كلام جميل جداً للإستاذ سيد قطب رحمه الله في تفسيره عن صنم المصلحة!
ـ[أبوصايل]ــــــــ[28 Aug 2003, 10:26 ص]ـ
قال الإستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى في تفسيره 0 (ظلال القرآن: 4/ 2435)
إن كلمة (مصلحة الدعوة) يجب أن ترتفع من قاموس أصحاب الدعوات , لأنها مزلة , ومدخل للشيطان يأتيهم
منه حين يعز عليهم أن يأتيهم من ناحية مصلحة الأشخاص.! ولقد تتحول (مصلحة الدعوة) الى صنم يتعبده
أصنامه وينسون معه منهج الدعوة الأصيل.!
إن على أصحاب الدعوة أن يستقيموا على نهجها ويتحروا هذا النهج دون إلتفات الى مايعقبه هذا التحري من نتائج قد
يلوح لهم أن فيها خطراً على الدعوة وأصحابها!
فالخطر الوحيد الذي يجب أن يتقوه هو خطر الإنحراف عن النهج لسبب من الأسباب سواء كان هذا الإنحراف كثيراً
, أو قليلاً والله أعرف منهم بالمصلحة وهم ليسوا بها مكلفين. إنما مكلفون بأمر واحد , أن لاينحرفوا عن المنهج
, وأن لايحيدوا عن الطريق ....
[سورة الحج , عند قوله تعالى وماأرسلنا من قبلك من رسول ولانبي].
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 Apr 2005, 08:53 ص]ـ
كلام رائع
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[19 Apr 2005, 09:20 ص]ـ
رحم الله الشيخ الشهيد
هذه كلمات غالية توجه لكل داعية ....
ـ[الراية]ــــــــ[25 Apr 2005, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة أخي أبو صايل ...
فما أكثر هذا الصنم في هذه الايام والله المستعان
وبداية موفقة.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 Feb 2009, 10:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
كتاب الظلال فيه منهج متكامل للدعوة والداعية .. من حيث المعالم لمنهج الدعوة ومن حيث الأخلاق والتفصيلات الخاصة لمنهج الدعاية أثناء سير دعوته.
فلدينا الآن طرفان:
أ ـ معالم طريق الدعوة
وهذا وضحه سيد قطب رحمه الله تعالى في موضعين:
الموضع الأول: في مقدمة سورة الأنعام (15 صفحة تقريبا)
الموضع الثاني: أثناء سورة الأنعام وذلك من قوله:
(والآن بعد الانتهاء من استعراض هذه الموجة من السياق، نقف وقفة قصيرة لاستخلاص عبرة التوجيه فيها لكافة أصحاب الدعوة إلى هذا الدين في كل جيل ... )
إلى قوله:
(ولعل هذه اللمسات - إلى جانب ما تقدم في مقدمة السورة - عن المنهج يكون فيها ما ينير الطريق. وبالله التوفيق. .)
ب ـ أخلاق الداعية وتفصيلات داخل المنهج
وهذا موزع في الظلال في مواضع كثيرة، ومن أفضل ما قرأت من ذلك التفصيل، ذلك المقطع:
({ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين. وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله. ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا، والذين هم محسنون}. .
على هذه الأسس يرسي القرآن الكريم قواعد الدعوة ومبادئها، ويعين وسائلها وطرائقها، ويرسم المنهج للرسول الكريم، وللدعاة من بعده بدينه القويم فلننظر في دستور الدعوة الذي شرعه الله في هذا القرآن.
إن الدعوة دعوة إلى سبيل الله. لا لشخص الداعي ولا لقومه. فليس للداعي من دعوته إلا أنه يؤدي واجبه لله، لا فضل له يتحدث به، لا على الدعوة ولا على من يهتدون به، وأجره بعد ذلك على الله.
والدعوة بالحكمة، والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم، والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم بها، والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها.فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه.
وبالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية. فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالجدل بالتي هي أحسن. بلا تحامل على المخالف ولا ترذيل له وتقبيح. حتى يطمئن إلى الداعي ويشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل، ولكن الإقناع والوصول إلى الحق. فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة، وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها. والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة، ويشعر المجادل أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها، والاهتداء إليها. في سبيل الله، لا في سبيل ذاته ونصرة رأيه وهزيمة الرأي الآخر!
ولكي يطامن الداعية من حماسته واندفاعه يشير النص القرآني إلى أن الله هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو الأعلم بالمهتدين. فلا ضرورة للجاجة في الجدل إنما هو البيان والأمر بعد ذلك لله.
هذا هو منهج الدعوة ودستورها ما دام الأمر في دائرة الدعوة باللسان والجدل بالحجة. فأما إذا وقع الاعتداء على أهل الدعوة فإن الموقف يتغير، فالاعتداء عمل مادي يدفع بمثله إعزازاً لكرامة الحق، ودفعاً لغلبة الباطل، على ألا يتجاوز الرد على الاعتداء حدوده إلى التمثيل والتفظيع، فالإسلام دين العدل والاعتدال، ودين السلم والمسالمة، إنما يدفع عن نفسه وأهله البغي ولا يبغي {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}. وليس ذلك بعيداً عن دستور الدعوة فهو جزء منه. فالدفع عن الدعوة في حدود القصد والعدل يحفظ لها كرامتها وعزتها، فلا تهون في نفوس الناس. والدعوة المهينة لا يعتنقها أحد، ولا يثق أنها دعوة الله. فالله لا يترك دعوته مهينة لا تدفع عن نفسها، والمؤمنون بالله لا يقبلون الضيم وهم دعاة لله والعزة لله جميعاً. ثم إنهم أمناء على إقامة الحق في هذه الأرض وتحقيق العدل بين الناس، وقيادة البشرية إلى الطريق القويم، فكيف ينهضون بهذا كله وهم يعاقبون فلا يعاقبون، ويعتدى عليهم فلا يردون؟!.
ومع تقرير قاعدة القصاص بالمثل، فإن القرآن الكريم يدعو إلى العفو والصبر، حين يكون المسلمون قادرين على دفع الشر ووقف العدوان، في الحالات التي قد يكون العفو فيها والصبر أعمق أثراً.وأكثر فائدة للدعوة. فأشخاصهم لا وزن لها إذا كانت مصلحة الدعوة تؤثر العفو والصبر. فأما إذا كان العفو والصبر يهينان دعوة الله ويرخصانها، فالقاعدة الأولى هي الأولى.)
والحمد لله رب العالمين
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[25 Feb 2009, 03:08 ص]ـ
رحم الله الاستاذ سيد قطب(/)
طلب تعريف بتفسير محمد حسنين مخلوف المطبوع على حواشي بعض المصاحف
ـ[ابن الوليد 22]ــــــــ[28 Aug 2003, 01:44 م]ـ
أفيدوني بارك الله بكم ما رأي أهل العلم ممن يعتد برأيهم بتفسير محمد حسنين مخلوف الذي طبع وانتشر على حواشي بعض المصاحف .. ولكم جزيل الشكر ... ؟؟؟(/)
هل من الصواب نقل تفسير الصحابي وغيره، دون معرفة أصل قراءته؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[28 Aug 2003, 11:13 م]ـ
من المعلوم أن المعنى يتغير بتغير القراءة في الآية - وهذا في بعض القراءات - وعند النظر في تفسير أحد الصحابة ينبغي أن نعرف القراءة التي فسر بها الآية، حتى لا يقع تعارض بين أقواله إن كان له رأيان في الآية، و حتى لا تحمل أقوال الصحابة في التفسير على أنها متعارضة؛ لأنه قد يكون أحدهم فسر الآية على قراءة والآخر فسرها على قراءة أخرى، فيكون في الحقيقة هناك آيتان مفسرتان وليست آية واحدة؛ لأن تعدد القراءات في الآية يعني أن كل قراءة بمنزلة آية مستقلة وذلك في حال تغاير المعنى بين القراءتين.
وهذه المسألة لم تحرر حسب علمي وهي من المسائل المهمة التي ينبغي أن تأخذ نصيبها من الدراسة والتحقيق.
فهل من الصواب أن تنقل أقوال الصحابة في التفسير دون بيان أصل القراءة التي اعتمد كل واحد منهم عليها؟
وكذا بقية المفسرين حينما تنقل تفاسيرهم لا بد من معرفة أصل القراءة التي اعتمد عليها المفسر، والله الموفق.
ـ[أبو القاسم الشاطبي]ــــــــ[29 Aug 2003, 01:05 ص]ـ
بارك الله فيكم ولكن مقترحكم الكريم دون تحقيقه كاملاً عقبة كؤود من جهة أن القراءات المشهورة ترجع أسانيدها إلى قراء الصحابة لكن لا يمكن القطع بأن هذا الصحابي لايعرف غير هذه القراءة أضف إلى ذلك ان كثيراًمن قراءاتهم لم تثبت لدينا الآن بأسانيد صحيحة بعد تسبيع السبع واقتصار الناس في القراءة رواية عليها مع الثلاث المتممة للعشر مع أن القراءات فوق ذلك بكثير كما هو معلوم وقصدي بهذا من أراد السبر والاستقصاء ولكن العمل مبارك والفكرة رائدة والقاعدة المشهورة أن مالايدرك كله لايترك جله
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[30 Oct 2003, 10:51 م]ـ
للرفع والفائدة. آمل من المشايخ والأساتذة إبداء مرئياتهم حول هذا الموضوع
ـ[أبو معاذ الكناني]ــــــــ[01 Nov 2003, 01:47 ص]ـ
الحمد لله وحده وبعد:
الأخ الفاضل أحمد وفقه الله وسدده .... سلام الله عليك ورحمته وبركاته
والحق أن كلامك جد قيم وهو ما كان يجول في خاطري وأنا أقرأ في كثير من التفاسير وعندما يورد المؤلف قراءة أخرى ترى الناشر أو المحقق يورد القراءة كالتي قبلها على ضبط حفص بن سليمان رحمه الله مثلا مع أن المؤلف أراد قراءة أخرى ومن أراد المثال ليطالع تفسير ابن كثير مثلا فهو رحمه الله يفسر على قراءة الشامي عبد الله بن عامر اليحصبي رحمه الله ويشير إلى القراءات الأخرى أحيانا ولكنك تجد في المطبوع قراءة حفص في الموضعين المفسر والمشار إليه (والحق أن هذا غالبا يكون في اختلاف الضبط أي الحركات) وهذه توقع القارئ في اشكال فكيف يعرف القراءة المرادة إن لم يكن من أهل القراءات أسأل الله أن يوفق لحلها طلاب العلم أمثالك.
وأعتقد (إعتقاد شخصي) أن هذا الإشكال لا يرجع لعصر الصحابة لأن السلف أخذوا القرآن والتفسير عن الصحابة فهذا ابن مجاهد رحمه الله يقول: عرضت القرآن على ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث مرات أستوقفه عند كل آية أسأله عنها وأنت تجد في كتب اتفسير رواياتهم الشاذة (تصنيفا) مدونة كـ (متتابعات) لابن مسعود رضي الله عنه وغيرها.
والله الموفق للصواب(/)
سلسلة التعريف بكتب التفسير للشيخ مساعد الطيار
ـ[الراية]ــــــــ[30 Aug 2003, 04:46 م]ـ
أقيمت هذه السلسلة من الدروس ضمن دروس الدورة العلمية الثانية عشرة في مدينة الدمام بالسعودية عام 1423 هـ
وهي على النحو التالي:
1) مقدمة والتفسير والإعراب
2) تفسير ابن عباس و يحيى بن يمان ومقاتل والثوري
3) تفسير ابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم
4) الطبري و ابن أبي حاتم
5) الماتريدي وقراءة من كتب التفسير
6) السمرقندي وهود بن محكم ويحي بن سلام والطحاوي
7) النحاس و الثعلبي والماوردي والنيسابوري
8) السمعاني والبغوي و الزمخشري
والدروس موجودة على هذا الرابط ... واهيب بالاخوة الاستفادة منها فهي حقاً ممتعه
http://www.islamway.com/bindex.php?section=series&scholar_id=424&series_id=730
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[22 Oct 2010, 07:06 م]ـ
أردت سماع هذا الدرس، لكن روابط تحميله معطلة، فهل من سبيل إليه؟
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[22 Oct 2010, 09:13 م]ـ
آمل أن تجده على هذا الرابط http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=51316
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[23 Oct 2010, 12:26 ص]ـ
بارك الله فيكم.
ماطلبت المساعدة إلا وقد سُدَّت طريقه بالأعطال في كل مكان!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Oct 2010, 05:47 ص]ـ
ستجدينه قريباً على موقع الدكتور مساعد الطيار فقد تم جمع كل دروسه الصوتية فيه.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[23 Oct 2010, 07:47 م]ـ
ستجدينه قريباً على موقع الدكتور مساعد الطيار فقد تم جمع كل دروسه الصوتية فيه.
شيخنا، بلّغك الله ماتأمله، ولاحرمك من خير تطلبه.(/)
هل لابن النقيب تفسير وما رأي مشايخنا فيه وهل هو مطبوع أم مخطوط وأين نجد مخطوطته؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Aug 2003, 10:22 م]ـ
السلام عليكم
هل لابن النقيب تفسير وما رأي مشايخنا فيه وهل هو مطبوع أم مخطوط وأين نجد مخطوطته؟
هل هناك مخطوطة يتمنى مشايخنا أن تخرج إلى النور ويعتنى بها في رسالة علمية؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[المنصور]ــــــــ[02 Sep 2003, 12:37 ص]ـ
لابن النقيب كتاب تفسير ضخم لازال مخطوطاً الى الآن، ولم يطبع منه الا المقدمة التي نسبت في بداية الا مر لابن القيم، ثم اشتهر أنها ليست له، وطبعت قبل سنوات منسوبه لمؤلفها الحقيقي: ابن النقيب، وقد اطلعت على مخطوطة لهذا الكتاب في مكتبة الملك عبد العزيز في المدينة النبوية قديما، كما اطلعت على حاشية للسندي على تفسير البيضاوي فيها فوائد جيدة تستحق ابرازها وتحقيقها في نفس المكتبة.(/)
هل طبع هذا الكتاب؟؟؟؟؟
ـ[محب الدين]ــــــــ[30 Aug 2003, 10:40 م]ـ
لقد بذل الدكتور / صالح بن غرم الله الغامدي جهداً كبيراً في رسالته الموسومة ب (المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف للزمخشري) وقد طبعت عام 1418هـ نشر دار الاندلس بحائل،،،،
غير أنني اعتب عليه أنه لم يورد جهود العلماء السابقين له في الرد على الزمخشري،
وأثناء قراءتي لكتاب طبقات الشافعية للسبكي (ت 771هـ) ورد ذكر لكتاب عنوانه (التمييز لما أودعه الزمخشري في كتابه من الاعتزال في الكتاب العزيز) لأبي علي عمر بن محمد بن خليل "انظر الطبقات (5/ 4).طبعة دار الكتب العلمية.
ولا أدري هل طبع هذا الرد ام لا؟ آمل من الاخوة الباحثين المشاركة ولكم الشكر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Dec 2009, 10:54 م]ـ
نعم بارك الله فيكم، لقد طبع مؤخراً في دار الكتب العلمية في ثلاثة مجلدات.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b2bdcda2a4f0.jpg(/)
شيء من فوائد السبكي الشافعي في التفسير
ـ[محب الدين]ــــــــ[30 Aug 2003, 11:15 م]ـ
عندما ترجم السبكي الصغير لوالده علي بن عبدالكافي ساق عددا من الفوائد والفرائد النفيسة وإن كنا نختلف معه في كثير من مسائل الاعتقاد،، ويهمنا هنا أن نسوق منها ما يتعلق بالتفسير فأسأل الله التوفيق في سرد ما سلم من العقيدة الأشعرية في عدد من الكتابات،،،،،،،
يتبع إن شاء الله قريبا(/)
(ءاعجمي و عربي) من قول الله تعالى أم من قول الكفار
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[31 Aug 2003, 02:14 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، في قوله تعالى في سورة (فصلت) [[ءاعجمي وعربي]] في تفسير الجلالين أنه من قول الكفار فهم يقولون << لولا فصلت آياته ءاعجمي وعربي؟!! >> أي كيف يكون القرآن أعجميا و الرسول الذي جاء به عربي!!
و لكن في تفسير السعدي ما يشير إلى أنه من قوله تعالى، أي أن الله تعالى قطع السبل على الكافرون بأن أنزل إليهم قرآنا عربيا على نفس لسان من جاءهم به
فهل هذا خلاف بين المفسرين المتقدمين؟ حيث أني لا أملك الآن مراجع في التفسير
بارك الله تعالى فيكم
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[31 Aug 2003, 09:08 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
ما ذكر في تفسير الجلالين أحد الأقوال الوادرة في تفسير هذه الآية
وقيل: لو أنزل القرآن بعضه بالعربي وبعضه بالأعجمي.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 Sep 2003, 12:40 ص]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء أخي المعتز، وسأبحث في الأقوال بنفسي إن شاء الله تعالى
بارك الله فيك(/)
فائدة من درر العلماء ومصنفاتهم ...
ـ[طالب علم صغير]ــــــــ[31 Aug 2003, 03:42 ص]ـ
ذكر الشيخ العلامة المفسر صديق حسن القنوجي رحمه الله في كتابه أبجد العلوم المجلد الثاني:
علم أقسام القرآن
جمع قسم بمعنى اليمين جعله السيوطي نوعاً من أنواع علوم القرآن وتبعه صاحب: ((مفتاح السعادة)) حيث أورده من فروع علم التفسير.
وقال: صنف فيه الحافظ ابن القيم - رحمه الله - مجلداً اسماه التبيان، أقسم الله بنفسه في القرآن، في سبعة مواضع، والباقي كله قسم بمخلوقاته، وأجابوا عنه بوجوه. إنتهى
ـ[طالب علم صغير]ــــــــ[31 Aug 2003, 02:43 م]ـ
وقال رحمه الله:
علم أفضل القرآن وفاضله
ذكره أبو الخير من فروع علم التفسير، ونقل فيه مذاهب الأئمة الأعلام كما في: ((الإتقان)).
ـ[طالب علم صغير]ــــــــ[01 Sep 2003, 02:53 ص]ـ
قال رحمه الله عن علم الطبقات:
أي طبقات كل صنف من أهل العلم كالأدباء، والأصوليين، والأطباء والأولياء، والبيانيين [أهل البديع والمعاني والبيان (البلاغة)]، والتابعين، والحفاظ، والحكماء، والحنفية، والحنابلة، والمالكية، والشافعية، والمفسرين، والمحدثين، والخطاطين، والرواة، والخواص، والشعراء، والصحابة، والمجتهدين، والصوفية، والطالبين، والأمم، والعلوم، والفرسان، والعلماء، والفرضيين، والفقهاء، ورؤساء الزمن، والقراء، والنحاة، واللغويين، والمتكلمين، والمعبرين، والمعتزلين، والممالك، والنسابين، والنساك، إلى غير ذلك.
وفي كل من هذا كتب مستقلة تكفلت لبيان طبقة من تلك الطبقات قال في ((مدينة العلوم)):
*علم طبقات القراء
هو عمل يذكر فيه القراء السبعة بل العشرة بل الثلاثة عشر بل الخمسة عشر ورواة هؤلاء وغير ذلك من الشيوخ والمصنفين في هذا العلم، ويذكر فيه أيضاً قراء الصحابة والتابعين وتبع تابعيهم إلى هذا الآن، وطبقات الحافظ الذهبي (2/ 363) تصنيف مفيد في هذا العلم ولا أجمع ولا أنفع من طبقات الشيخ الجزري رحمه الله تعالى.
* علم طبقات المفسرين
هو من فروع التواريخ أيضاً فيه المجلدات الكبار للعلماء رحمهم الله تعالى.
* علم طبقات المحدثين
من فروع التواريخ أيضاً وفيها المصنفات العظام.
انتهى كلامه رحمه الله تعالى ...
ثم تكلم رحمه الله بعد ذلك عن سائر الطبقات بإيجاز ...(/)
تساؤل من طلبة قسم التفسير
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[31 Aug 2003, 06:35 ص]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ..... وبعد:
فيتساءل كثير من طلبة العلم الذين أدركوا أهمية علم التفسير، وكذا طلبة الأقسام القرآنية الجامعية، والمنتسبون الجدد في مرحلة الدراسات العليا (الماجستير) عن خطة علمية تأصيلية لمن أراد أن يخوض عباب هذا العلم البارك إذ إن الحصيلة العلمية للداخلين في هذا التخصص سطحية إن صح التعبير، ولذا فإني أناشد المشايخ الفضلاء وضع النقاط على الحروف في هذا الموضوع حتى يكون هداية لكل من أراد فهم كتاب الله عز وجل.
وجزاكم الله خيرا.(/)
اقتراح، وسؤال.
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[01 Sep 2003, 05:08 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فهذا اقتراح وسؤال.
أما الاقتراح:
فلماذا لا يوضع رابط لكل فن من فنون علوم القرآن (الناسخ والمنسوخ، أسباب النزول، وغيرها) بحيث توضع كل مشاركة في كل فن في مكانها الصحيح حتى يجدها في مظانها من يبحث عنها، ولتكون الفائدة أقرب حتى للمتصفح فضلاً عن الباحث.
وأما السؤال:
فمن نافلة القول أن إعراب القرآن له أثر كبير في تغيير المعنى، كقوله تعالى (وإذ ابتلى إبراهيم ربه).
كما أن للإعراب أثراً ظاهراً في المسائل الفقهية، كما في آية الطهارة في المائدة وغيرها،
بل وللإعراب أثرٌ بين في معرفة المتشابه، فقد مرّ بي شخصياً شيء من هذا القبيل، فهناك آية كثيراً ما أغلط فيها وهي قوله تعالى {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (يونس) حيث أرفع (أصغر)، مع قوله تعالى {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغرُ من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (سبأ) حيث أنصب (أصغر) فحينما علمت الحكم الإعرابي فيهما لم يعد هذا الموضع مشكلاً علي أبداً.
لذا، أريد من مشايخنا الفضلاء أهل الاختصاص أن يرشحوا لي كتاباً جيداً ومرجعاً مهماً وسريعاً فيما يتعلق بإعراب القرآن.
وجزاكم الله خير الجزاء.
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[01 Sep 2003, 09:22 ص]ـ
1 / الجدول في إعراب القرآن الكريم وصرفه.
2 / إعراب القرآن الكريم (مجلد واحد).
3 / الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل.
وهناك إعراب القرآن الكريم لمحمود درويش (لست متأكدًا من اسم المؤلف) بالإضافة إلى كتاب في إعراب القرآن للعكبري.
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[06 Sep 2003, 10:34 م]ـ
الأخ الفاضل المعتز بالإسلام
جزاك الله خيراً على المشاركة.
ولا زلت في انتظار المزيد، وخاصة من المشايخ المختصين، ولو رُشح كتابٌ واحد معتبر أو اثنان لكان أفضل.
وماذا بشأن الاقتراح؟!!!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2003, 11:24 ص]ـ
أخي الكريم عبدالحميد العرفج حفظه الله ووفقه لكل خير
نعتذر عن تأخرنا في الرد وأرجو أن تعذرنا جميعاً وفقك الله.
أما اقتراحك فهو اقتراح وجيه، وقد رأى المشرفون التأني في عمل ذلك حتى يكون هناك عدد كبير من المشاركات في كل موضوع من الموضوعات التي أشرتم إليها وأمثالها؛ حتى لا يتشتت ذهن المتصفح للملتقى هنا وهناك دون طائل. ومن خلال التجربة فإن المنتديات ذات الأقسام الجزئية الكثيرة لا تظفر بالزوار بدرجة واحدة بل تجد الزوار ينصبون على تصفح منتدى من هذه المنتديات ويعرضون عن البقية. فلذلك رأى المشرفون أن يبقى على الملتقى العلمي لمناقشة كافة المسائل العلمية ويتم بعد كل مدة استخلاص الموضوعات الجادة ووضعها في ملفات متكاملة في موقع التفسير إن شاء الله. هذه المسألة الأولى.
وأما ما سألت عنه - وفقك الله - من كتب إعراب القرآن الكريم، وأيها أفضل. فإن الحكم عليها كلها يحتاج إلى معرفتها كلها، وهذا ما لم يتهيأ لي، وإنما أقتصر على ما عرفته منها.
فمن أجود الكتب القديمة التي كتبت في إعراب القرآن كتاب مكي بن أبي طالب (مشكل إعراب القرآن).حيث قد اقتصر على ما يشكل إعرابه دون ما اتضح إعرابه، بينما كتاب الجدول والمفصل وأمثالها قد أعربت القرآن كاملاً.
ومن الكتب المعاصرة هناك كتاب جيد للدكتور أحمد الخراط وفقه الله سماه (المجتبى) سلك فيه منهجاً ميسراً وضحه بقوله:
وقد سرت وفق المنهج التالي:
1 - انتخبت من الآيات "المشكل" منها، وهو الذي قد تغمض معرفة إعرابه وإدراك توجيهه، أو يخالف في الظاهر قواعد النحاة، ولكنه لدى التأمل والتحقيق يظهر لنا موافقتها. قال الجوهري في صحاحه: "أشكل الأمر: أي التبس"، وجاء في "الوسيط": "الإشكال: الأمر يوجب التباسا في الفهم".
2 - حرصت على مطالعة مصنفات القوم في هذا الحقل؛ لكيلا أخرج عن اجتهادات علماء، كان لهم قَدَمُ صدق وجهد وفقه في فهم معاني القرآن العزيز.
3 - عُني هذا "المجتبى" بالمفردات، والجمل التي لها محل، والتي ليس لها محل، وأشباه الجمل من الظرف والجار والمجرور، وإن كان المقام لا يتسع للمرور بها جميعا، وتركت ذلك لكتابي الآخر "المفصَّل".
4 - يسير وفق ترتيب السور والآيات في المصحف الكريم، ويحافظ على رقمها، وفق "مصحف المدينة النبوية"؛ وذلك لتيسير العودة إلى المُشْكل المنشود من الآية.
5 - ينتخب العبارة السهلة المأنوسة التي تتضح لجلِّ طلبة العلم، ومن هنا بذلتُ الجهد في توضيح عبارات المعربين التي قد تحتاج في عصرنا إلى تذليل غامضها، والكشف عن مقصودها.
6 - اخترت وجهًا واحدًا في إعراب مفردات الآية أو جملها أو أشباه جملها، بَيْدَ أن هذا الوجه مما نصَّ عليه أحد علماء العربية بالتصريح أو الإشارة، أو القياس على قول صريح له في موضع آخر مماثل، ويكون له صفة الوضوح والسيرورة.
7 - يُعنى هذا "المجتبى" بتوحيد إعراب النظائر، ما أمكن إلى ذلك سبيلا. فإذا كان موضع الإعراب في سورتَيْ الأعراف والتوبة مثلا من مشكاة واحدة، من حيث المعنى والصناعة، شملهما الإعراب بتوجيه واحد، وفي هذا جانب منهجي لا يخفى على أرباب الفن.
8 - عُنيت ببناء ضوابط عامة تفيد في كشف مشكل الآية المعينة وما يقاس عليها، إن كانت مفردات الضابط مشتركة.
9 - بلغ عدد الموارد التي عدت إليها أكثر من مئة مورد، بعضها أصيل في فنه، وبعضها مساعد كاشف، وذلك في ضوء عيش، وقراءة، وتأمل في مصنفات علوم العربية والتفسير وما يتصل بهما.
10 - يمثل هذا "المجتبى" الرأي المختار عندي من مجموع الآراء العلمية التي قيلت، ولا يعني هذا تضعيف غيره، وإنما يعني اختياري الذي أذهب إليه، وهو ما رأيته موافقا للمعنى والصناعة).
ويمكن العودة إلى ما كتبه الدكتور مساعد الطيار وفقه الله في كتابه (أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم) في الفصل المخصص لكتب إعراب القرآن، حيث ذكر فيه الكتب المصنفة في هذا العلم، وذكر عدداً من القواعد الخاصة بإعراب القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[07 Sep 2003, 02:12 م]ـ
أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري وفقه الله
جزاك الله خيراً على هذا البيان .. ورأيكم سديد فيما يتعلق بتوحيد المنتدى وعدم تجزئته ما دامت المادة قليلة ..
وبالنسبة للكتب فما ذكرتَه يفي بالغرض، ولعلي أرجع إلى موضوع د. مساعد للاستزادة.
لا حرمك الله الأجر والمثوبة على ما تبذل في هذا المتدى ..
والسلام عليكم.(/)
هل في القرآن غير العربية؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 Sep 2003, 06:50 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، هل في القرآن غير العربية، فالذي أعلمه أن و هو المشهور أنه ليس في القرآن إلا العربية، و لكن ما القول في الأعلام الأعجمية؟ هل نقول ـ كما ذهب البيضاوي ـ أنها عربية ومن وضع العرب و لكن حصل توافق في الوضع بيننا وبين العجم كلفظ (الصابون) و لفظ (التنور)؟
أم أقول بأن الألفاظ الأعجمية في القرآن، هي خارجة عن وضع العرب، و يكون عموم ما جاء في أن القرآن نزل بلسان عربي مبين مخصوص؟ و هل بالفعل ـ على طريقة الأصوليين ـ يمكن اعتبار الآيات الدالة على نزول القرآن عربي أنها من باب العام؟
إذ أنها ليس فيها عموم، بل إخبار صرف بأن هذا المفرد (القرآن) عربي
من كان عنده إفادة فليتفضل مشكورا، و له مني الدعاء بظهر الغيب
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Sep 2003, 06:31 ص]ـ
الأخ الكريم محمد يوسف حفظه الله ..
هذه المسألة:
هل في القرآن لفظ غير عربي؟:
محل خلاف بين العلماء:
وذهب الجمهوررحمهم الله إلى أن القرآن محض بلسان العرب لا يخلطه فيه غيره.
واستدلوا رحمهم الله بأدلة منها:
- قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)
- وقوله: (بلسان عربي مبين).
- وقوله: (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً).
وغيرها من الآيات.
ولا يُشكل على كون القرآن عربياً وجود بعض الكلمات الأعجمية فيه مثل (المشكاة) و (الإستبرق)؛ إذ يمكن حمل هذه الألفاظ التي يقال إنها أعجمية على واحدٍ من الوجوه التالية:
1 - أن هذه الألفاظ إنما هي عربية لكن قد يجهل بعضُ الناس كونها عربية، ذلك أن لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً، ولا يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولا يمتنع أن يوافق لسانُ العجم أو بعضُها قليلاً من لسان العرب كما يتفق القليل من ألسنة العجم المتباينة في أكثر كلامها مع تنائي ديارها واختلاف لسانها.
2 - أن هذه الألفاظ التي يقال إنها أعجمية لا يمتنع أن تكون عربية، وأن يكون لها معنى آخر في لغة أخرى، فمن نسبها إلى العربية فهو محق ومن نسبها إلى غيرها فهو محق.
3 - أن هذه الألفاظ أصلها غير عربي ثم عرّبتها العربُ واستعملتها فصارت من لسانها وإن كان أصلها أعجمياً.
والله تعالى أعلم ..
للاستزادة: انظر: الرسالة للشافعي: (45)، جامع البيان: (1/ 7) روضة الناظر: (1/ 185)، المدخل لابن بدران: (88)، نزهة الخاطر العاطر: (1/ 184)، مذكرة الشنقيطي: (62)، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني: (107 ـ 108).
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 Sep 2003, 10:20 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الوهبي على هذا النقل و الإفادة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 Sep 2003, 10:21 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، معلوم هو الاختلاف الذي جرى على عهد عثمان ـ رضي الله عنه ـ و الذي دفع حذيفة ابن اليمان إلى تحذيره من ذلك، و بالتالي إلى ما فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ من جمع المصاحف
و لكني قرأت في كتاب (تاريخ المصحف الشريف) للشيخ / عبد الفتاح القاضي أن جمع عثمان للمصحف كان قائما على النحو التالي: لا يكتب شئ في هذه الصحف إلا بعد عرضه على الصحابة و التحقق من كونه قرءانا ــ ألا يكون مما نسخت تلاوته ــ و أن يكون استقر في العرضة الأخيرة ــ و لا ما كانت روايته آحادا ــ
و الإشكال / أليس ذلك كله مما قام به زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ فإنه تجنب ما نسخت تلاوته و ما كان آحادا و ما نسخ بالعرضة الأخيرة
ثم قال الشيخ: ((و من هنا يتضح جليا أن اختلاف القراء الذي أفزع حذيفة و عثمان و كان سببا في كتابة المصاحف إنما كان في قراءات و أحرف تلقاها قراؤهم قبل العرضة الأخيرة ثم نسخت بهذه العرضو و لكن نسخها لم يبلغ هؤلاء القراء، وإلا لو كان مقصد عثمان جمع الناس على حرف واحد و إلغاء باقي الأحرف التي نزل بها القرآن ما جعل المصاحف متفاوتة في الحذف والإثبات الخ ما تقدم فكتابة المصاحف على هذه الكيفية دليل على أن عثمان أراد جمع الناس على ما تواتر من القراءات دون ما نسخ أو شذ منها))
والإشكال / هل بالفعل هذا هو ما فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ؟ أوليس جمع عثمان ـ رضي الله عنه ـ كان فقط على توحيد القراءة في كل قطر من الأقطار حتى لا يحدث التنازع ـ وإن كانت القراءة مخالفةـ؟ هذا ما كنت أفهمه و إن كنت غير مقتنع به تمام القناعة لأن و الحالة هذه كان الأولى به تعليمهم القراءات الأخرى و مجرد إخبراهم أن كل هذه الأوجه ثابتة عنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ينحل الإشكال
مشايخي الكرام ... أنا أريد قولا فصلا مفصلا دقيقا فيما فعله عثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ كيف كان الوضع .. و ماذا فعل عثمان .. و كيف كان الوضع في المصاحف بعد ما فعله
اثابكم الله و أطال في عمركم في مرضاته ـ آمين ـ(/)
نقاش حول حكم زواج المسلم من اليهودية والنصرانية
ـ[المقاتل7]ــــــــ[02 Sep 2003, 08:19 ص]ـ
الآية (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين)
لا تدل على جواز زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية، على خلاف الفهم الشائع بين الناس ..
فما الدليل على ذلك؟
أولا:
حرم على المسلم نكاح المشركة (و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) البقرة 221
و اليهود و النصارى يحملون صفة الشرك (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) التوبة 31
فدل الجمع بين الآيتين على تحريم زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية.
ثانيا:
ما المقصود بقوله تعالى (المحصنات من الذين أتوا الكتاب)؟
المقصود به من أسلمن من الذين أوتوا الكتاب!!
فإن قال قائل و هل يُطلق لفظ الذين أتوا الكتاب على من أسلم منهم؟
قلنا نعم و الدليل (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله) آل عمران 199
و لاحظ قوله (وما أنزل إليكم) أي إلى الرسول، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
و يؤيد ذلك الفهم هو صفة (المحصنات) فهذه الصفة لا تطلق إلا على المسلمات فقط دون اليهود والنصارى:
1/ (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء … .. ) النور4
2/ (و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات …… .. ) النساء 25
ثالثا:
انتهت الآية بقوله تعالى (و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين) و لا شك أن اليهود و النصارى كفروا بالإيمان فكيف يعقل أن يبيح الله للمسلم الزواج بالخاسرات المحبطة أعمالهن؟
خاتمة:
قال تعالى عن الأزواج (وجعل بينكم مودة ورحمة) بينما نفى هذه المودة عن من حاد الله ورسوله (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا … .. ) الآية، فكيف يجمع المسلم بين المودة و نقضيها في زوجة غير مسلمة؟
و قال تعالى (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم) و النكاح من أكبر صور المولاة.
و الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج غير المسلمين من جزيرة العرب، فهل سيطرد المسلمون زوجاتهم الكافرات من البلاد؟
ـ[المسكين]ــــــــ[02 Sep 2003, 10:16 ص]ـ
الاخ مقاتل 7
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعقيبا على موضوعك هذا، والجدير بالمناقشة أقول:
لقد أجمع المفسرون خلفا وسلفا على جواز نكاح الكتابية التي بقيت على دينها وذلك لدلالة الآية. وهنا نكتب الآية لنتمكن من تدبر أحكامها الواردة فيها
قال تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين "
ولنتدبر من الآية قوله تعالى " و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم "
فهنا فرق الله بين المؤمنات وبين الكتابيات، ولو كان المقصود في التفريق اللفظي فقط لما كان ثمة داع الى شرط عدم السفاح واتخاذ الأخدان. فدل هذا الشرط الى أن المقصود بالتفريق في الآية التفريق العقدي الديني.
أما إستدلالك بآية تحريم نكاح المشركات على تحريم نكاح الكتابية، فقد رد ذلك بن كثير في تفسيره بأن آية التحريم في البقرة مخصوصة بآية المائدة
ولعلك تتطلع - غير مأمور - على كتب التفسير للإستزادة
والله أعلم
ـ[المقاتل7]ــــــــ[02 Sep 2003, 01:22 م]ـ
الأخ المسكين
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لقد أجمع المفسرون خلفا وسلفا على جواز نكاح الكتابية التي بقيت على دينها وذلك لدلالة الآية.
ليس هناك إجماعا لقد اختلف الصحابة في هذه المسألة
ولنتدبر من الآية قوله تعالى " و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم "
فهنا فرق الله بين المؤمنات وبين الكتابيات، ولو كان المقصود في التفريق اللفظي فقط لما كان ثمة داع الى شرط عدم السفاح واتخاذ الأخدان. فدل هذا الشرط الى أن المقصود بالتفريق في الآية التفريق العقدي الديني.1/ شرط عدم السفاح و اتخاذ الأخدان ليس فيه دلالة قطعية على التفريق العقدي ..
2/ ما الدليل أن الضمير في (آتيتموهن) يعود المعطوف وحده (المحصنات من الذين أوتوا الكتاب) و ليس المعطوف عليه معه (المحصنات من المؤمنات)؟؟؟
أما إستدلالك بآية تحريم نكاح المشركات على تحريم نكاح الكتابية، فقد رد ذلك بن كثير في تفسيره بأن آية التحريم في البقرة مخصوصة بآية المائدة
هذا ليس الاستدلال الوحيد، هناك أربعة، أولا وثانيا وثالثا و الخاتمة، وكان الأولى أن تناقشها جميعا لأنها تساند بعضها بعضا، و ربما كان قولك مقبولا في التخصيص إذا تجاهلنا باقي الأدلة كما فعلت حضرتك.
هل المسكين اسمك الوحيد هنا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[02 Sep 2003, 03:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إن من فقه العبد عدم تناول المسائل الاجتهادية الخلافية بالقطع فيها بحكم معين
وإني لأرجو من أخي المقاتل سدده الله أن يسعه ما وسع من قبله
خصوصا في صياغة عنوان مقاله حيث أنه يثير حفيظة القارئ بهذا القطع الجازم في المسألة
وآمل منه أن ينقل لنا أقوال أئمة الفقه ومفسري آيات الأحكام في هذه المسألة،
والله الموفق.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Sep 2003, 03:43 م]ـ
الأخ المقاتل رعاه الله .. نسأل الله لك التوفيق والسداد في جميع أمورك ..
أولاً: هذه المسألة: مسألة نكاح الكتابية: كما ذكرتم محل خلاف بين العلماء:
ذهب جمهور العلماء إلى صحة نكاح الكتابية استدلالاً بالآية التي ذكرت، حيث جمع الله فيها بين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب فدل على الإباحة، وفرق الله بينهما فدل على التفريق.
قال ابن قدامة: " ليس بين أهل العلم، بحمد الله، اختلافٌ في حل حرائر نساء أهل الكتاب. وممن روي عنه ذلك: عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم. قال ابن المنذر: (ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك) ... وبه قال سائر أهل العلم" المغني: (9/ 545).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " نكاح الكتابية جائز بالآية التي في المائد’ ... وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم ". (المجموع: 32/ 178).
وذهب الصحابي الجليل ابن عمر وجمع من العلماء إلى عدم الجواز قالوا: لا فرق بين المشركات وبين من جعلت عيسى إلهاً. وقال به الإمامية.
ثانياً: المحصنات:
أطلقت في القرآن ثلاثة إطلاقات:
الأول: بمعنى العفائف ومنه قوله تعالى: (محصنات غير مسافحات) أي عفائف غير زانيات.
الثاني: بمعنى الحرائر ومنه قوله تعالى: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) أي على الإماء نصف ما على الحرائر من الجلد.
الثالث: أن يراد بالإحصان التزوج. ومنه على التحقيق قوله تعالى: (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة). أي: فإذا تزوجن.قال ابن كثير: " والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان ههنا التزويج "
(أضواء البيان: 1/ 318).
ثالثاً: ما ذكرته رعاك الله من تحريم نكاح المشركة صحيح:
وفيه نقطتان:
أ ـ روي عن ابن عباس أن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) منسووخ بآية المائدة. قال ابن قدامة: " وكذلك ينبغي أن يكون ذلك في الآية الأخرى لأنهما متقدمتان والآية التي أول المائدة متأخرة عنهما ". المغني: (9/ 545).
ب ـ وقال بعض العلماء: ليس هذا نسخاً فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله تعالى: (لم يكن الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) وقوله: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين)، قال ابن قادمة: " وسائر آي القرآن يفصل بينهما، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب ".
رابعاً: لا يجوز تحكيم شرع الله تعالى لحكم العقل. فلا يقال فيما أبحاه الله تعالى كيف يُعقل ذلك ولا فيما حرمه كذلك. ولعل هذا من فضل علمكم رعاكم الله.
وأخيراً أحيل القارئ إلى بحث منشور في موقع الإسلام اليوم في حلقات وهو على هذا الرابط:
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=102&catid=103&artid=740
ـ[عبد البر]ــــــــ[02 Sep 2003, 07:34 م]ـ
عجبا لك أيه المقاتل كيف تصادم النصوص وتأولها هكذا على رأيك.
وقولك: المحصنات لا تطلق إلا على المسلمات. من أين لك هذه القول؟
وكأن من قبلك ليس لديهم من الفهم شيء حيث قالوا إن المحصنات تطلق في القرآن على الحرائر والعفيفات والمسلمات.
واعلم أن تتبع الغرائب والشواذ من أقوال أهل العلم صفة ذميمة حذر منها العلماء، أسأل الله لك الهداية.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[02 Sep 2003, 08:50 م]ـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (14/ 91)
عن قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات} وقد أباح العلماء التزويج بالنصرانية واليهودية ; فهل هما من المشركين أم لا؟.
فأجاب:
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله نكاح الكتابية جائز بالآية التي في المائدة , قال تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}. وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم.
وقد روي عن ابن عمر أنه كره نكاح النصرانية , وقال: لا أعلم شركا أعظم ممن تقول: إن ربها عيسى ابن مريم. وهو اليوم مذهب طائفة من أهل البدع وقد احتجوا بالآية التي في سورة البقرة , وبقوله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}.
والجواب عن آية البقرة , من أوجه:
أحدها: أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا}. فإن قيل: فقد وصفهم بالشرك بقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}. قيل: أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك , فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد , فكل من آمن بالرسل , والكتب , لم يكن في أصل دينهم شرك , ولكن النصارى ابتدعوا الشرك , كما قال: {سبحانه وتعالى عما يشركون} بحيث وصفهم بأنهم أشركوا , فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين ; لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك. فإذا قيل: أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين , فإن الكتاب الذي أضيفوا إليه شرك فيه , كما إذا قيل: المسلمون وأمة محمد لم يكن فيهم من هذه الجهة , لا اتحاد , ولا رفض , ولا تكذيب بالقدر , ولا غير ذلك من البدع , وإن كان بعض الداخلين في الأمة قد ابتدع هذه البدع , لكن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة , فلا يزال فيها من هو متبع لشريعة التوحيد , بخلاف أهل الكتاب , ولم يخبر الله عز وجل عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم , بل قال {عما يشركون} بالفعل , وآية البقرة قال فيها المشركين والمشركات بالاسم , والاسم أوكد من الفعل.
الوجه الثاني: أن يقال: إن شملهم لفظ المشركين في سورة البقرة , كما وصفهم بالشرك فهذا متوجه بأن يفرق بين دلالة اللفظ مفردا , ومقرونا , فإذا أفردوا دخل فيهم أهل الكتاب , وإذا قرنوا أهل الكتاب لم يدخلوا فيهم , كما قيل , مثل هذا في اسم الفقير والمسكين ونحو ذلك , فعلى هذا يقال: آية البقرة عامة , وتلك خاصة , والخاص يقدم على العام. الوجه الثالث: أن يقال: آية المائدة ناسخة لآية البقرة ; لأن المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء. وقد جاء في الحديث: {المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها}. والآية المتأخرة تنسخ الآية المتقدمة إذا تعارضتا.
وأما قوله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} فإنها نزلت بعد صلح الحديبية , لما هاجر من مكة إلى المدينة , وأنزل الله سورة الممتحنة , وأمر بامتحان المهاجرين , وهو خطاب لمن كان في عصمته كافرة , واللام لتعريف العهد , والكوافر المعهودات هن المشركات.
ـ[المقاتل7]ــــــــ[03 Sep 2003, 09:57 ص]ـ
الأخوة الأفاضل
الهدف من النقاش الوصول للحق و لذا يرجى التركيز على ما أكتبه و مناقشته حرفيا بدلا من إحالتي إلى روابط أو نقل أقوال للعلماء لا تتناول الرد على كل ما أقوله فيصبح الحوار بلا طائل. كما أن هذه المسألة ليس فيها إجماعا فلا يحاول أحد أن يوهم أن هذا الكلام خروج عن الإجماع.
المتفق عليه بين العلماء أنه لا يجوز القول بالنسخ مادام هناك سبيلا للتوفيق بين النصوص و الجمع بينها!
وقد قلت أن لفظ (الذين أوتوا الكتاب) و (أهل الكتاب) يدل على من أسلم منهم ومن كفر، و دليل ذلك:
1/ (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله)
آل عمران 199
و لاحظ قوله (وما أنزل إليكم) أي إلى الرسول، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
2/ (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل و هم يسجدون) آل عمران 113
(يُتْبَعُ)
(/)
3/ في آية الجزية (و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب) التوبة 29 فدل ذلك على أن الذين أوتوا الكتاب منهم المسلمون الذين يدينون دين الحق و منهم من لا يدين دين الحق.
و الأمثلة كثيرة .. و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
نعود إلى آية سورة المائدة:
(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين)
ما الذي يجعلنا نقول أن المراد في الآية ب (المحصنات من الذين أو توا الكتاب) هو من آمن منهن فقط؟
1/ وصف المحصنات لم يأت قط إلا في وصف المؤمنات (كما أوضحت في ثانيا بالموضوع الأساس)، الحرائر منهن والمتزوجات و العفيفات. فأنا لم أقل أن المراد بالمحصنات هو المؤمنات كما ظن الأخ فهد الوهبي و لكني قلت أن هذه الصفة اختصت كل الآيات المؤمنات بها فأصبحت تدل عليهن. فدل ذلك على أن (المحصنات من الذين أوتوا الكتاب) تعني من آمن منهن.
و قد يسأل سائل:
إذا كان الذين أوتوا الكتاب منهم من آمن ومنهم من كفر (اليهود والنصارى) فلم دلت الآية على المحصنات المؤمنات منهن، بينما اكتفت بلفظ (الذين أوتوا الكتاب) رغم عدم اقتصاره على المؤمنين منهم؟
لماذا لم يقل الله مثلا (و المحصنات من الذين أتوا الكتاب ويدينون دين الحق) لرفع هذا اللبس؟
و الجواب:
إن المرأة من الذين أوتوا الكتاب قد تؤمن بينما تبقى أسرتها على الكفر، و لكنها رغم إيمانها تحمل صفة (أهل الكتاب) و أهلها يحملون نفس الصفة رغم بقائهم على الكفر، و ربما وجد المسلمون حرجا في الزواج بمن كانت هذه حالها. فجاءت الآية لرفع هذا الحرج.
وكذلك ربما وجد المسلم حرجا في الزواج بمن أسلمن من المشركين و المجوس والصابئين مع بقاء أسرهن على الكفر و لذلك قال تعالى (والمحصنات من المؤمنات) و لم يقل (من المؤمنين) ليشمل ذلك تلك الفئة التي بقيت أسرتها على الكفر؟
2/ انتهت الآية بقوله تعالى (ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين) فكأن الله تعالى ينبه إلى أن إباحة النكاح من المؤمنات من الذين أوتوا الكتاب لا يعني إسقاط البراء من الكافرين منهم (اليهود والنصارى) خاصة في حال بقاء أسرة المرأة على الكفر.
3/ القول بالنسخ لن يعني نسخ قوله تعالى (و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) فقط، بل سيعني نسخ عقيدة الولاء والبراء بالكامل، و على هذه الآية يلعب العصرانيون و أصحاب المدرسة العقلية ومن لف لفهم محاولين التنصل من عقيدة الولاء والبراء، لأن الزواج بالكتابية لن يعزلها عن أسرتها و سيجد المسلم نفسه مضطرا إلى مخالطة اليهود أو النصارى وموالاتهم من باب صلة الرحم.
و لمزيد من التوضيح نقول:
# في الأثر المرفوع (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) فهل سيخرج المسلم زوجة الكتابية؟
# (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة، فهل سيتبرأ المسلم من زوجه وأهلها؟
# (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) المجادلة
و لا حظ (ولو كانوا) مما يدل على عدم الاستثناء مهما بلغت صلة القرابة كحال الآباء والأبناء فكيف بالزوجات وأسرهن.
# (و لا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم) الأحزاب
# (الأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو إلا المتقين) الزخرف، فإن عادى المسلم زوجته الخليلة يوم القيامة فهو ليس من المتقين!!
# (و أعرض عن الجاهلين) الأعراف
و الآيات كثيرة، لا يمكن القول بالتخصيص مادام هناك سبيلا للجمع بين النصوص كما بينت.
و الآن سنقوم بالرد على بعض ما أورده الأخوة المشاركون:
إن من فقه العبد عدم تناول المسائل الاجتهادية الخلافية بالقطع فيها بحكم معينللصواب واحد، و في المسائل الخلافية يكون الصواب قولا واحدا، والباقي خطأ، و إذا قبلنا قولين في مسألة واحدة فهذا يخرج عن حدود المعقول.
قال الإمام المزني
(يُتْبَعُ)
(/)
يقال لمن جوز الاختلاف و زعم أن العالمين إذا اجتهدا في الحادثة فقال أحدهما حلال والآخر حرام أن كل واحد منهما في اجتهاده مصيب الحق: (أبأصل هذا أم بقياس) فإن قال: بأصل، قيل له: كيف يكون أصلا والكتاب ينفي الاختلاف، و إن قال: بقياس، قيل له: كيف تكون الأصول تنفي الخلاف ويجوز أن تقيس عليها جواز الخلاف؟ هذا ما لا يجوزه عاقل فضلا عن عالم) جامع بيان العلم لابن عبد البر (2/ 89)
و لذا لابد من القطع بالحكم في المسائل الخلافية لأن إقرار الخلاف غير جائز أصلا.
ذهب جمهور العلماء إلى صحة نكاح الكتابية استدلالاً بالآية التي ذكرت، حيث جمع الله فيها بين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب فدل على الإباحة، وفرق الله بينهما فدل على التفريق.
التفريق هنا لاختلاف الحال و ليس لاختلاف العقيدة كما أوضحت، فحال المؤمنة في الأسرة المسلمة تختلف عن حال المؤمنة من أهل الكتاب و التي قد تبقى أسرتها أو عشيرتها على الكفر.
وذهب الصحابي الجليل ابن عمر وجمع من العلماء إلى عدم الجواز قالوا: لا فرق بين المشركات وبين من جعلت عيسى إلهاً. وقال به الإمامية.
و هل ابن عمر وهؤلاء العلماء من الإمامية؟
وقال بعض العلماء: ليس هذا نسخاً فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله تعالى: (لم يكن الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) وقوله: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين)، قال ابن قادمة: " وسائر آي القرآن يفصل بينهما، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب ".
و هل العطف في هذه الآيات يقتضي المغايرة التامة فقط أم المغايرة الجزئية أيضا؟
وصف من كفر من أهل الكتاب بالشرك ثابت (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) التوبة 31
ولذا عند إطلاق لفظ المشركين فلا ريب أنه يشمل كل من وُصف بالشرك مادام جاء مفردا. و ليس مقرونا كما في الآيات السابقة.
لا يجوز تحكيم شرع الله تعالى لحكم العقل. فلا يقال فيما أبحاه الله تعالى كيف يُعقل ذلك ولا فيما حرمه كذلك. ولعل هذا من فضل علمكم رعاكم الله.
نعم لقد أخطأت في قولي (فهل يعقل) .. لا بأس ..
أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا}. فإن قيل: فقد وصفهم بالشرك بقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}. قيل: أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك , فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد , فكل من آمن بالرسل , والكتب , لم يكن في أصل دينهم شرك , ولكن النصارى ابتدعوا الشرك , كما قال: {سبحانه وتعالى عما يشركون} بحيث وصفهم بأنهم أشركوا , فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين ; لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك. فإذا قيل: أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين , فإن الكتاب الذي أضيفوا إليه شرك فيه
و لذا قلت أن أهل الكتاب يطلق على من آمن منهم و من كفر، فهذا القول يؤيد ما أدرجته سالفا.
و لكن من كفر منهم يدخل في المشركين و هم اليهود والنصارى و الأية (و قالت اليهود عزير بن الله و قالت النصارى المسيح ابن الله …………… سبحانه عما يشركون)، و لا يشرك إلا المشرك، فعندما يقول الله تعالى (يشركون) فقد حسم الله الأمر في إشراك اليهود والنصارى، ولا يجوز أن نقول عليهم ليسوا مشركين.
قال {عما يشركون} بالفعل , وآية البقرة قال فيها المشركين والمشركات بالاسم , والاسم أوكد من الفعل. (الإسم أوكد من الفعل) لا تعني أن الفعل لا يثبت الصفة كما يثبتها الاسم. و من ادعى أن الفعل لا يثبت الصفة فعليه الدليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قوله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} فإنها نزلت بعد صلح الحديبية , لما هاجر من مكة إلى المدينة , وأنزل الله سورة الممتحنة , وأمر بامتحان المهاجرين , وهو خطاب لمن كان في عصمته كافرة , واللام لتعريف العهد , والكوافر المعهودات هن المشركات.لم أستشهد بهذه الآية أصلا.
ـ[أبو علي]ــــــــ[04 Sep 2003, 06:03 ص]ـ
هذا الموضوع كنت قد طرحته قبل أكثر من سنة في منتديات أخرى،
وإليكم ما تبين لي فيه:
هل أحل الله نكاح المحصنات من (أهل الكتاب) أم من الذين (أوتوا الكتاب)؟
إن كن من أهل الكتاب فذلك يعني النصارى واليهود، وإن كن من الذين أوتوا الكتاب فذلك يعني اليهود فقط.
الذين أوتوا الكتاب قبل الإسلام هم اليهود والذين أوتوا الكتاب من بعد اليهود هم العرب.
ولقد جعل الله النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم، قال تعالى:أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله فقد ءاتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما). وحتى المسيح عليه السلام كان من ذرية إسرائيل ورسولا إلى بني إسرائيل وكان يحكم بالتوراة بالإضافة إلى الإنجيل الذي آتاه الله.
والله سبحانه حينما يطلق كلمة (أهل الكتاب) فإنه يعني بذلك اليهود والنصارى، أما إذا قال:الذين (أوتوا الكتاب) فلا يعني بذلك إلا اليهود. ونفس الشيء نقوله عن القرآن فأهل القرآن هم كل المسلمين من عرب وفرس وترك وغيرهم أما الذين أوتوا القرآن فهم العرب.
ونقرأ في سورة البينة: لم يكن الذين كفروا من (أهل الكتاب) والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة، وما تفرق الذين (أوتوا الكتاب) إلا من بعدما جاءتهم البينة).
فأهل الكتاب هنا هم اليهود والنصارى. أما الذين تفرقوا من بعدما جاءتهم البينة فهم اليهود الذين فهمواالنبوءات التي تتكلم عن رسول الله ولما تحققت تفرقوا إلى فريقين قلة منهم أسلمت والباقي كفروا بما استيقنت أنفسهم واستحقوا غضب الله.
أما الآية التي فسرها العلماء أنها تحل للمسلم طعام النصارى واليهود وتحل له نكاح المحصنات من نسائهم فهي: اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .... )
هذه الآية تحل طعام الذين (أوتوا الكتاب) والمحصنات من نسائهم وهم بلا شك اليهود فقط،فهم الذين يذبحون مثل المسلمين ويذكرون على ذبائحهم اسم الله،ونجد اليهوديات االمتدينات يرتدين الحجاب مثل كثير من المسلمات. أما إذا قلنا إن كلمة (الذين أوتوا الكتاب) هنا تعني أيضا النصارى فإننا بذلك نناقض الآية التي تقول: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة .... ). وكل الذي ذكر في هذه الآية هو طعام النصارى، فموائدهم لا تخلو من لحم الخنزير بالإضافة إلى الخمر واللحم لا يذبح ولا يذكر اسم الله عليه، فكيف يحرم الله علينا هذا الطعام هنافي الآية 2 من سورة المائدة ثم يحله لنا في الآية 4 من نفس السورة!!! لا شك أننا نحن الذين لم نفهم مدلول الآية.
وأما نساء النصارى فلم نر فيهن من ينطبق علهن وصف المحصنات،هن متبرجات ومشركات والله حرم على المؤمنين نكاح المشركات في قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ... ) والنصارى يعتقدون في المسيح اعتقادا مزدوجا:أنه ابن الله وأن الله هو المسيح، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فأي شرك أعظم من ذلك وأي كفر أكبر من قولهم إن الله هو المسيح!!
ـ[أبو علي]ــــــــ[04 Sep 2003, 09:45 ص]ـ
أريد أن أضيف توضيحا لما جاء في رد أحد الإخوة حيث أورد بعض اجتهادات العلماء الذين يروا أن النصارى ليسوا مشركين فقال:
أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا}.
وبدليل قوله تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة)
أقول: إن العطف في اللغة إما أن يكون عطف مغايرة= عطف ضد على ضد، كأن نقول: الخير والشر، الصالح والفاسد، هذا عطف مغايرة.
أو عطف مماثلة، مثلا:
أمرت خالذا وكل كسلاء القسم بمذاكرة دروسهم،
هنا عطفت الكسلاء على خالد. هل في هذا العطف ما يفيد أن خالدا ليس بكسول؟
كلا، بل خالد أحد هؤلاء الكسلاء ولكنني خصصته بالذكر للأهمية نظرا لأنه مكرر للقسم ورسوبه قد يتسبب في طرده، ولذلك فخالد جدير هنا أن أخصه بالذكر.
كذلك إذا عطف المشركين على أهل الكتاب أو عطف المشركين على النصارى فذلك يعني المماثلة في الشرك.
أما بالنسبة للآية:
(لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا … .. ) الآية،
لاحظ كلمة (حاد الله ورسوله) التي تعني حارب الله ورسوله، عادى الله ورسوله، قاتل أهل الإسلام ....
هؤلاء نهانا الله أن نوادوهم ولو كانوا آباءنا).
أما إذا لم يعادوا الله ورسوله ولم يقاتلونا في الدين فإن الله لم ينهانا أن نبروهم ونقسط إليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقاتل7]ــــــــ[04 Sep 2003, 04:44 م]ـ
الأخ أبو علي:
أعتقد أن المسألة الخاصة بالمقصود بالذين أوتوا الكتاب بحاجة إلى مزيد من البحث حول أصل تسمية النصارى، ومتى بدأ إطلاقها، و أصل الحواريين، و هل النصارى كانت في الأصل طائفة من اليهود قبل رسالة عيسى عليه السلام، و هل هم بذلك ورثوا الكتاب أم أوتوا الكتاب؟
و أرجو من الأخوة إثراء هذه النقطة التى طرحها أبو علي ..
الأخ أبو علي ..
كلامك لم يتناول أصل الموضوع بالكامل عن أن المقصود بالذين أوتوا الكتاب هو من آمن منهم فقط و قد سقت الحجة في ذلك و لكنك قمت بالرد على جزء يسير منها و لي عودة للتعقيب ..
كما أنك طرحت نقطة تؤيد ما قلته ..
فقوله تعالى (اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)
و لا يمكن أن يكون المقصود بطعام الذين أوتوا الكتاب إلا طعام الذين آمنوا منهم!!
لأنه لو كان المقصود طعام اليهود والنصارى لكان معنى ذلك نسخ آيات تحريم الخمر و تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح!!
ـ[المقاتل7]ــــــــ[04 Sep 2003, 09:46 م]ـ
[الأخ أبو علي
(لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا … .. ) الآية،
لاحظ كلمة (حاد الله ورسوله) التي تعني حارب الله ورسوله، عادى الله ورسوله، قاتل أهل الإسلام ....
هؤلاء نهانا الله أن نوادوهم ولو كانوا آباءنا).
أما إذا لم يعادوا الله ورسوله ولم يقاتلونا في الدين فإن الله لم ينهانا أن نبروهم ونقسط إليهم.
من هو من يحادد الله ورسوله؟
كما في قوله تعالى (ألم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها)
يقال حاد الشيء الشيء أي صار بينهما حدا فاصلا (راجع معاجم اللغة)
و من حاد الله ورسوله هو كل من جعل بينه وبين شرائع الإسلام حدا و لا يشترط أن تكون هناك معاداة ظاهرة أو قتال للمسلمين،، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إذا استندنا إلى أسباب النزول.
ـ[أبو علي]ــــــــ[05 Sep 2003, 07:17 ص]ـ
الأخ المقاتل:
الذي يصح أن نقول عنه أنه حاد الله ورسوله هو الذي وقف حاجزا وحدا أمام دعوة الإسلام بكل ما أتي من قوة، ولنأخذ مثلا أعمام رسول الله: أبو لهب وأبو طالب.
أبو لهب وقف أمام الدعوة وتصدى لها بكل ما يملك من قوة ودهاء، وهو بذلك يعتبر محادا للإسلام لأنه صار خصما للدعوة، فاستحق بذلك أن يلعن في القرآن ويلعنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما أبو طالب فهو لم يهتد للإسلام ولكنه لم يقف أمام الدعوة ولم يظاهر المشركين على الإسلام، فهل لعن النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب لأنه لم يسلم؟
كلا بل صاحبه في الدنيا معروفا وتمنى له الهداية، ونزل قرآن في ذلك
: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين)، لاحظ كلمة (أحببت)، لو كان أبا طالب قد حاد الله ورسوله لما أحبه رسول الله لأن الحب من الود، لكن أبا طالب كانت منه مواقف نبيلة تجاه ابن أخيه ودعوته أحبها فيه رسول الله. فمن العدل والإنصاف أن نقابل الإحسان بالإحسان.
والله سبحانه يقول: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
نعود إلى آية سورة المائدة:
إقرأ الآية إلى أن تصل إلى قوله تعالى: ... والمحصنات من المؤمنات.
الآية هنا (المحصنات من المؤمنات) تعني أية محصنة آمنت بالله ورسوله سواء كانت يهودية أو نصرانية أو بوذية أو مجوسية أو هندوسية أو وثنية أو مهما كانت ديانتها قبل الإسلام إن أسلمت يحل نكاحها.
لكن الآية لم تتوقف هنا بل عطف عليها: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .... ).
كيف يعطف (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .... ).!!!
إذا كان نكاح هؤلاء يستوجب بالضرورة الإيمان بالإسلام وقد مضى بيان ذلك قبل العطف!!،
ما فائدة العطف إذن؟
نلاحظ أن (المحصنات) الأولى جاءت بعدها (المؤمنات)، أما (محصنات الذين أوتوا الكتاب) جاءت مجردة بدون أن تتبع كلمة (المؤمنات) لنعلم بذلك أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات الإيمان الكامل (بكل الرسل بمن فيهم رسول الإسلام) وأحل أيضا نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتي يؤمن فقط بما أنزل عليهن
ولذلك جاء ذكر (محصنات الذين أوتوا الكتاب) مجردة دون أن يوصفن ب (المؤمنات).
ويجب أن نأخذ في الاعتبار آية سورة البقرة:
(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن).
اليهود الذين أوتوا الكتاب قص علينا القرآن أنهم وقعوا في ضلالات كثيرة عبر تاريخهم: عبدوا العجل، أشركوا بالله بقولهم: عزير ابن الله، اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله .....
هذا كله عبر عنه القرآن بصيغة الماضي، ولا يلزم استمراره إلى الآن إلا إذا ثبت ذلك في القرآن، وحيث لم يرد في القرآن نهي لليهود عن ذلك نفهم أن ذلك الشرك صححه لهم أنبياءهم وانتهوا عن ذلك.
أما النصارى فإن القرآن قص علينا من أنباءهم بصيغة الماضي والمضارع أنهم قالوا ويقولون: المسيح ابن الله، ولذلك ينهاهم القرآن عن قول ذلك بقوله تعالى: انتهوا خيرا لكم.
إذن شرك النصارى واضح ومبين في الكتاب وواقع حالهم يثبت ذلك،
أما اليهود فحصل منهم ذلك في الماضي عبر تاريخهم وصحح لهم ذلك أنبياءهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقاتل7]ــــــــ[06 Sep 2003, 04:57 م]ـ
نلاحظ أن (المحصنات) الأولى جاءت بعدها (المؤمنات)، أما (محصنات الذين أوتوا الكتاب) جاءت مجردة بدون أن تتبع كلمة (المؤمنات) لنعلم بذلك أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات الإيمان الكامل (بكل الرسل بمن فيهم رسول الإسلام) وأحل أيضا نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتي يؤمن فقط بما أنزل عليهن
ولذلك جاء ذكر (محصنات الذين أوتوا الكتاب) مجردة دون أن يوصفن ب (المؤمنات).1/ العطف هنا كما يظهر لتأكيد و توضيح إباحة الزواج ممن آمنت من أهل الكتاب وبقيت أسرتها أو عشيرتها على الكفر و أصبحت تشترك معهم في صفة (الذين أوتوا الكتاب). لأن (المحصنات من المؤمنات) وحدها ليس فيها الدلالة على ذلك.
2/ تعبير (الذين أوتوا الكتاب) ليس فيه دلالة قطعية على الكفر كما أوضحت فهذا وصف من آمن منهم ومن بقي على كفره، فما الذي يجعلنا نحمله على الكفر خاصة وقد قال الله تعالى في بداية الآية (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم)، فإذا كان طعام الذين أوتوا الكتاب حل لنا فهذا تمهيد ليدل على أن المقصود بالذين أوتوا الكتاب هو من آمن منهم فقط، لأن اليهود يشمل طعامهم على لحم الخنزير و الخمور حتى المتدينين منهم (الحاخامات) إذا هو ليس محرما في ما يزعمون أنه التوراة ـ والمعروف أن اليهود يملكون العديد من مصانع الخمور في العالم، و لو كان طعامهم حل لنا لأبيح لنا الخمر و لحم الخنزير، إذا فقوله تعالى (و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) لا يمكن أن يفهم إلا أن يكون المقصود به من آمن منهم فقط.
3/ لا يمكن التوفيق بين النصوص التي ذكرتها إلا بهذا الفهم، لأن كلامك ربما كان مقبولا لو استبعدنا كل الأدلة و النصوص التي تنقض ما ذهبت إليه والتي لم تفندها بالكامل.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار آية سورة البقرة:
(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن).
اليهود الذين أوتوا الكتاب قص علينا القرآن أنهم وقعوا في ضلالات كثيرة عبر تاريخهم: عبدوا العجل، أشركوا بالله بقولهم: عزير ابن الله، اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله .....
هذا كله عبر عنه القرآن بصيغة الماضي، ولا يلزم استمراره إلى الآن إلا إذا ثبت ذلك في القرآن، وحيث لم يرد في القرآن نهي لليهود عن ذلك نفهم أن ذلك الشرك صححه لهم أنبياءهم وانتهوا عن ذلك.
أما النصارى فإن القرآن قص علينا من أنباءهم بصيغة الماضي والمضارع أنهم قالوا ويقولون: المسيح ابن الله، ولذلك ينهاهم القرآن عن قول ذلك بقوله تعالى: انتهوا خيرا لكم.
إذن شرك النصارى واضح ومبين في الكتاب وواقع حالهم يثبت ذلك،
أما اليهود فحصل منهم ذلك في الماضي عبر تاريخهم وصحح لهم ذلك أنبياءهمأنت تحاول هنا أن تقول أن اليهود لا يحملون صفة الشرك مثل النصارى، ولكن الله تعالى قال (سبحانه عما يشركون) في سورة التوبة وهي آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، و يشركون هنا بصيغة المضارع، أي أن شركهم كان واقعا وقت نزول الآية التى نزلت بعد آية المائدة (اليوم أحل لكم ….).
.
ـ[أبو علي]ــــــــ[07 Sep 2003, 10:41 ص]ـ
(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم)
هذه الآية نعيشها واقعيا الآن.
نحن المسلمين الذين نعيش في الغرب نشتري اللحم من عند الجزار المسلم لأنه يذبح حسب الطريقة الشرعية، ومن لم يكن في مدينته جزار مسلم فإنه يشتري اللحم Kocher المذبوح على الطريقة اليهودية لأنه حلال ذبحه الراباي وذكر اسم الله عليه، وكذلك اليهود الملتزمين فإنهم لا يأكلون إلا اللحم الحلال المذبوح على طريقتهم، أو
يشترون اللحم من عند الجزار المسلم لأنه حلال عندهم (وطعامكم حل لهم).
اليهود الملتزمون لا يشترون اللحم من السوبر ماركت لأنه غير مذبوح.
الآية اتي ختمت ب (سبحانه عما يشركون) فعل يشركون (مضارع)
لأنه:
1) هذا حكم عام لكل من أشرك بالله، الله منزه عما أشرك به الأولون وما يشرك به كل مشرك إلى الأبد.
2) لا تنسى أن الآية تتكلم عن اليهود والنصارى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم من دون الله والمسيح بن مريم) والنصارى مازالوا يشركون بالله فمن الطبيعي أن تختم الآية ب: سبحان الله عما يشركون)، فهم الذين قال الله عنهم: كبرت كلمة تخرج من أفواههم .. )
تخرج: فعل مضارع يفيد الاستمرار.
قف عند قوله تعالى: (و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم)
المحصنات المؤمنات تفيد أية محصنة مؤمنة على الإطلاق سواء كانت كتابية أم غير كتابية إذا آمنت فإنها تصبح حلالا للنكاح،
لماذا جاء العطف إذن: (و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم)
مادام حكم المؤمنات منهن قد سبق في: (المحصنات المؤمنات)!!!
إذن لا يستقيم التعبير إلا إذا كان العطف عطف شيء مغاير لما قبله، فيكون المعنى هو أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات إيمانا كاملا: بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله،
وأحل نكاح المؤمنات إيمانا ناقصا: يؤمنون فقط بما جاء به أنبياؤهم.
وهؤلاء هم بنو إسرائيل الذين (أوتوا الكتاب).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقاتل7]ــــــــ[09 Sep 2003, 06:26 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: أبو علي
قف عند قوله تعالى: (و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم)
المحصنات المؤمنات تفيد أية محصنة مؤمنة على الإطلاق سواء كانت كتابية أم غير كتابية إذا آمنت فإنها تصبح حلالا للنكاح،
لماذا جاء العطف إذن: (و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم)
مادام حكم المؤمنات منهن قد سبق في: (المحصنات المؤمنات)!!!
إذن لا يستقيم التعبير إلا إذا كان العطف عطف شيء مغاير لما قبله، فيكون المعنى هو أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات إيمانا كاملا: بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله،
وأحل نكاح المؤمنات إيمانا ناقصا: يؤمنون فقط بما جاء به أنبياؤهم.
وهؤلاء هم بنو إسرائيل الذين (أوتوا الكتاب). [/ B]
أنت نفسك قمت بالرد على هذه النقطة عندما قلت أن العطف لا يقتضي المغايرة دائما بل قد يدل على المماثلة
و مثال ذلك:
(و إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون)، البقرة
فالكتاب هو الفرقان و هو التوراة،
و عطف المماثلة يكون لبيان المعنى، فالتوراة كانت فرقانا لأنها تفرق بين الحق والباطل
و العطف في آية سورة المائدة إما أن يكون عطف مماثلة، أو عطف مغايرة لاختلاف الحال بين المؤمنة في العشيرة الإسلامية والمؤمنة في عشيرة أهل الكتاب الذين نجد منهم من آمن ومنهم من كفر.
كما لا يوجد شئ اسمه إيمان ناقص للذين أوتوا الكتاب، فهم كفار والكفر لا يجتمع مع إيمان كامل أو ناقص
ـ[أبو علي]ــــــــ[10 Sep 2003, 10:40 ص]ـ
(و إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون)، البقرة
هنا عطف صفة على موصوف، كلمة الفرقان ليست مرادفة للكتاب وإنما هي وصف للكتاب، فليس كل كتاب فرقان وإنما كتاب الله هو الذي يأخذ ذك الوصف.
مثلا: إذا قلت: عمر تلميذ مجتهد ومؤدب، هنا عطف صفة على موصوف، ليست كلمة (مؤدب) مرادفة ل (مجتهد)، قد يكون التلميذ مجتهدا وغير مؤدب، وقد يكون مؤدبا وغير مجتهد.
أقصد بالإيمان الناقص للمحصنات من بني إسرائيل عدم الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان فقط بما أنزل على بني إسرائيل.
هذه المسألة التي نحن بصددها ذهب أكثر العلماء إلى أن الله قد رخص نكاح الكتابيات حتى ولو بقين على دينهن، كلامهم صحيح وسياق الآية يتبين منه ذلك، أختلف معهم فقط في أن المحصنات المعنيات بالترخيص هن فقط نساء الذين أوتوا الكتاب (بني إسرائيل) ولسن نساء أهل الكتاب (اليهود والنصارى).
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[10 Sep 2003, 07:27 م]ـ
أخي الكريم المقاتل:
الذي فهمته من كلامك أن المراد بالمحصنات في الآية هن المسلمات المؤمنات (ويشمل الحرائر منهن والمتزوجات والعفيفات)
إذن يكون معنى الآية على قولك هو: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمؤمنات من المؤمنات والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب .... )
بمعنى أنه أحل لكم المؤمنات من المؤمنات، والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب، ولا يخفى أن هذا المعنى ركيك للغاية، وينبغي أن تصان عنه الآية.
فلم يبق إلا أن يكون المراد بالمحصنات هن العفيفات أو الحرائر حتى لا يكون هناك تكرار في الآية دون فائدة.
وأما وصف «الذين أوتوا الكتاب» و «أهل الكتاب» فالأصل فيه أن المراد بهم الذين لم يسلموا، ولو تأملت خطابات القرآن الكريم لأهل الكتاب لوجدت أن الغالب فيها نداء الذين لم يسلموا منهم، ولو خرجنا عن هذا الأصل لوقعنا في لبس شديد، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بدليل، وما ذكرته أنت من أمثله هو خروج عن الأصل لوجود الدليل وهو السياق.
وقولك: و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
أقول: هذه الدعوى تحتاج إلى دليل؛ لأنها خلاف الأصل وخلاف الظاهر، والمتقرر في قواعد التفسير: أنه يجب حمل نصوص القرآن على المعنى الظاهر المتبادر، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[10 Sep 2003, 08:19 م]ـ
أخي الكريم أبا علي:
قلت حفظك الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
«والله سبحانه حينما يطلق كلمة (أهل الكتاب) فإنه يعني بذلك اليهود والنصارى، أما إذا قال: الذين (أوتوا الكتاب) فلا يعني بذلك إلا اليهود» أ. هـ
أقول:
هذه الدعوى تحتاج إلى دليل، وينقضها عدة آيات منها:
1 - قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)} [النساء]
على قولك يكون المراد بأهل الكتاب في الآية هم اليهود والنصارى، وهل النصارى هم الذين سألوا موسى؟ أم هم اليهود فقط؟
2 - وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)} [النساء]
قال ابن عباس: يعني اليهود خاصة، ذكره ابن كثير في تفسير الآية.
3 - وقال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)} [النساء]
فهل يدخل اليهود في هذه الآية؟
والتحقيق أن «أهل الكتاب» و «الذين أوتوا الكتاب» لفظ عام إذا أطلق في القرآن فإنه يشمل اليهود والنصارى، إلا أنه قد يراد به «اليهود خاصة» أو «النصارى خاصة» وذلك عند وجود قرينة في الآية، أو دليل آخر. والله تعالى أعلم.
ـ[المقاتل7]ــــــــ[10 Sep 2003, 10:45 م]ـ
إذن يكون معنى الآية على قولك هو: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمؤمنات من المؤمنات والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب .... )
بمعنى أنه أحل لكم المؤمنات من المؤمنات، والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب، ولا يخفى أن هذا المعنى ركيك للغاية، وينبغي أن تصان عنه الآية.
لا بالطبع لم أقصد ذلك، لكن قصدت أن المحصنات صفة لم ترد في الآيات إلا في وصف المؤمنات فقط، و هي هنا بمعني العفيفات كما هو ظاهر أو ربما الحرائر إذا كانت (من) للتبعيض
فلم يبق إلا أن يكون المراد بالمحصنات هن العفيفات أو الحرائر حتى لا يكون هناك تكرار في الآية دون فائدة
لا ليس تكرارا دون فائده، بل لاختلاف بين حال المعطوف والمعطوف عليه، فالمعطوف عليه يشمل المؤمنات في العشيرة المسلمة، والمعطوف يشمل المؤمنات في العشيرة من الذين أوتوا الكتاب والذين قد يسلم بعضهم و يبقي الآخرون على الكفر و يشتركون جميعا في صفة (الذين أوتوا الكتاب)
وأما وصف «الذين أوتوا الكتاب» و «أهل الكتاب» فالأصل فيه أن المراد بهم الذين لم يسلموا، ولو تأملت خطابات القرآن الكريم لأهل الكتاب لوجدت أن الغالب فيها نداء الذين لم يسلموا منهم، ولو خرجنا عن هذا الأصل لوقعنا في لبس شديد، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بدليل، وما ذكرته أنت من أمثله هو خروج عن الأصل لوجود الدليل وهو السياق.
وقولك: و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
أقول: هذه الدعوى تحتاج إلى دليل؛ لأنها خلاف الأصل وخلاف الظاهر، والمتقرر في قواعد التفسير: أنه يجب حمل نصوص القرآن على المعنى الظاهر المتبادر، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل.
لقد ذكرت الدليل على ذلك و هو (إعاده):
أن لفظ (الذين أوتوا الكتاب) و (أهل الكتاب) يدل على من أسلم منهم ومن كفر، و دليل ذلك:
1/ (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله)
آل عمران 199
و لاحظ قوله (وما أنزل إليكم) أي إلى الرسول، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
2/ (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل و هم يسجدون) آل عمران 113
3/ في آية الجزية (و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب) التوبة 29 فدل ذلك على أن الذين أوتوا الكتاب منهم المسلمون الذين يدينون دين الحق و منهم من لا يدين دين الحق.
و الأمثلة كثيرة .. و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف (الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
ظاهر النص أن نكاح الذين أوتوا الكتاب من آمن منهم ومن كفر جائز، و لكن بذلك سنقع في تعارض للنصوص كما أوضحت من قبل، و لا يمكن تجنب التعارض الذي ينقض عقيدة الولاء والبراء إلا بهذا الفهم، وفي مطلع الآية أن طعام الذين أوتوا الكتاب حل لنا، وطعامهم (إن كان المقصود من كفر منهم) فيه الخمر ولحم الخنزير، فلم أباح العلماء الزواج من نساء الكافرين من أهل الكتاب ولم يبيحوا الخمر ولحم الخنزير؟ لابد أن المقصود طعام من آمن منهم حل لنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 Sep 2003, 10:39 ص]ـ
أخي الأستاذ الكريم أحمد القصير حفظه الله
أردت أن أقول أن صفة أهل الكتاب تطلق على اليهود والنصارى لأنهم ينتسبون إلى كتاب واحد.
كتاب اليهود هو التوراة.
وكتاب النصارى هو التوراة + ما يسمونه بالعهد الجديد الذي يحتوي على 4 روايات (إنجيل) + رسائل بولس ويوحنا ورؤيا يوحنا اللاهوتي.
وبما أنهم يشتركون في الانتساب إلى الكتاب فيصح إذا وجه الخطاب إلى اليهود والنصارى معا أن يخاطبهم ب: يا أهل الكتاب كما في قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل.
وإذا خاطب اليهود فقط أو تكلم عنهم فإنه يصفهم بأهل الكتاب كما في قوله تعالى:
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)} [النساء]
وإذا خاطب الله النصارى فقط أو تكلم عنهم فإنه يخاطبهم ب (يا أهل الكتاب) كما في قوله تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم .... ) النساء 171.
إذن قد يخاطب الله اليهود والنصارى معا بقوله (ياأهل الكتاب) أو يخاطب كلا منهم على حدة ب (يا أهل الكتاب) لأنهم يجمعهم كتاب واحد.
أما قوله تعالى (الذين أوتوا الكتاب) وقوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب) فلا تنصرف إلا لبني إسرائيل.
والله تعالى جعل النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم عليه السلام، وآل إبراهيم هم بنو إسرائيل وبنو إسماعيل.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[12 Sep 2003, 10:55 م]ـ
عندي سؤالان، من فضلكم:
الأول: لو كان موطن الزوج خارجَ جزيرة العرب، فهل يجوز له ذلك؟ أقصد الزواج منها؟
الثاني: فيمن نزل فيه قوله، تعالى: (إنك لا تهدي مَن أحببتَ)؟
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[11 Feb 2009, 12:04 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فصلا للنقاش في هذا المجال يحضرني ما قاله الشعراواي رحمه الله في شأن النصرانيات، قال سلها: ما تقولين في المسيح بن مريم؟ فإن قالت هو عبد الله ورسوله، تزوجها فهي من أهل الكتاب المذكورين في القرآن، وإن قالت هو ابن الله، فلا تتزوجها فهي من المشركات المذكورات في القرآن وقد حرم الله نكاح المشركات.
والله الهادي إلأى سبيل الرشاد(/)
آيات تتماثل في الأرقام وتتماثل في اللفظ أو تتشابه (منقول)
ـ[إبراهيم المعجل]ــــــــ[02 Sep 2003, 09:55 م]ـ
http://www.alargam.com/prove/ragm175.htm(/)
إن الله عنده علم الساعة
ـ[أبو علي]ــــــــ[04 Sep 2003, 04:47 ص]ـ
السلام عليكم
التوكيد في اللغة لا يأتي ابتداء في الكلام، وإنما يأتي لأسباب تدعو إلى التوكيد، ومن هذه الأسباب: الإنكار، التكذيب، الشك، إدعاء نسبة شيء إلى غير صاحبه، وهكذا ....
فأنت لا تقول لفلان: والله لقد زارنا الليلة فلان، لا تؤكد ذلك إلا إذا لاحظت شكا أو تكذيبا.
كذلك إن كنت رئيس شركة وأصدرت أمرا للمدير بطرد فلان من العمل،
صحيح أن المدير هو الذي نفذ الأمر وقام بطرد العامل، فإن ظن الناس أن المدير هو الذي فعل ذلك من تلقاء نفسه عندئذ يجوز تصحيح ذلك
بالتوكيد فنقول: إن الرئيس هو الذي طرد فلان، لأنه هو الذي أصدر الأمر للمدير.
تعالوا لنتدبر لماذا جاء التوكيد في هذه الآية:
{إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غذا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}.
نلاحظ أن الله سبحانه يؤكد أن هذه الغيبيات الخمس علمها عند الله، وأكدها بحرف التوكيد والنصب إن، والله سبحانه لايؤكد شيئا إلا إذا وجد ادعاء مثله عند البشر،فنحن في هذه الآية لا نجد تأكيدا لعدم دراية أي نفس متى تموت لأن هذه لم يدعها أحد بينما أكد عدم دراية أي نفس بأي أرض تموت لأن هذة قد يحدث أن يقول الإنسان:سأمكث في هذة البلدة حتى أموت فيها،فإن شاء الله جعل كلامه صادقا وإن شاء جعله غير ذلك.
وأما: {ما تدري نفس ماذا تكسب غذا) فقد يكون الإنسان متعودا على دخل يومي محدد، فلا يظن أن ذلك سيتكرر في اليوم التالي،فإن الأمر كله لله إن شاء كان كذلك وإن شاء جعل ظنه مرجوحا.
وكذلك إذا استطاع الإنسان أن يعرف جنس الجنين في رحم أمه ذكر أو أنثى،فإن الفضل لله الذي وهبه العلم الذي به اخترع الأجهزة التي مكنته من معرفة ذلك،فالله هو الذي أذن للإنسان أن يحيط بشيء يسير من هذا العلم.
وإذا تمكن الإنسان في المستقبل من تقطير الماء من البخار أو تقطير السحاب فسيكون ذلك مرجعه الى الله الذي سخر له كيفية فعل ذلك، فإذا أتى الدجال وزعم أنه يستطيع إنزال الغيث فهو كاذب وإن نزل الغيث كما قال. وإنما الفضل لله الذي كشف له أسباب وكيفية فعل ذلك. والسحاب من بحر الله والريح التي تسوقه ريح الله، إذن فالدجال لن يأت بشيء من عنده.
وأما: {إن الله عنده علم الساعة}
لقد أخبرنا الله ورسوله بأشراط الساعة وعلاماتها،فإذا توفرت جميع أشراط الساعة وظهرت كل العلامات الدالة على ترقب مجيئها في أي لحظة وجاء من فهم الأسباب والمقدمات وقال إن الساعة قائمة لا محالة وفعلا حصل ما توقع، فإننا لا نقول إن فلانا علم بمجيء الساعة. أو لو أن الله قدر أن تنتهي الحياة البشرية باصطدام كوكب آخر بالأرض في زمن آتى الله الإنسان من كل شيء سببا حتى ظن أهل الأرض أنهم قادرون عليها، ثم رصدت تلسكوباتهم وأقمارهم الصناعية أن كوكبا قطره كذا يسير بسرعة كذا في اتجاه الأرض وحسبوها وتيقنوا أن الاصطدام سيحدث في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني، وفعلا حصلت الكارثة كما قالوا،فلا نقول إنهم علموا بقيام الساعة.
لقد أذن الله للإنسان أن يحيط بشيء من علم هذه الغيبيات الخمس ولذلك أكد علمها له لينبهنا ألا نقع في الشرك الخفي كما نقول مثلا:لولا فلان الذي أنقدني لمت غرقا. والصواب أن نقول:الحمد لله الذي جعل فلانا سببا لنجاتي من الغرق.
آية الغيبيات الخمس هذة من معجزات القرآن، إنها آية تنبأ بإمكانية إحاطة الإنسان بإذن الله بشيء من علم ما في الأرحام وبعلم شيء من أسباب إنزال الغيث وأيضا أذن
الله للإنسان أن يعلم شيئا من أسباب قيام الساعة،
ـ[المقاتل7]ــــــــ[04 Sep 2003, 04:41 م]ـ
عندي ملاحظة على الآية
في الثلاث غيبيات الأولى
1/ أكد الله أن عنده علم الساعة، وهذا لا ينفي أن يكون للإنسان علم بعلاماتها التى أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، و لكن العلم الكامل بموعدها و موعد علاماتها و كيفيتها عند الله وحده.
2/ أخبر الله أنه ينزل الغيث دون أن ينفي احتمال قدرة الإنسان على ذلك، ولذلك إذا استطاع الدجال إنزال الغيث فلا يناقض ذلك الآية.
3/ أخبر الله أنه يعلم ما في الأرحام، وتلك المعرفة هي المعرفة الكاملة فهو يعلم جنسه و شقي هو أم سعيد ورزقه و عمره، أما الإنسان فقد يحيط بشئ يسير من هذه المعرفة وهو نوع الجنس، و الآية لا تنفي ذلك عن الإنسان.
أما في الغيبية الرابعة والغيبية الخامسة فقد نفى الله عن الإنسان المعرفة بالأجل والرزق المستقبلي بالكامل.و بالتالي لن يستطيع الإنسان يوما أن يدعي العلم بشئ من ذلك(/)
سؤال عن" الفوائد المشوق ".
ـ[طالب العلم]ــــــــ[04 Sep 2003, 06:13 ص]ـ
ماصحة نسبة كتاب " االفوائد المشوق " إلى ابن القيم؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 Sep 2003, 01:36 م]ـ
جوابك تم الحديث عنه في هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=762
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2003, 01:40 م]ـ
أخي الحبيب طالب العلم وفقه الله
سبق الحديث حول هذا الموضوع في مشاركة سابقة طرحها بعض الإخوة. وخلاصة الإجابة هي أن هذا الكتاب المنسوب لابن القيم رحمه الله تعالى هو مقدمة للتفسير الكبير الذي وضعه ابن النقيب رحمه الله تعالى، وهو مملوء بالمباحث البلاغية وتعتبر هذه المقدمة من المراجع المهمة في علم البلاغة.
وقد قام أحد الأساتذة بتحقيقه وطبعته دار الخانجي وذكر في مقدمة تحقيقه أكثر من عشرة مرجحات ترجح عدم صحة نسبة هذا الكتاب لابن القيم رحمه الله، وتؤكد نسبته لابن النقيب رحمه الله. منها أسلوب الكتاب الذي يختلف عن أسلوب ابن القيم، ومنها أن ابن النقيب يثبت وجود المجاز في اللغة وفي القرآن بخلاف ابن القيم رحمه الله الذي لايرى ذلك وغيرها من المرجحات. وقد كان الكتاب بين يدي قبل أسابيع وقرأت هذا فيه وعندما بحثت عنه الآن لم أجده فلعلي أن أبحث عنه في المكتبة وأفصل لك القول إن شاء الله لاحقاً.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[04 Sep 2003, 09:50 م]ـ
هل تفسير ابن النقيب قد طبع كاملا وإذا لم يكن طبع فهل مخطوطته كاملة وأين مكانها وما هو رأيكم في هذا التفسير من خلال مقدمته التي طبعت وهل هو على منهج السلف في العقيدة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2003, 10:20 م]ـ
أخي الكريم أبا صفوت
ذكر الأخ المنصور في مشاركة سابقة على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=799) أنه قد اطلع على مخطوطة تفسير ابن النقيب في مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة، ولكنه لم يبين منهج ابن النقيب فيه لأن الكتاب لم يطبع بعد.
ـ[طالب العلم]ــــــــ[10 Sep 2003, 07:38 م]ـ
الشيخين الفاضلين عبدالرحمن الشهري وأحمد القصير أشكر لكما هذه الإفادة القيمة وأعتذر اليكما عن التأخر في الرد بسبب إصابة الجهاز بفيروس Blaster فالشكر لكما مجددا
15(/)
نظراتٌ لغوية ... في القرآن الكريم ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Sep 2003, 09:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين ..
فهذا عرض لكتاب قرآني لغوي قال فيه مؤلفه:
(فلقد رغبت في أن أقود طلاب العلم، ولو بالسلاسل، إلى ولوج الروضات الخلابة التي يزخر بها كتاب الله؛ كي يتفيؤوا ظلها الوارف، ويشموا عبيرها الفوَاح، وكنت أدرك أن من حرمها قد حُرِم خيراً كثيراً، وأنه لا سبيل إلى دلفان أبوابها، والتمتع بنعيمها، إلا بإعداد العدة اللازمة لبلوغ مراميها ... ).
وقال عنه:
(فإني أحمد الله جل جلاله على ما رأيته من قبولٍ لكتابي ... فإخاله لم يضع كما تضيع أكثر الأشياء الثمينة؛ فلا هو: مطر جَودٌ في أرض مُسبِخة، لا يجف ثراها، ولا ينبت مرعاها، ولا هو سراجٌ يوقد في الشمس، ولا هو جارية حسناء تُزَف إلى عنّين أعمى، أو خَوْدٌ تزف إلى ضرير مقعد، ولا هو صنيعة تُهدى إلى من لا يشكرها، بل رأيته وسمياً باكر جنة بربوة، ثم خَلَفه وليٌّ فغدت الأرض بعده كأنها وشيٌ منشور، عليه لؤلؤ منثور ... ).
= عنوان الكتاب:
نظرات لغوية .. في القرآن الكريم
ومؤلفه:
أ. د. صالح بن حسين العايد. الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
= وموضوعه:
بيان نوع من إعجاز القرآن بفصاحته وبلاغته وبيانه.
= فصول الكتاب:
قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة، ثم قدم الكلام على أهمية اللغة العربية في الدعوة (17 ـ 44)
ثم تمهيد في سبل تدبر كتاب الله: (46 ـ 50).
ثم بدأ بذكر النظرات مرتبة حسب ترتيب السور في المصحف.
= حجم الكتاب:
يقع الكتاب في (330) صفحة من القطع العادي.
= طبعات الكتاب:
طبع الكتاب طبعتين في دار إشبيليا الثانية في عام 1423 هـ.
= أنموذج من الكتاب:
قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
قال:
عبر عن المؤمنين بجملة (الذين أنعمت عليهم) التي جاءت صلة موصولها جملة فعلية، ولم يقل: (صراط المنعم عليهم)؛ لتكون متناسبة مع قوله: (المغضوب عليهم) وقوله: (الضالين)؛ وإنما جاءت الآية على ما جاءت عليه لأن من شأن التعبير بالاسم الموصول أن يكون معهوداً نُصْبَ العين للسامع والقارئ، وههنا دلّ التعبير عن المؤمنين بالاسم الموصول على علوّ شأنهم وتلألئهم في ظلمات البشر، كأنهم معهودون نُصب العين لكل سامع.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[محب أهل التفسير]ــــــــ[16 Sep 2003, 05:57 م]ـ
الأخ الفاضل هل الكتاب متوفر في الأسواق لأني سألت في إحدى مكتبات جدة فلم أجده أرجو التكرم بإفادتنا باسم مكتبة يمكننا الحصول على الكتاب منها ولكم منا جزيل الشكر
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[28 Sep 2003, 07:38 م]ـ
الأخ الفاضل محب أهل القرآن ..
نعم الكتاب متوفر وموجود في الأسواق وقد شاهدته قريباً في إحدى المكتبات ..
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Mar 2005, 01:49 م]ـ
صدرت الطبعة الثالثة من هذا الكتاب عام 1425هـ. عن الدار نفسها، وعدد صفحاته كما في الثانية 330 صفحة. وقد كتب الشيخ إبراهيم بن يوسف الشنقيطي بعض الاستدراكات على ما ورد في الكتاب وبعث بها للمؤلف، فأودعها المؤلف في كتابه، وأثنى على الشيخ ثناء عاطراً.(/)
كتاب الإكليل لاستنباط التنزيل مخطوط أم مطبوع وأين أجده على أي الحالين؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Sep 2003, 10:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا الكرام: أرجو الإفادة حول كتاب الإكليل لاستنباط التنزيل مخطوط أم مطبوع وأين أجده على أي الحالين؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2003, 04:15 م]ـ
كتا ب: الإكليل في استنباط التنزيل
للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله.
طبع هذا الكتاب طبعات منها:
- طبعة في مجلد واحد بتحقيق سيف الدين الكاتب، وطبعته دار الكتب العلمية في بيروت.
- طبعة محققة بتحقيق الدكتور عامر بن علي العرابي وتقع هذه الطبعة في ثلاثة مجلدات. وقد طبعته دار الأندلس الخضراء بجدة عام 1422هـ.
وموضوع كتاب الإكليل هو بيان الأحكام والمعاني المستنبطة من النص القرآني الكريم. والسيوطي رحمه الله وضعه ليجمع فيه كل ما استنبط منه، أو استدل به عليه من الأحكام الفقهية، أو العقدية، أو الأصولية أو غيرها.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Sep 2003, 02:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا لكن بقي لي سؤال وهوهل تمت مناقشة الكتاب كرسالة جامعية أم أن تحقيق د/ عامر يغني عن ذلك؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2003, 08:51 ص]ـ
هذا التحقيق كان رسالة دكتوراه في جامعة أم القرى. وقد طبع ضمن سلسلة الرسائل الجامعية التي تصدرها دار الأندلس الخضراء تحت الرقم (22).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jun 2004, 12:00 ص]ـ
وهذا تعريف بالكتاب المحقق من موقع تمرات المطابع
الإكليل في استنباط التنزيل
تأليف:
جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ)
تحقيق:
عامر بن علي العرابي
النسخ المعتمدة في التحقيق:
النسخة الأولى: مصورة عن النسخة المحفوظة بالاسكريال تحت رقم (1364) والمحفوظة بمكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (162/علوم قرآن) نسخت سنة (959هـ). النسخة الثانية: مصورة عن النسخة الموجودة بالمكتبة الأزهرية والمحفوظة بمكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (28/التفسير وعلوم القرآن). النسخة الثالثة: مصورة عن النسخة الموجودة بمكتبة دار العلوم لندوة العلماء بلكناو والمحفوظة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت رقم (7/تفسير وعلوم القرآن). النسخة الرابعة: المطبوعة سنة (1373هـ) بمطابع دار الكتاب العربي بمصر بمراجعة وتصحيح أبي الفضل عبدالله محمد الصديق الغماري.
الناشر: دار الأندلس الخضراء: جدة - السعودية
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ الطبعة: 2002
نوع التغليف: مقوى فاخر (فني) كعب مسطح
عدد الأجزاء: 3
اسم السلسلة: سلسلة الرسائل الجامعية
الرقم في السلسلة:22
عدد الصفحات: 1407
مقاس الكتاب: 17 × 24 سم
التصنيف: / علوم القرآن / تفسير / تفاسير
أصل الكتاب: رسالة دكتوراه
نبذة عن الكتاب:
هذا كتاب بديع في تأليفه، خطه يراع الإمام السيوطي –رحمه الله-، أراد بوضعه جمع كل ما استنبط من القرآن. أو استدل به من الأحكام: الفقهية، أو العقدية، أو الأصولية، وغيرها من أنواع العلوم.
دعاه إلى تأليفه ما رآه في كتب أحكام القرآن من ملئها بالحشو، والتطويل، والاستطراد إلى أقوال المخالفين، مع ما فاتها من الاستنباطات العلية، فأراد أن يجعل هذا الكتاب مهذباً محرراً، مورداً فيه كل ما استنبط، أو استدل به عليه، وبخاصة أصول تلك العلوم، وأيضاً مما دعاه إلى تأليفه وجمعه أنه أراد أن يبين نوعاً من أنواع إعجاز القرآن, وهو كونه شاملاً على كل شيء من أنواع العلوم مصداقاً لقوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء).
وكان مجمل طريقته في عرض استنباطاته هي أنه يأتي بالآية المراد الاستدلال بها على مسألة أو المراد الاستنباط منها فيذكرها ثم يذكر ما يستنبط منها من أنواع العلوم، وإن احتاج الأمر لتفسير الآية أو ذكر بعض أقوال الصحابة فيها, أو سبب نزولها يذكره وربما ذكر وجه الاستنباط إن كان خفياً، (على تباين في منهجه بحسب الحاجة على ما سنذكره في دراسة الكتاب آخر المقال).وقد جاءت الآيات والسور بحسب ترتيب ورودها في المصحف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكانت استنباطاته متنوعة، وغالبها في الفقه، لكن لم يخل الكتاب من استنباطات في علوم أخرى كالعقيدة، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية، والطب، والهئية، والجدل والمناظرة، وغيرها من أنواع العلوم، فهو كتاب ماتع حقاً.
وقد قام المحقق بجهد مشكور في تحقيق نص الكتاب والتعليق عليه وعمل دراسة إضافية في مقدمة الكتاب عن المؤلف والكتاب ومنهجه فيه، وغير ذلك من مستلزمات التحقيق العلمي.
قراءة علمية:
هذه دراسة موجزة عن الكتاب في ذكر منهجه في التأليف مع ذكر بعض الملاحظات، واستفدنا في عمل الدراسة من مقدمة المحقق وفقه الله إضافة إلى فوائد زوائد تجدها في موضعها
الباعث على تأليف الكتاب:
أراد المؤلف أن يبين أن القرآن قد اشتمل على كل شئ مصداقاً لقوله تعالى "ما فرطنا في الكتاب من شيء"، ولاشك أن هذا المقصد وإن كان شريفاً إلا انه محل خلاف بين أهل العلم، فالمانع يرى أن القرآن أنزل بقصد الهداية ومن ثم، فلا يلزم أن يكون فيه البيان لكل شئ إلا مما يُحتاج إليه في الهداية وبيان الحق، أما ما سوى ذلك من أمور وعلوم دنيوية فليس القرآن محلا لها، وما ورد فيها من ذلك فإنما أورده القرآن لغرض ديني فقط، والمتوسع في الموضوع أدخل – كما ترى في الإكليل بشكل عام ومقدمة السيوطي بشكل خاص– علوم الدنيا على اختلافها، كالطب والهندسة والهيئة الخياطة ونحوها، فلا نستغرب عندها أن نرى مثل هذه العلوم في الإكليل.
طريقته في التأليف: ونجملها في النقاط التالية:
1 - تعرض المؤلف لجميع سور القرآن عدا خمس سور.
2 - كان يختار من كل سورة آيات معينة فيذكر ما قيل فيها، أو بعض ما قيل فيها من: استنباط أو تفسير أو استدلال أو نكتة طريفة أو فائدة لطيفة.
3 - تنوعت طريقته في الآيات المدروسة:
فتارة يذكرها كاملة، وتارة يذكر محل الشاهد، وتارة يذكر أول الآية فقط معقبا بقوله: الآية، وغير ذلك.
4 - وأيضاً تنوعت طريقته في عرض المسائل:
فمرة يقدم تفسير الآية على الاستدلال بها فيقول فسرها ابن عباس بكذا ففيه كذا، ومرة يقدم الاستدلال على التفسير.
أسلوب المؤلف:
1 - الإحالة على الكتب وإن لم يكن ضرورة للنقل منها.
2 - عدم إيراده لبعض الأحاديث لافي النص ولافي المعنى والاكتفاء بالإشارة إلى موضوعه.
3 - عدم الاستطراد في قول المخالف إلا قليلاً.
4 - حذف أسانيد الأحاديث والآثار إلا نادراً.
5 - الرد في بعض الأحيان على القول المخالف أو تبيين أن هذا الاستدلال والاستنباط يرد به على قول في المسألة غير صحيح.
6 - إذا وردت الآية أو بعضها في أكثر من سورة فنجده تارة يحيل وتارة يشير إلى تقدم الكلام وأحياناً يعيد الكلام ولا يشير إلى تقدمه.
مصادره:
تنوعت مصادر السيوطي رحمه الله وذلك تبعاً لما يتطلبه هذا البحث من تنوع ,و ما هو معروف من موسوعة السيوطي ,فكانت المصادر أنواعا (ولن نشير هنا إلا لغير المطبوع أو المفقود).
أ - كتب التفسير: ومن أبرز التفاسير التي رجع إليها التفاسير المفقودة وهي تفسير الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وابن برّ جان، والمرسي، والطيبي.
ب - كتب أحكام القرآن:
وهي من أهم مصادره وقد أفادنا السيوطي إلى أهمية بعضها كأحكام القرآن لابن الفرس المالكي (599هـ) فقد نقل عنه السيوطي نقولا مفيدة كثيرة , (ذكر المحقق أنه قد حقق منه بعض الأجزاء في ليبيا ومصر وشرع الدكتور حسن الوراكالي في تحقيقه كاملاً) وأيضاً أحكام القرآن لإسماعيل القاضي، ولبكر بن العلاء.
ج – كتب علوم القرآن
كالناسخ والمنسوخ لأبي داود والناسخ والمنسوخ للمؤلف.
د- كتب الحديث والآثار
وقد رجع إلى أمات المصادر في ذلك.
هـ- كتب العقيدة.
و- كتب الفقه
وما رجع إليه من كتب الفقه الشافعي بحكم مذهبه.
ز- كتب أصول الفقه.
ح- السيرة والتاريخ والتراجم
ط- كتب الزهد والرقائق.
وقد عرف المحقق – جزاه الله خيرا – بمصادر المؤلف هذه في مقدمته الدراسية.
طريقته في النقل من المصادر
1 - النقل بالنص.
2 - النقل بتصرف لا أثر له في المعنى.
النقل بتصرف يؤدي معنى الأصل مع بعض الغموض أحياناً (انظر مقدمه التحقيق ص194)
طريقته في عزو الأقوال إلى قائليها:
1 - تارة يسمي القائلين، وتارة يقتصر على أهم القائلين ,.
وتارة يبهم القائل
(يُتْبَعُ)
(/)
,وقد يقربه كأن يقول استدل به بعض المالكية وقد يبهمه إبهاماً كاملاًمثل قيل كذا.
3 - وربما وهم في عزو النسبة إلى القائل وهذا قليل.
طريقته في إيراد الآثار:
1 - منه مابين مخرجه دون إبراز سنده ولا الحكم عليه وهذا الأغلب.
2 - ومنه ما أرسله، فلم يبين مخرجه ولا سنده ولا حكمه وهذا قليل.
3 - ومنه مابين مخرجه وأبرز سنده دون الحكم عليه وهذا أقل من السابق.
4 - ومنه مابين حكمه من الصحة، والحسن، والضعف، ونحو ذلك.
طريقته في عرض الأقوال:
1 - ذكره معظم الأقوال المعتبرة.
2 - ذكره لبعض الأقوال فقط.
3 - وقد يقتصر على قول واحد.
4 - قد يجمع بين الأقوال المعتبرة وغيرها.
5 - قد يقتصر على القول الضعيف والمنكر.
طريقته في ذكر وجه الاستدلال لاستنباطه:
1 - قسم لم يذكر فيه وجه الاستدلال لظهوره.
2 - قسم بين فيه وجه الاستدلال لخفائه.
3 - ماخفي فيه وجه الاستدلال ولم يبينه وقد بين المحقق جزءا منه.
طريقته في بيان التفسير المبني على الاستنباط:
من عادة السيوطي رحمه الله في بعض الأحيان أنه يبني استنباطه على قول في تفسير الآية، وقد تتبع المحقق مواضع الاستنباط التي يتوقف فهمه على التفسير, فوجد السيوطي يسلك في ذلك طريقتين:
1 - ذكر التفسير الذي يبنى عليه الاستنباط.
2 - عدم ذكره للتفسير مع أنه أحد الوجوه في تفسير الآية المستنبط منها.
موقف المؤلف من قول المخالف:
1 - عدم الإشارة إليه أصلاً.
2 - الإشارة إلى قول المخالف دون تسميته أو ذكر توجيهه للآية أو دليله.
3 - تسمية المخالف دون ذكر لدليله أو توجيهه للآية.
4 - ذكر قول المخالف ودليله أو توجيهه للآية.
5 - وأحياناً يستطرد في بيان الدليل، أو رد أحد الفقيهين أو كليهما على الآخر.
طريقته في التنبيه على الأقوال الضعيفة:
1 - أحياناً ينبه على القول الضعيف بصريح العبارة ,
و أحياناً ينبه على القول الضعيف بطريق الإشارة المتضمنة للتضعيف.
3 - إرسال القول دون تنبيه.
طريقته في بيان الراجح من المرجوح:
1 - التصريح بالترجيح.
2 - الترجيح بالإشارة.
3 - وهناك أقوال كثيرة يرسلها دون بيان الراجح فيها.
استنباطاته:
1 - ما يورده بصيغة الجزم
وهي إما استنباطات من عند نفسه , أو نقلاً عن غيره مصرحاً بها ,أو غير مصرح.
2 - ما يورده بصيغة الاحتمال
كقوله:وقد يستدل بكذا
شروط المؤلف ومدى التزامه بها:
ذكر المؤلف رحمه الله في مقدمة كتابه:" أنه عزم على وضع كتاب مهذب المقاصد، محرر المسالك، يورد فيه كل ما استنبط من القرآن أو استدل به عليه في مسألة فقهية، أو أصلية أو اعتقادية .... مقروناً بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستنباط عليه، معزواً إلى قائله من الصحابة والتابعين، مخرجاً من كتاب ناقله من الأئمة المعتبرين ....... " ونجد أن المؤلف قد وفى ببعض الشروط ولم يوف ببعضها الآخر وهي كالتالي:-
أولاً: شروط وفى بها، وهي:
1 - بيان تفسير الآية.
2 - عزو هذا التفسير الى قائله.
3 - تخريج هذا التفسير من كتاب ناقله.
ثانياً: شروط لم يوف بها، وهي:
1 - تجنب الأقوال الواهية أو التنبيه عليها.
2 - الترجيح بين الأقوال المتعارضة
3 - الاستيعاب
ذكر المؤلف أنه سيورد كل ما استنبط من القرآن أو استدل به عليه من مسألة فقهية أو أصلية أو اعتقادية ...
فإن كان مقصوده أصول الأدلة ,وأن هذه الآية أصل في باب كذا أو في علم كذا فقد وفّى بهذا الشرط، وإن كان يقصد الاستيعاب لكل ما يستدل به من آيات سواء بظاهر الآية أو عن طريق الاستنباط فهذا متعذر جداً في الكتب المطولة ,فكيف بمثل هذا الكتاب الصغير ,ولعل مقصد الإمام السيوطي الأمر الأول.
4 - الحكم على الأحاديث والآثار:
هو من أهم مستلزمات تحرير المسالك
مشروعات علمية تستخرج من الكتاب:
قد عمل المحقق وفقه الله بعض الخدمات العلمية التي كان الكتاب بحاجة إليها، كمقابلته على نسخ خطية، وتخريج أحاديثه، وتوثيق غالب نقوله، ولكن الكتاب يمكن أن يكون منطلقاً لبعض المشروعات العلمية التطبيقية، ولعل الله ييسر من يقوم بها قريباً مثل: -
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - بيان وجه استنباط السيوطي للفوائد على وجه الاستيعاب، مما يعين على تنمية ملكة الاستنباط ومعرفة طريقة العلماء في استخراج الأحكام من النصوص، وذلك في الفوائد التي أطلقها الإمام السيوطي ولم يذكر وجهها، وإن كان المحقق ذكر شيئاً قليلاً منها.
2 - استخراج قواعد التفسير والاستنباط التي مشى عليها الإمام السيوطي في كتابه، فالكتاب مليء بمثل هذه القواعد من خلال الأمثلة التي يسوقها.
3 - فهرسة الفوائد المستنبطة على حسب العلوم في آخر الكتاب؛ لأن السيوطي نثرها حسب سياق الآيات.
4 - جمع المسائل التي رد فيها الإمام السيوطي على بعض الفرق الضالة ,أو ذكر أن هذه الآية رد على أصحاب المذهب الفقهي الفلاني.
5 - جمع المسائل والآيات التي هي أصول في أبواب معينة، فقد أولى هذه المسائل عناية خاصة، فتجده يقول في قوله "وإذا ناديتم إلى الصلاة" هذه أصل في الأذان والإقامة وفي قوله "وإن يكاد الذين كفروا" هي أصل في أن العين حق ..... وهكذا.
6 - التذييل على السيوطي بذكر الأحكام التي فاتته، وقد أشار المحقق إلى ذلك ,وضرب أمثلة مهمة على مثل هذه الأحكام الفائتة، ولعله ينطلق من هذه الأمثلة إلى مشروع كامل في التذييل على المؤلف.
التقويم:
يتميز الكتاب بعدة ميزات:
1 - اشتماله على علوم شتى وقواعد عدة وفوائد جمة.
2 - اهتمامه بالاستنباط والاستدلال أكثر من التفسير.
3 - الإيجار والاختصار والتهذيب وترك بعض الحشو الموجود في كتب التفسير.
4 - تناوله لأحد وجوه إعجاز القرآن بالتفصيل وهو: أن القرآن يحتوي على كل شيء من أصول العلوم والمعارف.
5 - أنه الكتاب الوحيد المفرد في هذا الباب.
6 - تضمنه لنصوص مهمة من كتب مفقودة.
الملاحظات:
لا شك أن هذه الطبعة للكتاب تبقى لها الصدارة بين طبعات الكتاب من ناحية ضبط النسخ والتعليق عليها، وهذه جملة من الملاحظات نذكرها لكي تكمل محاسن هذا الكتاب بمراعاتها:
1 - عدم خدمة الكتاب بالفهارس العلمية التي تقرب فوائده للقارئ، كفهرس المسائل والقواعد ونحوها، وقد ذكر المحقق في مقدمة الكتاب أنه الحق بالرسالة جملة من الفهارس، واقتصر عند الطباعة على فهرس المراجع والموضوعات، فلو أنه حذف الفهارس التقليدية التي هي أقل أهمية من غيرها لكان حسناً أما مثل الفهارس العلمية التي تقرب فوائد الكتاب فلا، بل الكتاب بأمس الحاجة لها
2 - التطويل في التعليق على الكتاب، حتى كاد أن يكون التحقيق شرحا أو حاشية، خاصة أن بعض هذه التعليقات كان الكتاب في غنى عنها مثل:
أ - شرح بعض المفردات اللغوية والتي ربما ذكرها المؤلف عرضاً، وقد يصل شرح الغريب إلى نصف أو ربع صفحة.
ب - في التعليق على مواقع وجمل ذكرها المؤلف عرضاً
- مثل تعليقاته على ما ذكره السيوطي من أن القرآن فيه كل شيئ كالكلام على بدء الخلق ص253 فيأتي المحقق ليتحدث عن بدء الخلق في نصف صفحة، وعند ذكر المؤلف لإدريس عليه السلام يعلق المحقق في نصف صفحة وعندما ذكر المؤلف قوم عاد تكلم المحقق عليهم في صفحتين!
ج- إثقال هوامش الكتاب بإثبات الفروق بين النسخ (وهي من الفروق غير المهمة) على أن مدارس التحقيق تختلف هنا، وللمحقق عذره إذا التزم بالمدرسة التي ترى إثبات جميع فروق النسخ.
ومن أمثلة هذه الفروق:
- أن تكون الزيادة في حرف لا يخل بالمعنى.
انظر: ص449 هامش (2)، ص1183 هامش (1)، ص684هامش (3)
- أو إثبات فروق غير مهمة
انظر: ص350 هامش (9)، ص356 هامش (7) فيها ذكر لتقديم كلمة على كلمة مما لا يخل بالمعنى، ص319 هامش (7)
- أو إثبات خطأ واضح من النساخ.
د- في تخريج أحاديث الكتاب وآثاره.
3 - فاته التوثيق لبعض النقول من كتب قد وثق منها:
انظر مثال / ص444 في نقل عن ابن الفرس، ص422 نقل عن النووي وغير ذلك، ولم يذكر أنه لم يجد النقل في هذا المصدر كما هي عادته إن لم يجده.
4 - اعتمد المحقق في طريقة التحقيق وإثبات النسخ كما يظهر من كلامه عند وصف النسخ الخطية ص229، طريقة اختيار أصل ومن ثم ذكر الخلاف بينه وبين النسخ التي عداه في الهامش.
ولكن من ينظر في صنيع المحقق يرى كأنه سلك طريقة النص المختار؛ فإنه كثيراً ما يثبت الأصل في الهامش ويثبت من النسخ الأخرى في المتن ويقول في الهامش:" في الأصل كذا والمثبت من النسخة كذا"، مع أن ما بالأصل ليس بخطأ ظاهر، بل لمجرد زيادة حرف أو نحوه، انظر مثلاً: ص350 هامش (16)، ص356 هامش (8)، ص752 هامش (2) ومن ذلك ورود عبارة في الأصل هكذا "قوله (عن يد) " فجعلها في الهامش، ووضع نسخة بها العبارة هكذا "قوله تعالى (عن يد) "
فلو أن المحقق وفقه الله أثبت الأصل وأضاف إليه ما في النسخ الأخرى بين قوسين خاصة الفروق المهمة منها لكان أولى لكي يلتزم بمنهجه.
ـ[ابو المكارم العربي]ــــــــ[16 Aug 2008, 12:23 ص]ـ
هل هو موجود على الشبكة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[09 Jun 2010, 11:05 م]ـ
وقد طبع حديثا في مكتبة فياض بالمنصورة بتحقيق ا/عادل شوشة
وقدم له الشيخ مصطفي العدوي وهو تحقيق متوسط!
وتجده علي المكتبة الوقفية هنا للعلمية
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2812(/)
حول أول من تعلم الخط العربي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 Sep 2003, 05:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته، من الذي علّم (حرب بن أمية) الكتابة؟ حيث في رواية الداني بسنده إلى زياد بن أنعم أنه (عبد الله بن جدعان) ـ و هذا ما استظهره الزرقاني ـ وفي رواية الكلبي عن عوانة أنه (بشر بن عبد الملك) و الذي ورد أنه علم حرب بن أمية الكتابة ثم قدم من العراق و تزوج بنت حرب ـ و هي أخت أبي سفيان الصحابي الجليل رضي الله عنه ـ فعلّم عددا من القرشيين الكتابة ..... فأين أجد مصادر هاتين الروايتين؟ و هل هناك من درسهما سندا؟ و هل بالفعل لم يتم القرآن إلا حين كان للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أربعون كاتبا؟
و أين تقع الأنبار من العراق ـ الآن ـ أسأل الله تعالى العزيز القدير أن يطهرها من المخنثين، و أن يخذل من عاونهم من المنافقين ـ آمين ـ
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[07 Sep 2003, 10:29 م]ـ
ذكرت هاتان الروايتان في:
المزهر في علوم اللغة، للسيوطي.
بلوغ الأرب في علوم العرب، للألوسي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 Sep 2003, 10:40 م]ـ
هل هناك من بحث مدى صحتهما(/)
الحوار بين المولى سبحانه وتعالى وإبليس لعنه الله أرجو من الجميع الإدلاء كل بما لديه
ـ[عبدالرحمن الحربي]ــــــــ[05 Sep 2003, 10:48 م]ـ
مر بنا في سور عديدة من القرآن الكريم الحوار الذي جرى بين المولى سبحانه وتعالى وإبليس عليه لعائن الله فمر معنا قوله تعالى (اهبطوا 0000) وقوله تعالى لإبليس (اهبط منها) وقوله تعالى ((اهبطوا منها جميعا .. )
فهل الخطاب كان لآدم وزوجه أم لآدم وإبليس أم لإبليس.
علما بأن هذه الحوارات قد وردت في سورة عديدة مثل البقرة، الأعراف، الحجر، الإسراء، طه، ص،
أرجو من أصحاب العلم إفادتي عن هذه الكلمة ومن المعني بها؟
وجزاكم الله خيرا ............ [(/)
كتاب (الاسرئيليات في تفسير الطبري)
ـ[الراية]ــــــــ[05 Sep 2003, 11:14 م]ـ
هذ الكتاب في الاصل رسالة دكتوراة لـ آمال محمد عبد الرحمن ربيع
وتمت طباعته من قبل:
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية القاهرة
وعنوان الكتاب بالكامل:
الإسرائيليات في تفسير الطبري: دراسة في اللغة والمصادر العبرية
وانقسمت الدراسة فيه إلى بابين:
الباب الأول: بعنوان الإطار العام وينقسم إلى خمسة فصول:
الفصل الأول: ويشمل تعريفا بالإمام الطبري - رحمه الله تعالى - صاحب التفسير الذي أجريت عليه الدراسة.
الفصل الثاني: عالجت فيه الباحثة بداية ظهور الإسرائيليات، وموقف الإسلام منها، وتكلمت عن معنى مصطلح إسرائيليات، وعن المواطن التي جاء منها أصحاب هذه الإسرائيليات إلى جزيرة العرب، ثم كيف تسربت هذه الروايات إلى التفاسير في مرحلتي الرواية والتدوين، وتقسيم العلماء للإسرائيليات إلى ما يوافق شريعتنا، وما يخالفها، وما هو مسكوت عنه، كذلك كان الحديث في هذا الفصل عن مواقف أهل العلم من رواية الإسرائيليات، كابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، وابن كثير، وغيرهم، كما تناولت الباحثة قضية لغة المصدر الرئيسي للإسرائيليات في التفسير، وهل كانت هناك ترجمة عربية للنصوص العبرية أم لا؟ وهذا المبحث من أهم المباحث التي تفردت بها هذه الرسالة،ثم ختمت الفصل ببيان أثر الإسرائيليات في التفسير بوجه عام.
وفي الفصل الثالث: عرفت الباحثة بأهم المصادر العبرية التي انتقيت منها الروايات الإسرائيلية للتفسير، مثل بعض أسفار العهد القديم، وكتب التفسير العبرية، وبعض فصول التلمود، والكتب الأخرى.
وفي الفصل الرابع: قامت الباحثة بتصنيف المجالات التي وردت فيها الإسرائيليات عند الطبري، من خلال ما تم استخراجه بناء على استقراء كتاب الطبري.
وفي الفصل الخامس: تناولت الباحثة موقف الطبري مما أورده من الإسرائيليات، وكيف واجهها وتعامل معها في كتابه.
أما الباب الثاني: فقد كان بعنوان " الدراسة النصية للإسرائيليات " وقد قسمته الباحثة إلى خمسة فصول .. كما يلي:
الأول: النصوص المتطابقة.
الثاني: النصوص المتفقة في المضمون.
الثالث: النصوص المجملة في الآثار والمفصلة في الأصول العبرية.
الرابع: النصوص المفصلة في الآثار المجملة في الأصول العبرية.
الخامس: الروايات ذات الإضافات والمبالغات.
وقد انتهجت الباحثة في كل فصل من الفصول السابقة ما يلي:
1 - إثبات نص الأثر الوارد عند الطبري كاملا مع الإشارة إلى موضعه من التفسير.
2 - إثبات النص العبري من مصدره.
3 - ترجمة النص العبري إلى العربية.
4 - مقارنة النصوص من ناحية الشكل وذلك بإبراز ما تم أخذه من الأصل العبري للرواية وما تم تركه وما أضيف وما حذف ..
5 - إبداء الملاحظات اللغوية على النصوص عن طريق الإشارة إلى نماذج من الجمل في كلا النصين.
ثم أنهت الباحثة الدراسة بخاتمة، اشتملت على أهم النتائج التي توصلت إليها، والتوصيات التي نصت عليها
ثم ذيلت ذلك بملحقين:
الملحق الأول: قامت فيه الباحثة بحصر ما تأكد لديها تماما من روايات إسرائيلية في تفسير الطبري، من خلال ذكر موضعه في تفسير الطبري، و المصدر العبري الإسرائيلي.
الملحق الثاني: حصرت فيه الباحثة أبرز رواة الإسرائيليات، وفق منهج خاص، فقد أوردت من روى أكثر من خمس روايات إسرائيلية، على اعتبار أن من كان كذلك فقد دخل إلى قائمة من ينبغي التدقيق والتمحيص لرواياتهم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 Sep 2003, 09:04 م]ـ
جزاك الله خيرا
كيف الحصول على هذا الكتاب القيم؟
ومن هم الصحابة الذين ذكرتهم الباحثة ضمن رواة الإسرائيليات؟
ـ[الراية]ــــــــ[09 Sep 2003, 01:32 ص]ـ
أخي الكريم والمحب / محمد الأمين ...
حقيقة لا ادري اين مقامك .. غير انه يمكنك الاستفادة من هذا الموقع في شراء الكتب -عموما-
وهو موقع مكتبة النيل والفرات
http://www.neelwafurat.com/(/)
حول المصاحف التي كانت عند الصحابة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 Sep 2003, 05:32 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، في المصاحف الشخصية التي كانت لبعض الصحابة كابن عباس وابن مسعود و حفصة و أب بن كعب توجد بعض القراءات التي قد تفيد معنا غير المعنى الذي تفيده القراءات المتواترة فما حكم هذه القراءات؟ و هل تجري عليها قاعدة (تعدد القراءات كتعدد الآيات في إثبات الأحكام)؟ و هل نقول إن كل وارد فيها غير موجود في القراءات المتوترة يكونو منسوخا بالعرضة الأخيرة؟ أم يقال أن فيها ما كان منسوخا بالعرضة الأخيرة، و فيها ما هو خطأ لكونه ليس بمتواتر؟ ثم بعد ذلك كله / هل يستفاد من هذه المصاحف التي كانت مكتوبة في توضيح شئ من القراءات المتواترة؟
و هاك أمثلة / في مصحف ابن مسعود في سورة البقرة ((اهبطوا مصر)) بدون التنوين ـ مما يعين أنها مصر البلد المعروف ـ
((و أقيموا الحج و العمرة للبيت))
((تزودوا فخير الزاد التقوى))
في سورة آل عمران ((الحي القيام))
((و إن حقيقة تأويله إلا عند الله))
((يا مريم اقنتي لربك و اركعي و اسجدي في الساجدين))
في سورة النساء ((إن الله لا يظلم مثقال نملة))
في مصحف ابن عباس في سورة البقرة ((فلا جناح عليه ألا يطوف بهما))
في سورة آل عمران ((إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه))
((و ما يعلم تأويله إلا الله و يقول الراسخون في العلم آمنا به))
فمثلا هذه الآية الأخيرة، هل نفسر بها الآية المتواترة في مسألة العلم بالمتشابه و المشهور الخلاف فيها بين المفسرين؟(/)
ما يفيده حرف الواو
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[07 Sep 2003, 05:45 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، ماصحة الإجماع الذي رواه أبو علي الفارسي على أن (الواو) تفيد مطلق الجمع؟ و ماذا نقول فيمن خالفه من الحنفية القائلين بأنها للمعية، أو ما ينسب إلى الشافعية بأنها للترتيب؟
ثم ما هو ضابط نقل الإجماع هنا ـ أي عند النحويين خاصة ـ و هل المخالفون حجة على الإجماع؟ أم أن الإجماع حجة عليهم؟ و لماذا ننقض ال'جماع بهم و لا نقول بأنهم هم الذين خالفوا الإجماع؟ فمرادي هو الضابط و بارك الله تعالى فيكم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[13 Sep 2003, 12:02 ص]ـ
الحمد لله
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[13 Sep 2003, 08:37 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم الأستاذ محمد
ذهب جمهور النحويين (1) إلى أن الواو العاطفة لمطلق الجمع (2)، فيُعطف بها الشيء على مصاحبه، كقوله تعالى: (فَأَنْجَيْناهُ وأَصْحابَ السَّفِيْنة) (3)، وعلى سابقه، نحو قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوْحاً وإبْراهِيْمَ) (4)، وعلى لاحقه، كقوله تعالى: (كذلك يُوْحِيْ إليكَ وإلى الّذينَ مِنْ قَبْلِكَ) (5)، وليس في الواو دليل على أن الأول قبل الثاني. قال سيبويه: " ولم تُلْزِمِ الواوُ الشيئين أن يكون أحدهما بعد الآخر، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد عمرو، لم يكن في هذا دليل أنك مررت بعمرو بعد زيد " (6). وقال أيضاً:
" وإنما جئت بالواو لتضم الآخر إلى الأول وتجمعهما، وليس فيه دليل على أن أحدهما قبل الآخر " (7).
ونُسب القول بإفادتها الترتيب إلى الكسائي (8)، وقطرب (9)، والفراء (10)، وهشام (11)، وأبي جعفر الدِّيْنَوَري (12)، وثعلب (13)، وغلامه أبي عمر الزاهد (14)، وابن درستويه (15)، والربعي (16)، والشافعي (17)، وإلى بعض أصحابه (18)، وإلى الكوفيين (19)، وإلى بعض الكوفيين (20).
والحق أن الشافعي وأئمة الكوفة، كالفراء وثعلب براء من هذا القول، فإن الفراء قال: " فأما الواو فإنك إن شئت جعلت الآخِر هو الأول، والأول الآخِر، فإذا قلت: زرت عبدالله وزيداً، فايهما شئت كان هو المبتدأ بالزيادة " (21)، وقال ثعلب: " إذا قلت: قام زيد وعمرو، فإن شئت كان عمرو بمعنى التقديم على زيد، وإن شئت كان بمعنى التأخير، وإن شئت كان قيامهما معاً " (22).
وأول من رأيت يذكر ما نسب إلى الشافعي الرمانيُّ (23)، فإنه لما ذكر مذهب القائلين بأن الواو للترتيب قال: " وهذا يؤيد مذهب الشافعي في أن الواو يجوز أن ترتّب " (24). ولم أرَ من نسبه إلى الشافعي نفسه إلا ابن الخباز (25).
ويقال: إن الشافعي نقله عن الفراء. وتقدم - قريباً - أن الفراء يرى رأي الجمهور. والظاهر أن القائل بهذا الرأي بعض أصحاب الشافعي. قال النووي (26): " صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب، وتكلّفوا نقل ذلك عن بعض أئمة العربية، واستشهدوا بأمثلة فاسدة " (27).
وقد احتج الجمهور بالسماع والقياس. أما السماع فالشواهد التالية:
الأول: قوله تعالى: (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ واسْجُدي وارْكَعي مَعَ الرَّاكِعِيْنَ) (28). فقدم السجود على الركوع، ولو كانت الواو مرتبة لقدم الركوع على السجود، ولم ينقل أن شرعهم كان مخالفاً لشرعنا في ذلك (29).
الثاني: قوله تعالى: (وادْخُلُوا البابَ سُجَّداً وقُولُوا حِطّة) (30)، وقال في سورة الأعراف: (وقولوا حِطّة وادخلوا البابَ سُجّداً) (31)، والقصة واحدة (32).
الثالث: قوله تعالى: (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيةَ أَيّامٍ حُسُوماً) (33). قال ابن أبي الربيع: " والأيام هنا قبل الليالي، إذا لو كانت الليالي قبل الأيام لكانت الأيام مساوية لليالي أو أقل " (34).
الرابع: قول الشاعر:
بَهالِيْلُ مُنْهُمْ جَعْفَرٌ وابنُ أُمِّهِ ** عَلِيٌّ ومِنْهُمْ أَحْمَدُ المُتَخَيَّرُ (35)
وأحمد هو النبي - صلى الله عليه وعلى آله سلم - الذي اختاره الله، تعالى، ولا يلزم تقديمه، لأن الواو لمطلقِ الجمع، ولو كانت الواو مرتبة لقدم أحمدَ ثم علياً ثم جعفراً، صلوات الله عليهم جميعاً (36).
ومثله قول الشاعر:
فَمِلَّتُنا أَنّنا المُسْلِمون ** عَلى دِيْنِ صِدّيْقنا والنَّبِيّْ (37)
الخامس: قول الشاعر:
(يُتْبَعُ)
(/)
أُغْلِي السِّباءَ بِكُلِّ أَرْكَنَ عاتِقٍ ** أَوْجَوْنةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها (38)
قُدحت أي غُرفت، وفُضَّ ختامها: فتح رأسها، وإنما تُغرف بعد أن تُفتح.
وأما القياس فما يلي:
الأول: أن الواو في الاسمين المختلفين بإزاء التثنية في الاسمين المتفقين، فيقال: جاء الزيدان، أما إذا اختلفت الأسماء فإنه يقال: جاء زيد وعمرو، ولا تمكن التثنية، فعطفوا بالواو، فكما أنه إذا قيل: جاء الزيدان لم يكن اللفظ دالاً على تقدم أحدهما، بل كان مقتضاه اجتماعهما في الفعل فقط، فكذلك العطف بالواو إذا لم تمكن التثنية، لاختلاف الاسمين (39).
الثاني: أنهم استعملوها في مواضع لا يُتصور فيها الترتيب، نحو: اشترَك زيد وعمرو، واختصم بكر وخالد، لأن التفاعل لابد له من فاعلين، ولا يكون من واحد، ولو كانت الواو للترتيب لجاز: اختصم بكر، واشترك زيد. قال أبو علي الفارسي: " ولو قلته بالفاء أو بثم لجعلت الاختصا والاشتراك من واحد " (40).
ومن هذه المواضع: المال بين زيد وعمرو، و: جاء زيد اليومَ وعمرو أمسِ، و: جاء زيد وعمرو معاً، و: جاء زيد وعمرو بعدَه (41).
الثالث: أن الفاء للترتيب بلا خلاف، ولو كانت الواو للترتيب لكان هذا اشتراكاً، لأنه يكون للمعنى الواحد حرفان، وأحدهما يغني عن الآخر. وإذا جعلنا الواو تفيد الترتيب فقد سَلَبْنا الجمع الحرف الدالَّ عليه، ولابد من حرف يدل على الجمع (42).
واحتج المثبتون للترتيب بما يلي:
أولاً: أنه وردت آيات جرى فيها الترتيب بين المتعاطفات، كقوله تعالى: (إذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَها. وأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَها) (43)، وإخراج الأثقال بعد الزلزال. وكقوله تعالى: (يا أَيُّها الذِيْنَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدوا واعْبُدوا رَبَّكُمْ) (44).والركوع قبل السجود.
ثانياً: لما نزل قوله تعالى: (إنّ الصَّفا والمَرْوة مِنْ شعائر الله) (45)، قال الصحابة: بم نبدأ يا رسول الله؟ فقال: " ابْدَأُوا بِما بَدَأَ اللهُ بِذِكْرِه " (46)، فدل ذلك على الترتيب (47).
ثالثاً: ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أمر بتقديم العمرة، فقال الصحابة: لِمَ تأمرنا بتقديم العمرة، وقد قدم الله الحج عليها في التنزيل (48)؟ فدل إنكارهم على ابن عباس أنهم فهموا الترتيب من الواو (49).
رابعاً: أن رجلاً خطب عند النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال: " من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غَوَى " فقال رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله " (50)، ولو كانت الواو لمطلق الجمع لما وقع الفرق (51).
خامساً: أن سُحَيْماً (52) عَبْدَ بني الحِسْحاس (53) أنشد عند عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
عُمَيْرةَ ودِّعْ إن تجهَّزتَ غاديا ** كفى الشَّيْبُ والإسلامُ لِلْمَرْءِ ناهيا (54)
فقال عمر: لو كنت قدمت الإسلام على الشيب لأَجزْتُك. فدل إنكار عمر على أن التأخير في اللفظ يدل على التأخير في المرتبة (55).
وأجاب الجمهور (56) عما استدل به المثبتون بما يلي:
أن آية الزلزلة فُهم منها أن زلزال الأرض قبل إخراجها أثقالها من طريق المعنى، وآية الحج لم يأت الترتيب فيها بين الركوع والسجود من الواو في الآية، ولكن من قوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (57). وكان - عليه الصلاة والسلام- قد رتَّب الركوع والسجود في صلاته.
وأما أمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بتقديم الصفا من الآية فإنه دليل عليهم، إذ لو كانت الواو تفيد الترتيب لفهم الصحابة ذلك من غير سؤال، لأنهم كانوا عرباً فصحاء، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بيَّن المراد، لما في الواو من الإجمال. وأيضاً، لو كانت الواو للترتيب لكانت فائدة قوله: " ابدأوا بما بدأ الله بذكره " التأكيد، ولو كانت للجمع لكانت فائدته التأسيس، والتأسيس أولى.
وأما إنكار الجماعة على ابن عباس فإنه، مع فضله، أمر بتقديم العمرة، ولو كانت الواو للترتيب لما خالف، فمستنده أن الواو للجمع وقد رتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأُجيب عن قصة الخطيب بأنه قُصد بالإفراد إعظام الرب - سبحانه وتعالى - بإفراده بالذكر، ففيه ترك للأدب بترك إفراد اسم الله بالذكر، وبمثل هذا يجاب - أيضاً - عن قصة عمر، رضي الله عنه.
والذي أرجحه في الواو العاطفة ما ذهب إليه الجمهور من أنها لا تفيد الترتيب، ولا يفهم ذلك منها، وأنها لمطلق الجمع، لما سبق من أدلة الجمهور، ولضعف الأدلة التي احتج بها المخالفون، ويكفي دليلاً على عدم إفادتها الترتيب مجيء بعض الأدلة لم تترتب فيها المتعاطفات.
والجمهور لا يلزمون عدم الترتيب في الواو، ولكن الترتيب فيها يقع بحكم اللفظ من غير قصد له في المعنى، ولو كانت موضوعةً للترتيب لم تكن أبداً إلا مرتِّبة، فظهور الترتيب في بعض الكلام عاطفة يشهد أنها ليست موضوعة له، والأصل في المتكلم أنه يقوم في كلامه ما هو به أعنَى، وببيانه أهم، وذلك مستحسَنٌ، لا واجب (58). والله أعلم.
___________________
(1) ينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 396، والمقتضب 1/ 148، والكامل 2/ 529، ومجالس ثعلب 386، والأصول 2/ 55، وحروف المعاني للزجاجي 36، وإيضاح الفارسي 221، ومعاني الحروف للرماني 59، والتبصرة للصيمري 1/ 131، وسر الصناعة 2/ 632، والصاحبي 157.
(2) التعبير بمطلق الجمع أصح من التعبير بالجمع المطلق، كما فعل المرادي في الجنى 158، والتوضيح 3/ 194، لأن الأول معناه: أي جمعٍ كان، فيدخل فيه جميع الصور، بخلاف الثاني فإن معناه: الذي لم يقيد بشيء. ينظر: شرح الكوكب المنير 1/ 230.
(3) من الآية 15 من سورة العنكبوت. (4) من الآية 26 من سورة الحديد. (5) من الآية 3 من سورة الشورى.
(6) الكتاب 1/ 291. (7) الكتاب 4/ 216. (8) ينظر: شرح الكافية 2/ 363، وهمع الهوامع 5/ 224.
(9) ينظر: معاني الحروف للرماني 59، والارتشاف 2/ 633، والتذييل 4/ 153ب، وتوضيح المقاصد 3/ 195، والمغني 2/ 354، والأشموني 3/ 69، والتصريح 1/ 135، والهمع 5/ 224.
(10) ينظر: شرح التسهيل 3/ 349، وشرح الكافية 2/ 363، والجنى 159، والمغني 2/ 354.
(11) ينظر: الارتشاف 2/ 633، والتذييل 4/ 153ب، والجنى 159، والمساعد 2/ 444، والهمع 5/ 224.
(12) ينظر: الارتشاف 2/ 633، والجنى 159، والهمع 5/ 224.
(13) ينظر: شرح الكافية 2/ 363، والارتشاف 2/ 633، وتوضيح المقاصد 3/ 195، والمغني 2/ 354، والأشموني 3/ 69، والتصريح 1/ 135.
(14) ينظر: الارتشاف 2/ 633، والتذييل 4/ 153 ب، والمساعد 2/ 444، وأبو عمر هو: محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، المعروف بغلام ثعلب، لأنه صحبه زماناً، فنسب إليه. من حفّاظ اللغة، ثقة في الحديث. صنّف غريب الحديث، وفائت الفصيح، وفائت العين، وفائت الجمهرة، وغيرها. توفي سنة 345هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 356 - 359، وفيات الأعيان 4/ 329 - 333، إشارة التعيين 326 - 327.
(15) ينظر: المتبع 2/ 423، وشرح الكافية 2/ 363، والهمع 5/ 224.
(16) ينظر: معاني الحروف للرماني 59، وشرح الكافية 2/ 363، والتذييل 4/ 153ب.
(17) ينظر: معاني الرماني 59، والجنى 159، والمغني 2/ 354.
(18) ينظر: المتبع 2/ 423، والمجموع للنووي 1/ 472. (19) ينظر: رصف المباني 474.
(20) ينظر: شرح جمل الزجاجي 1/ 227، وشرح الكافية الشافية 3/ 1206، وتوضيح المقاصد 3/ 195.
(21) معاني القرآن 1/ 396. (22) مجالس ثعلب 386. (23) معاني الحروف 60.
(24) معاني الحروف 60. (25) ينظر: الجنى الداني 159، والمغني 2/ 354.
(26) هو: يحيى بن شرف، محي الدين، أبو زكريا النووي، كبير الفقهاء في زمانه، كان من الزهاد، مولده ووفاته بنوى، من قرى حوران، قرأ النحو على ابن مالك وغيره. صنف: شرح مسلم، ورياض الصالحين، والأذكار، وتهذيب الأسماء واللغات، والمجموع شرح المهذب ولم يتمه. توفي سنة 676هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 4/ 1470 - 1474، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 395 - 400، والبداية والنهاية 13/ 278 - 279.
(27) المجموع شرح المهذب 1/ 472. (28) من الآية 43 من سورة آل عمران.
(29) ينظر: المقتضب 1/ 148، والكامل 2/ 529، 3/ 1103، والأصول 2/ 55، وسر الصناعة 2/ 632 والمقتصد 2/ 938، وكشف المشكل 626، والمتبع 2/ 324، وشرح المفصل 8/ 92، والبسيط 1/ 335، والبرهان للزركشي 4/ 436.
(يُتْبَعُ)
(/)
(30) من الآية 58 من سورة البقرة. (31) من الآية 161.
(32) ينظر: التبصرة 1/ 131، وكشف المشكل 626، والمتبع 2/ 324، واللباب 1/ 417، وشرح الكافية 2/ 364.
(33) الآية 7 من سورة الحاقة.
(34) الملخص 572، وينظر: البرهان للزركشي 4/ 439، وفيه: قال الصفار: لو كان على ظاهره لقال: سبع ليال وستة أيام أو سبعة أيام، وأما (ثمانية) فلا يصح على جعل الواو للترتيب.
(35) من بحر الطويل، لحسان بن ثابت، رضي الله عنه، وهو من قصيدة في ديوانه 107 - 109 في رثاء أهل مؤتة، مطلعها:
تأوَّبني ليلٌ بيثربَ أَعْسَرُ ** وهَمٌّ إذا ما نَوَّمَ الناسُ مُسْهِرُ
وفي مدح بني هاشم يقول:
فما زال في الإسلام مِنْ آل هاشمٍ ** دعائمُ عِزٍّ لا تُرام وَمَفْخَرُ
بها ليل .... البيت.
والبهلول: العزيز الجامع لكل خير، والحيي الكريم. اللسان (بهل).
ينظر: ديوان حسان 109، والكامل 2/ 529، 3/ 1103، ومعاني الحروف للرماني 59، وكشف المشكل 627، وشرح جمل الزجاجي 1/ 227، والعقد الفريد 5/ 370. والشاهد قوله: (ومنهم أحمد المتخير) وهو متأخر في الذكْر، لأن الواو المطلق الجمع، ولو كانت للترتيب لقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - على جعفر وعلي رضي الله عنهما.
(36) ينظر: كشف المشكل 627.
(37) من المتقارب، نسبه المبرد إلى الصلتان العبدي. الكامل 3/ 1101،وابنُ عصفور إلى أمية بن أبي الصلت. شرح جمل الزجاجي 1/ 227، وينظر: شرح الكافية الشافية 3/ 1205. والشاهد قوله: (على دين صديقنا والنبي) فإن الواو لا تفيد الترتيب، ولو كانت تفيده لقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي بكر في الذكْر.
(38) من الكامل، للبيد بن ربيعة، وهو من معلقته. وأغلى: اشتري غالياً. والسباء: اشتراء الخمر، والأدكن: الزِّقُّ الأغبر والعاتق: الخالصة أو التي لم تُفتح. والجونة: الخابية، وقُدحت: غُرِفت. وفُضَّ خِتامها: كسر طينها. ينظر: الخزانة 3/ 105 - 106.
والبيت في: ديوانه 175، وشرح القصائد السبع الطوال 575، وشرح المعلقات للزوزني 183، وجمهرة اللغة 402، وسر الصناعة 2/ 632، وأسرار العربية 303، واللباب 1/ 417 ن وشرح المفصل 8/ 92، وشرح الكافية 2/ 364، ورصف المباني 474، واللسان (قدح)، و (عتق)، و (دكن)،وخزانة الأدب 3/ 105، 11/ 3. والشاهد قوله: (قدحت وفض خاتهما) أي: غرفت وكشف غطاؤها، والغرف إنما يكون بعد الكشف وهو دليل على أن الواو ليست للترتيب.
(39) ينظر: التبصرة للصيمري 1/ 131، والمقتصد 2/ 937، واللباب 1/ 417، وشرح المفصل 8/ 91.
(40) الإيضاح العضدي 221. وينظر: المقتصد 2/ 938، والمتبع 2/ 324، وشرح المفصل 8/ 91، ورصف المباني 474.
(41) ينظر: الإيضاح 221، واللباب 1/ 418، وشرح الكافية الشافية 3/ 1204، والتذييل 4/ 153 ب.
(42) ينظر: المتبع 2/ 425.
(43) الآيتان 1، 2 من سورة الزلزلة. وينظر: شرح جمل الزجاجي 1/ 227، ورصف المباني 475.
(44) من الآية 77 من سورة الحج.وينظر: منتهى السول 1/ 15، ورصف المباني 475.
(45) من الآية 158 من سورة البقرة.
(46) أخرجه بلفظ الأمر للجماعة البيهقي في الكبرى 1/ 138، كتاب الطهارة الباب 94 برقم 400 عن جابر بن عبدالله، رضي الله عنه. وذكر البيهقي بعده رواية موقوفة على ابن عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل فقال: أبدأ بالصفا قبل المروة، أو بالمروة قبل الصفا؟ ... فقال ابن عباس: خذ ذلك من كتاب الله، عز وجل، فإنه أجدر أن يحفظ. قال الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ورواه بصيغة الإخبار للمفرد مسلم في حديث جابر الطويل في بيان حجة النبي، صلى الله عليه وسلم. كتاب الحج الباب 19 برقم 147، ومالك في الموطأ 1/ 372 الباب 41 برقم 126.
(47) ينظر: شرح المفصل 8/ 93، والإحكام للآمدي 1/ 66، ومنتهى السول 1/ 15.
(48) وهو قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}.
(49) ينظر: شرح المفصل 8/ 93، والإحكام للآمدي 1/ 67 وأثر ابن عباس رواه الشافعي في مسنده 1/ 375 في الباب السابع برقم 965.
(يُتْبَعُ)
(/)
(50) أخرجه مسلم في الجمعة الباب 13 برقم 48، وأبو داود فيها الباب 23 برقم 1099 كما في صحيح أبي داود 1/ 204، والنسائي في النكاح الباب 40 كما في صحيح سنن النسائي 2/ 690، والبيهقي في الكبرى 1/ 138 - 139 في الطهار باب الترتيب في الوضوء برقم 402، والشافعي في مسنده 1/ 147 الباب 11 برقم 428.
(51) ينظر: شرح المفصل 8/ 93، ومنتهى السول 1/ 15، والإحكام 1/ 66.
(52) ويقال اسمه: حية، عبد لبني الحسحاس، وكان شاعراً أسود أعجمياً، أدرك النبي، صلى الله عليه وسلم. قُتل في خلافة عثمان، رضي الله عنه، وقصة قتله في الإصابة 5/ 6. ترجمته في: الشعر والشعراء 258 - 259، والإصابة 5/ 6 - 7، والخزانة 2/ 102 - 105.
(53) وهم من بني أسد بن خزيمة، كما في الأنساب للسمعاني 2/ 218.
(54) من بحر الطويل، مطلع قصيدة له، بعضها في الخزانة 2/ 104، ويروى: غازياً، وعميرة: اسم امرأة، وهي بنت سيِّده أبي معبد.
والبيت في: الكتاب 2/ 26، 4/ 225، وسر الصناعة 1/ 141، والإنصاف 1/ 168، وشرح المفصل 8/ 93، وشرح عمدة الحافظ 1/ 425، وأوضح المسالك 3/ 253، ومغني اللبيب 1/ 106، وشرح أبياته 2/ 338، والخزانة 1/ 267، 2/ 102، وكشف الخفاء 1/ 449، 2/ 113. ويستشهد النحويون بهذا البيت - أيضاً - على مجيء فاعل (كفى) مجرداً عن الباء.
(55) ينظر: شرح المفصل 8/ 93،والتبصرة للشيرازي 232، ومنتهى السول 1/ 15، والإحكام 1/ 67.
(56) ينظر: شرح المفصل 8/ 93.
(57) أخرجه البخاري في الأذان الباب 18 برقم 631 (فتح الباري 2/ 132)، وفي الأدب المفرد باب: الرجل راع في أهله (صحيح الأدب المفرد ص98 برقم 156).
(58) ينظر: رصف المباني 475.
وفي هذا المبحث يُنظر: الكتاب 1/ 291، 4/ 216، ومعاني القرآن للفراء 1/ 396، والمقتضب 1/ 148، والكامل 2/ 529، 3/ 1103، ومجالس ثعلب 386، والأصول 2/ 55، وحروف المعاني للزجاجي 36، وشرح السيرافي 2/ 75أ، والإيضاح للفارسي 221، ومعاني الحروف للرماني 59 - 60، والتبصرة للصيمري 1/ 131، وسر صناعة الإعراب 2/ 632 - 634، والصاحبي 157، والمقتصد 2/ 973 - 938، والتبصرة في أصول الفقه 231 - 236، والبرهان للجويني 50 - 51، وأسرار العربية 302 - 304، وكشف المشكل 226 - 627، والمتبع 2/ 423 - 425، واللباب 1/ 417 - 418، والإحكام في أصول الأحكام 1/ 63 - 68، ومنتهى السول في علم الأصول 1/ 14 - 15، وشرح المفصل 8/ 91 - 93، وشرح جمل الزجاجي 1/ 226 - 228، وشرح التسهيل 3/ 349، والمجموع شرح المهذب 1/ 472، وشرح الكافية 2/ 363 - 364، ورصف المباني 474 - 475، والتذييل والتكميل 4/ 153ب، والجنى الداني 158 - 160، وتوضيح المقاصد 3/ 194 - 195، والمغني 2/ 354، والمساعد 2/ 444، والبرهان في علوم القرآن 4/ 436، وشرح الأشموني 3/ 69، وشرح التصريح 1/ 135.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Sep 2003, 12:04 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا شيخنا الكريم الشبل، على هذه النقولات و التوضيحات القيمة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Sep 2003, 01:42 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ خالد الشبل وفقه الله لكل خير.
ذي المعالي فليعلون من تعالى ** هكذا هكذا وإلا فلا لا!
شرف ينطح النجوم بروقيـ **ــه وعز يقلقل الأجبالا
وفقك الله لكل خير.(/)
استشارة
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[07 Sep 2003, 06:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من اهتدى بهداه
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إني مستشيركم ومستنصحكم فأشيروا لي وانصحوني
- هل تنصحونني بحفظ الشاطبية وأخذ القراءات السبع آخذين في الاعتبار أنه لا يوجد لدي شيخ متخصص في القراءات وبالتالي لا يتيسر قراءة القراءات على شيخ؟ وهل يعيق ذلك مسيرتي في طلب العلم الشرعي من تفسير وحديث و .... وعلم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة؟ ...
وجزاكم الله خيرًا(/)
سؤال عن المدخل إلى علم التفسير
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[07 Sep 2003, 11:12 م]ـ
ماهو أفضل كتاب في المدخل لإلى علم التفسير وتاريخه؟(/)
الموصول لفظا المفصول معنى
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[09 Sep 2003, 12:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المواضيع اللطيفة في علوم القرآن معرفة الموصول لفظا المفصول معنى.
وذلك أن العرب قد تأتي بكلمة إلى جانب كلمة أخرى كأنها معها وهي غير متصلة بها. فيكون اللفظ متصلا بالآخر والمعنى على خلافه. وفي القرآن أمثلة كثيرة لهذا النوع من ذلك قوله تعالى (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (يّس:52) فعند قوله (مِنْ مَرْقَدِنَا) انتهى قول الكفار فقالت الملائكة (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ).
ومعرفة هذا النوع مهم لفهم كتاب الله قال السيوطي عنه: " هو نوع مهم جدير أن يفرد بالتصنيف " (الإتقان 1/ 252).
فبمعرفته يحصل حل إشكالات وكشف معضلات.ومن ذلك إشكال نسبة الإشراك لآدم وحواء في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف 189ـ190). فبمعرفة أن قصة آدم وحواء تنتهي بقوله تعالى (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) وأن ما بعده وهي قوله تعالى (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم الإصنام،ويدل على ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية.ولو كانت القصة واحدة لقال (عما يشركان).
وحسن التخلص والاستطراد من أساليب القرآن.
أخرج عبدالرزاق عن السدي قوله في قوله تعالى (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف:190) قال: " هذا من الموصول المفصول.
وأخرج ابن أبي حاتم نحوه عن أبي مالك.
كما أن هذا النوع أصل كبير في الوقف.
وقد عد الزركشي هذا النوع من مناسبات الآيات بعضها ببعض فتحدث عنه في نوع معرفة المناسبات (البرهان 1/ 50) أما السيوطي فقد جعله نوعا مستقلا وهو النوع التاسع والعشرون " بيان الموصول لفظا المفصول معنى ". وأورد الزركشي والسيوطي عددا من الأمثلة على هذا النوع كما ذكر ابن الجوزي عددا من الأمثلة على هذا النوع في كتابه (النفيس) وهو أحد مصادر السيوطي كما في مقدمته وتصحفت إلى التفسير كما في المطبوع من الاتقان تحقيق أبي الفضل.
ومن الأمثلة قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) (آل عمران:7)
فقوله والراسخون مفصول عما قبله.حتى لا يتوهم أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله. أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة.
والأمثلة كثيرة ومعرفتها والوقوف عليها مهم. لذا أقترح أن ينبري لجمع هذا الآيات ودراستها تحت هذا النوع أحد الباحثين فإنه كما قال السيوطي " جدير أن يفرد بالتصنيف ".
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2010, 12:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المواضيع اللطيفة في علوم القرآن معرفة الموصول لفظا المفصول معنى.
وذلك أن العرب قد تأتي بكلمة إلى جانب كلمة أخرى كأنها معها وهي غير متصلة بها. فيكون اللفظ متصلا بالآخر والمعنى على خلافه. وفي القرآن أمثلة كثيرة لهذا النوع من ذلك قوله تعالى (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (يّس:52) فعند قوله (مِنْ مَرْقَدِنَا) انتهى قول الكفار فقالت الملائكة (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ).
ومعرفة هذا النوع مهم لفهم كتاب الله قال السيوطي عنه: " هو نوع مهم جدير أن يفرد بالتصنيف " (الإتقان 1/ 252).
(يُتْبَعُ)
(/)
فبمعرفته يحصل حل إشكالات وكشف معضلات.ومن ذلك إشكال نسبة الإشراك لآدم وحواء في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف 189ـ190). فبمعرفة أن قصة آدم وحواء تنتهي بقوله تعالى (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) وأن ما بعده وهي قوله تعالى (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم الإصنام،ويدل على ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية.ولو كانت القصة واحدة لقال (عما يشركان).
وحسن التخلص والاستطراد من أساليب القرآن.
أخرج عبدالرزاق عن السدي قوله في قوله تعالى (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف:190) قال: " هذا من الموصول المفصول.
وأخرج ابن أبي حاتم نحوه عن أبي مالك.
كما أن هذا النوع أصل كبير في الوقف.
وقد عد الزركشي هذا النوع من مناسبات الآيات بعضها ببعض فتحدث عنه في نوع معرفة المناسبات (البرهان 1/ 50) أما السيوطي فقد جعله نوعا مستقلا وهو النوع التاسع والعشرون " بيان الموصول لفظا المفصول معنى ". وأورد الزركشي والسيوطي عددا من الأمثلة على هذا النوع كما ذكر ابن الجوزي عددا من الأمثلة على هذا النوع في كتابه (النفيس) وهو أحد مصادر السيوطي كما في مقدمته وتصحفت إلى التفسير كما في المطبوع من الاتقان تحقيق أبي الفضل.
ومن الأمثلة قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) (آل عمران:7)
فقوله والراسخون مفصول عما قبله.حتى لا يتوهم أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله. أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة.
والأمثلة كثيرة ومعرفتها والوقوف عليها مهم. لذا أقترح أن ينبري لجمع هذا الآيات ودراستها تحت هذا النوع أحد الباحثين فإنه كما قال السيوطي " جدير أن يفرد بالتصنيف ".
والله أعلم.
كتب أخي الدكتور ناصر الصائغ هذه المشاركة أول ما انطلق الملتقى عام 2003م.
وقد كتبتْ الأخت خلود العبدلي بعد ذلك رسالتها الماجستير في الموضوع نفسه وطُبعت الرسالة ولله الحمد، فما أسرع الأيام نسأل الله حسن الختام.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jun 2010, 01:54 ص]ـ
الفضل لمن سبق بالكتابة والتذكير.
*********************
والشكر الجزيل لمن صنف وطبق وكتب.
أقصد الأخت الفاضلة خلود ـ وفقها الله.
**********************
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[08 Jun 2010, 04:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فبمعرفته يحصل حل إشكالات وكشف معضلات.ومن ذلك إشكال نسبة الإشراك لآدم وحواء في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف 189ـ190). فبمعرفة أن قصة آدم وحواء تنتهي بقوله تعالى (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) وأن ما بعده وهي قوله تعالى (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم الإصنام،ويدل على ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية.ولو كانت القصة واحدة لقال (عما يشركان).
والله أعلم.
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله،
أما بعد:
هذا المثال، لا أراه مناسبا في وجهة نظري للموضوع المطروح، ولا يخفى على المشايخ الكرام ما قاله ابن كثير في تفسيره لهذه الآية فهو كما رأيت في غاية الجودة، أما ما رجحه الطبري في تفسيره فقد جره إلى الترجيح بين القراءات:
فقد قال الطبري:
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (شركاء)،
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: "جَعَلا لَهُ شِرْكًا" بكسر الشين، بمعنى الشَّرِكَة. (1)
* * *
وقرأه بعض المكيين وعامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين: (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ)، بضم الشين، بمعنى جمع "شريك".
* * *
قال أبو جعفر: وهذه القراءة أولى القراءتين بالصواب، لأن القراءة لو صحت بكسر الشين، لوجب أن يكون الكلام: فلما أتاهما صالحًا جعلا لغيره فيه شركًا =لأن آدم وحواء لم يدينا بأن ولدهما من عطية إبليس، ثم يجعلا لله فيه شركًا لتسميتهما إياه ب "عبد الله"، وإنما كانا يدينان لا شك بأن ولدهما من رزق الله وعطيته، ثم سمياه "عبد الحارث"، فجعلا لإبليس فيه شركًا بالاسم.
فلو كانت قراءة من قرأ: "شِرْكًا"، صحيحة، وجب ما قلنا، أن يكون الكلام: جعلا لغيره فيه شركًا. وفي نزول وحي الله بقوله: (جعلا له)، ما يوضح عن أن الصحيح من القراءة: (شُرَكَاء)، بضم الشين على ما بينت قبل. أهـ
* * *
أما في المبسوط في القراءات العشر، لابن مهران فقد ورد ما يلي:
"قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم برواية أبي بكر (جعلا له شركاء) منونا بكسر الشين، وقرأ الباقون (شركاء) بضم الشين وفتح الراء، والمد والهمز." أهـ
هذا والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلود]ــــــــ[11 Jun 2010, 06:08 ص]ـ
لا شك أن لفضيلة د. ناصر الصائغ - شكر الله له- عليَّ فضلا من حيث لا يعلم.
ففضله عليَّ في التثبيت كفضل السيوطي - رحمه الله - عليَّ في التوجيه.
فأما السيوطي - رحمه الله - فقد وجدت بغيتي في تنبيهه وتوجيهه قبل البدء، فكان
وأما د. ناصر فقد سمت بكلماته همتي، وعلت بها عزيمتي بعد أن شرعت في الكتابة؛ إذ لم أقف على توجيهه الكريم من قبل.
وكم أسعدتني كلماته وثبتتني حين وقفت عليها.
وليتني أبصرت توجيهه، أو سمعته من غيره من قبل البحث؛ إذاً لاختصر ذلك عليَّ وقتا وجهدا
لكنها مشقة البحث
بل لذته
وليس اكتساب المال دون مشقة ......... تلقيتها فالعلم كيف يكون!(/)
أليس من العجيب ألا يفاد في هذا الموضوع إلى الآن؟!!
