبي صللا الله عليه وسلم لما سئل عن الآية فقال: مسجدي هذا.
ولا شكَّ في دخول مسجده صلى الله عليه وسلم في معنى الآية، لكن الحديث لا يُخرج مسجد قباء من أن يكون أسس على التقوى، بل السياق يدلُّ على ذلك، وهو ـ فيما يبدو ـ ظاهر واضح لا لبس فيه، حيث كان الحديث عن مسجد الضرار الذي أقامه المنافقين مضارة لمسجد قباء، فنهي عن الصلاة فيه، ثم نوَّه الله بفضل مسجد قباء.
وكما تلاحظ أن الإشكال كان قديمًا، حيث وقع السؤال عن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى من الصحابة الكرام، ووقع عندهم السؤال عن أي المسجدين أسس على التقوى؟
ولا شكَّ أنهما كلهما أسسا على ذلك، ولدفع إيهام أن يكون المراد به مسجد قباء دون غيره نصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على مسجده، وفي هذا إشارة إلى تعميم هذا الوصف في كل مسجد أسس على التقوى، والله أعلم.
والمقصود: أن السياق يدل على مسجد قباء، والحديث يدل على دخول مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تنافي في ذلك، والله أعلم، لما ذكرت لك.
أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[13 Jan 2004, 01:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ أحمد
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ مساعد
وأعد فضيلة الشيخ أحمد بمراجعة ماكتبت وكتب إن تمكنت في الأيام القادمة إن شاء الله تعالى،لكن أحببت تسجيل قراءتي لرده الكريم ومداخلة فضيلة الشيخ مساعد وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Jan 2004, 09:58 م]ـ
أشكر مشايخنا الأفاضل على مداخلاتهم، وأخص بالشكر أستاذنا الفاضل الدكتور مساعد الطيار.
وأحب أن أنبه أن ما أريده في هذا النقاش هو الوصول للحقيقة لا التعصب لرأيي، وما وصلت إليه من نتيجة في هذا البحث هو رأيي القاصر، والله المستعان.
شيخنا الكريم الدكتور مساعد:
ما ذكرته من أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى هو: مسجد قباء، والمسجد النبوي، وأن كلاهما مراد الآية، هو مذهب الجمهور من العلماء، لكن يشكل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل حينما سأل عن ذلك بأن كلاهما قد أسس على التقوى، خصوصا وأن المقام مقام تبيين، ذلك أنه تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو مسجدي هذا.
وعليه فإن القول بأن كلاهما قد أسس على التقوى فيه مصادمة للنص كما لايخفى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن قباء: وفي ذاك خير كثير، وهذا من أوضح الأدلة على أن مسجد قباء ليس هو المؤسس على التقوى، والقول بأن كلاهما أسس على التقوى هو كالاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم؟!!
وأما قولك: بأن السياق واضح بأن مراد الآية هو مسجد قباء، واستدللت على ذلك بالحديث عن مسجد الضرار.
أقول: ليس في السياق ما يفيد ذلك وهاك الدليل على ذلك:
1 - أن قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} ليس المراد به: من أول أيام قدوم النبي صلى الله عليه وسلم لدار الهجرة، بل المراد من أول أيام تأسيس المسجد، والمعنى أنه أسس أول ما أسس على التقوى، لا على الكفر والضرار، يدل على هذا المعنى أن هذه الآية وردت في مقابل الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107] فمسجد الضرار أسس أول ما أسس على الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، لذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بإحراقه وهدمه؛ لأن بناءه لم يكن على أساس من التقوى والرضوان، وأما المسجد النبوي فأسس أول ما أسس على تقوى من الله ورضوان، ويؤيد هذا المعنى أيضا قوله في الآية التي بعدها: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109] فهذه الآية صريحة بأن المراد من أول أيام تأسيس المسجد، وأنه أسس أول ما أسس على التقوى.
2 _ ومما يؤكد أن المراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الآية: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} حيث أمر الله تعالى نبيه بالقيام فيه، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدم القيام بمسجد قباء، وإنما كان يزوره ويصلي فيه في الأسبوع مرة واحدة، والذي كان يداوم على الصلاة فيه هو مسجده الذي في جوف المدينة، وما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمر الله تعالى فيترك مسجد قباء، وقد أُمِرَ بالقيام فيه، وإنما أمر بالقيام في مسجده، والذي هو مراد الآية.
ولست بدعاً فيما ذهبت إليه من تضعيف الروايات الواردة في سبب نزول الآية والتي فيها التنصيص على مسجد قباء، فقد سبقني إلى ذلك الشوكاني في تفسيره حيث قال: «ولا يخفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عين هذا المسجد الذي أسس على التقوى، وجزم بأنه مسجده، كما قدمنا من الأحاديث الصحيحة، فلا يقاوم ذلك قول فرد من الصحابة ولا جماعة منهم ولا غيرهم، ولا يصح لإيراده في مقابلة ما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فائدة في إيراد ما ورد في فضل الصلاة في مسجد قباء؛ فإن ذلك لا يستلزم كونه المسجد الذي أسس على التقوى، على أن ما ورد في فضائل مسجده صلى الله عليه وسلم أكثر مما ورد في فضل مسجد قباء بلا شك ولا شبهة تعم».أهـ
وأجاب عن سبب نزول الآية «بأن بعض طرقه فيها ضعف، وبعضها ليس فيه تعيين مسجد قباء، وبعضها لا تصريح فيه بأن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء، وإذ الأمر كذلك فإن هذه الأحاديث الواردة في سبب نزول الآية لا تقاوم الأحاديث الصحيحة الصريحة بأن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم».
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[14 Jan 2004, 12:18 ص]ـ
الشيخ أحمد جزاك الله خيرا على طلبك الحق ورغبتك فيه، وعنايتك بإشكالات إخوانك
الخلاف يدور حول نقطة واحدة:
1 - هل صح الأثر بنزول الآية في أهل قباء أم لا
إذ الجواب يفصل النزاع بلا ريب،
فلو سلمنا بعدم صحة الأثر لقلنا بحديث أبي سعيد في مسلم بلا تردد دون حاجة إلى التفصيل في ترجيح هذا القول من ألفاظ الآية وأحسبك تظن بنا ذلك
ولو سلمت أنت بصحة الأثر في نزولها في أهل قباء لجهدت في الجمع بينها وبين حديث أبي سعيد على وجه لا يلغي مدلول أحدهما فالجمع أولى من الترجيح عند إمكانه كما هو متقرر في علم الأصول
فانتقالنا إلى مسألة الجمع تجاوز لمحل الخلف، ونقد من جمع بأنه يستدرك على الرسول صلى الله عليه وسلم لا معنى له، إذ المقصود إعمال النصوص كلها، وعدم إلغاء بعضها
فالشوكاني والقرطبي رحمهم الله تعالى ومن قال بأنه مسجد المدينة لم يصح عندهم الحديث في أن سبب نزول الآية في أهل قباء، فلم يتكلفوا الجمع،
والجمهور ومن تابعهم كالحافظ بن حجر وابن القيم وابن تيمية وابن كثير والألباني رحمهم الله صح عندهم الحديث في أهل قباء فجمعوا،
ولذا فإن بحث المسألة من جهة الرواية هو المخلص إلى اتفاق أو افتراق
فحديث أبي سعيد جاوز قنطرة البحث بكونه في صحيح مسلم
ولا زال لنا معك مداولات في أحاديث أهل قباء، وأصدقك القول أن نفسي لم تطب بتضعيف أحاديثها.
وجزاك الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن آدم]ــــــــ[18 Jan 2004, 02:04 م]ـ
السلام عليكم
إخوتي الكرام
بالنسبة لحديث أهل قباء
فقد سمعت فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار يقول إن الأمة تلقته بالقبول. والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jan 2004, 09:35 ص]ـ
وقال ابن حجر في بقية كتاب المناقب .. باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم:
(و مسجد قباء، فهو أول مسجد بني " يعني بالمدينة، وهو في التحقيق أول مسجد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بأصحابه جماعة ظاهرا، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة، وإن كان قد تقدم بناء غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناها ...
وقد اختلف في المراد بقوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) فالجمهور على أن المراد به مسجد قباء هذا وهو ظاهر الآية، وروى مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: هو مسجدكم هذا " ... قال القرطبي: هذا السؤال صدر ممن ظهرت له المساواة بين المسجدين في اشتراكهما في أن كلا منهما بناه النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأجاب بأن المراد مسجده، وكأن المزية التي اقتضت تعيينه دون مسجد قباء لكون مسجد قباء لم يكن بناؤه بأجر جزم من الله لنبيه، أو كان رأيا رآه بخلاف مسجده، أو كان حصل له أو لأصحابه فيه من الأحوال القلبية ما لم يحصل لغيره، انتهى .... ويحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته صلى الله عليه وسلم بمسجد المدينة، بخلاف مسجد قباء فما أقام به إلا أياما قلائل، وكفى بهذا مزية من غير حاجة إلى ما تكلفه القرطبي،
والحق أن كلا منهما أسس على التقوى.
وقوله تعالى في بقية الآية (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) يؤيد كون المراد مسجد قباء، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نزلت (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) في أهل قباء ".
وعلى هذا فالسر في جوابه صلى الله عليه وسلم بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء، والله أعلم .... قال الداودي وغيره: ليس هذا اختلافا، لأن كلا منهما أسس على التقوى وكذا قال السهيلي وزاد غيره أن قوله تعالى: (من أول يوم) يقتضي أنه مسجد قباء، لأن تأسيسه كان في أول يوم حل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الهجرة، والله أعلم).أ. هـ(/)
هل يصح هذا دليلا قاطعا على كون البسملة ليست من القرآن؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Jan 2004, 02:47 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،
فلعل جميع من على الملتقى و غيرهم يعلمون الخلاف المشهور في (البسملة) ... هل هي آية من القرآن أم لا .. و إن كانت آية فهل هي من أول كل سورة أم لا ...
و في الحقيقة أنا مقتنع تماما بالجمع الذي جمعه الحنفية بين الأدلة في هذه المسألة، حيث جعلوا أدلة الشافعية مثبتة لكون البسملة آية في أول السورة، و جعلوا أدلة المالكية مثبتة لكون البسملة ليست من السورة، و لكنهم نفوا عن أدلة الشافعية إثباتها لأن البسملة آية من السورة، و نفوا عن أدلة المالكية إثباتها لعدم كون البسملة قرآنا ...... و الأمر واضح ولله الحمد
و لكن هناك دليل أورده ابن العربي المالكي ـ رحمه الله تعالى ـ في كونها ليست من القرآن ... هذا الدليل أدار رأسي بالفعل ....
مؤداه / أنها لو كانت من القرآن لما اختلف فيها، لأن القرآن مجمع عليه، و مجمع على أن منكر حرفا واحدا من كافر، و نحن اختلفنا في البسملة فلم يكفر أحد منا صاحبه فدل ذلك على نفي قرآنيتها ....
أخذت أفكر في هذا الدليل ... فوجدت أنه يرجع إلى هذه القاعدة .. :
(القرآن مجمع عليه و متواتر و معلوم من الدين بالضرورة، و من أنكر منه حرفا واحد كفر)
فتأملت هذه القاعدة، و تساءلت / هل المقصود بالإجماع هنا الإجماع على وجه الإجمال أم الإجماع تفصيلا؟ و هل ينطبق على ذلك تماما الخلاف في شذوذ بعض القراءات و تواترها؟
لو كان الأول لم يسلم لابن العربي استدلاله
و لو كان الثاني لما ساغ لنا هذا الخلاف فنقول بأنها مسألة اجتهادية ـ كما أذكر أن القرطبي قالها في تفسيره حين الكلام على هذه المسألة ....
ولو كان المراد من الإجماع هو الإجماع على وجه الإجمال بالفعل، فهل إذا أردنا التفصيل نقول بتقسيم القرآن إلى متفق على قرآنيته و مختلف في قرآنيته و شذوذه، فنكفّر منكر الأول دون الثاني؟
لو كان عند أحد من مشايخنا الكرام علم في هذه المسألة ـ أو هاتين المسألتين ـ فليفدنا مشكورا ....
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 Jan 2004, 06:07 ص]ـ
قول المالكية هذا مبني على قولهم:
من أنكر حرفا من القرآن كفر، فهل الشافعية يكفرون غيرهم لإنكارهم البسملة، طبعا لا.
فرد الشافعية على ذلك بقولهم.
ونحن نثبت أنها آية، وحكم من زاد حرفا في القرآن يكفر، فهل غيرنا يكفرنا، طبعا لا
فسقط هذا الاستدلال
والصواب في المسألة هو أن الخلاف فيها هو من الخلاف الجائز، ووقع عند القراء مثله، فمنهم من يثبتها بين السور وهم الجمهور ومنهم من لم يثبتها
وهكذا حصل في المصاحف العثمانية فمنهم من عدها ومنهم من لم يعدها
ففي مصحف الكوفة عدت الآية 1 من سورة الفاتحة بخلاف مصحف المدينة
وراجع الجزء الأول من النشر في القراءات العشر ينشرح صدرك بإذن الله تعالى.
فظهر للمتأمل أن الاحتمال الأقوى أنها نزلت كآية في بعض الأحرف السبعة ولم تنزل كآية في غيرها. ولا مانع من هذا لا شرعا ولا عقلا.
وبهذا الأخير يجمع بين الأقوال التي ظاهرها التعارض بقول لا يعكر على أهل الفهوم فهومهم ولا تكفير لأحد فيه، ولله الحمد والمنة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 Jan 2004, 11:28 ص]ـ
المسألة فيها خلاف قديم والراجح أن البسملة آية من القرآن لكنها ليست جزءاً من السورة. وبذلك قال بعض العلماء، وبه تجتمع الأدلة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Jan 2004, 08:15 م]ـ
نعم .. جزاك الله تعالى خير الجزاء أخي الراجي
و ما ذكرته أورده البيجوري في حاشيته على شرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع
و لكن هل خفي على ابن العربي ذلك!
بمعنى أن دليله ذلك إما أن يكون قاطعا و إما أن يكون ساقطا لا وجه له
ــــــــــــــــ
جزاك الله تعالى خير الجزاء شيخنا الأمين
و بالفعل فإن أجمل الأقوال في هذه المسألة هو قول الحنفية الذي اعتمد الجمع بين الأدلة
و لم يثبت فيها اضطرابا ـ أي في روايات حديث مالك ـ بل نفى التعارض بينها بصورة حسنة
و أظن هذا الرأي هو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رضي الله عنه ـ
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[17 Jan 2004, 03:57 م]ـ
يبدو أنها غابت عن ابن العربي، ولا يضره ذلك رحمه الله تعالى، والرد مشهور في كتب الشافعية، وما زال العلماء يرد بعضهم على بعض منذ خلق الله الدنيا وإلى أن يرثها، رحم الله الجميع،(/)
ما رأي الإخوة الباحثين في الرجوع إلى المراجع المعاصرة والإفادة منها؟ دعوة للمشاركة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jan 2004, 07:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تختلف وجهات نظر الباحثين حول قضية الرجوع إلى الكتب والبحوث والرسائل المعاصرة، والإفادة منها في كتابة البحوث والرسائل العلمية.
فبعضهم يرى أنه لا ينبغي الرجوع إليها، ويقول: إن الباحث الجاد هو الذي يقتصر على المصادر القديمة المعتبرة، وقد يكون لهم أسباب أخرى دعتهم لهذا الرأي.
ولكاتب هذا المقال رأي آخر - وهو رأي كثير من الباحثين -، وقد ذكرت هذا الرأي في التوصيات التي ختمت بها رسالة الماجستير، فقد كان من التوصيات التي كتبتها:
(عند رجوعي إلى الكتب والمراجع المختلفة للاستفادة منها في كتابة موضوعات هذا البحث وجدتُ أن الرسائل العلمية المتخصصة من أكثر المراجع تحريراً للمسائل ودقة في بحثها وشمولاً لجميع فروعها.
ولهذا فإني أدعو إلى الاستفادة من هذه الرسائل والبحوث العلمية والرجوع إليها، وأدعو إلى نشرها وتوزيعها.
وليس الرجوع إلى هذه البحوث والرسائل - وإن كانت متأخرة - من القوادح ولا من السلبيات في كتابة البحوث - كما يظن ذلك البعض - لأنها بحوث مؤصلة وكتابات محرّرة؛ وليس من الحكمة ولا من المصلحة أن تذهب سدىً، ويرمى بها بين رفوف المكتبات الخاصة، ويُحرم القراء والباحثون من الرجوع إليها والاستفادة منها.)
فما تعليق الإخوة الباحثين الكرام على هذه القضية؟
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[16 Jan 2004, 04:14 م]ـ
الاخ الكريم ابامجاهد العبيدي ............... سلمه الله
أول ماقدح زناد ذاكرتي وأنا أقرأ ماكتبت هما بيتان لابن شرف القيرواني رحمه الله يقول:
قل لمن لايرى المعاصرشيئا ... ويرى للأوائل التقديما
إن ذاك القديم كان جديد ا ... وسيغدو هذا الجديد قديم
فإجمالا: أما من حيث الابداع والاختراغ فذاك نوع من التصنيف قد طوي بساطه منذ زمن ولاحول ولاقوة الابالله
إذ التأليف والتصنيف ـ على مابينهما من فرق ـ ينقسم اقساما تقرب من الثمانية ذكرها ابن الشرقي في جـ 2 من إضاءة الراموس وقبله ابن حزم في نقط العروس ـ ضمن رسائله المجموعه ـ فلم يعد هناك مجال اكبر لمشاركة القلم سوى الجمع أو الترتيب.
ولست بهذا ممن يقول ماترك الاول للاخرشيئا، فهذه مقولة منتقدة عند كل ذي عقل، وأذكر أن الجاحظ شغب كثيراعلى من يقول بها، وقال: ليس هناك مقولة هي اضر علىالعلم والعلماء من هذه المقولة. لكن اقول: كم ترك الاول للاخر* كم ترك له من أمانة في حفظ التراث الذي خلفه لنا الاسلاف وإخراجه على الصورة التي ارادها كاتبها دون تزيد أونفخ، كم ترك الاول للاخر من علم غزير في بطون الكتب يحتاج الى تتبع وحسن إخراج، كم ترك الاول للاخر من علم يفتقر لقلب واع ومثابرة ووقت يساعد لجرد الكثير مماخلفوه لنا رحمهم الله. وانظر الى مكتبتك،،، أعد النظر مرة اخرى هل تجد الى الكتب الصفراء ـ هكذا ينبزها من لاخلاق لهم خابوا وخسروا ـ تراها قد ملأت أرفف مكتبتك ولن تجد كتابا عصريا الا ببحث وتتبع. فبها تخرجنا وعليها تعلمنا ومنها نهلنا، فهي اسانيدنا لدى الجهال ـ كماقال ابن حزم رحمه الله ـ، ومن دونها لن نستطيع كتابة أودرس أو بحث. وكم يزين الكتاب أن ترى عليه تاريخ وفاة مؤلفه ـ لم؟،لا ادري ـ ربما لشعورك أن مؤلفه قد ادى كل ماعنده ولم يعد بالامكان اكثر مماكان. فالتاليف أمر لايتم في حياة المؤلف كماقال الشافعي رحمه الله. ومن أراد التيقن فليقم بأحصاء ماعنده من كتب ثم ليقارن. وإني اسائل نفسي ومن شاء من اخواني، من بإمكانه من المتأخرين أن يبدع لنا كتابا في النحو فيأتي فيه بمسائل لم يتعرض لها الاقدمون، اواصول الفقه، أوالبلاغة، او الحديث بفنونه , أو التفسير، أو السيرة ..... أوليئك قوم قد شغر منهم الزمان، ولايقولن قائل: فماقولك في كتب النوازل والشعر والتاريخ،فأقول تلك علوم لن تكتمل الا بانتهاء التاريخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
اذا فلولا هذه الكتب لما كانت كتب المعاصرين، لكن لما لم يكن الكمال لكتاب غير كتاب الله تعالى فلابد من قول لقائل ... ، وليس كتاب سوى كتاب الله تريد أن تأخذ عليه الا أخذت، وأذكر مقالة قالها الشافعي للربيع رحمهما الله عندما دفع اليه بكتاب الام ليرويه للناس قال: خذه واروه على زلل فيه، فقال له الربيع: اصلحه، قال:هيهات
ابى الكمال الا أن يكون لله ولكتابه، فمن هنا كان لنا أن نكتب أو أن نقول لا ان نبدع ونخترع , وما اظن أن احدا قد ادعى ذلك لعلمه أن الاجماع منعقد على ماهنالك , وليس بخاف عليك اخي الكريم رسالة ابن رجب رحمه الله في فضل علم السلف ‘ وكتبهم رحمهم الله تمثل شيئا من علمهم.
قال ابن فارس رحمه الله ( ... ومن الذي حظرعلى المتأخرمضادةالمتقدم، ولمه تأخذ بقول من قال: ماترك الاول للآخر شئا وتدع قول الآخر: كم ترك الاول للأخر. وهل الدنيا إلا أزمان ولكل زمان منهارجال، وهل العلوم بعد الاصول المحفوظة إلا خطرات ألأوهام ونتائج العقول. ومن قصر الاداب على زمان معلوم، ووقفها على وقت محدود؟ ولم لاينظر الآخر مثلما نظر الاول حتىيؤلف مثل تاليفه ويجمع مثل جمعه ... ) * من رسالة له ذكرت في ترجمته ـ وكأني بهذا احج نفسي وأنقض مابنيت، كلا لكن أين مثل المقاييس أو الصاحبي أو المجمل وهل الوسيط الاعالة على هذه الكتب وأمثالها، إن هناك فرقا بين ما كتبت ومالم اكتب بعد وهو أن ماسبق وقلته هو الحكم بالعموم علىتصنيف المتقدمين رحمهم الله جملة، حتى غدت رسائلهم التي لاتتجاوزصفحات بعضها اصابع اليد تبز مصنفات كثير من المتأخرين وأنظر الى رسائل شيخ الاسلام أو ابن لقيم أو ابن رجب أوا بن فارس فبعضها يعد مصدرا في بابه تكتب ببون الذهب.
الا أن هذا لايعني أن المتاخرين ليس لهم بعض الجهود التي تذكر فتشكر،وأذكر أن الطنطاوي رحمه الله ذكر أن هناك كتبا تصل الى العشره تعد من مفاخر المتأخرين وذكر منها الاعلام للزركلي * إلا أنك إذا طالعتها وجدتها عالة على كتب المتقدمين، فماهي الا جمع لمتناثر كلامهم ـ وهذه واحدة من مقاصد التأليف ـ في الغالب الاعم.
فمن الكتب الجيده التي شابهت في حسنها بعض كتب المتقدمين، او حاولت التجديد فأتت بمايصعب معه انكار فضلها فعلى سبيل المثال
1ـ الدعاء للعروسي (من العجيب أن اسمه يوحي وكأنه من القرن الخامس)
2ـ التفسير والمفسرون ـ على ماقيل فيه ـ للذهبي رحمه الله (وتأمل اسمه)
3ـ الاعلام للزركلي رحمه الله
4ـ كتب الالباني رحمه الله فقد جدد لعلم الحديث ماكاد يندرس منه
5ـ صفحات من صبر العلماء ... لابي غده رحمه الله
6ـالفقه واصوله، عجزت أن اتذكر كتابا يعول عليه سوى كتاب سيد سابق رحمه الله لكن كثيرا من الكتب قليل الجدوى ذائع الصيت (حظوظ) فعلىنفاسة هذا الكتاب فهو لايغني طالب العلم ولايتخرج به.
7ـ الادب (حجبت لهذا العام) وإن كان كتاب المتنبي للعلامة محمود شاكر رحمه الله بمكان،إلا أنها دراسة جزئه.لكن نقول هو من شابه المتقدمين في كتاباتهم، كذلك إحسان عباس ـ رحمه الله ـ فله دراسات جيده وقويه لكن لم تسلم من الشطط
8ـ الكثير من الدراسات والرسائل الجامعيه التي غطاها الغبار في ارفف الجامعات فقد طبع الشئ اليسير منها. مما أخشى معه أنه لو طبعت كلها او الكثير منها لنسفت كل ماذكرت (يارب سترك)
ويعلم الله كم أرى من بعض الكتب التي كتب عليها إستخفافا بعقول القراء (من أكثر الكتب مبيعا في العالم)، ويكون أصحابها لهم شهرة عريضه، الا أني لم استطع أن اشتري كتابا منها بعد أن اتصفح بعض الورقات من بعضها، ولن أذكر اسماء حتى لا احمل أوزارهم عفى الله عنا وعنهم، بل أقول في نفسي لو لم يكتب ويؤلف لكان اسلم وأرفع له عند طلاب العلم.
وإني اذكرك أخي بحديث ابن مسعود رضي الله عنه من رواية عاصم عن ابي وائل عن ابن مسعود عند الامام احمد باسناد جيد في فشو القلم وأنه من علامات الساعة , إذا علمت هذا وأن الكثير اصبح يقرأ كتابا ويؤلف آخر رغبة في التاليف والله اعلم ببواطن الامور، فمهما كتب المتأخرون فلن يصلوا الى ماوصل اليه المتقدمين
الخاتمه
كماقال في الكامل: (ليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحدثانه يهتظم المصيب , ولكن يعطى كل مايستحق)
فكان استحقاق المتقدمين من الفضل اكبر من استحقاق من بعدهم من المعاصرين لأمور
1ـ الاسبقيه
فلوقبل مبكاهابكيت صبابة ... بسعدىشفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيجني البكا ... بكاهافقلت: الفضل للمتقدم
2ـ ماعلى كلامهم من حلاوة وماله من قبول سره الاخلاص
3ـ سعة العلم والاستقصاء
4ـ الابتكار والابداع
فلاعليك إن استفدت من بعض من تأخر كاستفادتك ممن تقدم، واجعل نصب عينيك تلك الكتب الصفراء فهي المعول عليها عند أهل الحجى.
وأكتفي بماقلت وأظن اني قد اطلت حتى لا اعلم هل اسهبت ام اطنبت، لكن ومع كل ماقلت فمازال الموضوع يحتاج لمناقشة كثير من زواياه، اكتفيت بما أشار اليه الاخ الكريم العبيدي، والمعذرة من خلل قد يرى أو قصور قد يلمس، فالبال مشغول والخاطر مكدود والذهن مشدود، والله يتولاناجميعا بلطفه ورحمته فهو وحده المعبود لارب لناسواه ولامبتغى غير الفوز برضاه. والله أعلم
ـ الحواشي ــــ
* عجز بيت لأبي تمام مطلعه يقول من تقرع أسماعه ... كم ترك الاول للاخر
*مثله لابن شرف القيرواني رحمه الله في نقد الشعروالشعراء (وما أحسنها من رساله)
*من كان يعرف باقي ماذكره رحمه الله فليفدنا مشكورا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Jan 2004, 08:29 م]ـ
المراجع المتقدمة هي الأصل الذي ننطلق منه
و من السفه أن نقول بعدم الاحتياج إلى المراجع الحديثة
فأين إذا أجد فقه النوازل و الواقعات؟
أين أجد حكم الماء المقطر الذي أصله صرف صحي؟
أين أجد حكم زراعة العضو المقطوع في حد أو قصاص؟
بل في كل عصر نجد من الفقهاء من ألف في النوازل و الواقعات التي لم تكن واقعة قبل عصره فكانت في حقه نازلة
و هي في حقنا غير نازلة،،، فالأمر إذا نسبي،،، و هذه سنة متبعة
و لكن كتب المتقدمين هي الأصل، و يتم من خلالها تأسيس القاعدة العلمية، لأننا نتلقى العلوم خلفا عن سلف، و المطالع لكتب المتقدمين يرى فيها من الرزانة و الثقل والوضوح و الاختصار ما لا تتمتع به كتب المعاصرين ......
فالأمر إذا ليس تعبديا بل قد يكون الكتاب لمتأخر أو معاصر وهو أفضل ألف مرة من كتاب المتقدم .....
و هذه نقطة أخرى بالنسبة لكتب المتقدمين، تجدونها على هذا الرابط، و هي مهمة للغاية و قل من رأيته يعمل بها، سواء علماء أو دكاترة أو طلاب، فانتبهوا لها فإنها مهمة ... http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?s=&threadid=1257
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 May 2010, 07:35 م]ـ
قد مضى زمنٌ على هذا الموضوع الذي طرحه أخي أبو مجاهد وفقه الله، وأظن الذي دعاه لهذا أن بعض المناقشين للرسائل العلمية يجعل من أوجه نقد البحث اعتماده في بعض المسائل على مصادر معاصرة في الموضوع. ويعدُّ هذا عيباً وخللاً منهجياً في البحث.
وهذا فيه تفصيل:
فإن كانت المسألة المبحوثة من المسائل القديمة التي عاجلها المتقدمون في كتبهم ولهم فيها أقوال ومباحثات، ثم يأتي الباحث المعاصر فيتجاوز تلك المصادر المتقدمة، ويكتفي بمصادر متأخرة فهذا يعد عيباً فيما يظهر لي.
وإن كانت المسألة مما تفرد به المعاصر ابتداءً، أو مما أضاف فيه غضافة ذات قيمة علمية ولو تقدم بحث المسألة لدى القدماء، فإن هذا هو الصواب في البحث، والعناية برأي المتأخرين لا بد منها.
وأما الدعوة إلى ترك كتب المعاصرين لمجرد المعاصرة فأظن هذا ما يرفضه أخي أبو مجاهد ويدعونا لرفضه معه، لأن الأمر كما تفضل الزملاء قبلي لا علاقة له بالقدم أو المعاصرة، وإنما بالحق والصواب والبحث والإضافة العلمية، فحيث وجدت فلا بد من العناية بها وتتبعها وإبرازها سواء كانت لمتقدم أو معاصر.
وإن كانت المعاصرةُ حجاباً عند كثير من الناس، فلا يرى للمعاصرين فضلاً ولا يحب أن يعتمد على بحوثهم، وغالب ذلك مبعثه الحسد، وغمط الحق أهلَه إلا من رحم الله. فتراه ينتفع بكتب المعاصر ثم يغفله ويشير في الحاشية إلى أنه انتفع بكتاب فلان من المتقدمين، وينكر عند تنبيهه إلى ذكر أحد المعاصرين لذلك أنه سبق له الاطلاع على هذا الرأي، أو سَمِع به، وواقعه بخلافه. ومثل هذا لا يُثمِرُ، ولا يُباركُ لهُ في علمه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 May 2010, 07:38 م]ـ
و هذه نقطة أخرى بالنسبة لكتب المتقدمين، تجدونها على هذا الرابط، و هي مهمة للغاية و قل من رأيته يعمل بها، سواء علماء أو دكاترة أو طلاب، فانتبهوا لها فإنها مهمة ... http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?s=&threadid=1257
بارك الله فيك يا أخ محمد.
أراك تطلق الأقوال العريضة دون بيّنةٍ فعلى رسلك يا أخي الحبيب، فهذا الذي ذكرتَه يعرفهُ جميعُ من يُدرِّس آيات الأحكام أو أحاديث الأحكام، وليس هناك أحدٌ يعتمدُ في نسبة أقوال المذاهب على كتب أحكام القرآن أو التفسير إِلا بعد التمحيص والموازنة بكتب المذاهب المعتمدة.
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[27 May 2010, 05:48 ص]ـ
لكن لما لم يكن الكمال لكتاب غير كتاب الله تعالى
ليس من العدل بل هو من الظلم ان نقارن كتاب الله وقيمته بتلك القيمة لنجوى بشر وحديث بشر وكتاب بشر، بل الاصوب ان نقول:
{
لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} النساء114
فحديث البشر لايبلغ لا الكمال ولا نصيفه ولا اقل من ذلك، فما اكثر الزلل البشري وما اقل قليل صوابه والذي يعتريه النقص ان كان نجوى الاولين او نجوى الءاخِرين، ان العمل البشري لايكون صالحا الا بمثل ما مَثَّل له الله؛ كما في الاية، اي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا خير في غيره، والا ان يكون اقل القليل، اي ماقل ودل،
فانا ارى - والتمس العذر لما ارى - ان جميع غير كتاب الله قليل النفع كثير الخطأ والضرر،
وقد يكون حديثي نشازا ايها السادة الافاضل، ولكني احسبها كلمة حق وامرا بمعروف ارجو ان تجد لها متسعا في صدوركم،(/)
المنتقى من أقوال المفسرين في ربط تفسير الآيات بالواقع المعاش
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jan 2004, 07:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم كتاب هداية، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرج من استضاء به من الظلمات إلى النور.
ولا شك أن من أهم المهمات التي ينبغي لكل من فسر القرآن أن يوليها الاهتمام اللائق بها: دعوة الناس إلى العمل به، وحل مشاكلهم بما تضمنه من الهدى، وإنذارهم بما فيه من الوعيد، والاجتهاد في ربط هداياته بواقعهم الذي يعيشونه.
ولقد كان هذا الأمر من الأمور التي اهتم بها المفسرون قديماً وحديثاً، وذكروا في ثنايا تفسيرهم للقرآن نصائح وتوجيهات، ونبهوا على تنبيهات مهمات، وذكّروا بالقرآن من غفل أو نسي أو أعرض لعله يتذكر أو يخشى.
وقد لفت انتباهي وأنا أقرأ في كتب التفسير الكثيرُ من هذه النصائح والتنبيهات والإرشادات فأردت أن أذكر شيئاً منها هنا للتنبيه على أهمية هذا الأمر لمن تصدى لتفسير القرآن وتعليمه للناس.
وإلى القارئ الكريم بعض هذه النقول:
· قال العلامة الشنقيطي بعد تفسيره لقوله تعالى في سورة محمد: {إِنَّ ?لَّذِينَ ?رْتَدُّواْ عَلَى? أَدْبَـ?رِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ?لْهُدَى ?لشَّيْطَـ?نُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى? لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ?للَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ?لاٌّمْرِ وَ?للَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ?لْمَلَـ?ئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـ?رَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ?تَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ?للَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَـ?لَهُمْ}:
(مسألة
اعلم أن كل مسلم، يجب عليه في هذا الزمان، تأمل هذه الآيات، من سورة محمد وتدبرها، والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد؛ لأن كثيراً ممن ينتسبون للمسلمين داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد.
لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما نزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو هذا القرآن وما يبينه به النبي صلى الله عليه وسلم من السنن.
فكل من قال لهؤلاء الكفار الكارهين لما نزله الله: سنطيعكم في بعض الأمر، فهو داخل في وعيد الآية.
وأحرى من ذلك من يقول لهم: سنطيعكم في الأمر كالذين يتبعون القوانين الوضعية مطيعين بذلك للذين كرهوا ما نزل الله، فإن هؤلاء لا شك أنهم ممن تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم.
وأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه، وأنه محبط أعمالهم.
فاحذر كل الحذر من الدخول في الذين قالوا: سنطيعكم في بعض الأمر.) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jan 2004, 07:52 ص]ـ
ومن ذلك أيضاً:
ما ذكره الشيخ الشنقيطي كذلك في سياق كلام طويل قيم نفيس في التنبيه على قضايا مهمة متعلقة بتفسير قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)؛ قال رحمه الله:
(والله جل وعلا يقول في سورة القمر مرات متعددة: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ?لْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}. ويقول تعالى في الدخان: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَـ?هُ بِلِسَـ?نِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. ويقول في مريم: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَـ?هُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ?لْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً}.
فهو كتاب ميسر، بتيسير الله، لمن وفقه الله للعمل به، والله جل وعلا يقول: (بَلْ هُوَ ءَايَـ?تٌ بَيِّنَـ?تٌ فِى صُدُورِ ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?لْعِلْمَ}، ويقول {وَلَقَدْ جِئْنَـ?هُمْ بِكِتَـ?بٍ فَصَّلْنَـ?هُ عَلَى? عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
فلا شك أن الذي يتباعد عن هداه، يحاول التباعد عن هدى الله ورحمته.
ولا شك أن هذا القرآن العظيم، هو النور الذي أنزله الله إلى أرضه، ليستضاء به فيعلم في ضوئه الحق من الباطل والحسن من القبيح والنافع من الضار، والرشد من الغي.
قال الله تعالى: {يَـ?أَيُّهَا ?لنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً}.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى: {قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ?للَّهِ نُورٌ وَكِتَـ?بٌ مُّبِينٌيَهْدِى بِهِ ?للَّهُ مَنِ ?تَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ?لسَّلَـ?مِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ?لظُّلُمَـ?تِ إِلَى ?لنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى? صِرَ?طٍ مُّسْتَقِيمٍ}. وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ?لْكِتَـ?بُ وَلاَ ?لإِيمَـ?نُ وَلَـ?كِن جَعَلْنَـ?هُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا} وقال تعالى: {فَآمِنُواْ بِ?للَّهِ وَرَسُولِهِ وَ?لنّورِ ?لَّذِى? أَنزَلْنَا} وقال تعالى: {فَ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَ?تَّبَعُواْ ?لنُّورَ ?لَّذِى? أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـ?ئِكَ هُمُ ?لْمُفْلِحُونَ}.
فإذا علمت أيها المسلم أن هذا القرآن العظيم، هو النور الذي أنزله الله ليستضاء به، ويهتدى بهداه في أرضه، فكيف ترضى لبصيرتك أن تعمى عن النور.
فلا تكن خفاشي البصيرة، واحذر أن تكون ممن قيل فيهم:
خفافيش أعماها النهار بضوئه ...... ووافقها قطع من الليل مظلم
مثل النهار يزيد أبصار الورى ...... نوراً ويعمي أعين الخفاش
{يَكَادُ ?لْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَـ?رَهُمْ}. {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ?لْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى? إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ?لأَلْبَـ?بِ}.
ولا شك أن من عميت بصيرته عن النور، تخبط في الظلام، ومن لم يجعل الله له نوراً، فما له من نور.
وبهذا تعلم أيها المسلم المنصف، أنه يجب عليك الجد، والاجتهاد في تعلم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالوسائل النافعة المنتجة، والعمل بكل ما علمك الله منهما، علماً صحيحاً.
ولتعلم أن تعلم كتاب الله وسنة رسوله في هذا الزمان أيسر منه بكثير في القرون الأولى، لسهولة معرفة جميع ما يتعلق بذلك، من ناسخ ومنسوخ وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ومجمل ومبين وأحوال الرجال، من رواة الحديث، والتمييز بين الصحيح والضعيف، لأن الجميع ضبط وأتقن ودون، فالجميع سهل التناول اليوم.
فكل آية من كتاب الله قد علم ما جاء فيها من النبي صلى الله عليه وسلم ثم من الصحابة والتابعين وكبار المفسرين.
وجميع الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلم حفظت ودونت، وعلمت أحوال متونها وأسانيدها وما يتطرق إليها من العلل والضعف.) انتهى.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[16 Jan 2004, 09:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الشيخ و القلم البحَّاث / أبا مُجَاهِد العبيدي سلَّمه الله
لا شكَّ أن المفسِّرين قاموا بأدوارهم كاملة ووفَّوا و ما نقصوا، و قد أشرتَ - حفظك الله و طيَّب قلمك –
((ولا شك أن من أهم المهمات التي ينبغي لكل من فسر القرآن أن يوليها الاهتمام اللائق بها: دعوة الناس إلى العمل به، وحل مشاكلهم بما تضمنه من الهدى، وإنذارهم بما فيه من الوعيد، والاجتهاد في ربط هداياته بواقعهم الذي يعيشونه.
ولقد كان هذا الأمر من الأمور التي اهتم بها المفسرون قديماً وحديثاً، وذكروا في ثنايا تفسيرهم للقرآن نصائح وتوجيهات، ونبهوا على تنبيهات مهمات، وذكّروا بالقرآن من غفل أو نسي أو أعرض لعله يتذكر أو يخشى.))
ولذا فنحن أمام مسألةٍ مُهِمَّة و هي مدى قدرة المفسِّر على إفادة أهل مجتمعه و من يفسِّر لهم كلام الله تعالى، إذ إن تفسير القرآن لا ينبغي أن يتحول إلى تفكيك رموز دون أن يكون لها هدايات و آثارٌ في توجيه الناس و دعوتهم إلى الله تعالى، و تقريبهم إلى جنَّة الله و رضوانه - هذا في الأصل – لكن ما نفتقده – أحياناً – هو غياب هذا الهدف عند البعض، و لذا خرج هذا الموضوع الجميل لأنَّ ربط الواقع بكلام الله قليل و الله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكنت قد حاولت ربط الترف بالواقع من خلال فهم أسباب الترف و مظاهره و علاجه، من خلال القرآن و ربط ذلك بالواقع فكان من أهمِّ تلك المظاهر التي ذكرتها ووجدت المفسِّرين قد أشاروا إلى كثير منها؛ وحيث إن الترف ظاهرةٌ متمِّيزةٌ لدى الأغنياء و الفقراء فلقد صوَّرت لنا الآيات في سورة يوسف بعض مظاهر الترف غير المألوفة في الأزمان السابقة سوى العلية من القوم و الطبقة الراقية منهم كما جاء في الآيات التالية يقول الله I ] وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ {30} فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ {3} قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ {32} [، يتجلى في هذه الآيات الكثير من الكماليات التي يسعى إليها المترفون؛ وقد يحصلُ بعضها لهم نظراً لطبيعة الطبقية التي يعيشونها والمجتمع الذي يتعاملون معه دون أن يبحثوا عنها، وقد تأتي بعد إجهاد المرء نفسه للكماليات على حساب الواجبات والمستلزمات الضرورية، لكن المجتمع لا يرحمه – في نظره -!!
فتلك القصة في ذكر امرأة العزيز توضح بعض اللمحات وتكشف النقاب عن كثيرٍ من الهنات لدى المترفين - آمالاً وأعمالاً - في القصور:
يقول سيد قطب رحمه الله ص 1984 – 1985 (لقد أقامت مأدبة في قصرها. وندرك من هذا أنهن كن من نساء الطبقة الراقية. فهن اللواتي يدعين في القصور. وهن اللواتي يؤخذن بهذه الوسائل الناعمة المظهر. ويبدو أنهن يأكلن وهن متكئاتٍ على الوسائد والحشايا على عادة الشرق في ذلك الزمان. فأعدت لهن هذا المتكأ. وآتت كلَّ واحدةٍ منهن سكيناً تستعملها في الطعام – ويؤخذ من هذا أن الحضارة المادية في مصر كانت قد بلغت شأواً بعيداً، وأن الترف في القصور كان عظيماً؛ فإن استعمال السكاكين في الأكل قبل هذه الآلاف من السنين له قيمته في تصوير الترف والحضارة المادية – وبينما هنّ منشغلاتٍ بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة؛ فاجأتهنَّ بيوسف .... ثم قالت قولة المرأة المنتصرة، التي لا تستحي من بنات جنسها وطبقتها، والتي تفخر عليهن بأن هذا في متناول يدها ... ).
وقد ندرك الترف في بعض الصور منها: أنها أرسلت غيرها بالدعوة إيغالاً في السلطة وتميزاً بين نساء الطبقة، ولإثبات القدرة والسيطرة على الأمور، وأنهن لا يزلن في عداد طبقتها ولم تكن شاذةً عنهن بارتكابها هذا الخطأ!!
ومنها: أن أعدت لهن المتكئات يقول الألوسي رحمه الله 7/ 342، (أي ما يتكئن عليه من النمارق والوسائد كما روي عن ابن عباس وهو من الإتكاء: الميل إلى أحد الشقين ... وروي عن الحبر - أيضاً - أن المتكأ: مجلس الطعام لأنهم كانوا يتكؤن كعادة المترفين المتكبرين)، والتي لا توجد هذه – في الغالب - إلا في بيوت الطبقة الأرستقراطية آنذاك وبعده، وأعطت كلّ واحدةٍ من أولاءِ النسوة سكيناً مع كثرة الأكلة ووفرة أصناف الطعام ومع ذلك فالسكاكين والمتكئات متوفرة، واعتمدت كذلك على عنصر المفاجأة] اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ [مما يؤكد أن العدد كبير والفرصة مواتيةٌ لدخوله؛ لاكتمال العدد!!
ومنها: التبجح في ارتكاب المنكر وإضماراً للشر وتبييتاً له] وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ {32} [، يقول سيد قطب رحمه الله ص 1980: (فهذه البيئة التي تسمح بهذا. وذلك بيئةٌ خاصةٌ؛ هي بيئة الطبقة المترفة دائماً).
ومنها: ضعف الغيرة في مواجهة الخيانات الزوجية فهنا كما يقول سيد رحمه الله ص 1983: (تبدو لنا صورة من " الطبقة الراقية " في الجاهلية قبل الآف السنين وكأنها هي هي اليوم شاخصةٌ: رخاوةٌ في مواجهة الفضائح الجنسية؛ وميلٌ إلى كتمانها عن المجتمع، وهذا هو المهم كله).
وأحب إلى أشيد بما ذكرته من الحاجة إلى ربط الآيات بالواقع و الحياة التي يعيشها الناس فكلام الله ليس مقصوراً
على طائفةٍ أو زمن و الله المستعان
و الله يتولى الجميع بحفظه و توفيقه
محبك عبد الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Jun 2005, 12:03 ص]ـ
ومن أمثلة ذلك ما ذكره الشنقيطي أيضاً عندما ذكر أصول الاقتصاد في الإسلام عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان:67)، فقد قال بعد كلام مهم يحسن الرجوع إليه في أضواء البيان:
(ولا شكّ أنه يلزم المسلمين في أقطار الدنيا التعاون على اقتصاد يجيزه خالق السم?وات والأرض، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ويكون كفيلاً بمعرفة طرق تحصيل المال بالأوجه الشرعية، وصرفه في مصارفه المنتجة الجائزة شرعًا؛ لأن الاقتصاد الموجود الآن في أقطار الدنيا لا يبيحه الشرع الكريم، لأن الذين نظموا طرقه ليسوا بمسلمين، فمعاملات البنوك والشركات لا تجد شيئًا منها يجوز شرعًا، لأنها إما مشتملة على زيادات ربوية، أو على غرر، لا تجوز معه المعاملة كأنواع التأمين المتعارفة عند الشركات اليوم في أقطار الدنيا، فإنك لا تكاد تجد شيئًا منها سالمًا من الغرر، وتحريم بيع الغرر ثابت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن من يدّعي إباحة أنواع التأمين المعروفة عند الشركات، من المعاصرين أنه مخطىء في ذلك، ولأنه لا دليل معه بل الأدلّة الصحيحة على خلاف ما يقول، والعلم عند اللَّه تعالى?.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[01 Jun 2005, 10:33 م]ـ
إلى أبي مجاهد والخضيري .... مع التحية:
أُحيطكم علماً بأنَّ العبد الفقير كانت رسالته في الماجستير بعنوان "تنزيل الآيات على الواقع عند المُفسرين" وقد اشتملت على قسمين:
الأول: احتوى على دراسةٍ نظريةٍ لقضية التنزيل تناولت التعريف, وعلاقة التنزيل ببعض مسائل علوم القرآن, ونشأة التنزيل وفوائده, وحُكمه, وأنواعه, ونماذج من تنزيل الآيات على الواقع عند المُفَسِّرين القُدامى, كابن العربي, والقرطبي, وابن تيمية.
وأمَّا القسم الثاني: فهوتطبيقٌ لقضية التنزيل التي تمَّت دراستها في القسم الأول, وذلك من خلال تفسير المنار لرشيد رضا, ومجالس التذكير لعبد الحميد بن باديس, وفي ظلال القرآن لسيد قطب.
وتهدف الرسالة بالدرجة الأولى إلى ربط الناس بكتاب الله تعالى, وحثهم على العمل به.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Jun 2005, 09:42 ص]ـ
نفع الله بكم وبرسالتكم يا شيخ عبدالعزيز ...
ولعلك تحيطنا علماً بأخبار هذه الرسالة ذات الموضوع القيم، وهل نوقشت أم لا؟ وهل يمكنك أن تنتخب لنا منها ما ننتفع به؟
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[03 Jun 2005, 11:02 م]ـ
إلى أبي مجاهد مع التحية:
الرسالة في طور المناقشة قريباً, ونتمنى منكم الدعاء لنا بالتوفيق والنجاح .......
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jul 2005, 08:15 م]ـ
في تفسير القرطبي لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (القرقان: 20) ذكر مسائل متعلقة بأحكام الأسواق، ومنها:
(الرابعة: خرّج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها». وخرّج البزّار عن سلمان الفارسيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكونن إن استطعتْ أوّل من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته». أخرجه أبو بكر البرْقانيّ مسنداً عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم عن أبي عثمان النهدِيّ عن سلمان قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكن أوّل من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرّخ». ففي هذه الأحاديث ما يدلّ على كراهة دخول الأسواق، لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النسوان. وهكذا قال علماؤنا لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر: كُره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدِّين تنزيهاً لهم عن البقاع التي يُعصى الله فيها. فحق على من ابتلاَه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده، وأنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصَر منه على قدر ضرورته، وتحرز من سوء عاقبته وبليته.
الخامسة: تشبيه النبيّ صلى الله عليه وسلم السوق بالمعركة تشبيه حسن؛ وذلك أن المعركة موضع القتال، سمي بذلك لتعارك الأبطال فيه، ومصارعة بعضهم بعضاً. فشبّه السوق وفعل الشيطان بها ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة، والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب والأيمان الكاذبة، واختلاَط الأصوات وغير ذلك بمعركة الحرب ومن يصرع فيها.
السادسة: قال ابن العربي: أما أكل الطعام فضرورة الخلق لا عار ولا درك فيه، وأما الأسواق فسمعت مشيخة أهل العلم يقولون: لا يدخل إلا سوق الكتب والسلاح، وعندي أنه يدخل كل سوق للحاجة إليه ولا يأكل فيها؛ لأن ذلك إسقاط للمروءة وهدم للحشمة؛ ومن الأحاديث الموضوعة: «الأكل في السوق دناءة».
قلت: ما ذكرته مشيخة أهل العلم فنعما هو؛ فإن ذلك خالٍ عن النظر إلى النسوان ومخالطتهن؛ إذ ليس بذلك من حاجتهن. وأما غيرهما من الأسواق فمشحونة منهن، وقلة الحياء قد غلبت عليهن، حتى ترى المرأة في القيسارِيات وغيرهن قاعدة متبرجة بزينتها، وهذا من المنكر الفاشي في زماننا هذا. نعوذ بالله من سخطه.) انتهى
ـ[د. أنمار]ــــــــ[22 Jul 2005, 08:33 م]ـ
فماذا يقول عن أسواق زماننا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Oct 2005, 06:48 م]ـ
أخي الكريم عبدالعزيز الضامر وفقه الله
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد أن وفقكم الله وناقشتم الرسالة ولله الحمد في (29/ 8/1426هـ). أرجو أن تتكرموا علينا بعرضها بإيجاز وذكر بعض الفوائد المنتقاة على غرار ما ذكر أبو مجاهد وفقه الله.
ـ[الباحث7]ــــــــ[03 Feb 2009, 02:04 م]ـ
ومن ذلك ما جاء في تفسير السعدي لقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
{217} {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
حيث قال رحمه الله: (ثم أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين، وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم، وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم، ويكونوا كفارا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير، فهم باذلون قدرتهم في ذلك، ساعون بما أمكنهم، {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.
وهذا الوصف عام لكل الكفار، لا يزالون يقاتلون غيرهم، حتى يردوهم عن دينهم، وخصوصا، أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، الذين بذلوا الجمعيات، ونشروا الدعاة، وبثوا الأطباء، وبنوا المدارس، لجذب الأمم إلى دينهم، وتدخيلهم عليهم، كل ما يمكنهم من الشبه، التي تشككهم في دينهم. ولكن المرجو من الله تعالى، الذي مَنّ على المؤمنين بالإسلام، واختار لهم دينه القيم، وأكمل لهم دينه، أن يتم عليهم نعمته بالقيام به أتم القيام، وأن يخذل كل من أراد أن يطفئ نوره، ويجعل كيدهم في نحورهم، وينصر دينه، ويعلي كلمته.
وتكون هذه الآية صادقة على هؤلاء الموجودين من الكفار، كما صدقت على من قبلهم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.
ثم أخبر تعالى أن من ارتد عن الإسلام، بأن اختار عليه الكفر واستمر على ذلك حتى مات كافرا، {فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} لعدم وجود شرطها وهو الإسلام، {وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
[ص 98]
ودلت الآية بمفهومها، أن من ارتد ثم عاد إلى الإسلام، أنه يرجع إليه عمله الذي قبل ردته، وكذلك من تاب من المعاصي، فإنها تعود إليه أعماله المتقدمة.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Feb 2009, 10:45 ص]ـ
جاء في فتح القدير للشوكاني في تفسيره لقول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ما نصه:
(قوله: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} الخطاب للنبي صلى الله عليه و سلم أو لكل من يصلح له والخوض: أصله في الماء ثم استعمل في غمرات الأشياء التي هي مجاهل تشبيها بغمرات الماء فاستعير من المحسوس للمعقول وقيل هو مأخوذ من الخلط وكل شيء خضته فقد خلطته ومنه خاض الماء بالعسل: خلطه والمعنى: إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والرد والاستهزاء فدعهم ولا تقعد معهم لسماع مثل هذا المنكر العظيم حتى يخوضوا في حديث مغاير له أمره الله سبحانه بالإعراض عن أهل المجالس التي يستهان فيها بآيات الله إلى غاية هي الخوض في غير ذلك.
وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله ويرد ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم وذلك يسير عليه غير عسير وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة فيكون في حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر
وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه وبلغت إليه طاقتنا.
ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة فإنه ربما يتفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه فيعمل بذلك مدة عمره ويلقى الله به معتقدا أنه من الحق وهو من أبطل الباطل وأنكر المنكر.) انتهى(/)
فوائد وتنبيهات ولطائف في التفسير وعلوم القرآن [2]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Jan 2004, 08:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه تتمة لما سبق طرحه تحت هذا العنوان هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=54)
فائدة في بيان أن الوعد يستعمل في العذاب، وأن وعد الله للكافرين لا يتخلف:
قال الشنقيطي في أضواء البيان في بيانه لقوله تعالى في سورة الحج: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (الحج:47):
(وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَلَن يُخْلِفَ ?للَّهُ وَعْدَهُ} الظاهر أن المراد بالوعد هنا: هو ما أوعدهم به من العذاب الذي يستعجلون نزوله.
والمعنى: هو منجز ما وعدهم به من العذاب، إذا جاء الوقت المحدد لذلك كما قال تعالى: {وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ?لْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} وقوله تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} وقوله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنْتُمْ بِهِ ءَآأنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} وبه تعلم أن الوعد يطلق في القرآن على الوعد بالشر.
ومن الآيات الموضحة لذلك قوله تعالى: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذ?لِكُمُ ?لنَّارُ وَعَدَهَا ?للَّهُ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ?لْمَصِيرُ} فإنه قال في هذه الآية في النار: وعدها الله بصيغة الثلاثي الذي مصدره الوعد، ولم يقل أوعدها وما ذكر في هذه الآية، من أن ما وعد به الكفار من العذاب واقع لا محالة، وأنه لا يخلف وعده بذلك، جاء مبيناً في غير هذا الموضع كقوله تعالى في سورة ق? {قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِ?لْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ ?لْقَوْلُ لَدَىَّ} والصحيح أن المراد بقوله: {مَا يُبَدَّلُ ?لْقَوْلُ لَدَىَّ} أن ما أوعد الكفار به من العذاب، لا يبدل لديه، بل هو واقع لا محالة، وقوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ ?لرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} أي وجب وثبت فلا يمكن عدم وقوعه بحال وقوله تعالى: {إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ?لرٌّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} كما أوضحناه في كتابنا: دفع إيهام الاضطراب، عن آيات الكتاب في سورة الأنعام، في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ ?لنَّارُ مَثْوَاكُمْ خَـ?لِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ?للَّهُ}. وأوضحنا أنما أوعد به الكفار لا يخلف بحال، كما دلت عليه الآيات المذكورة. أما ما أوعد به عصاة المسلمين، فهو الذي يجوز ألا ينفذه وأن يعفو كما قال تعالى: {إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ}.
وبالتحقيق الذي ذكرنا: تعلم أن الوعد يطلق في الخير والشر كما بينا، وإنما شاع على ألسنة كثير من أهل التفسير، من أن الوعد لا يستعمل إلا في الوعد بخير وأنه هو الذي لا يخلفه الله، وأما إن كان المتوعد به شراً، فإنه وعيد وإيعاد. قالوا: إن العرب تعد الرجوع عن الوعد لؤماً، وعن الإيعاد كرماً، وذكروا عن الأصمعي أنه قال: كنت عند أبي عمرو بن العلاء، فجاءه عمرو بن عبيد فقال: يا أبا عمرو، هل يخلف الله الميعاد؟ فقال: لا، فذكر آية وعيد، فقال له: أمن العجم أنت؟ إن العرب تعد الرجوع عن الوعد لؤماً وعن الإيعاد كرماً، أما سمعت قول الشاعر: ولا يرهب ابن العم والجار سطوتي ولا انثنى عن سطوة المتهدد
فإنّي وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فيه نظر من وجهين.
الأول: هو ما بيناه آنفاً من إطلاق الوعد في القرآن على التوعد بالنار، والعذاب كقوله تعالى: {?لنَّارُ وَعَدَهَا ?للَّهُ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ} وقوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِ?لْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ?للَّهُ وَعْدَهُ} لأن ظاهر الآية الذي لا يجوز العدول عنه، ولن يخلف الله وعده في حلول العذاب الذي يستعجلونك به بهم، لأنه مقترن بقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِ?لْعَذَابِ} فتعلقه به هو الظاهر.
الثاني: هو ما بينا أن ما أوعد الله به الكفار لا يصح أن يخلفه بحال، لأن ادعاء جواز إخلافه، لأنه إيعاد وأن العرب تعد الرجوع عن الإيعاد كرماً يبطله أمران:
الأول: أنه يلزمه جواز ألا يدخل النار كافر أصلاً، لأن إيعادهم بإدخالهم النار مما زعموا أن الرجوع عنه كرم، وهذا لا شك في بطلانه.
الثاني: ما ذكرنا من الآيات الدالة: على أن الله لا يخلف ما أوعد به الكفار من العذاب كقوله: {قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِ?لْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ ?لْقَوْلُ لَدَىَّ} وقوله تعالى فيهم: {فَحَقَّ وَعِيدِ} وقوله فيهم: {فَحَقَّ عِقَابِ} ومعنى حق: وجب وثبت، فلا وجه لانتفائه بحال، كما أوضحناه هنا وفي غير هذا الموضع.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Feb 2004, 08:51 م]ـ
قال الشنقيطي في أضواء البيان تعليقاً على قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ?لْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ?للَّهُ ?لَّذِينَ جَـ?هَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ?لصَّـ?بِرِينَ) [آل عمران]:
(أنكر اللَّه في هذه الآية، على من ظن أنه يدخل الجنة دون أن يبتلى بشدائد التكاليف التي يحصل بها الفرق بين الصابر المخلص في دينه، وبين غيره وأوضح هذا المعنى في آيات متعددة كقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ?لْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ?لَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ?لْبَأْسَاء وَ?لضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى? يَقُولَ ?لرَّسُولُ}، وقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ?للَّهُ ?لَّذِينَ جَـ?هَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ?للَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ?لْمُؤْمِنِينَ}، وقوله: {الم * أَحَسِبَ ?لنَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا ?لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ?للَّهُ ?لَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ?لْكَـ?ذِبِينَ}.
وفي هذه الآيات سر لطيف وعبرة وحكمة، وذلك أن أبانا ءَادم كان في الجنة يأكل منها رغدًا حيث شاء في أتم نعمة وأكمل سرور، وأرغد عيش. كما قال له ربه: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى? * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى?}، ولو تناسلنا فيها لكنا في أرغد عيش وأتم نعمة، ولكن إبليس عليه لعائن اللَّه احتال بمكره وخداعه على أبوينا حتى أخرجهما من الجنة، إلى دار الشقاء والتعب.
وحينئذ حكم اللَّه تعالى? أن جنته لا يدخلها أحد إلا بعد الابتلاء بالشدائد وصعوبة التكاليف. فعلى العاقل منا معاشر بني ءادم أن يتصور الواقع ويعلم أننا في الحقيقة سبي سباه إبليس بمكره وخداعه من وطنه الكريم إلى دار الشقاء والبلاء، فيجاهد عدوه إبليس ونفسه الأمّارة بالسوء حتى يرجع إلى الوطن الأول الكريم، كما قال ابن القيم: ولكننا سبي العدو فهل ترى نرد إلى أوطاننا ونسلم
ولهذه الحكمة أكثر اللَّه تعالى? في كتابه من ذكر قصة إبليس مع ءَادم لتكون نصب أعيننا دائمًا.) انتهى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Feb 2004, 08:53 م]ـ
من لطائف الربط بين ما أقسم الله به في السورة وبين جواب القسم ما ذكره الشيخ أبو الحسن الندوي حول سورة العاديات:
(وفي سورة (العاديات) يشير الشيخ إلى وجه لم يسبق إليه في الحكمة من القسم بالخيل وربطها بمحور السورة (الإنسان الكنود) فيقول:…. إن الله سبحانه وتعالى يصف الخيل في هذه السورة بأوصاف، ويذكر لها أعمالاً، كلها ترجع إلى نقطة وهي (الوفاء والفداء والإيثار لسيدها) فهي التي تفديه بنفسها وتشقى لنعيمه، وتموت لحياته، ولا تعرف لنفسها ولا لحياتها حقاً، ترمي بنفسها في الخطر، وفي النار والبحر، وتصبر على الجوع والعطش، وتتحمل المشاق، تعدو ضبحاً، وتوري قدحاً، وتغير صبحاً، فتثير به نقعاً، وتوسط به جمعاً. تفعل كل هذا مع ربها، وهو ليس لها رب. والذي هو من غير جنسها، والذي يستخدمها أكثر مما يخدمها، وهو الحيوان غير الناطق، غير العاقل، فكيف الإنسان العاقل الشريف مع ربه الحقيقي وولي نعمه، إن الإنسان لربه لكنود!! فللإنسان عبرة في دواجنه وفي عبيده المسخرة.
فهذه السورة قد اشتملت على بيان المرض وهو قوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود) وعلى علته وهو قوله تعالى (وإنه لحب الخير لشديد) وعلى علاجه وهو قوله تعالى (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور….). فإن الإيمان بالآخرة وتذاكر الموت يكشف الغطاء عن العين، ويفيق من سكرة الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم (أكثروا من ذكر هادم اللذات).)
نقلاً من بحث بعنوان: منهج الشيخ أبي الحسن الندوي في التفسير
الأستاذ الدكتور/مصطفى مسلم محمد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Apr 2004, 10:13 م]ـ
وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله وقد سئل عن إخوة يوسف هل كانوا أنبياء؟:
(يُتْبَعُ)
(/)
(الذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار أن إخوة يوسف ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا عن أصحابه خبر بأن الله تعالى نبأهم، وإنما احتج من قال أنهم نبئوا بقوله في آيتي البقرة والنساء "والأسباط"، وفسر الأسباط بأنهم أولاد يعقوب، والصواب أنه ليس المراد بهم أولاده لصلبه بل ذُرِّيَّتُه، كما يقال فيهم أيضاً "بنو إسرائيل"، وكان في ذريته الأنبياء، فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل.
قال أبو سعيد الضرير: أصل السِّبْط، شجرة ملتفة كثيرة الأغصان.
فسموا الأسباط لكثرتهم، فكما أن الأغصان من شجرة واحدة كذلك الأسباط كانوا من يعقوب، ومثل السِّبط الحافد، وكان الحسن والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأسباط حفدة يعقوب ذراري أبنائه الاثني عشر، وقال تعالى: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. وقطعناهم اثني عشر أسباطاً أمماً"،
فهذا صريح في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل، كل سبط أمة، لا أنهم بنوه الاثنا عشر، بل لا معنى لتسميتهم قبل أن تنتشر عنهم الأولاد أسباطاً، فالحال أن السبط هم الجماعة من الناس.
ومن قال: الأسباط أولاد يعقوب، لم يرد أنهم أولاده لصلبه، بل أراد ذريته، كما يقال: بنو إسرائيل، وبنوآدم، فتخصيص الآية ببنيه لصلبه غلط، لا يدل عليه اللفظ ولا المعنى، ومن ادعاه فقد أخطأ خطأ بيناً.
والصواب أيضاً أن كونهم أسباطاً إنما سموا به من عهد موسى للآية المتقدمة، ومن حينئذ كانت فيهم النبوة، فإنه لا يعرف أنه كان فيهم نبي قبل موسى إلا يوسف، ومما يؤيد هذا أن الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال: "ومن ذريته داود وسليمان" الآيات، فذكر يوسف ومن معه، ولم يذكر الأسباط، فلو أن إخوة يوسف نبئوا كما نبئ يوسف لذُكروا معه.
وأيضاً فإن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء، وما يناسب النبوة، وإن كان قبل النبوة، كما قال عن موسى: "ولما بلغ أشده" الآية، وقال في يوسف كذلك.
وفي الحديث: "أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، نبي من نبي من نبي"، فلو كانت إخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكرم، وهو تعالى لما قص قصة يوسف وما فعلوه معه ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم، ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة، ولا شيئاً من خصائص الأنبياء، بل ولا ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عن ذنبه دون ذنبهم، بل إنما حكى عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار، ولا ذكر سبحانه عن أحد من الأنبياء – لا قبل النبوة ولا بعدها – أنه فعل مثل هذه الأمور العظيمة، من عقوق الوالد، وقطيعة الرحم، وإرقاق المسلم، وبيعه إلى بلاد الكفر، والكذب البين، وغير ذلك مما حكاه عنهم، ولم يَحْكِ شيئاً يناسب الاصطفاء والاختصاص الموجب لنبوتهم، بل الذي حكاه يخالف ذلك، بخلاف ما حكاه عن يوسف.
ثم إن القرآن يدل على أنه لم يأت أهل مصر نبي قبل موسى سوى يوسف، لآية غافر، ولو كان من إخوة يوسف نبي لكان قد دعا أهل مصر، وظهرت أخبار نبوته، فلما لم يكن ذلك عُلم أنه لم يكن منهم نبي، فهذه وجوه متعددة يقوي بعضها بعضاً.
وقد ذكر أهل السير أن إخوة يوسف كلهم ماتوا بمصر، وهو أيضاً، وأوصى بنقله إلى الشام فنقله موسى.
والحاصل أن الغلط في دعوى نبوتهم حَصَل من ظن أنهم هم الأسباط، وليس كذلك). انتهى من مجموع الرسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية - المجموعة الثالثة ص297 - 299 بتحقيق محمد عزيز.
وقال الإمام السيوطي رحمه الله: (مسألة في رجلين قال أحدهما إن إخوة يوسف عليه السلام أنبياء، وقال الآخر: ليسوا بأنبياء فمن أصاب؟
الجواب: في إخوة يوسف عليه السلام قولان للعلماء، والذي عليه الأكثرون سلفاً وخلفاً أنهم ليسوا بأنبياء، أما السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا بنبوتهم – كذا قال ابن تيمية - ولا أحفظه عن أحد من التابعين، وأما أتباع التابعين فنُقِل عن ابن زيد17 أنه قال بنبوتهم، وتابعه على هذا فئة قليلة، وأنكر ذلك أكثر الأتباع فمن بعدهم، وأما الخلف فالمفسرون فِرَقٌ، منهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي، ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي، والإمام فخر الدين، وابن كثير، ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي، ومنهم من لم يتعرض للمسألة ولكن ذكر ما يدل على عدم كونهم أنبياء كتفسيره
(يُتْبَعُ)
(/)
الأسباط بمن نبئ من بني إسرائيل، والمنزل إليهم بالمنزل على أنبيائهم، كأبي الليث السمرقندي والواحدي، ومنهم من لم يذكر شيئاً من ذلك، ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب، فحسبه ناس قولاً بنبوتهم، وإنما أريد بهم ذريتهم لا بنوه لصلبه). انتهى من الحاوي للفتاوي للإمام السيوطي 1/ 310.
وانظر هذا الإرتباط هل إخوة يوسف أنبياء ( http://www.islamadvice.com/akida/akida16.htm#_ftn18)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2004, 02:27 م]ـ
الجمع بين الأدلة الصحيحة الثابتة التي تدل على سماع الأموات لكلام الأحياء، وبين قول الله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى?}، وقوله: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ?لْقُبُورِ}:
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء بيان عند تفسيره لقول الله تعالى في سورة النمل: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (النمل:80) بعد أن ذكر عدداً من الأحاديث الصحيحة التي تدل على سماع الأموات لكلام الأحياء:
(وإذا رأيت هذه الأدلّة الصحيحة الدالَّة على سماع الموتى، فاعلم أن الآيات القرءانية؛ كقوله تعالى?: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى?}، وقوله: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ?لْقُبُورِ} لا تخالفها، وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها، وذكرنا دلالة القرائن القرءانية عليه، وأن استقراء القرءان يدلّ عليه.
وممّن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا أبو العباس ابن تيمية، فقد قال في الجزء الرابع من «مجموع الفتاوي» من صحيفة خمس وتسعين ومائتين، إلى صحيفة تسع وتسعين ومائتين، ما نصّه: وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة، كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البرّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: «ما من رجل يمرّ بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه، إلاّ ردّ اللَّه عليه روحه حتى يردّ عليه السّلام». وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن أبي أوس الثقفي، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إن خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليّ»، قالوا: يا رسول اللَّه? كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ فقال: «إن اللَّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء»، وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار، ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه، مما يبيّن أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذّب إذا شاء اللَّه ذلك كما يشاء، وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة أو معذّبة، ولذا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى، كما ثبت في الصحيح والسنن أنه كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السّلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين، نسأل اللَّه لنا ولكم العافية، اللَّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم». وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذّبين في قبورهم، ورأوهم بعيونهم يعذّبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة، ولكن لا يجب أن يكون دائمًا على البدن في كل وقت، بل يجوز أن يكون في حال.
وفي الصحيحين عن أنس بن م?لك رضي اللَّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا ثمّ أتاهم فقام عليهم، فقال: «يا أبا جهل بن هشام، يا أُميّة بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة? أليس قد وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًّا»، فسمع عمر رضي اللَّه عنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه? كيف يسمعون وقد جيفوا؟ فقال: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا»، ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر، وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر، فقال: «هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا»؟ وقال: «إنهم ليسمعون الآن ما أقول»، فذكر ذلك لعائشة فقالت: وَهِم ابن عمر، إنما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق»،ثم قرأت قوله تعالى?: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى?}، حتى قرأت الآية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأهل العلم بالحديث اتّفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر، وإن كانا لم يشهدا بدرًا، فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرًا كما روى أبو حاتم في صحيحه، عن أنس، عن أبي طلحة رضي اللَّه عنه: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم أحبّ أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال، فلمّا كان اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها فحركها، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفاء الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: «يا فلان بن فلان، أيسرّكم أنكم أطعتم اللَّه ورسوله، فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا»، قال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه ــ صلى الله عليه وسلم ــ ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم»، قال قتادة: أحياهم اللَّه حتى أسمعهم توبيخًا، وتصغيرًا، ونقمة، وحسرة، وتنديمًا، وعائشة قالت فيما ذكرته كما تأوّلت.
والنص الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مقدّم على تأويل من تأوّل من أصحابه وغيره، وليس في القرءان ما ينفى ذلك، فإن قوله تعالى?: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ?لْمَوْتَى?}، إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه، فإن هذا مثل ضربه اللَّه للكفار، والكفار تسمع الصوت، لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتّباع؛ كما قال تعالى?: {وَمَثَلُ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ?لَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء}، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع أنواع السماع، بل السماع المعتاد كما لم ينف ذلك عن الكفّار، بل انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به. وأمّا سماع آخر فلا ينفى عنهم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميّت يسمع خفق نعالهم، إذا ولّوا مدبرين، فهذا موافق لهذا فكيف يرفع ذلك، انتهى محل الغرض من كلام أبي العباس ابن تيمية. وقد تراه صرّح فيه بأن تأوّل عائشة لا يردّ به النصّ الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس في القرءان ما ينفي السماع الثابت للموتى في الأحاديث الصحيحة.
وإذا علمت به أن القرءان ليس فيه ما ينفي السماع المذكور، علمت أنه ثابت بالنصّ الصحيح، من غير معارض.
والحاصل أن تأوّل عائشة رضي اللَّه عنها بعض آيات القرءان، لا تردّ به روايات الصحابة العدول الصحيحة الصريحة عنه صلى الله عليه وسلم، ويتأكّد، ذلك بثلاثة أمور:
الأول: هو ما ذكرناه الآن من أن رواية العدل لا تردّ بالتأويل.
الثاني: أن عائشة رضي اللَّه عنها لما أنكرت رواية ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنهم ليسمعون الآن ما أقول»، قالت: إن الذي قاله صلى الله عليه وسلم: «إمهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم هو الحق»، فأنكرت السماع ونفته عنهم، وأثبتت لهم العلم، ومعلوم أن من ثبت له العلم صحّ منه السماع، كما نبّه عليه بعضهم.
الثالث: هو ما جاء عنها مما يقتضي رجوعها عن تأويلها، إلى الروايات الصحيحة.
قال ابن حجر في «فتح الباري»: ومن الغريب أن في المغازي لابن إسح?ق رواية يونس بن بكير بإسناد جيّد، عن عائشة مثل حديث أبي طلحة، وفيه: «ما أنتمع بأسمع لما أقول منهم»، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة؛ لكونها لم تشهد القصّة، انتهى منه. واحتمال رجوعها لما ذكر قوي، لأن ما يقتضي رجوعها ثبت بإسنادين.
قال ابن حجر: إن أحدهما جيّد، والآخر حسن. ثم قال ابن حجر: قال الإسم?عيلي: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم، ما لا مزيد عليه، لكن لا سبيل إلى ردّ رواية الثقة إلا بنصّ مثله يدلّ على نسخه أو تخصيصه، أو استحالته، انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 May 2004, 12:42 ص]ـ
ما أكثر ما يرد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم و التي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة و المتعة و الاطمئنان النفسي،فنجد في سورة الرحمن: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76)
(يُتْبَعُ)
(/)
و قال تعالى: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) (الانسان:21).
. (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) (الرحمن:54)
يقول أحد علماء النفس و هو أردتشام: " إن تأثير اللون في الإنسان بعيد الغور و قد أجريت تجارب متعددة بينت أن اللون يؤثر في إقدامنا و إحجامنا و يشعر بالحرارة أو البرودة،و بالسرور أو الكآبة، بل يؤثر في شخصية الرجل و في نظرته إلى الحياة.
و يسبب تأثير اللون في أعماق النفس الإنسانية فقد أصبحت المستشفيات تستدعي الاخصاصيين لاقتراح لون الجدران الذي يساعد أكثر في شفاء المرضى و كذلك الملابس ذات الألوان المناسبة و قد بينت التجارب أن اللون الأصفر يبعث النشاط في الجهاز العصبي، أما اللون الأرجواني فيدعو إلى الاستقرار و اللون الأزرق يشعر الإنسان بالبرودة عكس الحمر الذي يشعره بالدفء ووصل العلماء إلى أن اللون الذي يبعث السرور و البهجة و حب الحياة هو اللون الأخضر.
لذلك أصبح اللون المفضل في غرف العمليات الجراحية لثياب الجراحين و الممرضات. ومن الطريف أن نذكر هنا تلك التجربة التي تمت في لندن على جسر (بلاك فرايار) الذي يعرف بجسر الانتحار لأن اغلب حوادث الانتحار تتم من فوقه حيث تم تغيير لونه الأغبر القاتم إلى اللون الأخضر الجميل مما سبب انخفاض حوادث الانتحار بشكل ملحوظ و اللون الأخضر يريح البصر ذلك لأن الساحة البصرية له أصغر من الساحات البصرية لباقي الألوان كما أن طول موجته وسطي فليست بالطويلة كاللون الأحمر و ليست بالقصيرة كالأزرق.
المرجع:
مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.
http://www.55a.net/16.htm
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jan 2005, 09:47 ص]ـ
قال ابن فارس في فقه اللغة - نقلاً عن السيوطي في المزهر في علوم اللغة -: (ومما كانت العرب تستعمله ثم تُرِك قولهم: " حِجْراً مَحْجُوراً " وكان هذا عندهم لمعنيين: أحدهما - عند الحِرْمان إذا سئل الإنسانُ قال: حجْراً مَحْجوراً، فيعلمُ السامعُ أنه يريد أن يحرمه ...
والوجه الآخر: الاستعاذة؛ كان الإنسانُ إذا سافر فرأى من يخافُه قال: حِجْراً محجوراً أي حرام عليك التعرّض لي، وعلى هذا فسّر قوله تعالى: {يَوْمَ يَرَونَ الملائكةَ لا بُشْرَى يَومَئِذٍ لِلْمُجْرِمين ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً} يقول المجرمون ذلك كما كانوا يقولونه في الدنيا.) انتهى باختصار قليل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Feb 2005, 07:25 ص]ـ
قال الشيخ عطية سالم رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}
(كون إنزال القرآن هنا في الليل دون النهار، مشعر بفضل اختصاص الليل.
وقد أشار القرآن والسنة إلى نظائره، فمن القرآن قوله تعالى?: {سُبْحَانَ ?لَّذِى أَسْرَى? بِعَبْدِهِ لَيْلاً}، ومنه قوله: {وَمِنَ ?لَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ}، {وَمِنَ ?لَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَـ?رَ ?لسُّجُودِ}، {إِنَّ نَاشِئَةَ ?لَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً}. وقوله: {كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ?لَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}.
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان ثلث الليل الآخر، ينزل ربنا إلى سماء الدنيا» الحديث.
وهذا يدل على أن الليل أخص بالنفحات الإلهية، وبتجليات الرب سبحانه لعباده، وذلك لخلو القلب وانقطاع الشواغل وسكون الليل، ورهبته أقوى على استحضار القلب وصفائه.) من تتمة أضواء البيان – آخر تفسير سورة القدر
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jun 2005, 02:00 م]ـ
قال الطوفي في كتابه الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية 2/ 19 تعليقاً على قول الله تعالى: ? أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ? (لأعراف: من الآية37):
(والنكتة المقصودة قوله تعالى: ? يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ ? ولم يقل: ينالون نصيبهم؛ إشارة إلى أن ما سبق في الكتاب من شقاوة وسعادة ورزق هو أشد طلباً للإنسان حتى يناله من الإنسان له حتى يدركه.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jun 2005, 02:03 م]ـ
قال الرازي: (اختلفوا في {?لإِنسَـ?نَ} في قوله: {وَإِذَا مَسَّ ?لإِنسَـ?نَ ?لضُّرُّ} فقال بعضهم: إنه الكافر، ومنهم من بالغ وقال: كل موضع في القرآن ورد فيه ذكر الإنسان، فالمراد هو الكافر، وهذا باطل، لأن قوله: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ .. } (الانشقاق:6 - 7) لا شبهة في أن المؤمن داخل فيه، وكذلك قوله: {هَلْ أَتَى? عَلَى ?لإِنسَـ?نِ حِينٌ مِّنَ ?لدَّهْرِ} (الدهر: 1) وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنْسَـ?نَ مِن سُلَـ?لَةٍ مِّن طِينٍ} (المؤمنون: 12) وقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ?لإِنسَـ?نَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} (ق: 16) فالذي قالوه بعيد، بل الحق أن نقول: اللفظ المفرد المحلى بالألف واللام حكمه أنه إذا حصل هناك معهود سابق انصرف إليه، وإن لم يحصل هناك معهود سابق وجب حمله على الاستغراق صوناً له عن الإجمال والتعطيل.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Feb 2007, 07:50 ص]ـ
جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب – وهو من كتب الفقه الشافعية -:
(قَوْلُهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلَخْ مِنْ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ} إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى سَبْعَةِ أُصُولٍ كُلِّهَا مَثْنًى:
طَهَارَتَانِ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ،
وَمُطَهِّرَانِ: الْمَاءُ وَالتُّرَابُ,
وَحُكْمَانِ: الْمَسْحُ وَالْغُسْلُ,
وَمُوجِبَانِ: الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ ,
وَمُبِيحَانِ: الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ ,
وَكِنَايَتَانِ: الْغَائِطُ وَالْمُلَامَسَةُ,
وَكَرَامَتَانِ: تَطْهِيرُ الذُّنُوبِ وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ ا هـ.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 May 2007, 07:50 ص]ـ
تفسير الثعالبي - (ج 1 / ص 132)
(وقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} قال مجاهدٌ: هو تنبيهٌ على فضْلِ حظِّه على حظِّها في الميراث، وما أشبهه.
وقال زيد بن أسلم: ذلك في الطَّاعة؛ علَيْها أنْ تطيعه، وليس علَيْه أن يطيعَهَا.
وقال ابن عباس: تلك الدرَجَةُ إِشارة إِلى حضِّ الرجُلِ على حُسْن العِشرة، والتوسُّع للنساء في المالِ والخُلُقِ، أي: أنَّ الأفضل ينبغِي أنْ يتحامَلَ على نفسه. وهو قولٌ حسَنٌ بارعٌ.)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Aug 2007, 01:50 م]ـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: أَيُّمَا طَلَبُ الْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ أَفْضَلُ؟
فأجاب: أَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ عَيْنًا كَعِلْمِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ مَا لَا يَجِبُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ الْأَوَّلَ وَاجِبٌ، وَطَلَبَ الثَّانِي مُسْتَحَبٌّ، وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ.
وَأَمَّا طَلَبُ حِفْظِ الْقُرْآنِ: فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا تُسَمِّيهِ النَّاسُ عِلْمًا: وَهُوَ إمَّا بَاطِلٌ، أَوْ قَلِيلُ النَّفْعِ.
وَهُوَ أَيْضًا مُقَدَّمٌ فِي التَّعَلُّمِ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ مِثْلِ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ أَصْلُ عُلُومِ الدِّينِ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْأَعَاجِمِ وَغَيْرِهِمْ، حَيْثُ يَشْتَغِلُ أَحَدُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْعِلْمِ، مِنْ الْكَلَامِ، أَوْ الْجِدَالِ، وَالْخِلَافِ، أَوْ الْفُرُوعِ النَّادِرَةِ، وَالتَّقْلِيدِ الَّذِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، أَوْ غَرَائِبِ الْحَدِيثِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَكَثِيرٍ مِنْ الرِّيَاضِيَّاتِ الَّتِي لَا تَقُومُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ، وَيَتْرُكُ حِفْظَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَا بُدَّ فِي مِثْلِ [هَذِهِ] الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ.
وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 262)
الفتاوى الكبرى - (ج 2 / ص 421)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Sep 2009, 02:18 م]ـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: أَيُّمَا طَلَبُ الْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ أَفْضَلُ؟
فأجاب: أَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ عَيْنًا كَعِلْمِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ مَا لَا يَجِبُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ الْأَوَّلَ وَاجِبٌ، وَطَلَبَ الثَّانِي مُسْتَحَبٌّ، وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ.
وَأَمَّا طَلَبُ حِفْظِ الْقُرْآنِ: فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا تُسَمِّيهِ النَّاسُ عِلْمًا: وَهُوَ إمَّا بَاطِلٌ، أَوْ قَلِيلُ النَّفْعِ.
وَهُوَ أَيْضًا مُقَدَّمٌ فِي التَّعَلُّمِ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ مِثْلِ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ أَصْلُ عُلُومِ الدِّينِ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْأَعَاجِمِ وَغَيْرِهِمْ، حَيْثُ يَشْتَغِلُ أَحَدُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْعِلْمِ، مِنْ الْكَلَامِ، أَوْ الْجِدَالِ، وَالْخِلَافِ، أَوْ الْفُرُوعِ النَّادِرَةِ، وَالتَّقْلِيدِ الَّذِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، أَوْ غَرَائِبِ الْحَدِيثِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَكَثِيرٍ مِنْ الرِّيَاضِيَّاتِ الَّتِي لَا تَقُومُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ، وَيَتْرُكُ حِفْظَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَا بُدَّ فِي مِثْلِ [هَذِهِ] الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ.
وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 262)
الفتاوى الكبرى - (ج 2 / ص 421)
وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ
للتذكير؛ فالمهمات يحسن التذكير بها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 May 2010, 08:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
___
الوقف على (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) فيه فائدة قد لا تظهر لبعض الناس
_____
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -:
وفي الآية التي بعدها (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ) [القمر: 9]
قف ما تصل،لأنّك لو وصلت (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) صار قوله (وَازْدُجِرَ)
من قولهم وليس كذلك، ولكن (وَازْدُجِرَ) معطوفة على (قالوا)
أي قالوا مجنون وازدجروه، ومثل هذه الأشياء في الواقع يا إخواننا
يجب على الإنسان أن يتنبه لها، لأن القرآن الكريم ليس كالكلام الذي
نكتبه نحن أو نقوله، نحن نحاول أن يكون الكلام على نسق واحد
لكن في القرآن، سبحان الله وهو من إعجازه أنك ترى أحيانا كلمة
ليس بينها وبين الأخرى صلة من أجل أن يتنبه المخاطب ويتأمل ويتفكر.
وهذه نقطة لا يحس بها كثير من الناس، تجده يقرأ قراءة مرسلة
ولا يتنبه للمواقف، ونحن تعلمنا هذا من شيخنا عبد الرّحمان بن ناصر
السّعدي - رحمه - كان يقوم بنا في رمضان التّراويح والقيام،
ويقف المواقف اللائقة، فنتعجّب كيف هذا؟ وكنّا من الأول نقرؤها
نقرأ قراءة مرسلة ولا نلتفت للمعنى حتى أن قوله تعالى
(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4، 5]
هل تقف على (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)؟؟؟
تقف، تقف لأن الله جعلها موقفا
فإذا قلت: سبحان الله! إذا قلت فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، كيف؟؟
نعم قال الشاعر الملحد:
ماقال ربك ويل للألى سكروا ** بل قال ويل للمصلينا
نقول: نعم، قاله، ولكنه ملحد، ما قرأ الآية الثانية،
الوقف على (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)
فيه فائدة قد لا تظهر لبعض الناس،
لأنه إذا سمع القارئ يقرأ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ووقف، تجد إيش؟؟
تشويش كيف فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ثم تأتيه (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)
فتكون كأنها الغيث على أرض يابسة،
وهذا هو السرّ بأن الأَولى اتباع الآيات إذا أمكن تقف على كل آية
ولو تعلق ما بعدها بها.
=================
المرجع/
شريط 2/ أ
تفسير سورة الأنعام
_______________
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 09:12 م]ـ
أخي الكريم أبو مجاهد. بارك الله بك أولاً على هذه الاتحافات الرائعات التي أخرجتها لنا فحصل لا شك منها الفائدة والعبرة. أما بالنسبة الى موضوع الوقف عند القرآءة. فكما تعلم يا أخي أن هناك مبحث دقيق في علم التجويد وهو مبحث الوقف والابتداء. وكما تعلم أيضاً أن الرواية لها دور في الوقف ولوازمه. ويجب على القاريء أن يلتزم بقواعد الوقف أولاً وبالرواية ثانياً. وهناك أخي الكريم أيضاً ما يسمى الوقف اللازم وهو لا بد من الوقوف عليه التزاماً بالرواية. أما بالنسبة الى ضرورة الوقف على مجنون في سورة القمر فهذا يا أخي مخالف لرواية حفص عن عاصم. بل ان الرسم العثماني لا يحوي أي علامة من علامات الوقف لتلك الآية.ثم إن الوقوف على رأس الآيات سنة إذا لم يكن مانع في الرواية وهذه هي صفة قرآءة النبي عليه الصلاة والسلام.أظن يا أخي أنه يجوز أن نقرأ الآية التي ذكرتها بدون وقف وهذا هو الافضل إتباعاً للرواية التي هي الفصل في أي خلاف. أما في الروايات الأخرى فلا أدري إن كان هناك وقف لازم أم لا لتلك الآية. فأنا أتحدث عن رواية حفص عن عاصم طريق الشاطبية وبارك الله بك.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 09:15 م]ـ
وكذلك الحال في الآية (فويل للمصلين) فإنه يجوز الوقوف عليها اتباعاً للرواية وهذا هو الافضل. والله أعلم
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 06:16 ص]ـ
فاتني أن أذكر ملاحظة مهمة بالنسبة الى الآية (فويل للمصلين) وهي أنه لا يجوز ختام القراءة بها. فلا بد للقاريء أن يأتي بالآية التي بعدها ثم اذا أراد أن يختم فله ذلك. أما الوقوف عندها كهيئة الوقوف الذي يحصل على رؤوس الآيات فلا بأس به كما قلنا. وبارك الله بكم
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[05 May 2010, 02:32 م]ـ
أخي أبو مجاهد بارك الله بك
(يُتْبَعُ)
(/)
الاصل يا أخي بأن تتابع المواضيع التي تساهم بها ولا تهملها على غاربها من أجل أن تعم الفائدة أولاً ومن أجل أن لا نربك الاخوة الاعضاء ولا نحيرهم من خلال مواضيع مجتزئة. لقد قمت بالرد على أكثر من موضوع لحضرتكم ولكنك لم تعلق عليه. والاصل غير ذلك فأنت الذي بدأت وأنت الذي تختم الموضوع بالصلاة والسلام على نبي الرحمة بعد الانتهاء من فائدته وبكل مسؤولية علمية كما عهدنا ذلك في سيرتكم المباركة. اسأل الله تعالى أن يكون ذلك كله في ميزان عملك يوم القيامة وأن يحشرك مع الصديقين وحسن أولئك رفيفاً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 May 2010, 10:56 م]ـ
أخي أبو مجاهد بارك الله بك
الاصل يا أخي بأن تتابع المواضيع التي تساهم بها ولا تهملها على غاربها من أجل أن تعم الفائدة أولاً ومن أجل أن لا نربك الاخوة الاعضاء ولا نحيرهم من خلال مواضيع مجتزئة. لقد قمت بالرد على أكثر من موضوع لحضرتكم ولكنك لم تعلق عليه. والاصل غير ذلك فأنت الذي بدأت وأنت الذي تختم الموضوع بالصلاة والسلام على نبي الرحمة بعد الانتهاء من فائدته وبكل مسؤولية علمية كما عهدنا ذلك في سيرتكم المباركة. اسأل الله تعالى أن يكون ذلك كله في ميزان عملك يوم القيامة وأن يحشرك مع الصديقين وحسن أولئك رفيفاً
أشكرك أيها المبارك، وأسأل الله لي ولك التوفيق والسداد.
كان ما نقلته عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تنبيهاً يتعلق بأهمية مراعاة الوقوف عند القراءة لأجل فهم معنى الآيات؛ ولا يعني نقلي لهذا التنبيه موافقتي له في كل ما ذكر، ولكن يفيد في بيان منهج الشيخ ومنهج شيخه السعدي رحمها الله، وكيف أنه استفاد الاهتمام بهذه القضية من شيخه، ومدى حرصه على ذكر شيخه والثناء عليه، ... إلى غير ذلك من الفوائد والتنبيهات.
وأما مسائل الوقف والابتداء فليس هذا مجال التفصيل فيه، والذي أعلمه أن الوقف والابتداء يتبعان المعنى، ويتعلقان بالتفسير لا بمجرد الرواية.
وأعتذر إليك وإلى كل أخ تأخرت في التعليق على تنبيهاته وفوائده ونصائحه، وذلك لضيق الوقت.
وفقنا الله للصواب، ورزقنا الإخلاص والسداد.(/)
سؤال لأهل الاختصاص
ـ[خالد المقبل]ــــــــ[16 Jan 2004, 01:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مارأيكم في كتاب عمدة التفسير وما أحسن طبعات تفسير أضواء البيان
ـ[المنصور]ــــــــ[17 Jan 2004, 11:02 ص]ـ
عندما أصدرالشيخ أحمد شاكرالجزء الأول من عمدة التفسير أهدى نسخة منه إلى الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي، فأثنى الشيخ ابن سعدي على كتاب عمدة التفاسير، وقال: إن تم هذا الكتاب فسيكون العمل عليه (أو عبارة قريبه منها).
وقد أخبرني بهذه القصة شيخنا عبد الله بن عقيل حفظه الله تعالى، وأرشدني كذلك إلى مراجعتها في كتابه الذي أصدره حول المراسلات التي تمت بينه وبين شيخه ابن سعدي رحمه الله تعالى، وأنا أحيلكم على الكتاب لمن أراد معرفة العبارة التي قالها ابن سعدي بحروفها.
والحق أن عمدة التفسير يعتبر - في نظري - من أحسن مختصرات ابن كثير لاجتماع عدد من الأسباب:
1 - كون الذي قام بالاختصار من المحدثين.
2 - كونه من أهل العلم الشرعي وممن مارس القضاء.
3 - اعتماده على مخطوطة جيدة في تصويب نص التفسير وتصحيح متنه.
4 - كونه مختصرا كاملا للتفسيرمع الاحتفاظ بعبارة ابن كثير نفسها.
ولايخفى أنه في الفترة القريبة الماضية، فقد عثروا على بقية اختصار الشيخ للتفسير في بقايا تركته التي بقيت بعد وفاته، وقد طبع المختصر كاملاً في دار طيبة في السعودية.(/)
حوار عن القارئ عبد الباسط عبد الصمد - رحمه الله -
ـ[الراية]ــــــــ[17 Jan 2004, 09:59 م]ـ
ن منا لاا يعرف صوته ولا يعرف قدره .... ملأ ربوع الأرض قرآنا بصوته الصافي النقي ...
هو من مواليد مدينة أرمنت محافظة "قنا" في أول يناير عام1927 م، ترتيبه الثالث بين أخوته، فأخوه الأكبر محمود عبد الصمد مفتش ثانوي سابق ويعتبر أول من تعلم بالأزهر بمحافظة "قنا"، يليه عبد الحميد عبد الصمد ناظر ثانوي أزهري بالمعاش ثم الشيخ عبد الباسط ثم أخيهم الأصغر عبد الله عبد الصمد.
ألحقه أبوه بكتاب البلدة مع إخوته عام 1943 م إلا أن عبد الباسط تميز عن إخوته في حفظه للقرآن وحسن تلاوته له رغم إلتحاقه بالكتاب في السابعة من عمره إلا أنه أتم حفظه قبل بلوغ العاشرة، و لأن والده كان من علماء الدين بمحافظة "قنا" فقد عزم على الاهتمام به لما رأى فيه من حسن الأداء وجمال الصوت ليكون من أهل القرآن وذلك بخلاف إخوته الذين لم يكونوا مثله ولم يتمتعوا بموهبته فاكتفى بإتمامهم
حفظ القرآن ثم وجههم إلى التعليم الأزهري ... وتفرغ الأب لابنه عبد الباسط فأولاه اهتماما خاصا حيث ألحقه بالمعهد الديني بمدينة "أرمنت" فتعلم القراءات وعلوم القرآن ونال اهتمام شيخه العالم الأزهري محمد سليم حمادة الذي كان يصطحبه معه ليقرأ في السهرات والحفلات حتى أصبح الصبي عبد الباسط مشهورا في نجوع وقرى محافظات الوجه القبلي ولم يكن عمره قد تجاوز الخامسة عشرة بعد.
كان هذا الحوار مع ابنه هشام .......
الأستاذ هشام عبد الباسط .. ما أول أجر حصل عليه الشيخ عبد الباسط؟
** كان رحمة الله عليه يقول أنه تقاضى ثلاثة جنيهات في أول حفلة قرأ فيها وكان عمره أربعة عشر عاما ويعد هذا المبلغ كبيرا في ذلك الوقت الذي نال فيه شهرة واسعة رغم صغر سنه فكان يجوب محافظة أسوان والأقصر بدعوات خاصة من كبار العائلات حتى أواخر عام 1950 م.
في عام 1951 م عرض عليه الشيخ الضباع أن يتقدم للإذاعة لاعتماده بها قارئا ... فرفض ... لماذا؟
** كان الشيخ الضباع عضوا بلجنة تقييم الأصوات واختبار القراء بالإذاعة وكان قد حضر الاحتفال بذكرى مولد السيدة زينب وبعد أن استمع إلى صوت الشيخ عبد الباسط في تلك الليلة طلب منه أن يتقدم لامتحان الإذاعة قائلا له:
هل تحب أن تقرأ بالأذاعة؟
فاندهش الشيخ عبد الباسط قائلا: مرة واحدة كده
فقال: نعم ..
فرد الشيخ عبد الباسط: لا أحب أن أقرأ بالإذاعة فأنا مشهور في الوجه القبلي وأحب أن أظل قارئا بالوجه القبلي فقط ...
فقال الشيخ الضباع له: إن قراءتك بالإذاعة ستفتح لك مجالا أوسع وأرحب في مصر كلها وليس الوجه القبلي فقط بل والعالم العربي كذلك فاقتنع الشيخ عبد الباسط وذهب إلى مبنى الإذاعة بعد أن اتفق مع الشيخ الضباع على ميعاد اللقاء بالإذاعة .. ودون أن يعلم الشيخ عبد الباسط كان الشيخ الضباع قد سجل له شريط كاسيت عندما قرأ القرآن بمسجد السيدة زينب فتم عرض هذا الشريط على اللجنة فأجازته دون أن يعقد له امتحان وتم اعتماده بالإذاعة في ذلك العام.
تزوج الشيخ عبد الباسط في سن مبكرة وقبل اعتماده قارئا بالإذاعة فهل استقر بالقاهرة وترك زوجته وأهله بمدينة "أرمنت" أم ماذا؟
** كان مترددا بين إقامته بالقاهرة والاستقرار بها وإقامته بالوجه القبلي فاستخار الله تعالى فكان له ما أراد حيث الاستقرار بالقاهرة فعاد إلى مدينة "أرمنت" وأصطحب زوجته وبنتيه إلى القاهرة ونزل بهم جميعا على لوكاندة الشرق بحي السيدة زينب ومكث فيها فترة قصيرة حتى تمكن من تأسيس مسكنا بحي السيدة زينب أيضا وكان ذلك عام 1952 م. بعد اعتماده بالإذاعة المصرية تم تعيينه بمسجد الإمام الشافعي حتى عام 1981 م ثم نقل إلى مسجد الإمام الحسين وأحيا العديد من الحفلات القرآنية بمساجد القاهرة والسيدة زينب والسلطان أبو العلا ومسجد الرفاعي رضى الله عنهم جميعا.
عندما سافر الشيخ عبد الباسط عبد الصمد إلى باريس خلع عمامته وجبته وارتدى بدلة قام بشرائها من أشهر محلات باريس .. ما تعليقك على هذا الأمر؟
(يُتْبَعُ)
(/)
** هذه حقيقة وقد روى لنا هذه القصة بنفسه فقد سافر إلى فرنسا عام 1952 م لإحياء ليالي رمضان بالمركز الإسلامي هناك وذات يوم وبعد تناوله طعام إفطاره أراد أن يخرج إلى الشارع ليتنزه بعض الوقت فخرج مرتديا زيه التقليدي واثناء سيره بالشارع لاحظ أن الناس ينظرون إليه ويشيرون إلى ملابسه وإلى عمامته فاحس أن هذا الأمر يلفت الأنظار إليه فذهب إلى صديق كان يقيم معه بالفندق وعرض عليه الأمر وطلب منه أن يصطحبه لشراء بدلة يرتديها بدلا من العمامة والجبة وبالفعل قاما بشراء تلك البدلة التي كان الشيخ عبد الباسط يلبسها كلما أراد أن ينزل إلى الشارع متخليا عن جبته وعمامته في تلك الظروف فقط.
ولماذا لم يرتد البدلة في مصر؟
** لقد سألناه هذا السؤال فقال أشعر أنها تقيد جسمي وحركتي وقد تعود على ارتداء الجلباب.
أراد الشيخ عبد الباسط أن يتعلم اللغة الإنجليزية فتعاقد مع أحد معاهد اللغات ولكنه لم يحضر سوى أربعة حصص فقط ... فما السبب وراء رغبته في تعلم اللغة الإنجليزية؟
ولماذا لم يستمر في تعلمها؟
** بعد أن عاد من أحد أسفاره إلى أوروبا قال لنا: أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية
سألناه: ولماذا؟
قال: إنني أسافر كثيرا إلى الدول الأوروبية وأتعرض إلى مواقف كثيرة أشعر معها بضرورة تجاوبي مع شعوب تلك الدول، وبالفعل التحق بأحد معاهد تعليم اللغات ودفع مبلغ يعادل قيمة أجر ثلاثين حصة مقدما واتفق مع المسئولين بالمعهد بأن يتم التدريس له بمفرده فوافقوا ولكنه لم يحضر سوى ثلاثة أو أربعة حصص فقط لكثرة ارتباطه وأسفاره المتعددة خارج مصر ولفترات طويلة قد تصل إلى شهور في بعض الأحيان يغيب فيها فأثر ذلك على انتظامه بالدراسة ومتابعة الدارسين فانقطع عن استكمال هذا المشوار.
عرض عليه الملك محمد الخامس ملك المغرب أن يترك القاهرة ومصر كلها ويقيم معه بالمغرب إقامة كاملة لكنه رفض .. كيف كان العرض ولماذا كان الرفض؟
** كانت تربطه بالملك محمد الخامس علاقة و صداقة قوية وكان يتصل به عن طريق التليفون ويحدد له موعد حضوره للقاهرة ليستمع إلى تلاوة القرآن بصوته وكانا يلتقيان بمسجد السيدة نفيسة فيصليان الفجر سويا ثم يمكثان بعد الصلاة بالمسجد ويقرأ الشيخ عبد الباسط ما تيسر من القرآن حتى تطلع الشمس ... وفي آخر زيارة للملك محمد الخامس بالقاهرة عرض على الشيخ عبد الباسط أن يترك القاهرة ويذهب معه إلى دولة المغرب ليستقر هناك وسوف يغدق عليه بالمال الكثير فاعتذر له الشيخ قائلا: أعدك أن آت إليك بالمغرب على سبيل الزيارة كلما سنحت لي الظروف بذلك لأن إقامتي بالمغرب ليست بالأمر الهين علي فهذه مصر بلدي وأهلها أهلي الذين نشأت بينهم ولا أستطيع أن أفارقهم وعلى الرغم من كثرة أسفاري وتغيبي عن مصر إلا أن إحساسي بالعودة إليها آت لا محالة يهون علي مشقة السفر ووحشة الأهل وبعد المسافات فاستقبل الملك محمد الخامس هذا الرفض المهذب ببشاشة وجه وحب عظيم وتقدير للشيخ عبد الباسط لأصالة انتمائه وعرفانا بجميلها عليه.
ما هي الشخصية التي تأثر بها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟
** شخصيتان ... الأولى هي شخصية الشيخ محمد رفعت والذي كان يقول عنه إنه كان يمشي مسافات طويلة جدا قد تصل إلى خمسة كيلومترات ليستمع إلى القرآن بصوت الشيخ رفعت من خلال جهاز الراديو الوحيد الموجود عند أحد أثرياء البلدة فتأثر بصوته جدا وخاصة في تلك الفترة التي كان يتأهب فيها ليكون قارئا ويحلم بأن ينال شهرة الشيخ محمد رفعت ...
أما الشخصية الثانية شخصية الشيخ "مصطفى إسماعيل" قارئ القصر الملكي وكان الشيخ عبد الباسط يثني على أخلاقه كثيرا وانه قارئ له مدرسته وصوته المميز ولونه الخاص وكان يحب الاستماع إليه كثيرا وقد ربطتهما صداقة متينة وقد كان تأثره بهما تأثر المحب لصوتيهما وأسلوبهما وليس مقلدا لهما فلكل منهما أسلوبه ومنهجه وأدائه الذي يختلف عن الآخر.
ماذا عن الطعام الذي كان يفضله الشيخ عبد الباسط؟
** كان قنوعا بأكل أي نوع من أنواع الطعام غير انه كان يحب اللحوم جدا.
هل كان يشرب مشروبا معينا قبل ذهابه للقراءة في أي سهرة؟
** فقط يشرب فنجانا من القهوة قبل التلاوة مباشرة و لا شيء سوى ذلك.
وما هو مشروبه المفضل في فصل الصيف؟
(يُتْبَعُ)
(/)
**لا يشرب أي مشروب في فصل الصيف حتى أنه كان يطلب عدم تقديم الماء المثلج له و أن يكون من الحنفية مباشرة ويقول أن تلك المشروبات تؤثر على الحبال الصوتية.
كان الشيخ عبد الباسط مولعاً بالانتقال من بيت إلى آخر ومن فيلا إلى أخرى ...
فما الدافع وراء هذا التغيير؟
** بعد أن كان قد أستقر بشقته بحي السيدة زينب مع بداية نزوحه إلى القاهرة استأجر شقة أخرى بحي "جاردن سيتي" بجوار السفارة الأمريكية ثم تركها وأستأجر شقة ثالثة بحي منيل الروضة ثم قام بشراء فيلا بحي العجوزة وظل بها فترة حتى عام 1980م تركها بعد ذلك وانتقل إلى البيت الذي نقيم به حالياً بحي المهندسين ولم يكن وراء ذلك التغيير أي سبب أو دافع غير أنه كان يبحث عن الأفضل والأحسن من وجهه نظره.
هل أحترف أحد أبناءه مهنة قراءة القرآن في السهرات مثله؟
** الحمد لله فنحن جميعاً كأبنائه نحفظ القرآن ونتابع حفظه مع محفظ يأتي إلينا في البيت ... فأنا وأخي طارق وهو ضابط شرطة نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة بمسجد محمود بالمهندسين كذلك نقرأ قرآن الفجر في نفس المسجد في شهر رمضان والحمد لله صوتنا لا بأس به ويستحسنه الناس ولكن لم يحترف أحدنا مهنة القراءة في السهرات.
كم كانت عدد ساعات نومه؟
** كان يبدأ نومه بعد منتصف الليل بقليل وإن كان نومه متقطعاً ويظل كذلك حتى صلاة الفجر بعدها يبدأ النوم حتى الساعة التاسعة صباحأ وكانت تلك بمثابة الوجبة الأساسية في نومه فإن لم ينم بعد صلاة الفجر كعادته يظل طوال يومه مجهداً .. كذلك كان ينام لمدة ساعتين وقت القيلولة وكانت تلك المواعيد مقدسة وعلى ذلك يكون معدل نومه تسعة ساعات يومياً.
هل كانت له أراء معينة في الجيل الجديد من القراء؟
** الشيخ عبد الباسط لم ينقد أو ينتقد أحداً قط وكنا عندما نسأله عن رأيه في صوت أي قارئ جديد يقول لنا صوته جيد ولا بأس به ولا يزيد على ذلك.
ما هي البلاد التي زارها وسجل القرآن الكريم لها؟
** سافر إلى السعودية عام 1951م لأداء فريضة الحج وقام ببعض التسجيلات لإذاعة المملكة ثم تتابعت بعد ذلك الزيارات للمملكة فسجل لها المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم وذلك بدعوة من وزارة الإعلام السعودية وقد دعته حكومة سوريا لأحياء شهر رمضان بالمسجد الأموي بدمشق والجامع الكبير بحلب وكذلك إحياء بعض الليالي الدينية بلبنان والجزائر والكويت وكل الدول العربية وكانت تلك الزيارات بعضها من قبل وزارة الأوقاف لأحياء ليالي شهر رمضان والبعض الأخر عن طريق الدعوات الشخصية.
وهل زيارته إلى جنوب أفريقيا كانت بدعوة شخصية أيضا؟
** سافر إلى جنوب أفريقيا مرتين ومكث فيها اكثر من شهرين قضاها مع مسلمي جنوب أفريقيا بدعوة من المركز الإسلامي في جوهانسبرج وقرأ القرآن في بريتوريا ودرين وليدي سميث وكابتون، كذلك قلم بزيارة باكستان أكثر من مرة، وكذلك الهند و إندونيسيا وبورما وماليزيا وجزر الملاديف وأوغندا والسنغال ونيجيريا.
وماذا عن زياراته المتعددة للولايات المتحدة الأمريكية؟
** كانت أول زيارة له للولايات المتحدة الأمريكية عام 1967م بدعوة من المركز الإسلامي بواشنطن زار خلالها أربعة عشر ولاية أمريكية قرأ فيها جميعها القرآن ثم قام بزيارتها مرة أخرى عام 1981م بدعوة من المركز الإسلامي بلوس أنجلس ثم زيارة أخرى عام1987م وفي نفس العام عندما دعي لافتتاح أول مدرسة إسلامية لتعليم القرآن الكريم بمدينة فرجينيا بواشنطن كما سافر إلى بعض الدول الأوربية حيث سافر إلى باريس وقرأ بالقسم الإسلامي بها وأيضاَ في أسبانيا ولندن وقام بتسجيل بعض التسجيلات للقسم العربي بالإذاعة البريطانية عام 1971م.
كيف بدأت قصته مع المرض؟
** كان الشيخ رحمة الله عليه يعاني من كسل بالكبد طوال حياته ولكن ذلك لم يكن يمثل له شيئاً خطيراً بالنسبة له فكان يعالج بالأدوية إلا أنه أصيب بإلتهاب كبدي قبل وفاته بثلاث أسابيع تقريباً دخل على أثره مستشفى الدكتور إبراهيم بدران ومكث فيه أسبوعاً ساءت فيه صحته فنصحه طبيبه المعالج بضرورة سفره للخارج فسافر إلى لندن ومكث بإحدى مستشفياتها أسبوعاً آخر لم تتحسن صحته بعد فطلب من ابنه طارق الذي رافقه في هذه الرحلة أن يعود به إلى مصر لشعوره بعدم جدوى العلاج وبمجرد أن دخل بيته قال: الحمد لله , ولأنه كان يشعر بدنو أجله طلب
(يُتْبَعُ)
(/)
أن يجلس معنا فأوصانا خيراً ببعضنا البعض وأوصى ابنه الأكبر بأن تكون صلاة الجنازة عليه بمسجد محمود بالمهندسين وأن يكون العزاء بمسجد الحامدية الشاذلية بسور نادي الزمالك وقد وافته المنية عصر الأربعاء الموافق30\ 11\1988م عن عمر يناهز إحدى وستين عاماً.
ما هي الأوسمة التي حصل عليها؟
** من دولة سوريا كرمه الرئيس صبري العسلي رئيس مجلس الوزراء السوري عام1956م ومنح وسام الاستحقاق ومن لبنان قلده الرئيس سامي الصلح وساماً وكذلك قلدته الحكومة السنغالية وساماَ , ومن ماليزيا منحه رئيس حكومة ماليزيا تنكو عبد الرحمن الوسام الذهبي في افتتاح المسجد الكبير بالعاصمة الماليزية كوالالمبور وسط احتفال كبير شهده ربع مليون ماليزي عام 1956م ومن مصر حصل على شهادة تقدير من وزارة الأعلام المصرية بمناسبة عيدها الذهبي عام 1938م.
ماذا عن رحلاته مع أصحاب الفضيلة شيوخ الأزهر ووزراء الأوقاف؟
** سافر مع الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق إلى أبو ظبي والشارقة وقطر والهند ومع الكتور عبد الرحمن بيصار شيخ الأزهر السابق إلى باكستان وماليزيا ومع الإمام الأكبر جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الحالي إلى جزر المالديف ثم البحرين ثم في رحلة أخرى إلى نيجيريا ثم إلى جمهورية بنين ثم إلى الصومال ورافق الدكتور عبد المنعم النمر وزير الأوقاف الأسبق إلى باكستان والهند لافتتاح بعض المؤتمرات الدينية بجامعة العلوم في ديوبن ومصاحباً للدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف الحالي إلى أورانج لافتتاح مؤتمر السيرة النبوية الرابع عشر.
ما هي التسجيلات القرآنية التي قام بتسجيلها للإذاعات العربية؟
** المصحف المرتل برواية حفص لإذاعة جمهورية مصر العربية، كما شارك بتسجيل المصحف المرتل برواية حفص أيضاً للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وكذلك للإذاعة السعودية والكويت والمصحف المرتل رواية ورش عن نافع لإذاعة المملكة المغربية, رحمه الله رحمة واسعة.
تنبيه
هناك بعض الاسئلة مع الاجوبة فيها بعض المخالفات لم اذكرها تقديراً واحتراماً للموقع
ومن اراد اللقاء كاملا
اضغط هنا ( http://www.qquran.com/phpBB2/viewtopic.php?t=1762)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[19 Jan 2004, 07:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الكريم الراية أشكرك على حسن اختيارك وأدبك في النقل والاختيار
إذاماراية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمن
ثانيا: هذا المقرئ رحمه الله رحمة واسعه له صوت من اندى الاصوات عز نظيره , فعذوبة الصوت وحسنه نعمة من أجل نعم الله. وأمره عجب كماقال العسكري رحمه الله، فمنه مايقتل كصوت الصاعقه. ومنه مايسر ويبهج، ومنه مايبكي ومنه مايزيل العقل .. وقد بكى ماشرحويه من قراءة أبي الجراح فقيل له كيف تبكي من كتاب لاتصدق به؟ قال: إنما أبكاني الشجا.قال: وبه ينومون الصبيان , ويسقون الدواب ... الى أن قال:وذلك موجود في كلام العرب: قال حميد بن ثور:
وماهاج هذا الشوق إلاحمامة ... دعت ساق حزم حمام ترنما
عجبت لها أنا يكون غناؤها ... فصيحا ولم تفغربمنطقها فما
ولم أرمثلي شاقه صوت مثلها ... ولاعربياشاقه صوت أعجما.
فللصوت أمر عجيب في النفس يلحظه كل ذي طبع سليم، فاكثر من تراهم يبكون عند سماع كلام الله ليس إلا لعذوبة صوت القاري وحسنه، ولست بهذا اذم هذا الصنيع، فغالبا ماتوجد رقة في القلب بعد سكب العبرات ينشأ بعدها تدبر لكلام الله تعالى فبينها رابط وثيق
الى الله أشكو دمعة تتحير ... ولو قد حدى الحادي لظلت تحدر
وأذكر أني قرأت في سيرة سيد قطب رحمه الله عند سفره في البحر الى ديار الغرب وإقامته لصلاة الجمعه وتلاوة القرآن على ظهر السفينه وكان معهم في رحلتهم جماعة غيرمسلمة لاتحسن العربيه، الا أنهم مع ذلك وقفو مشدوهين عند سماع كلام الله تعالى حتى رقت قلوبهم واظهروا عجبهم من هذا الكلام.مع عدم فهممهم لمعناه. وكان من بينهم إمرأة فاضت عيناهابالدمع، ولاغرو فهو كلام رب العالمين الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد.فهو معجز بلفظه ومعناه.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل ذكر لي احد الاخوه الدارسين للطب في بلاد العجم أنه كان يوما من الايام يقرا القرآن وشخص بوذي أعجمي يستمع له قال: فرأيته يصغي لي ثم لم يتمالك د موعه حتى انهارت على خديه. قال: فالتفت اليه سائلا عن ماجلب له البكا قال: من هذا الكلام الذي اسمع قال: فزدته وحبرته له تحبيرا حتى لم يتمالك الرجل نفسه.فسألته عن دينه ومعتقده وشرحت له الاسلام وبينت له أنه الدين الحق وأن هذا الكلام كلام الله خالق الارض والسماء الذي خلقه فأحسن خلقه وبدأخلق الانسان من طين ... قال: فوالله ماقمنامن مجلسنا الا وقد نطق بالشهادتين بفضل الله وكلامه الذي هو شفاء لمافي الصدور. وهذا إنما هو وجه من وجوه اعجازه فكلام الله لاكسائر الكلام.اللهم اجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه بحقه فقاده الى رضوانك وجنات النعيم , ولا تجعلنا ممن تعلمه أوعلمه رياءا وسمعة فزج في قفاه الى نار الجحيم.
فهذا المقرئ الذي ذكره الاخ الكريم، ممن شهد بحسن صوته القاصي والداني فلا الله الا الله كم من عبرة سكبت عند سماع صوته بالقرآن، ولك أن تتخيل لو كان من أئمة الحرم المكي او المدني.
ولقد أثرت اخي الكريم بهذا لموضوع جرحا دفينا، اجاهد على أن اتناساه وأبتعد عن كل مايذكر به، ذلك يوم أن كناصغارا نحمل الكتب الى الكتاب , ونحن نسمع صوت هذا المقرئ يملأ الافق في مذياع الاذاعة المدرسيه قبل أن يبدأ اليوم الدراسي، يعلو مرة ويخفت اخرى لشدة السحب النازلة على الارض، سقى الله تلك الايام أيام محمد رفعت وعبد الباسط والمنشاوي ... لقد عرفتهم كلهم ولم ابلغ الحلم، وكان سماع صوتهم كل يوم يخالط أنغام السحاب التي تلتصق بالارض في موسم الشتاء فتحجب الرؤية أحيانا. فكنا ندخل الفصل والروح طيبة بهذه التلاوة التي ابتدأنابها يوما دراسيا. فمابال الناس قد استبدلوا هذه العادة الحميده أمن عوزالمكبرات للأصوات ... ؟
إنها حبة واحدة من سلسلة من الذكريات إذا ما أثير واحدا منها تتابعت كلها (إنه الحنين الى الاوطان) الذي تغنت به الشعراء وطاب لاجله حديث كثير من الادباء، بل أشار اليه في كتابه رب الارض والسماء *حتى غدا بابا من التصنيف أولع به كثير ممن الكتاب كالجاحظ والمرزباني وغيرهما *
واشهد ماسعت في هذا بمثل قول ابن الرومي ذاكرا السبب الذي لاجله تعلق قلب كل مخلوق بوطنه
وحبب أوطان الرجال اليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالك
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهوداجرت فيها فحنوا لذلك
يقول الصفدي ـرحمه الله ـ في شرح رسالة ابن زيدون. وقد كان السر في حب الاوطان غائبا عن ذهن كثير من الناس حتى انشد قول ابن الرومي
على كل حال رحم الله عبدالباسط وغفر له وليس بالمعصوم بل حاله حالنا، كم نقترف ليل نهار والله يغفر ويستر.منا منه وكرم،ولو تتبعنا زلل علمائنا لمابقي لنا الا القلة القليله، فهذا أبوحنيفة والنووىوابن حزم وابن عقيل وابن الجوزي وابن حجر والسيوطي الى ابن عاشور وسيد قطب ـ رحمهم الله جميعا ـ مامنهم إلا وقد اخذ عليه فيما ما مثله لا يعذر عليه، من شطط في باب الاسماء والصفات أو الإيمان، وهم مع ذلك من جلة علماء الاسلام ونبلائه نحبهم ونجلهم وننهل من علمهم , ولاينقص من قدر أحدهم أن استدرك على ماوقع فيه من زلل، ومن شغب ببعض ذلك فغفر الله له وهداه للحق والصواب
وختاما
فالعبرة هي بماحصله المرء من كتاب الله وما وظفه في حياته من أوامره ونواهيه، ورحم الله الحسن البصري الذي يقول: لقد انزل الله القرآن للعمل به فاتخذ الناس تلاوته عملا. فلم يعد يعرفه كثير من الناس الا في افتتاحية المناسبات أ والحفلات المبتدعة التي ما انزل الله بها من سلطان، والتي عن مثلها يجب أن يصان كلام الواحد الديان
إلا أن في استماعه من مذياع أو قأري إمر مشروع وهو من القديم المرفوع فالتالي والمستمع في الاجرسواء
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*في مثل هذه العبارة تجاوزإعتذر عن مثله ابن عطية رحمه الله في مقدمة تفسيره.
*وإن يسر الله ـ أن شاء الله ـ فللحديث بقية حول هذا الموضوع (الحنين الى الاوطان) في ظلال آيةمن القرآن.
ـ[الراية]ــــــــ[19 Jan 2004, 06:36 م]ـ
أخي الكريم/ ابن الشجري ...
لا اعرف ما اكتب لك .. غير أني اعتذر إن كنت أعدت لك ماضياً جميلاً نغصه عليك ما تعيشه في هذا الزمن!
فلله المشتكى ...
ولقد تلذذت بما كتبته في تعليقك فشكر الله يداً كتبت فأبدعت ...
وما ذكرتَ من انه لا حرج من تلذذ السامعين بصوت القارئ صحيح .. ويشهد له ما جاء في السنن واصله في الصحيحين من قصة النبي صلى الله عليه وسلم لما استمع للصحابي الجليل أبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود ..
-وفي بعض الروايات أن بعضاً من أمهات المؤمنين كن يستمعن له -
فقال أبو موسى لو علمت انك تستمع لحبرته لك تحبيرا ... !!
فطوبى لمن أنعم الله عليه بصوت حسن فرتل من آيات القرآن الكريم عله أن يسمع ما يحب يوم الحشر!
اكرر شكر الجزيل لكم
أخوكم المحب/الراية(/)
تأملات في أحوال الجوارح يوم القيامة ـ الجزء الثاني (أحوال الوجه)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 Jan 2004, 01:15 م]ـ
سبق أن أشرت في المقالة الماضية إلى أحوال البصر في ذلك الموقف العظيم، وما يسبقه من مقدمات وإراهاصات، وفي هذه المقالة، سأشير ـ وباختصار ـ إلى أحوال الوجه يوم القيامة:
بعدما يرى أهل الموقف من الأهوال ما يرون، وحين يجاء بجهنم تجثو الأمم على ركبها من هول ذلك الأمر وفظاعته، ولا أجد وصفاً أعظم ولا أبلغ من وصف العليم بتلك الأحوال سبحانه، حينما قال سبحانه ـ عن عباده الصالحين ـ: (يخافون يوماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالآبْصَارُ).
هناك ـ وفي ذلك اليوم ـ تنقسم وجوه الخلق يوم القيامة إلى قسمين اثنين فقط، يوضح ذلك قوله تعالى:
(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ* وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، وهذا كقول الله تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ).
ولك أن تتصور أن هذه الوجوه المسودّة ـ والعياذ بالله ـ لم تصل إلى أرض المحشر إلا بعد أن ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، عند الاحتضار، وقبل الانتقال إلى عرصات الموقف، كما قال سبحانه: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)، وكما قال U : ( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ).
بل لقد أيقنوا بإفلاسهم،وسوء حالهم منذ أن رأوا الأمر عياناً، كما قال الله U : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ).
إنها ـ كما قال الله ـ (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (أي كالحة عابسة) تظن (أي تستيقن) أن يفعل بها فاقرة (أي: داهية عظيمة) ...
إنها وجوه يومئذٍ (عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أؤلئك هم الكفرة الفجرة)، فهي وجوهٌ علاها الغبار، وغشاها القتار،وهو شبه الدخان، يغشى الوجه من الكرب والغم.
واستمع إلى سبب ذلك في قول ربك جل جلاله: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً، أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
فإذا كان هذا حال هذه الوجوه وهي في العرصات، لم تدخل النار بعد، فما ظنكم بالطريقة التي ستحشر بها هذه الوجوه الكالحة المسودة المكفهرة؟ وإلى أين؟ إلى النار!!
استمعوا إلى قول U : ( إن المجرمين في ضلال وسعر*يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) ...
(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) ...
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
حتى إذا ما وصلوا إلى النار ألقوا وكبوا كباً كما يكب الشيء الذي يلقيه صاحبه إلقاء المبغض الكاره: (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ...
فلعلهم يستطيعون أن يهربوا هنا أو هناك! (يَقُولُ الآنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ؟)
فيأتي الجواب القاطع لكل احتمال يمكن أن يتردد في قلوب أولئك: (كَلا لا وَزَرَ* إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ)، (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
فإذا كان هذا حالها وهي تحشر إلى النار، فما ظنك بهذه الوجوه بعد أن تلفحها النار بلهبا المحرق؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وما ظنك بها ـ بعد أن أضناها العطش، وسألت الإغاثة لسد ما يجدونه من حرارة بطونهم ـ فإذا بهم يغاثون بماء كالمهل، يشوي الوجوه، (بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً)،اللهم إنا نعوذ بك من حال هؤلاء.
وفي مقابل هذه الأوصاف الموحشة، لتلك الوجوه الكالحة، فإن الله تعالى وصف وجوه أهل الإيمان بأوصاف تليق بها، جزاءاً وفاقاً، إنه وجوه المتوضئين، الراكعين، الساجدين، إنها وجوه الذاكرين المخبتين (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
يا الله!
ما أعظم الفرق بينهم وبين من يقدم أرض المحشر وقد بيّض الله وجهه، ونضّر جبينه، ويعده ربه برحمته الخالدة؟!.
ألا يحق لتلك الوجوه التي بشرّت بجنة ربها،و الخلود فيها أن تكون وجوهاً تعلوها النضارة، والسرور؟
بلى والله، ولذلك قال الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إلى ربها ناظرة)، (تعرف في وجوههم نضرة النعيم).
وحق لها والله أن تكون ناضرة! أليست هي الوجوه التي لطالما سجدت لله؟!
أليست هي الوجوه التي لطالما تحدرت الدموع عليها من خشية الله؟!
أليست هي الوجوه التي حفظت ما فيها من جوارح: في سمعها وبصرها ولسانها عما لا يرضي الله؟!
ثم تاج ذلك كله أن تتنضر في جنة النعيم برؤية رب العالمين سبحانه وتعالى، ذلك النعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو الزيادة التي وعد الله بها المؤمنين من عباده في قوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).
إنها الوجوه التي قال الله عنها: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضاحكة مستبشرة)،إنها وجوه الناس الذين يأخذ أحدهم كتابه أحدهم بيمينه فيقول ـ من فرحه وسروره ـ (هاؤم اقرأوا كتابيه، إني ظنتت أني ملاق حسابيه) إنها: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لسيعها راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية ... )
ولئن كانت وجوه الكفرة، عليها غبرة، وترهقها قترة، فقد سلم الله وجوه المؤمنين من ذلك، بل هي كما قال الله: (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
ومن عجب أنك ترى مقدماتٍ لهذه الأحوال في الدنيا قبل الآخرة!
فلله، كم من شخص ـ في هذه الدنيا ـ خلق أسود البشرة، من أهل الإيمان، إلا أنك ترى عليه نضرة الإيمان، وبهاء الطاعة، والعكس صحيح، فكم من رجل خلق أبيض البشرة، إلا أنك ترى ظلمة المعصية على وجهه، وآثار الضيق على محياه!
فسبحان من أشهد عباده شيئاً من أحوال ذلك اليوم؟!
وقفة،ومثال واقع ولا بد:
فلكأني بوجه بلال، الذي قضى الله أن يكون أسود البشرة، لكأني به يأتي أبيض الوجه، يطفح بالبشر والسرور، ويتهلل بالرضا والنضارة!
ولكأني بذلك البغيض المقيت أبي لهب، والذي لقب وكني بأبي لهب، لشدة الحمرة التي تعلو وجهه، لكأني به مسود الوجه، عليه غبرة، ترهقه قترة، لماذا؟ إنه من الكفرة الفجرة.
فنسأل الله تعالى أن يبيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Mar 2006, 12:57 ص]ـ
بعد انقطاع عن الاستمتاع بالمشاركة في هذا الملتقى ـ بسبب البحث الذي أعان الله على تسليمه ـ أعود لأطلب من إخوتي إبداء ملاحظاتهم على هذه التأملات في أحوال الوجه ..
لأنني أنوي ـ بإذن الله ـ أن أستمر في تسجيل بقية ما لدي من تأملات في بقية الجوارح .. فلا تحرمونا تصويباتكم،لا حرمكم الله الأجر والثواب.
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[15 Mar 2006, 01:09 ص]ـ
جزاك الله خيراً،،،
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Mar 2006, 02:42 م]ـ
بارك الله فيكم أبا عبدالله على هذه التأملات الموفقة في آيات القرآن الكريم. ومثل هذه التأملات السريعة من أنفع ما يكون في الكلمات القصيرة بعد الصلوات في المساجد، فواصل وفقك الله ونفع بك.
وأبارك لكم الانتهاء من رسالة الدكتوراه، جعلها الله عوناً لك على طاعته.(/)
الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[18 Jan 2004, 05:27 م]ـ
الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ".
رواه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه والطبراني في الكبير بإسناد جيد ولفظه قال ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.
وفي رواية للبيهقي قال:" ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى
قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء فقال فكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه".
وعن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله "ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله ".
رواه الطبراني بإسناد صحيح
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال:" أفضل أيام الدنيا العشر يعني عشر ذي الحجة
قيل ولا مثلهن في سبيل الله قال ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب .. الحديث
رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى بإسناد صحيح ولفظه قال:"ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة قال فقال رجل يا رسول الله: هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله قال هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله إلا عفير يعفر وجهه في التراب .. الحديث ورواه ابن حبان في صحيحه.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال:" ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ".رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس بن قهم وسألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه.
قال الحافظ روى البيهقي وغيره عن يحيى بن عيسى الرملي حدثنا يحيى بن أيوب البجلي عن عدي بن ثابت وهؤلاء الثلاثة ثقات مشهورون تكلم فيهم
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله:" ما من أيام أفضل عند الله ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني من العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير وذكر الله وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنة والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة ضعف ".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان يقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة عشرة آلاف يوم قال يعني في الفضل ". رواه البيهقي والأصبهاني وإسناد البيهقي لا بأس به.
وعن الأوزاعي رضي الله عنه قال بلغني: أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة، قال الأوزاعي: حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم عن النبي رواه البيهقي.
عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله:" ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة
قال فقال رجل يا رسول الله هن أفضل أم من عدتهن جهادا في سبيل الله قال هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ".
رواه أبو يعلى والبزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له، والبيهقي ولفظه قال رسول الله:" إذا كان يوم عرفة فإن الله تبارك وتعالى يباهي بهم الملائكة فيقول انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم فتقول الملائكة إن فيهم فلانا مرهقا وفلانا قال يقول الله عز وجل قد غفرت لهم قال رسول الله ما من يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولفظ ابن خزيمة نحوه لم يختلفا إلا في حرف أو حرفين المرهق هو الذي يغشى المحارم ويرتكب المفاسد.
قوله: ضاحين هو:بالضاد المعجمة والحاء المهملة أي بارزين للشمس غير مستترين منها يقال لكل من برز للشمس من غير شيء يظله ويكنه إنه لضاح.
وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز رضي الله عنه أن رسول الله قال ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر فإنه رأى جبرائيل عليه السلام يزع الملائكة.رواه مالك والبيهقي من طريقه وغيرهما وهو مرسل.
أدحر بالدال والحاء المهملتين بعدهما راء أي أبعد وأذل
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله يوم عرفة:" أيها الناس إن الله عز وجل تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم ووهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى لمحسنكم ما سأل فادفعوا باسم الله فلما كان بجمع قال إن الله عز وجل قد غفر لصالحيكم وشفع صالحيكم في طالحيكم تنزل الرحمة فتعمهم ثم تفرق المغفرة في الأرض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وإبليس وجنوده على جبال عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم فإذا نزلت الرحمة دعا إبليس وجنوده بالويل والثبور".
رواه الطبراني في الكبير ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن فيهم رجلا لم يسم، ورواه أبو يعلى من حديث أنس ولفظه قال سمعت رسول الله يقول:" إن الله تطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة يقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أقبلوا يضربون إلي من كل فج عميق فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت لمحسنهم جميع ما سألوني غير التبعات التي بينهم فإذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله تعالى فيقول يا ملائكتي عبادي وقفوا فعادوا في الرغبة والطلب فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني وكفلت عنهم التبعات التي بينهم ".
وعن عباس بن مرداس رضي الله عنه أن رسول الله دعا لامته عشية عرفة فأجيب أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال أي رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشية عرفة فلما أصبح بالمزدلفة أعاد فأجيب إلى ما سأل قال فضحك رسول الله أو قال تبسم فقال له أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لامتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه ".
رواه ابن ماجه عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس أن أباه أخبره عن أبيه
ورواه البيهقي ولفظه:" أن رسول الله دعا عشية عرفة لامته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأوحى الله إليه أني فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها فقال يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم فلم يجبه تلك العشية فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله أني قد غفرت لهم قال فتبسم رسول الله فقال له بعض أصحابه يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم قال تبسمت من عدو الله إبليس إنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه.
رواه البيهقي من حديث ابن كنانة بن العباس بن مرداس السلمي ولم يسمه عن أبيه عن جده عباس ثم قال وهذا الحديث له شواهد كثيرة وقد ذكرناها في كتاب البعث فإن صح بشواهده ففيه الحجة وإن لم يصح فقد قال الله تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء 84 وظلم بعضهم بعضا دون الشرك انتهى
وروى ابن المبارك عن سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال وقف النبي بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال يا بلال أنصت لي الناس فقام بلال فقال أنصتوا لرسول الله فأنصت الناس فقال معشر الناس أتاني جبرائيل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال إن الله عز وجل غفر لاهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثر خير الله وطاب ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قال إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ".
رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي كان يقول إن الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ".
ورواه أحمد والطبراني في الكبير والصغير وإسناد أحمد لا بأس به.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو يتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ".
رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وزاد رزين في جامعه فيه اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم ".
وعن عبد العزيز بن قيس العبدي قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول كان فلان ردف رسول الله يوم عرفة فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن فقال له رسول الله ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له ".
رواه أحمد بإسناد صحيح والطبراني ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي وعندهم كان الفضل بن عباس رديف رسول الله الحديث.
ورواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب والبيهقي أيضا عن الفضل بن العباس عن النبي مختصرا قال:" من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة".
انتهى من كتاب الحافظ المنذري الترغيب والترهيب 2/ 126 - 132
وينظر كلام ابن رجب في لطائف المعارف
الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[18 Jan 2004, 10:06 م]ـ
تكملة
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الفتاوى 25/ 287:
عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟
فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.
وقال ابن القيم: واذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر ويوم التروية وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.
قال ابن حجر في الفتح 2/ 460:
والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره.
فينبغي للمسلم في هذه الأيام أن يجتهد ويشمر ويدع الكسل فما هي إلا ليالي وتنقضي ...
فأول ما يجب عليك المحافظة على الفرائض في الجماعة ثم تجتهد في السنن الرواتب وقيام الليل وسنة الضحى وسائر النوافل ...
والتبكير للمسجد، والإكثار من تلاوة القرآن ..
والصدقة، وصلة الرحم و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
و بر الوالدين و طلب العلم و الحج والعمرة ....
وتصوم الأيام التسع إن استطعت أو بعضها وأهمها يوم عرفة لغير الحاج
لما روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:" صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".
و كثرة ذكر الله لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} (27) سورة الحج
وقال ابن عباس: .. معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق رواه البخاري تعليقا 1/ 329.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد. رواه أحمد 2/ 75
وقال البخاري 1/ 329: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
ومن ذكر الله تعالى التكبير: قال في دليل الطالب ص55:
يسن التكبير المطلق والجهر به في ليلتي العيدين .. وفي كل عشر ذي الحجة، والتكبير المقيد في الأضحى عقب كل فريضة صلاها في جماعة من صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق أما المحرم (الحاج) فيكبر من صلاة ظهر يوم النحر، ويكبر الإمام مستقبل الناس وصفته:
شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وقال ابن القيم في زاد المعاد 2/ 395:
فيقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وهذا إن كان لا يصح إسناده فالعمل عليه ولفظه هكذا يشفع التكبير وأما كونه ثلاثا فإنما روي عن جابر وابن عباس من فعلهما ثلاثا فقط، وكلاهما حسن قال الشافعي إن زاد فقال الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله. اهـ
والتكبير في هذه الأيام مطلق ومقيد فالمطلق في جميع أيام وليالي العشر في كل وقت في المنزل والشارع والسوق والعمل وفي كل حين ....
وأما المقيد فهو ما يقال عقب صلاة الفريضة ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ...
وللحاج من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ..
سئل ابن تيمية رحمه الله الفتاوى 24/ 220
عن صفة التكبير فى العيدين ومتى وقته؟
فأجاب:
الحمد لله أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد وهذا باتفاق الأئمة الأربعة.
وصفة التكبير المنقول عند أكثر الصحابة قد روى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وان قال الله أكبر ثلاثا جاز ومن الفقهاء من يكبر ثلاثا فقط ومنهم من يكبر ثلاثا ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير. اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره 1/ 246:
الذكر المؤقت خلف الصلوات،والمطلق في سائر الأحوال وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق .. اهـ.
فليحرص المسلم على إحياء هذه السنن ولا يمنعه من إحيائها حياء ولا خجل.
ومن المسائل المتعلقة بالعشر أن المسلم إذا دخل عليه العشر وأراد أن يضحي فإنه يجب عليه أن يمسك عن قص شعره وظفره وبشرته حتى يذبح أضحيته لما روى مسلم عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا".
وهذا الحكم متعلق بصاحب الأضحية ولا يشمل الزوجة والأولاد إلا إذا كان لأحد منهم أضحية تخصه.
وإذا وكل فإن الحكم خاص بصاحب الأضحية، وليس على الوكيل شيء.
والله أعلم وصلى الله على محمد , وآله وسلم تسليما كثيرا(/)
ملكة الاستشهاد واستحضار الآيات (وقفة وحكاية)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[20 Jan 2004, 09:35 م]ـ
ملكة الاستشهاد واستحضار الآيات (وقفة وحكاية)
يعد الاستحضار والانتزاع من القرآن في موضوع ما؛ ملكة قلّ من يتقنها حتى من حفاظ القرآن، وقد رأينا بعض المشايخ تميز بهذه الصفة، ومنهم سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله وغيره وهم قليل، ولو أردت أن أضرب مثالا يكون كالاختبار لأحدنا وقلت:
- اذكر الآيات الواردة في الأمر بتوحيد العبادة.
- اذكر الآيات الواردة في الجبال – مثلا -.
فلينظر كل واحد منا قدر الآيات التي استحضرها دون مراجعة أو بحث أو طول وقت، بل تأتيه بديهة قريبة المأخذ، بحيث يستطيع إيرادها لو كان يرتجل خطبة أو كلمة في ذلك الموضوع، ثم يقوّم نفسه في هذا الأمر.
ومن الأمور التي تفيد في تحصيل هذه الملكة:
1. إتقان حفظ القرآن، فالحفاظ اليوم كثير، ولكن أين منهم المتقنون؟
ويعجبني في هذا ماأخرجه الخطيب في (الجامع) عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال:"الحفظ الإتقان ".
2التدريب العلمي، وذلك بمراجعة الآيات في كل موضوع يطرقه أحدنا في درس أو كلمة أو خطبة، ويستودع ذلك مخزن صدره وسويداء قلبه.
وأنصح في هذا الباب ابتداء بكتاب (رياض الصالحين) فإنه جمع أصول أبواب العلم والدين ومهمها، وطريقته أنه يصدر كل باب ببعض الآيات فيه، فيعتني بذلك طالب العلم ويمرن نفسه بمراجعته كثيرا، ثم ينتقل إلى معاجم الموضوعات القرآنية.
3. التدريب العملي، وذلك بالممارسة والتطبيق فيما يلقيه من درس أو كلمة أو خطبة أو غيرها، ويحرص على حشد الآيات وإيرادها أثناء تناوله للموضوع الذي يتحدث عنه، ومراجعة ذلك وتسديده مرة بعد أخرى.
ومن عجيب ماوقفت عليه في هذا الباب ماحكاه الماوردي قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول سألت الحسين بن الفضل فقلت: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله: (خير الأمور أوساطها) قال: نعم، في أربعة مواضع قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك) وقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وقوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) وقوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).
قلت: فهل تجد في في كتاب الله: (من جهل شيئا عاداه)؟ قال: نعم في موضعين، (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (احذر شر من أحسنت إليه) قال: نعم، (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (ليس الخبر كالعيان) قال: في قوله تعالى (قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (في الحركات البركات) قال: في قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة).
قلت: فهل تجد في كتاب الله (كما تدين تدان) قال: في قوله تعالى (من يعمل سوءا يجز به).
قلت: فهل تجد فيه قولهم (حين تقلي ندري) قال: (وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا).
قلت: فهل تجد فيه (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) قال: (هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل).
قلت: فهل تجد فيه (من أعان ظالما سلط عليه) قال: (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير).
قلت: فهل تجد فيه قولهم (لا تلد الحية إلا حية) قال: قوله تعالى (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا).
قلت: فهل تجد فيه (للحيطان آذان) قال: (وفيكم سماعون لهم).
قلت: فهل تجد فيه (الجاهل مرزوق والعالم محروم) قال: (من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا).
قلت: فهل تجد فيه (الحلال لا يأتيك إلا قوتا والحرام لا يأتيك إلا جزافا) قال: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم).
هذه خاطرة عجلى حول هذا الموضوع، وهو يحتمل المزيد.
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jan 2004, 04:15 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
كم أحرص على قراءة كتاباتك المحررة أخي أبا عبدالعزيز، والتي تنادي على ما وراءها من العناية، والدقة، والأناة، أسأل الله أن يؤيدك بتوفيقه، وأن يزيدك من العلم النافع.
وقد فتحتَ باباً نافعاً من العلم، وهو باب عزيز، من يتقنه في العلماء قليل. وقد يكون العالم من الحفاظ، ويسرد المتون سرداً، ولكنه إذا أعوزته الحاجة للاحتجاج والاستشهاد ندت عنه الشواهد كما يند البعير الشارد، فتراه مغموماً لذلك، وقديماً قيل: الذاكرة ماكرة. وقد كنت سألت عن ذلك من أعرف فيه الإتقان الشديد للاستحضار فقال: إنما ذلك بالتعود وكثرة الممارسة، ولقد كنت أول عهدي بالتدريس يصعب علي الأمر صعوبة شديدة، ثم لم أزل أمرن نفسي على ذلك حتى يسر الله من ذلك ما كان عسيراً.
وقد ذكر قصصاً كثيرة من هذا علي بن ظافر الأزدي (567 - 613هـ) في كتابه الذائع:بدائع البدائه، ومن المتأخرين الطبيب العلامة محمد أبو اليسر عابدين في كتابه:النباهة في البداهة وغيرها مما أورده الأدباء في موسوعاتهم الأدبية كالنويري في (نهاية الأرب)، وأصحاب كتب التراجم على كثرتها. وهنا أنقل لك ما أذكره مما يشبه ما نقلته عن الحسين بن الفضل، وما رزقه من البداهة وسرعة الاستحضار.
** قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يوماً: أيها الناس! إن الله أحيا قريشاً بثلاث:
- فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، ونحن عشيرته الأقربون.
- وقال تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك) ونحن قومه.
- وقال تعالى: (لإيلاف قريش) ونحن قريش.
فأجابه رجل من الأنصار، فقال: على رسلك يا معاوية
- فإن الله تعالى يقول: (وكذب به قومك وهو الحق). وأنتم قومه!
- وقال تعالى: (ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون) وأنتم قومه!
- وقال تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) وأنتم قومه!
ثلاثة بثلاثة، ولو زدتنا لزدناك!
** وقال الهيثم بن عدي: جاء رجل إلى الحجاج، فقال: إنَّ أخي خرج مع ابن الأشعث فضرب على اسمي في الديوان، ومنعت العطاء، وقد هدمت داري!!
فقال الحجاج: أما سمعت قول الشاعر:
ولرُبَّ مأخوذٍ بذنبِ قريبهِ ** ونَجَا المُقارفُ صاحبُ الذنبِ!
فقال الرجل: أيها الأمير، إني سمعت الله يقول غير هذا، وقول الله أصدق من هذا!!
قال: وما قال؟
قال: (قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون) ..
قال: يا غلام، أعد اسمه في الديوان، وابن داره، وأعطه عطاءه، ومر منادياً ينادي: صدق الله وكذب الشاعر!!
** وفي حياة الحيوان للدميري في ترجمة الحجاج بن يوسف، قال: كان الحجاج كثيراً ما يسأل القراء، فدخل عليه يوماً رجلٌ. فقال له الحجاج: ما قبل قوله تعالى: (أمَّن هو قانتٌ آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه)؟
فقال له: قوله تعالى: (إنك من أصحاب النار)!!
فما سأل الحجاج أحداً بعدها.
والقصص كثيرة، والأمر كما ذكرت يتأتى بالدربة، وكثرة المران، والحرص على الحفظ، وتعاهد المحفوظ بكثرة المراجعة، فإنه إذا كثر المحفوظ كان تذكر المطلوب أيسر على الذاكرة، وكان طلبه على طرف الثمام عند الحاجة إليه.
كما أن للذكاء الفطري دور في تلك القدرة على الاستحضار، فإنك تجد ذلك عند عوام الناس، ممن لم يطلب العلم، ولا سيما الشعراء الذين رزقوا حظاً منه، فإن بدائهم في الغالب أسرع من غيرهم، وأذكر قصصاً كثيرة للفرزدق في استحضاره للشواهد من الآيات، مع إن الناس لم يعرفوه إلا بالشعر. أذكر منها:
* صعد سليمان بن عبدالملك يوم جمعة المنبرَ، فسمع صوت ناقوس؟ فقال: ما هذا؟
قالوا: البيعة يا أمير المؤمنين. فأمر بهدمها فهدمت.
فبلغ ذلك ملك الروم، فكتب إليه: إنَّ هذه البيعة أقرها من كان قبلك، فإن كانوا أصابوا فقد اخطأتَ، وإن تكن أصبتَ فقد أخطؤوا!
فسأل سليمان من خواصِّ دولته الجواب، فأعياهم، فقال الفرزدق: عن إذن أمير المؤمنين.
قال: قل!
قال: يكتب إليه: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً). فسرَّ بذلك، وأمر له بجائزة.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[22 Jan 2004, 07:34 ص]ـ
أتمنى من الشيخ خالد أن يستمر في هذا الموضوع، وذلك بوضع حلقات للاستحضار على أن تكون المواضيع دقيقة لاعامة مما يظهر فيها الاستنباط والاستحضار.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[23 Jan 2004, 08:06 م]ـ
الأخوان الكريمان:
الشيخ / عبد الرحمن الشهري .. أشكرك على هذه الزيادات التي يحتفل بها في هذا الموضوع وهذا ماعهدناه في قلمك السيال.
الشيخ / محمد الربيعة .. أشكرك على تعليقك، ولم يتضح لي المراد من اقتراحك، وهل تقصد طرح أسئلة مشابهة لما مثلت به؟
ولك من أخيك التحية والتقدير،،
والسلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Aug 2010, 02:00 م]ـ
هذا الموضوع بحاجة إلى مدراسة فهو مفيد جداً، ويمكن تعزيز هذه المهارة بالتمرين والتدريب كما ذكر أخي د. خالد الباتلي، وهي تظهر في باب الاستفتاء والإجابة عن أسئلة السائلين بشكل واضح، فكثيراً ما يتردد المفتي بسبب عدم استحضار الدليل أو موضع الشاهد منه.
وترى هذا أيضاً في باب حفظ المنظومات العلمية، فقد يسهل على أحدنا سرد الألفيات من أولها أو من أوائل أبوابها، ولكنه يصعب عليه استحضار مواضع الاستشهاد مباشرة في داخل النظم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Aug 2010, 05:45 م]ـ
ممن اشتهر عنه قوة استحضار الآيات الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[18 Aug 2010, 10:03 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
من عجيب ولطيف ما وقفت عليه، ما ذكره المؤرِّخون وأهل السِّير عن الإمام البخاري رح1. يقول عنه ورَّاقه محمد بن أبي حاتم: بلغني أنَّ أبا عبد الله شرب البَلاذُر للحفظ، فقلتُ له: وهل من دواءٍ يشربه الرجل للحفظ؟
فقال: لا أعلم، ثم أقبل عليَّ وقال: لا أعلم شيئاً أنفعَ للحفظ من نَهْمة الرجل، ومداومة النَّظَر، وذلك أني كنتُ بنَيسابور مقيماً، فكان يَرِدُ إليَّ من بُخارى كُتبٌ، وكُنَّ قراباتٌ لي يُقرئن سلامهنَّ في الكتب، فكنتُ أكتب إلى بُخارَى، وأردتُ أن أقرئهنَّ سلامي، فذهب عليَّ أساميهنَّ حتى كتبتُ كتابي ولم أقرئهنَّ سلامي، وما أقلَّ ما يذهب عني من العلم.
قال الحافظ الذهبي:
يعني: ما أقلَّ ما يذهب عنه من العلم لمداومة النَّظر والاشتغال، وهذه قراباته نَسِي أسماءهنَّ، وغالب الناس بخلاف ذلك , فتراهم يحفظون أسماء أقاربهم ومعارفهم، ولا يحفظون إلَّا اليسير من العلم. («تاريخ الإسلام» 6/ 148)
وقال أيضاً: سمعتُ أبا عبد الله يقول: تفكَّرتُ أصحاب أنسٍ، فحضرني في ساعةٍ ثلاثُ مئة. («سير أعلام النبلاء» 12/ 410)
فهذا الإمام البخاري رح1 أعجوبة من عجائب الدنيا، فمن أراد أن يعرف أنه لا شيء في باب العلم فليقرأ سيرته التي زهد الكثير فيها وغابت عنا وقلَّ من يعتني بها؛ولعمر الله فيها من الفوائد والعبر ما لايخطر على بال أقول هذا لنعرف اليوم كيف تكون همم الرجال، أما نحن ... فالله المستعان.
ومن المعاصرين الذين رزقوا هذه النِّعمة الشيخ العلامة المحقق عبد القادر الأرنؤوط رح1 فقد كان فريداً بين أقرانه العلماء في الاستحضار للآيات والأحاديث، يحدِّثني شيخنا العلامة شعيب الأرنؤوط حفظه الله يقول:
كان الشيخ عبد القادر واعظاً فريداً حين كان في بلاد الشام، وكان ربَّما ذكر في موعظةٍ قرابة المئة آية، وعشرات الأحاديث لا يَذكر حديثاً صحيحاً أو حسناً في الموضوع إلَّا ويأتي به، وكانت عنايته بذلك ظاهرة رح1.اهـ
فنسأل الله أن يمنَّ علينا بنعمة من عنده تُكمل نقصنا وتُعلِينا في مراتب العلم والإيمان والعمل، اللهم آمين.
ـ[عبد الله الطواله]ــــــــ[19 Aug 2010, 01:44 م]ـ
إن انسى فلا أنسى كتاب الحيدة للإمام النحرير أبي الحسن عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون الكناني المكي الكناني، المتوفى سنة 240 رحمة اللة واسمه (الحيدة و الاعتذار .. في الرد على من قال بخلق القرآن)
فليس في هذا الباب ما يقارعه .. اضافة إلى أنه انتصار مذهل لأهل السنة .. رحم الله الإمام رحمة واسعة
وحقيق بطلبة العلم أن لايفوتهم هذا الكتاب النفيس
وهذا رابط الكتاب في صيد الفوائد http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=135(/)
إعلان الخبر في المقصود بالمضحي المتوجه إليه خطاب النهي عن أخذ الشعر والبشر ..
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jan 2004, 01:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد بحثت ليلتي هذه مسألةَ الإمساك عن الشَّعَرِ والبشر والأظافر لأهل بيت المضحي، وكتبت فيها ورقات أحببت أن يكون ملتقى أحبائنا من طلبة العلم في التفسير من أول من يراها، وسامحوني لكونها بعيدة عن موضوع الملتقى
وقد سميتها: إعلان الخبر
في المقصود بالمضحي المتوجه إليه خطاب النهي عن أخذ الشعر والبشر.
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم أخذ شيء من الشعر والبشر والأظافر لمن أراد أن يضحي على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم.
وبه قال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي ورواية لمالك واختيار ابن القيم، وسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ العثيمين، والألباني.
واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة التالية:
1 - مارواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أهل هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره).
والأمر يقتضي الوجوب ولا صارف له عن الوجوب. وفي رواية: (فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). والنهي يقتضي التحريم ولا صارف له عن تحريم الأخذ.
القول الثاني:الكراهة.
وبه قال الشافعي وأصحابه ورواية في مذهب مالك.
واستدلوا على صرف ظاهر الحديث عن التحريم إلىالكراهية يحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله حتى يرجع الناس).
القول الثالث: الجواز.
الجواز وبه قال أبو حنيفة ورواية في مذهب مالك.
واستدلوا بالقياس على عدم تحريم اللباس والوطء عليه. وأجابوا عن الحديث بأنه موقوف.
والراجح والعلم عند الله تعالى هو القول الأول لظاهر الحديث.
وقد أجاب جماعة من العلماء كالبهوتي، وابن قدامة عن استدلال الشافعية ومن وافقهم بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله حتى يرجع الناس) بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول: أن حديث عائشة رضي الله عنها في إرسال الهدي لا في الأضحية.
الجواب الثاني: حديث عائشة عام وحديث أم سلمة خاص، فيجب تقديمه.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: (حديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه، وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص. ولأنه يجب حمل حديثهم على غير محل النزاع لوجوه منها:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهي عنه، و إن كان مكروها؛ قال الله تعالى إخباراً عن شعيب: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه).
- ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله، فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره.
- ولأن عائشة تعلم ظاهراً ما يباشرها به من المباشرة، أوما يفعله دائماً كاللباس والطيب، فأما ما يفعله نادراً كقص الشعر، وقلم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لم ترده بخبرها بخبرها وإن احتمل إرادتها إياه فهو احتمال بعيد وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل وخبرنا دليل فكان أولى بالتخصيص.
قال ابن القيم رحمه الله: (وأما حديث عائشة فهو إنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالاً ولا يكون محرماً بإرسال الهدي رداً على من قال من السلف يكون بذلك محرماً).
الجواب الثالث: عند الترجيح يقدم حديث أم سلمة لأنه من قوله صلى الله عليه وسلم، وحديث عائشة من فعله وقوله مقدم على فعله لاحتمال الخصوصية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: خبر أم سلمة صريح في النهي فلا يجوز تعطيله أيضاً فأم سلمة تخبر عن قوله وشرعه لأمته فيجب امتثاله، وعائشة تخبر عن نفي مستند إلى رؤيتها وهي إنما رأت أنه لا يصير بذلك محرماً يحرم عليه ما يحرم على المحرم ولم تخبر عن قوله إنه لا يحرم على أحدكم بذلك شيء وهذا لا يعارض صريح لفظه).
وأما الجواب عن أدلة القول الثالث:
فأما استدلالهم بالقياس ففاسد الاعتبار لكونه مقابل النص.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن القيم رحمه الله: (وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس وبالله التوفيق. كيف وأن تحريم النساء والطيب واللباس أمر يختص بالإحرام لا يتعلق بالضحية وأما تقليم الظفر وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية).
وأماقولهم بأنه حديث أم سلمة موقوف، فقد أجيب بأن الحديث ثبت رفعه.
قال ابن القيم رحمه الله في الحاشية: (وقد اختلف الناس في هذا الحديث وفي حكمه فقالت طائفة لا يصح رفعه وإنما هو موقوف، قال الدارقطني في (كتاب العلل): ووقفه عبد الله بن عامر الأسلمي ويحيى القطان وأبو ضمرة عن عبدالرحمن بن حميد عن سعيد. ووقفه عقيل على سعيد قوله. ووقفه يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد عن أم سلمة قولها. ووقفه ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبدالرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة قولها. ووقفه عبدالرحمن بن حرملة وقتادة وصالح بن حسان عن سعيد قوله. والمحفوظ عن مالك موقوف، قال الدارقطني: (والصحيح عندي قول من وقفه).
ونازعه في ذلك آخرون فصححوا رفعه منهم مسلم بن الحجاج ورواه في صحيحه مرفوعاً ومنهم أبو عيسى الترمذي قال: هذا حديث حسن صحيح. ومنهم ابن حبان خرجه في صحيحه ومنهم أبو بكر البيهقي قال هذا حديث قد ثبت مرفوعاً من أوجه لا يكون مثلها غلطا. وأودعه مسلم في كتابه، وصححه غير هؤلاء وقد رفعه سفيان بن عيينة عن عبدالرحمن بن حميد عن سعيد عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه شعبة عن مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس شعبة وسفيان يدون هؤلاء الذين وقفوه ولا مثل هذا اللفظ من ألفاظ الصحابة بل هو المعتاد من خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المباركفوري في التحفة: (لا شك في أن بعض الرواة روى حديث أم سلمة موقوفا لكن أكثرهم رووه بأسانيد صحيحة مرفوعاً.
- فمنها ما رواه الطحاوي في شرح الاثار من طريق شعبة عن مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى منكم هلال ذي الحجة الحديث ..
- ومنها ما رواه الطحاوي أيضا من طريق الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن مسلم أنه قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله.
- ومنها ما رواه مسلم في صحيحه من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخلت العشر الحديث قيل لسفيان قال بعضهم لا يرفعه فقال لكني أرفعه.
- ومنها ما رواه مسلم من طريق محمد بن عمرو الليثي عن عمر بن مسلم عن عمار بن أكيمة الليثي قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ... الحديث.
- وقد أخرج مسلم أيضا في صحيحه من الطريقين الذين ذكرناهما عن شرح الاثار.
وهذه الطرق المرفوعة كلها صحيحة فكيف يصح القول بأن حديث أم سلمة الموقوف هو أصل الحديث بل الظاهر أن أصل الحديث هو المرفوع وقد أفتت أم سلمة على وفق حديثها المرفوع فروى بعضهم عنها موقوفا عليها من قولها.
قلت: ومن الجواب قول من قال بتقديم الرفع على الوقف لأنه زيادة من ثقة، حتى إن كان الواقفون أكثر عدد وأرجح من جهة الضبط وا لإمامة، وإليه يصير سماحة الإمام المحدث ا لشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
المسألة الثانية:
إذا ثبت القول بالتحريم فهل يعم الرجل المضحي وأهل بيته من النساء والصبيان أم هو خاص بالمضحي؟
وقبل تحرير المسألة لابد من بيان أن الفقهاء رحمهم الله تعالى قد يعنون بقولهم (يضحى عنه) أحياناً التفريق بين الأصيل والوكيل، وأحيانا أخرى التفريق بين صاحب الأضحية ومن أشرك في ثوابها من أهله، وكلا الأمرين محتمل عند مسألتنا.
فإن كان المقصود الأول فلا يصلح ذكر من قال به في جملة القائلين بإدخال أهل الرجل في النهي، وإن كان الثاني ساغ ذلك. والأشبه أنهم يقصدون الأول، لعدة قرائن:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - لم أجد نصا صريحا في كلامهم يدل على دخول الأهل والأولاد في ذلك مع ما في المتون الفقهية من البسط، وكون المسألة من رؤوس المسائل، فعبارات الحنابلة (وهم من يقولون بالتحريم في أصل المسألة) تقتصر على قول:أو يضحى عنه.
2 - مما يدل على أنهم يقصدون التفريق بين الوكيل والأصيل قول صاحب حاشية الروض، وإما إذا ضحى عن غيره فلا يحرم عليه حلق ونحوه ولا يكره.
3 - أن ممن يضحى عنه الصبيان والصغار وهم غير مكلفين ولم يتم استثناؤهم في عبارات الفقهاء.
4 - أن للمسألة نظائر كزكاة الفطر، وليس من عادة الفقهاء فيها أن يقولوا عند الكلام عن كل مسألة من مسائل زكاة الفطر إذا أراد أن يخرج الزكاة عنه وعن أهل بيته فليفعل كذا، ويكتفون بذكر ذلك مرة واحدة عند بيان أصل الوجوب.
هذه التقدمة في حال ثبوتها تمنع الخلاف رأسا ولكن على فرض أن مراد الفقهاء بعبارة (يضحى عنه) أهل البيت من النساء والأولاد فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن النهي عام للرجل وأهل بيته، ويصير هذا القول على الفرض السابق للحنابلة رحمهم الله وهو مشهور في كتب متأخريهم كالروض والكشاف والمبدع والدليل والمنار.
واستدل بعض من ينصر هذا القول بظاهر حديث أم سلمة وأنهم يدخلون في عموم مريدي التضحية.
القول الثاني: أن النهي خاص بالمضحي المباشر للتضحية أو الأصيل الذي وكل غيره دون أهل بيته، وبه قال الأئمة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، واللجنة الدائمة.
واستدلوا بالبراءة الأصلية، وعدم الدليل، فالحديث ذكر مريد التضحية دون غيره.
ويمكن أن يجاب على استدلال الأولين بأن:
1 - أن أحاديث الأضحية جاء فيها أن النبي صلى الله عليه ضحى عن نفسه وأهل بيته، وأنه ضحى بكبشين أقرنين أملحين، وليس في شيء منها نسبة الأضحية إليهم، فدل الإخبار عن فعله أن المراد بالمضحي هو المباشر للأضحية. بينما تنسب الأفعال الأخرى إليهم كقولهم أهلت عائشة بالحج، طافت، سعت ونحو ذلك. وأنه لو كان المراد أهل بيته لاحتاج إلى بيان، وتأخيره عن وقت الحاجة لا يجوز.
2 - أن النبي صلىالله عليه وسلم ضحى عمن لم يضح من أمته، فإذا قلنا بأن من ضُحي عنه يدخل في العموم دخلت الأمة جميعا في الحكم وصار التحريم شاملا لها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر عموم الأمة بذلك لا في عصره ولا بعده.
3 - أن ذلك يؤدي إلى التسوية بين المضحي والمضحى عنه، وإمكان نسبة الفعل إلى كل منهما معا، وهذا لايصح لغةً ولا شرعاً، فقولنا: حج زيد عن عمرو، يختلف عن قولنا: حج عمرو.
وقولهم بأن المضحى عنه (وإن اشترك في الأجر مع المضحي) أنه مضح في ظاهر اللفظ لا يستقيم مع قواعد اللغة، فإسناد الفعل ينصرف إلى الفاعل المباشر.
وأما من جهة الشرع، فإنه يقتضي المماثلة بين المباشر وغير المباشر. فلو أتلف المباشر الأضحية بالتفريط، أو التعدي فهل يقال إنهم مشاركون في الإثم معه؟!
وإذا طردنا هذا الأصل وأن من يضحى عنه على سبيل إشراكه في الأجر هو مضح أصيل وأن عليه تكاليف الأصيل صار المحجوج عنه كالمعضوب مثلا ملزما بالكف عن محظورات الأحرام من حين إحرام النائب ولا قائل به.
إذا ثبت أن دخول أهل البيت في معنى المضحين لا يكون إلا على سبيل المجاز وألفاظ الشرع يراد بها الحقيقة لا المجاز علمنا أن تكليفهم بالإمساك عن شعرهم وبشرهم في العشر يحتاج إلى دليل صريح يرفع البراءة الأصلية ولا سبيل إليه والله تعالى أعلم.
كتبه: عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله ليلة الأربعاء التاسع والعشرين من ذي القعدة عام أربع وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jan 2004, 03:35 ص]ـ
بارك الله في علمكم أبا محمد على هذا التحرير للمسألة على عادة الفقهاء الذين نعدك منهم ونرجو لك المزيد من التوفيق والسداد. وجزاك الله خيراً على هذه الفوائد التي تتعاهدنا بها بين الحين والحين، وإن كنت - حفظك الله - تصوم حتى نقول لا يفطر!
ولا يخرج طرح مثل هذه المسألة الملتقى عن مساره الذي خطه لنفسه حين انطلاقه، من التخصص، فلا تبخل علينا بأخواتها من البحوث والمشاركات القيمة، وإنا إلى فوائدك بالأشواق.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[22 Jan 2004, 12:24 ص]ـ
شكر الله لكم
وما هذه بآول بركتكم يا أبا عبدالله
وجزاكم الله خيرا على معاناة ترتيب النص وتنسيقه، ورفعكم بتواضعكم، وقد والله استحييت من تشجم مثلكم معاناة ترتيب المشاركة، ولكني أسأل الله أن يرفعكم بذلك، وأن يقيممكم مقامات العز والرفعة في العاجلة والآخرة إنه سميع مجيب
أخوك أبو محمد
ـ[الشجاع]ــــــــ[23 Jan 2004, 07:21 م]ـ
جزاك الله خيراً أيها الأخ عبدالله على هذا التحرير الجيد لهذه المسأله(/)
سؤال عن قراءة ورش؟
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[21 Jan 2004, 06:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،،،،،
سؤال عن قراءة ورش؟
1 - هل عند ورش تقليل عندما يسكت على (حسنا) في قوله تعالى " وقولوا للناس حسنا "
2 - وهل عنده ثلاثة البدل عند الوقوف على قوله (جزءا) عند قوله تعالى " وجعلو له من عباده جزءا "
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[22 Jan 2004, 03:30 ص]ـ
س1: هل عند ورش تقليل عندما يقف على (حسنا) في قوله تعالى " وقولوا للناس حسنا "؟
الجواب: كلا، لا تقليل له في (حسنًا) لأن ألفها ليست ألفا مقصورة، فليست من ذوات الياء.
س2: هل عنده ثلاثة البدل عند الوقوف على قوله (جزءا) عند قوله تعالى " وجعلو له من عباده جزءا "؟
الجواب: كلا، ليس له في (جزءًا) إلا القصر، لأن من المستثنيات التي لا يمد فيها البدل إذا وقعت الألف بدلا من التنوين مثل جزءًا وخطأً وشيئًا، فليس لورش في هذه الألف إلا القصر، علمًا بأنه حتى حرف المد الذي ليس بدلا عن التنوين إذا كان قبله همز فإن ورشا يقصره إذا كان قبل الهمز حرفٌ ساكن صحيح أي ليس حرف علة نحو: قرآن ومسؤولا ومذؤومًا.(/)
القراءات وكبار القراء في دمشق
ـ[عبد الله]ــــــــ[22 Jan 2004, 01:12 ص]ـ
القراءات وكبار القراء في دمشق من القرن الأول الهجري حتى العصر الحاضر
تأليف الدكتور محمد مطيع الحافظ
هذا الكتاب الرائع قدم له الشيخ محمد كريم راجح شيخ قراء الشام مقدمة رائعة أثنى بها على مصنف الكتاب وعلى الكتاب نفسه.
وقد احتوى الكتاب على الكثير من التراجم لكبار قراء دمشق. وذكر المؤلف فيه ميزات القراء والقراءات في كل قرن وخلاصته.
وألحق بالكتاب صور بعض الإجازات من القراء لتلاميذهم كصورة إجازة حسين خطاب من شيخه أحمد الحلواني.
وألحق فيه أيضا دراسة في مؤلفات ابن الجزري ومصادر ترجمته
هذا بعض مما في هذا الكتاب القيم سائلا المولى ان ينفع به العلم وطلابه
طبع الكتاب في دار الفكر بدمشق الطبعة الاولى في تموز2003م
منقول من:
www.yah27.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3362(/)
هل يعد أبابكر وعمر وعثمان وعلي ممن يحفظون
ـ[مواكب]ــــــــ[22 Jan 2004, 01:17 م]ـ
لدي سؤال وأود الإجابة عليه
يحفظ القرآن الكريم من الصحابة كثر. وسؤالي هو
هل يعد أبابكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم ممن يحفظون القرآن كاملا أيفدوني مأجورين مع ذكر أهم المراجع في ذلك وجزاكم الله خيرا.
سكرتير التحرير
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[22 Jan 2004, 03:57 م]ـ
الصحيح أن الخلفاء الراشدين كانوا يحفظون القرآن على زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال بهذا أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب القراءات وابن كثير في البداية وابن حجر في الفتح والسيوطي في الإتقان _ رحمهم الله _ وغيرهم، وأما حديث (لم يجمع القرآن إلا أربعة) فالمراد التمثيل وليس الحصر لأن الحديث له روايات مختلفة في كل رواية عد أربعة غير المذكورين في الرواية الأخرى، وفي بعض الروايات إلا خمسة، وفي بعضها إلا ستة، مما يدل على أنهم أكثر من أربعة، أو يكون المراد لم يجمع القرآن أي يحفظه بجميع قراءاته وأحرفه المنزلة إلا هؤلاء المذكورون، وهذا لا يمنع من وجود صحابة آخرين كانوا يحفظونه بقراءة واحدة أو أكثر لكن لم يجمعوا قراءاته، أو يكون المقصود أنه لم يجمعه من الخزرج إلا هؤلاء الأربعة وهذا لا ينفي وجود من جمع القرآن من المهاجرين وهذا الاحتمال الأخير هو الذي رجحه الحافظ ابن حجر رحمه الله.
قال السيوطي في الإتقان: " قال ابن حجر: وقد ظهر لي احتمال آخر وهوأن المراد بإثبات ذلك للخزرج دون الأوس فقط فلا ينفي ذلك عن غير القبيلتين من المهاجرين لأنه قال ذلك في معرض المفاخرة بين الأوس والخزرج كما أخرجه ابن جرير من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج فقال الأوس: منا أربعة: من اهتز له العرش سعد بن معاذ، ومن عَدَلَت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن أبي ثابت،ومن غسلته الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومن حمته الدبر عاصم بن أبي ثابت: أي ابن أبي الأفلح، فقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه غيرهم فذكرهم.
قال: والذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر كان يحفظ القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيح أنه بنى مسجداً بفناء داره فكان يقرأ فيه القرآن وهومحمول على ما كان نزل منه إذ ذاك.
قال: وهذا مما لا يرتاب فيه مع شدة حرص أبي بكر على تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وفراغ باله له وهما بمكة وكثرة ملازمة كل منهما للآخر حتى قالت عائشة: إنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيهم بكرة وعشياً.
وقد صح حديث يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وقد قدمه صلى الله عليه وسلم في مرضه إماماً للمهاجرين والأنصار فدل على أنه كان أقرأهم اه ـ.
وسبقه إلى نحوذلك ابن كثير ...
وأخرج النسائي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو قال جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأه في شهر .. الحديث.
وأخرج ابن أبي داود بسند حسن بن محمد بن كعب القرظي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبيّ بن كعب وأبوالدرداء وأبوأيوب الأنصاري.
وأخرج البيهقي في المدخل عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبيّ بن كعب وأبوزيد واختلفوا في رجلين من ثلاثة: أبي الدرداء وعثمان وقيل عثمان وتميم الداري.
وأخرج هووابن أبي داود عن الشعبي قال: جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ستة: أبيّ ومعاذ وأبوالدرداء وسعيد بن عبيد وأبوزيد ومجمع بن جارية وقد أخذه إلا سورتين أوثلاثة.
وقد ذكر أبو عبيد في كتاب القراءات: القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة ....... " اهـ
هذا بخصوص إثبات حفظهم للقرآن قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذين قالوا لم يكملوا حفظه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يقولون أكملوا حفظه بعد وفاته، لأنه ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يقرأ في صلاة الفجر بحوالي ستة أرباع بسورة يونس وهود ويوسف والنحل وأمثالها، وأنه كان يقرئ القرآن أيام خلافته ورحل أبو العالية ميمون بن مهران إلى عمر فقرأ عليه ثلاث ختمات، ذكر ذلك الحافظ الذهبي في السير، وكذلك كان عثمان وعليّ رضي الله عنهما يقرئان القرآن، كان عثمان بعد أن يصلي بالناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في مؤخرة المسجد فيجتمع عليه الناس يقرؤون عليه القرآن، وكيف لا يُقرئ القرآن وهو راوي حديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)؟ فقد رواه البخاري عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقرئ الناس في الكوفة، ولم تمنع أعباء الخلافة الخلفاء الراشدين عن إقراء القرآن، وقرأ على كل من عثمان وعليّ جمعٌ كبيرٌ، وممن قرأ عليهما أبو عبد الرحمن السلمي، ورواية حفص عن عاصم يرجع سندها إليهما حيث إن عاصما قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي عنهما كما سبق، وثبت أن عثمان قرأ القرآن كله من حفظه في ركعة واحدة أوتر بها في المسجد الحرام حيث إنه بعد أن صلى العشاء قام فأوتر بركعة افتتح فيها بعد الفاتحة بالبقرة ثم بآل عمران واستمر في قراءته فلم يطلع عليه الفجر إلا وقد ختم القرآن، وقصة ختم عثمان القرآن في ركعة رواها الطبري والطحاوي وغيرهما بأسانيد صحيحة صححها النووي والألباني وغيرهما، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستن بسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأن يلحقنا بهم في الصالحين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مواكب]ــــــــ[24 Jan 2004, 08:51 ص]ـ
أبو خالد السلمي
شكر الله لك ونفع الله بك وأتم الله عليك وعلينا نعمه ظاهرة وباطنة
وحقيقة نود منكم مأجورين المشاركة معنا في مجلة مواكب الخيرية التي تصدر عن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة
مع إرسال عنوانكم البريدي حتى نستطيع إرسال المجلة بصفة دورية إليكم
العنوان البريدي الالكتروني للمجلة mawakib1@hotmail.com
mawakib1@yahoo.com
وجزاكم الله خير
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[28 Jan 2004, 10:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا اشكر للاخ الكريم الشيخ وليد السلمي جديته في البحث وجرأته في ابداء رأيه المنبعث عن قناعة أوصلها اليه بحثه ودرسه للمسأله، بصرف النظر عن ماوصل اليه من نتيجة يوافق عليها أو يخالف
وأعترف أنها لم تكن لي جرأة اخي الكريم في ابداء رأيي في هذه المسأله، لالصعوبتها إنما لحاجتها لبحث شديد وسبر لكلام العلماء رحمهم الله، وجمع للنصوص المتعلقة بالمسأله، ثم النظر والترجيح، وليس هذا بالامر الهين، خاصة إن كان قد استشكلها أو استشكل بعض وجوهها اعلام وقراء كبار أمثال الذهبي رحمه الله
واذكر ان أول ما وقعت على هذه المساله هو في كتاب مشكل القرآن لابن قتيبه رحمه الله وقد أيد مقولةالشعبي رحمه الله الشهيرة في هذه المسأله ثم راجعت الفتح والنبلاء ومعرفة القراء فلم تطمئن نفسي لشئ مما وقعت اليه خاصة أن اثر (لم يجمع القرآن الا أربعة ... ) لايمكن أن يكون منطلقا لبحث هذه المسأله لا نفيا ولا اثباتا، إذ لامفهموم له، وحديث (يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله ... ) كذلك، إذ مصطلح القراء كان في الصدر الاول ليس خاصا بمن جمع القرآن إنما كان المقصود به عند إطلاقه، العلماء الذين يقرؤون القرآن ويفقهون معانيه، كماذهب الى هذا ابن خلدون في مقدمته رحمه الله وأيد مذهبه بعض المعاصرين من كبار أهل العلم , ولا يكدر عليه اثر ابن مسعود رضي الله عنه (… وسياتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه) بل يزيده وضوحا فمقصوده رضي الله عنه، وسياتي على الناس زمان يكثر فيه القراء الذين لافقه لهم ـ وما أكثرهم , والواقع يشهد ولا حول ولا قوة الا بالله ـ.
ثانيا:
كذلك إختلاف كبار العلماء حول هذه المسأله بين مثبت وناف فالشعبي وابن قتيبه وابن حزم وغيرهم يذهبون الى أنه لم يجمعه منهم سوى على رضي الله عنه , والعبض الاخر كالذين ذكرهم اخي وليد ذهبوا الى أن الخلفاء الاربعة رضي الله عنهم كلهم قد جمع القرآن وفريق ثالث مال الى انه لم يجمعه سوى عثمان وعلي رضي الله عنهما وكأن الذهبي يميل اليه من صنيعه في كتابه معرفة القراء الكبار
ثالثا:
قلة النصوص المساعده لكشف هذه المسأله خاصة إذا علمنا أنها ليست من مسائل الدين أو ماتنعقد به إمامه أو تعرف به فضيلة فكلهم صحابة كرام نحبهم ونتولاهم ونترضى عنهم ونعتقد بأن خيرهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر فعمر فعثمان فعلي رضي الله عنهم جميعا، فهي أقرب الى أن تكون من ملح العلم العزيزة وهذا لايعني الانكفاء عن بحثها وتحقيق القول فيها.
سبحان من جعل الخلافة رتبة ... وبنى الامامة أيمابنيان
واستخلف الاصحاب كي لايدعي ... من بعد أحمد في النبوة ثان
فمازلت ارى أن المسالة تحتاج الى بحث أوسع وتتبع لكلام العلماء رحمهم الله فمازال في نفسي شئ مما ذكره اخي وليد وفقه الله ـ ولايقال ان المثبت مقدم علىالناف لان معه زيادة علم، إذ هذه المسألة ليست من مواطن هذه القاعده فهذه مسألة تعتمتد على البحث والنظر، وقد يكون النافي لها معه زيادة علم بها لم تكن مع المثبت،وجزا الله أبا خالد خيرا أن فتح الباب ومهد الطريق فالعلم رحم بين أهله.
فأرى إن كان لدى أخي الكريم وليد متسع من الوقت لتتبع كلام العلماء رحمهم الله وإعادة النظر في هذه المسالة بشئ من التفصيل والاستدلال البين، اذ ليس هناك دليل صريح اعتمد عليه من ذكر أنه قال بقوله، إنما هي اجتهادات لمفهومات بعض النصوص التي ربما أفادت نقيض ماذهبوا اليه، خاصة فيما يتعلق بالشيخين رضي الله عنهما.ولولا أنهم أختلفوا رحمهم الله بين مثبت وناف لما تجرأناوتطاولنا على ماسطروا.
وهذه بعض الكتب التي رجعت اليها وقد تفيد اخي الكريم أمين سر ـ سكرتيرـ مجلة مواكب تلبية لطلبه
1ـ مشكل القرآن لابن قتيبه
2ـ الانتصار للباقلاني
3ـ الفصل لابن حزم رحمه الله، ج4
4ـ المرشد الوجيزلابن ابي شامة
5ـ جمال القراء للسخاوي رحمه الله ج1
6ـ الاتقان للسيوطي رحمه الله ج1
7ـالنبلاء للذهبي في تراجمهم رضي الله عنهم
8ـ معرفة القراء له رحمه الله، كذلك في ترجمة عثمان وعلي رضي الله عنهما
9ـ فتح الباري لابن حجر رحمه الله
والاهم من هذا كله إن كان للشيخين شيخ الاسلام وابن القيم رحمهما الله كلام حول هذه المسأله، حبذا لويتحفنا به احد الاخوة.(/)
أصحاب الأعراف،،،
ـ[الشجاع]ــــــــ[22 Jan 2004, 07:28 م]ـ
أصحاب الأعراف
قال - تعالى -: (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ 46 وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 47 وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ 48 أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ 49 وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ 50).
ذكر الله - سبحانه وتعالى - أَنَّ بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار حِجَابًا وَهُوَ الْحَاجِز الْمَانِع مِنْ وُصُول أَهْل النَّار إِلَى الْجَنَّة قَالَ اِبْن جَرِير وَهُوَ السُّور الَّذِي قَالَ اللَّه - تعالى -"فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِره مِنْ قِبَله الْعَذَاب" وَهُوَ الْأَعْرَاف الَّذِي قَالَ اللَّه - تعالى - فِيه "وَعَلَى الْأَعْرَاف رِجَال ".
ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ السُّدِّيّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله - تعالى -: "وَبَيْنهمَا حِجَاب" هُوَ السُّور وَهُوَ الْأَعْرَاف
وَقَالَ مُجَاهِد الْأَعْرَاف حِجَاب بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار سُور لَهُ بَاب.
قَالَ اِبْن جَرِير وَالْأَعْرَاف: جَمْع عُرْف وَكُلّ مُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض عِنْد الْعَرَب يُسَمَّى عُرْفًا وَإِنَّمَا قِيلَ لِعُرْفِ الدِّيك عُرْفًا لِارْتِفَاعِهِ.
وروي عن اِبْن عَبَّاس أنه قال الْأَعْرَاف هُوَ الشَّيْء الْمُشْرِف.
وَقَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ جَابِر عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ الْأَعْرَاف سُور كَعُرْفِ الدِّيك.
وَفِي رِوَايَة عَنْ اِبْن عَبَّاس - رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ- الْأَعْرَاف جَمْع: تَلّ بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار حُبِسَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْل الذُّنُوب بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار.
وَفِي رِوَايَة عَنْهُ: الأعراف سُور بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار.
وَقَالَ السُّدِّيّ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْأَعْرَاف أَعْرَافًا لِأَنَّ أَصْحَابه يَعْرِفُونَ النَّاس.
وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَات الْمُفَسِّرِينَ فِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف مَنْ هُمْ وَكُلّهَا قَرِيبَة تَرْجِع إِلَى مَعْنًى وَاحِد وَهُوَ أَنَّهُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ حَسَنَاتهمْ وَسَيِّئَاتهمْ نَصَّ عَلَيْهِ حُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف - رَحِمَهُمْ اللَّه - وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث مَرْفُوع عن رَجُل مِنْ مُزَيْنَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَمَّنْ اِسْتَوَتْ حَسَنَاته وَسَيِّئَاته وَعَنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ"إِنَّهُمْ قَوْم خَرَجُوا عُصَاة بِغَيْرِ إِذْن آبَائِهِمْ فَقُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه".
وَقَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَر حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن شِبْل عَنْ يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ "هُمْ نَاس قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه بِمَعْصِيَةِ آبَائِهِمْ فَمَنَعَهُمْ مِنْ دُخُول الْجَنَّة مَعْصِيَة آبَائِهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْ النَّار قَتْلهمْ فِي سَبِيل اللَّه ". وَرَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ وَابْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ طُرُق عَنْ أَبِي مَعْشَر بِهِ وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ وَابْن عَبَّاس وَاَللَّه أَعْلَم بِصِحَّةِ هَذِهِ الْأَخْبَار الْمَرْفُوعَة وَقُصَارَاهَا أَنْ تَكُون مَوْقُوفَة وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى مَا ذُكِرَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا هُشَيْم أَخْبَرَنَا حُصَيْن عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ حُذَيْفَة أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ: فَقَالَ "هُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ حَسَنَاتهمْ وَسَيِّئَاتهمْ فَقَعَدَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتهمْ عَنْ الْجَنَّة وَخَلَفَتْ بِهِمْ حَسَنَاتهمْ عَنْ النَّار قَالَ فَوَقَفُوا هُنَالِكَ عَلَى السُّور حَتَّى يَقْضِي اللَّه فِيهِمْ".
وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ وَجْه آخَر أَبْسَط مِنْ هَذَا فَقَالَ حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح حَدَّثَنَا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيّ أُرْسِلَ إِلَى عَبْد الْحَمِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن وَعِنْده أَبُو الزِّنَاد عَبْد اللَّه بْن ذَكْوَان مَوْلَى قُرَيْش فَإِذَا هُمَا قَدْ ذَكَرَا مِنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف ذِكْرًا لَيْسَ كَمَا ذَكَرَا فَقُلْت لَهُمَا إِنْ شِئْتُمَا أَنْبَأْتُكُمَا بِمَا ذَكَرَ حُذَيْفَة فَقَالَا هَاتِ فَقُلْت إِنَّ حُذَيْفَة ذَكَرَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هُمْ قَوْم تَجَاوَزَتْ بِهِمْ حَسَنَاتهمْ النَّار وَقَعَدَتْ بِهِمْ سَيِّئَاتهمْ عَنْ الْجَنَّة" فَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارهمْ تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار قَالُوا رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمِينَ"فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبّك فَقَالَ لَهُمْ اِذْهَبُوا فَادْخُلُوا الْجَنَّة فَإِنِّي قَدْ غَفَرْت لَكُمْ.
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَهُوَ يُحَدِّث ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ يُحَاسَب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَمَنْ كَانَتْ حَسَنَاته أَكْثَر مِنْ سَيِّئَاته بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ الْجَنَّة وَمَنْ كَانَتْ سَيِّئَاته أَكْثَر مِنْ حَسَنَاته بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ النَّار ثُمَّ قَرَأَ قَوْل اللَّه "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه"الْآيَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ الْمِيزَان يَخِفّ بِمِثْقَالِ حَبَّة وَيَرْجَح قَالَ وَمَنْ اِسْتَوَتْ حَسَنَاته وَسَيِّئَاته كَانَ مِنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَوَقَفُوا عَلَى الصِّرَاط ثُمَّ عَرَفُوا أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى أَهْل الْجَنَّة نَادَوْا سَلَام عَلَيْكُمْ وَإِذَا صَرَفُوا أَبْصَارهمْ إِلَى يَسَارهمْ نَظَرُوا أَهْل النَّار" قَالُوا رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمِينَ "تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ مَنَازِلهمْ قَالَ فَأَمَّا أَصْحَاب الْحَسَنَات فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ بَيْن أَيْدِيهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ وَيُعْطَى كُلّ عَبْد يَوْمئِذٍ نُورًا وَكُلّ أَمَة نُورًا فَإِذَا أَتَوْا عَلَى الصِّرَاط سَلَبَ اللَّه نُور كُلّ مُنَافِق وَمُنَافِقَة فَلَمَّا رَأَى أَهْل الْجَنَّة مَا لَقِيَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا" رَبّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورنَا " وَأَمَّا أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَإِنَّ النُّور كَانَ بِأَيْدِيهِمْ فَلَمْ يُنْزَع فَهُنَالِكَ يَقُول اللَّه - تعالى - " لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ "فَكَانَ الطَّمَع دُخُولًا قَالَ: فَقَالَ اِبْن مَسْعُود إِنَّ الْعَبْد إِذَا عَمِلَ حَسَنَة كُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْر وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَة لَمْ تُكْتَب إِلَّا وَاحِدَة ثُمَّ يَقُول هَلَكَ مَنْ غَلَبَتْ آحَاده عَشَرَاته رَوَاهُ اِبْن جَرِير
وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد قَالَا حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف السُّور الَّذِي بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف بِذَلِكَ الْمَكَان حَتَّى إِذَا بَدَأَ اللَّه أَنْ يُعَافِيهِمْ اِنْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى نَهَر يُقَال لَهُ نَهَر الْحَيَاة حَافَّتَاهُ قَصَب الذَّهَب مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ تُرَابه الْمِسْك فَأُلْقُوا فِيهِ حَتَّى تَصْلُح أَلْوَانهمْ وَتَبْدُو فِي نُحُورهمْ شَامَة بَيْضَاء يُعْرَفُونَ بِهَا حَتَّى إِذَا صَلَحَتْ أَلْوَانهمْ أَتَى بِهِمْ الرَّحْمَن - تَبَارَكَ وَتعالى - فَقَالَ "
(يُتْبَعُ)
(/)
تَمَنَّوْا مَا شِئْتُمْ "فَيَتَمَنَّوْنَ حَتَّى إِذَا اِنْقَطَعَتْ أُمْنِيَّاتهمْ قَالَ لَهُمْ" لَكُمْ الَّذِي تَمَنَّيْتُمْ وَمِثْله سَبْعُونَ ضِعْفًا "فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّة وَفِي نُحُورهمْ شَامَة بَيْضَاء يُعْرَفُونَ بِهَا يُسَمُّونَ مَسَاكِين أَهْل الْجَنَّة".
وَقَالَ سَعِيد بْن دَاوُدَ حَدَّثَنِي جَرِير عَنْ عُمَارَة بْن الْقَعْقَاع عَنْ أَبِي زُرْعَة عَنْ عَمْرو بْن جَرِير قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ "هُمْ آخِر مَنْ يُفْصَل بَيْنهمْ مِنْ الْعِبَاد فَإِذَا فَرَغَ رَبّ الْعَالَمِينَ مِنْ الْفَصْل بَيْن الْعِبَاد قَالَ أَنْتُمْ قَوْم أَخْرَجَتْكُمْ حَسَنَاتكُمْ مِنْ النَّار وَلَمْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة فَأَنْتُمْ عُتَقَائِي فَارْعَوْا مِنْ الْجَنَّة حَيْثُ شِئْتُمْ". وَهَذَا مُرْسَل حَسَن.
وَقِيل أصحاب الأعراف هم أَوْلَاد الزِّنَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ وَرَوَى الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة الْوَلِيد بْن مُوسَى عَنْ شَيْبَة بْن عُثْمَان عَنْ عُرْوَة بْن رُوَيْم عَنْ الْحَسَن عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مُؤْمِنِي الْجِنّ لَهُمْ ثَوَاب وَعَلَيْهِمْ عِقَاب فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ثَوَابهمْ وَعَنْ مُؤْمِنِيهِمْ فَقَالَ عَلَى الْأَعْرَاف وَلَيْسُوا فِي الْجَنَّة مَعَ أُمَّة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ وَمَا الْأَعْرَاف فَقَالَ حَائِط الْجَنَّة تَجْرِي فِيهَا الْأَنْهَار وَتَنْبُت فِيهِ الْأَشْجَار وَالثِّمَار. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.
وَقَوْله - تعالى - " يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ يَعْرِفُونَ أَهْل الْجَنَّة بِبَيَاضِ الْوُجُوه وَأَهْل النَّار بِسَوَادِ الْوُجُوه وَكَذَا رَوَى الضَّحَّاك عَنْهُ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس: أَنْزَلَهُمْ اللَّه تِلْكَ الْمَنْزِلَة لِيُعْرَفُوا فِي الْجَنَّة وَالنَّار وَلِيَعْرِفُوا أَهْل النَّار بِسَوَادِ الْوُجُوه وَيَتَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ أَنْ يَجْعَلهُمْ مَعَ الْقَوْم الظَّالِمِينَ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يُحَيُّونَ أَهْل الْجَنَّة بِالسَّلَامِ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ دَاخِلُوهَا إِنْ شَاءَ اللَّه وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَالْحَسَن وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْرهمْ وَقَالَ مَعْمَر عَنْ الْحَسَن إِنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة" لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ "قَالَ وَاَللَّه مَا جُعِلَ ذَلِكَ الطَّمَع فِي قُلُوبهمْ إِلَّا لِكَرَامَةٍ يُرِيدهَا بِهِمْ وَقَالَ قَتَادَة قَدْ أَنْبَأَكُمْ اللَّه بِمَكَانِهِمْ مِنْ الطَّمَع.
وعلى اختلاف عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف، من هم؟ ومن يكونون؟ إلا أنها كلها قريبة ترجع إلى معنى واحد وهو ((أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم)).
والله أعلم.
منقوووووول
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[22 Jan 2004, 09:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاك الله خيرا يا أخي على جمعك للأقوال في هذه المسألة المشكل،
ولكني ارى الصواب في هذا البحث الذي أتمنى عليك قراءته، ففيه علم جدير بالعناية والأهتمام
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=study1&field=studies&id=58
ـ[الشجاع]ــــــــ[22 Jan 2004, 10:43 م]ـ
لقد قمت بحفظ البحث لدي وسأقوم بقرأته
ـ[داود عيسى]ــــــــ[26 Jan 2004, 03:30 م]ـ
هل يعقل يا أخي أن يرفع الله الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم فوق الرسل ......
فأنا يا أخي مع ما يقوله الشيخ صلاح أبو عرفة.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[27 Jan 2004, 01:40 ص]ـ
وأنا مع الشيخ صلاح الدين أبو عرفة, بل أنا مع البينة, أيا كان صاحبها, ولا أدين لغير الله ورسوله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2004, 09:33 ص]ـ
وهذا جواب سابق لسؤال مقارب:
بسم الله - عليه توكلت وبه أستعين
للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي المقدسي المتوفى سنة 1033هـ رسالة بعنوان تحقيق الخلاف في أصحاب الأعراف مطبوعة بتحقيق مشهور حسن آل سلمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر في هذه الرسالة ستة عشر قول في تعيين أصحاب الأعراف، ومن الأقوال التي ذكرها:
أنهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجلسهم الله على ذلك السور تمييزاً لهم عن غيرهم وإظهاراً لشرفهم.
حكى هذا القول الفخر الرازي وغيره.
ومن الأقوال التي حكاها: أنهم الشهداء. حكاه غير واحد من المفسرين.
وقد ختم هذه الرسالة بذكر ترجيح القرطبي، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم. ثم ذكر القرطبي أن الأسلم هو الوقوف عن التعيين لاضطراب الأثر.
ثم رجح صاحب الرسالة بأنه لا مانع من الجمع بين الأقوال الواردة في تعيينهم، وذلك بان يقال: إنهم جميعاً من أصحاب الأعراف، أجلسوا على السور المذكور، ومنازلهم متفاوتة، فمنهم الشريف كالأنبياء والشهداء والفقهاء، ومنهم الوضيع كمن استوت حسناته وسيئاته.
ثم قال: فتأمل ما قلته؛ فإنه جدير بأن يتلقى بالقبول ويكرم، ويصغى لسماعه ويسلم.
قال الشيخ عبد الله بن جبرين في إجابة له عن سؤال عن أصحاب الأعراف: (يظهر أن الأعراف أماكان مرتفعة، تطل على موقف الناس يوم القيامة، أما أصحاب الأعراف فهم الذين يقفون عليها، أو يقومون عليها وقت الحساب، وقد اختلف في المراد بهم، والظاهر أنهم من الشهداء على الناس، وأنهم لا يحرمون من دخول الجنة، لأن الله أخبر أنهم ينادون رجالا يعرفونهم بسيماهم، ويقولون لهم (ما أغني عنكم جمعكم) (الأعراف:48) الآيتين، وقيل: إنهم أناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وقيل إنهم أناس عصوا الوالدين فخرجوا للجهاد، فاستشهدوا في سبيل الله، والله أعلم.) http://www.islamway.com/bindex.php?...awa&fatwa_id=77
ولا بن القيم رحمه الله كلام عن هؤلاء في طريق الهجرتين، حيث قال:
(فقوله تعالى: "وبينهما حجاب" أي بين أهل الجنة والنار حجاب قيل هو السور الذي يضرب بينهم له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب: باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة وظاهره الذي يلي الكفار من جهتهم العذاب والأعراف جمع عرف وهو المكان المرتفع، وهو سور عال بين الجنة والنار عليه أهل الأعراف قال حذيفة وعبد الله بن عباس: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته قال عبد الله بن المبارك أخبرنا أبو بكر الهذلي قال: كان سعيد بن جبير يحدث عن ابن مسعود قال: يحاسب الله الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار، ثم قرأ قوله تعالى: " فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم " ثم قال: إن الميزان يخفف بمثقال حبة أو يرجح قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم وإذا صرفوا أبصارهم إلى أصحاب النار قالوا: "ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين" فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ويعطي كل عبد يومئذ نورا فإذا أتوا على الصراط سلب الله تعالى نور كل منافق ومنافقة فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: "ربنا أتمم لنا نورنا" وأما أصحاب الأعراف فإن النور لم ينزع من أيديهم فيقول الله: "لم يدخلوها وهم يطمعون" فكان الطمع للنور الذي في أيديهم ثم أدخلوا الجنة وكانوا آخر أهل الجنة دخولا يريد آخر أهل الجنة دخولا ممن لم يدخل النار وقيل هم قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم فقتلوا فأعتقوا من النار لقتلهم في سبيل الله وحبسوا عن الجنة لمعصية آبائهم وهذا من جنس القول الأول وقيل هم قوم رضي عنهم أحد الأبوين دون الآخر يحبسون على الأعراف حتى يقضي الله بين الناس ثم يدخلهم الجنة وهي من جنس ما قبله فلا تناقض بينهما وقيل: هم أصحاب الفترة وأطفال المشركين وقيل: هم أولوا الفضل من المؤمنين علوا على الأعراف فيطلعون على أهل النار وأهل الجنة جميعا وقيل: هم الملائكة لا من بني آدم والثابت عن الصحابة هو القول الأول وقد رويت فيه آثار كثيرة مرفوعة لا تكاد تثبت أسانيدها. وآثار الصحابة في ذلك المعتمدة وقد اختلف في تفسير الصحابي هل له حكم المرفوع، أو الموقوف؟ على قولين: الأول:
(يُتْبَعُ)
(/)
اختيار أبي عبد الله والحاكم والثاني: هو الصواب ولا نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نعلم أنه قاله وقوله تعالى: "يعرفون كلا بسيماهم " يعني يعرفون الفريقين بسيماهم " ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم " أي نادى أهل الأعراف أهل الجنة بالسلام وقوله تعالى: "لم يدخلوها وهم يطمعون" الضميران في الجملتين لأصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة بعد وهم يطمعون في دخولها قال أبو العالية: ما جعل الله ذلك الطمع فيهم إلا كرامة يريدها بهم، وقال الحسن: الذي جمع الطمع في قلوبهم يوصلهم إلى ما يطمعون وفي هذا رد على قول من قال: إنهم أفاضل المؤمنين علوا على الأعراف يطالعون أحوال الفريقين فعاد الصواب إلى تفسير الصحابة وهم أعلم الأمة بكتاب الله ومراده منه ثم قال تعالى: " وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " هذا دليل على أنه بمكان مرتفع بين الجنة والنار، فإذا أشرفوا على أهل الجنة نادوهم بالسلام وطمعوا في الدخول إليها وإذا أشرفوا على أهل النار سألوا الله أن لا يجعلهم معهم ثم قال تعالى: " ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم " يعني من الكفار الذين في النار، فقالوا لهم: "ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون" يعني ما نفعكم جمعكم وعشيرتكم وتجرؤكم على الحق ولا استكباركم وهذا إما نفي وإما استفهام وتوبيخ وهو أبلغ وأفخم ثم نظروا إلى الجنة فرأوا من الضعفاء الذين كان الكفار يسترذلونهم في الدنيا ويزعمون أن الله لا يختصهم دونهم بفضله كما لم يختصم دونهم في الدنيا فيقول لهم أهل الأعراف "أهؤلاء الذين أقسمتم" أيها المشركون أن الله تعالى لا ينالهم برحمة فها هم في الجنة يتمتعون ويتنعمون وفي رياضها يحبرون ثم يقال لأهل الأعراف: "ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" وقيل: إن أصحاب الأعراف إذا عيروا الكفار وأخبروهم أنهم لم يغن عنهم جمعهم واستكبارهم عيرهم الكفار بتخلفهم عن الجنة، وأقسموا أن الله لا ينالهم برحمة، لما رأوا من تخلفهم عن الجنة وأنهم يصيرون إلى النار فتقول لهم الملائكة حنيئذ: "أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" والقولان قويان محتملان والله أعلم. فهؤلاء الطبقات هم أهل الجنة الذين لم تمسهم النار.)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[27 Jan 2004, 04:18 م]ـ
الاخ الكريم محمد القحطاني .....
ناشدتك الله بأسمائه الحسنى, أن تعدل فينا وفي دينك, وأن تقرأ ما شارك به الاخ (خالد عبد الرحمن) من الموقع المرفق .... فهو يخالف كل ما ذكر علماؤنا الاولون جزاهم الله خيرا ويأتي بالبينة والبرهان, والحق أحق أن يتبع .... وصاحب البحث لا يعتمد على (قيل) واحدة, ونحن كما امرنا مع البينة والدليل, فبهذا نحن معه ..
فاقرأه, فإن كان حقا فقل لنا, وإن كان باطلا, فأرنا كيف!.
نشاتدك الله ...
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[30 Jan 2004, 11:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نقدم قولا على قول؟
أظن السؤال بسيط! والجواب ايسر وأبسط!
ولكني -ولا يخفى ذلك على متفحص - أرى ان واقعنا بعيد كل البعد عن قولنا!!
فالبينة هي ما يرفع قولا على قول
والبينة هي ما قال الله سبحانه، أو ما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم الفهم الصحيح فيما لا يخرج عن اطارهما!
وهذا ما يطعن في قول لا يستند الى ما سبق، وما يقدم قولا آخر على غيره ..
وهذا منهجنا، وهذا ما يقدم قول الشيخ صلاح أبو عرفة -جزاه الله خيرا - على غيره!
ولنا أن نطلب ممن يخالف أو يتبع رأيا غيره (البينة)!
(قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين)
(قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ان كنتم صادقين)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[30 Jan 2004, 09:30 م]ـ
الاخ خالد عبد الرحمن .... ها انت تقول: "ولكن واقعنا بعيد كل البعد عما نقول" .......
وهذا ما بت أخشاه, بل وأراه عيانا .... أننا نقول: "عليكم بكتاب الله وسنة نبيه"!. ثم إذا جاء من جاء بالاثنتين او بواحدة منهما, تخالف (محفوظاتنا) و (قراطيسنا) أغمضنا فيها, وأنكرناها ورذلناها .....
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد سبق وناشدت الاخ القحطاني بالله, أن يقرأ (الاعراف) للشيخ صلاح الدين, ويدلي برأيه, بالميزان المعلوم (كتاب الله وسنة نبيه) , لا قيل ولا قال!. فلم يجبني, ولم ينبس ببنت سفة ..... فلعل المانع خيرا ......
وأنا أحمل كل ذي علم بالكتاب والحديث إثمي, أن تركني دون تبيان ولا تصحيح, وأشهد الله أني على قول الشيخ صلاح الدين بما جاء به من البينات, حتى ياتيني غيره باهدى منه .... ويحمل إثمي من كان عنده بينة فلم يظهرها ...
{لم تقولون ما لا تفعلون, كبر مقتا عند الله ... }.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2004, 09:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم أبا أحمد وفقني الله وإياك للصواب، ورزقنا الإنصاف، وأعاننا على أنفسنا.
لقد قرأت المقال الذي ناشدتني بالله أن أقرأه قبل أن تسألني بالله.
وهو - والحق يقال - جيد، وفيه ربط بين الآيات موفق، وهو أفضل ما أعجبني في موقع أسرار القرآن.
وحتى لا تظن أننا لا نحترم رأيك، ولا نلبي ما نستطيع تلبيته من طلباتك،فاعلم أني قد تصفحت الموقع المشار إليه عندما أرسلته إلي عبر البريد، فوجدته موقع أشبه ما يكون بغابة فيها كنوز نفيسة، وحولها وحوش مخيفة؛ فآثرت السلامة وتركت كنوزه لما فيه من: نوع استبداد فكري، وتخطئة لعلماء كبار تلقت الأمة أقوالهم بالقبول، وغير ذلك من الأمور التي لا يتسع المقام لذكرها. ولو كنت الآن أجد وقتا كافياً لذكرت أمثلة تدل على ما أقول.
ولي سؤال أخي أبا أحمد، أرجو أن تجيب عليه بصراحة: الموقع يسمى: أسرار القرآن!! فهل في القرآن أسرار؟
طرحكم يتناقض مع هذا العنوان، وأنت قد أنكرت تسمية: البرهان والآية والبينة بـ: الإعجاز؛ لأنه اصطلاح ليس في القرآن ولا في السنة.
وقلت: (فما كان الله يريد أن يعجزنا، ولكن ليبين لنا .... )
فأين اصطلاح: أسرار القرآن في القرآن أو في السنة؟.
ثم يا أخي الكريم: هل أنت، والشيخ صلاح الدين، والأخ خالد عبدالرحمن، وداود عيسى أكثر علماً، وأدق فهماً، وأنضج فكراً من العلماء الذين تكفرون بآرائهم، وتنبذونها وراءكم ظهرياً؟؟.
أقول هذا مع التسليم الذي لا شك فيه أن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا من عصمه الله.
وأن: من خالف الكتاب والسنة فقوله مردود، وهذا مما لا يخفى على صغار طلبة العلم، ولله الحمد.
ويا أخي - أقول يا أخي؛ لأن مقتضى الأخوة: النصيحة والحب - ألا ترى أن مشاركاتكم يشوبها شيء من الاستبداد الفكري؟، فلم نركم منذ أول مشاركاتكم سلمتم لأحد من مخالفيكم. بل دائماً لسان حالكم: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)!!!.
لماذا لا يراجع كل منا نفسه، ويتهما بالجهل والتقصير، ويحترم رأي الآخر، وخاصة إذا كان الآخر من السلف المتقدمين، الذين تظهر على أقوالهم أنوار النبوة، ولا يخرجون في الغالب عن دلائل الوحي.
ثم إني أختم وأقول: لقد تناقش المشرفون في شأنكم، وما تكتبون فأجمعوا على أن طرحكم فيه ما قد أشرت إلى بعضه في كلامي السابق، ولهم أن يعلقوا على كلامي هذا إن شاءوا.
ثم: أرجو منك أن تتفضل علينا - وهذا يهمنا كمشرفين - بعلاقتك بالإخوة المشار إليهم أعلاه. فأفكاركم نسخة واحدة، تعليقاتكم تخرج من مشكاة واحدة، وغالب ظني أنك أنت والشيخ صلاح الدين شيء واحد، فما قولك؟.
هذا ما عندي، فهات ما عندك، واعلم أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[03 Feb 2004, 11:45 م]ـ
الاخ القحطاني الحبيب, جزاه الله خيرا ..
لقد غلب ودك خلافك, وغلب أدبك عداءك ... وما بدأت به لقول منصف من نفسه لنفسه .. وما قلته عن الموقع لشهادة شرف من اخ مؤمن له نصيبه من العلم ... ولو أني لا اقبل من "اهل العلم" الخوف والاحجام, فإذا خاف (الامام) فمن لها؟؟
أما عن (الاسرار) , فلا أراها أكثر من رؤية خاصة لا تلزم أحدا, ولكن من يوم حيينا ونحن نعلم أن القرآن مليء بالاسرار, سواء منها الاجتماعية أو الغيبية او اللغوية أو العلمية .... ويبقى أن هذا تقدير شخصي لصاحبه, والرجل لم يفرضه تعريفا على الامة ولا على أصول الفقه ...
ثم أراك تقول:
ثم يا أخي الكريم: هل أنت، والشيخ صلاح الدين، والأخ خالد عبدالرحمن، وداود عيسى أكثر علماً، وأدق فهماً، وأنضج فكراً من العلماء الذين تكفرون بآرائهم، وتنبذونها وراءكم ظهرياً؟؟.
أقول هذا مع التسليم الذي لا شك فيه أن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا من عصمه الله.
وأن: من خالف الكتاب والسنة فقوله مردود، وهذا مما لا يخفى على صغار طلبة العلم، ولله الحمد.
فلن أجيب بأحسن مما ختمت به ...
ولكن هذا الدين محفوظ, والتجديد من الحفظ ... ألا ترى الامام بن عبد الوهاب, عندما وضع نواقض الاسلام العشر, كم كان للمعارضين أن يقولوا له: كيف تحدد ما لم يحدده (العلماء) الاولون؟؟ ونحن اليوم نحفظها ونتعاهدها ... وعندما خرج ابن تيمية رضي الله عنه, كان جديدا حدثا على الاولين الاكابر, ثم صار حقا راسخا قويا ...
أما عن كوني أنا صلاح الدين, فأنا صلاح الدين, والمؤمن لا يكذب أخاه ولا يخونه, ولست ممن يورى عليهم بأدبك وخلقك ودينك ...
وخالد عبد الرحمن أخي في الله, كما انت وأهل الموقع, وأما أننا نستبد فكريا فلا, ولكن من الرجولة والمروءة أن تشتد على رأيك ما رأيته حقا, وهل الرجال إلا في الحق؟؟
أما الاخ الآخر فلا أعرفه ...
وأعود وأسألك بالله .... أن تلج باسم الله ولا تخف, فإن كان حقا فأنت أبصر به, وإن كان باطلا, فلن يخفى عليك ..
ولا يمنع أن ينفع الله عبدا فقيرا بالقرآن, فليس القرآن لناس دون ناس, بل هو للناس جميعا ...
(أمتي هذه كالغيث, لا يعرف خيره في أوله أم في آخره) ..... كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ..
واعلم أنني أحببتك على ما يحب الله .. فتجاوز لي عما لم يعجبك مني ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2005, 10:06 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً. ونسأل الله للجميع الإخلاص في القول والعمل. ويا حبذا هذه الروح الأخوية في الحوار.
وأما الخلاف في مسائل العلم فلن ينتهي ما دامت هناك عقول تفكر وتتدبر. والحمد لله على نعمة الإيمان، والإسلام.
نفع الله بكم جميعاً وبعلمكم وتحية لأخي أبي مجاهد، وأوافقه فيما تفضل به. كما اشكر أخي الشيخ صلاح على صدقه وقبوله للحق وهذا هو المتوقع من مثله.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[03 Feb 2005, 08:14 م]ـ
الشيخ صلاح
قرأت كلامك---ومجمله هو ما سطرته يداك في الآخر
((فأصحاب الأعراف هم الرسل الكرام المقربون, وهم الأشهاد, بما يظهر لنا من كتاب الله, لا من كلام الناس, ولا حجة بيننا وبين ربنا غير رسله!.
{لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.))
فهل أنت غير مسبوق في قولك هذا؟؟
ـ[طاهر]ــــــــ[04 Feb 2005, 08:23 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
كم اثلج صدري دخولك يا ابا احمد
كما واشكر الاخ أبومجاهدالعبيدي على اهتمامه ببينات القرآن
وجميع الاخوة المشاركين
اما يا اخي أبومجاهدالعبيدي بالنسبه للكنوز النفيسه فهي انفس الكنوز انها تبيان لكلام ربنا جل وعلا ولم اكن لاترك هذه الكنوز من اجل بعض الوحوش التي لا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا
اما بالنسبة للاسرار التي في القرآن فلو لم تكن موجوده لما قال الله جل وعلا (ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب .......... )
وهل يكتم الا الاسرار؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اما بالنسبة للسلف المتقدمين، الذين تظهر على أقوالهم أنوار النبوة
فهم يؤمنون كما نؤمن نحن ان_كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون_
نسأل الله ان نكون من التوابين
وصلى الله على محمد
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 Feb 2005, 08:38 ص]ـ
أعيد
يا شيخ صلاح
أنت اعتبرت ما جئت به تصحيح خطأ استمر طويلا في تفسير الأعراف
فهل أنت غير مسبوق؟؟
أي هل لم يقل أحد قبلك بمثل قولك؟؟
مع الإحترام
ـ[عبدالرحمن العبيدي]ــــــــ[05 Feb 2005, 11:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي جمال بارك الله فيك ونفعك لهذه الأمة التي هي بأمس الحاجة لأمثالك اللذين يتدبرون في كتاب الله ...
هنا أردت أن أعلق على ما جاء بسؤالك للشيخ صلاح الدين أبو عرفة ....
السؤال
أنت اعتبرت ما جئت به تصحيح خطأ استمر طويلا في تفسير الأعراف
فهل أنت غير مسبوق؟؟
أي هل لم يقل أحد قبلك بمثل قولك؟؟
في البداية أعيد ما جاء من أقوال للمفسرين والعلماء في ما يتعلق ((((برجال الأعراف))))
فمنهم من قال أنهم اللذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم ومنهم من قال أنهم الملائكة ومنهم من قال أنهم الأنبياء ومنهم من قال أنهم أولاد الزنى.
لكن كلها أقوال غير مبنية على أي دليل فلا تتعدى كونها ظنون وشكوك لا أساس لها من الصحة .....
نعم إن ما جاء في دراسة الشيخ صلاح الدين أبوعرفة منذ ما يقارب العام ونصف العام قول لم يقل بمثله أحد بل وأنه يتعدى أن يكون مجرد قول بل هو تفسير لم يستطع أي عالم في التفسير أن يبطله منذ تلك الفترة لما فيه من بينات وأدلة تدعم ما قاله الشيخ أن أصحاب الأعراف هم ((الرسل الكرام المقربون, وهم الأشهاد)) لذلك يا أخي العزيز وجب علينا أن نأخذ بهذا التفسير وأن نؤمن به إلا أي يأتينا أحد بأهدى من هذا التفسير ....
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 Feb 2005, 03:53 ص]ـ
الأخ الدكتور العبيدي
يعلم الله أن ردي هذا هو رد مستفسر متدبر---فما عندي حمل لرأي أدافع عنه في هذا الموضوع---ولقد رأيت للرازي تفنيدا لكافة الآراء والتزاما بهذا الرأي
((والقول الثاني: في تفسير هذه الآية أن أصحاب الأعراف كانوا يعرفون المؤمنين في الدنيا بظهور علامات الإيمان والطاعات عليهم ويعرفون الكافرين في الدنيا أيضاً بظهور علامات الكفر والفسق عليهم، فإذا شاهدوا أولئك الأقوام في محفل القيامة ميزوا البعض عن البعض بتلك العلامات التي شاهدوها عليهم في الدنيا، وهذا الوجه هو المختار.))
وهذا الكلام قريب جدا من مفهوم الاشهاد--اللهم إلا إذا كان يقصد الشيخ أبو عرفة أن الرسل المقربين هم أنفسهم الأشهاد
--فإذا كان الأمر كذلك فهو قد رجح جزءا من الأنبياء وهم الرسل المقربون ليكونوا أصحاب الأعراف
فأين أنت يا شيخ صلاح لتشرح رأيك وأنا لك من الشاكرين
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[10 Feb 2005, 09:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أظن الشيخ صلاح الدين يقصد الرسل دون الأنبياء عليهم السلام، والله أعلم
و في بداية سورة الأعراف ما يعضد قوله (فلنسأن الذين أرسل اليهم ولنسألن المرسلين)
و ننتظر منه المزيد ان شاء الله(/)
شيخ المفسرين: ابن جرير الطبري (1)
ـ[الشجاع]ــــــــ[22 Jan 2004, 07:38 م]ـ
شيخ المفسرين: ابن جرير الطبري (1)
أن يكون الرجل ذا همة فهذا أمر مطلوب، وأن يبزغ نجمه في فن من العلوم فهذا أمر محمود، ولكن ما بالك لو كان صاحب هذه الترجمة ذا همة عالية، فبزغ نجمه في التفسير فكان مفسرًا بارعًا، وبزغ له نجم في التاريخ فكان مرجعًا، ولم يلبث أن بزغ له نجم ثالث في الفقه فكان إمامًا يقتدى به، فهو إمام من الأئمة ومجتهد من أهل الاجتهاد وصاحب مذهب مطلق، وإن كان لم يكتب لمذهبه البقاء، كل من كتب
في التفسير يعولون عليه، وكل من كتب في التاريخ يرجعون إليه، فهو بحق يعد أبًا للتاريخ، كما أنه أب للتفسير، إنه الإمام المفسر الفقيه المؤرخ ابن جرير الطبري.
التعريف بابن جرير الطبري:
هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، الإمام الجليل، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف المشهورة، وهو من أهل آمل طبرستان، ولد بها سنة 224هـ أربع وعشرين ومائتين من الهجرة، ورحل من بلده في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، سنة ست وثلاثين ومائتين، وطوّف في الأقاليم، فسمع بمصر والشام والعراق، ثم ألقى عصاه واستقر ببغداد، وبقى بها إلى أن مات سنة عشر وثلاثمائة.
مبلغه من العلم والعدالة:
كان ابن جرير أحد الأئمة الأعلام، يُحكم بقوله، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظًا لكتاب الله، بصيرًا بالقرآن، عارفًا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم .. هذا هو ابن جرير في نظر الخطيب البغدادي، وهي شهادة عالم خبير بأحوال الرجال، وذكر أن أبا العباس بن سريج كان يقول: محمد بن جرير فقيه عالم، وهذه الشهادة جد صادقة؛ فإن الرجل برع في علوم كثيرة، منها: علم القراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، وقد صنف في علوم كثيرة وأبدع التأليف وأجاد فيما صنف.
مصنفاته:
كتاب التفسير، وكتاب التاريخ المعروف بتاريخ الأمم والملوك، وكتاب القراءات، والعدد والتنزيل، وكتاب اختلاف العلماء، وتاريخ الرجال من الصحابة والتابعين، وكتاب أحكام شرائع الإسلام، وكتاب التبصر في أصول الدين … وغير هذا كثير.
ولكن هذه الكتب قد اختفى معظمها من زمن بعيد، ولم يحظ منها بالبقاء إلى يومنا هذا وبالشهرة الواسعة، سوى كتاب التفسير، وكتاب التاريخ.
وقد اعتبر الطبري أبا للتفسير، كما اعتبر أبا للتاريخ الإسلامي، وذلك بالنظر لما في هذين الكتابين من الناحية العلمية العالية، ويقول ابن خلكان: إنه كان من الأئمة المجتهدين، لم يقلد أحدًا، ونقل: أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ذكره في طبقات الفقهاء في جملة المجتهدين، قالوا: وله مذهب معروف، وأصحاب ينتحلون مذهبه، يقال لهم الجريرية، ولكن هذا المذهب الذي أسسه ـ على ما يظهر ـ بعد بحث طويل، ووجد له أتباعًا من الناس، لم يستطع البقاء إلى يومنا هذا كغيره من مذاهب المسلمين؛ ويظهر أن ابن جرير كان قبل أن يبلغ هذه الدرجة من الاجتهاد متمذهبًا بمذهب الشافعي، يدلنا على ذلك ما جاء في الطبقات الكبرى لابن السبكي، من أن ابن جرير قال: أظهرت فقه الشافعي، وأفتيت به ببغداد عشر سنين.
علو همته:
كان رحمه الله عالي الهمة متوقد العزم ـ قال: عند تفسيره للقرآن: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا هذا ما يفني الأعمار قبل تمامه فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
اتهامه بالوضع للروافض:
وقد اتُهِمَ رحمه الله بأنه كان يضع للروافض، وهذا رجم بالظن الكاذب، ولعله أشبه على صاحب هذا القول ابن جرير آخر، وهو محمد بن جرير بن رستم الطبري الرافضي.
وفاته:
(يُتْبَعُ)
(/)
مرض أبو جعفر بذات الجنب فجاءه الطبيب فسأل أبا جعفر عن حاله، فعرّفه حاله وما استعمل وما أخذ لعلته، وما انتهى إليه في يومه، فقال له الطبيب: ما عندي فوق ما وصفته لنفسك شيء، فلما كان يوم السبت لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة كانت منيته ودفن يوم الأحد، ولم يؤذن به أحد، فاجتمع على جنازته ما لا يحصى عددهم إلا الله، وصلى على قبره شهورًا ليلاً ونهارًا.
هذا هو ابن جرير؛ وهذه هي نظرات العلماء إليه، وذلك هو حكمهم عليه، ومن كل ذلك تبين لنا قيمته ومكانته.
التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يعتبر تفسير بن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها، كما يعتبر المرجع الأول عند المفسرين الذين عنوا بالتفسير النقلي؛ وإن كان في الوقت نفسه يعتبر مرجعًا غير قليل الأهمية من مراجع التفسير العقلي؛ نظرًا لما فيه من الاستنباط، وتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، ترجيحًا يعتمد على النظر العقلي، والبحث الحر الدقيق.
ويقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءًا من الحجم الكبير، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودًا لا وجود له، ثم قدّر الله له الظهور والتداول، فكانت مفاجأة سارة للأوساط العلمية في الشرق والغرب أن وجدت في حيازة أمير (حائل) الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمر اء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب، طبع عليها الكتاب من زمن قريب، فأصبحت في يدنا دائرة معارف غنية في التفسير المأثور.
ما قيل في تفسيره:
ولو أننا تتبعنا ما قاله العلماء في تفسير ابن جرير، لوجدنا أن الباحثين في الشرق والغرب قد أجمعوا الحكم على عظيم قيمته، واتفقوا على أنه مرجع لا غنى عنه لطالب التفسير، فقد قال السيوطي رضي الله عنه " وكتابه ـ يعني تفسير محمد بن جرير ـ أجل التفاسير وأعظمها، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، والإعراب، والاستنباط، فهو يفوق بذلك على تفسير الأقدمين ".
وقال النووي: " أجمعت الامة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري ".
وقال ابو حامد الإسفرايني: " لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وأما التفاسير التي في أيدي الناس، فأصحها تفسير ابن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبي ".
ويذكر صاحب لسان الميزان: أن ابن خزيمة استعار تفسير ابن جرير من ابن خالوية فرده بعد سنين، ثم قال: " نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير ".
هذا وقد كتب (نولدكه) سنة 1860م بعد اطلاعه على بعض فقرات من هذا الكتاب " لو كان بيدنا هذا الكتاب لاستغنينا به عن كل التفاسير المتأخرة، ومع الأسف فقد كان يظهر أنه مفقود تمامًا، وكان مثل تاريخه الكبير مرجعًا لا يغيض معينه أخذ عنه المتأخرون معارفهم ".
اختصار الطبري لتفسيره:
ويظهر مما بأيدينا من المراجع، أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم، ثم اختصره مؤلفه إلى هذا القدر الذي هو عليه الآن، فابن السبكي يذكر في طبقاته الكبرى " أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا ربما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟، قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوًا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله، ماتت الهمم، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير " أ. هـ.
أولية تفسيره:
هذا ونسطيع أن نقول إن تفسير ابن جرير هو التفسير الذي له الأولية بين كتب التفسير، أولية زمنية، وأولية من ناحية الفن والصناعة.
أما أوليته الزمنية، فلأنه أقدم كتاب في التفسير وصل إلينا، وما سبقه من المحاولات التفسيرية ذهبت بمرور الزمن، ولم يصل إلينا شيء منها، اللهم إلا ما وصل إلينا منها في ثنايا ذلك الكتاب الخالد الذي نحن بصدده.
وأما أوليته من ناحية الفن والصناعة؛ فذلك أمر يرجع إلى ما يمتاز به الكتاب من الطريقة البديعة التي سلكها في مؤلفه، حتى أخرجه للناس كتابًا له قيمته ومكانته
ونريد أن نعرض هنا لطريقة ابن جرير في تفسيره، بعد أن أخذنا فكرة عامة عن الكتاب، حتى يتبين للقارئ أن الكتاب واحد في بابه، سبق به مؤلفه غيره من المفسرين، فكان عمدة المتأخرين، ومرجعًا مهمًا من مراجع المفسرين، على اختلاف مذاهبهم، وتعدد طرائقهم.
موقع الشبكه الإسلاميه(/)
شيخ المفسرين (2)
ـ[الشجاع]ــــــــ[22 Jan 2004, 07:45 م]ـ
طريقة ابن جرير في تفسيره:
تتجلى طريقة ابن جرير في تفسيره بكل وضوح إذا نحن قرأنا فيه وقطعنا في القراءة شوطًا بعيدًا، فأول ما نشاهده، أنه إذا أراد أن يفسر الآية من القرآن يقول " القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا، ثم يفسر الآية ويستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير المأثور عنهم في هذه الآية، وإذا كان في الآية قولان أو أكثر، فإنه يعرض لكل ما قيل فيها، ويستشهد على كل قول بما يرويه في ذلك عن الصحابة أو التابعين.
ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال، ويرجح بعضها على بعض، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك، كما أنه يستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآية من توجيه الأدلة وترجيح ما يختار.
إنكاره على من يفسر بمجرد الرأي:
ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير، ولا يزال يشدد في ضرورة الرجوع إلى العلم الراجع إلى الصحابة أو التابعين، والمنقول عنهم نقلاً صحيحًا مستفيضًا، ويرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح، فمثلاً عند ما تكلم عن قوله تعالى في الآية (49) من سورة يوسف (ثم يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناسُ وفيه يعصِرون) نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف مع توجيهه للأقوال وتعرضه للقراءات بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه، وبدون اعتماد منه على شيء إلا على مجرد اللغة، فيفند قوله، ويبطل رأيه، فيقول ما نصه " .. وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله (وفيه يعصرون) إلى وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من العصر، والعصر التي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيد الطائي:
صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود
أي المقهور ـ ومن قول لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم وما كان وقافًا بغير معصر
وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين.
موقفه من الأسانيد:
ثم إن ابن جرير وإن التزم في تفسيره ذكر الروايات بأسانيدها، إلا أنه في الأعم الأغلب لا يتعقب الأسانيد بتصحيح ولا تضعيف، لأنه كان يرى ـ كما هو مقرر في أصول الحديث ـ أن من أسند لك فقد حملك البحث عن رجال السند ومعرفة مبلغهم من العدالة أو الجرح، فهو بعمله هذا قد خرج من العهدة ومع ذلك فابن جرير يقف من السند أحيانًا موقف الناقد البصير، فيعدل من يعدل من رجال الإسناد، ويجرح من يجرح منهم، ويرد الرواية التي لا يثق بصحتها، ويصرح برأيه فيها بما يناسبها، فمثلاً نجده عند تفسيره لقوله تعالى في الآية (94) من سورة الكهف: ( .. فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا) يقول ما نصه: " روى عن عكرمة في ذلك ـ يعني في ضم سين سدًا وفتحها ـ ما حدثنا به أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن هرون، عن أيوب، عن عكرمة قال: ما كان من صنعة بني آدم فهو السَّد يعني بفتح السين، وما كان من صنع الله فهو السُّد،ثم يعقب على هذا السند فيقول: وأما ما ذكر عن عكرمة في ذلك، فإن الذي نقل ذلك عن أيوب هرون، وفي نقله نظر، ولا نعرف ذلك عن أيوب من رواية ثقاة أصحابه " أ. هـ.
تقديره للإجماع:
كذلك نجد ابن جرير في تفسيره يقدر إجماع الأمة، ويعطيه سلطانًا كبيرًا في اختيار ما يذهب إليه من التفسير، فمثلاً عند قوله تعالى في الآية (230) من سورة البقرة (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره) يقول ما نصه: " فإن قال قائل: فأي النكاحين عنى الله بقوله: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره؟ النكاح الذي هو جماع؟ أم النكاح الذي هو عقد تزويج؟ قيل كلاهما؛ وذلك أن المرأة إذا نكحت زوجًا نكاح تزويج ثم لم يطأها في ذلك النكاح ناكحها ولم يجامعها حتى يطلقها لم تحل للأول، وكذلك إن وطئها واطئ بغير نكاح لم تحل للأول؛ لإجماع الأمة جميعًا، فإذا كان ذلك كذلك " فمعلوم أن تأويل قوله: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره، نكاحًا صحيحًا، ثم يجامعها فيه: ثم يطلقها، فإن قال
(يُتْبَعُ)
(/)
: فإن ذكر الجماع غير موجود في كتاب الله تعالى ذكره، فما الدلالة على أن معناه ما قلت؟ قيل: الدلالة على ذلك إجماع الأمة جميعًا على أن ذلك معناه ".
موقفه من القراءات:
كذلك نجد أن ابن جرير يعنى بذكر القراءات وينزلها على المعاني المختلفة، وكثيرًا ما يرد القراءات التي لا تعتمد على الأئمة الذين يعتبرون عنده وعند علماء القراءات حجة، والتي تقوم على أصول مضطربة مما يكون فيه تغير وتبديل لكتاب الله، ثم يتبع ذلك برأيه في آخر الأمر مع توجيه رأيه بالأسباب، فمثلاً عند قوله تعالى في الآية (81) من سورة الأنبياء (ولسليمان الريح عاصفة) يذكر أن عامة قراء الأمصار قرءوا (الريح) بالنصب على أنها مفعول لـ "سخرنا" المحذوف، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ (الريح) بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول: والقراءة التي لا استجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه.
سبب عناية ابن جرير بالقراءات:
ولقد يرجع السبب في عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها إلى أنه كان من علماء القراءات المشهورين، حتى أنهم ليقولون عنه: إنه ألف فيها مؤلفًا خاصًا في ثمانية عشر مجلدًا، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ وعلل ذلك وشرحه، واختار منها قراءة لم يخرج بها من المشهور، وإن كان هذا الكتاب قد ضاع بمرور الزمن ولم يصل إلى أيدينا، شأن الكثير من مؤلفاته.
موقفه من الإسرائيليات:
ثم إننا نجد ابن جرير يأتي في تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص الإسرائيلي، يرويها بإسناده إلى كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وابن جريج والسدي، وغيرهم، ونراه ينقل عن محمد بن إسحاق كثيرًا مما رواه عن مسلمة النصارى، ومن الأسانيد التي تسترعي النظر، هذا الإسناد: حدثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن أبي عتاب .. رجل من تغلب كان نصرانيًا عمرًا من دهره ثم أسلم بعد فقرأ القرآن وفقه في الدين، وكان فيما ذكر، أنه كان نصرانيًا أربعين سنة ثم عمر في الإسلام أربعين سنة.
يذكر ابن جرير هذا الإسناد ويروي لهذا الرجل النصراني الأصل خبرًا عن آخر أنبياء بني إسرائيل عند تفسيره لقوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها، فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) (الإسراء/7).
" .. وهكذا يكثر ابن جرير من رواية الإسرائيليات، ولعل هذا راجع إلى ما تأثر به من الروايات التاريخية التي عالجها في بحوثه التاريخية الواسعة.
وإذا كان ابن جرير يتعقب كثيرًا من هذه الروايات بالنقد، فتفسيره لا يزال يحتاج إلى النقد الفاحص الشامل، احتياج كثير من كتب التفسير التي اشتملت على الموضوع والقصص الإسرائيلي، على أن ابن جرير ـ كما قدمنا ـ قد ذكر لنا السند بتمامه في كل رواية يرويها، وبذلك يكون قد خرج من العهدة، وعلينا نحن أن ننظر في السند ونتفقد الروايات.
احتكامه إلى المعروف من كلام العرب:
وثمة أمر آخر سلكه ابن جرير في كتابه، ذلك أنه اعتبر الاستعمالات اللغوية بجانب النقول المأثورة وجعلها مرجعًا موثوقًا به عند تفسيره للعبارات المشكوك فيها، وترجيح بعض الأقوال على بعض.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كلٍ زوجين اثنين .. ) (هود/40) نراه يعرض لذكر الروايات عن السلف في معنى لفظ التنور، فيروى لنا قول من قال: إن التنور عبارة عن وجه الأرض، وقول من قال: إنه عبارة عن تنوير الصبح، وقول من قال إنه عبارة عن أعلى الأرض وأشرفها، وقول من قال: إنه عبارة عما يختبز فيه .. ثم قال بعد أن يفرغ من هذا كله: " وأولى هذه الأقوال عندنا بتأويل قوله (التنور) قول من قال: التنور: الذي يختبز فيه، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وكلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب.
رجوعه إلى الشعر القديم:
كذلك نجد ابن جرير يرجع إلى شواهد من الشعر القديم بشكل واسع، متبعًا في هذا ما أثاره ابن عباس في ذلك، فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادًا .. ) (البقرة/22) يقول ما نصه: " قال أبو جعفر: والأنداد جمع ند، والند: العدل والمثل، كما قال حسان ابن ثابت:
(يُتْبَعُ)
(/)
أتهجوه ولست له بندٍ فشركما لخيركما الفداء
اهتمامه بالمذاهب النحوية:
كذلك نجد ابن جرير يتعرض كثيرًا لمذاهب النحويين من البصريين والكوفيين في النحو والصرف، ويوجه الأقوال، تارة على المذهب البصري، وأخرى على المذهب الكوفي، فمثلاً عند قوله تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف) (إبراهيم/18) يقول ما نصه: " اختلف أهل العربية في رافع (مثل) فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقص عليكم مثل الذين كفروا، ثم أقبل يفسره كما قال: مثل الجنة .. وهذا كثير.
وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما المثل للأعمال، ولكن العرب تقدم الأسماء لأنها أعرف، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه، ومعنى الكلام: مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد .. إلخ.
والحق أن ما قدمه لنا ابن جرير في تفسيره من البحوث اللغوية المتعددة والتي تعتبر كنزًا ثمينًا ومرجعًا في بابها، أمر يرجع إلى ما كان عليه صاحبنا من المعرفة الواسعة بعلوم اللغة وأشعار العرب، معرفة لا تقل عن معرفته بالدين والتاريخ، ونرى أن ننبه هنا إلى أن هذه البحوث اللغوية التي عالجها ابن جرير في تفسيره لم تكن أمرًا مقصودًا لذاته، وإنما كانت وسيلة للتفسير، على معنى أنه يتوصل بذلك إلى ترجيح بعض الأقوال على بعض، كما يحاول بذلك ـ أحيانًا ـ أن يوفق بين ما صح عن السلف وبين المعارف اللغوية بحيث يزيل ما يتوهم من التناقض بينهما.
معالجته للأحكام الفقهية:
كذلك نجد في هذا التفسير آثارًا للأحكام الفقهية، يعالج فيه ابن جرير أقوال العلماء ومذاهبهم، ويخلص من ذلك كله برأي يختاره لنفسه، ويرجحه بالأدلة العلمية القيمة، فمثلاً نجده عند تفسيره لقوله تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) (النحل /8) نجده يعرض لأقوال العلماء في حكم أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، ويذكر قول كل قائل بسنده .. وأخيرًا يختار قول من قال: إن الآية لا تدل على حرمة شيء من ذلك، ووجه اختياره هذا فقال: ما نصه: " والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله أهل القول الثاني ـ وهو أن الآية لا تدل على الحرمة ـ وذلك أنه لو كان في قوله تعالى ذكره ـ (لتركبوها) دلالة على أنها لا تصلح إذ كانت للركوب لا للأكل، لكان في قوله (فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون) (النحل/5) دلالة على أنها لا تصلح إذ كانت للأكل والدفء وللركوب، وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى ذكره (ومنها تأكلون) جائز حلال غير حرام، دليل واضح على أن أكل ما قال (لتركبوها) جائز حلال غير حرام، إلا بما نص على تحريمه، أو وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شيء.
وقد وضع الدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى البغال بما قد بينا في كتابنا كتاب الأطعمة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع؛ إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك، وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم الفرس " أ. هـ.