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 Sep 2003, 01:58 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، هذه كلمة أوجهها إلى أهل العلم على الملتقى من مشايخنا الكرام، أسأل الله تعالى أن يطيل في أعمراهم في مرضاته ـ آمين ـ و هي حول موضوع [جمع المصحف في عهد عثمان] في هذه الموضوع كثير من التساؤلات التي أنا على يقين بأن البعض من طلبة العلم على الملتقى متحيرون فيها، و مع اختلاطي بالطلبة في مصر وجدت أن بعضهم قد فهم شيئا معينا فيها، و لكنه غير مكتمل الصورة لديه، و بعضهم أرجأ البحث فيها ـ على أهميتها ـ و بعضهم سمع فيها فيها كلاما مجملا ـ غير مقتنع به من داخله من الجهة العملية ـ و لكنه أقنع نفسه به لكسله عن البحث ..... هكذا وجدت موقف الطلبة من هذه المسألة، و كنت أظن أنها من أوائل المسائل التي تطرح و تشرح و تناقش على الملتقى، و لكني أستغرب عدم الكلام فيها، و كأن المسألة من الوضوح بمكان، و لكن الحقيقة أن المسألة فيها الكثير من التساؤلات (ما نوع الخلاف الذي حدث على عهد عثمان؟) فكتاب يذكر أنه اختلاف في الأوجه و القراءات الصحيحة الثابتة، كما ذكره الزرقاني،و إن كان كذلك فما الذي صنعه عثمان، و إنما كان المنتظر في تلك الحال فقط أن يخبرهم بأن كل منهم قراءته صحيحة كما فعل النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ حين اختلف الصحابة، و قد ذكر الزرقاني أن ما وقع بين الناس في عهد عثمان هو من جنس ما وقع بين الصحابة في حياة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ فلماذا لا يكون العلاج من جنس العلاج؟ ....... و كتاب يذكر أن الخلاف وقع بسبب الجهل بما نسخ في العرضة الأخيرة كما ذكره الشيخ عبد الفتاح القاضي في كتيبه (تاريخ المصحف الشريف)
وأسألة أخرى كثيرة (ما الذي فعله عثمان بالضبط؟) (مصحف أبي بكر هل كان صحف أم مصحف؟) (و إن كان واحدا فكيف وقد اضطر عثمان إلى تعديد المصاحف لتعدد القراءات التي لا كيفية للجمع بينها؟) و الآن بين يدي مثلا مصحف بقراءة ورش أرى في سورة الفاتحة [[ملك يوم الدين]] فهل أقول بأن هذا المصحف الذي بيدي هو أحد المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الأمصار؟
وإن كان ذلك هو صنيع عثمان فيلزم من ذلك أن يجري عليه الخلاف الذي يجري في عدد المصاحف التي كتبها عثمان، و لكن الذي يظهر بقولي / هذا مصحف ورش أن المصاحف تعددت بتعدد القراءات و لا شأن هنا للخلاف الجاري في عدد المصاحف العثمانية، فيكون هذا صنيع آخر له شخص آخر؟
الكثير من التساؤلات في نفسي، و لا أخفي مشايخي سرا أنني قد ضاق صدري من جهلي بطريق ثبوت أعز شيئ عند المسلم، بل هو رمزه على الأرض و رايته التي يعرفه بها الكافرون .......
ماذا يكون موقفي لو كلمني أحد المستحمرين المعروفين بالمستشرقين في هذه المسائل، فيقول لي / لا تعرف كيف حافظ ربك على كتابك ثم تزعم أنك طالب ودارس
أنا أطلب من مشايخي و أسيادي المبجلين على الملتقى من أمثال الشيخ الدكتور الطيار أو الدكتور الدوسري، أن يفيدوا في هذه المسألة و لا يتركوا فيها سؤالا لسائل تماما كما فعل الدكتور الطيار في موضوع الأحرف السبعة فقد جاء فيه ببحث موف بالقصد
و من الممكن إذا كتب في الموضوع أن يغير السادة المشرفين عنوان الموضوع بما يروه مناسبا
و الحمد لله حمدا وافي نعمه و يكافئ مزيده
ـ[د. أنمار]ــــــــ[19 Nov 2006, 02:08 ص]ـ
الخلاف كان في رسم الكلمات القرآنية فمن قرأ بخلاف الأحرف المثبتة والموثقة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد خالف الإجماع الذي اعتمد على العرضة الأخيرة
ويستأنس بما في كتاب الْمَصَاحِفُ لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ، بَابُ اتِّفَاقِ النَّاسِ مَعَ عُثْمَانَ عَلَى جَمْعِ الْمَصَاحِفِ، قال رقم 38 ص 175 ج 1
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْأَرْحَبِيَّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُرُّ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا حُذَيْفَةُ قَالَ: وَلَيْسَ إِذْ ذَاكَ حَجَزَةٌ وَلَا جَلَاوِزَةٌ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ مَنْ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي مُوسَى فَلْيَأْتِ الزَّاوِيَةَ الَّتِي عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، وَمَنْ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلْيَأْتِ هَذِهِ الزَّاوِيَةَ الَّتِي عِنْدَ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ،
وَاخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَ هَذَا وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للْبَيْتِ وَقَرَأَ هَذَا: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)
فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ ثُمَّ قَامَ فَفَزرَ قَمِيصَهُ فِي حُجْزَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَذَاكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ يَرْكَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِمَّا أَنْ أَرْكَبَ، فَهَكَذَا كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَجَلَسَ فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا فَقَاتَلَ بِمَنْ أَقْبَلَ مَنْ أَدْبَرَ حَتَّى أَظْهَرَ دِينَهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ طَعْنَةَ جَوَادٍ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ فَكَانَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ طَعْنَةَ جَوَادٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ فَنَزَلَ وَسَطَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَهُ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ طَعْنَةَ جَوَادٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَ عُثْمَانَ وَايْمُ اللَّهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَطْعَنُوا فِيهِ طَعْنَةً تَخْلُفُونَهُ كُلَّهُ " *
قال محققه د. واعظ
فيه من لم أقف له على ترجمة، والأرحبي صدوق ربما أخطأ ولم أجد له متابعا.(/)
{قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} (هود 78)
ـ[عبد الله عبد الفتاح]ــــــــ[09 Sep 2003, 07:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله تبارك وتعالى.
وأشهد أنه لا إله إلا هو عز وجل، وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله.
اللهم صلي وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وعلى أصحابه، وعلى التابعين،وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،،،
يقول الحق تبارك وتعالى في سورة هود (الآية الكريمة رقم: 78):
بسم الله الرحمن الرحيم
" وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات. قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم. فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي. أليس منكم رجل رشيد * ".
استخدم المولي جل جلاله لفظ " هؤلاء " وهو عز وجل يتحدث عن بنات سيدنا لوط عليه السلام - في قول، أو بنات بعض المؤمنين في قول آخر- أيعني هذا أن هذا اللفظ " هؤلاء " يجوز استخدامه عند الحديث عن جمع المؤنث؟، كما استخدمه الحق جل وعلى في هذه الآية الكريمة مه لفظ بناتي؟ وهو لفظ مؤنث.
وشكرا واحتراما،،،
وأنهي حديثي بالصلاة والسلام على سيد الخلق قاطبة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه والتابعين.
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[11 Feb 2009, 10:58 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده،
وبعد،،،
العبارة في الآية الكريمة تقول "قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم"، المتأمل في هذه الآية يلحظ عدة أمور:-
أولها: استخدام اسم الإشارة "هؤلاء" للدلالة على الجمع، وهو يستخدم للمذكر والمؤنث على السواء.
ثانيها: يؤكد هذا الجمع كلمة "بناتي"، وهي جمع مؤنث سالم للمفرد "بنت"،
ثالثها: تأكيد ثالث للجمع "هن"، وهي تشير للمؤنث خاصة،
من هذه الأمور الثلاثة نستنتج أن نبي الله لوط عليه السلام لم تكن له بنتان كما تزعم التوراة، بل كان له أكثر من بنتان، أقل الجمع العددي ثلاثة.
رابعها: لو قال نبي الله لوط عليه السلام "هؤلاء بناتي" وسكت، لكان ذريعة لخصوم الإسلام أن يقولوا أنه كان يعرض بناته على القوم لارتكاب الفحشاء معهن، لكن قد خصص النبي لوط عليه السلام هذا العرض بقوله "هن أطهر لكم"
فلفظ الإشارة "هن" وإن كان يشير إلى البنات بخصوص السياق إلا أنه يشير إلى النساء بعموم الاستخدام، كم أن لفظ "أطهر" فيه إشارة إلى لزوم بذل الجهد في البحث عن الطيب وترك الخبيث، و استخدام صيغة التفضيل من قبيل متابعة الحوار على ما يظن الخصم لإفحامه بالحجة، وكأنه يقول لقومه " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم من الذكران إن كنتم تظنون أن هذا الفعل الفاحش من الطهر في شيء لكنه خبث مبين وأنتم تعلمون هذا"،
ولفظة "لكم" تتمم مضمون العلاقة الطبيعية بين الأنثى "هن" والذكر "لكم"، وهي "الطهر" وهذا الطهر هو الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة،
والآية وإن كانت تتحدث عن موقف النبي لوط عليه السلام من قومه وعرضه بناته عليهم للزواج لأنه أطهر من إتيان الذكران، إلا أنها تقيد أن الزواج الشرعي بما كان بين الرجل والمرأة بعقد شرعي، وعليه تُحرم الآية صراحة الزواج المثلي "ذكر من ذكر وأنثى من أنثى" المنتشر الآن في الغرب،
وإذا كان الشارع قد نص صراحة على عقوبة إتيان الذكران وهي الموت، فالقياس يقضي بتطبيق نفس العقوبة على المثليات من النساء، والجامع بينهما الخبث في كل، وهو نقيض الطهر الذي نصت عليه الآية هنا صراحة
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[18 Mar 2009, 11:57 م]ـ
( He said: O my people here are my daughters: they are purer for you) HUD:78
All praise be due to Allah Alone, Peace and Blessings be upon the Seal Prophet,
To commence,
Considering the above sentence of verse No. 78 in surah Hud (No. 11), we notice the following:-
1- Using the demonstrative pronoun in the plural form "these" which linguistically is used for both males and females.
2- This plural purport is further asserted by the feminine plural "my daughters",
3- Still the plural sense is stressed by the third feminine plural personal pronoun "they, i.e. daughters"
(يُتْبَعُ)
(/)
As a result, we confidently conclude that, unlike what the bible promotes, prophet Lut had more than two daughters, minimum linguistic plural in Arabic starts with "3",
4- Had prophet Lut said, "here are may daughters" only, the opponents to Islam would have insidiously accused him of offering his daughters for obscenity. To exclude this hoax, prophet Lut qualified his offer with clear cut words saying, "they are purer for you"
In fact, though the third feminine plural personal pronoun- i.e. they, contextually refers to the daughters, it is used generally for females. In addition, the expression "purer" stresses the importance of exerting efforts searching the pure and shunning the impure. The superlative form- purer- is used in a way to keep the argument as the opponent desires in order to overcome him with clear proofs at the end. Thus, as if the prophet tells his people, "Here are my daughters. They are purer for you than your sodomy, if ever you would think this obscene act to be pure. However, it is definitely impure and you really know this fact."
The expression "for you" fulfills the natural relation between females and males, that is purity which is legal marriage between marriageable man and woman.
Though the verse refers to prophet Lut's tale with his people, it denotes that the only possible type of marriage is that concluded legally between a man and a woman. Accordingly, all types of same marriages spread in the west now, male to male and female to female, are prohibited.
Hence, since the Law-giver has determined the penalty for sodomy, i.e. death sentence, the same penalty can be extended to lesbianism, as both crimes share the same effective cause, that is abomination and impurity.
May Allah guide us to the Right Path.
ـ[الحسين مطيع]ــــــــ[19 Mar 2009, 08:41 ص]ـ
هل تقصد اخي وليد ان لوط عليه السلام كان يعرض بناته من صلبه على قوم مجرمين كفروا به؟!!!!!!
من تفسير ابن كثير
قَالَ مُجَاهِد: لَمْ يَكُنَّ بَنَاته لَكِنْ كُنَّ مِنْ أُمَّته وَكُلّ نَبِيّ أَبُو أُمَّته. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ اِبْن جُرَيْج: أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوا النِّسَاء وَلَمْ يَعْرِض عَلَيْهِمْ سِفَاحًا وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر: يَعْنِي نِسَاءَهُمْ هُنَّ بَنَاته وَهُوَ أَب لَهُمْ وَيُقَال فِي بَعْض الْقِرَاءَات " النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ " وَهُوَ أَب لَهُمْ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَغَيْرهمْ وَقَوْله " فَاتَّقُوا اللَّه وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي " أَيْ اِقْبَلُوا مَا آمُركُمْ بِهِ مِنْ الِاقْتِصَار عَلَى نِسَائِكُمْ " أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُل رَشِيد " أَيْ فِيهِ خَيْر يَقْبَل مَا آمُرهُ بِهِ وَيَتْرُك مَا أَنْهَاهُ عَنْهُ.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Mar 2009, 04:11 م]ـ
قَالَ مُجَاهِد: لَمْ يَكُنَّ بَنَاته لَكِنْ كُنَّ مِنْ أُمَّته وَكُلّ نَبِيّ أَبُو أُمَّته. .
شكر الله للأخ وليد بيومي فوائده ولطائفة القيمة فقد أجاد وأفاد، ولعله مع الأخ حسين مطيع في أن المراد من " هؤلاء بناتي " نساء الأمة لا بنات نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ من صلبه وهو ملمح جدير بالإشادة وهو الصواب في هذه النقطة وبدايتكم معنا في الملتقى يا أخ الحسين بداية موفقة.
والله المستعان
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[19 Mar 2009, 06:49 م]ـ
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اطصفى،
وبعد،،،
المعلوم شرعا أن النبي إذا عرض أمرا على أحد فهو توجيه وأمر،
وعليه فإن نبي الله لوط كان يأمر هؤلاء القوم بالبحث عن الطيب الذي هو في متناولهم وترك الخبيث الذي ذهبوا إليه،
ولله در الدكتور خضر فيما ذكر أن المقصود نساء الأمة على وجه العموم، فالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم،
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[19 Mar 2009, 07:10 م]ـ
بارك الله فيك(/)
قالت: ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا
ـ[عبد الله عبد الفتاح]ــــــــ[09 Sep 2003, 07:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين.
وأشهد ألا إله إلا الله تبارك وتعالى، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله، الله صلى وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وعلى صحبه، وعلى التابعين، وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،،،
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة مريم (الآية الكريمة رقم 23)
بسم الله الرحمن الرحيم
" قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "
صدق الله العظيم
ما المقصود بلفظي "نسيا منسيا"، وسيدتنا سيدة نساء العالمين بنص القرآن الكريم وبالأحاديث النبوية الشريفة "مريم" عليهاوعلى ابنها ورسولنا أفضل سلام عندما قالت لفظ نسيا أكدته بلفظ منسيا ماذا كانت تقصد؟
بهذين اللفظين
وأنهي حديثي بالصلاة على سيد الخلق قاطبة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله، وعلى صحبه، وعلى التابعين.
ـ[الحاكم]ــــــــ[09 Sep 2003, 03:27 م]ـ
الأخ الفاضل
قول السيدة مريم عليها السلام (يا ليتني مت قبل هذا .. ) الآية ليس فيه تسخط ولا تعارض مع النهي عن تمني الموت
فقد ذكر بعض أهل العلم أن المعنى: انها تمنت الموت على حالة غير هذه الحالة، لما علمته من أن بني إسرائيل قوم بهت، وسوف يؤذونها ويتهمونها بما هي منه براء.
وقد صدق حدسها، وصح تخمينها، فكان ما أخبر عنه الباري سبحانه وتعالى ,
والله يحفظكم(/)
كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم للشيخ / محمد أبو شهبة
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Sep 2003, 07:37 ص]ـ
السلام عليكم
ما هو رأيكم في كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم للشيخ / محمد أبو شهبة وما هي الموضوعات التي تناولها وهل من تقييم عام له؟
ـ[ناصر المنيع]ــــــــ[12 Sep 2003, 02:49 ص]ـ
السلام عليكم اخي أبا صفوت .. اطلعت وقرات الكتاب المذكور وهو احد المراجع الحديثة المهمة في علوم القرآن وقد اقتبست منه عند تدريسي لمادة " علوم الفرآن " في الجامعة وقد ألفيته كتابا جامعا مفيدا ... وهو في الاصل مذكرات لطلبة الدراسات العليا قام بتنقيحها وجمعها حتى خرج هذا الكتاب.
وهو لم يتطرق الا لبعض علوم القرآن ... وتوسع فيما يتعلق بالأحرف السبعة والمصاحف العثمانية ... وحري بمن أراد أن يقرأ أو يكتب حول هذين الموضوعين أن يطالع الكتاب.
ويمتازالكتاب ان مؤلفه - رحمه الله - يعنى بايراد الشبه المتعلقه بالموضوع الذي يطرحه ويرد عليها بأسلوب علمي رصين مدعما بالدليل ويشترك في هذا مع الزرقاني صاحب " مناهل العرفان " لكنه مختصر وقد يخالف الزرقاني في بعض اختياراته وينبه على ذلك مثل ما اختاره في معنى الأحرف السبعة.(/)
المنسوخ من آيات القرآن الكريم (بحث مفيد للشيخ عبدالرحمن الشهري)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[09 Sep 2003, 05:52 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذا بحث مفيد للشيخ / عبدالرحمن بن معاضة الشهري وفقه الله، حرره الشيخ – كعادته – بما يسر الناظرين، والداعي إلى إبرازه هنا مع أنه مأخوذ من هذا الملتقى أمران:
1. أنه جاء بين ثنايا الردود على موضوع لأحد الإخوة، وسرعان ماتزحلق عن الصفحة الرئيسة.
2. أنه كتب قبل ثلاثة أسابيع أو أربعة فيما أظن، وذلك الوقت كان المنتدى يعاني من فترة البيات الصيفي، أما وقد عادت الطيور إلى أوكارها، وألقى الناس عنهم عصى الترحال، فكان من المناسب أن يعاد نشره في موضوع مستقل.
يقول جزاه الله خيرا:
موضوع النسخ من موضوعات علوم القرآن الكريم التي كتبت فيها مؤلفات كثيرة جداً في القديم والحديث، لأهميتها، ولما يترتب على معرفتها من الفهم الصحيح لكلام الله وخطابه.
وأفضل من كتب في موضوع النسخ في القرآن الكريم من المتقدمين أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ في كتابه (الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن) وقد حققه محمد بن صالح المديفر.
وأفضل من كتب في النسخ في القرآن من المتأخرين الدكتور مصطفى زيد رحمه الله في كتابه (النسخ في القرآن الكريم).
وقد كتب الدكتور عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي وفقه الله كتاباً في الآيات المنسوخة في القرآن الكريم عنوانه (الآيات المنسوخة في القرآن الكريم) وطبعته مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة ذكر فيه أن ما ثبت عنده نسخه من الآيات تسع آيات فقط، دخلها نسخ في سبعة موضوعات، ولم يجد آية اتفق العلماء على نسخها غير آية تقديم الصدقة لأجل النجوى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأما غيرها من الآيات ففيها خلاف.
وبهذا يتبين أن الآيات المنسوخة في القرآن الكريم - أخي الكريم- قليلة جداً في القرآن الكريم. وليست كما يصورها بعض من كتب في النسخ في القرآن أنها بالمئات. والسبب في الخلاف في النسخ والآيات المنسوخة عدم الاتفاق على مدلول النسخ بين المؤلفين في الناسخ والمنسوخ، وقد اشار إلى ذلك جملة من المؤلفين في الناسخ والمنسوخ، ومن أبرز من أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات.
والمتأمل في كتب الناسخ والمنسوخ يجدها بين إفراط وتفريط، فكثير منهم عدَّ من النسخ ما ليس بنسخ كالتقييد والتخصيص والإجمال، فلذلك جعلوا آية السيف بمفردها ناسخة لأكثر من مائة آية. وهناك قلة من العلماء منعوا القول بالنسخ في القرآن الكريم وأغلبهم من المعاصرين، وما ذكر عن منع أبي مسلم الأصفهاني القول بالنسخ تبين أنه خلاف لفظي، وأن التحقيق أنه لم ينكر القول بالنسخ، وإنما يراه من باب تخصيص الأزمان.
وهناك عدد من العلماء توسطوا وقبلوا النسخ بشروطه، وميزوا بينه وبين غيره من أساليب الخطاب وعلى رأس هؤلاء الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. ومن العلماء الذين تميزوا في هذا الباب الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره حيث حرر مسائل النسخ وآياته تحريراً بالغاً، وهو عمدة وحجة في هذا الباب.
كما كان الإمام ابن عبدالبر من أبرز العلماء الذين حرروا مسائل النسخ ومواضعه، وله في ذلك عبارات بليغة.
ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله، وهذه المسألة ينبغي أن تتقرر لدينا تماماً.
وكذلك لابد من التعارض بين النصين في الظاهر، أي أنه لا بد أن يكون الناسخ متضاداً مع المنسوخ.
وقد تعددت دعاوى النسخ في الكتب التي تعرضت لمسائل النسخ، وقد رتبها الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله على النحو التالي مبتدأً بأكثرها:
1. الدكتور مصطفى زيد، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (293) آية.
2. ابن الجوزي رحمه الله، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (247) آية.
3. السكري، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (218) آية.
4. ابن حزم، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (214) آية.
5. ابن سلامة، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
6. الأجهوري، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
7. ابن بركات، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (210) آية.
(يُتْبَعُ)
(/)
8. مكي بن أبي طالب، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (200) آية.
9. النحاس، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (134) آية.
10. عبدالقاهر، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (66) آية.
11. محمد عبدالعظيم الزرقاني / عدد الآيات المدعى عليها النسخ (22) آية.
12. السيوطي، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (20) آية.
13. الدهلوي، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (5) آية.
فهذه هي جملة الدعاوى، مع التنبه إلى أن كل من هؤلاء المؤلفين رحمهم الله لا يقبل هذه الدعاوى، بل كثير منهم يذكرها ويفندها.
فالدكتور مصطفى زيد رحمه الله هو أكثر من تعرض لقضايا النسخ وناقشها، وقد قرر في النهاية أنها لا تزيد عن ست آيات، علماً بأنه عند البحث أتى بـ (293) آية قيل بنسخها.
وكذلك العلامة ابن الجوزي رحمه الله عند مناقشة القضية جاء بـ (247) آية، ولكن بعد البحث قبل منها (22) آية فقط، ورد النسخ في (205) آيات، وقال: إن الصحيح أنها محكمة، وتوقف في الباقي وهو (20) آية، لم يبين فيها حكماً ولم يصرح بالنسخ إلا في سبعة مواضع فقط.
أما الزرقاني – رحمه الله – فقد تعرض لـ (22) واقعة قبل النسخ في (12) منها.
وأقل من قبل النسخ الإمام الدهلوي رحمه الله حيث قبله في خمس آيات فقط، وهي آية الوصية في النساء، وآية المصابرة الواحد للعشرة في الأنفال، وآية الأحزاب: (لا يحل لك النساء من بعد)، وآية المجادلة: (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وآية المزمل: (قم الليل إلا قليلاً) الآية.
أما الآيات التسع التي رجح الدكتور عبدالله الشنقيطي نسخها فهي على التوالي كالتالي:
1. الآية 12 من سورة المجادلة: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر). نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ... ). وهي الآية الوحيدة التي اتفق العلماء على نسخها وإن اختلفوا في سبب نزولها والناسخ لها، هل هي الزكاة، أو الآية التي بعدها، وهو رفع الوجوب المطلق، والخلاف لفظي على كل حال.
2. الآية 65 من سورة الأنفال: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون). وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم .. ). وقد فهم الصحابة هذه الآية على أنها ناسخة للتي قبلها، وصرحوا بالنسخ. وكذلك كبار المفسرين من السلف رحمهم الله صرحوا بكون هذه الآية منسوخة بالآية التي بعدها.
والقول بالنسخ هو الذي يمكن به التخلص من التناقض والإشكال، وأما بدون القول بالنسخ فلا نتخلص من الإشكال المانع من نسخها لكونها خبراً، وهو كون الآية ليست خبراً، وإنما هي أمر جاء في صورة الخبر كما ذكر ابن جرير الطبري وابن حجر العسقلاني رحمهما الله تعالى.
3. الآيات من سورة المزمل: (يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً* نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ... ). نسختها الآية التي في آخر السورة: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه .. الآية).
4. الآيتين (15 - 16) من سورة النساء: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيما). والذي نسخ حكم هاتين الآيتين هو قوله تعالى في سورة النور: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة .. ). وبالآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة). وبحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم: (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم). والإجماع الحاصل على أن هاتين الآيتين منسوختان.
5. الآية (240) من سورة البقرة، قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج). نسختها الآية المتقدمة عليها في نظم القرآن وهي قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً .. ).
6. الآية رقم (184) من سورة البقرة: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين). نسختها آية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
7. الآية (67) من سورة النحل: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً).
8. الآية رقم (219) من سورة البقرة: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما).
9. الآية رقم (43) من سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وهذه الآيات الثلاث الأخيرة دخلها نسخ بقوله تعالى في سورة المائدة: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).
هذا خلاصة ما ذكره الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله، ولمعرفة التفاصيل والأدلة والردود والأجوبة عليها، لا بد من مراجعة هذا الكتاب وبعض المراجع التي اعتمد عليها في بحثه وفقه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[10 Sep 2003, 11:01 ص]ـ
أحسنت يا شيخ خالد بإفراد هذا البحث الموفق، وكنت سأسأل -قريباً - عن بعض جوانب هذا الموضوع، فاستفدت بقراءة هذا البحث الماتع.
جزاكما الله خيراً، ونفع بكما.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Sep 2007, 04:55 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا عبدالعزيز على حسن ظنكم، وفي الحق إن موضوع النسخ من الموضوعات المهمة في علوم القرآن وإجادة الطالب للخلاصة فيه تعينه في كثير من المناسبات التي يتعرض فيها للتفسير وللسؤال. نسأل الله أن يفقهنا في كلامه.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[17 Sep 2007, 09:24 ص]ـ
الان يقوم فضيلة الدكتور البحاثة عداب الحمش بتاليف كتاب حول النسخ
ارجو ان يجد الباحثون المتعمقون فيه بغيتهم
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[18 Sep 2007, 02:10 م]ـ
ان عدد الكتب وكم المناقشات فى هذا الموضوع كبير جدا. وكوننا اختزلنا المسألة فى هذا العدد القليل من الآيات يثبت أن المسألة محض اجتهاد , ولا تثريب على من أنكرها بالكلية.
وما أتصوره كقول فصل فى المسألة هو ذلك القول الذى يرد على كل الشبهات المثارة ويكون لديه التجرد الكافى للحكم على المسألة لا مجرد عرض أقوال
وأولى الشبهات عندى هو الدلالة اللغوية لكلمة نسخ.فهى فى القرآن تعنى اثبات " انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون." ولو ظهرت شبهة بعكس ذلك ظاهريا فإنها تزول عند التحقيق إن شاء الله.فإنك لو قلت أن النسخة التى نسخت من أصل نسخته بمعنى أبطلت حكمه ومرجعيته لكانت " ... وفى نسختها هدى ونور "عطلت الأصل الذى أخذت منه التوراة ,وهو كما ترى ,
وما دعى الفقهاء إلى القول به فى بعض الأحكام ربما لخطأ فى الإجتهاد غفر الله لنا ولهم.ولأضرب مثل من هذه التسع المذكورة أعلاه.ما معنى أن آية تحريم الخمر نسخت " تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " هل السكر فى الآية هو الخمر المحرم, بالطبع لا وإنتاج السكر من الثمرات هل هو مذموم فإن قيل نعم بدلالة رزقا حسنا قلت ربما هذا أحسن بدلالة أنه ذكر فى معرض تعداد النعم فلا دليل على كونه الأسوأ. والله أعلم ,وهل هناك تكليف - لا تتخذوا - لكى يستبدل بحكم آخر
وكان من نتيجة القول بالنسخ أن ضاعت منا المعانى التى فى الآيه ولم نلتفت إليها مثل:عود الضمير فى منه حيث أن ما قبله جمع.وكذلك معنى كلمة السَكر والفرق بينها وبين السُكر ,وبينها وبين الخمر
واذا ما كان ذلك قد يؤدى الى رفع هذه من المنسوخات -كما رفع غيرها من قبل - فكذلك قد يتضح أن الباقيات غير ملغيات الأحكام. والمحصلة أنه لا نسخ .. والله أعلم.(/)
سؤال عن آية في سورة الزمر
ـ[محب أهل التفسير]ــــــــ[09 Sep 2003, 06:54 م]ـ
يقول الله تعالى ((وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العملين)). ذكر المفسرون عن المقصود بالأرض هنا وأنها أرض الجنة. ولكن إشكالي في تنوع التعبير عن الجنة بقولهم أورثنا الأرض ونتبوأ من الجنة آمل أن أكون صغت السؤال بطريقة واضحة وأسعدبتلقي إجابة السؤال.
ـ[أخوكم]ــــــــ[14 Sep 2003, 07:11 ص]ـ
ليتك تتكرم بارك الله فيك بتوضيح السؤال أكثر
ـ[محب أهل التفسير]ــــــــ[15 Sep 2003, 03:44 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي على اهتمامك. وإشكالي هو أن الله ذكر عن عباده المتقين أنهم يقولون ( ..... الذي أورثنا الأرض .. ) ولم يقولوا أورثنا الجنة رغم أن المقصود بالأرض هي أرض الجنة
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[15 Sep 2003, 11:00 م]ـ
السلام عليكم وبعد
فهذا التعبير من باب وضع الظاهر موضع المضمر، وهذا من أساليب البلاغة التي كثر استعمالها في القرآن، وفائدته هنا: الاستلذاذ بذكره، فقال تعالى (وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء) ولم يقل: منها، ولهذا عدل عن ذكر الأرض إلى الجنة وإن كان المراد بالآرض الجنة.
البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج2/ص487(/)
هل يوجد شيخ في مكة بهذا: الاسم،والوصف؟؟ (شيخ القراء)
ـ[المحيميد]ــــــــ[09 Sep 2003, 09:45 م]ـ
فقد طلب مني أحد الإخوة الوافدين، أن استفسر له:
عن شيخ يقال له: أحمد بن حامد آل ريدي التيجي.
ويلقب بشيخ القراء (هكذا قال)!.
ومقيم في مكة.
فمن كان عنده معلومات عن ماذكر في أعلاه، فليتفضل مشكورا في ذكرها، وكل ماكان بالتفصيل كان أفضل.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[09 Sep 2003, 10:41 م]ـ
الشيخ أحمد حامد التيجي رحمه الله، كان شيخ قراء مكة في القرن الماضي، وقد أشرف مع الشيخ عبدالظاهر أبو السمح على تصحيح ومراجعة مصحف مكة المكرمة المطبوع سنة 1369هـ بخط محمد طاهر الكردي على قواعد الرسم العثماني
ومن أبرز تلاميذه:
1 - الشيخ عبد العزيز عيون السود شيخ قراء حمص المولود سنة 1335 المتوفى أثناء صلاة التهجد في بيته قبل فجر يوم السبت 14 صفر 1399 قرأ عليه القراءات الأربعة عشر من طريق طيبة النشر و الفوائد المعتبرة
2 - الشيخ سراج محمد حسن قاروت من كبار قراء مكة المكرمة ولد عام 1313هـ وقرأ القراءات السبع على يد الشيخ أحمد التيجي وتوفي عام 1390هـ
ـ[المحيميد]ــــــــ[09 Sep 2003, 10:50 م]ـ
زادك الله علما نافعا، وعملا صالحا، وثبتك على طريقه المستقيم حتى تلقاه.
هذا ما أستطيع تقديمه لك.
ـ[الملثم]ــــــــ[12 Sep 2003, 02:05 م]ـ
هو العلامة المقرئ الشهير السيد أحمد بن حامد بن عبدالرزاق بن عَشْري بن عبدالرزاق بن حسين بن عَشْري بن أحمد بن عبدالباري الحسيني التيجي .. من ذرية الشيخ محمد أبي طاقة الريدي.
ولد في (أبي تيج) بمصر في شهر ذي الحجة سنة (1285) ونشأ في حجر والده .. واعتنى بحفظ القرآن وتجويده وقراءته.
أخذ عن:
1 ـ السيد أحمد زكوه من بلده (أبي تيج) .. حفظ عليه القرآن الكريم.
2 ـ والده السيد حامد التيجي .. حفظ عليه القرآن الكريم.
3 ـ الشيخ محمد سابق .. أخذ عنه القراءات السبع بالإسكندرية .. وأجازه في ذلك شفهيًا سنة وفاته .. سنة (1312هـ).
4 ـ الشيخ عبدالعزيز بن علي كحيل .. شيخ القراء .. أخذ عنه القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة .. وأجازه في ذلك شفهيًا وكتابة.
5 ـ الشيخ محمد علي الضباع .. شيخ القراء بالقاهرة .. أخذ عنه القراءات العشر من طريق الطيبة سنة (1344هـ) .. وأخذ عنه القراءات الأربعة المتممة الأربعة شر سنة (1345هـ) .. وأجازه في جميع ذلك شفهيًا وكتابةً.
وكانت أول رحلاته إلى الحجاز سنة (1316هـ) .. وأقام بالمدينة إلى سنة (1335هـ) .. ثم ذهب إلى الشام وأقام بحلب .. وصار يتردد منها إلى مصر في كل عام .. ويعود إليها.
وفي أوائل سنة (1347هـ) رحل إلى مكة بطلب من مؤسس مدارس الفلاح الشيخ محمد علي زينل علي رضا .. فعمل بالمدرسة المذكورة في شعبة حفظ القرآن الكريم.
أخذ عنه القراءات كثير من القراء المشهورين بمكة المكرمة، وصار به النفع العظيم .. منهم:
1 ـ أبو بكر أحمد بن حسين بن محمد الحبشي القاضي بمكة المكرمة .. قرأ عليه القرآن الكريم ختمة كاملة .. بقراءة الإمام عاصم بروايتي أبي بكر شعبة وحفص .. وختمة أخرى بقراءة ابن كثير بروايتي البزي وقنبل.
2 ـ الشيخ عبدالفتاح بن عبدالرحيم ملاَّ محمود الآقورغاني .. قرأ عليه القرآن الكريم عرضًا وسماعًا بالقراءات السبع من طريق الشاطبية.
3 ـ الشيخ عبدالعزيز محمد عيون السود .. أخذ عنه القراءات الأربع عشر.
4 ـ زيني بويان.
5 ـ محمد حسين عبيد.
6 ـ الشيخ محمد عبدالله الكحيلي.
7 ـ الشيخ أحمد حجازي .. أربعتهم تلقوا عنه القراءات السبع من الشاطبية.
وأخذ يتردد كذلك على بلده في بعض السنوات .. في شهر رمضان خاصة .. ثم يعود إلى مكة.
ثم توقف عن ذلك قبل سنة (1360هـ) .. وأصبح في بعض الإجازات المدرسية يتردد على المدينة المنورة.
وظل في مكة مدرسًا في مدارس الفلاح .. حتى وافاه الأجل المحتوم بداره في محلة أجياد ليلة الأربعاء ثاني شهر محرم سنة (1368هـ) .. وشيعت جنازته ضحوة يوم الأربعاء في جمع عظيم .. وصلي عليه بالمسجد الحرام .. ودفن بالمعلاة .. رحمه الله تعالى.
نقلاً عن (الدليل المشير إلى فلك أسانيد الاتصال بالحبيب البشير) صلى الله عليه وسلم (ص31 ـ 32)، أهل الحجاز (ص333)، أعلام المكيين (1: 327)، إمتاع الفضلاء بتراجم القراء (2: 21 ـ 23).
ـ[المحيميد]ــــــــ[17 Sep 2003, 09:51 م]ـ
أحسن الله إليك،
أخي الملثم،على هذا النقل الجميل
ـ[د. أنمار]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:02 م]ـ
يضاف عليهم
8 - الشيخ السيد علوي المالكي رحمه الله
9 - الشيخ السيد أمين كتبي رحمه الله، وكان يراه والدي حين قرأ أمام التيجي يجلس جلسة التلميذ أمام الشيخ
وقد ختما عليه السبع وأجازهما بها، وكان يوصيهما إن هو مات قبل ان يتما أن يتوجها إلى الشيخ حسن الشاعر شيخ القراء بالمدينة فهو أتقن من يوجد في الحجاز.
وأخبرني بعض أهل الشام أن بعضا ممن قرأ على الشيخ التيجي في حلب ما زالوا أحياء والخبر عند أهل حلب فليفيدنا من عنده أثارة من علم.
وقد سألت والدي -وكان له اتصال بالشيخ التيجي حين قرأ عليه عام 1364 هجرية- عمن يكون الشيخ سراج قاروت فأخبرني بأنه أحد القراء المشاهير في مكة وأنه كان له قراءات في الإذاعة قبل وجود التلفاز
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 Jan 2008, 04:52 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=734248#post734248(/)
كتاب ترجمان القرآن للسيوطي هل هو موجود مخطوطا أو مطبوعا
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Sep 2003, 09:52 م]ـ
السلام عليكم
كتاب ترجمان القرآن للسيوطي هل هو موجود مخطوطا أو مطبوعا
شكر الله لكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2003, 03:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب ترجمان القرآن للسيوطي رحمه الله يعتبر في عداد المفقود حتى الآن. حيث لم يعثر عليه من قبل أحد من الباحثين. وكنت قد ذكرت في مشاركة قديمة قصة أحد الإخوة الذي حدثني أنه قد عثر عليه في مكتبة بتركيا مخطوطاً واشتراه بمبلغ كبير من المال، ولكنه عند عودته من تركيا مر على القاهرة فأمسكت به السلطات هناك وصادرت الكتاب منه. ولكنني أشكك في صحة هذا الخبر مع حبي لصاحبي.
وقد ذكر السيوطي رحمه الله منهجه في كتابه (ترجمان القرآن) على وجه الاختصار في مقدمة كتابه: (قطف الأزهار في كشف الأسرار) ص 89: (وبعد فإن الله سبحانه، وله الحمد قد منَّ عليَّ بالنظر في علوم القرآن وحقائقه، وتتبع أسراره ودقائقه، حتى صنفت في تعليقاته كتباً شتى، منها التفسير الملقب (ترجمان القرآن) وهو الوارد بالإسناد المتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين شاهدوه وتلقوا منه الوحي والتنزيل، وسمعوا منه التفسير والتأويل، وقد تم - ولله الحمد - في خمس مجلدات، وهو مستوعب لغالب آيات القرآن من غير أن أذكر فيه شيئاً عن التابعين، ولا من بعدهم.
وهذا لعمري هو التفسير، فإن الكلام في معاني القرآن ممن لم ينزل عليه ولا سمع من المنزل عليه، إنما هو رأي محض، فإن كان موافقاً للقواعد فهو التأويل، وإن خرج عنها وأخطأ المراد فتحريف وتبديل) ثم نقل نقولاً تبين صحة رأيه هذا ثم قال عن كتابه ترجمان القرآن: (ولما كان هذا التفسير المشار إليه نقلاً محضاً، ليس فيه إعراب، ولا سر بياني، ولا نكتة بديعية، ولا استنباط حكم إلا نادراً أردفته بكتب في ذلك لتكون كالتتمة له، ويحصل بها تمام ما يراد من كتب التفسير، فأجل ما وضعت من ذلك: كتاب الإتقان في علوم القرآن، وهو كالمقدمة لمن يريد التفسير، وأكثره قواعد كلية، وفيه من الفوائد ما لم يجتمع في غيره ... الخ ما قال رحمه الله.
وبهذا يتبين أن كتاب ترجمان القرآن مقصور على تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير الصحابة، وهو مجرد من الآراء الخاصة بالسيوطي إلا في النادر، وليس فيه شيء عن التابعين رحمهم الله.
ـ[عبدالرحمن بن صخي]ــــــــ[11 Sep 2003, 10:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:-
كتاب ترجمان القرآن في تفسير المسند للسيوطي رحمه الله:
* طبع في مصر 1314هـ.
المرجع: دليل مخطوطات السيوطي للشيباني
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[11 Sep 2003, 12:48 م]ـ
جزاكما الله خير الجزاء
لكن كتاب دليل مخطوطات السيوطي أثبت الكتاب وأنه طبع لكن هل موجود مخطوط في أي دار من دور المخطوطات أو مطبوع في أي مكان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2003, 05:59 م]ـ
الإخوة الكرام أبا صفوت والأخ عبدالرحمن وفقهما الله لكل خير
لقد سعدت كثيراً بإشارة الأخ عبدالرحمن لما ذكره الشيباني في كتابه عن مخطوطات السيوطي وقد راجعت الفهرس المذكور فوجدته قد ذكره في كتب السيوطي المطبوعة تحت رقم 79 صفحة 211 من الطبعة الثانية 1416هـ. وهذا خبر جديد بالنسبة لي، حيث إن المشهور عند أهل التخصص أنه مفقود، فيا حبذا ممن يطلع على هذا الكتاب أن يفيدنا لأنه إن صح أنه هو كتاب ترجمان القرآن المقصود فهو من أهم كتب التفسير المسندة. وأنا أستغرب من عدم وجوده مطلقاً في أي مكتبة عامة في البلاد العربية، فهل يعقل أن يطبع مثل هذا الكتاب ثم يختفي بمثل هذه الصورة فلا يكاد يوجد ولو نسخة واحدة في مكتبة من المكتبات العامة في مصر أو السعودية أو سوريا أو تركيا أو غيرها من عواصم الإسلام. ولم نجد أحداً من العلماء رجع إليه في بحث خلال السنوات الماضية.
أرجو التأكد من هذه المعلومات ولو بالاتصال بالأخ الكريم محمد بن إبراهيم الشيباني وفقه الله.
سننتظر الردود ولعل الله يجعل فيها خيراً وبركة بالحصول على هذا السفر النفيس إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2003, 07:48 م]ـ
رجعت إلى كتاب: (الإمام السيوطي وجهوده في علوم القرآن) للدكتور محمد يوسف الشربجي ص 218 - 219 فإذا به يقول عن كتاب ترجمان القرآن للسيوطي:
(ترجمان القرآن: وهو في التفسير المسند، ذكره في حسن المحاضرة - أي السيوطي - وفي فهرست مؤلفاته، وقد أشار سركيس في معجم المطبوعات (1) وعبدالجبار عبدالرحمن في ذخائر التراث (2)، إلى أنه مطبوع بمصر سنة (1314هـ /1896م) وقد ذكر فيه ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم ذاكراً ذلك بالأسانيد، فلما رأى قصور الهمم عن تحصيله، ورغبة الناس في الاقتصار على المتن دون السند لخص منه كتاب (الدر المنثور).
وهذا الكتاب - أي ترجمان القرآن- لم يطبع وإنما المطبوع سنة 1314هـ، بمصر في المطبعة الميمنية هو الدر المنثور الذي هو مختصر ترجمان القرآن والله أعلم). انتهى كلام الشربجي.
فهذا يؤكد ما ذكرته من أن هذا الكتاب لم يطبع، ولا يوجد له مخطوطة معروفة في فهارس المخطوطات.
كما رجعت إلى كتاب (الإمام جلال الدين السيوطي فقيهاً ولغوياً ومحدثاً ومجتهداً) الذي حرره عدد من كبار العلماء المتخصصين والذي طبعته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. ففي ص 259 كتب الدكتور عبدالسلام محمد أبو النيل بحثاً بعنوان (السيوطي المفسِّر: مذهبه في التفسير، ميزة تفسيره، أثره في الدراسات القرآنية). وذكر في ثنايا بحثه أن كتابه ترجمان القرآن مفقود، وأن الموجود فقط هو الدر المنثور الذي هو عبارة عن مختصر من ترجمان القرآن. وقارن بينهما مقارنة جيدة في المنهج يحسن بالباحث الرجوع إليها.
ولا زال لدي أمل في الحصول على ترجمان القرآن إن شاء الله. فمن يبشرني بالحصول عليه وأعطيه البشارة؟
ـــــــــــــ
(1) معجم المطبوعات العربية 1/ 1077
(2) ذخائر التراث العربي الإسلامي 1/ 593
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[12 Sep 2003, 02:27 ص]ـ
أرجو التفضل علي بإعلامي بالجديد حول هذا الكتاب
ـ[العامر]ــــــــ[24 Jun 2006, 05:36 م]ـ
ننتظر الجديد حول الكتاب ....
وايضاً اين يمكن ان اجد كتاب: (قطف الأزهار في كشف الأسرار) ........
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2006, 06:50 م]ـ
لا جديد حول (ترجمان القرآن).
وأما (قطف الأزهار) فطبع عام 1414هـ في وزارة الأوقاف القطرية، ويقومون في الوزارة بتوزيعه مجاناً لمن استطاع إليهم سبيلاً.
ـ[العامر]ــــــــ[24 Jun 2006, 08:40 م]ـ
لا جديد حول (ترجمان القرآن).
وأما (قطف الأزهار) فطبع عام 1414هـ في وزارة الأوقاف القطرية، ويقومون في الوزارة بتوزيعه مجاناً لمن استطاع إليهم سبيلاً.
اخي عبدالرحمن ... الله يعطيك العافية.
فعلاً هذا تلاعب بالتراث ....... اكثر من عشر سنوات محبوس لدى وزارة الأوقاف القطرية ولا يتم طرحه .....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jun 2006, 01:23 ص]ـ
أخي العامر حفظك الله ورعاك
وزارة الأوقاف القطرية لها جهود رائعة في خدمة التراث، وهم لا يضنون به على من يطلبه منهم. فحاول طلبه وسترى ما يسرك إن شاء الله، وأظن كلمة (تلاعب) مُرَّةً قليلاً حفظك الله ورعاك، ولستُ متأكداً من عدم بيعه، فربما يكون يباع في المكتبات أيضاً.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 Jun 2006, 02:54 م]ـ
(لا زال لدي أمل في الحصول على .... ) صوابه: (لا يزال لدي ... )؛ لأن (لا زال) خصوها بالدعاء، كقولنا: لا زلت على خطى الأبرار يا أخانا الكريم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jun 2006, 05:02 م]ـ
أحسنت أحسن الله إليك يا أستاذ منصور، وأعدك أن أتنبه لهذا الخطأ مستقبلاً إن شاء الله.
قل: لا يزال لدي أملٌ.
ولا تقل: لا زال لدي أملٌ.
ولا زالَ مُنهلاً بجرعائكَ - يا أستاذ منصور - القطرُ
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 Jun 2006, 11:38 م]ـ
بالله الذي لا رب غيره إني لأغبطك على أدبك وتواضعك في قوم كرام في هذا الملتقى ف (يا ليتني كنت معهم فأفوزَ فوزا عظيما).
ـ[د. أنمار]ــــــــ[27 Jun 2006, 02:18 ص]ـ
. وكنت قد ذكرت في مشاركة قديمة قصة أحد الإخوة الذي حدثني أنه قد عثر عليه في مكتبة بتركيا مخطوطاً واشتراه بمبلغ كبير من المال، ولكنه عند عودته من تركيا مر على القاهرة فأمسكت به السلطات هناك وصادرت الكتاب منه. ولكنني أشكك في صحة هذا الخبر ....
.
يبدو أنه نفس الشخص الذي حدثني بقصته تلك، ولم أصدقه بدليل أنه ذكر في أحد كتبه أن لديه 3 نسخ مخطوطة، ثم تبين أنها واحدة بعد مضي دقيقتين فقط من حديثه.(/)
حدائق الروح والريحان .... أين أجده!!!
ـ[سامي الباتلي]ــــــــ[10 Sep 2003, 12:49 ص]ـ
في مكتبة الحرم النبوي شدني هذا التفسير وهو لإحد المعاصرين و هو الشيخ محمد الهرري المدرس في دار الحديث الخيرية في مكة المكرمة!!
و هذا التفسير يقع في أكثر من ثلاثين مجلد!!!
و العجيب أني سألت عن هذا التفسير في بعض المكتبات و لم أجده بل إنهم لم يسمعوا به!!!!
و يتعجبون غاية العجب عندما يعلمون عدد أجزائه ....
فأين أجد هذا التفسير؟
و هل هناك قراءة لهذا التفسير في أي من المنتديات؟
بارك الله في الجميع ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Sep 2003, 02:51 م]ـ
أخي الكريم سامي الباتلي وفقه الله مرحباً بك وبسؤالك في ملتقى التفسير.
وأما الكتاب الذي سألت عنه فهو كتاب جيد في التفسير وفيه طول، وهو متوفر لدى مكتبة العبيكان. رأيته في المركز الرئيسي في الرياض وفي فرع المدينة المنورة وفي فرع أبها. وثمنه حوالي 600 ريال تنقص قليلاً مع التخفيض إن كان هناك تخفيض. وقد قرأت أغلب ما كتبه في تفسيره فلعل الله أن ييسر الكتابة حول بعض مميزات هذا الكتاب لاحقاً إن شاء الله تعالى. ومؤلفه من علماء مكة المعاصرين المشهورين وفقه الله.(/)
لأقوياء الملاحظة في النحو
ـ[أبو علي]ــــــــ[10 Sep 2003, 11:07 ص]ـ
كثيرا ما نسمع المشككين في بلاغة القرآن يتهمون القرآن بالأخطاء النحوية وغيرها، ولقد جاؤوا عند قوله تعالى في سورة المائدة:
إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخروعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقفوا عند كلمة (الصابؤون) واعتبروها خطئا نحويا، إذ يجب أن تقرأ وتكتب (الصابئين) لأنها منصوبة بحرف (إن) لأنها اسمها.
المفسرون لم يعطوا تفسيرا يزيل ذلك الإلتباس، لكننا يمكننا الوصول إلى معرفة سبب ذلك إذا دققنا الملاحظة.
عودوا إلى الآية 69 من سورة المائدة وتدبروها جيدا ستجدون إذا كنتم أقوياء الملاحظة أن الصحيح هو أن تقرأ وتكتب (الصابئون)
والخطأ أن تقرأ وتكتب (الصابئين).
بانتظار ملاحظاتكم.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[10 Sep 2003, 03:27 م]ـ
الأستاذ أبا علي
ستجد تحريج هذا تحت:
جمع أبو بكر الصدّيق - رضي الله عنه - القرآن مشتملاً على سبعة الأحرف التي أذن الله بها للأمة في التلاوة بها، ثم كان لكثير من الصحابة مصاحف وكذلك التابعين، وفيها ماصح سنده وثبتت تلاوته ووافق العربية، ولكن اختلف بعضها عن بعض، حتى كان المعلم يعلم تلاوة الرجل، والمعلم يعلم تلاوة الرجل، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون ويختلف القراء من اهل العراق والشام، وهذا الاختلاف أغضب حذيفة، رضي الله عنه، حتى احمرّت عيناه، ففزع إلى عثمان، رضي الله عنه، فشرح الله صدره لجمع القرآن، فجمع الأمة على حرف واحد ورسم واحد، ما عدا اختلافات أحصاها المشتغلون بالدراسات القرآنية، وكا خاليًا من النقط والشكل، ثم بعث بالمصاحف إلى الأمصار، وأمر أهل كل مصر أن يقيموا مصاحفهم على المصحف المبعوث إليهم، فأصبحت قراءة كل مصر تابعةً لرسم مصحفهم. وقد منع عثمان - رضي الله عنه - القراءات بما خالف خطها، وساعد على ذلك زهاء اثني عشر من الصحابة والتابعين، واتبعه على ذلك جماعة من المسلمين بعده، وصارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة وخطأ، وإن صحت ورُويت، كما في (الإبانة) لمكي.
وليس لنا إلى إنكار شيء من القرآن من سبيل، بعد هذا الرسم الذي أجمعت عليه الأمة، وأصبحت القراءة بما يخالف الرسم، وإن وافق العربية وصح سنده، كالذي جاء في مصاحف الصحابة والتابعين، شاذةً، لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه، فلا تجوز القراءة بها، لا في الصلاة ولا في غيرها. وذكر القرطبي 17/ 208 أن عليًا - رضي الله نه - قرأ: (وطلع منضود) بالعين، وقرأ: (ونخل طلعها هضيم) وهو خلاف المصحف، وقرئ بين يديه (وطلح منضود) فقال: وما شأن الطلح؟ إنما هو (وطلع منضود)، ثم قال: لها طلع نضيد، فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يُهاج القرآن ولا يُحوّل. فاختار هذه القراءة، ولم يرَ إثباتها في المصحف، لمخالفة ما رسمه مجمع عليه، وقدذكر بعض المستشرقين (جولدتسيهر) في (مذاهب التفسير الإسلامي) أن سبب اختلاف القراءات هو أن الخط العربي الذي كتب به المصحف كان خاليًا من النقط والشكل، وهذا ما أدى إلى الاختلافات النحوية والمعنوية. ورأيه هذا يهدم النقل عن الأئمة القراء، وينكر صلة هذه القراءات بالسند عن رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
في تأويل مشكل القرآن ص50 لابن قتيبة، رحمه الله: باب ما ادُّعي على القرآن من اللحن
ذكر فيه حديث عائشة وحديث عثمان، رضي الله عنهما، في اللحن في القرآن والخبران فيهما إرسال، ففي خبر عثمان عن قتادة عن عثمان، ولا يُعرف من بينهما، وفي خبر عائشة لا يُعرف حال مَن دون هشام بن عروة من الرواة، وقد شكك الباقلاني في (الانتصار) 2/ 533 في الخبرين، على أن هشام بن عروة ثقة فقيه ربما دلّس.
وقال الزمخشري في (الكشاف) 1/ 582: " ولا يُلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنًا في خط المصحف، وبما التفت إليه مَن لم ينظر في الكتاب، ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وغُبّي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدَّها من بعدهم، وخرْقًا يَرْفُوه من يلحق بهم ".
والمفسرون - رحمهم الله - لم يغفلوا تخريج هذه الآية، ولا غيرها، وقد ذكر السمين في (الدرّ) 4/ 353 - 362 تسعة أوجه لتخريج الرفع في آية المائدة، أرى أن أوجهها رأيان: الأول: قول جمهور البصريين سيبويه والخليل وأتباعهما أنه مرفوع بالابتداء، والنية به التأخير، والخبر محذوف لدلالة خبر الأول عليه. قال سيبويه:" وأما قوله، عزّ وجلّ (والصابئون) فعلى التقديم والتأخير، كأنه ابتدأ على قوله (والصابئون) بعدما مضى الخبر " والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا .... مَن آمن .. والصابئون كذلك، كما تقول: إن زيدًا وعمرٌو قائم. قال ضابئ البرجمي:
فمن يكُ أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيارٌ بها لغريبُ
والثاني: أنه معطوف على محل اسم (إن) لأنه قبل دخولها مرفوع بالابتداء، فلما دخلت عليه لم تغير معناه، بل أكدته، و (إن) تخالف أخواتها في أنها لا تغيّر معنى مدخولها،بل
تؤكده فقط، أما غيرها فتنقل الخبر إلى غير الخبر، فـ (كأنّ) تنقله إلى التشبيه، و (ليت) إلى التمني ... وهكذا، وأنت إذا قلت: زيدٌ قائمٌ صلح في جوابه صدق وكذبَ، وإذا قلت: ليت زيدًا قائم، لم يُقل فيه صدقَ ولا كذب، ومثلها: لعل، وكأنّ. أما (إن) فإنها تؤكد المعنى لا غير، فلا فرق بين قولك: إن زيدًا قائم، وقولك: لزيد قائم، إلا تأثير اللفظ، ولا حظ له في المعنى. وهذا نص عليه ابن أبي الربيع في (البسيط) في باب (إن)، وذكره ابن قتيبة في (تأويله).
ويجدر بالذكر أن أُبيًّا وعثمان بن عفان وعائشة - رضي الله عنهم - والجحدري وسعيد بن جبير - رحمهما الله - وجماعة كانت قراءتهم: والصابئين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 Sep 2003, 11:31 ص]ـ
أخي الأستاذ خالد الشبل
شكرا لمداخلتك وبيان ما قيل في إعراب (الصابؤون).
في الحقيقة أن هذه المسألة الإعرابية ومسائل أخرى في القرآن طرحها النصارى العرب في موقع لهم نقلها أحد الإخوة إلى منتدى إسلامي.
وبالرجوع إلى التفاسير لاحظت أن المفسيرين لاحظوا فقط الإعراب في (الصابؤون) ولم ينتبهوا إلى ما هو أهم من ذلك ألا وهو التوكيد بحرف (إن).
والتوكيد لا يكون إلا لمن يستحق التوكيد، فإذا كنت تخاطب إثنين أو ثلاثة من أصدقاءك وتريد أن تخبرهم بشيء يخصهم فهؤلاء فقط هم الذين يحتاجون أن (تأكد) لهم الخبر أما من لم يكن حاضرا فلا يحتاج خبره لتوكيد.
إذن فالمخاطب هو الذي يحتاج للتوكيد، وبالرجوع إلى ما قبل الآية 69 من سورة المائدة نجد ما قبلها من آيات تخاطب الذين آمنوا وتخاطب أهل الكتاب وتتكلم عن الذين آمنوا وعن أهل الكتاب،
فكم مرة وردت (يا أيها الذين آمنوا) وكلام كثير عن اليهود والنصارى إلى أن قال تعالى في الآية 68 (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل).
إذن فالكلام والخطاب قبل الآية 69 موجه فقط للذين آمنوا ولأهل الكتاب = الذين هادوا والنصارى، فهؤلاء فقط هم الذين يحتاجون للتوكيد،
أما الصابئون فلم يكن الكلام عنهم ولا الخطاب كان موجها إليهم، فهؤلاء (الصابئون) لا يحتاجون للتوكيد بإن، إذن فمن الصواب أن يأكد ل (الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى) ومن الصواب أن ترفع (الصابئون) بالواو لأنها لا يشملها التوكيد بحرف التوكيد والنصب (إن).
ـ[أخوكم]ــــــــ[14 Sep 2003, 06:56 ص]ـ
الأخ " أبو علي " حفظه الله من كل سوء
كيف تكون كلمة " الصابؤون " مرفوعة؟
هل من الممكن أن تغير مواضع الكلمة في الجملة حتى تُفهم أكثر؟
وهل هناك ما يشهد لصحة كلامك من القرآن أو كلام العرب؟
ـ[أبو علي]ــــــــ[15 Sep 2003, 10:22 ص]ـ
حفظك الله وسلمك من كل مكروه.
من هم الصابئون؟
سبق ذكر هؤلاء في سورة البقرة في آية مشابهة لآية سورة المائدة وتكاد تكون كأنها نفس الآية مكررة إلا أن في آية سورة البقرة جاءت كلمة (الصابئين) منصوبة بياء جمع المذكر السالم لأنها منصوبة بحرف التوكيد والنصب (إن)، وجاءت) معطوفة على كلمة (النصارى، بينما في آية سورة المائدة جاءت كلمة (الصابئون) مرفوعة بالواو وعطفت عليها (النصارى).
لماذا تم توكيد كلمة (لصابئين) في سورة البقرة ب (إن) ولم تؤكد في المائدة؟
لأن سورة البقرة تعتبر ملخصا للقرآن، والخطاب موجه لكل الناس في قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وسورة البقرة بينت للناس القصة التي تهم كل الناس ألا وهي قصة خلق الإنسان واستخلافه في الأرض من بعد أن مر بتجربة إغواء الشيطان، إذن فهي سورة تبين الهدى لكل الناس
الذين يبحثون عن التقوى (هدى للمتقين) فكان من الحكمة أن تتناول سورة البقرة كل سبل التقوى.
نعود إلى آية سورة البقرة لنعلم من هم الصابئون،
قال تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) الآية 62 البقرة.
لو كان الصابئون هم الذين كانوا يعبدون الكواكب والنجوم كما قال بعض المفسرين فكيف نقول في البوذيين من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا؟ وماذا عن الهندوس والبراهمانيين والهنود الحمر وغيرهم من أمم الأرض؟ أليس هؤلاء ناس؟ ألا يكون جزاء كل إنسان آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا هو: أجره عند ربه ولا
خوف عليه ولا هو يحزن مهما كان هذا الإنسان!!
إذن فالناس قسمان:
منهم من ينتسبون إلى دين سماوي لهم كتب سماوية وهؤلاء هم:
الذين آمنوا (أهل الكتاب):القرآن)
والذين هادوا والنصارى (أهل الكتاب): التوراة والإنجيل.
والقسم الثاني من الناس لا ينتسبون لأي دين سماوي ليسوا أهل كتاب، وهؤلاء هم المعبر عنهم بكلمة (الصابئين)، فالبوذيون والهندوس والوثنيون وكل شعوب العالم التي لا تنتسب إلى الإسلام ولا إلى اليهود ولا إلى النصارى تعتبر صابئة.
أكتفي بهذا وسأعود لأجيب عن سؤال أخي (أخوكم) متى أصلحت
جهاز حاسوبي.أخي (أخوكم).
ـ[أبو علي]ــــــــ[19 Sep 2003, 09:15 ص]ـ
الأخ * أخوكم*
(يُتْبَعُ)
(/)
في كلام كل الناس وليس فقط في كلام العرب لا يخص الذكر والتوكيد إلا الأولى به. مثلا:
المعلم أو الأستاذ يتوجه إلى تلاميذه قبل الامتحان قائلا:
إن الطالب المجتهد الذي يذاكر دروسه هو الذي سينجح في الاختبار.
لا شك أن المعني بتوكيد الكلام هو الطالب المجتهد وليس الطالب الكسول، مع العلم أن الطالب الكسول إذا اجتهد وذاكر دروسه ينجح هو الآخر. فإذا أراد الأستاذ أن يتكلم عن التلميذ الكسول بعد ذلك فإنه يقول: والتلميذ الكسول إذا ذاكر دروسه جيدا ينجح,
مثل آخر:
رئيس الدولة أو الملك إذا أصدر أمرا بأنه سيعاقب كل من يخالف دستور البلاد، من هم الذين أولى بعدم مخالفة الدستور؟
لا شك أنهم الوزراء والمقربون والذين هم على رأس الدولة هم أولى بعدم مخالفة الدستور، وهؤلاء هم أولى بالتوكيد.
لنعد إلى الآية: إن الذين آمنوا والذين هادوا) التوكيد هنا للذين أوتوا الكتاب (القرآن) وللذين أوتوا الكتاب (التوراة)، هؤلاء وهؤلاء كتبهم تأمرهم بالإيمان بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات، وهو تذكير بإيمان الفطرة، والإنسان بفطرته السليمة حتى ولو كان ليس من أهل كتاب (صابئ) إذا استعمل عقله استعمالا سليما فإنه يهتدي إلى أن هذا الكون له خالق وأن الموت ليس هو نهاية كل شيء بل لا بد أن بعده يوم آخر يحاسب فيه الإنسان على ما قدم في حياته الدنيا.
أما النصارى فإنهم خالفوا إيمان الفطرة وخالفوا التوراة التي هي كتابهم مثل ما هو كتاب اليهود والله في زعمهم هو المسيح. إذن فالإيمان بالله واليوم الآخر أقرب إلى الصابئ من النصراني لأن الصابئ مازالت فطرته سليمة إن هو استعملها أما النصراني فاعتقاده في المسيح ناقض به ما فطره الله عليه، ولذلك جاءت كلمة (الصابؤون) قبل كلمة (النصارى) في آية سورة المائدة.
نستخلص من آية سورة المائدة أن التوكيد (للذين آمنوا وللذين هادوا) ,
وأما (الصابؤون والنصارى) فهما معطوفان عطف جملة على جملة وليس عطفا في التوكيد، فكأن المعنى هو كالتالي:
إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون
والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
لكن الآية تجنبت هذا التكرار وجاءت كما هي في سورة المائدة،
وكلمة (النصارى) لو جاءت معطوفة على (الذين هادوا) قبل (الصابؤون)
لما عرفنا إن هي شملها التوكيد ب (إن) أم لم يشملها لأنها من الجمع الذي لا يتأثر بحركات الإعراب (الرفع والنصب والجر).
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 Sep 2003, 12:25 ص]ـ
جزاك الله كل خير أخي الكريم (أبو علي)
ما قصرت الله يعطيك العافية شرح وإيجاز ودليل
وأثني بالشكر للأخ الفاضل خالد الشبل الذي ما قصر
افدتمونا كثيرا بارك الله فيكما
ـ[ايمان يحيي]ــــــــ[25 Sep 2003, 08:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ... وأرجو أن تكثروا من موضوعات النحو فقد استفدت من هذا الموضوع كثيرا ... وبارك الله فيكم.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[25 Sep 2003, 04:41 م]ـ
الأخت الكريمة
لكِ أن تزوري منتديات الفصيح لعلوم اللغة العربية ( http://www.alfaseeh.com/vb/index.php?s=)
ـ[ايمان يحيي]ــــــــ[27 Sep 2003, 11:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك يوم القيامة(/)
سؤال عن آيات الأحكام في سورة البقرة
ـ[شاكر سليم صالح]ــــــــ[10 Sep 2003, 12:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اريدان اعرف ايات الحكم في سورة البقرة مع تفسيرها(/)
هل قراءة ورد يومي من القرآن واجبة؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[10 Sep 2003, 08:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل قراءة ورد يومي من القرآن واجبة؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Sep 2003, 10:36 م]ـ
إن كنت تقصد على وجه العموم
فمن المعلوم أن المصلي يجب عليه قراءة الفاتحة في الصلاة.
أماإن كنت تعني هل يجب ان يقرأ وردا بقصد التلاوة فلا اعلم بوجوبه لكن تعلم أنه قد ورد في فضل تلاوة القرآن نصوص كثيرة موجودة في مظانها.(/)
سؤال عن المحرر الوجيز لابن عطية
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[10 Sep 2003, 08:56 م]ـ
الأخوة الفضلاء داخل المملكة وخارجها وخاصة بلاد المغرب. أرجوا إفادتي عن الكتب والرسائل العلمية التي تحدثت عن منهج ابن عطية الأندلسي في التفسير أوعن تفسيره المحرر الوجيز. وهل هناك أحد قام بجمع ترجيحاته في التفسير. وهل أتم مشروع جمع ترجيحاته في جامعة الامام حيث أعلم أنه نوقشت رسالة علمية لترجيحات ابن عطية في التفسير بجامعة الامام من أول الكتاب إلى نهاية (أظن) الحزب الأول من السورة نفسها.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2003, 11:55 م]ـ
أخي الكريم ناصر الصائغ وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
1 - فهناك رسالة ماجستير مطبوعة قديماً كما تعلم وفقك الله بعنوان: (منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم). للدكتور عبدالوهاب فايد. المدرس بكلية أصول الدين بالأزهر. وهي من منشورات المكتبة العصرية بلبنان. وقد طبعت عام 1393هـ وقد كتبها قبل أن يطبع تفسير ابن عطية رحمه الله.
2 - وهناك رسالة أخرى بعنوان: (الدراسات النحوية في تفسير ابن عطية) للدكتور ياسين جاسم المحيمد.
3 - وهناك رسالة ماجستير بعنوان: (ابن عطية المفسر ومكانه من حياة التفسير في الأندلس) لعبدالعزيز زهيري. كلية الآداب بالاسكندرية عام 1960م.
وأما ما سألت عنه في جامعة الإمام فسوف أقوم بالتحقق من ذلك إن شاء الله قريباً وفقك الله.
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[13 Sep 2003, 11:26 م]ـ
جزاك الله خيرا على ما أفدته وبارك الله في علمك وفي عملك.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[20 Jan 2010, 10:04 م]ـ
هل من جديد؟
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[20 Jan 2010, 11:09 م]ـ
هناك رسالة قيمة قيد الإنجاز وهي (استدراكات الإمام ابن عرفة على تفسير ابن عطية) من خلال تقييد الأُبي والبسيلي.(/)
الرسائل الجامعية المطبوعة في التفسير وعلوم القران ... الكل يشارك
ـ[الراية]ــــــــ[10 Sep 2003, 09:42 م]ـ
من باب الفائدة من هذه الرسائل العلمية التي بذل فيها الجهد من البحث والسؤال وغير ذلك ... احب ان يذكر كل واحد منا ماوقف عليه من الرسائل (ماجستير او دكتوراة) المطبوعة في هذا الموضوع التفسير وعلوم القرآن ...
ولعلي أذكر ما وقفت عليه .... ومن الله نستمد العون
1 - الامام المتولي (ت:1313هـ) ... وجهوده في علم القراءات
للشيخ/ د. ابراهيم الدوسري
الناشر: مكتبة الرشد في مجلد واحد
2 - التفسير اللغوي في القرآن الكريم
للشيخ/ د. مساعد الطيار
الناشر/ دار ابن الجوزي في مجلد واحد
3 - منهج ابن كثير في التفسير
للشيخ/د. سليمان اللاحم
الناشر / دار المسلم في مجلد واحد
4 - تفسير التابعين ... عرض ودراسة وموزانة
للشيخ/د. محمد بن عبد الله بن علي الخضيري
الناشر/ دار الوطن في مجلدين
5 - قواعد التفسير ..... جمعً ودراسة
للشيخ/د. خالد بن عثمان السبت
الناشر/ دار ابن عفان في مجلدين
6 - قواعد الترجيح عند المفسرين ..... دراسة نظرية تطبيقية
للشيخ/ د. حسين بن علي بن حسين الحربي
الناشر/ دار القاسم في مجلدين
7 - القراءات وأثرها في التفسير والاحكام
للشيخ/د. محمد عمر سالم بازمول
الناشر/ دار الهجرة في مجلدين
8 - المقارنة بين منهجي الامامين ابن جرير و ابن كثير في التفسير
للشيخ/ محمد مختار بن طالب بن محمد آل نوح
الناشر/ دار ماجد عسيري في مجلد
9 - علوم القرآن بين البرهان وبين الاتقان .... دراسة مقارنة
للشيخ/ حازم سعيد حيدر
الناشر/ مكتبة دار الزمان بالمدينة النبوية في مجلد واحد.
10 - تحقيق ((العجاب في بيان الاسباب)) لابن حجر العسقلاني
للشيخ/د. عبد الحكيم محمد الأنيس
الناشر/ دار ابن الجوزي في مجلدين
11 - تحقيق ((ملاك التأويل القاطع بذوي الالحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل))
للامام الحافظ العلامة احمد بن ابراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي (ت:708هـ)
للشيخ/د. سعيد الفلاّح
الناشر/ دار الغرب الاسلامي في مجلدين
12 - الامام الشوكاني مفسراً
للشيخ/د. محمد حسن الغماري
الناشر / دار الشروق في مجلد واحد
13 - تحقيق ((العمدة في غريب القران)) لـ الامام مكي بن طالب القيسي (ت:437)
للشيخ/د. يوسف المرعشلي
الناشر / مؤسسة الرسالة .... في مجلد واحد
14 - تحقيق ((نزهة الاعين النواظر في علم الوجوه والنظائر)) للحافظ ابن الجوزي (ت:597)
للشيخ / محمد عبد الكريم كاظم الراضي
الناشر/مؤسسة الرسالة في مجلد واحد
15 - النظم القرآني في آيات الجهاد
للشيخ/د. ناصر بن عبد الله بن ناصر الخنين
الناشر/ مكتبة التوبة في مجلد واحد
16 - الامام السيوطي وجهوده في علوم القرآن
للشيخ/د. محمد بن يوسف الشربجي
الناشر/دار الكتبي في مجلد واحد
17 - درساة الطبري للمعنى من خلال تفسيره " جامع البيان عن تأويل آي القرآن"
للاستاذ/ محمد المالكي
الناشر/ وزارة الاوقاف المغربية في مجلد واحد
18 - تحقيق ((آيات أشكلت على كثير من المفسرين)) لشيخ الاسلام ابن تيمية (ت:728هـ)
للشيخ/ عبد العزيز بن محمد الخليفة
الناشر/ مكتبة الرشد في مجلدين
19 - الوجوه والنظائر في القران الكريم ...... دراسة وموازنة
للشيخ/د. سليمان القرعاوي
في مجلد
20 - الاجماع في التفسير
للشيخ/د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
في مجلد واحد
21 - تحقيق ((العقد النضيد في شرح القصيد)) للامام ابي العباس احمد بن يوسف الشهير بـ السمين الحلبي (ت:756هـ) وهو شرح للشاطبية في القراءات السبع
للشيخ/ د. أيمن رشدي سويد
الناشر/ دار نور المكتبات في مجلدين
((تنبيه المطبوع من الكتاب هو من اوله الى اول باب الفتح والامالة))
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2003, 02:33 ص]ـ
وفقك الله أخي الراية وجزاك خيراً على جهودك في ملتقى أهل التفسير. واشكرك على هذه المشاركة، ولا أخفيك أننا نطمع في موقع التفسير أن يكون لدينا قائمة بالرسائل العلمية المطبوعة وغيرها إن شاء الله. وعسى أن يكون ذلك قريباً بجهودك وأمثالك من المخلصين في هذا الملتقى المبارك. وفقكم الله جميعاً.
أرجو منك الاستمرار في ذلك وفقك الله.
ـ[الراية]ــــــــ[11 Sep 2003, 10:03 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن .....
وجزاك الله خيراً
ولعلي أضيف من الرسائل:-
1 - اسباب اختلاف المفسرين
للشيخ/د. سعود الفنسيان
2 - الفتنة وموقف المسلم منها في ضوء القرآن
للشيخ/د. عبد الحميد بن عبد الرحمن السحيباني
الناشر/دار القاسم في مجلد واحد
لمزيد من التعرف على الكتاب ...... اضغط هنا ( http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=75&artid=894)(/)
مَن من المقرئين الذي احتبس صوته قبل موته بأيام ثم عاد إليه قبيل وفاته؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[10 Sep 2003, 10:28 م]ـ
السلام عليكم
من من المقرئين الذي احتبس صوته قبل موته بأيام ثم عاد إليه قبيل وفاته فإذا هو يقرأ القرآن وكان ذلك موضع تعجب من الأطباء؟ سمعت أن ذلك كان في السعودية وهو مقريء من أهل هذا القرن فهل هذه القصة صحيحة نرجو ممن عنده علم بها أن يذكرها لنا كاملة إن استطاع وأ يضعها في الملتقى من باب التحفيز وشحذ الهمم
ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا وخاتمتكم
ـ[سامي الباتلي]ــــــــ[10 Sep 2003, 10:53 م]ـ
هو شيخ القراء بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الشيخ عامرالسيد عثمان - رحمه الله - فقد فقد حباله
الصوتية في السنوات السبع الأخيرة من حياته، و كان يدرس تلاميذه القراءة، فلا يفصح لهم إلا بشهيق و إيماء،
ثم مرض مرض الوفاة، و كان طريح السرير الأبيض في المستشفى ففوجىء أهل المستشفى بالرجل المريض فقد
الحبال الصوتية يقعد و يدندن بكتاب الله، بصوت جهوري عذب، مدة ثلاث أيام ختم فيها القراة من سورة الفاتحة
إلى سورة الناس، ثم أسلم الروح إلى بارئها ....
و ذكر هذه القصة الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه " تباريح " عن الشيخ محفوظ الشنقيطي، مدير عام العلاقات بمجمع الملك فهد.
و راجع أيضا كتاب الجزاء من جنس العمل للدكتور سيد بن حسين العفاني - حفظه الله- في الجزء الثاني، صفحة421، الطبعة السابعة ...(/)
سؤال للمتخصصين في اللغة العربية: لغة القرآن الكريم
ـ[ Flowerpower] ــــــــ[10 Sep 2003, 11:21 م]ـ
السلام عليكم
I was brought up to know that Quran was the miracle of our prophet Muhammad, and that the language of Quran is perfect in every aspect. But lately I found in a book on the internet, written by Kamil El Najjar, that the language of Quran contains some grammatical mistakes as well as words of non arabic origin. I will paste the part from his book where he claims that Quran contains mistakes, and I hope to get from those who are specialist in Arabic language some clarification concerning such claims. And thanks for everyone.
البلاغة في القرآن
لا نستطيع ان نُحصي عدد الكتب والمقالات التي نُشرت عن بلاغة القرآن واعجازه وتطوره العلمي الذي سبق العلم الحديث بمئات السنين. وسوف نتطرق لكل هذه المواضيع في وقتها. ولكي نناقش القرآن نقاشاً منطقياً، لابد ان نُقسّمه الى قسمين: القسم الاول هو لغة القرآن، والقسم الثاني عن المحتويات. فلنبدأ بلغة القرآن.
الصعوبات التي تقابل القارئ للقرآن يمكن حصرها في عدة أبواب:
1 - ألاكثار من استعمال السجع الذي قد يضر بالمعنى في بعض الحالات
2 - تغير صيغة المخاطب أو المتحدث من الشخص الاول الى الشخص الثالث والعكس كذلك، دونما أي مراعاة لمحتوى ألآية
3 - الخلط بين الفعل الماضي والفعل المضارع في نفس ألآية وكذلك الخلط بين المفرد والجمع
4 - كلمات او جُمل معناها ليس واضحاً للشخص العادي ولا حتى للمفسرين أنفسهم، ونستنبط هذا من كثرة واختلاف التفاسير للكلمات أو ألآيات
5 - جُمل بها أخطاء نحوية
6 - جُمل لا تتماشى مع المحتوى
ولنبدأ بالسجع. قبل ان يأتي الاسلام كان جزء كبير من عرب الجاهلية وثنيين، وان كانوا على علم بالاديان الاخرى وبفكرة التوحيد وعبادة إله واحد. وسواء آمنوا بالاله الواحد في السماء او بالاصنام كآلهة او كوسيلة لتوصلهم الى الاله، لم يكن بمقدورهم مخاطبة الاله او الصنم مباشرةً، فكان لابد لهم من وسيط. هذا الؤسيط كان الكاهن. وكلمة " كاهن" مشتقة من الكلمة العبرية " كوهين Kohen " التي اُستعيرت بدورها من الكلمة الآرامية " كاهنا Kahna "[134]. والكوهين العبري رجل دين كل مهمته تفسير التوراة والاحكام الدينية للعامة. أما في اللغة العربية فكلمة " كاهن" تعني الرجل المتكهن، الذي يتنبأ بالغيب، ويتحدث للناس بما قد يحدث لهم في المستقبل. وللكهان اسلوب خاص في الكلام، يعرف بالاغراق في استعمال السجع، وبالافراط في استعمال الكلام الغامض. وهو اسلوب تقتضيه طبيعة التكهن، لكي لا يُلزم الكاهن نفسه بما يقوله من قول ربما لا يحدث، او قد يحدث عكسه. ففي مثل هذه الحالة يكون للكاهن مخرج باستعماله هذا النوع من الكلام الغامض.
وفي الاقوال المنسوبة الى الكهان، قَسَمٌ بالكواكب كالشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والاشجار والرياح وما شابه ذلك من امور. والغرض من القسم هنا هو التاثير في نفوس السامعين والاغراب في الكلام، ليكون بعيداً عن الاسلوب المألوف. وقد روى الاخباريون نمازج من هذا الكلام المعروف ب " سجع الكهان". وقد وردت كلمة كاهن في القرآن في معرض الرد على قريش الذين اتهموا الرسول بأنه كاهن، وبانه يقول القرآن على نمط قول الكهان، ففي سورة الطور، الاية 29 نجد: " فذّكر فما انت بنعمت ربك بكاهنٍ ولا مجنون ". وفي سورة الحاقة، الاية 42: " ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون ".
وكذلك اتهمت قريش محمداً بانه شاعر، وفي كلتا الحالتين، الكهانة والشعر، كان من رأي الجاهليين ان هناك وحياً يُوحى الى الكاهن بما يقوله، والى الشاعر بما ينظمه، ويأتي بهذا الوحي شيطان، " شيطان الشاعر". وقد ورد " شيطان الكاهن" كذلك، ذلك لان الكاهن يتلقى علمه من الجن. بل كانوا يعتقدون ان للشاعر شيطانين يساعدانه على نظم الجيد من الشعر، ولذلك نجد الشعراء انفسهم يخاطبون شيطانين في بداية القصيده. فمثلاً امرؤ القيس يقول في بداية معلقته المشهوره:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
(يُتْبَعُ)
(/)
فيعتقد البعض انه يخاطب شيطانيه، وقيل أنه يخاطب صاحبيه، وقيل بل خاطب واحداً واخرج الكلام مخرج الخطاب مع الاثنين، لان العرب من عادتهم اجراء خطاب الاثنين على الواحد والجمع، وانما فعلت العرب ذلك لان الرجل يكون أدنى أعوانه أثنين: راعي إبله وراعي غنمه [135]. وعلى كلٍ، إن كان الشاعر يخاطب شيطانين أو صاحبين وهميين، فقد سلك القرآن نفس المسلك.
وكان العرب يرون ان للكاهن قوة خارقة وقابلية لتلقي الوحي من تلك القوى التي يتصورونها على هيأة شخص غير منظور يلقي الى الكاهن الوحي، فينطق بما يناسب المقام وبما يكون جواباً على الاسئلة التي توجه للكاهن. ويطلقون على ذلك الشخص الخفي " تابع" لانه يكون تابعاً وصاحباً للكاهن، يتبعه ويلقي اليه " الرئي"، ويكشف له الحُجب ويأتيه بالاسرار.
وللجاهليين قصص عن الكهان اخرجتهم من عالم الواقع وجعلتهم في جملة الاشخاص الخرافيين. فمثلاً، كان هناك الكاهن " سطيح"، واسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب، وكان يقال له سطيح الذئبي لنسبته الى ذئب بن عُدي. وقال الاخباريون ان سطيحاً كان كتلة من لحم يُدرج كما يُدرج الثوب، ولا عظم فيه الا الجمجمة، وان وجهه في صدره، ولم يكن له لا رأس ولا عنق، وكان في عصره من اشهر الكهان، وان كسرى بعث اليه عبد المسيح بن بقلة الغساني ليسأله في تأويل رؤياه عندما سقطت الحيطان في ايوانه يوم وُلد محمد [136].
وتفسير العلماء الاسلاميين للكهانة هو ان التابع كان يسترق السمع من الملائكة، فيلقي بما سمعه على الكاهن، ويلقي الكاهن ما سمعه على الناس، فيكون نبوءة. وذلك قبل عهد بعثة الرسول. فلما جاء الاسلام ونزل القرآن، حُرست السماء من الشياطين، واُرسلت عليهم الشهب، فبقي من استراقهم ما يتخطفه الاعلى، فيلقيه الى الاسفل قبل ان يصيبه الشهاب، والى ذلك الاشارة " الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". والقرآن يؤكد ان الشياطين كانت تجلس في السماء تتصنت لما يقول الله للملائكة وترجع للأرض لتخبر الكهان بما سيحدث، الى أن قرر الله حراسة السماء حينما أرسل محمداً. ويظهر أن الله لم يكن يبالي بإستراق السمع هذا عندما بعث ابراهيم ونوح وموسى وعيسى وغيرهم حتى أتى محمد واتهمته العرب بأنه كاهن، فقرر الله وقتها حراسة السماء لينفي التهمة عن رسوله.
ولم يكن السجع غريباً على محمد، فقد قال الامام احمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن زُرارة عن عبد الله بن سلام، قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب، فكان اول شئ سمعته يقول: " أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" [137].
والسجع هو العمود الفقري في لغة القرآن، لدرجة ان محمداً قد غير اسماء اماكن واشياء لتتماشى مع السجع في السورة. فمثلاً في سورة التين، الاية الثانية، نجد ان " طور سيناء " قد تغير الى " طور سينين " ليتماشى مع السجع:
1 - " والتين والزيتون "
2 - " وطور سينين "
3 - " وهذا البلد الامين "
4 - " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ".
وليس هناك بالطبع مكان او جبل اسمه طور سينين، وكلمة طور نفسها ليست كلمة عربية وانما كلمة عبرية وتعني " جبل"، وهذا الجبل في سيناء، ولذلك دُعي جبل سيناء او طور سيناء. ونجده قد استعمل الاسم الصحيح في سورة " المؤمنون" الاية 20: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين".
ونجد في سورة الانعام، الآية 85، ذكر بعض الانبياء: " وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين". ونجد كذلك في سورة الصافات، الاية 123 إلياس يُذكر مرة اخرة: " وان إلياس لمن المرسلين". ولكن فجأةً في الآية 130 من نفس السورة يتغير اسمه ليصبح إلياسين، ليتماشى مع السجع: " سلام على إلياسين". وهذه ليست " آل ياسين" وانما " إل ياسين" بكسر الالف الاولى.
وأغلب القرآن مسجوع لان السجع، كالشعر، يسهل حفظه. وألانسان البدائي تعلم الرقص والغناء والشعر آلاف السنين قبل أن يتعلم الكتابة. ولم يتعلم الانسان النثر الا بعد أن تعلم الكتابة، لصعوبة حفظ النثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتجاهل بعض الناس هذه الحقيقة البسيطة في اندفاعهم لجعل القرآن المرجع الوحيد لما حدث ويحدث في العالم. فالبروفسير حميد الله يذكر في مقدمة ترجمته للقرآن الى اللغة الفرنسية أن الله ذكر القلم في أول سورة أُنزلت على النبي، ليؤكد أهمية القلم كأداة في تطور علم الانسان. ويستمر البروفسير ويقول إن هذا يؤكد كذلك اهتمام النبي بجمع القرآن وحفظه مكتوباً [138]. وطبعاً البروفسير حميد الله قد نسى أن العلماء قد قدروا أن ألانسان البدائي ظهر على هذه الارض قبل حوالي سبعة ملايين من السنين، وتعلم اثناء تطوره الصيد وصناعة ألالآت وصناعة القوارب والحراب، وتعلم كذلك ان ينظم الشعر وان يرسم وتعلم فن القصص (الفولكلور الشعبي) وصناعة الملابس واشياء أخرى مثل اكتشاف النار والزراعة، ألاف السنين قبل أن يتعلم القراءة ويخترع القلم.
ويتفق العلماء أن اختراع اللغة هو الذي سهّل للانسان الاتصال بالناس الآخرين ونقل الافكار بينهم، وبالتالي تكون اللغة هي أداة تقدم ألانسان وليس القلم كما يقول بروفسير حميد الله. وإذا كان القلم والقراءة بهذه الاهمية عند الله حتى انه ذكر القلم في أول سورة انزلها على النبي، لماذا أختار الله رسولاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب، حسب زعم المسلمين؟
وبما أن القرآن لم يكن يُكتب في البداية، وكان أعتماد المسلمين على الذاكرة، كان الاعتماد على السجع أفضل وسيلة لمساعدتهم على حفظه. ولكن مشكلة السجع تكمن في التكرار خاصة اذا كانت السورة طويلة، لان الساجع يجد صعوبة في ايجاد كلمات كثيرة متماشية مع القافية. فنجد أن السور الطويلة يتغير فيها السجع عدة مرات، وتتكرر بعض الكلمات عدة مرات، وفي بعض الاحيان يشتق القرآن بعض الكلمات اشتقاقاً على غير المعهود لتماشي السجع.
فإذا أخذنا مثلاً سورة مريم، من ألآية الثانية حتى ألآية الثالثة والثلاثين نجد آخر كلمة من كل آية تنتهي ب " يا"
2 - " ذكرُ رحمة ربك عبده زكريا"
3 - " إذ نادى ربه نداءً خفيا"
ثم في ألآيتين 34 و35 تتغير القافية الى " ون"
34 - " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون"
35 - " ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون"
ثم تتغير الى "ميم" في ألآيتين 36 و 37
36 - " وإن الله ربي وربكم فأعبدوه هذا سراط مستقيم"
37 - " فأختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم"
ثم ترجع الى النون مرة أخري في ألآيات 38 و 39 و 40
40 - " إنا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون"
ثم نرجع للقافية الاولى " يا" في ألآيات من 41 الى 74
41 - " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبيا"
ثم تتغير القافية الى " دا" مثل جُنداً و ولداً الى نهاية السورة.
وادخال آيتين أو ثلاثة في منتصف السورة بسجع يختلف عن معظم آيات السورة حمل بعض الدارسين الى القول بأن هذه ألآيات أُضيفت الى السورة لاحقاً ولم تكن جزءً منها في البداية.
ونجد في نفس سورة مريم تكراراً غير مفيد. فعندما يتحدث القرآن عن زكريا وأبنه يحيي، يقول عن ألاخير: " سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا" [139]. ثم نجد ألآية مكررة عندما يتحدث عن عيسى: " والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا" [140].
وفي ألآية 10 من نفس السورة: " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام سوياً" وفي ألآية 17 كذلك: " فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا". وفي ألآية 68 نجد: " فوربك لنحشرهم والشياطين ثم لنحضرهم حول جهنم جثيا"، وفي ألآية 72: " ثم ننجي الذين آمنوا ونذر الظالمين فيها جثيا". وواضح أن التكرار هنا لصعوبة ايجاد كلمات اخرى تماشي السجع.
واشتقاق الكلمات على غير المعهود نجده في ألآية 74 من نفس السورة: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورءياً". والاشتقاق هنا غريب لانه من رأى والمصدر رؤية، ولكن لتماشي الكلمة السجع قال " رءيا". و لغرابة الاشتقاق وجد المفسرون صعوبة في شرح الكلمة، فقال القرطبي في تفسيره: (قال ابن عباس " ورئيا" اي منظراً حسناً. وفيه خمس قراءات: قرأ أهل المدينة " وريا" بياء واحدة مخففة. و روى ألاعمش عن ابن عباس " أحسن أثاثاً وزيا" بالزاي. وقرأ أهل الكوفة " ورئيا" بالهمزة. وقال أبو أسحق يجوز " وهم أحسن أثاثاً وريئا" بياء بعدها همزة).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي سورة النبأ، ألآية 35، عندما يصف الله الجنة، نجد:
31 - " إن للمتقين مفازا"
32 - " حدائقَ وأعنابا"
33 - " و كواعبَ أترابا"
34 - " وكأساً دهاقا"
35 - " لا يسمعون فيها لغواً ولا كذابا"
وكلمة " كذابا" مشتقة من كذّبَ، يُكذّبُ، كذباً. والمصدر كما هو واضح " كذبا"، ولكن لتماشي الكلمة السجع كان لا بد من جعلها " كذابا". وقد يلاحظ القارئ هنا أن ألآية 34 لا تماشي السجع مما دعا بعض الدارسين الى القول بأنها أضيفت مؤخراً.
والتكرار في بعض ألآيات يكون مملاً. فخذ مثلاً سورة " الرحمن" وبها 78 آية كلها مسجوعة على الالف والنون ما عداء آيات بسيطة، ولسبب ما أدخل المؤلف " فبإي ألاء ربكما تكذبان" بعد كل آية ابتداءاً من ألآية الثانية عشر. وتكررت هذه العبارة 31 مرة في سورة طولها 78 آية. فاي غرض يخدمه هذا التكرار الممل.
وكل سورة " الرحمن" هذه تذكرنا بايام الجاهلية عندما كان الشاعر يخاطب شيطانيه أو صاحبيه ليساعداه على نظم الشعر " قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل .... " فالقرآن هنا، كعادة الجاهلية، يخاطب شيطانين (وهناك شياطين مسلمة كما يقول القرآن). ويقول علماء الاسلام ان القرآن في هذه السورة يخاطب الانس والجن، ولذا استعمل صيغة المثنى. ولكن في نفس السورة عندما اراد القرآن مخاطبة الانس والجن قال: " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان". فلم يقل " فانفذان، او لا تنفذان الا بسلطان".
وفي بعض الاحيان تُضاف كلمات، لا لتوضيح الصورة ولكن لتكملة السجع، فمثلاً في سورة الشعراء في الاية 76 تُضاف كلمة " الاقدمون" دون الحاجة اليها
72 - " قل هل يسمعونكم اذ تدعون"
73 - "او ينفعونكم او يضرون"
74 - " قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"
75 - " قال أفراءيتم ما كنتم تعبدون"
76 - " انتم وآباؤكم الاقدمون"
فكلمة " الاقدمون" هنا لا تخدم اي غرض مفيد اذ ليس هناك اباء جُدد واباء اقدمون، لان كلمة اباء قد ترجع للوراء حتى نصل الى آدم، فكلنا ابناء آدم، وحين نقول" بني اسرائيل"، يرجع هذا الى يعقوب بن اسحاق. فاذاً كلمة اباؤكم لا تحتاج الى تعريف كما هو واضح من ألآية 74 أعلاه عندما قال: " وجدنا أباءنا كذلك يفعلون"، ولم يُعرّف ألاباء، ولكن السجع فرض ادخال كلمة تنتهي بالنون فأدخل " ألاقدمون".
واما اللغة نفسها فمن الصعب متابعتها لان القرآن يغير صيغة المخاطب في نفس الاية من المفرد الى الجمع ومن المتحدث الى المخاطب، فخذ مثلاً سورة الانعام الاية: 99 " وهو الذي انزل من السماء ماءً فاخرجنا به نباتَ كلٍ شئٍ فاخرجنا منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ وجناتٍ من اعنابٍ والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابهٍ انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ان في ذلكم لاياتٍ لقوم يؤمنون".
فبداية الاية يصف الله " وهو الذي انزل من السماء ماءً "، وبدون اي انذار تتغير اللغة من الشخص الثالث الى الشخص الاول ويصير الله هو المتحدث " فاخرجنا به"، وسياق الاية يتطلب ان يقول " فاخرج به". وانظر الى النحو في الاية ذاتها، اغلب الكلمات منصوبة لانها مفعول به، لان الله انزل المطر فاخرج به حباً وجناتٍ، وفجأة كذلك يتغير المفعول به الى مبتدأ مرفوع في وسط الجملة. وسياق الكلام يقتضي ان يُخرج الله من النخل قنواناً دانيةً، معطوفة علي ما قبلها، ولكن نجد في الاية " قنوانٌ دانيةٌ " بالرفع، وهي مبتدأ خبره " ومن النخل ". ثم تستمر الاية بنصب الكلمات الباقية لانها مفعول به.
وخذ ألآية 114 في سورة الانعام، لما طلب اليهود من محمد ان يجعل بينه وبينهم حكماً: " افغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ". ففي بداية الاية المتحدث هو محمد مخاطباً اليهود، فيقول لهم: أغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً؟ وفجأة يصير الله هو المتحدث فيقول لمحمد: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين.
(يُتْبَعُ)
(/)
والعلماء المسلمون يحاولون شرح هذه الآية بان يقولوا: ادخلْ كلمة " قل " قبل "والذين آتيناهم". وهذه حجة غير مقبولة لان الله حينما اراد ان يستعمل " قل "، استعملها صراحة في المكان الذي اراد ان يستعملها فيه. فنجد في القرآن كلمة " قل " مستعملة ما لا يقل عن 250 مرة. فمثلاً في الآية 91 من نفس السورة، " قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى". وكان من الممكن ان يسأل محمد المشركين مباشرة ويبدأ الآية ب " من انزل الكتاب " ثم نُدخل نحن كلمة " قل" كما يطلب منا المفسرون. ولكن الواضح هنا ان الله لما اراد ان يدخل كلمة " قل" ادخلها صراحة وبوضوح.
وكلمة " قل " اكثر ما استُعملت في سورة الانعام هذه. فنجد:
46 - " قل أرأيتم ان اخذ الله سمعكم"
47 - " قل أرايتم ان اتاكم عذاب الله"
50 - " قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ...... قل هل يستوي الاعمى والبصير"
56 - " قل اني نُهيت ان اعبد الذين تدعون من دون الله قل لا اتبع اهواءكم"
57 - " قل اني على بينة من ربي وكذبتم به"
58 - " قل لو ان عندي ما تستعجلون"
63 - " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر"
64 - " قل الله ينجيكم منها"
65 - " قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذاباً"
وباختصار استُعملت كلمة " قل " في سورة الانعام 39 مرة. فهل هناك اي سبب يجعلنا نقول ان الله اراد ان يستعمل كلمة " قل" في الآية التي ذكرناها اولاً لكنه لم يستعملها وتركها للعلماء المسلمين ليخبرونا انه ارادنا ان يضع هذه الكلمة قبل الآية المذكورة؟
ونفس الشئ ينطبق علي السورة الاولى في المصحف، اي سورة الفاتحه. فهذه السورة من الواضح انها دعاء كان يدعو به محمد، وليست جزءاً من القرآن. وكالعادة يقول العلماء المسلمون: ضع كلمة " قل" قبل بداية السورة. ولو اراد الله ان يستعمل كلمة " قل" لفعل، كما فعل في سورتي " الفلق" و " الناس"، وكلاهما ادعية مثل سورة الفاتحة. ففي سورة الفلق يقول: " قل اعوذ برب الفلق"، وفي سورة " الناس" يقول: " قل اعوذ برب الناس". فلماذا لم يقل في سورة الفاتحة " قل الحمد لله رب العالمين". وابن مسعود الذي كان يكتب الوحي للرسول، و أحد علماء الحديث المشهورين، اعتبر ان سورة الفاتحة وسورتي الفلق والناس، ليست من القران [141].
وفي سورة فاطر ألآية التاسعة: " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه الي بلد ميت فأحيينا به ألارض بعد موتها ". تغير القائل في نفس ألآية من الشخص الثالث الى الشخص الاول. فبداية ألآية تقول: " والله الذي أرسل الرياح" ثم فجأةً يصير المتحدث هو الله، فيقول: " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض".
و تحتوي نفس ألآية على فعل مضارع مخلوط مع افعال ماضية. فكلمة " فتثير" فعل مضارع في وسط جملة كلها في الماضي. ويقول العلماء ان الفعل المضارع هنا في وسط جملة كلها في الماضي، " لحكاية الحال الماضية". فهل في هذا اي نوع من البلاغة؟ وفي سورة الحج، الآية 63: " ألم تر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير". مرة اخرى يجمع القرآن بين الفعل الماضي والفعل المضارع في جملة واحدة. وكلمة " فتصبح" يجب ان تكون " فأصبحت" لان الله انزل من السماء ماءً.
وهذه آية اخرى تخلط بين الماضي والمضارع، ففي سورة الشعراء، الآية الرابعة: " ان نشأ ننزل عليهم من السماء آيةً فظلت اعاناقهم لها خاضعين". ويقول العلماء ان شبه الجملة " فظلت اعناقهم لها خاضعين" استُعملت بمعنى المضارع. فلماذا كل هذا اللف والدوران وكان من السهل ان يقول " فتظل"؟ وليس الخلط بين الماضي والمضارع هو الشئ الوحيد الخارج عن المألوف في هذه الآية، فقد استعمل القرآن كلمة " خاضعين" وهي حال تصف جمع العقلاء مثل " رجال" ليصف بها " اعناقهم"، وهي ليست جمع عقلاء. والاسم الذي يقع حالاً يطابق صاحب الحال في النوع وفي العدد، ولذا كان الاصح ان يقول " فظلت اعناقهم لها خاضعة". ولكن كل آيات هذه السورة تنتهي بالياء والنون، لذلك اضطر ان يقول " خاضعين".
(يُتْبَعُ)
(/)
والقرآن كثيراً ما يخلط بين المفرد والجمع في نفس الآية. فخذ مثلاً الاية 66 من سورة النحل: " وان لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه". والانعام جمع وتعني " حيوانات" وكان يجب ان يقول " نسقيكم مما في بطونها"، لكنه جعلها في حُكم المفرد وقال " بطونه". وقال المفسرون افرده هنا عوداً على معنى النعم والضمير عائد على الحيوان، رغم ان الانعام حيوانات. ونجد نفس الاية تعاد في سورة " المؤمنون" ولكن هذه المرة تغيرت كلمة " بطونه" الى " بطونها". فالآية 21 من سورة " المؤمنون" تقرأ: " وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون".
ويكثر كذلك في القرآن غريب اللفظ والمعنى، فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال. ثم وصف الجمال بانها صُفر، وليس هناك جمال صفراء. فقال المفسرون كان العرب يسمون الجمال السود صفراء لان سوادها تداخله صفرة. فهل نفهم من هذا ان بني اسرائيل كذلك كانوا يسمون البقر الاسود اصفر، لان الله قال لهم " بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين"؟ ونحن لا نعلم لماذا قال العرب عن كل شئ أسود أنه " أسود" الا الجمال السود نعتوها بالصفرة ولم ينعتوا البقر او الخراف السود بالصفرة.
ثم في سورة الفرقان الآية 68: " والذين لا يدعون مع الله الهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ". وأثاماً ليست من اللغة العربية في شئ، والقرآن يُفترض انه نزل بلسان عربي مبين. وحتى المفسرين وعلماء اللغة لم يتفقوا على معنى كلمة " أثاماً"، فقال عبد الله بن عمر: أثاماً وادي في جهنم، وقال عكرمة أودية في جهنم يعذّب فيها الزناة، وقال قتادة: أثاماً تعني نكالاً، وقيل في الحديث انها تعني بئر في قعر جهنم، وقال السدي انها تعني جزاءً. [142] وأظن ان السدي جاء بهذا التفسير من المعنى العام للآية، إذ لم يقول أحد غيره بهذا المعني، والكلمة أصلاً لم تكن شائعة أو مستعملة عند العرب. ولو كان معنى الكلمة " وادي في جهنم" فكيف جاء بها العرب واستعملوها ولم يكونوا على علم بجهنم قبل الاسلام على حسب رأي المفسرين؟ وواضح من معنى الآية ان من يفعل تلك الاشياء يلقى جزاءً. ولكن القرآن استعمل كلمة " أثاماً" تمشياً مع السجع رغم أن علماء المسلمين لم يكونوا يعرفون معناها، كما هو واضح من اختلاف تفاسيرهم للكلمة.
وفي سورة العنكبوت، ألآية 64 نجد: " وما هذه الحياة الدنيا الا لهوٌ ولعبُ وإن الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". وقد وجد المفسرون صعوبةً بالغة في تفسير كلمة " حيوان" هذه، فقالوا ان: الحيوان: هنا تعني الحياة الدائمة، ويقول القرطبي في تفسيره ان " الحيوان" تقع على كل شئ حي. أو قد تعني عيناً في الجنة. بل قال بعضهم ان أصل الكلمة هو " حييان" فأُبدلت احدى اليائين واواً لاجتماع المثل. [143] وهذا قول غريب لان العرب تغير الواو ياءاً اذا اجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون، مثل " نوية" من نوى، ينوي فهي نوية. ولكن لاجتماع الواو والياء وسبق احداهما بالسكون، قُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء، فصارت " نية". ولو كانوا يغيرون الياء واواً لاجتماع المثل لغيروا " فأحيينا به ألارض" الى " فأحوينا به ألارض".
وفي سورة عبس ألآية 28: " فأنبتنا فيها حباً، وعنباً وقضبا". ولا أحد من المفسرين يعرف معنى " قضبا". فقد قال أبن كثير القضب هو القصفة التي تأكلها الدواب، وكذلك قال أبن عباس. وقال الحسن البصري هي العلف. وقال آخرون غير ذلك. وفي نفس السورة، ألآية 31 نجد: " وحدائقا غُلبا، وفاكهةً وأبّا". فقال الضحاك: ألاب هو كل شئ ينبت على الارض. وقال أبو رزين هو النبات، وقال أبن عباس: ألاب ما تنبت الارض مما يأكل الناس والانعام. وقال أبن عباس كذلك والحسن: ألاب مما لا يأكله ألادميون، فما يأكله ألادميون يُسمى الحصيد، واستشهدوا ببيت شعر في مدح الرسول:
له دعوةُ ميمونةُ ريحها الصبا بها ينبت الله الحصيدةَ وألابا
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا البيت بلا شك قاله شاعر مسلم سمع كلمة ألابا في القرآن وأدخلها في شعره دون أن يعرف معناها لانها تماشي القافية. فالكل يعرف الحصاد من الزرع ولكن لا أحد يعرف معنى ألابَ.
فقد قال أبن عباس أيضاً: ألاب هو الثمار الرطبة، وقال الضحاك هو التين. فواضح مما تقدم أن لا أحد يعرف معنى الكلمة إذ أن أبن عباس أعطى أربعة تفاسير مختلفة لهذه الكلمة. والكلبي قال الاب هو كل نبات سوى الفاكهة وقال آخرون بل هي الفاكهة الرطبة. وسئل أبو بكر الصديق عن تفسير الفاكهة وألاب فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه قرأ هذه ألآية ثم قال: كل هذا عرفناه، فما ألاب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف. [144] فإذا كان عمر وابو بكر وابن عباس لا يعرفون معناها، فهل يُعقل أن يكون الشاعر الذي نظم البيت المذكور كان على علم بمعنى الكلمة؟
والكلمة قد تكون سريالية واصلها Ebba أو قد تكون مشتقة من الكلمة العبرية Ebh، ولكنها قطعاً ليست عربية، ولا يعرف العرب معناها.
وفي سورة الحج ألآية 29 نجد: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق". فكلمة " تفثهم" قد لا تكون عربية ولا أحد يعرف معناها ووقعها على ألاذن ثقيل. ويقول القرطبي في شرحه لهذه ألآية: (ليقضوا بعد نحر الهدايا ما بقي من أمر الحج كالحلق ورمي الجمار وإزالة الشعث ونحوه. وقال ألازهري: التفث ألاخذ من الشارب وقص الاظافر ونتف الابط وحلق العانة. وقال الازهري كذلك: التفث في كلام العرب لا يُعرف الا في قول أبن عباس وأهل التفسير. وقال أبن العربي: هذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعراً ولا أحاطوا بها خبراً.) فإذا كان أهل العربية لا يعرفون معناها، فأي حظ سيحالف غير العرب في فهمها؟
واستعمل القرآن كلمات كثيرة ليست في اللغة العربية وليس لها اي معني مفهوم، وقد اختلف اغلب المفسرين في تفسيرها. فنجد في سورة الحُجر، الآية 87: " ولقد اتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم". فقال بعض المفسرين ان المقصود بها السبع سور الطوال وقال آخرون المقصود بها سورة الفاتحة، وأتوا بحديث يستدلون به. وقال القرطبي في تفسيره أن المثاني تعني القرآن كله بدليل ان الله قال في سورة الزمر ألآية 23: " كتاباً متشابهاً مثاني". وواضح أن تفسير القرطبي هذا لا يتفق والآية المذكورة اذ تقول الآية " أتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم"، فلن يستقيم معنى ألآية إذا قلنا أن المثاني تعنى القرآن كله، إذ كيف يكون قد أعطاه القرآن كله والقرآن الكريم؟ والسور السبع الطوال هي جزء من القرآن فليس من البلاغة ان يُعطف الكل على الجزء. وحتى لو جاز هذا، فلا أحد يعلم ما المثاني، والافضل ان يُخاطب القرآن الناس بلغةٍ يفهمونها.
وفي سورة الحاقة، الآية 36: " ولا طعام الا من غسلين". ولا احد يدري معنى غسلين، ولكنها تنسجم مع سجع السورة، " ولا يحض على طعام المسكين، فليس له اليوم ههنا حميم، ولا طعام الا من غسلين".
وفي سورة الانسان، الآية 18: " عيناً فيها تُسمى سلسبيلا". وهنا كذلك لا احد يعرف ما هي سلسبيلا. فتفسير الجلالين يقول: سلسبيلا تعني سهل المساغ في الحلق. وفي تفسير أبن كثير، قال عكرمة هي أسم عين في الجنة، وقال مجاهد سُميت بذلك لسلاقة مسيلها وحدة جريها، وقال قتادة: سلسة مستقيدٌ ماؤها. أما تفسير القرطبي فيقول: (السلسبيل هو الشراب اللذيذ، وتقول العرب سلس وسلسال وسلسيل بمعني أنه طيب الطعم لذيذه. وسلسل الماء في الحلق يعني جرى، وسلسته تعني صببته فيه). وأنا لا أدري كيف صرّفَ تفسير الجلالين سلسبيلا مما تقوله العرب عن سلس وسلسال وسلسيل، فمهما صرّفنا هذه الكلمات لا يمكن أن ننتهي ب " سلسبيلا".
وقال أبو العالية ومقاتل: (إنما سُميت سلسبيلا لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش في جنة عدن.) [145] فكل المياه في المدن الحديثة الان تسيل في مواسير في الطرق وفي منازلنا، فهل هذه المياه سلسبيلا؟ أم يُشترط أن تنبع من جنة عدن؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وأغرب التفاسير ما أورده القفال في تفسير الجلالين إذ قال: (تلك عينٌ شريفة، فسل سبيلاً أليها. وروى هذا عليّ بن أبي طالب كذلك). فهو فصل كلمة سلسبيلا الى كلمتين: سل و سبيلا. ولكن المشكلة أن ألآية تقول: " عيناً فيها تسمى سلسبيلا" فلا يمكن أن نقول سل اليها سبيلا لان اسم العين سلسبيلا. وليتخلص من هذه المعضلة يقول القفال: (أنها مذكورة عند الملائكة وعند الابرار وأهل الجنة بهذا الاسم). وهذا الشرح يبين لنا كيف يدور علماء الاسلام ويلفون في حلقات مفرغة لشرح الغريب في القرآن بدل ان يقولوا أنهم لا يعرفون المراد من هذه الكلمة.
اما سورة المطففين ففيها عدة آيات تحتوي علي كلمات يصعب فهمها: فمثلاً الآيات 7 و 8 و9 " كلا ان كتاب الفجار لفي سجين. وما ادراك ما سجين. كتاب مرقوم". والآيات 18 و19و20 من نفس السورة: " كلا ان كتاب الابرار لفي عليين. وما ادراك ما عليون. كتاب مرقوم". ومعنى هذا ان عليين وسجين كلاهما يعني كتاباً مرقوماً، أحدهما للفجار والآخر للابرار. فالقرآن هنا أستعمل غريب اللغة لينقل الينا حقيقة بسيطة: هي أن هناك كتابين، واحد للفجار وواحد للابرار. فهل من المهم لنا أن نعرف أسماء هذين الكتابين؟
ثم إن القرآن يقول أن هناك كتاب واحد " وعنده أم الكتاب " [146] و " اللوح المحفوظ" الذي يحفظه الله منذ الازل في السماء السابعة، وقد سجل الله فيه كل كبيرة وصغيرة عن كل أنسان حتى قبل أن يولد، وهناك كذلك لكل شخص كتابه الخاص به الذي سوف يتسلمه يوم القيامة، فمنهم من يُعطى كتابه بيمينه ومنهم من يعطى كتابه بشماله ليقرأ منه ما فعل في الدنيا. فما الحكمة إذاً في أن يكون هناك كتاب للابرار وآخر للفجار مادام لكل شخص كتابه الخاص وهناك اللوح المحفوظ الذي فيه كل التفاصيل ولا يمكن لهذا اللوح أن يضيع أو يصيبه تغيير؟ وحتى لو قلنا إنه من باب الاحتياط أن يكون للأبرار كتاب وللفجار كتاب آخر، هل يستدعي هذا نزول آية تخبرنا بأسماء هذين الكتابين؟ هل سيغير هذا من سلوكنا أو يدعونا للايمان؟
والجدير بالذكر هنا أن القرآن استعمل كلمة " وما أدراك" أثنتي عشر مرةً ليشرح كلمات غريبه لم تكن معروفة للعرب آنذاك، وسوف نتعرض لبعض هذه الكلمات في حينها.
في سورة الفيل، ألآية 3، نجد: " وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل". ويقول أبن كثير: طير أبابيل يعني طيراً من البحر امثال الخطاطيف والبلسان. ويقول القرطبي: طيراً من السماء لم يُر قبلها ولا بعدها مثلها. وروي الضحاك أن أبن عباس قال سمعت رسول الله يقول: " إنها طيرٌ تعشعش وتفرخ بين السماء وألارض". وقال أبن عباس: كانت لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب. وقال عكرمة: كانت طيراً خُضراً خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع.
أما سجيل فلا أحد يعرف معناها. قال النحاس: السجيل الشديد الكثرة. وقال سيل وسجيل هما نفس الشئ. وحكى محمد بن الجهم أن سجيل تعني طينٌ يُطبخ حتى يصير بمنزلة الارحاء. وقال سعيد بن جُبير أن اللفظة غير عربية وأصلها سنج وجيل أو سنك وكيل، وهما بالفارسية حجر وطين. وقد قال القرآن في سورة الذاريات، ألآية 33: " لنرسل عليهم حجارةً من طين". وقال أبن يزيد: سجيل أسم السماء الدنيا وعن عكرمة أنه بحر معلق بين السماء والارض منه نزلت الحجارة. وقيل هي جبال في السماء، وقيل كذلك هي ما سُجل لهم أي كُتب لهم أن يصيبهم. [147]
وأصل الكلمة ربما يكون من اللغة ألأرامية Sgyl وتعني حجر المعبد. [148] والشئ الملفت للنظر أن كل هولاء المفسرين أتوا بتفسيرات لا تمت لبعضها البعض بصلة، مما يؤكد انهم كانوا يخمّنون معاني هذه الكلمات الغريبة التي لم يكونوا قد سمعوا بها من قبل.
وكلمة " الفرقان" وردت في القرآن مرات عديدة بمعاني مختلفة. فمثلاً في سورة البقرة، ألآية 53: " وأتينا موسى الكتاب والفرقان". وفي نفس السورة، ألآية 185: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان". وفي سورة آل عمران، ألآية 4: " من قبل هدى للناس وانزل الفرقان". وسورة ألانفال، ألآية 29: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم". وفي سورة ألانفال، ألآية 41: " أعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن
(يُتْبَعُ)
(/)
كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان". وفي سورة ألانبياء، ألآية 48: " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكراً للمتقين". وفي سورة الفرقان، ألآية 1: " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً".
وأتفق أغلب المفسرين ان الفرقان هو ما يفرق بين الحق والباطل ولكن ابن عباس قال: فرقاناً يعني مخرجاً وزاد مجاهد " في الدنيا والاخرة". وفي رواية اخرى قال ابن عباس ان فرقاناً تعني نصراً. وقالوا انها تعني يوم بدر لان الله فرق فيه بين الحق والباطل. وقال قتادة انها تعني التوراة، حلالها وحرامها. ويقول الرازي قد يكون التوراة او جزء منها او حتى معجزات موسى مثل عصاه. وقد تعني إنشطار البحر لموسى، واستقر رأيه علي انها التوراة. وقالوا الفرقان تعني القرآن. فالله قد انزل الفرقان على موسى وكذلك انزله على محمد، مما يجعلنا نقول أن الفرقان ربما تعني " كتاب" ولكن كيف نوفق بين هذا المعنى وألآية 29 من سورة ألانفال: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً". فالمراد هنا أن يجعل لكم مخرجاً. ولكن ألآية 41 من سورة ألانفال تقول: " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان". فالمعنى هنا لا يتفق مع أي من المعاني السابقة. فماذا تعني كلمة الفرقان إذاً؟
وهناك كلمة أخرى لم تكن معروفة للعرب قيل نزول القرآن، ألا وهي " كلالة". ففي سورة النساء، ألآية 4: " وإن كان رجلٌ يورث كلالةً ام إمرأة". وسئل ابو بكر الصديق عن كلمة كلالة فقال: أقول فيها برائي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، الكلالة من لا ولد له ولا والد. وقال القرطبي في تفسيره: الكلالة مشتقة من الاكليل وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه. وهذا بلا شك تخمين وليس هناك أي دليل أن كلمة كلالة مشتقة من إكليل. وقد أورد الطبري 27 معنى للكلالة مما يدل على انهم لا يعرفون معناها.
ويقدر مونتجمري واط أن هناك حوالي سبعين كلمة غير عربية أُستعملت في القرآن، حوالي نصف هذه الكلمات مقتبسة من الكلمات التي كانت مستعملة في الديانة المسيحية، وخاصة اللغة السريانية والاثيوبية، وحوالي خمسة وعشرون كلمة من اللغة العبرية والارامية وكلمات بسيطة من الفارسية [149].
وهناك كلمات في القرآن يبدو ان المراد منها عكسها. فمثلاُ في سورة طه، ألآية 15 " إن الساعة آتيةٌ أكاد أخفيها"، وهي أصلاً مخفية ولا يعلم أحد متى تأتى، فالقرآن هنا لا بد انه قصد " أظهرها" بدل أخفيها. وقد قال القرطبي في تفسير هذه ألآية: (آيةٌ مشكلة. فروى سعيد بن جبير " أكاد أخفيها" بفتح الهمزة، قال: أظهرها. وقال الفراء: معناها أظهرها، من خفيت الشئ أخفيه إذا أظهرته. وقال بعض النحوين يجوز أن يكون " أخفيها" بضم الهمزة معناها أظهرها.) ويتضح هنا أن النحويين أنفسهم وجدوا مشقة في تفسير هذه ألآية، فكيف بعامة الناس؟
وفي بعض الاحيان يعكس القرآن الاشياء المألوفة للناس، فمثلاً في سورة البينة، ألايتين أثنين وثلاثة نجد: "رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة، فيها كُتبٌ قيمة". والمعروف لدى كل الناس أن الكتب تحتوي على الصحف، وليس العكس كما جاء في القرآن. ولكن دعنا نقرأ ما كتب القرطبي في تفسيره لهذه ألآية: (الكتب هنا بمعنى الاحكام، فقد قال الله عز وجل " كَتَبَ الله لأغلبن" [150] بمعنى حكم. وقال " والله لأقضين بينكما بكتاب الله" ثم قضى بالرجم، وليس الرجم مسطوراً في الكتاب. فالمعنى لأقضين بينكما بحكم الله. وقيل الكُتب القيمة هي القرآن، وجعله كُتباً لانه يشتمل على أنواع من البيان.)
فهل اقتنع القارئ بهذا التفسير؟ أنا لم أقتنع. فالقرطبي كغيره من المفسرين راح يدور في حلقة مفرغة في محاولة منه للخروج من هذه المعضلة التي جعلت الصحف تحتوي على الكتب، وليس العكس.
(يُتْبَعُ)
(/)
والامثلة كثيرة على استعمال القرآن غرائب الكلمات لانها تماشي السجع. فليس هناك اي بلاغة لغوية بالمعنى المفهوم عندما يستعمل القرآن غرائب الكلمات هذه، والمفروض فيه أنه نزل بلسان عربي مبين أي بائن للجميع، وقد رأينا أن علماء التفسير يجدون صعوبة في شرح كثير منه، فما بال عامة المسلمين؟ وقد لاحظ هذا جماعة من المعتزلة في صدر الاسلام، منهم ابراهيم النظام الذي قال ان ترتيب القرآن ولغته ليس فيهما اى اعجاز. وقد دافع عن هذا الرأي الكاتب والقاضي الاندلسي ابو محمد علي بن احمد بن حازم في كتابه " الملل والنحل" وكذلك ابو الحسين عبد الرحمن بن محمد الخياط من المعتزلة [151].
و هناك كذلك أخطاء نحوية في كثير من آيات القرآن. انظر الى الآية 69 من سورة المائدة: " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون". والنحو يتطلب ان تكون كلمة " الصابئون" منصوبة لانها اسم "ان"، وكل اسماء " ان" الاخرى في الاية منصوبة الا " الصابئون"، والاصح ان تكون " الصابئين". واذا نظرنا الى الاية 17 من سورة الحج، نجد ان " الصابئين" منصوبة، كما ينبغي ان تكون: " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شئ شهيد".
وفي سورة النساء الآية 162: " لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر". فكلمة: المقيمين" لا تتماشى مع قواعد النحو المعروفة. فهي معطوفة على " الراسخون" ويجب ان تكون مرفوعة، وليست منصوبة كما في الآية، فالمعطوف دائماُ يتبع ما عُطف عليه. وقال القرطبي في تفسيره: (قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة " المقيمون" على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله. ولكن سيبويه قال: إنه نُصب على المدح). وهذا يذكرنا بالمقولة المشهورة لأحد العرب الاندلسيين عندما قال القاضي الاندلسي أبو محمد علي بن حزم أن القرآن يحتوي على أخطاء نحوية، قال الاندلسى: ما حاجتنا الى النحو وعندنا القرآن؟ إذا لم يوافق النحو القرآن، يجب أن نغير قواعد النحو. وهذا ما يُفهم من قول سيبويه انها نصبت على المدح.
وفي سورة الحجرات الآية التاسعة: " وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما". فكلمة: اقتتلوا" كان يجب ان تكون " اقتتلا" لانها ترجع الى " طائفتان" اي مثنى، وأقتتلوا ترمز الى الجمع. وفي سورة الحج ألآية 19: " هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قُطعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رءوسهم الحميم". فكلمة " اختصموا" يجب ان تكون " اختصما" لانها ترجع للمثنى " خصمان". وفي سورة البقرة الآية 177: " ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر". وواضح ان شبه الجملة " ولكن البر من آمن بالله" لا تستقيم مع منطق الآية، والاصح ان تكون " ولكن البار". وقد قال بهذا النحوي الكبيرمحمد بن يزيد المبرد. وتفسير الجلالين يقول: " المقصود بها (ذا البر) وكذلك قُرئ بفتح الباء اي (البار) " [152].
وفي سورة طه الآية 63: " قالوا إن هذان لساحران يريدان ان يخرجاكم من ارضكم". وكلمة " هذان" اسم "إن" ويجب ان تكون منصوبة، اي " هذين". وقد ورد ان عثمان كان يقرأ " هذين" وكذلك فعلت عائشة. وتفسير الجلالين يقول: قالوا لانفسهم " ان هذين". أما القرطبي فيقول في تفسيره (قرأ أبو عمرو " أن هذين لساحران" ورويت عن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد وجبير وابراهيم النخعي وغيرهم من التابعين. ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للنحو مخالفة للمصحف. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ " أن هذان الا ساحران" وقال الكسائي في قراءة عبد الله " ان هذان ساحران" وقال أُبي " ان ذان الا ساحران"، وقال أبو عمر " إني لأستحي من الله أقرأ " إن هذان"). فهذا الاخير يعرف انه خطأ نحوي ويستحي من الله أن يقول " هذين" لأن الله لا يُعقل أن يُخطي في النحو.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسورة ألاعراف، ألآية 160 تقول: " وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً". وكلنا يعرف ان التمييز العددي يختلف بإختلاف المعدود. فالاعداد من واحد الى عشرة يكون ما بعدها جمع، فنقول تسعة نساء. ومن أحدى عشر وما فوق يكون ما بعدها مفرداً، فنقول أثنتي عشرة سبطاً وليس أسباطاً.
ونجد في القرآن آيات لا يمت نصفها الاول الى نصفها الثاني بأي علاقة. فخذ مثلاً الآية الثالثة من سورة النساء: " وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنىً وثلاث ورباعَ فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا". فما علاقة القسط في اليتامى وزواج ثلاث او اربع زوجات؟ يقول القرطبي (إن خفتم الا تعدلوا في مهور اليتامى وفي النفقة عليهن، فانكحوا ما طاب لكم غيرهن. وعن عائشة قالت: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهوا أن ينكحوهن الا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن اعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
وقال أبن عباس وأبن جبير: المعنى إن خفتم الا تقسطوا في اليتامى فكذلك خافوا في النساء، لانهم كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء). وتفسير عائشة لا يمت للواقع بصلة. فاليتيمة تكون في حجر وليها الذي غالباً ما يكون عمها أو خالها وهي تحرم عليه ولا يمكن ان يتزوجها سواء أطمع في مالها او لم يطمع. وكم يتيمة كانت غنية في تلك الايام حتى تستدعي نزول آية قرانية لتمنع وليها من ان يتزوجها ويأكل مالها؟
والتفسير الآخر لا يستوي والمنطق كذلك. فاذا خفتم الا تعدلوا في مهور اليتامى فلا تنكحوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء غيرهن. ما ذا إذاً عن العدل في مهور النساء الغير يتامى؟ هل يحق لنا الا نعدل في مهورهن ونتزوج ثلاثة أو أربعة منهن؟ أنا أعتقد ان ألآية أصلاً لا تمت للمهور أو النساء اليتامى بشئ، انما هي تخص اليتامي الصغار من بنات واولاد، إذا مات والدهم وتركهم في كفالة عمهم او خالهم ..... ، ولسببٍ ما لم يكمل المتحدث الآية، وربما سهواً كتب الشخص الذي كان يجمع القرآن " فانكحوا ما طاب لكم من النساء". وقد يكون النصف الثاني من ألآية سقط سهواً اثناء جمع القرآن، أو أُسقط كما أُسقطت آيات كثيرة ذكرناها سابقاً.
وفي سورة فاطر، ألآية 8: " أفمن زُين له سوء عمله فراءه حسناً فإن الله يُضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تُذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون". فبداية ألآية تسأل:" أفمن زُين له سوء عمله فراءه حسناً "، فالأنسان يتوقع أن يجد مقارنة مع شخص آخر مثلاً، " كمن أهتدى". ولكن بدل المقارنة نجد " فإن الله يُضل من يشاء". لا علاقة البتة بين بداية ألآية وبقيتها. وقد قال القرطبي "هذا كلام عربي طريف لا يعرفه الا القليل". والقرآن لم ينزل للقليل
وبعض ألآيات بها جُمل اعتراضية لا تزيد في المعني وليس لها اي سبب يجعلها تدخل في ألآية، فمثلاً في سورة الانعام ألآية 151: " قل تعالوا أتلوا عليكم ما حرّم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق". فالاية كلها تتكلم عن الاشياء التي نهانا عنها الله، ولكن في وسطها نجد " وبالوالدين إحسانا". وواضح ان هذه ليست من المحرمات وانما زُج بها هنا سهواً، فلم يحرم الله الرفق بالوالدين.
وهناك كلمات أُدخلت زيادةً في بعض ألآيات فأدت الى صعوبات جمة في التفسير. فسورة الانبياء ألآية 104 تقول: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين". فكلمة " للكتب" هنا لا تخدم المعنى باي شئ بل تعقد الشرح. وقال ابن عباس ومجاهد " كطي السجل للكتب" تعني كطي الصحيفة على ما فيها، فاللام في " للكتب: بمعنى " على". وقال ابن عباس كذلك في رواية أخرى ان السجل كان اسم احد كُتّاب الوحي. وكلمة سجل أصلاً تعني " دلو"، فتقول " ساجلت الرجل" إذا نزع دلواً ونزعت دلواً. ومنها المساجلة الشعرية عندما يتبارى شخصان او أكثر بابيات شعرية. ثم استُعيرت فسميت المكاتبة مساجلة والسجل هو الصحيفة المكتوبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فيوم نطوي السماء كطي السجل واضح معناها، وكلمة " للكتب" إضافة عقدت المعنى.
وفي سورة لقمان عندما قال لقمان يوصي ابنه:
13 - " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم" 14 - " ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين إن اشكر لي ولوالديك اليّ المصير"
15 - " وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً وأتبع سبيل من أناب اليّ ثم اليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"
16 - " يا بني إنها إن تك مثقال حبةٍ من خردلٍ فتكن في صخرةٍ او في السماوات أو في ألارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير"
17 - " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور"
18 - " ولا تصّعر خدك للناس ولا تمشي في الارض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور"
19 - " وأقصد في مشيك واغضض من صوتك إن انكر الاصوات لصوت الحمير"
ففي الآية 13 المتكلم هو لقمان يعظ ابنه، ثم فجأة في الآية 14 يصير المتكلم هو الله فيوصي الانسان بوالديه ويضيف عليها ان الحمل والرضاعة يجب ان تكون عامين ثم يُفصل الطفل، ويستمر الله في وصية الانسان في الآية 15. ثم نرجع الى لقمان في ألآية 16 وما بعدها ليكمل وصية ابنه. فالآيتان الرابعة عشر والخامسة عشر أُدخلتا هنا بطريق الخطأ ولم يكونا أصلاً جزءاً من السورة.
ولنقرأ هذه الآيات من سورة المعارج:
37 - " فما بال الذين كفروا قبلك مهطعين"
37 - " عن اليمين وعن الشمال عزين"
38 - " أيطمع كل امرئ منهم ان يدخل جنة نعيم"
39 - " كلا إنّا خلقناهم مما يعلمون"
فالكلمة الاخيرة من كل آية، مع انها مسجوعة، الا انها ثقيلة على السمع، ونشك انها كلمات عربية. انما استعملت من باب الغريب من اللفظ ليكون لها اثرٌ في نفوس السامعين، كما كان يفعل الكهان سابقاً. والمنطق فيها اغرب من الكلمات: " أيطمع كل امرئ منهم ان يدخل جنة نعيم، كلا انا خلقناهم مما يعلمون." فيقول الله يجب الا يطمعوا في دخول الجنة لاننا خلقناهم من نُطفٍ، من مني، وهذا معنى " خلقناهم مما يعلمون". ولاننا خلقناهم من مني، يجب الا يطمعوا في دخول الجنة. ويقول القرطبي في تفسيره (كان المشركون يستهزئون بالمسلمين فقال الله " إنا خلقناهم مما يعلمون" من القذر، فلا يليق بهم هذا التكبر.) ورغم تفسير القرطبي، يظل المنطق غريباً، أفلانه خلقهم من القذر يجب الا يتكبروا ولا يطمعوا في دخول الجنة؟
وفي سورة القيامة، الآية 14: " بل الانسان على نفسه بصيرةٌ ". وبدل ان يقول " بصير" ليصف الانسان، قال " بصيرةً ". وقال المفسرون ان التاء في " بصيرة " للمبالغة. ونسأل: ما الداعي للمبالغة؟ فالقرآن هنا إنما يذكر حقيقة، وهي إن الانسان بصير على نفسه. فلماذا يحتاج أن يبالغ؟
ويتضح من هذا العرض ان هناك اشياء كثيرة في القرآن خارجة عن المألوف ولا تمثل اي نوع من البلاغة النثرية، وانما فرضها السجع الذي لا تخلو اي سورة في القرآن منه. والسبب طبعا، كما قلنا سابقاً، ً ان السجع يسهل حفظه، وبما ان القرآن كان يُحفظ في صدور الرجال حينما كان ينزل به الوحي، كان لا بد من استعمال السجع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2003, 02:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسنا، ماكثين فيه أبداً.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله النبي الأمي الصادق المصدوق الذي بلغ القرآن كما أنزل، ورضي الله عن صحابته الكرام وأتباعهم بإحسان إلى يوم القيامة، أما بعد:
فأرحب بالأخ الكريم ( Flowerpower) في ملتقى أهل التفسير، وأشكره على تكرمه بالمشاركة، ومع جمال معنى اسمه إلا أنني أرجو منه التكرم بتغيير اسمه باللغة العربية إن أمكنه ذلك وفقه الله لكل خير.
وأما ما نقلته أخي الكريم من كلام للدكتور كامل النجار. فهو عبارة عن جزء من كتاب له بعنوان: (قراءة نقدية للإسلام). منشور تحت الرابط الذي وضعته في آخر الكلام المنقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو قد تحدث في كتابه هذا في الفصل الرابع عن القرآن الكريم، عن جمع القرآن، وعن البلاغة في القرآن، وعن السحر في القرآن، وعن قصص القرآن، وغير ذلك. وقد كتب كل ذلك بروح غير المؤمن بالقرآن الكريم، فزالت عنه تبعة احترام القرآن وتبجيله ومراقبة الألفاظ والأوصاف التي ينعت بها القرآن الكريم أو الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أورد كلاماً طويلاً يحتاج إلى كلام طويل للرد عليه.
وكل ما ذكره يمكن الإجابة عنه بسهولة ويسر إن شاء الله، وأرجو أن يتقبل أعضاء ملتقى أهل التفسير هذا الكلام - على قبحه، ومرارته على المؤمن بالله رباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالإسلام ديناً - بصدر رحب، وأن يتيقنوا أن الإسلام والقرآن أصدق وأعلى شأناً من أن يهتز لإثارة شبهة، أو لرمي تهمة ليس لها قرار، ولكي يعلم الجميع أنه يكتب عن ديننا وعن كتاب ربنا ما هو أشنع وأقبح من هذا، وأن الرأي العام في العالم الغربي في غالبه لا يعرف الإسلام إلا عن طريق أمثال هذا الكاتب الذي دعمته المنظمات الصليبية الحاقدة بنشر كتبه ومقالاته. ولم يعد هذا الأمر سراً، فقد سارت به الركبان، وانكشف للناس أن الغرب يدعم كل ما من شأنه هدم الإسلام، وإثارة الشكوك والشبهات حوله، مهما كان وهاء هذه الشكوك، وضعف هذه الشبهات. لكن كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) [النحل: 127].
فأولاً: نحن على ثقة من أن القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وأن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه كما أنزل لم يزد ولم ينقص وهكذا وصل إلينا ولله الحمد، وهو محفوظ بحفظ الله له ولله الحمد. وهذه قضية مسلمة، وعقيدة مستقرة في نفس كل مؤمن. وهذا أمر ينبني عليه ما بعده من الكلام. وأن القرآن الكريم هو الأصل في اللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها، وكل هذه العلوم قد نشأت خدمة له، وتيسيراً لفهمه، ومن الخطأ محاكمة القرآن إلى قواعد النحاة وتخطئة القرآن لمخالفته لقاعدة نحوية أو صرفية أو غيرها.
ثانياً: ما ذكره من مسائل جزئية في الآيات القرآنية، فأغلبها قد أتي فيها من عجمته، وعدم فهمه للغة العربية كما ينبغي، ولا شك أن هذا الضعف في اللغة العربية والعجمة سبب كبير لدخول كثير من الشبهات في فهم القرآن الكريم من وقت نزوله وإلى اليوم كما هو ظاهر من كتابات الدكتور كامل النجار هذا وأمثاله وهم كثير.
ومن الأمثلة التي تدل على أن الجهل باللغة العربية سبب للوقوع في الزيغ والتحريف كما وقع الدكتور كامل النجار ما ذكره ابن خالويه في إعراب القرآن قال: (كان عمرو بن عبيد يؤتى من قلة المعرفة بكلام العرب ... وقد كان كلم أبا عمرو بن العلاء في الوعد والوعيد، فلم يفرق بينهما، حتى فهمه أبو عمرو، وقال: ويحك. إن الرجل العربي إذا وعد أن يسيء إلى رجل ثم لم يفعل، يقال: عفا وتكرم، ولا يقال: كذب. وأنشد:
وإني إذا أوعدته أو وعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي).
والأمثلة على هذا كثيرة جداً، وإنما وقع عمرو بن عبيد وأمثاله مثل الدكتور كامل النجار في الخطأ والزيغ بسبب الجهل بلغة العرب، لذا شدد العلماء النكير على من فسر القرآن وهو جاهل بلغة العرب، ومن ذلك ما روي عن مجاهد أنه قال: (لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله، إذا لم يكن عالماً بلغات العرب). وكذلك نقل عن مالك بن أنس رضي الله عنه وغيره من الأئمة رحمه الله تعالى.
ثالثاً: كلامه المنقول في أغلبه يدور حول مسألة السجع، وأن القرآن الكريم فيه سجع، وهذا أمر قريب ولله الحمد، فالعلماء قد أقروا بذلك ولكنهم تأدبوا مع القرآن الكريم فلم يسموه سجعاً وإنما سموها فواصل، لكي لا ينصرف الذهن إلى مشابهته لكلام الكهان أو كلام العرب المسجوع. ولكن الخطأ في كلامه أنه قد جعل السجع هدفاً من أجله تغير المعاني، ويؤتى بغريب الألفاظ وغير ذلك من التكلفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
والسؤال الذي أريد أن أطرحه. هل يا ترى لو أجبنا عن كل هذه الأخطاء التي وقع فيها كامل النجار، هل سيعود إلى الحق، ويعترف بأن القرآن الكريم كلام الله الذي أوحاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؟ ويعتقد أن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان؟ مما يجب على كل مسلم أن يعتقده؟ أرجو ذلك.
ولعل الزملاء في الملتقى وفقهم الله يأخذون المسائل التي أوردها حسب المستطاع فيجاب عنها، رغبة في العلم من جهة، ورغبة في نفع الأخ السائل من جهة أخرى. وليس على سبيل الرد على الكاتب نفسه. فهذا أمر آخر.
وقديماً قال الشاعر:
عداتي لهم فضل علي ومنة * فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها * وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
لقد نبه الدكتور كامل النجار على مسائل كثيرة جديرة بالمناقشة والتعلم والتعمق في دراستها، فإن كثيراً من علماء السلف قد صنفوا مصنفات على سبيل الرد على مثل هذه الشبهات الواهية فأتوا بحر القول والعلم، ونفع الله بها المسلمين نفعاً عظيماً.
وقد ظهر لي من نقل كلام الدكتور كامل النجار فوائد لطالب العلم:
1 - منها التعرف على كيف يقرأ الأعداء والمتشككون كلام الله وكيف يقرأون كتب التفسير، وكيف يفهمونها ويستخلصون المعاني التي يريدونها، وفي هذا فائدة كبيرة لطالب العلم المخلص، حيث إن مثل هذا الكلام المغرض قد يفتح لك باباً من الفهم والبحث لم يكن ليخطر لك على بال، ولذلك قيل: إن استخراج الصواب من الصواب سهل، ولكن استخراج الصواب من الخطأ ليس كذلك، ويحتاج إلى ذهن وقاد.
2 - ومنها التعرف على أهمية اللغة العربية في تفسير القرآن الكريم، وخطر الجهل باللغة العربية في التفسير. وهذا يدعو طالب العلم إلى العناية بلغة القرآن الكريم.
3 - ومنها التعرف على أهمية دراسة قواعد التفسير وأصوله وضوابطه والإلمام بعلومه وما كتبه العلماء في هذا الباب الذي يضبط لك الأمر عند القراءة في كتب التفسير أو القراءة في مثل هذه الكتب التي تطعن في القرآن الكريم بمثل هذه الطعون والشبهات.
4 - ومنها شحذ همة طلاب العلم للتعلم والتعمق أكثر في فهم القرآن الكريم وكلام المفسرين، وذلك عندما يرون أمثال هذا الرجل قد بحث ووازن وألقى بالتهم بذكاء في بعض الأحيان. فالأعداء أيها الإخوة لا ينامون، ولا يظنن طالب العلم أن الأمر سهل، وأن الأعداء في غفلة.
5 - ومن فوائدها كذلك أن يعرف طالب العلم مقدار نعمة الله عليه أن جعل في صدره لكلام الله مهابة عظيمة، وإجلالاً كبيراً، وكرهاً لمن يلمز كلام الله، أو يطعن في صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحمد الله على هذه النعمة العظيمة ويسأله الثبات على ذلك.
ويرى كذلك كيف يصنع النفاق والكفر بصاحبه من الاستهانة بحرمات الله وشعائره وكلامه وكأنه يتكلم عن كلام شاعر أو كاتب من أقل الكتاب. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى عن المنافقين: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم). ولا أظن كلام الدكتور كامل يحمل من الاحترام والتبجيل للقرآن الكريم شيئاً فضلاً عن الإيمان به.
وفي الختام أسأل الله للجميع إيماناً صادقاً، ويقيناً راسخاً بالله ودينه وكتبه ورسله، ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وفي انتظار إجابة المشايخ وفقهم الله على ما يرونه من المسائل التي وردت في المقالة السابقة، فقد كتبت هذا الكلام على عجل لضيق الوقت، وتزاحم الأعمال التي لا تحتمل التأجيل. أسأل الله لهم العون والتوفيق.
ـ[ Flowerpower] ــــــــ[11 Sep 2003, 03:47 ص]ـ
Assalam 3alaikom
I'd like to thank Mr Abd El Rahman El Shihri for his answer and for the time he dedicated to type his post, and may Allah bless him and reward him. I really tried to change my nickname, but didn't know how to do that. I wish I could type in Arabic , but unfortunately my keyboard is not set to Arabic.
Abu Yousef
ـ[نسر الاسلام]ــــــــ[11 Sep 2003, 06:23 ص]ـ
الاخ
Flowerpower
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله عضوا جديدا مفيدا ومستفيدا
وارجوا ان تجد ضالتك قريبا وسط اخوانك في هذا المنتدى
اما بالنسبة للوحة المفاتيح العربية فاليك رابط يحوي احدها
وارجوا ان تعم الفائدة
http://forum.faydullah.com/key.html
اما شيخنا الدكتور عبدالرحمن الشهري ... جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح الرائع ... ونحن بانتظار اخواننا الاخرين ومشاركاتهم لالقاء الضوء على هذا النوع من المواضيع والذي اشكل على بعض المسلمين وتمكن اعداء الاسلام التوغل من خلاله لايهام الناس بان هناك نقصا في الرسالة الاسلامية الخالدة .... وهذا والله انما هو جهل منهم بهذا الدين وما يقوم عليه من اركان وقواعد لا تتغير و لا تتبدل بشبهات واهية وادعاءات فارغة ...
والسلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نسر الاسلام]ــــــــ[11 Sep 2003, 06:46 ص]ـ
وهنا اود طرح هذا الموضوع والذي فيه من الرد على شبهات الاخطاء اللغوية والقواعدية في القران الشئ الكثير
الشبهات والرد عليها
1 - نصب الفاعل ورفع المفعول
جاء في سورة البقرة2/ 124 ? وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين?. والصحيح أن يقول (الظالمون) فالظالمون لا ينالون العهد. فجعل القرآن الفاعل منصوبا.
الجواب: لا ينال فاعل كما في قوله تعالى ? أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة? (الأعراف49). والمعنى أن الظالمين من ذريتك لا ينالهم استخلافي. والعرب تقول: هذا ناله خير وذاك ناله ظلم.
وهذا تحكم منهم أن يقولوا إن الآية تعني أن الظالمين فاعل. والعهد مفعول. فإن عهد الله هو شرطه. ولا يتضمن شرطه الظالمين. وهذا الاستغلال منهم سببه امتناع ظهور علامة الرفع وهي الضمة فوق الياء (عهدي) فجعلوا (الظالمين) فاعلا مؤخرا و (عهدي) مفعولا مقدما؟ أنى لهم هذا التحكم والأصل تقديم الفاعل على المفعول لا سيما إذا كان السياق متضمنا للبس. كعدم ظهور التشكيل. فلو قلنا (ضرب موسى عيسى) لا يجوز تأخير الفاعل منعا من وقوع اللبس إذ لا بد حينئذ من تقديم الفاعل وتأخير المفعول. أما إذا لم يكن هناك لبسا فيجوز التقديم والتأخير مثل جاء في أول هذه الآية (إبتلى إبراهيمَ ربُه) ,
2 - رفع المعطوف على المنصوب
س 106: جاء في سورة المائدة 5: 69 إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ. وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17.
الجواب: لو كان في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر فإنه لا يكون إلا وجه واحد: (إن الذين آمنوا والصابئين) لكن لا يلزم لاسم الموصول الثاني أن يكون تابعا لإن. فالواو هنا استئنافية وليست عطفا على الجملة الأولى. والصابئون رفع على الابتداء، وخبره محذوف، والنية به التأخير عما في (إن) من إسمها وخبرها، كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى: حكمهم كذا. والصابئون كذلك. هذا ما رجحه ابن سيبويه في مخالفة الإعراب، وأنشد شاهدا له:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة ما بقينا على شقاق
أي فاعلموا أنّا بغاة وأنتم كذلك. ويكون العطف من باب عطف الجمل، فالصابئون وخبره المحذوف جملة معطوفة على جملة قوله: إن الذين آمنوا، ولا محل لها، كما لا محل للجملة التي عطفت عليها، وإنما قدم (الصابئون) تنبيها على أن هؤلاء أشد إيغالا في الضلالة واسترسالا في الغواية لأنهم جردوا من كل عقيدة» (إعراب القرآن2/ 526).
3 - تذكير خبر الاسم المؤنث
س 108: جاء في سورة الأعراف 7: 56 إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ. وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول قريبة.
الجواب: إن تذكير (قريب) على تذكير المكان. أي مكان قريب. قال الفراء: إن القريب إذا كان بمعنى المسافة فيجوز تذكيره وتأنيثه. واذا كان بمعنى النسب فيؤنث بلا اختلاف بينهم. فيقال: دارك منا قريب. قال تعالى (لعل الساعة أن تكون قريبا). (إعراب القرآن الكريم3/ 371).
4 - تأنيث العدد وجمع المعدود
س 109: جاء في سورة الأعراف 7: 160 وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً. وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد المعدود فيقول اثني عشر سبطاً.
الجواب: إن (أسباطا) ليس تمييز لأنه جمع. وإنما هو بدل من (اثنتي عشرة) بدل كلٍ من كل. والتمييز محذوف. أي اثنتي عشرة فرقة. ولو كان (أسباطا) تمييزا عن اثنتي عشرة لذكر العددان. ولقيل: اثني عشر، بتذكيرهما وتجريدهما من علامة التأنيث، لأن السبط واحد الأسباط مذكر. ولا يجوز أن يكون (أسباطا) تمييزا، لأنه لو كان تمييزا لكان مفردا. وجاء في قول عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سوداً كخافية الغراب الأسحم
(إعراب القرآن الكريم 3/ 474).
5 - جمع الضمير العائد على المثنى
س 110: جاء في سورة الحج 22: 19 هذا نِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ. وكان يجب أن يثنّي الضمير العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: الجملة في الآية مستأنفة مسوقة لسرد قصة المتبارزين يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة.
التقدير هؤلاء القوم صاروا في خصومتهم على نوعين. وينضوي تحت كل نوع جماعة كبيرة من البشر. نوع موحدون يسجدون لله وقسم آخر حق عليه العذاب كما نصت عليه الآية التي قبلها. (إعراب القرآن الكريم 6/ 415)
6 - أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً
س 111: جاء في سورة التوبة 9: 69 وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا. وكان يجب أن يجمع اسم الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
الجواب: الكاف ومدخولها في محل نصب على المفعولية المطلقة. والضمير المحذوف تقديره: كالأمر الذي خاضوا فيه (إعراب القرآن الكريم 4/ 129).
7 - جزم الفعل المعطوف على المنصوب
س 112: جاء في سورة المنافقون 63: 10 وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المصوب فأَصدق وأَكون.
الجواب: الفاء في (فأصدق) عاطفة. وأكن فعل مضارع مجزوم بالعطف على محل فأصدق وأكن. واسم أكن مستتر تقديره أنا. و (من الصالحين) خبرها. (إعراب القرآن الكريم 10/ 103).
والفعل يجزم بعد هذه الحروف على تقدير شرط: أي إن تؤخرني أصدق. و (أكن) معطوفة على الجزاء أو على الفاء وما دخلت عليه. فإذا قدرت معطوفة على الفاء وما دخلت عليه فهي مجزومة في جواب الشرط. وإذا قدرت معطوفة على الجزاء جاز فيها الأوجه الثلاثة: الرفع والنصب والجزم.
8 - جعل الضمير العائد على المفرد جمعاً
س 113: جاء في سورة البقرة 2: 17 مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ. وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول استوقد ... ذهب الله بنوره.
الجواب: المخالفة بين الضميرين من فنون البلاغة القرآنية. فقد وحد الضمير في (استوقد) وحوله نظرا إلى جانب اللفظ لأن المنافقين كلهم على قول واحد وفعل واحد. وأما رعاية جانب المعنى في (بنورهم وتركهم) فلكون المقام تقبيح أحوالهم وبيان ذاتهم وضلالهم فإثبات الحكم لكل فرد منهم واقع. (إعراب القرآن الكريم 1/ 45).
9 - نصب المعطوف على المرفوع
س 114: جاء في سورة النساء 4: 162 لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً. وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والمقيمون الصلاة.
الجواب: الواو معترضة. والمقيمين نصب على المدح بإضمار فعل لبيان فضل الصلاة كما قال سيبويه. والنصب على المدح أو العناية لا يأتي في الكلام البليغ إلا لفائدة وهي هنا مزية الصلاة. وكما قال تعالى في آية أخرى ?والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء?. وهذا سائغ في كلام العرب كما قال الشاعر:
لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر
واستشهد سيبويه في ذلك بقول الشاعر:
وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم ... إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
الطاعنين ولما يطعنوا أحدا ... والقائلون: لمن دار تخليها
(إعراب القرآن الكريم 2/ 378)
10 - نصب المضاف إليه
س 115: جاء في سورة هود 11: 10 وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ. وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول بعد ضراءِ.
الجواب: يظهر أن المعترض جاهل بأصول النحو والإعراب. وذلك أن (ضراء) مضاف إليه والمضاف إليه مجرور بالكسرة ولكن منع من الصرف انتهاء الكلمة بألف التأنيث الممدودة فتجر بالفتحة. (إعراب القرآن الكريم4/ 320).
11 - أتى بجمع كثرة حيث أريد القلة
(يُتْبَعُ)
(/)
س 116: جاء في سورة البقرة 2: 80 لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً. وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة فيقول أياماً معدودات.
الجواب: أنه يجوز فيه الوجهان معدودة ومعدودات ولكن الأكثر أن (معدودة) في الكثرة. و (معدودات) في القلة. قال الزجاج: كل عدد قل أَو كثر فهو معدود، ولكن معدودات أَدل على القِلَّة لأَن كل قليل يجمع بالأَلف والتاء نحو دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ. وقد يجوز أَن تقع الأَلف والتاء للتكثير» (لسان العرب1774) وهنا لا دلالة فيه على القلة بخلاف قوله تعالى ? واذكروا الله في أيام معدودات? فهي ثلاثة أيام المبيت في منى وهي قليلة العدد. كذلك الشأن في مناسك.
12 - أتى بجمع قلة حيث أريد الكثرة
س 117: جاء في سورة البقرة 2: 183 و184 كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُودَات. وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة حيث أن المراد جمع كثرة عدته 30 يوماً فيقول أياماً معدودة.
الجواب: تقدم جواز الوجهين في ذلك كما بينه الزجاج (نقلا عن لسان العرب لابن منظور ص1774).
13 - جمع اسم علم حيث يجب إفراده
س 118: جاء في سورة الصافات 37: 123 - 132 وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ ... سَلاَمٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ ... إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِين. فلماذا قال إلياسين بالجمع عن إلياس المفرد؟ فمن الخطا لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلَّف. وجاء في سورة التين 95: 1 - 3 وَالتِّينِ وَالزَيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ. فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلف.
الجواب: إن هذا اسم علم أعجمي ومهما أتى بلفظ فإنه لا يعني مخالفة لغة العرب. مثل إبراهيم وأبرام. وهما إسمان لنبي واحد. فهو إلياس واسمه الكامل إلياسين. فالاسم ليس من الأسماء العربية حتى يقال هذا مخالف للغة العرب. كذلك الأمر في قوله تعالى ? وطور سينين? والسينين باللغة الحبشية هو الشيء الحسن. فإنها من باب تسمية الشيء الواحد بتسميات متشابهة كتسمية مكة بكة.
14 - أتى باسم الفاعل بدل المصدر
س 119: جاء في سورة البقرة 2: 177 لَيْسَ َالبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ. والصواب أن يُقال ولكن البر أن تؤمنوا بالله لأن البر هو الإيمان لا المؤمن.
الجواب: وكأن السائل بولسي المنهج الذي يرى الايمان شيئا غير العمل. ولهذا لاحظ فيها مخالفة لمنهجه فقال: لأن البر هو الإيمان. كما قال بولس من قبله «نحسب أن الانسان يتبرر بالايمان فقط لا بالعمل». فليذهب وليقرأ سفر يعقوب المناقض لعقيدة الإرجاء التي وقع فيها بولس مخالفا كل نص العهد القديم والجديد. والصحيح أن الإيمان عمل. إذن فالبر هو عمل المؤمن. فيصير معنى الآية ولكن البر هو أن يعمل الإنسان كذا لا لمجرد أن يعمل شيئا واحدا ويظن أن الإيمان يتحقق به فقط. والإيمان بالله من الأعمال الإيمانية وتتضمن أعمالا للقلب تبعث على عمل الجوارح كالخشية والخضوع والتوكل والخوف والرجاء. وهذه كلها تبعث على العمل الصالح.
15 - نصب المعطوف على المرفوع
س 120: جاء في سورة البقرة 2: 177 وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ. وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والموفون ... والصابرون.
الجواب: جاء السياق بلفظ (الصابرين) وهو منصرب على المدح إشعارا بفضل الصبر ومدحا لأهله كما هو معروف عند العرب:
لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر
واستشهد سيبويه في ذلك بقول الشاعر:
وكل قوم أطاعوا أمر سيدهم ... إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
الطاعنين ولما يطعنوا أحدا ... والقائلون: لمن دار تخليها
(إعراب القرآن الكريم 1/ 250).
16 - وضع الفعل المضارع بدل الماضي
(يُتْبَعُ)
(/)
س 121: جاء في سورة آل عمران 3: 59 إنّ مثَل عيسى عند الله كمثَل آدمَ خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون. وكان يجب أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع فيقول قال له كن فكان.
الجواب: وكيف يقتضي المقام صيغة الماضي لا المضارع. مع أن (ثم) حرف عطف للترتيب مع التراخي. وهل يعقل أن يكون السياق هكذا: أذا أمرتك بشيء فعلت؟ أم أن الأصح أن تقول: إذا أمرتك بشيء تفعله؟ وتقدير السياق في الآية فإذا أراد الله شيئا فيكون ما أراد. ولا يقال فكان ما أراد. فإن (أراد) فعل ماضي. وليس من المنطق أن يأتي المراد بصيغة الماضي لأنه تحقق بعدما أن أراده الله. فتكون صيغة المضارع مفيدة للتراخي بحيث يكون الشيء المراد بعد إرادة كونه. وتأمل لو أننا صغنا العبارة الأخيرة بقولنا: بحيث كان الشيء المراد بعد إرادة كونه!!! أي العبارة أبلغ وأكمل لو كنتم تفقهون؟ ولكن كما قيل «أبت العربية أن تتنصر».
17 - لم يأت بجواب لمّا
س 122: جاء في سورة يوسف 12: 15 فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ. فأين جواب لمّا؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام المعنى.
الجواب: وهذا من أساليب البلاغية العالية للقرآن أنه لا يذكر لك تفاصيل مفهومة بديهة في السياق. فإن جملة (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب) معطوفة على محذوف يفهم من سياق القصة تقديره: فأرسله معهم. (إعراب القرآن الكريم 4/ 461).
18 - أتى بتركيب يؤدي إلى اضطراب المعنى
س 123: جاء في سورة الفتح 48: 8 و9 إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا لتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. وهنا ترى اضطراباً في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد إلى خطاب غيره. ولأن الضمير المنصوب في قوله تعزّروه وتوقروه عائد على الرسول المذكور آخراً وفي قوله تسبحوه عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً. هذا ما يقتضيه المعنى. وليس في اللفظ ما يعينه تعييناً يزيل اللبس. فإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الرسول يكون كفراً، لأن التسبيح لله فقط. وإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الله يكون كفراً، لأنه تعالى لا يحتاج لمن يعزره ويقويه!!
قبل أن نجيب على هذه الشبهة نذكر القوم بأن المسيح الذي هو عندهم رب احتاج إلى جحش ليركبه وأمر تلاميذه أن يقولوا لصاب الجحش «الرب محتاج إليهما» (متى21/ 2). وأن ربهم بدا عليه الخوف والقلق حتى ظهر له ملك يقويه ويشدده (لوقا22/ 43). أليس هذا من الكفر أيضا أن يحتاج الرب إلى جحش يركب عليه ومخلوق يشد من أزره؟
الجواب: نعم يكون كفرا إذا التزمنا بأن الضمير في التسبيح يعود على النبي صلى الله عليه وسلم. لكننا لا نلتزم ذلك. وعلمنا ربنا أن التسبيح والذكر يكون له وحده.
وإنما نلتزم أن الله أرسل لنا النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب عديدة مرتبطة بلام التعليل: أولها لنؤمن بالله. وثانيهما لننصر رسوله صلى الله عليه وسلم ونبجله بالاحترام والتقدير. ومن أسباب إرسال نبيه أن يعلمنا تسبيح الله بكرة وعشيا.
19 - نوَّن الممنوع من الصرف
س 124: جاء في سورة الإنسان 76: 15 وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا بالتنوين مع أنها لا تُنّوَن لامتناعها عن الصرف؟ إنها على وزن مصابيح.
وجاء في سورة الإنسان 76: 4 إِنَّا أَعْتَدْنَا لْكَافِرِينَ سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً. فلماذا قال سلاسلاً بالتنوين مع أنها لا تُنوَّن لامتناعها من الصرف؟
الجواب: لم أجد التنوين المزعوم في قواريرا. وأما سلاسلا فلم أجدها منونة أيضا. وإنما هي في بعض القراءات المرجوحة. وليست هي في الرسم العثماني المتوافر بين أيدينا. فهل عند المعترض قرآن آخر يحتج به علينا؟
وعلى كل حال فيجوز أن تكون مصروفة أيضا في العربية. ولا يمنع ذلك أن يكون في القرآن لتناسي الفواصل في الآيات ما دام يجوز الصرف ومنعه.
وهذا ما قرره علماء النحو في قواعدهم ونص على ذلك ابن مالك في قوله:
(ولاضطرارٍ وتناسب صرف ذو المنع)
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنه قول الشاعر زهير بن أبي سلمى:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن بالعلياء من فوق جرثم
20 - تذكير خبر الاسم المؤنث
س 125: جاء في سورة الشورى 42: 17 اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ. فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث فيقول قريبة؟
الجواب: في الآية مقدر محذوف وهو مجيء الساعة قريب. وفيه أيضا فائدة وهي أن الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى. ومثله قول القائل: إمرأة قتيل. ويؤيده قوله تعالى ? هذا رحمة من ربي? فأتى اسم الإشارة مذكرا. ومثله قوله تعالى ? والملائكة بعد ذلك ظهير?.
وقد جهل المعترض بأنه المذكر والمؤنث يستويان في أوزان خمسة:
1 - فعول كرجل صبور وامرأة صبور.
2 - فعيل: كرجل جريح وامرأة جريح.
3 – مفعال: كرجل منحار وامرأة منحار أي كثير النحر.
4 – فعيل: بكسر الميم مثل معطير ومسكين وجوزه سيبويه قياسا على الرجل.
5 – مفعل: بكسر الميم وفتح العين. كمغشم وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من شجاعته. ومدعس من الدعس وهو الطعن.
(إعراب القرآن الكريم 9/ 25).
21 - أتى بتوضيح الواضح
س 126: جاء في سورة البقرة 2: 196 فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَاِملَةٌ. فلماذا لم يقل تلك عشرة مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح، لأنه من يظن العشرة تسعة؟
الجواب: هذا من باب توكيد الكلام ولا عيب فيه. كما تقول: سمعته بأذني ورأيته بعيني. والحال الاكتفاء بلفظ السماع من غير أن تأتي بلفظ الأذُن والعين. وكما قال الله ? فخر عليهم السقف من فوقهم? ولا يكون الخر إلا من السماء. وهل أبصرت عيناك الحادتان هذا وعميت عن قصص الزنا وصفات الجهل المنسوبة إلى الله؟
وذهب الإمام الطبري إلى أن المعنى «تلك عشرة فرضنا إكمالها عليكم إكمال صومها لمتعتكم بالعمرة إلى الحج. فأخرج ذلك مخرج الخبر».
22 - أتى بضمير فاعل مع وجود فاعل
س 127: جاء في سورة الأنبياء 21: 3 وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الذِينَ ظَلَمُوا مع حذف ضمير الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين.
الجواب: أن هذا جائز على لغة طيء وأزدشنوءة ويضرب اليوم لهذه اللغة مثالا وهو ما يسمى بلغة (أكلوني البراغيث) نحو ضربوني قومك وضربنني نسوتك. ومنه قوله تعالى (ثم عموا وصموا كثير منهم) وفي الحديث الطويل قول النبي صلى الله عليه وسلم لورقة بن نوفل رحمه الله «أوَ مخرجي هم». وكان عمرو بن ملقط الجاهلي من شعراء العرب الأوائل يقول:
أُلفِيَتا عيناك عند القفا ... أولى فأولى لك ذا وقيه
وقال الشاعر
تولى قيادة المارقين بنفسه ... وقد أسلماه معبد وحميم
وقال الشاعر:
نصروك قومي فاعتززت بنصرهم ... ولو أنهم خذلوك كنت ذليلا
(إعراب القرآن الكريم 6/ 279).
23 - الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل إتمام المعنى
س 128: جاء في سورة يونس 10: 21 حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ. فلماذا التفت عن المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب المخاطب.
الجواب: أن الالتفات من الخطاب إلى الغيبة من أعظم أنواع البلاغة. فإنه لما كان قوله تعالى (هو الذي يسيركم) خطابا ينطوي على الامتنان وإظهار نعمة المخاطبين، ولما كان المسيرون في البر والبحر مؤمنين وكفارا والخطاب شامل لهم جميعا حسن الخطاب بذلك ليستديم الصالح الشكر، ولعل الطالح يتذكر هذه النعمة فيتهيأ قلبه لتذكر وشكر مسديها. ولما كان في آخر الآية ما يقتضي أنهم إذا نجوا بغوا في الأرض عدل عن خطابهم بذلك إلى الغيبة لئلا يخاطب المؤمنين بما لا يليق صدوره منهم وهو البغي بغير الحق. ومن جهة أخرى ذكر لغيرهم حالهم ليعجبهم منها كالمخبر لهم ويستدعي منهم الإنكار عليهم والتقبيح لما اقترفوه، ففي الإلتفات فائدتان وهما المبالغة والمقت والتبعيد.
(إعراب القرآن الكريم 4/ 226).
24 - أتى بضمير المفرد للعائد على المثنى
س 129: جاء في سورة التوبة 9: 62 وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ. فلماذا لم يثنّ الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن يرضوهما؟
الجواب: أفرد الضمير للدلالة على أن إرضاء الله هو عين إرضاء الرسول. كذا قال أهل العلم: أن إفراد الضمير لتلازم الرضاءين. وقال سيبويه بأن المراد الله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك. فيكون الكلام جملتين حذف خبر إحداهما لدلالة الثاني عليه والتقدير: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك. (إعراب القرآن الكريم 4/ 121).
25 - أتى باسم جمع بدل المثنى
س 130: جاء في سورة التحريم 66: 4 إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا. والخطاب (كما يقول البيضاوي). موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟
الجواب: أن الله قد أتى بالجمع في قوله (قلوبكما) وساغ ذلك لإضافته إلى مثنى وهو ضميراهما. والجمع في مثل هذا أكثر استعمالا من المثنى. فإن العرب كرهوا اجتماع تثنيين فعدلوا إلى الجمع لأن التثنية جمع في المعنى والإفراد. لا يجوز عند البصريين إلا في الشعر كقوله:
حمامة بطن الواديين ترنمي ... سقاك من العز الفوادي مطيرها
(إعراب القرآن الكريم 10/ 134)
26 – رفع اسم إن
كما في هذه الآية ? إن هذان لساحران? 63 من سورة طه
الجواب: وهذه (إن) المسكنة وليست مشددة كما يظن هؤلاء وإنما هي مخففة من إن المشددة. واسمها دائما ضمير محذوف يسمى ضمير الشأن. وخبرها جملة. هي هنا جملة (هذان ساحران) وتأتي اللام المؤكدة في خبرها فتميزها عن «ان» النافية، ولا تحذف إلا لقرينة لفظية أو معنوية ومن ذلك ما جاء في الحديث النبوي (قد علمنا إن كنت لمؤمنا). ومن ذلك قول الشاعر:
أنا ابن أباة الضيم من آل مالك ... وإن مالك كانت كرام المعادن
هذا والله تعالى اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[11 Sep 2003, 01:02 م]ـ
الشكر للشيخ عبدالرحمن على توضيحه، وله أن يساعد ناقل الموضوع على تغيير اسمه، لأنه لم يستطع.
ـ[ Flowerpower] ــــــــ[11 Sep 2003, 08:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أتقدم بالشكر من الأخ الكريم نسر الاسلام في رده على الشبهات التي أثارها كامل النجاركما أشكره على تزويدي برابط لوحة المفاتيح العربية و أعتذر عن عدم تمكني من طباعة المزيد من الكلمات لأنها المرة الأولى التي أقوم فيها باستخدام لوحة مفاتيح عربية.
جزاكم الله كل خير
والسلام عليكم
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[14 Sep 2003, 04:08 م]ـ
الشيخ الفاضل عبدالرحمن الشهري
جزاك الله خيرا على سعة صدرك وردّك المجمل الذي استوعب كثيرا من الأمور المهمة
وأنا أؤيدك في تركك للمقالة وعدم حذفها مع ما فيها من إساءة للقرآن والإسلام، وذلك حتى يقف الإخوة على ما يحاك ضد دينهم وكتابهم وكيف يفترى عليه، ولأن معظم زوار هذا المنتدى المبارك هم من طلبة العلم الذين لا تنطلي عليهم هذه الدعاوى بإذن الله
لكني أهيب بكم شيخنا الكريم أن تمسحوا رابط الموقع، لأن فيه مواد فاسدة كثيرة وقد يكون باب فتنة للكثيرين ..
وفقكم الله لكل خير وبارك في هذا الملتقى وفي رواده ..(/)
فهرسة لبعض فوائد كتاب التسهيل لابن جزي
ـ[ابوعمر]ــــــــ[11 Sep 2003, 04:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد ...
فمن باب نشر الفائدة بين اخواني طلبة العلم، أحببت أن أشارك بهذه المشاركة التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون نافعة، وهي فهرسة لفوائد الكتاب العظيم والمشهور في التفسير (التسهيل لعلوم التنزيل) للشيخ العلامة / محمد بن أحمد بن جزي الكلبي.
وهي على حسب الطبعة القديمة (طبعة دار الكتاب العربي) ط4 1403هـ - 1983م.
ملاحظة / الموضوع أو الفائدة سيكون أمامها رقم الصفحة فقط، وأما الجزء سيكون في البداية ثم الذي يليه وهكذا إلى أن ننتهي بإذن الله تعالى.
وسوف أقوم بإذن الله تعالى بكتابتها تباعاً على ما ييسر الله تعالى.
ولا تنسونا بدعوة صالحة بظهر الغيب
(الجزء الأول):
1. ما قصده المؤلف بالكتاب 3
2. أسماء القرآن أربعة 5
3. السور المكية والمدنية 5
4. معاني القرآن الكريم 5
5. الحكمة من تكرار قصص الأنبياء في القرآن 6
6. فنون العلم التي تتعلق بالقرآن 6
7. معنى التفسير وأنواعه 6
8. الفرق بين التفسير والتأويل 7
9. هذا الكتاب مبني على قراءة نافع لماذا 7
10. أهمية الحديث بالنسبة للمفسر 7
11. علاقة التصوف بالقرآن ومقصود المؤلف منه 8
12. أصول الدين تتعلق بالقرآن من طرفين 8
13. أسباب الخلاف بين المفسرين 9
14. أوجه الترجيح بين أقوال المفسرين 9
15. طبقات المفسرين 9
16. تعليق على كتاب الكشاف للزمخشري 10
17. وقوع النسخ في القرآن على ثلاثة أوجه 10
18. جوامع القراءة وأنواعها 11
19. اختلاف القراء على نوعين 12
20. أقسام الوقف 12
21. شروط الفصاحة 12
22. رأي المؤلف في المجاز 13
23. عشرة أوجه تدل على إعجاز القرآن 14
24. ماورد في فضل القرآن الكريم من آثار 14
25. عشرة فوائد في الكلام على الاستعاذة 30
26. القواطع عن الله أربعة 30
27. عشرة فوائد في الكلام على البسملة 30
28. الفرق بين الحمد والشكر وبعض الفوائدالمتعلقة بذلك 32
29. أيهما أفضل الحمد لله رب العالمين أم كلمة التوحيد 33
30. كلام نفيس عن معنى التقوى 35
31. فائدة / المصادر لاتجمع 37 - 39
32. ثلاث فوائد في قوله تعالى ((ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ..... )) 40
33. الأرض والسماء والحيوان والنبات ... تدل بالعقل على عشرة أمور 41
34. إثبات صفة الحياء لله سبحانه وتعالى 42
35. ثلاث فوائد في قوله تعالى ((كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم)) 43
36. الدليل على أن خلق الأرض قبل السماء وحلّ التعارض مع قوله ((والأرض بعد ذلك دحاها)) 43
37. النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل وسوء أفعالهم ‘ ثمّ العقوبة التي استحقوها، كلٌ منها عشرة أشياء إجمالاً 45
38. تصديق النبي صلى الله عليه وسلّم لمن قبله من الأنبياء له ثلاث معان 46
39. احتجاج الحنفية بقوله تعالى ((ولاتشتروا بآياتي ثمناً قليلاً)) على منع الإجارة على تعليم القرآن 46
40. استدلال المالكية على قبول قول المقتول في قصة ذبح البقرة واستدلوا أيضاً أن القاتل لايرث 51
41. فائدة / في دخول (لن - ولا) 54
42. حكم الساحر عند الإمام مالك 55
43. حكم من أخطأ القبلة عند الإمام مالك 58
44. قول الله للشيء (كن) هل هو على حقيقته أم أن له معنى آخر 58
45. فائدة / في قوله تعالى على لسان إبراهيم (( ... رب اجعل هذا بلداً آمناً)) فنكّر في البقرة وعرّف في سورة إبراهيم وذلك لأمور هي ... 60
46. أنواع الذكر 63
47. بيان أفضلية الذكر 64
48. الكلام عن الصبر 65
49. حكم السعي عند مالك والشافعي 65
50. درجات التوحيد كما يرى المصنف 66
51. محبة العبد لربه 67
52. الموجب للمحبة 67
53. العاصي بسفره لايأكل من الميتة عند مالك 69.
54. حكم الشافعي على المضطر أن يشبع من الميتة أم لا 69
55. حكم ميتة بني آدم عند الشافعي ومالك 69
56. رأي مالك والشافعي في حبوط عمل المرتد 79
57. فائدة / في سورة البقرة آية 219 لم قيل ويسألونك بالواو ثلاث مرات، وبغير الواو ثلاث مرات فيما قبلها 79
58. حكم جماع المرأة الحائض عند طهرها 80
59. أحوال المخالفة أربعة 82
(يُتْبَعُ)
(/)
60. لا قياس مع وجود النص بدليل ... 94
61. معنى العدالة 96
62. التكليف بما لايطاق وأنواعه 99
63. هل يجوز أن يحرّم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه شيئاً م باجتهاده أم لا 113
64. الآيات البينات التي في البيت الحرام 114
65. الاستطاعة في الحج عند مالك هي ... 114
66. معنى التوكل، ومراتب الناس فيه، وأقسام الأسباب وعلاقتها بالتوكل 122
67. معنى المرابط عند الفقهاء 128
68. مقام المراقبة 128
69. تعريف للكبائر 139
70. حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة 144
71. قول الأشعرية بعدم خلود عصاة المؤمنين في النار من قوله تعالى: ((ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها ... )) 153
72. حكم القاتل عمداً إذا تاب 153
73. اختلاف اهل العلم في قوله تعالى ((وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ... )) 155
74. قال المؤلف: ((استدل الأصوليون بقوله تعالى (( .. ويتبع غير سبيل المؤمنين .. )) أنه لايجوز مخالفة الإجماع، قال: وفي ذلك نظر)). 157
75. يقول قوم عيسى أنه رسول الله مع أنهم يسبونه ويكفرون به وذلك لثلاثة أوجه 163
76. الفرق بين البر والتقوى 167
77. الفرق بين الإثم والعدوان 167
78. للإحصان أربعة معاني 169
79. حكم الوضوء لكل صلاة 170.
80. تمثيل قاتل الواحد بقاتل الجميع يتصور بثلاثة أوجه 175
81. معنى المحارب عند مالك وأبي حنيفية 175
82. درجات الحرابة ثلاث 175
83. أشكل آية في القرآن إعراباً ومعنى وحكماً في سورة المائدة 191
84. مناسبة قوله تعالى (( .. أنت العزيز الحكيم)) بعد قوله: ((وإن تغفر لهم)) سورة المائدة 195.
(الجزء الثاني)
1. ثلاث تأويلات لقوله تعالى ((والموتى يبعثهم الله .. )) 8
2. قوله تعالى ((وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه .. )) لماذا طلبوا آية وقد أتى بمعجزات وآيات كثيرة .. 8
3. استدل بعضهم بقوله تعالى ((فبهداهم اقتده .. )) على أن شرع من قبلنا شرع لنا 15
4. ردّ الله على من نسب له البنين أو البنات في سورة الأنعام وذلك من وجهين 17
5. الفرق بين الرؤية والإدراك 18
6. قوله تعالى ((ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم .. )) معنى كلمة ظلم وأن فيها وجهاً للمعتزلة وآخر لأهل السنة وهو الصحيح 21
7. دليل أن الأمر يقتضي الوجوب عند الأصوليين 29
8. من أدلة تفضيل الملائكة على الأنبياء 30
9. من أدلة وجوب ستر العورة 30
10. هل يرى الجن 31
11. كلام جميل عن الخوف والرجاء 35
12. قول الأشاعرة والزمخشري في رؤية الله تعالى من آية الأعراف 44
13. ما ورد من ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والأنجيل 47
14. المراد بقوله تعالى ((وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم .. )) 53
15. إطلاق الأسماء عليه سبحانه 55
16. معنى قوله تعالى ((فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فما آتاهما .. )) 57
17. حكم التحيز وقت الحرب والقتال 63
18. الأموال التي تؤخذ من الكفار في الحرب 66
19. الخلاف في قوله تعالى ((فأن لله خمسه 66
20. سبب ترك البسملة في براءة 70
21. الدليل على مشروعية قتال تارك الصلاة والزكاة 71
22. حكم دخول الكفار مساجد المسلمين 73
23. حكم عمل المسلم عند رجل كافر أو فاجر 122
24. الدليل على أن النساء لايكوننّ رسلاً 129
25. قوله تعالى في سورة إبراهيم ((ويؤخركم إلى أجل مسمى)) وقول الزمخشري وغيره من المعتزلة المبني على قولهم بالأجلين 138
26. دليل استدل به بعض الناس على تحريم الخيل والبغال والحمير 150
27. في قوله تعالى: ((وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين)) فرفع أساطير، وأما قوله: ((وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً .. )) نصب خيراً، فما الفرق بين أساطير وخيراً في الموضعين، ولماذا رفع أساطير ونصب خيراً 152
28. حكم الكفر بالفعل مع اطمئنان القلب بالإيمان 162
29. ثلاثة أشياء (الحكمة - الموعظة الحسنة - الجدل) يسميها أهل العلوم العقلية ب (البرهان - الخطابة - الجدال) 165
30. مسألة / رجل ظلم رجلاً في مال ثمّ ائتمن الظالم المظلوم مالاً فهل يحقّ للمظلوم خيانته بقدر ما ظلمه من ماله 165
31. هل أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم جسداً وروحاً أم روحاً فقط 166
32. حكم أهل الفترة، وهل يلزم التكليف بالشرع أم بمجرد العقل 169
33. دليل على التزود للمسافر أفضل من تركه وعلى جواز الوكالة 184
(الجزء الثالث)
1. حكم تمني الموت 4
2. دليل على أخذ السبب في طلب الرزق 4
3. حكم نذر الصمت في شريعتنا 4
4. الفرق بين النبي والرسول 6
5. من أدلة وجوب الصلاة على الناسي إذا ذكرها 11
6. دليل على ان السحر خييل لاحقيقة على قول بعض أهل العلم 15
7. قال سيبويه ((لم تأت لغة: أكلوني البراغيث في القرآن)) 22
8. دليل التمانع 24
9. اعتقاد أهل السنة والجماعة في الميزان 27
10. كيف بردت النار التي ألقي فيها إبراهيم 29
11. هل للأنبياء أن يجتهدوا 30
12. حكم إفساد المواشي الزرع في شرعنا على خلاف 30
13. دليل أن كل مجتهد مصيب 30
14. قوله تعالى ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر)) المقصود بالزبور فيه وجهان 33
15. قال ((مرضعة)) ولم يقل مرضع لماذا؟ سورة الحج 34
16. قوله ((يدعو لمن ضره أقرب من نفعه)) فيها اشكالان .. 36
17. الناس سواء في المسجد الحرام 39
18. دليل على أن المشي أفضل من الركوب في الحج 40
19. دليل على سقوط الحج على من يحتاج إلى ركوب البحر 40
20. أول آية نزلت بالإذن بالقتال 42
21. دليل على أن العقل في القلب 43
22. الصحيح في قصة الغرانيق 44
23. معنى الخشوع وحكمه 48
24. قوله تعالى في سورة (المؤمنون) .. ولا يتساءلون .. وفي آية أخرى قال: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) بينهما تعارض وحلّه 57
25. حدّ الزنا والاختلاف فيه 58
26. كيف يكون الضرب في حدّ الزنا 59
27. حكم نكاح الزاني والزانية 59
28. القذف وما يتعلق به 59
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2004, 02:22 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم أبا عمر على مشاركتنا بهذه الفوائد، وقد نقلتها على الصفحة الأولى من كل جزء وننتظر البقية وفقك الله.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[25 Mar 2006, 10:55 م]ـ
ما أفضل طبعات هذا الكتاب؟(/)
مقارنة بين منهج ابن جرير الطبري ومنهج الزمخشري
ـ[أبوعادل الشريف]ــــــــ[12 Sep 2003, 02:34 ص]ـ
قارن بين منهج ابن جرير الطبري ومنهج الزمخشري
مقدمة:
نشأة التفسير: نشأ التفسير منذ عهد الرسول وكان معتمدا على الرواية وحدها، وظل هكذا حتى دون الحديث في نهاية عصر التابعين فأصبح فراعا من فروعه ثم استقل بعد ذلك بذاته فأصبح قائما بذاته وظهر من المفسرين من تناول القرآن كله بالتفسير كابن ماجه 273 وابن جرير سنة 310 وكان أهم ما تعتمد عليه هذه التفاسير الرجوع بالسند إلى الرسول ثم جاءت خطوة بعد ذلك فاختصروا الأسانيد ثم تدخل الفهم الشخصي في مرحلة تالية بعد ظهر الفرق وانتشار العلوم المختلفة واتضح أثر حركة الترجمة لتختلط الثقافات الأجنبية بالتفسير. وبدأ ثقافة كل مفسر تظهر فمنهم من تناول كل ماجاء في القرآن في موضوع خاص كما فعل الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن، ورغم مرور زمن طويل على تلك التفاسير فإن مناهج بعينها ظلت قائمة أكثر ما يحددها الغالب عليها فليس هناك سمات فاصلة.
سنعرض لمقارية بين منهج التفسير بالمأثور ومنهج التفسير بالرأي من خلال تفسير جامع البيان في تفسبر القرآن الذي مثل الاتجاه الأول وتفسير الكشاف الذي مثل الاتجاه الثاني.
مقدمة التفسير بالمأثور مقدمة التفسير بالرأي
هو ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وما نقل عن الصحابة والتابعين وأول ما دون في ذلك صحيفة ابن عباس وقد اعتمد عليها البخاري في صحيحة كثير وأخرج منها ابن جرير وغير ه وتبدوا فاعلية المفسر بالمأثور برصده للروايات ثم اتجاهه إلى مرويات بعينها حول الآية الواحدة وفي الترجيح بينها وتفضيل واحدة منها أو الحكم بضعفها جمعيا والحكم في الآية في ضوء الوسائل المعينة كأسباب النزول ـ المألوف من كلام العرب ـ الدلاللة اللغوية للألفاظ في عهد النبة وقد تسللت المرويات الإسرائلية واختصرت الأسانيد فانتحلت الأقوال وتم إسنادها إلى الثقات من الصحابة والتابعين بل ورفعوها إلى الرسول كذلك لأغراض سياسية لإعلاء شخص أو فرقة كما فعلوا مع علي بن أبي طالب ولعل هذا ما دفع جولد تسهير للتشكيك في المأثور حين يقول " لا يوجد تفسير موحد للقرآن" بزعم أن روايات متعارضة تروى عن صحابة مختلفين فضلا عن أقوال مختلفة في دلالة بعض الألفاظ تنسب إلى صحابي واحد بعينة.
وقد رد عليه السيوطي (ربما يحكى عنهم عبارات مختلفة الألفاظ فيظن من لا فهم عنده أن ذلك اختلاف محقق فيحكيه أقوالا وليس كذلك بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى الآية لكونه أظهر عنده أو أليق بحال السائل، وقد يكون بعضهم يخبر عن الشيء بلازمه ونظيره والآخر بمقصوده وثمرته الكل يؤول إلى معنى واحد غالبا فإن لم يمكن الجمع فالمتأخر من القولين مقد إن استويا في الصحة وإلا فالصحيح المقدم. التفسير النقلي بالمأثور كان الخطوة الأولى ثم نحدث أن بعض المفسرين أخذ يبدي برأيه لعوامل متعددة فاختلط التفسير الذي يعتمد على الرواية بالذي يعتمد على الدراية وخاصة عند رجال الفرق الذين أعملوا عقولهم في تأويل النص وتحكيم معتقداتهم فيه واستخراج الأدلة من النص على سلامة اتجاههم ويبدو أن المعتزلة (نسبة إلى اعتزال واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد قول الأمة وقولهما بالمنزلتين: ـ الفاسق لا مؤمن ولا كافر) كانوا أول من اعتمد على الدراية لتطبيق القرآن في ضوء أصولهم المعتزلية (الوعد ـ الوعيد والمنزلة بين المنزلتين) وقد اعتمد أصحاب التفسير باالرأي من المعتزلية على المنهج اللغوي ليساعدهم على حمل النص القرآني على مذهبهم واعتقادهم وآرائهم.
ومن الذين وضعوا تفاسير الدراية:
ابن كيسان الأصم 240هـ وأبو علي الجبائي 303 هـ وابن عيسى الرماني ولم يكتب لهذه التفاسير البقاء ربما لما بها من نزاع عقدي لا يجد مساغا هينا إلى الفهم (كما ذكر ذكر جولد تسهير)
التعريف بمؤلف التفسير (ابن جرير الطبري) التعريف بمؤلف الكشاف (الزمخشري)
(يُتْبَعُ)
(/)
وضعه محمد بن جرير الطبري 251 ـ 310 هـ وكان كان حافظ للقرآن بصيرا بالمعاني فقيها في أحكامالقرآن عالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها ناسخها ومنسوخها عالما بأحوال رواوة من الصحابة والتابعين كما ذكر السيوطي واستقل الطبري بمذهب لم يكتب له أن يعيش وضعه محمود بن عمر الزمخشري 467 ـ 538 الذي كان من قدراته الخاصة في اللغة والأدب ما جعله أهلا للقيام بمهمة تفسير القآن، ويرى الزمخشري أن من يتصدى لتفسير القرآن لا بد أن يكون قد برع فعلمي المعاني والبيان بعد أن يكون قد أخذ من سائر العلوم بحظ.
التعريف بالكتاب ومكانته التعريف بالكتاب ومكانته
له أهمية كبيرة عند أصحاب منهج التفسير النقلي وإن كان يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها في دائرة التفسير العقلي وذكر أمين الخولي أن ترجيحاته تقوم على نظرات أدبية.
فالاسفراييني مدحه (لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل على تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا) وذكر ابن تيمية أنه من أصح التفاسير أما سبب تأليفه فيرجع لرغبة أصحابه في أن يملي عليهم تفسيره لشدة إعجابهم بطريقته في عرض بعض الحقائق فاجتمعوا عليه مقترحين أن يملي عليهم التأويل وكان قد جاوز الستين وفرع منه سنتين وثلاثة أشهر.
منهجه العام منهجه العام
أوضح في مقدمة تفسيره " أنه التزم بما جاء في القرآن الكريم أولا، فهو يرى أن تأويل القرآن على ثلاثة أوجه:
فما أنزل الله من القرآن على نبيه مما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول (وأنزلينا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل عليهم ولعلهم يتفكرون)
وهذا الوجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله بتأويله بنص منه عليه أو بدلالة نصبها دالا أمته على تأويله. والثاني: ما لا يعلم تأويله إلا الله وهي المتشابهات فالمتشابهات مثل وقت قيام الساعة ـ حروف فواتح السور يقدم الزمخشري منهجه من خلال تفسيره: خو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات "
(محكمات) أحكمت عبارتها بأن حفظ من الاحتمال والاشتباه، متشابهات مشتبهات محتملات مثل (إلى ربها ناظرة) (لا تدركه الأبصار)
فالآيات المحكمة هي التي يتفق ظاهرها مع مذهبه والمتشابهات هي التي يتعارض ظاهرها مع مذهبه
وصرفها عن ظاهرها وتأويلها إلى معنى يتفق مع أقوال المعتزلة أساس منهجه في تفسيره.
فيؤول إلى ربها ناظرة بحملها على معنى يصح معه الاختصاص، والذي يصح معه (قول الناس أنا إلى فلان ناظر) ما يصنع بي يريد معنى التوقع والرجاء.
طريقته طريقته
ومن يقرأ تفسيره يجد في تفسيره للآية يقول " القول في تأويل قوله تعالى .. ثم يفسر الآية ويرد ما جاء فيها من التفسير بالمأثور وإذا كان ثمة أقول متعددة فإنه لا يدع قولا وإنما يأتي عليها جميعا ذاكرا في كل رأي ما ورد فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين ملتزما السند في كل ما يورده ولئن غلب عليه عدم التعرض للأسانيد إلا أنه كان يفعل ذلك حين يبدو له عدم الوثوق بالرواية فعند تفسيره لقوله تعالى (فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا " يقول روي عن عكرمة في ذلك يعني في ضم سين سدا أو فتحها ما حدثنا .. ثم ذكر السند إلى أن وصل إلى عكرمة: قال ما كان صنعة بني آدم فهو السد يعني الفتح ثم ذكر أما ما ذكر عن عكرمة فنقل ذلك عن أيوب عن هارون وفي نقله نظر، بل واتجه إلى النقد الموضوعي بتحكيم أصول النقد التي وضعها واتبعها على المتن ومن ذلك الاحتكام إلى ظاهر التنزيل مثل " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ثم يفسر الآية يعنى يحتبسن بأنفسهن معتدات عن الأزواج والطيب والنقلة عن المسن أربعة أشهر وعشرا، ثم يورد قول ابن عباس بأن الله يقل تعتد في بيتها، فلتعتد حيث شاءت ويعقب وهذا خروج عن ظاهر التنزيل لا معنى له وكان يرفض الرواية حين لا يثق فيها، فينقل عن مجاهد بسند وعن ابن عباس ثم يؤيد قول ابن عباس رافضا قول مجاهد بقوله وأولى القولين بالصواب فسر الزمخشري القرآن في ضوء أصول المذهب المعتزلي، فإن تعارضت تلك الأصول بظاهر القرآن فأنه يتأول الآيات حتى تتفق مع مذهبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقول بالتوحيد، فنراه ينزه الله عن الشبه الخلق لذلك فسر الزمخشري الاستواء بالملك، " الرحمن على العرش استوى " طه، لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يرادف الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا: استوى فلان على العرش يريدون ملك.
وفسر الوجه بالذات " كل شيء هالك إلا وجهه "
القصص بقوله إلا إياه والوجه يعبر عن الذات.ويفسر قوله " يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم " بأنه السميع العليم لذاته (ذاته وصفاته شي واحد).
أما أصل العدل المعتزلي فيتضح من خلال تفسيره (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) إن الله لا يسأل عن أفعاله ثم يؤكد أن ما يفعله الله بدواعي الحكمة ولا يجوز عليه الخطأ ولا فعل القبائح ويدلل على أن النهي والأمر الواردان في قوله تعالى (ولا تنقصوا المكيال والميزان) وقوله في الآية التالية (يا قوم أوفوا الميزان) هود. نهي عن القبيح في العقول تعييرا وأمرا بالحسن في العقول ترغيبا.
ويرى الزمخشري أن الله لم يخلق أفعال العباد ولكنه مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف.
لذلك لجأ إلى فكرة اللطف ليصرف الآيات التي تتصادم مع مذهب المعتزلة عن مقتضى النص ويخضعها لمذهبه. (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا وهدينتا. الوعد والوعيد لربط الجزاء بالعمل لذلك يقرر الزمخشري أن مرتكب الكبيرة في النار ما لم يتب (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) ثم يعقب وذلك محمول منهم على التغليظ.
موقف الطبري من المسائل الكلامية موقف الزمخشري من المسائل الكلامية
يأخذ الطبري بمذهب السلف في تفسير آيات الصفات، فيقول فيها بالظاهر مع رفض مبدأ التجسيم يقول في تفسير قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة " اختلف أهل الجدل قال بعضهم عني بذلك نعمتاه، وقال آخرون منهم عني بذلك القوة وقال آخرون منهم بل يد الله صفة من صفاته هي يد غير أنها ليس بجارحة كجوارح بين آدم، ولا يرتضي الطبري إلا قول من قال " إن يد الله هي له صفة قال: وبذلك تظاهرت الأخبار عن الرسول
ويخالف ما قاله الزمخشري من أن الله لم يخلق أفعال العباد، ويذهب إلى أن الله سبحانه الذي يخلق أفعال العباد وأنه المضل الهادي
يقول في تفسير قوله تعالى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على مسعه وقلبه " أي أن الله سبحانه وتعالى خذله عن محجة الطريق وسبيل ا لرشاد عرف في سابق علمه على علم منه بأنه لايهتدي ولو جائته كل آية.
وفي المقابل "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " وهو يهدي من يشاء من خلقه فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم وهو الإسلام سبق وأن عرضنا لمنهج الزمخشري في تأويله للآيات تأويلا يوافق مذهب الاعتزالي وأصولهم الخمسة ولا داعي لتكرار ما قلناه، ولكن لا بد أن نشير إلى أن الزمخشري يختلف اختلافا كليا في تناوله للمسائل الكلامية عن ابن جرير فالاثنان على النقيض تماما، فالزمخشري يأول آيات الصفات كما تناولنا ذلك والثاني يقر بها كما أقر بها السلف من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، والزمخشري يرى أن الله لم يخلق أفعال العباد وابن جرير يذهب لعكس ذلك.
والزمخشري لا يقر بهداية الدلالة من الله ولا أن الله يضل من يشاء ويستشهد بقوله تعالى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " فهو لم يضطرهم إلى الاتفاق على دين الحق ولكنه مكنهم من الاختيار فاختار بعضهم الحق واختار بعضهم الضلال (انظر رأي ابن جرير في نفس المسألة ليتضح لك الصواب.
الطبري ومسائل اللغة الزمخشري ومسائل اللغة
نلحظ مقدرته اللغوية من خلال تفسيره "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " والحسرات جمع حسرة وكذلك كل اسم كان واحده على فعله مفتوح اأول ساكن الثاني فإن جمعه على وزن فعلات مثل شهوة شهوات فأما إذا كان نعتا فإنك تدع ثانيه ساكنا مثل ضخمة ضخمات وربما سكن الثاني في الأسماء كلها.
ويفهم النص القرآن في ضوء الدلالات اللغوية التي كانت في عصر النبوة على ما كان معروفا عند العرب ففي قوله " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " وقيل ذلك من الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهي للمخاطب به والمراد به غيره
(يُتْبَعُ)
(/)
وعند ورد قول عن النبي أو الصحابة تقوم به الحجة عندئذ يرفض هذه القاعدة يفسر قوله (ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " يقول وكان البعض يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ويزعم أنه من العصر الذي بمعنى المنجاة وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئة خلاف قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين
فابن جرير المفسر اللغوي يجب أن يسير في نطاق التفسير المأثور ولا يتعارض معه فمذهب الطبري الأول الاعتماد على الرواية والنقل.
والمرجع المعتمد عند الطبري للاستعمال اللغوي هو الشعر القديم لذلك فكثيرا ما يستشهد به يقول: ومعنى قوله اهدنا الصراط المستقيم " في هذا الموضع عندنا وفقنا للثبات عليه فمن ذلك قول الشاعر.
ولا تعجلني هداك المليك فإن لكل مقام مقال
يتفق مع ابن جرير في أخذه بالمفهوم اللغوي عند العرب وقد سبق أن أشرنا إلى تفسيره " وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ".
ويتفق أيضا مع ابن جرير على استدلاله بالشعر على ما يختاره من معاني ألفاظه ولكنه لم يستدل بالشعر القديم فقط كما فعل جرير ولكنه استدل بشعر حسان وجرير والفرزدق وأبي نواس والمتنبي وأبي تمام والبحتري مع أن الأخيرين لا يشتشهد بشعرهم
نكتفي باستشهاده بشعر جرير على الاستفهام في قوله تعالى: أليس في جهنم مثوى للكافرين خرج للتقرير، فيقول " أليس تقرير لثوائهم في جهنم.
كوله جرير
ألستم خير من ركتب المطايا
وحقيقته أن الهمزة همزة إنكار دخلت على النفي فرجعت إلى معنى التقرير.
وإذا كان ابن جرير يرفض المعنى اللغوي ولو كان عند العرب إذا قامت الحجة بغيره، فإن الزخشري يتوسع في الدلالة الغوية للفظ، فكلمة يعصرون يورد كل المعاني التي وردت فيها: يمطرون من أعصرت السماء، ويعصرون من عصره إذا أنجاه وهو مطابق للإغاثة ولم يذكر شيئا عما ورد عن السلف يخطئ المعني اللغوي عند العرب كما فعل ابن جرير.
تتضح نزعته البلاغية النحوية كما أشرنا سابقا، ولكن عندما تكون هناك رغبة في صرف الآيات التي تصادم عقيدته عن مقتضى النص فتبرز هذه النزعة وخاصة إذا علمنا كما ذكر ابن خلدون أن تفسير الزمخشري كله مبني على علم البيان وهذا ما دفعه ليبحث الإعجاز القرآني في ضوء ما قرره عبد القاهر الجرجاني كا ذكر الدكتور شوقي ضيف، فنرى الزمخشري يؤيد عبد القاهر يقف بإزاء بعض الآيات التي قدم فيها المسند إليه ليدل على أن الغرض من التقديم هو التخصيص كما في قوله تعالى " الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر "
القراءات عند الطبري القراءات عند الزمخشري
يقبل الطبري كل القراءات المشهورة التي أقرتها الآية فأقر قراءة واعدنا ووعدنا من قوله " وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) فيعقب قائلا " والصواب عندنا أنها قراءتان قد جاءت بهما الأمة وليس في قراءة أحدهما إبطال معنى الآخر، ويرفض كل قراءة على تعتمد على أئمة القراءة لأنهم عنده حجة يقول في تفسير قوله " ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره)
ولسليمان الريح فقرأته عامة الأمصار بالنصب بمعنى وسخرنا لسليمان الريح ثم ذكر قراءة الريح رفعا باللام على ابتداء الخبر والقراءة التي استجيزها قراءة الأمصار وهو يتفق مع الزمخشري في قبول القراءة الموافقة لخط المصحف مع صحة المعنى
فقد أقر قراءة " إني أخلق من الطين كهيئة الطير " لموافقتها لخط المصحف مع صحة المعنى واستقامتها يعرضها في بعض المواضيع دون ذكر من قرأ بها فيقول في قوله "غلبت علينا شقوتنا " قرئ شقوتنا وشقاوتنا بفتح الشين وكسرها فيهما.
والزمخشري يوجه معنى الآية حسب قراءتها يقول في تفسير قوله تعالى " إنه عمل غير صالح " وقرئ عمل غير صالح بفتح الغين أي عمل عملا غير صالح
وفي بعض الأحيان يستدل بالقراءة على المعنى يقول في تفسير قوله تعالى: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون " قيل أنها بمعنى لعلها من قول العرب ائت السوق أنك تشتري لحما " وتقويها قراءة أبي
وهو لا يتردد في بيان مرتبة القراءة " فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله " قرئ مخلف وعده بجر الرسل ونصب الوعد وهذه الضعف كمن قرأ قتل أولادهم شركائهم، والقراءة الدائمة وقراءة الجماعة يأخذ بها لأنها الأقوى (براءة من الله) بالفتح مع التعريف لكثرتها (أهل نجران بالكسر).
(يُتْبَعُ)
(/)
الزمخشري يخضع القراءة لذوقه البلاغي والقواعد النحوية عند اختيار قراءة " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " قرئ كبرت كلمة بالنصب على التمييز والرفع على الفاعلية والنصب أقوى وأبلغ وفيه معنى التعجب كأنه قيل ما أكبرها كلمة
كذلك طرح الياء عند من كلمة نبغ " قال ذلك ما كنا نبغ " اتباعا للمصحف.
ما تناوله الطبري في تفسيره ما تناول الزمخشري في تفسيره
مناقشة الطبري للمسائل الفقهية في ضوء المأثور المسائل التي تناولها في ضوء المأثور
عندما يعرض الطبري لآية تتعلق بالأحكام فإنه يفصل الكلام فيها ويرود الأقوال التي تتصل بها ثم يصدر عن ذات نفسه مؤيدا رأيه بالأدلة.
يروى في تأويل قوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) عدة أقوال: قال بعضهم لم ينسخ منها شيئا من حكمها وإنما هي آية ظاهرها ظاهر عموم ثم قال: وقال آخرون بل هي آية قد كان الحكم فيها واجبا ثم نسخ بآية المواريث، وهنا يروي الطبري بسنده عن الزهري قال: جعل اله الوصية حقا مما قل منه أو كثر ثم يعقب على ذلك بقوله وأولى هذه الأقوال بالصواب ما قال الزهري ويعلل ذلك بأن من الواجب على من حضرته منيته وعنده مالك أن يوصي منه لمن لا يرثه من آبائه وأمهاته وأقربائه وقد سبق أن ذكرنا أن الطبري يحتكم إلى ظاهر التنزيل ويأخذ بالمذهب الذي يحتمله (ارجع إلىا موضعها في التعريف بالمأثور) على الرغم من غلبة منهج الدراية على الزمخشري إلا أننا نجد في تفسيره معالم كثيرة للتفسير القائم على الرواية فمن ذلك أنه يورد في كل سورة الحديث الذي يشير إلى فضائلها، وهو يهتم بأسباب النزول لما فيها من زيادة في إيضاح المعنى وإذا اختلفت الأقوال في أسباب النزول فإن الزمخشري يرجح القول الذي يطمئن إليه فمثلا في تفسير قوله تعالى " إن الذين يشرون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " يعرض الأقول ثم يختار فيقول " والوجه أن نزولها في أهل الكتاب)، وكان يفسر القرآن بالقرآن
ومعنى (ومن دخله كان آمنا) معنى قوله " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا " وهو يورد أحاديث الرسول في سياق بيان معنى الآية ويلاحظ أنه لا يهتم بالسند يقول في تفسير قوله تعالى: كشجرة طيبة " قال رسول الله (ألا إنها النخلة) وبالتالي فإن الزمخشري رجل العقل لن يتعرض لنقد سند الأحاديث التي ترد في سياق التفسير " ومن دخله كان آمنا " عن النبي صلى الله عليه وسلم (من صبر على حر مكة ساعة من نهار تباعدت منه جهنم مسيرة عام) فسكت ولم يقل قولا رغم أن راويه الحسن برن رشيد يحدث بالمناكير ولكنه يذكر أن رواية الحسن في تفسير (إذ يريكهم الله في منامك قليلا) في عينيك لأنها مكان النوم (متعسفة ونحسبها غير صحيحة)(/)
هذا الذى رزقنا من قبل
ـ[محمد عزت]ــــــــ[12 Sep 2003, 05:23 م]ـ
كنت أقرأ في كتاب حادي الأرواح للإمام إبن القيم في باب (في ثمارها و تعداد أنواعها و صفاتها وريحانها) وهو يتحث عن قوله تعالى: (هذا الذى رزقنا من قبل) بعد أن ذكر القولين في تفسير الآيه و أدله الفريقين قال في:" قلت:أصحاب القول الأول يخضعون هذا العام بما عدا الرزق الأول لدلالة العقل والسياق عليه , و ليس هذا ببدع من طريقة القرآن و أنت مضطر إلى تخصيصة ولابد بأنواع من التخصيصات " ثم ذكر التخصيصات
فهل يمكن تخصيص النص بدلالة العقل و السياق فقط و بغير نص آخر؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Sep 2003, 01:58 م]ـ
معلوم يا أخي الكريم أن المخصصات للعموم أنواع، ومنها التخصيص بالعقل كقوله تعالى: (الله خالق كل شيء) فهو عموم، ولكنه مخصص بالعقل، أي: إلا نفسه.
فهو سبحانه شيء كما قال: (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله)، إلا أن العقول مدركة أنه الخالق، والمخلوق غيره.
ولذلك أمثلة أخرى.
وأما السياق فهو من النص، والنص يخصص النص.
وعليه فلا إشكال في كلام ابن القيم رحمه الله.
ـ[محمد عزت]ــــــــ[23 Sep 2003, 03:44 م]ـ
جزاك الله خيراً(/)
حكم تقبيل المصحف؟ للعلامة الألباني رحمه الله
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[13 Sep 2003, 11:42 م]ـ
ما حكم تقبيل المصحف؟ للعلامة الألباني رحمه الله
سؤال8: ما حكم تقبيل المصحف؟
الجواب: هذا مما يدخل – في اعتقادنا – في عموم الأحاديث التي منها (إياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة) (1) , وفي حديث آخر (كل ضلالة في النار) (2) , فكثير من الناس لهم موقف خاص من مثل هذه الجزئية , يقولون: وماذا في ذلك؟! ما هو إلا إظهار تبجيل وتعظيم القران , ونحن نقول صدقتم ليس فيه إلا تبجيل وتعظيم القران الكريم! ولكن تُرى هل هذا التبجيل والتعظيم كان خافياً على الجيل الأول -وهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم- وكذلك أتباعهم وكذلك أتباع التابعين من بعدهم؟ لا شك أن الجواب سيكون كمال قال علماء السلف: لو كان خيراُ لسبقونا إليه.
هذا شيء , والشيء الآخر: هل الأصل في تقبيل شيء ما الجواز أم الأصل المنع؟
هنا لا بد من إيراد الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحهما ليتذكر من شاء أن يتذكر , ويعرف بُعد المسلمين اليوم عن سلفهم الصالح , وعن فقههم , وعن معالجتهم للأمور التي قد تحدث لهم.
ذاك الحديث هو: عن عباس بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبل الحجر (يعني: الأسود) ويقول (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , فلولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتُك) (3) , وما معنى هذا الكلام من هذا الفاروق: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتك؟!.
إذاً , لماذا قبل عمرُ الحجر الأسود , وهو كما جاء في الحديث الصحيح (الحجر الأسود من الجنة) (4)؟! فهل قبله بفلسفة صادرة منه , ليقول كما قال القائل بالنسبة لمسألة السائل: إن هذا كلام الله ونحن نقبله؟! هل يقول عمر: هذا حجر أثر من آثار الجنة التي وُعد المتقون فأنا أُقبله , ولست بحاجة إلى نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين لي مشروعية تقبيله؟! أم يعاملُ هذه المسألة الجزئية كما يريد أن يقول بعض الناس اليوم بالمنطق الذي نحن ندعو إليه , ونسميه بالمنطق السلفي , وهو الإخلاص في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام , ومن استن بسنته إلى يوم القيامة؟ هكذا كان موقف عمر , فيقول: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك لما قبلتك.
إذاُ الأصل في هذا التقبيل أن نجري فيه على سنة ماضية , لا أن نحكم على الأمور – كما أشرنا آنفا – فنقول: هذا حسن , وماذا في ذلك؟! اذكروا معي موقف زيد بن ثابت كيف تجاه عرض أبي بكر وعمر عليه] في [(5) جمع القران لحفظ القران من الضياع , لقد قال: كيف تفعلون شيئاً ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فليس عند المسلمين اليوم هذا الفقه في الدين إطلاقاً.
إذا قيل للمقبل للمصحف: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! واجهك بأجوبة غريبة عجيبة جداً , منها: يا أخي! وماذا في ذلك؟! هذا فيه تعظيم للقران! فقل له: يا أخي! هذا الكلامُ يعاد عليك: وهل الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يُعظم القران؟ لا شك أنه كان يعظم القران , ومع ذلك لم يُقبله , أو يقولون: أنت تنكر علينا تقبيل المصحف! و ها أنت تركب السيارة , وتسافر بالطيارة وهذه أشياء من البدعة؟! يأتي الرد على ما سمعتم أن البدعة التي هي ضلالة , إنما ما كان منها في الدين.
أما في الدنيا , فكما ألمحنا آنفا أنه قد تكون جائزة , وقد تكون محرمة إلى آخره , وهذا الشيء معروف , ولا يحتاج إلى مثال.
فالرجل يركب الطيارة ليسافر إلى بيت الله الحرام للحج , لا شك أنه جائز , والرجل الذي يركب الطيارة ليسافر إلى بلاد الغرب ويحُج إليه , لا شك أن هذه معصية , وهكذا.
أما الأمور التعبدية التي سئُل عنها السائل: لماذا تفعل] هذا [(6)؟ قال التقرب إلى الله!
فأقول: لا سبيل إلى التقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بما شرع الله , ولكني أريد أن أُذكر بشيء وهو – في اعتقادي – مهم جدا لتأسيس ودعم هذه القاعدة (كل بدعة ضلالة) , لا مجال لاستحسان عقلي بتاتاً.
يقول بعض السلف: ما أُحدثت بدعة إلا و أُميتت سنةٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنا ألمس هذه الحقيقة لمس اليد بسبب تتبعي للمحدثات من الأمور , وكيف أنها تخالف ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام في كثير من الأحيان.
وأهل العلم والفضل حقاً إذا أخذ أحدهم المصحف ليقرأ فيه , لا تراهم يُقبلونه , وإنما يعملون بما فيه , وأما الناس – الذين ليس بلعواطفهم ضوابط – فيقولون: وماذا في ذلك؟! ولا يعلمون بما فيه! فنقول: ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة.
ومثل هذه البدعة بدعة أخرى: نرى الناس – حتى الفُساق منهم الذين لا زال في قلوبهم بقية إيمان- إذا سمعوا المؤذن قاموا قياماً! وإذا سألتهم: ما هذا القيام؟! يقولون: تعظيما لله عزوجل! ولا يذهبون إلى المسجد , يظلون يلعبون بالنرد والشطرنج ونحو ذلك , ولكنهم يعتقدون أنهم يعظمون ربنا بهذا القيام! من أين جاء هذا القيام؟! جاء طبعاً من حديث موضوع لا أصل له وهو (إذا سمعتم الأذان فقوموا) (7).
هذا الحديث له أصل , لكنه حُرف من بعض الضعفاء أو الكذابين , فقال (قوموا) بدل (قولوا) واختصر الحديث الصحيح (إذا سمعتم الأذان , فقولوا مثل ما يقول , ثم صلوا علي .. ) (8) الخ الحديث , فانظروا كيف أن الشيطان يُزين للإنسان بدعة] بدعته [(9) , ويقنعه في نفسه بأنه مؤمن يُعظم شعائر الله , والدليل أنه إذا أخذ المصحف يُقبله , وإذا سمع الأذان يقوم له؟!
لكن هل هو يعمل بالقران؟ لا يعمل بالقران! مثلاً قد يُصلي , لكن هل لا يأكل الحرام؟ هل لا يأكل الربا؟ هل لا يُطعم الربا؟ هل لا يُشيع بين الناس الوسائل التي يزدادون بها معصية لله؟ هل؟ هل؟ أسئلة لا نهاية لها , لذلك نحن نقف فيما شرع الله لنا من طاعات وعبادات , ولا نزيد عليها حرفاً واحداً , لأنه كما قال عليه الصلاة والسلام (ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به) (10) , وهذا الشيء الذي أنت تعمله , هل تتقرب به إلى الله؟ وإذا كان الجواب: نعم. فهات النص عن الرسول عليه الصلاة والسلام. الجواب: ليس هناك نص. إذا هذه بدعة , ولكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ولا يُشْكلن على أحد فيقول: إن هذه المسألة بهذه الدرجة من البساطة , مع ذلك فهي ضلالة وصاحبها في النار؟!
أجاب عن هذه القضية الإمام الشاطبي بقوله (كل بدعة مهما كانت صغيرة فهي ضلالة).
ولا يُنظر في هذا الحكم – على أنها ضلالة – إلى ذات البدعة , وإنما يُنظر في هذا الحكم إلى المكان الذي وضعت فيه هذه البدعة , ما هو هذا المكان؟ إن هذا المكان هو شريعةُ الإسلام التي تمتْ وكملتْ , فلا مجال لأحد للاستدراك ببدعة صغيرة أو كبيرة , من هنا تأتي ضلالةُ البدعة , لا لمجرد إحداثه إياها , وإنما لأنه يعطي معنى للاستدراك على ربنا تبارك وتعالى وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم.
من كتاب كيف يجي علينا أن نفسر القرآن
(منقول من منتدى أهل القرآن)
ــــــــــــــ
1 - صحيح الترغيب والترهيب1/ 92/34
2 - صلاة التراويح ص75
3 - صحيح الترغيب والترهيب1/ 94/41
4 - صحيح الجامع3174
5 - (في) هي إضافة من عندي
6 - نفس الشيء أضفت (هذا)
7 - الضعيفة711
8 - مسلم384
9 - وقد تكون الكلمة الصحيحة بدعته لكي تطابق الجملة
10 - الصحيحة1803
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[20 Sep 2003, 04:36 م]ـ
هذا جواب الشيخ ابن باز رحمه الله عن المسألة المذكورة
س: ما حكم تقبيل المصحف عند سقوطه من مكان مرتفع؟
ج: لا نعلم دليلا على شرعية تقبيله، ولكن لو قبله الإنسان فلا بأس لأنه يروى عن عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه أنه كان يقبل المصحف ويقول هذا كلام ربي، وبكل حال التقبيل لا حرج فيه ولكن ليس بمشروع وليس هناك دليل على شرعيته، ولكن لو قبله الإنسان تعظيما واحتراما عند سقوطه من يده أو من مكان مرتفع فلا حرج في ذلك ولا بأس إن شاء الله.
http://www.ibnbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=2391
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[25 Sep 2003, 10:45 م]ـ
سئل شيخ الإسلام رحمه الله:
مسألة: هل القيام للمصحف وتقبيله , وجعله عند القبر , ووقيد قنديل في موضع يكون من غير أن يقرأ فيه , مكروه؟ وهل يكره أيضا أن يفتح فيه الفال؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: الحمد لله القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئا مأثورا عن السلف وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف , فقال: ما سمعت فيه شيئا , ولكن روي عن عكرمة بن أبي جهل أنه كان يفتح المصحف , ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربي كلام ربي , ولكن السلف , وإن لم يكن من عادتهم القيام له , فلم يكن من عادتهم قيام بعضهم لبعض , اللهم إلا لمثل القادم من غيبة ونحو ذلك , ولهذا قال أنس: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك , والأفضل للناس أن يتبعوا طريق السلف في كل شيء , فلا يقومون إلا حيث كانوا يقومون. فأما إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض , فقد يقال: لو تركوا القيام للمصحف مع هذه العادة لم يكونوا محسنين في ذلك ولا محمودين , بل هم إلى الذم أقرب , حيث يقوم بعضهم لبعض , ولا يقومون للمصحف الذي هو أحق بالقيام , حيث يجب من احترامه وتعظيمه ما لا يجب لغيره , حتى ينهى أن يمس القرآن إلا طاهر , والناس يمس بعضهم بعضا مع الحدث , لا سيما في ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائره ما ليس في غير ذلك. وقد ذكر من ذكر من الفقهاء الكبار قيام الناس للمصحف ذكر مقرر له , غير منكر له.- ثم انتقل إلى المسائل الأخرى – الفتاوى الكبرى 1/ 49.
وفي الآداب الشرعية 2/ 283 " ويجوز تقبيل المصحف , قدمه في الرعاية وغيرها. وعنه يستحب لأن عكرمة بن أبي جهل كان يفعل ذلك رواه جماعة منهم الدارمي وأبو بكر عبد العزيز , وعنه: التوقف فيه ".
وقال النووي في (التبيان في آداب حملة القرآن) ص98:
" ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح عن ابن أبي مليكة أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه ويقول كتاب ربي كتاب ربي ".
وفي حاشية البجيرمي – في فقه الشافعية 1/ 173 – " استدل السبكي على جواز تقبيل المصحف: بالقياس على تقبيل الحجر الأسود ويد العالم والصالح والوالد ; إذ من المعلوم أنه أفضل منهم ".
وفي الدر المختار 6/ 384 " روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ المصحف كل غداة ويقبله ويقول: عهد ربي ومنشور ربي عز وجل، وكان عثمان رضي الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه ".
وجواز التقبيل هو مذهب الحنفية والحنابلة.
والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Sep 2003, 12:11 ص]ـ
بسم الله
رأيت كلاماً جيداً له صلة بهذه المسألة في كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبدالله الجديع
وهذه مقتطفات منه:
تكريم المصحف:
كل فعل لم تنه عنه الشريعة، مما يقصد به تكريم المصحف وتعظيمه، فهو حسن مقبول؛ لأن ما كان من الأفعال مباحاً في الأصل إذا استعمل للتوصل به إلى مشروع فهو مشروع بهذا الاعتبار، ما لم يعتقد صاحبه أنه سنة لذاته، أو مطلوب لذاته، خشية أن يضيف إلى الديم ما ليس منه.
ومن هذا ما يتصل بالأفعال بتعظيم المصحف؛ فإن ذلك من الإيمان ... والله تعالى يقول: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وهذا عام في كل ما أشعر الله به عباده وأعلمهم، كل ذلك تعظيمه من التقوى.
ثم قال وهذا باب مرجعنا فيه إلى عمومات النصوص، ولا يطلب له النص الخاص من الهدي النبوي؛ لأن المصاحف لم تكن وجدت يومئذ، وإذا صح ذلك كان مقتضى العموم إباحة كل فعل يحصل به التعظيم، غير أن من الناس من قد يصير إلى التكلف فيه، ولذا وجب أن يضبط بضابط، وأحسن ما نراه ضابطاً لذلك هو:
أن يكون الفعل الذي قصد به تعظيم المصحف مما أثر عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين ....
ثم ذكر أن من صور التعظيم التي وجدنا لها أصلاً في النصوص أو فعل السلف: تقبل المصحف، ثم ذكر الأثر الوارد عن عكرمة وأنه كان يأخذ المصحف ويضعه على وجهه ويبكي، ويقول: كلام ربي، كلام ربي. وذكر أنه أثر صحيح. وعلق عليه بقوله: في هذا الأثر من الدلالة: أن ما يكون من تقبيل المصحف أو ما في معناه، فهو سائغ حسن، وليس بسنة.
انظر المرجع المشار إليه أعلاه ص562 - 565
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Oct 2003, 12:31 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ...
أثلجتم الصدر .. وأرويتم الغليل
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[16 Sep 2005, 02:51 م]ـ
إذاً, وبناء على كلام فضيلة الشيخ الجديع: فلنقبل أبنية وجدران المساجد, ولنقبل كتب الحديث النبوي, ولنقبل جدران الكعبة. ولنقبل مقام إبراهيم .... ولنقبل ولنقيبل ولنقبل ... ولن ينتهي التقبيل .. لأن كل ذلك من شعائر الله .. فإن ذلك من الإيمان ... والله تعالى يقول: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وهذا عام في كل ما أشعر الله به عباده وأعلمهم، كل ذلك تعظيمه من التقوى ... !!!
فليُتأمل هذا ... !! والله الهادي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[20 Sep 2005, 05:18 ص]ـ
بالرغم من تحفظ أخي المفضال أبو صلاح على الأمر وإطلاقه العنان استهجانا بكلام الشيخ الجديع في التقبيل ...
هذا شيء في نفسي لا استطيع دفعه (أقبل المصحف وأقبل أيادي مشائخي من القراء والمحدثين) ... أعذروني
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[22 Sep 2005, 03:06 م]ـ
أخي الفاضل .. لم تأت بجديد .. !!
التفاعل بارك الله فيكم.
ـ[ابواحمد]ــــــــ[30 Sep 2005, 05:57 ص]ـ
عن ابن أبي مليكة قال كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويبكي ويقول كتاب ربي وكلام ربي وفي لفظ كلام ربي كلام ربي) 000
قلت: أخرج هذا الأثر كلا من عبدالله بن المبارك في كتاب الجهاد (89) دار المطبوعات الحد يثة وعبدالله بن الإمام أحمد في السنة (1 - 140) دار بن القيم والحاكم في مستدركه (3 - 217) والطبراني في معجمه الكبير (17 - 371) والخطيب البغدادي في تايخ بغداد (10 - 320) من طرق كلهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال فذكره0000
قلت وهذا إسناد ضعيف وعلته الإنقطاع حيث إن بن أبي مليكة لم يدرك عكرمة ذالكم أن بن أبي مليكة توفي سنة 117من الهجرة وعكرمة سنة 15للهجرة فيبعد أن يكون أدركه بل أن الترمذي قال لم يدرك ابن أبي مليكة طلحة بن عبيد الله مع أن طلحة بن عبيد الله توفي سنة 36من الهجرة فكيف يكون بن أبي مليكة قد أدرك عكرمة وقد قال أبو زرعة بن أبي مليكة عن عمر وعثمان مرسلا (ذكر ذلك صاحب جامع التحصيل في ترجمة ابن أبي مليكة) فكيف يظن بعد ذلك الإتصال0
وعليه فلما كان الحكم الشرعي كالإستحباب لايبنى على حديث أوأثر ضعيف كما قرر شيخ الإسلام في الفتاوىلأن الحديث الضعيف ظن مرجوح واحسن أحواله الشك والشك ليس بعلم كما هو مفهوم كلام بن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله قال تعالى: (وإن الظن لايغني من الحق شيئا) فيكون تقبيل المصحف بدعة محدثة يينبغي تركها والتحذير منها فقد تفشت في أوساط العامة من أهل هذا الزمان فهوتشريع لم يأذن به الله بل أن ذلك ضرب من قلة تعظيمه وتوقيره فإن توقيره لايكون إلا بإتباع ماأنزل الله فيه ومن ذلك قوله تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله) فلم يأذن الله بتقبيله ولوكان تقبيله من توقيره لما أهمل أصحاب النبي ذلك ولوكان خيرا لسبقونا إليه ولأمرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولدلناعلى ذلك وقد أخرج الشافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ماتركت من خير يقربكم من الله ويباعدكم عن النار إلا دللتكم عليه) أوكما قال
ولقد جاءفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال إني أعلم أنك حجر لاتضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ماقبلتك فيمكن أن يخرج على ذلك مذهب لعمر بعدم جواز تقبيل المصحف لأنه امتنع عن تقبيل التعبد فيما لم يثبت أن النبي قبله فقبل الحجر فقط ولم يقبل غيره ولو قبل المصحف لنقل عنه رضي الله عنه فلو إدعا المقبل له أنه قبله عادة ماقبل منه لأن القرينة تدل على التعبد ولاشك والدين لايهتدىإليه بالعقل يقول علي بن أبي طالب لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولى من ظاهره فهؤلاء عظموا القرآن بعقولهم وأهوأهم ولم يعقلوا أن خير من فهم الطريق لتعظيمه هم السلف رحمهم الله
منقول /ماهر القحطاني.
ـ[ابو عبدان]ــــــــ[18 Sep 2008, 03:19 م]ـ
نحن بفضل الله نعمل راي الشيخ الالباني في هذه المسالة وايضا انا لا اتصور ان المشائخ الذين رخصو في تقبيل المصحف انهم يقبلونه كل ما حملوه وهذا جزما وعلى راسهم امام اهل السنة والجماعة/ الشيخ بن باز رحم الله الجميع لكن اذا رأينا ابنائنا يفعلون فنحن لا نمنعهم من ذالك فقد راينا بعض ابناء المسلمين وفي مساجدنا اذا فرغ احدهم من القراءة القى بالمصحف كما يلقي بالكتاب المدرسي اذا مل منه فاظن بذالك اعني التقبيل يبقى عند الابناء نوع تعظيم ان شاء الله اخذا براي المشائخ.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[18 Sep 2008, 10:02 م]ـ
الإخوة الأكارم .. ينبغي عند مناقشة أي مسألة أن تكون النصوص هي المقدمة في ذلك، وهذه المسألة على وجه الخصوص ينبغي أن تحرر هل المقصود التعبد بذلك، فنقول إنها متوقفة على أدلة الجواز، أو أنها كتقبيل رأس الشيخ مثلاً تعظيماً وتقديراً، وليست من باب التعبد ..
وأما ما نُقل عن الشيخ الجديع وفقه الله فلا أظن أن اعتراض الأخ الكريم أبي صلاح الدين في محله، فما ذكره من المقام وجدران الكعبة والمساجد موجودة في عهده صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: " وهذا باب مرجعنا فيه إلى عمومات النصوص، ولا يطلب له النص الخاص من الهدي النبوي؛ لأن المصاحف لم تكن وجدت يومئذ، وإذا صح ذلك كان مقتضى العموم إباحة كل فعل يحصل به التعظيم، غير أن من الناس من قد يصير إلى التكلف فيه، ولذا وجب أن يضبط بضابط، وأحسن ما نراه ضابطاً لذلك هو:
أن يكون الفعل الذي قصد به تعظيم المصحف مما أثر عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين ".
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Sep 2008, 11:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
تعليق أخي فهد الوهبي يثير ملاحظة منهجية لاحت لي، وأرجو أن يتم الاعتناء بها لأنها في نظري من أهم أسباب الاختلاف بين العلماء:
لا يكفي في الاستدلال (سواء كان الأمر في التفسير أو الاستنباط الاصولي والفقهي) أن نذكر القواعد المعتمدة. كما لا يمكن دائما الترجيح بين الآراء المعتمدة على قواعد مختلفة.
ولذلك فمن الضروري قبل الترجيح أن يتم ترتيب القواعد المختلفة، لمعرفة أي قاعدة يجب تطبيقها أو النظر إليها قبل الانتقال إلى قاعدة أخرى.
ومثال ذلك في النموذج الحالي:
1 - اعتماد د. الجديع على قاعدتين عامتين:
- كل فعل لم تنه عنه الشريعة، مما يقصد به تكريم المصحف وتعظيمه، فهو حسن مقبول؛ لأن ما كان من الأفعال مباحاً في الأصل إذا استعمل للتوصل به إلى مشروع فهو مشروع بهذا الاعتبار، ما لم يعتقد صاحبه أنه سنة لذاته، أو مطلوب لذاته، خشية أن يضيف إلى الدين ما ليس منه.
- هذا باب مرجعنا فيه إلى عمومات النصوص، ولا يطلب له النص الخاص من الهدي النبوي؛ لأن المصاحف لم تكن وجدت يومئذ، وإذا صح ذلك كان مقتضى العموم إباحة كل فعل يحصل به التعظيم
2 - بينما ينطلق الشيخ الألباني رحمه الله من ثلاث قواعد (حسب ما ظهر لي):
- مفهوم البدعة
- النظر إلى الأصل في تقبيل شيء ما: هل هو الجواز أو المنع؟
- "لو كان خيراُ لسبقونا إليه"
والسؤال الذي يساعد على فهم المسألة، قبل ممارسة عملية الترجيح: هي تحديد ترتيب القواعد وبيان العلاقات بينها، لمعرفة أي القواعد أولى من غيرها أن ينظر لها ويحكم على أساسها قبل الانتقال إلى القاعدة التالية لها حسب أهميتها أو ترتيبها.
ومعذرة على كتابة هذه الملحوظة مبتورة لضيق الوقت. وقد دونتها خشية نسيانها.(/)
القرآن و العلم
ـ[ Flowerpower] ــــــــ[15 Sep 2003, 01:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
ظهر في الاونة الأخيرة الكثير من الكتب و مواقع الانترنت التي تختص بأظهار الجانب العلمي في القرآن الكريم، بل و راح البعض يبالغ في هذه المسألة حتى بتنا نرى أنه كلما التقطت وكالة ناسا صورة لكوكب أو جرم فضائي يسارع البعض الي تذييلها بأحدي آيات القرآن ومن ثم عرضها علي العامة. اخضاع العلم للقرآن يشبه الي حد كبيرمحاولات الأوائل في اخضاعهم الفلسفة للقرآن.
سؤالي هو؛ ما هو موقف أهل العلم من هذه المسألة خاصة لما قد تحمله من مخاطر حين نأخذ بعين الاعتبار أن العلم في تطور مستمر وما قد يكون حقيقة علمية اليوم قد يثبت بطلانه غدا وبالتالي سيلحق ذلك شكوكا في مصداقية القران؟
والسلام عليكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Sep 2003, 04:05 ص]ـ
سبق الحديث عن هذا النوع من التفسير في مشاركات سابقة ناقشت كثيراً من مسائله، تجدها على هذه الروابط:
- نقد ما يسمى بالتفسير العلمي للدكتور مساعد الطيار وفقه الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=384) .
نظرة في مصطلح التفسير العلمي - للشيخ مرهف سقا وفقه الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=129) .
وقد تمت مناقشة هذا الموضوع بتفاصيل في لقاء ملتقى أهل التفسير بالأستاذ الدكتور زغلول النجار وفقه الله وسيتم نشره قريباً إن شاء الله.(/)
الصورة البلاغيّة في استخدام أداتي تشبيه في قوله تعالى: (ليس كمثله شيء)
ـ[صالح العمري]ــــــــ[15 Sep 2003, 07:00 م]ـ
السلام عليكم يا أهل القرآن .. يا أهل التفسير .. يا أهل الخير .. يا خير الناس .. (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه) ..
وأهنئكم على ما انتدبتم أنفسكم له من خدمة كلام الله .. وكلام الله هو الذي يرفع من خدمه .. وهو الذي يعلي شأن من تعلّمه وعلّمه ..
أسأل الله أن يبارك في جهودكم المباركة .. وأن يجعلها من الأعمال الخيرية الجارية التي تثمر تقوى في القلوب .. وحسنات في الموازين ..
سمعت هذه الفائدة البلاغيّة في برنامج أدبي فأحببت أن أسجلّها هنا لمن مثلي من القراء .. وأنا على يقين بأنها لاتخفى على المتخصصين ..
كان السؤال عن سبب وجود أداتي التشبيه (الكاف) و (مثل) في قوله تعالى (ليس كمثله شيء .. وتطرق الحديث إلى عدم اعتبار قول القائلين بالزيادة في ألفاظ القرآن الكريم المحكم ..
وكان التخريج لهذا من قبل ضيف البرنامج (دكتور في الأدب) أن هذا من تمام بلاغة القرآن الكريم لأن:
الكاف: تنفي الند المكافيء عن الله عزّ وجل ..
ومثل: تنفي الشبيه حتى في اسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا ..
فتبارك الله ما أحكم كلامه .. ومن أصدق من الله قيلا ..
ومن لديه كلام المفسرين في هذا فليتحفنا به رجاء لا أمرا ..
وجزاكم الله خير الجزاء ..
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[15 Sep 2003, 08:34 م]ـ
ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أربعة أقوال للعلماء في هذه الآية في شرحه على العقيدة الواسطية.
ـ[صالح العمري]ــــــــ[15 Sep 2003, 10:06 م]ـ
أخي الحبيب المعتز بالإسلام: السلام عليكم ..
رجعت لكتاب الشيخ في موقعه ولم أفلح في إيجاد كلام الشيخ عن وجود الكاف ومثل في الآية .. وكان كلامه على عقيدة أهل السنّة والجماعة في أسماء الله وصفاته ..
ليتك تتكرم بإيراد كلام الشيخ عن الآية من الناحية البلاغيّة إن كان ذلك ميسورا عليك ... أسأل الله أن يجزل لك الأجر والمثوبة ..
أخوك:
صالح العمري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2003, 02:21 ص]ـ
أخي الكريم صالح العمري وفقه الله لكل خير
مرحباً بكم في ملتقى أهل التفسير بين إخوانك ومحبيك. وحياك الله
وما أحسبك إلا الشاعر الفاضل الذي نقرأ له شعراً متألقاً في مجلة الأسرة وغيرها وفي موقع الإسلام اليوم كهذه القصيدة الجميلة. ( http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_content.cfm?catid=69&artid=2215) .
وقد كنت أريد أن أعرض عليك الانضمام لمنتديات الأدب في منتديات الفصيح، ولكنني ذهبت لأتأكد من عدم انضمامك للمنتدى فسعدت بكونك أحد الأعضاء ووجدت مشاركة لكم - إن لم أكن واهماً - على هذا الرابط. ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?threadid=2421) فسعدت بذلك كثيراً، فإنني أحب أن يدعم ذلك المنتدى بمن ينتفع الناس بأدبه وشعره من أمثالكم وفقكم الله. وأنا أعرف بعض المشرفين على منتديات الفصيح وهم من أهل العلم والفضل كشيخنا الكريم خالد الشبل وفقه الله. ومعذرة للخروج عن الموضوع.
وأما ما ذكرته أخي الكريم من الأسرار البلاغية في التشبيه في الآية الحادية عشرة من سورة الشورى، وما نقلته عن أحد النبلاء من قوله أن الكاف جاءت لتنفي الند المكافئ عن الله سبحانه وتعالى، و (مثل) جاءت لتنفي الشبيه حتى في اسم من أسماء الله الحسنى أو صفة من صفاته العليا. ورغبتكم في معرفة كلام أهل التفسير في ذلك، فأقول:
إن هذه الآية العظيمة من الآيات التي أطال علماء التفسير والعقيدة والبلاغة الوقوف عندها، واستخراج معانيها وأحكامها وأسرارها، لكونها تمثل لكل من هؤلاء العلماء بحثاً متخصصاً في فنه.
قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى:11].
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيرها: (فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون معناه: ليس هو كشيءٍ. وأدخل المثل في الكلام توكيداً للكلام؛ لكونهما بمعنى واحد.
والآخر: أن يكون معناه: ليس مثله شيء. وتكون الكاف هي المدخلة في الكلام. انتهى.
وهناك أوجه أخرى لم يذكرها الطبري رحمه الله منها:
- أن المثل هنا بمعنى الصفة. أي ليس كصفته شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
- ووجه رابع وهو الذي عول عليه كثير من المحققين من العلماء، وهو أن المراد بقوله: (مثله) ذاته. كما في قولهم: مثلك لا يكذب، ومثلك لا يبخل، على قصد المبالغة في نفي الكذب والبخل عنه. قالوا: لأن نفيه عمن يماثله ويناسبه يدل على أنه منفي عنه من باب أولى.
والبلاغيون يرون أن الكلام هنا من باب الكناية، وأن هذا الأسلوب يدل على المبالغة في نفي المثل لله سبحانه وتعالى. وأن هذا من باب نفي الشيء بنفي لازمه. لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم. والمراد أن الله لو كان له مثل لكان هذا المثل هو الله سبحانه وتعالى. ولكن ليس له مثل.
أرجو أن يكون هذا الكلام مفهوماً للقارئ الكريم. وإن كان بعض العلماء قد أشكل عليه هذا، فقال: نحن نقول الآن أن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم، وهو أننا نقول لو كان لله مثل لما كان لهذا المثل مثل. ولكن الذي يظهر أن إثبات المثل هنا ليس لازماً لحقيقة الآية قطعاً، بل هو محتمل فقط. كما تحتمل نفيه، وإن كان الأول أقرب. لكن عارضه في خصوص هذه المادة، أنه لو كان له مثل لما كان لهذا المثل مثل. فبطل بذلك الاحتمال من أصله. فالتعويل في نفي المثل على هذه المقدمة القطعية.
وعارض بعض العلماء في كون نفي مثل المثل أبلغ من نفي المثل، ورد عليه في ذلك. ويمكن مراجعة تفسير القاسمي رحمه الله فقد أطال الحديث حول هذه الآية.
وأما ما قاله الدكتور الكريم من تخصيصه الكاف أنها لنفي الند المكافئ، وأن (مثل) لنفي المشابهة في الاسم أو الصفة أو غيرها. فإن تخصيص أدوات التشبيه لمعانٍ يحتاج لدليل. حيث المقصود من التشبيه هو وجه الشبه، وهو المراد عند التشبيه بالكاف أو مثل أو غيرها. وتخصيص أدوات التشبيه يحتاج إلى النقل عن العرب بحيث يجزم بأن هذا هو سنن العرب في تشبيهاتها. والمسألة على كل حال محل بحث ودراسة. فلعل الدكتور الكريم قد أورد أدلة أن التشبيه بالكاف له معان دون التشبيه بغيرها لم تتطرق إليه أخي الكريم صالح.
وأختم بفوائد حول هذه الآية:
- ذكر السيوطي رحمه الله في الإكليل أن في الآية رداً على المشبهة وأنه تعالى ليس بجوهر ولا بجسم ولا عرض ..
قال القاسمي: وكان حقه أن يتم الاستنباط، فكما أن صدر الآية فيه رد على المشبهة فكذا تتمتها، وهو قوله تعالى: (وهو السميع البصير) رد على المعطلة. ولذا كان أعلى المذاهب مذهب السلف. فإنهم أثبتوا النصوص بالتنزيه من غير تعطيل ولا تشبيه.
- قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز. إلا أنهم لم يكيفوا شيئاً من ذلك. وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج، فكلهم ينكرها ولا يحمل منها شيئاً على الحقيقة. ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود. انتهى.
قال الذهبي رحمه الله: صدق والله! فإن من تأول سائر الصفات، وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام، أداه ذلك السلب إلى تعطيل الرب وأن يشابه المعدوم. كما نقل عن حماد بن زيد أنه قال: مثل الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة. قيل: لها سعف؟ قالوا: لا. قيل: لها كرب؟ قالوا: لا. قيل: لها رطب؟ قالوا: لا. قيل: فلها ساق؟ قالوا: لا. قيل: فما في داركم نخلة!
قلت: القائل الذهبي – كذلك هؤلاء النفاة، قالوا: إلهنا الله تعالى. وهو لا في زمان ولا في مكان ولا يرى ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يرضى ولا يريد ولا ولا. وقالوا: سبحان المنزه عن الصفات!
بل نقول: سبحان الله العلي العظيم السميع البصير المريد، الذي كلم موسى تكليما، واتخذ إبراهيم خليلا، ويُرى في الآخرة، المتصف بما وصف به نفسه، ووصفه به رسله، المنزه عن سمات المخلوقين وعن جحد الجاحدين. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ولا بن تيمية رحمه الله كلام نفيس في التدمرية في القاعدة الأولى فيمكن الرجوع إليها للاستزادة. والكلام له ذيول طويلة في هذه الآية الكريمة ولعله يكون للحديث صلة بحول الله.
ـ[صالح العمري]ــــــــ[16 Sep 2003, 08:12 ص]ـ
فضيلة الشيخ الكريم: عبدالرحمن البكري سلّمه الله ومتّعنا بعلمه ..
جزاك الله خيرا على ترحيبك .. وجزاك الله خيرا على جوابك الشافي المؤصّل .. ونفعنا بعلمك وعلم المشائخ الكرام الذين يحفل بهم هذا المنتدى المبارك ..
وأحمد الله الذي فتح لنا هذا الباب للتواصل والإستفادة من علمكم جميعا ..
وأسأله تبارك وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال ..
بالنسبة لمنتدى الفصيح فقد دخلته ولمّا رأيت اسم شيخنا الكريم الأديب الأريب خالد الشبل سجّلت مباشرة لعل الله أن يوفق للإستفادة من علمه وعلوم إخوانه الذين أشرت إليهم في جوابك ..
والشعراء قد يكونون من سقط المتاع (بل ربما يكونون خطرا على الأمة) إذا لم يقفوا خلف علماء الأمة المخلصين يحملون العقيدة الصحيحة وينافحون عنها ويناصرون قضايا أمتهم .. فمرحبا بتوجيهاتكم وآرائكم السديدة ..
سدد الله خطاكم .. وبارك في جهودكم ..
أخوك: صالح العمري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[16 Sep 2003, 11:19 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
القول الأول: الكاف زائدة، وأن تقدير الكلام: ليس مثله شيء، وهذا القول مريح، وزيادة الحروف في النفي كثيرة، كما في قوله: تعالى (وما تحمل من أنثى) [فاطر: 11]، فيقولون: إن زيادة الحروف في اللغة العربية للتوكيد أمر مطرد.
والقول الثاني: قالوا العكس، قالوا: إن الزائد (مثل)، ويكون التقدير: ليس كهو شيء، لكن هذا ضعيف، يضعفه أن الزيادة في الأسماء في اللغة العربية قليلة جداً أو نادرة، بخلاف الحروف، فإذا كنا لا بد أن نقول بالزيادة، فليكن الزائد الحرف، وهي الكاف.
والقول الثالث: أن (مثل) بمعنى: صفة، والمعنى: "ليس كصفته شيء"، وقالوا: إن المثل والشبه والشبه في اللغة العربية بمعنى واحد، وقد قال الله تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون) [محمد: 15]، أي: صفة الجنة، وهذا ليس ببعيد من الصواب.
القول الرابع: أنه ليس في الآية زيادة، لكن إذا قلت: (ليس كمثله شيء)، لزم من ذلك نفي المثل، وإذا كان ليس للمثل مثل، صار الموجود واحداً، وعلى هذا، فلا حاجة إلى ان نقدر شيئاً. قالوا: وهذا قد وجد في اللغة العربية، مثل قوله: ليس كمثل الفتى زهير.
والحقيقة أن هذه البحوث لو لم تعرض لكم، لكان معنى الآية واضحاً، ومعناها أن الله ليس له مثيل، لكن هذا وجد في الكتب، والراجح: أن نقول، إن الكاف زائدة لكن المعنى الأخير لمن تمكن من تصوره أجود.(/)
بشرى (المتحف في أحكام المصحف) للشيخ صالح الرشيد.
ـ[المحرر]ــــــــ[15 Sep 2003, 11:09 م]ـ
صدر بحث للشيخ صالح الرشيد (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرس) بعنوان (المتحف في أحكام المصحف).
توزيع: دار الريان.
وهو كتاب حافل بالأبحاث والفوائد.
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[15 Sep 2003, 11:59 م]ـ
لقد شرفني فضيلة شيخي الدكتورصالح الرشيد حفظه الله بإهدائي نسخة من كتابه المتحف قبل أن يطبع وقمت بقراءة جزء كبير منه قبل مدة من الزمن والذي تميز بأمور:
1ـ اشتماله على مواضيع متنوعة وأحكام متفرقة عن المصحف يحتاجها المسلم وخاصة المتخصصين والمهتمين بالقرآن وعلومه.
2ـ سهولة الوقوف على المباحث حيث رتبه على الأحروف الأبجدية فمثلا حرق المصحف في حرف الحاء وتقبيل المصحف في حرف التاء وهكذا.
3ـ العمق في دراسة كل مسألة وإعطائها الحكم الشرعي.
4ـ توثيق النقول
5ـ تنوع المصادر والمراجع فلا غرابة أن تقف في مسألة على أكثر من 20 مرجعا.
6ـ لم يقتصر الشيخ على المذهب الحنبلي بل اشتمل على جميع المذاهب مع توثيقها.
7ـ جدية الموضوع مع شدة الحاجة إلى كثير من مسائله.
لذا فالكتاب حري بالإقتناء.علما أن الشيخ حفظه الله بذل فيه جهدا كبيرا أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء وأن يتقبله منه.
(أكتب هذه الأسطر ولم أقف على المطبوع للإحاطة)(/)
مدارسة في تفسير القرطبي 13
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[18 Sep 2003, 09:10 ص]ـ
ذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى: " قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا .. " مانصه [وزعم الخليل وسيبويه أن لا تضمر في القسم؛ لأنه ليس فيه إشكال؛ ولو كان واجبا لكان باللام والنون؛ وإنما قالوا له ذلك لأنهم علموا باليقين انه يداوم على ذلك] (9/ 250) طبعة دار الكتب المصرية.
سؤالي هو: ما معنى قوله: ولو كان واجبا ..... ؟؟؟ وجزاكم الله خيرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Sep 2003, 01:26 م]ـ
بسم الله
جواباً لما سألت عنه اخي وفقك الله أقول:
أولاً: أكثر ما في القرطبي من مسائل النحو منقولة من كتاب إعراب القرآن لأبي جعفرالنحاس
ثانياً: العبارة التي أوردتها فيها تصحيف، والصواب كما في إعراب القرآن للنحاس هكذا: (ولو كان موجباً لكان باللام والنون ... ).
ثالثاً: إذا اتضح هذا زال الإشكال، وصار معنى الكلام: ولو كان القسم موجباً لكان باللام والنون، أي: تالله لتفتأن ... ، فلما لم يكن كذلك دل على أن القسم منفي [عكس الموجب]، وأن لا محذوفة.
قال أبو حيان: (وجواب القسم تفتؤ، حذفت منه لا لأن حذفها جائز، والمعنى: لا تزال) البحر المحيط
قال السمين الحلبي في الدر المصون: ((تفتأ) هذا جواب القسم في قوله: (تالله)، وهو على حذف لا، أي: لا تفتأ، ويدل على حذفها أنه لو كان مثبتاً لا قترن بلام الابتداء ونون التوكيد معاً عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين ... إلخ كلامه.
فقوله: مثبتاً يفسر موجباً في كلام النحاس الذي نقله عنه القرطبي وتصحف في الطبعات المتداوله، مع أنه قد ورد بلفظ: موجباً في بعض نسخ الكتاب.
والله أعلم.
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[28 Sep 2003, 01:27 م]ـ
أشكرك أخي على هذه الفائدة وجزاك الله خيرا ولكني لا أملك حاليا كتاب النحاس ولا الدر المصون وأعتذر عن تأخري في الرد لظروف فنية في جهازي.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Sep 2006, 11:28 م]ـ
وإياك أخي محمد عبدالهادي
وقد فقدناك منذ مدة؛ فعسى المانع خيراً.(/)
نحو منهجية موحدة للتفسير
ـ[القميحي]ــــــــ[18 Sep 2003, 11:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا ومرحبا بكم بعد فترة انقطاع لأسباب خارجة عن إرادتي
غير أنني كنت في شوق إليكم دائم ورغبة ملحة في الالتقاء بكم
أحبائي طرح أحد إخواننا مشروعا علميا يزاوج فيه بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي المحمود تحت عنوان نحو منهجية موحدة للتفسير وقد عقد في دولة الامارات منتدى تفسير طرح فيه أحد مشايخ التفسير بحثا يتضمن شيئا من ذلك.
فهل قرأ إخواننا شيئا عن ذلك أو له رأي يتعلق بهذه القضية
وجزاكم الله خيرا
محبكم د. عثمان عبد الرحيم القميحي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Sep 2003, 01:46 م]ـ
حياك الله يا شيخنا الكريم، وعوداً حميداً إن شاء الله
وتعليقاً على ما اقترحته أقول:
هناك طريقة جامعة لجمع موسوعة تفسيرية شاملة يحصل بها نفع عظيم لو وجد من يقوم بها بالطريقة المرضية ويمكن تلخيص خطوات هذه الطريقة فيما يأتي:
أولا: تذكر الآية بقراءاتها الصحيحة جميعها - إن وجد لها أكثر من قراءة _ مع بيان من قرأ بكل قراءة.
ثانياً: يذكر تمهيد لها يتعلق بما فيها من أحكام التلاوة والتجويد.
ثالثاً: تذكر جميع الآثار المتعلقة بها ابتداء بالأحاديث النبوية وانتهاء بأقوال السلف في القرون المفضلة.
رابعاً: تدرس هذه الآثار دراسة تفصيلية من حيث الرواية والدراية، وتذكر الفوائد التفسيرية المستنبطة من هذه الآثار، وإذا كان هناك اختلاف بينها فينظر هل يمكن الجمع بين الأقوال المختلفة أو لا، ويرجح بينها عند عدم إمكان الجمع.
خامساً: يصاغ تفسير للآية بأسلوب علمي رصين مستفاد من أقوال السلف والمفسرين يراعى فيه الطريقة التي سلكها ابن كثير في تفسيره من جهة ترتيب طرق التفسير.
سادساً: تعرب الآيات إعراباً دقيقاً معتمداً على المعنى الصحيح للآية، فالإعراب فرع المعنى.
سابعاً: تختم الآية بذكر ما يمكن ذكره من الفوائد والأحكام واللطائف المستنبطة منها.
بهذه الطريقة تتكون موسوعة تفسيرية جامعة تغني الباحث عما سواها.
فما تعليق المشايخ الفضلاء و الإخوة الكرام على هذه الطريقة؟(/)
علم المناسبات في القرآن الكريم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2003, 03:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- المناسبة: هي في اللغة المقاربة والمشاكلة. يقال: فلان يناسب فلاناً، أي يقاربه ويشاكله. ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل بغيره، كالأخ وابن العم.
- واصطلاحاً: هي علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن. [نظم الدرر للبقاعي 1/ 6]
وقد عبر عنه الإمام عبدالحميد الفراهي رحمه الله بـ (نظام القرآن)، وبعضهم يبحثه تحت ما يسمى بـ (الوحدة الموضوعية).
** ** **
أهميته:
علم المناسبات علم جليل القدر وقد نبه إلى أهميته عدد من العلماء من أبرزهم الفخر الرازي حيث قال: «أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط». وقال السيوطي في معترك الأقران: «علم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته».
وقال البقاعي في نظم الدرر: «وهو سر البلاغة؛ لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه من الحال، وتتوقف الإجازة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها، ويفيد ذلك في معرفة المقصود من جميع جملها، فلذلك كان هذا العلم في غاية النفاسة، وكانت نسبته من علم التفسير كنسبة علم البيان من النحو». وقال العز بن عبدالسلام فيه: «المناسبة علم حسن، لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره».
* من أبرز من اعتنى بعلم المناسبة من العلماء:
1 - أبو بكر النيسابوري رحمه الله، حيث كان كثير العلم في الشريعة والأدب، وكان يقول على الكرسي في بغداد إذا قرئت عليه الآية: لمَ جعلت الآية جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة في جنب هذه السورة؟
وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة. وقد نسب السيوطي رحمه الله إليه أنه أول من سبق إلى هذا العلم. والصحيح أن أن أولية علم المناسبة القرآنية غير واضحة تمام الوضوح إلى الآن، ولا سيما مع بقاء كثير من مصادر التفسير وعلوم القرآن مخطوطة بعيدة عن أيدي الباحثين. وقد كتب الدكتور الفاضل عبدالحكيم الأنيس في مسألة نشأة علم المناسبات بحثاً ضافياً في مجلة (الأحمدية) التي تصدر عن دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث في دبي بالإمارات العربية المتحدة في العدد الحادي عشر - جمادى الأولى 1423هـ بعنوان: (أضواء على ظهور علم المناسبة القرآنية) بين فيه أقول العلماء في نشأة هذا العلم، وخلص إلى عدم وضوح الرؤية في هذه المسألة، وبين صواب ما ذكره السيوطي وأكثر الباحثين من بعده. فليراجعه من أراد الاستزادة في هذه المسألة.
2 - فخرالدين الرازي رحمه الله، حيث تميز بالإكثار من التماس المناسبات في تفسيره، وقال: «إني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل:
والنجم تستصغر الأبصار رؤيته والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
3 - أبو الحسن الحرالي المغربي (637هـ.) ويتهم البقاعي بأنه قد أخذ كل ما في كتابه (نظم الدرر) من كتابه. يقول المناوي في الكواكب الدرية 2/ 465 في ترجمة الحرالي: (وصنف تفسيراً ملأه بحقائقه، ودقائق فكره، ونتائج قريحته، وأبدى فيه من مناسبات الآيات والسور ما يبهر العقول، وتحار فيه الفحول، وهو رأس مال البقاعي، ولولاه ما راح ولا جاء، ولكنه لم يتم، ومن حيث وقف وقف حال البقاعي في مناسباته).
4 - أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي رحمه الله وله في ذلك كتاب البرهان في ترتيب سور القرآن، وهو كتاب ثمين.
5 - البقاعي رحمه الله في كتابه نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وكتابه مؤلف مستقل لتلمس المناسبات بين الآيات والسور وهو كتاب نفيس في بابه.
6 - ابن النقيب الحنفي، حيث تصدى في تفسيره لذكر المناسبات.
7 - السيوطي رحمه الله فقد ألف كتابه تناسق الدرر في تناسب السور، وكتاب أسرار التنزيل.
8 - الشيخ محمد عبده رحمه الله في تفسير المنار الذي جمعه وأتمه رشيد رضا، حيث كان له عناية بعلم المناسبة.
9 - من المعاصرين الأستاذ سيد قطب رحمه الله في كتابه «في ظلال القرآن»، وفي كتابه الآخر «التصوير الفني في القرآن» وقد أبدع في إبراز ألوان من التناسق الفني في التصوير القرآني.
10 - الشيخ مصطفى المراغي رحمه الله في تفسيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - الشيخ عبدالله بن الصديق الغماري في كتابه «جواهر البيان في تناسب سور القرآن».
12 - الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله حيث تكلم عنه وعن أهميته وفوائده في كتابه التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن.
13 - الفراهي في تفسيره نظام الفرقان.
* أراء بعض العلماء في علم المناسبة:
عارض عدد من العلماء البحث عن المناسبات، وقالوا بأنه علم متكلف، ولا يطلب للآية الكريمة مناسبة لكونها نزلت متفرقة على حسب الوقائع والأحداث. ومنهم:
1 - ولي الدين الملوي، ذكره السيوطي في معترك الأقران.
2 - العز بن عبدالسلام حيث شرط للقول بالمناسبة أن يقع الكلام في أمر متحد مرتبط أوله بآخره، فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط، ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لايقدر عليه إلا بربط ركيك يصان عن مثله حسن الحديث فضلاً عن أحسنه، فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض.
وقد ذكر المقري في كتابه (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) في ترجمة الحرالي المغربي 2/ 399 أنه: (وقع بينه وبين الشيخ عز الدين بن عبدالسلام شيء، طلب عز الدين أن يقف على (تفسيره) - أي تفسير الحرالي - فلما وقف عليه، قال:
أين قول مجاهد؟
أين قول فلان وفلان؟
وكثر القول في هذا المعنى، ثم قال: يخرج من بلادنا إلى وطنه - يعني الشام.
فلما بلغ كلامه الشيخ، قال: هو يخرج وأقيم أنا، فكان كذلك.). وأظن ذلك عندما أخرج الإمام العز بن عبدالسلام رحمه الله إلى مصر في قصته المشهورة. ففي هذه الحادثة نرى إنكار العز رحمه الله لما رآه من تكلف الحرالي في علم المناسبات وخلو تفسيره من أقوال مفسري السلف رحمهم الله.
3 - الإمام الشوكاني رحمه الله حيث قال في تفسيره فتح القدير عند تفسيره للآية رقم 42 من سورة البقرة: «اعلم أن كثيراً من المفسرين جاءوا بعلم متكلف، وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة، بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف، ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الرب سبحانه، حتى أفردوا ذلك بالتصنيف، وجعلوه المقصد الأهم من التأليف، كما فعله البقاعي في تفسيره». والكلام طويل فليراجع.
* قاعدة في طريقة معرفة المناسبة:
الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن، هو أنك تنظر الغرض الذي سيقت له السورة، وتنظر ما يحتاج إليه ذلك الغرض من المقدمات، وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب، وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما تستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام واللوازم التابعة له، التي تقتضي البلاغةُ شفاءَ الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها.
فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن، فإذا فعلته تبين لك إن شاء الله تعالى وجه النظم مفصلاً بين كل آية وآية، في كل سورة سورة. والله الهادي.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Sep 2003, 04:28 م]ـ
شكر الله لك ابا عبد الله
عندي تعقيب يسير ارجو قبوله
الشوكاني رحمه الله لم يعارض علم المناسبة ولم ينكره ,وإنما ينكر التكلف والتزام المناسبة في كل موضع؛ والدليل على ذلك وجوده في تفسيره , فالناظر فيه يجد ذكره لكثير من المناسبات.
وكذا العز بن عبد السلام فإنه لم ينكر ذلك وإنما انكر التزام ذلك في كل موضع وبتأمل كلامه يتضح ذلك.
وهذا هو الحق لإن التزام ذلك مدعاة للتكلف ولهذا يذكر بعض المفسرين مناسبات , يتضح لك ضعفها عند ادنى تأمل.والله اعلم
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[20 Sep 2003, 09:44 ص]ـ
إضافة إلى تعقيب الأخ احمد البريدي أقول:
إن الشيخ ولي الدين الملّوي لم يعارض علم المناسبة ولم ينكره بل على العكس من ذلك ولعل سبب نسبة هذا القول إليه هو بتر كلامه فهو يقول كما نقله عنه السيوطي في الاتقان 3/ 323 وقال الشيخ ولي الدين الملوي: قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة .... والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شي عن كونها مكملة لما قبلها أو متقلة ثم المتقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له.
وأضيف أيضا أن كتاب السيوطي أسرار التنزيل يسمى أيضا قطف الأزهار في كشف الأسرار ذكره السيوطي في فهرست مؤلفاته وقال عنه كتب منه إلى سورة براءة مجلد ضخم. وتكلم عن محتواه في مقدمة تناسق الدرر وقد حققه د. أحمد الحمادي لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الإمام بالرياض وصدر ضمن مطبوعات إدار الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف في قطر في مجلدين عام 1414
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2003, 07:10 ص]ـ
شكر الله لكما وبارك فيكما. وأتفق معكما فيما ذكرتما جزاكما الله خيراً.
وقد وقعت أخطاء في ما كتبته في المشاركة رقم (1) بسبب العجلة والجهل بجوانب الموضوع كما ينبغي حين كتابته قبل مدة، وعدم مراجعته قبل نشره، والصحيح أن المذموم والمعارض هو التكلف والتعسف في تطلب المناسبات بين السور والآيات، حيث إن هناك فريقاً من القائلين بعلم المناسبات يرون أنه يوجد بين كل آيتين متجاورتين مناسبة ولا بد، وأن عدم ظهورها بسبب قلة علم الناظر فيها، وليس لتباعد الحوادث وتغير الأغراض علاقة بذلك بل المناسبة لابد منها. وهذا هو الذي أنكره الشوكاني والعز بن عبدالسلام وغيرهم، مع قولهم بالمناسبة بين بعض الآيات التي ظهرت لهم المناسبة بينها. والشوكاني قد اعترض على التكلف في تطلب المناسبات، واستغرب صنيع البقاعي في (نظم الدرر)، ثم هو نفسه يذكر المناسبات في مواضع متفرقة من تفسيره، ويثني على البقاعي وعلى تفسيره في ترجمته له في البدر الطالع، فيقول: (ومن أمعن النظر في كتابه المترجم له في التفسير الذي جعله في المناسبات بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علم المعقول والمنقول، وكثير ما يشكل على شيء في الكتاب فأرجع إلى مطولات التفسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي وأرجع إلى هذا الكتاب – نظم الدرر - فأجد فيه ما يفيد في الغالب).
ولا شك أن القائلين بالتوسط في علم المناسبات كثيرون وهم الأغلب، وهم يشيرون إلى تلك المناسبة كلما ظهرت لهم أماراتها. وأن القائلين بعدمها مطلقاً أو منعها مطلقاً قلة، والحمد لله رب العالمين، وجزاكم الله خيراً على تصويبكم وتصحيحكم، نفعنا الله جميعاً بالعلم، ورزقنا حسن العمل.
ـ[عبد الحكيم]ــــــــ[27 Sep 2003, 10:17 ص]ـ
جزاكم الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن علي ردك علي موضوع الامام الرازي.
وأنا أظن أن علم المناسبة يكون فتحا من الله للمفسر ليس أكثر، و الله أعلم.
عندي عدة أسئلة:
1 - بالنسبة لكتاب السيوطى هل طبع في مصر و نشر أم لا؟
2 - هل سمعتم عن كتاب نهاية التأميل في أسرار التنزيل للزملكاني؟
3 - تفهيم القرآن للمودودي رحمه الله هل طبع و نشر في مصر و أين؟
و جزاكم الله خيراً.
ـ[أحمد آلبشير]ــــــــ[13 Apr 2006, 05:40 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن علي ردك علي موضوع الامام الرازي.
وأنا أظن أن علم المناسبة يكون فتحا من الله للمفسر ليس أكثر، و الله أعلم.
عندي عدة أسئلة:
1 - بالنسبة لكتاب السيوطى هل طبع في مصر و نشر أم لا؟
2 - هل سمعتم عن كتاب نهاية التأميل في أسرار التنزيل للزملكاني؟
3 - تفهيم القرآن للمودودي رحمه الله هل طبع و نشر في مصر و أين؟
و جزاكم الله خيراً.
السلام عليكم
معلوماتي عن ترجمات تفهيم القرآن
ترجم خليل الحامدي رحمه الله المقدمة باسم مبادئ أساسية لفهم القرآن ط. الدار السعودية، وكذلك سورة الأحزاب غير مطبوع على شكل حلقات لمجله دار العروبة للجماعة الإسلامية
ترجم أحمد إدريس من الجزء الأول: المقدمة وسورة البقرة من اللغة الإنكليزية وآل عمران من الأردو في مجلد واحد ط. دار القلم الكويت، والأحزاب على حدة ط. المختار الإسلامي القاهرة وعلى حد علمي بدون إجازة المؤلف
ترجم محمد عاصم حداد رحمه الله سوره النور بأمر المؤلف ط. الدار السعودية
وسمعت عن برنامج للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد بشأن ترجمة تفاسير علماء شبه القارة الهندية
أنتظر التفاعل
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2006, 09:13 ص]ـ
د. حكمت الحريري
رئيس قسم القرآن وعلومه، كلية التربية-جامعة إب، اليمن
القرآن الكريم يستحوذ على السمع ويؤثر في النفوس سلباً أو إيجاباً، وذلك حسب طبيعتها فاجرةً أو تقيةً {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس:7 - 10]، فإن كانت فاجرةً فهي تنفر من القرآن وتشمئز منه، وإن كانت تقيةً فهي خاشعةٌ ووجلةٌ لذكر الله.
فإن قيل: ما سر توجهك للحديث عن تأثير القرآن في النفوس واستحواذه على السمع قبل غيره من وجوه الإعجاز؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فأقول: لتدرك الحكمة في الخطاب الإلهي الذي يبدأ بذكر السمع قبل غيره من الحواس فقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36]، وقال: {وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78].
فلتكن أيها العاقل ممن قال الله تعالى فيهم: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} [آلعمران:193]، {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} [الأنفال:21].
ولا كالذي {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} [الجاثية:8] فأقبل ولا تخف، و {قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16].
فدعنا نتأمل هذا البناء الإلهي المعجز تأملاً صادقاً، وننظر فيه بإمعانٍ فلا توغل في الدخول إليه دفعةً واحدة، بل خطوةً إثر خطوةٍ لتعقل ما تقف عليه وما تشاهده من أمور تثير إعجابك وتملك عليك سمعك وبصرك، تدبر في حدود سور هذا الكتاب العظيم، على الإطار العام فيها، ارتباط السورة بما قبلها وما بعدها، فهذا أحد أمور الإعجاز للقرآن الكريم.
إذ أن القرآن نزل منجماً في أجزاءٍ طويلةٍ و أخرى قصيرةٍ خلال ثلاثٍ وعشرين سنةً، إلا أن هذه الأجزاء رتبت ترتيباً لا مثيل له على الإطلاق في أي كتابٍ من كتب الأدب أو العلوم التي هي من تصنيف البشر.
فسور القرآن الكريم لم ترتب حسب موضوعاتها، ولا حسب زمن نزولها، إنما للقرآن طريقته المستقلة المخالفة لما هو مألوفٌ عند البشر في الكتب والمصنفات.
عندما كان ينزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم بالآيات كان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بعض من يكتب الوحي بوضعها في مواضع محددة من السور التي لم تكن قد اكتملت بعد، وبمجرد وضع الآية أو الآيات في موضعٍ ما فإنها تبقى ثابتةً في موضعها الذي أمر عليه الصلاة والسلام بوضعها فيه من السورة دون أن يطرأ على ذلك الوضع تصحيحٌ أو تعديل، وهذا أكبر دليلٍ وأسطع برهانٍ على ربانية هذا الكتاب {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء:192 - 193]، وقال تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً}.
عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً إذ شخص ببصره ثم صوّبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض قال: ثم شخص ببصره فقال: "أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [1].
قال الزركشي: فأما الآيات في كل سورةٍ ووضع البسملة أوائلها فترتيبها توقيفيٌ بلا شكٍ ولا خلاف فيه [2].
ترتيب السور في القرآن الكريم:
قد مرّ معنا أن ترتيب القرآن لا مثيل له على الإطلاق في الكتب والمصنفات، فلم يرتب حسب الترتيب الزماني ولا حسب الموضوعات إنما له طريقته الخاصة.
لكن بعض العلماء غفر الله لهم يذكر أن ترتيب السور اجتهاديٌ بخلاف ترتيب الآيات، وبعضهم يذكر أن ترتيب السور بعضه توفيقي اجتهادي وبعضه توقيفي وعمدتهم في ذلك الاستدلال بحديثٍ يرويه يزيد الفارسي عن ابن عباس و سنأتي للكلام على هذا الحديث.
وبناءً على ما تقدم من قول بعضهم أن الترتيب توفيقي، فقد قالوا لا فائدة من البحث عن التناسب والارتباط بين الآيات والسور لأن القرآن نزل منجماً في مدة ثلاثٍ وعشرين سنةً وفي مناسباتٍ مختلفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن هذا الكلام لا يسلم من الاعتراض عليه بل يجنح عن الصواب إذا قلنا أن القرآن من أهم المعجزات الشاهدة على رسالة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام بل هي أبقى المعجزات وأبينها، ومعلوم بالبداهة أن حسن الترتيب من أكبر محاسن الكلام البليغ، ونحن نعتقد بأن القرآن معجزٌ فهل نرضى بأن يكون عارياً عن حسن الترتيب والتناسق؟!!
وكيف نترك النظر في فهم ارتباط معانيه وتناسق آياته وسوره وإتقان ترتيبها؟ والله عز وجل أمرنا بتدبر هذا الكتاب الكريم فقال: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء 82]
وقد وصف الله تعالى هذا الكتاب بكونه محكماً {قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28]، وقال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} [الإسراء 106]
فكونه أنزل على مدى سنين متطاولةٍ وبمناسباتٍ مختلفةٍ متفاوتة، فهذا دليل بين على إعجازه لأنه كلام عالم الغيب والشهادة: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء 88]
وربما يحط عندك قدر خطيب مصقع أتى بفنون من البلاغة وأثر في النفوس بخلابة بيانه لمحض أنه ذهل عن ربط الكلام فهام من وادٍ إلى وادٍ، مع أنه معذور لأنه ألقى خطبته ارتجالاً ولم يعمل فيها النظر والروية، وما مؤاخذاتك لذلك الخطيب إلا لأن الكلام البليغ لا يحتمل سوء الترتيب، فإذا كان الأمر كذلك، أليس من الموقن بإعجاز القرآن أن يثبت حسن نظمه وإحكام ترتيبه وتناسق آياته وسوره؟! [3]
ماذا قال العلماء في موضوع التناسب والترتيب؟
- قال الفخر الرازي:
"علم المناسبات علمٌ عظيم أودعت فيه أكثر لطائف القرآن وروائعه وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول".
- وقال الزركشي:
"وقال بعض مشايخنا المحققين: وقد وهم من قال: لا يطلب للآي الكريمة مناسبةٌ لأنها على حسب الوقائع المتفرقة وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلاً وعلى حسب الحكمة ترتيباً، فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون مرتبةً سوره كلها و آياته بالتوقيف" [4].
- وفي معترك الأقران للسيوطي:
إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها، ثم هو يخفى تارةً ويظهر أخرى. [1/ 52].
- وقال السيوطي: علم المناسبة علم شريف قلّ اعتناء المفسرين به لدقته [5].
- وقال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني:
إن القرآن تقرؤه من أوله إلى آخره، فإذا هو محكم السرد، دقيق السبك، متين الأسلوب، قوي الاتصال، آخذٌ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله، يجري دم الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه، كأنه سبيكةٌ واحدةٌ ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل، كأنه حلقةٌ مفرغة، أو كأنه سمطٌ وحيد وعقدٌ فريد يأخذ بالأبصار، نظمت حروفه وكلماته، ونسقت جمله وآياته، وجاء آخره مساوقاً لأوله، وبدا أوله مواتياً لآخره [6].
- وقال الشيخ محمد عبد الله دراز:
(أجل إنك لتقرأ السورة الطويلة المنجمة يحسبها الجاهل أضغاثاً من المعاني حشيت حشواً وأوزاعاً من المباني جمعت عفواً، فإذا هي لو تدبرت بنية متماسكة قد بنيت من المقاصد الكلية على أسسٍ و أصول، ٍ وأقيم على كل أصلٍ منها شعب وفصول، و امتد من كل شعبةٍ منها فروعٌ تقصر أو تطول، فلا تزال تنتقل بين أجزائها كما تنتقل بين حجرات وأفنية في بنيانٍ واحدٍ قد وضع رسمه مرةً واحدةً، لا تحس بشيءٍ من تناكر الأوضاع في التقسيم والتنسيق، ولا بشيءٍ من الانفصال في الخروج من طريقٍ إلى طريقٍ، بل ترى بين الأجناس المختلفة تمام الألفة، كما ترى بين آحاد الجنس الواحد نهاية التضام، والالتحام، كل ذلك بغير تكلفٍ ولا استعانةٍ بأمرٍ من خارج المعاني أنفسها، إنما هو حسن السياقة ولطف التمهيد في مطلع كل غرضٍ ومقطعه وأثنائه يريك المنفصل متصلاً والمختلف مؤتلفاً [7].
وغير هؤلاء من العلماء كثيرٌ من المتقدمين و المتأخرين الذين يهتمون بعلم التناسب والربط بين السور و الآيات.
الأدلة من الكتاب والسنة على أن ترتيب السور توقيفي:
(يُتْبَعُ)
(/)
والأدلة التي استند إليها العلماء القائلون بأن ترتيب السور توقيفي وليس اجتهادي، كثيرةٌ منها:
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر 9].
وقوله: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود 1].
وقوله: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء 82].
وقوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:17]
والجمع كما قال المفسرون على معنيين: جمعه في صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعه بمعنى تأليفه.
وفي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلةٍ من شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة [8].
وعن أبي هريرة قال: كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عامٍ مرةً فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف في كل عامٍ عشراً فاعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين [9].
وعن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملةً واحدةً إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} الإسراء 106 [10].
وقال أوس بن حذيفة الثقفي: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحزّبون القرآن؟ قالوا: ثلاثٌ وخمسٌ وسبعٌ وتسعٌ وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وحده [11].
وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: (يا رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ قال في شهر، قال: إني أقوى من ذلك. ردد الكلام أبو موسى وتناقصه حتى قال: اقرأه في سبع، قال: إني أقوى من ذلك. قال: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث) [12].
ردّ أدلة القائلين بأن ترتيب السور اجتهادي
اعتمد القائلون بأن ترتيب السور مسألةٌ توفيقيةٌ اجتهادية على حديثٍ رواه يزيد الفارسي عن ابن عباس وهذا نصه:
عن يزيد الفارسي قال: سمعت ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين و إلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموها في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم؟
قال عثمان: كان النبي صلى الله عليه وسلم مما تنزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية و الآيتان فيقول مثل ذلك وكانت الأنفال من أول ما نزل عليه بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وأحمد.
قال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه وتعليقه عليه في المسند رقم [399]: في إسناده نظرٌ كثيرٌ، بل هو عندي ضعيفٌ جداً، بل هو حديثٌ لا أصل له يدور إسناده في كل رواياته على (يزيد الفارسي) الذي رواه عن ابن عباس، تفرد به عنه عوف بن أبي جميلة الأعرابي. وهو ثقة.
ثم قال الشيخ أحمد شاكر: فهذا يزيد الفارسي الذي انفرد برواية هذا الحديث يكاد يكون مجهولاً حتى شبّه على مثل ابن مهدي وأحمد والبخاري أن يكون هو ابن هرمز أو غيره، ويذكره البخاري في الضعفاء فلا يقبل منه مثل هذا الحديث ينفرد به، وفيه تشكيكٌ في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءةً وسماعاً وكتابةً في المصاحف وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه وحاشاه من ذلك فلا علينا إذا قلنا أنه حديثٌ لا أصل له تطبيقاً للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث.
ثم قال الشيخ محمد أمين المصري بعد أن نقل كلام الشيخ أحمد شاكر وغيره من العلماء المحققين كالعلامة محمد رشيد رضا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: "وبعد هذا البحث الذي لا ندعي له الكمال و الاستيفاء نريد أن نخلص إلى أن الذي نؤمن به من غير ريبٍ أن الذي بين دفتيّ المصحف كتاب الله جل شأنه أنزله على نبيه لا مدخل للبشر في صفةٍ من أوصافه ولا في حرفٍ من حروفه ولا مجال للاجتهاد في ترتيب آياته ولا في ترتيب سوره بحيث أثبتت البسملة فإنما أثبتت بأمر الله، وحيث حذفت فإنما وقع ذلك بأمر الله".
وإنما الريب في مثل هذه الرواية التي سبق ذكرها التي تحيط بها الشكوك وتحفها الأوهام، ومن عجبٍ أن ينطلي أمر مثل هذه الرواية على بعض العلماء، كما مرّ لدى البيهقي والسيوطي ولعلهما أخذا بتحسين من حسنها وتصحيح من صححها والعصمة من الخطأ لله وحده [13]. أ. هـ.
وهل من أدلةٍ أخرى للقائلين بعدم كون الترتيب توقيفياً؟
نعم، مما استدلوا به أيضاً اختلاف مصاحف الصحابة فمنهم من رتبها على حسب زمن النزول كمصحف علي رضي الله عنه، ومصحف عبد الله بن مسعود كان أوله سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
والجواب: أن تلك المصاحف مصاحف علمٍ وتأويل قصدوا بها ضبط وقائعٍ معينةٍ، وكان فيها المنسوخ تلاوةً، فلم تكن تلك المصاحف مصاحف تلاوة.
ولو كان ترتيب سور القرآن الذي جمع عثمان الناس على أساسه قائماً على الاجتهاد لما قبل هؤلاء الصحابة بتسليم مصاحفهم وعرضها للتحريق والتنازل عنها ولو كانت المسألة مسألة اجتهاد لتمسكوا باجتهادهم، إذ لا يلزم المجتهد أن يقلد مجتهداً آخر [14].
أنواع التناسب في القرآن:
مناسبة السورة للسورة التي تليها.
التناسب بين مطلع السورة وختامها.
المناسبة بين الآيات.
الوحدة الموضوعية لكل سورة.
التنسيق في تأليف العبارات بتخير الألفاظ ثم نظمها في نسقٍ خاصٍ يبلغ من خلالها أرقى درجات الفصاحة.
ما الفائدة المرجوة من اعتبار ترتيب السور توقيفياً؟ وما الثمرة التي نجنيها من خلال التناسب والربط بين الآيات والسور؟
في إثبات توقيفية ترتيب سور القرآن إثباتٌ وتأكيدٌ لمعنى قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فلم يكن حفظ القرآن وصونه موكول لأحدٍ من البشر.
وفيه أيضاً ردٌّ للشبه التي يثيرها الروافض والمستشرقون حول جمع القرآن، والزيادة فيه والنقص منه كما يزعمون!! قبحهم الله.
ومن ثمرات هذا العلم الالتفات إلى الحكمة من هذا الترتيب والاهتمام باستخراج المعاني و الحكم و لطائف النكات التي لا يتوصل إليها إلا بالتماس المناسبة والربط.
كيفية التعرف على التناسب والربط بين السور والآيات، وبيان أسبابه:
معرفة المناسبة و ارتباط السور والآيات بعضها ببعضٍ يتم من خلال الاعتبارات التالية:
1 - قد يكون الارتباط ظاهراً:
2 - قد لا يكون الارتباط ظاهراً، بل يبدو لأول وهلةٍ أن كل آية أو جملة مستقلةٍ عن الأخرى، وهاهنا: - إما أن تكون معطوفةٌ على الأولى بحرفٍ من حروف العطف المشتركة في الحكم، ويندرج في هذا ما يسمى ربط التضاد أو المقابلة، كأن يذكر نوعين متضادين، كذكر المؤمنين والكافرين، والخير والشر، والعلم والجهل، والظلمات والنور، وطريق الهداية وطريق الغواية، ومصير الكافرين ومصير الأتقياء المؤمنين، والظلم والعدل، والبخل و الإنفاق، والطيب والخبيث، وهذا كثير جداً في القرآن الكريم.
- وإما أن لا تكون معطوفة، فلا بد من قرينةٍ معنويةٍ تؤذن بالربط ومن ذلك إلحاق النظير بالنظير، كما في قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} في سورة الأنفال، فكراهيتهم لما فعله عليه الصلاة والسلام في قسمة الغنائم، ككراهيتهم للخروج للقتال.
ومنه أيضاً: الاستطراد، وهذا يلاحظ في كثير من سور القرآن فإذا تحدث عن قصة آدم يستطرد لما يتبع ذلك من أمور [15] وكذلك في الحديث عن عصيان إبليس لربه، أو ذكر قصص الأنبياء وهكذا.
وبعد هذا العرض النظري المسهب لموضوع التناسب وترتيب سور القرآن، فهذا أوان الشروع في بيان الأدلة لإثبات المناسبة [16].
التناسب بين السور [17]:
- وجه المناسبة بين سورة الفاتحة وأول سورة البقرة:
أرشد الله تعالى عباده في سورة الفاتحة إلى أن يسألوه الهداية، بقوله: {اهدنا الصراط المستقيم} فاستجاب لهم سبحانه فقال: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}، فهذا القرآن هو طريقة الهداية الكبرى.
- وجه المناسبة بين آخر سورة البقرة وأول سورة آل عمران:
(يُتْبَعُ)
(/)
ختمت السورة المتقدمة على سؤال النصر: {وانصرنا على القوم الكافرين}، وفي مفتتح هذه السورة بيّن نصرتهم على الكفار باللسان والسنان.
ووجه آخر للربط بين السور الثلاث (الفاتحة – البقرة – آل عمران)، قال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فالذين أنعم الله عليهم هم المؤمنون، والذين غضب الله عليهم هم اليهود ولذلك فقد كان الحديث عنهم وخطابهم أكثر في سورة البقرة، والضالون هم النصارى فكثر خطابهم في سورة آل عمران.
- وجه الترابط بين آخر سورة آل عمران و أول سورة النساء:
أن كليهما مشترك في الأمر بالتقوى، إذ انتهت سورة آل عمران على قوله تعالى: {واتقوا الله لعلكم تفلحون} وابتدأت سورة النساء بقوله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم}.
ولما كثر ذكر الجهاد في السورتين السابقتين، ذكر في هذه السورة مسألةً هامةً لا يتحقق الجهاد بدونها، هذه المسألة تتعلق بالعدالة الاجتماعية وهي إنصاف المرأة وإعطاؤها حقها ورعاية حقوق اليتامى و الأرامل والمساكين والرأفة بهم والعطف عليهم وعدم ظلمهم، إذ الجهاد المشروع والنتيجة المرجوة منه لا يتحقق ما لم يكن المسلمون يداً واحدةً على العدو.
- وجه التناسب بين آخر سورة الأعراف وأول سورة الأنفال:
ختمت السورة المتقدمة بذكر الله في كل حال: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين}، وبدأت سورة الأنفال بترك الانشغال بحطام الدنيا والسؤال عن الغنائم: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}.
- وجه الارتباط بين آخر سورة الحجر وأول سورة النحل:
قال تعالى في آخر سورة الحجر: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}. وقال في أول سورة النحل: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه} أي ما دام أن أمر الله تعالى آتٍ فلا يضيق صدرك بما يقولون، فالذي خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان من نطفةٍ ينزل الملائكة بالروح على من يشاء من عباده فهو الذي يصطفى الرسل.
- وجه التناسب بين آخر سورة الواقعة وأول سورة الحديد:
قال تعالى في آخر سورة الواقعة: {فسبح باسم ربك العظيم}، وقال في أول سورة الحديد: {سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} فالمناسبة والارتباط ظاهر.
- وجه التناسب بين آخر سورة التحريم و أول سورة تبارك:
لما ثبت في السورة المتقدمة (التحريم) أن نوحاً ولوطاً عليهما السلام مع كونهما من الأنبياء لم يستطيعا أن ينقذا أزواجهما من النار، ولم يباركا فيهما.
وأن فرعون رغم جبروته وسعة ملكه وقوة سطوته لم يستطع أن يخضع زوجته ويجعلها تابعةً لكفره وشركه فقد باركها الله، و أن مريم بنت عمران باركها الله واصطفاها على نساء العالمين، فثبت أن البركة كلها إنما هي بيد الله عز وجل لا يشاركه فيها أحد، فـ {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير}.
التناسب بين السور من القارعة إلى الناس:
ذكر في سورة القارعة أحوال الساعة وشدائدها، وبعد ذكر هذه الشدائد الآتية في الساعة كان لكم أن تعتبروا وتتعظوا وتعملوا الصالحات ولكن (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر).
وبعد بذل الجهد في التكاثر، فإن حصل لأحد مال كثير يزعم أنه فاز كلا {والعصر، إن الإنسان لفي خسر}، فالفائزون هم المؤمنون الذين {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
أما المكتنزون مالاً فـ {ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع مالا وعدده} فلو كان المال يغني عن أحد لأغنى عن أصحاب الفيل {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} وبعد ذكر ما أحله الله بأصحاب الفيل، فهذه نعمةٌ من الله على أهل قريش {لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}.
ومن أنعم الله عليه إذ أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف، عليه أن ينفق في سبيل الله ويرعى اليتيم ويحض على طعام المسكين ولكنهم كذبوا بالدين، {أرأيت الذي يكذب بالدين} وهذا شأن كفار قريش و أما النبي r فقد كان يصل الرحم وينصر المظلوم ويعين على نوائب الحق فـ {إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر}.
فاقطع موالاتهم و {قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون}.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا أوان تمام دينك وكماله وقد جاء الحق وزهق الباطل {إذا جاء نصر الله والفتح} فقد حان وقت ارتحالك من الدنيا {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.
وإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فقد ثبت أن {تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب}. فأعلن ما جئت به {قل هو الله أحد، الله الصمد}.
و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
---الحواشي -------
[1]- مسند أحمد: رقم الحديث [17842].
[2]- البرهان [1/ 256].
[3]- انظر دلائل النظام ص39 لعبد الحميد الفراهي.
[4]- البرهان [1/ 37].
[5]- معترك الأقران في إعجاز القرآن [1/ 43].
[6]- مناهل العرفان [1/ 53].
[7]- النبأ العظيم [195].
[8]- صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن. باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. رقم الحديث [4997].
[9]- صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن. باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. رقم الحديث [4998].
[10]- رواه بن كثير في فضل القرآن وصحح إسناده.
[11]- رواه أبو داود. كتاب شهر رمضان. حديث رقم [1390] وفي المسند برقم [16111].
[12]- رواه أبو داود. كتاب شهر رمضان. حديث رقم [1387].
[13]- من هدي سورة الأنفال ص21، 22.
[14]- انظر الإعجاز البياني في ترتيب آيات القرآن وسوره. د/ محمد أحمد يوسف القاسم.
[15]- انظر معترك الأقران في إعجاز القرآن [1/ 45،46].
[16]- المراجع التي اعتمدت عليها في استخراج المناسبات (تفسير الرازي وسبق الغايات في نسق الآيات لأشرف علي التهانوي: وأنوار التبيان في إسرار القرآن للقاضي شمس الدين بن شير محمد.
[17]- اقتصرت على ذكر بعض الأدلة للتناسب من مواضع مختلفة في القرآن، من أوله ووسطه وآخره، وسأفرد هذا الموضوع برسالة مستقلة تشمل جميع السور إن شاء الله تعالى.
المصدر. ( http://www.quranway.net/index.aspx?function=Printable&id=269&lang=)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2006, 10:06 ص]ـ
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض
من المألوف لدى كل قارئ لكتب التفسير أن يجد المفسِّر يكاد ألاَّ يغفل عن ذكر المناسبة بين الآية والتي بعدها، أو السورة والتي تليها، أو الحكم وما قارنه من أسماء الله وصفاته، ونحو ذلك، ولم يدُرْ بخلد كثير من القراء أن هذا العلم علم عظيم حظي بعناية العلماء واهتمامهم وأفردوا له المؤلفات تحقيقاً أو تطبيقاً.
وفيما يلي ـ أخي القارئ ـ إطلالة عابرة تبين لك جوانب هذا العلم، وتعرفك بمقاصده، وتكشف لك أنواعه وتاريخه وأهم المؤلفات فيه.
تعريفه:
المناسبة في اللغة: المقاربة والمشاكلة (1).
ويعرف اصطلاحاً بأنه: علم تعرف به وجوه ارتباط أجزاء القرآن بعضها ببعض، وقولُنا: (أجزاء القرآن) شامل للآية مع الآية، والحكم مع الحكم، والسورة مع السورة، والقصة مع القصة، وكل جزء من القرآن مع ما قارنه.
أهميته وأقوال العلماء فيه:
لقد أبان العلماء فيما سطروه بجلاءٍ عن أهمية هذ العلم وعظيم الفائدة بمعرفته حتى قال الفخر الرازي: "أكثر لطائف القرآن مودَعة في الترتيبات والروابط" (2).
وقال الزركشي: "واعلم أن المناسبة علم شريف تحزر به العقول، ويعرف به قدر القائل فيما يقول" (3).
أما القاضي أبو بكر بن العربي فقد كشف عن منزلة هذا العلم بقوله: "ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الواحدة متسعة المعاني، منتظمة المباني ... علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله ـ عز وجل ـ لنا فيه، فلما لم نجد له حَمَلَةً ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه" (4).
وقال الرازي: "علم المناسبات علم عظيم أودعت فيه أكثر لطائف القرآن وروائعه، وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول" (5).
وقال في تفسير سورة البقرة: "ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو أيضاً بسبب ترتيبه ونظم آياته" (6).
وقال البقاعي مبيناً فائدة جليلة من فوائد معرفة هذا العلم: "وبهذا العلم: يرسخ الإيمان في القلب ويتمكن من اللب؛ وذلك أنه يكشف أن للإعجاز طريقتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
إحداهما: نظم كل جملة على حيالها بحسب التركيب.
والثانية: نظمها مع تاليتها بالنظر إلى الترتيب. والأول أقرب تناولاً وأسهل ذوقاً؛ فإن كل من سمع القرآن من ذكي وغبي يهتز لمعانيه وتحصل له عند سماعه روعة بنشاط مع انبساط لا تحصل عند سماع غيره، ثم إذا عبر الفطن من ذلك إلى تأمُّل ربط كل جملة بما تلته وما تلاها خفي عليه وجه ذلك، ورأى أن الجمل متباعدة الأغراض متنائية المقاصد، فظن أنها متنافرة، فحصل له من القبض والكرب أضعاف ما حصل له بالسماع من الهزّ والبسط، ربما شككه ذلك وزلزل إيمانه؛ فإذا استعان بالله وأدام الطرق لباب الفرج بإنعام التأمل وإظهار العجز والوقوف بأنه في الذروة من إحكام الربط كما كان في الأوج من حسن المعنى، فانفتح له ذلك الباب، ولاحت له من ورائه بوارق أنوار تلك الأسرار رقص الفكر منه طرباً وشاط لعظمة ذلك جنانه، ورسخ من غير مرية إيمانه" (7).
أول من أظهره، وأهم المؤلفات فيه:
يعد العلماء أبا بكر النيسابوري (ت 324هـ) أول من أظهر علم المناسبات في بغداد، وكان يزري على علماء بغداد لجهلهم وجوه المناسبة بين الآيات، وكان إذا قرئت عليه آية أو سورة يقول: لِمَ جُعلت هذه الآية إلى هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة (8).
وهذه الأولية إنما هي باعتبار شدة العناية والتعليم؛ وإلا فالمتتبع لتفاسير السلف حتى من الصحابة يجدهم يتحدثون أحياناً عن المناسبات في بعض المواطن وإن كانت قليلة.
وقد ذكرنا آنفاً كلمة ابن العربي حين تكلم في هذا العلم وشكواه من بطالة النقلة.
أما المؤلفات فيه فهي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من أفرده بالتصنيف، ومن أشهرهم:
1 - أبو جعفر بن الزبير الأندلسي (ت 807 هـ) في كتابه: "البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن".
2 - السيوطي (ت 911 هـ) في كتابه: "تناسق الدرر في تناسب السور".
3 - عبد الله الغُمَاري في كتابه: "جواهر البيان في تناسب سور القرآن".
وأعظم من كتب في هذا العلم وأشفى على الغاية القصوى فيه، وغدا مرجعاً لا يستغنى عنه فيه هو برهان الدين البقاعي (ت 885 هـ) في كتابه: "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" حيث ذكر المناسبات بين آيات القرآن وسوره كلها وبلغ كتابه اثنين وعشرين مجلداً.
القسم الثاني: الذين جعلوه نوعاً من علوم القرآن الكريم وتحدثوا عنه في باب من كتبهم، ومن أشهرهم:
1 - الزركشي في كتابه: "البرهان في علوم القرآن" فقد جعله النوع الثاني من كتابه الكبير.
2 - السيوطي في كتابه: "الإتقان" وقد جعله في النوع الثاني والستين.
القسم الثالث: المفسرون الذين عُنُوا بذكر المناسبات في تفاسيرهم، ومن أشهرهم:
1 - الفخر الرازي في تفسيره الكبير: "مفاتيح الغيب".
2 - أبو السعود في تفسيره: "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم".
3 - سيد قطب في كتابه: "في ظلال القرآن" حيث كان يفتتح تفسير السورة بذكر موضوعها العام، ثم يربط بين مقاطع السورة على ضوء ما ذكره من موضوعها وجوّها العام.
فوائد هذا العلم: لهذا العلم فوائد، ومن أهمها:
1 - أنه يزيل الشك الحاصل في القلب بسبب عدم التأمل في دقة النظم وإحكام الترتيب، وقد تقدم كلام البقاعي في هذه القضية (9).
2 - أنه يفيد في معرفة أسرار التشريع وحِكَم الأحكام وإدراك مدى التلازم التام بين أحكام الشريعة؛ فإذا قرأت قوله ـ تعالى ـ: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم)) [{النور: 30]} وتعرفت على المناسبة بين الأمر بغض البصر وحفظ الفرج علمت ما بينهما من التلازم والتلاؤم؛ فحفظ الفرج لا يتم إلا بغض البصر، ومن أطلق بصره في الحرام فحري أن تزلَّ قدمه في الآثام.
3 - أنه يعين على فهم معنى الآيات وتحديد المراد منها، ومن ذلك: خلاف المفسرين في معنى قوله ـ تعالى ـ: ((والصافات صفا)) [الصافات: 1]}، فقال قوم: هي الملائكة، وهذا قول الجمهور، وقال آخرون: هي الطير، والصحيح الأول؛ وذلك لأنا لو بحثنا عن المناسبة بين أول السورة وخاتمتها لوجدناه ذكر في الخاتمة في معرض حديث الملائكة عن أنفسهم: ((وإنا لنحن الصافون. وإنا لنحن المسبحون)) [الصافات: 165، 166]}.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - وبه يتبين لك سر التكرار في قصص القرآن، وأن كل قصة أعيدت في موطن فلمناسبتها ذلك الموطن، ولذلك ترى اختلافاً في ترتيب القصة ونظمها بحسب المناسبة وإن كانت متحدة في أصل المعنى (10).
قواعد في علم المناسبات:
علم المناسبات كغيره من العلوم له قواعد وضوابط ينطلق منها المتحدثون فيه، ومنها:
الأولى: في كيفية التعرف على المناسبات في السورة جملة:
قال المشرالي المغربي: "الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هو أنك تنظر الغرض من المقدمات، وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب، وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام واللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء العليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها؛ فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن، وإذا فعلته تبين لك ـ إن شاء الله ـ وجه النظم مفصلاً بين كل آية وآية في كل سورة" (11).
وقد لخص البقاعي تجربته في التعرف على المناسبة فقال: "تتوقف الإجادة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها، ويفيد ذلك معرفة المقصود من جميع جملها؛ فلذلك كان هذا العلم في غاية النفاسة، وكانت نسبته من علم التفسير نسبة علم البيان من النحو" (12).
والمتأمل لما كتبه سيد قطب في ـ ظلاله ـ يجده سار على هذا المنوال في بيان أوجه الربط بين مقاطع السورة.
الثانية: قال الزركشي: "وعادة القرآن العظيم إذا ذكر أحكاماً ذكر بعدها وعداً ووعيداً؛ ليكون ذلك باعثاً على العمل بما سبق، ثم يذكر آيات التوحيد والتنزيه؛ ليُعلم عظم الآمر والناهي، وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة وغيرها تجده كذلك" (13).
الثالثة: المزاوجة بين الوعد والوعيد، والبشارة والنذارة، والترغيب والترهيب؛ وفي ذلك من الحكمة والمناسبة ما هو بيِّن لكل متأمل.
الرابعة: قال السيوطي: إن عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد؛ حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدينية في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملاً وتركاً، كما قال في سورة الكهف: ((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ... )) [{الكهف: 49]} إلى أن قال: ((ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ... )) [الكهف: 54]}.
والقواعد في هذا الباب كثيرة ومثيرة، وليس هذا موطن استقصائها.
أنواع المناسبات: (14)
للمناسبات في القرآن ثلاثة أنواع:
الأول: المناسبات في السورة الواحدة.
الثاني: المناسبات بين السورتين.
الثالث: مناسبات عامة.
ولكل نوع من هذه الأنواع أقسام كثيرة وسنقتصر في هذه العجالة على بعضٍ منها، مما يتضح به المقصود وينفتح به الباب للطالب الراغب.
النوع الأول: المناسبات في السورة الواحدة، ويتضمن أقساماً، ومنها:
أولاً: المناسبة بين أول السورة وخاتمتها:
مثاله: قوله ـ تعالى ـ: في أول سورة البقرة: ((الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)) [البقرة: 3]}، ثم قال في آخر السورة: ((آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ... )) [البقرة: 285] فهو في أول السورة يذكر صفات المتقين التي يتميزون بها وفي آخر السورة يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه قد امتثلوا تلك الصفات وتحلوا بها.
مثال آخر: في سورة (المؤمنون) افتتح السورة بذكر فلاح المؤمنين ((قد أفلح المؤمنون)) [{المؤمنون: 1]}، واختتمها بنفي فلاح الكافرين ((ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون)) [المؤمنون: 117]}.
ثانياً: المناسبة بين الآية والتي تليها:
مثاله: قوله ـ تعالى ـ: إياك نعبد وإياك نستعين {الفاتحة: 5} فإنه لما ذكر في أول السورة استحقاق الله ـ تعالى ـ لكل المحامد، وكونه رباً للعالمين، وهو الرحمن الرحيم، وهو مع كل هذا الملك المتصرف في اليوم الذي لا ملك فيه لأحد إلا لله .. كان من شأن كل عاقل أن يُقبِل على مَنْ هذه صفاته وتلك عظمته معترفاً بالعبودية له والذل الكامل لجنابه العظيم ملتجئاً إليه طالباً منه العون والمدد، ثم إنه لما حمد وأثنى ومجّد واعترف بالعبودية ناسب أن يستشرف للطلب من ذلك الرب المستعان، فيقول: ((اهدنا الصراط المستقيم)) [{الفاتحة: 6].
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: المناسبة بين حكمين في الآيات أو الآية:
وذلك كما في آيات الاستئذان حين أعقبها بالأمر بغض البصر؛ فإن الاستئذان إنما جعل من أجل أن لا يقع بصر المستأذن على عورة، ولو صادف أن وقع فإن على المستأذن أن يغض البصر، ثم إن العلاقة بين الحكمين بيِّنة؛ إذ فيهما ذكر ما تكون به العفة وحفظ العورات في المجتمع المسلم.
والمناسبة بين الأمر بحفظ الفرج والأمر بغض البصر تقدمت ـ فيما سبق ـ، وهما حكمان في آية واحدة.
رابعاً: المناسبة بين اسم السورة ومضمونها:
مثاله: المناسبة بين مضمون سورة الكهف واسمها؛ فإن السورة قد ذكرت أنواع الفتن التي تمر بالمرء؛ إذ ذكرت فيها الفتنة في الدين في قصة الفتية، وفتنة الجلساء في قوله: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ... )) [{الكهف: 28]}، وفتنة المال في قصة صاحب الجنتين، وفتنة العلم في قصة موسى والخضر، وفتنة السلطان في قصة ذي القرنين، وفتنة القوة والكثرة في خبر يأجوج ومأجوج، وذكرت هذه السورة المخرج من كل واحدة من هذه الفتن؛ فكأنها كهف لمن اعتصم بها من الفتن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال" (15).
النوع الثاني: المناسبات بين السورتين: ويتضمن أقساماً منها:
أولاً: المناسبة بين فاتحة السورة وخاتمة التي قبلها:
مثاله: في آخر سورة الإسراء قال تعالى: ((وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ... )) [{الإسراء: 111]}، وفي أول سورة الكهف التي تليها قال: ((الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ... )) [{الكهف: 1]}.
مثال آخر: في آخر سورة الطور قال: ((ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم)) [{الطور: 49]}، وفي أول سورة النجم قال: ((والنجم إذا هوى)) [{النجم: 1]}.
ثانياً: المناسبة بين مضمون السورة والتي تليها:
مثاله: في سورة الضحى ذكرٌ للنعم الحسية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سورة الشرح ذكر للنعم المعنوية عليه.
مثال آخر: في سورة البقرة ذكر للطوائف الثلاث: المنعم عليهم ويمثلهم المسلمون، والمغضوب عليهم ويمثلهم اليهود، والضالون ويمثلهم النصارى. وقد ذكر في سورة البقرة الطائفتين الأوليين بما هو ظاهر، وفي سورة آل عمران ذكر الطائفة الثالثة فيما يزيد على "120" آية من أولها.
النوع الثالث: مناسبات عامة:
وهي المناسبات التي يذكرها العلماء مطلقة في القرآن وهي كثيرة جداً أذكر منها نموذجاً للبيان.
- افتُتحت سورتان بقوله: يا أيها الناس وهما: سورتا النساء، والحج، وذكر في الأولى بدء الخلق والحياة للإنسان: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء)) [{النساء: 1]}، وفي سورة الحج ذكر لنهاية هذه الحياة وبداية حياة أخرى: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم)) [{الحج: 1]}.
شبهة وجوابها:
قد يقول قائل: كيف تطلب المناسبات بين الآيات والسور علماً بأنها نزلت مفرقة كل واحدة منها في زمن يخالف زمن الأخرى، وفي قضية مغايرة لمضمون ما جاورها؟ وقد أجاب عن هذا التساؤل الزركشي فيما نقله عن بعض مشايخه المحققين فقال: "قد وهم من قال: لا يطلب للآية الكريمة مناسبة؛ لأنها على حسب الوقائع المتفرقة؛ وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلاً وعلى حسب الحكمة ترتيباً؛ فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف" (16).
ويزيد هذا الجواب إيضاحاً الشيخ محمد عبد الله دراز فيقول: "إن كانت بعد تنزيلها جمعت عن تفريق فلقد كانت في تنزيلها مفرقة عن جمع، كمثل بنيان كان قائماً على قواعده فلما أريد نقله بصورته إلى غير مكانه قدرت أبعاده ورقمت لبناته ثم فُرِّق أنقاضاً، فلم تلبث كل لبنة أن عرفت مكانها المرقوم، وإذا البنيان قد عاد مرصوصاً يشد بعضه بعضاً كهيئته أول مرة" (17).
وبعدُ ـ أخي القارئ ـ فهذه كلمات وجيزة أردت بها تعريفك بعلم تفيدك معرفته والاطلاع على حقيقته، واللهَ أسأل أن أكون موفقاً في بلوغ الهدف وتحقيق المقصود.
الهوامش:
(1) الإتقان للسيوطي،2/ 139.
(2) انظره في: البرهان، للزركشي، 36، والإتقان 2/ 138.
(3) البرهان: 35.
(4) البرهان:36، وانظر الإتقان: 2/ 136.
(5) انظر البرهان: 35.
(6) نظم الدرر: 1/ 9، والإتقان:2/ 138.
(7) نظم الدرر: 1/ 10ـ12.
(8) أنظر: البرهان، للزركشي: 36.
(9) انظر أيضا: البرهان:36.
(10) انظر: نظم الدرر: 1/ 14.
(11) نقله السيوطي في الإتقان 2/ 141 عن بعض المتأخرين.
(12) نظم الدرر:1/ 6.
(13) البرهان:40.
(14) انظر: مباحث في التفسيرالموضوعي: 68وما بعدها.
(15) رواه مسلم، ح/809.
(16) البرهان:37.
(17) مباحث في التفسير الموضوعي، مصطفى مسلم، 57.
المصدر Cd مجلة البيان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 May 2006, 10:18 ص]ـ
- نظرية الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم في كتاب الأساس في التفسير ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=924) للدكتور أحمد الشرقاوي.
- موقف الإمام الشوكاني من المناسبات ( http://tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=859) للدكتور أحمد الشرقاوي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[27 Mar 2009, 08:38 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[28 Mar 2009, 12:29 ص]ـ
ذكر بعض أهل العلم عن أبي علي الفارسي أنه قال: ((القرآن كله كالسورة الواحدة))
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[29 Mar 2009, 07:55 م]ـ
لكي نفهم قول من رفض المناسبات فهما سليما لابد أن نعرف أنواع هذا العلم عندهم وعلى ماذا يغلب إطلاق "علم المناسبات" من هذه الأنواع؟
فهذا العلم كما يبدو لي كان يطلق غالبا على الآتي:
- مناسبة أوائل السور لأواخرها
- مناسبة آخر السور وتناسقها مع التي تليها
- تناسق أجزاء السورة الواحدة
ونحو ذلك
وللسيوطي ثلاثة عشر وجها هي:
الوجه الأول: بيان مناسبات ترتيب سوره وحكمة وضع كل سورة منها
الوجه الثاني: إن كل سورة شارحة لما أجمل في السورة التي قبلها.
الوجه الثالث: وجه اعتلاق فاتحة السورة وخاتمة التي قبلها.
الوجه الرابع: مناسبات مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له؛ وتلك براعة الاستهلال.
الوجه الخامس: مناسبات أوائل السور لخواتيمها.
الوجه السادس: مناسبات ترتيب آياته واعتلاق بعضها ببعض وارتباطها وتلاحمها وتناسقها.
الوجه السابع: بيان أساليبه في البلاغة وتنوع خطاباته وسياقاته.
الوجه الثامن: بيان ما اشتمل عليه من المحسنات البديعية على كثرتها؛ كالاستعارة والكناية والتعريض والالتفات والتورية والاستخدام واللفّ والنشر والطباق والمقابلة والمجاز بأنواعه والإيجاز والإطناب وغيرها
الوجه التاسع: بيان فواصل الآي ومناسبتها للآي التي ضمنت بها.
الوجه العاشر: مناسبة أسماء السور.
الوجه الحادي عشر: بيان أوجه اختيار مرادفاته دون سائرها.
الوجه الثاني عشر: بيان القراءات المختلفة مشهورها وشاذها وما تضمنته من المعاني والعلوم، فإن ذلك من جملة وجوه إعجازه.
الوجه الثالث عشر: بيان وجه تفاوت أوجه الآيات المتشابهة من القصص وغيرها بالزيادة والنقص والتقديم والتأخير وإبدال لفظة مكان أخرى ونحو ذلك.
ولعل القارئ لا يخفى عليه - في تقسيم الإمام السيوطي هذا - كثير من أنواع الخلل المنهجي التي منها:
1 - عدم وجود رابط منهجي جامع بين هذه الوجوه على اختلافها.
2 - إقحام كثير من الأنواع التي لا معنى لدخولها في هذا المضمار؛ نحو براعة الاستهلال وتنوع خطابات القرآن وسياقاته والمحسنات البديعية والفواصل وأسماء السور والقراءات ونحوها.
3 - إغفال كثير من الوجوه التي ذكرتها كتب البلاغيين ودارسي الإعجاز والمتكلمين والمفسرين وغيرهم.
ولكن الأشكال الثلاثة الأولى – كما يبدو - كانت هي الغالبة في هذا العلم، ولذلك أدلة منها الآتي:
1 - ذكر العلماء أن أول من أفرد هذا العلم بالتصنيف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الأندلسي المتوفي سنة 708 هـ وهو صاحب كتاب "البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن" والحق أن ابن الزبير - هذا العالم المتأخر - لم يكن هو أول من صنف في التناسب، ولا شك أن الذين زعموا ذلك لم يراعوا كافة أشكال التناسب؛ بل حصروا هذا العلم في أشكال معينة وضربوا صفحاً عن التناسب بين المفردات والتناسب بين الجمل والآيات وغيرها، وإلا فإن النظم - الذي هو إيجاد المناسبة وإقامة الروابط بين المفردات في التركيب بصورة معينة - يعدّ أهم أنواع التناسب التي اهتم بها العلماء وأقدمها.
2 - ذكر الشوكاني أن كثيرا من المفسرين جاءوا بعلم متكلف، أي: اخترعوا هذا العلم ولم يكن موجودا من قبل، ومثّل لهولاء المفسرين بالشيخ الإمام برهان الدين البقاعي صاحب كتاب "نظم الدرر في تناسب الآي والسور " الذي مات سنة 885 هـ وركز في هجومه على مناسبة السور لأوائل التي تليها ومناسبة أجزاء السورة الواحدة
والشوكاني عندما رفض هذا العلم كان يتعرض لأقوى نوع من تلك الأنواع الثلاثة وهو المناسبة بين أجزاء السورة الواحدة؛ فرفض الربط بين قصة بني إسرائيل وبين قصة آدم عليه السلام في سورة البقرة، وهذا الموضع هو الذي دعاه لصب جام غضبه على هذا العلم الجليل، ولم يكن رد الإمام الشوكاني في هذا الموضع قويا بحال، وبعد ذلك رفض الشوكاني الربط بين السور حسب الترتيب المصحفي لأن ترتيب النزول ليس كذلك
وحتي يتضح الأمر إليك قول الشوكاني بتمامه:
(يُتْبَعُ)
(/)
(اعلم أن كثيرا من المفسرين جاءوا بعلم متكلف وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلا عن كلام الرب سبحانه حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدمه حسبما ذكر في خطبته وإن هذا لمن أعجب ما يسمعه من يعرف أن هذا القرآن ما زال ينزل مفرقا على حسب الحوادث المقتضية لنزوله منذ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن قبضه الله عز و جل إليه وكل عاقل فضلا عن عالم لا يشك أن هذه الحوادث المقتضية نزول القرآن متخالفة باعتبار نفسها بل قد تكون متناقضة كتحريم أمر كان حلالا وتحليل أمر كان حراما وإثبات أمر لشخص أو أشخاص يناقض ما كان قد ثبت لهم قبله وتارة يكون الكلام مع المسلمين وتارة مع الكافرين وتارة مع من مضى وتارة مع من حضر وحينا في عبادة وحينا في معاملة ووقتا في ترغيب ووقتا في ترهيب وآونة في بشارة وآونة في نذارة وطورا في أمر دنيا وطورا في أمر آخرة ومرة في تكاليف آتية ومرة في أقاصيص ماضية وإذا كانت أسباب النزول مختلفة هذا الإختلاف ومتباينة هذا التباين الذي لا يتيسر معه الائتلاف فالقرآن النازل فيها هو باعتباره نفسه مختلف كاختلافها فكيف يطلب العاقل المناسبة بين الضب والنون والماء والنار والملاح والحادي وهل هذا إلا من فتح أبواب الشك وتوسيع دائرة الريب على من في قلبه مرض أو كان مرضه مجرد الجهل والقصور فإنه إذا وجد أهل العلم يتكلمون في التناسب بين جميع آي القرآن ويفردون ذلك بالتصنيف تقرر عنده أن هذا أمر لا بد منه وأنه لا يكون القرآن بليغا معجزا إلا إذا ظهر الوجه المقتضي للمناسبة وتبين الأمر الموجب للارتباط فإن وجد الاختلاف بين الآيات فرجع إلى ما قاله المتكلمون في ذلك فوجده تكلفا محضا وتعسفا بينا انقدح في قلبه ما كان عنه في عافية وسلامة هذا على فرض أن نزول القرآن كان مترتبا على هذا الترتيب الكائن في المصحف فكيف وكل من له أدنى علم بالكتاب وأيسر حظ من معرفته يعلم علما يقينا أنه لم يكن كذلك ومن شك في هذا وإن لم يكن مما يشك فيه أهل العلم رجع إلى كلام أهل العلم العارفين بأسباب النزول المطلعين على حوادث النبوة فإنه ينثلج صدره ويزول عنه الريب بالنظر في سورة من السور المتوسطة فضلا عن المطولة لأنه لا محالة يجدها مشتملة على آيات نزلت في حوادث مختلفة وأوقات متباينة لا مطابقة بين أسبابها وما نزل فيها في الترتيب بل يكفي المقصر أن يعلم أن أول ما نزل {اقرأ باسم ربك الذي خلق} وبعده {يا أيها المدثر} {يا أيها المزمل} وينظر أين موضع هذه الآيات والسور في ترتيب المصحف؟ وإذا كان الأمر هكذا فأي معنى لطلب المناسبة بين آيات نعلم قطعا أنه قد تقدم في ترتيب المصحف ما أنزل الله متأخرا وتأخر ما أنزله الله متقدما فإن هذا عمل لا يرجع إلى ترتيب نزول القرآن بل إلى ما وقع من الترتيب عند جمعه ممن تصدى لذلك من الصحابة وما أقل نفع مثل هذا وأنزر ثمرته وأحقر فائدته بل هو عند من يفهم ما يقول وما يقال له من تضييع الأوقات وإنفاق الساعات في أمر لا يعود بنفع على فاعله ولا على من يقف عليه من الناس وأنت تعلم أنه لو تصدى رجل من أهل العلم للمناسبة بين ما قاله رجل من البلغاء من خطبه ورسائله وإنشاءاته أو إلى ما قاله شاعر من الشعراء من القصائد التي تكون تارة مدحا وأخرى هجاءا وحينا نسيبا وحينا رثاء وغير ذلك من الأنواع المتخالفة فعمد هذا المتصدي إلى ذلك المجموع فناسب بين فقره ومقاطعه ثم تكلف تكلفا آخر فناسب بين الخطبة التي خطبها في الجهاد والخطبة التي في الحج والخطبة التي خطبها في النكاح ونحو ذلك وناسب بين الإنشاء الكائن في العزاء والإنشاء الكائن في الهناء وما يشابه ذلك لعد هذا المتصدي لمثل هذا مصابا في عقله متلاعبا بأوقاته عابثا بعمره الذي هو رأس ماله وإذا كان مثل هذا بهذه المنزلة وهو ركوب الأحموقة في كلام البشر فكيف تراه يكون في كلام الله سبحانه الذي أعجزت
(يُتْبَعُ)
(/)
بلاغته بلغاء العرب وأبكمت فصاحته فصحاء عدنان وقحطان وقد علم كل مقصر وكامل أن الله سبحانه وصف هذا القرآن بأنه عربي وأنزله بلغة العرب وسلك فيه مسالكهم في الكلام وجرى به مجاريهم في الخطاب وقد علمنا أن خطيبهم كان يقوم المقام الواحد فيأتي بفنون متخالفة وطرائق متباينة فضلا عن المقامين فضلا عن المقامات فضلا عن جميع ما قاله ما دام حيا وكذلك شاعرهم ولنكتف بهذا التنبيه على هذه المفسدة التي تعثر في ساحاتها كثير من المحققين وإنما ذكرنا هذا البحث في هذا الموطن لأن الكلام هنا قد انتقل مع بني إسرائيل بعد أن كان قبله مع أبي البشر آدم عليه السلام فإذا قال متكلف: كيف ناسب هذا ما قبله؟ قلنا: لا كيف:
(فدع عنك نهبا صيح في حجراته ... وهات حديثا ما حديث الرواحل)
وكلام الشوكاني هذا تهدمه أمور كثيرة منها:
- إن الترتيب الذي على المصحف هو ترتيب إلهي نزل به القرآن إلى بيت العزة كما هو معلوم، وهذا النزول بخلاف النزول التنجيمي الذي به نزل القرآن إلى الأرض؛ يقول الإمام القرطبي: "ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر على ما بيّناه جملة واحدة؛ فوضع في بيت العزة في سماه الدنيا؛ ثم كان جبريل ( r) ينزل به نجما نجما في الأوامر والنواهي والأسباب؛ وذلك في ثلاث وعشرين سنة " ولو لم يكن هذا الترتيب مقصوداً لصحّ نفي التناسب؛ ولهذا يقول الشيخ ولي الدين الملوي (قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة، وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا؛ فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة .... وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها)
- إن هذا الترتيب ترتيب توقيفي لا يمكن الاجتهاد في تغييره، والقارئ للقرآن إنما يقرأه بحسب هذا الترتيب لا بغيره، ومعلوم أن العلماء قد أنكروا تقديم السورة المؤخرة وتأخير السورة المقدّمة وسموا ذلك تنكيسا، ولو لم يكن الترتيب مقصودا لما كان لهذا الإنكار من معنى
- كان حمزة القارئ يعدّ القرآن بمنزلة السورة الواحدة، وكان كثير من القراء يرون وصل السور بسكت وبلا سكت ولهم في ذلك مذاهب، ولأجل ذلك فإن هذا الترتيب إنما قصد لأجل التناسب والارتباط.
- يقول الإمام القرطبي: "قال قوم من أهل العلم: إن تأليف سور القرآن على ما هو عليه في مصحفنا كان توقيفا من النبي ( r) فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف؛ فكله عن محمد خاتم النبيين عن رب العالمين، فمن أخّر سورة مقدّمة أو قدّم أخرى مؤخّرة كمن أفسد الآيات وغيّر الحروف والكلمات"
- ذكر الشوكاني أن القرآن قد نزل على طريقة العرب، وهذا أمر معلوم لا ينكره أحد، ولكن نزوله على لغة العرب لا يلزم عنه أن يكون تناسبه ونظمه ومعانيه كتناسب الأشعار أو الخطب وكنظمها ومعانيها؛ فإذا كانت خطب العرب مع بعضها غير متناسبة - فليس بالضرورة أن يكون القرآن كذلك، ومعلوم يقينا أن القرآن - وإن كان جارياً على طريقة العرب - إلا أنه فائق لكل أشكال الكلام العربي، وإلا لم يكن لادعاء الإعجاز من معنى.
وما ذكره بعض العلماء كالشرقاوي في كتابه القيم " موقف الإمام الشوكاني من المناسبات" من أن الإمام الشوكاني قد (كان يستعين في فهم المعنى أو الترجيح بين الآراء أو استجلاء الحكم بالسياق العام للآيات وفي هذا ما يدل على تسليمه بوجود ترابط وتناسب بين الآيات على ضوئه يسترشد) فيه نظر إذ إن الشوكاني وغيره لم يكونوا يعدون السياق والنظم وارتباط الجمل القريبة – الذي لا يستطيع أحد إنكاره- من وجوه هذا العلم
ولكن يبدو لي أن الشوكاني قد عرف خطأه وأدرك قيمة جهد البقاعي فتراه يمدحه فيقول" ومن أمعن النظر في كتابه المترجم له في التفسير الذي جعله في المناسبات بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علم المعقول والمنقول، وكثير ما يشكل على شيء في الكتاب فأرجع إلى مطولات التفسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي وأرجع إلى هذا الكتاب - نظم الدرر - فأجد فيه ما يفيد في الغالب "
وفي ذلك الموضع الذي هاجم فيه الشوكاني البقاعي تراه يقول (كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدمه حسبما ذكر في خطبته) وهذا السياق يشير إلى أن الشوكاني عندما هاجم هذا العلم لم يكن يعرف أهله إلا من خلال كتاب البقاعي.
ثم ترى الشوكاني قد عاد وربط بين سورة الحج والأنبياء ثم بين الفيل وقريش وربط بين قصة وأخرى، وهذه الأشكال هي الأشكال التي رفضها بعينها ووصفها بالمتكلفة
فهل فعل ذلك لأنه اكتشف قيمة علم المناسبة أم كان رفضه لأجل التكلف؟ والإجابة عندي هو الأولى، وكثيرا ما كان علماؤنا يرجعون عن أقوالهم إذا تبين لهم أن الحق في غيرها.
ولمزيد من المعلومات حول علم المناسبة انظر ما كتبته داخل هذا الملتقى على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=14836
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[18 Apr 2010, 11:24 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك ربي في نقولكم الطيبة وإضافتكم المفيدة!
تساؤل بسيط
هل من رسائل علمية جديدة مطبوعة حول هذا العلم؟
أفيدوني أفادكم الله من واسع فضله.
ـ[محمد الغامدي]ــــــــ[19 Apr 2010, 01:30 م]ـ
مارأيكم في كتاب البرهان في تناسب سور القرآن للثقفي؟(/)
بحث عن كتاب في المتشابه في القرآن
ـ[السهيلي]ــــــــ[21 Sep 2003, 10:09 م]ـ
الاخوة في المنتدى
السلام عليكم
ابخث عن كتب تتناول دراسة المتشابه - اللفظي والمعنوي - في القرآن الكريم
وجزاكم الله كل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Sep 2003, 06:14 ص]ـ
مرحباً بكم أخي الكريم السهيلي وفقه الله
لعل هذا الرابط يفي بحاجتكم إن شاء الله
تقويم كتاب (إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ) - للأخ الكريم المحرر جزاه الله خيراً ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=327) .
ـ[الراغب في مدارج السالكين]ــــــــ[22 Sep 2003, 11:43 م]ـ
الأخ السهيلي وفقنا الله وإياه وجميع المسلمين، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: وافق سؤالك بعضا من إهتماماتي فلعل فيما أعرضه فائدة:
أولا المتشابه باب واسع في علوم القرآن يكتب فيه بعض المؤلفين بعنوان المشكل أو المشكلات، وعند السيوطي في الإتقان نوع بعنوان مشكله و موهم الإختلاف والتناقض، والمتشابه كما ذكرت منه لفظي ,احيانا ينشأ تشابه معنوي، ومنه متشابه معنوي. وفي كل نوع مؤلفات عدة.
ويظهر ان أول من تكلم على هذا النوع ابن عباس حبر الأمة رضي الله عنه وذلك فيما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه تعليقا في تفسير سورة فصلت انظر الفتح 8/ 555 وقد رواه الحاكم في مستدركه 2/ 394 في تفسير سورة المؤمنون
ونظير ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ما فعله الإمام أحمد رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية وازنادقة فقد عقد أول باب منه في الرد على الزنادقة فيما ضلت فيه من القرآن، تبعه بعد ذلك ابن قتيبة رحمه الله ت 276 هـ في كتابه تأويل مشكل القرآن، ومن المؤلفات فيه: البرهان في توجيه متشابه القرآن لتاج القراء محمود بن حمزة الكرماني، ت 505 هـ، ومنها: ملاك التأويل القاطعلذوي الالحاد والتعطيل في توجيه متشابه اللفظ من آي التنزيل لأبي جعفر ابن الزبير الغرناطي ت 808 هـ، ومنها: الإكليل في المتشابه والتأويل لشيخ الاسلام ابن تيمية ت 728 هـ ومنها: كشف المعاني في متشابه المثاني لابن جماعة ت 733 هـ، ومنها: دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب للأمين الشنقيطي رحم الله الجميع رحمة واسعة
هذه بعض الكتب المطبوعة ولم احصرها، أما المخطوط فكثيرانظر معجم مصنفات القرآن لعلي شواخ اسحاق المجلد الرابع، أما كتب المتشابه اللفظي فمنها متشابه القرآن العظيم لابن المنادي ت 336 هـ.
وأخيرا لا ننسى قصة عمر مع صبيغ بن عسل على اختلاف في اسمه، وقصة أخري لعمر رضي الله عنه شبيهة بها انظرها في إرواء الغليل للألباني 6/ 35. تحياتي للجميع مع أمل تصحيح مايمكن أن يكون خطأ والسلام عليكم.(/)
هل ثمّ نظمٌ في علوم القرآن بالمعنى المدون؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Sep 2003, 01:39 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد فمشايخي الكرام، إن من منهجي في الطلب أنني أحفظ متنا منظوما في كل فن، و علوم القرءان ـ بالمعنى المدون المصطلح عليه ـ لم أسمع عن أي منظومة له، فهو الفن الوحيد الذي أدرسه دراسة منثورة بالكلية، فهل ثم نظما في علوم القرءان بالمعنى المدوّن؟
كيف حالك شيخنا الشهري، أقسم بالله تعالى أنني أحبكم في الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Sep 2003, 07:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله أخي الكريم محمد يوسف، وأحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونحن نبادلكم الشعور وفقكم الله لما نلمسه فيكم من صدق اللهجة وخلوص الرغبة في العلم. وأعتذر إليك بسبب الانقطاع وعدم التفاعل مع الأسئلة التي تتفضلون بها كما ينبغي، وذلك بسبب أعباء علمية ضاق وقتها، كانت من الواجبات الموسعة ثم ضاقت حتى لم يبق إلا وقت الأداء. أقول هذا عن نفسي وزملائي المشرفين وفقهم الله فمعذرة. فإنما هي سحابة صيف سريعة الانقشاع إن شاء الله.
وأما سؤالكم عن متن منظوم في علوم القرآن كالمتون المنظومة في النحو والأصول والمصطلح وغيرها، فلا شك أنه وجد محاولات لنظم علوم القرآن قديماً وحديثاً. ولكن ليست بشهرة المنظومات في علوم الآلة المشهورة التي سارت بها الركبان، وتناولها العلماء بالشرح والتصحيح والمدارسة، وحظيت بالقبول عند الجميع كألفية ابن مالك في النحو مثلاً.
ولذلك تجد في علوم القرآن المنظومات على قسمين:
1 - قسم على هيئة ألفيات في غريب القرآن وتفسير ألفاظه على حسب ترتيب حروف الكلمات الغريبة وما يقرب منها. ومثال هذا القسم ألفية الحافظ أبي زرعة العراقي في غريب القرآن التي ابتدأها بقوله:
الحمد لله أتم الحمد * على أياد عظمت عن عدِّ
وبعد: فالعبد نوى أن ينظما* غريب ألفاظ القرآن عظما
جمع أبي حيان وهو رتبه* ترتيب أخحرف الهجا وهذبه
فهو قد نظم كتاب أبي حيان في الغريب، وأذكر أن أحد الإخوة قد قام بوضع هذه الألفية في ملتقى أهل الحديث، لعله الأخ الكريم أبا الجود.
ومثالها كذلك المنظومة التي نظمها عبدالعزيزالدميري الديريني (ت697هـ) في التفسير والتي تقع في ثلاثة آلاف بيت وخمسمائة تقريباً. وقد طبعت قريباً. وأولها:
يا رب أنت المستعان الكافي*الواحد الفرد الرحيم الشافي
إلى أن قال:
وبعدُ: فالتفسير أقوى سببِ* إلى العلوم وابتغاء الأرب
وكل علم فمن القرآن* وفيه أصل سائر المعاني
وعلم تفسير الكتاب أعلى* ما يعتني المرء به وأجلى
لأنه فهم كتاب المولى* فكان أوفى مطلب وأولى
ويسير في نظمه على هذه الطريقة السهلة، ثم تعرض لتفسير غريب القرآن حتى أتى عليها كلها فطالت المنظومة جداً حتى بلغت أكثر من ثلاثة آلاف. يقول في آخرها:
نظمته في أربعين يوما* ميقات إتمام الكليم الصوما
وكنت أرجو أن يكون ألفا* فزاد ضعفاً ثم زاد ضعفا
وزاد حتى خفت أن أكثرا* فصرت أطوي نشره مقصِّرا
وما شفى لي نظمه غليلا* لأنني رأيته قليلا
لكن رجوت أن يكون بابا* موصلا يستفتح الأبوابا
الخ.
ومن أجملها وأخصرها منظومة للشيخ عبدالعزيز الزمزمي رحمه الله. نظم فيها ما يتعلق بعلوم القرآن من كتاب (النقاية للسيوطي). يقول في أولها:
تبارك المنزل للفرقان* على النبي عطر الأردان
محمد عليه صلى الله * مع سلام دائماً يغشاه
وآله وصحبه وبعدُ* فهذه مثل الجمان عقدُ
ضمنتها علماً هو التفسيرُ* بداية لمن به يحيرُ
أفردتها نظماً من النقاية* مهذباً ألفاظه في غاية
واللهَ أستهدي وأستعين* لأنه الهادي ومن يعينُ
حد علم التفسير
علم به يبحث عن أحوال* كتابنا من جهة الإنزال
ونحوه بالخمس والخمسينا* قد حصرت أنواعه يقينا
وقد حوتها ستة عقود* وبعدها خاتمة تعود
وقبلها لا بد من مقدمة* ببعض ما خصص فيه معلمه
فذاك ما على محمد نزل* ومنه الاعجاز بسورة حصل
والسورة الطائفة المترجمة* ثلاث آي لأقلها سمه
والآية الطائفة المفصوله* من كلمات منه والمفضوله
منه على القول به كتبَّتِ* والفاضل الذ منه فيه أتتِ
بغير لفظ عربي تحرمُ* قراءة وأن به يترجم
كذاك بالمعنى وأن يفسرا* بالرأي لا تأويله فحررا
ثم يواصل النظم لأبواب علوم القرآن فيتعرض للمكي والمدني وأسباب النزول وأنواع نزول القرآن والنسخ والمبهمات وغيرها. والمنظومة تقل عن 200 بيت فيما أقدر والله أعلم. وقد شرحا الشيخ محمد يحيى بن الشيخ أمان من علماء مكة المكرمة شرحاً مختصراً اعتمد فيه على شرح السيوطي نفسه لكتاب النقاية الذي سماه (إتمام الدراية لقراء النقاية) وكتابه الآخر الإتقان في علوم القرآن.
كما شرحها الشيخ السيد المساوي شرحاً مختصراً جيداً كذلك كالشرح السابق، وكتب السيد علوي عباس المالكي حاشية حافلة على هذا الشرح سماه (فيض الخبير وخلاصة التقرير على نهج التيسير شرح منظومة التفسير). وكلاهما مطبوعان ولله الحمد. وأحسب أن هذه المنظومة على وجازتها من أفضل ما اطلعت عليه من منظومات في هذا الفن.
2 - والقسم الثاني عبارة عن نظم لعلوم متفرقة من علوم القرآن كالناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني ونحوها. وتجد مثل ذلك في الإتقان للسيوطي رحمه الله.