خوضه في مسائل الكلام:
ولا يفوتنا أن ننبه على ما نلحظه في هذا التفسير الكبير، من تعرض صاحبه لبعض النواحي الكلامية عند كثير من آيات القرآن، مما يشهد له بأنه كان عالمًا ممتازًا في أمور العقيدة، فهو إذا ما طبق أصول العقائد على ما يتفق مع الآية أفاد في تطبيقه، وإذا ناقش بعض الآراء الكلامية أجاد في مناقشته، وهو في جدله الكلامي وتطبيقه ومناقشته، موافق لأهل السنة في آرائهم، ويظهر ذلك جليًا في رده على القدرية في مسألة الاختيار.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) (الفاتحة/7) نراه يقول ما نصه: " وقد ظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال بقوله (ولا الضالين) وإضافة الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه، وتركه وصفهم بأنهم المضللون كالذي وصف به اليهود أنه مغضوب عليهم، دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية، جهلاً منه بسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه، ولو كان الأمر على ما ظنه الغبي الذي وصفنا شأنه،لوجب أن يكون كل موصوف بصفة أو مضاف إليه فعل لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره،وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك من فعله، ولوجب أن يكون خطأ قول القائل: تحركت الشجرة إذا حركتها الرياح، واضطربت الأرض إذا حركتها الزلزلة،وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكتاب، وفي قوله جل ثناؤه (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) (يونس/22) وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها، ما يدل على خطأ التأويل الذي تأوله مَن وصفنا قوله، في قوله (ولا الضالين)، وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى، تصحيحًا لما ادعى المنكرون أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم، مع إبانة الله عز ذكره نصًا في آيٍ كثيرة من تنزيله: أنه المضل الهادي، فمن ذلك قوله جل ثناؤه: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) (الجاثية/23) فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره، ولكن القرآن نزل بلسان العرب على ما قدمنا البيان عنه في أول الكتاب، ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه وإن كان مشيئة غير الذي وجد منه الفعل غيره، فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد كسبًا،ويوجده الله جل ثناؤه عينًا منشأة، بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه كسبًا له بالقوة منه عليه، والاختيار منه له، وإلى الله جل ثناؤه بإيجاد عينه وإنشائها تدبيرًا.أ. هـ.
وعلى الإجمال فخير ما وصف به هذا الكتاب ما نقله الداودي عن أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني في تاريخه حيث قال: فثم من كتبه ـ يعني محمد بن جرير ـ كتاب تفسير القرآن، وجوده، وبين فيه أحكامه، وناسخه ومنسوخه، ومشكله وغريبه، ومعانيه، واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه وتأويله، والصحيح لديه من ذلك، وإعراب حروفه، والكلام على الملحدين فيه، والقصص، وأخبار الأمة والقيامة، وغير ذلك مما حواه من الحكم والعجائب كلمة كلمة، وآية آية، من الاستعاذة، وإلى أبي جاد، فلو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب منها يحتوي على علم مفرد وعجيب مستفيض لفعل " أ. هـ.
هذا وقد جاء في معجم الأدباء ج18 ص64ـ65 وصف مسهب لتفسير ابن جرير، جاء في آخره ما نصه " وذكر فيه من كتب التفاسير المصنفة عن ابن عباس خمسة طرق،وعن سعيد بن جبير طريقين، وعن مجاهد بن جبر ثلاث طرق، وعن الحسن البصري ثلاث طرق، وعن عكرمة ثلاثة طرق وعن الضحاك بن مزاحم طريقين،وعن عبد الله بن مسعود طريقًا،وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم،وتفسير ابن جريج، وتفسير مقاتل بن حبان، سوى ما فيه من مشهور الحديث عن المفسرين وغيرهم، وفيه من المسند حسب حاجته إليه، ولم يتعرض لتفسير غير موثوق به، فإنه لم يدخل في كتابه شيئًا عن كتاب محمد بن السائب الكلبي، ولا مقاتل بن سليمان، ولا محمد بن عمر الواقدي؛ لأنهم عنده أظناء والله أعلم، وكان إذا رجع إلى التاريخ والسير وأخبار العرب حكى عن محمد بن السائب الكلبي، وعن ابنه هشام، وعن محمد بن عمر الواقدي، وغيرهم فيما يفتقر إليه ولا يؤخذ إلا عنهم.
موقع الشبكة الإسلامية
http://islamweb.net/pls/iweb/misc1.Article?vArticle=11636&thelang=A
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jan 2004, 07:43 ص]ـ
بسم الله
حياك الله يا أخانا الشجاع في ملتقى أهل التفسير، وأشكرك على مشاركاتك التي نقلتها.
ثم إني أرجو منك أن تعلم أن هذا الملتقى يأمل من أعضائه أن تكون مشاركاتهم جادة ومحررة، ولا يكتفى فيها بمجرد النقل [النسخ واللصق].
والمشاركة التي ذكرتها هنا منقولة من كتاب التفسير والمفسرون للذهبي، وهو كتاب متداول مشهور.
ولا مانع من نقل مصحوب بتنبيه أو إضافة أو تعليق، أو نقل نفيس نادر له أهمية ظاهرة أما مجرد النقل فيمكن الإحالة عليه بذكر الرابط وإضافته إلى قسم مواقع وعناوين التفسير على الإنترنت في القسم العام.
أرجو أن تتقبل تعليقي بشجاعتك التي وصفت بها نفسك - وأنت أهل لذلك إن شاء الله -.
وفقني الله وإياك أخي الكريم، ومرحباً بك مرة أخرى، وننتظر مشاركاتك القادمة(/)
ضع هنا قواعد القراء فى القراءة باختصار
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[23 Jan 2004, 11:45 م]ـ
ضع هنا قواعد القراء فى القراءة باختصار
السلام عليكم جميعا أحبائي مرتادي ملتقي أهل التفسير:
تشكل القراءات وقراءها أصلا أصيلا فى علوم التفسير كما هو مقرر عند كبار المفسرين كالطبري وأبي حيان وغيرهما،
لذا صار من صميم علوم التفسير اليوم قراءات القراء،
ومن أجل هذا رأيت أن نبدأ جميعا فى طرح ولو قاعدة معروفة عند القراء باختصار شديد ليتم التعليق عليها وهكذا حتى نصل إلى كم يجمع بعد هذا ويناقش فى بحث متخصص.
مثلا قاعدة ((لاتخلوا القراءات العشر من شواذ)).
قاعدة ((لاقيمة سندية لأي قراءة لم تحظ بالتواتر)).
أرجوا أن يتضح هذا المطلب ومقاصده الشريفة، وأن يستدل الجميع بأدلة واضحة معروفة من غير إخلال بالمنهج.
وفق الله الجميع.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[24 Jan 2004, 12:26 ص]ـ
ليس هذا العنوان جديدا لأنى قد كنت طرحته من قبل كفهرس لمسائل القراءات فى الملتقى المفتوح،وفى هذا الملتقى العلمي كفهرس خاص للأعلام
والمنهج يبدأ
بالسهل القريب أولا بالقواعد المأثورة فى مراجع القراءات،وهى كثيرة،
ولذا أطلب المساعدة لمن وجد قاعدة ظهرت له أن يطرحها علينا وتناقشها فى وسط إخواننا القراء ثم تدعم بأدلة وهكذا.
وفى الحقيقة هذا موضوع جديد والله المستعان وللمفسرين السبق وهم حائزون للتفضيل، فأرجوا المعونة ولامانع من الرجواع لقواعد التفسير للشيخ خالد السبت للمقابلة. والله ولي التوفيق.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[30 Jan 2004, 10:27 م]ـ
القاعدة الثالثة من قواعد القراء (معرفة علوم القراءة دراية ورواية وتمييز الصحيح من السقيم والمتواتر من الشاذ وماتحل القراءة به ومالاتحل).
التوضيح: يقول الصفا قسي صاحب غيث النفع رحمه الله: وقد ابتلي كثير من الناس للتصدر للإقراء قبل إتقان العلوم المحتاج إليها فيه دراية ورواية وتمييز الصحيح من السقيم والمتواتر من الشاذ ومالاتحل القراءة به بل وماتحل. صفحة/4
قلت: ومن هذا المنطلق يجب أن يتحرى طلبة القراءات، فى الروايات المنتشرة، ماعدا المتواترة وإعطائها نصيبها من البحث،بعد عرضها على ما تضمنته الكتب المعروفة كالنشرلابن الجزري، والتيسير للداني وغيرهما.
وفى ضوء ذلك: يرى العلماء الاشتغال بحفظ القراءة أولا والقراءات العشر ثانيا، ثم الانتقال إلى مابعدها،
ونموذجه طريقة ابن الجزري فى كتبه فهى تأخذ فى تحرير الطرق،وعدم القراءة بما شذ وبمالايوجد كما يفعله كثير من المتساهلين القارئين بما يقتضيه الضرب الحسابي. المصدر السابق.
التعليق: هذه قاعدة عظيمة، وتؤدي بالباحثين من القراء إلى النظر وعدم الاستعجال فى الحكم على المسئلة إلا بعد التحرى عنها فى مصادرها، اسأل الله أن يهدينا لما يحبه ويرضاه.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[12 Feb 2004, 07:48 ص]ـ
القاعدة الرابعة:
((لايلزم من غلط الراوي ضعف المروي نفسه))
توضيح ذلك قال ابن الجزري عند إيراده لقراءة قنبل فى كلمة (مردفين) فى سورة الأنفال آية/9،
قال: ((إن ذكرت أي رواية الفتح مع غلطه فيها أىقنبل؛ فإن قراءة الفتح تبقى صحيحة ويذكر قنيل على سبيل البيان)) النشر 2/ 402.
وقال ((إذا ظن الراوي غلط المروي عنه لايلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان سواء كان المروي صحيحا أم ضعيفا، إذ لايلزم من غلط المروي ضعف المروي فى نفسه فإن قراءة مردفين بفتح الدال صحيحة مقطوع بها وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط فى ذلك ولاشك أن الصواب مع ابن مجاهد فى ذلك)).المصدر السابق.
التعليق هنا: إن من قواعد القراءت المختلفة إيراد القراءات صحيحة كانت أو غيرصحيحة على سبيل البيان ولاسيما إذا كان مع هذه الرواية مايشير إلى تغليطها أو تضعيفها،
وانظر لقول الشاطبي رحمه الله، فى الشاطبية فى هذا الموضع قال وعن قنبل يروى وليس معولا،
ولذا فالمطلوب من الناظر فى الغلط ونحوه أن يعرف تلك القراءات أو المرويات وبحث القراء فيها، ومايرد فى مصنفاتهم منها بل ويحتاج لمعرفة حكمها بعد البحث والدراسة،
ومما ينبغى التنبه له أيضا أن الغلط إذا كان فى السند أوالمتن فحكم هذه الرواية أنها ساقطة وتروى على سبيل البيان.
وأما إذا كانت الغلط من جهة السند أو فى جهة منه فهو غلط من تلك الجهة لاغيرها إن وردت بإسناد آخر،
مثاله قراءة مردفين لغير قنبل فهى بالفتح لنافع وهى متواترة،وإنما جاء الغلط فى رواية الفتح عن قنبل عن ابن كثير.
ولعل هنا فائدة: وهى أن من مناهج القراء عدة أمور:
المحافظة على وحدة الرواية فى القراءة، وذلك بإيراد كل ماوصل إليهم على سبيل البيان.
وكذلك إيراد ماوصل من أجل اقرار المهمة التاريخية للمرويات الكثيرة،
والفائدة الأخرى وهى اعتبار من كان من هذا الباب أى غلطا على سبيل الشواهد والمتابعات. وفق الله الجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[22 Mar 2004, 09:51 م]ـ
القاعدة الخامسة من قواعد القراءة:
(معرفة القراء) وأحوالهم وتراجمهم، وبشكل خاص أسانيدهم.
يقول:ابن الجزري رحمه الله: ولابد للمقرئ من أنسة بحال الرجال والأسانيد مؤتلفها ومختلفها وجرحها وتعديلها ومتقنها ومعضلها ..
ثم قال:وهذا من أهم مايحتاج إليه وقد وقع لكثير من المتقدمين فى أسانيد كتبهم أوهام كثيرة، وغلطات عديدة من إسقاط رجال وتسمية آخرين بغير أسمائهم وتصحيف ذلك. منجد المقرئين/57.
لذا فإن من يطالع كتب القراءات المختلفة يلاحظ كثرة الأسانيد والمرويات، والأعلام والمصادر، وغالبها مبعثر فيها،ولذا لم يكن علماء القراءات القدماء ينأون عن هذه التراجم، أو جرحهم وتعديلهم
وإن نظرة فاحصة لكتاب معرفة القراء الكبار للذهبي، وغاية النهاية لابن الجزري،وجامع البيان للداني وغيرهم رحمهم الله لكفيلة ببيان أهمية ما بحثوه ودونوا فيه.
ولمزيد البيان أقول: يكاد المشتغلون بهذا العلم الجليل يتناسون مسالة تراجم القراء، وتأليف المصنفات فى معرفتهم، الهم إلا القليل النادر،
وليت طلبة القراءات يشتغلون بترجمة علم من هؤلاء الأعلام واستيفاء ذلك بدار منهجية علمية والخروج بنتائج وحقائق لاتجاهات القراء الكبار فى مروياتهم،وتحديد أسباب اختياراتهم وانفرادهم، أو إكثارهم من المرويات،
وإرجاع هذه المسألة إلى علم الجرح والتعديل المعروف عند المحدثين رحمهم الله.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[28 Mar 2004, 10:33 م]ـ
فى هذه القاعدة: نتناول جزئية عظيمة،تعد قاعدة وركيزة لطلب القراءات.
إن من أهم مايستأنس به طالب العلم عموما، والقراءات خاصة التماس فوائد العلوم،
وذلك من واقع الحاجة أولا، أو لطلب الزيادة فى الاطلاع.
وما علم القراءات إلا ضمن دائرة العلوم النافعة أولا، إلا أنه يزكو ويشتهر على بقية العلوم بتعلقه الواضح والشديد بكتاب الله عزوجل،
إذ لايعقل شرعا ولايتأتى لأحد أن يقرأ كتاب الله عزوجل إلا بعد أن يعرف رواية محددة بأصولها وفرشها، ليقوم بما أمره ربه قال تعالى (فاقرأوا ماتيسر منه .. ) الآية.
وبين يدي عدد من الدرر والفوائد تعطي مزيدا من التعريف بفوائد علم القراءات وارتباطه بالعلوم الأخرى.
وهى خلاصة أحد البحوث العلمية الرصينة فى هذا المجال:
يقول المؤلف: (القراءات تظهر الواقع اللغوي الذي كان سائدا عند العرب قبل الإسلام .. )
ويقول: (منهج علم القراءات يختلف عن كل طرق النقلية التى نقلت بها المصادر الأخرى كالنثر والشعر لاعتماده على ضبط الرواية واتقانها .. )
ويقول: (كانت القراءات على اختلافها أساسا لقيام المعجم العربي،وكتب اللغات والنوادر والغريب والشوارد والشواذ وغيرها من كتب اللغة التى يظهر فيها أثر القراءات ..
ويقول أخيرا: (ولم يقتصر الأمر فقط عليها فقط بل ضمنت كثيرا من ذلك كتب التفسير.وإلى أن يقول:
فغدت كتبهم منارا للهدى وكعبة يحج إليها طلاب العلم من كل فج ومكان ... ) الخ. مقتطفات من تحقيق كتاب الشوارد فى اللغة.
قلت وغير هذا من الفوائد الشيئ الكثير المبثوث فى المصنفات. وفق الله الجميع
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[06 Apr 2004, 09:38 م]ـ
القاعدة رقم (7): معرفة فضائل القراءات.
حري بنا أن نعرف هذه القاعدة من بين الفضائل الكثيرة للقرآن وعلومه،
لقد ألف القدماء فى فضائل القرآن وضمنوا كتبهم فضائل القراءات، لعل من أبرزها حديث هشام بن حكيم فى الصحيحين،و حديث (نزل القرآن على سبعة أحرف) وقد رواه واحد وعشرون من الصحابة ونص صاحب الإتقان على تواتره.
لقد ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام فى كتابه فضائل القران شيئا من فضائل القراءات ضمن معالم القرآن فى كتابه،
وهي تبرز الأهمية الكبرى لهذا العلم وفضيلته من بين علوم القرآن،
وعليه فمرجعية القراءات واضحة المعالم، ومن ثم حجيتها الثابتة.
أخيرا فهذه قاعدة جليلة ومن كانت عنده شبهة فليرجع إلى مصنفات علوم القرآن،والقراءات ليجد الإجابة الوافية عنها.
تنبيه:هذا الطرح العلمي أثبته على سبيل القواعد اجتهادا على غرار ماأثبته كثير من المصنفين،
فى الأصول،والمحدّثين واللغة أنظر معجم أصول الفقه، والمصباح المنير وغيرهما.والله الموفق.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[06 Apr 2004, 10:58 م]ـ
وتحت هذا العنوان يدخل:
أنه يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، ومن يعرف قراءات أكثر يكون أقرأ من صاحبه، وهو الذي ينبغي أن يُقدَم للإمامة.
وأن القراءة الثانية الصحيحة الثابتة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة الآية الثانية نص على ذلك جمهرة من العلماء فقهاءً وقراءً
لذا طمعا في المثوبة عند الله، فإن منزلة صاحب القراءات أعلى من صاحبه، فحين يقال اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا.
فمن يرتل بكل تلك القراءات سيستمر في الرقي، حتى يفرغ من قراءاته كلها.
لأن منزلته عند آخر آية يقرؤها. كما في نفس الحديث.
ولم أر من نص على ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[08 Apr 2004, 11:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد فتحية صادقة للدكتور أنمار لمشاركته عبر هذه الفقرة من قواعد القراءة.
وقد كنت أود أن أتكلم على قاعدة هامة،ستكون تالية إن شاء الله نبهني عليها أخي الكريم،
وهي تتعلق بأسرار تعلم القراءات وتعليمها،
ذلك الأجر العظيم، وتلك الطريقة التي تتلقى بها القراءات،أي التلقى من أفواه المشائخ رحمهم الله،
ومن ثم تعليم من كانت قراءته من رواية مخالفة لحفص، أو من الطلبة الراغبين فى حفظ وإبقاء سلسلة أسانيد القراء مستمرة إلى يوم الدين إن شاء الله، أو من طلبة العلم الراغبين فى التزود من معين الهداية القرآنية لغة وتفسيرا وغيره مما تزخر به مادة القراءات.
لاأريد أن أطيل وأقول جزاك الله خيرا ولايستغني ملتقانا عن مشاركتكم وطرحكم الطيب.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[02 May 2004, 09:45 م]ـ
القاعدة: القواعد أصول العلم التى ترجع مسائله إليه. القواعد الفقهية لابن سعدي رحمه الله /12
ومراده أن تجمع مسائل متفرقة بكلام جامع ترقى بالطالب فى العلم.
وعليه فإذا اجتمعت شروط نظم القاعدة: بمعرفة أصول العلم وقواعده التى ترجع مسائله إليها.
كان ذلك من أقوى الأسباب لتسهيل العلم وفهمه وحفظه.
بالإضافة إلى أنها تجمع المسائل الشوارد.
والمتتبع لعلم القراءات خاصة يجده فى حاجة ماسة لهذا النوع من القواعد،مع ملاحظة الفرق بين قواعد علم القراءات،وقواعد القراءات الأدائية الكلية المعروفة.
إن توثيق القواعد مطلب هام للمتخصصين فى هذا العلم، والقراء كما هو معلوم معصومون فى حفظ القرآن وتبليغه وهذا دليل على أن العصمة فى الحفظ والبلاغ ثابتة لكل طائفة بحسب ماحملته من الشرع الحنيف. من كتاب العلاقة بين العلماء والناس. للشنقيطي /28.
ولذا فلعل من المناسب على القراء استجلاب دراسات لها، تنسبك فيها القواعد وهو ما سأتناوله إن شاء الله فى مقالنا، (قاعدتنا) القادمة إن شاء الله. والله الموفق(/)
الفرق بين: (فلا رفثٌ، ولا فسوقٌ) بالرفع، وبين (فلا رفثَ ولا فسوقَ) عند ابن تيمية
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[25 Jan 2004, 02:44 م]ـ
قال رحمه الله تعالى:
[["وثبت في الصحيحين أنه قال: "من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "
وهذا على قراءة من قرأ: (فلا رفثٌ، ولا فسوقٌ) بالرفع.
فالرفث اسم للجماع قولاً وعملاً.
والفسوق اسم للمعاصي كلها.
والجدال ـ على هذه القراءة ـ هو المِراء في أمر الحج، فإن الله قد وضّحه، وبينه، وقطع المراء فيه كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه.
وعلى القراءة الأخرى، قد يفسر بهذا المعنى أيضاً، وقد فسروها بأن لا يماري الحاج أحداً، والتفسير الأول أصح، فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقاً، بل الجدال قد يكون:
واجباً،
أو مستحباً، كما قال تعالى) وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: من الآية125) "،
وقد يكون الجدال محرماً في الحج وغيره كالجدال بغير علم، وكالجدال في الحق بعد ما تبين.
ولفظ (الفسوق) يتناول ما حرمه الله تعالى، ولا يختص بالسباب، وإن كان سباب المسلم فسوقاً، فالفسوق يعم هذا وغيره.
و (الرفث) هو الجماع، وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق "]] انتهى المقصود من كلامه من منسكه رحمه الله ص: (32 - 34) ظ. علي العمران.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2004, 10:11 ص]ـ
بسم الله
في كلام شيخ الإسلام شيء من الغموض، ويوضحه ويفصله ما قاله شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره بعد ذكره للاختلاف الوارد في معنى الجدال:
(. وأولى هذه الأقوال في قوله {ولا جدال في الحج} بالصواب , قول من قال: معنى ذلك: قد بطل الجدال في الحج ووقته , واستقام أمره ووقته على وقت واحد , ومناسك متفقة غير مختلفة , ولا تنازع فيه ولا مراء.
وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن وقت الحج أشهر معلومات , ثم نفى عن وقته الاختلاف الذي كانت الجاهلية في شركها تختلف فيه. .... )
ثم ذكر أن في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج مثل يوم ولدته أمه "
(دلالة واضحة على أن قوله: {ولا جدال في الحج} بمعنى النفي عن الحج بأن يكون في وقته جدال ومراء دون النهي عن جدال الناس بينهم فيما يعنيهم من الأمور أو لا يعنيهم. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من حج فلم يرفث ولم يفسق استحق من الله الكرامة ما وصف أنه استحقه بحجه تاركا للرفث والفسوق اللذين نهى الله الحاج عنهما في حجه من غير أن يضم إليهما الجدال.
فلو كان الجدال الذي ذكره الله في قوله: {ولا جدال في الحج} مما نهاه الله عنه بهذه الآية , على نحو الذي تأول ذلك من تأوله من أنه المراء والخصومات أو السباب وما أشبه ذلك , لما كان صلى الله عليه وسلم ليخص باستحقاق الكرامة التي ذكر أنه يستحقها الحاج الذي وصف أمره باجتناب خلتين مما نهاه الله عنه في حجه دون الثالثة التي هي مقرونة بهما. ولكن لما كان معنى الثالثة مخالفا معنى صاحبتيها في أنها خبر على المعنى الذي وصفنا , وأن الأخريين بمعنى النهي الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مجتنبهما في حجه مستوجب ما وصف من إكرام الله إياه مما أخبر أنه مكرمه به إذا كانتا بمعنى النهي , وكان المنتهي عنهما لله مطيعا بانتهائه عنهما , ترك ذكر الثالثة إذ لم تكن في معناهما , وكانت مخالفة سبيلها سبيلهما.
فإذ كان ذلك كذلك , فالذي هو أولى بالقراءة من القراءات المخالفة بين إعراب الجدال وإعراب الرفث والفسوق , ليعلم سامع ذلك إذا كان من أهل الفهم باللغات أن الذي من أجله خولف بين إعرابيهما اختلاف معنييهما , وإن كان صوابا قراءة جميع ذلك باتفاق إعرابه على اختلاف معانيه , إذ كانت العرب قد تتبع بعض الكلام بعضا بإعراب مع اختلاف المعاني , وخاصة في هذا النوع من الكلام. فأعجب القراءات إلي في ذلك إذ كان الأمر على ما وصفت , قراءة من قرأ " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " برفع الرفث والفسوق وتنوينهما , وفتح الجدال بغير تنوين. وذلك هو قراءة جماعة البصريين وكثير من أهل مكة , منهم عبد الله بن كثير وأبو عمرو بن العلاء .... ) انتهى مختصراً.
وكلام ابن جرير هذا من أنفس ما يكون من الاستفادة من الحديث في التفسير.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[27 Jan 2004, 11:10 م]ـ
أثابكم الله ابا مجاهد،،،(/)
الإنجيل هو مواعظ عيسى عليه السلام
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 Jan 2004, 11:36 ص]ـ
هل الإنجيل كتاب أنزله الله كما أنزل التوراة أو كما أنزل القرآن؟
أم أنه أقوال وحكم ومواعظ للمسيح عليه السلام سميت (إنجيلا) كما سميت أقوال وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم (سنة)؟
أكثرنا يعتقد أنه كتاب أنزله الله كما أنزل التوراة من قبل وكما أنزل القرآن من بعد.
إن قالوا إنه كتاب أنزله الله واستدلوا بقول الله: وأنزل التوراة والإنجيل من قبل) أتينا بأدلة أخرى من القرآن تثبت أن كل ما يأتي من الله سواء بوحي مباشر أو غير مباشر كإلقاء العلم والحكمة في القلب يعتبر منزلا، كل خير يأتي من الأعلى بأية طريقة يعتبر منزلا.
قال تعالى عن السنة التي هي الحكمة: وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما.) 113 النساء.
وقال تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ..... ) 231 البقرة.
الكتاب هو القرآن أنزله الله بوحي مباشر.
الحكمة هي السنة التي هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي كلام النبي وحيث أن الله هو الذي علمه إياها فهي تعتبر منزلة من الله.
ولقد قال تعالى عن الأنعام: أنزل لكم من الأنعام تمانية أزواج ... )
ليس من الضروري أن تكون الأنعام قد أنزلت من السماء تنزيلا محسوسا وإنما كل ما خلقه الأعلى في الأرض فهو في حكم المنزل.
رأينا علماء يحاجون النصارى يقولون لهم: ليس الذي بين أيديكم هو الإنجيل وإنما الإنجيل هو الكتاب الذي أوتيه عيسى، أين إنجيل عيسى؟
كنت أعتقد كما اعتقد علماؤنا لكن بالرجوع إلى القرآن تبين لي شيء آخر وأدلة قوية تثبت أن الإنجيل لم يكن كتابا منزلا كالقرآن أو التوراة.
قال تعالى: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل .... ).
هذا أمر الله لرسوله أن يخاطب أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ليقول لهم: لستم يا يهود على شيء حتى تقيموا التوراة التي معكم .... )،
ويقول للنصارى: لستم يا نصارى على شيء حتى تقيموا الإنجيل الذي معكم .... ).
من المعروف أن أنجيل النصارى (أربع روايات) هي نفسها التي كانت معهم منذ زمن بعثة الإسلام. وهذا الإنجيل ذو الأربع روايات ما هو إلا
سيرة المسيح وأعماله ويتضمن أقوالا وحكم ومواعظ النبي عيسى.
هذه الروايات سماها القرآن (الإنجيل).
إذا قلت لابني: لن تنجح في الفيزياء إلا إذا ذاكرت كتاب الفيزياء. أليس في ذلك إقرار مني بأن ابني معه بالفعل ذلك الكتاب؟
كذلك قول الله في الآية السابق ذكرها.
نحن نسمع قول (أهل الكتاب) الذي يعني (اليهود والنصارى) فيأتي إلى أذهاننا أنهم وصفوا بذلك لأن اليهود كتابهم هو التوراة، وكتاب النصارى هو الإنجيل. والحقيقة وصفوا بأهل الكتاب لأن كتابهم واحد هو التوراة، فالتوراة هو كتاب النصارى كما هو كتاب اليهود، يزيد النصارى عن اليهود بأن أضافوا إلى الكتاب ما يسمونه بالعهد الجديد وهو يتضمن: الإنجيل (أربع روايات + أعمال الرسل+ رؤيا يوحنا ...
لفظ (الكتاب) إذا أطلق على غير القرآن انصرف إلى (التوراة) كتاب موسى. والله تعالى إذا أراد أن يتكلم عن كتاب أنزل قبل القرآن فإنه يقول: ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ... ) مع أن عيسى هو الأقرب زمانيا إلى زمن القرآن، فلو كان الإنجيل كتاب الله المنزل كما أنزل القرآن لقال: ومن قبله كتاب عيسى).
قال تعالى عن الجن حين سمعوا القرآن: قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ... ) 46 الأحقاف.
لو كان الإنجيل كتابا أنزل كما أنزل القرآن لقالت الجن: إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد عيسى.
قال تعالى عن عيسى بن مريم عليه السلام:
ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)
هذه 4 أشياء علمها الله للمسيح،
(الكتاب) هنا لا يمكن أن يكون هو التوراة أو الإنجيل، وإلا لما كان للعطف معنى، فإذا كان الكتاب هو التوراة فكيف يعطف التوراة بعد ذلك على الكتاب!!
وإذا كان الكتاب هو الإنجيل فكيف يعطف الإنجيل بعد ذلك على الكتاب!!
إذن لابد أن أن هذه الأشياء الأربعة (الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) لكل منهم معنى، فالكتاب هنا معناه: ما يلزم لتعلم الكتاب أي علمه القراءة والكتابة والتي بها يستطيع أن يتعلم التوراة، وكيف يتعلم التوراة إذا كان لا يعلم القراءة والكتابة!!
إذن فالعطف هنا أخذ طريقة (اللف والنشر) أي أن المعطوف الأول يخص المعطوف عليه الأول، والمعطوف التاني يخص المعطوف عليه الثاني فيكون بذلك:
الكتاب -<---------------- > التوراة.
الحكمة <------------------> الإنجيل.
أي أن الله علم عيسى (القراءة والكتابة) وعبر عنها ب (الكتاب)
لأن ذلك ضروري ولازم لتعلم الكتاب = التوراة.
وعلم الله عيسى الحكمة لأن الحق والصواب في الحكمة، فإذا قال المسيح عليه السلام قولا أو بشر ببشارة أو غير ذلك من الكلام فهو الحق لأنه نابع من الحكمة اتي علمه إياها الله.
أقوال المسيح سميت إنجيلا. مثلما سميت أحاديث رسول الله: سنة.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أيضا علمه الله الكتاب والحكمة،
فالقرآن هو الكتاب والسنة هي الحكمة.
خلاصة القول: الإنجيل يقابل السنة عندنا، إذا جمعت أقوال المسيح ومواعظه وسيرته في كتاب فذلك الكتاب هو الإنجيل،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[22 Feb 2004, 11:00 ص]ـ
كان هذا تدبرا لكلام الله مع الأخذ بالاعتبار كل ما تتطلبه الحكمة.
لقد قص علينا القرآن أن الله قد بعث كثيرا من الأنبياء إلى بني إسرائيل بما فيهم عيسى عليه السلام لكنه لم يقل أنه آتى بني إسرائيل كتبا أو كتابان وإنما قال: وآتينا بني إسرائيل الكتاب.
إذن فهو كتاب واحد.
أما أسفار الأنبياء التي التي كتبها غيرهم وأضيفت إلى الكتاب فهي ليست وحيا مباشرا كوحي القرآن أو التوراة التي أوتيها موسى.
والإنجيل كلام المسيح قوله الحكيم من الحكمة التي علمه إياها الله.
قد يقول أحد وماذا عن هذا الحديث:
أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان، و أنزلت التوراة لست مضت من رمضان، و أنزل الإنجيل بثلاث عشرة مضت من رمضان، و أنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.
أقول: وماذا عن قول الله لرسوله:: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل .... ).
الله تعالى يخاطب رسوله ويأمره أن يخاطب أهل الكتاب أن يقيموا ما معهم من التوراة والإنجيل، ونحن نعلم أن الإنجيل الذي كان مع النصارى وقت أن خاطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو نفسه الموجود معهم الآن، فهو أربعة روايات متضمنة سيرة المسيح وأقواله ومواعظه.
فكيف نوفق بين هذه النتيجة وبين حديث رسول الله الذي يقول فيه إن الإنجيل أنزل في 13 مضت من رمضان!!؟
أقول: نفس الحديث ذكر فيه أن القرآن أنزل في 24 مضت من رمضان، فهل لم ينزل القرآن في شهور أخرى؟
هل كان الوحي ينزل على رسول الله في شهر رمضان فقط أم في كل شهور السنة؟
إذن فمعنى الحديث أن القرآن ابتدأ نزوله في 24 رمضان، أي أن الرسالة ابتدأت من تاريخ 24 رمضان، وابتدأت رسالة المسيح عليه السلام في 13 رمضان، وأول موعظة حكيمة (إنجيل) ابتدأت من ذلك التاريخ.
إذن فلا تعارض بين هذا الاستنتاج وبين حديث رسول الله.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[23 Feb 2004, 08:54 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2\ 71): وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ. كما قال الإمام أحمد بن حنبل: «إياك أن تتكلم في السؤال ليس لك فيه إمام».
ـ[أبو علي]ــــــــ[23 Feb 2004, 11:12 م]ـ
قال تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبله لفي ضلال مبين،
وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم).
لم يجعل الله الحكمة حكرا على الأولين، سيظل آخرون يلحقون بالأولين إلى أن تقوم الساعة، وسيظلون يتعلمون الكتاب والحكمة.
أما الثوابت والأحكام فهي ثابتة، إذا أتى متأخر لينفرد برأي يهدم ثابتا كأن يحل شيئا حرمه الشرع وأجمع عليه الأولون فذلك هو ما يقصد ابن تيمية رحمه الله.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Feb 2004, 03:07 م]ـ
سبحان الله!! أليس كون الإنجيل كتاب الله المنزل على رسوله عيسى من الثوابت التي أجمع عليها الأولون؟!
و على أية حال فأنا أسلم لك أخي الكريم بأن قولك هو استنتاج محتمل و لكنه ليس راجحا لأسباب عدة منها أنه يقتضي صرف الكلمة عن المعنى الظاهر المتبادر إلى الذهن - و الذي يقبله العقل بدون أي إشكال - إلى معنى آخر بعيد.
ـ[أبو علي]ــــــــ[25 Feb 2004, 10:15 ص]ـ
أخي الكريم الدكتور هشام عزمي
سواء كان الإنجيل كتابا كالقرآن أو حكمة كسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن ذلك لا يغير في إيماننا شيئا. فهو يأي حال من الأحوال مرجعه إلى الله.
لكن الذي دعاني إلى البحث عن حقيقة الإجيل هو أن المسيح عليه السلام رسول الله كان له تلاميذ (حواريين) وأتباع وقت بعثته، فلو كان الإنجيل كتابا لأمر تلاميذه بكتابته، لأن ذلك من تبليغ الرسالة.
ولو كتب الإنجيل لبقيت على الأقل نسخة منه تتناقلها الأجيال، لكن ذلك لم يحدث، وكل ما عند النصارى منذ غيبة عيسى عليه السلام ما هي إلا روايات رواها بعض حواريي عيسى تتضمن سيرته ومواعظه.
هذا هو الذي جعلني أتدبر كلام الله عن الإنجيل في القرآن، فوجدت أن الله تعالى لا يطلق إسم الكتاب إلا على القرآن أو التوراة، وإذا تكلم عن
كتاب أنزل قبل القرآن فهو يقول: ومن قبله كتاب موسى ... مع أن كتاب عيسى هو الأقرب زمانيا، كذلك قول الجن: قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ... ) 46 الأحقاف.
والذي زادني يقينا أن الإنجيل هو كلام المسيح هو تلك الآية التي يأمر الله فيها رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخاطب أهل الكتاب فيقول لهم: لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ..... ). والله عليم بحال المخاطب، فلو كان ما مع اليهود والنصارى ليست توراة وليس إنجيلا فكيف يأمرهم أن يقيموا شيا غير موجود!!
كما أن المسيح عليه السلام لم يأت بتشريع جديد، فالتشريع موجود في التوراة التي كان يحكم بها، ومادام التشريع موجودا في التوراة وأيده الله بالمعجزات فما حاجته إلى كتاب جديد وآياته التي آتاه الله إياها غنية عن أي كتاب، والإنجيل معناه البشارة، ولقد كانت بشارته فعلا وقولا،
أما الفعل فهو آياته العظيمة، وأما القول فهو حكمه ومواعظه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[25 Feb 2004, 09:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
على رسلك يا أخي الدكتور هشام! فلو كان ذلك رأي ابن تيمية الذي يتبناه، لما خالف في بعض أقواله أساتذته ومتقدميه! و لما أتى بما انفرد به عن السلف كلهم ... فلا تلزم الناس بغير القرآن و السنة الصحيحة، ولا تقيد عقلا بقول أي كان!!
أما أخي أبو علي، فلي على مقالك الكريم ملاحظات!
1 - قلت إن في القرآن أدلة قوية على أن الإنجيل ليس بكتاب! فأين أدلتك (القوية)؟
2 - من قال أن الإنزال لا يعني الإنزال من السماء؟؟ وكيف خرجت عن ظاهر النص الى التكلف؟؟ والحديث عن إنزال الأنعام من المواضيع التي لم توف حقها بحثا ..
3 - ليس في القرآن مترادف! فليس الكتاب هو التوراة أو الإنجيل أو القرآن بعينه .. وليس في القرآن تكرار بلا معنى، كما أن القرآن لا يستخدم الأسماء المتعددة لذات الشيء ما لم يكن للمسمى وظيفة هنا غير تلك هناك!
و عليه فمن التجني أن نربط الكتاب بالتوراة وننفيه عن الإنجيل، ونصرف الحكمة للإنجيل وقد تتابع ذكرها جميعا في ذات الآية.
4 - أراك تصر على القول أن الحكمة هي السنة: فكيف أوتى عيسى السنة؟ أو كيف آوتيها لقمان؟ ولم نصرف الحكمة عن معناها الظاهر، وهو فيما تعنيه (أحسنية الفهم) الى غيره من المعاني الملتبسة؟
5 - وتقول أن الكتاب هو علم القراءة والكتابة، فكيف يؤتاه محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي ما كان يقرأ- من قبل القرآن- كتابا ولا يخط بيمينه!
6 - وتسلّم أنت أن الإنجيل بصورته التي نعرفها الآن هو إنجيل عيسى عليه السلام بذاته. وليس على ذلك دليل، والقرآن يتحدث عن إنجيل عيسى الأصل، وعن توراة موسى الأصل التي لم تحرف أو تخفى وتغيب ..
7 - أحب أن أسأل عن تخريج الحديث الذي ذكرت في استدراكك، فلم أجده فيما توافر لدي من كتب الحديث.
والحق أني معك في مسائل:
ومنها أن الإنجيل ليس كالتوراة، و السؤال لماذا تتحدث الجن عن كتاب أنزل من بعد التوراة، وليس الإنجيل؟
والإنجيل لغة من النجل فهو (المستخرج) الذي و كأنه خلاصة للتوراة وبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم ... وخذ من ذلك ما كان يؤكده عيسى عليه السلام من أنه مصدق لما بين يديه ومبشر برسول يأتي ..
وأنا معك في قولك أن الانجيل بصورته الحالية التي بين أيدي النصارى يشابه السنة لدينا، فلا يعدو أن يكون (بأسفاره الأربعة) تدوينا لحياة المسيح وأقواله- مع الفارق في درجات الصحو والتدقيق-.
ويظل موضوع (الكتاب) في القرآن يحتاج الى مزيد بحث و تدبر، فظاهر الآيات أنه ليس القرآن بعينه، ولقد بدأت في هذا البحث منذ أيام، وأتمنى عليك المساعدة، وأسأل الله التوفيق والسداد ..
ـ[أبو علي]ــــــــ[01 Mar 2004, 10:23 ص]ـ
أخي خالد
لم أقل الإنزال لا يعني الإنزال من السماء. وإنما قلت إن الإنزال يعني أيضا كل ما خلقه الله على الأرض فهو أيضا في حكم المنزل مادام مصدره الخالق الأعلى.
ولقد آنزل الله على رسوله الكتاب والحكمة، فالحكمة هي السنة، وهي بلا شك ليست منزلة كالقرآن وإنما هي علم ألقاه الله في قلب رسوله عليه الصلاة والسلام.
قال موسى عليه الصلاة والسلام: رب إني لما (أنزلت) إلي من خير فقير) فاستجاب الله دعاءه وجاءته إحدى الأختين تمشي على استحياء ... إلى آخره، فهذه الفتاة هي مما أنزل الله من الخير على عبده موسى، فهل أنزلت من السماء؟
أما الكتاب، فالناس تتعلم الكتاب بطريقتين:
إما بتعلم القراءة والكتابة أو بالسماع.
فالذي يعلم القراءة والكتابة يستطيع أن يقرأ أي كتاب.
والأمي يلقن التعليم شفويا فيسمعه ويحفظه.
كيف حفظ أبي الفاتحة وبعض سور القرآن وهو لا يعرف كيف يكتب اسمه؟ بالسمع طبعا.
السمع أداة بدونها لا نتعلم شيئا، الإنسان إذا ولد أعمى يستطيع أن يتعلم أما الأخرس فلا يتعلم شيئا لأن أداة العلم (السمع) مفقودة.
ولذلك كلما ذكر اسم الله (السميع) إلا وجاء بعدها اسمه (العليم).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Mar 2004, 02:04 م]ـ
الإخوة الكرام أبا علي والدكتور هشام والدكتور خالدعبدالرحمن وفقكم الله جميعاً.
أولاً: أشكركم على حسن أدبكم في الحوار والنقاش، وهذا يدل على ما وراءه من العلم والأدب الجم. فجزاكم الله خيراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: أتفق مع أخي الكريم خالد عبدالرحمن فيما ذكره، وقد أتى على معظم ما يشكل فيما طرحه الأخ الكريم أبو علي.
ثالثاً: ما أورده أخي أبو علي من الأدلة من القرآن الكريم فيه جانب كبير من الصحة فيما يبدو للناظر أول وهلة، ولكن لست أدري كم يبقى من ذلك بعد التحقق من كلام العلماء في هذه الآيات، فالأمر يحتاج إلى تحقق ومراجعة، ولا أستطيع أن أهجم على هذه الآيات بفهمي بلا بينة.
رابعاً: ما ذكره أخي أبو علي من كون الأنجيل الذي بأيدي النصارى اليوم ليس من كلام الله ولا من كلام عيسى أمر صحيح لا مرية فيه، ولسنا في حاجة إلى تكلف البرهان على ذلك، والنصارى أنفسهم بجميع طوائفهم (ملكيهم ونسطوريهم ويعقوبيهم ومارونيهم وبولقانيهم) لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله، ولا أن المسيح عليه السلام أتاهم بها، بل كلهم لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها رجال معروفون في أزمان مختلفة بعد عهد المسيح عليه السلام. ولو رجعت إلى كتاب الفصل لابن حزم لوجدت فيه تفصيلاً وتحقيقاً لهذه المسائل بما لا مزيد عليه.
خامساً: أن حديث القرآن الكريم عن التوراة والإنجيل حديث عن الأصل الذي كان بيدي المسيح عليه السلام وبيد موسى عليه السلام، وما سواهما فمحرف، دخله التحريف في جميع أطواره، حتى لم يبق منه إلا ما لا يكاد يذكر. ودراسات النصارى أنفسهم في مقارنة الأديان، وشروح الكتاب المقدس تثبت هذا، ولو رجعت إلى كتاب المستشار محمد عزت الطهطاوي بعنوان (الميزان في مقارنة الأديان) لوجدت كثيراً من الوثائق التي كتبها كبار علماء النصارى من القدماء والمحدثين، والتي تثبت بما لا مزيد عليه أن هذا الإنجيل الذي بيد النصارى اليوم ليس من النصرانية في شيء، بل وليس من الحكمة في شيء. وفيه من الافتراء على الله وعلى الأنبياء والرسل ما لا يمكن أن يقوله ويتفوه به مؤمن.
سادساً: مما يؤيد قول الأخ أبي علي في أن الأنجيل هو عبارة عن مواعظ فحسب، ما ذكره الآب عبدالأحد داود الآشوري مطران بلدة نصيبين بالعراق في القرن الماضي، حيث ذكر في أبحاثه المدونة بكتابه (الإنجيل والصليب) أن النسخ الموجودة باللسان اليوناني هي التي تحمل اسم (إنجيل) بصورة العنوان فقط .. أما النسخ المكتوبة باللسان السرياني وهي المعتمدة أساساً لدى طوائف النصرانية فقد وضع عليها اسم (كاروزونا) أي موعظة بالعربية، محل كلمة إنجيل، إذ ليس لأي سفر من أسفار العهد الجديد حق بأن يحمل اسم (إنجيل) لأن هذه العبارة لا يحق استعمالها لغير إنجيل المسيح نفسه، والقول بغير ذلك هو اعتداء على مقام المسيح عليه السلام.
ويبقى السؤال: أين هو إنجيل عيسى عليه السلام؟! والجواب: ليس له أثر البتة، ومعنى هذا أن النصارى ليس لهم كتاب مقدس، وقد خلعوا هذا التقديس على تلك الكتب والرسائل الخاصة بالمواعظ.
والحديث ذو شجون، وأرجو أن يستمر النقاش في هذا الموضوع بأدلة تثبت الاستنتاج، وروية تبقي البحث في طريقه العلمي الهادئ، لنصل في نهايته إلى علم نستفيده، وأدب نتخلق به في حوارنا مع بعضنا في مسائل العلم، التي تتفاوت فيها الأنظار.
وفقكم الله جميعاً للحق.
ـ[متعلم]ــــــــ[17 Mar 2004, 02:54 م]ـ
من باب المشاركة هذا بحث قيم من متخصص في الرد على النصرانية الدكتور منقذ السقار، والبحث بعنوان ((هل الإنجيل كلمة الله))
http://saaid.net/Doat/mongiz/noor/2.htm(/)
أين ذهب عنا ذاك الشعور الخفي بالإعجاز وسحر البيان؟!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jan 2004, 03:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لعل إلفنا للغة العربية أفقدنا كثيراً من الشعور بجمالياتها، وقديماً قالت العرب: كثرة الإمساس تذهب الإحساس! وصدقوا في ذلك. أقول هذا لأقف مع قوله تعالى: (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك) سورة هود 48
هذه الآية في جزء منها هو (أمم ممن معك) قد تتابعت فيها الميمات فوصلت ثمان. حيث قلب تنوين (أمم) ميماً، فهذه ثلاث ميمات، ثم قلبت نون (من) ميماً، فهذه خمس، ثم قلبت نون (من) الثانية ميماً فهذه سبع والثامنة ميم (معك)!
وقلب النون ميماً واجتماع هذه الميمات متفق عليه من جميع القراء، قراء المتواتر والشاذ، لم يقرأ أحد بغير ذلك.
وقد استوقفتني هذه الآية، فرجعت لكتب التفسير فلم أجدها تعرضت لهذه المسألة، وإنما تعبرها إلى غيرها! فرجعت إلى كتب اللغة فوجدتهم قد شفوا الغليل، وأفاضوا في ذكرها ولا سيما كتب البلاغة.
وإذا علمنا أن علماء البلاغة يشترطون للفصاحة أن تكون خالية من التنافر الذي يمثلون له في كتب البلاغة بالشاهد الشعري الذي يقول:
وقَبْرُ حربٍ بِمكانٍ قَفْرٍ ... وليسَ قُربَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ
والتنافر فيه في شطره الثاني، وهو تنافر في الكلمات لا في الحروف كالهُعْخُع.
القرآن الكريم معجز بنظم أسلوبه، وبجرس ألفاظه، وأصوات كلماته. ولكن العجيب أننا قد فقدنا هذه السليقة والحاسة الدقيقة لتحسس هذا النوع من الإعجاز، ولم نعد نتحسسها كما أحس بها الوليد عندما سمع القرآن الكريم من النبي صلى الله عليه وسلم أول مرة، حتى قال قولته السائرة التي تعد من أبلغ ما وصف به نظم القرآن على عمومها (والله لقد سمعت كلاماً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة!
وإن عليه لطلاوة!
وإن أعلاه لمثمر!
وإن أسفله لمغدق!
وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه!)
وعدم نبو السمع عن تكرر الميمات في الآية الكريمة السالفة من إعجاز القرآن العجيب، فلم يشعر القارئ ولا السامع بثقلها في سمعه، ولا غرابتها، كما أحس البلاغيون بنفور أسماعهم عن كلمات بيت الشعر اليتيم الشاهد. هذه مسألة.
مسألة أخرى هي إعجاز جرس القرآن، أو نغمة قراءته وتلاوته، ولا سيما إذا كان صوت القارئ ندياً، يستوقف العجلان المستوفز كما قال ابن الرومي! فإنه يكون للصوت فقط - مع تجاوز المعنى – أثرٌ بليغ في أذن المستمع ولو لم يكن عربياً يفهم ما ترمي إليه الكلمات. وهذا سر عجيب، وهناك قصص كثيرة لأعاجم أسلموا لما سمعوا القرآن من صوت ندي. وهاك بعضها.
ذكر الشيخ الجليل محمد عبدالخالق عضيمة رحمه الله رحمة واسعة أن ضابطاً كندياً من جنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية تأثر بقراءة الشيخ محمد رفعت رحمه الله، وكان قد سمعها في الإذاعة. فسأل عن هذا الشيخ القارئ، فدل عليه، فحضر إلى مجلسه، واستمع لقراءته، ثم أعلن إسلامه! وهو لم يفهم من القراءة شيئاً، وإنما دفعه ابتداء جرس التلاوة لكلام الله. أليس هذا سراً بديعاً؟!
قصة أخرى لفتاة أمريكية، متخصصة في الموسيقى، والنغمات، سمعت ذات يوم قارئاً يقرأ في إحدى الإذاعات، فهشت لهذا الصوت وخفَّ سمعها له! ودفعها ذلك إلى تعلم اللغة العربية، حتى أصبحت تقرأ العربية وتتحدثها، ولكنها لم تصل إلى ذلك السر الذي استوقفها أول مرة! فماذا صنعت؟ أمر عجيب. سافرت إلى القاهرة، وسألت عن أفضل من يقرأ القرآن ويعلمه، فدلت على الشيخ الجليل عامر السيد عثمان رحمه الله وغفر له، وهو من القراء المقدمين الكبار. فأخذت تقرأ القرآن عنده. يقول الشيخ عبدالخالق عضيمة رحمه الله تعليقاً على هذه القصة: وقد تركتها في القاهرة، وأخبرني الشيخ عامر بأن فتاة أمريكية أخرى قد انضمت إليها!
لا تسأل أخي الكريم: لماذ تمكن من قراءة القرآن وهي لم تسلم بعد، ونحو ذلك من الأسئلة، وقف فقط مع الفكرة التي بدأت بها، وهي كيف قاد صوت القرآن هؤلاء جميعاً من أقاصي الأرض ليعرفوا سراً، نحن أو كثير منا لم يتنبه له قط، ولم يستوقفه قط!
أنا أعلم أن القصص المشابهة كثيرة وحسبي أن أفتح الباب للأحباب ليتحفونا بمثيلاتها إن شاء الله.
اللهم فقهنا في وحيك يا رب العالمين، وارزقنا الإخلاص في العلم والعمل. آمين
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[27 Jan 2004, 01:47 ص]ـ
أعتذر من شيخنا عبد الرحمن ... ولكن ليس في القرآن "معجز", إنما في القرآن "آية", أو "بينة", أو "سلطان" أو "برهان" ..... فما كان الله يريد أن يعجزنا, ولكن ليبين لنا ....
أما "المعجز" فمن عند أنفسنا, والله أولى بوصف كلامه وكتابه!.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[27 Jan 2004, 02:59 ص]ـ
جزيت خيراً فضيلة الشيخ عبد الرحمن على هذا الموضوع الجميل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[27 Jan 2004, 12:55 م]ـ
الاخ الكريم عبد الرحمن الشهري حفظه الله
ماذكرتموه في وقفتكم الأولى أمر ملموس من النفس البشرية، وهو كالطبع لها لا تدعه حتى تدع الإبلُ حنينَها، وهذه الغرائز قد لا يكلف المرء بتغييرها أكثر من تكليفه بتهذيبها وترويضها، فلكل جديد في حياة المرء فرحة ثم تنقضي، فالملل والسآمة من أمراض النفس البشرية التي لايمكن الحكم بصحتها من عدمه إلا بأمر نسبي تتفاوت فيه الأجناس، إلا أنه في حد ذاته دليل على انتفاء الكمال البشري وإثبات العجز والافتقار دائما إلى الواحد القهار.
وقد ذكرتني بما سطرت يداك ـ لا شُلَّتا ـ ببحث يتناوله الفقهاء رحمهم الله في كتبهم، ألا وهو حكم المجاورة بمكة ـ حرسها الله ـ إذ كره جماعة من السلف المجاورة بها لمعان ذكروها منها ومِمَّا له تعلق بحديثنا ـ خوفا من التقصير في حرمتها واعتياد المكان والأنس به، مما يجر إلى قلة المهابة والتعظيم على حد قول الشاعر:
وأخ كثرت عليه حتى ملني ... والشئ مملول إذا مايكثر
قالوا ولهذا كان عمر رضي الله عنه يأمر الحاجَ بالرجوع الى أوطانهم، ويمنع الناس من كثرة الطواف بالبيت.
وكم من شخص حول مكة وفيها تمر به الأيام تترى ما طاف ولا سعى، وتجد المعتمر والحاج من أقاصي الصين والهند وما هو أبعد وأقرب قد طعن في عشر الستين أو السبعين أوالثمانين وهو يحلم أن يرى هذا البيت، فقلبه يخفق عند سماع ذكره، ومازال يجمع المال عمره لأجل ساعة في عمرة، فبعضهم يأتي محمولا على ظهر ابنه، وبعضهم يأتي قد طوى أكفانه ليوم رمسه.
أما كتاب الله تعالى فهو فوق هذا كله، إنما أخشى أخي الكريم أن يكون من باب قوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم)، فهو الكتاب الذي إن قرأه المؤمن ازداد إيماناً ويقينا، وإن قرأه الضال بنفس غاوية إزداد ضلالاً وتيها، لامبدل لكلمات الله، فهو كتاب لا ككل الكتب، كلما ازددت علما به أزددت اكتشافا لنفسك المتعطشه لغزير معانيه على حد قول بعضهم:
وإذا ما ازددت علما ... زادني علمي علما بجهلي
(تنسب للشافعي فالله أعلم)
وما أجمل أن نورد هنا قول الشاطبي رحمه الله واصفا كتاب الله تعالى في قصيدته اليتيمه:
وإن كتاب الله أوثق شافع ... وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لايمل حديثه ... وترداده يزداد في تجملا
وإيرادها يغني عن شرحها أو التعليق عليها.
وأختم بهذه الحكاية:
سمعت أنه لما أسلم بعض العجم سئل عن سبب إسلامه فأجاب: مامن مؤلف أو كاتب يكتب كتابا إلا وتجده في أول كتابه يقدم ما يعتذر به عن أي قصور أو خلل قد يلحظ في كتابه لتيقنه من ذلك، إلا كتاب الله فإنك أول ما تقرأه يطالعك قول الحق سبحانه (الم * ذلك الكتاب لاريب فيه).
الوقفة الثانية:
أخي الكريم كنت أشرت في صفحة سابقة لبعض ما نوهتم عنه هاهنا ـ عندما كتب أحد الإخوة عن عبد الباسط رحمه الله ـ وأنا أنقل بعضا مما كتبت:
(هذا المقرئ رحمه الله رحمة واسعه له صوت من اندى الاصوات عز نظيره , فعذوبة الصوت وحسنه نعمة من أجل نعم الله. فأمره عجب كماقال العسكري رحمه الله، فمنه مايقتل كصوت الصاعقه. ومنه مايسر ويبهج، ومنه مايبكي ومنه مايزيل العقل .. وقد بكى ماشرحويه ـ اليهودي ـ من قراءة أبي الجراح فقيل له كيف تبكي من كتاب لاتصدق به؟ قال: إنما أبكاني الشجا.قال: وبه ينومون الصبيان , ويسقون الدواب ... الى أن قال:وذلك موجود في كلام العرب: قال حميد بن ثور:
وماهاج هذا الشوق إلاحمامة ... دعت ساق حزم حمام ترنما
عجبت لها أنا يكون غناؤها ... فصيحا ولم تفغربمنطقها فما
ولم أرمثلي شاقه صوت مثلها ... ولاعربياشاقه صوت أعجما.
فللصوت أمر عجيب في النفس يلحظه كل ذي طبع سليم، فاكثر من تراهم يبكون عند سماع كلام الله ليس إلا لعذوبة صوت القاري وحسنه، ولست بهذا اذم هذا الصنيع، فغالبا ماتوجد رقة في القلب بعد سكب العبرات ينشأ بعدها تدبر لكلام الله تعالى فبينها رابط وثيق.
الى الله أشكو دمعة تتحير ... ولو قد حدى الحادي لظلت تحدر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ وأذكر أني قرأت في سيرة سيد قطب رحمه الله عند سفره في البحر الى ديار الغرب وإقامته لصلاة الجمعه وتلاوة القرآن على ظهر السفينه وكان معهم في رحلتهم جماعة غيرمسلمة لاتحسن العربيه، الا أنهم مع ذلك وقفو مشدوهين عند سماع كلام الله تعالى حتى رقت قلوبهم واظهروا عجبهم من هذا الكلام.مع عدم فهمهم لمعناه. وكان من بينهم إمرأة فاضت عيناهابالدمع، ولاغرو فهو كلام رب العالمين الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد.فهو معجز بلفظه ومعناه.
ـ بل ذكر لي احد الاخوه الدارسين للطب في بلاد العجم أنه كان يوما من الايام يقرا القرآن وشخص بوذي أعجمي يستمع له قال: فرأيته يصغي لي ثم لم يتمالك د موعه حتى انهارت على خديه. قال: فالتفت اليه سائلا عن ماجلب له البكا قال: من هذا الكلام الذي اسمع قال: فزدته وحبرته له تحبيرا حتى لم يتمالك الرجل نفسه.فسألته عن دينه ومعتقده وشرحت له الاسلام وبينت له أنه الدين الحق وأن هذا الكلام كلام الله خالق الارض والسماء الذي خلقه فأحسن خلقه وبدأخلق الانسان من طين ... قال: فوالله ماقمنامن مجلسنا الا وقد نطق بالشهادتين بفضل الله وكلامه الذي هو شفاء لمافي الصدور. وهذا إنما هو وجه من وجوه اعجازه فكلام الله لاكسائر الكلام.اللهم اجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه بحقه فقاده الى رضوانك وجنات النعيم , ولا تجعلنا ممن تعلمه أوعلمه رياءا وسمعة فزج في قفاه الى نار الجحيم.)
أقول: وفي ترجمة محمد رفعت رحمه الله أن فتاة غير مسلمة من بلاد الروم لزمته ما يقارب ثلاثة أعوام حتى أتمت دراسة العالمية العاليه ـ الدكتوراه ـ وكانت اطروحة بحثها عن اثر صوت القارئ ـ نسيت عنوان البحث ـ
وقد طبعت بمصر، وكان الذي استهواها هو صوت المقرئ ومايقرأبه.
حقا إنها المعجزة الخالدة الذي اوتيها محمد صلى الله عليه وسلم.
الخاتمة:
وهنا مسائل جديرة بالبحث والاشارة، وهي
1ـ هل الانسان مكلف بتحسين صوته بالقرآن؟
2ـ مالمراد بالتغني بالقرآن الوارد في الحديث؟
3ـ هل عذوبة الصوت محمودة شرعا في حد ذاتها؟
4ـ ماهي الادوية المساعدة على تحسين الصوت؟
5ـ مامشروعية تقليد بعض القراء في ادائهم؟
أشكر مرة أخرى أخي الكريم عبدالرحمن الشهري الذي أتاح لنا المشاركة في هذا الملتقى العلمي، وأسأله سبحانه أن يوفق الجميع لكل خير، والحمد لله رب العالمين.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[27 Jan 2004, 02:58 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الكريم (عبد الرحمن الشهري) -حفظه الله-: لله درك، مقال رائع، جزاك الله خيرًا.
الشيخ الكريم (أبا أحمد) -حفظه الله-: فائدة لطيفة عزيزة، جزاك الله خيرًا، وقد نَبَّه شيخ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله- على ذلك في كِتابِه «النُّبوات»: (ص 45، طـ دار القلم)؛ فليُراجَع.
الشيخ الكريم (ابن الشجري) -حفظه الله-: تذييلات رائعة لا حرمنا الله أمثالَكم. وأما عن المسائل التي ختمت بها مُشاركَتك؛ فقد حرر بعضها (3، 5) العلامة الشيخ (بكر بن عبد الله أبو زيد) -حفظه الله تعالى- في رسالته الرائعة «بدع القراء، القديمة والمعاصرة»، وبأوعب منه في كِتابه النفيس «تصحيح الدُّعاء»؛ فليُراجَع. وتبقى المسألة الثانية وقد تكلم عنها الكثير من الأجِلَّة الثقات -وعلى رأسهم الإمام المُحقق (ابن القيم) -رحمه الله تعالى-؛ فلعل أحد الإخوة يتفحنا -ولو برؤوس المراجِع. ولعل مشايخنا يتحفونا بتحرير القول في المسألة الأولى، وأما المسألة الرابعة: "الأدوية المُساعدة على تَحسين الصَّوت"، فلعل مكانها في "ملتقى أهل الطب" (ابتسامة).
وجزاكم الله خيرً، ولا حرمنا الله أمثالَكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[27 Jan 2004, 04:02 م]ـ
الاخ الطيب محمد بن يوسف, هلا أعنتنا فنقلت لنا النص من كتاب الامام, جزاك الله خيرا!
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[27 Jan 2004, 05:21 م]ـ
الشيخ الكريم (أبا أحمد) -وفقه الله تعالى-
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ها هو نص كلام شيخ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله تعالى-:
قال -رحمه الله- (ص 45): "وليس في الكتاب والسنة تعليق الحكم بهذا الوصف، بل ولا ذكر خرق العادة ولا لفظ المعجز، وإنما فيه آيات وبراهين". ويعني بقوله: "هذا الوصف" أي "معجزة".
وقال أيضًا (ص 19: 21): "وحقيقة الأمر أن ما يدل على النبوة هو آية على النبوة وبرهان عليها، فلا بد أن يكون مختصا بها لا يكون مشتركا بين الأنبياء وغيرهم؛ فإن الدليل هو مستلزم لمدلوله، لا يجب أن يكون أعم وجودا منه، بل إما أن يكون مساويا له في العموم والخصوص، أو يكون أخص منه وحينئذ فآية النبي لا تكون لغير الأنبياء، لكن إذا كانت معتادة لكل نبي أو لكثير من الأنبياء لم يقدح هذا فيها فلا يضرها أن تكون معتادة للأنبياء.
وكون الآية خارقة للعادة أو غير خارقة للعادة هو وصف لم يصفه القرآن والحديث ولا السلف. وقد بينا في غير هذا الموضع أن هذا وصف لا ينضبط وهو عديم التأثير، فإن نفس النبوة معتادة للأنبياء خارقة للعادة بالنسبة إلى غيرهم. وليس في هذا ما يدل على أن كل خارق آية؛ فالكهانة والسحر هو معتاد للسحرة والكهان، وهو خارق بالنسبة إلى غيرهم.
فإذا قيل لهم المعجزة هي: الفعل الخارق للعادة، أو قيل هي: الفعل الخارق للعادة المقرون بالتحدي، أو قيل مع ذلك: الخارق للعادة السليم عن المعارضة؛ فكونه خارقا للعادة ليس أمرًا مضبوطا، فإنه إن أريد به أنه لم يوجد له نظير في العالم فهذا باطل، فإن آيات الأنبياء بعضها نظير بعض، بل النوع الواحد منه كإحياء الموتى هو آية لغير واحد من الأنبياء، وإن قيل إن بعض الأنبياء كانت آيته لا نظير لها كالقرآن و العصا والناقة لم يلزم ذلك في سائر الآيات" اهـ كلامه رحمه الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[27 Jan 2004, 11:21 م]ـ
أحسنت أبا عبدالله، وجزاك الله خيرا، فقد لامست جرحا لم يكد يسلم منه أحد، ويبقى السؤال مطروحا:
أين ذهب عنا ذاك الشعور الخفي بالإعجاز وسحر البيان؟!
· إنها ذنوب تراكمت على القلوب.
· وجفوة عن تدبر القرآن وتوثيق الصلة به.
· وبعد شاسع عن اللغة وفهم خصائصها، وتذوق حلوها.
والله المستعان.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jan 2004, 11:06 ص]ـ
وهذا نقل له صلة:
(إن الذي يعيش مع القرآن يدرك إعجاز القرآن من معينه الصافي الذي لم تكدره الدلاء؛ لأن وصف العلماء لوجوه الإعجاز قاصر جداً، ولو وصفوه وحددوه بالحدّ المطابق للمحدود لما كان معجزاً.
وقد صرح بالعجز الدكتور محمد عبد الله دراز، وهو يحاول أن ينقل ما أدركه، ويترجم ما أحسه فقال: «ولقد وردتُ مناهل القول، وتذوقتُ طعومها فما وجدت كالقرآن أعذب مورداً، والآن آمنت أنه نسيج وحده، وأنه يعلو وما يُعلى، وأنه يحطم ما تحته؛ غير أنني ـ وقد أدركتُ من قوة الأسلوب القرآني وحلاوته ما أدركت ـ لم يزل الذي أحس به من ذلك معنى يتجمجم في الصدر لا أحسن تفسيره ولا أملك تعليله».
وقد قرر أبو سليمان الخطابي من قبله عجز العلماء عن إبراز تفاصيل وجوه الإعجاز، فقال: «ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى أن وجوه الإعجاز من جهة البلاغة، لكن صعب عليهم تفصيلها، وصغوا فيه إلى حكم الذوق».
وقال العلامة ابن خلدون: «الإعجاز تقصر الأفهام عن إدراكه، وإنما يدرك بعض الشيء منه من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي وحصول ملكته، فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه».
وتحدث الإمام السكاكي عن إعجاز القرآن، وهو لا يرى إدراكه بالوصف وإنما بالذوق وطول الممارسة لعلوم البلاغة، فقال: «واعلم أن شأن الإعجاز عجيب يُدرَك ولا يمكن وصفه؛ كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها».
وإذا كان الأمر كما سمعت من تقرير العلماء، فإن إعجاز القرآن أول ما تفقده عندما تتفقه في غير كتاب الله، ولو كانت هذه العلوم من علوم الدين، فإن إعجاز القرآن يُدرك بالوجدان، ولا يترجم بالأقلام، ولا تحيط به السطور، ومن ثم كان التفقه في القرآن وحده هو السبيل الوحيد الذي يلج منه الدارس والمتعلم إلى استشعار هذا الإعجاز بحاسته الذوقية وملكاته البيانية، وبغير ذلك فإنه سيظل أسيراً يستروح مما تذوقه الآخرون من معانٍ وبيان وأحكام وحِكَم، وليس فيها موضع للإعجاز؛ فلا سبيل لأحد أن ينقل إعجاز القرآن إلى الآخرين كما دلت على ذلك النصوص السابقة، ولا سبيل لأحد أن يدرك إعجاز القرآن من دراسة الآخرين؛ فلم يبق له إلا أن يطلبه من معينه الصافي من أصله القرآن الكريم.)
منقول من
هنا ( http://www.albayan-magazine.com/bayan-194/bayan-03.htm)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[30 Jan 2004, 12:26 ص]ـ
شكر الله لك يا ابن يوسف ..
ولكن الا ترى إلى المشاركات التي تلت, ما زالت تصف القرآن "بالمعجزة" ..... فهذا باطل, باطل, وإن قاله الخطابي ... وليرجع اهل الحق الى الحق!.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2004, 01:50 ص]ـ
شكر الله لكم أيها النبلاء تعقيباتكم، وكم يسعدني هذا الأدب الوافر في أعطافها، والعلم الظاهر في عباراتها، وهل تُحب الحياة وتشتهى إلا مع أمثالكم؟!
وقديماً قال أحد عشاق العلم: لولا لذة مذاكرة الإخوان في العلم ما أحببت البقاء. وقد روي عن علي بن الجهم قوله:
لََجلسةٌ مع أديب في مذاكرةٍ = أنفي بها الهمَّ، أو أستجلب الطربا
أشهى إليَّ من الدنيا وزخرفها=وملئها فضةً أو ملئها ذهبا!!
وقد قام لنا هذا الملتقى مقام الجلوس معكم، وإن كان لا يفي بالغرض كله، ولكن ببعضه حتى حين.
أشكر الأخ الكريم محمد بن يوسف على تعقيبه النافع، وأدبه الرفيع، وبودنا لو أتحفتنا بما عندك من العلم، فما أحوجنا إلى الفائدة من أمثالكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما أخي ابن الشجري فلا يفتأ يذكرني بكبار المنشئين في أدبنا العربي، وما أقرب ذلك الأدب إلى قلبي، وقلب كل محب لأمته، من أمثال أبي حيان التوحيدي والجاحظ وأضرابهما من كبار أهل العلم والأدب، في أسلوبه الأدبي الرائق، وتخيره للمفردات المعبرة عن الغرض بأيسر طريق، ولعمري إن هذا نتيجة مسامرة الأوائل في إبداعاتهم ورسائلهم، وطول مثاقفة تلك الطبقة العالية من أهل العربية رحمهم الله كفاء ما بذلوا وقدموا، والحرص على القراءة لتلك الطبقة، والاكتفاء من كلام المتأخرين بالوشل، فإن إدمان قراءة كتب المتأخرين تصيب اللسان بالعجمة والحُبْسة. وقد انتفعتُ بما عقبت به كثيراً أحسن الله إليك، ونفعنا جميعاً بالعلم.
وما أشرتم إليه في ذيل تعقيبكم من أهمية بحث بعض الموضوعات فكما تفضل أخي الكريم محمد بن يوسف وفقه الله، وأحب أن أضيف إشارةً إلى الموضوع الثاني وهو:
مالمراد بالتغني بالقرآن الوارد في الحديث؟
وذلكم أن الدكتور بشار عواد معروف البغدادي - حفظه الله - قد بحث هذه المسألة التي أشرتم إليها بحثاً في غاية النفاسة كعادته، في بحث بعنوان: (البيان في حكم التغني بالقرآن). وهو دراسة في ضرورة تحسين الصوت والتطريب بالقراءة. وقد درس كل الأحاديث التي وردت في ذلك، وأسانيدها، وهو بصير برجال الأحاديث كما تعلم، وخَلَصَ من كل ذلك إلى تضعيف تفسير سفيان بن عيينة رحمه الله بأن المقصود بذلك الاستغناء بالقرآن، ورجح أن المقصود هو التطريب بالصوت وتحسينه. وقال في آخر بحثه:
القول الفصل
بعد كل هذا الذي قدمنا نرى من المفيد أن نقتبس خلاصة رأي واحد من أعاظم المحدثين الفقهاء، ممن تشبعوا بالهدي النبوي وعرفوه حق معرفته، في هذه المسألة هو حافظ عصره ابن حجر العسقلاني، وهو خلاصة هذا البحث، وهو الذي نعتقده ونؤمن به لما تحصل عندنا من الأدلة.
قال الحافظ ابن حجر: (والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح.
ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن الحسن الصوت يزداد حسناً بذلك، وإن خرج عنها أَثَّرَ ذلك في حسنه.
وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف حسن الصوت بقبح الأداء. ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وجد من يراعيهما معاً فلا شك في أنه أرجح من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء).فتح الباري 9/ 89
ثم ختم بحثه بإيراد كلام الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله في حكم التغني بالقرآن الذي كتبه في كتابه النفيس (المعجزة الكبرى) والذي ذهب فيه إلى إنكار جواز التغني بالقرآن ورد فيه الأحاديث الصحيحة لرأي ذهب إليه رحمه الله لما رأى من خروج القراء في عصره عن حدود التغني الجائز، وقد ناقشه الدكتور بشار بكل أدب وعلم على عادة أهل العلم الجارية في الأدب والعلم. وهو جدير بالقراءة، فاقرأه إن شئت في كتاب: (الإعجاز القرآني – بحوث المؤتمر الأول للإعجاز القرآني المعقود بمدينة السلام – حرسها الله – عام 1410 هـ في شهر رمضان. من ص 65 – 118
ولعل الله ييسر لنا في قابل الأيام نقل البحث بكامله في صفحات الملتقى ليطلع عليه الجميع.
وأما ما أشار إليه أخي الكريم خالد الباتلي فكما ذكر حفظه الله، من أسباب فقدان ذلك الشعور الذي سقنا المقالة تنبيهاً عليه والله المستعان.
وأما أخي الكريم الشيخ أبو أحمد فأشكره على حسن نيته، ومحبته للخير لنا جميعاً، وهو حريص على أن تخلو تعبيراتنا من كل ما يمكن أن يؤاخذ عليه، وإن كان مجال القول فيها واسعاً فيما أحسب، وحسبك قول الله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً). الآ يظهر منها إظهار العجز عن الإتيان بمثله؟ سؤال فحسب، وأنا أتفق معك أن لفظ المعجزة وما تصرف منها لم يرد في القرآن ولا في السنة، وكلام ابن تيمية يدور حول هذه المسألة، ولكن ابن تيمية لا يمنع استعماله رحمه الله. وعلى كل حال فهذا باب آخر من القول غير ما نحن فيه فلك مني كل الحب والتقدير.
ـ[داود عيسى]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:30 ص]ـ
أشكرك يا أبو أحمد على هذا التوضيح
والله أنا أستغرب من علمائنا ألله يقول لنا اية ويقول لنا بينة ويقول لنا برهان ويقول لنا سلطان
وعلماؤنا يأتونا بكلمة لم يذكرها الله في كتابه الكريم ويقولون لنا المعجزة .....
سؤال وأرجوا الإجابة
من أين أتى العلماء بهذه الكلمة "المعجزة"؟؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:20 م]ـ
بسم الله
استعمال لفظ المعجزة والإعجاز استعمال اصطلاحي لا مشاحة فيه، وأكثرالذين درسوا الإعجاز أو كتبوا حوله نبهوا على هذه القضية، فلا ينبغي أن تعطى أكبر من حجمها.
ومعلوم أن المقصود من كون القرآن معجزاً: أي لا يأتي أحد بمثله.
وليس معناه أنه معجز بحيث يعجز الناس عن تلاوته أو فهمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[05 Feb 2004, 05:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عيدٌ مبارك على الجميع،
أخي الكريم / عبد الرحمن الشهري سلمه الله
الإخوة الكرام /، أبا مجاهد العبيدي، محمد يوسف، خالد الباتلي، فهد الوهبي، الشيخ أبو أحمد، داود عيسى، ابن الشجري، و فقهم الله لطاعته
تحية طيبة و بعد
إن ما أشرتم إليه غاية في الروعة و الجمال، و إن كان صاحب الموضوع قد حاز السبق أولاً، و قد أشار أخي الكريم خالد الباتلي إلى مسألة مصيبتنا في أنفسنا و لم نؤت إلا من قبلها، فلولا ذنوبنا لما استوحشنا كلام الله، و لولا سوء أعمالنا لما خجلنا من أنفسنا أمام كلام الله.
و لكن لدي أمرٌ آخر و هو أننا لم نكن في حقيقة الأمر قريبين من التدبر و إن تدبَّرنا كان الفرد منا على عجلٍ، و إلا فأين سير السلف ممن ردَّدوا في الليلة الواحدة آية أو انقطعت أصواتهم عند مرورهم بآية، أو استعبرت محاجرهم لما عظَّموا معنى ما قرأوه، كعائشة، و عمر رضي الله عنهما، و رسول الرحمة نبينا محمدٍ صلى الله عليه و سلم في آيتي سورتي المائدة و إبراهيم.
و لو أراد أحدنا أن يتأمل القرآن على الهدي النبوي الكريم؛ فليقرأ - " خالياً " -أواخر سورة آل عمران من آخر الليل و لينظر و يتفكر في خلق السماوات و الأرض، و ليجرِّب مواطن قلبه، و رحمات فؤاده لعلَّ عيناً تدمع، أو قلباً يخشع، أو دعَاءً صادِقاً يُسمَع،
و الله من وراء القصد.
### و أما بخصوص ما استشكله الإخوة من المعجزة، فلا مشاحة في الاصطلاح – كما قال أبو مجاهد -، و لكن ما ذكره داود عيسى، إنما يؤول إلى المتكلم، و إنما المعجز لنا باعتبار وقوع التحدي به و العجز من البشر – لا صرفةً و لا انشغالاً عنه؛ بل عجزاً عن مجاراته أو الإتيان بمثله، كما أشار إلى شيئٍ منه الشيخ أبو أحمد (المعجز" فمن عند أنفسنا, والله أولى بوصف كلامه وكتابه!.) ###
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[06 Feb 2004, 07:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الفضلاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فسياق كلام شيخ الإسلام في موضوع آخر ليس فيه المنع من إطلاق المعجز على القرآن ومن تأمل كلامه وما قبله وما بعده بان له ذلك ولذا فقد وصف ابن تيمية القرآن بذلك.
قال في الجواب الصحيح ج: 1 ص: 399
فصل: وكان يأتيهم بالآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم ومعجزاته تزيد على ألف معجزة مثل انشقاق القمر وغيره من الآيات ومثل القرآن المعجز.
وقال في العقيدة الأصفهانية ج: 1 ص: 18
والدليل على كونه سميعاً بصيراً السمعيات والدليل على نبوة الأنبياء المعجزات والدليل على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن المعجز نظمه ومعناه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Mar 2004, 12:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت كلاماً جيداً للمحقق القدير محمود شاكر في رسالة: مداخل إعجاز القرآن.
فقد نبه على مسائل تتعلق بهذا المصطلح الحادث بعد القرنين الأولين؛ فقال بعد أن بين معنى لفظ المعجزة: (وقد ألجأني إلى العناية بتفسير لفظ (الإعجاز) ولفظ (المعجزة) على ما يوجبه مجاز اللغة أمور سوف أقتصر منها على أمرين.
ولكن مهما بلغت هذه الأمور من الخطر؛ فإنها لا تستيع أن تسقط هذين اللفظين: (إعجاز القرآن)، و (ومعجزات الأنبياء) من أقلام الكتاب المحدثين ولا أن تنتزعه من تراث اللغة المكتوبة في مصنفات علماء الأمة منذ القرن الثالث للهجرة إلى يومنا هذا.
فكان أعدل الطرق عندي هو إثبات تعريف صحيح من مجاز اللغة للفظ (الإعجاز) ولفظ (المعجزة)، لا يختلف الناس عليه، مهما تباينت آراؤهم.
والألفاظ التي تستقر في اللغة استقراراً شاملاً مستفيضاً، يكون من الجهل والتهور محاولة انتزاعها وإسقاطها من أقلام الكتاب، ومن كتب العلماء قديماً وحديثاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل الواجب الذي لا مرية فيه، هو محاولة تعريفها تعريفاً مطابقاً للحق الذي نراه؛ لأن الذين وضعوها وكتبوها في كتبهم ومصنفاتهم وضعوها وضعاً مطابقاً لحق رأوه، لا نخالفهم نحن في جوهره، وإن خالفناهم في وجوه النظر التي أوجبت عليهم وضع هذه الألفاظ. ما دام مجاز اللغة قادراً على تعريف اللفظ تعريفاً يرفع أسباب الاختلاف، ويسير بنا جميعاً على طريق مستتب؛ فلا معنى لإبطال ما استقر عليه الكتاب والعلماء من التعبير عن الجوهر المتفق عليه.) انتهى المراد نقله.ص18 - 19
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jul 2006, 05:50 م]ـ
رجعتُ بعد مدة طويلة لهذا الموضوع هذا اليوم (الثلاثاء 8/ 6/1427هـ)، وكنت طرحته (يوم الإثنين 4/ 12/1424 هـ)، أي قبل سنتين ونصف، فقرأته وقرأت تعقيبات الزملاء النبلاء عليه، فانتفعتُ بها كثيراً جزاكم الله خيراً. وسأجعل تعقيبي في نقاط:
الأولى: أن بحث الدكتور بشار عواد قد تم نشره في مكتبة الموقع وتجده كاملاً على هذا الرابط البيان في حكم التغني بالقرآن ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=86&book=911).
الثانية: أن لفظة المعجزة ومشتقاتها اصطلاحية حادثة، وقد أجاد أبو مجاهد بنقله لكلام العلامة محمود شاكر رحمه الله في هذا، والتشدد في مثل هذا لا مسوغ له، ومثل ذلك كثير من الاعتراضات على بعض التعبيرات والنهي عن بعض الألفاظ دون دليل قاطع، ومثل ذلك ما في كثير من محتويات ما صنف تحت اسم "معاجم الأخطاء الشائعة".
الثالثة: أن الخشوع في التعبد لله سبحانه وتعالى، والمداومة على الذكر وتلاوة القرآن تعين على تدبر معانيه والتأثر بها، وفي ما نقل من مقالات حول ذلك ما يثري هذا الجانب.
الرابعة: أن تحسين الصوت بالقرآن مطلوب شرعاً بقدر الوسع والطاقة دون تكلف وتنطع، وهذا باب من أبواب البحث في كتب تجويد القرآن الكريم، وأحسب من أوجه التحسين تقليد ومحاكاة القراء المجيدين ذوي الأصوات الحسنة حتى يتدرب القارئ على تحسين الصوت، وأحسب هذه المحاكاة ضرورية في كل فن ومهارة كالتلاوة وتحسين الخط وغيرها، فهي تقوم في أول أمرها على المحاكاة للنماذج المتميزة، حتى يستقل المتعلم بمهارته وطريقته الخاصة في ذلك الفن والعلم.
الخامسة: ومما يدخل تحت النقطة السابقة ما يتعلق بعذوبة الصوت، فلا شك أنها نعمة من الله سبحانه وتعالى يمن بها على من يشاء من عباده، فمن استعملها في طاعة الله فهي محمودة، ومن استعملها في المعصية فلا شك في ذمه. إلا أنها نعمة يرجوها المسلم ليقرأ بصوت عذبٍ ينتفع به أولاً وينتفع به من يسمعه ثانياً، وكم من مقرئ يستوقفك لاستماع القرآن وتدبره، فتدعو له وتغبطه على عذوبة صوته، وبلاغة تأثيره. نسأل الله من فضله، وكم من مرة أفتح فيها إذاعة القرآن الكريم فيستوقفني صوت القارئ وجماله فلا أدعه حتى ينتهي، ولو اضطررت للبقاء في سيارتي حتى ينتهي من تلاوته، والتأخر عما ذهبت من أجله من أمور الدنيا، ومثلها قناة المجد للقرآن الكريم جزاهم الله خيراً.
السادسة: أما الأدوية المساعدة على تحسين الصوت فلا أعرفها، ولكن حدثني أخي الكريم الدكتور عماد زهير حافظ عن تجربة مرت به عندما كان يسجل رواية حفص في مجمع الملك فهد بالمدينة النبوية، وتوقفه عن التسجيل عارض ألمَّ به أوقفه عن التسجيل، مما جعله يختلفُ إلى طبيب متخصص في الصوتيات، فساعده الطبيب ببعض التدريبات، ولا شك أن هذه التدريبات على استعادة الصوت بعد فقده أو مرضه ليست هي ما تعنيه بالأدوية المساعدة على تحسين الصوت السليم، ولكن لعل هؤلاء المتخصصين يملكون جواباً على هذا السؤال، كما أن هناك أدوية لتحسين الحفظ، فربما يكون هناك مثلها للصوت، وفي تراجم بعض المقرئين المعاصرين كعبدالباسط عبدالصمد رحمه الله وغيره بعض الأفكار في كيفية محافظتهم على نقاوة أصواتهم.
السابعة: في قولي: (ولا سيما إذا كان صوت القارئ ندياً، يستوقف العجلان المستوفز كما قال ابن الرومي!) إشارة إلى ثلاثة أبيات للشاعر علي بن الرومي هي أحسن ما سمعتُ وقرأتُ في وصف حسن الحديث، وجمال المنطق، وهي قوله:
وحديثُها السِّحرُ الحلالُ لو اْنَّهُ = لم يَجْنِ قتلَ المُسلمِ المُتحرِّزِ
إنْ طالَ لم يُمللْ وإِن هىَ أَوجزتْ = وَدَّ المُحدَّثُ أَنَّها لم تُوجِزِ
شَرَكُ العُقولِ، ونُزهةٌ ما مثلُها= للمُطمئنِّ وعُقْلَةُ المُستَوفِزِ
والشاهد البيت الأخير حيث وصف حديثها العذب لجماله بثلاث صفات:
الأولى: أنه (شَرَكٌ للعُقولِ) أي فخ تقع فيه العقول لروعته وجماله الأَخَّاذ.
الثانية: أنه (نزهة للمطمئن) أي أنه يشبه الحديثة الغناء التي ينتجعها الرجل المطمئن رخي البال، فيسعده جمالها.
الثالثة: أنه (عُقْلَةٌ للمستوفز) والمستوفز هو الرجل المستعجل، المتهيؤ للقيام من المجلس، لكن هذا الحديث العذب أشبه العقال الذي عقل رجله وركبته عن القيام، كما يعقل البعير فلا يستطيع القيام من مبركه. ولعمري لقد أجاد ابن الرومي في وصفه لحديث محبوبته وجماله، وقل أديب متقدم أو متأخر ممن جاء بعد ابن الرومي إلا واحتفى بأبياته هذه، وأحلها محل الصدارة في وصف الحديث العذب.
الثامنة: حاولتُ في لقاء سجلته في حلقتين عن (إعجاز القرآن) بقناة المجد العلمية مع الأخ الكريم معمر العمري تنبيه الباحثين إلى نقاط مهمة في الإعجاز البياني خاصة، نبه إليها الدكتور محمد عبدالله دراز، والأستاذ محمود شاكر، ومن قبلهم عبدالقاهر الجرجاني، وأرجو أن أكون وفقت في ذلك، فنحن اليوم في حاجة ماسة للعودة بالذوق العربي إلى عهوده الأولى التي كانت تهتز للبيان، وتخضع للبلاغة كما كان في عصر نزول الوحي. والله الموفق سبحانه، لا إله غيره، ولا رب سواه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رضا التومي]ــــــــ[05 Jul 2006, 01:58 م]ـ
يا له من موضوع ونقاش قيّم ومفيد.
جزاك الله خيرًا ياشيخ عبدالرحمن وبقية الفضلاء.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Jul 2006, 02:30 م]ـ
وأنا أقتنص هذه الفرصة لأسأل فضيلة الشيخ عبد الرحمن عن بعض ما دار في الحلقة الأولى من حلقات موضوع الإعجاز على قناة المجد:
1/ تحدثت عن قضية التحدي، وأن الذي تراه هو أن التحدي لم يقع إلا بالقرآن دون بقية الآيات والمعجزات الأخرى الواقعة للنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. أرجو التكرم بإعادة توضيح هذه النقطة، لأن الذي يُفهم من المعجزة أنها متحدية لمن جاءته، وإلا فما هو وجه الإعجاز إذا لم يكن هناك تحدٍ؟ بمعنى أن لفظ "المعجزة" متضمن في معناه التحدي، لأنه أعجز البشر أن يأتوا بمثله، فبما أنه أعجزهم فقد تحداهم من باب أولى.
2/ أشرت بما يكفي جزاك الله خيرا إلى موضوع "الصرفة"، لكن استفساري جانبيٌّ متعلق بكيفية نطق هذه الكلمة، لأن الذي تعودنا عليه في الجامعة ونسمعه دائما هو نطقها بكسر الصاد، وسمعتك تنطقها بالفتح .. -مع أني ارى عدم أهمية هذا- إلا أني أود أن أعرف ما هو النطق الصحيح لها.
كما أود أن أعرف ما إذا كانت حلقات البرنامج تسجل حتى يتسنى الرجوع إليها والإفادة منها.
جزاك الله خيرا ونفع بك أينما حللت.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2006, 08:24 م]ـ
الأستاذ العزيز العبادي وفقه الله ورعاه
أشكرك على حسن ظنك بأخيك، وجواباً للسؤالين أقول:
1 - كلامك في موضوع استلزام المعجزة للتحدي كلام وجيهٌ، ولا اعتراض عليه، وما قلتهُ وجهة نظرٌ ألقيتها على عجل، ومقصودي بها أن التحدي في نظري هو استثارة همم المعارضين مرة بعد مرة، بطريقة مستمرة لمعارضة المعجزة وإبطالها، وهذا الأمر لم يحدث التصريح به إلا في معجزة القرآن خاصة دون بقية معجزات الأنبياء السابقين ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم. فلم يبلغنا أن موسى كرر التحدي بمعجزاته، وإنما كان ما فعله ردٌّ على معارضة السحرة ومن قبلهم فرعون لرسالته ودعوته، ولم يبلغنا أنه تحداهم بهذه المعجزة أو كررها مرة أخرى، ومثلها بقية معجزاته ومعجزات الأنبياء، بل ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم الأخرى غير القرآن. ثم إن كثيراً من المعجزات الحسبة التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقع تحت أعين المسلمين دون غيرهم كنبع الماء من بين أصابعه، وحنين الجذع، إلا ما كان من انشقاق القمر له في مكة بعد طلب المشركين. فكان هذا دافعاً للقول بأن التحدي الظاهر لم يكن إلا بالقرآن الكريم، حيث وردت عدة آيات تظهر التحدي بأن يأتي المعارضون بمثل هذا القرآن الكريم. فهذا ما دعا إلى القول بأن التحدي خاص بالقرآن الكريم، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، وقد تركت لنفسي مخرجاً بعد ذلك فيما أذكر - حيث لم أشاهد الحلقة للأسف لاختلاف مواعيدها - إذ قلت: إن لسان حال من يأتي بالمعجزة يتضمن التحدي، وهذا دليلٌ وجيهٌ لمن يشترط التحدي، ولعله يكون لهذا الحديث موضع آخر في هذا الملتقى من أعضائه الفضلاء إن شاء الله، وإنما هذا جواب سريعٌ عجلتُ به خوف الفوات والتأجيل.
2 - وأما النطق الصحيح لكلمة (الصرفة) فهي (الصَّرفة) بفتح الصاد وتشديدها. وضبطها بفتح الصاد، وإسكان الراء هكذا (صَرْفَة) على وزن فَرْحَة، وهي على وزن اسمِ المَرَّةِ، وقد أصبحت عَلَمَاً بالغَلَبَةِ (1) على هذه النظرية في إعجاز القرآن، وصيغت على وزن اسم المَرَّةِ للدلالة على أَنَّ هذا الصَّرْفَ صَرْفٌ خاصٌّ (2).
--الحواشي -----
(1) العَلَمُ بالغلبة هو ما كان علماً بسبب غلبة استعمال اللفظ في فرد من مدلولاته لشهرته. وهو نوعان: مضاف، ومحلى بأل كالصرفة. انظر: دليل السالك شرح ألفية ابن مالك للفوزان 1/ 156 - 157
(2) انظر: التحرير والتنوير 1/ 103
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:46 م]ـ
بارك الله فيك شيخي الكريم، وأشكرك على نبلك وسرعة ردّك.
وبقيت نقطة سألت عنها وهي: هل تسجل حلقات قناة المجد؟ مع أن أوقات البث قد تغيرت على ما أظن في الصيف، فلعلي أفرد لهذا موضوعا يجيبنا فيه الأخ معمر العمري أو غيره من الإخوة المطلعين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:49 م]ـ
معذرة على السهو، لا جواب عندي حول هذا السؤال، ولم أجد تسجيلاً للبرنامج في موقع القناة، وأظنهم يعطون من يطلب حلقة البرنامج نسخة منه على شريط مسجل مرئي، ولم أحصل عليه بعدُ، والمواعيد تغيرت مما فوت علي مشاهدته المرة الأولى والثانية أيضاً، لكن لعله يعاد يوم السبت القادم كما أخبرني الأخ معمر العمري وفقه الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Dec 2006, 06:32 م]ـ
حول هذا الموضوع جمع الدكتور الفاضل نجيب بن عبدالله الرفاعي وفقه الله عدداً من القصص والتجارب الشخصية النافعة في كتاب سماه (عجائب قراءة القرآن على الأوربيين والأمريكان) طبع إلى الآن طبعتان.
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_60214593e1acb3f75.jpg
وقد أورد فيه أراء أكثر من ثلاثمائة أمريكي وأوربي بعد سماعهم للقرآن الكريم وتأثرهم الشديد من ذلك. وقد كان للمؤلف الدكتور الرفاعي جهد متميز في عرضه وإسماعه القرآن الكريم بطرق مثيرة كثيرة لغير المسلمين، ولديه مبادرة وجرأة في اقتحام مجتمعات الغربيين وعرض القرآن الكريم عليهم في المؤتمرات والدورات وغيرها، وهي تجربة بديعة أدعو الله لصاحبها بالتوفيق والقبول، وهي جديرة بالتطبيق فهي باب من أبواب الدعوة إلى الله بقراءة القرآن (وأن أتلو القرآن).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[29 Dec 2006, 07:53 ص]ـ
((فرجعت إلى كتب اللغة فوجدتهم قد شفوا الغليل، وأفاضوا في ذكرها ولا سيما كتب البلاغة.))
فضيلة الشيخ هلا ذكرت لنا شيئا مما قالوا في هذه الآية تحديدا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jan 2009, 12:19 م]ـ
الإعجاز التّأثيريّ للقرآن الكريم إعداد: الدكتور خالد محمد القضاة ( http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1842&select_page=9)
ـ[علي الهتاري]ــــــــ[28 Dec 2010, 02:38 م]ـ
أحسنت أبا عبدالله، وجزاك الله خيرا، فقد لامست جرحا لم يكد يسلم منه أحد، ويبقى السؤال مطروحا:
أين ذهب عنا ذاك الشعور الخفي بالإعجاز وسحر البيان؟!
· إنها ذنوب تراكمت على القلوب.
· وجفوة عن تدبر القرآن وتوثيق الصلة به.
· وبعد شاسع عن اللغة وفهم خصائصها، وتذوق حلوها.
والله المستعان.
ـ[علي الهتاري]ــــــــ[28 Dec 2010, 02:40 م]ـ
أحسنت أبا عبدالله، وجزاك الله خيرا، فقد لامست جرحا لم يكد يسلم منه أحد، ويبقى السؤال مطروحا:
أين ذهب عنا ذاك الشعور الخفي بالإعجاز وسحر البيان؟!
· إنها ذنوب تراكمت على القلوب.
· وجفوة عن تدبر القرآن وتوثيق الصلة به.
· وبعد شاسع عن اللغة وفهم خصائصها، وتذوق حلوها.
والله المستعان.(/)
صفوة القول في تفسيرالدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (1)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[26 Jan 2004, 10:49 م]ـ
نظراً لأن تفسير الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله من التفاسير المعاصرة التي عالجت مشاكل الأمة وقضاياها، وهو تفسير يجهله كثير من طلبة العلم لنفاد طبعته، وأحب أن أشارك من خلال هذا الموقع بالحديث عن هذا السفر العظيم مبتدأ بالكلام عن التفسير ومكانته ومميزاته بعدما وفقني الله لقراءته وسبر منهجه في رسالة الماجستير وسأتبع ذلك بمشيئة الله بأبرز النماذج المهمة التي ظهر تميز الدوسري فيها فيما يتعلق بمعالجة الواقع من خلال القرآن.
أولاً: مكانة تفسيرالدوسري وقيمته العلمية:
لقد كان الدوسري رحمه الله على علم غزير بالشريعة وعلومها، وفهم صحيح وإدراك ثاقب للواقع، وبعد نظر ومعرفة لما يدبره أعداء الإسلام للأمة، الأمر الذي جعله يفهم الإسلام فهماً حقيقياً، وقد جاء تفسيره ثمرة ذلك كله، إذ جعل كتاب الله تعالى منطلقاً وأساساً لرسم المنهج الحق وربطه بحياة الأمة من جديد، وليعالج به واقعها المؤلم، ويقرب به سبيل نجاتها، فأعاد بذلك للمسلمين كثيراً من التصورات الإسلامية التي فقدوها، وأزال الغبش الذي أصاب بعض المفاهيم والمبادئ الإسلامية عند كثير من المسلمين بسبب غياب الإسلام عن حياتهم العملية، فكان لتفسيره تميّزاً عن غيره إذ سلك فيه مسلكاً جديداً جامعاً فيه بين الأصالة والتجديد والعلم والتطبيق، ولا شك أن سلوك المؤلف لمنهج لم يسبقه فيه أحد أو كان له فيه تجديد يكشف تميّزه ومكانته، ومن هنا نعلم تميز الدوسري رحمه الله وقيمة تفسيره الأمر الذي يجعله في مصاف التفاسير المهمة التي لايستغنى عنها في المكتبة القرآنية خاصة في هذا العصر.
وتتأكد لنا قيمة تفسير الدوسري رحمه الله ومكانته العلمية بسلامة المنهج الذي سار عليه وسلكه في جلّ الجوانب المهمة في التفسير والتي لها علاقة وارتباط مباشر بالمنهج الأساس في تقويم التفسير ومعرفة قيمته العلمية.
ففي جانب التفسير بالأثر: نجد اعتماده على الأصلين العظيمين الكتاب والسنة فأما اعتماده على كتاب الله تعالى فقد ظهر من خلال كثرة استشهاده بالآيات وجمع الآيات المتشابهة في موضع واحد للربط بينها وبيان مافيها من الهدايات والدلالات، وأما اعتماده على السنة فقد ظهر أيضاً بإيراد الأدلة والأحاديت المؤيدة لما دلت عليه الآيات أو المفصلة لها، ويؤكد اعتماده على الأصلين الكريمين أيضاً تمسكه بالدليل وعدم القول بما يخالف ظاهر النص أو يؤوله من غير دليل أو قرينة، وقد جاء ذلك في تفسيره ظاهراً، يدل على ذلك تشنيعه على بعض المفسرين الخروج عن ظاهر النص أو تأويله من غير دليل أو قرينة ظاهرة، كما يدل عليه أيضاً عنايته بالصحيح من الآحاديث ورده للضعيف منها وتعقبه على بعض المفسرين في ذلك، ولا شك أن ذلك كله منهج عدل يبين مكامة تفسيره وقيمته العلمية.
وفي جانب علوم القرآن: نجده قد عرض لأهم ماله علاقة في التفسير كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات، وكان منهجه فيها منهجاً عدلاً، فأما أسباب النزول فقد بيّنه في مواضعه مؤكداً أن العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب، وأما الناسخ والمنسوخ فقد كان منهجه فيه أنه لايلجأ إلى القول بالنسخ إلا بعد تعذر تأويل للآية يخرجها عن النسخ، وقد انتهج في ذلك منهج شيخ الإسلام رحمه الله بقوله: (إن النسخ في القرآن يندر لكنه تخصيص)، وأما القراءات فلم يعرض لها إلا ماتدعو الحاجة إليه غالباً.
وفي جانب العقيدة: الذي هو أهم الجوانب وأعظمها أثراً في التفسير، جاء تفسير الدوسري رحمه الله متميزاّ عن كثير التفاسير المتقدمة والمتأخرة إذ سلك فيه منهج السلف الصالح خالصاً، ولم أجد -بحمد لله- عليه في ذلك مأخذاً، ولذا فإنه يعد بلا شك ولا تردد من التفاسير الملتزمة منهج السلف الصالح الذي جانبه أو تعثر عنه كثير من المفسرين.
وفي جانب الأحكام وآياتها: سلك فيه مسلكاً عدلاً وسطاً، إذ عرض لآيات الأحكام عرضاً موجزاً بالقدر الذي فيه البيان الكافي للأحكام وآياتها، كما قد ظهر في هذا الجانب جهده واجتهاده في الاستنباط والترجيح والاختيار بين الأقوال والجمع بينها، ويؤكد تميزه في ذلك اعتماده على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفقهه واختياراته.
وفي جانب القصص والأخبار: كان له فيها منهج بارز حيث أعرض وتحاشى ماولع وتعلق به كثير من المفسرين من الرويات الضعيفة والموضوعة والأخبار الإسرائيلية المتكلفة والخروج عن فحوى الآيات ومرادها، وجاء تفسيره خال من ذلك كله أو جله.
وفي جانب اللغة والنحو: تجنب الاستطراد الزائد والتفصيلات الدقيقة التي حشا بها بعض المفسرين تفاسيرهم، وكان مسلكه في ذلك مسلكاً وسطاً إذ كان يورد ماله حاجة في بيان الآية يؤكد ذلك قوله (وأنا لاأعتني بالنحو إلا للحاجة)، إلا ماكان في جانب البلاغة وإعجاز القرآن فإنه قد فصّل فيه بالقدر الذي يظهر مكانة القرآن وإعجازه وشمول منهجه وصلاحه للأمة في كل عصورها، وقد ركّز في ذلك على جانب الإعجاز التشريعي الذي يظهر به تميّز الشريعة وشموليتها.
فيظهر من هذا كله مكانة تفسير الدوسري وقيمته العلمية.
وسيتبع الكلام عن مميزات التفسير بمشية الله تعالى في حلقة قادمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:26 ص]ـ
شكر الله لك يا أبا عبدالله على عرضك لما أنت به خبير من الحديث حول تفسير الشيخ الجليل عبدالرحمن الدوسري رحمه الله. وننتظر إكمالك لما بدأت به.
ولدي ملاحظة على تفسير الدوسري، حيث كنت قرأته قديماً مع أخي أبي مجاهد العبيدي، وكنا نلاحظ كثرة ذكر الشيخ للماسونية في كل صفحة من تفسيره، حتى في تفسير البسملة! فما تعليقكم على ذلك وفقكم الله. مع يقيني بصدقه وحرقته وإخلاصه لدينه وأمته الإسلامية، ولكن أريد معرفة رأيك الذي خلصت إليه بعد دراستك لتفسيره وفقك الله.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[09 Feb 2004, 01:38 م]ـ
عذراً على التأخر في الرد حيث انقطعت عن الموقع فترة الحج.
وأما بالنسبة لملاحظتك أبا عبد الله فسيأتي جوابها في عرض الحديث عن تفسير الشيخ بإذن الله، وباختصار فإن تفسير الدوسري رحمه الله غالب عليه الجانب العقدي، فما يمر بآية إلا ويتعرض في تفسيرها للعقيدة، حتى آيات الأحكام تجده يتعرض في بيان الأحكام للحِكَم التي مرجعها العقيدة من الاستسلام والتعظيم والمراقبة والتقوى، وهذا لاشك أنه تميز في تفسيره، أما تعرضه للماسونية كثيراً ـ وإن كنت أبا عبد الله مبالغ فيما قلت أنه يذكرها في كل صفحه، وإنما صحيح أنه عرض لها بتركيز في سورة الفاتحة والتي هي في تركيز مبادئ العقيدة، ولا يخفاك أن تركيزه على الماسونية في كتبه ومحاضراته لأنه عايشها ورأى آثارها وعلم مخططاتها، فحق له أن يصدع بالحق محذراً أمته منها.(/)
السر في قوله تعالى: (ومن الذين قالوا: إنا نصارى)!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[27 Jan 2004, 01:10 ص]ـ
كما يعلم حفاظ القرآن أن الله تعالى ذكر النصارى بوصفهم في كل المواضع إلا موضعين ـ وكلاهما في سورة المائدة ـ:
الموضع الأول ـ (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14).
الموضع الثاني: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82).
وفي كلا الموضعين سر عجيب، حري بالبحث عنه، وهو: لماذا جاءت حكاية قولهم بهذا اللفظ: (ومن الذين قالوا ... )، (الذين قالوا إنا نصارى) ولم يكن وصفهم كالمعتاد بـ"النصارى"؟
جوابه قريب بإذن الله، لكن أود من الإخوة المشاركة بما لديهم، تأملاً في الايتين، من دون رجوع إلى كتب المفسرين، فإن ذلك أدعى لرسوخ المعنى، وبعد تتابع الإخوة في التأمل، سأكتب ما تيسر بما يوضح المراد، ويكشف شيئاً يسيرا من عظمة هذا الكتاب.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[13 Feb 2004, 09:25 ص]ـ
السلام عليكم
أين أنت يا أخي عمر .. ؟
لقد أطلت علينا الانتظار! فما زلت أنتظر جوابك واجتهادك!
الحق اني لم اصل الى شيء حول سؤالك، وآمل ان تطلعنا على رأيك .. ولا تبتئس ببرود الردود، فلن تسمع جوابا عن سؤال لم يقل بجوابه احد من السلف.
و جزاك الله خيرا
ـ[ابن العربي]ــــــــ[13 Feb 2004, 11:18 ص]ـ
يسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فالسر والله تعالى اعلم كما ذكره علماء التفسير أنه إشارة إلى أن هذا الاسم أطلق عليهم بتسميتهم لأنفسهم لا بتسمية الله تعالى لهم. قال القاسمي رحمه الله: " وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم دون أن يقال (ومن النصارى) إيذاناً بأنهم في قولهم (نحن أنصار الله) بمعزل من الصدق. وإنما هو تقول محض منهم وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء " (تفسير القاسمي ج6 ص 134) وينظر إلى (تهذيب التفسير لعبد القادر شيبة الحمد ج4 ص 123) ففيه فائدة كبيرة.
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 Apr 2004, 11:00 م]ـ
الحمد لله،وبعد:
فهذه عودة لجواب هذا السؤال الذي سبق أن طرحته، معتذراً وبشدة عن تأخري في الرد، فإني لم أتمكن من كتابة ما عندي إلا الآن بسبب ضيق الوقت وكثرة المشاغل، وقد كان الجواب ـ بحمد الله ـ حاضراً، لكن ينقصه التوثيق من كتب المفسرين الذين وقفت على أقوالهم.
والأمر ليس كما ظن الأخ خالد وفقه الله ـ كما سيتبين بعد قليل ـ من أنني لن أجد لي سلفاً في هذا، فإنني لم أطرح ما ذكرته إلا بعد قراءتي لكلام بعض المفسرين، بل وجدت نصوصاً عن متقدمي السلف في عين هذا السؤال الذي طرحته.
ثم أيضاً، لنفترض أنه لم يتعرض منهم للتنصيص على ذلك، فإن هذا لا يعني بذل الوسع في التأمل في أسرار هذا الكتاب العظيم، والمعنى الذي يفهمه المتأمل إذا كان لا يناقض أصلاً، والسياق يساعد عليه،لا يرد، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، ... الحديث، وقد بوب عليه البخاري: "باب كتابة العلم".
ولو أردنا أن نطبق هذا الذي ذكره الأخ خالد، للزم منه أن يسأل كل مفسر عن استنباطه إلى أن يصل السند إلى النبي ج،أو إلى صحابي على الأقل، وللزم منه بطلان أكثر ما في هذه التفاسير.
وأظن أنه لا داعي ـ في مثل هذه المنتديات العلمية ـ إلى مثل هذه الأساليب الساخرة، التي يترفع عنها طالب العلم.
أما فيما يتعلق بما طرحته، فجوابه من كلام أهل التفسير، فحاصله هو فيما كتبه أخي الفاضل (ابن العربي) ولكن رغبة في تمام الفائدة، فإنني أود أن أضيف خلاصة ما وقفت عليه في النقاط التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ أن قولهم عن أنفسهم: "إنا نصارى " أي: أنهم ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى متابعون المسيح بن مريم عليه السلام، والحقيقة: أنهم ليسوا كذلك، فقد أخذت عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول ج، ومناصرته، وموازرته، واقتفاء آثاره، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض، ولكنهم لم يوفوا بذلك، بل فعلوا كما فعل اليهود، فالفوا المواثيق، ونقضوا العهود.
2 ـ قال الحسن البصري ـ فيما نقله عنه الجصاص 4/ 42 ـ: "إنما قال (إنا نصارى) ولم يقل: من النصارى؛ ليدل على أنهم ابتدعوا النصرانية، وتسموا بها، وأنهم ليسوا على منهاج الذين اتبعوا المسيح في زمانه من الحواريين، وهم الذين كانوا نصارى في الحقيقة " انتهى المقصود منه.
ونقل البيضاوي هذا المعنى في تفسيره (2/ 306) من كلامه ولم ينسبه لأحد.
وللثعالبي نحوه (1/ 481) حيث قال: "إشارة إلى معاصري نبينا محمد ج من النصارى بأنهم ليسوا على حقيقة النصرنية،وإنما هو قول منهم وزعم".
وقال الألوسي رحمه الله (7/ 2): "وقال ابن المنير: لم يقل سبحانه: (النصارى) كما قال جل شأنه: (اليهود) تعريضاً بصلابة الأولين في الكفر والامتناع عن الانقياد لأن اليهود لما قيل لهم: (ادخلوا الأرض المقدسة) قالوا: () ا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا) والنصارى لما قيل لهم: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) قالوا: (نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) وكذلك أيضاً ورد في أول السورة في قوله عز وجل () وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) لكن ذكر ههنا تنبيهاً على انقيادهم، وأنهم لم يكافحوا الأمر بالرد مكافحة اليهود، وذكر هناك تنبيهاً على أنهم لم يثبتوا على الميثاق،والله تعالى أعلم بأسرار كلامه" انتهى.
وينظر ـ غير المصادر الماضية ـ: الكشاف 1/ 328، زاد المسير 2/ 315، النسفي 1/ 275،تفسير القاسمي 6/ 134، التحرير والتنوير 5/ 64.
والله تعالى أعلم وأحكم،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[19 Apr 2004, 12:53 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي عمر على هذه الفائدة المميزة، ولدي سؤال آخر في آية المائدة - يمكن أن يكون مجال بحث - وهو: هل المقصود بالنصارى - الذين هم أقرب الناس مودة للذين آمنوا - النصارى الذين كانوا سبب نزول الآية أم عموم النصارى؟
ـ[المنهوم]ــــــــ[19 Apr 2004, 02:13 م]ـ
جزاك الله خيرا يا اخ عمر على هذه الفائدة
واما سوال الاخ عن النصارى فاعلم يا اخي ان القران نزل ليعمل به إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان والذي تكلم به لا يخفى عليه شيء
ولذلك الآيات التي نزلت في النصارى وغيرهم باقية ويعمل بها إلى يوم القيامة فأحكام النصارى في القديم والحديث واحدة كما ذكرالله لنا والنصارى في القديم والحديث سواء
والله اعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 May 2005, 02:00 م]ـ
جاء في كتاب الروض الأنف للسهيلي: (وفد نصارى الحبشة
فصل وذكر قدوم وفد النصارى من الحبشة وإيمانهم وما أنزل الله فيهم من قوله تعالى: {الذين قالوا إنا نصارى} ولم يقل من النصارى، ولا سماهم هو سبحانه بهذا الاسم، وإنما حكى قولهم الذي قالوه حين عرفوا بأنفسهم ثم شهد لهم بالإيمان، وذكر أنه أثابهم الجنة.
وإذا كانوا هكذا فليسوا بنصارى، هم من أمة محمد - عليه السلام -، وإنما عرف النصارى بهذا الاسم لأن مبدأ دينهم كان من ناصرة قرية بالشام فاشتق اسمهم منهم كما اشتق اسم اليهود من يهود بن يعقوب ثم لا يقال لمن أسلم منهم يهودي اسم الإسلام أولى بهم جميعا من ذلك النسب.)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[31 May 2005, 08:34 م]ـ
ينظر النصارى الحاليون أن النصرانية بدعة (فرقة) من الفرق الضالة للمسيحية الحقيقية
ولهذا تجدهم يغضبون في منتديات الحوار إن وصفتهم بذاك
بل ألف عدد من المنصرين كتباً تؤيد أن الإسلام بدعة نصرانية (فرقة من فرق المسيحية غير المعترف بها من قبل الفاتيكان) هرب أفرادها من بلاد الشام إلى شبه الحزيرة العربية خوفاً من بطش المسيحيين الحقيقيين وبخاصة بعد مجمع نيقية.
ومن أشهر تلك الكتب كتاب " قس ونبي " لأبي موسى الحريري (وهذا ليس اسمه كما تبين لي بعد سؤال اخوة في لبنان وسوريا)
وكتاب " الإسلام دعوة نصرانية للأب الحداد " وهذا أيضا ليس اسمه. وللأب الحداد قصة طريفة تبين خزي الله تعالى لمن يتعدى حدوده. لعلي أذكرها في مناسبة قادمة ...
واطلعت حديثاً على كتاب ثالث بعنوان: " الإسلام بدعة نصرانية " لإلياس المر ..
كلها تحمل نفس الفكرة.
وجود فرق ضالة منبثقة عن المسيحية تسمى فرقة النصارى ... الإسلام صورة تجديدية لها.
وحشدوا على ذلك أدلة كثيرة ناقشتها في مشروع أطروحتي ...
إخوتي: الخطب جلل ... والواجبات أكثر من الأوقات!!
أسأل الله تعالى الهداية و التوفيق واستعمالنا لخدمة كتابه
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
مع محبتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2005, 12:05 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي عبدالرحيم على هذه الإضافة ويا حبذا لو بسطت لنا القول فيها في مناسبة قادمة بحسب توفر الوقت لكم وفقكم الله.(/)
هل يحلق هذا الحاج أولا أفتوني مأجورين
ـ[ابن آدم]ــــــــ[27 Jan 2004, 02:53 ص]ـ
رجل حج مفرداً
ووكل أحد أبنائه بأضحيته
ما الحكم إذا أخر الابن الأضحية إلى اليوم الحادي عشر او ما بعده
هل يجوز لهذا الحاج أن يحلق في يوم النحر؟ أو لا يحلق حتى يتم ذبح الأضحية؟
وإذا لم يحلق فكيف يتحلل التحلل الأول إذا رمى جمرة العقبة؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2004, 09:23 ص]ـ
بسم الله
يا أخي الكريم:
الجواب - والله الوفق للصواب -: هناك قول قوي رجحه جماعة من المحققين، وذكر الإمام ابن باز رحمه الله أنه قول قوي؛ وهو أن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة، أي لا يحتاج معها إلى فعل آخر حتى يتحلل التحلل الأول.قال الشيخ سليمان العلوان: (القول بجواز التحلل برمي جمرة العقبة، وهذا قول أكابر أهل العلم وهو أحد القولين عن عمر بن الخطاب ودعوى الإجماع على التحلل باثنين من ثلاثة غلط اتفاقاً.
فقد قال مالك وأبو ثور وعطاء إذا رمى جمرة العقبة حل له كل شيء إلا النساء، قال الإمام ابن خزيمة وهو الصحيح، ورجحه ابن قدامة في المغني.).
وعلى هذا القول لا إشكال.
وإن أخذ هذا الحاج بالأحوط، وأراد أن يتحلل بعد الحلق فله مخرجان:
أكملهما أن يذبح ابنه الأضحية في يوم النحر.
والمخرج الثاني: أن يطوف طواف الإفاضة بعد الرمي ثم يتحلل، وهذا على قول من رأى أن التحلل الأول يحصل بفعل اثنين من ثلاثة، وهي: الرمي والحلق والطواف.
وإذا لم يتمكن فله أن يحلق لأن الحلق نسك واجب، فيقدم على النهي عن الأخذ من الشعر لمن أراد أن يضحي.
والله أعلم.
ـ[ابن آدم]ــــــــ[27 Jan 2004, 01:48 م]ـ
أثابك الله أخي أبو مجاهد العبيدي(/)
رسالة إلى أهل التراجعات والتنازلات و .... !
ـ[الباحث7]ــــــــ[27 Jan 2004, 10:40 ص]ـ
] وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ [
قال تعالى:] وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا [[الإسراء].
ـــــــــــــــــــ
يذكر ابن كثير تفسيراً إجمالياً لهذه الآيات، فيقول: «يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات اللَّه عليه وسلامه، وتثبيته، وعصمته، وسلامته من شر الأشرار، وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه، بل هو وليه، وحافظه وناصره ومؤيده، ومظفره، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه، في مشارق الأرض، ومغاربها، صلى الله عليه وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين».
ويذكر البيضاوي تفسيراً تفصيلياً فيقول: «] وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ [نزلت في ثقيف، قالوا لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب: لا نعشر، ولا نحشر، ولا نجبى في صلاتنا، وكل ربا لنا فهو لنا، وكل ربا لغيرنا فهو موضوعٌ عنا، وأن تمتعنا باللات سنة، وأن تحرّم وادينا كما حرمت مكة، فإن قالت العرب لم فعلت ذلك، فقل: إن اللَّه أمرني، وقيل نزلت في قريش قالوا: لا نمكنك من استلام الحجر حتى تلم بآلهتنا وتمسّها بيدك.