والله الموفق للصواب. ومعذرة على الاختصار المخل في الجواب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[24 Sep 2003, 10:11 م]ـ
بارك الله تعالى فيك شيخنا الكريم الشهري، و لكن ألا ترى أن منظومة الزمزمي ليست على شرط القسم الأول الذي ذكرته و إنما هي عما أسأل عنه من كونها في علوم القرءان بالمعنى الدون؟
و أين أجد هذه المنظومة و ما هي أفضل طبعاتها المعتمدة؟ حيث أني أهتم جدا بهذه المسألة
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[01 Oct 2003, 06:49 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
فهل غاب عنكما ما نظمه شيخنا سعود الشريم في مؤلفه " النظم الحبير في علوم القرآن و أصول التفسير "
و إليكما هذا الرابط - فيما أشار إليه أحد الإخوة -:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=908
ثم اسمحا لي أن أدخل معكما في الحب الذي جمعكما
و الله يتولَّى الجميع بحفظِهِ
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 Oct 2003, 07:56 م]ـ
بارك الله تعالى فيك شيخنا الخضيري
في الحقيقة ليس لي تعامل مع الماسنجر و لا أعرف كيفية استخدامه
و لكن ماذا لو تباحثناها على الموقع
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[01 Oct 2003, 08:41 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي الكريم الكريم محمد يوسف وفقه الله
الحديث عن القرآءات يحتاج إلى مقدِّمات أساسية
لابد من توافرها لدى المتحاورين
أما الحديث جملةً عن القرآءات فلا أظن هذا كافياً لفهم المعلومة و الثقة بها، خاصة أن ما طرحته يحتاج إلى معرفة ما تحمله من خلفيَّة عن فحوى القرآءات
و فقك الله
محبك عبد الله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 Oct 2003, 12:29 م]ـ
فليكن أخي الكريم الفاضل، نبدأ في الحوار ـ مبدئيا فقط ـ ثم تقوّم خلفيتي عن القراءات، و تخبرني بها ـ دون أي حرج و بكل صراحة ـ حيث أنني أحب أن أرى المستوى الحقيقي الذي وصلت إليه حيث أنطلق من خلاله، و أنا بالفعل هنا في مصر أفتقد من يقوم بهذا الدور معي، لقلة طلبة العلم أولا، ثم ـ مع وجودهم ـ فهم مضيق عليهم أمنيا و قد يعد اجتماعهم للتدارس سببا مقنعا للاعتقال (لا تعجب إنها إرادة الله)
فإلى هناك أخي الكريم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 Oct 2003, 11:37 م]ـ
أخي عبد الله
أين أجد القصيدة المذكورة
ما الدار التي طبعتها؟ و ما أفضل طبعاتها؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 Aug 2006, 10:47 ص]ـ
وفقكم الله
نَظَمَ الشيخ عبد الله بن فودي (المتوفى سنة 1245هـ) كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي والنقاية له في نظم طويل سماه (المفتاح)، ثم اختصره في (سلالة المفتاح).
أشار إلى ذلك الأستاذ (محمد المنصور إبراهيم) في مقدمته لشرح منظومة (مصباح الراوي).
وفي منظومة المفتاح يقول:
لجمعه ما كان في النقاية ........... منها مع الإتقان وهو الغاية(/)
ملتقى أهل التفسير والإمام مجاهد رحمه الله تعالى!!
ـ[ابو حيان]ــــــــ[22 Sep 2003, 05:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
إخواني أعضاء ملتقى أهل التفسير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدم لكم فكرة لمشروع طرحته على مشرف ملتقى الاقتراحات الشيخ عبد الرحمن الشهري وخلاصة هذه الفكرة أن يستفاد من الملتقى استفادة منهجية بأن تجعل في الملتقى حلقات مدارسة حول معاني كتاب الله بحيث يتدارس في كل حلقة معاني جزء من الأجزاء يطرح فيها كل ما يحقق الفهم الصحيح الواضح لآيات هذا الجزء خلال مدة معينة وكان المقترح أن تكون شهراً.
أبدى الشيخ عبد الرحمن تأييده لهذه الفكرة و طلب مني الشروع فيها فأحببت أن أقدم هذه المقدمة تجلي ما أنشده من هذا المشروع فأقول:
كلنا يقرأ كتاب الله على الأقل مرة كل شهر – هذا الظن بالاخوة جميعا ومن خرج عن هذا فليراجع نفسه- حينما يريد الواحد من أن يتدبر في آيات القرآن أو يقرأ في تفسيرها تعرض له بعض الاشكالات التي تقلل من فهمه لها أو بعض الفهوم التي يتشكك من صحتها وبعض هذه قد يكفي فيها الرجوع إلى كتب التفسير والآخر منها لا تكفيه تلك الكتب فيها بل قد تضاعف في الإشكال مما يحتاج فيه الأخ إلى معونة "أهل التفسير" فيها. ومن هنا جاء هذا المشروع ولكن بصيغة منهجية يمر فيها أحدنا على القرآن كله.
فهذه الفكرة هي اقتداء بما فعله الإمام مجاهد حينما قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات أقف فيها عند كل آية أسأله عنها أو كما قال رحمه الله. فالقصد منها إذا عرض القرآن على " أهل التفسير " في هذا الملتقى ليس ثلاث مرات بل مرة واحدة بصورة منهجية يستطيع بعضنا أن يجعلها جزءا من برنامجه في معرفة آيات كتاب الله وفهم معانيها.
ذكر الشيخ عبد الرحمن أن مدة شهر واحد قد لا تكفي في عرض الجزء ورأيت أن ما قاله صحيح سديد ثم رأيت أيضا ان تقسيم الحلقات على سور القرآن أو على مجموعة منها إن كانت قصارا أولى وأحسن والله أعلم
أود من الاخوة أن يتفاعلوا مع هذا المشروع تحت هذه العناصر:
(1) آيات قرأها الأخ وأشكلت عليه إما بسبب مفردة من المفردات مثل قوله تعالى: (ألم نستحوذ عليكم)، أو تركيب من التراكيب، مثل قوله تعالى: (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه)، أو وضع جزء الآية ومناسبته لما قبله وما بعده، مثل قوله تعالى: (وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم). ما معنى تعليله بكونهم ملا قوا ربهم؟ أو غير ذلك مما يتسبب في ضعف الفهم للآية.
(2) إشكالات قرأها في تفسير بعض علماء التفسير لبعض الآيات.
(3) آيات سأل عنها بعضنا وبحث وناقش حتى اطمأن إلى جواب فيها فليعرض لنا تجربته.
(4) آيات يرى بعض المتخصصين من المشايخ المشرفين وغيرهم أنها قد تشكل وأنها تحتاج إلى مزيد من البيان والإيضاح بحكم تخصصه وخبرته.
(5) الآيات الظاهرة لا يوقف عندها إنما المقصود الآيات التي تحتاج إلى تأمل ونظر حتى يفهم معناها عند الواحد منا والفهوم تختلف قوة وضعفاً.
هذا ما أحببت أن أضيفه في هذا الملتقى المبارك وأسأل الله أن يبارك لنا في هذا المشروع مع العلم أن شعار هذا المشروع هو ما نقل معناه عن ابن جرير:" كيف يتلذذ بالقرآن من لم يفهم معناه"
طلاب العلم الواجب عليهم أن يثنوا ركبهم عند العلماء ليحققوا مثل هذه المقاصد ولكن من نعمة الله علينا أن يسر الله لنا مثل هذه التقنيات لتكون رافدا آخر في طلب العلم يثني فيها طالب العلم أصابعه عند لوحة المفاتيح!!
هذا عن منهج هذا المشروع أما الشروع فيه فسيكون بإذن الله مع بداية شهر شعبان بإذن الله إذ إن البداية في مثل هذه الأمور تحتاج أن تكون قوية ودافعة مما يجعلني أحمل شيئا من الهم نحوها أسأل الله أن يعين ويسدد.
وصلى الله على نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين(/)
(مسائل مهمة في التفسير) المسألة الأولى: الحكمة من افتتاح بعض السورة بالحروف المقطعة
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[23 Sep 2003, 12:55 ص]ـ
(مسائل مهمة في التفسير) المسألة الأولى: الحكمة من افتتاح بعض السورة بالحروف المقطعة
الحكمة من افتتاح بعض السورة بالحروف المقطعة:.
تباينت أقوال المفسرين في بيان الحكمة من افتتاح بعض السور دون بعض بالحروف المقطعة، ولكن بعد النظر والتأمل في مقاصد تلك السور وسياقها العام وافتتاحيتها، ومنها سورة البقرة، نجد أن تلك السور جميعاً تتحدث عن القرآن؛ إما وصفاً أو تنزيهاً، قال ابن كثير رحمه الله: (ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء).
ــــــــــ
سؤال من د. محمد بن عبدالعزيز الخضيري وفقه الله.
لكن ماالجواب عن سورتي الروم والعنكبوت؟
أرجو من فضيلتكم التكرم بالرد وفقكم الله ونفع بكم
ـــــــــ
أجاب الشيخ ناصر الصايغ وفقه الله.
قال السيوطي رحمه الله في الاتقان 3/ 335 النوع 62 (واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله آلم ذلك الكتاب ...... إلا ثلاث سور: العنكبوت والروم و ن ليس فيها ما يتعلق به وقد ذكرت حكمة ذلك في أسرار التنزيل)
****
تعديل بواسطة المشرف العام مع الاعتذار للجميع.(/)
طريقة مقترحة لدرس تفسير
ـ[ابو المثنى]ــــــــ[25 Sep 2003, 01:54 م]ـ
نحن مجموعة شباب لدينا درس في التفسير فجر كل خميس ولقد كلفت انا بالتحضير لهذا الدرس
فارجو منكم اخبري باطريقه المناسبه
وجزاكم الله خير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Sep 2003, 05:53 م]ـ
بسم الله
يا أخي الكريم؛ طريقة الدرس تختلف باختلاف حال الملقي، وحال الحاضرين، وأنت لم تبين ذلك في سؤالك.
ويمكن القول في الجواب على سؤالك العاجل:
لعل الطريقة المناسبة أن يختار كتاب يكون أصلاً يعتمد عليه في الدرس، وليكن مثلاً تفسير الحافظ ابن كثير أم تفسير السعدي [حسب حال الطلبة، ويمكنك مراجعة موضوع: مكتبة التفسير على هذا الرابط:مكتبة التفسير وعلوم القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=26) ]
ثم تحضر للدرس من خلال قراءتك للتفسير المقرر وحرصك على فهمه جيداً، وتستعين بغيره من كتب التفسير الأخرى، واستفد من أشرطة الشيخ ابن عثيمين وكتبه في التفسير فهي مفيدة جداً، ثم يقوم أحد الحاضرين بقراءة الكتاب، وأنت تتولى التعليق والشرح.وإذا انتهيتم من ذلك تفتح المجال للحضور للسؤال والتعليق بذكر الفوائد والاستنباطات وغير ذلك.
والله أعلم
ـ[السهيلي]ــــــــ[25 Sep 2003, 07:49 م]ـ
الأخ أبو المثنى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكر الأخ أبو مجاهد على اقتراحه لك وهو اقتراح جيد يمكنك الاخذ به وجزاه الله خيرا.
واقيرح عليك أيضا أن تأخذ سورة من القرآن الكريم أو جزء منه أو بعض آيات، وتقوم بدراستها من عدة تفاسير واستخراج مافيها من احكام وعبر وقصص وبلاغة وقضايا نحوية تفيد طلبتك.
وأعانك الله ووفقك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Sep 2003, 08:15 م]ـ
بسم الله
هذه فائدة كنت قد كتبتها في هذا الملتقى وفي غيره عن الطريقة المثلى للتفسير ولعل لها صلة بما سأل أبو المثنى
الطريقة المثلى لتفسير كلام الله تعالى.
أقول مستعيناً بالله تعالى: أفضل الطرق لتفسير القرآن الكريم هي التي تحقق المقصد والهدف من التفسير على أكمل وجه.
ولسائل أن يسأل ويقول: وما المقصد والهدف من التفسير؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال أنبه على أن المسلم لا يمكن أن ينتفع بالقرآن ويهتدي به على أكمل الوجوه حتى يقوم بهذه الأمور الثلاثة التي هي من أهم مقاصد إنزال القرآن الكريم، وهي:
أولاً – تلاوة آياته وترتيلها كما أمر الله سبحانه بذلك في قوله: (ورتل القرآن ترتيلاً).
ثانياً – تدبر آياته والتفكر فيها كما قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب).
ثالثاً – العمل بما فيه، وتطبيق أحكامه، والتحاكم إليه كما قال عز وجل: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم).
فالأمر الأول يعين على تحقيقه علم التجويد والقراءات مع الحرص على تلقي القرآن من أفواه المقرئين المتقنين لتلاوته.
والأمر الثاني – وهو التدبر – لا يمكن أن يحصل على الوجه المطلوب إلا بفهم معاني القرآن وبيان المراد منه، وهذا هو التفسير.
والأمر الثالث – وهو العمل بالقرآن – يكون بتطبيق ما ترشد إليه الآيات وتدعو إليه، وهذا يؤخذ من الآيات عن طريق استنباط الأحكام والفوائد والعبر والعظات من الآيات.
وعليه؛ فإن الهدف من التفسير هو تحقيق التدبر لكتاب الله، ومعرفة المعنى الصحيح للآية المؤدي إلى الإستنباط الصحيح.
وبناءً على جميع ما سبق؛ يمكن أن يقال: إن الطريقة المثلى لتفسير القرآن الكريم هي التي يراعى فيها تحقيق الأمور الثلاثة السابقة، وذلك باتباع الخطوات التالية:
الخطوة الأولى: أن تتلى الآيات المراد تفسيرها قراءة صحيحة مرتلة مجودة.
الخطوة الثانية: أن يبين ما يحتاج إلى بيان في هذه الآيات، وذلك ببيان معنى اللفظ المشكل، وإيراد سبب النزول، ومعرفة السياق الذي وردت فيه، وغير ذلك مما لا يتضح معنى الآيات إلا بمعرفته. مع مراعاة عدم الخوض في تفصيلات وتفريعات قد لا تدعو الحاجة إليها، لأن الخوض في مثل هذه التفاصيل التي تكثر في كثير من كتب التفسير قد يكون عائقاً عن المعاني المهمة التي لها تعلق بالعمل والتطبيق.
الخطوة الثالثة: استنباط الأحكام والفوائد التربوية والعملية والإيمانية من هذه الآيات، وهذا من أهم ما ينبغي أن يراعى في التفسير، وهو الذي يحصل بسببه علم كثير وخير عظيم لمن اهتم به وحرص عليه.
وهذه الطريقة – بخطواتها الثلاث – يمكن أن يستدل عليها بقول الله تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)
فالخطوة الأولى (يتلو عليهم آياتك)، والخطوة الثانية (ويعلمهم الكتاب والحكمة)، والخطوة الثالثة (ويزكيهم).
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الخطوات: ("يتلو عليهم آياتك" لفظاً وحفظاً وتحفيظاً، "ويعلمهم الكتاب والحكمة" معنىً، "ويزكيهم" بالتربية على الأعمال الصالحة، والتبري من الأعمال الردية التي لا تزكو النفوس إلا معها.) اه كلامه رحمه الله وهو على اختصاره من أجمل ما ذكر في التفسير.
وأختم بقضية أحسبها مهمة جداً، وهي الحرص على ربط فوائد الآيات بالواقع، والاستفادة من التفسير في الحياة العملية، ومما يفيد في ذلك كثيراً كتاب: في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله(/)
تحقيق تفسير الثعلبي في رسائل جامعية
ـ[متعلم]ــــــــ[25 Sep 2003, 02:35 م]ـ
فقد اخذ عدد من طلبة العلم من ذوي الرسائل الجامعية في جامعة ام القرى تفسير الثعلبي واظن ان عددهم عشرة، يقومون بتحقيق الكتاب وتخريج الاحاديث ...
وأول رسالة يتم مناقشتها السبت 1\ 8 \ 1424هـ بإشراف الدكتور أمين باشا، والرسالة الى سورة آل عمران.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[25 Sep 2003, 11:26 م]ـ
هذا المشروع قديم وشارك فيه أكثر من العدد الذي ذكرت ,وكنت أحدهم , وأول رسالة نوقشت في تفسير الثعلبي هي رسالتي في تحقيق آخر القرآن.
ـ[متعلم]ــــــــ[01 Oct 2003, 03:35 م]ـ
اشكرك على هذا التوضيح والافادة.
واوضح اني لم اقصد اول رسالة بل قصدت انه يتم مناقشتها في ذلك اليوم المذكور ولكن سبق قلم، ثانيا علمت من احد الدكاترة في الكلية انه تم من مشروع الرسالة في تحقيق تفسير الثعلبي 80 % تقريبا ..
مع تحياتي للأستاذ احمد البريدي ..
ـ[ابو اويس]ــــــــ[13 Oct 2003, 11:48 م]ـ
السلام عليكم ابلغني احد الاخوة من السعودية ان التفسير طبع في ايران طبعة مليئة بالاخطاء ولكنها كاملة وان عنده نسخة منه
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 Oct 2003, 11:06 م]ـ
شيخنا الدكتور / البريدي هل طبعت رسالة الدكتوراة التي قمت فيها بتحقيق جزء من كتاب الثعلبي وأين نجدها في دور النشر وإذا لم تطبع فهل يمكنني الحصول على نسخة منها؟
جزاكم الله خيرا
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[17 Oct 2003, 09:55 م]ـ
الأخ أبو صفوت وفقه الله:
رسالتي في تحقيق الثعلبي رسالة ماجستير , وهي لم تطبع إذ هي جزء من الكتاب ومن غير المناسب طباعة الكتاب نا قصاً, وأما الدكتوراه فما زلت أعدها يسر الله إتمامها.
أما بشأن الحصول عليها فأرجو المراسلة عبر الرسائل الخاصة.
وأما المطبوع فهو ليس كاملا فيما أطلعت عليه ,ففيه نقص في آخر القرآن , ومليئ بالتصحيفات.
يسر الله خروج الكتاب محققاً.(/)
تفسير الرازي
ـ[عبد الحكيم]ــــــــ[26 Sep 2003, 03:59 م]ـ
السلام عليكم هل يوجد احد يعلم موقع لتنزيل تفسير الفخر الرازي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Sep 2003, 05:13 م]ـ
تجد التفسير في هذا الموقع.
موقع آل البيت ( http://www.altafsir.com/Tafasir.asp) .
ولكن لا أدري هل يمكن تحميله من الموقع أم لا، وإن كنت لا أتوقع أنه يمكن تنزيله من الموقع، وإنما يمكن الاستفادة منه من خلال الموقع.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[01 Oct 2003, 07:29 ص]ـ
تحية طيبةً و السلام عليكم
فما ذكره الشيخ عبد الرحمن هو أجود و أوفر ما وُجِدَ من تفسير الرازي على الانترنت و إليك هذا الرابط لكن بعد أن تزور موقع آل البيت الذي وضعه لك الشيخ عبد الرحمن
http://www.altafsir.com/home.asp
كما يوجد في الموقع أيضا تفسير ابن عاشور، و لا يمكن تحميل أو تنزيل التفاسير الموجودة فيه، بل قد تواجه صعوباتٍ عند البحث، لكن مادمت في حاجته فلا تبال بمشاكل النت.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=60
و أما في ظلال القرآن فهو في موقع الإخوان المسلمين على هذا الرابط
http://www.ikhwan-info.net/thelal.asp?step1=step1&ne=0
وفق الله الجميع
ـ[علي العجمي]ــــــــ[22 Nov 2010, 06:45 م]ـ
ترجمة الرازي
قال الذهبي في السير 21/ رقم الترجمة (261):
العلامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الصولي المفسر كبير الأذكياء والحكماء و المصنفين ولد سنه أربع و أربعين وخمس مئة و اشتغل على أبيه ضياء الدين خطيب اري و انتشرت تواليفة في البلاد شرقا و غربا و كان يتوقد ذكاء وقد بدت منه في تواليفة بلايا وعظائم و انحرافات عن السنة و الله يعفو عنه فأنه توفي على طريقة حميدة و الله يتولى الشرائر.
ـ[علي العجمي]ــــــــ[22 Nov 2010, 08:37 م]ـ
ذكر الاخ عبدالرحمن الفقية في ملتقى أهل الحديث
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (5/ 439 - 440)
ولهذا لما صار كثير من أهل النظر كالرازي وأمثاله ليس عندهم إلا قول الجهمية والقدرية والفلاسفة تجدهم في تفسير القرآن وفي سائر كتبهم يذكرون أقوالا كثيرة متعددة كلها باطلة لا يذكرون الحق
مثل تفسيره للهلال وقد قال تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) سورة البقرة
فذكر قول أهل الحساب فيه وجعله من أقوال الفلاسفة وذكر قول الجهمية الذين يقولون إن القادر المختار يحدث فيه الضوء بلا سبب أصلا ولا لحكمة وكذلك إذا تكلم في المطر يذكر قول أولئك الذين يجعلونه حاصلا عن مجرد البخار المتصاعد والمنعقد في الجو وقول من يقول إنه أحدثه الفاعل المختار بلا سبب ويذكر قول من يقول إنه نزل من
الأفلاك
وقد يرجح هذا القول في تفسيره ويجزم بفساده في موضع آخر وهذا القول لم يقله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أئمة المسلمين بل سائر أهل العلم من المسلمين من السلف والخلف يقولون إن المطر نزل من السحاب) انتهى.(/)
النظم الحبير في علوم القرآن وأصول التفسير
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[26 Sep 2003, 07:05 م]ـ
ايها الاحبة في الله
هذا نظم لصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور سعود بي ابراهيم الشريم حفظه الله ورعاه
يقع في حوالي 200بيت وهو رجز سهل يقرب البعيد ويوضح الغامض ويعين على الحفظ وادراك المراد ....... الى آخر ما قال الشيخ في مقدمة النظمثم ابتداء الشيخ نظمه بقوله:
الحمد للمصور الكريم ... الخالق المهيمن العظيم
ثم الصلاة والسلام سرمدا **على النبي الهاشمي احمدا
فلا تحرم نفسك من تزويد مكتبتك نسخة منه
ولا اريد ان احرق عليك اخي القاري جمال النظم وروعته
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[26 Sep 2003, 07:14 م]ـ
ايها الا حبة اتماما للفائدة اليكم فهرس النظم الحبير
فصل في الوحي
تعريف القرآن وأسماؤه
نزول القرآن
معرفة اول ما نزل وآخر ما نزل
المكي والمدني
اسباب النزول
حفاظ القران من الصحابة
كتاب الوحي
جمع القران الكريم
الأحرف السبعة
سور القرآن وآياته
المحكم والمتشابه في القرآن
المتشابة في آيات الصفات
الأعجاز في القرآن
أمثال القرآن
أقسام القرآن
أصول التفسير
مصادر التفسير وأنواعه
شروط المفسر
أسباب الا ختلاف في التفسير
أساليب التفسير
الختام
وآخيرا بارك الله في بنان الشيخ سعود ذو القلم السيال وزادنا واياه علما نافعا وعملا خالصا صالحا ....
ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[14 Jun 2006, 08:39 م]ـ
جزاك الله خيرا أبو سليمان، ولكن أتم علينا الفائدة بتنزيل هذه المنظومة المباركة أو دلنا على الرابط، دلكم الله على كل خير
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[15 Jun 2006, 02:33 ص]ـ
من أراد تحميل النظم فها هو رابط تحميله مع بعض المتون الأخرى
http://www.amjaonline.com/arabic/headline.asp?Headid=134
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jun 2006, 01:44 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا صفوت. وقد أخذته مفرداً من موقع مجمع فقهاء الشريعة، ووضعته في مكتبة شبكة التفسير هنا ..
النَّظمُ الْحَبيرُ في عُلُومِ القُرآنِ وأُصولِ التَّفسيرِ ( http://www.tafsir.org/books/open.php?cat=90&book=962)
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[18 Jun 2006, 10:50 م]ـ
جزى الله الأخوة أبا سلمان وأبا صفوت والدكتور عبدالرحمن وأحببت أن أسأل عن عدة أمور في هذه المنظومة:
س1/ هل هناك من تكلم عنها ونقدها (سلباً وايجاباً)
س2/هل تصلح أن تكون متنا معتمداً في هذا الفن
س3/ هل هناك من شرحها أو علق عليها سواء مطبوعا أو مسموعا
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[22 Jun 2006, 10:21 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[23 Jun 2006, 02:39 ص]ـ
حتى الآن لم أجد إجابة؟؟؟؟؟؟
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[04 Jan 2008, 10:27 م]ـ
يرفع
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[04 Jan 2008, 10:56 م]ـ
جزى الله الأخوة أبا سلمان وأبا صفوت والدكتور عبدالرحمن وأحببت أن أسأل عن عدة أمور في هذه المنظومة:
س1/ هل هناك من تكلم عنها ونقدها (سلباً وايجاباً)
س2/هل تصلح أن تكون متنا معتمداً في هذا الفن
س3/ هل هناك من شرحها أو علق عليها سواء مطبوعا أو مسموعا
ج3/ شرحها الشيخ (أبو خالد السلمي) وليد إدريس المنيسي ـ حفظه الله ـ
ولعله يتكرم بالإجابة على ما سألتَ.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:35 م]ـ
شرحها الشيخ الشريم نفسه في دروس كانت في الحرم المكي الشريف، وإعدت للطباعة كما علمت والمسألة أظنها وقتًا ليس إلا
فهكذا أخبرني أحد الأخوة من مكة
وشرحها الصوتي على طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2924(/)
مدارسة حول قواعد التفسير وقواعد الترجيح
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Sep 2003, 09:25 م]ـ
في لقاء ضمني ببعض الإخوة الكرام طرح الأخ الفاضل محمد القحطاني (أبو مجاهد العبيدي) استفسارًا حول قواعد الترجيح، وقد تساءل هل تسمى هذه قواعد أو تكون قرائن يستفاد منها في الترجيح؟
وهذا الاستفسار له وجاهته، وقد أردت طرحه في الملتقى ليدور حوله النقاش، فأرجو من الأخوة الكرام أن يتكرموا بطرح آرائهم في هذه المسألة؛ أعني هل يُنتقل من تسمية ما يسمى بقواعد الترجيح إلى قرائن الترجيح؟
كما طرح الأخ الفاضل عبد الرحمن الشهري ملحوظة أخرى حول قواعد التفسير وقواعد الترجيح، وهي متى نعدُّ القاعدة في قواعد الترجيح أو قواعد التفسير، وهل تُعدُّ قاعدة إذا لم نجد لها إلا مثالا أو مثالين، وهذه مسألة أخرى تحتاج إلى مدارسة، وأرجو أن لا أُعدم المدارسة منكم في هاتين النقطتين أو فيما يتعلق بقواعد التفسير وقواعد الترجيح، والله الموفق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Sep 2003, 07:30 م]ـ
بسم الله
المسألة الأولى التي ذكرها شيخنا الكريم أبو عبدالملك، وهي:هل تعتبر القواعد التي يطلق عليها [قواعد الترجيح] قواعد حقيقة؟ أو أنها قرائن ترجيح؟ أو أن بعضها يعتبر قواعد، والبعض الآخر من باب القرائن؟
هذا في نظري مبني على تحديد معنى القاعدة في هذا الباب، ثم النظر فيما يذكر من قواعد الترجيح = هل ينطبق عليها هذا المعنى أم لا؟
ويمكن أن ننظر إلى القواعد التي ذكرها الشيخ حسين الحربي في كتابه: قواعد الترجيح عند المفسرين، ونطبق ما ذكرته من خلال تلك القواعد.
فالمسألة إذاً متوقفة على تحديد معنى القاعدة = ما تعريفها في اصطلاح أهل أصول التفسير؟
يمكن أن يشارك الإخوة الكرام في تحديد تعريف نتفق عليه ثم ننتقل إلى الخطوة التي تليها.
وأبدأ بذكر تعريف كنت قد كتبته سابقاً في موضوع متعلق بعلوم القرآن فأقول:
(وأمَّا القواعد، فجمع قاعدة، والقاعدة في اللغة: أساس الشيء، سواء كان هذا الشيء حسياً، كقواعد البيت، كما قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَ هِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127]، أو معنوياً، كقولنا: قواعد الدين، أي دعائمه التي يقوم عليها (1).
وتعرف القاعدة في الاصطلاح بأنها قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها (2).
وهي بهذا الاصطلاح بمعنى الضابط عند النحاة، فهم يعرفون الضابط بأنه: الحكم المنطبق على جميع جزئياته، كقولهم: الفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب.
وأمَّا الفقهاء فالقاعدة في اصطلاحهم: حكم أغلبي ينطبق على معظم جزئياته، وذلك كقولهم: (الأمور بمقاصدها)، (اليقين لايزول بالشك) وغير ذلك (3).
ويفرقون بينها وبين الضابط: بأن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد.
ومنهم من ذهب إلى عدم التفريق بين القاعدة والضابط، وقالوا: القاعدة في الاصطلاح بمعنى الضابط، وهي الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته (4).)
قد عرفها الشيخ خالد السبت في كتابه قواعد التفسير بأنها:حكم كلي يتعرف به على أحكام جزئياته.
الهوامش:
(1) انظر: كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين الحلبي 3/ 383، ومختار الصحاح للرازي ص 479 مادة (ف ع د)، وانظر: كتاب القواعد الفقهية، تأليف: علي أحمد الندوي ص 39.
(2) التعريفات للجرجاني ص 185.
(3) انظر: كتاب شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد بن محمد الزرقا ص 33 (والكلام السابق مأخوذ من كلام ابنه مصطفى أحمد الزرقا في مقدمة الكتاب).
(4) انظر: كتاب القواعد الفقهية لعلي أحمد الندوي ص 46 - 47.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[18 Nov 2007, 02:04 م]ـ
الموضوع يحتاج إلى مزيد بسط
وعندي هنا تسائل هل
هناك فرق بين مصطلح (اختيار) وبين (ترجيح)؟
اتمنى لو أفادنا في هذا الموضوع الشيخين
حسن الحربي
وخالد السبت
ـ[صالح صواب]ــــــــ[18 Nov 2007, 11:31 م]ـ
أرى أن السائل (الشيخ مساعد) هو أولى من يجيب على ما طرحه من سؤال .. ومع ذلك فليسمح لي مشايخنا الكرام بالإدلاء بدلوي في هذا الموضوع ..
السؤال الأول: هل تسمى قواعد .. أو تكون قرائن يستفاد منها في الترجيح؟
أقول وبالله التوفيق: أولا: أؤكد على المعنى اللغوي، وهو أن القاعدة أساس الشيء، وكذا الأصل في اللغة: ما يبنى عليه غيره حسيا كان أو معنويا.
وأرى أن ما يستند إليه في ترجيح قول على قول هو قاعدة، وليس بقرينة، أما القرائن فشيء آخر ..
ويمكن أن تشتمل القاعدة على قرينة، فتكون القاعدة: إذا دلت القرينة على معنى دون آخر، رجح المعنى الذي تدل عليه القرينة.
فعندما نقول مثلا: إذا كان للكلمة معنيان، أحدهما شائع مستعمل، والآخر نادر غريب حملت على المعنى الشائع المستعمل دون المعنى النادر الغريب .. فهذه قاعدة ..
ومع ذلك لا يمنع أن يكون هناك ما يخرج عن القاعدة لسبب من الأسباب أو قرينة من القرائن.
والخلاصة: أرى أنها (قواعد التفسير) وليست قواعد الترجيح، سواء كانت قواعد تعتمد في التفسير أحيانا (كالقواعد العامة التي ذكرها الشيخ مساعد في كتابه)، أو قواعد يعتمد عليها في الترجيح بين الأقوال (القواعد الترجيحية) ولا حرج في ذلك.
أما سؤال الأخ الكريم .. عادل التركي في الفرق بين الاختيار وبين الترجيح ..
فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن الترجيح يعني رجحان قول على آخر، ففي الأقوال راجح ومرجوح، لدليل يدل على الرجحان.
وهذا بخلاف الاختيار .. فالاختيار لا يعني أن القول الآخر أو الأقوال الأخرى مرجوحة، وإنما يعني الميل إلى هذا القول لكونه أوفق في نظر من اختاره ..
وكثيرا ما يستعمل علماء القراءات هذا المصطلح (الاختيار)، كما هو الحال عند مكي بن أبي طالب في الكشف عن وجوه القراءات السبع ... فكثيرا ما يقول: (والاختيار .. كذا)، إذ ليست هناك قراءة راجحة ومرجوحة ..
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال القرش]ــــــــ[23 May 2008, 03:03 م]ـ
أمنية أن يخرج تفسير محقق محرر مرجح لمسائله بناء على معايير أهل التفسير في الترجيح، ويبنى عليه إعراب محقق يقوم على صحيح الرويات، نقيًا من الإسرائليات، وببني عليه كتاب في الوقف والابتداء يقوم على صحيح الرويات، نقيًا من الإسرائيليات، وبداية الغيث قطرة
1/ مقترح للتطبيق:
فلو بدأنا بإخراج جزء (عم) محقق ومحرر، ومرجح، ثم بنينا عليه باقي الفنون من الإعراب والوقف والابتداء، لكان أيسر.
2/ احتياج هذا العمل
من الصعوبة بمكان في وقتنا الحالي أن يلم إنسان بجميع مهارات وفنون العلم، وإلا أصبح إماماً، والذي أقترحه تكوين فريق عمل، من المتخصصين للقيام بهذا المشروع.
متخصصين في علم الحديث لتحرير الروايات واختيار الصحيح منها، ومن المختصصين
متخصصين في علم العقيدة لتمر عليه الإعمال فيزنها بمميزان عقيدة أهل السنة،
متخصصين في علم الفقه لتمر عليه الإعمال فيزنها بمميزان فقهي سليم
متخصصين في علم التااريخ لتمر عليه الإعمال فيزنها بمميزانها الصحيح
وهكذا في باقي الفنون ....
ثم يخرج تفسير محقق لجزء (عم)، ومن ثم يتم تحقيق إعراب جزء عم بناء على المعايير السابقة، ثم الوقف والابتداء
، فإذا نجج هذا المشروع، ينتقل الفريق إلى جزء تبارك، حتى يتم تفسير كامل للقرآن الكريم. وببنى عليه إعراب كامل محقق، وببنى عليه الوقف والابتداء
أسأل الله أن يهي لنا من أمرنا رشدا
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[15 Aug 2008, 07:37 م]ـ
ألا ترون أن قواعد التفسير هي قواعد الترجيح؟؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[26 Aug 2008, 03:12 ص]ـ
أين بقية الإخوة؟؟؟؟؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Oct 2010, 10:26 م]ـ
ألا ترون أن قواعد التفسير هي قواعد الترجيح؟؟
في لقاء "قصة رسالة قواعد التفسير" الذي استضاف فيه فرع الجمعية العلمية للقرآن وعلومه بأبها فضيلةَ الشيخ الدكتور خالد السبت يوم الخميس 21/ 10 / 1431هـ، فصّل الضيف في هذه المسألة، وبيّن أن قواعد الترجيح التي ذكرت في رسالة قواعد الترجيح للدكتور حسين الحربي وغيره أكثرها قواعد للتفسير، وتسميتها بقواعد ترجيحية فيه إشكال؛ لأن أكثرها يستفاد منه في الترجيح، وليست هي قواعد ترجيح؛ فالمفسر يرجح بالقرآن وبالسنة وبدلالة السياق وبهذه القواعد.
أما قواعد الترجيح فهي القواعد التي لا تستعمل إلا في الترجيح، كقاعدة: "إذا دار الكلام بين التأسيس والتوكيد؛ فالتأسيس أولى"، ونحوها من القواعد.
وذكر الشيخ وفقه الله أنه يعمل في تأليف رسالة مختصرة في قواعد الترجيح، سيذكر فيها تحرير مصطلح "قواعد الترجيح"، مع ذكر هذه القواعد، وهي قواعد محدودة.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[06 Oct 2010, 08:31 ص]ـ
الحقيقة أن مصطلح قواعد التفسير لا يزال بحاجة إلى تحرير وضبط، وأساس ضبط ذلك المصطلح هو تحرير أمرين:
1 - معنى القاعدة.
2 - معنى التفسير.
ثم إن المصطلح المكون منهما لا بد أن يرتبط بمعنى التفسير ولا يخرج عنه، وإلا خرج عن قواعد التفسير إلى قواعد الأصول أو غيرها. واسمحوا لي أن أعيد جزءاً مما كتبته في مقال منفصل بعنوان: (نظرات في مصطلح قواعد التفسير) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=14298).
المعنى اللَّقَبِيَّ للمصطلحات ليس بمعزل عن معنى ما تَرَكَّبَ منه المصطلحُ:
إن تعريف المصلحات المركبة أو الوصفية، ينبغي أن يراعى فيه معاني الأجزاء التي تُكَوِّنُ ذلك المصطلح.
ولا يكفي في ذلك الاكتفاء بتعريف أحد الجزئين، بل لا بد من تعريف كل جزء على حده، ثم يُعَرَّفُ المعنى المركب من الجزئين حتى يكون التعريف منطبقاً على العلم، جامعاً لمسائله، مانعاً من دخول غيره فيه.
ومصطلح (قواعد التفسير)، من المصطلحات التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحرير والضبط، وذلك لأسباب:
1 - أن هذا العلم لم يلقَ حظَّه من الكتابة والتحرير، كغيره من العلوم المشابهة كقواعد الفقه، فإن العلماء منذ زمنٍ بعيد قد كتبوا وحرروا مصطلح (قواعد الفقه) في كتب كثيرة، بينما نجد أن قواعد التفسير لم يُكتب فيها إلا من قبل المعاصرين، وقليل من المتقدمين الذين لم يصل إلينا من كتبهم إلا نزرٌ يسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - أن ما كتبه المتقدمون وبعض المعاصرين ليس في موضوع قواعد التفسير بل في علوم القرآن ككتاب (التيسير في قواعد علم التفسير) للكافِيَجي، وقد يشتمل على بعض قواعد التفسير كما في بعض الكتب المعاصرة.
3 - اختلاط هذا العلم بعلم أصول الفقه، وتداخل بعض المسائل بينهما، حتى أصبح تعداد قواعد الأصول ضمن قواعد التفسير أمرٌ معهود عند من كتب في قواعد التفسير.
بعد ما سبق يتبين أن هذا المصطلح بحاجة إلى تحرير وضبط ومراجعة حتى تنضبط مسائله ومفرداته.
أولاً: تعريف القاعدة:
القاعدة في اللغة بمعنى الاستقرار والثبات، وأقرب المعاني إلى المراد في معاني القاعدة هو الأساس، نظراً لابتناء المعاني عليها كابتناء الجدران على الأساس (1).
وأما في الاصطلاح:
فإن معنى القاعدة ليس مختصاً بعلم بعينه، وإنما هو قدرٌ مشترك بين جميع العلوم.
وعرفها بعضهم بقوله: " القواعد: القضايا الكلية " (2).
والقضايا: جمع قضية: وهي في اصطلاح المناطقة: (قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب) (3).
والكلية: أي المحكوم على جميع أفرادها (4).
قال الدكتور يعقوب الباحسين: " فيبدو لنا ـ والله أعلم ـ أنه يكفي في تعريف القاعدة أنها: قضية كلية، كما جاء في تعريف صدر الشريعة ... كما أن القضية لا يمكن أن تكون كلية إلا وهي منطبقة على جميع جزئياتها. وبناء على ذلك يمكن القول: إن كل قضية كلية هي قاعدة، أياً كان مجالها. فقولنا: كل شاعر مرهف الحسِّ، قضية كلية محكوم فيها على كل أفراد موضوعها، فهي قاعدة ... وهكذا يمكن إجراء هذا على كلِّ قضية من هذا القبيل، والله أعلم" (5).
إذا عُلم معنى القاعدة وأنها قضية كلية، فإننا إذا أردنا أن نحصرها بميدان معين قيدناها به، فنقول: قضية كلية نحوية، وقضية كلية فقهية، وقضية كلية تفسيرية.
ثانياً: تعريف التفسير:
إن إضافة القواعد إلى التفسير، هو ما يحدد هذه القواعد ويميزها عن غيرها من القواعد، ولو كانت قواعد التفسير هي قواعد الأصول ـ أصول الفقه ـ لما كان لهذه الإضافة من معنى، فكما نجد أن إضافة القواعد إلى الفقه قد أخرجتها عن قواعد أصول الفقه؛ فإنه ينبغي أن تكون إضافة القواعد إلى التفسير أو العقيدة أو النحو ذات دلالة في مسائل ذلك العلم وما يدخل تحته، وينبغي أن تكون مخرجة له عن قواعد أصول الفقه، بحيث لا ينطبق العلمان، وكما نجد أن مصطلح التفسير مغاير لمصطلح أصول الفقه، كذلك ينبغي أن تكون قواعد كل علمٍ مختلفة عن قواعد العلم الآخر.
وتعريف التفسير عند العلماء مشهور ويمكن ـ باختصار ـ أن نقول: إن هناك اتجاهين في تعريف التفسير:
الأول: من عمم معنى التفسير، كما قال أبو حيان: " التفسير: علم يُبْحثُ فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحْمَل عليها حال التركيب وتتمات ذلك" (6).
وكما قال الزركشي: " علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه" (7).
الثاني: من خص التفسير بالبيان فقط، وهو منهج عدد من المعاصرين منهم الشيخ ابن عثيمين والشيخ مناع القطان رحمهما الله، والدكتور مساعد الطيار وفقه الله.
ولا شك أن اختيار أحد التعريفين مؤثر جداً في تحديد قواعد التفسير، فإذا كان التفسير بمعنى البيان فقط، فلا شك أن قواعد بيان القرآن، تُعد أقل من قواعد التفسير على المعنى الآخر إذ يدخل على ما ذكره أبو حيان والزركشي قواعد النطق بألفاظ القرآن وقواعد الدلالات وغير ذلك.
وعلى كلا الاتجاهين في تعريف التفسير؛ فإن قواعد التفسير ينبغي أن تكون مختصة بالتفسير، كما اختصت قواعد الفقه بعلم الفقه، وكما اختصت قواعد النحو بعلم النحو، وهلم جرا.
ثالثاً: تمييز علم التفسير عن علم أصول الفقه:
فعلم التفسير هو أحد علوم القرآن، وقد ذكر العلماء اشتراط العلم بأصول الفقه للمفسِّر، لكن الملاحظ أنه قد وجد تداخل بين قواعد التفسير وقواعد أصول الفقه.
وهذا الأمر لم يقع بهذا الحجم بين علم قواعد الفقه وعلم أصول الفقه.
فلماذا كان الاشتراك كبيراً بين قواعد التفسير، وقواعد أصول الفقه، وهل يُسَوِّغُ ذلك أن القرآن هو مصدر جميع العلوم.
يمكن تحليل الجواب على ذلك بتأمل ما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - أن غاية علم أصول الفقه وهدفه معرفة أدلة الأحكام ويظهر ذلك من تعريف أصول الفقه وهو: (معرفة دلائل الفقه الإِجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد) (8). وقيل: (هو العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الفقه) (9).
ويتضح من هذه التعريفات أن علم أصول الفقه خاصٌّ بمعرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الفقه، ويخرج من ذلك قواعد العلوم الأخرى كقواعد النحو وغيره.
فالفقيه بهذه القواعد الأصولية يصل إلى معرفة جزئيات الفقه، وإذا استعرضنا علم الفقه وجدناه عبارة عن مسائل:
- موضوعاتها: أفعال المكلفين من صلاة وصيام وحج وبيع ورهن وإجارة وتوكيل ووصية وغير ذلك.
- ومحمولاتها: أحكام شرعية من وجوب وندب وكراهة وتحريم وصحة وبطلان وغير ذلك.
فالفقيه يبحث في أفعال المكلفين ليستنبط لكل فعلٍ حكماً شرعياً من دليل جزئي ثم يثبته له مستعيناً في ذلك بقواعد الأصول (10).
ومثال ذلك: لو سأل رجل عن حكم الصلاة فإن الفقيه يقول: الصلاة واجبة لأن الله يقول: (وأقيموا الصلاة) والأمر للوجوب.
فهنا نجد أن قوله (الأمر للوجوب) هذه قاعدة أصولية أنزلها الفقيه على قوله تعالى: (أقيموا) فاستخرج حكماً جزئياً وهو حكم الصلاة.
مما سبق يتضح أن قواعد أصول الفقه هي الموصلة لتلك الأحكام الفقهية، فهي مختصة بالأحكام الشرعية الفرعية المسماة عند العلماء بالفقه.
2 - أن غاية التفسير هي بيان معاني كلام الله تعالى (القرآن) والمتأمل يجد أن آيات القرآن من حيث دلالتها على الفقه قسمان:
أ ـ آيات أحكام فقهية. وهي الآيات الدالة دلالة ظاهرة على الأحكام الفقهية. وقد عدها مقاتل بن سليمان (500) آية (11).
ب ـ آيات غير فقهية: كآيات الأمثال والعظة والقصص وغير ذلك. وهذه الآيات لم تُسق في الأصل لمعرفة حكمٍ فقهي وإن كان قد يستنبط منها أحكام فقهية كثيرة.
فالقرآن جاء لبيان الفقه كما جاء لبيان غيره من أصول الاعتقاد والأخلاق وغير ذلك.
وإذا كان مقصود المفسر هو بيان الآيات، فإن كانت الآية مسوقة لبيان حكمٍ فقهي، فإن المفسر يستعين بقواعد أصول الفقه، لمعرفة الحكم الفقهي المأخوذ من الآية.
ومن هنا نقول إن المفسر يستعين بعلم الأصول كلِّه لاستخراج الأحكام الفقهية من القرآن، وعلم الأصول قد كُتب وحرِّر، منذ عهد مبكر في تاريخ التدوين.
فهل يفيدنا عندما نريد أن نحرر قواعد تفسير القرآن، أن نعيد كتابة جميع تلك القواعد الأصولية لضرورة أن يرجع إليها المفسر، بينما يمكن اختصار ذلك كلِّه بقاعدة تفسيرية واحدة تنص على: أن استخراج الأحكام الفقيهة من القرآن يكون على مقتضى قواعد الأصول.
لا سيما أن من شروط المفسِّر معرفة أصول الفقه. فلا حاجة ـ في نظري والعلم عند الله ـ إلى إعادة كتابة أصول الفقه مرة أخرى ضمن قواعد التفسير.
ومما يؤيد ذلك أن المفسِّر قد يحتاج عند تفسيره إلى قواعد النحو، فهل تُدرج قواعد النحو ضمن قواعد التفسير لحاجة المفسر لها!!.
من هنا يتضح أن علم التفسير مختلف عن علم الفقه فينبغي أن تكون قواعد التفسير غير قواعد أصول الفقه.
رابعاً: أنه يمكن تحرير قواعد التفسير بالنظر في كيفية تحرير العلماء لقواعد العلوم الأخرى:
فقواعد الفقه مثلاً قد حررها العلماء بطرق منها (12):
أ ـ النظر في النصوص الشرعية واستخراج القواعد منها:
إما نصاً: كاستخراجهم قاعدة (الخراج بالضمان) من الحديث الذي الشريف الوارد بهذا اللفظ (13).
وإما استنباطاً واستقراءً: كاستخراجهم قاعدة: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب استنباطاً من قوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) وقوله: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وقوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
وقاعدة الضرر يزال استقراءً من عدد من آيات القرآن كقوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها).
فهل في نصوص القرآن والسنة ما يدل نصاً أو استنباطاً أو استقراءً على قواعد تفسيرية؟.
ولا شك أنه قد وجد ما يدل على ذلك ومن أمثلة ذلك:
قاعدة: تفسير القرآن بالقرآن، من عمل النبي صلى الله عليه وسلم حين فسَّر عدداً من آيات القرآن بآيات أخرى. كتفسير الظلم في قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ) الآية بقوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم).
ومن الاستقراء أيضاً ما ذكره ابن ابن عطية:" وقوله تعالى: {فاتباع} رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره فالواجب والحكم اتباع، وهذا سبيل الواجبات كقوله تعالى {فإمساك بمعروف} [البقرة: 229]، وأما المندوب إليه فيأتي منصوباً كقوله تعالى {فضرب الرقاب} [محمد: 4] " (14).
وهكذا فإن استقراء النصوص الشرعية ـ ومنها التفسير النبوي ـ موصل لعدد من قواعد التفسير المهمة.
ب ـ استخراج القواعد من نصوص العلماء رحمهم الله:
وقد استخرج الفقهاء قواعد فقهية من كلام العلماء رحمهم الله من جيل الصحابة ومن بعدهم، وذلك كقول الإمام مالك: (لا يرث أحدٌ أحداً بالشك) (15).
فهل في استقراء كلام المفسرين من الصحابة ومن بعدهم ما يعين على استخراج قواعد التفسير.
ولا شك أن البحث في كتب التفسير والتنقيب في كلام الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم مفيد في معرفة قواعد في التفسير، وقد يقف الباحث على قواعد كثيرة بالاستقراء، كما فعل ذلك شيح الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمته في أصول التفسير.
وهنا نجد أيضاً أن كليات القرآن لها مدخل في تفسير كتاب الله تعالى حيث إن عدداً منها هو كلام العلماء رحمهم الله واستنباطهم، وهي معينة بلا شك في تفسير كتاب الله تعالى.
ومن أمثلة ذلك ما قاله ابن عباس، وابن زيد: (كل شيء في القرآن رجز فهو عذاب) (16).
وكذلك ما قاله الراغب الأصفهاني: (التثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه) (17).
وهذه الكليات مفيدة جداً في تفسير القرآن الكريم، وهي صالحة لأن تكون قواعد للتفسير يمكن إدارجها ضمن قواعد التفسير لما لها من أثر كبير في التفسير وبيان المعاني.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[06 Oct 2010, 05:03 م]ـ
أما قواعد الترجيح فهي القواعد التي لا تستعمل إلا في الترجيح، كقاعدة: "إذا دار الكلام بين التأسيس والتوكيد؛ فالتأسيس أولى"، ونحوها من القواعد.
لكن ألا تري شيخنا الكريم أنه حتي هذه القاعدة التي ذكرتها؛ هي أيضا من قواعد التفسير، إذ أن المفسر إذا اشتبه عليه الكلام
رجح باستخدام هذه القاعدة. فهو إنما رجح بين الأقوال التفسيرية ـــــ فهي بهذا من قواعد التفسير أيضا ـــــ ولم يرجح بين المفسرين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري؛
فالذي أراه والله أعلم أن هذين المصطلحين متداخلين فما يقال عنه ((قواعد للتفسير)) يمكن أن يطلق عليه ((قواعد للترجيح))
أو أن قواعد الترجيح ــــ علي الأقل ــــ جزء من قواعد التفسير.، وقواعد التفسير ــــ حتي التي ذكرها الشيخ / السبت ــــــ تستخدم في الترجيح.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Oct 2010, 05:34 م]ـ
لكن ألا تري شيخنا الكريم أنه حتي هذه القاعدة التي ذكرتها؛ هي أيضا من قواعد التفسير، إذ أن المفسر إذا اشتبه عليه الكلام
رجح باستخدام هذه القاعدة. فهو إنما رجح بين الأقوال التفسيرية ـــــ فهي بهذا من قواعد التفسير أيضا ـــــ ولم يرجح بين المفسرين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري؛
فالذي أراه والله أعلم أن هذين المصطلحين متداخلين فما يقال عنه ((قواعد للتفسير)) يمكن أن يطلق عليه ((قواعد للترجيح))
أو أن قواعد الترجيح ــــ علي الأقل ــــ جزء من قواعد التفسير.، وقواعد التفسير ــــ حتي التي ذكرها الشيخ / السبت ــــــ تستخدم في الترجيح.
يمكن أن يقال: كل قاعدة ترجيح تعتبر قاعدة تفسير، وليس كل قاعدة تفسير قاعدة ترجيح.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[06 Oct 2010, 09:56 م]ـ
يمكن أن يقال: كل قاعدة ترجيح تعتبر قاعدة تفسير، وليس كل قاعدة تفسير قاعدة ترجيح.
أرجو التوضيح بمثال!!!!!!!!!!
لكن عندي إشكال وهو؛ هل يمكن أن يكون هناك قواعد ترجيح بين المفسرين، ولا تكون قواعد تفسير؟!!!
وبذلك يتمايز المصطلحان. (؟!!!!!!)
ـ[إبراهيم الفقيه]ــــــــ[07 Oct 2010, 12:44 ص]ـ
ألا يقال بأن قواعد الترجيح إنما تكون بين الأقوال التي حصل فيها الخلاف فيستفاد منها في ترجيح قول على آخر
وأما قواعد التفسير فهي أصول وأمور كلية تنطبق على جزئياتها ينطلق منها المفسر في تفسيره للقرآن العظيم وقد يكون من ضمنها قواعد ترجيحية فقواعد التفسير أشمل من قواعد الترجيح.
والله أعلم(/)
تصحيفات الكتب (الدراسات القرآنية)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2003, 06:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في لقاء جمعني بالأخوين الكريمين الدكتور مساعد الطيار وأبي مجاهد العبيدي وفقهما الله أشار الدكتور مساعد إلى أن أحد الفضلاء قد اقترح عليه بأن يكون لدينا في ملتقى أهل التفسير مكان للتنبيه على ما يعرض لطالب العلم في كتب التفسير والدراسات القرآنية من التصحيفات والسهو والخطأ، فإنه يعرض لطالب العلم أثناء قراءته تصحيفات وأخطاء لأسباب كثيرة، يعلق عليها بقلمه، أو يضع حولها ما يدل على هذا السهو والتصحيف.
فوعدته وفقه الله بأن أقوم بذلك، وأن أقدم له بمقدمة تبين المقصود منه، وتثبيت هذا الموضوع ليتسنى للمشاركين – وفقهم الله – وضع ما يجدونه في هذه الزاوية تباعاً، ليمكن الانتفاع به، وتصحيحه في الكتب الخاصة. ولا أرى هذا من القدح والغيبة إن شاء الله، فليس كل من نقدته أو خالفته في رأي فقد نسبته إلى الجهل. يقول ابن قتيبة رحمه الله: (ولا أعلم أحداً من أهل العلم والأدب إلا وقد أَسْقَطَ في علمه، كالأصمعي وأبي زيد وأبي عبيدة وسيبويه والأخفش والكسائي والفراء وأبي عمرو الشيباني، وكالأئمة من قراء القرآن، والأئمة من المفسرين. وقد أخذ الناس على الشعراء في الجاهلية والإسلام الخطأ في المعاني والإعراب وهم أهل اللغة، وبهم يقع الاحتجاج). تأويل مختلف الحديث ص 95 - 96
والمقصود أنه قد يقع طالب العلم على نقص أو سقط أو سهو أو تصحيف في كتاب أو رسالة أو بحث مما يقع بين يديه، فيتكرم بالتنبيه على ذلك في هذه الزاوية ابتغاء وجه الله، وطلباً للحق والعلم، ورغبة في تصحيح الكتاب وتقويمه، ورجعه إلى أصله. فإنني أرى من الواجب على طلاب العلم التعاون في هذا الطريق، وأنه يجب على كل قارئ للكتب المحققة أو البحوث أن ينشر ما يراه من أخطاء ليعرفها القارئ، وينتفع بها الناشر، وبمثل هذا التعاون والتناصح العلمي المنشود تخلص الكتب بإذن الله من شوائب التحريف والتصحيف الذي منيت به على أيدي الناسخين قديماً، والطابعين حديثاً. على أن يطرح ذلك بأسلوب علمي عف، بعيد عن السخرية والتجريح، ومغلفاً بغلاف الأدب، فإن سلوك الأدب هو جمال الكتابة، بل جمال الحياة كلها.
ولا نحب أن تكون هذه الزاوية محلاً للمناظرات والمجادلات التي لا طائل من ورائها حول التصحيفات والتحريفات، فما أظن أحداً يزعم لنفسه أنه لا يخطئ، وأن كلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل كلنا يخطئ ويصيب، ثم قد يكون أحدنا أنفذ بصراً بالمسألة من صاحبه، وليس وراء الجدال من فائدة إلا المراء، وقد نهينا عنه أشد النهي.
ويجب أن يتسع صدر طالب العلم للنقد، ويعتاده حتى ينتفع به، بل إني لأرى أن الضيق بالنقد العلمي، والتسامي عليه ليس من أخلاق طلاب العلم، وليس من أخلاق المؤمنين. وإنما هو الغرور العلمي، والكبرياء الكاذبة. وحسبنا في ذلك قول الله تعالى: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم). وما قال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، إذ ردت عليه امرأة في مسألة علمية، وهو على المنبر يخطب في خير مجتمع ظهر على وجه الأرض، قال كلمة صريحة بينة: (أصابت امرأة وأخطأ عمر!). لم تأخذه العزة بالإثم، وتسامى على الكبرياء والغرور العلمي، وعمر هو عمر!
والطريقة التي أراها مناسبة – وقد يرى غيري غيرها – أن يذكر النص المصحف ويشار إلى محله بالجزء إن كان الكتاب ذا أجزاء والصفحة وإن أمكن السطر فيا حبذا. ثم يعقب بعده بالصواب والحجة التي بنى عليها تصويبه. وإن كان هناك فائدة أو تعليق فلا بأس.
أسأل الله أن ينفعنا جميعاً بالعلم، وجزى الله الشيخ مساعد الطيار خيراً على رأيه هذا، ومن اقترح عليه هذا الرأي، ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Sep 2003, 02:59 م]ـ
أشكر أخي الكريم الشيخ عبد الرحمن الشهري على هذه الفكرة، وقد كنت دونت أثناء قراءتي لكتب الشيخ محمد العثيمين رحمه بعض الأخطاء من أجل إيصالها للقائمين على مؤسسة الشيخ، ولما رأيت هذا الاقتراح رأيت نشرها للفائدة، وهي أبدا لا تقلل من قيمة الشيخ ولا من كتبه؛ لأنه كما تعلمون فإن أغلب كتب الشيخ مفرغة من أشرطة صوتية، كما أن كتب التفسير لم تطبع إلا بعد وفاته رحمه الله تعالى.
الأخطاء المطبعية في تفسير سورة (البقرة) لابن عثيمين رحمه الله تعالى
- الجزء الأول -
الصفحة/السطر/الخطأ/الصواب
46/ 12/يأتوا/يأتون
83/ 3/بمعارضِ/بمعارضٍ
105/ 20/يخرج إلى الدنيا/يخرج من الدنيا
130/ 4/كما قوله تعالى/كما في قوله تعالى
139/ 1/منها/ومنها
197/الأخير/الزرق/الرزق
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Sep 2003, 03:00 م]ـ
الأخطاء المطبعية في تفسير سورة (البقرة) لابن عثيمين رحمه الله تعالى
- الجزء الثاني –
الصفحة/السطر/الخطأ/الصواب
35/ 16/قال لله تعالى/قال الله تعالى
41/ 12/بدبح/بذبح
121/ 7/إيمانه/إيمان
127/ 7/فإدا/فإذا
176/ 8/أية/آية
233/ 13/حال كون طيباً/حال كونه
285/ 6/البنات/النبات
418/ 11/فلا فسوق/ولا فسوق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Sep 2003, 03:02 م]ـ
الأخطاء المطبعية في تفسير سورة (البقرة) لابن عثيمين رحمه الله تعالى
- الجزء الثالث –
الصفحة/السطر/الخطأ/الصواب
11/ 1/بالعباد /للعباد
62/ 18/الحديث صحيح/الحديث الصحيح
100/ 3/قال يا ويلتي /قالت يا ويلتى
104/ 7/لكن قوله تعالى /لكن قوله صلى الله عليه وسلم
111/ 12/قول تعالى/قوله تعالى
135/ 16/ولا تعضلوهن /فلا تعضلوهن
177/ 14/توفيقي /توقيفي
190/ 5/وعلى الموسع/على الموسع
223/ 1، 3 /اختيار/اختبار
234/ 6/سبق ذكر/سبق ذكره
236/ 3/المرسل/الرسل أو المرسلين
403/ 15/للام/اللام
421/ 18/الاسلامي/الإسلامي
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Sep 2003, 03:12 م]ـ
الأخطاء المطبعية في تفسير سورة (يس) لابن عثيمين رحمه الله تعالى
طبعة دار الثريا، الأولى، 1424 هـ
(الطبعة ذات الورق المزخرف)
الصفحة/السطر/الخطأ/الصواب
22/ 7/ولكن لم ذكر هنا ذكر الإنذار/ولكن لم ذكر هنا الإنذار
22/ 17/إليه/إليهم
24/ 10/المجالس/مجالس
42/ 5/قادر/قادراً
44/ 15/لأن ..... /العبارة فيها سقط تحتاج مراجعة
45/ 6،15/إسمية/اسمية
48/ 4/يتقدموا/تقدموا
49/ 18/ {حم ... } بمعنى / {حم والكتاب المبين} بمعنى
49/ 19/موضح/موضحاً
57/ 9/ما دعوا/ما ادعوا
58/ 19/دليل/دليلاً
72/ 13/ولذلك/وذلك
72/ 19/هذا/هذه
75/ 12/لأعبد/لا أعبد
75/ 18/وما مقتضيها/ومقتضيها
78/ 5/منه/من
78/ 17/الخلاص/الإخلاص
80/ 2/كدليل/كالدليل
83/ 15/فيه/فيها
95/ 18/ويدل ذلك/ويدل على ذلك
97/ 14/التأبيد/بالتأبيد
136/ 18/إنك نظرت /إنك لو نظرت
146/ 8/كان اليل/كأن الليل
147/ 2/تنويه/تنوين
148/ 9/بتغيره/بتغييره
153/ 12/الذي/الذين
154/ 4/نوحاً/نوح
166/ 21/هذا /هذه
176/ 18/وأن/وإن
185/ 11/له/لها
197/ 2/فيها لا عين/فيها ما لا عين
197/ 10/لأن/لأنه
202/ 8/قاصرات/قاصرة
203/ 11/اليسر/السير
206/ 15/تجدد/تتجدد
217/ 7/الأعذار/الإعذار
221/ 4/جُبْلاًّ (بتشديد اللام) /جُبْلاً (بدون تشديد اللام)
226/ 16/خطأهم/خطئهم
237/ 1/بين/بيان
257/ 10/الواو ... على الهمزة/الواو داخلة على الهمزة
260/ 9/الإسمية/الاسمية
271/ 2/الإسمية/الاسمية
275/ 21/جاز الاترداف/جواز الارتداف
281/ 19/الإسنان/الإنسان
304/آخر سطر/أجابته/إجابته
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Nov 2003, 03:54 ص]ـ
قرأت في كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة (210هـ) 2/ 52 ما يلي:
("فكأين من قرية" [الحج:45] الياء من (فكأين) مثقلة، وهي قراءة الستة، ويخففها آخرون ... الخ).
وظني - والله أعلم - أن عبارة: (وهي قراءة الستة) مقحمة من أحد النساخ، وقد تكون تعليقاً لأحد العلماء الذين ملكوا نسخة من هذا الكتاب النفيس.
وصحة العبارة: ("فكأين من قرية" [الحج:45] الياء من (فكأين) مثقلة، ويخففها آخرون ... الخ).
وذلك لأن تعبير السبعة والستة تعبير متأخر لم يبدأ إلا مع أبي بكر بن مجاهد (ت325هـ) ولم يشتهر إلا بعده بمدة طويلة.
فما تعليقكم على هذا وفقكم الله.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[07 Nov 2003, 07:26 م]ـ
الاخوة الأفاضل في ملتقى أهل التفسير وفقهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض الأخطاء أو التصحيفات التي وقفت عليها أثناء قراءتي للجامع لابن وهب الذي أخرجه ((ميكلوش موراني)) قبل مدَّة.
فما وجدتم فيه من صواب فالحمد لله، وما كان فيه من خطإ فأستغفر الله من ذلك.
أخوكم
خالد بن عمر الفقيه الغامدي
13/ 9/1424
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jul 2005, 07:52 ص]ـ
قال ابن جرير في تفسيره: (حدثنا المثنى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد؟ فقال: الرعد: ملك.) 1/ 340 الأثر رقم 434
تعجبت من قول أحمد شاكر رحمه الله: (موسى بن سالم أبو جهضم: ثقة، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة!!)
كيف يكون مولى لابن عباس، وروايته عنه مرسلة؟!
وقد أفدت من أحد المقالات عن ابن عباس وروايته عن أهل الكتاب أن أبا جهضم هذا مولى لآل عباس، لا لابن عباس.
ثم رجعت إلى ترجمة موسى هذا، فوجدت في طبقات ابن سعد: (موسى بن سالم أبو جهضم
مولى بني هاشم روى عن عبد الله بن عبيد الله بن العباس وروى عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عباس أحاديث.)
وقال عنه ابن حجر: (موسى بن سالم أبو جهضم مولى آل العباس، أرسل عن ابن عباس.)
وعلى هذا فما في تفسير الطبري تصحيف ظاهر؛ فهو مولى آل العباس، وليس مولى ابن عباس.
ـ[موراني]ــــــــ[30 Jul 2005, 10:51 ص]ـ
خالد بن عمر الفقيه الغامدي , وفقه الله.
لقد عثرت على تصحيحاتكم القيمة واللازمة في رابط آخر منذ مدة ,
وأدخلتها وغيرها في الكتاب , بارك الله فيك. منها أخطاء في الكتابة على الحاسوب وأخرى أخطأ في التقنية
ومنها قراءتي الخاطئة كما يتبين ذلك للقراء.
الكمال غاية لا تدرك ....
ربما سينشر الكتاب مصححا مرة أخرى في مجلد واحد بفهارس جديدة حسب الترقيم الجديد للفقرات وذلك بعد تواصلي في البحث عن قطع أخرى من تفسير ابن وهب بالقيروان بلا جدوى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Jul 2005, 01:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا
في تفسير الطبري تحقيق آل شاكر 4/ 275 رقم 4048
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام بن منبه عن عكرمة عن ابن عباس ..
والصواب:
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام بن منبه عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.
والتصحيح من تاريخ الطبري 1/ 111و495، ونقله عن التفسير على الصواب ابن كثير في تفسيره تحقيق الوادعي 1/ 461، وكذا هي على الصواب في المستدرك 2/ 546و547.
ـ[الميموني]ــــــــ[30 Jul 2005, 04:10 م]ـ
جزاكم الله خيرا
بالنسبة لما في مجاز أبي عبيدة فالظاهر أن المقصود (قراءة السنة) و القول بإقحام العبارة فيه بعد هنا في نظري
ـ[موراني]ــــــــ[30 Jul 2005, 06:19 م]ـ
عبد الرحمن السديس , حفظك الله ,
لعل تصحيحك في محله .....
الا أنني لم أجد دليلا في كتب علم الرجال (تهذيب التهذيب , المزي , تذهيب التهذيب للذهبي) يفيد بأن همام بن منبه روى عن قتادة بن دعامة مباشرة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jul 2005, 10:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا
في تفسير الطبري تحقيق آل شاكر 4/ 275 رقم 4048
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام بن منبه عن عكرمة عن ابن عباس ..
والصواب:
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام بن منبه عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.
والتصحيح من تاريخ الطبري 1/ 111و495، ونقله عن التفسير على الصواب ابن كثير في تفسيره تحقيق الوادعي 1/ 461، وكذا هي على الصواب في المستدرك 2/ 546و547.
في طبعة دار هجر 3/ 621 بإشراف التركي: (حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام، [عن قتادة]، عن عكرمة عن ابن عباس .. ) وذكروا أن هذا التعديل من بعض النسخ الخطية.
ـ[موراني]ــــــــ[30 Jul 2005, 11:51 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا مجاهد العبيدي ,
أما الفقرة في 3 , 621: .... ثنا أبو داود قال: ثنا همام (1 عن قتادة (1 عن عكرمة .....
وفي الحاشية:
(1 ـ 1) في م , ت2: *بن منبه*
يعني بغير اشارة الى قتادة تعديلا من جانب المحققين. فلم يجعلوا اسم قتادة بين القوسين.
أما في التفسير , (القاهرة) , ج 2 , ص 334 فلا ذكر فيه لقتادة.
أما تفسير قتادة لهذه الآية فهو يأتي بعد هذه الفقرة بالضبط برواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة (بعدم ذكر عكرمة عن ابن عباس)
السؤال: هل كتب ناسخ ما في احدى النسخ التي ترجع اليها النسخ المعتمدة في التحقيق , هل كتب هذا الناسخ اسم قتادة في هذا الاسناد سهوا؟ كما سبق لي أن ذكرت هذه الظاهرة (انتقال النظر عند القرآءة من سطر الى سطر آخر)؟
لا علم لنا بذلك لأنه لم يتم مقارنة النسخ المعتمدة لتفسير الطبري بعضها ببعض من أجل كشف العلاقة بين هذه النسخ الخطية.
وهذا الأمر من المقتضيات الأساسية (في نظري) في البحث في التراث.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Jul 2005, 01:02 ص]ـ
تصحيفات في تفسير البغوي المحقق في دار طيبة
لقد قمت بتحقيق جزء من تفسير الثعلبي في رسالة الماجستير , ومن المعلوم أن البغوي يروي كثيراً من الأسانيد عن طريق الثعلبي , وحيث أن الإخوة المحققين لم يقوموا بترجمة الرواة فقد وقع عدة تصحيفات في الأسانيد اذكر بعضاً منها ففي المجلد الثامن:
في ص438 أخبرنا عبد الله بن محمد بن سفيان: والصواب سنان
وفي نفس الاسناد: أخبرنا عروة بن ثابت والصواب عزرة
وفي ص 455: وقال حرب بن شريح والصواب بن سريج
وفي نفس الصفحة أنا ابو عمرو الجويني والصواب ابو عمر الحوضي
وفي صفحة 459 حدثنا وكيع والصواب ابو وكيع
وفي صفحة 463 حدثنا صفوان يعني ابن صالح عبد الملك والصواب ابو عبد الملك
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[31 Jul 2005, 09:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اعجبتني الفكرة التي طرحها النوابغ الطيار والشهري ومن معهما لكن لم اعجب بما تحتها وذلك لانني لا ارى ان تملا صفحات هذا الملتقى بتصويبات الاخطاء الاملائية والنحوية والمطبعية التي يمكن ان يدركها اي طالب علم وارى ان ينبه الاخوه الكرام القائمون على هذا المنتدى السادة المشاركين بضرورة الاقتصار على الاخطاء والتصحيفات والسقوط التي لا تدرك بسهولة
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
والله الهادي الى سواء الصراط
ـ[أم عاصم]ــــــــ[31 Jul 2005, 03:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في مقدمة تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز 1/ 51 تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد. وفي "مقدمتان في علوم القرآن" لآرثر جفري ص: 276):
اختلف الناس في هذه المسألة، فقال أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة.
والصواب -والله أعلم-: أبو عبيد.
لأن أبا عبيدة معمر بن المثنى ينكر أن يكون في القرآن غير العربي إذ قال في "مجاز القرآن" 1/ 17:
"نزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول".
أما أبو عبيد القاسم بن سلام فقال:
"والصواب عندي، مذهب فيه تصديق القولين جميعا؛ وذلك أن هذه الأحرف أصولُها أعجمية كما قال الفقهاء، إلا أنها سقطت إلى العرب فعربتها بألسنتها، وحوّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن، وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق، ومن قال أعجمية فصادق". انظر البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 290.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[01 Aug 2005, 01:40 م]ـ
أودّ أن أشير الى هذه الظاهرة التي تسمى أيضا بـ (العبور من سطر الى سطر) عند نسخ كتاب ما وعند كتابة النص الجديد:
جاء في الجزء الأول لتفسير ابن وهب:
(وضعت خطأ الناسخ في النص بين * *)
قال: وسمعت خلاد بن سليمان يقول: سمعت * عامر بن عبد ارحمن * خالد بن لآبي عمران وذكر هاروت وماروت أنهما يعلمان السحر.
فقال خالد: نحن ننزهما عن ذلك , فقرأ بعض القوم: (وما أنزل على الملكين). قال خالد: لم ينزل عليهما.
قال: وسمعت خلاد بن سليمان يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول انّ ابن عباس كان يقول في هذه الآية ......
وفي هذه الحالة (وهناك أمثلة أخرى في المخطوط) قد لاحظ الناسخ الخطأ عند كتابة النص ومحا الاسم في الموضع الذي وضعته بين * * مباشرة.
يأتي اسم عامر بن عبد الرحمن في موضعه الصحيح بعد سطر ونصف السطر.
انتقال النظر من سطر الى سطر آخر واضح في هذا الموضع.
لم أشر الى هذه الظاهرة في النص المحقق لأنّ الناسخ نفسه قد صحح خطأه في السطر (فلا على الهامش عند مقابلة النسختين!): الجزء الأول من التفسير , ص 96 الى 97
ربما هكذا الأمر في الاسناد: همام بن منبه عن قتادة ... في الموضع المذكور في تفسير الطبري , وذلك مع الفارق أنّ الناسخ (وهو مجهول) لم يلاحظ خطأه وترك الاسناد كما هو. وكذلك كتبه الأجيال التالية حتى دخلت نسخة ما المطبعة ولم يقارن المحققون (كما يبدو لي) الاسناد المذكور بالنسخ المعتمدة الأخرى , ان كانت.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 07:43 ص]ـ
فكرة هذا الموضوع مهمة، ولكن قد يكون التعرض لها بهذه الطريقة غير مناسب.
فرأيي أن يخصص لتصحيفات كل كتاب موضوع مستقل، فتذكر التصحيفات في تفسير ابن جرير مثلاً في موضوع مستقل، والتصحيفات في كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي في موضوع ... وهكذا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Dec 2010, 06:48 م]ـ
ملحوظتك يا أبا مجاهد هذه قطعتنا عن العمل منذ سنوات، وكم مر بي من تصحيف فأترك إضافته هنا على أمل أن أجمع كل التصحيفات في الكتاب في موضوع واحد ثم أنشره، فلا أنا جمعتها، ولا أنا نشرتها هنا!
بعض الاقتراحات مضرة بالصحة دون قصد يا أبا مجاهد وفقك الله ونفع بك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Dec 2010, 10:13 م]ـ
ملحوظتك يا أبا مجاهد هذه قطعتنا عن العمل منذ سنوات، وكم مر بي من تصحيف فأترك إضافته هنا على أمل أن أجمع كل التصحيفات في الكتاب في موضوع واحد ثم أنشره، فلا أنا جمعتها، ولا أنا نشرتها هنا!
بعض الاقتراحات مضرة بالصحة دون قصد يا أبا مجاهد وفقك الله ونفع بك.
"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"
ولعلك تبدأ بذكر بعض ما تراه مناسباً، ونحن معك ...
وفقك الله، وبارك فيك، ونفع بك.
ـ[مني لملوم]ــــــــ[23 Dec 2010, 10:43 م]ـ
الكتاب: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها ودفعها
المؤلف: دكتور محمد حسين الذهبي
التصحيف:صـ57 السطر 19 وفي تفسير (الطبري)
والصحيح الطبرسي حيث ذكر سنة الوفاة 538هـ
و ذكره في معرض الحديث عن الاتجاه المنحرف في التفسير للشيعة (الامامية الاثني عشرية)
ـ[نايف المنصور]ــــــــ[24 Dec 2010, 08:28 م]ـ
فكرة ممتازة وارجوا ان تجمع في ملف ليتسنى لنا متابعتها في اي وقت والاستفادة منها
ايضا لدي اقتراح اخر لمشايخنا في الملتقى
ان تجمع الاقوال المخالفة في كتب التفسير بالرأي لمذهب اهل السنة بحيث ينتبه لها طالب العلم وكذلك العامي(/)
دفع ما قد يشكل من آيات سورة البقرة
ـ[ابو حيان]ــــــــ[27 Sep 2003, 01:18 م]ـ
هذه البداية في عرض سور القرآن على "أهل التفسير" وسأبدأ بسورة البقرة حتى أنهي ما عندي فيها على حلقات متتابعة ومن عنده فيها شيء فليفدنا به على ما ذكر لكم ذلك في المقال السابق بعنوان: ملتقى أهل التفسير ومجاهد رحمه الله تعالى
(1) قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون)
بعد أن قرأت تفسيرها والأقوال التي فيها خرجت بهذا التقرير وأنا أعرضه عليكم لتبينوا لي هل هو صحيح أم لا؟
الآية فيها قولان:
الأول: انها ضربت لقوم آمنوا حقيقة وأضاء الإيمان قلوبهم ثم كفروا فيكون قوله: (فلما أضاءت ما حوله) مثلا لكون الإيمان دخل قلوبهم وقوله (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) مثلا لكفرهم وخروجهم من الإيمان الذي دخل قلوبهم.
الثاني: انها ضربت لقوم دخلوا في الإسلام نفاقا فيكون قوله (فلما أضاءت ما حوله) مثلا لما حصلوه من المنافع في الدنيا من أمنهم من السيف ومناكحتهم للمسلمين ومقاسمتهم للفيء ونحو ذلك ويكون قوله (ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) مثلا لما يحصل لهم يوم القيامة من العذاب.
لكن لو قيل إن الثاني هو الأرجح لان الآية واضح أنها مضروبة للمنافقين الذين سبق عرض صفاتهم وهم لم يذكر أنهم آمنوا حقيقة بل قال الله (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)؟
(2) المثل بعد المثل السابق في قوله تعالى (أو كصيب من السماء) فهو مما أشكل علي كلام العلماء فيه كثيرا ولم أستطع ان افهمه على معنى مضطرد في جميع فقراته وكلما قرأت كلام المفسرين فيه ازددت حيرة فأفيدوني جزاكم الله خيرا أو دلوني على أفضل من تكلم في توضيح هذا المثل.
فقد ضرب بهم المثل بقوم في ليلة مطيرة شديدة المطر في مطرها رعد قوي يجعلهم يجعلون أصابعهم في آذانهم وبرق خاطف لكنهم يبصرون به شيئا من الطريق إذا أضاء وإذا أظلم البرق وقفوا ولم يستطيعوا التحرك
فما هو وجه الشبه بين حالة المنافقين وحالة هؤلاء
وأنا اضرب مثلا واحدا لاضطراب بعض المفسرين فيه
جعل ابن كثير البرق مثلا لما يلمع في قلوب المنافقين من نور الإيمان في بعض الأحيان ثم لما جاء عند قوله (يكاد البرق يخطف أبصارهم) قال: أي لشدته وقوته في نفسه وضعف بصائرهم وعدم ثباتها على الإيمان؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Sep 2003, 06:06 ص]ـ
بسم الله
تعليقاً على المسألة الأولى التي ذكرتها يا أخي الكريم في بيان معنى المثل الأول، وأي القولين أرجح = أقول:
لعل القولين صحيحان، ولا تعارض بينهما، فالمنافقون على أحوال مختلفة، منهم من آمن ثم كفر كما صرح القرآن بذلك في قوله تعالى: (ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا ... ) في سورة المنافقين، ومنهم من لم يؤمن، ولكنه انتفع بإظهاره الإسلام.
ومن بلاغة القرآن أن أمثاله تتمل أكثر من معنى، قال الطاهر ابن عاشور: (ومن بلاغة القرآن صلوحية آياته لمعان كثيرة يفرضها السامع) [التحرير والتنوير 2/ 112].
وعبارة ابن كثير في تقرير معنى هذا المثل من العبارات الرصينة حيث قال:وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبههم في اشترائهم الضلالة بالهدى وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ما عن يمينه وشماله وتأنس بها فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره وصار في ظلام شديد لا يبصر ولا يهتدي وهو مع هذا أصم لا يسمع أبكم لا ينطق أعمى لو كان ضياء لما أبصر فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم عوضا عن الهدى واستحبابهم الغي على الرشد. وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا كما أخبر تعالى عنهم في غير هذا الموضع والله أعلم. وقد حكى هذا الذي قلناه الرازي في تفسيره عن السدي ثم قال والتشبيه هاهنا في غاية الصحة لأنهم بإيمانهم اكتسبوا أولا نورا ثم بنفاقهم ثانيا أبطلوا ذلك فوقعوا في حيرة عظيمة فإنه لا حيرة أعظم من حيرة الدين. وزعم ابن جرير أن المضروب لهم المثل هاهنا لم يؤمنوا في وقت من الأوقات واحتج بقوله تعالى" ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " والصواب أن هذا إخبار عنهم في حال نفاقهم وكفرهم وهذا لا ينفي أنه كان حصل لهم إيمان قبل ذلك ثم سلبوه وطبع على قلوبهم ولم يستحضر ابن جرير هذه الآية هاهنا وهي قوله تعالى " ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " فلهذا وجه هذا المثل بأنهم استضاءوا بما أظهروه من كلمة الإيمان أي في الدنيا ثم أعقبهم ظلمات يوم القيامة.
وأما المسألة الثانية في بيان المثل الثاني فلعلك تقرأ ما كتبه ابن القيم في تقرير معنى المثل في أكثر من موضع في كتبه [إعلام الموقعين، والوابل الصيب، واجتماع الجيوش الإسلامية] وهي مثبتتة في تفسيره المجموع، وسيتضح لك إن شاء الله معنى المثل.
ولا إشكال في كلام ابن كثير الذي أوردته؛ لأنه أراد جمع أقوال السلف في ذلك، وهي تحمل معانٍ متنوعة، وهذا من بلاغة القرآن كما أشير إلى ذلك سابقاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو حيان]ــــــــ[03 Oct 2003, 11:12 م]ـ
الشكر للشيخ العبيدي
وهذه بعض الإشكالات من كلام الإمام ابن كثير:
(3) في قوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) الآية ذكر ان ابن عباس وغيره فسر الإحاطة بالكفر
وأن مجاهد قال: (وأحاطت به خطيئته) أي بقلبه
وأن أبا العالية وقتادة وغيرهما قالوا: (وأحاطت به خطيئته): الكبيرة الموجبة
ثم قال: وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى.
فكيف تكون متقاربة إلا أن يكون قصده أن الآية تحتملها جميعا؟
(4) في قوله: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وما روت ... ) الآية قال عن اختيار الأمام ابن جرير:
.... ثم ادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك لأنهما امتثلا ما أمرا به
ثم قال:
وهذا الذي سلكه غريب جدا؟!
فأين وجه الغرابة مع أن الله يقول: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر)؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Oct 2003, 01:28 م]ـ
بسم الله
أخي أبا حيان
المسألة الأولى عن كلام ابن كثير لا إشكال فيها بحمد الله، بل كلامه واضح وصحيح.
ومعنى كونها متقاربة ظاهر، فيمكن أن تجمع أقوالهم بهذه الصيغة: بلى من كسب سيئة وأحاطت الخطيئة الكبيرة الموجبة للنار - التي هي الكفر -بقلبه فألئك أصحاب النار والعياذ بالله.
وأما المسألة الثانية:
فاستغراب ابن كثير لمسلك ابن جرير مبني على كونه يرجح خلاف ما رجحه ابن كثير.
وقد بحث الشيخ أحمد القصير هذه المسألة في موضوع مستقل هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=694)
وهذا نص ما ترجح لديه وما توصل إليه:
الترجيح:
الذي يظهر – والله أعلم – أن هاروت وماروت كانا ملكين من ملائكة السماء أنزلهما الله – عز وجل – إلى الأرض فتنة للناس وامتحاناً، وأنهما كانا يعلمان الناس السحر بأمر الله – عز وجل - لهما.
ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء كما امتحن جنود طالوت بعدم الشرب من النهر في قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (259)} () وكما امتحن عباده بخلق إبليس وهو أصل الشر، ونهى عباده عن متابعته وحذر منه. ()
برهان ذلك:
1 - قوله تعالى في الآية: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}
فالضمير في قوله: {يُعَلِّمَانِ} وقوله: {مِنْهُمَا} عائد على الملكين؛ لأنهما أقرب مذكور، ولأنه ورد بصيغة التثنية فهو مبدل منهما.
وفي قولهما: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} دليل واضح على أنهما كانا يعلمان السحر، وإلا فما فائدة تحذيرهما من ذلك؟! ()
وهذا الذي قلنا هو الظاهر المتبادر من السياق، وهو أولى ما حملت عليه الآية. ()
2 - أن المروي –عن الصحابة والتابعين– في قصة هاروت وماروت، حاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، ولا يصح فيها حديث مرفوع ()، والأصل أنه لا يصح حمل الآية على تفسيرات وتفصيلات لأمور مغيبة لا دليل عليها من القرآن والسنة. ()
3 - أن ما نسب إلى الملكين – بأنهما شربا الخمر، وقتلا، نفساً وزنيا– غير جائز في حقهما لما تقرر من عصمة الملائكة - عليهم السلام - من ذلك. ()
فإن قيل: إن تعليم الملكين للسحر كفر، لقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} () وهذا فيه قدح بعصمتهم لأنه لا يجوز عليهم تعليم السحر؟
فجوابه:
أنه ليس في تعليم الملكين للسحر كفر، ولا يأثمان بذلك؛ لأنه كان بإذن الله لهما، وهما مطيعان فيه، وإنما الإثم على من تعلمه من الناس، وقد أخبر سبحانه بأن الملكان كانا ينهيان عن تعلمه أشد النهي، حيث قال: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} ().
وقد بينا من قبل، أن لله سبحانه أن يبتلي عباده بما شاء، ومن ذلك ابتلائهم بملكين يعلمانهم السحر، والله تعالى أعلم. ()(/)
سؤال عن تفسير (الوسيط) للزحيلي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[27 Sep 2003, 11:55 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته، ما رأي مشايخنا الأفاضل الكرام في تفسير ((الوسيط)) للدكتور الزحيلي ـ حفظه الله ـ؟ و ما رأيكم أيضا في تفسيره الصغير المطبوع على هامش المصحف؟
جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2004, 05:16 ص]ـ
التفسير الوسيط للدكتور وهبة الزحيلي.
تعلم أخي الكريم أن للدكتور وهبة كتاباً مطولاً في التفسير سمَّاه (التفسير المنير) ويقع في 16 مجلداً، وهو لأهل الاختصاص كما قال في مقدمته.
وله كذلك (التفسير الوجيز) المطبوع على حاشية المصحف وقد وضعه لإعانة الناس ولا سيما العامة.
وبعد ذلك وضع (التفسير الوسيط) لمتوسطي الثقافة كما قال، وهو في أصله مجموع أحاديثه الإذاعية التي أذيعت عبر الإذاعة السورية وغيرها. وقد استغرق ذلك منه سبع سنين أتى خلالها على القرآن الكريم كاملاً على المنهج الذي سار عليه فيه.
ويمكن تلخيص مميزات هذا التفسير في نقاط:
- بيان مدلول الآيات بدقة وشمول، وبأسلوب سهل، ولغة واضحة.
- الاقتصار على الصحيح من أساب النزول.
- تفسيره للقرآن بالقرآن ثم بالسنة، والتزامه بقدر الطاقة بأصول التفسير، ومراجعه هي كتب التفسير المعروفة.
- لم يذكر الاسرائليات كما قال في تفسيره، ولم أتتبعه في كل المواضع.
- قسم آيات القرآن الكريم إلى مجموعات حسب موضوعاتها، وقدم بين يدي كل مجموعة من الآيات بمقدمة تكون موضوعاً متكاملاً، ممهداً لفهم الآيات والمراد منها.
ويؤخذ عليه حفظه الله عدم توثيق ما يورده من الروايات، وربما يعتذر له بأنه كان على هيئة أحاديث إذاعية، لا يناسبها هذا النوع من التوثيق أحياناً.
وعلى كل حال فالتفسير جيد ونافع، ولا سيما لغير المتخصصين، ومن قرأه انتفع به فجزى الله مؤلفه خيراً.
وقد طبع هذا التفسير في دار الفكر بدمشق عام 1421هـ في ثلاثة مجلدات بلغ عدد صفحاتها 2967
وقد أشار إلى ذلك تلميذه الدكتور بديع اللحام في ترجمته للدكتور وهبة الزحيلي ص 151 - 152(/)
سؤال عن ترجمة الألوسي صاحب التفسير
ـ[أسلاف]ــــــــ[29 Sep 2003, 03:07 ص]ـ
الأخوة الفضلاء في ملتقى أهل التفسير _ بارك الله فيهم_.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردت ترجمة للألوسي صاحب تفسير "روح المعاني" فأين يمكن لي أن أجده؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Sep 2003, 06:46 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ترجمة المفسر الكبيرأبي الثناء شهاب الدين محمود بن عبدالله الحسيني الألوسي صاحب روح المعاني في التفسير رحمه الله توجد في الكتب التالية:
- الأعلام لخير الدين الزركلي 7/ 176
- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة 3/ 2595، رقم الترجمة 3507. وهذه الموسوعة طبعت حديثاً، وقد صدرت ضمن سلسلة إصدارات الحكمة في بريطانيا.
- التفسير والمفسرون للذهبي 1/ 352
- كتاب الألوسي مفسراً.
- معجم المؤلفين لكحالة 3/ 815
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Sep 2003, 09:21 ص]ـ
وهذا تعريف مختصر به، وبكتابه روح المعاني على هذا الرابط
http://www.quranway.net/Library/aviewer.asp?FileType=2&fId=139#0
ـ[أسلاف]ــــــــ[29 Sep 2003, 01:30 م]ـ
أستاذيني الكريمين: عبدالرحمن الشهري، أبومجاهدالعبيدي
جزاكم الله خيراً ... ووفقكم لما يرضيه.
ـ[ابو اويس]ــــــــ[13 Oct 2003, 11:58 م]ـ
السلام عليكم من الكتب التي فاتت الجميع وهو اهمها
كتاب الامام ابو الثناء الالوسي للدكتور محسن عبد الحميد طبع في العراق سنة 1992عن دار الشوون الثقافية العامة
كما ان هناك رسالة علمية عن الالوسي وهي رسالة دكتوراةفي العقيدة في الجامعة الاسلامية في المدينة وطبعت في دار عفان سنة1999 وصاحبها هو د عبد الله البخاري
والله الموفق
ـ[أسلاف]ــــــــ[18 Oct 2003, 06:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي الفاضل أبو أويس ... على هذه الإضافة الطيبة التي أفادتني ... بارك الله فيك ونفع بك.(/)
الخلود في القرآن
ـ[حسن الكبهي]ــــــــ[29 Sep 2003, 07:46 ص]ـ
ذكر الله عز وجلّ في القرآن الكريم آيات وعيد فيها العقوبة بالنار والخلود فيها ولكني لاحظت ان بعض الآيات ذكرت الخلود في النار لمسلمين لن يخلدوا بسب تلك المعاصي المتوعد عليها بالخلود كما هو ايمان أهل السنة والجماعة ومثال ذلك اية البقرة لمقترف كبيرة الربا وقاتل النفس في النساء ولاأدري اذا يوجد غيرهما
فماذا يعني الخلود في القرآن وان لم يقصد به الخلود فما الحكمة من ذكره
والله أعلم وأعز واحكم وأسأل الله المغفرة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Sep 2003, 10:21 ص]ـ
يا أخي حسن وفقك الله،معنى الخلود في القرآن موافق لمعنى الخلود في كلام العرب، وهو المكث الطويل، وهو لا يقتضي التأبيد.
و الإشكال الذي ذكرته معروف عند العلماء، ولهم عليه أجوبة، وقد فصلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الواسطية بقوله:
(ولكن يشكل على منهج أهل السنة ذكر الخلود في النار، حيث رتب على القتل، والقتل ليس بكفر، ولا خلود في النار عند أهل السنة إلا بالكفر.
وأجيب عن ذلك بعدة أوجه:
الوجه الأول: أن هذه في الكافر إذا قتل المؤمن.
لكن هذا القول ليس بشيء، لأن الكافر جزاؤه جهنم خالداً فيها وإن لم يقتل المؤمن:] إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً (64) خالدين فيها أبدا لا يجدون ولياً ولا نصيرا [[الأحزاب، 64 - 65].
الوجه الثاني: أن هذا فيمن استحل القتل، لأن الذي يستحل قتل المؤمن كافر.
وعجب الإمام أحمد من هذا الجواب، قال: كيف هذا؟! إذا استحل قتله، فهو كافر وإن لم يقتله، وهو مخلد في النار وإن لم يقتله.
ولا يستقيم هذا الجواب أيضاً.
الوجه الثالث: أن هذه الجملة على تقدير شرط، أي: فجزاؤه جهنم خالداً فيها إن جازاه.
وفي هذا نظر، أي فائدة في قوله:] فجزاؤه جهنم [، ما دام المعنى إن جازاه؟! فنحن الآن نسأل: إذا جازاه، فهل هذا جزاؤه؟ فإذا قيل: نعم، فمعناه أنه صار خالداً في النار، فتعود المشكلة مرة أخرى، ولا نتخلص.
فهذه ثلاثة أجوبة لا تسلم من الاعتراض.
الوجه الرابع: أن هذا سبب، ولكن إذا وجد مانع، لم ينفذ السبب، كما نقول: القرابة سبب للإرث، فإذا كان القريب رقيقاً، لم يرث، لوجود المانع وهو الرق.
ولكن يرد علينا الإشكال من وجه آخر، وهو: ما الفائدة من هذا الوعيد؟
فنقول: الفائدة أن الإنسان الذي يقتل مؤمناً متعمداً قد فعل السبب الذي يخلد به في النار، وحينئذ يكون وجود المانع محتملاً، قد يوجد، وقد لا يوجد، فهو على خطر جداً، ولهذا قال النبي r: " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً". فإذا أصاب دماً حراماً والعياذ بالله، فإنه قد يضيق بدينه حتى يخرج منه.
وعلى هذا، فيكون الوعيد هنا باعتبار المال، لأنه يخشى أن يكون هذا القتل سبباً لكفره، وحينئذ يموت على الكفر، فيخلد.
فيكون في هذه الآية على هذا التقدير ذكر سبب السبب، فالقتل عمداً سبب لأن يموت الإنسان على الكفر، والكفر سبب للتخليد في النار.
وأظن هذا إذا تأمله الإنسان، يجد أنه ليس فيه إشكال.
الوجه الخامس: أن المراد بالخلود المكث الطويل، وليس المراد به المكث الدائم، لأن اللغة العربية يطلق فيها الخلود على المكث الطويل كما يقال: فلان خالد ف الحبس، والحبس ليس بدائم. ويقولون: فلا خالد خلود الجبار، ومعلوم أن الجبال ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً.
وهذا أيضاً جواب سهل لا يحتاج إلى تعب، فنقول: إن الله عز وجل لم يذكر التأبيد، لم يقل: خالداً فيها أبداً بل قال:] خالداً فيها [، والمعنى: أنه ماكث مكثاً طويلاً.
الوجه السادس: أن يقال إن هذا من باب الوعيد، والوعيد يجوز إخلافه، لأنه انتقال من العدل إلى الكرم، والانتقال من العدل إلى الكرم كرم وثناء وأنشدوا عليه قول الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إبعادي ومنجز موعدي
أوعدته بالعقوبة، ووعدته بالثواب، لمخلف إبعادي ومنجز موعدي.
وأنت إذا قلت لابنك: والله، إن ذهبت إلى السوق، لأضربنك بهذا العصا. ثم ذهب إلى السوق، فلما رجع، ضربته بيدك، فهذا العقاب أهون على ابنك، فإذا توعد الله عز وجل القاتل بهذا الوعيد، ثم عفا عنه، فهذا كرم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن هذا في الحقيقة فيه شيء من النظر، لأننا نقول: إن نفذ الوعيد، فالإشكال باق، وإن لم ينفذ، فلا فائدة منه.
هذه ستة أوجه في الجواب عن الآية، وأقربها الخامس، ثم الرابع.)
وهذا جواب للإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
س: قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا الآية أرجو من فضيلة الشيخ أن يذكر الجمع بين الآيتين الكريمتين؟
ج: ليس هناك بحمد الله بينهما اختلاف، فالآية الأولى فيها بيانه سبحانه لعباده أن ما دون الشرك تحت مشيئته قد يغفره فضلا منه سبحانه، وقد يعاقب من مات على معصية بقدر معصيته لانتهاكه حرمات الله ولتعاطيه ما يوجب غضب الله، أما المشرك فإنه لا يغفر له بل له النار مخلدا فيها أبد الآباد إذا مات على ذلك - نعوذ بالله من ذلك - وأما الآية الثانية:
ففيها الوعيد لمن قتل نفسا بغير حق وأنه يعذب وأن الله يغضب عليه بذلك. ولهذا قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا معنى ذلك: أن هذا هو جزاؤه إن جازاه سبحانه وهو مستحق لذلك وإن عفا سبحانه فهو أهل العفو وأهل المغفرة جل وعلا، وقد يعذب بما ذكر الله مدة من الزمن في النار ثم يخرجه الله من النار، وهذا الخلود خلود مؤقت، ليس كخلود الكفار، فإن الخلود خلودان: خلود دائم أبدا لا ينتهي، وهذا هو خلود الكفار في النار، كما قال الله سبحانه في شأنهم: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
هكذا في سورة البقرة. وقال في سورة المائدة: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ أما العصاة: كقاتل النفس بغير حق والزاني والعاق لوالديه وآكل الربا وشارب المسكر إذا ماتوا على هذه المعاصي وهم مسلمون، وهكذا أشباههم هم تحت مشيئة الله كما قال سبحانه: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فإن شاء جل وعلا عفا عنهم لأعمالهم الصالحة التي ماتوا عليها وهي توحيده وإخلاصهم لله وكونهم مسلمين أو بشفاعة الشفعاء فيهم مع توحيدهم وإخلاصهم.
وقد يعاقبهم سبحانه ولا يحصل لهم عفو فيعاقبون بإدخالهم النار وتعذيبهم فيها على قدر معاصيهم ثم يخرجون منها، كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يشفع للعصاة من أمته، وأن الله يحد له حدا في ذلك عدة مرات، يشفع ويخرج جماعة بإذن الله ثم يعود فيشفع، ثم يعود فيشفع، ثم يعود فيشفع عليه الصلاة والسلام (أربع مرات)، وهكذا الملائكة وهكذا المؤمنون وهكذا الأفراط كلهم يشفعون ويخرج الله سبحانه من النار بشفاعتهم من شاء سبحانه وتعالى ويبقي في النار بقية من العصاة من أهل التوحيد والإسلام فيخرجهم الرب سبحانه بفضله ورحمته بدون شفاعة أحد، ولا يبقى في النار إلا من حكم عليه القرآن يا لخلود الأبدي وهم الكفار.
وبهذا تعلم السائلة الجمع بين الآيتين وما جاء في معناهما من النصوص وأن أحاديث الوعد بالجنة لمن مات على الإسلام على عمومها إلا من أراد الله تعذيبه بمعصيته فهو سبحانه الحكيم العدل في ذلك يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد جل وعلا.
ومنهم من لا يعذب فضلا من الله لأسباب كثيرة من أعمال صالحة ومن شفاعة الشفعاء، وفوق ذلك رحمته وفضله سبحانه وتعالى.
الرابط:
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01859
ـ[حسن الكبهي]ــــــــ[29 Sep 2003, 11:10 ص]ـ
أخي أبا مجاهد
جزاك الله خيرا، وفيت و أديت
حسن
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[23 Jun 2005, 10:40 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على هذه الإجابة
/////////////////////////////////////////////////(/)
هل سأجد جواباً؟؟
ـ[*أبو عبد الله*]ــــــــ[30 Sep 2003, 04:56 م]ـ
أحبتي في الله آمل أن أجد لهذه الأسئلة جواباً سريعاً.
أولاً ما المقصود ببلاد البحرين في عهد الصحابة والتي أرسل إليها عثمان رضي الله عنه أحد المصاحف التي نسخها.
ثانيا: ما معنى أخذ عنه القراءة بواسطة مثلا: الدوري والسوسي أخذا القراءة عن أبي عمرو البصري بالوساطة. ولماذا لم يأخذاها مباشرة.
ثالثاً مالقول الصحيح في المراد بالأحرف السبعة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Oct 2003, 07:59 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فسؤالك عن البحرين يمكن ان ترجع فيه إلى معجم البلدان لياقوت الحموي، وقد بين أنها البلاد التي على ساحل الخليج العربي بدءًا من جنوب البصرة إلى عُمَان، فتشمل الأحساء والدمام وقطر والإمارات وعمان والكويت.
وقد جعل بعضهم قصبة البحرين (أي: عاصمتها) هجر (الأحساء حاليًا).
واما أخذ الدوري والسوسي القراءة بواسطة عن أبي عمرو؛ فلأنهما لم يعاصراه، فأبو عمرو توفي سنة 154، والدوري توفي سنة 246، والسوسي توفي سنة 261، وقد أخذا القراءة عن تلميذ أبي عمرو، وهو يحيى بن المبارك بن المغيرة اليزيدي المتوفى سنة 202.
واما سؤالك عن الأحرف السبعة فقد سبق طرح موضوعها في الملتقى، فلعلك ترجع إليه على هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=191) . ويمكنك الاستفادة من فهرس ملتقى أهل التفسير والبحث عن المشاركات السابقة حول موضوع الأحرف السبعة.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[01 Oct 2003, 12:07 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
لا مزيد على ماذكره الدكتور مساعد
سوى أن ياقوت الحموي ذكر أن لفظ البحرين (جامدٌ غير مشتقٍ) في حال الرفع و النصب و الجر
و ذكر ما خالف فيه الزمخشري في ذلك.
و أما موقعه فهو كذلك من البصرة إلى عمان و فيها عيون و مياه و بلاد واسعة. و كل ذلك في الأحساء
ينظر معجم البلدان، ياقوت الحموي، 1/ 346 - 349، دار الفكر، مصوَّرة من دار صادر، 1995 م
و الله الموفق
ـ[*أبو عبد الله*]ــــــــ[02 Oct 2003, 01:24 م]ـ
أشكر شيخنا الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار.
والشيخ عبد الله الخضيري
على إفادتهما وجزاهم الله خيراً.(/)
المفردة القرآنية .. المراحل التي تمرُّ بها حال تفسيرها (1) (2) (3) (4) (5)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Oct 2003, 07:30 ص]ـ
المفردة القرآنية .. المراحل التي تمرُّ بها حال تفسيرها
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله الطيبين، وعلى صحبه الكرام، وعلى من تابعهم إلى يوم القيام، أما بعد:
فقد أدرتُ الفِكْرَ في المفردة القرآنية، فظهر لي في دراستي لها عدد من الموضوعات التي قد تكون مطروقة لكنها تحتاج إلى جمع في مكان واحدٍ يتعلق بالمفردة القرآنية، التي قد تختصُّ ببعض المعاني التي لا تجدها في دراسة الدارسين للغة العرب.
ومما طرأ لي في هذا الموضوع أنَّ ألفاظ القرآن لا تخرج عن خمس مراحل، وهي:
الأول: أن تأتي اللفظة على الأصل الاشتقاقي.
الثاني: أن تأتي اللفظة على الاستعمال الغالب عند العرب، وفي هذه الحال يكون فيها معنى الأصل الاشتقاقي.
الثالث: أن يكون للفظة استعمال سياقيٌّ، وهو ما استفاد منه أصحاب (الوجوه والنظائر) فركَّبوا كتبهم منه.
والاستعمال السياقي قد يرجع إلى أصل اللفظة الاشتقاقي، وقد يرجع إلى المعنى الغالب في استعمال اللفظة عند العرب، وهو على كلِّ الأحوال لا يخلو من الأصل الاشتقاقي.
الرابع: المصطلح الشرعي، وهذا كثير في القرآن، والمقصود به أن يكون استخدام اللفظ في القرآن والسنة على معنى خاصٍّ؛ كالصلاة والزكاة والحج والجهاد، وغيرها.
والمصطلح الشرعي لا بدَّ أن يكون راجعًا من جهة المعنى إلى الأصل الاشتقاقي، وقد يكون راجعًا إلى أحد المعاني التي غلب استعمال اللفظ فيها عند العرب.
الخامس: المصطلح القرآني، وهو أخصُّ من المصطلح الشرعي ومن الاستعمال السياقي؛ لأنَّ المراد به أن يكون اللفظ في القرآن جائيًا على معنى معيِّنٍ من معاني اللفظِ، فيكون معنى اللفظ الأعم قد خُصَّ في القرآن بجزء من هذا المعنى العامٍّ، أو يكون له أكثر من دلالة لغوية فتكون أحد الدلالات هي المستعملة لهذا اللفظ في القرآن.
وسأتحدَّث عن كل نوع من هذه الأنواع المذكورة، وأضرب له أمثلة، وأسأل الله المعونة والتوفيق والسداد.
أولاً: الأصل الاشتقاقي للَّفظة.
يعتبر الاعتناء بالأصل الاشتقاقي للفظة من المسائل المهمة لمن يدرس التفسير، لحاجته الماسَّة لدقة توجيه التفسيرات التي تُفسِّر بها اللفظة القرآنية.
ولا تكاد تخلو لفظة قرآنية من وجود أصل اشتقاقي، ومعرفته تزيد المفسِّر عمقًا في معرفة دلالة الألفاظ ومعرفة مناسبة تفسيرات المفسرين لأصل هذا اللفظ.
ولم تخل تفسيرات السلف من الإشارة إلى مسألة الاشتقاق، فتجد في تفسيراتهم التنبيه على هذه المسألة اللغوية المهمة، ومن ذلك ما رواه الطبري (ت: 310) وغيره في تفسير قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة: من الآية31)، فقد أورد عن ابن عباس (ت: 68) أنه قال: ((بعث رب العزة ملك الموت فأخذ من أديم الأرض؛ من عذبِها ومالحها، فخلق منه آدم، ومن ثَمَّ سُمِّي آدم؛ لأنه خلق من الأرض)).
وفي تفسير غريب لأبي العالية (ت: 93) في تفسيره لقوله تعالى: (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) (البقرة: من الآية51) قال: ((إنما سُمِّي العجل؛ لأنهم عَجِلُوا فاتخذوه قبل أن يأتيهم موسى)).
وممن له في تفسيره شيء من العناية بهذا الباب مقاتل بن سليمان (ت: 150)، ومن غريب ما ورد عنه في الاشتقاق قوله: ((تفسير آدم عليه السلام؛ لأنه خُلِق من أديم الأرض، وتفسير حواء؛ لأنها خُلِقت من حيٍّ، وتفسير نوح؛ لأنه ناح على قومه، وتفسير إبراهيم: أبو الأمم، ويقال: أبٌ رحيم، وتفسير إسحاق؛ لضحِك سارَّة، ويعقوب؛ لأنه خرج من بطن أمه قابض على عقب العيص، وتفسير يوسف: زيادة في الحسن، وتفسير يحيى: أحيي من بين ميتين؛ لأنه خرج من بين شيخ كبير وعجوز عاقر، صلى الله عليهم أجمعين)). تفسير مقاتل بتحقيق د / عبد الله شحاته (3: 53).
وممن عُنيَ بأصل الاشتقاق من اللغويين ابن قتيبة (ت: 276)، في كتابيه (تأويل مشكل القرآن)، و (تفسير غريب القرآن).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك قوله: ((أصل قضى: حَتَمَ، كقول الله عز وجل: (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْت) (الزمر: من الآية42)؛ أي: حَتَمَه عليها.
ثُمَّ يصير الحتم بمعانٍ؛ كقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الاسراء: من الآية23)؛ أي: أمر؛ لأنه لما أمر حتم بالأمر.
وكقوله (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ) (الإسراء: من الآية4)؛ أي: أعلمناهم؛ لأنه لما اخبرهم أنهم سيفسدون في الأرض، حتم بوقوع الخبر.
وقوله: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَات) (فصلت: من الآية12)؛ أي: فصنعهن.
وقوله: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض) (طه: من الآية72)؛ أي: فاصنع ما أنت صانع.
ومثله قوله: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيّ) (يونس: من الآية71)؛ أي: اعملوا ما أنتم عاملون ولا تُنظِرون.
قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما** داود أو صَنَعُ السوابغ تبَّع
أي: صنعهما داود وتُبَّع.
وقال الآخر في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قضيت أموًا ثم غادرت بعدها** بوائج في أكمامها لم تُفَتَّقِ.
أي: عملت أعمالاً؛ لأنَّ كل من عمل عملاً وفرغ منه فقد حتمه وقطعه.
ومنه قيل للحاكم: قاض؛ لأنه يقطع على الناس الأمور ويحتِم.
وقيل: قُضِيَ قضاءك؛ أي: فُرِغ منه أمرك.
وقالوا للميت: قد قضى؛ أي: فرغ.
وهذه كلها فروع ترجع إلى أصل واحدٍ)). تأويل مشكل القرآن (ص: 442).
ويظهر أنَّ ابن فارس (ت: 395) قد استفاد منه هذه الفكرة، فصنَّف كتابه العظيم (مقاييس اللغة) منتهجًا بذلك ما كان قد طرحه ابن قتيبه (ت: 276) في كتابيه السابقين. ينظر: مقدمة السيد أحمد صقر لكتاب تأويل مشكل القرآن (ص: 83).
كما عُنيَ الراغب الأصفهاني (ت: 400) بأصل الاشتقاق في كتابه (مفردات ألفاظ القرآن).
ثمَّ إنك تجد لأصل الاشتقاق منثورات في كتب اللغويين، ككتاب الاشتقاق للأصمعي (ت: 215)، وابن دريد (ت: 321)، وغيرها من كتب أهل اللغة.
وممن كان لهم بذلك عناية واضحة أبو علي الفارسي (ت: 377)، وتلميذه ابن جني (ت: 392)
وليس المقصد التأريخ لهذه المسألة العلمية، وإنما ذكرت إشارات منه.
وقد يكون للفظة أصل واحد تدور عليه تصريفات الكلمة في لغة العرب، وقد يكون لها أكثر من أصل.
ومن أمثلة الألفاظ القرآنية التي يكون لها أصل واحدٌ لفظ (الأليم)، قال ابن فارس (ت: 395): ((الألف واللام والميم أصل واحدٌ، وهو الوجع))، وعلى هذا فإنَّ تَصَرُّفَات مادة (أَلَمَ) ترجع إلى هذا المعنى الكلي، فكل تقلُّباته في القرآن وفي استعمال العرب يعود إلى معنى الوجع؛ كقوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (البقرة:10)
وقوله تعالى: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:104).
أهمية معرفة أصل الاشتقاق:
معرفة أصل اشتقاق اللفظ يفيد في جمع جملة من المفردات القرآنية المتناثرة بتصريفات متعددة تحت معنى كليِّ واحد، وهذه المعرفة تسوق إلى تفسير اللفظ في سياقه، بحيث يُعبَّر عنه بما يناسبه في هذا السياق، ويعبر عنه بما يناسبه في السياق الآخر، وكلها ترجع إلى هذا المعنى الاشتقاقي الكليِّ.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ 0 وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) (الانشقاق: 17 ـ 18)، فمادة (وسق) تدلُّ على جمع وضمِّ واحتواء، ولفظت وسق واتسق مشتقة منها، فمعنى الآية الأولى: والليل وما جمع وحوى وضمَّ من نجوم وغيرها.
ومعنى الآية الأخرى: والقمر إذا اجتمع واكتمل فصار بدرًا.
وبهذا تكون مادة اللفظتين من أصل واحد، وهو الجمع والضمُّ.
ومنها لفظ (أيد) بمعنى قوَّى، وقد ورد لهذا الأصل عدة تصريفات، منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (المائدة:110).
وقوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22).
وقوله تعالى: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص:17).
وقوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذريات:47).
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (البقرة:87).
فالمعنى الذي ترجع إليه الألفاظ (أيدتك / أيَّدهم / أيدناه / ذا الأيد / بأيد) كلها ترجع إلى معنى القوة. (قويتك / قواهم / قويناه / ذا القوة / بقوة).
ومنها قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا) (البقرة: من الآية255)، وقوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ) (التكوير:8).
فلفظ: لا يؤوده بمعنى: لا يُثقِله.
والموؤودة هي البنت التي تُدفنُ وهي حيَّة، وإذا أرجعت اللفظ إلى أصل اشتقاقه، وجدت أنها إنما سُمِّت موؤودة؛ لأنها أُثقِلت بالتراب حتَّى ماتت، فرجعت اللفظة إلى أصل الثِّقَلِ، فصارت لفظتي (يؤوده، والموؤودة) ترجعان إلى أصل واحد، وهو الثِّقَلُ.
وللحديث بقية ….
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Oct 2003, 08:48 ص]ـ
ثانيًا: أن تأتي اللفظة على الاستعمال الغالب عند العرب.
إنَّ اللغة كائن حيٌّ متولد، ومن أبرز ما في لغة العرب كثرة تصرفات الألفاظ المنبثقة من الأصل اللغوي الكلي للفظة، والمراد هنا أنه يغلب استعمال أحد هذه التصريفات اللفظية على معنى مشهور متبادرٍ بين المخاطبين، فإذا وقع في الكلام فإنَّ الذهن ينصرف إليه، لكن قد يأتي تفسيرٌ آخر للكلامِ بناءًا، على أنَّ هذا التصريف في اللفظة يرد بمعنى آخر، فيُحمل الكلام عليه.
ولأضرب لك مثلاً يوضح مرادي من ذلك:
مادة (ثَوَبَ) أصل صحيح واحد، وهو العود والرجوع، قاله ابن فارس في مقاييس اللغة. وزاد الراغب الأصفهاني في مفرداته قيدًا في معنى العود والرجوع، فقال: ((أصل الثوب: رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها، أو إلى الحالة المقدَّرة المقصودة بالفكرة … فمن الرجوع إلى الحالة الأولى قولهم: ثاب فلان إلى داره … ومن الرجوع إلى الحالة المقدَّرة المقصودة بالفكرة: الثوبُ، سُمِّي بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة التي قُدِّرت له (1)، وكذا ثواب العمل …)).
وقد ورد استعمال العرب للفظة (أثاب) ولفظة (الثواب) في الجزاء على العمل، وقد ورد في القرآن من هذين عدد من الآيات؛ منها:
قوله تعالى: (فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:85).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18).
وقوله تعالى: (فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:148).
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:31).
وقوله تعالى: (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً) (مريم:76).
وغلب استعمال لفظة (الثياب) على الملبوسات، وقد ورد في القرآن في عدة آيات؛ منها:
قوله تعالى: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (هود:5).
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:31).
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور:58).
ويُستفاد من معرفة غلبة استعمال الهرب للفظة ما بمعنى من المعاني أن تُحمَل على هذا المعنى حال اختلاف التفسير، ومن ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4)، فقد ورد في معنى الثياب في هذه الآية أقوال، منها:
1 ـ أنها الثياب الملبوسة، ويشهد لهذا غلبة استعمال هذا اللفظ بهذا التصريف عن العرب على ما يُلبس.
2 ـ وقد فسَّر بعضهم الثياب بالفعل والعمل، والمراد: أصلح عملك، واجعله خالصًا لله، وقد ورد هذا الإطلاق عن العرب، فكان الرجل إذا كان خبيث العمل، قالوا: فلان خبيث الثياب، وإذا كان حسن العمل، قالوا: فلان طاهر الثياب، قاله أبو رُزين (تفسير الطبري).
وهذا المعنى مركبٌ من تصوُّرِ مادتين لغويتين، وهما: الثوب، واللبس، فلما كان العمل يتلبس به الإنسان كما يتلبس بثوبه الذي يلبسه، عبَّروا عن الثوب بالعمل من أجل هذا المعنى، والله أعلم.
وكأنَّ في العمل معنى العود؛ وكأنه تُصِّورَ أنَّ الإنسان يعمل العمل، ثمَّ يعود إليه، ففيه أصل معنى مادة الثوب، وهي العَودُ، والله أعلم.
3 ـ وفسَّر آخرون بأن المراد بالثياب: النفس، والمعنى: طهر نفسك من المعاصي والدَّنس.
ومنه ما نُسِب إلى ليلى الأخيلية، قالت:
رموها بأثواب خفاف فلا ترى لها شبهًا إلا النعام المًنَفَّرا
والمراد رموا الركاب بأبدانهم؛ أي: ركبوا الإبل.
ولا يبعد أنهم سمَّوا الأبدان أثوابًا لكثرة ملابستها للأثواب، وهذا من طرائق تسميات الأشياء عند العرب، فكثرة الملابسة تنقل الاسم من المعنى المتبادر المعروف إلى معنى آخر، حتى يصير اسمًا له، وبهذا يكون من معاني اللفظة.
وهذا من دقيق تاريخ الألفاظ، وهو علمٌ عزيزٌ، ونيله صعبٌ، وأغلبه من الظَّنٍ أو غلبته على حسب ما يتحرَّر في دراسة كل لفظ من الألفاظ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن تسميته للشيء بما يلابسه أو ينتج عنه ما ورد من تسميته النوم بردًا، وعليه حُملَ قوله تعالى: (لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً) (النبأ:24)؛: لا يذوقون نومًا ولا شرابًا، وإنما سمَّوا النوم بردًا؛ لأنَّ النائم يبرد جسمه، والله أعلم.
ومن ذهب إلى هذا التفسير فإنَّ قوله ـ من جهة التفسير ـ يتضمَّنُ قول من قال: أصلح عملك؛ لأنَّ إصلاح العمل جزءٌ من تطهير النفس، والله أعلم.
لكن لو ذهب مرجِّح إلى ترجيح معنى الثياب الملبوسة في هذه الآية لغلبة هذا الاستعمال على معنى اللفظة عند العرب، وكونه هو الظاهر المتبادر في تفسيرها لجاز، وهو مذهبٌ صحيح في ترجيح هذا المعنى.
مثالٌ آخر:
مادة (لبس) أصل صحيح واحد يدل على مخالطة ومداخلة، قاله ابن فارس في مقاييس اللغة. وجعل الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن أصل اللبس: السَّتر (2)، والذي يظهر من هذه المادة أن أصلها ما ذهب إليه ابن فارس، وما قاله الراغب إنما هو أثر من آثار أصل هذه المادة، وليس هو أصلها، فلاختلاط والمداخلة مظِنَّةُ السَّتر، ويمكن أن بقال: كل مخالطة يقع فيها سَتْرٌ، ولا يلزم أنَّ كل سترٍ يكون فيه مخالطة.
ومما ورد من تصريفات الألفاظ من هذه المادة في القرآن: (لباس / لبسنا / يلبسون / تلبسون / يلبسكم / لبس / لبوس)
ومما جاء على أصل معنى المادة في القرآن:
قوله تعالى: (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:42).
وقوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) (الأنعام:9).
وقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82).
وأشهر المعاني والإطلاقات في هذه المادة يعود إلى الثياب الملبوسة، ومنها:
قوله تعالى: (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ) (الدخان:53).
وقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26).
وقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:27).
وقوله تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) (فاطر:33).
وقد غلب هذه الاستعمال ـ وهو الثياب الملبوسة ـ على هذه المادة، حتى كاد أن يكون أصلاً لها، لذا ترى أنَّ التشبيه يقع بها في بعض موارد لفظ اللبس، ومن ذلك قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة:187).
وقوله تعالى: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) (لأعراف:26).
وقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47).
وقوله تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً) (النبأ:10).
وقوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112).
وكلُّ هذه السياق نُظِرَ فيها إلى معنى الثياب الملبوسة، ووقع تنظير هذه المعاني في هذه السياقات بها، وعلى سبيل المثال: جُعِلَ الليل بمخالطته للناس وتغطيته لهم كاللباس الذي يخالطهم ويغطيهم، وقس على ذلك غيرها من الآيات الأخرى.
والمعنى الأصلي لهذه اللفظة، وهو المخالطة والمداخلة لم يتأخر في أي استعمال من هذه الاستعمالات، وإن كان قد يغيب؛ لأنَّ النظر في السياقات إلى الاستعمال، وليس إلى أصل الاشتقاق.
وللحديث بقية
ـــــــــــــــــــ
(1) يمكن أن يكون تسمية الثوب من معنى آخر ذكره ابن فارس، قال: ((والثوب الملبوس محتمل أن يكون من هذا القياس؛ لأنه يلبس ثم يلبس ويثاب إليه)).
(2) مسألة اختلاف العلماء في أصل المادة مما أرجأت الحديث عنه لأنظر هل له أثر في بيان المعاني واختلافها في السياقات القرآنية، أو أنَّ الاختلاف ليس له أثر من هذه الجهة، وإن ظهر لي فيها شيءٌ فإني سأطرحه لاحقًا إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Oct 2003, 02:28 م]ـ
المفردة القرآنية .. المراحل التي تمرُّ بها حال تفسيرها (3)
ثالثًا: الاستعمال السياقي
هذه هي المرحلة الثالثة التي تقع للمفردة القرآنية، فأي كلمة لها في سياقها معنى مراد، قد يكون خارج المعنى اللغوي المطابق، وهذا المعنى المراد للكلمة في هذا السياق قد يكون في أكثر من سياق قرآني، وقد لا يكون له إلا سياق واحد.
ومن الاستعمال السياقي انطلقت كتب الوجوه والنظائر (1) في تعيين الوجوه للألفاظ القرآنية، لذا تعدَّدت الوجوه للفظ الواحد الذي يعود إلى معنى لغوي واحدٍ؛ لأنه لا اعتبار لأصل اللفظ ولا لاستعمال العرب في تحديد الوجوه إلا إذا كان هو المعنى المراد في السياق.
ومن أمثلة ذلك في كتب الوجوه والنظائر:
ـ قال الدامغاني (ت: 478): ((تفسير إفك على سبعة أوجه: الكذب. عبادة الأصنام. ادعاء الولد لله تعالى. قذف المحصنات. الصرف. التقليب. السحر.
فوجه منها: الإفك؛ يعني: الكذب، قوله تعالى في سورة الأحقاف: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) إلى قوله: (فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) (الأحقاف: من الآية11)؛ يقولون: كَذِبٌ تَقَادَم، ونظيره فيها: (وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ) (الأحقاف: من الآية28)، ونحوه كثير.
والوجه الثاني: إفك: عبادة الأصنام، قوله تعالى في سورة والصافات: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ) (الصافات: 85 ـ 86)؛ يعني: عبادة آلهةٍ دون الله.
والوجه الثالث: الإفك: ادعاء الولد لله تعالى، قوله تعالى في سورة الصافات: (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (الصافات: 151 ـ 152).
والوجه الرابع: الإفك: قذف المحصنات، قوله تعالى في سورة النور: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) (النور: من الآية11)؛ يعني: بهتان عائشة رضي الله عنها.
والوجه الخامس: الإفك: الصرف، قوله تعالى في سورة والذاريات: (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) (الذريات:9)، كقوله تعالى في سورة الأحقاف: (لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا) (الاحقاف: من الآية22)؛ أي: لتصرفنا، ونحوه كثير.
والوجه السادس: الإفك: التقليب، قوله تعالى في سورة والنجم: (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى) (النجم:53)، كقوله تعالى في سورة الحاقة: (وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ) (الحاقة: من الآية9).
والوجه السابع: الإفك: السحر، قوله تعالى في سورة الشعراء: (تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) (الشعراء: من الآية45).)) (الوجوه والنظائر للدامغاني / تحقيق: فاطمة يوسف / ص: 72 ـ 74).
وإذا رجعت إلى تحليل هذه اللفظة من جهة الاشتقاق والاستعمال العربي ظهر لك ما يأتي:
1 ـ قال ابن فارس: (الهمزة والفاء والكاف أصل واحد يدلُّ على قلب الشيء وصرفه عن وجهه) (مقاييس اللغة / مادة: أفك).
وزاد الراغب قيدًا في أصل المادة، فقال: (كل مصروف عن وجهه الذي يحقُّ أن يكون عليه، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهابِّ: مؤتفكة …). (المفردات: ص: 79).
وهذا يعني أنَّ هذه الدلالة الأصلية ستكون موجودة في جميع الوجوه المذكورة، وهي كذلك:
فالكذب فيه معنى القلب والصرف، فهو قلب للحق باطلاً، وللباطل حقًّا.
وعبادة الأصنام قلب لعبادة الحقيقة إلى العبادة الباطلة.
وادعاء الولد لله تعالى قلب للحقيقة التي هي الوحدانية إلى الإشراك.
وقذف المحصنات قلب للحقيقة، حيث يجعل العفيفات زانيات.
وأما الصرف والتقليب فهو المعنى الأصلي للفظة.
والسحر: فيه قلب للحقائق، وجعل الباطل حقًّا والحقَّ باطلاً.
2 ـ وإذا رجعت إلى استعمال العرب للإفك، فإنه يغلب إطلاقه على أشدِّ الكذبِ، ويرجع إلى هذا المعنى الوجه الأول والثاني والثالث والرابع.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالرابع مثلاً، وهو قذف المحصنات، إنما ذُكِر وجهًا مستقلاً نظرًا لأن المراد بالإفك في هذا الموضع الافتراء الذي افتراه المنافقون في حقِّ بيت النبوة، حيث قذفوا عائشة رضي الله عنها، وهو في النهاية عائد إلى الكذب، وإنما جاء التعبير عنه يقذف المحصنات؛ لأنَّ مراد المؤلف هنا بيان المراد بالإفك من جهة الاستعمال السياقي وليس بيان معناه من جهة اللغة.
كما يرجع إلى هذا المعنى الوجه السابع، وهو السحر؛ لأنَّ الآية التي استدل بها لهذا الوجه تدلُّ على هذا، وهي قوله تعالى: (فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) (الشعراء:45)، أي: ما يكذبونه من العصي والحبال التي يسحرون بها أعين الناس فيخيل للناس أنها ثعابين، وهي ليست كذلك.
وأما الألفاظ: (يؤفك / تأفكنا / المؤتفكات)، فإنها تأتي بمعنى الصرف والقلب الذي هو أصل معنى اللفظ، ولذا فالوجه الخامس والسادس معناهما واحدٌ، ولا داعي لجعلهما وجهين متغايرين.
ولو تُتُبِّعت أقوال المفسرين في تفسير الألفاظ لوجدتهم كثيرًا ما يبينون المراد باللفظ في سياقه دون ردِّه إلى معناه اللغوي، وعلى هذا الأسلوب جمهور تفسير السلف، وهو ما يُعبَّر عنه (بالتفسير على المعنى).
وعلى سبيل المثال، لو رجعت إلى تفسير قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) (لأعراف:117)، فإنك ستجد في تفسير السلف ليأفكون:
1 ـ يكذبون، وذلك قول مجاهد، وهو بيان لمعنى الإفك من جهة الاستعمال اللغوي، وهو مراد في الآية.
2 ـ حبالهم وعصيهم، وهذا قول الحسن، وهذا بيان للمراد من جهة السياق، فالذي يأفكونه؛ أي يكذبون به هو حبالهم وعصيُّهم.
ولا تنافي بين القولين، فالأول بين المعنى المراد من جهة اللغة، والثاني بين المعنى المراد من جهة السياق، والله أعلم.
والنظر إلى الاستعمال السياقي للفظة جعل بعض المفسرين يحكمون بالخطأ على بعض التفاسير، وليست تلك التخطئة بسديدة؛ لأنَّ المفسر غير ملزم دائمًا ببيان المعنى من جهة اللغة، بل قد يكون بيان اللفظة من جهة اللغة في مثل هذا الحال من الاستطراد الذي لا يحتاجه المقام.
والنظر إلى الاستعمال السياقي لا ينفك عنه اللغوي الذي يقصد بيان الألفاظ القرآن وعربيته، بله مفسرو السلف الذين يكثر في تفسيرهم الاعتناء ببيان المعاني دون تحرير الألفاظ من جهة اللغة، ومن أمثلة ذلك تفسير أبي عبيدة كمعمر بن المثنى البصري (ت: 210) لقوله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل) (البقرة: من الآية191)، قال: ((أي: الكفر أشدُّ من القتل في أشهر الحُرُمِ؛ يقال: رجلٌ مفتونٌ في دينه؛ أي: كافر)). (مجاز القرآن / 1: 68).
ولو ذهب أبو عبيدة إلى التفسير اللغوي، لقال: الفتنة: الامتحان والاختبار، لكنه ذهب إلى تفسير المراد بالفتنة في هذا السياق، وهو الكفر، والله أعلم.
وقد يجمع بين التفسير على اللفظ والتفسير على المعنى، وذلك في مثل قوله تعالى: (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (الأعراف: من الآية24)، قال: ((إلى وقت يوم القيامة، وقال:
وما مِزَاحُكَ بَعْدَ الحِلْمِ والدِّينِ وقد علاكَ مَشِيبٌ حين لا حين
أي: وقت لا وقت)). (مجاز القرآن / 1: 212).
فقوله: ((إلى وقت)) هذا بيان لغوي لمعنى الحين.
وقوله: ((يوم القيامة)) هذا بيان للمراد بالحين على التعيين في هذا السياق، وهذا تفسير معنى.
وهناك فرع لمسألة التفسير على المعنى اللغوي والتفسير على المعنى السياقي لعلي أطرحه لاحقًا إن شاء الله.
وللحديث بقية.
ـــــــــــــــ
(1) قد يسمى هذا العلم بالأشباه والنظائر، وهذه التسمية فيها نظر، وقد بيَّنته في كتابي (التفسير اللغوي للقرآن الكريم: ص: 89 ـ 90)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Oct 2003, 01:51 م]ـ
بسم الله
أشكر الشيخ الكريم أبا عبد الملك على هذا الموضوع القيم، فقد قرأته كاملاً فأفدت منه كثيراً، وهو موضوع يتعلق بصلب التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتعليقاً على ما ذكره الشيخ حول المرحلة الأولى - وهي المتعلقة بالأصل الاشتقاقي - أقول: إن معرفة أصل الكلمة الاشتقاقي له أهمية كبيرة في معرفة المعنى الصحيح للفظ، لأن كثراً من الكلمات متقاربة في أصلها فلا بد من التفريق بين المتقاربات حتى يزول اللبس، ويعرف المعنى الصحيح.
وأضرب لذلك مثالاً - وانتظر تعليق الشيخ مساعد عليه إذا رغب في ذلك -، وهو نص نفيس لابن القيم رحمه الله وهو يتكلم عن خلاف السلف في معنى (القرء) قال ما نصه:
(وقولكم: إن القرء مشتق من الجمع، وإنما يجمع الحيض في زمن الطهر. عنه ثلاثة أجوبة.
أحدها: أن هذا ممنوع، والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل، من قرى يقري، كقضى يقضي، والقرء من المهموز بنات الهمز، من قرأ يقرأ، كنحر ينحر،
وهما أصلان مختلفان فإنهم يقولون: قريت الماء في الحوض أقريه، أي: جمعته، ومنه سميت القرية، ومنه قرية النمل: للبيت الذي تجتمع فيه، لأنه يقريها، أي: يضمها ويجمعها.
وأما المهموز، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد، ومنه قراءة القرآن، لأن قارئه يظهره ويخرجه مقداراً محدوداً لا يزيد ولا ينقص، ويدل عليه قوله: " إن علينا جمعه وقرآنه " [القيامة: 17]، ففرق بين الجمع والقرآن. ولو كانا واحداً، لكان تكريراً محضاً، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " [القيامة: 18]، فإذا بيناه، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه، لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع.
ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، وما قرأت جنيناً هو من هذا الباب، أي ما ولدته وأخرجته وأظهرته، ومنه: فلان يقرؤك السلام، ويقرأ عليك السلام، هو من الظهور والبيان، ومنه قولهم: قرأت المرأة حيضة أو حيضتين، أي: حاضتهما، لأن الحيض ظهور ما كان كامناً، كظهور الجنين، ومنه: قروء الثريا، وقروء الريح: وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح، فإنهما يظهران في وقت مخصوص، وقد ذكر هذا الإشتقاق المصنفون في كتب الإشتقاق، وذكره أبو عمرو وغيره، ولا ريب أن هذا المعنى فى الحيض أظهر منه في الطهر.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Nov 2003, 01:34 م]ـ
المفردة القرآنية .. المراحل التي تمرُّ بها حال تفسيرها (4)
رابعَا: المصطلح الشرعي:
يراد بالمصطلح الشرعي ما جاء بيان معناه في لغة الشارع سواءً أكان ذلك في القرآن أم كان في السنة النبوية.
وكلام الشارع مبني على بيان الشرعيات لا على بيان اللغات، لذا استخدم ما تعرفه العرب من كلامها وزاد عليه معاني أو خصَّص ألفاظًا على معنى معيَّن، وهذا يُعرف من جهة الشرع، وهو ما يسمى بالتعريف الشرعي، فنقول مثلاً:
تعريف الصلاة لغة، ونبين فيه أصل معنى اللفظ واستعمالات العرب لهذا اللفظ في لغتها.
تعريف الصلاة شرعًا، ونبين استعمال الشارع للصلاة، وهو أنه نقلها من المعنى اللغوي المعروف إلى معنى زائد أو مخصوص بأعمال وأفعال مخصوصة سمَّاه صلاةً.
والمعنى الشرعي لا ينفكُّ عن أصل اللفظ في لغة العرب، وهو موجودٌ فيه غير أنه يزيد عليه بتحديدات شرعية لم تعرفها العرب من قبل.
ولقد برز عند العلماء بسبب هذا قاعدة تقديم المعنى الشرعي على المعنى اللغوي عند وجود احتمال التعارض بين المعنيين في سياق واحد، وسبب ذلك أنَّ الشارع معنيٌّ ببيان الشرع لا بيان اللغات.
ومن أوضح أمثلة احتمال التعارض بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي ما ورد في قوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) (التوبة: من الآية84)، إذ السياق يحتمل المعنيين، فقد يكون المراد: لا تدع لهم، وهو معنى الصلاة في أصل اللغة.
وقد يكون المراد لا تصلِّ عليهم صلاة الجنازة، وهو المعنى الشرعي المخصوص، وهو المقدَّم هنا.
لكن الصلاة على المؤمنين قد وردت في سياق آخر، ولا يُراد بها الصلاة الشرعية، بل الصلاة بمعناها اللغوي، وهو الدعاء، وذلك في قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (التوبة: من الآية103).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالصلاة المأمور بها هنا هي الدعاء، بدلالة قول عبد الله بن أبي أوفى كما في صحيح البخاري (ج: 4 ص: 1529): قال: ((… ثم كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أتاه قوم بصدقة قال: اللهم صلِّ عليهم. فأتاه أبي بصدقته، فقال: اللهم صَلِّ على آل أبي أوفى)).
فدلَّ هذا الحديث أنَّ صلاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن جاء بصدقته ليست صلاة مخصوصة، بل هي مجرد الدعاء لهم، ولو كانت صلاة مخصوصة كصلاة الجنائز أو غيرها لبيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله.
وفِعْلُه هنا ـ وهو نوع من التفسير النبوي، وهو ما يسمَّى بتأوُّل القرآن ـ دلَّ على أنَّ المراد المعنى اللغوي.
وهذا الموضوع ـ وهو المصطلح الشرعي ـ من الموضوعات المهمة، وقد تطرَّق إليه علماء العقائد وعلماء أصول الفقه، لكن الملاحظ أنَّ كثيرًا منهم قد يحيد عن المعنى الشرعي في بعض الأبواب، ويدَّعي بقاءها على المعنى اللغوي؛ لشبهة وقعت له في ذلك الباب، ومن أوضح الأمثلة في ذلك قصر المرجئة مسمَّى الإيمان في الشرع على التصديق دون دخول الأعمال في مسمَّاه، وهذا مخالف للشرع الذي بين دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وكذا فهم السلف ذلك.
ولهذا لو قال قائلٌ: إنَّ المراد بالصلاة: الدعاء فقط، بناءً على المعنى اللغوي، كما جعل ذلك مسمى الإيمان على المعنى اللغوي عند الشارع؛ لأنَكَر عليه ذلك، واحتجَّ عليه بورود الشرع بمعنى الصلاة، فإذا كان ذلك كذلك عنده، فإنه يُحتجُّ عليه بورود مسمى الإيمان على العمل، والنصِّ على دخولها فيه.
وهذا الموضوع يطول الحديث عنه، وهو يؤخذ من كتب الاعتقاد، ولعل الإشارة هنا كافية في الدلالة على المقصود.
هذا، وقد كُتِبَ في المعنى الشرعي كتابات كثيرة، وأشير هنا إلى دراسة معاصرة جيدة في هذا الباب، وهي (التطور الدلالي بين لغة الشعر ولغة القرآن) تأليف الأستاذ عودة خليل أبو عودة.
ولعلك تلاحظ من خلال الحديث السابق أن مستوى تفسير اللفظ بالمصطلح الشرعي أخصُّ من المستويات السابقة، فكلُّ لفظة لها مصطلح شرعي متميز لها أصل واستعمال في لغة العرب، ولا يلزم من كل لفظٍ في لغة العرب أن يكون له مصطلح شرعي خاصٌّ.
ومن باب الفائدة، فإنَّ بعض الباحثين يخلط بين المعنى الاصطلاحي في العلوم والمعنى الشرعي، فيقول مثلاً: تعريف المعجزة شرعًا.
وهذا خطأ؛ لأنَّ هذا اللفظ ليس من مصطلحات الشارع ولا استخدمها، والصواب أن يقال: تعريف المعجزة اصطلاحًا؛ أي: فيما اصطلح عليه العلماء الذين بحثوا المعجزة.
والمراد أنه لا يُنسب إلى اصطلاح الشرع إلا ما نصَّ عليه أو كان موجودًا فيه على معنى مستقلٍّ عن المعنى اللغوي.
أما اصطلاحات العلماء في العلوم ـ وإن كانت في بعض العلوم الشرعية التي لها مساس بالأصلين: الكتاب والسنة ـ فإنها لا يصلح أن يُطلق عليه مسمى المصطلح الشرعي؛ لأنَّ ذلك من مصطلح العالم وليس من مصطلح الشارع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Nov 2003, 06:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً أخي أبا عبدالملك على هذا الموضوع النفيس، وأرجو مواصلة طرقه حتى يثبت في أذهان القراء والدارسين من أمثالي، فهو من الأصول المحررة التي لا يستغني عنها طالب العلم، ولي مع ما تفضلت به وقفات متممة:
الوقفة الأولى: ما ذكرتموه حول القسم الأول وهو (أن تأتي اللفظة على أصلها الاشتقاقي) قد كتب فيه الأستاذ الدكتور محمد حسن جبل كتاباً بعنوان (أصول معاني ألفاظ القرآن الكريم) وهي رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية بالقاهرة – جامعة الأزهر، وقد اطلعت عليها ولا أدري هل طبعت أم لا.
وعرضتم لذكر كتاب العلامة أحمد بن فارس الرازي (مقاييس اللغة) وأنه الكتاب الوحيد الذي لم يسبق ولم يلحق في بابه، وهو يعتني بإرجاع المفردات إلى أصولها الاشتقاقية، وهذ الكتاب مظلوم بين طلاب العلم، فمع كثرة رجوع طلاب العلم إليه في بحوثهم، إلا أنه لم يلق في كليات اللغة العربية العناية التي يستحق مثل هذا الكتاب النفيس، وحقه أن يحفظ ويتدارس بين طلاب العلم، وهو أولى عندي بالحفظ من القاموس مع جلالة القاموس، وقد كنت درست التفسير عند ابن فارس رحمه الله، وكان هذا الكتاب عمدتي في البحث فلعلي أعود إليه إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوقفة الثانية: كتبت دراسات كثيرة معاصرة في فقه اللغة العربية، وفي التطور الدلالي للمفردات، لا يستغني عنها المتخصص في الدراسات القرآنية. بل أصبح في اللغة علم قائم برأسه هو (علم المفردات) وهو العلم الذي يبحث في جزئيات الكلمة المفردة فيستقصي أصواتها، ويتعرف على أصولها الأولى، ويوضح ما غمض من تركيبها ويؤصل بنيتها، ويبين صيغتها، ويقابلها بمدلولها، مشيراً إلى كنه التغيرات التي تطرأ على المدلول بتغير الصيغة، زيادةً، أو إبدالاً في صوت منها، أو حذفاً لواحد أو أكثر من هذه الأصوات.
وهذا النوع من العناية بالمفردة اللغوية قديم، وقد نقلت لنا كتب النقد الأدبي وغيرها نظرات النابغة الذبياني لأبيات حسان بن ثابت التي يقول فيها:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وفيها - إن صحت - دليل على العناية بالمفردة اللغوية بذاتها، وفي سياقها. وقد اهتم العلماء من بعدُ بتأليف المعاجم التحليلية في البنية، وقد تقدمت الإشارة إلى مقاييس اللغة لابن فارس رحمه الله (395هـ) الذي يعد أعظم مؤلف في تحليل بنية الكلم، فقد أشار إلى الأصل الثنائي، وما يثلثه عاقداً مقارنة تعليلية للمعنى الزائد مع زيادة التثليث، موضحاً ما يعود منه إلى أصل واحد، أو أصلين أو أكثر. موضحاً الأصول التي نُحِتَ منها ما فوق الثلاثئي، مع ذكر المعاني الخاصة بكل منها.
ومن قبل كان الأصمعي رحمه الله، وأبو زيد الأنصاري وابن دريد رحمهم الله وغيرهم كان لهم فضل كبير في التصنيف في معجمات الدلالة والتركيب على السواء. فقد كتبوا في المفردات الدالة على خلق الإنسان، والأجناس، والأنواء، والميسر والقداح، والمطر، والنبات، والشجر، والأصوات، ومياه العرب وغيرها.
وكتب ابن دريد في أصول اشتقاق أسماء القبائل والأعلام، والدلالات في صفة السحاب، والغيث والرذاذ، والأنواء والسلاح ... الخ.
ولا يزال علم المفردات حديث الظهور في الدراسات اللغوية الغربية، قلق التقسيم والتفريع، لم يستقر حتى عهد قريب، وقد كتب في ذلك جرجي زيدان كتابه (الفلسفة اللغوية).
ومن فضل الله علينا معشر المسلمين أن حفظ الله لنا بهذا الوحي (القرآن الكريم) ثروةً لغوية تحيط بكل ما تحتاج إليه اللغات من مقومات علمية وفنية، أصوات اللغة بدرجاتها المختلفة وبقيمها التعبيرية الصحيحة وعوارض هذه الأصوات، وتأثرها ببعضها، وقوانين هذا التأثر، بالتجويد الصوتي الذي حفظها بشكل علمي في تناقل القراءات وتعلمها عبر الأجيال والقرون. وقد فصل كثيراً من هذا الوجه الدكتور غانم الحمد في دراسته (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد).
وعلم الأساليب في النظم المعجز الذي لا يصل إلى شأو دقته بيان، وعلم المفردات في الفروق بالمدلول الصحيح السليم المتسق مع سياق العبارات في المعنى البليغ والنظم المعجز.
وعلوم البلاغة بفروعها، وغير ذلك من جوانب علوم اللغة العربية.
وبهذا يكون القرآن الكريم سنداً أمثل لحفظ كل ما تفتقر إليه لغة جليلة من مقومات، فضلاً عما أتى به من شرائع ومبادئ وقيم هي أس بناء الأمم والحضارات.
ولعل سبق القراءات في حفظ الأصوات اللغوية المختبرات الصوتية اللغوية في العصر الحاضر بأربعة عشر قرناً يدل دليلاً قاطعاً على ما للغة العربية من فضل في التقدم والارتقاء. وإنك لتعجب أنه بعد اختبار أصوات اللغة العربية على أجهزة الصوتيات الحديثة، وجد أن ما ذكره علماء اللغة والتجويد من وصف للمخارج والأصوات منطبق تماماً مع ما أسفرت عنه التجارب الحديثة، ولك أن تراجع ما ذكره محقق كتاب الموضح في التجويد للقرطبي لتجد مصداق ذلك.
وسيبقى القرآن الكريم مرجعاً قويماً نفزع إليه حين ترمى لغتنا بالعقم من شانئيها، لنشير بثقة بالغة ألى هذا المنتجع الكريم في الفكر والعقيدة، وقد حفظ لنا كل قواعد اللغة إلى جانب قوانين علومها الأخرى، بالإضافة إلى ما أتى به من تشريع معجز لا يناله الخطأ ولا يقاربه الخلل.
ولذلك فإن دراسة المفردة القرآنية يعني دراسة اللغة العربية التي هي وعاء الوحي، والدراسات حولها قد كثرت وبسطت واختصرت. ومن المختصرات الجيدة في علم المفردات ما كتبته الدكتورة نشأة محمد رضا ظبيان بعنوان (علم المفردات في إرثنا اللغوي).
(يُتْبَعُ)
(/)
الوقفة الثالثة: سمعت أحدهم يسأل أحد الشيوخ الكبار عن مدى الحاجة إلى تفسير جديد للقرآن الكريم، فأجابه الشيخ بأن الحاجة مستمرة لتفسير القرآن الكريم لكل جيل، لما يستجد من المعاني في حياة الناس. وقلت في حينها: إذا كانت المفردات التي في القرآن الكريم لا تخرج عن البعد الحقيقي أو المجازي فقد تكفلت كتب المعاجم والتفسير ببيان هذه المعاني، فما الداعي لمثل هذه التفاسير؟
ثم وجدت مقالة طويلة للدكتور العلامة عبدالصبور شاهين وفقه الله بعنوان: (نظرية جديدة في دلالة الكلمة القرآنية). منشورة في كتاب (بحوث في اللغة والأدب) الذي أعدته الدكتورة سهام الفريح من جامعة الكويت عام 1408هـ.
فوجدت في هذا البحث جانباً شارحاً لما لم أفهمه من جواب الشيخ ذاك.
فقد وضح في مقالته أن ألفاظ القرآن الكريم تتجاوز هذين البعدين الذين ظننتهما، فلو كان القرآن الكريم دار في دلالته بين هذين البعدين: الحقيقة والمجاز – لما كان هنالك مشكلة في فهمه، ولاستطاعت مجموعة التفاسير التي أنجزت أن تفي ببيان معانيه، دون أن يشعر كل جيل أنه بحاجة إلى تفسير جديد يوائم حاجاته إلى فهم القرآن في ضوء المتغيرات العصرية.
إن تفسير النصوص الأدبية كالشعر الجاهلي مثلاً يتم عبر الأجيال بطريقة واحدة، عن طريق دراسة دلالات الألفاظ، ومتابعة المعنى التركيبي، الذي يتألف من معاني المفردات في سياقاتها، وتعتبر المعاجم القديمة مصادر لمعرفة المعاني القديمة وليس من المنطق أن يفسر بيت قديم من الشعر بحمل ألفاظه على معانٍ محدثة، والعكس صحيح.
أما شأن القرآن الكريم فعجيب، إذ هو يخرج تماماً عن حدود هذه القاعدة، بحيث تتسع ألفاظه للمعاني المحدثة في حالات كثيرة، ولا سيما الألفاظ الأصول التي تتصل بمعاني الصفات الإلهية، والغيب، والعلم الإلهي، والموجودات الكونية التي أثبت القرآن وجودها وغير ذلك.
ومن الأمثلة على هذه الألفاظ صفات الله كالرحمن والرحيم واللك والقدوس والسلام إلى آخر صفاته الحسنى سبحانه وتعالى، ومنها كذلك ألفاظ الجن والسماء والعرش والكرسي واللوح والقلم، والجنة والنار، والحساب، والكتاب، والصراط، والبعث، والقيامة ... الخ.
فكل هذه الألفاظ العربية ذات مدلول لغوي محدد، ولكن مدلولها القرآني غير محدد، أي أننا نعرف مبتداها، ولكنا لا نعرف منتهاها.
وقد ضرب لذلك أمثلة من المفردات أقتصر منها على مثال واحد
* لفظة التراب، وردت في قوله تعالى: (هو الذي خلقكم من تراب).
والتراب إذا أضيف إليه الماء صار طيناً، وقد عبر القرآن عن هذه الحالات الثلاث في قوله: (وهو الذي خلق من الماء بشراً)، (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين).
والتراب هو مادة الأرض، وقد اعتبر في نظر مؤلفي المعاجم معروفاً، فلم يعرِّفوه. ولكن القرآن اهتم بالربط بينه وبين الإنسان، منشأً ومصيراً، فما حقيقة هذا المنشأ؟
يقرر التحليل العلمي أن عناصر التراب تبلغ اثنين وعشرين عنصراً، هي: الأكسجين، والهيدروجين، والكربون، ومنها تتشكل المركبات العضوية من سكريات ودهنيات وبروتينات وفيتامينات وهرمونات. كذلك نجد من مكوناته الكلور والكبريت ... والكروم، والبور.
هذه هي حقيقة التراب في ذاته، ودلالته العلمية التي نذكرها عندما نريد تحديداً لماهيته، ولكن التراب المذكور في القرآن على أ، ه مادة خلق الإنسان يزيد عن ذلك عنصراً إلهياً لا يدخل في اختصاص المعامل والمختبرات، ولولا هذا العنصر الذي يعتبر أساس الإبداع ما تحول التراب إلى مادة حية.
وبين أيدينا تراب الأرض، وفي أيدينا وسائل العلم المتقدمة، ومع ذلك لا يمكن أن نصل إلى شيء من سر هذا التراب المتخلق، وبعبارة أخرى: إن للتراب القرآني مدلولاً أوسع من مدولو التراب الأرضي، وللغة سلوك متميز حين تخص العناصر المختلفة بأسماء تعين اختلافها، أما لغة القرآن فقد أبقت على الكلمة كما هي، مع ما طرأ على معناها من اتساع.
كذلك لفظة الماء فإن مدلول الماء العادي يختلف عن مدلول الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي، وكلاهما ماء، وكذلك الطين، والصلصال، والحمأ المسنون، كانت قبل القرآن تعني شيئاً عادياً أو ضئيلاً، فصارت بالقرآن تعني الشيء الكثير اللا متناهي.
فإذا قيست دلالة هذه المفردات كما كانت في لسان العرب قديماً، بما صارت إليه في لغة القرآن الكريم أدركنا ما طرأ عليها في الاستعمال من رحابة واتساع، وأدركنا أيضاً أن المدلول يزداد اتساعاً مع تقدم البحث العلمي.
ولعله يتسير أن توضع هذه المقالة النفيسة بكاملها في الملتقى إن شاء الله.
هذه بعض الخطرات أخي أبا عبدالملك التي سنحت تعليقاً على بحثكم النفيس حول المفردة القرآنية وفقكم الله ونفع بعلمكم.
ـ[الإداوة]ــــــــ[02 Dec 2003, 08:03 ص]ـ
يرفع رفع الله محرره .. في الدارين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Mar 2004, 02:39 م]ـ
المفردة القرآنية (5) المصطلح القرآني
قد يكون اللفظ القرآني له وجه واحدٌ في الاستعمال العربي، ولا يرد في الشرع زيادة على هذا المعنى، كما هو الحال في المصطلح الشرعي، بل ترى أن اللفظ باقٍ على استعماله العربي، وهذا كثيرٌ جدًا في القرآن الكريم، ومن أمثلة ذلك لفظ (مَزَجَ)، فقد ورد في القرآن في مواضع، وهي:
قوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً) (الانسان:5)، وقوله تعالى: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً) (الانسان:17)، وقوله تعالى: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) (المطففين:27).
ولفظة (مزج) لا تخرج عن معناها الذي يدلُّ على خلط الشيء بغيره، وهذا لا يدخل في المصطلح القرآني؛ لأنَّ المراد بالمصطلح القرآني أن يكون له تخيُّرٌ دلالي للفظة تتعدَّد فيها الدلالة اللغوية، أو أن يكون للفظة مدلول واسع فيستخدمها القرآن في مدلول خاصٍّ بعينه دون ما سواه.
وإذا كان استعمال اللفظة القرآنية على وجه واحد، ولها في اللغة معنى واسع أو أن لها أكثر من مدلول، فإنه يمكن إطلاق (المصطلح القرآني) أو (عادة القرآن)، أو (طريقة القرآن) على استعمال هذه اللفظة.
ومن هنا يمكن أن يقسم الموضوع إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون للفظة في اللغة مدلول واسع، فيخصُّ القرآن من هذا المدلول استعمالاً خاصًّا لهذه اللفظة، كلفظ (وصف) فهو لفظ يشمل كل موصوف، وإنما يدرك كون المادة في الصدق أو الكذب من السياق، فلا يُخصُّ إلا به.
ومن أمثلة ذلك مادة (وصف)، فمدلول لفظة (وصف) تعمُّ مطلق الوصف للأشياء سواءً أكان الوصف كاذبًا، أم كان الوصف صادقًا، وإذا نظرت في موارد هذه اللفظة في القرآن، فإنك تجدتها تجيء فيما يكون من باب الكذب، وليس لمطلق الوصف أو لصادقه.
قال تعالى: (وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18).
وقال تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) (النحل:62)
وقال تعالى: (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (الأنعام:139).
وتنظر الآيات الآتية (الأنعام: 100 / يوسف: 77 / النحل: 116 / الأنبياء: 18، 22، 112 / المؤمنون: 19، 96 / الصافات: 159، 180 / الزخرف: 82).
قال شيخ الإسلام (( ... فان الصفة عندهم قائمة بالموصوف ليست مجرد قول الواصف إن قاله من يقول: إن الصفة هي الوصف، وهى مجرد قول الواصف، فالواصف إن لم يكن قوله مطابقا كان كاذبا، ولهذا إنما يجيء الوصف في القرآن مستعملا في الكذب بأنه وصف يقوم بالواصف من غير أن يقوم بالموصوف شيء كقوله سبحانه: (سيجزيهم وصفهم) (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) (ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى) (سبحان ربك رب العزة عما يصفون).
وقد جاء مستعملا في الصدق فيما أخرجاه في الصحيحين عن عائشة: أن رجلا كان يُكثِر قراءة (قل هو الله أحد)، فقال النبي: سلوه لم يفعل ذلك؟
فقال: لأنها صفة الرحمن، فأنا أحبُّها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه ... )).مجموع الفتاوى ج: 6 ص: 118 ـ 319.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الأمثلة كذلك مادة (فرى)، قال الراغب: ((الفريُ: قطع الجلد للخرز والإصلاح، والإفراء للإفساد، والافتراء فيهما، وفي الإفساد أكثر، وكذلك استعمل في القرآن في الكذب والشرك والظلم، نحو: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيما) (النساء: 48)، (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) (النساء: 50)، (افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا) (الأنعام: 140)، (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) (المائدة: 103)، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) (يونس: 38)، (وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِب) (يونس: 60)، (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) (هود: 50)، (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً) (مريم: 27))). مفردات ألفظ القرآن (ص: 634)
ينظر أيضًا في مفردات الراغب الأصفهاني لفظ (زعم: 380، الذوق 332).
الثاني: أن يكون للفظة أكثر من مدلول على سبيل الاشتراك اللفظي اللغوي، لكن الوارد من هذا الاشتراك أحد المعاني.
ومن ذلك لفظة (شَطْرَ)، فلها في اللغة ثلاثة أصول:
الأول: يدل على نصف الشيءِ.
الثاني: يدل على المواجهة، أو الاتجاه للشيء.
الثالث: يدل على البعد
(ينظر: مقاييس اللغة، مادة شطر، وقد جعلها على أصلين، حيث جعل الثاني والثالث أصلاً واحدًا).
والذي ورد في القرآن من هذه المعاني الثلاثة المعنى الثاني، وهو الاتجاه، وقد ورد في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة:144)).
وقوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:149).
وقوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة:150)
ومن اللطائف في هذه المادة أنها لم ترد في القرآن إلا في التوجه إلى الكعبة، كما ترى في هذه الآيات الكريمات.
أما أن يكون للفظة أكثر من مدلول في لغة العرب، ويرد التفسير بها، فهذا كثير جدًّا، وقد يرد التفسير بها في موطن دون موطن، كما هو الحال في الوجوه، وقد يُختلف في تفسير اللفظ في ذاته، فيَحملُه مفسر على معنى، ويحمله آخر على معنى آخر، مثل تفسير لفظ (سجرت، عسعس، كورت) وغيرها، وهذا النوع خارج عن المراد بهذا الموضوع.
وهاهنا تنبيهات:
الأول: أنَّ ألفاظ المصطلح القرآني للفظة أقل بكثير من (المصطلح الشرعي) أو (الوجوه والنظائر).
الثاني: أن السبيل إلى معرفة (المصطلح القرآني) الاستقراء التامُّ للفظة في مواردها، والتأكدُّ من أنها جاءت على وجه واحدٍ لا غير، أما إذا كان لها أكثر من وجه، فإنها تخرج من هذا، وتكون من باب (الوجوه والنظائر) كلفظ البعل ـ مثلاً ـ فالبعل في القرآن الزوج إلا قوله تعالى: (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) (الصافات:125)، فإنه أراد صنمًا.
والآيات التي ورد فيها البعل بمعنى الزوج هي: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) (النور: من الآية31).
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً) (النساء: من الآية128).
(قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) (هود:72).
وبهذا ينتهي الحديث الأول عن المفردة القرآنية، وسيتبعه إن شاء الله حديث آخر عن علاقة اللفظ بالمعنى المفسِّر لها عند المفسرين، أسأل الله أن يبارك في الوقت والعلم، حتى يخرج هذا البحث، والله الموفق.
وقبل أن أنهي الحديث: أشكر الإخوة الذين تابعوا هذا الموضوع، وأخصُّ منهم من كان له تعليق عليه، فلكم جميعًا من الله الجزاء الأوفى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Mar 2004, 06:09 م]ـ
جزاكم الله خيراً أبا عبدالملك على هذه الحلقات القيمة، ولا غرابة، فالشيء من معدنه لا يُستغرب!
وفقكم الله وزادكم هدى وبصيرة وعلماً بكتابه الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2004, 07:47 م]ـ
- صدر ضمن بحوث مجلة الحكمة - العدد رقم (29) بحث بعنوان:
مع الكلمة القرآنية
للدكتور توفيق أسعد حمارشة، الأستاذ المساعد بكلية أصول الدين بجامعة البلقاء التطبيقية بالأردن - عمان.
وقد تناول فيها المفردة القرآنية بالحديث من جوانب صلة الحروف والألفاظ بالمعاني، ونحو ذلك من المباحث المتعلقة بالمفردة القرآنية. فأحببت الإشارة إلى ذلك للفائدة. وهذا البحث يقع في الصفحات 165 - 234
- للدكتور عامر مهدي العلواني (أبو عاشة) وفقه الله، عناية ظاهرة بالمفردة القرآنية من جوانبها البلاغية، من خلال المشاركات التي تكرم بها في ملتقى أهل التفسير وهي:
- الأسباب الدلالية لاختيار المفردة القرآنية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2351).
- العدول في التعبير القرآني ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2352).
- الأسباب الصوتية لاختيار المفردة القرآنية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2361).
- دراسة اختلاف بنية المفردة القرآنية (1): ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2386).
- اختلاف بنية المفردة القرأنية (2): ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2392).
فيا حبذا لو تكرم الدكتور عامر بإثراء موضوع المفردة القرآنية الذي كتبه الدكتور مساعد الطيار، لتعم الفائدة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[07 Dec 2006, 01:52 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
للدكتور جمال جمَّله الله بما أحب
رسالته الدكتوراه في المفردة القرآنية.
أرجو نزوله و يتكرم بما فيه فائدة في الموضوع.
وليته يسارع في طبع رسالته.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[20 Aug 2010, 05:08 ص]ـ
أرى أن الموضوع شيق وماتع جدا، فحبذا لو يكمل مالم يكمل منه لتعم الفائدة على الجميع.
ـ[محمد أبو زيد]ــــــــ[20 Aug 2010, 07:42 ص]ـ
"ولكن التراب المذكور في القرآن على أ، ه مادة خلق الإنسان يزيد عن ذلك عنصراً إلهياً لا يدخل في اختصاص المعامل والمختبرات، ولولا هذا العنصر الذي يعتبر أساس الإبداع ما تحول التراب إلى مادة حية ... إن للتراب القرآني مدلولاً أوسع من مدولو التراب الأرضي "أ. هـ.
أخي الكريم الدكتور عبد الرحمن الشهري، بارك الله فيك على هذه الإضافة، ويبدو لي بأن المثال الذي سقته عن الدكتور عبد الصبور شاهين لا يستقيم مع أصول التفسير، فمعلوم أن القرآن الكريم نزل على العرب الأول، ويفهم ـ من حيث اللغة ـ بلغتهم وليس بلغة القرون المتطاولة بعدهم، وكلام الدكتور عبد الصبور شاهين سيأخذنا بعيدا، وقد قال العلامة شاه ولي الله دهلوي في كتابه القيم: الفوز الكبير في أصول التفسير بأن القرآن يفهم بلغة العرب الأوَل؛ لأنه عليهم نزل، وقال الطبري بأنه يُفهم بالمشهور منها على وجه التحديد، فقال عند تفسيره لقوله تعالى: (وفار التنور): "وكلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب، إلا أن تقوم حجة على شيء منه بخلاف ذلك فيسلم لها"أ. هـ. ولذلك فسر ابن عباس رضي الله عنه القرآن بالشعر الجاهلي، وأنت أعلم مني بأن سبب جمع الشعر الجاهلي تفسير القرآن الكريم؛ لأنه نزل بلغتهم. وكذلك أنت أعلم مني بأن للسان العرب زمن احتجاج قد انقضى أمده، وليس للسان أحد الآن حجة يفسر بها كلام الله، وهذا لا يعني التحجير كما يرغب أن يفهم البعض، فلغة العرب (الأوَل) قادرة على حمل المعاني التي تليق بكتاب الله وهدايته إلى قيام الساعة.
وفهم الدكتور عبد الصبور ل (التراب) في القرآن الكريم غير صحيح؛ لأنه خارج عن علوم العرب، ولا دليل عليه من قريب أو بعيد، فمن قال أن التراب بنفسه كانت به حياة الإنسان ـ (وهنا لا يقصد عبد الصبور شاهين بالإنسان آدم عليه السلام وإنما يقصد الحيوان الذي سماه هو إنسانا قبل أن يعقل، ومن نسله ولد آدم النبي عليه السلام كما في كتابه: أبي آدم) ـ؟ إذا فما معنى قوله تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)) [الحجر]،؟ أليست النفخة هي سر الحياة؟ أم التراب؟.