والمعنى أن الشأن قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالاستنزال] عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك بافتتانك ولياً لهم، بريئاً من ولايتي.] وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ [ولولا تثبيتنا إياك] لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً [لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم. والمعنى أنك كنت في صدد الركون إليهم لقوة خدعهم وشدة احتيالهم، ولكن أدركتك عصمتنا، فمُنعت أن تقرب من الركون، فضلاً عن أن تركن إليهم، وهو صريح في أنه، عليه الصلاة والسلام ما همّ بإجابتهم مع قوة الدواعي إليها، ودليلٌ على أن العصمة بتوفيق اللَّه وحفظه.] إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ [أي لو قاربت لأذقناك] ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ [أي عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، ضعف ما نعذب به في الدارين، بمثل هذا الفعل، غيرك؛ لأن خطأ الخطير أخطر».
ويذكر سيد ما يتعلق بظلال هذه الآيات فيقول: «يعدّد السياق محاولات المشركين مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأولها فتنته عما أوحى اللَّه إليه ليفتري عليه غيره، وهو الصادق الأمين. لقد حاولوا هذه المحاولة في صورٍ شتى: منها مساومتهم له أن يعبدوا إلهه في مقابل أن يترك التنديد بآلهتهم، يجعل أرضهم حراماً، كالبيت العتيق الذي حرّمه اللَّه، ومنها طلب بعض الكبراء أن يجعل لهم مجلساً غير مجلس الفقراء ...
والنص يشير إلى هذه المحاولات، ويفصّلها، ليذكر فضل اللَّه على الرسول في تثبيته على الحق، وعصمته من الفتنة. ولو تخلى عنه تثبيت اللَّه وعصمته لركن إليهم، فاتخذوه خليلاً، وللقي عاقبة الركون إلى فتنة المشركين، وهي مضاعفة العذاب في الحياة والممات، دون أن يجد له نصيراً منهم يعصمه من اللَّه.
هذه المحاولات التي عصم اللَّه منها رسوله، هي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً: محاولة إغرائهم لينحرفوا _ ولو قليلاً_ عن استقامة الدعوة وصلابتها، ويرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها، في مقابل مغانم كثيرة. ومن حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته؛ لأنه يرى الأمر هيناً. فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية، إنما هم يطلبون تعديلات طفيفة، ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق. وقد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة، فيتصور أن خير الدعوة، في كسب أصحاب السلطان إليها، ولو بالتنازل عن جانبٍ منها.
ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق، ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق. وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزءٍ منها، ولو يسير، وفي إغفال طرفٍ منها، ولو ضئيل، لا يملك أن يقف عند ما سلّم به أول مرة؛ لأن استعداده للتسليم يتزايد، كلما رجع خطوةً إلى الوراء!.
والمسألة مسألة إيمان بالدعوة كلها. فالذي ينزل عن جزءٍ منها، مهما صغر، والذي يسكت عن طرفٍ منها، مهما ضؤل، لا يمكن أن يكون مؤمناً بدعوته حق الإيمان. فكل جانبٍ من جوانب الدعوة، في نظر المؤمن هو حق كالآخر، وليس فيها فاضل ومفضول، وليس فيها ضروري ونافلة، وليس فيها ما يمكن الاستغناء عنه، وهي كل متكامل، يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه، كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره.
وأصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات، فإذا سلّموا في الجزء، فقدوا هيبتهم وحصانتهم، وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة، وارتفاع السعر ينتهيان إلى تسليم الصفقة كلها.
والتسليم في جانب، ولو ضئيل، من جوانب الدعوة، لكسب أصحاب السلطان إلى صفها، هو هزيمة روحية، بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة. واللَّه وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون بدعوتهم، ومتى دبّت الهزيمة في أعماق السريرة، فلن تنقلب الهزيمة نصراً.
لذلك امتنّ اللَّه على رسوله صلى الله عليه وسلم أن يثبته على ما أوحى اللَّه، وعصمه من فتنة المشركين له، ووقاه الركون إليهم _ولو قليلاً_ ورحمه من عاقبة هذا الركون، وهي عذاب الدنيا والآخرة مضاعفاً، وفقدان المعين والنصير.
منقول من http://www.al-waie.org/home/(/)
اين اجد الخلاصة في مصيرهم
ـ[المنصف]ــــــــ[27 Jan 2004, 12:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على اشرف الخلق و المرسلين ... اما بعد
ورد في سورة الاعراف قوله تعالى
واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ {163} وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {164} فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ {165}
جاء في تفسير هذه الايات ان اهل القرية صاروا الى ثلاث فرق
1) فرقة ارتكبت المحظور
2) فرقة نهت عن ذلك
3) فرقة سكتت و لم تنه
و قد حددت الايات مصير الفرقة الاولى بهلاكهم و الفرقة الثانية بنجاتهم
و هنا السؤال:
ما هو القول الراجح الصحيح في مصير الفرقة الثالثة؟
و اين اجد بسط لاقوال اهل العلم في شأن هذه الفرقة؟
و جزاكم الله خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jan 2004, 02:45 م]ـ
أخي الكريم المنصف وفقه الله لكل خير، ورزقنا وإياه الإنصاف في الأمور كلها.
ما ذكرته وفقك الله عن أحوال أهل هذه القرية من قرى بني إسرائيل صحيح، وقد ذكره جمع من العلماء، منهم ابن كثير، حيث ذكر ما تفضلتم به، ثم قال، وأنا أنقل من (عمدة التفسير) لأحمد شاكر 2/ 69: وسكت عن الساكتين لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحاً فيمدحوا، ولا ارتكبوا عظيماً فيذموا، ومع هذا فقد اختلف الأئمة فيهم: هل كانوا من الهالكين أو من الناجين، على قولين:
- وذكر قصة عكرمة مع ابن عباس عندما سأله عن الساكتين هل نجو أم لا، قال عكرمة: فلم أزل بابن عباس حتى عرفته أنهم قد نجوا، فكساني حُلة. فعكرمة يرى أنهم من الناجين. وابن عباس كان متوقفاً فيهم ثم صار إلى قول تلميذه عكرمه حيث قال له عكرمة ألا أنهم قد كرهوا ما هم عليه؟ وإلى هذا ذهب الحسن البصري واختار هذا القول القرطبي واستدل على ذلك فقال: (ومما يدل على أنه إنما هلكت الفرقة العادية لا غيرُ قوله: (وأخذنا الذين ظلموا .. ).
- والقول الثاني: أنهم كانوا من الهالكين.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jan 2004, 10:03 ص]ـ
قال السعدي رحمه الله:
(الفرقة الأخرى التي قالت للناهين: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} فاختلف المفسرون في نجاتهم وهلاكهم، والظاهر أنهم كانوا من الناجين، لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين، وهو لم يذكر أنهم ظالمون.
فدل على أن العقوبة خاصة بالمعتدين في السبت، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فاكتفوا بإنكار أولئك، ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} فأبدوا من غضبهم عليهم، ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة لفعلهم، وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.).
ـ[المنصف]ــــــــ[28 Jan 2004, 11:07 ص]ـ
اخواني الاعزاء ..
عبدالرحمن الشهري
أبومجاهدالعبيدي
جزاكما الله عني وعن كتاب الله خيرا و نفعنا بعلمكم ... امين
ما رأيته من خلاصه كلامكم _ وخصوصا اخي أبومجاهدالعبيدي _ ان الراجح نجاتهم و ان عدم ذكرهم هو اهمال لهم لتركهم الامر بالمعروف و النهي عن المنكر!
سأثقل دمي عليكم و لكن من لنا سواكم مشايخنا الكرام! ... هل اجد قولا لاحد الائمة في ترجيح مصيرهم و خصوصا شيخ الاسلام ابن تيمية او تلميذه ابن القيم رحمهما الله؟
ملاحظة: ادعوا الاخوة لاغناء الموضوع بردودهم الطيبة و خصوصا ان الموضوع خطير اذا كان الحكم في هذه الاية عام!! فنحن هذه الايام لا نأمر بالمعرف او ننهى عن المنكر الا من رحم ربي!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Mar 2005, 08:56 ص]ـ
قال ابن القيم رحمه الله: (وأشكل على ابن عباس أمر الفرقة الساكتة التي لم ترتكب ما نهيت عنه من اليهود: هل عذبوا أو نجوا؟ حتى بين له مولاه عكرمة دخولهم في الناجين دون المعذبين.
وهذا هو الحق، لأنه سبحانه قال عن الساكتين: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً" فأخبر أنهم أنكروا فعلهم وغضبوا عليهم، وإن لم يواجهوهم بالنهي فقد واجههم به من أدى الواجب عنهم، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فلما قام به أولئك سقط على الباقين، فلم يكونوا ظالمين بسكوتهم، وأيضاً فإن الله سبحانه إنما عذب الذين نسوا ما ذكروا به وعتوا عما نهوا عنه، وهذا لا يتناول الساكتين قطعاً، فلما بين عكرمة لابن عباس أنهم لم يدخلوا في الظالمين المعذبين كساه بردة وفرح به.) انتهى من إعلام الموقعين(/)
القول الراجح للإمام الطبري في تفسير قوله تعالى (فلا إثم عليه)
ـ[ابن آدم]ــــــــ[27 Jan 2004, 01:53 م]ـ
تفسير الطبري ج: 2 ص: 309
وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال تأويل ذلك فمن تعجل في يومين من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه لحط الله ذنوبه إن كان قد اتقى الله في حجه فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه وفعل فيه ما أمره الله بفعله وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول فلا إثم عليه لتكفير الله له ما سلف من آثامه وأجرامه إن كان اتقى الله في حجة بأدائه بحدوده وإنما قلنا إن ذلك أولى تأويلاته لتظاهر الأخبار عن رسول الله أنه قال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأنه قال صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jan 2004, 10:19 ص]ـ
بسم الله
في النفس شيء من قصر معنى الآية على القول الذي رجحه ابن جرير رحمه الله؛ لأن قوله تعالى: (فلا إثم عليه) جواب قوله: (فمن تعجل في يومين) والأولى أن يكون الجواب مناسباً للشرط، ولعل الأقرب - والله أعلم - أن تفسر (فلا إثم عليه) بـ: لا حرج عليه ولا إثم إذا تعجل، فأفاد جواز التقدم. والله أعلم.
وهذا هو الموافق لما أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: في تعجيله {ومن تأخر فلا إثم عليه} في تأخيره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: فلا ذنب عليه {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: فلا حرج عليه لمن اتقى. يقول: اتقى معاصي الله.
ولو قيل بأن الآية تتناول القولين وتدل عليهما لكان أولى؛ لأنه لا تعارض بينهما.(/)
تنبيه حول كلام الشنقيطي في الجر بالمجاورة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[27 Jan 2004, 08:38 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أما بعد،،،
فيقول الشنقيطي ـ رضي الله تعالى عنه ـ في أضواء البيان حول مسألة الجر بالمجاورة:
[و لم ينكره إلا الزجاج، و إنكاره له ـ مع ثبوته في كلام العرب، و في القرآن العظيم ـ يدل على أنه لم يتتبع المسألة تتبعا كافيا]
2/ 8 طـ مكتبة ابن تيمية
يقول ابن الهمام في (فتح القدير) ـ 1/ 15 ـ:
[و قول ابن الحاجب إن العرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى و لكل متعلق جوزت حذف أحدهما و عطف متعلق المقذوف على متعلق المذكور كأنه متعلقه كقولهم: متقلدا سيفا و رمحا، و علفتها تبنا وماءا باردا، و الحمل على الجوار ليس بجيد إذ لم يأت في القرآن ولا كلام فصيح .. انتهى]
ثم يقول ابن الهمام بعده مباشرة:
[إنما يتم إذا كان إعراب المتعلقين من نوع واحد كما في علفتها وسقيتها، و هنا الإعراب مختلف لأنه على ما قال يكون الأرجل منصوبا لأنه معمول اغسلوا المحذوف فحين ترك إلى الجر لم يكن إلا لمجاورة إعراب الرؤوس، فما هرب منه وقع فيه.]
ثم يقول:
[هذا و قد ورد الحمل على الجوار في بعض الأحاديث .. فإن صحت و قلنا بجواز الاستدلال بالحديث في العربية لم يصح قوله / و لا كلام فصيح]
و يقول الشبراملسي في حاشيته على (نهاية المحتاج بشرح المنهاج) لشمس الدين الرملي:
[شرط الجر على الجوار ألا يدخل على المجرور حرف عطف]
1/ 175 طـ الحلبي
أقول // يتضح مما سبق أمران:
الأول: أن قول الإمام الشنقيطي (و لم ينكره إلا الزجاج) غير صحيح .... إلا إن قصد الإنكار بالكلية ... فهذا قد يكون صحيحا ـ لا أعرف فيه شيء ـ ... و هنا يتوجه الأمر الثاني
الثاني: هناك شرطان لصحة حمل الجر على المجاورة:
1 ـ أن يتحد أصل إعراب المتعلقين، كما يظهر من كلام ابن الهمام
2 ـ ألا يدخل على المجرور حرف عطف، كما يظهر من كلام الشبراملسي
و كل من الشرطين لا يتوفر في آية الوضوء، و لم أجد تنبيها من الإمام الشنقيطي ـ رضي الله عنه ـ على ذلك(/)
من هو الذي قتلته هذة الاية
ـ[ابو الاء]ــــــــ[28 Jan 2004, 12:15 ص]ـ
اخواني في الله من هو الرجل الذي من سلف الامة قتلتة هذة الاية
ولوترا اذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المومنين؟(/)
ما هو رأي مشايخنا في كتاب التسهيل لتأويل التنزيل لفضيلة الشيخ مصطفى العدوي؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Jan 2004, 01:18 ص]ـ
السلام عليكم
ما هو رأي مشايخنا في كتاب التسهيل لتأويل التنزيل لفضيلة الشيخ مصطفى العدوي؟ وهو كتاب وضعه مؤلفه - حفظه الله - في تفسير القرآن على طريقة السؤال والجواب
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jan 2004, 10:29 ص]ـ
بسم الله
الكتاب الذي سألت عنه جيد، وأسلوبه سهل، وطريقته في التفسير تناسب الجميع من طلبة العلم ومن العامة.
وقد استفاد من أمات كتب التفسير، ويطيل النقل أحياناً عن ابن القيم.
ومما يميز كتابه اهتمامه بتخريج الأحاديث وبيان صحتها.ويمتاز كذلك بكونه من تفاسير أهل السنة التي سلمت من البدع والتأويلات المخالفة للصواب.
وهذا التفسير فيه تفاوت بين أجزائه، فبعضها قوي فيه جهد ظاهر، وبعضها لا يعدو أن يكون تنسيقاً وترتيباً لما ذكره المفسرون.
ويظهر لي أن مؤلفه وفقه الله من أهل السرعة في التأليف.
والخلاصة أن الكتاب مما ينصح باقتنائه والإفادة منه، وهو تفسير لم يكتمل بعد.
ـ[أبو عبدالرحمن البرازيلي]ــــــــ[13 Sep 2010, 01:54 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله.
فجزى الله الشيخ ابا مجاهد العبيدي على ما أفادنا.
فعلا.
كان سلسلة تفسير الشيخ مصطفى العدوي موفقا. قرّب الى الناس التفسير بطريقة سؤال و جواب و ازال كثير من الاشكالات لدي و
من خلاله حبّب اليّ التفسير و ما يتعلق بعلوم القران.
اسال الله ان ينفع الشيخ العدوي بعلمه.
و بالمناسبة سؤالي هو
ما رايكم في مشروع لتقريب علوم القران و التفسير للعامة الناس بطريقة سؤال و جواب؟(/)
أريد تفسيراً لهذه الآية؟؟ من يفيدني؟
ـ[عيسى القرشي]ــــــــ[28 Jan 2004, 01:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما تفسير قول الله عزوجل: (ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ... الآية)
وما تقدير الكلام؟
وما هو سر جملة: (بل لله الأمر جميعاً)؟
وما هو السر كذلك في ختم الآيه بـ (أفلم يايئس الذين ..... ) الى آخر الاية؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jan 2004, 12:30 ص]ـ
هذه الآية هي الآية رقم (31) من سورة الرعد.
هذا تفسير الآية منقولاً من تفسير الطاهر بن عاشور (التحرير والتنوير) مع بعض التصرف. ولم أعلق عليه بشيء لضيق الوقت، وأرجو أن لا يكون فيه ما يشكل فهمه عليك أخي عيسى، فإن كان هناك سؤال فلا بأس وفقك الله.
(ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعاً أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً)
- يجوز أن تكون عطفاً على جملة (كذلك أرسلناك في أمة)؛ لأن المقصود من الجملة المعطوف عليها أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن إلا مثل رسالة غيره من الرسل - عليهم السّلام ـ كما أشار إليه صفة: (أمة قد خلت من قبلها أمم).
فتكون جملة (ولوأن قرآناً) تتمة للجواب عن قولهم: (لولا أنزل عليه آية من ربه).
- ويجوز أن تكون معترضة بين جملة (قل هو ربي) وبين جملة: (أفمن هو قائم على كل نفس)
- ويجوز أن تكون محكية بالقول عطفاً على جملة: (هو ربي لا إل?ه إلا هو).
والمعنى: لو أن كتاباً من الكتب السالفة اشتمل على أكثر من الهداية فكانت مصادر لإيجاد العجائب لكان هذا القرآن كذلك ولكن لم يكن قرآنٌ كذلك، فهذا القرآن لا يتطلب منه الاشتمال على ذلك إذ ليس ذلك من سُنن الكتب الإلهية.
وجواب (لو) محذوف لدلالة المقام عليه.
وحذفُ جواب (لو) كثير في القرآن كقوله: (ولو ترى إذ وقفوا على النار) [سورة الأنعام: 27] وقوله: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم) [سورة السجدة: 12].
ويفيد ذلك معنى تعريضياً بالنداء عليهم بنهاية ضلالتهم، إذ لم يهتدوا بهدي القرآن ودلائله والحال لو أن قرآناً أمَر الجبال أن تسير والأرض أن تتقطع والموتى أن تتكلم لكان هذا القرآن بالغاً ذلك ولكن ذلك ليس من شأن الكتب.
ووجه تخصيص هذه الأشياء الثلاثة من بين الخوارق المفروضة ما رواه الواحدي والطبري عن ابن عباس: أن كفار قريش، أبا جهل وابن أبي أميّة وغيرهما جلسوا خلف الكعبة ثم أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو وسّعْت لنا جبال مكّة فسيرتها حتى تتسع أرضنا فنحتَرثهما فإنها ضيقة، أو قرّب إلينا الشام فإنا نتجر إليها، أو أخرج قُصَياً نكلمه. وقد يؤيد هذه الرواية أنه تَكرر فرض تكليم الموتى بقوله في سورة الأنعام: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى)
فكان في ذكر هذه الأشياءإشارةٌ إلى تهكمهم.
وعلى هذا يكون (قطعت به الأرض) قطعت مسافات الأسفار كقوله تعالى: (لقد تقطع بينكم).
وجملة (بل لله الأمر جميعاً) عطف على (ولو أن قرآناً) بحرف الإضراب، أي ليس ذلك من شأن الكتب بل لله أمر كل محدَث فهو الذي أنزل الكتاب وهو الذي يخلق العجائب إن شاء، وليس ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند سؤالكم، فأمر الله نبيه بأن يقول هذا الكلام إجراء لكلامهم على خلاف مرادهم على طريقة الأسلوب الحكيم، لأنهم ما أرادوا بما قالوه إلا التهكم، فحمل كلامهم على خلاف مرادهم تنبيهاً على أن الأولى بهم أن ينظروا هل كان في الكتب السابقة قُرآن يتأتى به مثل ما سألوه.
ومثل ذلك قول الحجاج للقبعثري: لأحملنّك على الأدهم (يريد القيد).
فأجابه القبعثري بأن قال: مثلُ الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فصرفه إلى لون فرس.
والأمرهنا: التصرف التكويني، أي ليس القرآن ولا غيره بمكوّن شيئاً مما سألتم، بل الله الذي يكوّن الأشياء. وقد أفادت الجملتان المعطوفة والمعطوف عليها معنى القصر؛ لأن العطف بـ (بل) من طرق القصر.
فاللام في قوله: (الأمر) للاستغراق، و (جميعاً) تأكيد له. وتقديم المجرور على المبتدأ لمجرد الاهتمام لأن القصر أفيد بـ (بل) العاطفة.
وفرع على الجملتين (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً) استفهاماً إنكارياً إنكاراً لانتفاء يَأس الذين آمنوا، أي فهم حقيقون بزوال يأسهم وأن يعلموا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً. وفي هذا الكلام زيادة تقرير لمضمون جملة: (قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب)
و (ييأس) بمعنى يوقن ويعلم، ولا يستعمل هذا الفعل إلامع (أن) المصدرية، وأصله مشتق من اليَأس الّذي هو تيقّن عدم حصول المطلوب بعد البحث، فاستعمل في مطلق اليقين على طريقة المجاز المرسل بعلاقة اللزوم لتضمن معنى اليأس معنى العلم وشاع ذلك حتى صار حقيقة، ومنه قول سُحَيم بن وَثيل الرياحي:
أقول لهم بالشّعْب إذ يَيْسَرُونَنِي ... ألم تأيسوا أني ابنُ فارس زهدم
وشواهد أخرى.
وقدقيل: إن استعمال يَئِس بمعنى عَلِم لغة هَوازن أو لغة بنِي وَهْبيل (فخذ من النخَع سمي باسم جَد). وليس هنالك ما يلجىء إلى هذا.
هذا إذا جعل (أن لو يشاء الله) مفعولاً لـ (ييأس).
ويجوز أن يكون متعلق (ييأسْ) محذوفاً دلعليه المقام. تقديره: مِن إيمان هَؤلاء.
ويكونَ (أن لو يشاء الله) مجروراً بلام تعليل محذوفة.
والتقدير: لأنه لو يشاء الله لهدى الناس، فيكون تعليلاً لإنكار عَدَم يأسهم على تقدير حصوله.(/)
أجيبوني عاجلا قبل رحيل الكتاب
ـ[أبو يعلى المصري]ــــــــ[29 Jan 2004, 12:57 ص]ـ
أسأل عن طبعة لتفسير القرطبي وجدتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب. نشر دار عالم الكتب و الدار المصرية السعودية, تحقيق سمير البخاري. أم تنصحوني بشراء طبعة دار الكتب العلمية
وأردت أيضا أن أسأل عن اس و عنوان المكتبة التي نشرت كتاب "فتح القدير مختصر تفسير ابن كثير"للقاضي كنعان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jan 2004, 11:06 ص]ـ
حياك الله أخي الكريم.
بالنسبة لطبعة تفسير القرطبي فلا أدري عن الطبعة التي طبعتها دار عالم الكتب. ولكن الطبعة الموثوقة للتفسير هي طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب وخاصة الأخيرة منها فهي أحسن الطبعات وأكثرها ضبطاً، وتلاحظ أنهم يقومون بالإحالة لكلام القرطبي داخل التفسير، بحيث إذا قال القرطبي وقد سبق بيانه، يقوم المحققون بذكر الجزء والصفحة التي سبق فيها البيان. وهي مقابلة على عدد كبير من النسخ.
وأما (فتح القدير تهذيب تفسير ابن كثير) للقاضي محمد أحمد كنعان فقد طبعته دار لبنان للطباعة والنشر عام 1412هـ.
أسأل الله لك التوفيق.(/)
البعث في سورة القيامة .............. مع امكانية المناقشة
ـ[القايدي]ــــــــ[29 Jan 2004, 03:36 ص]ـ
الكتابة عن موضوع البعث في سورة القيامة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:08 ص]ـ
أخي القايدي وفقه الله
اشكرك على سؤالك الذي لم يكن واضحاً لي بما فيه الكفاية. وما أظنك إلا طالباً كلف ببحث في موضوع: (البعث في سورة القيامة) من باب التفسير الموضوعي، ببحث موضوع من خلال سورة.
فهل تريد مساعدتك في وضع خطة مناسبة للبحث تسير عليها، وتأخذ بيدك إلى إتمامه؟
أم تريد أن نحيلك على بحث جاهز تأخذه وتستريح من عناء البحث؟!
أحببت مداعبتك، وننتظر ماذا تريد بالتحديد ونسعد بمساعدتك إن شاء الله.
سؤال: ماذا تعني بقولك: مع إمكانية المناقشة؟(/)
تفسير اية
ـ[اكرم]ــــــــ[29 Jan 2004, 02:39 م]ـ
السلام عليكم:
أريد أحدا يفسر لى هذه الاية: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ).
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[29 Jan 2004, 04:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اولا ارحب بك في هذا الملتقى
ثانيا يبدا فهم الاية من فهم مفرداتها، ففي ماده خشي من عمدة الحفاظ قال الحلبي رحمه الله:الخشية هي: أشد الخوف ,وقيل خوف يشوبه تعظيم المخوف منه ,أكثر مايكون ذلك عن علم مايخشى منه ,ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، أقول وقد فرق العسكري رحمه الله بين الخشية والخوف في الفروق بماتحسن مراجعته منه.
الاية التي سالت عن تفسيرها هي الاية (28) من سورة فاطر، ولتفسيرها تعلق بالاية التي قبلها
يقول سبحانه (الم تر أن الله انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود *ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء)
قال بن كثير رحمه الله: يقول تعالى منبها على كمال قدرته في خلقه الاشياء المتنوعة المختلفة من الشئ الواحد وهو الماء الذي أنزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلف الوانها، من أصفر وأحمر وأخضروأبيض الى غير ذلك من الوان الثمار ... وخلق الجبال كذلك مختلف الوانهاكماهو المشاهد، كذلك الحيوانات من الاناسي والدواب مختلف الوانهامن أسود وابيض , والناس كذلك منهم بربر وحبوش وصقالبة وعرب ... قال السعدي رحمه الله فتفاوتها دليل عقلي على مشيئته تعالى التي خصصت ماخصصت منها بلونه ووصفه ودليل على قدرته وسعة علمه سبحانه والكن الغافل ينظر في هذه الاشياء وغيرها،نظر غفله , لا تحدث له ذكرا، وإنما ينتفع بها من يخشى الله تعالى ويعلم بفكره الصائب وجه الحكمة فيها، فكل من كان بالله أعلم كان أكثر له حشية وانكفافا عن المعاصي وفي هذا دليل على فضيلة العلم فإنه داع إلى خشية الله وأهل خشيته هم أهل كرامته كما قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) ـ باختصار وتصرف بسيط ـ
وللاستزاده فهناك رسالة مستقلة في تفسير هذه الايه لابن رجب رحمه الله(/)
تفسير التسهيل لابن جزيء
ـ[ياسر القحطاني]ــــــــ[29 Jan 2004, 05:00 م]ـ
أسأل إخواني عن تفسيرالتسهيل لابن جزيء، هل تعلمون أحداً يقوم بخدمته من أجل إخراجه مطبوعاً محققاً؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2004, 02:16 ص]ـ
حياكم الله أخي الكريم ياسر بين إخوانك في ملتقى أهل التفسير، ونرجو أن نرى مشاركاتك قريباً بإذن الله.
أما تفسير ابن جزي الكلبي رحمه الله (التسهيل في علوم التنزيل)، فهو تفسير نفيس كما تعلم، وقد دُرس منهجه قديماً في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ولا أعلم تحقيقاً علمياً للكتاب لا مطبوعاً ولا مخطوطاً، وخاصة في الجامعات السعودية فيما اطلعت عليه، وأذكر أنني سالت عنه أحد الإخوة المغاربة قديماً فقال إنه يظن أنه قد حقق في المغرب! وهو ظن على كل حال يمكننا أن نتأكد منه لو صح العزم على تحقيقه من طرفكم إن كنتم تنوون ذلك. أسأل الله لكم العون والسداد، مع أنني لا أتصور أن يترك مثل هذا التفسير النفيس دون عناية لشهرته وشهرة مؤلفه، وخاصة بعد النهضة العلمية المعاصرة في كافة بلدان العالم الإسلامي. ولكن ما يدريك؟ قد يترك المشهور أحياناً ويبحث عن غيره، والحظوظ تدخل في باب التحقيق والعلم، لما سبق في علم الله من التقدير.
أخي ياسر مرحباً بك مرة أخرى، واسأل الله لك التوفيق.
وأرجو ممن يعلم شيئاً يقينياً عن الكتاب إفادة الأخ الكريم ياسر.
ـ[ياسر القحطاني]ــــــــ[03 Feb 2004, 03:44 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي عبد الرحمن على هذا الترحيب والنصح لي بما ظهر لك حول الكتاب المذكور، وهذان الأمران ليسا بمستغربين، فقد أضحى الأدب وحسن التوجيه مع نضج المادة العلمية سمة بارزة لهذا الملتقى المبارك، وكم كنت أحاول أن أفيد من هذه الشمائل والدرر حال تصفحي له، ولا ريب في هذا، فالملتقى لأهل التفسير وهم أولى الناس للتأدب بادآب القرآن والاهتداء بأنواره فهو محور اجتماعهم وقطب رحى مدارستهم ...
وإني لأحمد الله أن ألحقني بكم وضمني لركابكم، ومما يسليني حين أدلي بدلوي معكم وأتطفل على مائدتكم؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( .. هم القوم لا يشقى بهم جليس)
رزقني الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وألحقنا بالصالحين في الدارين، في الدنيا بمجالستهم والاهتداء بهديهم، وفي الآخرة بأن نحشر في زمرتهم وندرك منزلتهم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2004, 10:39 م]ـ
بسم الله
رأيت قبل مدة في مكتبة التدمرية في الرياض طبعة جديدة محققة للكتاب المسؤول عنه في أربعة مجلدات كبار، ففرحت بها، وأخذت في تصفحها في المكتبة.
ولكن رأيت محققها قد شوه الكتاب، وعلق عليه بتعليقات غير سديدة، وهو فيما يظهر أشعري جلد - أي المحقق - يحاول تقرير مذهب الأشاعرة كلما وجد فرصة لذلك.
ويبدو أنه ليس من أهل التفسير.
وقد نسيت اسم محقق هذه الطبعة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2004, 10:50 م]ـ
وصلتني عبر البريد الرسالة التالية:
(بَسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ , والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ , وعلى آلهِ وصحبهِ.
وبعد:
فقد كنت أتصفَّح موقع ((ملتقى أهل التفسير)) ولفت نظري التَّساؤل حول تفسير ابن جزي الكلبي - رحمه الله تعالى – المسمى بـ ((التسهيل في علوم التنزيل)) حول خدمتها ....
ولقد رأيت أنَّهُ خُدم من ناحيتين:
الأَوْلى: حول منهج الكتاب , وسيرة مؤلفه؛ لعلي بن محمد الزبيري - رحمه الله تعالى – في رسالة ما جستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , بعنوان: ((ابن جزي ومنهجه في التفسير)) , وحصل فيها على تقدير ممتاز.
الثَّانية: حول تخريج أحاديثه وآثاره , سامي بن مساعد الجهني المدرس بمعهد الحرم المكي الشَّريف في رسالة
ماجستير , من جامعة أم القرى , بعنون: ((تخريج الأحاديث والآثار في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل)) وحصل فيها على تقدير ممتاز , مع التوصية بالطباعة.
وهو يقوم الآن على خدمة الكتاب على ثمان نسخ خطِّية , وسيرى النور قريباً – إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى -.).
فشكر الله لكاتب هذه الرسالة وجزاه خيراً.
وبريده هو: a7mad_336@hotmail.com
ـ[ابن آدم]ــــــــ[11 Feb 2004, 01:51 ص]ـ
بشرك الله بالخير يا أبا مجاهد
هذا التفسير عظيم الفائدة مع صغر حجمه
ويظهر من مؤلفه رحمه الله الإخلاص لله عز وجل وتلمس في كلامه الخشية
ونحسبه من اولياء الله المتقين
كيف لا وقد استشهد في جهاد الفرنجة في الأندلس رحمه الله رحمة واسعة
ورحم علماء المسلمين وجمعنا بهم في جنات النعيم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2005, 08:14 م]ـ
وصلني عبر البريد رسالة من أحد الإخوة الفضلاء كنيته أبو بكر من الإمارات العربية المتحدة يقول فيها: (السلام عليكم أنا أخوك أبو بكر من الامارات. لقد قمت بتحقيق كتاب التسهيل على نسخ مخطوطة جيدة والكتاب تحت الطبع)
ولم يزد على ذلك حفظه الله. ولعله يتكرم بمزيد من المعلومات حول هذا الجهد العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلود]ــــــــ[08 Jun 2005, 09:36 م]ـ
ما رأيكم في طبعة دار الكتاب العربي بلبنان عام 1403هـ، علما بأنها ليست محققة.
هل يمكن الاعتماد عليها إلى أن ييسر الله ظهور الكتاب محققا
وهلا أفدتمونا -بورك فيكم- عن مكانة المفسر، وهل على التفسير أي ملاحظ؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Jun 2005, 06:41 م]ـ
تفسير ابن جزي تفسير مهم نفيس، وفيه نَفَسُ الأندلسيين من التحرير والقول بالرأي فليس ممن يعتمد النقل فقط، بل تراه يُبدي رأيه وترجيحه لبعض الأقوال، وإن كان لا ينصُّ على مستنده في الترجيح.
وقد قدم له المؤلف بمقدمة نفيسة جدًّا، وطرح فيها موضوعات في غاية الأهمية، منها: أنواع الاختلاف الواقعة في التفسير، وأسباب الاختلاف في التفسير، ووجوه الترجيح في التفسير.
وأذكر ههنا بعض الفوائد المتعلقة بهذا الكتاب:
الأولى:
قوله في تأصيل أنواع الاختلاف، قال: ((واعلم أن التفسير منه ما هو متفق عليه، ومختلف فيه، ثم إن المختلف فيه على ثلاثة أنواع:
الأول: اختلاف في العبارة مع اتفاق في المعنى،فهذا عدَّه كثيرٌ من المؤلفين خلافًا، وليس في الحقيقة بخلاف لاتفاق معناه. وجعلناه قولاً واحدًا، وعبَّرنا عنه بأحد عبارات المتقدمين، أو بما يقرب منها، أو بما يجمع معانيها.
الثاني: اختلاف في التمثيل؛ لكثرة الأمثلة الداخلة تحت معنى واحد، وليس مثال منها على خصوصه هو المراد، وإنما المراد المعنى العام التي تندرج هذه الأمثلة تحت عمومه، فهذ أيضًا عدَّه كثيرٌ من المؤلفين خلافَا وليس في الحقيقة بخلاف؛ لأن كل قول منها مثال، وليس بكل المراد، ولم نعده نحن خلافًا، بل عبرنا عنه بعبارة عامة تدخل تلك تحتها، وربما ذكرنا بعض الأقوال على وجه التمثيل، مع التنبيه على العموم المقصود.
الثالث: اختلاف المعنى، فهذا الذي عددناه خلافًا، ورجحَّنا فيه بين الأقوال، حسبما ذكرنا في خطبة الكتاب)).
وهذا التحرير في أوجه الاختلاف منطلق من اللفظ (الذي عبر عنه ابن جزي بالعبارة) والمعنى، وهو تحرير للاختلاف غير التحرير الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في أصول التفسير، ولعلك تلاحظ تقارب زمنيهما مع بعد مكانهما. (ابن تيمية توفي سنة 728، وابن جزي توفي سنة 741).
الثانية:
ذكر في مقدمة كتابه فائدة تتعلق بتحقيق أقوال المفسرين، وهي التي أشار إليها في الكلام السابق بقوله (حسبما ذكرنا في خطبة الكتاب) وأنقل لك ذلك لنفاسته أيضًا، قال: ((تحقيق أقوال المفسرين؛ السقيم منها والصحيح، وتمييز الراجح من المرجوح. وذلك أن أقوال الناس مراتب: فمنها الصحيح الذي يعول عليه، ومنها الباطل الذي لا يُلتفت إليه، ومنها ما يحتمل الصحة والفساد. ثم إن هذا الاحتمال قد يكون متساويًا أو متفاوتًا، والتفاوت قد يكون قليلاً أو كثيرًا، وإني قد جعلت لهذه الأقسام عبارات مختلفة تعرف بها كل مرتبة وكل قول، فأدناها ما أصر بأنه خطأ او باطل، ثم ما اقول فيه: إنه ضعيف أو بعيد، ثم ا أقول: إن غيره أرجح أو أقوى أو أظهر أو أشهر، ثم ما أقدم غيره عليه إشعارًا بترجيحي المتقدم أو بالقول فيه: قيل: كذا، قصدًا للخروج من عُهدته، واما إذا صرحت باسم قائل القول فإني أفعل ذلك لأحد امرين: إما للخروج عن عهدته، وغما لنصرته إذا كان قائله ممن يُقتدى به، على أني لست أنسب الأقوال إلى أصحابها إلا قليلاً، وذلك لقلة صحة إسنادها إليهم، أولاختلاف الناقلين في نسبتها إليهم، وأما إذا ذكرت شيئًا دون حكاية قوله عن أحد؛ فذلك إشارة إلى أني أتقلده وأرتضيه، سواءً كان من تلقاء نفسي، أو مما أختاره من كلام غيري.
وإذا كان القول في غاية السقوط والبطلان لم أذكره تنزيهًا للكتاب، وربما ذكره تحذيرا منه.
وهذا الذي من الترجيح والتصحيح مبني على القواعد العلمية، أو ما تقتضيه اللغة العربية، وسنذكر بعد هذا بابا في موجبات الترجيح بين الأقوال إن شاء الله)).
الثالثة:
اختار المؤلف للترجيح بين الأقوال عبارة (الوجوه)، ولم يذكر لفظة القواعد، وتلك لفظة مليحة تحتاج إلى بحث وتحليل يكون فيها موازنة بين العبارتين للنظر في أيهما أولى بالمقام في باب الترجيح بين أقوال المفسرين؛ هل يقال: قواعد الترجيح، أو يقال: وجوه الترجيح؟
واعتذر عن الإطالة في النقل عن الكتاب، وإنما انتخبت منه ما رأيت أن فيه لمن قرأه مدعاة لشراء هذا التفسير النفيس وقراءته، لكن للأسف لا يوجد إلى الآن نسخة مستقيمة التحقيق، بل كلها سقيمة، وفيها سقط وتحريف، ولا أدري لماذا لا يكون تحقيق مثل هذا الكتاب مشروعًا في الجامعات، فهو بطبعاته سيء لا يصلح الاعتماد عليه إلا لضرورة البحث.
ولولا خشية الإملال لذكرت بعض الجوانب مما في هذا الكتاب، ولعل فيما ذكرته كفاية، وأسأل الله أن يرينا تحقيقه عاجلاً كما أشار إلى ذلك أخي عبد الرحمن الشهري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلود]ــــــــ[10 Jun 2005, 12:02 ص]ـ
بورك فيكم وفي علمكم، ولا زلنا نتشوف لقراءة المزيد
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[14 Jun 2005, 12:31 ص]ـ
أخي الكريم عبدالرحمن ..
آمل أن تزودني بعنوان البريد الإلكتروني للأخ أبي بكر .. نظرا لحاجتي الماسة لنسخة محققة من هذا الكتاب لغرض البحث ...
تحياتي لك ,,
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jun 2005, 03:05 م]ـ
asaadaoui@hotmail.com
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[30 Aug 2005, 10:00 ص]ـ
ما رأي السادة النجباء ان السيوطي رحمه الله قد اخذ مقدمة كتاب التسهيل ووضعها كلها بنصها وفصها في أحد مجلدات كتابه معترك الاقران في اعجاز القران؟
رحمهم الله جميعا وعفي عمن اذنب
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Feb 2006, 03:35 ص]ـ
الدكتور الفاضل جمال
سؤالك يتضمن الجواب، لكنك تريد منا البحث والتنقيب، وقد بحثت فلم اهتد إلى الموضع الذي ذكرت، فياليتك تتفضل بذكر ما عندك في هذا الموضوع.
ـ[روضة]ــــــــ[15 Sep 2006, 06:03 م]ـ
هناك رسالة ماجستير قُدمت في الجامعة الأردنية عام 1989، من الدكتورة سناء فضل عباس، بعنوان: (التحصيل لفوائد كتاب التسهيل الجامع لعلوم التنزيل).
ـ[الميموني]ــــــــ[16 Sep 2006, 04:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
كتاب ابن جزي التسهيل مفيد كما تفضلتم و مقدماته مفيدة غير أنه يعوزه أمران:
تحقيقه على نسخ جيدة فطبعاته كلها رديئة و الحديث منها أردأ.
الأمر الثاني على الكتاب ملاحظ في أمور عديدة، يمكن تلافي كثير منها بحاشية موجزة تصحح غلطه و تبين ما لم يذكره من الأقوال القوية دليلا التي هي أحيانا أقوى من بعض ما ذكره، فإنه قد يذكر القولين في الآية و يدع ما هو مشهور قوي و قد يوجز في موضع يحتاج فيه إلى بعض البسط و يبسط الخلاف في موضع لا يتناسب مع منهجه الذي يميل إلى الإيجاز هذا عدا عما فيه من أقوال في التصوف و الاعتقادات تحتاج إلى تنبيه و تصحيح المنصفين لا إلى تهجم أو تعيير المتسرعين.
و مخطوطات الكتاب متوافرة و لكن الشأن في حسن اختيار أفضلها.
و قد أخذ منهج الكتاب أيضا كرسالة دكتوراة في جامعة أم القرى و لعل الباحث يكاد ينتهي منه.
و أرجو ممن اطلع على مخطوطات الكتاب و قارن بينها أن يتكرّم بإرشادي و الإخوان إلى نسخة تكون من أفضل مخطوطاته نقومك بتصويرها ليستفاد منها عند تدريس الكتاب أو بعضه أو عند القر اءة فيه.
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[05 Oct 2006, 10:45 م]ـ
المشايخ الفضلاء
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وتقبل الله منا جميعا صيام رمضان وقيامه، آمين ...
التقيت قبل أيام بشيخنا الدكتور المفتي محمد مولاي الشنقيطي حفظه الله، وأخبرني أنه قد انتهى من تحقيق كتاب التسهيل لابن جزي على سبع نسخ خطية أو أكثر، و سألته عن الفروق بين النسخ الخطية والنسخ المطبوعة، فأجابني بأنها كبيرة، والنسخ المطبوعة اشتملت على تحريف كثير و سقط ..
و هو الآن يعد الكتاب للطباعة في إحدى الدور البيروتية، والله الموفق.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Oct 2006, 06:42 م]ـ
بشرك الله بالخير أبا تيمية.
ـ[الجكني]ــــــــ[07 Oct 2006, 10:47 م]ـ
ومما هو جدير بالذكر هنا هو أن شيخنا الدكتور عبد الله الأمين،ابن الشيخ الأمين صاحب "أضواء البيان " له درس اسبوعي بعد صلاة الفجر في هذا الكتاب في منزله بالمدينة المنورة، وعهدي به حتى نهاية العام الدراسي المنصرم 0
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[07 Oct 2006, 11:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا
للعلم فإن أخي الفاضل الأستاذ الدكتور
محمد رضوان الداية، أستاذ الأدب الأندلسي، عمل في تحقيقه مع أحد الأساتيذ في جامعة دمشق
منذ أربعين عاما، ودفعاه للمطبعة، وتوقف العمل فيه بسبب الخلاف
الذي نشب بينهما، ولا أعرف مامصيره الآن؛ ولعلي اتصل بالدكتور رضوان
واستفهم منه عن مصير هذه الطبعة
أما كتاب:
التحصيل لفوائد كتاب التسهيل الجامع لعلوم
التنزيل.
بتحقيق وتعليق سناء فضل حسن عباس ;
وإشراف احمد فريد صالح.- 1989.
وهو في جزءين
رسالة جامعية (ماجستير) - الجامعة الاردنية.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[07 Oct 2006, 11:52 م]ـ
وقد شاهدت نسخة نفيسة منذ سنتين في مكتبة
وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر
من هذا التفسير الرائع، وطلبت تصويرها، وحملها إلي
أحد الأصدقاء على cd
بسبب سفري، وعدم جاهزيتها حينئذ
وهي عنده الآن في دبي؛ ولعلي آخذها منه الآن ـ بمشيئة الله ـ
وما زلت أحتفظ ببعض المعلومات عنها:
مقاسها
20*37
وعدد أوراقها
532 ورقة
وتاريخ نسخها
سنة 739 هـ
وثمة نسخ أخرى في هذه المكتبة
ولا بدّ من الرجوع إليها عند تحقيق هذا الكتاب
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[11 Jan 2007, 02:55 ص]ـ
المشايخ الفضلاء
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وتقبل الله منا جميعا صيام رمضان وقيامه، آمين ...
التقيت قبل أيام بشيخنا الدكتور المفتي محمد مولاي الشنقيطي حفظه الله، وأخبرني أنه قد انتهى من تحقيق كتاب التسهيل لابن جزي على سبع نسخ خطية أو أكثر، و سألته عن الفروق بين النسخ الخطية والنسخ المطبوعة، فأجابني بأنها كبيرة، والنسخ المطبوعة اشتملت على تحريف كثير و سقط ..
و هو الآن يعد الكتاب للطباعة في إحدى الدور البيروتية، والله الموفق.
اخي الكريم
هل يمكنك تزويدي بمعلومات تفصيلية أكثر ... للأهمية وكيف يتسنى لي الاتصال بالشيخ
بارك الله فيك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Dec 2007, 06:07 م]ـ
وصلتني عبر البريد الرسالة التالية:
......
الثَّانية: حول تخريج أحاديثه وآثاره , سامي بن مساعد الجهني المدرس بمعهد الحرم المكي الشَّريف في رسالة
ماجستير , من جامعة أم القرى , بعنون: ((تخريج الأحاديث والآثار في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل)) وحصل فيها على تقدير ممتاز , مع التوصية بالطباعة.
وهو يقوم الآن على خدمة الكتاب على ثمان نسخ خطِّية , وسيرى النور قريباً – إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى -.)
من نعم الله علي أن صحبتُ في حج هذا العام 1428هـ أخي العزيز الدكتور سامي بن مساعد الجهني، وقد انتقل للعمل الآن في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى. ولم أتنبه لكونه هو الذي قام بتخريج أحاديث تفسير ابن جزي في رسالته للماجستير إلا بعد أن نبهني أخي الكريم الدكتور عبدالعزيز الجهني في مكاملة هاتفية يوم أمس إلى ذلك.
وقد قمتُ بمهاتفة الدكتور سامي الجهني بعد ذلك وسألته عن أمر الكتاب فأخبرني أنه انتهى من مقابلة النسخ المخطوطة، وتخريج أحاديث الكتاب، وأنه يتوقع انتهاء خدمته للكتاب خلال أربعة اشهر بإذن الله. وقد انضم الدكتور سامي للملتقى ولعله يفيدنا بتفاصيل حول الموضوع، وما وجده في أثناء بحثه وخدمته للكتاب من فوائد جزاه الله خيراً.
الجمعة 19/ 12/1428هـ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Dec 2007, 01:47 م]ـ
كما أنه تم تحقيق هذا الكتاب بكلية أصول الدين جامعة الأزهر منذ زمن بعيد ولايزال مخطوطا.
ـ[أم عبداللطيف]ــــــــ[29 Apr 2008, 03:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أضم صوتي للأستاذ الميموني لمعرفة النسخة الجيدة من مخطوطات التسهيل لعلوم التنزيل
حيث اني في امس الحاجة لذلك
فأنا طالبة في مرحلة الماجستير وعنوان رسالتي:"ترجيحات ابن جزي الكلبي في كتابه التسهيل ...... "ضمن الجزئ المقرر لي
ومن متطلبات بحثي أن أعتمد على نسخة خطية منه
وجزى الله القائمين على هذا الموقع بكل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Apr 2008, 04:18 م]ـ
لعلكم تتواصلون مع الزميل الدكتور سامي الجهني فلديه النسخ المخطوطة للكتاب، وقد ذكر في مشاركة أخرى له أنه يعمل بجد لإخراج الكتاب ونرجو أن نراه قريباً.
جَزَاكُمُ اللهُ خَيرَاً عَلَى تَفَاعُلِكُم.
وَأمَّا عَن التَّفسيرِ؛ فَأنَا أَعملُ فيهِ، وَسيرَى النَّورَ قَريبَاً إنْْ شاءَ اللهُ تَعَالَى.
ـ[أم عبداللطيف]ــــــــ[30 Apr 2008, 12:25 ص]ـ
عفوا فضيلتكم ولكن ما المعرف للدكتور سامي الجهني في هذا المنتدى المبارك
فقد بحثت عنه في الاعضاء فلم أجده
أو إذا من الممكن اعطائي ايميله الشخصي
فمنذ ان سمعت عن رسالته وانا ابحث عن طريقة للتواصل معه ولم استطع
واخيرا طلبتها من مشرف الرسالة الدكتور/محمد سعيد البخاري حفظه الله
وجزاكم جميعا كل خير
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[12 May 2008, 11:43 ص]ـ
الإخوة الأكارم
تجدون على هذا الرابط تعريفا تفصيليا بطبعة فضيلة الشيخ الدكتور محمد ولد ملاي الشنقيطي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=117889&highlight=%C7%E1%CA%D3%E5%ED%E1+%E1%C7%C8%E4+%CC%D 2%ED[/size]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 May 2008, 06:35 م]ـ
بارك الله فيكم أبا معاذ على هذا الرابط، وقد بلغني قبيل أسبوعين تقريباً خبر طباعة الكتاب في دار يوسف بن تاشفين بموريتانيا ولعلي أحصل على نسخة منه لعرضها في الملتقى. وقد سألتُ عنه أخي الدكتور سامي الجهني فأخبرني بعدم بلوغ خير تحقيق الكتاب إليه بعدُ.
وقد أرفقت لكم مقدمة تحقيق الكتاب التي في الرابط تسهيلاً على المتصفحين وخشية من فقدانها من الرابط المحالي إليه.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Jul 2008, 10:47 م]ـ
للرفع والاستفسار عما جدَّ على تفسير التسهيل لابن جُزيء رحمه الله وهل خرجت إلى النور أيٌّ من التحقيقات العلمية المعلَن عنها أعلاه.؟
وممن يثني كثيراً على هذا الكتاب الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد الأمين فقد سمعتُه يقول"ما رأيتُ مثل هذا الرجل -رحمه الله- في العلم"
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[14 Jul 2008, 04:51 م]ـ
كم طبعة ستخرج للكتاب إن كان هناك أكثر من شخص يحققه وكنت قد قرأت سابقاً بأن الشيخ عبدالرحمن السحيم يعمل على تحقيقه.
والمطبوع الموجود في الإمارات هو مقدمة كتاب التسهيل وهو موجود ضمن هذا الموضوعى (صدر حديثاً (التفسير والمفسرون ببلاد شنقيط) وكتب أخرى >>>)
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12256
ـ[عبدالرحمن الرويشد]ــــــــ[04 May 2009, 06:07 ص]ـ
منذ 5 سنوات والأخبار الأكيدة المبشرة بقرب صدور هذا الكتاب المفيد، ..
لا نزال بالانتظار ..
ولكن لا ندري حتى متى ..
رفعته بانتظار إجابة
ـ[مها]ــــــــ[01 Mar 2010, 09:30 م]ـ
للرفع، إن كان قد صدر من التحقيقات السابقة شيء غير هذه الطبعة: صدور أول طبعة محققة لتفسير ابن جزي ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18221)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[09 Jun 2010, 02:48 م]ـ
أخيراً وصل تفسير ابن جزي (التسهيل في علوم التنزيل) بتحقيق د. محمد مولاي الشنقيطي في ثلاثة مجلدات ,وقد اشتريته اليوم من مكتبة التدمرية ولكن سعره غالي (155) ريالاً.
مكتبة التدمرية
014925192
ـ[عبدالرحمن شاهين]ــــــــ[12 Jun 2010, 08:14 ص]ـ
أخيراً وصل تفسير ابن جزي (التسهيل في علوم التنزيل) بتحقيق د. محمد مولاي الشنقيطي في ثلاثة مجلدات ,وقد اشتريته اليوم من مكتبة التدمرية ولكن سعره غالي (155) ريالاً.
مكتبة التدمرية
014925192
رأيته أمس عند التدمرية وهممت بشرائه، لكن بكل صراحة مبلغ 155 ريال لثلاث مجلدات متوسطة لا يستحق، ولا ادري لماذا هذه الزيادة المفرطة في السعر فليس بتجليد فني فاخر ولا ورق شامواه - كما يقولون - و حتى الطباعة في بعض المواطن فيها قلة وضوح، منذ فترة اشتريت تفسير ابن كثير طبعة عالم الكتب 15 مجلد قريبا من هذا السعر.
فاضطررت آسفا لتركه حتى يأتي امر الله
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[12 Jun 2010, 06:13 م]ـ
صدقت ياأخي ولكن حبك الشيء يعمي ويصم.
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[12 Jun 2010, 06:45 م]ـ
بشرك الله بالخير أخي محمد بن مزهر
وقد قرأت خبرك عن الكتاب فسارعت لشراءه خشية نفاذ الكمية فجزاك الله خيرا على الخبر
ـ[طالب علوم القرآن]ــــــــ[10 Aug 2010, 05:54 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
إخواني ...
أحببت أن أستفسر ما رأيكم في طبعة المكتبة العصرية لهذا الكتاب؟؟
و استفسار آخر كنت أبحث عنه و حتى عندما وجدت مشاركاتكم هنا في الملتقى لم أجد ما أبحث عنه و غريب أن هذا الأمر لم يطرح!
و هو أني كنت أبحث عن عقيدة المؤلف و هل تفسيره يعد من التفاسير السلفية أم فيها شيء من التأويل؟؟
ـ[أبو المظفر الشافعي]ــــــــ[02 Sep 2010, 04:05 ص]ـ
لكن ما رأي الإخوة الكرام في طبعة د. محمد مولاي الشنقيطي. من حيث ضبط النص وجودة التعليقات؟
وهل من أخبار جديدة عن عمل الدكتور الجهني هل طبع؟
وجزاكم الله خيراً.(/)
قول العلماء الرحمة خاصة بالمؤمنين؟!
ـ[القحطاني]ــــــــ[29 Jan 2004, 11:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول العلماء إن الفرق بين "الرحيم" و "الرحمن" أن الرحمة خاصة بالمؤمنين، والرحمن عام للخلق. واستدلوا بقوله تعالى: (وكان بالمؤمنين رحيما). ولكن يشكل على هذا قوله تعالى في سورة الإسراء: (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما * وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا). فوصف نفسه بأنه رحيم بهم مع أن سياق الأية لا يدل على أنها خاصة بالمؤمنين.
إلا أن يكون مقصودهم - من هذا التفريق - في حال اجتماع اللفظين في سياق واحد أما إذا افترقا فإنه يفترق معناهما.
مع أنه قيل في الفرق بين الرحيم والرحمن، أن الرحمن دال على الصفة القائمة به، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فيكون الأول للوصف والثاني للفعل.
وقريب منه قولهم الرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة.
فما رأيكم أيها الإخوة؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2004, 10:14 م]ـ
بسم الله
لعل الصواب والله أعلم في التفريق بين الصفتين هو ما أشرت إليه بقولك: (قيل في الفرق بين الرحيم والرحمن، أن الرحمن دال على الصفة القائمة به، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فيكون الأول للوصف والثاني للفعل.)
وهو اختيار ابن القيم رحمه الله.(/)
هل الأحرف السبعة هي القراءات السبع؟
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[31 Jan 2004, 06:18 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد؛
فهذا بحثٌ كنت قد كتبته قديمًا في "مُلتقى أهل الحديث" بتاريخ 30/ 10 / 1423هـ، ومن قبل في "شبكة الفوائد الإسلامية"، بعد أن استللته من بحثٍ كنت قد كتبته منذ زمَن.
------------------------------------------
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضِل الله، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسولُه، (صلى الله عليه وآله وسلم) ...
(يا أيها الذين آمَنُوا اتقوا الله حق تُقاتِه ولا تَمُوتُنَ إلا وَأنتُم مُّسْلِمُون) [آل عمران: 102].
(يا أيها الناس اتقوا ربَكم الذي خلقكم من نفسٍ واحِدَة، وخَلَق مِنها زوجها، وبث مِنهما رجالا كثيرًا ونساءً واتقوا اللهَ الذي تسائلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيبًا) [النساء: 1].
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدًا، يُصلِحْ لكم أعمالَكم ويغفِرْ لكم ذنوبَكم، ومَن يُطِعِ الله ورسولَه فقد فاز فوزًا عظيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد؛ فإنَّ أصدق الحديثِ كتابُ اللهِ تعالَى، وأحسنَ الهَدْي هَديُ مُحمدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها وكُلَّ مُحدثَةٍ بِدْعَة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضلالة، وكُل ضلالةٍ في النار ...
أخي الكريم ...
لقد ثَبَت في الحديث الصحيح أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ القُرآن أُنزِل على سبعة أحْرُفٍ؛ فاقْرَءُوا ما تيسر مِنه" [متفق عليه].
واشتُهِرَت لدى المسلمين قراءتٍ سبع مُتواتِرَة، عُرِفَت كلٌ مِنها بأسماء أهم من عُرِف بالقراءة بها، وأصحاب هذه القراءات هم: نافع المدني، ابن كثير المكي، أبو عمرو بن العلاء البصري، ابن عامر الشامي، عاصم، حمزة، الكسائي الكوفيون. ولكل مِن هؤلاء القُراء رواة، وأصحاب طرق، وأصحاب أوجه.
وانتشر لدى الناس أنَّ الأحرف السبعة التي أُنزِل القرآنُ عليها –كما في الحديث السابِق- هي نفسها القراءات السَبع، وهذا اعتقاد خاطئ، بإجماع العلماء المُعتبَرين؛ حتى قال الإمامُ (أبو شامة) –رَحِمَه الله-: "وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل" اهـ مِن «فتح الباري»: (19/ 37).
ولا ريب أنَّ مسألة "الأحرف السبعة والقراءت السبع" (مسألةٌ كبيرة تكلم فيها أصناف العلماء من الفُقهاء والقُراء وأهل الحديث والتفسير والكلام وشَرح الغريب وغيرهم، حتى صُنِّف فيها التصنيف المُفرَد) -كما في «مَجموع الفتاوى»: (13/ 389، طـ مجمع الملك فهد). وقد كثر القول في هذا الموضوع (إلى حَدٍّ كاد يطمِس أنوار الحقيقة، حتى استعصَى فَهمَه على بعض العُلماء، ولاذ بالفَرار مِنه، وقال إنه مُشكِل)!! –كما في «مناهل العرفان في علوم القرآن» /للزرقاني –رَحِمَه الله، ص 130، طبعة الحلبي.
وهذا زُبدَةُ بَحثٍ استَلَته مِن بُطون كُتُب العلماء والباحِثين، لا أزْعُم أنِّي أضفت جديدًا، أو حَرَرتُ مُعضِلا؛ إنَّما هو الجَمع والترتيب والتهذيب؛ فأقول –وبالله أستعينُ-:
تواترت الأخبارُ عَن النَبي (صلى الله عليه وسلم) بِنُزُولِ القُرآنِ الكَريم على سَبْعَة أحْرُف (1)، وجُمِعَتْ هذه الأخبارُ في الجوامع والسُنَن والمسانيد وموطأ الإمام (مالك) –رحمه الله- والمُصنفات والأجزاء الحديثية، وقد جاءت تلك الأخبار على أنواع ثلاثة:
الأول: ما يُفيدُ أنَّ اللهَ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أمرَ نبيَه (صلى الله عليه وسلم) على لِسان (جبريل) –عليه السلام- أن يُقرئ أمتَه القرآن على حَرْف، فسأل النبيَ (صلى الله عليه وسلم) المعافاة والمغفرة؛ لأنَّ أُمتَه لا تُطيق ذلك، فأمَرَه أن يقرَأه على حرفين، ثم على ثلاثة أحْرُف، ثم أمرَه -في الأخير- أن يُقرئَ أمتَه القرآن على سَبْعَة أحْرف، وأخبرَه أنَّ مَن قرأ بأي حَرْف مِن هذه الأحرف السَبعَة فقد أصاب.
وهذه الأخبارُ مِن رواية (أُبَيِّ بْنِ كَعْب) –رضي الله عنه، و (عَبْدِ الله بْنِ عَباس) –رضي الله عنه-[مُخْتَصَرًَا] والتي أخذها عن (أُبَيِّ بْنِ كَعْب) –كما جاء ذلك صريحًا في إحدى الروايات.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: ما يُفيد أنَّ النبيَ (صلى الله عليه وسلم) لَقِيَ (جبريل) –عليه السلام- فأخبرَه أنَّه أُرسِلَ إلى أمَة أُميين: مِنْهُمْ العَجُوزُ وَالشَيْخ ُالكَبِيرُ والغُلامُ والجَاريةُ والرَّجُلُ الذي لم يَقْرأ كِتابًَا قَطُّ، فأخبره (جبريل) –عليه السلام- أن القرآن أنزِل على سَبْعَة أحرف.
وهذا الخَبَر مِن رواية (أُبَيِّ بْنِ كَعْب) –رضي الله عنه.
الثالث: ما يُفيد أنَّ النبيَ (صلى الله عليه وسلم) لم يوافِق الصحابَة –رَضيَ اللهُ عنهم- الذين عارضوا بعضَ القراءات –التي سَمِعوا بعض الصحابة يقرأون بها- والتي تُخالِف ما لُقِّنُوه مِن النبي (صلى الله عليه وسلم) نفسِه، وفي هذه الروايات أنَّ النبيَ (صلى الله عليه وسلم) أقرّ كلا مِنهم على قِراءتِه، مُخبِرًا إياهم أنَّ القرآنَ أُنزِل على سَبْعَة أحْرُف، وناهيًا إياهم عَن المِراء في القرآن؛ لأنَّ المِراءَ فيه كُفْرٌ –عِياذًا بالله.
وهذه الأخبار مِن رواية: عُمَر بْنِ الخَطَاب، أُبّيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وعَمرو بْنِ العَاصِ –رَضيَ اللهُ عنهم.
وإليكَ سياق حَديث مِن كل نوع مِن الأنواع الثلاثة السابِقَة:
النَّوع الأول: عَن (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) –رَضِيَ اللهُ عنه- أنَّ النبيَ (صلى الله عليه وسلم) كانَ عِندَ أضَاةِ (2) بَنِي غِفَارٍ، قال فأتاه (جبريل) -عليه السلام- فقال: إنَّ اللهَ يأمُرُك أن تَقْرأ أمَّتُك القرآنَ على حَرْفٍ، فقال: أسألُ اللهَ مُعَافاتَه ومَغْفِرَتَه وإنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذلك. ثُم أتاه الثانيةَ فقال: إنَّ اللهَ يأمُرُك أن تَقْرأ أمَّتُك القرآنَ على حَرْفين، فقال: أسألُ اللهَ مُعَافاتَه ومَغْفِرَتَه وإنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذلك. ثم جاءه الثالثة فقال: إنَّ اللهَ يأمُرُك أن تَقْرأ أمَّتُك القرآنَ على ثلاثَةِ أحْرُفٍ، فقال: أسألُ اللهَ مُعَافاتَه ومَغْفِرَتَه وإنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذلك. ثم جاءه الرابعةََ فقال: "إنَّ اللهَ يأمُرُك أن تَقْرأ أمَّتُك القرآنَ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ، فأيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عليه فقَدْ أصَابُوا" (3).
النَّوع الثاني: عَن (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) قال: لَقِيَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) (جِبْريلَ)، فقال: يا (جِبْريلُ) إنِّي بُعِثْتُ إلى أُمَةٍ أُمِّيِّينَ، مِنْهُمْ العَجُوزُ وَالشَيْخ ُالكَبِيرُ والغُلامُ والجَاريةُ والرَّجُلُ الذي لم يَقْرأ كِتابًا قَطُّ". قال: "يا (مُحَمَّدُ) إنَّ القُرآنَ أُنزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ" (4).
وفي الباب عن: عُمَرَ وحُذَيفةَ بْنِ الْيَمَانِ وأَبِي هُرَيْرَةَ وأُمِّ أيُّوبَ -وهي امرأة (أَبِي أيُّوبِ الأنصاري) - وسَمُرَةَ وابْنُ عَبَاسٍ وأَبِي جُهَيْم بْنِ الحَارِثِ بْنِ الِّصَّمةِ وعَمْرِو بْنِ العَاصِ وأَبِي بَكْرَةَ –رَضي الله عنهم أجْمعين.
قال (أبو عيسى): هذا حديث حسن صحيح، وقد رُويَ عن (أبي بن كعب) من غير وجه.
النَّوع الثالث: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ (عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ) -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يقولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ (الفُرْقَانِ) عَلَى غَيْرِ ما أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أنْ أعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أمْهَلْتُه حَتَى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُه بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَقُلْتُ: إنِّي سَمِعْتُ هذا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أقْرَأْتَنِيهَا، فقال لي: أَرْسِلْه، ثُمَّ قَاَلَ له: اقْرَأ، فَقَرَأ. قَاَلَ: هَكَذَا أُنزِلَتْ، ثُم قَاَلَ لي: اقْرَأ، فَقَرَأتُ، قَاَلَ: هَكَذَا أُنزِلَتْ؛ إنَّ القُرآنَ أُنزِلَ عَلَىَ سَبْعَةِِ أحْرُفٍ؛ فاقْرَءُوا مِنْه مَاَ تَيَسَّرَ (5).
وحَدَثت مِثلُ هذه القِصة مع (أُبّيِّ بْنِ كَعْبٍ) و (عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ) –رَضي الله عَنهما-[كما عِند "مُسلِم" (820) و"أحمد" (20646)]، وحَدَثَ مِثلَها مع (عَمرو بْنِ العَاصِ) –رضي الله عنه-[كما عِند "أحمد"].
والذي يَعنينَا أولا: ما المَقصودُ بهذه الأحرف السَّبعَة؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
اعْلَم –رَحِمَني اللهُ وإياك- أنَّ العُلماء اختلفوا في المراد بهذه الأحرف السَبْعة على خمسة وثلاثين قولا (!!) كما نَقَلَ الإمامُ (القُرطُبيُ) –رحمه الله- في تفسيرِه (1/ 89 مقدمة، طـ دار الغَد العربي بمصر) عَن الإمامِ الحافظِ (أبي حاتِم ابْنِ حِبَّان البُستِّي) –رحمه الله، ولكنه لم يذكُرْ مِنها إلا خمسة أقوال (!!)؛ ولعل السبب في ذلك هو أنَّ "أكثَرَها غيرُ مُختارٍ" –كما صَرَّح بذلك (المُنذِري) –رحمه الله- (كما في «فتح الباري»: (19/ 27، 31))، وكذا الإمام (الزركشي)، كما في كِتابِه الماتِع «البُرهان في عُلوم القُرآن».
وأنا أذكرُ أشهرَ هذه الأقوال وأقواها وأولاها بالاعتبار بادئًا بأرجَحِها:
القول الأول: المراد سَبْعَة أوجُه مِن المعاني المُتفِقَة (6) بألفاظ مُختَلِفَة، يجوزُ أن يقرأ بأي حَرْفٍ مِنها على البَدَلِ مِن صاحبِه، نحو أقبِل، تعالَ، وهَلُم (7). وهو الذي عليه أكثر أهل العلم كسفيان بن عُيَينَة، عَبْد الله بن وَهب، الطَبَري والطَّحَاوي، ومال إليه الحافِظُ (ابنُ حَجَر) –رحمهم الله أجْمَعين-[مع بَعض الضوابِط الأخرى].
تنبيه: (وليس المُراد أنَّ كُلَ كَلِمَةٍ ولا جُملَةٍ مِنه تُقرأ عَلَى سَبْعَةِ أوجُه، [وهذا مُجمَعٌ عَلَيه]؛ بل المُراد أنَّ غاية ما انتهى إليه عدد القرءات في الكلمة الواحدة إلى سَبْعَة؛ [فلو كَانَ المُراد أنَّ كلَ كلَِمَةٍ مِنه تُقْرأ على سَبْعَة أوجُه، لَقَالَ النَبيُّ (صلى الله عليه وسلم) -مثلا-: "أُنزِلَ سَبْعَة أحْرُف"]. فإن قيل: فإنَّا نجِدُ بعضَ الكلمات يُقرأ على أكثَرِ مِن سَبْعَةِ أوجُه، فالجواب: أنَّ غالِبَ ذلك إما لا يُثبِتُ الزيادة، وإمَّا أن يكونَ مِن قَبيل الاختلاف في كيفية الأداء كما في المَد والإمالة ونحوهما) (8).
قلتُ: وهذا القولُ مِن القوةِ بمكان؛ لو أضفْنا إليه ضابِطًا آخَرًا؛ وهو: تأدية المعنى باللفظ المُرادِف ولو كان مِن لُغَة واحِدة؛ لأنَّ لُغة (هِشام بن حَكيِم) –رَضيَ اللهُ عنه- بلِسَان قُرَيش، وكذلك (عُمَر بن الخَطاب) –رَضيَ اللهُ عنه-، ومع ذلك فقد اختلفت قراءتُهما (9). وهذا يُضَعِف القولَ بأنَّ المُرادَ بالأحْرُف اللغات، ويُمكِن الجَمْعُ بينَهما بأنَّ "تغايُّرَ الألفاظ مع اتفاقِ المَعاني مَحْصُورٌ في سَبْعِ لُغات" (10)، وهذا أقْوى؛ لأنَّ الحِكمَة مِن نزول القُرآن على سَبْعَة أحْرُف هي: التخفيف على الأمة ودَفْع المَشقة وإزالة الحَرَج؛ كما يتضِحُ ذلك جَلياُ في قولِه (صلى الله عليه وسلم) لأُبّيِّ بن كَعْب –رَضيِ اللهُ عنه-: "أُرْسِلَ إلَىَّ أنْ أقْرأ القُرآنَ عَلَى حُرْفٍ، فَرَدَدْتُ إلَيهِ أنْ هَوِّن على أُمَّتي"، إلى أن قال (صلى الله عليه وسلم): "فَرَدَّ إلَيَّ الثالثةَ أقْرأهُ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ" (11)، وقولِه (صلى الله عليه وسلم) لجِبْريلَ –عليه السلام-: "وإنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذلك" (12)، وقولِه (صلى الله عليه وسلم): "فاقْرَءُوا مِنْه مَاَ تَيَسَّرَ" (13). وهذا القولُ يُوَفِقُ بينَ جميع الأحاديث الصحيحة الوارِدَة في هذا الباب، دون رَدٍ أو إهمَالٍ لأحَدِها، والحمدُ للهِ وحدَه على التوفيق.
تنبيهان هامان جدًّا:
(1) "الإباحة المذكورة في الأحاديث السابقة لم تَقَع بالتَّشَهي: أي أنَّ كلَ واحِدٍ يُغَيِّرُ الكلمة بمُرادِفِها في لُغَتِه؛ بل المُراعَى في ذلك السَّمَاع مِن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويُشير إلى ذلك قول كل مِن (عمر) و (هشام) –رَضي اللهُ عَنهما- "أقرأني النبي (صلى الله عليه وسلم) " (14). وهذا التنبيه يَردُ على قَوْل مَن قال: "إذَنْ يجوز روايته بالمَعنَى؛ فيذهَب التَّعبُد بلفظة ويتسِع الخَرْق، وتفوتُنا كثيرٌ مِن الأسرار الأحكام" (15)؛ فالرواية بالمَعنَى تَوقيفيةٌ مِن (رسول اللهِ) (صلى الله عليه وسلم) عَن (جِبْريلَ) –عليه السلام- عَن (اللهِ) –عَزَّ وَجَلَّ.
(2) "هذا الاختلاف في الألفاظ ليس من الاختلاف الذي قد نَفَاه اللهُ –تبارك وتعالى- عَن كِتابِه العزيز في قولِه (ولو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فيه اختِلافًا كثيرًا) [النساء: 82]؛ لاتفاق المعاني"، كما قال الإمام (الطبري) –رَحِمَه الله- في «تَفسيرِه»، ص 50، طـ دار الغَد العربي بمصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقولُ شيخُ الإسلام (ابن تيميًّة) –رَحِمَه الله-: "ولا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْحُرُوفَ السَّبْعَةَ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا لا تَتَضَمَّنُ تَنَاقُضَ الْمَعْنَى وَتَضَادَّهُ; بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعْنَاهَا مُتَّفِقًا أَوْ مُتَقَارِبًا كَمَا قَالَ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ) –رَضي الله عَنه-: "إنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ أَقْبِلْ وَهَلُمَّ وَتَعَالَ". وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا لَيْسَ هُوَ مَعْنَى الآخَر; لَكِنْ كلا الْمَعْنَيَيْنِ حَقٌّ وَهَذَا اختلاف تَنَوُّعٍ وَتَغَايُرٍ لا اخْتِلَافُ تَضَادٍّ وَتَنَاقُضٍ، وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم): "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، إنْ قُلْتَ: غَفُورًا رَحِيمًا أَوْ قُلْت: عَزِيزًا حَكِيمًا؛ فَاَللَّهُ كَذَلِكَ مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ أَوْ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ" اهـ مِن كلامُه مِن «مَجموع الفتاوى»: (13/ 389). وقد بَيَّنًّا في تَنبيه (1) أنَّ هذا الاختلاف ليس بالتَّشَهي، والحمدُ لله.
الأدِلَّة:
1 - حديث (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) –رَضيَ اللهُ عنه- قَاَلَ: قَالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): يَا (أُبَيُّ) إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِي: عَلَى حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي قُلْ عَلَى حَرْفَيْنِ، قُلْتُ: عَلَى حَرْفَيْنِ. فَقِيلَ لِي: عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلاثَة، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي قُلْ عَلَى ثَلاثَة، قُلْتُ: عَلَى ثَلاثَة حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ. ثُمَّ قَالَ: "لَيْسَ مِنْهَا إلا شَافٍ كَافٍ، إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ" (16). ومثلُه حديث (أبي بَكرَة) و (عبادة بن الصامت) –رضي الله عنهما.
وجه الدلالة: فَسَر النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) الأحرف السبعة بأنَّها تَغيير اللفظة مع الاحتفاظ بالمَعنى؛ فآية العذاب إنْ خُتِمَتْ بِرَحمَة أو آية الرَحْمة خُتِمَتْ بِعذاب، اختَلّ المَعنى، وضَرَبَ لنا (صلى الله عليه وسلم) في ذلك مثلا: كَلِمَتَي "سَميع عَلِيم" تُقرأ "عزيز حكيم"؛ لتقارُّب معناهما، ولكن بتوقيف مِن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) لا بالأهواء والآراء –كما بينّا في تَنبيه (1)، واللهُ أعْلَم.
2 - حديث (عمر بن الخطاب) مع (هشام بن حزام) –رَضيَ اللهُ عنهما-[انظر: النوع الثالث مِن الأحاديث]، ومِثله: حديث (أُبَي بن كَعْبٍ) مع (عَبْدِ الله بن مَسعود)، و (عَمرو بن العاص) مع صحابي آخر –رَضِيَ الله عنهم أجْمَعين-:
وجه الدلالة: اتحادُ لُغَةِ (عمر) و (هشام) –رضي الله عنهما-؛ فكلاهما قُرَشي، ورغم ذلك فقد أنكَر الأول على الثاني قراءةً لم يُقرئِها له رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم)، فتحاكَما إلى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم) فأقرّ كليهما على قِراءَتِه التي أخذاها عنَه (صلى الله عليه وسلم)، وفَسَر رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) تلك القِراءات بأنَّها "أحْرُف" وأنَّ القُرآن أُنزِل على سَبْعَة أحْرُف" فتَعَيّن –لاتحاد اللغة- صَرْفُ ذلك إلى الألفاظ بشرط اتفاق المعاني؛ كما يُبيّنُه حديث (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) –رَضيَ اللهُ عَنه. وإن قال قائِلٌ: ولِمَ لا نَصْرِف ذلك إلى صاِرف آخر. قُلتُ: كُلُ الصوارِف الأخرى ما هي إلا الأقوال الآتية في تفسير مَعنى "الأحرف السَبْعة"، والتي سَنُبَين ضَعفَها أو بُطلانَها، والله المُستعان.
القول الثاني: سَبْع لغات في القرآن على لغات العَرَب كلِها: يمنها ونزارها (17)، وإليه ذَهَبَ: ثعلب، أبو عبيد القاسِم بن سلام، الأزهري، الطَبَري، ابن عطية، البَيهقي، ابن حِبَّان (كما في «البرهان» / للزركشي)، والسندي، ومَالَ إليه (الألُوسِي) –رَحِمَهم الله جَميعًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحجتهم في ذلك: (أنَّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) لم يَجْهَلْ شيئًا مِنها، وكان قَد أوتي جَوامِع الكَلِم) (18)، وأنَّ الحِكمَة مِن نزول القُرآن على سَبْعَة أحْرُف هي: التخفيف على الأمة ودَفْع المَشقة وإزالة الحَرَج [كما في النوع الأول مِن الأحاديث]، فوَّجَب بِذَلِك نُزُولُه بِلُغات العَرَب ولَهَجَاتِهم، وإلا لا مَعنىً للتيسير ودَفْع الحَرَج.
ويقولون: (وليس مَعناه أن يكونَ في الحَرْفِ الواحِد سَبْعَة أوجُه؛ ولكن هذه اللغات السَبْعَ مُتفَرِقَة في القُرآن؛ فبعضُه بِلُغَة قُرَيش، وبعضُه بِلُغَة هُذَيل، وبعضُه بِلُغَة هُوازِن، وبَعضُه بِلُغَة اليَمَن. وبعضُ الأحياء (أي: اللغات) أسْعَدُ بها وأكثَرُ حظاُ فيها مِن بَعض؛ فيُعَبَر عَن المَعنى فيه مَرة بِعِبَارَةِ قُرَيش، ومَرة بِعِبَارَةِ هُذَيل، ومرة بِغَيرِ ذلك بِحَسَبِ الأفْصَح والأوْجَزِ في اللفظ، وإنْ كَانَ أغلَبُه نَزَل بِلُغَة قُرَيش [كما قال (ابْنُ عَبْدِ البَر) –رحمه الله-]؛ لقولِ (عُثمانَ بْنِ عَفَان) –رضي الله عنه- أثناء جَمْع المُصحَف: "ما اختلفتُم أنتم وَ (زَيْد) فاكتُبُوه بِلُغَة قُرَيش؛ فإنَّه نَزَل بِلُغَتِهم") (19).
ويقولون في كيفية نُزُولِ القُرآن على هذه السَبْع: "أنَّ (جِبْريلَ) –عليه السلام- كان يأتي رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) في كُلِ عَرْضَة بِحَرفٍ إلى أن تَمَّتْ" (20).
واعتُرِض على هذا القول بأنَّ لغات العرب أكثر مِن سَبْع! وأُجيب بأنَّ المرادَ أفصَحُها، واختلَفوا في تعيينِّها على أقوالٍ عِدَة:
1 - فقيل هي: لغة قُرَيش، هذيل، تميم، الأزد، ربيعة، هوازِن، سعد بن بكر.
2 - قال بعضُهم: هذيل، كنانة، قيس، ضبة، تيم الرباب، أسيد بن خزيمة، قريش.
3 - قيل: السَبْع في مُضَر خاصة لقول (عمر بن الخطاب) –رضي الله عنه-: "نزل القرآن بلغة مضر".
4 - وقيل: بل السَبْع في بطون قُرَيش فحسب؛ لقولِه تعالى (وما أنزلنا من رسولٍ إلا بلسان قومِه) [إبراهيم: 4]، وبه جَزَم أبو الأعلى الأهوازي واختاره ابن قُتَيبة –رحمهما اللهُ تعالى.
5 - وقيل: أنزِل أولا بلسان قُرَيش ومَن جاورَهم مِن الفُصحاء، ثم أُبيح للعَرَب أن تقرأهُ بِلُغاتِها؛ دفعًا للمشقة ولِمَا كان فيهم مِن الحَمّيَة، ولم يَقَع ذلك بالتَّشَهي؛ بل المَرعي فيه السماع مِن النبي (صلى الله عليه وسلم).
وهذا القَولُ ضَعيفٌ مِن وَجْه، قَويٌ مِن وَجْهٍ آخَر؛ وبذلك يُمكِن اعتمادُه ببَعضِ الضوابِط الأخرى:
فهو ضَعيفٌ؛ لأنَّ [(عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب) و (هِشامَ بْنَ حَكِيم) –رَضيَ اللهُ عَنهما- كِلاهما قُرَشي مِن لُغَةٍ واحِدَةٍ وقَبيلَةٍ واحِدَةٍ، وقَد اخْتَلَفَتْ قِرَاءتُهما، ومُحال أن ينُكِرَ عليه (عُمَرُ) –رَضيَ اللهُ عَنه- لُغَتَه، فدَلّ على أنَّ المُراد بالأحْرُفِ السَبْعَة غيرُ اللُغات] (21)؛ فوَجَبَ بَذَلِك صَرْفُ مَعنى "الأحْرُف السَبْعَة" إلى مَعنىً آخر غير "اللغات".
تَنبيه هام: لقد أجاب الإمام (الألوسي) -رحمه الله- عَن هذا الاعتِراض (22)، ولكن المُتأمِلَ لجوابِه –رحمه الله- يجِدْه إنَّما أجَابَ –فَحَسبُ- عَن قول الإمام (السيوطي) –رحمه الله-: "ومُحال أن ينُكِرَ عليه (عُمَرُ) –رَضيَ اللهُ عَنه- لُغَتَه" اهـ؛ بما حاصِلُه أنَّ: [مَرجِعَ "الأحُرُف السَبْعة" هو الرِواية عَن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) لا الدِراية والرأي والتَشَّهي] (23)، وبذلك فجوابُه خارِج مَحَل النِزاع؛ لأنَّ ما قَالَه قد نَبَهنا عليه سابِقًا؛ راجِع تَنبيه (1).
أما وَجْه القُوَة في هذا القَول؛ أنَّ الحِكمَة مِن نزول القُرآن على سَبْعَة أحْرُف هي: التخفيف على الأمة ودَفْع المَشقة وإزالة الحَرَج؛ كما يتضِحُ ذلك جَلياُ في قولِه (صلى الله عليه وسلم) لأُبّيِّ بن كَعْب –رَضيِ اللهُ عنه-: "أُرْسِلَ إلَىَّ أنْ أقْرأ القُرآنَ عَلَى حُرْفٍ، فَرَدَدْتُ إلَيهِ أنْ هَوِّن على أُمَّتي"، إلى أن قال (صلى الله عليه وسلم): "فَرَدَّ إلَيَّ الثالثةَ أقْرأهُ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ" (24)؛ فوَّجَبَ صَرْفُ معنى "الأحْرُفِ السَبْعَة" إلى "لغات العَرَب ولهَجَاتِهم".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويُجابُ عَن هذا الوَجْه بوَجْه "الضَعفِ" السابِق؛ باختلافِ (عُمرَ) و (هِشامَ) –رَضي اللهُ عنهما- في القِراءة رَغمَ اتحاد لُغَتِهما، ولكن لا يَليقُ بِنَا أن نَرُدَ هذا الحديثِ الصحيح الثابِت في "صحيح مُسلِم" (25)؛ فوَجَب التوفيقُ ولابُد، ومِن ثَمّ وَجَبَ المَصير إلى "القَولِ الأول" الذي جَمَع بين الأحاديث والأقوال ووَفَقَ بينها، ولا مُوَفِق إلا مَن وَفَقَه الله، والحمدُ لله عَلَى التَّوفيق.
ويتضِحُ في هذا القَول أنَّ أكثرَه آراء واجتهادات لا أدِلَة عليها –غالبًِا-؛ كنزول (جِبْريلَ) –عليه السلام- سَبْع مرات لإتمام الأحْرُف السَبْعَة، وتعيين اللغات التي أُنزِل عليها القُرآن الكَريم.
وبعضُه مَردودٌ؛ كقولِِهم: "هذه اللغات السَبْعَ مُتفَرِقَة في القُرآن" (26)؛ فهذا القَول باطِلٌ جِدًا لا شَكَ في ذلك؛ إذ (لو كانَت "الأحْرُفُ السَبْعَة" لُغاتٍ مُتفَرِقَةً في جَميع القُرآن، فغَير مُوجِب حَرْفٌ مِن ذلك اختلافًا بين تاليه؛ لأنَّ كُلَ تالٍ فإنَّما يَتلو ذَلِك "الحَرْفَ" تِلاوةً واحِدَة على ما هو به المُصحَف، وعلى ما أُنزِل) (27)، ولو كان كذلك لَمَا حَدَثَ اختِلافًا بين الصحابة –رَضيَ اللهُ عَنهم- في القِراءة؛ إذ لا مَعنىً لِذلك إطلاقًا؛ لأنَّ المُصحَفَ واحِدٌ، والسُوَرَ واحِدَة والآياتِ واحِدَةٌ لا تتغيّرُ؛ بل غايةُ الأمْرِ أنَّ هذه الآية بِلُغَة (قُرَيش)، وتلك بِلُغَة (هُذَيل)، وهكذا، فالقُرَشي مأمورٌ بِقراءة القُرآنِ كلُِه الذي يَحوي لُغاتٍ سِتًا غيرَ لُغَتِه، والهُذَيلي مأمورٌ بِقراءة القُرآنِ كلُِه الذي يَحوي لُغاتٍ سِتًا غيرَ لُغَتِه، فأينَ التيسيرُ الوارِدُ في الأحاديث، والذي مِن أجلِه أُنزِل القُرآنُ على سَبْعَة أحُرُف؟! بل وكيفَ يحدُثُ الاختِلافَ بين الصحابَة في السُورَة الواحِدة، بل في الآية الواحِدَة، بلْه الكلمة الواحِدَة؟!! وفي هذا الحَدِ كِفاية، واللهُ أعْلَم.
القول الثالث: المُراد بذلك سَبْعَة أصناف، وهو قول البَيضاوي والقاضي (ابن الطيب). واختلفوا في تعيينِها على عِدة أقوال:
1 - معاني كتاب الله تعالى، وهي: أمر، نهي، وعد، وعيد، قصص، مجادلة، أمثال.
2 - مُحكَم، مُتشابِه، ناسِخ، مَنسوخ، خصوص، عموم، وقصص.
3 - إظهار الربوبية، إثبات الوَحْدانية، تَعظيم الألوهية، التَّعَبُّد لله، مُجانَبَةُ الشِرك، التَّرغيب في الثواب، والتَّرهيب مِن العِقاب.
وهذا القول ضَعيف جدًا؛ (إذ لا مُستَنَدَ له مِن كِتاب أو سُنَة ولا يوجَد وَجْهٌ للتَّخصيص) (28)، ولأنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) (أشَارَ إلَى جوازِ القراءة بِكُلِ واحدٍ مِن الحُرُوف وإبدال حَرْفٍ بحَرْف، وقد تقَرَرَ إجماعُ المُسلمين أنَّه يَحرُّم إبدالُ آيةِ أمثالٍ بآية أحكام) (29)، و (لأنَّ هذا لا يُسمَى أحْرُفًا؛ وأيضًا فالإجماع على أنَّ التوسِعَة لم تَقَع في تَحْليل حلال ولا في تَغيير شَئٍ مِن المَعانِي) (30).
وانظر ردًا بليغًا للإمام (الطَبَري) –رحمه الله- في «تَفسيرِه»: (1/ 49: 52).
القول الرابِع: في أداء التلاوة وكيفية النطق بكلماتها كالإدغام والإظهار والتَفخيم والترقيق والمَد والقَصْر والتليين، وهلم جرا. رَجَحَه الإمامن: (النووي) و (الطيبي) –رحمهما الله.
وهو ضَعيفٌ؛ (لأنَّ ذلك ليس مِن الاختلاف الذي يتنَوَع فيه اللفظ والمَعنَى، واللفظ الواحد بهذه الصِفات باقٍ على وِحدَتِه، فليس فيه حينئذٍ جليل فائِدَة) (31).
قلتُ: والأحاديث الصحيحة السابِقة تَرُدُه، كقولِه (صلى الله عليه وسلم): "إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ" (32)؛ فدل ذلك على أنَّ اللفظ يتغير مع اتفاق المَعنَى، واختلاف كيفية النطق بالتلاوة لا يُغَيّر للفظة مِن قَريبٍ أو بَعيد. ثم لو كان ذلك هو المَقْصود لَمَا أنكَرَ (عُمرُ بن الخطاب) –رَضيِ اللهُ عنه- على (هِشام بْنِ حَكيم) –رَضيَ اللهُ عنه- وذَهَبَ به ليتحاكَمَا إلى رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)؛ بل غاية ما كان يفعَلُه أن يُعلِمَه بنفسه، فيقول له: لا تُفَخِّم هذا الحَرف ورقِقْه أو أظهِرْ ولا تَدْغِمْ وهكذا، ثم كونُ (هِشام) –رضي اللهُ عنه- غَيّر كيفية النُطق بالتلاوة، فهذا لا يَدْفَع (عُمَرَ) –رَضيَ
(يُتْبَعُ)
(/)
اللهُ عنه- أن يظُنَ أنَّ هذه القراءة خطأٌ مِن أصلِها؛ بل غايته أنَّ هذا لَحْنٌ خَفي، مِن الصَعب أن يَقَع فيه رَجُلٌ فَصيحٌ يَنتمي لأفصَحِ القبائِل العربية "قُرَيش"!! فأصل القِراءة التي يقرأ بِها (عمر) –رَضيَ اللهُ عنه- هي نفسَها قراءة (هِشام) –رَضيَ اللهُ عنه-[بُناءً على هذا القول الضَعيف]، فلماذا يقول (عُمَرُ) –رَضيَ اللهُ عنه- إذَن: "سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ (الفُرْقَانِ) عَلَى غَيْرِ ما أَقْرَؤُهَا" إن لم يكُن يقصِد تغيير اللفظة، وتأمَل قولُه: "وَكِدْتُ أنْ أعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أمْهَلْتُه حَتَى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُه بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) " الحديث، تَعرِفْ أنَّ الأمرَ أكبرَ مِن مُجرَد تغيير كيفية النُطق التي لُقِنَها (عُمَرُ) –رَضِي اللهُ عنه- من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واللهُ أعْلَم.
القول الخامِس: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد؛ إنما المراد التيسير والتسهيل والتوسِعَة؛ فقد جَرُوا على تكثير الآحاد بالسَبْعَة، والعشرات بالسَبعين، والمئات بالسُبْعمائة، وسِر التَّسبيع لا يَخفَى. وهو قول القاضي (عِياض) –رحمه الله- ومَن تبعه.
وهو خطأٌ؛ (لعدم ظهور مَعناه، ولأنَّه مَردودٌ بالأحاديث الصحيحة السابقة، كحَديث (أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) –رَضيَ اللهُ عنه-، وفيه: " [استزِدْه] حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ"، وحديث (أبي بَكرَة) –رَضيَ اللهُ عنه- وفي آخره: "فنظَرْتُ إلى ميكائيل فَسَكَتْ، فعَلِمتُ أنه قد انتَهَت العِدَة"، وهذا أقوى دليل على إرادة الانحصار، أضِف إلى ذلك أنَّ في جَمْع القِلَة "أحْرُف وليس حُروف" نوع إشارة إلى عَدَم الكَثرة كما لا يَخفَى) (33).
القول السادِس: خواتيم الآيات؛ فيجْعَل مكان (غَفور رَحيم) (سَميع بَصير). "وهذا فاسِدٌ للإجماع على مَنْع تغيير القُرآن للناس" –كما قال (المازري) –رحمه الله، كما في «شرح النووي –رحمه الله- على صحيح مسلم».
عمومًا نحن نؤمِن –إجمالا- بأنَّ القرآن أنزِل على سبعة أوجه، اختلف العلماء في المراد بها على أقوال عِدة، الراجِح منها ما ذكرناه، "ولم يثبت مِن وَجهٍ صَحيح تَعيين كل حرف من هذه الأحرف، ولم يكلفنا الله ذلك، غير أن هذه القراءة الآن غير خارجة عن الأحرف السبعة" –كما يقول الإمام (الزركشي) –رَحِمَه الله- في كِتابِه «البُرهان».
-----------------------------------
ثانيًا: هل الأحرف السَّبعة هي القِراءات السَّبع؟!
(1) اتفق العُلماء جَميعًا أنَّ الأحرُفَ السبعة التي ذَكَر النَّبيُ (صلى الله عليه وسلم) أنَّ القُرآن أنزِل عَليها ليسَت هي القراءات السبع المَشهورة.
أمَّا ما انتشرَ لدى العامَّة وأيضًا بعض الخاصَّة مِن أنَّ الأحرف السَّبعَة هي نفسها القِراءات السَّبع فهو خَطأ فادِحٌ، حتى قال الإمامُ (أبو شامة) –رَحِمَه الله-: "وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل"!!! كما في «فَتح الباري»: (19/ 37).
قال الإمام (مَكي بن أبي طالب) –رَحِمَه الله-: "وأمَّا مَن ظَنَّ أنَّ قِراءة هؤلاء القُراء كنافِع وعاصِم هي الأحرُف السَّبعة التي في الحَديث؛ فقد غلط غلطًا عظيمًا. ورَدَّ ذَلِك بتعليلٍ ما ألطفَه؛ بأنَّ هذا مفهومَه أنَّ ما عداها ليس قرآنًا!! فقال ما نَصُّه: "ويَلزَم مِن هذا أنَّ ما خَرج عَن قِراءة هؤلاء السَّبعة مِمَّا ثَبَت عَن الأئمة غَيرِهم ووافق خَطَّ المُصحَف، أن لا يكون قُرآنًا، وهذا غَلَطٌ عَظيم؛ فإنَّ الذين صَنَّفوا القِراءات مِن الأئمة المُتقدمين: كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي حاتم السجستاني، وأبي جعفر الطبري، وإسماعيل بن إسحاق، والقاضي، قد ذكروا أضعاف هؤلاء [السًّبعَة] " اهـ نَقلا عَن «فَتح الباري»: (19/ 37)، والزيادة بين المَعكوفَتين مِن عِندي لتوضيح المَعنَى.
وتوضيحًا لقول الإمام (مَكي) –رَحِمَه الله- الذي قد يُشكِل على بَعض القُراء، أقول: لقد أنزِل القُرآنُ على سَبعة أحرُف، إن كانَت هي نفسها القِراءات السَّبع، فباقي القِراءات –إذَن- ليس لها نَصيبٌ مِن الأحرف السَّبعة التي هي كل القُرآن، فهي –على هذا القَول- ليست قُراءنًا، فتأمَل!
قال شَيخُ الإسلام (ابن تيميَّة) –رَحِمَه الله تعالى-:
(يُتْبَعُ)
(/)
"لا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ " الْأَحْرُفَ السَّبْعَةَ " الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ هِيَ "قِرَاءَاتِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ الْمَشْهُورَةَ" بَلْ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ قِرَاءَاتِ هَؤُلاء هُوَ الإمامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَكَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ بِبَغْدَادَ فَإِنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَجْمَعَ الْمَشْهُورَ مِنْ قِرَاءَاتِ الْحَرَمَيْنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَالشَّامِ; إذْ هَذِهِ الأمصارُ الْخَمْسَةُ هِيَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا عِلْمُ النُّبُوَّةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِنْ الأعمال الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ جَمَعَ قِرَاءَاتِ سَبْعَةِ مَشَاهِيرَ مِنْ أَئِمَّةِ قُرَّاءِ هَذِهِ الأمصار; لِيَكُونَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِعَدَدِ الْحُرُوفِ الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ لا لاعتقادِه أَوْ اعْتِقَادِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةَ هِيَ الْحُرُوفُ السَّبْعَةُ أَوْ أَنَّ هَؤُلاء السَّبْعَةَ الْمُعَيَّنِينَ هُمْ الَّذِينَ لا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِغَيْرِ قِرَاءَتِهِمْ. وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ: لولا أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ سَبَقَنِي إلَى حَمْزَةَ لَجَعَلْت مَكَانَهُ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيَّ إمَامَ جَامِعِ الْبَصْرَةِ وَإِمَامَ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ فِي رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ" اهـ كلامُه مِن «مَجموع الفتاوى»: (13/ 389).
(2) قال الإمام (مَكي بن أبي طالب) –رَحِمَه الله-: "هذه القِراءت التي يُقرأ بِها اليوم وصحت رواياتها عَن الأئمة؛ جُزءٌ مِن الأحرف السَّبعة التي نَزَل بها القُرآن" اهـ نَقلا عَن «فتح الباري»: (19/ 37).
وقال الإمامُ (أبو العباس بن عمار) –رَحِمَه الله-: "أصح ما عليه الحُذاق أنَّ الذي يُقرأ الآن [في المُصحَف هو] بعض الحُروف السَّبعة المأذون في قِراءتها لا كُلها، وضابِطُه ما وافق رَسمَ المُصحَف" اهـ نَقلا عَن «فتح الباري» (19/ 36)، والزيادة بين المَعكوفَتين مِن عِندي لتوضيح المَعنَى.
وقال الإمامُ (البَغوي) –رَحِمَه الله- في «شَرح السُّنَة»: "المُصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العَرضات على رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)؛ فأمر (عُثمان) –رَضي الله عَنه- بِنَسخِه في المَصاحِف وجَمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك؛ قَطعًا لمادة الخِلاف فصار ما يُخالِفُ خَطَّ المُصحف في حُكم المَنسوخ والمَرفوع كسائِر ما نُسخ ورُفِع، فليس لأحدٍ أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارِج عَن رَّسم المُصحَف" اهـ بتصرف يَسير نَقلا عَن «فَتح الباري»: (19/ 36: 37).
وبَيَّن الإمامُ (الزركشي) –رَحِمَه الله- في كِتابِه «البُرهان في عُلوم القُرآن» أنَّ الحَرف الذي استقر عليه الأمرُ هو حَرفُ (زَيد بن ثابِت) –رَضي الله عَنه؛ فقال: "السبعة أحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدى الناس منها إلا حرف (زيد بن ثابت) الذي جمع (عثمانُ) عليه المصاحف" اهـ.
(3) قال الإمامُ (ابن أبي هاشِم) –رَحِمَه الله-: "إنَّ السَّبب في اختلاف القِراءت السَّبع وغيرِها أنَّ الجِهات التي وُجِهَت إليها المَصاحِف كان بها مِن الصَّحابَة مَن حَمَل عَنه أهلُ تِلك الجِهَة، وكانت المصاحِف خالية مِن النُقط والشَّكل، فَثَبَت أهلُ كل ناحية على ما كانوا تَلقوه عَن الصحابة بِشَرط موافَقَة الخَط، وتركوا ما يُخالِفُ الخَطَّ؛ امتثالا لأمرِ (عُثمان) –رَضي الله عَنه- الذي وافقه عليه الصَّحابَةُ؛ لِما رأوا في ذلك مِن الاحتياط للقُرآن، فَمِن ثَمَّ نشأ الاختلافُ بين قُراء الأمصار مَع كونِهم مُتَمَسكين بِحَرفٍ واحِدٍ مِن السَّبعة" اهـ بتصرف يَسير جِدًّا نَقلا عَن «فَتح الباري»: (19/ 36: 37).
وصلى الله وسَلَّم على نَبيِّنا مُحمد وعلى آله وأصحابِه أجْمَعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
---------------------------
الحواشي السُّفليَّة:
---------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - هذا وقد جاءت أحاديث الأحْرُف السَبْعَة عَن عدد غَفير مِن الصحابة –رضي الله عنهم، وهم: أُبَيِّ بن كَعب، أنس بن مالك، حذيفة بن اليمان، زيد بن أرقم، سمرة بن جندب، سلمان بن صرد، ابن عباس، ابن مسعود، عبد الرحمن بن عوف، عثمان بن عفان، عمر بن الخطاب، عمر بن أبي سلمة، عمرو بن العاص، معاذ بن جبل، هشام بن حكيم، أبي بكرة، أبي جُهَيم، أبي سعيد الخدري، أبي طلحة الأنصاري، أبي هريرة وأبي أيوب –رَضِي الله عنهم أجْمَعين. فهؤلاء أحد وعشرون صحابيًا؛ فالحديث مُتواتِر كما نص (أبو عبيد) –رحمه الله-[راجع: الاتقان في علوم القرآن، للحافظ (السيوطي) –رحمه الله- (1/ 45)، والنَشر في القِراءات العَشر، للعلامة (ابن الجَزري) –رحمه الله- (1/ 21)، و"سُنن الترمذي" (ح 2944)].
2 - الماء المُستنقَع كالغدير، وجمعها: أضا، على وزن: حصاة وحصا.
3 - رواه مسلم (1357) مِن عدة طُرُق، ورواه مُختصرًا (819)، والنَّسائي (930)، وأبو داود (1478) مُختصرًا، والإمام أحمد (20238) مُختصرًا، ورواه الإمام (البخاري) مُختصرًا كما في الحديث التالي.
4 - الترمذي (2944)، والإمام أحمد (20699،22889، 22937) باختلافات يسيرة.
5 - رواه البخاري (2419) ورواه في عدة مواضِعَ مِن صحيحه باختلافات يسيرة (4992، 5041، 7550)، مسلم (818)، الترمذي (2943)، النَّسائي (936)، أبو داود (1475)، أحمد (159)، مالك (472)، وابن جرير وابن حِبَّان والبيهقي والطيالسي، وغيرهم. وهو حديث مُتواتِر.
6 - لا باخْتِلافِ مَعانٍ مُوجِبَةٍ اختلافَ أحكام [تفسير الطبَرَي (1/ 51)].
7 - انظر: تفسير القرطبي (1/ 89 مقدمة)، فتح الباري (19/ 33)، البرهان في علوم القرآن/ للزَركَشي -رحمه الله.
8 - فتح الباري (19/ 27)، والزيادات بين المعكوفَتَين مِن كلام (ابْن عَبد البَر) و (ابن قُتَيبة) –رحمها الله- في "فتح الباري" (19/ 32: 33)، على التَرتيب.
9 - ثم خَطَرَ في ذِهني خاطِرٌ لَطيف؛ أوَدُ أن أصيدَه قبل أن يتفلت! وهو أنَّ لغة (عمر) و (هِشام) –رَضيَ اللهُ عنهما- وإنْ كانَت واحِدَة، فربما اختلفت القراءة فقط؛ لأنَّ الحَرف الواحِد مِن الأحرف السَبْعَة هو أصل القِراءات السَبْعَة المُتواتِرَة، ومِن المعلوم لدينا أنَّ قراءة نافِع تختلف عَن عاصِم تختلف عَن أبي عَمرو، وهكذا. فمثلا قد يَصيرُ الغائِب حاضِرًا، وقَد يصير الجَمْع مُفرَدًا، وهكذا كما هو مَعروف في اختلاف بين القِراءات السَبْعَة المُتواتِرَة أو العَشَرَة، والله أعلم. ثم وَقَفتُ على فتح الباري (19/ 40)؛ فوجدتُه قد أورد اختلاف القِراءات في سُورُة "الفُرقان"، [وهي السورة التي اختلف فيها (عُمَرُ) و (هِشام) –رَضيَ اللهُ عنهما-] فتقوَّى لدي ما خَطَر في ذِهني، واللهُ أعْلَم. ولا تظن أنَّ هذا الخاطِر يُقَوِّي قول مَن قال أن الأحْرُف هي كيفية النُطق؛ بل يُضَّعِفُه ويُزيده وهائًا إلى وَهائِه؛ لأنَّ الحَرفَ الواحِد يحوي عِدَة كيفيات للنُطق وأحيانًا اللفظة تختلف بإضافة حَرف أو جَمع أو تبديل حرف كالياء إلى التاء أو النون، وهكذا. أما الأحرف الستة الباقية فتختلف فيها الألفاظ مع اتفاق المعاني –كما بيّنا- والحمدُ لله على التوفيق، واللهُ المثستعان وعليه التِكلان.
10 - فتح الباري (19/ 33)، بتصرف، وهو ظاهِرُ اختيار العلامة (الطَبَري) –رحمه الله- كما في «تفسيره» (1/ 51).
11 - رواه مسلم.
12 - رواه مسلم.
13 - صحيح: رواه البخاري في عِدة مواضِع. قال (الحافِظُ) –رحمه الله: "وفيه إشارة إلى الحِكمَة في التَّعَدُّد المذكور وأنَّه للتيسير على القارئ" اهـ فتح الباري (19/ 31).
14 - فتح الباري (19/ 32)، بتصرف يسير، وانظر كلامًا مَتينًا رائِعًا للعلامة (ابن عطية) –رحمه الله- في "تفسير القرطبي" (1/ 94 مقدمة).
15 - روح المعاني للألوسي (1/ 60 مقدمة)، بتصرف.
16 - صحيح: رواه أبو داود (1477)، وصححه (الألباني) –رحمه الله- في صحيح الجامع (7843).
17 - تفسير القرطبي (1/ 90 مقدمة).
18 - السابِق.
19 - تفسير القرطبي (1/ 90 - 91 مقدمة)، بتصرف.
20 - «روح المعاني» للألوسي (1/ 61 مقدمة).
21 - قالَه الإمام (السيوطي) –رحمه الله-، كما في "روح المعاني" للألوسي –رحمه الله- (1/ 61)، بتصرف يسير جدًا. ونَقَلَ الحافِظُ (ابْنُ عَبْدِ البَر) –رحمه الله- إنكارَ أكثَرِ أهْلِ العِلم أن يكون مَعنى "الأحْرُف" اللُغات"؛ لهذا السَبَب [راجع: "فتح الباري" (19/ 33)].
22 - انظره في: "روح المعاني" (1/ 61 - 62 مقدمة).
23 - السابِق (1/ 62)، بتصرُّف.
24 - رواه مسلم.
25 - ووَرَدَت عِدَة أحاديث أخرى تؤيدُ هذا المعنى.
26 - تفسير القرطبي (1/ 90 مقدمة).
27 - تفسير الطَبَري (1/ 54 مقدمة)، مهم جدًا.
28 - بتصرف مِن «روح المعاني» / للألوسي: (1/ 61 مقدمة).
29 - قاله (المازري) –رحمه الله- كما في «شرح النووي –رحمه الله- على صحيح مسلم».
30 - قاله (ابن عطية) –رحمه الله- كما في "تفسير القرطبي" (1/ 93 مقدمة).
31 - «روح المعاني» / للألوسي: (1/ 60 مقدمة).
32 - صحيح: رواه أبو داود (1477)، وصححه (الألباني) –رحمه الله- في صحيح الجامع (7843).
33 - «روح المعاني» / للألوسي: (1/ 59 مقدمة)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Feb 2004, 12:04 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي محمد على جمعك وترتيبك للأقوال في هذه المسألة التي كثر الأخذ والرد حولها، ولا تزال في حاجة إلى تدبر وتأمل، أكثر من حاجتها إلى جمع الأقوال، لما تفضلت به وفقك الله من كثرة النقول والأقوال التي أوردت بعضها، وأعرضت عن بعضها الآخر لعدم غناءه وفائدته.
وبودي أخي الحبيب لو تمكنت من النظر في ما قاله الشيخ محمود شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري، وقد كنت أشرت إليه قديماً في الملتقى في جواب لسؤال هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=45) ، ومقارنته بما ذكره الدكتور الجليل عبدالصبور شاهين في كتابه الثمين (تاريخ القرآن). وكذلك ما كتبه الدكتور مساعد الطيار عن الأحرف السبعة في الملتقى، فلعله يكتمل النظر في هذه الآراء والأقوال بما يفتح مقفلاً من الأمر، والله يؤتي فضله من يشاء.
وفقك الله ونفع بك.(/)
ما أفضل طبعة لكتابَي: "البرهان"/ للزركشي، و"الإتقان"/ للسيوطي؟
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[31 Jan 2004, 11:40 م]ـ
إخواننا الأفاضل -حفظهم الله تعالى-
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛ ما أفضل طبعة لكتابَي: "البرهان في علوم القرآن"/ للزركشي، و"الإتقان في علوم القرآن"/ للسيوطي، وأيهما أفضل (بالنسبة للثاني): طبعة محمد أبي الفضل إبراهيم أم مصطفى أديب البغا؟
وجزاكم الله خيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 Feb 2004, 01:24 ص]ـ
كيف حالك سميّي الصعيدي / محمد يوسف
أنا أخوك محمد يوسف رشيد
أي كتاب تجد أن الحلبي قد طبعته فلا تتردد في شرائه منها، على الأقل لضبط نص الكتاب، ثم اشتر بعد ذلك ما تريد من النسخ التي فيها خدمة معينة تريد الحصول عليها .......
البرهان ليس لي تعامل معه مطلقا .. و أما (الإتقان) فأفضل نسخه ـ و أذكر أنني قرأته أيضا للشيخ الشهري على هذا الملتقى في سؤال عن أجود طبعات بعض الكتب ـ فنسخة الحلبي، و التي بهامشها (إعجاز القرآن) للقاضي أبي بكر الباقلاني
و يبلغ سعرها الآن 25 جنيها على الأكثر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2004, 01:57 ص]ـ
مرحباً بالأخوين الكريمين:
- أفضل طبعة لكتاب (البرهان في علوم القرآن) للإمام بدر الدين محمد بن عبدالله الزركشي (745 - 794هـ) هي الطبعة التي حققها الدكتور يوسف بن عبدالرحمن المرعشلي والشيخ جمال حمدي الذهبي والشيخ إبراهيم بن عبدالله الكردي. وطبعتها دار المعرفة ببيروت في أربعة مجلدات. والطبعة التي عندي هي الطبعة الأولى 1410هـ 1990م.
وتحقيق هذا الكتاب يعتبر مثالاً يحتذى في تحقيق كتب علوم القرآن، ولم أر له نظيراً في جودته وإتقانه، بخلاف طبعة الأستاذ الجليل محمد أبو الفضل إبراهيم رحمه الله وجزاه خيراً. غير أنه لا مقارنة بين الطبعتين إطلاقاً.
- وأما أفضل طبعة لكتاب (الإتقان في علوم القرآن) للإمام السيوطي رحمه الله (911هـ) فهي - حسب علمي - فيما هو مطبوع الآن طبعة الدكتور مصطفى ديب البغا، التي طبعتها دار ابن كثير، وهي أفضل من حيث جودة الطباعة والحرف، كما أنه خرج الأحاديث تخريجاً مختصراً في الغالب، وقد اعتمد على الطبعات التي قبله ولا سيما طبعة المحقق الكبير محمد أبو الفضل إبراهيم. وللإتقان طبعات كثيرة تجد خبرها هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=114) إن شئت. غير أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف على وشك إصدار طبعة محققة للكتاب، وسبقت الإشارة إلى ذلك في هذا الملتقى.
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[03 Jul 2009, 08:56 م]ـ
حقق الدكتور زكي محمد أبو سريع كتاب "البرهان في علوم القرآن"، عام 1390هـ / 1970م، وأصدرت دار الحضارة الطبعة الأولى منه عام 1427هـ / 2006م في أربعة مجلدات.
ما رأي شيوخنا الأفاضل حول هذه الطبعة؟
ـ[أم أسماء]ــــــــ[06 Jul 2009, 09:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد تم صدور الطبعة المحققة لكتاب (الإتقان) من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في 7 مجلدات بتحقيق مركز الدراسات القرآنية بالمجمع، وذلك عام 1426هـ.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 Jul 2009, 01:19 ص]ـ
سؤال للمشرف الكريم ...
طبعة أبي سريع التي نشرتها الحضارة ما رأيك بها؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2009, 02:32 م]ـ
سؤال للمشرف الكريم ...
طبعة أبي سريع التي نشرتها الحضارة ما رأيك بها؟؟
حياكم الله يا أبا فهر وبقية الزملاء الكرام.
هذا السؤال قديم فيما يبدو قبل صدور طبعة مجمع الملك فهد للإتقان للسيوطي التي تعتبر أجود الطبعات.
أما البرهان للزركشي فأفضل طبعاته هي طبعة يوسف بن عبدالرحمن المرعشلي والشيخ جمال حمدي الذهبي والشيخ إبراهيم بن عبدالله الكردي التي وصفتها في الجواب الأول، وأما غيرها من الطبعات فلا ترقى لمستواها.
وأما إذا عدمت هذه الطبعة فطبعة د. زكي أبو سريع مقبولة.
ـ[عطاء الله الأزهري]ــــــــ[21 Sep 2010, 08:00 م]ـ
كيف حالك سميّي الصعيدي / محمد يوسف
أنا أخوك محمد يوسف رشيد
أي كتاب تجد أن الحلبي قد طبعته فلا تتردد في شرائه منها، على الأقل لضبط نص الكتاب، ثم اشتر بعد ذلك ما تريد من النسخ التي فيها خدمة معينة تريد الحصول عليها .......
البرهان ليس لي تعامل معه مطلقا .. و أما (الإتقان) فأفضل نسخه ـ و أذكر أنني قرأته أيضا للشيخ الشهري على هذا الملتقى في سؤال عن أجود طبعات بعض الكتب ـ فنسخة الحلبي، و التي بهامشها (إعجاز القرآن) للقاضي أبي بكر الباقلاني
و يبلغ سعرها الآن 25 جنيها على الأكثر
ما رأيك في طبعة (المشهد الحسيني) تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم؟
هل عليها ملاحظات؟
وتحقيق هذا الكتاب يعتبر مثالاً يحتذى في تحقيق كتب علوم القرآن، ولم أر له نظيراً في جودته وإتقانه، بخلاف طبعة الأستاذ الجليل محمد أبو الفضل إبراهيم رحمه الله وجزاه خيراً. غير أنه لا مقارنة بين الطبعتين إطلاقاً.
هل يعد هذا توثيق لطبعة أبي الفضل إبراهيم وأنها تفوق طبعة المرعشلي بمراحل؟
أرجوا التأكيد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2010, 09:27 م]ـ
هل يعد هذا توثيق لطبعة أبي الفضل إبراهيم وأنها تفوق طبعة المرعشلي بمراحل؟
أرجوا التأكيد
لا.
إنما الثناء على تحقيق المرعشلي وزميليه للبرهان للزركشي، فقد بذلا جهداً مشكوراً استفاد منه من جاء بعدهم وخاصة محققو الإتقان للسيوطي في مجمع الملك فهد، ولا سيما الإحالات للمصادر في أنواع علوم القرآن.(/)
رِسَالَةٌ عَاجِلَة .. يُوْجَدْ صُوْرَةٌ حَقِيْقِيَّةٌ
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[01 Feb 2004, 12:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشيوخ الكرام ...
و الرواد الأفاضل ...
و الزوار المحترمون ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
.... تحية طيبةً
... و بعد
قرَّاءَ هَذِهِ الرِّسَالَةِ ..
يَا أَهْلَ القُرآن
وَ يَا روَّاد التَّفْسِيْرِ
يُهَنِّؤكُمُ - المُهَنِّؤُنَ – أَنْ نِلْتُم شَرَفَ المُلْتَقَى وَحَظِيْتمْ بالثِّقَةِ – وأنتَ بهَا جَدِيْرونَ -، وقَدْ أَكُوْنُ أَحَدَ المهَنِّئِينَ، كمَا قَد أكُوْنُ ممَّنْ تَأَخَّرُوا فِي إِزْجَاءِ التَّهْنِئَةِ بعْدَ مُرُورِ أعيَادٍ و مُقَارَبَةِ الحَوْلِيَّةِ في تَأسِيْسِ وَنَجَاحِ الملْتَقى، إذ يدفعني الحبُّ لتهنئتكم ويمنعني الحياء من ذلك إجلالاً وتقديراً لفضلكم و علمكم، فحقوقكم أكبر من أن يخطُّهَا يراعٌ أو أن يُنْفِذَهَا اللسَان.
لَكِنِّي مُتَفَائلٌ بأَنِّي مِنْ أَصْدَقِ النَّاس لَكُم مَشَاعِراً؛ إِذْ يدفعني الحبُّ لتهْنِئَتِكُمْ وَيَحْدُونِي الشَّوْقُ إلى رؤيَتِكُم و الجُلُوسِ مَعَكُم، داعياً - اللهَ الكَريمَ - أَنْ يَشْمَلَكُمْ بِالتَّوفِيْقِ، وَأَنْ يُشْعِلَ لَكُمْ قَنَادِيْلَ السَّعَادَةِ.
فأعيَادُكُم مبَاركةٌ، وجعَلَهَا الله تعود علَى أمَّة الإسلام بالنَّصْرِ وَ التَّمْكِيْنِ، وَ تقبَّلَ اللهُ مِنَ الجَمِيْعِ طَاعَاتِهِم وَعِبَادَاتِهِم وَ مَنَاسِكَهُم
وَاللهُ يَحْفَظُكُمْ وَيَرْعَاكُمْ.
أَخُوْكُم المُحِبُّ
عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحَ الخُضَيْري
### الصورة الحقيقيَّة: هي تلك التَّهاني تُعبِّرُ عمَّا في القلوب، و لا أظنُّنِي مخطئاً حين أقول: إنما كتبته هنا يوَّدُ كلُّ قارئٍ أن يكون سبق بكتَابتِه و تحليته و تجليَتِهِ، و إنما يؤكد ذلك عربون الأخوة في الله في هذا الملتقى و توحُّد المسار و النهج و الطريق و صدق القلوب، و الله من وراء القصد ###
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 Feb 2004, 01:19 ص]ـ
لا أحب عادة أن أكون في المرتبة الثانية
و لكن ... أمر الله
تقبل الله تعالى منا و منكم أحبتي المسلمين
و أسأل الله تعالى أن يكون هذا العيد المبارك بشرى خير لتغير شيء من الأحوال التي فيها نحن المسلمون .. آمين
أخوكم و محبكم / أبو يوسف محمد يوسف رشيد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2004, 02:19 ص]ـ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعل هذا العيد مباركاً للمسلمين.
شكر الله لك أخي العزيز عبدالله الخضيري مشاعرك النبيلة التي نشاركك فيها، ونسأل الله أن يجمع قلوبنا جميعاً على طاعته ومحبته.
وعيدكم مبارك جميعاً أيها الإخوة الفضلاء في ملتقى أهل التفسير.
ـ[عماد الدين]ــــــــ[02 Feb 2004, 09:55 ص]ـ
عيدكم مبارك جميعا
وكل عام وأنتم بخير .. والأمة الإسلامية رايتها مرفوعة
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[05 Feb 2004, 05:33 م]ـ
الإخوة الكرام / محمد يوسف، عبد الرحمن الشهري، عماد الدين،
شكر الله لكم ما سطَّرت أقلامكم، و فاضت به أفئدتكم،
ملأ الله قلوبكم سكينة و أذاقها برد اليقين، و حلاوة العافية
و الشكر والدعاء يتصلان لكل من أمَّن
و دمتم موفّقين(/)
سؤال عن تفسير النقاش (ت351هـ) المسمى: (شفاء الصدور).
ـ[موسى علي]ــــــــ[02 Feb 2004, 08:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الذي لا تخفى فائدته للجميع
سؤالي في أول مشاركة: عن تفسير النقاش
أسأل إخواني عن تفسير النقاش، هل تعلمون أهو مطبوع أم مخطوط وأين يوجد؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2004, 04:20 ص]ـ
مرحباً بكم أخي الكريم موسى، ونرجو أن نوفق جميعاً لخدمة القرآن الكريم وطلاب العلم بحسب الطاقة.
أولاً: تعريف بالنقاش.
النقاش هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي ثم البغدادي النقاش. ولد سنة 266هـ وتوفي سنة 351هـ. وهو ينسب إلى المعتزلة كما في ترجمته.
انظر في ترجمته: تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين 1/ 103، الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير 3/ 2033 وقد ذكروا موارد كثيرة لترجمته.
ثانياً: عنوان تفسيره.
وأما تفسيره فعنوانه: شفاء الصدور المهذب في تفسير القرآن.
انظر: معجم الدراسات القرآنية لابتسام الصفار ص 312، وتاريخ التراث لسزكين 1/ 104
وهو تفسير يعتني باللغة والبلاغة والقراءات، وقد ذمه العلماء بكثرة الأحاديث الواهية فيه. وبالغ بعضهم في الطعن فيه، والتقليل من شأنه.
ثالثاً: مخطوطاته.
له مخطوطة محفوظة برقم 140 تفسير في دار الكتب المصرية بالقاهرة.
وصفها الدكتور عدنان زرزور بقوله: (ومن تفسيره جزء كبير بدار الكتب، وجزء آخر في المتحف البريطاني [بروكلمان: الملحق 1/ 334].
وتذكر بعض المصادر أن تفسيره يقع في اثني عشر ألف ورقة! في حين أن مجلد دار الكتب على ضخامته وسعة أوراقه، يقع في خمس وسبعين ومائتي ورقة فقط ويشتمل على تفسير نصف القرآن تقريباً لأنه يبدأ بتفسير قوله تعالى: (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا) من سورة مريم وينتهي بسورة الناس، وإن كان به بعض الخروم، ومن المؤسف أن كثيراً من أوراقه فسدت بسبب الرطوبة).
انظر: الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن للدكتور عدنان زرزور ص 134 - 135
وذكر البحاثة المسلم التركي فؤاد سزكين - جزاه الله خيراً - مخطوطاته على النحو التالي:
- القاهرة ثان 1/ 54 تفسير 140 المجلد الثاني. وأظنه يعني دار الكتب المصرية.
- 634 المتحف البريطاني 138.7 قطعة منه، حسن حسني 40 (150 ورقة سنة 612هـ). وهو يشير إلى الناسخ وتاريخ النسخ.
- تشستربيتي 3389 (205 ورقات سنة 351هـ).
- الظاهرية مجموع 66/ 10 (قطعة من الكتاب، من 145 أ - 154 أ، في القرن الخامس الهجري).
انظر: تاريخ التراث لسزكين 1/ 104
والكتاب لم يطبع بعدُ. ولست على يقين من أن أحداً قد تعرض لدراسة منهجه دراسة علمية.
وفقك الله أخي الكريم لما فيه الخير.
ـ[موسى علي]ــــــــ[03 Feb 2004, 08:59 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي على سرعة التجاوب وعلى المعلومات المفيدة الواردة في ردكم المبارك
والذي عرفت فيه تاريخ الوفاة واسم التفسير وغير ذلك مما ورد في الرد
ولعلي أطمع بالمزيد من المعلومات عن تفاسير أخرى سواء منكم أو ممن لديه علم.
جعل الله ذلك في موازين أعمالكم وجعله خالصاً لوجهه الكريم
أولا: تفسير المهدوي
علماً بأنني قد وجدته بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ولكن إلى آية 38 من سورة المائدة
سؤالي أين أجد البقية
ثانياً: تفسير الهداية لمكي بن أبي طالب
وفي الختام
أشكركم سلفا والسلام
أخوكم
موسى علي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2004, 10:10 ص]ـ
أما تفسير المهدوي فقد سبق الحديث حوله في مشاركة سابقة
تفسير المهدوي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1206) .
وأما تفسير مكي بن أبي طالب فيأتيك الخبر إن شاء الله على حسب الوقت.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2004, 10:50 م]ـ
تفسير مكي ابن أبي طالب حقق في المغرب في رسائل علمية عدة.
أفادني بذلك الدكتور: محمد عبدالحق حنشي من جامعة المولى اسماعيل - كلية الآداب والعلوم الإنسانية - شعبة الدراسات الإسلامية.
وهذا رقم هاتفه لمن أراد التأكد والتفصيل؛ فهو به خبير: 0021261702728
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[13 Jun 2005, 05:22 م]ـ
كيف يمكن الاطلاع على أجزاء من هذين التفسيرين؟؟
أعني النقاش .. ومكي بن أبي طالب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[14 Jun 2005, 08:35 م]ـ
هذه الصفحة الأولى من تفسير النقاش:
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[14 Jun 2005, 10:21 م]ـ
إلى الأخ موسى علي مع التحية:
أُحيطكم علماً بأنني أقوم حالياً بدراسة حول شخصية النقاش وتفسيره "شفاء الصدور", وقد وقفت فيها على معلومات عدة تظهر أهمية التفسير ومدى انتشاره في الأقطار العربية, وذلك من خلال الرجوع إلى كتب التراجم والتأريخ والبرامج والمشيخات. ِ
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[15 Jun 2005, 06:42 م]ـ
أخي عبد العزيز
وفقك الله، وسدد خطاك، لقد كنت زوَّرت أن أكتب عن مقدمة هذا الكتاب؛ لأنها بين يدي مخطوطة، وفيها لطائف علمية، لكني بانتظار كتابتكم، وفقك الله.
وأستبيحك عذرًا في تسجيل ثلاث فوائد من خلال مقدمة المؤلف:
الأولى: أن المصنف قصد إلى إخراج أنواع من علوم القرآن في تفسيره كالروايات والقراءات الشاذة والمشهورة، والناسخ والمنسوخ، والمجملات والمفسرات،والمحكمات والمتشابهات، والأقسام والجوابات، والإعراب واللغات، والتصريح والكنايات، والخاص والعام، والمقدم والمؤخر، والمكي والمدني، والموصول الذي لا يجوز قطعه، والمنفصل الذي أوله غير متعلق بمعنى ما بعده وما بعده متعلق بأوله ... الخ من الأنواع التي نص عليها.
وهذا المسلك الذي ذهب إليه النقاش هو في حقيقته خليط بين الكتابة في التفسير، والكتابة في علوم القرآن، وقد غفل عنها كثير ممن استقرأ المدونات في علوم القرآن، وقد ظهر لي أن جمعًا من العلماء في عصورٍ متعاقبة قصدوا إلى هذا النوع من التأليف، وحقه أن يُذكر في المدونين في علوم القرآن؛ لكن مع بيان هذه الطريقة الخاصة، وذلك ما فعله الحوفي والمهدوي وغيرهما.
الثانية: لاحظ أنه جعل مقابل القراءة الشاذة القراءةَ المشهورة، ولم يقل المتواترة، وهذا يفيد في تتبع ظهور مصطلح التواتر في القراءات.
الثالثة: أنه عقد بابًا مليحًا بعنوان (في الشواذ من التفسير مما ينكره أهل النظر، ويتذاكر به أصحاب الأخبار والأثر)، وقد ذكر عددًا من الأقوال التفسيرية، وذكر منها ما فُسِّر به قوله تعالى (عينًا فيها تسمى سلسبيلا) أراد سلني سبيلاً إليها يا محمد (صلى الله عليه وسلم).
وهذا من لطائف هذا التفسير، حيث إنه مليء بهذه الشواذ، وقد نقده العلماء بسبب ورودها في تفسيره، حتى قيل عن تفسيره (شقاء الصدور) بدلاً عن (شفاء الصدور).
وهذه من الحيثيات التي تحتاج إلى بحث في تفسير النقاش، وهل كان يورد هذه الشواذ على سبيل القبول، أو على سبيل التذاكر، كما نص في هذا الباب؟
والحق أن هذا التفسير ـ مع ما فيه ـ يحتاج إلى تحقيق علمي جادٍّ، فالعلماء ـ أمثال ابن عطية ـ قد استفادوا منه، فلِم تعزُف جامعاتنا عن تحقيقه بدعوى كلام العلماء فيه، وهل الأحسن ان ننتظر أن يخرجه من يخالف عقيدتنا ـ كما هو الحال في الثعلبي ـ أم الأحسن أن نخرجه في جامعاتنا مع التعليق على ما يحتاج إلى تعليق.
والعجيب أن بعضًا يشترط في المفسر سلامة المعتقد حتى يجاز للبحث العلمي، وهذا الشرط يُذهب كثيرًا من تفاسير العلماء الكبار، فضلاً عن غيرهم، والأسلم ان تُحقق هذه الكتب مع التعليق عليها.
ـ[المنصور]ــــــــ[15 Jun 2005, 11:41 م]ـ
لقد وقفت على مواطن عديدة تثبت أن عقيدة النقاش سليمة، خاصة في باب الأسماء والصفات.
فليت أحد الإخوان يستطيع تتبع مسائل العقيدة عند النقاش _ ولو في ورقات قليلة _ ليثبت صواب أو خطأ من يتكلم في تفسير النقاش.
ـ[ Mohmmad] ــــــــ[16 Jun 2005, 11:58 م]ـ
السؤال بصيغة أخرى
كيف يمكن الاطلاع على الرسائل المحققة لهذين التفسرين ... أعني النقاش ومكي؟؟؟؟؟
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[22 Jun 2005, 03:59 ص]ـ
ذكر الكتاني في الرسالة المستطرفة قول اللالكائي عن تفسير النقاش قوله: تفسير النقاش هو شقاء الصدور وليس شفاء الصدور.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jul 2006, 06:20 ص]ـ
وأخبرني الدكتور محمد بن فوزان العمر وفقه الله أنه يقوم على تحقيق هذا التفسير - تفسير النقاش - ونشره إن شاء الله بعد جمعه لمخطوطاته المتوافرة في مكتبات العالم.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[09 Jul 2006, 02:08 م]ـ
تفسير مكي رحمه الله تعالى قام بتحقيقه عدد من الطلاب في المغرب الشقيق وأشرف الدكتور الشاهد البوشيخي حفظه الله تعالى على بعضها ورأيت في مكتبته مايسيل اللعاب من الرسائل العلمية وأذن لي جزاه الله خيرا بتصوير بعضها ولدي نسخة من تحقيق تفسير الفاتحة والبقرة إعداد زارة صالح واطلعت على فهرس هذه الرسائل عند الاستاذ فهد الحمدان صاحب مكتبة الرشد بقي ان أؤكد اختلاف المنهج في التحقيق بين المشارقة والمغاربة حيث يعنى الأخوة هناك - غالبا - بإخراج النص دون مناقشة القضايا العلمية أو التعليق عليها أو تخريج الأحاديث ونحو ذلك لذا فإني أرى في إعادة التحقيق فوائد جمة والعلم بحر لاساحل له
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العمر]ــــــــ[10 Jul 2006, 12:45 ص]ـ
السائل عن تفسيرالنقاش توجد رساله علمية في جامعة أم القرى عن منهجه فى تفسيره والله أعلم ..
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[10 Jul 2006, 01:10 ص]ـ
حيا الله فضيلة الشيخ الدكتور محمد العمر في الملتقى العلمي، داعياً الله أن تكون هذه بداية موفقة لمداخلاتة النافعة في هذا الملتقى العلمي المبارك إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jul 2006, 10:22 ص]ـ
حياك الله يا دكتور محمد فوزان العمر وننتظر مشاركاتك العلمية النافعة.(/)
دعاء ختم القرآن الكريم من الكتب والتسجيلات
ـ[عماد الدين]ــــــــ[02 Feb 2004, 10:07 ص]ـ
للفائدة هذا دعاء ختم القرآن الكريم
يقرأ بعد الانتهاء من ختم القرآن ... ليس في الصلاة فقط
هناك تحفظ لبعض المشايخ على قراءته في الصلاة
فمن لديه الدليل فليطلعنا جزاه الله خيرا
----------------------------------------
صَدَقَ الله العَظِيم. الذي لا إله إلا هو المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيما وتكبيرا. المتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديرا وتدبيرا. المتعالي بعظمته ومجده. الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. وصدق رسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين الإنس والجن بشيرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. صدق الله العظيم التواب. الغفور الوهاب. الذي خضعت لعظمته الرقاب. وذلت لجبروته الصعاب. ولانت لقدرته الشدائد الصلاب. ربُّ الأرباب. ومسببُ الأسباب. وخالقُ خلقه من تراب. غافِرِ الذنبِ وقابلِ التوبِ شديدِ العقاب. ذو الطولِ لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب.
صدق الله ومن أصدق من الله قيلا. صدق الله العظيم. وصدق رسوله النبي الكريم. قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم. ونحن على ما قال ربُّنا وخالقُنا ورازقنا وباعثنا ووارثنا ونصيرنا ومن إليه مصيرُنا ووليُّ النعمةِ علينا من الشاهدين. وله من الذاكرين. ولما أوجب علينا غيرُ جاحدين. والحمد لله رب العالمين. وصلواتُ الله وسلامُه على خاتمِ النبيين. وعلى أزواجِهِ الطاهراتِ أمهاتِ المؤمنين. وعلى أصحابِهِ الغُرِّ الميامين. والتابعينَ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربُّنا ويرضى. الحمد لله كما ينبغي لجلالِ وجهك ولعظيمِ سلطانك. اللهم لك الحمد على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة. وآلائك الجسيمة. حيث أنزلت علينا خيرَ كتبك. وأرسلت إلينا أفضلَ رسلك. وشرعت لنا أفضلَ شرائع دينك. وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس. وهديتنا لمعالمِ دينِك الذي ليس به التباس.
اللهم أنت أحقُّ من ذُكِر. وأحق من عُبِد. وأحق من حُمِد. وأولى من شُكِر. وأنصَرُ من ابتُغِى. وأرأَفُ من مَلَك. وأجود من سُئِل. و أعفى من قَدَر. وأعدلُ منِ انتَقَم. حلمُكَ بعد عِلمِك. وعَفوُكَ بعدَ قدرَتك. أنت الملكُ لا شريك لَك. والفردُ فلا ندَّ لك. والغنيُّ فلا ظهيرَ لك. كلُّ شئ هالكٌ إلا وجهُك. وكلُّ مُلكٍ زائلٌ إلا مُلكُك. وكلُّ فضلٍ منقَطِعٍ إلا فضلُك. لن تُطاعَ إلا بإِذنِكَ ورحمتِك. ولن تُعصى إلا بعلمِكَ وحِكمَتِك. تُطاعَ فتَشكُر. وتُعصى فتَغفِر. كلُّ نِقمَةٍ مِنكَ عَدل. وكلُّ نِعمَةٍ مِنكَ فَضل. أقرَبُ شَهيد. وأدنى حفيظ. حُلْتَ دون النفوس. وأخَذْتَ بالنواصي. وسَجَّلْتَ الآثار. وكتبتَ الآجال. فالقلوبُ لكَ مُفضِيَة. والسِّرُّ عندَك علانية. والغيبُ عندك شهادة. سبحانك ما عبدناك حق عبادتك. سبحانك ما حمدناك حق حمدك. سبحانك ما شكرناك حق شكرك. سبحانك ما عرفناك حق معرفتك. سبحانك ما قدرناك حق قدرك. سبحانك لا نحصي ثناء عليك كما أثنيت أنت على نفسك. فلك الحمد حتى ترضى. ولك الحمد إذا رضيت. ولك الحمد بعد الرضى دائما أبدا.
اللهم لك الحمد على ما يسرته من تلاوة كتابك العزيز. الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تنزيل من حكيم حميد. اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام. وعلمتنا الحكمة والقرآن. وأعنتنا على ختم القرآن.
اللهم إنا عبيدك بنوا عبيدك. بنوا إمائك نواصينا بيدك. ماض فينا حكمك. عدل فينا قضاؤك. نسألك بكل اسم هو لك. سميت به نفسك. أو أنزلته في كتابك. أو علمته أحدا من خلقك. أو استأثرت به في علم الغيب عندك. أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا. ونور صدورنا. وجلاء أحزاننا. وذهاب همومنا وغمومنا. وسائقنا إلى رضوانك وجنتك. اللهم ذكرنا منه ما نسينا. وعلمنا منه ما جهلنا. وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله. ويحرم حرامه. ويعمل بمحكمه. ويؤمن بمتشابهه. ويتلوه حق تلاوته. اللهم اجعلنا ممن يقيم حروفه وحدوده. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياءا. ولأبصارنا جلاءا. ولأسقامنا دواءا. ولذنوبنا ممحصا. وعن النار مخلصا. وعن غضبك ومقتك ساترا وحجابا. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم زين أخلاقنا بالقرآن. ونجنا من النار بالقرآن. وأدخلنا الجنة بالقرآن. اللهم ألبسنا به الحلل. وأسكنا به الظلل. وأسبغ علينا به النعم. وادفع به عنا النقم. واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين. وعند النعماء من الشاكرين. وعند البلاء من الصابرين. ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين. فشغلته بالدنيا عن الدين. فأصبح من النادمين. وفي الآخرة من الخاسرين.
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم. الذي أعليت مكانه. وأيدت سلطانه. وقلت يا أعز من قائل سبحانه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه. أحسن كتبك نظاما. وأفصحها كلاما. وأبينها حلالا وحراما. محكم البيان. ظاهر البرهان. محروس من الزيادة والنقصان. فيه وعد ووعيد. وتخويف وتهديد. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
اللهم اجعلنا لكتابك من التالين. وبتلاوته من المنتفعين. وإلى لذيذ خطابه مستمعين. ولأوامره ونواهيه خاضعين. وعند ختمه من الفائزين. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل القرآن الكريم لنا قائدا إلى الخيرات. وطريقنا إلى بلوغ أعلى المراتب والمقامات. ووسيلتنا إلى بلوغ الأمنيات. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامه وقيامه. وأسعدته بطاعتك فاستعد لما أمامه. وغفرت زلله وإجرامه. برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك. واجعل مآلنا إلى جناتك. وأعذنا من عقوبتك ونيرانك. برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات … الخ ما يدعو به المسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2004, 10:16 م]ـ
هذا موضوع قيم له صلة بالموضوع:
التبيان في بدع القنوت في رمضان ( http://saaid.net/Doat/samer/2.htm)
وهذا موضوع آخر له صلة: هل دعاء ختم القرآن بدعة؟ ( http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=3509)
ـ[عماد الدين]ــــــــ[03 Feb 2004, 11:01 م]ـ
شكرا أخي أبو مجاهد
في انتظار مشاركات بقية الإخوة(/)
تحقيق اسم ابن جزي الكلبي وشيء من سيرته
ـ[ياسر القحطاني]ــــــــ[03 Feb 2004, 04:29 ص]ـ
كنت قد كتبت اسم ابن جزي في المشاركة السابقة هكذا " جزيء" بهمزة، وقد كان في نفسي منها شيء قبل كتابتها ولكنه الاستعجال
كعادته مؤذٍ بالتوثيق، وعندما قرأت تعليق الشيخ/ عبد الرحمن الشهري. وجدته قد كتب الاسم بغير همزة فعندها عزمت على التأكد من اسمه فكان الأمر كما أثبته وفقه الله لكل خير.
وللفائدة فإن اسمه: محمد بن أحمد بن محمد بن جزي الكلبي الغرناطي المالكي
وهو معروف بمحمد بن جُزي بالتصغير ويقال له: محمد الكلبي، ومن اللطائف أن ابنه "محمد" يشاركه في هذه التسمية، وهو كاتب أديب، كما يشاركه فيها جده العلامة الوزير، فكل منهم يعرف بمحمد بن جزي.
ولكن إذا قيل: محمد بن أحمد بن محمد بن جزي. فإنه يتميز عن ابنه وجده بلا نزاع.
واتفق جميع المترجمين له أنه من أقحاح العرب حيث إنه كلبي نسبة إلى قبيلة كلب بن وبرة إحدى القبائل اليمنية، يرجع نسبها
إلى حمير، ومن هذه القبيلة دحية الكلبي وزيد بن حارثة وابنه أسامة رضي الله عنهم.
ولد سنة 693هـ في مدينة غرناطة، وكان رحمه الله نابغة زمانه في مختلف العلوم، حيث كان إماماً في الأصول والفقه والتفسير والحديث واللغة أديباً فاضلاً، رضي الخلق، عذب الشمائل ..
ومن عجائبه رحمه الله أنه ألف بعض الكتب من أجل ابنائه، رغبة ً في تسهيل العلم عليهم، ومن ذلك كتاب " تقريب الوصول إلى علم الأصول" فقد ألفه لابنه أبي عبد الله محمد بن جزي الآنف الذكر، وقد ورد في أول الكتاب ما يبين ذلك حيث يقول: (وإني أحببت أن يضرب ابني محمد أسعده الله في هذا العلم – يعني علم أصول الفقه- بسهمه، فصنفت هذا الكتاب برسمه ووسمته بوسمه، لينشط لدرسه، وفهمه، وعولت فيه على الاختصار والتقريب مع حسن الترتيب والتهذيب ... )
وألف كتاب" الأنوار السَنية في الألفاظ السُنية " وهو كتاب مختصر في أحاديث مختارة من أجل تسهيل حفظ بعض الأحاديث على ابنه أبي بكر أحمد بن جزي، كما هو واضح في مقدمته حيث قال بعد الاستفتاح: (ولما يسر الله على ابني أحمد المكنى أبا بكر- أبلغ الله فيه الأمل، وجعله من أهل العلم والعمل- حفظ القرآن العظيم، أحببت أن يفوز بحظ من حفظ حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فجمعت له في هذا الكتاب جملة صالحة من كلام رسول الله صلى عليه وسلم ... )
وإضافة لعنايته بالعلوم الشرعية لا سيما علم التفسيرمنها؛ فقد كان له اهتمام بالشعر، إلا أنه كغيره من علماء الشريعة لا يقول الشعر إلا في الأغراض السامية التي تخدم الخلق والدين.
ومن شعره ما قاله في تمني الشهادة في سبيل الله حتى تكفر ذنوبه:
قصدي المؤمل في جهري وإسراري ومطلبي من إلهي الواحد الباري
شهادة في سبيل الله خالصة تمحو ذنوبي وتنجيني من النار
إن المعاصي رجس لا يطهرها إلا الصوارم في أيمان كفار
وبعد أن أنشد الأبيات قال: أرجو أن يعطيني ما سألته في هذه الأبيات، فأعطاه الله ما تمنى وأكرمه بالشهادة
ففي سنة 741هـ قتل في موقعة طريف مع النصارى، حيث فقد وهو يحرض المؤمنين ويشحذ هممهم على القتال بعد أن أبلى بلاءً حسناً، وقد بارك الله في عمره حيث عاش 48 سنة فقط عمرها بالعمل الصالح- كما تقدم -، فنرجو الله أن يتقبل شهادته وأن يبارك في أعمارنا كما بارك له في عمره.
ملحوظة: أغلب الترجمة منقول من مقدمة محقق كتاب: " تقريب الوصول إلى علم الأصول " لابن جُزي، تحقيق: د. محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2004, 04:44 ص]ـ
أخي الكريم ياسر القحطاني وفقه الله ويسر له أمره.
مرحباً بك، وأشكرك على صدقك، وحرصك على نفع إخوانك، وهذه معلومة نفيسة قل من يتنبه لها، فجزاك الله خيراً. وأغلبنا يكتبها بالهمز كما تفضلت.
وبمناسبة ذكرك لشعر ابن جزي رحمه الله فإنني أذكر له أبياتاً مختارة في طلب العلم وحرصه عليه يقول فيها:
لكل بني الدنيا مراد ومقصدٌ **وإن مرادي صحةٌ وفراغُ
لأبلغ في علم الشريعة مبلغاً**يكون به لي للجنان بلاغُ
وفي مثل هذا فلينافس أولو النهى**وحسبي من الدنيا الغرور بلاغُ
فما الفوز إلا في نعيم مؤبدٍ**به العيش رغد، والشراب يساغُ
وفي البيت الثاني والثالث، وردت كلمة (بلاغ) كما تلاحظ، وقد يظن أن هذا من باب (الإيطاء) كما يقول العروضيون، وهو ليس كذلك؛ لاختلاف المعنى، فبلاغ الأولى بمعنى: الوصول، أي يكون لي به وصول إلى الجنان. وبلاغ الثانية: بمعنى بلغة وكفاية تقيم الأَوَد.
وقد ذكرهذه الأبيات تلميذه لسان الدين بن الخطيب في الإحاطة في أخبار غرناطة في ترجمته له، وأظنها أخي ياسر - وأنت أدرى - أوفى ترجمة له.
جزاك الله خيراً أخي ياسر على هذه اللمحة النافعة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:46 م]ـ
إضافة لما ذكره أخي الكريم ياسر القحطاني وفقه الله حول اسم ابن جزي وجدت ما ينقض كلامي.
يقول أحمد بابا التنبكتي في كتابه (نيل الابتهاج بتطريز الديباج) في ترجمة ابن جُزَيّ 2/ 50: (يُعْرفُ بابن جُزَيّء بضم الجيم وفتح الزاي بعدها ياء ساكنة بعدها همزة). وبه عُرف أبناؤه من بعده.
وكلمة (وبعدها همزة) لم يشر إليها غيره في ضبط هذا الاسم.
وقد رأيت أغلب المترجمين له قد ضبطوه بدون الهمزة، ومع أن الدكتور الزبيري قد ذكر كتاب التنبكتي في مراجعه غير أنه لم يشر إلى كلمة (بعدها همزة). مما رجح عندي أنه لا يراها صحيحة،لا نفراد التنبكتي بها.
غير أني وجدت الباحث عبدالرحمن مسعد علي بكرة، قد ضبط الاسم بالهمزة في كتابه (ابن جزئ ومنهجه في التفسير من خلال كتابه التسهيل لعلوم التنزيل)، وعلق تعليقاً ذكر فيه أن هذه الأسرة أسرة أندلسية مشهورة.
ذكرت هذا تتميماً للفائدة، وتسويغاً لما ذهب إليه أخي ياسر أولاً، والأمر في هذا واسع ولله الحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر العتيبي]ــــــــ[10 Oct 2010, 10:30 م]ـ
بارك فيكم جميعاً هل ينصح بتفسيره وهل يكون لطالب العلم المبتدي(/)
«تفسير التابعين» / للشيخ (محمد بن عبد الله بن علي الخضيري)؟
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[04 Feb 2004, 12:23 ص]ـ
إخواننا الفضلاء -حفظهم الله تعالى-
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛ مَن يكتب لنا نبذة عن كتاب «تَفسير التابعين: عرض ودراسة مُقارَنة» / للشيخ (محمد بن عبد الله بن علي الخضيري) -أثابه الله-؟ فقد شوقنا أحد الإخوة -جزاه الله خيرًا- إلى مادَتِه، بعد أن أكثر من الثناء عَليه؛ فقال -فيما قال-: "فقد جَمَعَ جمعًا لم تره عيني في رسالة علمية في فن من الفنون .. ! مما اطلعتُ عليه من مئات الرسائل العلمية! فلا أقول إلا: هكذا فليكن التصنيف، وهكذا فليكن النفس في التأليف .. ".
وقال المؤلِّفُ عَن كِتابِه هذا: "لقد عشتُ في بحثي هذا خمس سنين! لم أكلّ أو أمل، جمعت ورتبت، وأضفت وحذفت، ودرست وقارنت، واطلعت على علوم شتى وبحوث عديدة! وعشت بوجداني مع هذا البحث، حتى لازمني ليلا ونهارًا! وحضرًا وسفرًا! بل لا أكون قد بالغتُ إن قلتُ: ويقظة ونومًا! " اهـ.
انظر هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&threadid=9519&highlight=%CA%DD%D3%ED%D1+%C7%E1%CA%C7%C8%DA%ED%E4
وجزاكم الله خيرًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Feb 2004, 02:33 م]ـ
أخي الكريم محمد وفقه الله
الكتاب الذي أشرتم إليه جدير بكل تقدير وحفاوة، ولعل مؤلفه إن شاء الله يحدثنا بنفسه عنه، فلا تعجل علينا.(/)
الدلالة على الملتقى: شارك واقترح
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 Feb 2004, 11:25 م]ـ
أيها الأخوة الكرام:
انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم " الدال على الخير كفاعله "
هناك طرق كثيرة للمساهمة في نشر الملتقى , آمل منكم المشاركة واقتراح ما ترونه وابدأكم بما يلي:
1 - التعريف بالملتقى عند المشايخ وطلبة العلم ودعوتهم للمشاركة.
2 - التعريف بالملتقى في المواقع الإسلامية , والمنتديات المشهورة لمن له اشتراك فيها.
3 - ........ الخ
سجل اقتراحك هنا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Feb 2004, 12:17 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا خالد على حرصك ومبادرتك للخير.
وأنا أعترف أننا مقصرون في نشر الملتقى بشكل مناسب فيما مضى، ولكن أرجو بإذن الله أن يتغير الحال إلى الأفضل في قادم الأيام، وأتفق معك فيما دعوت إليه الإخوة الكرام وفقهم الله في اقتراح ما يرونه لنشر ملتقى أهل التفسير ليحصل المقصود منه. ونحن في أمس الحاجة إلى رأي من أخ كريم، يفتح لنا آفاقاً ننتفع بها، وننفع بها المسلمين عبر هذه الشبكة المذهلة.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وتعذرني يا أبا خالد فليس عندي أي اقتراح!!
ـ[أم صهيب]ــــــــ[05 Feb 2004, 08:36 م]ـ
3_ التعريف بالملتقى في المجلات والدوريات كمجلة الدعوة ومجلة البيان وكذلك في الصحف
4_ وضع ملصقات كبيرة تحوي معلومات عن الموقع عند أبواب المكتبات
5_ الإعلان عنه في الأدلة المشهورة على الشبكة كدليل المواقع العربية للردادي
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[05 Feb 2004, 10:17 م]ـ
6. هناك برنامج في قناة المجد الفضائية اسمه (المستكشف) يعرف بالمواقع الهادفة المتميزة على الإنترنت، فأقترح أن تقوم إدارة الملتقى بمراسلة البرنامج ليتم التعريف به في إحدى الحلقات، فجمهور القناة عريض جدا.
وسمعت أنهم عرفوا في إحدى الحلقات بملتقى أهل الحديث، وحصل به صدى طيب لذلك الملتقى.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Feb 2004, 07:47 م]ـ
شكراً لمن ساهم واقترح , ونطلب من البقية المساهمة , وهذه الاقتراحات ستكون بمشيئة الله إحدى الورقات المطروحة في اجتماع المشرفين القادم.
أما اقتراح الشيخ خالد: فقناة المجد سبق وعرفوا بالملتقى فيما ذكر لي الشيخ عبد الرحمن الشهري.
ـ[منير العتيبي]ــــــــ[10 Feb 2004, 08:56 م]ـ
كما اقترحت , ولكنه لا يحسن التعبير , فليتك تكتب لنا عبارات سلسلة فيها تعريف بهذا الموقع , وما علينا نحن سوى نقلها في المواقع الأخرى , وجزاك الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Feb 2004, 12:01 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً.
بالنسبة للتعريف بالملتقى في قناة المجد الفضائية، فكما تفضل أخي أبو خالد بأنه قد سبق لهم عرض الملتقى قبل مدة، وقد حصلت على الجزء المتعلق بالملتقى، وأنوي وضعه في الموقع، ولكن كثرة الأشغال منعتني من ذلك، ولم يكن تعريفاً كافياً، وإنما حوالي خمس دقائق فقط عرضوا فيها الموقع عرضاً سريعاً. وفي نيتي أن أعمل برأي الشيخ خالد الباتلي وفقه الله قريباً بعد أن نبدأ في الجزء القادم من الموقع.
وما تفضل به أخي منير العتيبي جزاه الله خيراً، فسوف نجهز بإذن الله ما طلبه قريباً وأسأل الله للجميع التوفيق والإخلاص.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[13 Feb 2004, 11:11 م]ـ
السلام عليكم:
إخواني اهل الملتقى:
لاحظت مسائل لازال يحتاج إليها الملتقى حتى يمكن التعريف الاعلامي والعلمي به،
فمنها: عمل زاوية مستقلة لمن يريد أن يكتب مقالا مثلا، ويكون للمقال الفائز جائزة محددة من الملتقى.
ومنها: عمل نشرة نابعة من الملتقى على غرار النشرات الجامعية توزع فى الأماكن العامة.
ومنها: عمل زاوية فى الملتقى العلمي، للأأسئلة وتقدم للمتخصصين ويجيب عليها من عرف بخبرته فيها.
ومنها: اختيار مندوب لكل منطقة لتقديم الجديد فى المنطقة والجامعة والقسم والمكتبات،والدعاية والتعريف وغيره.
وبالإمكان الاستفادة من تجربة المنتديات الأخرى الناجحة فى الدعاية المباحة.
كما أود أن ننبه الجميع إلى أهمية الجانب الوعظي فى الملتقى،
والتركيز علي اختيار أجمل كلمة وعظية، أوعبارة علمية مؤثرة،
وللجميع كل المحبة والتقدير، سبحانك اللهم وبحمدك.استغفر الله العظيم،وأتوب إليه.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Feb 2004, 08:39 م]ـ
شكر الله لك د أمين واقتراحاتك محل العناية ان شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Feb 2004, 10:46 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على اقتراحاتكم التي أنارت لنا الطريق كثيراً.
وقد أخذنا بأكثرها، والبقية سنأخذ بها، لكنها تحتاج إلى تنسيق ومكاتبات، كالإعلان في قناة المجد والمجلات العلمية ونحوها، لكن نرجو أن ييسرها الله تعالى.
وسترون أغلب المقترحات قد نفذت في الموقع الجديد (شبكة التفسير والدراسات القرآنية) قريباً بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Feb 2004, 09:48 م]ـ
وما زلنا ننتظر المزيد فأرجو من الأخوة أن لا يبخلوا علينا.
ـ[المنذر]ــــــــ[26 Feb 2004, 03:40 م]ـ
السلام عليكم ...
أخوتي الأعزاء .... الذي يظهر لي أن هناك عدد كبير من طلبة الجامعات والكليات هم من مرتادي هذا الملتقى وأعضاؤه ... فلو قام كلنا منا بالتعريف بهذا الملتقى في قسمه سواء كان من أساتذة أو طلاب الدراسات العليا .. ودعوتهم للمشاركة فيه ... لضمنا التعريف بهذا الملتقى ونشره في عدد كبير من جامعات الدول الإسلامية.
أسأل الله لكم السداد والتوفيق ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2004, 05:34 م]ـ
الحمد لله.
جزاكم الله خيراً جميعاً. اليوم الخميس 6 - 1 - 1425هـ. تم مما تم اقتراحه إلى الآن:
- نشر الموقع على دليل www.google.com بكافة مداخل العنوان والكلمات القريبة منه.
- تم إضافة الموقع الجديد إلى دليل دليل سلطان للمواقع الإسلامية ( http://www.sultan.org/a) . وقد تفضل مشكوراً بعرض البنر الرئيسي لشبكة التفسير والدراسات القرآنية 10000 مرة ولا يزال في الصفحة الرئيسية لموقعه فجزاه الله خيراً.
- من يوم غد الجمعة مع المواقع الجديدة سيتم إضافة شبكة التفسير والدراسات القرآنية إلى دليل المواقع العربية ( http://www.raddadi.com) للأخ الكريم خالد الردادي. وقد سبق أن أضاف ملتقى أهل التفسير في دليله في القائمة اليمنى من هذه الصفحة ( http://www.raddadi.com/islamicmon.html) . وغيرها من مداخل دليله الموفق.
- تم إضافة قسم للمقالات في الصفحة الرئيسية للشبكة كما أشار أخي الدكتور أمين الشنقيطي، وتبقى مسألة منح المقالات المتميزة جوائر تشجيعية مسألة جديرة بالعناية.
- تم تنفيذ ما ذكره أخي منير العتيبي وفقه الله على هذا الرابط لمن أراد نشر الموقع بطريقته الخاصة. ( http://www.tafsir.net/link.php) .
وبقية الاقتراحات التي تكرمتم بها قيد الإنجاز إن شاء الله بدون استثناء. فلا تبخلوا علينا برأيكم.(/)
ابن فارس اللغوي الورع
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Feb 2004, 03:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم عبدالرحمن حرس الله مهجته
أحمد اليك الله الذي لا إله إلاهو، وأثني عليه بما هو له أهل، كما أحمده على نعمة هذه الوسيلة من الاتصال، لطلب العلم ومذاكرته مع أمثالكم دون عناء، وأعتقد أن كثيرا من طلاب العلم لم يوفقوا لها بعد، فنسأله المزيد من فضله لنا ولكم.
بالنسبة لشيخك ابن فارس رحمه الله , فهو ممن رزقه الله قبولا وسعادة في كتبه، خاصة كتابه الأستاذ ـ المقاييس ـ وأنا أسميه الأستاذ لموقعه بين كتب اللغة، مع عدم استيعابه لها أو على الأقل عدم مساماة غيره من المعاجم الأخرى في عد جذورها ومفرداتها، فلم يشترط ذلك رحمه الله، بل اختط خطة قام بها خير قيام، إنما أسميه لذلك لأنه معلم لها، وقل من أدمن النظر فيه وكان ذا فطنة ورغبة شديدة في تعلم اللغة وكشف معانيها , إلا ورزق ملكة لغوية وقدرة على معرفة كثير من مفرداتها واشتقاقها، دون الرجوع لأي من المعاجم الاخرى.
فكما أنه كتاب لغة فهو كذلك كتاب أدب ونقد، فقد حوى في تضاعيف ثناياه ومخبؤ كلامه , لفتات أدبية رائقة , تسري الى الروح دون عناء , فتراه يُنشئ مرةً، ومرة يحقق، وأخرى يبدع، كل هذا في كلام موجز بليغ مقتضب
, ولاتتمالك نفسك أحيانا وأنت تقرأ له الا أن ترفع أكف الضراعة بأن ينزل الله على قبره شآبيب الرحمه، لماتلمسه من ورع وصدق وتحرس من الانزلاق في مهاوي القلم وشطحاته.
وهذه واحدة منها أوردها بتمامها لنفاستها، قال رحمه الله في مادة القاف والباء والراء مانصه: (القاف والباء والراء أصل صحيح يدل على غموض في شئ وتطامن، من ذلك القبر قبر الميت، يقال: قبرته أقبره، قال الاعشى: لو اسندت ميتا الى نحرها ... عاش ولم ينقل الى قابر، فإن جعلت له مكانا يقبر فيه قلت أقبرته، قال الله تعالى (ثم أماته فأقبره)، قلنا: ولولا أن العلماء تجوزوا في هذا لماراينا أن يجمع بين قول الله وبين الشعر في كتاب، فكيف في ورقة أو صفحة , ولكنا أقتدينا بهم، والله تعالى يغفر لنا، ويعفوعنا وعنهم).
فانظر يارعاك الله الى هذا الورع، وهذا الاجلال لكلام الله. فلعمري لقد تعب من حيث استراح كثير من الكتبه ـ:ككذبه وزنا ومعنى ـ والادباء ـ أدباء الزندقة والحداثة ـ فهو يريد اكرام كلام الله عن أن يقرن بشعر في كتاب،وهم أرادو اكرام شعرهم أونثرهم عن كلام الله ـ سخم الله وجوههم ـ فهذا ماجناه الادب الحر من أنسلاخ من كل معالم الدين، فهل الادب أن يتنكر المرء لخالقه ورازقه حتى يرى الانتساب الى كتاب الله عارا لايليق بدين الادب، حتى اصبحوا يسبحون ويمجدون بحمد من ابدع لهم (والدين عن الشعر بمعزل) ـ غفر الله له عثرته؟ وليت ابداعهم في الادب كان كابداعهم في الكذب، لكنا قد قلنا لناماغنموا , وعليهم ماغرموا، ولا تزر وازرة وزر اخرى، لكن هيهات فوالله ماللأدب كانوا ولا بالدين دانو، ويأبى الله الا أن يذل من عصاه وعاداه، واذا سمعت احدهم وهو يتحدث ظننت أنه ممن طن شعره ورن، وأن كتبه أنست كتب الجاحظ، يوم أن كان يكتب الرسالة وتتبادلها أقلام النساخ شرقا وغربا في أيام حتى مايمكنه تدارك زلل عبارة فيها، كمافي ترجمته عند الحموي! وماهي الاهنيهة حتى يتكشف لك عوره، فإذاهو أهون من تبنة في لبنة أو شعرة في بعره، أعزكم الله.
وأعتذر منكم، ومن شيخكم - رحمه الله - لتعريجناعلى ماسبق، لكن أحيانا يكون المرء تابعاً لقلمه ـ أعني أباخسه ـ ولا يستطيع كبت جماحه (نفثة مصدور).
ولولا خشية السآمة والملل، وعلمي أني أحمل بضاعة إلى من لايجهلها ولايفتقدها، وقد يكون أعلم مني بها، لفسحت لهذا الخاطر المكدود، ونزعت عنه لجامه المنشوط، وجعلته في أودية النقد والأدب عند ابن فارس تنقب وتدور، حتى تنزع من كل جذر مشدود، مامثله في عداد الأدب نادر مفقود، ولكن نرجئ ذاك حتى ييسر الواحد المعبود، وهو خير من التجأ اليه كل من خشي ان تقترب خطاه نحو السفود.
وكم أوصي من توسمت فيه ملكة أدبيةً من إخواني بكتابه المقاييس، فلي منه نسختان نسخة للإقامة وأخرى للترحال لايطيب لي السفردونها مع مافيها من سقط وخلل فاضح، الا أنها خفيفة المحمل، ط / دار الفكر مجلد واحد (مقرمطه) , لاتضاهي طبعة هارون رحمه الله، ولا أعلم هل هناك طبعة أخرى مضغوطة ـ مقرمطة ـ غير طبعة دار الفكر، فهل لديكم علم عن طبعة أتقن.
ولازلت اتعجب من كثرة كتبه رحمه الله مع قلة المطبوع منها , فلي هنا أسئلة أرجوا أن تبينوها لأخيكم مشكورين غير مامورين.
1ـ هل تعلمون وجوداً لكتابه في التفسير، جامع التأويل؟
2ـ كذلك هل طبع شئ من كتبه هذه: اختلاف النحويين، أخلاق النبي، أصول الفقه، الأمالي، الانتصار لثعلب، أمثلة الاسجاع، التاج، الحجر، الحماسة المحدثة، خضارة، دارات العرب، ذخائر الكلمات، ذم الغيبة، شرح رسالة الزهري، الشيات والحلى، العم والخال، غريب إعراب القرآن، الفريدة والخريده، الليل والنهار، متخير الالفاظ، النيروز، اليشكريات، مقدمة الفرائض.
3ـ بحثت عن كتابه المطبوع في السيرة فلم أظفر به فهل تدلون مكاناً لبيعه، كذلك كتاب الثلاثة له، فقد ذكر محقق كتاب الديباج لأبي عبيدة التيمي في مقدمته أنه طبع بتحقيق رمضان عبد التواب لكن لم أهتد لمكانه. ولازلت ممتناً لكم أخي الكريم بدلالتكم على مكان كتاب أدب الفقهاء لكنون رحمه الله، فقد اشتد طلبي له مايقارب من العامين، فجزاك الله عن أخيك خيراً.
رحم الله أبن فارس الاديب اللغوي الفقيه المفسر ونفعنا بعلمه. وأعتذر منكم مرة أخرى اخي الكريم لتطفلنا على علم شيخكم رحمه الله , الا أنا نضرب معكم فيه بسهم وإن كان أهزعا.
وظني أن سعادته في طلابه ومحبيه وتلامذته أمثالكم، لاتقل عن سعادته في مؤلفاته، فبارك الله لكم في شيخكم كما بارك له فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
ـــــــــــــــــــــــــ
أصل هذا المقال كان رسالة خاصة لأخي عبد الرحمن ثم آثرت وضعهاهنا لتعم الفائده.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2004, 12:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأديب الأريب ابن الشجري أسعده الله بطاعته آمين ومعذرة للتأخر لأشغال أخذت بأكظامي أخذاً شديداً، لم استطع معها الجلوس للكتابة كما ينبغي، فمعذرة في البدء.
لقد غلب علينا البحث في التخصص في الملتقى وفي غيره حتى جفت القرائح أو كادت، ولقد جاء علينا زمن كنا نجري فيه عنان القلم فما يتوقف ولا يتلعثم، واليوم حسبك من الكتابة أن توصل الفكرة التي تريد، ثم لا تزيد. وإني وأمثالي من رواد هذا الملتقى العلمي لفي أشد الشوق إلى مثل هذه القطع الأدبية البديعة، التي هي الشعر وإن لم توزن بميزان الخليل!
فهي تلامس في نفوسنا حاجة لا تجدها في كتب التخصص وأنى لك بها؟ وقديماً كان العلماء يحمضون في مجالسهم ودروسهم وكتبهم، واليوم لو فعلت ذلك لعدك الناس من العاطفيين، وربما كان هذا مطعناً يفضي إلى رد بحثك، والإزراء عليه. فجزاك الله خيراً على كتابتك وفوائدك، ودونك هذا الملتقى المفتوح أمتعنا بما فتح الله به عليك، فإننا من المحبين لأدبك وأمثالك، وإن بني عمك فيهم رماح! فلا تبخل علينا جاد الله عليك.
وأما ما ذكرته عن العلامة أحمد بن فارس فهو خليق بكل ثناء، وكتبه –كما أشرتَ - أكبر شاهد على فضله، وهو من القلائل الذين تفوقوا في القدرة على التصنيف البديع، مع نقاء وخلق ظاهر في عباراتهم، وتحرٍ للصحيح من اللغة، حتى عول أكثر المتأخرين على كتابه المقاييس فقل أن يخلو بحث من البحوث الجامعية من ذكره في مراجعه ومصادره. ولا أعلم من طبعاته إلا ما ذكرته أنت في كلامك وفقك الله. وأنت تعلم أنه لم يعثر حتى الآن إلا على نسخة خطية فريدة، أخرجه بناء عليها عبدالسلام هاورن رحمه الله. وأتفق معك فيما ذكرته من أن إدمان النظر في مقاييسه يعين على اكتساب الملكة اللغوية التي ذكرتها، وكأني بك قد بلغت ذلك إن شاء الله.
وأما سؤالكم عن كتابه جامع التأويل في التفسير، فلم يعثر عليه حتى الآن حسب علمي، وقد بحثت عن هذا الكتاب في أغلب فهارس المخطوطات التي وقعت عليها يدي في كل مكان ولم أرجع بطائل، وسألت عنه، وأوصيت من يبحث عنه، ولا زال البحث جارياً، فإن التراث الإسلامي لم يزل أكثره مخطوطاً، ولم يبق إلا أن أصنع كما صنع أحد العلماء، عندما أقام من ينادي في منى في موسم الحج عمن وجد كتاباً من كتب الجاحظ فله كذا وكذا، من ولعه بكتب الجاحظ، ومعرفته بقيمتها. ولعل الله ييسره فهو الكريم سبحانه.
وقد ذكره ابن فارس في كتاب «المُجملِ» عند مادة «عقب» 2/ 620. وذكره ياقوتُ في «معجم الأدباء» باسم:جامع التأويل في تفسير القرآن، وسَمَّاهُ البغداديُّ في «هدية العارفين» باسم: جامع التأويل في تفسير التنزيل. ومن الكتب التي ذكرته «التدوين في أخبار قزوين» للرافعي2/ 215، وقد نقل عنه الرافعيُّ نَقْلاً مِمَّا يدلُّ على أَنَّهُ كانَ قد تداولَهُ الناسُ، فقال في ترجَمةِ الغضبان تلميذِ ابنِ فارسٍ 2/ 248: «وردَ قزوينَ وسُمِعَ منه «جامعُ التأويلِ» لأحْمد بنِ فارسٍ بها في الجامع، سنة ثَمانِ عشرةَ وأربعمائة، بسمَاعهِ مِن أحْمدَ بن فارس ... وفي «جامع التأويل»: ثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن أحْمد بن مهران الرازي، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيعِ بنِ أَنَسٍ في قوله تعالى: (يومَ نحشرُ المتقين إلى الرَّحْمَنِ وَفْدَاً) [مريم:85] يُعْطَونَ، ويُحَيَّون، ويُكرمُونَ، ويُشَفَّعُون، وفيهم سَلمانُ رضي الله عنه». وهذا الكتاب من أَهمِّ كتبِ ابن فارسٍ في معرفةِ منهجهِ في التفسيرِ، ولكنَّهُ للأسفِ مِن تُراثِ ابنِ فارسٍ المفقودِ يَسَّرَ اللهُ العثورَ عليه.
وأما آثارُ ابن فارس وكتبه التي سألت عنها حفظك الله، فقد حاولَ المُحققونَ الذين عُنُوا بتحقيقِ كتبِ ابنِ فارسٍ رحِمه الله أَن يَتَتبعُوا آثارَهُ ومؤلفاتهِ وإحصائَهَا، فأَحصى لَه المُحققُ عبدُالسلامِ هارون رحِمه الله خَمسةً وأربعين كِتاباً، تحدث عنها في مقدمة تحقيقه لكتاب ابن فارس «معجم مقاييس اللغة». وأحصى له الدكتورُ هادي حسن حَمُّودي في كتابه عن ابنِ فارسٍ، الذي نالَ به شهادةَ الدكتوراه مِن السُّوربونَ سبعةً وخَمسينَ كِتاباً ورسالَةً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأحصى له هلالُ نَاجي في كتابهِ خَمسةً وخَمسينَ كتاباً، وقد عَدَّ كثيراً من كتبِ ابنِ فارسٍ المطبوعةِ مِن قَبيلِ المَفقودِ مِن تُراثِ ابن فارسٍ، إذ ربَّمَا أنها لم تطبع إلا بعد كتابته أو أنها لم تصل إليه. وأَحصى له الدكتورُ رمضانُ عبدالتواب سِتةً وخمسينَ كتاباً، ذكرها في مقدمة تَحقيقه لِكتابِ «الفَرْق» لابن فارسٍ، الذي حققه ونشره عام 1982م. وأَحصى له الدكتورُ غَازي مُختار طُليمات مِائةَ عُنوانٍ تتفاوتُ ما بينَ كتابٍ في مُجلداتٍ، ورسالةٍ في بضعِ صَفَحَات. وهذا الإحصاءُ الذي ذكرهُ طُليمات لايَعني أَنَّ كلَّ هذهِ المؤلفاتِ هي كتبٌ لابن فارس، فقد قالَ: «ونحنُ على يَقينٍ أَنَّ مائةَ العنوانِ التي أَحصينَاهَا لاتَعدِلُ مِائةَ كتابٍ؛ لأنَّ طائفةً من العنوانات أَصابَهَا التصحيفُ على أَيدي النَّقَلةِ حتى خُيّلَ إلينا أنها كتبٌ مختلفةٌ، وهي في حقيقةِ الأَمر أَسْماءُ مختلفةٌ، ومُحتوىً واحدٌ. ونحنُ على يقينٍ كذلكَ أَنَّ مَا جَمعنَا مِنْ كتبٍ، وأَسْمَاءِ كُتُبٍ لايحيطُ بِمَا أَلَّفَ ابنُ فارس. فما أكثرَ الكنوزَ الضائعةَ التي سافرت في الآفاقِ، أو رَقَدتْ على الرفوفِ في المكتبات الخاصةِ، ولم تبلغها أَيدي الباحثينَ».
والحقيقةُ أَن ابنَ فارسٍ رحِمه الله كان من المُكثرينَ مِن التصنيفِ، لِدرجةٍ لم يستطعْ أحدٌ أَن يُحصيهَا إحصاءً دقيقاً. ولذلكَ يقول القزوينيُّ في ترجَمتهِ: «وصنَّفَ مِن المُختصراتِ مَا لايُحْصَى». وقال ابن النَّجارِ: «يقالُ إِن أَبا الحسين بنُ فارسٍ كان بقزوينَ يصنفُ في كلِّ ليلةِ جُمُعةٍ كتاباً، ويبيعهُ يوم الجمعةِ قبل الصلاةِ، ويتصدق بثمنهِ. فكانَ هذا دأبهُ».
فكيف يُمكنُ إحصاءُ كتبِ مثلِ هذا الرجلِ، الذي يكتبُ كُلَّ جُمُعةٍ كِتَابَاً، أو رسالةً ويبيعهَا على حَدِّ قَولِ ابنِ النجَّارِ؟
وهذا الإحصاءُ الذي ذكرهُ طُليمات لايَسْلَمُ لَهُ؛ فقد كررَ بعضَ الكتبِ والرسائلِ بِمسمياتٍ مختلفةٍ، وستأتي عندَ ذكرها في المصنفاتِ. وقد ظفرتُ ببعض الكتبِ التي لم يذكرها أَحَدٌ مِمَّن تَرجَمُوا لابن فارسٍ من المعاصرينَ، وقد ضمنتها بحثي عنه وعن مؤلفاته، وقد صنعت له معجماً وافياً، وأرجو أن ييسر الله طباعته، وسأذكر لك ما يتعلق بالكتب التي سألت عنها أخي الحبيب، وأرجو أن لا أغفل منها شيئاً، لضيق الوقت، فأعتذر سلفاً، وربما ذكرت ما لم تسأل عنه غفلة مني فمعذرة. ً
- اختلاف النحويين: ذكر هذا الكتاب ياقوت في «معجم الأدباء» 1/ 536، وذكره السيوطيُّ في «بغيةِ الوعاةِ» 1/ 352،وذكر في «مفتاح السعادة» لطاش كبري زاده 1/ 109، وفي مقدمة «مقاييس اللغة» 1/ 26. ولم يعثر عليه بعد.
- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم. هذا الكتاب ذكره كثير ممن ترجم لابن فارس. فقد ذكره ياقوت في «معجم الأدباء» 1/ 536، والصفديُّ في «الوافي بالوفيات» 7/ 279، والداووديُّ في «طبقاتِ المفسرين» 1/ 61، وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» 1/ 231، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» 2/ 267، ولم يعثر عليه بعد.
- استعارة أعضاء الإنسان:
وهو رسالة من رسائل ابن فارس الصغيرة. وقد نشرها في «مجلةِ المَوردِ» العراقية مجلة المورد العراقية المجلد 12 العدد 2 ص 83 سنة 1983 الدكتورُ أحْمد خان، عضو مجلس البحوث الإسلامية بإسلام آباد في الباكستان، عن مخطوطةٍ ظفرَ بها في مكتبة بودلين بأكسفورد.
وترجع نفاسةُ المخطوطة إلى كونها النسخة الوحيدة، وأنها كتبت بخطٍّ جيدٍ، وهو خط شرف الدين عبدالمؤمن بن خلفٍ الدمياطيِّ (ت705هـ)، وقد نسخها عَن نسخةٍ لشيخهِ الحسنِ بن محمد بن الحسن الصغَّانيِّ (ت650هـ)، صاحبِ كتابِ «العُبابِ الزَّاخرِ واللبُابِ الفَاخِر». وقد صنع الصغانيُّ في هذه النسخة فهرساً لأسْماءِ واحدٍ وخَمسينَ كتاباً لابن فارس، وأكثرُ هذه الكتب لم يذكر في كتب التراجم، ولم يُعثر عليه حتى اليوم. وتقع المطبوعة في «مجلة المورد» في ثلاث وعشرين صفحة. وتضم مائةَ كلمةٍ من أسماءِ أعضاءِ الإنسان التي استعارتها العربُ، واستعملوها استعمالاً مَجَازياً في غَيرِ معانيها الحقيقية، مع شواهدَ بلغت ثَمانيةً وستينَ بَيتاً من الشعرِ الذي يحتج بهِ، وأربعةَ أحاديث، وآيةً كريمةً واحدةً، ومثلاً واحداً من أمثال العربِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أغفل ابن فارس كثيراً من أَسْماءِ الأعضاء التي استعارت منها العربُ، وحسبكَ أن تنظر في أعضاءِ الرأسِ، وتقارنَ ما ذكره ابنُ فارسٍ بِمَا ذكرهُ الزمخشريُّ في «أساسِ البَلاغةِ» لتقفَ على ما أغفلهُ ابنُ فارس من ألفاظٍ استعملتها العربُ استعمالاً مَجازياً، كالضفيرةِ، والشَّعبِ، والحِجَاجِ.
- الأسجاع: ذكر هذا الكتاب في الفهرس الذي صنعه الصغاني لكتب ابن فارس في نهاية كتاب «استعارة أعضاء الإنسان».
- أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها: يقول ابن الجوزي في كتابه «صفة الصفوة» في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ذكر أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم: «وقد ذكر أبو الحسين بن فارس اللغوي أن لنبينا صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين اسماً ... الخ» فكأنه يشير إلى هذا الكتاب.
وقد حققه ماجد الذهبي مدير دار الكتب الظاهرية، وطُبعَ بقسم التحقيق والبحث العلمي التابع لمركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت سنة1409هـ.
ويقع في المطبوع في عشر صفحات. وقد شرح فيه ابن فارس معاني أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرحاً رائعاً. ابتدأ فيه باسم محمد فقال: «فأول أسمائه وأشهرها محمد صلى الله عليه وسلم. قال جل ثناؤه:\محمدٌّ رسولُ اللهِ\ وقال:\وآَمِنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ\ وهو اسم مأخوذٌ من الحمد، .. الخ». وانتهى فيه إلى اسم الخاتم فقال: «ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم الخاتم، قال الله جل ثناؤه:\ما كان محمدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُم ولكِنْ رَسُولَ اللهِ وخَاتَمَ النَّبِيَّينَ\ وهو من قولك: ختمت الشيء إذا أَتممتَهُ وبلغت آخره ... الخ». وقد ذكر هذا الكتاب في الفهرس الذي صنعه الصغاني لكتب ابن فارس في نهاية كتاب «استعارة أعضاء الإنسان» الذي سبق ذكره.
- أصول الفقه: ذكر هذا الكتاب لابن فارس في «معجم الأدباء» 1/ 536، وفي «الوافي بالوفيات» 7/ 279، وفي مقدمة «مقاييس اللغة» 26، وفي مقدمة كتاب «الفَرق» 24، وفي مقدمة «المُجمل» 1/ 22، ولم يعثر عليه بعد.
- الأضداد: أشار إليه ابن فارس نفسه في كتابه «الصاحبي» فقال: «ومِن سُننِ العَربِ في الأسْماءِ أَن يُسَمُّوا المتضادينِ باسمٍ واحدٍ، نحو «الجَوْن» للأسودِ، و «الجَوْنِ» للأَبيضِ. وأنكرَ ناسٌ هذا المذهبَ، وأَنَّ العَرَبَ تأتي باسمٍ واحدٍ لشئٍ وضدهِ. وهذا ليس بشئٍ، وذلك أنَّ الذين رَوَوا أَنَّ العربَ تُسمي السَّيفَ مُهنَّداً، والفَرَسَ طِرْفَاً همُ الذين رَوَوا أَنَّ العربَ تُسمِّي المتضادين باسمٍ واحدٍ. وقد جَرَّدنَا في هَذا كِتَاباً ذكرنَا فيه ما احتجوا به، وذكرنَا رَدَّ ذلك ونَقضهُ، فلذلك لم نُكررهُ».
- كتاب الأفراد: يقول الزركشي في كتابه «البرهان في علوم القرآن»: «وقال ابن فارس في كتاب «الأفراد»:كل ما في كتاب الله من ذِكر الأسف ... الخ». وسوف أنقل ما ذكره ابن فارس في قسم علوم القرآن من الرسالة إن شاء الله. ولم أجد من أشار إليه قبل الزركشي.
ثم نقل عنه السيوطيُّ في «الإتقان».وقد سَمَّاهُ بعضهم: «الوجوه والنظائر» وجعله كتاباً مستقلاً لابن فارس. قال محققُ «المُجمل»: «الأفرادُ: وقد ذكره بدرُ الدينِ محمدُ بن عبدالله الزركشيُّ، في أثناء ذكره مَن صَنفوا في الوجوهِ والنظائرِ. وقد وَهِمَ الدكتور رمضان عبدالتواب، والأستاذُ هلال ناجي حين عّدَّا الوجوه والنظائرَ على أنهُ كتابٌ آخرٌ مستقلٌّ، غير كتاب الأفراد. وليس الأمر كذلك؛ لأنَّ الإمام الزركشيَّ قد نَصَّ على أن ابن فارس قد صنفَ في الوجوه والنظائرِ كتاباً سَمَّاهُ «الأفرادَ». ولعلهما اعتمدا في ذلك على ما ذكره إِسْماعيلُ البغدادي في «هدية العارفين» 1/ 69، دون النظر إلى ما أورده الزركشي». وذكره من المعَاصرينَ مصطفى الرافعيُّ.
وقد نشر هذا الكتاب في مجلة الدراسات الإسلامية بإسلام آباد في يونيو 1983م بتحقيق الدكتور أحمد خان. وقبل مدة ظهر الكتاب محققاً في مجلة الحكمة، في العدد الثاني والعشرين من ص127 - 141 تحت عنوان: (أفراد كلمات القرآن) ولم أعرف المحقق لعدم ذكر اسمه في المجلة، وقد سالتهم فلم يخبروني بشيء حتى الساعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الأمالي: ذكره ياقوت في «معجم الأدباء» فقال: «وقرأتُ في أَمَالي ابنِ فارسٍ قَال: سَمعتُ أبا الحسن القطان بعدما علت سنه وضعف ... »، وفي «معجم البلدان» عند ذكر بلدةِ أَوطَاسٍ قال: «وقال أبو الحسين بن فارس في أماليه: أنشدني أبي رحِمه الله:
يادارُ أَقْوَتْ بِأَوْطَاسٍ وغَيَّرَها ... مِنْ بَعْدِ مَأْهُولِهَا الأَمطارُ والمُورُ
كَمْ ذا لأَهلكِ مِنْ دَهرٍ ومِنْ حِجَجٍ ... وأينَ حَلَّ الدُّمَى والكُنَّسُ الحُورُ
ردِّي الجَوابَ على حَرَّانَ مُكتئبٍ ... سُهادهُ مُطلقٌ، والنَّومُ مَأْسُورُ
فَلم تُبِينْ لنَا الأَطْلالُ مِنْ خَبرٍ ... وقَدْ تُجَلِّي العَمَايَاتِ الأَخَابِيرُ
وقد ذُكِرَ كذلك في مقدمة «مقاييس اللغة» 26، وفي مقدمة «الفَرْق» 25، ومقدمة «المُجملِ» 22، ولم يعثر عليه بعد.
- الإمتاع: ذكره جرجي زيدان في كتابه «تاريخ آداب اللغة العربية» 1/ 619، وذكر أنه طبع في غيسن سنة 1906م. وذكره طليمات في رسالته عن ابن فارس وقال: «ولعله كتابُ «الإتباعِ والمزاوجةِ» مصحفاً؛ لأنَّ الإتباعَ والمزاوجةَ نشر في مدينة غيسن بألمانيا سنة 1906م، وعني بنشره رودلف برونو». وهو كما ذكر.
- أمثلة الأسجاع: قال ابن فارس في كتاب «الإتباع والمزاوجة»: «قد ذكرت ما انتهى إليَّ من هذا الباب، وتحريت ما كان منه كالمقفى، وتركت ما اختلف رويه، وسترى ما جاء من كلامهم في الأمثال وما أشبه الأمثال من حكمهم على السجع في كتاب «أمثلة الأسجاع».
- الانتصار لثعلب: ذكره الداوودي في «طبقات المفسرين» 1/ 60، والسيوطيُّ في «بغيةِ الوُعَاةِ» 1/ 352، وطاش كبري زاده في «مفتاح السعادة» 1/ 109. ويبدو من عنوانه أنه دفاع عن ثعلب شيخ العربية وانتصار لمذهبه الكوفي في النحو. ولم يعثر عليه بعد.
- الأنواء: ذكرها طليمات وقال: «لم يذكر أحدٌ من الذين ترجَموا حياةَ ابن فارس أنه أَلَّفَ في علم الأنواء كتاباً أو رسالةً، ولذلك حِرْتُ حينما ظفرتُ في المكتبة الظاهرية بِمَخطوطةٍ تَتناولُ هذا العلم وتُنْسَبُ إلى ابنِ فارس».جاء في مقدمة المخطوطة: «قال أحْمد بن فارس: هذا كتابٌ جَمعتُ فيه أَسْماءَ الأيامِ، والسَّاعاتِ، والشهورِ ... ».
وقد شكك طليمات في نسبةِ هذه الرسالة إلى ابن فارس وقال: «وبعدُ: فإننا بعد كلِّ المزاعم التي زعمناها، لانثقُ ثقةً تامَّةً بانتماء الرسالة إلى ابن فارس، ولو سلَّمنا بصحة هذه المزاعم لحققنا الرسالةَ، وعددناها ظفراً بضآلةٍ، أو عثوراً على كَنْزٍ»
- أوجز السير لخير البشر: وهو رسالة صغيرة، ذكرتها كتب التراجم بأسماء مختلفة فقد سميت باسم: سيرةِ النبي صلى الله عليه وسلم، في «معجم الأدباء» لياقوت 1/ 536، وفي «طبقات ابن قاضي شهبة» 1/ 231، وفي «الوافي بالوفيات» 7/ 278، وقال عنه ياقوتُ: «كتابٌ صغيرُ الحجمِ». وذكر بروكلمانَ مخطوطاتٍ كثيرةً لهذه الرسالةِ2/ 266، وتحملُ عنواناتٍ كثيرةً، وذهب إلى أنها نسخٌ متعددةٌ لكتابٍ واحدٍ.
وقد طبعت هذه الرسالة عدة طبعات. أوَّلُهَا في الجزائرِ سنة 1301هـ، وطبعةُ هلال ناجي في «مَجلَّةِ المورد العراقية» 2/ 4 1973م. وتقع المطبوعةُ الأخيرةُ في سبع صفحاتٍ، تبدأ بذكر الرواة الذين رووا نصَّ السيرة عن ابن فارس، ثم بعد ذلك يقول ابن فارس: «هذا ذكر ما يحق على المرء المسلم حفظه، ويجب على ذي الدين معرفته مِنْ نَسَبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولده ومنشئه ومبعثه وذكر أحواله في مغازيه، ومعرفة أسماء ولده وعمومته وأزواجه ... » وآخر الطبعات بتحقيق محمد محمود حَمدان وطباعة دار الرشاد سنة 1413هـ. و هي متوفرة في المكتبات في الرياض فيما رايت كالرشد وغيرها.
- التاج: ذكره ابنُ خَير الإشبيليُّ في «فهرسه» 374، وعَزَا روايتَهُ إِلى كلٍّ مِن القاضي أبي زرعةَ، وأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي الفقيه تلميذي ابن فارس. ولم يعثر عليه بعد.
- الثلاثة: وهي رسالة صغيرة.لم يذكرها أحدٌ من المتقدمين الذين ترجَموا لابن فارسٍ، وذكرها لابن فارس من المتأخرينَ جُرجي زَيدان في «تاريخ آداب اللغة العربية» 1/ 619، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» 2/ 266، والزِّرِكْلِيُّ في «الأعلام» 1/ 184.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد حققها الدكتور رمضان عبدالتواب، وتقع المطبوعة في عشرين صفحة. وموضوع الرسالة أساسه أن يَجمعَ ابن فارس في مكانٍ واحدٍ كلَّ ثلاثةِ ألفاظٍ، تشتركُ في ثلاثةِ أحرفها الأُصُولِ، وتختلفُ في ترتيب هذه الأحرفِ، وأَن يشرحَ معاني هذه الألفاظ شَرحاً مَشفُوعَاً بالشواهدِ. من هذه الألفاظِ على سبيلِ المثالِ قولهُ: «فمن ذلك الحَلِيمُ والحَمِيلُ واللَّحيمُ:
فالحليمُ: الرَّجلُ ذُو الأَنَاةِ والرِّفْقِ. قالَ قيسُ بنُ زُهيرٍ:
أَرَى حِلْمِي يُدِلُّ عَليَّ قَومِي وقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيْمُ
والحَمِيْلُ: الرَّجلُ الدَّعِيُّ. قال الكُمَيتُ:
عَلاَمَ نَزَلْتُمُ مِنْ غَيرِ فَقْرٍ وَلا ضَرَّاءَ مِنْزلةَ الحَمِيلِ
واللحيمُ: القتيلُ. قال الهذلي، وهو سَاعِدةُ:
وقَالُوا: عَهِدْنَا القَومَ قَدْ حَصِرُوا بِهِ فَلا رَيْبَ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيْمُ
أو «السَّلَعُ واللَّعَسُ والعَسَلُ».
فمن الخطأِ - والحالُ هذهِ - قولُ بروكلمان عن هذا الكتابِ: «كتاب الثلاثةِ في الألفاظ الثلاثةِ المترادفةِ»، والصحيحُ قولُ الزِّرِكْلِيِّ: «وكتاب الثلاثةِ في الكلماتِ المكونةِ من ثلاثةِ حروفٍ متماثلةٍ».
- الثياب والحلي: ذكره ياقوتُ في «معجم الأدباء» 1/ 536، وذكره الصفديُّ 7/ 278 باسمِ الشياتِ والحُلي. ولم يعثر عليه بعد.
- جزءٌ في السِّواكِ: ذكره الرافعيُّ في ترجَمتهِ، ونَقَلَ منه نقلاً، فقال: «قال أحْمدُ بن فارس في جُزءٍ جَمَعهُ في السِّواكِ: أخبرني أبو بكر أحْمد بن محمد بن إسحاق السني، ثنا الحسين بن مسبح، ثنا أبوحنيفة أحْمد بن داؤد في كتاب النبات:يقال مِسْوَاكٌ، وسِوَاكٌ، ويُجمَعُ مَسَاويكَ، وسُوكاً. وأَشهرُ الشجرِ الذي يُستعملُ منه المسَاويك الأَرَاكُ، يؤخذُ ذلك مِن فُروعِهِ، وعُرُوقهِ، وصرعهِ. والصرعُ جَمْعُ صَريعٍ، وهو القضيبُ ينهصرُ إلى الأرض فيسقطُ عليهَا.» ولم يذكره أحدٌ مِمَّن تَرجَمُوا لابنِ فارسٍ.
- الجوابات: وهذا الكتاب يتعلق بتفسير القرآنِ. فهو ضَرْبٌ مِن تفسير القرآن بالقرآن، سار فيه ابنُ فارس رحِمه الله على منهاجِ مَن سبقهُ من أهلِ العلمِ. وأشارَ إليه في «الصاحبي» فقال تحت بابِ: «باب ما يكونُ بيانه منفصلاً منه، ويجيء في السورة معها أو في غيرها» وفي هذا الباب ثمانية عشر جَواباً من الجواباتِ التي ذكر ابن فارس أنهُ جَمعها في كتابٍ.
وهذا الكتابُ يعد من الكتبِ المفقودةِ، غَيرَ أَنَّ ابن فارس أشارَ إليه إشارةٌ في الصاحبي فقال في نهاية الفصل السابق: «وهذا في القرآن كثير أفردنا له كتاباً وهو الذي يسمَّى: الجوابات».
- الحَبِيْرُ المُذْهَبُ: ذكره ابن فارس نفسه في كتابه «متخَيَّرُ الأَلفاظ» فقال: «وقد تحرَّيتُ في هذا الكتاب الإيْمَاءَ إلى طُرقِ الخَطَابةِ، وآثرتُ فيه الاختصارَ وتنكبتُ الإِطالةَ. فمنْ سَمَتْ به همته إلى كتاب أَجْمَعَ منه قرأَ كتابي الذي أسميتُهُ «الحَبيرَ المُذْهَب» فإنه يوفي على سائر ما تركتُ ذكرَهُ ههنا من مَحَاسن كلامِ العربِ إِنْ شاءَ الله».
- الحَجَر: وقد نسبه لابن فارسٍ القفطيُّ فقال: «وكانَ - أي ابنُ فارسٍ - شديدَ التعصب لآلِ العميدِ، وكان الصاحبُ بن عبَّادٍ يكرهه لأجلِ ذلك. ولما صنفَ للصاحبِ كتابَ «الحجر». وسيره إليه في وِزَارته قال: رُدُّوا الحَجَر مِن حيث جاء، وأمر له بجائزةٍ ليست سنيَّةً».
وقال ياقوتُ: «كان الصاحبُ مُنصرفاً عن أبي الحسين بنِ فارسٍ؛ لانتسابهِ إلى خدمة آل العميد، وتعصبهِ لَهُم. فأنفذ إليه مِن هَمَذانَ كتابَ «الحَجَر» مِن تأليفهِ. فقال الصاحبُ: رُدَّ الحجرَ مِن حيث جاءك. ثم لم تَطِبْ نَفْسُهُ بتركه، وأمرَ لَهُ بِصِلةٍ».
- الحماسة المُحْدَثة: قال الدكتور رمضان عبدالتواب في مقدمة تحقيق كتاب «الفَرق» لابن فارس وهو يتحدث عن كتاب الحماسةِ المُحدَثةِ: «وقد بقي لنا الجزء الأول من هذه الحماسةِ مخطوطاً، في مكتبة لاله لي رقم 1716 باستنبول وعنوانه: الحماسة بتفسير ابن فارس، لخزانة الملك الظاهر. وهو في 135 ورقة. وفي كل صفحة من 13 سطراً. ذكر ذلك الميمنيُّ في مذكراته عن نوادر المخطوطات في تركيا».
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكره ياقوت الحموي، وابن النديم في «الفهرست»، واقتصر عليه فقط من بين مؤلفات ابن فارس وهذا دليل على شهرته. وقد ذكره العبيديُّ في كتابه التذكرةِ السعديةِ وعده واحداً من مَصَادرهِ المهمةِ في كتابهِ. وقد حققه هادي حسن حَمُودي، وطبع بمطبعة عالم الكتب عام 1415هـ. وهو متوفر في المكتبات وليس كبيراً في حجمه. 192 صفحة فقط.
- خُضَارَةُ: ذكرهُ ابن فارسٍ في «الصاحبي» فقال: «وما سوى هذا مما ذكرت الرواةُ أن الشعراءَ غلطوا فيه فقد ذكرناه في كتابِ: «خُضَارة»، وهو كتابُ نَعْتِ الشِّعْرِ». ويبدو أن عبارة «نعت الشعر» التي وردت في الصاحبي تحريف، وأن صوابها «نقد الشعر» كما في «المُزهِر». وقد ذكره بعض من ترجَموا لابن فارس باسمِ نَعتِ الشِّعْرِ، أو نَقدِ الشِّعْرِ على أنه كتابٌ مستقلٌّ غير خُضَارة، والصحيحُ أَنَّهُ هوَ؛ لأَنَّ ابن فار س نصَّ على أنه هو بقوله المتقدمِ: «وهو كتابُ نعتِ الشعرِ» أو نقد الشعرِ.
- دارات العرب: ذكره ابن فارس في كتاب «المُجملِ» عند مادة (دار) فقال: «وقد ذكرنَا دارات العرب في كتابٍ مُفْرَدٍ». وقال ياقوتُ الحمويُّ في «معجم البلدان» عند: «ولم أَرَ أحداً مِن الأئمة القدماء زاد على العشرين دارةً، إِلاَّ ما كان من أَبي الحسينِ بن فارسٍ فإنه أَفردَ لهُ كِتَاباً، فذكرَ نحو الأربعين، فزدتُ أَنَا عليهِ بِحولِ اللهِ وقوتهِ نَحوَهَا». وذكره ياقوتُ في «معجم الأدباء»،والقفطيُّ،والصفديُّ في «الوافي بالوفيات» 7/ 278، وغيرهم. ولم يعثر عليه بعد.
- ذخائر الكلمات: ذكره ياقوت الحموي، والصفدي، وغيرهما. ولم يعثر عليه بعد.
- ذم الغِيْبَة: ذكره في في «كشف الظنون» 828، و «هدية العارفين» 1/ 68، و «المعجم المؤسس» 87 برقم 248، وذكره عمرُبن فهد المكيُّ في «معجم الشيوخ» في عدة تراجم على أنه كان من الكتبِ المرويةِ بالأسانيدِ في القَرنِ التاسعِ. ولم يعثر عليه بعد.
- شرح رسالة الزهري إلى عبدالملك بن مروان: نسبها لابن فارس ياقوت، والصفدي، وغيرهما. ولم يعثر عليه بعد.
- العم والخال: ذكره ياقوت الحموي، والصفدي، و «هدية العارفين»، و «طبقات المفسرين» للداوودي، والصغاني في فهرسه، وغيرهم. ولم يعثر عليه بعد.
- غريب إعراب القرآن: ورد ذكرُ هذا الكتابِ بين آثار ابن فارسٍ في كثير من كتب التراجم. فقد ذكرهُ ابن النجار، وياقوت، والصفدي، والأنباري، الداوودي، والسيوطي، وغيرهم. ولم يعثر عليه بعد.
- الفريدة والخريدة: تفرد السبكيُّ في «طبقات الشافعية» بنسبة هذا الكتاب إلى ابن فارس، وعن السبكيِّ نقلَ مَن بعدَه مِن المُحدَثين. فذكره عبدالسلام هارون في مقدمة «المقاييس» 33، ورمضان عبدالتواب في مقدمة «الفرق» 27، وزهير عبدالمُحسن سلطان في مقدمة «المُجمل» 1/ 27. قال السبكي: «وقال الذهبي أَيضاً: وكان - أي أبو حيَّان التوحيدي - سيءَ الاعتقادِ، ثم نقلَ قَولَ ابنِ فَارسٍ في كتاب «الفريدة والخريدة»:كان أبو حيان كَذَّاباً، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان، تعرَّضَ لأُمورٍ جِسَامٍ: مِن القدح في الشريعة، والقول بالتعطيل، ولقد وقف سيدُنا الصاحبُ كافي الكفاة على بعضِ ما كان يدغله ويخفيه، من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم بزخرفه وإفكه، ثم عثروا منه على قبيح دخلته، وسوء عقيدته، وما يبطنه من الإلحاد، ويرومه في الإسلام من الفساد، فطلبه الوزير المهلبي، فاستتر منه ومات في الاستتار، وأراح الله منه، ولم يؤثر عنه إلا مثلبةٌ أومُخْزيةٌ». [طبقات الشافعية الكبرى5/ 287.
قال عبدالرحمن الشهري: وهذا الكلام الذي قاله ابن فارس - مع حبي له - عن التوحيدي مردود من وجوه كثيرة منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
- أن ابن فارس من معاصري أبي حيان، وهو عالم لغوي أديب غير مجهول المكانة، فمن المستبعد أن يقع في الأخطاء التاريخية الفادحة التي وردت في هذا النص المنسوب إليه. فمن هذه الأخطاء أن النص يقرر أن الصاحب بن عباد طلب التوحيدي ليقتله ففر منه، وبعد ذلك تعقبه الوزير المهلبي فاستتر منه حتى مات. ومن المعروف أن أبا حيان غادر ابن عباد سنة 370هـ كما صرح أبو حيان -في «أخلاق الوزيرين»، والوزير المهلبي توفي سنة 352هـ بإجماع المؤرخين. أي أن أبا حيان ترك الصاحب بن عباد بعد وفاة المهلبي بثمانية عشر عاماً، فمن أين طلبه ليقتله؟!
- كذلك يقرر النص المنسوب لابن فارس أن أبا حيان مات في الاستتار فأيهما أسبق في الوفاة؟ فابن فارس مات سنة 395هـ على أصح الأقوال، وأبو حيان مات ما بين سنتي 400 - 414هـ أي أن ابن فارس قد مات قبل أبي حيان بكثير، فكيف يمكن قبول هذا النص على ما فيه من تناقض؟ وكيف يخبر الميت عن الحي؟
للتوسع يراجع: أبو حيان التوحيدي: رأيه في الإعجاز، وأثره في الأدب والنقد لمحمد عبدالغني الشيخ2/ 614 - 623]
-الفوائد: ذكره ياقوت الحمويُّ في ترجَمةِ أبي سعيد أحْمد بن أبي خالد الضرير، فقال: «رأيتُ في فَوائدِ أبي الحسين أحْمد بن فارسِ بن زكريا اللغويِّ صاحبِ كتابِ «المُجمل» ما صورته ... ».وقد اعترض محقق المُجمل على أن يكون هذا كتاباً لابن فارس لمُجردِ ما قاله ياقوتُ وقال: «نحن لانراه كتاباً لأنَّ لكلِّ عالمٍ فوائد يدونها في أثناء قراءاته، ويرجع إليها إذا احتاج إلى شيءٍ مِنها». ولا مانع في حقيقة الأمرِ من أن يكون ابنُ فارس قد جَمع هذه الفوائدَ في كتاب، كما فعل كثير من العلماء كابنِ القيمِ وغيره.
- قصصُ النَّهار وسَمَرُ الليل: ذكره بروكلمان، وقال: «إنه مَخطوطٌ في مَجموعٍ بِمَكتبةِ ليبزغ 780رقم 4، ومنه قصيدة الأعشى في النبي صلى الله عليه وسلم التي نشرها توربيكه في مجلة أَبْحاثِ شرقية». وعن بروكلمان نقل الدكتور رمضان عبدالتواب في مقدمة «الفرق» 34، وعبدالسلام هارون في مقدمة «المقاييس» 34.
- كتاب اللامات: وهذا الكتاب أشار إليه حبيبُ الزيات في حديثهِ عن المَجَاميع في المَجموع ذي الرقم71، فكانت إشارتهُ باعثاً للمستشرق برغشتراسر على تصويرهِ، ونشرهِ في مجلة إسلاميكا، الصادرة في ليبزيغ، فصدر في المُجلد الأول منها عام 1925م، وشَغَلَ المطبوعُ الصفحات 81 - 88، ثم نظر الدكتور شاكر الفحام في الكتاب المطبوع وعارضَهُ على الأصل المخطوطِ، فأَحسَّ داعياً مُلِحَّاً يُهيبُ به لإعادةِ نشرِ الكتابِ بعد تجديد التحقيقِ، وتكملةِ النص المُحققِ بِمُقدمةٍ ضَافيةٍ، دَرَسَ فيها تاريخ المخطوطة، وحياةَ ابن فارس وشيوخه، وفهرس الكتاب وخرج شواهده، وكل غايته كما قال: «أن يبرز الكتاب محققاً، قد خلص مما شاب الطبعة الأولى من خطأ وإن قلَّ، وأن تتداوله جمهرة قراء العربية بعد أن ندر وجوده، فلا يظفر طالب بنسخة منه على طول البحث والتنقير».
يقول ابن فارس في المقدمة: «أهل العربية مختلفون في عدد اللامات، فمنهم من كثر حتى بلغ بها ثلاثين وما زاد، ومنهم من يزعم أنها بضع عشرة لاماً. وذكر ناس أنها ثمان ... وأنا أفسرها إن شاء الله، ورُبَّمَا لَبَّستُ بين المذهبين؛ لأن شغلي اليوم بغير هَذَا الجَنَى مِنْ العِلْمِ».
- الليل والنهار: ذكر هذا الكتاب بين كتب ابن فارس ياقوت في «معجم الأدباء» 1/ 536، والصفدي في «الوافي بالوفيات» 7/ 278، والسيوطي في «بغية الوعاة» 1/ 352، وغيرهم. وهو كتابٌ فيه مفاضلة بين الليل والنهار كما يظهر مِن نَقْلِ السيوطي منه في «الحَاوي للفتاوي» إذ قال رحِمه الله: «وقد وقفتُ على تأليفٍ في التفضيلِ بين الليلِ والنهار لأبي الحسينِ بن فارسٍ اللغويِّ صَاحبِ «المُجمل». فذكر فيه وجوهاً في تفضيل هذا، ووجوهاً في تفضيل هذا.»
- متخيَّرُ الألفاظِ: ورد ذكرُ هذا الكتابِ كثيراً في كتبِ التَّرَاجمِ التي ترجَمت لابن فارس، كـ «معجم الأدباء»، و «نزهة الألباء» للأنباري، و «الوافي بالوفيات» للصفدي، وقد عثر هلالُ ناجي على مخطوطتين لهذا الكتاب فحققه، ونشره في بغدادَ سنةَ 1970م. ويعد هذا الكتاب من معجمات المعاني، ككتابِ جَواهرِ الألفاظِ لقدامةَ بنِ جعفر. ويشغل المتنُ المطبوعُ مائتي صفحةٍ، والمقدمة والفهارس مائة أخرى.
- الموازنة: ذكر في مقدمة «الفرق» 37 نقلاً عن كتابي الصغاني «التكملة» 1/ 8 و «العباب» حرف الألف30، وفي مقدمة «المُجمل» 28 وفي فهرس الصغاني في مجلة «المورد» المُجلد 12 العدد82 سنة 1983م.
- النيروز: وهي رسالةٌ صغيرةٌ. نشرها المُحققُ العلاَّمَةُ عبدالسلامِ هَارون عَن مخطوطتها النادرةِ المَحفوظةِ في المكتبة التيمورية برقم 402لغة. ومطبوعته تقع في ثَمانِ صفحات من كتاب: «نوادر المخطوطات».
يقول ابن فارس في مقدمة الرسالة: «سألت - أعزك الله - عن قولِ الناسِ يومَ نيروزٍ، وهل هذه الكلمةُ عربيةٌ؟ وبأَيِّ شيءٍ وَزنُهَا؟
واعلم أَنَّ هذاالاسم مُعرَّبٌ، ومعناه أَنَّهُ اليومُ الجَديدُ. وهو قولُهُم: نُوروزٌ، إِلاَّ أَنَّ النَّيْرُوزَ أشبهَ بأَبنيةِ العَربِ؛ لأَنَّهُ على مثالِ «فَيعول» وكان الفراءُ يقولُ: يُبْنَى الاسمُ أَيَّ بناءٍ كانَ، إذا لَمْ يَخْرُجْ عَن أَبنيةِ العَرَبِ».
- اليشكريات: ذكره بروكلمان وقال إنه يوجد مخطوطاً في مجموع برقم 11.29 في المكتبة الظاهرية بدمشق. و ذكره تبعاً له عبدالسلام هارون في مقدمة «المقاييس»، ورمضان عبدالتواب في مقدمة «الفرق».ولم يعثر عليه بعد.
هذا ما تيسر لي أخي ابن الشجري نقله من بحثي مع استبعاد الحواشي لصعوبة تنسيقها في الملتقى، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بالعلم، وأن يكتب لك الأجر والثواب على مطارحاتك العلمية الممتعة، وأرجو أن لا ترهقني في السير معك على طريقتك في البيان، فإني ضعيف السير، ولا يغرنك ما أكتبه، فإنني لا أصلح لسباق المسافات الطويلة! وحسبنا ما تمتعنا به، فلا تحرمنا من أدبك وفقك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحاكم]ــــــــ[14 Feb 2004, 03:04 م]ـ
الأخ عبدالرحمن
السلام عليكم ورحمة الله
من آخر ما طبع للعلامة ابن فارس كتاب مأخذ العلم تحقيق محمد بن ناصر العجمي، طبعته دار البشائر بيروت
لكن ماذا تعرف عن كتابه حلية الفقهاء يكمن تفيدنا في ذلك؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Feb 2004, 07:37 ص]ـ
حياكم الله أخي الكريم الحاكم
كتاب حلية الفقهاء لابن فارس رحمه الله
نسبه لابن فارس ياقوت الحمويُّ في معجم الأدباء، والصفديُّ في الوافي بالوفيات 7/ 278، والإشبيليُّ في «فهرسه» وغيرهم كثيرٌ. وعده هلال ناجي من كتبِ ابن فارسٍ المفقودةِ.
وقد حققهُ الدكتورُ عبدالله بن عبدالمُحسن التركيُّ وفقه الله سنة 1403هـ، عن مخطوطةٍ وحيدةٍ، وُجدَت بمكتبةِ إسْماعيل صَائب بجامعةِ أنقرةَ، برقم 1713. ويقع المطبوع في (189) مائة وتسعٍ وثَمانين صفحةً.
والكتابُ شرحٌ لألفاظ الإمامِ أبي عبدالله محمدِ بن إدريس الشافعيِّ التي وردت في مختصرِ أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنيِّ، أشهرِ تلامذةِ الشافعيِّ.
وقد نهج ابنُ فارس نهجاً جَيِّداً في الشرحِ، حيث كشفَ إلى جانب المعنى اللغويِّ عَن مُرادِ الشافعيِّ رحِمَه الله، واحتجَّ لهُ، وبَيَّنَ منزلته في العربيَّةِ.
وأما كتاب مأخذ العلم، فكما تفضلت تم تحقيقه ونشره أخيراً في مجموعة لقاءات العشر الأواخر.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[21 Feb 2004, 04:52 م]ـ
مع إنشغالك بكل شاردة في الملتقى ووارده , فقد آثرت أن تجيب على ماسألتك عنه وزيادة , فلعمر الحق إن مثلك لتعقد على أخوته الخناصر، وقد علمت أن للكلام طي ونشر ولايعرف طيه الا بنشره، وأجدني الساعة عاجزا عن نشره، فكيف لو تحسن سباق المسافات الطويله؟ َ! لكأن القائل قد عناك بقوله:
من لي بمثل سيرك المدلل ... تمشي رويدا وتجئ في ألاول
فشكر الله لك حسن تفهيمك , وإن كلت أناملي عن الكتابة , فسألهج لك بالدعاء جزاء مابينته لأخيك، ولعلك تعلم أخي الحبيب سبب تأخري عن الكتابة، فمثلك يحملني على واسع العذر, فللرد على المكتوب حق قل من أداه، فلاعدمتك من اخ يتخير أطيب الكلمات كما يتخير أطايب التمر والثمر ثم يدفعها مع اعتذار بين يدي أخوانه , وهل بقي من الدنيا ما يتعلل به سوى مثل هذا , أسأل الله أن يسبغ علينا وعليك من وافر نعمه العظيمه ,وان يفتح على قلوبنا جميعا بالعلم النافع والعمل الصالح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Mar 2008, 10:05 ص]ـ
تفسير ابن فارس ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?p=45818)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[16 Mar 2008, 06:32 ص]ـ
وكذلك هو هنا كاملا مجموعا
لاحظ بقية الأعداد ..
((تفسير ابن فارس
(1)
الدكتور هادي حسن حمودي
http://www.rafed.net/books/turathona/7-8/17.html#12 ))
وجزى الله الجميع خيرا
وأحسن إليهم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Mar 2008, 08:02 ص]ـ
أشكر أخوي الكريمين أبا مجاهد العبيدي وأبا أسامة الظفيري على إحالتهم على هذا البحث القيم للدكتور هادي حسن حمودي وفقه الله.
وقد قمتُ منذ عام 1417هـ بجمع كلام ابن فارس في التفسير من خلال كتبه المطبوعة، ورتبته بحسب ترتيب السور، وجمعت كلامه كذلك في علوم القرآن. ولعله يكون للحديث بقية إن شاء الله، ولا يزال الأملُ قائماً في العثور على كتابه (جامع التأويل) في تفسير القرآن الكريمُ فهو الذي يظهر منهجه في التفسير على وجه دقيق.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[20 Mar 2008, 02:46 ص]ـ
استمعت قبل ليلتين إلى اللقاء الممتع مع الدكتور محمد رشاد حمزاوي الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية مناصفة في قسم الأدب ـ وكان مما ورد وهو يتحدث عن حلم مشروعه الكبير والعجيب معجم تاريخ العربية ـ المفردة معناها ومتى نشأت وكيف تطورت في معناها ـ إلى أن وقف في حديثه عند كتاب المقاييس لابن فارس فقال:
بأن هذا الكتاب بقي مغبونا طيلة قرون حتى نبه هو على مكانته وأهميته في حل المشكلة المصطلحية في عام 1979 م!، وأشار إلى ما نبه عليه ابن فارس رحمه الله حول هذه المسألة بالذات، وإلى أسبقيته في محاولة علاج هذه المشكلة والإشارة إلى بعض حلولها كتناوله لقضية النحت والإبدال، في كلام مهم حول هذا الكتاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا أن أخي فهد سامحه الله يستضيف مع الضيف الحاضر عشرة من الغائبين ـ وإن كانوا شاركوا بالمفيد ـ إلا أني وددت لو أنه ترك الدكتور يتحدث قليلا حول هذه المسألة، وغيرها من المسائل المهمة التي كان يريد أو من المفيد تناولها والتفصيل فيها قليلا، وهو موضوع كبير وقديم قدم العربية نفسها، وتناوله يستوجب تناول كل قضايا اللغة وعلومها من نحت وإبدال وترادف واشتراك وتضاد ومعرب ودخيل ...
وكأن الدكتور يود أن يقول بأننا بهذه الآلات نستطيع خلق ألف ألف كلمة وكلمة، بل اثنى عشر ألف ألف كلمة كما قال الخليل رحمه الله فيما نقله عنه، وفي الحقيقة أنه موضوع خصب جبار ثري لأي شخص يريد خوض غماره والبحث فيه، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع صاحب هذه الهمة الفذة في النتيجة التي سيصل إليها، أو في بعض وجوهها على الأقل.
ولفت انتباهي المعجم الذي مولته عدة دول عربية على رأسها السعودية، والذي أشرف على جمعه في نخبة من الباحثين أربعة أعوام ـ ليجمع فيه مصطلحات الفضاء ـ والذي توصل فيه إلى رقم قياسي (350000) ثلاثمائة وخمسين ألف مصطلح فضائي، والأشد عجبا ماذكره منوها فيه بعظمة القرآن الكريم ومبينا بعض وجوه إعجازه، حيث كان أغلب تلك المصطلحات إما من القرآن الكريم، أو مردها للقرآن الكريم؟!، ومع انشراح صدري لهذه الإفادة وحجم قائلها، إلا أني شخصيا لم يتبين لي وجهها إلا بشئ من التكلف.
وكان له في هذا اللقاء نفثة روح بها عن صدره، وزفرة بكى بها أمسه، على تراث الأمة الضائع في كل العلوم، والمنسي على أرفف المكتبات في شرق الأرض وغربها، وناشد الباحث أن ينظر فقط إلى ما تحويه خزائن تركيا من مخطوطات، ثم نادى ـ طبعا لاحياة لمن تنادي ـ القيادات الإسلامية والعربية بدعم مراكز البحث وإلى أن تدفع لهم فقط ربع ما تنفقه على لعب الكرة والله المستعان.
وقال: انظروا إلى معجم الحديث النبوي ـ المعجم المفهرس ـ من الذي موله ودعم الباحثين المستشرقين في إخراجه؟ إنها الدول الغربية الكافرة، لا العربية المسلمة، ومن بين تلك الدول الدنمارك!.
في الحقيقة كان لقاءا جيدا مع شخصية لا تملك إلا الإعجاب بما تملكه من همة ونشاط، وتخرج منها إلى معرفة ما تملكه هذه الأمة من طاقات وذخيرة لو أحسنت دعمها والأخذ بيدها، فالرجل مع تمكنه من علوم العربية وتصدره لإخراج معاجم فيها جديدة، يتقن إلى جوار ذلك ثمان لغات عالمية حية، لم تؤثر على اهتمامه بالعربية والإشادة بها، وحلها لكثير من المصطلحات العصرية وعلومه التطبيقية، لا أشك أن لهمته الشخصية دور بعد عون الله تعالى في هذا التحصيل، إلا أن لمنهجية التعليم الذي تلقاه دور أكبر.
وللأسف الشديد فإن مدارسنا وجامعاتنا تخرج الكثير ممن لا يحسن التفريق بين الفعل والفاعل، فضلا عن (الاسبلنق والقرمر) للغة واحدة، وليس هذا منى دعوة لتعلم هذه اللغة بقدر ماهو إشادة بجمال المعرفة وهيبة العلم، حتى في أدق فنون الحياة، وفي الحقيقة أن كل لسان يمثل لك إنسان كماقال الحلي، وإن كان يقول شيخنا الجاحظ: أن كل لغة تدخل بقدر من الضيم على المزاحمة لها.
ليس هذا موضع الحديث عن هذه المسألة أوهذا الهم الذي كله أسف وأسى، فكما أن رقي الفرد يحسب بتحصيله العلمي عند عقلاء البشر، فكذلك المجتمعات والأمم، فالله المستعان على ماوصل إليه حال التعليم في يومنا هذا، فمع كثرة المدارس والجامعات والذي لا يحصى كثرة من يروح عليها ويغدو، إلا أن العلم يشكو شدة الجفوة وصدق الطلب.
وقد حاول الضيف أن يعرج على العلاقة بين الشرق والغرب الإسلاميين، فأشار إشارة عابرة في آخر حديثه، لم يسعفه الوقت لطرح وتناول هذه القضية بما لديه، وإلا فهي قضية قد كتبت فيها مصنفات واسعة، وتناولتها بالفصل تارة والوصل تارات، وأظن أنه أشير في هذا الموقع إلى شئ من طرفها.
قبيل الفجر من صبيحة يوم الخميس 12/ 3/1429(/)
اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[06 Feb 2004, 06:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه:
أيها المسلمون الموحدون الذين رضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأجدني أقف عاجزا واجما، تخونني الكلمات والعبارات في الحديث عن فضل رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فماذا أقول؟ وكيف أبدأ؟ وبماذا أنتهي؟.
أيها الإخوة:
قال ربنا تبارك وتعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح:9)
لعله لاتخفاكم الهجمة التي تشن على ديننا الحنيف، والتي تجاوزت ذلك إلى شخص محمد صلى الله عليه وسلم، فما فعلنا، وماذا صنعنا – إن كنا نزعم حبه، ونفديه بآبائنا وأمهاتنا -؟
محمد بشرٌ وليس كالبشرِ ... محمد ياقوتةٌ والناس كالحجرِ
أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها:
لقد انبرت طائفة من إخوانكم في الغرب بتكوين لجنة لهذا الغرض تحت مسمى: (اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء)، وكان من أعمالهم الجليلة إنشاء موقع على الشبكة بمختلف اللغات على الرابط: http://www.icsfp.com/AR/ (http://www.icsfp.com/AR/)
ولكنهم قلة في مواجهة طوفان الشر وأهله، والمطلوب منا جميعا:
إضافة الموقع إلى المفضلة، وتكرار زيارته.
2. المشاركة في أركان الموقع بما تيسر ولاسيما المنتدى بالمقالات والردود والبحوث.
3. تشجيع القائمين عليه بالشكر والثناء، وعرض تقديم المساعدة والعون بما يرونه ونقدر عليه.
4. دعوة المتخصصين من أهل العلم إلى المشاركة في هذا الموقع.
5. نشر هذا الموقع والتعريف به في المنتديات ووسائل الإعلام.
أسأل الله أن يوفق الجميع، ويكلل الجهود بالنجاح.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
ملحوظتان:
1 - إن رأى الإخوة المشرفون أهمية في تثبيت الموضوع، فلعل الأمر يكون خيرا.
2. أرجو من الإخوة نشر الموضوع في مختلف المنتديات.وجزاكم الله خيرا،،
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[06 Feb 2004, 10:53 م]ـ
شكر الله لك يا شيخ خالد , وإن تثبيت الموضوع هو أقل الواجب , وقد قمت بتثبيته , اسأل الله أن يوفق القائمين عليه لكل خير.
ـ[فاطمة]ــــــــ[10 Feb 2004, 02:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرجيم
والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخرين وخاتم النبيين سيدنا محمد وبعد:
أحبتي في الله حير عمل يمكن أن يقوم به مؤمن بلله محب لرسوله هو الدفاع عنه ونشر فضائله عليه الصلاة والسلام فجزاكم الله خبر الجزاء وأريد أن أعرف منكم ما الشئ الذي يمكننا فعله لنساهم في هذا العمل الجليل
أختكم في الله fatema@al-sham.every1.net
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[10 Feb 2004, 01:54 م]ـ
أشكر لك أخي الكريم / أحمد البريدي سرعة تجاوبك، وتثبيت الموضوع.
وهذا مقال من الموقع للشيخ حاتم بن عارف العوني أشار فيه إلى ماصدر عن الرئيس كلينتون في مؤتمر جدة الإقتصادي:
http://www.icsfp.com/AR/Contents.aspx?AID=2114
كما أشكر للأخت الكريمة / فاطمة حرصها وغيرتها، زادها الله من فضله، وأحيلها إلى أصل الموضوع أعلاه وزيارة الموقع، ولعلها تجد ماتريده.
والسلام عليكم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Jan 2006, 04:58 م]ـ
وما زال الهجوم على نبينا صلى الله عليه وسلم , وآخره الهجوم في دولة الدنمارك , وأهيب إخواني بزيارة هذا الرابط , والمشاركة في النصرة.أرسل خطابك لنصرة نبيك صلى الله عليه وسلم ( http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=2267)
ـ[مرهف]ــــــــ[21 Jan 2006, 06:16 م]ـ
لقد سبق وأشرت إلى ما يحصل في الدنمارك من التعرض للنبي صلى الله عليه وسلم من زمن انظر هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4103
فأسأل الله أن يوقظ المسلمين من رقدتهم ويعيد الغيرة إلى قلوبهم وإيمانهم فينبغي أن تكثر المقالات في فضح الأخلاق الغربية والنصرانية مع الأديان الأخرى في الوقت الذي ينادون فيه المسلمين بحرية الأديان والتسامح
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[28 Jan 2006, 11:24 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[فاروق]ــــــــ[28 Jan 2006, 12:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاكم الله خيرا ..
و من خلال هذا الموقع يمكن أن نفعل أضعف الإيمان ..
http://www.no4denmark.com
_________________
حسبنا الله ونعم الوكيل
ـ[روضة]ــــــــ[28 Jan 2006, 01:08 م]ـ
بارك الله فيكم على هذه الجهود الطيبة المباركة.
ـ[فاروق]ــــــــ[28 Jan 2006, 07:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
وهذا فلاش جميل جدا حول جريمة سب الرسول صلى الله عليه وسلم
http://www.anashed.net/flash/rasool.swf
ـ[مرهف]ــــــــ[28 Jan 2006, 07:40 م]ـ
وهذه مواقع فيها ما يساعد على فعل أدنى ما يمكن:
http://www.forsonna.com/forum/forumdisplay.php?f= 6
http://www.forsonna.com/forum/showthread.php?p=22178#post22178
أقول:
يقول الغرب مستغرباً: لماذا تكرهنا الشعوب الإسلامية ولماذا تتنامى مشاعر الحقد والكراهية اتجاهنا، وبعد البحث والمداولة وإرسال البعوث خرجوا بنتيجة أن المناهج التعليمية في البلاد الإسلامية تحرض على الكراهية وعلى اللا تسامح الديني وينبغي على هذه الدول أن تنشر التسامح وفكر المعايشة والسلام بين أبنائها، ولكنهم لم ينظروا إلى تصرفاتهم الهمجية المتعجرفة اتجاه شعائر الإسلام وأن ثقافة الكراهية لا يعرفها المسلمون إلا في أخلاقهم ومعاملتهم الحاقدة، يقتلون الشعوب ثم يقولون لهم: نحن ننشر الديمقراطية، وإن موتكم على أيدينا هو بسبب الإرهابيين الذين يدافعون عنكم فانتقموا منهم، يستهزئون بديننا ويقولون: هذه حرية الرأي والتعبير، ونحن لا نتدخل في هذه الحرية، وأتساءل: لماذا لم يعتبروا المناهج التدريسية التي وصفوها بالمناهج التي تنشر ثقافة الكراهية بمقاييسهم الوثنية والسياسية، لماذا لم يعتبروها من أنواع حرية الرأي والتعبير؟ ومن أخطر من الآخر: الصحف التي يقرؤها الكبير والصغير والتي تنتشر أكثر من كتب المدارس، أم الكتب المدرسية التي يمتحن الطالب فيها ثم لا يلبث أن ينسى ما فيها بعد زمن؟.
ثم لا بد من القول لمن حمل راية حوار الأديان: أين هي جهودكم التي كنتم تخدعوننا فيها وأن اليهود والنصارى يتسامحون معنا وأن أكبرهم (البابا) حريص على نشر التسامح و .. و ... من هذا الكلام الذي مللنا منه، هاهي ذي الأشهر الثلاثة مرت والصحف والإعلام يقوم ما يقوم به ولم يظهر أبوهم أي استنكار أو تنديد اتجاه ما تقوم به هذه الدولة الحاقدة.
وسؤال آخر: ما الذي حرض هذه الصحيفة في الدنمارك على هذه الجريمة التي لا يحتملها قلب الغيور من المسلمين، ولم هذا الوقت بالذات يتلاعبون فيه على وتر حساس لا يمكن التساهل به بأي حال، ومن وراء هذه الجريمة التي لا تغتفر؟!
يا مسلمي العالم استيقظوا .... يا مسلمي العالم استيقظوا ..... يا مسلمي العالم استيقظوا
ـ[سيف الدين]ــــــــ[28 Jan 2006, 08:53 م]ـ
بوركت الافواه التي تدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام ...
ـ[فاروق]ــــــــ[29 Jan 2006, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
إنها حملة منظمة ..
قال رئيس الوزراء الدنماركي الخنزير اليوم ان الدنمارك لن تتنازل عن رأيها وأنه لا تهمه المقاطعة للألبان والأجبان لأن العرب لم يقاطعوا الأشياء الأهم والأكبر مثل شركة nova المصدرة للانسولين المسحوب من الخنازير المعدة للذبح. و شدد هنا أن المسلمين لا يحبون الخنزير الا عندما يقتربون من الموت , فلا يهمهم اسلامهم الا عند حرية التعبير الدنماركية ... وقال أيضآ ان الخسارة القليلة التي تكبدتها البلاد ستعوض من عقود البناء مع العرب ...
_________________
ـ[فاروق]ــــــــ[29 Jan 2006, 04:23 م]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
على الرغم من الحملة الشرسة على الاسلام الا ان الاسلام يتخطى كل الغوغائيين والحاقدين والملحدين والقائمة تطول واليكم هذا الخبر.
Muhammad Legacy of A Prophet
His father died before he was born, and his mother died when he was only six. But sheltered by a powerful uncle, he made a good start in life, established himself in a profitable business and married well. And then, at the age of 40, he was transformed.
A man who could not read or write, he announced that he was the prophet of God.
His name was Muhammad (S.A.W), and in the next 23 years he would bring peace to the warring pagan tribes of Arabia and establish the new religion of Islam, which today has 1.2 billion followers.
عرض في امريكا فيلم على قناة PBC عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من اخراج رجلين كانا يهوديين ثم اسلما , وكل من تابع هذا الفيلم سواء من المسلمين ام من الكفار بهر بهذا الفيلم والذي كان مؤثرا حتى ان بعض من شاهده بكى من قوة تاثير هذا الفيلم , ويتوقع المتابعون والعارفون بطبيعة الشعب الامريكي ان يؤدي الى اسلام مئات الآف من النصارى ان لم يكن الملايين فلله الحمد والمنة , والقناة لها موقع فلعل كل مسلم يكتب لهذه القناة شكرا على هذا الفلم الرائع , ولعله كذلك ان يترجم الى العربية وسائر اللغات الاخرى , وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ليبلغن هذا الدين مابلغ الليل والنهار بعز عزيز اوذل ذليل وقوله صلى الله عليه وسلم ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر , فالله اكبر ولله الحمد , وهذا هو رابط القناة
http://www.pbs.org/muhammad/
ورابط الفلم
http://www.fileforwarding.com/file.php?id=5439
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[30 Jan 2006, 07:21 م]ـ
لقد انتجت أفلام أمريكية عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومنها أفلام كرتون ولكن ... كانوا ينتقون من سيرته ما يريدون فيتخطون عند ذكر الجهاد ويركزون على نواحي تخدم مصالحهم، وأرجوالله تعالى أن يكون هذا الفلم مختلفاً.
وأريد أن أقول أن كتاباً في الدنمارك نشر الخميس الماضي يتحدث عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بمئتي صفحة تقريباً وسينشر في المكتبات العامة أيضاً، وفيه من الإساءة أكثر مما هو في الصحف، من هذه الإساءات رسم أمنا السيدة عائشة أم المؤمنين وهي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع سنوات والرسول يحرك شعرها ويقول: أنت مثل ابنتي، وصورة أخرة مع تعليقها تصور الصحابة وهم يقتلون أناساً أمام النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يسلموا ويشمون رائحة دمائهم مع تبريكات من النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما يصورون ذلك بالرسم.
ما موقف الدنمارك لو تكلم أحد المسلمين تحت شعار حرية الرأي عن ما يسمونه السامية أو أنكر المحرقة المزعومة على يد هتلر في ألمانيا؟ ولماذا يسكت بابا الفتيكان إلى الآن إن كان هذا العمل بدون مباركته، وما هو موقف الحكومات من الدنمارك هل سيقاطعونهم سياسياً كما يقاطع المسلمون الدنمارك اقتصادياً؟
فالله الله فيهم: اللهم إن محمداً نبيك وأنت الذي أرسلته وأنت أخبرتنا في كتابك أنك قد رفعت ذكره، وقلت أيضاً ((إن شانئك هو الأبتر)) فأرينا اللهم ذلهم وصغارهم وبترهم واشف صدورنا، اللهم انتقم لنبيك وحبيبك وأعنا على مناصرته يا رب العالمين.
ـ[فاروق]ــــــــ[31 Jan 2006, 12:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
--------------------------------------------------------------------------------
الدانمارك تريد حرق المصحف الشريف يوم السبت في الساحة الكبراا في كوبنهاجن ....
بدأت الدنمارك حملة بواسطة رسائل الجوال و الايمايل للمجيئ الى الساحة الكبرا في العاصمة كوبنهاجن للمشاركة في حرق الصحف الشريف ردآ على المقاطعة الاسلامية ول التضامن مع الرسامين و الجريدة ..........
الله أكبر يا مسلمين ,,الله أكبر يا مسلمين,, الله أكبر يا مسلمين
افرحي معي يا امة محمد (ص)
افرحي معي يا امة محمد (ص)
افرحي معي يا امة محمد (ص)
حانت لي الفرصة لأدافع عن كلام الله و نبيه الأعظم معآ في وقت واحد ..
دمعت عيني .... ان الله قرب مني الجهاد بدلآ من ان يقربني منه ..
والله .. والله .. والله الذي رفع السماء بلا عمد, لن اتوقف عن الدفاع الا في احدا ثلاث.
اما ان ينعمنا الله بالشهادة او ان تصل دماؤهم كاحلي او ان لا ياتوا الى هناك ...
والله يا امتي ان شباب الامة مستعدون و فرحون,,,
و سنحاول منع نساء المسلمين حتى لا يصابوا بأذآ ... الا أنهن كما عهدتهن عنيدات يابسي الرأس .. ابتسامة ..
تسطيعوا ان تنصرونا,,,
بدعاء ليوفق الله.
و بآية تردنا الى دينه
الله أكبر الله أكبر
ولتحيا امتي
الشباب مرابطون للدفاع عن كلام الله.
فلا تنسونا من صالح دعائكم ..
اخوانكم في السويد و الدنمارك
_________________
حسبنا الله ونعم الوكيل
منقول
ـ[روضة]ــــــــ[31 Jan 2006, 04:05 م]ـ
قَدْ مَكَرَ ?لَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فَأَتَى ?للَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ?لْقَوَاعِدِ
فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ?لسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ
وَأَتَاهُمُ ?لْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Jan 2006, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع، لكن عندي ملاحظة أرجو ان تتسع لها صدورنا: المقالات لا تخرج عن أن تكون خبرًا أو عاطفة مسلم جياشة ضد هذا الاعتداء، ولم أر ـ في أغلبها ـ من يقترح المقترحات الإيجابية لاستغلال مثل هذا الحدث، ولا شكَّ أننا ـ أعضاء الملتقى ـ قد سَبَقَنَا غيرُنا إلى مقترحات متعددة، لكن لا بأس بجمع هذه المقترحات والزيادة عليها.
ونحن إذ نكره هذا الحدث، لكننا نظنُّ بربنا خيرًا، ونتوقع أن تسفر عن خير، خصوصًا أن المسلمين ـ ولله الحمد ـ قد تفاعلوا مع هذا الحدث، وأسأل الله أن نرى ثمار أعمالهم قريبًا جدًّا.
ولئن كنا على يقين أن من أهان خليل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنه سيلفى جزاءه؛ إلا أننا يجب أن نزيد في العمل الدؤوب في نصرة نبينا صلى الله عليه وسلم في كل حين.
وكم أحب أن ننتقل إلى العمل الإيجابي لاستغلال هذا الحدث، بدلاً من النياحة عليه، فانظر كم أثمر هذا الحدث في استنكار من لا تظن منهم فعل ذلك، أفلا نستطيع أن ننشء عملاً بين المسلمين قبل الكافرين لنعيد الناس إلى سيرة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
ألا ترون أن من المناسب إعادة النظر في مناهجنا العملية في تربية أنفسنا وأبنائنا ومجتمعاتنا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ألا ترون أنه يمكن أن نُحْدِث دروسًا للمسلمين كلهم في الأمور الآتية:
1 ـ آداب النبي صلى الله عليه وسلم.
2 ـ شمائل النبي صلى الله عليه وسلم.
3 ـ معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
4 ـ خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
5 ـ 6 ـ 7 .... الخ مما يمكن أن نفيد فيه أنفسنا وإخواننا من المسلمين.
كم أتمنى أن نأخذ بوضع المقترحات في الاستفادة من هذا الحدث لنا ولدعوة غيرنا من الكفار الذين يستعملون الحرية في نقد ديننا ونبينا، ولا توجد هذه الحرية في مدح هتلر أو نقد المحرقة النازية المزعومة، او نقد اليهود أو نقد أي شيء يمت لسامية اليهود بصلة، فعند هذه الأمور تنعدم الحرية، ويأتي المنع، والله المستعان.(/)
{وأنا أول المسلمين} .. لم لا نفهما على ظاهرها؟؟
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[06 Feb 2004, 11:54 م]ـ
نعم .. لم لا نفهمها على ظاهرها ....
فالمفسرون جزاهم الله خيرا على تأويلها أنه الاول في أمته .... فما الجديد إذا, فغالب النبيين كذلك, فلم تخصص الآية لمحمد عليه الصلاة والسلام بلا منازع؟؟؟
حتى أن آية يونس في حق نوح {وأمرت أن أكون (من) المسلمين} , فكان مقبولا أو متوقعا أن تكون هذه الصفة في حق نوح إن لم تكن لآدم .... فأن تخصص للنبي فأمر فيه نظر .....
ولو جاءنا من يقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام هو أول من أسلم (إطلاقا) لكان دليله معه, وللزمنا نحن البدل!.
خاصة وأن النبيين كلهم على "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ... فهو بالظاهر في أول الاسلام, وفي ظاهر النص أول من أسلم!! ...