وهل السماء في كلام العرب تطلق على كل ما علاك، أم حدد لها العرب نهاية كما يُفهم من كلام الدكتور عبد الصبور شاهين؟
والحقيقة أنني لم أقرأ من الكتاب الذي ذكرته لعبد الصبور شاهين إلا ما نقلته لنا هنا، ولكن يبدو لي بأن المسألة لا يُسلم لها بهذه السهولة وينبغي أن نقف على كل مثال لنتبين المعاني وما جاءت به لغة العرب وما لم تأت به، والدليل فيما جاءت به وغيره للاستئناس لأنه سيكون بلا دليل كما هو يقر بأن لغة العرب لا تعرف هذه المعاني، وكلامه هذا يعد كلاما في أصول التفسير ينبغي أن نتأنى به، ونفكر في عواقبه، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Aug 2010, 11:33 م]ـ
أخي العزيز الدكتور محمود أبو زيد وفقه الله ورعاه: أشكرك على استدراكك وتصويبك، وهو في مكانه تماماً، وأعتذر لغفلتي عن هذه النقطة المهمة جزاك الله خيراً، وغفر الله للأستاذ الدكتور عبدالصبور شاهين وتقبل منه، فله بحوث قيمة وجهود مشكورة، وإن كان في اجتهاده المذكور هنا قد ذهب مذهباً غريباً.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[21 Aug 2010, 01:03 ص]ـ
الطبري "وكلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب، إلا أن تقوم حجة على شيء منه بخلاف ذلك فيسلم لها"
فعلا هذا هو الأساس، وهو الذي يقرره علم اللغة الحديث
بارك الله فيكم دكتور على هذا النقل
وتنكب هذه القاعدة الطبرية العظيمة، هو الذي ورط كثيرا من الفرق المخالفة في إنكار الصفات
كما سيأتي الإشارة إليه
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[21 Aug 2010, 01:06 ص]ـ
بارك الله في الشيخ على هذا البحث الماتع، والشيخ يتميز بالتصنيف العلمي
وليسمح لي بتعليقات يسيرة:
الأصل الاشتقاقي للَّفظة
لاشيء يساعد في ذلك كدراسة اللغات السامية – خاصة اليمنية القديمة – ذلك أنها أقربها إلى العربية: أصواتا، واشتقاقا، ونحوا، ودلالة .. بل إن كثيرا من أصول العربية، إنما نجدها في اليمنية القديمة. وهي إن تكن نقوشها المنشورة – حسب المستشرقين – لا تتعدى الألف الأول قبل الميلاد، فمن المقرر في علم الأنثروبولوجي: أن السلالة اليمنية هي أقدم سلالة بشرية، وأن قوم نوح عليه السلام كانوا من اليمن. وقد وجد في اليمن مومياوات قدر المختصون عمرها بثلاثمئة ألف سنة.
ومهما حاول المحاولون إنكار الأعجمي في القرآن، فلن يستطيعوا تفسير عشرات الألفاظ، وإن أعادوها إلى أصولها فسيجدونها سامية لا عربية. وهاكم مثالا واحدا
أذكر أني - في محاضرة في مرحلة تمهيدي الماجستير في بغداد – كنت أستمع إلى الأستاذ المحاضر يقرأ لنا من بحث مستشرق أن (كِسيبو) عملة عراقية قديمة، ومنها اشتق الفعل (كسابو) بمعنى (حطم – شتت- دمر – فتت) وأنها مادة لا تعرفها العربية، فاستأذنته ثم لفت نظره إلى مثل قوله تعالى {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} الشعراء: 187، وقد ورد في التنزيل في خمسة مواضع. فتناول الأستاذ العالم قلمه وسجلها. ولم أكن بحاجة لأشرح له – لكن لغيره – أن العربية إذن إنما أخذت هذا اللفظ من الأكدية، مع ملاحظة الإبدال الصوتي بين الباء والفاء، ومع ملاحظة أيضا أن الباء تنطق ثقيلة كالحرف الأوربي P.
على أن كثيرا مما يزعم أنه مشتق، إنما هو من خيال اللغويين، ولا يؤيده البحث اللغوي.
وأرجو الدكتور سليمان أن ينظر هنا
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=21528
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=20935
أن تأتي اللفظة على الاستعمال الغالب عند العرب
في مثل هذا الحكم للسياق، وليس للمعنى المعجمي .. وهاكم هذا المثال {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} الفرقان72 فالسياق هنا يقطع بأن المقصود بالزور أعياد الكفار، وليس شهادة الزور. وأن معنى يشهد: يحضر، كما في قوله تعالى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} النور2.
وإغفال هذه المسألة هو الذي ورط الفرق المخالفة للسلف في إنكار الصفات، فافترضوا أن النص الشرعي - إذ يذكر اليد والوجه – ينبغي أن يكون على المجاز لا الحقيقة. وتورط بشكل خاص الأشاعرة في إنكار صفة العلو، لما جاؤوا بتفسير شاذ لقوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5، وهو استولى لما لم يعجبهم استعلى، ففروا من الرمضاء إلى النار؛ فلا يفهم العرب من الاستيلاء إلا المنافسة، والمغالبة.
وإذا كانت الثياب واضحة المعنى في سورة المدثر، وصرفها عن أن تكون الملابس غير لازم، فماذا نقول عن معلقة امرئ القيس، التي فيها:
وإن تك قد ساءتك مني خليقة ** فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِِ
الاستعمال السياقي
وفي مثل هذا يتضح خطأ تفسير من فسر لهو الحديث أوالسمود بأنه الغناء، لأنه خارج السياق.
على أن تردد القدامى في تفسير اللفظ بين أكثر من وجهين، يفتح الباب على مصراعيه للاجتهاد، ولا يقال في مثل هذا نلتزم بتفسير السلف.
المصطلح الشرعي
ولهذا أنكر كفار قريش التوحيد؛ لأنهم يفهمون معنى الصمد، فهي في اللغة تعني التوجه بالوجه إلى الشيء، لا تحيد عنه يمنيا ولا يسارا. ففهموا أنه لا يجوز التوجه لغير وجه الله، فأنكروا، وقالوا {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ص5
أما احتمال التعارض في مثل {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} التوبة84، فغير وارد؛ لأنه إذا لم يجز له الدعاء، فلأن يمنعه من الصلاة أولى وأولى. فلا اعتبار للخلاف هنا، وإذا أردنا تشديد العقوبة، وتغليظها، فليس ثم إلا وجه واحد، وهو الدعاء. يدل عليه أنه تعالى لم يأذن لرسوله أن يستغفر لأمه، وإن كان أذن له في زيارة قبرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد أبو زيد]ــــــــ[21 Aug 2010, 02:47 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري على تواضعك والتزامك جانب الحق، وإنما يتواضع الكبار
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[21 Sep 2010, 08:48 م]ـ
، وسيتبعه إن شاء الله حديث آخر عن علاقة اللفظ بالمعنى المفسِّر لها عند المفسرين، أسأل الله أن يبارك في الوقت والعلم، حتى يخرج هذا البحث، والله الموفق.
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل، ونسأل الله أن يزيدكم علماً وفهماً وفقهاً، وبانتظار ماوعدتم بإكماله سددكم الله.(/)
سؤال عن الأوزان الصرفية لألفاظ القرآن
ـ[محب]ــــــــ[02 Oct 2003, 06:15 ص]ـ
هل هناك معجم لـ " أوزان " القرآن الكريم؟
هناك المعجم المفهرس لـ " ألفاظ " القرآن .. فهل هناك معجم للأوزان الصرفية الواردة فى القرآن الكريم؟
أفيدونا أثابكم الله!
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Oct 2003, 09:50 ص]ـ
الأخ الفاضل محب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فلعله يفيدك في ما تطلبه بعض الكتب، ومنها:
1 ـ معجم مفردات الإبدال والإعلال في القرآن الكريم، للدكتور أحمد محمد الخراط.
2 ـ البيان والتعريف بما في القرآن من أحكام التصريف، للدكتور محمد بن سيدي بن الحبيب الأمين الشنقيطي.
3 ـ المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن الكريم وقراءاته، للدكتور أحمد مختار عمر.
وهو في الحقيقة عمل لجنة مع الدكتور أحمد مختار عمر، وهو مشروع ضخم، وأنصح به لطلاب علم التفسير، لكنه لا يخلو من ملاحظات يسيره، لا تفسد هذا العمل، ولعله يتيسر لي التعريف به استقلالاً في وقت لاحق.
والسلام.(/)
منتدى السقيفة يدعوكم لهذا الحوار حول كتاب (المثاني)
ـ[منتدى السقيفة]ــــــــ[02 Oct 2003, 02:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام في ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرنا دعوتكم لمتابعة هذا الحوار مع الدكتور / راتب السمان، صاحب بحث وكتاب (المثاني) تصنيف آيات القرآن الكريم بحسب وحدة الموضوع
ويسرنا حضوركم ومتابعتكم ومشاركتكم كون الحوار يتعلق في أمور التفسير والقرآن الكريم.
رابط الموضوع:
http://www.alsakifah.org/vb/showthread.php?threadid=35417
وجزاكم الله كل خير
منتدى السقيفة
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[02 Oct 2003, 05:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فشكراً لكم على حضوركم في هذا الملتقى الرائع، و شكراً لكم على هذه الدعوة اللطيفة ثم إنني آمل منكم التكرم بقبول النظر في اقتراحاتي وهي:
1 - تخصيص فقرة لأسئلة ملتقى أهل التفسير و أعضائه، بحيث لا يحتاجون إلى تكرار تسجيلهم مرةً أخرى.
2 - أو أن تدرج الأسئلة و الاستفسارات ضمن هذا الرابط ومن ثم ينقلها الإخوة في منتدى السقيفة إلى منتداهم.
3 - التعريف بالكتاب و مؤلفه في هذا الملتقى، و نشر ما يكون في لقائكم في ملتقى أهل التفسير لتخصصهم الدقيق
و لكم فائق التحية.
************************************************** *
و سؤالي عن مدى التعامل مع المفردة القرآنية ضمن إطارها في التفسير الموضوعي من خلال الكتاب؟
و الله يحفظكم و يرعاكم
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[02 Oct 2003, 09:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فشكراً لكم على حضوركم في هذا الملتقى الرائع، و شكراً لكم على هذه الدعوة اللطيفة ثم إنني آمل منكم التكرم بقبول النظر في اقتراحاتي وهي:
1 - تخصيص فقرة لأسئلة ملتقى أهل التفسير و أعضائه، بحيث لا يحتاجون إلى تكرار تسجيلهم مرةً أخرى.
2 - أو أن تدرج الأسئلة و الاستفسارات ضمن هذا الرابط ومن ثم ينقلها الإخوة في منتدى السقيفة إلى منتداهم.
3 - التعريف بالكتاب و مؤلفه في هذا الملتقى، و نشر ما يكون في لقائكم في ملتقى أهل التفسير لتخصصهم الدقيق
و لكم فائق التحية.
************************************************** *(/)
أريد كتاب المقدمات الأساسية في علوم القرآن للشيخ: عبدالله بن يوسف الجديع
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[03 Oct 2003, 01:03 ص]ـ
الإخوة في ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أريد لو تكرمتم فضلا لاأمرا المكتبة التي لديها كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن للشيخ: عبدالله بن يوسف الجديع.
حيث أنني بحثت عنه جاهدا في المكتبات - في الرياض - المشهورة فلم أجده فأرجو ممن يعلم مكان بيعه أن يكتب لي اسم المكتبة ورقم هاتفها، أو أو يرسل الرابط إن هناك الكتاب موجودا على الأنترنت
وجزاكم الله كل خير وجعلنا وإياكم مباركين أينما كنا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Oct 2003, 05:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكتاب - أخي الكريم - متوفر إن شاء الله في المكتبة التدمرية ورقم هاتفها هو 4924706
وتجده إن شاء الله في مكتبة أطلس كذلك في شارع السويدي العام ورقم الهاتف هو 4266104
وأظنه متوفر في غيرها إن شاء الله.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[03 Oct 2003, 02:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حياك الله أخي الكريم / محب أهل القرآن
و إليك هذا الرابط فيما كتبه الشيخ عبد الرحمن الشهري في عرضٍ له عن هذا الكتاب
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=131&highlight=%C7%E1%E3%DE%CF%E3%C7%CA+%C7%E1%C3%D3%C7 %D3%ED%C9+%C7%E1%CC%CF%ED%DA
و بإمكانك مراسلة الشيخ خاصة عما كتب
و لك تحياتي
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[04 Oct 2003, 05:11 م]ـ
فضيلة الشيخ الفاضل: عبدالرحمن الشهري سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
بحثت عنه في التدمرية و االأطلس و الرشد و العبيكان وجرير ودار العاصمة وغيرها من المكتبات في الرياض فلم أجده الجميع يقول: نفد من عندنا.
فأرجو ممن يجده التكرم بإفادتي عن هذا الكتاب سواء في الرياض أو أي منطقة من مناطق المملكة
وشكر الله للجميع حسن تعاونهم وطيب تواصلهم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Dec 2003, 11:37 ص]ـ
أخي الكريم محب أهل القرآن وفقه الله
منذ رأيت سؤالك هذا وأنا أسأل أصدقائي من أصحاب المكتبات هنا وهناك عن هذا الكتاب، وآخرها سألت الناشر وهو دار الريان عنه في المعرض الأخير للكتاب في جدة في رمضان الفائت وأخبرني بأنه قد نفد من عنده وأنه بصدد التفكير في إعادة طبعه مرة أخرى.
ولكنني اليوم وجدت نسخة منه في إحدى مكتبات الرياض، فإن لم تكن قد وجدته فأخبرني أدلك عليه إن شاء الله، ولا تخف فقد خبأته لك في مكان آمن إن شاء الله.
وتقبل تحياتي، وزادك الله حرصاً على العلم.
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[11 Dec 2003, 01:14 ص]ـ
الإخوة الأفاضل سلمهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
شكر الله لكم اهتمامكم وحسن تعاملكم ولقد يسر الله لي أخ فاضل كان في مصر وأحضره من هناك
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Dec 2003, 06:35 ص]ـ
الحمد لله. وأسأل الله لك التوفيق.
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[12 Dec 2003, 02:01 ص]ـ
اخي العزيز عبد الرحمن هل من الممكن ان تدلني على مكان هذه المكتبة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Dec 2003, 08:03 ص]ـ
أخي أبا محمد وفقه الله
قد فعلتُ، ويمكنك مراجعة رسائلك الخاصة.(/)
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) فكيف نهتدي به؟
ـ[الباحث7]ــــــــ[03 Oct 2003, 07:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أستمتع كثيراً وأنا أتصفح هذا الموقع الحافل الماتع، وأجد فيه من الدرر والنفائس ما جعلني أجعله الموقع الافتراضي الذي أبدأ به تصفحي لما في هذه الشبكة من المواقع.
وقد لاحظت أن النسبة الكبيرة من موضوعات هذا الملتقى موضوعات علمية بحته، والمواضيع التربوية قليلة - وإن كانت موجودة -.
ولا يخفى على الجميع أن أهم أهداف هذا الكتاب العظيم - القرآن الكريم - هداية الناس وإصلاحهم حتى يسعدوا في دنياهم وأخراهم، ولذلك كان من المهم أن نخرج هدايات القرآن للناس، وأن نتدبر آياته لننتفع بها في حياتنا، ونزكي بها أرواحنا.
ومن هنا رأيت أن أجمع في هذا الموضوع متفرقات نافعة تتعلق بما في القرآن من الموضوعات التربوية والإيمانية التي نحتاجها أكثر من حاجتنا إلى الطعام والشراب.
وغالب هذه الموضوعات منتقاة مختارة من هنا وهناك جمعتها لكم لأني قد تخصصت في هذا المجال، وصار اسمي الذي تشاهدونه مع موضوعاتي: الباحث.
فاقبلوا هديتي، وادعوا لي بالسداد والتوفيق.
وأول هذه الموضوعات التي انتقيتها لكم في هذا المجال موضوع بعنوان:الملامح التربوية في مواعظ لقمان
وإليكم نص هذا الموضوع:
بسم الله الرحمن الرحيم
الملامح التربوية في مواعظ لقمان
الحمد لله وصلى الله على نبيه ومصطفاه وبعد:
لقمان من الشخصيات القرآنية التي سكت القرآن عن بيان نسبه، وزمنه، وتوصيف معالم شخصيته، كما أغفل القرآن أيضاً ذكر اسم ابنه الذي وعظه.
والذي ذكره المفسرون ـ في أرجح الأقوال ـ أن لقمان كان عبداً صالحاً ولم يكن نبياً، ولكن الله آتاه الحكمة، فقال تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد} 12 / لقمان.
والحكمة التي آتاها الله لقمان هي: الإصابة في القول، والسداد في الرأي، والنطق بما يوافق الحق .. وليس المقصود بها النبوة.
وقد أشاد الله في كتابه الكريم بفضل من يؤتى الحكمة فقال الله تعالى:
{يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب} آية 269 / البقرة.
وقد أشاد الله في كتابه الكريم بفضل من يؤتى الحكمة فقال الله تعالى:
{يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب} آية 269 / البقرة.
وقد ذكر الله تعالى على لسان لقمان من حكمه وصاياه لابنه، وهي:
وصايا ومواعظ جامعة تفيض بالحكمة، تتعلق بالعقيدة والعبادة والسلوك والأخلاق والذي يعنينا من تلك الوصايا ـ بعد دراستها ـ هو تبصر ملامح التربية الإيمانية والسلوكية فيها، لأنه الغرض من سياق القصة القرآنية عموماً، وهو الوقوف على مواطن العبرة والعظة فيها لتكون هداية للناس ومنهاجاً يحذوه الآباء والمربون في تربية أبنائهم. قال الله تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} 111 / يوسف.
مقدمات بين يدي المواعظ:
أولاً: هذه الوصايا هي في واقع الأمر [مواعظ] كما جاء التعبير القرآني عنها قال الله تعالى: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه} 13 / لقمان.
والوعظ هو: (الزجر المقترن بالتخويف).
والتخويف والترهيب يعتبران من مقومات التربية السليمة للأبناء، إذ التربية تقوم على أصلين هما: [الترغيب، والترهيب].
فتخويف الأبناء ـ وعظاً ـ من عواقب الأمور ونتائج الأعمال السيئة يعتبر تربية سليمة. فقد خوف الله عباده من عقابه وسوء أعمالهم ليحملهم على الإيمان والعمل الصالح. والآيات التي تشير إلى هذا كثيرة في القرآن الكريم.
وخوف الأبناء من العواقب والمصائر يعد ظاهرة صحية ودلالة وعي عندهم تحفز دافعيتهم، وتسدد أعمالهم وتقوم اعوجاج شخصياتهم، وترفع من مستوى أدائهم وانضباطهم، والذي يجب أن يحذر منه إنما هو الخوف السلبي عند الأبناء كخوفهم من ظلام الليل وبعض الهوام والأصوات ونحوها، لما يتركه من أثر نفسي في الشخصية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: وفي هذه المواعظ نرى لقمان الأب يقوم بواجب التربية نحو ابنه ويضطلع بمسؤوليته نحوه ـ شفقة ورحمة به ـ لتنشئته على الخير والصلاح، ويضع أمام الآباء نموذجاً صالحاً لما يجب أن تكون عليه علاقة الأب بابنه.
وهو الواجب الذي أغفله بل أسقطه كثير من الآباء من حساباتهم اليوم تجاه أولادهم يقول الحق سبحانه وتعالى مؤكداً هذا الواجب: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة …} 6 / التحريم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه
ولا يخفى على ذي لب أن منشأ البر هو قيام هذه الرابطة بين الآباء والأبناء والتي لحمتها حرص الآباء على رعاية أبنائهم وتوجيههم ونصحهم.
وكذلك نجد لقمان ـ من خلال مواعظه ـ يضع ابنه أمام واجباته، ومسؤولياته، ويعرفه بها، ويحفزه ـ وعظاً ـ على الاهتمام بها، والقيام بشأنها وذلك لينمي فيه حس المسؤولية والاضطلاع بها.
وغير خافٍ على الآباء أهمية تربية حس المسؤولية لدى الأبناء، إذا أردنا لهم تسجيل نجاحات في حياتهم.
ثالثاً: وإذا كان الله وهب لقمان الحكمة وهي: (الإصابة في الأمور) فإن مجموع المواعظ التي اختارها لقمان في وعظ ابنه هي من فيض الحكمة لأنها قول الحكيم وأثر حكمته. وإذا كانت من الحكمة فيجب الأخذ بها وتنشئة الأبناء عليها.
ومن جانب آخر يجب على الداعية والمربي سلوك مسالك الحكمة في دعوته وتوجيهه ونصحه وإرشاده باختيار الموعظة المناسبة في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب ليحمل المتلقي على الاستجابة.
قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} 125 / النحل.
دلالات المواعظ:
1 ـ كان أول جانب ركز عليه لقمان في وصيته لابنه هو (قضية التوحيد) حفاظاً على فطرته الإيمانية التي فطره الله عليها {فطرة الله التي فطر الناس عليها} 3 / الروم.
فحذره أن يلوث هذه الفطرة النقية بالشرك مع الله فقال له: {يا بني لا تشرك بالله}
وبين له خطورة الشرك وعاقبته {إن الشرك لظلم عظيم} لما فيه من التعدي ومجانبة الحق. وهكذا نجد لقمان بحكمته قرن النهي بعلته وحكمته ليكون أدعى إلى الاستجابة في نفس ابنه فيبتعد عن الشرك وعمله لما يدرك خطورته وعواقبه.
كما أن أسلوب التحذير من الفعل قبل الوقوع هو من أرقى الأساليب التربوية إذ التربية ربط وتحذير والتحذير من الشيء قبل الوقوع فيه والابتعاد عنه أسهل من قلعه وإزالته بعد الوقوع فيه.
كما أن الحفاظ على طهرة النفس ونقاء الفطرة وصفاء العقيدة عامل قوي في تشكل الشخصية تشكلاً سوياً بعيدة عن المؤثرات والرواسب السابقة، إذ لايخفى عليك ما تتركه الانطباعات السابقة من آثار نفسيةٍ في الشخصية يصعب محوها وإزالتها.
ولعله لم يفتك التنبه إلى أسلوب التلطف والتودد من لقمان لابنه وهو يخاطبه [يا بني] شفقة به ومحبة له وهو ما يحفز الابن على الاستجابة.
كما في هذا الأسلوب من الخطاب استمالة للابن لاستماع ما يلقى إليه على أنه يخصه ويعينه وفيه إشعار الابن بالاهتمام به.
وكذلك فإن النصيحة حيث جاءت من الأب لابنه فهي نصيحة غير متهمة مبرأة من كل شائبة لا يقصد بها إلا الخير ومصلحة الابن وهذا مؤثر نفسي كبير يحمل الابن على قبول النصيحة والعناية بها.
2 ـ ثم جاء الأسلوب القرآني بعد ذلك ليوجه الاهتمام نحو أمر عظيم وهو من أوجب الواجبات علينا بعد توحيد الله تعالى وطاعته وهو شكر الوالدين والإحسان إليهما قال الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}.
ولفت الأسلوب القرآني نظر الأبناء إلى ما تعانيه وتقاسيه الأم أثناء الحمل والولادة {حملته أمه وهناً على وهن} أي ضعفاً على ضعف إذ الأم تبقى متعبة ضعيفة طيلة مدة الحمل إلى الولادة.
وقد لفت الأسلوب القرآني نظر الأبناء إلى ما تقاسيه الأم أثناء الحمل ليستدر عطفهم نحو أمهاتهم.
ولا يخفى ما في هذا الأسلوب من إيجابية في إثارة العاطفة وتوجيه السلوك وما أروع الأسلوب القرآني بعد هذا وهو يعلمنا قيمة أخلاقية راقية وهي:
الشكر على النعمة والوفاء بالجميل قال الله تعالى موجهاً {أن اشكر لي ولوالديك} فأوجب علينا شكر الله على نعمه وشكر الوالدين على الرعاية والتربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم بين الله لنا بعد ذلك منزلة الوالدين ووجوب الإحسان إليهما ـ وإن كانا كافرين جزاء وفاقاً لأيام الرعاية في الطفولة ـ بشرط عدم الاستجابة إلى مطالبهما وإن أجهدا نفسيهما ليحملا الابن على الإشراك بالله تعالى، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق على أن طاعة الوالدين تأتي بعد تحقيق طاعة الله تعالى.
لكن عدم الاستجابة لمطلبهما لا يلزم عنه ترك صحبتهما بالمعروف بالبر والإحسان والصلة ويصور الله لنا هذا الخط الفارق بين الحالتين في قوله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبها في الدنيا معروفاً}.
وفي هذا الأسلوب تقرير لمبدأ الطاعة بالمعروف لا لمطلق الطاعة العمياء، وفيه تعليم للأبناء الموازنة بين الأمور وترجيح المصلحة العليا منها.
3 ـ ثم وجه الأسلوب القرآني نظرنا بعد ذلك إلى التزام الصحبة الطيبة واتباع سبيل المؤمنين الذين رجعوا إلى الله تعالى بالتوبة والعمل الصالح قال الله تعالى: {واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} ولا يخفى أثر الصحبة الطيبة في شخصية الأبناء إذ الطبع يسرق من الطبع، والمرء على دين خليله، يقلد تصرفاته، ويسلك مسالكه.
وفي الأمر باتباع سبيل المؤمنين نهي وتحذير عن تقليد الكافرين والفاسقين وسلوك طريقتهم إذ هناك فرق بين الاتباع والتقليد، فالاتباع يكون على بصيرة ونور بدليل أن الله بصر المتبع سبيل الاتباع فقال الله تعالى: {واتبع سبيل من أناب إلي}.
أما التقليد فغالباً ما يكون أعمى على غير هدى وتبصر. والتقليد الأعمى لآبائية أو قومية أو جماعة .. هو من أخطر الإصابات العقلية التي تصيب الشخصية وتعطل آلية التفكير فيها، وهو ما يجب الانتباه إليه وتحذير الأبناء منه.
هذا وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه التوجيهات من قوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه إلى قوله تعالى بما كنتم تعملون} هي ليست من وصية لقمان وإنما هي من الله تعالى أحكم الحاكمين جاءت لمناسبة لعلها لتكمل الصورة أمام الآباء في تربية أبنائهم.
4 ـ رأى لقمان أن السبيل الأوحد ليحافظ ابنه على تلك المواعظ ويعمل بها هو أن يغرس في نفسه مراقبة الله تعالى لتبقى هذه الرقابة الحية في ذاته حارساً لإيمانه ورقيباً على أعماله، توقظه عند الغفلة، وتحميه من الزلة.
ولكن كيف ربى لقمان في ابنه هذا الوازع الديني؟ لنستمع إلى لقمان وهو يعظ ابنه {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير}.
ومن خلال هذا التمثيل الرائع وجه لقمان ابنه إلى أن الله مطلع عليك يراك ويعلم كل أحوالك وما يجرى منك من صغيرة أو كبيرة لا تخفى عليه خافية في السموات والأرض، فالله يعلم حبة الخردل الصغيرة ـ وهي من أصغر الحبوب ـ سواء كانت مخبوءة داخل صخرة أو في أيِّ موضع من السموات والأرض يعلم الله مكانها ويقدر على الإتيان بها.
وعن طريق هذا التمثيل البلاغي من خلال هذه الصورة المادية المحسوسة التي صورها الأب لابنه استطاع لقمان أن يغرس في ابنه الشعور برقابة الله تعالى ويربي في نفسه وازعاً قوياً يبقى الرقيب الدائم والواعظ المصاحب في ذاته.
فما أروع هذا الأسلوب التعليمي التربوي ـ في مخاطبة الوجدان ـ حيث استطاع لقمان الحكيم غرس المعاني عن طريق عرض المادي المحسوس، لينمي عند ابنه حسَّ الرقابة الذاتية.
5 ـ وإدراكاً من لقمان لأهمية الصلاة ومكانتها فقد وجه ابنه بتلطف إلى أداء الصلاة والمحافظة عليها فقال له: [يا بني أقم الصلاة] فالصلاة هي الرابطة بين العبد وربه يستمد منها قوة الإيمان ويتزود بها من التقوى والعمل الصالح.
وهذا من لقمان انتقال بابنه من أسلوب التحذير إلى أسلوب الربط .. وفي ربط الأبناء بأداء الصلاة مع الحضور والخشوع فيها إشباع لحظ الروح من الخواء الروحي الذي أصاب الجيل اليوم.
6 ـ ثم أمر لقمان ابنه أن يقوم بواجب النصح والدعوة إلى الله تعالى نحو أبناء مجتمعه عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ حصن الدين وسياجه ـ فقال له: [وأمر بالمعروف وانه عن المنكر] والغرض تعريف ابنه ببعض واجباته الدينية تجاه مجتمعه ليبني عنده الاتجاه الإيجابي ويعلمه تحمل المسؤولية والقيام بشأنها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالمجتمع الإسلامي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ولا يخفى ما في هذا التوجيه من تربية لحس المسؤولية عند ابنه تجاه الجماعة التي ينتمي إليها وبناء روح المشاركة الإيجابية مع الجماعة.
هذا وقد جاء طلب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منه لابنه متوسطاً بين الصلاة والصبر، لأن الصلاة هي الباعث المحرض للمؤمن على القيام بواجب النصح للغير أما الصبر فهو لازم للاستمرار والثبات على هذا الواجب.
ولا شك أن من يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلحقه مضرة توجب عليه توطين نفسه على الصبر وتحمل الأذى ليضمن استمرارية الثبات على الحق والدوام عليه. ومن هنا جاءت وصية لقمان لابنه [واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور] بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تربية للإرادة على ضبط النفس والانفعال وتحمل أذى الغير.
ولا تخفى الجوانب التربوية في توجيه الأبناء نحو الصبر إذ الصبر من لزوميات الحياة يستمد منه المسلم قوته ومقومات ثباته ليستمر في تحقيق أهدافه ويصمد مع مبادئه.
كما في الوصية بالصبر حث على التعامل مع المواقف والأحداث والمصائب بإيجابية وقوة إرادة.
فلنحرص على تربية أولادنا على الصبر وضبط النفس والتعامل مع المواقف بإيجابية إذا أردنا لهم تحقيق أهدافهم إذ الهيجان والانفعال يحرق الأهداف ويخرج الشخصية عن اتزانها وصوابها.
هذا ولما كانت الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على المصائب، تكاليف شاقة لايقدر عليها إلا أصحاب العزائم، والإرادة القوية، جاء ختم هذه الوصايا بأنها: (من عزم الأمور) أي من الأمور الواجبة التي لارخصة للمسلم في تركها، ويجب بذل الجهد، ومجاهدة النفس، وتحمل المشاق للقيام بشأنها.
7 ـ ثم حذر لقمان ابنه من خصلة مذمومة عند الله والناس فقال وهو
يعظه: [ولا تصعر خدك للناس] أي لا تمل وجهك وتعرض عن الناس تكبراً، [ولا تمش في الأرض مرحاً] أي خيلاء إعجاباً بنفسك [إن الله لا يحب كل مختال فخور] متكبر متعاظم.
والنهي عن الشيء أمر بضده فحيث نهى لقمان ابنه عن التكبر فقد أراد بذلك أن يغرس في نفس ابنه قيمة أخلاقية ممدوحة وهي: [خلق التواضع].
وليس بخاف على أحد رذيلة التكبر وفضيلة التواضع عند الله والناس، فإن أول سقوط وإصابة للنفس كانت بسبب التكبر والاستعلاء من الشيطان الرجيم حيث أمره الله تعالى بالسجود لآدم تكريماً فأبى تكبراً وقال غروراً [أنا خير منه] 12/الأعراف فطرد من رحمة الله.
وبذلك كان التكبر أكبر ذنب يقترفه الإنسان ويحجبه عن دخول الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر] رواه مسلم.
وإنما جاء التأكيد من لقمان لابنه على ذم التكبر والتحذير منه دون غيره لما يجره بعده من الشرور والآثام إذ هو أصل كل شر ورذيلة.
8 ـ ثم لفت لقمان بعد ذلك نظر ابنه إلى أمور سلوكية تتعلق باتزان الشخصية وكمالها وهي: (أدبه في السير والحديث).
فوجهه إلى التوسط في مشيته والاعتدال في سيره بين الإسراع والبطء فقال له: [واقصد في مشيك] إذ الإسراع في السير يذهب بهاء الإنسان، والبطء يشعر بالضعف، كما في الوصية إشارة مؤكدة لما سبق من نبذ التكبر والتحلي بالتواضع أي لا تمشِ مشية المتكبر كما قال الله تعالى {ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً {} كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً} 38 / الإسراء. ثم وجه لقمان ابنه إلى أدب الحديث والخطاب فقال له واعظاً [واغضض من صوتك] أي اخفض منه أثناء الحديث والخطاب فلا ترفعه عالياً فإنه لا يجمل بالعاقل، لأن من رفع صوته عالياً شابه الحمار في صوته المنكر [إن أنكر الأصوات لصوت الحمير]. وفي غض الصوت أدب راق، وثقة بالنفس، وامتلاك لناصية الكلمة، واطمئنان من الغير إلى صدق حديثه واعتدال مزاجه.
هذا ولا يخفى ما لهاتين الموعظتين من أثر تربوي في بناء الشخصية المتزنة. فيحسن بالأبناء التحلي بهما والاهتمام بشأنهما، وعلى الآباء ملاحظتهما في شخصية أبنائهم.
الأبعاد التربوية في مواعظ لقمان لابنه:
نلمح من مواعظ لقمان لابنه عدة أبعاد تربوية نجملها بالتالي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ استخدامه أسلوب الوعظ القائم على التحذير وتخويف عواقب الأمور مما يثير دافعية الابن نحو ترك المنهي وفعل المأمور.
2 ـ استخدامه أسلوب التودد والتحبب في توجيه المواعظ لابنه حيث ابتدأ خطابه له بقوله: [يا بني]، لاستمالته وإشعاره بالاهتمام به، والشفقة عليه.
3 ـ التنويع في المواعظ بما يقيم الشخصية السوية المتكاملة من كل جانب، فلا تفريط بجانب على حساب جانب آخر.
4 ـ استخدامه أسلوب [التحذير والربط] فقد حذره من الشرك والتكبر وربطه بالصلاة والصحبة الطيبة.
5 ـ استخدامه أسلوب التعليل وبيان الحكمة للأوامر والنواهي ليكون أدعى للاستجابة عند ابنه وشحذاً للتفكير المنطقي عنده.
6 ـ إثارة الجانب العاطفي ومخاطبة الوجدان ليحمله على تقدير أمه والإحسان إليها حيث ذكره الأسلوب القرآني بما تقاسيه الأم طيلة مدة الحمل إلى الولادة.
7 ـ الاهتمام بتربية الوازع الديني ـ الشعور برقابة الله تعالى ـ ليبقى رقيباً على أعماله ويقوم اعوجاجها وهو ما ينمي عند الأبناء حسَّ الرقابة الذاتية ومحاسبة النفس.
8 ـ تقريب المعاني عن طريق التمثيل بالمحسوس وذلك من خلال الصورة المحسوسة التي عرضها لقمان لابنه والتي تدل على سعة علم الله وقدرته بغرض حمل ابنه على مراقبة الله تعالى.
9 ـ تربية الإرادة وتوطين النفس على تحمل المكاره حيث أوصاه [بالصبر].
10 ـ غرس القيم الأخلاقية النبيلة في شخصية ابنه كالشكر على النعمة والإحسان واحترام الوالدين وبرهما، والتحلي بالتواضع.
11 ـ تكوين اتجاهات إيجابية عند ابنه من خلال دعوته للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجاه أبناء مجتمعه.
12ـ تنمية حس المسؤولية، والشعور بالواجب لدى ابنه، وذلك من خلال تعريفه بواجباته ومسؤولياته الدينية والاجتماعية.
13ـ الاهتمام بالجوانب السلوكية حيث أرشده إلى آداب تتعلق باتزان الشخصية
[كأدب السير والحديث].
14ـ تعليم الأبناء الموازنة بين الأمور وتقديم المصلحة الراجحة منها وذلك من خلال الموازنة بين الاستجابة لطاعة الوالدين في المعصية أوالاستجابة لطاعة الله تعالى.
تلك هي بعض الأبعاد التربوية التي مرت معنا في ثنايا الكلام والتي وفقنا الله تعالى للوقوف عليها من خلال مواعظ لقمان لابنه.
نسأل الله أن يوفقنا والقارئ الكريم للاستفادة منها والأخذ بها في تنشئة أجيالنا والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين.
أتى هذا المقال من الكلم الطيب
http://www.islamword.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.islamword.com/modules.php?name=News&file=article&sid=124
ـ[الباحث7]ــــــــ[05 Oct 2003, 08:53 ص]ـ
حقاً: ما مقاصد القرآن وأهدافه؟
وماذا يريد منا؟
إن قراءة سريعة لآيات القرآن لا يمكن أن نفهم بها أهدافه. وإن قراءة عجولة لبينات الكتاب لا يمكن أن ندرك بها مقاصده.
قليلون أولئك الذين يقرؤون القرآن ويعون آياته، ويفهمون بصائره، ويدركون مقاصده .. وكثيرون أولئك الذين يمرون على بيناته مروراً خاطفاً دون أن يفهموا أهدافه أو يستوعبوا ما يريده منهم، وإذا فهموا لا يأخذون ذلك مأخذ الجد، كأنّ الأمر على غيرهم كتب، وعلى سواهم وجب، ومن دونهم طلب!
حقاً: ما مقاصد القرآن وأهدافه؟ وماذا يريد منا؟.
إن قراءة طيارة سريعة لآيات القرآن لا يمكن أن تفهم بها أهدافه. وإن قراءة عجولة لبينات الكتاب لا يمكن أن ندرك بها مقاصده.
وإن قراءة ساهية لسور الذكر الحكيم لا يمكن أن نتنور ونتبصر بها، أو نستوعب معاني الآيات المقصودة وحقائق البينات المنشودة.
أهداف القرآن الأساسية أربعة:
أولاً: القرآن يريد منا معرفة الخالق، ومن ثم عبادته.
ثانياً: القرآن يريد منا أن نزكي أنفسنا ونطهرها.
ثالثاً: القرآن يريد منا أن نترك الجرائم والخطيئات فردية كانت أو اجتماعية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية القرآن يريد منا أن نعمل الصالحات، ونفعل الخيرات ونرحم بعضنا البعض، ونبني المجتمع بناء صالحاً طيباً.
رابعاً: القرآن يدعونا لنشر الخير والصلاح،ودعوة الناس إليه، ورد من وقف في وجهه حتى يعم هذا الخير جميع الأرض، ويحصل التمكين لأهله.
هذه هي المقاصد الكبرى التي هي بحاجة إلى استيعاب ووعي وإدراك.
(يُتْبَعُ)
(/)
المقصد الأول في القرآن الكريم هو أن الكتاب المجيد يريد منا معرفة الرب العظيم، وهذه المعرفة أساس كل خير وصلاح، وإذا عرف الإنسان ربه أطاع أوامره ورسله وأوليائه.
كم في القرآن من آيات تتحدث عن الطبيعة، بما فيها من إنسان وحيوان وجبال وأرض وسماء وأنهار وبحار؟ إنها آيات كثيرة جمة، وكلها تهدينا إلى ربنا وتعرّفنا بعظمة خالقها وخالقنا.
اقرأ آيات الطبيعة، وانظر كيف يذكرنا الله بذاته لنعرفها حق المعرفة.
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) ... وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) ... تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)} (سورة: الفرقان).
ما عليك أيها المؤمن إلا أن تقرأ آيات الطبيعة المفصلة في كتاب ربك، وتنظر إليها ماثلة أمامك في الحياة، ومن ثم تلاحظ عظمة الله .. وها هنا تكمن المعرفة بالله التي تدفع إلى تحقيق أهداف القرآن.
وحتى تستقر بذرة المعرفة في قلوبنا وتنبت بسلام وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ينبغي أن نطهر ساحة قلوبنا ونزكي أرواحنا وننظفها من أدران الحياة وأوساخ الدنيا. وهذا هو المقصد الآخر الهام للقرآن، فهو يريد أن تكون قلوبنا زكيه نظيفة طاهرة لا وسخة تحتوي وتنطوي على النية الخبيثة.
ولا وسيلة نزكي بها نفوسنا أفضل من القرآن.
وإذا زكى القلب وطهر، ونمت فيه شجرة الفهم والمعرفة، يكون صاحب هذا القلب رشيداً في حياته، فينتهي عن المحرمات المحظورة، ويأتي بالأعمال الطيبة والأفعال الجميلة .. وهذا مقصد آخر من مقاصد القرآن، فلا تكفي المعرفة والعلم وزكاة القلب، بل لا بد وأن يكون ذلك مشفوعاً بالعمل الطيب ومتبوعاً بالفعل الحسن.
وإن الإنسان إذا كان عارفاً نقي القلب، فهو ليس بحاجة إلى أن يدعى للعمل الطيب، لأنه وبشكل طبيعي سيصدر منه كل ما هو طيب وحسن وجميل.
ونتساءل: كيف تحقق هذه المقاصد والأهداف على الصعيدين الشخصي والاجتماعي؟
هنالك طريقان لابد من سلوكهما لنتقرب من القرآن، ونتمكن من تحقيق أهدافه في أنفسنا ومجتمعنا.
الأول .. القرآن نفسه طريق سريع يوصلنا إلى أهداف القرآن، ولذا ينبغي أن تطرق آياته النافدة وبيناته المؤثرة أسماعنا وأسماع جميع أفراد المجتمع.
في كل بيت ومنزل ينبغي أن تسمع العوائل آيات القرآن، الكبار منهم والصغار، وحتى الوليد الرضيع في مهده، وفي المدارس، وفي الأسواق والمحال التجارية، وفي السيارات ووسائل النقل، وفي كل مكان، بدل أن يسمع الناس الغناء والموسيقى واللغو الذي يزيدهم غفلة وبعداً وفساداً.
وإن مجرد سماع آيات القرآن له نفع جميل الناس، لأنه كلام الخالق إلى خلقه ذوي الفطرة الطبية والوجدان والضمير.
إن الرحمة هي نصيب المجتمع الذي يصغي إلى آيات الرحمن، يقول تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران: 204) , فلا ترى في مثل هذا المجتمع انتشار الجريمة والفساد والضلال والظلم الذي يسبب الشقاء والعذاب والتعاسة.
ولكن .. حتى تنتج التلاوة القرآنية ثمارها الجميلة ينبغي أن تراعى معها أربعة أمور:
الأول: التلاوة المرتلة، فهذه هي التي تنفذ إلى أعماق القلب وتؤثر في السلوك، وقد قال الله U لنبيه الأكرم r : ? ورتل القرآن ترتيلاً ?
الثاني: ينبغي أن تكون التلاوة واعية ذات تأمل وتفكر وتدبر وتفهم، وقد قال ربنا جل وعلا: ? أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ? (محمد:24)
الثالث: لابد وأن تكون التلاوة مستمرة كي لا يبتعد عن القرآن وننسى أهدافه،
إن التلاوة والتدبر والمصاحبة المستمرة هي التي تحصّن الإنسان وتهديه، وتجعله ثابتاً، لا يتأثر بالأضاليل ولا تجرفه التيارات المنحرفة. ? وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ? (آل عمران:101)
الرابع: ينبغي أن تكون التلاوة عملية، فيبذل القارئ وسعه في العمل بما مر عليه من إرشاد وأمر أو نهى.
وأخيراً؛ الأمر الذي لا بد من سلوكه لنقترب من القرآن ونحقق أهدافه هو تواصي أهل الخير فيما بينهم، وتعاونهم مع بعضهم البعض التواصي قولاً، والتعاون فعلاً، ودعوة الناس إلى هذا القرآن
ولو عمل أي مجتمع بهاتين القيمتين فإنه لا يضل عن هدى القرآن، يقول الله تعالى منبهاً إلى ضرورة التواصي والتعاون {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} (العصر: 3) .. ويقول جل شأنه: {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة: 2).
ينبغي أن يكون أبناء المجتمع يدا واحدة متكاتفين، يهدي الراشد منهم الضال، ويعلم البصير الجاهل، ويصلح الواحد منهم الآخر، ويدفع بعضهم بعضاً إلى الحق والهدى والخير، ويرشد القريب قريبه، والوالد ولده، والجار جاره، والصديق صديقه ...
والخلاصة: إن بين أيدينا كتاباً مجيداً عظيماً، علينا أن نتخذه وسيلة لمعرفة الله، وتطهير أنفسنا، ودفعها نحو الخير والعمل الصالح، ولا يتم ذلك إلا بالإقبال على القرآن، وتلاوته الواعية المستمرة.
وبالتواصي القولي والتعاون الفعلي نقترب أكثر فأكثر من هدى القرآن ونور الرحمن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Oct 2003, 08:59 م]ـ
بسم الله
أخي الكريم الباحث7
الفكرة رائعة، والموضوع من أهم ما ينبغي الاعتناء به
فنرجو منك المواصلة في عرض الموضوعات التي تبين طريقة الاهتداء بالقرآن.
ولعلك تنتقي لنا روائع ما سطره العلامة الشنقيطي في أضواء البيان حول آية الإسراء التي صدرت بها موضوعك، وتقوم باختصاره بطريقة مناسبة.
وفقك الله وسدد خطاك، ونسأل الله الكريم أن يهدينا بالقرآن العظيم.
ومن باب المشاركة أبدأ بذكر مقدمته رحمه الله حول تفسير آية الإسراء:
قال رحمه الله:. قوله تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ}. ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهداً برب العالمين جلَّ وعلا ـ يهدي للتي هي أقوم. أي الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب .....
وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم. لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة. ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة.
ثم بدأ رحمه الله يذكر كيفية هداية القرآن لأقوم الطرق وأهدى السبل في كل جانب من جوانب هذا الدين العظيم، فقال مبتدئاً بجانب العقيدة والتوحيد:
فمن ذلك توحيد الله جلَّ وعلا: فقد هدى القرآن فيه للطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها، وهي توحيده جلَّ وعلا في ربوبيته، وفي عبادته، وفي أسمائه وصفاته. وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول ـ توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ?للَّهُ}، وقال: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ?لسَّمَآءِ وَ?لاٌّرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ?لسَّمْعَ و?لاٌّبْصَـ?رَ وَمَن يُخْرِجُ ?لْحَىَّ مِنَ ?لْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ?لْمَيِّتَ مِنَ ?لْحَىِّ وَمَن يُدَبِّرُ ?لاٌّمْرَ فَسَيَقُولُونَ ?للَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ?لْعَـ?لَمِينَ} تجاهل من عارف أنه عبد مربوب. بدليل قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـ?ؤُلا?ءِ إِلاَّ رَبُّ ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَ?لاٌّرْضِ بَصَآئِرَ}، وقوله: {وَجَحَدُواْ بِهَا وَ?سْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله. كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِ?للَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ}، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جداً.
الثاني ـ توحيده جلَّ وعلا في عبادته. وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى «لا إل?ه إلاَّ الله» وهي متركبة من نفي وإثبات. فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام. وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم {أَجَعَلَ ?لاٌّلِهَةَ إِلَـ?هاً وَ?حِداً إِنَّ هَـ?ذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: {فَ?عْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـ?هَ إِلأ ?للَّهُ وَ?سْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَ?لْمُؤْمِنَـ?تِ وَ?للَّهُ}، وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ?عْبُدُواْ ?للَّهَ وَ?جْتَنِبُواْ ?لْطَّـ?غُوتَ}، وقوله: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى? إِلَيْهِ أَنَّهُ لا? إِلَـ?هَ إِلاَّ أَنَاْ فَ?عْبُدُونِ}، وقوله: {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ?لرَّحْمَـ?نِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ}، وقوله: {قُلْ إِنَّمَآ يُوحَى? إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـ?هُكُمْ إِلَـ?هٌ وَ?حِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ} فقد أمَر في هذه الآية الكريمة أن يقول: إنما أوحي إليه محصور في هذا النوع من التوحيد. لشمول كلمة «لا إله إلاَّ الله» لجميع ما جاء في الكُتب. لأنها تقتضي طاعة الله بعبادته وحده. فيشمل ذلك جميع العقائد والأوامر والنواهي، وما يتْبع ذلك من ثواب وعقاب، والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة.
النوع الثالث ـ توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته. وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأول ـ تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم. كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ}.
والثاني ـ الإيمان بما وصفه الله به نفسه. أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله. كما قال بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ ?لسَّمِيعُ ?لْبَصِيرُ} مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} وقد قدمنا هذا المبحث مستوفًى موضحاً بالآيات القرآنية «في سورة الأعراف».
ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جلَّ وعلا ـ على وجوب توحيده في عبادته. ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير. فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده. ووبَّخهم منكراً عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده. لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ?لسَّمَآءِ وَ?لاٌّرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ?لسَّمْعَ و?لاٌّبْصَـ?رَ} إلى قوله {فَسَيَقُولُونَ ?للَّهُ}. فلَّما أقروا بربوبيته وبخهم منكراً عليهم شركهم به غيره بقوله: {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}.
ومنها قوله تعالى: {قُل لِّمَنِ ?لاٌّرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَسَيَقُولُونَ لِلَّهِ} فلمَّا اعترفوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: {قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}، ثم قال: {قُلْ مَن رَّبُّ ?لسَّمَـ?وَ?تِ ?لسَّبْعِ وَرَبُّ ?لْعَرْشِ ?لْعَظِيمِسَيَقُولُونَ لِلَّهِ} فلما أقرُّوا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: {قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}، ثم قال: {قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَسَيَقُولُونَ لِلَّهِ} فلما أقروا وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: {قُلْ فَأَنَّى? تُسْحَرُونَ}.
ومنها قوله تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَ?لاٌّرْضِ قُلِ ?للَّهُ} فلما صح الاعتراف وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: {قُلْ أَفَ?تَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا}.
ومنها قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ?للَّهُ} فلما صح إقرارهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: {فَأَنَّى? يُؤْفَكُونَ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنها قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَ?لاٌّرْضَ وَسَخَّرَ ?لشَّمْسَ وَ?لْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ?للَّهُ} فلما صح اعترافهم وبخهم منكراً عليهم شركهم بقوله: {فَأَنَّى? يُؤْفَكُونَ} {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ?لسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ?لاٌّرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ?للَّهُ} فلما صح إقرارهم وبخهم منكراً عليهم شِركهم بقوله: {قُلِ ?لْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَ?لاٌّرْضَ لَيَقُولُنَّ ?للَّهُ} فلما صح اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: {قُلِ ?لْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، وقوله تعالى: {ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَ?لاٌّرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ?لسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا} ولا شك أن الجواب الذي لا جواب لهم البتة غيره: هو أن القادر على خلق السَّم?وات والأرض وما ذكر معها، خير من جماد لا يقدر على شيء. فلما تعين اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله. {أَإِلَـ?هٌ مَّعَ ?للَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}، ثم قال تعالى: {أَمَّن جَعَلَ ?لاٌّرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ ?لْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً} ولا شك أن الجواب الذي لا جواب غيره كما قبله. فلما تعين اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: {أَءِلـ?هٌ مَّعَ ?لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، ثم قال جلَّ وعلا: {أَمَّن يُجِيبُ ?لْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ?لسُّو?ءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ ?لاٌّرْضِ أَءِلَـ?هٌ} ولا شك أن الجواب كما قبله. فلما تعين إقرارهم بذلك وبخهم منكراً عليهم بقوله: {أَءِلَـ?هٌ مَّعَ ?للَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}، ثم قال تعالى: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَـ?تِ ?لْبَرِّ وَ?لْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ?لرِّيَاحَ بُشْرًى بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} ولا شك أن الجواب كما قبله. فلما تعين إقرارهم بذلك وبخهم منكراً عليهم بقوله: {أَءِلَـ?هٌ مَّعَ ?للَّهِ تَعَالَى ?للَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، ثم قال جلَّ وعلا: {أَمَّن يَبْدَأُ ?لْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ?لسَّمَآءِ و?لاٌّرْضِ} ولا شك أن الجواب كما قبله. فلما تعين الاعتراف وبخهم منكراً عليهم بقوله: {أَءِلَـ?هٌ مَّعَ ?للَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـ?نَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـ?دِقِينَ}،وقوله: {?للَّهُ ?لَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَىْءٍ} ولا شك أن الجواب الذي لا جواب لهم غيره هو: لا? أي ليس من شركائنا من يقدر على أن يفعل شيئاً من ذلك المذكور من الخلق والرزق والإماتة والإحياء. فلما تعين اعترافهم وبخهم منكراً عليهم بقوله: {سُبْحَـ?نَهُ وَتَعَـ?لَى? عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
والآيات بنحو هذا كثيرة جداً. ولأجل ذلك ذكرنا في غير هذا الموضع: أن كل الاسئلة المتعلِّقة بتوحيد الربوبية استفهامات تقرير، يراد منها أنهم إذا أقروا رتب لهم التوبيخ والإنكار على ذلك الإقرار. لأن المقر بالربوبية يلزمه الإقرار بالألوهية ضرورة. نحو قوله تعالى: {أَفِى ?للَّهِ شَكٌّ}، وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ ?للَّهِ أَبْغِى رَبًّا} وإن زعم بعض العلماء أن هذا استفهام إنكار. لأن استقراء القرآن دل على أن الاستفهام المتعلِّق بالربوبية استفهام تقرير وليس استفهام إنكار، لأنهم لا ينكرون الربوبية، كما رأيت كثرة الآيات الدالة عليه.
والكلام على أقسام التوحيد ستجِده إن شاء الله في مواضع كثيرة مِن هذا الكتاب المبارك، بحسب المناسبات في الآيات التي نتكلم على بيانها بآيات أخر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Feb 2005, 01:14 ص]ـ
بارك الله فيكما، هذه نظرات تستحق التأمل والتدبر. ويا حبذا المواصلة وفقكم الله.
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[20 Feb 2005, 01:22 ص]ـ
جهد مبارك، أسأل الله الكريم ألا يحرمك أجره.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[08 Mar 2005, 12:46 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
إنما العلم الخشية وليس العلم بكثرة الرواية كما قال بذلك أحد العلماء
والقرآن كتاب هداية للعقول الحائرة والأفهام الضالة وليس للمناظرة وكثرة الجدل وما ضل قوم بعد هدى إلا وأوتوا الجدل.
وحبذا لو أقتصرنا هذه الزاوية المباركة من هذا الملتقى في ما صدرة الأخ الكريم الباحث 7 بقوله تعالى:
] (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) فكيف نهتدي به؟ [/ color]
ولا يزال السؤال قائما ... كيف نهتدي به؟ وكيف نكون قرآنا يمشي على الأرض؟ ذلكم السؤال الذي يجب أن نضعه نصب أعيننا ولا نحد عنه يمنه أو يسره فإن الصراط واحد والسبل كثيرة متفرقة.
وهذه مقالة بعنوان من روائع التعبير القرآني عن رابطة الأخوة
للدكتور أحمد شرشال من كلية الشريعة بجامعة الكويت وقد نشرتها الوعي الإسلامي أضعها باختصار لما حوته من فائدة في هذا المجال
1 - فهو تطرق أولا إلى أهمية فهم الأسلوب القرآني
2 - سنن القرآن أن يعبر بالنفس عن الآخرين وفائدة ذلك
3 - ثم ساق أمثلة لتلك التعبيرات القرآنية (التي خاطب بها الأمة الإسلامية خصوصا)
4 - تأثير ذلك الأسلوب لو تدبرناه وعملنا به على وحدة الأمة والعلاقات بين أفرادها
---------------------------------------------------------------------------------------
من روائع التعبير القرآني عن رابطة الأخوة
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم تضمن علوما ومعارف يعجز البشر عن الإتيان بمثلها وتضمن حكما وأحكاما وأسرارا بها بها يحقق الإنسان سعادته في الدنيا والآخرة ولا سبيل إلى معرفة هذه العلوم إلا بفهم القرآن الكريم وتفسيره وتدبره لأن ملكة الفهم عند كثير من الناس دخلها الفساد فصاروا لا يفهمون القرآن ولا يفقهون فيه.
ومن دون فهم القرآن وتفسيره لايمكن الوصول إلى كنوزه مهما رددننا تلاوته وأقمنا حروفه لذلك قال ابن القيم " ولم يكن للصحابة كتاب يدرسونه وكلام محفوظ يتفقهون فيه إلا القرآن وما سمعوه من نبيهم ولم يكونوا إذا جلسوا يتذاكرون إلا في ذلك " الإشتغال بفهم القرآن وتفسيره والتفقه فيه يرقق إحساس المسلم ويقوي شعوره وينمي فيه حب الآخرين بحيث يتألم لآلامهم ويفرح لفرحهم ويسعد لسعادتهم فيبني في نفوس الناس معالم الوحدة في الشعور والفكر.
ومن الأساليب القرآنية العجيبه في التعبير عن هذا الإحساس التي تدعو للتفكر والتأمل أن جعل قتل الرجل لغيره من بني جنسه قتلا لنفسه وجعل إخراج الرجل من داره إخراجا لنفسه وجعل الظن السوء بالغير ظنا بنفسه وجعل لمز الرجل لغيره لمزا لنفسه وجعل السلام على غيره سلاما على نفسه.
وهذا مَعلم بارز في أسلوب القرآن العجيب أرساه في نفوس اتباعه وهو من سنن القرآن أن يعبر بالنفس عن الآخرين لأنهم من نفس واحدة وفائدة هذا التعبير التنبيه إلى أن الأمه المتواصلة بالدين يجب أن يكون شعورها بالوحدة قويا وعميقا ومؤثرا
- قال تعالى في سورة النساء " (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) أي لا يقتل بعضكم بعضا فجعل قتل الرجل لغيره قتلا لنفسه قال القرطبي " أجمع أهل على أن المراد بهذه الآيه النهي أن يقتل بعض الناس بعضا , ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه " قال الحافظ ابن كثير " وهو الأشبه بالصواب " وقال إن أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة "
- ومن أساليب القرآن الكريم في التعبير بالنفس وإرادة الأخ في الدين قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " حكى الفخر الرازي مقالة لعبد الله بن المبارك أنه قال " وهذه أوكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه سبحانه قال " عليكم أنفسكم " يعني عليكم أهل دينكم ولا يضركم من ضل من الكفار بأن يعظ بعضكم بعضا ويرغب بعضكم بعضا في الخيرات وينفره عن القبائح والسيئات " وبهذا التوجيه سقط قول من فهم من هذه الآية (الأنانية) فإن استعمال القرآن للأنفس يريد به معنى أشمل وأعم من النفس التي بين جنبي الإنسان.
(يُتْبَعُ)
(/)
- ومن تعبيرات القرآن بالنفس وإرادة الغير قوله تعالى " فإذا دخلتم بيوتا فسلوا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة " والمعنى فليسلم بعضكم على بعض وهم أهل البيوت التي يدخلونها لأنهم بمنزلة أنفسهم في شدة المودة والمحبة ولأنهم منهم في الدين فكأنهم حين يسلمون عليهم يسلمون على أنفسهم ونحن وإياهم بمنزلة النفس الواحدة، وقد جاء هذا المقصود صريحا في قوله تعالى " تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " والإنسان حتما لا يخاف نفسه إنما يخاف غيره أي كما يخاف بعضكم بعضا.
- ومن التعبيرات قوله تعالى " ولا تلمزوا أنفسكم " وفي هذا إشارة إلى أن من عاب أخاه المسلم فكأنما عاب نفسه فنزل البعض الملموز منزلة نفس الإنسان لتقرير معنى الإحساس بالأخوة وتقوية الشعور بها
- ومن استعمالات القرآن للنفس وإرادة الغير قوله تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) والمقصود بأنفسهم هنا إخوانهم في الدين والعقيدة ووصف الإيمان (هنا) يحملهم على إحسان الظن بالغير ويكفهم عن إساءتهم بأنفسهم " أي بأبناء جنسهم النازلين منزلة أنفسهم " فتشبيه الغير بالنفس لشدة اتصال الغير بالنفس في في الأصل والدين وفي هذا التعبير عن إخوانهم وأخواتهم في العقيدة بأنفسهم أسمى ألوان الدعوة إلى غرس روح المحبة والمودة والإخاء والإحساس الصادق حتى لكأن الذي يظن السوء بغيره إنما يظنه بنفسه.
فهذا الأسلوب القرآني وهذا الخطاب الرباني يؤكد معنى وحدة الأمة ويحدث في نفوس أفرادها أثرا وإحساسا يبعثها على الإمتثال، فالمسلم الذي يربى على هذه المعاني وهذه الدقائق القرآنية لاشك أنها تؤثر فيه وتغرس في أعماقه هذا الشعور.
ومن تدبر هذا الأسلوب العجيب علم أنه لا قوام لهذه الأمة إلا بمثل هذا الإحساس وشعور كل فرد من أفرادها بأن نفسه التي بين جنبيه هي نفس الآخرين ودمه هو دم الآخرين ولا فرق في المحافظة على الروح التي تجول في بدنه والدم الذي يجري في عروقه وبين الأرواح والأبدان التي يحيا بها إخوانه ..... وليزن طلاب علم هذا الزمان تعليمهم بهذا الأسلوب العجيب في التربية والتعليم ولينظروا أين مكانهم من فهم القرآن وما حظهم من هدايته؟ [/ color]
د. احمد شرشال
كلية الشريعة جامعة الكويت(/)
آيات أشكل عليّ تفسيرها
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 Oct 2003, 09:14 ص]ـ
الآية الأولى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14) سورة الصف
وجه الإشكال أن الذين أمنوا بعيسى عليه السلام من بني إسرائيل لم يصبحوا ظاهرين على المشركين، بل ظل النصارى الأوئل مضطهدين لثلاثة قرون حتى جاء قسطنطنين وتمسح لكن بطريقة محرفة وحارب أيضاً الموحدين النصارى.
{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) سورة آل عمران
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Oct 2003, 04:06 م]ـ
أخي العزيز محمد الأمين وفقه الله وبارك فيه
لقد تأملت منذ زمن هذه الآية والمعنى الذي استشكلته في الآية، ومنذ ذلك الوقت وأنا أرغب في مراجعة كلام العلماء حول هذا الأمر ولم يتسن لي حتى الساعة. ولكن باعتبار أن ما يكتب هنا تتناوله العقول والأقلام بالتنقيح والتصحيح فقد انقدح في ذهني معنى أرجو أن يكون صحيحاً.
وهو أن المقصود بالظهور والفوقية هنا هي فوقية الدين والاستجابة لأمر الله وأمر رسله عليهم السلام وأن هذا الانقياد والإسلام لله هو الظهور الحقيقي على الكفار وهو الفوقية الحقيقة. ولا أظن أن هذا المعنى قد فات على الشيخ الجليل الدكتور ناصر العمر في كتابه (حقيقة الانتصار) فهو صاحب تأملات في غاية الدقة وفقه الله، فلعلك أخي الكريم تراجع هذا الكتاب أو أنا أفعل ذلك إن شاء الله.
ولعل التأمل للتاريخ يؤكد هذه الحقيقة، فالكفار حتى ولو انتصروا عسكريا فهم مهزومون من جانب العقيدة والمبادئ والقيم ولذلك يحاولون جاهدين أن يغطوا هذا النقص بالقوة العسكرية، وفي نهاية المطاف ستنتصر المبادئ الصادقة والقيم الإسلامية الراسخة. وعقلاء الغرب قد اعترفوا بهذه الحقائق وأن الإسلام دين المبادئ والقيم، وأنه الدين الوحيد الذي يلبي حاجات الروح والجسد.
هذه وجهة نظر ولعله يكون هناك من كلام الزملاء من يصوبها و يدعمها أو يبين خطأها. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.
ـ[أخوكم]ــــــــ[04 Oct 2003, 06:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14) سورة الصف
أرجو توضيح وجه الإشكال في الآية
فالآية تتحدث عن زمن محدد قد مضى، ظهر فيه أتباع عيسى بن مريم _ عليه السلام _ على من كفر من " بني اسرائيل"
فلا دخل للمشركين في الآية ولا علاقة للآية بتمديد الظهور إلى يوم القيامة ... والله أعلم
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[04 Oct 2003, 08:36 ص]ـ
شيخنا الفاضل الشيخ محمد الأمين _ حفظه الله وأمتع به _
لقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع عديدة من كتبه أن ظهور أهل الحق على أهل الباطل، في نصوص الكتاب والسنة عمومًا _ ومنها هذه الآية الكريمة _ نوعان:
1) الظهور بالحجة والبيان: وهذا دائم في جميع الأزمان لا ينقطع، فأهل الحق حجتهم دائمًا ظاهرة على حجة عدوهم، حتى لو كان المؤمنون في زمن استضعاف.
2) الظهور بالسيف والسِّنان: وهذا يكون في بعض الأوقات دون بعض، فإن الرسل وأتباعهم يدالون على العدو مرة، ويدال عليهم العدو أخرى.
وفي ضوء ذلك يمكن أن نفهم الظهور الذي وعد الله به المؤمنين.
______________
أخي الكريم (أخوكم) _ حفظه الله _
الآية الكريمة لا تتحدث عن زمن محدد قد مضى، بل هي باقية إلى قيام الساعة، وتفيد ظهور أتباع عيسى بن مريم _ عليه السلام _، وهم المؤمنون بعيسى من الموحدين قبل بعثة نبينا محمد، ثم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثته، فهؤلاء هم المتبعون لعيسى حقًا، وذلك لأن المسلمين هم الامتداد الطبيعي للمؤمنين بعيسى عليه السلام وبما أرسل به، فوعد الله تعالى بظهورهم على من كفر من " بني اسرائيل"إما بالحجة والبيان، وإما بهما مع الظهور بالسيف والسنان.
ثم إن الفترة التي تحدث عنها الشيخ محمد الأمين هي الفترة التي قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها كما ذكر فضيلته قوم موحدون من أتباع عيسى أظهرهم الله بالحجة والبيان على المشركين من بني إسرائيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 Oct 2003, 09:05 ص]ـ
شيخنا الحبيب أبو خالد نفعنا الله بعلمه
أرى أنكم قد أصبتم في تأويل الآية بقولكم: <<1) الظهور بالحجة والبيان: وهذا دائم في جميع الأزمان لا ينقطع، فأهل الحق حجتهم دائمًا ظاهرة على حجة عدوهم، حتى لو كان المؤمنون في زمن استضعاف. >>
وأما التأويل بأن المراد بالمؤمنين هم المسلمين بعد البعثة النبوية، فلا أراه متفقاً مع الآية التي تذكر أن هؤلاء المؤمنين هم من بني إسرائيل "فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ". فيبدو أن الظهور هو المعنى الأول الذي ذكرتموه، والله أعلم. وبذلك ينحل الإشكال.(/)
النسخ في القرآن
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[03 Oct 2003, 10:08 م]ـ
أرجو من الأخوة والمشايخ الكرام، تسجيل مايعرفون من كتب تكلمت عن النسخ عموما، وخاصة إذا كان هناك رسائل علمية، وشكرالله للجميع
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Oct 2003, 11:12 م]ـ
أخي الكريم
بإمكانك الرجوع إلى هذا الموضوع:
وقفات مع النسخ في القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=25)
الآيات المنسوخة في القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=849)(/)
سؤال عن التفسير العلمي
ـ[متعلم]ــــــــ[04 Oct 2003, 02:19 م]ـ
من لديه معلومات سواء بحوث او كتب عن التفسير العلمي، سوى كتاب أحمد عمر أبو حجر
وشكرا
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[05 Oct 2003, 11:05 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ... أما بعد:
فهذه بعض المعلومات عن التفسير العلمي، وهي عبارة عن محاضرات للشيخ الدكتور خالد السبت (حفظه الله)
أضع لك ما أخذته من تلك المحاضرات.
التفسير العلمي: هو التفسير الذي يحكم الاصطلاحات العلمية في عبارة القرآن الكريم، ويجتهد في استخراج العلوم منها.
- والملاحظ على من أغلب من يتكلم في هذا الموضوع أمورا منها:
- كثرة التكرار في هذه الموضوعات.
- أنهم لا يعزون ما يأخذونه وكأنما هم الذين استنبطوه واستخرجوه.
- الجرأة المتناهية في القول في التفسير والمسارعة في ذلك.
- إلقاء العبارات الواسعة.
• هل للمشتغلين بالتفسير العلمي سلف؟
هذه القضية قديمة وكانت موجودة عند بعض المسلمين وقت قيام حضارتهم، قبل قيام نهضة أوروبا، وقد تلقفها المسلمون من اليونان كعلم الفلك والمنطق.
وهذه العلوم منها ما هو صحيح ومنها ما هو فاسد.
وظهرت بدعة، وهو أنه لا يبلغ درجة الاجتهاد إلا من كان عنده شيء من ذلك، فأدخلها العلماء في كتبهم؛ إما عن قناعة منهم، وإما جريا على هذه البدعة.
فأصبح من يريد مثلا التكلم عن قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها} تكلم عن هذه الأمور التي لا حاجة لها في التفسير
وبهذا تتابع بعض من يكتب في التفسير على هذا المنوال.
• بواعث هذا الفكر:
وذلك لما حصل الطعن في كتاب الله وأنه لا يصلح في هذا الزمان _ زعموا _ جاء بعض الغيورين وقالوا: لا تنزعجوا ولا تتخلوا عن دينكم فإن هذا القرآن تكلم عما قلتموه من (1400) سنة
• ومن الذين مانعوا وحاربوا هذا النوع من التفسير: الشاطبي رحمه الله في الموافقات.
والشيخ محمد شلتوت رحمه الله.
وأستاذ أمين الخولي، ومحمد عبد العظيم الزرقاني، ومحمد حسين الذهبي، رحمة الله عليهم
وكذلك العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، والأستاذ سيد قطب في الظلال.
ومن الأسباب التي جعلت أمثال هؤلاء يردون مثل هذا النوع:
1/ أن هذا القرآن إنما هو كتاب هداية
2/ أن نصوص القرآن نصوص قطعية، وهذه العلوم التجريبية هي علوم ظنية.
• حكم التفسير العلمي للقرآن:
إن الذي ينبغي هو التفصيل أما الإجمال فلا يصلح.
فمنه ما هو صحيح ولا يوجد ما يدل عليه، ومنه ما هو صحيح ويوجد ما يدل عليه، ومنه ما هو صحيح ويوجد في القرآن ما يحتمله.
ومنه ما يذكرونه ويوجد في القرآن ما يبطله.
فلا نسلم به مطلقا ولا نرده مطلقا.
• شروطه:
- تأمل قواعد التفسير في هذا الوجه.
- ينبغي أن يكون الكلام في الحقائق العلمية
- لا يمكن أن تصادم حقيقة ثابتة القرآن الكريم
- ألا يتنافى هذا التفسير مع سياق الآية ومفهوم اللغة
هذا بعض ما دونته وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Oct 2003, 06:09 ص]ـ
أخي متعلم وفقك الله
كنت كتبت بعض المراجع في حوار مع الأخ مرهف سقا وفقه الله على هذا الرابط.
نظرة في مصطلح التفسير العلمي - مرهف ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=129)
ـ[حسن الكبهي]ــــــــ[06 Oct 2003, 07:18 ص]ـ
خلاصة التفسير العلمي للقرآن
هذه الخلاصة منقولة من موقع الايمان نقلتها للفائدة.
خلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن بين المجيزين والمانعين
للشيخ محمد الأمين ولد الشيخ
ينقسم أعلامنا الفضلاء في (موضوع التفسير العلمي للقرآن) إلى فريقين: فريق يجيز التفسير العلمي للقرآن، ويدعو إليه، ويرى فيه فتحاً جديداً وتجديداً في طرق الدعوة إلى الله، وهداية الناس إلى دين الله. وفريق يرى في هذا اللون من التفسيرخروجاً بالقرآن عن الهدف الذي أنزل من أجله، وإقحاماً له في مجال متروك للعقل البشري، يجرب فيه، ويصيب ويخطئ. لذلك كان لا بد من بحث القضية، ولا بد من استعراض الأدلة، ومناقشة حجج الفريقين المجيزين والمانعين.
--------------------------------------------------------------------------------
المجيزون للتفسير العلمي للقرآن الكريم:
(يُتْبَعُ)
(/)
أما مجيزوا التفسير العلمي وهم الكثرة، فيمثلهم الإمام محمد عبده، وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد أبو زهرة، ومحدث المغرب أو الفيض أحمد بن صديق الغماري، ونستطيع أن نعد منهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، صاحب أضوء البيان في تفسير القرآن بالقرآن.وهؤلاء الذين يتبنون التفسير العلمي للقرآن يضعون له الحدود التي تسد الباب أمام الأدعياء الذين يتشبعون بما لم يعطوا.
ومن هذه الحدود:
1 - ضرورة التقيد بما تدل عليه اللغة العربية فلا بد من:
أ) أن تراعى معاني المفردات كما كانت في اللغة إبان نزول الوحي.
ب) أن تراعى القواعد النحوية ودلالاتها.
ج) أن تراعى القواعد البلاغية ودلالاتها. خصوصاً قاعدة أن لا يخرج اللفظ من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة كافية. 2 - البعد عن التأويل في بيان إعجاز القرآن العلمي.
3 - أن لا تجعل حقائق القرآن موضع نظر، بل تجعل هي الأصل: فما وافقها قبل وما عارضها رفض.
4 - أن لا يفسر القرآن إلا باليقين الثابت من العلم لا بالفروض والنظريات التي لا تزال موضع فحص وتمحيص. أما الحدسيات والظنيات فلا يجوز أن يفسربها القرآن، لأنها عرضةللتصحيح والتعديل إن لم تكن للإبطال في أي وقت.
--------------------------------------------------------------------------------
المانعون من التفسير العلمي
أما المانعون من التفسير العلمي فيمثلهم في هذا العصر شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت، والأستاذ سيد قطب، ود. محمد حسين الذهبي.
وهؤلاء المانعون يقولون:
1 - إن القرآن كتاب هداية، وإن الله لم ينزله ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون،وأنواع المعارف.
2 - إن التفسير العلمي للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان،والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير.
3 - إن التفسير العلمي للقرآن يحمل أصحابه والمغرمين به على التأويل المتكلف الذي يتنافى مع الإعجاز،ولا يسيغه الذوق السليم.
4 - ثم يقولون: إن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون،وهذا الدليل هو ما روي عن معاذ أنه قال يا رسول الله إن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة. فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير، يم ينقص حتى يعود كما كان. فأنزل الله هذه الآية: ? يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ... ? (البقرة:189).
ولكن هل تكفي هذه الحجج لرفض التفسير العلمي؟
· إن كون القرآن كتاب هداية لا يمنع أن ترد فيه إشارات علمية يوضحها التعمق في العلم الحديث، فقد تحدث القرآن عن السماء، والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، وسائر الظواهر الكونية. كما تحدث عن الإنسان، و الحيوان والنبات.
· ولم يكن هذا الحديث المستفيض منافياً لكون القرآن كتاب هداية، بل كان حديثه هذا أحد الطرق التي سلكها لهداية الناس.
· أما تعليق الحقائق التي يذكرها القرآن بالفروض العلمية فهو أمر مرفوض، وأول من رفضه هم المتحمسون للتفسير العلمي للقرآن.
· أما أن هذا اللون من التفسير يتضمن التأويل المستمر، والتمحل، والتكلف، فإن التأويل بلا داع مرفوض، وقد اشترط القائلون بالتفسير العلمي للقرآن شروطاً من بينها أن لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة التي تمنع من إرادة الحقيقة.
أما الاستدلال بما ورد في سبب نزول الآية: ? يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ? فهو بحاجة إلى أن يثبت وإلا فهو معارض بما رواه الطبري في تفسيره عن قتادة في هذه الآية: قالوا سألوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون ? هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ... ? فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء والله أعلم بما يصلح خلقه.
وروى عن الربيع وابن جريج مثل ذلك. ففي هذه الروايات التي ساقها الطبري (1)، إن السؤال هو: لم جعلت هذه الأهلة؟ وليس السؤال ما بال الهلال يبدوا دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص. ولذلك فإنه لا دليل في الآية على إبعاد التفسير العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
--------------------------------------------------------------------------------
والخلاصة:
· أن التفسير العلمي للقرآن مرفوض إذا اعتمد على النظريات العلمية التي لم تثبت ولم تستقر ولم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية.
· ومرفوض إذا خرج بالقرآن عن لغته العربية.
· ومرفوض إذا صدر عن خلفية تعتمد العلم أصلاً وتجعل القرآن تابعاً.
· وهو مرفوض إذا خالف ما دل عليه القرآن في موضع آخر، أو دل عليه صحيح السنة.
· وهو مقبول بعد ذلك إذا التزم القواعد المعروفة في أصول التفسير من الالتزام بما تفرضه حدود اللغة، وحدود الشريعة، والتحري والاحتياط الذي يلزم كل ناظر في كتاب الله.
· وهو – أخيراً – مقبول ممن رزقه الله علماً بالقرآن وعلماً بالسنن الكونية لا من كل من هب ودب، فكتاب الله أعظم من ذلك.
· وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
التوصيات الصادرة عن المؤتمر
مقدمة:
تم – بعون الله تعالى وتوفيقه – عقد المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مدينة إسلام آباد بباكستان في الفترة من 25 - 28 من صفر 1408هـ الموافق 18 - 21 أكتوبر 1987م، وذلك تحت الرعاية المشتركة للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد، وهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.وقد اشترك في هذا المؤتمر 228 عالماً ينتمون إلى 52 دولة كما شارك في هذا المؤتمر 160 مراقباً. ولقد قدم للؤتمر 78 بحثاً علمياً غطت 15 تخصصاً علمياً، تم اختيارها من بين أكثر من 500 بحث وردت للجنة المنظمة للمؤتمر من كل أنحاء العالم. ولقد تمت مناقشة تلك البحوث عبر ست جلسات عامة بالإضافة إلى عدد من جلسات العمل المتخصصة. وتم استبعاد ستة بحوث لعدم حضور أصحابها لإلقائها بالمؤتمر. والإعجاز العلمي يعني تأكيد الكشوف العلمية الحديثة الثابتة والمستقرة للحقائق الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة بأدلة تفيد القطع واليقين باتفاق المتخصصين. وتهدف دراسته وإجراء البحوث فيه إلى إثبات صدق محمد صلَّى الله عليه وسلَّم فيما جاء به من الوحي بالنسبة لغير المؤمنين، وتزيد الإيمان وتقوى اليقين في قلوب المؤمنين وتكشف لهم عن عجائبه وأسراره، وتعينهم على فهم حكمه وتدبر مراميه. ويعتمد الإعجاز العلمي على الحقائق المستقرة التي تثبت بأدلة قطعية، ويشهد بصحتها جميع أهل الاختصاص، دون الفروض والنظريات. كما يجب أن يدل نص الكتاب أو السنة على الحقيقة العلمية بطريق من طرق الدلالة الشرعية، وفقاً لقواعد اللغة ومقاصد الشارع وأصول التفسير، فإن خرجت الحقيقة العلمية المدعاة عن جموع معاني النص لم تكن حقيقة في الواقع ونفس الأمر. ويجب أن يكون الباحث في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة من العلماء المشهود لهم بالتأهيل العلمي في مجال تخصصه، إضافة إلى قدرته على فهم النصوص الشرعية من مصادرها، والاستنباط منها، وفق قواعد اللغة وأصول التفسير وعليه أن يستشير المتخصصين في العلوم الشرعية فيما يخفى عليه وجه الإعجاز فيه. ويستحسن أن تقوم بهذه البحوث مجموعات عمل تجمع الخبراء في العلوم الكونية والشرعية.وتقوم لجان الخبرة ومجموعات العمل التي تجمع المفسرين والعلماء الكونيين بإعداد البحوث وإجراء الدراسات في مجال الإعجاز العلمي حتى توجد المؤسسات التعليمية التي تخرج العالم بمعاني التنزيل وحقائق العلم.
--------------------------------------------------------------------------------
توصيات المؤتمر
التوصية الأولى:
دراسة الإعجاز العلمي في الجامعات:
يوصي المؤتمر الجامعات والمؤسسات التعليمية بالعناية بقضايا الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مناهجها الدراسية، والعمل على إعداد وتدريس مادة جديدة في كل كلية أو معهد تعنى بدراسة آيات وأحاديث الإعجاز العلمي الداخلة في تخصص هذه الكلية أو المعهد، وذلك لربط حقائق العلم بالوحي، تعميقاً للإيمان وتقوية لليقين في قلوب الدارسين.
التوصية الثانية:
إعداد تفسير ميسر:
(يُتْبَعُ)
(/)
يوصي المؤتمرهيئة الإعجازالعلمي في القرآن والسنة، بالتعاون والتنسيق بين الجامعات ومراكزالبحوث والهيئات والمنظمات الإسلاميةفي البلاد الإسلامية، بإعداد تفسيرميسرللقرآن الكريم يعني بوجه خاص الآيات الكونية الواردة فيه
التوصية الثالثة:
ترجمة معاني القرآن الكريم:
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالتعاون والتنسيق بين الجامعات ومراكز البحوث والهيئات والمنظمات الإسلامية بإعداد ترجمة دقيقة لمعاني القرآن الكريم، مصحوبة بتعليقات وافية عن الآيات الكونية الواردة فيه، لتعين الباحثين من غير الناطقين بالعربية في مجال الإعجاز العلمي في القرآن.
التوصية الرابعة:
إصدار مجلة علمية:
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي بإصدار مجلة علميةذات مستوى عالمي رفيع باللغتين العربيةوالإنجليزيةتعنى بنشر البحوث المتخصصةفي مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنةبعدإجازتها من المتخصصين في العلوم الإسلاميةوعلوم الكون
التوصية الخامسة:
تشجيع بحوث الإعجاز:
يوصي المؤتمر الجامعات ومراكز البحوث في البلاد الإسلامية بتشجيع البحوث والدراسات في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وتخصيص المنح الدراسية لطلاب الدراسات العليا، ورصد الجوائز المالية لغيرهم من الباحثين في هذه المجال
التوصية السادسة:
مراكز بحوث الإعجاز العلمي:
يوصي المؤتمر الجامعات والمؤسسات العلمية والهيئات والمنظمات العاملة في حقل الدعوة الإسلامية في العالم الإسلامي بإنشاء مراكز متخصصة لبحوث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، كما يوصي الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد بأن تبادر بإنشاء أول مركز لهذا الغرض.
التوصية السابعة:
تمويل نشاط الهيئة:
يناشد المؤتمر الحكومات والهيئات والمؤسسات المالية ورجال الأعمال في البلاد الإسلامية أن يقدموا الدعم المالي لهيئة الإعجاز العلمي ومراكز البحوث التي تنشئها لتمكينها من تمويل نشاطاتها تحقيقاً للهدف الذي قامت من أجله من عقد المؤتمرات والندوات وحلقات البحث، وإعداد البحوث والدراسات التي تعمق الإيمان وتقوي اليقين في قلوب المؤمنين وتخاطب غيرهم بلغة العصرالتي يحتكمون إليها في قبول الإيمان، قياماً بواجب الأمةفي تبليغ دعوةالإسلام بالحجةوالدليل والبرهان.
التوصية الثامنة:
الدعوة للبحوث العلمية الأصلية:
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي وغيرها بالاهتمام بعقد الندوات المتخصصة وحلقات البحث، وتكوين مجموعات العمي ولجان الخبرة، لتطوير البحوث في مجال الإعجاز العلمي، ووضع خطة متكاملة لها توزع على الجامعات والمراكز البحوث في داخل البلاد الإسلامية وخارجها تمهيداً لعقد المؤتمرات الدورية التي تعرض فيها هذه البحوث الجديدة.
التوصية التاسعة:
البحوث العلمية والكشوف الحديثة:
يدعو المؤتمر الجامعات ومراكز البحوث في البلاد الإسلامية والعلماء المسلمين في العالم، إلى التعاون على إعداد خطة بحوث متكاملة في المجالات العلمية المختلفة والعمل على تنفيذها بالتعاون والتنسيق فيما بينهما، امتثالاً لدعوة القرآن الكريم للمسلمين إلى البحث والنظر والتدبر في آيات الله في آفاق الكون وفي النفس لاكتشاف الحقائق العلمية والسنن الكونية واستخدامها في توفير سبل القوة وأسباب العزة للمسلمين، وانتشالهم من التبعية الكاملة لغيرهم في مجال العلوم والتكنولوجيا. كما يوصي المؤتمر الحكومات الإسلامية باتخاذ الخطوات العلمية لجذب العقول الإسلامية المهاجرة للمشاركة في تنمية وتقدم مجتمعاتهم كما يوصي الهيئات والمؤسسات المالية ورجال بالمساهمة الأعمال في تمويل مشروعات البحوث التي تقوم بها الجامعات ومراكز البحوث والأفراد.
التوصية العاشرة:
نشر بحوث المؤتمر وإعلان نتائجها:
يوصي المؤتمر هيئة العلمي بنشر بحوث المؤتمر بعد مراجعتها على ضوء المناقشات التي دارت في جلسات المؤتمر وكذلك التقارير والتوصيات باللغتين العربية والإنجليزية واستثمار نتائجها. في الدعوة إلى الإسلام، تحقيقاً للهدف من هذه البحوث، مع الاستعانةفي ذلك بتقنيات العصرفي الإخراج والعرض ووسائل الإعلام الحديثة في التأثير والإقناع،كما يوصي المؤتمر الهيئةبإعداد سلسلة من المحاضرات في الجامعات ومعاهد العلم وتكليف العلماءالمهتمين بهذاالموضوع بإلقائها ودعوة الصحف ووسائل الإعلام في البلاد الإسلاميةللمشاركة بإعداد البرامج ونشرالمقالات في هذا المجال.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الطبري المحقق ج 3 ص 554 (الهيئة).
*************************************************
والله أعلم و وهو يغفر ويرحم
ـ[متعلم]ــــــــ[07 Oct 2003, 01:09 ص]ـ
شكرا لكل من تفاعل من الاخوة ...
وجزاكم الله خيرا، وانا في انتظار المزيد ...(/)
قاعدة من قواعد التفسير، أريد من العارفين الإفادة عنها.
ـ[ a55235568] ــــــــ[04 Oct 2003, 09:03 م]ـ
هناك قاعدة في التفسير في فهم كلام الله تنص على ما يلي:
(كل لفظ ورد في القرآن ويحتمل أكثر من معنى على وجه لا تعارض بينها، فإن هذا اللفظ يحمل على المعاني جميعها.)
أرجو إفادتي عن مظان هذه القاعدة في كتب أهل العلم.
والله يحفظكم ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Oct 2003, 12:02 ص]ـ
بسم الله
أخي الكريم
هذه القاعدة ذكرها الشيخ خالد السبت في كتابه قواعد التفسير 2/ 807 - 830 وقد فصل القول فيها تفصيلاً يحسن الرجوع إليه.
ومن مظانه كما أشار إلى ذلك الشيخ السبت:
تفسير ابن جرير الطبري 1/ 222، 15/ 140
مجموع فتاوي ابن تيمية 15/ 11 - 12، 15/ 17 - 19
تفسير الطاهر ابن عاشور التحرير والتنوير 1/ 93 - 100 وهو من أكثر من أكد على هذه القاعدة.
أضواء البيان للشنقيطي 1/ 24، 3/ 124،375، 4/ 419.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[05 Oct 2003, 05:39 ص]ـ
وانظرها ايضا في كتاب التفسير اللغوي للقرآن الكريم ل د مساعد الطيار ص 591 وما بعدها وهو اشمل ما كتب في هذه القاعدة فيما اطلعت عليه.(/)
وما أرسلنا من قبلك
ـ[ fethi] ــــــــ[06 Oct 2003, 04:16 م]ـ
Salem
in the sourate of Yusefand وما أرسلنا من قبلك What the difference
من without وما أرسلنا قبلك between
Thanks, wa 3alykom Assalme
ـ[المعتز بالإسلام]ــــــــ[06 Oct 2003, 08:12 م]ـ
يقول السائل في سؤاله:
ما الفرق بين (وما أرسلنا من قبلك) في سورة يوسف و (وما أرسلنا قبلك) بدون من؟(/)
أود معرفة الموضوعات التي بحثت في كتاب أضواء البيان
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[06 Oct 2003, 11:51 م]ـ
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
أسال الله أن يوفقني وإياكم جميعا للعلم النافع والعلم الصالح الذي يرضيه عنا.
آمل التكرم بإفادتي عن الرسائل أو الكتب التي خدمت تفسير أضواء البيان فيما يتعلق بالموضوعات التي تتعلق بعلوم القرآن أو التفسير من ناحية دراسة هذا التفسير الجليل.
ومن جهة أخرى ما الموضوعات التي يمكن من خلالها دراسة لناحية معينة في هذا الكتاب وهي بحاجة إلى تجلية ودراسة. سواء في التفسير أو من خلال علوم القرآن لهذا الكتاب بالذات.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Oct 2003, 12:22 ص]ـ
بسم الله
أخي محب أهل القرآن
كتاب أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله كتاب حافل قيم، وقد اعتنى به طلاب العلم والعلماء، ومن صور ذلك:
سجلت ثلاث أو أربع رسائل ماجستير في قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض في دراسة اختياراته وترجيحاته في التفسير.
وهو كتاب يحتوي على ثروة فقهية هائلة، وقد استخرج منه بعض العلماء وطلبة العلم ما يتصل بموضوع فقهي معين، ومن ذلك:
منسك الشي الشنقيطي من كتابه أضواء البيان لأكثر من جامع.
وهو كتاب مهم بإمكان طالب العلم أن يجد فيه ما يستحق البحث.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2006, 12:50 م]ـ
وهناك بحث بعنوان (علوم القرآن عند الشنقيطي في تفسيره) إعداد د. صالح بن ناصر بن سليمان الناصر. الأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة الملك سعود - قسم الثقافة الإسلامية. وقد صدر عن مركز البحوث بكلية التربية برقم (217) عام 1425هـ. ويقع في 50 صفحة.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[28 Jan 2006, 03:07 م]ـ
رسالة بعنوان (المسائل النحوية والصرفية في أضواء البيان) د. علي الحسن السرحاني، ماجستير في جامعة أم القرى عام 1417
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Jan 2006, 04:45 م]ـ
كما يوجد أخي الكريم بحث في هذا الكتاب سُمي ب (دراسة ترجيحات الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان) للأخ/ عبد الماجد بن محمد
ولم أطلع عليه.
ـ[أبو محمد الريشي]ــــــــ[29 Jan 2006, 01:31 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أحيي إخواني في هذا الملتقى القرآني والمائدة القرآنية التي لاينضب معينها، وأسأل الله أن يجعلنا ممن يتدارس كتاب الله وينتفع به
كما أتمنى أن يوفق الإخوة الكرام لطرح المفيد والنافع والله يتولى الجميع
مشاركتي هنا هي حول هذا الكتاب الماتع الرائع: أضواء البيان الذي كتبه جبل من جبال العلم الشامخة ومن أهل الرسوخ في العلم وهو العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى ولاأدل على مكانة هذا الكتاب ومنزلته من اهتمام أهل العلم به اهتماما كبيرا يستخرجون منه درر العلم ونفائسه
لاأطيل في هذه التقدمة وأشرع في ذكر بعض الكتب والأبحاث التي اهتمت بهذا الكتاب أرجو أن تنفع الإخوة
- الشنقيطي ومنهجه في أضوء البيان.
رسالة ماجستير في جامعة الإمام عام 1401 للباحث/ سليمان الملق
- الشنقيطي ومنهجه في التفسير.
رسالة ماجستير في كلية التربية للبنات بجدة عام 1409 للباحثة/ سميرة آل محمد
- منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام.
رسالة ماجستير في جامعة أم القرى عام 1412 للباحث/د. عبدالرحمن السديس
- جهود الشنقيطي في العقيدة.
رسالة ماجستير في الجامعة الاسلامية عام 1412 لأستاذي الدكتورعبدالعزيز الطويان عميد شئون المكتبات في الجامعة. وقد طبعت حديثا في مجلدين.
- منهج العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان.
رسالة جامعية في الأردن للدكتور عدنان آل شلش طبعت باسم العلامة الشنقيطي مفسراً
في دار النفائس في مجلد واحد وقد أفدت منه في ذكر بعض الرسائل.
- منهج الشيخ الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان.
أطروحة دكتوراه في الأردن طبعت حديثا.
وهناك من حاول خدمة الكتاب باستخراج بعض درره والإشارة إلى الأيات التي فسرها الشيخ رحمه الله ومن هذه المحاولات:
- فهرس المسائل الأصولية في أضواء البيان.
للشيخ / عبد الرحمن السديس. وهو مطبوع.
- فهرس الآيات التي فسرها الشنقيطي في تفسيره.
لأستاذي الدكتور / حسين بن حسن العواجي عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية
وهو مطبوع أيضاً.
وهناك بحث جيد لأخي الفاضل الشيخ / عبدالله بن حماد القرشي المحاضر بكلية الدعوة في جامعة أم القرى بعنوان / القواعد التفسيرية في تفسير أضواء البيان. ولم يطبع.
هذه بعض الكتب والأبحاث التي عرفتها إضافة إلى ماذكره الإخوة الكرام قبلي.
أسأل الله تعالى أن ينفع بها الجميع.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[29 Jan 2006, 01:44 ص]ـ
أرحب بأخي أبي محمد الريشي في أول مشاركاته المفيدة السمينة
وننتظر منه المزيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[04 Oct 2010, 05:28 م]ـ
البعض يسأل هل درس الكتاب بلاغياً؟ أرجو الإفادة عاجلاً.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[04 Oct 2010, 11:36 م]ـ
وللباحث نجيب الله سيد أحمد، رسالة ماجستير بعنوان: مباحث علوم القرآن عند العلامة الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي جمعاً ودراسة.
في الجامعة الإسلامية(/)
سؤال عن نظم غريب القرآن لابن المنير رحمه الله
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[07 Oct 2003, 11:17 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
فهذا سؤال أرجو من مشايخنا الفضلاء إفادتي بالجواب، ألا وهو:
كتاب ((التيسير العزيز في تفسير الغريب)) وهو نظم في تفسير غريب القرآن، هل يصح نسبته لابن المنير أم لا؟ وأرجو إفادتي ببعض القرائن إن كان الكتاب له.
لأنه إن صح نسبته له فيكون هو أول من نظم في تفسير الغريب. وإن لم تصح النسبة فيكون أول من نظم هو الديريني رحمه الله.
فأرجو إفادتي بذلك وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Oct 2003, 07:10 ص]ـ
أخي الكريم أبا عبدالرحمن المدني وفقه الله لكل خير.
النظم الذي أشرتم إليه لابن المنير اسمه (التيسير العجيب في تفسير الغريب). وهو نظم يقع في 2482 بيتاً من بحر الرجز. وقد شرح فيه الناظم ألفاظ القرآن الغريبة من سورة الفاتحة إلى سورة الناس. وجمع فيه بين الرواية والدراية، وأورد الآراء المختلفة في شرح الألفاظ الغريبة دون التنبيه على قائليها، واهتم فيه بالقراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وغير ذلك من علوم القرآن.
وقد طبع هذا النظم في دار الغرب الإسلامي عام 1994م بتحقيق الدكتور سليمان ملا إبراهيم أوغلو. وقد اعتمد في إخراجه لهذه المنظومة على نسختين جيدتين إحداهما كتبت في عهد المؤلف قبل وفاته بعشر سنوات وعليها خط المؤلف ومقابلة على نسخته. والأخرى جيدة ولكنها متأخرة 1153هـ.
فالكتاب صحيح النسة لابن المنير أحمد بن محمد بن منصور بن قاسم بن مختار القاضي ناصر الدين المالكي الاسكندري المتوفى سنة 683هـ. وهو صاحب كتاب الانتصاف من الكشاف.
وأما عبدالعزيز بن سعيد الدميري الديريني فقد توفي سنة 697هـ أي بعد ابن المنير بأربعة عشر عاماً تقريباً. وابن المنير قد فرغ من النظم قبل وفاته بأكثر من عشر سنوات، أي سنة 673هـ. وهي نفس السنة التي انتهى فيها الديريني من نظمه أيضاً حيث يقول في خاتمة منظومته في التفسير:
قد يسر الله بغير كلفه**تمام نظمي لا عدمت لطفه
عام ثلاث قبلها سبعونَ**من بعد ستمائة سنينَ
نظمته في أربعين يوما**ميقات إتمام الكليم الصوما
فهما متوافقان في وقت النظم كما يبدو والله أعلم. وربما يكون ابن المنير قد سبقه بوقت يسير لا يعتبر سبقاً بائناً. وكلاهما من أهل مصر رحمهما الله.
ـ[محمد براء]ــــــــ[07 Mar 2008, 02:51 ص]ـ
في ترجمة الشيخ مصطفى البحياوي لبدر العمراني: " الشيخ حفظه الله لم ينقطع للكتابة و التأليف؛ و كل ما خطه قلمه: أنظام في تراجم البخاري، ونظم في مغازي الرسول صلى الله عليه و سلم، و نظم للعقيدة الطحاوية، و تكميل نظم العلامة ناصر الدين أبي العباس أحمد بن محمد المالكي الإسكندراني المعروف بابن المنير المسمى "التيسير العجيب في تفسير الغريب"، سماه: إضافة اللبيب لتكميل التيسير العجيب في تفسير الغريب، لكنه يكمل ... "(/)
أربعة أسئلة
ـ[حسن الكبهي]ــــــــ[08 Oct 2003, 04:33 م]ـ
أرجو ممن لديه العلم إجابتي على:
1 - ما رأي أهل العلم في تفسير محاسن التأويل للقاسمي؟
2 - كم بلغ عدد تفاسير القرآن الكريم الذي وصل إلينا؟ وكيف نستفيد من تنوع وكثرة هذه التفاسير؟
3 - هل ينصح لمن كان قادراً من أهل العلم على اخراج تفسير جديد؟ أم ينصح أن يعمل شيئا في التفاسير الموجودة تهذيباً أو تصحيحاً أو اختصاراً أو تقريباً أو غيرها؟
4 - ما هو رأيكم في ماهية حاجة علم التفسير في هذا الوقت؟ هل هي إضافة تفسير جديد؟ أم خدمة الوسائل المفسرة للقرآن؟ أم عمل الموسوعات فيه؟ أم الاعتناء بالجمع؟ أم غيرها؟
ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شر أنفسنا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Oct 2003, 04:46 م]ـ
أخي الحبيب حسن الكبهي وفقه الله لكل خير.
إجابة السؤال الأول:
سبق الحديث حول تفسير القاسمي في المتلقى على هذا الرابط.
طلب التعريف بتفسير القاسمي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=36) .
إجابة السؤال الثاني:
لا أحد يستطيع حصر عدد التفاسير التي وصلت إلينا لتعذر ذلك. ولكنها تزيد عن الألف فيما أظن ولا أحقق. وأما كيفية الاستفادة من تنوعها فذلك باب طويل من العلم، واختصاره أنه يجب على طالب العلم أن ينتقي أفضلها، ويأخذ أحسن ما فيها، وللانتقاء منهج لا بد من تعلمه وإتقانه، وهو مبسوط في مظانه من كتب علوم القرآن ومناهج المفسرين وأصول التفسير.
أرجو من الإخوة التكرم بإكمال الإجابات وفقهم الله.(/)
سؤال عن منهج ابن جرير في تفسيره
ـ[متعلم]ــــــــ[09 Oct 2003, 12:57 ص]ـ
كنت ابحث في المكتبات عن أي كتاب عن ابن جرير الطبري ومنهجه في التفسير فلم أجد!!
ولعله قصور مني في البحث
فهل يعرف احد كتابا بهذا الموضوع؟ أو رسالة جامعية؟
ـ[متعلم]ــــــــ[12 Oct 2003, 02:05 م]ـ
لم ينجح أحد .. !!!!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Oct 2003, 04:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
معذرة أخي الكريم متعلم على التأخر في الإجابة، فكل واحد منا ينتظر الإجابة من الآخر، فلم يجب أحد!
بالنسبة لتفسير الطبري فقد كتبت فيه أبحاث لا يأتي عليها الحصر لتناثرها في الكتب والمجلات والدوريات. ولم أقرأ إلى الآن كتاباً يليق بتفسير الطبري في دراسة منهجه في التفسير. وأظن أنه قد كتب فيه ولكن لم يطبع وخاصة في الجامعات العراقية فقد كتب في منهجه في التأريخ كتب نفيسة، ولا أظن منهجه في التفسير يغفل من دراسة أصيلة. وأما المطبوع من الكتب والبحوث حوله فمنها:
- الطبري المفسر للدكتور أحمد خليل، وهو كتاب جيد.
- ابن جرير الطبري ومنهجه في التفسير، لمحمد بكر إسماعيل.
- التفسير والمفسرون للذهبي فقد أطال في بيان منهج الطبري في التفسير.
- مذاهب التفسير الإسلامي لجولد زيهر المستشرق فقد أطال في الحديث عنه أيضاً.
- كتاب (الإمام الطبري - فقيهاً ومؤرخاً ومفسراً وعالماً بالقراءات) الذي صدر ضمن سلسلة الدراسات الإسلامية عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في مجلدين. وقد خصص منهجه في التفسير بالباب الثالث وفيه بحث بعنوان (الطبري المفسر) للدكتور عمر الأسعد، الطبري المفسر الناقد مع موازنة بمفسرين معاصرين له للدكتور كاصد ياسر حسين الزيدي، وبحث ثالث بعنوان (الطبري المفسر - مذهبه في التفسير مقارنة بين تفسيره وأعمال الآخرين للدكتور محمد عبدالسلام أبو النيل، وبحث رابع للأستاذة ليلى توفيق). وهذا الكتاب ثمين يستحق القراءة عن جوانب شخصية الإمام الطبري العلمية رحمه الله.
- الإمام الطبري لأحمد الحوفي رحمه الله فقد تعرض لمنهجه في التفسير.
- ترجمة الطبري للدكتور عبدالله المصلح وهو بحث صغير طبعته جامعة الإمام قديماً. ومثله بحث آخر للدكتور علي الشبل صغير الحجم كذلك.
- وهناك رسائل جامعية في قسم القرآن وعلومه بالرياض بعنوان (ترجيحات الإمام الطبري في التفسير) لعدة باحثين منهم الدكتور حسين بن علي الحربي وفقه الله. وقد درسوا منهج ابن جرير الطبري في رسائلهم دراسة جيدة.
وهذه الكتب هي التي خطرت لي الآن ولو استقصيت لظهر لي الكثير فإن أردت فعلت إن شاء الله.
وأرجو أن تعذرنا على التأخر في الإجابة وفقك الله.
ـ[متعلم]ــــــــ[13 Oct 2003, 08:26 م]ـ
الأخ عبد الرحمن الشهري
جزاك الله خيرا على هذه الإضافة المفيدة. وإني مقدر انشغالك أنت والإخوة، نفع الله بجهودكم.
ولقد بحثت في كثير من المكتبات مثل الرشد وغيرها ولم اجد شيء عن الطبري مما ذكر سوى كتاب على الشبل بعنوان إمام المفسرين ...
فهل هناك مكان ما هو مظنة وجود ما ذكرت من كتب؟
واشكرك على اهتمامك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Oct 2003, 10:39 ص]ـ
أخي الكريم وفقك الله
تجد إن شاء الله كتاب (الإمام الطبري - فقيهاً ومؤرخاً ومفسراً وعالماً بالقراءات) الذي صدر ضمن سلسلة الدراسات الإسلامية عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في مجلدين - في مكتبة العبيكان، وإن كان غالي الثمن!! ولكنه يستحق ذلك ففيه بحوث قيمة عن الطبري رحمه الله. وأما بقية الكتب فلا أعلم له مظنة إلا المكتبات العامة كمكتبة الملك عبدالعزيز أو مكتبة جامعة الملك سعود وغيرها.
ـ[متعلم]ــــــــ[16 Oct 2003, 01:05 م]ـ
جزاك الله خيرا
أشكرك أخي العزيز على هذا الاهتمام، وفقك الله، وزاد هذا المنتدى توفيق وسداد في خدمة كتاب الله العزيز.
ـ[متعلم]ــــــــ[24 Oct 2003, 02:12 م]ـ
لكن السؤال يا شيخ عبد الرحمن وبقية الاخوة:
ألم يؤخذ منهج ابن جرير في التفسير كرسالة علمية؟؟(/)
كم ستختم القرآن من مرة في شهر رمضان
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[10 Oct 2003, 11:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وآله أما بعد:
فهذه خاطرة لعلها تكون تذكرة لي ولأحبتي في الله، كتبتها على عجلة من أمري ..... وهي:
كم ستجعل في هذا الشهر المبارك المقبل للقرآن من وقتك إن بلغك الله إياه، كثير من الناس يقبل في أوائل الشهر على القراءة، ولكن سرعان ما يفتر، وينصرم الشهر وهو لم يختم إلا مرة أو بعض مرة، وأظني لست بحاجة لأذكر نماذج من عمل السلف فأنتم أعلم، ولا يخفى عليكم ولكن نرجو من الله التوفيق للعلم، والإخلاص والقبول.
ولعل من المعين على ذلك مقاطعة الشبكة العنكبوتية في شهر رمضان إلا للضرورة أو الحاجة القصوى، وتعجيل قضاء الأشغال الخاصة بك وبأهلك في هذه الأيام حتى تتفرغ للعبادة، وإن يسر الله لك إجازة إن كنت موظفا فنور على نور.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2003, 06:39 م]ـ
أخي الكريم عبدالرحمن السديس وفقه الله لكل خير
أشكرك على مبادرتك لكل خير، وما أشرت إليه أمر في غاية الأهمية، فالقرآن مرتبط برمضان منذ نزوله، والحرص على ختمه، والعود والبدء بذلك أمر مطلوب، فعلماء السلف كانوا ينقطعون عن غيره من العلوم الشريفة كالحديث وغيره، ويتفرغون للقرآن وحسبك بالإمام مالك بن أنس في الخبر الثابت عنه. وكثيراً ما يتساءل المسلمون أيهما أفضل: الإكثار من التلاوة والختم، أم الإقلال مع التدبر والفهم؟
وكلاهما مطلوب، فقراءة القرآن عبادة في ذاتها، بكل حرف تقرأه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها! فهل بعد هذا الفضل فضل؟
والتدبر أمر مطلوب، وهو لا شك أولى بالقارئ لكتاب الله، وقد تعجب ابن جرير ممن يقرأ القرآن ولا يفهم معناه، كيف يتلذذ به! مشيراً إلى أهمية فهمه وتدبره، وقد قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليذكر أولو الألباب). فنص على التدبر.
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن الجمع بينهما لمن استطاع هو الأولى، والأكمل إن شاء الله. ومن لم يكن لديه قدرة على التدبر والفهم كالأعجمي ومن في حكمه فالإكثار من التولاة في حقه أولى. ولا تنس أن النفس لها إقبال وإدبار، والناس في أعمالهم لا يكادون يجدون وقتاً للتدبر والتفكر، فكل أدرى بحاله وقلبه ونفسه، والله الموفق للعبد سبحانه وتعالى. وأنبه هنا نفسي وإخواني وفقهم الله إلى عدم العُجْبِ بكثرة الختمات للقرآن، بل على المسلم أن يجعل له من عبادة السر نصيباً، وأن يحرص على تزكية نفسه بكتاب ربه، وكبح جماحها وعرامها، فإن لها جماحاً وعراماً وقانا الله شرهما، فمهما كثرت عبادة العبد، فما أقلها في جانب شكر الله وطاعته.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[09 Aug 2010, 11:20 ص]ـ
ينبغي أن يعلم أن الإكثار من الختمات لا ينافي التدير، بل قد يكون معينا عليه نظراً لتكرار المرور على الآيات وقرب العهد بها، ولعله يفتح للإنسان فيها عند كل ختمة بشيء جديد.
ونظرا لضعفف الهمم في هذا العصر، وانشغال كثير من الحفاظ عن تعاهد القرآن؛ فإن الإكثار من الختمات استغلالاً لهذا الشهر في ضبط وإتقان المحفوظ أمر مطلوب.
ومن التجارب والنماذج التي ترفع الهمم في هذا الوقت أن هناك من الناس من يختم في كل يوم ختمة في رمضان، وقد أخبرنا أحد المشايخ المقيمين في المدينة النبوية أنه ختم في العام الماضي 28 مرة كل يوم ختمة عدا يوما واحدا اعتمر فيه، وكان الشهر 29، وكان غالب قراءته في الصلاة في الليل والنهار.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[09 Aug 2010, 03:18 م]ـ
فمهما كثرت عبادة العبد، فما أقلها في جانب شكر الله وطاعته.
صدقت والله دكتور عبد الرحمن. مهما كثرت عبادتنا فهي قليلة في جانب شكر الله وطاعته وهذا إن لم تحبط هذه العبادات وقانا الله تعالى جميعاً من محبطات الأعمال وتقبل منا بجوده وكرمه وفضله وإحسانه.
وأنا مع أن يقوم كل منا بما ييسره الله تعالى له فلو كثرت ختمات التلاوة أو قلّت لكن لنحرص على ختمة واحدة على الأقل مع كتاب تفسير ميسر أو متوسط ولنبدأ من اليوم فلماذا ننتظر إلى أول رمضان؟! لنُريَ الله تعالى عزمنا على ذلك وبلا شك سيعيننا على ما عزمنا عليه. ولعلنا نجعل ختمة سماعية فسماع القرآن من مقرئ مجوّد يأخذ المستمع في آفاق لم يكن ليصلها لو قرأ بنفسه.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[09 Aug 2010, 03:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وآله أما بعد:
فهذه خاطرة لعلها تكون تذكرة لي ولأحبتي في الله، كتبتها على عجلة من أمري ..... وهي:
كم ستجعل في هذا الشهر المبارك المقبل للقرآن من وقتك إن بلغك الله إياه، كثير من الناس يقبل في أوائل الشهر على القراءة، ولكن سرعان ما يفتر، وينصرم الشهر وهو لم يختم إلا مرة أو بعض مرة، وأظني لست بحاجة لأذكر نماذج من عمل السلف فأنتم أعلم، ولا يخفى عليكم ولكن نرجو من الله التوفيق للعلم، والإخلاص والقبول.
ولعل من المعين على ذلك مقاطعة الشبكة العنكبوتية في شهر رمضان إلا للضرورة أو الحاجة القصوى، وتعجيل قضاء الأشغال الخاصة بك وبأهلك في هذه الأيام حتى تتفرغ للعبادة، وإن يسر الله لك إجازة إن كنت موظفا فنور على نور.
سؤال وجيه: كم من مرّة ستختم القرآن في رمضان؟؟؟.
نسأل الله تعالى العون بأن نقرأه قراءة المتدبرين الخاشعين مرات عديدة وسنوات مديدة. وجزا الله شيخنا السديس خير الجزاء على تلك الذكرى التي لا شك تنفع المؤمنين.(/)
عجائب المعاني في القرآن الكريم!!
ـ[أبو رفيف]ــــــــ[12 Oct 2003, 12:35 م]ـ
ذكر السيوطي في كتابه: " الإتقان في علوم القرآن " نقلاً عن ابن فارس في الأفراد:
كل ما في القرآن من ذكر الأسف فمعناه: الحزن، إلا في قوله تعالى: (فلما آسفونا)، فمعناه: أغضبونا.
وكل ما فيه من ذكر البروج فهي الكواكب، إلا في قوله تعالى: (ولو كنتم في بروج مشيدة)، فهي القصور الطوال الحصينة.
وكل ما فيه من ذكر البر والبحر فالمراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس، إلا في قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر)، فالمراد به البرية والعمران.
وكل ما فيه من بخس فهو النقص، إلا في قوله تعالى: (بثمن بخس)، أي حرام.
وكل ما فيه من البعل فهو الزوج، إلا في قوله تعالى: (أتدعون بعلاً)، فهو الصنم.
وكل ما فيه من البكم فالخرس عن الكلام بالإيمان، إلا في قوله تعالى: (عمياً وبكماً وصماً) في الإسراء، وفي قوله تعالى: (وأحدهما أبكم) في النحل، فالمراد به عدم القدرة على الكلام مطلقاً.
وكل ما فيه جثياً فمعناه: جميعاً، إلا في قوله تعالى: (وترى كل أمة جاثية)، فمعناه: تجثو على ركبها.
وكل ما فيه حسباناً فهو: العدد، إلا في قوله تعالى: (حسباناً من السماء) في الكهف، فهو: العذاب.
وكل ما فيه من الحسرة فمعناه: الندامة، إلا إلا في قوله تعالى: (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم)، فمعناه: الحزن.
وكل ما فيه من الدحض فمعناه: الباطل، إلا في قوله تعالى: (فكان من المدحضين)، فمعناه: من المقروعين.
وكل ما فيه من رجز فمعناه: العذاب، إلا في قوله تعالى: (والرجز فاهجر)، فالمراد به: الصنم.
وكل ما فيه من ريب فمعناه: الشك، إلا في قوله تعالى: (ريب المنون)، يعني: حوادث الدهر.
وكل ما فيه من الرجم: فهو القتل، إلا في قوله تعالى: (لأرجمنك)، فمعناه: لأشتمنك، وفي قوله تعالى: (رجماً بالغيب)، أي: ظناً.
وكل ما فيه من الزور فمعناه: الكذب مع الشرك، إلا في قوله تعالى: (منكراً من القول وزوراً)، فإنه: كذب من غير شرك.
وكل ما فيه من زكاة فهو: المال، إلا في قوله تعالى: (وحناناً من لدنا وزكاة)، أي: طهرة.
وكل ما فيه من الزيغ فهو: الميل، إلا في قوله تعالى: (وإذ زاغت الأبصار)، أي: شخصت.
وكل ما فيه من سخر فمعناه: الاستهزاء، إلا في قوله تعالى: (سخرياً) في الزخرف، فهو من: التسخير والاستخدام.
وكل سكينة فيه طمأنينة، إلا في قوله تعالى: (فيه سكينة) التي في البقرة عند ذكر قصة طالوت ... " مختلف فيها، وهذا القول لابن عباس رضي الله عنهما ".
وكل سعير فيه فهو: النار والوقود، إلا في قوله تعالى: (في ضلالٍ وسعر)، فهو: العناء.
وكل شيطان فيه فهو: إبليس وجنوده، إلا في قوله تعالى: (وإذا خلوا إلى شياطينهم)، فالمراد به: شياطين الإنس. وقوله تعالى: (شياطين الإنس والجن) في الأنعام، المراد به: المعنيان.
وكل شهيد فيه غير القتلى فمعناه: من يشهد في أمور الناس، إلا في قوله تعالى: (وادعوا شهداؤكم) في البقرة، فمعناه: شركاؤكم.
وكل ما فيه من أصحاب النار: فأهلها، إلا في قوله تعالى: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة)، فالمراد: خزنتها.
وكل صلاة فيه فهي: عبادة ورحمة إلا في قوله تعالى: (وصلوات ومساجد)، فهي: الأماكن.
وكل صمم فيه فعن سماع الإيمان والقرآن خاصة، إلا الذي في الإسراء.
وكل عذاب فيه فهو: التعذيب، إلا في قوله تعالى: (وليشهد عذابهما)، فهو:الضرب.
وكل قنوت فيه طاعة، إلا في قوله تعالى: (كل له قانتون) فمعناه: مقرون ومعترفون.
وكل كنز فيه مال، إلا الذي في الكهف فهو: صحيفة علم.
وكل مصباح فيه كوكب، إلا الذي في النور فمعناه: السراج.
وكل نكاح فيه زواج، إلا في قوله تعالى: (حتى إذا بلغوا النكاح) في النساء، فهو الحلم.
وكل نبأ فيه: خبر، إلا في قوله تعالى: (فعميت عليهم الأنباء)، أي: الحجج.
وكل ورود فيه: دخول، إلا في قوله تعالى: (ولما ورد ماء مدين)، يعني: هجم عليه ولم يدخله.
وكل ما فيه من لايكلف نفساً إلا وسعها: فالمراد منه العمل، إلا التي في الطلاق فالمراد بها: النفقة.
وكل يأس فيه: قنوط، إلا في قوله تعالى: (أفلم ييئس الذين آمنوا) في الرعد، فمن العلم؛ أي: أفلم يعلم الذين آمنوا.
وكل صبر فيه محمود، إلا في قوله تعالى: (لولا أن صبرنا عليها) في الفرقان، وقوله تعالى: (واصبروا على آلهتكم) في ص.
هذا آخر ما ذكره ابن فارس في الأفراد.
قال السيوطي بعد ذلك ...
وقال غيره: كل صوم فيه فهو العبادة المعروفة، إلا في قوله تعالى: (إني نذرت للرحمن صوماً)، أي: صمتاً.
وكل ما فيه من الظلمات والنور فالمراد بها: الكفر والإيمان، إلا التي في أول الأنعام فالمراد بها: ظلمة الليل، ونور النهار.
وكل إنفاق فيه فهو: الصدقة، إلا في قوله تعالى: (فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا) فالمراد به: المهر.
وكل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة، وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب.
وكل آية في القرآن فيها حفظ الفرج فهو من الزنا، إلا قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)، فالمراد: أن لا يراها أحد.
وكل وراء في القرآن معناه: أمام، إلا في قوله تعالى: (فمن ابتغى وراء ذلك) يعني: سوى ذلك، وقوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم)، يعني: سوى ذلكم.
وكل شيء ذكره الله بقوله: وما أدراك فقد فسره، وكل شيء ذكره بقوله: وما يدريك فقد تركه.
وقال آخرون: ليس في القرآن بعد بمعنى: قبل، إلا في قوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر)، وقوله تعالى (والأرض بعد ذلك دحاها) أي: قبل؛ لأنه تعالى خلق الأرض في يومين، ثم استوى إلى السماء فعلى هذا خلق الأرض قبل السماء.
وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو رفيف]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:41 م]ـ
هذا هو كتاب: " أفراد كلمات القرآن " لابن فارس، بتحقيق الأستاذ الدكتور / حاتم صالح الضامن.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Dec 2010, 10:36 م]ـ
هذا ما يسميه العلماء بـ (كليات التفسير).
ويمكن معرفة المزيد عنها عبر [هذا الرابط ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2903) ] و [هذا الرابط ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=1797) ].
وهذا اقتباس مفيد يخص كتاب الأفراد لابن فارس:
بالنسبة لكتاب الأفراد للعلامة أحمد بن فارس رحمه الله، فهو من الكتب الصغيرة الحجم التي تصلح للمذاكرة - كما يقول ابن فارس في مقدمته - وله سبق في الكتابة في هذا الموضوع.
وقد كنت كتبت بحثاً في جهود ابن فارس في التفسير وعلوم القرآن، وترجح لدي أن هذا الكتاب قد ضمنه الزركشي رحمه الله كله في (البرهان في علوم القرآن) 1/ 105 حيث قال: (وقال ابن فارس في كتاب (الأفراد): كل ما في كتاب الله من ذكر الأسف .... الخ). ثم نقل عنه السيوطي في الإتقان، وقد سماه:الوجوه والنظائر. وجعله كتاباً مستقلاً لابن فارس،وتبعه في هذا الوهم الدكتور رمضان عبدالتواب وهلال ناجي ومن قبلهما إسماعيل البغدادي في هدية العارفين. ولكن الزركشي يرى أن كتاب الأفراد مؤلف في فن الوجوه والنظائر. مع أن هناك فرقاً بين الوجوه والنظائر وبين الأفراد.
فالوجوه هي المعاني المختلفة للفظة القرآنية.
والنظائر هي الآيات الواردة في الوجه الواحد.
بينما الأفراد هي الألفاظ التي لا نظير لها ومعناها واحد في كل المواضع، واستقراء كتاب ابن فارس يدل على هذا المعنى.
وقد نشر هذا الكتاب في مجلة الدراسات الإسلامية بإسلام آباد في يونيو 1983م بتحقيق الدكتور أحمد خان.
وقبل مدة ظهر الكتاب محققاً في مجلة الحكمة، في العدد الثاني والعشرين من ص127 - 141 تحت عنوان: (أفراد كلمات القرآن)
ولم يكتب اسم المحقق الذي قام بتحقيقها، وقد راسلتهم في معرفة المحقق، ولم يجيبوا إلى الآن.
ويقول المحقق أنه وجدها في دار المخطوطات بصنعاء في مجموع برقم 208. وتبين أن الزركشي قد نقل الكتاب كاملاً وتصرف في النص. ولم يترك سوى المقدمة تقريباً.(/)
بحث في معنى (حتى يطهرن) منقول من منتدى أهل الحديث
ـ[محمد أبو معاذ]ــــــــ[12 Oct 2003, 02:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للفائدة: بحث منقول من منتدى أهل الحديث
رابط الموضوع: http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=13180
ملتقى أهل الحديث المنتديات العلمية منتدى العلوم الشرعية البحث حول كلمة ((حتى يطهرن))
الكاتب الموضوع
الوسيط
غفر الله له ولوالديه آمين
تاريخ التسجيل» جمادى الثانية 1424 هـ
البلد»
عدد المشاركات» 109
بمعدل» 2.04 مشاركة لكل يوم
البحث حول كلمة ((حتى يطهرن))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى:
سورة البقرة الآية (222)
أحبتي في الله
طلبي هو البحث حول كلمة ((حتى يطهرن)) في الآية الكريمة السابقة مع أختلاف الآراء.
كما أتمنى أن أجد كتاب بخصوص آيات الأحكام بصيغة وورد
جزاكم الله خيراً
__________________
قال ابن تيمية لتلميذه ابن القيم ناصحاً: «لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها؛ فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشْربتَ قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقراً للشبهات. أو كما قال» مفتاح دار السعادة: 140، وفي ط دار ابن عفان: 1/ 443.
المسيطير
الاخ الوسيط وفقه الله،،
اسف جدا وليس لي تعقيب على موضوعك، لكن اشكل علي العبارة الاخيرة (ولكم مني خالص الدعاء)، هل يجوز اطلاقها، اذ ان خالص الدعاء لايرفع الا لله تعالى.
ارغب الافادة.
السعيدي
انظر كتاب فتاوى العلماء في عشرة النساء ص/51
فتوى اللجنة الدائمة
---------------------------------------------------------
الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.55 - للإمام القرطبي
قوله تعالى: "ولا تقربوهن حتى يطهرن" قال ابن العربي: سمعت الشاشي في مجلس النظر يقول: إذا قيل لا تقرب (بفتح الراء) كان معناه: لا تلبس بالفعل، وإن كان بضم الراء كان معناه: لا تدن منه. وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه "يطهرن" بسكون الطاء وضم الهاء. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل "يطهرن" بتشديد الطاء والهاء وفتحهما. وفي مصحف أبي وعبدالله "يتطهرن". وفي مصحف أنس بن مالك "ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهن حتى يتطهرن". ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء، وقال: هي بمعنى يغتسلن، لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر. قال: وإنما الخلاف في الطهر ما هو، فقال قوم: هو الاغتسال بالماء. وقال قوم: هو وضوء كوضوء الصلاة. وقال قوم: هو غسل الفرج، وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة، ورجح أبو علي الفارسي قراءة تخفيف الطاء، إذ هو ثلاثي مضاد لطمث وهو ثلاثي.
-------------------------------------------------------------
جامع البيان عن تأويل آي القرآن. الإصدار 1.12 - للإمام الطبري
3419 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله العتكي، عن عكرمة في قوله: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} قال: حتى ينقطع الدم.
وأما الذين قرؤوا ذلك بتشديد الهاء وفتحها، فإنهم عنوا به: حتى يغتسلن بالماء وشددوا الطاء لأنهم قالوا: معنى الكلمة: حتى يتطهرن أدغمت التاء في الطاء لتقارب مخرجيهما.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ: "حتى يطهرن" بتشديدها وفتحها، بمعنى: حتى يغتسلن، لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع دم حيضها حتى تطهر.
وإنما اختلف في التطهر الذي عناه الله تعالى ذكره، فأحل له جماعها، فقال بعضهم: هو الاغتسال بالماء، ولا يحل لزوجها أن يقربها حتى تغسل جميع بدنها. وقال بعضهم: هو الوضوء للصلاة. وقال آخرون: بل هو غسل الفرج، فإذا غسلت فرجها فذلك تطهرها الذي يحل به لزوجها غشيانها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان إجماع من الجميع أنها لا تحل لزوجها بانقطاع الدم حتى تطهر، كان بينا أن أولى القراءتين بالصواب أنفاهما للبس عن فهم سامعها، وذلك هو الذي اخترنا، إذ كان في قراءة قارئها بتخفيف الهاء وضمها ما لا يؤمن معه اللبس على سامعها من الخطأ في تأويلها، فيرى أن للزوج غشيانها بعد انقطاع دم حيضها عنها وقبل اغتسالها وتطهرها.
فتأويل الآية إذا: ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى، فاعتزلوا جماع نسائكم في وقت حيضهن، ولا تقربوهن حتى يغتسلن فيتطهرن من حيضهن بعد انقطاعه.
----------------------------------------------------------
تفسير الجلالين. الإصدار 1,13 - للإمام جلال الدين المحلِّي وجلال الدين السيوطي
222 - (ويسألونك عن المحيض) أي الحيض أو مكانه ماذا يفعل بالنساء فيه (قل هو أذى) قذر أو محله (فاعتزلوا النساء) اتركوا وطأهن (في المحيض) أي وقته أو مكانه (ولا تقربوهن) بالجماع (حتى يطَّهَّرن) بسكون الطاء وتشديدها والهاء وفيه إدغام التاء في الأصل في الطاء أي يغتسلن بعد انقطاعه (فإذا تطهرن فأتوهن) بالجماع (من حيث أمركم الله) بتجنبه في الحيض وهو القبل ولا تعدوه إلى غيره (إن الله يحب) يثيب ويكرم (التوابين) من الذنوب (ويحب المتطهرين) من الأقذار
-----------------------------------------------------------
مختصر تفسير ابن كثير. الإصدار 1.26 - اختصار الصابوني
222 - ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
223 - نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
عن أنَس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت (المراد بالمجامعة هنا الإجتماع بهن لا الوقاع وهو المعنى الحقيقي واستعماله بالمعنى الآخر كناية اهـ) فسأل أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} حتى فرغ من الآية. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء (أسيد بن حضير وعباد بن بشر) فقالا: يا رسول اللّه إن اليهود قالت كذا وكذا أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما (رواه مسلم والإمام أحمد) فقوله: {فاعتزلوا النساء في المحيض} يعني الفرج لقوله: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج، قال أبو داود عن بعض أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.
وعن مسروق قال، قلت لعائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالت: كل شيء إلا الجماع، وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن. وروي ابن جرير عن عائشة قالتك له ما فوق الإزار، (قلت): ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف. قالت عائشة: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض، وكان يتكىء في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن، وفي الصحيح عنها قالت: كنت أتعرق العرق (عرق اللحم وتعرقه واعتراقه تناوله بفمه من العظم) وأنا حائض فأعطيه النبي صلى اللّه عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه. وقال آخرون: إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار كما ثبت في الصحيحين عن ميمونة قالت: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض. وروى الإمام أحمد عن عبد اللّه بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "ما فوق الإزار" ولأبي داود عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عما يحل لي من أمرأتي وهي حائض قال: "ما فوق الإزار والتعففُ عن ذلك أفضل".
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي رحمه اللّه، الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم، ومأخذهم أنه حريم الفرج فهو حرام، لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم اللّه عز وجلّ، الذي أجمع العلماء على تحريمه، وهو المباشرة في الفرج، ثم من فعل ذلك فقد أثم فيستغفر اللّه ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟ فيه قولان، (أحدهما): نعم، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، يتصدق بدينار أو نصف دينار. وللإمام أحمد أيضاً عنه أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم جعل في الحائض تصاب ديناراً فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار، (والقول الثاني): وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور: أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر اللّه عزّ وجلّ، لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعاً كما تقدم وموقوفاً، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث. فقوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} تفسير لقوله: {فاعتزلوا النساء في المحيض} ونهى عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجوداً ومفهومه حله إذا انقطع.
وقوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الإغتسال، وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} وليس له في ذلك مستند لأن هذا أمر بعد الحظر، وقد اتفق العلماء على ان المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم. إن تعذر ذلك عليها بشرطه، إلا أن أبا حنيفة رحمه الّله يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض هو عشرة ايام عنده إنها تحل بمجرد الإنقطاع، ولا تفتقر إلى غسل واللّه أعلم. وقال ابن عباس: {حتى يطهرن} أي من الدم {فإذا تطهرن} أي بالماء، وكذا قال مجاهد وعكرمة.
وقوله تعالى: {من حيث أمركم الله} قال ابن عباس: في الفرج ولا تَعَدَّوه إلى غيره، فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى، وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة: {من حيث أمركم اللّه} أي ان تعتزلوهن، وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر كما سياتي قريباً إن شاء اللّه، وقال الضحاك: {فأتوهن من حيث أمركم اللّه} يعني طاهرات غير حيّض، ولهذا قال: {إن الله يحب التوابين} أي من الذنب وإن تكرر غشيانه، {ويحب المتطهرين} أي المتنزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض أو في غير المأتى.
وقوله تعالى {نساؤكم حرث لكم} قال ابن عباس: الحرث موضع الولد، {فأتوا حرثكم أنى شئتم} أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث. قال البخاي: عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: {نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم} وعن جابر بن عبد اللّه أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول فأنزل اللّه: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" (رواه مسلم وأبو داود) وعن ابن عباس قال: أُنزلت هذه الآية {نساؤكم حرث لكم} في أناس من الأنصار، أتو النبي صلى اللّه عليه وسلم فسألوه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ائتها على كل حال إذا كان في الفرج" (رواه أحمد)
قال الإمام أحمد: عن عبد اللّه بن سابط قال: دخلتُ على (حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر) فقلت: إني لسائلك عن أمر وأنا أستحي أن أسألك قالت: فلا تستحي يا ابن أخي، قال: عن إتيان النساء في أدبارهن، قالت: حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يُحْبُون النساء وكانت اليهود تقول: إنه من أحبى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار، فأَحْبَوْهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت: لن تفعل ذلك حتى آتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت: اجلسي حتى يأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استحت الأنصارية أن تسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخرجت فسألته أم سلمة فقال: ادعي "الأنصارية" فدعتها، فتلا عليها هذه الآية {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} "صماماً واحداً" (رواه أحمد
(يُتْبَعُ)
(/)
الترمذي)
وعن ابن عباس قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه هلكت! قال: "ما الذي أهلكك؟ " قال: حولت رحلي البارحة، قال فلم يرد عليه شيئاً، قال: فأوحى اللّه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية: {نساؤوكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}: "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة" (رواه أحمد).
وعن نافع قال: قرأت ذات يوم {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال ابن عمر: أتدري فيما نزلت؟ قالت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن. وهذا الحديث محمول - على ما تقدم - وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها لما روى كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنه قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال: كذبوا عليّ ولكن سأحدثك كيف كان الأمر؛ إن ابن عمر عرض المصحف يوماً وأنا عنده حتى بلغ {نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم} فقال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا، قال إنا كنا معشر قريش نحبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد، فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله: {نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم} (رواه النسائي) وهذا إسناد صحيح وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء الميدنة وغيرهم، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر، وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك رحمه اللّه، وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {استحيوا إن اللّه لا يستحي من الحق، لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن" وعن خزيمة بن ثابت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها (رواه الإمام أحمد) وفي رواية قال: "استحيوا إن اللّه لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن" وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا ينظر اللّه إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في الدبر" (رواه الترمذي والنسائي) عن عكرمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس وقال: كنت أتى أهلي في دبرها وسمعت قول اللّه {نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم} فظننت أن ذلك لي حلال، فقال: يا لكع إنما قوله {فأتوا حرثكم أنى شئتم} قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره. وقال عمر رضي اللّه عنه: استحيوا من اللّه فإنَّ اللّه لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أبدراهن. وعن أبو جويرة قال: سأل رجل علياً عن إتيان المراة في دبرها فقال: سفلت سفل اللّه بك ألم تسمع قول اللّه عزّ وجلّ: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}؟ وقد تقدم قول ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عمر في تحريم ذلك، وهو الثابت بلا شك عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أنه يرحمه. عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري أيحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدبر فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين؟ (رواه الدرامي في مسنده) وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم، وروي معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام.
وقال أبو بكر النيسابوري بسنده عن إسرائيل بن روح سألت مالك بن انَس: ما تقول في إيتان النساء في أدبارهن؟ قال: ما انتم إلى قوم عرب، هل يكون الحرث إلا موضع الزرع؟ لا تعدوا الفرج، قلت: يا أبا عبد اللّه إنهم يقولون إنك تقول ذلك، قال: يكذبون عليَّ فهذا هو الثابت عنه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي سلمة وعكرمة، وطاووس، وعطاء، وسعيد ابن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن، وغيرهم من السلف أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يطلق على فعله الكفر وهو مذهب جمهور العلماء. وقوله تعالى: {وقدموا لأنفسكم} أي من فعل الطاعات مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات ولهذا قال: {واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه} أي فيحاسبكم على أعمالكم جميعها {وبشر المؤمنين} أي المطيعين للّه فيما أمرهم، التاركين ما عنه زجرهم، وقال ابن جرير عن ابن
(يُتْبَعُ)
(/)
عباس {وقدموا لأنفسكم} قال: تقول باسم اللّه التسمية عند الجماع، وقد ثبت في صحيح البخار عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم اللّه، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً".
-------------------------------------
الدر المنثور في التفسير بالمأثور. الإصدار 1,38 - للإمام جلال الدين السيوطي
قوله تعالى: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
أخرج أحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي في سننه عن أنس "أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيوت. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ... } الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء إلا النكاح. فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه! فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، فقالا: يا رسول الله إن اليهود قالت كذا وكذا أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في أثرهما فسقاهما، فعرفا أنه لم يجد عليهما".
وأخرج النسائي والبزار واللفظ له عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {ويسألونك عن المحيض} قال "أن اليهود قالوا: من أتى المرأة من دبرها كان ولده أحول، وكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض؟ فأنزل الله {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن} بالإغتسال {فأتوهن من حيث أمركم الله}. (نساؤكم حرث لكم) إنما الحرث موضع الولد".
__________________
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...p?threadid=3408
وعودا على مسألة الاحتياط اذكر هنا مثالا لما ينبغىالعمل بالاحوط فيه وهو قوله تعالى: ((ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله)) ...
وما معنى الطهر هل هو بمعنى الاغتسال ام بمعنى انقطاع الدم ,,,
فما ذهب اليه الجمهور من ان المعنى هو الاغتسال له ادلة قوية من مثل القراءة الاخرى بالتشديد ((يطهرن)) وهو متعدى بمعنى فعل الطهارة وهو الاغتسال .....
وكذلك المعقول لان من لم تغتسل في حكم الحائض فهي قبل الاغتسال لايحل لها شئ من العبادات وان انقطع عنها الدم حتى تغتسل فأذا جاز اتيانها قبل الغسل وبعد انقطاع الدم كان جماعا للحائض .. (أفاده ابن العربي)) وقد يعترض عليه بامور ليس هذا محل ذكرها ومن اقوى ادلتهم انا لو سلمنا بأن المقصود بقول (يطهرن) انقطاع الدم فأن قوله تعالى (فأذا تطهرن) صريح بما نقول وهو وجوب التطهر والغسل قبل اباحة الاتيان.فهو من تفعلن يعنى اتين بالطهارة وقد وجد في مصحف ابي (حتى يتطهرن).
ولمن قال بأن المقصود من الطهر هو انقطاع الدم ادلة منها: قراءة التخفيف. ومنها بعض تفاسير السلف كقول عكرمة ومجاهد وغيره ان المقصود انقطاع الدم.
ومن المعقول انه لو كان المقصود الغسل لوجب على الكتابيه فعل ذلك ومن شروط الغسل النية لرفع الحدث الاكبر عند الجمهور وهي لاتقبل من مشرك فكيف تؤمر الكتابيه بها! واذا اجزت لزوجها المسلم اتيانها حال انقطاع الدم دل على ان امقصود الاية انقطاع الدم وهذا اقوى ما عللوا به في نظري ...
وقد يجاب عنه بأمور منها ان الحكم العام في المسلمات وماعداهن فله حكمه كما ان المسلمة يجب عليها مالايجب علي غيرها ... ومن الاجوبة ان جواز الزواج من الكتابة كان لمصلحة فسقطت لاجلها بعض الاحكام ولا ينسحب هذا على المسلمات .... ومنها ان هناك من قال بوجوب اجبارها ... وهي لاتفتقر الى النيه هنا لان المقصود بالتطهير اباحتها للزوج المسلم فصار اغتسالها للزوج لا تعبدا او بقصد رفع الحدث الاكبر بل لحال الزوج .... الخ.
فيكون ترجيح قول الجمهور بأكثر من طريقة لان الادلة العقلية والنقلية متعارضه مع ان قول الجمهور أقوى واسلم من ا لاعتراض.
فيتم الترجيح بطرق:
1 - الاحتياط فقول الجمهور احوط اذ ان الزوجة تحل بالاجماع بعد اغتسالها لكنها لاتحل الا على قول البعض اذا انقطع عنها الدم وقبل اغتسالها.
2 - لانه قول الاكثر وهو قول الجمهور.
__________________(/)
سؤال حول طبعات كتاب فتح القدير للشوكاني
ـ[شعبة بن عياش]ــــــــ[12 Oct 2003, 02:47 م]ـ
الأساتذة الأفاضل
أود سؤالكم عن طبعة متميزة لفتح القدير
وما تقييمكم لهذا التفسير في الجانب الفقهي؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Oct 2003, 09:43 م]ـ
طبعات " فتح القدير " للشوكاني رحمه الله كثيرة منها:
- طبعة شركة مصطفى البابي الحلبي , سنة 1349هـ , ثم طبعة أخرى سنة 1383هـ.
- طبعة دار الفكر , بيروت , سنة 1401هـ , في خمسة مجلدات.
- طبعة دار الوفاء بالمنصورة ودار الخاني بالرياض , سنة 1418هـ , في خمسة مجلدات مع الفهارس في السادس. وهي بتحقيق د/عبد الرحمن عميره , وعلى تحقيقه وتقديمه ملاحظات ليست بالقليلة , لكنها من أوضح الطبعات , وأفضل من غيرها.(/)
خاتمة كتاب (قواعد التفسير) للشيخ خالد السبت وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Oct 2003, 04:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي خاتمة كتاب قواعد التفسير للدكتور خالد بن عثمان السبت. نقلتها من موقع الدرر السنية جزاهم الله خيراً.
الخاتمة
- تبين لنا من خلال هذه الدراسة أن علم القواعد من العلوم الضرورية لطالب العلم، إلا أن القواعد المتعلقة بالتفسير لم تحظ بالعناية المطلوبة، فمع سعتها، وتعدد جوانبها، لا تكاد تجد كتاباً يجمع شتاتها، ويلم أطرافها ولذا بقيت تلك القواعد منثورة في بطون الكتب، ومتفرقة فيها.
- ضم هذا الكتاب ما يقرب من ثمانين وثلاثمائة قاعدة، منها قواعد أصلية، وأخرى تبعية، تم استقراؤها من نحو خمسة وعشرين ومائتي كتاب، مقسمة على ثمانية وعشرين مقصداً.
- ليس هناك فرق يذكر من الناحية الواقعية – بين الضوابط والقواعد، إذ أن العلماء الذين يفرقون بينهما يذكرون أشياء كثيرة – هي ضوابط حسب اصطلاحهم – على أنها من القواعد وليست كذلك.
- عرفنا من خلال البحث أن هناك فرقاً بين قواعد التفسير، وبين التفسير من جهة، وبين قواعد التفسير وعلوم القرآن من جهة أخرى، وبين قواعد التفسير وقواعد الأصول واللغة من جهة ثالثة.
- ظهر جلياً من خلال البحث أن قواعد التفسير تُستمد من كتب الأصول واللغة وعلوم القرآن، إضافة إلى مؤلفات أخرى من فنون شتى.
- تطبيق القواعد في استنباط المعاني والأحكام من كلام الله عز وجل لا يعد من قبيل إعمال الرأي المذموم.
أسأل الله تعالى أن ينفع به من كتبه، أو قرأه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع ( http://www.dorar.net/htmls/bookctitles.asp?bookcID=6)(/)
خاتمة كتاب (الإجماع في التفسير) للشيخ محمد بن عبدالعزيز الخضيري وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Oct 2003, 04:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه خاتمة كتاب (الإجماع في التفسير) للدكتور محمد بن عبدالعزيز الخضيري وفقه الله. وهو في الأصل رسالة تقدم بها لنيل درجة الماجستير من قسم القرآن الكريم وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض.
الخاتمة
"نسأل الله الكريم حسنها"
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وبعد هذا التطواف الطويل، ألقي عصا المسير، مستخلصاً أهمَّ النتائج التي خلصت إليها فأقول:
ـ الإجماع يطلق في اللغة على معنيين: العزم، والاتفاق.
ـ أما في الاصطلاح فالإجماع: "هو اتفاق مجتهدي الأمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عصر، على أي أمرٍ كان "وهذا من أجمع التعريفات.
ـ بينت أن الإجماع حق مقطوع به في دين الله، وأنه أصل عظيم من أصول الدين، ومصدر من مصادر الشريعة، ولذلك يتحتم على طالب الحق معرفته، لئلا يكون في عداد المشاقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، المتبعين غير سبيل المؤمنين، فيحق عليه الوعيد المذكور في قوله تعالى: ?وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً? [سورة النساء].
ـ وقد بينت أن مرتبة الإجماع تلي مرتبة الكتاب والسنة، وهذا هو مذهب السلف الصالح، خلافاًَ لبعض المتأخرين الذين يقدمون الإجماع في المرتبة على الكتاب والسنة، والتي نشأ عنها معارضة الكتاب والسنة بالإجماع المجهول.
ـ أما الإجماع القطعي ـ كالإجماع على المعلوم من الدين بالضرورة ـ فإن العلماء يقدمونه على النصوص، لأن واقع الأمر أنه تقديم للنصوص القطعية الثبوت والدلالة على النصوص الظنية الثبوت أو الدلالة، لا أنه تقديم للإجماع على النص.
ـ ثم ذكرت أهمَّ الفوائد التي ذكرها العلماء للإجماع، ومن ذلك:
1ـ الإجماع على المعلوم بالضرورة من الدين يُظْهر حجم الأمور التي اتفقت فيها الأمة، بحيث لا يستطيع أهلُ الزيغ والضلال إفسادَ دين المسلمين، وحال أهل الكتاب في اختلافهم في أصول دينهم أدلُّ على النعمة التي اختصت بها الأمة الإسلامية.
2ـ العلم بالقضايا المجمع عليها من الأمة يعطي الثقة التامة بهذا الدين، ويؤلف قلوب المسلمين، ويسدُّ البابَ على من يقول: إن الأمة مختلفة في كل شيء، فكيف تجتمع؟
3ـ إنه قد يخفي النص على بعض الناس، ويعلم الإجماع فيحتج به.
4ـ إن السند الذي يقوم عليه الإجماع قد يكون ظنياً، فيرتفع بالإجماع عليه إلى مرتبة القطع.
5ـ إن النصوص تحتمل التأويل والتخصيص والنسخ ونحو ذلك، والإجماع يرفع الاحتمال، ويقي المجتهد متاعب النظر والاستدلال.
6ـ التشنيع على المخالفين بالجرأة على مخافة الإجماع، فيكون ذلك سبباً لزجر المخالف، وردعه عن التمادي في باطله.
ـ بينت في الحديث عن حجية الإجماع، إمكان وقوع الإجماع عادة، وإمكان العلم به، بعد تحققه من المجتهدين، وإن كان نقله نقلاً صحيحاً إلى من يحتج به.
ـ ثم ذكرت الأدلة على حجية الإجماع من الكتاب والسنة بعد أن قررت أن الدليل على ثبوت الإجماع إنما هو دليل الشرع لا العقل.
ـ وقد بينت أن هذه الأدلة قد دلت على أمرين مهمين:
الأول: إن العصمة ثابتة لمجموع الأمة، دون اشتراط عدد معين، فمتى ثبت الإجماع، وجب اتباعه، دون أن يكون من شرطه أن يبلغ المجمعون عدد التواتر.
الثاني: أن الإجماع حجةٌ ماضية في جميع العصور، وليس ذلك محصواً في عهد الصحابة دون غيرهم.
ـ وضحت أن الإجماع ينقسم باعتبار ذاته إلى إجماع صريح، وإجماع سكوتي، وباعتبار أهله ينقسم إلى إجماع عامة، كالإجماع على المعلوم بالضرورة من الدين ـ وإجماع خاصة، وباعتبار عصره ينقسم إلى إجماع الصحابة، وإجماع من بعدهم، وباعتبار نقله إلينا ينقسم إلى إجماع ينقل بطريق التواتر، وإجماع ينقل بطريق الآحاد، وباعتبار قوته ينقسم إلى إجماع قطعي، وإجماع ظني.
ثم فصلت القول في تقسيم الإجماع باعتبار ذاته:
(يُتْبَعُ)
(/)
مبيناً أن الإجماع الصريح: هو الذي أبدى فيه جميع المجتهدين آراءهم بصراحة، أو صرح بعضهم بالقول، وفعل البقية مقتضاه، فهذا حجة قاطعة بلا نزاع. ومن الإجماع الصريح ـ على رأي جمهور الأصوليين ـ ما إذا اتفق المجتهدون في الفعل بما يدل على حكمه، وهو ما يسمى بالإجماع الفعلي الصريح.
ـ وأما الإجماع السكوتي: فهذا أن يعمل بعض المجتهدين عملاً، أو يبدي رأياً في مسألة اجتهادية قبل استقرار المذاهب فيها، ويسكت باقي المجتهدين عن إبداء رأيه بالموافقة أو بالمخالفة، بعد علمهم، سكوتاً مجرداً عن أمارات الرضا والسخط، مع مضي زمن يكفي للبحث والنظر. فلا يسمى إجماعاً سكوتياً إلا ما توافر فيه هذه القيود المذكورة. ومثله الإجماع الاستقرائي: وهو أن تستقرأ أقوال العلماء في مسألة فلا يعلم خلافٌ فيها.
وقد ذكرت أن العلماء اختلفوا في حجية الإجماع السكوتي، وجمهورهم على الاحتجاج به، وبينت سبب الخلاف، وحررت محل النزاع، ثم ذكرت أدلة الجمهور مفصلة. وأوضحت بعد ذلك أن هذا النوع من الإجماعات هو الذي يغلب وجوده ونقله بين العلماء، أما الإجماع الذي يذكره الأصوليون بالشروط الموجودة في كتبهم فهذا يكاد يستحيل وقوعه بعد عصر الصحابة، إن لم يكن غيرَ موجود في عصرهم، والقول به يفضي إلى عدم الانتفاع بأصل الإجماع، هذا فضلاً عن كونه يفتح باباً لضعاف النفوس الذين يريدون هدم أصل الإجماع، وإغلاق بابه، بأن يطبقوا تلك الشروط على ما يحكيه أهل العلم من الإجماع، فلا تنطبق عليه، فيعودوا على جملة عظيمة من المسائل المجمع عليها بالنقض.
ـ بينت أهم الشروط التي ذكرها أهل العلم في الإجماع، وهي كالتالي:
الشرط الأول: أن يكون الإجماع عن مستند، والمستند هو الدليل الذي اعتمده المجتهدون فيما أجمعوا عليه. ولم يخالف في هذا الشرط إلا طائفة شاذة كما يقول الآمدي. و يتصل بهذا الشرط مسألتان:
الأولى: نوع الدليل الذي يكون مستنداً للإجماع. فمن العلماء من يرى أنه لا يكون إلا من الكتاب والسنة، ومنهم من يرى أنه يمكن أن يستند إلى الاجتهاد أو القياس. وقد انتصر شيخ الإسلام ابن تيمية للقول الأول, مبينًا أنه لا يوجد مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن قد يخفى النص على بعض الناس، فيظن أن الإجماع قد انعقد على غير نص من اجتهاد أو قياس، وقد ذكرت أن هذا النزاع يمكن إرجاعه إلى اللفظ، لأن كلاً من الفريقين أخبر بحاله، وتكلم بحسب ما عنده من العلم، مع اتفاقهم جميعاً على ضرورة استناد الإجماع إلى دليل.
الثانية: أنه يمكن الاستغناء بنقل الإجماع الصحيح عن نقل دليله.
الشرط الثاني: أن يكون المجمعون من العلماء المجتهدين. ويكفي في ذلك الاجتهاد الجزئي، لأن اشتراط الاجتهاد المطلق يؤدي إلى تعذر الإجماع، لندرة وجود المجتهد المطلق.
والمعتبر في كل مسألة من له فيها أثر من أهل العلم المجتهدين.
الشرط الثالث: أن يكون الإجماع صادراً من جميع مجتهدي العصر، فإذا خالف أحدهم لم يعتد بالإجماع.
الشرط الرابع: أن يكون المجمعون أحياء موجودين، فالمستقبل لا ينتظر والماضي لا يعتبر.
ـ ويتصل بهذا الشرط مسألة اشتراط انقراض عصر المجمعين، وقد بينت أن الجمهور لا يرون اشتراط ذلك لصحة الإجماع، وذكرت أدلتهم على ذلك، إلا أن كثيراً من العلماء اشترط انقراض العصر لصحة الإجماع السكوتي، لأنه لا تعلم أقوال الساكتين من المجتهدين إلا بعد مضي مدة طويلة يعرف بها أن القول بلغهم، ونظروا فيه، ولم ينكروه مع زوال ما يمنع إنكارهم له.
الشرط الخامس: أن يكون المجمعون عدولاً. وعليه فلا يتوقف الإجماع ولا حجيته على موافقة غير العدل، إذا بلغ رتبة الاجتهاد، ولا تضرُّ مخالفته.
ـ إذا اختلف الصحابة على قولين أو أكثر فأرادوا أن يجمعوا على قولٍ مما اختلفوا فيه، فإن كان قبل استقرار الخلاف بينهم، فإنه يزيل الخلاف، ويصير المسألة إجماعية، بلا خلاف، وإن كان بعد استقرار الخلاف فجمهور الأصوليين على جواز اتفاقهم، واعتباره إجماعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ بينت أنه إذا اختلف الصحابة على قولين، فإنّ لمن بعدهم الإجماع على أحد قوليهم، إن كان الخلاف لم يستقر بينهم، أما إذا استقر الخلاف، فجمهور الأصوليين على المنع من الإجماع، فإذا أجمع التابعون على أحد القولين لم يزل القول الآخر في المسألة، وجاز لتابعي التابعين الأخذ بكلٍّ من قولي الصحابة.
وعليه فمن ادعى وقوع إجماع في مسألة اختلف فيها الصحابة، فلا يخلو ذلك من أحد أمور ثلاثة: إما أن الخلاف لم يستقر بين الصحابة، أو أن المسألة التي اختلف فيها الصحابة غير المسألة التي أجمع عليها المتأخرون، أو أن تكون دعوى الإجماع غير صحيحة.
ويتصل بهذه المسألة ما إذا نقل عالم الإجماع، ونقل غيره الخلاف سواءً سمى المخالف أو لم يسمِّه، فإنه لا يقبل قول مدعي الإجماع، لأن ناقل الإجماع نافٍ للخلاف، وناقل النزاع مثبتٌ له، والمثبت مقدم على النافي، ولأن عدم علم الناقل للإجماع بالخلاف ليس علماً بعدم الخلاف، ولأنه لو افترضنا غلط ناقل النزاع، فإن كان الغلط في ناقل الإجماع أولى وأحرى.
ـ بينت أنه إذا اختلف الصحابة على قولين أو أكثر، في مسألة، أو تأويل آية، أو حديث، فإنه لا يجوز لمن بعدهم إحداث قولٍ زائد على ما اختلف عليه الصحابة، لأن في ذلك نسبة الأمة إلى تضييع الحق، والغفلة عنه، وأنه لم يبق من أهل العصر أحدٌ على الحق، وهذا باطل. فإن كان المراد من إحداث تأويل لم يقل به الصحابة إيرادَ معنى تحتمله الآية لم يتعرض له الصحابة، أو كان من قبيل الاستنباط من دلالة الآية، فإن هذا لا يقتصر على قوم بأعيانهم، بل هو باق مستمر.
أما إحداث دليل لم يستدل به السابقون فهذا جائز سائغ، لأن الاطلاع على جميع الأدلة ليس شرطاً في معرفة الحق، بل يكفي دليل واحد.
ـ ذكرت الأحكام المترتبة على الإجماع الصحيح وهي:
1ـ وجوب اتباعه، وحرمة مخالفته.
2ـ أن هذا الإجماع حق وصواب، ولا يكون خطأ، ويترتب عليه: أنه لا يمكن أن يقع إجماع على خلاف نص أبداً، كما لا يمكن أن يقع على خلاف إجماع سابق.
ويترتب عليه أيضاً: حرمة الاجتهاد، لأن الإجماع لا بد أن يستند إلى نص، وإذا كان النص وحده مسقطاً للاجتهاد، فكيف إذا انضم إليه الإجماع.
3ـ ذكرت حكم منكر الحكم المجمع عليه، فإذا كان الإجماع على أمر معلوم من الدين بالضرورة فإن مخالفه يكفر، وإن كان الإجماع على غير ذلك، فقد اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في حكم جاحده، أو خارقه، مع اتفاقهم ـ كما قال الآمدي ـ على أن إنكار حكم الإجماع الظني غير موجب للتكفير.
والسبب في خلافهم: اختلافهم في حقيقة الإجماع، وشروطه وما يتصل بذلك، ولذلك من أقر بصحة إجماع بعينه، ثم أنكر ما أجمعوا عليه، فإنه يحكم عليه بالكفر، لأن التكذيب بالإجماع هنا آيل إلى التكذيب بالشارع، ومن كذب الشارع كفر.
وفي الفصل الثاني: ذكرتُ جملة من المباحث التي تتصل بالإجماع عند المفسرين. وهذا ملخص ما فيها:
ـ بينت أن المفسرين قد عُنُوا بالمسائل المجمع عليها في شتى الفنون بما لا يكاد يوجد له نظير في شتى صنوف العلم، وذلك راجع إلى كون القرآن الكريم هو مدار جميع علوم الإسلام، ولشدة عناية المفسرين بالإجماع فإنهم قلَّ أن يطلعوا على إجماع في أحد المصادر إلا ويقومون بنقله في تفاسيرهم.
ولم تكن عنايتهم مقصورة على النقل والحكاية، بل عنوا أيضاً بأمر مناقشة الإجماع والاعتراض عليه من جهة، أو تأييده بالأدلة من جهة أخرى. وأمثلة كلِّ ذلك قد ذكرتها تفصيلاً في موضعها.
ـ وضحت جملة من دواعي ذكر الإجماع عند المفسرين، وذلك لأني رأيت المفسرين لا يذكرون الإجماع في التفسير إلا لأمر يدعو لحكايته ونقله، ومن تلك الدواعي:
أـ وجود الاشتراك في المعنى، بحيث يرد في الآية لفظ مشترك بين معنيين فأكثر، يصلح حمل اللفظ مجرداً عليها، ولا يصح تفسيره إلا بأحدها، فيذكر العلماء الإجماع عليه، دفعاً للاشتباه بحمله على المعنى الآخر.
2ـ تحرير محل النزاع في الآية، وذلك حينما يرد خلاف في تفسير الآية، فيبدأ المفسرون بذكر ما أجمع المفسرون عليه، تحريراً لمحل النزاع.
3ـ الرد على المخالفين، وذلك حين تقوم طائفة منحرفة بتفسير آية على وجه يخدم ضلالها، وهو مخالف لتفسيرها الصحيح الثابت عن سلف الأمة، فإن المفسرين هنا يذكرون الإجماع على هذا التفسير، رداً على تلك الطائفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
4ـ أن يذكر الإجماع في تفسير آية للاحتجاج به في ترجيح قول على آخر في تفسير آية أخرى.
5ـ دفع توهم معنى فاسد، إذ قد ينقدح في أذهان بعض الناس معنى فاسدٌ في تفسير آية، فيذكر العلماءُ الإجماعَ على تفسيرها بالمعنى الصحيح، دفعاً لذلك المعنى الفاسد.
6ـ مخالفة تأويل الآية للظاهر أو الغالب في الاستعمال.
7ـ ألاّ يرد في ألفاظ الآية ما يدل على المراد بها صراحة، مما لا يتم معناها إلا به، فيحتاج المفسر إلى التصريح بالإجماع على ذلك المراد، لقطع احتمال غيره.
ـ بينت أن الخلاف الوارد في التفسير إذا كان خلافاً في الألفاظ فقط فإنه لا أثر له بتاتاً على الإجماع.
وإن كان خلافاً في اللفظ والمعنى، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما، فهذا من باب اختلاف التنوع ولا أثر للخلاف فيه على لا ما يُحكى من الإجماع إذا كان بصيغة تجمع بين الأقوال، ولا تؤدي إلى إبطال أحدها وعدم اعتباره.
لكن إذا حكى أحد المفسرين الإجماع على أحد تلك الأقوال، فإن كان مراده أن الجميع متفقون على صحة المعنى فهذا صحيح، وإن كان مراده نفي ما عداه من الأقوال فهذا مردود.
ـ بينت الأسباب التي توقع المفسر في مخالفة الإجماع، ومن أهمها:
أولاً: ضعف العناية بآثار السلف، وعدم التمييز بين صحيح الروايات الواردة عنهم و ضعيفها.
ثانياً: كون المفسر يعتقد أشياء باطلة، ثم يحمل القرآن عليها، ولو كان مخالفاً لما أجمع السلف عليه. وقد فصلت القول في بيان عدم الاعتداد بأقوال أهل الأهواء المخالفة لإجماع السلف.
ثالثاً: تفسير القرآن بمجرد اللغة، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمُنَزَّلِ عليه المخاطب به.
رابعاً: الاعتداد بالقول الشاذ.
خامساً: الاعتداد بقول قد انعقد الإجماع قبل حدوثه.
سادساً: الاعتماد في نقل الخلاف على روايات ضعيفة، لا تثبت عمن نسبت إليه.
ـ ثم ختمت الأسباب ببيان أن الحسن البصري ـ رحمه الله ـ هو أكثر السلف الذين تُعزى إليهم الأقوال الشاذة المخالفة لما ثبت عن جماعتهم. ولعل من أهم الأسباب في ذلك: كون المعتزلة يعدونه منهم ـ زوراً وبهتاناً ـ، وينسبون إليه لذلك بعض الروايات المنكرة ترويجاً لها، هذا مع ضعف عنايتهم بالآثار، وقلة علمهم بصحيحها من ضعيفها.
ـ ذكرت بعض اللفتات العابرة في موضوع الإجماع عند المفسرين الذين تم جمع مادة البحث من كتبهم، ومن أهمها:
1ـ أكثر المفسرين حكاية للإجماع هو الإمام الطبري. و الإجماعات كثيرة في تفسيره، ومما قلل الانتفاع بها: ما تقدم من أن مذهبه في الإجماع عدم الاعتداد بمخلفة الواحد والاثنين.
2ـ كما كان ـ رحمه الله ـ يخالف بين العبارات عندما يحكي الإجماع للدلالة على اختلاف حقيقة الإجماع، من حيث وجودُ المخالف وعدمُه.
3ـ ذكرت أن الإمام الواحدي متساهل في حكاية الإجماع، بما يدعو إلى أخذ الحيطة والحذر من دعاوى الإجماع المبثوثة في تفسيره.
4ـ بينت أن ابن عطية مكثر من ذكر الإجماع في تفسيره، وأنه يعتمد كثيراً في حكاية الإجماع على تفسير الطبري. 5ـ كما ذكرت أنه لجلالة تفسير ابن عطية، فقد استفاد منه جمع ممن جاء بعده، وعلى رأسهم: الإمامان القرطبي وأبو حيان. ونقلا عنه لذلك الإجماعات التي حكاها، ونقلها عنهما من استفاد منهما، كالشوكاني والآلوسي وغيرهما.
6ـ أما الإمام القرطبي فقد عُني بجمع المسائل المجمع عليها في الشريعة عناية فائقة، خصوصاً ما تعلق منها بالأحكام، وإذا عُرِفَتْ مصادره التي اعتمدها في تفسيره، زالت الغرابة في سبب كثرة إجماعاته، فكتب ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن العربي، وابن عطية، وغيرهم ممن كان معروفاً بالعناية بحكاية الإجماع، قد ضمَّن القرطبيُّ تفسيرَه الكبيرَ خلاصتَها.
7ـ ولم يكن القرطبي ناقلاً فقط، بل كانت له وقفات مع الإجماعات التي ينقلها، مناقشة وتقويماً.
وفي القسم التطبيقي، اجتمع لدي من الإجماعات في التفسير (177) إجماعاً، تمَّ استخلاصها من كتب التفسير الستة التي شملتها خطة البحث وهي: تفسير الطبري، وابن حاتم، و الماوردي و الواحدي، وابن عطية، والقرطبي ـ رحمهم الله جميعاً ـ وقد ناقشتها ـ بحمد الله ـ جميعاً، وميزت الصحيح من غيره على ضوء القواعد الأصولية والمنهج الذي ذكرته في مقدمة الرسالة.
ـ هذا وقد اتضح لي بعد الدراسة عدم صحة الإجماع في (46) موضعاً، لوجود الخلاف.
وأما الباقي وهو (131) إجماعاً، فمنها ما قطعت فيه بصحة الإجماع، ومنها ما استظهرت فيه الصحة، وهو الأكثر، ومنها ما هو محتمل للصحة مع التأويل أو توجيه العبارة، وهذه لا تتجاوز (10) مواضع.
مصدر النقل. موقع الدرر السنية ( http://www.dorar.net/htmls/bookctitles.asp?bookcID=163)
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[22 Oct 2010, 04:27 م]ـ
بارك الله في علمكما
::::::::::::::
فضيلة الدكتور عبدالرحمن ... وفقه الله
وغيره من الأساتذة ... وفق الله الجميع
هناك بعض المصطلحات التي ينبغي للباحث أن يعرف معناها وضوابطها ...
خاصة عند دراسة الأقوال التفسيرية لعلمٍ من الأعلام ومقارنتها بأقوال المفسرين المشهورين ...
وسؤالي هنا ... هو:
ما هو الضابط في قول ما يلي:
((جمهور المفسرين))
((أكثر المفسرين))
((عامة المفسرين))
((بعض المفسرين))
مع الشكر والدعاء بالخير لمن أفادنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[22 Oct 2010, 04:39 م]ـ
موضوع مشابه ... هنا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=142)
ـ[منال القرشي]ــــــــ[23 Oct 2010, 07:21 ص]ـ
..
بارك الله فيكم .. وجزاكم الله خيرا ..
من الطّريف أنني أقرأ قبل أيام في كتاب "فصول في أصول التفسير" للشيخ الدكتور مساعد الطيار -حفظه الله- وقد أشار إلى موضوع الإجماع في التفسير وأنه لم يخدم الخدمة المطلوبة .. فأسررتها في نفسي علّها تكون نواة لمشروع بحثي أقوم به بعد الفراغ من رسالة الدكتوراة بإذن الله .. ولكن .. كالعادة .. لم يبق السّلف للخلف شيئا .. فشيخنا الدكتور محمد الخضيري قد قام بهذا البحث ويبدو أنه مطبوع ولم أعلم .. فيالجهلي!!
قراءتي للخاتمة أوقدت في نفسي رغبة اقتناء الكتاب والاطلاع على ما فيه .. فلعلكم تدلونا -جزاكم الله خيرا- على دار الطبع ليتحصّل لي اقتناؤه ..
..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Oct 2010, 07:39 ص]ـ
الكتاب نشرته دار الوطن في الرياض عام 1420هـ. وهذه صورة غلافه حتى تعرفوه بمجرد النظر. وأظنه يباع في مكتبة البيان في الطائف إن لم أكن واهماً، وكذلك مكتبة أبي بكر الصديق.
http://www.tafsir.net/up/uploads/12878086921.jpg
ـ[منال القرشي]ــــــــ[23 Oct 2010, 08:36 ص]ـ
..
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل,, وبارك الله فيك ..
..
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[23 Oct 2010, 09:34 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
بينا أقرأ الموضوع إذ انقدح في ذهني جمع الإجماعات ودراستها وكتبت على الدفتر أمامي عنوان ((إحماعات المفسرين)) وإن كان هذا الموضوع مما أرشدنا إليه الدكتور وهبة الزحيلي حفظه الله يوم كنا طلابا في كلية الشريعة في السنة الرابعة عام 1400 للهجرة النبوية المباركة ولكن ليس عند المفسرين وإنما عند الفقهاء والأصوليين وذلك لأهميته عند ذكره لشروط المجتهد وأن منها ضرورة إحاطته بإجماعات حتى لايجتهد في مجمع إذ المجمع عليه يكتسب درجة المنصوص من خلال دليله المعتمد عليه في الكتاب والسنة ..... وأذكر أني دونتها على هامش كتابه ((الوسيط في أصول الفقه)) بعنوان ((الأجاميع))
ولكن عندما انتهيت من القراءة فإذا بالموضوع له جانب تطبيقي لكن على مجموعة من كتب التفسير وإن كانت أمات كتب التفسير لكن مع هذا أعجبني تعليق الأخت الفاضلة منال القرشي ورغبتها بدارسته إذ كانت تقرأ للدكتور مساعد الطيار حفظه الله كتاب "فصول في أصول التفسير
وهنا أشير على الأخت قراءة كتاب الدكتور محمد الخضيري وما أظن أنه أحاط بالموضوع من كل جوانبه وخاصة من خلال هذه الخلاصة ومحدودية الجانب التطبيقي فإن وجدت ضرورة إتمامه وبالأخص في الجانب التطبيقي في بقية كتب التفسير التي لم تشملها الدراسة فهذا شأن طيب ولست معها في كلمة ((لم يبق السّلف للخلف شيئا)) فكم تركوا وتركوا .... والخير في الأمة وكل ميسر لما خلق له وما ندري لعل الله يفتح عليها ما ييسر أمرها له فجدي السير أختنا ولكن بعد الدراسة والتروي لما نقص في طرح الدكتور حفظه الله
ـ[منال القرشي]ــــــــ[23 Oct 2010, 07:17 م]ـ
..
شكر الله لك أيها الفاضل ..
وسأحاول الحصول على الكتاب خلال الأيام المقبلة بإذن الله .. وسأفعل ما اقترحت .. لكن أظن بعد فراغي من رسالتي .. فهي تشغل جزءا كبيرا من وقتي ..
,,(/)
مدارسة في تفسير القرطبي 14،15
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[12 Oct 2003, 09:24 م]ـ
ذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى [ولئن كفرتم إن عذابي لشديد] ما نصه: { ... وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من إن للشهرة} فمامعنى قوله للشهرة؟ هل يعني أن حذفها مشهور مع الجملة الاسمية؟ أم ماذا؟ (9/ 343)
وذكر أيضا في تفسير قوله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد) مانصه: {أي مقامه بين يدي يوم القيامة فاضيف المصدر إلى الفاعل} فهل المصدر في (مقامي) مضاف إلى الفاعل أم المفعول؟ (9/ 348)
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[20 Oct 2003, 06:54 ص]ـ
هل من إجابة ياأهل المنتدى
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[25 Oct 2003, 12:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فحياك الله يا أخ محمد، والمعذرة لك ولأهل المنتدى عن قلة المشاركة،والصوارف كثيرة والله وحده المستعان
تقول أخي الكريم في اشكالاتك:
ذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى [ولئن كفرتم إن عذابي لشديد] ما نصه: { ... وحذفت الفاء التي في جواب الشرط من إن للشهرة} فمامعنى قوله للشهرة؟ هل يعني أن حذفها مشهور مع الجملة الاسمية؟ أم ماذا؟ (9/ 343)
وذكر أيضا في تفسير قوله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد) مانصه: {أي مقامه بين يدي يوم القيامة فاضيف المصدر إلى الفاعل} فهل المصدر في (مقامي) مضاف إلى الفاعل أم المفعول؟ (9/ 348)
أما ما يتعلق بالمسألة الأولى فأقول مجتهدا
أما ما ذكرت بأن حدف الفاء من جواب الشرط هو المشهور فلا
لأن من المواضع السبعة التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء الجملة الإسمية
يقول الناظم في جمعها
اسمية طلبية وبجامد وبماوقد ولن وبالتنفيس
ولكن هذا الموضع من المواضع التي اجتمع فيها الشرط والقسم
وابن مالك يقول رحمه الله:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم
جواب ما أخرت فهو ملتزم
فهنا اجتمع القسم هنا مع الشرط
وإذا اجتمع شرط وقسم اكتفي بجواب الأول منهما،
والقسم متقدم هنا، وجوابه فيه إن واللام
إن عذابي لشديد
فاكتفي به، وظاهر بيت الألفية يدل على أنه ملتزم والله تعالى أعلم.
واستحسنوا حدف الفاء من جواب الشرط إذا كان الشرط جاء على الماضي وهو هنا كذلك وهو قوله تعالى (كفرتم)
لكن يظهر لي من استقراء جزئي لاستعمال المصنف القرطبي رحمه لله لهذه اللفظة وما قاربها أنه يقصد علم السامع بها،
وهو (رحمه الله) متعقب بما ذكر من اجتماع الشرط والقسم والله تعالى أعلم
أما المسألة الثانية فأقول
لا بد من أن تعلم أن المصدر يجر فاعلا بالإضافة
فقوله تعالى:
خاف مقامي
مقام هو المصدر
وياء المتكلم فاعل مجرور لفظا بالإضافة
قال الفراء يعنى قيامي عليه بالحفظ،
ففعل القيام منسوب إلى الله، والمقام مصدر يجر فاعله بالإضافة
فياء المتكلم فاعل، والقيام مصدر مضاف إلى فاعله،
فإذا تأملت المعنى ذهب عنك الاستشكال
وفي المسألة كلام كثير ولكن ان اكتفيت بما مر حصل الانتفاع إن شاء الله،
وإليك بعض ما قيل في المسألة
قال أبو جعفر النحاس رحمه الله في معاني القرآن
(ج: 3 ص: 520)
المصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما
ويقول البغوي رحمه الله (ج: 3 ص: 28)
فأضاف قيام العبد إلى نفسه كما تقول ندمت على ضربك أي على ضربي إياك
زاد المسير ج: 4 ص: 350
قال الفراء العرب قد تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه فتقول قد ندمت على ضربي إياك وندمت على ضربك فهذا من ذاك ومثله وتجعلون رزقكم الواقعة أي رزقي إياكم
روح المعاني ج: 13 ص: 200
فالمقام اسم مكان واضافته الى ضميره تعالى لكونه بين يديه سبحانه وقال الفراء هو مصدر ميمي أضيف الى الفاعل أي خاف قيامي عليه بالحفظ لأعماله ومراقبتي اياه وقيل المراد اقامتي على العدل والصواب وعدم الميل عن ذلك
ـ[محمد العبدالهادي]ــــــــ[26 Oct 2003, 07:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي عبدالله بلقاسم على هذين الجوابين - وأنا أتشوف لأجاباتك حقيقة - ولكن جوابك على الإشكال الثاني بالنسبة لي واضح لأن تقديرك ل (مقامي) قيام الله عليه بالحفظ ونحوه، وإنما إشكالي في تقدير القرطبي وهو قيام العبد بين يديه؟ وهذا التقدير الذي ذكره القرطبي كأنه ألصق بالمعنى أي: ذلك لمن خاف قيامه بين يدي ولمن خاف وعيدي وليس لمن خاف قيامي عليه بالحفظ - وإن كان غير مرفوض في الجملة - وهذا التفسير رأيته مختارا للعلماء الذين شاركوا في التفسير الميسر.(/)
ما رأيكم لو قرأنا عشر آيات يوميا بالمنتدى وعرفنا ما فيها من العلم والعمل كهدي السلف؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[13 Oct 2003, 07:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليت لنا مجلسا كل يوم توضع فيه عشر آيات يتم تفسيرها والتعليق عليها من قبل الأعضاء نختم القرآن خلالها.
وإن استدعى الأمر المكث لأعوام إن شاء الله.
لن أتطرق للتفاصيل فربما تكون الصورة ناقصة عندي، فما أنا هنا إلا طالبا رأيكم لتقليب جوانب الموضوع من جميع جهاته.
ـ[ om salman] ــــــــ[14 Oct 2003, 04:20 ص]ـ
asslamoalikum wa rahmatullahi wa barakatuh.
i agree very much about the idea especially when we are close to n ramadan and inshallah to continue after ramada
'ela ma shaa allah"
let's start with the first 10 verses" of surat albaquarah.
i will try soon to use an arabic windows but i hope to be patient with me inshallah
."
ـ[أخوكم]ــــــــ[18 Oct 2003, 08:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخت أم سلمان
جزاك الله كل خير على حفاوتك وترحيبك بالفكرة.
أما مسألة البدء في رمضان فلا أدري عن مدى مناسبتها لكثير من الإخوة هنا، خاصة والكثير منهم قد يترك النت خلال هذا الشهر المبارك للتفرغ للعبادة
ولذا فلا بأس إن شاء الله أن نبدأ بعد رمضان
وبالنسبة للبدء من سورة البقرة فلا أدري أهو أنسب أم البدء بقصار السور من المفصل والتي كثيرا ما يسمعها الناس في الصلوات فيكون مناسبا أن نفسرها حتى يعلم الجميع معانيها فيعينهم ذلك على تدبرها إذا سمعوها من أئمتهم في الصلاة
ونسأل الله أن يعينك على تغيير الكتابة إلى اللغة العربية وبارك الله فيك.(/)
سؤال عن احتواء جمع أبي بكر للأحرف السبعة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Oct 2003, 03:02 م]ـ
لقد سألني الأخ الفاضل حسين المطيري الأستاذ بقسم الدراسات القرآنية عن جمع أبي بكر رضي الله عنه، هل يشمل الأحرف السبعة؟
وأقول إنَّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي تحتاج إلى رسائل، وليست رسالة واحدة، وقد طرح الأستاذ محمد أبو زيد رسالته العلمية المعنونة بـ (جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث) في الأنترنت، وهو موجود في موقع الخيمة، وفيها فوائد نفيسة يحسن بمن له اهتمام بعلوم القرآن أن يرجع إليها.
وأعود فأقول: إن موضوع جمع المصحف عمومًا يرتبط بعدد من الموضوعات لا يمكن أن ينفكَّ عنها، وإلا كان البحث ـ في نظري ـ في نقص، وهذه الموضوعات:
1 ـ رسم المصحف.
2 ـ الأحرف السبعة.
3 ـ اختلاف القراءات القرآنية.
وإدراك هذه الأمور تحلُّ شيئًا كثيرًا من المشكلات الواردة على جمع المصحف.
ثمَّ إن بحث هذا الموضوع يحتاج إلى ثلاث مقدمات:
الأولى: جمع الآثار المتعلقة بجمع المصحف، والمتعلقة بالموضوعات الثلاثة التي سبق الإشارة إليها لأخذ ما يفيد منها في موضوع جمع المصحف.
الثانية: تصوُّر الواقع الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم حال جمع المصحف في أزمنته المتعددة.
الثالثة: الاستنباط العقلي المبني على الآثار وتصوُّر الواقع.
وأعود إلى السؤال المطروح فأقول:
1 ـ إنَّ ما جمعه أبو بكر رضي الله عنه ليس فيه تفاصيل، ولا يمكن الجزم بشيءٍ إلا أنه جمع المصحف، والأصل أنَّ هذا المصحف يحتوي على القرآن النازل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومادام يحتويه فإنَّ إثبات الزيادة على كونه يحتوي أكثر من ذلك مما يحتاج إلى دليل خاصٍّ، وليس من دليل يدلُّ على ذلك.
2 ـ إنَّ افتراض اختلاف المكتوب في مصحف أبي بكر رضي الله عنه عما بقي من المكتوب من القرآن على اللخف والرقاع وغيرها أمر لا يدلُّ عليه دليلٌ أيضًا، والأصل أنَّ ما دوِّن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن النازل الثابت قراءته، وهو الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه في مصحف واحدٍ، فعمل أبي بكر رضي الله عنه إنما هو جمع متفرقٍ في مصحف واحدٍ.
وإنما أقول ذلك لأن الأمر عندي أنَّ ما يتعلق بالقرآن فإنَّ الأصل فيه التوقيف، وليس للرسول صلى الله عليه وسلم، بَلْهَ الصحابة رضي الله عنهم أي تدخُّلٍ فيه، وذلك في حروفه وطريقة أدائه وترتب آيِهِ وسوره.
وجَهْلُ بعض الصحابة رضي الله عنهم بشيء من ذلك، أو اجتهادهم رضي الله عنهم في ترتيب مصاحفهم على ترتيبٍ معيَّنٍ ـ إن صحَّ ـ فإنه لا يُخرج هذه الأمور عن كونها توقيفية، هذا هو الأصل عندي، ولست أرى أنه قد وقع من الصحابة رضي الله عنهم مخالفة لما كان من شأن القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأمر أنهم لم يُلزَموا إلزامًا عامًّا بشيءٍ من أمر القرآن إلا في عهد عثمان رضي الله عنه.
3 ـ إنه مما لا خلاف فيه أنَّ كثيرًا من قراءات القرآن ترجع إلى أمورٍ صوتية لا يمكن كتابتها، فإن كانت هذه الصوتيات عند من يرى أنَّ أبا بكر جمع الأحرف السبعة، فإنه يخالف هذا الأصل؛ لنَّ هذا مما لا يمكن أن يُكتب، ومن ثَمَّ فإن أبا بكر لم يكتبه على الأحرف السبعة بل نقص عنده ما يتعلق بالصوتيات من الإمالة والإدغام وغيرهما.
4 ـ كما أنَّ من نقل رسم المصاحف العثمانية أشار بوضوح صريحٍ أنَّ بعض الكلمات القرآنية كُتِبَت على وجه واحدٍ في الرسم، وهي في القراءة تحتمل أكثر من وجه، وهذا يدلُّ على أمور، منها:
ـ أنَّ الرسم اصطلاح، وهم كتبوه على الوجوه المتغايرة التي يعرفونها، لذا وقع الاختلاف في كتابة بعض المتماثلات بوجوه مختلفة نظرًا لاختلاف التغاير في رسمها، ولا يلزم منه أمر آخر، كما اجتهد بعضهم في استنباط علاقة وجوه القراءة بتغاير الرسم، وهذا قد يحصل في بعض المواطن لكنه غير لازم في جميع تغاير الرسم.
(يُتْبَعُ)
(/)
واختلاف التغاير في الرسم لازال حتى اليوم قائمًا بين الكَتَبَةِ، وهو محلُّ تطوِّرٍ يعرفه من قرأ في موضوع الإملاء عبر القرون، وهو اختلافُ تغايرٍ بحتٍ، واجتهادٌ من العلماء، والأمر فيه واسعٌ جدًّا، وارجع إلى اختلاف المعاصرين في كتابة لفظة (شئون / شؤون) وغيرها، وقس عليه في أمر تغاير الرسم.
ـ أن الكتبة من الصحابة لم يعتبروا اختلاف هذه الرسوم، وجعلوا القراء هي القاضية على الرسم؛ لذا تجدُ في كتاب (المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار) للداني (ت: 44) بابًا بعنوان (ذكر ما اتفقت على رسمه مصاحف أهل الأمصار من أول القرآن إلى آخره)، وقد ذكر فيه عددًا من كلمات القرآن كُتِبَت على وجه واحدٍ من الرسم، وسأذكر منها مثالين يحسن بك أن تراجعهما في كتب الرسم ليظهر لك صحة ما أقول:
الكلمة الأولى: ((الصراط)) فقد كُتِبَت في جميع المصاحف بالصاد، فيها ثلاث قراءات صحيحة، وهي مما حُكِمَ بتواترِه.
الأولى: بالسين وهي رواية قنبل عن ابن كثير المكي.
الثانية: بإشمام الصاد زايًا، وهي رواية خلف عن حمزة.
الثالثة: بالصاد كما رسمت في جميع المصاحف، وهي قراءة الباقين، وهم الجمهور (1).
فلو كان الرسم معتبرًا، فلا أقلَّ من أن يرسموا الصراط في مصحف بالصاد وفي مصحف بالسين، وإنما تركوا ذلك؛ لأنَّ القراءة قاضية على الرسم، وعندهم لا يؤخذ من الرسم طريقة القراءة، فالقراءة أولاً، والرسم تبعٌ.
الكلمة الثانية: ((ضنين))، وقد رُسِمت في جميع المصاحف بالضاد، وقرئت على وجهين:
الأول: بالظاء، وقرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي
الثانية: بالضاد، كما هي مرسومة في المصاحف، وقرأ بها الباقون من القراء السبعة.
وهاتان القراءتان لا يحتمل بعضهما البعض لا من جهة الرسم ولا من جهة المعنى، وهذا مما يدلُّك أيضًا على أنَّ الأصل في قراءة القرآن نقل حروفه قراءة، والرسم تبع له، ولا يلزم أن يوافق الرسم جميع المحفوظ الملفوظ من القرآن الكريم، والله أعلم.
وإذا تبيَّن لك هذا، فاعلم أنَّ مصحف أبي بكر رضي الله عنه قد كُتِبَ على صورة واحدةٍ، هذا هو الأصل، مع احتمال أن يكون قد رسمت بعض حروفه التي وقع فيها تغاير في المصحف نفسِه، في أي مكان منه إما في حواشيه، وإما أن تكتب الكلمات المتغايرة متتالية، وهذا لا يحكمه إلا الاطلاع المباشر على مصحف أبي بكر رضي الله عنه، وذلك ما لا سبيل إليه كما تعلم.
والمقصود من ذلك أنَّ كون أبي بكر رسمه على وجه واحد من الرسم فإنه لا يعني أنه أهدر وجوه القراءة الأخرى؛ لأنها مما يُتلقى من طريق القراء لا من الرسم فتأمَّل هذا.
وإذا كان ذلك كذلك، فلا يصحُّ أن يقال: إنَّ مصحف أبي بكر حوى الحرف السبعة، ولا أنَّه حوى ما بقي منها مما لم يُنسخ، إلا إذا عرَّف المتكلِّم بهذا مقصوده بالأحرف السبعة، والله الموفق.
واعلم أنَّ الموضوع طويل، ولا أراني ألممت إلا بمقصوده إلا على عجلٍ، وهو لا يروي غليلاً، ولا يشفي عليلاً، وأسأل الله أن يوفِّق بعض الباحثين لإعادة النظر في هذا الموضوع الخطير،و آخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــ
(1) قال السخاوي (ت: 643) في الوسيلة إلى كشف العقيلة (ص: 89): ((قلت: ورأيت في كتاب القراءات لأبي عبيد عند ذكر الصراط؛ قال أبو عبيد: والقراءة عندنا بالصاد؛ لاجتماع المصاحف في الأمصار كلها على الخطِّ بالصاد)).
وهذه طريقة من الترجيح معروفة قبل ابن جرير الطبري (ت: 310)، ولا أدري لماذا فُتِحت عين بعضهم على ابن جرير (ت: 310)، ولم تر أقوال الآخرين، وإنما سُقت هذا هنا لأنبه إلى حاجة هذا الموضوع إلى بحث مستفيضٍ، وهو من الموضوعات المهمة التي يحسن بالمتخصصين ألا يغضُّوا الطرف عنها، وأن يبحثه أكثر من متخصِّص لتتواطأ أقوالهم على تبيين هذه المسألة الشائكة المهمة، وأن يردوا تلك القالة المنكرة التي أُلصِقت بابن جرير الطبري الذي لم يكن بِدْعَا في هذا المنهج، بل سبقه علماء ولحقه علماء، وللموضوع جوانب أخرى تحتاج إلى بيان.
هذا، وقد ألَمَّ بجوانب متعلقة بتاريخها الأستاذ الباحث زيد بن علي مهدي بن أحمد مهارش في رسالته العلمية التي قدمها ـ لقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض ـ لنيل درجة الماجستير، وهي بعنوان (منهج الإمام الطبري في القراءة وضوابط اختيارها في تفسيره).
ـ[متعلم]ــــــــ[13 Oct 2003, 08:46 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الدكتور مساعد الطيار
ومن من الإخوة يستطيع أن يضع لنا رابط رسالة محمد أبو زيد في جمع القرآن؟
وشكرا
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[13 Oct 2003, 11:47 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلعل من المتفق عليه أن كثيراً من مسائل علوم القرآن لا تزال تحتاج إلى مزيد من التحرير والتحقيق، فهناك كثير من المسائل التي طرحت وتناقلتها كتب علوم القرآن على مر العصور ولم تر من تعرض لها بشيء من التحقيق العلمي الدقيق، ومن العجب أنها أصبحت تتناقل وكأنها مسلمات وبدهيات.
وإن ما طرحه الأستاذ الفاضل: مساعد الطيار، حفظه الله، يعتبر من أحد هذه المسائل، وعندما كنت أبحث عن دليل على اشتمال صحف أبي بكر على الأحرف السبعة فوجئت بأن كتب علوم القرآن تتناقل هذه المسألة دون ذكر دليل عليها، وكنت أتسائل إذا كانت صحف أبي بكر مشتملة على الأحرف السبعة فما المنهج الذي سلكه لتدوين هذه الأحرف؟ ولو كان ثمة منهج فلماذا لم ينقل، ولو نقل فلماذا لم يذكر كدليل يفيد في التعرف على المراد بالأحرف السبعة؟ وكنت بعد طول تفكير في المسألة توصلت إلى قناعة بأن صحف أبي بكر كتبت برسم واحد حسب الوضع المتعارف عليه في ذلك العصر، وأن القول بأنها مشتملة على الأحرف السبعة قول لا يعضده دليل.
ولما رأيت كتابة الأستاذ مساعد في هذا الموضوع ازددت قناعة بأن موضوعات علوم القرآن ينبغي أن لا تأخذ بالتسليم حتى يقوم الدليل الصحيح الصريح على صحتها، وإني أقف مع الشيخ مساعد في أهمية تحرير مسائل علوم القرآن، ووضعها على بساط البحث العلمي، لعل شيئاً منها ينضج يوماً ما، والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Oct 2003, 11:48 م]ـ
الأخ الفاضل متعلم
لقد أخذت البحث من موقع الخيمة، وهو معروف.
كما انك لو بحثت في محركات البحث مثل google
لوجدته إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2003, 06:03 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالملك.
ورابط موضوع الأستاذ محمد أبو زيد على هذا الرابط. ( http://www.khayma.com/sharii/pre/toc.htm) .
ـ[متعلم]ــــــــ[14 Oct 2003, 03:41 م]ـ
شكرا فضيلة الشيخ على اهتمامك وردك.
وأثني للشيخ عبد الرحمن الشهري
ولكن دخلت على الرابط وفتح الموقع ولم يتصفح بعض الأبواب، فهل هو موجود للتحميل أو على ملف ورد.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو معاذ الكناني]ــــــــ[14 Oct 2003, 08:41 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله في الدكتور مساعد والإخوة الأفاضل على هذا الطرح والحق أني لم أملك إلا أن قرأت ما سطر الدكتور مساعد كاملاً - وما أروعه - وأتسائل هنا قائلاً:
هل الرسم توقيفي؟
هل الأحرف والقراءات لها نفس النشأة والتوقيت؟
هل وصف أو وصل مصحف الصديق- رضي الله عنه- لنا؟
ما الفرق بين الأحرف والقراءات؟
إذا عرف أن العرب تناوب بين الحروف المتقاربة من حيث الصوت فما الإشكال في صراط وسراط وضنين وظنين؟
أسأل الله أن يبارك فيك وفي علمك د/مساعد الطيارودمت لمحبك القارئ لبحوثك
وعلى الإخوة السلام
ـ[أبو عمر الشامي]ــــــــ[25 Aug 2008, 09:33 ص]ـ
هل من جواب على أبي معاذ؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Aug 2008, 03:28 م]ـ
الإخوة الكرم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فأعتذر عن تالأخر على إجابة أسئلة الأخ الفاضل وائل، وقد اختصرت الجواب، وهو يحتمل أكثر من ذلك، ولعل أستاذنا غانم قدوري الحمد وأحمد شكري وغيرهم من المتخصصين يشاركون في الجواب عن هذه الأسئلة.
وهذا أوان الشروع في الإجابة:
هل الرسم توقيفي؟
لايزال عندي عجب ممن يرى أن الرسم توقيفي، ويغفل أو يتغافل عن تاريخ الخط العربي وانتقاله من صورة إلى صورة، حتى وصل إلى هذا التحسين الذي نراه اليوم.
والموضوع في هذا يطول تقريره، وقد كتب فيه الأستاذ الدكتور غانم قدروي الحمد في كتابه النفيس (رسم المصحف).
ولما ذهب قوم إلى أن الرسم توقيفي؛ إدَّعى بعضهم فيه الإعجاز، وادعى آخرون فيه الأسرار التي لم ترها ظهرت إلا لهم دون غيرهم ممن سبقهم من علماء الأمة.
ولهم في تعليل اختلاف الرسم تعليلات متكلفة لا يكاد ينقضي منها العجب، ولا يمكنك أن ترى فيها اتفاق الناظرين.
والذي ظهر لي في تعليل الرسم أنه غير مطرد في بعض الاختلافات، وإن كان قد يظهر صحة التعليل في بعضها الآخر.
كما ظهر لي أن الرسم يصيبه (اختلاف التنوع) في رسم الكلمة، وهذا أحد موجبات اختلاف الرسم بينهم في المصحف الواحد في المواضع المختلفة أو في المصاحف العثمانية الستة، أو فيما استدركه بعض الصحابة على مصحف عثمان.
ومن الأدلة على ذلك الكلمة المشهورة التي وقع فيها الاختلاف كلمة (التابوت)
ـ على لسان قريش التي كانت تقف عليها بالتاء المربوطة (التابوت).
وعلى لسان الأنصار تقف بالتاء المربوطة (التابوة).
وهذا ظاهر في اختلاف التنوع في الرسم، والكلمة واحدة لا يتغير معناها، وإنما يتغير النطق بها حال الوقف عليها.
كما أنها دليل على عدم التوقيف؛ لأن عثمان قال: (فإذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه على لسان قريش)، ولو كان عندهم توقيف من النبي صلى الله وسلم، لما جاز لعثمان أن يقول هذا، بل يقول: فاكتبوه كما علمكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثمَّ يُسأل من يقول بالتوقيف؛ لماذا تركوا كتابة (السراط)، واتفقت المصاحف على كتابتها بالصاد، وهي تقرأ بالسين والصاد؟
وكذا الحال في كلمة (بضنين) وكلمة (لأهب) وغيرها مما حكَى علماء الرسم أنه كُتب بوجه واحد، وهو يُقرأ بأكثر من وجه.
.....
هل وصف أو وصل مصحف الصديق- رضي الله عنه- لنا؟
الذي ورد في الآثار أنه مصحف واحد، ولم يرد أكثر من هذا، وإذا أخذنا قول عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ: (فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِى الْمَصَاحِفِ) (فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ) (حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا)، وإذا أخذنا أيضا من عمل عثمان (وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ ـ سوى مصحف أبي بكر ـ مِنَ الْقُرْآنِ فِى كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ) = جاز لنا القول بأن ما كان في مصحف أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وُزِّع في المصاحف العثمانية؛ لأن عملهم مع مصحف أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ كان النسخ فقط؛ كما هو الظاهر من هذه النصوص، ولأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لم يحرق مصحف أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ لعدم وجود الاختلاف بين مصحف أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ والمصاحف التي نسخها منه.
......
هل الأحرف والقراءات لها نفس النشأة والتوقيت؟
ما الفرق بين الأحرف والقراءات؟
هذان السؤالان مؤداهما واحد، وسأختصر الجواب عليهما بما يُظهر، فأقول:
إن المشكلة التي تجعلنا نسأل مثل هذا السؤال هو تشعب طرق القراءات، ولو أعدنا الطرق العشرين التي يرويها هؤلاء عن عشرة أئمة إلى أصول الأوجه، فإننا سنرجع إلى أوجه محددة (ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو خماسية ... )، وهذه هي حقيقة الأحرف.
ولما كنا لم نجد كلمة تقرأ بأوجه سبعة، وأن القرآن محفوظ، فإننا نقول بأن الأحرف السبعة قد نُسخ منها ما نُسِخ.
.....
إذا عرف أن العرب تناوب بين الحروف المتقاربة من حيث الصوت فما الإشكال في صراط وسراط وضنين وظنين؟
لا إشكال ذلك، بل إنني أدعو إلى دراسة هذه الظاهرة، وهل تدل على تقارب مخارج هذه الأحرف وتقارب صفاتها مما يوصل إلى تقريب شقة الخلاف مخرج الضاد وصفتها وقربها من الظاء.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والتسديد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[01 Sep 2008, 08:53 ص]ـ
في عام 1991م زرت القاهرة والتقيت العلامة الكبير احمد السيد الكومي رحمه الله تعالى واخبرني انه كتب بحثا في الاحرف السبعة نال عليه درجة الاستاذية من الازهر واخبرني انه حرر فيه كثير مما يتطلبه الباحثون
لكني للاسف لم اصل الى هذا البحث الى اليوم
فهل يتكرم احد الاخوة من مصر او غيرها باخراج البحث من مجلة الازهر ووضعه هنا
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[01 Sep 2008, 12:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ولكن هل يمكن الكلام عن الموضوع بدون تحديد ما هو معنى "سبعة أحرف " اذ لا يخفى الخلاف في معناها ,وله اثر في نفس الموضوع المطروح.
ـ[شتا العربي]ــــــــ[04 Sep 2008, 11:57 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبدالملك.
ورابط موضوع الأستاذ محمد أبو زيد على هذا الرابط. ( http://www.khayma.com/sharii/pre/toc.htm) .
جزاكم الله خيرا
الرابط لا يعمل
وجزاكم الله خيرا
ـ[ hamid2003sa] ــــــــ[05 Sep 2008, 02:52 م]ـ
لو تكرمتم--كم طريقة صحيحة لكتابة كلمة (القرآن).
لأني رأيتها بالخط العثماني تكتب بالهمزة--قرءان.
جزاكم الله خيرا.
طالب مبتدء
ـ[محب القراءات]ــــــــ[05 Apr 2010, 10:06 م]ـ
في عام 1991م زرت القاهرة والتقيت العلامة الكبير احمد السيد الكومي رحمه الله تعالى واخبرني انه كتب بحثا في الاحرف السبعة نال عليه درجة الاستاذية من الازهر واخبرني انه حرر فيه كثير مما يتطلبه الباحثون
لكني للاسف لم اصل الى هذا البحث الى اليوم
فهل يتكرم احد الاخوة من مصر او غيرها باخراج البحث من مجلة الازهر ووضعه هنا
حبذا لو ساعدنا أحد في تلبية هذا الطلب وله جزيل الشكر.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[06 Apr 2010, 12:44 م]ـ
هذه المسألة طال الخوض فيها في هذا الملتقى، وأدلى كل طرف بدلوه فيها. ولكن ما دفعني للكتابة الآن الطريقة الخاطئة في الاستدلال؛ فإذا كانت كلمة كلمة صراط تقرأ سراط لوجدنا أن عثمان رضي الله عنه يكتبها في مصحف بالصاد وفي آخر بالسين - كما هو منهجه. وعندما نجده يكتبها على صورة واحدة في المصاحف كلها نعلم أنه لا يسعه أن يكتبها بالسين، مما يرجح القول بتوقيف الرسم. أما مسألة كتابةكلمة التابوت؛ فمعلوم أنها مكتوبة في صحف أبي بكر بإشراف ورئاسة زيد بن ثابت، ومن هنا لابد من حملها على وجه آخر، والذي أراه الآتي: الاختلاف يمكن أن يحصل في حرف، أي في اللفظ وليس في الكتابة، فإذا رأت اللجنة من قريش أن هذا الحرف لا يقرأ به لنسخه ورأى زيد الأنصاري أنه يقرأ به ولم ينسخ نكتفي عندها بما أجمع عليه من حرف قريش. ويؤيد هذا أن المصاحف العثمانية يحتمل رسمها القراءات المتواترة. والذين قالوا بأن رسم المصاحف هو اصطلاحي هم الذين عجزوا حتى الآن عن تفسير ظاهرة اختلاف رسم الكلمات القرآنية، وما جاءوا به من توجيهات لا ترتقي إلى مستوى الاعتبار. أما الجمهور الذي يرى بأن الرسم العثماني توقيفي فقد أذعنوا في قولهم لظواهر الرسم ولعلمهم بأن الصحابة أشد الناس توقّفاً.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Apr 2010, 11:03 ص]ـ
حبيبنا سنان
لا أدري عنك هل أنت متخصص في علم الرسم أو لا؟
وتعليقك يدل على أنك بعيد عن معرفة هذا العلم،حفظك الله.
فقولك: (ولكن ما دفعني للكتابة الآن الطريقة الخاطئة في الاستدلال؛ فإذا كانت كلمة كلمة صراط تقرأ سراط لوجدنا أن عثمان رضي الله عنه يكتبها في مصحف بالصاد وفي آخر بالسين - كما هو منهجه. وعندما نجده يكتبها على صورة واحدة في المصاحف كلها نعلم أنه لا يسعه أن يكتبها بالسين، مما يرجح القول بتوقيف الرسم).
ينعكس عليك، وذلك أنه يلزمك الدليل على أن عثمان لا يسعه ذلك، كيف وقد قال في الأثر نفسه: (إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ) (رواه البخاري: 3506)
فلو كان الأمر بالتوقيف لقال لهم ذلك وأمرهم بالتزام التوقيف، ولَمَا علَّلَ ذلك بكون القرآن نزل بلسان قريش فقط.
أما قولك ـ حفظك الله ـ: (أما الجمهور الذي يرى بأن الرسم العثماني توقيفي).
فهذا يدل على عدم معرفتك بقول الجمهور، ولا أدري كيف نسبت للجمهور هذا، مع أن القول بالتوقيف قول متأخر، وياليتك تراجع المسألة مرة أخرى لترى أن هذا ليس قول الجمهور، وأنت قد اختلط عليك قول الجمهور في إلتزام الرسم العثماني وعدم الالتزام به، وليس قولهم في التوقيف من عدمه.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[07 Apr 2010, 05:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للفائدة
الاختلاف بين الأحرف السبعة اختلاف في الألفاظ و كيفية الأداء وليس اختلافا في المعاني.
أخرج الترمذي بإسناده عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ:
" لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمْ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ "
فسهل الله على الشيخ الكبير والعجوز والغلام والجارية بإنزال هذه الأحرف، والحمد لله.
قال تعالى: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ): أي بعد حين.
وتقرأ: (بَعد أمَةٍ): أي بعد نسيان.
ونلاحظ أن الرسم واحد، والنطق يختلف، والمعنى واحد.
قال ابن قتيبة:
" فاختلاف التضاد لا يجوز، ولست واجده بحمد الله في شيء من القرآن إلا في الأمر والنهي من الناسخ والمنسوخ "
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[08 Apr 2010, 01:16 ص]ـ
أي إحباط هذا؟! تجلس ساعة، بل أكثر، تكتب الرد ثم تضغط للمعاينة فيطلب منك التسجيل، على الرغم من أنك قد سجّلت وكتبت الرد، فتسجل ثانيا وتدخل فتجد أن كل شيء قد ضاع. وبما أنني ألام على تقصيري لأنني لم أنسخ النص قبل العرض فلا بأس سألخص ما كتبت والله المستعان: عزيزنا د. الطيار: الزرقاني في مناهل العرفان ينص على أن مذهب الجمهور أن الرسم العثماني توقيفي، وكذلك محمد أبو شهبة في كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم. ولولا الإطالة ذكرت لك مصادر أخرى كلها من تدوين مشاهير علماء يعتد بهم. وعندما تقرأ أدلة الجمهور تدرك أنهم يقصدون القول بالتوقيف وليس مجرد القول بوجوب التزام الرسم العثماني. فرّق عثمان رضي الله عنه القراءات المتواترة في المصاحف، ومن هنا يفترض أن يكتب كلمة صراط في مصحف وفي آخر سراط. ولما لم يفعل دل ذلك أنه يلتزم الرسم التوقيفي. أشرف زيد بن ثابت على جمع القرآن في عهد أبي بكر ومن هنا لابد أن يكون قد كتب كلمة تابوت، فلماذا يختلف مع القرشيين في اللجنة أيام عثمان؟ ولماذا لا يكتبها كما كتبها سابقاً؟ أم يزعم البعض أنهم قد استدركوا على صحف أبي بكر؟ اختلافهم كما ينص الحديث كان فقط في كلمة تابوت؛ فقريش تقف لفظاً على التاء، والأنصار يقفون لفظاً على الهاء، فكيف تكتب إذن؟ الجواب: لو تواترت قراءة التاء والهاء لكتبت في مصحف هكذا: تابوت، وفي مصحف آخر هكذا: تابوه. ولكن اختلافهم دل على أن قراءة تابوه لم تتواتر أو نسخت باعتبارها رخصة وليست أصلاً، لأن الأصل حرف قريش وبه القرآن قد نزل. وقد ورد أن زيد وأبي قرأوا تابوه ولكنها شاذة، ولكن ذلك يدلل على ما قلنا. ورد في هذا الملتقى ما يستحق التأمل: عندما كان الرسول عليه السلام يملي القرآن على الكتبة يفترض أنهم كانوا يكتبون وفق الاصطلاح السائد في مجتمعهم، لأنه عليه السلام اختارهم ممن يتقن الكتابة. وعندما تشير ظواهر الرسم العثماني إلى مخالفة الاصطلاح السائد ندرك أن الصحابة الكرام غيّروا بأمر من الرسول عليه السلام، لامتناع أن يحرّفوا بين يديه عليه السلام. وهذا يعني أن الرسم العثماني توقيفي من جهة إقرار الاصطلاحي ومن جهة عدم الاقرار ومن ثم تغيير بعض الألفاظ التي يجهر بها الرسم من غير التباس.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Apr 2010, 11:57 م]ـ
أخانا الحبيب! تقول: (وعندما تشير ظواهر الرسم العثماني إلى مخالفة الاصطلاح السائد)، فهل تستطيع أن تعطينا ما هو الاصطلاح السائد؟
ولقد وقَّفتك على أمر لم أرك ألقيت له بالاً، فذهبت تذكر لي عن الزرقاني وأبي شهبة رحمهم الله تعالى، والأمر واضح لمن بحث هذه المسألة، وأرجو أن تراجع المسألة مرة أخرى، فالقول بالتوقيف لا يعرف عند المتقدمين.وأرجو أن تبين لي مرادك بالتوقيف، فقد يكون اختلاف الاصطلاح سببًا في عدم فهمي لما تقول.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[10 Apr 2010, 01:41 م]ـ
عزيزنا د. الطيار عندما نجد مثلاً أن كلمة قرآن تكتب دائما هكذا: قرءان ندرك أن هذا هو الاصطلاح، وعندما نجد أنها قد كتبت في موضعين فقط هكذا: قرءن ندرك أن هذا يخالف الاصطلاح، لأن الأصل هو الاصطلاح، لما ورد من أن الرسول عليه السلام قد اختار الكتبة ممن يتقنون الكتابة. وعندما نجد آلاف الكلمات القرآنية تكتب برسم محدد ثم نجد كلمة مثل لأذبحنه تكتب لأاذبحنه، ندرك أن الصورة الأولى هي الاصطلاح، وأن الثانية فيها خروج عن الاصطلاح، كيف لا، وقد شذت رسماً عن آلاف من المثيلات إلا ما ورد في كلمة ولأوضعوا حيث رسمت في بعض المصاحف ولأاوضعوا. ولا يشك عربي أن كلمة الأيكة رسمت هكذا وفق الاصطلاح السائد ومن هنا نستغرب رسمها في موضعين هكذا: ليكة. وكذلك كلمة أيد نستغرب أن ترسم أييد. وإذا أمكن تفسير المخالفة في بعض الكلمات إلا أن محاولات تفسير جميع ما شذ رسماً باءت بالإخفاق حتى الآن كما هو واضح. وبلغة أخرى أقول: ما استشكله القدماء وما نستشكله اليوم رسماً هو المخالف للاصطلاح. أقصد بالتوقيف: ما نتوقف فيه عند حدود ما ورد لرجحان أنه مأخوذ عن الرسول عليه السلام. وقلت رجحان، لأن هذه من المسائل التي لم يرد فيها يقين. وظواهر الرسم العثماني تصلح مرجحاً بين العلماء. أما مسألة من هم الجمهور فلا يهمنا هنا لأن العبرة بالدليل. وإذا كان لا يكفي النقل عن كبار أهل الاختصاص فلنترك الزعم بأن هذا القول هو قول الجمهور. أقصد فليترك كل من يتحاور هنا هذا حتى لا يتوهم القارئ غير المختص أن قولنا قال الجمهور يعني حسماً للمسألة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Apr 2010, 11:25 م]ـ
أخانا الحبيب سنان
إن لعلم الرسم (رسم القرآن) أعلام معروفون، وأتمنى عليك لو قرأت كتاب الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد (رسم المصحف دراسة تاريخية لغوية)، كما أتمنى أن تقرأ بأسلوب النظر التاريخي، وسيتبين لك ما ذكرت لك.
وأنا لا أرى القول بالتوقيف صحيح، ولا أن النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم وقَّف الصحابة على رسم دون رسم، ومن ادعى ذلك فقد تكلَّف، وغاب عنه الصواب.
كما أحب أن تنتبه إلى الفرق بين (علم الرسم)، و (علم الضبط)، فقد وقع ذلك في بعض أمثلتك فراجعه، زادني الله وإياك توفيقًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[10 Apr 2010, 11:48 م]ـ
هل من جديد بخصوص بحث الاستاذ الدكتور احمد سيد الكومي الذي اشرت اليه سابقا؟
ما كتبة حبيبنا الدكتور ابو عبد الملك كله صواب وهو تحرير جيد على اختصاره. ولا زلت الى اليوم أعجب ممن يقول بأن الرسم الذي كتب به المصحف توقيفي
ـ[عبد الرحمن الداخل]ــــــــ[11 Apr 2010, 07:49 ص]ـ
مادام العلماء مختلفين في تحديد معنى دقيق للاحرف السبعة فكيف تكون الاجابة على اشتمال القرآن لها جميعها أو بعضها؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 Apr 2010, 02:00 ص]ـ
مادام العلماء مختلفين في تحديد معنى دقيق للاحرف السبعة فكيف تكون الاجابة على اشتمال القرآن لها جميعها أو بعضها؟؟؟؟؟؟؟؟؟
صحيح
أوافقك فيما تقول , وأستغرب كيف يريد أحد أن يجمع بين أقوال العلماء في اشتمال المصاحف على الأحرف السبعة -لا القرآن كما ذكرت-, أو غيرها من المسائل المرتبطة بها وهم مختلفون في أصل المسألة "المراد بالأحرف السبعة"(/)
لا فرق بين المسلم والمؤمن
ـ[المقاتل7]ــــــــ[15 Oct 2003, 08:13 ص]ـ
الآية:
(قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة الحجرات 14
أخطأ بعض العلماء عندما ظنوا أن في هذه الآية دليل على التفريق بين المسلم والمؤمن. و أن المرء قد يكون مسلما و ليس مؤمنا، فالمؤمن هو المسلم لا فرق.
فما الدليل على ذلك؟
أولا: يجب ألا ننزع الآية من السياق، فبعد الآية التي أدرجتها يقول تعالى (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين)
ثانيا: الله تعالى لم يقل للأعراب أسلمتم، ولكن قال (قولوا أسلمنا)، بمعنى قولوا ما شئتم من الكذب، و دليل كذبهم قوله تعالى (إن كنتم صادقين)، و لا يكذب في مسألة الإيمان إلا المنافق فثبت بذلك نفاقهم و لا يمكن الحكم بإسلام المنافق.
ثالثا:قول الأعراب (يمنون عليك أن أسلموا) و ليس آمنوا، أي أنهم يمنون بإسلامهم فيقولون أسلمنا، فدل ذلك أن (أسلمنا) لها نفس معنى (آمنا)، ثم يوضح الله تعالى أن المن بالإسلام إنما يكون من الله فكيف تكون صورته (أن هداكم للإيمان)، فالمن بالإسلام هو الهداية للإيمان، فثبت بذلك أن المسلم و المؤمن اسمان لمسمى واحد.
رابعا: أما قوله تعالى (لا يلتكم من أعمالكم شيئا) فمشروطة ب (إن تطيعوا الله ورسوله)، و من أطاع الله ورسوله فهو المؤمن، فدل ذلك أن المقصود هو الأعمال التالية للإيمان إن آمنوا و ليس الأعمال السابقة له كما ظن بعض المفسرين.
فمن المؤمن و من المسلم؟
جاء في الحديث المتفق عليه أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته و كتبه ورسله و اليوم الآخر والقدر، فعرفنا أن من آمن بذلك هو المؤمن.
و جاء فيه أن الإسلام هو الشهادة و الصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع، فعرفنا أن من قام بذلك فهو المسلم.
و الإسلام عقيدة وعمل لا تجزئ إحداهما وحدها!!
فمن آمن بما ورد في الحديث و ترك العمل فليس بمؤمن ولا مسلم.
و من أدى أركان الإسلام و لم يؤمن بما سبق فليس بمؤمن ولا مسلم.
و لم يأت أي دليل على القول أن المرء قد يكون مسلما فقط. و لما كان ذلك ساقط من الأصل بما يقتضيه معنى اللفظ، فلا يمكن أن نرد الأصل بالظن.
____________
تتمة:
وقد دلت بعض الآثار على تفضيل استخدام لفظ مسلم في تعيين الأشخاص بدلا من مؤمن كما في البخاري وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي، فقلت: يا رسول الله، ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما. فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه الله في النار.
في الحديث علل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم إعطاء ذلك الرجل رغم أنه أحب إليه من غيره أنه يخشى على غيره أن يكبه الله في النار، فدل ذلك أن هذا الرجل قوي الإيمان لا يُخشى عليه الفتنة من ترك العطاء له بعكس غيرة ممن أُجزل لهم العطاء، و رغم ذلك فقد قدم لفظ مسلم في التعيين، و لا يستقيم أن نظن أن الرجل الذي هو أحب إلى رسول الله من غيره ليس مؤمنا، و من ذلك يتضح قوله أو مسلما لا يعني أنه ليس الرجل مؤمنا، ولكن يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم سعدا أن استخدام لفظ مسلم في تعيين الشخص أولى من لفظ مؤمن.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Oct 2003, 10:28 ص]ـ
الإسلام والإيمان لفظان شرعيان ورد القرآن والسنة بهما , ومذهب أهل السنة فيهما:
أن الاسلام اعم من الإيمان فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن وادلة ذلك كثيرة منها ما ذكرت.
ولفظ الاسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا , وإذا افترقا اجتمعا. فإذا ذكر الاسلام وحده دخل فيه الإيمان والعكس ,
أما إذا ذكرا جميعا فلكل واحد منهما معنى يخصه.
وأما آية الحجرات ففيها قولان:
القول الأول: أنها في المنافقين وهو القول الذي ذكرت وهو رأي البخاري.
القول الثاني: أنها في قوم دخلوا الإسلام حقيقة لكن لم يستحكم الإيمان في قلوبهم وهو راي ابن جرير وابن كثير ,. وهو الصحيح قال ابن كثير: وقد استفيد من هذه الآية ان الأيمان اخص من الاسلام كما هو مذهب اهل السنة والجماعة , ويدل عليه حديث جبريل ... الخ كلامه.
وعلى فرض أن الآية في المنافقين فالتفريق بين الاسلام والايمان مأخوذ من أدلة أخرى والله اعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقاتل7]ــــــــ[15 Oct 2003, 10:48 ص]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيرا
و لكن لا دليل شرعي على التفريق بين المسلم والمؤمن كما تقول سوى آية سورة الحجرات و التي ظهر بطلان الإستدلال بها.
أما قولك
ولفظ الاسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا , وإذا افترقا اجتمعا. فإذا ذكر الاسلام وحده دخل فيه الإيمان والعكس ,
فلا علاقة له بالموضوع ـ لأن الحديث عن اسمي المسلم والمؤمن و أنهما يدلان على نفس المسمى ..
أما الإيمان والإسلام فلا يدلان على نفس المسمى إذا اجتمعا كما في الأثر الذي أشرت إليه.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[02 Jan 2006, 04:11 م]ـ
أخي العزيز المقاتل7
أولاً: النصوص في مسألة التفريق بين الإسلام والإيمان كثيرة.
ثانياً: العلماء القائلون بالتفريق كثيرون جداً وقد سردوا أدلة كثيرة في ذلك.
ثالثاً: هل سبقك من العلماء المعتبرين أحد بهذا القول.
رابعاً:كيف ترد على من قال بالتفريق محتجاً بـ:
- أقوال العلماء.
- النص الذي ذكرته " .. قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ".
- وهو يرفض دعواك أن " قولوا أسلمنا " ليس إثبات لأسلامهم ويرى ضعف حجتك في استدلالك على أن المراد (قولوا ما شئتم من الكذب)
وهو يحمل قول الله تعالى " أن هداكم للإيمان " أي الإسلام وهو الذي أثبته الله تعالى لهم في
قوله: " ولكن قولوا أسلمنا "
وأما قضية لا يمكن أن يكون الرجل مسلم وليس بمؤمن، فهذا المعنى له شواهد في الكتاب والسنة
كثيرة منا الآية التي ذكرتها.
وحين تتنبه إلى مسألة ربما يحل الإشكال لديك والمسألة هي: أن الإيمان له تفسيرين:
أحدهما: الإيمان الكامل " الإيمان الحقيقي "
والآخر: اسم الإيمان (وهو هنا بمعنى الإسلام)
ثم الإسلام يفسر أيضاً بتفسيرين: الأول: الأسم، وهو الذي ليس بكامل الإيمان
والثاني فهو بمعنى الإيمان الكامل.
وعلى هذا فيحمل كل نص من النصوص الشرعية بما يناسبه فبعض النصوص تذكر الإيمان ويراد
بها: اسم الإيمان (وهو الإسلام الذي أثبته الله تعالى للأعراب) وذكره تعالى بقوله " أن هداكم
للإيمان "
وبعض النصوص تذكر الإسلام ويراد به الإيمان بمعناه الخاص.
وللحديث بقية
والله تعالى أعلم
راجع أخي مقاتل7 كتاب " تعظيم قدر الصلاة " للمروزي (1/ 356) فما بعده وفي
الكتاب في عدة مواضع أخرى كلام مهم
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[02 Jan 2006, 04:17 م]ـ
ولابن جرير الطبري كلام في هذا مهم
لعلي أنقله قريباً إن شاء الله تعالى في كتاب له اسمه " التبصير في معالم الدين "
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[06 Jan 2006, 04:57 م]ـ
والحديث الذي ذكرته أنت، وفقك الله تعالى وفيه تفضيل استخدام لفظ مسلما بدل مؤمناً.
فيه دلالة بيّنة على أن بينها فرق ولو كانت بمعنى واحد، لما ساغ استخدام أحدهما دون الآخر في وصف شخص ما.
فإن فضل استخدام أحدهما دون الآخر (كما قلت أنت) في وصف شخص دل على أن بينها اختلاف.
وهو الذي ذكره العلماء:
قال بن جرير في: (التبصير في معالم الدين) ص190 طبعة دار العاصمة:
" .... غير أنّ المعنى الذي يستحق به اسم مؤمن بالإطلاق، هو الجامع لمعاني الإيمان، وذلك أداء جميع فرائض الله - تعالى ذكره - من معرفة وإقرار وعمل ...... إلى أن قال: " كما بينا أنّه غير جائز تسمية أحد مؤمنا ووصفه به مطلقاً من غير وصل إلا لمن استكمل معاني التصديق الذي هو جماع أداء جميع فرائض الله.
وقال رحمه الله تعالى قبل هذا الكلام في أهل الكبائر ص 183: " والذي نقول: معنى ذلك أنّهم مؤمنون بالله ورسوله ولا نقول: هم مؤمنون بالإطلاق لعلل سنذكرها بعد.
ونقول: هم مسلمون بالإطلاق، لأن الإسلام اسم للخضوع والإذعان ..... إلخ كلامه " إهـ
فأقول أخي " مقاتل7 ": يختلف معنى الإسلام عن معنى الإيمان - على وجه التفصيل - ولذا يوصف البعض بالإسلام دون الإيمان.
وهو قول الإمام الزهري - رحمه الله تعالى كما في مسلم: " فنرى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل "
وقبل قول الزهري حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرته أنت، بل وقوله صلى الله عليه وسلم: " أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص " وهو في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى برقم 155 - 156
وفي كتاب الإيمان لابن تيميةص303
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد روي التفريق عن كثير من السلف. راجع كتاب الإيمان لشيخ الاسلام بن تيمية.
وقد اثبت هذا التفريق الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه (تعظيم قدر الصلاة) ص 512، بدليل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأئمة الدين، ثم أثبتها بالعقل فقال:
" .. وذلك أن الله جعل اسم المؤمن اسم ثناء وتزكية ومدحة، أوجب عليه الجنة فقال: " وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً {43} تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً "
وقال: " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ "
وقال: " يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم "
وقال: " يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ "
وقال: " اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ "
وقال عزوجل: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ "
قال محمد بن نصر المروزي: " ثم أوجب الله النار على الكبائر، فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عن من أتى كبيرة، قالوا: ولم نجد الله أوجب الجنة باسم الاسلام، فثبت ان اسم الإسلام ثابت على حاله، واسم الإيمان زائل عنه. إ هـ
قلت: وله كلام عظيم وطويل في إثبات ذلك بالنظر والعقل، غير ما أورده من أدلة فراجعه فهو مهم.
فبهذا أخي مقاتل تعرف أن التسمية بابها واسع فالإسلام والإيمان يتداخلان في المعنى ولكل منهما معنى خاص ومعنى عام وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لوفد عبد قيس معنى الإسلام فجعله المعنى الخاص للإيمان الذي في حديث جبريل. وقوله تعالى: " أولئك هم المؤمنون حقاً " يدل على أن الإيمان نوعين كما ذكر ذلك الإمام محمد بن نصر ي كتابه المذكور (1/ 358) فالتسميات أمرها واسع لكن المعاني التفصيلية هي التي ينبغي معرفتها على وجه التفصيل حتى لا يتوهم المسلم تناقض الأحاديث يما بينها، أو لا يفهمها على حقيقتها.
وحقيقة المعاني الشرعية لا يمكن معرفتها بعيداً عن مراجعة كلام السلف وأئمة الدين
ومن ذلك ربما تسمية بعض الذنوب كفراً وقد فسر بن عباس الكفر في قوله تعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون " بأنه ليس الكفر الأكبر.
والله أعلم
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[18 Jun 2006, 07:12 م]ـ
للرفع
اين مقاتل
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jun 2006, 07:36 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد بحث هذه المسالة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الإيمان الكبير
بحثا وافيا شافيا
أحيلكم عليه وأنقل لكم مقدمته للتشويق:
سْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَحْمَد ابْنُ تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا. اعْلَمْ أَنَّ " الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ " يَجْتَمِعُ فِيهِمَا الدِّينُ كُلُّهُ وَقَدْ كَثُرَ كَلَامُ النَّاسِ فِي " حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ " وَنِزَاعُهُمْ وَاضْطِرَابُهُمْ؛ وَقَدْ صُنِّفَتْ فِي ذَلِكَ مُجَلَّدَاتٌ؛ وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ مِنْ حِينِ خَرَجَتْ الْخَوَارِجُ بَيْنَ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَصِلُ الْمُؤْمِنُ إلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّ هَذَا هُوَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْمَقْصُودُ. فَلَا نَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّاسِ ابْتِدَاءً؛ بَلْ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ - فِي ضِمْنِ بَيَانِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - مَا يُبَيِّنُ أَنَّ رَدَّ مَوَارِدِ النِّزَاعِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَأَحْسَنُ عَاقِبَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَنَقُولُ: قَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ مُسَمَّى " الْإِسْلَامِ " وَمُسَمَّى " الْإِيمَانِ " وَمُسَمَّى " الْإِحْسَانِ {. فَقَالَ: الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْت إلَيْهِ سَبِيلًا. وَقَالَ: الْإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ}. وَ " الْفَرْقُ " مَذْكُورٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا فِيهِ: أَنَّ جبرائيل جَاءَهُ فِي صُورَةِ إنْسَانٍ أَعْرَابِيٍّ فَسَأَلَهُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: أَنَّهُ جَاءَهُ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ. وَكَذَلِكَ فَسَّرَ " الْإِسْلَامَ " فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَشْهُورِ قَالَ: {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ}. وَحَدِيثُ جبرائيل يُبَيِّنُ أَنَّ " الْإِسْلَامَ الْمَبْنِيَّ عَلَى خَمْسٍ " هُوَ الْإِسْلَامُ نَفْسُهُ لَيْسَ الْمَبْنِيُّ غَيْرَ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ؛ بَلْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ: أَعْلَاهَا " الْإِحْسَانُ " وَأَوْسَطُهَا " الْإِيمَانُ " وَيَلِيهِ " الْإِسْلَامُ " فَكُلُّ مُحْسِنٍ مُؤْمِنٌ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُحْسِنًا وَلَا كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي سَائِر الْأَحَادِيثِ كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قلابة عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِيهِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ. قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَك لِلَّهِ وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِك وَيَدِك. قَالَ: فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ. قَالَ: وَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: فَأَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْهِجْرَةُ. قَالَ: وَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ. قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْجِهَادُ. قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: أَنْ تُجَاهِدَ أَوْ تُقَاتِلَ الْكُفَّارَ إذَا لَقِيتهمْ وَلَا تغلل وَلَا تَجْبُنُ}. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا - قَالَهَا ثَلَاثًا - حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ} رَوَاهُ أَحْمَد وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المروزي. وَلِهَذَا يَذْكُرُ هَذِهِ " الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَةَ {فَيَقُولُ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ}. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفضالة بْنِ
(يُتْبَعُ)
(/)
عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ وَهُوَ فِي " السُّنَنِ " وَبَعْضُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ؛ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْلَمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَلَوْلَا سَلَامَتُهُمْ مِنْهُ لَمَا ائْتَمَنُوهُ. وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عبسة. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ {قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: إطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلَامِ. قِيلَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ. قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ إسْلَامًا؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ. قِيلَ: فَمَنْ أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا؟ قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا. قِيلَ فَمَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ؟ قَالَ: مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ. قَالَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ الْقُنُوتِ. قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدُ مُقِلٍّ. قَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْ تُجَاهِدَ بِمَالِك وَنَفْسِك؛ فَيُعْقَرَ جَوَادُك وَيُرَاقَ دَمُك. قَالَ أَيُّ السَّاعَاتِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرِ}. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ وَإِلَّا فَالْمُهَاجِرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ وَلِهَذَا قَالَ: {الْإِيمَانُ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ}. وَقَالَ فِي الْإِسْلَامِ: {إطْعَامُ الطَّعَامِ وَطَيِّبُ الْكَلَامِ}. وَالْأَوَّلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلثَّانِي؛ فَإِنَّ مَنْ كَانَ خُلُقُهُ السَّمَاحَةَ فَعَلَ هَذَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَخَلُّقًا وَلَا يَكُونُ فِي خُلُقِهِ سَمَاحَةٌ وَصَبْرٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ: {أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ}. وَقَالَ: {أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا}. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ؛ فَمَنْ كَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ فَعَلَ ذَلِكَ. قِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: مَا حُسْنُ الْخُلُقِ؟ قَالَ: بَذْلُ النَّدَى وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ. فَكَفُّ الْأَذَى جُزْءٌ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ. وَسَتَأْتِي الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ مِنْ الْإِيمَانِ كَقَوْلِهِ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ}. {وَقَوْلُهُ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: آمُرُكُمْ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ، أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ}. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَكُونُ إيمَانًا بِاَللَّهِ بِدُونِ إيمَانِ الْقَلْبِ؛ لِمَا قَدْ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيمَانِ الْقَلْبِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ مَعَ إيمَانِ الْقَلْبِ هُوَ الْإِيمَانُ وَفِي " الْمُسْنَدِ " عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ}. {وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْقَلْبُ}. فَمَنْ صَلَحَ قَلْبُهُ صَلَحَ جَسَدُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عيينة: كَانَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا مَضَى يَكْتُبُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي " كِتَابِ الْإِخْلَاصِ ". فَعُلِمَ أَنَّ الْقَلْبَ إذَا صَلَحَ بِالْإِيمَانِ؛ صَلَحَ الْجَسَدُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ مِنْ الْإِيمَانِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ جبرائيل: {هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ}. فَجَعَلَ " الدِّينَ " هُوَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَالْإِحْسَانُ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ دِينَنَا يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ لَكِنْ هُوَ دَرَجَاتٌ ثَلَاثٌ: " مُسْلِمٌ " ثُمَّ " مُؤْمِنٌ " ثُمَّ " مُحْسِنٌ " كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وَالْمُقْتَصِدُ وَالسَّابِقُ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلَا عُقُوبَةٍ بِخِلَافِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ. وَهَكَذَا مَنْ أَتَى بِالْإِسْلَامِ الظَّاهِرِ مَعَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ؛ لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيمَانِ الْبَاطِنِ؛ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْوَعِيدِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا " الْإِحْسَانُ " فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ مِنْ الْإِيمَانِ. " وَالْإِيمَانُ " أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَصْحَابِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ. فَالْإِحْسَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ وَالْإِيمَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْمُحْسِنُونَ أَخَصُّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَخَصُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فِي " الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ " فَالنُّبُوَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الرِّسَالَةِ وَالرِّسَالَةُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِهَا؛ فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَيْسَ كُلُّ نَبِيٍّ رَسُولًا؛ فَالْأَنْبِيَاءُ أَعَمُّ وَالنُّبُوَّةُ نَفْسُهَا جُزْءٌ مِنْ الرِّسَالَةِ فَالرِّسَالَةُ تَتَنَاوَلُ النُّبُوَّةَ وَغَيْرَهَا بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ الرِّسَالَةَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ " الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ " بِمَا أَجَابَ بِهِ؛ كَمَا يُجَابُ عَنْ الْمَحْدُودِ بِالْحَدِّ إذَا قِيلَ مَا كَذَا؟ قِيلَ: كَذَا وَكَذَا. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {لَمَّا قِيلَ: مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ}. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ}. وَبَطَرُ الْحَقِّ: جَحْدُهُ وَدَفْعُهُ. وَغَمْطُ النَّاسِ: احْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاؤُهُمْ. وَسَنَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - سَبَبَ تَنَوُّعِ أَجْوِبَتِهِ وَأَنَّهَا كُلَّهَا حَقٌّ. وَلَكِنَّ (الْمَقْصُودَ) أَنَّ قَوْلَهُ: {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ} كَقَوْلِهِ: {الْإِسْلَامُ هُوَ الْخَمْسُ} كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ جبرائيل؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ تَكُونُ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ فِيهِ مَبْنِيَّةً عَلَى تِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَمُرَكَّبَةً مِنْهَا؛ فَالْإِسْلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْكَانِ - وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - اخْتِصَاصَ هَذِهِ الْخَمْسِ بِكَوْنِهَا هِيَ الْإِسْلَامَ، وَعَلَيْهَا بُنِيَ الْإِسْلَامُ، وَلِمَ خُصَّتْ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ؟ وَقَدْ فَسَّرَ " الْإِيمَانَ " فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِسْلَامَ
(يُتْبَعُ)
(/)
هُنَا لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْحَجَّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَقَالَ: {آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ أَوْ خُمُسًا مِنْ الْمَغْنَمِ}. وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: {الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَشَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ}. لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: {آمُرُكُمْ بِأَرْبَعِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: اُعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}. وَقَدْ فَسَّرَ - فِي حَدِيثِ شُعَبِ الْإِيمَانِ - الْإِيمَانَ بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ فَقَالَ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ}. وَثَبَتَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ قَالَ: {الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ} مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَقَالَ أَيْضًا: {لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. {وَقَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}. وَقَالَ: {وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ. قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ}. وَقَالَ: {مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ}. وَقَالَ: {مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إلَّا كَانَ فِي أُمَّتِهِ قَوْمٌ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ. ثُمَّ إنَّهُ يَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ؛ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ} وَهَذَا مِنْ إفْرَادِ مُسْلِمٍ. وَكَذَلِكَ فِي إفْرَادِ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: {وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟: أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ} وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ النُّهْبَةَ يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ}. فَيُقَالُ " اسْمُ الْإِيمَانِ " تَارَةً يُذْكَرُ مُفْرَدًا غَيْرَ مَقْرُونٍ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا بَاسِمِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَلَا غَيْرِهِمَا وَتَارَةً يُذْكَرُ مَقْرُونًا؛ إمَّا بِالْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جبرائيل: {مَا الْإِسْلَامُ وَمَا الْإِيمَانُ}؟ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}. وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}. وقَوْله تَعَالَى {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {فَمَا
(يُتْبَعُ)
(/)
وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. وَكَذَلِكَ ذُكِرَ الْإِيمَانُ مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. وَإِمَّا مَقْرُونًا بِاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ} وَقَوْلِهِ: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. وَحَيْثُ ذُكِرَ الَّذِينَ آمَنُوا فَقَدْ دَخَلَ فِيهِمْ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُهُمْ قَالَ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}. وَقَالَ: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}. وَيُذْكَرُ أَيْضًا لَفْظُ الْمُؤْمِنِينَ مَقْرُونًا بِاَلَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ثُمَّ يَقُولُ: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} فَالْمُؤْمِنُونَ فِي ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ غَيْرُ الثَّلَاثَةِ، وَالْإِيمَانُ الْآخِرُ عَمَّهُمْ؛ كَمَا عَمَّهُمْ فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}. وَسَنَبْسُطُ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (فَالْمَقْصُودُ هُنَا) الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مِنْ الْإِيمَانِ. وَأَمَّا الْعُمُومُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَلَلِ؛ فَتِلْكَ " مَسْأَلَةٌ أُخْرَى ". فَلَمَّا ذَكَرَ الْإِيمَانَ مَعَ الْإِسْلَامِ؛ جَعَلَ الْإِسْلَامَ هُوَ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ: الشَّهَادَتَانِ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ. وَجَعَلَ الْإِيمَانَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَهَكَذَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ}. وَإِذَا ذُكِرَ اسْمُ الْإِيمَانِ مُجَرَّدًا؛ دَخَلَ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الشُّعَبِ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ}. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا أَعْمَالُ الْبِرِّ مِنْ الْإِيمَانِ. ثُمَّ إنَّ نَفْيَ " الْإِيمَانِ " عِنْدَ عَدَمِهَا؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ فَضْلَ إيمَانِ صَاحِبِهَا - وَلَمْ يَنْفِ إيمَانَهُ - دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَا يَنْفِي اسْمَ مُسَمَّى أَمْرٍ - أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ - إلَّا إذَا تَرَكَ بَعْضَ وَاجِبَاتِهِ كَقَوْلِهِ: {لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ}. وَقَوْلِهِ: {لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ} وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْفِعْلُ مُسْتَحَبًّا فِي " الْعِبَادَةِ " لَمْ يَنْفِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُسْتَحَبِّ فَإِنَّ هَذَا لَوْ جَازَ؛ لَجَازَ أَنْ يَنْفِيَ عَنْ جُمْهُورِ الْمُؤْمِنِينَ اسْمَ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ عَمَلٍ إلَّا وَغَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْبِرِّ مِثْلَ مَا فَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ. فَلَوْ كَانَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِكَمَالِهَا الْمُسْتَحَبِّ يَجُوزُ نَفْيُهَا عَنْهُ؛ لَجَازَ أَنْ يُنْفَى عَنْ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأَوَّلِينَ
(يُتْبَعُ)
(/)
والآخرين، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الْكَمَالُ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَفْيُ " الْكَمَالِ الْوَاجِبِ " الَّذِي يُذَمُّ تَارِكُهُ وَيَتَعَرَّضُ لِلْعُقُوبَةِ؛ فَقَدْ صَدَقَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَفْيُ " الْكَمَالِ الْمُسْتَحَبِّ " فَهَذَا لَمْ يَقَعْ قَطُّ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَقِصْ مِنْ وَاجِبِهِ شَيْئًا؛ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: مَا فَعَلَهُ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا. فَإِذَا {قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ}. {وَقَالَ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ - وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ: لَا صَلَاةَ لِفَذِّ خَلْفَ الصَّفِّ} كَانَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} يُبَيِّنُ أَنَّ الْجِهَادَ وَاجِبٌ وَتَرْكَ الِارْتِيَابِ وَاجِبٌ. وَالْجِهَادُ - وَإِنْ كَانَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ - فَجَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ يُخَاطَبُونَ بِهِ ابْتِدَاءً فَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ وَالْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهِ إذَا تَعَيَّنَ؛ وَلِهَذَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَهُمَّ بِهِ؛ كَانَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ. " وَأَيْضًا " فَالْجِهَادُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}. هَذَا كُلُّهُ وَاجِبٌ؛ فَإِنَّ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَاجِبٌ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ كَمَا أَنَّ الْإِخْلَاصَ لِلَّهِ وَاجِبٌ وَحُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاجِبٌ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّوَكُّلِ فِي غَيْرِ آيَةٍ أَعْظَمَ مِمَّا أَمَرَ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَهَى عَنْ التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}. وَقَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}.
ـ[المقاتل7]ــــــــ[26 Jun 2006, 07:59 ص]ـ
للرفع
اين مقاتل
أخي ناصر الغامدي
كنت قد كتبت هذا الموضوع قبل ثلاث سنين، و هو ليس بالأهمية التي تستحق كل هذا النقاش
الفرق بين الإسلام و الإيمان لا يختلف عليه أحد، و قد صح تعريف الإسلام و تعريف الإيمان في الحديث:
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ...... الحديث
و الأصل في اللغة أن اسم الفاعل يلحق بالقائم بالفعل، فمن أتى بالأركان الخمسة صار مسلما لغويا و لكن شرعيا قد يكون منافقا، و من آمن بما ذُكر سابقا صار مؤمنا لغويا و لكن شرعيا قد يكون كافرا إن ترك العمل، فالإسلام هو بعض عمل الجوارح و الإيمان هو عمل القلب، و هما يتكاملان لا يُجزئ أحدهما دون الآخر!
و اعلم أخي أن ما دفع العلماء إلى التفريق بين المسلم و المؤمن هو ذلك التقصي لمسألة الكفر و الإيمان عند المصر على المعصية، و قد وقع بعضهم في الإرجاء نتيجة لذلك، و أذكر منهم أبا حنيفة، و من المعاصرين الألباني، و المعاصي تتعدد و تتباين في غلظتها و في حكم فاعلها، و لا يمكن تقعيد حكم لأصحاب كل أنواع المعاص، و كان الأولى بالعلماء في هذه المسألة أن يقفوا عند الأدلة القطعية، ثم يقولوا لا ندري .. ذلك أن النصوص سكتت عن بيان هذه المسألة بيانا كاملا، بل قد تتعارض النصوص ظاهريا في مدلولها و التوفيق بينها يحتمل عدة أوجه لا يمكن الجزم بأي من هذه الأوجه. و قد سكت الله عن أشياء رحمة بنا غير نسيان و نهى أن نسأل عما لم يُبده لنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[29 Sep 2006, 02:24 م]ـ
أخي مقاتل
نقضت كلامك السابق فالحمد لله على كل حال، وأما التفريق بين الإسلام والإيمان فالذي دفع العلماء للتفريق بينهما هي دلالة النصوص.
وقولك: (كان الأولى بالعلماء) ................. قوية شوي، أقصد غريب هذا العنوان، لو قلت ببعض العلماء كان أهون شوي، رغم انها أيضاً صعبة
عموماً كلامك أخي العزيز الأخير ما فهمته زين يمكن، يحتاج إلى علماء كبار يفهمونه.
ـ[المقاتل7]ــــــــ[30 Sep 2006, 02:14 ص]ـ
أخي مقاتل
نقضت كلامك السابق فالحمد لله على كل حال، وأما التفريق بين الإسلام والإيمان فالذي دفع العلماء للتفريق بينهما هي دلالة النصوص.
.
أخيرا حضرت ... و قرأت الرد ... (إبتسامة)
لا تخلط بين التفريق بين الإيمان و الإسلام و التفريق بين المسلم و المؤمن ...
الأول ثابت بالنص الصريح، و الثاني لا دلالة قطعية عليه .. و العقائد لا مجال فيها للظنيات.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Sep 2006, 07:12 ص]ـ
الأخ المقاتل وفقه الله وجميع الإخوة المشاركين .. هذه المسألة من المسائل التي يقبل فيها الخلاف وهو مشهور بين العلماء ولكل وجهته ورأيه المقبول بلا تثريب .. وكل له مستند وسلف ..
وأحببت الإضافة بما يلي:
الإسلام لغة / الانقياد والإذعان، تقول العرب: أسلم لله إذا انقاد وأذعن وأطاع، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل العدوي مؤمن الجاهلية:
وأسلمت وجهي لمن أسلمتْ ... له الأرض تحمل صخراً ثقالاً
دحاها فلما استوت شدها ... سواء وأرسى عليها الجبالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذباً زلالاً
إذا هي سيقت إلى بلدة ... أطاعت فصبت عليها سجالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الريح تصرف حالاً فحالاً (1)
وأما في الشريعة فلإطلاقه حالتان:
أ – أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإيمان فهو حينئذ يراد به الدين كله، أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله، كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، (ورضيت لكم الإسلام ديناً)، (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه). .
ب – أن يطلق مقترناً بالاعتقاد فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم). وكما في هذا الحديث (2).
هذا ما ذكره كثير من العلماء ..
وفي هذه الآية بالذات ننقل كلام أحد العلماء قال الشيخ الأمين رحمه الله: " أما الفرق بينهما في قوله (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) فلأن الإيمان المنفي في هذه الآية هو الإيمان الشرعي، والإسلام المثبت فيها في الحقيقة: هو الإسلام اللغوي، وهو: الانقياد بالجوارح للعمل، مع أنه غير الإسلام الشرعي الحقيقي الصحيح لأن مصدره القلب والله يقول في هذه الآية: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) فعدم دخول الإيمان في قلوبهم يدل على أن الإسلام المثبت لهم لغوي فقط، لأنه شكلي صوري لا حقيقي، لأن القلوب لم تنطو عليه كما ترى (3).
والله أعلم ...
ـــــــــــــــ
حواشي:
(1) منهج التشريع الإسلامي للشيخ الأمين رحمه الله، ص (21 - 22).
(2) معارج القبول، ج2 / (595 - 596) باختصار.
(3) منهج التشريع الإسلامي، ص (22 - 23).
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[23 Oct 2006, 11:51 م]ـ
نقل الشيخ فهد الوهيبي جزاه الله خيراً نقلاً مهماً جداً وهو وفي هذه الآية بالذات ننقل كلام أحد العلماء قال الشيخ الأمين رحمه الله: " أما الفرق بينهما في قوله (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) فلأن الإيمان المنفي في هذه الآية هو الإيمان الشرعي، والإسلام المثبت فيها في الحقيقة: هو الإسلام اللغوي، وهو: الانقياد بالجوارح للعمل، مع أنه غير الإسلام الشرعي الحقيقي الصحيح لأن مصدره القلب والله يقول في هذه الآية: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) فعدم دخول الإيمان في قلوبهم يدل على أن الإسلام المثبت لهم لغوي فقط، لأنه شكلي صوري لا حقيقي، لأن القلوب لم تنطو عليه كما ترى (3).
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[28 Oct 2006, 03:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته وبعد
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد أدلى المشائخ الأفاضل بدلوهم في هذا الموضوع فجزاهم الله خيرا ومن باب المشاركة في هذا الموضوع لعلي استفيد من أخواني أو أفيد أحببت ان اشارك بما يلي باختصار حيث أني فهمت من اقوال اهل العلم رحمهم الله أن الإسلام بالمعنى العام هو: " التعبد لله تعالى بما شرعه من العبادات التي جاءت بها رسله، منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة " فيشمل ما جاء به نوح صلى الله عليه وسلم من الهدى والحق، وما جاء به موسى، وما جاء به عيسى، ويشمل ما جاء به إبراهيم عليهم السلام.
والإسلام بالمعنى الخاص بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يختص بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لأن ما بعث به صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة فصار من اتبعه مسلماً، ومن خالفه ليس بمسلم، لأنه لم يستسلم لله بل استسلم لهواه،
وإذا قلنا: إن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع شمل ذلك الاستسلام له ظاهراً وباطناً فيشمل الدين كله عقيدة، وعملاً، وقولاً،
أما إذا قرن الإسلام بالإيمان فإن الإسلام يكون الأعمال الظاهرة من نطق اللسان وعمل الجوارح،
والإيمان الأعمال الباطنة من العقيدة وأعمال القلوب
ويدل على هذا التفريق قوله تعالى:) قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ((4). وقال تعالى في قصة لوط:) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين. فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ((5). فإنه فرق هنا بين المؤمنين والمسلمين لأن البيت الذي كان في القرية بيت إسلامي في ظاهره إذ إنه يشمل امرأة لوط التي خانته بالكفر وهي كافرة، أما من أخرج منها ونجا فإنهم المؤمنون حقاً الذين دخل الإيمان في قلوبهم
ويدل للفرق بين الإسلام والإيمان عند اجتماعهما - حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ". وقال في الإيمان: " أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره ".
فالحاصل أن الإسلام عند الإطلاق يشمل الدين كله ويدخل فيه الإيمان، وأنه إذا قرن مع الإيمان فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وعمل الجوارح، وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها.(/)
ماذا عن تفسير البشتي .... ؟
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[16 Oct 2003, 04:26 م]ـ
ماذا عن تفسير البشتي؟
لقد رأيت في قسم الرسائل الجامعية في مكتبة الملك فهد الوطنية قسماً من الكتاب محققاٌ في جامعة المدينة لمحقق نسيت اسمه الآن ..
وسؤالي هل حقق شيء غير هذا القسم؟ وماذا وجد من هذا الكتاب العظيم المسند؟ وما نسخه؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Oct 2003, 07:10 م]ـ
أظنك تقصد تفسير القاضي البستي , فإن كان هو فقد وقفت على رسالتي دكتوراه في الجامعة الإسلامية حققت مواضع منه ولا أدري عن غيرها من الرسائل , وهل هو كامل أو لا.
وننتظر جواب أهل المدينة حفظهم الله.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 Oct 2003, 10:59 م]ـ
هل من تعريف موجز بهذا الكتاب؟
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[17 Oct 2003, 10:04 م]ـ
نعم هو القاضي أبو محمد إسحاق بن ابراهيم البشتي تلميذ قتيبة بن سعيد
ـ[العبيدي]ــــــــ[19 Oct 2003, 06:18 م]ـ
تفسير ابي محمد اسحاق بن ابراهيم البُستي القاضي "من أول سورة الكهف الى نهاية سورة الشعراء" -تحقيق ودراسة.
اسم الباحث: عوض بن محمد ظافر العمري
حالة الباحث: محاضر
المرحلة:الدكتوراه
الكلية: القرآن الكريم
القسم: التفسير
المشرف: عوض بن محمد ظافر العمري
المناقش الأول:د/ حكمت بشير ياسين حسيني
المناقش الثاني:د/ مبارك محمد أحمد رحمة
تاريخ القيد: 19/ 06/1989
تاريخ التسجيل:1410/ 05/29
تاريخ المناقشة:1413/ 10/25هـ
التقدير:الشّرف الأولى
ملخص تعريفي بالرسالة:
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة.
ذكر في المقدمة أسباب اختيار الموضوع وخطة البحث والمنهج المتبع فيه. وفي القسم الأول الدراسي أورد الباحث فصلين: دراسة عن المؤلف (اسمه،نسبه، ولادته ونشأته، ورحلاته، شيوخه، تلاميذه، عقيدته، منهجه الفقهي، مكانته العلمية، مؤلفاته، وفاته) دراسة عن الكتاب تضمنت عنوان الكتاب ونسبته لمؤلفه ووصف نسخته وذكر مصادره ومنهج المؤلف فيه وقيمته العلمية.
وقد اعتمد المحقق على نسخة فريدة من الكتاب محفوظةبمكتبة البلدية بالاسكندرية وهي ناقصة تبتدئ من أول سورة الكهف وتنتهي بالآية 12 من سورة النجم، تاريخ نسخها 368هـ، عدد أوراقها 232ورقة، عددالأسطر22 - 25الجزء المحقق منها 99ورقة.
وفي القسم الثاني النص المحقق ويحتوي على تفسير السور التالية: الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، الفرقان، الشعراء.
من ليل الرسائل العلمية
عمادة البحث العلمي
الجامعة الإسلامية
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[20 Oct 2003, 06:10 ص]ـ
شكر الله لمن أفاد .. ومن سيفيد ..(/)
وقفات مهمة حول قراءة القرآن (بمناسبة شهر رمضان)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[16 Oct 2003, 11:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة القرآن، وما فيه من العلوم والمواعظ ماتستقيم به حياتنا، وتطمئن به قلوبنا، والصلاة والسلام على رسول الله الذي كان خلقه القرآن، وعلى أصحابه الذين كان أحدهم قرآنا يدب على الأرض أما بعد
فهذه وقفات دعا إليها حق التذكرة، ومناسبة الزمان بقرب شهر رمضان بلغنا الله إياه، وهي تتعلق بقراءة القرآن، أشير في طليعتها إلى أمرين:
1.أن القصد من هذه الوقفات ما خفي العلم به، أو قل العمل به، فخرج بهذا ماكان معلوما معمولا به عند الأكثر.
2.أنني لم أراع ترتيبا معينا في سردها بل كيفما اتفق، والجامع هو الفائدة – إن شاء الله - في إطار هذا الموضوع.
الوقفة الأولى: السواك وتطهير الفم.
وهذه – أيها الإخوة - نغفل عنها قبل القراءة، وقد جاء عن علي رضي الله عنه أنه أمر بالسواك وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه - أو كلمة نحوها - حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك، فطهروا أفواهكم للقرآن "
قال المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 102: رواه البزار بإسناد جيد لا بأس به، وروى ابن ماجه بعضه موقوفا ولعله أشبه. والحديث جوّد إسناده الألباني في الصحيحة 3/ 215.
وقال قتادة رحمه الله:" ما أكلت الكراث منذ قرأت القرآن ".
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكون بين يديه تور فيه ماء إذا تنخع تمضمض ثم أخذ في الذكر، وكان كلما تنخع تمضمض. (القرطبي 1/ 27)
قال الآجري:" أحب لمن أراد قراءة القرآن من ليل أو نهار أن يتطهر وأن يستاك، وذلك تعظيم للقرآن، لأنه يتلو كلام الرب عز وجل " (أخلاق حملة القرآن ص73).
الوقفة الثانية: الانشغال عن قراءة القرآن.
كان السلف رحمهم الله يعتنون بالحزب أو الورد اليومي من القرآن عناية عظيمة، ولهم في ذلك أخبار عجيبة.
أما اليوم فما أقل من قطع على نفسه حزبا يوميا، وما أقل – من هذا القليل – من يحافظ على حزبه محافظته على الفريضة لايخل به، بل الواقع أنه يقع الإخلال به لأدنى شغل.
جاء في (البداية والنهاية) 9/ 162:" قال إبراهيم بن أبي عبلة: قال لي الوليد بن عبد الملك – الخليفة الأموي - يوما: في كم تختم القرآن؟ قلت: في كذا وكذا، فقال: أمير المؤمنين على شغله يختمه في كل ثلاث - وقيل في كل سبع قال - وكان يقرأ في شهر رمضان سبع عشرة ختمة ".
وقال أبو العالية: كنا عبيدا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة مرة، فشق ذلك علينا فجعلنا نختم كل ليلتين مرة، فشق علينا فجعلنا نختم كل ثلاث ليال مرة، فشق علينا حتى شكا بعضنا إلى بعض، فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمونا أن نختم كل جمعة أو قال كل سبع، فصلينا ونمنا ولم يشق علينا. (طبقات ابن سعد 7/ 113)
ومما يدل على مواظبتهم ما جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:" ما تركت حزب سورة من القرآن من ليلتها منذ قرأت القرآن "
وكان عروة يقرأ ربع القرآن في كل يوم نظرا في المصحف، ويقوم به بالليل فما تركه إلا ليلة قطعت رجله ثم عاوده من الليلة المقبلة. شعب الإيمان 2/ 410
ويحكي إبراهيم النخعي عن حالهم فيقول: كان أحدهم إذا بقي عليه من حزبه شيء فنشط قرأه بالنهار أو قرأه من ليلة أخرى، قال: وربما زاد أحدهم.
ولهذا شرع قضاؤه إذا فات، كما روى عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل " رواه مسلم.
بل كان أحدهم يتأثر غاية التأثر إذا فاته حزبه، كما روى أبوداود الجفري قال دخلت على كرز بن وبرة بيته فاذا هو يبكي فقلت له ما يبكيك قال ان بابي مغلق وان ستري لمسبل ومنعت حزبي أن أقرأه البارحة وما هو إلا من ذنب أحدثته. حلية الأولياء 5/ 79.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا أقترح - أيها الأحبة - أن يهيأ أحدنا نفسه من الآن استعدادا للشهر، ويقضي أشغاله من الحاجات وملابس العيد وغير ذلك، وأن يتخفف من الانترنت أو يتركه – أو يتركها إن كانت مؤنثا – في رمضان.
أقف عند هذا القدر وللحديث بقية – إن شاء الله -، كما أرجو من الإخوة أن يتحفوا هذا الموضوع، لتجتمع لدينا حصيلة طيبة قبل رمضان، فالمسائل كثيرة، والوقت قصير، والله المستعان.
والسلام عليكم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Oct 2003, 11:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لك يا أخي الكريم _ أبا عبد العزيز _ وجعلني الله وإياك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وهذه مشاركة مني حول آداب مهمة مع القرآن الكريم، وهي مستنبطة من القرآن [منقولة بشيء من التصرف]:
القرآن يعلّمنا آداب تلاوته وتدبره
إخواني الكرام .. لا أحد يجهل أن الله قد بعث إلينا كتابه نورا وهدى وشفاء ورحمة، وتعبدنا بتلاوته وحفظه والعمل به والدعوة إليه، كل حسب قدرته واجتهاده، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
والحق أنه لا يتم هذا التنافس إلا بتعهّد القرآن الكريم بالقراءة الصحيحة والتدبّر السليم، هذه بعض آداب التلاوة الصحيحة التدبُّرية التي يرشدنا إليها القرآن نفسه، فهل من مطبِّق؟
01 - التمثل لأمر الله بالاستعاذة قبل كل تلاوة، لأن بها يطرد الشيطان ويستجمع العقل والقلب لاستقبال كلام الله الذي هو نوره:) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ((النحل98).
02 - حسن أداء الآيات وتجويد القراءة، وذلك بإخراج الحروف حسب الصفة التي جاء بها التنزيل وتحقيق الوقوف بما يساعد على التدبر والفهم؛ ولا يتم ذلك إلاّ بالاجتهاد في تعلّم أحكام التلاوة والقصد إليها بالعمل والتطبيق:) وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ((الإسراء110).) وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ا ((المزمل4).
03 - حسن الاستماع والإنصات، عندما لا يكون المرء هو القارئ:) وإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ((الأعراف204).
04 - الحرص على التطبيق والعمل بمقتضى ما فُهم مما تمت تلاوته و/أو حفظه:) وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ((الأنعام155).
05 - الاجتهاد من أجل تعاهد القرآن وعدم هجرانه والغفلة عنه:) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ((الزخرف،43).
06 - الاقتصاد في القراءة وعدم السرعة، لأن العبرة بالفهم لا بقدر ما يقرأ أو الزمن المستغرق:) لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَانَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ((القيامة 16/ 117/18)
07 - الخشوع، إذ به يحصل التدبر) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (. (السجدة109).
08 - معرفة قواعد اللغة الأساسية، لأن القرآن الكريم نزل بلغة العرب:) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ((الدخان،58).
09 - اختيار الوقت والمكان، إذ لا يعقل أن يتأتى الفهم والتدبر حين غلبة النعاس، وأمام التلفاز أو في السوق:) وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ((الإسراء،79).
10 - تجنب مبطلات التدبر والعمل (عكس هذه الآداب)، ومنه الجدل:) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ((الكهف،54). لأن من ألهتهم الأماني، وأخذهم الغرور بأنهم يقرءونه ولكن دون أن يلتزموا بآدابه، لم ينفعهم قرآنهم:) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((محمد،33).
وبعد هذه الآداب والقواعد لا يسع المنصت أو القارئ سوى العمل والاجتهاد فبالتدبر لآي الله يستطيع الإنسان أن يفعِّل القرآن الكريم في نفسه أولا ثم في غيره بالدعوة والشرح والتبليغ، فما علاقتنا بهذا الكتاب إلا أن نقوم بحقه، وحقه أن يطبّق ويبلّغ إلى الناس أجمعين، ومن يطبِّق تلكم الآداب لن يشعر بالعجز أمام هذه المهمة رغم أنها ثقيلة؛ وقد أعذر الله إذ قال:) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ((القمر،17).
والحمد لله من قبل ومن بعد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Oct 2003, 04:02 م]ـ
جزاكما الله خيراً على هذه الوقفات والإشارات. وننتظر بعض النصائح من الإخوان والتجارب عن كيفية التدبر والتأمل في القرآن الكريم مع قدوم شهر رمضان المبارك إن شاء الله.
وفق الله جميع المسلمين لما يحب ويرضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Oct 2003, 11:56 م]ـ
قاعدة جليلة: شروط الانتفاع بالقرآن الكريم
إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك وأحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " وذلك أن تمام التأثير كان موقوفاً على مؤثر مقتض. ومحل قابل. وشرط لحصول الأثر. وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد، فقوله " إن في ذلك لذكرى " إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا وهذا هو المؤثر. وقوله " لمن كان له قلب " فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا " أي حي القلب. وقوله " أو ألقى السمع " أي وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له. وهذا شرط التأثر بالكلام.
وقوله " وهو شهيد " أي شاهد القلب حاضر غير غائب.
قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر، حصل الاثر وهو الانتفاع والتذكر.
(فإن قيل) إذا كان التأثير انما يتم بمجموع هذه فما وجه دخول أداة (أو) في قوله " أو ألقى السمع " والموضع موضع واو الجمع لا موضع (أو) التي هي لأحد الشيئين. قيل هذا سؤال جيد والجواب عنه أن يقال: خرج الكلام بأو باعتبار حال المخاطب المدعو، فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة، فإذا فكر بقلبه وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق، وشهد قلبه بما أخبر به القرآن، فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة. وهذا وصف الذين قيل فيهم " ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق " وقال في حقهم " الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء " فهذا نور الفطرة على نور الوحي. وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي.
قال ابن القيم: وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه فهو يقرأها عن ظهر قلب.
ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد واعي القلب كامل الحياة فيحتاج الى شاهد يميز له بين الحق والباطل. ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي، فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام وقلبه لتأمله والتفكر فيه وتعقل معانيه، فيعلم حينئذ أنه الحق.
فالأول حال من رأى بعينيه ما دعي إليه وأخبر به. والثاني حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال: يكفيني خبره فهو في مقام الايمان، والأول في مقام الإحسان. هذا قد وصل الى علم اليقين وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين. وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الاسلام. فعين اليقين نوعان: نوع في الدنيا ونوع في الآخرة، فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبة الشاهد إلى العين. وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار، وفي الدنيا بالبصائر، فهو عين يقين في المرتبتين.
من كتاب الفوائد لابن القيم
ـ[الباحث7]ــــــــ[25 Oct 2003, 05:06 م]ـ
وهذه بعض الفوائد اللطيفة من حديث مدارسة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان ذكرها الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله
السؤال:
هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن؟
الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
يستفاد منها المدارسة، وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دارس جبرائيل للاستفادة؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله -جل وعلا- وهو السفير بين الله والرسل، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشياء من جهة الله -عز وجل-، من جهة إقامة حروف القرآن،ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن، ومن يعينه على إقامة ألفاظه، فهذا مطلوب كما دارس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا أن جبرائيل أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-، بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة -عليه الصلاة والسلام-، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللأمة؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله، وليستفيد مما يأتي به من عند الله -عز وجل-.
وفيه فائدة أخرى، وهي: أن المدارسة في الليل أفضل من النهار؛ لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً.
وفيه أيضاً من الفوائد: شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان؛ لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة، وينشطه فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير.
ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان الإمام أحمد -رحمه الله -يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة.
مجموع فتاوى الشيخ/ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، الجزء الخامس عشر، ص (324) فتوى رقم (114).
ـ[الباحث7]ــــــــ[25 Oct 2003, 10:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في محكم قرآنه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} (ص:29)
وتدبر القرآن مقصد أساس من مقاصد نزول القرآن الكريم، فهو السبيل لفهم أحكامه، وهو الطريق لبيان غاياته ومقاصده؛ فلا يُفهم القرآن حق الفهم، ولا تُعرف مقاصده وغاياته حق المعرفة، إلا بالوقوف عند آياته وتدبرها حق التدبر، لكشف ما وراءها من حكم ومعانٍ.
ومع أننا - والحمد لله - لا نزال نرى كثيراً من المسلمين يقرؤون القرآن آناء الليل وأطراف النهار - وهذا أمر طيب على كل حال - إلا أن الكثير منهم لا يزال يقرأ القرآن من غير تدبر ولا فهم، الأمر الذي أدى إلى تفويت المقصد الأساس الذي أنزل القرآن لأجله، ألا وهو العمل بأحكامه، واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
وعملاً بقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات:55) - أذكر نفسي وإخواني ببعض القواعد المهمة، التي تساعد على تدبر القرآن الكريم، وفهمه الفهم السليم.
القاعدة الأولى
معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية، فلا يخفي أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب وبلسانهم، وهو لا يُفهم إلا بفهم ما به نزل، ولذلك وجدنا أهل العلم كافة يهتمون بمعرفة لغة العرب، ويوصون طلبة العلم بذلك؛ وبيان ذلك أن من لا يعرف أساليب العرب في البيان لا يستطيع - مثلاً - أن يفهم قوله تعالى: {واسأل القرية} (يوسف:82) ولا يمكنه كذلك أن يفرِّق بين قوله تعالى: {إياك نعبد} و (نعبدك) أو (نعبد إياك) ونحو ذلك من الأساليب العربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا بد أن نشير هنا إلى أنه لا يُطلب من كل قارئ للقرآن الكريم أن يكون نحويًا، كسيبويه ومن كان على شاكلته، بل المطلوب أن يحصل قارئ القرآن على الحد الذي يُمكَّنه من فهم كتاب الله وتدبره.
القاعدة الثانية
من القواعد المهمة والمساعدة على تدبر القرآن، دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن، وأنه كان خُلُقُه القرآن، وأنه كان قرآنًا يمشي، فهو المبين لمجمله، والموضح لمشكله، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تدبر القرآن وفهمه لا يتأتَّى إلا بالرجوع إلى ما ثبت من سيرته صلى الله عليه وسلم وما صح من سنته.
القاعدة الثالثة
معرفة أسباب النزول تُعدُّ من القواعد المهمة في تدبر القرآن؛ لأن كثيراً من الآيات ارتبط نزولها بمناسبات ووقائع معينة، ولا يمكن أن تُفهم إلا بمعرفة المناسبات والوقائع التي نزلت لمعالجتها، فالقارئ لكتاب الله - مثلاً - قد لا يدرك المقصود من قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} (آل عمران:139 - 140) إلا بمعرفة أسباب نزولها.
القاعدة الرابعة
ومن الأمور المساعدة على تدبر كتاب الله، الرجوع إلى كتب التفاسير المعتمدة، والنظر في أقوال أهل العلم فيها، فقد حوت تلك الكتب كثيراً من تفاسير السلف، كتفاسير الصحابة، وتفاسير التابعين وتابعيهم، كتفسير الطبري، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير، وغيرها كثير، فبالرجوع إلى هذه التفاسير وأمثالها عون لقارئ كتاب الله على تدبر آياته وفهمه الفهم السليم.
القاعدة الخامسة
ومما يصبُّ فيما نحن بصدد الحديث عنه، العكوف على قراءة القرآن مع التأمل والنظر والتفكر في آياته، وهذا ما حثَّ عليه القرآن نفسه؛ يرشد لهذا العديد من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في آيات الله، من ذلك - مثلاً - قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (سبأ:46) فالتفكر والتدبر والنظر والتأمل يفتح لقارئ كتاب الله كثيراً من المعاني، التي لا يمكن أن يكتسبها قارئ كتاب الله إلا من خلال ذلك.
القاعدة السادسة
ومن أهم القواعد المهمة في تدبر القرآن الكريم، قاعدة إنزال القرآن على الواقع، وتعني هذه القاعدة باختصار أن القرآن الكريم لم ينزل لزمان معين ولا لمكان معين، وإنما نزل صالحاً للعمل والتطبيق في كل زمان وفي كل مكان، وهو لا يفهم حيًا غضًا طريًا، إلا بإنزاله على واقع الأمة وقضاياها، فلكل زمان كُفَّاره ومنافقوه، ولكل مكان فراعنته وظالموه. لذا كان من الخطأ والزلل إنزال القرآن على غير منازله، فمن أنزل آيات المؤمنين في الكافرين أو العكس، أو جعل المؤمنين الصالحين هم المنافقون الكافرون، فقد ضل سواء السبيل.
وأختم هذا المقال بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم وواضح أن الحديث قَرَنَ بين التلاوة والمدارسة، ورتب عليهما السكينة والرحمة وحفظ الملائكة وذكر الله لقارئي كتابه.
ولعل واقع المسلمين اليوم وما هم عليه من وضع لا يحسدون عليه، ما يُشير إلى أن غياب تدبر القرآن وفهمه الفهم الصحيح، ومن ثَمَّ العمل به، أقول: لعل في ذلك سببًا وراء ما هم عليه، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
منقول بتصرف من: http://www.islamweb.net/web/misc.Article?vArticle=17482&thelang=A
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[29 Oct 2003, 01:07 ص]ـ
أشكر إدارة المنتدى على تثبيت الموضوع في هذه الأيام الشريفة، كما أشكر من شارك في إثرائه إنشاءا أو نقلا، ثم أتابع مابدأته فأقول – وبالله التوفيق -:
الوقفة الثالثة: الإخلال بالترتيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
أمر الله تعالى بترتيل القرآن وأكده بالمصدر في قوله عز وجل: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمل: من الآية4)، ومحل الإخلال الملحوظ في هذا: حينما يقرأ المرء بمفرده، بخلاف القراءة الجماعية على طريقة الإدارة بالقرآن. فتقع العجلة والهذرمة، وعدم توضيح الحروف، وإعراب الكلمات، وحسن الوقوف على الجمل.
عن حفصة أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعدا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها. أخرجه مسلم – والشاهد آخره –
وعن يعلي بن مملك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته، قالت: مالكم وصلاته، ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا.أخرجه أحمد والترمذي والنسائي بسند صحيح
وجاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني سريع القراءة وإني أقرأه في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة فى ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلى من أن أقرأ كما تقول. أخرجه البيهقي وغيره
وقال رجل له: أني رجل سريع القراءة وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين، فقال ابن عباس: لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلى من أن أفعل مثل الذي تفعل، فإن كنت فاعلا لا بد، فاقرأه قراءة تسمع أذنيك ويعيه قلبك. أخرجه البيهقي
وعن الشعبي قال: إذا قرأت القرآن فاقرأه قراءة تسمع أذنيك ويفقه قلبك، فان الأذن عدل بين اللسان والقلب. أخرجه ابن المبارك في (الزهد)
الوقفة الرابعة: الخشوع حال القراءة.
إلى الله المشتكى من قسوة القلوب التي لاتوجل، وقحط العيون التي لاتدمع حال قراءة القرآن، ورحم الله القائل:
ولو أن عينا ساعدت لتوكفت
سحائبها بالدمع ديما وهطلا
ولكنها عن قسوة القلب قحطها
فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا
قال تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23)
وقال ربنا سبحانه: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16)
وقال عز وجل: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (الاسراء: 106 - 109)
فحسبنا هذه الآيات السالفات، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن مسعود في قراءته سورة النساء مشهور عند الجميع.
وهكذا كان سلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم كما جاء عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء رضي الله عنها: كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأوا القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله تعالى؛ تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم. قلت: فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وغيرهما
الوقفة الخامسة: التفاعل مع القراءة.
وهذا من أسباب التدبر، وحضور القلب حال القراءة.
ومن صور ذلك: السؤال والتعوذ والتسبيح في مواضعها، كما في قصة صلاة حذيفة مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: " يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ " رواه مسلم
وعن ابن عباس أنه قال: " إذا قرأ أحدكم (سبح اسم ربك الأعلى) فليقل: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) فليقل: اللهم بلى، أو: اللهم سبحان ربي بلى " أخرجه البيهقي في الشعب.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا قرأت (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) قالت: اللهم من علي، وقني عذاب السموم. أخرجه البيهقي في الشعب
والأمثلة في هذا كثيرة
ومن صور التفاعل: أن تتصور توجه الخطاب لك مباشرة، كما نقله الشيخ أبو مجاهد عن ابن القيم رحمه الله.
ومن صور التفاعل: تكرار الآية، وإمرارها على القلب، كما كرر النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118).
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Oct 2003, 10:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقاً على ما ذكر الشيخ خالد الباتلي وفقه الله بقوله: (ومحل الإخلال الملحوظ في هذا: حينما يقرأ المرء بمفرده، بخلاف القراءة الجماعية على طريقة الإدارة بالقرآن. فتقع العجلة والهذرمة، وعدم توضيح الحروف، وإعراب الكلمات، وحسن الوقوف على الجمل.)
أقول: إن هذا تنبيه مهم جداً، وقد كنت - ولا زلت - أتعجب من حالنا عندما نقرأ القرآن أمام الناس، أو أمام معلم القرآن بتجويد وتحسين صوت، فإذا قرأناه فرادى اختلفت القراءة كثيراً، وصرنا نهذه كهذ الشعر.
وقد قرأت في كتاب تجويد الفاتحة للشيخ حسني شيخ عثمان كلاماً جيداً حول هذه المسألة، أحببت أن أنقله هنا للفائدة
قال في الكتاب المشار إليه ص21 - 22: (كما ينبغي العلم بأن كل أخذ عن معلم، أو دراسة لكتاب تجويد، أو أداء حسب إرشادات شيخ متقن = إنما هو تعلم وتدرب على الأداء الصحيح أمام الله تعالى الذي يجب أن يقرأ القرآن كما أنزل،
فمن عكس القضية، وقلب المسألة، فتكلف حسن الأداء أمام معلم أو شيخ ممتحن أو أمام الناس، ثم ترك تطبيق الأحكام، وأساء الأداء وهو بين يدي ربه عز وجل؛ فهو امرؤ: إما جاهل وإما آثم ....
وهذا مثل الذي يجود قراءته عندما يسمعه الناس من المخلوقين، ويترك التجويد عندما يقوم للصلاة الجهرية أو السرية بين يدي رب العالمين!!.) انتهى
ـ[الباحث7]ــــــــ[29 Oct 2003, 04:11 م]ـ
القرآن الكريم كتاب أنزله الله هدى للعالمين، ورحمة للأمم أجمعين وسبيلا لعلاج قلوب الغافلين، فقوَّم به بعد الاعوجاج، وهدي من بعد الضلال.
ولقد جعل الله لقراءته منزلة عظيمة، وبين نبينا صلى الله عليه وسلم فضل ذلك في أحاديثه الكريمة، أحاول أن أقطف منها زهرة افتتاحا لمقالتي:
فعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر) متفق عليه
وحسبي أن قارئ هذه الأسطر من النوع الأول قد حقق أصل الإيمان، وما قصد بقراءته إلا وجه الرحيم الرحمن.
ولكن كم من سائل قد سأل: إني أقرأ القرآن ولا أجد له حلاوة، ولا زلت أجد في القلب قسوة وبداوة، ويعلوه ظلمة وتحيطه غشاوة.
أقول: أخي -رحمني الله وإياك- هذه شكوى كثير من الإخوان، والعلاج يسير بتوفيق المنان، ومعا نبدأ الخطوة الأولى نحو العلاج فأقول مستعينا بالله:
إن أردت أن تجد في القلب -عند تلاوة القرآن- رقة فحاول أن تخيم عليه بالحزن والخوف من الله، ولا يستخفنك حسن الصوت، واستحضر معاني الآيات في قلبك وابك عند تلاوتها.
فيا من تشكو قسوة: ابك عند قراءة كلام ربك، فإن في كلماته رقة وتأثيرا عظيماً، فكم من آية تتحدث عن العذاب، وكم من آية تتوعد العصاة بشديد العقاب.
كم من آية تتحدث عن جلال الله، كم من آية سبحت بك في ملكوت السماوات والأرض، وبينت أن ربك وسع كرسيُّه السماوات والأرض.
استحضر بقلبك مصيرك، وتدبر ما في الآيات من عبرة؛ لتسيل من عينيك العبرة، فتحطم صخورا قد علت فوق قلبك، فحجبت عنه نور ربك، ولنا في سلفنا أسوة، فانظر إليهم بعين الاقتداء:
فعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون. فقال أبو بكر: هكذا كنا حتى قست القلوب.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صلى بالناس ذات ليلة فقرأ سورة (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (الليل:1) فلما بلغ (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى) (الليل:14) خنقته العبرة، فلم يستطع أن ينفذها، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة فلم يستطع أن ينفذها فقرأ سورة غيرها.
وكن -يا صاحب الشكوى- مع الآيات متفاعلا، فمع آيات العذاب خوفا، ومع آيات الرحمة طلبا ورجاء
(يُتْبَعُ)
(/)
فعن حذيفة بن اليمان: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ) هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا نحن.
واعلم أن البكاء من شيم الأنبياء والصالحين ولا سيما عند تلاوة كلام رب العالمين قال تعالى:
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107)
وقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم:58)
فعلاج قلبك أن تتدبر الآيات تدبرا حكيما حتى تبكي فيرق قلبك.
ولقائل أن يقول: إنني أقرأ ولا أستطيع بكاءا، وأجد من ذلك عناءا، فأقول -رحمني الله وإياك-:
إن كل طريق يحتاج إلى مجاهدة حتى تصل إلى ماتريد ولقد قال العزيز الحميد:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
فإن كنت لاتستطيع بكاءا فتباكى، أي حاول ولا تيأس، بصدق نية وحسن توكل على الله، ولا تفهم من قولي أن تتصنع ما ليس فيك فتقع في شر وخيم من رياء وحب محمدة، فهذا قطعا غير مقصود، وإنما أن تدرب نفسك في خلواتك على استحضار المعاني والبكاء عليها، وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم)
فهذه المحاولات الصادقة في خشوعك أثناء القراءة ستؤتي ثمارها ولو بعد حين.
أما أدوات المحاولة الصادقة:
أن تُشرك القلب والعقل مع اللسان عند التلاوة، بعدها ستجد للقرآن حلاوة.
قال الغزالي في الإحياء:
(وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه العقل واللسان والقلب.
فحظ اللسان: تصحيح الأخطاء بالترتيل. وحظ العقل: تفسير المعاني.
وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ.)
هذه خطوة على طريق علاج قلبك بالقرآن، وإنني أسأل الله الرحيم الرحمن أن يوجد في قلبي وقلوبكم رقة وخشية، وأن يجعلنا من أهله وخاصته إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول من موقع طريق القرآن http://www.quranway.net/
ـ[الباحث7]ــــــــ[31 Oct 2003, 02:02 م]ـ
هذه عشر خطوات تساعد على تدبر القرآن، وتجعل القارئ يتأثر به، ويتفاعل مع قراءته وتلاوته له
اختصرتها من كلام الغزالي في الإحياء، وفيها تنبيهات مهمة ورائعة:
تحصيل لذة التلاوة وقراءة القرآن:
اعلم أن هذه اللذة لن تحصل إلا بتوافر عشرة آداب عند تلاوة القرآن الكريم هي: (فهم أصل الكلام. ثم التعظيم، ثم حضور القلب. ثم التدبر. ثم التفهم، ثم التخلي عن موانع الفهم، ثم التخصيص، ثم التأثر، ثم الترقي، ثم التبري).
فالأول: فهم عظمة الكلام وعلوه.
الثاني: التعظيم للمتكلم: فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، فتعظيم الكلام تعظيم المتكلم، ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله، فإذا حضر بباله العرش واستواء ربه عليه، والكرسي الذي وسع السموات والأرض، واستحضر مشهد السموات والأرض وما بينهما من الجن والإنس والدواب والأشجار، وعَلِمَ أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد، وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نِقمته وسَطوته، إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعدله، وأنه الذي يقول هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمة والتعالي، فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث: حضور القلب وترك حديث النفس: قيل في تفسير: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} أي بجد واجتهاد، وأخذه بالجد أن يكون متجردًا له عند قراءته منصرف الهمة إليه عن غيره، وقيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن تحدّثُ نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحبُّ إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي! وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية. وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم، فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ويستأنس ولا يغفل عنه.
الرابع: التدبر: وهو وراء حضور القلب فإنه قد لا يتفكر في غير القرآن ولكنه يقتصر على سماع القرآن من نفسه وهو لا يتدبره والمقصود من القراءة التدبر، ولذلك سُنَّ الترتيل في الظاهر ليتمكن من التدبر بالباطن، قال علي t: لا خير في عبادة لا فقه فيها ولا في قراءة لا تدبر فيها.
وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام، فإنه لو بقي في تدبر آية وقد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئًا مثل من يشتغل بالتعجب من كلمة واحدة ممن يناجيه عن فهم بقية كلامه، وكذلك إن كان في تسبيح الركوع وهو متفكر في آية قراها أمامُه فهذا وسواس. فقد روي عن عامر بن عبد قيس أنه قال: الوساس يعتريني في الصلاة، فقيل: في أمر الدنيا؟ فقال: لأن تختلف في الأسِنَّة أحب إليّ من ذلك، ولكن يشتغل قلبي بموقفي بين يدي ربي عز وجل، وإني كيف أنصرف، فعدّ ذلك وسواسًا وهو كذلك، فإنه يشغله عن فهم ما هو فيه، والشيطان لا يقدر على مثله إلا بأن يشغله بمهمِّ ديني، ولكن يمنعه به عن الأفضل.
وعن أبي ذر قال: قام رسول الله r بنا ليلة فقام بآية يرددها وهي: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم .. } الآية وقام تميم الداري ليلة بهذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات…} الآية، وقام سعيد بن جبير ليلة يردد هذه الآية: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} وقال بعضهم: إني لأفتح السورة فيوقفني بعضُ ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر، وكان بعضهم يقول: آية لا أتفهمها ولا يكون قلبي فيها لا أعدّ لها ثوابًا، وحُكي عن أبي سليمان الداراني أنه قال: إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال ولولا أني أقطع الفكر فيها ما جوزتها إلى غيرها، وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها، ولا يفرغ من التدبر فيها، وقال بعضهم: لي في كل جمعة ختمة وفي كل شهر ختمة وفي كل سنة ختمة ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد، وذلك بحسب درجات تدبره وتفتيشه، وكان هذا أيضًا يقول: أقمت نفسي مقام الأجراء فأنا أعمل مياومةً ومجامعةً ومشاهرةً ومسانهةً. [أي بأجر كل يوم وكل جمعة وكل شهر وكل سنة، يشير إلى ختماته في تلك الأزمنة.]
الخامس: التفهم: وهو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها إذ القرآن يشتمل على ذكر صفات الله عز وجل، وذكر أفعاله، وذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام، وذكر أحوال المكذبين لهم وأنهم كيف أهلكوا، وذكر أوامره وزواجره، وذكر الجنة والنار.
أما صفات الله عز وجل فكقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وكقوله تعالى: {الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} فليتأمل معاني هذه الأسماء والصفات لينكشف له أسرارها، فتحتها معان مدفونة لا تنكشف إلا للمُوفَّقين: وإليه أشار علي t بقوله لما سئل: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن؟ فقال: لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يعطي الله عبدًا فهمًا في كتابه، وأما أفعاله تعالى فكذكره خلق السموات والأرض وغيرها، فليفهم التالي منها صفات الله عز وجل وجلاله إذ الفعل يدل على الفاعل فتدل على عظمته، وأما أحوال الأنبياء عليهم السلام، فإذا سمع منها كيف كُذّبوا وضُربوا وقُتل بعضهم. فليفهم منه صفة الاستغناء لله عز وجل عن الرسل والمرسل إليهم وأنه لو أهلك جميعهم لم يؤثر في ملكه شيء، وإذا سمع نصرتهم في آخر الأمر فليفهم قدرة الله عز وجل وإرادته لنصرة الحق، وأما أحوال المكذبين، كعاد وثمود وما جرى عليهم فليكن فهمه منه استشعار الخوف من سطوته ونقمته وليكن حظه منه الاعتبار في نفسه وأنه إن غفل وأساء الأدب واغتر بما أُمهل فربما تدركُه النقمة وتنفُذ فيه القضية، وكذلك إذا سمع وصف الجنة والنار وسائر ما في القرآن، فلا يمكن استقصاء ما يفهم منه لأن ذلك لا
(يُتْبَعُ)
(/)
نهاية له وإنما لكل عبد بقدر رزقه، {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا}.
فالغرض مما ذكرناه التنبيه على طريق التفهيم لينفتح بابه فأما الاستقصاء فلا مطمع فيه، ومن لم يكن له فهم ما في القرآن ولو في أدنى الدرجات دخل في قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفًا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم} والطابع هي الموانع التي سنذكرها في موانع الفهم.
السادس: التخلي عن موانع الفهم، فإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرآن لأسباب وحُجُب أسدلها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن، وحُجُب الفهم ثلاثة:
أولها: أن يكون الهم منصرفًا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، وهذا يتولى حفظه شيطان وكل بالقراء ليصرفهم عن فهم معاني كلام الله عز وجل فلا يزال يحملهم على ترديد الحرف يخيل إليهم أنه لم يخرج من مخرجه، فهذا يكون تأمله مقصورًا على مخارج الحروف فأنى تنكشف له المعاني؟ وأعظم ضحكة للشيطان ممن كان مطيعًا لمثل هذا التلبيس.
ثانيها: أن يكون مقلدًا لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه وثبت في نفسه التعصب له بمجرد الاتباع للمسموع من غير وصول إليه ببصيرة ومشاهدة، فهذا شخص قيَّده معتقدُه عن أن يتجاوزه فلا يمكنه أن يخطر بباله غير معتقده فصار نظره موقوفًا على مسموعه، فإن لمع برق على بُعد وبدا له معنى من المعاني التي تباين مسموعه حمل عليه شيطان التقليد حملة وقال كيف يخطر هذا ببالك وهو خلاف معتقد آبائك، فيرى أن ذلك غرور من الشيطان فيتباعد منه ويتحرز عن مثله، ومثله من يقرأ قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وما يحتويه معنى الآية من علو الله عز وجل على كل مخلوقاته وهيمنته وتصرفه في كل الموجودات فيجيئه تقليد المعتقدات الموروثة في وجوب تنزيه الله عن الجهة فيُحرم من تجليات تأمل صفة العلو والاستواء وهي من الصفات التي تكررت في القرآن بغرض التنبيه على جلال الله وعظمته وحقيقة علوه على خلقه.
ثالثها: أن يكون مصرًا على ذنب أو متصفًا بكبر أو مبتلى في الجملة بهوى في الدنيا مطاع فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه، وهو كالخبث على المرآة وهو أعظم حجابٍ للقلب وبه حُجب الأكثرون.
وكلما كانت الشهوات أشد تراكمًا كانت معاني الكلام أشد احتجابًا وكلما خف عن القلب أثقال الدنيا قرُبَ تجلي المعنى فيه. فالقلب مثل المرآة والشهوات مثل الصدأ ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة. والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل تصقيل الجلاء للمرآة، وقد شرط الله عز وجل الإنابة في الفهم والتذكير فقال تعالى: {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} وقال عز وجل: {وما يتذكر إلا من ينيب} وقال تعالى: {إنما يتذكر أولوا الألباب} فالذي آثر غرور الدنيا على نعيم الآخرة فليس من ذوي الألباب ولذلك لا تنكشف له أسرار الكتاب.
السابع: التخصيص وهو أن يقدّر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن، فإن سمع أمرًا أو نهيًا قدّر أنه المنهي والمأمور، وإن سمع وعدًا أو وعيدًا فكمثل ذلك، وإن سمع قصص الأولين والأنبياء علم أن السَّمَرَ غير مقصود، وإنما المقصود ليعتبر به وليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه، فما من قصة في القرآن إلا وسياقها لفائدة في حق النبي r وأمته. ولذلك قال تعالى: {ما نثبت به فؤادك} فليقدر العبد أن الله ثبت فؤاده بما صه عليه من أحوال الأنبياء وصبرهم على الإيذاء وثباتهم في الدين لانتظار نصر الله تعالى.
وكيف لا يقدر هذا والقرآن ما أنزل على رسول الله r لرسول الله خاصة بل هو شفاء وهدى ورحمة ونور للعالمين؟ ولذلك أمر الله تعالى الكافة بشكر نعمة الكتاب فقال تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} وقال عز وجل: {لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم أفلا تعقلون}، {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزلنا إليهم}، {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم}، {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم}، {هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون}، {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين}، وإذا قُصد بالخطاب جميعُ الناس فقد قصد الآحاد، فهذا القارئ الواحد مقصود، فماله ولسائر الناس، فليقدر أنه المقصود، قال الله تعالى: {وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن
(يُتْبَعُ)
(/)
بلغ} قال محمد بن كعب القُرظي: من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله، وإذا قدر ذلك لم يتخذ دراسة القرآن عمله بل يقرؤه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذي كتبه إليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه، ولذلك قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهود نتدبرها في الصلوات ونقف عليها في الخلوات وننفذها في الطاعات والسنن المتبعات، وكان مالك ابن دينار يقول: ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض، وقال قتادة: لم يجالس أحد القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان، قال تعالى: {هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا}.
الثامن: التأثر: وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فيكون له بحسب كل فهم حالٌ ووجدٌ يتصف به قلبه من الحزن والخوف والرجاء وغيره، ومهما تمت معرفته كانت الخشية أغلب الأحوال على قلبه، فإن التضييق غالب على آيات القرآن، فلا يُرى ذكر المغفرة والرحمة إلا مقرونًا بشروط يقصُرُ العارف عن نيلها كقوله عز ولج: {وإني لغفار} ثم أتبع ذلك بأربعة شروط: {لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى} وقوله تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} ذكر أربعة شروط، وحيث اقتصر ذكر شرطًا جامعًا، فقال تعالى: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} فالإحسان يجمع الكل، وهكذا من يتصفح القرآن من أوله إلى آخره ومن فهم ذلك فجدير بأن يكون حاله الخشية والحزن.
ولذلك قال الحسن، والله ما أصبح اليوم عبد يتلو القرآن يؤمن به إلا كثر حزنه وقل فرحه وكثر بكاؤه وقل ضحكه وكثر نصبه وشغلُه وقلت راحته وبطالته، وقال وهيب بن الورد: نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد شيئًا أرق للقلوب ولا أشد استجلابًا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره، فتأثر العبد بالتلاوة أن يصبر بصفة الآية المتلوة.
فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته كأنه يكاد يموت، وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح.
وعند ذكر الله صفاته وأسمائه يتطأطأ خضوعًا لجلاله واستشعارًا لعظمته.
وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله عز وجل كذكرهم لله عز وجل ولدًا وصاحبة يغّضُّ الصوت وينكسر في باطنه حياء من قبح مقالتهم. وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقًا إليها.
وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفًا منها، ولما قال رسول الله r لابن مسعود: "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا" رأيت عينيه تذرفان بالدمع فقال لي: "حسبك الآن" رواه البخاري، وهذا لأن مشاهدة تلك الحالة استغرقت قلبه بالكلية، ولقد كان من الخائفين من خرّ مغشيًا عليه عند آيات الوعيد، ومنهم من مات في سماع الآيات، فمثل هذه الأحوال يخرجه عن أن يكون حاكيًا في كلامه. فإذا قال: {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} ولم يكن خائفًا كان حاكيًا، وإذا قال: {عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} ولم يكن حاله التوكل والإنابة كان حاكيًا، وإذا قال: {ولنصبرن على ما آذيتمونا} فليكن حاله الصبر أو العزيمة عليه حتى يجد حلاوة التلاوة. فإن لم يكن بهذه الصفات ولم يتردد قلبه بين هذه الحالات كان حظه من التلاوة حركة اللسان مع صريح اللعن على نفسه في قوله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} وفي قوله تعالى: {كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وفي قوله عز وجل: {وهم في غفلة معرضون} وفي قوله: {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا} وفي قوله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} إلى غير ذلك من الآيات، وكان داخلاً في معنى قوله عز وجل: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} يعني التلاوة المجردة، وقوله عز وجل: {وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون} لأن القرآن هو المبين لتلك الآيات في السموات والأرض، ومهما تجاوزها ولم يتأثر بها كان معرضًا عنها، ولذلك قيل: إن من لم يكن متصفًا بأخلاق القرآن فإذا قرأ القرآن ناداه الله تعالى: مالك وكلامي وأنت معرض عني، دع كلامي إن لم تتب إلي. ومثال العاصي إذا قرأ القرآن وكرره مثلا من يكرر كتاب الملك كل يوم مرات وقد كتب إليه في عمارة مملكته وهو مشغول بتخريبها ومقتصر على دراسة كتابه، فلعله لو ترك الدراسة عند
(يُتْبَعُ)
(/)
المخالفة لكان أبعد عن الاستهزاء واستحقاق المقت، ولذلك قال يوسف ابن أسباط: إني لأهمُّ بقراءة القرآن فإذا ذكرت ما فيه خشيت المقت فاعدل إلى التسبيح والاستغفار.
والمعرض عن العمل به أريد بقوله عز وجل: {فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون} ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فلستم تقرءونه- وفي بعض الروايات- فإذا اختلفتم فقوموا عنه" متفق عليه، قال تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون}، وفي الحديث: "إن أحسن الناس صوتًا بالقرآن إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله تعالى" وقال بعض القراء: قرأت القرآن على شيخ لي ثم رجعت لأقرأ ثانيًا فانتهرني وقال: جعلت القرآن عليّ عملاً اذهب فاقرأ على الله عز وجل، فانظر بماذا يأمرك وبماذا ينهاك.
فأما مجرد حركة اللسان فقليل الجدوى، بل التالي باللسان المعرض عن العمل جدير بأن يكون هو المراد بقوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} وبقوله عز وجل: {كذلك أتتك آيتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} أي تركتها ولم تنظر إليها ولم تعبأ بها فإن المقصر في الأمر يقال إنه نسي الأمر، وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل وحظ العقل تفسير المعاني وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ.
التاسع: الترقي: وأعني به أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من الله عز وجل لا من نفسه، فدرجات القرآن ثلاث، أدناها: أن يقدر العبد كأنه يقرؤه على الله عز وجل واقفًا بين يديه وهو ناظر إليه ومستمع منه، فيكون حاله عند هذا التقدير: السؤال والتملق والتضرع والابتهال، الثانية: أن يشهد بقلبه كأن الله عز وجل يراه ويخاطبه بألطافه ويناجيه بإنعامه وإحسانه فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم، الثالثة: أن يرى في الكلام المتكلم وفي الكلمات الصفات فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته ولا إلى تعلق الإنعام به من حيث إنه منعم عليه بل يكون مقصور الهم على المتكلم موقوف الفكر عليه كأنه مستغرق بمشاهدة المتكلم عن غيره. وهذه درجة المقربين وما قبله درجة أصحاب اليمين وما خرج عن هذا فهو درجات الغافلين.
العاشر: التبري: وأعني به أن يتبرأ من حوله وقوته والالتفات إلى نفسه بعين الرضا والتزكية، فإذا تلا بآيات الوعيد والمدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك، بل يشهد الموقنين والصديقين فيها، ويتشوق إلى أن يلحقه الله عز وجل بهم، وإذا تلا آيات المقت وذم العصاة والمقصّرين شهد على نفسه هناك، وقدّر أنه المخاطب خوفًا وإشفاقًا.
ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "اللهم إني استغفرك لظلمي وكفري، فقيل له: هذا الظلم فما بال الكفر، فتلا قوله عز وجل: {إن الإنسان لظلوم كفار} وقيل ليوسف ابن أسباط: إذا قرأت القرآن بماذا تدعو؟ فقال: استغفر الله عز وجل من تقصيري سبعين مرة، فإذا رأى نفسه بصورة التقصير في القراءة كان رؤيته سبب قربه، فإن من شهد العبد في القرب لُطف به في الخوف حتى يسوقه الخوف إلى درجة أخرى في القرب وراءها، ومن شهد القرب في البعد مُكِر به في الأمن الذي يفضه إلى درجة أخرى في البعد أسفل مما هو فيه.
ومهما كان مشاهدًا نفسه يعين الرضا صار محجوبًا بنفسه عن الله. وكان الشافعي يقول:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعة
وكان يقول أيضًا رحمه الله:
فعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ كما أن عين السخط تبدي المساويا(/)
أصحاب الأعراف .. ؟
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[17 Oct 2003, 04:24 ص]ـ
قال عز وجل: "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ"
سمعت من يقول بأن هناك من فسر أصحاب الأعراف بأنهم هم الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين .. فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Oct 2003, 06:09 ص]ـ
بسم الله - عليه توكلت وبه أستعين
للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي المقدسي المتوفى سنة 1033هـ رسالة بعنوان تحقيق الخلاف في أصحاب الأعراف مطبوعة بتحقيق مشهور حسن آل سلمان.
ذكر في هذه الرسالة ستة عشر قول في تعيين أصحاب الأعراف، ومن الأقوال التي ذكرها:
أنهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجلسهم الله على ذلك السور تمييزاً لهم عن غيرهم وإظهاراً لشرفهم.
حكى هذا القول الفخر الرازي وغيره.
ومن الأقوال التي حكاها: أنهم الشهداء. حكاه غير واحد من المفسرين.
وقد ختم هذه الرسالة بذكر ترجيح القرطبي، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم. ثم ذكر القرطبي أن الأسلم هو الوقوف عن التعيين لاضطراب الأثر.
ثم رجح صاحب الرسالة بأنه لا مانع من الجمع بين الأقوال الواردة في تعيينهم، وذلك با، يقال: إنهم جميعاً من أصحاب الأعراف، أجلسوا على السور المذكور، ومنازلهم متفاوتة، فمنهم الشريف كالأنبياء والشهداء والفقهاء، ومنهم الوضيع كمن استوت حسناته وسيئاته.
ثم قال: فتأمل ما قلته؛ فإنه جدير بأن يتلقى بالقبول ويكرم، ويصغى لسماعه ويسلم.
قال الشيخ عبد الله بن جبرين في إجابة له عن سؤال عن أصحاب الأعراف: (يظهر أن الأعراف أماكان مرتفعة، تطل على موقف الناس يوم القيامة، أما أصحاب الأعراف فهم الذين يقفون عليها، أو يقومون عليها وقت الحساب، وقد اختلف في المراد بهم، والظاهر أنهم من الشهداء على الناس، وأنهم لا يحرمون من دخول الجنة، لأن الله أخبر أنهم ينادون رجالا يعرفونهم بسيماهم، ويقولون لهم (ما أغني عنكم جمعكم) (الأعراف:48) الآيتين، وقيل: إنهم أناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وقيل إنهم أناس عصوا الوالدين فخرجوا للجهاد، فاستشهدوا في سبيل الله، والله أعلم.) http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=77
ولا بن القيم رحمه الله كلام عن هؤلاء في طريق الهجرتين، حيث قال:
(فقوله تعالى: "وبينهما حجاب" أي بين أهل الجنة والنار حجاب قيل هو السور الذي يضرب بينهم له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب: باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة وظاهره الذي يلي الكفار من جهتهم العذاب والأعراف جمع عرف وهو المكان المرتفع، وهو سور عال بين الجنة والنار عليه أهل الأعراف قال حذيفة وعبد الله بن عباس: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته قال عبد الله بن المبارك أخبرنا أبو بكر الهذلي قال: كان سعيد بن جبير يحدث عن ابن مسعود قال: يحاسب الله الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار، ثم قرأ قوله تعالى: " فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم " ثم قال: إن الميزان يخفف بمثقال حبة أو يرجح قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم وإذا صرفوا أبصارهم إلى أصحاب النار قالوا: "ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين" فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ويعطي كل عبد يومئذ نورا فإذا أتوا على الصراط سلب الله تعالى نور كل منافق ومنافقة فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: "ربنا أتمم لنا نورنا" وأما أصحاب الأعراف فإن النور لم ينزع من أيديهم فيقول الله: "لم يدخلوها وهم يطمعون" فكان الطمع للنور الذي في أيديهم ثم أدخلوا الجنة وكانوا آخر أهل الجنة دخولا يريد آخر أهل الجنة دخولا ممن لم يدخل النار وقيل هم قوم خرجوا
(يُتْبَعُ)
(/)
في الغزو بغير إذن آبائهم فقتلوا فأعتقوا من النار لقتلهم في سبيل الله وحبسوا عن الجنة لمعصية آبائهم وهذا من جنس القول الأول وقيل هم قوم رضي عنهم أحد الأبوين دون الآخر يحبسون على الأعراف حتى يقضي الله بين الناس ثم يدخلهم الجنة وهي من جنس ما قبله فلا تناقض بينهما وقيل: هم أصحاب الفترة وأطفال المشركين وقيل: هم أولوا الفضل من المؤمنين علوا على الأعراف فيطلعون على أهل النار وأهل الجنة جميعا وقيل: هم الملائكة لا من بني آدم والثابت عن الصحابة هو القول الأول وقد رويت فيه آثار كثيرة مرفوعة لا تكاد تثبت أسانيدها. وآثار الصحابة في ذلك المعتمدة وقد اختلف في تفسير الصحابي هل له حكم المرفوع، أو الموقوف؟ على قولين: الأول: اختيار أبي عبد الله والحاكم والثاني: هو الصواب ولا نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نعلم أنه قاله وقوله تعالى: "يعرفون كلا بسيماهم " يعني يعرفون الفريقين بسيماهم " ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم " أي نادى أهل الأعراف أهل الجنة بالسلام وقوله تعالى: "لم يدخلوها وهم يطمعون" الضميران في الجملتين لأصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة بعد وهم يطمعون في دخولها قال أبو العالية: ما جعل الله ذلك الطمع فيهم إلا كرامة يريدها بهم، وقال الحسن: الذي جمع الطمع في قلوبهم يوصلهم إلى ما يطمعون وفي هذا رد على قول من قال: إنهم أفاضل المؤمنين علوا على الأعراف يطالعون أحوال الفريقين فعاد الصواب إلى تفسير الصحابة وهم أعلم الأمة بكتاب الله ومراده منه ثم قال تعالى: " وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين " هذا دليل على أنه بمكان مرتفع بين الجنة والنار، فإذا أشرفوا على أهل الجنة نادوهم بالسلام وطمعوا في الدخول إليها وإذا أشرفوا على أهل النار سألوا الله أن لا يجعلهم معهم ثم قال تعالى: " ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم " يعني من الكفار الذين في النار، فقالوا لهم: "ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون" يعني ما نفعكم جمعكم وعشيرتكم وتجرؤكم على الحق ولا استكباركم وهذا إما نفي وإما استفهام وتوبيخ وهو أبلغ وأفخم ثم نظروا إلى الجنة فرأوا من الضعفاء الذين كان الكفار يسترذلونهم في الدنيا ويزعمون أن الله لا يختصهم دونهم بفضله كما لم يختصم دونهم في الدنيا فيقول لهم أهل الأعراف "أهؤلاء الذين أقسمتم" أيها المشركون أن الله تعالى لا ينالهم برحمة فها هم في الجنة يتمتعون ويتنعمون وفي رياضها يحبرون ثم يقال لأهل الأعراف: "ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" وقيل: إن أصحاب الأعراف إذا عيروا الكفار وأخبروهم أنهم لم يغن عنهم جمعهم واستكبارهم عيرهم الكفار بتخلفهم عن الجنة، وأقسموا أن الله لا ينالهم برحمة، لما رأوا من تخلفهم عن الجنة وأنهم يصيرون إلى النار فتقول لهم الملائكة حنيئذ: "أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" والقولان قويان محتملان والله أعلم. فهؤلاء الطبقات هم أهل الجنة الذين لم تمسهم النار.)
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[17 Oct 2003, 03:11 م]ـ
جزاكم الله كل خير .. وبارك الله فيكم
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[10 Nov 2003, 10:53 م]ـ
تابع هذا الموقع خلال أيام قلائل, ستجد فيه ما يشفي سؤالك؟؟
www.alassrar.com
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Nov 2003, 02:22 ص]ـ
أخي الشيخ أبا أحمد وفقه الله
أشكرك على مشاركتك، ولكن أراك تضع رابط موقعك في كل مشاركة، وكأنك تحيلنا على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!
وأريد أن أهمس في أذنك بأن ما كتبه لا يعدو أن يكون وجهة نظره فقط، لا أقل ولا أكثر. وقد خالفه الصواب في كثير مما كتب ولم يحالفه. فكف بارك الله فيك، عن وضع هذا الرابط مرة أخرى فقد رأيناه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[16 Mar 2005, 04:55 م]ـ
هذا بحيث مختصر في هذه المسألة كتبته تعليقاً على كلام ابن القيم السابق / وهو مرفق في ملف وورد، ومن له تعليق أو إضافة على البحث فليفدني بها مشكوراً
ـ[عيسى القرشي]ــــــــ[17 Mar 2005, 11:35 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع الطيب(/)
هل هذا هو رأي شيخ الإسلام
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[17 Oct 2003, 10:30 م]ـ
عند الحديث على مسألة: المقدار الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم
درج بعض المؤلفين في علوم القرآن وعلى رأسهم الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون بذكر قولين في المسألة:
أحدها: أنه فسر جميع القرآن وينسبون هذا الرأي لشيخ الإسلام ابن تيمية مستشهدين بقوله في المقدمة: يجب أن يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه.
ومن وجهة نظري أنه لا يصح نسبة هذا القول إلى شيخ الإسلام , وإن كانت عبارته محتملة. وإنما قلت ذلك لإنه في المقدمة نفسها عند حديثه على أحسن طرق التفسير قال: وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة.
كذلك الواقع فليس بين أيدينا اليوم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر كل القرآن وإلا لزم أن هناك من السنة شيئاً كبيراً مفقوداً فرطت الأمة في نقله وحفظه , وهذا لا يقوله شيخ الإسلام.
ولذا فلابد من توجيه كلامه المتقدم المحتمل , فلعله أراد بيان ما تحتاج الأمة لبيانه , وأنه بلغ البلاغ المبين, وفيه رد على اهل الفلسفة الذين يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الألفاظ دون المعاني. وان الألفاظ هي المرادة في البيان دون المعاني والله أعلم.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 Oct 2003, 11:47 م]ـ
هذا القول معزو بالفعل لشيخ الإسلام، و قد عزاه له أيضا الشيخ / فهد الرومي في رسالته (أصول التفسير و مناهجه) و قال في الحاشية ص15 ((مقدمة في أصول التفسير: ابن تيمية، تحقيق د.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Oct 2003, 03:55 ص]ـ
بسم الله
سبق مناقشة هذه المسألة هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=175)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Oct 2003, 02:13 م]ـ
الأخ الفاضل أحمد البريدي لقد سبق أن طُرجت هذه الكسألة كما ذكر الأخ الفاضل أبو مجاهد، وأرى أنَّ تحقيق هذه المسألأة بالنسبة لشيخ الإسلام تحتاج إلى تتبع أقواله في هذه المسألأة للخروج برأيه الواضح في هذه المسألة، وإن كنت أرى في عبارته بهذه العبارة في أكثر من موطن ما يشير إلى من ذهب ان مذهبه انَّ النبي فسر جميع القرآن، غير أنَّ تطبيقاته وبحوثه في مقدمته لا تدلُّ على ذلك، والمسألأة ـ بالنسبة لنسب هذا المذهب أو ذاك شائكة عندي ـ وتحتاج إلى ما ذكرت لك.
ثمَّ أزيد هنا فأقول إن الأخ الفاضل بجاد العتيبي المعيد بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض على كلام لشيخ الإسلام يفيد في دراسة مذهبه في هذه المسألأة، وهي في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح).
قال في موطن (3: 10): (( ... فالمسلمون ـ منقولاً عن نبيهم نقلاً متواترًا ـ ثلاثة أمور:
لفظ القرآن، ومعانيه التي أجمع المسلمون عليها، والسنة المتواترة، وهي الحكمة التي أنزلها الله عليه غير القرآن ... )).
وقال في موطن آخر: (3: 17): ((فالدين الذي أجتمع عليه المسلمون اجتماعًا ظاهرًا معلومًا، وهو منقول عن نبيهم نقلاً متواترًا، ونقلوا القرآن، ونقلوا سنته، وسنته مفسرة للقرآن مبينة له؛ كما قال تعالى له: (وتنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم). فبين ما أنزل الله لفظه ومعناه، فصار معاني القرآن التي اتفق عليها المسلمون اتفاقًا ظاهرًا مما توارثته الأمة عن نبيها، كما توارثت عنه ألفاظ القرآن، فلم يكن ت ولله الحمد ـ فيما اتفقت عليه الأمة شيء محرَّف مبدَّل المعاني، فكيف بألفاظ تلك المعاني؟ ... )).
وأرجو أن يفيد هذا في بيان مذهب شيخ الإسلام والله الموفق.(/)
أود من الأخوة أن يتحفونا بمسألة المشترك اللفظي
ـ[العبيدي]ــــــــ[18 Oct 2003, 04:05 ص]ـ
أود من الأخوة أن يتحفونا بمسألة المشترك اللفظي وهو حمل الكلمة على معنييه
علما أن ابن القيم رحمه الله أنكرها في الزاد 5/ 538 و أحال على إنكرها ببضعة عشر وجها في كتابه جلاء الأفهام ص261 إلى التعليق على الأحكام وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 Oct 2003, 04:58 م]ـ
منذ فترة تكلم أحد الإخوة في مسألة السبر و التقسيم
و قد تفاعلت معه
ثم طلب الشيخ أبو مجاهد التوقف لأن محلها الأصول و هو له منتداه
و هو إن سمح ـ اي شيخنا العبيدي ـ بالنقاش لناقشتك أخي الحبيب فهي مسألة مشوقة
و لكن رأي الشخصي أن هناك مسائل هي من صميم علوم التفسير و لا مجال لها للانفكاك عن التفسير، و هذه المسائل تفرض نفسها على التخصص، و لا يمنع من ذلك كونها من صميم علم آخر
بل إننا نجد أن من مجالات التفنن في رسائل التحضير المسائل المشتركة بين علمين أو أكثر
فنجد مثلا رسالة بعنوان (المسائل المشتركة بين أصول الفقه و المصطلح) على سبيل المثال و ما إلى ذلك
و من هذه المسائل مسألة المشترك اللفظي فهي من صميم علوم التفسير و من صميم على الأصول(/)
هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟ [تعقيب على رأي الحافظ ابن عبد البر في هذه المسألة]
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Oct 2003, 08:36 ص]ـ
بسم الله - عليه توكلت وبه أستعين
هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟
اختلف الناس في هذه المسألة مع أنه لاينبغي الخلاف فيها؛ وذلك لورود النصوص التي تدل بوضوح على أن بعضه أفضل من بعض.
وقد ذكر خلاف الناس في هذه المسألة كل من الزركشي في البرهان (1)، والسيوطي في الإتقان (2).
وسوف أذكر ملخص ما ذكراه بعد ذكر رأي الإمام ابن عبدالبر - إن شاء الله - ثُمَّ أذكر القول الصواب في هذه المسألة مستمداً من الله العون والسداد.
يرى ابن عبدالبر - رحمه الله - أنه لاينبغي أن نفضل بعض القرآن على بعض؛ لأن القرآن كلام الله، وصفة من صفاته؛ ولو قلنا بأن بعضه أفضل من بعض للزم من ذلك دخول النقص في المفضول منه.
فبعد أن ذكر أقوال العلماء في معنى الحديث الوارد في فضل سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وأنها تعدل ثلث القرآن، وبيّن أن المعنى الذي يشهد له ظاهر الحديث أنها تعدل في الثواب لمن تلاها ثلث القرآن، قال: (وهذا هو الذي يشهد له ظاهر الحديث، وهو الذي يفر منه من خاف واقعة تفصيل القرآن بعض على بعض، وليس فيما يعطي الله عبده من الثواب على عمل يعمله ما يدل على فضل ذلك العمل في نفسه، بل هو فضله عزوجل يؤتيه من يشاء من عباده على ما يشاء من عباداته تفضلاً منه على من يشاء منهم، وقد قال الله عزوجل: {مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)} [البقرة: 106].
ولم يختلف العلماء بتأويل القرآن أنها خير لعباده المؤمنين التالين لها والعاملين بها إمَّا بتخفيف عنهم وإمَّا بشفاء صدورهم بالقتال لعدوهم لا أنها في ذاتها أفضل من غيرها.
فكذلك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} خيرٌ لنا، لأن الله يتفضل على تاليها من الثواب بما شاء، ولسنا نقول [هي] في ذاتها أفضل من غيرها لأن القرآن عندنا كلام الله وصفة من صفاته، ولايدخل التفاضل في صفاته لدخول النقص في المفضول منها) (3) ا هـ.
وهذا القول الذي اختاره ابن عبدالبر - رحمه الله - هو القول الأول في هذه المسألة، وهو الذي ذكره الزركشي بقوله: (فذهب الشيخ أبو الحسن الأشعري، والقاضي أبو بكر، وأبو حاتم ابن حبان وغيرهم إلى أنه لا فضل لبعضه على بعض؛ لأن الكل كلام الله، وكذلك أسماؤه تعالى لا تفاضل بينها، وروى معناه عن مالك، قال يحيى بن يحيى: تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها، واحتجوا بأن الأفضل يشعر بنقص المفضول، وكلام الله حقيقة واحدة لا نقص فيه.
قال ابن حبان في حديث أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -: {ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن}: إن الله لايعطي لقارئ التوارة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن، إذ الله بفضله فضّل هذه الأمة على غيرها من الأمم وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مِمَّا أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه ... قال: وقوله: {أعظم سورة} أراد به في الأجر، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض) (4) ا هـ.
وأمَّا القول الثاني في هذه المسألة فهو القول بالتفضيل، أي أن بعض القرآن أفضل من بعض، وهو القول المأثور عن السلف، وهو الذي عليه أئمة الفقهاء من الطوائف الأربعة وغيرهم، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.
قال السيوطي في الإتقان: (وذهب آخرون إلى التفضيل لظواهر الأحاديث، منهم: إسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن العربي، والغزالي.
وقال القرطبي: إنه الحق، ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين (5).
وقال ابن الحصّار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك، مع النصوص الواردة بالتفضيل) (6) ا هـ.
وأقول أنا أيضاً: إنه لعجيب أن يرد مثل هذا الخلاف في هذه المسألة مع أن النصوص والأدلة الكثيرة تدل على التفضيل بل إن العقل يدل على ذلك مع دلالة الشرع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتقرير ذلك أن يقال: إن القرآن كلام الله، (وكلام الله لا نهاية له كما قال سبحانه: {قُل لَّوْ كَانَ ا؟ لْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ا؟ لْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـ! ــتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ÷ مَدَدًا} [الكهف: 109].
ومن كلماته تعالى: كتبه المنزلة، كالتوراة، والإنجيل، والقرآن، وكلماته التي يخلق بها الخلق، وكلماته التي كلّم بها آدم، والتي كلّم بها موسى، والتي كلّم بها محمداً صلى الله عليه وسلم وكلماته التي يكلم بها عباده في المحشر وفي الجَنَّة، وكلماته التي يخاطب بها أهل النَّار توبيخاً وتقريعاً، وغيرُ ذلك من كلامه تبارك وتعالى.
فكلامه تعالى متبعّضٌ متجزي، فالتوراة بعض كلامه وجزء منه، والإنجيل كذلك والقرآن كذلك، والقرآنُ أبعاضٌ وأجزاءٌ وسورٌ وآياتٌ وكلماتٌ.
وجميع هذا من المسلَّمات المعلومة لدى الكافة، دلّ عليها الحس، والعقل، والشرع، وهي أجلى من أن تحتاج إلى ضرب الأمثلة، وسياق البراهين.
فكلامه تعالى الذي هو أجزاءٌ وأبعاضٌ، بعضه أفضل من بعض، وليس ذلك من جهة المتكلم به وهو الله تعالى، وإنَّما هو من جهة ما تضمن من المعاني العظيمة، فإن كلام الله المتضمن للتوحيد والدعوة إليه، أفضل من كلامه المتضمن ذكر الحدود والقصاص ونحو ذلك، وما يخبر به عن نفسه وصفاته أعظمُ مِمَّا يخبر به عن بعض خلقه، وذلك لشرف الأول على الثاني.
وقد ورد في السنة الصحيحة ما يثبت ذلك ويوضحه ويُجلِّيه، فمن ذلك:
1 - حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في ميسر له فنزل ونزل رجلٌ إلى جانبه، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {ألا أخبرك بأفضل القرآن؟} قال: فتلا عليه {الحمد لله رب العالمين} (7).
2 - حديث أبي سعيد بن المعلّى - رضي الله عنه - قال: كنتُ أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبْه، فقلتُ: يا رسول الله! إني كنت أصلي فقال: {ألم يقل الله: {ا؟ سْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] ثُمَّ قال لي: {لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد}. ثُمَّ أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلتُ له: ألم تقل: {لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟} قال: {الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته} (8).
3 - عن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أبا المنذر، أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم؟} قال: قلتُ: الله ورسوله أعلم. قال: {يا أبا المنذر: أتدري: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟} قال: قلتُ: {ا؟ للَّهُ لاَ إِلَـ! ــهَ إِلاَّ هُوَ ا؟ لْحَيُّ ا؟ لْقَيُّومُ ... } [البقرة: 255]، قال: فضرب في صدري، وقال: {والله، لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذر}.
4 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له - وكأنّ الرجل يتقالُّها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن} (9).
فدلت هذه النصوص، وغيرها على تفضيل كلام الله بعضه على بعض، وذلك حسب ما يدل عليه من المعاني، وهو مذهب جمهور السلف وأهل السنة) (10).
وقد فصّل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - الكلام في هذه المسألة في رسالة له بعنوان: (جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن) (11)، وذكر أقوال العلماء في ذلك وأدلة كل قول مع المناقشة والترجيح، والتوجيه والتعليل بما يغني الناظر فيه عن الرجوع إلى غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قرر أن النصوص النبوية والآثار السلفية والأحكام الشرعية والحجج العقليَّة تدل على أن كلام الله بعضه أفضل من بعض. وقال: (ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة نص يمنع تفضيل بعض كلام الله على بعض، بل ولايمنع تفاضل صفاته تعالى، بل ولا نقل هذا النفي عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن أئمة المسلمين الذين لهم لسان صدق في الأمة، بحيث جعلوا أعلاماً للسنة وأئمة للأمة) (12).
وإذا تقرّر أن القول بالتفضيل هو القول الصواب الذي لاينبغي القول بخلافه؛ فإن من نافلة القول أن أذكر الشبه التي احتج بها - ابن عبدالبر - على قوله المخالف للصواب، مع الرد عليها والاعتذار له - إن أمكن -.
الشبهة الأولى: اشتبه عليه المراد بقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)} [البقرة: 106]، وذكر أن العلماء بتأويل القرآن لم يختلفوا أن المراد بقوله: {بِخَيْرٍ مِّنْهَآ} أنها خير لعباده المؤمنين التالين لها والعاملين بها إمَّا بتخفيف عنهم وإمَّا بشفاء صدورهم بالقتال لعدوهم لا أنها في ذاتها أفضل من غيرها.
قال - رحمه الله -: (وأمَّا قول الله عزوجل {مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)} فمعناه بخير منها لنا لا في نفسها) (13).
وما استدل به وذكره ابن عبدالبر وإن كان قاله أيضاً إمام المفسرين ابن جرير الطبري وغيره من المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآية إلاَّ أنه في الحقيقة لايدل على المراد الذي أراده ابن عبدالبر من نفي وقوع التفاضل في كلام الله؛ بل إن ظاهر الآية يدل على أن الآية التي يأتي بها الله بدل الآية المنسوخة أو المنسية خيرٌ منها أو مثلها.
ولهذا (فقول القائل: إنه ليس بعض ذلك خيراً من بعض بل بعضه أكثر ثواباً، ردٌّ لخبر الله الصريح، فإن الله يقول: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)} [البقرة: 106] فكيف يُقال: ليس بعضه خيراً من بعض؟.
وإذا كان الجميع متماثلاً في نفسه امتنع أن يكون فيه شيء خيراً من شيء.
وكون معنى الخير أكثر ثواباً مع كونه متماثلاً في نفسه أمر لايدل عليه اللفظ حقيقة ولا مجازاً، فلايجوز حمله عليه، فإنه لايُعرف قط أن يقال: هذا خير من هذا وأفضل من هذا، مع تساوي الذاتين بصفاتهما من كل وجه، بل لابُدّ مع إطلاق هذه العبارة من التفاضل ولو ببعض الصفات، فأمَّا إذا قدر أن مختاراً جعل لأحدهما مع التماثل ما ليس للآخر مع استوائهما بصفاتهما من كل وجه، فهذا لايعقل وجوده، ولو عقل لم يقل إن هذا خير من هذا أو أفضل لأمر لايتصف به أحدهما البتة.
وأيضاً ففي الحديث الصحيح أنه قال في الفاتحة: {لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها} فقد صرح الرسول بأن الله لم ينزل لها مثلاً، فمن قال إن كل ما نزل من كلام الله فهو مثلٌ لها من كل وجه فقد ناقض الرسول في خبره) (14).
فالآية التي ذكرها ابن عبدالبر تدل على خلاف ما ذهب إليه، كما قال ابن حجر: (ويؤيد التفضيل قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ)}) (15) ا هـ.
الشبهة الثانية: أن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته ولايدخل التفاضل في صفاته لدخول النقص في المفضول - منها.
وهذا الذي ذكره ابن عبدالبر بعضه صحيح، وبعضه غير صحيح.
فأمَّا الصحيح منه فهو أن القرآن كلام الله وكلام الله صفة من صفاته، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
وأمَّا غير الصحيح فهو أن التفاضل لايدخل في صفات الله لدخول النقص في المفضول منها، والسبب الذي دعاهم إلى هذا القول، هو أن صفات الله كلها فاضلة في غاية التمام والكمال، وليس فيها نقص، وإذا قلنا بأن بعضها أفضل من بعض كان ذلك وصفاً للمفضول بالنقص، وهذا لايجوز.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال: (قول القائل: صفات الله كلها فاضلة في غاية التمام والكمال ليس فيها نقص، كلام صحيح، لكن توهمه أنه إذا كان بعضها أفضل من بعض كان المفضول معيباً منقوصاً خطأ منه فإن النصوص تدل على أن بعض أسمائه أفضل من بعض، وبعض أفعاله أفضل من بعض.
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي الآثار، ذكر اسمه العظيم واسمه الأعظم، واسمه الكبير واسمه الأكبر، كما في السنن ورواه أحمد وابن حبان في صحيحه عن ابن بريدة، عن أبيه قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا رجلٌ يصلي يدعو: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلاَّ أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب} (16).
وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله كتب في كتاب فهو موضوع عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي} وفي رواية: {سبقت رحمتي غضبي} (17).
فوصف رحمته بأنها تغلب غضبه وتسبقه، وهذا يدل على فضل رحمته على غضبه من جهة سبقها وغلبتها، وقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك} (18)، ومعلوم أن المستعاذ به أفضل من المستعاذ منه، فقد استعاذ برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته.
وأمَّا استعاذته به منه فلابد أن يكون باعتبار جهتين: يستعيذ به باعتبار تلك الجهة، ومنه باعتبار تلك الجهة، ليتغاير المستعاذ به والمستعاذ منه، إذ أن المستعاذ منه مخوف مرهوب منه، والمستعاذ به مدعو مستجار به ملتجأ إليه، والجهة الواحدة لاتكون مطلوبة مهروباً منها، لكن باعتبار جهتين تصح) (19) أ هـ.
ويقال أيضاً في الجواب على هذه الشبهة ما سبق ذكره من أنه لايوجد في الكتاب والسنة نص يمنع تفضيل بعض كلام الله على بعض، بل ولايمنع تفاضل صفاته تعالى، بل ولا نقل هذا النفي عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا عن أئمة المسلمين الذين لهم لسان صدق في الأمة بحيث جعلوا أعلاماً للسنة وأئمة للأمة.
بل النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تدل على تفضيل بعض كلام الله على بعض وعلى تفضيل بعض صفاته على بعض، وقد سبق ذكر شيء منها في ثنايا هذا المبحث، وبالله التوفيق.
ومِمَّا سبق يُعلم أن إمامنا ابن عبدالبر لم يوفق للصواب في هذه المسألة، ويُمكن أن يُعتذر له بأنه - رحمه الله - ظن أن القول بتفضيل بعض كلام الله على بعض لايُمكن إلاَّ على قول الجهمية من المعتزلة وغيرهم القائلين بأن القرآن مخلوق، فإنه إذا قيل: إنه مخلوق أمكن القول بتفضيل بعض المخلوقات على بعض، فيجوز أن يكون بعضه أفضل من بعض، وهذا الظن الذي ظنه - رحمه الله - قد ظنّه غيره من العلماء الذين هم من أهل السنة ووافقوه في هذه المسألة فيما ذهب إليه.
(قالوا: وأمَّا على قول أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على أن القرآن كلام الله غير مخلوق فيمتنع أن يقع التفاضل في صفات الله القائمة بذاته. ولأجل هذا الاعتقاد صار من يعتقده يذكر إجماع أهل السنة على امتناع التفضيل في القرآن كما قال أبو عبد الله ابن الدراج في مصنّف صنّفه في هذه المسألة، قال: {أجمع أهل السنة على أن ما ورد في الشرع مِمَّا ظاهره المفاضلة بين آي القرآن وسوره ليس المراد به تفضيل ذوات بعضها على بعض، إذ هو كلام الله وصفة من صفاته، بل هو كله لله فاضل كسائر صفاته الواجب لها نعت الكمال}.
وهذا النقل للإجماع هو بحسب ما ظنه لازماً لأهل السنة، فلما علم أنهم يقولون: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وظن هو أن المفاضلة إنَّما تقع في المخلوقات في الصفات، قال ما قال. وإلاَّ فلاينقل عن أحد من السلف والأئمة أنه أنكر فضل كلام الله بعضه على بعض، لا في نفسه، ولا في لوازمه ومتعلقاته، فضلاً عن أن يكون هذا إجماعاً) (20).
وأخيراً نقول: إن ابن عبدالبر اجتهد في هذه المسألة فأخطأ، ومن اجتهد بقصد طاعة الله ورسوله بحسب اجتهاده لم يكلفه الله ما يعجز عنه، بل يثيبه على ما فعله من طاعته ويغفر له ما أخطأ فيه فعجز عن معرفته والوصول إليه.
وكلٌّ يؤخذ من قوله ويُرد إلاَّ المعصوم صلوات ربي وسلامه عليه.
الحواشي السفلية
(1) انظر: رهان في علوم القرآن للزركشي 2/ 67 - 73 النوع الثامن والعشرون: هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) انظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 1131 - 1134 النوع الثالث والسبعون في أفضل القرآن وفاضله.
(3) الاستذكار 8/ 116، 117.
(4) البرهان في علوم القرآن للزركشي 2/ 67 - 69.
(5) انظر كتاب القرطبي: التذكار في أفضل الأذكار من القرآن الكريم ص 40 - 44، وقد رجح أن القول الصحيح هو القول بالتفضيل.
(6) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/ 1131، 1132، باختصار.
(7) حديث صحيح أخرجه النسائي في فضائل القرآن رقم [36] ص 72، وقال محققه فاروق حماده: إسناده صحيح. وانظر: الترغيب والترهيب للمنذري 2/ 342 رقم [2151].
(8) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل القرآن، باب: فضل فاتحة الكتاب رقم [5006] ص 995.
(9) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب: فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} رقم [5013] ص 996.
(10) من كتاب العقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية، تأليف: عبد الله بن يوسف الجديع ص 187 - 191 بتصرف يسير واختصار.
(11) وهي مطبوعة بتحقيق فواز أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي، نشر دار الكتاب العربي، وهي أيضاً مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى 17/ 5 - 205.
(12) انظر: الرسالة السابقة ص 91.
(13) التمهيد 19/ 231.
(14) من كلال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الرسالة السابقة ص 167.
(15) فتح الباري 8/ 8.
(16) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: الدعاء رقم [1493] 2/ 166، 167]، والترمذي في الدعوات، باب: جامع الدعوات رقم [3475] 5/ 481، 482، وقال: هذا حديث حسن غريب. وغيرهما من أهل السنن، وهو حديث صحيح كما في صحيح سنن أبي داود رقم [1324] 1/ 279، وصحيح سنن الترمذي رقم [2763] 3/ 163.
(17) رواه البخاري في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ ا؟ للَّهُ نَفْسَهُ ,)} [آل عمران: 28] رقم [7404] ص 1410، ومسلم في كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى، وأنها سبقت غضبه رقم [2751] ص 1100، 1101.