فما يقول أحبتنا وكبراؤنا؟؟
ـ[داود عيسى]ــــــــ[20 Feb 2004, 12:01 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ أبوأحمد على هذا التدبر .....
وأقول أين ذهب رأي أحبتنا في هذا الموضوع وأخص بالذكر ألعبيدى
وأسأل أخي ألعبيدى
هل هذا الموضوع تصنفه أيضا تحت عنوان (ما لا فائدة فيه)؟
مع إحترامي للجميع في هذا المنتدى أظن بأن هذا الموضوع من أقوى المواضيع التي طرحت علينا
ولكن للأسف فإن أعضاء هذا المنتدى نبذوه وراء ظهورهم.
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Feb 2004, 09:32 م]ـ
الأخ الجديد " داود عيسى " حفظه الله
قلت عن الموضوع: " ... أعضاء هذا المنتدى نبذوه وراء ظهورهم ... "
أخي الكريم عفا الله عنك لم يكن لهذا الكلام كبير داع، بل تركه أولى لأنه سيفرق أكثر مما يجمع
وإن كنا فعلا نريد تدبر كلام الله فلنتدبر المحكم مثل قوله سبحانه:
وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم
عسى الله أن يغفر لي ولك ولكل الأعضاء
الأخ " الشيخ أبو أحمد " حفظه الله
ما رأيك بقول موسى عليه السلام: وأنا أول المؤمنين
؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Feb 2004, 10:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار: في شرحه لحديث الاستفتاح في صحيح مسلم الذي فيه ( .. وأنا أول المسلمين): (قال أبو جعفر فقال قائل كيف تقبلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أضيف إليه من قوله في هذا الحديث وأنا أول المسلمين وقد كان قبله صلى الله عليه وسلم مسلمون من الأنبياء صلوات الله عليهم الذين كانوا من قبله وممن سواهم. فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه، أن قوله وأنا أول المسلمين يريد به أنه أول المسلمين من القرن الذي بعث فيهم، وبذلك أمره ربه عز وجل بقوله {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} ومثل ذلك قول موسى صلى الله عليه وسلم لما أفاق من صعقته حين سأل ربه عز وجل أن يريه أن ينظر إليه من قوله {فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} يعني بذلك المؤمنين الذين آمنوا به وقد كان قبله صلى الله عليه وسلم أنبياء مؤمنون صلوات الله عليهم وغير أنبياء ممن كان آمن بما جاءتهم به الأنبياء، والله نسأله التوفيق.)
وللطاهر ابن عاشور كلام جيد حول معنى الأولية ذكره في عدة مواضع، ومنها قوله عند تفسيره لآية الأنعام: (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم .. ) رقم 14: (ويجوز أن يكون الأول كناية عن الأقوى والأمكن في الإسلام، لأنّ الأول في كلّ عمل هو الأحرص عليه والأعلق به، فالأوليّة تستلزم الحرص والقوة في العمل، كما حكى الله تعالى عن موسى قوله: {وأنا أول المؤمنين} (الأعراف: 143). فإنّ كونه أوّلهم معلوم وإنّما أراد: أنّي الآن بعد الصعقة أقوى الناس إيماناً. وفي الحديث: نحن الآخرون الأولون يوم القيامة. وقد تقدّم شيءمن هذا عند قوله تعالى: {ولا تكونوا أول كافر به})
وقال عند تفسيره للآية المسؤول عنها في آخر الأنعام: (وقوله: {وأنا أول المسلمين} مثل قوله: {وبذلك أمرت} خبر مستعمل في معناه الكنائي، وهو لازم معناه، يعني قبول الإسلام والثّبات عليه والاغتباط به، لأنّ من أحبّ شيئاً أسرع إليه فجاءه أوّل النّاس، وهذا بمنزلة فعل السبق إذ يطلق في كلامهم على التمكّن والترجّح، كما قال النّابغة
سَبَقْتَ الرّجالَ الباهشين إلى العلا كسَبْق الجواد اصطادَ قبل الطوارد
لا يريد أنّه كان في المعالي أقدم من غيره لأنّ في أهل المعالي من هوأكبر منه سِنّاً، ومن نال العلا قبل أن يولد الممدوح، ولكنّه أراد أنّه تمكّن من نوال العلا وأصبح الحائز له والثّابت عليه. وفي الحديث: نحن الآخِرون السّابقون يوم القيامة.
وهذا المعنى تأييس للمشركين من الطّمع في التّنازل لهم في دينهم ولو أقَلّ تنازلٍ. ومن استعمال (أوّل) في مثل هذا قوله تعالى: {ولا تكونوا أول كافر به} كما تقدّم في سورة البقرة (41).
وليس المراد معناه الصّريحَ لقلّة جدوى الخبر بذلك، لأنّ كلّ داع إلى شيء فهوأوّل أصحابه لا محالة، فماذا يفيد ذلك الأعداء والأتباعَ، فإن أريد بالمسلمين الذين اتَّبعوا حقيقة الإسلام بمعنى إسلام الوجه إلىالله تعالى لم يستقم، لأنّ إبراهيم عليه السّلام كان مسلماً وكان بنوه مسلمين، كما حكى الله عنهم إذ قال إبراهيمعليه السّلام:
{فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون} (البقرة: 132) وكذلك أبناء يعقوب كانوا مسلمين إذ قالوا: {ونحن له مسلمون} (البقرة: 136).)
تذييل
أقول: كلام الطاهر ابن عاشور وجيه، ولعله يجد قبولاً عند الشيخ أبي أحمد وفقه الله.
وأما قوله: (وليس المراد معناه الصّريحَ لقلّة جدوى الخبر بذلك، لأنّ كلّ داع إلى شيء فهوأوّل أصحابه لا محالة) فليس على إطلاقه؛ فقد يكون من فائدة ذلك حث من سلك طريق الأنبياء في الدعوة إلى الله أن يكون أول المعتقدين لما يدعو إليه، وأول الممتثلين لما يأمر به حتى تلقى دعوته القبول، ويكون صادقاً في دعوته، وحتى لا يكون من الذين يقولون ما لا يفعلون.
فما تعليق الشيخ أبي أحمد على ذلك؟ وما تعليقه كذلك على تعليق الأخ داود عيسى؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[داود عيسى]ــــــــ[22 Feb 2004, 01:45 ص]ـ
حياك الله يا أخونا في الله وأسأل الله أن يجمعنا عند حوض نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ....
والله يا أخي ما قصدت إلا أن أقول أن هكذا موضوع لا ينبغي لنا أن نتركه هكذا دون معرفة إن كان ما يقوله
الشيخ أيوأحمد في هذه الاية (وأنا أول المسلمين) عن رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
هل هو قول صحيح أم هو فهم خاطئ؟
هذا توضيح لردي السابق في هذا الموضوع.
أخوكم في الله ألعضو الجديد داود عيسى.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[27 Feb 2004, 09:43 م]ـ
الاخ ابو مجاهد ..
شهد الله اني احبك فيه ..
وابتداءا .. وبخصوص اخينا داود عيسى, فأنا قد صدقتك فيه, بأني لا أعرفه, ولو أني أقدر له وفاقه وألفته ...
أما ما ذكرته من رأي السادة العلماء, فأوجهه الذي "استوجهته" أنت, ولو أني على "إحساس" أن القول بالظاهر له وجاهته أيضا, ولا يردّه إلا "الظن" بأنه لا يستقيم ولا يستوي, قياسا على منطق الناس وقدراتهم, فيما لو قيس المراد والفهم إلى قدرة الله وأمره, في خلق الزمان والمكان, والابتدا والانتهاء, لانتفى المانع كله ... {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} ..
وأما استدلال من استدل بآية موسى في الاعراف, ففرق بينها وبين التي نريدها, إذ التي في حق النبي محمد عليه الصلاة والسلام, فهي (قول) من الله و (أمر) الى رسوله, فالنبي لم يقلها من تلقاء نفسه, بل هو "مأمور" بها, استفرادا وحصرا, فيما كان قول موسى (قوله هو) عن نفسه, لم يتول الله القول به ولا الامر, وشتان بين قول موسى وقول الله وأمره, فقول الله حجة ودين, وقول موسى قول نبي عن نفسه ..
ما زلت أرى للآية موقعا عظيما يرجع إلى (أول) تقرير الحكمة التي يبني الله عليها سماءه وأرضه, ويخلق المؤمن والكافر ....
ومازال "استفراد" النبي الخاتم بها, وحصرها عليه نصا, دون أن تذكر لغيره ... لمدعاة للوقوف عندها اكثر!.
ولعل الله يأذن لنا بالقول بما ينفعنا وينفع الناس, فنحن بلا شك لم نبلغ فهم (الحكمة) التي بدأها الله الحكيم ..
ـ[أخوكم]ــــــــ[29 Feb 2004, 02:06 م]ـ
الأخ " الشيخ أبو أحمد " حفظه الله وجنبه كل سوء
قلت ما نصه: ( ... فيما كان قول موسى (قوله هو) عن نفسه, لم يتول الله القول به ولا الامر, وشتان بين قول موسى وقول الله وأمره, فقول الله حجة ودين, وقول موسى قول نبي عن نفسه ... ) اهـ
إذن ... هل نعد قول موسى عليه السلام خطئا عندما قال " وأنا أول المؤمنين "
لأنه سيتعارض مع " ما فهمتَه " من قول الله لنبيه عليه السلام " وأنا أول المسلمين "
؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Feb 2004, 05:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً - وجدت في تفسير الرازي ما يؤيد ما ذكرته من فوائد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون أول المسلمين فقد ذكر أن من فوائد ذلك:
(الفائدة الأولى كأنه يقول إني لست من الملوك الجبابرة الذين يأمرون الناس بأشياء وهم لا يفعلون ذلك بل كل ما أمرتكم به فأنا أول الناس شروعا فيه وأكثرهم مداومة عليه) إلى أن قال:
(الفائدة الثالثة في قوله وأمرت لان أكون أول المسلمين التنبيه على كونه رسولا من عند الله واجب الطاعة لأن أول المسلمين في شرائع الله لا يمكن أن يكون إلا رسول الله لأن أول من يعرف تلك الشرائع والتكاليف هو الرسول المبلغ).
وفي تفسير أبي السعود: (وقوله تعالى (وأنا أول المسلمين) لبيان مسارعته عليه السلام إلى الامتثال بما أمر به وأن ما أمر به ليس من خصائصه عليه السلام بل الكل مأمورون به ويقتدي به عليه السلام من أسلم منهم).
وفي مفردات الراغب ما نصه: (وقوله تعالى (وأنا أول المسلمين) (وأنا أول المؤمنين) فمعناه أنا المقتدى بي في الإسلام والإيمان،وقال تعالى (ولا تكونوا أول كافر به) أي لا تكونوا ممن يقتدى بكم في الكفر).
ثانياً: في كلام الشيخ أبي أحمد شيء من الغموض، فإن كان يقصد أنه أول من أسلم من الخلق؛ فهذا قد أشار إليه بعض المفسرين، وهذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك عند أخذ الميثاق على الخلق. ذكره السمرقندي في تفسيره.
الثاني: أن يكون هو أول الخلق، أي أنه أول من خلق الله، وقد ذكر هذا القول الشوكاني في تفسيره بقوله: (أي أول مسلمي أمته وقيل أول المسلمين أجمعين لأنه وإن كان متأخرا فى الرسالة فهو أولهم فى الخلق ومنه قوله تعالى (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) الآية والأول أولى.)
والاحتمال الثاني يدل عليه حديث غير ثابت ذكره بعض أهل العلم وهو: (أنا أول النبيين خلقاً وآخرهم بعثاً). وفي لفظ: (إن الله خلقني قبل النبيين وبعثني بعدهم فبدأ بي قبلهم)، ذكره بعض أهل العلم بمعنى قريب منه (انظر تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير 3/ 470).
وهذه دراسة موسعة عن هذا الحديث وما يدل عليه على هذا الرابط ( http://new.meshkat.net/contents.php?catid=5&artid=5019)
ومما ذكره صاحب هذا البحث: (ولم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخلوقاً بجسده وروحه, موجوداً قبل ولادته فضلاً عن خلق الخلائق، ولو قاله لرد ولعازه الدليل الصحيح، بل الأدلة على خلاف هذا، وليس في ذلك نقص من مقامه-صلى الله عليه وسلم- كما أنه ليس لمن خلق أولاً فضل على من بعده لمجرد هذا.).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[29 Feb 2004, 10:24 م]ـ
الاخ ابو مجاهد ... رفعه الله .. ونفع به ... وشكر له ..
لم أزد على إحسان الظن بالله ورسوله, ولم آت بجديد, فالآية لها ظاهر قوي محتمل, ومن حمله على اقتدار الله في الزمان والمكان, فقد بلغ المقصد, فإن الله لا يعجزه شيء, فلله -إن شاء- أن يسلم محمد أول من أسلم ... فهذا نص لمليك مقتدر ...
اللهم اغفر لي زلتي ...(/)
العالم الرباني الشيخ المقرئ عبيد الله الأفغاني
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[07 Feb 2004, 02:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر مؤخراً عن دارعالم الفوائد كتاب يحمل هذا العنوان، تضمن ترجمة لشيخنا الجليل بقية السلف، الشيخ عبيد الله بن عطاء الافغاني ـ أمد الله في عمره ـ فمن كان يعرفه فقد عرفه، ومن لم يعرفه فليطلع على الكتاب، فقد احتوى على مايزيد عن خمسمئة صفحة، الجزء الأكبر كان ترجمةً للشيخ، وباقي الصفحات عبارة عن ثلاث رسائل تتعلق بمسألة النطق بالضاد، والتي كان الشيخ من المحققين لها.
والكتاب من تأليف الشيخ د. يحيى بن عبد الله البكري الشهري، أستاذ الحديث وعلومه بكلية المعلمين بأبها , جزاه الله خيراً كفاء ماقام به من جهد مشكور.
أسأل المولى أن يمن علينا وعلى شيخنا بحسن الخاتمة بعد طول عمر وحسن عمل ـ وهذا غالب دعاء الشيخ هذه الايام ـ (حسن الخاتمه) وتالله لطالما أقضت مضجع الصالحين، وأبكت عيون الخاشعين الساجدين، جعلنا الله جميعا منهم.
وقد آثرت عدم التعرض لشئ من ترجمة الشيخ حتى لا أذهب بالشوق لمطالعة الكتاب، فقد كفانا الشيخ يحيى مؤنة ذلك، نضر الله وجهه، مع أن في جعبتي أشياء عن الشيخ لم يعرج عليها أخي الكريم، وظني أنه عن قصد أغفلها , لوجود الشيخ بين ظهرانينا، فالله يتولى الجميع بلطفه.
فعجل باقتناء نسختك من الكتاب قبل نفاده فمحبي الشيخ كثر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Feb 2004, 03:50 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحبيب فطالما انتظرت هذا الكتاب. بشرك الله بكل خير.
ـ[أبو أسامة الغالبي]ــــــــ[14 Jul 2007, 10:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والكتاب من تأليف الشيخ د. يحيى بن عبد الله البكري الشهري، أستاذ الحديث وعلومه بكلية المعلمين بأبها , جزاه الله خيراً كفاء ماقام به من جهد مشكور.
أسأل المولى أن يمن علينا وعلى شيخنا بحسن الخاتمة بعد طول عمر وحسن عمل ـ وهذا غالب دعاء الشيخ هذه الايام ـ (حسن الخاتمه) وتالله لطالما أقضت مضجع الصالحين، وأبكت عيون الخاشعين الساجدين، جعلنا الله جميعا منهم.
.
بعد أن نفذت النسخ من المكتبات حصلت على نسخة عن طريق المؤلف فجزاه الله كل خير. . وقد أذن لي أن أقتبس منه بعض المقتطفات لنشرها على الأنتر نت. . وأنا حالياً اقوم بنسخ الجزء المتعلق بإقامته في مدينة أبها حتى مغادتها إلى المدينة المنورة على صاحبها أفضل صلاة وأتم تسليم .. مع حفظ الحقوق للمؤلف .. وسانشرها لكم قريباً إن شاء الله
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[15 Jul 2007, 03:41 ص]ـ
بالمناسبة
ذكر لي أحدهم وكان يقرأ عند الشيخ قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
فرده الشيخ عبيد الله فقال لاياابني وجوه يومئذناظرة إلى ربها .... ثم بدأ بالبكاء حفظه الله
وأترك لكم التعليق
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[13 May 2009, 07:08 م]ـ
.
قمت بزيارة المسجد النبوي ليلة الخميس 13/ 5/ 1430 وبحثت عن الشيخ في الأماكن التي كنت أعهد اتخاذه منها مجلسا لدرسه، فلما لم أجده سألت عنه فطفق الجميع يخبرني خبر مرضه من عشرين يوما، فأجريت اتصالا هاتفيا بأحد أبنائه علمت منه أن وضع الشيخ أصبح صعبا، توجهت إلى بيت الشيخ فألفيته مكتظا بمحبيه قد التف الجميع حوله، فرأيته مضطجعا على شقه الأيمن مستقبلا القبلة، لا يجري على لسانه غير ذكر الله والشهادتين على وجه الخصوص، قد وفقه الله للزومها بلسان الحال والمقال، قد اختلف لسانه ومشيرته في إعلانها، فهو يعلن بتلك الأصبع وحدانية الله تعالى في جلال ومهابة لم تغادر الشيخ كما عهدها منه محبيه وطلابه، مع رعشة علت بدن الشيخ من الكبر ووهن الجسد وضعف طرأ على عضلة القلب.
سلمت عليه وذكرته باسمي فلم يتذكر مع قرب العهد وقدم الصحبة وطولها إلا أنه الكبر والمرض، فاستعنت بطرفة يعهدها الشيخ مني فتبسم ابتسامة هزت بدني، وجرعتني من الأحزان ما لم أجد لها من بلسم غير الصبر والاحتساب.
(يُتْبَعُ)
(/)
سألت الشيخ عن حاله فأجاب بدعوة رجوت إجابتها، فكررت السؤال فكرر الدعاء قائلا: أسأل الله أن يجمعنا وإياكم في دار كرامته، فقرأت فيها جوابا عريضا كعرض عشرين عاما عرفت فيها الشيخ، فأحببت مؤانسة الشيخ وإعانته على حسن الظن بالله وذكرته بسابق خدمته لكتابه، فما أتم سماع حديثي بل واصل ما أشغل به حياته من ذكر الله، ثم بدرت مني بادرة التذكر، فجرى على لساني مالاح في خاطري:
تذكرت والذكرى تهيج على الفتى = ومن عادة المحزون أن يتذكرا
فكأني هيجب من الشيخ ماهو معرض عنه، وأجابني إجابة الأوقياء حين تختلط الذكرى بدموع الأتقياء، فنهض أبنه عبدالله ومسح الدمع من عيني والده، ورحم الله على ابن الجهم:
وجربنا وجرب أولونا= فلا شئ أعز من الوفاء
لم أستطع مواصلة الحديث مع الشيخ لضعفه عن الكلام أصلا، ولضعفي عن مواصلته فصلا، فدعوت للشيخ بمادعى به لنا وقبلته وانصرفت لا ألوي على شئ إلا قطع من الليل أدس فيه أحزاني، ومفاوز من الصحراء أشتت فيها أشجاني، حتى طرقت باب بيتي مع شروق الشمس، وكنت قد قطعت قرابة الألف ألف من الأمتار.
كنت قد سألت ابنه عبدالله عند انصرافي عن تقديم أي عون أو مساعدة، فأعلن شكره وأخبرنا بأن الشيخ قد رفض إخراجه من بيته لأي ظرف أو عارض يطرأ، قال: فهو يرى أن هذا هو مرضه الذي سيودع معه الدنيا، سيودع ثلاثون عاما تقضت ساعات ليلها ونهارها بين طلاب العلم في مسجد مشيع وجامعة الإمام من أرض الضباب والمروج الخضر، سيودع خمس عشرة سنة قضاها في أكناف المدينة النبوية معلما لكتاب الله قائما به قياما عجبا، سيودع حياة امتدت قرابة التسعين عاما كلها حياة علم وسنة وإسلام وإيمان.
كذلك نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا.
أقول هذا وانقله مع إيماني بأنها لا تدري نفس بأي أرض تموت، وأن الله على كل شي قدير، إلا أن علمنا عن سنن الله في الحياة والكون، واستفاضة ما سمعنا من أخبار الصالحين من قومنا ومن حدثنا عنهم التاريخ بحديثهم عن دنو أجلهم، يدعونا للتسليم دون الجزم بشئ من ذلك.
فكم من صحيح مات من غير علة= وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
فمن أراد زيارة الشيخ، أو كان يرى وجوب ذلك عليه، فقد اطلع على ما كتبت، وأمر الله من وراء كل أمر، وهو وحده القادر المتصرف في الحياة والموت، فنسأله سبحانه أن يرزق الشيخ حسن الخاتمة، وأن يجمعنا به في دار كرامته.
والحمد لله في البلاء حمدا لا يعدله إلا حمدنا له في السراء وسؤالنا له دوام العافية.
وهل يرثي الحي نفسه حين شعوره بدنو أجلها، مالك بن الريب التميمي من أولئك فاسمعه وهو يبكي نفسه رحمه الله:
ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً = بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه = وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى = مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا
ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى = وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا
وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما = أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا
أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا = جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا
إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى = وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا
تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي = سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا
لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي = لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا
فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ =إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا
فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً = بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا
ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً = يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا
ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهما= عَليَّ شفيقٌ ناصح لو نَهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُُّكي =بأمريَ ألاّ يَقْصُروا من وَثاقِيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي = ودّرُّ لجاجاتي ودرّ انتِهائيا
تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ = سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا
وأشقرَ محبوكاً يجرُّ عِنانه = إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا
ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ = عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة = يُسّوُّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا
ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي = وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه = يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا
فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا = برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا
أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ = ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا
وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا = لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا
وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي = ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا
ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما = من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما = فقد كنتُ قبل اليوم صَعْباً قِياديا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيل أدبَرتْ = سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيا
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى = وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيا
فَطَوْراً تَراني في ظِلالٍ ونَعْمَةٍ = وطوْراً تراني والعِتاقُ رِكابيا
ويوما تراني في رحاً مُستديرةٍ = تُخرِّقُ أطرافُ الرِّماح ثيابيا
وقوماً على بئر السُّمَينة أسمِعا =بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيا
بأنّكما خلفتُماني بقَفْرةٍ = تَهِيلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيا
ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما = تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا
ولن يَعدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهم = ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليا
يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني = وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا
غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ = إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويا
وأصبح مالي من طَريفٍ وتالدٍ = لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليا
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحا = رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا
إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا = بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّها = يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا
وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى =بِرُكبانِها تعلو المِتان الفيافيا
إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ) = و (بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا
فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ = كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا
إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسلِّمي = على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا
على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقه = تُراباً كسَحْق المَرْنَبانيَّ هابيا
رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ = قرارتُها منّي العِظامَ البَواليا
فيا صاحبا إما عرضتَ فبلِغاً = بني مازن والرَّيب أن لا تلاقيا
وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنها = سَتَفلِقُ أكباداً وتُبكي بواكيا
وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً =بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيا
بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضاءَ وَقُودُها = مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا
غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفزةٍ = يَدَ الدهر معروفاً بأنْ لا تدانيا
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى = به من عيون المُؤنساتِ مُراعيا
وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني = بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا
فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي = وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ =ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 May 2009, 04:44 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا عبدالرحمن على هذه الذكرى.
أسأل الله لشيخنا عبيد الله حسن الختام، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدمه في سبيل تعليم القرآن الكريم والتربية على أخلاقه.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 May 2009, 05:49 م]ـ
جزيت خيراً أخانا ..
هذا ـ والله ـ باب من الخير ينبغي أن تواصل فيه، وأن تنتقي لإخوانك شيئاً من أخبار هذا العلَمِ القرآني، فلقد رأيته مرةً واحدة فقط في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت المهابة والصبر والنور الذي يجلل وجهه ..
وهذا شيء من حقه على طلابه ومحبيه ..
فلعل دعوة ترتفع من هذا أو ذاك ينفعه الله بها.
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[16 May 2009, 11:12 ص]ـ
الشيخ ابن الشجري جزاك الله كل خير وبارك فيك ونسأل الله ان يكون لعبده الشيخ عبيد الله الافغاني
الذي انتشر صيته في الارض واقترن اسمه بتعليم القران الكريم وان يحسن خاتمته
ـ[حادي العيس]ــــــــ[16 May 2009, 11:43 ص]ـ
الفاضل ابن الشجري والله لقد قرأت وصفك كاملا والقصيدة كاملة ولقد هيجت عندي شجون الوفاء للأتقياء الفضلاء .. جعلك الله منهم!
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[16 May 2009, 02:35 م]ـ
جزاك الله خيرا
أحسن الله لنا وللشيخ ولكم الختام وجعل ما قدم في خدمة كتابه الكريم ذخرا له يوم يلقاه
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 May 2009, 04:59 م]ـ
رأيت الشيخ في آخر شهر صفر من هذا العام حيث كنت جالساً في المسجد النبوي فقال أحد أبنائي هل تعرف الشيخ عبيد الله الأفغاني قلت أسمع به ولم أره، قال هو ذاك، فنظرت فإذا شيخ مستند إلى أحد أعمدة المسجد فأردت أن أقوم لأسلم عليه فقال ابني اسأله أن يدعو لك، فقمت حتى جلست إلى جانبه وكان الطلاب يأتون إليه فيفتحون المصحف على المكان الذين يريدون عرضه على الشيخ ثم يضعونه بين يديه في حجره فيضع كفه على الصفحة ويشير بإصبعه التي بالكاد أن تتحرك على الآيات التي تتلى، و كان حاضر الذهن فلا يفوت خطأ، ثم إذا أجهد من الجلوس سأل أحد الطلاب أن يرفعه ويعدل من جلسته إلى العمود وكان خلف ظهره وساده من الأسفنج، وكان جلدا على عظم ليس عليه من اللحم شيء.
فلما قرب وقت أذان العشاء وتوقف الطلاب عن العرض عليه، سلمت عليه وقلت ادع الله لي ياشيخ؟
فقال: جمعنا الله مع نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة.
فلما قُضيت صلاة العشاء وأراد أن ينصرف أتي بالكرسي المتحرك ثم وضع عليه بمشقة بالغة ثم أخذه أحد طلابه وانصرف به وكان ذاك هو أول عهدي به وآخره، والله أرجو أن يحقق لي وله ولجميع المسلمين ما كان يدعو به لكل من سأله الدعاء:
جمعنا الله مع نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[16 May 2009, 05:14 م]ـ
جمعنا الله وإياه مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة(/)
من غريب ألفاظ المفسرين
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 Feb 2004, 08:57 م]ـ
أخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال: والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة:
شرابين للقهوات , تباعين للشهوات , لعانين للكعبات , رقادين عن العتمات , مفرطين في الغدوات , تراكين للصلوات , تراكين للجمعات , ثم تلا هذه الآية {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} (59) سورة مريم.
الدر المنثور 5/ 463.
أعجبني في هذا الأثر كلمة: << شرابين للقهوات >>
ولا أدري هل كل أنواع القهوة داخلة في هذا – أعني السادة والتركية وبالحليب .. الخ -؟! ,
ومن الذي بقي في هذا الزمان ولم يتصف بهذه الصفة؟! ,
ولا شك أن هذا النص النفيس يفيد كثيراً في حسم النزاع المأثور في العصور المتأخرة حول حكم شرب القهوة , على التفصيل المذكور في الكتب التي اعتنت به في مضانه!!.
مسالة /
أيهما أولى ملء فنجان القهوة أو الشاهي , أو جعله إلى النصف وترك أعلاه فارغاً؟
الجواب /
اختار بعضهم أن يكون إلى نصف الكأس , وأن يبقي أعلاه فارغاً , قال الناظم:
وامتلاء الكؤوس قالوا معيب * * * ورأوا أنه على النصف زاهي
ونقضه بعض العلماء على الحال , مرجحاً القول الأول , فقال:
قال رب الأنام كأساً دهاقاً * * * وهو ردٌّ لقول أهل الملاهي
والخلاف فيها قديم , وفيما سمح به سانح الوقت مقنع لمن طلب الرشاد. وبالله التوفيق.
-----------------------
وبعد:
فهذه مطارحة عاجلة أردت بها التوسعة على إخوتي وأحبتي بما لا نعدم منه فائدة نستفيدها , أو شرود من الكلم نصيدها , مما يصغي إليه النَّفور , وينتفض له العصفور , من مليح ما نطق به تراجمة القرآن -كما يسميهم ابن جرير 1/ 110 - , ومنبع الفهم والبيان , وما احتوت عليه كتب المفسرين , من جليل آثارهم وأخبارهم.
وفي هذا الموضوع يضيف كل قارئ ما وقف عليه من غريب عبارات المفسرين مما قدم وحدث , وطاب وما خبث , وأعني بها كلمات قديمة حديثة تتكرر في عصرنا بلفظها أو معناها أو بهما معاً.
وفي هذا النوع من مُلَح العلم تجديد مفيد , وباعث إلى الجد من جديد , فقد كان العلماء يستروحون من العلم إلى العلم , ومن القراءة إلى القراءة , فطابوا وأحسنوا , ونحن على الأثر إن شاء الله.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Feb 2004, 09:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أول مشاركة لي في ملتقى أهل التفسير، وأحب أن أشكر القائمين عليه، وأقول لهم جزاكم الله ألف ألف خير على هذا الموقع الرائع جداً. ولي عليكم عتب أرجو قبوله بصدر رحب! وهو لماذا لا تعلنون عنه في كل مكان في الانترنت؟ أزعجتنا المواقع التافهة بإعلاناتها وضجيجها، وهذا الموقع الذي يعتبر من كنوز الانترنت لا يعلم به أحد! شيء غريب. فلا تؤاخذوني يا إخواني.
الأمر الثاني أحب أسجل شكري للكتاب في الموقع الذين يظهر في كتابتهم العلم والأدب الرفيع إلى أبعد الحدود، فلم أجد في هذا المنتدى ما في غيره من العبارات النابية والملاسنات بين الأعضاء، فارتحت كثيراً لهذا المستوى الأخلاقي الذي يليق بأهل التفسير فعلاً. وهذا إن شاء الله من صدق القائمين عليه وإخلاصهم ولا أزكيهم على الله!
بالنسبة لمشاركة الأخ أبو بيان فأشكره عليها، وعلى حسن دعابته، وأتفق معه في أهمية التنويع في الطرح العلمي بين الجد وشيء من المزاح كما هنا.
والذي أظنه مقصوداً بالقهوات في العبارة السابقة هي الخمر، لأن العرب كانت تسمي القهوة خمراً، وبيت الأعشى المشهور في معلقته:
نازعتهم قضب الريحان متكئاً ** وقهوةً مزةً راووقها خضلُ
لا يستفيقون منها وهي راهنةٌ** إلا بهات وإن علوا وإن نهلوا
والذي أذكره من سبب تسمية العرب للخمر قهوةً أنها ترد شاربها عن الطعام وتقهيه. أي لا يصبح له رغبة في الطعام إذا شربها.
ولا أظن هذا المعنى يغيب عن أخي أبي بيان، وإنما أحب المسامرة فله مني كل تحية ولكل الأعضاء الكرام. وسيبقى هذا الموقع مقصدي دائماً في هذه الشبكة الواسعة إن شاء الله. فإنك تشعر بالمتعة والفائدة معاً.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[08 Feb 2004, 01:34 ص]ـ
أرحتنا يا أخ ناصر، تراني مغرم بالقهوة ومدمن عليها بمعظم أشكالها. ولا أقصد قهوة العرب الأوائل
ثم تذكرت أني قرأت مقالا عن حكم القهوة أنقل لكم رابطه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&threadid=7035&highlight=%C7%E1%DE%E5%E6%C9
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2004, 11:10 م]ـ
ومن طريف ما قرأته عن المفسرين عن القهوة، ما قرأت في سيرة المفسر التركي: أبي السعود صاحب التفسير البديع: إرشاد العقل السليم؛ فقد سأل عن القهوة أول ما انتشرت، وكان أول من تعاطاها أهل الفجور، فقال: (ما اجتمع أهل الفجور على تعاطيه، فينبغي اجتنابه لمن يخاف الله ويتقيه).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2004, 07:26 م]ـ
مرحباً بك أخي الفاضل "فهد الناصر" في هذا الملتقى المبارك , وإنا لنسعد بمثل هذه المشاركات المفيدة , فحيّاك الله.
والحقيقة أنني افتتحت هذا الموضوع بالقهوة , على ماجرت عليه عادة أهل الجزيرة في هذا الزمان , من تقديمها في الضيافة على كل مأكول ومشروب ,
ولكن يظهر أن لها من التأثير على العقول ما مال بأعناق الرجال إليها , وأوقف الأبصار عليها ,
فخشيت أن تكثر على الشارب , فتشغله عن الواجب ,
- < ستقول أي القهوتين أقصد!! > -
فآثرت أن أُكمل أصل الموضوع الذي سيقت القهوة لأجله , فقلتُ:
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبخاري معلقاً عن مجاهد قال في قوله تعالى {سَامِدُونَ} (61) سورة النجم: غضاب مبرطمون. (الدر المنثور 7/ 588).
وقال ابن عيينة – تلميذ مجاهد - في تفسيره: البَرْطَمَة هكذا , ووضع ذقنه في صدره.
قال ابن حجر (الفتح 8/ 605): البرطمة بفتح الموحدة وسكون الراء وفتح الطاء المهملة: الإعراض.
وقال ابن الأثير (النهاية 1/ 119): البرطمة هي الانتفاخ من الغضب , ورجل مبرطم: متكّبر , وقيل: مقطّب متغضّب.
-والطريف في كل هذا أن هذه اللفظة << مبرطم >> ما زالت مستعملة بلفظها ومعناها إلى الآن في الجهات الغربية الجنوبية من جزيرة العرب.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Oct 2008, 11:49 م]ـ
موضوع طريف واختيار يجبر قلب الوله الأسيف (!). جزاك الله خيرا على الإحالة [1].
لازال يوجد عندنا - زيادة على الأمثلة المشتهرة والمتكررة - مفردات تعود إلى أصل فصيح:
قولهم "فلان ما [2] يتميحر" [من حار يحير]:
قال في اللسان: وتَحَيَّر الماءُ: اجْتَمَعَ ودار. والحائِر: مُجْتَمَعُ الماء؛ الحائر المكان المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه. أ. هـ.
وهم يريدون به أن فلاناً بطيء جداً لا يستجيب بسرعة كالشيء الجامد مكانه.
وقولهم في وصف شخصٍ: "الأحبط"
قال الجوهري: الحَبَط أَن تأْكل الماشية فتُكْثِرَ حتى تَنْتَفِخَ لذلك بطونُها ولا يخرج عنها ما فيها. أ.هـ.
والأمثلة كثيرة لمن تتبع ولكن الأهم كيف نبقي على هذه المفردات والتراكيب (انظر رابط الهامش) التي أخذت تتبخر من قاموس جيل الفضائيات والوجبات السريعة.
******************************************
[1] كان أبو بيان قد أحالني على هذا الموضوع اللطيف من موضوع مشابه ذي صلة:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=13159
[2] وهذا تركيب آخر لا يكاد يتفطن له البعض، ضارب بجذوره في أعماق الفصاحة وهو استعمال "ما" قبل المضارع، ولكن هل هي ما الشرطية الجازمة للمضارع أم ما النافية قبل الفعل لتأكيد المعنى - والتنزيل مليء بأدوات نفي قبل الفعل تفيد تأكيد المعنى - أم غير ذلك، فلتُبحث لنجزم بوظيفتها على وجه التحديد.(/)
موضوع مقترح: شرح عبارات يكثر ورودها في كتب المفسرين
ـ[المنصور]ــــــــ[08 Feb 2004, 12:05 ص]ـ
ترد عند المفسرين عبارات تحتاج للتأمل، وقد لايعرفها البعض منا، مثل قولهم: هذه الآية على التخييل، والفكرة تتلخص في جمع هذه العبارات مع التعليق عليها بالبيان والشرح.
وفق الله الجميع،،،
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2004, 10:46 م]ـ
الفكرة رائعة، وكثيراً ما ترد في كلام المفسرين - خاصة أهل الكلام والبلاغة منهم - عبارات فيها غموض.
وأذكر من تلك العبارات عبارة يكررها الرازي في تفسيره عند رده على المعتزلة، فيقول: والجواب عن هذا بمسألة الداعي والعلم!!.
فلا أدري ماذا تعني هذه العبارة، وقد سألت عنها متخصصين في العقيدة، فلم يتضح لهم معناها.
ومن المواضع التي أورد فيها هذه العبارة، في تفسير قوله تعالى: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ... ) في سورة البقرة.
فهل من أحد يوضح مقصده بها مشكوراً؟؟.
ـ[المنصور]ــــــــ[09 Feb 2004, 07:29 ص]ـ
الحقيقة:لاأدري هل يفيدك هذا النقل من المواعظ والاعتبار للمقريزي (ص 503) وخصوصاً السطر الأخير:
الدعوة الثامنة: متوقفة على اعتقاد سائر ما تقدم، فإذا استقر ذلك عند المدعو، ديناً له، قال له الداعي: اعلم أن أحد المذكورين اللذين هما مدبر الوجود والصادر عنه، إنما تقدم السابق على اللاحق، تقدم العلة على المعلول، فكانت الأعيان كلها ناشئة، وكائنة عن الصادر الثاني، بترتيب معروف في بعضهم، ومع ذلك فالسابق عندهم: لا اسم له، ولا صفة، ولا يعبر عنه، ولا يقيد فلا يقال هو موجود، ولا معدوم، ولا عالم، ولا جاهل، ولا قادر، ولا عاجز، وكذلك سائر الصفات، فإن الإثبات عندهم يقتضي شركة بينه وبين المحدثات، والتقي يقتضي التعطيل، وقالوا: ليس بقديم، ولا محدث، بل القديم أمره وكلمته والمحدث خلقه وفطرته، كما هو مبسوط في كتبهم، فإذا استقر ذلك عند المدعو قرر عنده الداعي، أن التالي يدأب في أعماله حتى يلحق بمنزلة السابق، وأن الصامت في الأرض يدأب في أعماله حتى يصير بمنزلة الناطق سواء، وأن الداعي يدأب في أعماله حتى يبلغ منزلة السوس، وحالة سواء.
وهكذا تجري أمور العالم في أكواره وأدواره، ولهذا القول بسط كثير، فإذا اعتقده المدعو قرر عنده الداعي أن معجزة النبي الصادق الناطق ليست غير أشياء ينتظم بها سياسة الجمهور، وتشمل الكافة مصلحتها بترتيب من الحكمة تحوي معاني فلسفية تنبئ عن حقيقة أنية السماء والأرض، وما يشتمل العالم عليه بأسره من الجواهر والأعراض، فتارة برموز يعقلها العالمون، وتارة بإفصاح يعرفه كل أحد، فينتظم بذلك للنبي شريعة يتبعها الناس، ويقرر عنده أيضاً أن القيامة، والقرآن، والثواب، والعقاب، معناها: سوى ما يفهمه العامة، وغير ما يتبادر الذهن إليه، وليس هو إلا حدوث أدوار عند انقضاء أدوار من أدوار الكواكب، وعوالم اجتماعاتها من كون، وفساد جاء على ترتيب الطباع، كما قد بسطه الفلاسفة في كتبهم، فإذا استقر هذا العقد عند المدعو، نقله الداعي إلى الدعوة التاسعة.
الدعوة التاسعة: هي النتيجة التي يحاول الداعي بتقرير جميع ما تقدم رسوخها في نفس من يدعو، فإذا تيقن أن المدعو تأهل لكشف السر، والإفصاح عن الرموز أحاله على ما تقرر في كتب الفلاسفة من علم الطبيعيات، وما بعد الطبيعة والعلم الإلهي، وغير ذلك من أقسام العلوم الفلسفية، حتى إذا تمكن المدعو من معرفة ذلك، كشف الداعي قناعه وقال اذكر من الحدوث، والأصول رموز إلى معاني المبادئ، وتقلب الجواهر، وأن الوحي إنما هو صفاء النفس، فيجد النبي في فهمه ما يلقي إليه، ويتنزل عليه، فيبرزه إلى الناس، ويعبر عنه بكلام الله الذي ينظم به النبي شريعته بحسب ما يراه من المصلحة في سياسة الكافة، ولا يجب حينئذ العمل بها إلا بحسب الحاجة من رعاية مصالح الدهماء، بخلاف العارف، فإنه لا يلزمه العمل بها، ويكفيه معرفته، فإنها اليقين الذي يجب المصير إليه وما عدا المعرفة من سائر المشروعات، إنما هي أثقال وآصار حملها الكفار أهل الجهالة لمعرفة الأعراض والأسباب. ومن جملة المعرفة عندهم: أن الأنبياء النطقاء أصحاب الشرائع، إنما هم لسياسة العامة، وإن الفلاسفة أنبياء حكمة الخاصة، وإن الإمام إنما وجوده في العالم الروحاني، إذا صرنا بالرياضة في المعارف إليه، وظهوره الآن إنما هو ظهور أمره ونهيه على لسان أوليائه، ونحو ذلك مما هو مبسوط في كتبهم، وهذا حاصل علم الداعي، ولهم في ذلك مصنفات كثيرة، منها اختصرت ما تقدم ذكره.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 01:38 م]ـ
ترد عند المفسرين عبارات تحتاج للتأمل، وقد لايعرفها البعض منا، مثل قولهم: هذه الآية على التخييل، والفكرة تتلخص في جمع هذه العبارات مع التعليق عليها بالبيان والشرح.
وفق الله الجميع،،،
الموضوع يحتاج إلى من يثريه؛ فهل من فارس لهذا الميدان؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[23 May 2009, 03:11 م]ـ
(بدع التفاسير)
من الألفاظ التي ترد كثراً في الكشاف ويوردها بعض من ينقل عنه كلمة (بدع التفاسير)
ولا أراه يطرد إطلاقها في كل ما يعتبر تفسيراً بدعياً حتى على رأي المعتزلة
ووجدت كلاماً مهماً للطيبي نقله ابن عاشور عن توضيح هذا المصطلح عند الزمخشري
قال ابن عاشور (ت:1393هـ): (قال شرف الدين الطيبي في شرح الكشاف في سورة الشعراء: شرط التفسير الصحيح أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير).
وأما قول ابن المنير تعليقاً على قول الزمخشري (ت:538هـ) في تفسير النفاثات في العقد: (فإنْ قُلْتَ: فما مَعْنَى الاسْتِعاذَةِ مِن شَرّهِنَّ؟
قُلْتُ: فيها ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُها: أنْ يُسْتَعاذَ مِن عَمَلِهِنَّ الَّذِي هو صَنْعَةُ السِّحْرِ، ومِن إثمِهِنَّ في ذلك.
والثَّانِي: أنْ يُسْتَعاذَ مِن فِتْنَتِهِنَّ النَّاسَ بسِحْرِهِنَّ, وما يَخْدَعْنَهم به مِن باطِلِهِنَّ.
والثَّالِثُ: أنْ يُسْتَعاذَ مِمَّا يُصِيبُ اللهُ به مِنَ الشَّرِّ عند نَفْثِهِنَّ, ويَجوزُ أنْ يُرادَ بِهِنَّ النِّساءُ الكَيَّاداتُ من قَوْلِهِ: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [28: يُوسُفُ] تَشْبِيهًا لكَيْدِهِنَّ بالسِّحْرِ والنَّفْثِ في العُقُدِ ..... )
قال ابن المنير (ت:683هـ): (وهذا مِنَ الطِّرازِ الأَوَّلِ فَعَدِّ عَنْهُ جانِبًا, ولو فَسَّرَ غَيْرُهُ النَّفَّاثاتِ في العُقَدِ بالمُتَخَيِّلاتِ مِنَ النِّساءِ، ولَسْنَ ساحِراتٍ, حتى يَتِمَّ إنْكارُ وُجودِ السِّحْرِ لعَدَّهُ مِن بِدَعِ التَّفاسِيرِ).
فمراده ببدع التفاسير هنا التفاسير البديعة مدحاً.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 May 2009, 12:42 ص]ـ
أخي الحبيب أبا مجاهد حفظك الله ..
بالنسبة إلى مسألتي العلم والداعي التي نقلتَها عن الرازي، فلا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة هي سبب الإشكال - في حِسباني -، وهي أن الرازي لم يُفسّر القرآن على الترتيب المصحفي، وإنما تخيّر من السور، فلذلك قد يُحيل في بداية تفسيره على مواضع متأخّرة؛ لأنه فسّرها زمنياً قبل تلك المتقدّمة في ترتيب المصحف، ومن هنا نشأ عدم فهم هذه الكلمة؛ إذ قد شرحها مراراً أثناء التفسير إلّا أنها لم تكن في الموضع الأوّل من مظانها حسب ترتيب المصحف أو الترتيب التقليدي للتفسير، فيحتاج القارئ إلى قراءة الكثير من التفسير حتى تتّضح له مثل هذه الاصطلاحات.
أما مسألتا العلم والداعي فهما من المسائل التي يوردها الرازي على المعتزلة، في سياق الاحتجاج على عقيدة الجبر والقدر، والرازي ينتصر في تفسيره بوضوح إلى عقيدة الجبر، والمعتزلة - كما هو معروفٌ - قدريّة في باب القدر.
فإذا أورد الرازي دليلاً للمعتزلة جارياً على مذهب القدريّة - في نفي القدر أو بعبارة المعتزلة: خلق أفعال العباد، وأنه ليس لله مشيئة في كفر الكافر وأشباهه - عارض دليلهم هذا بمسألتي العلم والداعي.
وحاصل المسألتين - كما أذكر الآن من دون العود إلى التفسير - أن العلم هو الاحتجاج عليهم بعلم الله المسبق للأحداث، الذي يعتبره حجّة في الجبر، ووجهه:
أن الله إذا علم من فلان الكفر، فهل يستطيع هذا الفلان أن يؤمن فيتخلّف علم الله، الجواب: لا، قطعاً، فيعتبر بهذا الوجه مسألة علم الله المسبق من أقوى أدلّة الجبر.
أما مسألة الداعي، فحاصلها: أنكم - أيها القدريّة - كما في عُرف الرازي - قد احتججتم على أنّ الفعل إنما كان بمشيئة العبد المجردة بالداعي، وهو أنّ ثمّة إرداة انطلقت من نفس العبد نحو الفعل، ففعله العبد، إلّا أننا نورد عليكم أن هذه الإرادة لما تحرّكت نحو الفعل احتاجت إلى محرّك، فمن الذي الذي حركها؟ يلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا: الله حرّكها، وهو الذي نقول به - يقصد الرازي من القول بالجبر - أو أن تقولوا: حرّكتها إرادة أخرى، فإن قلتم ذلك؛ ورد عليكم أن هذه الإرادة الأخيرة احتاجت إلى محرّكٍ كذلك، ويلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا حرّكتها إرادة اخرى، وهذا باطلٌ، لأنه يلزم منه التسلسلُ وهو ممنوع، وعليه، فلا مناص لكم من التسليم بأن الله حرّكها، وهو قولنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهاتان المسألتان هما ما يحتجّ بهما الرازي لعقيدته الجبريّة، وليس المقام بمقام التحقيق فيهما، وإنما عرضتُ في هذه العجالة مقصود الرازي على ما طلبتم، وفقكم الله.
أما ما أورده أخي المنصور، فلا يفيد قطعاً في هذه المسألة، والكلام إنما أورده المقريزي - فيما أحسب - نقلاً عن فلاسفة الصوفية، لأجل الرّد إليهم، وإلا فالكلام المنقول - من حيث المعنى - باطلٌ ظاهر البطلان، وهو غير متعلّقٍ بالمسألة التي نحن بصدد الحديث عنها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2009, 12:47 ص]ـ
أخي الحبيب أبا مجاهد حفظك الله ..
بالنسبة إلى مسألتي العلم والداعي التي نقلتَها عن الرازي، فلا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة هي سبب الإشكال - في حِسباني -، وهي أن الرازي لم يُفسّر القرآن على الترتيب المصحفي، وإنما تخيّر من السور، فلذلك قد يُحيل في بداية تفسيره على مواضع متأخّرة؛ لأنه فسّرها زمنياً قبل تلك المتقدّمة في ترتيب المصحف، ومن هنا نشأ عدم فهم هذه الكلمة؛ إذ قد شرحها مراراً أثناء التفسير إلّا أنها لم تكن في الموضع الأوّل من مظانها حسب ترتيب المصحف أو الترتيب التقليدي للتفسير، فيحتاج القارئ إلى قراءة الكثير من التفسير حتى تتّضح له مثل هذه الاصطلاحات.
أما مسألتا العلم والداعي فهما من المسائل التي يوردها الرازي على المعتزلة، في سياق الاحتجاج على عقيدة الجبر والقدر، والرازي ينتصر في تفسيره بوضوح إلى عقيدة الجبر، والمعتزلة - كما هو معروفٌ - قدريّة في باب القدر.
فإذا أورد الرازي دليلاً للمعتزلة جارياً على مذهب القدريّة - في نفي القدر أو بعبارة المعتزلة: خلق أفعال العباد، وأنه ليس لله مشيئة في كفر الكافر وأشباهه - عارض دليلهم هذا بمسألتي العلم والداعي.
وحاصل المسألتين - كما أذكر الآن من دون العود إلى التفسير - أن العلم هو الاحتجاج عليهم بعلم الله المسبق للأحداث، الذي يعتبره حجّة في الجبر، ووجهه:
أن الله إذا علم من فلان الكفر، فهل يستطيع هذا الفلان أن يؤمن فيتخلّف علم الله، الجواب: لا، قطعاً، فيعتبر بهذا الوجه مسألة علم الله المسبق من أقوى أدلّة الجبر.
أما مسألة الداعي، فحاصلها: أنكم - أيها القدريّة - كما في عُرف الرازي - قد احتججتم على أنّ الفعل إنما كان بمشيئة العبد المجردة بالداعي، وهو أنّ ثمّة إرداة انطلقت من نفس العبد نحو الفعل، ففعله العبد، إلّا أننا نورد عليكم أن هذه الإرادة لما تحرّكت نحو الفعل احتاجت إلى محرّك، فمن الذي الذي حركها؟ يلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا: الله حرّكها، وهو الذي نقول به - يقصد الرازي من القول بالجبر - أو أن تقولوا: حرّكتها إرادة أخرى، فإن قلتم ذلك؛ ورد عليكم أن هذه الإرادة الأخيرة احتاجت إلى محرّكٍ كذلك، ويلزمكم أحد اثنين: أن تقولوا حرّكتها إرادة اخرى، وهذا باطلٌ، لأنه يلزم منه التسلسلُ وهو ممنوع، وعليه، فلا مناص لكم من التسليم بأن الله حرّكها، وهو قولنا.
وهاتان المسألتان هما ما يحتجّ بهما الرازي لعقيدته الجبريّة، وليس المقام بمقام التحقيق فيهما، وإنما عرضتُ في هذه العجالة مقصود الرازي على ما طلبتم، وفقكم الله.
أما ما أورده أخي المنصور، فلا يفيد قطعاً في هذه المسألة، والكلام إنما أورده المقريزي - فيما أحسب - نقلاً عن فلاسفة الصوفية، لأجل الرّد إليهم، وإلا فالكلام المنقول - من حيث المعنى - باطلٌ ظاهر البطلان، وهو غير متعلّقٍ بالمسألة التي نحن بصدد الحديث عنها.
شكر الله لك، وبارك فيك وفي علمك على هذا البيان الشافي.
وأين أنتم في جامعة الملك خالد؟
أرجو أن أراك أخي الحبيب، وأتشرف بمعرفتك.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[24 May 2009, 01:54 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وزادكم شرفاً، بل أنا من يشرفُ بلقاء أمثالكم من حملة العلم.
أتواصل معكم على الخاصّ إن شاء الله تعالى.
ـ[المنصور]ــــــــ[25 May 2009, 09:54 ص]ـ
ماشاء الله
الحمد لله
وإلى المزيد من المصطلحات
ـ[يسري خضر]ــــــــ[25 May 2009, 11:20 ص]ـ
أضم دعائي ورغبتي الي د. محمد بن عبدالله بن جابر القحطاني
وأقول
شكر الله لك، وبارك فيك وفي علمك على هذا البيان الشافي.
وأين أنتم في جامعة الملك خالد؟
أرجو أن أراك أخي الحبيب، وأتشرف بمعرفتك.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[25 May 2009, 01:23 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أكرمكم الله فضيلة الدكتور يسري، أنا محاضرٌ في قسم الدراسات القرآنية في كلّية المعلمين في بيشة/جامعة الملك خالد.
سررتُ بمروركم، وأتمنّى رؤيتكم، أسأل الله أن يجمعنا على طاعته.
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 May 2009, 11:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على عجل دخلت الآن لأثني على فكرة الموضوع وأرحب بالإخوة الكرام وبالشيخ رأفت المصري ولي معه ومع الموضع عودة إن شاء الله
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 May 2009, 10:30 م]ـ
يطيب لي إثراء للموضوع وطمعا في زيادة الطرح أن أدلي بدلوي المتواضع حول ما ورد من مصطلحات أسوقها على ترتيب ذاكريها:
التخييل:
1 - التخييل ضرب من ضروب الاستعارة التخييلية أو الخيالية الوهمية كما سماها العلوي في " الطراز" وعرفها بقوله: هي أن تستعير لفظا دالا على حقيقة خيالية تقدرها في الوهم , ثم تردفها بذكر المستعار له إيضاحا لها وتعريفا لحالها ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (الأعراف:154) قال الآلوسي: وفي الكلام استعارة مكنية حيث شبه الغضب بشخص ناه آمر وأثبت له السكوت على طريق التخييل.
2 - ويطلق التخييل أيضا على "التورية" كما ذكر الزركشي وغيره، وقد عرفها الزركشي بقوله: هو أن يتكلم المتكلم بلفظ مشترك بين معنيين قريب وبعيد، ويريد المعنى البعيد، ويوهم السامع أنه أراد القريب0 ومثاله قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (الرحمن: 6) حيث إن المراد بالنجم النبات الذي لا ساق له، والسامع يتوهم أنه أراد نجم السماء لا سيما مع تأكيد الإيهام بذكر الشمس والقمر في الآية السابقة على هذه الآية0 ومنه قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} (الغاشية:8) حيث أراد بقوله: {نَّاعِمَةٌ} أي في نعمة وكرامة، والسامع يتوهم أنه أراد النعومة0
بدع التفاسير:
مصطلح خاص بالزمخشري في تفسير الكشاف وقد نقله عنه أكثر المفسرين بعده، حيث كان يطلقه على التفاسير المخطئة أو الخاطئة، التي هي بعيدة عن مقصد كتاب الله إما لأنها كذلك أو لأنها في نظر الزمخشري كذلك وإلا فإنه هو نفسه باعتزاله قد وقع في كثير من الأخطاء التي تؤخذ عليه، وأكثر ما ذكره الزمخشري من ذلك راجع إلى التفسير الخاطئ لمفردات قرآنية بلا سند من اللغة وقد جمع الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري كثيرا من ذلك وأحسن التعليق عليه في كتاب سماه " بدع التفاسير"
والشكر موصول للشيخ عبد العزيز الداخل الذي أرشدنا إلى ما نقله ابن عاشور عن الطيبي فهو كلام مهم في حد ما عده الزمخشري من بدع التفاسير
الداعي والعلم:
الشيخ رأفت حفظه الله
بداية أشكر لكم هذا الطرح الرائع المعبر على وجازته عن المقصود
لكن لي على كلامكم ملحوظة -أود استجلاءها منكم- قد ترتبت على نسبتكم الرازي ومن ثم الأشاعرة إلى القول بالجبر وهم يزعمون التبرء منه.
ولغاية علمية مجردة أطرح الآتي وانتظر رأيكم طلبا للإفادة وإثراء المسألة:
أولا - يعتبر الرازي المنظّر الأهم للمذهب الأشعري والأشاعرة يعتبرون أنفسهم مذهبا وسطا بين رأي الجبرية القائلين بالجبر المحض والقدرية القائلين بالاختيار المحض إذ لا قدر عندهم في الأعمال الاختيارية والعبد هو الذي يخلقها، وبين هؤلاء وهؤلاء يبني الأشاعرة مذهبهم القائل بأن خلق الفعل من الله وللعبد فيه الاكتساب. هذا هو مذهبهم كما يسوقه منظروهم وهو أمر معروف لأهل العلم.
بناء على ذلك فهل يجوز علميا نسبة الأشاعرة إلى الجبر وهم يعلنون التبرء منه؟
نعم قد يكون كلامهم غير مقنع لكن هل يسوغ مع ذلك - علميا - نسبتهم إلى القول بالجبر؟
ثانيا- احتكام الأشاعرة لمسألة العلم الإلهي لإثبات وهن مذهب المعتزلة في خلق الأفعال الغاية منه – فيما يبدو لي - إظهار تناقض المعتزلة مع أنفسهم إذ كيف بهم يقرون بالعلم الأزلي ثم هم لا يثبتون لله في فعل العبد إرادة ولا قدرة لأنه قد يترتب على كلامهم وقوع العلم الحادث وهم لا يقولون به.
ومعنى هذا أن الاحتكام إلى مسألة العلم الإلهي غير مقصود بها إثبات الجبر ولكن إثبات التناقض عند المعتزلة ليقروا بالقدر في المسألة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثا- إن هدف الاحتكام إلى مسألة الداعي فيما أفهمه هو إلزام المعتزلة الاعتراف بمسألة القدر الإلهي في فعل العبد لأنهم إذا كانوا لا يعترفون بخلق الله لفعل العبد – معارضين بذلك رأي الأشاعرة- فلا أقل من الاعتراف بأن الداعية المرجحة لاختيار الفعل هي من الله وعندئذ يتم انتزاع الاعتراف منهم بما سبق أن أنكروه
فهذا هو هدف مسألة الداعي وليس انتصارا للقول بالجبر.
فما رأيكم؟
بارك الله فيكم
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[27 May 2009, 02:02 م]ـ
الدكتور الفاضل أحمد الخطيب حفظك الله وسدّدك ..
وشكر لك ما عرّجتَ عليه من مسائل، فأجدت وأفدت، وقد فرحتُ بما تفضّلتم به علينا من المداخلةِ الدقيقةِ التي تكشفُ عن تحرِّي الدّقة في منهجكم العلميّ، ومراعاة الأصول المعتبرة عند أهل العلم في الحكم على الأقوال والأشخاص، والنسبة بينهما، وبعد:
فلا بدّ من بيان الآتي فيما يخصّ مسألتنا – مع مراعاة حرصي على عدم تغيير مسار الموضوع عمّا أراده أخونا الشيخ المنصور حفظه الله -:
أنّ العادة التي اعتادها أهل العلم أن يَنسبوا من كان فيه ميلٌ نحو اتّجاه ما من اتجاهات الاعتقاد إلى ذلك الاعتقاد، وهذا كثيرٌ، ومن أمثلته: تسميةُ المعتزلة بالجهميّة، اعتباراً بما فيهم من الميل إلى نفي الصفات إلى نحو ما قاله الجهم؛ مع مخالفتهم له في بعض الوجوه.
وكذلك المسألة التي بين أيدينا، حيث نسب المعتزلة إلى القدر – حتى في كلام الرازي نفسه – كما سيأتي البيان – وذلك لأن فيهم ميلاً نحو ذلك، وإن لم يكن قول المعتزلة هو قول القدريّة المحض.
وكذلك الكلام في نسبة الإمام الرازي إلى الجبر، فإنّ ميله رحمه الله إلى عقيدة الجبر واضحٌ في تفسيره كوضوح الشمس في رابعة النهار، بل إنه هو من ينسبُ نفسه إلى الجبر، وينتصر له انتصاراً مؤزّراً في كلٍّ من المواطن التي لها تعلّقٌ أو ليس لها تعلّق بهذه المسألة، ويَنسبُ كذلك القول بالجبر إلى أهل السنّة، مع بيانِ أنّه لا يعني في كلّ ذلك الجبر المحض.
وأنا لا أُنكر أنّ هذا مبرَّرٌ بانغماسه واستغراقه في مناظرة المعتزلة، بل أعتذر له بذلك، وأوافقكم على ما تفضّلتم به وأسوق بين أيديكم – حفظكم الله – شيئاً من النصوص التي تدلّ على المذكور، منها:
ما ذكره عند تفسيره لقوله الله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)، حيث قال:
"أن المنهج الحق في الاعتقادات وفي الأعمال هو الصراط المستقيم أما في الاعتقادات فبيانه من وجوه: (الأول): أن من توغل في التنزيه وقع في التعطيل ونفي الصفات ومن توغل في الإثبات وقع في التشبيه وإثبات الجسمية والمكان فهما طرفان معوجان والصراط المستقيم الإقرار الخالي عن التشبيه والتعطيل (والثاني): أن من قال فعل العبد كله منه فقد وقع في القدر ومن قال لا فعل للعبد فقد وقع في الجبر وهما طرفان معوجان والصراط المستقيم إثبات الفعل للعبد مع الإقرار بان الكل بقضاء الله.اهـ.
حيث نصّ ههنا أن الجبر المحض هو طرفٌ معوجّ كما هو الحال بالنسبة إلى القدر المحض.
إلا أن ميله نحو الجبر يظهرُ في مواطن أخرى بشكلٍ قويّ؛ فيرجّح طرف الجبر مراراتٍ أخرى في مواضع عديدة، فيقول مثلاً عند تفسير قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى ..... }:
"وبالجملة فهذه المسألة من أعظم المسائل الإسلامية وأكثرها شعباً وأشدها شغباً، ويحكى أن الإمام أبا القاسم الأنصاري سئل عن تكفير المعتزلة في هذه المسألة فقال: لا، لأنهم نزهوه، فسئل عن أهل السنة، فقال: لا، لأنهم عظموه، والمعنى: أن كلاً الفريقين ما طلب إلا إثبات جلال الله وعلو كبريائه، إلا أن أهل السنة وقع نظرهم على العظمة فقالوا: ينبغي أن يكون هو الموجد ولا موجد سواه، والمعتزلة وقع نظرهم على الحكمة فقالوا: لا يليق بجلال حضرته هذه القبائح.
وأقول: ههنا سرٌّ آخر، وهو أن إثبات الإله يلجئ إلى القول بالجبر، لأن الفاعلية لو لم تتوقف على الداعية لزم وقوع الممكن من غير مرجّح، وهو نفي الصانع، ولو توقفت لزم الجبر.
وإثبات الرسول يلجئ إلى القول بالقدرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل ههنا سر آخر هو فوق الكل، وهو أنا لما رجعنا إلى الفطرة السليمة والعقل الأول وجدنا أن ما استوى الوجود والعدم بالنسبة إليه؛ لا يترجح أحدهما على الآخر إلا لمرجح، وهذا يقتضي الجبر، ونجد أيضاً تفرقة بديهيةً بين الحركات الاختيارية والحركات الاضطرارية وجزماً بديهياً بحسن المدح وقبح الذم والأمر والنهي، وذلك يقتضي مذهب المعتزلة، فكأن هذه المسألة وقعت في حيّز التعارض بحسب العلوم الضرورية، وبحسب العلوم النظرية، وبحسب تعظيم الله تعالى نظراً إلى قدرته وحكمته، وبحسب التوحيد والتنزيه وبحسب الدلائل السمعية، فلهذه المآخذ التي شرحناها والأسرار التي كشفنا عن حقائقها صعبت المسألة وغمضت وعظمت، فنسأل الله العظيم أن يوفقنا للحق وأن يختم عاقبتنا بالخير آمين رب العالمين. اهـ.
وقال في موضعٍ آخر؛ يستدلّ فيه لمذهب الجبر، وذلك عند تفسيره قول الله تعالى: {لا نبدّل لكلماته}:
"والوجه الرابع: أن يكون المراد أن أحكام الله تعالى لا تقبل التبديل والزوال، لأنها أزلية والأزلي لا يزول، واعلم أن هذا الوجه أحد الأصول القوية في إثبات الجبر، لأنه تعالى لما حكم على زيد بالسّعادة وعلى عمرو بالشقاوة، ثم قال: {لا مبدل لكلماته} يلزم امتناع أن ينقلب السعيد شقياً وأن ينقلب الشقي سعيداً، فالسعيد من سعد في بطن أمه، والشقي من شقي في بطن أمه".اهـ.
وفي موضع آخر كذلك يقول:
"إذا ثبت هذا فنقول: ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد، وثبت أنه متى حصلت هذه النفرة والعداوة في القلب، فإن الإنسان لا يمكنه مع تلك النفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم، وإذا ثبت هذا ثبت القول بالجبر لزوماً لا محيص عنه. اهـ.
ثم أردفه بكلامٍ منقول عن عليٍّ رضي الله عنه:
"ونقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خطبة في تقرير هذا المعنى، وهو في غاية الحسن"، إلى أن قال:
" ... وإذا وقف الإنسان على هذه الحالة علم أنه لا خلاص من الاعتراف بالجبر، وذكر الشيخ الغزالي رحمه الله في كتاب "الأحياء" فصلا في تقرير مذهب الجبر".اهـ.
ثم إنه رحمه الله قد مال أكثر وأكثر من ذلك، بل لعلّه تعدّى المعتمد عند الأشاعرة من القول بالكسب، وذلك عند استطراده في ذكر الخلاف بينه وبين المعتزلة عند تفسيره الاستعاذة، فقال:
"فإن قال قائل: هذه الإشكالات إنما تلزم على قول من يقول بالجبر، وأنا لا أقول بالجبر ولا بالقدر؛ بل أقول: الحق حالةٌ متوسطة بين الجبر والقدر، وهو الكسب.
فنقول: هذا ضعيف؛ لأنه إما أن يكون لقدرة العبد أثرٌ في الفعل على سبيل الاستقلال أو لا يكون فإن كان الأول؛ فهو تمام القول بالاعتزال وإن كان الثاني فهو الجبر المحض، والسؤالات المذكورة واردة على هذا القول فكيف يعقل حصول الواسطة".اهـ.
وقال بعد الانتهاء من مناظرة المعتزلة على الوجه المشار إليه: "واعلم أن هذه المناظرة تدل على أنه لا حقيقة لقوله: {أعوذ بالله} إلا أن ينكشف للعبد أن الكل من الله وبالله".اهـ.
ثمّ أتبع ذلك بما ينقض كلام المعتزلة من مسألتي العلم والداعي، اللتين سبق التنبيه عليهما.
هذا ما تراءى لي في نسبة "الإمام الرازي" إلى الجبر في هذه المسألة، وعليه كنتُ قد نسبته إليه كما في الكلام الأول، فإن أصبت، وإلّا فأستغفر الله.
وأعود إلى شكركم مرّةً أخرى، فجزاكم الله خيراً، وقد سررتُ بالتواصل معكم.
ـ[الخطيب]ــــــــ[28 May 2009, 05:13 م]ـ
الأخ الشيخ رأفت حفظه الله
شكر الله لكم ما تفضلتم به لكن الرازي لا يتبنى مذهب الجبر نعم قد تلتقي مصلحتا الأشاعرة والجبرية في مواجهة الاعتزال في مسألة خلق الأفعال فيظن أن الرازي متبن لمذهب الجبر ومن هنا يأتي اللبس
أخي الحبيب، لقد أحسنت حين قلت:
فلا بدّ من بيان الآتي فيما يخصّ مسألتنا – مع مراعاة حرصي على عدم تغيير مسار الموضوع عمّا أراده أخونا الشيخ المنصور حفظه الله
وحين قلت:
هذا ما تراءى لي في نسبة "الإمام الرازي" إلى الجبر في هذه المسألة، وعليه كنتُ قد نسبته إليه كما في الكلام الأول، فإن أصبت، وإلّا فأستغفر الله
وهذا سمت العلماء فجزاكم الله خيرا
وسأبادر - كما ذكرتمونا حفظكم الله - إلى مصطلح يذكره المفسرون حتى لا نخرج عن أصل الموضوع المطروح هو مصطلح الفذلكة:
والفذلكة مأخوذة من قولهم: " فذلك كذا " ثم كُوِّن منهما كلمة واحدة بما يشبه النحت في النسب كالبسملة، والحوقلة، والسبحلة ...
والمراد بها في إطلاق العلماء إجمال ما فصل أولاً.
وقد يراد بها النتيجة لما سبق من الكلام والتفريع عليه كقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (البقرة: 194) قال البيضاوي عند تفسيرها: وهو فذلكة التقرير.
*ومن الفذلكة ما يعرف بفذلكة الحساب ويعنى بها مجمل تفاصيل الحساب ومنه قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (البقرة: 196) بعد قوله {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (البقرة: 196)
ومما اعتبر فذلكة لما سبقه قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ ... } (البقرة: 285) نقل ذلك عن الزجاج كما في تفسير القاسمي.
وقال الآلوسي عند تفسيره لقول الله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فاتقوا النار التى وَقُودُهَا الناس والحجارة}: هو فذلكة لما تقدم، ولذا أتى بالفاء. أي: إذا بذلتم في السعي غاية المجهود، وجاوزتم في الحد كل حد معهود، متشبثين بالذيول، راكبين متن كل صعب وذلول، وعجزتم عن الإتيان بمثله، وما يداينه في أسلوبه وفضله، ظهر أنه معجز، والتصديق به لازم فآمنوا واتقوا النار.
وهذا المصطلح يتردد بكثرة في تفسير كل من: الآلوسي، البقاعي، البيضاوي، الزمخشري، أبي السعود، ابن عاشور، وغيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[29 May 2009, 11:25 ص]ـ
ومن المصطلحات الجارية على ألسنة بعض المفسرين كذلك قولهم "عادة القرآن" وهاهو تفصيل معناه وأمثلته
عادة القرآن:
هو تكرر ورود لفظ أو تركيب أو أسلوب في القرآن ليدل غالبا على معنى معين.
وقولنا "غالبا" يشير إلى أن مخالفة العادة مرة أو مرتين لا يقدح فيها لكن هذه المخالفة لا تعتبر إلا إذا دل عليها دليل أو كانت من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى دليل.
فمثال الواضح الذي لايحتاج إلى دليل أن لفظ "العباد" في قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون} (سورة يس: 30} لا يمكن أن يراد به المؤمنون لأن الآية نصت على استهزائهم بالرسل وهذه صفة الكفار كما أن المقام هنا مقام تهديد وقد نص على ذلك ما تلاها وهو قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ 31 وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ 32} مع أن المفسرين قد نصوا على أن عادة القرآن جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين.
ومما يحتاج إلى دليل العدول باللفظ عن حقيقته الشرعية إلى غيرها فورود اللفظ في القرآن مرادا به حقيقته الشرعية عادة قرآنية، وتفسيره بخلافها يحتاج إلى دليل كما في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التوبة: 103) فالمراد بالصلاة هنا معناها اللغوي وهو الدعاء، وليس الشرعي لحديث عبد الله بن أبى أوفى في الصحيحين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قال " اللهم صل على آل فلان " فأتاه أبى بصدقته فقال " اللهم صلّ على آل أبى أوفى"
ومن المواضع التي نص فيها المفسرون على عادات القرآن ما نص عليه الآلوسي عند تفسيره لقوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} فقد قال: {والشمس والقمر} عطف على ما قبل.
وتقديم الشمس على القمر لما جرت عليه عادة القرآن إذا جمع الشمس والقمر، وكان ذلك إما لكونها أعظم جرماً وأسطع نوراً وأكثر نفعاً من القمر وإما لكونها أعلى مكاناً منه وكون فلكها أبسط من فلكه على ما زعمه أهل الهيئة وكثير من غيرهم، وإما لأنها مفيضة النور عليه كما ادعاه غير واحد، واستأنس له بقوله سبحانه: {هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء والقمر نُوراً} [يونس: 5]
ومنها ما نص عليه الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير في عادة القرآن في الإجمال عند تفسيره لقوله تعالى {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهمن} قال: والكلمات الكلام الذي أوحَى الله به إلى إبراهيم إذ الكلمة لفظ يدل على معنى والمراد بها هنا الجمل كما في قوله تعالى: {كَلاَّ إنها كلمةٌ هو قائِلُها} [المؤمنون: 100]، وأَجْمَلَها هنا إذ ليس الغرض تفصيل شريعة إبراهيم ولا بسط القصة والحكاية وإنما الغرض بيان فضل إبراهيم ببيان ظهور عزمه وامتثاله لِتكاليف فأتَى بها كاملة فجوزي بعظيم الجزاء، وهذه عادة القرآن في إجمال ما ليس بمحل الحاجة.
ومما خالف فيه القرآن الكريم عادته المثال الذي ذكرناه آنفا في معنى "العباد"
ومنه كما يقول الشيخ سيد سابق في كتابه "فقه السنة" أن القرآن أولى عناية خاصة بملابس المرأة، حيث كان حديثه عنها مفصلا، على غير عادته في تناوله المسائل الجزئية بالتفصيل، فهو يقول: " يأيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ".
* ويقال لعادات القرآن أيضا عرف القرآن، معهود القرآن، كليات القرآن.
ولا يقدح في تسميتها بالكليات أن الاستثناء قد يدخلها لأن الأمر الكلي إذا ثبت كليا، فتخلف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كليا كما يقول الشاطبي في الموافقات وأضاف أيضا أن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي؛ لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[29 May 2009, 01:42 م]ـ
جزى الله الشيخ المنصور خيرا على هذا المقترح.
ولعل من العبارات التي ترد عند المفسرين وتحتاج إلى توضيح عبارة: التعجيب، وهل يصح إضافتها إلى الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[29 May 2009, 04:48 م]ـ
الشيخ الدكتور خالد الباتلي - حفظه الله
يسرني أن أنقل إليك ما كتبته تحت مادة "التعجب" من كتابي "مفاتيح التفسير" ففيه الإجابة التي أسأل الله تعالى أن تكون موفية للمطلوب
التعجب:
عرفه الزمخشري بقوله: هو تعظيم الأمر في قلوب السامعين، لأن التعجب لا يكون إلا من شيئ خارج عن نظائره وأشكاله0
* وأساليبه كما يذكر النحاة نوعان:
الأول- مطلق لا تحديد له ولا ضابط، ويفهم بالقرينة ومنه (لله در فلان، وسبحان الله، ويالك، وياله، ويال) واستخدام لفظ " العجب " ومشتقاته، وكلمة " كَبُر " وغيرها0
والثانى- اصطلاحي قياسي وصيغه (ما أفعله، وأفعل به)
* وهو في البلاغة من أقسام الخبر على الأصح كما قال السيوطي في المعترك0 وتحت عنوان " قاعدة " قال السيوطي: إذا ورد التعجب من الله صرف إلى المخاطب كقوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} (البقرة:175) أي: هؤلاء يجب أن يتعجب منهم، وإنما لا يوصف الله تعالى بالتعجب، لأنه استعظام يصحبه الجهل، وهو تعالى منزه عن ذلك، ولهذا تعبر جماعة بالتعجيب بدله، أي أنه تعجيب من الله للمخاطبين، تماما كما هو الشأن في الترجي والدعاء، وقد مضت الإشارة إلى ذلك (انظر: الترجي)
لكن السلف إذ يثبتون صفة العجب لله تعالى انطلاقا من النصوص المثبتة لها فإنهم يردون على فكرة أن العجب استعظام يصحبه الجهل ... إلخ بأن المقصود بالتعجب هو تعظيم هذا الشيء المتعجب منه أو تعظيم سببه وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما جاء في مجموع الفتاوى:
وأما قوله – أي منكر هذه الصفة -: التعجب استعظام للمتعجب منه، فَيُقَالُ: نَعَمْ. وَقَدْ يَكُونُ مَقْرُونًا بِجَهْلِ بِسَبَبِ التَّعَجُّبِ، وَقَدْ يَكُونُ لِمَا خَرَجَ عَنْ نَظَائِرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ سَبَبَ مَا تَعَجَّبَ مِنْهُ؛ بَلْ يَتَعَجَّبُ لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظَائِرِهِ تَعْظِيمًا لَهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يُعَظِّمُ مَا هُوَ عَظِيمٌ؛ إمَّا لِعَظَمَةِ سَبَبِهِ أَوْ لِعَظَمَتِهِ. فَإِنَّهُ وَصَفَ بَعْضَ الْخَيْرِ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ. وَوَصَفَ بَعْضَ الشَّرِّ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ فَقَالَ تَعَالَى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وَقَالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} وَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} وَقَالَ: {وَلَوْلَا إذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} وَقَالَ: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} عَلَى قِرَاءَةِ الضَّمِّ فَهُنَا هُوَ عَجِبَ مِنْ كُفْرِهِمْ مَعَ وُضُوحِ الْأَدِلَّةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي آثَرَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ ضَيْفَهُمَا:"لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ" وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحِ:"لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ مِنْ صُنْعِكُمَا الْبَارِحَةَ".
ـ[المنصور]ــــــــ[29 May 2009, 05:46 م]ـ
سؤال: لام التعليل، هل ترد عند المفسرين الأشاعرة؟
لأنني - حسب معرفتي - أعلم أنهم لايرون تعليل أفعال الله تعالى، وأيضاً: بماذا يستبدلونها، هل يقولون: لام الصيرورة، أم لام العاقبة.
وجدت الشيخ الكومي رحمه الله في كتابه (تفسير سورة الفتح) ص 42يقول: (أما الأشاعرة فقالوا: إن أفعال الله تعالى لاتعلل بالأغراض، وإن كل ماورد منها مما ظاهره التعليل لايقصد منه التعليل على الحقيقة، وهم لذلك يسمون لام التعليل في قوله تعالى (ليغفر لك الله) وأمثالها لام العاقبة).
فأريد قولا فصلا في التفريق بين هذه الثلاث: لام الصيرورة - لام العاقبة - لام التعليل.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[الخطيب]ــــــــ[29 May 2009, 09:50 م]ـ
الأخ الكريم الدكتور المنصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقول جوابا عن سؤالكم:
ما نقلتموه عن مذهب الأشاعرة وأنهم يرون أن أفعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض هو صحيح عنهم وحجتهم في ذلك أنه سبحانه "لا يسأل عما يفعل" وأيضا يقولون: إن هذه العلة لو كانت قديمة لترتب عليها قدم الفعل – لكنه حادث- ولو كانت حادثة للزم التسلسل وهو محال.
وعليه فإنهم يؤولون ما يوحي بتعليل أفعال الله تعالى -تعليلا غرضيا- بمعنى مجازي فيقولون مثلا: إن هذا الفعل لو وقع ممن تعلل أفعاله بالغرض لكان كذا .....
أو يقولون عن اللام: هي لام العاقبة والصيرورة – وهي لام واحدة وليست اثنتين - وقد يسميها بعضهم بلام العلة الغائية أي المترتبة على آخر الفعل في مواجهة لام العلة الباعثة على الفعل وهي لام التعليل حيث هذه الثانية لا تتفق ومذهبهم إذا تعلقت بتعليل أفعال الله تعالى.
ومن خلال ذلك يتضح الفرق بين لام العاقبة والصيرورة، ولام التعليل، ولماذا يؤول الأشاعرة لام التعليل إذا تعلقت بأفعال الله تعالى؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[30 May 2009, 10:59 م]ـ
جزاكم الله خيراً على مثل هذا الإثراء البديع، الذي تتقاطر مداخلاته بل تسيل من الفوائد والفرائد ما تنتظم به أجمل العقود البهيّة، وبعد:
فلي تعليق على سؤال الدكتور المنصور حول التعجيب، وقد تقدَّم فضيلة الدكتور الخطيب فارسِ هذه الحلبة؛ ليخط أجود الإجابات، بأجمل العبارات، إلا أنني أضيف زيادة على الموضوع على سبيل إثرائه، فأقول:
تنوّعت ألفاظ المفسّرين في هذه التعابير، ولا بدّ من الإشارة إلى السياق الذي يردُ فيه هذا اللفظ، وهو بيانُ الغرضِ من بعض الاستفهامات القرآنية، كمثل قول الله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب .. )، وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أنزل من قبلك .. )، وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين تولّوا قوماً غضب الله عليهم .. )، حيث يقول المفسّرون عند مثل هذه الآيات في بيان غرض الاستفهام: الاستفهام للتعجّب.
ثم إن عدداً من المفسّرين رأوا أن إسناد العجب - الذي هو استعظامٌ في النفس، كما أشار فضيلة الدكتور الخطيب - إلى الله تعالى مُحال، فعدلوا عن التعبير بهذا اللفظ إلى لفظٍ آخر يتحاشون فيه ما فرّوا من إثباته، فتركوا التعبير بالتعجب إلى التعبير بالتعجيب، فقالوا: الاستفهام للتعجيب، بمعنى: أن العجب ليس هو من الله تعالى، وإنما الله تعالى يعجّب نبيّه ثم السامعين من حال هؤلاء المذكورين في الآيات.
لكن الصّحيح أنه لا داعي للفرار من نسبة العجب إلى الله تعالى، فقد ورد في الأحاديث الصحيحة من قول النبيّ صلى الله عليه وسلّم، إلّا أن سبيل اعتقاد مثل هذه الأحاديث على مذهب السلف هو اعتقاد ظواهرها بعيداً عن تشبيه الخالق بالمخلوق، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، فنقول:
نثبت لله ما أثبته له نبيّه صلى الله عليه وسلّم على هيئة لائقةٍ بالله تعالى، فالعجب المقتضي استعظاماً في النفس إنما هو عجبُ المخلوق، ولا يُشترط أن يكون كذلك في حقّ الخالق سبحانه.
وعليه؛ فلا ضير في التعبير بالتعجّب أو التعجيب طالما احتفّ ذلك بالمذكور، والله أعلم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[31 May 2009, 12:54 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
هذا موضوع شيق لكنه مضني، ويصلح بكل جدارة لأطروحة عالية عالمية، تكتب تحت عنوان: (مصطلحات التفسير وعلوم القرآن) أو قل ما شئت في العنوان.
ولعله يستلزم الفارس في هذا الميدان أن يستقرأ كتب التفسير وعلوم القرآن، وأن يكون طويل باع في العلوم، وعلى سعة كبيرة من ذلك مع فهم وربط بين هذه المصطلحات بعضها البعض والمقارنة بينها وبين استخدامها في فنون أخرى غير التفسير.
لكن شريطة ذلك أن لا يكون البحث مجرد جمع، لا بل بتحريرات ونظرات فاحصة، وفي ظني لو عمل هذا العمل لكان مرجعاً كبيراً ومميزاً لطلبة الدراسات العليا.
فاللهم وفق من يقوم به خير قيام. وانفعنا به.
ـ[الخطيب]ــــــــ[02 Jun 2009, 10:20 م]ـ
الأخ الشيخ رأفت المصري
وجزيت أنت كذلك بكل خير والله أسأل أن يزيدك وَعيًا وفهما
أخانا الكريم أبا العالية
شرف الموضوع بمروركم وأفيدكم بأن لي كتابا رتبت مواده على حروف المعجم وأنا الآن بصدد نشره ولعله أن يلبي الحاجة التي أشرتم إليها
ثم نعود إلى مصطلحات القوم فنقول: إن من المصطلحات التي يطرحها المفسرون مصطلح المشاكلة
والمشاكلة: مفاعلة من قولهم: شاكله مشاكلة إذا ماثله ووافقه.
وفي اصطلاح علماء البلاغة: هي ذكر الشىء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديراً.
ومثال ما وقع في صحبته تحقيقا قوله تعالى: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} (المائدة: 116)
وكذا قوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: 40) لأن الجزاء على السيئة هو حق وليس بسيئة ومنه أيضا قوله تعالى: {إنما نحن مستهزئون * الله يستهزىء بهم} (البقرة: 14)
ومثال التقديري قوله تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} (البقرة: 138) أي: تطهير الله، لأن الإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه: المعمودية أو ماء التعميد ويقولون: إنه تطهير لهم، فعبر عن الإيمان بصبغة الله للمشاكلة بهذه القرينة كذا في معترك الأقران للسيوطي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2009, 06:20 م]ـ
أشكركم جميعاً على هذه الفوائد العلمية، والموضوع جدير بالمتابعة منا أثناء قراءتنا في كتب التفسير المتقدمة خصوصاً، بجمع مثل هذه العبارات التي لا يستوي في العلم بها القراء جميعاً. ومحاولة بسط معانيها وشرحها بعبارة سهلة يفهمها الجميع.
وتعليقاً على قول أبي العالية
الحمد لله، وبعد ..
هذا موضوع شيق لكنه مضني، ويصلح بكل جدارة لأطروحة عالية عالمية، تكتب تحت عنوان: (مصطلحات التفسير وعلوم القرآن) أو قل ما شئت في العنوان.
فأحسب موضوع (مصطلحات التفسير وعلوم القرآن) يختلف عما نحن بصدده هنا، فمصطلحات التفسير وعلوم القرآن تعنى بالمصطلحات العلمية التي تختص بهذين العلمين وقد كتب فيها عدد من المعاجم المعاصرة وهي فكرة في حاجة إلى إعادة التأليف فيها حتى تكتمل، ولعل كتاب أستاذنا الدكتور أحمد سعد الخطيب يفي بهذه الحاجة إن شاء الله، وليته يبالغ في تحريره ومراجعته والتأكد من مقاربته للاستيعاب وسد الحاجة التي أغفلتها المعاجم المطبوعة. والتفريق بين المصطلحات المختصة بعلوم القرآن والتفسير فقط، والمصطلحات المشتركة بينها وبين علوم آلة المفسر كالبلاغة والنحو وغيرها. والتعمق في تحرير محل النزاع في المصطلحات وتتبع تاريخها ونشأتها وميدانها الذي تدور فيه وأكثر من يستعملها من المفسرين والمعاني الخاصة التي ينفرد بها بعض من يستعملها في استعماله لها ونحو هذه المسائل الدقيقة التي تعطي للمعجم قيمته العلمية الفريدة، فقد أحزنني بعض المعاجم المطبوعة التي لم يزد عمل صاحبها على الترتيب السهل لكلام الآخرين دون أن يضيف شيئاً ذا بال. بل رأيت بعض الباحثين قد تساهل في إخراج معجم للمصطلحات في أحد الفنون الدقيقة، فأنجزه في مدة وجيزة لا تكفي للقراءة فضلاً عن التأليف، ولذلك خرج معجمه بارداً لا جديد فيه.
وأما فكرة موضوع أخي المنصور هنا فهي تعنى بعبارات قد تكون مصطلحاً في علم آخر كالبلاغة، أو النحو، أو التصوف أحياناً، أو العقائد وعلم الكلام، وقد تكون بعضها عبارات يستعملها أحد المفسرين خصوصاً يحتاج فهمها إلى تتبع استعمالها في كتب المفسر نفسه حتى يفهم معناها. واستقصاؤها قد يكون صعباً على واحدٍ من الباحثين، غير أن تعاون القراء في رصدها وتتبعها قد يكون أجدى. وحتى يتصدى لهذا الموضوع من يتولاه يبقى هذا الموضوع إن شاء الله مكاناً مناسباً للكتابة حول هذه العبارات.
وفقكم الله جميعأً ونفعنا بعلومكم.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[05 Jun 2009, 09:20 م]ـ
لعل من باب تتميم الفائدة فيما ذكره الأخوة في بيان صفة العجب وهل يوصف الله بذلك، أذكر هنا عبارة موجزة كنت قد قرأتها في مذكرة بعنوان " إتحاف أولي الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب "للشيخ وليد بن راشد بن سعيدان، والمذكرة كما واضح من اسمها تعرض مسائل العقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة بعبارات سهلة ميسرة، وقد جاء في معرض الحديث عن صفة العجب ما يلي:
" إن صفة العجب من الصفات التي هي كمال باعتبار ونقص باعتبار، وقد عرفنا أن منهج أهل السنة والجماعة في مثل هذه الصفات أنهم يثبتونها لله حال كمالها وينفونها عنه جل وعلا حال نقصها.
واعلم رحمك الله أن العجب له سببان:
الأول: عجب يكون سببه خفاء الأسباب، وهو الذي يقول فيه الناس: إذا عرف السبب بطل العجب، فالموجب للتعجب هو خفاء السبب ومتى ما بان السبب وعلم زال ذلك العجب من أساسه، كفقير لا يملك شيئاً ثم رأينا معه سيارة فارهة غالية الثمن، فنحن نتعجب لذلك، وسبب عجبنا هو خفاء السبب لكن إن علمنا بعد ذلك أن أحداً تصدق بها عليه أو أنه سرقها أو أنه اشتراها بأقساط يسيرة يستطيع سدادها، فإننا بذلك يزول عجبنا لأننا علمنا السبب، فالعجب بهذا الاعتبار نقص لا يجوز وصف الله به، لأن مبناه على خفاء السبب، والله تعالى لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، ومن صفاته العلم الكامل الشامل لكل شئ، فليس هناك أشياء تخفى على الله تعالى فيتعجب منها حتى إذا ظهرت له أسبابها زال عجبه، كلا والله هذا ما لا يتصور أبداً، فسبحان الله وتعالى وتقدس وتعاظم عن أن يوصف بالعجب بهذا الاعتبار.
الثاني: عجب يكون سببه خروج الشئ عن حكم نظائره، أي أن يكون هناك نظائر لها حكم واحد فيخرج منها فرد من أفرادها عن حكم نظائره، فيتعب من هذا الخروج، مع أن سبب الخروج معلوم ليس بخافٍ، ولكن التعجب من عين هذا الخروج، فهذا العجب كمال يوصف الله تعالى به، ودليل ذلك قوله تعالى: {بل عجبت ويسخرون} بضم التاء في قراءة سبعية متواترة، وقوله عليه الصلاة والسلام: " لقد عجب ربكما بصنيعكما بضيفكما الليلة " وقوله عليه الصلاة والسلام: " عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب " ويروى في الحديث:" يعجب ربك إلى الشاب ليست له صبوة " وغير ذلك من الأدلة، فالعجب المضاف إلى الله تعالى هنا هو العجب الذي يكون سببه خروج الشيء عن حكم نظائره.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[09 Jun 2009, 07:36 ص]ـ
أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري، بوركت مساعيك وجميع إخوانك في خدمة القرآن الكريم وعلومه.
والله تعالى أسأل أن يكون ما كتبناه ملبيا للحاجة التي أشرتم إليها في كلامكم، وإن كنت أعترف - رغم أنه قد مرت على معالجته سنون بلغت تسعا ,ان مواده المعجمية قد جاوزت الألف وخمسمائة مادة - إلا أن المرجو منه أكبر مما تم تحقيقه، لكنه بالنسبة لي مشروع مفتوح ما أمدّ الله لي في العمر، وبنصائح الإخوان وإضافتهم واستدراكاتهم سيكون في صورة أفضل إن شاء الله.
ثم نعود إلى موضوعنا لنعرّج على مصطلح جديد مما يذكره المفسرون لإيضاحه والكشف عنه - وهو في ذات الوقت أنموذج لما طرحته في معجمي "مفاتيح التفسير" - وهومصطلح "الترجي" فنقول مستعينين به سبحانه:
الترجي:
هو انتظار حصول أمر مرغوب فيه، من غير وثوق بحصوله. ويكون بالحرف" لعلّ " أو " علّ " أو بالأفعال: (أرجو، عسى، حرى، آمل، اخلولق)
* وقد ذكر السيوطي الترجي ضمن أقسام الإنشاء، ونقل القرافي في الفروق الإجماع على أنه إنشاء، وفرّق بينه وبين التمني بأمور منها ما يلي:
1. الترجي يكون في الممكن، والتمني يكون فيه وفي المستحيل.
2. الترجي يكون في القريب، والتمني يكون في البعيد.
3. الترجي يكون في المتوقَع، والتمني يكون في غيره.
* والترجي لا يكون إلا من الأدنى للأعلى ولهذا فسر سيبويه قوله تعالى آمرا موسى وهارون عليهما السلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44، 43) فسّره بأن معناه: اذهبا على رجائكما وطمعكما. قال الزركشي في البرهان: يعني أنه كلام منظور فيه إلى جانب موسى وهارون عليهما السلام لانهما لم يكونا جازمين بعدم ايمان فرعون أ. هـ
قلت: حمل الترجي على هذا هو الأصح لأن الترجي نتيجة الجهل بالعاقبة وهو محال على علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى.
وأيضا فإن حمل الترجي على غير هذا مخالفة للترتيب الطبيعي الذي عنونّا به هذه الفقرة وهي أن الترجي يكون من الأدنى للأعلى وليس العكس.
*فائدة:
قال الزركشي في البرهان:
كل ما جاء في القرآن العظيم من نحو قوله تعالى"لعلكم تفلحون" أو "تتقون" أو "تشكرون" فالمعتزلة يفسرونه بالإرادة لأن عندهم أنه تعالى لا يريد إلا الخير ووقوع الشر على خلاف إرادته. وأهل السنة يفسرونه بالطلب لما في الترجي من معنى الطلب والطلب غير الإرادة على ما تقرر في الأصول فكأنه قال: كونوا متقين. أو:مفلحين.
إذ يستحيل وقوع شئ في الوجود على خلاف إرادته تعالى بل كل الكائنات مخلوقة له تعالى ووقوعها بإرادته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. أ. هـ
والرأي هنا ما رآه أهل السنة لأن كل ما يقع في الكون من خير أو شر هو بإرادة الله ولا يقع شيء في الكون لا يريده سبحانه، فترجح أن يكون الرجاء في نحو ما ذكر بمعنى الطلب. أو باعتبار المخاطبين كما مضى عن سيبويه.
وقد رجعت إلى تفسير الكشاف لأتبين رأي المعتزلة في نحو هذه الآيات فوجدته يذكر أن "لعل" استعارة بمعنى الإرادة وهذه بعض مواضع كلامه في ذلك.
فعند تفسيره لقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (السجدة:3) قال: {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} فيه وجهان:
1 - أن يكون على الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: 44] على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام.
2 - أن يستعار لفظ الترجي للإرادة.
وعند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} قال: و "لعل": مستعار لمعنى الإرادة، لتلاحظ معناها. ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربياً غير عجمي: إرادة أن تعقله العرب.
* ونحو "لعل" في إفادة الترجي "عسى" إذ هي تفيد الترجي في المحبوب، والإشفاق في المكروه، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهوشر لكم}
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثل هذا لا إشكال فيه عندما يتعلق معنى الترجي فيها بالمخاطبين تماما كما ذكرنا في "لعل" لكن الإشكال في نسبة الترجي إلى الله تعالى من خلال "عسى" كما عرفناه من خلال "لعل" فأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس قال: كل عسى في القرآن فهي واجبة. وقال الشافعي: يقال عسى من الله واجبة. وقال ابن الأنباري: عسى في القرآن واجبة إلا في موضعين. أحدهما – {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} (الإسراء:8) يعني بني النضير فما رحمهم الله بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع عليهم العقوبة.
والثاني – {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا} (التحريم:5) فلم يقع التبديل.
ومعنى كونها واجبة أي محققة الوقوع لا للتوقع كما هو الحال في كلام البشر.
وجعل بعض العلماء هذا المعنى قاعدة عامة لـ "عسى" إذا تعلقت بـ "الله" عز وجل كما قال السيوطي في الإتقان: وأبطلوا استثناء هاتين الآيتين لأن الرحمة – في الآية الأولى- كانت مشروطة بأن لا يعودوا كما قال: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} وقد عادوا فوجب عليهم العذاب. والتبديل – في الآية الثانية- كان مشروطاً بأن يُطلِّق ولم يُطلِّق فلا يجب.
وقد أجمل صاحب البرهان القول في "عسى، ولعل" معًا من هذه الوجهة التي نتكلم عنها فقال:
"عسى، ولعل" من الله تعالى واجبتان، وان كانتا رجاء وطمعا في كلام المخلوقين، لان الخلق هم الذين يعرض لهم الشكوك والظنون، والبارئ منزه عن ذلك.
والوجه في استعمال هذه الالفاظ أن الأمور الممكنة لما كان الخلق يشكون فيها، ولا يقطعون على الكائن منها، وكان الله يعلم الكائن منها على الصحة، صارت لها نسبتان:
1 - نسبة إلى الله تعالى تسمى نسبة قطع ويقين.
2 - ونسبة إلى المخلوق وتسمى نسبة شك وظن.
فصارت هذه الالفاظ لذلك ترد تارة بلفظ القطع بحسب ما هي عليه عند الله كقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة:54) وتارة بلفظ الشك بحسب ماهي عليه عند المخلوقين كقوله: {فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} (المائدة:52) وقوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (الإسراء:79) وقوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44) وقد علم الله حين ارسلهما ما يفضى إليه حال فرعون لكن ورد اللفظ بصورة ما يختلج في نفس موسى وهارون من الرجاء والطمع فكأنه قال: انهضا لا إليه وقولا في نفوسكما لعله يتذكر أو يخشى.
ولما كان القرآن قد نزل بلغة العرب جاء على مذاهبهم في ذلك، والعرب قد تخرج الكلام المتيقن في صورة المشكوك لأغراض: فتقول لا تتعرض لما يسخطني فلعلك إن تفعل ذلك ستندم. وانما مراده أنه يندم لا محالة ولكنه اخرجه مخرج الشك تحرير للمعنى ومبالغة فيه.
أي أن هذا الامر لو كان مشكوكا فيه لم يجب أن تتعرض له فكيف وهو كائن لا شك فيه. أ. هـ
ومن المواضع الرائعة التي خرّجت "عسى" المعنى فيها على صورة الشك مع أنه لا شك فيه قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة:18) ففيه كما قال أبو السعود: إبرازُ اهتدائِهم مع ما بهم من الصفات السنيةِ في معرِض التوقعِ لقطع أطماعِ الكفرةِ عن الوصول إلى مواقف الاهتداء والانتفاعِ بأعمالهم التي يحسَبون أنهم في ذلك محسنون، ولتوبيخهم بقطعهم بأنهم مهتدون، فإن المؤمنين مع ما بهم من هذه الكمالاتِ، إذا كان أمرُهم دائراً بين لعل وعسى، فما بالُ الكفرة وهم هُمْ، وأعمالهم أعمالُهم.
وفيه لطفٌ للمؤمنين وترغيبٌ لهم في ترجيح جانبِ الخوفِ على جانب الرجاءِ ورفض الاغترار بالله تعالى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jun 2009, 10:04 ص]ـ
أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري، بوركت مساعيك وجميع إخوانك في خدمة القرآن الكريم وعلومه.
(يُتْبَعُ)
(/)
والله تعالى أسأل أن يكون ما كتبناه ملبيا للحاجة التي أشرتم إليها في كلامكم، وإن كنت أعترف - رغم أنه قد مرت على معالجته سنون بلغت تسعا ,ان مواده المعجمية قد جاوزت الألف وخمسمائة مادة - إلا أن المرجو منه أكبر مما تم تحقيقه، لكنه بالنسبة لي مشروع مفتوح ما أمدّ الله لي في العمر، وبنصائح الإخوان وإضافتهم واستدراكاتهم سيكون في صورة أفضل إن شاء الله.
ثم نعود إلى موضوعنا لنعرّج على مصطلح جديد مما يذكره المفسرون لإيضاحه والكشف عنه - وهو في ذات الوقت أنموذج لما طرحته في معجمي "مفاتيح التفسير" - وهومصطلح "الترجي" فنقول مستعينين به سبحانه:
الترجي:
هو انتظار حصول أمر مرغوب فيه، من غير وثوق بحصوله. ويكون بالحرف" لعلّ " أو " علّ " أو بالأفعال: (أرجو، عسى، حرى، آمل، اخلولق)
* وقد ذكر السيوطي الترجي ضمن أقسام الإنشاء، ونقل القرافي في الفروق الإجماع على أنه إنشاء، وفرّق بينه وبين التمني بأمور منها ما يلي:
1. الترجي يكون في الممكن، والتمني يكون فيه وفي المستحيل.
2. الترجي يكون في القريب، والتمني يكون في البعيد.
3. الترجي يكون في المتوقَع، والتمني يكون في غيره.
* والترجي لا يكون إلا من الأدنى للأعلى ولهذا فسر سيبويه قوله تعالى آمرا موسى وهارون عليهما السلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44، 43) فسّره بأن معناه: اذهبا على رجائكما وطمعكما. قال الزركشي في البرهان: يعني أنه كلام منظور فيه إلى جانب موسى وهارون عليهما السلام لانهما لم يكونا جازمين بعدم ايمان فرعون أ. هـ
قلت: حمل الترجي على هذا هو الأصح لأن الترجي نتيجة الجهل بالعاقبة وهو محال على علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى.
وأيضا فإن حمل الترجي على غير هذا مخالفة للترتيب الطبيعي الذي عنونّا به هذه الفقرة وهي أن الترجي يكون من الأدنى للأعلى وليس العكس.
*فائدة:
قال الزركشي في البرهان:
كل ما جاء في القرآن العظيم من نحو قوله تعالى"لعلكم تفلحون" أو "تتقون" أو "تشكرون" فالمعتزلة يفسرونه بالإرادة لأن عندهم أنه تعالى لا يريد إلا الخير ووقوع الشر على خلاف إرادته. وأهل السنة يفسرونه بالطلب لما في الترجي من معنى الطلب والطلب غير الإرادة على ما تقرر في الأصول فكأنه قال: كونوا متقين. أو:مفلحين.
إذ يستحيل وقوع شئ في الوجود على خلاف إرادته تعالى بل كل الكائنات مخلوقة له تعالى ووقوعها بإرادته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. أ. هـ
والرأي هنا ما رآه أهل السنة لأن كل ما يقع في الكون من خير أو شر هو بإرادة الله ولا يقع شيء في الكون لا يريده سبحانه، فترجح أن يكون الرجاء في نحو ما ذكر بمعنى الطلب. أو باعتبار المخاطبين كما مضى عن سيبويه.
وقد رجعت إلى تفسير الكشاف لأتبين رأي المعتزلة في نحو هذه الآيات فوجدته يذكر أن "لعل" استعارة بمعنى الإرادة وهذه بعض مواضع كلامه في ذلك.
فعند تفسيره لقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (السجدة:3) قال: {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} فيه وجهان:
1 - أن يكون على الترجي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: 44] على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام.
2 - أن يستعار لفظ الترجي للإرادة.
وعند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} قال: و "لعل": مستعار لمعنى الإرادة، لتلاحظ معناها. ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربياً غير عجمي: إرادة أن تعقله العرب.
* ونحو "لعل" في إفادة الترجي "عسى" إذ هي تفيد الترجي في المحبوب، والإشفاق في المكروه، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهوشر لكم}
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثل هذا لا إشكال فيه عندما يتعلق معنى الترجي فيها بالمخاطبين تماما كما ذكرنا في "لعل" لكن الإشكال في نسبة الترجي إلى الله تعالى من خلال "عسى" كما عرفناه من خلال "لعل" فأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس قال: كل عسى في القرآن فهي واجبة. وقال الشافعي: يقال عسى من الله واجبة. وقال ابن الأنباري: عسى في القرآن واجبة إلا في موضعين. أحدهما – {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} (الإسراء:8) يعني بني النضير فما رحمهم الله بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع عليهم العقوبة.
والثاني – {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا} (التحريم:5) فلم يقع التبديل.
ومعنى كونها واجبة أي محققة الوقوع لا للتوقع كما هو الحال في كلام البشر.
وجعل بعض العلماء هذا المعنى قاعدة عامة لـ "عسى" إذا تعلقت بـ "الله" عز وجل كما قال السيوطي في الإتقان: وأبطلوا استثناء هاتين الآيتين لأن الرحمة – في الآية الأولى- كانت مشروطة بأن لا يعودوا كما قال: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} وقد عادوا فوجب عليهم العذاب. والتبديل – في الآية الثانية- كان مشروطاً بأن يُطلِّق ولم يُطلِّق فلا يجب.
وقد أجمل صاحب البرهان القول في "عسى، ولعل" معًا من هذه الوجهة التي نتكلم عنها فقال:
"عسى، ولعل" من الله تعالى واجبتان، وان كانتا رجاء وطمعا في كلام المخلوقين، لان الخلق هم الذين يعرض لهم الشكوك والظنون، والبارئ منزه عن ذلك.
والوجه في استعمال هذه الالفاظ أن الأمور الممكنة لما كان الخلق يشكون فيها، ولا يقطعون على الكائن منها، وكان الله يعلم الكائن منها على الصحة، صارت لها نسبتان:
1 - نسبة إلى الله تعالى تسمى نسبة قطع ويقين.
2 - ونسبة إلى المخلوق وتسمى نسبة شك وظن.
فصارت هذه الالفاظ لذلك ترد تارة بلفظ القطع بحسب ما هي عليه عند الله كقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة:54) وتارة بلفظ الشك بحسب ماهي عليه عند المخلوقين كقوله: {فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} (المائدة:52) وقوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (الإسراء:79) وقوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:44) وقد علم الله حين ارسلهما ما يفضى إليه حال فرعون لكن ورد اللفظ بصورة ما يختلج في نفس موسى وهارون من الرجاء والطمع فكأنه قال: انهضا لا إليه وقولا في نفوسكما لعله يتذكر أو يخشى.
ولما كان القرآن قد نزل بلغة العرب جاء على مذاهبهم في ذلك، والعرب قد تخرج الكلام المتيقن في صورة المشكوك لأغراض: فتقول لا تتعرض لما يسخطني فلعلك إن تفعل ذلك ستندم. وانما مراده أنه يندم لا محالة ولكنه اخرجه مخرج الشك تحرير للمعنى ومبالغة فيه.
أي أن هذا الامر لو كان مشكوكا فيه لم يجب أن تتعرض له فكيف وهو كائن لا شك فيه. أ. هـ
ومن المواضع الرائعة التي خرّجت "عسى" المعنى فيها على صورة الشك مع أنه لا شك فيه قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة:18) ففيه كما قال أبو السعود: إبرازُ اهتدائِهم مع ما بهم من الصفات السنيةِ في معرِض التوقعِ لقطع أطماعِ الكفرةِ عن الوصول إلى مواقف الاهتداء والانتفاعِ بأعمالهم التي يحسَبون أنهم في ذلك محسنون، ولتوبيخهم بقطعهم بأنهم مهتدون، فإن المؤمنين مع ما بهم من هذه الكمالاتِ، إذا كان أمرُهم دائراً بين لعل وعسى، فما بالُ الكفرة وهم هُمْ، وأعمالهم أعمالُهم.
وفيه لطفٌ للمؤمنين وترغيبٌ لهم في ترجيح جانبِ الخوفِ على جانب الرجاءِ ورفض الاغترار بالله تعالى.
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
وعندي رأي في الترجي عندما يكون من الله تعالى، وهو: أن الترجي يكون من الله تعالى، ولا داعي لنفيه أو تأويله، ومن قال بأن الترجي يستلزم الجهل بالعاقبة، وهذا لا يليق بالله تعالى؛ فلا يقبل قوله لأنه مبني على مساواة ما يوصف به الله تعالى، وما يضاف إليه بما يوصف به المخلوق، وما يضاف إليه؛ وهذا مما قرر أهل السنة بطلانه، والقاعدة في مثل هذا أنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
ومن العبارات المحررة في ذلك ما قاله الدكتور محمد مصطفى على مصطفى في تفسيره لسورة الرعد ص51،حيث قال مفسراً لـ"لعل" التي تفيد الرجاء: (ترجية من الله واقعة لكماله،والترجية من غيره متوقعة لعجزه.) وهذا هو معنى قول من قال: لعل من الله واجب.
وقد ذكر الرازي في تفسيره [25/ 160 - 161] أن لعل في كلام الله تحمل على الترجي من المتكلم، وأنه لا يلزم من كونها للرجاء ما قد يتوهم من جهل المتكلم وعدم علمه. وذكر الطاهر ابن عاشور كلاماً قريباً مما ذكره الرازي كما في تفسيره التحرير والتنوير 1/ 330.
وعليه؛ فإن من أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى: المساواة بين صفاته تعالى وصفات المخلوقين، أو بين ما يُخبر به عنه سبحانه وبين ما يُخبر به عن غيره. وهذا من أكبر أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى، وخاصة في تفاسير المبتدعة لآيات الصفات. والقاعدة في هذا الباب:أن أسماء الله وصفاته وما يخبر به عنه تليق بكماله تعالى وعظمته وجلاله، وأسماء المخلوقين وصفاتهم وما يخبر به عنهم تليق بعجزهم وضعفهم، وتناسب حالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[10 Jun 2009, 01:01 ص]ـ
الحبيب أبا مجاهد
قرأت كلامك وأسعدتني متابعتك، ولقد كان رجائي وطمعي أن أراك في لقاء الأمس مع الثلة المباركة من مشرفي وكتاب الملتقى في اجتماع ملتقى أهل التفسير وقلت في نفسي – متوقعا حضورك- لعلي أن أراه
أخي الكريم، ما ذكرته محل اعتبار وهو لا يخرج من جهة التحليل عن جملة ما هو مذكور في كلامي وفي نقلي عن العلماء في تحرير المسألة
ولي عودة إن شاء الله أجيبك فيها عما ذكرت
ـ[الخطيب]ــــــــ[10 Jun 2009, 08:58 ص]ـ
الحبيب أبا مجاهد
أولا- يجب أن ينحى الكلام عن الترجي عن مسألة الأسماء والصفات فهذه مسألة القول فيها محسوم من جهة أن ما أثبته الله لنفسه منها فهو الثابت اللازم اعتقاده كما ثبت دون تأويل.
كما أنه من الثابت أيضا أن مسألة الأسماء والصفات مبناها التوقيف وليس الاستنباط أو التوليد من الكلام، وعليه فنسبة الترجي إليه تعالى هو منبثق عن معنى "لعل، عسى" وليس لسبب توقيفي فلم يرِد وصف ذاته سبحانه بأنه "مترجي" ولا وصف فعله بأنه "يترجى"
إذا علمنا هذا وعلمنا أن أداة الترجي "لعل" غير ممحضة لمعنى الترجي بل يمكن أن تأتي للتعليل فإن المسألة تزداد بعدا عن قضية الأسماء والصفات
وعليه فليس في محله – فيما أرى - قولكم بارك الله فيكم:
إن الترجي يكون من الله تعالى، ولا داعي لنفيه أو تأويله ....
ثم قولكم:
وعليه؛ فإن من أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى: المساواة بين صفاته تعالى وصفات المخلوقين، أو بين ما يُخبر به عنه سبحانه وبين ما يُخبر به عن غيره. وهذا من أكبر أسباب وقوع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى، وخاصة في تفاسير المبتدعة لآيات الصفات. والقاعدة في هذا الباب:أن أسماء الله وصفاته وما يخبر به عنه تليق بكماله تعالى وعظمته وجلاله، وأسماء المخلوقين وصفاتهم وما يخبر به عنهم تليق بعجزهم وضعفهم، وتناسب حالهم.
إذا تقرر هذا فلنأت إلى طرح بقية كلامكم بارك الله فيكم لنتدارسه:
فمثلا قولكم:
ومن العبارات المحررة في ذلك ما قاله الدكتور محمد مصطفى على مصطفى في تفسيره لسورة الرعد ص51،حيث قال مفسراً لـ"لعل" التي تفيد الرجاء: (ترجية من الله واقعة لكماله،والترجية من غيره متوقعة لعجزه.) وهذا هو معنى قول من قال: لعل من الله واجب.
وقد ذكر الرازي في تفسيره [25/ 160 - 161] أن لعل في كلام الله تحمل على الترجي من المتكلم، وأنه لا يلزم من كونها للرجاء ما قد يتوهم من جهل المتكلم وعدم علمه.
أقول: هذا الكلام هو عين ما نقلناه عن صاحب البرهان، فتأمله.
وأما عن قول الرازي: أنه لا يلزم من كونها للرجاء ما قد يتوهم من جهل المتكلم وعدم علمه، فهو راجع إلى البحث الكلامي الذي يتسم به تفسير الرازي فهو دائما يدافع بكل قوة لإثبات العلم القديم ويرد ما عساه أن يوهم غير ذلك، حتى لا يدع فرصة لمعتقدي حدوث العلم فكلامه هنا مسألة كلامية بحتة وإلا فإنه في مواضع أخرى ذكر ما ذكره العلماء في هذا ويمكنك مراجعة كلامه عند تفسير قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة:21) حيث قال:
المسألة الخامسة: في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} بحثان: البحث الأول: أن كلمة لعل للترجي والإشفاق، تقول لعل زيداً يكرمني وقال تعالى: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: 44]، {لَعَلَّ الساعة قَرِيبٌ} [الشورى: 17] ألا ترى إلى قوله: {والذين ءامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى: 18] والترجي والإشفاق لا يحصلان إلا عند الجهل بالعاقبة وذلك على الله تعالى محال، فلا بدّ فيه من التأويل وهو من وجوه:
أحدها: أن معنى «لعل» راجع إلى العباد لا إلى الله تعالى فقوله: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} أي اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما في إيمانه، ثم الله تعالى عالم بما يؤول إليه أمره. وثانيها: أن من عادة الملوك والعظماء أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على إنجازها على أن يقولوا لعل وعسى ونحوهما من الكلمات، أو للظفر منهم بالرمزة، أو الابتسامة أو النظرة الحلوة فإذا عثر على شيء من ذلك لم يبق للطالب شك في الفوز بالمطلوب فعلى هذاالطريق ورد لفظ لعل في كلام الله تعالى. وثالثها: ما قيل أن لعل بمعنى كي، قال صاحب «الكشاف»: ولعل لا يكون بمعنى كي، ولكن كلمة لعل للأطماع، والكريم الرحيم إذا أطمع فعلى ما يطمع فيه لا محالة تجري أطماعه مجرى وعده المحتوم، فلهذا السبب قيل لعل في كلام الله تعالى بمعنى كي ....... إلخ
أما الترجي في ذاته فكلنا يدرك أن مبناه توقع الحصول وليس الجزم به ومن ثم كانت الإشكالية قائمة في نسبته إلى الله تعالى وكان تخلص العلماء من ذلك إما:
1 - بإبقاء معنى الترجي على ما هو عليه لكن بملحظ المخاطبين وليس المخاطِب وهو الاتجاه السائد عند العلماء وهو أقوى الوجوه إذا عليه يبقى معنى "الترجي" على حقيقته دون حاجة إلى العدول به إلى أي معنى آخر ومعلوم أن التفسير الذي يرتكز على الحقيقة مقدم على غيره لأنه الأصل.
2 - وإما بالعدول بالترجي عن معناه القائم إلى معنى يليق وجلال الله تعالى وهو ما عبروا عنه بالإيجاب أو الطلب أو نحو ذلك وهو في ذلك كله مجاز لا حقيقة
وثالثا- بالعدول عن معنى الترجي المفهوم من أداته "لعل" والركون إلى معنى آخر لها هو التعليل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Jun 2009, 08:08 م]ـ
يبدو أنه سيكون هناك تداخلا بين بعض العبارات التي تدور على ألسنة بعض المفسرين ومصطلحات التفسير وعلوم القرآن، فلو اجتهدنا في وضع ضابط للتفريق بين الأمرين.
فمثلاً: قولهم: قراءة تفسيرية، مصطلح يتردد، والقارئ بحاجة لكشف المراد بهذا المصطلح، وقد تدخل في العبارات التي تكثر عند بعضهم.
ومن لطائف العبارات التي وجدتها عن ابن عطية ـ وهي تدل على تمام أدبه ـ قوله: (والمكتوبة)، ويقصد بها لفظ الجلالة.
ومن ذلك قوله ـ في قوله تعالى: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده) ـ: (وقوله: (فمن ذا الذي ينصركم) تقدير جوابه: لا من، والضمير في (بعده) يحتمل عوده على المكتوبة، ويحتمل عوده على الخذل الذي تضمنه قوله: (إن يخذلكم)).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[10 Jun 2009, 09:53 م]ـ
ومما يردُ عند المفسرين كثيراً قولهم (مقتضى السياق أو النصِّ , أو السياقُ يقتضي كذا , أو المُقتَضَى)
ومن أمثلته قول الله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يحبُّ الكافرين) فيقولون - مثلاً- مقتضى الآية أو السياق أنه يحب المؤمنين.
وقوله تعالى (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا) فيقولون مقتضى السياق في جملة (ضلوا عنَّا) يدل على اعترافهم بالعبادة قبل الإنكار.
وغير ذلك مما لا يحصرُ مما أحسبُ أنه قد يكون مشروعاً لبحثٍ مستقل يعنون بـ (مقتضى النصِّ في القرآن)
قال الجرجاني في التعريفات:
مقتضى النص: ما لا يدل اللفظ عليه ولا يكون ملفوظا لكن يكون من ضرورة اللفظ أعم من أن يكون شرعيا أو عقليا.