(18) رواه مسلم في كتاب الصلاة رقم [486] ص 201.
(19) باختصار من رسالة ابن تيمية السابقة ص 101 - 104.
(20) من رسالة ابن تيمية السابقة ص 87.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Nov 2003, 02:25 م]ـ
وجدت لابن عبدالبر رحمه الله كلاماً خالف فيه ما قرره سابقاً من عدم جواز التفضيل بين آيات القرآن وسوره
قال رحمه الله في شرحه لحديث فضل الفاتحة وأنه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل مثلها: (وأمَّا قوله - عليه السلام - لأبيّ: {حتى تعلمَ سورة ما أنزل الله في القرآن، ولا في التوراة ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها} فمعناه مثلها في جمعها لمعاني الخير، لأن فيها الثناء على الله بما هو أهله، وما يستحق من الحمد الذي هو له حقيقة لا لغيره؛ لأن كلّ نعمة وخير فمنه، لا من سواه، فهو الخالق الرازق، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وهو المحمود على ذلك، وإن حُمد غيره فإليه يعود الحمد.
وفيها التعظيم له، وأنه رب العالم أجمع، ومالك الدنيا والآخرة وهو المعبود المستعان.
وفيها تعليمُ الدعاء إلى الهدى، ومجانبة طريق من ضلّ وغوى، والدعاءُ لبابُ العبادة، فهي أجمع سورة للخير، وليس في الكتاب مثلها على هذه الوجوه، والله أعلم.
وقد قيل: إن معنى ذلك لأنها لاتجزيء الصلاة إلاَّ بها دون غيرها، ولايجزئ غيرها عنها، وليس هذا بتأويل مجمع عليه) [الاستذكار 4/ 186 - 187.] ا هـ.
قلت: فهذا كلام ابن عبدالبر - رحمه الله - في معنى كون الفاتحة أعظم سورة في القرآن، وأن الله لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها، وأن ذلك راجع إلى ما اشتملت عليه من المعاني العظيمة التي لاتوجد في غيرها من سور القرآن.
وابن عبدالبر إذ يقرر هذا فهو يخالف ما ذهب إليه من القول بعدم التفضيل لبعض القرآن على بعض، إذ مقتضى كلامه هنا أنها أفضل من غيرها، وأنه ليس هناك سورة مثلها، وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث.
ولو أنه قال هنا في معنى كونها أفضل سورة وأعظم سورة في القرآن بمقتضى ما ذهب إليه من عدم التفضيل لكان المعنى: أن ثوابها أعظم من غيرها، كما قال بذلك ابن التين، كما ذكر ذلك السيوطي في الإتقان.
وهذا يدل على أن القول بالتفضيل هو الذي لاتدل النصوص الصريحة الصحيحة إلاَّ عليه كما سبق تقريره.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[21 Jul 2004, 12:00 م]ـ
[ size=4] وتأكيدا لما تفضل به أستاذنا العزيز أبو مجاهد العبيدي
أضيف
ان التوراة والانجيل والزبور
وصحف ابراهيم كلها من عند الله
فلماذا لانتعبد بها لو كانت بنفس المستوى؟؟؟
أن الحديث القدسي؟؟؟ أيضا هو كلام الله
ولايجوز التعبد به؟؟ كالقرآن
وأريد هنا أن أضرب مثلا ولله المثل الأعلى
هب أنك أرسلت رسالة الى شخص عزيز
سيكون وقعها أمر عادي؟؟؟
لكن لو أن هذه الرسالة كانت قصيدة شعرية بليغة
فمن المؤكد سيكون وقعها أعظم؟؟
فكيف اذا كانت برقيه؟؟ عاجلة؟؟ مختصرة؟؟ بليغة؟؟
من هنا نقول كما قال السلف
ان الله جمع الكتب السماوية كلها؟؟؟ في القرآن
ففيه خبر من كان قبلنا وفيه شريعتنا وفيه خبر مايكون الى أن يرث الله الأرض ومن عليها
على الرغم من أن الكتب السماوية السابقة كلها من عند الله
وفيها الموعظة والحكمة
وكذلك أم الكتاب هي مختصر للقرآن كله لما فيها من البلاغة والاعجاز والايجاز البليغ
من هنا جاءت أفضليتها وعظمتها وتفضيلها على سواها؟؟
والحديث يمكن أن يكون أطول ويكون له شواهد أكثر لكنني آثرت الايجاز وتأكيدا لما تفضل به الشيخ
العبيدي
والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وآخر دعوانا
الحمد لله رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الباحث7]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:09 م]ـ
وقد فصّل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - الكلام في هذه المسألة في رسالة له بعنوان: (جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن) (11)، وذكر أقوال العلماء في ذلك وأدلة كل قول مع المناقشة والترجيح، والتوجيه والتعليل بما يغني الناظر فيه عن الرجوع إلى غيره.
وقد قرر أن النصوص النبوية والآثار السلفية والأحكام الشرعية والحجج العقليَّة تدل على أن كلام الله بعضه أفضل من بعض. وقال: (ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة نص يمنع تفضيل بعض كلام الله على بعض، بل ولايمنع تفاضل صفاته تعالى، بل ولا نقل هذا النفي عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن أئمة المسلمين الذين لهم لسان صدق في الأمة، بحيث جعلوا أعلاماً للسنة وأئمة للأمة) (12).
انظر مسائل هذا الكتاب هنا ( http://www.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=331)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[06 Feb 2009, 10:37 م]ـ
وجدت لابن عبدالبر رحمه الله كلاماً خالف فيه ما قرره سابقاً من عدم جواز التفضيل بين آيات القرآن وسوره
قال رحمه الله في شرحه لحديث فضل الفاتحة وأنه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل مثلها: (وأمَّا قوله - عليه السلام - لأبيّ: {حتى تعلمَ سورة ما أنزل الله في القرآن، ولا في التوراة ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها} فمعناه مثلها في جمعها لمعاني الخير، لأن فيها الثناء على الله بما هو أهله، وما يستحق من الحمد الذي هو له حقيقة لا لغيره؛ لأن كلّ نعمة وخير فمنه، لا من سواه، فهو الخالق الرازق، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وهو المحمود على ذلك، وإن حُمد غيره فإليه يعود الحمد.
وفيها التعظيم له، وأنه رب العالم أجمع، ومالك الدنيا والآخرة وهو المعبود المستعان.
وفيها تعليمُ الدعاء إلى الهدى، ومجانبة طريق من ضلّ وغوى، والدعاءُ لبابُ العبادة، فهي أجمع سورة للخير، وليس في الكتاب مثلها على هذه الوجوه، والله أعلم.
وقد قيل: إن معنى ذلك لأنها لاتجزيء الصلاة إلاَّ بها دون غيرها، ولايجزئ غيرها عنها، وليس هذا بتأويل مجمع عليه) [الاستذكار 4/ 186 - 187.] ا هـ.
قلت: فهذا كلام ابن عبدالبر - رحمه الله - في معنى كون الفاتحة أعظم سورة في القرآن، وأن الله لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها، وأن ذلك راجع إلى ما اشتملت عليه من المعاني العظيمة التي لاتوجد في غيرها من سور القرآن.
وابن عبدالبر إذ يقرر هذا فهو يخالف ما ذهب إليه من القول بعدم التفضيل لبعض القرآن على بعض، إذ مقتضى كلامه هنا أنها أفضل من غيرها، وأنه ليس هناك سورة مثلها، وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث.
ولو أنه قال هنا في معنى كونها أفضل سورة وأعظم سورة في القرآن بمقتضى ما ذهب إليه من عدم التفضيل لكان المعنى: أن ثوابها أعظم من غيرها، كما قال بذلك ابن التين، كما ذكر ذلك السيوطي في الإتقان.
وهذا يدل على أن القول بالتفضيل هو الذي لاتدل النصوص الصريحة الصحيحة إلاَّ عليه كما سبق تقريره.
جزاكم الله خيرًا على هذا الموضوع النافع
أخي أبا مجاهد:على حين أني معكم في الردّ على أبي عمر رحمه الله
-على حُبِّنا الشديد له-
إلا أني لا أرى
من حقّكم أن تعُدوا القول بالمقتضى قولا مستقلاّ
لأن وصف آية ما أو سورة بأنها أجمعُ لا يستلزم أنها أفضل
فلا يردّ على ابن عبدالبرّ إلا أن نجد في بعض ما كتب
تصريحا بالرجوع أو قولا آخر بالتفضيل
وما أظنّ رأيه هذا إلا من تأثيرات الأشعرية التي قام لها سوق
في القرن الخامس
ولست أدري هل أثَّروا في الحنابلة في أن يستبدِلوا المذهب الحقّ
في القرآن وهو أنه (كلامُ الله، ولا يوصف بمخلوق لأنه وصف مبتدع) بالقول بأنه
كلام الله غيرُ مخلوق). لأن تقرير أنه غير مخلوق
استلزام غير ملزِم،من سكوت أئمة أهل السنة كأحمد بن نصر وأحمد
ابن حنبل عن قبول وصفه بمخلوق
وهذا من أعاجيب ما حصل في العقائد
وليس في قولهم أن الكلام صفة المتكلم إلا مقدمة منطقية لا تقتضي
ما ذهبوا إليه. وهي قضية تاريخية خارج الموضوع
لكني أتمنّى على الإخوة الذين لهم باع في الموضوع أن يبيِّنوا لنا
سبب انجرار أهل السنة -أشعرية وحنابلة- إلى القول بعدم خلق القرآن
وهي مسألة من خاصّ العلم إذا صحّ التعبير لكن لما كانت
متعلقة بحكم تاريخي على وصف للقرآن الكريم كان
من واجب أهل التفسير أن يُلقوا الضوء على هذه المسألة.
وأحسب أنّ الأستاذ الجابري بوصفه مختصًّا بتاريخ الأفكار
في الحضارة العربية الإسلامية قد استطاع أن ينير المسألة من الناحية التاريخية
وهذا رابط كتابه الذي أتمنى أن يُسْتفاد منه في الباب
محمد عابد الجابري .. المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد ( http://www.4shared.com/file/55107410/3bbd137/___________.html?s=1)
وكتاب ابن رشد
.. الكشف عن مناهج الادله في عقائد المله، ( http://www.4shared.com/file/55106681/1e46e9e3/____________________________.html?s=1)
محمد عابد الجابري .. التراث و الحداثه .. دراسات و مناقشات ( http://www.4shared.com/file/55103499/3ddc74cc/______.html?s=1)
وأستميح أخي أبا مجاهد العذر على هذا الاستطراد
ولكني استروحت في خيمة كريم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[26 Mar 2009, 09:00 م]ـ
(عموما وبعض سوره وآياته خصوصا، والفضيلة ما يفضل به الشيء على غيره، يقال: لفلان فضيلة، أي خصلة حميدة، قال الطيبي: أكثر ما يستعمل في الخصال المحمودة كما أن الفضول أكثر استعماله في المذموم اهـ وقد تستعمل الفضيلة في الصفة القاصرة والفاضلة في المتعدية كالكرم، وقد تستعمل الفضيلة في العلوم والفاضلة في الأخلاق، قال السيوطي في الإتقان: اختلف الناس هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟ فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان إلى المنع لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه، وروي هذا القول عن مالك، وذهب آخرون وهم الجمهور إلى التفضيل لظواهر الأحاديث، قال القرطبي: إنه الحق، وقال ابن الحصار: العجب فمن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة في التفضيل، وقال الغزالي في جواهر القرآن: لعلك أن تقول: قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض والكلام كلام الله فكيف يكون بعضها أشرف من بعض؟ فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينة وبين سورة الإخلاص وسورة تبت، وترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي أنزل عليه القرآن وقال: " يس " قلب القرآن، وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن، وآية الكرسي سيدة آي القرآن، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وغير ذلك مما لا يحصى اهـ كلامه ثم قيل: الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلي، وقيل: بل يرجع إلى ذات اللفظ وأن ما تضمنه قوله - تعالى - وإلهكم إله واحد الآية وآية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها، فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها؛ والله أعلم. ثم القرآن يطلق على الكلام القديم النفسي القائم بالذات العلي، وعلى الألفاظ الدالة على ذلك الكلام، والمراد هنا الثاني ولا خلاف أنه بهذا المعنى حادث، وإنما الخلاف بيننا وبين المعتزلة في النفسي فهم نفوه لقصور عقولهم الناقصة أنه لا يسمى كلاما إلا اللفظي وهو محال عليه - تعالى - وبنوا على هذا التعطيل قولهم معنى كونه - تعالى - متكلما أنه خالق للكلام في بعض الأجسام ونحن أثبتناه عملا بمدلول الأسماء الشرعية الواردة في الكتاب والسنة وبما هو المعلوم من لغة العرب أن الكلام حقيقة في النفي وحده أو بالاشتراك، وقد جاء في القرآن إطلاق كل من المعنيين اللفظي والنفسي، قال تعالى: ما يأتيهم منذر من ربهم محدث " وكلم الله موسى تكليما " واللفظ محال عليه - تعالى - وخلق الكلام في الشجرة مجاز لا ضرورة عليه، ثم المعتمد أن القرآن بمعنى القراءة مصدر بمعنى المفعول أو فعلان من القراءة بمعنى الجمع لجمعه السور وأنواع العلوم وأنه مهموز، وقراءة ابن كثير إنما هي بالنقل كما قال الشاطبي رحمه الله.
ونقل قرآن والقرآن دواؤنا، خلافا لمن قال: إنه من قرنت الشيء بالشيء لقرن السور والآيات فيه، وأغرب الشافعي حيث قال: القرآن اسم علم لكلام الله وليس بمهموز ولا مأخوذ من قرأت، وذكر السيوطي أن المختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه الإمام الشافعي، وأما قول ابن حجر: ولعل كلام الشافعي في الأفصح والأشهر فمردود بأن الجمهور على الهمز وهو المشهور، ونقل ابن كثير أيضا يرجع إلى الهمز المذكور ويدل عليه بقية المشتقات من قوله تعالى اقرأ وربك " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " وأمثال ذلك.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[26 Mar 2009, 10:22 م]ـ
هل تتفاضل الآيات؟ الفروق بين الآيات القرآنية:
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا ثبت أنّ القرآن العظيم لا يضاهيه نظم ولا يدانيه كلام فقد اتضح بما لا يدع للشك مجالاً أنه نسيج وحده وهو القمة التي لا ترتقى والغاية التي لا تنال والشأو الذي لا يدرك؛ فإذا كان القرآن بمجمله بمنأى عن مشابهة أي كلام آخر؛ فهل من الممكن أن يكون متفاضلاً في نفسه؛ بحيث يفوق بعضه بعضاً حتى تختلف درجات الكلام القرآني الواحد؟ لاشك أنّ هذا الأمر عند دراسته يحتاج إلى تدقيق وتصنيف حتى يمكن تقرير رأي متكامل فيه، وهو ينقسم بطبيعته إلى الآتي:
الفروق المعنوية بين التعابير القرآنية:
إنّ المعاني المجردة ليست بأصل في الإعجاز القرآني؛ وإنما الأصل هو النظم الدال على هذه المعاني، ولما كان القرآن كله معجزاً لم يكن لتفضيل بعضه على بعض من معنى في مضمار البلاغة والإعجاز؛ إلا أنّ التفاضل في المعاني المجردة - التي ليست أصلاً في الإعجاز- قد اختلف فيها العلماء اختلافاً واسعاً، وقد ذكر ابن تيمية أنها مسألة كبيرة والناس متنازعون فيها تنازعاً منتشراً، وقد كان هؤلاء العلماء فيها على فريقين
الفريق الأول: ذكر أصحابه أنه لا فضل لبعض القرآن على بعض؛ لأنّ الكلّ كلام الله؛ وكلام الله لا نقص فيه والتفضيل يشعر بنقص المفضول؛ ولهذا امتنع هذا التفاضل واستحال. وروي عن الإمام مالك أنه قال: (تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ) وعلل هذا الفريق التفضيل والخيرية الواردة في القرآن والحديث بتفضيل الثواب والأجر لا غيره، وهذا القول قد ناصره أكثر الأشاعرة. وقد ذهب ابن تيمية إلى أنّ الأشاعرة إنما ألجأتهم مناقضة المعتزلة إلى رد هذا التفضيل؛ فقالوا بالتماثل لأنّ المعتزلة لما قالوا إنّ القرآن مخلوق فضلوا بعضه على بعض؛ وتفاضل المخلوقين أمر لا ينكره أحد
الفريق الثاني: قالوا بالتفضيل؛ وهذا التفضيل الذي ذهبوا إليه متعلّق بالمعاني التي تناولتها الآيات ولا يتعلّق عندهم بالصفة، وقد استدل هؤلاء بقوله تعالى:
(ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)
فدلت هذه الآية عندهم على الخيرية والتماثل بين الآيات، وإذا كانت المعاني القرآنية على قسمين هما:
- الإنشاء (الأوامر والنواهي).
- الأخبار (الحقائق).
فإنّ التفاضل في الأوامر أمر وارد؛ فالله تعالى قد أمر بكتابة الدَّين (القرض) وتدوينه مثلاً وأمر في آيات أخرى بالتوحيد؛ فلا يمكن أن تكون كتابة الدَّين مثلاً كالتوحيد، وكذلك الأمر في النواهي فإنّ الأمور المنهي عن بعضها شر من بعض فلا يمكن أن لا يتفاضل النهي فيها. أما الأخبار فإن من الآيات ما تحدث الله تعالى فيه عن نفسه ووصفه الذي يصف به نفسه ومنها ما تحدث فيه عن بعض خلقه؛ وذلك كما في "سورة الإخلاص" و"سورة المسد" مثلاً، فلا يمكن أن يكون وصفه لنفسه تعالى ووصفه لأبي لهب سواء
ولما كان الأمر على هذا الوجه الذي ذكرنا فقد قال البهوتي: (بعض القرآن أفضل من بعض باعتبار متعلّقه من المعاني، ولا يمنع من ذلك كون الجميع صفة الله تعالى لما ذكرنا من أن التفضيل باعتبار المتعلّق لا باعتبار الذات)
ولما كان هذا الأمر على ما ذكره العلماء أصحاب القول الثاني فإنّ التفاضل لا يقع في الآيات أنفسها؛ وإنما يقع عليها من حيث نسبتها إلى المخبر عنه؛ ولأجل ذلك جعل ابن تيمية للكلام نسبتان:
1 - نسبة للمخبر.
2 - نسبة للمخبرعنه.
فالنسبة الأولى لا يمكن أن يقع فيها التفاضل، إذ أنّ الجميع كلام الله ونسبته إليه واحدة أما الثانية فيمكن أن يقع فيها التفاضل، يقول ابن تيمية: (من المستقرّ في فطر العقلاء أن كلاً من الخبر والأمر يلحقهما التفاضل من جهة المخبر عنه والمأمور به) إلا أنّ المخبر عنه والمأمور به والمنهي عنه أمور خارج النظوم؛ والنظوم دلالة عليها، ولأجل ذلك لم تكن أصلاً في الإعجاز؛ ولا بها يقع التفاضل بين كلام وكلام؛وإنما وجه تعلقها بالإعجاز من جهتين هما:
1 - التحقّق منها وإدراك صدق المتكلّم بها.
2 - كونها عمدة النظم التي ينشأ عنها ويدل عليها.
الفروق النظمية بين التعابير القرآنية:
(يُتْبَعُ)
(/)
سبق أنّ المعاني في أنفسها وإن كانت على درجات متفاوتة ومراتب مختلفة ليست بذات تأثير في البلاغة والإعجاز؛ إذ أن شرط البلاغة إنما هي المطابقة بين حقيقة المخبر عنه- بغض النظر عن أهميته – وبين النظم الدال على ذلك، فالمعنى مجرداً ليس له مزية وكذلك النظم المجرد؛ بل الفضل كلّ الفضل في التطابق بين الأمرين؛ ولأجل ذلك يقول الجرجاني: (ليس من فضل ومزيّة إلا بحسب الموضع "أي موضع الكلمات من النظم" وبحسب المعنى الذي تريد والغرض الذي تؤم)
ولما كان الأمر كذلك فإنّ مسألة التفاضل بين التعابير القرآنية المختلفة إنما هي نهاية مطاف كلّ من اعتد بالمعنى مجرداً أو باللفظ مجرداً؛ ولهذا يقول ابن سنان الخفاجي المعتزلي الذي مال إلى اللفظ: (وزيادة بعض القرآن على بعض في الفصاحة فالأمر فيه ظاهر لا يخفى على من علق بطرق من هذه الصناعة وشدا شيئاً يسيراً، وما زال الناس يفردون مواضع من القرآن يعجبون منها في البلاغة وحسن التأليف …. فلو كانوا يذهبون إلى تساويه في الفصاحة لم يكن لإفرادهم المواقع المعنية المخصوصة - دون غيرها – معنى؛ وليت شعري أي فرق بين أن يخلق الله وجهين أحدهما أحسن وأصبح من الآخر وبين أن يحدث كلامين أحدهما أبلغ وأفصح من الآخر، ثم ليس لأحد ممن ينكر أن يكون بعض القرآن أفصح من بعض يمتنع من القطع على أنّ القرآن في لغته أفصح من التوراة في لغتها والإنجيل في لغته والزبور في لغته، لأنّ تلك الكتب عنده لم تكن معجزة لخرقها العادة في الفصاحة وإن كان الجميع كلام الله تعالى. فما المانع أن يكون بعض كلامه الذي هو القرآن أفصح من بعض حتى تكون آية منه أفصح من آية - والجميع كلام الله - كما جاز عنده أن يكون القرآن أفصح من الإنجيل وإن كان الجميع كلام الله؛ وهذا لا يخفي على محصّل)
ورغم أن هذا الكلام يبدو متماسكاً منطقياً صحيح القياس إلا أنّ الأمر فيه بخلاف ما أوهم الظاهر؛ إذ أنّ فيه كثيراً من الباطل والتلبيس؛ حيث أنه بني على أمور ليس به بالصحيحة المتفق عليها ابتداء وهي:
أولاً: كانت النقطة التي منها انطلق ابن سنان وعليها بنى – هي قضيّة (خلق القرآن) الاعتزالية المشهورة، وهذه القضيّة ينتج عنها- بطبيعة بنائها – أنّ الصورة اللفظية للقرآن غير صادرة من الله ولا هو الناطق بها؛ وإنما هي مخلوقة له في محل، ومن المعلوم بالضرورة أنّ التفاضل بين المخلوقات أمر لا ينكره أحد ولا يردّه أحد، ولأجل ذلك ألفى ابن سنان القاعدة الفكرية العقدية حاضرة لديه فبنى عليها حتى فاضل بين آيات القرآن وجعل هذا التفاضل كتفاضل وجوه البشر.
ثانياً: إنّ الفصاحة التي جعلها ابن سنان المقياس الذي به يقيس إنما هي – عنده - أمور جمالية لفظية مستقاة من اللفظ المفرد- أو هي المشكلة التي جاهدها الجرجاني، وهذه الفصاحة التي قرَّرها ابن سنان ينتج عنها الاعتداد بمفردات اللغة خارج السياق القرآني بل وغيره من السياقات العربية الأخرى؛ فيستحسن بعضها ويستبشع الآخر، وهذا الأمر يفضي إلى رفع الإعجاز جملة؛ إذ ينتج عنه في نهاية المطاف القول بأنّ بعض المفردات اللغوية التي لم ترد في القرآن لهي أفصح من مفردات القرآن نفسها كما أنّ القرآن –حسب زعمه- يقع فيه اللفظ الفصيح والأقل فصاحة وغير الفصيح، ولهذا تفاضلت التعابير القرآنية عنده دون أدنى ريب، وهذا المذهب واضح البطلان.
ثالثاً: بنى ابن سنان على أنّ القرآن أفصح من التوراة والإنجيل والزبور؛ وهو كمن زعم أنّ الماء أكثر زرقة من الشجر؛ مع أنّ الشجر ليس بالأزرق إطلاقا؛ ثم رجع فاعترف بأن هذه الكتب - وان كانت كلام الله - إلا أنها ليست بمعجزة كالقرآن لعدم خرقها العادة في الفصاحة؛ فكيف بنى عليها إذا لم تكن معجزة في الفصاحة، أو بمعنى آخر إذا لم يقل أحد بإعجاز هذه الكتب من حيث الفصاحة؛ فلا يمكن لعاقل أن يجعل شيئاً غير مشترك بين أمرين علة للقياس في أمرين آخرين، حيث جعل ابن سنان المقارنة بين القرآن البليغ وبين الكتب السماوية التي لم يقل ببلاغتها أحد – مقدمة يقرر بها التفاضل في الفصاحة بين آيات القرآن البليغة في أنفسها. وهذه مغالطة بيِّنة البطلان؛ إذ أنّ العلّة في القياس غير مشتركة.
(يُتْبَعُ)
(/)
رابعاً: استدل ابن سنان بإفراد الناس لمواضع من القرآن، ومن المعلوم – بادي الرأي – أنّ استحسان الناس ليس بأمر علمي منضبط، والعلم لا يقوم على الانطباعات؛ وإنما يقوم على الأدلة والبراهين، فرب موضع استحسنه إنسان بحسب خلفياته الفكرية والعقدية والنفسية فعلّل استحسانه تعليلاً جيداً فشاع؛ فباختلاف الخلفيات الفكرية والنفسية والثقافية للبشر تختلف مواضع استحسانهم، وهذا أمر معلوم.
فالمعاني القرآنية لا تتزايد ولا تتفاضل إلا خارج النظوم؛ أما من حيث دلالة النظوم عليها فلا تتفاضل؛ إذ أنّ شرط البلاغة هي التطابق المتميّز بين المعنى الدقيق والنظم الدقيق، والقرآن كله قد تطابقت معانيه ونظومه تطابقاً شديداً حتى بلغ الغاية، وإذا ما تأمل المرء بتفحص شديد هذا التطابق يجد أنه أصل البلاغة والموضع الذي يعظم فيه الفضل وتكثر المزية ويحدث التفاوت الشديد ويتقدم بعض الكلام بعضاً حتى ينتهي إلى حيث تنقطع الأطماع وتحسر الظنون وتستوي الأقدام في العجز؛ وهذه هي الدرجة التي بلغها القرآن دون سواه.
ولكن إذا كان القرآن قد فاق كلّ كلام وإذا كان أيضاً غير متفاضل التعابير في نفسه وإنما هو على درجة واحدة وهي الدرجة التي ليست بعدها درجة فإنّ الاختلاف والتباين بين تعابيره أمر واضح ظاهر لا ينكره أحد، ولكن هذا الاختلاف إنما هو في حقيقة أمره موازاة للمعنى المراد ودقة في التطابق، إذ أنّ النظم هو المرآة الدقيقة للمعنى؛ فإذا ما اختلف المعنى اختلف باختلافه النظم وتغير، ولأجل ذلك ترى الله تعالى يأتي بالتقدّيم في آية وبالتأخير في آية أخرى ويأتي بالتعريف في آية والتنكير في آية أخرى؛ وكذلك الأمر في الحذف والذكر وفي الفعلية والاسمية وغير ذلك من الأمور المختلفة المعاني.
وكل تلك الفروق قد أصابت المعنى المراد وكانت في مكانها الأنسب الأليق؛ ولو وضع غيرها لم يحسن، إذ أنّ لكل كلام مقام؛ ولكل نظم وتركيب معنى، وهذه الفروق كما هو واضح لا تعتبر في أنفسها؛ وإنما تعتبر من حيث نسبتها إلى المعاني والأغراض والنظوم؛ يقول الجرجاني: (اعلم أن الفروق والوجوه كثيرة ليس لها غاية تقف عندها … ثم اعلم أن ليس المزية بواجبة لها في أنفسها ومن حيث هي على الإطلاق، ولكن تعرض المزية بحسب المعاني والأغراض التي يوضع لها الكلام؛ ثم بحسب موقع بعضها من بعض واستعمال بعضها مع بعض)
ولما ثبت أن التعابير القرآنية في درجة متفقة من البلاغة وعلى قدر واحد من الإعجاز وفي سماء واحدة من الحسن والجمال؛ إذ لكل آية ما لأختها من الفضل والمزية فإن هذه الفروق التعبيرية تصبح موضعاً للأسرار وبرهاناً تتكشف به خبايا البلاغة والإعجاز والمعاني.
خلاصة:
- القرآن في نفسه لا تتفاضل آياته من حيث إعجازها أو بلاغتها أو نسبتها إلى الله تعالى فكله كلامه الذي لا يدانيه كلام
- من الممكن أن تتفاضل المعاني الخارجية التي تناولتها الآيات وهي أمور خارج النص ولا يلزم عنها أن الآيات متفاضلة في أنفسها وإن كان ما تناولته هذه الآيات متفاضلا
- الإخلاص ثلث القرآن يعني أنها تناولت ثلث معاني القرآن؛ إذ أن القرآن ثلاثة أثلاث: خبر عن الخالق "توحيد" وخبر عن المخلوق وأحكام " أوامر ونواه"
- من الممكن أن يقال إن قوله تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) لا يشير إلى وقوع النسخ والتفضيل والإنساء في آيات القرآن؛ إذ أن السياق كله كان في الحديث عن اليهود الذين كانوا يستفتحون على الذين كفروا برسالة جديدة؛ فلما جاءت كفروا بها، وقالوا نؤمن بما أنزل إلينا دون غيره فهو الحق الذي لا يتغير، ولو كانت الرسالة الجديدة بأحكامها الجديدة موافقة لما عندنا فقد استغنينا بما عندنا عنها، وإن كانت مخالفة - وهذا ما حدث – فهذا دليل على أنها ليست من المصدر الذي جاءت منه التوراة، وهو الله، وما هذه الأقوال إلا لحسدهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين؛ قال تعالى في سياق ذلك: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ
(يُتْبَعُ)
(/)
مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) فالآية تشير إلى تناسخ الرسالات وتفاضل أحكامها لا إلى تناسخ آيات القرآن في أنفسها وتفاضلها. يقول أبو الفضل الرازي في تفسير قوله تعالى: (أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ): أي ما حسدتكم اليهود والنصارى على شيء كحفظ القرآن. ومعلوم أن القرآن ثابت لا يُمحى ومذكور لا ينُسى ومحفوظ لا يضيع ولهذا قال تعالى: (سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى) أما النسيان والإنساء " لا التأخير " المذكور في آية البقرة فهو ثابت لأهل التوراة والإنجيل الذي نسوا حظا مما ذكروا به، وأحكام الله تعالى في التوراة والإنجيل منها ما ذكر في القرآن ومنها ما طوي في عالم النسيان ولهذا قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) ولهذا يمكن أن يقال إن التفضبل والخيرية والنسخ والإنساء أمور متعلقة بالتوراة والإنجيل لا القرآن.وبهذا فلا دليل قرآني على تفاضل الآيات القرآنية.
وسواء قلنا بوقوع التفاضل المذكور في الآية على القرآن أم لم نقل - فإن آيات القرآن في أنفسها لا تتفاضل وإن كانت معانيها الخارجية متفاضلة كما ذكر كثير من العلماء.
مراجع:
- جمال الدين عبد العزيز شريف: نظريات الإعجاز القرآني
- الجرجاني: دلائل الإعجاز
- ابن سنان الخفاجي: سر الفصاحة
-القرطبي: الجامع لأحكام القرآن
- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية،
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Mar 2009, 01:32 ص]ـ
هل للخلاف في هذه المسألة من ثمرة؟
أرجو أن نجد إجابة شافية.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[29 Mar 2009, 05:34 م]ـ
أخي محب القرآن زادك الله وإيانا للقرآن حباً
أخي مناقشة موضوع تفاضل الآيات ليست أمراً مهماً فحسب بل هو شديد الأهمية أيضاً؛ وذلك لأمور منها:
1 - توضيح ومعرفة معنى قوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) فهذه الآية قد أثبتت هذا التفاضل بين الآيات، وبدون مناقشة هذا الموضوع لا يمكن معرفة تفسيرها، وتفسير القرآن لا يجادل في أهميته أحد.
2 - هذا الأمر متعلق بدراسة أهم الموضوعات وهو موضوع مقاصد القرآن؛ فالآيات منها المباشر في بيان المقصد الأعلى ومنها غير المباشر، وهذا الأمر يترتب حسب المعاني. والمقصد الأعلى من القرآن – كما هو معلوم - هو توحيد الله ومعرفته، وهذا التوحيد هو الذي يصحّح العقائد والتصورات، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي: معرفة ذات الحق وصفاته وأفعاله، وهذه الأقسام الثلاثة - كما ذكر الغزالي - هي زبدة القرآن وقلبه ولبابه وسره، ثم تأتي المقاصد التبعية المتممة لذلك كتعريف الصراط المستقيم وتعريف الحال عند لقاء الله وذكر الحشر والنشر والحساب والميزان النعيم والعذاب وأحوال المؤمنين والجاحدين وحفظ النظام الدنيوي كحفظ النفس وجودا وعدما وحفظ النسل وجودا وعدما وحفظ المال وجودا وعدما وحفظ أسباب المعيشة وضبط السياسات الدينية.
3 - حتى أقرّب الصورة فإن معرفة هذه الأمور كمعرفة الأحكام الفقهية وترتيبها ومعرفة الأولويات فيها، ولا يجادل في أهمية التفريق بين الواجب والمندوب والمباح والمكروه أحد
، ورغم أن هذا الترتيب مهم في معرفة مقاصد القرآن وأهدافه ورغم أن بعض الآيات مباشر في خدمة المقصد الأعلى كسورة الإخلاص التي تتناول لب التوحيد وبعضها غير مباشر كسورة المسد التي تبين حال من تنكب عن التوحيد - إلا أنني أرى أن لكل آية مهمة وثغرة تسدها ولا يغني غيرها عنها
لكل مكان لا يسد اختلاله مكان أخيه من جزوع ومن جلد
هل العين بعد السمع تكفي مكانه أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي
ـ[عصام البشير]ــــــــ[30 Mar 2009, 03:03 م]ـ
ولست أدري هل أثَّروا في الحنابلة في أن يستبدِلوا المذهب الحقّ
في القرآن وهو أنه (كلامُ الله، ولا يوصف بمخلوق لأنه وصف مبتدع) بالقول بأنه
كلام الله غيرُ مخلوق). لأن تقرير أنه غير مخلوق
استلزام غير ملزِم،من سكوت أئمة أهل السنة كأحمد بن نصر وأحمد
ابن حنبل عن قبول وصفه بمخلوق
وهذا من أعاجيب ما حصل في العقائد
بل العجيب حقا أن يقال مثل هذا الكلام، مع كونه خطأ محضا. وذلك من أوجه:
1 - أئمة السلف الصالح مجمعون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق. وقد نقل إجماعهم خلق من المعتنين بالمقالات والمصنفين في العقائد.
2 - كلام الإمام أحمد في التنصيص على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، مشهور جدا. فمن أعجب العجب أن يوصف الإمام أحمد بأنه لم يقرر كونه غير مخلوق.
3 - كلام الإمام أحمد في تبديع بل تكفير الواقفة مشهور أيضا. والواقفة هم الذين يقولون (القرآن كلام الله) ويقفون، فلا بد عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف أن تقول: (غير مخلوق).
4 - هذا الكلام من أئمة السلف، ومناقشتهم المعتزلة فيه، كان قبل أن يوجد الأشاعرة بمدة طويلة.
5 - الأشعري جاء بتثبيت مقالة السلف - والإمام أحمد - خاصة في القرآن. ولذلك قال بقولهم لفظا، وخالف المعتزلة القائلين بأنه مخلوق. ثم افترق المذهب الأشعري في المسألة عن صريح مذهب السلف، عند ابتداع مسألة الكلام النفسي.
فالقول بأن الحنابلة أخذوا هذا من الأشاعرة عجيب عجيب عجيب.
6 - أعتذر عن الخروج على الموضوع الأصلي، لكن رأيت كلاما لا بد من تصويبه.(/)
قراءة الإمام حمزة الزيات رحمه الله. لماذا كره القراءة بها بعض أهل العلم؟!
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[20 Oct 2003, 06:12 ص]ـ
قراءة حمزة .. لماذا كره القراءة بها بعض أهل العلم؟!
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[20 Oct 2003, 09:36 ص]ـ
قد تستفيد من هذا الرابط في ملتقى أهل الحديث:
لماذا كره أحمد القراءة بهذه القراءة السبعية - للأخ صلاح ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=10170) .
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Dec 2003, 06:14 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ أبا خالد السلمي سلمه الله وحفظه
شكر الله لك تفصيلك حول سؤال الأخ الكريم في تعليل كراهة الإمام أحمد لقراءة الإمام المقرئ حمزة بن حبيب بن عمارة الكوفي (ت156هـ) رحمه الله.
وأحب أن أضيف إلى ما تفضلتم به - مشكورين مأجورين - أن الإمام أبا بكر بن مجاهد (324هـ) قد برأ حمزة مما حكي عنه من الأوجه المستبشعة، وأنه كان ينهى عن الإفراط ويأمر بالتوسط في القراءة. وكان يكره التكلف الذي عاب بعضهم قراءته به مما أشرتم إليه في حديثكم.
وقد عزا ابن الجزري رحمه الله الأوجه المستبشعة التي نقلت عن حمزة إلى الرواة الذين أخذوا عنه، وهو رحمه الله كان ينهاهم عن ذلك. وقد قال عبدالله بن صالح العجلي: قرأ أخ لي أكبر مني على حمزة، فجعل يمد- أي يبالغ فيه، فقال له حمزة: لا تفعل، أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قَطَط، وما كان فوق البياض فهو برص، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة؟!!
يقول ابن الجزري في ترجمة حمزة من غاية النهاية 1/ 261: (وأما ما ذكره عن عبدالله بن إدريس وأحمد بن حنبل من كراهة قراءة حمزة، فإن ذلك محمول على قراءة من سمعا منه ناقلاً عن حمزة، وما آفة الأخبار إلا رواتها! وقد كان حمزة يكره هذا التكلف والإفراط، وينهى عنه).
وقد ذكر تلميذ الإمام حمزة وهو محمد بن الهيثم النخعي الكوفي رحمه الله أنه صلى خلف شيخه حمزة صلاة جهرية فكان لا يمد في الصلاة ذلك المد الشديد، ولا يهمز الهمز الشديد. تجد ذلك في ترجمته في غاية النهاية لابن الجزري 2/ 274 فهذا يدلك أن تلميذه كان يعرف ما ينقل عن حمزة من أنه يبالغ في المد والهمز، فأراد أن يبرأه من هذه المقولة.
وفي الختام أعتذر أخي الكريم أبا خالد السلمي عن هذا التطفل مني بين يديكم، ولكن أحببت المشاركة، وأطلب الفائدة والتقويم فحسب، وفقكم الله لكل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jan 2004, 06:57 ص]ـ
وتتميماً للفائدة إن شاء الله حول هذه المسألة. أحببت أن أذكر رأي ابن قتيبة رحمه الله في قراءة حمزة. وأرجو أن يكون مفتاحاً لحوار هادئ، ونقاش نافع، وألا يتخذه بعض من يحبون الإثارة والشغب نافذة للخروج عن جادة الحديث في هذه المسألة العلمية.
وهذا الرأي مشهور عن ابن قتيبة رحمه الله (276هـ) قاله في كتابه النفيس (تأويل مشكل القرآن) ص58 - 61 بعد أن تعرض للحن اللاحنين من القراء المتأخرين، وأن لحنهم في القراءة ليس بمستغرب لأنه قل أن يسلم أحد من اللحن والخطأ، غير أن لحنهم وخطأهم لا يكون حجة على كتاب الله:
(ثم خلف قوم من بعد من أهل الأمصار وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة، ولا علم التكلف، فهفوا في كثير من الحروف وزلوا وقرأوا بالشاذ وأخلّوا.
منهم رجلٌ - يعني حمزة الزيات المقرئ رحمه الله - ستر الله عليه عند العوام بالصلاح، وقربه من القلوب الدينُ.
لم أر فيمن تتبعت وجوه قراءته أكثر تخليطاً، ولا أشد اضطراباً منه، لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره، ثم يؤصل أصلاً ويخالف إلى غيره لغير ما عِلَّةٍ. ويختار في كثير من الحروف ما لامخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة.
هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز، بإفراطه في المد والهمز والإشباع، وإفحاشه في الإضجاع والإدغام، وحمله المتعلمين على المركب الصعب، وتعسيره على الأمة ما يسره الله، وتضييقه ما فسحه.
ومن العجب أنه يُقرئ الناس بهذه المذاهب، ويكره الصلاة بها! ففي أي موضع تستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها؟!
وكان ابن عيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه، أو ائتم بقراءته أن يعيد، ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين منهم بشر بن الحارث وأحمد بن حنبل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد شغف بقراءته عوام الناس وسوقهم، وليس ذلك إلا لما يرونه من مشقتها وصعوبتها، وطول اختلاف المتعلم إلى المقرئ فيها، فإذا رأوه قد اختلف في أم الكتاب عشراً، وفي مائة آية شهراً، وفي السبع الطوال حولا، ورأوه عند قراءته مائل الشدقين، دارَّ الوريدين، راشح الجبينين توهموا أن ذلك لفضيلة في القراءة وحذق بها.
وليس هكذا كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خيار السلف ولا التابعين، ولا القراء العالمين، بل كانت قراءتهم سهلة رَسْلةً، وهكذا نختار لقراء القرآن في أورادهم ومحاريبهم، فأما الغلام الريض والمستأنف للتعلم، فنختار له أن يؤخذ بالتحقيق عليه، من غير إفحاش في مد أو همز أو إدغام، لأن في ذلك تذليلاً للسان، وإطلاقاً من الحبسة، وحلاً للعقدة).
ثم أخذ في سرد أمثلة كثيرة لما وقع فيه بعض القراء من الغلط والوهم.
وفيما نقلته آنفاً عن ابن قتيبة رحمه الله مسائل:
الأولى: أنني لم أورد ما أوردته موافقة لرأي ابن قتيبة، أو مخالفة له، وإنما أوردته من باب اكتمال صورة المسألة لدى طالب العلم عند علماء السلف. ورغبة في الاستفادة من علم أهل الشأن ممن يشاركنا في هذا الملتقى العلمي الكريم كمشايخنا الفضلاء الدكتور محمد الشايع والدكتور إبراهيم الدوسري والدكتور مساعد الطيار والشيخ الفاضل وليد السلمي والدكتور أمين الشنقيطي وغيرهم من أهل الفضل والعلم.
الثانية: أن ابن قتيبة ذكر أن حمزة كان يكره الصلاة بقراءته التي يعلمها الناس، ولست أدري مدى صحة هذا مع ثقتي بنقل ابن قتيبة وصدقه، وربما يستأنس لنقل ابن قتيبة هذا بما تقدم في المشاركة السابقة من قول تلميذ الإمام حمزة وهو محمد بن الهيثم النخعي الكوفي رحمه الله أنه صلى خلف شيخه حمزة صلاة جهرية فكان لا يمد في الصلاة ذلك المد الشديد، ولا يهمز الهمز الشديد. فلعل هذا يؤيد ما ذكره ابن قتيبة مع تحفظي عليه! لأن سفيان الثوري شهد لحمزة بأنه ما قرأ حرفاً إلا بأثر. وقد ذكر الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال أن الإجماع قد انعقد بأخرة على تلقي قراءة حمزة بالقبول، والإنكار على من تكلم فيها، فقد كان من بعض السلف في الصدر الأول فيها مقال. وقد استغرب السيد أحمد صقر رحمه الله من دعوى الإجماع التي ذكرها الذهبي، ومن قول الثوري في تزكية قراءة حمزة، واستغرب سكوت الذهبي عما قاله فيه السلف كيزيد بن هارون وعبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبدالله بن إدريس الأودي وأبو بكر بن عياش، وابن دريد، وحماد بن زيد، والأزدي والساجي.
الثالثة: أن ابن مطرف الكناني في كتابه (القرطين) الذي جمع فيه بين كتابي ابن قتيبة (تأويل مشكل القرآن) و (غريب القرآن) قد تصرف وحذف ما ذكره ابن قتيبة عن حمزة إلى آخر الباب، وقال أنه حذفه (لما فيه من الطعن على حمزة، وكان أورع أهل زمانه، مع خلو باقي الباب من الفائدة). وقد علق عليه السيد أحمد صقر فقال: (وهو قول يدل على عصبية مضلة، وغفلة عن قيمة الحقائق العلمية ... الخ).
الرابعة: أنني لم أر ابن الجزري رحمه الله قد تعرض للمؤاخذات التي ذكرها ابن قتيبة ولا الذهبي على قراءة حمزة رحمه الله، حيث علق الذهبي على قول أبي بكر بن عياش إن قراءة حمزة بدعة بقوله: (يريد ما فيها من المد المفرط، والسكت، وتغيير الهمز في الوقف والإمالة وغير ذلك) واكتفى ابن الجزري بعزوه كراهية بعض الناس لقراءة حمزة إلى الرواة الذين نقلوا عنه بعض الأوجه المستبشعة، وحمزة رحمه الله كان ينهاهم عن ذلك. فما أدري ما تعليق العلماء الكرام المتخصصين معنا في ملتقى أهل التفسير في هذا الرأي الذي ذهب إليه ابن قتيبة والذي ذهب إليه ابن الجزري حول قراءة حمزة؟
آمل أن أقرأ نقاشاً جاداً نافعاً لما تم نقله عن ابن قتيبة، مع التجاوز عن بعض عباراته في وصف ما يعانيه من يتعلم قراءة حمزة ونحوها من العبارات الخارجة عن محل الحديث. وفقكم الله لما يحب ويرضى.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[11 Jan 2004, 08:05 ص]ـ
وما ضر حمزة إن لم تعجب قراءته ابن قتيبة، فهشام لم تعجب قراءته سيدنا عمر من قبل، فليست العبرة من تعجبه ومن لا تعجبه، لكن العبرة بصحة السند لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فلما احتكما لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رضخا للحق، وهكذا الظن بابن قتيبة أو غيره من علماء المسلمين إن صح السند انقطع النقاش وحصل التسليم والإيمان، وقد يعذر المرء قبل ذلك، أما اليوم وقد انعقد الإجماع على صحتها عند جمهور علماء المسلمين فكل ما في الكتب صار تاريخا لا يؤبه به ولا بمن يتمسك به.
كما أننا لا نعرف بالضبط الأحرف التي أنكرها ابن قتيبة هل هي نفس ما نقرأ به لحمزة اليوم
ثم أنه قد يكون كره ما كره الإمام أحمد مما حقق العلماء عدم صحة نسبته لحمزة رحمه الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمر الشامي]ــــــــ[25 Aug 2008, 09:21 ص]ـ
ثم أنه قد يكون كره ما كره الإمام أحمد مما حقق العلماء عدم صحة نسبته لحمزة رحمه الله تعالى.
أين هذا التحقيق؟
ـ[أبو العز النجدي]ــــــــ[13 Sep 2009, 02:59 م]ـ
ومن العجب أنه يُقرئ الناس بهذه المذاهب، ويكره الصلاة بها! ففي أي موضع تستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها؟!
يبدو أن في هذه العبارة سقطاً أوتحريفاً
ـ[صالح عبد القادر]ــــــــ[13 Sep 2009, 08:27 م]ـ
سؤال الأخ مرٌ عليه قرابة ستة أعوام ولا يزال مطروحا!!!!!!!
فلما لا يتفضل مشايخنا الأفاضل وخاصة المختصين منهم في القراءات
بالتوضيح وإثراء ما طرحه الأستاذ الفاضل عبد الرحمن الشهري؟
أم أنٌ هذا الأمر قد تجنبه سيادتهم لعدم جدوى طرحه للعامة وأنه ليس مناسبا
مناقشته ومدارسته على صفحات شبكة المعلومات؟
-----------------نأمل من فضيلتكم إثراء الموضوع بماعلمكم الله أو أرشدونا إلى حيث نلقى الإجابة
ونجد التحقيق في المسألة؟
وحقيق أن يتورع أهل العلم وخاصة الربانيين منهم في مثل هذه المسائل المتعلقة
بكلام الله تعالى جلٌ جلاله، فعذرهم مقبول، وشكر الله لهم صنيعهم فيما أخلصوه لله
ونفعوا به عباده.(/)
أفضل كتب تفسير آيات الأحكام
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 Oct 2003, 05:00 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
س1 ما هي أفضل كتب تفسير لآيات الأحكام
أولا / أفضلها من جهة كل مذهب من المذاهب الأربعة
ثانيا / أفضلها من جهة الاختلاف ـ أو الفقه المقارن ـ
س2 ما تقييمكم لتفسير آيات الأحكام للكيا الهراسي؟
و هل هو جيد لشافعي مثلي؟ و ما أفضل طبعاته و تحقيقاته
مع العلم أن تفسير الشافعي إنما هو من جمع البيهقي و قد قصد منه جمع مرويات الشافعي دون ذات التفسير، فيصح اعتماده كمرجع لمرويات الإمام، لا كدراسة مستقصية
و لا يخفى عليكم عدم جدوى الاعتماد على الكتابين المعاصرين (السايس) و (روائع البيان للصابوني) لعدم إحاطتهما بالأقوال، و عدم العمق الاستنباطي
أرجو الإفادة و جزاكم الله تعالى عنا و عن المستفيد خير الجزاء
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 Oct 2003, 05:42 م]ـ
الحمد لله
ـ[احمد محمود ريان]ــــــــ[25 Apr 2009, 12:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم جزءا كتاب تفسير ايات الاحكام(/)
إتقان البرهان في علوم القرأن ماذا تعرف عنه؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Oct 2003, 03:54 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
أحبتي في الله.
هذا سؤال عن كتاب " إتقان البرهان في علوم القرآن " لمؤلفه / فضل حسن عباس
ويقع في جزئين.
ومن خلال تتبعي للكتاب يظهر والعلم عند الله أن صاحبه على نهج الأشاعرة!
إلى غير ذلك من الأغلوطات التي موجوده في الكتاب.
فالسؤال هل وقف أحدٌ على الكتاب، أو علم شئياً عن مؤلفه، سيما أنه دكتور في الجامعة الأردنية.
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Oct 2003, 04:36 م]ـ
بسم الله
لقد قرأت الكتاب، وطالعته مراراً، وهو في الجملة كتاب جيد إلا أني الآن لا أستطيع تفصيل الجواب عن سؤالك فلعلك تنتظر قليلاً حتى أتفرغ للجواب.
والله المستعان.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Oct 2003, 11:05 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
الأخ الفاضل الشيخ / أبو مجاهد العبيدي نفع الله به
سعدت بمرورك نفع الله بكم.
واتمنى لو تأتون بشي من التفصيل نوعاً ما.
أو الإشارة إلى مواضع خالف فيها المؤلف ولنا إكمال البحث في مناقشتها.
وجزاكم الله خيراً
محبكم
أبو العالية
عفا الله
ـ[أبو العالية]ــــــــ[28 Oct 2003, 12:22 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
الكتاب سوف يطبع، وقد علمت من ممن هو بحاجة لمراجعته أن ينتظر أراء ونصائح حول الكتاب ليعيد طباعته بعيداً عن الأخطاء.
فهل من مفيد وناصح يحتسب الأجر في ذلك.
والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 Nov 2003, 06:47 ص]ـ
بسم الله
يا أخي أبا العالية وفقك الله
شكر الله لك حرصك على النصح للمسلمين ولطلبة العلم خصوصاً.
قلت سابقاً: إني قد طالعت الكتاب قديماً، وذلك أول ما نزل فوجدته كتاباً جيداً - ولا يسلم من أخطاء كغيره من كتب البشر -.
وأنا الآن أتصفحه بين الحين والآخر لضيق وقتي، ولكني والحق يقال رأيته من أحسن كتب علوم القرآن التي تمتاز بالتحرير ومناقشة الأقوال بتجرد وموضوعية.
والكاتب يمتاز بحرصه على أن لا يقبل قولاً إلا بدليل واضح وحجة قوية، وهو يناقش كثيراً من الأقوال المبثوثة في كتب علوم القرآن بهذا المنهج فلا يرتضي كثيراً منها.
ومن أمثلة ذلك: ذهابه إلى أنه لا يثبت دليل صحيح صريح على أن الكتب السابقة نزلت دفعة واحدة.
ويمتاز أيضاً ببيانه لقيمة المسألة، وأنها قد تكون من المسائل التي يكون الخلاف فيها سهلاً عندما لا يبنى عليه أثر.
وأعجبني كثيراً تحريره للأقوال الواردة في مبحث: أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل.
وبالجملة، فالكتاب جدير بالقراءة، وهو في نظري من أفضل ما كتب في علوم القرآن من تصانيف المتأخرين.
وأما ما أشرت إليه من كون الكتاب سيطبع مرة أخرى، وطلبك بيان ما فيه من ملاحظات فيعز علي عدم القيام به لأني لا أستطيع ذلك الآن. وأسأل الله أن يهيء له من يقرأه قراءة فاحصة ليبين ما فيه من هنات لتصوب.
ولعل من خير من يقوم بهذا الشيخ مساعد الطيار وفقه الله، فله تميز واضح في القراءات الفاحصة لكتب أهل العلم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[06 Nov 2003, 01:23 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
الأخ الكريم الشيخ / أبو مجاهد العبيدي وفقه الله
سعدت جزاك الله خيراً بردك الطيب.
نعم أخي الفاضل هو كما ذكرت، وأخيك على قلة البضاعة أشبه ما يكون قد عكف عليه قراءة وتصحيحاً ومناقشة.
وقد ذكرت هذا لمن هو معتني بالتصحيح فكان يشكر هذا ويثني عليه ولله الحمد
وكما ذكرت أخي فإنه به كما في غيره من الكتب من المخالفات التي خالف فيها أهل السنة غيرهم.
كمسألة نزول القراءة واختياره أنه مجازي على الإعلام!!
ومعلوم أن هذا مخالف لمعتقد أهل السنة والجماعة الذين يثبتون النزول الحقيقي لكلام رب العالمين. وغيرها
ولعل إن سنحت لي فرصة أن أثبت بعض مناقب هذا الكتاب وبعض المآخذ عليه، ولتكون كالمدارسة لنا بين أحبتنا وعلمائنا وفقهم الله.
ولكن أحببت أن أعرف وأتزود مما علمه أحبتي الفضلاء في هذا الباب.
ومرة اخرى اخي الشيخ جزاك الله خيراً.
والله أعلم
محبكم
أبوالعالية
عفا الله عنه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Nov 2003, 12:20 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه بعض النقاط حول الكتاب، وقد بين أخي أبو مجاهد الكثير وفقه الله وأنتم كذلك.
كتاب (إتقان البرهان في علوم القرآن) كتاب قيِّم، كتبه الأستاذ الدكتور فضل حسن عباس الأستاذ بالجامعة الأردنية. وقد أخذ عنوان الكتاب من مجموع كتابين سابقين شهيرين في علوم القرآن. الأول للزركشي وهو (البرهان في علوم القرآن)، والثاني للسيوطي وهو (الإتقان في علوم القرآن).
والكتاب يقع في مجلدين، طبعته دار الفرقان في عمَّان الأردن، وعدد صفحاته 980 صفحة. وعدد فصوله ثمانية عشر فصلاً. وقد نقل ما كتبه السابقون مع الموازنة والترجيح في أحيان كثيرة، مما يدل على علمه وفقه الله بما يكتب، وحضور شخصيته العلمية في كتابه هذا. وقد أورد في كتابه هذا شبهات المستشرقين وفندها في كثير من أبواب الكتاب وخاصة باب الوحي، ونزول القرآن،وجمع القرآن، وترجمة القرآن وغيرها. وأعتبر الكتاب متميزاً بهذا الجانب على غيره من كتب علوم القرآن. وللمؤلف كتاب آخر جيد في بابه هو كتاب (قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية) ناقش فيها أباطيل كثيرة وردت في مادة (قرآن) في الموسوعة البريطانية، أوردها المستشرقون وتلاميذهم، وأنصح بالعودة إلى هذا الكتاب النفيس.
ومن الجديد في الكتاب حديثه في آخره عن شبهات المستشرقين المشهورين دي بور، ودوزي، وفنسنك.
كما كتب عن ثلاثة من دعاة الحداثة ورموز العلمانية من العرب وهم نصر حامد أبو زيد، ومحمد شحرور، ومحمد أركون. وقل أن تجد من كتب في علوم القرآن مناقشة شبهات هؤلاء وخاصة الثلاثة المتأخرين وأمثالهم فما أكثرها وأخبثها!
فالكتاب ثمين، ويستحق المدارسة، والملاحظة التي يمكن أن ينصح بها هو إعادة طبع الكتاب طبعة جيدة غير الطبعة الأولى، وذلك بسبب رداءة الحروف، وأرجو أن يكون ذلك من أسباب إعادة طبع الكتاب،، حيث يتعب القارئ فيه، مقارنة بما جد في عالم الطباعة من الجودة والإتقان.
أسأل الله أن يوفق الدكتور فضل حسن عباس لما يحب ويرضى، وأن يبارك في جهوده في خدمة القرآن وبلاغته.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[10 Dec 2003, 10:31 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
سبق أن نوهت على مدارسة هذا الكتاب الرائع.ولعلي أقول هنا بما أن المدارسة حاصلة فلعلها تكون بذكر النفائس التي في الكتاب وبعض ما يجاب عليه. وما هذا والله إلا نصحاً للأمة. ثم بعد هذا نصحاً لمؤلفه وفقه الله وأكرمه.
ولنا وصل إليه إن شاء الله.
ولعل المدارسة القادمة تكون في بدابة ما ذكره وفقه الله ونفع به حول " جهود العلماء في علوم القرآن " وذكر بعض المؤلفات في هذا.
لذا اود من الإخوة الفضلاء والمشايخ النبلاء الحرص على المشاركة في بعض هذه الوقفات سيما أن الكتاب سيعاد طبعه.
والله أعلم
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[15 Jan 2008, 04:13 م]ـ
الكتاب الآن تحت الطبع طبعة جديدة
فقد نفدت من الأسواق جميع نسخ الطبعات السابقة
ولعلها من طباعة دار عمار للنشر والتوزيع أو دار الفرقان
والمؤلف عالم نحرير مدقق، وهو أشعري العقيدة غفر الله له وهداه.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[15 Jan 2008, 06:42 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
هذا كلام قد قلته قديماً.
ثم درست الكتاب أكثر من مرة، ودرسته أثناء المرحلة الجامعية الأولى، وبعدها.
وكنت أنتفع، وأناقش وأحرر فيه كثيراً، فلما رغب الدكتور فضل بإعادة طبعه رغب بمن لديه مزيد فائدة أو ملحوظة أن يدفعها إليه (وطلب ذلك شخصياً)
وقد تم ذلك؛ فكتب له بعض طلبة العلم، وأرسلت ما لدي من أوراق، وتعليقات على نسخة تلميذه الدكتور جمال، حتى تخرج نسخة متقنة إن شاء الله.
وأرجوا الله أن يكون هذا الأمر مما يأخذه الدكتور فضل بعين الاعتبار، وأن ينتصر للحق لا لغيره.
هذا وقد دام هذا الأمر أكثر من ثلاث سنوات، وكل مرة يُقال:
الشيخ ينظر فيه.
شغَّال فيه
والعجب، أن بعض الكتب الجديدة تخرج للشيخ؛ فليته يعتني به بمزيد عناية، وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح وتحرير.
وأما عن صدور الكتاب فسيخرج عن دار النفائس إذ المجلد الأول عندهم لا زال يحرر ويحتاج وقت (أشهر)
لذا أقول:
بما أني كنت قد بدأت بالحديث عن الكتاب؛ فليغفل الأمر _ تكرماً _ الآن حتى يتم خروج الكتاب (وظني أنه يحتاج أقل شيء إلى سنة إن لم تزد) وبعد خروجه يكون لكل حدث حديث.
والسلام
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[16 Jan 2008, 08:51 م]ـ
إخوتي الكرام قد قمت بمراسلة دار النفائس / الأردن
بخصوص الطبعة الجديدة من الكتاب وكان هذا ردهم علي ّ:
وعليكم السلام
أخي الكريم
كتاب اتقان البرهان في علوم القرآن في الصف والطباعة بعد أن أعاد الشيخ فضل النظر في بعض أجزائه، وإن شاء الله سيكون في السوق خلال ثلاث أشهر.
وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 May 2009, 08:17 م]ـ
ما أخبار الكتاب يا أبا العالية ويا أبا معاذ بارك الله فيكما، فقد طال العهد بهذا الخبر ولم نر شيئاً بعدُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[07 May 2009, 08:42 ص]ـ
عجّل الله بخروج هذا الكتاب، وأطال عمر صاحبه، ومتّع به، وبعلمه نفع، وبعد:
فالأستاذ الدكتور العلّامة فضل عباس ليس شيخ الشام في التفسير فحسب؛ بل هو شيخ مشايخ الشام، وأستاذ علمائها في التفسير، وقد سمعت بأذني من بعض أهل العلم أن الشيخ حفظه الله من أعلم أهل الأرض بالتفسير الآن، أمّا ما رأيته وعايشته - وانا تلميذ الدكتور فضل في مرحلتي البكالوريوس والماجستير - فأعظم من أن يوصف، وسبحان من علّمه؛ إذا تكلّم كأنه يغترف من بحر مديد، وكأنما يأوي إلى ركن شديد.
وأستاذنا أطال الله بقاءه بالصّحّة والعافية جاوز الخامسة والسبعين، وقد أجريت له عمليات جراحية أخيراً، وهذا سبب التأخّر - أيّها الحبيب - في إنجاز ما ترومه منه، إضافة إلى مؤلفات عديدة، نسأل الله أن ييسّر للشيخ إخراجها.
ثم إنني لم أجد بعض ما تكلّمت به - أبا العالية - غير لائقٍ بالشيخ، ولا بعلمه ومكانته، وليس ذلك تقديساً للشيخ، وإنما "رحم الله امرأً عرف قدر نفسه"، ولا إخالك - أي أُخيَّ - إلّا طويلب علمٍ - مثلي - كما يظهر من أخطائك النحوية، وإذا كان الأمر كذلك - وعذراً إن لم يكن - فالكلام الذي تفضّلت به في سياق "تصحيح وتنقيح" ما ورد في الكتاب، والكلام عمّا فيه من "الأغلوطات"، كما بيّنتَ لنا في كلامك الأوّل لا يصحّ منك بحال، ولا هو يُقبل!
ولست أخطّئ إبداء الملاحظات على بعض ما ورد في الكتاب، أو أرفعه عن حيّز النقد، فكلّ يؤخذ منه ويُردّ، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلّم، إلا أنني لا أرى موارد الإبل من حيث أتيتها.
حبّذا لو أعدتَ قراءة مداخلاتك مرّة أخرى، حتى يبدوَ لك ما بدا لي، أسأل الله أن يغفر للجميع، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[07 May 2009, 11:43 ص]ـ
سمعت أن للشيخ تفسير صوتي مسجل بإذاعة المملكة الأردنية الهاشمية فهل من سبيل إليه؟
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[08 May 2009, 08:22 ص]ـ
الأخ (أبو صفوت) حفظه من كلّ سوء
السلام عليكم
نعم يوجد للشيخ تفسير صوتي وقد أعادت الإذاعة الأردنية الدينية بثه مرّة أخرى
أمّا الحصول عليه فالأفضل مراسلة تلميذه الشيخ (جمال أبو حسان) أحد أعضاء هذا الملتقى.
وهو الآن يقوم حاليا بتسجيل حلقات جديدة عبر إذاعة (حياة إف أم) الأردنية، نسأل الله تعالى أن يتمّها على خير وأن ينفع بها
والسلام عليكم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[09 May 2009, 06:21 م]ـ
الكتاب المشار اليه هو الان تحت المراجعة النهائية وليس تاخير الكتاب من الشيخ وانما كنت انا السبب في هذا فقد وكل الي اكرمه الله ان اقراه من جديد بعيون غير عيوني ففعلت واخذت الملاحظات التي وردتني ممن ارسل او تفضل بذلك فعمدت الى الكتاب فقراته حرفا حرفا ووضعت الملاحظات التي عندي على كل صفحات الكتاب ثم ذهبت الى مولانا العلامة فقراتها عليه كلمة كلمة فاقر كثيرا ونازع في كثير ثم ارسلت الكتاب للطباعة من جديد فطبع بحلة جديدة واضيف اليه فصول كثيرة تقارب عشرين فصلا ثم رجع الكتاب الي فقراته مرة اخرى واعدت النظر فيما بقي من ملاحظات لم يوافق عليها واخترت كثيرا منها ثم رجعت الى الشيخ حفظه الله فاقر شيئا وامتنع من آخرثم ارسلت الكتاب للطباعة واصررت على ان يرجع الي مرة ثالثة وهو الان بين يدي اعيد النظر فيه مرة اخرى وما بقي الا اقل القليل وسيخرج هذا الكتاب بعون الله فتحا جديدا في علوم القران
واما ما يتعلق بالملاحظات فحيهلا من جهتي انا ومن جهة استاذي غير اننا وان رضينا بالملاحظات فليس يجب علينا ان نسير وراء اصحابها اذا كانت لدينا قناعة بغير ما عندهم وبالخصوص فيما يتعلق بموضوع الاشاعرة فانني وان كنت لا ارى جواز ان ينشغل الناس بما يفرق جماعتهم فاني لا ارى ان كل ما عند الاشاعرة خطا يجب تركه والمسالة قابلة للاخذ والرد واني لارجو ان لا يتهور بعض الافاضل فيلمزوا الشيخ لترجيحه بعض اقوال الاشاعرة فليس كل ما عند من يسمون بالسلفيين مقبول والمسالة في نظري قابلة للاخذ والرد والاعتماد على الادلة لا على تصورات المتجادلين.
وانني من هذا المنبر اتقدم بالشكر الجزيل لاخينا ابي العالية الذي بذل مجهودا لاباس به في قراءة الكتاب والتعليق عليه وله مني نسخة خالصة خاصة باهداء الشيخ له اياها ثناء على جهوده.
لكني ارجو منه ان يتخلص من بعض ما عنده من حدة في النقد
وفقنا الله واياه وسائر الاخوة لما يحبه ويرضاه
وجمعنا جميعا في مستقر رحمته
ـ[محمد براء]ــــــــ[10 May 2009, 11:45 ص]ـ
كانت لدي ملاحظة حول استشهاد الشيخ حفظه الله بكلام البقاعي في تعدد النزول:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12636
ـ[محمد براء]ــــــــ[10 May 2009, 11:09 م]ـ
وبالخصوص فيما يتعلق بموضوع الاشاعرة فانني وان كنت لا ارى جواز ان ينشغل الناس بما يفرق جماعتهم فاني لا ارى ان كل ما عند الاشاعرة خطا يجب تركه والمسالة قابلة للاخذ والرد واني لارجو ان لا يتهور بعض الافاضل فيلمزوا الشيخ لترجيحه بعض اقوال الاشاعرة فليس كل ما عند من يسمون بالسلفيين مقبول والمسالة في نظري قابلة للاخذ والرد والاعتماد على الادلة لا على تصورات المتجادلين.
أولا: قرأت معظم الكتاب ولم أجد لعقيدة الأشعرية تأثيراً إلا في مسألة نزول القرآن، فلا داعي لتضخيم الأمر.
ثانيا: من الغريب أن يتكلم الدكتور جمال أبو حسان عن تفرقة الجماعة وقد قدم لكتاب يبدع صاحبه شيخ الإسلام ابن تيمية، ويثني على هذا الكتاب ثناء بالغاً.
وقد قال الدكتور في موضع آخر في هذا الملتقى أنه لم يجد رداً موضوعياً عليه بل وجد عصبية حمراء، فلعل في هذا الرابط فائدة: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=172640
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 May 2009, 10:47 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
بخصوص المشاركة القديمة هذه أقول:
بخصوصما ذكره الأخ الفاضل / رأفت وفقه الله.
1_ قوله وفقه الله: (ليس شيخ الشام في التفسير فحسب؛ بل هو شيخ مشايخ الشام، وأستاذ علمائها في التفسير، وقد سمعت بأذني من بعض أهل العلم أن الشيخ حفظه الله من أعلم أهل الأرض بالتفسير الآن)
أعتقد أنها دعوة عريضة فجَّة! وتحكم عجيب غريب! كان الأولى أن تنزه نفسك عنه بارك الله فيك، وليتك تراجع باباً في البخاري: باب لا يقال أيهما أعلم (قريب من هذا)
ولو عُرضت هذه القولة المنكرة على الشيخ فضل لنقضها بنفسه؛ فحنانيك بارك الله فيك، فليس التعصب للأشخاص مهما ارتفعت مكانتهم أن نرفعهم على علماء آخرين.
وهل استقرأ الناقل علماء الشام فضلاً عن علماء الأرض حتى يصح قوله؟
إنها دعوة لنقض التعميم بدون برهان أو دليل.
ولكن كما قيل: قول بدون جمرك؟ فحدِّث ولا حرج؟
سامحك الله يا أستاذ رأفت، فهلا ترأفت بالقارئين.
2_ ما ذكرته عن الشيخ، أتمنى لو شاركتنا في مجالس الدكتوراه لترى ما الله به عليم، والذي حتماً سيغير قولك لو كنت منصفاً وأرجو ذلك.
وأهل القرآن يجب أن يكون تخلقهم بأخلاقه حملته، وإلا فلا الرواية ولا الدراية بنافعة مالم يمتثل خلق القرآن، وفهمك كاف بارك الله فيك.
فمن يده تحت السوط ليس كمن ....
وأمر الجميع إلى الله.
3_ بخصوص الملاحظات:
كل عالم ننتفع منه فعلى العين والرأس يجب أخذ قوله بحب واحترام؛ لأنه وافق الحق وأحببنا ذلك منه، وما ننقله نعزوه لأهل الفضل حتى يبارك الله تعالى في ما نتعلم.
بخلاف من تزعم أقوالا، ويدعي أنها من بنيات الأفكار الخاصة!
وإني أعيذ نفسي وإياك من أن نكون منهم
وأما ما يكون فيه نظر أو بعض نظر، فالحق أحق أن يتبع، ووالله إني أظن أن من النصح للشيوخ من تلامذتهم هو تذكيرهم بين فترة وأخرى ما جانبوا الصواب فيه لا المجالمة والمصانعة كما هو حال كثير من طلابه، وأثمن جهد أستاذنا الدكتور جمال في صدق نصحه وصحة تتلمذه للشيخ فضل؛ فهكذا ينبغي أن يكون التلميذ مع شيخه صادقاً ناصحاًَ لا مجاملاً مصانعاً.
ومن هنا، تركت المواصلة في الموضوع لتوجهي نحو الطريق الصحيح في من يعنيه التنبيه وتوصيلها له أولى، ويكفي أنها لا قت قبولاً واستحسناناً، وهو بالخيار فيما يراه مناسباً من غيره؛ فالكتاب ملك له لا لغيره، وما يعبر عنه فهو تابع له.
وبخصوص ما ذكره أستاذنا الدكتور جمال جمله الله بما أحب:
يعلم الله أننا لا نتكلف النقد ولا الحدة في ذلك ولكن هو من باب حبنا أن يرشد للحق ويدلل له وبذل الوسع في تبيانه. وما يراه من حده يراه غيره طبيعياً ولكل وجهة!
ووالله إني أحسب هذا من صدق الطلب والنصح لمن أفادة، والحمد لله أنها لاتخرج عن الأدب كما الشيخ يعلم، ولكنها نصائح محب وأخ صادق.
وما على الناقد أياً كان إلا لفت النظر وتقريب الشواهد والبراهين لصحة القول في المسائل، وبعدها معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون.
وكل يأخذ ما يظنه الصواب ولكن مدعماً بالدليل والبرهان لا بالتقليد والجمود.
هذا باختصار.
وبخصوص الكتاب فلعله قريباً في الأشهر القامة الثلاثة يرى النور، وجزى الله أستاذنا خيراً.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[محمد ليث]ــــــــ[11 May 2009, 11:33 ص]ـ
لا اعرف ما هو سبب الغمز واللمز الذي نشمه من كلام الأخ الكريم أبي العالية، ولكني قد تتبعت بعض مشاركاته، فرأيت تحاملاً واضحاً على الشيخ العلامة فضل عباس، فإن كان هناك ثمة أخطاء في كتابه فهو بشر، يؤخذ منه ويردّ، ولم يدّعِ العصمة ولم ينسبها إليه أحد، وإن كان الأخ صادقاً في نصيحته، فعليه بإسرارها إلى الشيخ، كما تدارك على نفسه في مشاركته الأخيرة، لا أن يلمح بكلام لا يليق ويدع العقل يخمن ويتوقع ما يريد.
أخي العزيز، أقول هذا من باب النصحية لا أكثر، فأنا لا أعرف الشيخ الفاضل معرفة شخصية، لكني أعرفه من خلال كتبه، وما رأيت في كتبه إلا علماً غزيراً وأسلوباً رائعاً.
فتجمّل بأخلاق طالب العلم حفظك الله، ودع عنك هذا الأسلوب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وتذكر بأن لحوم العلماء مسمومة.
وفقك الله وهداك إلى سواء السبيل.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[11 May 2009, 07:43 م]ـ
أخي أبا العالية، حفظك الله ورعاك ..
ليس المقام بمقامِ مراءٍ نتبارى فيه في إلقام الحجارة، وليس هو مقاماً علمياً تدورُ عليه رحى الكلام، ولا في مسألة علميّة نتنازع فهوم أدلّتها.
وإنّني يا أُخيّ لم أُنكر عليك إبداء الملاحظات، ولا التّنبيه على - ما تراه - مرجوحاً من كلام الشيخ حفظه الله، وكلامي في ذلك واضح، إلّا أن الذي أنكرته عليك شيءٌ من التجاوز في التّعبير عن ذلك - والكلام مسطورٌ ثمّة، فراجعه.
أمَا وإني قد درست على الشيخ سنواتٍ طويلةً تربو على السبع قبل فترة ليست بالقصيرة، وقد عرفته أيامها عن قرب، ولم أزعم يوماً عصمة الشيخ، إلّا أن ثمّة فرقاً بين احترام العلماء وحفظ مكانتهم من جهة، وبين ادّعاء عصمتهم من جهةٍ أخرى، كما أنّ ثمة فرقاً بين نقد أقوالهم وبيان الراجح من المرجوح منها من جهة، والتطاول عليهم من جهةٍ أخرى.
ولعلّ أحدهم لو اعتبر قولَ الشافعيّ مرجوحاً في مسألةٍ من المسائلِ لَمَا أنكرَ عليه أحد، لكنّه لو انتقص من قدره وعرّض به في طيات الكلام لوجد ألف ألف منكرٍ ومنتقد، وشتّان بين المقامين.
أمّا ما نقلته عن مشيخة الشيخ، فليس ذلك بدعوى لا تعضدها الأدلّة، ولا هي بفجّةٍ - غفر الله لك - ولا عريضة، إلّا بالمقدار الذي يشهد به كلّ ذي بصر.
وقد درسنا في الجامعة الأردنية: مرحلتي البكالوريوس والماجستير، ومن درّسنا من الأفاضل أكثرهم من تلاميذ الدكتور فضل عباس، ولا داعي لتعديد الأسماء، فشهرتهم كافية عن ذكرهم.
والكلام الذي نقدتَه من منقولي في أنّ الشيخ أعلم أهل الأرض بالتفسير الآن، فليس من قولي، وقد ذكرت أنني سمعته من بعض أهل العلم، وإن كنت لا أستبعده، والله أعلم بذلك، وقد انتهى كلامي في هذه المسألة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[13 May 2009, 10:09 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أخي الكريم رأفت وفقه الله لكل خير
لا أظن أني وإياك على اختلاف في المضمون والهدف والمقصد بشكل عام.
وقولي السابق ظاهر بارك الله فيك فيما ينبغي أن يُحمل عليه تجاة الدكتور فضل أو غيره. (وليس كما يزعم القائل غمز ولمز ... وتدارك .. فالله حسيبه)
وإنما النكران لتلك القولة الغريبة العجيبة، وإن كنا نسلم بكبير علم الشيخ وكثير جهده ونفع الله به الإسلام والمسلمين
وسل أقرب التلاميذ تجد صحة التقييد.
ختاماً .. ما وددت أن أعلق على الموضوع بعد سنوات، لو لا أن أثيرت بعض الملاحظات.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
والسلام(/)
(مثالان) هل يصح التمثيل بهما في اختلاف الفقهاء بسبب اختلاف القراءات؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 Oct 2003, 07:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته د
مشايخي الكرام، أدرس في كلية الشريعة بجامعة الأزهر مادة تسمى بـ (البحث الفقهي) في مقدمة الكتاب ذكر المؤلف ثمانية أسباب من أسباب اختلاف الفقهاء، و كان أول هذه الأسباب [اختلاف القراءات] ثم ذكر مثالين على ذلك، في كل منهما نظر في رأيي، و أنا سأذكر المثالين ـ إن شاء الله تعالى ـ ثم على مشايخي الكرام أن يقوموا لي هذا النظر من حيث الإصابة و الخطأ.
المثال الأول: قراءة الجر في آية الوضوء
حيث ذهب إلى أن اختلاف القراءة بين الجر و النصب كان سببا في اختلاف الفقهاء في فرض القدين في الوضوء بين المسح و الغسل.
محل النظر / أن فقهاء أهل السنة أجمعوا على أن القدمين فرضهما الغسل في حالة الكشف أو اللبس على غير طهارة، و لم يخالف في ذلك إلا الشيعة، فكيف أورد هذا المثال على كونه من أمثلة اختلاف الفقهاء، و الهدف الرئيس من دراسة هذا الباب هو الاعتذار عن سادتنا الفقهاء و أن يتعلم الطالب التبسط في الأمور المختلف فيها فلا يحمل على مخالفه و يحمل عذره على أحد الأسباب المدروسة، فكيف يورد مثل هذا المثال رغم كون مسح القدمين في الوضوء من سمات الشيعة ـ قاتلهم الله ـ و شعائرهم؟!!
المثال الثاني: قراءة ابن مسعود (ثلاثة أيام متتابعات) فذهب الحنفية إلى اشتراط التتابع في صيام الكفارة بناءا علىهذه القراءة.
محل النظر / هل هذه قراءة حتى يذكرها ممثلا للمسألة؟
الذي أعرفه و درسته أن مثل هذه الزيادة إنما هي من مصحف ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عن جميع الصحابة ـ و أن ومصاحف الصحابة لم تكن قرءانا بالمعنى المعهود، فقد كان منهم من يكتب الآية بالمعنى، أو يإضافة كلمة توضيحا للمعنى وما إلى ذلك، فيكون استشهاد الحنفية بما في المصحف الخاص بابن مسعود إنما هو استشهاد بفهم الصحابي لا بقراءة من القراءات، فكيف يصح التمثيل بالمسألة؟!!
أطلب في ذلك التقويم لا غير
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Oct 2003, 11:15 م]ـ
بسم الله
أخي محمد زادك الله علماً وتوفيقاً
أسئلتك تدل على أنك طالب علم تحرص على التدقيق والتحقيق، ونحن نتابعها باستمرار، إلا أنا نلتمس منك ومن غيرك من الأخوة العذر؛ لأننا - معشر المشرفين - مشغولون جداً هذه الأيام ببحوث الدكتوراه.
وعلى كلٍ، فوجهت نظرك حيال المثالين الذين ذكرتهما له حظ من النظر، ولعل وجهة نظر من أورده تختلف.
ولك أن ترجع إلى كتاب جيد له صلة بما سألت عنه، وهو كتاب: أثر القراءات في الفقه الإسلامي للدكتور صبري عبدالرءوف محمد عبدالقوي.
وقد ذكر المثالين الذين سألت عنهما، وبين سبب خلاف الفقهاء في دلالة الآية حسب كل قراءة.
فإن أشكل عليك شيء بعد قراءة هذا الكتاب فلك أن تسأل.
والله يتولانا وإياك.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Oct 2003, 11:49 م]ـ
أين أجد الكتاب شيخنا الكريم الفاضل؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Oct 2003, 11:34 م]ـ
بسم الله
أخي محمد يوسف
الكتاب من طباعة أضواء السلف - الرياض - هاتف: 0096612321045 جوال: 0096655494385
ومورعهم المعتمد في دولة مصر: دار السلام - القاهرة - هاتف: 02741578(/)
هل من يوجز عن التفسير التحليلي
ـ[عبدالمجيد]ــــــــ[21 Oct 2003, 10:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسمع كثيرا عن التفسير التحليلي فما هو ومتى نشأته، وأي الكتب مظنته، وما مرتبته العلمية،
أن المشاركة بأي معلومة.
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Oct 2003, 01:26 م]ـ
الأخ الفاضل عبد المجيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإنَّ مصطلح التفسير التحليلي مصطلح معاصر، وهو تقسيم فنِّيٌ لكتب التفسير، وليس له ثمرة كبيرة، وأول من رأيته قسَّم التفسير إلى أنواع من هذا القبيل الدكتور أحمد جمال العمري، فقد قال في كتابه (دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني)، ولا أعرف هل سبق أم لا؟
وقد ذكر ثلاثة ألوان:
اللون الأول: التفسير التحليلي.
اللون الثاني: التفسير الإجمالي.
اللون الثالث: التفسير الموضوعي.
وقد زاد الأستاذ الدكتور فهد الرومي في كتابه (بحوث في أصول التفسير ومناهجه) لونًا رابعًا، وهو التفسير المقارن.
وأرى أنَّ هذه التقسيمات لا جدوى منها، فهي تقسيمات فنيَّة، ولا يكاد يخلو منها تفسير من التفاسير المطوَّلة ـ عدا التفيسير الموضوعي الذي هو وليد هذا العصر ـ وحينما يوصف كتاب بأنه سلك الأسلوب التحليلي أو الأسلوب الإجمالي أو الأسلوب المقارن، فما الفائدة من ذلك؟
ولو قُسِّمت التفاسير على هذا لكانت نسبة التفسير التحليلي 99%.
والمراد بالتفسير التحليلي: ان يعمد المفسر إلى تفسير الآيات حسب ترتيبها في السورة، ويذكر ما فيها من معانٍ وأقوال وإعراب وبلاغة وأحكامٍ وغيرها مما يعتني به المفسرُّ، وهذا هو الأسلوب الذي سارت عليه التفاسير إلى وقتنا الحاضر، ولا زالت العلماء تصدر تفسيراتها على هذا الأسلوب، والله الموفق.
ـ[عبدالمجيد]ــــــــ[23 Oct 2003, 02:24 م]ـ
شكرا لك يا شيخ مساعد على ما قدمت(/)
هل أنكر ابن جرير قراءة متواترة أو ردَّها؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Oct 2003, 02:13 ص]ـ
هل أنكر ابن جرير قراءة متواترة أو ردَّها؟
الحمد لله القائل: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه الغرِّ الميامين، وعلى تابعيهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنَّ هذا الموضوع كان مما يشغلني منذ زمن، وكنت كلما أردت الكتابة فيه صرفتني عنه صوارف، وقد رأيت أنه لابدَّ من الإشارة التي تغني عن العبارة، وأنه لابدَّ من الذبِّ عن هذا الإمام العظيم الذي لا أدَّعي له العصمة ـ كلا وحاشا ـ وإنما المراد بيان منهجه الذي سار عليه في نقد القراءة، والذي لم يكن بدعًا فيه.
وهنا يحسن التنبيه على أمرين غير متلازمين، وهما:
الأول: احترام العالم وطريقته العلمية ورأيه الذي يذهب إليه.
والثاني: ردُّ رأيه إذا كان مخالفًا للصواب.
فالأولى لا يلزم منها قبول كلِّ رأي يصدر عنه، والثانية لا يلزم منها عدم احترامه وتقديره.
والمقصود هنا أنَّ المسلم مأمور باتباع الحقِّ لا الرجال، فإذا ظهر له أنَّ الحقَّ ليس مع هذا العالم بل مع غيره لزمه اتباع الحقِّ.
وقد تكوَّنت عندي خلال دراسة هذا الموضوع = أفكار في موضوع تواتر القراءات وما يتعلق بكتبها وتاريخها، وكذا موضوع القراءات عند الطبري، ولعل الله يعينني على إتمام تحريرها، وعرضها من خلال هذا الملتقى المبارك أو من خلال كتاب يجمع أشتات تلك المسائل، والله الموفق.
وأعود إلى أصل المسألة فأقول:
هل أنكر ابن جرير قراءة متواترة أو ردَّها؟
إنَّ الجواب عن هذا السؤال يلزم من البحث في أمرين:
الأول: مفهوم التواتر، وهذا يحتاج إلى بحث مستفيضٍ مستقلٍّ؛ لأنه قد أصابه غبشٌ وعدمُ وضوحٍ، فالتواتر في كل علم يختلف، ولا تكاد تجدُ هذه العبارة في كتب السابقين، وإنما تجد عندهم: (قراءة العامة / القراءة المستفيضة / القراءة المشهورة / قراءة قراء الأمصار) وغيرها من المصطلحات التي تدلُّ على شيوع القراءة وانتشارها، أمَّا لفظ التواتر فلم أقف عليه عند من قبل الطبري (ت: 310)، ولا عند ابن مجاهد (ت: 324) الذي سبَّع السبعة، ولا عند الداني (ت: 444) في كتابه التيسير، الذي اعتمده الشاطبي (ت: 590) ونَظَمَهُ في قصيدته اللامية التي صارت تُعرف بالشاطبية. وإنما جاء هذا المصطلح متأخِّرًا بعد تسبيع السبعة بزمنٍ.
فابن مجاهد (ت: 324) يقول في كتابه السبعة (ص: 49): ((والقراءة التي عليها الناس بالمدينة ومكة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوَّليهم تلقِّيًا، وقام بها كل في مصر من هذه الأمصار رجلٌ ممن أخذ من التابعين، أجمعت الخاصة والعامة على قراءته وسلكوا فيها طريقه، وتمسكوا بمذهبه)).
وقال في موطن آخر من مقدمته لهذا الكتاب (ص: 87): ((… فهؤلاء سبعة نفرٍ من أهل الحجاز والعراق والشام، خلفوا في القراءة التابعين، وأجمعت على قراءتهم العوامُّ من أهل كلِّ مصر من الأمصار، إلا أن يستحسن رجل لنفسه حرفًا شاذًّا فيقرأ به، من الحروف التي رُويت عن بعض الأوائل منفردة، فذلك غير داخلٍ في قراءة العوامِّ، ولا ينبغي لذي لبٍّ أن يتجاوز ما مضت عليه الأمة والسلف بوجه يراه جائزًا في العربية، أو مما قرأ به قارئ غير مجمع عليه)).
استطراد: من باب المناسبة أدعو الإخوة المتخصصين في العلوم إلى إقامة مدارسات في مقدمات كتب العلوم، ففيها نفائس وقواعد وفوائد لا تُحصى، كما أنها تبيِّن مناهج المؤلفين وشيئًا من مصطلحاتهم وعباراتهم، وقد لمست ذلك في قراءتي لبعض مقدمات كتب التفسير وغيرها من كتب التخصص مع بعض الأصحاب، وفقني الله وإياكم إلى الصواب.
وقال الداني (ت: 444) في التيسير (ص: 2): ((… ويتضمن من الروايات والطرق ما اشتهر وانتشر عند التالين، وصحَّ وثبت عند المتصدرين من الأيمة المتقدمين)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهؤلاء الأئمة السبعة الذين تلقت العامة قراءتهم بالقبول، قد يرد عنهم حروف مفردة لم يقبلها العلماء، وهي خارج القراءة العامة التي أقرأ بها الإمام منهم، لذا لا يُعدُّ كل ما روي عنهم في درجة واحدة من القبول، بل ما كان معروفًا بالنقل من الطرق المعتبرة عند أهل هذا الشأن.
وإنما أُشير لهذا ليُعلم أنَّ الحكم بقبول قراءتهم إنما هو فيما اختاروه وأقرءوا به العامة وانتشر، دون تلك الأفراد التي لا يخلو منها إمام منهم.
وإذا تأملت ما ذكره هؤلاء العلماء من أسانيد القراءة وجدتها تقف عند هؤلاء السبعة، فهي في حقيقتها أفراد، لكن لما تلقتها الأمة بالقبول فإنها صارت قراءة مستفيضة مشهورة، وهذا لو كان هو الضابط بدل التواتر لكان، لكن للفظ التواتر سلطان يحتاج إلى تحريرٍ.
ولعلك على خُبرٍ بنِزاع ـ ليس هذا محلُّه ـ وهو ما المتواتر من السبعة، هل هو أفراد القراءات أم مجموعها؟ وهذا من الموضوعات التي تحتاج إلى تنبيه ليتبصَّر به من يكتب في موضوع تواتر القراءات.
وإنه ليس من شكٍّ اليوم بصحة ما تلقته الأمة من كتاب ربها وقرأته على مرِّ العصور بقراءتها العشر التي تلقتها بالقبول جيلاً عن جيلٍ، ولا أودُّ أن يُفهم طرح هذه المسألة للنقاش أن في الأمر شكًّا في تواتر القراءات اليوم، وإنما المراد النظر إلى القراءات في كلِ جيل، والاعتذار لما وقع من بعض العلماء العارفين من ردِّ بعض القراءات، وأنهم إنما ردُّوها بأسلوبٍ علميٍّ مناسب لما تلقوه من القراءات، وليس عن هوى أو جهلٍ منهم.
ولا يصلح اليوم الاستدلال بردِّ هؤلاء العلماء للقراءات اليوم بعد قيام الحجة بقبولها واعتماد تواترها بعد تسبيعها أو تعشيرها.
والأمر أطول مما صورته لك هنا، أسأل الله أن يوفق من يكتب فيه كتابة مستفيضة تجلِّي غامضه، وتبيِّن طرائق العلماء في كلِّ عصر في تلقي القراءة، وكيف وصلت إلى ما وصلت إليه.
الثاني: هل ثبت أن ابن جرير أثبت تواتر قراءة ثمَّ أنكرها، فإن كان ثبت ذلك، فهنا الملامة تقع، والإنكار عليه يصح.
لكن الأمر بخلاف ذلك، فما ردَّه أو اعترض عليه لم يكن مما ثبتت استفاضته وشهرته عنده، بل هو عنده في حكم الشاذ الذي لا يُعترضُ به على المستفيض من القراءة.
ومن عباراته في هذا المقام ـ وهي كثيرة:
1 ـ (وما انفرد به من كان جائزًا عليه السهو والغلط، فغير جائز الاعتراض به على الحجة) تحقيق شاكر 16: 4.
2 ـ (الحفاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة، فخالفهم واحد منفرد ليس له حفظهم = كانت الجماعة الأثبات أحقَّ بصحة ما نقلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم) تحقيق شاكر 9: 566.
ولأضرب لك مثالاً تطبيقيًّا ناقش فيه ابن جرير قراءة حُكِمَ عليها بالتواتر بعده، فقد أورد في قوله تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (آل عمران:36).
قال: ((واختلف القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامة القراء: (وَضَعَتْ)، خبرًا من الله ـ عز وجل ـ عن نفسه أنه العالم بما وضعت من غير قِيلِها: (رب إني وضعتها أنثى).
وقرأ ذلك بعض المتقدمين: (والله أعلم بما وضعتُ)، على وجه الخبر بذلك عن أم مريم أنها هي القائلة: والله أعلم ـ بما ولدت ـ مِنِّي.
وأولى القراءتين بالصواب: ما نقلته الحجة مستفيضة فيها قراءته بينها، لا يتدافعون صحتها، وذلك قراءة من قرأ: (والله أعلم بما وضعتْ)، ولا يُعْتَرَضُ بالشاذِّ عنها عليها)) تفسير الطبري، تحقيق د/ عبد الله التركي (5: 336).
والقراءة التي اختارها هي قراءة نافع وابن كثير وحفص عن عاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي.
والقراءة التي حكم عليها بالشذوذ هي قراءة أبي بكر عن عاصم وابن عامر.
(يُتْبَعُ)
(/)
والقراءتان بالنسبة لنا قراءتان سبعيَّتان مقبولتان بلا إشكال، لكن كانت القراءة الأخرى بالنسبة للطبري (ت: 310) شاذَّةً لمخالفتها قول الجمهور من القراء، وقراءة الجمهور عنده معتبرة، وهو يحكيها على أنها إجماعٌ والإجماع حجة، وما خالف الإجماع من قول الواحد والاثنين فلا اعتبار به عنده، وعلى هذا سار في حكاياته للإجماع في التفسير والقراءات وغيرهما.
وعلى هذا فهو سائر على منهجٍ علميٍّ صحيح، لكن النتيجة التي حكم بها يخالفه غيره فيها، وقول غيره هو المقدم، وهم جمهور علماء القراءة الذين قبلوا هذه القراءة التي شذَّذها.
ومن هنا أقول: إنَّ الحكم بشذوذ القراءة عند الطبري وغيره مما يحتاج إلى دراسة وبحث عميق.
وأعود فأقول: إنه إذا كان يحكم على القراءة بالشذوذ بالنسبة إلى ما وصله من علم بهذه القراءة، فكيف يقال إنه ينكر القراءة المتواترة، أو أنه يردها؟!
هل أثبت الطبري تواترها ثمَّ طعن فيها وردَّها؟!
ولو تنبَّه من اعترض على ابن جرير إلى هذه المسألة لما أصدر هذا الحكم، وهو أنَّ ابن جرير ينكر القراءات المتواترة، أو يعترض عليها وينتقدها.
ثمَّ إنَّ ابن جرير له منهجٌ علميٌّ واضح في نقد القراءات، وهذا المنهج الذي تبِعه لم يكن بدعًا فيه، بل سار عليه فيه من قبله، كما سار عليه من بعدَه.
وقد أشار إلى طرفه في كتابه الجامع، قال أبو عبد الله المنتوري (ت: 834) في كتابه شرح الدرر اللوامع في أصل مقرأة نافع (2: 864): ((وقال الطبري في الجامع: ثم كل من اختار حرفًا من المقبولين من الأئمة المشهورين بالسنة والاقتداء بمن مضى من علماء الشريعة = راعى في اختياره:
الرواية أوَّلاً.
ثمَّ موافقة المصحف الإمام ثانيًا.
ثم العربية ثالثًا.
فمن لم يراع الأشياء الثلاثة في اختياره لم يُقبل اختياره، ولم يتداولْه أهل السنة والجماعة)).
وهذه الأصول الثلاثة التي أشار إليها هي التي سار عليها العلماء في توثيق القراءة ونقدها، ولهم في ذلك نصوص وتطبيقات يعرفها من قرأ في كتب القراءات وتوجيهها.
وهذا المنهج الذي سار عليه الطبري في قبول القراءة أو نقدها منهج علميُّ معتبر عند غيره، وقد أفاض في بيان ذلك الباحث (زيد بن علي مهارش) المحاضر بكلية المعلمين بجيزان في رسالته الماتعة (منهج ابن جرير الطبري في القراءات وضوابط اختيارها في تفسيره) تحت باب بعنوان (ضوابط اختيار القراءة عند الطبري).
ولولا خشية الإطالة لذكرت لك من عبارات العلماء ما تواطأت مع عبارته في اعتبار هذه الشروط الثلاثة.
ولأجل صحة الرواية ردَّ قراءة ابن عامر ولم يقبلها، وقد علل لذلك فقال: ((وقد زعم بعضهم أن عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شِهاب المخزومي وعليه قرأ الْقُرْآن، وأن المغيرة قرأ على عثمان رضي الله عنه.
وهذا غير معروف عن عثمان، وذلك أنا لا نعلم أن أحدا ادعى أنَّ عثمان أقرأه الْقُرْآن، بل لا نَحْفَظ عنه من أحرف الْقُرْآن إلا أحرفا يسيرة، ولو كان سبيله في الانتصاب لأخذ القرآن على من قرأ عليه السبيل التي وصفها الراوي عن المغيرة بن أبي شهاب ما ذكرنا، كان لا شك قد شارك المغيرة في القراءة عليه والحكاية عنه غيره من المسلمين، إما من أدانيه وأهل الخصوص به، وإما من الأباعد والأقاصي، فقد كان له من أقاربه وأدانيه من هو أمس رحماً، وأوجب حقا من المغيرة، كأولاده وبني أعمامه ومواليه وعشيرته من لا يحصي عدده كثرة، وفي عدم مدعي ذلك عن عثمان الدليل الواضح على بطول قول من أضاف قراءة عبد الله بن عامر إلى المغيرة بن أبي شهاب، ثم إلى أن أخذها المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان قراءة عليه.
وبعدُ، فإنَّ الَّذِي حكى ذلك وقاله رجل مجهول من أهل الشام لا يعرف بالنقل في أهل النقل، ولا بالْقُرْآن في أهل الْقُرْآن، يقال عراك بن خالد المري، ذكر ذلك عنه هشام بن عمار، وعراك لا يعرفه أهل الآثار ولا نعلم أحدا روى عنه غير هشام بن عمار.
وقد حدثني بقراءة عبد الله بن عامر كلها العباس بن الوليد البيروتي وقال حدثني عبد الحميد بن بكار عن أيوب بن تميم عن يحي بن الحارث عن عبد الله بن عامر اليحصبي أن هذه حروف أهل الشام التي يقرءونها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فنسب عبد الله بن عامر قراءته إلى أنها حروف أهل الشام في هذه الرواية التي رواها لي العباس بن الوليد، ولم يضفها إلى أحد منهم بعينه، ولعله أراد بقوله: إنها حروف أهل الشام أنه قد أخذ ذلك عن جماعة من قرائها، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقا كثيرا، ولو كانت قراءته أخذها كما ذكر عراك بن خالد عن يحي بن الحارث عنه عن المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن ليترك بيان ذلك إن شاء الله تعالى مع جلالة قدر عثمان، ومكانه عند أهل الشام، ليُعَرِّفهم بذلك فضل حروفه على غيرها من حروف القراء)). نقلاً عن مقال للشيخ أحمد بن فارس السلوم في ملتقى أهل الحديث.
وقال أبو عمرو الداني في كتاب جامع البيان (مخطوط / لوحة 28): ((وقد كان محمد بن جرير الطبري فيما أخبرنا الفارسي عن عبد الواحد بن عمر عنه يضعِّف اتصال قراءة ابن عامر ويُبْطِل مادتها من جهتين:
إحداهما: أن الناقل لاتصالها مجهول في نقلة الأخبار …في حملة القرآن وهو عراك بن خالد المقرئ، وأنه لم يرو عنه غير هشام بن عمار وحده.
والثانية: أن أحدًا من الناس لم يَدَّعِ أن عثمان أقرأه القرآن، قال: ولو كان سبيله في الانتصاب؛ لأخذ القرآن على من قرأه عليه السبيل التي وصفها الراوي عن المغيرة، كان لا شك قد شارك المغيرة في القراءة عليه والحكاية عنه غيره من المسلمين؛ إما من دانيه وأهل الخصوص، وإما من الأباعد منه والأقاصي، فقد كان له من أقاربه وأدانيه من هو أمس به رحما وأوجب حقا من المغيرة؛ كأولاده وبني أعمامه ومواليه وعشيرته، ومن الأباعد من لا يُحصى عدده كثرة.
وفي عدم مدعي ذلك على عثمان ـ رضي الله عنه ـ الدليلُ الواضحُ على بُطُولِ قولِ من أضاف قراءة عبد الله بن عامر إلى المغيرة بن شهاب، ثم إلى أن أخذها المغيرة عن عثمان قراءة عليه)) انتهى.
وهذا الموقف من الطبري من جهة علمية مقبول، أي: أنه لم يردَّ القراءة من باب الجهل أو الهوى، وإنما ردَّها لاعتبار علميٍّ مقبول من جهة البحث، لكن النتيجة التي توصَّل إليها غير صحيحة، ولم يقبلها العلماء الذين اعتبروا قراءة ابن عامر ورضوها، وقد تلقها الناس بالقبول.
فالذي استنكره الطبري من السند، وهو عراك بن خالد قد عرفه غيره ووثَّقه في النقل، ومن عرف حجة على من لم يعرف.
وعراك له رواية في الحديث، وقد ذكره المحدثون في تراجمهم، ومن أوسع تراجمه ما ذكره المزي في تهذيب الكمال، وقد ذكر من روى عنهم، وهم:
إبراهيم بن أبي عبلة، وإبراهيم بن وثيمة النصري، وأبوه خالد بن يزيد المري، وأبو أمية عبد الرحمن بن السندي مولى عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن أبان، وعثمان بن عطاء الخرساني، ويحيى بن الحارث الذِّماري، وقرأ عليه القرآن.
ثمَّ ذكر من رووا عنه، وهم:
أبو الوليد أحمد بن عبد الرحمن بن بكار الدمشقي، وأبو الفضل الربيع بن ثعلب المقرئ، وقرأ عليه القرآن، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ، ومحمد بن ذكوان الدمشقي، ومحمد بن وهب بن عطية السلمي، ومروان بن محمد الطاطري، وموسى بن عامر المريّ، وهشام بن عمار، وقرأ عليه القرآن.
ونقل المزيُّ عن المقرئ أبي علي أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني، قال: عراك بن خالد من المشهورين عند أهل الشام بالقراءة والأخذ عن يحيى بن الحارث، وعن أبيه، وعن غيره بالضبط عنهم. (ينظر: تهذيب الكمال 5: 149).
ومن كان هذا حاله في الآثار والقرآن، فقد ارتفعت عنه الجهالة التي حكم بها الطبري رحمه الله، فما كان بالنسبة له مجهولاً لا يُعرف، كان بالنسبة لغيره معروفًا موثَّقًا في نقل القراءة، والله أعلم.
وممن اعترض عليه وردَّ قوله أبو عمرو الداني فقد انتقده بعد سياقه لاحتجاج الطبري السابق، كما لذا نبَّه الشاطبي إلى عدم الاغترار بنقد الطبري لقراءة ابن عامر.
ولا شكَّ عندنا اليوم أنَّ قراءة ابن عامر من القراءات المقبولة المتلقاة جيلاً بعد جيل بالرضا والقبول، وأنَّ قول الطبري ـ مع جلالته ـ غير مقبولٍ فيها، وإن كان بالنسبة له هو عنده وجه في عدم قبولها؛ لأنَّ سندها لم يتصل عنده.
ثُمَّ أعود فأقول: إنَّ أوَّل ما يجب على من زعم أنَّ ابن جرير أنكر قراءة متواترةً أن يُثبتَ تواترها عند ابن جرير أوَّلاً، ثمَّ يُسلَّم له تعبيره هذا.
أما أن يُحكَّم ابن جرير إلى مصطلح لم ينشأ إلا بعده، فإن هذا مما لا يخفى بطلانه علميًّا، وهذه مسألة تعود إلى معنى التواتر في القراءات، ومتى نشأ الحكم بتواتر السبعة أو العشرة.
فتسبيع السبعة أو تعشير العشرة والحكم عليها أنها هي القراءات المتواترة، أو السبعة متواترة والثلاثة الأخرى مشهورة ـ على اختلافٍ لا أثر له في صحة قراءتهم ـ إنما جاء بعد ابن جرير، والحكم عليه بشيء جاء بعده ظاهر الفساد.
وأرجو ـ بعد هذا ـ أن يتضح الموقف الصحيح من الإمام الطبري في ردِّه للقراءات التي حكم العلماء بقبولها، وهو عدم الاعتداد بردِّه وإنكاره لها، لكن لا يقال إنه أنكر قراءة متواترةً، والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[21 Nov 2003, 05:51 ص]ـ
كنت من زمن أعتقد أن الطبري تكلم في قراءة ابن عامر، لكن من هذا النص، اتضح فقط ترجيحه لمصدر قراءة ابن عامر لا ردها بالكلية فهو يقول:
وقد حدثني بقراءة عبد الله بن عامر كلها العباس بن الوليد البيروتي وقال حدثني عبد الحميد بن بكار عن أيوب بن تميم عن يحي بن الحارث عن عبد الله بن عامر اليحصبي أن هذه حروف أهل الشام التي يقرءونها.
فنسب عبد الله بن عامر قراءته إلى أنها حروف أهل الشام في هذه الرواية التي رواها لي العباس بن الوليد، ولم يضفها إلى أحد منهم بعينه، ولعله أراد بقوله: إنها حروف أهل الشام أنه قد أخذ ذلك عن جماعة من قرائها، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقا كثيرا،.
فإن كان هذا كله من كلام الطبري، فهو واضح فيما ظهر لي.
والله أعلم.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[04 Dec 2003, 07:24 ص]ـ
مافهمته من الإخوة فى الملتقى حفظهم الله،
أنه لاتضيق صدورهم عن طرح أي مسألة علمية،
وهم كذلك إن شاء الله،
وفى الحقيقة أرجوا ألا تكون المسائل المطروحة دعاية أو بقصد التشويه، كتحديد الطبرى مثلا بالحديث دائما، وغيره كثير ممن أنكر أو منع،
فغاية البحث كما نعلم الوصول إلى حقائق ولذا فينبنى هنا على إنكار قراءة أوردها أمران:أولهما هل ذلك المفسر لم تبلغه هذه الرواية فهذا أمره يسير ويعتذر له دائما،وليس على سبيل وجود ما يغمز به نسأل الله السلامة،
ثانيهما وهو المهم هل ترتب على تركه لتلك القراءة غياب معنى فى التفسير للآية لم يذكر بناء على عدم معرفته بالقراءة، فكلمة نزاعة لحفص بالنصب ولم يذكرها الطبري أو غيره فهل يترتب علي وجود معناها على النصب عنده شيء، وهكذا
لاأريد الإطالة حتى يفهم المقصود وفق الله الجميع
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Dec 2003, 06:48 ص]ـ
أخي الكريم الدكتور أمين
لم يتضح لي مرادكم في هذه المداخلة، وأتمنى لو وضحتكم إن أمكنكم ذلك
وجزاكم الله خيرا على مشاركتكم.
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[07 Dec 2003, 11:42 ص]ـ
فضيلة الشيخ مساعد بارك الله فيه
إن سلمنا أن قراءة ابن عامر أو الكسائي أو غيرها من السبعة متواترة ...
و قد وقع للإمام ابن جرير إنكار شئ منها وردها، فلماذا نلزم باثبات أنها تواترت عنده ثم ردها بعد علمه بتواترها؟
يقال: هو ردها وهي متواترة، ويعتذر له بعد ذلك بشئ من الأعذار.
فلو أن عالما من العلماء أنكر عدة أحاديث وهي في الصحيحين وقال: ليست في الصحيحين، وهي فيها
هل يلزم من رد عليه أن يقول: الأحاديث التي ردها من الصحيحين وهي في الصحيحين ولم يثبت عنده أنها في الصحيحين؟
أرجو من فضيلتكم إفادتي.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[07 Nov 2008, 10:35 م]ـ
الأستاذ مساعد الطيار
لله درُّكم على هذه المقالة الماتعة
نمت مقالته على أعراقه ‘ نمّ النسيمِ على أريج الطيبِ
أجدتم وأفدتم
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[08 Nov 2008, 02:01 م]ـ
وفقك الله وسددك ومن باب الملاطفة أخي الحبيب ومما نراه من تحقيق وتسديد لكم أقول: مساعد ورد في ضبطها بالشكل روايتان بفتح العين فأنت مساعد من الله تعالى وبكسرها فأنت تساعد غيرك بما تكتبه وتجود به من لمحات رائعة
جزاك الله خيرا ورزقك الاخلاص وجعل زادك تقواه
ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[13 Nov 2008, 07:45 ص]ـ
من الاستطرادات التي ذكرها الشيخ الأستاذ الدكتور/إبراهيم بن سعيد الدوسري أثناء تدريسه لمقرر القراءات في مرحلة الدكتوراه أنه أشرف على رسالة علمية حول هذا الموضوع -لا أتذكر اسم الباحث ولا العنوان الأن- .. ولكن الباحث خلص إلى أن ابن جرير الطبري-رحمه الله- لم يرد قراءة متواترة وأن كل ما ذكره الإمام في هذا الباب أوجد له -الباحث- مخرجا وتعليلاً علمياً ..
فلعل الباحث يكون من رواد هذا الملتقى المبارك ويدلو بدلوه في هذا الباب إن كان توصل إلى شيء زائد على ما ذكره الشيخ مساعد -على كلا الضبطين السابقين-سدده الله حتى تتم الاستفادة [/ align].
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[13 Nov 2008, 09:10 ص]ـ
والله يا ابا عبد الملك لقد فتحت بابا عظيما ولعل النظر فيه بادي الراي يهدم ما ذهب اليه الدكتور لبيب السعيد في كتابه "دفاع عن القراءات في مواجهة الطبري"
وفقك الله لكل خير وبوركت على هذه المقالة الرائعة(/)
عاجل قبل بدء القيام في رمضان. هل هذه سنة خاصة بأهل القرآن؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Oct 2003, 11:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ظهر لي أن صلاة التراويح في البيت أفضل لمن كان من أهل القرآن لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: {خير صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة}
وقد وجدت نصاً قيماً للطحاوي في شرح معاني الآثار حول هذه المسألة، فأرجو منكم قراءته بتمعن، والتعليق عليه بما يفتح الله به عليكم.
قال رحمه الله: (باب القيام في شهر رمضان هل هو في المنازل أفضل أم مع الإمام؟
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا وهب، قال: ثنا داود، وهو ابن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير الحضرمي عن أبي ذر، قال: {صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، ولم يقم بنا، حتى بقي سبع من الشهر. فلما كانت الليلة السابعة خرج فصلى بنا، حتى مضى ثلث الليل، ثم لم يصل بنا السادسة، حتى خرج ليلة الخامسة، فصلى بنا حتى مضى شطر الليل. فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا؟ فقال: إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف، كتب لهم قيام تلك الليلة ثم لم يصل بنا الرابعة حتى إذا كانت ليلة الثالثة، خرج وخرج بأهله، فصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت: وما الفلاح. قال: السحور}
قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى أن القيام مع الإمام في شهر رمضان، أفضل منه في المنازل، واحتجوا في ذلك بقول رسول الله: إنه {من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قنوت بقية ليلته}.
وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل صلاته في بيته أفضل من صلاته مع الإمام. وكان من الحجة لهم في ذلك، أن ما احتجوا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه {من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قنوت بقية ليلته} قال رسول الله: ولكنه قد روي عنه أيضا أنه قال: {خير صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة}، في حديث زيد بن ثابت. وذلك لما كان قام بهم ليلة في رمضان فأرادوا أن يقوم بهم بعد ذلك، فقال لهم هذا القول. فأعلمهم به أن صلاتهم في منازلهم وحدانا أفضل من صلاتهم معه في مسجده، فصلاتهم تلك في منازلهم أحرى أن يكون أفضل من الصلاة مع غيره في غير مسجده. فتصحيح هذين الأثرين، يوجب أن حديث أبي ذر هو على أن يكتب له بالقيام مع الإمام، قنوت بقية ليلته. وحديث زيد بن ثابت، يوجب أن ما فعل في بيته هو أفضل من ذلك، حتى لا يتضاد هذان الأثران. حدثنا ابن مرزوق، وعلي بن عبد الرحمن، قالا: ثنا عفان، قال: ثنا وهيب قال: ثنا موسى بن عقبة، قال: سمعت أبا النضر يحدث عن بشر بن سعيد، عن زيد بن ثابت {أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر حجرة في المسجد من حصير، فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي، حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم منذ الليلة، حتى خشيت أن يكتب عليكم قيام الليل، ولو كتب عليكم، ما قمتم به، فصلوا - أيها الناس - في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة}. حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني بردان إبراهيم بن أبي فلان، وهو ابن أبي النضر، عن أبيه، عن بشر بن سعيد، عن زيد بن ثابت أن النبي قال: {صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة}. حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أسد وأبو الأسود، قالا: أنا ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن بشر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن أفضل صلاة المرء، صلاته في بيته إلا المكتوبة}. وقد روي عن غير زيد بن ثابت في ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ما قد ذكرناه في باب التطوع في المساجد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فثبت بتصحيح معاني هذه الآثار، ما ذكرناه. وقد روي في ذلك عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما صححناها عليه. فمن ذلك ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان لا يصلي خلف الإمام في رمضان. حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: أصلي خلف الإمام في رمضان؟ فقال: أتقرأ القرآن. قال: نعم، قال: صل في بيتك. حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي حمزة، ومغيرة، عن إبراهيم، قال: لو لم يكن معي إلا سورتان لرددتهما، أحب إلي من أن أقوم خلف الإمام في رمضان. حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان المتهجدون يصلون في ناحية المسجد، والإمام يصلي بالناس في رمضان. حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال ثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: كانوا يصلون في رمضان، فيؤمهم الرجل، وبعض القوم يصلي في المسجد وحده. قال شعبة: سألت إسحاق بن سويد عن هذا، فقال: كان الإمام هاهنا يؤمنا، وكان لنا صف يقال له: صف القراء، فنصلي وحدانا والإمام يصلي بالناس. حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال. ثنا سفيان، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، قال: لو لم يكن معي إلا سورة واحدة، لكنت أن أرددها، أحب إلي من أن أقوم خلف الإمام في رمضان. حدثنا يونس وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، أنه كان يصلي مع الناس في رمضان، ثم ينصرف إلى منزله، فلا يقوم مع الناس. حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو عوانة، قال: لا أعلمه إلا عن أبي بشر، أن سعيد بن جبير، كان يصلي في رمضان في المسجد وحده، والإمام يصلي بهم فيه. حدثنا يونس، قال: ثنا أنس، عن عبيد الله بن عمر، قال: رأيت القاسم، وسالما، ونافعا ينصرفون من المسجد في رمضان، ولا يقومون مع الناس. حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن الأشعث بن سليم، قال: أتيت مكة، وذلك في رمضان، في زمن ابن الزبير، فكان الإمام يصلي بالناس في المسجد، وقوم يصلون على حدة في المسجد. بهؤلاء الذين روينا عنهم ما روينا من هذه الآثار، كلهم يفضل صلاته وحده في شهر رمضان، على صلاته مع الإمام، وذلك هو الصواب.) انتهى بنصه.
وهذه السنة - أقصد سنة قيام رمضان في البيت - إنما تناسب من يقرأ القرآن ويحفظه، مع محافظته عليه في البيت، وذلك يتيح له مراجعة حفظه، وتطبيق سنة التطويل في القيام.
فما رأيكم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Oct 2003, 03:32 م]ـ
الأخ الفاضل أبا مجاهد العَبيدي حفظه الله ..
أحب قبل المشاركة أن أبين أن التراويح اسم للصلاة المعروفة التي تؤدى في المسجد مع الجماعة في رمضان ولذا فالعبارة الصحيحة أن يقال هل قيام رمضان أفضل مع الإمام في المسجد أم في المنزل ولا يقال التراويح أفضل في المنزل وسبب تسميتها بذلك معروف. مع أن بعض العلماء رحمهم الله يطلق ذلك ولا مشاحة في الاصطلاح.
ثانياً: ذكر العلماء أن صلاة التراويح يحصل بها قيام رمضان ولا ينحصر قيام رمضان بالتراويح. ذكر ذلك النووي رحمه الله ونقله الشوكاني في نيل الأوطار.
ثالثاً: المسألة التي تفضلتم بها: وهي هل الأفضل الصلاة في المنزل أو مع الإمام؟
ذكر النووي في المجموع تحريراً لمحل النزاع فقال: " قال أصحابنا العراقيون والصيدلاني والبغوي وغيرهما من الخراسيين: الخلاف فيمن يحفظ القرآن ولا يخاف الكسل عنها لو انفرد، ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فإن فقد أحد هذه الأمور فالجماعة أفضل بلا خلاف ". وذكر أن بعضهم ذكره وجهاً ثالثاً عندهم.
ونقل ابن قدامة عن الطحاوي: " كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا ".
وأما هذه المسألة فمحل خلاف بين العلماء:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ ـ ذهب أبو حنيفة والشافعي وجمهور أصحابه (قال النووي في المجموع: الصحيح باتفاق الأصحاب أن الجماعة أفضل ... وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين) وأحمد (ونقل ابن قدامة أن الإمام أحمد سئل: هل تؤخر القيام ـ يعني في التراويح ـ إلى آخر الليل؟ قال: لا سنة المسلمين أحب إلي) وبعض المالكية إلى أن الأفضل الصلاة مع الجماعة:
لفعل عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم واستمر عليه عمل المسلمين.
وذكر بعضهم الإجماع على هذا القول وهو علي بن موسى القمي كما في المجموع.
ب ـ وذهب مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم إلى أن الأفضل الصلاة فرادى في البيوت.
للدليل الذي ذكرتم رعاكم الله.
وأجيب عنه بأنه عام وأحاديث فضل قيام الليل مع الإمام في رمضان خاصة فيقدم الخاص على العام. وأيضاً بأن النبي ذكر ذلك لهم خشية فرضه عليهم، ولذلك ترك القيام معهم وقيل خشية أن يتخذه الناس فرضاً. وقد أمن هذا بعده
واستدل بعضهم بما في البخاري برقم (2010): أن عمر خرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال: " نعمت البدعة هذه ". ووجه الاستدلال أن فيه إشعار بأن عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم وكأنه كان يرى أن الصلاة في بيته أفضل ولا سيما في آخر الليل أفضل. وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل عن ابن عباس: " كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال: ما هذا؟ قيل: خرجوا من المسجد، وذلك في رمضان، فقال: ما بقي من الليل أحب إلي مما مضى ".
واستدلوا أيضاً بقول عمر في الحديث السابق في البخاري: " والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون " ـ يريد آخر الليل ـ وكان الناس يقومون أوله. قال ابن حجر: " هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله، لكن ليس فيه أن الصلاة في قيام الليل فرادى أفضل من التجميع ".
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: " (تفعل في جماعة) أي: تصلى التراويح جماعة، فإن صلاها الإنسان منفرداً في بيته لم يدرك السنة، والدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر عمر رضي الله عنه، موافقة أكثر الصحابة على ذلك ".
وأما بالنسبة لما ذكر من الأدلة في كلام الإمام الطحاوي فمرجعها لما يلي:
1 - حديث زيد رضي الله عنه {خير صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة} {فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة} {صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة} وقد سبق الجواب عليه.
2 - ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من اعتزال الصلاة مع الجماعة كابن عمر وغيره رضي الله عنهم فينبغي مراعات ما يلي:
- أن بعض هذه النقول لم يصرح فيها بتفضيلهم الصلاة فرادى.
- وفي بعضها ورد أنهم كانوا يصلون في المسجد كما ذكر من صف القراء.
- أنه قد خالف أولئك رضي الله عن الجميع غيرهم من الصحابة والتابعين فلا يعتبر قول بعضهم حجة على بعض.
هذه كلمات أحببت المشاركة فيها على عجل، واسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان وأن يرزقنا فيه الصيام والقيام كما يحب ويرضى.
والله أعلم.
للاستزاده ينظر:
[المجموع: 4/ 37، المغني: 2/ 605، فتح الباري: 4/ 297، نيل الأوطار: 3/ 62، الشرح الممتع: 4/ 81
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2003, 06:07 م]ـ
شكر الله لكما هذا التحرير، وهذا الحرص على نفع المسلمين. وفقكما الله لكل خير.
والذي يظهر والله أعلم أن الأمرين غير متعارضين إن شاء الله، فيمكن للمسلم الحافظ للقرآن أن يصلي مع الجماعة صلاة القيام، ويقوم في منزله بما يحفظه إذا عاد إليه.
وقد يقول أخي الكريم أبو مجاهد: هذه مسألة واضحة - بارك الله فيك - إذا طالبناه بالقيام مرتين!
وأقول له: ألا يستحق القرآن أن يعطى كل هذه المساحة من الوقت؟ والجواب بالتأكيد: بلى!
فسيقول: والرسالة والبحوث؟ فأقول له: صدقت! ولكن ليس كل الناس كذلك، فمن استطاع الجمع فذلك نور على نور، وما أجمل أن يكون ليلك كله في تلاوة للقرآن وقيام بين يدي الله، وإقلال للمخالطة، وإغلاق لبابك بعد العشاء، وتفرغ لربك. ومن لم يستطع إلا على أحدهما فالأمر فيه واسع إن شاء الله، والخير عادة من ألزم نفسه بها ذلت وانقادت. وفقنا الله وإياكم لكل خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Nov 2003, 02:11 ص]ـ
قرأت في ترجمة الدكتور المقرئ الشيخ عبدالفتاح السيد عجمي المرصفي رحمه الله أنه كان يصلي التراويح في بيته إحدى عشرة ركعة يقرأ فيها جزأين من القرآن. وكان هذا دأبه حتى توفي رحمه الله. تجد هذا في تقديم الشيخ أحمد الزعبي تلميذ المرصفي لكتاب المرصفي (هداية القارئ).
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[05 Nov 2003, 06:41 ص]ـ
وكان أبي بن كعب رضي الله عنه، يؤمهم في الصلاة ثم يهرب منهم في العشر الأواخر، ولعلي أذكر مخرجه عندما أقف عليه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 06:51 ص]ـ
فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 292)
وَعِنْد الشَّافِعِيَّةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَة أَوْجُه: ثَالِثهَا مَنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَلَا يَخَاف مِنْ الْكَسَل وَلَا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ فَصَلَاتُهُ فِي الْجَمَاعَة وَالْبَيْت سَوَاءٌ، فَمَنْ فَقَدْ بَعْضَ ذَلِكَ فَصَلَاته فِي الْجَمَاعَة أَفْضَل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الميموني]ــــــــ[18 Sep 2006, 02:34 ص]ـ
للإمام محمد بن نصر المروزي (ت: 292هـ) في كتابه قيام الليل (مطبوع مختصره) كلام مفيد و فيه نقول كثيرة عن السلف و كذلك ذكر أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد و الاستذكار كلاما مفيدا في هذا.
و الاختيار في هذا أكثره مبني على ثلاثة أمور: -:
الأول هو النظر فيما هو أعظم من جهة الإخلاص لله تعالى.
الثاني: مراعاة الوقت الأفضل و هو آخر الليل و يدلّ عليه قول عمر المذكور ((و التي ينامون عنها أحب إلي)) و فعل أبي في العشر الأواخر رضي الله
عنهما
الثالث: النظر إلى الكيفية فكثير من المساجد في العشرين الأولى من الشهر تميل إلى التخفيف عن العامة لمقصد صحيح و هو الرغبة في عدم الإملال.
فمن راعى ذلك و قوي عليه و ترجح له الانفراد في بيته مع كونه من أهل القرآن و سلم من أن يكون مثبطاً لمن لا يعلم حاله فما أحسنه و ألذه.
هذا كله مع اعتبار معلوم وهو عدم تعطل المساجد من هذه الشعيرة.(/)
إشكال في قصة موسى والخضر عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام
ـ[شعبة بن عياش]ــــــــ[26 Oct 2003, 01:10 م]ـ
أشكل علي أيها الأفاضل في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام
نسيان فتى موسى (يوشع بن نون) –عليه السلام- ذكر خبر الحوت العجيب لموسى عليه السلام
فكيف ينسى إخبار موسى بمثل هذه الحادثة العجيبة؟؟؟؟؟
هل من حل لهذا الإشكال؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2003, 01:54 م]ـ
أخي الحبيب شعبة بن عياش وفقه الله، حل هذا الإشكال - والله أعلم - ظاهر من خلال الآيات، في قوله: (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره). فكأنه أحس بأن الأمر من الأهمية بحيث لا يحتمل النسيان كما تفضلتم وفقكم الله. ولكن لحكمة أرادها الله أنسى الشيطان يوشع بن نون ذكر هذا الأمر لموسى، كما أنسى صاحبَ يوسف في السجن تذكير الملك بقصة ظلم يوسف وسجنه بضع سنين. قال تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين) وكان كل ذلك لحكم عظيمة.
والله الموفق.
ـ[شعبة بن عياش]ــــــــ[27 Oct 2003, 11:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا وزادك من فضله العظيم
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[10 Nov 2003, 10:36 م]ـ
لقد قرات بحثا من أقوى وأجرأ ما قرأت في التدبر عنن الخضر وموسى, يخلص إلى أن الخضر هو عمران أبو موسى, فلا تستعجلوا الرد, وادخلوا وتدبروا!
www.alassrar.com
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[11 Nov 2003, 02:14 ص]ـ
غفر الله لك يا شيخ ابو احمد .... كيف تعدما قرأت من اقوى البحوث .. وهو بحث متهافت .. يقرر نتائج لا أظن ان هناك من يتابعه عليها يقول صاحبك-والنقل حرفيا من موقعه-:
"بعد هذا، نظن والله أعلم بمراده، أن "الخضر" هو عمران أبو موسى, وهو عندنا يعقوب ابن اسحق ابن ابراهيم, والله أعلم."
صاحبك يذهب الى ان الخضر هو عمران ابو موسى ....
وعمران ابو موسى هو يعقوب -اسرائيل-
إذن ..... فموسى هو احد إخوة يوسف ... الذين تآمروا على اخيهم ... ولا اظن صاحبك ينكر ان يوسف هو ابن ليعقوب ... ويعقوب على زعم صاحبك هو اسرائيل .. واسرائيل هو عمران الملقب بالخضر حسب زعم الزاعم ... وموسى هو ابن عمران ..
فهل اوتي موسى النبوة بعد نبوة اخيه الاصغر يوسف .. وهرون ... شقيق موسى .. فهل تآمر هو ايضا على اخيه الاصغر يوسف ... وكيف التقط موسى من اليم .. ومتى ... كان ذلك .. والقران يثبت ان يعقوب واهله كانوا فى البدو .. ولم يدخلوا مصر الا فى زمن حكم يوسف ....
بعد هذا نظن والله اعلم ان صاحب هذا الهراء دجال .. وعلى الذاهبين الى موقعه الالتزام بالحذر ..
ـ[شعبة بن عياش]ــــــــ[11 Nov 2003, 02:00 م]ـ
من قرأ المقدمة التي عنون لها صاحب الموقع بـ (مقدمة لا بد منها ( http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=intro)) عرف تهافت منهجه في البحث والاستنباط
وما خبر حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنه مع نوف البكالي رحمه الله وهو الزاهد الورع عنا ببعيد، فابن عباس مع جلالة قدره ومتانة علمه عندما سئل عن هذه القصة استشهد بكلام سلف صالح هو أبو المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه.
اقرأ وتأمل الحديث وهو في صحيح الإمام البخاري تحت كتاب التفسير:
215 - باب: {وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} /60/: زمانا، وجمعه أحقاب.
4448 - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله: حدثني أبي بن كعب: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: (إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يارب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم، فأخذ حوتا فجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى
(يُتْبَعُ)
(/)
لفتاه: آتنا غدائنا، لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال: فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى ثوبا، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال: إنك لن تستطيع معي صبرا، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، فقال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء، حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة، لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إ مرا، قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكانت الأولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله، إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، ثم خرجا من السفينة، فبينا هما يمشيان على الساحل، إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: أقتلت نفسا زاكية بغير نفس، لقد جئت شيئا نكرا، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: وهذا أشد من الأولى، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض، قال: مائل، فقام الخضر فأقامه بيده، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، لو شئت لا تخذت عليه أجرا، قال: {هذا فراق بيني وبينك - إلى قوله - ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما).
قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. وكان يقرأ: وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.
والمقصود من مثل هذه الأمور لابد فيها من الاستنارة بأقوال السلف رحمهم الله.
(وراجع ماكتبه الشيخ الفاضل مساعد الطيار في كتابه أصول التفسير)
ـ[ rokab] ــــــــ[15 Nov 2003, 01:35 ص]ـ
أخى فى الله .. أود أن أدلك على موضع من النت فيه الاجابة على سؤالك .. وأسأل الله أن ينفعك بما فيه .. وهو فى هذا الرابط:
http://www.homepagez.com/faroq/html/Taweel.htm(/)
ركن التدبر والاستنباط من القرآن خلال شهر رمضان 1424 - 1426هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2003, 03:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رمضان هو شهر القرآن: نزولاً وتلاوة وتدبراً وعملاً، من أجل ذلك تكثر الاستنباطات والأسئلة التي تمر على القارئ وهو يتلو كتاب الله، وتتفاوت هذه الأسئلة والاستنباطات عمقاً ودقة بحسب حال القارئ، ومبلغه من العلم بكتاب الله.
وقد تم وضع هذا الركن ليكون جامعاً لدقائق الأسئلة والاستنباطات التي تعن للإخوة الكرام أثناء هذا الشهر الكريم، فربما تكون فكرة دقيقة تفتح باباً من العلم بكتاب الله، أو توضح مستغلقاً على الأذهان، فإن لله في شهر رمضان نفحات من الخير والبركة والرحمة، فعسى أن نكون من المتعرضين لهذه النفحات.
إنها لحظات، ولكن هذه اللحظات قد نقلت أناساً من حال إلى حال، لقد سمع سورة طه كثيرون ولا يزالون، ولكن لما سمعها عمر بن الخطاب تغير حاله، وآية (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله .. الآية) سمعها كثيرون، ولكن لما سمعها مالك بن دينار تغير حاله، وقرأ سورة التكاثر كثيرون، ولكن لما قرأها (ليو بولد) تغير حاله وأصبح (محمد أسد) الذي كتب كتابه الثمين (الإسلام على مفترق الطرق).
إنها رحمات الله، وبركاته إذا غشيت عباده، وفقهم للتوبة والإنابة والتدبر والخشوع والخضوع. نسأل الله من فضله.
أرجو من الإخوة الكرام أن يتكرموا بوضع ما يرونه، بعد تقييده أثناء التلاوة للقرآن الكريم في هذا الشهر كما سبق الإشارة إلى ذلك، ثم تنقيحه ووضعه في هذه الزاوية رجاء الانتفاع بها، ولا يعني وضعها هنا أنها قد اكتملت أو أنها صحيحة، وإنما توضع هنا من باب المدارسة والتأمل والتدبر ومشاركة أهل العلم في التأمل والنظر، فالفكرة لا تنضج إلا بتقليبها واختبارها. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ورزقنا جميعاً حسن التلاوة والعمل والانتفاع بكتابه الكريم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Oct 2003, 04:11 م]ـ
الأخ المبارك عبد الرحمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فشكر الله سعيك، ووفقك لما يُحبُّ ويرضى، ولقد أتحفت الملتقى بأفكارك، وهذا منها، وهو جميل جدًّا.
وإني أتمنى أن لا يبخل الأعضاء بطرح فوائدهم، أو ما يعنُّ لهم خلال قراءتهم لكتاب ربهم سبحانه وتعالى.
وإنِّي أُلاحظ أنَّ بعض ألأعضاء في الملتقى قلَّ ورود اسمه، فلا أدري؛ أهي المشاغل والأعمال، أم أن الملتقى صار لا يلبي طموحاتهم؟
وأحبُّ أن أقول للإخوة الكرام الذين يشاركون في هذا الملتقى بأفكارهم وطروحاتهم: إنَّ الملتقى منكم وإليكم، ولا تنتظروا فلانًا أو فلانًا أن يجيب على سؤال فتتركوه معلَّقًا، بل لنشترك جميعًا في بثِّ الفائدة، ولا يحقرنَّ أحدٌ منا ما عنده من العلم، فلربَّ معلومة تقذفها لا تدري كم يكون نفعها؟
وإني أتمنى أن يكون هناك تواصل أكبر وأكثر بين أعضاء الملتقى، ولعله يتسنى طرح ذلك في وقت آخر؛ وأرجو أن يكون التفكير من الأعضاء في ذلك جاريًا.
وقد كنت طرحت على الإخوة المشرفين فكرة إيجاد رابطة أعضاء المنتدى، بحيث يكون للمنتدى في كل بقعة ممكنة من العالم من يمثِّله ويدعو المشتركين إليه، وهذه إحدى الأفكار، وأرجو أن يوفق الله إلى ما هو خير.
ثمَّ أعود فأُذكر بما طرحه الأخ الفاضل عبد الرحمن، وأقول: إنه لو كان كل عالم أو طالب علمٍ كتب ما يقع له من فوائد حال قراءته لكتاب الله في رمضان بالذات، لوجدت سيلاً من الفوائد والنفائس التي تساوي رحلة، فأتمنى أن يوفقنا الله لعمل ذلك.
وأتذر إليكم عن الخروج عن مضمون ما طرحه أخي الحبيب عبد الرحمن، وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى، وجعلنا ممن يصوم هذا الشهر ويقومه، وممن يوفق لليلة القدر إنه سميع مجيب.
محبكم أبو عبد الملك.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[26 Oct 2003, 04:27 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخنا الفاضل على هذه الفكرة الرائعة!
ولعل العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله من خيرمن طبق هذه الفكرة العظيمة التي أثمرت لنا كتابه النافع: " المواهب الربانية من الآيات القرآنية " حيث قيد بعض هذه الاستنباطات المفيدة أثناء قراءته لكتاب الله العزيز في شهر رمضان المبارك في عام 1347هـ.
(1) قال تعالى في سورة البقرة:
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {174} أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ {175}))
تأمل معي رحمك الله أنواع العذاب في هاتين الآيتين!
أكل النار في البطون , وعدم التكليم , وعدم التزكية , والعذاب المرتب على الكتمان!
ثم تدبر قول الله سبحانه ((فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)) ففيه موعظة بليغة لو تفكر فيها من يجتريء على الذنوب والمعاصي لكفته عن المواعظ التي تردعه وتزجره عن الفبائح!
وفي الآية أربعة أقوال كما في تفسير الماوردي (1/ 224):
1 - ما أجرأهم على النار؟!
2 - فما أصبرهم على عمل يؤدي بهم إلى النار؟!
3 - فما أبقاهم على النار؟! من قولهم ماأصبر فلانا على الحبس , أي ماأبقاه فيه.
4 - بمعنى أي شيء صبرهم على النار؟!
وكل معنى من هذه المعاني تحته وعيد شديد يغني عن مئات المجلدات من الترهيب!
أي ما أشد صبرهم؟!
تعجيب للمؤمنين ممن يرتكب موجبات النار من غير مبالاة!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[26 Oct 2003, 04:44 م]ـ
فكرة طيبة وأفيد ايضا بأن السعدي ألف كتابه القواعد الحسان لتفسير القرآن عندما كان معتكفا في العشر الأواخر , ونفع الله به نفعاً عظيما.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Oct 2003, 01:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ملخص لما ذكره الشيخ عبدالرحمن السعدي في كتابه: [فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأخلاق المستنبطة من القرآن] من أحكام الصيام المستنبطة من القرآن:
(يؤخذ من هذه الآيات الكريمات من أحكام الصيام شيء كثير:
- منها:أن شهر رمضان مكتوب على هذه الأمة، وأن الصيام من الشرائع العامة التي شرعت على لسان كل نبي أرسله الله، لعموم نفعه وكثرة مصالحه.
ويجمع مصالحه قوله: (لعلكم تتقون). أي: شرعنا لكم الصيام لتقوموا بتقوى الله التي بها النجاة والفلاح والسعادة، فإن الصيام أعظم أركان التقوى، وهو بنفسه يعين على تقوى الله في كل الأحوال، فإنه يمرن النفوس على الصبر عما تهواه مما يلائمها ويوافق طبيعتها، فمتى تمرنت النفس على ذلك بالصيام هان عليها ترك المحارم التي لا تتم التقوى إلا بتركها، وأيضاً فنفس الصيام ترك للمفطرات المحرمة لخصوص الصيام، وكذلك يدعو إلى رحمة الفقير؛ فإن الإخلاص لله والإحسان لعباد الله هو جماع التقوى،وكلاهما موجود معناه في الصيام).
وكان قد قال في تفسيره المشهور: تيسير الكريم الرحمن:
(فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى:
- أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.
- ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه.
- ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان , فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي.
- ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى.
- ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع , أوجب له ذلك, مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى).
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Nov 2003, 04:04 م]ـ
ثم قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه: فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأخلاق المستنبطة من القرآن:
(
ومنها: أنه يجب صيام رمضان برؤية هلاله على كل مقيم صحيح، وبتمام الشهر الذي قبله من باب أولى، وأن المريض مرضاً يرجى زواله والمسافر له الفطر، ويقضي عدته من أيام أخر، وعموم ذلك كل سفر طويل أو قصير، وأنه يصح قضاء أيام قصار باردة على أيام طوال حارة، وأن من فاته رمضان قضى عدد أيامه.
وأما المريض مرضاً لا يرجى زواله والكبير والكبيرة اللذان لا يستطيعان الصيام فيفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكيناً. وبهذا فسر ابن عباس وغيره: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) (البقرة: من الآية184) أي: يتكلفونه بمشقة غير محتملة. وهذا أولى من القول بنسخها.
وعلل ذلك كله تعالى بقوله: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: من الآية185).
ومنها: استحباب التكبير ليلة عيد الفطر، والإكثار من ذكر الله وشكره على إتمام النعمة.
ومنها: حل الوقاع للزوجات ليالي الصيام، وأن حله وحل الأكل والشرب ينتهي إلى طلوع الفجر، ففيه جواز صيام الجنب؛ لأن من لازم هذه الإباحة أن يدركه الفجر وهو جنب، ومثله صيام الحائض إذا انقطع دمها.
ومنها: استحباب تأخير السحور لقوله: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) (البقرة: من الآية187)، وأنه يجوز الأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر.
ومنها:استحباب الفطور وتعجيله. [لم يظهر لي من أين استنبط هذا الحكم]
ومنها: أن حد الصيام الشرعي هو الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
ومنها: كراهة الوصال للصائم؛ لأن الله لم يجعل الليل محلاً للصوم.
ومنها: أن جميع ما يؤكل، وكل ما يشرب، والجماع من أعظم مفطرات الصائم.
ومنها: مشروعية الاعتكاف حيث إن الله أضافه إلى المؤمنين، وأنه لا بد أن يكون في المسجد، وأن مباشرة النساء بالوطء ومقدماته ممنوع منها المعتكف.
وفيه إشارة إلى أن الاعتكاف في آخر رمضان أفضل من غيره لتواتر الأحاديث فيه، لأن الله أتبع الاعتكاف لأحكام الصيام.
)
ـ[محب الدين]ــــــــ[03 Nov 2003, 02:11 م]ـ
أخي الشيخ / محمد القحطاني
شكر الله لك ه>ه الفوائد
أقول لعل الشيخ ابن سعدي رحمه الله استنبط استحباب تعجيل الفطر من قوله تعالى (إلى الليل) وغروب الشمس هو أول الليل , والله أعلم
فائدة: سألت الشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع وقلت له: هل كان لكم دور في مساعدة الشيخ ابن سعدي في تصنيف تفسيره فتبسم شيخنا رحمه الله وقال لقد انتهى الشيخ من تأليفه قبل ولادتي.
ويتبين ه>ا من تأريخ التصنيف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[09 Nov 2003, 09:51 م]ـ
بما أن الكفار أثبتوا أن الله
خلقهم _ أول مرة _
وخلق السماوات والأرض _ وهما اكبر من خلق الناس _
ونزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها
... الخ
فيلزمهم أن يثبتوا قدرة الله على إعادة خلقهم يوم القيامة
((فإن أنكروا ذلك فقد أنكروا بربوبية الله التي زعموا إثباتها قبل ذلك))
قال الله سبحانه:
اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ {2} وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {3} وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {4} وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ {5}
ـ[عادل التركي]ــــــــ[16 Nov 2003, 05:59 ص]ـ
في تحريم قتل الاولاد جاء نصان
الأول في سورة الأنعام:
(ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم و إياهم ... ) (الأنعام-151).
والثاني في سورة الإسراء:
(ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم و إياكم ... ) (الإسراء-31).
ومعلوم: أن أهل الجاهلية لايورثون البنات , بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئلاّ تكثر عيلته , فنهى الله عن ذلك.<1>.
السؤال:
لماذا عطف رزق ا لأبناء على رزق الأباء في الموضع الأول (نرزقكم وإياهم) فبدأ برزق الأباء.
والعكس في الموضع الثاني (نرزقهم وإياكم).
اقول والله اعلم:
أنه في الموضع الأول قال الله تعالى (من إملاق)
فتبين أن الأباء فقراء اصلا.
فقال الله تعالى: (نرزقكم) اي نغنيكم بعد فقركم (وإياهم) اي ونأمن لهم رزقهم ايضاً تبعاً لتأمين رزقكم.
أما الموضع الثاني فقال الله تعالى: (خشية إملاق)
فتبين أن الأباء أغنياء ولكن قتلهم الأبناء إنما هو خوفاً من الفقر.
فقال الله تعالى: (نرزقهم) فليسوا محتاجين لكم ولن يتسببوا في فقركم لأن الله تكفل برزقهم.
بل ويكون رزق الله لهم سبب في زيادة رزقكم فقال الله تعالى: (وإياكم).
ففي الموضع الأول كان الإهتمام برزق الأباء مقدم لانهم محتاجين ل -الرزق- وهو في مجال الإمتنان عليهم بهذا الرزق - وايضاً الأباء احياء والابناء لم يوجدوا بعد فقدم رزق الحي على من جاء بعده.
أما الموضع الثاني فالإهتمام برزق الأبناء مقدم لأن الأباء غير محتاجين للرزق بقدر ما هي حاجة الأبناء.
قد تكون العبارة خانتني في التعبير ولكن هذا ما كان بوسعي.
وإن كان لمشايخنا من توضيح افضل فجزاهم الله خيرا.
علماً أنني لم أطلع على غير تفسير ابن كثير وزاد المسير, ولم اجد فيهما تفصيل لهذه المسألة.
وأتوقع أن الطاهر بن عاشور سيذكرها في التحرير -ولكن للأسف فالتحرير ليس عندي الآن - , حيث أته يولي مثل هذه المسائل اهتمام مبارك.
ــــــــــــــــــــــــ
<1> ابن كثير (3 - 25)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Nov 2003, 03:48 م]ـ
الدروس والعبر من قصة ذبح بني اسرائيل للبقرة (منقول)
كاتب المقال / عمر مكي / المصدر http://www.basaernews.i8.com/study.htm
في كل قصة من قصص القرآن الكريم عبرة فما هي العبر في قصة البقرة؟ وقبل الجواب نذكر رائعة البيان:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الله تعالى: ((وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ماهي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مُسَلّمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها والله مخرجٌ ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)) البقرة [66 - 73]
وتتجلى في هذه القصة انواع من العبر وهي:
1. معجزة من معجزات الرسول - صلى الله عليه و سلم -.
ودليل من دلائل نبوته بطريق الاخبار الصادقة عن بني إسرائيل.
2. ومنها أنه لا ينبغي مقابلة أمر الله تعالى بكثرة الأسئلة، بل يبادر إلى الامتثال فإنهم لما أمروا بذبح بقرة كان الواجب عليهم المبادرة إلى الامتثال بذبح أي بقرة كانت* فذبحوها وما كادوا يفعلون*
3. ومنها مقابلة الظالم الباغي بنقيض قصده فإن القاتل كان قصده ميراث المقتول ودفع القتل عن نفسه ففضحه الله تعالى وحرمه من الميراث قال ابن سيرين: أول قاتل منع الميراث كان صاحب البقرة.
4. ومنها الدليل على معاد الأبدان وقيام الموتى *وكذلك يحيي الله الموتى* وهذا أمر اتفقت عليه الرسل من أولهم إلى خاتمهم.
5. السخرية والاستهزاء من أفعال الجهل* قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين*
6. ذم الجهل والاستعاذة بالله تعالى منه.
7. ذكر مشيئة الله تعالى سبب من أسباب تحقق الأمر.
8. عدم تأدب بني إسرائيل مع أنبياء الله تعالى وقولهم لنبيهم موسى - رضي الله عنه -: *الآن جئت بالحق* لأنهم إن أرادوا أنك لم تأت بالحق قبل ذلك في أمر البقرة فتلك ردّة وكفر ظاهر وإن أرادوا أنك الآن بينت البيان التام في تعيين البقرة المأمور بذبحها فذلك جهل ظاهر فإن البيان قد حصل بقوله تعالى:*إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة*.
9. الدعاء وتكراره من أسباب البيان في طلب العلم وتيسيره *ادع لنا ربك* ثلاث مرات.
10. كل الفعال هي تحت مشيئة الله تعالى النافذة * وما تشاؤن إلا أن يشاء الله *، * وإنا إن شاء الله لمهتدون*.
11. علم الله تعالى لكل ما يكتمه الناس وإظهاره * والله مخرج ما كنتم تكتمون*.
12. وفي هذه القصة ردّ على الفلاسفة الزاعمين أن الله لا يعلم الجزئيات وتفصيل الحوادث وإنما يعلم الكليات تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
13. اثبات الصفات لله تعالى من القدرة والكلام *القول* والفعل.
14. امتحان الله تعالى لنا بالأسباب وذلك عن طريق ذبح بقرة وهو قادر على إحيائه بدون ذلك إظهاراً لقدرته العظيمة وحجته البالغة.
15. فض النزاعات وترك الاختلاف يكون بمنهاج المرسلين ولا يكون بغيرهم.
16. إسناد الفعل الواقع من الواحد للجميع * وإذ قتلتم نفساً* والقاتل هو واحد لغرض بيان أن القتل من الواحد يتساوى مع القتل بالاشتراك.
17. إظهار الخوارق والمعجزات *الآيات* لغرض تعقلها وفهمها والانتفاع بها*ويريكم آياته لعلكم تعقلون*.
18. وفي هذه المجادلة من بني إسرائيل لنبيهم في البقرة درس لنا في ترك الجدل والخصومة في دين الله تعالى.
19. عدم تأدب بني إسرائيل مع الله تعالى فهم في كل مرة يقولون لموسى - رضي الله عنه - *ادع لنا ربك* فأضافوا الرب إلى موسى - رضي الله عنه - ولم يقولوا *ربنا* وكأنهم في غنىً عن ذلك وقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على تعنت بني إسرائيل مع أنبيائهم فعن أبي هريرة t عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: * دعوني ما تركتم فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم* رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[18 Nov 2003, 04:27 ص]ـ
قال الله تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) <الكهف - 25>
لماذا قال الله سبحانه وتعالى في هذه الآية (وازدادوا تسعا)
فلو جاء أحد حكماء اللغة والعارفين بها لقال أن هذا اسهاب لو اختصر بقول (ثلاث مائة وتسع) لكان ابلغ.
ولكن نقول: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) <النساء - 82>
ففي هذا بلاغة وحكمة إلآهية:
فإن العلماء يقولون أن الثلاث مائة سنة شمسية تساوي 309 شمسية
فكل سنة شمسية تزيد فيها 3 (ثلاث) سنين قمرية
فلكي لا يقول القائل: ثلاث مائة سنة لبثوا في كهفهم هل هي شمسية أم قمرية
فكان النص القرآني القاطع الصريح إن حَسِبتها بالشمسية فهي ثلاث مائة سنة , وإن حَسِبتها بالقمرية فتزيد تسعا.
ياله من كتاب محكم ونص رباني لا ممارات فيه
وإليك ما ذكره إبن كثير في تفسير هذه الأية:
(هذا خبر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم منذ أرقدهم إلى أن بعثهم الله وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان, وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية, وهي الثلثمائة سنة بالشمسية, فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين, فلهذا قال: بعد ثلثمائة وازدادوا تسعاً).
والله أعلم
يا إخوان الى مزيد من المشاركات بارك الله فيكم
احتسبوا الاجر في الوقت الذي تمضيه في الكتابة , فكلنا نمر بآيات فيهاعِبر وتدبر ولكن أين من يكتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Nov 2003, 11:22 ص]ـ
أخي عادل التركي جزاك الله خيراً على نشاطك الملحوظ، ونحن في انتظار المزيد من المشاركات المحررة.
أما ما أشرت إليه من الإعجاز في آية الكهف؛ فهو محل نظر، وقد نبه على ذلك الشيخ ابن عثيمين في تفسيره لسورة الكهف فليراجع.
وقد ذكر علماء الحساب أن الفرق بين السنين الشمسية والهلالية ليس تسع سنين، والله أعلم.
وقد وافقك فيما ذهبت إليه الطاهر ابن عاشور، وذكر قريباً مما ذكرت.
والمسألة تحتاج إلى بحث وتأني، فلعلك تحررها لنا مشكوراً.
ـ[عادل التركي]ــــــــ[19 Nov 2003, 04:18 م]ـ
الأخ الكريم:أبومجاهدالعبيدي
إنما أردت من ذكري للآية وتوضيح ما جاء فيها زيادة التدبر في القرآن , وبيان إعجازه وبلاغته ولم أقصد من قولي التقول على الله ـ حاشى وكلاّـ وإنما أنا مجتهد فإن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
ولكن انبه الى أني إعتمدت في قولي على ماذكره الإمام ابن كثير - وكفى به مرجع - وأيّده الطاهر ابن عاشور في التحرير.
وللأمانة أنقل ما قاله العلامة ابن عثيمين في تفسير هذه الأية حيث قال في تفسير سورة الكهف: ((وَازْدَادُوا تِسْعاً) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين، قد يقول قائل: "لماذا لم يقل مائة وتسع سنين؟ ". فالجواب: هذا بمعنى هذا، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال: {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً}، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية وازدادوا تسعاً بالقمرية، فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا، من الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا، لأن الحساب عند الله تعالى واحد، وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله؟ الجواب: هي الأهلَّة، ولهذا نقول: إن القول بأن "ثلاث مائة سنين" شمسية، "وازدادوا تسعاً" قمرية قول ضعيف. أولاً: لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا. ثانياً: أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة، قال تعالى: {هو الذى جعل الشمس صياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} [البقرة: 189] وقال تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج)) أ-هـ.
وسأضيف ما يتضح لي في المستقبل.
والله أعلم
ـ[عادل التركي]ــــــــ[21 Nov 2003, 06:55 م]ـ
غفرالله لنا وله ولوالدينا ولجميع المسلمين
ففي أثنا بحثي في هذا الموضوع وجدت نسخة إلكترونية لتفسير الشيخ لسورة الكهف فأحببت أن اضعها للإخوان لما فيها من الفائدة العظيمة.
علماً أني مازلت أبحث في الموضوع السابق.
وهذا هو رابط التحميل:
http://www.binothaimeen.com/soft/Tafseer-Alkahf.exe
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Oct 2005, 06:57 م]ـ
يرفع لإضافة ما يستجد خلال هذا الشهر الكريم إن شاء الله (رمضان 1426هـ).
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[12 Oct 2005, 02:07 ص]ـ
ذكر ابن القيم فائدة نفيسة في
قوله تعالى" ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون "
تتلخص في أن: العبد يثاب على الطاعة ويثاب على ما تولد منها
وأترك الكلام له ليتحفكم بهذه الفائدة
قال رحمه الله " فأخبر الله سبحانه في الاية الاولى أن المتولد عن طاعتهم وأفعالهم يكتب لهم به عمل صالح وأخبر في الثانية أن أعمالهم الصالحة التي باشروها تكتب لهم أنفسها والفرق بينهما ان الاول ليس من فعلهم وإنما تولد عنه فكتب لهم به عمل صالح والثاني نفس أفعالهم فكتب لهم " بدائع التفسير 2/ 383
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[12 Oct 2005, 02:13 ص]ـ
ومن الفوائد الجميلة التي ذكرها أيضا
أن أيسر شيء من رضوان الله أكبر من الجنات
قال رحمه الله " وتأمل قوله تعالى وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر" التوبة 72
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف جاء بالرضوان مبتدأ منكرا مخبرا عنه بأنه أكبر من كل ما وعدوا به فأيسر شيء من رضوانه أكبر الجنات وما فيها من المساكن الطيبة وما حوته ولهذا لما يتجلى لأوليائه في جنات عدن ويمنيهم أي شيء يريدون فيقولون ربنا وأي شيء نريد أفضل مما أعطيتنا فيقول تبارك وتعالى إن لكم عندي أفضل من ذلك أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " بدائع التفسير 2/ 371
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[12 Oct 2005, 07:12 ص]ـ
كلام ابن القيم على آية التوبة سبقه ـ وبتفصيل أروع وأوضح ـ شيخه ابن تيمية في مجموع الفتاوى 10/ 723 ـ في معرض حديثه عن أحوال النية،وعلاقة الأفعال بها:
"ومنها ما يتولد عن فعل الإنسان: كالداعى إلى هدى أو إلى ضلالة،والسانُ سنة حسنة وسنة سيئة، كما ثبت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شىء ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص أوزارهم شىء).
وثبت عنه فى الصحيحين أنه قال: (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شىء).
فالداعى إلى الهدى وإلى الضلالة هو طالب مريد، كامل الطلب والإرادة لما دعا إليه، لكن قدرته بالدعاء والأمر وقدرة الفاعل بالإتباع والقبول،ولهذا قرن الله تعالى فى كتابه بين الأفعال المباشرة والمتولدة، فقال:
(ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح أن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة و لايقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
فذكر فى الآية الأولى ما يحدث عن أفعالهم بغير قدرتهم المنفردة ـ وهو ما يصيبهم من العطش والجوع والتعب، وما يحصل للكفار بهم من الغيظ وما ينالونه من العدو ـ وقال: (كتب لهم به عمل صالح)، فأخبر أن هذه الأمور التى تحدث وتتولد من فعلهم،وفعل آخر منفصل عنهم يكتب لهم بها عمل صالح.
وذكر فى الآية الثانية نفس أعمالهم المباشرة التى باشروها بأنفسهم ـ،وهي الإنفاق،وقطع المسافة، فلهذا قال فيها: (إلا كتب لهم) فإن هذه نفسها عمل صالح.
وإرادتهم فى الموضعين جازمة على مطلوبهم ـ الذي هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هى العليا ـ فما حدث مع هذه الإرادة الجازمة من الأمور التي تعين فيها قدرتهم بعض الإعانة هى لهم عمل صالح ... الخ).
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 Oct 2005, 01:43 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد بيّن ربّنا سبحانه وتعالى نعمه على عباده ليلزمهم شكرها ..
ومن نعمه التي لا تحصى تهيئة الأرض على الوجه الذي فيه منفعة للناس والأحياء ..
ولقد وصف الله تعالى الأرض بأوصاف متعدّدة في كتابه الحكيم:
وصفها بأنها مهاد، وبأنها فراش، وبأنها ذلول، وبأنها مسطحة ..
فقد جعلها الله تعالى مهاداً، في قوله سبحانه: " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا " (النبأ: 6). فهي كالمهد للطفل يسكن فيه لينام ويرتاح، أي جعلها ممهّدة ليست بالصلبة التي لا يستطيع الخلق حرثها، ولا المشي عليها إلا بصعوبة، وليست بالليّنة الرخوة التي لا ينتفعون بها، ولا يستقرّون فيها، ولكنها ممهّدة لهم على حسب مصالحهم وعلى حسب ما ينتفعون به.
وجعلها الله تعالى فراشاً، في قوله سبحانه: " الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة: 22). فهي كالفراش مسوّاة للأحياء إذا أرادوا الراحة عليها، وموطّأة يستقرّ الإنسان عليها استقراراً كاملاً، ليست نشزاً وليست مؤلمة عند النوم عليها.
وجعلها الله تعالى ذلولاً، في قوله سبحانه: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " (الملك: 15). حيث استعير الذلول للأرض في تذليل الانتفاع بها مع صلابة خلقتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجعلها الله تعالى مسطحة، في قوله سبحانه: " وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ " (الغاشية: 20) حيث جعلها سبحانه سطحاً واسعاً ليتمكّن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغيرهما.
وهذه النعم التي أنعم الله بها على خلقه في الأرض اختلفت عن وصف الأرض يوم تقوم الساعة ..
ففي ذلك اليوم وصفها الله تعالى بأنها ممدودة، في قوله سبحانه: " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق: 1 - 5).
والأرض التي نحن عليها الآن غير ممدودة، فهي كرة مدورة، ثم هي أيضاً معرجة فيها الجبال والوديان، وفيها السهول والرمال، فهي غير مستوية. أما يوم القيامة فتُمدّ الأرض مدّاً واحداً كمدّ الأديم، أي: كمدّ الجلد (مسند الإمام أحمد 375/ 1، وسنن ابن ماجه أبواب الفتن، باب فتنة الدجال (4081)). كأنما تفرش جلداً أو سماطاً، حتى لا يكون فيها جبال، ولا أودية، ولا أشجار، ولا بناء، يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً. وإنها تُمدّ حتى إن الذين عليها ـ وهم الخلائق ـ يُسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، حتى يصير أقصاهم مثل أدناهم، كما جاء في الحديث: «يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفُذُهُم البصر» (أخرجه الخاري كتاب التفسير باب " ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ " (4712) ومسلم كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (194) (327)).
فانظر إلى اختيار كلمة (مُدَّت) في وصف الأرض يوم القيامة في آية سورة الإنشقاق ..
فلم يقل هنا (سُطِحت) لأن التسطيح قد يكون فيه جبال وأودية، كما هو الحال في الأرض.
ولم يقل (فُرشت) لأن الأرض قد انتهت وخرب العالم وما فيه.
ولم يقل (مُهدت) لأنه قد انتهى العالم وأزيل فلا راحة هنا ولا حنان ولا مهاد.
وإنما قال (مُدَّت) لأن الله سبحانه وتعالى يبدّل الأرض يوم القيامة بأرض أخرى، فيمدّها مدّاً حتى لا يصبح فيها لا عوجاً ولا أمتاً، فيحاكم عليها البشرية من أولها إلى آخرها، ويقاضي عليها الإنسانية منذ أن خلقها إلى أن أفناها، فنسأله سبحانه وتعالى أن نكون في ذلك اليوم من السعداء أصحاب الميمنة.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Oct 2005, 01:44 م]ـ
ومن الآيات التي استوقفتني ..
في أوائل فصلت أخبر الله تعالى أن السماوات والأرض ـ في بداية خلقهما ـ "قالتا أتينا طائعين"،وكذلك قالتا في نهاية الخلق،عند قرب يوم القيامة: في قوله سبحانه: " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق: 1 - 5) ..
فتعجبت،وقلت: ما أكفر ابن آدم هذا المخلوق الضعيف الذي لا يشكل إلا ذرة صغيرة جداً جداً!
ومع ذلك يعرض عن أمر ربه،ويتجرأ على نواهيه،وهو الذي ميزه الله بنعمة العقل ..
بينما السماوات والأرض ـ اللتان هما أكبر من خلق الناس بنص القرآن ـ تعلنان انصياعهما وانقيادهما لأمر ربهما في أول الخلق وآخره ..
فاللهم ارزقنا التسليم لأمرك،والانقياد لحكمك،وأعذنا من التمرد والكفر ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 03:00 م]ـ
ومن الآيات أيضاً ..
قوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان .. الآية). فقد ربطت بين هذه الآية وحديث عدي بن حاتم - وكان نصرانياً قبل إسلامه - عندما سمع قول الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله .. ) فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: لم نعبدهم يا رسول الله!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أليسوا إذا حرموا ما أحل الله حرمتموه، وإذا أحلوا ما حرم الله أحللتموه؟) قال: بلى. قال: (فتلك عبادتهم).
فعبادة الشيطان في الآية هي طاعته في معصية الله، وهذا مفهوم واسع، وقد رأيت يوماً مقالاً يتحدث عن قوم من المعاصرين يسمون (عَبَدَة الشيطان)، ورأيت كاتب المقال يستدل بهذه الآية على أن المقصود بعبادة الشيطان هي ما يفعله هؤلاء المنحرفون دون غيرهم. وهذا التخصيص خطأ في فهم الآية، ومفهوم العبادة أوسع من هذا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.(/)
أقوال العلماء في إسماعيل بن عبدالرحمن المعروف بالسدي الكبير.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 Oct 2003, 11:24 م]ـ
إسماعيل بن عبد الرحمان السدي الكبير، مولى بني هاشم الكوفي. شيعي شتّام يطعن بأبي بكر وعمر. وهو غير محمد بن مروان السدي الصغير، الرافضي الكذاب.
اختلف عليه علماء الحديث: فمنهم من وثقه، ومنهم من كذبه، والأكثرون على ضعفه. ومثل هذا لا ينبغي أخذ الحديث عنه. ولكن قد نأخذ عنه التفسير اللغوي استئناساً فقط، ولا نجعله حجة في دين الله.
أثنى على تفسيره بعض السلف كإبراهيم النخعي والعجلي، وذمه بعضهم أيضاً. قال صالح بن مسلم: مررت مع الشعبي على السدي وحوله شباب يفسر لهم القرآن، فقام عليه الشعبي فقال: «ويحاًَ للآخر، لو كنت نشواناً يُضرَبُ على أستك بالطبل خيراً لك مما أنت فيه». قال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي، وقيل له إن إسماعيل السدي قد أعطي حظاً من علم القرآن، فقال: «قد أعطي حظاً من جهلٍ بالقرآن». قلت: تفسيره إجمالاً جيد إلا أن فيه أمور باطلة أنكرها الشعبي وغيره. وروى العقيلي في الضعفاء (1\ 87) عن أحمد بن محمد قال: قلت لأبي عبد الله (أحمد بن حنبل): «السدي كيف هو؟». قال: «أخبرك أن حديثه لمقارب وأنه لحسن الحديث. إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه ... » فجعل يستعظمه. قلت: «ذاك إنما يرجع الى قول السدي؟». فقال: «من أين، وقد جعل له أسانيد؟ ما أدري ما ذاك». وقال الطبري: «لا يحتج بحديثه». قلت ليته إذاً لم يحشو تفسيره بكلام السدي، إذ لعله أخرج له أكثر من أي شخص آخر!
وكان السدي الكبير رافضياً يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ويشرب النبيذ ويكذب في الحديث. وإجمالاً فالسدي الكبير أثنى على عدالته القطان والنسائي وابن عدي وأحمد (في رواية). وجرحه أحمد (في رواية) وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي والعقيلي والساجي والطبري وشعبة. واتهمه بالكذب الحافظ السعدي وليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً) والمعتمد بن سليمان. قال ليث: «كان بالكوفة كذّابان فمات أحدهما السدّي والكلبي. وقال حسين بن واقد المروزي (قاضي فاضل): «قدمت الكوفة فأتيت السدي فينبغي عن تفسير آية من كتاب الله، فحدثني بها. فلم أتم مجلسي، حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فلم أعد اليه». وقال عنه الجوزجاني: «كذاب شتام». وقال العقيلي: «ضعيف، و كان يتناول الشيخين».
لكن السدي على كذبه وضلاله، كان رجلاً فصيحاً من العرب. وكان تفسيره اللغوي للقرآن موافق للغة العرب، فلذلك أثنوا عليه، لكنهم عابوا عليه أنه يضع لآراءه أسانيداً. وحكى الساجي عن أحمد قوله فيه: «إنه ليُحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسناداً واستكلفه». فثبت أن ما ينسبه لإبن عباس وابن مسعود وغيرهم لا يصح، وإن كان معناه إجمالاً صحيح، لموافقته للغة العرب. وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال في دلائل النبوة" (1\ 37): «وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه، تشهد لهم به لغات العرب. وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط».
- أكثر ما يروى عن السدي من طريق: عمرو بن طلحة القناد (صدوق رافضي) عن أسباط بن نصر الهمداني (ضعيف) عن السدي. وهذا طريق ضعيف لا حجة فيه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Oct 2003, 09:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم محمد الأمين وفقه الله وزاده من فضله، أرغب - تكرماً منكم - توضيح مسائل:
الأولى: قولك: (شيعي شتام يطعن بأبي بكر وعمر). وقولك: (وكان السدي الكبير رافضياً يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ويشرب النبيذ ويكذب في الحديث.) هل على ذلك بينة صادقة لا خلاف فيها؟
وإن كان في الأمر خلاف فما هو الأليق في هذه الحالة عند العلماء؟
والذي ذكره الدكتور محمد عطا يوسف في جمعه لتفسير السدي أنه: (لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي (ت748هـ) فقال: (رُمي السدي بالتشيع)، وتوسع ابن حجر من بعده فجاء بروايتين، أولاهما عن الحسين بن واقد أنه جلس يستمع السدي، حتى سمعه يتناول الشيخين فقام عنه، والأخرى عن العقيلي قال: كان السدي يتناول الشيخين).
(يُتْبَعُ)
(/)
وجاء بعدهما الخزرجي، والداودي فنقلا مقالة الذهبي فقط، دون ذكر روايات أخرى تؤيدها.
وذهب العاملي إلى أبعد من ذلك فقال: (ذكره الشيخ - يقصد الطوسي - في رجاله في أصحاب علي بن الحسين، وفي أصحاب الباقر، وفي أصحاب الصادق، إسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير).
وأما ما أورده الذهبي وابن حجر وغيرهما، فلم أجد من نقاد الرواية الأوائل من أمثال البخاري وابن أبي حاتم وابن الأثير من ذكره، وما كان هذا ليفوتهم دون النص عليه.
وهذا الأثر الذي أورده العاملي الشيعي المذهب، قد رده شيعي آخر، فقد قال الخوانساري في روضات الجنات: (وقد ذكره الطوسي - أي السدي - في جملة من روى عن الصادق ومن رجاله، ولا يثبت عندي ذلك، فلم يثبت رواية منه ولا من أمثاله عن أحد من أهل البيت المعصومين).
والرواية الوحيدة في تفسير السدي التي يمكن أن يفهم منها تشيعه هي عند تفسير قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض .. ) سورة الدخان آية 29، حيث قال: (لما قتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما بكت السماء، وبكاؤها حمرتها).
وهذا الأثر عن السدي رواه الحكم بن ظهير، الذي ذكره ابن حبان في المجروحين قائلاً: (كان يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات، ويشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). وكفى بهذا القول دلالة على دس هذا الأثر على السدي.
فالرواة لم ينصوا على تشيع السدي نصاً يطمئن إليه، ولعل هذا الدس الذي وقع في تفسيره كان سبباً في هذه الشبهة). أهـ بتصرف من كتاب الدكتور محمد عطا يوسف. ص29 - 30
الثانية: إن أول من قدح في السدي الكبير هو الشعبي رحمه الله. والبخاري لم يعبأ بقدحه، وروى في التاريخ الكبير عن مسدد عن يحيى قال: سمعت ابن أبي خالد يقول: السدي أعلم بالقرآن من الشعبي! وروى البخاري كذلك في تاريخه عن ابن المديني عن يحيى القطان قال: (ما رأيت أحداً يذكر السدي إلا بخير، وما تركه أحد).
ولذلك يقول أحمد شاكر في تعليقه على الخبر (168) من تفسير الطبري 1/ 157:
(إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي: هو السدي الكبير، قرشي بالولاء، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة، من بني عبد مناف، كما نص على ذلك البخاري في تاريخيه: الصغير: 141 - 142، والكبير 1/ 1 / 361، وهو تابعي، سمع أنسًا، كما نص على ذلك البخاري أيضًا، وروى عن غيره من الصحابة، وعن كثير من التابعين. وهو ثقة. أخرج له مسلم في صحيحه، وثقه أحمد بن حنبل، فيما روى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1/ 1 / 184، وروى أيضًا عن أحمد، قال: "قال لي يحيى بن معين يومًا عند عبد الرحمن بن مهدي: السدي ضعيف، فغضب عبد الرحمن، وكره ما قال": وفي الميزان والتهذيب "أن الشعبي قيل له: إن السدي قد أعطي حظًا من علم القرآن، فقال: قد أعطي حظًا من جهل بالقرآن! ".
وعندي أن هذه الكلمة من الشعبي قد تكون أساسا لقول كل من تكلم في السدي بغير حق. ولذلك لم يعبأ البخاري بهذا القول من الشعبي، ولم يروه، بل روى في الكبير عن مسدد عن يحيى قال: " سمعت ابن أبي خالد يقول: السدي أعلم بالقرآن من الشعبي". وروى في تاريخيه عن ابن المديني عن يحيى، وهو القطان، قال: "ما رأيت أحدًا يذكر السدي إلا بخير، وما تركه أحد". وفي التهذيب: "قال العجلي: ثقة عالم بالتفسير راوية له". وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند 807. وتوفي السدي سنة 127هـ).أهـ
والإسناد الذي أكثر الطبري إيراده في تفسيره قال عنه أحمد شاكر 1/ 156: (هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانًا في تفسير الطبري، إن لم يكن أكثرها، فلا يكاد يخلو تفسير آية من رواية بهذا الإسناد. وقد عرض الطبري نفسه في (ص 121 بولاق، سطر: 28 وما بعده)، فقال، وقد ذكر الخبر عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد: "فإن كان ذلك صحيحًا، ولست أعلمه صحيحًا، إذ كان بإسناده مرتابًا. . . . ". ولم يبين علة ارتيابه في إسناده، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به. ولكنه لم يجعلها حجة قط.
بيد أني أراه إسنادا يحتاج إلى بحث دقيق. ولأئمة الحديث كلام فيه وفي بعض رجاله. وقد تتبعت ما قالوا وما يدعو إليه بحثه، ما استطعت، وبدا لي فيه رأي، أرجو أن يكون صوابًا، إن شاء الله. وما توفيقي إلا بالله:
(يُتْبَعُ)
(/)
- أما شيخ الطبري، وهو "موسى بن هارون الهمداني": فما وجدت له ترجمة، ولا ذكرًا في شيء مما بين يدي من المراجع، إلا ما يرويه عنه الطبري أيضًا في تاريخه، وهو أكثر من خمسين موضعًا في الجزئين الأول والثاني منه. وما بنا حاجة إلى ترجمته من جهة الجرح والتعديل، فإن هذا التفسير الذي يرويه عن عمرو بن حماد، معروف عند أهل العلم بالحديث. وما هو إلا رواية كتاب، لا رواية حديث بعينه.
- "وعمرو بن حماد": هو عمرو بن حماد بن طلحة القناد، وقد ينسب إلى جده، فيقال عمرو بن طلحة، وهو ثقة، روى عنه مسلم في صحيحه، وترجمه ابن سعد في الطبقات 6: 285، وقال: "وكان ثقة إن شاء الله" مات سنة 222. وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 1 / 228، وروى عن أبيه ويحيى بن معين أنهما قالا فيه: "صدوق".
- أسباط بن نصر الهمداني: مختلف فيه، وضعفه أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات: 410، و ترجمه البخاري في الكبير 1/ 2 / 53 فلم يذكر فيه جرحًا، وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1/ 1 / 332، وروى عن يحيى بن معين قال: "أسباط بن نصر ثقة". وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند، في الحديث 1286) أهـ.
- أبو مالك: هو الغفاري، واسمه غزوان. وهو تابعي كوفي ثقة. ترجمه البخاري في الكبير 4/ 1 / 108، وابن سعد في الطبقات 6: 206، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 2 / 55، وروى توثيقه يحيى بن معين.
- أبو صالح: هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، واسمه باذام، ويقال باذان. وهو تابعي ثقة، رجحنا توثيقه في شرح المسند 2030، وترجمه البخاري في الكبير 1/ 2 / 144، وروى عن محمد بن بشار، قال: "ترك ابن مهدي حديث أبي صالح". وكذلك روى ابن أبي حاتم في ترجمته في الجرح والتعديل 1/ 1 / 431 - 432 عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي. ولكنه أيضًا عن يحيى بن سعيد القطان، قال: " لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة ولا عبد الله بن عثمان". وروى أيضًا عن يحيى بن معين، قال: " أبو صالح مولى أم هانئ ليس به بأس، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس، لأن الكلبي يحدث به مرة من رأيه، ومرة عن أبي صالح، ومرة عن أبي صالح عن ابن عباس". يعني بهذا أن الطعن فيما يروي عنه هو في رواية الكلبي، كما هو ظاهر).
ثم يواصل الشيخ أحمد شاكر حديثه عن الإسناد فيقول:
(هذا عن القسم الأول من هذا الإسناد. فإنه في حقيقته إسنادان أو ثلاثة. أولهما هذا المتصل بابن عباس.
والقسم الثاني، أو الإسناد الثاني: "وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود". والذي يروي عن مرة الهمداني: هو السدي نفسه.
- ومرة: هو ابن شراحيل الهمداني الكوفي، وهو تابعي ثقة، من كبار التابعين، ليس فيه خلاف بينهم.
- والقسم الثالث، أو الإسناد الثالث: "وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
وهذا أيضًا من رواية السدي نفسه عن ناس من الصحابة.
فالسدي يروي هذه التفاسير لآيات من القرآن: عن اثنين من التابعين عن ابن عباس، وعن تابعي واحد عن ابن مسعود، ومن رواية نفسه عن ناس من الصحابة.
وللعلماء الأئمة الأقدمين كلام في هذا التفسير، بهذه الأسانيد، قد يوهم أنه من تأليف من دون السدي من الرواة عنه، إلا أني استيقنت بعدُ، أنه كتاب ألفه السدي.
فمن ذلك قول ابن سعد في ترجمة "عمرو بن حماد القناد" 6: 285: "صاحب تفسير أسباط بن نصر عن السدي". وقال في ترجمة "أسباط بن نصر" 6: 261: "وكان راوية السدي، روى عنه التفسير". وقال قبل ذلك في ترجمة "السدي" 6: 225: "إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، صاحب التفسير". وقال قبل ذلك أيضًا، في ترجمة "أبي مالك الغفاري" 6: 206: "أبو مالك الغفاري صاحب التفسير، وكان قليل الحديث".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن الذي يرجح أنه كتاب ألفه السدي، جمع فيه التفسير، بهذه الطرق الثلاث، قول أحمد بن حنبل في التهذيب 1: 314، في ترجمة السدي: "إنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجئ به، قد جعل له إسنادًا، واستكلفه". وقول الحافظ في التهذيب أيضًا 1: 315: "قد أخرج الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما، في تفاسيرهم، تفسير السدي، مفرقًا في السور، من طريق أسباط بن نصر عنه".
وقول السيوطي في الإتقان 2: 224 فيما نقل عن الخليل في الإرشاد: "وتفسير إسماعيل السدي، يورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس. وروى عن السدي الأئمة، مثل الثوري وشعبة. ولكن التفسير الذي جمعه، رواه أسباط بن نصر. وأسباط لم يتفقوا عليه. غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي". ثم قال السيوطي: "وتفسير السدي، [الذي] أشار إليه، يورد منه ابن جرير كثيرًا، من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، و [عن] ناس من الصحابة. هكذا. ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئًا، لأنه التزم أن يخرج أصح ما ورد. والحاكم يخرج منه في مستدركه أشياء، ويصححه، لكن من طريق مرة عن ابن مسعود وناس، فقط، دون الطريق الأول، وقد قال ابن كثير: إن هذا الإسناد يروي به السدي أشياء فيها غرابة".
وأول ما نشير إليه في هذه الأقوال: التناقض بين قولي الحافظ ابن حجر والسيوطي، في أن ابن أبي حاتم أخرج تفسير السدي مفرقًا في تفسيره، كما صنع الطبري، في نقل الحافظ، وأنه أعرض عنه، في نقل السيوطي. ولست أستطيع الجزم في ذلك بشيء، إذ لم أرَ تفسير ابن أبي حاتم. ولكني أميل إلى ترجيح نقل ابن حجر، بأنه أكثر تثبتًا ودقة في النقل من السيوطي.
ثم قد صدق السيوطي فيما نقل عن الحاكم. فإنه يروي بعض هذا التفسير في المستدرك، بإسناده، إلى أحمد بن نصر: "حدثنا عمرو بن طلحة القناد حدثنا أسباط بن نصر، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". ثم يصححه على شرط مسلم، ويوافقه الذهبي في تلخيصه. من ذلك في المستدرك 2: 258، 260، 273، 321.
والحاكم في ذلك على صواب، فإن مسلمًا أخرج لجميع رجال هذا الإسناد. من عمرو بن حماد بن طلحة القناد إلى مرة الهمداني. ولم يخرج لأبي صالح باذام ولا لأبي مالك الغفاري، في القسم الأول من الإسناد الذي روى به السدي تفاسيره).
ــــــــــ
ثم علق الشيخ أحمد شاكر هنا على كلمة الإمام أحمد في تفسير السدي فقال:
(أما كلمة الإمام أحمد بن حنبل في السدي "إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به، قد جعل له إسنادًا واستكلفه" فإنه لا يريد ما قد يفهم من ظاهرها: أنه اصطنع إسنادا لا أصل له؛ إذ لو كان ذلك، لكان -عنده- كذابًا وضاعًا للرواية.
ولكنه يريد -فيما أرى، والله أعلم- أنه جمع هذه التفاسير، من روايته عن هؤلاء الناس: عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، ثم ساقها كلها مفصلة، على الآيات التي ورد فيها شيء من التفسير، عن هذا أو ذاك أو أولئك، وجعل لها كلها هذا الإسناد، وتكلف أن يسوقها به مساقًا واحدًا.
أعني: أنه جمع مفرق هذه التفاسير في كتاب واحد، جعل له في أوله هذه الأسانيد. يريد بها أن ما رواه من التفاسير في هذا الكتاب، لا يخرج عن هذه الأسانيد. ولا أكاد أعقل أنه يروي كل حرف من هذه التفاسير عنهم جميعا. فهو كتاب مؤلف في التفسير، مرجع فيه إلى الرواية عن هؤلاء، في الجملة، لا في التفصيل.
إنما الذي أوقع الناس في هذه الشبهة، تفريق هذه التفاسير في مواضعها، مثل صنيع الطبري بين أيدينا، ومثل صنيع ابن أبي حاتم، فيما نقل الحافظ ابن حجر، ومثل صنيع الحاكم في المستدرك. فأنا أكاد أجزم أن هذا التفريق خطأ منهم، لأنه يوهم القارئ أن كل حرف من هذه التفاسير مروي بهذه الأسانيد كلها، لأنهم يسوقونها كاملة عند كل إسناد، والحاكم يختار منها إسنادًا واحدًا يذكره عند كل تفسير منها يريد روايته. وقد يكون ما رواه الحاكم -مثلا- بالإسناد إلى ابن مسعود، ليس مما روى السدي عن ابن مسعود نصًا. بل لعله مما رواه من تفسير ابن عباس، او مما رواه ناس من الصحابة، روى عن كل واحد منهم
(يُتْبَعُ)
(/)
شيئًا، فأسند الجملة، ولم يسند التفاصيل).
وقد التمس الشيخ أحمد شاكر العذر للسدي في ذلك فقال:
(ولم يكن السدي ببدع في ذلك، ولا يكون هذا جرحًا فيه ولا قدحًا. إنما يريد إسناد هذه التفاسير إلى الصحابة، بعضها عن ابن عباس، وبعضها عن ابن مسعود، وبعضها عن غيرهما منهم. وقد صنع غيره من حفاظ الحديث وأئمته نحوًا مما صنع، فما كان ذلك بمطعن فيهم، بل تقبلها الحفاظ بعدهم، وأخرجوها في دواوينهم. ويحضرني الآن من ذلك صنيع معاصره: ابن شهاب الزهري الإمام. فقد روى قصة حديث الإفك، فقال: "أخبرني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا. وكلهم حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصًا، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني، وبعض حديثهم يصدق بعضا "، إلخ.
فذكر الحديث بطوله. وهو في صحيح مسلم 2: 333 - 335. ورواه الإمام أحمد والبخاري في صحيحه، كما في تفسير ابن كثير 6: 68 - 73. ثم قال ابن كثير: " وهكذا رواه ابن إسحاق عن الزهري كذلك، قال: " وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة، وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة ". وإسناد ابن إسحاق الأخير في الطبري أيضًا. والإسنادان كلاهما رواهما ابن إسحاق عن الزهري، في السيرة (ص 731 من سيرة ابن هشام).
والمثل على ذلك كثيرة، يعسر الآن تتبعها.
وقد أفادنا هذا البحث أن تفسير السدي من أوائل الكتب التي ألفت في رواية الأحاديث والآثار، وهو من طبقة عالية، من طبقة شيوخ مالك من التابعين.).أهـ كلام أحمد شاكر.
الثالثة: هل معنى قولك: (ومثل هذا لا ينبغي أخذ الحديث عنه، ولكن قد نأخذ عنه التفسير اللغوي استئناساً فقط، ولا نجعله حجة في دين الله). أن السدي ليس بحجة في اللغة إذا فسر القرآن الكريم بلغة العرب؟ وإنما يستأنس به فقط؟ وهذا إذا علمنا أنه قد توفي سنة 127هـ أو 128 هـ وهو داخل في عصر الاحتجاج اللغوي.
الرابعة: ما هي الأمور الباطلة التي أنكرها الشعبي وغيره في قولك: (قلت: تفسيره إجمالاً جيد إلا أن فيه أموراً باطلة أنكرها الشعبي وغيره).أهـ فربما يكون الوهم والخطأ من غير السدي.
الخامسة: قولكم: (فثبت أن ما ينسبه لإبن عباس وابن مسعود وغيرهم لا يصح، وإن كان معناه إجمالاً صحيح، لموافقته للغة العرب. وقد أشار البيهقي إلى هذا الملحظ فقال في دلائل النبوة" (1\ 37): «وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم لأن ما فسروا به ألفاظه، تشهد لهم به لغات العرب. وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط»).
لعل في توجيه الشيخ أحمد شاكر ما يخفف الحكم بعدم صحة أسانيده مطلقاً عن ابن عباس وابن مسعود.
السادسة: أنه قد قام الدكتور محمد عطا يوسف وفقه الله بتتبع تفسير السدي من كتب التفسير وجمعها في كتاب بعنوان: (تفسير السدي الكبير المتوفى سنة 128هـ). وقد طبع عام 1414هـ في دار الوفاء بمصر - المنصورة.
والله الموفق للصواب.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 Oct 2003, 05:26 م]ـ
قول الدكتور: "لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي ... " فيه تلبيس واضح ومكابرة أمام الحقائق. فالسدي رموه بالتشيع والرفض بعض أهل زمانه وشهدوا عليه بذلك، وهم ثقات. فكيف يزعم الدكتور هذا الزعم؟ وهذا كفيل بإسقاط ما قال عنه.
أما ترجيح الشيخ أحمد شاكر فمردود لأنه معروف بتساهله البالغ. وأي خلاف في الراوي يجعله رجلاً ثقة حتى وإن كان اعترف بنفسه أنه كذاب. لكن القاعدة عند علماء الجرح والتعديل أن الجرح مقدم على التعديل. وهذا متحقق هنا تماماً. والسدي الكبير أثبتوا عليه الرفض وأثبتوا عليه الكذب، وكلام الجارحين أكثر من كلام المعدلين. فلا شك في ترجيح الجرح على التعديل.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 Oct 2003, 10:35 ص]ـ
الشيخ عبد الرحمن الشهري حفظه ووفقه
ردي السابق كان مقتضباً لأني كنت على عجل، فبإمكانك حذفه، والاكتفاء بهذا الرد المفصل.
السدي الكبير شيعي لم يشكك أحد في ذلك. وقد شهد عليه علماء عصره بهذا، وهم أدرى به.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال عنه الإمام العقيلي في كتابه الضعفاء: «ضعيف، و كان يتناول الشيخين».
وقال عنه الجوزجاني: «كذاب شتام».
وقال حسين بن واقد المروزي (قاضي فاضل): «قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير آية من كتاب الله، فحدثني بها. فلم أتم مجلسي، حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فلم أعد اليه».
وقال ليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً): «كان بالكوفة كذّابان فمات أحدهما السدّي والكلبي».
فقول الدكتور: "لم يظهر اتهام السدي بالتشيع إلا في النصف الأول من القرن الثامن على لسان الذهبي ... " فيه تلبيس واضح ومكابرة أمام الحقائق. فالسدي رموه بالتشيع والرفض بعض أهل زمانه وشهدوا عليه بذلك، وهم ثقات. فكيف يزعم الدكتور هذا الزعم؟ وهذا كفيل بإسقاط ما قال عنه.
أما ترجيح الشيخ أحمد شاكر فمردود لأنه معروف -رحمه الله- بتساهله البالغ. وأي خلاف في الراوي يجعله رجلاً ثقة حتى وإن كان اعترف بنفسه أنه كذاب. لكن القاعدة عند علماء الجرح والتعديل أن الجرح مقدم على التعديل. وهذا متحقق هنا تماماً. والسدي الكبير أثبتوا عليه الرفض وأثبتوا عليه الكذب، وكلام الجارحين أكثر من كلام المعدلين. فلا شك في ترجيح الجرح على التعديل.
وزعمه بأن كلمة الشعبي هي الأساس لا صحة لها. فالشعبي لم يتهمه بالرفض والكذب، وإنما أنكر عليه أمور باطلة في تفسيره. ولعل مما أنكره الإسرائيليات التي حشاها أو ربما روايته عن كذابين كأبي صالح أو ربما تصدره للعلم وليس بأهل له. أما باقي الأئمة فلم يكن عندهم التقليد سائداً. عدا أن منهم من سمع منه شتم الشيخين. وزعم الشيخ أحمد شاكر بأن البخاري لم يعبئ بهذا القول لا مستند له من الصحة. ومعلوم أن البخاري غالبا لا يورد في تراجم تاريخه إلا القليل من أقوال الجرح والتعديل.
وإجمالاً فالسدي الكبير أثنى على عدالته القطان والنسائي وابن عدي وأحمد (في رواية). وجرحه أحمد (في رواية) وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي والعقيلي والساجي والطبري وشعبة. واتهمه بالكذب الحافظ السعدي وليث بن أبي سليم (وهو من أئمة السنة وإن كان حفظه ضعيفاً) والمعتمد بن سليمان.
فكما تلاحظ أن عدد الجارحين أكثر، وهو جرح مفسسر. ولا شك أنه ينبغ تقديمه على التعديل.
ملاحظات على كلام الشيخ أحمد شاكر:
عمرو بن حماد بن طلحة القناد صدوق رافضي. فهو من أهل الصدق لكن هذا دون التوثيق، حيث له مناكير ذكروا بعضها في ترجمته. وهو رافضي يشتم عثماناً.
أسباط بن نصر الهمداني أكثرهم ضعفوه، ويبدو أن عامة أحاديثه قد قلب أسانيدها.
الكذب ثابت عن أبي صالح، وقد قال ابن عدي عنه: «لم أعلم أحداً من المتقدمين رضيه». وقد تركه ابن مهدي، ونهى مجاهد (وهو أعلم الناس بابن عباس) عن تفسيره، مما يدلك على سوءه. وكان الشعبي يأخذ بأذنه ويهزها ويقول: «ويحك! تفسر القرآن، وأنت لا تحسن تقرأ؟! وضعف تفسيره مغيرة كذلك، وتعجب ممن يروي عنه. ورماه بالكذب النسائي والجوزقاني والأزدي، وهو في كل الأحوال لم يسمع من ابن عباس كما نص ابن حبان. ونقل سفيان عن الكلبي اعتراف أبي صالح له بأنه كذاب، وسفيان إمام يميز بين صدق الكلبي وكذبه. والحقيقة أن باذان متفق على ضعفه، وما وثقه إلا العجلي المعروف بتساهله.
أما تفسير الشيخ لقول أحمد بن حنبل فيظهر بطلانه لو قرأنا رواية أحمد بن محمد عنه وقد سبق ذكرها ... لاحظ قوله: قلت: «ذاك (التفسير) إنما يرجع الى قول السدي؟». فقال: «من أين (إذاًَ)، وقد جعل له أسانيد؟ ما أدري ما ذاك».
فالإمام أحمد يرى أن ذلك التفسير يرجع بالنهاية لقول السدي وأن تلك الأسانيد مختلقة. ولو فرضنا صحة ما جاء بها الشيخ من أن تلك الأسانيد جمعية وقد اختلط كلام الرواة بعضهم ببعض، فهذا يثبت سقوط تفسير السدي كله، لأن كثيراً منه قد جاء عن باذان المتروك. فتأمل ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Oct 2003, 10:29 ص]ـ
للفائدة:علق الشيخ أبو إسحاق الحويني في تحقيقه لتفسير ابن كثير على إسناد السدي الكبير في قرابة ثلاث صفحات 1/ 488 - 490 تعليقاً جيداً، قال في آخره: وجملة القول: أن إسناد تفسير السدي جيد حسن. والله أعلم.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر خلاصة القول فيه في كتابه: العجاب في بيان الأسباب 1/ 211 فقال: وهو كوفي صدوق.
ويبقى سؤال مهم أرجو من أهل الشأن الجواب الحق عنه، وهو:
هل الجرح مقدم على التعديل دائماً؟
وأختم بتنبيه لي وللإخوة طلبة العلم الذين يهتمون بدراسة الأسانيد والحكم على الرجال، وهو: القصد القصد، والتثبت التثبت. ولنتجنب إصدار الأحكام الصارمة النهائية - كما هو ظاهر من عنوان مقالة الأخ محمد الأمين -
أفلا يكفينا عرض أقوال أئمتنا في حاله، ثم نحاول ترجيح ما نراه راجحاً منها، من غير حاجة إلى الشدة والجرأة، وكأننا ممن عاش مع الراوي وعرف مدخله ومخرجه، ولم يخف عليه شيء من أمره.
وفقنا الله لما يحب ويرضى من أدب العلم، وحسن القول.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 Oct 2003, 07:37 م]ـ
أخي الفاضل
ترجح لي ضعفه للأسباب التالية:
1 - الجارحون أكثر من المعدلين. ومعلومٌ أن الجرح مقدم على التعديل
2 - كون الجرح شديد وصل لدرجة الاتهام بالكذب وليس مجرد وجود مناكير
3 - كون السدي مبتدعاً رافضياً، وهي بدعة مغلظة، مع كثرة ما رواه في ما يدعم بدعته
4 - غالب مرويات السدي هي في التفسير، ولم يتابع على كثير منها، وبخاصة مروياته عن مرة عن ابن مسعود
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 Nov 2003, 06:34 ص]ـ
كنت قد ناقشت الأخ محمد فيما ذهب إليه ولا أؤيده فيه وسأنقل مقتطفات من ذلك فأقول
إيراد كلام ثلاثة هم: ابن واقد والجوزجاني والعقيلي كل على حده قد يوهم أنها أقوال كثيرة،
لكن عند التحقيق هي طريق واحدة. مدارها على الجوزجاني واتهم بالنصب وقوله هذا لم يقبله الحافظ ابن حجر،
كما أنها معلولة لوجود مجاهيل في السند والعقيلي معذور لأنه رواها في الضعفاء ج 1 /ص 87 فقال:
حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال سمعت علي بن الحسين بن واقد يحدث عن أبيه قال قدمت الكوفة فأتيت السدي فسألته عن تفسير آية من كتاب الله فحدثني بها فلم أتم مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد اليه
وهذا السند وإن كان ظاهره الصحة إلا أنه معلول لأن الجوزجاني نفسه رواها في كتابه أحوال الرجال ص: 54
فقال: حدثت عن علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي قال قدمت الكوفة ومنيتي لقي السدي فأتيته فسألته عن تفسير سبعين آية من كتاب الله تعالى فحدثني بها فلم أقم من مجلسي حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فلم أعد إليه
وقوله حدثت تدل على أنه لم يسمع الحكاية من علي بن حسين، فهي حكاية مروية عن مجاهيل
وأذكر المهتمين بعلم العلل أنه كم من حديث كان ظاهره الصحة لكن لما تبين وجود واسطة مجهولة عللته، رده العلماء.
ثم إن ابن حجر لم يقبل هذه الرواية فقال رمي بالرفض بصيغة التمريض. وهذا خلاصة حكمه لا ما يسوقه.
أما العقيلي فمعذور لأن ما رواه ظاهر الصحة عنده
أما ابن واقد فلا تصح عنه كما حققت ذلك.
وقد ظهر لي قوة هذا التعليل بما ذكر هنا أن هذه التهمة لم يتعرض لها كبار النقاد القدامى مع أهميتها إن صحت كالبخاري وابن أبي حاتم والإمام أحمد وغيرهم
وبقية المناقشة تجدها على الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?threadid=13703
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 Nov 2003, 08:17 ص]ـ
الحافظ السعدي ثقة ثبت لم يثبت عليه النصب. وقد صح عنده الإسناد، وهو كذلك.
أما قول ابن حجر "رمي بالرفض" فليست هذه صيغة تمريض كما يعلم هذا من لديه أدنى اطلاع على إسلوب ابن حجر في كتابه"التقريب". فعلى سبيل المثال: ها هو يقول عن الكلبي "رمي بالرفض" مع أن رفض الكلبي أشهر من نار على علم. بل هو يقول عن نفسه أنه سبئي (يعني من شيعة ابن سبأ اليهودي)!
مع العلم أن هذا الكلام الذي يذكره الأخ الراجي هو عن رفض السدي، وإلا فضعفه ثابت عليه وواضح كما سلف.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 Nov 2003, 03:04 م]ـ
إسناد فيه مجاهيل لا يمكن أن يصح إلا إن ظهرت الواسطة فيه.
وبالنسبة لسؤال الأخ العبيدي:
هل الجرح مقدم على التعديل دائماً
أقول عند اجتماع الجرح والتعديل فقد اختار شيخ الإسلام تفصيلا حسنا فإن كان من جرح مجملا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنا من كان إلا مفسرا لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي وهم أيقظ الناس فلا ينقض حكم أحدهم إلا بأمر صريح وإن خلا عن التعديل قبل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف لأنه إذا لم يعدل فهو حيز المجهول وإعمال قول المجرح فيه أولى من إهماله
تدريب الراوي ج: 1 ص: 308
أما بالنسبة لتقديم الجرح على التعديل فها هو ابن الصلاح يرد على ذلك، علما بأن السدي من رجال مسلم في الأصول، فقال:
عاب عائبون مسلما بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح أيضا والجواب أن ذلك لأحد أسباب لا معاب عليه معها
أحدها أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده ولا يقال "إن الجرح مقدم على التعديل وهذا تقديم للتعديل على الجرح" لأن الذي ذكرناه محمول على ما إذا كان الجرح غير مفسر السبب فأنه لا يعمل به
ثم ذكر ثلاثة أوجه أخرى،
صيانة صحيح مسلم ص: 96
هذا إن قبلنا كون السدي من هذه الطبقة وإلا فهو ممن خرج لهم مسلم في الأصول، وكم من العلماء قد قبلوه وعدلوه، وأحد أصول ما اعتمد في تكذيبه ما يرويه الناس عن ليث وهو أضعف من السدي فقوله فيه مردود ولا كرامة.
وبقية أوجه التضعيف ذكر تفنيدها في المقال أعلاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 Nov 2003, 07:27 م]ـ
1 - الجرح في السدي مفسّر فهو المقدم هنا.
2 - أما كونه من رجال مسلم فلا يفيده شيئاً. فقد روى مسلم عن ضعفاء في أصول صحيحه، وعاب عليه أبو زرعة هذا، فاعتذر بأنه أراد العلو، وما روى لهؤلاء الضعفاء إلا ما وافق حديث الثقات، بأن يكون الحديث معروفاً من طريق غيره لكنه ما وقت لمسلم إلا بنزول فعدل عنه. وابن لهيعة قد احتج به مسلم على ضعفه الشديد واختلاطه، لكن بما وافق الثقات فحسب.
3 - إسناد الحافظ الجوزجاني متصل وهو أحياناً يعبر عن سماعه بقوله حَدَّثتُ وهي دلالة الاتصال.
4 - ليث بن أبي سليم هو من أفاضل أهل السنة وإن كان حفظه ضعيفاً. فجرحه معتمد مقبول، وهو أحسن حالاً من السدي. ويكفي أن السدي قد جرح في عدالته واتهم، بينما ليث متفق على أنه رجل صالح عابد من أهل السنة لكن عابوا عليه ضعف الحفظ.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[05 Nov 2003, 01:05 ص]ـ
إسناد الحافظ الجوزجاني متصل وهو أحياناً يعبر عن سماعه بقوله حَدَّثتُ وهي دلالة الاتصال
هل لديك بينة على هذا؟(/)
الحال مع القرآن في رمضان
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Oct 2003, 05:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في كتابه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185). والقائل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ × فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ × أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (الدخان:3 ـ5). والقائل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1).
والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي خصَّه الله بوحيه، وأنْزل عليه خير كتبه، القائل: (خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه)، ثمَّ أُتمِّم الصلاة على آل البيت الأطهار، وعلى أصحابه البررة الأخيار، ثمَّ على التابعين لهم ما تعاقب الليل والنهار، أما بعد:
فلقد خصَّ الله هذا الشهر الكريم بخصائص؛ منها: أنه أفضل شهور السنة، وفيه ليلة القدر، وفيه نزل القرآن.
ونزول القرآن بنوعيه الجملي والابتدائي كان في ليلة القدر.
أما الجملي فقد أخبر عنه ابن عباس (ت: 68) رضي الله عنهما بقوله: " أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يُحدِث في الأرض شيئًا أنزل منه، حتى جمعه ". وهذا القول ثابت عن ابن عباس، وله روايات متعددة.
وأما ابتداء النُّزول، فقد نُسِب للشعبي (ت: 103)، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان) (البقرة: من الآية185).
وقوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3).
وهداية الناس والبيان الهدى لهم، ونذارتهم إنما هي في القرآن النازل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وليس يمتنع أن يُراد المعنيان معًا في هذه الآيات، فتكون دالَّة على النُّزولين؛ إذ ليس بينهما تعارض ولا تناقض، والقولان إذا صحَّا في تفسير الآية، والآية تحتملهما، ولم يكن بينهما تعارض، فإنه يجوز حمل الآية عليها كما قرَّره العلماء.
وعلى كل حال فإن التلازم بين القرآن وشهر رمضان ظاهر في هذه الآيات، فَشَرُفَ الشهر بنُزول القرآن فيه، لذا صار يُسمى: شهر القرآن.
أحوال الناس في قراءة القرآن
يقع سؤال بعض الناس عن أيهما أفضل، قراءة القرآن بتدبر، أو قراءته على وجه الحدر، والاستزادة من بكثرة ختمه إدراكًا لأجر القراءة؟
وهاتان العبادتان غير متناقضتين ولا متشاحَّتين في الوقت حتى يُطلب السؤال عن الأفضل، والأمر في هذا يرجع إلى حال القارئ، وهم أصناف:
- الصنف الأول: العامة الذين لا يستطيعون التدبر، بل قد لا يفهمون جملة كبيرة من آياته، وهؤلاء لاشكَّ أن الأفضل في حقِّهم كثرة القراءة.
وهذا النوع من القراءة مطلوب لذاته لتكثير الحسنات في القراءة على ما جاء في الأثر: ((لا أقول " ألم " حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)).
-الصنف الثاني: العلماء وطلبة العلم، وهؤلاء لهم طريقان في القرآن:
الأول: كطريقة العامة؛ طلبًا لتكثير الحسنات بكثرة القراءة والخَتْمَاتِ.
الثاني: قراءته قصد مدارسة معانيه والتَّدبر والاستنباط منه، وكلٌّ بحسب تخصصه سيبرز له من الاستنباط ما لا يبرز للآخَر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وأعود فأقول: إنَّ هذين النوعين من القراءة مما يدخل تحت تنوع الأعمال في الشريعة، وهما مطلوبان معًا، وليس بينهما مناقضة فيُطلب الأفضل، بل كلُّ نوعٍ له وقته، وهو مرتبط بحال صاحبه فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شكَّ أنَّ الفهم أكمل من عدم الفهم، لذا شبَّه بعض العلماء من قرأ سورة من القرآن بتدبر كان كمن قدَّم جوهرة، ومن قرأ كل القرآن بغير تدبر كان كمن قدَّم دراهم كثيرة، وهي لا تصلُ إلى حدِّ ما قدَّمه الأول.
ومما يحسن التنبيه على أمور تتعلق بتلاوة القرآن في رمضان:
الأمر الأول:
أن يتعرف المرء على نفسه، فليس الناس ذوي حال واحدة في العبادة، لكن من الخسارة أن يمرَّ على المسلم رمضان ولم يختم فيه القرآن، وتلك سُنَّةٌ سنَّها جبريل ـ عليه السلام ـ في مراجعة القرآن في رمضان مع رسول صلى الله عليه وسلم، وهي سنة ماضية عند المسلمين منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم.
والملاحظ أنَّ كثيرًا من الناس ينشطون في أول الشهر في أعمال الخير، ومنها تلاوة القرآن، لكن سرعان ما يفترون بعد أيام منه، وترى فيهم الكسل عن هذه الأعمال باديًا.
ولأجل هذا فمن اعتاد من نفسه هذا الأسلوب فإن الأَولى له أن يرتِّب قراءته، ويخصِّص لكل يومٍ جزءًا، فإنه بهذا سيختم القرآن مرَّة في هذا الشهر، ولو استمرَّ على هذا الأسلوب في كل شهور السنة لاستطاع ذلك، والأمر يرجع إلى العزيمة والإصرار.
ولو أنَّ المسلم خصَّص لكل وقت من أوقات الصلوات الخمس أربع صفحاتٍ، فإنه سيقرأ في اليوم عشرين صفحة، وهذا ما يعادلُ جزءًا كاملاً في المصاحف الموجَّه المكتوبة في خمسة عشر سطرًا في الصفحة؛ كمصحف المدينة النبوية.
وبهذه الطريقة يكون مداومًا على عملٍ من أعمال الخير غير منقطع عنه، و"أحبَّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ " كما قال صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثاني:
يحسن بمن يقرأ القرآن عمومًا، وبمن يقرأه في رمضان على وجه الخصوص = أن يكون معه تفسير مختصرٌ يقرأ فيه ليعلم معاني ما يقرأ، وذلك أدعى إلى تذوُّق القراءة والإحساس بطعم قراءة القرآن، وليس من يدرك المعاني ويعلمها كمن لا يدركها.
ومع أهمية هذا الأمر، فإنك ترى كثيرًا من قارئي القرآن يغفل عنه، ولو خَصَّصَ القارئُ لنفسه كتابَ تفسيرٍ مختصرًا يرجع إليه على الدوام لأدرك كثيرًا من معاني القرآن.
ولقد عُني المسلمون في هذا العصر بتأليف بعض التفاسير المختصرة، تجد ذلك في بعض بلدان المسلمين، ومنها بلاد الحرمين التي أصدرت وزارتها للشؤون الإسلامية كتاب (التفسير الميسر) وهو اسم على مسمى، وهذا التفسير مع أنَّ الغرض منه الإفادة في الترجمة، إلا أنه نافع لعامة من يريد أن يعرف المعنى الجملي للآيات، ولا يعرف فضل الجهد الذي بُذِل فيه، والقيمة العلمية التي يحتويها إلا من مارس التعامل مع اختلاف المفسرين.
والمقصود أن يحرص المسلم على أن يكون له تفسير من هذه المختصرات يقرأ فيه ويداوم عليه كما يقرأ القرآن ليجتمع له في قراءته الأداء وفهم المعنى.
الأمر الثالث:
في حال قراءة القرآن تظهر ـ على وجه الخصوص عند طلاب العلم ـ بعض الفوائد أو بعض المشكلات، ولابدَّ من التقييد لهذه الفوائد أو المشكلات؛ لئلا تضيع.
إن هذا القرآن لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الردِّ، وبما أنه قرآن كريم مجيد (أي: ذا شرف في مبناه ومعناه، وذا سعة وفضل في مبناه ومعناه)، فإن ما يتعلق به من المعاني والاستنباطات كذلك، فهي معانٍ واستنباطات شريفة لشرف ذلك الكتاب، وكثيرة متسعة لا يحدُّها حدٌّ لمجد ذلك الكتاب.
ولما كان هذا حاله، فَلَكَ أن تتصور: كم من الفوائد التي ستكون بين يدي طلاب العلم لو أن كل عالمٍ كتب ما يتحصَّل له من التدبر أو المشكلات أثناء قراءته لكتاب الله تعالى؟!
الأمر الرابع:
إن القراءة بالليل من أنفع العبادات، وكم من عبادة لا تخرج لذتها للعابدين إلا في وقت الظلمة، لذا كان أهم أوقات اليوم الثلث الأخير من الليل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا كان ثلث الليل الآخر ينْزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطية؟
هل من مستغفر فأغفر له؟ …)).
وكثيرًا ما نغفل عن عبادة الليل خصوصًا في رمضان ـ مع ما يحصل منا من السهر ـ وتلك غفلة كبيرة لمن حُرِم لذة عبادة الليل.
فَشَمِّرْ عن ساعد الجِدِّ، وأدركْ فقد سبق المشمرون قبلك، ولا تكن في هذه الأمور ذيلاً بل كن رأسًا، والله يوفقني وإياك لكما يحب ويرضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو رتَّب المسلم لنفسه برنامج قراءة للقرآن كل ليلة؛ لارتبط بعبودية لله، ولم يكن في لَيلِهِ من الغافلين، لا جعلني الله وإياك منهم.
ومما قد يغيب عن أذهاننا في أيامنا هذه: أيامِ الإضاءةِ الليلية التي قلبت الليل إلى نهار، فانقلبت بذلك فطرة الله التي فطر الناس عليها بجعله الليل لهم سباتًا يرتاحون فيه، أقول إنه قد يغيب عنا لذة العبادة في الظلمة، لذا لو جرَّب المسلم قراءة القرآن من حفظِه أو الصلاة النافلة الليلية بلا إضاءة، فإن في ذلك جمعًا لهمِّه، وتركيزًا لنفسه؛ لأن البصر يُشغِل المرء في قراءته أو صلاته.
ومن جرَّب العبادة في الظلمة وجدَ لذة تفوق عبادته وهو تحت إضاءة الكهرباء.
الأمر الخامس:
إن من فوائد صلاة التراويح في رمضان سماع القرءان من القراء المتقنين، ومن أصحاب الأصوات النَّدية، الذين يقرؤون القرآن ويؤثِّرون بقراءتهم على القلوب، فتراك تجد بقراءتهم أثرًا في قلبك، فاحرص على من يتَّصف بهذه الأوصاف، واعلم أن الناس في قبول الأصوات ذوو أذواق، فلا تَعِبْ قارئًا لأنه لا يُعجِبك؛ فإن ذلك من الغيبة بمكان، لكن احرص على من تنتفع بقراءته، وهذا مطلب يُحرصُ عليه، ومقصد يُتوجَّه إليه.
وهاهنا استطرادٌ من باب الفائدة والتذكير أُوَجِّهُه إلى الكرام أئمة الصلوات الذين يؤمون الناس في التراويح الذين منَّ الله عليهم بما أعطاهم من الحفظ وحسن الصوت والقدرة على الأداء المتميِّز في القراءة والتأثير على الناس، أقول لهم: احرصوا على أن يكون تأثيركم على الناس في سماعهم لكم قراءةَ كلام ربكم، وإياكم أن يكون تأثيركم عليهم في دعاء القنوت فقط، فإنَّ في ذلك خللاً كبيرًا، وأنتم حين تعمدون إلى ذلك تغرسون في الناس ذلك الخلل؛ إذ كيف يكون تأثرُ الناس بكلام الناس، ولا يكون تأثرهم بكلام ربِّ الناس، سبحان الله! أليس ذلك أمر عجيب يحتاج إلى مدارسة وحلِّ له؟
ألستم تلاحظون الاستعداد النفسي لبعض الأئمة ولكثير من المصلين للقنوت أكثر من استعدادهم لسماع كلام ربهم؟!
ألا تلاحظون أنَّ بعض الأئمة يغيِّرون طبقات صوتهم، ويُلحِّنون في قنوتهم استجلابًا لقلوب المأمومين، ودعوة لهم إلى البكاء والخشوع؟!
أين ذلك كله حال قراءة كلام الله سبحانه، أين ذلك حال سماع كلام الله سبحانه؟
ذلك ما تُسكب له العبرات، وتخشع له النفوس الصالحات، وتَخِفُّ به الأرواح الطاهرات، فاحرص على الخشوع والتأثر بكلام ربك الذي تكَّلم به فوق سبع سموات، وسمعه منه جبريل رسول ربِّ البريَّات، وأداه كما سمعه لخير الكائنات محمد صلى الله عليه وسلم. وهاأنت تسمع من إمامِك ما تكلَّم الله به في عليائه، أفلا يكون ذلك كافيًا في حضور القلوب، واقشعرار الجلود ثمَّ ليونتها بعد ذلك، وطمأنينة النفوس؟!
إنه كلام الله، إنه كلام الله، فأدرك معنى هذه الكلمة أيها المسلم.
الأمر السادس:
يسأل كثيرون عن كيفية التأثر بالقرآن، ولماذا لا نخشع في صلواتنا حين سماع كلام ربِّنا؟
ولا شكَّ أن ذلك عائدٌ لأمور من أبرزها أوزارنا وذنوبنا التي نحملها على ظهورنا، لكن مع ذلك فلا بدَّ من وجود قدرٍ من التأثر بالقرآن، ولو كان يسيرًا، فهل من طريق إلى ذلك؟
إنَّ البعد عن المعاصي، وإصلاح القلب، وتحليته بالطاعات هو السبيل الجملي للتأثر بهذا القرآن، وعلى قدر ما يكون من الإصلاح يبرز التأثُّر بالقرآن.
والتأثر بالقرآن حال تلاوته يكون لأسباب متعددة، فقد يكون حال الشخص في ذلك الوقت مهيَّئًا، وقلبه مستعدًا لتلقي فيوض الربِّ سبحانه وتعالى.
فمن بكَّر للصلاة، وصلى ما شاء الله، ثمَّ ذكر الله، وقرأ كتاب ربِّه، ثمَّ استمع إلى الذكر فإنَّ قلبه يتعلق بكلام الله أكثر من رجلٍ جاء متأخِّرًا مسرعًا خشية أن تفوته الصلاة، فأنَّى له أن تهدأ نفسه ويسكن قلبه حتى يدرك كلام ربِّه، ويستشعر معانيه؟!
ومن قرأ تفسير الآيات التي سيتلوها الإمام واستحضر معانيها، فإنَّ تأثره سيكون أقرب ممن لا يعرف معانيها.
ومن قدَّم جملة من الطاعات بين يدي صلاته، فإنَّ خشوعه وقرب قلبه من التأثر بكلام ربِّه أولَى ممن لم يفعل ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنك لتجد بعض المسرفين على أنفسهم ممن هداهم الله قريبًا يستمتعون ويتلذذون بقراءة كلام ربه، وتجدهم يخشعون ويبكون، وما ذاك إلا لتغيُّر حال قلوبهم من الفساد إلى الصلاح، فإذا كان هذا يحصل من هؤلاء فحريٌّ بمن سبقهم إلى الخير أن يُعزِّز هذا الجانب في نفسه، وأن يبحث عن ما يعينه على خشوعه وتأثره بكلام ربِّه.
الأمر السابع:
يسأل كثير من المسلمين، كيف أحافظ على طاعاتي التي منَّ الله عليَّ بها في رمضان، فإنني سرعان ما ينقضي الشهر أبدأ بالتراجع عن هذه الطاعات التي كنت أجد لذة وحلاوةً في أدائها؟
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رسم لنا منهجًا واضحًا في كل الأعمال، وقد بيَّنه بقوله: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ))، ولو عملنا بهذا الحديث في جميع عباداتنا لحافظنا على الكثير منها، ولما صرنا كالمنبتِّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى.
فلو اعتمد المسلم في كل عبادة عملا يوميًّا قليلاً يزيد عليه في وقت نشاطه، ويرجع إليه في وقت فتوره؛ لكان ذلك نافعًا له، فالمداومة على العبادة ـ ولو كانت قليلة ـ أفضل من إتيانها في مرات متباعدة أو هجرانها بالكلية.
فمن أدَّى فرائضه، والتزم بالسنن الرواتب، ثمَّ زاد عليها من أعمال العبادة ما شاء، فإنه يدخل في محبوبية الله التي قال فيها: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه)).
ففي صلاة الليل يحرص أن لا ينام حتى يصلي ثلاث ركعات، ولو كانت خفيفات، فإن أحسَّ بنشاط زاد، وإلا بقي على هذه الثلاث.
وفي قراءة القرآن يعتمد قراءة جزءٍ كل يوم، حتى إذا بلغ تمام الشهر، فإذا به قد ختم القرآن.
وفي الصيام يعتمد ثلاثة أيام من كل شهر، وإن استطاع الزيادة زاد، لكن لا ينقص عن الأيام الثلاثة.
وفي النفقة يعتمد مبلغًا ـ ولو يسيرًا ـ بحيث لا يمرُّ عليه الشهر إلا وقد أنفقه.
وهكذا غيرها من العبادات، يعتمدُ القليل أصلاً، ويزيد عليه في أوقات النشاط، فإذا قصرت همته رجع إلى قَلِيلِه، فيبقى في عباداته من غير كلفة ولا مشقة ولا نسيان وإهمال، أسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى ما يحبُّ ويرضى، ويجعلنا من أهل القول والعمل.
وإذا تأملت رمضان وجدته أشبه بمحطةٍ يتزوَّد منها الناس وقودهم، وهو محطة الصالحين الذين يفرحون ببلوغه فيتزودون منه لعباداتهم في الدنيا، ولجنتهم في الأخرى، وهو محضن تربوي فريد يدخله كل المسلمين: مصلحوهم وصالحوهم وعصاتهم، فهلاَّ استطعنا اغتنام هذا الشهر؟.
وأخيرًا:
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يرفع البلاء عن هذه الأمة، وأن يهدي قادتها لما يُحبُّ ويرضى، وأن يرينا في هذا الشهر انتصارات للمسلمين في كلِّ مجال من مجالات الحياة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Oct 2003, 11:53 ص]ـ
جزى الله خيراً كاتب هذا الموضوع الشيخ مساعد وفقه الله.
والموضوع فيه فوائد قيمة، وتنبيهات مهمة ينبغي العناية بها.
فأوصي إخواني بقراءته جيداً حتى تتم الفائدة المرجوة من كتابته.
وقد جرب بعض طلبة العلم طريقة جيدة للتعامل مع القرءان في هذا الشهر، وهي:
أن يقرأ جزءاً يومياً، ويجتهد في تدبره والتفكر في آياته، ثم يكتب بعض الفوائد المهمة التي توصل إليها من تدبره، ويحرص على أن يقرأ تفسير هذا الجزء من تفسير مختصر جيد مناسب - ولو اختار تفسير السعدي لاستفاد كثيراً -.
وله مع ذلك أن يقرأ غير الجزء الذي وقف معه متدبراً.
وأما الليل - وما أدراك ما الليل - فهو لحفاظ القرآن، فالقراءة في الصلاة من المحفوظ أفضل وسيلة لتثبيت الحفظ.
وهل حفظ القرآن إلا للقيام به والتغني به في ساعات الليل.
فما أحوجنا - إخواني الكرام - إلى مراجعة حالنا، والحرص على تطهير قلوبنا، فوالله لو طهرت هذه القلوب لما شبعنا من كلام علام الغيوب.
فاللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، واجعلنا من أهل القرآن برحمتك يا أرحم الراحمين.
ـ[أحزان]ــــــــ[10 Nov 2003, 12:11 م]ـ
جزى الله خيراً كاتب هذا الموضوع
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، واجعلنا من أهل القرآن برحمتك يا أرحم الراحمين.
ـ[تابع الأثر]ــــــــ[01 Oct 2005, 09:30 م]ـ
للرفع للمناسبة العظيمة بقدوم شهر البركات شهر رمضان الذي أسأل الله عز وجل أن يبلغنا إياه وأن يوفقنا فيه لما يحبه ويرضاه.
للرفع رفع الله قدر كاتبه الذي أحبه في الله.
أرجو من المشرفين الكرام تثبت الموضوع.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Oct 2005, 10:03 م]ـ
اشكرالشيخ مساعد على هذه الوقفات القيمة والتي نحن بأمس الحاجة إليها, واستئذنك فقد قمت بتثبيت الموضوع.
وما رأي الأخوة لو كان سمة ملتقى أهل التفسير في هذا الشهر هي نظرات التدبر والعظات من القرآن ليكن للناس وللوعاظ خير زاد , والمسائل العلمية مما تدرك إن شاء الله بعد رمضان ولنكن كحال السلف إذا أتى رمضان رفعوا كتب العلم وأقبلوا على القرآن , ارجو أن يمن الله علينا في هذا الملتقى من يجعل لنا سلسلة يومية يذكرنا شيئاً من معاني كلام ربنا سبحانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[01 Oct 2005, 10:27 م]ـ
بارك الله فيكم والموضوع فيه فوائد قيمة
لكن عرض لي استشكال أرجو توضيحه
ذكر الدكتور الفاضل مساعد في مقاله: أن ختم القرآن في رمضان سنة سنها جبريل عليه السلام
فهل يطلق القول بسنية ختم القرآن في رمضان بناء على ما سبق أم يقال إن ذلك كان خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ[مرهف]ــــــــ[01 Oct 2005, 11:53 م]ـ
للسنة معان عدة وقد تكون بمعنى الطريقة الحسنة المتبعة كحديث (من سن سنة حسنة) وقد يكون مراد الشيخ مساعد هذا، ثم إن القول بخصوصية الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه المراجعة لا يمكن شإلا إذا كان المراد أنه خاص بالرسول لأنه الذي يوحى إليه القرآن وينزل الوحي عليه ويراجع به ويرتب له، ولكن يمكن القول أن ختم النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن مرتين في سنة وفاته صلى الله عليه وسلم مع جبريل فيه مشروعية ختم القرآن تشبهاً بما فعله جبريل مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولتسم هذا التشبه استناناً، وعلى كل الأحوال جزى الله خيراً الشيخ مساعد على هذه التذكرة واللفتات القيمة وبارك الله للجميع برمضان وبلغنا فيها ليلة القدر مع القبول آمين
ـ[سوسن]ــــــــ[02 Oct 2005, 06:08 ص]ـ
جزاك الله خير ياشيخ مساعد ووفقك لما يحب ويرضا
ـ[الميموني]ــــــــ[04 Oct 2005, 03:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا و فقنا الله لمرضاته جميعا
القراءة بالتدبر أنفع
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[12 Oct 2005, 01:33 ص]ـ
الحمد لله وبعد،
الاخوة الفضلاء رواد منهل الملتقى، بشهودنا لاقبال انفسنا واخوانناالمسلمين على كتاب الله، اتمنى على اخواني الافاضل من اهل القران القيام بجزء من واجبننا تجاه كتاب الله لنحيا بالقران ونجعل الناس تعيش مع كتاب الله فهما وتدبرا خاصة وانه يتيسر لكثير من المسلمين في هذا الشهرمالم يحصل في غيره من الاتصال بكتاب الله قراءة فردية أوسماعا من خلال صلاة التراويح
ولعلي اضيف على ماذكره الاخوة الكرام مقترحا لبرنامج من خلال تجربتي المتواضعة لمست اثره علي أولا ثم على اخواني المصلين
وهويتعلق بصلاة التراويح وهو أن نساعد انفسنا واخواننا في صلاة التراويح على الحياة بهذه الصلاة والانس بسماع القران والانتقال من سماع التلذذالى سماع الانتفاع، فمن الغبن ان يسمع المسلم كل ليلة من كلام ربه مايقرب من نصف جزء وهو يجهل كثيرا مماسمعه
نعم ايها الاخوة ان الله انزل كتابه للتدبر واول خطوة على هذا الطريق هو ان يفهم القارئ مايقرأ فحال كثير ممن يقرأاويسمع القرأن منا كالمثل الذي ضربه اياس بن معاوية- فيمن يقرأالقران وهو لايفهمه - حيث قال (مثل الذين يقرءون القراءن وهم لايعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس لديهم مصباح،فتداخلتهم روعة ولايدرون مافي الكتاب ..... )
أعود فأقول ياايها الاخوة لنساعد الناس في ان يتدبروا القران وهذه طريقة جربتها منذ سنين في مسجدي واحس بأثرها علي والمس تفاعل جماعة المسجد معها،وملخصها:
انني اقوم بسلسلة دروس بعنوان (حتى نستفيد من قراءة صلاة التراويح) قبل صلاة العشاء جزء منها في اسباب نظرية كاهمية فهم المسلم لكلام ربه .... وذلك في بداية رمضان في عدة لقاءات محدودة، وبعدذلك أ لفت الانتباه الى بعض الكلمات الغريبة وبعض مايساعد على التفسير كذكراسباب النزول وبعض أقوال المفسرين في بعض الايات التي فيها موعظة أوترغيب ... في مدة لاتتجاوز عشر دقائق ولهذا أثره في التهيئة لما سيسمعه المسلم في قراءة التراويح، ثم بعد نهاية الصلاة أقف وقفات مختصرة مع بعض الايات واثرها في الايمان او التشريع مع محاولة لربط ذلك بالواقع الذي نعيشه
واعود وأقول لاشك ان سماع الناس للقران كاملا امر محمود في هذا الشهر وكثير من الناس يحرص عليه في رمضان، ولكن لذلك متطلباته من الاسراع في القراءة وكثرة المقدار المقروء والاكتفاء بالقراءة من غير تطرق لتفسير، ولذلك أرى ان قراءة بتريل بمقدار قليل مع فهم الانسان لشيئ مما يسمعه وتفسير لبعض الايات اكثر اثرا واعظم تأثيرا وقد جربت الطريقتين في عدة رمضانات مع المصلين ولاحظت تفاعل الناس مع القراءة المرتلة التي لايستحثها طلب الختم والمصحوبة بشيئ يسير من التفسير
اسأل الله ان يوفقنا لفهم كتابه والعمل به وان ييسر لنا أن نساعد اخواننا للعيش مع القران تدبرا وفهما
واعتذر لتأخر هذه المشاركة التي كنت أنوي طرحها من بداية الشهر اضافة الى انهاكحال من يبيع التمر عند أهل هجر
ـ[تابع الأثر]ــــــــ[20 Sep 2006, 10:14 ص]ـ
للرفع للمناسبة العظيمة بقدوم شهر البركات شهر رمضان الذي أسأل الله عز وجل أن يبلغنا إياه وأن يوفقنا فيه لما يحبه ويرضاه.
للرفع رفع الله قدر كاتبه الذي أحبه في الله.
أرجو من المشرفين الكرام تثبت الموضوع.
ـ[لطيفة بنت محمد]ــــــــ[21 Sep 2006, 10:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
جزى الله الشيخ مساعد خير الجزاء ..
كنت أبحث في حديث معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في رمضان, وهل يستفاد منه سنية المراجعة في رمضان عن ظهر قلب للحفظة؟
ولقد وجدت في في فتح الباري في بدء الوحي:
(فإن قيل: المقصود تجويد الحفظ, قلنا الحفظ كان حاصلا, والزيادة فيه تحصل ببعض المجالس ... ).
لم تتضح لي هذه العبارة.
أرجو التوضيح ..
والله يحفظكم ويرعاكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[25 Sep 2006, 02:31 م]ـ
جزاك الله خير ياشيخ مساعد على هذا الموضوع القيم ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Sep 2006, 05:03 م]ـ
ولقد وجدت في في فتح الباري في بدء الوحي:
(فإن قيل: المقصود تجويد الحفظ, قلنا الحفظ كان حاصلا, والزيادة فيه تحصل ببعض المجالس ... ).
لم تتضح لي هذه العبارة.
أرجو التوضيح ..
والله يحفظكم ويرعاكم
معناها واضح، وهو أن القصد من مدارسة جبريل القرآن مع الرسول صلى الله عليه وسلم ليست تجويد وإتقان الحفظ لأن الرسول عليه الصلاة السلام يحفظ القرآن بإتقان، ولو كان مراجعة الحفظ هي المراده لحصل ذلك ببعض المجالس فقط ولا يحتاج الأمر إلى كل ليالي الشهر.
هذا ما ظهر لي من كلام ابن حجر. والله أعلم
ـ[ tafza] ــــــــ[03 Oct 2006, 07:02 م]ـ
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، واجعلنا من أهل القرآن برحمتك يا أرحم الراحمين
عن أبي أيوب الأنصاري
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
(رواه مسلم
ـ[البيهقي]ــــــــ[04 Oct 2006, 12:33 ص]ـ
بارك الله فيكم يافضيلة الشيخ على هذا الطرح المتميز وإني أحسبك والله حسيبك ممن قال الله فيهم (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Oct 2006, 02:46 م]ـ
ما أروع ما ذكرته فضيلة شيخنا مساعد وفقك الله ورفع درجتك ..
وأنبه نفسي وإخواني إلى الأمر السادس وهو أن التأثر بالقرآن يكون بقدر ما في القلب من الإيمان، فهذا الإيمان يحتاج منا إلى مراجعة دائمة وتصحيحية، وأن نحققه صدقا في قلوبنا عسى أن يفتح الله علينا بالتأثر والتدبر والتفهم الحق كما فتح على قلوب أوليائه الصالحين من علماء الأمة رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين وألحقنا بهم إنه سميع قريب.
ـ[لطيفة بنت محمد]ــــــــ[07 Oct 2006, 03:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا,,
ـ[محمد سند]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:49 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخى الكريم .. فكم كنت أبحث عمن يعرف ما بداخلى من تساؤلات ماذا بعد رمضان ..
ولقد وفقك الله عزوجل وشفيت قلوبنا بالخير والطريقة الصحيحة
فجزاك الله خيراً
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[09 Oct 2006, 10:06 ص]ـ
بارك الله فيك يا أخ مساعد على هذا المقال المميز وأشكر للأخ الدكتور عيسى الدريبي الإضافة الجميلة والتي أثارت في نفسي شجونا عديدة وانفعالات، حيث إنني أتألم وأظن كثيرين غيري كذلك من أحوال بعض المسلمين في صلاة التراويح، حيث غدت عند كثير منهم شكلا خاليا من الروح أو مسابقة لإنهائها بأقصر وقت ممكن أو فرصة لبعض الأئمة يعرضون فيها أخطاءهم الكثيرة في الحفظ والأحكام أو. . . إلا أن في الجهة المقابلة نماذج رائعة ترفع الهمة وتسكب العبرة وتزيد الإيمان وتجعل المرء يحيا مع القرآن فعلا، نسأل الله أن نكون من هؤلاء لا من أولئك
ـ[د. أنمار]ــــــــ[14 Oct 2006, 02:57 م]ـ
معناها واضح، وهو أن القصد من مدارسة جبريل القرآن مع الرسول صلى الله عليه وسلم ليست تجويد وإتقان الحفظ لأن الرسول عليه الصلاة السلام يحفظ القرآن بإتقان، ولو كان مراجعة الحفظ هي المراده لحصل ذلك ببعض المجالس فقط ولا يحتاج الأمر إلى كل ليالي الشهر.
هذا ما ظهر لي من كلام ابن حجر. والله أعلم
فمعنى كلام الحافظ أن هناك معنى آخر غير الحفظ، وكأنه والله أعلم إثبات سنية ومشروعية إنشاء أكثر من ختمة والاستماع لأكثر من ختمة في الشهر الواحد من شهور رمضان.
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عارض ودارس جبريل القرءان مرتين والمدارسة لا تكون إلا من طرفين.
فالمحصلة: مرتان قرأ جبريل واستمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ومرتان قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستمع جبريل عليه السلام.
فلاحرج على من يستمع لختمة مع إمام مسجد حيه أن يقوم بالتهجد في حي آخر لسبب ما. أو أن يكون للإمام ختمة أخرى في التهجد مثلا.
أما عن الختم فعادات السلف في تكثير ختمات القرآن في رمضان لا تحصى.
ولا ينبغى أن تنسى الأحرف السبعة وأوجه التلاوة المشروعة والتي انتقلت للأمة، ففي الحديث مشروعية التلقي والعرض وتكرار العرض لمن يقرأ بالحروف والله أعلم. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم مشرع للأمة.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Oct 2006, 12:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أخي الفاضل: مساعد الطيار ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أسأل الله تعالى أن يجزيكم عنا خير الجزاء. ومزيدا من العطاء خدمة للقرآن الكريم، وإشاعة للخير، فتلكم الصدقة الجارية.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد براء]ــــــــ[18 Aug 2008, 05:38 م]ـ
للرفع بمناسبة قرب حلول الشهر الكريم
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[20 Aug 2008, 06:10 ص]ـ
جزا الله الشيخ الكريم كل خير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
وللفائدة:
ورد في صحيح البخاري:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ"
وَزَادَ غَيْرُهُ يَجْهَرُ بِهِ"
ورد في فتح الباري:
" وَالْحَاصِل أَنَّهُ يُمْكِن الْجَمْع بَيْن أَكْثَر التَّأْوِيلَات الْمَذْكُورَة، وَهُوَ أَنَّهُ يُحَسِّن بِهِ صَوْته جَاهِرًا بِهِ مُتَرَنِّمًا عَلَى طَرِيق التَّحَزُّن، مُسْتَغْنِيًا بِهِ عَنْ غَيْره مِنْ الْأَخْبَار، طَالِبًا بِهِ غِنَى النَّفْس رَاجِيًا بِهِ غِنَى الْيَد، وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ:
تَغَنَّ بِالْقُرْآنِ حَسِّنْ بِهِ الصَّوْ ت حَزِينًا جَاهِرًا رَنِّمِ وَاسْتَغْنِ عَنْ كُتْب الْأُلَى طَالِبًا غِنَى يَد وَالنَّفْس ثُمَّ اِلْزَمِ"
وورد في فتح الباري:
" وَإِنْ كَانَتْ ظَوَاهِر الْأَخْبَار تُرَجِّح أَنَّ الْمُرَاد تَحْسِين الصَّوْت وَيُؤَيِّدهُ قَوْله " يَجْهَر بِهِ " فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَة قَامَتْ الْحُجَّة ... "
وأقول والله المستعان:
" كيف تؤيد عبارة " يجهر به " ما يخص قضية التغني وأقصد بذلك مذهب القائلين بأن المراد بالتغن تحسين الصوت، أليس لفظ التغن إن كان كما ذكروا يشمل الجهر بالصوت .. ؟
وبعبارة أخرى أيفسر التغن به بالجهر به!!
وقال تعالى:
{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً} (الإسراء:107)
رحم الله الإمام البخاري "
والله أعلم وأحكم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=881364#post881364
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:26 م]ـ
للرفع رفع الله أقداركم ..
1/ 9/1429هـ
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[22 Aug 2009, 05:21 ص]ـ
1/ 9/1430هـ
ـ[أبوالعباس]ــــــــ[22 Aug 2009, 07:25 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين
ـ[خالد الغرير]ــــــــ[27 Aug 2009, 07:28 ص]ـ
شكر الله لكم شيخنا الفاضل وجعلها في موازينكم
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[28 Aug 2009, 01:46 ص]ـ
شكر الله لكم هذا الموضوع الطيب المبارك، وجعله في ميزان حسناتكم.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ. فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) متفق عليه.
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[30 Apr 2010, 11:14 م]ـ
يارب أجعلنا ممن تذوق حلاوة العبادة في كل أحوالنا
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jul 2010, 07:33 ص]ـ
اللهم بلغنا رمضان، هذا الموضوع مهم لمثل هذه الأوقات.(/)
آيات الصيام حكم وأحكام " دعوة للتأمل "
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Oct 2003, 09:21 م]ـ
في هذا الشهر الكريم دعوة لأعضاء الملتقى لتدارس آيات الصيام واستنباط ما فيها من حكم وأحكام وسوف أذكرها تباعاً ان شاء الله , حيث سأذكر مقدمة مشتملة على بعض الفوائد المستنبطة من كل آية , وأدع المجال لإستنباط البقية:
الآية الأولى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره الفوائد المستنبطة من هذه الآية فقال:
1 ــــ من فوائد الآية: أهمية الصيام؛ لأن الله تعالى صدره بالنداء؛ وأنه من مقتضيات الإيمان؛ لأنه وجه الخطاب إلى المؤمنين؛ وأنّ تركه مخل بالإيمان.
2 ــــ ومنها: فرضية الصيام؛ لقوله تعالى: {كتب}.
3 ــــ ومنها: فرض الصيام على من قبلنا من الأمم؛ لقوله تعالى: {كما كتب على الذين من قبلكم}.
4 ــــ ومنها: تسلية الإنسان بما ألزم به غيره ليهون عليه القيام به؛ لقوله تعالى: {كما كتب على الذين من قبلكم
5 ــــ ومنها: استكمال هذه الأمة لفضائل من سبقها، حيث كتب الله عليها ما كتب على من قبلها لتترقى إلى درجة الكمال كما ترقى إليها من سبقها.
6 ــــ ومنها: الحكمة في إيجاب الصيام؛ وهي تقوى الله؛ لقوله تعالى: {لعلكم تتقون}.
7 ــــ ومنها: فضل التقوى، وأنه ينبغي سلوك الأسباب الموصلة إليها؛ لأن الله أوجب الصيام لهذه الغاية؛ إذاً هذه الغاية غاية عظيمة؛ ويدل على عظمها أنها وصية الله للأولين، والآخرين؛ لقوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: 131].
ويتفرع على هذه الفائدة اعتبار الذرائع؛ يعني ما كان ذريعة إلى الشيء فإن له حكم ذلك الشيء؛ فلما كانت التقوى واجبة كانت وسائلها واجبة؛ ولهذا يجب على الإنسان أن يبتعد عن مواطن الفتن: لا ينظر إلى المرأة الأجنبية؛ ولا يكلمها كلاماً يتمتع به معها؛ لأنه يؤدي إلى الفتنة، ويكون ذريعة إلى الفاحشة؛ فيجب اتقاء ذلك؛ حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من سمع بالدجال أن يبتعد عنه حتى لا يقع في فتنته (1).
8 - ومن فوائد الآية: حكمة الله سبحانه وتعالى بتنويع العبادات؛ لأننا إذا تدبرنا العبادات وجدنا أن العبادات متنوعة؛ منها ما هو مالي محض؛ ومنها ما هو بدني محض؛ ومنها ما هو مركب منهما: بدني، ومالي؛ ومنها ما هو كفّ ــــ ليتم اختبار المكلف؛ لأن من الناس من يهون عليه العمل البدني دون بذل المال؛ ومنهم من يكون بالعكس؛ ومن الناس من يهون عليه بذل المحبوب؛ ويشق عليه الكف عن المحبوب ومنهم من يكون بالعكس؛ فمن ثَم نوَّع الله سبحانه وتعالى بحكمته العبادات؛ فالصوم كف عن المحبوب قد يكون عند بعض الناس أشق من بذل المحبوب؛ ومن العجائب في زمننا هذا أن من الناس من يصبر على الصيام، ويعظمه؛ ولكن لا يصبر على الصلاة، ولا يكون في قلبه من تعظيم الصلاة ما في قلبه من تعظيم الصيام؛ تجده يصوم رمضان لكن الصلاة لا يصلي إلا من رمضان إلى رمضان ــــ إن صلى في رمضان؛ وهذا لا شك خطأ في التفكير؛ لكن الصلاة حيث إنها تتكرر كل يوم صار هيناً على هذا الإنسان تركها؛ والصوم يكون عنده تركه صعباً؛ ولهذا إذا أرادوا ذم إنسان قالوا: إنه لا يصوم، ولا يصلي ــــ يبدؤون بالصوم.
يتبع ...
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[06 Nov 2003, 02:08 ص]ـ
الآية الثانية:
{) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:184)
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره الفوائد المستنبطة من هذه الآية فقال:
1 ــــ من فوائد الآية: أن الصوم أيامه قليلة؛ لقوله تعالى: {أياماً معدودات].
2 ــــ ومنها: التعبير بكلمات يكون بها تهوين الأمر على المخاطب؛ لقوله تعالى: {أياماً معدودات}.
3 ــــ ومنها: رحمة الله عز وجل بعباده؛ لقلة الأيام التي فرض عليهم صيامها.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 ــــ ومنها: أن المشقة تجلب التيسير؛ لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر}؛ لأن المرض، والسفر مظنة المشقة.
5 ــــ ومنها: جواز الفطر للمرض؛ ولكن هل المراد مطلق المرض - وإن لم يكن في الصوم مشقة عليه؛ أو المراد المرض الذي يشق معه الصوم، أو يتأخر معه البرء؟ الظاهر الثاني؛ وهو مذهب الجمهور؛ لأنه لا وجه لإباحة الفطر بمرض لا يشق معه الصوم، أو لا يتأخر معه البرء؛ هذا وللمريض حالات:
الأولى: أن لا يضره الصوم، ولا يشق عليه؛ فلا رخصة له في الفطر.
الثانية: أن يشق عليه، ولا يضره؛ فالصوم في حقه مكروه؛ لأنه لا ينبغي العدول عن رخصة الله.
الثالثة: أن يضره الصوم؛ فالصوم في حقه محرم؛ لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً} [النساء: 29].
6 ــــ ومن فوائد الآية: جواز الفطر في السفر؛ لقوله تعالى: {أو على سفر فعدة من أيام أخر}؛ وللمسافر باعتبار صومه في سفره حالات ثلاث:
الأولى: أن لا يكون فيه مشقة إطلاقاً؛ يعني: ليس فيه مشقة تزيد على صوم الحضر؛ ففي هذه الحال الصوم أفضل؛ وإن أفطر فلا حرج؛ ودليله أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر، كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله (ص) في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحرّ؛ وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة» (1)؛ ولأن الصوم في السفر أسرع في إبراء ذمته؛ ولأنه أسهل عليه غالباً لكون الناس مشاركين له، وثقلِ القضاء غالباً؛ ولأنه يصادف شهر الصوم - وهو رمضان.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة؛ فهنا الأفضل الفطر؛ والدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فرأى زحاماً، ورجلاً قد ظُلل عليه، فسأل عنه، فقالوا: صائم؛ فقال (ص): «ليس من البر الصيام في السفر» (1)؛ فنفى النبي صلى الله عليه وسلم البر عن الصوم في السفر.
فإن قيل: إن من المتقرر في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ وهذا يقتضي نفي البر عن الصوم في السفر مطلقاً؟.
فالجواب: أن معنى قولنا: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» يعني أن الحكم لا يختص بعين الذي ورد من أجله؛ وإنما يعم من كان مثل حاله؛ وقد نص على هذه القاعدة ابن دقيق العيد في شرح الحديث في العمدة؛ وهو واضح.
الحال الثالثة: أن يشق الصوم على المسافر مشقة شديدة؛ فهنا يتعين الفطر؛ ودليله: ما ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فشُكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينتظرون ما يفعل؛ فدعا بماء بعد العصر، فشربه، والناس ينظرون؛ ثم جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل له: إن بعض الناس قد صام فقال (ص): «أولئك العصاة! أولئك العصاة!» (2)؛ والمعصية لا تكون إلا في فعل محرم؛ أو ترك واجب.
7 ــــ ومن فوائد الآية: أن السفر الذي يباح فيه الفطر غير مقيد بزمن، ولا مسافة؛ لإطلاق السفر في الآية؛ وعلى هذا يرجع فيه إلى العرف: فما عده الناس سفراً فهو سفر؛ وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن تحديده بزمن، أو مسافة يحتاج إلى دليل.
8 ــــ ومنها: أن المتهيئ للسفر كالخارج فيه ــــ وإن كان في بلده؛ فإنه يجوز أن يفطر؛ وكان أنس بن مالك يفعل ذلك، ويقول: «السنة» (3)؛ لكن هذا الحديث فيه مقال؛ على ذلك.
9 ــــ ومن فوائد الآية: أن الظاهرية استدلوا بها على أن من صام في السفر لم يجزئه؛ لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر}، فأوجب الله سبحانه وتعالى على المريض، والمسافر عدة من أيام أخر؛ فمن صام وهو مريض، أو مسافر صار كمن صام قبل دخول رمضان، وقالوا: «إن الآية ليست فيها شيء محذوف»؛ وهذا القول لولا أن السنة بينت جواز الصوم لكان له وجه قوي؛ لأن الأصل عدم الحذف؛ لكن أجاب الجمهور عن هذا بأن الحذف متعين، وتقدير الكلام: فمن كان مريضاً، أو على سفر فأفطر فعليه عدة من أيام أخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام في رمضان في السفر والصحابة معه منهم الصائم، ومنهم المفطر، ولم يعب أحد على أحد (4)؛ ولو كان الصوم حراماً ما صامه النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنكر المفطر على الصائم.
(يُتْبَعُ)
(/)
10 ــــ ومن فوائد الآية: أنه لو صام عن أيام الصيف أيام الشتاء فإنه يجزئ؛ لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر وجهه: أن {أيام} نكرة.
11 ــــ ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى في التدرج بالتشريع، حيث كان الصيام أول الأمر يخير فيه الإنسان بين أن يصوم، ويطعم؛ ثم تعين الصيام كما يدل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
12 ــــ ومنها: أن من عجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً؛ ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى جعل الإطعام عديلاً للصيام حين التخيير بينهما؛ فإذا تعذر الصيام وجب عديله؛ ولهذا ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية في الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يطيقان الصيام، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً (1).
13 ــــ ومنها: أنه يرجع في الإطعام في كيفيته ونوعه إلى العرف؛ لأن الله تعالى أطلق ذلك؛ والحكم المطلق إذا لم يكن له حقيقة شرعية يرجع فيه إلى العرف.
14 ــــ ومنها: أنه لا فرق بين أن يملّك الفقير ما يطعمه، أو يجعله غداءً، أو عشاءً؛ لأن الكل إطعام؛ وكان أنس بن مالك حين كبر يطعم أدُماً، وخبزاً (2).
15 ــــ ومنها: أن ظاهر الآية لا يشترط تمليك الفقير ما يطعم؛ وهو القول الراجح؛ وقال بعض أهل العلم: إنه يشترط تمليكه؛ فيعطى مداً من البر؛ أو نصف صاع من غيره؛ وقيل: يعطى نصف صاع من البر، وغيره؛ واستدل القائلون بالفرق بين البر وغيره بما قاله معاوية في زكاة الفطر: «أرى المد من هذه - يعني البر - يعدل مدين من الشعير» (3) فعدل به الناس، وجعلوا الفطرة من البر نصف صاع (4)؛ واستدل القائلون بوجوب نصف صاع من البر، وغيره بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه حين أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بحلق رأسه وهو محرم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له مبيناً المجمل في قوله تعالى: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196]، فقال في الصدقة: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» (5)؛ ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين طعام وآخر.
16 ــــ ومن فوائد الآية: أن طاعة الله ــــ تبارك وتعالى ــــ كلها خير؛ لقوله تعالى: {فمن تطوع خيراً فهو خير له}.
17 ــــ ومنها: ثبوت تفاضل الأعمال؛ لقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم}؛ وتفاضل الأعمال يستلزم تفاضل العامل؛ فينبني على ذلك أن الناس يتفاضلون في الأعمال؛ وهو ما دل عليه الكتاب، والسنة، وإجماع السلف، والواقع؛ قال الله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد الله الحسنى} [الحديد: 10]، وقال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلًّا وعد الله الحسنى وفضَّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً * درجات منه ومغفرة ورحمة} [النساء: 95، 96]؛ والنصوص في هذا كثيرة.
18 ــــ ومن فوائد الآية: التنبيه على فضل العلم؛ لقوله تعالى: {إن كنتم تعلمون}.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Nov 2003, 01:11 ص]ـ
الآية الثالثة:
"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185)
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره الفوائد المستنبطة من هذه الآية فقال:
1 ــــ من فوائد الآية: بيان الأيام المعدودات التي أبهمها الله عز وجل في الآيات السابقة؛ بأنها شهر رمضان.
2 ــــ ومنها: فضيلة هذا الشهر، حيث إن الله سبحانه وتعالى فرض على عباده صومه.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 ــــ ومنها: أن الله تعالى أنزل القرآن في هذا الشهر؛ وقد سبق في التفسير هل هو ابتداء إنزاله؛ أو أنه نزل كاملاً؛ والظاهر أن المراد ابتداء إنزاله؛ لأن الله ــــ تبارك وتعالى ــــ يتكلم بالقرآن حين إنزاله؛ وقد أنزله جل وعلا مفرقاً؛ فيلزم من ذلك أن لا يكون القرآن كله نزل في هذا الشهر.
4 ــــ ومنها: أن القرآن كلام الله عز وجل؛ لأن الذي أنزله هو الله، كما في آيات كثيرة أضاف الله سبحانه وتعالى إنزال القرآن إلى نفسه؛ والقرآن كلام لا يمكن أن يكون إلا بمتكلم؛ وعليه يكون القرآن كلام الله عز وجل؛ وهو كلامه سبحانه وتعالى لفظه، ومعناه.
5 ــــ ومنها: ما تضمنه القرآن من الهداية لجميع الناس؛ لقوله تعالى: {هدًى للناس}.
6 ــــ ومنها: أن القرآن الكريم متضمن لآيات بينات واضحة لا تخفى على أحد إلا على من طمس الله قلبه فلا فائدة في الآيات، كما قال عز وجل: {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون} [يونس: 101].
7 ــــ ومنها: أن القرآن الكريم فرقان يفرق بين الحق، والباطل؛ وبين النافع، والضار؛ وبين أولياء الله، وأعداء الله؛ وغير ذلك من الفرقان فيما تقتضي حكمته التفريق فيه.
8 ــــ ومنها: وجوب الصوم متى ثبت دخول شهر رمضان؛ وشهر رمضان يثبت دخوله إما بإكمال شعبان ثلاثين يوماً، أو برؤية هلاله؛ وقد جاءت السنة بثبوت دخوله إذا رآه واحد يوثق بقوله (1).
9 ــــ ومنها: لا يجب الصوم قبل ثبوت دخول رمضان.
ويتفرع على هذا أنه لو كان في ليلة الثلاثين من شعبان غيم، أو قتر يمنع من رؤية الهلال فإنه لا يصام ذلك اليوم؛ لأنه لم يثبت دخول شهر رمضان؛ وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ بل ظاهر حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم (ص) (2): أي أن صيامه إثم.
10 ــــ ومن فوائد الآية: التعبير بـ {شهر رمضان}؛ قال أهل العلم: «وهذا أولى»؛ ويجوز التعبير بـ «رمضان» - بإسقاط «شهر»؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً ... ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً» (3)، وقوله (ص): «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة» (4)؛ ولا عبرة بقول من كره ذلك.
11 ــــ ومن فوائد الآية: تيسير الله - تبارك وتعالى - على عباده، حيث رخص للمريض الذي يشق عليه الصوم، وللمسافر مطلقاً أن يفطرا، ويقضيا أياماً أخر.
12 ــــ ومنها: إثبات الإرادة لله عز وجل؛ وإرادة الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
إرادة كونية: وهي التي بمعنى المشيئة؛ ويلزم منها وقوع المراد سواء كان مما يحبه الله، أو مما لا يحبه الله؛ ومنها قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء} [الأنعام: 125]؛ وهذه الآية، كقوله تعالى: {من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم} [الأنعام: 39].
وإرادة شرعية: بمعنى المحبة؛ ولا يلزم منها وقوع المراد؛ ولا تتعلق إلا فيما يحبه الله عز وجل؛ ومنها قول الله تبارك وتعالى: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً} [النساء: 27، 28].
13 ــــ ومن فوائد الآية: أن شريعة الله سبحانه وتعالى مبنية على اليسر، والسهولة؛ لأن ذلك مراد الله عز وجل في قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر}؛ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» (1)؛ وكان (ص) يبعث البعوث، ويقول: «يسروا ولا تعسروا؛ وبشروا ولا تنفروا» (2)؛ «فإنما بعثتم ميسرين؛ ولم تبعثوا معسرين» (3).
14 ــــ ومنها: انتفاء الحرج والمشقة والعسر في الشريعة؛ لقوله عز وجل: {ولا يريد بكم العسر}.
15 ــــ ومنها: أنه إذا دار الأمر بين التحليل، والتحريم فيما ليس الأصل فيه التحريم فإنه يغلب جانب التحليل؛ لأنه الأيسر، والأحب إلى الله.
16 ــــ ومنها: الأمر بإكمال العدة؛ أي بالإتيان بعدة أيام الصيام كاملاً.
17 ــــ ومنها: مشروعية التكبير عند تكميل العدة؛ لقوله الله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم}؛ والمشروع في هذا التكبير أن يقول الإنسان: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»؛ وإن شاء أوتر فقال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»؛ وإن شاء أوتر باعتبار الجميع فقال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»؛ فالأمر في هذا واسع - ولله الحمد.
18 ــــ من فوائد الآية: أن الله يشرع الشرائع لحكمة، وغاية حميدة؛ لقوله تعالى: {لعلكم تشكرون}.
19 ــــ ومنها: الإشارة إلى أن القيام بطاعة الله من الشكر؛ ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله}؛ وقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}» (4)؛ وهذا يدل على أن الشكر هو العمل الصالح.
20 ــــ ومنها: أن من عصى الله عز وجل فإنه لم يقم بالشكر، ثم قد يكون الإخلال كبيراً؛ وقد يكون الإخلال صغيراً - حسب المعصية التي قام بها العبد.
تنبيه:
استنبط بعض الناس أن من كانوا في الأماكن التي ليس عندهم فيها شهور، مثل الذين في الدوائر القطبية، يصومون في وقت رمضان عند غيرهم عدة شهر؛ لأن الشهر غير موجود؛ وقال: إن هذا من آيات القرآن؛ فقد جاء التعبير صالحاً حتى لهذه الحال التي لم تكن معلومة عند الناس حين نزول القرآن؛ لقوله تعالى: {ولتكملوا العدة}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Nov 2003, 07:14 ص]ـ
شكر الله لك يا أخي الكريم أباخالد على هذه النقول النافعة.
وعندي سؤال حول قول الشيخ رحمه الله في الفائدة الرابعة: ومنها: أن القرآن كلام الله عز وجل؛ لأن الذي أنزله هو الله، كما في آيات كثيرة أضاف الله سبحانه وتعالى إنزال القرآن إلى نفسه؛ والقرآن كلام لا يمكن أن يكون إلا بمتكلم؛ وعليه يكون القرآن كلام الله عز وجل؛ وهو كلامه سبحانه وتعالى لفظه، ومعناه.
فمع صحة كون القرآن كلام الله - وهذا حق لا شك فيه - إلا أنه لا يظهر لي أن في الآية دليلاً عليه. وأكثر ما ذكر الشيخ هنا مستفاد من أدلة أخرى.
وكذلك قول الشيخ في الفائدة الرابعة عشر:
انتفاء الحرج والمشقة والعسر في الشريعة؛ لقوله عز وجل: {ولا يريد بكم العسر}.
هل هو على اطلاقه؟
أرى أن هذه الآية وما في معناها لا تدل على انتفاء العسروالمشقة في الشريعة؛ لأن الواقع يدل على وجود شيء من ذلك في بض التكاليف، ولكن المعنى والله أعلم: أن الله لا يريد ذلك، والإرادة هنا شرعية بمعنى المحبة، ومعلوم أن نفي الإرادة الشرعية لا يلزم عدم وجود الشيء الذي لا يراد كما نبه الشيخ على ذلك.
فما تعليقكم وفقكم الله؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 06:39 ص]ـ
يرفع لقرب رمضان وطلباً للفائدة
ـ[عبدالله الرابغي]ــــــــ[15 Sep 2006, 10:34 م]ـ
اليسر والعسر شيئان نسبيان
ما قد يكون عسيرا على انسان يكون يسيرا على آخر والعكس
وديننا دين اليسر بدلالة هذه الآية وآيات أخر
فإذا نظرنا إلى من كان قبلنا وبماذا كانوا يؤمرون تبين لنا ذلك وأذكر على ذلك مثالين:
1 - صيام من قبلنا: اذا نام أحدهم وقت الافطار فإنه يؤمر بالامساك حتى يحين موعد الافطار من اليوم الثاني.
وفي ديننا الأمر مختلف كما هو واضح.
2 - أمر بني إسرائيل بقتل أنفسهم طلبا للتوبة.
وفي ديننا يكفي الانسان الندم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 11:50 م]ـ
اعتذر منك أخي الكريم أبا مجاهد , في عدم الرد في حينه , لعدم اطلاعي عليه , وما سألت عنه سأفرد له موضوعاً مستقلاً إن شاء الله أتحدث فيه عن ملامح منهج الشيخ في استنباط الفوائد من الآيات.(/)
أسأل عن طبعات كتاب تفسير القرطبي
ـ[معتز جمال]ــــــــ[29 Oct 2003, 01:50 م]ـ
نرجوا أن توضحوا لنا ما هى طبعات تفسير القرطبي الوجودة حاليا؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Nov 2003, 03:19 ص]ـ
مرحباً بكم أخي معتز جمال.
تفسير القرطبي تفسير كبير وجليل، ولم يحظ إلى الآن بتحقيق يليق به، والطبعات المعروضة في المكتبات متقاربة، وأمثلها طريقة من يخرج الأبيات الشعرية فيه. ولدي طبعة دار الكتب العلمية وهي جيدة على كل حال، وهناك طبعات أجود منها، ولكنها ليست عندي فلعل بقية الإخوة ممن يملكون طبعات أخرى أن يفيدونا بما عندهم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Nov 2003, 05:32 ص]ـ
المشهور أن طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب هي أحسن الطبعات وأكثرها ضبطاً.
جاء في التعريف بالطبعة التي بين يدي: الطبعة الثالثة مصورة عن الطبعة الثانية المحققة والمصححة بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية والتي أصدرها في عشرين جزءاً وذلك بالرجوع إلى أربعة وعشرين نسخة مخطوطة وإلى كتب التفسير والقراءات وكتب الحديث والإعراب التي رجع إليها المؤلف وخاصة قراءة نافع التي جعلها المؤلف أصلاً لتفسيره ....
ومما يميز هذه الطبعة أن محققيها يبينون موضع الإحالات التي يحيل إليها المؤلف في تفسيره بالجزء والصفحة مما يسهل على القارئ الرجوع إلى تلك الإحالة بسرعة وبسهولة.(/)
تفسير البيضاوي
ـ[العيدان]ــــــــ[29 Oct 2003, 03:36 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إخوتي الفضلاء ..
مار أي المشايخ الفضلاء في تفسير البيضاوي، وهل يصلح للطالب المتوسط؟
و ما أفضل طبعاته؟
و ما أفضل حواشيه وشروحه؟
تقبل من الجميع الصيام والقيام واستعملنا في طاعته ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Nov 2003, 03:14 ص]ـ
أخي الكريم العيدان وفقه الله
تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل) من أشهر كتب التفسير، ومؤلفه أصولي مشهور، تعد كتبه في الأصول وكتابه هذا في التفسير من الكتب التي كثر اشتغال العلماء بتدريسها وشرحها والتعليق عليها منذ صدورها وحتى وقتنا هذا.
وتفسير البيضاوي دقيق العبارة، ينتفع به الطالب المتوسط إن شاء الله إذا وجد من يحل له عباراته لدقتها، وقد كتبت عليه مئات الحواشي والتقريرات، بل هو أكثر كتاب كتبت عليه الحواشي. حتى إن بعض العلماء ذكر أنه مر زمن على العلماء في الدولة العثمانية، لم يكن يمنح الطالب إجازة للتعليم والتدريس حتى يكتب حاشية على تفسير البيضاوي. ولذلك تجد الآن مئات المخطوطات لحواشٍ على تفسير البيضاوي. وهناك حاشية للسيوطي على تفسير البيضاوي.
فهو كتاب نافع مفيد مع التنبه لما أول فيه البيضاوي رحمه الله من آيات الصفات.
والكتاب قد وضعه مؤلفه ليكون جامعاً لكتب التفسير قبله، وقد اختصر فيه تفسير الزمخشري، وأبعد منه الاعتزاليات التي في الكشاف، وإن كان قد تأثر به في بعض المواضع، وقلده في أخطائه.
كما انتفع بكتاب الرازي (مفاتيح الغيب) ولا سيما في الآيات الكونية، والمباحث الكلامية.
وأما طبعاته فليس له إلى الآن طبعة متقنة، مع كثرة طبعاته، فأيها أخذت فهي سواء، إلا ما كان من جودة ورق أو تجليد.
وقد أثنى عليه عدد من العلماء من المتقدمين والمتأخرين. وقد أخبرني أخي أبو مجاهد العبيدي بأن الشيخ عبدالعزيز قارئ ذكره في كتابه (برنامج عملي للمتفقهين) وحاولت الحصول عليه في مكتبتي فلم أظفر به، فلعلي أراجعه وأضيف ما فيه إن شاء الله.
وهذه عجالة كتبتها فتحاً لباب الحديث عن هذا التفسير القيم وفقك الله ولعل الإخوة يضيفون ما يثري الموضوع.
ـ[العيدان]ــــــــ[05 Nov 2003, 02:59 م]ـ
بسم الله ..
شكرا لك أيها الشيخ المبارك ..
ـ[السلامي]ــــــــ[08 Nov 2003, 05:48 م]ـ
وخير طبعاته طبعة دار صادر بتحقيق محمود الأرناؤوط(/)
اقتراح لرسائل في الاسرائليات
ـ[متعلم]ــــــــ[29 Oct 2003, 07:45 م]ـ
ما رأي فضيلتكم في رسائل ماجستير توزع على مجموعة من الطلاب بعنوان (الإسرائليات في كتب التفاسير) ويوزع بحسب اجزا القرآن أو السور، ويقومون بجمع كل الإسرائليات ومن ثم دراستها بالرجوع لكتب السنة وكذلك بالرجوع لكتاب العهد القديم والعهد الجديد.
حتى يتيسر ضبط كتب التفسير وصونها من الكذب على الانبياء، وتمييز الصحيح من السقيم.
فما رأيكم؟؟
ـ[متعلم]ــــــــ[29 Oct 2003, 07:50 م]ـ
لقد سبق ان اضفت هذه المشاركة ضمن احدى المواضيع، ولكن رغبة في أن تكون المشاركة أعم وأشمل، رأيت أن أضعها هنا.
وبانتظار الرد من الإخوة،،،
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Oct 2003, 01:13 م]ـ
الأخ الفاضل متعلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فما طرحته من كون الإسرائيليات تحتاج إلى بحوث تطبيقية، فإني أوافقك عليه، ويا حبَّذا لو طُرِحت بعض الأفكار التي يحسن تناولها في هذا الموضوع، كما أشير إلى أنه قد سبق في التعليق على كلام أبي بيان في الإسرائيليات شيء من هذا، والله الموفق.
ـ[متعلم]ــــــــ[30 Oct 2003, 07:03 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك فضيلة الشيخ مساعد. وسوف اطرح لاحقا ما يحضرني من أفكار لهذا الموضوع، ونود المشاركة من بقية الأخوة الفضلاء.(/)
هل أسماء السور توقيفية أم اجتهادية؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Oct 2003, 12:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل أسماء السور توقيفية أم اجتهادية؟
مثلا: لقد ذكر الفيروزآبادي عشرين اسما لسورة الإخلاص ومن قبله ذكرها الرازي في تفسيره وذكر على بعض منها أدلة من السنة قد تكون ضعيفة وعلل بعض الأسماء الأخرى بوجوه استنبطها من السورة
فهل يجوز أن نثبت للسورة اسما لم يصح الحديث الدال عليه وهل يجوز أن يجتهد العالم في استنباط اسم للسورة من خلال معانيها؟ ولو فتح الباب ما انتهت أسماء السور عند حد فأرجو توضيح الضابط في هذه المسألة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Oct 2003, 01:16 م]ـ
الأخ الفاضل أبو صفوت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأسماء السور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما ثبت تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ما ثبت تسميته عن الصحابة رضي الله عنهم.
الثالث: ما تعارف عليه الناس بعدهم في تسمياتهم لبعض السور، كحكايتهم لأول السورة اسمًا لها؛ كقولهم: سورة أرأيت.
هذا، ولم يرد نهي أو أمر بتسمية السور بتسمية معينة، ويظهر من عمل المسلمين أن في الأمر سعة، والله أعلم.
والبحث له تتمة، أكتب لك على عجل هذا الكلام، ولعل الله ييسر طرحه مرة أخرى.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[30 Oct 2003, 11:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
قال الشيخ الجديع – في (المقدمات الأساسية) ص 136 – " لم يرد نص بتسمية كل سورة من سور القرآن باسم يخصها، إنما وردت أحاديث كثيرة في تسمية كثير من السور، كالفاتحة والبقرة وآل عمران، وغيرها، ولم يحفظ ذلك في كل السور ".
وأما مورد السؤال فيقال:
في هذه المسألة رأيان لأهل العلم:
1. أنها اجتهادية.
واستدلوا بما جاء عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: سورة الحشر، قال: قل سورة النضير. رواه البخاري.
قالوا: ففي هذا ما يُبين أن تسمية سور القرآن لم تكن توقيفية عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا لما ساغ لابن عباس أن يخالف ذلك.
2. أنها توقيفية.
وهو رأي الزركشي والسيوطي.
قال الزركشي في البرهان 1/ 270:" ينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني؛ فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها، وهو بعيد "
وقال السيوطي 1/ 156: "وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار"
ويمكن أن يستأنس له بقول الطبري 1/ 100:" لسور القرآن أسماء سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وهذا ما رجحه بعض المعاصرين ومنهم: د. فهد الرومي في (دراسات في علوم القرآن) ص118. ود. إبراهيم الهويمل في بحث (المختصر في أسماء السور) مجلة جامعة الإمام، ع30، ص135.
والمسألة تحتاج إلى تحرير لمحل النزاع فيما أرى، والله أعلم
فائدة:
يمكن تقسيم سور القرآن من حيث الاسم إلى ثلاثة أقسام:
* الأول: ماله اسم واحد، وهو أكثر سور القرآن. مثل النساء والأعراف والأنعام وغيرها.
* الثاني: ما له أكثر من اسم، ويشمل هذا النوع سوراً لها اسمان كسورة (محمد)، حيث تسمى (القتال)، وسورة (الجاثية) تسمى (الشريعة)، وسورة (النحل) تسمى (النِّعم) لما عدد الله فيها من النِّعم على عبادة.
ويشمل سوراً لها ثلاثة أسماء مثل (المائدة) وتسمى (العقود) و (المنقذة)، ومثل سورة (غافر) وتسمى (الطّول) و (المؤمن).
ويشمل سوراً لها أكثر من ثلاثة أسماء مثل سورة (التوبة) اسمها (براءة) و (الفاضحة) و (الحافرة) وقال حذيفة هي سورة (العذاب) وقال ابن عمر كنا ندعوها (المُشقْشِقَة) وقال الحارث بن يزيد: كانت تدعى (المُبَعْثِرة) ويقال لها (المُسورة) ويقال لها (البَحُوث).
وكسورة الفاتحة فقد ذكر السيوطي لها خمسة وعشرين اسماً منها (أم الكتاب) (أم القرآن) و (السبع المثاني) و (الصلاة) و (الحمد) و (الوافية) و (الكنز) و (الشافية) و (الشفاء) و (الكافية) و (الأساس).
* الثالث: أن تسمى عدة سور باسم واحد:
ومن ذلك تسمية البقرة وآل عمران بـ (الزهراوين) وتسمية سورتي الفلق والناس بـ (المعوذتين) وتسمية السور المبدوءة بـ (حم) بـ (الحواميم).(/)
المنهج السديد في عرض مادة التوحيد
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[31 Oct 2003, 01:46 م]ـ
المنهج السديد في عرض مادة التوحيد
تجربة ذاتية لتدريس مادة العقيدة
بقلم: د. أحمد بن أحمد شرشال
لماذا مادة التوحيد؟!
من خلال تجاربي الشخصية الطويلة مع شرح ابن أبي العز لمتن الطحاوي رحمه الله لمست عزوفاً ونفوراً من قِبَلِ بعض الطلاب في القسم الجامعي عن فهم واستيعابه هذا الشرح.
ولا غرو في ذلك؛ فقد كنت أعاني شيئاً من ذلك وأقاسيه عندما كنت طالباً؛
لأن أستاذ هذه المادة كان يتلو علينا هذا الشرح، ويردد كل ما فيه؛ ولا ندري كيف
دخل في الموضوع، ولا كيف خرج منه؟
ولما صرت إلى ما صار إليه، وأُسند إليّ تدريس هذه المادة وقعت فيما وقع
فيه أستاذي، وانتابتني حيرة وارتباك في عرض الموضوع، وأدركت عدم انسجام
الطلاب مع هذه المادة الأساسية؛ بل إنني سمعت كلاماً منهم فيه بعض التهوين من
شأن مادة العقيدة.
فتوقفت ملياً في النظر في إعراض بعض الطلاب ونفورهم من هذه المادة،
وقلّبت الأمر على جميع وجوهه في محاولة لاستكناه الحقيقة وتشخيص الداء.
وبينما كنت أفكر إذ لاح لي أن المنهج والطريقة في عرض موضوعات
العقيدة بأسلوب السرد، وكثرة حكاية ضلال المتكلمين، ورصد شبهاتهم؛ هو الذي
سبّب هذا النفور، وعكس هذه الحال؛ فضاع القصد في خضم هذا الركام لا في
العقيدة نفسها معاذ الله وإنما هو في العرض والتقديم.
ومن ثم قمت بهذه المحاولة عساها تكون مرغوبة، وسطرت هذه الفكرة علها
تكون مفيدة، وجعلت ذلك بعنوان: (المنهج السديد في عرض مادة التوحيد).
وطبقت هذا المنهج وهذه الطريقة في تدريسي لهذه المادة الأساسية، فوجدت
أثره في الطلاب نافعاً والإصغاء إليه كاملاً والتطلع إليه سريعاً، وتحول النفور إلى
رغبة، والخروج من المحاضرة إلى حضور واستقرار، وظهر البِشْر على محياهم؛ وكلما دخلت عليهم قابلوني بوجوه مستبشرة، وساد في القسم الوئام والاحترام
والتقدير.
ومن باب: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ... )، رأيت
أن لا أستأثر بذلك، فأسطِّر تجربتي، وأنقلها لإخواني.
أصل المنهج المقترح:
أقول ومن الله أستمد العون والتوفيق: إن هذه الطريقة لم تخرج عن المنهج
السلفي، وقصارى ما فيها الجمع والحصر للآيات القرآنية والأحاديث النبوية في
الموضوع، ثم شرح هذه الآيات؛ وعن طريق المقارنة والموازنة نصنف المعاني
المشتركة بطريق الشرح اللغوي لمفردات الموضوع وعناصره الأساسية؛ وهذا لا
يكون إلا بعد الاستقراء والاستنتاج، وإن كان هذا العمل مرهقاً للأستاذ إلا أن
نتائجه النافعة تنسيه مشقة البحث.
وبعد ذلك نعقب، ونورد كلام العلماء ونصوص الأئمة: قبولاً، ورداً،
ومناقشة واقتباساً واستشهاداً وهنا يكون محل رد الشبهات ودحضها إن كانت لا تزال
قائمة، وقد تتهاوى تلقائياً.
نماذج تطبيقية:
مفهوم العرش في اللغة والقرآن: وأضرب لذلك مثلاً حياً تطبيقياً إذا كنا
بصدد شرح قول الإمام الطحاوي رحمه الله: ( .. والعرش والكرسي حق .. ) [1].
معنى هذه الجملة: أن العرش والكرسي حق ثابت بالكتاب والسنة، و (حق)
خبر المبتدأ وهو (العرش) قال ابن مالك:
والخبر الجزء المتم الفائدة كالله بر والأيادي شاهدة
واقتداء بقوله تعالى:] وَاًتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [[البقرة: 189] على أحد
وجوه التفسير؛ فإن بابنا الوحيد الذي نلج منه إلى هذا الموضوع هو القرآن والسنة.
ونبدأ بالجزء الأول؛ لأن كلام الطحاوي تضمن موضوعين: العرش،
والكرسي؛ وكلاهما ثابت بدلالة الكتاب والسنة كما سيأتي مفصلاً.
ونقول: إن مادة: (عرش) في جميع صيغها وردت في ثلاث وثلاثين موضعاً
في كتاب الله مختلفة الصيغ والأبنية، وتتفق في معنى مشترك وهو العلو والارتفاع.
قال القرطبي: (وأصل التعريش: الرفع. يقال: عرش يعرش، إذا بنى
وسقف) [2].
وقوله:] وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا [الواردة في البقرة والكهف والحج
معناها: خلت من السكان، وتهدمت، وسقطت سقوفها.
العرش: سقف البيت. والعروش: الأبنية المسقفة بالخشب. يقال: عرش
الرجل يعرش: إذا بنى وسقف بخشب. والعريش سقف البيت.
قال القرطبي: (وكل ما يتهيأ ليظل أو يكنّ فهو عريش، ومنه عريش
(يُتْبَعُ)
(/)
الدالية) [3] يقصد عريش الكرم وهو شجر العنب؛ فيكون المعنى: سقط
السقف، ثم سقطت الحيطان عليه؛ واختاره ابن جرير الطبري. وهذه الصفة في خراب المنازل من أحسن ما يوصف به.
وقريب من هذا المعنى في قوله تعالى:] وَهُوَ الَذِي أَنشَأََ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ
وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ [[الأنعام: 141] معروشات: ما يحتاج أن يتخذ له عريش يحمل
عليه فيمسكه وهو الكرم وما يجري مجراه.
وجاء في القرآن معنى آخر للعرش يؤول إلى الأول وهو عبارة عن السرير
الذي يجلس عليه الملك للحكم: أي سرير المملكة ومنه قوله تعالى:] وَلَهَا عَرْشٌ
عَظِيمٌ [[النمل: 23].
حقيقة العرش: وإذا عرفنا معنى العرش في الاستعمال اللغوي واللسان
العربي: فما حقيقته هنا في هذه الآيات السبع، وفي غيرها مما كان مضافاً إلى الله
عز وجل؟
الجواب: لا نعلم ذلك ولا يجوز لنا أن نقيسه على الأول؛ لأن الأول من عالم
الشهادة وهو محسوس وملموس ومضاف إلى البشر، والثاني من عالم الغيب
ومضاف إلى الله عز وجل والله عز وجل امتدح] الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [
[البقرة: 3].
وطريقنا الوحيد في ذلك: أن نتلمس بعض الأوصاف عند الذين اصطفاهم الله
وأعلمهم بذلك؛ كما بين ذلك القرآن فقال عز وجل:] عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى
غَيْبِهِ أَحَداً (26) إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ [[الجن: 26 - 27].
ولذلك فإننا نتلمس أوصاف العرش من القرآن ومن السنة فنقول:
ثبت في القرآن أن العرش على الماء:] وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ [(هود:7) وثبت أن للعرش قوائم تحمله الملائكة حافين حوله يسبحون بحمد ربهم؛ فقد قال
تعالى:] وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [[الحاقة: 17] وقال في وصفه
أيضاً:] وَتَرَى المَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [
[الزمر: 75]، وقال أيضاً:] الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [(غافر: 7)، ثم نتدرج إلى وصف من هو أعلم الخلق بربه؛ إذ قال: (إن عرشه على سماواته لهكذا) وقال بأصابعه: (مثل القبة .. الحديث) [4].
وثبت في وصفه أنه فوق الفردوس كما في صحيح البخاري عن النبي: (إذا
سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش
الرحمن) [5].
ونحن إذ نستعرض هذه النصوص نستنتج أن العرش: سرير ذو قوائم،
تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف المخلوقات على الصفة التي
تليق بعرش الله. وقد فهم هذا المعنى بعض الشعراء، وذكره مشهور عندهم في
الجاهلية والإسلام.
وقال الشوكاني في بيان صفة العرش: (وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة
صفة عرش الرحمن وإحاطته بالسماوات والأرض وما بينهما وما عليهما) [6].
وحينئذ لا يجوز لنا أن نتجاوز الوصف الذي حدده الله في القرآن وبينه
النبي-صلى الله عليه وسلم- في السنة.
الاستواء في اللغة، وفي القرآن: ونعود مرة أخرى إلى كتاب الله ناظرين في
معنى قوله:] اسْتَوَى [وبيان وجوه استعمالها في القرآن.
حقيقة الاستواء في اللغة: التساوي واستقامة الشيء واعتداله. وورد في كلام
العرب على معان اشترك لفظه فيها؛ فيكون بمعنى الاستقرار، ويكون بمعنى
القصد، ويأتي بمعنى العلو والركوب؛ ويأتي بمعنى المماثلة والمساواة كقوله تعالى:] هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ [[الرعد: 16]،
وجاء بهذا المعنى في سبع عشرة موضعاً [7]. ومنها ما يكون بمعنى بلوغ القوة
العقلية والبدنية وكمالهما؛ ومنه قوله تعالى:] وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى [
[القصص: 14] أي بلغ مبلغاً يؤهله لقبول العلم والحكمة.
ومنها: ما يجيء بمعنى الاستقرار والرسو نحو قوله تعالى:] وَاسْتَوَتْ عَلَى
الجُودِيِ [(هود: 44)، وجاءت بمعنى الركوب على الدابة وعلى الفلك كقوله
تعالى:] فَإذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفُلْكِ [[المؤمنون: 28] ومنه قوله
تعالى:] وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)
(يُتْبَعُ)
(/)
لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ [[الزخرف: 12 - 13]
وجاء هذا الفعل هنا متعدياً بحرف الجر] عَلَى [الذي فيه معنى الاستعلاء
والركوب.
قال ابن كثير: (لتستووا متمكنين مرتفعين) [8]، فتكون هنا بمعنى: علا
على الدابة والفلك واستعلى على ظهرها متمكناً منها. وجاء هذا الفعل متعدياً بـ
] إلَى [في موضعين في قوله:] ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ [[البقرة: 29] وفي الآية
11 من سورة فصلت. قال أبو العالية: استوى ارتفع. وقال مجاهد: استوى علا. وقد فسرها الطبري بالعلو بعد أن ذكر أقوالاً كثيرة حيث قال: (وأوْلى المعاني في
قوله عز وجل] ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ [علا تبارك وتعالى عليهن، ودبرهن
بقدرته، وخلقهن سبع سماوات) [9]. وذكر ابن حجر في تفسير:] اسْتَوَى [
أقوالاً عديدة ثم قال: (وأما تفسير] اسْتَوَى [علا فهو صحيح وهو المذهب الحق
وقول أهل السنة؛ لأن الله تبارك وتعالى وصف نفسه بالعلو [10]. أما الحافظ
ابن كثير: فقد جعل الفعل] اسْتَوَى [متضمناً لمعنى القصد والإقبال؛ لأنه عُدِّيَ
بـ: (إلى) أي قصد إلى السماء [11] وهنا يجب علينا أن نتوقف ونقارن بين هذه
الآيات التي كان الاستواء فيها على الدابة وعلى الفلك بالآيات السبع السابقة التي
كان الاستواء فيها على العرش وإلى السماء؛ وكلها تعدت بحرفي الجر:] عَلَى [
و] إلَى [فهل يتفق هذا الاستواء بذاك؟ اللهم! لا؛ لأن استواء البشر العاجز
الفاني لا يشابه استواء الكامل المتفرد بألوهيته وربوبيته؛ فيكون استواء الله على
عرشه يليق بجلاله وسلطانه، واستواء البشر على مركوبه يليق بفقره وعجزه.
وقد يتماثل اللفظان ولكن يجب أن يعبر كل واحد بمعنى لائق بالمقام الذي قيل
فيه؛ فالقرآن حكى وصف الهدهد لعرش بلقيس فقال:] وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [
[النمل: 23] وبيّن القرآن وصف عرش الرحمن فقال:] رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ [
[النمل: 26] كلاهما وصف بالعظمة وبينهما من البون ما لا يعلمه إلا الله؛ فعرش
بلقيس عظيم بين عروش الملوك مثلها، وعرش الرحمن أعظم؛ فلا بد من اعتبار
المقام في فهم الكلام.
وهنا يجب أن يتوقف دور العقل والتوهم والتخيل وإفساح المجال للسمع
والنقل وحده؛ وهو الكفيل بضمان عدم الوقوع في الردى وهو التشبيه والتأويل.
فاستواء البشر على الفلك والأنعام معقول المعنى محسوس مشاهد، واستواء الله
على عرشه لا تدركه العقول؛ لأن الأول مضاف إلى البشر، والثاني مضاف إلى
الواحد الأحد:] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [[الشورى: 11].
منهج السلف في مثل ذلك:
وهذا هو منهج السلف في إثبات الاستواء لله على وجه يليق بجلاله وكماله من
غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل [12].
ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول،
والسؤال عنه بدعة) [13].
قال الحافظ الذهبي في كتاب العلو بعد ذكره لقول مالك: وهو قول أهل السنة
قاطبة: أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في
كتابه، وأنه كما يليق به: لا نتعمق، ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً
ولا إثباتاً؛ بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى
بيانه الصحابة والتابعون؛ ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه؛ ونعلم يقيناً
مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته ولا في استوائه ولا في نزوله
سبحانه وتعالى [14].
الكرسي في القرآن واللغة: ثم نواصل الشرح إلى الجملة الثانية: (والكرسي
حق) أقول: إن الكرسي حق ثابت في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه-صلى الله
عليه وسلم-، نؤمن به على ما جاء في كتاب الله، ولا نشتغل في البحث عن
صفته. وقد ورد في القرآن في موضعين:
أولهما: في قوله تعالى:] وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا
وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ [[البقرة: 255].
ثانيهما: في قوله تعالى:] وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً [[ص: 34].
ويجب علينا بادئ ذي بدء أن نفرق بين الاستعمالين للفظ (كرسي) في الآيتين: الأول مضاف إلى الله عز وجل والثاني مضاف إلى نبي الله سليمان. فالأول
(يُتْبَعُ)
(/)
مضاف إلى الخالق، والثاني مضاف إلى المخلوق. فإذا علمنا هذا فإننا لا نقع في
مزالق المتكلمين؛ فتماثل اللفظين يجب أن يُفهم من كل منهما معنى يليق بالمقام،
وإذا تأملنا الكرسي المضاف إلى المخلوق في اللغة نجد أن ابن منظور ذكره في مادة: (كرس) وقال: كرس: تكرس الشيء وتكارس: تراكم وتلازب. وتكرس أسّ
البناء: صلب واشتد.
والكرس: أبوال الإبل والغنم وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار ثم
قال: والكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه كما يقال: اجعل لهذا
الحائط كرسياً: أي ما يعتمد عليه [15].
أقول: ولعل هذا هو المراد في قوله تعالى:] وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً [
وهو الكرسي الذي كان يجلس عليه نبي الله سليمان عليه السلام للحكم؛ فهذا معقول
المعنى؛ فهو بمقدار ما يسع شخصاً واحداً في جلوسه؛ فإن زاد على مجلس واحد
وكان مرتفعاً فهو العرش كما تقدم في قوله تعالى:] وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ [
[يوسف: 100] فهذا هو الكرسي المضاف إلى البشر معقول المعنى، مشاهد
محسوس؛ فهو من عالم الشهادة.
أما قوله تعالى:] وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ
العَلِيُّ العَظِيمُ [[البقرة: 255] فهو من عالم الغيب كما قدمنا؛ فيكون طريقنا إلى
فهمه النقل والنص؛ لأن الكرسي هنا مضاف إلى الله عز وجل. ومعنى هذه الجملة
يقال: وسع فلان الشيء يسعه سعة إذا احتمله وأطاقه وأمكنه القيام به. ولا يسعك
هذا: أي لا تطيقه ولا تحتمله؛ ومنه قوله: (لو كان موسى حياً ما وسعه إلا
اتباعي) أي لا يحتمل غير ذلك. والمعنى أنها صارت فيه، وأنه وسعها ولن يضيق
عنها لكونه بسيطاً واسعاً. وقوله:] وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا [آده يؤوده: إذا أثقله
وأجهده أي لا يثقله ولا يشق عليه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما [16].
والضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى ويجوز أن يكون للكرسي؛ لأنه من
أمر الله؛ فالآية تدل على أنه شيء عظيم دون التعرض لذات الكرسي. وروي عن
عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (إن كرسيه وسع السماوات والأرض،
وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد من الثقل) [17].
الأقوال في معنى الكرسي:
وهنا يتأخر العقل وينتهي الدور المنوط به، ويتقدم النقل؛ فمن التزم النص
والنقل فاز وظفر بالمطلوب، ومن خالف فقد وقع بالزلل، ومن هؤلاء:
1 - جماعة من المعتزلة نفوا وجود الكرسي وأخطأوا في ذلك خطأ بيِّناً.
واختار هذا الباطل: القفال، والزمخشري، وقالوا: ما هو إلا تصوير لعظمته
وملكه؛ ولا حقيقة له، وقيل هو ملكه [18].
2 - وذهب جماعة إلى أن كرسيه هو قدرته التي يمسك بها السموات والأرض
كما يقال: اجعل لهذا الحائط كرسياً أي ما يعتمد عليه.
3 - وقيل إن الكرسي هو العرش رواه ابن جرير الطبري عن الحسن
البصري وذكره ابن كثير واختار هذا جلال الدين السيوطي. قال القرطبي: (وهذا
ليس بمرضٍ) [19]. وقال ابن كثير: والصحيح أن الكرسي غير العرش،
والعرش أكبر منه؛ كما دلت على ذلك الآثار والأخبار [20].
4 - وقال جماعة: كرسيه: علمه وهو عبارة عن العلم، رواه الطبري عن
ابن عباس من طريقين؛ ومنه قيل للعلماء: كراسي؛ لأن العالم يجلس على كرسي
ليعلِّم الناس، ومنه الكراسة التي يُجمع فيها العلم، ورجح هذا ابن جرير
الطبري [21]، وهي رواية شاذة عن ابن عباس كما قال الشيخ أحمد شاكر.
5 - والمحفوظ عن ابن عباس كما رواه ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش، والحاكم في المستدرك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:] وَسِعَ
كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [أنه قال: الكرسي: موضع القدمين، والعرش لا يقدِّر
قدره إلا الله [22]، وصحح هذه الرواية الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فقال: (هي
رواية علم الله شاذة لا يقوم عليها دليل من كلام العرب؛ ولذلك رجح أبو منصور
الأزهري الرواية الصحيحة عن ابن عباس التي تقول: إن الكرسي موضع القدمين، وقال: هذه الرواية اتفق أهل العلم على صحتها؛ ومن روى عنه في الكرسي أنه
العلم فقد أبطل) [23]، ورجحه الشوكاني في تفسيره فقال: (والحق القول الأول
موضع القدمين ولا وجه للعدول عن المعنى الحقيقي إلا مجرد خيالات تسببت عن
(يُتْبَعُ)
(/)
جهالات وضلالات [24] والله أعلم. وهنا نطوي الكلام خشية الإطالة.
من محاسن هذا المنهج في تعليم العقيدة:
وفي الختام أقول: لعل هذه الطريقة فيها بعض الجدة والابتكار والمرغبة
فتأخذ بمجامع قلب الطالب، وتؤثر في سلوكه والفضل لله وحده. ومن محاسنها أنه
يتعلم اللغة العربية من خلال الشرح اللغوي لمفردات الموضوع الواردة في القرآن
وتتبع موادها وصيغها المتنوعة؛ فيكون بذلك حصل له تعلم تفسير القرآن الكريم؛
وهو مطلوب لذاته.
فهذه الطريقة جمعت بين شرفين عظيمين: شرف الوسيلة، ونبل المقصد؛
فالمنهج الذي قصدناه لشرح الموضوع هو في حد ذاته مراد لنفسه إرادة الغايات
والمقاصد، مطلوب لذاته؛ بل إنه من أهم المقاصد لفهم معاني الكتاب العزيز،
ولأن العقيدة لا تنفك عن القرآن، ومن أهم محاسنها ربط الطالب بالقرآن. ومن
فوائد هذه الطريقة أن يتعلم الطالب الشمولية والاستيعاب لمكونات الموضوع
وأساسياته؛ فقد اشتملت على ما ذكره ابن أبي العز وزيادات كثيرة؛ وإن هذا
المنهج خلا من السرد وحكايات ضلال المتكلمين وشبهاتهم إلا لماماً.
ومن محاسنها أيضاً أن يتعلم الطالب العقيدة بطريق غير مباشر؛ فينبغي أن
تكون نتيجة يبرهن عليها الأستاذ من خلال الكتاب والسنة بالتحليل والمقارنة،
ويجب على أستاذ المادة أن يجعلها ضالة ينشدها في عرضه ونتيجة يصل إليها فهم
الطالب ذاتياً فتؤثر فيه وتثمر بإذن الله فينقاد، ويذعن عن طريق الاقتناع الذاتي.
وهذا المنهج موافق للمنطق العقلي؛ حيث تدرج العرض بالطالب من المعاني
المحسوسة إلى المعاني المعقولة إلى حيث يعجز الإدراك وينقطع الطمع؛ وحينئذ
نمتطي به سبيل السمع، ونركب له طريق النص، فنكل الأمر إلى مولاه، ونثبت
اللفظ على ما جاء على مراد الله بدون تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل؛ بل نؤمن به،
ولا نبحث عن حقيقته ولا نتكلم فيه بالرأي. والله أعلم.
________________________
(1) قارن شرحنا بشرح ابن أبي العز، ص 254.
(2) الجامع للقرطبي، 7/ 272.
(3) الجامع للقرطبي، 3/ 290.
(4) جزء من حديث رواه أبو داود، 4/ 369.
(5) فتح الباري، 13/ 349.
(6) فتح القدير، 2/ 211.
(7) انظر محاسن التأويل للقاسمي، 7/ 2704.
(8) تفسير ابن كثير، 4/ 130.
(9) تفسير الطبري، 1/ 175.
(10) فتح الباري، 13/ 406.
(11) تفسير ابن كثير، 1/ 72.
(12) انظر معارج القبول، 1/ 109.
(13) وقد استوعب الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله نصوص الأئمة وأقوال الصحابة والتابعين في كتابه القيم: معارج القبول 1/ 109.
(14) محاسن التأويل، 7/ 2704.
(15) لسان العرب لابن منظور مادة: (كرس).
(16) تفسير ابن كثير، 1/ 332.
(17) ذكره ابن كثير في تفسيره 1/ 332.
(18) تفسير الرازي 14/ 14.
(19) الجامع للقرطبي، 2/ 300، زاد المسير، 1/ 304.
(20) تفسير ابن كثير، 1/ 333.
(21) تفسير الطبري، 3/ 32، فتح القدير، 1/ 272.
(22) تفسير ابن كثير، 1/ 332، زاد المسير، 1/ 304.
(23) حاشية زاد المسير، 1/ 304.
(24) فتح القدير، 1/ 272.
(*) الكاتب أستاذ في (معهد العلوم الإسلامية والعربية) القسم الجامعي في موريتانيا، التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
مجلة البيان - العدد 122 ص 43(/)
فهم القرآن وتدبره
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[31 Oct 2003, 01:53 م]ـ
فهم القرآن وتدبره
للدكتور أحمد شرشال
القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة اللفظية فحسب؛ بل نزل من أجل هذا
ومن أجل ما هو أعم وأكمل؛ وهو فهم معانيه وتدبر آياته ثم التذكر والعمل بما فيه، وهو المنصوص عليه في قوله - تعالى -:] ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو
عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم [[البقرة: 129].
إن تلاوة كتاب الله - تعالى - تعني شيئاً آخر غير المرور بكلماته بصوت أو
بغير صوت، إنها تعني تلاوته بفهم وتدبّر ينتهي إلى إدراك وتأثر، وإلى عمل بعد
ذلك وسلوك.
إن تلاوة كتاب الله لا تعني الحرص على إقامة المدّ والغنّة ومراعاة الترقيق
والتفخيم فحسب؛ وإنما تعني ذلك مع ترقيق القلوب وإقامة الحدود.
وقد عد شيخ الإسلام ابن تيمية المبالغة والحرص في تحقيق ذلك وسوسة
حائلة للقلب عن فهم مراد الله - تعالى -[1].
والأمر الجامع لذلك: كما أننا مُتعبدُون بقراءة ألفاظ القرآن صحيحة وإقامة
حروفه على النحو الذي يرضيه - جلّ وعلا - متعبدون بفهم القرآن والتفقه فيه
دون سواه، والاستغناء به عن غيره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما
اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم
السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) [2].
قال - تعالى -:] الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته [[البقرة:121] وقد فسر قتادة أن الصحابة هم الذين كانوا يتلونه حق تلاوته [3].
والتلاوة لها معنيان:
أحدهما: القراءة المرتلة المتتابعة، وقد أمر الله بها رسوله صلى الله عليه
وسلم في قوله تعالى:] وأمرت أن أكون من المسلمين. وأن أتلو القرآن [
[النمل: 91، 92]. وكان يتلوه على كفار قريش قال - تعالى -:] قل لو شاء الله ما تلوته عليكم [[يونس: 16].
والثاني: الاتباع؛ لأن من اتبع غيره يقال تلاه؛ ومنه قوله - تعالى -:] والقمر إذا تلاها [[الشمس: 2]، روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: (يتبعونه حق اتباعه)، ثم قرأ:] والقمر إذا تلاها [أي: اتبعها [4].
ونقل القرطبي عن عكرمة قوله: (يتبعونه حق اتباعه باتباع الأمر والنهي
فيُحلون حلاله، ويحرمون حرامه ويعملون بما تضمنه) [5]، أقول: والجمع بين
المعنيين هو المتعين، ويصح فيها جميعاً؛ فالتلاوة بإقامة الألفاظ وضبط الحروف،
ثم العمل بما تضمنته الآيات المتلوة، وعبّر عن الفهم والتدبر بالتلاوة حق التلاوة
ليرشدنا إلى أن ذلك هو المقصود من التلاوة، وليس مجرد التلاوة وتحريك اللسان
بالألفاظ بدون فهم وفقه واهتداء.
وقد بين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه معنى حق التلاوة فقال: (والذي
نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يُحِلَّ حلالَه، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله،
ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوَّل منه شيئاً على غير تأويله) [6]، وهذا
البيان من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه واسع وجامع لمعنى التلاوة، وهي
قراءته كما أنزل، وفهمه وتفسيره والعمل به.
ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - لا يتجاوزون خمس آيات أو عشراً
حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل.
قال أبو عبد الرحمن السلمي - أحد أكابر التابعين -: حدثنا الذين كانوا
يُقرِئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا
من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من
العلم والعمل، قالوا: (فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً) [7].
وروى الطبري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان
الرجلُ منَّا إذا تعلمَ عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرفَ معانيهن والعمل بهن) [8]، وهذا يدلُّ على أن الصحابة - رضي الله عنهم - نقلوا عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة [9]؛ فبين لأصحابه معاني القرآن
كما بين لهم ألفاظه:] وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [
(يُتْبَعُ)
(/)
[النحل: 44] فنقل معاني القرآن عنه صلى الله عليه وسلم كنقل ألفاظه سواء، بدليل قوله - تعالى -:] وما على الرسول إلا البلاغ المبين [[النور: 54]، 0 (وهذا يتضمن بلاغ المعنى، وأنه في أعلى درجات البيان) [10].
قال ابن تيمية وابن القيم: (والصحابة - رضي الله عنهم - أخذوا عن
الرسول صلى الله عليه وسلم لفظ القرآن ومعناه) [11].
وهكذا تلقى الصحابة - رضي الله عنهم - هذا القرآن لفظاً ومعنى، وكان
التعلم والتعليم عندهم مبناهما على التفقه في القرآن دون سواه.
ذكر الحافظ ابن كثير عن الضحاك فقال: (قال الضحاك في قوله - تعالى -:] كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون [[آل عمران: 79]
قال: (حقٌّ على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً) ومعنى تَعْلَمون: تفهمون
معناه، وقرئ: تعلمون بالتشديد من التعليم وبما كنتم تدرسون تحفظون ألفاظه، والجمع بين القراءتين متعيَّن، فكانوا يَعْلَمونه ويُعلِّمونه ولا يكتفون بالعلم حتى يضموا إليه التعليم [12].
قال الرازي: (ودلّت الآية على أن العلمَ والتعليم والدراسة توجب كون
الإنسان ربانياً؛ فمن اشتغل بذلك لا لهذا المقصد ضاع سعيُه وخاب عملُه) [13].
ونقل هذا المعنى رشيد رضا وقال: (فبعلم الكتاب ودراسته وتعليمه للناس
ونشره والعمل به يكون الإنسان ربانياً مَرضِيّاً عند الله) [14]. هكذا كان دأبُ
الصحابة - رضي الله عنهم كما ذكره ابن القيم فقال: (ولم يكن للصحابة كتابٌ
يدرسونه وكلامٌ محفوظ يتفقهون فيه إلاَّ القرآن وما سمعوه من نبيهم صلى الله عليه
وسلم، ولم يكونوا إذا جلسوا يتذاكرون إلا في ذلك) [15].
فكان القرآن عندهم هو العلمُ الذي به يعتنون حفظاً وفهماً وتفقهاً.
وقد فسر حَبْرُ الأمة ابن عباس الحكمة بفهم القرآن وفقه ما فيه من علوم.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله - تعالى -:] يؤتي الحكمة من يشاء
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا [[البقرة: 269] قال: (المعرفة بالقرآن:
ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه،
وأمثاله) [16].
وفسرها الحافظ ابن كثير بالسنة وعزا ذلك إلى غير واحد من السلف وهو ما
أُخِذَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم سوى القرآن، كما قال صلى الله عليه وسلم:
(ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) [17].
ونزع ابن عباس في تفسيره للحكمة إلى المعرفة بالقرآن وفقه ما فيه من
العلوم، وهو من أوسع التفسيرات، وهو لا ينافي من فسّر الحكمة بالسنة؛ لأن بها
يحصل بيانُ القرآن وفهمُه وفقهُه؛ فهي المفسّرة والمبيّنة للقرآن، وتعني - من بين
ما تعنيه - الفقه والفهم، يدلّ على ذلك قوله - تعالى -:] وآتيناه الحكمة وفصل
الخطاب [[ص: 20].
قال مجاهد: (يعني الفهم والعقل والفطنة) [18] ومن أعطاه الله ويسّر له فقه
القرآن وعلومَه والعمل به فقد حاز فضلاً عظيماً وخيراً جزيلاً.
قال القرطبي: (إن من أُعْطِيَ الحكمة والقرآن فقد أُعطي أفضل مما أُعطي
مَنْ جمع علم كتب الأولين من الصحف وغيرها) [19].
فكتاب الله حكمة، وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم حكمة، وأصل الحكمة ما
يُمتنَع به من السفه، ومن ثَمَّ اشتركت الحكمة في نسق تعليم الكتاب:] ويعلمهم
الكتاب والحكمة [[البقرة: 129] وقد حث الله - عز وجل - على التدبر
والاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ فقال:] كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا
آياته وليتذكر أولوا الألباب [[ص: 29]، وقال:] أفلا يتدبرون القرآن أم على
قلوب أقفالها [[محمد: 24]، وقال:] ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل
مثل لعلهم يتذكرون [[الزمر: 27] ففي مثل الآيات ونحوها دليل على وجوب
معرفة معاني القرآن والاتعاظ بمواعظه وفقه ما فيه من الهداية والرشاد، ولا يقال
لمن لا يفهم تفسيره: اعتبر بما لا فهم لك به، ولا يقال ذلك إلا لمن كان بمعاني
القرآن بصيراً وبكلام العرب عارفاً [20].
وأقول: وتدبر القرآن مرحلة تالية لمرحلة الفهم، ولا يمكن أن يتأتى التدبر
لمن لم يفهم معاني القرآن.
قال القرطبي: (وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل
على أن الترتيل أفضل من الهذّ؛ إذ لا يصحّ التدبر مع الهذّ) وقد شكا رسول الله
(يُتْبَعُ)
(/)
صلى الله عليه وسلم إلى ربه من هجر قومه للقرآن فقال:] وقال الرسول يا رب
إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا [[الفرقان: 30].
وهجر التفسير والفهم والتدبر نوع من أنواع هجره. قال ابن القيم وابن كثير: (ترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه،
وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى
غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من
هجرانه) [21].
قال ابن تيمية: (وأما في باب فهم القرآن فهو {أي: قارئ القرآن} دائم
التفكر والتدبر لألفاظه واستغنائه بمعاني القرآن وحكمه عن غيره من كلام الناس،
وإذا سمع شيئاً من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن؛ فإن شهد له بالتزكية
قَبِلَهُ وإلا ردّه) [22].
ويشهد لما تقدم ما رواه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري حيث قال: (والله
ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كلَّه ما
يُرى له في خُلُقٍ ولا عملٍ) [23].
فكلام ابن كثير يدل على أن انصراف الطلاب إلى طلب العلم في غير القرآن
نوع من أنواع هجره، وكلام شيخ الإسلام يدل على أن الواجب على الطلاب أن
يستغنوا بمعاني القرآن وأحكامه عن غيره من كلام البشر، ويدل لهذا ما ذكر ابن
أبي الحواري أن فضيل بن عياض قال لقوم قصدوه ليأخذوا عنه العلم: لو طلبتم
كتاب الله لوجدتم فيه شفاءاً لما تريدون، فقالوا: تعلمنا القرآن، فقال: إن في
تعلُّمكم القرآن شغلاً لأعماركم وأعمار أولادكم، قالوا: كيف يا أبا علي؟ قال: (لن
تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه - تفسيره وبيانه - ومحكمه ومتشابهه وناسخه
ومنسوخه، فإذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة) [24].
فهذا فضيل بن عياض اعتبر التفقه في غير القرآن شغلاً لا طائل من ورائه،
ثم هو يصحّح لهؤلاء الطلاب التوجهات الصحيحة لطلب العلم في زمنه ويردهم إلى
طلب التفقه في القرآن نفسه.
وهكذا كان بعض السلف يقدمون القرآن وعلومه وتفسيره على أي علم آخر؛
فقد وجد من يمنع طلب علم الحديث وكتابته قبل حفظ القرآن، وكانوا يختبرونهم
في بعض معانيه؛ فهذا عبد الله بن المبارك يختبر من جاء يطلب الحديث عنده في
القرآن وبعض علومه [25].
وذكر ابن عبد البر عن علي قوله: (أعزم على كل من كان عنده كتاب إلاّ
رجع فمحاه؛ فإنما هلك الناس حيث يتبعون أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم)،
وذكر عن عمر: (أن قوماً كانوا يكتبون كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب
ربهم) [26]، نقل ابن القيم عن الإمام البخاري قوله: (كان الصحابة إذا جلسوا يتذاكرون كتاب ربهم وسنةَ نبيهم، ولم يكن بينهم رأي ولا قياس، ولم يكن الأمر بينهم كما هو في المتأخرين: قوم يقرؤون القرآن ولا يفهمونه، وآخرون يتفقهون في كلام غيرهم ويدرسونه، وآخرون يشتغلون في علوم أخرى وصنعة اصطلاحية، بل كان القرآن عندهم هو العلم الذي به يعتنون حفظاً وفهماً وتفقهاً) [27].
ما أشبه الليلة بالبارحة! والقصة نفسها تتكرر في بعض طلبة هذا الزمن؛ إذ
يهجرون حفظ القرآن وفهمه وتفسيره والتفقه فيه إلى كتب فلان وفلان، وإنك
لتعجب من بعضهم؛ إذ انحرف في الطلب، فتجده لا يحفظ من القرآن إلا قصار
السور ونحوها ولا يفهمها، وتجد له جرأة عجيبة على اقتحام علم الجرح والتعديل
ونحوه؛ فمثل هذا وأمثاله لم يستوعب التصور الصحيح لمنهج التربية والتعليم الذي
رسمه القرآن وبيَّنه.
فليزن طلاب علم هذا الزمن تعليمهم بهذا المنهج الذي رسمه القرآن وفعله
السلف، ولينظروا أين مكانهم من فهم القرآن والتفقه فيه، وما حظهم من هدايته؟
________________________
(1) التفسير الكبير، 6/ 71.
(2) رواه مسلم (2699).
(3) الجامع للقرطبي، 1/ 91.
(4) تفسير ابن كثير، 1/ 175، الرازي 2/ 36.
(5) الجامع للقرطبي، 1/ 92.
(6) تفسير ابن كثير، 1/ 175.
(7) الإتقان، 2/ 389، التفسير الكبير، 2/ 132.
(8) جامع البيان، 1/ 35.
(9) التفسيرالكبير، 2/ 132.
(10) الصواعق المرسلة، 440.
(11) التفسير الكبير، 2/ 104، 253، الصواعق، 440.
(12) ابن كثير، 1/ 405، القرطبي، 2/ 115.
(13) تفسير الرازي، 4/ 123.
(14) تفسير المنار، 3/ 348.
(15) الصواعق المرسلة، 441.
(16) الإتقان، 2/ 385، ابن كثير، 1/ 345.
(17) رواه أحمد، ح/ 16546.
(18) تفسير ابن كثير، 4/ 33.
(19) الجامع للقرطبي، 2/ 300.
(20) جامع البيان، 1/ 35.
(21) تفسير ابن كثير، 3/ 349، تفسير ابن القيم، 3/ 292.
(22) التفسير الكبير، 6/ 71.
(23) تفسير ابن كثير، 4/ 36.
(24) الجامع، 1/ 30، فتح القدير، 1/ 14.
(25) المحدث الفاصل، 203.
(26) جامع بيان العلم، 1/ 76، 77.
(27) أفردنا هذا الموضوع في بحث مستقل سبق أن نشرته مجلة البيان في العدد (133).(/)
أثر القرآن في تقوية الإحساس بالأخوة
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[31 Oct 2003, 01:55 م]ـ
مقال نشر في مجلة البيان العدد 133
أثر القرآن في تقوية الإحساس بالأخوة
د.أحمد بن شرشال
الاشتغال بفهم القرآن وتفسيره والتفقّه فيه يرقق إحساس المسلم ويقوي شعوره، وينمي فيه حب الآخرين؛ بحيث يتألم لآلامهم، ويفرح لفرحهم، ويسعد لسعادتهم.
ومن الأساليب القرآنية في التعبير عن هذا الإحساس أن جعل قتل الرجل
لغيره قتلاً لنفسه، وجعل إخراج الرجل من داره إخراجاً لنفسه، وجعل ظن السوء
بالغير ظناً بنفسه، وجعل لمز الغير لمزاً لنفسه، والسلام على الغير سلاماً على
نفسه؛ وكل ذلك ذكره القرآن. قال الله تعالى في سياق أخبار بني إسرائيل:] وَإذْ
أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ
تَشْهَدُون ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ [[البقرة: 84، 85]. فجعل دم كل فرد من
أفرادهم كأنه دم الآخر عينه حتى إذا سفكه كان كأنه قتل نفسه وانتحر ذاته.
قال القرطبي: (ولما كانت ملتهم واحدة وأمرهم واحداً، وكانوا كالشخص
الواحد جعل قتل بعضهم بعضاً وإخراج بعضهم بعضاً قتلاً لأنفسهم ونفياً لها) [1].
ومثل هذا السياق قوله تعالى:] فَاقْتُلُواً أََنفُسَكُمْ [[البقرة: 54] ومعناه:
فليقتل بعضكم بعضاً بأن يقتل من لم يعبد العجل عابديه؛ فإن قتل المرء لأخيه كقتله
لنفسه.
قال القرطبي: (وأجمعوا على أنه لم يؤمر كل واحد من عَبَدَة العجل بأن يقتل
نفسه) ثم نقل عن الزهري قوله: (أن يقتل من لم يعبد العجل من عبد العجل) [2].
وقال الله تعالى في سياق هذه الأمة:] وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [[النساء: 29] أي: لا يقتل بعضكم بعضاً، فجعل قتل الرجل لغيره قتلاً لنفسه، قال القرطبي:
(أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً، ثم
لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه) [3]. قال الحافظ ابن كثير: (وهو
الأشبه بالصواب) [4]، قال الزمخشري: (شبّه الغير بالنفس لشدة اتصال الغير
بالنفس في الأصل أو الدين؛ فإذا قتل المتصل به نسباً أو ديناً فكأنما قتل نفسه) [5]، وقال الحافظ ابن كثير: (إن أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة) [6]. وقد
بيّن الله أن من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، فقال:] .. كَتَبْنَا عَلَى
بَنِي إسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأََرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ
جَمِيعاً [[المائدة: 32].
ومن تعبيرات القرآن بالنفس وإرادة الأخ في الدين قوله تعالى:] يَا أََيُّهَا
الَذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أََنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ [[المائدة: 105]. حكى
الفخر الرازي مقالة لعبد الله بن المبارك أنه قال: (هذه أوْكد آية في وجوب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه سبحانه قال:] عَلَيْكُمْ أََنفُسَكُمْ [يعني عليكم
أهل دينكم، ولا يضركم من ضل من الكفار، بأن يعظ بعضكم بعضاً، ويُرغّب
بعضكم بعضاً في الخيرات وينفره عن القبائح والسيئات) [7] لأن المؤمنين إخوة في
الدين. ومن تعبيرات القرآن بالنفس وإرادة الغير قوله تعالى:] فَإذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً
فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [[النور: 61] والمعنى:
فليسلم بعضكم على بعض، وهم أهل البيوت التي يدخلونها؛ لأنهم بمنزلة أنفسهم
في شدة المحبة والمودة والألفة، ولأنهم منهم في الدين، فكأنهم حين يسلمون عليهم
يسلمون على أنفسهم. وقد أنكر الشيخ ابن عاشور على من فهم من الآية أن الداخل
يسلم على نفسه فقال: (ولقد عكف قوم على ظاهر هذا اللفظ وأهملوا دقيقه، فظنوا
أن الداخل يسلم على نفسه إذا لم يجد أحداً، وهذا بعيد من أغراض التكليف
والآداب) [8]. وهذا هو المأثور عن سعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة
والزهري؛ حيث قالوا: (فليسلم بعضكم على بعض) [9].
ومن تعبيرات القرآن بالنفس وإرادة الأخ في الدين قوله تعالى:] وَلا تَلْمِزُوا
أَنفُسَكُمْ [[الحجرات: 11] والإنسان لا يلمز ولا يعيب نفسه، وإنما اللامز يلمز
(يُتْبَعُ)
(/)
غيره إشارة إلى أن من عاب أخاه المسلم فكأنما عاب نفسه، فنزّل البعض الملموز
منزلة نفس الإنسان لتقرير معنى الإحساس بالأخوة وتقوية الشعور بها.
ومن تعبيرات القرآن عن الغير بالنفس قوله تعالى:] لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ
المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً [[النور: 12].
المراد بأنفسهم هنا إخوانهم في الدين والعقيدة، والمعنى: فهلاّ وقت أن
سمعتم حديث الإفك هذا ظننتم بأنفسكم أي: بإخوانكم وأخواتكم ظناً حسناً جميلاً؛ إذ
لا يظن المرء بنفسه السوء، وفي هذا التعبير عن إخوانهم وأخواتهم في العقيدة
بأنفسهم أسمى ألوان الدعوة إلى غرس روح المحبة والمودة والإخاء والإحساس
الصادق؛ حتى لكأن الذي يظن السوء بغيره إنما يظنه بنفسه [10]. قال الرازي:
(فجعل الله المؤمنين كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور؛ فإذا جرى على
أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم) [11].
فهذا الأسلوب القرآني، وهذا الخطاب الرباني يؤكد معنى وحدة الأمة،
ويُحدِث في النفس أثراً وإحساساً يبعثها على الامتثال؛ فالمسلم الذي يُربى على هذه
المعاني، وهذه الدقائق القرآنية، لا شك في أنها تؤثر فيه وتغرس في أعماقه هذا
الإحساس وهذا الشعور.
ومن تدبر هذا الأسلوب القرآني علم أنه لا قوام لهذه الأمة إلا بمثل هذا
الشعور وهذا الإحساس، وشعور كل فرد من أفرادها بأن نفسه نفس الآخرين ودمه
دمُ الآخرين، وظن السوء بهم ظنّ بنفسه، والسلام عليهم سلامٌ على نفسه، وعيبهم
عيبٌ لنفسه؛ لا فرق في المحافظة على الروح التي تجول في بدنه والدم الذي
يجري في عروقه، وبين الأرواح والأبدان التي يحيا بها إخوانه قال تعالى:] يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ [[النساء: 1] وقال: (مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [12]، وكل هذه المعاني كامنة في القرآن
والتفسير يكشفها ويجلّيها.
________________________
(1) الجامع للقرطبي (2/ 19).
(2) الجامع للقرطبي (1/ 376).
(3) الجامع للقرطبي (3/ 136).
(4) تفسير ابن كثير (1/ 524).
(5) التحرير والتنوير (18/ 376).
(6) تفسير ابن كثير (1/ 129).
(7) تفسير الرازي (6/ 118).
(8) التحرير والتنوير (18/ 303).
(9) تفسير ابن كثير (3/ 336).
(10) الجامع للقرطبي (6/ 186).
(11) تفسير الرازي (12/ 178).
(12) أخرجه مسلم، البر والصلة (2586).(/)
هل هذا التفسير يعقل؟!
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[31 Oct 2003, 02:45 م]ـ
سمعت من أحد الإخوان .. أن هناك من العلماء المعاصرين ذهبوا إلى أن الحور العين (ليسوا من الإناث فقط بل هم رجالاً وإناثاً) .. أى أنه يمكن أن يكون للنساء حور عين من الرجال! لأن حور جمع لمذكر ومؤنث كذلك عين .. واستدلوا بقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا .. وهذا خطاب جامع للذين آمنوا كافة .. فهو خطاب يدخل فيه النساء .. ذلك قولهم، كلام لم اسمعه من قبل والله المستعان!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[31 Oct 2003, 07:48 م]ـ
ممكن، ولم لا؟
{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31) سورة فصلت
ـ[ناصر محمد حسان]ــــــــ[18 Apr 2009, 11:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول وبالله التوفيق أعتقد أن الحور العين في الجنة للرجال فقط دون النساء وقد جاء ذلك واضحا ًفي السنة الصحيحة ولو كان هذا حاصلا لبينه النبي صلي الله عليه وسلم
واعتقد أني قد قرأت بعض المعلومات المتعلقة بذلك فيما يتعلق بأن المرأة في الجنة تكون مع زوجها بالإضافة لما يمنحه الله به من الحور العين أيضاً قرأت أن المرأة التي تزوجت برجلين لمن تكون يوم القيامة أنها تخير بين أفضل الزوجين خلقاً والله أعلم
والموضوع مطروح للمناقشة ونرجو المشاركة من السادة العلماء
التوقيع / ناصر محمد حسان
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[18 Apr 2009, 02:09 م]ـ
كما ذكر اخي ناصر محمد ان الحور العين في السنة النبوية ذكر انهن نساء
ولم اقف على حديث يصف الحور بانهن رجال والله اعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Apr 2009, 06:08 م]ـ
"قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس ولا جان"
"كأنهن الياقوت والمرجان"
"فيهن خيرات حسان"
ما مدلول هذه الضمائر؟!
رجال، و"حور عين"!!
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[18 Apr 2009, 06:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهم كل المفسرين أن الحور متعلق بالعين! على الرغم من أنها حور - عين
والحور معروف وهو بمعنى التحور المعروف, أي أن الواحد من هؤلاء يتحور إلى الشكل والهيئة التي يريدها صاحبه, وهو لا جنس له لأنه خلق في الجنة, فهو مذكر للأنثى ومؤنث للذكر, أو بأي شكل أراد صاحبه.
ويمكن للأخوة الاطلاع على رابط موضوع بهذا الشأن كنت قد كتبته ردا على القرآنيين الذين يقولون أن الحور العين فاكهة فقلنا أنها أزواج ....... ولكن
وإليكم الرابط:
http://www.amrallah.com/ar/showthread.php?t=138
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Apr 2009, 07:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهم كل المفسرين أن الحور متعلق بالعين! على الرغم من أنها حور - عين
والحور معروف وهو بمعنى التحور المعروف, أي أن الواحد من هؤلاء يتحور إلى الشكل والهيئة التي يريدها صاحبه, وهو لا جنس له لأنه خلق في الجنة, فهو مذكر للأنثى ومؤنث للذكر, أو بأي شكل أراد صاحبه.
ويمكن للأخوة الاطلاع على رابط موضوع بهذا الشأن كنت قد كتبته ردا على القرآنيين الذين يقولون أن الحور العين فاكهة فقلنا أنها أزواج ....... ولكن
وإليكم الرابط:
http://www.amrallah.com/ar/showthread.php?t=138
الأخ الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أذكرك ونفسي والأخوة الفضلاء جميعاً بقول الله تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة الأعراف (33)
وأنت اعترضت على بن القيم رحمه الله تعالى، ثم وقعت في نفس الأمر وتكلمت في أمور غيبيه بغير دليل.
ولو رددت القرآن بعضه إلى بعض لم تحتج إلى هذا التعسف في القول.
ولو تأملت آخر سورة الرحمن لما وقعت فيما وقعت فيه.
فالجزاء في الآخرة للرجال وللنساء، ولا يعني التساوي في الجزاء، وأهل الجنة يتفاضلون في منازلهم وفي نعيمهم.
وكما أن الرجل فضل على المرأة في الدنيا بدرجة، فما المانع أن يفضل في الأخرة بما يتناسب مع طبيعته؟
وفق الله الجميع لفهم كتابه والوقوف عند حدوده.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[18 Apr 2009, 11:13 م]ـ
لدي تساؤلات على الأخ محب القرآن الكريم؟!
1 - أنه لابد من دليل على وجود التفاضل.
2 - كيف تجيب على الآيات التي فيها:
الرعد (آية:23): (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكه يدخلون عليهم من كل باب)
يس (آية:56): (هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكؤون)
غافر (آية:8): (ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شاكر]ــــــــ[19 Apr 2009, 12:08 ص]ـ
"قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس ولا جان"
"كأنهن الياقوت والمرجان"
"فيهن خيرات حسان"
ما مدلول هذه الضمائر؟!
رجال، و"حور عين"!!
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل
(ومن أصدق من الله قيلا)
وكذلك وردت الأحاديث الشريفة بوصفهن.
ومما ورد أن الزوجة الصالحة ـ في الدنيا ـ تكون سيدة حور زوجها وأجملهن في الجنة.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[19 Apr 2009, 12:12 ص]ـ
قال أخونا عمرو الشاعر - في بحثه المشار إليه - بعد أن ذكر كلاما لابن القيم:
أعتقد أن الإمام ابن القيم كان متأثرا فيما يقول بالتماثيل المرمرية التي كانت تصنع للنساء في أوضاع مختلفات! فظن أن الحال هكذا في الجنة للحور العين!
أقول: غفر الله لك وهل يقال هذا الكلام لمن هو أقل من ابن القيم، هوإمام وليس بعصوم، ولكن التأدب معه ومع غيره من سلفنا الصالح أولى من المشاركة هنا، بل وضع هذا الملتقى للمناقشة وليس للتجريح، ولو نقدت القول دون القائل لكان اولى وأسلم، وإذا كنت تراه متاثرا بما قلت فماذا تقول عني وعنك وعن المعاصرين
هذا الكلام كتبته قبل قراءة بحثك، وبعد فراغي منه - وما دمت ترد على ابن القيم والبخاري ومسلم - فلي الحق أن أرد عليك، ولهذا أقول:
فهمت شيئا واعتقدت بصوابه وهذا من حقك، ولكن الذي لا يقبل منك أن ترد روايات صحيحة في البخاري ومسلم وتتهم الراوي بالتصرف في الكلمات التي تخالف قولك، وهل كلما رأى أحد رأيا غير وبدل فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينتصر لما ذهب إليه؟ بحثك جدير بالقراءة أما لو نشر في هذا الملتقى بهذة الصورة فعندي أن هذا مما يؤاخذ عليه أعضاء الملتقى
واعتذر لو كنت قسوت في العبارة ولكن كما قيل: الكلام من الكلام
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Apr 2009, 12:29 ص]ـ
لدي تساؤلات على الأخ محب القرآن الكريم؟!
1 - أنه لابد من دليل على وجود التفاضل.
2 - كيف تجيب على الآيات التي فيها:
الرعد (آية:23): (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكه يدخلون عليهم من كل باب)
يس (آية:56): (هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكؤون)
غافر (آية:8): (ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم).
أختنا الفاضلة التافضل بين أهل الجنة أدلته من القرآن ومن السنة كثيرة جدا ومن ذلك:
قوله تعالى:
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)) سورة فاطر
وهذه الآية كالآيات التي ذكرتيها قد يفهم منها أن أهل الجنة متساوون في الجزاء، وهم كذلك في النعيم العام لكن الآيات الأخرى تبين التفاضل بينهم ومن ذلك قول الله ـعالى في سورة الواقعة:
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)
فهؤلاء السابقون ليسوا كأصحاب اليمين الذين قال الله عنهم:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40)
وكذلك سورة الرحمن:
(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)
ثم قال:
(وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64)
فأصحاب ذواتا الأفنان أعلى درجة من أصحاب المدهامتان.
والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بتفاوت منازل أهل الجنة، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ"
وأخبر صلى الله عليه وسلم عن منازل الشهداء فقال:
"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ" والحديث في البخاري
وإليك هذا الحديث الآخرالذي يرويه مسلم رحمه الله تعالى من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
" إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ فَقَالَ أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَزَادَ فِيهِ وَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ سَلْ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولَانِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ قَالَ فَيَقُولُ مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ"
وكل هؤلاء تصدق في حقهم الآيات التي أوردتيها.
وقد يكون من النساء في الجنة من هو أعلى في درجات النعيم من كثير من الرجال.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[19 Apr 2009, 08:02 ص]ـ
أخي الكريم محب القرآن اسمح لي أن أقول أن ما استشهدت به في ردك على أسئلة أختي محبة القرآن ليس دليلاً على ما ذكرته في المشاركة قبلها
(وكما أن الرجل فضل على المرأة في الدنيا بدرجة، فما المانع أن يفضل في الأخرة بما يتناسب مع طبيعته؟)
الله تعالى العادل سبحانه لا يفضل جنساً على جنس إلا بالتقوى. وإذا كنا نتصور أن تفضيل الرجال على النساء في الدنيا بدليل الآية (الرجال قوامون على النساء) فيجب أن نفهم هذه الآية حقاً لأنه تعالى قال بعدها (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) هذا التفضيل ليس مطلقاً فكم من الرجال الذين ليس لهم حظ لا في الدنيا ولا في الآخرة من شدة تجبرهم على خلق الله وعلى النساء خاصة! ثم إن هذه القوامة هي من حيث قيام الرجل على أمر زوجته والاهتمام بشؤونها فهو الذي عليه السعي في الأرض لتحصيل الرزق والمرأة في كل حياتها منذ مولدها إلى
(يُتْبَعُ)
(/)
موتها هناك من يتكفل بها ويرعاها إن كان والدها أو أخوها أو زوجها أو أبناؤها وهي ليست مطالبة بالسعي في الرزق والعمل الشاق وإنما عززها الله تعالى ورفع شأنها وجعلها ملكة في بيتها وأثابها على رعايتها لأسرتها أفضل الثواب والجزاء.
وما من آية في كتاب الله تعالى تقول أن جزاء النساء مختلف عن جزاء الرجال لا في الدنيا ولا في الآخرة فهم سواء في الثواب والعقاب إذا تساوت أعمالهم.
ثم اسمحوا لي أن أقول أن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما علما رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. والخوض فيما في الجنة أو النار ليس فيه أية فائدة. ربما علينا الاهتمام أكثر بما يوصلنا إلى هذه الجنة فنسعى في الأرض ونطيع الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ونطبق منهج الله تعالى كما جاء في القرآن الكريم ووصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم. وبعدها فإن دخولنا الجنة ليس بعملنا نحن وإنما هو محض فضل من الله تعالى ورحمة.
لذا فإذا كانت الحور العين للرجال أو النساء فلا أظن أن هذا شيء هام لنجادل فيه ولنجد قضية أهم نتناقش فيها تفيدنا في الدنيا لنبلغ بها الجنة إن شاء الله تعالى.
ثم لي نصيحة أرجو أن تتسع لها صدور إخوتي وأخواتي في هذا الملتقى وهو وجودب النقاش العلمي بأسلوب طيب والحوار بالتي هي أحسن فهذا منتدى قرآني ولا يصح فيها استخدام عبارات نابية ولا التهجم عن من يخالفنا الرأي أو الاستهزاء بهم أو تحقير أفكارهم. للجميع الحق أن يطرح تساؤله لكن لنترك الحرية للآخرين بالتعبير عن آرائهم وإما يقتنعوا بالرأي الآخر أو لا فهذا أمر شخصي، فقد أقنتع بوجهة نظر أخرى لأنها تطرأت إلى القضية المطروحة من زاوية لم أكن قد انتبهت لها لكن عندما يصبح الحوار مجرد اتهامات وغمز ولمز فبالتأكيد سيكون رفض القضية من أساسها هو الأولى.
هذا والله أعلم وتقبلوا جميعاً دعواتي.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Apr 2009, 11:57 ص]ـ
أخي الكريم محب القرآن اسمح لي أن أقول أن ما استشهدت به في ردك على أسئلة أختي محبة القرآن ليس دليلاً على ما ذكرته في المشاركة قبلها
(وكما أن الرجل فضل على المرأة في الدنيا بدرجة، فما المانع أن يفضل في الأخرة بما يتناسب مع طبيعته؟)
الله تعالى العادل سبحانه لا يفضل جنساً على جنس إلا بالتقوى. وإذا كنا نتصور أن تفضيل الرجال على النساء في الدنيا بدليل الآية (الرجال قوامون على النساء) فيجب أن نفهم هذه الآية حقاً لأنه تعالى قال بعدها (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ).
الأخت الفاضلة سمر حفظك الله ورعاك
القوامة سببها التفضيل هذا واضح من الآية.
وإذا كنتُ فهمتُ قوله تعالى"وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ "، فهل يمكن أن تشرحي لي قوله تعالى" بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ "؟
ـ[المغوار]ــــــــ[19 Apr 2009, 07:14 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته اما بعد فانا راي ان حور العين من ذكور و اناث اما تفضيل الرجل على المرءة في الدنيا فهذا غير صحيح و معنى الاية الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.فالرجل صفة للذكر و الانثى و لا تخص الذكور فقط و انظر الى الاية بما فضل الله بعضهم على بعض اي المفضل هو الذي له القوامة سواء كان ذكر ام انثى و ارجوا ان تدقق جيدا في الاية و انظر الى واقعنا الحالي فتجد امرءة ذات مال متزوجة برجل اقل منها فقير و بالتالي فالقوامة لها او الى امرءة زوجها معاق او سكير و هي التي تدير شان العائلة فلمن القوامة هنا ارى اننا بحاجة الى تدبر القرءان اكثر فاكثر
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Apr 2009, 07:28 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)