وقيل جعل غير المنطوق منطوقا لتصحيح المنطوق , مثاله (فتحرير رقبة) وهو مقتض شرعاً لكونها مملوكةً إذ لا عتقَ فيما لا يملكه ابنُ آدمَ فيُزادُ عليه ليكون تقديرُ الكلام فتحرير رقبةٍ مملوكة.1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - التعريفات للجرجاني , صـ 226
ـ[الخطيب]ــــــــ[11 Jun 2009, 09:10 ص]ـ
أخانا الحبيب أبا عبد الملك، يسعدنا كثيرا حضوركم في هذا الموضوع الأهم وليتنا نجد من وقتكم ما يسمح بطرح ما رصدتموه خلال مسيرتكم العلمية من مصطلحات موجودة في كتب التفسير سواء كانت هذه المصطلحات من مصطلحات هذا العلم الأولية أو الثانوية
ولأنني أعرف حرصكم على التحرير والتقعيد والتضبيط فأقترح أن تفتحوا موضوعا تطرحون فيه رؤيتكم لما هو من مصطلحات التفسير وعلوم القرآن وما هو خارج عنها ومن خلال رؤيتكم ورؤية الأحبة من أعضاء الملتقى ممن لهم عناية بهذا الشأن يمكن أن نخلص إلى رأي ممحص في هذا الأمر.
لدي رؤية في ذلك لكنني أفضل طرحها في موضوع يفتح لهذا الغرض.
وأما عن مصطلح القراءة التفسيرية فأسطر هنا ما كتبته عنها تحت مادتها وهو واحد من مصطلحات كثيرة لم نتحصل لها في كتب علمائنا على تعريف مباشر يحدها ويميزها فاستدعت منا نظرا جاء تاليا لسبر كلام العلماء عنها في مواضع النص عليها
وأنتظر تعقيبكم وتعقيب الإخوان للإفادة
القراءة التفسيرية:
القراءة التفسيرية: هي ما نقل عن السلف على أنه قراءة وقد خالف رسم المصحف وكان أشبه بوجه في تفسير الآية.
وما صح سنده منها ربما كان من الأحرف السبعة التي لم يحتملها رسم المصحف.
ثم هذا النوع - أي القراءة التفسيرية - منه:
1 - ما صح فيه النقل كرواية البخاري عن ابن عباس {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ
قال ابن حجر في فتح الباري: وَقِرَاءَة اِبْن عَبَّاس " فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ " مَعْدُودَةٌ مِنْ الشَّاذِّ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ.
وقال في موضع آخر: هَذَا مِنْ الْقِرَاءَة الشَّاذَّة وَحُكْمهَا عِنْد الْأَئِمَّة حُكْم التَّفْسِير.
ولعل هذا راجع إلى ذلك القسم الذي ذكره ابن الجزري في النشر عن مكي وقال عنه: هو ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف.
ثم قال عن حكمه: فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
إحداهما- أنه لم يؤخذ بإجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد، والعلة الثانية- أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به ولا يكفر من جحده.
2 - وأكثر هذا النوع لم تصح فيه الرواية، وأكثر ما يعبر به المفسرون تجاهه أن يقولوا: وهذه القراءة على فرض صحتها فهي تفسير لا قرآن أو: لا تلاوة.
وما من شك في أن اعتبار ما صح سنده منها في التفسير هو أمر له وجاهته وقيمته. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "فضائل القرآن":
فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس، فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه.
وذلك كقراءة حفصة وعائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " وكقراءة ابن مسعود " والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم " ومثل قراءة أبي بن كعب " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة اشهر، فإن فاءوا فيهن " وكقراءة سعد " فإن كان له أخ أو أخت من أمه " وكما قرأ ابن عباس " لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " وكذلك قراءة جابر " فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم" فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن أ. هـ
ومن هذه المواضع التي تعرض فيها المفسرون لهذا اللون ما ذكره أبو حيان في البحر المحيط عند تفسير قوله تعالى: {وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال: وقرأ الأعمش: وما نرسله مكان وما ننزله، والإرسال أعم، وهي قراءة تفسير معنى، لا أنها لفظ قرآن، لمخالفتها سواد المصحف.
وعند تفسيره لقول الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} قال أبو حيان: قراءة عبد الله: "وقلنا إنّ دابر ... "وهي قراءة تفسير لا قرآن، لمخالفتها السواد.
وكذا ذكرها الآلوسي وقال: هي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف.
عند تفسيره لقوله تعالى: {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه} قال الآلوسي: وقرأ ابن مسعود وعد ذلك قراءة تفسير " وَجَاء البشير مِن بَيْنِ يَدَيْهِ العير "
وعلى هذا فضابط القراءة التفسيرية أن يتوافر فيها ما يلي:
1 - أن تنقل عن السلف على أنها قراءة لا تفسير.
2 - أن تكون مخالفة لرسم المصحف.
3 - أن يحتمل النص الكريم كونها تفسيرا له.
* وقد ذكر السيوطي في الإتقان هذا النوع وسماه السيوطي المدرج وقد مضى الكلام عنه (انظر: الإدراج)
وقد يقال للقراءة التفسيرية قراءة مفسِّرة – بكسر السين- وسيأتي الكلام عنها (انظر: القراءة المفسِّرة)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 11:05 م]ـ
يستحق الرفع والإضافة والمتابعة(/)
تفسير سورة الكهف
ـ[خالد بن عبد الله بن ناصر]ــــــــ[08 Feb 2004, 12:37 ص]ـ
تفسير سورة الكهف
فضائل سورة الكهف
السلام عليكم ورحمة الله،،احرصوا اخوتي على قراءة سورة الكهف في هذا اليوم الفضيل يوم الجمعة فهو اليوم الذي خلق الله فيه آدم وكرمه وامر الملائكة با لسجود له.
نعم أن يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس
ان فضل قراءة هذه السورة في هذا اليوم كبير فهي كفارة لما بين الجمعة والجمعة فهي نورا بين الجمعتين. يقول الرسول عليه افضل الصلاة واتم التسليم: "من قراء سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور مابين الجمعتين"
ومن فضل سورة الكهف ان حفظ اول عشر آيات أو آخر عشر آيات تحمينا من فتنة المسيح الدجال يقول الرسول عليه افضل الصلاة واتم التسليم: "من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من الدجال" "من قرأ الكهف كما انزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قراء عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه ومن توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر الى يوم القيامة " هيا اخوتي فلتداوموا على قراءة سورة الكهف في هذا اليوم فهي لن تاخذ اكثر من 50دقيقه من وقتكم ترضون الله بها وتحصنون انفسكم.
..................................
سورة الكهف - سورة 18 - عدد آياتها 110
...........................................
أسباب النزول(/)
أين أجد كتاب أسرار التنزيل للسيوطي
ـ[ alkhatib] ــــــــ[08 Feb 2004, 08:19 ص]ـ
أنا في حاجة ماسّة لكتاب أسرار التنزيل للسيوطي و قد بحثت عنه في جميع المكتبات، و أحاول ايجاده على شبكة المعلومات منذ أكثر من ثلاثة شهور لكنّي لم أنجح في كل محاولاتي. فمن يفيدني و يساعدني على قراءة الكتاب؟ فأدعو له بطول العمر و حسن الختام، و جزاه الله خيراً سلفاً.
ـ[متعلم]ــــــــ[12 Feb 2004, 06:28 ص]ـ
كتاب أسرار التنزيل للسيوطي حقق في رسالة دكتوراة للباحث أحمد الحمادي من جامعة الإمام. وطبع بغدارة الشؤون الإسلامية بدولة قطر في مجلدين.
ـ[ alkhatib] ــــــــ[12 Feb 2004, 08:24 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخي (متعلم)
لكنّي أعيش خارج قطر، و قد حاولت ايجاد عنوان غدارة الشؤون الإسلاميّة بدولة قطر عن طريق البحث في شبكة المعلومات و مصادر أخرى فلم أنجح.
لو تكمل معي معروفك فترسل لي عنوانهم البريدي أو رقم الهاتف أو ألـ e-mail ، فأكون ممنون لك بهذه الخدمة. و جزاك الله خيراً.
ـ[متعلم]ــــــــ[13 Feb 2004, 02:48 م]ـ
أخي الكريم
للأسف ليس لدي عنوان لها، وأنا كذلك أبحث عن الكتاب. فلعل أحد الإخوة أعضاء هذا المنتدى يفيدنا ..
ـ[عبد الله]ــــــــ[13 Feb 2004, 09:25 م]ـ
أخي الخطيب. المتعلم -وفقكما الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنوان وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر:
www. islam.gov.qa
E.Mail: M-Dirasat@Islam.gov.qa
هاتف مركز البحوث والدراسات: 4324584 - 4447300 - 4420066
فاكس 009744420099 - 009744447022
عبد الله إبراهيم(/)
حينما يصنِّف معاصر كتصنيف المتقدمين في الجُهد والإبداع والإفادة .. !
ـ[البخاري]ــــــــ[09 Feb 2004, 12:51 ص]ـ
حينما يصنِّف معاصر كتصنيف المتقدمين في الجُهد والإبداع والإفادة .. !
ما أكثر ما تقذفه المطبوعات!
وما اكثر ما تلفظه ألسنتها في أيدينا!
لكن أين السمين من الغث!
اطلعت على رسالة علمية لمؤلفها الشيخ المفسِّر محمد بن عبدالله بن علي الخضير اسمها (تفسير التابعين)، هذا الكتاب قرأته كله بنهم .. !
عجبت من جهد مصنفه فيه، ومن تفانيه وإخلاصه في الطرح والمقارنه، قال في خاتمة كتابه:
(لقد عشت في بحثي هذا خمس سنين! لم أكلّ أو أمل، جمعت ورتبت، وأضفت وحذفت، ودرست وقارنت، واطلعت على علوم شتى وبحوث عديده!
وعشت بوجداني مع هذا البحث، حتى لا زمني ليلاً ونهاراً!
وحضراً وسفراً!
بل لا أكون قد بالغت إن قلت: ويقظة ونوماً!) انتهى.
أقول: لا غرابة فقد جمع جمعاً لم تره عيني في رسالة علمية في فن من الفنون .. !
مما اطلعت عليه من مئات الرسائل العلمية!
فلا أقول إلا:
هكذا فليكن التصنيف، وهكذا فليكن النفس في التأليف ..
فما أقل من هذه صفته في زمن الزخم!
وما أشد بؤس طالب العلم حينما تزخر مكتبة بصنوف الكتب، منقوشة عناوينها بلون كالذهب، لكنه لا يجد فيها مبتغاه!
فهي لا تشبع جائعاً ولا تروى ضمآناً، بل تستنزف جهداً وتُفلس جيباً!
إلا ما رحم الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Dec 2009, 12:37 ص]ـ
وهذا رابط مباشر لتحميل هذا الكتاب القيم بصيغة pdf
http://dc130.4shared.com/download/96900239/5b1fc2a5/__1_-_2.rar(/)
صفوة القول في تفسير الدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (2) [المميزات] مهم ...
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[10 Feb 2004, 12:30 ص]ـ
صفوة القول في تفسير الدوسري (صفوة الآثار والمفاهيم) (2) [المميزات]
.من خلال معايشتي لهذا التفسير ودراسة منهج مؤلفه فيه، أستطيع أن أكشف المميزات التي تبرز هذا التفسير وتبين قيمته العلمية والجهد الكبير الذي قدمه فيه مؤلفه، وسأقتصر هنا على بيان المميزات التي ظهر فيها التجديد والإضافة. وأبرز ماتميز به تفسير الدوسري رحمه الله وكان له أثر كبير في بروزه ثلاثة جوانب مهمة ظهر فيها جهده واستقلاليته وتجديده:
أولاً- جانب العقيدة وبروزه في تفسيره:
لقد جاء جانب العقيدة في تفسير الدوسري أعظم جانب يميزه ويبرزه، ويتمثل تميزه في هذا الجانب بعدة أمور:
1 - تضلعه بالعقيدة الصافية وفهمه لها وشعوره بأهميتها وعظم شأنها، الأمر الذي جعله يعايشها خلال تفسيره كله، وتتركز أفكاره عليها.
2 - تركيزه عليها حتى جعل أهداف القرآن كله تتركز عليها وتنبثق منها، ولهذا فقد تعامل مع القرآن من هذا الأساس، وبنى تفسيره عليه، ولا شك أن المتأمل في كتاب الله تعالى يجد صحة المنهج والمسلك الذي اتخذه الدوسري في ذلك إذ أن أهداف القرآن كلها تتركز على العقيدة، يؤكد ذلك ابن القيم رحمه الله فيقول: ( ... بل نقول قولاً كلياً: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لاشريك له، وخلع كل مايعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم
3 - عنايته الخاصة بتفصيل آياتها وسورها، ويؤكد ذلك قوله في إحدى محاضراته حينما سئل عن تفسيره: (التفسير طويل، وعلى الأخص في السور العقائدية فأنا أوليها اهتمام وتفصيل وتطويل).
4 - ربط الأحكام التشريعية وحِكمها بها وجعلها - اعني العقيدة - أساساً ومنطلقاً يبنى عليه الحكم التشريعي، وهذا أمر تجلى فيه جهده واجتهاده، وتفرد به عن كثير من المفسرين.
5 - عرضها عرضاً حياً عالج خلاله قضايا العقيدة المعاصرة وأبرز من خلال ذلك شمولها وتميزها وصلاحيتها لأحوال البشر وجميع قضاياهم، وهذا أيضاً أمر تميز به تفسيره حقاً حتى سبق به أكثر الكتاب والمفسرين.
وبهذا أستطيع أن أقرر بكل ثقة أن قاعدته التي بنى عليها تفسيره وجعلها هدفاً وجه إليه تركيزه واعتماده وأساساً ثابتاً في رسم المنج الصحيح، هي العقيدة، وكفى بهذا تميزا للتفسير كيف وقد بنى هذه القاعدة على أساس صلب ومنهج قويم الذي هو منهج السلف الصالح رحمهم الله.
ثانياً - النظرة الواقعية وتطبيقها في التفسير:
إن من أبرز مايميز الدوسري رحمه الله تعالى في حياته النظرة الواقعية التي كان يعيشها إذ كان على فهم عميق واطلاع واسع ومعرفة للواقع، مما كان له الأثر الأكبر في سعة أفقه وإدراكه وبعد نظره وتفكيره، وقد استطاع أن يربط تلك النظرة الواقعية بالقرآن ليستوحي منه المنهج الحق ويبرز مكانة القرآن ومناسيبته لجميع الأحوال والأوضاع مهما تغير الزمان والمكان ومهما بلغ العالم من التقدم والتطور، وقد اعطى هذا الجانب تفسير الدوسري وأكسبه تميزاً وتجديداً سبق به أكثر المفسرين، وقد ظهر هذا التميز في تفسيره في عدة جوانب:
1 - ربط الواقع بدلالات الآيات وأهدافها ربطاً مباشراً حتى كأن القارئ يشعر بتجدد معاني القرآن مما يظهر به إعجازه ومناسبته للعصر.
2 - معالجة الواقع بما فيه من أمراض وأفكار منحرفة وضعف وانحطاط وهزيمة نفسية على ضوء القرآن وهداياته.
3 - تصوير الإسلام وتشريعاته تصويراً كاملاً معجزاً متناسباً من أحوال العصر ومتطلباته، وبيان حقيقة هذا الدين الذي يظهر به عدالته وشموله.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - رسم منهج متكامل لبناء المجتمع المسلم المعاصر، وتوثيقه بقواعد وأسس ثابتة مبنية على نصوص الوحيين الكريمين.
وبذلك استطاع الدوسري رحمه الله أن يجدد لنا معاني كتاب الله تعالى ويحقق أهدافه التي من أجلها أنزله الله تعالى ليكون منهج حياة للأمة في عصرها الحاضر، فكان بذلك مجدداً للأمة وحي ربها وكتابه الكريم، وقد ظهر بذلك تميزه الصحيح على غيره من المفسرين إلا ماكان من سيد قطب رحمه الله فإنه شاطره هذا المنهج إن لم يكن سبقه.
ثالثاً: معايشة القرآن والشعور الصادق في تأمله:
ظهر لي من خلال قراءتي لتفسير الدوسري ودراستي لمنهجه أن الدوسري رحمه الله كان يعايش القرآن بشعور مرهف صادق وفكر متأمل ثاقب وروحانية صافية، وحس مرهف شفاف، ولذا فقد خالط القرآن شغاف قلبه ولباب فكره، فكان يتفاعل مع نصوصه وكأنه يتنّزل في وقته، الأمر الذي جعله ينطلق في تفسيره من هذا التفاعل والشعور الذي أورثه تأملاً فاحصاً في كتاب الله تعالى فكان يستوحي منه أعظم المعاني والهدايات والحكم والأحكام، مما يتجلى فيها اجتهاده في تفسير كتاب الله واستخراج مافيه من المعاني والهدايات، وقد ظهرت معايشته للقرآن في تفسيره في جوانب عدة:
1 - بيان المعاني الروحانية للآيات.
2 - تقرير حِكم الآيات وأسرارها.
3 - استنباط الفوائد واللطائف.
4 - استلهام الدروس والعبر من القصص والأخبار.
5 - التحليل الموضوعي للآيات المقنع لشد القلوب والأذهان.
6 - العرض المستوفي لمعاني الآيات ودلالاتها.
فهذه الجوانب تدل على أن الدوسري – رحمه الله - كان يعايش القرآن بروحه وشعوره، ويتأمله بلباب فكره وعمق تفكيره، ولقد ظهر في ذلك تميّزه بما أورده من تلك المعاني والفوائد والفرائد من استنباط وفهم عميق وتأمل دقيق، وإن كان قد سبقه في هذا الجانب علماء ومفسرون، أبدعو في استنباط الفوائد والمعاني، لكن الذي أعني تميز الدوسري استنباطه وفهمه وتعمقه وتأمله في الآيات بما لم يسبق إليه – فيما أعلم -وهذا دليل على معايشته للقرآن حقيقة، وهو أمر يدل على تميزه.
وبالجملة فإن هذه الجوانب هي أهم ماأبرز تفسير الدوسري وجعلته موافقا لرغبات أبناء عصره ومبتغاهم إلى فهم كتاب الله تعالى بأجمع صورة وأوضح بيان.
وبعد هذا البيان المختصر لمكانة تفسير الدوسري وما تميّز به أستطيع القول وبكل ثقة أن هذا التفسير يعد من أفضل التفاسير المتأخرة ولو قدّر الله له التمام لكن أزكى وأتم، ولكن حسبنا أنه جاء على أعظم سور القرآن وأطولها، وكفا بها منهجاً وهداية، بل إن سورة منها وهي أقصرها أعني سورة الفاتحة، تكفي في رسم المنهج الحق للأمة لو أراد أحد أن يستوحي منها ذلك، وكفى بكلام الله شاهد حيث يقول سبحانه:\ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ\ [الحجر:87]، فسماها وضمنها القرآن العظيم كله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Feb 2004, 09:33 ص]ـ
بسم الله
جزاك الله خيراً يا شيخ محمد، وواصل العطاء أعانك الله، ونحن معك حريصين على قراءة ما تكتب عن هذا التفسير الرائد. ولي سؤال واقتراح:
أما السؤال: ألا ترى أن هذا التفسير بحاجة إلى تهذيب واختصار بحذف الاستطرادات الطويلة أو تهذيبها حتى يستفاد منه أكثر؟
والاقتراح: حبذا لو اعتنيت بالتمثيل لما تقول، وذكر نماذج من روائع تفسيره في الحلقات القادمة. وحبذا لو أتحفتنا بمقارنة بينه وبين الظلال لسيد قطب رحم الله الجميع.
وتقبل تحية أخيك المحب.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[14 Feb 2004, 10:55 م]ـ
اقتراح في محله أبا مجاهد ولكن وددنا أن لو يسر الله خروج التفسير الأصل وهو قريب بإذن الله، وقد بينت في رسالتي بعض الملاحظات ومنها ماذكرت، وغالب استطراداته فيما يتعلق بالواقع، وأما ماقترحته من إيراد بعض النماذج فسأفعل إن شاء الله كما وقعت من قبل، وكذلك المقارنة بينه وبين الظلال بإذن الله. وجزيت خيراُ أبا مجاهد.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 Nov 2009, 02:29 ص]ـ
....................... وقد بينت في رسالتي بعض الملاحظات ومنها ماذكرت، وغالب استطراداته فيما يتعلق بالواقع، وأما ماقترحته من إيراد بعض النماذج فسأفعل إن شاء الله كما وقعت من قبل، وكذلك المقارنة بينه وبين الظلال بإذن الله. وجزيت خيراُ أبا مجاهد.
هلا واصلت حديثك د. محمد -أحسن الله إليك-
وهل من نسخة مصورة لهذا التفسير
وحقيقة لم أعرف هذا التفسير إلا من أحد مشايخي الكرام -حفظه الله- وقد كان طالبا عند الشيخ عبدالرحمن الدوسري -رحمه الله-
وكم شدني حديثه , فقد كان يذكره لنا ويدخل بعد حديثه عنه في صمت عجيب حتى تخاله بجانبه ويراه بعينه
كان يحدثنا عن تأثره بسيد قطب ودفاعه عنه
وحدثنا عن آخر اللحظات معه بل وآخر نظره له .............
رحمه الله ورحم مشايخنا وكل من علِم وعلّم .......(/)
هل ترجمة القران تضر بالقران
ـ[أمل محمد]ــــــــ[10 Feb 2004, 07:14 م]ـ
بارك الله فيكم وسدد خطاكم
سؤلي هو: هل ترجمة القران الى لغه غير عربيه تغير من التفسير او المعنى او المراد من الايه.
ودمتم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Feb 2004, 07:41 م]ـ
موضوع ترجمة القرآن موضوع طويل وإليك رأي الشيخ ابن عثيمين فيه:
الترجمة لغة: تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإِيضاح
وفي الاصطلاح: التعبير عن الكلام بلغة أخرى
وترجمة القرآن: التعبير عن معناه بلغة أخرى
والترجمة نوعان:
أحدهما: ترجمة حرفية، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بإزائها
الثاني: ترجمة معنوية، أو تفسيريَّة، وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب.
مثال ذلك: قوله تعالى: {) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3)
فالترجمة الحرفية: أن يترجم كلمات هذه الآية كلمة كلمة فيترجم (إنا) ثم (جعلناه) ثم (قرآناً) ثم (عربياً) وهكذا.
والترجمة المعنوية: أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإِجمالي.
حكم ترجمة القرآن:
الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي:
أ -وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بإزاء حروف اللغة المترجم منها
ب -وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساويةٍ أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها
جـ -تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإِضافات وقال بعض العلماء: إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية
وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسًّا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعاً، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس.
وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإِسلام لغير الناطقين باللغة العربية؛ لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
لكن يشترط لجواز ذلك شروط:
الأول: أن لا تجعل بديلاً عن القرآن بحيث يستغنى بها عنه، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة؛ لتكون كالتفسير له.
الثاني: أن يكون المُتَرْجِمُ عالماً بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترْجَم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق.
الثالث: أن يكون عالماً بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن
ولا تُقْبَلُ الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها، بحيث يكون مسلماً مستقيماً في دينه.
المرجع: أصول في التفسير
ـ[أمل محمد]ــــــــ[13 Feb 2004, 09:02 م]ـ
مشكور اخوي البريدي على هذا الايضاح
ـ[أمل محمد]ــــــــ[18 Feb 2004, 12:53 ص]ـ
مارأيكم في ترجمة القران في هذا البرنامج
ما اروعة من برنامج .. بارك الله فيمن قام بعملة ..
.
القران الكريم .. باللغتين العربية والانجليزية مع واجهه رائعة جدا .. والحجم صغير جدا فى هذا العمل الرائع ... فقط ((2 ميجابايت))
لتحميل البرنامج
http://www.islamasoft.co.uk/products/nquran/setup.exe(/)
النسخ في القرآن الكريم
ـ[ابن العربي]ــــــــ[11 Feb 2004, 10:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فهذا موضوع النسخ في القرآن الكريم إشارك به في هذا الملتقى المبارك وسوف أتناول فيه المحاور التالية:
أولا- تعريف النسخ:
النسخ: مصدر نسخ ينسخ وله اطلاقان هما: -
(1) يطلق على الأزالة ولها معنيان وهما: (أ) إزالة الشيء مع إقامة شيء آخر مقامه كقولك: نسخت الشمس الظل
(ب) إزالة الشيء مع عدم إقامة شيء آخر مقامه كقولك: نسخت الريح آثار الديار أي أزالتها دون عوض.
2 - يطلق على النقل وله حالتان هما:
(أ) نقل الشء من مكان إلى آخر أو حال إلى حال أخرى مع بقائه في المحل الأول كقولك: نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر مع بقاء الأصل أي لم يتغير المنسوخ منه.
(ب) نقل الشيء من مكان إلى آخر أو من حال إلى أخرى مع عدم بقائه في المحل الأول كقولك: نسخت النحل العسل أي نقلته من خلية إلى خلية أخرى دون بقائه في المحل الأول.
ثانياً- أنواع النسخ:
النوع الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه أي الآية باقية مثل نسخ آية الصدقة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مع بقاء تلاوتها إلى يوم القيامة.
النوع الثاني: ما نسخ لفظه وحكمه مثل ماروى أن سورة الأحزاب كانت بقدر سورة البقرة فرفع جزء كبير منها فهذا نسخ الحكم، ونسخ اللفظ.
النوع الثالث: ما نسخ لفظه وبقي حكمه مثل آية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا فرجموهما البتة نكالاً من الله).
وكلام أهل العلم عن النسخ كله يدور على النوع الأول " ما نسخ حكمه وبقي لفظه "
ثالثاً - دعوى النسخ:
قد توسع بعض أهل العلم في الناسخ والمنسوخ وادعوا أن كثير من الآيات منسوخة مثل آية السيف التي نسخ بها كثير من أهل العلم آيات معدودات. حتى نسخوا بها قوله تعالى: " اليس الله بأحكم الحاكمين " وهذه الآية وإن كانت صيغتها صيغة الانشاء ولكنها في معنى الخبر، والنسخ لا يدخل الجمل الخبرية قط، النسخ لا يدخل إلا الجمل الانشائية يدخل الأوامر والنواهي، أما الاخبار فلا يدخلها النسخ ولا يصح؛ لأن نسخ الخبر يستلزم كذب المخبر والله تعالى منزه عن الكذب.
رابعاً - النسخ في اصطلاح المتقدمين والمتأخرين:
فالمتأخرون يطلقون النسخ على التخصيص فيسمون التخصيص نسخ، والتخصيص هو رفع بعض الحكم لا كله
المتقدمون: يسمون التخصيص نسخ وهو في الحقيقة نسخ؛ لأن رفع الحكم أو جزء منه يعد نسخ لكن اصطلاح المتأخرين في النسخ هو رفع الحكم بالكلية.
وقد اصطلح المتأخرون على أن رفع جزء الحكم يسمى تخصيص لا نسخ. فعلى اصطلاح المتأخرين كون هذا يسمى نسخ وهذا يسمى تخصيص يجب التنبه إلى ما يقوله المتقدمون من سلف الأمة إن هذه الآية منسوخة وما قصدوا أنها منسوخة كلها بل قصدوا أنها مخصوصة وهذا أمر مهم جداً؛ لأن كثير من آيات القرآن التي ادعي أنها منسوخة لم تكن كذلك بل هي مخصوصة ومن أمثلة ذلك:
1 - قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) قالوا هذا الحديث نسخ به قول الله تعالى: " إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين "
وهذا ليس بنسخ هذا تخصيص؛ لأن الوصية للوالدين ليست منسوخة على الاطلاق؛ فالجد الذي هو أبو الأب أب وتصح الوصية له إذا كان غير وارث كأن يكون محجوب بالأب،
وتجوز الوصية للوالدين إذا كان الأب ممنوع من الأرث بمانع كالقتل أو الكفر فتجوز له الوصية.
وبذلك هذه الآية ليست منسوخة، وإذا قلنا بالنسخ فقد الغينا الحكم بالكلية وسلبنا النص حكمه ودلالته وإذا قلنا بالتخصيص بقي جزء من الحكم.
2 - مثال آخر: قول الله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسيكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا)
فكانت المرأة في أول الإسلام إذا زنت سجنت في البيت، ثم جعل الله لهن سبيلا وهو الجلد أو الرجم.
وكثير من أهل العلم أطلق على هذه الآية النسخ، والواقع هي ليست منسوخة بل هي مخصوصة؛ لأن قوله: " استشهدوا عليهن أربعة منكم " ليست منسوخة بل هي محكمة ولا يثبت حد الزنا إلا بأربعة شهداء أو الاقرار أما لحكم الذي ثبت بعد الأربعة شهداء فهذا نسخ الذي في سورة النساء وبقي الذي في سورة النور.
خامساً - شروط النسخ:
1 - أن يعلم التاريخ للنصين أو أحدهما فهذا متأخر وهذا متقدم وهذا لا يعلم إلا بالرواية عن طريق الصحابي.
2 - أن يتعذر الجمع بين النصين فإن صح الجمع بينهما فلاتجوز دعوى النسخ، والجمع بين النصين أخذ بالحكمين معاً.
3 - الترجيح إذا تعذر معرفة التاريخ وتعذر الجمع يرجح أحد النصين.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Feb 2004, 02:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي ابن العربي - شكر الله لك، وجزاك خيراً على هذه المشاركة
وقد سبق طرح هذا الموضوع بالتفصيل هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=25)
فلعلك تراجعه، وتعلق بما يفتحه الله عليك.
وثانياً - من بركة العلم نسبته إلى أهله؛ فحبذا لو حرصت على ذكر المراجع التي تنقل منها للفائدة، ومن باب الأمانة العلمية. وأنت في ملتقى علمي متخصص. وفقك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العربي]ــــــــ[13 Feb 2004, 02:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لك أخي أبا مجاهد مرة أخرى ومعك حق أن المرجع مهم من باب الأمانة العلمية أولاً ثم من أجل الفائدة
ولكن الذي جعلني أترك ذكر المراجع هنا أن هذا الموضوع النسخ في القرآن تلقيناه في محاضرة علمية من عام 1420هـ أو 1421هـ قد نسيت وكنت أكتب ما يقول ذلك الشيخ وفقه الله وأنت تعلم أن العلم يؤخذ من العلماء لا من الكتب فحسب وشاركت به طلباً للأجر والثواب من عند الله تعالى وليبقى علماً نافع ينتفع به المسلمين ألقا أجره يوم القيامة ولو ما كان هناك موضوع في النسخ متكامل كما أشرة لوثقته لك وللقراء. وعلى العموم جزا الله قائله في ذلك الدرس العلمي خيراً وجعله في ميزان حسناته وأن لا يحرمنا واياك من الأجر والثواب
شكراً لك أخي وبارك فيك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
هل من أحد يعرفني بمعلومات عن هذا المخطوط (تفسير الخمسمائة آية لمقاتل بن سليمان
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Feb 2004, 11:05 م]ـ
السلام عليكم
هناك مخطوط سمعت عنه باسم (تفسير الخمسمائة آية لمقاتل بن سليمان) فهل من معلومات عن هذا المخطوط ونسخه وأين توجد
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Feb 2004, 11:13 م]ـ
وجدته على هذا الرابط
http://maktotat.8m.com/almaktotat.htm#m1
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Feb 2004, 12:23 ص]ـ
للرفع
ـ[المنصور]ــــــــ[13 Feb 2004, 03:40 م]ـ
المخطوطات موجودة، والقائم على الموقع اثنان من الشباب الثقات، أعرفهم باسمائهم في حينا في الرياض، يجيدان العمل على الحاسب، وطلبوا مني التفكير معهم في المشروع، وإعطائهم بعض العناوين للمصورات الخطية التي عندي، فأجبتهم، ثم طلبوا مني بعد فترة زيارة الموقع، ففوجئت بجهدهم، والمخطوطات متوفرة عندي، ووقتي لايسمح بالتعامل التجاري، ولكني لن أبخل عليهم بشيء من هذه العناوين، لما لاحظته من حماسهما الشديد للمشروع.
هذا هو مختصر الفكرة، ولذلك قمت بنقل العنوان إلى هذا المنتدى المبارك، وإلا فليس من عادتي جلب العناوين الإنترنتية، خوفاً من التبعات الشرعية، فمع أن الدال على الخير كفاعله، فالشر كذلك.
والطلب عن طريق الموقع، تضامناً مع مابذله الأخوين الكريمين، والسلام عليكم،،،،
بالنسبة لكون الموقع مجاني، فقد سألت الأخوين عن ذلك فأفادا أن حجم العمل حالياً لايحتاج لأكثر من ذلك، ولافرق عندهم في المجاني والمحجوز بالمال فكلها يمكن التمحل منها بسهولة، كما أنهما وضعا البريد الإلكتروني للتواصل، و عموماً لا تدفع القيمة إلا بعد التأكد من رؤية المخطوط إن كنت في السعودية، أو توصية أحد من تعرفهم هنا، أو الاستفسار عنه من أصحاب الموقع.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[14 Feb 2004, 01:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا
هل نوقش هذا المخطوط كرسالة علمية وهل لي أن أحصل على أرقام هواتف من معهم المخطوطات أو كيف الوصول إليه وهل يوجد منه نسخ أخرى
ـ[المنصور]ــــــــ[14 Feb 2004, 07:26 م]ـ
الكتاب محقق كرسالة علمية، وعندي بعض مقدمتها، وياليت الكتاب يطبع.
ولو زرت موقع مؤسسة الملك فيصل لوجدت المعلومات التي تريد في فهرس الرسائل، والله أعلم.
ولايوجد حسب علمي نسخة أخرى لهذا الكتاب.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[15 Feb 2004, 09:48 ص]ـ
هل من نبذة عن الكتاب ومنهجه وهل المقصود بالخمسمائة آية أنها آيات الأحكام أو غيرها(/)
مخطوط (الأحرف السبعة (مسند) لأحمد الرازي. هل من أحد يعرفني بمعلوماته عنه؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Feb 2004, 11:10 م]ـ
السلام عليكم
مشايخنا الكرام
هناك مخطوط وجدته باسم
الأحرف السبعة (مسند) لأحمد الرازي. فهل من أحد يدلنا ويفيدنا بما يعلم عن هذا المخطوط ومنهج مؤلفه
وهو موجود على هذا الرابط
http://maktotat.8m.com/almaktotat.htm#m1
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 Feb 2004, 05:42 م]ـ
الذي أعرفه أن لأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي (شرح حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف)، ومنه نسخة مخطوطة بالمدرسة الأحمدية بحلب.
وقد سمعت أنه سُجِّل في جامعة الإمام.(/)
أين أجد مخطوطة تفسير ابن النقيب؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Feb 2004, 11:36 م]ـ
في مشاركة سابقة سألت عن هذا المخطوط وأخبرني الشيخ (المنصور) أنه اطلع عليه في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة فهل من أحد يدلنا على رقمه في المككتبة وهل هو كامل وهل توجد له نسخ أخرى
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Feb 2004, 12:22 ص]ـ
للرفع
ـ[ابن العربي]ــــــــ[13 Feb 2004, 06:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ أبو صفوت السلام عليكم رقم مكتبة الملك عبد العزيز في المدينة المنورة هو 8225938 علماً أن هذا سنترال لأن مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة عبارة عن مجموعة مكتبات وقفية وهي مكتبة حكمت عارف، ومكتبة المحمودية، ومكتبة سليم آغا وغير ذلك من المكتبات. (لا تنسى مفتاح الخط أولاً)
وفقك الله
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[17 Feb 2004, 12:16 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[18 Feb 2004, 12:35 م]ـ
هل من مجيب؟(/)
هل أجد عند أحد من مشايخنا فهارسا بأسماء المخطوطات الخاصة بالتفسير في أي مكان
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Feb 2004, 11:45 م]ـ
السلام عليكم
هل أجد عند أحد من مشايخنا فهارسا بأسماء المخطوطات الخاصة بالتفسير في أي مكان وخصوصا فهارس دار الكتب المصرية ومكتبة الملك عبد العزيز بالسعودية وغيرها
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن العربي]ــــــــ[12 Feb 2004, 07:14 ص]ـ
الأخ الكريم السلام عليكم مركز الملك فيصل بالرياض يدلك إن شاء الله على تلفون رقم 4652255 تحويلة 6576 كذلك مكتبة حكمت عارف بالمدينة المنورة تلفون رقم 8289276
وفقك الله تعالى
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Feb 2004, 12:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك الشيخ / ابن العربي
المشايخ الكرام
هل من معلومات أكثر
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[14 Feb 2004, 11:25 ص]ـ
من أوسع الفهارس الفهرس الصادر من مؤسسة آل البيت في الأردن واسمه الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط (مخطوطات التفسير وعلومه) في مجلدين.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[14 Feb 2004, 12:53 م]ـ
كيف الحصول على الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط الذي ذكرتموه(/)
الإمام الطَّبري ومنهجه العلمي في التفسير ـــ د. فتحي الدريني
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[12 Feb 2004, 02:48 م]ـ
المرجع: مجلة التراث العربي. العدد: (13 و 14)
مقدمة:
من أجلِّ مقومات تراثنا التالد، موسوعة تفسير القرآن العظيم، للإمام "محمد بن جرير الطبري" (1) التي تقع في ثلاثين جزءاً من القطع الكبير، بعنوان: "جامع البيان عن تأويل أي القرآن" (2).
هذا، ويحمل على الظن – بادئ الرأي – أنه في جملته، نوع من التفسير بالمأثور المحضّ، بما يبدو لمطالع هذا التفسير الجليل، من ظاهرة كثرة الروايات التي يستند إليها الإمام، مصدراً علمياً تقوم به الحجة، في معرض تفسيره، وإظهاره لمعاني التنزيل، والإفصاح عن حقائقه، إنَّ في تحقيق مدلول اللفظ المفرد، أو تحديد ما يصل بين أجزاء النظم القرآني من علاقات، وما ينبغي أن يتم بينها وبين المعنى العام المراد من الآية الكريمة كمَلا من الاتساق، أقول، إن ما يحمل على الظن – بما يبدو من ظاهرة كثرة الروايات – من أن تفسير الإمام الطبري لا يعدو أن يكون من التفسير بالمأثور، هو ما قرره فريق من المُحدثين وبعض المستشرقين في دائرة المعارف الإسلامية (3)، ومن قبلهم العلامة ابن خلدون (4) حتى عَدَّ الإمام الطبري من مدوني التفسير بالمأثور، وهذا النظر – في اعتقادنا – مُبتَسر لا يعدو هذه الظاهرة إلى ما وراءها من "المنهج العلمي" الذي التزمه الإمام في تفسيره، استناداً إلى قواعد محررة، فرضتها طبيعة النظم القرآني نفسه، وخصائصه في البيان، فضلاً عمَّا اقتضته ظروف تنزيله، خلال ثلاثة وعشرين عاماً تقريباً، مما يطلق عليه "أسباب النزول" بما يساعد على تحديد "الأوضاع" التي كانت مناسبات ودواعي لنزول ما يتعلق بها من تشريعات بدلتها، أو أزالت معالمها، باعتبارها معالم جاهلية فاسدة، مما يمكن معه الوقوف على اتجاهات التشريع الجديد، وغاياته من الإصلاح الاجتماعي، وتحقيق الخير الإنساني العام، على ما سيأتي بحثه مفصلاً، وهو ما اضطلع به الإمام الطبري، الأمر الذي لا يصح معه القول، بأنه من "مدونيّ التفسير بالمأثور" الذين أخلصوا أنفسهم له، مما يستلزم إمِّحاء "الشخصية العلمية" للإمام، إذ غدا – على أساس هذا الظن الواهم – مجرّد ناقل، وجامع، ثم مدون لهذه النقول، وهو ما ينقضه واقع صنيع الإمام في تصرفاته في وجوه المعارف التفسيرية المأثورة، من السنة، متناً وسنداً، أو في "مواقفه" من الآراء الاجتهادية المأثورة عن علماء الصحابة، ومن تتلمذ لهم من أئمة التابعين (5) وعلماء الأمة من بعدهم (6).
هذا، وبإمعان النظر فيما يعرض الإمام من "كثرة الروايات" يُرى أنه إنما يقصد من وراء ذلك إلى "استقصاء" ما ورد في مدلول اللفظ المفرد، أو الجملة، أو الآية الكريمة، من معان متحدة، أو متغايرة –توقيفية كانت أو لغوية- أو ما صدر عن أئمة التفسير الثقات من آراء هي ثمرة الاجتهاد بالرأي، أقول: إنما يفعل الإمام ذلك، جمعاً واستقصاء، وتدويناً –فيما نرى- بغية نقدها، وتمحيصها، وترجيح ما هو أقوى دليلاً، أو رفضها جملة، إذا لم تعتمد أصلاً شرعياً ثابتاً، ثم تراه يقيم الدليل على ما يذهب إليه، ويرجحه، أو يرفضه، جازماً غير متردد، حتى لم يسلم من نقده الثقات من تلاميذ ابن عباس، من مثل "مجاهد" (7) من التابعين المشهود لهم بالإمامة في التفسير، ومن أولي الرأي فيه.
هذا، والواقع، أنه لا يمكن على المنهج المتخذ في بحث مادة ما، ووزنه علمياً، ومنطقياً، إلا من خلال طبيعة تلك المادة، وخصائصها التي تفرضها على الباحث، ولعل من أبرز خصائص النص القرآني، أنه يخاطب النفس الإنسانية، حيثما وجدت، تجد هذا بيناً في ظواهر نصوصه، وفيما حدده الأصوليون من مدلول الحكم الشرعيّ الذي تعبر عنه النداءات الإلهية – فيما تعبر عنه من تعاليم، ومبادئ عامة، وتوجيهات، وتكاليف- نصاً أو دلالة، من أنه: "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين (8) مما يدل على أن القرآن الكريم، قد أولى الجانب العملي للحياة الإنسانية عناية "بالغة"، واتخذ من الأصول العامة التشريعية – فضلاً عن العقائد والعبادات والآداب- ما يرقى بالجانب الروحي أيضاً، تحقيقاً للتوازن بينهما، وتوجيهاً إلى الغاية المثلى من الوجود الإنساني على وجه هذه الأرض، مما ينبغي أن يُعتدَّ به أصلاً جوهرياً في المنهج العلمي
(يُتْبَعُ)
(/)
للتفسير، لا يخالف عن مقتضاه.
هذا، والقرآن الكريم لا يفتأ يصوّر للنفس الإنسانية رؤى مثيرة تغريها بتحقيقها، ابتغاء الارتقاء بها إلى مستوى يحقق معنى إنسانيتها في مواقع الوجود، مما تطمح هي إليه، وتستشرفه من القيم، بحكم فطرتها، إذا سلمت مما تلتاث به من مخلفات البيئة الموروثة، والتقاليد المصطنعة، والأعراف البالية المتحكمة، أو الأهواء الفاسدة المتبعة، أو التفكير الضَّال.
هذا، ويستغرق الخطاب الإلهي كافة وجوه النشاط الإنساني، توجيهاً وهيمنة، بما يستقيم به أمر هذه الحياة في جانبها العملي بوجه خاص-عقائد وعبادات، وآداباً، وتشريعاً عملياً يتغيَّا تحقيق كافة المصالح الحيوية الحقيقية الجديّة المعقولة المتنوعة-وبما يوجب اللفت إلى مواطن العبَر، يستخلصها من تجارب الماضين، وقصصهم، منذ بدء الخليقة، نتيجة حتمية لسنن اجتماعية، وكونية ثابتة، لا تجد لها تبديلاً، مما يؤذن بضرورة دراسة هذه السنن وتفهم مقتضياتها، إذ الإيمان بسنن الله في كونه، كالإيمان بأحكام الله في شرعه، سواء بسواء، مما يختلف مدى العلم به، والتعمق فيه، باختلاف ثقافة المفسر، وسعة مداركه التي يحددها مبلغ ما وصل إليه التقدم العلمي في عصره، وهذا يستلزم اختلاف التفسير والفهم باختلاف التقدم العلمي وتطوره، في كل عصر، أقول ذلك الخطاب الذي يتوجه إلى النفس الإنسانية – نصاً أو دلالة- يحمل في دلالاته- اللغوية والعقلية –معاني شتى تتعلق بشؤون الحياة الإنسانية، وتتضافر شِعابه على قيادة المجتمع البشري، في كل عصر، بما يدبر الأمر في الاعتقاد أولاً، باعتباره المنطلق الأساسي للسعي المسؤول، حتى يكون السلوك اعتقادياً، بمعنى، أن يسلك الإنسان ما يعتقد، أيَّاً كان مركزه الاجتماعي، لقوله تعالى: (من عمل صالحاً، من ذكر أو أنثى، وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة ((9). فكان الاعتقاد سلوكياً في المقام الأول، وليس مجرد فكرة ميتافيزيقية مجردة لا صلة لها بالواقع المعاش، فضلاً عمّا يرسي ذلك الخطاب الإلهي من أصول تنهض بالحرية المسؤولة، والمساواة الواقعية بين الشعوب في معدن الكرامة الإنسانية التي هي منشأ حقوق الإنسان، والعدلِ المطلق، باعتباره حقاً خالصاً مشتركاً بين الآدميين، وبحكم جبلتهم الآدمية، مما لا يعبث بميزاته، اختلاف دين، أو عنصر، أو لون، أو عصبية، أو طائفية، أو مذهبية، أو مودة، أو قرابة بل ولا عداء، لقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى ((10) وفي هذا إشارة بالغة إلى "إطلاق مفهوم العدل" في القرآن العظيم، ومبلغ الحرص على إقامته وتحقيقه بربطه بالتقوى الدينية المتورعة التي جعل القرآن من مفهومها، معنى عملياً منوطاً بإقامة العدل واقعاً بين البشر، تمكيناً للجانب العملي للحياة الإنسانية، واتخذ من "التقوى" تعبيراً واقعياً له، حتى يكون العدل مظهراً عملياً ملموساً للتقوى، ربطاً للمعنى الاعتقادي بالواقع العملي الحيوي، في أرقى صوره، وأسمى معارضه، وهذا يؤكد المعنى الذي أسلفنا –خصيصة تفردت بها العقيدة الإسلامية- من كونها عقيدة سلوكية، وإن السلوك اعتقادي بما تنبع بواعثه منها، مما يجعل "العقائد" في القرآن الكريم، أمراً غير مقصور على "الغيب" فحسب، بل هو متصل –كما ترى- أوثق اتصال، بالواقع المعاش، اتصال الروح بالجسد، تأثيراً أو حكماً، أو على حد تعبير الأصوليين، اتصال الباطن بالظاهر، بحيث لا يتصور انفصام بينهما في مواقع الوجود، نظرياً، ولا ينبغي أن يكون ذلك بينهما عملياً، ومن هنا، كانت الأفعال من العقود وسائر التصرفات معتبرة بالنيات والقصود، صحة وفساداً (11)، لقوله (: [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى] ترتيباً للنتائج والثمرات على بواعث "التقوى" دنيوياً وقضائياً، فضلاً عن الحكم الدياني، وتوجيهاً للطاقات الروحية والنفسية في الإنسان، وتنقية لها مما عسى أن يشوبها عادة من أوضار، وتزكية لها، أن يلابسها من منازع الشر، والهوى، أو يخالجها أحياناً من ضلال الفكر، واشتباه الحق والتباسه بالباطل (12).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما فيما يتعلق بالحكم الدياني، توجيهاً للطاقات الروحية، فقد أشار الإمام الطبري في تفسيره إلى قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، وتدلوا بها إلى الحكّام، لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم، وأنتم تعلمون (أشار إلى هذه التفرقة بين الحكم القضائي والدياني مأثوراً عن التابعين، حيث يقول: "حدثنا الحسن بن يحيى .. عن قتادة في قوله: " (وتدلوا بها إلى الحكام (قال: (لا تدلِ بمال أخيك إلى الحاكم، وأنت تعلم أنك ظالم، فإن قضاءه لا يحل لك شيئاً، كان حراماً عليك) (13). ثم إن القرآن الكريم يستثمر هذه الطاقات بعد تنقيتها –بالعقيدة والتشريع معاً- في الخير الإنساني العام، لما للروح النقية الصافية من طاقات هائلة تمكِّن الإنسان من الارتقاء إلى عليا درجات الكمال، ولما لها من أثر في السلوك الحيوي أي أثر!
هذا، ولا ريب أنك وقفت – من خلال ما قدمنا – على الملحظ الإنساني العميق من اعتبار القرآن العظيم، العدل المطلق قيمة كبرى في المجتمع الإنساني، تعلو على اختلاف الدين، والعنصريات، والطائفيات، والانفعالات من المودة، والبغض، والقرابة، وما إلى ذلك، إزالة للعقبة الكؤود التي تحول دون تحقيق "رسالته" من الإصلاح الاجتماعي، وإقامة أسس الحضارة الإنسانية الموضوعية المطلقة التي لا تقبل التجزئة – زماناً، ومكاناً، وأناسيَّ – ولتنهض بالتعاون الحيوي الضروري المشترك في ميدان البر الإنساني العام الذي ينهض بالتواصل الحضاري حتماً، بما يتم في ظله من تبادل المنافع المادية والمعنوية، تبادلاً عادلاً يسد افتقار بعض الدول بما هو متوافر عند بعضها الآخر، بحكم تنوع الثروات في البيئات المنتشرة على وجه البسيطة، مما يخضع لاختلاف العوامل الجغرافية، أو التقدم والتخلف في المضمار العلمي والثقافي، فكان هذا، تكاملاً تقتضيه ظروف "الحياة الإنسانية" نفسها في أصل نشأتها، وتباين البيئات أو الظروف الكونية، وهو المشار إليه في النداء الإلهي للناس كافة، لا بوصف إيمانهم، بل بوصف إنسانيتهم، بما يلفت إلى أصل تكوينها من ذكر وأنثى، في مثل قوله تعالى: (يا أيها الناس، إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا (والتعارف مقصود به التعاون على الصعيد الإنساني والعالمي اتفاقاً، وليس عسيراً على التعقل النافذ الواعي أن يشتق من هذه التعاليم، ما يستهدفه القرآن العظيم، من اعتباره الحياة الإنسانية، وحدة متسقة كاملة في شتى بقاع الأرض، فضلاً عما جاء به مما يسندها، ويوطد دعائمها، ويُحكم ترابطها، من "أصول الأخلاق" التي يرتد إلى "الحاسة الفطرية" (14) في الإنسان، تقديرها، واعتبارها: من الرحمة، والتكافل، والإيثار، والإحسان يفوق العدل الدقيق –قضاء واقتضاء- في التعامل، والصدق، والإخلاص، والإتقان في العمل وتجويده، والوفاء بكل التزام ينشأ عن عقد أو تصرف في الميدان الداخلي، أو عن معاهدة تبرم على صعيد العلاقات الدولية، على أساس من المساواة في الاعتبار، مبرأة من أسباب الدَّخَل، والمراوغة، والخداع، والحيف، والشطط، أو التسلط، والإكراه، والتعجيز، بشروط تمليها الغلبة والقوة الغاشمة، لعموم قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (أضف إلى ذلك كفالة تلك المبادئ، والقيم الموضوعية المطلقة – ذاتاً ومكاناً وزماناً وأناسيَّ حال تنفيذها – بما يحقق للأمة السيادة والعزة والمنعة، إن في كيانها الداخلي، أو في وجودها الدولي، إلى الزمن المقدر لبقاء هذا العالم.
هذا، ولعل من أبرز خصائص النص القرآن في بينات هداه أيضاً، هذا "التسامح الديني" تجاه المخالفين، بما يوجب البر والإقساط إليهم، ما لم يكونوا محاربين، فقضى بذلك على التعصب الديني، والمذهبي، وعلى الأزمات الطائفية التي بات يعاني من ويلاتها وشرورها وآثامها اليوم كثير من شعوب الأرض، أثراً من آثار الاستعمار، بما انتهج من سياسة التفريق المعروفة، للإضعاف والاستضعاف، توصلاً إلى الاحتلال، والاستلاب، والهيمنة، وإشاعة الظلم والفساد، مما يفضي إلى تسافك الدماء والتقتيل والتشريد، وتخريب معالم الحضارة، وهو ما يطلق عليه القرآن الكريم: العدوان، والبغي والفساد في الأرض (15)، عنوة وبقوة السلاح، تطبيقاً لشريعة الغاب واللامعقولية، وهو المعني بما يطلق عليه القرآن الكريم "حكم الجاهلية" (16).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا، والقرآن الكريم، إذ يمكِّن – بتعاليمه، وبيناته، وأصول تشريعه، ومقاصده الأساسية – أقول إذ يمكِّن بهذا كله للجانب العملي من الحياة الإنسانية، يستجيب في الوقت نفسه – لرغائب الروح في استشرافها للقيم والمثل العليا – كما قدمنا – تحقيقاً "للتوازن" بين مطالب الجسد والروح معاً، أو قل بين مطالب الحياة المادية، ومطامح الحياة الروحية، من القيم الإنسانية الخالدة، دون أن يتيح لإحداهما الحيف على الأخرى، ذلك، لأنه لا يرى في المطالب المادية مشكلة يتعثر بها سير الحياة بالناس، بما يورثها من التخلف أو الضعف أو الحرمان، لأنه –سبحانه- خلق للناس ما في الأرض جميعاً، مباحاً للانتفاع والتصرف، فكان هذا أصل الحل العام، وما عداه من المحرمات قد جاء على سبيل الاستثناء، مفصلاً محصوراً في عدد يحصى قلة، ترى هذا مدلولاً عليه، بقوله سبحانه: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ((17) وقوله تعالى: (وقد فصَّل لكم ما حرم عليكم، إلا ما اضطررتم إليه ((18).
هذا، وأورد القرآن الكريم النص الذي يتعلق بأصل الحل العام: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً (مورد الامتنان، ولا امتنان في غير إسباغ النعم- المادية والمعنوية- على السواء، ووصفها بأنها ظاهرة وباطنة لإفادة العموم من حيث أنواعها وطبائعها: (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة ((19) فضلاً عن تسخير ما في السموات والأرض للإنسان: (وسخر لكم ما في السموات والأرض ((20) تذليلاً واقعياً بيَّنا، يقصد به أن يكون مادة للانتفاع، والتصرف، وللبحث العلمي الذي يتبين به ما تحكم به الموجودات في الكون وأجواز الفضاء، من سنن ثابتة مطردة، فضلاً عما ينبغي أن يتخذ من المنجزات العلمية المتطورة، بفعل التقدم العلمي، من دلائل عقلية باهرة على عظمته سبحانه، وجلاله، في قدرته وبديع صنعه، ولعل في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء ((21). إشارة إلى هذا المعنى، الأمر الذي يجعل للتقدم العلمي وتطوره في شتى مناحيه، وفي كل عصر، أثراً بالغاً في ترسيخ عقائده، من جهة، وفي تمكين العقل من تفهم النص القرآني، وتوسيع مفاده، وتعمق مداركه، واستبطان دلالته، ومعانيه، وبعيد مراميه، من جهة أخرى.
وعلى هذا، تبين أن القرآن الكريم، يرى أن "المشكلة الإنسانية الكبرى" كامنة في فقدان هذا "التوازن" بين مقتضيات المثل العليا، والقيم الإنسانية الموضوعية من جهة، وبين مطالب الحياة المادية واحتياجاتها، من جهة أخرى، ومن هنا، تراه – في تعاليمه – لا يجيز مطلقاً الإفراط أو الغلو في إحداهما، على حساب الأخرى –كما أشرنا- إغراقاً في المادة، وعبادة لها، أو رفعاً لها فوق القيم العليا، كما لا يجيز غلواً في الجانب الروحي، وإسرافاً فيه (22)، بحيث يفضي به إلى اعتزال الحياة الدنيا، أو ازدرائها، وما ينبغي لامرئ أن يحتقر دنياه وقد خلقت من أجله، ولا يتوهمن أحد أنه باعتزاله إياها، وانصرافه عنها أو زهده فيها، يتقرب إلى الله زلفى، بل هو – في واقع الأمر – عصيان، ومخالفة عن أمر ربه، بما يتخلى عن "رسالته" في الحياة التي تبرر استخلافه فيها، بما هي "أمانة" قد حُمِّلها، بصريح النص القرآني، وعهد إليه أداؤها، تكليفاً، فكانت مادة ابتلائه في صدق العبودية لربه طوال عمره، وهي –في الوقت نفسه- وسيلة عملية، لتحقيق عزته وسيادته فيها، صلاحاً وإصلاحاً للكون، تعميراً أو إشادة، لقوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان (بل تفسر الوجود الإنساني كله على وجه الأرض، بما تنهض بمعقوليته، وتقصي الإنسان العَقول عن فكرة الفناء الأبدي الرهيب.
ولا جرم أنه بتحقيق "التوازن" في تعاليم هذا الكتاب العزيز، حُلَّت أعظم مشكلة تواجه المجتمع البشري منذ نشوئه، بما جمع فيه مما تقتضيه الفطرة الإنسانية ذاتها، ظاهراً وباطناً، جسداً وروحاً، جمعاً عملياً محكماً، لا إعنات فيه، ولا حرج، ولا استعصاء على التنفيذ، بما يقوم على خبرة عميقة بأسرار النفس الإنسانية، ومنازعها، لقوله تعالى: (ألا يعلم من خلق، وهو اللطيف الخبير ((23)، وقوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ((24)، وقوله جل ثناؤه (كتاب أحكمت آياته، ثم فصِّلت من لدن حكيم خبير ((25) ذلك، لأن الذي فطر الفطرة، هو الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
أنزل الشرع على قدرها: (فأقم وجهك للدين حنيفاً، فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم ((26) وتلك آية من آيات الإعجاز البيان الذي لا يتسع المقام لتفصيله، وإنما وكدنا أن نلفت الذهن إلى وجوب اتخاذه أصلاً مكيناً يرتد إليه التفسير العلمي، ولا يخالف عن مقتضاه، وإلا خرج عن مفهوم الحق القرآني، وما تقضي الدلالة فيه.
على أنك لو أمعنت النظر العلمي في "قوام هذا الجمع" لتبدى لك أنه جمع بين "مثالية المبدأ، وواقعية الحياة الإنسانية" على نحو محكم، غير مستكره، لانتفاء الحرج والإعنات في الدين كما قلنا، لقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج ((27) ولقوله جل ثناؤه (ولو شاء الله، لأعنتكم ((28) لكنه سبحانه لم يشأ هذا الإعنات لخلقه، وفي هذا دلالة بينة على أنه لا ينبغي للناس أن يوقعوا أنفسهم في عنت الحياة (29) الذي لم يرد الله تعالى إيقاعهم فيه، في أحوالهم العادية، إلا أن يكون جهاداً في سبيل الله، حيث تفرض التضحيات الجسام، بكرائم الأنفس والأموال، حفاظاً على القيم والمثل، والكيان، والعزة والسيادة في الأوطان، واتقاء من سوء المصير في الدنيا والآخرة، مما يقيم الدليل البين أيضاً، على أن مهمة القرآن الكريم هو توفير أسباب تحقيق وجوده عملاً، وإمكانية تنفيذ تعاليمه، ومقاصده، في الحياة الإنسانية، واستمرار تنفيذها من خلال السعة (30) والطاقة البشرية الموكول إليها هذا التنفيذ، كيلا ينقطع بهم "العنت" عن مواصلته، وحينئذ "لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له" (31) ولهذا كان مبدأ دفع الحرج في التكليف، والترخيص في مواقع الضرورة، أو المشقة البالغة غير المعتادة، مبدأ أصيلاً قاضياً على التشريع كله، استثناء من عموم قواعده، وعلى هذا ينزَّل تفسير النص القرآني الذي تعلق حكمه بالمعاملات وغيرها من شؤون الحياة.
هذا، وضماناً لهذا التنفيذ، قد أعدَّ الله تعالى الإنسان إعداداً فطرياً خاصاً، وعلى أحسن تقويم، تمكيناً له من الأداء، في يسر، وقطعاً لما عسى أن يتشبث به من حبائل المعاذير، وإقامة للحجة البالغة عليه، لقوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ((32) وقوله عز وجل: (بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره ((33) ولقوله جل شأنه: (فلله الحجة البالغة ((34).
من خصائص النص القرآني، في تعاليمه، ودلالاته – اللغوية والعقلية – أنه لم يجتزئ بمجرد الهداية والتوجيه، بل أضاف إلى ذلك "الحكم" والهيمنة، ليتبوأ مركز "القيادة في الحياة الإنسانية" واقعاً، بما يرتب من "النتائج العملية" على الأداء، وسائر وجوه النشاط الإنساني.
ذلك، تحقيقاً لثمرات تعاليمه، بحيث تصبح أوضاعاً قائمة في المجتمع – اجتماعياً، وسياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ولكافة ما تقتضيه الحياة الإنسان المثلى، من مرافق – لما قدمنا، من أن "الحكم" في المفاد القرآني مستغرق لوجوه النشاط الإنساني كله، وهذا وصل عام ينبغي أن يكون مرعياً في التفسير، ويعتمد بالضرورة على سعة ثقافة المفسر، في كل عصر، بما يوجب عليه أن يرتفع إلى المستوى الذي رسمته خيوط التقدم الثقافي والحضاري في عصره، أبان تفسيره، ليستجيب لحاجاته كمَلاً.
وهكذا ترى، أن النص القرآني في نظمه البياني المعجز، قد جاء على نحو يحتفظ لمعناه "الموضوعية" و"ديمومة الحكم" و"استمرارية الأثر" فضلاً عمَّا أحكم من الصلة بين الروح والجسد، والحياة والدين، والدنيا والآخرة، وحدة كاملة لا تقبل الفصل في أي منها، وما يوفر لها من عناصر القناعة بمنطقية تلك التعاليم، ويفسر معقولية الغاية القصوى من الوجود الإنساني على وجه هذه الأرض، بما ينفي عنها السُّدويَّة، والعبث، واللامعقولية التي تتجلى في فكرة الفناء الأبديّ الرهيب، مصداقاً لقول تعالى: (أيحسب الإنسان أن يُترك سدى (ولقوله عز وجل: (وما خلقنا السموات والأرض، وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما إلا بالحق (، ولقوله عزَّ شأنه: (تبارك الذي بيده الملك، وهو على كلِّ شيء قدير، الذي خلق الموت والحياة، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً (.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا، والبدء المنطقي المعقول الذي انطلق منه النص القرآني في رسالته للصلاح الإنساني، والإصلاح العالمي، هو نقطة إصلاح النفس البشرية، بما يتعاورها من نوازع وأهواء، لأن إصلاح العالم، لا يتم إلا بصلاح المهيمن عليه المستخلف فيه واقعاً، وهو "الإنسان" ومن هنا تجد آيات كثيرة لا تحصى تعالج النفس الإنسانية، بعد تبصيرها بطريقي الخير والشر. لقوله تعالى: (وهديناه النجدين (رشداً وغياً، وتجعل تزكية النفس الإنسانية، أو تَدسسيتها، رهناً بالإرادة الذاتية لصاحبها (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها (فوضعه بذلك على مفترق الطرق، وحذره أن تتفرق به السبل، لقوله تعالى: (ولا تتبعوا السبل، فتفرق بكم عن سبيله ((36) ولا شيء يفرق الأمة، طرائق قدداً، أشد من تعدد الاتجاهات وتضارب الغايات، وفساد الاعتقاد، ولا شيء يكسب الأمة منعة وقوة ووحدة، من وحدة الغاية، وصحة الاعتقاد: (واعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا ((37) (وإن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون ((38).
أقول، آيات كثيرة لا تحصى تعالج النفس الإنسانية، بتغليب منازع الخير فيها، لتسلك سبيله، بدليل جعله "مادة الابتلاء" في السعي الدنيوي المسؤول:
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة ((39) وتتخذ تلك الآيات – في سبيل الوصول إلى غايتها، والنجح في هدايتها وتوجيهها وحكمها – أسلوب الترجية والترهيب، أو البشارة والنذارة (40).
هذا، ويشير القرآن الكريم إلى أساس هذه المعالجة، ومنشَئِها، في كثير من آيهِ وبأسلوبه المزدوج من البشارة والنذارة، من أن في النفس الإنسانية، قوتين متصارعتين أبداً: قوة تدميرية طاغية، رابضة في أعماق النفس البشرية، وقوة أخرى تنتزع إلى الخير نزوعاً قوياً أيضاً، فتراها تتشوق إلى الحق والعدل، وتتشوف إلى القيم الموضوعية الإنسانية، والمثل العليا الخالدة، استشرافاً نابعاً من الفطرة السليمة ذاتها، حين لا تنازعها مخلفات البيئة أثرها – أو عوامل الشر تطلعاتها، مما يفسد عليها صفاءها، ويعكر نقاوتها – كما أسلفنا – ثم يسلمها آخر الأمر إلى الطغيان العاتي والعدوان الظالم، بل والإمعان فيهما، على النحو الذي يُرى على الصعيد الدولي، مما هو واقع ومشهود، فكان لا بدَّ لإصلاح النفس الإنسانية من سند روحي، يغلِّب عوامل الخير على منازع الشرّ فيها، ولا نعلم غير الدين من العلم أو الضمير، يقوم مقامه في التأثير في ميدان النفس الإنسانية، ذلك لأنه ثبت قطعاً أن الإنسان إذا خُلِّي وأمر نفسه، تغلبت عوامل الشر فيها، فطغت على حكمة العقل، وحيوية الضمير، أقول قد أشار القرآن الكريم إلى هاتين القوتين المتصارعتين أبداً في ميدان النفس الإنسانية، بقوله سبحانه: (إنَّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه، فجعلناه سميعاً بصيراً، إنَّا هديناه السبيل، إما شاكراً وإما كفوراً ((41) وقوله تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء، إلا ما رحم ربي ((42) وقوله عز وجل في المحاورة التي حكاها القرآن الكريم: (إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، نحن نسبح بحمدك، ونقدس لكَ، قال: إني أعلم مالا تعلمون ((43) مما يتضمن تقريراً لأصالة هذه "النزعة الشريرة في الفطرة الإنسانية" غير أنه تعالى قد أشار إلى ما استقر فيها أيضاً من قوة منازع الخير، وهو سبحانه أعلم بها، وبآثارها، فكان هذا الاستخلاف الإنساني في الأرض، دليلاً على جدارة الإنسان به على الرغم من تأصُّل منازع الشر فيه.
ويترتب على هذا، أنه كلما ازداد المفسر خبرة بدقائق النفس الإنسانية، كان تفسيره أقرب إلى الحق القرآني، وأكثر مطابقة "لسمو معانيه" بما يتهدى سمت الحق الذي نصب الشارع الدلالة عليه، وأنه بتطور معارفه، وثقافته، عمقاً وسعة ودقة، يتطور فهم المفسر في تحديده لمفاد النص القرآني، عمقاً وسعة، تبعاً لذلك، بما هو جم المدارك، عميق الدلالات، لقوله عزّ شأنه: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي، لنفد البحر، قبل أن تنفد كلمات ربي، ولو جئنا بمثله مدداً ((44).
هذا، والواقع أن الفهم الإنساني للقرآن الكريم –فيما للرأي فيه مجال- يتطور، تبعاً لتطور أسباب كسب المعرفة ومصادرها في كل عصر، ولا سيما في ميدان النفس الإنسانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتبين أن من مهمة القرآن الكريم في رسالته، توجيه هاتين القوتين المتصارعتين عبر الزمن، إلى ما فيه خير الإنسانية، لأن الإنسان هو الإنسان، وتسديد نزوعهما بما يكفل له صلاحه وعزته وسعادته، أفراداً وشعوباً، وأمماً.
نخلص من هذه "المقدمة" إلى أن للتفسير وظيفة كبرى عليه أداؤها في كل عصر بما يرتقي إلى مستواه، لأن النص القرآني، وبينات هداه "جم المدارك عميق الدلالات" – كما ذكرنا – يبلغ العقل الإنساني المتفهم منها، ما تسعفه طاقته العلمية والثقافية التي بلغها عصره، بما يدبر أمر الأمة في شتى مناحي حياتها، وبما يمسك عليها كيانها، ويمهد أمامها سبيل التقدم والازدهار، ويفصح عن هذا المعنى قوله (: [القرآن ذلول ذو وجوه، فاحملوه على أحسن وجوهه] وقد جرى على لسان السلف، قولهم: "إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى القرآن وجوهاً" (45) ليحمل النص القرآني اجتهاداً بالرأي إبان تطبيقه – على الوجه الذي يحقق للأمة مصالحها الجدية الحقيقية المعتبرة، مما يكون للخبرة العلمية مكان في تقويمها، شريطة ألا يكون ذلك الوجه قد استُكره النص القرآني على حمله عليه، لما أشار إليه النبي (في صدد بيان ما يخشى على مصير أمته من أمور ثلاثة أحدها: "ظهور رجال يؤوِّلون القرآن على غير تأويله" (46) وهو ما حذر منه أيضاً، عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- في قولته المشهورة: "أخاف عليكم أحد رجلين: رجل يتأول القرآن على غير تأويله" (47) أي تأويلاً مغرضاً مفتعلاً على غير الوجه العلمي الصحيح، أو على غير ما أنزل الله (48) مما يشير إلى أن للتفسير أثراً بالغاً على مصير الأمة، بما يتخذ هذا القرآن من مكانة القداسة والقيادة في حياة المسلمين.
يرشد إلى هذا أيضاً، قوله تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر، فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ((49) ويقول الإمام الشافعي في الرسالة، استدلالاً بهذه الآية الكريمة: "وهذا يدل على أنه ليس لأحد دون رسول الله، أن يقول إلا بالاستدلال" (50) أي المستند إلى أصل ثابت في الشرع.
وعلى هذا، يبدو لنا، أن التفسير يفقد وظيفته، بل ويصبح غير جدير بهذا الاسم، إذا لم يجاوز حدود التحليل اللفظي للمفردات، أو الوجه الإعرابي النحوي، أو بيان النكات البلاغية، بل عليه النفاذ إلى ما تضمنه النص القرآني من وجوه الهداية الإلهية، وتعاليم الوحي، واستشراف مراميه البعيدة التي تمثل حِكَم التشريع التي هي بطبيعتها "عناصر عقلية" لا يمكن استخلاصها، أو تبنيها إلا بالفكر النفاذ، والبصيرة النيرة، والعقل المدرك، بالنظر إلى طبيعة هذا النص، من حيث تصرفه في وجه البيان، على نحو معجز، وبما يزخر به من المعاني العقلية والوجدانية، والحكم الغالية الرفيعة، في بينات هداه، لذا كان الرأي العلمي من أهله –وفي مجاله- مما يتوقف عليه الإفصاح الموضوعي الأمين، عن معاني القرآن الكريم، توقفاً بعيد المدى، الأمر الذي يجعل قيمة التفسير منوطة بهذا المعنى، وبهذا الأداء على نحو يقرب الهداية الإلهية إلى النفوس، ويهيمن بسمو معانيها على الأرواح، بما ثبت حقاً أنه هدى ورحمة للعالمين.
على أن هذا الوجه من التفسير بالرأي من أهله القائم على الدليل، يتعلق بقسم كبير من القرآن الكريم، وهو ما أشار إليه الإمام الزركشي في كتابه البرهان، وجعله مختصاً بالعلماء، حيث يقول ما نصه: "وكل لفظ احتمل معنيين فصاعداً – أي غير قاطع الدلالة – فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه" (51) ومعظم آي القرآن الكريم ذلول ذو وجوه من المعاني، بمنطوق الحديث الذي تلونا.
وهذا يشير إلى أن التفسير بالرأي المجرد وعن غير علم، أو "التأويل المستكره" لهوى أو غرض معين، من الكبائر التي حذر الرسول (منه بقوله: [من تكلم في القرآن، بغير علم، فليتبوأ مقعده من النار] (52) وهذا المصير يستلزم أن يكون التأويل المستكره القائم على الهوى والغرض أو الرأي المحض من الكبائر.
ونتناول فيما يلي بحث المنهج العلمي الذي التزمه الإمام الطبريّ في موسوعته التفسيرية، ولما كان المقام لا يتسع للتفصيل، فقد اقتصرنا على بيان المعالم.
منهج البحث
-المقدمة:
-معالم المنهج العلمي الذي التزمه الإمام الطبري في تفسيره للقرآن العظيم:
أولاً-المأثور من السنة الثابتة، مما اعتمده الإمام أصلاً جوهرياً في منهجه، ومصدراً علمياً لتفسيره، ووجه تأصيله.
أ-بيان وجه حاجة القرآن الكريم الماسة، إلى المأثور.
ب-فطرة البيان القرآني نفسه، ومنهجه في بيان الأحكام.
ثانياً-مأثور السلف، ركناً مكيناً في منهج تفسير الإمام، وتقويمه أصولياً.
ثالثاً-معاقد الإجماع.
رابعاً-المنطق اللغوي، باعتبار أن دلالة القرآن على معانيه –في الأصل- ذاتية، وذلك حين يعوز الأثر، والإجماع، واستجابة لخصائص النص القرآني في كافة دلالاته اللغوية والعقلية.
خامساً-موقف الإمام الطبري من مبدأ أعمال الرأي القائم على العلم في منهج تفسيره، وأن رفضه تقديم الرأي المجرد على ما اختص الله تعالى نبيه ببيانه، لا يستلزم منع التفسير بالرأي بإطلاق.
سادساً-مقارنة بين موقف الإمام من الاجتهاد بالرأي في التفسير، وبين موقف المحققين من أئمة التفسير، والأصوليين والفقهاء، وأئمة علوم القرآن، مشتقاً من واقع نصوصهم في مصنفاتهم.
سابعاً-موقف الإمام الطبري من "التأويل" بوجه خاص، منهجاً عقلياً في التصرف في المعاني دون الألفاظ، بما يشمل:
أ-مفهوم التأويل في اللغة.
ب-مفهوم التأويل في استعمال القرآن الكريم.
جـ-مفهوم "التأويل" في البيئة الأصولية.
د-ما استقر في تفسير الإمام الطبري، من "التأويل" مفهوماً واستعمالاً.
هـ-ما يستند إليه "التأويل" من أصول السنة، وما انتهجه الصحابة في اجتهاداتهم مما يتصل بالتأويل، استنباطاً وتطبيقاً.
7
7
7
7
يتبع >>>
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[14 Feb 2004, 12:47 ص]ـ
أحبائي في الله ..
هذا هو البحث قد أدرجته كاملاً في ملف وورد ..
وشكراً.(/)
تفسير آية من كتاب الله تعالى
ـ[ابن العربي]ــــــــ[12 Feb 2004, 08:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد أثار موضوع ممكن فتوى والذي نقل فيه الأخ الفاضل بعض ما جاء في ذلك الموقع ورد الأخوان الرد الشافي الكافي ولكن أنا أحب هذا الملتقى ومن فيه ولذلك حبيت أن أفسر لكم الآية الكريمة التي استشهدت بها الأخت على كلامها:
وهي قوله تعالى: ((وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين))
قوله: (وإذ قلنا) الواو حرف عطف على ما تقدم من مفردات القصة وأحداثها، (وإذ) ظرف لما مضى من الزمان وهي هنا بمعنى حين، ومتعلقها (اذكر) واذكر إذ قال الله للملائكة.
((وإذ قلنا للملائكة)) أي إذ أمرنا الملائكة، والمراد بالملائكة جنس الملائكة وهم عباد الله المكرمين خلقوا من نور، وأفضلهم جبريل عليه السلام، والله تعالى خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء، وخلق للسماء خلقاً وأسكنهم فيها وجعلهم مطهرين لا يعصونه؛ لأنهم مقربون منه، وهم الملائكة ثم خلق للأرض خلقاً وأسكنهم فيها وهم الجن، ولكن الجن أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، وقتل بعضهم بعضاً، فأراد الله تعالى أن يطهر الأرض منهم، ويخلق خلقاً أكرم منهم فبعث الله إليهم الملائكة فقاتلتهم، وطردتهم إلى أطراف الأرض، وقمم الجبال. قال ابن عباس رضي الله عنهما (فلما طردهم قال عز وجل للملائكة " إني جاعل في الأرض خليفة " بدل من هؤلاء الذين أفسدوا. والخليفة هو من يخلف غيره فقال: " إني جاعل في الأرض خليفة " أي بدل الجن المفسدين فخلق الله تعالى آدم من طين ليحل محل الجن، والجن المخلوقين قبل آدم أبوهم (الجان) كما ورد في سورة الحجر فقال تعالى " والجان خلقناه " والجان اسم مفرد ولذلك قال " خلقناه" بضمير المفرد والمادة التي خلق منها الجان هي المارج وهو لهب النار ولسانها المختلط فإذا نظرت إلى لسان النار تجده أحمر، وأخضر، وأصفر، وأزرق فهي ألوان مختلط بعضها ببعض؛ فلما كان هذا أصل خلقتهم من لسان النار صار لهم القدرة على التشكل. قوله ((اسجدوا لآدم)) آدم أبو البشر وهو اسم أعجمي معرب. قوله: (فسجدوا) أي الملائكة والفاء الدالة على سرعة المبادرة والامتثال. قوله (إلا إبليس) (إلا) أداة استثناء منقطع من غير جنس المستثنى منه كقولنا: قام القوم إلا حصان، فهذا مستثنى منقطع؛ لأن الحصان ليس من جنس القوم فتكون (إلا) في الآية بمعنى (لا) وبذلك يكون إبليس ليس من الملائكة، قال تعالى: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " فرتب الفسوق على كونه من الجن لكن كفر هو وذريته، وذرية إبليس هم الشياطين، والشياطين كلهم كفرة. أما الجن فمنهم المؤمن، ومنهم الكافر، ومنهم الفاسق. ويغلب عليهم الفسق، أما إبليس فهو كافر أصله ونسله؛ لأن الله تعالى طرده وأبلسه، والإبلاس هو الانقطاع. ولا يعرف كيف تتناسل ذريته ولكن الله أخبر أن له ذرية، وإذا أطلق لفظ شيطان أو شياطين فهي علماً على إبليس وذريته، وإن كانت لفظة الشياطين في اللغة العربية تطلق على كل من فارق أصله سواء كان إنسان، أو جن، أو حيوان يسمى شيطان أما إذا أطلقت كلمة شيطان فالمراد بها إبليس وذريته. قوله (أبى وأستكبر وكان من الكافرين) الواو في الآية واو الحال أي الذي جعله يأبى ويستكبر كونه من الكافرين فليس غريباً عليه أن يأبى ويستكبر (وكان من الكافرين) ولم يقل: (وكان كافرا) وهذا فيه دليل على أن إبليس فيه جميع صفات الكافرين (وكان من الكافرين) أبلغ من قوله (وكان كافرا)؛ لأن فيها مبالغة لقوة التزامه لمذهب الكافرين.
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد
ينظر إلى تفسير الضوء المنير على التفسير لابن القيم، سورة البقرة، والأعراف، والأحقاف، والجن. ففيها كلام نفيس في هذا الجانب، وينظر أيضاً إلى تهذيب التفسير وتجريد التأويل لعبد القادر شيبة الحمد ج1 ص 96 وما بعدها.(/)
حاشية الإمام السيوطي على تفسير الإمام البيضاوي
ـ[أم صهيب]ــــــــ[13 Feb 2004, 12:01 ص]ـ
للإمام السيوطي رحمه الله حاشية على تفسير الإمام البيضاوي. هل هذه الحاشية مطبوعة أم مازالت مخطوطة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Feb 2004, 08:31 ص]ـ
بحثت في كتاب (دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها) الذي أعده محمد بن إبراهيم الشيباني وأحمد الخازندار - الطبعة الثانية 1416هـ. ولم أجد ذكراً لهذه الحاشية، مع بحثي أكثر من مرة، ولم ألتزم في بحثي بكونها مبدوءة بكلمة: حاشية.
فلا أدري أختي الكريمة. أين وجدتِ هذه الحاشية منسوبة للسيوطي رحمه الله؟ فربما تكون مما أهمله المؤلفان للدليل.
ـ[المنصور]ــــــــ[13 Feb 2004, 03:35 م]ـ
أظن أن الحاشية اسمها نواهد الأبكار، فلتراجع
ـ[أم صهيب]ــــــــ[13 Feb 2004, 07:55 م]ـ
قال الدكتور نايف العتيبي في كتابه الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر والنثر نقلاً عن رسالة رفع الالتباس عن منكر الاقتباس للشيخ محمد بن أبي اللطف رحمه الله تعالى _وهي مخطوطة_: (أن الإمام السيوطي رحمه الله حكى الإجماع على جواز الاقتباس في النثر كما في حاشيته على تفسيرالإمام البيضاوي وذكر مناقشة قيمة في هذه المسألة) أود الإطلاع عليها للأهمية إذا كان مطبوع
ولم يذكر الدكتور أي معلومة عن هذه الحاشية ولا اسمها بالتحديد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2004, 08:36 ص]ـ
إن كان اسم الحاشية كما ذكر أخي المنصور فهي مذكورة في دليل مخطوطات السيوطي ص 41 باسم: (نواهد الأبكار وشوارد الأفكار). وليس هناك إشارة إلى أنها حاشية على تفسير البيضاوي، وقد ذكر لها عدة نسخ مخطوطة.، وذكر ص 226 أنها طبعت ضمن مجموع بالمطبعة المحمدية بلاهور. ولم يزد على ذلك.
وأما كلام السيوطي حول موضوع الاقتباس، فهو في أكثر من موضع من مؤلفاته غير الحاشية المذكورة، فقد تعرض للاقتباس في ألفيته عقود الجمان وشرحها في البلاغة ص 165 - 169 ولم يذكر الإجماع على جواز الاقتباس في النثر، وإنما أشار إلى الخلاف في المسألة.
وبحثه في الإتقان في علوم القرآن 1/ 347 (طبعة البغا) ولم يزد على ما ذكره في عقود الجمان وشرحها، إلا مسألتين ليست منهما حكاية الإجماع على جوازه في النثر مطلقاً.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[15 Feb 2004, 01:37 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم جميعاً على هذه المعلومات المفيدة
نعم تكلم الإمام السيوطي رحمه الله عن الاقتباس في عدة مواضع من كتبه، فكما أشرتم في (الإتقان) و (عقود الجمان) وكذلك في رساته (رفع الباس وكشف الالتباس في ضرب المثل من القرأن والاقتباس) الموجودة ضمن كتابه الحاوي للفتاوى في (1/ 295 _284).
لكن لأن هناك بعض الإشكالات في الموضوع، ربما وجدت لها حل في حاشيته رحمه الله، وسأحاول عرضها هنا في هذا الملتقى العامر إن شاء الله.
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[19 Feb 2004, 06:54 ص]ـ
للتأكيد فقط
نعم فاسم الحاشية نواهد الابتكار
انظر هنا ( http://213.150.161.217/scripts/minisa.dll/4964/M040/%E4%E6%C7%E5%CF+%C7%E1%C7%C8%CA%DF%C7%D1+%E6%D4%E6 %C7%D1%CF+%C7%E1%C7%DD%DF%C7%D1?KEYSEARCH)
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Nov 2005, 08:56 م]ـ
هناك رسالة دكتوراه بعنوان الإمام جلال الدين السيوطي وجهوده في التفسير وعلوم القرآن للدكتور يوسف الشربجي مقدمة في تونس جامعة الزيتونة ولعل الذاكرة لا تخونني إن قلت أنه ذكر التحقيق في المسألة، والرسالة غير مطبوعة إلى الآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Nov 2007, 10:49 م]ـ
حقق من (نواهد الابكار وشوارد الافكار) تاليف عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد أبي الفضل جلال الدين السيوطي: من أول الكتاب الى الاية (30) من سورة البقرة. في جامعة أم القرى - تحقيق الباحث احمد حاج محمد عثمان وإشراف الدكتور أمين باشا.
وكذلك من الآية (31) من سورة البقرة الي نهاية الآية (112) من سورة آل عمران للباحث محمد كمال علي.
وكذلك من (113) من سورة آل عمران الي الآية (48) من سورة التوبة للباحث احمد عبدالله على الدروبي.
ـ[شعلة2]ــــــــ[03 Nov 2007, 11:18 م]ـ
=مرهف;16247] هناك رسالة دكتوراه بعنوان الإمام جلال الدين السيوطي وجهوده في التفسير وعلوم القرآن للدكتور يوسف الشربجي مقدمة في تونس جامعة الزيتونة ولعل الذاكرة لا تخونني إن قلت أنه ذكر التحقيق في المسألة، والرسالة غير مطبوعة إلى الآن
بل طبعت باسم" الإمام السيوطي وجهوده في علوم القرآن"، الناشر/ دار المكتبي، 1421هـ، والرسالة عندي.
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[25 Feb 2008, 06:28 م]ـ
ذكرتُ في رسالتي (الشهاب الخفاجي ومنهجه في التفسير) أثناء تعريفي بحواشي البيضاوي ما يلي:
حاشية جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة (911) هـ: وسماها «نواهد الأبكار وشوارد الأفكار»، وقد حُقق قسم من هذه «الحاشية» في رسالة جامعية، حيث قام الطالب صبحي قصاب بتحقيقها من سورة الأنعام إلى سورة الناس، وقدمها لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية؛ جامعة البعث، سنة (2003) م، بإشراف الدكتور رضوان القضماني، وتقع في في أربعة مجلدات، وأشار إلى أن طالبًا آخر يقوم بتحقيق الجزء الأول من «الحاشية»، ولكنه لم ينجز رسالته بعد (انظر: السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن، نواهد الأبكار وشوارد الأفكار، تحقيق صبحي قصاب، رسالة ماجستير، جامعة البعث، حمص، 2003 م، (1/ 6) المقدمة).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[26 Feb 2008, 01:26 ص]ـ
الأخت الفاضلة، اطلعت على نسخة مخطوطة من حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي باسمها المذكور:" نواهد الأبكار وشوارد الأفكار" في خزانة جامع القرويين بفاس، وهي نسخة بخط مشرقي ممتاز في بدايتها، يسوء قليلا في وسطها وآخرها، وهي تقريبا في 250 ورقة او ربما 350 ورقة لم أتذكر جيدا الآن، وكنت أنوي تحقيقها في رسالتي للدكتوراة حتى اكتشفت أن بعض الإخوة في جامعة أم القرى قام بتحقيقها، انظري مثلا هذا الرابط http://dspace.uqu.edu.sa:8080/dspace2/handle/123456789/6953، ورغبت في معرفة مابقي لتحقيقه منها، ولما كان الوقت غير كاف لمتابعة الجامعة من المغرب إلى السعودية، وما يحتاج ذلك من مذكرات رسمية من الجامعتين، ولكون وقت التسجيل عندنا محدد بزمن قصير، فتمثل أمامي قول عمرو بن معد كرب: إذا لم تستطع شيئا فدعه .... ، وإليك نموذجا من بعض التحقيقات في المرفقات أدناه، كما يمكنك تحميلها من خلال الرابط الآتي: http://www.archive.org/details/Nawahed، وكنت قد سجلت بعض الملاحظات البسيطة على عجالة حين رأيتها على الميكروفيلم، ولكني لا أدري أين وضعتها، وبحول الله لو شئتم أن أدونها لكم بعيد عودتي من سفري القريب، فلكم ذلك خلال هذا الأسبوع إن شاء الله، ووفق الله الجميع لكل خير.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[26 Feb 2008, 01:55 ص]ـ
يبدو أن لدي صعوبة الآن في تحميل الملف كمرفقات، وبحمد الله الرابط أعلاه يمكنكم من تحميله مباشرة، وبارك الله فيكم.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[24 Mar 2009, 08:50 ص]ـ
هل هذه الحاشية موجودة على الشبكة؟؟؟، وأي دار للطبع طبعتها حتى نحصل عليها؟؟
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[28 Mar 2009, 11:51 م]ـ
هل طبعت هذه الحاشية
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[30 Mar 2009, 09:37 ص]ـ
اسم الحاشية كما تقدم
نواهد الأبكار وشوارد الأفكار
وعندي تحقيق للجزء الثالث منها للباحث صبحي قصاب تحت اشراف د رضوان قضماني
في قسم النحو والصرف من كلية اللغة العربية بحامعة البعث وهو ما أشار إليه الاخ زهير وهي تقع في 309 صفحات.
لكن الذي وجدته انها من سورة فصلت إلى الناس، وإن كان الفهرس يشير إلى أنها من سورة الانعام
والترقيم يبدأ بالرقم 947 بعد صفحة الغلاف وهو ما حيرني
حيث لم اجد للرسالة مقدمة
هكذا هي موجودة فاما أن تكون استكمالا لمن حقق قبله
أو أن تكون الرسالة التي عندي مقتطعة بحيث تحوي القسم المحقق والفهارس
عملا أن الفهارس عنده تبدأ من ص 191 - 309
وقد حاولت اقتطاع جزء منها لإرفاقه ولم أتمكن لصعوبة الإرفاق
ولعلي ارفعها لكم على موقع لتتمكنوا من الاطلاع عليها
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[03 Apr 2009, 12:55 ص]ـ
نتمنى ذلك دكتور (عبد الله الجبوسي)(/)
طلب نسخة من كتاب ابن خالويه في شواذ القرآن,,,
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[13 Feb 2004, 08:40 م]ـ
أين أجد كتاب مختصر شواذ القرآن لابن خالويه؟؟
وذلك لحاجتي الماسة إليه ,,
وجزاكم الله عني خيرا ,,
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[15 Feb 2004, 03:33 م]ـ
هل من مجيب؟؟
ـ[لاجئ فلسطيني]ــــــــ[16 Feb 2004, 01:30 ص]ـ
الاخوة الافاضل في منتدى التفسير
السلام عليكم ورحمة الله
من فترة وانا اتابع منتداكم الرائع واستفيد منه وانا ادعو الله لكم دائما وكم تعلمت من مشاركاتكم وتعقيباتكم وانا لست من طلبة العلم بل انا من العوام ولهذا لم اسجل بالمنتدى لكن لما قرأت سؤال الاخ الفاضل ابو صهيب اضطررت للتسجيل فلعلكم لن تجدوا اي مشاركات لي الا هذه لاني لست صاحب علم فأشارك بعلمي لكن حسبي اني معكم اكثر سوادكم وجزاكم الله كل خير
اخوكم في الله لاجئ فلسطيني
ابو جهاد
اما بالنسبة لك اخي الفاضل ابو صهيب فالكتاب الذي تبحث عنه مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع، الطبعة رقم 1، ابن خالويه (غلاف عادي)
منشورات المعهد الألماني للأبحاث
قد طبع في لبنان وطبعه المعهد الالماني وهو فرع لمركز استشراقي مركزه برلين وانا زرت مركزهم الرئيسي قبل عدة سنوات وفوجئت بالكتب العربية التي يطبعونها واشتريت منهم كتابين واسعارهم معقولة وتستطيع الحصول على الكتاب عبر النت من مكتبة النيل والفرات رغم ان اسعارهم مرتفعة ولا انصح بهذا الا لو كنت ممن يعيش بعيدا عن لبنان ولا تعرف احدا هناك واليك عنوان المكتبة على النت http://www.neelwafurat.com/
وارجوا اخي الفاضل اني افدتك وافدت الاخوة وجزاك الله خيرا
وهناك اقتراح للاخوة ان يقيموا مكتبة تبيع الكتب عبر النت لان نصارى لبنان من يملكون مثل هذه الامكانية ولعل اي مكتبة في السعودية تستطيع عمل هذا و سيكون مفيدا لمن هم مثلي حيث اني اعيش في اخر قطعة يابسة قبل القطب الجنوبي
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[16 Feb 2004, 08:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا ما جزى إنسان
أخي أبا جهاد ,,
وأثابك المولى من عنده أحسن الثواب ,,
وردك الله إلى أرضك عزيزا كريما رافع الرأس ,,
فلقد ذهبت إلى الموقع وطلبت بعض المعلومات وباتظار ردهم ,,
وفقت للخير أخي العزيز
أخوك أبو صهيب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Feb 2004, 06:03 ص]ـ
جزاكما الله خيراً. وأرحب بأخي الكريم أبي جهاد وأسأل الله له التوفيق والسداد.(/)
ود (الحب) صنم يعبد من دون الله
ـ[داود عيسى]ــــــــ[14 Feb 2004, 02:46 ص]ـ
ألسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.......... ود ..........
ولعله من أكثر الأصنام حضوراً وشيوعاً وسلاسة بين الناس، إنه "الوُد" بضم الواو -وهي قراءة اُخرى متواترة-, "الوُد" فيما يعتري الناس من عواطف وعلاقات قد تنتصب صنماً وأنصاباً فيما بين الناس وبين ربهم، فكل "مودة" تعترض أوامر الله، وتخالف نواهيه إنما هي صنم صغر أم كبر، مقره القلب ودواعيه مودة ما يسخط الله، واقرأوا عن إبراهيم عليه السلام {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا} , فهي واضحة "أوثانا مودة"، واقرأوا من سورة المجادلة {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} , فمودة على محادّة لله، معصية لله، وهي كما نقرأ أكثر ما تكون بين الناس بعضهم لبعض.
ثم آية الممتحنة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}.
فهذا صنم "ود" المنصوب علاقات في معصية بين الناس، يقدم "الوادّ" مودته لما يسخط الله على أوامر الله، فيعصى بها الله، فيصير بها "مشركاً"، واقرأوا على لسان ابراهيم عليه السلام {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً} فالطاعة في المعصية عبادة والعبادة لغير الله إنما هي شرك.
وقد "يود" الرجل زوجته فيعق بمودتها ورغباتها والديه أو أحدهما فتجب له النار بهذه الطاعة لهذا "الود" الصنم!.
وقد يحب ماله فيعبده من دون الله, لقول المعصوم: "تعس عبد الدينار والدرهم".
والود علاقة لازمة مزروعة في قلب الإنسان لا يملك لها رداً, فيريد الله ألا تقوم لغيره، فإن أطاعه العبد ووحّده أبدله الله بها خيراً، {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُداً}، فود الرحمن دعوة توحيد ورضى, وود غير الرحمن شرك وسخط.
ألموضوع منقول من موقع أسرار ألقران للشيخ صلاح أبو عرفة(/)
اين اجد طبعة الشمرلي للمصحف الشريف؟
ـ[تلميذ]ــــــــ[14 Feb 2004, 10:28 ص]ـ
السلام عليكم .. من يدلني على نسخة من المصحف طبعة الشمرلي (نوع سحاب) ذات حجم الجيب - وله مني دعوة في جوف الليل.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[14 Feb 2004, 02:39 م]ـ
لو كنت من أهل مصر فمكتبة الشمرلي نفسها في الفجالة على حد علمي
وفقك الله
ـ[تلميذ]ــــــــ[15 Feb 2004, 07:53 ص]ـ
انا في السعودية ولست في مصر - فاين اجدها؟(/)
ماهو الثابت في تفسير هذه الايه (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)
ـ[أمل محمد]ــــــــ[14 Feb 2004, 05:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في تفسير هذه الايه الكريمه قال تعالى (ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذريه وماكان لرسول ان يأتي بئايه ال بأذن الله لكل اجل كتاب، يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)
تفسير هذه الايه في ابن كثير اختلف فيه المفسرون فمنهم من قال ان (، يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) يمحو الله كل شىء الا الشقاء والسعاده والحياه والموت وهو قول الثوري ووكيع وهشيم عن ابن ليلى عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
واما مجاهد فيقول ايضا يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنه من رزق او مصيبه ثم يقدم مايشاء ويؤخر ما يشاء الا الشقاء والسعاده والحياة والموت فانهما قد فرغ منهم،
وعن كعبا قال لعمر بن الخطاب: ياأمير المؤمنين لولا ايه في كتاب الله لأنبأتك بماهو كائن الى يوم القيامه قال وما هي (، يمحوا الله ما يشاء ويثبت) ومعنى هذا ان الاقدار ينسخ الله منها مايشاء ويثبت ما يشاء
وعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الرجل يحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر الا الدعاء، ولا يزيد في العمر الا البر) رواه النسائي وابن ماجه
وثبت في الصحيحين ان صلة الرحم تزيد العمر.
وقال تعالى (ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
وكما جاء في الحديث انهم قالوا يارسول الله، ارأيت رقى نسترقي بها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال (هي من قدر الله)
قا تعالى {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}،
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار، فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله: {أولئك هم الوارثون}) ""أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة"". وقال مجاهد: ما من عبد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار، فأما المؤمن فيبني بيته الذي في الجنة، ويهدم بيته الذي في النار، وأما الكافر فيهدم بيته الذي في الجنة، ويبني بيته الذي في النار، فالمؤمنون يرثون منازل الكفار لأنهم أطاعوا ربهم عزَّ وجلَّ بل أبلغ من هذا أيضاً، وهو ما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا كان يوم القيامة دفع اللّه لكل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقال هذا فكاكك من النار)، فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة باللّه الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بذلك، قال: فحلف له ""أخرجه مسلم عن أبي بردة
ولكي لااطيل عليكم من خلال هذه الايات والاحاديث تولد عندي تصور عن القدر وهو بالطبع اجتهاد مني وليس تاول كلام الله فهذا اتركه لكم ومن يقدر على تأويله فالمرأد الذي اعتقده من خلال قراءتي ان القدر في اللوح المحفوظ مكتوب هل الانسان شقي ام سعيد غني ام فقير في الجنه او في النار وكل انسان ميسر لما كتب له فيعني لو ان الانسان مكتوب له السعاده فتأتي اسباب الاقدار على مايتمنى من سعاده والعكس اذا كان مكتوب له الشقاء.
ولقد قرات فيما سبق مقوله (ان اعلم الناس بالاقدار ابعدهم عن التحدث بها واجهلهم بهذا الامر من يتحدث فيه) فالقدر اذا من الغيبات التي لايعلمها بالطبع الا الله حتى لو رايت في ظاهر الامور ما يوحي بالقدر.
ارجو تعليقكم ودمتم
ـ[أمل محمد]ــــــــ[15 Feb 2004, 10:22 م]ـ
معقوله للللللللللللا يوجد من يفسر هذه الايه
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[15 Feb 2004, 10:46 م]ـ
الأخت الكريمة: أمل
موضوع القدر من الموضوعات الطويلة والمتشعبة، والمؤلفات فيه أيضا كثيرة وطويلة، غير أنك لم تحددي المراد من طرح هذا الموضوع، أهو تفسير الآية؟ أم معنى القدر؟ ارجو تحديد جزئية معينة تريدين الحديث عنها.
ـ[أمل محمد]ــــــــ[17 Feb 2004, 12:24 ص]ـ
الحمد لله انك رددت الصوت يأخ/ احمد القصير
الذي اتحدث عنه هو اختلاف المفسرين في هذه الايه كما هو واضح في العنوان واريد تبيان اذا حصل فيه اتفاق حول هذه الايه حديثا وهي قال تعالى (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)
ومشكور على اهتمامك
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[17 Feb 2004, 11:39 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية (في مجموع الفتاوى «14/ 488») عن قوله تعالى: {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} وقوله تعالى: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} وقوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} هل المحو والإثبات في اللوح المحفوظ والكتاب الذي جاء في الصحيح {أن الله تعالى كتب كتابا فهو عنده على عرشه} الحديث. وقد جاء: {جف القلم} فما معنى ذلك في المحو والإثبات؟. وهل شرع في الدعاء أن يقول: " اللهم إن كنت كتبتني كذا فامحني واكتبني كذا فإنك قلت: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} وهل صح أن عمر كان يدعو بمثل هذا؟ وهل الصحيح عندكم أن العمر يزيد بصلة الرحم كما جاء في الحديث؟ أفتونا مأجورين.
=============================
فأجاب رضي الله عنه: الحمد لله رب العالمين. أما قوله سبحانه: {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} فالأجل الأول هو أجل كل عبد ; الذي ينقضي به عمره والأجل المسمى عنده هو: أجل القيامة العامة. ولهذا قال: {مسمى عنده} فإن وقت الساعة لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل كما قال: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}. بخلاف ما إذا قال: (مسمى كقوله: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} إذ لم يقيد بأنه مسمى عنده فقد يعرفه العباد. وأما أجل الموت فهذا تعرفه الملائكة الذين يكتبون رزق العبد وأجله وعمله وشقي أو سعيد. كما قال في الصحيحين عن ابن مسعود قال: {حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق -: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات فيقال: اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح} فهذا الأجل الذي هو أجل الموت قد يعلمه الله لمن شاء من عباده. وأما أجل القيامة المسمى عنده فلا يعلمه إلا هو. وأما قوله: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} فقد قيل إن المراد الجنس أي ما يعمر من عمر إنسان ولا ينقص من عمر إنسان ثم التعمير والتقصير يراد به شيئان: " أحدهما " أن هذا يطول عمره وهذا يقصر عمره فيكون تقصيره نقصا له بالنسبة إلى غيره كما أن المعمر يطول عمره وهذا يقصر عمره فيكون تقصيره نقصا له بالنسبة إلى غيره كما أن التعمير زيادة بالنسبة إلى آخر. وقد يراد بالنقص النقص من العمر المكتوب كما يراد بالزيادة الزيادة في العمر المكتوب. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه} وقد قال بعض الناس: إن المراد به البركة في العمر بأن يعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الكثير قالوا: لأن الرزق والأجل مقدران مكتوبان. فيقال لهؤلاء تلك البركة. وهي الزيادة في العمل والنفع. هي أيضا مقدرة مكتوبة وتتناول لجميع الأشياء. والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلا في صحف الملائكة فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب. وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب. ونظير هذا ما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: {أن آدم لما طلب من الله أن يريه صورة الأنبياء من ذريته فأراه إياهم فرأى فيهم رجلا له بصيص فقال من هذا يا رب؟ فقال ابنك داود. قال: فكم عمره؟ قال أربعون سنة. قال: وكم عمري؟ قال: ألف سنة. قال فقد وهبت له من عمري ستين سنة. فكتب عليه كتاب وشهدت عليه الملائكة فلما حضرته الوفاة قال قد بقي من عمري ستون سنة. قالوا: وهبتها لابنك داود. فأنكر ذلك فأخرجوا الكتاب. قال النبي صلى الله عليه وسلم فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته} وروي أنه كمل لآدم عمره ولداود عمره. فهذا داود كان عمره المكتوب أربعين سنة ثم جعله ستين وهذا معنى ما روي عن عمر أنه قال: اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت. والله سبحانه عالم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ; فهو يعلم ما كتبه له وما يزيده إياه بعد ذلك والملائكة لا علم لهم إلا ما علمهم الله والله يعلم الأشياء قبل كونها وبعد كونها ; فلهذا قال العلماء: إن المحو والإثبات في صحف الملائكة وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالما به فلا محو فيه ولا إثبات. وأما اللوح المحفوظ فهل فيه محو وإثبات على قولين. والله سبحانه وتعالى أعلم؟.
ـ[أمل محمد]ــــــــ[20 Feb 2004, 12:24 ص]ـ
تسلم يأخي القصير
على هذا الرد القيم لابن تيميه لكن لو اكملت وماهو القولان في اللوح المحفوظ ونريد فقط ما نؤمن به نحن اهل السنه والجماعه والسلف الصالح ونعتقده ومشكور لتواصلك(/)
اقتراح بجمع مادة مناهج المفسرين في الموقع
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[14 Feb 2004, 11:00 م]ـ
وددنا لو جمعت مادة ماأورده الأعضاء من الكلام عن مناهج المفسرين ليكون مرجعاً للباحثين، وكذا الكتب التي عنت بذلك.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[16 Nov 2005, 07:46 م]ـ
اقتراح جميل وأنا أوافقك على هذا ولعل الدكتور ناصر الماجد حفظه الله
من خير من يقوم بذلك(/)
(قُلْ يَا أهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كلمة سواء.) لا تصح قراءتها في سنة الفجر
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Feb 2004, 10:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة [136]، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) [آل عمران 52]. (1)
هذا الحديث لم يروه عن ابن عباس ـ حسب اطلاعي ـ إلا سعيد بن يسار ولا عن سعيد إلا عثمان بن حكيم الأنصاري ثم رواه عن عثمان جماعة وهم:
1 - مروان بن معاوية الفزاري وهذا نص حديثه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة [136]، وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) [آل عمران 52].
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (727) والنسائي في الصغرى 2/ 155 والكبرى (1016) و (11158) (2) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 298 وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم 2/ 322 والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 42: كلهم من عدة طرق عن مروان عن عثمان به.
2 - عيسى بن يونس:
أخرجه مسلم في صحيحه (727) قال حدثني علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن عثمان بن حكيم في هذا الإسناد بمثل حديث مروان الفزاري.
3 - زهير بن معاوية:
أخرجه أبو داود (1259) قال حدثنا أحمد بن يونس. ومن طريق أبي داود ابن عبد البر في التمهيد 24/ 43.
وعبد بن حميد (706) قال حدثنا أبو نعيم.
وأبو عوانة في مسنده (2162) من طريق أحمد وأبي نعيم عن زهير عن عثمان بمثله.
4 - عبد الله بن نمير:
أخرجه أحمد 1/ 230 ومن طريقه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 عن عثمان بمثله.
5 - يعلى بن عبيد:
أخرجه أحمد 1/ 231 ومن طريقه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 عن عثمان بمثله.
6 - أبو خالد الأحمر (سليمان بن حيان):
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف 2/ 50 ومن طريقه مسلم (727)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم 2/ 322 والبيهقي في الكبرى 3/ 42.
وابن خزيمة في صحيحه (1115) قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني.
والحاكم في المستدرك 1/ 307 من طريق عثمان بن أبي شيبة. وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه! (وهو في مسلم).
ثلاثتهم (أبو بكر وهارون وعثمان) عن أبي خالد الأحمر عن عثمان به.
وهذا نص رواية أبي خالد الأحمر:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) [البقرة 136]، والتي في آل عمران (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) [آل عمران 64] هذا لفظ مسلم.
ولفظ ابن خزيمة: ... وفي الأخرى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (اشهدوا بأنا مسلمون) [آل عمران 64].
ولفظ الحاكم: وفي الركعة الثانية (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (واشهد بأنا مسلمون).
فبجمع الطرق والنظر في تراجمهم تبين ما يلي:
1_ أن الرواة عن عثمان بن حكيم كلهم ثقات، وبعضهم أوثق من بعض.
2 - أن الرواة عن عثمان بن حكيم اتفقوا على ما يقرا في الركعة الأولى.
3 - أن الرواة عن عثمان بن حكيم غير أبي خالد الأحمر اتفقوا في روايتهم أنه يقرأ في الركعة الثانية:
قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، واقتصروا على ذكر هذا الجزء من آخر الآية.
ونص الآية كاملة {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) سورة آل عمران.
4 - أن أبا خالد الأحمر خالفهم فقال: في روايته أنه يقرأ قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (64) سورة آل عمران.
فبهذا يظهر أن رواية أبي خالد شاذة مخالفة لما رواه الثقات عن عثمان بن حكيم، وكأنه ـ والله أعلم ـ اشتبه عليه ختام الآية 52 من آل عمران وهي قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)، وهي التي ذكرها كل أصحاب عثمان بن حكيم بختام الآية 64 من آل عمران وهي قوله تعالى: (فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)!
ومما يُغلِّب الظن في هذا المأخذ رواية عثمان بن أبي شيبة عنه عند الحاكم 1/ 307 أنه يقرأ في الثانية:
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) إلى قوله (واشهد بأنا مسلمون) فقد ذكر بداية الآية رقم 64 (قل يا أهل الكتاب .. ) وختامها ختام الآية رقم 52 آل عمران التي ذكرها بقية الرواة عن عثمان (واشهد بأنا مسلمون).
هذا ما تبين لي فإن كان صوابا فمن الله فله الحمد، وإن خطأ فمن نفسي والشيطان، وقد كنت كتبت هذا الكلام في عام 1418هـ، وجمعت كذلك تخريجا مطولا عن جميع روايات القراءة في سنة الفجر، وحفظت ذلك في (فلوبي) لكنه لم يعمل ولم أنشط لكتابته من جديد إلا الآن فكتبته، وغيرت في صياغته قليلا.
ومما ينبه له أن كثيرا من العلماء في كتب الأحكام، والفقه، والفضائل ... اقتصروا على ذكر الرواية الشاذة، ولم يعرجوا على الرواية الصحيحة وقد وقفت على سبعة وأربعين كتابا اقتصروا على رواية أبي خالد الشاذة، وتركوا رواية الجماعة الصحيحة فلذا عظم الخطب ووجب التنبيه.
ثم لا تظن أخي الكريم أن هذا الكلام انتقاص من صحيح مسلم أو طعن فيه .... معاذ الله بل هو أعظم كتاب بعد كتاب الله، وصحيح البخاري لكن أرجو أن يكون فعلي داخل في النصيحة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: أبى الله أن تكون العصمة إلا لكتابه.
والله تعالى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
-------------------------------
(1) قال ابن معين: إسناده جيد. يحيى بن معين وكتابه التاريخ 3/ 521 رقم (2549)، وقال محقق الكتاب: لم أقف عليه! وخرج حديث القراءة بـ (قل يا أيها الكافرون .. ) قبله خطأ!!.فليصحح هناك.
(2) لفظ النسائي هنا في التفسير (11158): وفي الأخرى (آمنا واشهد بأننا مسلمون) آية المائدة رقم 111، وهذا مخالف للموضع الأول (1016) ولفظه:وفي الأخرى (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) آية آل عمران رقم52، مع العلم أنه أخرجه بنفس الإسناد في الموضعين!(/)
أعينوني يا أهل الخبرة
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[15 Feb 2004, 09:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي الأفاضل في هذا المنتدى المبارك والطيب حفظكم الله ورعاكم , أخوكم يطلب منكم مساعدته وإن شاء الله يجد مبتغاه هنا.
الموضوع هو أني أريد أن أعمل بحثا حول كلمة (قل) الموجودة في القرآن الكريم على أن يتكون البحث من عدة أبواب والأبواب من عدة فصول.
والذي أريده أن أعرفه كيفية البدء في البحث وما هي الكتب التي تعينني في هذا الموضوع
أخوكم ومحبكم في الله: أبوخطاب العوضي
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[15 Feb 2004, 11:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لعل المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم يفيدك في ذلك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2004, 02:00 م]ـ
أخي الحبيب أبا الخطاب وفقه الله ونفع به معذرة على عدم الرد سريعاً على طلبكم.
كأنك أخي الحبيب ترغب في كتابة بحث في التفسير الموضوعي، وهو ما يسمى بالموضوع من خلال القرآن الكريم وهو (القول في القرآن الكريم).
ويمكن مبدئياً عمل البحث بالشكل التالي:
* المقدمة، وتشتمل على:
- سبب اختيار الموضوع.
- أهمية الموضوع.
- الدراسات السابقة في هذا الموضوع.
- الخطة المتبعة في بحث هذا الموضوع.
يمكن تقسيم الموضوعات التالية على هيئة أبواب أو فصول ومباحث حسب الحاجة والمرحلة ونحو ذلك.
- القول في اللغة والقرآن.
- تعريف القول في اللغة.
- مادة (ق و ل) في المعاجم اللغوية.
- القول في القرآن
- أفعال القول في القرآن الكريم.
- الموضوعات المأمور بها بعد (قل) في القرآن الكريم.
- القول في السنة النبوية.
- تصنيف الموضوعات التي وردت فيها مادة (ق و ل) في القرآن الكريم. ويمكن الاستعانة بالمصنفات التي اعتنت بتصنيف موضوعات القرآن الكريم وهي كثيرة ولله الحمد.
- هناك نقاط أخرى لعلها تضاف من قبل الإخوة الكرام. لكن أحببت المشاركة فحسب على عجل خجلاً من أخي أبي الخطاب وفقه الله.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[20 Feb 2004, 06:50 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل عبدالرحمن الشهري , ونفع الله بك المسلمين , لقد كفيت ووفيت وإن شاء الله اعمل على البحث إن قبله الدكتور؟
أخي العزيز سؤال آخر هل تعرف الدكتور: عيادة الكبيسي؟
أخوك في الله: العوضي
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[21 Feb 2004, 05:26 ص]ـ
ويمكن أن يسهل لك البحث هو برنامج صخر للقرآن الكريم، وهو أيسر من البحث خلال موقعهم على الشبكة وبإمكانك البدء به على
http://quran.al-islam.com/Search/Search.asp?Adv=1
وأسأل الله أن يعينك ويوفقك لما يحب ويرضى
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[21 Feb 2004, 10:29 ص]ـ
بارك الله فيك أخي العزيز راجي رحمة ربه ووفقك الله لما يحبه ويرضاه(/)
من يدلتي على مصحف باللمس
ـ[عيسى القرشي]ــــــــ[16 Feb 2004, 01:32 م]ـ
أتمنى من أهل الاختصاص أن يدلوني على:
مصحف بالمس خاص لمن فقدوا أبصارهم
فمن كان له القدرة في افادتي في ذلك فجزاه الله خيراً
علماً بأن المصحف يريده طالب علم أعمي وهو يريد ان يكمل حفظه للقرآن عن طريق مصحف اللمس
وقد حفظ 15 جزء عن طريق المسجل ولكن هذه الطريقة متعبة وشاقة
فمن استطاع ان ينفع اخاه فليفعل
وجزاه الله خيراً (ومن مشى في حاجة اخيه كان له من الاجر العظيم الذي ذكره رسول الله وهو:
خير له من يعتكف في مسجد رسول الله ....(/)
الشجرة الملعونه فى القرآن
ـ[ hamed] ــــــــ[16 Feb 2004, 01:42 م]ـ
تفسير القرطبي ج: 10 ص:282 - 283
وقال في رواية ثالثة إنه عليه السلام رأى في المنام بني مروان ينزون لى منبره نزو القردة فساءه ذلك فقيل إنما هي الدنيا أعطوها فسري عنه وماكان له بمكة منبر ولكنه يجوز أن يرى بمكة رؤيا المنبر بالمدينة وهذا التأويل الثالث قاله أيضا سهل ابن سعد رضي الله عنه قال سهل إنما هذه الرؤيا هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فاغتم لذلك وما استجمع ضاحكا من يومئذ حتى مات صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية مخبرة أن ذلك من تملكهم وصعودهم يجعلها الله فتنة للناس وامتحانا وقرأ الحسن بن علي في خطبته في شأن بيعته لمعاوية وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين
تفسير القرطبي ج: 10 ص: 286
قال الحسن وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن الإسلام لذلك وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دخل فيه من حديث قتادة وذكر باقي الإسراء عمن تقدم في السيرة وقال ابن عباس هذه الشجرة بنو أمية
تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 50
البصري وغير واحد وكل من قال إنها ليلة الإسراء فسره كذلك بشجرة الزقوم وقيل المراد بالشجرة الملعونة بنو أمية وهو غريب ضعيف وقال ابن جرير حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعيد حدثني أبي عن جدي قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات
تفسير الطبري ج: 15 ص: 112
قال هي رؤيا منام إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره ذكر من قال ذلك حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة قال ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد قال ثني أبي عن جدي قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة
فتح القدير ج: 3 ص: 239
وقيل إن الشجرة الملعونة هى الشجرة التى تلتوى على الشجر فتقتلها وهى شجرة الكشوث وقيل هى الشيطان وقيل اليهود وقيل بنو أمية ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا أى نخوفهم بالآيات فما يزيدهم التخويف إلا طغيانا متجاوزا للحد متماديا غاية التمادي فما يفيدهم إرسال الآيات إلا الزيادة فى الكفر فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار وهو عذاب الاستئصال ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة
فتح القدير ج: 3 ص: 240
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس قال ابن كثير بعد أن ساق إسناده وهذا السند ضعيف جدا وذكر من جملة رجال السند محمد بن الحسن بن زبان وهو متروك وشيخه عبد المهيمن بن عباس ابن سهل بن سعد ضعيف جدا وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمرو أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال رأيت ولد الحكم بن أبى العاص على المنابر كأنهم القردة فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة يعنى الحكم وولده وأخرج ابن أبى حاتم عن يعلي بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأيت بني أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء واهتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك فأنزل الله الآية وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي نحوه مرفوعا وهو مرسل وأخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى وابن عساكر عن سعيد بن المسيب نحوه وهو مرسل وأخرج ابن مردويه عن عائشة أنها قالت لمروان بن الحكم سعمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأبيك وجدك إنكم الشجرة الملعونة فى القرآن
فتح الباري ج: 8 ص: 398
فروى بن مردويه من حديث الحسين بن على رفعه إني أريت كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا فقيل هي دنيا تنالهم ونزلت هذه الآية وأخرجه بن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص ومن حديث يعلى بن مرة ومن مرسل بن المسيب نحوه
فتح الباري ج: 8 ص: 399
وذكره بن أبي حاتم عن بضعة عشر نفسا من التابعين ثم روى من حديث عبد الله بن عمرو أن الحكم بن أبي العاص وولده(/)
قصة ابني آدم عليه السلام
ـ[التفسير1000]ــــــــ[17 Feb 2004, 12:15 ص]ـ
الإخوة أعضاء المنتدى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو التكرم بإفادتي عن كتاب أو بحث متخصص عن قصة ابني آدم عليه السلام، ولكم مني وافر الدعاء.
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[10 Mar 2009, 06:57 م]ـ
للرفع
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Mar 2009, 07:20 م]ـ
عليك بالقرآن أخي الكريم
سورة المائدة
فهو أدق وأصدق الكتب في مسألتك.
وفقك الله.(/)
ذبيحة الكتابي التي ذكر عليها غير اسم الله تعالى
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 Feb 2004, 12:29 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،، مشايخي الكرام
(ذبيحة الكتابي الذي ذكر اسم غير الله تعالى عليها) ما حكمها؟
فيها رأيان:
الأول / الحرمة،،، وهو للجمهور ... أبوحنيفة و أبو يوسف و محمد و زفر و الشافعي و مالك في المعتمد عنه و رويت عنه الكراهة
الثاني / الحل،،، وهو لعطاء و مكحول و الحسن و الشعبي و سعيد بن المسيب و أشهب من المالكية
لننتبه ... استدل الأولون بعموم قوله تعالى: ((و ما أهل به لغير الله))
و استدل الآخرون بعموم قوله تعالى: ((و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم))
هؤلاء استدلوا بعموم و أولئك استدلوا بعموم
الغرض من إيراد هذه المسألة هو أن الله تعالى منّ عليّ بطرف في علم الأصول و بحب عظيم لهذا العلم، و بميل إلى تطبيقه فروعيا في كل دراستي الفروعية، فرأيت رأيا بنظري القاصر في هذه المسألة، و ما وجدت مانعا من طرحه للتقويم و المناقشة ـ ورأي ظني غير متأكد ـ و لذا طرحته للتقويم و المناقشة،،،،،
أقول و بالله تعالى التوفيق:
كلنا يعلم القاعدة المشهورة عند الأصوليين و التي مؤداها أن العام الذي لم يدخله التخصيص في أفراده أقوى دلالة في حكمه على أفراده من العام الذي دخله التخصيص في أفراده، و لو لم يخرج إلا القليل من الأفراد ـ أي وإن ضعف التخصيص ـ،،،،، و أن التخصيص وإن كان لا يمنع بقاء حكم العام على بقية أفراده، إلا أن هذا التخصيص أحدث ضعفا ـ خفيا ـ في بقاء هذا الحكم على بقية الأفراد بعد التخصيص،،، و لا يظهر هذا الضعف النسبي إلا إذا وقع التعارض بين هذا العام (المخصص) و بين عام آخر (محكم) لم يخصص، و أنه إن حدث هذا التعارض و استنفذت طرق الإعمال السابقة لعملية الترجيح كمحاولة الجمع أو إمكان النسخ، و لم يبق إلا الترجيح، فلا شك أن المرجح هو الأقوى دلالة وهو العام المحكم الذي لم يدخله التخصيص،،،
و بالنسبة لمسألتنا المذكورة فإننا إن نظرنا إلى قوله تعالى:
((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم))
نجد أن هذه الآية مخصوصة بالإجماع، فقد خرج منها الخنزير و الخمر و الميتة و الدم المسفوح،، كل ذلك خارج بالإجماع،، فهذه الآية مخصوصة بالإجماع،، أو بصيغة أخرى / مجمع على عدم إرادة كل الأفراد في هذا العموم،،،
فالتخصيص في هذه الآية واقع جزما ... كبير كمّا
و أما قوله تعالى:
((و ما أهل به لغير الله))
فنحن نرى أن الظاهر عموم اللفظ لكل أفراده، فلا إجماع على تخصيص، و لا نرى كمّا من المخصّصات ـ بفتح الصاد ـ بل هي هذه الصورة التي يجري خلافنا فيها الآن،،،،
فنرى أن قوة هذا العموم تفوق بمراحل قوة العموم الأول، حيث إن العموم الأول قد أخرج منه بعض أفراده بالإجماع، مع كثرة هذه الأفراد بالنسبة للعموم الثاني .....
و أما العموم الثاني فلا أرى ـ في حد علمي ـ خلاف في إخراج أحد أفراده إلا هذا الفرع الذي بين أيدينا،،،
ثم هو خلاف لا إجماع كحال العموم الأول ....
و عليه // فلو دار إلحاق هذا الفرع بين أن يكون مخصصا ـ بفتح الصاد ـ من عموم الآية الأولى، أو من عموم الآية الثانية، فالأولى كونه مخصصا من عموم الآية الأولى لضعف قوة هذا العموم، و لقوة العموم الثاني، فتكون ذبيحة النصراني التي ذكر عليها غير اسم الله تعالى مستثناة من قوله تعالى ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)) فتثبت الحرمة المأخوذة من ثبوتها في أفراد عموم قوله تعالى ((وما أهل به لغير الله))،،،،،، و الله تعالى أعلم
هذا ما حاولت فهمه، و على مشايخنا حفظهم الله تعالى التقويم ...
أخوكم / محمد رشيد
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 May 2004, 12:23 م]ـ
يرفع للنقاش
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[24 May 2004, 02:12 ص]ـ
هل من مقيّم للكلام؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 May 2004, 10:04 ص]ـ
السلام عليكم
((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم))
من هم الذين أوتوا الكتاب؟
إنهم آل إبراهيم، وآل إبراهيم هم بنو إسرائيل وبنو إسماعيل.
والكتاب الذي آتاه الله آل إبراهيم هو التوراة والقرآن، فقبل القرآن كان الكتاب هو التوراة، وإن كانت التوراة هي كتاب النصارى أيضا فلا يصح أن نقول عن النصارى أنهم أوتوا التوراة، هم ينتسبون إلى التوراة يصح أن نقول عنهم أنهم (أهل الكتاب) أي أهل التوراة ولا يصح أن نجعلهم من (الذين أوتوا الكتاب).
وصف أهل الكتاب يطلق على كل منتسب للكتاب فهي تطلق على اليهود وعلى النصارى، أما (الذين أوتوا الكتاب) فلا ينبغي أن تطلق إلا على الذين أوتوه.
مثلا: القرآن كتاب الله، كل المسلمين يعتبرون (أهل القرآن) أما الذين أوتوا القرآن فهم العرب: نزل بلغتهم والنبي عربي.
وبناء على هذا فطعام اليهود هو فقط الذي أحل لنا فهم فقط الذين يذبحون مثل المسلمين ويذكرون اسم الله عليه، أما النصارى فلا يذبحون بل يخنقون ويصعقون بالكهرباء ومنهم من يضرب رأس الدجاج بالمطرقة، ويأكلون الميتة، فكيف يكون هؤلاء هم المعنيين في الآية!!
المسلمون في الغرب إذا تعذر عنهم أن يجدوا جزارة إسلامية فإنهم يشترون اللحم من الجزار اليهودي ولا يشتري اللحم من عند النصراني، وفي هذا تطبيق للآية (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم).
واليهودي المتدين لا يشتري اللحم إلا من جزارة اليهود أو من عند المسلمين لإيمانه أنه حلال (وطعامكم حل لهم).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[26 May 2004, 11:11 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى > مجموع فتاوى ابن تيمية > الفقه > كتاب الأطعمة > باب الذكاة > مسألة: أكل ذبيحة أهل الكتاب > فصل الإنكار على من يأكل ذبائح أهل الكتاب)
قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} هل المراد به من هو بعد نزول القرآن متدين بدين أهل الكتاب؟ أو المراد به من كان آباؤه قد دخلوا في دين أهل الكتاب قبل النسخ والتبديل؟ على قولين للعلماء. " فالقول الأول " هو قول جمهور المسلمين من السلف والخلف وهو مذهب أبي حنيفة؛ ومالك وأحد القولين في مذهب أحمد؛ بل هو المنصوص عنه صريحا. و " الثاني " قول الشافعي؛ وطائفة من أصحاب أحمد. وأصل هذا القول أن عليا وابن عباس تنازعا في ذبائح بني تغلب فقال علي: لا تباح ذبائحهم ولا نساؤهم؛ فإنهم لم يتمسكوا من النصرانية إلا بشرب الخمر وروي عنه [أنه قال] نغزوهم لأنهم لم يقوموا بالشروط التي شرطها عليهم عثمان؛ فإنه شرط عليهم أن وغير ذلك من الشروط. وقال ابن عباس: بل تباح؛ لقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}. وعامة المسلمين من الصحابة وغيرهم لم يحرموا ذبائحهم؛ ولا يعرف ذلك إلا عن علي وحده وقد روي معنى قول ابن عباس عن عمر بن الخطاب. فمن العلماء من رجح قول عمر وابن عباس وهو قول الجمهور: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وصححها طائفة من أصحابه؛ بل هي آخر قوليه؛ بل عامة المسلمين من الصحابة والتابعين وتابعيهم على هذا القول. وقال أبو بكر الأثرم: ما علمت أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كرهه إلا عليا وهذا قول جماهير فقهاء الحجاز والعراق وفقهاء الحديث والرأي كالحسن وإبراهيم النخعي والزهري وغيرهم وهو الذي نقله عن أحمد أكثر أصحابه وقال إبراهيم بن الحارث: كان آخر قول أحمد على أنه لا يرى بذبائحهم بأسا. ومن العلماء من رجح قول علي وهو قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وأحمد إنما اختلف اجتهاده في بني تغلب؛ وهم الذين تنازع فيهم الصحابة. فأما سائر اليهود والنصارى من العرب مثل: تنوخ وبهراء وغيرهما من اليهود: فلا أعرف عن أحمد في حل ذبائحهم نزاعا؛ ولا عن الصحابة ولا عن التابعين وغيرهم من السلف؛ وإنما كان النزاع بينهم في بني تغلب خاصة؛ ولكن من أصحاب أحمد من جعل فيهم روايتين كبني تغلب. والحل مذهب الجمهور كأبي حنيفة ومالك وما أعلم للقول الآخر قدوة من السلف. ثم هؤلاء المذكورون من أصحاب أحمد [قالوا] من كان أحد أبويه غير كتابي بل مجوسيا لم تحل ذبيحته ومناكحة نسائه
انتهى من كلامه
فيظهر جليا أنه لم يفهم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الآية لا تشمل النصارى كما تشمل اليهود وفهمهم هو المتعين إذ هم قد شاهدوا التنزيل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي بين لهم معانيه فلا يمكن أن يتفقوا على خطأ في فهم كلام الله ثم نأتي من بعدهم ونفهمه على الوجه الصحيح
وقال الله تعالى:
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وقال شيخ الإسلام في مقدمته في أصول التفسير:
فصل يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه فقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} يتناول هذا وهذا وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا؛ ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة. انتهى من كلامه
وهذا الأثر مذكور في تفسير الطبري وغيره وأيضا روى الإمام الطبري مثله بإسناد حسن عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
وروى الإمام أحمد (246 و 350) وابن ماجه (2276) وغيرهم عن عمر رضي الله عنه أنه قال:
إن آخر ما نزل من القرآن آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها فدعوا الربا والريبة
هذا الحديث صححه الشيخ الألباني في تعليقه على سنن ابن ماجه
فدل هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يبين لهم ما يحتاجون إليه من معاني الآيات ومعرفة الأحكام. كيف لا وهو القائل:
إنه ليس شيء يقربكم من الجنة إلا وأمرتكم به وليس شيء يقربكم من النار إلا وقد نهيتكم عنه
والحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني برقم (2866) وبين فيه طرقه وتصحيحه إياه(/)
استفسار لمن لديه معرفة بتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور؟
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[17 Feb 2004, 12:36 ص]ـ
هل توجد مادة علمية في أصول الفقه تستحق الجمع والدراسة في تفسير الطاهر
ابن عاشور أم لا؟
دمتم في رعاية الله ..
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[20 Feb 2004, 09:09 م]ـ
السلام عليكم
بالإمكان توجيه الاستفسار للدكتور عبد الله الريس
الأستاذ في جامعة الملك سعود بالرياض فرسالته العلمية كانت عن هذا الكتاب
أو توصية أحد الزملاء بالرياض لتوجيهه
دمت موفقاً
عبد الله(/)
رأي ابن تيمية في نسخ القران بالسنة
ـ[الراية]ــــــــ[17 Feb 2004, 08:13 م]ـ
هذه المسألة اختلف فيها المتقدمون
فمنعها: الإمام الشافعي، والإمام احمد بن حنبل في رواية عنه.
وجوزها: أصحاب الإمام أبي حنيفة، ورواية عن الإمام احمد،وغيرهم.
ذكر ابن تيمية دليلين لمن يرى جواز وقوعه وأجاب عنها ..
الدليل الأول
احتجوا أن الوصية للوالدين والأقربين نسخها قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوراث)
الرد على هذا الدليل
هذا غلط!
لأن ذلك إنما نسخه آية المواريث كما اتفق على ذلك السلف؛ فانه لما قال سبحانه وتعالى بعد ذكر الفرائض ((تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)) (النساء:13 - 14)
فلما ذكر أن الفرائض المقدرة حدوده ونهى عن تعديها كان في ذلك بيان انه لا يجوز أن يزاد على ما فرض الله له.
وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوراث)، وإلا فهذا الحديث وحده إنما رواه أبو داود ونحوه من أهل السنن، ليس الصحيحين، ولو كان من أخبار الآحاد لم يجز أن يجعل مجرد خبرٍ غي معلوم الصحة ناسخا للقرآن.
الدليل الثاني
وقد ذكروا من ذلك قوله تعالى (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا) (النساء: من الآية15)
وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب والرجم).
الرد على هذا الدليل
وهذه الحجة ضعيفة لوجهين:-
أحدهما: أن هذا ليس من النسخ المتنازع فيه فان الله مد الحكم إلى غاية، والنبي صلى الله عليه وسلم بين تلك الغاية، لكن الغاية هنا مجهولة، فصار هذا يقال: انه نسخ!، بخلاف الغاية البينة في نفس الخطاب، كقوله تعالى ((ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)) (البقرة: من الآية187)، فان هذا لا يسمى نسخاً بلا ريب.
الثاني: أن جلد الزاني ثابت بنص القرآن، وكذلك الرجم كان قد انزل فيه قران يتلى، ثم نسخ لفظه وبقي حكمه، وهو قوله ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم))، وقد ثبت الرجم بالسنة المتواترة واجماع الصحابة.
وليس هذا من موارد النزاع فان الإمام الشافعي واحمد وسائر الأئمة يوجبون العمل بالسنة المتواترة المحكمة وان تضمنت نسخاً لبعض آي القران.
ثم يقول - رحمه الله-
وبالجملة فلم يثبت أن شيئا من القران نُسِخ بسنة بلا قران
نقلته بتصرف قليل من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 20/ 397 - 399
وبالمناسبة احب ان استفسر من الاخوة جميعا المشرفين والاعضاء ان كانت هناك دراسات حول آراء شيخ الاسلام في القرآن وعلومه ان يذكروها هنا ليستفيد الجميع
وجزاكم الله خيرا
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[17 Feb 2004, 11:18 م]ـ
من المسائل التي قيل فيه بتخصيص القرآن بالسنة:
قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، والمخصص لها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببكاء الحي. أخرجه الشيخان.
وممن ذهب إلى دعوى تخصيص الآية بهذا الحدجيث: الشوكاني، وابن باز رحم الله الجميع.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[18 Feb 2004, 08:30 ص]ـ
بسم الله
لعل كتاب النسخ في القرآن العظيم لسعادة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودي يفيد كثيراً في توضيح هذه المسائل، والكتاب من منشورات مركز البحوث بجامعة الملك سعود
وفقك الله
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 Feb 2004, 06:41 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: أحمد القصير
من المسائل التي قيل فيه بتخصيص القرآن بالسنة:
قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، والمخصص لها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببكاء الحي. أخرجه الشيخان.
وممن ذهب إلى دعوى تخصيص الآية بهذا الحدجيث: الشوكاني، وابن باز رحم الله الجميع.
التخصيص مسألة مختلفة عن النسخ. نعم، السنة تخصص النصوص العامة في الكتاب لأنها شرح له، لكنها لا تنسخ القرآن.
والمثال أعلاه لا يستقيم لأن الميت يعذب نتيجة لتأثره ببكاء الحي، أي يحزن بحزنهم، وليس أن الله يعذبه بذنبهم!!!
ـ[العبيدي]ــــــــ[19 Feb 2004, 09:40 م]ـ
ذكر الدكتور عبدالله بن الإمام محمد الأمين الشنقيطي في رسالة له اسمها النسخ في القرآن أو نحو هذا العنوان جواز نسخ القرآن بالسنة وذكر مثال قوله تعالى: "إنما حرم عليكم الميتة و ... " وذكر إن في السنة تحريم لأطعمة لم تذكر في الآية و الآية حصرت أنواع الأطعمة المحرمة بإنما فتكون السنة تنسخ القرآن وانظر إلى كلام والده الإمام في هذه المسألة وكذلك في كتاب أصول الفقه عند أهل السنة و الجماعة للجيزاني وجزاكم الله خيرا(/)
بدء شبكة التفسير والدراسات القرآنية. سجل رأيك وفقك الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Feb 2004, 10:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد بدأ موقعكم الذي وعدناكم به شبكة التفسير والدراسات القرآنية مع بداية العام الهجري الجديد 1425هـ، بعد مرور عام على بدء ملتقى أهل التفسير. نسأل الله أن يجعل أعمارنا جميعاً معمورة بطاعته، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل.
نرجو منكم جميعاً وفقكم الله التكرم بالنظر في الموقع بعد الإضافات التي تمت، وتسجيل ملاحظاتكم حول الموقع من جوانبه المختلفة، لنصل بالموقع جميعاً إلى المستوى اللائق بالعلم الشريف الذي يدور حوله.
وأشكر المشرفين على هذه الشبكة لما بذلوه من جهد لإنجاح العمل في وقته المحدد، وأخص بالشكر أخي الكريم الدكتور مساعد الطيار وفقه الله على جهده الواضح، وأخي الكريم الشيخ محمد القحطاني (أبي مجاهد العبيدي) وفقه الله، وأخي الكريم الشيخ أحمد البريدي وفقه الله، وجزاكم الله جميعاً خيراً أيها الأعضاء الكرام، فقد كان لكم أعظم الأثر في دفعنا للعمل، وسامحونا إذا وجدتم خللاً هنا أو هناك، وهو واقع لا محالة، فاحملونا على محمل العذر الواسع رحمكم الله وغفر لكم.
ستكون أراؤكم ومقترحاتكم محل العناية والاهتمام، فلا تبخلو علينا، وليكن ملتقى أهل التفسير محلاً لنقاش ما يستحق المناقشة من موضوعات الشبكة المختلفة.
شبكة التفسير والدراسات القرآنية ( http://www.tafsir.net)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[23 Feb 2004, 09:17 م]ـ
نحو أفق العالمية
......... في الخطوة الثانية
ليسيرن الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه
نص نبوي يمزق شرنقة الانحباس، ويمد جغرافيا التفكير، ويتأبى على قيد الظرف، ويرفض إملاءات الدعة، إنه ينقل خبابا رضي الله عنه من محرقة مكة ليضعه في سياق الدولة الآمنة التي تحتضن صنعاء وأبين، ويأخذ بطرفه بعيدا عن سوداوية الآن، إلى ضياء القريب الذي تبنيه عزائم الرجال، وتتقحمه همم الأبطال،
لقد احمر وجه الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأي الكيات قد أصابت عزيمة ابن الأرت، وألم لها أكثر من ألمه من خطوط العذاب التي رسمت على الجسد المؤمن.
لقد أقام بهذه الكلمة رواقا من التفاؤل شد بأطناب اليقين، وأفسح المدى لعيون التلاميذ حتى تخترق حدود الأفق الحسي إلى آفاق بعيدة تصلها المطايا الابية،
موقف الرسول في ظلال البنية المشرفة مع الصاحب المعذب، رسالة النجاح للعاملين في الدعوة في العالم اليوم
الصبر والأمل، والأفق البعيد،
وللحقيقة فقد لاحت غمامة من الحزن في سماء الفرح ونحن نحتفل بالخطوة الثانية، لشبكة التفسير
أزجاها إلى أفق الروح ما يبدو كإطلالة أسوار من التخصصية، وقضبان من الاحتكار العلمي، وموجة من الرغبة في رسم حدود للناهلين من مورد القرآن،
إن الأقسام الجامعية حفرت بلاريب خنادق دون العلوم وادعت دهرا أنها المتحدث الرسمي باسم تلك التخصصات، ونظرت بازدراء إلى النابغين وهم يعبرون مدى الإبداع، واكتفت بنشوة خمرية سرابية يعيش فيها ما يسمونه ب (المتخصص)
نعم إن فتنة التخصص ليس داء لأقسام التفسير وحدها، لكن المأزق الخطير لها أنها إن ادعت ذلك فرضت وصاية على فهم كتاب الله، وانتزعت بغير حق امتياز الانتفاع بالكتاب العظيم الذي قال الله فيه ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
أنا لا أهاجم أصول التفسير أو قواعده أو شروط المفسر
كما ليس قصدي الحط من العناية بفن من فنون العلوم
لكني كغيري من المسلمين يرفضون استحواذ أي أحد كائنا من كان سواء كان فردا أو هيئة علمية،يرفضون استحواذهم على أحقية التفسير بسبب الرتبة الاكاديمية أو التخصص، فمن ملك الآلة فمن حقه الذي جعله الله له أن ينتفع بكلام ربه، وأن يعيش معه، وأن تطيب حياته به،
إن أي محاولة لتقنين التفسير ضمن تلك الأغلال الأكاديمية هو صد عن كتاب الله الذي يسره للذكر وكان بلسان عربي مبين
ونا أعرف المشرف العام ولا أزكية بعيدا عن التشبع، مبغضا للتزيد، يثمن الجهد لذاته بعيد عن الأوصاف الأكاديمية، أو النياشين التخصصية،
فقيمة المرء ما يحسن، ولذا فإني أنادي باسمي وباسم من ينيبني من المستفيدين من الموقع أن يقفز الموقع بمشرفيه الأكارم فوق نطاق الأكدمة المملة، وليضيئوا بهذا التفسير قلوب ودروب العالم،
وأن ينهجوا نهجا قوامه أن يفهم الناس عن ربهم، وأن يفقهوا خطاب مولاهم، وأن يعينوهم على تدبره والعمل به والاستغناء بحلاوته،
وأن يكون موقعا عالميا لكل أحد يريد أن يفهم آية من القرآن مهما كان مبلغه العلمي
وأن ينفخ في الشبكة روح الخشوع الذي يهز قلوب القارئين، ويستجيش دموع الناظرين،
لن نرضى أن يتحول الموقع إلى قسم أكاديمي، فهو لنا جميعا، ومن أراده كذلك فليعد إلى الأسوار
خاتمة:
جزاك الله خيرا يا أبا عبدالله، والله إن الحرف ليعجز أن يعبر عن روعة الموقع وجماله وفرحي به
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[23 Feb 2004, 09:51 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أولاً أهنئ نفسي و إخواني بهذه البداية الموفَّقة المطورة
و أشكر الله تعالى الذي هيأ هذا الملتقى،
مثنياً بجهود و كلمات و أعمال الشيخ الكريم / أبي عبد الله عبد الرحمن الشهري.
وموصول الشكر للأعضاء و المشرفين
و الله يتولى الجميع بحفظه
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Feb 2004, 10:18 م]ـ
شكر الله لك ابا عبد الله , ومن باب إعادة الفضل لأهله فالموقع هو جهدك وفقك الله , وأنت تعلم أنني لم أطلع على الموقع إلا يوم إطلاقه , اسأل الله أن ينفع به كما نفع بأصله.
ـ[أبو الجود]ــــــــ[23 Feb 2004, 10:34 م]ـ
الأخوة الأفاضل الكرام يعجز اللسان عن الشكر فجزاكم الله خيرا وفقكم الله و أعانكم و يسر أموركم و جعل ما تبذلون من وقت و جهد في ميزان الحسنات يوم القيامة و أرجو أن نجد في الأيام القادمة من الكتب النافعة الكثير مثل المصباح للشهرزوري بتحقيق الدكتور الدوسري و غيرها بارك الله فيكم و أسعدكم في الدنيا و الآخرة كما أسعدتمونا
ـ[ابن العربي]ــــــــ[24 Feb 2004, 09:00 ص]ـ
تبارك الله تبارك الله
جزاكم الله خيراً وتقبل الله منا ومنكم
أسأل الله العظيم رب العرش المجيد أن يجعل عملكم هذا خالصاً لوجهه الكريم تلقونه يوم الدين
آمين وصلى الله على نبينا محمد
---------------------------------
أخوكم ابن العربي
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Feb 2004, 04:45 م]ـ
نحمد الله تعالى، ثم نشكركم على هذا الجهد الذي يسر الناظرين، ولاشك أن وراء ذلك عملا دؤوبا، وجهدا متواصلا، أثمر هذه الشبكة التي جمعت هذه النفائس، وحق لنا أن نقول: كل الصيد في جوف (الشبكة).
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[25 Feb 2004, 12:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا
مجهود رائع وعمل متقن وقلوب نحسبها مخلصة. نفع الله بكم وسدد على الخير خطاكم
ـ[المحرر]ــــــــ[26 Feb 2004, 06:37 ص]ـ
بارك الله فيكم؛ جهد مشكور.
ـ[المنذر]ــــــــ[26 Feb 2004, 03:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا ... وبارك في خطاكم ..
ـ[ياسر الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 07:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
مجهود رائع وعمل متقن وقلوب نحسبها مخلصة. نفع الله بكم وسدد على الخير خطاكم
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[28 Feb 2004, 10:19 م]ـ
يكفي هذا الجهد شهادة سمعته التي طارت حتى تجاوزت المتخصصين في قسم القرآن وعلومه إلى أعضاء بارزين في تخصصات أخرى، ويكفي شهادة لهذه الشبكة أنها حملت نفائس ودرراً ولم تحمل سمكاً وحوتا، جهد نعده مشروع العمر لك أبي عبد الله والأخوة معك، سدد الله الخطى وبارك بالجهود ونفع بالمجهود وكتب عظيم الأجر والمثوبة، وسيروا في سفينة القرآن أنتم قبطانها ونحن من صياديها بإذن الله.
ـ[قالون]ــــــــ[29 Feb 2004, 10:48 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أهل القرآن .. ونفع بكم .. وفكرة رائعة ..
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[29 Feb 2004, 10:02 م]ـ
بارك الله في جهودكم، والعبارات ربما قصّرت في إيفائكم حقكم من الشكر والثناء. للجميع باقة فواحة من التحيات.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[03 Mar 2004, 07:42 ص]ـ
أسأل الله تعالى أن يعلي مقام القائمين على هذا الموقع المتميز وأن يبارك في جهودهم.
فخيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وبهذه المناسبة أتقدم باقتراح للإخوة المشرفين على الموقع يتلخص في نقطتين:
الأولى: عمل قسم خاص لتنحميل كتب ومراجع التفسير وعلوم القرآن التراثية والمعاصرة وكذا الصوتية والمرئية , بحيث يصبح الموقع مرجعا معتمدا وهاما في هذا الشأن.
الثانية: - وهي عندي أهم من الأولى _ جمع أقول المفسرين في مكان واحد بحيث تجمع باختصار على كل آية وذلك ضمن مشروع منظم وبعنوان " الجامع المختصر لأقوال المفسرين "
بحيث تجمع أقوال المفسرين مختصرة وتصنف حسب قوتها وتوضع تحت كل آية ويبين الراجح والمرجوح والشاذ منها؛ وذلك وفق خطة تطرح للمناقشة بين اللمشرفين والأعضاء.
وفي رأي الخاص باختصار:
- يطرح المشرف آية لمدة أسبوع يوم الجمعة مثلا.
- ثم يضع السادة الأعضاء وفق نظام محدد من المشرفين جميع الأقوال لعشرات المفسرين طيلة هذا الأسبوع
وبالتالي سيجتمع لدينا بعد مدة تفسير جامع شامل لأقوال المفسرين لكل آية من كتاب الله.
ومن مميزات هذا المشروع:
1 - التعاون على البر والتقوى وشغل الأعضاء بالخير في مطالعة التفاسير المتنوعة
2 - تيسير تقديم أقوال المفسرين للقارئ والباحث
3 - بيان الراجح والمرجوح منها والإشارة للشاذ
4 - تيسير الجمع لعمل كبير يصعب على الأفراد جمعه.
أسأل الله أن ينفعنا بالقرآن وأن يجعله حجة لنا لاعلينا.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[06 Mar 2004, 10:22 م]ـ
جهد مشكور .. جزاكم الله خيرا
لكن زوار الموقع قليل! بالنسبة لغيره .. ، وكذلك أعضاءه ..
هذا مع قوة الملتقى، وقوة ما يطرح فيه،
ولعل السبب، والله أعلم عدم علم الكثيرين به، .. فلو ينظر في طريقة، أو أخرى للدعاية للموقع ليكثر الزوار والأعضاء، وتكثر المواضيع، والفوائد ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[07 Mar 2004, 06:26 ص]ـ
جهد مشكور أخي الكريم عبدالرحمن الشهري نفع الله بكم. وقد دهشت لهذا الإنجاز العلمي المتميز الذي يغبط عليه القائمون عليه، والمنتفعون به على حد سواء.
وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن القصد، وإخلاص النية.
أتوقع لهذا الموقع إن استمر على هذا المنهج أن يغير كثيراً من المفاهيم الخاطئة عن الانترنت والمنتديات الحوارية، وأن يخرج بالتخصصات العلمية إلى أفق العالمية كما ذكر أخي عبدالله بلقاسم في تعقيبه، وأنا أتفق معه على عدم السير بهذا الملتقى ولا الشبكة في طريق التخصص الأكاديمي الضيق، والانفتاح على كل ما ينفع ويفيد وهذا هو الظن بكم أخي عبدالرحمن أنت وجميع المشايخ الكرام القائمين على هذا المشروع العلمي الرائد.
أخوكم
فهد
ـ[الطالب المبتدئ]ــــــــ[11 Mar 2004, 05:14 ص]ـ
أظن أن إضافة الموقع لمحركات البحث العالمية سوف يزيد أعداد الداخلين له والمستفيدين أيضاً
ـ[ابن الشحي]ــــــــ[15 Mar 2004, 09:34 ص]ـ
أسأل الله جل وعلا أن يجزي القائمين على هذا الموقع المبارك خير الجزاء.
بعد تصفحي لهذا الملتقى أثلج صدري ما رأيت فهو فريد في طرحه وأسلوبه ويسد حاجة عند كثير من طلبة العلم.
ياحافظ القرآن رتِّل آيه = فالكل أنصَتَ للتلاوةِ مُطرِقَاً
نبِّه بآي الذِّكرِ سمعاً غافلاً = وافتح به قلباً مريضاً مغلَقَاً
واصدع به في العالمين مجلجِلاً = واصدح به فوق الغيوم محلِّقاً
ليزولَ صوتُ المبطلين ويصمتوا = ويكفُّ طيرُ غرابِهم أن ينعقَا
عطِّر بآياتِ الكتابِ سماءنا = و انشر عبيراً في الفضاء معتَّقَاً
واجعله نبراساً تسير بهديهِ = وارفع بهِ في الخافقينِ البيرقَا
واحرص على الإخلاصِ في تعليمهِ=كي لا تسعَّر في الجحيمِ وتُحرَقَا
ـ[الخطيب]ــــــــ[23 Mar 2004, 07:06 ص]ـ
في عالم استحالت فيه الثوابت إلى متغيرات، وهفت فيه نفوس القوم وقلوبهم إلى الفانيات، يبرز فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى كالنور في الظلام نذروا أنفسهم لخدمة كتاب ربهم فإليه صرفت أوقاتهم وأعمالهم يرجون بذلك رحمة ربهم ويخافون عقابه
فتحية لك أخي عبد الرحمن الشهري ولصحبك الكرام، جهد مشكور، وعمل مأجور، وتجارة لن تبور، ولكننا إلى المزيد نطمع، وإلى الأمام ندفع، فمن نجاح إلى نجاح بعون الله، غفر الله لنا تقصيرنا معكم وجزاكم عنا كل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2004, 03:21 م]ـ
الحمد لله أجزل الحمد وأوفاه.
شكر الله لكم أيها الإخوة الكرام، من تفضل وكتب، ومن مر وصبر وقرأ، فإن نجاح هذه الشبكة لن يتم بدونكم. والمشرفون على هذه الشبكة يسعدون بكل كلمة تكتب في النقد والنصح والتوجيه، وقد كررنا هذا مراراً، وسنكرره ما شاء الله!
وأما ما تفضل به أخي الحبيب عبدالله بلقاسم، فأقول له، أتفق معك في كل ما ذكرته، وما كان هذا الموقع ليحتكر العلم لا في التفسير، ولا في غيره، ونحن لا ندعي لأنفسنا حقاً نذود الناس عنه، ولا سيما فيما يتعلق بكتاب الله وكلامه، الذي تعبد الله به كل مسلم ومسلمة، بل إننا لنفرح بأمثالكم فرح الغريب بأوبةٍ وتلاقِ - كما قال حافظ، وما عنينا بالتخصص المرادف للأكاديمية، وإنما حرصنا على عدم التشتت في أصناف العلوم، حتى لا ننقطع، وحتى لا يطمع فينا كل سائل، ليس رغبة عن إجابته وإفادته، ولكن اعترافاً منا بقلة العلم، وتوسيعاً لباب العذر، فمتى وُجد فينا من يجيب السائل على سؤاله، مهما كان نوع السؤال وفنه، فرحنا بالإجابة، وعددناه علماً نافعاً ننتفع به، غير أننا نخشى من بقاء السؤال معلقاً يشكو إلى الله هجر الزائرين له! فهذا عذرنا أخي أبا محمد من قولنا (شبكة علمية متخصصة)!
كما إنا نعني بها أن الشبكة تختص بهذا اللون من العلم، ولم نمنع طلاب العلم من كل التخصصات والمعارف من المشاركة معنا بعلمهم، ومناقشتهم، وإبداء آرائهم فيما يرونه في هذه العلوم، وقد وردتنا رسائل كثيرة من كثير من الإخوة المسلمين، تبارك هذا العمل، وتشير إلى أنه قد قرَّبَ ما كان يظن بعيداً من الدراسات القرآنية للجميع، وهذا من أجل الأهداف التي نسعى إليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونيل الفائدة متاح لكل أحد، ولا أقول كل مسلم، فربما تصفح هذا الموقع من لا يدين بالإسلام، ونحن نرجو له الهداية، فربما وقعت عينه على كلمة صادقة، أو إجابة شافية، لم يقصد كاتبها بها خطاب أمثال هذا القارئ، فآتت أكلها، وفتح الله بها لهذا الزائر باباً من الهدى والخير، وفضل الله أوسع من أن تحده الحدود، أو تمنعه السدود.
وإن مسألة التخصص في المواقع مسألة لا زلت أحب التأكيد عليها، وذلك حتى تكون الجهود مركزة، والثمار قريبة دانية، فإن العلوم قد تشعبت شئنا ذلك أم أبينا، ولم يعد في مقدور الواحد منا متابعة كل شيء، وأنى له ذلك مع ضيق الوقت، وكثرة العوائق، وضعف الهمم؟
والتجدد سمة بارزة من سمات زماننا هذا، فلم يبق لنا مندوحة من الحرص على البقاء في هذه الدائرة العلمية، وكفاية الأمة همها، وغيرنا يكمل النقص، ويسد الخلل، فنتكامل بالتخصص، ونتعاون في إيصال الحقيقة كاملة عبر هذه الدوائر.
وإنك لترى كثيرا من المواقع التي تصدت لكل شيء فما استطاعت، لتعذر ذلك على المؤسسات الكبار، فضلاً عن المواقع العلمية، التي لا تتلقى الدعم من أحد، وباعتبار هذه الشبكة علمية غير ربحية، فهي تستمد بقائها من المشاركة الجادة للجمعيع، وعدم انتظار فلان أو فلان، ليأتي بجديد، أو يكتب دائماً ونحن نقرأ، فهذا ما لا نرجوه لموقعنا، ونحرص أن نرى من الجميع تفاعلاً إيجابياً، بدون مشقة على الفرد الواحد، فأنت تجد كتاباً جديداً فتشركنا في الخبر، وأنا أقرأ فائدة نفيسة يحرص على مثلها طلاب العلم فأشرككم فيها، وهكذا.
وقد حصل خلال العام المنصرم من النفع لهذا الموقع الشيء الكثير، وأنا أتحدث عن نفسي، فقد انتفعت بما كتبه الجميع نفعاً أشكر الله عليه، وأثني عليه الخير كله، كما إنني أدعو لكل من كتب معنا في هذا الموقع حرفاً، أن يجعله الله في موازين حسناته يوم القيامة، وما أحوجنا في ذلك اليوم إلى ذلك، نسأل الله من فضله الواسع.
وأما ما تفضل به أخي الكريم الشيخ أبو محمد أشرف وفقه الله من الاقتراحات، فقد وقعت موقعها من القائمين على الشبكة، وقد أتيحت المكتبة الالكترونية للكتب والبحوث، والمكتبة الصوتية للمواد الصوتية، لكي تقوم بمثل ما ذكره وفقه الله في اقتراحه الأول، ونحن نسير فيها خطوة خطوة، ولا بد من طول الزمان، حتى ننتقي ونجود ما استطعنا، فقد حرصنا على جودة التصميم، ثم سنبدأ الآن في الالتفات لما بعده.
وأما ما أشرتم إليه من مشروع التفسير للقرآن الكريم بطريقة شرحتموها، فهي فكرة رائعة لو تمت لكانت حسنة جليلة من حسنات اجتماعنا في هذا الملتقى الكريم، وهي تحتاج إلى عزيمة وصبر. فجزاك الله خيراً على حرصك وعنايتك التي عودتنا عليها.
وقد حضرتني أبيات على بحر الرجز، وقديماً زعموه مركباً لمن عجز، فخذوا هذه الأبيات على علاتها، فما كنت من أهل القريض، ولا بياني ذاك البيان العريض!
قالَ الفَقيرُ عابدُ الرَّحْمنِ =الحمدُ للهِ عَلى الإِيْمَانِ
وَصَلِّ يَا رَبَّ الهُدَى وَسَلِّمِ=عَلى النَّبيِّ القُرَشِيِّ الهَاشِمِي
مَا غَرَّدَ القُمْرِيُّ في أَغْصَانِهِ = وذَابَ قَلْبُ الصَّبِّ مِنْ أَشْجَانِهِ
وَتُبْ عَلينَا يَا عَظيمَ العَفْوِ= وَنَجِّنَا مِنْ غَفْلةٍ وسَهْوِ
ويَسِّرِ الإِخلاصَ في الأَعْمَالِ= فَهُوَ بشيرُ الفَوزِ في المَآَلِ
لَمَّا بدأنا مُلتقَى التفسيرِ= بِفضلِ ذي التوفيقِ والتيسيرِ
مِنْ قبلِ عَامٍ مَرَّ مثلَ البَارقِ= كأَنَّهُ لَمْحَةُ عَينِ السَّارِقِ!
وافَاهُ أَهلُ الفَضلِ بِالقَبولِ= وازدَحَمَتْ قَرائحُ العُقُولِ
وفازَ بالإشرافِ والمُشَارَكَهْ= مِنْ ثُلَّةٍ حَاذقةٍ مُبَارَكَهْ
مِن البُرَيدِيْ وأَبِي مُجَاهِدِ= لِنَاصرِ الماجدِ مَعْ مُسَاعدِ
وَكُلِّ ذي عِلْمٍ وفَهْمٍ ثَاقِبِ= فَالحمدُ للهِ عَلى المَوَاهِبِ
وقَدْ نَهْجنَا مَنهجَ التَّأَنِّيْ= وَالعِلْمُ لا يُنَالُ بِالتَّمَنِّي!
مع اشتراطِ العُمقِ والدليلِ=يباركِ الرحمنُ في القَليلِ
مَعْ كَثرةِ الأَشغالِ والعَوائِقِ= وَقِلَّةِ المُعِينِ في الأَصَادِقِ
ومَنْ يثقْ باللهِ في الحَوائجِ= كفَاهُ كُلَّ خارجٍ وَوَالجِ
واليومَ نَخْطُو خُطوةً جًديدةْ= قَدْ قَرَّبَتْ آمَآلَنَا البَعِيدَهْ
لنَا طُموحٌ نَرْتَجِي أَنْ نُدْرِكَهْ= حَتى يتمَّ أَمرُ هَذي (الشَّبَكَهْ)
نَرجُو لَهَا النَّجاحَا والفَلاحَا= إذْ بَارقُ القَبولِ منهَا لاحَا
لا سِيَّمَا عندَ أُولي الأَنْظَارِ= مِنْ عَالِمٍ وطَالبٍ وقَاري
فَإنْ بَلَغْنَا فَهُو التوفيقُ= وَإِنْ تَكَدَّتْ دُونَنَا الطَرِيقُ
وَليسَ تُغْنِي دِقَّةُ الفُهُومِ= مِنْ غَيرِ عَونِ الملكِ القَيُّومِ
وبعدَ شُغلِ الذِّهنِ بالتصميمِ= نَبْدأ بِالتصنيفِ للعُلُومِ
فَنأَخذُ الأَهَمَّ منها فَالأَهَمّْ= وَلَمْ نَقُلْ بَعْدُ بأَنَّ الأَمَرَ تَمّْ
ورأيكمْ يَا مَعشرِ الحُذَّاقِ = نعدُّهُ من أَنفسِ الأعلاقِ
فَابْذُلْ لَنَا مِنْ وقتكَ القَلِيلا= نَبْنِي مَعَاً مَشروعَنَا الجَلِيلا
وإِنْ أَبَى القَلِيْلُ فَالأَقَلُّ= إنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلُّ
لِنُنْعِش الأَرواحَ بالإِيْمَانِ= في ظلِّ آيَاتٍ مِن القُرآنِ
فَقُلْ لِمَنْ شَارَكنا في المُلتَقَى: = قَدِ ارْتَقَيْتَ يَا أُخَيَّ المُرْتَقَى
فَاحْرِصْ عَلى التَّجويدِ والتَّحْرِيرِ= فَأَنْتَ في شَبكةِ التَّفْسِيرِ!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[27 Mar 2004, 05:08 ص]ـ
شيخنا الكريم: عبدالرحمن الشهري حفظه الله ورعاه
أسأل الله تعالى أن يبارك في جهودكم وأن ينفع بكم!
وأؤكد على ما أشرتم إليه في مسألة التخصص فهو مما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار!
إضافة إلى التحرير والتجويد والاتقان حسب الوسع والطاقة فإن " الاتقان لاحدَّ له " كما قال بعض أهل العلم!
والله الموفق(/)
هل القراءات السبعه هي الاحرف السبعه؟؟
ـ[الغرنوق]ــــــــ[18 Feb 2004, 10:23 م]ـ
لست بطالب علم ولكن أعجبني الموضوع فنقلته خدمة لهذا المنتدى وأرجواثراء الموضوع بأسلوب شيق نزول القرآن على سبعة أحرف
(الشبكة الإسلامية)
ثبت في صحاح الأخبار قوله صلى الله عليه وسلم (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه) وعند مسلم من حديث أُبيٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هوِّن على أمتي، فأرسل إليَّ أن اقرأ على حرفين، فرددت إليه أن هوِّن على أمتي، فأرسل إلي أن اقرأه على سبعة أحرف).
وأخرج أبو يعلى في "مسنده" أن عثمان رضي الله عنه قال وهو على المنبر: " أُذَكِّرُ الله رجلاً سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ) لَمَّا قام، فقاموا حتى لم يُحْصَوا، فشهدوا بذلك، فقال: وأنا أشهد معهم " وقد ورد معنى هذا الحديث من رواية جمع من الصحابة، ونص بعض أهل العلم على تواتره.
غير أن أهل العلم ذهبوا في معنى الحديث مذاهب شتى، بعضها فيه نظر لا يُعوَّل عليه، وبعضها الآخر داخل في غيره وعائد إليه. ونحن نختار من أقوالهم أهم قولين، ونحيل من أراد الاستزادة في ذلك إلى كتب القراءات:
القول الأول: أن المراد بالأحرف السبعة لغات قبائل من العرب، وليس معناه أن يُقرأ الحرف الواحد على سبعة أوجه. وهذا القول هو اختيار القاسم بن سلاَّم، وآخرون، وصححه البيهقي، واختاره ابن عطية، قال ابن الجزري: وأكثر العلماء على أنها لغات.
القول الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أوجه من المعاني المتفقة، بالألفاظ المختلفة، نحو: أقبل، هلُمَّ، تعال، عجِّل، أسرع ... ونسب ابن عبد البر هذا القول إلى أكثر العلماء، وأسند عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ قوله تعالى: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} (البقرة:20) (سعوا فيه) قال: فهذا معنى السبعة الأحرف المذكورة في الأحاديث عند جمهور أهل الفقه والحديث، قال: وفي مصحف عثمان رضي الله عنه الذي بأيدي الناس اليوم منها حرف واحد، وهذا القول اختيار الإمام الطبري.
ثم إن المحققين من أهل العلم ذهبوا إلى أن القراءات السبع المتواترة التي يتداولها الناس اليوم هي غير الأحرف السبعة التي وردت بها الأحاديث، بل هذه القراءات اختيارات أولئك الأئمة القراء؛ حيث اختار كل واحد منهم طريقة في القراءة مما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أقرأها غيره حتى عُرف بها، ونُسبت إليه، ويدل على ما ذكرنا ما نُقل عن أهل العلم في ذلك، إذ قالوا: "فأما من ظن أن قراءة كل واحد من هؤلاء القراء .. أحد الحروف السبعة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك منه غلط عظيم". ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا المعنى: " لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة .. ".
غير أن القراءات التي يُقرأ بها اليوم غير خارجة عن الأحرف السبعة. وهذا الذي عليه جمهور المسلمين من السلف والخلف.
وبناء على هذا الاختيار، فإن المصاحف العثمانية التي بين أيدينا اليوم - كما قال السيوطي - تشتمل على ما يحتمل رسمها من الأحرف السبعة فقط، وهي جامعة للعرضة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، متضمنة لها.
ومن المفيد التنبيه في هذا السياق، إلى أن القراءة التي عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي قُبض فيه، هي القراءة التي يقرأ بها الناس اليوم.
والحاصل من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن المقصود بالأحرف السبعة لغات للعرب على أرجح الأقوال، وأن عثمان رضي الله عنه ومن كان معه من الصحابة جمعوا القرآن على حرف واحد من تلك الأحرف، وهو حرف قريش، وصار المصحف العثماني شاملاً لحرف قريش، ولِمَا يحتمله رسمه من الأحرف الستة المتبقية؛ وأن القراءات المتواترة ما هي إلا قراءات ضمن حرف قريش، احتملها الرسم العثماني الذي لم يكن منقوطًا ولا مشكولاً حينذاك. كما أن نسبة القراءات السبع إلى القراء السبعة إنما هي نسبة اختيار وشهرة، واتباع للنقل والأثر ليس إلا. والله أعلم بالصواب، والحمد لله على نعمة هذا الكتاب، التي لا تعدلها نعمة، ونسأله تعالى أن يفقِّهنا في كتابه، ويلهمنا الرشد والصواب في أمرنا كله، والحمد لله رب العالمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2004, 11:50 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم الغرنوق على تفضلك بالمشاركة معنا.
وما أشرتم إليه - مشكورين - قد سبق بحثه بشيء من التفصيل في عدد من موضوعات الملتقى، ويمكن الرجوع إليها عبر البحث في فهرس الملتقى، ولعله يكون هناك تنسيق للموضوعات بشكل أفضل بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فالح العجمي]ــــــــ[20 Feb 2004, 02:32 ص]ـ
قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة في باب
ذكر النهي عن المراء في القرآن
فإن قال قائل: عرفنا هذا المراء الذي هو كفر، ما هو؟ قيل له: نزل هذا القران على
رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعة أحرف، ومعناها: على سبع لغات،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن كل قبيلة من العرب على حسب ما
يحتمل من لغتهم، تخفيفاً من الله عز وجل ورحمة بأمة محمد صلى الله عليه وسلم،
فكانوا ربما إذا التقوا، يقول بعضهم لبعض: ليس هكذا القرآن، وليس هكذا علمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعيب بعضهم قراءة بعض، فنهوا عن هذا، وقيل
لهم: اقرؤوا كما علمتم، ولا يجحد بعضكم قراءة بعض، واحذروا الجدال والمراء فيما قد
تعلمتم.
والحجة فيما قلنا: ثم ذكر بعض الأحاديث أصحها
ما أخرجه البخاري ومسلم كما قال محقق الكتاب
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم رضي الله عنه يقرأ
سورة الفرقان في الصلاة على خلاف ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم أقرأنيها، فأخذت بثوبه، فذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقلت: يارسول الله، إني سمعت هذا يقرأ الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال عليه
الصلاة والسلام: اقرأ، فقرأ القراءة التي سمعتها منه، فقال صلوات الله وسلامه
عليه: هكذا أنزلت، إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه.(/)
سورة الحمد وسورة العلق
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Feb 2004, 07:39 ص]ـ
إذا كان من الحكمة أن يبتدأ الله الوحي بقوله: إقرأ باسم ربك ....... ) فإن من الحكمة تكون سورة الحمد هي فاتحة الكتاب.
فالحمد هو الثناء المطلق، والحمد حمدان: حمد امتنان، وحمد استحسان.
أما حمد الامتنان فهو الشكر والعرفان.
وأما حمد الاستحسان فهو المدح، والمدح لا يكون إلا لشيء محمود، أما الشيء المذموم فلا يستحق الحمد، فالحق محمود والباطل مذموم.
ولا يحمد الحق إلا لأنه صواب ولا يذم الباطل إلا لأنه خطأ. ولذلك يأتي ذكر الحمد بعد كل قضاء لله: وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين).
إذن ففي ابتداء كتاب الله بسورة الحمد امتنان وتنزيه، وإشعار بأنه كتاب منزه عن الخطأ والنقصان، ولكي يكون كذلك فيجب أن يكون محكما. فلو لم تحكم آياته لجاز عليه النقد، والنقد ذم، إذن فالإحكام يتناسب تناسبا طرديا مع الحمد (المدح) = تنزيل من حكيم حميد) ,
أما ترتيب سورة العلق في المصحف بعد سورة التين.
فلأن سورة التين اختتمت بسؤال من الله للإنسان، هذا السؤال هو:
أليس الله بأحكم الحاكمين؟
هذا السؤال لا يجيب عنه الإنسان إذا ظل جاهلا، فلكي يجيب الإنسان ب
(بلى الله أحكم الحاكمين) عليه أن يدرك ذلك بنفسه، ولكي يدرك ذلك فعليه أن يتعلم لأنه بالعلم يدرك أن الله قد أحكم كل شيء، فجاءت بعد سورة التين: بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).
كثير من العلماء قالوا إن الفاتحة هي أم الكتاب.
أنا لست عالما من العلماء ولكن أؤيد قول هؤلاء العلماء لقرينة تثبت ذلك وهي أن الفاتحة جاءت بصيغة دعاء وباقي السور هي الإجابة.
والدعاء سؤال، ولولا السؤال لما كان الجواب، فالسؤال هو أم الجواب,
وحتى عند البشر: لو لم توجد الأم لما وجد أولاد، ونقول: الحاجة أم الاختراع، لأن حاجة الإنسان لشيء هي التي جعلته يفكر ويخترع.
ونلاحظ ذلك في قول الله: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، فالفاتحة عند الله هي السبع المثاني، وباقي السور هي القرآن العظيم.
القرآن عند البشر 114 سورة أول السور هي الفاتحة.
أما عند الله فالكتاب هو: الفاتحة + 113 سورة أولها البقرة.
وبما أن سورة البقرة هي السورة الأولى من القرآن العظيم (بعد الفاتحة '' أم السور'') فإن الله يتحدى البشر أن يأتوا سورة من مثله في قوله تعالى: ..... فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) 23 البقرة.
وفي سورة هود التي هي السورة العاشرة من القرآن العظيم نجد أن الله يتحدى البشر أن يأتوا بعشر سور مثله في قوله: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) 13 هود
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Feb 2004, 11:00 ص]ـ
لقد كانت الخمس آيات الأولى من سورة العلق إيذانا بأن الله سيعلم الإنسان (مطلقا) ما لم يعلم، وسيكون حظ الإنسان الضال من تعلم ذلك العلم أكبر من حظ الإنسان المهتدي، لأن التلميذ الكسول هو الذي يحظى باهتمام وشرح أكثر من طرف معلمه، ألم يقل الله: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)؟
وآخر قوم زلوا من بعد ما جاءتهم البينات هم قوم عيسى عليه السلام،
جاءتهم أعظم البينات فزلوا وقالوا اتخذ الله ولدا، فهؤلاء هم أولى بتعلم العلم الذي يدركوا به أن الله عزيز حكيم، فلو كان عندهم حكمة لما قالوا: المسيح ابن الله، ولو كان عندهم علم لما قالوا إن الله هو المسيح.
وها نحن بالفعل نرى النصارى هم المتفوقين علميا وآتاهم الله من كل شيء سببا، وأدركوا حكمة الله في كل المجالات، وكان عليهم أن يبحثوا عن الهدى الذي آياته توافق إدراكهم ألا وهو الإسلام الذي عنوان رسالته: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم).
لكنهم لم يفعلوا وفرحوا بما عندهم من العلم، وسخروه لكسب المال والنفوذ ابتغاء القوة، وكان لهم ما أرادوا، ولما استغنوا بالقوة استضعفوا الشعوب الأخرى وحرموا عليها ما أباحوه لأنفسهم من أسلحة فتاكة ذات دمار شامل.
وهذا تأويل قوله تعالى: كلا إن الإنسان ليطغى)، كلمة (كلا) لا تأتي ابتداء في الكلام وإنما تأتي لتضرب عن كلام سابق، فما هو الكلام الذي أضرب عنه الله ب قوله (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)؟
إنه كلام يأتي إلى خاطر من يقرأ الآيات الأولى من سورة العلق، حيث يظن أن الإنسان إذا آتاه الله العلم فإنه سيصلح ويحقق العدالة والمساواة ويعيش العالم في سلام ووئام و ...... .
هذه الأماني التي تخطر على البال هي التي يضرب عنها علام الغيوب بقوله: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى .... ).(/)
سؤال عن كتاب حول (منهج القرطبي في التفسير)؟
ـ[الشنقيطي محمد]ــــــــ[19 Feb 2004, 11:35 م]ـ
السلام عليكم اخوة الإيمان وبعد فعندي بحث بعنوان الإمام القرطبي ومنهجه في التفسير فأرجوا المساعدة في ان تدلوني علي مظان البحث ولكم جزيل الشكر
ـ[ابن العربي]ــــــــ[20 Feb 2004, 07:18 ص]ـ
بسم الله
الأخ الشنقيطي يوجد في مكتبة الملك سعود كتاب مطبوع بهذا العنوان تصنيفه 200 فما فوق في قسم الدين
كما أن عدد من الباحثين تناول هذا العنوان بالبحث وهم: 1 - يوسف الفرت رسالة ماجستير القرطبي ومنهجه في التفسير
2 - علي بن سليمان العبيد ما جستير القرطبي مفسراً
3 - القصبي محمود زلط دكتوراه القرطبي ومنهجه في التفسير
-----------------------
إذا كان بحثك رسالة علمية ولم يقبل بعد فلا تضيع وقتك أختر لك موضوع من المواضيع المقترحة في هذا الملتقى والأساتذة هنا يساعدونك.
وفقك الله
ـ[عبد الله]ــــــــ[20 Feb 2004, 10:30 م]ـ
- القرطبي حياته وآثاره العلمية ومنهجه في التفسير
تأليف الدكتور مفتاح السنوسي بلعم
منشورات جامعة قاريونس - بنغازي
لعلك تجد فيه بغيتك
عبد الله إبراهيم
ـ[سوسانه]ــــــــ[14 Feb 2009, 07:31 م]ـ
شكرالهذا المنتدى فقد افادني كثيرا واعضاءه نشيطون
ـ[سوسانه]ــــــــ[14 Feb 2009, 09:05 م]ـ
هل هناك كتب أخرى تتحدث عن القرطبي وتفسيره ومنهجه والنقاش حول تفسيره بين المفسرين
ـ[سوسانه]ــــــــ[14 Feb 2009, 09:32 م]ـ
ارجو الرد السريع على الرساله(/)
دروس التفسير وعلوم القرآن في الرياض (كلٌ يكتب ما يعلم عنه من الدروس)
ـ[الراية]ــــــــ[20 Feb 2004, 05:56 م]ـ
وذلك لتحصل الفائدة ويعم النفع ... ورباك الله فيكم
فأبدء بالدروس التي اعرفها:-
1) درس فضيلة الشيخ /سليمان بن عبدالله الماجد .. القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض
في التفسير - جامع ذي النورين - حي الوادي القريب من مقر جامعة الامام
مغرب السبت
2) الشيخ د/ عبدالكريم الخضير
تفسير القرطبي - الجمعة بعد العصر في مسجد أبا الخيل في مدينة الرياض حي السلام
3) فضيلة الشيخ / عبدالرحمن بن ناصر البراك
تفسير ابن كثير (ج1) يوم الاثنين - بعد العشاء - مسجد الخليفي بحي الفاروق
تفسير السعدي- الابعاء - الفجر - مسجد الخليفي بحي الفاروق
4) فضيلة الشيخ الدكتور / سعد بن عبدالله البريك
شرح كتاب ايسر التفاسير للشيخ ابو بكر الجزائري
المغرب - السبت - من جامع الأمير خالد بن سعود بحي البديعة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Feb 2004, 09:54 م]ـ
شكر الله لك وارجو تعميم الفكرة بذكر دروس التفسير كل في بلده.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Feb 2004, 02:00 م]ـ
5 - درس الدكتور مساعد بن سليمان الطيار في التفسير (تفسير الطبري) بعد صلاة العشاء من كل يوم سبت في جامع طيبة - مخرج 15 شرقاً - شارع سعد بن عبدالرحمن.(/)
إشكال نرجو توضيحه
ـ[محب]ــــــــ[21 Feb 2004, 08:25 ص]ـ
وقع عندى إشكال، أرجو أن يوضحه لى من عنده علم فيه ..
من تفسير الطبرى ..
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى}.
اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} بِكَسْرِ الْخَاء، عَلَى وَجْه الْأَمْر بِاِتِّخَاذِهِ مُصَلَّى، وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وَقِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَبَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة.
وَذَهَبَ إلَيْهِ الَّذِينَ قَرَءُوهُ كَذَلِكَ مِنْ الْخَبَر الَّذِي: 1629 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْم، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْد، عَنْ أَنَس بْن مَالِك، قَالَ: قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب: قُلْت: يَا رَسُول اللَّه، لَوْ اتَّخَذْت الْمَقَام مُصَلَّى؟ فَأَنْزَلَ اللَّه: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} ..
قَالُوا: فَإِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ هَذِهِ الْآيَة أَمْرًا مِنْهُ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاِتِّخَاذِ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى، فَغَيْر جَائِز قِرَاءَتهَا، وَهِيَ أَمْر، عَلَى وَجْه الْخَبَر ..
وَقَدْ زَعَمَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة أَنَّ قَوْله: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} مَعْطُوف عَلَى قَوْله: {يَا بَنِي إسْرَائِيل اُذْكُرُوا نِعْمَتِي} 2 122 {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} فَكَانَ الْأَمْر بِهَذِهِ الْآيَة وَبِاِتِّخَاذِ الْمُصَلَّى مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم ـ عَلَى قَوْل هَذَا الْقَائِل ـ لِلْيَهُودِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كَمَا: 1630 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن أَنَس بِمَا حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن، قَالَ: ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مِنْ الْكَلِمَات الَّتِي اُبْتُلِيَ بِهِنَّ إبْرَاهِيم قَوْله: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى} فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى، فَهُمْ يُصَلُّونَ خَلْف الْمَقَام.
فَتَأْوِيل قَائِل هَذَا الْقَوْل: {وَإِذْ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُك لِلنَّاسِ إمَامًا} وَقَالَ: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}. وَالْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب، عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل، يَدُلّ عَلَى خِلَاف الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهُ أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَجَمِيع الْخَلْق الْمُكَلَّفِينَ.
وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالشَّام: {وَاِتَّخَذُوا} بِفَتْحِ الْخَاء عَلَى وَجْه الْخَبَر.
ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِي عُطِفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَاِتَّخَذُوا} إذَا قُرِئَ كَذَلِكَ عَلَى وَجْه الْخَبَر، فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة: تَأْوِيله إذَا قُرِئَ كَذَلِكَ: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَإِذْ اتَّخَذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى. وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة: بَلْ ذَلِكَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله: {جَعَلْنَا} فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى قَوْله: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَاِتَّخَذُوهُ مُصَلًّى.
وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا: {وَاِتَّخِذُوا} بِكَسْرِ الْخَاء، عَلَى تَأْوِيل الْأَمْر بِاِتِّخَاذِ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى، لِلْخَبَرِ الثَّابِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَأَنَّ عَمْرو بْن عَلِيّ: 1631 - حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد، قَالَ: ثنا جَعْفَر بْن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه: أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم مُصَلَّى}.
انتهى كلام الإمام الطبرى رحمه الله.
ما معنى قول الطبرى رحمه الله: " والصواب من القول والقراءة .. "؟
هل معنى ذلك أنه يعتبر " واتخَذوا " بفتح الخاء قراءة ليست صحيحة؟
وهل لأحد أن يرفض قراءة ثابتة السند؟
وإذا كانت قراءة " واتخَذوا " بفتح الخاء ثابتة السند عن النبى عليه الصلاة والسلام، فكيف نجمع بينها وبين حديث عمر رضى الله عنه، والحديث لا يحتمل إلا " واتخِذوا " بكسر الخاء فقط؟
وسؤال آخر أرجو معرفة إجابته ..
عندما قام الدؤلى بتشكيل المصحف، على أى قراءة شكله؟
أرجو ممن عنده الإجابة عن أى جزئية ألا يحجبها عنا، وأن يشفى جهلنا بما علمه الله.
وفقكم الله وثبتكم وسدد ألسنتكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب]ــــــــ[23 Feb 2004, 12:55 ص]ـ
جزى الله خيراً من علمنا الحق أو أرشدنا إليه!
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[23 Feb 2004, 09:55 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي / محب
سلمه الله
ستجد إن شاء الله من يجيبك فلا تعجل
أرجو أن يتسع صدرك كما يتسع وقتك
شكر الله لك
أخوك عبد الله
ـ[محب]ــــــــ[25 Feb 2004, 07:04 ص]ـ
جزاك الله أخى الكريم كل خير وفضل ..
وما عهدنا أفاضل المنتدى إلا كراماً أهل جود ..
بارك الله فى أوقات الجميع، وجمعنا بهم فى جنته.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[26 Feb 2004, 07:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لأخينا المحب سؤاله المهم ..
وبداية ففي سؤال اخينا نقطتان مهمتان:
1 - ان اختلاف الفروش، هو مفتاح علم عظيم، يفتح الله به من علوم القرآن ما يشاء ... وهو دعوة لمن وجد في نفسه القدرة للبحث الجاد، والتدبر العميق.
2 - ان انكار رواية (ثابتة متواترة) من قراءات القرآن، هو كانكار آية! فطالما علمنا أن (تعدد القراءات كتعدد الآيات)، فان جهلت بواحدة لم تسمعها (وانكرتها تعجلا) فهذا شئ، وأن تنكر أخرى (ثابتة) بحجة التباس المعنى أو مخالفة العربية فشيء آخر!
وأما الجواب عن سؤالك يا أخي، فقد سمعت من الشيخ (صلاح الدين أبو عرفة) في أحد دروسه في المسجد الأقصى حديثا قريبا له في قوله تعالى: (قال) و (قل) في سورة الأنبياء ..
والبدء في اللبس كان من ظننا أن الله انتظر عمر رضي الله عنه ليقترح ثم أجاب، فأنزل قرآنا (حاشا لله) ... فمقام ابراهيم مصلى منذ أراد الله، ومنذ خلقه، ومنذ قال القرآن! فكانت جملة خبرية على ما أراده الله لهذا المكان منذ البدء، ثم أمر رسوله بالتطبيق فكانت اتخذوا (بالأمر) .... والله أعلم
ـ[محب]ــــــــ[01 Mar 2004, 03:05 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أخى الكريم .. لكنك تعلم أن ما أوردته لا يجيب على كل الأسئلة.
ـ[محب]ــــــــ[01 Mar 2004, 03:06 ص]ـ
لا تنسونا من فضل علمكم بارك الله فيكم!
ـ[محب]ــــــــ[03 Mar 2004, 09:05 م]ـ
جزى الله خيراً من أعارنا بعضاً مما علمه الله.
ـ[المشارك7]ــــــــ[05 Mar 2004, 05:59 م]ـ
لعل هذا الرابط يفيدكم:
موقف ابن جرير والزمخشري من القراءات المتواترة ( http://www.islamweb.net/web/misc.Article?vArticle=11666&WORD= الطبري& thelang=A)(/)
هل هذا الكلام للسعدي _رحمه الله _ عن إبصار الهدهد للماء صحيح أم لا؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Feb 2004, 08:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بادئ ذي بدء فلكم أحببت ذلك العالم حبا جما وأسأل الله أن يجمعنا به جميعا في الفردوس الأعلى
ثانيا: قد وجدت له كلاما في تفسيره وأعتقد أن فيه خطئا وبالتالي يحتاج إلى مزيد تحرير حيث يقول رحمه الله ونور الله له قبره ورفع درجته عند تفسيره لسورة النمل:
... كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة فإن هذا القول لا يدل عليه دليل بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه أما العقلي فقد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة وينظر الماء تحت الأرض الكثيفة ولو كان كذلك لذكره الله لأنه من أكبر الآيات ...
انتهى كلامه رحمه الله
فالعلة التي بنى عليها حكمه تحتاج إلى نظر فقد قال ( ... ولو كان كذلك لذكره الله لأنه من أكبر الآيات ... )
وهذا غير لازم فهي وإن كانت آية ولكن قد لا يكون لها مناسبة خلال السياق فترك الله ذكرها، وفي المقابل نجد أن بعض الطيور كالصقر والبومة قد عرفت بقوة إبصار فوق العادة
فما رأي الإخوة الأفاضل؟
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[22 Feb 2004, 09:35 ص]ـ
هناك شاهد لمسألة أن الحيوانات قد تملك من القدرة ما لا يملكه الإنسان كما في الحديث الذي صحح إسناده الألباني في السلسله الصحيحه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (يا أيها الناس! إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه؛ جاءه ملك في يده مطراق فأقعده، قال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا؛ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول: صدقت، ثم يفتح له باب إلى النار فيقول: هذا كان منزلك لو كفرت بربك؛ فأما إذا آمنت؛ فهذا منزلك؛ فيفتح له باب إلى الجنة، فيريد أن ينهض إليه، فيقول له: اسكن! ويفسح له في قبره. وإن كان كافرا أو منافقا؛ يقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت! ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقول: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت به؛ فإن الله عز وجل أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق، يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين. فقال بعض القوم: يا رسول الله! ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل عند ذلك؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}.
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت على عجوز من عجائز يهود المدينة فقالت إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتها ولم أنعم أن أصدقها قالت فخرجت فدخل علي رسول الله فقلت يا رسول الله عجوز من عجائز أهل المدينة دخلت علي فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال صدقت إنهم يعذبون عذابا يسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر
وفي صحيح أبي حاتم البستي عن أم مبشر رضي الله عنها قالت دخل على رسول الله وأنا في حائط وهو يقول تعوذوا بالله من عذاب القبر فقلت يا رسول الله للقبر عذاب فقال (إنهم ليعذبون فى قبورهم عذابا تسمعه البهائم (
قال بعضهم ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم اذا مغلت الى قبور اليهود والنصارى والمنافقين كالاسماعيلية والنصيرية وسائر القرامطة من بنى عبيد وغيرهم الذين بأرض مصر والشام وغيرهما فان أهل الخيل يقصدون قبورهم لذلك كما يقصدون قبور اليهود والنصارى والجهال تظن انهم من ذرية فاطمة وأنهم من أولياء الله وإنما هو من هذا القبيل فقد قيل ان الخيل اذا سمعت عذاب القبر حصلت لها من الحرارة ما يذهب بالمغل والحديث فى هذا كثير لا يتسع له هذا السؤال).
فإذا كانت البهائم عندها من القدرة على سماع ما لا يسمعه الأنس و الجن من عذاب القبر فما المانع من أن يكون لبعض المخلوقات قدرات بصرية ليست عند الإنس كما أن لها قدرات سمعية ليسن عند الأنس و الجن.
ثم إن هذه القدرات ليست من باب الخوارق بل هي من تنوع الخلق فكما أن الله تعالى خلق الإنسان يمشي على رجلين و جعل الحيوانات تمشي على أربع.
و ذلك ان خوارق العادات إما أن تطلق على من كان عنده موهبة او قدرة ليست عند غيره و يندر وجودها و سماع البهائم لعذاب القبور ليس من هذا لأن عموم البهائم عندها هذه الصفة.
او تطلق خوارق العادات على ما يسنى الكرامات و هي خرق الله تعالى السنن الكونية لبعض عباده إما لحاجه كمشي بعض الصحابه على الماء أو لمصلحه كتكثير الله تعالى الطعام للنبي صلى الله عليه و سلم و غيرها من الكرامات و كذلك سماع او بصر بعض البهائم ليس من هذا النوع لأن هذا ليس قاعدة مطردة موجود على كل حال بل يوجود عىل حسب المصلحه و الحاجة أم سماع البهائم لعذاب القبر أو بصرها ما لا يبصره الإنسان فهي قاعدة مطردة إما في جنس البهائم كما في سماع عذاب القبر أو قاعدة مطردة في نوع معين من الحيوانات كبصر بعض الحيوانات ما لا يبصره الإنسان كرؤية الهدهد للماء تحت الأرض نعم لو فرض أن بعض الناس يبصر الماء تحت الأرض لكان نوعا من الخوارق لأنه ليس قاعدة مطرة في الأنس.
و الله اعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[27 Feb 2004, 10:35 ص]ـ
الأخ مبارك الكلمة " عبد الرحمن بن طلاع المخلف "
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
استفدت كثيرا من كلامك وخاصة الأدلة التي سقتها
فجزاك الله كل خير
وكما شرفني أن يكون أول مواضيعك في مشاركتي
فقد بشرني كلامك الموزون المرتب وجعلني أتفاءل بمواضيع أجمل وأبرك بعد ذلك
فلا تحرمنا بارك الله فيك(/)
تفسير اية
ـ[ Bashar Baghdadi] ــــــــ[22 Feb 2004, 01:09 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما الفرق بين قول الله سبحانه و تعالى في سورة براءة
فلاتعجبك اموالهم و لا اولادهم انم يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا و تزهق انفسهم و هم كافرون.
و بين قوله سبحانه
و لا تعجبك اموالهم و اولادهم انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا و تزهق انفسهم و هم كافرون.
و جزاكم الله خيرا
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Feb 2004, 09:31 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما ذكرته يدخل في علم المتشابه اللفظي وهذه الآية فيها أربعة مسائل:
1 - في الآية الأولى قال " فلا " وفي الثانية قال " ولا "
2 - في الآية الأولى زيدت لا النافية وأسقطت من الثانية.
3 - في الآية الأولى قال " ليعذبهم " وفي الثانية " أن يعذبهم "
4 - في الآية الأولى قال " في الحياة الدنيا " وفي الثانية قال " في الدنيا "
والجواب عن ذلك تجده في كتاب ملاك التأويل للغرناطي (1/ 467).
وفقك الله
ـ[ Bashar Baghdadi] ــــــــ[23 Feb 2004, 11:02 ص]ـ
الاخ احمد جزاك الله خيرا
الفروقات التي ذكرتها واضحة و لكن الاعجاز او الاسرار وراء هذا الاختلاف هي ما ابحث عنه و ملاك التاويل لا املك منه نسخة الان فهلا تفضلت مشكورا غير مامور بوضع الجواب هنا فتعم الفائدة و ياحبذا لو يكون هناك موضوع خاص يبحث في كل مرة عن اية و جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو علي]ــــــــ[25 Feb 2004, 10:54 ص]ـ
وعليكم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سبق أن كان لي كلام في تدبر قول الله تعالى: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) وقوله تعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)، في الأولى (أن) وفي الثانية (ل).
فقد يكون ذلك الذي يريد أن يطفئ نور الله بفمه هدفه واضحا يريد فعل ذلك علانية، مثل أبرهة جاء لهدم الكعبة، فهذا يعبر عن فعله ب (أن) ,
وقد يكون الذي يريد ليطفئ نور الله بفمه يظهر شيئا ونيته شيئا آخر. يظهر أن جاء لتحقيق العدالة والمساواة والديموقراطية ونيته هي تغيير المناهج وتفريق وحدة المسلمبن .... هذا يعبر عنه ب (ل)
ليطفئوا، التعليل باللام.
خذ هذه القاعدة فإنها ستساعدك في تدبر هاتين الآيتين المتشابهتين.
وستعلم بنفسك لماذا جاءت في الأولى (فلاتعجبك اموالهم و لا اولادهم). ولماذا في الثانية (أموالهم وأولادهم).
وستعلم لماذا جاء في الأولى (الحياة الدنيا) ولماذا في الثانية (الدنيا).
غذا إن شاء الله سأقول ما تبين لي فيها.
ـ[أبو علي]ــــــــ[26 Feb 2004, 09:14 ص]ـ
قد يجتمع عند الإنسان الأموال والأولاد، وقد يوجد عنده الأموال أولا ثم بعد ذلك يأتي الأولاد والعكس صحيح أيضا.
جاء في الآيتين ذكر (الأموال قبل الأولاد) لأن الأموال قد تكون في يد من له أولاد ومن ليس له ولد، وبالتالي فهي فتنة لكلاهما.
الإنسان قد يكون شريرا قبل أن يرزق الأموال والأولاد فيسلك كل السبل الممنوعة والمحرمة لتحقيق رغباته.
وقد لا يكون شريرا من البداية ولكن بعد أن ينعم الله عليه بالأموال والأولاد يطغى ويفتري على خلق الله.
فالآية الأولى تخص أولائك الأشرار الذي سلكوا كل السبل المحرمة لكسب الأموال الحرام، وما فعلوا ذلك إلا لتأمين (حياة) مرفهة، ليحيوا (حياة) سعيدة، (حياة) الترف، هؤلاء أرادوا (ل) ليسعدوا في حياتهم الدنيا فكانت النتيجة: (ل) يعذبهم بها في (الحياة) الدنيا.
لاحظوا كلمة (الحياة الدنيا) فجدير أن تذكر كلمة (الحياة) مقابل (حياة) الترف التي كانت هي غايتهم من جمع الأموال لترفيه أنفسهم وأولادهم.
وفي الواقع نرى أمثلة كثيرة، مثلا عصابات مافيا المخدرات تستعمل كل الوسائل لكسب الأموال من أجل (حياة) الترف، وعد ذلك تنقلب حياتهم إلى عذاب (رعب وخوف ومطاردة من السلطات وتصفية حسابات دموية من منافسين).
أما الآية الثانية فهي تخص أولائك الذين كانوا فقراء فأغناهم الله، آتاهم الأموال والأولاد فكانت عليهم فتنة، لما استغنوا طغوا فلم يكرموا اليتيم ولم يطعموا المسكين وبخلوا بما آتاهم الله من فضله ...
هؤلاء الذين يسر الله لهم الرزق لم يكن في تخطيطهم ولم تكن في نيتهم سلوك كل طرق كسب المال لتأمين حياة أفضل، وإنما أوتوا الأموال والأولاد من حيث لا يحتسبون، يناسبهم قول تعالى: إنما يريد الله (أن) يعذبهم، اللام لا يأتي هنا، كذلك جاء بعد ذلك (في الدنيا) لأن هؤلاء المنعم عليهم بالأموال والأولاد كان عليهم أن يحسنوا كما أحسن الله إليهم ليثابوا على ذلك في الآخرة.
أما الأولون فجاء ذكر (الحياة الدنيا) لأنهم ماسلكوا كل الطرق المحرمة لكسب الأموال إلا لأنهم أحبوا الحياة الدنيا واطمأنوا بها وظنوا أن الحياة الدنيا هي الحياة وليس بعد الموت حياة.
هذا ما فهمت من الآيتين.
والسلام عليكم(/)
سؤال عن القراءات الثلاث المتممة للعشر وأقوال العلماء فيها
ـ[ابو عبد الله_99]ــــــــ[22 Feb 2004, 02:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهي أفضل المراجع للقراءات الثلاث المتممة للعشر وأقوال العلماء فيها؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Feb 2004, 09:43 م]ـ
وعليكم السلام
القراءات الثلاث المتممة للعشر متواترة على الصحيح بخلاف ما زاد عليها:قال الإمام النويري رحمه الله:" أجمع الأصوليون والفقهاء على أنه لم يتواتر شيء مما زاد على القراءات العشرة، وكذلك أجمع عليه القرّاء أيضاً إلا من لايعتد بخلافه ".وقال ابن الجزري:" والذي جمع في زماننا الأركان الثلاثة هو قراءة الأئمة العشرة التي أجمع الناس على تلقيها بالقبول ". ونُقِل عن ابن السبكي قوله:" والصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذّ ".
وقد صُنِّف في القراءات العشر مصنَّفات كالمبسوط في القراءات العشر لابن مهران، وكذا النشر في القراءات العشر لابن الجزري، وطيبة النشر له أيضاً وشرْحُها لابنه.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[23 Feb 2004, 03:56 ص]ـ
طبعا الكتاب الذي أصل وجمع القراءات الثلاثة هو تحبير التيسير
وهو كتاب جمع فيه ابن الجزري قراءة هؤلاء الأعلام الثلاثة وأضافهم على ما في التيسير الذي هو أصل منظومة القراءات السبع المشهورة بالشاطبية
ثم نظم هذا الكتاب ابن الجزري نفسه في منظومة الدرة المضية
وهنا التزم ابن الجزري بالاختصار على غرار سبعة الداني والشاطبي والثلاث مع السبع معا تسمى بالعشر الصغرى
ثم عليك بشرحها للضباع إذ قيد فيها كل ما تحتاجه من أحكام وهو مطبوع مع شرحه للشاطبية
واسم شرح الدرة:
البهجة المرضية شرحه الدرة المضية
واسم الأول إرشاد المريد إلى مقصود القصيد
وطبع الكتاب شركة مكتبة الباب الحلبي باعتناء إبراهيم عطوة عوض
كما يوجد شروحات غيرها
أما التوسع فتجده في النشر في القراءات العشر وما يتبعه من منظومة الطيبة وكلها لابن الجزري ثم شروحاتها
وهي تسمى بالعشر الكبرى
والله أعلم
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[24 Feb 2004, 08:38 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه خلاصة في موضوع حجية القراءات الثلاث وجواز القراءة بها في الصلاة، مستلة من بحيث للعبد الفقير: الذي عليه جماهير العلماء أنه لا فرق بين القراءات الثلاث قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف رحمهم الله تعالى و بين القراءات السبع فهي متواترة مثلها، بل منها قراءة خلف التي ليس فيها حرف لم يقرأ به واحد من الثلاثة الكوفيين عاصم و حمزة و الكسائي، فكيف لا تكون متواترة؟ و إنما أنكر بعض الفقهاء الذين ليس لهم اطلاع على هذه القراءات القراءة بها ظنا منهم أنها من الشواذ، و لكنها ليست من الشواذ بل حكى الإمام البغوي إجماع العلماء على جواز القراءة بقراءة يعقوب و أبي جعفر مع السبع المشهورة (1) و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: و لهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة و الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون في ذلك الكتب و يقرؤونه في الصلاة و خارج الصلاة، و ذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكرها أحد منهم (2)، و قد جرت مناقشة بين الإمامين ابن الجزري و عبد الوهاب السبكي صاحب جمع الجوامع في الأصول في هذه المسألة و قد أوردها ابن الجزري في كتابه النشر فقال: سئل العلامة القاضي أبو نصر عبد الوهاب السبكي* عن قوله في كتابه (جمع الجوامع) في الأصول: (و السبع متواترة) فلم لا قلتم و العشر متواترة؟ بدل قولكم و السبع؟ فأجاب: أما كوننا لم نذكر العشر بدل السبع مع ادعائنا تواترها فلأن السبع لم يختلف في تواترها، و قد ذكرنا أولا موضع الإجماع ثم عطفنا عليه موضع الخلاف، على أن القول بأن القراءات الثلاث غير متواترة في غاية السقوط و لا يصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين،وهي - أعنى القراءات الثلاث -: قراءة يعقوب وخلف و أبي جعفر بن القعقاع لا تخالف رسم المصحف، و قد جرى بيني و بينه في ذلك كلام كثير، و قلت له: ينبغي أن تقول: و العشر متواترة و لابد فقال أردنا التنبيه على الخلاف فقلت: وأين القائل به، و من قال إن قراءة أبي جعفر و يعقوب و خلف غير متواترة؟ فقال: يفهم من قول ابن الحاجب: (و السبع متواترة) فقلت
(يُتْبَعُ)
(/)
: أي سبع؟ و على تقدير أن يكون هؤلاء السبعة - مع أن كلام ابن الحاجب لا يدل عليه - فقراءة خلف لا تخرج عن قراءة أحد منهم، بل و لا عن قراءة الكوفيين في حرف فكيف يقول أحد بعدم تواترها مع ادعائه تواتر السبع؟ و أيضا فلو قلنا إنه يعني هؤلاء السبعة فمن أي رواية و من أي طريق و من أي كتاب إذ التخصيص لم يدعه ابن الحاجب، و لو ادعاه لما سلم له، بقي الإطلاق فيكون كل ما جاء عن السبعة، فقراءة يعقوب جاءت عن عاصم و أبي عمرو، و أبو جعفر هو شيخ نافع و لا يخرج عن السبعة من طرق أخرى، فقال: فمن أجل هذا قلت: و الصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذ، و ما يقابل الصحيح إلا فاسد، ثم كتبت له في ذلك و صورته: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في القراءات العشر التي يقرأ بها اليوم هل هي متواترة أو متواترة و هل كل ما انفرد به واحد من العشرة بحرف من الحروف متواترة أم لا و إذا كانت متواترة فما يجب على من جحدها أو حرفا منها؟ فأجابني و من خطه نقلت: الحمد لله، القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي، و الثلاث التي هي قراءة أبي جعفر و قراءة يعقوب و قراءة خلف متواترة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل، و ليس تواتر شيء منها مقصور على من قرأ بالروايات، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله، و لو كان عاميا جلفا لا يحفظ من القرآن حرفا، و لهذا تقرير طويل و برهان عريض لا يسع هذه الورقة شرحه، و حظ كل مسلم و حقه أن يدين الله تعالى و يجزم في نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم لا يطرق الظنون و لا الارتياب إلى شيء منه (3) وظاهر الإجماع الذي نقله الأئمة المذكورون جواز القراءة في الصلاة وغيرها بأي قراءة من القراءات العشر، سواء أكانت هي القراءة المشهورة في البلد أو غيرها، ولكن كره بعض العلماء المعاصرين أن يقرأ إمام بقراءة غير معروفة في البلد من باب: حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله، وذلك لئلا يكذبها العوام فيقعوا في المحظور، وقد كره الإمام الذهبي - وهو فقيه مقرئ - التلاوة في المحراب بغرائب وجوه القراءات، فقال: وآخر منهم إن حضر في ختم أو تلا في محراب جعل ديدنه إحضار غرائب الوجوه والسكت والتهوع بالتسهيل، وأتى بكل خلاف ونادى على نفسه أنا " أبو اعرفوني " فإني عارف بالسبع. (4) ولكن الظاهر من كلام الذهبي الإنكار على من فعل ذلك رياء، وتعمد الإتيان بالغرائب، وجعل ذلك ديدنا، وأما من قرأ في الصلاة بالقراءات، وقصد تعليم الناس وإحياء السنة، وأخلص النية لله تعالى، فلا يظهر لي منعه من ذلك، لأنه لو ترك الأئمة فعل السنن المستغربة عند الناس لمات كثير من السنن والله أعلم بالصواب.
____________________
(1) معالم التنزيل 1/ 30
(2) مجموع الفتاوى13/ 397
* عبد الوهاب بن علي الشافعي تاج الدين السبكي الفقيه المفتي القاضي برز في علوم كثيرة من مؤلفاته جمع الجوامع في الأصول و لد بالقاهرة 727 و توفي بدمشق سنة 771. البدر الطالع 1/ 410
(3) النشر 1/ 16
(4) بيان زغل العلم والطلب 4 - 5، بدع القراء 25
ـ[ابو عبد الله_99]ــــــــ[05 Mar 2004, 01:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الجهد.
واعتذر عن تأخري في الرد لبعض الظروف التي مرت بي في الأيام الماضية.(/)
و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Feb 2004, 12:31 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17013(/)
دفع الإشكال عن الحديث الوارد في تفسير: (يوم يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[24 Feb 2004, 02:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا بحث أقدمه بين يدي القراء، عملت فيه على دفع الإشكال عن الحديث الوارد في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} أسأل الله الكريم أن ينفع به من كتبه وقرأه.
والبحث مكون من خمسة مباحث:
المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة.
المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية.
المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث.
المبحث الرابع: ذكر مذاهب العلماء تجاه الإشكال الوارد في الحديث.
المبحث الخامس: الترجيح.
===========================================
المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:
قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ} [الأنعام: 158]
المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ». (1)
المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديث أن الدجال من الآيات التي إذا خرجت لا ينفع بعدها الإيمان، وقد وردت أحاديث أُخر تفيد بأن خروج عيسى عليه السلام يعقب الدجال؛ فعن مُجَمِّعَ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيَّ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ». (2)
وقد استُشكِل بأنه لو كان كذلك لم ينفع الكفار إيمانهم، ولا الفساق توبتهم، عند نزول عيسى عليه السلام؛ لأن باب التوبة قد أغلق في زمن الدجال.
وقد جاء النص صريحاً (3) بأن الإيمان ينفع في زمن عيسى عليه السلام، وإلا لما صار الدين واحداً، ولا كان في نزوله كبير فائدة. (4)
المبحث الرابع: ذكر مذاهب العلماء تجاه الإشكال الوارد في الحديث:
مذهب عامة المفسرين أن المراد بـ «البعض» في الآية، هو: طلوع الشمس من مغربها. (5)
ورُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «التوبة معروضة على ابن آدم إن قَبِلَهَا مالم تخرج إحدى ثلاث: مالم تطلع الشمس من مغربها، أو الدابة، أو فتح يأجوج ومأجوج». (6)
وهذا الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه لا يصح، وقد رُوي عنه من عدة طرق أنه فسر الآية بطلوع الشمس من مغربها دون ذكر الدابة، أو يأجوج ومأجوج. (7)
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي فيه ذكر الثلاث؛ فقد قال بعض أهل العلم إن التوبة تنقطع بخروج إحدى هذه الثلاث.
قال ابن هبيرة: «حكم هاتين الآيتين (يعني الدابة، والدجال) في أن نفساً لا ينفعها إيمانها، الحكم في طلوع الشمس من مغربها». (8)
وقال المناوي: «كلٌ من الثلاثة مستبد في أن الإيمان لا ينفع بعد مشاهدتها؛ فأيها تقدمت ترتب عليها عدم النفع». (9)
لكن مذهب عامة أهل العلم أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها.
وقد استشكل جمع من العلماء حديث أبي هريرة؛ لأمرين:
الأول: أن فيه ذكر الدجال، وقد تقدم بيان وجه الإشكال في ذلك.
الثاني: أن النصوص متظافرة على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، دون ذكر الدجال، أو الدابة. (10)
وقد تباينت آراؤهم في الجواب عن ذلك، وحاصلها راجع إلى مذهبين:
الأول: مذهب الجمع بين الأحاديث:
فقد ذهب الجمهور من العلماء إلى الجمع بين حديث أبي هريرة، وبقية الأحاديث التي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، لكن اختلفوا في الجمع على أقوال:
(يُتْبَعُ)
(/)
القول الأول: أن عدم قبول التوبة مترتب على مجموع الثلاث – الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها - فإذا اجتمعت الثلاث انقطعت التوبة، وطلوع الشمس هو آخرها، وهو الذي يتحقق به عدم القبول.
قال ابن مفلح – بعد أن أورد حديث (ثلاث إذا خرجن) -: «فهذا المراد به أن طلوع الشمس آخر الثلاثة خروجاً؛ فلا تعارض بينه وبين ما سبق». (11) يريد الأحاديث التي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها.
واختار هذا الجمع: القاري (12)، والمباركفوري (13)، غير أنهما لم يذكرا أن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الثلاث.
وذكر الشيخ حمود التويجري حديث أبي هريرة من رواية الإمام أحمد، والتي فيها لفظ «الدخان» بدل «الدجال» وبين أن التوبة لا تزال مقبولة حتى تجتمع الثلاث، والتي آخرها طلوع الشمس من مغربها. (14)
القول الثاني: إن كان البعض المذكور في الآية عدة آيات فطلوع الشمس هو آخرها المتحقق به عدم القبول، وإن كان إحدى آيات؛ فهو محمول على طلوع الشمس من مغربها؛ لأنه أعظم الثلاث.
ذكره القاسمي في تفسيره (15)، وهو بمعنى القول الأول.
القول الثالث: أن خروج الثلاث يكون متتابعاً، بحيث يكون الزمن الذي بينها يسير جداً؛ فتكون النسبة التي بينها مجازية، فكأنها خرجت في وقت واحد.
ذكره الحافظ ابن حجر، وتعقبه بقوله: «وهذا بعيد؛ لأن مدة لبث الدجال إلى أن يقتله عيسى، ثم لبث عيسى وخروج يأجوج ومأجوج، كل ذلك سابق على طلوع الشمس من المغرب». (16)
قلت: بل جاء ما هو صريح بأن مدة لبث الدجال إلى أن يقتله ابن مريم عليه السلام، أطول من ذلك؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ .... ». (17)
وعن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قال: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ..... فقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ». (18)
قال النووي: «قَوْله صلى الله عليه وسلم: (يَوْم كَسَنَةٍ , وَيَوْم كَشَهْرٍ , وَيَوْم كَجُمْعَةٍ , وَسَائِر أَيَّامه كَأَيَّامِكُمْ) قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث؛ يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (وَسَائِر أَيَّامِه كَأَيَّامِكُمْ)». (19)
وأما عيسى بن مريم عليه السلام فقد جاء أن مدة لبثه أربعون سنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عيسى فقال: « .... وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ». (20)
فهذه النصوص وغيرها ترد القول بأن خروج الثلاث يكون متتابعاً، والزمن الذي بينها يسير، وحسبك مدة بقاء عيسى عليه السلام؛ فإن مكثه أربعين سنة ليس بالزمن اليسير.
القول الرابع: ما قاله البيهقي: «إن كان في علم الله أن طلوع الشمس سابقٌ احتمل أن يكون المراد نفى النفع عن أنفس القرن الذين شاهدوا ذلك، فإذا انقرضوا وتطاول الزمان وعاد بعضهم إلى الكفر عاد تكليف الإيمان بالغيب، وكذا في قصة الدجال لا ينفع إيمانُ من آمن بعيسى عند مشاهدة الدجال، وينفعه بعد انقراضه». (21)
قلت: يتخرج من كلام البيهقي أن التوبة تنقطع عند طلوع الشمس من مغربها، ثم تعود بعد تطاول الزمان؛ فإذا خرج الدجال انقطعت، ثم تعود بعد ذلك لتنفع في وقت عيسى عليه السلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقريباً منه قول أبي عبد الله القرطبي: «توبة كل من شاهد ذلك (يعني طلوع الشمس من مغربها) أو كان كالمشاهد له مردودة ما عاش؛ لأن علمه بالله تعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم وبوعده قد صار ضرورة؛ فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان، ولا يتحدثون عنه إلا قليلاً، فيصير الخبر عنه خاصاً وينقطع التواتر عنه؛ فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قُبلَ منه». (22)
وأيّد ذلك:
1 - بما رُوي: «أن الشمس والقمر يكسيان بعد ذلك الضوء والنور، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك». (23)
2 - وبما رُوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: «يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة حتى يغرسوا النخل». (24)
3 - وبما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «لا يقبل الله من كافر عملاً ولا توبة إذا أسلم حين يراها إلا من كان صغيراً يومئذ؛ فإنه لو أسلم بعد ذلك قُبِل ذلك منه، ومتى كان مؤمناً مذنباً فتاب من الذنب قُبِلت منه». (25)
4 - وبما رُوي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال: «إنما لم يقبل وقت الطلوع حتى تكون صيحة فيهلك كثير من الناس، فمن أسلم أو تاب في ذلك الوقت وهلك لم يقبل منه، ومن تاب بعد ذلك قُبِلت منه». (26)
ونقل الحافظ أبو زرعة عن شيخه البلقيني أنه قال: «إذا تراخى الحال بعد ذلك، وبَعُدَ العهد بهذه الآية، وتناساه أكثر الناس قبلت التوبة والإيمان بعد ذلك؛لزوال الآية التي تضطر الناس إلى الإيمان». (27)
ونقله عن البلقيني: الإمام الآلوسي، ومال إليه وأيده. (28)
وعورض هذا القول: بأن لا دليل عليه، وبأن الأخبار الصحيحة تخالفه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». (29) فمفهومه أن من تاب بعد ذلك لم تقبل منه. (30)
وقد ساق الحافظ ابن حجر عدة آثار تدل على أن الشمس إذا طلعت من مغربها أغلق باب التوبة ولم يفتح بعد، ثم قال: «فهذه آثار يشد بعضها بعضاً، متفقة على أن الشمس إذا طلعت من المغرب أغلق باب التوبة ولم يفتح بعد، وأن ذلك لا يختص بيوم الطلوع، بل يمتد إلى يوم القيامة». (31)
المذهب الثاني: الترجيح بين الأحاديث:
فقد ذهب الإمام أبي العباس القرطبي إلى أن ذكر الدجال مع الطلوع والدابة وهم من بعض الرواة، وأن التكليف لا يرتفع إلا بطلوع الشمس من مغربها، كما دلت عليه بقية الأحاديث. (32)
المبحث الخامس: الترجيح:
لا شك أن مذهب الجمع بين الأحاديث هو المتعين في هذه المسألة، فيحمل حديث أبي هريرة على المعنى الوارد في بقية الأحاديث، والتي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها.
ويكون معنى حديث أبي هريرة: أن عدم قبول التوبة مترتب على مجموع الثلاث – الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها - فإذا اجتمعت الثلاث انقطعت التوبة، وطلوع الشمس هو آخرها، وهو الذي يتحقق به عدم القبول.
وهذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة، ويزول به الإشكال، إن شاء الله تعالى.
ويمكن تلخيص المسألة وحصرها في خمسة فروع:
1 - أن المراد بـ «البعض» في الآية هو طلوع الشمس من مغربها فقط، دون غيرها.
2 - أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها.
3 - أن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الآيات الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة.
4 - أن زمن عيسى - عليه السلام - يعقب الدجال.
5 - أن زمن عيسى - عليه السلام - فيه خير كثير، دنيوي وأخروي، والتوبة والإيمان مقبولان فيه.
وسأذكر من الأدلة ما يؤيد كل فرع، مع ذكر الإيرادات والاعتراضات، والجواب عنها.
أولاً: الأدلة على أن المراد بـ «البعض» في الآية هو طلوع الشمس من مغربها فقط، دون غيرها:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - بعد النظر في الأحاديث الواردة في تفسير الآية وجدت أنها كلها متفقة على تفسير «البعض» بطلوع الشمس من مغربها، ولم يأت ما يخالف ذلك إلا ما يظهر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولكن عند التأمل فإنه لا يظهر بينه وبين بقية الأحاديث تعارض، لإمكان حمله على بقية الأحاديث التي اقتصرت على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، وإن في اتفاق الأحاديث على تفسير «البعض» بالطلوع فقط، لدلالة واضحة على أنه هو المراد.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بـ «بعض آيات الله» طلوع الشمس من مغربها». (33)
وقال الآلوسي: «روي هذا التعيين عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر صحيح». (34)
ولنورد بعضاً من هذه الأخبار الصحيحة:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا؛ فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ». (35)
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل:} أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ {قَالَ: «طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا». (36)
- وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً: «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسَ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا». (37)
- وعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ؛ فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا». (38)
2 - ومما يؤكد أن المراد بـ «البعض» هو طلوع الشمس فقط، اتفاق الصحابة على تفسير الآية بذلك، روي هذا التفسير عن: ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وصفوان بن عسال (39)، ولا يعرف لهم مخالف؛ إلا ما رُوي عن ابن مسعود - في إحدى الروايات عنه - بأنه فسرها بإحدى ثلاث: الطلوع، أو الدابة، أو يأجوج ومأجوج، وقد تقدم أن ذلك لا يصح عنه.
فهذه الأحاديث مع اتفاق الصحابة رضي الله عنهم تؤكد القول بأن المراد بالبعض هو طلوع الشمس من مغربها دون غيرها، ولو كانت الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة هي المراد بتفسير الآية، أو بعض المراد لذكرت في بقية الأحاديث، وفي هذا دلالة واضحة على أن أحد الثلاث غير مستبد بانقطاع التوبة بوجوده، بل لا بد من اجتماعها معاً، والله تعالى أعلم.
فإن قيل: هذا التأويل فيه إهمال لبقية الثلاث المذكورة في الحديث؛ لأنكم قصرتم تفسير الآية على واحدة من هذه الثلاث، ولم تعملوا البقية، والحديث صريح بأن المراد بالبعض هو الثلاث، لا واحدة منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب على هذا الإيراد سيأتي تبعاً عند ذكر فائدة مجيء الثلاث في الحديث، وسيأتي أن قصر تفسير الآية على واحدة من الثلاث لا يعني إهمال البقية، وإنما ذكرت لفائدة أخرى كما سيأتي تقريره.
ثانياً: الأدلة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». (40)
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (41)
- وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (42)
فهذه الأحاديث متفقة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، والقول بأن زمن الدجال لا ينفع فيه الإيمان ولا التوبة فيه مخالفة صريحة لهذه الأحاديث؛ لأن وقته قبل طلوع الشمس من مغربها، والله تعالى أعلم.
ثالثاً: الأدلة على أن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الآيات الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة.
هناك عدة أدلة تؤيد القول بأن طلوع الشمس من مغربها هو آخر الثلاث المذكورة في الحديث، ومن هذه الأدلة:
1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». (43) ومفهوم هذا الحديث أن من تاب بعد طلوعها من مغربها لم يقبل منه، والأصل بقاء الحديث على إطلاقه ولا يصح تقييد ذلك بوقت الطلوع، وإذا كانت التوبة بعد الطلوع مردودة امتنع أن يكون وقت الدجال بعدها؛ لأن عيسى عليه السلام بعد الدجال، وزمنه فيه خير كثير، والإيمان والتوبة مقبولان فيه، فلم يبق إلا أن يكون طلوعها بعد الدجال.
2 - وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا» (44)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ». (45) وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج يكون بعد عيسى عليه السلام (46)، فهذان الحديثان يدلان على أن باب التوبة لم يغلق بعد في زمن عيسى، إذ لو كان قد أغلق لما كان للحج فائدة، وقد سبق أن وقت الدجال قبل زمن عيسى عليه السلام، وفي ذلك دلالة واضحة على أن طلوع الشمس يعقب الدجال.
3 - ومما يؤكد أن طلوع الشمس هو آخر الثلاث، أن الأحاديث متظافرة على أن التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، ولو كانت هي الأولى في الخروج لما كان لذكر بقية الثلاث فائدة؛ لأن انقطاع التوبة قد وقع بطلوع الشمس قبل ذلك.
قال الشيخ حمود التويجري - بعد أن أورد حديث (ثلاث إذا خرجن) -: «وظاهر هذا الحديث يدل على أن التوبة لا تزال مقبولة حتى تخرج الثلاث كلها، وقد تواترت الأحاديث الدالة على أن التوبة لا تزال مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها، فيستفاد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مع الأحاديث الواردة في قبول التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها أن خروج الدابة والدخان (47) متقدم على طلوع الشمس من مغربها، والله أعلم». (48)
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الدابة فالأظهر أن خروجها متقدم على طلوع الشمس من مغربها، لكن الزمن الذي بينهن يسير جداً، وليس في هذا القول مخالفة لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى». (49)؛ لأن الحديث إنما ذكر الأولية للشمس والدابة معاً، لا للشمس وحدها؛ بدليل قوله في الحديث «وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا». (50)، ولو كان مراده صلى الله عليه وسلم في الأولية الشمس دون الدابة لما قال ذلك، ومما يؤكد هذا المعنى أن عبد الله بن عمرو راوي الحديث لم يفهم من الحديث أن طلوع الشمس متقدم على الدابة، حيث وقع منه تردد في الأولية بقوله «وَأَظُنُّ أُولَاهَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (51) وترجيحه لأولية الشمس بناء على اطلاعه على كتب أهل الكتاب، لا أنه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، يدل على ذلك أن الراوي عن ابن عمرو قال: «ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ وَأَظُنُّ أُولَاهَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (52)، قال الحافظ ابن كثير «وقد ظن عبد الله بن عمرو أن طلوع الشمس متقدم على الدابة، وذلك محتمل ومناسب». (53)
قلت: لكن الذي يظهر تقدم الدابة على الطلوع، والأحاديث الواردة بتقدم طلوع الشمس على الدابة، كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة، والله تعالى أعلم. (54)
الإيرادات والاعتراضات على القول بأن زمن الدجال متقدم على طلوع الشمس من مغربها:
الإيراد الأول:
فإن قيل: فما جوابكم عن حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا». (55)
فهذا الحديث صريح بأن طلوع الشمس من مغربها، والدابة، أول الآيات، ويلزم منه أن خروج الدجال متأخر عنهما.
والجواب:
أن الروايات مختلفة في تعيين أول الآيات:
1 - ففي رواية: «أن أولها طلوع الشمس من مغربها». (56)
2 - وفي رواية: «أن أولها نار تحشر الناس إلى محشرهم». (57)
3 - وقيل: أولها «خروج الدجال». (58)
وللعلماء في الجمع بين هذه الأحاديث أقوال:
1 - قال الحافظ ابن حجر: «الذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم عليه السلام، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب ....
قال: وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار التي تحشر الناس». (59)
واختار هذا الجمع البرزنجي، حيث نقله عن الحافظ ابن حجر واستحسنه. (60)
2 - ويرى الحافظ ابن كثير: أن طلوع الشمس من مغربها والدابة أول الآيات السماوية التي ليست بمألوفة، وأما خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج فكل ذلك أمور مألوفة، وهي من أول الآيات الأرضية.
قال الحافظ ابن كثير – بعد أن أورد حديث عبد الله بن عمرو -: «أي أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، فكل ذلك أمور مألوفة لأن أمر مشاهدته ومشاهدة أمثاله مألوف؛ فأما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف ومخاطبتها الناس ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر؛ فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية». (61)
واختار هذا الجمع ابن أبي العز الحنفي. (62)
3 - ويرى الطيبي أن الآيات عبارة عن أمارات على الساعة، إما على قربها، وإما على حصولها؛ فمن الأول: الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، ويأجوج ومأجوج، والخسف، ومن الثاني: الدخان، وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، والنار التي تحشر الناس. (63)
(يُتْبَعُ)
(/)
واختار هذا الجمع المناوي. (64)
4 - ويرى أبو العباس القرطبي أن الأولية في حديث عبد الله بن عمرو المراد بها: أول الآيات الكائنة في زمان ارتفاع التوبة والطبع على كل قلب بما فيه، وعلل ذلك بأن ما قبل طلوع الشمس من مغربها التوبة فيه مقبولة، وإيمان الكافر فيه يصح. (65)
وأما حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ». (66) فقد جاء في حديث آخر أنها آخر الآيات؛ فعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: «اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ: الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» (67).
قال الحافظ ابن حجر: «ويجمع بينهما بأن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات، وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلاً، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا». (68)
قلت: ويؤيد هذا الجمع أن حديث أنس روي بلفظ: «وَأَمَّا أَوَّلُ شَيْءٍ يَحْشُرُ النَّاسَ فَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَتَحْشُرُهُمْ إِلَى الْمَغْرِبِ». (69) حيث لم ينص على أنها أول الآيات، بل فيه أنها أول من يحشر الناس. (70)
ويحتمل أن النار المذكورة في حديث أنس نار أخرى غير المذكورة في حديث حذيفة، فالأولى تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، والثانية تخرج من اليمن فتطرد الناس إلى المحشر الذي هو أرض الشام، فتكون الأولى أول الآيات، والثانية آخر الآيات.
يقوي هذا الاحتمال اختلاف مكان وصفة خروج كل من النارين؛ فالأولى تخرج من المشرق وتسوق الناس إلى المغرب، والثانية تخرج من اليمن وتسوق الناس إلى محشرهم. (71)
وبهذا يتبين أن الحديث الوارد في أن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، لا ينافي القول بأن أولها خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام، لما علمت من اختلاف الروايات في أول الآيات، ولما ذُكِرَ من أن الأولية في الحديث ليست على إطلاقها، وعليه فلا يصح الاعتراض، والله تعالى أعلم. (72)
الإيراد الثاني:
أن في حديث أبي هريرة رضي الله عنه تقديم طلوع الشمس من مغربها على الدجال، فكيف يقال إن طلوعها آخر الثلاث؟
والجواب: أن هذا الترتيب غير متفق عليه بين رواة الحديث، وتفصيل ذلك:
أن الحديث تفرد به فضيل بن غزوان، وقد روي عن فضيل من أربعة طرق، وفي كل طريق اختلاف في ترتيب الآيات:
الأول: طريق وكيع بن الجراح: وقد اتفق الرواة عنه على الترتيب التالي: طلوع الشمس – والدجال – والدابة.
الثاني: طريق يعلى بن عبيد: وقد اختلف الرواة عنه في الترتيب:
فرواه عبد بن حميد، وإسحاق بن راهويه، والصغاني، بلفظ: الدجال – والدابة – وطلوع الشمس.
ورواه عنه محمد بن عبد الوهاب، بلفظ: طلوع الشمس – والدجال – والدابة.
الثالث: طريق محمد بن فضيل: وقد اختلف الرواة عنه في الترتيب:
فرواه محمد بن العلاء، وعبد الله بن عامر بلفظ: طلوع الشمس – والدجال – والدابة.
ورواه أبو هشام الرفاعي بلفظ: الدابة – والدجال – وطلوع الشمس.
الرابع: طريق إسحاق بن يوسف: ولم يخرجه من هذا الطريق إلا مسلم في صحيحه، ولم يذكر لفظ الحديث، وإنما ذكر هذا الطريق متابعة. (73)
والخلاصة: أن هذه الروايات الواردة في ترتيب الحديث لا يمكن الجزم بأن أحدها هو الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإذ الأمر كذلك فلا يصح الجزم بأن طلوع الشمس من مغربها هو أول الثلاث.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى التسليم بأن الحديث قد جاء هكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم الطلوع على الثلاث؛ فإنه لا يدل على تقدم الطلوع؛ لأن تقديمها في الذكر لا يقتضي تقدمها في الوقوع، كما أن العطف لا يفيد الترتيب (74)، ولاحتمال أن يكون قدم الطلوع؛ لأن مدار عدم قبول التوبة متوقف عليه. (75)
ومما يؤكد أن الترتيب غير مراد في الحديث: ذكر الدجال بين الطلوع والدابة، وقد جاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن طلوع الشمس وخروج الدابة قريبان من بعضهما، ونص الحديث «وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا». (76)، وقد تقدم أن مدة مكث الدجال إلى أن يقتله ابن مريم تعتبر طويلة، وهذا دليل واضح بأن طلوع الشمس ليس بأول الثلاث، والله تعالى أعلم.
الإيراد الثالث:
إذا كانت التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها، فما فائدة ذكر الدجال والدابة في الحديث؟
والجواب: أن ذكرهما هو بمثابة التحذير والإعلام بقرب طلوع الشمس من مغربها، فكأن خروجهما إرهاصاً وإيذاناً بقرب طلوع الشمس، يدل على ذلك حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ربكم أنذركم ثلاثاً .... فذكر الدخان، والدابة، والدجال». (77)
وهذا الحديث واضح الدلالة في المقصود؛ لأن فيه التصريح بأن الدجال والدابة إنما هي نذر لما بين يديها من طلوع الشمس من مغربها، والذي يعني رفع التوبة، وعدم قبول الإيمان، فيكون خروجهما تحذيراً للناس وتنبيهاً لهم بأن عليهم التوبة قبل أن يأت يوم لا تنفع فيه، وذلك اليوم هو طلوع الشمس من مغربها.
وإنما لم يذكر في حديث أبي مالك طلوع الشمس من مغربها؛ لأن طلوعها لا يقع فيه إنذار، وهذا مما يؤكد أن الدجال والدابة إنما هي نذر، والله تعالى أعلم.
ويلاحظ في حديث أبي هريرة تعليق الشرط على ثلاثة أشياء، مع أن الجواب حاصل بأحدها، وهو طلوع الشمس من مغربها، ولهذا نظائر في الكتاب والسنة:
فمن الكتاب قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: 1 - 5] فانظر كيف علق الشرط على أربعة أشياء، وهي: انفطار السماء، وانتثار الكواكب، وتفجير البحار، وبعثرة القبور، مع أن الجواب - وهو علم النفس بما قدمت وأخرت – لا يكون إلا بعد بعثرة القبور.
ونظير هذا المثال من السنة قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ (78)، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ (79)؛ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ». (80) فانظر كيف علق وجوب الغسل على شيئين، مع أنه لا يجب إلا بواحد منهما، وهو التقاء الختانين.
رابعاً: الأدلة على أن زمن عيسى - عليه السلام - يعقب الدجال:
تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام (81)، وأغلب هذه الأحاديث فيها نص صريح بأن الدجال يقتله ابن مريم، وفي هذا دلالة واضحة بأن زمن عيسى يعقب الدجال، وفيما يلي ذكر بعض الأحاديث الدالة على قتل عيسى عليه السلام للدجال:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقٍ (82)، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ، لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ (83)، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ
(يُتْبَعُ)
(/)
بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ». (84)
2 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال: « .... فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ (85) بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ (86) وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ (87) كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ .... ». (88)
خامساً: الأدلة على أن زمن عيسى - عليه السلام - فيه خير كثير، دنيوي وأخروي، والتوبة والإيمان مقبولان فيه:
هناك عدد من الأدلة التي تفيد بأن زمن عيسى عليه السلام التوبة والإيمان مقبولان فيه، سواء كانت التوبة والإيمان قبل نزوله، أو بعد ذلك.
وفيما يلي ذكر بعض هذه الأدلة:
الدليل الأول:
قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159].
حيث أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة أن جميع أهل الكتاب يؤمنون بعيسى عليه السلام بعد نزوله، ولا يتخلف أحد منهم عن التصديق والإيمان به (89)، فدل على قبول الإيمان في زمنه.
الإيرادات والاعتراضات على هذا الدليل:
الإيراد الأول: أن الاستدلال بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] غير مستقيم؛ لأن هناك خلاف بين المفسرين في مرجع الضمير في قوله {قَبْلَ مَوْتِهِ} فبعضهم قال: إن الضمير راجع إلى الكتابي، والمعنى أن الكتابي يؤمن عند الموت والمعاينة، بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله. (90) وقال آخرون: معنى الآية: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي. (91)
والجواب:
أن الصواب في الآية رجوع الضمير إلى عيسى عليه السلام، لا الكتابي، وهذا هو مذهب الجمهور من المفسرين، روي عن أبي هريرة (92)، وابن عباس (93)، وبه قال أبو مالك (94)، والحسن البصري (95)، وقتادة (96)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (97).
وهو اختيار: ابن جرير، وابن كثير، والشوكاني، والشنقيطي. (98)
ومما يرجح هذا الاختيار:
1 - أن الضمائر في الآيات التي قبلها كلها راجعة إلى عيسى عليه السلام، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 - 158].
فقوله (وَمَا قَتَلُوهُ) (وَمَا صَلَبُوهُ) (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (اخْتَلَفُوا فِيهِ) (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) (وَمَا قَتَلُوهُ) (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ) كل هذه الضمائر راجعة إلى عيسى عليه السلام، ولما عطف عليها قوله (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) وجب أن يكون الضمير عائداً إلى عيسى عليه السلام، حتى تنسجم الضمائر. (99)
2 - ومما يقوي عود الضمير إلى عيسى عليه السلام، أن الأصل في الضمير عوده على مفسر مذكور، وليس في الآية ذكر للكتابي، وإنما المذكور عيسى عليه السلام. (100)
(يُتْبَعُ)
(/)
«فأما من فسر الآية بأن المعنى أن كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد عليهما الصلاة والسلام؛ فهذا هو الواقع، وذلك أن كل أحد عند احتضاره ينجلي له ما كان جاهلاً به فيؤمن به، ولكن لا يكون ذلك إيماناً نافعاً له إذا كان قد شاهد الملك؛ كما قال تعالى: {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآن} [النساء: 18]، وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِين * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا َ} [غافر: 84 – 85]، ومن تأمل هذا القول وأمعن النظر فيه اتضح له أنه هو الواقع، لكن لا يلزم منه أن يكون هو المراد من الآية، والله تعالى أعلم». (101)
الإيراد الثاني: على التسليم بأن الضمير عائد على عيسى عليه السلام فإن هذا الإيمان إيمان اضطراري، بمعنى أن أهل الكتاب يتحققون أن عيسى عبد الله ورسوله، ومثل هذا لا ينفع صاحبه، كحالة الغرغرة فإن الإيمان لا ينفع عندها. (102)
وأجيب: بأن الآية لم تفصل في هذا الإيمان من حيث القبول والرد، فبقيت على إطلاقها بأن الإيمان نافع في زمن عيسى عليه السلام، ولا يصح تقييدها إلا بدليل، وليس ثمة دليل.
الدليل الثاني:
ومما يؤكد القول بأن من أحدث إيماناً أو توبة في زمن عيسى عليه السلام قبل منه، حديث أبي هريرة، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عيسى بن مريم فقال: « ... وَإِنَّهُ نَازِلٌ ... فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ». (103)
والشاهد من الحديث قوله: «وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ»، وهذا نص صريح بأن عيسى عليه السلام يدعو إلى الإسلام، ويلزم من دعوته أن الإيمان مقبول ممن آمن به واتبعه، وإلا فكيف يدعوهم إلى الإسلام وهو يعلم أن إسلامهم لن ينفعهم.
الإيرادات والاعتراضات على هذا الدليل:
فإن قيل: إن اللفظ الذي استدللتم به غير متفق عليه بين رواة الحديث، حيث روي بلفظ: «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ» وبلفظ «وَيُعَطِّلُ الْمِلَلَ، حَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الْإِسْلَامِ». (104) وهذه الروايات ليس فيها أنه يدعو للإسلام، وعليه فلا يستقيم الاستدلال.
والجواب:
أن لفظ «فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ» هو بمعنى لفظ «وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ» ولا فرق؛ لأن قتاله الناس على الإسلام إنما هو من أجل أن يسلموا، فمن أسلم كف عنه، ومن أبى قاتله، يدل على هذا المعنى حديث «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .... » (105) ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث للقتال وحسب، وإنما بعث لدعوة الناس للإيمان، والقتال إنما هو لمن أعرض وأبى.
وكذا الرواية الثانية هي بمعنى هذه الرواية، والله تعالى أعلم.
الدليل الثالث: ما ورد من أحاديث أن المسلمين يقاتلون العدو في زمن الدجال، وزمن عيسى عليه السلام (106)، وقد جاء ما يفيد بأن التوبة لا تنقطع ما دام المسلمون يقاتلون العدو؛ فعن عبد الله بن وَقْدَانَ السَّعْدِيِّ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» (107)، والهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة؛ لحديث «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (108)
وفي هذا كله دلالة واضحة على أن التوبة لا تزال مقبولة في زمن الدجال، وعيسى عليه السلام، إلى أن تطلع الشمس من مغربها.
الدليل الرابع:
قوله صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام: «ويُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ» (109)
(يُتْبَعُ)
(/)